Professional Documents
Culture Documents
أزمة القواعد العامة للتعاقد في صعوبات المقاولة
أزمة القواعد العامة للتعاقد في صعوبات المقاولة
fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
جامعة الحســن الثــاني
بالدارالبيضاء
واالجتماعية -المحمـدية-
لجنة المناقشة:
السنة الجامعية
0271-0271
ٕاﻫﺪاء
إﻟﻰ واﻟﺪﺗﻲ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺄلُ ﺟﻬﺪاً ﻓـﻲ ﺗﺮﺑﻴﺘﻲ
وﺗﻮﺟﻴﻬﻲ
أﻗـﺪم ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ.
إﻟﻰ ﺳﺒﺐ وﺟﻮدي ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ...واﻟﺪي اﻟﺤﺒﻴﺐ
ﻟﻚ ﻛﻞ اﻟﺘﺠﻠﻲ واﻻﺣﺘﺮام
إﻟﻰ أﺳﺮﺗﻲ وﻋﺎﺋﻠﺘﻲ
إﻟﻰ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ ﺑﻤﺎﺳﺘﺮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎوﻟﺔ
إﻟﻰ زﻣﻼﺋﻲ وزﻣﻴﻼﺗﻲ
وأﺧﺺ ﺑﺎﻟﺪﻛﺮ :أﻧﻮار ،زﻛﺮﻳﺎء ،ﻋﺒﻠﺔ ،ﻫﺪى ،ﻣﺤﺴﻦ ،وﺑﺎﻗﻲ
زﻣﻼﺋﻲ وزﻣﻴﻼﺗﻲ ﺑﻤﺎﺳﺘﺮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎوﻟﺔ
إﻟﻰ اﻟﺸﻤﻮع اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺮق ﻟﺘﻀﻲء ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ
إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻨﻲ ﺣﺮﻓﺎ
أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ راﺟﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ
ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﻳﺠﺪ اﻟﻘﺒﻮل واﻟﻨﺠﺎح
ﺳﻌﻴﺪ
ﺳﻌﻴﺪ
قائمة المختصرات
باللغة العربية:
باللغة الفرنسية:
P: page
L.G.D.J: Libration général de droit jurisprudence
éd: édition
Pr: paragraphe
Op.cit: Ouvrage précité
1
مقدمة:
إذا كان مبدأ سلطان اإلرادة( )1يلعب دورا أساسيا يف إنشاء اإللتزامات التعاقدية بشكل خاص وتنفيذها بعيدا عن
أية قيود أو طقوس تستلزم صياغتها يف شكل أو صيغة معينة ،فإن تطور الواقع اإلقتصادي واإلجتماعي إقتضى
إيراد بعض القيود عل ى هذا املبدأ يف الكثري من نواحيه ،حيث تدخلت الدولة بسن جمموعة من املقتضيات اليت من
شأهنا كفالة إحتياجات األفراد الضرورية واحملافظة على التوازن بني املراكز املختلفة ومحاية املصلحة اإلقتصادية
العامة ،غري أن هذه املقتضيات مل تكن تصل اىل درجة التضحية بقانون العقد وخمتلف الضمانات املرتبطة
بتنفيذه ،وقد ترتب على هذه املبادئ العامة شلل يف تدبري الصعوبات اإلقتصادية اليت تعرفها احلياة التجارية ،وهذا
ما فرض على املشرع إجياد بعض القواعد اخلاصة اليت تأخد بعني اإلعتبار خمتلف املتغريات اليت يعرفها عامل
األعمال ،ويندرج يف هذا السياق نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة( )2الذي سنه املشرع لتأمني
محاية النشاط اإلقتصادي وإستقرار التشغيل ومحاية حقوق الدائنني(.)3
وهكذا فقد أدرك املشرع املغريب أن تشريعات بداية القرن التاسع عشر والقرن العشرين -يرجع قانون التجارة املغريب
القدمي اىل 21غشت -2121عاجزة عن معاجلة أوضاع املقاوالت اليت تعرتضها صعوبات ،وال تتالئم مع
التطور الذي طرأ على اإلقتصاد العاملي الذي ال ميكن أن يكون اإلقتصاد املغريب مبعزل عنه ،وأن سيف اإلفالس
( )1يقصد بمبدأ سلطان إلارادة » «le principe de l'autonomie de la volontéأن إلارادة قادرة على أن تنش ئ التصرف القانوني ،وتحدد ألاثار التي تترتب عليه .فهو
مبدأ يقوم على أساسين:
ألاساس ألاول :ويتعلق بالشكل ،وهو عبارة عن مبدأ الرضائية الذي يجعل إلارادة وحدها مجردة من أية شكلية كافية إلنشاء التصرف.
فاإلرادة وحدها قادرة على إنشاء إلالتزام ،بمعنى أنه ال يلزم أن يقترن التعبير عن إلارادة بأي إجراء أو شكل خاص ،ليترتب عليه ما تقصد إليه من أثار قانونية،
وذلك على خالف ما كان عليه الحال في كثير من القوانين القديمة كالقانون الروماني ،حيث كان يلزم في التعبير عن إلارادة القيام بأعمال مرسومة ذات طابع طقس ي،
أو التلفظ بعبارات محددة يكمن فيها سر إلالتزام ،وإال لم يترتب أثرها وفقا للقانون.
وكفاية إلارادة وحدها ،وحرية إختيار وسيلة التعبير عنها دون إلتزام أشكال أو طقوس محددة في إطار العقود ،أي دون ضرورة إلفراغ وصب التعبير عن إلارادة في
قالب أو شكل معين ،يسمى «مبدأ الرضائية» وهو مبدأ سائد في القانون أي أنه القاعدة ألاصلية في تكوين العقود وقيامها.
ألاساس الثاني :ويتعلق باملوضوع ،ومقتضاه أن تكون إلارادة كذلك صاحبة السيادة والسلطان في تحديد أثار التصرف .فاإلرادة قادرة على تعيين الحدود التي تلتزم
فيها ،أي قادرة على تحديد مضمون ألاثار القانونية التي تنشأ بها ،وفقا لرغبة صاحبها ،وإن إلتزام الشخص بإرادته ،أو قبوله للتحمل بواجب قانوني معين ،يجعله
متحمال بالصورة التي حددها ،وإذا تم إلاتفاق بينه وبين شخص أخر على ما تعهد به ،ال يجوز للملتزم أن يرجع عما إلتزم به إال إذا رض ي هذا الشخص ألاخر ،أي ال
يجوز تعديل إلاتفاق إال بإتفاق الحق ،بين أطرافه.
( )2يتعلق ألامر بالكتاب الخامس من مدونة التجارة ،ظهير شريف رقم 1..6..1صادر في 11من ربيـع ألاول ( 1111فاتح أغسطس )1..6بتنفيذ القانون رقم 11..1
املتعلق بمدونة التجارة ،الجريدة الرسمية عدد 111.الصادرة بتاريخ 1.جمادى ألاولى 1( 1111أكتوبر )1..6ص .21.1عدل هذا القانون مؤخرا بالقانون .1.11
والذي غير تسمية الكتاب الخامس من مدونة التجارة.
-القانون رقم .1.11الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.116بتاريخ 21من شوال 22( 1111أغسطس )2111؛ الجريدة الرسمية عدد 62.1
بتاريخ 1.ذو القعدة 11( 1111سبتمبر ،)2111ص .6..2
( )3عمر السكتاني ،نظام التعاقد بين ثوابت النظرية العامة لإللتزامات ومتغيرات قانون صعوبات املقاولة-دراسة تحليلية في ضوء تطور التشريع ومواقف الفقه
وأحكام القضاء ،مقال منشور باملجلة املغربية للدراسات وإلاستشارات القانونية ،العدد السادس-السنة الثالثة ،2116مطبعة ألامنية-الرباط ،توزيع دار ألافاق
املغربية للنشر والتوزيع-الدارالبيضاء ،ص 11و11
2
بات يدمر املقاولة واإلقتصاد دون توفري لفرص العالج ،فأمراض اإلقتصاد واملقاوالت كأمراض اإلنسان ،ينبغي
التفكري يف عالجها قبل التفكري يف إستئصال املقاولة وتدمريها ،فقوانني اإلفالس اليت إعتربت بدورها يف حالة
إفالس تغلب املعطيات القانونية احملضة ،اليت ال ترحم التاجر واملقاولة التجارية والشركة التجارية إن وقع التوقف
عن دفع الديون املستحقة (املادة 211من قانون 21غشت 2121املنسوخ) إن مل ينجح الصلح .وحتمي
الضمان العام وحقوق الدائنني على حساب املعطيات اإلقتصادية واإلجتماعية وموارد الدولة ،أسباب وعلل
جعلت املشرع يلبس لباس القرن احلادي والعشرين الذي يفرض عصرنة اإلقتصاد وحتديث القوانني ،وخلق توازن
إجتماعي بني املقاولني واملنعشني اإلقتصادين من جهة وبني الدائنني من جهة أخرى ،وبني مصاحل األفراد
واجملتمع ،فاملغرب يشكل جزءا من دول البحر األبيض املتوسط ويسعى اىل الشراكة مع اإلحتاد األورويب ،واىل
التعاون مع العامل األجنلوسكسوين ،اللذين يعاين إقتصادمها ،على الرغم من تقدمه وإزدهاره أمراضا كثرية ،ولكن
تعاجل حبكمة نسبية تراعي املصاحل اإلقتصادية واإلجتماعية أوال .ومبعىن أخر ،أن هذه الدول سخرت القانون
خلدمة هذه املصاحل اإلقتصادية واإلجتماعية ال العكس ،دون هدر حقوق الدائنني .أسباب ودوافع جعلت املشرع
يفكر كما تفكر هذه الدول املتقدمة يف الوقاية واملعاجلة من األمراض اليت ترتبص حبياة املقاولة ،وذلك عرب أليات
وتقنيات قانونية جديدة(.)4
وإذا كان نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يهدف اىل ضمان إستمرارية احلياة اإلقتصادية
للمقاولة وضمان فعاليتها ،حفاظا على املزايا اليت توفرها ،فإنه كان لزاما أن متتد أثار هذا التوجه القانوين احلديث
اىل العالقات التعاقدية ،وذلك لتحقيق األهداف اليت سطرها املشرع ،إذ ال ميكن تصور بقاء املقاولة إذا مل تستمر
العقود ،ونظرا ملا يتميز به نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة من جتديد ،وما يتضمنه من
إستثناءات من القواعد العامة ،كان من الضروري على املشرع أن حياول إجياد مقتضيات قانونية تأخد بعني
اإلعتبار خمتلف املصاحل املتواجدة ،مع إعادة النظر يف القواعد العامة للعقود ،حيث مل تعد تشكل اإلرادة عامال
أساسيا يتحكم يف حياة العقد ،وتركت مكاهنا لعامل أخر قد يكون أكثر أمهية ،وهو مدى نفعية أو ضرورة العقد
بالنسبة للمقاولة( ،)5فنظرية "النفع" اليت جاء هبا الفقيه الفرنسي Ghestinترى يف العقد نظاما قانونيا وجد
لتحقيق النفع االقتصادي ،وتبعا لذلك مل يعد الفرد يتمتع حبرية تعاقدية كما يف السابق ،إذ يرغم األطراف على
الدخول يف العالقة التعاقدية ،إذا كانت حتقق النفع ،وال يرتب العقد أثاره إال إذا كان من شأهنا حتقيق هذا النفع،
( )4أحمد شكري السباعي ،مسطرة التسوية القضائية (أو التصحيح القضائي) والتصفية القضائية وتصحيح املقاولة ،مقال منشور بمجلة املحاكم املغربية ،ع ،.1
ص 12و11
( )5عمر السكتاني ،م س ،ص 11
1
أما الغري ،فبات له احلق يف التدخل يف العقد ،وفق املعيار اجلديد ،إذا كان من شأن تدخله أن حيقق النفع
اإلقتصادي واإلجتماعي(.)6
كما يكشف تراجع اإلرادة عن إخفاق النظرية العامة للعقد مبفهومها التقليدي عن مواجهة املتغريات اإلقتصادية،
حيث أصبح من الضروري إخضاع بعض املبادئ العامة كاحلرية التعاقدية واألثر النسيب للعقد لظروف املقاولة ،اليت
أصبحت تتحكم شيئا فشيئا يف النظام القانوين ومتلي عليه شروطه(.)7
وما دام العقد أهم وسيلة للتبادل اإلقتصادي ،فإن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،يراهن
بشكل كبري عليه يف حتقيق األهداف املتوخاة منه ،فربوز معيار نفعية العقد املناقض ملبدأ سلطان اإلرادة ،يبدوا
واضحا يف الكتاب اخلامس من مدونة التجارة املتعلق بإجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،حيث ينظر
هذا النظام اىل العقد نظرة يغلب عليها الطابع اإلقتصادي الذي يظهر العقد كقيمة مالية توظف خلدمة إجراءات
الوقاية واملعاجلة ،حيث يويل هذا النظام أمهية لنفعية العقد ومسامهته يف إنقاد املقاولة ،لذلك فإذا إقتضت هذه
النفعية إبرام عالقات تعاقدية ،أجرب املتعاقدون على الدخول فيها دومنا مراعاة ملبدأ احلرية التعاقدية ،وإن كان من
شأن تنفيذ العقد إرهاق أصول املقاولة جرد من قوته امللزمة ،كما جند املشرع أجهزة وخوهلا حق التدخل يف
العالقة التعاقدية وتقرير مصريها شدودا على مبدأ نسبية أثار العقد(.)8
أهمية الموضوع:
مند الوهلة األوىل لقراءة عنوان هذا البحث سيتساءل القارئ ،حول طبيعة هذه األزمة اليت نتحدث عنها ،هل هي
أزمة قانون أم أزمة واقع؟ سرعان ما جنيب أن األزمة اليت نقصد هي أعمق من أن تكون جمرد أزمة واقع ،فهي ممتدة
اىل القواعد العامة للتعاقد من خالل تكريس قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة هلذه
األزمة.
لذلك فأمهية املوضوع ستتضح أكثر من الناحية النظرية ،إذ جند نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات
املقاولة أحدث ثورة غري مسبوقة يف القواعد العامة للتعاقد املستمدة كمبدأ من قانون اإللتزامات والعقود(،)9
ولذلك كانت احلاجة اىل الوقوف على مكامن هذه الثورة وبيان مداها وتأثريها على ما كان راسخا يف ضل
القواعد العامة من أحكام تأطر العملية التعاقدية مند تكوينها اىل غاية ترتيب أثارها.
(6) Jacques Ghestin, la notion de contrat, revue française de théorie juridique N° 12, 1990, P 12
( )7عمر السكتاني ،م س ،ص 11
( )8معاد لخيار ،خصوصيات نظام التعاقد في إجراءات معالجة صعوبات املقاولة ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن ألاول ،كلية العلوم
القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية-سطات ،السنة الجامعية ،2111-2111ص 1
( )9قانون إلالتزامات والعقود ،ظهير .رمضان 12( 1111أغسطس ،)1.11صيغة محينة بتاريخ 1.فبراير .2116
1
أما من الناحية العملية ،فاألكيد أن هذه األمهية تصبح أكثر وضوحا بتدخل القضاء لتكريس عمق األزمة اليت
تعيشها القواعد العامة للتعاقد يف ضل هذا النظام .ولعل ما يزيد من أمهية دراسة هذا املوضوع هو ضعف
الدراسات اليت تناولته إن مل نقل غياب أي دراسة تطرقت هلذا املوضوع وفق مقاربة تتجه اىل الوقوف على مكامن
األزمة اليت تعيشها القواعد العامة للتعاقد يف ضل هذا النظام ،وإن كان هناك من عاجل هذا املوضوع من زاوية
إعتبار قواعد هذا النظام تشكل خصوصية تتميز هبا نظرية العقد يف ضل هذا النظام(.)10
إشكالية البحث:
ال شك أن نظرية العقد تعترب من النظريات الراسخة يف القواعد العامة ،وال شك أن هذه القواعد العامة صاغت
للعقد جمموعة من الضوابط تتحكم فيه مند والدته (تكوينه) اىل مماته (ترتيب أثاره).
ومبا أنه ال ميكن ألي مقاولة كيفما كانت ،وخاصة املقاولة التجارية أن تؤدي وضيفتها يف غىن عن مؤسسة العقد،
فإننا جندها حماطة بشبكة ال متناهية من العالقات التعاقدية .وبغية احلفاظ على هذه الشبكة وبالتايل احلفاظ على
نشاط املقاولة ووظيفتها ،جاء مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة بقواعد جعلت مؤسسة
أو نظرية العقد يف أزمة ال تستطيع معها أن تنتج قوهتا امللزمة.
لذلك نتساءل :أين تتجلى مظاهر أزمة القواعد العامة للتعاقد في ضل نظام إجراءات الوقاية والمعالجة من
صعوبات المقاولة؟
خطة البحث:
إقتضت اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة إعتماد منهج املقارنة عن طريق تبين مقاربة حتليلية لنصوص نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ومقارنتها مع القواعد العامة وإستنباط أثرها على نظرية العقد،
وباإلستعانة أيضا ببعض اإلجتهادات القضائية.
كما إرتأينا أيضا اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة من خالل تبين التقسيم الكالسيكي ملؤسسة العقد ،لنبني من
خالله مكامن األزمة اليت خلقتها قواعد هذا النظام يف كل مرحلة مير منها العقد ،وذلك بتقسيم هذا البحث اىل
فصلني على املنوال التايل:
الفصل األول :أزمة القواعد العامة المتحكمة في تكوين العقد وتحديد مصيره
الفصل الثاني :أزمة القواعد العامة المرتبطة بأثار العقد.
إذا كان مبدأ حرية التعاقد يضفي على العقد قدرا كبريا من املرونة ،عن طريق احلد من مراقبته من طرف السلطة
العامة ملكان العقد ،فإنه ال بد من توافر حد أدىن من الشروط حىت يأخذ توافق اإلرادتني مكانه كنظام قانوين
معرتف به ،هو العقد الذي يولد أثارا ملزمة ألطرافه(.)11
من أجل ذلك نتماشى مع الفكرة التقليدية اليت ترسي العقد على أركان ثالثة ،هي الرضا واحملل والسبب .يضاف
اىل هذه األركان ركن الشكلية يف العقود الشكلية ،وكذا التسليم يف العقود العينية.
وهناك شروط لصحة العقد ،إذ أنه ال يكفي لكي يتم تكوين العقد بصفة هنائية أن يستجمع أركانه ،بل جيب
فوق ذلك أن تتوافر شروط صحته .وهذه الشروط هي عبارة عن شروط صحة الرضا ،وهي األهلية وسالمة اإلرادة
من العيوب اليت تشوب الرضا.
واجلزاء الذي يرتتب يف هذا الشأن هو البطالن ،فإذا ختلف أحد األركان كان العقد باطال ،وإذا ختلف أحد شروط
الصحة كان العقد قابال لإلبطال(.)12
كما أن مصري العقد يتحدد يف ضل القواعد العامة وفق ضوابط قانونية وثيقة الصلة بأطرافه ،حيث إستمرار العقد
أو إهناؤه رهني مبدى نشأته سليما وبدرجة إلتزام أطرافه مبقتضياته ،لذلك ،فإن لألطراف سلطات واسعة يف تقرير
مصري عقودهم ،أو على األقل توقع هذا املصري بالنظر للمبادئ العامة اليت حتكم تكوين العقد( )13وحتديد مصريه.
وإذا كان هذا هو ما تقره القواعد العامة للروابط التعاقدية من أحكام جتعل منها إستنادا اىل قاعدة «العقد شريعة
المتعاقدين» قانوهنما اخلاص ،الذي يعكس إرادهتا يف ضبط معامالهتما بالنظر إىل أمهيتها ،خاصة يف اجملال
التجاري ،فإن هذا األخري –أي اجملال التجاري -مل يعد يرغب يف تلك الضوابط واألحكام اليت ترسيها القواعد
العامة ،إذا أصبح يرى أهنا مل تعد ختدم حالة التحوالت املفاجئة اليت تعرفها أوضاع الناشطني يف هذا اجملال يف
ضل عوملة اإلقتصاد.
فما كان ملشرع هذا اجملال سوى أن جاء بقواعد يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،تربز
يف مشوليتها ويف نطاقها العام أهنا جتاوزت تلك النظرة التقليدية اليت تنظر هبا القواعد العامة اىل العقد ،إذ جنده على
( )11عبد الحق الصافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول :املصدر إلارادي لإللتزامات (العقد) ،الكتاب ألاول :تكوين العقد ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،طبعة
،2116ص .112
( )12إدريس العلوي العبدالوي ،شرح القانون املدني ،النظرية العامة لإللتزام ،نظرية العقد ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،طبعة ،1..6ص .161
( )13معاد لخيار ،م س ،ص .
6
مستوى الشروط املتعلقة مبضمون العقد خرج عن املألوف يف حتديد حمل اإللتزامات التعاقدية وسببها ،وثار على
املفهوم الكالسيكي للعقد الذي طاملا إعتربته القواعد العامة (أي العقد) مبثابة امللكية املشرتكة ألطراف العالقة
التعاقدية (المبحث األول) ،وعلى مستوى الشروط املتعلقة باملتعاقدين ،يبدوا أنه فضل أن ال يهتم بصفة أطراف
العالقة التعاقدية ،بل أكثر من ذلك جعل من قواعد هذا النظام تسري يف إجتاه تصحيح وضعية املقاولة ولو على
حساب رضا املتعاقد معها (المبحث الثاني) ،مث يف األخري مترد على قواعد أكثر النظريات واملؤسسات الراسخة
يف القواعد العامة ،ويتعلق األمر بنظرية البطالن (المبحث الثالث).
1
المبحث األول :مظاهر األزمة على مستوى الشروط المتعلقة بمضمون العقد
لكي ينشأ العقد بشكل صحيح البد من أن تتطابق إرادتا العاقدين على إحداث أثر قانوين ،هذا التطابق ال
يتحقق بشكل جمرد ،ألن أطراف العالقة التعاقدية يسعون اىل تنظيم شيء حمدد هو حمل العقد ،كما يستهدفون
غاية معينة هي سبب إلتزامهم ،حيث يتشكل من األمرين معا مضمون العقد.
ويضل مضمون العقد أمرا ثانويا وذلك عندما نعري مبدأ سلطان اإلرادة أكرب إهتمام ،فالشخص حر يف حتديد
مضمون هذا العقد ،فإذا إعتربنا كل عاقد هو أحسن مدافع عن مصاحله وبأن الصاحل العام يتكون من جمموع
املصاحل اخلاصة ،فإن هذه احلرية لن تؤدي إال اىل إقرار عالقات عادلة ومنسجمة مع موجبات اإلزدهار العام
للمجتمع( ،)14وهذا ما جيعل من العقد ذلك الرباط الشرعي الذي ينضم عالقات األفراد املالية.
غري أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ويف ضل القواعد اليت صاغها لكل من اإلتفاق
الودي وخمطط التسوية ،ويف ضل فرضية إعتبار هاذين األخريين يتوفران على قدر هام من مقومات العقد
املنصوص عليها يف القواعد العامة ،فإنه مل يعر أي إهتمام لقواعد احملل والسبب حني إنعكف على صياغة
قواعدمها «أي قواعد االتفاق الودي وخمطط التسوية» (المطلب األول).
وعموما سيعرف املفهوم القانوين للعقد بإعتباره ذلك الوثاق الذي يربط مصاحل األطراف املتقابلة أزمة يف ضل
قواعد هذا النظام ،وسيتبعه يف ذلك أيضا مفهوم الثمن (المطلب الثاني).
الفقرة األولى :مدى إمكانية إعتبار اإلتفاق الودي ومخطط التسوية عقد
إذا كان بعض الفقهاء الفرنسيني يفرقون بني اإلتفاق والعقد معتربين املصطلح األول جنسا أوسع نطاقا من العقد
بإعتباره نوعا ،وهبذا اخلصوص يرى البعض أن أساس التفرقة هو كون العقد قاصر على اإلتفاقات املهمة اليت مساها
( )14عبد الحق الصافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب ألاول ،م س ،ص 11.
.
املشرع ونظمها بأحكام خاصة كالبيع أو الكراء ،أما االتفاق فينصرف اىل ما سوى ذلك من العهود اليت تشيع يف
العمل ،دون أن ختتص بإسم معني أو تنظيم خاص( ،)15فإنه يالحظ إنعدام أية فائدة عملية هلذا التمييز(،)16
لذلك فأغلب الفقه والتشريعات املعاصرة تعترب العقد مرادفا لإلتفاق وتستعمل أحد املصطلحني للداللة على
األخر ،وهذا هو املوقف الذي تبناه قانون اإللتزامات والعقود عندنا حبيث جند عدة فصول( )17تعرب عن العقد
باإلتفاق أو العكس(.)18
وخبصوص تعريف العقد فإن املشرع مل يورد له أي تعريف يف ق ل ع ،على خالف ما فعله املشرع الفرنسي يف
القانون املدين الفرنسي يف املادة 2212اليت عرفته بكونه« :العقد إتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر نحو
شخص أخر أو أكثر بإعطاء أو بعمل أو باإلمتناع عن عمل شيء ،».وعرفه أيضا الفقه بكونه« :توافق
إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا األثر هو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو
()19
إنهائه».
وإذا كان لنشوء العقد يلزم توافر إرادتني أو أكثر ،وأن تكون هاتني اإلرادتني أو أكثر متطابقتني ،وأن حيصل
اإلتفاق على إحداث أثر قانوين ،وأن يقع اإلتفاق يف نطاق القانون اخلاص ،وأن يقع اإلتفاق يف دائرة املعامالت
املالية ،فإن اإلتفاق الودي الذي يربم يف إطار مسطرة التسوية الودية( ،)20ال خيرج عن هذا النطاق( ،)21وبالتايل
يسري عليه ما يسري على غريه من العقود فيما يتعلق باألحكام العامة للتعاقد أو إلنشاء اإللتزامات التعاقدية،
كما هي منصوص عليها يف قانون اإللتزامات والعقود.
وبناءا على ذلك ففي احلالة اليت تنجح فيها املفاوضات بني املقاولة املدينة ودائنيها الرئيسيني( )22الذين قبلوا
بالدخول مع مدينهم يف إتفاق ودي خبصوص الديون اليت هلم يف ذمته ،فإن هذا اإلتفاق ينبغي جتسيده يف بنود
( )15أنوار سلطان ،مصادر إلالتزام ،الوجيز في النظرية العامة لإللتزام ،دراسة مقارنة في القانونين املصري واللبناني ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر-بيروت،
لبنان ،1..1 ،ص 11
-أورده عبد الحق الصافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب ألاول ،م س ،ص 61
( )16لذلك عندما سندرس الطبيعة التعاقدية لإلتفاق الودي ،فإننا سنكون بعيدين كل البعد عن هذا التمييز ،نظرا لغياب أية فائدة علمية لذلك.
كما أن إستعمال املشرع ملصطلح إلاتفاق ضمن املقتضيات القانونية املنظمة إلجراءات التسوية الودية ال يمكن حمله على أنه أراد من ذلك تكريس هذه املفارقة
بين إلاتفاق والعقد ،نظرا للطبيعة الخاصة التي تميز هذا إلاتفاق.
( )17مثال الفصول 1و 1.و 22و 21و 22.و 261و 11.من ق ل ع
( )18عبد الحق الصافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب ألاول ،م س ،ص 61
( )19إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 11.
( )20نظم املشرع مسطرة التسوية الودية في املواد 111الى 11.من مدونة التجارة
( )21وإن كان لنا نظر بخصوص مدى إمكانية القول بتطابق إرادة طرفي إلاتفاق الودي ،وبشكل أعم صحة الرضا في إطار إتفاق التسوية الودية ،ونرجي الحديث عن
ذلك إلى املطلب الثاني من املبحث الثاني من هذا الفصل.
( )22بحيث يستفاد من املادة 116من م ت ،أن إرتضاء الدائنين الرئيسيين إبرام إتفاق ودي مع املدين يشكل الحد ألادن الذي يمكن إلاعتداد به إلمكانية إبرام
هذا إلاتفاق ،وهو ما يمكن أن يطرح إشكالية ،مدى إمكانية إعتبار مشاركة باقي الدائنين في إبرام إلاتفاق مشاركة صورية في حالة قبول الدائنين الرئيسيين الدخول
في هذا إلاتفاق؟
.
تعاقدية ،وهذا العقد املزمع إبرامه يتضمن جمموعة عقود أو إتفاقات .فمؤسسة «مجموعة العقود» اليت إستحدهتا
الفقه الفرنسي مند سنوات الستينيات من القرن املاضي ،تفيد وجود مجع من العقود اليت وإن إرتبط بعضها ببعض
فإن كل واحد منها حيافظ على ذاتيته املستقلة .فاإلتفاق أو العقد الودي يتضمن جمموعة من اإلتفاقات أو العقود
اليت خيتلف موضوعها من دائن اىل أخر (وهم املدينون يف اإلتفاق) ،وبالتايل فهي عقود خمتلفة ،فقد يتعاقد
أحدهم على تقسيط الدين الذي له على املدين يف حني يتعاقد األخر على تأجيله ،وذلك على إبراء املدين
منه(.)23
وكون اإلتفاق الودي يربم بني املدين ودائنيه حتث كنف املصاحل الذي يقوم بإجراء مفاوضات بني رئيس املقاولة
ودائنيها وبإشراف رئيس احملكمة التجارية ،ال ينزع عنه طابعه التعاقدي(.)24
أما خبصوص خمطط التسوية القضائية( ،)25فإنه وإن كان نامجا عن حكم قضائي ،فإنه باملقابل يرتكز على
إلتزامات األطراف اإلرادية ،سواء تلك الناجتة عن اإلستشارة اليت جيريها السنديك مع الدائنني ورئيس املقاولة يف
إطار إعداده للموازنة املالية واإلقتصادية واإلجتماعية للمقاولة ،أو تلك الناجتة عن العرض الذي يتقدم به األغيار،
يهدف اىل إقتناء املقاولة ،وهذا ما جعل األستاذين Ripert et Roublotيصفان خمطط التسوية القضائية
بالعقد القضائي(.)26
وإذا كان البعض يرى( )27أن اإلرادة اليت يتمتع هبا األطراف أثناء إعداد املخطط تضيق نسبيا أمام سلطة احملكمة
يف حتديد مضامينه ،ويف اإلشراف على تنفيذ مقتضياته ،كما أن احلكم الصادر عن احملكمة هبذا اخلصوص هو
الذي يعطي القوة التنفيذية للمخطط ويضفي عليه طابعا إلزاميا جتاه الكافة ،بإستثناء الكفالء( )28الذين ال
ميكنهم التمسك مبقتضيات خمطط اإلستمرارية ،فإن ذلك ال ميكن أن ينزع عن املخطط كونه عقد مت التفاوض
بشأنه مسبقا ،وما يغدي هذا الطرح أن هناك إشارات قوية تتجه إىل إضفاء الطابع التعاقدي على املخطط ،إذ
جند املادة 112من م ت تنص على أنه« :ال يمكن أن تفرض على األشخاص الذين ينفدون المخطط ولو
( )23صليحة حاجي ،التسوية الودية في صعوبات املقاولة ،واقع وأفاق ،دراسة في ضل مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة ،مطبعة أطالل-وجدة،
توزيع مكتبة الرشاد للنشر والتوزيع-سطات ،الطبعة ألاولى ،2111ص 1..
( )24أسامة سلعوس ،حماية الدائنين وشركاء املقاولة في نظام املساطر الجماعية ،أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه في القانون الخاص (دون ذكر الجامعة والكلية
وتاريخ مناقشتها).
-منشور بموقع مجلة القانون وألاعمال( www.droitetentreprise.org :تاريخ الزيارة )2111-11-2
( )25يتضمن مخطط التسوية القضائية كل من مخطط إلاستمرارية ومخطط التفويت ،بحيث تملك املحكمة سلطة تقديرية في إعتماد أحد املخططين ،وإن كانت
سلطتها في هذا الصدد رهينة بمدى قدرة املخطط املراد إعتماده على تحقيق ألاهداف املرجوة من نظام إجراءات الوقاية واملعالجة من صعوبات املقاولة.
(26) Roublot et Ripert, Traité de droit commercial, T2, 14émé Edition 1996, p 1148
( )27عبد الرحيم السماني ،حصر املحكمة ملخطط إلاستمرارية في إطار مسطرة التسوية القضائية ،مقال منشور باملجلة املغربية لقانون ألاعمال واملقاوالت ،ع – 1
يناير ،2111ص 2.
( )28أنظر املادة 662من مدونة التجارة
11
بصفة شريك ،تكاليف أخرى غير اإللتزامات التي تعاقدوا بشأنها عند إعداد هذا المخطط ،»...وتشري
املادة 416من م ت إىل تقدمي عروض من املرشحني إلقتناء املقاولة ،عالوة على أنه ميكن إبطال املخطط لوجود
عيب يف اإلرادة وفقا للقواعد العامة ،وذلك يف احلالة اليت يقع فيها الشخص املفوت إليه يف غلط جوهري
خبصوص حمل املال املفوت يربر إلغاء احملكمة ملخطط التفويت.
ويف نفس السياق جند تنفيذ خمطط التفويت يتطلب القيام بتصرفات ذات طبيعة تعاقدية( ،)29نذكر منها إبرام
العقود الالزمة إلجناز التفويت مبشاركة صاحب العرض الذي إختارته احملكمة.
كما جند املشرع قد سن يف حالة عدم تنفيذ املخطط جزاء الفسخ ،كجزاء يستمد جدوره من القواعد العامة املقررة
لإللتزامات التعاقدية امللزمة للجانبني(.)30
عموما إذا أمكننا أن نزكي من خالل ما تقدم الطابع التعاقدي لكل من االتفاق الودي وخمطط التسوية القضائية،
فإن ذلك يتم يف احلدود الدنيا ،إذ سنقف إبتداء من الفقرة املوالية على جمموعة من املقتضيات اليت جاءت هبا
قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة واليت ستوضح أن القواعد العامة للتعاقد ستعرف أزمة
كبرية يف ضل قواعد هذا النظام ،بداية بتلك اليت تتعلق مبحل وسبب اإللتزامات التعاقدية.
الفقرة الثانية :مظاهر أزمة المحل والسبب في اإلتفاق الودي ومخطط التسوية
لكي ينشأ العقد بشكل صحيح ال بد من تطابق إرادة العاقدين على إحداث أثر قانوين ،هذا التطابق ال يتحقق
بشكل جمرد ،ألن أطراف العالقة التعاقدية يسعون إىل تنظيم شيء حمدد هو حمل العقد ،كما يستهدفون غاية
معينة هي سبب إلتزامهم ،حيث يتشكل من األمرين معا مضمون العقد(.)31
وبعد أن سلمنا بالطبيعة التعاقدية لكل من اإلتفاق الودي وخمطط التسوية ،ولو يف حدود دنيا ،فإننا جند حمل
اإللتزام التعاقدي( )32فيهما يبدو غريبا نوعا ما عن ما حتدده القواعد العامة حملل اإللتزام التعاقدي من ضوابط،
خاصة بالنسبة لإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية.
(29) Amalvay et F Derrida, plan de cession et vice de consentement, Dalloz 1988, P 208
( )30محمد أبو الحسن ،تفويت املقاولة كحل في إطار التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،شعبة القانون الخاص ،وحدة قانون ألاعمال،
جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء ،كلية العلوم القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية عين الشق-الدارالبيضاء ،السنة الجامعية ،2111-2112ص 12
( )31عبد الحق الصافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب ألاول ،م س ،ص 11.
( )32إذ نجد الفقه يميز بين محل إلالتزام ومحل العقد ،وذلك بكون:
محل إلالتزام هو ألاداء الذي يتعهد به املدين ملصلحة الدائن ،وهو إما أن يكون إعطاء ش يء ،أي إنشاء حق عيني على ش يء أو نقله ،كما في البيع حيث يلتزم البائع
بنقل ملكية الش يء املبيع ،وإما أن يكون عمال كما في إلتزام املقاول ببناء عمارة حسب العقد املبرم مع صاحبها ،وإما أن يكون إمتناعا عن عمل كما في إلتزام العامل
بعدم منافسة مشغله عند إنتهاء عقد العمل املبرم بينهما.
أما محل العقد فهو موضوعه أي ألاثر القانوني الذي يسعى ألاطراف إلى تحقيقه من وراء التعاقد ،وهذا ألاثر القانوني إما أن يكون إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو
إنهائه .وحيث أن محل العقد هو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه فإن محل العقد يتعلق دائما بإلتزام ،وبما أن إلالتزام ال ينشأ إال إذا كان له محل فإنه=
11
فإذا كان حمل اإللتزام التعاقدي يف القواعد العامة هو األداء الذي يتعهد به أحد املتعاقدين إزاء األخر ،ويكون هذا
األداء واردا على شيء أو على مبلغ من النقود أو متضمنا القيام بعمل أو إمتناعا عنه ،فإن حمل اإللتزام التعاقدي
يف كل من اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية يكون غالبا منح أجال وختفيضات ،خاصة بالنسبة إلتفاق التسوية
الودية( ،)33وأول ما يظهر يف ذلك ذلك شاذا عن القواعد العامة هو كون األجل يف القواعد العامة هو وصف من
أوصاف اإللتزام التعاقدي ( )34وليس حمال لإللتزام التعاقدي.
وما يزيد من ضرب للقواعد العامة هو كون األجل املتخد كمحل يف إطار اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية ،ال
ميكن إعتباره تعديل هنائي لألجل احملدد يف العقود اليت تربط الدائنني باملقاولة املدينة ،إذ مبجرد فسخ اإلتفاق أو
املخطط يسرتجع العقد كامل قوته امللزمة مبا يف ذلك األجال اليت يتضمنها(.)35
أما خبصوص التخفيضات املمنوحة يف إطار كل من اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية فإهنا تنصب على حمل
العقد املربم بني الدائن واملدين وهو ما يشكل حسب الفصلني 111و 112من ق ل ع( )36جتديدا حملل
اإللتزام التعاقدي ،يرتتب عنه إنقضاء اإللتزام األصلي وحيل حمله اإللتزام اجلديد والذي يعترب يف هذه احلالة هو
اإلتفاق الودي أو خمطط اإلستمرارية ،غري أن القواعد املقررة لكل من اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية ال تسري
يف نفس اإلجتاه ،إذ ال يفقد العقد األصلي قوته امللزمة هبذا التجديد ،بل يستعيد تلك القوة مبجرد فسخ اإلتفاق
أو املخطط ،وهذا ما يستشف من املادتني 115و 411من م ت(.)37
=يمكننا القول أن وجود محل إلالتزام شرط ضروري لوجود إلالتزام ،وبالثالي فإنه شرط لوجود محل العقد ،وبذلك فإنه ال بد لقيام العقد من وجود محل إلالتزام
العقدي.
-عبد الحق الصافي ،دروس في القانون املدني (مصادر إلالتزامات) ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة ألاولى ،2111ص 11و.16
( )33تتمثل الحلول التي يمكن أن يأتي بها إتفاق التسوية الودية في منح أجال جديدة لألداء أو التخفيض من الديون أو إلاثنين معا أو تقديم القروض الالزمة
لتمويل املشاريع الجديدة أو تفويت بعض فروع أو وكاالت املقاولة املعنية بامأمر أو تسريح بعض ألاجراء أو تخفيض ألاجور أو حدف بعض إلامتيازات املمنوحة
للمسيرين واملدراء وغيرها من الحلول ذات الطابع املالي وإلاجتماعي وإلاقتصادي.
-خالد بنكيران ،دور رئيس املحكمة التجارية في مساطر التسوية الودية ،مقال منشور بأشغال الندوة املنعقدة بمناسبة الذكرى الخمسينية باملجلس
ألاعلى ،تحث عنوان «صعوبات املقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل إجتهادات املجلس ألاعلى» مطبعة ألامنية-الرباط ،ط ،2111ص .1
( )34الباب الثاني من القسم الثاني من الكتاب ألاول من ظهير إلالتزامات والعقود (الفصول 121الى )11.
( )35وإذا كان فسخ مخطط إلاستمرارية يؤدي إلى فتح مسطرة التصفية القضائية وحلول أجال جميع الديون ،فإن ألاجال التي تحل هي ألاجال ألاصلية املتضمنة في
العقود التي تربط الدائنين باملدين وليست ألاجال املمنوحة في إطار املخطط ،فهذه ألاخيرة تنتهي ولم يعد لها وجود بمجرد فسخ املخطط.
( )36ينص الفصل 111من ق ل ع على أنه« :يحصل التجديد بثالث طرق:
- 1أن يتفق الدائن واملدين على إحالل التزام جديد محل القديم الذي ينقض ي ،أو على تغيير سبب إلالتزام القديم؛
- 2أن يحل مدين جديد محل القديم الذي يحلله الدائن من الدين ويجوز أن يحصل هذا إلاحالل من غير مشاركة املدين القديم؛
- 1أن يحل ،نتيجة تعهد جديد ،دائن جديد محل القديم الذي تبرأ ذمة املدين بالنسبة إليه.
مجرد تعيين املدين شخصا يلتزم بأن يقوم بالوفاء بالدين مكانه ال يؤدي إلى التجديد .كما ال يؤدي إلى التجديد مجرد تعيين الدائن شخصا لالستيفاء عنه».
وينص الفصل 111من نفس القانون على أنه« :إحالل ش يء محل الش يء املبين في إلالتزام القديم يمكن أن يعد تجديدا إذا كان من شأنه أن يلحق باإللتزام تعديال
جوهريا ،أما تغيير مكان التنفيذ أو التعديالت الواردة على شكل إلالتزام أو على القيود املضافة له كامأجل والشروط والضمانات فال تعد تجديدا إال إذا كان
املتعاقدان قد قصداه صراحة».
( )37تنص املادة 11.من م ت على أنه« :يوقف إلاتفاق أثناء مدة تنفيذه كل دعوى قضائية وكل إجراء فردي ،سواء كانت تخص منقوالت املدين أو عقاراته بهدف
الحصول على سداد الديون موضوع إلاتفاق .ويوقف آلاجال املحددة للدائنين تحت طائلة سقوط أو فسخ الحقوق املتعلقة بهؤالء الدائنين=.
12
وخبصوص حمل اإللتزام التعاقدي يف خمطط التفويت فهو أيضا يشكل خروجا واضحا عن القواعد العامة ،فإذا كان
الفصل 611من ق ل ع ينص على أنه بإمكان املشرتي تفويت الشيء املبيع ولو قبل التسليم( ،)38فإن املادة
421من م ت جتعل ذلك غري ممكن ما دام مل يدفع مثن التفويت كامال ،بل أكثر من ذلك نصت املادة 422
من م ت على إمكانية ربط خمطط التفويت بشرط جيعل األموال املفوتة غري قابلة للتفويت ملدة حتددها احملكمة،
مما يشكل تراجعا لسلطة املشرتي (املفوت اليه) على الشيء املشرتى الذي يشكل حمل اإللتزام التعاقدي.
وبل ميكن أن نذهب أبعد من ذلك ونعترب أن حمل خمطط التفويت يشكل ضربا واضحا حلق دستوري ،أال وهو
حق امللكية ،فمخطط التفويت ميكن أن نصفه بأنه نزع للملكية دون رضا صاحبها.
وتأثر مضمون العقد مبقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ال يتوقف عند حدود حمله بل
()39
جند سببه بدوره يعرف نوعا من اإلنزالق عن ما أرسته القواعد العامة ،فإذا كان سبب إلتزام الدائن يف العقد
الذي على أساسه منح التخفيضات واألجال يف إطار اإلتفاق الودي أو خمطط اإلستمرارية هو األداء املقابل
الذي يثقل كاهل املدين (املقاولة) ،فإنه يف إطار اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية يكون سبب إلتزام املدين هو
األداء املقابل الذي يثقل كاهل الدائن واملتمثل يف إلتزامه مبنح أجال وختفيضات ،وهو يف نفس الوقت حمل ووصف
اإللتزام التعاقدي األصلي (أي العقد الذي يربط بني الدائن واملقاولة املدينة) .وبالثايل فإن السبب مل يعد هو ذاته
الذي كان يف إطار العقد األصلي الذي يربط بني املدين والدائن ،مما يرتتب عنه إستنادا اىل الفصل 111من ق
ل ع يف بنده األول تغيري سبب اإللتزام القدمي وبالتايل جتديده الذي يرتتب عنه إنقضاء اإللتزام القدمي وحلول
اإللتزام اجلديد حمله .غري أنه بالرجوع جمددا اىل املادتني 115و 411من م ت ،جند ذلك ال يتحقق ،إذ مبجرد
فسخ االتفاق الودي أو خمطط اإلستمرارية يسرتجع اإللتزام التعاقدي األصلي كامل قوته امللزمة مبا يف ذلك سببه.
=في حالة عدم تنفيذ إلالتزامات الناجمة عن إلاتفاق ،تقض ي املحكمة بفسخ هذا ألاخير وبسقوط كل آجال ألاداء املمنوحة».
وتنص املادة 612من م ت على أنه« :إذا لم تنفذ املقاولة التزاماتها املحددة في املخطط يمكن للمحكمة أن تقض ي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين وبعد الاستماع
إلى السنديك بفسخ مخطط الاستمرارية ،وتقرر التصفية القضائية للمقاولة.
يصرح الدائنون الخاضعون للمخطط بكامل ديونهم وضماناتهم ،بعد خصم املبالغ التي تم استيفاؤها.
يصرح الدائنون الذين نشأ حقهم بعد الحكم بفتح مخطط الاستمرارية بما لهم من ديون.
تنطق املحكمة بقفل املسطرة إذا قامت املقاولة بتنفيذ مخطط الاستمرارية».
( )38ينص الفصل 1.2من ق ل ع على أنه« :بمجرد تمام البيع ،يسوغ للمشتري تفويت الش يء املبيع ولو قبل حصول التسليم ،ويسوغ للبائع أن يحيل حقه في
الثمن ولو قبل الوفاء .وذلك ما لم يتفق العاقدان على خالفه .وال يعمل بهذا الحكم في بيوع املواد الغذائية املنعقدة بين املسلمين».
( )39إذ نجد الفقه أيضا ،وعلى غرار ما مر معنا بخصوص محل إلالتزام التعاقدي ،يميز بين سبب إلالتزام وسبب العقد ،وهكذا فإن سبب إلالتزام هو سبب
موضوعي ال يتعدى القصد املباشر من التعاقد ،وهو يوجد داخل العقد ،مثال في البيع سبب إلتزام البائع بتسليم املبيع الى املشتري هو إلتزام هذا ألاخير بدفع الثمن،
وفي الهبة سبب إلتزام الواهب هو نية التبرع وهكذا ...
أما سبب العقد في مجموعه (العملية العقدية) فال يعنى فقط بالهدف املباشر وإنما يتخط ذلك باحثا في السبب الدافع الى التعاقد.
11
أما خبصوص سبب اإللتزام التعاقدي يف خمطط التفويت فإننا جنده وعلى عكس القواعد العامة ال يقابل فيه سبب
إلتزام طرف سبب إلتزام الطرف األخر .فإذا كان سبب إلتزام املفوت إليه هو األداء( )40املقابل الذي يثقل كاهل
املدين (املقاولة) ،واملتمثل يف نقل ملكية حمل التفويت ،فإن سبب إلتزام املدين (املقاولة) ال يستمد وجوده من
األداء املقابل واملتمثل يف مثن التفويت( ،)41بل من كون التفويت ككل أو مبفهوم أدق كمخطط سيفيد يف إصالح
وضعية املقاولة( .)42بل حىت لو سلمنا بأن هذا السبب األخري هو سبب العقد وليس سبب اإللتزام ،فإننا نقف
عند غياب تام إلرادة املدين يف حتققه ،فالباعث الدافع اىل التعاقد يف إطار خمطط التفويت( )43إمنا جيد مصدره يف
إرادة املشرع.
ومما تقدم ،يظهر جليا أن حمل وسبب العقد يف اإلتفاق الودي وخمطط التسوية ال يتالءمان والقواعد املقررة للمحل
والسبب يف األحكام العامة ،فمحل اإللتزام التعاقدي عرف تغيريا واضحا يف مفهومه يف إطار اإلتفاق الودي
وخمطط التسوية ،كما أن سبب اإللتزام بدوره تأثر بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة،
سواء من حيث مقابلته للسبب عند الطرف األخر أو من حيث دور اإلرادة يف حتققه.
إن تأثر مضمون العقد بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة لن يتوقف عند هذا احلد ،بل
إن مثن التفويت بإعتباره موازيا لثمن البيع يف عقد البيع ،سيعرف تغريا واضحا يف القواعد اليت حتكمه يف ضل نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،لذلك إرتأينا أن نتناوله يف نقطة مستقلة ،وذلك باملوازاة مع دراسة
املفهوم القانوين للعقد ومدى تأثره بقواعد هذا النظام.
( )40ألاداء املقصود هنا ،هو ألاداء بمفهومه الشامل سواء كان إعطاء ش يء أو القيام بعمل أو إلامتناع عن القيام بعمل.
( )41وذلك راجع الى كون ثمن التفويت ال يكون دائما متناسبا مع قيمة ألاموال املفوتة في إطار املخطط ،بحيث يمكن القول بأن الثمن في بعض الحاالت يكون رمزيا.
-للتعمق أكثر في هذه النقطة أنظر الفقرة الثانية من املطلب الثاني من هذا املبحث ،ص 11
( )42وإن كان يصعب من الناحية العملية التسليم بهذا الرأي ،إذ يستحيل أن نجد من بين مالكي املقاوالت من يكون هاجسه في التسليم بمخطط التفويت هو
رغبته في إنقاد النشاط واملقاولة ككل وإن كان ذلك سيؤدي الى نزع ملكية املقاولة منه.
( )43نالحظ أن نفس إلاشكالية ترتبط بسبب العقد في إلاتفاق الودي ومخطط إلاستمرارية.
11
املألوف له يف القواعد العامة كمقابل عادل للشيء املبيع ،وستجعله يف بعض احلاالت ال يساوي شيئا بدوره
(الفقرة الثانية).
وبناءا على ذلك فالعقد يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة مل يعد ملكا مشرتكا لطريف
العملية التعاقدية ،وإمنا أصبح مال من أموال املقاولة تتصرف فيه وفقا ملا خيدم تسويتها ،فهو يدخل ضمن تركيبتها
املالية .كما أنه يف ضل هذا املفهوم الذي جاء به نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة للعقد ،برز
معيار نفعية العقد املناقض ملبدأ سلطان اإلرادة ،حيث ينظر نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة
للعقد نظرة يغلب عليها الطابع اإلقتصادي الذي يظهر العقد كقيمة مالية توظف خلدمة أهداف املسطرة ،حبيث
ال شك أن هذا التحول يف مفهوم العقد يف إطار قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة
ستكون له أثار وخيمة على مبدأ األمن التعاقدي ،فإذا كان هذا األخري من أهم املبادئ املوجهة لقانون العقد ،إىل
جانب كل من احلرية التعاقدية والعدالة التعاقدية والنزاهة التعاقدية ،ويقصد به بصفة عامة توقع املخاطر وتالفيها،
وذلك بإتباع إجراءات حمددة عند التعاقد ،ال سيما بشأن ما يتعلق بالتنفيذ واملسؤولية العقدية ،إذ هو هبذا املعىن
إحساس وقيمة إجتماعية مستمدة من القانون ،ومن حيث املقصود به كمبدأ يتجلى من خالل املرتكزات اليت
ينبين عليها وتتجلى يف عدة مستويات من قبيل القوة امللزمة للعقد وإحرتام األطراف للمراكز القانونية الناشئة عن
العقد واإلبقاء على العقد ما أمكن سواء يف حالة كون العقد حمل تأويل ،أو يف حالة وجود ما يهدد صحته
وتنفيذه ،حيث يثار هنا مبدأ إستقرار العقد ،الذي يؤدي اىل القول بأمن التصرفات ،وبالتايل إعتبار إستقرار العقد
واحلفاظ عليه من باب األمن التعاقدي.
ولقد ترجم الفصل 111من ق ل ع كل هذه اجلوانب ،وعلى ذلك ميكن إعتبار أطراف أي عقد مبثابة
مشرعني ،نوعا ما ،لقانون خاص هبم.
إال أنه يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،وما جاء به من قواعد جديدة تستعصي على
أن تتقبلها القواعد العامة ،تغري مفهوم العقد كشريعة للمتعاقدين ،بأن أصبح تصرفا بإرادة منفردة إن صح القول يف
ضل هذا النظام ،فيما يتعلق بتحديد مصريه ،إذ أن قواعد هذا النظام غلبت الرابطة املقاوالتية على الرابطة
التعاقدية بأن جعلت العقد يرتبط باملقاولة كطرف فيه أكثر من إرتباطه بالطرف األخر ،وبالتايل فسلطة التحكم
يف العقد بيد املقاولة وحدها عن طريق أجهزة املسطرة ،تستعملها لإلبقاء على العقود النافعة هلا وإستبعاد العقود
اليت ال ختدم مصاحلها ،ويف ذلك ال حمالة مساس مبصاحل الطرف األخر يف العالقة التعاقدية ،وبثقته يف األمن الذي
كان يوفره له اإلقدام على إحاطة تصرفاته بروابط تعاقدية.
إذا كان يبدوا جليا من خالل ما تقدم أن املفهوم القانوين للعقد مل يعد مستساغا من قبل مقتضيات نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،نظرا لكونه ال خيدم أهدافه مما أدى به اىل تقزميه ولو على حساب
القواعد العامة واألمن التعاقدي ،فإن هذا التغيري الذي فرضه هذا النظام على جمموعة من املؤسسات واملفاهيم
القانونية الراسخة يف القواعد العامة ،سيمتد أيضا اىل مثن التفويت الذي جيسد مقابل التزام املفوت يف خمطط
التفويت.
الفقرة الثانية :إرتباط ثمن التفويت بأهداف المخطط وليس بقيمة األموال المفوتة
إن كان خيتلف التفويت عن البيع العادي( ،)56بل حىت عن البيع القضائي الذي يتم يف إطار القواعد املسطرية يف
جمموعة من النقاط ،إال أن وجود الثمن فيهم مجيعا ال خالف حوله ،فالبيع ال يثم إال بوجود هذا املقابل الذي
يلتزم املشرتي بدفعه للبائع ،ويتعني يف هذا املقابل أن يكون مبلغا نقديا( .)57غري أن مفهوم الثمن يف إطار قواعد
( )55عبد املجيد غميجة ،أبعاد ألامن التعاقدي وإرتباطاته ،عرض مقدم في اللقاء الدولي حول (ألامن التعاقدي وتحديات التنمية) املنظم من قبل الهيئة الوطنية
للموثقين ،الصخيرات ،أيام 1.و 1.أبريل ،2111ص 1
-منشور بموقع املعهد العالي للقضاء ( www.ism.maتاريخ الزيارة )2111-11-2
( )56للوقوف على املقارنة بين التفويت والبيع العادي راجع:
محمد أبو الحسن ،م س ،ص 1.و.1.
( )57عبد القادر العرعاري ،الوجيز في النظرية للعقود املسماة ،الكتاب ألاول عقد البيع ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء ،توزيع مكتبة دار ألامان-الرباط،
الطبعة ألاولى ،1...ص ..1
11
نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،وبالضبط يف املقتضيات املتعلقة بالتفويت جنده مغايرا ملفهوم
الثمن يف البيع بصفة عامة.
فإذا كان الفصل 651من ق ل ع( )58ينص على وجوب تعيني الثمن وأنه ال جيوز أن يعهد بتعيينه اىل أحد من
الغري ،وإذا إستثنينا من ذلك البيع باملزاد العلين الذي يتحدد فيه الثمن على أساس الثمن الذي رسا به املزاد بعد
أن كانت احملكمة قد حددت الثمن اإلفتتاحي للمزايدة ،وأيضا الثمن (كتعويض) يف إطار نزع امللكية من أجل
املنفعة العامة الذي حتدده اإلدارة ،فإنه يف مجيع احلاالت يراعى يف حتديده سعر السوق أو السعر املتداول يف
التجارة أو السعر الذي جيري عليه التعامل بني املتعاقدين ،أو السعر الذي حيدده أجنيب( )59عن العقد( ،)60وهذا
ما ال جند له تطبيق يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،إذ أن مثن التفويت ليس
هو املقابل احلقيقي لقيمة األصول بل هو عنصر من بني عناصر أخرى تأخذها احملكمة بعني اإلعتبار لتقدير
جدية العرض ،ودراسة فرص تسوية املقاولة( ،)61فقد يقرتح املشرتي (املفوت إليه) يف عرضه احلفاظ على جل
مناصب الشغل( ،)62موازاة مع عرضه لثمن ال يعكس قيمة األصول اليت سيشملها التفويت ،وبناء عليه فاحملكمة
ال تنتظر من تفويت املقاولة يف إطار املخطط مثنا يناسب قيمة املوال الواردة فيه ،ألن اإللتزام بالقيام بعمل الذي
يتحمله املفوت إليه ،والذي يتجلى يف احلفاظ على النشاط ومناصب الشغل والتمويل والتسوية يشكل مقابال
موضوعيا إلنتقال امللكية ،وهو هدف يدخل يف صميم املصلحة العامة للمقاولة اليت جيب أخدها بعني
اإلعتبار( ،)63وبالتايل فإن الثمن يف مفهوم نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة قد يتعارض مع
مفهوم الثمن يف القواعد العامة نظرا لعدم جماهبته يف غالبية صوره لقيمة األموال املفوتة ،إال أنه ال ميكن القول جبواز
()64
تفويت املقاولة بثمن رمزي وذلك تفاديا للتعسف يف إستعمال هذه الوسيلة تطبيقا للمادة 411من م ت
اليت ال تقصي األداء للدائنني ضمن معايري إختيار العرض(.)65
( )58ينص الفصل 1.1من ق ل ع على أنه« :يجب أن يكون الثمن الذي ينعقد عليه البيع معينا .وال يسوغ أن يعهد بتعيينه إلى أحد من الغير ،كما أنه ال يسوغ أن
يقع الشراء بالثمن الذي اشترى به الغير ما لم يكن هذا الثمن معروفا من املتعاقدين .ومع ذلك ،يجوز الركون إلى الثمن املحدد في قائمة أسعار السوق ،أو إلى
تعريفة معينة أو إلى متوسط أسعار السوق ،إذا ورد البيع على بضائع ال يتعرض ثمنها للتقلبات .أما إذا ورد البيع ،على بضائع ،يتعرض ثمنها للتقلبات ،فيفترض في
املتعاقدين أنهما ركنا إلى متوسط ألاسعار التي تجري بها الصفقات».
( )59وإن كان املبدأ في القواعد العامة إستنادا الى الفصل 1.1من ق ل ع املشار له أعاله عدم جواز إسناد مهمة تعيين الثمن لغير املتعاقدين.
( )60محمد حسين منصور ،عقد البيع ،دار املطبوعات الجامعية-إلاسكندرية ،طبعة ،1...ص 2..
)61( DEKEUVER Defosser, REV Droit bancaire et bourse 1988, N° 9, p 180
-أورده محمد أبو الحسين ،م س ،ص ..1
( )62جاء في وقائع حكم املحكمة التجارية بمراكش بتاريخ ،2111-11-21وذلك من خالل ما تضمنته إحدى العروض ...« :إن الشركة ترغب في إلاحتفاظ بكل
العمال »...
-حكم املحكمة التجارية بمراكش ملف رقم ،98/1حكم بتاريخ ،2111-11-21منشور بمجلة املحاكم ،ع ..مايو-يونيو ،2111ص .1.1
( )63محمد أبو الحسين ،م س ،ص ..1
( )64تنص املادة 611من م ت على أنه« :تختار املحكمة العرض املتعلق باملجموعة املفوتة والذي يضمن أطول مدة الستقرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنين».
( )65محمد أبو الحسين ،م س ،ص ..1
1.
وعموما فإن مثن التفويت ليس هو املقابل الوحيد لنقل ملكية األموال املفوتة ،ألنه يشكل فقط جزء من التكلفة
احلقيقية للتفويت اىل جانب إلتزامات أخرى( ،)66مما ميكن القول معه أن مثن التفويت يف ضل قواعد نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة والذي يقابل الثمن يف عقد البيع يفقد إستقالليته وميزته
النقدية(.)67
وخروج مثن التفويت عن القواعد العامة املؤطرة للثمن كإلتزام يقع على عاتق املشرتي أزم وضعيته وجعله من بني
املعايري اليت وقع فيها إختالف على مستوى الفقه والقضاء الفرنسي باخلصوص ،كما أنه يطرح عدة صعوبات أمام
القضاء ،إذ تثار يف هذا اإلطار مسألة األفضلية بني مجيع األمثنة املقرتحة إلقتناء املقاولة ،واملعيار الذي ترتكز عليه
احملكمة إلختيار هذا الثمن أو ذاك ،فهل يتعلق األمر بالثمن املرتفع لكنه سوف يؤدي على مراحل ،أم بالثمن
الذي سيؤدى فورا لكنه أقل من سابقه ،أم بالثمن الذي ميكن يف ظروف أحسن من جناح عملية التفويت دون
إحداثه ألثار سلبية خبصوص مناصب الشغل ،وعالقات املقاولة مع مجيع األطراف املتعاقدة معها ،أي أنه يوفر
أطول مدة إلستقرار الشغل ويوفر إستمرارية النشاط لكن ال يضمن أداء مستحقات الدائنني ،أو على العكس
يضمن أداء مستحقات الدائنني وال يؤمن إستقرار أطول مدة ملناصب الشغل ،...ويرى أحد الباحثني أن إهتمام
احملكمة جيب أن ال ينصب على إختيار أعلى مثن بقدر ما هي مطالبة بالبحث عن الثمن الذي من شأنه أن
حيقق األهداف الثالثة األساسية من عملية التفويت ،واملتمثلة يف اإلبقاء على النشاط بشكل مستقل ،واحملافظة
على كل أو بعض مناصب الشغل ،وتصفية اخلصوم(.)68
ونرد على هذا الرأي بأن اإلشكال ال يكمن يف البحث عن الثمن وال حىت إختياره ،بل يطرح خبصوص صعوبة
حتقيق املعادلة الصعبة املتمثلة يف حتقيق األهداف الثالثة لنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة.
ويف األخري فإنه إذا كان مضمون العقد تأثر بالقواعد املتعلقة بنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة،
جعله مل يعد قادرا على الركون اىل ما كان أسس له مبدأ سلطان اإلرادة يف القواعد العامة خبصوص حمله وسببه مبا
يف ذلك الثمن كأحد أهم عناصر عقد البيع ،وبل حىت على مستوى املفهوم القانوين للعقد بصفة عامة ،فإن ذلك
سينعكس حتما على أطراف العقد بدورهم.
فبخصوص صفة التعاقد فإن مسآلة حتديد صاحب الصفة للتعاقد ختتلف بإختالف ما إذا إعتزم املعين باألمر
التعاقد بإمسه اخلاص وحلسابه ،أو إستهذف إبرام العقد بواسطة نائب عنه( ،)69ففي الفرضية الثانية قد تقوم
احلاجة لدى الشخص اىل أن ينوب عنه يف إبرام تصرفات قانونية شخص أخر ،يتوىل عنه إبرام التصرف الذي
يرغب يف إبرامه ،وهذا جائز قانونا يف النظم القانونية احلديثة عن طريق نظام النيابة(.)70
أما خبصوص إرتضاء التعاقد ،فإن هذا اللفظ يفيد توافق إراديت العاقدين على إحداث األثر املقصود من العقد.
فبهذا املعىن يقال إن العقد يتم مبجرد تراضي العاقدين أو إن الرتاضي بإعتباره الشرط األول لوجود عالقة عقدية
هو إرادة كل واحد من العاقدين لإلرتباط يف مواجهة األخر بالعقد املنشود ،من مت يعترب الرتاضي أهم أركان تكوين
العقد فهو الذي يربر قوته امللزمة يف مواجهة أطرافه.
إال أنه بالتوجه حنو القواعد اليت يتظمنها نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،سنجد أن األحكام
العامة املتعلقة بصفة التعاقد ستعرف إنتكاسة كبرية يف ضل قواعد هذا النظام ،والذي يبدوا أنه فضل التضحية
بالقواعد العامة لصفة التعاقد يف سبيل جعل قواعده حتقق مبتغاها (المطلب األول).
ويف نفس السياق سنجد قواعد هذا النظام ،مل تعر ألهم ركن يف القواعد العامة املتعلقة بتكوين العقد وحتديد
مصريه ،واملتمثل يف ركن إرتضاء التعاقد أي إهتمام ،وذلك من خالل التضحية بإرادة أطراف العالقة التعاقدية اليت
تكون املقاولة أحد طرفيها يف سبيل تسوية وضعية هذه األخرية (المطلب الثاني).
( )69عبد الحق صافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب ألاول ،م س ،ص 111و111
( )70إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 26.
21
كما جند أيضا أن مشرع هذا النظام مل يعر أي إهتمام لإلعتبار الشخصي كأحد املؤترات األساسية يف صفة
التعاقد (الفقرة الثانية)
على أنه جيوز مع ذلك أن حتل إرادة شخص حمل إرادة أخر يف التعاقد ،أو يف إجراء أي عمل قانوين على وجه
العموم ،وهذا هو التعاقد بالنيابة(.)71
وميكن تعريفها (أي النيابة يف التعاقد أو التعاقد بالنيابة) بكوهنا تقنية متكن الشخص من إبرام تصرف قانوين ليس
حلسابه اخلاص وإمنا حلساب غريه .هلذا جيري التعبري عن اإلرادة بواسطة النيابة إذا كان لصاحب التعبري والية
إحالل إرادته حمل إرادة شخص أخر يف إنشاء عقد بإسم ذلك األخر وحلسابه(.)72
والنيابة نوعني( ،)73فهي إما أن تنشأ عن عقد بني طرفيها كما يف نيابة الوكيل عن املوكل ،وإما عن نص يف
القانون ،وتسمى حينئذ نيابة قانونية سواء كان القانون يتوىل بنفسه تعيني شخص النائب أو كان خيول القاضي
سلطة تعيينه(.)74
والنوع الثاين من النيابة يف شكله الثاين هو الذي ينطبق على السنديك من خالل تصور أويل لطبيعة مهامه
باملقارنة مع القواعد العامة املتعلقة بالنيابة القضائية ،فهل سيصح هذا التصور؟ ،وقبل اإلجابة عن ذلك جتدر
اإلشارة أن مهام السنديك يف إطار نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة( )75تتوزع بني التسيري
والتصرف والتمثيل(.)76
إن أول ما يالحظ هو كون هذه املهام إن كانت تتم بإمسه فإهنا ال تتم حلساب األصيل (املقاولة املدينة) إستنادا
اىل القواعد العامة يف إجراء التصرفات القانونية بصفة عامة والتعاقد بصفة خاصة عن طريق النيابة ،وذلك لكون
وأمام هذا الواقع ميكن القول أيضا أن السنديك أثناء تنفيذه لنيابته فإنه يهدف اىل محاية املصلحة اجلماعية واليت
جسدها املشرع يف األهداف الثالثة للنظام دون املصاحل الفردية الضيقة لألطراف اليت ميتلها ،وهذا ما جنده
يتعارض مع القاعدة العامة اليت ينص عليها الفصل 11من ق ل ع( ،)78واليت يستفاد منها أنه ال ميكن
للشخص أن جيري تصرفات قانونية ترتتب عليها إلتزامات على الغري ما مل تكن له سلطة النيابة عنه إتفاقا أو
قضاء ،ومن املسلم به يف القواعد العامة أنه ال ميكن أن تكون هذه التصرفات مضرة بشخص األصيل ،وهذا ما
جعل البعض ي رى يف السنديك أن يتم تسميته قانونيا ويف إطار مقتضيات مدونة التجارة بوكيل القضاء يف معاجلة
صعوبات املقاولة(.)79
وبصفته وكيال للقضاء فإن السنديك وكما أشرنا سابقا ،يعمل لفائدة كل من الدائنني واملقاولة املدينة واملصلحة
العامة بإعتبار الدور االقتصادي واإلجتماعي للمقاولة املدينة اخلاضعة لنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من
صعوبات املقاولة ،وهبذا املفهوم فإن طبيعة صالحيات وسلطات السنديك وبل حىت حقوقه جندها يف العديد من
املواد املؤطرة هلا تصطدم وتتعارض مع القواعد العامة املؤطرة للنيابة يف إجراء التصرفات القانونية.
وهكذا فإذا كان من املسلم به يف القواعد العامة أن موضوع النيابة هو حفظ أموال األصيل وإدارهتا وتنميتها ،فإن
قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تقود السنديك اىل ما خيالف هذا املبدأ ،ويتضح ذلك
بشكل جلي يف إمكانية إقرتاحه فتح مسطرة التصفية القضائية يف مواجهة املدين الذي مل ينفذ إلتزاماته مبقتضى
خمطط اإلستمرارية ،وأيضا تويل السنديك إبرام العقود الضرورية إلجناز التفويت تنفيذا للمخطط الذي حتصره
احملكمة (املادة 416من م ت).
كما أنه إذا كان النائب يف إجرائه للتصرفات القانونية نيابة عن األصيل يعرب عن إرادته هو (أي إرادة النائب)
حسب ما تقضي به القواعد العامة ،فإن السنديك إذا ما إعتربناه ميثل املدين يف القيام بالتصرفات اليت تستدعيها
املسطرة ،إمنا يعرب عن إرادة املشرع ،فقد تتجه إرادته هو اىل عكس ما تفرضه عليه قواعد نظام إجراءات الوقاية
( ) 77امللكي الحسين بن عبد السالم ،السنديك (أحد أجهزة معالجة صعوبات املقاولة) ،عرض مقدم في إطار وحدة التكوين والبحث ،املركز املغربي للدراسات
وألابحات حول :املهن القضائية والقانونية ،سنة ،2111ص 1
-منشور بموقع ( Www.association-oeuvres-sociales-commune-agadir.maتاريخ الزيارة ) 2111-11-2
( )78ينص الفصل 11من ق ل ع على أنه« :ال يحق مأح د أن يلزم غيره ،وال أن يشترط لصالحه إال إذا كانت له سلطة النيابة عنه بمقتض ى وكالة أو بمقتض ى
القانون».
( )79امللكي الحسين بن عبد السالم ،م س ،ص 1
22
واملعاجلة من صعوبات املقاولة أو عكس ما ستقضي به احملكمة أو قرارات القاضي املنتدب( ،)80وبالتايل فلو طبقنا
القواعد العامة إلعتربنا تصرف السنديك باطال إلنعدام إرادته(.)81
ومن جهة أخرى فحىت لو سلمنا بأن تعبري املشرع عن إرادته هي يف األصل تعبري عن إرادة أفراد اجملتمع الذي
يشرع له ،حيث ينوب عن األصيل يف النيابة القانونية لتفويض التصرف للنائب ،فإن طبيعة بعض قواعد نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تستعصي على أن تتقبلها اإلرادة احلرة للفرد ،ولعل أبرز مثال على
ذلك نزع ملكية املقاولة من املدين يف إطار خمطط التفويت.
وميكن القول أيضا أنه إذا كان من املسلم به يف القواعد العامة أن النائب يتعامل بإمسه وحلساب األصيل فإن
التصرفات اليت جيريها السنديك وإن كانت تتم بإمسه ،فإن احلقوق اليت تنشأ عنها ليس للمدين التصرف فيها إذا
ما إعتربنا السنديك إمنا يتصرف لصاحله ،فهي تستخلص لصاحل وخلدمة أهداف املسطرة ،يف حني تتحمل ذمته
املالية (أي ذمة املدين) اإللتزامات اليت ترتتب عن تلك التصرفات.
ومن زاوية أخرى فإن القواعد العامة ،تقرر أنه إذا أجرى النائب تصرفا عن األصيل وجاوز فيه حدود النيابة ،كان
التصرف عدمي األثر بالنسبة لألصيل وذلك جملاوزته حدود النيابة ،وبالنسبة للنائب أيضا ألن النائب مل يقصد أن
يلزم به نفسه ،لكن ال يعين ذلك أن العقد يكون باطال أو قابال لإلبطال ،وإمنا يقع صحيحا موقوفا ،فهو صحيح
لتوافر مجيع أركانه وشروط صحته ،غري أنه موقوف على إقرار األصيل له .والتساؤل الذي يطرح هنا هو مدى
إمكانية أو صالحية املدين -إذا ما إعرتنا السنديك إمنا ينوب عنه -يف إقرار تصرف السنديك الذي جتاوز فيه
حدود صالحياته؟
اجلواب يكون بالنفي بالرجوع اىل مقتضياته نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،حيث يتبني أن
سلطة اإلقرار تؤول اىل احملكمة يف إطار سعيها اىل خدمة فلسفة املشرع واألهداف اليت صاغها هلذا النظام.
وعموما إذا كان يستفاد مما تقدم أن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة شكلت خروجا
واضحا عن قواعد النيابة القانونية يف إجراء التصرفات القانونية كصورة من صور الصفة يف التعاقد ،فإن األمر لن
( )80وذلك راجع الى كون معظم صالحياته للتصرف باسم املدين تضل قاصرة على كونها مجرد إقتراحات ترفع الى القاض ي املنتدب والذي يحيلها على املحكمة لتقرر
بشأنها ما تراه أو يقرر هو بنفسه حسب سلطة القرار ومن يمتلكها ،فمثال للسنديك حق القيام-بترخيص من القاض ي املنتدب -بتقديم رهن أو رهن رسمي أو إبرام
صلح أو تراض ي لفائدة املقاولة (املادة 11.من م ت)
( )81وذلك راجع الى كون أساس النيابة هو أن النائب حينما يبرم التصرف نيابة عن ألاصيل إنما يعبر عن أرادته هو ،وبالتالي كان طبيعيا أن نستلزم في النائب توافر
إلارادة ،فمن تنعدم إرادته ال يصلح إلجراء التعاقد بالنيابة عن غيره ،وبالتالي يقع التصرف باطال.
21
يتوقف عند هذا احلد ،بل جند املشرع أيضا مل يقم أي وزن لإلعتبار الشخصي لصفة املتعاقد من خالل قواعد
هذا النظام.
)82) M.Azoulai, L'élimination de l'institut personale dans le contrat, in la tendance à la stabilité du rapport contractuel L.G.D.J 1960, P 1.
( )83من الصعب الوقوف على جميع الصفات املميزة لشخص معين ،والتي من شأنها أن تكون محل إعتبار من طرف املتعاقد معه ،غير أن هناك عنصرين يجمع
الفقه على إعتبارهما أهم ما يميز إلاعتبار الشخص ي ،ويتعلق ألامر باملالءة والثقة:
املالءة:
ى
ينظر الى املالءة على أنها القدرة على الوفاء باإللتزامات املالية ،إذ ير جانب من الفقه أن مالءة املدين تساهم في إعتبار الشخص وأنها تشكل الحد ألادن له.
الثقة:
يذهب الفقه الى أن إلاعتبار الشخ ص ي يتضمن ثقة خاصة بين املتعاقدين ،وهي ثقة خاصة مأن أي عقد يتضمن جزء من الثقة املتبادلة لذلك كان من البديهي ،أن
إختفاء هذه الثقة سيبرر فسخ العقد وال سيما عند صدور حكم فتح املسطرة الجماعية إلنهيار عنصر الثقة عند شخص املتعاقد معه.
( )84إذا كان املشرع الفرنس ي ي سمي هذه املرحلة بفترة املالحظة ،فإننا في التشريع املغربي ال نعتر على أية تسمية من هذا القبيل ،لذلك دأب الفقه على وصفها
باملرحلة إلانتقالية أو املؤقتة.
-نور الدين ألاعرج ،مساطر صعوبات املقاولة ،مطبعة سلكي أخوين-طنجة ،الطبعة ألاولى يونيو ،2116ص .11.
وعلى الع موم فاملرحلة السابقة إلختيار الحل أو املرحلة املؤقتة هي مرحلة تشخيص الوضعية الحقيقية للمقاولة والتي من خاللها تستطيع أجهزة املسطرة تحديد
مدى إمكانية إستمرار املقاولة أو تفويتها أو تصفيتها.
وتبدئ هده الفترة السابقة إلختيار الحل من يوم الحكم القاض ي بفتح مسطرة التسوية القضائية وتنتهي عند عرض السنديك ملقترح التسوية إما باإلستمرارية أو
التفويت أو التصفية طبقا للمادة 11.من م ت.
ل
-محمد كرام ،الوجيز في مساطر صعوبات املقاولة في التشريع املغربي (الجزء ألاو ) املطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة ألاولى ،2111ص ...
( )85تنص املادة 111من م ت على أنه« :بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة.
ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب ملدة تفوق شهرا.
يجب على املتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح املسطرة .وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه إلالتزامات سوى منح الدائنين حق
التصريح بها في قائمة الخصوم.
عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد ،يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن ألاضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم .غير أنه يمكن للطرف آلاخر تأجيل
إرجاع املبالغ الزائدة التي دفعتها املقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن ألاضرار.
ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد ،على الرغم من أي مقتض ى قانوني أو شرط تعاقدي».
( )86املشرع املغربي لم يعرف العقود الجارية ،ليترك املجال للتعريفات الفقهية ،وهكذا عرفها الدكتور أحمد شكري السباعي بأنها« :العقد الذي أبرمه رئيس املقاولة
مع ألاغيار والذي لم يستنفذ أثاره الرئيسية بعد صدور حكم فتح املسطرة ،وبمعنى أخر العقد الذي تستمر أثاره حتى بعد صدور الحكم املذكور بصرف النظر عن
طبيعته القانونية».
-أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض املقاولة ومساطر معالجتها (الجزء الثالث) مطبعة املعارف الجديدة-
الرباط ،دار النشر املعرفة-الرباط ،الطبعة ألاولى ،2111ص .211
)87( Crédot et Gérard: L'ouverture de crédit, le compte courant et l'article 37 de la loi 25 janvier 1985 REV droit bancaire 1987 -1- P 14
21
املادة ال تستين تلك العقود من جمال تطبيقها (أي العقود اجلارية القائمة على اإلعتبار الشخصي) بالنظر اىل كوهنا
جاءت عامة ومطلقة تشمل سائر العقود اجلارية دون إستثناء(.)88
وما ينطبق على املادة 111من م ت ينطبق على املادة 414من نفس املدونة( ،)89حبيث أوردت هذه املادة
عقودا جارية خول املشرع للمحكمة سلطة تفويتها عند إعتماده خمطط التفويت ،وأمجع الفقه والقضاء على أن
هذه املادة وإن حددت بعض العقود اليت يتعني على احملكمة أن تقوم بتفويتها يف إطار املخطط ،فإن هذا التحديد
جاء على سبيل املثال ،مما يطرح إمكانية ،بل وجوب إحتوائها للعقود القائمة على اإلعتبار الشخصي ،وهناك من
يتجه أبعد من ذلك ،حيث إعترب أن العقود اليت جاءت على سبيل املثال يف املادة 414من م ت املذكورة غالبا
ما تكون مصحوبة بضمان كفالة( ،)90وال شك أن اإلعتبارات الشخصية ال زالت تلعب دورا مهما يف الضمانات
الشخصية( )91اليت تعترب الكفالة أبرزها.
وتشكل العقود البنكية( )92خاصة احلساب البنكي( )93وفتح اإلعتماد( )94أهم العقود اليت حظيت بإهتمام
الباحتني خبصوص وضعيتها يف إطار نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،وذلك راجع اىل أمهيتها
يف متويل املقاولة املوجودة يف وضعية صعبة ،ومساعدهتا على اإلستمرار يف مزاولة نشاطها ،غري أن هذا اهلاجس
والرغبة يف احملافظة على هاته العقود يصطدم بقواعد قانونية مبنية على اإلعتبار الشخصي لشخص الزبون ،إذ جند
املادة 111من م ت يف فقرهتا األخرية تنص على أنه« :يقفل الحساب أيضا بالوفاة أو إنعدام األهلية أو
التسوية أو التصفية القضائية للزبون ،».وهو ما يستفاد منه أن املشرع منح ملؤسسة اإلئتمان بصورة صرحية حق
وضع حد للحساب يف حالة فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية يف مواجهة الزبون (املقاولة املدينة) ،نظرا
للوضعية اليت أصبح عليها الزبون ،حبيث يعترب فتح املسطرة يف مواجهته قرينة على فقده لعنصر املالءة أو الوفاء
كعنصر أساسي متحكم يف إختيار مؤسسة اإلئتمان لعمالئها ،ويف نفس السياق تنص الفقرة الرابعة من املادة
111من م ت على أنه« :سواء كان االعتماد مفتوحا لمدة معينة أو غير معينة ،فإنه يمكن للمؤسسة
( )88أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية ...الجزء الثالث ،م س ،ص .122
( )89تنص املادة 616من م ت على أنه« :تحدد املحكمة عقود الائتمان الايجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط املقاولة
بناء على مالحظات ألاطراف املتعاقدة مع املقاولة التي يقوم السنديك باإلبالغ بها.
يكون الحكم الذي يحصر املخطط بمثابة تفويت لهذه العقود.
يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط املعمول بها عند فتح املسطرة ،على الرغم من كل شرط مخالف مع مراعاة آجال ألاداء التي يمكن أن تفرضها املحكمة،
لضمان التنفيذ السليم للمخطط ،بعد الاستماع إلى املتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني».
( )90أحمد الديماوي ،وضعية كفيل املدين في إطار مسطرة التسوية القضائية ،رسالة لنيل دبلوم املاستر ،جامعة محمد الخامس-أكدال ،كلية العلوم القانونية
وإلاقتصادية وإلاجتماعية-الرباط ،السنة الجامعية ،2111-2111ص 11
( )91راجع بهذا الخصوص :محمد أبو الحسين ،م س ،ص 261الى 266
( )92نظمها املشرع في القسم السابع من الكتاب الرابع في مدونة التجارة
( )93نظمه املشرع في املواد 1.1الى 111من مدونة التجارة
( )94نظمه املشرع في املادتين 121و 121من مدونة التجارة
21
البنكية قفل االعتماد بدون أجل ،في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع ،»...وبغض النظر عن كون
التوقف عن الدفع هو ليس إال شرط لفتح املسطرة يف مواجهة الزبون (املدين) ،فإن ما يهمنا هو ما يعنيه توقفه
عن الدفع من فقده لعنصر املالءة أو الوفاء الذي على أساسه فتح اإلعتماد ملصلحته من طرف مؤسسة اإلئتمان.
وكما أشرنا سابقا فإن املادة 414من م ت نصت على بعض العقود على سبيل املثال ،ومن بني تلك العقود
عقود الكراء ،دون نعت أو ختصيص ،وبالتايل يدخل يف عدادها كل العقود اليت تسمح باحلصول على أموال
كيفما كانت طبيعتها دون احلاجة اىل القيام بإستثمار كبري ،ويدخل يف نطاق هذه العقود عقد التسيري احلر
لألصل التجاري( .)95ومما ال شك فيه أن هناك إمجاع على كون عقد التسيري احلر ألصل التجاري يقوم على
اإلعتبار الشخصي.
وإذا كان من املسلم به يف القواعد العامة املنظمة لكل العقود اليت أوردناها أن قيامها على اإلعتبار الشخصي حيول
دون إستمرارها يف حالة فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية يف مواجهة املتعاقد (املدين) ،فإننا بالرجوع اىل
قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جند تلك اإلعتبارات مستبعدة لصاحل احلفاظ على
إستمرارية تلك العقود مع املقاولة املدينة املوجودة يف وضعية صعبة ،إذ جند املادة 111من م ت يف فقرهتا األخرية
تنص على أنه« :ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد ،على
الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي ،».وبالتايل فهذه الفقرة حتول دون تطبيق أي مقتضى قانوين أو
إتفاقي قد يكون مبنيا على اإلعتبار الشخصي لشخص املتعاقد يف حالة فتح مسطرة التسوية القضائية يف مواجهته
يؤدي اىل إهناء العقد.
أما خبصوص املادة 414من م ت ،وكما أوضحنا سابقا فإهنا تشمل أيضا العقود املربمة حتث تأثري اإلعتبارات
الشخصية ،فإهنا تشكل إنتكاسة واضحة لبعض القواعد العامة اليت ميكن أن نعاجل هبا الطبيعة القانونية للتفويت
()96
القضائي للعقود ،فإذا إعتربنا هذا التفويت يشكل جتسيدا ملؤسسة حوالة العقد املنظمة يف إطار القواعد العامة
واليت هي حوالة جمموعة من احلقوق واإللتزامات الناشئة عن العقد( ،)97فإننا نصطدم بالفصل 212من ق ل ع
الذي ينص على أنه « :تبطل الحوالة -2 ... -1 :إذا كان محلها حقوقا لها صفة شخصية محضة ،كحق
انتفاع المستحق لحبس؛ ،»... -3إذ أن ما يستفد من منطوق املادة 414من م ت هو كون املشرع مل
خيصص هلاته العقود (العقود القائمة على اإلعتبار الشخصي) أثار خاصة ،وبالتايل فهي تبقى قابلة للتفويت
وحسب رأي أستاذنا حممد أبو احلسني فإن األساس الذي ميكن اإلستناد إليه لتربير تفويت العقد الذي يربم حتث
تأثري إعتبارات شخصية هو املعيار القانوين الذي صاغه املشرع يف املادة 414من م ت ،وهو معيار وحدة العقد
وطبيعته الضرورية للحفاظ على النشاط ،ودوره يف احلفاظ على على املقاولة وضمان تسويتها ،ومن مت جيب أن
تذوب املصلحة اخلاصة لألطراف أمام املصلحة العامة لتفويت املقاولة ومعها تفويت العقود كأذاة لتحقيق أهداف
التفويت ،وكوهنا كذلك ،يربر أن تلقى نفس مصري املقاولة عند إعتماد خمطط التفويت(.)98
وإذا كان واضحا مما تقدم أن املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة مترد على جمموعة
من القواعد العامة املؤطرة لصفة التعاقد ،بداية بالصفة اليت يتصرف هبا السنديك يف أموال املدين واليت ال تتالءم
وقواعد النيابة القانونية ،وإنتهاء بإستبعاده خلاصية اإلعتبار الشخصي اليت متيز بعض العقود اليت ترتبط هبا املقاولة
املدينة ،فإن هذا التمرد سيمتد أيضا ليشمل أهم ركن يف التصرفات القانونية بشكل عام واملبنية على عالقات
تعاقدية بشكل خاص واملتمثل يف ركن الرضا ،فكيف أثرت قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات
املقاولة يف هذا الركن؟
ومن زاوية أخرى ،ميكن القول أن ركن الرضا سيتعرض لإلغاء التام يف احلالة اليت ختتار فيها احملكمة تفويت ملكية
املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة وكذا العقود اليت تربط هذه املقاولة باألغيار واليت تعتربها احملكمة ضرورية
للحفاظ على إستمرارية نشاطها (الفقرة الثانية).
وتنبين مسطرة التسوية الودية ،كما يتضح من تسميتها على حماولة التوفيق والصلح بني املدين من جهة والدائنني
من جهة أخرى( ،)102وذلك من أجل إبرام إتفاق ودي ينهي اخلالف القائم بينهما بشكل يراعي مصلحة الطرفني
معا ،ولعل هذا ما يستشف من مقتضيات املادة 116من م ت( )103اليت حددت مهام املصاحل يف تسهيل سري
املقاولة والعمل على إبرام إتفاق مع الدائنني.
وبالتايل ال تعد مهمة املصاحل يسرية على اإلطالق ،ذلك أنه يتعني أن تكون له دراية وكفاءة واسعة يف جمال
الوساطة والصلح وتقنيات اإلقناع والتشاور ،وأن يكون على إطالع تام بالوضعية االقتصادية واإلجتماعية واملالية
احلقيقية للمقاولة ،وبطبيعة الدائنني وحجم الديون املستحقة على املقاولة وجبميع املعطيات اليت من شأهنا تسهيل
مهمته والقيام هبا على أحسن وجه.
وعمليا ،يقوم املصاحل بعد مجعه للمعلومات الكافية على وضعية املقاولة وشخص مسرييها ونوعية وأصحاب
الديون اليت عليها ،بإستدعاء املدين ومجيع الدائنني من أجل االجتماع هبم ،إال أنه بعد ذلك قد يقتصر على
تسيري املفاوضات بني املدين والدائنني الذين قبلوا املشاركة فيها فقط( ،)104وذلك من أجل البحث عن صيغة
توافقية ترضي مجيع األطراف ،وتستند يف الغالب على تقدمي تنازالت وتسهيالت متبادلة(.)105
غري أن املشرع مل يقتصر على جعل املصاحل جمرد وسيط بني املدين والدائنني بغاية التوصل اىل إبرام اإلتفاق الودي،
بل منحه من األليات ما قد يؤثر على إرادة الدائنني وجعلهم يقبلون عنوة اإلنضمام اىل املفاوضات ،وهكذا فقد
( )99على خالف هذا الطرح الذي نتبناه ،يرى ألاستاذ عالل فالي ،أنه بالرغم مما يمكن أن توحي به الفقرة الثانية من 111من م ت من أن طلب فتح إجراء التسوية
الودية يكون متوقفا على طلب من رئيس املقاولة لرئيس املحكمة التجارية ،فإن قراءة متأنية للمواد املنظمة لهذه املسطرة تفيد بأنه يمكن إقتراح هذه املسطرة
أيضا من طرف رئيس املحكمة ،إذا ما تبين له من أحد العقود أو الوثائق أو إلاجراءات أن املقاولة تواجه صعوبات من شأنها أن تخل بإستمرارية إستغاللها ،أو يخبر
بتلك الوضعية من طرف رئيس املقاولة أو مراقب الحسابات.
-عالل فالي ،مساطر معالجة صعوبات املقاولة ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع-الرباط ،طبعة دجنبر ،2112ص61
( )100تنص الفقرة الثانية من املادة 111من مت على أنه« :يتقدم رئيس املقاولة بطلب إلى رئيس املحكمة ،يعرض فيه وضعيتها املالية والاقتصادية والاجتماعية
والحاجيات التمويلية وكذا وسائل مواجهتها».
( )101زكرياء العماري ،مدى قابلية قرار رئيس املحكمة التجارية برفض طلب إفتتاح إجراء التسوية الودية للطعن باإلستئناف ،مقال منشور بمجلة القضاء
التجاري ،العدد ،1السنة ،2111ص 111
( )102نظرا لقيام جوهر هذه املسطرة على محاولة الصلح ،عمد املشرع الفرنس ي بمقتض ى املادة 611-13من م ت الفرنسية الى تغيير تسميتها من مسطرة التسوية
الودية الى مسطرة الصلح.
( )103تنص املادة 111من م ت على أنه« :يحدد رئيس املحكمة مهمة املصالح التي تتمثل في تسهيل سير الشركة والعمل على إبرام اتفاق مع الدائنين.
يطلع رئيس املحكمة املصالح على املعلومات املتوفرة لديه وإن اقتض ى الحال على نتائج الخبرة املشار إليها في املادة ».112
( )104ويستفاد من املادة 116من م ت أنه يمكن إلاقتصار على الدائنين الرئيسين في إبرام إلاتفاق الودي.
( )105عالل فالي ،م س ،ص 61و61
2.
خول املشرع للمصاحل أن يطلب من رئيس احملكمة إستناذا اىل املادة 111من م ت أن يصدر أمرا بالوقف
املؤقت لإلجراءات ،ويرتتب عن هذا األمر يف مواجهة الدائنني إستنادا اىل نفس املادة ،منع ووقف كل دعوى
يقيمها هؤالء دوي دين سابق هلذا األم ر تكون الغاية منها احلكم على املدين بسداد مبلغ مايل أو فسخ عقد
لعدم سداد مبلغ مايل ،ويرتتب عنه أيضا يف مواجهتهم منع ووقف كل طريقة للتنفيذ يقيمها هؤالء على أموال
املدين.
ونرى من وجهة نظرنا أنه ال ميكن تفسيري هذا اإلكراه على ضوء الفصل 64من ق ل ع( ،)106على أساس أنه
إكراه يسمح به القانون ،ما دام املشرع هو الذي نظم الوقف املؤقت لإلجراءات ،وذلك لسبب بسيط هو أن
الوقف املؤقت لإلجراءات يطلبه املصاحل ويصدر عن رئيس احملكمة ،وال دخل إلرادة املدين فيه ،ويرتب أثار يف
موجهته هو بدوره (أي املدين) ،نصت عليها نفس املادة .كما أن املصاحل يعترب جمرد وسيط وال ميثل أي طرف من
خالل إبرام هذا االتفاق الودي ،بدليل أن املادة 111من م ت ،نصت على أن اإلتفاق الودي يوقعه األطراف
واملصاحل وهو ما يفهم منه أن املصاحل ال ميثل أي طرف يف هذه املسطرة.
وميكن أن نظفي على هذا اإلكراه طابع خاص ألنه إكراه يسمح به القانون إال أنه يشكل خروجا عن القواعد
العامة املنظمة له.
وال ينبغي أن ندع الفرصة تفوتنا قبل أن نشري أيضا أنه يف إطار القواعد املنظمة ملسطرة التسوية الودية جعل املشرع
حدا أدىن من الدائنني لقبول الدخول يف إبرام اإلتفاق الودي ،ويتعلق األمر بإمكانية قصر إبرام هذا اإلتفاق على
الدائنني الرئيسني ،دون غريهم ،مما ميكن أن نتصور معه أن إرادة الدائنني الثانويني الذين إرتضوا الدخول يف
اإلتفاق الودي اىل جانب الدائنني الرئيسني ،إرادة صورية يف نظر املدين واملصاحل ،ما دامت ال تأثر يف إمكانية
إبرام اإلتفاق الودي ،وبالتايل ال يولوهنم أي إهتمام ،وما دام بإمكاهنم ترك أمرهم لرئيس احملكمة ليفرض عليهم
األجال الواردة يف النصوص اجلاري هبا العمل إستنادا اىل م 114من م ت(.)107
( )106ينص الفصل 16من ق ل ع على أنه« :إلاكراه إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون
رضاه».
( )107وهذا ما يشكل ضربا ملبدأ نسبية أثار العقد
-أنظر الفقرة الثانية من املطلب ألاول من املبحث ألاول من الفصل الثاني ،ص 11
2.
من خالل ما تقدم المسنا أن إرادة األطراف يف إجراءات التسوية الودية اليت يرتتب عنها إبرام االتفاق الودي حد
منها املشرع بشكل كبري من خالل التأثري عليها مبقتضى األمر بالوقف املؤقت لإلجراءات( )108وتغييب إرادة
الدائنني الثانويني يف إجناح املسطرة بإعتبار إرادهتم صورية كلما قبل الدائنني الرئيسيني بإبرام اإلتفاق الودي.
وال يقف تأثري إجراءات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة على إرادة األطراف عند هذا احلد،
بل جند ذلك ميتد اىل حدود إستبعادها بشكل مطلق من خالل التفويت اجلربي للمقاولة والعقود الالزمة
إلستمرارية النشاط.
الفقرة الثانية :التفويت الجبري للمقاولة والعقود الالزمة للحفاظ على النشاط
بإعتماد املشرع لنظام التسوية القضائية ،وعربه نظام التفويت ،يكون قد جسد منطقا جديدا ،وهو منطق إنقاد
املقاولة ،الذي ميكن أن يتم عرب خمطط التفويت ،وهي عملية من نوع خاص تتميز بالتعقيد وجتد مصدرها يف
التمييز بني اإلنسان واملقاولة ،وتقوم على عنصرين:
-العنصر األول قضائي :إذ يدخل يف إختصاص احملكمة حصر املخطط ،والتصريح بالتفويت طبقا لقواعد
مسطرية خاصة.
-العنصر الثاين تعاقدي :ألن املادة 415من م ت تنص على أن السنديك يربم كل العقود الضرورية
إلجناز التفويت(.)109
وفقا هلذا املعطى ،جتسد كل مقاولة خاضعة للمساطر اجلماعية مشروع عقد بيع إجباري( ،)110غري أنه إذا كان
العقد يستقي قوته من احلكم الذي حيصر خمطط التفويت ،فإن هذا احلكم يقف عند حتديد العناصر األساسية
للعملية وال يعترب بذاته عقدا للتفويت ،ما مل يتم التنصيص على ذلك يف احلكم(.)111
( )108قد يرى البعض أن نفس ألامر ينطبق على مخطط إلاستمرارية الذي يلعب فيه رئيس املقاولة دورا هاما في تبنيه من خالل إبدائه لرغبة واضحة في ضخ
سيولة إضافية وإحداث تغيرات هامة من شأنها معالجة املقاولة ،وذلك من خالل تأثير وقف املتابعات الفردية (الباب الثالث من القسم الرابع من الكتاب الخامس
من مدونة التجارة) على إرادة الدائنين في قبول منحه أجال وتخفيضات على ديونهم ،إال أننا نرى أنه هناك فرق شاسع بين ألامر بالوقف املؤقت لإلجراءات ومنع
املتابعات الفردية ،فما يجعلنا نستبعد هذا ألاخير هو كونه أثر للحكم بفتح املسطرة يترتب في جميع الحاالت أي حتى في الحاالت التي ال يرغب فيها املدين في تقديم
مقترحات لتبني مخطط إلاستمرارية ،في حين أن ألامر بالوقف املؤقت لإلجراءات يعتبر وسيلة في يد املصالح يمكن له إستعمالها إللزام الدائنين وقتما شاء على
إلامتثال لرغبة املدين في إبرام إتفاق ودي.
( )109محمد أبو الحسين ،م س ،ص 22
( )110فاتحة مشماش ي ،أزمة معالجة صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق-شعبة القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس أكدال ،كلية
العلوم القانونية وإلاجتماعية وإلاقتصادية-الرباط ،السنة الجامعية ،2111-2116ص 211
)111( Fernand Derraida, pierre godés et jean pierre sortais: Redressement et liquidation judiciaire des entreprises, Dalloz 1991, PP 323 et S
11
فقط نشري اىل أن خصوصية هذه العملية ال تعين يف العمق دعوة اىل التعاقد بني األطراف وفق مبادئ القواعد
العامة للتعاقد( ،)112ويف هذا الصدد يرى األستاذ " "Yves guyonيف التفويت شكال وسطا بني البيع
الرضائي والبيع اإللزامي باملزاد العلين ،يف حني يرى األستاذ " "Yves chaputأن ضرورة أخد احملكمة إرادة
املشرتي بعني اإلعتبار عند حصر املخطط يقرب العملية من البيع القضائي الذي يتم تبعا للحجز(.)113
وبغض النظر عن الرأيني معا ،نسجل أن احملكمة تشرف على إجناز هذه العملية ودون موافقة رئيس املقاولة ،بل ال
يتم إبالغ هذا األخري مبضامني العروض املقدمة ،مع أنه مل يكن يهدف اىل تفويت املقاولة عندما تقدم اىل
احملكمة التجارية لطلب فتح مساطر املعاجلة ،ألن بإمكانه إجناز هذه العملية قبل اللجوء اىل القضاء( ،)114وبالتايل
يتضح أن للطبيعة التعاقدية القضائية للتفويت أثر بالغ على ركن إرتضاء التعاقد الذي يشكل ركيزة أساسية ملبدأ
احلرية التعاقدية ،وذلك ألن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جاء بنزع امللكية من املدين عن
طريق القضاء ،وسلب منه احلق يف إختيار الطرف األخر يف عملية التفويت ويف حتديد مضمون التفويت(.)115
وإذا كان تراجع اإلرادة يظهر واضحا يف إطار تفويت ملكية املقاولة اىل الغري ،فإنه يبدوا أكثر وضوحا يف إطار
تفويت العقود الالزمة للحفاظ على نشاط املقاولة (املادة 414من م ت) عند حصر احملكمة ملخطط التفويت،
ألن املشرع فرض على املتعاقد اإلستمرار يف تنفيذ العقد مع املفوت إليه ،الذي مل يتفاوض معه أبدا ،أو الذي ال
يرغب يف التعامل معه نظرا لعدم معرفته به أو على العكس ملعرفته به بشكل كبري ،وهكذا يتقلص دور اإلرادة
مقابل بروز إرادة احملكمة ،حيث تعمل هذه األخرية على نقل العقود اىل املفوت إليه الذي يصبح بني عشية
وضحاها طرفا يف عقد مل يعمل على إبرامه ،ويلزم يف املقابل بتنفيذه طبقا للشروط املعمول هبا عند فتح
املسطرة(.)116
وهكذا ،فقد يتفق أطراف العقد على عدم إمكانية تفويته ،أو يكتفي أطرافه بتقييد تفويته بشرط املوافقة املسبقة
اليت تسمح للمدين بإختيار املفوت إليه ،فبخصوص احلالة األوىل جندها مهددة بالفقرة الثالثة من م 414من م
ت( )118اليت يستفاد منها إستبعاد كل شرط خمالف قد مينع تفويت العقد ،أما احلالة الثانية فيمكن إستبعادها
أيضا إستنادا اىل نفس الفقرة املشار هلا ،على أساس أهنا جاءت عامة «كل شرط مخالف» ،أو باإلستناد اىل
الفقرة األوىل من نفس املادة( ،)119اليت تنص على أن السنديك يبلغ اىل احملكمة مالحظات األطراف مبن فيهم
املدين ،وهذا التنصيص كاف لرتمجة نية املشرع يف إستبعاد أي إعرتاض من جانب األطراف على عملية تفويت
العقد.
ميكن القول أن غاية نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة هو احلفاظ على املقاولة بالدرجة األوىل،
بغض النظر عن إرادة األطراف وبعض القواعد القانونية الواردة يف ق ل ع ،فإرادة األطراف املعرب عنها أثناء إبرام
العقد تفقد كل فعاليتها أثناء تفويته ،وتستبعد كل الشروط والعقبات اليت من شأهنا أن تعيق التفويت(.)120
أما خبصوص اإلرادة النهائية الالزمة لتفويت العقد ،فإنه يظهر واضحا من جهة املفوت إليه أن إرادته تبدو شبه
منعدمة يف إختيار العقود اليت يرغب يف أن يتم تفويتها إليه ،وذلك ملربرين ،األول يتمثل يف كون املادة 416من
م ت( )121احملددة للبيانات اليت ينبغي أن يتضمنها كل عرض مت تقدميه ،مل تشر قط اىل بيان يتعلق بالعقود املراد
أما من جهة رئيس املقاولة (املفوت) فإننا نستند جمددا على عبارة «تحدد المحكمة» السالفة الذكر والواردة يف
املادة 414من م ت ،للقول بأن إرادته منعدمة بدوره ،وليس له أي هامش ال إلقرتاح العقود املزمع تفويتها ،وال
لقبول التفويت أو رفضه(.)124
وإذا كانت عملية تفويت العقود ميكن تربيرها أو إدراجها يف إطار مؤسسة حوالة العقد ،فإن إرادة احملال عليه
(املتعاقد مع املقاولة) يتم إستبعادها أيضا لتمام هذه احلوالة ،إستنادا اىل عبارة «مالحظات األطراف المتعاقدة
مع المقاولة» الواردة يف املادة 414من م ت واليت ال ترقى اىل درجة ضرورة احلصول على موافقتهم بشأن احلوالة
(تفويت العقد) ،مما يشكل خروجا واضحا عن قواعد احلوالة املنصوص عليها يف القواعد العامة.
من خالل كل ما تقدم إتضح لنا بشكل جلي أن ركن الرضا يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من
صعوبات املقاولة يتعرض لنوع من التقزمي ،وذلك لغاية تفادي وقوفه أمام رغبة املشرع يف وقاية املقاولة وإنقادها يف
احلاالت اليت تعرتضها صعوبات من شأهنا اإلخالل بإستمراريتها أو توقفت فيها عن الدفع.
كما رأينا قبل ذلك أن القواعد املنظمة لباقي أركان التعاقد (أهلية ،حمل ،سبب) تعرضت بدورها يف ضل هذا
النظام اىل جمموعة من التغيريات خدمة ألهذافه وإن كان ذلك على حساب تلك القواعد العامة.
وال خيفى على اجلميع ما رتبه املشرع يف القواعد العامة على كل عملية تعاقدية غابت أركاهنا أو مست أو خالفت
نص يف القانون من جزاء يعرضها للبطالن أو جيعلها قابلة لإلبطال حسب احلالة ،وهذا ما جيعلنا نتساءل ،هل
املشرع حافظ على ثوابت هذه املؤسسة (البطالن) يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة؟
وبإعتبار املقاولة املفتوحة يف حقها مساطر املعاجلة ال تعدوا أن تكون بدورها سوى شخص من أشخاص جمال
املال واألعمال ،الذين جتدهم حماطني بشبكة ال متناهية من العالقات التعاقدية ،واليت قد تتأثر بدورها بنظرية
البطالن ،فإن األمر ال يسري وفق ما رمسته القواعد العامة هلذه النظرية ،ذلك أننا من خالل حبثنا عن جتليات هذه
النظرية يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،وجدنا أن مشرع هذا النظام رتب على
التصرفات اليت أجنزهتا املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة خالل فرتة الريبة( )126جزاء البطالن ،وذلك ألسباب
تبدوا شاذة وغريبة عن ما هو موجود يف القواعد العامة (المطلب األول) ،كما جند قواعد تقرير هذا البطالن
الذي جاءت به قواعد هذا النظام وكذا أثاره ال تنسجم والقواعد العامة لنظرية البطالن من حيث تقريره وأثاره
(المطلب الثاني).
المطلب األول :شدود أسباب بطالن التصرفات المنجزة خالل فترة الريبة عن أسباب البطالن
واإلبطال في القواعد العامة
إن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة صنف البطالن الذي رتبه على بعض التصرفات
املنجزة خالل فرتة الريبة ،اىل بطالن وجويب ،يبدوا أنه يقابل البطالن املتعارف عليه يف القواعد العامة ،وبطالن
( )125أحمد شكري السباعي ،نظرية بطالن العقود في القانون املدني املغربي والفقه إلاسالمي والقانون املقارن ،منشورات عكاظ ،الطبعة الثانية (دون ذكر سنة
الطبعة) ،ص 1
( )126يقصد بفترة الريبة أو الشك Période Suspecteتلك الفترة السابقة لصدور حكم القاض ي بفتح مسطرة املعالجة أو التصفية القضائية ضد املقاولة .وتسمى
هذه الفترة بتلك التسمية لوجود ريبة أو تشكك حول مدى إجراء املدين لتصرفاته خاللها عن حسن نية ،ذلك أن شعور هذا ألاخير بتوقفه عن الدفع يجعله يقوم
ببعض املمارسات الالقانونية إما بهدف تبذير أمواله أو تهريبها وإما بهدف محاباة بعض دائنيه على حساب الدائنين ألاخرين.
فللحيلولة دون تضرر املقاولة وكذا دائنيها من بعض تصرفات رئيس املقاولة املجراة خالل فترة الريبة املذكورة ،قرر املشرع أن تكون هذه التصرفات باطلة إما
بطالنا وجوبيا وإما بطالنا جوازيا.
-امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة ،سلسلة دراسات قانونية معمقة ،عدد ،1مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء( .دون
ذكر عدد الطبعة وسنتها) ،ص .61
وفي نفس السياق نجد املادة 61.من م ت تحدد النطاق الزمني لفترة الريبة كما يلي« :تبتدئ فترة الريبة من تاريخ التوقف عن الدفع ولغاية حكم فتح املسطرة،
تضاف إليها مدة سابقة على التوقف بالنسبة لبعض العقود».
11
جوازي يبدوا بدوره أنه يقابل اإلبطال الذي ترسيه القواعد العامة ،إال أننا بالتمعن جيدا يف نظام البطالن الوجويب
واجلوازي ،جند أن كال منهما يشد عن مسببات البطالن واإلبطال اليت حددهتا القواعد العامة ،وذلك على أساس
املقابلة اليت أجريناها بني النظامني معا ،أسباب البطالن الوجويب يف مقابل أسباب البطالن (الفقرة األولى)،
وأسباب البطالن اجلوازي يف مقابل أسباب اإلبطال (الفقرة الثانية).
ويبدوا اإلختالف واضحا مند الوهلة األوىل بني السبب األول للبطالن املقرر يف الفصل 114من ق ل ع
وطبيعة التصرفات القانونية بدون مقابل املنجزة خالل فرتة الريبة ،فهذه األخرية تبدوا يف ظاهرها مكتملة األركان،
وال تشوهبا شائبة ،لكن رمبا مل يكن املشرع قد تعمد تسمية هذه الفرتة بفرتة الريبة من باب التمييز فقط ،بل ميكن
القول أنه قد متت تسميتها بذلك إعتبارا للشكوك والريبة اليت تطبع تصرفات املدين خالهلا ،حبيث ال يتواىن،
خاصة مىت كان سيء النية ،عن القيام بتصرفات تستهدف املساس مبالية املقاولة أو هتريب أو إخفاء أصوهلا أو
متتيع بعض الدائنني مبعامالت تفضيلية إضرارا بالدائنني األخرين(.)128
وإذا سلمنا هبذه الفرضية ،فإننا سنتجه اىل إعتبار املشرع قرر بطالن التصرفات املنجزة بدون مقابل خالل فرتة
الريبة أو الشك يكون قد إرتاب وشك يف مدى إجنازها عن حسن نية( ،)129خاصة وأهنا بدون مقابل(.)130
وكيف ال يشك يف ذلك؟ ،خاصة إذا كنا نعلم أن املدين متوقف عن الدفع ويلجأ اىل إبرام مثل هذه التصرفات،
أوليس ذلك قرينة قاطعة على سوء نيته؟.
( )127عبد الحق صافي ،دروس في القانون املدني ،م س ،ص 21
( )128عالل فالي ،م س ،ص 111
( )129امحمد لفروجي ،التوقف عن الدفع في قانون صعوبات املقاولة ،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء( ،دون ذكر عدد الطبعة وسنتها) ،ص 121
( )130تنص الفقرة ألاولى من املادة 6.1من م ت على أنه« :يعتبر باطال كل عقد بدون مقابل قام به املدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع».
11
يستفاد من ذلك أن املشرع حينما قرر بطالن كل عقد بدون مقابل قام به املدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع
(أي خالل فرتة الريبة) ،مل خيرج عن القواعد العامة فيما يتعلق بالسبب األول لبطالن التصرفات القانونية ،واملتمثل
يف ختلف إحدى األركان الالزمة لقيامها ،وذلك على أساس أن اإلفرتاضات السابقة تفضي يف جمملها اىل
التشكيك يف سبب هذه التصرفات( ،)131وبالتايل القول بكون سبب تلك التصرفات سبب صوري خيفي وراءه
سبب غري مشروع متمثل يف نية املدين يف هتريب أو إلخفاء أمواله على دائنيه.
لكن وجه اخلروج عن القواعد العامة يف هذه احلالة ،نستخلصه بالرجوع اىل الفصل 46من ق ل ع( ،)132فإذا
كان هذا األخري ينص على أنه يفرتض يف السبب املذكور أنه حقيقي اىل أن يثبت العكس ،فإن قواعد نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تفرتض أن التصرفات املنجزة بدون مقابل خالل فرتة الريبة هي
تصرفات متت عن سوء نية ،حيث يتضح من قراءة الفقرة األوىل من املادة 452من م ت أن املشرع مل يشرتط
إثبات الغش أو التواطؤ أو حىت الضرر ،وال حىت علم املتعاقد معه أو املتصرف اليه حبالة توقف املدين عن
الدفع( .)133كما أنه إذا كان الفصل 41من ق ل ع( )134يتيح إمكانية اإلثبات املضاد إلظهار أن هناك سبب
أخر مشروع غري السبب الذي مت إثبات عدم مشروعيته ،فإن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات
املقاولة ال تتيح هذه اإلمكانية.
أما خبصوص القول بكون بطالن التصرفات القانونية اجملرات بدون مقابل خالل فرتة الريبة ،ميكن رده اىل السبب
الثاين من بني السببني الذين ميكن ألحدمها أن يتقرر على أساسه البطالن واملتمثل يف وجود نص قانوين يعترب
التصرف باطال ،فإنه ميكننا مبدئيا القول بأن الفقرة األوىل من املادة 452من م ت تشكل تطبيقا لذلك ،إال أنه
هناك من يرى بأنه إذا كان نص القانون يشكل سببا للبطالن يف القواعد العامة ،فإنه يهم تصرفات مسماة،
وليست تصرفات منجزة داخل فرتة معينة ،كما هو احلال بالنسبة للتصرفات القانونية بدون مقابل املنجزة خالل
فرتة الريبة(.)135
وبدورنا منيل اىل الرأي األول ،ونزكيه بأنه إذا كان املشرع يف القواعد العامة مينع إبرام تصرفات بعينها ويرتب عن
خمالفة هذا املنع بطالن التصرف ،فإنه مل مينع على املدين أن جيري يف ماله من تصرفات بدون مقابل ،ما مل تصدر
منه هذه التصرفات بعد أن توقف عن الدفع ،وبالتايل فالعربة بزمن إجراء التصرف ،وليس بالتصرف ذاته للقول
ببطالنه.
ويتضح مما تقدم أن السبب الذي يتأسس عليه بطالن التصرفات القانونية املنجزة بدون مقابل خالل فرتة الريبة،
يتعلق بتخلف أحد أركانه املتمثل يف السبب ،إال أننا جنده ال ينسجم مع ما تقرره القواعد العامة إلثبات صورية
السبب وعدم مشروعية السبب املخفي وبالتايل القول ببطالن التصرف.
وعموما إذا كان واضحا خروج سبب البطالن الوجويب عنما تقرره القواعد العامة ،فإننا نتساءل حول أسباب
البطالن اجلوازي ،هل بدورها تفلت من قبضة القواعد العامة املقررة لإلبطال من حيت أسبابه.
( )136لبنى فريالي ،العقود في إطار مساطر صعوبات املقاولة ،بحث نهاية التمرين ،الفوج ،2.املعهد الوطني للدراسات القضائية ،2111-1...ص 6.
( )137إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 111
( )138أنظر الفصول 1و 1.و 11و 16من ق ل ع.
11
أما البطالن اجلوازي فإنه يشمل مجيع العقود بدون مقابل املربمة خالل الستة أشهر السابقة على تاريخ التوقف
عن الدفع (الفقرة الثانية من املادة 452من م ت)( ،)139وكذلك مجيع العقود مبقابل وكل أداء( )140أو تأسيس
لضمان( )141أو كفالة( ،)142إذا قام به املدين بعد توقفه عن الدفع (املادة 451من م ت)(.)143
وإذا كانت غاية املشرع من تقرير القابلية اإلبطال بالنسبة للتصرفات اليت تقع حتث حمل الفصل 122من ق ل ع
هي محاية مصلحة املتعاقد الذي وقع اإلخالل بالعقد إضرارا به( ،)144ذلك أن قابلية العقد لإلبطال ال ترجع اىل
طبيعة األشياء وال اىل املصلحة العامة مباشرة ،بل ترجع اىل الرغبة يف محاية أحد العاقدين ضد عدم إدراكه أمهية
التصرفات اليت يقدم عليها ،أو محايته من خطر ما وقع فيه من غلط أو وقع عليه من تدليس أو ما خضع له من
إكراه أو غنب ،أي أهنا ترجع يف النهاية اىل محاية مصلحة خاصة بأحد العاقدين ،رأى املشرع أهنا جديرة هبذه
احلماية( .)145فإن املشرع يف ضل املقتضيات املتعلقة بالبطالن اجلوازي عكس القواعد املتعارف عليها فيما يتعلق
بأسباب إقراره لقابلية بعض التصرفات لإلبطال ،حيث إذا كان واضحا ،وكما أشرنا اىل ذلك أن غايته من ذلك
هي محاية املتعاقد الذي كان رضاه غري سليم يف مجيع احلاالت( ،)146فإن املتعاقد الذي تقرر البطالن اجلوازي
ملصلحته إن صح القول (أي املدين) ال ميكن القول بأن إرتضاءه التعاقد كان ناقصا لسبب من األسباب مما
يستدعي محايته ،بل العكس من ذلك ،حبيث أن تصرفاته هاته يف غالب األحيان تنم عن سوء نيته ،وال ميكن
القول حىت بأن سبب ذلك هو سوء نية املتعاقد األخر الذي يعلم بتوقف املدين عن الدفع(.)147
( )139تنص الفقرة الثانية من املادة 6.1من م ت على أنه« :يمكن كذلك للمحكمة أن تبطل العقود بدون مقابل املبرمة في الستة أشهر السابقة لتاريخ التوقف عن
الدفع».
( )140يستثنى من هذا ألاداء ما نصت عليه املادة 6.1من م ت.
( )141جاء في قرار ملحمة النقض عدد « :116لكن حيث إن موضوع الدعوى يهدف في أساسه الى التصريح بإبطال تمديد الرهن الى حدود مبلغ 12.112.111.11
درهما بإعتباره تصرفا تم خالل فترة الريبة التي تخضع للبطالن إلاختياري املنصوص عليه في املادة 6.2من م ت ،...لكن حيث أن املحكمة مصدرة القرار املطعون
فيه لم تعتمد التحليل املنتقد لوحده ،وإنما إعتمدت الى جانبه تعليال أخر جاء فيه( :بأن إدعاء كون مالكة العقار شركة يونيفورم وافقت على تمديد الرهن بموجب
املادة الثانية من عقد التمديد ،وكونها أصبحت كفيلة للدين ألاصلي وكذا لدين شركة سيكوم ال يمكن إلالتفات إليه مأن القيام بهذا التصرف داخل فترة الريبة
يجعله تصرفا باطال) وهو تعليل منتقد »...
-قرار محكمة النقض عدد ،116بتاريخ ،2112-12-12ملف تجاري عدد 2111-1-1-.11منشور بمؤلف عمر أزوكار ،قضاء محكمة النقض ،...م س،
ص 11الى 11
( )142غير أنه إستثناء من ذلك تنص املادة 6.1من م ت عل أنه ال يمكن إبطال الكفاالت أو الضمانات مهما كانت طبيعتها واملؤسسة قبل أو بتزامن مع نشوء
الدين املضمون.
( )143تنص املادة 6.2من م ت على أنه« :يمكن للمحكمة أن تبطل كل عقد بمقابل أو كل أداء أو كل تأسيس لضمان أو كفالة إذا قام به املدين بعد تاريخ التوقف
عن الدفع».
( )144عبد الحق صافي ،دروس في القانون املدني ،م س ،ص ..1
( )145إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص .111
( )146حتى في الحاالت التي يكون فيها مصدر القابلية لإلبطال هي نص القانون نجده مبنية على هذا ألاساس.
أنظر الفصول 11و 1.1و 11.1و 1111من ق ل ع.
( )147جاء في قرار ملحكمة النقض عدد « :11إن املشرع لم يشترط في املادة 6.2املذكورة واملطبقة من طرف املحكمة أي شرط يتعلق بعلم املتعاقد مع املدين
بتوقفه عن الدفع ،ولم يشترط سوء النية من ذلك املتعاقد »...
-قرار محكمة النقض عدد 11صادر بتاريخ ،2111-11-11في امللف عدد 2111-1-1-11.و ،2111-1-1-161أورده عالل فالي ،م س ،ص .111
1.
وبناء عليه فإن املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،مل يكن هاجسه محاية
املصلحة اخلاصة للمتعاقدين حينما قرر البطالن اجلوازي ،بل كان هدفه هو محاية أموال املقاولة أو الضمان العام
أو حقوق الدائنني( ،)148ويف هذا الصدد جاء قرار حملكمة اإلستئناف التجارية مبراكش ما يلي « :حيث إن
المستأنفة شركة ...ال تنازع في كونها إشترت األليات الواردة بمحضر المعاينة ،...وبما أن الشراء وقع
خالل هذه المدة ،أي في فترة الريبة ،فإن المحكمة عندما إعتبرت أن التفويت يدخل ضمن حاالت
اإلبطال الواردة في المادة 582من م ت ...تكون بصنيعها مصادفة للقانون والصواب ،وال يسعف
المستأنف عليها كونها حسنة النية ،ما دام أن الذي يعتبر في هذا الصدد هو أصول المقاولة وحقوق
الدائنين.)149(»...
وقد ذهب القضاء املغريب مبختلف درجاته اىل تعليل إبطال هذه التصرفات بدرء اإلضرار مبصاحل الدائنني
ومساواهتم من كل تواطؤ بني املدين والدائنني ،أو مواجهة هتريب أصول املقاولة ،وهذه املربرات هتدف يف جمملها
اىل محاية مصلحة غري املتعاقد( ،)150وهنا وجه مترد البطالن اجلوازي عن أسباب اإلبطال يف القواعد العامة ،حيث
أن املصلحة ا حملمية يف كال النظامني تنهض سببا إلنفراد قواعد البطالن اجلوازي خبصائص متيزها عن قواعد اإلبطال
يف القواعد العامة(.)151
إال أنه رغم كل ما سبق ذكره قد يرى البعض أن أسباب البطالن اجلوازي ال تشكل خروجا عن القواعد العامة
املتعلقة باإلبطال خاصة وأن مصدره هو نص القانون ،إنسجاما مع الفصل 122من ق ل ع الذي يعترب من
بني حاالت القابلية لإلبطال تنصيص املشرع على ذلك .غري أنه ميكن رد هذا اإلفرتاض من واجهتني:
األوىل تتعلق باملصلحة احملمية كما أشرنا سابقا ،ذلك أنه يف القواعد العامة حىت التصرفات اليت تعترب قابلة
لإلبطال بعينها إستنادا اىل نص يف القانون (مثال الفصول 16و 651و 2151و 2211من ق ل ع) تكون
املصلحة املستهدف محايتها من خالهلا هي مصلحة املتعاقد املتضرر من التصرف ،وهذا عكس ما دهب إليه
املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،إذ يهدف وكما أشرنا كذلك سابقا اىل محاية
الدائنني وأصول املقاولة.
( )148أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض املقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثالث ،م س ،ص .111تأكد من ذلك
( )149قرار محكمة إلاستئناف التجارية بمراكش عدد 1.1بتاريخ ،2111-16-11في امللف عدد 2111-1116
( )150معاد لخيار ،م س ،ص 11
( )151معاد لخيار ،م س ،ص 11
1.
الثانية هي أنه إذا كان بإمكان األطراف إجازة العقد املشوب باإلبطال نظرا لكون ذلك ما تقرر إال حلماية
مصاحلهم اخلاصة ،فإن طبيعة النص الذي يؤطر البطالن اجلوازي هو من صميم النظام العام ال يعتد باملصاحل
اخلاصة الضيقة ويستبعد إرادهتم يف إجازة العقد.
وعموما فإن ما ميكن أن نقره يف األخري هو أن أسباب البطالن اجلوازي إسوة بأسباب البطالن الوجويب شكلت
خروجا واضحا عن ما رمسته القواعد العامة للبطالن واإلبطال من أسبابن وذلك لكون املصلحة احملمية إنتقلت من
نطاقها اخلاص اىل نطاقها العام يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،وهذا جيعلنا نتساءل
هل بتحول املصلحة سوف تتأثر قواعد البطالن واإلبطال ،وما يستتبع ذلك من أثار يف ضل نظام إجراءات
الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة عن ما هو مسلم به يف القواعد العامة؟
المطلب الثاني :شدود قواعد تقرير البطالن الوجوبي والجوازي وأثارهما عن القواعد العامة
للبطالن واإلبطال
ال شك أن خروج البطالن الوجويب واجلوازي عن ما ترسيه القواعد العامة لنظرية البطالن يف ما يتعلق بأسبابه،
سيمتد أيضا اىل قواعد تقريره وأثاره ،إذ سنجد أن البطالن الوجويب واجلوازي وإن كان يساير القواعد العامة يف
قواعد تقريره يف جانب فإنه سيتجاهلها يف جانب أخر (الفقرة األولى) ،كما أن أثار البطالن واإلبطال احملددة يف
القواعد العامة تبدوا غري مالئمة لتوجه مشرع نظام اجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة الذي يهذف اىل
جعل أثار نظام البطالن الوجويب واجلوازي مكرسة لتحقيق غاية إعادة تشكيل الرتكيبة املالية للمقاولة أكثر من
غاية إرجاع املتعاقدين اىل احلالة اليت كانا عليها قبل التعاقد (الفقرة الثانية).
( )152عادل الشاوي ،دعوى إبطال التصرفات املجرات خالل فترة الريبة في ضل نظام صعوبات املقاولة ،مقال منشور بمجلة القضاء التجاري ،عدد ،1سنة
،2111ص 111
11
وهكذا فإنه طبقا للقواعد العامة ،إذا كان العقد باطال لسبب من األسباب ،فهو يعترب غري منعقد أصال وغري
موجود بقوة القانون ،ولذلك فهو ال حيتاج اىل إختاد أي إجراء( ،)153إال أنه رغم تنصيص املادة 452من م ت
يف فقرهتا األوىل على أنه« :يعتبر باطال »...فذلك ال يعين أن البطالن يكون يف هذه احلالة بشكل اّيل أو
تلقائي ،بل يتعني أن تصرح هبذا البطالن احملكمة التجارية املفتوحة أمامها املسطرة ،واليت تكون ملزمة بالتصريح
بذلك كلما تبني أن العقد املعين باألمر قد مت من طرف املدين بدون مقابل بعد تاريخ التوقف عن دفع الديون
املستحقة(.)154
كما أنه إذا كان العقد باطال فمن حق كل ذي مصلحة التمسك ببطالنه ،سواء كان ذو املصلحة هو الشخص
الذي تعلق به سبب البطالن أو أي شخص أخر له مصلحة يف ذلك ،وسواء كان أحد املتعاقدين أو كان أجنبيا،
كما ميكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها( ،)155وإذا كان القاضي ال يقضي بإبطال العقد إال بطلب
من املتعاقد الذي يقرر اإلبطال لصاحله ،وال جيوز له تقريره من تلقاء نفسه ،وال أن يقضي به بناء على طلب من
شخص أخر ،ألن اإلبطال ما قرر إال ملصلحة خاصة ،هي مصلحة املتعاقد الذي وقع اإلخالل بالعقد إضرارا
به( .)156فإنه وخالفا ملا متليه القواعد العامة فإن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ال يعرتف
بصفة كل هؤالء يف ممارسة دعوى البطالن سواء الوجويب أو اجلوازي ،حيث نصت املادة 451من م ت على
أنه« :يمارس السنديك دعوى البطالن ،»...وهكذا ال ميكن أن متارس دعوى إبطال التصرفات اجملرات خالل
فرتة الريبة من طرف الدائنني فرادى أو مجاعة وال من املدين وال من الطرف املتعاقد معه أو املتصرف إليه وال من
ممثلي األجراء وال من النيابة العامة ،كما ال ميكن للمحكمة التجارية املفتوحة أمامها املسطرة أن تصرح من تلقاء
نفسها هبذا البطالن الوجويب أو اجلوازي( .)157ويف هذا الصدد ميكن أن نشري أنه إذا كان اإلبطال مقررا ملصلحة
املتعاقد الذي وقع اإلخالل بالعقد إضرارا به فإن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تشد
عن هذا املنطق ،إذ أن البطالن اجلوازي الذي ميكن القول مبقابلته لنظام اإلبطال مبين أساسا على املساس بأصول
املقاولة وحبقوق الدائنني ،وإذا كان ميكن إعتبار أن أصول املقاولة هي جتسيد لذمة املدين كمتعاقد ،فإن املساس
الذي طاهلا مل يكن صادرا من املتعاقد األخر ،بل من املدين نفسه ،وبالتايل فاملتضرر يف هذه احلالة مبنطق القواعد
العامة هو املتعاقد األخر.
( )153عبد الحق الصافي ،دروس في القانون املدني ،م س ،ص .1
( )154امحمد لفروجي ،التوقف عن الدفع في قانون صعوبات املقاولة ،م س ،ص 126
( )155عبد الحق صافي ،دروس في القانون املدني ،م س ،ص .1
( )156عبد الحق صافي ،دروس في القانون املدني ،م س ،ص .1
( )157عادل الشاوي ،م س ،ص 122
11
وإنطالقا من ذات اإلشكالية اليت ستربز حدهتا أكثر عند حتديد أطراف دعوى البطالن يف إطار نظام إجراءات
الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،فإن السنديك يتعني عليه توجيه الدعوى املذكورة ضد املتعاقد أو املستفيد
من التصرف الذي قام به املدين خالل فرتة الريبة ،وهذا ما أكدته احملكمة التجارية مبكناس ،عندما قضت يف
حكم هلا بتاريخ 24فرباير 1114بأنه« :حقا حيث أنه كما تمسك بذلك دفاع المدعى عليها ...فإن
دعوى إبطال عقد أبرم خالل فترة الريبة يتعين تقديمها في مواجهة الطرف المتعاقد مع المقاولة موضوع
مسطرة المعالجة وليس ضد المقاولة ما دام أن الطرف األخر المتعاقد هو من قد تتضرر مصالحه من جراء
هذا الفسخ .)158(»...
يظهر جليا من مضمون هذا احلكم أن نظام بطالن التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة بلغ تناقضه مع القواعد
العامة املقررة للبطالن واإلبطال حد الالمعقول والالمنطقي ،فكيف يعقل أن توجه الدعوى ضد املتعاقد مع املدين
إلبطال التصرف دون إعتبار حلسن نيته أو سوئها.
ومن زاوية أخرى وخبصوص أجل رفع دعوى بطالن التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة فإن املشرع املغريب مل حيدد
أي أجل معني جيب على السنديك القيام داخله برفع الدعوى( ،)159خالفا للقواعد العامة اليت حددت لدعوى
اإلبطال( )160من خالل الفصلني 122و 126من ق ل ع( )161أجال يرتاوح بني سنة و 21سنة ،وهذا ما
جعل جانب من الفقه( )162يذهب اىل إمكانية تبين احللول املقرتحة من طرف الفقه الفرنسي يف هذا اإلطار،
حبيث تبقى دعوى البطالن قائمة ببقاء السنديك –الذي له وحده حق ممارستها -يف مهمته واليت ال تنتهي إال
بقفل املسطرة(.)163
( )158حكم املحكمة التجارية بمكناس عدد ،111ملف تجاري عدد 1-11-.1.صادر بتاريخ 16فبراير 2116
-أورده عادل الشاوي ،م س ،ص 121
ن
( )159امحمد لفروجي ،التوقف عن الدفع في قانو صعوبات املقاولة ،م س ،ص 121
( )160إذا كان املشرع حدد صراحة لدعوى إلابطال أجل يسقط الحق في ممارستها إذا لم تتم داخله ،فإن دعوى البطالن لم يحدد لها أي أجل ،مما جعل الفقه
ينقسم الى إتجاهين ،إتجاه يرى أن دعوى البطالن ال تتقادم ،وإتجاه يقرر لها أجل تقادم إلالتزامات بصفة عامة املتمثل في 11سنة.
لذلك إرتأينا أن نقتصر في هذه املقارنة على أجل تقادم دعوى إلابطال.
( )161جاء في الفصل 111من ق ل ع أنه ...« :وتتقادم هذه الدعوى بسنة في كل الحاالت التي ال يحدد فيها القانو أجال مخالفا .وال يكو لهذا التقادم محل إال بين
ن ن
من كانوا أطرافا في العقد».
ى ن
وجاء أيضا في الفصل 111من نفس القانو « :تنقض ي دعو إلابطال بالتقادم في جميع الحاالت بمرور خمس عشرة سنة من تاريخ العقد».
( )162أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية ،...الجزء الثالث ،م س ،ص 162و161
( )163وإن كانت املحاكم التجارية باملغرب لم تتقيد في ذلك بأي أجل ،ولعل ذلك ما يستشف من حكم للمحكمة التجارية بمكناس والذي جاء فيه« :وحيث أن
املشرع في إطار تنظيمه لهاته الدعوى لم يحدد أي أجل ملمارسة دعوى البطالن وترك ألامر مفتوحا أمام السنديك ملمارسة الدعوى دون أن يقيده بأجل ،وحيث أن
أجال السقوط أوالتقادم يجب أن يرد نص صريح بها وال يمكن إستنتاجها أو القياس على مقتضيات أخرى».
-حكم املحكمة التجارية بمكناس عدد ،111أورده عادل الشاوي ،م س ،ص 12.
12
غري أن املالحظ يف هذا اإلطار هو أن املدة اليت تستغرقها املسطرة ختتلف بإختالف احلل املختار ،وبالتايل يف
حالة إختيار احملكمة ملخطط التفويت ،فإن مهمة السنديك تستمر اىل غاية تسديد الثمن وتوزيعه على الدائنني
تطبيقا للمادة 411من م ت .وإذا علمنا أن املشرع املغريب مل حيدد أجل معني يتعني فيه على املفوت إليه أداء
الثمن ،أدركنا أن هذه املسطرة وبالتايل مهمة السنديك ميكن أن تستمر مدة طويلة ختتلف بإختالف حجم املقاولة
املفوتة وقدرة املفوت إليه على السداد ،مما يعين أن السنديك ميكنه طيلة هذه املدة ممارسة دعوى البطالن الوجويب
واجلوازي ما دامت مهمته مل تنتهي بعد ،األمر الذي من شأنه أن جيعل العديد من التصرفات معلقة ملدة طويلة
دون البث يف صحتها أو بطالهنا مما ينعكس ال حمالة على إستقرار املعامالت( )164وهو ما يتحقق وفلسفة املشرع
من إقرار أجال لدعوى اإلبطال.
نافل القول أن مسطرة تقرير البطالن واإلبطال عرفت يف ظل قواعد البطالن الوجويب واجلوازي تراجعا مهوال سواء
فيما يتعلق بصاحب املصلحة يف رفعها أو أجل رفعها ،وقبل ذلك حاجة احملكمة اىل ضرورة إقرار البطالن الوجويب
خالفا للبطالن الذي يقع كمبدأ بقوة القانون.
وكل ما تقدم جيعلنا نتساءل حول أثار البطالن واإلبطال هل بدورها تأثرت بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة
من صعوبات املقاولة؟
غري أنه ينبغي أن نشري يف البداية اىل مالحظة أساسية هي أن العقد بدون مقابل الذي تقرر بطالنه إستنادا اىل
املادة 452من م ت يف فقرهتا األوىل ،كان عقدا صحيحا منتجا لكافة أثاره ،حيث أنه لو مل يتم فتح املسطرة يف
مواجهة املدين ملا كان ألي كان أن يقول بأنه عقد باطل ،وبالتايل فالبطالن يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية
واملعاجلة من صعوبات املقاولة ليس بطالنا باملعىن الدقيق للكلمة.
ومن بني املالحظات األساسية كذلك ،يالحظ أنه إذا كان العقد القابل لإلبطال ال يصري حتما اىل زواله بل يضل
قائما وينتج كل أثاره ،كل ما يف األمر أنه حيمل بني طياته جرتومة فساده( ،)166وهذه اجلرتومة ميكن عالجها
وإذا كانت القاعدة تنص أن املتعاقدين يرجعان اىل احلالة اليت كانا عليها قبل التعاقد ،إذا كان العقد قد مت البدء يف
تنفيذه ،وكان ذلك ممكنا ،ويف ذلك ينص الفصل 114من ق ل ع على أنه« :اإللتزام الباطل بقوة القانون ال
يمكن أن ينتج أي أثر ،إال إسترداد ما دفع بغير حق تنفذا له ،»...ويؤكد على ذلك الفصل 124من نفس
القانون بالنسبة لإلبطال والذي جاء فيه« :يترتب على إبطال اإللتزام وجوب إعادة المتعاقدين الى نفس ومثل
الحالة التي كانا عليها وقت نشأته ،والتزام كل منهما بأن يرد لألخر كل ما أخده منه بمقتضى أو نتيجة
العقد الذي تقرر إبطاله .»...
فإن هذه القاعدة تصطدم مبؤسسة تؤطرها قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،ويتعلق
األمر مبسطرة التصريح بالديون ،فاملتعاقد الذي تقرر بطالن العقد الذي كان يربطه باملدين( ،)167ويف ضل غياب
نص صريح حيدد كيفية إسرتجاع ما دفعه املتعاقد املتعاقد مع املدين تنفيذا للعقد الذي تقرر بطالنه ،فإنه ال يسعنا
سوى القول بأن ما هو مستحق له إذا كان مبلغ من املال يعترب يف ضل قواعد هذا النظام دينا يف ذمة املدين،
وبالتايل يتعني عليه أن يقوم بالتصريح به لكي يتسىن له إسرتجاعه وذلك حتت طائلة السقوط ،وهو ما يتعارض
مع حقه يف اإلسرتجاع الفوري لتلك املبالغ.
وأمام هذا الواقع نصطدم جمددا بغياب نص حيدد أجل ممارسة دعوى البطالن من طرف السنديك ،وهو ما قد
يرتتب عنه أن ال يتم إبطال العقد إال بعد إنتهاء كل أجاالت التصريح بالديون اليت حددها املشرع يف املادة 451
من م ت( .)168بل أكثر من ذلك قد جيد أيضا هذا املتعاقد الذي أصبح دائنا يف ضل هذا النظام باملبالغ اليت
ومن زاوية أخرى إذا كان البطالن يف إطار القواعد العامة ناجتا عن خلل يف تكوين العقد ،وبذلك ميكن لعناصر
العقد السليمة أن ترتب أثارا يصفها الفقه بالعرضية ،من ذلك ما نص عليه الفصل 115من ق ل ع الذي جاء
فيه« :بطالن جزء من اإللتزام يبطل اإللتزام في مجموعه ،إال إذا أمكن لهذا اإللتزام أن يبقى قائما بدون
هذا الجزء الذي لحقه البطالن .وفي هذه الحالة األخيرة يبقى اإللتزام قائما بإعتباره عقدا متميزا عن العقد
األصلي ،».وهو ما يسمى بنظرية إنتقاص العقد ،وكذلك ما جاء يف الفصل 111من نفس القانون ،والذي
ينص على أنه« :إذا أبطل اإللتزام بإعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به إلتزام أخر جرت عليه
القواعد المقررة لهذا اإللتزام األخر ،».وهو ما يعرف بنظرية حتول العقد ،فإن بطالن التصرفات املنجزة خالل
فرتة الريبة مؤسس على أسباب خارجة عن نطاق مكونات العقد ،لذلك ال ميكنه إنتاج أية أثار عرضية ،بل إن
العقد قد ينشأ صحيحا خالل فرتة الريبة ،وبعد ذلك يلحقه البطالن.
وبالنسبة للغري فيسري عليه ما يسري على أطراف العقد الباطل حىت ولو كان حسن النية ،ذلك أن طبيعة اجلزاء
املرتتب على التصرفات املنجزة خالل فرتة الريبة –البطالن الوجويب والبطالن اجلوازي -جيعل من سوء النية مفرتض
حىت يف هذا الغري ،يف حني أن القواعد العامة للبطالن تأخد يف احلسبان حسن نية الغري ،وميكنها أن تنهض سببا
إلنتاج العقد الباطل أثارا جتاهه( ،)170حبيث جاء يف الفصل 124من ق ل ع أنه ...« :وتطبق بشأن الحقوق
المكتسبة على وجه صحيح للغير حسني النية األحكام الخاصة المقررة لمختلف العقود المسماة ،».وقد
أدرج قانون اإللتزامات والعقود جمموعة من التطبيقات لذلك(.)171
ختاما ميكن القول أن أثار البطالن الوجويب واجلوازي إتضح أهنا تأثرت بدورها بفلسفة املشرع من خالل إقرار هذا
النظام ،ذلك أن املشرع يف ضل قواعد هذا النظام مل يسعى اىل إرجاع املتعاقدين اىل احلالة اليت كانا عليها قبل
( )169تنص املادة 6.1من م ت على أنه« :حينما ال يتم القيام بالتصريح داخل آلاجال املحددة في املادة ،6.1ال يقبل الدائنون في التوزيعات واملبالغ التي لم توزع إال
إذا رفع القاض ي املنتدب عنهم هذا السقوط عندما يثبتون أن سبب عدم التصريح ال يعود إليهم .وفي هذه الحالة ،ال يمكنهم املشاركة إال في تقسيم التوزيعات املوالية
لتاريخ طلبهم.
ال يواجه بالسقوط الدائنون الذين لم يشعروا شخصيا خرقا ملقتضيات املادة .6.6
ال يمكن ممارسة دعوى رفع السقوط إال داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ صدور مقرر فتح املسطرة.
تنقض ي الديون التي لم يصرح بها ولم تكن موضوع دعوى رامية إلى رفع السقوط».
( )170معاد لخيار ،م س ،ص 11
( )171من ذلك ما جاء في الفصل 11.1من ق ل ع الذي ينص على أنه« :الدائن الذي يتسلم بحسن نية ،على سبيل الرهن الحيازي شيئا منقوال ممن ال يملكه
يكسب حق الرهن ،ما لم يكن ألامر متعلقا بش يء ضائع أو مسروق قابل لالسترداد ضمن الشروط املنصوص عليها في الفصل 116مكرر».
11
التعاقد أكثر من سعيه اىل إعادة الرتكيبة املالة للمقاولة ،ولو على حساب حق املتعاقد يف إسرتداد ما دفعه تنفيذا
للعقد ،أو على حساب الغري الذي قد يكسب حقوقا عن حسن نية من خالل التصرفات اليت تقرر بطالهنا.
كما أن كل ما ميكن قوله بعد إنتهائنا من هذا الفصل األول أن القواعد العامة املتحكمة يف تكوين العقد وحتديد
مصريه إنقلبت موازهنا بفعل فلسفة املشرع اليت جاء هبا يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات
املقاولة واليت تسجد رغبته يف التضحية بكل ما من شأنه أن يعيق إنقاد املقاولة املتعثرة ولو كان ذلك على حساب
فلسفة أخرى جتسدها القواعد العامة واليت يشكل مبدأ سلطان اإلرادة احملرك األساسي هلا ،والذي بدوره ينتج عنه
ثالث نتائج أساسي ،هي احلرية التعاقدية والقوة امللزمة للعقد ونسبية أثار العقد.
وأمام هذا الواقع نتساءل هل إمتدت أزمة القواعد العامة يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات
املقاولة اىل القواعد املرتبطة بأثار العقد؟
16
الفصل الثاني :أزمة القواعد العامة المرتبطة بأثار العقد
إن اهلدف من إنشاء العقود هو تنفيذها عن طريق إعمال أثارها .من مث يشكل هذا التنفيذ إمتدادا طبيعيا لتطابق
إراديت العاقدين( ،)172جاء هبذا اخلصوص ضمن الفصل 111من ق ل ع« :اإللتزامات التعاقدية المنشأة
على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ،وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في
الحاالت المنصوص عليها في القانون».
ويرتب العقد الصحيح املستجمع لكافة أركان إنعقاده مجيع أثاره اليت قصدها املتعاقدان ،أي أن له قوة ملزمة
ألطرافه.
-من جهة األشخاص ،حيث ال يسري العقد إال بالنسبة للمتعاقدين وخلفهما العام واخلاص ،وال ينفذ يف
وجه الغري إال على سبيل اإلستثناء.
-ومن جهة املوضوع ،حيث ال يتقيد أطراف العقد إال باإللتزامات الواردة فيه(.)173
وإذا ثبتت القوة امللزمة للعقد ،بالنسبة للشخص ،بعد حتديد مضمونه ،فإن هذا الشخص يلتزم بتنفيذ ما يقع عليه
من واجبات مبقتضى العقد ،وإخالله بإلتزاماته العقدية جيعله مسؤوال أمام أصحاب احلق فيها ،مسؤولية عقدية،
أي أساسها العقد ،فيتعرض لذلك إللزامه بالتنفيذ أو بالتعويض أو تطبيق اجلزاءات األخرى ،كالفسخ أو غريه من
اجلزاءات اخلاصة بالعقود امللزمة للجانبني(.)174
وإذا كان نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يهدف اىل ضمان إستمرارية احلياة اإلقتصادية
للمقاولة وضمان فعاليتها ،حفاظا على املزايا اليت توفرها ،فإنه كان لزاما أن متتد أثار هذا التوجه القانوين احلديث
اىل العالقات التعاقدية ،وذلك لتحقيق األهذاف اليت سطرها املشرع هلذا النظام ،إذ ال ميكن تصور بقاء املقاولة
إذا مل تستمر العقود(.)175
( )172عبد الحق صافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول :املصدر إلارادي لإللتزامات (العقد) ،الكثاب الثاني :أثار العقد ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة
ألاولى ،2111ص 1
( )173عبد الحق صافي ،دروس في القانون املدني ،م س ،ص 111
( )174إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 1.1
( )175عمر السكتاني ،م س ،ص 11
11
وإمتداد قواعد هذا النظام اىل العالقات التعاقدية سيكون له طابع مؤثر على نطاق قوهتا امللزمة ،ذلك أن هذا
النظام جاء بقواعد أدت اىل جتاوز أثار العقد ألطرافه بشكل ال ينسجم حىت مع اإلستثناءات اليت جاءت هبا
القواعد العامة ،بل أكثر من ذلك سيمتد تأثري قواعد هذا النظام اىل تعطيل مفعول القوة امللزمة للعقد على
مستوى اإللتزامات املتولدة عنه وأيضا جتاوز إرادة األطرف يف التحكم يف مدة تلك اإللتزامات التعاقدية (المبحث
األول).
وإذا كانت القوة امللزمة للعقد تربز أمهيتها بشكل كبري عندما خيل أحد طريف العالقة التعاقدية بتنفيذ إلتزامه ،من
خالل إجباره على التنفيذ أو فسخ العقد وترتيب مسؤوليته التعاقدية يف مجيع احلاالت ،فإن قواعد نظام إجراءات
الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تأىب أن تستجيب جلزاء القوة امللزم للعقد ،إذ جندها تفرض على املتعاقد مع
املقاولة املدينة جمموعة من القيود اليت حترمه من حقه يف املطالبة برتتيب جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد على املقاولة
املدينة (المبحث الثاني).
1.
المبحث األول :تجليات األزمة على مستوى نطاق القوة الملزمة للعقد
القاعدة أن العقد يلزم طرفيه بكل ما جييء فيه .فهو يتضمن قوة حتتم على طرفيه الرضوخ واإلذعان له يف كل ما
حيتويه ،وبعبارة أخرى هو يتضمن قوة ملزمة لعاقديه بإحرتامه ،بالنسبة اىل كل أحكامه ،فهو بالنسبة إليهما ،ويف
حدود تنظيم العالقات اليت حيكمها كالقانون .فال يستطيع أحدمها أن يستقل بنقضه وال بتعديله ،مامل يصرح له
القانون بذلك .ويف ذلك نص الفصل 111من ق ل ع بأن« :اإللتزامات التعاقدية المنشأة على وجه
صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ،وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت
المنصوص عليها في القانون».
فالقاعدة إذن أن العقد شريعة املتعاقدين .وقد عرب املشرع الفرنسي عن ذلك بنصه يف املادة 2216من القانون
املدين الفرنسي على أن« :اإلتفاقات التي تمت على وجه شرعي تقوم مقام القانون بالنسبة الى عاقديها».
وهكذا يلتزم املتعاقد بتنفيذ العقد وفقا ملضمونه ،وهذا هو مقتضى القاعدة العامة اليت تقضي بأن العقد شريعة
املتعاقدين(.)176
إال أنه يبدو جليا أن نطاق القوة امللزمة للعقد وكما هي حمددة يف القواعد العامة تأثرت مبنطق قواعد نظام
إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،إذ جند أن أثار العقد جتاوزت أطرافه سواء من حيث تدخل الغري
يف العقد ،أو من حيث إمتداد أثار هذا العقد اىل غري أطرافه (المطلب األول) ،وجند أيضا أن قواعد هذا النظام
أبطلت مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة عنه (المطلب الثاني) مت يف األخري ،نقول أنه
إذا كانت القواعد العامة ختول بنصيب كبري ووافر إلرادة األطراف التحكم يف مدة إلتزاماهتم التعاقدية ،فإن قواعد
هذا النظام جتاوزت تلك اإلرادة ومل تعرها أي إهتمام (المطلب الثالث).
ويعترب السنديك حبكم الصالحيات والسلطات املسندة إليه كأحد أجهزة املسطرة ،ممثال قانونيا للمقاولة اخلاضعة
ملساطر املعاجلة ،ووكيال عن الدائنني( ،)178ولعل سلطة إبرام العقود الضرورية إلستمرارية نشاط املقاولة من بني
السلط اليت قد متنح له بصدد توليه مهامه إستنادا اىل املادة 114من م ت(.)179
وإذا كانت القواعد العامة تعرتف بأن حتديد صفة الطرف يف العقد ال يتوقف على التنفيذ املادي لإللتزامات
التعاقدية من قبل املتعاقد شخصيا ،ألن هذه الصفة تتحدد عند تكوين العقد ،بل إن تنفيذه ميكن أن يوكل
لشخص أخر ليس طرفا يف العقد( .)180فإن هذا هو ما ميكن أن جنده ولو ظاهريا يف سلطة السنديك يف املطالبة
بتنفيذ العقود اجلارية( ،)181ذلك أن سلطة املطالبة مبواصلة العقود اجلارية أو التخلي عنها ترجع حسب الفقرة
األوىل من املادة 111من م ت( )182إليه وحده ،أي أن حق اإلختيار هو حكر على السنديك وحده( ،)183وإن
كانت هذه السلطة املمنوحة له للنيابة عن املدين كمتعاقد يف مرحلة تنفيذ العقد ال ترجع اىل إرادة املدين ،بل اىل
إرادة املشرع مما جيعلها تتخد شكل نيابة قانونية اىل حد ما(.)184
فبالرجوع اىل مستهل املادة 111من م ت جندها تنص على أنه« :بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ
العقود الجارية ،»...وهذه السلطة ميتلكها حىت يف احلالة اليت يقتصر فيها حكم فتح املسطرة على حتديد مهمته
يف مراقبة تسيري املقاولة ،ونفهم من ذلك أنه ال املدين املفتوحة يف مواجهته املسطرة وال املتعاقد معه ميلكان سلطة
املطالبة بتنفيذ العقد ،ولتتضح الصورة أكثر نورد تتمة الفقرة األوىل من ذات املادة واليت تنص على أنه... « :
ويفسخ العقد بعد توجيه إندار الى السنديك يضل دون جواب لمدة تفوق شهرا ».ويستفاد منها أن التخلي
عن العقد يرجع أيضا اىل إرادة السنديك اليت يعرب عنها صراحة أو ضمنا.
وبالتايل يفهم مما سبق ذكره أن العقد مل يعد ملكا ال للمدين وال للمتعاقد معه خالفا ملا تقره القواعد العامة،
حبيث ينص الفصل 111من ق ل ع يف هذا الصدد على أنه« :اإللتزامات التعاقدية المنشأة على وجه
صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ،وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا ،»...إال أنه يبدوا يف ضل
املادة 111من م ت أن السنديك هو من ميلك مفاتيح العقود.
وإ ذا كان باإلمكان أن نقول أن طبيعة تدخل السنديك يف حتديد مصري العقد من زاوية املدين قد ال يؤثر يف
القواعد العامة على أساس أن السنديك ال يلزم املدين بأكثر مما تعاقد عليه مع املتعاقد األخر ،وبالتايل فالقول بأن
تدخل السنديك يشكل خروجا عن مبدأ كفاية سلطة العقد يف إلزام أطرافه مبا حيتويه أمر غري وارد من هذه الزاوية،
ما دام أن مواصلة تنفيذ العقد الذي خيتاره السنديك هو يف صاحل املدين ،بل أكثر من ذلك فهو جيعله غري
مطالب بتنفيذ ما إلتزم به وإستحق قبل احلكم بفتح املسطرة ،وذلك حتث طائلة الدفع بعدم التنفيذ من طرف
املتعاقد معه (أي مع املدين)( ،)186وهو ما يزكي فرضية كون السنديك إمنا يستعمل حق اإلختيار بالنيابة عن
( )185تنص املادة 111من م ت على أنه« :بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة.
ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب ملدة تفوق شهرا.
يجب على املتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح املسطرة .وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه إلالتزامات سوى منح الدائنين حق
التصريح بها في قائمة الخصوم.
عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد ،يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن ألاضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم .غير أنه يمكن للطرف آلاخر تأجيل
إرجاع املبالغ الزائدة التي دفعتها املقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن ألاضرار.
ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد ،على الرغم من أي مقتض ى قانوني أو شرط تعاقدي».
( )186فكل ما هنالك أن عدم الوفاء باإللتزامات املترتبة على املقاولة املدينة يعطي الحق للمتعاقد املعني بامأمر أن يصرح بمبلغ هذه إلالتزامات ضمن قائمة خصوم
املقاولة ،ويتم التصريح بالديون في هذه الحالة وفقا مأحكام الفقرة الثانية من املادة 6.1من م ت.
-امحمد لفروجي ،مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،مقال منشور بمؤلف مساطر صعوبات املقاولة بين القانون
والعمل القضائي ،سلسلة القانون واملمارسة القضائية ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،دون ذكر الطبعة ،ص 11
11
املدين ،إال أنه سرعان ما تنهار هذه الفرضية إذا علمنا أنه يف احلالة اليت خيتار فيها السنديك عدم مواصلة العقد،
ميكن أن يؤدي ذلك اىل دعوى للتعويض عن األضرار اليت حلقت باملتعاقد مع املقاولة ،ألن فتح مسطرة التسوية
القضائية يعترب أمرا لصيقا بظروف املقاولة املعنية باألمر ،مما ال جيعل منه سببا إلعفاء هذه املقاولة من مسؤوليتها
التعاقدية الناجتة عن توقفها عن تنفيذ العقد( ،)187وهو األمر الذي قد ال حيبذه املدين.
أما إذا نظرنا اىل األمر من زاوية املتعاقد مع املدين ،وربطنا الفقرة الثانية من املادة 111من م ت اليت تنص على
أنه« :يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة .وال
يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة الخصوم ».مع ما قلناه
عن الفقرة األوىل من ذات املادة نتوصل اىل نتيجة مفادها أن السنديك عندما خيتار مواصلة تنفيذ العقد ،ال ميكن
للمتعاقد مع املقاولة أن حيتج يف مواجهة السنديك بواقعة عدم وفاء املقاولة املدينة بإلتزاماهتا املستحقة قبل تاريخ
فتح مسطرة التسوية القضائية(.)188
وإذا كان ذلك يظهر ضربا واضحا ملبدأ الدفع بعدم التنفيذ املنصوص عليه يف الفصل 111من ق ل ع(،)189
فإنه يظهر أيضا مساسا مببدأ نسبية أثار العقد من حيث أطرافه ،فالسنديك ليس طرفا يف العقد ،وال ميكن اجلزم
يف ضل ما مر معنا بأنه ينوب عن املدين نيابة قانونية باملعىن املتعارف عليه يف القواعد العامة ،ورغم ذلك فهو يلزم
املتعاقد مع املدين بالوفاء بعقد كان بإمكانه (أي املتعاقد مع املقاولة) أن يتخلص منه نظرا لعدم وفاء املدين
بإلتزامه.
ومن كل ما تقدم يظهر جليا أن تدخل السنديك يف حتديد مصري العقد أبطل مفعول مبدأ نسبية أثار العقد من
حيث سلطة أطرافه عليه (أي على العقد) ،إذ أصبح هو املتحكم يف أثار هذا العقد وليس أطرافه .ويعترب املتعاقد
مع املقاولة املدينة األكثر تضررا من هذا التدخل.
ومبدأ نسبية أثار العقد من حيث أشخاصه سيعرف تراجعا واضحا أيضا يف إطار إتفاق التسوية الودية وخمطط
اإلستمرارية ،وهو ما سنقف عليه يف الفقرة املوالية.
( )187امحمد لفروجي ،مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،م س ،ص 21
( )188محمد العروص ي ،مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية (دراسة مقارنة) ،مكتبة دار السالم-الرباط ،الطبعة ألاولى ،2111ص
1..
( )189ينص الفصل 211من ق ل ع على أنه« :في العقود امللزمة للطرفين ،يجوز لكل متعاقد منهما أن يمتنع عن أداء التزامه ،إلى أن يؤدي املتعاقد آلاخر التزامه
املقابل ،وذلك ما لم يكن أحدهما ملتزما ،حسب إلاتفاق أو العرف ،بأن ينفذ نصيبه من إلالتزام أوال.
عندما يكون التنفيذ واجبا لصالح عدة أشخاص يجوز للمدين أن يمتنع من أداء ما يجب مأي واحد منهم إلى أن يقع ألاداء الكامل ملا يستحقه من التزام مقابل».
12
الفقرة الثانية :تجاوز أثار إتفاق التسوية الودية ومخطط اإلستمرارية ألطرافه
بعد أن وقفنا يف الفصل األول عند إمكانية القول بالطبيعة التعاقدية لكل من اإلتفاق الودي وخمطط التسوية مبا
يتضمنه من خمطط للتفويت وخمطط لإلستمرارية الذي يهمنا يف هذا اإلطار ،فإن هذه الطبيعة تتطلب بالرجوع اىل
القواعد العامة املؤطرة لإللتزامات التعاقدية أن حترتم جمموعة من املبادئ ،ولعل من بني هذه املبادئ مبدأ نسيبة
أثار العقد ،فاألصل يف العقد أنه ال ينشئ عالقة إلتزام إال بني الطرفني اللذين تراضيا على إبرامه( ،)190فال ينشئ
يف ذمة الغري إلتزاما وال يكسبه حقا( ،)191وهذا ما جيري التعبري عنه عادة بنسبية أثار العقد من حيث
أشخاصه(.)192
وإستثناء ،وإلعتبارات تتعلق مبوجبات العدالة أو إستقرار التعامل قد تنصرف أثار العقد اىل الغري يف حاالت خاصة
يقررها القانون( ،)193إال أن ما يالحظ بصدد دراسة هذه احلاالت ،هو أهنا وإن كانت تشكل إستثناء على مبدأ
نسبية أثار العقد ،إال أهنا هتم فقط احلالة اليت ترتب حقوقا للغري ،كاإلشرتاط ملصلحة الغري( ،)194أو حتمله
إلتزامات بعد إقراره للعقد ،كما هو احلال يف التعهد عن الغري(.)195
واإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية جندمها ال ميتثالن ال للمبدأ املذكور ،وال لإلستثناءات الواردة عليه ،فبخصوص
اإلتفاق الودي فإذا كان املشرع جنده من خالل مقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة
املتعلقة بالتسوية الودية مييز بني فئتني من الدائنني ،فئة الدائنني الرئيسني الذين تبلغ ديوهنم درجة من األمهية حبيث
تؤثر على التوازن املايل واإلقتصادي للمقاولة يف حال عدم إعادة جدولتها ومنح ختفيضات بشأهنا ،وفئة الدائنني
غري الرئيسني أو الثانويني الذين ال تبلغ ديوهنم من الضخامة واألمهية ما قد يؤدي اىل اإلخالل بتوازنات املقاولة
وبنشاطها( ،)196حبيث ميكن اإلقتصار على الدائنني الرئيسني يف إبرام اإلتفاق الودي ،وحبيث يشكل هؤالء احلد
األدىن املسموح به إلبرام هذا اإلتفاق ،فإن ذلك ال يعين أن باقي الدائنني ما داموا مل يرتضوا الدخول يف هذا
( )190إال أنه ال يقصد بطرفي العقد ،العاقدان وحدهما ،بل يمكن أن يعتبر كالطرفين ،من حيث إنصراف أثار العقد ،من يعتبرون خلفا لهما ،سواء أكان خلفا عاما
أو خلفا خاصا.
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 611
( )191محمد املهدي ،الوجيز في نظرية العقد ،في ضوء القانون املدني املغربي ،مطبعة أنفو-برانت ،فاس ،الطبعة ألاولى ،2111ص 121
( )192إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 611
( )193عبد الحق صافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب الثاني ،م س ،ص 11
( )194راجع بهذا الخصوص:
-عبد الحق صافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب الثاني ،م س ،ص 11الى 61
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 612الى 6.1
( )195راجع بهذا الخصوص:
-عبد الحق صافي ،القانون املدني ،الجزء ألاول ،الكتاب الثاني ،م س ،ص 61الى 11
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 666الى 612
( )196صليحة حاجي ،م س ،ص 211و211
11
اإلتفاق أو أنه مل تتم إستشارهتم من قبل املصاحل ال ميكن أن تنصرف إليهم أثار هذا اإلتفاق تأسيسا على الفصل
115من ق ل ع الذي ينص على أنه« :اإللتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد ،فهي ال تضر الغير
وال تنفعهم ،»...بل جاءت املادة 114من م ت خمالفة ومستبعدة ملبدأ نسبية أثار العقد من حيث أشخاصه
من خالل تنصيصها على أنه بإمكان رئيس احملكمة يف احلالة اليت يربم فيها اإلتفاق الودي مع الدائنني الرئيسني
فقط ،أن مينح للمدين أجال األداء الواردة بالنصوص اجلاري هبا العمل فيما خيص الديون اليت مل يشملها
اإلتفاق( ،)197ونرى أن يف ذلك ضرب للمبدأ املشار له.
أما خبصوص خمطط اإلستمرارية ،وعلى إعتبار أنه يتسم أيضا بالطابع التعاقدي وإن كان يف حدود دنيا ،من
خالل بداية مراحل إعداده بإستشارة الدائنني اليت تبدوا يف ظاهرها ذات طابع تعاقدي ملنحها حرية للدائنني يف
التنازل عن األجال املضمنة يف عقودهم( ،)198وكذا التخفيض من قيمة ما هلم من ديون على املدين ،وحيث أنه
من املعلوم أن الدائنني غري ملزمني مبنح املقاولة أجال إضافية لألداء أو ختفيضات عن األداء( ،)199وبالتايل ميكن
أن نتصور عدم موافقة بعض الدائنني أثناء إستشارهتم فرديا أو مجاعيا على األجال اجلديدة لديوهنم واملقرتحة من
طرف السنديك ،فإن هؤالء الدائنني هم من مساهم املشرع «باقي الدائنين» من خالل الفقرة الثانية من املادة
115من م ت( )200وأخضعهم لقاعدة فرض أجال موحدة لألداء بصرف النظر عن نوعية ديوهنم(.)201
ومفاد هذه القاعدة أن الدائنني الذين مل يشاركوا يف مسطرة اإلستشارات ،أو الذين رفضوا خالهلا األجال
والتخفيضات املقرتحة( ،)202قد تفرض عليهم احملكمة أجال موحدة لألداء بغض النظر عما إذا كانوا دائنني
عاديني أو أصحاب إمتيازات أو رهون أو كانت ديوهنم حالة أو مؤجلة(.)203
( )197إن الديون التي لم يشملها إلاتفاق قد تكون أيضا ديونا لدائنين مشاركين في إلاتفاق الودي بديون أخرى ،ورفضوا تقديم أية تنازالت بخصوص الديون التي ال
يشملها إلاتفاق.
( )198معاد لخيار ،م س ،ص 11.
( )199تجدر إلاشارة أن الشق املتعلق بمنح تخفيضات عن الديون التي للدائن على املقاولة املدينة ال تطرح أية إشكالية في هذا الصدد ،نظرا مأنها ال تفرض عليهم في
حالة عدم رغبتهم أو عدم إستشارتهم للدخول في إلاتفاق.
( )200تنص الفقرة الثانية من املادة 1..من م ت على أنه« :تفرض املحكمة بالنسبة إلى باقي الدائنين آجاال موحدة لألداء ،مع مراعاة آلاجال ألاطول ،التي اتفق
عليها ألاطراف قبل فتح املسطرة وذلك فيما يخص الديون املؤجلة .ويمكن أن تزيد هذه آلاجال عن مدة تنفيذ مخطط الاستمرارية .ويجب أن يتم السداد ألاول
داخل سنة».
ن
( )201سعد بتهي ،مدى فعالية ألاجال املتعلقة بمخطط التسوية القضائية ،مقال منشور بمؤلف منازعات ألاعمال بين القانو واملمارسة ،منشورات املجلة املغربية
للدراسات وإلاستشارات القانونية ،مطبعة ألامنية-الرباط ،توزيع مكتبة الرشاد-سطات ،العدد الثاني ،ديسمبر ،2116ص .21
ل
( )202جاء في حكم للمحكمة التجارية بالدارالبيضاء« :إن مقترحات التسوية املقدمة من طرف السنديك الى الدائنين وإن لم تحظ بقبو بعض الدائنين ،فإن
للمحكمة أن تفرض أجاال موحدة لألداء ،طبقا للمادة 1..من م ت .»...
-حكم صادر عن املحكمة التجارية بالدارالبيضاء رقم 1..في ملف عدد 12-2.1بتاريخ 11أكتوبر ،2112منشور باملجلة املغربية لقانون ألاعمال
واملقاوالت ،عدد ،1سنة ،2111ص 111وما يليها.
( )203الغالي الغيالني ،أثار مخطط إلاستمرارية على مركز الدائنين ،مقال منشور بمجلة املحاكم املغربية ،عدد ،111مارس-ماي ،2111مطبعة النجاح الجديدة-
الدارالبيضاء ،ص .21
11
ومما ال شك فيه أن سلوك احملكمة هلذا الطريق فيه خروج عن القواعد العامة املقررة للتصرفات التعاقدية ،فإذا كان
ميكن قبول فرض األجال املقرتحة على الدائنني الذين متت إستشارهتم وقرروا عدم الرد ،وذلك بتفسري سكوهتم
على أنه مبثابة قبول ،وبالتايل فإهنم إرتضوا أن تسري عليهم تلك األجال املقرتحة يف إطار املخطط ،فإن األمر
خبصوص الدائنني الذين مل تتم إستشارهتم والدائنني الذين رفضوا بشكل صريح تقدمي أجال إضافية ،وجيدون
أنفسهم بعد ذلك مقيدين بأجال مل يتعاقدوا عليها ،ال ميكن تفسريه إال بكون خمطط اإلستمرارية جتاوز مبدأ
نسبية أثار العقد ورتب أثار على غري أطرافه.
زد على ذلك ،أن قاعدة األجال املوحدة قاعدة مضرة بالدائنني ،خاصة أصحاب اإلمتيازات والرهون ألهنا تؤدي
اىل جتميد ضماناهتم وتأميناهتم خالل األجال املوحدة املفروضة عليهم ،مما جيعلها مبثابة عقاب للدائنني الذين
رفضوا املوافقة على األجال املقرتحة عليهم من طرف السنديك أثناء اإلستشارات(.)204
يبدوا واضحا مما تقدم أن املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تنكر إلرادة األطراف
يف تنفيذ إلتزاماهتم التعاقدية من خالل إجبار السنديك الدائنني على تنفيذ عقودهم اليت تربطهم مع املقاولة
املدينة ،رغم أن السنديك ال يعترب طرفا يف العقد حىت يستنجد بالقواعد العامة إلرغام املتعاقد األخر على تنفيذ
إلتزامه ،بل أكثر من ذلك فاملقاولة مل تنفذ إلتزاماهتا السابقة .كما المسنا أيضا هذا اإلنكار من خالل إجبار
الدائنني على اخلضوع ألجال إضافية بشأن ديوهنم التعاقدية رغم أهنم مل يعربوا عن إرادهتم يف ذلك ،وهذا التأثري
والتنكر للقواعد العامة سنجده ميتد أيضا اىل حد إبطال مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة
عنه ،والذي يشكل (أي العقد) نتاج إرادتني أو أكثر إرتضيتا أن جتعالنه قانونا هلما.
المطلب الثاني :إبطال مفعول القوة الملزمة للعقد على مستوى اإللتزامات المتولدة عنه
إذا كان من بني حمددات القوة امللزمة للعقد ،ما ميكن أن يشكل مضمونا له ،أي اإللتزامات املتولدة عن العقد،
فإن املنطق القانوين يقضي بتنفيذ هذه اإللتزمات مبجرد حلول أجلها ،غري أننا نواجه يف ضل نظام إجراءات الوقاية
واملعاجلة من صعوبات املقاولة قواعد تؤدي اىل تعطيل مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات التولدة
عنه ،وذلك من خالل تعطيل إمكانية الدفع بعدم تنفيذ العقد اجلاري واإلحتجاج بتجزئته كرد فعل على عدم
تنفيذ املقاولة إللتزاماهتا التعاقدية عند حلول أجلها (الفقرة األولى) ،كما جند أن قواعده تعطل أيضا قواعد الوفاء
( )204أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض املقاولة ومساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،في مساطر املعالجة :حكم فتح
املسطرة «الشروط املوضوعية والشكلية وإلاجراءات والتسوية القضائية واملرحلة املؤقتة وإستمرارية املقاولة والتفويت» ،دار النشر املغربية-الرباط ،الطبعة الثانية-
يونيو ،2112ص .111
11
اإلرادي بالديون السابقة حلكم فتح املسطرة (الفقرة الثانية) ،مث يف األخري جند تلك القواعد تعطل أيضا سريان
الفوائد خاصة اإلتفاقية (الفقرة الثالثة).
الفقرة األولى :تعطيل إمكانية الدفع بعدم تنفيذ العقد الجاري واإلحتجاج بتجزئته
يعترب الدفع بعدم التنفيذ من اجلزاءات املدنية اليت ترتبط بزمرة العقود امللزمة للجانبني ،ويتجسد هذا النظام يف كون
املتعاقد له احلق يف اإلمتناع عن تنفيذ إلتزاماته جتاه املتعاقد األخر حىت يقوم هذا األخري بتنفيذ ما إلتزم به إزائه،
وذلك يف العقود امللزمة جلانبني كما أشرنا.
ونظام الدفع بعدم التنفيذ يعد يف األصل وسيلة للدفاع وليست للهجوم لكون املستفيذ من هذا الدفع يكتفي
باإلمتناع عن التنفيذ كإجراء حلث املتعاقد األخر على الوفاء بإلتزاماته املقابلة ويف ذلك ضمانة فعلية للوفاء
باإللتزام(.)205
ويشكل الدفع بعدم التنفيذ جتسيد للعدالة اخلاصة اليت ميتلكها أطراف اإللتزام التعاقدي امللزم للجانبني إستنادا اىل
الفصل 111من ق ل ع الذي ينص على أنه« :في العقود الملزمة للطرفين ،يجوز لكل متعاقد منهما أن
يمتنع عن أداء التزامه ،إلى أن يؤدي المتعاقد اآلخر التزامه المقابل ،»... ،إال أننا نالحظ أن هذه العدالة
اخلاصة املقررة ألطراف العالقة التعاقدية امللزمة للجانبني واملستمدة من القواعد العامة معطلة التنفيذ يف ضل املادة
111من م ت ،واليت تنص يف فقرهتا الثانية على أنه« :يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء
المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة .وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين
حق التصريح بها في قائمة الخصوم.».
وإذا كان هذا التعطيل ال يطال سوى اإللتزامات الواجبة األداء قبل احلكم بفتح املسطرة( ،)206فإنه ال يقتصر
وكما ذهب اىل ذلك أحد الباحثني على اإللتزامات املتعلقة بأداء مبلغ من املال( ،)207فقياسا على املادة 411
من م ت فهو يشمل خمتلف اإللتزامات سواء تعلقت بأداء مبلغ من املال أو غريه من األداءات(.)208
ومن زاوية أخرى ،وخبصوص تعطيل إمكانية املطالبة بتجزئة العقد( )209كما هو منصوص عليه يف الفقرة األخرية
من املادة 111من م ت اليت تنص على أنه« :ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة ...
العقد ،على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي ،».فإننا جند هذا التعطيل يرتبط حقيقة من خالل
التمعن يف فلسفة املادة 111من م ت بتعطيل إمكانية الدفع بعدم التنفيذ ،ذلك أنه إذا كان ميكن القول بأن
إعتماد عدم قابلية العقود اجلارية التنفيذ للتجزئة ،واليت قد تظهر خاصيتها املرنة ،فإنه باملقابل تظهر خطورهتا يف
إطار مسطرة التسوية القضائية ،ملا يتمسك املتعاقد بعدم تنفيذ العقد( ،)210ذلك أن من بني األسباب اليت ميكن
أن يتمسك أو يستند عليها الدائن حىت جيزأ العقد قانونا ،أشارت اىل إحداها املادة 111من م ت يف فقرهتا
الثانية ،واملتمثلة يف عدم الوفاء باإللتزامات املتعهد هبا من قبل املقاولة ،فقد جاء يف تلك الفقرة أنه« :يجب على
المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة ،»...وال يبقى أمام
الدائنني سوى التصريح بديوهنم يف قائمة اخلصوم.
وباملوازاة مع هذا الطرح فإن املبىن املنطقي والقانوين لتجزئة اإلتفاق أو الصفقة أو العقد أو عموما التصرف القانوين
هو مبدأ القوة امللزمة للعقد ،الذي جيعل من اإلتفاق أساس التعاقد ،وهي قوة تؤدي اىل ثقة كال املتعاقدين
املشروعة يف أن تنصرف أثار العقد اىل كل املدى الذي أراداه وإبتغاه ،ويف حدود ما إتفقا عليه يف عقد واحد ،أو
يف عقود مرتابطة تشكل كال ال يقبل التجزئة أو على العكس من ذلك قد تشكل جتزئتها محاية هلم.
( )209نالحظ في هذا الصدد أن مجموعة من الباحثين عند تناولهم إلشكالية عدم قابلية العقود الجارية للتجزئة وقعوا في الخلط بين وصف إلالتزام (إلالتزامات
القابلة لإلنقسام) وما يقصده املشرع حقيقة من التجزئة الواردة في املادة 111من م ت ،ذلك أن ألاصل في إلالتزامات أنها غير قابلة لإلنقسام إستنادا الى القواعد
العامة ،وال تكون قابلة لذلك إال إذا تعدد أحد طرفيها ،وزد على ذلك أن املشرع ضيق من نطاق هذا إلاستثناء من خالل الفصل 1.1من ق ل ع حينما نص على
أنه« :ال محل لالنقسام بين املدينين بدين قابل له:
-1إذا كان محل الدين تسليم ش يء معين بذاته وموجود بين يدي أحد املدينين؛
- 2إذا كان أحد املدينين مكلفا وحده بتنفيذ إلالتزام بمقتض ى السند املنش ئ له أو بمقتض ى سند الحق.
وفي كلتا الحالتين يجوز أن يطالب بالدين كله املدين الحائز للش يء املعين أو املكلف بالتنفيذ ،مع ثبوت الحق له في الرجوع على امللتزمين معه إذا كان لهذا الرجوع
محل» .
وبالتالي فلو كان املقصود من املشرع في إطار املادة 111من م ت هو تعطيل وصف إلالتزام هذا ،لكان إكتف بما تقرره القواعد العامة في هذا الصدد.
( )210محمد العروص ي ،مصير العقود الجارية التنفيذ ،...م س ،ص 61
11
وهكذا قد يكون أساس جتزئة العقد اجلاري التنفيذ شريعة املتعاقدين الواضحة أو اليت يتم إستخالصها من تفسري
العقد( ،)211وقد يكون أساسها ومصدرها هي قاعدة الدفع بعدم التنفيذ كمؤسسة قانونية ختول للمتعاقد أن ميتنع
عن تنفيذ جزء من إلتزاماته أو كلها اىل أن يؤدي الطرف األخر يف العالقة التعاقدية ما يقابل ذلك ،غري أن
وضعية املقاولة اليت فتحت املسطرة يف مواجهتها ،جتعل من عدم التجزئة للعقود اجلارية التنفيذ أمرا إلزاميا ،بدليل
أن الفقرة الرابعة واألخرية من املادة 111من م ت واملشار هلا سابقا جاء فيها« :ال يمكن أن يترتب عن مجرد
فتح التسوية القضائية تجزئة ...العقد على الرغم من أي مقتضى قانوني او شرط تعاقدي.».
ونافل القول أن تعطيل القواعد العامة من خالل املادة 111من م ت واملتمثلة يف مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ
واّلية جتزئة اإللتزامات التعاقدية كرد فعل عن تطبيق مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ أو كنتاج خالص إلرادة األفراد
اجملسدة يف العقد اجلاري تنفيذه ،وإن كان يشكل مساسا بقوة العقد امللزمة ،فإن املشرع فضل التضحية باملصلحة
اخلاصة للمتعاقد واليت حتميها القواعد العامة املذكورة ،مقابل محاية املصلحة العامة املتمثلة يف ضمان إستمرارية
العقود اليت تشكل يف ضل مقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ماال من أموال املقاولة
ووسيلة من وسائل تقومي وإصالح وضعيتها.
وتعطيل القوة امللزمة للعقد فيما خيص اإللتزامات املتولدة عنه سيمتد أيضا اىل املقاولة املدينة بدورها ،حبيث منع
عليها املشرع أن تقوم بالوفاء بأي دين خارج القواعد املخصصة لألداء يف املساطر اجلماعية.
()212
الفقرة الثانية :تعطيل قواعد الوفاء اإلرادي بالديون التعاقدية السابقة للحكم بفتح المسطرة
تنص الفقرة األوىل من املادة 411من م ت على أنه« :يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة القانون منع أداء
كل دين نشأ قبل صدوره ،».وما يستشف من هذا التنصيص أنه يتضمن قاعدة يتم مبقتضاها منع كل من رئيس
املقاولة والسنديك من أداء كل دين يكون ناشئا قبل صدور احلكم القاضي بفتح املسطرة ،فمبدئيا يشمل نطاق
هذا املنع أداء الديون السابقة يف النشأة لتاريخ صدور احلكم القاضي بفتح املسطرة ،ما مل يكن املشرع قد قرر
معاملة الدائن املعين باألمر معاملة خاصة( ،)213وهو ما مت التنصيص عليه يف الفقرة الثانية من املادة املشار هلا
أعاله ،إذ جندها تنص على أنه« :يمكن للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم
وذلك لفك الرهن أو السترجاع شيء محبوس قانونيا ،إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة.».
( )211محمد العروص ي ،مصير العقود الجارية التنفيذ ،...م س ،ص 61
( )212تجدر إلاشارة أن نفس التعطيل يطال أيضا أداء الديون السابقة لألمر بالوقف املؤقت لإلجراءات في إطار التسوية الودية مع بعض إلاختالفات غير املؤثرة.
( )213امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة ،م س ،ص 11
1.
أما الديون الناشئة بعد تاريخ صدور احلكم بفتح املسطرة فتخضع ملقتضيات املادة 111من م ت اليت تنص على
أنه« :يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية ،باألسبقية على كل ديون أخرى
سواء أكانت مقرونة أم ال بامتيازات أو بضمانات.».
وبالتوجه صوب القواعد العامة جندها تعترب الوفاء هو السبب الطبيعي والطريق املألوف إلنقضاء اإللتزامات
التعاقدية بشكل خاص ،ذلك أن نشوء اإللتزام صحيحا ينطوي بالضرورة على تعهد املدين بتنفيذ ما تعهد به،
فالوفاء إدن هو هناية املطاف يف اإللتزام ويبدوا وكأنه أثر رئيسي من أثاره(.)214
غري أن التنصيص على منع أداء الديون السابقة ،جيعلنا أمام إلتزام معدوم يف املرحلة اإلنتقالية ،حيث أحكام الباب
األول من القسم السادس من الكتاب األول من ق ل ع املنظمة للوفاء معطلة متاما( )215يف ضل القواعد املنظمة
لألداء أو الوفاء بالديون بصفة عامة والديون التعاقدية بصفة خاصة يف مساطر إجراءات الوقاية واملعاجلة من
صعوبات املقاولة ،حبيث تطبق هذه القاعدة على مجيع وسائل األداء ،سواء مت هذا األداء من طرف رئيس املقاولة
أم من طرف السنديك ،ومهما كانت الطريقة اليت مت هبا ،سواء أكان نقدا أم بالتحويل البنكي أم حبوالة الديون
املهنية أم عن طريق األوراق التجارية( ،)216وتشمل كذلك سائر الديون والدائنني ،سواء أكانوا دائنني عادين أو
أصحاب إمتيازات عامة أو خاصة ،أم أصحاب رهون كيفما كان شكلها(.)217
وهكذا فإذا كان الفصل 111من ق ل ع ينص على أنه« :ينقضي اإللتزام بأداء محله للدائن وفقا للشروط
التي يحددها االتفاق أو القانون ،».فإنه مل مييز بني اإللتزامات اليت ميكن أن تكون حمال لألداء أو الوفاء ،ومل
يقم بتجزئتها ،حبيث يتعني أن يتم الوفاء جبميع هاته اإللتزامات يف الوقت الذي حدده اإلتفاق أو القانون،
واملشرع بتنصيصه يف الفقرة األوىل من املادة 411من م ت على أنه« :يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة
القانون منع أداء كل دين نشأ قبل صدوره ».يكون قد جزأ حمل اإللتزام الذي يتعني الوفاء به ،وذلك جبعل
الوفاء باجلزء الذي إستحق قبل صدور احلكم بفتح مسطرة التسوية غري منتج ألي أثر ،حبيث حىت لو مت جتاوز
هذا املنع فإن مصري ذلك األداء هو البطالن إستنادا اىل املادة 415من م ت( ،)218وهو ما يزيد من حدة تأزم
قواعد الوفاء اإلرادي بالديون التعاقدية بشكل خاص.
( )214مامون الكزبري ،نظرية إلالتزامات في ضوء قانون إلالتزامات والعقود املغربي ،الجزء الثاني :أوصاف إلالتزام وإنتقاله وإنقضاءه ،دون ذكر املطبعة والطبعة
(مجرد نسخة) ،ص 2.1
( )215معاد لخيار ،م س ،ص .1
( )216عبد الرزاق الزيتوني ،م س ،ص 111
( )217أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية ،...الجزء الثالث ،م س ،ص 1.
( )218تنص املادة 61.من م ت على أنه« :يبطل كل عقد أو تسديد تم خرقا ملقتضيات املادة السابقة وذلك بطلب من كل ذي مصلحة يقدمه داخل أجل ثالث
سنوات ابتداء من تاريخ إبرام العقد أو أداء الدين .حينما يخضع العقد للشهر ،يسري ألاجل ابتداء من ذلك».
1.
وبإستقراء املادة L622-7من مدونة التجارة الفرنسية جندها لطفت من حدة هذا املنع وأجازت بصريح
العبارة( )219إمكانية الوفاء بدين سابق على حكم فتح املسطرة عن طريق املقاصة ،وهو توجه رأى فيه أحد
الباحثني( )220تلطيفا من القيود اليت تواجه العقد وعودة لألحكام العامة.
أما املشرع املغريب ،فقد جاء من خالل املادة 411من م ت بصياغة عامة تفيد مشول املنع لكل أنواع الوفاء مبا
فيها الوفاء عن طريق املقاصة ،وهو ما دفع القضاء املغريب اىل رفض أداء الديون السابقة عن طريق هذه
الوسيلة(.)221
وخبصوص الرجوع اىل أصل هذه املقارنة اليت جنريها بني قواعد الوفاء ضمن القواعد العامة واملادة 411من م ت،
جند املشرع يف الفقرة الثانية من املادة املذكورة يورد إستثناء لقاعدة منع أداء الديون السابقة من خالل مساحه
للقاضي املنتدب بأن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم ،وذلك لفك الرهن أو إلسرتجاع شيء حمبوس
قانونيا ،إذا كان يستلزمه متابعة نشاط املقاولة.
وال ميكن إعزاء هذا اإلستثناء اىل إعتبارات قانونية ،وإمنا هو من جتليات معيار نفعية العقد املتحكم يف مصري
العقود ،ويف أثارها يف ضل املساطر اجلماعية ،وهو ما تؤكده عبارة «إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة»،
الواردة يف الفقرة املذكورة من املادة 411من م ت(.)222
وإذا كان هذا األداء الذي يتم يف إطار هذا اإلستثناء من شأنه أن خيدم مصاحل املقاولة ،ومصاحل الدائن الذي
حصل على األداء ،فإنه على عكس ما ميكن أن يوحي به ،فهو يزيد من حدة تأزم قواعد الوفاء ،إذ يؤدي اىل
إحداث متييز بني الدائنني من حيث حقهم يف احلصول على األداء.
كما أن إحداث متييز بني الديون الناشئة قبل صدور احلكم والناشئة بعد صدوره ال ينسجم ومنطق القواعد
العامة ،خاصة إذا كان الدينني معا مرتتبني عن نفس العقد ،ومبفهوم أدق ناشئني عن نفس حمل اإللتزام التعاقدي،
إذ أن ذلك يرتتب عليه تقسيم حمل اإللتزام الذي يتعني الوفاء به ،وهو ما يشكل تعارضا مع الفصل 161من ق
ل ع الذي ينص يف فقرته األوىل على أنه« :إذا لم يكن هناك إال مدين واحد ،لم يجبر الدائن على أن
يستوفي اإللتزام على أجزاء ،ولو كان هذا اإللتزام قابال للتجزئة .»...
وسنجد أيضا أن سريان الفوائد اإلتفاقية اليت ترتتب على اإللتزامات التعاقدية سيتأثر أيضا بقاعدة وقف سريان
الفوائد اليت جاء هبا نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،سواء من حيث التأثري على حق الدائنني
يف احلصول عليها أو حق الكفيل يف اإلستفادة من هذا الوقف بدوره.
وعلى الرغم من تعدد مصادر الفوائد املوقوف سرياهنا كما وضحنا أعاله ،فإن أثر هذا الوقف أشد وطأة على
الفوائد اإلتفاقية منها على الفوائد األخرى( ،)224حيث يذهب الفقه( )225اىل أن الفوائد اإلتفاقية املضمنة يف
العقود اجلارية اليت خيتار السنديك مواصلتها توقف بشكل مطلق ألن إشرتاطها مت قبل احلكم بفتح املسطرة ،أما
الفوائد التأخريية والقانونية النامجة عنها فتستمر إذا ترتبت عن ديون نشأت بعده(.)226
زيادة على كون الفوائد اإلتفاقية هي األكثر تأثرا هبذا املوقف ،فإهنا هي اليت ترتبط مبوضوعنا نظرا لطابعها
التعاقدي ،من حيث كوهنا من مشتمالت اإللتزام التعاقدي الذي تتأثر قوته امللزمة يف ضل ما جاء به املشرع يف
هذا النظام من تعطيل للقوة امللزمة إلتفاقات األطراف.
وأول ما ينبغي مالحظته خبصوص هذا الوقف الذي تتعرض له الفوائد خاصة اإلتفاقية هو كونه ال يسري إال يف
مواجهة الدائنني الناشئة ديوهنم قبل صدور احلكم بفتح املسطرة ،خبالف الدائنني الناشئة ديوهنم بعد صدور هذا
( )223تنص املادة 61.من م ت على انه« :يوقف حكم فتح املسطرة سريان الفوائد القانونية وإلاتفاقية وكذا كل فوائد التأخير وكل زيادة».
( )224معاد لخيار ،م س ،ص ..
( )225أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية ،...الجزء الثالث ،م س ،ص 211
( )226وفي نفس إلاتجاه إعتبر جانب من إلاجتهاد القضائي املقارن بأنه من الضروري التمييز بين الفوائد إلاتفاقية والفوائد القانونية والتأخيرية ،بحيث يسري
الوقف على الفوائد إلاتفاقية ،بإعتبار أن الواقعة املنشأة لإلتفاق كانت قبل صدور الحكم القاض ي بفتح املسطرة ،أما فيما يتعلق بالفوائد القانونية والتأخيرية فال
يسري عليها الوقف ،وتستمر في السريان بإعتبارها نشأت بعد صدور هذا الحكم.
- Cass.com, 10/12/1991, RJDI, 3, N° 288
61
احلكم ،حيث أن ديوهنم تستمر يف إنتاج الفوائد بالنظر اىل حق األسبقية الذي يتمتعون به( ،)227ويبقى املعيار
الذي يعتد به ملعرفة ما إذا كان الدين ناشئا قبل أم بعد فتح املسطرة هو الواقعة (التعاقدية) املنشئة للدين(،)228
األمر الذي يؤدي بنا اىل التمييز بني الدائنني وأيضا بني القوة امللزمة للعقود يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية
واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،إذ جند أن قوة العقد امللزمة والذي رتب فوائد إتفاقية قبل حكم فتح املسطرة تعترب
قاصرة على اإلستمرار يف إنتاج نفس األثار بعد صدور هذا احلكم ،إذ جيعل هذا احلكم حدا مؤقتا هلا ،يف حني
أن نفس العقد لو نشأ بعد احلكم بفتح املسطرة فإن الفوائد املشرتطة فيه تنتج أثارها ،وهو ما يشكل خروجا
واضحا عن القواعد العامة اليت جتعل من القوة امللزمة للعقد تتصف بالعمومية والتجريد.
ويثار التساؤل أيضا خبصوص وضعية الكفيل الذي يقوم بأداء الفوائد املستحقة يف ذمة املدين( ،)229يف الوقت
الذي ال تسري هذه الفوائد يف مواجهة هذا األخري؟
فبالرجوع اىل القواعد العامة جند الفصالن 2261و 2261من ق ل ع( )230يضعان أمام الكفيل طريقتني
للرجوع على املدين ،فإما أن يقوم بذلك إعتمادا على دعوى شخصية جتد أساسها يف صفة الكفيل ،أو أن يستند
يف رجوعه على مبدأ حلوله حمل الدائن يف حقوقه وإمتيازاته يف حدود كل ما دفعه ،مبعىن أن الكفيل ميارس حقه
اخلاص يف النوع األول من الرجوع ،يف الوقت الذي جند النوع الثاين يأيت نتيجة حلوله حمل الدائن(.)231
إال أنه يبدوا أن حقه يف الرجوع على املدين ضاق نطاقه يف ضل قاعدة وقف سريان الفوائد ،ذلك أنه ال ميكنه
سلوك طريق دعوى احللول إعتبارا لطبيعة هذه الدعوى اليت ختوله احللول حمل الدائن ،يف حني أن الدائن تسري يف
(51) Bernard Soinne, la continuation du cour des intérêts, Revue des procédures collectives, 1988, N° 1, P 223
(52) Christine lebel, l'élaboration du plan de continuation de l'entreprise en redressement judiciaire, édition presse universitaire d'aise Marseille,
2000, P 190.
( )229ذلك أن املادة 662من م ت تنص على أنه« :ال يمكن للكفالء ،متضامنين كانوا أم ال ،أن يتمسكوا:
-بمقتضيات مخطط الاستمرارية؛
-بوقف سريان الفوائد املنصوص عليه في املادة .956
يحتج على الكفالء بسقوط ألاجل».
( )230ينص الفصل 1111من ق ل ع على أنه« :للكفيل الذي يقض ي إلالتزام ألاصلي قضاء صحيحا حق الرجوع على املدين بكل ما دفعه عنه ،ولو كانت الكفالة قد
أعطيت بغير علمه ،وله حق الرجوع عليه أيضا من أجل املصروفات والخسائر التي كانت نتيجة طبيعية وضرورية للكفالة.
كل فعل يصدر عن الكفيل وليس وفاء بمعناه الحقيقي وإنما يترتب عليه انقضاء إلالتزام ألاصلي وبراءة ذمة املدين ،يقع بمثابة الوفاء ،ويعط الكفيل حق الرجوع
من أجل أصل الدين واملصروفات املتعلقة به».
وينص الفصل 1111من نفس القانون على أنه« :الكفيل الذي وفى الدين وفاء صحيحا يحل محل الدائن في حقوقه وامتيازاته ضد املدين في حدود كل ما دفعه،
وضد الكفالء آلاخرين في حدود حصة كل منهم .غير أن هذا الحلول ال يغير في ش يء إلاتفاقات الخاصة املعقودة بين املدين ألاصلي وبين الكفيل».
( )231يكمن الفرق بين الدعوى الشخصية ودعوى الحلول في أن ألاولى تسمح للكفيل بالحصول على تعويض أكثر حجما مأن املدين يتحمل ،تجاه الكفيل ،الى جانب
املبلغ املؤدى فوائد هذا املبلغ واملصاريف وتعويض ألاضرار ،أما الدعوى الثانية فهي وسيلة تجعل الكفيل يستفيد من إلامتيازات والضمانات التي كانت مرصودة
لإللتزام ،إال أنه ال يمكنه الحصول إال على ما أداه فعال ،وتقادم دعواه مرتبط بتقادم دعوى املدين.
-محمد أبو الحسين ،م س ،ص .211
62
حقه قاعدة وقف سريان الفوائد ،وبالتايل ليس له سوى اللجوء اىل دعوى الرجوع الشخصي ،مما يشكل تضيقا
حلق الكفيل يف إسرتداد ما وفاه عن املدين.
ومن زاوية أخرى فإذا كان إلتزام الكفيل إستنادا اىل القواعد العامة يدور مع إلتزام املدين وجودا وعدما ،وللكفيل
يف ضل هذه القاعدة العامة أن يتمسك يف مواجهة دائن املدين جبميع الدفوع املتعلقة باملدين وذلك إستنادا اىل
الفصل 2261من ق ل ع( ،)232واليت من بينها الدفوع املتعلقة بالدين املضمون سواء كانت هذه الدفوع
مصدرها اإلتفاق أو القانون ،وال شك أن ما جاءت به املادة 411من م ت خبصوص وقف سريان الفوائد
يشكل دفعا قانونيا ميكن للمدين أن يتمسك به يف مواجهة الدائن الذي يطالبه بالفوائد املرتتبة عن الفرتة الالحقة
حلكم فتح املسطرة اىل غاية احلكم الذي حيصر خمطط اإلستمرارية(.)233
وكنتيجة منطقية وإستنادا اىل القواعد العامة حيق للكفيل أن يتمسك بدوره هبذا الدفع يف مواجهة الدائن ،غري أن
املشرع ذهب إىل عكس ذلك حني نص صراحة من خالل املادة 441من م ت املشار هلا سابقا اىل جتريد
الكفيل من هذا الدفع ،وبالتايل فإن املدين يفقد يف هذه احلالة أهم الضمانات اليت ختوهلا له القواعد العامة يف
ضل قاعدة وقف سريان الفوائد.
يف األخري يبدوا واضحا مدى تأثر اإللتزامات املتولدة عن العقد واليت تشكل مناط القوة امللزمة للعقد ،سواء فيما
يتعلق باحلد من سريان الفوائد اإلتفاقية اليت تشكل إحدى ملحقات اإللتزام التعاقدي أو فيما يتعلق بقواعد
إنقضاء هاته اإللتزمات ،أو فيما يتعلق بقاعدة الدفع بعدم التنفيذ اليت تشكل اّلية قانونية إلرغام املتعاقد األخر
على الوفاء بإلتزامه بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،واليت حولت مسار القوة امللزمة
للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة عنه اىل وجهة خدمة مسطرة تسوية املقاولة.
وأمام هذا الوضع نتساءل هل ستنجح قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يف احلد أيضا
من سلطة إرادة األطراف يف التحكم يف مدة اإللتزامات التعاقدية؟
( )232ينص الفصل 1111من ق ل ع على أنه« :للكفيل أن يتمسك ،في مواجهة الدائن ،بكل دفوع املدين ألاصلي ،سواء كانت شخصية له أو متعلقة بالدين
املضمون ،ومن بينها الدفوع التي تؤسس على نقص أهلية املدين ألاصلي .وله أن يتمسك بهذه الدفوع ،ولو برغم اعتراض املدين أو تنازله عنها ،كما أنه يمكنه أن
يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص املدين ألاصلي كاإلبراء من الدين الحاصل له شخصيا».
( )233ذلك أن املادة 661نصت على أنه« :يستأنف سريان الفوائد ابتداء من تاريخ الحكم املحدد ملخطط الاستمرارية».
61
عامال أساسيا يتحكم يف حياة العقد ،وتركت مكاهنا لعامل أخر يرى فيه هذا النظام أنه أكثر أمهية ،وهو مدى
نفعية أو ضرورة العقد بالنسبة للمقاولة( ،)234لذلك جند قواعد هذا النظام تبطل مفعول الشرط املتحكم يف مدة
اإللتزام التعاقدي (الفقرة األولى) ،وإىل جانب ذلك منحت حملكمة املسطرة سلطة التحكم يف أجال اإللتزامات
التعاقدية (الفقرة الثانية).
والشرط على أنواع خمتلفة ميكن تصنيفها من عدة زوايا ،أمهها التصنيف الذي يصنفها اىل شرط فاسخ وشرط
واقف ،وما يهمنا يف هذا الصدد هو الشرط الفاسخ ) (condition résolutoireوهو الشرط الذي ينتج
معه العقد املعلق عليه كل أثاره بصورة فورية ،لكن تزول كافة هذه األثار مبفعول رجعي عند حتققه(. )236
وعموما يكتسي الشرط كأحد أوصاف اإللتزام التعاقدي أمهية بالغة ألنه ميكن من ربط العقد حبقيقة ما قصدته
اإلرادة املشرتكة للعاقدين( .)237كما أن من بني أهم مقوماته كونه أمر مشروع ،وهذا ما يستفاد من الفصل 211
من ق ل ع(.)238
من خالل ما سبق نتساءل ،هل حافظ املشرع على قدسية إرادة األطراف وسلطاهنا يف ربط إلتزاماهتم مبا تطابقت
حوله إرادهتم من شروط جتعل اإللتزامات اليت تعاقدوا من أجلها تنتهي عند حتقق الشرط الذي إرتضوه؟
بداية جند املادة 112من م ت تنص على أنه ...« :ال يترتب عن إصدار الحكم سقوط األجل ،».ورغم أن
هذه املادة يبدوا من خالل النظرة األوىل أنا ما توحي به هو كوهنا تقصي املقتضيات القانونية اليت ترتب على شهر
إفالس املدين سقوط مزية األجل ،واملتمثلة يف الفصل 211من ق ل ع الذي ينص يف مطلعه على أنه« :يفقد
المدين مزية األجل إذا شهر إفالسه ،»...فإنه ليس هناك ما مينع من أن نطاقها ميتد أيضا اىل إستبعاد
ويف نفس السياق جند املادة 111من م ت تنص يف فقرهتا األخرية على أنه « :ال يمكن أن يترتب عن مجرد
فتح التسوية القضائية ...إلغاء أو فسخ العقد على الرغم من أي ...مقتضى تعاقدي ،)239(».حيث إذا
كانت املقتضيات اإلتفاقية تقضي بفسخ العقد ،وبالتايل إهناء مدته مبجرد صدور حكم فتح املسطرة ،وذلك
كطريقة إلدارة املخاطر بواسطة العقد من خالل إهناء قوته امللزمة اليت قد ترتتب عنها أثار سلبية لو ضل العقد
حمتفظا هبا بعد تاريخ فتح املسطرة ،وكل ذلك هو نتيجة مقبولة ملبدأ احلرية التعاقدية ،فإن املادة 111املشار هلا
أعاله تعترب هذه اإلمكانية كأن مل تكن حيث أشارت اىل عدم إمكانية إستخدام اّلية الفسخ واإللغاء يف مواجهة
العقود اجلارية ،وعليه مل يعد من اجملدي أن يلجأ املتعاقد مع املقاولة اىل تضمني العقد شرطا يقضي بفسخه جملرد
صدور حكم التسوية القضائية ،وهذا ما يسمى بالفسخ اإلتفاقي الذي يقع برضا طريف العقد(.)240
ومن بني املواد اليت تقصي أيضا وتبطل مفعول كل شرط تكون الغاية منه وضع حد لإللتزام التعاقدي ،جند املادة
414من م ت اليت نصت يف فقرهتا األخرية على أنه« :يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط المعمول بها
عند فتح المسطرة ،على الرغم من كل شرط مخالف ،»...ولعل من بني الشروط املخالفة ،ذلك الشرط
الذي من شأنه أن يؤدي اىل إهناء حياة العقد يف حالة تغيري املركز القانوين ألحد أطرافه ،وهو ما يقع عند تفويت
العقود يف إطار خمطط التفويت.
واملشرع ضمانا منه لنجاح عملية تفويت العقود مل يعر أي إهتمام إلرادة األطراف يف التحكم يف مدة اإللتزامات
التعاقدية من خالل إدراجها لشرط يربط إستمرارية العقد ببقاء نفس األطراف ضمن العالقة التعاقدية.
ومن زاوية أخرى ،فإنه إذا كان إبطال مفعول الشرط املتحكم يف مدة اإللتزامات التعاقدية من خالل ما سبق،
ذهب يف سياق إقصاء إرادة املتعاقد اليت عرب عنها من خالل ذلك الشرط ،والذي كان يرغب من خالله يف
التحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي املرتبط به إستنادا اىل مبدأ سلطان اإلرادة الذي خيول له ذلك ،فإن احملكمة عند
( )239لقد ميز الفقه بين إلالغاء والفسخ ،حيث إعتبر إلغاء أو إنهاء العقد عبارة عن وضع حد للعقد ،ويتحقق إلانحالل في هذه الصورة بالنسبة الى ما بقي من
العقد بعد إلانهاء ،أما الذي تم من العقد قبل ذلك فال أثر لإلنهاء عليه ،ومعنى ذلك أنه ال يكون بأثر رجعي ،أما الفسخ هو حق املتعاقد في العقد امللزم للجانبين ،إذا
لم يوف املتعاقد ألاخر بإلتزامه ،في أن يطلب حل الرابطة العقدية كي يتحلل هو من التزامه.
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 6.1و6.1
ّ
( )240دماحة قيقاي ،مال العقود الجارية التنفيذ في مسطرة التسوية القضائية ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني-الدارالبيضاء،
كلية العلوم القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية-املحمدية ،السنة الجامعية ،2112-2111ص 21
61
حصرها ملخطط التفويت ،إستغلت اّلية الشرط جلعل املفوت إليه ال يقدم على تفويت األموال املفوتة ملدة حتددها
هي (املادة 422من م ت) ،ووجه تعطيل الشرط يف هذه احلالة يكمن يف إقصاء إرادة املفوت إليه يف قبوله،
وبالتايل قبول اإللتزام املتولد عنه ،ذلك أن احملكمة هي وحدها املتحكمة يف إدراج هذا الشرط الذي من شأنه أن
يلزم املفوت إليه باإلبقاء على األموال املفوتة للمدة اليت حددهتا احملكمة ،وهو ما يتعارض مع كون الشرط يف
القواعد العامة من توابع اإللتزام اليت جيب أن يشملها أيضا توافق إرادة طريف العالقة التعاقدية.
ومما تقدم ،فإذا كان واضحا أن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة حد من إرادة املتعاقد يف
التحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي ،فإن هذا التدخل سيمتد أيضا اىل األجال اليت إرتبط هبا اإللتزام التعاقدي من
خالل منح احملكمة سلطة التحكم يف تلك األجال.
وبناء على هذا الطرح فإنه يتضح بداية أن إشراك املشرع للمتعاقدين مع املقاولة يف حتديد األجال اجلديدة للوفاء
باإللتزامات التعاقدية من خالل مسطرة اإلستشارة( )243من املقتضيات اليت ترتاجع فيها حدة أزمة العقد يف
املساطر اجلماعية ،وتراعى فيها مصاحل الدائنني وحرية إرادهتم( ،)244إال أنه سرعان ما يتهدم هذا الطرح ،ذلك أنه
بعد اإلستشارة ،تعرض األجال والتخفيضات املمنوحة من الدائنني خالل اإلستشارة على احملكمة قصد اإلشهاد
-األوىل أن القواعد العامة ال تقصر املساس بإرادة األطراف على التدخل السليب لتعديل ما إرتضته إرادة
أطراف العالقة التعاقدية.
-والثانية هي أنه حىت وإن كانت احملكمة ال ميكنها أن تزيد من مدة هذه األجال ،فإن مساسها بالقوة
امللزمة إلتفاقات األطراف متحققة ال حمالة يف هذه احلالة ،ذلك أن ختفيضها لألجال املمنوحة من خالل
إستشارة السنديك للدائنني ،مت رغما عن إرادة املدين اليت ميكن أن نقول جتاوزا ملا تبنيناه سابقا( )247يعرب
عنها السنديك يف هذه املرحلة.
ومن زاوية أخرى يبدوا أن فرض احملكمة ألجال موحدة على الدائنني الذين رفضوا منح أجال جديدة ،جيسد
بشكل واضح ال يدع جمال للنقاش إلغاء كل دور إلرادة األطراف ،سواء املعرب عنها يف العقد أم الالحقة لذلك،
واليت رفضت منح أجال جديدة ،ذلك أن املادة 115من م ت يف فقرهتا الثانية( )248جاءت واضحة خبصوص
ذلك(.)249
زيادة على ذلك ،تعد قاعدة األجال املوحدة قاعدة مضرة بالدائنني ،خاصة أصحاب اإلمتيازات والرهون ،ألهنا
تؤدي اىل جتميد ضماناهتم وتأميناهتم خالل األجال املوحدة املفروضة ،مما جيعلها مبثابة عقاب للدائنني الذين
رفضوا املوافقة على األجال املقرتحة عليهم من طرف السنديك أثناء اإلستشارة.
وعموما إذا كان نظام املساطر اجلماعية أتقل كاهل الدائنني بتضحيات كبرية ،يف سبيل تكريس أهداف ومرامي
املشرع من وراء سن مقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،فإنه جيب على احملكمة اليت
أما خبصوص احلالة اليت تتجه فيها احملكمة اىل إعتماد خمطط للتفويت ،فإهنا بدورها تعرف تراجعا للقوة امللزمة
للعقد من خالل الصالحية اليت تتوفر عليها احملكمة لتعديل أجال الوفاء باإللتزامات التعاقدية املتعلقة بالعقود
املفوتة يف إطار املخطط ،إذ جند املادة 414من م ت يف فقرهتا الثالثة تنص على أن« :يجب تنفيذ هذه العقود
وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة ،على الرغم من كل شرط مخالف مع مراعاة آجال األداء
التي يمكن أن تفرضها المحكمة ،لضمان التنفيذ السليم للمخطط ،بعد االستماع إلى المتعاقد أو
استدعائه بشكل قانوني ،».ويبدوا أن املشرع مل مييز بني ما إذا كان الدين حال أم مؤجل ،ما يفيد إمكانية فرض
أجال إضافية على الديون احلالة أو تعديل أجال الديون اليت مل حيل أجال الوفاء هبا(.)251
وإذا كان املشرع قد حاول إشراك املتعاقدين مع املقاولة يف عملية تعديل األجال ،ملا أكد على إستماع احملكمة
إليهم ،أو إستدعائهم بصفة قانونية (املادة 411من م ت) ،فإن أحد الباحثني( )252وندعم رأيه هذا ،يرى أن
هذا اإلشراك إمنا هو على سبيل اإلعالم فحسب ،ذلك أن املادة 414من م ت إستعملت عبارة (األجال التي
يمكن أن تفرضها المحكمة) واليت تفيد أن ما تقرره احملكمة من أجال يلزم املتعاقد ،وليس إلرادته يف القبول أو
الرفض أي أثر.
وإذا كان جيب على احملكمة عند البث يف منح األجال أن تأخد بعني اإلعتبار الطبيعة القانونية للعقد املفوت،
فإننا نتساءل عن مدى إمكانية حصول املتعاقد الذي حتمل وزر فرض أجال األداء اجلديدة على التعويض عما
حلق به من أضرار ،خاصة عندما يتضمن العقد األصلي شرطا من هذا النوع؟
جييب أستاذنا حممد أبو احلسني عن هذا التساؤل بالقول بأن أجال األداء املشار هلا يف املادة 414من م ت وإن
كان أثرها يؤدي اىل تأجيل تاريخ إستحقاق الدين ،فإن األجل املفروض من طرف احملكمة ميس فقط األداء
كوسيلة لتنفيذ وإنقضاء اإللتزامات وليس إستحقاق الدين الذي تؤدي املماطلة يف تنفيذه اىل فقدان طابع
إستحقاقه ،فتاريخ اإلستحقاق حيدده األطراف وتعديله من طرف احملكمة يعترب إستثناء من مبدأ تطبيق العقد وفق
(73) J.C.Boulay, "réflexions sur la notion d'originalité de créance" REV, Trim. Dr.com, 1990, P 343
(74) Harie Hélène Monserie, "les contrats dans le redressement et la liquidation judiciaire". LITEC 1994, P 265
( )252معاد لخيار ،م س ،ص 111
6.
الشروط األصلية ،لذلك يرى عدم حتميل املفوت إليه ومعه مسطرة التسوية القضائية األثار املالية (التعويض) لشرط
متديد األجل ،وإال ستصبح هذه الشروط من قبيل املألوف لتعطيل مفعول املادة 414من م ت(.)253
وإن كنا نساير ما ذهب إليه رأي أستاذنا جوابا عن السؤال املطروح ،خاصة يف التربير الذي قدمه يف أخر جوابه،
فإننا نرى أن هذا التعويض كان سيخفف شيئا ما من قسوة املساطر اجلماعية على إرادة الدائن اليت مل يعرها
املشرع أي إهتمام من خالل إحالل إرادة احملكمة حملها للتحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي.
ونلفت اإلنتباه يف األخري أن املشرع الفرنسي ،عدل عن هذا املوقف ،مبقتضى قانون إنقاد املقاوالت الصادر
بتاريخ 14يوليوز ،1111حبيث مل يعد ممكنا للقضاء أن يتدخل من أجل منح مثل هذه األجال بعد حصره
ملخطط التفويت ،ورمبا يكون ذلك إمانا منه بأن األجل املفروض من طرف احملكمة ميس األداء كوسيلة لتنفيذ
وإنقضاء اإللتزام ،ويؤثر من مت يف مبدأ السرعة يف املعامالت بإعتباره من املبادئ الثابتة يف القانون التجاري(.)254
من خالل كل ما تقدم معنا يف هذا املبحث ،يبدوا بارزا أن نطاق القوة امللزمة للعقد يف ضل نظام إجراءات الوقاية
واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،عرف إنتكاسة واضحة من خالل تغليب أهداف املسطرة على كل من قاعدة
نسبية أثار العقد كإحدى القواعد األساسية اليت ينبين عليها العقد ،وعلى ما يتضمنه العقد من إلتزامات تشكل
تعبريا عن إرادة طرفيه ،وعلى سلطة أطرافه يف التحكم يف مدة اإللتزامات املتولدة عنه.
ويبدوا كذلك واضحا أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تبدوا شهيته مفتوحة لإلطاحة
باملزيد من القواعد العامة املؤطرة للعالقات التعاقدية ،وهذا ما سنقف عليه من خالل املبحث املوايل املتعلق بأزمة
القواعد العامة على مستوى جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد.
المبحث الثاني :مظاهر األزمة على مستوى جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد
يشكل عدم تنف يذ العقد خرقا للقانون ،وبالتحديد ملبدأ القوة امللزمة للعقد .من مت يتعني معاقبة املتعاقد املمتنع عن
التنفيذ ،ألن هذا املبدأ يتجرد من كل معىن إذا إستطاع املتعاقد التخلص من إلتزاماته اليت أبرمها مبحض إرادته،
هلذا أعطى املشرع للدائن باإللتزام غري املنفذ مجلة من الوسائل القانونية متكنه من مواجهة املدين املخل وإجباره
على إحرتام إلتزامه( .)255وجاء هبذا اخلصوص ضمن الفقرة األوىل من الفصل 111من ق ل ع أنه« :إذا كان
وهذا يفيد أنه عند عدم التنفيذ الطوعي لإللتزام حيق للدائن أن يلجأ اىل الطرق اليت أقرها القانون إلجبار املدين
على تنفيذ إلتزامه ،فكل إلتزام يشمل واجبا وسلطة اإلجبار على الوفاء به ولو قضاء ،ففي اجملال التعاقدي جيوز
للدائن أن جيرب املدين املماطل على تنفيذ إلتزامه تنفيذا عينيا .إال أننا يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة
من صعوبات املقاولة سنقف على حقيقة أخرى مفادها أن قواعد التنفيذ اجلربي العيين تبدوا معطلة متاما يف ضل
قاعدة وقف املتابعات الفردية (المطلب األول).
وإذا كان الفسخ هو حق املتعاقد يف العقد امللزم للجانبني ،إذا مل يويف املتعاقد األخر بإلتزامه ،يف أن يطلب حل
الرابطة العقدية كي يتحلل هو من إلتزامه .فهو يدخل اىل جانب املسؤولية العقدية يف نطاق اجلزاء الذي يرتتب
على القوة امللزمة للعقد ،غري أن ما يبدوا أيضا هو أن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة
جلأت اىل تعطيل احلقني معا (المطلب الثاني).
الفقرة األولى :وقف ومنع المتابعات الفردية من حيث الحصول على األداء
األصل يف تنفيذ اإللتزامات مبا فيها اإللتزامات التعاقدية أن يتم إختياريا ويف األجل احملدد لذلك( ،)256وإذا حل
األجل احملدد لذلك وإمتنع املدين عن التنفيذ أو متاطل يف ذلك ،جاز للدائن إجباره على التنفيذ ،إذ جند الفصل
111من ق ل ع ينص يف فقرته األوىل على أنه « :إذا كان المدين في حالة َمطْـل كان للدائن الحق في
إجباره على تنفيذ اإللتزام ،مادام تنفيذه ممكنا .»...
( )256ينص الفصل 121من ق ل ع على أنه« :إذا لم يحدد للوفاء باإللتزام أجل معين ،وجب تنفيذه حاال ما لم ينتج ألاجل من طبيعة إلالتزام ،أو من طريقة
تنفيذه ،أو من املكان املعين لهذا التنفيذ.
وفي هذه الحالة يعين ألاجل القاض ي».
11
غري أنه إذا صادفت مطالبة الدائن بدينه خضوع املدين لنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة،
خاصة يف حالة فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية( ،)257فإن مطالبته هاته يكون مصريها عدم القبول ،ويف
هذا الصدد جاء قرار حملكمة النقض ،جاء فيه« :يقع على محكمة الموضوع أن ترد كل دعوى رفعت بعد
الحكم بفتح المسطرة والرامية الى أداء مبلغ من المال ،بحيث ال يبقى للدائن بعد الحكم بفتح المسطرة
في مواجهة مدينه إال التصريح بالدين الى السنديك ،ومواصلة المسطرة في إطار تحقيق الديون دون رفع
النزاع بدعوى مبتدئة أمام القضاء طبقا لمقتضيات المادة 553من م ت التي تمنع كل دعوى قضائية
يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل حكم فتح المسطرة»(.)258
وطبقا ملا جاء يف الفقرة األوىل من املادة 411من م ت( )259املشار هلا يف القرار أعاله ،فإن حكم فتح املسطرة
يوقف ومينع كل دعوى يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل احلكم املذكور يكون موضوعها احلكم على
املقاولة املدينة بأداء مبلغ من املال ،وذلك كيفما كانت طبيعة الدين ،أي سواء كان متعلقا بالنشاط التجاري
للمقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة (دين جتاري او حريف مثال) ،أو كان دينا شخصيا خاصا برئيس املقاولة
وذلك بالنظر اىل عمومية عبارة «ديون» الواردة يف الفقرة األوىل من املادة 411من م ت املشار هلا سابقا(.)260
وعليه ،ال ميكن للدائن بدين نقدي سابق حلكم فتح املسطرة ،إجبار مدينه على الوفاء به ،ويهدف املشرع من
هذا املنع اىل تفادي إستنزاف ما تبقى للمقاولة من أموال أو نقود قد حتتاج إليها يف الظروف الصعبة اليت متر
منها(.)261
وال شك أن هذا املقتضى القانوين يعد خروجا عن القواعد العامة املعمول هبا ،واليت تققضي وكما أشرنا سابقا بأنه
من حق الدائن عندما يصبح دينه حاال ومستحقا ويرفض مدينه الوفاء به أن يلجأ اىل القضاء ملطالبته بذلك،
( )257ذلك أن وقف ومنع املتابعات الفردية بغاية الحصول على ألاداء نجده يترتب أيضا عن ألامر بالوقف املؤقت لإلجراءات الذي يصدره رئيس املحكمة التجارية
في إطار مسطرة التسوية الودية (الوقاية الخارجية).
( )258قرار محكمة النقض عدد ،11..املؤرخ في ،211.-11-1.ملف تجاري عدد 2111-2-1-111
-أورده عمر أزوكار ،قضاء محكمة النقض ،...م س ،ص 111و 116وأيضا ص 616و611
( )259تنص الفقرة ألاولى من املادة 611من م ت على أنه« :يوقف حكم فتح املسطرة ويمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم
املذكور ترمي إلى:
-الحكم على املدين بأداء مبلغ من املال؛
»... -
( )260إبراهيم قادم ،أثار التسوية القضائية على حقوق الدائنين الناشئة ديونهم قبل الحكم بفتح مسطرة املعالجة ،مقال منشور بمجلة القصر ،عدد ،21شتنبر
،211.ص 1.
( )261عبد الرزاق الزيتوني ،م س ،ص 2.1
11
وذلك خمافة إنقضاء الدين حسب ما يقرره القانون املدين الذي يعد أحد مصادر القاعدة القانونية يف املادة
التجارية(.)262
ويدخل يف نطاق الوقف واملنع الذي تقرره الفقرة األوىل من م 411من م ت أيضا الدعاوي اليت ترمي اىل أداء
مبلغ من املال بطريقة غري مباشرة ،وعلى اخلصوص الدعاوي الرامية اىل إجبار املدين على الوفاء بإلتزام بعمل،
حيث أن هذا األخري سواء كان إلتزاما بتحقيق نتيجة أم جمرد بدل عناية( ،)263يتحول عند عدم الوفاء به اىل
تعويض ،فقد جاء يف الفصل 142من ق ل ع ما يلي« :اإللتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء به الى
تعويض ،»...وهو ما حدى مبحكمة النقض الفرنسية( )264اىل إدخال هذا النوع من الدعاوى يف نطاق الفقرة
األوىل من املادة L621-21من مدونة التجارة الفرنسية ،املقابلة للمادة 411من م ت ،أما حمكمة النقض
املغربية ،فإهنا مل تتزحزح عن حرفية نص املادة 411من م ت ،وبالتايل ال تقبل بوقف أو منع الدعاوى الرامية اىل
تنفيذ اإللتزام بعمل ،وهكذا جاء يف إحدى قراراهتا« :المادة 554من م ت تهم الدعاوى الرامية الى الحكم
على المدين بأداء مبلغ مالي أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال ،أما الدعاوى التي تهدف الى غير
ذلك من قبيل القيام بعمل أو اإلمتناع عن القيام بعمل أو فسخ عقد لعدم القيام بعمل كما هو الحال في
النازلة فال تخضع للمادة المذكورة ،وإنما للمادة 555من م ت»(.)265
ومن زاوية أخرى ،يطرح التساؤل حول ما إذا كانت الدعوى الرامية اىل تصفية الغرامة التهديدية ختضع لقاعدة
إيقاف املتابعات الفردية الرامية اىل احلصول على األداء أم ال؟
جييب األستاذ احممد لفروجي( )266عن هذا التساؤل بكون معاجلة هذه املسألة تستدعي التمييز بني الفرتة املمتدة
من تاريخ اإلمتناع عن التنفيذ اىل تاريخ فتح املسطرة وبني الفرتة الالحقة لصدور احلكم القاضي بفتح املسطرة.
ففيما خيص الفرتة األوىل-أي تلك الفاصلة بني تاريخ اإلمتناع عن التنفيذ وتاريخ فتح املسطرة -يرى األستاذ بأن
احملكوم له ميلك احلق يف رفع دعوى فردية ،من أجل طلب تصفية الغرامة التهديدية احملكوم هبا ،وبعد ذلك
التصريح مببلغها اىل السنديك.
وإعتبارا لكل ما تقدم فإن إعمال قاعدة وقف املتابعات الفردية بشكل عام والرامية اىل احلصول على األداء
بشكل خاص ،ميس واقعيا بالقيمة االقتصادية للحقوق ،بالنظر ملا يرتتب عنها من تعطيل وتأخري يف حصول
الدائنني السابقني على احلكم بفتح مسطرة التسوية القضائية على حقوقهم طوال فرتة املالحظة اىل غاية إعداد
احلل الدائم للمقاولة املتعثرة(.)267
وميكن القول أيضا أنه ما دام الفقه املدين يعترب التنفيذ اجلربي هو اخلاصية املميزة لإللتزام املدين عن اإللتزام
املعنوي ،ويصف هذا اإللتزام األخري باإللتزام الناقص لعدم إمكانية إجبار املدين به على الوفاء ،فإنه ميكن أن
نقول مع أحد الباحثني( )268أن اإللتزام النقدي الناشئ قبل احلكم بفتح املسطرة جعلت منه قاعدة وقف
املتابعات الفردية إلتزاما ناقصا.
ويف األخري لبد من اإلشارة أن ما تقدم ليس إال جزء من قاعدة وقف املتابعات الفردية اليت جاءت هبا املادة
411من م ت ،ذلك أن القاعدة املذكورة توقف ومتنع أيضا كل إجراء للتنفيذ يقيمه الدائنون على منقوالت
وعقارات املدين.
أما إذا رفض املدين تنفيذ احلكم بعد صدوره ،وإشعاره من طرف الدائن وإلتجأ هذا األخري اىل مصلحة التنفيذ
باحملكمة اليت أصدرت احلكم املراد تنفيذه لتنفيذه ،فإننا نكون أما حالة التنفيذ اجلربي(.)270
وملا كانت املساطر اجلماعية هتدف كما سبق أن أشرنا يف حمطات سابقة اىل تسوية وضعية املقاولة املدينة عن
طريق إخضاع دائنيها الذين تعود ديوهنم اىل ما قبل صدور احلكم بفتح املسطرة ،إلجراءات مجاعية ،فإن ذلك
( )267محمد العلواني ،أثار حكم فتح التسوية القضائية على التأمينات العينية ،مقال منشور باملجلة املغربية للدراسات وإلاستشارات القانونية ،العدد الرابع-
،2111مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،ص 11
( )268معاد لخيار ،م س ،ص 66
( )269فالتنفيذ إلاختياري هو لجوء املدين الى الوفاء بما إلتزم به ،سواء صدر الحكم بإلزامه أم ال.
( )270عبد العزيز توفيق ،موسوءة قانون املسطرة املدنية والتنظيم القضائي (الجزء الثالث) ،مطبعة النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،توزيع مكتبة الرشاد-سطات،
الطبعة الثالثة ،2111ص .1121
11
يقتضي أن يتم منع كل واحد من هؤالء الدائنني من سلوك أو اإلستمرار يف سلوك إجراءات فردية هادفة اىل
التنفيذ على األموال املنقولة والعقارية هلذه املقاولة مهما كانت طريقة التنفيذ(.)271
وتأسيسا على ذلك وإستنادا اىل الفقرة الثانية من املادة 411من م ت ،فإن احلكم بفتح املسطرة يوقف ومينع كل
إجراء للتنفيذ يقيمه الدائنني أصحاب ديون نشأت قبل ذلك (أي قبل احلكم) على منقوالت أو عقارات املدين،
وذلك لتفادي أي تسابق من شأنه أن خيل باملساواة بني الدائنني ،وكذلك لتفادي ما ميكن أن حييط هبذه
اإلجراءات من حماباة لفائدة بعض الدائنني على حساب البعض األخر ،وتفادي إستنزاف األموال اليت حتتاج إليها
املقاولة يف هذه الظروف الصعبة(.)272
وهكذا ،فإذا كان الفصل 2162من ق ل ع ينص على أنه« :أموال المدين ضمان عام لدائنيه ،»...حبيث
خيول الضمان العام للدائن إقتضاء حقه من أموال مدينه ،ويف سبيل ذلك منحه املشرع عند إمتناعه عن التنفيذ
بشكل حيب سلوك إجراءات التنفيذ ،عن طريق احلجز على أمواله ،فإن حقه هذا أصبح عدمي األثر بعد فتح
املسطرة يف مواجهة مدينه ،إذ يرتتب عن حكم فتح املسطرة جمموعة من األثار من بينها تلك القاعدة املنصوص
عليها يف الفقرة الثانية من املادة 411من م ت.
وينبغي اإلشارة أن هذه القاعدة جاءت عامة وشاملة لكل إجراءات التنفيذ( ،)273سواء كان حجزا تنفيذيا على
املنقوالت( )274أو العقارات( ،)275أم حجز ما للمدين لذى الغري( ،)276إال أن اإلشكال يطرح خبصوص احلجز
التحفظي ،ومدى إمكانية القول بأن قاعدة وقف ومنع إجراءات التنفيذ جتبه أيضا بالنظر اىل عمومية صياغة املادة
411من م ت؟.
جوابا على هذا التساؤل نورد قرارين حملكمة النقض (اجمللس األعلى سابقا) ،األول جاء فيه« :إن المحكمة التي
إعتبرت بأن حكم فتح المسطرة يوقف كل إجراءات التنفيذ ،ولو تعلق األمر بالحجوز ،سواء كان حجزا
( )271امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة ،م س ،ص 21و.21
( )272عمر السكتاني ،م س ،ص 6.
( )273امحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة ،م س ،ص 21
( )274إن الحجز التنفيذي باإلضافة الى ما يترتب عليه من وضع املال املحجوز تحث يد القضاء ،فإنه يؤدي الى غل يد املحجوز عليه عن إدارة املحجوز ويؤدي
مباشرة الى بيعه وإستفاء دين الحاجز من ثمنه في حالة عدم أداء املدين املبالغ املحكوم بها عليه بعد إعذاره.
والحجز التنفيذي قد يقع على املنقوالت (الفصول 161الى 16.من ق م م) ،كما يقع على املنقوالت املعنوية كامأصل التجاري بجميع عناصره املعنوية واملادية أو
على العناصر املادية وحدها إذا كانت كافية مأداء الدين.
-عبد العزيز توفيق ،م س ،ص 1111و.111.
( )275كما يمكن أن يقع الحجز التنفيذي أيضا على العقارات (الفصول 16.الى 16.من ق م م)
( )276الحجز لدى الغير ،هو إجراء يلجأ إليه الدائن لحجز مال مملوك ملدينه بين يدي مدين هذا ألاخير.
-عبد العزيز توفيق ،م س ،ص 111.
11
تنفيذيا أو تحفظيا ... ،تكون قد طبقت مقتضيات المادة 553من م ت تطبيقا سليما ،)277(».والثاين جاء
فيه« :الحجز التحفظي وإن تحدثت عنه نصوص قانون المسطرة المدنية في القسم المخصص لطرق
التنفيذ فإنما هو مجرد إجراء تحفظي ال تأثير له على سير المسطرة الجماعية .)278(»...
وحىت يف ضل هذا التوجه األخري حملكمة النقض الذي يعترب احلجز التحفظي خارج نطاق املادة 411من م ت،
فإن هذا احلجز يتعرض لقيد أخر هو قاعدة منع تقييد الضمانات املنصوص عليها يف املادة 444من م ت(،)279
لذلك جند الفقه( )280جيمع على مشول املادة 411من م ت للحجز التحفظي.
وعموما إذا كان يبدوا جليا مما تقدم أن مبدأ الضمان العام الذي ميلكه الدائنني أصحاب الديون التعاقدية بشكل
خاص ،على أموال مدينهم والذي تشكل احلجوز الوسيلة الناجعة يف حتقيقه ،قد مت إستبعاده لغاية حتقيق أهذاف
املسطرة ،فإن األمر مل يقف عند هذا احلد ،بل سيمتد أيضا اىل الدائنني أصحابا الضمانات اخلاصة.
وهكذا ،فإذا كان القانون التجاري امللغى ،يقصر قاعدة وقف املتابعات الفردية على الدائنني العادين والدائنني
أصحاب اإلمتيازات العامة الناشئة ديوهنم قبل احلكم بشهر اإلفالس ،دون الدائنني أصحاب اإلمتيازات اخلاصة
وأصحاب الرهون ،ملا يتمتع به هؤالء من أفضلية وأسبقية وحق تتبع األموال املرهونة أو ذات اإلمتياز اخلاص
إلستفاء ديوهنم( ،)281فإنه وخالفا لذلك جند املدونة احلالية أوسع نطاق من حيث القاعدة املذكورة ،حبيث مل متيز
املادة 411من م ت بني الدائنني العادين وبني أصحاب الضمانات ،ومل تعر هؤالء األخريين احلماية اليت حترص
األحكام العامة على إحاطتهم هبا ،إذ تشهد حقوقهم يف ضل املساطر اجلماعية حتجريا وتقزميا يفقدها طابعها
اإلمتيازي الذي تتسم به يف ضل القواعد العامة(.)282
غري أنه إذا كانت الضمانات اخلاصة تصنف حسب التقسيم الرئيسي والكالسيكي اىل ضمانات عينية،
وضمانات شخصية( ،)283فإن الكفالة بإعتبارها أبرز الضمانات الشخصية يف الواقع العملي ،تنفلت من قبضة
( )277قرار محكمة النقض عدد ،1.بتاريخ ،2111-11-1ملف تجاري عدد ،1-.1.منشور باملجلة املغربية لقانون الاعمال واملقاوالت ،عدد ،11ص 11وما يليها.
( )278قرار محكمة النقض عدد ( 111.صادر عن غرفتين) ،بتاريخ ،2111-12-21في امللف التجاري عدد ،11-121.منشور بمجلة قرارات املجلس ألاعلى بغرفتين
أو بجميع الغرف ،للمستشار إدريس بلمحجوب ،الجزء الرابع ،ص 212وما يليها .أورده محمد بفقير ،مدونة التجارة والعمل القضائي املغربي ،مطبعة النجاح
الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة الثالثة ،2111ص .161
-في نفس إلاتجاه سار قرار محكمة النقض عدد ،1..الصادر بتاريخ ،211.-11-2.في امللف عدد ،16-2116منشور بمجلة امللف عدد ،11ص 122
وما يليها.
( )279تنص املادة 666من م ت على أنه« :ال يمكن تقييد الرهون الرسمية وال الرهن وال الامتيازات بعد الحكم بفتح املسطرة».
( )280أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية ،...الجزء الثاني ،م س ،ص .211
- George Ripert et Roné Roblot, Traite de droit commercial, Tom 2, 14 éme édition 1996, L.G.D.G. P 977
( )281أحمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية ،...الجزء الثالث ،م س ،ص .211
( )282حياة حجي ،نظام الضمانات وقانون صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة) ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع-الرباط ،الطبعة ألاولى ،2112ص 111
( )283أنظر بهذا الخصوص :حياة حاجي ،م س ،ص 11
11
قاعدة وقف املتابعات الفردية ،حسب الرأي الراجح فقها وقضاء( ،)284وبالتايل ال تشكل قاعدة وقف املتابعات
الفردية يف شقها املتعلق بوقف إجراءات التنفيذ حاجزا أما حتقيق هذه الضمانة.
يف حني أنه إذا بادر الدائن اىل إنشاء رهن كضمانة عينية على مال من أموال املدين لضمان دين عليه-دين ناشئ
عن عقد مثال -حبيث يرتب له إمتيازا خاصا ميكنه من إستيفاء دينه باألولوية بعيدا عن أي تزاحم أو منافسة من
قبل الدائنني ،وذلك مبجرد سلوكه مسطرة حتقيق الرهن ،فإنه مبجرد فتح مساطر املعاجلة يف مواجهة مدينه يتبخر
حقه هذا.
وهكذا فقد جاء يف إحدى قرارات حمكمة اإلستئناف التجارية بفاس« :إن البنك الذي وجه إنذارا عقاريا
للمدين تم عمد الى تحويله الى حجز تنفيذي من أجل بيع العقارات موضوع الرهن وإستخالص دينه من
الثمن ،تم أصبح هذا المدين بعد اإلنذار العقاري تحث نظام التسوية القضائية ،وصرح البنك لدى
السنديك بالدين موضوع اإلنذار العقاري ،كل ذلك يصبح خاضعا لقاعدة وقف المتابعات الفردية
()285
المنصوص عليه في المادة 553من م ت».
وعليه ،فإن الضمانات اخلاصة مبا توفره للدائن من حقوق ،وما تدعم به قوة العقد امللزمة ،مستعصية على
التحقيق ،ليجد الدائنون أصحاب الضمانات أنفسهم جمرد دائنني عادين ،ليس هلم سوى العودة اىل الضمان العام
واملعطل بدوره( )286كما أسلفنا الذكر.
ويف األخري لبد من اإلشارة اىل أن قاعدة وقف املتابعات الفردية مل تستنفذ بعد مجيع أثارها الرامية اىل تعطيل حق
الدائن يف املطالبة مبا له على مدينه ،إذ سنجدها تساهم أيضا يف تعطيل حقه يف التخلص من العقد الذي مل يلتزم
املدين بتنفيذ ما التزم به من خالله ،وذلك من خالل حرمانه من جزاء الفسخ ،واىل جانب ذلك سنجد قواعد
نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة سيمتد مفعوهلا أيضا اىل تعطيل قواعد املسؤولية العقدية.
( )284أنظر بخصوص هذا املوقف :حياة حجي ،م س ،ص 1..الى 1.1
بمجلة املحاكم التجارية عدد 1و 1فبراير منشور ي
( )285قرار محكمة إلاستئناف التجارية بفاس ،عدد ،126بتاريخ ،211.-11-22ملف تجار عدد ،16-1111
،211.ص .111
-أوردته مريم بلهوان ،تأثير صعوبات املقاولة على مركز العقار ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع-الرباط ،الطبعة ألاولى ،2116ص 21و21
( )286معاد لخيار ،م س ،ص ..1
16
المطلب الثاني :تعطيل قواعد الفسخ والمسؤولية العقدية
ال شك أن حق الدائن يف املطالبة بفسخ العقد عند عدم تنفيذ املدين لإللتزامه ،حق تقره القواعد العامة سواء كان
فسخا إتفاقيا أو قضائيا ،إال أننا نصادف مبجرد فتح املسطرة يف مواجهة املدين ،قواعد جتعل هذا احلق غري جمدي
وتؤدي اىل تعطيل احلق يف ممارسته (الفقرة األولى).
ومن جهة أخرى يبدوا واضحا أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جتاهل قواعد
املسؤولية العقدية حينما سكت عن إقرار حق املتعاقد يف التعويض الذي مل خترت احملكمة تفويت عقده (الفقرة
الثانية).
والقاعدة أن الفسخ يقع مبقتضى حكم من القضاء( ،)288وجيوز أن يتفق املتعاقدان على أن يعترب العقد مفسوخا
من تلقاء نفسه عند عدم قيام أحد املتعاقدين بتنفيذ إلتزامه ،ويف هذه احلالة يقع الفسخ مبقتضى اإلتفاق .ومن مت
يكون الفسخ من حيث طريقة وقوعه إما قضائيا او إتفاقيا( ،)289إال أن هذه القاعدة ستعرف تعطيال يف ضل
قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،فأول ما ينبغي مالحظته هو ما تنص عليه املادة
111من م ت يف فقرهتا الثانية واليت جاءت بالقول « :يجب على المتعاقد أن يفي بإلتزاماته رغم عدم وفاء
المقاولة بإلتزاماتها السابقة لفتح المسطرة ،وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين
حق التصريح بها في قائمة الخصوم ،».وهو ما يفهم منه أهنا تقصي ضمنيا تلك اإلمكانية أو مبفهوم أدق ذلك
احلق الذي ختوله القواعد العامة للمتعاقد يف الدفع بعدم تنفيذ إلتزامه يف حالة عدم تنفيذ املتعاقد معه إللتزامه.
وأيضا طلب فسخ العقد كوسيلة للضغط ووسيلة لضمان حقوقه( ،)290وذلك إستنادا اىل الفصل 111من ق ل
ع(.)291
وعموما ميكن القول أن الفقرة الثانية من املادة 111من م ت تعترب مبثابة األحكام العامة ملا ميكن وصفه بأزمة
قواعد الفسخ يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،ذلك أن ما سبق ذكره يف ضل املادة
نفسها وأيضا املادة 411من م ت املتعلقة بقاعدة وقف املتابعات الفردية كما سنرى فيما بعد ،ما هو إال شرح
للقاعدة اليت جاءت هبا تلك الفقرة.
وهكذا جند املادة 111من م ت يف فقرهتا األخرية تنص على أنه« :ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية
القضائية ...فسخ العقد ،على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي .».ومؤدى هذه الفقرة أهنا
تلغي كل نص يقضي بكون العقد يقع حتث طائلة الفسخ مبجرد فتح مسطرة التسوية القضائية يف مواجهة
املتعاقد ،وما يقال خبصوص النص يقال خبصوص تضمني العقد شرطا يؤدي اىل فسخ العقد يف نفس الظروف.
ويبدوا أن أول نص تقصيه هذه الفقرة هو الفصل 111من ق ل ع الذي يعطي للدائن احلق يف طلب الفسخ
إذا كان املدين يف حالة مطل يف تنفيذ اإللتزام التعاقدي ،وهو ما يتحقق يف حالة فتح مسطرة املعاجلة يف مواجهة
املدين ،فما ذلك إال قرينة على توقفه عن الدفع الذي ينم عن مطل يف أداء اإللتزامات املرتتبة عن العالقات
التعاقدية.
وخبصوص الشرط الفاسخ ،فإن كان واضحا أن الفقرة األخرية من املادة 111من م ت تفرغه من كل أثر ،مما
جيعل إرادة األطراف املعرب عنها عند التعاقد ،واليت تشكل حسب الفصل 111من ق ل ع( )293مصدر قانون
حيكم عالقة طريف العقد غري جمدية يف ترتيب أثاره واليت يشكل الشرط الفاسخ إحدى هذه األثار ،فإننا سنقف
عند إشكالية تبدوا أكثر أمهية من تعطيل الشرط الفاسخ ذاته ،ذلك ان الفصل 215من ق ل ع( )294ينص
= وعالوة على ذلك تطبق القواعد املقررة في ألابواب املتعلقة بالعقود الخاصة.
ال يقع فسخ العقد بقوة القانون ،وإنما يجب أن تحكم به املحكمة» .
( )292عبد العزيز تريد ،أثار الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية على املتابعات الفردية ،مقال منشور بمجلة املعيار ،عدد -11يونيو ،2111ص 21
( )293ينص الفصل 211من ق ل ع على أنه« :إلالتزامات التعاقدية املنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ،وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما
معا أو في الحاالت املنصوص عليها في القانون».
( )294ينص الفصل 11.من ق ل ع على أنه« :كل شرط يقوم على ش يء مستحيل أو مخالف لألخالق الحميدة أو للقانون يكون باطال ويؤدي إلى بطالن إلالتزام الذي
يعلق عليه .وال يصير إلالتزام صحيحا إذا أصبح الشرط ممكنا فيما بعد».
1.
على أن كل شرط يقوم على شيء خمالف للقانون يكون باطال ويؤدي اىل بطالن اإللتزام الذي علق عليه .وبالتايل
نتساءل أوليس الشرط الذي ينص على فسخ العقد مبجرد فتح مسطرة التسوية القضائية يعد خمالفا للفقرة األخرية
من املادة 111من م ت؟ ،مما سترتتب عنه إستنادا اىل هذه القاعدة العامة القول ببطالن مجيع العقود اليت ترتبط
هبا املقاولة واملتضمنة ملثل هذا الشرط .ونشري إىل أننا مل نصادف أي رأي فقهي ملح اىل هذه اإلشكالية.
وبالعودة جمددا اىل الفسخ اإلتفاقي الذي قلنا بأن املادة 111من م ت يف فقرهتا األخرية تلغي أي أثر له ،فإنه
ينبغي التوضيح أوال أن هذا الفسخ يتخذ مظهرين( ،)295أوهلما أن يتفق األطراف على أن يكون العقد مفسوخا
من تلقاء نفسه عند عدم الوفاء باإللتزام ،وهو ما عرب عنه يف الفصل 141من ق ل ع الذي جاء فيه« :إذا
اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ بقوة القانون ،بمجرد
عدم الوفاء ،».وثانيهما هو حني يدرج األطراف شرطا يعلق فسخ العقد على حتقق واقعة معينة ،ويف هذه احلالة
ينتج الفسخ عن تنفيذ الشرط كوصف يف العقد ال كأثر لعدم التنفيذ ،وهو ما يستفاد من الفقرة األوىل من الفصل
211من ق ل ع اليت جاء فيها« :الشرط تعبير عن اإلرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع ،إما
وجود اإللتزام أو زواله.».
ويف هذا اإلطار جند أحد الباحثني( )296جانب الصواب يف رأيه حني إعترب أن التعطيل الذي متارسه الفقرة األخرية
من املادة 111من م ت ال يهم سوى النوع الثاين من الفسخ ،أي الفسخ الناتج عن حتقق واقعة معينة ،وهي يف
هذه احلالة واقعة فتح املسطرة ،أما الشرط الفاسخ املقصود من خالل الفصل 141من ق ل ع ،فهناك جمال
إلعماله .ويكفينا للرد عن رأيه هذا أن نتبىن رد أحد الباحثني( )297على الرأي السابق بالقول أن مقتضيات الفقرة
الثانية من املادة 111من م ت أغلقت كل املنافد على التفسريات الضيقة للفقرة األخرية من نفس املادة ،حني
ألزمت املتعاقد بالوفاء بإلتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بإلتزاماهتا السابقة لفتح املسطرة ،لذلك ال ميكن إثارة الشرط
()298
الفاسخ مهما كانت دواعيه ،على أن ال يتحقق قبل فتح املسطرة
ويبدوا أيضا أن تعطيل مؤسسة الفسخ ال يتوقف عند حدود ما جاءت به املادة 111من م ت ،بل جند أيضا
املادة 411من نفس املدونة تنص يف فقرهتا األوىل على أنه« :يوقف حكم فتح المسطرة ويمنع كل دعوى
قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور ترمي إلى... :
وإذا كان واضحا أن نطاق تعطيل هذه الفقرة ملؤسسة الفسخ ميكن حتديده يف حالة املطالبة بفسخ عقد لعدم أداء
مبلغ مايل ،ويف كون هذا املبلغ كان مستحقا قبل احلكم بفتح املسطرة .وبالتايل فاملطالبة بفسخ العقد لعدم تنفيذ
إلتزامات أخرى غري أداء مبلغ مايل أو كون هذا املبلغ أصبح مستحقا بعد احلكم بفتح املسطرة ،ال يطاهلا
التعطيل ،فإننا نبدي مالحظتني نرى أهنا ستوضحان أكثر ،مدى عمق األزمة اليت تعيشها قواعد الفسخ يف ضل
نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة:
-أوال ،فحىت يف احلالة اليت ميكن فيها املطالبة بفسخ العقد إستنادا اىل سبب أخر غري عدم أداء مبلغ مايل،
فإنه ميكن غلق هذه النافدة اليت تركتها املادة 411من م ت يف وجه الدائن إذا قرر السنديك مواصلة
تنفيذ العقد إستنادا اىل املادة 111من نفس املدونة.
-ثانيا إذا كان يستفاد من املادة 411من م ت أن الدائنني أصحاب الديون الناشئة بعد حكم فتح
املسطرة ،واليت تكون غالبا ناجتة عن عقود جارية( )299ميلكون مجيع األسلحة اليت ختوهلا هلم القواعد
العامة ملطالبة مدينهم (املقاولة) مبا يف ذلك املطالبة بفسخ عقد لعدم أداء مبلغ مايل ،فإننا نرى من وجهة
نظرنا ان إعمال هذا احلق سيفرغ املادة 111من م ت من كل قيمة ،لذلك نرى أن إمتالك الدائن بدين
ناشئ بعد حكم فتح املسطرة لكل ما تقره القواعد العامة جيب إستبعاد مؤسسة الفسخ منه نظرا
لتعارضها مع فلسفة العقود اجلارية.
من كل ما تقدم يتضح أن جزاء القوة امللزمة للعقد املتمثل يف الفسخ يبدوا بال قيمة يف ضل سعي املشرع اىل
احلفاظ على شبكة العالقات التعاقدية اليت تربط املقاولة مع حميطها اإلقتصادي بالرغم من كون أن املقاولة ختل
بإلتزاماهتا اليت تربطها مع هؤالء ،وهذا اإلخالل قد يثري أيضا مسؤوليتها العقدية ،إال أن املشرع يف نظام إجراءات
الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يبدو أنه سيتجه أيضا اىل إسقاط هذه املسؤولية عن املقاولة رغم كوهنا
تشكل جزء ال يتجزأ من القوة امللزمة للعقد اليت تقرها القواعد العامة.
الفقرة الثانية :تغييب التعويض عن الضرر الناتج عن عدم إختيار تفويت العقد
تعترب تقنية تفويت العقود يف إطار املادة 414من م ت عملية إنتقالية ال تشمل سوى العقود اليت تعترب ضرورية
للحفاظ على النشاط ،وهذا األمر يظهر أطرافا متعاقدة وطائفة أخرى يقصيها احلكم القضائي من نطاق التفويت
نتيجة إستبعاد احملكمة تفويت العقود اليت هم طرف فيها ،لتنتظرهم وضعية غري واضحة املعامل(.)300
( )299نجد الى جانب هذه العقود ،العقود التي أبرمتها املقاولة بعد حكم فتح املسطرة بشكل قانوني.
( )300محمد أبو الحسين ،م س ،ص 111
.1
وهذه الضبابية اليت تكتنف مصريهم جتعلنا نتساءل ،هل حاول مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات
املقاولة أن حيد من قساوة هذا اإلقصاء مبنحهم احلق يف التعويض إستنادا اىل القواعد العامة يف جمال املسؤولية
العقدية؟
يبدوا مند أول وهلة ،أنه وعلى خالف املادة 111من م ت اليت تنص على أن عدم تنفيذ العقد ميكن أن يؤدي
اىل فتح باب دعوى التعويض الذي سيدرج مبلغه يف قائمة اخلصوم ،فإن املادة 414من نفس املدونة ،واملشار هلا
أعاله ،ضلت صامتة عن مصري العقد الذي ال يشمله التفويت.
وأمام هذا الواقع يرى أحد الباحثني( )301أنه ال جمال للقول بوجوب تعويض صاحب العقد الذي أقصاه احلكم
من نطاق التفويت ،وذلك إلعتبارين أساسني:
-األول يتجلى يف سكوت املادة 414من م ت ،وهذا الصمت حيمل على أنه رفض من املشرع متتيع
املتعاقد هبذا احلق.
-الثاين فيتجلى يف كون التخلي عن تنفيذ العقد يف إطار مقتضيات املادة 111من م ت يعترب تصرفا
قانونيا صادرا عن السنديك الذي يعترب يف أول وأخر املطاف ممثال للمقاولة اخلاضعة للمسطرة ،على
عكس احلكم القضائي الذي حيصر خمطط التفويت والذي يتم مبوجبه العدول عن حوالة بعض العقود،
حيث يعترب هذا األخري قرار خارج إرادة املقاولة املفوتة.
يف ضل هذا الرأي نتساءل جمددا ،هل فعال ال يشكل عدم متتيع املتعاقد الذي صدر احلكم القاضي برفض تفويت
عقده باحلق يف التعويض خروجا عن القواعد العامة للمسؤولية العقدية؟
يف نفس سياق الرأي السابق ،وإجابة عن السؤال املطروح ،يرى أستاذنا حممد أبو احلسني( )302أنه وإن كان فعال
أن عدم التفويت يلحق أضرارا باملتعاقد( ،)303فإن القول حبقه يف احلصول على تعويض تعوقه موانع مادية وأخرى
قانونية:
-فبالنسبة للموانع املادية فهو يساير فيها الرأي السابق ،بقوله أن سكوت املشرع من خالل املادة 414
من م ت ،قد يرتجم برفض املشرع اإلعرتاف باحلق يف التعويض .ويضيف أن عدم تدخل إرادة األطراف
يف عملية عدم التفويت جيعل الشخص املدين بالتعويض غري موجود ،وبالتايل فإن التعويض عن إهناء
يبدوا واضحا أن أستاذنا من خالل رأيه هذا يقر بأن حرمان املتعاقد الذي مل يتم تفويت عقده من التعويض ،ال
يشكل خروجا عن القواعد العامة ،ألن شروط املسؤولية واحلالة هاته غري متوفرة.
غري أننا ال نتفق مع رأي أستاذنا ومعه الرأي الذي أوردناه قبله ،إذ نرى أن شروط املسؤولية العقدية تنطبق متام
املطابقة مع حالة عدم إختيار احملكمة تفويت العقد ،وسنوضح ذلك من خالل تفحص أركان املسؤولية العقدية
وشروطها ،وتنزيلها على احلالة حمل الدراسة.
فبخصوص ركن اخلطأ العقدي ،جند القواعد العامة تتطلب فيه توافر ثالثة أمور أساسية( ،)304األمر األول عدم
إجراء التنفيذ العيين الكامل لإللتزام ،األمر الثاين حصول هذا اإلخالل باإللتزام (اخلطأ) لسبب يعزى اىل املدين،
األمر الثالث إستمرار إخالل املدين بإلتزامه اىل ما بعد إعذاره.
فإذا كان األمر األول والثالث ،ال يطرحان أي إشكال ،فإن القول خبصوص األمر الثاين ،بأن اإلخالل ال ميكن
نسبه اىل املدين ،بل هو ناتج عن حادث أجنيب متمثل يف احلكم الصادر عن احملكمة الذي قرر عدم التفويت،
يعد أمر مردود ،ذلك أن القواعد العامة تشرتط لقيام السبب األجنيب ،توافر شرطني ،أحدمها أال يكون للمدين يد
يف حصوله (أي حصول السبب األجنيب) ،ومل يكن يف وسعه تفاديه أو درء نتائجه ببدل اجلهد املعقول ،وهو ما
( )304أنظر بهذا الخصوص :إدريس العلوي العبدالوي ،م س ،ص 611الى .611
.2
ال جنده متوفرا يف العديد من احلاالت اليت يكون فيها املدين سيء النية ،وهو من أدى بنفسه اىل الوصول اىل
احلالة اليت تستوجب فتح املسطرة من األساس يف مواجهته.
وتزكية هلذا الطرح جند الفصل 144من ق ل ع ينص على أنه« :المدين الموجود في حالة مطل يكون
مسؤوال عن الحادث الفجائي والقوة القاهرة ،».فحىت لو سلمنا برأي أستاذنا يف هذا الصدد ،فإنه عندما خيتار
السنديك مواصلة عقد ما إستنادا اىل املادة 111من م ت ،يستعيد املتعاقد خبصوص األثار اليت سريتبها العقد
بعد ذلك كافة الضمانات اليت ختوهلا له القواعد العامة ،وبالتايل يف احلالة اليت يتوقف فيها السنديك أو رئيس
املقاولة حسب احلالة عن تنفيذ إلتزامات املقاولة املرتتبة عن العقد املقرر مواصلة تنفيذه واليت رتبت أثارها بعد
اخليار باملواصلة ،يرتتب عنه إعتبار املدين (املقاولة) يف حالة مطل ،وهو ما سيغطي حالة إختيار احملكمة التخلي
عن العقد عند حصرها ملخطط التفويت ،إستنادا اىل الفصل 144من ق ل ع املشار له أعاله.
أما خبصوص ركن الضرر فقد أشار أستاذنا بأن حكم احملكمة غري متوقع ،وبالتايل فإن القواعد العامة تشرتط أن
يكون الضرر يف إطار قواعد املسؤولية العقدية ضررا متوقعا ،إال أن رأي أستاذنا أغفل أن هذا الشرط أوردت عليه
القواعد العامة إستثناء يتعلق باحلالة اليت يكون فيها اإلخالل ناتج عن غش املدين أو خطأه اجلسيم ،فإن كان
احلكم غري متوقع فإنه بالكاد ناتج يف غالب احلاالت اليت تفتح فيها املسطرة يف مواجهة املدين عن خطأه
اجلسيم ،إن مل نقل عن غشه.
وتبقى أهم نقطة مل ينتبه إليها رأي أستاذنا ،هي أن اإلرادة هي اليت أنشأت العقد وحددت أثاره ،واملسؤولية
العقدية هي إحدى هذه األثار ،وعليه فإن اإلرادة اليت تنشأ املسؤولية تستطيع كذلك أن تعدل قواعدها يف حدود
النظام العام واألداب ،ومن مت جيوز للمتعاقدين أن يتفقا على تعديل قواعد هذه املسؤولية ،فلهما أن يتفقا على
التشديد من هذه املسؤولية ،ولو كان ذلك اىل حد حتميل املدين املسؤولية عن السبب األجنيب(.)305
ويف األخري بدا واضحا أن أركان املسؤولية العقدية متوفرة يف احلالة اليت تقرر فيها احملكمة عدم تفويت العقد لعدم
ضرورته يف إستمرارية النشاط ،وهذا املربر يبدوا ان املشرع جعله هو األساس يف إهناء حياة العقد ،إال أنه ال يعد
من املنطق القول بأنه هو سبب عدم تنصيصه على وجوب تعويض املتعاقد عند التخلي عن موصلة عقده مع
املفوت إليه ،بل كان سبب ذلك هو عدم رغبة املشرع يف إستنزاف مثن التفويت ،الذي يعلم بأنه يف غالب
األحوال قد ال يكفي حىت لسداد املصاريف القضائية والديون اإلمتيازية ،فما بالك بالتعويض .إال أنه كيفما كان
.1
خاتمة:
ال شك يف أن قواعد الكتاب اخلامس من مدونة التجارة أو ما يعرف بنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من
صعوبات املقاولة ،خاصة يف بنودها اليت متس الروابط التعاقدية ،تشكل مبنطق وبفلسفة وبضوابط علم التشريع إن
صح القول ،نصوصا خاصة تعترب إستثناء أو تطبق باألولوية على النصوص العامة املتحكمة أو املؤطرة للروابط
العقدية.
وحنن ال ننكر ذلك ،إال أنه يف الكثري من احلاالت ،وكما بينا من خالل حماور هذا البحث املتواضع جند قواعد
هذا النظام (أي نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة) ال ميكن وصفها بكوهنا جمرد إستثناء يطبق
باألولوية على القاعدة العامة ،بل جتاوزت هذا املنطق وأسست مبدأ جديد يتحكم يف حياة العقد ،هذا املبدأ ال
ميكن تصوره جنبا اىل جنب مع مبدأ سلطان اإلرادة الذي يتحكم يف الروابط العقدية يف ضل القواعد العامة من
خالل نتائجه الثالث (احلرية التعاقدية ،القوة امللزمة للعقد ،نسبية أثار العقد) ،وهذا املبدأ هو مبدأ نفعية العقد.
وميكننا ان نكون أكثر جرأة ونقول بأن هذا املبدأ (أي مبدأ نفعية العقد) إنبعث على أنقاض مبدأ سلطان اإلرادة
مبفهومه ومقوماته الكالسيكية .فإن كنا من خالل هذا البحث حبثنا عن مكامن ومظاهر أزمة القواعد العامة
للتعاقد يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ،وهو ما بيناه من خالل دراسة القواعد
املتحكمة يف تكوين العقد وحتديد مصريه وكذا ترتيب أثاره يف ضل تأثرها بقواعد هذا النظام ،حبيث وقفنا من
خالل هذه الدراسة على جمموعة من األزمات اليت خلقتها قواعد هذا النظام يف قواعد نظرية العقد اليت يشكل
مبدأ سلطان اإلرادة عمودها الفقري ،فإننا توصلنا اىل نتيجة مفادها أن التشريعات احلديثة واليت يشكل الكتاب
اخلامس من مدونة التجارة تطبيق من تطبيقاهتا أحدثت تغيريا جذريا يف األسس الفلسفية اليت يقوم عليها مبدأ
سلطان اإلرادة.
فإن كان مبدأ سلطان اإلرادة يقدس حرية الفرد وإرادته ويعتربها أساس العالقات التعاقدية ،وجعل من تدخل
الدولة يقتصر على محاية هذه اإلرادة ،فإن الكتاب اخلامس من مدونة التجارة ،ومن خالل املبدأ الذي إستحدته
–مبدأ نفعية العقد -للتحكم يف العالقات التعاقدية اليت ترتبط هبا املقاولة املوجودة يف حالة صعوبة ،رسم للعقد
أسس جديدة جتعل منه خادما للمصلحة العامة بعيدا عن املصلحة الفردية الضيقة ألطرافه.
فالعقد يف ضل مبدأ نفعية العقد له أبعاد إجتماعية وإقتصادية ،فبعده االجتماعي يتجسد من خالل تطويع العقد
خلدمة املصلحة االجتماعية للمقاولة من خالل احملافظة على الروابط التعاقدية اليت ستؤدي اىل احلفاظ على
املقاولة وبالتايل احلفاظ على دورها اإلجتماعي ،أما بعده اإلقتصادي فيتمثل يف جعل العقد مال من أموال
.1
املقاولة ،ليس بالنظر اليه من زاوية إستبداد أحد طرفيه (املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة) بالتحكم يف
مصريه- ،فهي يف األصل ال تتحكم فيه بل أجهزة احملكمة هي من تتحكم -بل بكونه سيحافظ على إستمرارية
نشاطها ويساهم يف إستعادهتا ملكانتها السليمة داخل الدورة االقتصادية ،وبالتايل محاية اإلقتصاد الوطين وجعل
العقد اّلية لتقومي وإصالح شوائبه.
.6
المراجع المعتمدة
المراجع باللغة العربية
المراجع العامة:
أمحد شكري السباعي ،نظرية بطالن العقود يف القانون املدين املغريب والفقه اإلسالمي والقانون املقارن،
منشورات عكاظ ،الطبعة الثانية (دون ذكر سنة الطبعة).
إدريس العلوي العبدالوي ،شرح القانون املدين ،النظرية العامة لاللتزام ،نظرية العقد ،مطبعة النجاح
اجلديدة-الدار البيضاء ،ط .2114
أنوار سلطان ،مصادر اإللتزام ،الوجيز يف النظرية العامة لاللتزام ،دراسة مقارنة يف القانونني املصري واللبناين،
دار النهضة العربية للطباعة والنشر-بريوت ،لبنان ،ط .2151
سليمان مرقص ،الوايف يف شرح القانون املدين ،يف اإللتزامات (نظرية العقد واإلرادة املنفردة) ،إيريين للطباعة
(مطبعة السالم) ،توزيع دار الكتب القانونية-مصر ،ومكتبة صادر-بريوت ،لبنان ،الطبعة الرابعة .2151
عبد احلق الصايف ،دروس يف القانون املدين (مصادر اإللتزامات) ،مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء،
الطبعة األوىل.1111 ،
عبد احلق الصايف ،القانون املدين ،اجلزء األول :املصدر اإلرادي لاللتزامات (العقد) ،الكتاب األول :تكوين
العقد ،مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء ،ط .1114
عبد احلق صايف ،القانون املدين ،اجلزء األول :املصدر اإلرادي لاللتزامات ،العقد ،الكتاب الثاين :أثار
العقد ،مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء ،الطبعة األوىل .1111
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف القانون املدين اجلديد ،اجلزء الثالث (األوصاف احلوالة ،االنقضاء) ،دون
ذكر املطبعة والطبعة.
عبد العزيز توفيق ،موسوءة قانون املسطرة املدنية والتنظيم القضائي (اجلزء الثالث) ،مطبعة النجاح اجلديدة-
الدار البيضاء ،توزيع مكتبة الرشاد -سطات ،الطبعة الثالثة .1122
عبد القادر العرعاري ،النظرية العامة لاللتزامات يف القانون املدين املغريب ،اجلزء األول :مصادر اإللتزامات،
الكتاب األول :نظرية العقد ،مطبعة فضالة -احملمدية ،طبعة .2111
.1
عبد القادر العرعاري ،الوجيز يف النظرية للعقود املسماة ،الكتاب األول عقد البيع ،مطبعة النجاح اجلديدة-
الدار البيضاء ،توزيع مكتبة دار األمان-الرباط ،الطبعة األوىل .2111
مأمون الكزبري ،نظرية اإللتزامات يف ضوء قانون اإللتزامات والعقود املغريب ،اجلزء األول :مصادر
اإللتزامات ،دون ذكر املطبعة والطبعة.
مأمون الكزبري ،نظرية اإللتزامات يف ضوء قانون اإللتزامات والعقود املغريب ،اجلزء الثاين :أوصاف اإللتزام
و انتقاله و انقضاءه ،دون ذكر املطبعة والطبعة (جمرد نسخة).
حممد املهدي ،الوجيز يف نظرية العقد ،يف ضوء القانون املدين املغريب ،مطبعة أنفو -برانت ،فاس ،الطبعة
األوىل .1111
حممد حسني منصور ،عقد البيع ،دار املطبوعات اجلامعية-اإلسكندرية ،طبعة .2111
المراجع الخاصة:
أمحد شكري السباعي ،الوسيط يف مساطر الوقاية من الصعوبات اليت تعرتض املقاولة ومساطر معاجلتها
(اجلزء الثالث) مطبعة املعارف اجلديدة-الرباط ،دار النشر املعرفة-الرباط ،الطبعة األوىل .1111
أمحد شكري السباعي ،الوسيط يف مساطر الوقاية من الصعوبات اليت تعرتض املقاولة ومساطر معاجلتها،
اجلزء الثاين ،يف مساطر املعاجلة :حكم فتح املسطرة «الشروط املوضوعية والشكلية واإلجراءات والتسوية القضائية
واملرحلة املؤقتة واستمرارية املقاولة والتفويت» ،دار النشر املغربية-الرباط ،الطبعة الثانية يونيو .1111
احممد لفروجي ،التوقف عن الدفع يف قانون صعوبات املقاولة ،مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء( ،دون
ذكر عدد الطبعة وسنتها).
احممد لفروجي ،وضعية الدائنني يف مساطر صعوبات املقاولة ،سلسلة دراسات قانونية معمقة ،عدد ،1
مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء( ،دون ذكر عدد الطبعة وسنتها).
جواد الدهيب ،شرط االحتفاظ بامللكية ،يف مساطر صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة) ،دار األفاق املغربية
للنشر والتوزيع ،الطبعة األوىل .1126
حياة حجي ،نظام الضمانات وقانون صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة) ،دار السالم للطباعة والنشر
والتوزيع-الرباط ،الطبعة األوىل .1121
..
صليحة حاجي ،التسوية الودية يف صعوبات املقاولة ،واقع وأفاق ،دراسة يف ضل مشروع تعديل الكتاب
اخلامس من مدونة التجارة ،مطبعة أطالل-وجدة ،توزيع مكتبة الرشاد للنشر والتوزيع-سطات ،الطبعة األوىل
.1121
عبد الرحيم السلماين ،القضاء التجاري باملغرب ومساطر معاجلة صعوبات املقاولة-دراسة نقدية مقارنة-
مطبعة طوب بريس-الرباط ،الطبعة األوىل .1115
عالل فايل ،مساطر معاجلة صعوبات املقاولة ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع-الرباط ،طبعة دجنرب
.1121
عمر أزوكار ،قضاء حمكمة النقض يف مساطر التسوية والتصفية القضائية ،منشورات دار القضاء باملغرب،
يصدرها مكتب أزوكار للمحاماة واالستشارة والتحكيم بالدار البيضاء ،طبعة .1126
حممد العروصي ،مصري العقود جارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية (دراسة مقارنة) ،مكتبة
دار السالم-الرباط ،الطبعة األوىل .1121
حممد بفقري ،مدونة التجارة والعمل القضائي املغريب ،مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء ،الطبعة الثالثة
.1121
حممد كرام ،الوجيز يف مساطر صعوبات املقاولة يف التشريع املغريب (اجلزء األول) املطبعة والوراقة الوطنية،
الطبعة األوىل .1121
مرمي بلهوان ،تأثري صعوبات املقاولة على مركز العقار ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع-الرباط ،الطبعة
األوىل .1124
نور الدين األعرج ،مساطر صعوبات املقاولة ،مطبعة سلكي أخوين-طنجة ،الطبعة األوىل يونيو .1124
األطروحات والرسائل:
أمحد الدمياوي ،وضعية كفيل املدين يف إطار مسطرة التسوية القضائية ،رسالة لنيل دبلوم املاسرت ،جامعة
حممد اخلامس-أكدال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-الرباط ،السنة اجلامعية .1126-1121
أمحد لعتيك ،مصري العقود اجلارية عند فتح مسطرة التسوية القضائية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
املعمقة يف القانون اخلاص ،وحدة التكوين والبحث ،قانون األعمال ،جامعة احلسن األول ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية-سطات ،السنة اجلامعية .1115-1111
..
أسامة سلعوس ،محاية الدائنني وشركاء املقاولة يف نظام املساطر اجلماعية ،أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه يف
القانون اخلاص (دون ذكر اجلامعة والكلية وتاريخ مناقشتها).
دماحة قيقاي ،ماّل العقود اجلارية التنفيذ يف مسطرة التسوية القضائية ،رسالة لنيل شهادة املاسرت يف القانون
اخلاص ،جامعة احلسن الثاين-الدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-احملمدية ،السنة اجلامعية
.1121-1122
عبد الرزاق الزيتوين ،استمرارية املقاولة بعد التوقف عن الدفع ومحاية الدائنني على ضوء قانون 21-11
املتعلق مبدونة التجارة ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص ،وحدة التكوين والبحث ،قانون األعمال ،جامعة
احلسن الثاين-الدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-عني الشق ،السنة اجلامعية -1111
.1114
فاحتة مشماشي ،أزمة معاجلة صعوبات املقاولة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف احلقوق-شعبة القانون
اخلاص ،جامعة حممد اخلامس أكدال ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية-الرباط ،السنة اجلامعية
.1111-1114
لبىن فريايل ،العقود يف إطار مساطر صعوبات املقاولة ،حبث هناية التمرين ،الفوج ،15املعهد الوطين
للدراسات القضائية .1112-2111
حممد أبو احلسن ،تفويت املقاولة كحل يف إطار التسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه يف احلقوق ،شعبة
القانون اخلاص ،وحدة قانون األعمال ،جامعة احلسن الثاين الدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية عني الشق-الدار البيضاء ،السنة اجلامعية .1111-1111
معاد خليار ،خصوصيات نظام التعاقد يف إجراءات معاجلة صعوبات املقاولة ،رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف
القانون اخلاص ،جامعة احلسن األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-سطات ،السنة اجلامعية
.1121-1126
المقاالت:
إبراهيم قادم ،أثار التسوية القضائية على حقوق الدائنني الناشئة ديوهنم قبل احلكم بفتح مسطرة املعاجلة،
مقال منشور مبجلة القصر ،عدد ،12شتنرب .1115
أمحد شكري السباعي ،مسطرة التسوية القضائية (أو التصحيح القضائي) و التصفية القضائية وتصحيح
املقاولة ،مقال منشور مبجلة احملاكم املغربية ،العدد .51
.1
احممد لفروجي ،مصري العقود جارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،مقال منشور مبؤلف
مساطر صعوبات املقاولة بني القانون والعمل القضائي ،سلسلة القانون واملمارسة القضائية ،مطبعة النجاح اجلديدة-
الدار البيضاء ،دون ذكر الطبعة.
الغايل الغيالين ،أثار خمطط االستمرارية على مركز الدائنني ،مقال منشور مبجلة احملاكم املغربية ،عدد ،261
مارس-ماي ،1121مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء.
زكرياء العماري ،مدى قابلية قرار رئيس احملكمة التجارية برفض طلب إفتتاح إجراء التسوية الودية للطعن
باالستئناف ،مقال منشور مبجلة القضاء التجاري ،العدد ،2السنة .1121
سعد هبيت ،مدى فعالية اآلجال املتعلقة مبخطط التسوية القضائية ،مقال منشور مبؤلف منازعات األعمال
بني القانون واملمارسة ،منشورات اجمللة املغربية للدراسات واالستشارات القانونية ،مطبعة األمنية-الرباط ،توزيع مكتبة
الرشاد-سطات ،العدد الثاين ،ديسمرب .1124
عادل الشاوي ،دعوى إبطال التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة يف ضل نظام صعوبات املقاولة ،مقال
منشور مبجلة القضاء التجاري ،عدد ،6سنة 1126
عبد الرحيم السماين ،حصر احملكمة ملخطط االستمرارية يف إطار مسطرة التسوية القضائية ،مقال منشور
باجمللة املغربية لقانون األعمال واملقاوالت ،ع – 1يناير .1111
عبد العزيز تريد ،أثار احلكم بالتسوية أو التصفية القضائية على املتابعات الفردية ،مقال منشور مبجلة
املعيار ،عدد -12يونيو .1116
عبد الكرمي عباد ،خمطط تفويت املقاولة بني النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء ،مقال
منشور مبجلة رحاب احملاكم ،عدد 5سنة 1121
عمر السكتاين ،نظام التعاقد بني ثوابت النظرية العامة لاللتزامات ومتغريات قانون صعوبات املقاولة-دراسة
حتليلية يف ضوء تطور التشريع ومواقف الفقه وأحكام القضاء ،-مقال منشور باجمللة املغربية للدراسات واالستشارات
القانونية ،العدد السادس-السنة الثالثة ،1124مطبعة األمنية-الرباط ،توزيع دار األفاق املغربية للنشر والتوزيع-
الدار البيضاء.
حممد البعدوي ،دور السنديك يف إدارة املقاولة اخلاضعة ملسطرة التسوية القضائية ،مقال منشور مبؤلف
مساطر صعوبات املقاولة بني القانون والعمل القضائي ،سلسلة القانون واملمارسة القضائية ،مطبعة النجاح اجلديدة-
الدار البيضاء ،دون ذكر الطبعة.
حممد العلواين ،أثار حكم فتح التسوية القضائية على التأمينات العينية ،مقال منشور باجمللة املغربية للدراسات
واالستشارات القانونية ،العدد الرابع ،1121-مطبعة النجاح اجلديدة-الدار البيضاء.
.1
الندوات:
امللك ي احلسني بن عبد السالم ،السنديك (أحد أجهزة معاجلة صعوبات املقاولة) ،عرض مقدم يف إطار
وحدة التكوين والبحث ،املركز املغريب للدراسات واألحباث حول :املهن القضائية والقانونية ،سنة .1116
خالد بنكريان ،دور رئيس احملكمة التجارية يف مساطر التسوية الودية ،مقال منشور بأشغال الندوة املنعقدة
مبناسبة الذكرى اخلمسينية باجمللس األعلى ،حتث عنوان «صعوبات املقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل
اجتهادات اجمللس األعلى» مطبعة األمنية-الرباط ،ط .1111
عبد اجمليد غميجة ،أبعاد األمن التعاقدي وارتباطاته ،عرض مقدم يف اللقاء الدويل حول (األمن التعاقدي
وحتديات التنمية) املنظم من قبل اهليئة الوطنية للموثقني ،الصخريات ،أيام 25و 21أبريل .1126
المواقع اإللكترونية:
www.droitetentreprise.org
www.ism.ma
Www.association-oeuvres-sociales-commune-agadir.ma
.2
:المراجع باللغة الفرنسية
Ouvrages
Amalvay et F. Derrida, plan de cession et vice de consentement, Dalloz 1988.
Bauno boccara: procédure collectives et contrats en cours, jures classeur
périodique 1994, éd entreprise.
Christine lebel, l'élaboration du plan de continuation de l'entreprise en
redressement judiciaire, édition presse universitaire d'aise Marseille, 2000.
DEKEUVER Defosser, REV Droit bancaire et bourse 1988.
Fernand Derraida, pierre godés et jean pierre sortais: Redressement et
liquidation judiciaire des entreprises, Dalloz 1991
George Ripert et Roné Roblot, Traite de droit commercial, Tom 2, 14éme
édition 1996, L.G.D.G.
Harie Hélène Monserie, "les contrats dans le redressement et la liquidation
judiciaire". LITEC 1994.
M.Azoulai, L'élimination de l'institut personale dans le contrat, en la
tendance à la stabilité du rapport contractuel L.G.D.J 1960.
Roublot et Ripert, Traité de droit commercial, T2, 14émé édition 1996.
Yves guyon, Droit des Affaires, T2.
Thèse Et Mémoires:
Juliette Grossemy, " le recouvrement de la créance, face à la »FAILLITE «du
débiteur, Mémoire de D.E.A droit privé, faculté des sciences juridique, politique et
sociales, Université de Lille II, Année 2001-2002.
Khalid Tourabi, les dérogations à la liberté contractuelle pendant les
procédures de traitement des difficultés des entreprises, thèse de master, droit des
relations d'affaires, université Hassan 1er, faculté des sciences juridiques,
économiques et sociales- Settat, Année universitaire 2011-2012.
.1
Nathalie Stagnoli, les atteintes de procédure collective à la liberté
contractuelle, Mémoire de DEA Droit des affaires, universitaire Robert Schuman
de Strasbourg, Année universitaire 2002-2003.
Articles:
Bernard Soinne, la continuation du cour des intérêts, Revue des procédure
collectives, 1988.
Crédot et Gérard : L'ouverture de crédit, le compte courant et l'article 37 de
la loi 25 janvier 1985 REV droit bancaire 1987 -1
J.C.Boulay, "réflexions sur la notion d'originalité de créance" REV, Trim.
Dr.com.
Jacques Ghestin, la notion de contrat, revue française de théorie juridique N°
12, 1990.
Khalid Elyazidi, Evaluation globale de l'apport du nouveau code de
commerce en matière de procédures collectives, centre marocain des études
juridiques.
Yves chaput, Droit de Redressement et liquidation judiciaire des entreprises,
Presse Universitaires de France, 1996.
.1
فهرس المحتويات
مقدمة1 ............................................................................................. :
الفصل األول :أزمة القواعد العامة املتحكمة يف تكوين العقد وحتديد مصريه 4 ................................
املبحث األول :مظاهر األزمة على مستوى الشروط املتعلقة مبضمون العقد 5 .................................
املطلب األول :اإلتفاق الودي وخمطط التسوية وأزمة احملل والسبب 5 ......................................
الفقرة األوىل :مدى إمكانية إعتبار اإلتفاق الودي وخمطط التسوية عقد 5 ..................................
الفقرة الثانية :مظاهر أزمة احملل والسبب يف اإلتفاق الودي وخمطط التسوية 22 .............................
املطلب الثاين :أزمة املفهوم القانوين للعقد ومثن التفويت 26 ..............................................
الفقرة األوىل :أزمة املفهوم القانوين للعقد 21 ...........................................................
الفقرة الثانية :إرتباط مثن التفويت بأهداف املخطط وليس بقيمة األموال املفوتة 21 .........................
املبحث الثاين :جتليات األزمة على مستوى الشروط املتعلقة باملتعاقدين 11 ...................................
املطلب األول :جتاهل مساطر املعاجلة للقواعد العامة لصفة التعاقد 11 ....................................
الفقرة األوىل :غموض الطبيعة القانونية لتصرفات السنديك يف أموال املدين 12 ............................
الفقرة الثانية :إستبعاد اإلعتبار الشخصي لبعض العقود 16 ..............................................
املطلب الثاين :تغييب ركن إرتضاء التعاقد 11 ..........................................................
الفقرة األوىل :إجبار الدائنني على اإلمتثال لرغبة املدين يف إبرام االتفاق الودي 15 .........................
الفقرة الثانية :التفويت اجلربي للمقاولة والعقود الالزمة للحفاظ على النشاط 11 ...........................
املبحث الثالث :مظاهر األزمة على مستوى نظرية البطالن16 ..............................................
املطلب األول :شدود أسباب بطالن التصرفات املنجزة خالل فرتة الريبة عن أسباب البطالن واإلبطال يف
القواعد العامة 16 ...................................................................................
الفقرة األوىل :عدم إنسجام أسباب البطالن الوجويب مع أسباب البطالن 11 ..............................
الفقرة الثانية :عدم إنسجام أسباب البطالن اجلوازي مع أسباب اإلبطال 11 ...............................
املطلب الثاين :شدود قواعد تقرير البطالن الوجويب واجلوازي وأثارمها عن القواعد العامة للبطالن واإلبطال 61 .
.1
الفقرة األوىل :بالنسبة لقواعد تقرير البطالن الوجويب واجلوازي 61 .........................................
الفقرة الثانية :بالنسبة ألثار البطالن الوجويب واجلوازي 61 ................................................
الفصل الثاين :أزمة القواعد العامة املرتبطة بأثار العقد 61 ..................................................
املبحث األول :جتليات األزمة على مستوى نطاق القوة امللزمة للعقد 61 .....................................
املطلب األول :جتاوز أثار العقد ألطرافه 61 ............................................................
الفقرة األوىل :سلطة السنديك يف املطالبة مبواصلة العقود اجلارية أو التخلي عن مواصلتها 11 ................
الفقرة الثانية :جتاوز أثار إتفاق التسوية الودية وخمطط اإلستمرارية ألطرافه 11 ..............................
املطلب الثاين :إبطال مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة عنه 11 ....................
الفقرة األوىل :تعطيل إمكانية الدفع بعدم تنفيذ العقد اجلاري واإلحتجاج بتجزئته 14 .......................
الفقرة الثانية :تعطيل قواعد الوفاء اإلرادي بالديون التعاقدية السابقة للحكم بفتح املسطرة() 15 ..............
الفقرة الثالثة :تعطيل سريان الفوائد اإلتفاقية 42 ........................................................
املطلب الثالث :جتاوز إرادة األطراف يف التحكم يف مدة اإللتزامات التعاقدية 41 ...........................
الفقرة األوىل :إبطال مفعول الشرط املتحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي 46 .................................
الفقرة الثانية :حتكم احملكمة يف أجال اإللتزامات التعاقدية 44 ............................................
املبحث الثاين :مظاهر األزمة على مستوى جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد 41 ................................
املطلب األول :تعطيل قواعد التنفيذ اجلربي العيين 11 ...................................................
الفقرة األوىل :وقف ومنع املتابعات الفردية من حيث احلصول على األداء 11 ..............................
الفقرة الثانية :وقف ومنع إجراءات التنفيذ 11 ..........................................................
املطلب الثاين :تعطيل قواعد الفسخ واملسؤولية العقدية 11 ...............................................
الفقرة األوىل :تعطيل قواعد الفسخ 11 ................................................................
الفقرة الثانية :تغييب التعويض عن الضرر الناتج عن عدم إختيار تفويت العقد 51 .........................
خامتة51 ............................................................................................ :
.6