Professional Documents
Culture Documents
حقوق انسان
حقوق انسان
ٌعتبر القانون الدولً لحقوق اإلنسان من القوانٌن الحدٌثة و هو فً تطور مستمر و ٌنفرد بمضمون و خصائص
معٌنة تمٌزه عن القوانٌن التً تتشابه معه ،و تقتضً منا دراسة الطبٌعة القانونٌة لحقوق اإلنسان ،التطرق إلى
مبادئ حقوق اإلنسان الدولٌة فً المقام األول ( المطلب األول) ثم نستعرض المفهوم االصطالحً و القانونً
للقانون الدولً لحقوق اإلنسان ( المطلب الثانً ) و ننتهً إلى التمٌٌز بٌن القانون الدولً لحقوق اإلنسان و
حقوق اإلنسان ( المطلب الثالث )
المطلب األول :مبادئ حقوق اإلنسان الدولٌة
وهً المبادئ التً تتمتع بها الشعوب،أو األقالٌم ،أو الدول،فً مواجهة الدول القوٌة المستبدة،أو االستعمارٌة.ومن
هذه الحقوق :حق تقرٌر المصٌر،وحق البقاء وحرٌة اختٌار نظام الحكم ،وعدم التدخل فً الشإون الداخلٌة للدول
األخرى ،والدفاع الشرعً ضد العدوان ،ومكافحة تجارة الرقٌق،ومكافحة المخدرات ،والبٌئة الدولٌة ،و
العنصر األساسً فً هذه الحقوق ،هوانها لٌست بٌن المواطن و دولته و إنما تتعلق بتنظٌم العالقة القانونٌة و
الدولٌة بٌن األشخاص و الدول و المنظمات الدولٌة و من ثم تعتبر قواعد قانونٌة دولٌة لضمان تطبٌق
قواعد حقوق اإلنسان.
و تعتبر الدولة منتهكة قواعد حقوق اإلنسان على الصعٌد الدولً فً حالة انتهاكها ألحد المجاالت التالٌة :
-حالة استخدام الدولة سٌاسات ،أو ممارسات ٌكون القصد منها ،أو نتٌجتها ،ممارسة التمٌٌز ضد جماعات
معٌنة ،اوافراد معٌنٌن على أسس غٌر مقبولة.ء
-عندما تعجز الدولة عن إحقاق احد الواجبات األساسٌة الدنٌا بال تؤخٌر كؤن تعجز الدولة عن إعطاء األولوٌة
للتعلٌم األساسً اإللزامً المجانً.
-حالة عجز الدولة عن اتخاذ خطوات عاجلة وملموسة و هادفة باتجاه إحقاق الحقوق بشكل كامل .من ذلك
،عدم توفٌر األدوٌة األساسٌة وجعلها فً متناول الجمٌع ،من حٌث أسعارها ،مما ٌإدي إلى انتشار األمراض
واألوبئة بٌن المواطنٌن .
-عندما تعجز الدولة عن إعطاء األولوٌة الكافٌة إلحقاق المستوٌات األساسٌة الدنٌا لكل حق ،ال سٌما بالنسبة
للمهمشٌن و المستضعفٌن و الذٌن ٌعانون من اإلقصاء و من ذلك ،إهمال تحسٌن البٌئة األمر الذي ٌإدي إلى
تعرض حٌاة المواطنٌن للخطر.
-عندما تضع الدولة قٌودا على ممارسة الحقوق و من ذلك ،تقٌٌد الحق فً تامٌن الضمان االجتماعً و الصحً
][1للموطنٌن .
-عندما تعٌق الدولة التعلٌم الجامعً و ذلك بترك المواطنٌن الشباب بدون تعلٌم ٌإهلهم الحصول على عمل .
-عندما تتصرف أجهزة الدولة األمنٌة بشدة ضد المواطنٌن ة تصبح عامال فً عدم تحقٌق األمن و االستقرار
للمواطنٌن ،و تنصرف عن أداء واجباتها األساسٌة .
-عندما ال تحقق الدولة المساواة فً المشاركة السٌاسٌة و اإلنسانٌة لكافة المواطنٌن ،و تتعامل بقسوة مع
األقلٌات أو تقوم بتهمٌشهم .
] [2و إذا تحققت واحدة من هذه األسباب ،فان الدولة ستواجه الوسائل القانونٌة و القضائٌة و السٌاسٌة الدولٌة .
لما كانت قواعد حقوق اإلنسان فً القانون الدولً تضم مبادئ حقوق اإلنسان التً تطبق بٌن الدول ،ووسائل
قانونٌة تضمن تطبٌق الرقابة على تطبٌق مبادئ حقوق اإلنسان على الصعٌدٌن الداخلً والدولً ،فانه ٌمكن
تعرٌف القانون الدولً لحقوق اإلنسان ،بؤنه "مبادئ قانونٌة تحدد حقوق الشعوب واألقالٌم والدول تجاه الدول
األخرى ،والوسائل القانونٌة والقضائٌة والسٌاسٌة لضمان تطبٌقها على الصعٌدٌن الدولً والداخلً ،عبر
مإسسات دولٌة متخصصة".
ومن هذا التعرٌفٌ ،مكننا استخالص ،ما ٌلً :
ٌ -1ستمد القانون الدولً لحقوق اإلنسان مصادره من القانون الدولً العام :وهً المعاهدات المعقودة بٌن
الدول ،والعرف الدولً ،والمصادر األخرى للقانون الدولً .وهذه المصادر على نوعٌن :األول ،مصادر خاصة،
وهً المعاهدات الدولٌة والعرف الخاصة بحقوق اإلنسان .والثانً ،مصادر عامة ،تتمثل بقواعد القانون الدولً
] [3العام ،التً تل زم الدول بموجبها بتطبٌق التزاماتها الدولٌة.
-2مجموعة قوانٌن :ال ٌوجد قانون اسمه القانون الدولً لحقوق اإلنسان كما هو الحال بالنسبة لقانون العقوبات
والقانون المدنً والقوانٌن الدولٌة كقانون البحار وقانون المعاهدات ،وإنما ٌوجد مجموعة من القوانٌن المتعددة
أطلق علٌها جمٌعا بالقانون الدولً الحقوق اإلنسان .لهذا فمصطلح القانون الدولً لحقوق اإلنسان ٌعد مصطلحا
عاما وهمٌا ٌشمل عدة قوانٌن وقواعد قانونٌة داخلٌة ودولٌة.
-3قواعد دولٌة وداخلٌة :تتضمن قواعد حماٌة حقوق الشعوب ،واألقالٌم ،وتحرٌم العدوان من دولة على دولة
أخرى .وحماٌة مواطنً الدول فً الدول األخرى ،مثل حماٌة أرواحهم وممتلكاتهم ،وحماٌة الالجئٌن،
والعسكرٌٌن والمدنٌٌن ،من أثار المنازعات المسلحة .كما ٌتضمن إلزام الدول بتطبٌق قواعد القانون الدولً
لحقوق اإلنسان ،بحجة إنها تعد تدخال فً شإونها الداخلٌة .فالدول ملزمة بتطبٌقها على الصعٌد الداخلً.
-5وسائل قانونٌة وقضائٌة وسٌاسٌة :فال تقتصر تطبٌق قواعده على الوسائل القضائٌة ،بل تتضمن أٌضا
وسائل سٌاسٌة .ولضمان تطبٌق حقوق اإلنسان سواء أكان على الصعٌد الداخلً للدول ،أم على صعٌد العالقات
الدولٌة .عبر مإسسات محاكم دولٌة ومنظمات دولٌة وجمعٌات متخصصة لحماٌة حقوق اإلنسان.
ٌ -6طبق فً وقتً السلم والحرب :تطبق مبادئه فً وقتً السلم ( حقوق اإلنسان ) والحرب ( ،القانون الدولً
[4].اإلنسانً )
ففً حالة السلم تلتزم الدول بتطبٌق قواعد حقوق اإلنسان تجاه دولته ،وفً حالة نشوب منازعات مسلحة ٌتدخل
القانون الدولً لحقوق اإلنسان باللزام الدول بحماٌة اإلنسان من أثار المنازعات المسلحة.
ٌخضع تفسٌره وتطبٌقه لقواعد القانون الدولً العام .وان كانت له عالقة -7فروع من القانون الدولً العام:
وثٌقة بقواعد حقوق اإلنسان الداخلٌة .وهو من القوانٌن الحدٌثة.
.
المبحث الثالث :حقوق اإلنسان و حقوق الشعوب
أنّ معظم النظم و القواعد المرتبطة بحقوق اإلنسان لم تولد فجؤة ،بل مصدرها ٌعود إلى عصور قدٌمة شهدت
فٌها اإلنسانٌة عدة ثورات و أحداث ساهمت فً رسم معالمها األساسٌة و من ثم ٌكون من المفٌد أنّ نستعرض
تطور حقوق اإلنسان عبر اربع مراحل ،العصور القدٌمة ( المطلب األول ) ،مرحة ظهور اإلسالم ( المطلب
الثانً ) ،العصور الوسطى ( المطلب الثالث ) ،العصر الحدٌث (المطلب الرابع ).
المطلب األول :مرحلة العصور القدٌمة
ٌجمع فقهاء القانون الدولً أنّ البوادر األولى لحقوق اإلنسان ظهرت من خالل الحضارات اإلنسانٌة القدٌمة ،
الفرعونٌة و حضارة الفرس و البابلٌون .
و لقد شٌد القدماء المصرٌون المعالم األولٌة ألرقى الحضارات اإلنسانٌة ،اذ تمكن المصرٌون من وضع قوانٌن
و من إبرام اتفاقٌات دولٌة ٌعود بعضها إلى أربعة أالف سنة قبل المٌالد ،راعوا فٌها المبادئ األساسٌة لحقوق
اإلنسان ،كالحق فً الحٌاة و حقوق األسرى و فكرة تسلٌم االجئٌٌن ..الح .
و من جهة أخرى ثبت عن الفرس أنهم ارسوا بعض القواعد المتعلقة بالمساواة بٌن الناس و تطبٌق العدل فً
][1المنازعات التً كانت تنشؤ بٌن اإلفراد.
و لقد مارس البابلٌون حقوق اإلنسان على مدى واسع وذكر هذا فً العدٌد من المصادر التً اهتمت بتلك الحقبة
التارٌخٌة ،غٌر أ ّنه جرى تدوٌن األعراف التً تحدد حقوق المواطنٌن على اثر نسوء الدولة المركزٌة التً
اهتمت بإصدار التشرٌع المباشر ،غٌر أنّ تلك القوانٌن تمٌزت بالقسوة و التشدٌد فً العقوبات و األمثلة على
ذلك كثٌرة ،كشرٌعة حمورا بً التً احتوت على 85بندا قانونٌا ،مع العلم أنها تستمد أصولها من قوانٌن
سومرٌة و هً بمثابة شرٌعة مركبة غٌر متجانسة تمزج أرقى القوانٌن و أعظمها استنارة بؤقصى العقوبات
و أشدها وحشٌة .
و ٌذكر بعض الفقهاء أنّ حضارة الٌونان شهدت هً األخرى بعض قواعد حقوق اإلنسان فً مختلف مجاالت
الحٌاة ،كالحق فً الحٌاة و الحق حرٌة التعبٌر و المساواة أمام السلطة و غٌر ذلك من الحقوق الطبٌعٌة التً
] [2اعتبرها الفكر اإلغرٌقً اللبنة األساسٌة فً بناء المجتمع السٌاسً و الدولة الفاضلة .
و دونت فً الٌونان عدة قوانٌن منها قانون درا كون وقوانٌن صولون التً منحت الشعب حق المشاركة فً
السلطة التشرٌعٌة عن طرٌق مجالس الشعب ...وجعلت مرجع الطعن فً أحكام القضاء محكمة تضم ممثلٌن من
جمٌع طبقات الشعب ،وحرم الربا الفاحش وحرر المدٌنٌن من دٌونهم وأطلق سراح المسترقٌن.
ومن منا لم ٌقرا عن الدٌمقراطٌة فً الفكر الٌونانً ،التً كانت تعبر عن المساواة وتعترف بحقوق اإلنسان،
ولكنها كانت تحدد هذه الحقوق فً دائرة ضٌقة للسادة ،وعبر عن ذلك كتاب جمهورٌة أفالطون الذي أقام
جمهورٌته المثالٌة على أساس تقسٌم طبقً ولكن لٌس على أساس عرقً بل على أساس المواهب والقابلٌات،
وهو بهذه الطرٌقة ٌحاول تكرٌس قواعد حقوق اإلنسان ،وتخلٌص النظام الدٌمقراطً من العٌوب الكثٌرة إلى
ابتلً بها.
وٌتضح من الفلسفة الٌونانٌة أنها تقٌم فكرة " الحق الطبٌعً " ،أي أعراف القانون الدولً لحقوق اإلنسان على
فكر " القانون الطبٌعً " التً تفرض نسقا من القٌم المرتبطة باإلنسان ،والتً تمثل إنسانٌته وتعبر عنها ،ولو أنّ
هذا القانون كان وال ٌزال فكرة غامضة وٌتعرض النتقادات أبرزها :انه طالما افتقر للوضوح والتجدٌد
والتعاقدٌة واإللزام الذي ٌتسم به القانون الوضعً ،فان أي حقوق مرتبطة به تبقى غٌر محددة وغٌر معترف
][3بها ،واستمر انتقاد هذا القانون حتى فً العصر الرومانً والمسٌحً بعد ذلك.
فً األخٌر نقول انه ،إذا أردنا معرفة الوضع التارٌخً لحقوق اإلنسان فً العصور القدٌمة ،قٌمكن القول أنها
ظهرت فً إطار بعض التشرٌعات المحلٌة و لكنها كانت تجسد األعراف التً كانت سائدة محلٌا ،و برزت
الفكرة ضمن الصراعات التً خاضتها الشعوب على مر العصور ضد جالدٌها ،وتجسد ذلك فً الصراعات
] [4التً كانت سائدة بٌن مختلف الطبقات التً كان ٌتكون منها المجتمع .
المطلب الثانً :مرحلة ظهور اإلسالم
ٌرى بعض الفقه الدولً أنّ اإلسالم و باعتباره جاء شامال لحل جمٌع المشكالت التً تواجه البشرٌة ،كان له
على السواء ،و ][5السبق المطلق فً إرساء دعائم و أسس حقوق اإلنسان فً وقت السلم أو فً وقت الحرب
جاء الحدٌث عن هذه الحقوق فً أصل التشرٌع اإلسالمً و المستمد من القرآن الكرٌم و السنة النبوٌة و من
الفقه ،و سوف نتطرق إلى إبراز أهمٌة حقوق اإلنسان فً اإلسالم عبر ثالثة نقاط .
أوال :القرأن الكرٌم
بداٌة ٌ ،مكن القول أنّ جمٌع الشرائع السماوٌة اهتمت بحقوق اإلنسان و تجلى ذلك عبر األحكام الروحٌة التً
تضمنتها الدٌانة الٌهودٌة و المسٌحٌة قبل التحرٌف ،و اذا كانت الدٌانة المسٌحٌة حملت إلى الحضارة
األوربٌة التً اهتمت بإرساء الحماٌة المقدسة للعنصر البشري عبر عنصرٌن أساسٌن ،الكرامة الشخصٌة
اإلنسانٌة و فكرة تحدٌد السلطة ،فان الشرٌعة اإلسالمٌة و كما اشرنا أعاله ،سبقت كل الصكوك الدولٌة و
التشرٌعات الوطنٌة فً تؤكٌد حماٌة حقوق اإلنسان بصورة شاملة و متكاملة و ٌتجلى ذلك فً العدٌد من
األحكام التً تضمنتها اآلٌات القرآنٌة فً هذا الصدد :و نتطرق إلٌها على النحو التالً :
-مبدأ العزة و الكرامة :قال المولى عز و جل" و لقد كرمنا بنً ادم و حملناهم فً البر و البحر و فضلناهم
[6].على كثٌر ممن خلقنا تفضٌال " صدق هللا العظٌم
و لقد كرم المولى عز و جل اإلنسان و صان حقوقه ،باعتبار أنّ الشرٌعة اإلسالمٌة قدست العنصر البشري و
حافظت على حقوقه و جعلتها آمرا ثابتا ال جدال فٌه ،و لذلك أكد اإلسالم أنّ اإلنسان حر و لٌس ألحد أنّ
ٌستعبده بآي شكل من األشكال و ال عبودٌة لغٌر هللا حالق كل شًء .
و هذا التكرٌم لٌس خاصا بالمسلمٌن ،و إنما جعله هللا سبحانه و تعالى لكل البشر و من تناسل من ذرٌة ادم (
علٌه السالم ) ،فالمسلم و غٌر المسلم فً التكرٌم اإللهً سواء .
-حرمة االعتداء على النفس :مصداقا لقوله عز و جل " وال تقتلوا النفس التً حرم هللا إال بالحق ذلكم وصاكم
][7به لعلكم تعقلون " صدق هللا العظٌم .
-الحق قً المساواة و عدم التمٌٌز بسب العرق أو الجنس ،مصداقا لقوله عز و جل " ٌا أٌها الناس إنا
خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا أنّ أكرمكم عند هللا اتقاكم أنّ هللا علٌم خبٌر " صدق
][8هللا العظٌم .
-الحق فً العدل و المساواة أمام القضاء ،فقد كفل اإلسالم الحق فً العدل و المساواة أمام القضاء و ضمن
حق الدفاع عن النفس و المال ،مصداقا لقوله " ٌا أٌها الذٌن امنوا كونوا قوامٌن هلل شهداء بالقسط و ال
ٌجرمنكم شنئان قوم على أال تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى و اتقوا هللا أنّ هللا خبٌر بما تعملون " صدق هللا
][9العظٌم .
و من جهة أخرى ارسً القرآن ،الكرٌم مفهوم حقوق اإلنسان و الشعوب فً السلم و فً الحرب و اقر أنّ قتل
النفس البشرٌة بغٌر حق ٌ ،عتبر قتل للناس أجمعٌن ،مصداقا لقوله تعالى " من قتل نفس بغٌر نفس أو فساد فً
][10األرض فكؤنما قتل الناس جمٌعا "
-حق االشتراك فً الحكم :حث القرأن الكرٌم على حق االشتراك فً الحكم ،مصداقا لقوله عز و جل " و
][11أمرهم شورى بٌنهم "
ثانٌا :السنة النبوٌة
جاءت السنة النبوٌة من أقوال و أفعال و امتناع ،للرسول محمد (صلى هللا علٌه و سلم ) ،لتإكد و تشرح ما
جاء فً القرأن الكرٌم .
و لقد ثبت عن النبً علٌه أفضل الصالة و السالم ،انه تحدث فً أكثر من موضع و أوصى عن
ضرورة التعامل الذي ٌجب أنّ ٌتحلى به المسلم خصوصا وقت الحرب ،و قً هذا السٌاق ،ثبت عن النبً
صلى هللا علٌه و سلم انه أوصى زٌد بن حارثة الذي بعثه إلى غزوة "مؤتة " كقائد للجٌش " أوصٌكم ٌتقوى
هللا و بمن معكم من المسلمٌن خٌرا ،اغزوا باسم هللا فً سبٌل هللا و ال تغدروا و ال تقتلوا ولدا و ال امرأة و ال
][12كبٌرا و ال منعزال بصومعة و ال تقعروا نخال و ال تقطعوا شجرا و ال تهدموا بناءا "
و ثبت أٌضا عن الرسول الكرٌم ( صلى هللا علٌه و سلم ) انه قال " ال فضل لعربً على أعجمً و ال ابٌض
على اسود إال بالتقوى " و قال أٌضا " كل المسلم على المسلم حرام ،دمه و ماله و عرضه " و قال أٌضا "
][13أنّ دماءكم و أموالكم علٌكم حرام "
ٌتضح مما سبق أنّ السنة النبوٌة ،جاءت لتإكد ما ورد فً القرأن الكرٌم من تكرٌم و تفضٌل لإلنسان و البشر
عن سائر المخلوقات ،كما أنها صانت كرامة اإلنسان و حقوقه و جعلتها أمرا ثابتا ال جدال قٌه .
ثالثا :الفقة
إن ما جاء به اإلسالم من تشرٌعات و أحكام ،إنما كان الهدف منها تحقٌق مصلحة اإلنسان سواء أكانت األحكام
أمرا أو نهٌا ،تحرٌما أو تحلٌال أو كراهة أو إباحة ،و اإلنسان هو المحور الذي تدور الشرٌعة حوله ،فهو
المخاطب بها و المكلف بتنفٌذها .
و ٌذكر الفقهاء أنّ فكرة حقوق اإلنسان و حقوق الشعوب ،كانت موجودة على امتداد التارٌخ اإلسالمً و
ٌذكرون أنّ الجٌوش اإلسالمٌة ضمت فً صفوفها األئمة و المسعفٌن و حرصت على تمكٌنهم من وظائفهم و
منذ المعارك األولى حرص اإلسالم على إسعاف المرضى و الجرحى و عدم التعدي على الحرمات و عدم إفساد
النبات وأبار المٌاه
و أخٌرا ٌ ،مكن القول أنّ فقهاء اإلسالم منعوا المسلم عن التنازل عن حقه فً الحٌاة و فً الحرٌة ،معتبرٌن
أنّ من حق كل الفرد و شعب تمتعهم بحقوقه و أنّ ٌضمن المجتمع لكل منهم تمتعه بهذه الحقوق ،بل ٌعتبر هذه
] [14الحقوق من قبل الضرورٌات و ادخلها فً إطار الواجبات .
رأٌنا فٌما سبق ،أنّ اإلعالنات التً ظهرت فً أوربا إبان العصور الوسطى ،ساهمت فً نقل و
تحوٌل المبادئ السامٌة لحقوق اإلنسان من الجانب المثلً النظري إلى الجانب القانونً ،نتطرق عبر
هذا المطلب البحث عن مساهمة المنظمات الدولٌة الفاعلة على الساحة الدولٌة فً تجسٌد الحماٌة الدولٌة
لحقوق اإلنسان ،و ذلك عبر منظمة عصبة األمم ثم منظمة األمم المتحدة و ذلك عبر نقطتٌن .
أوال :دور منظمة عصبة األمم
ٌتفق جل فقهاء القانون الدولً ،انه وجود فً عهد عصبة األمم نصوصا صرٌحة تتضمن حماٌة حقوق
اإلنسان باستثناء ما ورد فً المادة 23من مٌثاق العصبة و التً تشمل فً المقام األول حقوق العمال
وحقوق األفراد فً المناطق الموضوعة تحت االنتداب ،فقد جاء فً الفقرة ب من المادة السالفة الذكر
ضرورة العمل على توفٌر المعاملة العادلة للسكان الوطنٌٌن لألقالٌم المشمولة برقابتهم[1].
هذا ونشٌر إلى أنّ أولى مراحل تدوٌل حقوق اإلنسان بدأت فً أعقاب الحرب العالمٌة األولى ،حٌث
حاولت عصبة األمم حماٌة األقلٌات ،وحقوق العمال ،وحقوق األفراد الموضوعة تحت االنتداب فً الفترة
الممتدة من عام 1910إلى عام ،1939فؤبرمت العدٌدة من المعاهدات لهذا الهدف ،كما أصدرت بعض
الدول إعالنات فردٌة تتعهد فٌها حماٌة حقوق األقلٌات المقٌمة على أرضها ،إضافة إلى إحالة المشاكل
المتعلقة بمعاملة هذه األقلٌات فً حاالت كثٌرة على المحكمة الدائمة العدل الدولً.
ثانٌا :تدوٌل حقوق اإلنسان فً مٌثاق األمم المتحدة
ٌمكن القول أنّ جاءت البداٌة الحقٌقٌة لالهتمام الدولً بحقوق اإلنسان بعد الحرب العالمٌة الثانٌة ،وهو ما
أكدته األمم المتحدة فً مٌثاقها حٌث جعلت حماٌة حقوق اإلنسان من أهم األهداف التً أنشئت من اجلها
المنظمة[2]،
و لقد نصت المادة 55من المٌثاق فً هذا السٌاق " رغبة فً دواعً االستقرار والرفاهٌة الضرورٌتٌن
لقٌام عالقات سلمٌة ودٌة بٌن األمم مؤسسة احترام المبدأ الذي ٌقضً بالتسوٌة بٌن الشعوب وبأن
ٌكون لكل منها الحق فً تقرٌر مصٌرها ،تعمل األمم المتحدة على :
أ _ تحقٌق مستوى أعلى للمعٌشة وتوفٌر أسباب االستخدام المتصل لكل فرد والنهوض بعوامل التطور
والتقدم االقتصادي واالجتماعً؛
ب_ تٌسٌر الحلول للمشاكل الدولٌة االقتصادٌة واالجتماعٌة والصحٌة وما ٌتصل بها وتعزٌز التعاون
الدولً فً أمور الثقافة والتعلٌم؛
ج _ أن ٌشٌع فً العالم احترام حقوق اإلنسان والحرٌات األساسٌة للجمٌع بال تمٌٌز بسبب الجنس أو اللغة
أو الدٌن وال تفرٌق بٌن الرجال والنساء ،ومراعاة تلك الحقوق والحرٌات فعال"[3].
و لقد تال مٌثاق األمم المتحدة ،صدور العدٌد من المواثٌق الدولٌة المتعلقة بحقوق اإلنسان كان على
رأسها اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان الذي تبنته الجمعٌة العامة لألمم المتحدة فً 10دٌسمبر 1948و
الذي لعب دورا هاما فً إرساء العدٌد من المبادئ المتعلقة بحماٌة حقوق اإلنسان .
و من جهة أخرى كان لمٌثاق األمم المتحدة ،الفضل فً إبرام العدٌد من االتفاقٌات الدولٌة واإلقلٌمٌة
التً تحد مضمون حقوق اإلنسان والٌات حماٌتها على المستوى الدولً ،اإلقلٌمً والوطنً؛ وٌتصدرها
العهد الدولً للحقوق المدنٌة والسٌاسٌة والبروتوكول االختٌاري الملحق به و العهدٌن الدولٌٌن للحقوق
المدنٌة و السٌاسٌة و االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة لسنة ،1966وقبلهما االتفاقٌة األوربٌة لحقوق
اإلنسان والحرٌات األساسٌة لعام ،1950ثم االتفاقٌة األمرٌكٌة لحقوق اإلنسان لعام ،1969والمٌثاق
اإلفرٌقً لحقوق اإلنسان والشعوب لعام 1981وغٌرها من االتفاقٌات األخرى ....الخ.
لقد صدرت العدٌد من الوثائق ذات البعد العالمً و اإلقلٌمً ،التً اهتمت بمسائل حقوق اإلنسان ،و
بالتالً فان هذه الوثائق التً انبثقت خصوصا عن المإتمرات و المعاهدات و المنظمات الدولٌة ،أصبحت
تشكل المصادر األساسٌة لحقوق اإلنسان على الصعٌدٌن العالمً و اإلقلٌمً ،و ألهمٌة هذه المصادر،
ارتؤٌنا أنّ نقسم هذا الفصل إلى أربعة مباحث ،المبحث األول نخصصه لدراسة مساهمة اإلعالن العالمً
لحقوق اإلنسان ،فً التعرٌف بهذه الحقوق ،أما المبحث الثانً ،فنتناول فٌة دراسة العهد الدولً
للحقوق المدنٌة و السٌاسٌة ،و نتطرق عبر المبحث الثالث إلى دراسة العهد الدولً للحقوق االقتصادٌة
و االجتماعٌة و الثقافٌة ،أما المبحث الرابع فنتناول فٌه دراسة الوثائق األوربٌة الخاصة بحقوق اإلنسان
المبحث األول . :اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان
تضمن اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان ،نصوصا عامة تشمل الدول جمٌعها .أصبحت من القواعد اآلمرة
فً القانون الدولً العام تسري على الدول جمٌعها وفرضت على الدول أنّ تعمل من اجل تطبٌقها .كما أنّ
مصادقة الدول على هذا اإلعالن والمواثٌق الدولٌة الصادرة بموجبه أضفت الصفة العالمٌة لحقوق اإلنسان
[1].
وأطلق علٌه باإلعالن العالمً،ولم ٌطلق علٌه باإلعالن الدولً .وهناك فرق بٌن المصطلحٌن
،فالعالمً ٌعنً انه ٌهم دول وشعوب العالم ،والدولً ٌعنً انه ٌتعلق بالعالقات بٌن الدول .وان
واضعً اإلعالن فضلوا تسمٌته بالعالمً ،لتجنب اعتراض الدول علٌه ،لهذا فهو غٌر ملزم للدول .فً
حٌن أطلق على العهدٌن اللذٌن صدرا بموجبه مصطلح العهد الدولً ،ولم ٌطلق علٌهما بالعهدٌن
العالمٌٌن .ألنهما ملزمان للدول .
وسوف نتطرق إلى الطبٌعة القانونٌة لإلعالن ،ثم نناقش المبادئ القانونٌة التً قام علٌها اإلعالن و ذلك
،عبر مطلبٌن .
المطلب ألول :الطبٌعة القانونٌة اإلعالن
تتضمن اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان نصوصا عامة ،تشمل الدول وشعوب العالم جمٌعها .فؤصبح من
القواعد اآلمرة فً القانون الدولً العام تسري على الدول جمٌعها ،وفرضت على الدول أن تعمل من أجل
تطبٌقها ،كما أن موافقة الدول على هذا اإلعالن فً الجمعٌة العامة والمواثٌق الدولٌة الصادرة بموجبه ،
أضفت الصفة العالمٌة لحقوق اإلنسان .وكان للكتلة االشتراكٌة الدور المهم فً دعم مبادئ حقوق اإلنسان
والسٌما فً مراقبة حقوق اإلنسان فً الغرب ،غٌر أن هذه المعادلة انقلبت واستخدمت مبادئ حقوق
اإلنسان وسٌلة إلسقاط الكتلة االشتراكٌة ،وغٌرها من الدول التً ال تنسجم سٌاستها مع دول المعسكر
الغربً .
ومن المشاكل التً واجهها إصدار اإلعالن ،هو أنّ العالم كان فً ذلك الوقت ،مقسما بٌن معسكرٌن
متنافسٌن .األول المعسكر الرأسمالً الذي ٌضم أمرٌكا و الدول الغربٌة ،والثانً ،المعسكر االشتراكً
الذي ٌضم االتحاد السوفٌتً سابقا والمجموعة االشتراكٌة ،وان كل طرف ٌحاول أن ٌجعل من مبادئ
حقوق اإلنسان وسٌلة لضرب الطرف األخرى .وبغض النظر عن الظروف التً رافقت إصدار اإلعالن ،
إال انه ٌعد خدمة متقدمة فً أن ٌجمع الدول ،بمختلف اتجاهاتها األٌدلوجٌة والفكرٌة فً أن تتبنى مبادئ
محددة لتكون اللبنة األولى لوثائق قانونٌة دولٌة أخرى تلتزم بها الدول وتطبقها على شعوبها بشكل منصف
وعادل .
المطلب الثانً :المبادئ القانونٌة التً قام علٌها اإلعالن
ٌحتوي اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان على دٌباجة و ثالثون ( ) 30مادة ،توزعت بٌن اإلشارة إلى
الحقوق و الحرٌات ،كالحق فً الحٌاة والحق فً المساواة و عدم التمٌٌز بؤي سبب من األسباب
،سٌما عدم التمٌٌز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدٌن أو الرأي السٌاسً أو األصل
الوطنً أو االجتماعً أو الثروة أو النشؤة ( المولد ) أو أي وجه ا وضع أخر من التمٌٌز .
و من أهم المبادئ القانونٌة الدولٌة ،التً تضمنها اإلعالن ،المسائل التالٌة :
-1اإلشارة إلى الحقوق الوطنٌة بشكل عام :كحق استثمار الثروات الطبٌعٌة و حق التمتع بنظام
اجتماعً و سٌاسً مستقل و حق التخلص من االستعمار عن طرٌق إقرار حق تقرٌر المصٌر لجمٌع
الشعوب و األقالٌم المستعمرة [2].
-2اإلشارة إلى الحقوق الشخصٌة :كحق التمتع بالحٌاة الكرٌمة و سالمة الجسم و حق الترشح و
االنتخاب و التوظف و حق اللجوء و حق التمتع بالجنسٌة و تغٌٌرها .
-3اإلشارة إلى ضمان الحرٌات العامة :
كحرٌة الرأي و التعبٌر و حرٌة التنقل و اإلقامة و المغادرة من بلد و العودة إلٌه و حرٌة ممارسة الطقوس
الدٌنٌة و حرٌة التعلٌم .
-4تأكٌد االلتزامات القائمة على عاتق الدول :
ورد أٌضا فً اإلعالن التؤكٌد على االلتزامات القائمة إلى عاتق الدول كحق حماٌة المواطنٌن من
االسترقاق و الحماٌة من تلوث البٌئة و الحماٌة من انتشار المخدرات و الحماٌة من االضطهاد و ضرورة
توفٌر السكن و الضمان الصحً و االجتماعً لألفراد المجتمع .
-5االلتزامات المتعلقة باألفراد :
ورد أٌضا فً اإلعالن الكثٌر من االلتزامات الخاصة باألفراد تجاه المجتمع ،و بالتالً لٌس لألفراد انتهاك
االلتزامات القائمة على عاتقهم تجاه المجتمع .
بعد صدور اإلعالن العالمً لحقوق اإلنسان عام ،1948اتجهت األمم المتحدة إلى مهمة أخرى ،وهً
تحوٌل المبادئ التً جاء بها اإلعالن إلى أحكام ومعاهدات دولٌة تفرض التزامات على الدول من الدول
المصدقة .وفً نهاٌة األمر تقرر صٌاغة عهدٌن ،األول ٌعالج الحقوق المدنٌة والسٌاسٌة ،والثانً ٌعالج
الحقوق االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة .وفً /16كانون األول 1966 /أعلنت الجمعٌة العامة العهدٌن
الدولٌٌن والبرتوكول االختٌاري .وعندما بلغ عدد الدول المصدقة ( ) 35دولة ،دخل العهد الدولً الخاص
بالحقوق االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة حٌز التنفٌذ بتارٌخ الثالث من كانون الثانً .1976أما العهد
الخاص بالحقوق المدنٌة والسٌاسٌة فقد دخل حٌز التنفٌذ فً تارٌخ / 23آذار 1976 /مع البرتوكول
االختٌاري.
وبناء على ذلك عقدت الدول العهدٌن الخاصٌن بحقوق اإلنسان ،األول العهد الدولً الخاص بالحقوق
المدنٌة والسٌاسٌة ،والثانً العهد الدولً الخاص بالحقوق االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة ،وعلى الرغم
من إطالق كلمة عهد إال أن ذلك ال ٌغٌر من حقٌقة كونهما معاهدٌن دولٌتٌن ،طبقا التفاقٌة قانون
المعاهدات .وأطلق علٌه بالعهد الدولً ،ولم ٌطلق علٌه بالعهد العالمً ،أسوة باإلعالن العالمً ،لكونه
موجها للدول بضرورة االلتزام به.
و سوف نقوم بدراسة العهد الدولً للحقوق المدنٌة و السٌاسٌة عبر مطلبٌن ،األول نتناول فٌه حق تقرٌر
المصٌر و الثانً نخصصه للمبادئ القانونٌن التً قام علٌها العهد .
المطلب األول :حق تقرٌر المصٌر فً العهد الدولً
تضمن العهد الدولً للحقوق المدنٌة و السٌاسٌة كغٌره من الوثائق التً اهتمت بالحماٌة القانونٌة للحقوق
اإلنسان اإلشارة إلى حق تقرٌر المصٌر ،وسنتطرق إلى هذا عبر تعرٌف حق تقرٌر المصٌر كما ورد فً
العهد ( الفرع األول ) ثم نتناول مكانة تقرٌر المصٌر فً العهد الدولً ( الفرع الثانً )
الفرع األول :معنى تقرٌر المصٌر فً العهد
ٌقصد بحق تقرٌر المصٌر ،حق الشعوب و األقلٌات المستعمرة فً إنشاء كٌان سٌاسً مستقل عن الدولة
التً كانت تمارس السٌطرة المادٌة أو الفعلٌة أو القانونٌة ( الوصاٌة ) على اإلقلٌم ][1
وظهر مبدأ حق الشعوب فً تقرٌر مصٌرها خصوصا فً القرن العشرٌن ،بعد أنّ كافحت العدٌد من
الشعوب المتؤثرة باألفكار التحررٌة التً كان من وراءها فالسفة و مفكرو العصر الحدٌث من أمثال
جون جاك روسو و ماركس و لٌنٌن و آخرون .
و من جهة أخرى نص العهد الدولً الخاص بالحقوق المدنٌة و السٌاسٌة صراحة على مبدأ و حق جمٌع
الشعوب قً تقرٌر نصٌرها و أصبح هذا الحق من أهم المبادئ العامة لحقوق اإلنسان .
أنجزت اللجنة السادسة التابعة لألمم المتحدة العهد الدولً الخاص بالحقوق المدنٌة والسٌاسٌة وعرضته للتوقٌع
والتصدٌق واالنضمام بتارٌخ /16كانون الثانً /دٌسمبر عام 1966م ،و هناك العدٌد من الدول خاصة
المنتمٌة إلى المعسكر الشرقً آنذاك ( الدول االشتراكٌة ) تحفظت على التصدٌق و اشترطت أنّ ٌنص العهد
الدولً صراحة على حق تقرٌر حق تقرٌر المصٌر و ٌجب أنّ ٌكون ،من أهم الحقوق التً ٌجب أنّ ٌقوم علٌها
العهد الدولً و بالتالً احتل حق تقرٌر المصٌر مكانة مهمة فً مسار االنضمام و التصدٌق على العهد و كذا
التركٌز على حقوق األقلٌات التً لها عالقة مباشرة و غٌر مباشرة بحقوق اإلنسان ،و حقوق الشعوب خاصة
المستعمرة .
كما انه وطبقا للمادة ( )49من العهد فان العهد ،ال ٌدخل حٌز التنفٌذ إال بعد مرور عشرة سنوات من عرضه
للتوقٌع والمصادقة ،و بالفعل دخل حٌز التنفٌذ بتارٌخ /23آذار /مارس .1976 /وهذا ٌعنً انه لم ٌحظ
بالموافقة الدولٌة ،إال من قبل عدد قلٌل من الدول وبعد تردد دام عشر سنوات ،.و هذا بسبب التحفظات التً
صدرت خصوصا من الدول االشتراكٌة آنذاك و التً كانت تساند الحركات التحررٌة المكرسة لدعم حق
الشعوب المستعمرة فً ممارسة حق تقرٌر المصٌر .
على غرار العهد الدولً الخاص بالحقوق المدنٌة و السٌاسٌة ،و تحت إشراف منظمة األمم المتحدة ،جاء العهد
الدولً للحقوق االقتصادٌة و االجتماعٌة و الثقافٌة فً نفس سنة 1966و تضمن ( )31مادة موزعة على 05
أجزاء ،نتطرق إلٌها عبر ثالثة مطالب ،الحقوق االقتصادٌة ذات األبعاد الوطنٌة ( المطلب األول ) ،الحقوق
االقتصادٌة ذات األبعاد الدولٌة ( المطلب الثانً ) ،الحقوق السٌاسة و االجتماعٌة ( المطلب الثالث )
المطلب األول :الحقوق االقتصادٌة ذات األبعاد الوطنٌة .
تضمن العهد الدولً بعض الحقوق ذات أبعاد وطنٌة و إنسانٌة ٌمكن تقسٌمها إلى فرعٌن ،عدم التمٌٌز فً
الحقوق الشخصٌة لإلنسان ( الفرع األول) و الحق فً ممارسة عمل مستقل ( الفرع الثانً )
الفرع األول :عدم التمٌٌز فً الحقوق الشخصٌة لإلنسان
تضمن العهد الدولً للحقوق االقتصادٌة و االجتماعٌة و الثقافٌة العدٌد من الحقوق ذات الطابع الوطنً ٌ ،مكن
اإلشارة إلٌها حسب النقاط التالً :
-1عدم التمٌٌز فً الحقوق الواردة فً العهد بسبب العرق ،أو اللون ،أو الجنس ،أو اللغة ،أو الدٌن ،أو الرأي
السٌاسً ،أو األصل القومً أو االجتماعً ،أو الثروة ،أو النسب ،أو غٌر ذلك من األسباب .وللبلدان النامٌة أنّ
تقرر ،مع اٌالء المراعاة الواجبة لحقوق اإلنسان والقتصادها القومً ،إلى أي مدى ستضمن الحقوق االقتصادٌة
المعترف بها فً هذا العهد لغٌر المواطنٌن .وضمان المساواة الذكور واإلناث فً حق التمتع بجمٌع الحقوق
االقتصادٌة واالجتماعٌة والثقافٌة.
] -2[1أنّ ٌكون هدف التمتع بهذه الحقوق ،تحقٌق الرفاهٌة فً مجتمع دٌمقراطً.
ٌ -3.جوز للدول أنّ تمنح حقوقا أكثر من الحقوق الواردة فً العهد الدولً و لٌس لها أنّ تمنع حقوقا كانت قد
منحتها بحجة أنّ العهد ال ٌعترف بها ،
الفرع الثانً :الحق فً ممارسة عمل مستقل
نص العهد الدولً على ضرورة أنّ ٌمنح كل شخص ،الحق فً ممارسة عمل ٌختاره و ٌناسبه و على كل دولة
أنّ تصون هذا الحق ،و لكن لم ٌضع العهد التزاما على الدولة بان توفر العمل للشخص .
و من جهة أخرى فان العهد لن ٌلزم الدولة بتوفٌر الضمان االجتماعً لكل شخص ،إذ ٌبقى هذا الحق مرتبطا
] [2بالعمل الذي ٌمارسه ا لشخص ،رغم أنّ الدول االشتراكٌة سابقا ،كانت تمنح هذا الحق لكل فئات المجتمع .