Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 100

‫ﻣوﻗﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ‬ www.elkanounia.

com ‫ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟرﺳﺎﺋل واﻟﺑﺣوث زوروا‬

fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
‫جامعة الحســن الثــاني‬
‫بالدارالبيضاء‬

‫كليــة العلوم القانـــونية‬


‫واالقتصاديـــة‬

‫واالجتماعية ‪-‬المحمـدية‪-‬‬

‫ماستر قانون المقاولة‬


‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬

‫أزمة القواعد العامة للتعاقد في ظل إجراءات‬


‫الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة‬

‫تحث إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب الباحث‪:‬‬

‫محمد أبو الحسين‬ ‫سعيد وحي‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫الدكتور محمد أبو الحسين ‪ ..........................................‬رئيسا‬

‫الدكتور محمد المسلومي ‪ ...........................................‬عضوا‬

‫الدكتور محمد سكام ‪ ...............................................‬عضوا‬

‫السنة الجامعية‬

‫‪0271-0271‬‬
‫‪ ‬‬

‫ٕاﻫﺪاء‬
‫إﻟﻰ واﻟﺪﺗﻲ اﻟﻐﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺄلُ ﺟﻬﺪاً ﻓـﻲ ﺗﺮﺑﻴﺘﻲ‬
‫وﺗﻮﺟﻴﻬﻲ‬
‫أﻗـﺪم ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ‪.‬‬
‫إﻟﻰ ﺳﺒﺐ وﺟﻮدي ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ‪ ...‬واﻟﺪي اﻟﺤﺒﻴﺐ‬
‫ﻟﻚ ﻛﻞ اﻟﺘﺠﻠﻲ واﻻﺣﺘﺮام‬
‫إﻟﻰ أﺳﺮﺗﻲ وﻋﺎﺋﻠﺘﻲ‬
‫إﻟﻰ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ ﺑﻤﺎﺳﺘﺮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎوﻟﺔ‬
‫إﻟﻰ زﻣﻼﺋﻲ وزﻣﻴﻼﺗﻲ‬
‫وأﺧﺺ ﺑﺎﻟﺪﻛﺮ‪ :‬أﻧﻮار‪ ،‬زﻛﺮﻳﺎء‪ ،‬ﻋﺒﻠﺔ‪ ،‬ﻫﺪى‪ ،‬ﻣﺤﺴﻦ‪ ،‬وﺑﺎﻗﻲ‬
‫زﻣﻼﺋﻲ وزﻣﻴﻼﺗﻲ ﺑﻤﺎﺳﺘﺮ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎوﻟﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺸﻤﻮع اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺮق ﻟﺘﻀﻲء ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ‬
‫إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻨﻲ ﺣﺮﻓﺎ‬
‫أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ راﺟﻴﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ‬
‫ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﻳﺠﺪ اﻟﻘﺒﻮل واﻟﻨﺠﺎح‬

‫ﺳﻌﻴﺪ‬
‫‪ ‬‬

‫ﳇﻤﺔ ﺷﻜﺮ وﻋﺮﻓﺎن‬


‫وﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﺬﻛﺮ‪ ،‬وأﻗﻞ ﺟﺰاء ﻟﻠﻤﻌﺮوف اﻟﺸﻜﺮ‪...‬‬
‫ﻓﺒﻌﺪ ﺷـــــﻜﺮ اﻟﻤـــﻮﻟﻰ ﻋﺰ وﺟﻞ‪،‬‬
‫اﻟﻤﺘــﻔﻀﻞ ﺑﺠﻠﻴﻞ اﻟﻨﻌﻢ‪ ،‬وﻋـﻈـﻴﻢ اﻟﺠﺰاء‪...‬‬
‫ﻳﺠﺪر ﺑﻲ أن أﺗــﻘــﺪم ﺑـﺒﺎﻟﻎ اﻻﻣﺘــﻨﺎن‪ ،‬وﺟﺰﻳـــﻞ‬
‫اﻟﻌﺮﻓﺎن إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ وﺟﻬﻨﻲ‪ ،‬وﻋﻠﻤﻨﻲ‪ ،‬وأﺧﺬ ﺑﻴﺪي ﻓﻲ‬
‫ﺳﺒﻴﻞ إﻧﺠﺎز ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪ .‬وأﺧﺺ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺸﺮﻓﻲ‪،‬‬
‫اﻷﺳﺘــﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر‪ :‬ﻣﺤﻤﺪ أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻴﻦ‬
‫ﻛﻤﺎ أﺣﻤﻞ اﻟﺸﻜﺮ واﻟﻌﺮﻓﺎن إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ أﻣـﺪﻧﻲ ﺑﺎﻟﻌـﻠﻢ‪،‬‬
‫واﻟﻤﻌﺮﻓـﺔ‪ ،‬وأﺳﺪى ﻟ َﻲّ اﻟﻨﺼﺢ‪ ،‬واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ‪ ،‬وإﻟﻰ ذﻟﻚ‬
‫اﻟﺼﺮح اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺸﺎﻣﺦ ﻣﺘﻤﺜﻼ ﻓﻲ اﻟﺴﺎدة اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺗﺄﻃﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﺧﻼل ﺳﻨﺘﻲ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﺑﻤﺎﺳﺘﺮ‬
‫ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻤﻘﺎوﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ أﺗﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻧﺪﻧﻲ ﺑﺪﻋﻮاﺗﻪ اﻟﺼﺎدﻗﺔ‪،‬‬
‫أو ﺗﻤﻨﻴﺎﺗﻪ اﻟﻤﺨﻠﺼﺔ‪...‬‬
‫أﺷﻜﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً وأﺗﻤﻨﻰ ﻣﻦ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﻳﺠﻌﻞ‬
‫ذﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻮازﻳﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻬﻢ‪.‬‬

‫ﺳﻌﻴﺪ‬
‫قائمة المختصرات‬

‫‪ ‬باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ ‬ق ل ع‪ :‬قانون اإللتزامات والعقود‬


‫‪ ‬م ت‪ :‬مدونة التجارة‬
‫‪ ‬ق م م‪ :‬قانون املسطرة املدنية‬
‫‪ ‬ط‪ :‬الطبعة‬
‫‪ ‬ص‪ :‬الصفحة‬
‫‪ ‬م س‪ :‬مرجع سابق‬
‫‪ ‬ع‪ :‬عدد‬

‫‪ ‬باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪ P: page‬‬
‫‪ L.G.D.J: Libration général de droit jurisprudence‬‬
‫‪ éd: édition‬‬
‫‪ Pr: paragraphe‬‬
‫‪ Op.cit: Ouvrage précité‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫إذا كان مبدأ سلطان اإلرادة(‪ )1‬يلعب دورا أساسيا يف إنشاء اإللتزامات التعاقدية بشكل خاص وتنفيذها بعيدا عن‬
‫أية قيود أو طقوس تستلزم صياغتها يف شكل أو صيغة معينة‪ ،‬فإن تطور الواقع اإلقتصادي واإلجتماعي إقتضى‬
‫إيراد بعض القيود عل ى هذا املبدأ يف الكثري من نواحيه‪ ،‬حيث تدخلت الدولة بسن جمموعة من املقتضيات اليت من‬
‫شأهنا كفالة إحتياجات األفراد الضرورية واحملافظة على التوازن بني املراكز املختلفة ومحاية املصلحة اإلقتصادية‬
‫العامة‪ ،‬غري أن هذه املقتضيات مل تكن تصل اىل درجة التضحية بقانون العقد وخمتلف الضمانات املرتبطة‬
‫بتنفيذه‪ ،‬وقد ترتب على هذه املبادئ العامة شلل يف تدبري الصعوبات اإلقتصادية اليت تعرفها احلياة التجارية‪ ،‬وهذا‬
‫ما فرض على املشرع إجياد بعض القواعد اخلاصة اليت تأخد بعني اإلعتبار خمتلف املتغريات اليت يعرفها عامل‬
‫األعمال‪ ،‬ويندرج يف هذا السياق نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة(‪ )2‬الذي سنه املشرع لتأمني‬
‫محاية النشاط اإلقتصادي وإستقرار التشغيل ومحاية حقوق الدائنني(‪.)3‬‬

‫وهكذا فقد أدرك املشرع املغريب أن تشريعات بداية القرن التاسع عشر والقرن العشرين ‪-‬يرجع قانون التجارة املغريب‬
‫القدمي اىل ‪ 21‬غشت ‪ -2121‬عاجزة عن معاجلة أوضاع املقاوالت اليت تعرتضها صعوبات‪ ،‬وال تتالئم مع‬
‫التطور الذي طرأ على اإلقتصاد العاملي الذي ال ميكن أن يكون اإلقتصاد املغريب مبعزل عنه‪ ،‬وأن سيف اإلفالس‬

‫(‪ )1‬يقصد بمبدأ سلطان إلارادة »‪ «le principe de l'autonomie de la volonté‬أن إلارادة قادرة على أن تنش ئ التصرف القانوني‪ ،‬وتحدد ألاثار التي تترتب عليه‪ .‬فهو‬
‫مبدأ يقوم على أساسين‪:‬‬
‫ألاساس ألاول‪ :‬ويتعلق بالشكل‪ ،‬وهو عبارة عن مبدأ الرضائية الذي يجعل إلارادة وحدها مجردة من أية شكلية كافية إلنشاء التصرف‪.‬‬
‫فاإلرادة وحدها قادرة على إنشاء إلالتزام‪ ،‬بمعنى أنه ال يلزم أن يقترن التعبير عن إلارادة بأي إجراء أو شكل خاص‪ ،‬ليترتب عليه ما تقصد إليه من أثار قانونية‪،‬‬
‫وذلك على خالف ما كان عليه الحال في كثير من القوانين القديمة كالقانون الروماني‪ ،‬حيث كان يلزم في التعبير عن إلارادة القيام بأعمال مرسومة ذات طابع طقس ي‪،‬‬
‫أو التلفظ بعبارات محددة يكمن فيها سر إلالتزام‪ ،‬وإال لم يترتب أثرها وفقا للقانون‪.‬‬
‫وكفاية إلارادة وحدها‪ ،‬وحرية إختيار وسيلة التعبير عنها دون إلتزام أشكال أو طقوس محددة في إطار العقود‪ ،‬أي دون ضرورة إلفراغ وصب التعبير عن إلارادة في‬
‫قالب أو شكل معين‪ ،‬يسمى «مبدأ الرضائية» وهو مبدأ سائد في القانون أي أنه القاعدة ألاصلية في تكوين العقود وقيامها‪.‬‬
‫ألاساس الثاني‪ :‬ويتعلق باملوضوع‪ ،‬ومقتضاه أن تكون إلارادة كذلك صاحبة السيادة والسلطان في تحديد أثار التصرف‪ .‬فاإلرادة قادرة على تعيين الحدود التي تلتزم‬
‫فيها‪ ،‬أي قادرة على تحديد مضمون ألاثار القانونية التي تنشأ بها‪ ،‬وفقا لرغبة صاحبها‪ ،‬وإن إلتزام الشخص بإرادته‪ ،‬أو قبوله للتحمل بواجب قانوني معين‪ ،‬يجعله‬
‫متحمال بالصورة التي حددها‪ ،‬وإذا تم إلاتفاق بينه وبين شخص أخر على ما تعهد به‪ ،‬ال يجوز للملتزم أن يرجع عما إلتزم به إال إذا رض ي هذا الشخص ألاخر‪ ،‬أي ال‬
‫يجوز تعديل إلاتفاق إال بإتفاق الحق‪ ،‬بين أطرافه‪.‬‬
‫(‪ )2‬يتعلق ألامر بالكتاب الخامس من مدونة التجارة‪ ،‬ظهير شريف رقم ‪ 1..6..1‬صادر في ‪ 11‬من ربيـع ألاول ‪( 1111‬فاتح أغسطس ‪ )1..6‬بتنفيذ القانون رقم ‪11..1‬‬
‫املتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 111.‬الصادرة بتاريخ ‪ 1.‬جمادى ألاولى ‪ 1( 1111‬أكتوبر ‪ )1..6‬ص ‪ .21.1‬عدل هذا القانون مؤخرا بالقانون ‪.1.11‬‬
‫والذي غير تسمية الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ .1.11‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.116‬بتاريخ ‪ 21‬من شوال ‪ 22( 1111‬أغسطس ‪)2111‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪62.1‬‬
‫بتاريخ ‪ 1.‬ذو القعدة ‪ 11( 1111‬سبتمبر ‪ ،)2111‬ص ‪.6..2‬‬

‫(‪ )3‬عمر السكتاني‪ ،‬نظام التعاقد بين ثوابت النظرية العامة لإللتزامات ومتغيرات قانون صعوبات املقاولة‪-‬دراسة تحليلية في ضوء تطور التشريع ومواقف الفقه‬
‫وأحكام القضاء‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغربية للدراسات وإلاستشارات القانونية‪ ،‬العدد السادس‪-‬السنة الثالثة ‪ ،2116‬مطبعة ألامنية‪-‬الرباط‪ ،‬توزيع دار ألافاق‬
‫املغربية للنشر والتوزيع‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬ص ‪ 11‬و‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫بات يدمر املقاولة واإلقتصاد دون توفري لفرص العالج‪ ،‬فأمراض اإلقتصاد واملقاوالت كأمراض اإلنسان‪ ،‬ينبغي‬
‫التفكري يف عالجها قبل التفكري يف إستئصال املقاولة وتدمريها‪ ،‬فقوانني اإلفالس اليت إعتربت بدورها يف حالة‬
‫إفالس تغلب املعطيات القانونية احملضة‪ ،‬اليت ال ترحم التاجر واملقاولة التجارية والشركة التجارية إن وقع التوقف‬
‫عن دفع الديون املستحقة (املادة ‪ 211‬من قانون ‪ 21‬غشت ‪ 2121‬املنسوخ) إن مل ينجح الصلح‪ .‬وحتمي‬
‫الضمان العام وحقوق الدائنني على حساب املعطيات اإلقتصادية واإلجتماعية وموارد الدولة‪ ،‬أسباب وعلل‬
‫جعلت املشرع يلبس لباس القرن احلادي والعشرين الذي يفرض عصرنة اإلقتصاد وحتديث القوانني‪ ،‬وخلق توازن‬
‫إجتماعي بني املقاولني واملنعشني اإلقتصادين من جهة وبني الدائنني من جهة أخرى‪ ،‬وبني مصاحل األفراد‬
‫واجملتمع‪ ،‬فاملغرب يشكل جزءا من دول البحر األبيض املتوسط ويسعى اىل الشراكة مع اإلحتاد األورويب‪ ،‬واىل‬
‫التعاون مع العامل األجنلوسكسوين‪ ،‬اللذين يعاين إقتصادمها‪ ،‬على الرغم من تقدمه وإزدهاره أمراضا كثرية‪ ،‬ولكن‬
‫تعاجل حبكمة نسبية تراعي املصاحل اإلقتصادية واإلجتماعية أوال‪ .‬ومبعىن أخر‪ ،‬أن هذه الدول سخرت القانون‬
‫خلدمة هذه املصاحل اإلقتصادية واإلجتماعية ال العكس‪ ،‬دون هدر حقوق الدائنني‪ .‬أسباب ودوافع جعلت املشرع‬
‫يفكر كما تفكر هذه الدول املتقدمة يف الوقاية واملعاجلة من األمراض اليت ترتبص حبياة املقاولة‪ ،‬وذلك عرب أليات‬
‫وتقنيات قانونية جديدة(‪.)4‬‬

‫وإذا كان نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يهدف اىل ضمان إستمرارية احلياة اإلقتصادية‬
‫للمقاولة وضمان فعاليتها‪ ،‬حفاظا على املزايا اليت توفرها‪ ،‬فإنه كان لزاما أن متتد أثار هذا التوجه القانوين احلديث‬
‫اىل العالقات التعاقدية‪ ،‬وذلك لتحقيق األهداف اليت سطرها املشرع‪ ،‬إذ ال ميكن تصور بقاء املقاولة إذا مل تستمر‬
‫العقود‪ ،‬ونظرا ملا يتميز به نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة من جتديد‪ ،‬وما يتضمنه من‬
‫إستثناءات من القواعد العامة‪ ،‬كان من الضروري على املشرع أن حياول إجياد مقتضيات قانونية تأخد بعني‬
‫اإلعتبار خمتلف املصاحل املتواجدة‪ ،‬مع إعادة النظر يف القواعد العامة للعقود‪ ،‬حيث مل تعد تشكل اإلرادة عامال‬
‫أساسيا يتحكم يف حياة العقد‪ ،‬وتركت مكاهنا لعامل أخر قد يكون أكثر أمهية‪ ،‬وهو مدى نفعية أو ضرورة العقد‬
‫بالنسبة للمقاولة(‪ ،)5‬فنظرية "النفع" اليت جاء هبا الفقيه الفرنسي ‪ Ghestin‬ترى يف العقد نظاما قانونيا وجد‬
‫لتحقيق النفع االقتصادي‪ ،‬وتبعا لذلك مل يعد الفرد يتمتع حبرية تعاقدية كما يف السابق‪ ،‬إذ يرغم األطراف على‬
‫الدخول يف العالقة التعاقدية‪ ،‬إذا كانت حتقق النفع‪ ،‬وال يرتب العقد أثاره إال إذا كان من شأهنا حتقيق هذا النفع‪،‬‬

‫(‪ )4‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مسطرة التسوية القضائية (أو التصحيح القضائي) والتصفية القضائية وتصحيح املقاولة‪ ،‬مقال منشور بمجلة املحاكم املغربية‪ ،‬ع ‪،.1‬‬
‫ص ‪ 12‬و‪11‬‬
‫(‪ )5‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪1‬‬
‫أما الغري‪ ،‬فبات له احلق يف التدخل يف العقد‪ ،‬وفق املعيار اجلديد‪ ،‬إذا كان من شأن تدخله أن حيقق النفع‬
‫اإلقتصادي واإلجتماعي(‪.)6‬‬

‫كما يكشف تراجع اإلرادة عن إخفاق النظرية العامة للعقد مبفهومها التقليدي عن مواجهة املتغريات اإلقتصادية‪،‬‬
‫حيث أصبح من الضروري إخضاع بعض املبادئ العامة كاحلرية التعاقدية واألثر النسيب للعقد لظروف املقاولة‪ ،‬اليت‬
‫أصبحت تتحكم شيئا فشيئا يف النظام القانوين ومتلي عليه شروطه(‪.)7‬‬

‫وما دام العقد أهم وسيلة للتبادل اإلقتصادي‪ ،‬فإن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬يراهن‬
‫بشكل كبري عليه يف حتقيق األهداف املتوخاة منه‪ ،‬فربوز معيار نفعية العقد املناقض ملبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬يبدوا‬
‫واضحا يف الكتاب اخلامس من مدونة التجارة املتعلق بإجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬حيث ينظر‬
‫هذا النظام اىل العقد نظرة يغلب عليها الطابع اإلقتصادي الذي يظهر العقد كقيمة مالية توظف خلدمة إجراءات‬
‫الوقاية واملعاجلة‪ ،‬حيث يويل هذا النظام أمهية لنفعية العقد ومسامهته يف إنقاد املقاولة‪ ،‬لذلك فإذا إقتضت هذه‬
‫النفعية إبرام عالقات تعاقدية‪ ،‬أجرب املتعاقدون على الدخول فيها دومنا مراعاة ملبدأ احلرية التعاقدية‪ ،‬وإن كان من‬
‫شأن تنفيذ العقد إرهاق أصول املقاولة جرد من قوته امللزمة‪ ،‬كما جند املشرع أجهزة وخوهلا حق التدخل يف‬
‫العالقة التعاقدية وتقرير مصريها شدودا على مبدأ نسبية أثار العقد(‪.)8‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫مند الوهلة األوىل لقراءة عنوان هذا البحث سيتساءل القارئ‪ ،‬حول طبيعة هذه األزمة اليت نتحدث عنها‪ ،‬هل هي‬
‫أزمة قانون أم أزمة واقع؟ سرعان ما جنيب أن األزمة اليت نقصد هي أعمق من أن تكون جمرد أزمة واقع‪ ،‬فهي ممتدة‬
‫اىل القواعد العامة للتعاقد من خالل تكريس قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة هلذه‬
‫األزمة‪.‬‬

‫لذلك فأمهية املوضوع ستتضح أكثر من الناحية النظرية‪ ،‬إذ جند نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات‬
‫املقاولة أحدث ثورة غري مسبوقة يف القواعد العامة للتعاقد املستمدة كمبدأ من قانون اإللتزامات والعقود(‪،)9‬‬
‫ولذلك كانت احلاجة اىل الوقوف على مكامن هذه الثورة وبيان مداها وتأثريها على ما كان راسخا يف ضل‬
‫القواعد العامة من أحكام تأطر العملية التعاقدية مند تكوينها اىل غاية ترتيب أثارها‪.‬‬

‫‪(6) Jacques Ghestin, la notion de contrat, revue française de théorie juridique N° 12, 1990, P 12‬‬
‫(‪ )7‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )8‬معاد لخيار‪ ،‬خصوصيات نظام التعاقد في إجراءات معالجة صعوبات املقاولة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن ألاول‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2111‬ص ‪1‬‬
‫(‪ )9‬قانون إلالتزامات والعقود‪ ،‬ظهير ‪ .‬رمضان ‪ 12( 1111‬أغسطس ‪ ،)1.11‬صيغة محينة بتاريخ ‪ 1.‬فبراير ‪.2116‬‬
‫‪1‬‬
‫أما من الناحية العملية‪ ،‬فاألكيد أن هذه األمهية تصبح أكثر وضوحا بتدخل القضاء لتكريس عمق األزمة اليت‬
‫تعيشها القواعد العامة للتعاقد يف ضل هذا النظام‪ .‬ولعل ما يزيد من أمهية دراسة هذا املوضوع هو ضعف‬
‫الدراسات اليت تناولته إن مل نقل غياب أي دراسة تطرقت هلذا املوضوع وفق مقاربة تتجه اىل الوقوف على مكامن‬
‫األزمة اليت تعيشها القواعد العامة للتعاقد يف ضل هذا النظام‪ ،‬وإن كان هناك من عاجل هذا املوضوع من زاوية‬
‫إعتبار قواعد هذا النظام تشكل خصوصية تتميز هبا نظرية العقد يف ضل هذا النظام(‪.)10‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫ال شك أن نظرية العقد تعترب من النظريات الراسخة يف القواعد العامة‪ ،‬وال شك أن هذه القواعد العامة صاغت‬
‫للعقد جمموعة من الضوابط تتحكم فيه مند والدته (تكوينه) اىل مماته (ترتيب أثاره)‪.‬‬

‫ومبا أنه ال ميكن ألي مقاولة كيفما كانت‪ ،‬وخاصة املقاولة التجارية أن تؤدي وضيفتها يف غىن عن مؤسسة العقد‪،‬‬
‫فإننا جندها حماطة بشبكة ال متناهية من العالقات التعاقدية‪ .‬وبغية احلفاظ على هذه الشبكة وبالتايل احلفاظ على‬
‫نشاط املقاولة ووظيفتها‪ ،‬جاء مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة بقواعد جعلت مؤسسة‬
‫أو نظرية العقد يف أزمة ال تستطيع معها أن تنتج قوهتا امللزمة‪.‬‬

‫لذلك نتساءل‪ :‬أين تتجلى مظاهر أزمة القواعد العامة للتعاقد في ضل نظام إجراءات الوقاية والمعالجة من‬
‫صعوبات المقاولة؟‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫إقتضت اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة إعتماد منهج املقارنة عن طريق تبين مقاربة حتليلية لنصوص نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ومقارنتها مع القواعد العامة وإستنباط أثرها على نظرية العقد‪،‬‬
‫وباإلستعانة أيضا ببعض اإلجتهادات القضائية‪.‬‬

‫كما إرتأينا أيضا اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة من خالل تبين التقسيم الكالسيكي ملؤسسة العقد‪ ،‬لنبني من‬
‫خالله مكامن األزمة اليت خلقتها قواعد هذا النظام يف كل مرحلة مير منها العقد‪ ،‬وذلك بتقسيم هذا البحث اىل‬
‫فصلني على املنوال التايل‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أزمة القواعد العامة المتحكمة في تكوين العقد وتحديد مصيره‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أزمة القواعد العامة المرتبطة بأثار العقد‪.‬‬

‫(‪ )10‬أنظر بهذا الخصوص‪ :‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أزمة القواعد العامة المتحكمة في تكوين العقد وتحديد مصيره‬

‫إذا كان مبدأ حرية التعاقد يضفي على العقد قدرا كبريا من املرونة‪ ،‬عن طريق احلد من مراقبته من طرف السلطة‬
‫العامة ملكان العقد‪ ،‬فإنه ال بد من توافر حد أدىن من الشروط حىت يأخذ توافق اإلرادتني مكانه كنظام قانوين‬
‫معرتف به‪ ،‬هو العقد الذي يولد أثارا ملزمة ألطرافه(‪.)11‬‬

‫من أجل ذلك نتماشى مع الفكرة التقليدية اليت ترسي العقد على أركان ثالثة‪ ،‬هي الرضا واحملل والسبب‪ .‬يضاف‬
‫اىل هذه األركان ركن الشكلية يف العقود الشكلية‪ ،‬وكذا التسليم يف العقود العينية‪.‬‬

‫وهناك شروط لصحة العقد‪ ،‬إذ أنه ال يكفي لكي يتم تكوين العقد بصفة هنائية أن يستجمع أركانه‪ ،‬بل جيب‬
‫فوق ذلك أن تتوافر شروط صحته‪ .‬وهذه الشروط هي عبارة عن شروط صحة الرضا‪ ،‬وهي األهلية وسالمة اإلرادة‬
‫من العيوب اليت تشوب الرضا‪.‬‬

‫واجلزاء الذي يرتتب يف هذا الشأن هو البطالن‪ ،‬فإذا ختلف أحد األركان كان العقد باطال‪ ،‬وإذا ختلف أحد شروط‬
‫الصحة كان العقد قابال لإلبطال(‪.)12‬‬

‫كما أن مصري العقد يتحدد يف ضل القواعد العامة وفق ضوابط قانونية وثيقة الصلة بأطرافه‪ ،‬حيث إستمرار العقد‬
‫أو إهناؤه رهني مبدى نشأته سليما وبدرجة إلتزام أطرافه مبقتضياته‪ ،‬لذلك‪ ،‬فإن لألطراف سلطات واسعة يف تقرير‬
‫مصري عقودهم‪ ،‬أو على األقل توقع هذا املصري بالنظر للمبادئ العامة اليت حتكم تكوين العقد(‪ )13‬وحتديد مصريه‪.‬‬

‫وإذا كان هذا هو ما تقره القواعد العامة للروابط التعاقدية من أحكام جتعل منها إستنادا اىل قاعدة «العقد شريعة‬
‫المتعاقدين» قانوهنما اخلاص‪ ،‬الذي يعكس إرادهتا يف ضبط معامالهتما بالنظر إىل أمهيتها‪ ،‬خاصة يف اجملال‬
‫التجاري‪ ،‬فإن هذا األخري –أي اجملال التجاري‪ -‬مل يعد يرغب يف تلك الضوابط واألحكام اليت ترسيها القواعد‬
‫العامة‪ ،‬إذا أصبح يرى أهنا مل تعد ختدم حالة التحوالت املفاجئة اليت تعرفها أوضاع الناشطني يف هذا اجملال يف‬
‫ضل عوملة اإلقتصاد‪.‬‬

‫فما كان ملشرع هذا اجملال سوى أن جاء بقواعد يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬تربز‬
‫يف مشوليتها ويف نطاقها العام أهنا جتاوزت تلك النظرة التقليدية اليت تنظر هبا القواعد العامة اىل العقد‪ ،‬إذ جنده على‬

‫(‪ )11‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ :‬املصدر إلارادي لإللتزامات (العقد)‪ ،‬الكتاب ألاول‪ :‬تكوين العقد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2116‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ )12‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬شرح القانون املدني‪ ،‬النظرية العامة لإللتزام‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،1..6‬ص ‪.161‬‬
‫(‪ )13‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫مستوى الشروط املتعلقة مبضمون العقد خرج عن املألوف يف حتديد حمل اإللتزامات التعاقدية وسببها‪ ،‬وثار على‬
‫املفهوم الكالسيكي للعقد الذي طاملا إعتربته القواعد العامة (أي العقد) مبثابة امللكية املشرتكة ألطراف العالقة‬
‫التعاقدية (المبحث األول)‪ ،‬وعلى مستوى الشروط املتعلقة باملتعاقدين‪ ،‬يبدوا أنه فضل أن ال يهتم بصفة أطراف‬
‫العالقة التعاقدية‪ ،‬بل أكثر من ذلك جعل من قواعد هذا النظام تسري يف إجتاه تصحيح وضعية املقاولة ولو على‬
‫حساب رضا املتعاقد معها (المبحث الثاني)‪ ،‬مث يف األخري مترد على قواعد أكثر النظريات واملؤسسات الراسخة‬
‫يف القواعد العامة‪ ،‬ويتعلق األمر بنظرية البطالن (المبحث الثالث)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر األزمة على مستوى الشروط المتعلقة بمضمون العقد‬
‫لكي ينشأ العقد بشكل صحيح البد من أن تتطابق إرادتا العاقدين على إحداث أثر قانوين‪ ،‬هذا التطابق ال‬
‫يتحقق بشكل جمرد‪ ،‬ألن أطراف العالقة التعاقدية يسعون اىل تنظيم شيء حمدد هو حمل العقد‪ ،‬كما يستهدفون‬
‫غاية معينة هي سبب إلتزامهم‪ ،‬حيث يتشكل من األمرين معا مضمون العقد‪.‬‬

‫ويضل مضمون العقد أمرا ثانويا وذلك عندما نعري مبدأ سلطان اإلرادة أكرب إهتمام‪ ،‬فالشخص حر يف حتديد‬
‫مضمون هذا العقد‪ ،‬فإذا إعتربنا كل عاقد هو أحسن مدافع عن مصاحله وبأن الصاحل العام يتكون من جمموع‬
‫املصاحل اخلاصة‪ ،‬فإن هذه احلرية لن تؤدي إال اىل إقرار عالقات عادلة ومنسجمة مع موجبات اإلزدهار العام‬
‫للمجتمع(‪ ،)14‬وهذا ما جيعل من العقد ذلك الرباط الشرعي الذي ينضم عالقات األفراد املالية‪.‬‬

‫غري أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ويف ضل القواعد اليت صاغها لكل من اإلتفاق‬
‫الودي وخمطط التسوية‪ ،‬ويف ضل فرضية إعتبار هاذين األخريين يتوفران على قدر هام من مقومات العقد‬
‫املنصوص عليها يف القواعد العامة‪ ،‬فإنه مل يعر أي إهتمام لقواعد احملل والسبب حني إنعكف على صياغة‬
‫قواعدمها «أي قواعد االتفاق الودي وخمطط التسوية» (المطلب األول)‪.‬‬

‫وعموما سيعرف املفهوم القانوين للعقد بإعتباره ذلك الوثاق الذي يربط مصاحل األطراف املتقابلة أزمة يف ضل‬
‫قواعد هذا النظام‪ ،‬وسيتبعه يف ذلك أيضا مفهوم الثمن (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلتفاق الودي ومخطط التسوية وأزمة المحل والسبب‬


‫ال شك أن التساؤل األول الذي سينتاب القارئ عند أول نظرة له يلقيها على عنوان هذا املطلب‪ ،‬هو كيف ميكن‬
‫القول بأن اإلتفاق الودي وخمطط التسوية ميكن أن يكون هلما حمل وسبب؟‪ ،‬نسارع وجنيب بأن اإلتفاق الودي‬
‫الذي يربم يف إطار مسطرة التسوية الودية وخمطط التسوية الذي تعتمده احملكمة‪ ،‬تتوفر فيهما مجيع املقومات للقول‬
‫بأنه ينطبق عليهما ما ينطبق على مفهوم العقد كما هو متعارف عليه يف القواعد العامة (الفقرة األولى)‪ ،‬إال أننا‬
‫ال ميكن أن ننكر أن اإلتفاق الودي وخمطط التسوية مبا أهنما ال يشكالن نتاجا خالصا ملبدأ احلرية التعاقدية‬
‫مبفهومه املستمد من القواعد العامة فإن ذلك سنجده يؤثر حتما على حملهما وسببهما (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مدى إمكانية إعتبار اإلتفاق الودي ومخطط التسوية عقد‬
‫إذا كان بعض الفقهاء الفرنسيني يفرقون بني اإلتفاق والعقد معتربين املصطلح األول جنسا أوسع نطاقا من العقد‬
‫بإعتباره نوعا‪ ،‬وهبذا اخلصوص يرى البعض أن أساس التفرقة هو كون العقد قاصر على اإلتفاقات املهمة اليت مساها‬

‫(‪ )14‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪.‬‬
‫املشرع ونظمها بأحكام خاصة كالبيع أو الكراء‪ ،‬أما االتفاق فينصرف اىل ما سوى ذلك من العهود اليت تشيع يف‬
‫العمل‪ ،‬دون أن ختتص بإسم معني أو تنظيم خاص(‪ ،)15‬فإنه يالحظ إنعدام أية فائدة عملية هلذا التمييز(‪،)16‬‬
‫لذلك فأغلب الفقه والتشريعات املعاصرة تعترب العقد مرادفا لإلتفاق وتستعمل أحد املصطلحني للداللة على‬
‫األخر‪ ،‬وهذا هو املوقف الذي تبناه قانون اإللتزامات والعقود عندنا حبيث جند عدة فصول(‪ )17‬تعرب عن العقد‬
‫باإلتفاق أو العكس(‪.)18‬‬

‫وخبصوص تعريف العقد فإن املشرع مل يورد له أي تعريف يف ق ل ع‪ ،‬على خالف ما فعله املشرع الفرنسي يف‬
‫القانون املدين الفرنسي يف املادة ‪ 2212‬اليت عرفته بكونه‪« :‬العقد إتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر نحو‬
‫شخص أخر أو أكثر بإعطاء أو بعمل أو باإلمتناع عن عمل شيء‪ ،».‬وعرفه أيضا الفقه بكونه‪« :‬توافق‬
‫إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا األثر هو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو‬
‫(‪)19‬‬
‫إنهائه‪».‬‬

‫وإذا كان لنشوء العقد يلزم توافر إرادتني أو أكثر‪ ،‬وأن تكون هاتني اإلرادتني أو أكثر متطابقتني‪ ،‬وأن حيصل‬
‫اإلتفاق على إحداث أثر قانوين‪ ،‬وأن يقع اإلتفاق يف نطاق القانون اخلاص‪ ،‬وأن يقع اإلتفاق يف دائرة املعامالت‬
‫املالية‪ ،‬فإن اإلتفاق الودي الذي يربم يف إطار مسطرة التسوية الودية(‪ ،)20‬ال خيرج عن هذا النطاق(‪ ،)21‬وبالتايل‬
‫يسري عليه ما يسري على غريه من العقود فيما يتعلق باألحكام العامة للتعاقد أو إلنشاء اإللتزامات التعاقدية‪،‬‬
‫كما هي منصوص عليها يف قانون اإللتزامات والعقود‪.‬‬

‫وبناءا على ذلك ففي احلالة اليت تنجح فيها املفاوضات بني املقاولة املدينة ودائنيها الرئيسيني(‪ )22‬الذين قبلوا‬
‫بالدخول مع مدينهم يف إتفاق ودي خبصوص الديون اليت هلم يف ذمته‪ ،‬فإن هذا اإلتفاق ينبغي جتسيده يف بنود‬

‫(‪ )15‬أنوار سلطان‪ ،‬مصادر إلالتزام‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لإللتزام‪ ،‬دراسة مقارنة في القانونين املصري واللبناني‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪-‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،1..1 ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ -‬أورده عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫(‪ )16‬لذلك عندما سندرس الطبيعة التعاقدية لإلتفاق الودي‪ ،‬فإننا سنكون بعيدين كل البعد عن هذا التمييز‪ ،‬نظرا لغياب أية فائدة علمية لذلك‪.‬‬
‫كما أن إستعمال املشرع ملصطلح إلاتفاق ضمن املقتضيات القانونية املنظمة إلجراءات التسوية الودية ال يمكن حمله على أنه أراد من ذلك تكريس هذه املفارقة‬
‫بين إلاتفاق والعقد‪ ،‬نظرا للطبيعة الخاصة التي تميز هذا إلاتفاق‪.‬‬
‫(‪ )17‬مثال الفصول ‪ 1‬و‪ 1.‬و‪ 22‬و‪ 21‬و‪ 22.‬و‪ 261‬و‪ 11.‬من ق ل ع‬
‫(‪ )18‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫(‪ )19‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫(‪ )20‬نظم املشرع مسطرة التسوية الودية في املواد ‪ 111‬الى ‪ 11.‬من مدونة التجارة‬
‫(‪ )21‬وإن كان لنا نظر بخصوص مدى إمكانية القول بتطابق إرادة طرفي إلاتفاق الودي‪ ،‬وبشكل أعم صحة الرضا في إطار إتفاق التسوية الودية‪ ،‬ونرجي الحديث عن‬
‫ذلك إلى املطلب الثاني من املبحث الثاني من هذا الفصل‪.‬‬
‫(‪ )22‬بحيث يستفاد من املادة ‪ 116‬من م ت‪ ،‬أن إرتضاء الدائنين الرئيسيين إبرام إتفاق ودي مع املدين يشكل الحد ألادن الذي يمكن إلاعتداد به إلمكانية إبرام‬
‫هذا إلاتفاق ‪ ،‬وهو ما يمكن أن يطرح إشكالية‪ ،‬مدى إمكانية إعتبار مشاركة باقي الدائنين في إبرام إلاتفاق مشاركة صورية في حالة قبول الدائنين الرئيسيين الدخول‬
‫في هذا إلاتفاق؟‬
‫‪.‬‬
‫تعاقدية‪ ،‬وهذا العقد املزمع إبرامه يتضمن جمموعة عقود أو إتفاقات‪ .‬فمؤسسة «مجموعة العقود» اليت إستحدهتا‬
‫الفقه الفرنسي مند سنوات الستينيات من القرن املاضي‪ ،‬تفيد وجود مجع من العقود اليت وإن إرتبط بعضها ببعض‬
‫فإن كل واحد منها حيافظ على ذاتيته املستقلة‪ .‬فاإلتفاق أو العقد الودي يتضمن جمموعة من اإلتفاقات أو العقود‬
‫اليت خيتلف موضوعها من دائن اىل أخر (وهم املدينون يف اإلتفاق)‪ ،‬وبالتايل فهي عقود خمتلفة‪ ،‬فقد يتعاقد‬
‫أحدهم على تقسيط الدين الذي له على املدين يف حني يتعاقد األخر على تأجيله‪ ،‬وذلك على إبراء املدين‬
‫منه(‪.)23‬‬

‫وكون اإلتفاق الودي يربم بني املدين ودائنيه حتث كنف املصاحل الذي يقوم بإجراء مفاوضات بني رئيس املقاولة‬
‫ودائنيها وبإشراف رئيس احملكمة التجارية‪ ،‬ال ينزع عنه طابعه التعاقدي(‪.)24‬‬

‫أما خبصوص خمطط التسوية القضائية(‪ ،)25‬فإنه وإن كان نامجا عن حكم قضائي‪ ،‬فإنه باملقابل يرتكز على‬
‫إلتزامات األطراف اإلرادية‪ ،‬سواء تلك الناجتة عن اإلستشارة اليت جيريها السنديك مع الدائنني ورئيس املقاولة يف‬
‫إطار إعداده للموازنة املالية واإلقتصادية واإلجتماعية للمقاولة‪ ،‬أو تلك الناجتة عن العرض الذي يتقدم به األغيار‪،‬‬
‫يهدف اىل إقتناء املقاولة‪ ،‬وهذا ما جعل األستاذين ‪ Ripert et Roublot‬يصفان خمطط التسوية القضائية‬
‫بالعقد القضائي(‪.)26‬‬

‫وإذا كان البعض يرى(‪ )27‬أن اإلرادة اليت يتمتع هبا األطراف أثناء إعداد املخطط تضيق نسبيا أمام سلطة احملكمة‬
‫يف حتديد مضامينه‪ ،‬ويف اإلشراف على تنفيذ مقتضياته‪ ،‬كما أن احلكم الصادر عن احملكمة هبذا اخلصوص هو‬
‫الذي يعطي القوة التنفيذية للمخطط ويضفي عليه طابعا إلزاميا جتاه الكافة‪ ،‬بإستثناء الكفالء(‪ )28‬الذين ال‬
‫ميكنهم التمسك مبقتضيات خمطط اإلستمرارية‪ ،‬فإن ذلك ال ميكن أن ينزع عن املخطط كونه عقد مت التفاوض‬
‫بشأنه مسبقا‪ ،‬وما يغدي هذا الطرح أن هناك إشارات قوية تتجه إىل إضفاء الطابع التعاقدي على املخطط‪ ،‬إذ‬
‫جند املادة ‪ 112‬من م ت تنص على أنه‪« :‬ال يمكن أن تفرض على األشخاص الذين ينفدون المخطط ولو‬

‫(‪ )23‬صليحة حاجي‪ ،‬التسوية الودية في صعوبات املقاولة‪ ،‬واقع وأفاق‪ ،‬دراسة في ضل مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪ ،‬مطبعة أطالل‪-‬وجدة‪،‬‬
‫توزيع مكتبة الرشاد للنشر والتوزيع‪-‬سطات‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪1..‬‬
‫(‪ )24‬أسامة سلعوس‪ ،‬حماية الدائنين وشركاء املقاولة في نظام املساطر الجماعية‪ ،‬أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه في القانون الخاص (دون ذكر الجامعة والكلية‬
‫وتاريخ مناقشتها)‪.‬‬
‫‪ -‬منشور بموقع مجلة القانون وألاعمال‪( www.droitetentreprise.org :‬تاريخ الزيارة ‪)2111-11-2‬‬
‫(‪ )25‬يتضمن مخطط التسوية القضائية كل من مخطط إلاستمرارية ومخطط التفويت‪ ،‬بحيث تملك املحكمة سلطة تقديرية في إعتماد أحد املخططين‪ ،‬وإن كانت‬
‫سلطتها في هذا الصدد رهينة بمدى قدرة املخطط املراد إعتماده على تحقيق ألاهداف املرجوة من نظام إجراءات الوقاية واملعالجة من صعوبات املقاولة‪.‬‬
‫‪(26) Roublot et Ripert, Traité de droit commercial, T2, 14émé Edition 1996, p 1148‬‬
‫(‪ )27‬عبد الرحيم السماني‪ ،‬حصر املحكمة ملخطط إلاستمرارية في إطار مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغربية لقانون ألاعمال واملقاوالت‪ ،‬ع ‪– 1‬‬
‫يناير ‪ ،2111‬ص ‪2.‬‬
‫(‪ )28‬أنظر املادة ‪ 662‬من مدونة التجارة‬
‫‪11‬‬
‫بصفة شريك‪ ،‬تكاليف أخرى غير اإللتزامات التي تعاقدوا بشأنها عند إعداد هذا المخطط ‪ ،»...‬وتشري‬
‫املادة ‪ 416‬من م ت إىل تقدمي عروض من املرشحني إلقتناء املقاولة‪ ،‬عالوة على أنه ميكن إبطال املخطط لوجود‬
‫عيب يف اإلرادة وفقا للقواعد العامة‪ ،‬وذلك يف احلالة اليت يقع فيها الشخص املفوت إليه يف غلط جوهري‬
‫خبصوص حمل املال املفوت يربر إلغاء احملكمة ملخطط التفويت‪.‬‬

‫ويف نفس السياق جند تنفيذ خمطط التفويت يتطلب القيام بتصرفات ذات طبيعة تعاقدية(‪ ،)29‬نذكر منها إبرام‬
‫العقود الالزمة إلجناز التفويت مبشاركة صاحب العرض الذي إختارته احملكمة‪.‬‬

‫كما جند املشرع قد سن يف حالة عدم تنفيذ املخطط جزاء الفسخ‪ ،‬كجزاء يستمد جدوره من القواعد العامة املقررة‬
‫لإللتزامات التعاقدية امللزمة للجانبني(‪.)30‬‬

‫عموما إذا أمكننا أن نزكي من خالل ما تقدم الطابع التعاقدي لكل من االتفاق الودي وخمطط التسوية القضائية‪،‬‬
‫فإن ذلك يتم يف احلدود الدنيا‪ ،‬إذ سنقف إبتداء من الفقرة املوالية على جمموعة من املقتضيات اليت جاءت هبا‬
‫قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة واليت ستوضح أن القواعد العامة للتعاقد ستعرف أزمة‬
‫كبرية يف ضل قواعد هذا النظام‪ ،‬بداية بتلك اليت تتعلق مبحل وسبب اإللتزامات التعاقدية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر أزمة المحل والسبب في اإلتفاق الودي ومخطط التسوية‬
‫لكي ينشأ العقد بشكل صحيح ال بد من تطابق إرادة العاقدين على إحداث أثر قانوين‪ ،‬هذا التطابق ال يتحقق‬
‫بشكل جمرد‪ ،‬ألن أطراف العالقة التعاقدية يسعون إىل تنظيم شيء حمدد هو حمل العقد‪ ،‬كما يستهدفون غاية‬
‫معينة هي سبب إلتزامهم‪ ،‬حيث يتشكل من األمرين معا مضمون العقد(‪.)31‬‬

‫وبعد أن سلمنا بالطبيعة التعاقدية لكل من اإلتفاق الودي وخمطط التسوية‪ ،‬ولو يف حدود دنيا‪ ،‬فإننا جند حمل‬
‫اإللتزام التعاقدي(‪ )32‬فيهما يبدو غريبا نوعا ما عن ما حتدده القواعد العامة حملل اإللتزام التعاقدي من ضوابط‪،‬‬
‫خاصة بالنسبة لإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية‪.‬‬

‫‪(29) Amalvay et F Derrida, plan de cession et vice de consentement, Dalloz 1988, P 208‬‬
‫(‪ )30‬محمد أبو الحسن‪ ،‬تفويت املقاولة كحل في إطار التسوية القضائية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون ألاعمال‪،‬‬
‫جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية عين الشق‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2112‬ص ‪12‬‬
‫(‪ )31‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫(‪ )32‬إذ نجد الفقه يميز بين محل إلالتزام ومحل العقد‪ ،‬وذلك بكون‪:‬‬
‫محل إلالتزام هو ألاداء الذي يتعهد به املدين ملصلحة الدائن‪ ،‬وهو إما أن يكون إعطاء ش يء‪ ،‬أي إنشاء حق عيني على ش يء أو نقله‪ ،‬كما في البيع حيث يلتزم البائع‬
‫بنقل ملكية الش يء املبيع‪ ،‬وإما أن يكون عمال كما في إلتزام املقاول ببناء عمارة حسب العقد املبرم مع صاحبها‪ ،‬وإما أن يكون إمتناعا عن عمل كما في إلتزام العامل‬
‫بعدم منافسة مشغله عند إنتهاء عقد العمل املبرم بينهما‪.‬‬
‫أما محل العقد فهو موضوعه أي ألاثر القانوني الذي يسعى ألاطراف إلى تحقيقه من وراء التعاقد‪ ،‬وهذا ألاثر القانوني إما أن يكون إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو‬
‫إنهائه‪ .‬وحيث أن محل العقد هو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه فإن محل العقد يتعلق دائما بإلتزام‪ ،‬وبما أن إلالتزام ال ينشأ إال إذا كان له محل فإنه=‬
‫‪11‬‬
‫فإذا كان حمل اإللتزام التعاقدي يف القواعد العامة هو األداء الذي يتعهد به أحد املتعاقدين إزاء األخر‪ ،‬ويكون هذا‬
‫األداء واردا على شيء أو على مبلغ من النقود أو متضمنا القيام بعمل أو إمتناعا عنه‪ ،‬فإن حمل اإللتزام التعاقدي‬
‫يف كل من اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية يكون غالبا منح أجال وختفيضات‪ ،‬خاصة بالنسبة إلتفاق التسوية‬
‫الودية(‪ ،)33‬وأول ما يظهر يف ذلك ذلك شاذا عن القواعد العامة هو كون األجل يف القواعد العامة هو وصف من‬
‫أوصاف اإللتزام التعاقدي (‪ )34‬وليس حمال لإللتزام التعاقدي‪.‬‬

‫وما يزيد من ضرب للقواعد العامة هو كون األجل املتخد كمحل يف إطار اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية‪ ،‬ال‬
‫ميكن إعتباره تعديل هنائي لألجل احملدد يف العقود اليت تربط الدائنني باملقاولة املدينة‪ ،‬إذ مبجرد فسخ اإلتفاق أو‬
‫املخطط يسرتجع العقد كامل قوته امللزمة مبا يف ذلك األجال اليت يتضمنها(‪.)35‬‬

‫أما خبصوص التخفيضات املمنوحة يف إطار كل من اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية فإهنا تنصب على حمل‬
‫العقد املربم بني الدائن واملدين وهو ما يشكل حسب الفصلني ‪ 111‬و ‪ 112‬من ق ل ع(‪ )36‬جتديدا حملل‬
‫اإللتزام التعاقدي‪ ،‬يرتتب عنه إنقضاء اإللتزام األصلي وحيل حمله اإللتزام اجلديد والذي يعترب يف هذه احلالة هو‬
‫اإلتفاق الودي أو خمطط اإلستمرارية‪ ،‬غري أن القواعد املقررة لكل من اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية ال تسري‬
‫يف نفس اإلجتاه‪ ،‬إذ ال يفقد العقد األصلي قوته امللزمة هبذا التجديد‪ ،‬بل يستعيد تلك القوة مبجرد فسخ اإلتفاق‬
‫أو املخطط‪ ،‬وهذا ما يستشف من املادتني ‪ 115‬و ‪ 411‬من م ت(‪.)37‬‬

‫=يمكننا القول أن وجود محل إلالتزام شرط ضروري لوجود إلالتزام‪ ،‬وبالثالي فإنه شرط لوجود محل العقد‪ ،‬وبذلك فإنه ال بد لقيام العقد من وجود محل إلالتزام‬
‫العقدي‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الحق الصافي‪ ،‬دروس في القانون املدني (مصادر إلالتزامات)‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪ 11‬و‪.16‬‬
‫(‪ )33‬تتمثل الحلول التي يمكن أن يأتي بها إتفاق التسوية الودية في منح أجال جديدة لألداء أو التخفيض من الديون أو إلاثنين معا أو تقديم القروض الالزمة‬
‫لتمويل املشاريع الجديدة أو تفويت بعض فروع أو وكاالت املقاولة املعنية بامأمر أو تسريح بعض ألاجراء أو تخفيض ألاجور أو حدف بعض إلامتيازات املمنوحة‬
‫للمسيرين واملدراء وغيرها من الحلول ذات الطابع املالي وإلاجتماعي وإلاقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬خالد بنكيران‪ ،‬دور رئيس املحكمة التجارية في مساطر التسوية الودية‪ ،‬مقال منشور بأشغال الندوة املنعقدة بمناسبة الذكرى الخمسينية باملجلس‬
‫ألاعلى‪ ،‬تحث عنوان «صعوبات املقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل إجتهادات املجلس ألاعلى» مطبعة ألامنية‪-‬الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2111‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ )34‬الباب الثاني من القسم الثاني من الكتاب ألاول من ظهير إلالتزامات والعقود (الفصول ‪ 121‬الى ‪)11.‬‬
‫(‪ )35‬وإذا كان فسخ مخطط إلاستمرارية يؤدي إلى فتح مسطرة التصفية القضائية وحلول أجال جميع الديون‪ ،‬فإن ألاجال التي تحل هي ألاجال ألاصلية املتضمنة في‬
‫العقود التي تربط الدائنين باملدين وليست ألاجال املمنوحة في إطار املخطط‪ ،‬فهذه ألاخيرة تنتهي ولم يعد لها وجود بمجرد فسخ املخطط‪.‬‬
‫(‪ )36‬ينص الفصل ‪ 111‬من ق ل ع على أنه‪« :‬يحصل التجديد بثالث طرق‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يتفق الدائن واملدين على إحالل التزام جديد محل القديم الذي ينقض ي‪ ،‬أو على تغيير سبب إلالتزام القديم؛‬
‫‪ - 2‬أن يحل مدين جديد محل القديم الذي يحلله الدائن من الدين ويجوز أن يحصل هذا إلاحالل من غير مشاركة املدين القديم؛‬
‫‪ - 1‬أن يحل‪ ،‬نتيجة تعهد جديد‪ ،‬دائن جديد محل القديم الذي تبرأ ذمة املدين بالنسبة إليه‪.‬‬
‫مجرد تعيين املدين شخصا يلتزم بأن يقوم بالوفاء بالدين مكانه ال يؤدي إلى التجديد‪ .‬كما ال يؤدي إلى التجديد مجرد تعيين الدائن شخصا لالستيفاء عنه‪».‬‬
‫وينص الفصل ‪ 111‬من نفس القانون على أنه‪« :‬إحالل ش يء محل الش يء املبين في إلالتزام القديم يمكن أن يعد تجديدا إذا كان من شأنه أن يلحق باإللتزام تعديال‬
‫جوهريا‪ ،‬أما تغيير مكان التنفيذ أو التعديالت الواردة على شكل إلالتزام أو على القيود املضافة له كامأجل والشروط والضمانات فال تعد تجديدا إال إذا كان‬
‫املتعاقدان قد قصداه صراحة‪».‬‬
‫(‪ )37‬تنص املادة ‪ 11.‬من م ت على أنه‪« :‬يوقف إلاتفاق أثناء مدة تنفيذه كل دعوى قضائية وكل إجراء فردي‪ ،‬سواء كانت تخص منقوالت املدين أو عقاراته بهدف‬
‫الحصول على سداد الديون موضوع إلاتفاق‪ .‬ويوقف آلاجال املحددة للدائنين تحت طائلة سقوط أو فسخ الحقوق املتعلقة بهؤالء الدائنين‪=.‬‬
‫‪12‬‬
‫وخبصوص حمل اإللتزام التعاقدي يف خمطط التفويت فهو أيضا يشكل خروجا واضحا عن القواعد العامة‪ ،‬فإذا كان‬
‫الفصل ‪ 611‬من ق ل ع ينص على أنه بإمكان املشرتي تفويت الشيء املبيع ولو قبل التسليم(‪ ،)38‬فإن املادة‬
‫‪ 421‬من م ت جتعل ذلك غري ممكن ما دام مل يدفع مثن التفويت كامال‪ ،‬بل أكثر من ذلك نصت املادة ‪422‬‬
‫من م ت على إمكانية ربط خمطط التفويت بشرط جيعل األموال املفوتة غري قابلة للتفويت ملدة حتددها احملكمة‪،‬‬
‫مما يشكل تراجعا لسلطة املشرتي (املفوت اليه) على الشيء املشرتى الذي يشكل حمل اإللتزام التعاقدي‪.‬‬

‫وبل ميكن أن نذهب أبعد من ذلك ونعترب أن حمل خمطط التفويت يشكل ضربا واضحا حلق دستوري‪ ،‬أال وهو‬
‫حق امللكية‪ ،‬فمخطط التفويت ميكن أن نصفه بأنه نزع للملكية دون رضا صاحبها‪.‬‬

‫وتأثر مضمون العقد مبقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ال يتوقف عند حدود حمله بل‬
‫(‪)39‬‬
‫جند سببه بدوره يعرف نوعا من اإلنزالق عن ما أرسته القواعد العامة‪ ،‬فإذا كان سبب إلتزام الدائن يف العقد‬
‫الذي على أساسه منح التخفيضات واألجال يف إطار اإلتفاق الودي أو خمطط اإلستمرارية هو األداء املقابل‬
‫الذي يثقل كاهل املدين (املقاولة)‪ ،‬فإنه يف إطار اإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية يكون سبب إلتزام املدين هو‬
‫األداء املقابل الذي يثقل كاهل الدائن واملتمثل يف إلتزامه مبنح أجال وختفيضات‪ ،‬وهو يف نفس الوقت حمل ووصف‬
‫اإللتزام التعاقدي األصلي (أي العقد الذي يربط بني الدائن واملقاولة املدينة)‪ .‬وبالثايل فإن السبب مل يعد هو ذاته‬
‫الذي كان يف إطار العقد األصلي الذي يربط بني املدين والدائن‪ ،‬مما يرتتب عنه إستنادا اىل الفصل ‪ 111‬من ق‬
‫ل ع يف بنده األول تغيري سبب اإللتزام القدمي وبالتايل جتديده الذي يرتتب عنه إنقضاء اإللتزام القدمي وحلول‬
‫اإللتزام اجلديد حمله‪ .‬غري أنه بالرجوع جمددا اىل املادتني ‪ 115‬و‪ 411‬من م ت‪ ،‬جند ذلك ال يتحقق‪ ،‬إذ مبجرد‬
‫فسخ االتفاق الودي أو خمطط اإلستمرارية يسرتجع اإللتزام التعاقدي األصلي كامل قوته امللزمة مبا يف ذلك سببه‪.‬‬

‫=في حالة عدم تنفيذ إلالتزامات الناجمة عن إلاتفاق‪ ،‬تقض ي املحكمة بفسخ هذا ألاخير وبسقوط كل آجال ألاداء املمنوحة‪».‬‬
‫وتنص املادة ‪ 612‬من م ت على أنه‪« :‬إذا لم تنفذ املقاولة التزاماتها املحددة في املخطط يمكن للمحكمة أن تقض ي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين وبعد الاستماع‬
‫إلى السنديك بفسخ مخطط الاستمرارية‪ ،‬وتقرر التصفية القضائية للمقاولة‪.‬‬
‫يصرح الدائنون الخاضعون للمخطط بكامل ديونهم وضماناتهم‪ ،‬بعد خصم املبالغ التي تم استيفاؤها‪.‬‬
‫يصرح الدائنون الذين نشأ حقهم بعد الحكم بفتح مخطط الاستمرارية بما لهم من ديون‪.‬‬
‫تنطق املحكمة بقفل املسطرة إذا قامت املقاولة بتنفيذ مخطط الاستمرارية‪».‬‬
‫(‪ )38‬ينص الفصل ‪ 1.2‬من ق ل ع على أنه‪« :‬بمجرد تمام البيع‪ ،‬يسوغ للمشتري تفويت الش يء املبيع ولو قبل حصول التسليم‪ ،‬ويسوغ للبائع أن يحيل حقه في‬
‫الثمن ولو قبل الوفاء‪ .‬وذلك ما لم يتفق العاقدان على خالفه‪ .‬وال يعمل بهذا الحكم في بيوع املواد الغذائية املنعقدة بين املسلمين‪».‬‬
‫(‪ )39‬إذ نجد الفقه أيضا‪ ،‬وعلى غرار ما مر معنا بخصوص محل إلالتزام التعاقدي‪ ،‬يميز بين سبب إلالتزام وسبب العقد‪ ،‬وهكذا فإن سبب إلالتزام هو سبب‬
‫موضوعي ال يتعدى القصد املباشر من التعاقد‪ ،‬وهو يوجد داخل العقد‪ ،‬مثال في البيع سبب إلتزام البائع بتسليم املبيع الى املشتري هو إلتزام هذا ألاخير بدفع الثمن‪،‬‬
‫وفي الهبة سبب إلتزام الواهب هو نية التبرع وهكذا ‪...‬‬
‫أما سبب العقد في مجموعه (العملية العقدية) فال يعنى فقط بالهدف املباشر وإنما يتخط ذلك باحثا في السبب الدافع الى التعاقد‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫أما خبصوص سبب اإللتزام التعاقدي يف خمطط التفويت فإننا جنده وعلى عكس القواعد العامة ال يقابل فيه سبب‬
‫إلتزام طرف سبب إلتزام الطرف األخر‪ .‬فإذا كان سبب إلتزام املفوت إليه هو األداء(‪ )40‬املقابل الذي يثقل كاهل‬
‫املدين (املقاولة)‪ ،‬واملتمثل يف نقل ملكية حمل التفويت‪ ،‬فإن سبب إلتزام املدين (املقاولة) ال يستمد وجوده من‬
‫األداء املقابل واملتمثل يف مثن التفويت(‪ ،)41‬بل من كون التفويت ككل أو مبفهوم أدق كمخطط سيفيد يف إصالح‬
‫وضعية املقاولة(‪ .)42‬بل حىت لو سلمنا بأن هذا السبب األخري هو سبب العقد وليس سبب اإللتزام‪ ،‬فإننا نقف‬
‫عند غياب تام إلرادة املدين يف حتققه‪ ،‬فالباعث الدافع اىل التعاقد يف إطار خمطط التفويت(‪ )43‬إمنا جيد مصدره يف‬
‫إرادة املشرع‪.‬‬

‫ومما تقدم‪ ،‬يظهر جليا أن حمل وسبب العقد يف اإلتفاق الودي وخمطط التسوية ال يتالءمان والقواعد املقررة للمحل‬
‫والسبب يف األحكام العامة‪ ،‬فمحل اإللتزام التعاقدي عرف تغيريا واضحا يف مفهومه يف إطار اإلتفاق الودي‬
‫وخمطط التسوية‪ ،‬كما أن سبب اإللتزام بدوره تأثر بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪،‬‬
‫سواء من حيث مقابلته للسبب عند الطرف األخر أو من حيث دور اإلرادة يف حتققه‪.‬‬

‫إن تأثر مضمون العقد بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة لن يتوقف عند هذا احلد‪ ،‬بل‬
‫إن مثن التفويت بإعتباره موازيا لثمن البيع يف عقد البيع‪ ،‬سيعرف تغريا واضحا يف القواعد اليت حتكمه يف ضل نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬لذلك إرتأينا أن نتناوله يف نقطة مستقلة‪ ،‬وذلك باملوازاة مع دراسة‬
‫املفهوم القانوين للعقد ومدى تأثره بقواعد هذا النظام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أزمة المفهوم القانوني للعقد وثمن التفويت‬


‫ال شك أن من يطلع على وضعية العقد يف إطار القواعد املنظمة إلجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‬
‫سيحدث للصورة النمطية اليت رمستها له القواعد العامة يف ذهنه حول مفهوم العقد‪ ،‬نوع من التحوير والتغيري‪ ،‬إذ‬
‫أن قواعد هذا النظام ستحكم على املتعاقد مع املقاولة املدينة بالطرد من هذه العالقة وستحول هذه العالقة «أي‬
‫العقد» من اّلية قانونية لضبط وتنظيم العالقات املالية ألطرافه‪ ،‬اىل مال خالص من أموال املقاولة يقوم بسعر‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬وهذا السعر بدوره «أي الثمن» ستجعل منه قواعد هذا النظام يف ضل خمطط التفويت خيرج عن‬

‫(‪ )40‬ألاداء املقصود هنا‪ ،‬هو ألاداء بمفهومه الشامل سواء كان إعطاء ش يء أو القيام بعمل أو إلامتناع عن القيام بعمل‪.‬‬
‫(‪ )41‬وذلك راجع الى كون ثمن التفويت ال يكون دائما متناسبا مع قيمة ألاموال املفوتة في إطار املخطط‪ ،‬بحيث يمكن القول بأن الثمن في بعض الحاالت يكون رمزيا‪.‬‬
‫‪ -‬للتعمق أكثر في هذه النقطة أنظر الفقرة الثانية من املطلب الثاني من هذا املبحث‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )42‬وإن كان يصعب من الناحية العملية التسليم بهذا الرأي‪ ،‬إذ يستحيل أن نجد من بين مالكي املقاوالت من يكون هاجسه في التسليم بمخطط التفويت هو‬
‫رغبته في إنقاد النشاط واملقاولة ككل وإن كان ذلك سيؤدي الى نزع ملكية املقاولة منه‪.‬‬
‫(‪ )43‬نالحظ أن نفس إلاشكالية ترتبط بسبب العقد في إلاتفاق الودي ومخطط إلاستمرارية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫املألوف له يف القواعد العامة كمقابل عادل للشيء املبيع‪ ،‬وستجعله يف بعض احلاالت ال يساوي شيئا بدوره‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أزمة المفهوم القانوني للعقد‬


‫إن مظاهر أزمة القواعد العامة للتعاقد إمتدت أيضا لتشمل املفهوم القانوين للعقد‪ ،‬فإذا كان املشرع الفرنسي يعرف‬
‫العقد يف املادة ‪ 2212‬من القانون املدين الفرنسي بأنه‪« :‬إتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر نحو شخص‬
‫أخر أو أكثر بإعطاء أو بعمل أو باإلمتناع عن عمل شيء»(‪ ،)44‬ومعه عرف أيضا الفقه العقد على أنه‪:‬‬
‫«توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني»(‪ ،)45‬ومبفهوم أكثر دقة‪« :‬العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على‬
‫إحداث أثر قانوني سواء كان هذا األثر هو إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه‪ ، )46(».‬ويفهم من ذلك‬
‫أن هذا املفهوم التقليدي للعقد يعترب معه العقد أذاة قانونية تنظم عالقة بني شخصني(‪ )47‬أو أكثر‪ ،‬وهذا يفيد أن‬
‫ما إتفق عليه العاقدان يلزمهما بصفة هنائية‪ ،‬ألن اإلرادة إذا كانت حرة من كل قيد خارجي فهي ختضع ملا‬
‫ترتضيه‪ .‬من مت يلتزم العاقدان باإلحرتام الكامل للعقد كثمرة إلرادهتم املشرتكة‪ ،‬فبمجرد إبرامه يتعني إعمال أثاره‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للقانون‪ ،‬ومن نتائج ذلك أنه ال يستطيع أحد العاقدان يف ضل الفصل ‪ 111‬من ق ل‬
‫ع(‪ )48‬أن يستقل بتعديله أو إلغائه(‪ ،)49‬إال أنه يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‬
‫تقلص دور اإلرادة كأحد مرتكزات مفهوم العقد‪ ،‬وأصبح معها ماال من أموال املقاولة وأذاة للتسوية واإلنقاد‪،‬‬
‫بإعتباره قيمة إقتصادية وحمركا أساسيا للنشاط اإلقتصادي يف املقاولة ولكونه مركز إلتقاء مصاحل خمتلفة‬
‫ومتعارضة(‪.)50‬‬

‫وبناءا على ذلك فالعقد يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة مل يعد ملكا مشرتكا لطريف‬
‫العملية التعاقدية‪ ،‬وإمنا أصبح مال من أموال املقاولة تتصرف فيه وفقا ملا خيدم تسويتها‪ ،‬فهو يدخل ضمن تركيبتها‬
‫املالية‪ .‬كما أنه يف ضل هذا املفهوم الذي جاء به نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة للعقد‪ ،‬برز‬
‫معيار نفعية العقد املناقض ملبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬حيث ينظر نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‬
‫للعقد نظرة يغلب عليها الطابع اإلقتصادي الذي يظهر العقد كقيمة مالية توظف خلدمة أهداف املسطرة‪ ،‬حبيث‬

‫(‪ )44‬املشرع املغربي لم يورد تعريفا للعقد في ق ل ع‬


‫(‪ )45‬مامون الكزبري‪ ،‬نظرية إلالتزامات في ضوء قانون إلالتزامات والعقود املغربي‪ ،‬الجزء ألاول‪ :‬مصادر إلالتزامات‪ ،‬دون ذكر املطبعة والطبعة‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )46‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫(‪ )47‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )48‬ينص الفصل ‪ 211‬من ق ل ع على أنه‪« :‬إلالتزامات التعاقدية املنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما‬
‫معا أو في الحاالت املنصوص عليها في القانون‪».‬‬
‫(‪ )49‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )50‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫يويل هذا النظام أمهية لنفعية العقد ومسامهته يف تسوية وضعية املقاولة(‪ ،)51‬لذلك فإن إقتضت هذه النفعية‬
‫إستمرار العقد مع املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة كان للسنديك إجبار الطرف األخر يف العقد على ذلك‬
‫(املادة ‪ 111‬من م ت)(‪ ، )52‬وللمحكمة أيضا سلطة ذلك (املادة ‪ 414‬من م ت)(‪ ، )53‬أما إذا كان العقد غري‬
‫نافع يف احلفاظ على إستمرارية نشاط املقاولة كان ألجهزة املسطرة حسب احلالة سلطة إلغاءه(‪.)54‬‬

‫ال شك أن هذا التحول يف مفهوم العقد يف إطار قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‬
‫ستكون له أثار وخيمة على مبدأ األمن التعاقدي‪ ،‬فإذا كان هذا األخري من أهم املبادئ املوجهة لقانون العقد‪ ،‬إىل‬
‫جانب كل من احلرية التعاقدية والعدالة التعاقدية والنزاهة التعاقدية‪ ،‬ويقصد به بصفة عامة توقع املخاطر وتالفيها‪،‬‬
‫وذلك بإتباع إجراءات حمددة عند التعاقد‪ ،‬ال سيما بشأن ما يتعلق بالتنفيذ واملسؤولية العقدية‪ ،‬إذ هو هبذا املعىن‬
‫إحساس وقيمة إجتماعية مستمدة من القانون‪ ،‬ومن حيث املقصود به كمبدأ يتجلى من خالل املرتكزات اليت‬
‫ينبين عليها وتتجلى يف عدة مستويات من قبيل القوة امللزمة للعقد وإحرتام األطراف للمراكز القانونية الناشئة عن‬
‫العقد واإلبقاء على العقد ما أمكن سواء يف حالة كون العقد حمل تأويل‪ ،‬أو يف حالة وجود ما يهدد صحته‬
‫وتنفيذه‪ ،‬حيث يثار هنا مبدأ إستقرار العقد‪ ،‬الذي يؤدي اىل القول بأمن التصرفات‪ ،‬وبالتايل إعتبار إستقرار العقد‬
‫واحلفاظ عليه من باب األمن التعاقدي‪.‬‬

‫(‪ )51‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪1‬‬


‫(‪ )52‬تنص املادة ‪ 111‬من م ت على أنه‪« :‬بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة‪.‬‬
‫ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب ملدة تفوق شهرا‪.‬‬
‫يجب على املتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح املسطرة‪ .‬وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه إلالتزامات سوى منح الدائنين حق‬
‫التصريح بها في قائمة الخصوم‪.‬‬
‫عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد‪ ،‬يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن ألاضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم‪ .‬غير أنه يمكن للطرف آلاخر تأجيل‬
‫إرجاع املبالغ الزائدة التي دفعتها املقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن ألاضرار‪.‬‬
‫ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد‪ ،‬على الرغم من أي مقتض ى قانوني أو شرط تعاقدي‪».‬‬
‫(‪ )53‬تنص املادة ‪ 616‬من م ت على أنه‪« :‬تحدد املحكمة عقود الائتمان الايجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط املقاولة‬
‫بناء على مالحظات ألاطراف املتعاقدة مع املقاولة التي يقوم السنديك باإلبالغ بها‪.‬‬
‫يكون الحكم الذي يحصر املخطط بمثابة تفويت لهذه العقود‪.‬‬
‫يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط املعمول بها عند فتح املسطرة‪ ،‬على الرغم من كل شرط مخالف مع مراعاة آجال ألاداء التي يمكن أن تفرضها املحكمة‪،‬‬
‫لضمان التنفيذ السليم للمخطط‪ ،‬بعد الاستماع إلى املتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني‪».‬‬
‫(‪ )54‬يتمثل هذا إلالغاء إما في سلطة السنديك في إطار العقود الجارية في التخلي عن مواصلة العقود غير الضرورية إلستمرارية النشاط‪ ،‬وإما في إطار سلطة املحكمة‬
‫في عدم تفويت العقود التي تراها غير مجدية في إستمرارية النشاط‪ ،‬وإما في إطار إعادة التركيبة املالية للمقاولة من خالل إبطال بعض العقود التي أبرمت خالل فترة‬
‫الريبة‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫وإذا كان مبدأ القوة امللزمة للعقد من أهم مرتكزات األمن القانوين‪ ،‬فما ذلك إال لكون هذا املرتكز يرتتب عنه أن‬
‫ما مت باإلرادة ال ميكن أن ينتهي إال باإلرادة‪ ،‬وأن العقد له حجية جتاه القاضي‪ ،‬لذلك يقال أن القاضي خادم‬
‫العقد(‪.)55‬‬

‫ولقد ترجم الفصل ‪ 111‬من ق ل ع كل هذه اجلوانب‪ ،‬وعلى ذلك ميكن إعتبار أطراف أي عقد مبثابة‬
‫مشرعني‪ ،‬نوعا ما‪ ،‬لقانون خاص هبم‪.‬‬

‫إال أنه يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وما جاء به من قواعد جديدة تستعصي على‬
‫أن تتقبلها القواعد العامة‪ ،‬تغري مفهوم العقد كشريعة للمتعاقدين‪ ،‬بأن أصبح تصرفا بإرادة منفردة إن صح القول يف‬
‫ضل هذا النظام‪ ،‬فيما يتعلق بتحديد مصريه‪ ،‬إذ أن قواعد هذا النظام غلبت الرابطة املقاوالتية على الرابطة‬
‫التعاقدية بأن جعلت العقد يرتبط باملقاولة كطرف فيه أكثر من إرتباطه بالطرف األخر‪ ،‬وبالتايل فسلطة التحكم‬
‫يف العقد بيد املقاولة وحدها عن طريق أجهزة املسطرة‪ ،‬تستعملها لإلبقاء على العقود النافعة هلا وإستبعاد العقود‬
‫اليت ال ختدم مصاحلها‪ ،‬ويف ذلك ال حمالة مساس مبصاحل الطرف األخر يف العالقة التعاقدية‪ ،‬وبثقته يف األمن الذي‬
‫كان يوفره له اإلقدام على إحاطة تصرفاته بروابط تعاقدية‪.‬‬

‫إذا كان يبدوا جليا من خالل ما تقدم أن املفهوم القانوين للعقد مل يعد مستساغا من قبل مقتضيات نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬نظرا لكونه ال خيدم أهدافه مما أدى به اىل تقزميه ولو على حساب‬
‫القواعد العامة واألمن التعاقدي‪ ،‬فإن هذا التغيري الذي فرضه هذا النظام على جمموعة من املؤسسات واملفاهيم‬
‫القانونية الراسخة يف القواعد العامة‪ ،‬سيمتد أيضا اىل مثن التفويت الذي جيسد مقابل التزام املفوت يف خمطط‬
‫التفويت‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إرتباط ثمن التفويت بأهداف المخطط وليس بقيمة األموال المفوتة‬
‫إن كان خيتلف التفويت عن البيع العادي(‪ ،)56‬بل حىت عن البيع القضائي الذي يتم يف إطار القواعد املسطرية يف‬
‫جمموعة من النقاط‪ ،‬إال أن وجود الثمن فيهم مجيعا ال خالف حوله‪ ،‬فالبيع ال يثم إال بوجود هذا املقابل الذي‬
‫يلتزم املشرتي بدفعه للبائع‪ ،‬ويتعني يف هذا املقابل أن يكون مبلغا نقديا(‪ .)57‬غري أن مفهوم الثمن يف إطار قواعد‬

‫(‪ )55‬عبد املجيد غميجة‪ ،‬أبعاد ألامن التعاقدي وإرتباطاته‪ ،‬عرض مقدم في اللقاء الدولي حول (ألامن التعاقدي وتحديات التنمية) املنظم من قبل الهيئة الوطنية‬
‫للموثقين‪ ،‬الصخيرات‪ ،‬أيام ‪ 1.‬و‪ 1.‬أبريل ‪ ،2111‬ص ‪1‬‬
‫‪ -‬منشور بموقع املعهد العالي للقضاء ‪( www.ism.ma‬تاريخ الزيارة ‪)2111-11-2‬‬
‫(‪ )56‬للوقوف على املقارنة بين التفويت والبيع العادي راجع‪:‬‬
‫محمد أبو الحسن‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1.‬و‪.1.‬‬
‫(‪ )57‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬الوجيز في النظرية للعقود املسماة‪ ،‬الكتاب ألاول عقد البيع‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬توزيع مكتبة دار ألامان‪-‬الرباط‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى ‪ ،1...‬ص ‪..1‬‬
‫‪11‬‬
‫نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وبالضبط يف املقتضيات املتعلقة بالتفويت جنده مغايرا ملفهوم‬
‫الثمن يف البيع بصفة عامة‪.‬‬

‫فإذا كان الفصل ‪ 651‬من ق ل ع(‪ )58‬ينص على وجوب تعيني الثمن وأنه ال جيوز أن يعهد بتعيينه اىل أحد من‬
‫الغري‪ ،‬وإذا إستثنينا من ذلك البيع باملزاد العلين الذي يتحدد فيه الثمن على أساس الثمن الذي رسا به املزاد بعد‬
‫أن كانت احملكمة قد حددت الثمن اإلفتتاحي للمزايدة‪ ،‬وأيضا الثمن (كتعويض) يف إطار نزع امللكية من أجل‬
‫املنفعة العامة الذي حتدده اإلدارة‪ ،‬فإنه يف مجيع احلاالت يراعى يف حتديده سعر السوق أو السعر املتداول يف‬
‫التجارة أو السعر الذي جيري عليه التعامل بني املتعاقدين‪ ،‬أو السعر الذي حيدده أجنيب(‪ )59‬عن العقد(‪ ،)60‬وهذا‬
‫ما ال جند له تطبيق يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬إذ أن مثن التفويت ليس‬
‫هو املقابل احلقيقي لقيمة األصول بل هو عنصر من بني عناصر أخرى تأخذها احملكمة بعني اإلعتبار لتقدير‬
‫جدية العرض‪ ،‬ودراسة فرص تسوية املقاولة(‪ ،)61‬فقد يقرتح املشرتي (املفوت إليه) يف عرضه احلفاظ على جل‬
‫مناصب الشغل(‪ ،)62‬موازاة مع عرضه لثمن ال يعكس قيمة األصول اليت سيشملها التفويت‪ ،‬وبناء عليه فاحملكمة‬
‫ال تنتظر من تفويت املقاولة يف إطار املخطط مثنا يناسب قيمة املوال الواردة فيه‪ ،‬ألن اإللتزام بالقيام بعمل الذي‬
‫يتحمله املفوت إليه‪ ،‬والذي يتجلى يف احلفاظ على النشاط ومناصب الشغل والتمويل والتسوية يشكل مقابال‬
‫موضوعيا إلنتقال امللكية‪ ،‬وهو هدف يدخل يف صميم املصلحة العامة للمقاولة اليت جيب أخدها بعني‬
‫اإلعتبار(‪ ،)63‬وبالتايل فإن الثمن يف مفهوم نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة قد يتعارض مع‬
‫مفهوم الثمن يف القواعد العامة نظرا لعدم جماهبته يف غالبية صوره لقيمة األموال املفوتة‪ ،‬إال أنه ال ميكن القول جبواز‬
‫(‪)64‬‬
‫تفويت املقاولة بثمن رمزي وذلك تفاديا للتعسف يف إستعمال هذه الوسيلة تطبيقا للمادة ‪ 411‬من م ت‬
‫اليت ال تقصي األداء للدائنني ضمن معايري إختيار العرض(‪.)65‬‬

‫(‪ )58‬ينص الفصل ‪ 1.1‬من ق ل ع على أنه‪« :‬يجب أن يكون الثمن الذي ينعقد عليه البيع معينا‪ .‬وال يسوغ أن يعهد بتعيينه إلى أحد من الغير‪ ،‬كما أنه ال يسوغ أن‬
‫يقع الشراء بالثمن الذي اشترى به الغير ما لم يكن هذا الثمن معروفا من املتعاقدين‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يجوز الركون إلى الثمن املحدد في قائمة أسعار السوق‪ ،‬أو إلى‬
‫تعريفة معينة أو إلى متوسط أسعار السوق‪ ،‬إذا ورد البيع على بضائع ال يتعرض ثمنها للتقلبات‪ .‬أما إذا ورد البيع‪ ،‬على بضائع‪ ،‬يتعرض ثمنها للتقلبات‪ ،‬فيفترض في‬
‫املتعاقدين أنهما ركنا إلى متوسط ألاسعار التي تجري بها الصفقات‪».‬‬
‫(‪ )59‬وإن كان املبدأ في القواعد العامة إستنادا الى الفصل ‪ 1.1‬من ق ل ع املشار له أعاله عدم جواز إسناد مهمة تعيين الثمن لغير املتعاقدين‪.‬‬
‫(‪ )60‬محمد حسين منصور‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪-‬إلاسكندرية‪ ،‬طبعة ‪ ،1...‬ص ‪2..‬‬
‫‪)61( DEKEUVER Defosser, REV Droit bancaire et bourse 1988, N° 9, p 180‬‬
‫‪ -‬أورده محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..1‬‬
‫(‪ )62‬جاء في وقائع حكم املحكمة التجارية بمراكش بتاريخ ‪ ،2111-11-21‬وذلك من خالل ما تضمنته إحدى العروض‪ ...« :‬إن الشركة ترغب في إلاحتفاظ بكل‬
‫العمال ‪»...‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة التجارية بمراكش ملف رقم ‪ ،98/1‬حكم بتاريخ ‪ ،2111-11-21‬منشور بمجلة املحاكم‪ ،‬ع ‪ ..‬مايو‪-‬يونيو ‪ ،2111‬ص ‪.1.1‬‬
‫(‪ )63‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..1‬‬
‫(‪ )64‬تنص املادة ‪ 611‬من م ت على أنه‪« :‬تختار املحكمة العرض املتعلق باملجموعة املفوتة والذي يضمن أطول مدة الستقرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنين‪».‬‬
‫(‪ )65‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..1‬‬
‫‪1.‬‬
‫وعموما فإن مثن التفويت ليس هو املقابل الوحيد لنقل ملكية األموال املفوتة‪ ،‬ألنه يشكل فقط جزء من التكلفة‬
‫احلقيقية للتفويت اىل جانب إلتزامات أخرى(‪ ،)66‬مما ميكن القول معه أن مثن التفويت يف ضل قواعد نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة والذي يقابل الثمن يف عقد البيع يفقد إستقالليته وميزته‬
‫النقدية(‪.)67‬‬

‫وخروج مثن التفويت عن القواعد العامة املؤطرة للثمن كإلتزام يقع على عاتق املشرتي أزم وضعيته وجعله من بني‬
‫املعايري اليت وقع فيها إختالف على مستوى الفقه والقضاء الفرنسي باخلصوص‪ ،‬كما أنه يطرح عدة صعوبات أمام‬
‫القضاء‪ ،‬إذ تثار يف هذا اإلطار مسألة األفضلية بني مجيع األمثنة املقرتحة إلقتناء املقاولة‪ ،‬واملعيار الذي ترتكز عليه‬
‫احملكمة إلختيار هذا الثمن أو ذاك‪ ،‬فهل يتعلق األمر بالثمن املرتفع لكنه سوف يؤدي على مراحل‪ ،‬أم بالثمن‬
‫الذي سيؤدى فورا لكنه أقل من سابقه‪ ،‬أم بالثمن الذي ميكن يف ظروف أحسن من جناح عملية التفويت دون‬
‫إحداثه ألثار سلبية خبصوص مناصب الشغل‪ ،‬وعالقات املقاولة مع مجيع األطراف املتعاقدة معها‪ ،‬أي أنه يوفر‬
‫أطول مدة إلستقرار الشغل ويوفر إستمرارية النشاط لكن ال يضمن أداء مستحقات الدائنني‪ ،‬أو على العكس‬
‫يضمن أداء مستحقات الدائنني وال يؤمن إستقرار أطول مدة ملناصب الشغل ‪ ،...‬ويرى أحد الباحثني أن إهتمام‬
‫احملكمة جيب أن ال ينصب على إختيار أعلى مثن بقدر ما هي مطالبة بالبحث عن الثمن الذي من شأنه أن‬
‫حيقق األهداف الثالثة األساسية من عملية التفويت‪ ،‬واملتمثلة يف اإلبقاء على النشاط بشكل مستقل‪ ،‬واحملافظة‬
‫على كل أو بعض مناصب الشغل‪ ،‬وتصفية اخلصوم(‪.)68‬‬

‫ونرد على هذا الرأي بأن اإلشكال ال يكمن يف البحث عن الثمن وال حىت إختياره‪ ،‬بل يطرح خبصوص صعوبة‬
‫حتقيق املعادلة الصعبة املتمثلة يف حتقيق األهداف الثالثة لنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪.‬‬

‫ويف األخري فإنه إذا كان مضمون العقد تأثر بالقواعد املتعلقة بنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪،‬‬
‫جعله مل يعد قادرا على الركون اىل ما كان أسس له مبدأ سلطان اإلرادة يف القواعد العامة خبصوص حمله وسببه مبا‬
‫يف ذلك الثمن كأحد أهم عناصر عقد البيع‪ ،‬وبل حىت على مستوى املفهوم القانوين للعقد بصفة عامة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫سينعكس حتما على أطراف العقد بدورهم‪.‬‬

‫(‪ )66‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..6‬‬


‫(‪ )67‬حيث أنه في القواعد العامة‪ ،‬إذا كان املقابل شيئا من ألاشياء‪ ،‬فإن العقد ال يكون بيعا بل مقايضة‪ ،‬وإذا تمثل املقابل في مجرد عمل أو إمتناع عن عمل فإن‬
‫العقد يكون عقد غير مسمى وليس بيعا‪.‬‬
‫‪ -‬محمد حسين منصور‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.2.6‬‬
‫(‪ )68‬عبد الكريم عباد‪ ،‬مخطط تفويت املقاولة بين النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء‪ ،‬مقال منشور بمجلة رحاب املحاكم‪ ،‬ع ‪ ،.‬سنة‬
‫‪ ،2111‬ص ‪22‬‬
‫‪1.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تجليات األزمة على مستوى الشروط المتعلقة بالمتعاقدين‬
‫يتعني أن تتوافر لكل عاقد القدرة على إبرام العقود‪ ،‬أي أن تكون له صفة التعاقد‪ ،‬وأن يرتضي إبرام العقد الذي‬
‫يقصده‪.‬‬

‫فبخصوص صفة التعاقد فإن مسآلة حتديد صاحب الصفة للتعاقد ختتلف بإختالف ما إذا إعتزم املعين باألمر‬
‫التعاقد بإمسه اخلاص وحلسابه‪ ،‬أو إستهذف إبرام العقد بواسطة نائب عنه(‪ ،)69‬ففي الفرضية الثانية قد تقوم‬
‫احلاجة لدى الشخص اىل أن ينوب عنه يف إبرام تصرفات قانونية شخص أخر‪ ،‬يتوىل عنه إبرام التصرف الذي‬
‫يرغب يف إبرامه‪ ،‬وهذا جائز قانونا يف النظم القانونية احلديثة عن طريق نظام النيابة(‪.)70‬‬

‫أما خبصوص إرتضاء التعاقد‪ ،‬فإن هذا اللفظ يفيد توافق إراديت العاقدين على إحداث األثر املقصود من العقد‪.‬‬
‫فبهذا املعىن يقال إن العقد يتم مبجرد تراضي العاقدين أو إن الرتاضي بإعتباره الشرط األول لوجود عالقة عقدية‬
‫هو إرادة كل واحد من العاقدين لإلرتباط يف مواجهة األخر بالعقد املنشود‪ ،‬من مت يعترب الرتاضي أهم أركان تكوين‬
‫العقد فهو الذي يربر قوته امللزمة يف مواجهة أطرافه‪.‬‬

‫إال أنه بالتوجه حنو القواعد اليت يتظمنها نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬سنجد أن األحكام‬
‫العامة املتعلقة بصفة التعاقد ستعرف إنتكاسة كبرية يف ضل قواعد هذا النظام‪ ،‬والذي يبدوا أنه فضل التضحية‬
‫بالقواعد العامة لصفة التعاقد يف سبيل جعل قواعده حتقق مبتغاها (المطلب األول)‪.‬‬

‫ويف نفس السياق سنجد قواعد هذا النظام‪ ،‬مل تعر ألهم ركن يف القواعد العامة املتعلقة بتكوين العقد وحتديد‬
‫مصريه‪ ،‬واملتمثل يف ركن إرتضاء التعاقد أي إهتمام‪ ،‬وذلك من خالل التضحية بإرادة أطراف العالقة التعاقدية اليت‬
‫تكون املقاولة أحد طرفيها يف سبيل تسوية وضعية هذه األخرية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تجاهل مساطر المعالجة للقواعد العامة لصفة التعاقد‬


‫يبدو واضحا وبامللموس أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة عندما صاغ القواعد املؤطرة‬
‫ملؤسسة السنديك بإعتباره أحد أجهزة املسطرة وبإعتباره احملرك الرئيسي هلذه املسطرة‪ ،‬مل يتمكن من جعل‬
‫الصالحيات التعاقدية املمنوحة هلذا اجلهاز تتالءم وقواعد النيابة القانونية يف إجراء التصرفات القانونية‪ ،‬ورمبا ذلك‬
‫يعزى اىل طبيعة تدخل السنديك بإعتباره ممثال للدائنني واملدين يف نفس الوقت (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫(‪ )69‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 111‬و‪111‬‬
‫(‪ )70‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪26.‬‬
‫‪21‬‬
‫كما جند أيضا أن مشرع هذا النظام مل يعر أي إهتمام لإلعتبار الشخصي كأحد املؤترات األساسية يف صفة‬
‫التعاقد (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬غموض الطبيعة القانونية لتصرفات السنديك في أموال المدين‬


‫من املبادئ املستقرة اليت تعترب أصال من األصول الكربى يف القانون أن املرء ال يلتزم إال بإرادته‪ ،‬ومن مت فإن العقود‬
‫ال تلزم إال أطرافها‪ ،‬فال يضار هبا وال يستفيد منها سواهم‪ .‬تلك قاعدة نسبية العقود اليت ينص عليها القانون‪.‬‬

‫على أنه جيوز مع ذلك أن حتل إرادة شخص حمل إرادة أخر يف التعاقد‪ ،‬أو يف إجراء أي عمل قانوين على وجه‬
‫العموم‪ ،‬وهذا هو التعاقد بالنيابة(‪.)71‬‬

‫وميكن تعريفها (أي النيابة يف التعاقد أو التعاقد بالنيابة) بكوهنا تقنية متكن الشخص من إبرام تصرف قانوين ليس‬
‫حلسابه اخلاص وإمنا حلساب غريه‪ .‬هلذا جيري التعبري عن اإلرادة بواسطة النيابة إذا كان لصاحب التعبري والية‬
‫إحالل إرادته حمل إرادة شخص أخر يف إنشاء عقد بإسم ذلك األخر وحلسابه(‪.)72‬‬

‫والنيابة نوعني(‪ ،)73‬فهي إما أن تنشأ عن عقد بني طرفيها كما يف نيابة الوكيل عن املوكل‪ ،‬وإما عن نص يف‬
‫القانون‪ ،‬وتسمى حينئذ نيابة قانونية سواء كان القانون يتوىل بنفسه تعيني شخص النائب أو كان خيول القاضي‬
‫سلطة تعيينه(‪.)74‬‬

‫والنوع الثاين من النيابة يف شكله الثاين هو الذي ينطبق على السنديك من خالل تصور أويل لطبيعة مهامه‬
‫باملقارنة مع القواعد العامة املتعلقة بالنيابة القضائية‪ ،‬فهل سيصح هذا التصور؟‪ ،‬وقبل اإلجابة عن ذلك جتدر‬
‫اإلشارة أن مهام السنديك يف إطار نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة(‪ )75‬تتوزع بني التسيري‬
‫والتصرف والتمثيل(‪.)76‬‬

‫إن أول ما يالحظ هو كون هذه املهام إن كانت تتم بإمسه فإهنا ال تتم حلساب األصيل (املقاولة املدينة) إستنادا‬
‫اىل القواعد العامة يف إجراء التصرفات القانونية بصفة عامة والتعاقد بصفة خاصة عن طريق النيابة‪ ،‬وذلك لكون‬

‫(‪ )71‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.26.‬‬


‫(‪ )72‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1..‬‬
‫(‪ )73‬وهناك من يرى أن النيابة ثالثة أنواع‪ :‬شرعية (قانونية)‪ ،‬قضائية‪ ،‬إتفاقية‬
‫‪ -‬راجع بهذا الخصوص‪ :‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب ألاول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪1..‬‬
‫(‪ )74‬سليمان مرقص‪ ،‬الوافي في شرح القانون املدني‪ ،‬في إلالتزامات (نظرية العقد وإلارادة املنفردة)‪ ،‬إيريني للطباعة (مطبعة السالم)‪ ،‬توزيع دار الكتب القانونية‪-‬‬
‫مصر‪ ،‬ومكتبة صادر‪-‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،1..1‬ص ‪ 226‬و‪.221‬‬
‫(‪ )75‬أما على مستوى التشريع الفرنس ي فإنه عمد الى إلغاء وظيفة السنديك‪ ،‬وباملقابل خلق منصبين مستقلين‪ ،‬يتعلق ألامر باملسير القضائي ‪(Administrateur‬‬
‫)‪ Judiciaire‬ووكيل التصفية )‪ ،(Mandataire Liquidateur‬وذلك بمقتض ى قانون رقم ‪ ....1‬بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪.1..1‬‬
‫(‪ )76‬عبد الرحيم السلماني‪ ،‬القضاء التجاري باملغرب ومساطر معالجة صعوبات املقاولة‪-‬دراسة نقدية مقارنة‪ -‬مطبعة طوب بريس‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪،211.‬‬
‫ص ‪16.‬‬
‫‪21‬‬
‫السنديك وكيل يعينه القضاء ملساعدة كل من الدائنني للوصول اىل حقوقهم واملدين (املقاولة املتعثرة) يف الوفاء‬
‫بديونه‪ ،‬وبالتايل فالسنديك يتقمص يف نفس الوقت دور الدفاع عن مصاحل متعارضة جيب عليه احلرص على‬
‫التوفيق فيما بينها بكثري من النزاهة واإلستقالل ودون حتيز ألي طرف(‪.)77‬‬

‫وأمام هذا الواقع ميكن القول أيضا أن السنديك أثناء تنفيذه لنيابته فإنه يهدف اىل محاية املصلحة اجلماعية واليت‬
‫جسدها املشرع يف األهداف الثالثة للنظام دون املصاحل الفردية الضيقة لألطراف اليت ميتلها‪ ،‬وهذا ما جنده‬
‫يتعارض مع القاعدة العامة اليت ينص عليها الفصل ‪ 11‬من ق ل ع(‪ ،)78‬واليت يستفاد منها أنه ال ميكن‬
‫للشخص أن جيري تصرفات قانونية ترتتب عليها إلتزامات على الغري ما مل تكن له سلطة النيابة عنه إتفاقا أو‬
‫قضاء‪ ،‬ومن املسلم به يف القواعد العامة أنه ال ميكن أن تكون هذه التصرفات مضرة بشخص األصيل‪ ،‬وهذا ما‬
‫جعل البعض ي رى يف السنديك أن يتم تسميته قانونيا ويف إطار مقتضيات مدونة التجارة بوكيل القضاء يف معاجلة‬
‫صعوبات املقاولة(‪.)79‬‬

‫وبصفته وكيال للقضاء فإن السنديك وكما أشرنا سابقا‪ ،‬يعمل لفائدة كل من الدائنني واملقاولة املدينة واملصلحة‬
‫العامة بإعتبار الدور االقتصادي واإلجتماعي للمقاولة املدينة اخلاضعة لنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من‬
‫صعوبات املقاولة‪ ،‬وهبذا املفهوم فإن طبيعة صالحيات وسلطات السنديك وبل حىت حقوقه جندها يف العديد من‬
‫املواد املؤطرة هلا تصطدم وتتعارض مع القواعد العامة املؤطرة للنيابة يف إجراء التصرفات القانونية‪.‬‬

‫وهكذا فإذا كان من املسلم به يف القواعد العامة أن موضوع النيابة هو حفظ أموال األصيل وإدارهتا وتنميتها‪ ،‬فإن‬
‫قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تقود السنديك اىل ما خيالف هذا املبدأ‪ ،‬ويتضح ذلك‬
‫بشكل جلي يف إمكانية إقرتاحه فتح مسطرة التصفية القضائية يف مواجهة املدين الذي مل ينفذ إلتزاماته مبقتضى‬
‫خمطط اإلستمرارية‪ ،‬وأيضا تويل السنديك إبرام العقود الضرورية إلجناز التفويت تنفيذا للمخطط الذي حتصره‬
‫احملكمة (املادة ‪ 416‬من م ت‪).‬‬

‫كما أنه إذا كان النائب يف إجرائه للتصرفات القانونية نيابة عن األصيل يعرب عن إرادته هو (أي إرادة النائب)‬
‫حسب ما تقضي به القواعد العامة‪ ،‬فإن السنديك إذا ما إعتربناه ميثل املدين يف القيام بالتصرفات اليت تستدعيها‬
‫املسطرة‪ ،‬إمنا يعرب عن إرادة املشرع‪ ،‬فقد تتجه إرادته هو اىل عكس ما تفرضه عليه قواعد نظام إجراءات الوقاية‬

‫(‪ ) 77‬امللكي الحسين بن عبد السالم‪ ،‬السنديك (أحد أجهزة معالجة صعوبات املقاولة)‪ ،‬عرض مقدم في إطار وحدة التكوين والبحث‪ ،‬املركز املغربي للدراسات‬
‫وألابحات حول‪ :‬املهن القضائية والقانونية‪ ،‬سنة ‪ ،2111‬ص ‪1‬‬
‫‪ -‬منشور بموقع ‪( Www.association-oeuvres-sociales-commune-agadir.ma‬تاريخ الزيارة ‪) 2111-11-2‬‬
‫(‪ )78‬ينص الفصل ‪ 11‬من ق ل ع على أنه‪« :‬ال يحق مأح د أن يلزم غيره‪ ،‬وال أن يشترط لصالحه إال إذا كانت له سلطة النيابة عنه بمقتض ى وكالة أو بمقتض ى‬
‫القانون‪».‬‬
‫(‪ )79‬امللكي الحسين بن عبد السالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪1‬‬
‫‪22‬‬
‫واملعاجلة من صعوبات املقاولة أو عكس ما ستقضي به احملكمة أو قرارات القاضي املنتدب(‪ ،)80‬وبالتايل فلو طبقنا‬
‫القواعد العامة إلعتربنا تصرف السنديك باطال إلنعدام إرادته(‪.)81‬‬

‫ومن جهة أخرى فحىت لو سلمنا بأن تعبري املشرع عن إرادته هي يف األصل تعبري عن إرادة أفراد اجملتمع الذي‬
‫يشرع له‪ ،‬حيث ينوب عن األصيل يف النيابة القانونية لتفويض التصرف للنائب‪ ،‬فإن طبيعة بعض قواعد نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تستعصي على أن تتقبلها اإلرادة احلرة للفرد‪ ،‬ولعل أبرز مثال على‬
‫ذلك نزع ملكية املقاولة من املدين يف إطار خمطط التفويت‪.‬‬

‫وميكن القول أيضا أنه إذا كان من املسلم به يف القواعد العامة أن النائب يتعامل بإمسه وحلساب األصيل فإن‬
‫التصرفات اليت جيريها السنديك وإن كانت تتم بإمسه‪ ،‬فإن احلقوق اليت تنشأ عنها ليس للمدين التصرف فيها إذا‬
‫ما إعتربنا السنديك إمنا يتصرف لصاحله‪ ،‬فهي تستخلص لصاحل وخلدمة أهداف املسطرة‪ ،‬يف حني تتحمل ذمته‬
‫املالية (أي ذمة املدين) اإللتزامات اليت ترتتب عن تلك التصرفات‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى فإن القواعد العامة‪ ،‬تقرر أنه إذا أجرى النائب تصرفا عن األصيل وجاوز فيه حدود النيابة‪ ،‬كان‬
‫التصرف عدمي األثر بالنسبة لألصيل وذلك جملاوزته حدود النيابة‪ ،‬وبالنسبة للنائب أيضا ألن النائب مل يقصد أن‬
‫يلزم به نفسه‪ ،‬لكن ال يعين ذلك أن العقد يكون باطال أو قابال لإلبطال‪ ،‬وإمنا يقع صحيحا موقوفا‪ ،‬فهو صحيح‬
‫لتوافر مجيع أركانه وشروط صحته‪ ،‬غري أنه موقوف على إقرار األصيل له‪ .‬والتساؤل الذي يطرح هنا هو مدى‬
‫إمكانية أو صالحية املدين ‪-‬إذا ما إعرتنا السنديك إمنا ينوب عنه‪ -‬يف إقرار تصرف السنديك الذي جتاوز فيه‬
‫حدود صالحياته؟‬

‫اجلواب يكون بالنفي بالرجوع اىل مقتضياته نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬حيث يتبني أن‬
‫سلطة اإلقرار تؤول اىل احملكمة يف إطار سعيها اىل خدمة فلسفة املشرع واألهداف اليت صاغها هلذا النظام‪.‬‬

‫وعموما إذا كان يستفاد مما تقدم أن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة شكلت خروجا‬
‫واضحا عن قواعد النيابة القانونية يف إجراء التصرفات القانونية كصورة من صور الصفة يف التعاقد‪ ،‬فإن األمر لن‬

‫(‪ )80‬وذلك راجع الى كون معظم صالحياته للتصرف باسم املدين تضل قاصرة على كونها مجرد إقتراحات ترفع الى القاض ي املنتدب والذي يحيلها على املحكمة لتقرر‬
‫بشأنها ما تراه أو يقرر هو بنفسه حسب سلطة القرار ومن يمتلكها‪ ،‬فمثال للسنديك حق القيام‪-‬بترخيص من القاض ي املنتدب‪ -‬بتقديم رهن أو رهن رسمي أو إبرام‬
‫صلح أو تراض ي لفائدة املقاولة (املادة ‪ 11.‬من م ت)‬
‫(‪ )81‬وذلك راجع الى كون أساس النيابة هو أن النائب حينما يبرم التصرف نيابة عن ألاصيل إنما يعبر عن أرادته هو‪ ،‬وبالتالي كان طبيعيا أن نستلزم في النائب توافر‬
‫إلارادة‪ ،‬فمن تنعدم إرادته ال يصلح إلجراء التعاقد بالنيابة عن غيره‪ ،‬وبالتالي يقع التصرف باطال‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫يتوقف عند هذا احلد‪ ،‬بل جند املشرع أيضا مل يقم أي وزن لإلعتبار الشخصي لصفة املتعاقد من خالل قواعد‬
‫هذا النظام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إستبعاد اإلعتبار الشخصي لبعض العقود‬


‫يكون العقد قائما على اإلعتبار الشخصي عندما يكون الدافع األساسي إلبرامه هو الثقة يف الشخص املتعاقد معه‬
‫ويف مركزه اإلقتصادي(‪ ،)82‬ومسألة اإلعتبار الشخصي(‪ )83‬يف العقد تطرح مند الوهلة األوىل لبداية مسطرة التسوية‬
‫القضائية‪ ،‬وذلك من خالل مرحلة املالحظة(‪ )84‬اليت تشكل م ‪ 111‬من م ت(‪ )85‬إحدى مرتكزاهتا‪ ،‬وإرتباط هذه‬
‫املادة مبسألة اإلعتبار الشخصي جيد أساسه يف العقود اجلارية(‪ )86‬اليت يقرر السنديك إستمراريتها يف ضل السلطة‬
‫اليت متنحها له تلك املادة إلجبار املتعاقد مع املقاولة يف اإلستمرار يف تنفيذ العقد‪ ،‬وإن كانت هذه املادة مل تشر‬
‫صراحة اىل أهنا حتتوي أيضا العقود القائمة على اإلعتبار الشخصي‪ ،‬إال أن الفقه(‪ )87‬سار على إعتبار أن هذه‬

‫‪)82) M.Azoulai, L'élimination de l'institut personale dans le contrat, in la tendance à la stabilité du rapport contractuel L.G.D.J 1960, P 1.‬‬
‫(‪ )83‬من الصعب الوقوف على جميع الصفات املميزة لشخص معين‪ ،‬والتي من شأنها أن تكون محل إعتبار من طرف املتعاقد معه‪ ،‬غير أن هناك عنصرين يجمع‬
‫الفقه على إعتبارهما أهم ما يميز إلاعتبار الشخص ي‪ ،‬ويتعلق ألامر باملالءة والثقة‪:‬‬
‫‪ ‬املالءة‪:‬‬
‫ى‬
‫ينظر الى املالءة على أنها القدرة على الوفاء باإللتزامات املالية‪ ،‬إذ ير جانب من الفقه أن مالءة املدين تساهم في إعتبار الشخص وأنها تشكل الحد ألادن له‪.‬‬
‫‪ ‬الثقة‪:‬‬
‫يذهب الفقه الى أن إلاعتبار الشخ ص ي يتضمن ثقة خاصة بين املتعاقدين‪ ،‬وهي ثقة خاصة مأن أي عقد يتضمن جزء من الثقة املتبادلة لذلك كان من البديهي‪ ،‬أن‬
‫إختفاء هذه الثقة سيبرر فسخ العقد وال سيما عند صدور حكم فتح املسطرة الجماعية إلنهيار عنصر الثقة عند شخص املتعاقد معه‪.‬‬
‫(‪ )84‬إذا كان املشرع الفرنس ي ي سمي هذه املرحلة بفترة املالحظة‪ ،‬فإننا في التشريع املغربي ال نعتر على أية تسمية من هذا القبيل‪ ،‬لذلك دأب الفقه على وصفها‬
‫باملرحلة إلانتقالية أو املؤقتة‪.‬‬
‫‪ -‬نور الدين ألاعرج‪ ،‬مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬مطبعة سلكي أخوين‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة ألاولى يونيو ‪ ،2116‬ص ‪.11.‬‬
‫وعلى الع موم فاملرحلة السابقة إلختيار الحل أو املرحلة املؤقتة هي مرحلة تشخيص الوضعية الحقيقية للمقاولة والتي من خاللها تستطيع أجهزة املسطرة تحديد‬
‫مدى إمكانية إستمرار املقاولة أو تفويتها أو تصفيتها‪.‬‬
‫وتبدئ هده الفترة السابقة إلختيار الحل من يوم الحكم القاض ي بفتح مسطرة التسوية القضائية وتنتهي عند عرض السنديك ملقترح التسوية إما باإلستمرارية أو‬
‫التفويت أو التصفية طبقا للمادة ‪ 11.‬من م ت‪.‬‬
‫ل‬
‫‪ -‬محمد كرام‪ ،‬الوجيز في مساطر صعوبات املقاولة في التشريع املغربي (الجزء ألاو ) املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪...‬‬
‫(‪ )85‬تنص املادة ‪ 111‬من م ت على أنه‪« :‬بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة‪.‬‬
‫ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب ملدة تفوق شهرا‪.‬‬
‫يجب على املتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح املسطرة‪ .‬وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه إلالتزامات سوى منح الدائنين حق‬
‫التصريح بها في قائمة الخصوم‪.‬‬
‫عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد‪ ،‬يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن ألاضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم‪ .‬غير أنه يمكن للطرف آلاخر تأجيل‬
‫إرجاع املبالغ الزائدة التي دفعتها املقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن ألاضرار‪.‬‬
‫ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد‪ ،‬على الرغم من أي مقتض ى قانوني أو شرط تعاقدي‪».‬‬
‫(‪ )86‬املشرع املغربي لم يعرف العقود الجارية‪ ،‬ليترك املجال للتعريفات الفقهية‪ ،‬وهكذا عرفها الدكتور أحمد شكري السباعي بأنها‪« :‬العقد الذي أبرمه رئيس املقاولة‬
‫مع ألاغيار والذي لم يستنفذ أثاره الرئيسية بعد صدور حكم فتح املسطرة‪ ،‬وبمعنى أخر العقد الذي تستمر أثاره حتى بعد صدور الحكم املذكور بصرف النظر عن‬
‫طبيعته القانونية‪».‬‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض املقاولة ومساطر معالجتها (الجزء الثالث) مطبعة املعارف الجديدة‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬دار النشر املعرفة‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪.211‬‬
‫‪)87( Crédot et Gérard: L'ouverture de crédit, le compte courant et l'article 37 de la loi 25 janvier 1985 REV droit bancaire 1987 -1- P 14‬‬
‫‪21‬‬
‫املادة ال تستين تلك العقود من جمال تطبيقها (أي العقود اجلارية القائمة على اإلعتبار الشخصي) بالنظر اىل كوهنا‬
‫جاءت عامة ومطلقة تشمل سائر العقود اجلارية دون إستثناء(‪.)88‬‬

‫وما ينطبق على املادة ‪ 111‬من م ت ينطبق على املادة ‪ 414‬من نفس املدونة(‪ ،)89‬حبيث أوردت هذه املادة‬
‫عقودا جارية خول املشرع للمحكمة سلطة تفويتها عند إعتماده خمطط التفويت‪ ،‬وأمجع الفقه والقضاء على أن‬
‫هذه املادة وإن حددت بعض العقود اليت يتعني على احملكمة أن تقوم بتفويتها يف إطار املخطط‪ ،‬فإن هذا التحديد‬
‫جاء على سبيل املثال‪ ،‬مما يطرح إمكانية‪ ،‬بل وجوب إحتوائها للعقود القائمة على اإلعتبار الشخصي‪ ،‬وهناك من‬
‫يتجه أبعد من ذلك‪ ،‬حيث إعترب أن العقود اليت جاءت على سبيل املثال يف املادة ‪ 414‬من م ت املذكورة غالبا‬
‫ما تكون مصحوبة بضمان كفالة(‪ ،)90‬وال شك أن اإلعتبارات الشخصية ال زالت تلعب دورا مهما يف الضمانات‬
‫الشخصية(‪ )91‬اليت تعترب الكفالة أبرزها‪.‬‬

‫وتشكل العقود البنكية(‪ )92‬خاصة احلساب البنكي(‪ )93‬وفتح اإلعتماد(‪ )94‬أهم العقود اليت حظيت بإهتمام‬
‫الباحتني خبصوص وضعيتها يف إطار نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وذلك راجع اىل أمهيتها‬
‫يف متويل املقاولة املوجودة يف وضعية صعبة‪ ،‬ومساعدهتا على اإلستمرار يف مزاولة نشاطها‪ ،‬غري أن هذا اهلاجس‬
‫والرغبة يف احملافظة على هاته العقود يصطدم بقواعد قانونية مبنية على اإلعتبار الشخصي لشخص الزبون‪ ،‬إذ جند‬
‫املادة ‪ 111‬من م ت يف فقرهتا األخرية تنص على أنه‪« :‬يقفل الحساب أيضا بالوفاة أو إنعدام األهلية أو‬
‫التسوية أو التصفية القضائية للزبون‪ ،».‬وهو ما يستفاد منه أن املشرع منح ملؤسسة اإلئتمان بصورة صرحية حق‬
‫وضع حد للحساب يف حالة فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية يف مواجهة الزبون (املقاولة املدينة)‪ ،‬نظرا‬
‫للوضعية اليت أصبح عليها الزبون‪ ،‬حبيث يعترب فتح املسطرة يف مواجهته قرينة على فقده لعنصر املالءة أو الوفاء‬
‫كعنصر أساسي متحكم يف إختيار مؤسسة اإلئتمان لعمالئها‪ ،‬ويف نفس السياق تنص الفقرة الرابعة من املادة‬
‫‪ 111‬من م ت على أنه‪« :‬سواء كان االعتماد مفتوحا لمدة معينة أو غير معينة‪ ،‬فإنه يمكن للمؤسسة‬

‫(‪ )88‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية ‪ ...‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫(‪ )89‬تنص املادة ‪ 616‬من م ت على أنه‪« :‬تحدد املحكمة عقود الائتمان الايجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط املقاولة‬
‫بناء على مالحظات ألاطراف املتعاقدة مع املقاولة التي يقوم السنديك باإلبالغ بها‪.‬‬
‫يكون الحكم الذي يحصر املخطط بمثابة تفويت لهذه العقود‪.‬‬
‫يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط املعمول بها عند فتح املسطرة‪ ،‬على الرغم من كل شرط مخالف مع مراعاة آجال ألاداء التي يمكن أن تفرضها املحكمة‪،‬‬
‫لضمان التنفيذ السليم للمخطط‪ ،‬بعد الاستماع إلى املتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني‪».‬‬
‫(‪ )90‬أحمد الديماوي‪ ،‬وضعية كفيل املدين في إطار مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪-‬أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫وإلاقتصادية وإلاجتماعية‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2111‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )91‬راجع بهذا الخصوص‪ :‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 261‬الى ‪266‬‬
‫(‪ )92‬نظمها املشرع في القسم السابع من الكتاب الرابع في مدونة التجارة‬
‫(‪ )93‬نظمه املشرع في املواد ‪ 1.1‬الى ‪ 111‬من مدونة التجارة‬
‫(‪ )94‬نظمه املشرع في املادتين ‪ 121‬و‪ 121‬من مدونة التجارة‬
‫‪21‬‬
‫البنكية قفل االعتماد بدون أجل‪ ،‬في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع ‪ ،»...‬وبغض النظر عن كون‬
‫التوقف عن الدفع هو ليس إال شرط لفتح املسطرة يف مواجهة الزبون (املدين)‪ ،‬فإن ما يهمنا هو ما يعنيه توقفه‬
‫عن الدفع من فقده لعنصر املالءة أو الوفاء الذي على أساسه فتح اإلعتماد ملصلحته من طرف مؤسسة اإلئتمان‪.‬‬

‫وكما أشرنا سابقا فإن املادة ‪ 414‬من م ت نصت على بعض العقود على سبيل املثال‪ ،‬ومن بني تلك العقود‬
‫عقود الكراء‪ ،‬دون نعت أو ختصيص‪ ،‬وبالتايل يدخل يف عدادها كل العقود اليت تسمح باحلصول على أموال‬
‫كيفما كانت طبيعتها دون احلاجة اىل القيام بإستثمار كبري‪ ،‬ويدخل يف نطاق هذه العقود عقد التسيري احلر‬
‫لألصل التجاري(‪ .)95‬ومما ال شك فيه أن هناك إمجاع على كون عقد التسيري احلر ألصل التجاري يقوم على‬
‫اإلعتبار الشخصي‪.‬‬

‫وإذا كان من املسلم به يف القواعد العامة املنظمة لكل العقود اليت أوردناها أن قيامها على اإلعتبار الشخصي حيول‬
‫دون إستمرارها يف حالة فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية يف مواجهة املتعاقد (املدين)‪ ،‬فإننا بالرجوع اىل‬
‫قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جند تلك اإلعتبارات مستبعدة لصاحل احلفاظ على‬
‫إستمرارية تلك العقود مع املقاولة املدينة املوجودة يف وضعية صعبة‪ ،‬إذ جند املادة ‪ 111‬من م ت يف فقرهتا األخرية‬
‫تنص على أنه‪« :‬ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد‪ ،‬على‬
‫الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي‪ ،».‬وبالتايل فهذه الفقرة حتول دون تطبيق أي مقتضى قانوين أو‬
‫إتفاقي قد يكون مبنيا على اإلعتبار الشخصي لشخص املتعاقد يف حالة فتح مسطرة التسوية القضائية يف مواجهته‬
‫يؤدي اىل إهناء العقد‪.‬‬

‫أما خبصوص املادة ‪ 414‬من م ت‪ ،‬وكما أوضحنا سابقا فإهنا تشمل أيضا العقود املربمة حتث تأثري اإلعتبارات‬
‫الشخصية‪ ،‬فإهنا تشكل إنتكاسة واضحة لبعض القواعد العامة اليت ميكن أن نعاجل هبا الطبيعة القانونية للتفويت‬
‫(‪)96‬‬
‫القضائي للعقود‪ ،‬فإذا إعتربنا هذا التفويت يشكل جتسيدا ملؤسسة حوالة العقد املنظمة يف إطار القواعد العامة‬
‫واليت هي حوالة جمموعة من احلقوق واإللتزامات الناشئة عن العقد(‪ ،)97‬فإننا نصطدم بالفصل ‪ 212‬من ق ل ع‬
‫الذي ينص على أنه‪ « :‬تبطل الحوالة‪ -2 ... -1 :‬إذا كان محلها حقوقا لها صفة شخصية محضة‪ ،‬كحق‬
‫انتفاع المستحق لحبس؛ ‪ ،»... -3‬إذ أن ما يستفد من منطوق املادة ‪ 414‬من م ت هو كون املشرع مل‬
‫خيصص هلاته العقود (العقود القائمة على اإلعتبار الشخصي) أثار خاصة‪ ،‬وبالتايل فهي تبقى قابلة للتفويت‬

‫(‪ )95‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪122‬‬


‫(‪ ) 96‬إذا كان املشرع املغربي نظم بشكل صريح حوالة الحق وحوالة الدين فإنه لم يسلك نفس الطريق بخصوص حوالة العقد‬
‫(‪ )97‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في القانون املدني الجديد‪ ،‬الجزء الثالث (ألاوصاف الحوالة‪ ،‬إلانقضاء)‪ ،‬دون ذكر املطبعة والطبعة‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪26‬‬
‫القضائي بالرغم من أي مقتضى قانوين‪ ،‬و تنفد مع املالك اجلديد للمقاولة (املفوت اليه) وفق الشروط املعمول هبا‬
‫عند فتح املسطرة‪.‬‬

‫وحسب رأي أستاذنا حممد أبو احلسني فإن األساس الذي ميكن اإلستناد إليه لتربير تفويت العقد الذي يربم حتث‬
‫تأثري إعتبارات شخصية هو املعيار القانوين الذي صاغه املشرع يف املادة ‪ 414‬من م ت‪ ،‬وهو معيار وحدة العقد‬
‫وطبيعته الضرورية للحفاظ على النشاط‪ ،‬ودوره يف احلفاظ على على املقاولة وضمان تسويتها‪ ،‬ومن مت جيب أن‬
‫تذوب املصلحة اخلاصة لألطراف أمام املصلحة العامة لتفويت املقاولة ومعها تفويت العقود كأذاة لتحقيق أهداف‬
‫التفويت‪ ،‬وكوهنا كذلك‪ ،‬يربر أن تلقى نفس مصري املقاولة عند إعتماد خمطط التفويت(‪.)98‬‬

‫وإذا كان واضحا مما تقدم أن املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة مترد على جمموعة‬
‫من القواعد العامة املؤطرة لصفة التعاقد‪ ،‬بداية بالصفة اليت يتصرف هبا السنديك يف أموال املدين واليت ال تتالءم‬
‫وقواعد النيابة القانونية‪ ،‬وإنتهاء بإستبعاده خلاصية اإلعتبار الشخصي اليت متيز بعض العقود اليت ترتبط هبا املقاولة‬
‫املدينة‪ ،‬فإن هذا التمرد سيمتد أيضا ليشمل أهم ركن يف التصرفات القانونية بشكل عام واملبنية على عالقات‬
‫تعاقدية بشكل خاص واملتمثل يف ركن الرضا‪ ،‬فكيف أثرت قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات‬
‫املقاولة يف هذا الركن؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تغييب ركن إرتضاء التعاقد‬


‫إذا كانت الطبيعة التعاقدية لإلتفاق الودي املربم يف إطار مسطرة التسوية الودية‪ ،‬تبدوا مؤسسة وكما وضحنا‬
‫سابقا‪ ،‬على كون هذا اإلتفاق يستند يف تكوينه على ما تقره القواعد العامة لإللتزامات التعاقدية من قواعد‪ ،‬فإن‬
‫ركن الرضا بإعتباره أساس كل عملية تعاقدية‪ ،‬سيعرف قصورا واضحا يف ضل القواعد املؤطرة إلبرام هذا اإلتفاق‬
‫(الفقرة األولى)‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى‪ ،‬ميكن القول أن ركن الرضا سيتعرض لإلغاء التام يف احلالة اليت ختتار فيها احملكمة تفويت ملكية‬
‫املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة وكذا العقود اليت تربط هذه املقاولة باألغيار واليت تعتربها احملكمة ضرورية‬
‫للحفاظ على إستمرارية نشاطها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫(‪ )98‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.111‬‬


‫‪21‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إجبار الدائنين على اإلمتثال لرغبة المدين في إبرام االتفاق الودي‬
‫ال شك أن مناط فتح مسطرة التسوية الودية هي إرادة املدين(‪ ،)99‬وهو ما يستفاد من الفقرة الثانية من املادة‬
‫‪ 111‬من م ت(‪ ،)100‬حبكم أن اخلضوع هلذه املسطرة مسألة إختيارية موكولة إلرادته(‪.)101‬‬

‫وتنبين مسطرة التسوية الودية‪ ،‬كما يتضح من تسميتها على حماولة التوفيق والصلح بني املدين من جهة والدائنني‬
‫من جهة أخرى(‪ ،)102‬وذلك من أجل إبرام إتفاق ودي ينهي اخلالف القائم بينهما بشكل يراعي مصلحة الطرفني‬
‫معا‪ ،‬ولعل هذا ما يستشف من مقتضيات املادة ‪ 116‬من م ت(‪ )103‬اليت حددت مهام املصاحل يف تسهيل سري‬
‫املقاولة والعمل على إبرام إتفاق مع الدائنني‪.‬‬

‫وبالتايل ال تعد مهمة املصاحل يسرية على اإلطالق‪ ،‬ذلك أنه يتعني أن تكون له دراية وكفاءة واسعة يف جمال‬
‫الوساطة والصلح وتقنيات اإلقناع والتشاور‪ ،‬وأن يكون على إطالع تام بالوضعية االقتصادية واإلجتماعية واملالية‬
‫احلقيقية للمقاولة‪ ،‬وبطبيعة الدائنني وحجم الديون املستحقة على املقاولة وجبميع املعطيات اليت من شأهنا تسهيل‬
‫مهمته والقيام هبا على أحسن وجه‪.‬‬

‫وعمليا‪ ،‬يقوم املصاحل بعد مجعه للمعلومات الكافية على وضعية املقاولة وشخص مسرييها ونوعية وأصحاب‬
‫الديون اليت عليها‪ ،‬بإستدعاء املدين ومجيع الدائنني من أجل االجتماع هبم‪ ،‬إال أنه بعد ذلك قد يقتصر على‬
‫تسيري املفاوضات بني املدين والدائنني الذين قبلوا املشاركة فيها فقط(‪ ،)104‬وذلك من أجل البحث عن صيغة‬
‫توافقية ترضي مجيع األطراف‪ ،‬وتستند يف الغالب على تقدمي تنازالت وتسهيالت متبادلة(‪.)105‬‬

‫غري أن املشرع مل يقتصر على جعل املصاحل جمرد وسيط بني املدين والدائنني بغاية التوصل اىل إبرام اإلتفاق الودي‪،‬‬
‫بل منحه من األليات ما قد يؤثر على إرادة الدائنني وجعلهم يقبلون عنوة اإلنضمام اىل املفاوضات‪ ،‬وهكذا فقد‬

‫(‪ )99‬على خالف هذا الطرح الذي نتبناه‪ ،‬يرى ألاستاذ عالل فالي‪ ،‬أنه بالرغم مما يمكن أن توحي به الفقرة الثانية من ‪ 111‬من م ت من أن طلب فتح إجراء التسوية‬
‫الودية يكون متوقفا على طلب من رئيس املقاولة لرئيس املحكمة التجارية‪ ،‬فإن قراءة متأنية للمواد املنظمة لهذه املسطرة تفيد بأنه يمكن إقتراح هذه املسطرة‬
‫أيضا من طرف رئيس املحكمة‪ ،‬إذا ما تبين له من أحد العقود أو الوثائق أو إلاجراءات أن املقاولة تواجه صعوبات من شأنها أن تخل بإستمرارية إستغاللها‪ ،‬أو يخبر‬
‫بتلك الوضعية من طرف رئيس املقاولة أو مراقب الحسابات‪.‬‬
‫‪ -‬عالل فالي‪ ،‬مساطر معالجة صعوبات املقاولة‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬طبعة دجنبر ‪ ،2112‬ص‪61‬‬
‫(‪ )100‬تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 111‬من مت على أنه‪« :‬يتقدم رئيس املقاولة بطلب إلى رئيس املحكمة‪ ،‬يعرض فيه وضعيتها املالية والاقتصادية والاجتماعية‬
‫والحاجيات التمويلية وكذا وسائل مواجهتها‪».‬‬
‫(‪ )101‬زكرياء العماري‪ ،‬مدى قابلية قرار رئيس املحكمة التجارية برفض طلب إفتتاح إجراء التسوية الودية للطعن باإلستئناف‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء‬
‫التجاري‪ ،‬العدد ‪ ،1‬السنة ‪ ،2111‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )102‬نظرا لقيام جوهر هذه املسطرة على محاولة الصلح‪ ،‬عمد املشرع الفرنس ي بمقتض ى املادة ‪ 611-13‬من م ت الفرنسية الى تغيير تسميتها من مسطرة التسوية‬
‫الودية الى مسطرة الصلح‪.‬‬
‫(‪ )103‬تنص املادة ‪ 111‬من م ت على أنه‪« :‬يحدد رئيس املحكمة مهمة املصالح التي تتمثل في تسهيل سير الشركة والعمل على إبرام اتفاق مع الدائنين‪.‬‬
‫يطلع رئيس املحكمة املصالح على املعلومات املتوفرة لديه وإن اقتض ى الحال على نتائج الخبرة املشار إليها في املادة ‪».112‬‬
‫(‪ )104‬ويستفاد من املادة ‪ 116‬من م ت أنه يمكن إلاقتصار على الدائنين الرئيسين في إبرام إلاتفاق الودي‪.‬‬
‫(‪ )105‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 61‬و‪61‬‬
‫‪2.‬‬
‫خول املشرع للمصاحل أن يطلب من رئيس احملكمة إستناذا اىل املادة ‪ 111‬من م ت أن يصدر أمرا بالوقف‬
‫املؤقت لإلجراءات‪ ،‬ويرتتب عن هذا األمر يف مواجهة الدائنني إستنادا اىل نفس املادة‪ ،‬منع ووقف كل دعوى‬
‫يقيمها هؤالء دوي دين سابق هلذا األم ر تكون الغاية منها احلكم على املدين بسداد مبلغ مايل أو فسخ عقد‬
‫لعدم سداد مبلغ مايل‪ ،‬ويرتتب عنه أيضا يف مواجهتهم منع ووقف كل طريقة للتنفيذ يقيمها هؤالء على أموال‬
‫املدين‪.‬‬

‫ونرى من وجهة نظرنا أنه ال ميكن تفسيري هذا اإلكراه على ضوء الفصل ‪ 64‬من ق ل ع(‪ ،)106‬على أساس أنه‬
‫إكراه يسمح به القانون‪ ،‬ما دام املشرع هو الذي نظم الوقف املؤقت لإلجراءات‪ ،‬وذلك لسبب بسيط هو أن‬
‫الوقف املؤقت لإلجراءات يطلبه املصاحل ويصدر عن رئيس احملكمة‪ ،‬وال دخل إلرادة املدين فيه‪ ،‬ويرتب أثار يف‬
‫موجهته هو بدوره (أي املدين)‪ ،‬نصت عليها نفس املادة‪ .‬كما أن املصاحل يعترب جمرد وسيط وال ميثل أي طرف من‬
‫خالل إبرام هذا االتفاق الودي‪ ،‬بدليل أن املادة ‪ 111‬من م ت‪ ،‬نصت على أن اإلتفاق الودي يوقعه األطراف‬
‫واملصاحل وهو ما يفهم منه أن املصاحل ال ميثل أي طرف يف هذه املسطرة‪.‬‬

‫وميكن أن نظفي على هذا اإلكراه طابع خاص ألنه إكراه يسمح به القانون إال أنه يشكل خروجا عن القواعد‬
‫العامة املنظمة له‪.‬‬

‫وال ينبغي أن ندع الفرصة تفوتنا قبل أن نشري أيضا أنه يف إطار القواعد املنظمة ملسطرة التسوية الودية جعل املشرع‬
‫حدا أدىن من الدائنني لقبول الدخول يف إبرام اإلتفاق الودي‪ ،‬ويتعلق األمر بإمكانية قصر إبرام هذا اإلتفاق على‬
‫الدائنني الرئيسني‪ ،‬دون غريهم‪ ،‬مما ميكن أن نتصور معه أن إرادة الدائنني الثانويني الذين إرتضوا الدخول يف‬
‫اإلتفاق الودي اىل جانب الدائنني الرئيسني‪ ،‬إرادة صورية يف نظر املدين واملصاحل‪ ،‬ما دامت ال تأثر يف إمكانية‬
‫إبرام اإلتفاق الودي‪ ،‬وبالتايل ال يولوهنم أي إهتمام‪ ،‬وما دام بإمكاهنم ترك أمرهم لرئيس احملكمة ليفرض عليهم‬
‫األجال الواردة يف النصوص اجلاري هبا العمل إستنادا اىل م ‪ 114‬من م ت(‪.)107‬‬

‫(‪ )106‬ينص الفصل ‪ 16‬من ق ل ع على أنه‪« :‬إلاكراه إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون‬
‫رضاه‪».‬‬
‫(‪ )107‬وهذا ما يشكل ضربا ملبدأ نسبية أثار العقد‬
‫‪ -‬أنظر الفقرة الثانية من املطلب ألاول من املبحث ألاول من الفصل الثاني‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪2.‬‬
‫من خالل ما تقدم المسنا أن إرادة األطراف يف إجراءات التسوية الودية اليت يرتتب عنها إبرام االتفاق الودي حد‬
‫منها املشرع بشكل كبري من خالل التأثري عليها مبقتضى األمر بالوقف املؤقت لإلجراءات(‪ )108‬وتغييب إرادة‬
‫الدائنني الثانويني يف إجناح املسطرة بإعتبار إرادهتم صورية كلما قبل الدائنني الرئيسيني بإبرام اإلتفاق الودي‪.‬‬

‫وال يقف تأثري إجراءات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة على إرادة األطراف عند هذا احلد‪،‬‬
‫بل جند ذلك ميتد اىل حدود إستبعادها بشكل مطلق من خالل التفويت اجلربي للمقاولة والعقود الالزمة‬
‫إلستمرارية النشاط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التفويت الجبري للمقاولة والعقود الالزمة للحفاظ على النشاط‬
‫بإعتماد املشرع لنظام التسوية القضائية‪ ،‬وعربه نظام التفويت‪ ،‬يكون قد جسد منطقا جديدا‪ ،‬وهو منطق إنقاد‬
‫املقاولة‪ ،‬الذي ميكن أن يتم عرب خمطط التفويت‪ ،‬وهي عملية من نوع خاص تتميز بالتعقيد وجتد مصدرها يف‬
‫التمييز بني اإلنسان واملقاولة‪ ،‬وتقوم على عنصرين‪:‬‬

‫‪ -‬العنصر األول قضائي‪ :‬إذ يدخل يف إختصاص احملكمة حصر املخطط‪ ،‬والتصريح بالتفويت طبقا لقواعد‬
‫مسطرية خاصة‪.‬‬
‫‪ -‬العنصر الثاين تعاقدي‪ :‬ألن املادة ‪ 415‬من م ت تنص على أن السنديك يربم كل العقود الضرورية‬
‫إلجناز التفويت(‪.)109‬‬
‫وفقا هلذا املعطى‪ ،‬جتسد كل مقاولة خاضعة للمساطر اجلماعية مشروع عقد بيع إجباري(‪ ،)110‬غري أنه إذا كان‬
‫العقد يستقي قوته من احلكم الذي حيصر خمطط التفويت‪ ،‬فإن هذا احلكم يقف عند حتديد العناصر األساسية‬
‫للعملية وال يعترب بذاته عقدا للتفويت‪ ،‬ما مل يتم التنصيص على ذلك يف احلكم(‪.)111‬‬

‫(‪ )108‬قد يرى البعض أن نفس ألامر ينطبق على مخطط إلاستمرارية الذي يلعب فيه رئيس املقاولة دورا هاما في تبنيه من خالل إبدائه لرغبة واضحة في ضخ‬
‫سيولة إضافية وإحداث تغيرات هامة من شأنها معالجة املقاولة‪ ،‬وذلك من خالل تأثير وقف املتابعات الفردية (الباب الثالث من القسم الرابع من الكتاب الخامس‬
‫من مدونة التجارة) على إرادة الدائنين في قبول منحه أجال وتخفيضات على ديونهم‪ ،‬إال أننا نرى أنه هناك فرق شاسع بين ألامر بالوقف املؤقت لإلجراءات ومنع‬
‫املتابعات الفردية‪ ،‬فما يجعلنا نستبعد هذا ألاخير هو كونه أثر للحكم بفتح املسطرة يترتب في جميع الحاالت أي حتى في الحاالت التي ال يرغب فيها املدين في تقديم‬
‫مقترحات لتبني مخطط إلاستمرارية‪ ،‬في حين أن ألامر بالوقف املؤقت لإلجراءات يعتبر وسيلة في يد املصالح يمكن له إستعمالها إللزام الدائنين وقتما شاء على‬
‫إلامتثال لرغبة املدين في إبرام إتفاق ودي‪.‬‬
‫(‪ )109‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪22‬‬
‫(‪ )110‬فاتحة مشماش ي‪ ،‬أزمة معالجة صعوبات املقاولة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق‪-‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية وإلاجتماعية وإلاقتصادية‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2116‬ص ‪211‬‬
‫‪)111( Fernand Derraida, pierre godés et jean pierre sortais: Redressement et liquidation judiciaire des entreprises, Dalloz 1991, PP 323 et S‬‬
‫‪11‬‬
‫فقط نشري اىل أن خصوصية هذه العملية ال تعين يف العمق دعوة اىل التعاقد بني األطراف وفق مبادئ القواعد‬
‫العامة للتعاقد(‪ ،)112‬ويف هذا الصدد يرى األستاذ "‪ "Yves guyon‬يف التفويت شكال وسطا بني البيع‬
‫الرضائي والبيع اإللزامي باملزاد العلين‪ ،‬يف حني يرى األستاذ "‪ "Yves chaput‬أن ضرورة أخد احملكمة إرادة‬
‫املشرتي بعني اإلعتبار عند حصر املخطط يقرب العملية من البيع القضائي الذي يتم تبعا للحجز(‪.)113‬‬

‫وبغض النظر عن الرأيني معا‪ ،‬نسجل أن احملكمة تشرف على إجناز هذه العملية ودون موافقة رئيس املقاولة‪ ،‬بل ال‬
‫يتم إبالغ هذا األخري مبضامني العروض املقدمة‪ ،‬مع أنه مل يكن يهدف اىل تفويت املقاولة عندما تقدم اىل‬
‫احملكمة التجارية لطلب فتح مساطر املعاجلة‪ ،‬ألن بإمكانه إجناز هذه العملية قبل اللجوء اىل القضاء(‪ ،)114‬وبالتايل‬
‫يتضح أن للطبيعة التعاقدية القضائية للتفويت أثر بالغ على ركن إرتضاء التعاقد الذي يشكل ركيزة أساسية ملبدأ‬
‫احلرية التعاقدية‪ ،‬وذلك ألن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جاء بنزع امللكية من املدين عن‬
‫طريق القضاء‪ ،‬وسلب منه احلق يف إختيار الطرف األخر يف عملية التفويت ويف حتديد مضمون التفويت(‪.)115‬‬

‫وإذا كان تراجع اإلرادة يظهر واضحا يف إطار تفويت ملكية املقاولة اىل الغري‪ ،‬فإنه يبدوا أكثر وضوحا يف إطار‬
‫تفويت العقود الالزمة للحفاظ على نشاط املقاولة (املادة ‪ 414‬من م ت) عند حصر احملكمة ملخطط التفويت‪،‬‬
‫ألن املشرع فرض على املتعاقد اإلستمرار يف تنفيذ العقد مع املفوت إليه‪ ،‬الذي مل يتفاوض معه أبدا‪ ،‬أو الذي ال‬
‫يرغب يف التعامل معه نظرا لعدم معرفته به أو على العكس ملعرفته به بشكل كبري‪ ،‬وهكذا يتقلص دور اإلرادة‬
‫مقابل بروز إرادة احملكمة‪ ،‬حيث تعمل هذه األخرية على نقل العقود اىل املفوت إليه الذي يصبح بني عشية‬
‫وضحاها طرفا يف عقد مل يعمل على إبرامه‪ ،‬ويلزم يف املقابل بتنفيذه طبقا للشروط املعمول هبا عند فتح‬
‫املسطرة(‪.)116‬‬

‫(‪ )112‬فاتحة مشماش ي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪211‬‬


‫‪)113( Yves guyon, Droit des Affaires, T2, P 288.‬‬
‫‪- Yves chaput, Droit de Redressement et liquidation judiciaire des entreprises, Presse Universitaires de France, 1996, P 258, N° 228.‬‬
‫‪)114( Khalid Elyazidi, Evaluation globale de l'apport du nouveau code de commerce en matière de procédures collectives, centre marocain des‬‬
‫‪études juridiques, P 61‬‬
‫(‪ )115‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫(‪ )116‬جاء في قرار ملحكمة النقض عدد ‪« :111‬ينقل عقد الكراء في حالة التفويت بنفس الشروط التي تربط املقاولة مع املكري من غير أن يحمله شروط أخرى‬
‫خارج العقد‪».‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 111‬بتاريخ ‪ ،2112-11-1‬ملف تجاري عدد ‪ ،2009/3/3/11‬منشور بمؤلف عمر أزوكار‪ ،‬قضاء محكمة النقض في مساطر التسوية والتصفية‬
‫القضائية‪ ،‬منشورات دار القضاء باملغرب‪ ،‬يصدرها مكتب أزوكار للمحاماة وإلاستشارة والتحكيم بالدارالبيضاء‪ ،‬طبعة ‪ ،2111‬ص ‪ 2.1‬الى ‪2.1‬‬
‫‪11‬‬
‫ويتضح من ذلك بأن التفويت اجلربي للعقود يشكل مساسا خطريا مببدأ كفاية اإلرادة وسلطاهنا يف إبرام‬
‫العقود(‪ ،)117‬وذلك نظرا لعدم اإلهتمام بإرادة األطراف املعنية هبذا التفويت‪ ،‬سواء على مستوى اإلرادة األصلية‬
‫املعرب عنها يف العقد املراد تفويته أو على مستوى اإلرادة النهائية الالزمة لتفويت العقد‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فقد يتفق أطراف العقد على عدم إمكانية تفويته‪ ،‬أو يكتفي أطرافه بتقييد تفويته بشرط املوافقة املسبقة‬
‫اليت تسمح للمدين بإختيار املفوت إليه‪ ،‬فبخصوص احلالة األوىل جندها مهددة بالفقرة الثالثة من م ‪ 414‬من م‬
‫ت(‪ )118‬اليت يستفاد منها إستبعاد كل شرط خمالف قد مينع تفويت العقد‪ ،‬أما احلالة الثانية فيمكن إستبعادها‬
‫أيضا إستنادا اىل نفس الفقرة املشار هلا‪ ،‬على أساس أهنا جاءت عامة «كل شرط مخالف»‪ ،‬أو باإلستناد اىل‬
‫الفقرة األوىل من نفس املادة(‪ ،)119‬اليت تنص على أن السنديك يبلغ اىل احملكمة مالحظات األطراف مبن فيهم‬
‫املدين‪ ،‬وهذا التنصيص كاف لرتمجة نية املشرع يف إستبعاد أي إعرتاض من جانب األطراف على عملية تفويت‬
‫العقد‪.‬‬

‫ميكن القول أن غاية نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة هو احلفاظ على املقاولة بالدرجة األوىل‪،‬‬
‫بغض النظر عن إرادة األطراف وبعض القواعد القانونية الواردة يف ق ل ع‪ ،‬فإرادة األطراف املعرب عنها أثناء إبرام‬
‫العقد تفقد كل فعاليتها أثناء تفويته‪ ،‬وتستبعد كل الشروط والعقبات اليت من شأهنا أن تعيق التفويت(‪.)120‬‬

‫أما خبصوص اإلرادة النهائية الالزمة لتفويت العقد‪ ،‬فإنه يظهر واضحا من جهة املفوت إليه أن إرادته تبدو شبه‬
‫منعدمة يف إختيار العقود اليت يرغب يف أن يتم تفويتها إليه‪ ،‬وذلك ملربرين‪ ،‬األول يتمثل يف كون املادة ‪ 416‬من‬
‫م ت(‪ )121‬احملددة للبيانات اليت ينبغي أن يتضمنها كل عرض مت تقدميه‪ ،‬مل تشر قط اىل بيان يتعلق بالعقود املراد‬

‫(‪ )117‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬


‫(‪ )118‬تنص الفقرة الثالثة من املادة ‪ 616‬من م ت على أنه‪« :‬يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط املعمول بها عند فتح املسطرة‪ ،‬على الرغم من كل شرط مخالف‬
‫مع مراعاة آجال ألاداء التي يمكن أن تفرضها املحكمة‪ ،‬لضمان التنفيذ السليم للمخطط‪ ،‬بعد الاستماع إلى املتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني‪».‬‬
‫(‪ )119‬تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 616‬من م ت على أن‪« :‬تحدد املحكمة عقود الائتمان الايجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ‬
‫على نشاط املقاولة بناء على مالحظات ألاطراف املتعاقدة مع املقاولة التي يقوم السنديك باإلبالغ بها‪».‬‬
‫(‪ )120‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫(‪ )121‬تنص املادة ‪ 611‬من م ت على أنه‪« :‬يجب إبالغ السنديك بكل عرض داخل ألاجل الذي سبق له أن حدده وأعلم به املراقبين‪ .‬كما يجب أن يفصل بين تاريخ‬
‫توصل السنديك بالعرض وبين الجلسة التي تنظر فيه خاللها املحكمة أجل مدته خمسة عشر يوما إال إذا حصل اتفاق بين رئيس املقاولة والسنديك واملراقبين‪.‬‬
‫يتضمن كل عرض إلاشارة إلى‪:‬‬
‫‪ - 1‬التوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل؛‬
‫‪ - 2‬ثمن التفويت وكيفية سداده؛‬
‫‪ - 3‬تاريخ إنجاز التفويت؛‬
‫‪ - 4‬مستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط املعني؛‬
‫‪ - 5‬الضمانات املقدمة مأجل ضمان تنفيذ العرض؛‬
‫‪ - 6‬توقعات ببيع ألاصول خالل السنتين التاليتين للتفويت‪.‬‬
‫ترفق بالعرض الوثائق الخاصة بالسنوات املالية الثالث ألاخيرة للمقاولة‪ ،‬حينما يكون صاحب العرض ملزما بإعدادها‪.‬‬
‫يمكن للقاض ي املنتدب أن يطلب شروحات تكميلية‪= .‬‬
‫‪12‬‬
‫تفويتها(‪ ،)122‬والثاين يتمثل يف أنه حىت لو عرب املفوت إليه يف العرض عن العقود املرغوب فيها‪ ،‬فإن املادة ‪414‬‬
‫من م ت إستعملت لفظ «تحدد المحكمة» وهو ما يفيد أهنا (أي احملكمة) تتمتع بسلطة تقديرية واسعة يف‬
‫إختيار العقود موضوع التفويت وال يشاركها املفوت إليه يف عملية اإلختيار‪ ،‬وقد متتد هذه السلطة اىل تفويت‬
‫أغلب العقود املربمة مع رئيس املقاولة(‪.)123‬‬

‫أما من جهة رئيس املقاولة (املفوت) فإننا نستند جمددا على عبارة «تحدد المحكمة» السالفة الذكر والواردة يف‬
‫املادة ‪ 414‬من م ت‪ ،‬للقول بأن إرادته منعدمة بدوره‪ ،‬وليس له أي هامش ال إلقرتاح العقود املزمع تفويتها‪ ،‬وال‬
‫لقبول التفويت أو رفضه(‪.)124‬‬

‫وإذا كانت عملية تفويت العقود ميكن تربيرها أو إدراجها يف إطار مؤسسة حوالة العقد‪ ،‬فإن إرادة احملال عليه‬
‫(املتعاقد مع املقاولة) يتم إستبعادها أيضا لتمام هذه احلوالة‪ ،‬إستنادا اىل عبارة «مالحظات األطراف المتعاقدة‬
‫مع المقاولة» الواردة يف املادة ‪ 414‬من م ت واليت ال ترقى اىل درجة ضرورة احلصول على موافقتهم بشأن احلوالة‬
‫(تفويت العقد)‪ ،‬مما يشكل خروجا واضحا عن قواعد احلوالة املنصوص عليها يف القواعد العامة‪.‬‬

‫من خالل كل ما تقدم إتضح لنا بشكل جلي أن ركن الرضا يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من‬
‫صعوبات املقاولة يتعرض لنوع من التقزمي‪ ،‬وذلك لغاية تفادي وقوفه أمام رغبة املشرع يف وقاية املقاولة وإنقادها يف‬
‫احلاالت اليت تعرتضها صعوبات من شأهنا اإلخالل بإستمراريتها أو توقفت فيها عن الدفع‪.‬‬

‫كما رأينا قبل ذلك أن القواعد املنظمة لباقي أركان التعاقد (أهلية‪ ،‬حمل‪ ،‬سبب) تعرضت بدورها يف ضل هذا‬
‫النظام اىل جمموعة من التغيريات خدمة ألهذافه وإن كان ذلك على حساب تلك القواعد العامة‪.‬‬

‫وال خيفى على اجلميع ما رتبه املشرع يف القواعد العامة على كل عملية تعاقدية غابت أركاهنا أو مست أو خالفت‬
‫نص يف القانون من جزاء يعرضها للبطالن أو جيعلها قابلة لإلبطال حسب احلالة‪ ،‬وهذا ما جيعلنا نتساءل‪ ،‬هل‬
‫املشرع حافظ على ثوابت هذه املؤسسة (البطالن) يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة؟‬

‫= يخبر السنديك املراقبين وممثلي العمال بمضمون العروض‪.‬‬


‫يعرض السنديك على املحكمة جميع العناصر التي تسمح بالتأكد من جدية العروض‪».‬‬
‫(‪ )122‬وإن كان يرى أستاذنا محمد أبو الحسين أن تلك العقود يمكن إدراجها في البند ألاول من نفس املادة املتعلق بالتوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل‪ ،‬بل‬
‫ويذهب أبعد من ذلك بقوله أن التعداد الوارد للبيانات في املادة املذكورة هو على سبيل املثال ال الحصر‪.‬‬
‫‪ -‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪(107) Khalid Tourabi, les dérogations à la liberté contractuelle pendant les procédures de traitement des difficultés des entreprises, thèse de master,‬‬
‫‪droit des relations d'affaires, université hassan 1er, faculté des sciences juridiques, économiques et sociales-statte, Année universitaire 2011-2012, P‬‬
‫‪30‬‬
‫(‪ )124‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪16‬‬
‫‪11‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مظاهر األزمة على مستوى نظرية البطالن‬
‫كانت نظرية البطالن وما زالت من أهم موضوعات القانون املدين‪ ،‬وهي نظرية خطرية ألهنا متس مبدأ إستقرار‬
‫املعامالت‪ ،‬وال تتفق يف غالب األحيان مع الواقع‪ ،‬من حيث أن العقد املعيب يقوم وينتج كافة أثاره طاملا مل‬
‫يبطل‪ ،‬ولكن بتقرير البطالن يعترب كأن مل يكن‪ ،‬ويف هذا وال شك ضرر جسيم للغري ولطريف العقد‪ .‬وهذا ما جعل‬
‫التشريعات تعمل جهد املستطاع للتلطيف من عيوبه أو احلد من غلوائه‪ ،‬فسمحت بإجازة وإقرار العقد القابل‬
‫لإلبطال‪ ،‬وإعتربت التقادم مصصحا للعقد القابل لإلبطال‪ ،‬وحصرت حق طلب اإلبطال يف بعض األشخاص‪،‬‬
‫وجعلت العقد الباطل ينتج بعض األثار(‪.)125‬‬

‫وبإعتبار املقاولة املفتوحة يف حقها مساطر املعاجلة ال تعدوا أن تكون بدورها سوى شخص من أشخاص جمال‬
‫املال واألعمال‪ ،‬الذين جتدهم حماطني بشبكة ال متناهية من العالقات التعاقدية‪ ،‬واليت قد تتأثر بدورها بنظرية‬
‫البطالن‪ ،‬فإن األمر ال يسري وفق ما رمسته القواعد العامة هلذه النظرية‪ ،‬ذلك أننا من خالل حبثنا عن جتليات هذه‬
‫النظرية يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وجدنا أن مشرع هذا النظام رتب على‬
‫التصرفات اليت أجنزهتا املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة خالل فرتة الريبة(‪ )126‬جزاء البطالن‪ ،‬وذلك ألسباب‬
‫تبدوا شاذة وغريبة عن ما هو موجود يف القواعد العامة (المطلب األول)‪ ،‬كما جند قواعد تقرير هذا البطالن‬
‫الذي جاءت به قواعد هذا النظام وكذا أثاره ال تنسجم والقواعد العامة لنظرية البطالن من حيث تقريره وأثاره‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شدود أسباب بطالن التصرفات المنجزة خالل فترة الريبة عن أسباب البطالن‬
‫واإلبطال في القواعد العامة‬
‫إن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة صنف البطالن الذي رتبه على بعض التصرفات‬
‫املنجزة خالل فرتة الريبة ‪ ،‬اىل بطالن وجويب‪ ،‬يبدوا أنه يقابل البطالن املتعارف عليه يف القواعد العامة‪ ،‬وبطالن‬

‫(‪ )125‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬نظرية بطالن العقود في القانون املدني املغربي والفقه إلاسالمي والقانون املقارن‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬الطبعة الثانية (دون ذكر سنة‬
‫الطبعة)‪ ،‬ص ‪1‬‬
‫(‪ )126‬يقصد بفترة الريبة أو الشك ‪ Période Suspecte‬تلك الفترة السابقة لصدور حكم القاض ي بفتح مسطرة املعالجة أو التصفية القضائية ضد املقاولة‪ .‬وتسمى‬
‫هذه الفترة بتلك التسمية لوجود ريبة أو تشكك حول مدى إجراء املدين لتصرفاته خاللها عن حسن نية‪ ،‬ذلك أن شعور هذا ألاخير بتوقفه عن الدفع يجعله يقوم‬
‫ببعض املمارسات الالقانونية إما بهدف تبذير أمواله أو تهريبها وإما بهدف محاباة بعض دائنيه على حساب الدائنين ألاخرين‪.‬‬
‫فللحيلولة دون تضرر املقاولة وكذا دائنيها من بعض تصرفات رئيس املقاولة املجراة خالل فترة الريبة املذكورة‪ ،‬قرر املشرع أن تكون هذه التصرفات باطلة إما‬
‫بطالنا وجوبيا وإما بطالنا جوازيا‪.‬‬
‫‪ -‬امحمد لفروجي‪ ،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬سلسلة دراسات قانونية معمقة‪ ،‬عدد ‪ ،1‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪( .‬دون‬
‫ذكر عدد الطبعة وسنتها)‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫وفي نفس السياق نجد املادة ‪ 61.‬من م ت تحدد النطاق الزمني لفترة الريبة كما يلي‪« :‬تبتدئ فترة الريبة من تاريخ التوقف عن الدفع ولغاية حكم فتح املسطرة‪،‬‬
‫تضاف إليها مدة سابقة على التوقف بالنسبة لبعض العقود‪».‬‬

‫‪11‬‬
‫جوازي يبدوا بدوره أنه يقابل اإلبطال الذي ترسيه القواعد العامة‪ ،‬إال أننا بالتمعن جيدا يف نظام البطالن الوجويب‬
‫واجلوازي‪ ،‬جند أن كال منهما يشد عن مسببات البطالن واإلبطال اليت حددهتا القواعد العامة‪ ،‬وذلك على أساس‬
‫املقابلة اليت أجريناها بني النظامني معا‪ ،‬أسباب البطالن الوجويب يف مقابل أسباب البطالن (الفقرة األولى)‪،‬‬
‫وأسباب البطالن اجلوازي يف مقابل أسباب اإلبطال (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم إنسجام أسباب البطالن الوجوبي مع أسباب البطالن‬


‫إن البطالن هو اجلزاء القانوين لتخلف أحد أركان العقد ويؤدي اىل فقدان العقد لوجوده اإلعتباري يف نظر‬
‫القانون‪ ،‬لكن البطالن كنظام وكجزاء غري قاصر فقط على العقود اليت ختلف أحد أركاهنا‪ ،‬وإمنا يصيب كذلك‬
‫عقودا أخرى إكتملت أركاهنا‪ ،‬لكن املشرع إعتربها باطلة لسبب من األسباب(‪ ،)127‬وذلك إستنادا اىل الفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 114‬من ق ل ع اليت تنص على أنه‪ « :‬ويكون اإللتزام باطال بقوة القانون‪:‬‬

‫‪ - 1‬إذا كان ينقصه أحد األركان الالزمة لقيامه؛‬

‫‪ - 2‬إذا قرر القانون في حالة خاصة بطالنه‪».‬‬

‫ويبدوا اإلختالف واضحا مند الوهلة األوىل بني السبب األول للبطالن املقرر يف الفصل ‪ 114‬من ق ل ع‬
‫وطبيعة التصرفات القانونية بدون مقابل املنجزة خالل فرتة الريبة‪ ،‬فهذه األخرية تبدوا يف ظاهرها مكتملة األركان‪،‬‬
‫وال تشوهبا شائبة‪ ،‬لكن رمبا مل يكن املشرع قد تعمد تسمية هذه الفرتة بفرتة الريبة من باب التمييز فقط‪ ،‬بل ميكن‬
‫القول أنه قد متت تسميتها بذلك إعتبارا للشكوك والريبة اليت تطبع تصرفات املدين خالهلا‪ ،‬حبيث ال يتواىن‪،‬‬
‫خاصة مىت كان سيء النية‪ ،‬عن القيام بتصرفات تستهدف املساس مبالية املقاولة أو هتريب أو إخفاء أصوهلا أو‬
‫متتيع بعض الدائنني مبعامالت تفضيلية إضرارا بالدائنني األخرين(‪.)128‬‬

‫وإذا سلمنا هبذه الفرضية‪ ،‬فإننا سنتجه اىل إعتبار املشرع قرر بطالن التصرفات املنجزة بدون مقابل خالل فرتة‬
‫الريبة أو الشك يكون قد إرتاب وشك يف مدى إجنازها عن حسن نية(‪ ،)129‬خاصة وأهنا بدون مقابل(‪.)130‬‬
‫وكيف ال يشك يف ذلك؟‪ ،‬خاصة إذا كنا نعلم أن املدين متوقف عن الدفع ويلجأ اىل إبرام مثل هذه التصرفات‪،‬‬
‫أوليس ذلك قرينة قاطعة على سوء نيته؟‪.‬‬

‫(‪ )127‬عبد الحق صافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫(‪ )128‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )129‬امحمد لفروجي‪ ،‬التوقف عن الدفع في قانون صعوبات املقاولة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدار البيضاء‪( ،‬دون ذكر عدد الطبعة وسنتها)‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫(‪ )130‬تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 6.1‬من م ت على أنه‪« :‬يعتبر باطال كل عقد بدون مقابل قام به املدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع‪».‬‬
‫‪11‬‬
‫يستفاد من ذلك أن املشرع حينما قرر بطالن كل عقد بدون مقابل قام به املدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع‬
‫(أي خالل فرتة الريبة)‪ ،‬مل خيرج عن القواعد العامة فيما يتعلق بالسبب األول لبطالن التصرفات القانونية‪ ،‬واملتمثل‬
‫يف ختلف إحدى األركان الالزمة لقيامها‪ ،‬وذلك على أساس أن اإلفرتاضات السابقة تفضي يف جمملها اىل‬
‫التشكيك يف سبب هذه التصرفات(‪ ،)131‬وبالتايل القول بكون سبب تلك التصرفات سبب صوري خيفي وراءه‬
‫سبب غري مشروع متمثل يف نية املدين يف هتريب أو إلخفاء أمواله على دائنيه‪.‬‬

‫لكن وجه اخلروج عن القواعد العامة يف هذه احلالة‪ ،‬نستخلصه بالرجوع اىل الفصل ‪ 46‬من ق ل ع(‪ ،)132‬فإذا‬
‫كان هذا األخري ينص على أنه يفرتض يف السبب املذكور أنه حقيقي اىل أن يثبت العكس‪ ،‬فإن قواعد نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تفرتض أن التصرفات املنجزة بدون مقابل خالل فرتة الريبة هي‬
‫تصرفات متت عن سوء نية‪ ،‬حيث يتضح من قراءة الفقرة األوىل من املادة ‪ 452‬من م ت أن املشرع مل يشرتط‬
‫إثبات الغش أو التواطؤ أو حىت الضرر‪ ،‬وال حىت علم املتعاقد معه أو املتصرف اليه حبالة توقف املدين عن‬
‫الدفع(‪ .)133‬كما أنه إذا كان الفصل ‪ 41‬من ق ل ع(‪ )134‬يتيح إمكانية اإلثبات املضاد إلظهار أن هناك سبب‬
‫أخر مشروع غري السبب الذي مت إثبات عدم مشروعيته‪ ،‬فإن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات‬
‫املقاولة ال تتيح هذه اإلمكانية‪.‬‬

‫أما خبصوص القول بكون بطالن التصرفات القانونية اجملرات بدون مقابل خالل فرتة الريبة‪ ،‬ميكن رده اىل السبب‬
‫الثاين من بني السببني الذين ميكن ألحدمها أن يتقرر على أساسه البطالن واملتمثل يف وجود نص قانوين يعترب‬
‫التصرف باطال‪ ،‬فإنه ميكننا مبدئيا القول بأن الفقرة األوىل من املادة ‪ 452‬من م ت تشكل تطبيقا لذلك‪ ،‬إال أنه‬
‫هناك من يرى بأنه إذا كان نص القانون يشكل سببا للبطالن يف القواعد العامة‪ ،‬فإنه يهم تصرفات مسماة‪،‬‬
‫وليست تصرفات منجزة داخل فرتة معينة‪ ،‬كما هو احلال بالنسبة للتصرفات القانونية بدون مقابل املنجزة خالل‬
‫فرتة الريبة(‪.)135‬‬

‫(‪ )131‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬


‫(‪ )132‬ينص الفصل ‪ 61‬من ق ل ع على أنه‪« :‬يفترض أن السبب املذكور هو السبب الحقيقي حتى يثبت العكس‪».‬‬
‫(‪ )133‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )134‬ينص الفصل ‪ 61‬من ق ل ع على أنه‪« :‬إذا ثبت أن السبب املذكور غير حقيقي أو غير مشروع‪ ،‬كان على من يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يقيم‬
‫الدليل عليه‪».‬‬
‫‪)117( Nathalie Stagnoli, les atteintes de procédure collective à la liberté contractuelle, Mémoire de DEA Droit des affaires, universitaire Robert‬‬
‫‪Schuman de Strasbourg, Année universitaire 2002-2003, p 51-52.‬‬
‫‪16‬‬
‫ويذهب رأي أخر(‪ )136‬يف إبرازه الفرق بني النظامني اىل املصلحة احملمية يف كل منهما‪ ،‬حيث إعترب جزاء البطالن‬
‫يهم مجيع التصرفات املاسة بالنظام واألخالق العامني‪ ،‬أم جزاء البطالن الوجويب فقد جاء أساسا حلماية املقاولة‬
‫بالذات من تعسفات دائنيها أو تدليس مسرييها‪.‬‬

‫وبدورنا منيل اىل الرأي األول‪ ،‬ونزكيه بأنه إذا كان املشرع يف القواعد العامة مينع إبرام تصرفات بعينها ويرتب عن‬
‫خمالفة هذا املنع بطالن التصرف‪ ،‬فإنه مل مينع على املدين أن جيري يف ماله من تصرفات بدون مقابل‪ ،‬ما مل تصدر‬
‫منه هذه التصرفات بعد أن توقف عن الدفع‪ ،‬وبالتايل فالعربة بزمن إجراء التصرف‪ ،‬وليس بالتصرف ذاته للقول‬
‫ببطالنه‪.‬‬

‫ويتضح مما تقدم أن السبب الذي يتأسس عليه بطالن التصرفات القانونية املنجزة بدون مقابل خالل فرتة الريبة‪،‬‬
‫يتعلق بتخلف أحد أركانه املتمثل يف السبب‪ ،‬إال أننا جنده ال ينسجم مع ما تقرره القواعد العامة إلثبات صورية‬
‫السبب وعدم مشروعية السبب املخفي وبالتايل القول ببطالن التصرف‪.‬‬

‫وعموما إذا كان واضحا خروج سبب البطالن الوجويب عنما تقرره القواعد العامة‪ ،‬فإننا نتساءل حول أسباب‬
‫البطالن اجلوازي‪ ،‬هل بدورها تفلت من قبضة القواعد العامة املقررة لإلبطال من حيت أسبابه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم إنسجام أسباب البطالن الجوازي مع أسباب اإلبطال‬


‫اإلبطال كأصل عام هو جزاء لعدم صحة الرضا‪ ،‬وعدم صحة الرضا يرجع إما اىل نقص األهلية وإما اىل عيب‬
‫يشوب الرضا‪ ،‬واىل جانب هاتني احلالتني األساسيتني‪ ،‬يقع العقد قابال لإلبطال يف كل حالة أخرى ينص القانون‬
‫صراحة على إتسامه هبذا الوصف‪ ،‬حىت ولو كان من شأن القواعد العامة أال تضفيه عليه(‪ .)137‬وقد عرض الفصل‬
‫‪ 122‬من ق ل ع هلذه احلاالت بقوله‪« :‬يكون لدعوى اإلبطال محل في الحاالت المنصوص عليها في‬
‫الفصول ‪ 4‬و‪ 33‬و‪ 55‬و‪ 55‬من هذا الظهير‪ ،‬وفي الحاالت األخرى التي يحددها القانون‪.)138(»... ،‬‬

‫(‪ )136‬لبنى فريالي‪ ،‬العقود في إطار مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬بحث نهاية التمرين‪ ،‬الفوج ‪ ،2.‬املعهد الوطني للدراسات القضائية ‪ ،2111-1...‬ص ‪6.‬‬
‫(‪ )137‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )138‬أنظر الفصول ‪ 1‬و‪ 1.‬و‪ 11‬و‪ 16‬من ق ل ع‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫أما البطالن اجلوازي فإنه يشمل مجيع العقود بدون مقابل املربمة خالل الستة أشهر السابقة على تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع (الفقرة الثانية من املادة ‪ 452‬من م ت)(‪ ،)139‬وكذلك مجيع العقود مبقابل وكل أداء(‪ )140‬أو تأسيس‬
‫لضمان(‪ )141‬أو كفالة(‪ ،)142‬إذا قام به املدين بعد توقفه عن الدفع (املادة ‪ 451‬من م ت)(‪.)143‬‬

‫وإذا كانت غاية املشرع من تقرير القابلية اإلبطال بالنسبة للتصرفات اليت تقع حتث حمل الفصل ‪ 122‬من ق ل ع‬
‫هي محاية مصلحة املتعاقد الذي وقع اإلخالل بالعقد إضرارا به(‪ ،)144‬ذلك أن قابلية العقد لإلبطال ال ترجع اىل‬
‫طبيعة األشياء وال اىل املصلحة العامة مباشرة‪ ،‬بل ترجع اىل الرغبة يف محاية أحد العاقدين ضد عدم إدراكه أمهية‬
‫التصرفات اليت يقدم عليها‪ ،‬أو محايته من خطر ما وقع فيه من غلط أو وقع عليه من تدليس أو ما خضع له من‬
‫إكراه أو غنب‪ ،‬أي أهنا ترجع يف النهاية اىل محاية مصلحة خاصة بأحد العاقدين‪ ،‬رأى املشرع أهنا جديرة هبذه‬
‫احلماية(‪ .)145‬فإن املشرع يف ضل املقتضيات املتعلقة بالبطالن اجلوازي عكس القواعد املتعارف عليها فيما يتعلق‬
‫بأسباب إقراره لقابلية بعض التصرفات لإلبطال‪ ،‬حيث إذا كان واضحا‪ ،‬وكما أشرنا اىل ذلك أن غايته من ذلك‬
‫هي محاية املتعاقد الذي كان رضاه غري سليم يف مجيع احلاالت(‪ ،)146‬فإن املتعاقد الذي تقرر البطالن اجلوازي‬
‫ملصلحته إن صح القول (أي املدين) ال ميكن القول بأن إرتضاءه التعاقد كان ناقصا لسبب من األسباب مما‬
‫يستدعي محايته‪ ،‬بل العكس من ذلك‪ ،‬حبيث أن تصرفاته هاته يف غالب األحيان تنم عن سوء نيته‪ ،‬وال ميكن‬
‫القول حىت بأن سبب ذلك هو سوء نية املتعاقد األخر الذي يعلم بتوقف املدين عن الدفع(‪.)147‬‬

‫(‪ )139‬تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 6.1‬من م ت على أنه‪« :‬يمكن كذلك للمحكمة أن تبطل العقود بدون مقابل املبرمة في الستة أشهر السابقة لتاريخ التوقف عن‬
‫الدفع‪».‬‬
‫(‪ )140‬يستثنى من هذا ألاداء ما نصت عليه املادة ‪ 6.1‬من م ت‪.‬‬
‫(‪ )141‬جاء في قرار ملحمة النقض عدد ‪« :116‬لكن حيث إن موضوع الدعوى يهدف في أساسه الى التصريح بإبطال تمديد الرهن الى حدود مبلغ ‪12.112.111.11‬‬
‫درهما بإعتباره تصرفا تم خالل فترة الريبة التي تخضع للبطالن إلاختياري املنصوص عليه في املادة ‪ 6.2‬من م ت ‪ ،...‬لكن حيث أن املحكمة مصدرة القرار املطعون‬
‫فيه لم تعتمد التحليل املنتقد لوحده‪ ،‬وإنما إعتمدت الى جانبه تعليال أخر جاء فيه‪( :‬بأن إدعاء كون مالكة العقار شركة يونيفورم وافقت على تمديد الرهن بموجب‬
‫املادة الثانية من عقد التمديد‪ ،‬وكونها أصبحت كفيلة للدين ألاصلي وكذا لدين شركة سيكوم ال يمكن إلالتفات إليه مأن القيام بهذا التصرف داخل فترة الريبة‬
‫يجعله تصرفا باطال) وهو تعليل منتقد ‪»...‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،116‬بتاريخ ‪ ،2112-12-12‬ملف تجاري عدد ‪ 2111-1-1-.11‬منشور بمؤلف عمر أزوكار‪ ،‬قضاء محكمة النقض‪ ،...‬م س‪،‬‬
‫ص ‪ 11‬الى ‪11‬‬
‫(‪ )142‬غير أنه إستثناء من ذلك تنص املادة ‪ 6.1‬من م ت عل أنه ال يمكن إبطال الكفاالت أو الضمانات مهما كانت طبيعتها واملؤسسة قبل أو بتزامن مع نشوء‬
‫الدين املضمون‪.‬‬
‫(‪ )143‬تنص املادة ‪ 6.2‬من م ت على أنه‪« :‬يمكن للمحكمة أن تبطل كل عقد بمقابل أو كل أداء أو كل تأسيس لضمان أو كفالة إذا قام به املدين بعد تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع‪».‬‬
‫(‪ )144‬عبد الحق صافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..1‬‬
‫(‪ )145‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )146‬حتى في الحاالت التي يكون فيها مصدر القابلية لإلبطال هي نص القانون نجده مبنية على هذا ألاساس‪.‬‬
‫أنظر الفصول ‪ 11‬و‪ 1.1‬و‪ 11.1‬و‪ 1111‬من ق ل ع‪.‬‬
‫(‪ )147‬جاء في قرار ملحكمة النقض عدد ‪« :11‬إن املشرع لم يشترط في املادة ‪ 6.2‬املذكورة واملطبقة من طرف املحكمة أي شرط يتعلق بعلم املتعاقد مع املدين‬
‫بتوقفه عن الدفع‪ ،‬ولم يشترط سوء النية من ذلك املتعاقد ‪»...‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 11‬صادر بتاريخ ‪ ،2111-11-11‬في امللف عدد ‪ 2111-1-1-11.‬و‪ ،2111-1-1-161‬أورده عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪1.‬‬
‫وبناء عليه فإن املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬مل يكن هاجسه محاية‬
‫املصلحة اخلاصة للمتعاقدين حينما قرر البطالن اجلوازي‪ ،‬بل كان هدفه هو محاية أموال املقاولة أو الضمان العام‬
‫أو حقوق الدائنني(‪ ،)148‬ويف هذا الصدد جاء قرار حملكمة اإلستئناف التجارية مبراكش ما يلي‪ « :‬حيث إن‬
‫المستأنفة شركة ‪ ...‬ال تنازع في كونها إشترت األليات الواردة بمحضر المعاينة ‪ ،...‬وبما أن الشراء وقع‬
‫خالل هذه المدة‪ ،‬أي في فترة الريبة‪ ،‬فإن المحكمة عندما إعتبرت أن التفويت يدخل ضمن حاالت‬
‫اإلبطال الواردة في المادة ‪ 582‬من م ت ‪ ...‬تكون بصنيعها مصادفة للقانون والصواب‪ ،‬وال يسعف‬
‫المستأنف عليها كونها حسنة النية‪ ،‬ما دام أن الذي يعتبر في هذا الصدد هو أصول المقاولة وحقوق‬
‫الدائنين‪.)149(»...‬‬

‫وقد ذهب القضاء املغريب مبختلف درجاته اىل تعليل إبطال هذه التصرفات بدرء اإلضرار مبصاحل الدائنني‬
‫ومساواهتم من كل تواطؤ بني املدين والدائنني‪ ،‬أو مواجهة هتريب أصول املقاولة‪ ،‬وهذه املربرات هتدف يف جمملها‬
‫اىل محاية مصلحة غري املتعاقد(‪ ،)150‬وهنا وجه مترد البطالن اجلوازي عن أسباب اإلبطال يف القواعد العامة‪ ،‬حيث‬
‫أن املصلحة ا حملمية يف كال النظامني تنهض سببا إلنفراد قواعد البطالن اجلوازي خبصائص متيزها عن قواعد اإلبطال‬
‫يف القواعد العامة(‪.)151‬‬

‫إال أنه رغم كل ما سبق ذكره قد يرى البعض أن أسباب البطالن اجلوازي ال تشكل خروجا عن القواعد العامة‬
‫املتعلقة باإلبطال خاصة وأن مصدره هو نص القانون‪ ،‬إنسجاما مع الفصل ‪ 122‬من ق ل ع الذي يعترب من‬
‫بني حاالت القابلية لإلبطال تنصيص املشرع على ذلك‪ .‬غري أنه ميكن رد هذا اإلفرتاض من واجهتني‪:‬‬

‫األوىل تتعلق باملصلحة احملمية كما أشرنا سابقا‪ ،‬ذلك أنه يف القواعد العامة حىت التصرفات اليت تعترب قابلة‬
‫لإلبطال بعينها إستنادا اىل نص يف القانون (مثال الفصول ‪ 16‬و‪ 651‬و‪ 2151‬و‪ 2211‬من ق ل ع) تكون‬
‫املصلحة املستهدف محايتها من خالهلا هي مصلحة املتعاقد املتضرر من التصرف‪ ،‬وهذا عكس ما دهب إليه‬
‫املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬إذ يهدف وكما أشرنا كذلك سابقا اىل محاية‬
‫الدائنني وأصول املقاولة‪.‬‬

‫(‪ )148‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض املقاولة ومساطر معالجتها‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ .111‬تأكد من ذلك‬
‫(‪ )149‬قرار محكمة إلاستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 1.1‬بتاريخ ‪ ،2111-16-11‬في امللف عدد ‪2111-1116‬‬
‫(‪ )150‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )151‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪1.‬‬
‫الثانية هي أنه إذا كان بإمكان األطراف إجازة العقد املشوب باإلبطال نظرا لكون ذلك ما تقرر إال حلماية‬
‫مصاحلهم اخلاصة‪ ،‬فإن طبيعة النص الذي يؤطر البطالن اجلوازي هو من صميم النظام العام ال يعتد باملصاحل‬
‫اخلاصة الضيقة ويستبعد إرادهتم يف إجازة العقد‪.‬‬

‫وعموما فإن ما ميكن أن نقره يف األخري هو أن أسباب البطالن اجلوازي إسوة بأسباب البطالن الوجويب شكلت‬
‫خروجا واضحا عن ما رمسته القواعد العامة للبطالن واإلبطال من أسبابن وذلك لكون املصلحة احملمية إنتقلت من‬
‫نطاقها اخلاص اىل نطاقها العام يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وهذا جيعلنا نتساءل‬
‫هل بتحول املصلحة سوف تتأثر قواعد البطالن واإلبطال‪ ،‬وما يستتبع ذلك من أثار يف ضل نظام إجراءات‬
‫الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة عن ما هو مسلم به يف القواعد العامة؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شدود قواعد تقرير البطالن الوجوبي والجوازي وأثارهما عن القواعد العامة‬
‫للبطالن واإلبطال‬
‫ال شك أن خروج البطالن الوجويب واجلوازي عن ما ترسيه القواعد العامة لنظرية البطالن يف ما يتعلق بأسبابه‪،‬‬
‫سيمتد أيضا اىل قواعد تقريره وأثاره ‪ ،‬إذ سنجد أن البطالن الوجويب واجلوازي وإن كان يساير القواعد العامة يف‬
‫قواعد تقريره يف جانب فإنه سيتجاهلها يف جانب أخر (الفقرة األولى)‪ ،‬كما أن أثار البطالن واإلبطال احملددة يف‬
‫القواعد العامة تبدوا غري مالئمة لتوجه مشرع نظام اجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة الذي يهذف اىل‬
‫جعل أثار نظام البطالن الوجويب واجلوازي مكرسة لتحقيق غاية إعادة تشكيل الرتكيبة املالية للمقاولة أكثر من‬
‫غاية إرجاع املتعاقدين اىل احلالة اليت كانا عليها قبل التعاقد (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬بالنسبة لقواعد تقرير البطالن الوجوبي والجوازي‬


‫لقد سعى املشرع من خالل دعوى إبطال التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة محاية مصاحل املقاولة املتوقفة عن‬
‫الدفع‪ ،‬وذلك بإعادة تأسيس أصوهلا كما أشارت اىل ذلك املادة ‪ 451‬من م ت‪ ،‬واليت نصت على ما يلي‪:‬‬
‫«يمارس السنديك دعوى البطالن قصد إعادة جميع أصول المقاولة‪ ،».‬األمر الذي من شأنه أن يسهم يف‬
‫تسوية وضعية هذه املقاولة من خالل توظيف األموال املسرتجعة يف إطار دعوى البطالن يف إستمرارية‬
‫نشاطها(‪ .)152‬غري أن سعي املشرع وراء هذا اهلدف جعله مل يلتفت اىل جمموعة من القواعد الراسخة يف القواعد‬
‫العامة اليت تنظم مسطرة تقرير بطالن التصرفات القانونية‪.‬‬

‫(‪ )152‬عادل الشاوي‪ ،‬دعوى إبطال التصرفات املجرات خالل فترة الريبة في ضل نظام صعوبات املقاولة‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء التجاري‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة‬
‫‪ ،2111‬ص ‪111‬‬
‫‪11‬‬
‫وهكذا فإنه طبقا للقواعد العامة‪ ،‬إذا كان العقد باطال لسبب من األسباب‪ ،‬فهو يعترب غري منعقد أصال وغري‬
‫موجود بقوة القانون‪ ،‬ولذلك فهو ال حيتاج اىل إختاد أي إجراء(‪ ،)153‬إال أنه رغم تنصيص املادة ‪ 452‬من م ت‬
‫يف فقرهتا األوىل على أنه‪« :‬يعتبر باطال ‪ »...‬فذلك ال يعين أن البطالن يكون يف هذه احلالة بشكل اّيل أو‬
‫تلقائي‪ ،‬بل يتعني أن تصرح هبذا البطالن احملكمة التجارية املفتوحة أمامها املسطرة‪ ،‬واليت تكون ملزمة بالتصريح‬
‫بذلك كلما تبني أن العقد املعين باألمر قد مت من طرف املدين بدون مقابل بعد تاريخ التوقف عن دفع الديون‬
‫املستحقة(‪.)154‬‬

‫كما أنه إذا كان العقد باطال فمن حق كل ذي مصلحة التمسك ببطالنه‪ ،‬سواء كان ذو املصلحة هو الشخص‬
‫الذي تعلق به سبب البطالن أو أي شخص أخر له مصلحة يف ذلك‪ ،‬وسواء كان أحد املتعاقدين أو كان أجنبيا‪،‬‬
‫كما ميكن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها(‪ ،)155‬وإذا كان القاضي ال يقضي بإبطال العقد إال بطلب‬
‫من املتعاقد الذي يقرر اإلبطال لصاحله‪ ،‬وال جيوز له تقريره من تلقاء نفسه‪ ،‬وال أن يقضي به بناء على طلب من‬
‫شخص أخر‪ ،‬ألن اإلبطال ما قرر إال ملصلحة خاصة‪ ،‬هي مصلحة املتعاقد الذي وقع اإلخالل بالعقد إضرارا‬
‫به(‪ .)156‬فإنه وخالفا ملا متليه القواعد العامة فإن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ال يعرتف‬
‫بصفة كل هؤالء يف ممارسة دعوى البطالن سواء الوجويب أو اجلوازي‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 451‬من م ت على‬
‫أنه‪« :‬يمارس السنديك دعوى البطالن ‪ ،»...‬وهكذا ال ميكن أن متارس دعوى إبطال التصرفات اجملرات خالل‬
‫فرتة الريبة من طرف الدائنني فرادى أو مجاعة وال من املدين وال من الطرف املتعاقد معه أو املتصرف إليه وال من‬
‫ممثلي األجراء وال من النيابة العامة‪ ،‬كما ال ميكن للمحكمة التجارية املفتوحة أمامها املسطرة أن تصرح من تلقاء‬
‫نفسها هبذا البطالن الوجويب أو اجلوازي(‪ .)157‬ويف هذا الصدد ميكن أن نشري أنه إذا كان اإلبطال مقررا ملصلحة‬
‫املتعاقد الذي وقع اإلخالل بالعقد إضرارا به فإن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تشد‬
‫عن هذا املنطق‪ ،‬إذ أن البطالن اجلوازي الذي ميكن القول مبقابلته لنظام اإلبطال مبين أساسا على املساس بأصول‬
‫املقاولة وحبقوق الدائنني‪ ،‬وإذا كان ميكن إعتبار أن أصول املقاولة هي جتسيد لذمة املدين كمتعاقد‪ ،‬فإن املساس‬
‫الذي طاهلا مل يكن صادرا من املتعاقد األخر‪ ،‬بل من املدين نفسه‪ ،‬وبالتايل فاملتضرر يف هذه احلالة مبنطق القواعد‬
‫العامة هو املتعاقد األخر‪.‬‬

‫(‪ )153‬عبد الحق الصافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ )154‬امحمد لفروجي‪ ،‬التوقف عن الدفع في قانون صعوبات املقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪126‬‬
‫(‪ )155‬عبد الحق صافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ )156‬عبد الحق صافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ )157‬عادل الشاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪122‬‬
‫‪11‬‬
‫وإنطالقا من ذات اإلشكالية اليت ستربز حدهتا أكثر عند حتديد أطراف دعوى البطالن يف إطار نظام إجراءات‬
‫الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬فإن السنديك يتعني عليه توجيه الدعوى املذكورة ضد املتعاقد أو املستفيد‬
‫من التصرف الذي قام به املدين خالل فرتة الريبة‪ ،‬وهذا ما أكدته احملكمة التجارية مبكناس‪ ،‬عندما قضت يف‬
‫حكم هلا بتاريخ ‪ 24‬فرباير ‪ 1114‬بأنه‪« :‬حقا حيث أنه كما تمسك بذلك دفاع المدعى عليها ‪ ...‬فإن‬
‫دعوى إبطال عقد أبرم خالل فترة الريبة يتعين تقديمها في مواجهة الطرف المتعاقد مع المقاولة موضوع‬
‫مسطرة المعالجة وليس ضد المقاولة ما دام أن الطرف األخر المتعاقد هو من قد تتضرر مصالحه من جراء‬
‫هذا الفسخ ‪.)158(»...‬‬

‫يظهر جليا من مضمون هذا احلكم أن نظام بطالن التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة بلغ تناقضه مع القواعد‬
‫العامة املقررة للبطالن واإلبطال حد الالمعقول والالمنطقي‪ ،‬فكيف يعقل أن توجه الدعوى ضد املتعاقد مع املدين‬
‫إلبطال التصرف دون إعتبار حلسن نيته أو سوئها‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى وخبصوص أجل رفع دعوى بطالن التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة فإن املشرع املغريب مل حيدد‬
‫أي أجل معني جيب على السنديك القيام داخله برفع الدعوى(‪ ،)159‬خالفا للقواعد العامة اليت حددت لدعوى‬
‫اإلبطال(‪ )160‬من خالل الفصلني ‪ 122‬و ‪ 126‬من ق ل ع(‪ )161‬أجال يرتاوح بني سنة و ‪ 21‬سنة‪ ،‬وهذا ما‬
‫جعل جانب من الفقه(‪ )162‬يذهب اىل إمكانية تبين احللول املقرتحة من طرف الفقه الفرنسي يف هذا اإلطار‪،‬‬
‫حبيث تبقى دعوى البطالن قائمة ببقاء السنديك –الذي له وحده حق ممارستها‪ -‬يف مهمته واليت ال تنتهي إال‬
‫بقفل املسطرة(‪.)163‬‬

‫(‪ )158‬حكم املحكمة التجارية بمكناس عدد ‪ ،111‬ملف تجاري عدد ‪ 1-11-.1.‬صادر بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪2116‬‬
‫‪ -‬أورده عادل الشاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫ن‬
‫(‪ )159‬امحمد لفروجي‪ ،‬التوقف عن الدفع في قانو صعوبات املقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫(‪ )160‬إذا كان املشرع حدد صراحة لدعوى إلابطال أجل يسقط الحق في ممارستها إذا لم تتم داخله‪ ،‬فإن دعوى البطالن لم يحدد لها أي أجل‪ ،‬مما جعل الفقه‬
‫ينقسم الى إتجاهين‪ ،‬إتجاه يرى أن دعوى البطالن ال تتقادم‪ ،‬وإتجاه يقرر لها أجل تقادم إلالتزامات بصفة عامة املتمثل في ‪ 11‬سنة‪.‬‬
‫لذلك إرتأينا أن نقتصر في هذه املقارنة على أجل تقادم دعوى إلابطال‪.‬‬
‫(‪ )161‬جاء في الفصل ‪ 111‬من ق ل ع أنه‪ ...« :‬وتتقادم هذه الدعوى بسنة في كل الحاالت التي ال يحدد فيها القانو أجال مخالفا‪ .‬وال يكو لهذا التقادم محل إال بين‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫من كانوا أطرافا في العقد‪».‬‬
‫ى‬ ‫ن‬
‫وجاء أيضا في الفصل ‪ 111‬من نفس القانو ‪« :‬تنقض ي دعو إلابطال بالتقادم في جميع الحاالت بمرور خمس عشرة سنة من تاريخ العقد‪».‬‬
‫(‪ )162‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية ‪ ،...‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 162‬و‪161‬‬
‫(‪ )163‬وإن كانت املحاكم التجارية باملغرب لم تتقيد في ذلك بأي أجل‪ ،‬ولعل ذلك ما يستشف من حكم للمحكمة التجارية بمكناس والذي جاء فيه‪« :‬وحيث أن‬
‫املشرع في إطار تنظيمه لهاته الدعوى لم يحدد أي أجل ملمارسة دعوى البطالن وترك ألامر مفتوحا أمام السنديك ملمارسة الدعوى دون أن يقيده بأجل‪ ،‬وحيث أن‬
‫أجال السقوط أوالتقادم يجب أن يرد نص صريح بها وال يمكن إستنتاجها أو القياس على مقتضيات أخرى‪».‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة التجارية بمكناس عدد ‪ ،111‬أورده عادل الشاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪12.‬‬
‫‪12‬‬
‫غري أن املالحظ يف هذا اإلطار هو أن املدة اليت تستغرقها املسطرة ختتلف بإختالف احلل املختار‪ ،‬وبالتايل يف‬
‫حالة إختيار احملكمة ملخطط التفويت‪ ،‬فإن مهمة السنديك تستمر اىل غاية تسديد الثمن وتوزيعه على الدائنني‬
‫تطبيقا للمادة ‪ 411‬من م ت‪ .‬وإذا علمنا أن املشرع املغريب مل حيدد أجل معني يتعني فيه على املفوت إليه أداء‬
‫الثمن‪ ،‬أدركنا أن هذه املسطرة وبالتايل مهمة السنديك ميكن أن تستمر مدة طويلة ختتلف بإختالف حجم املقاولة‬
‫املفوتة وقدرة املفوت إليه على السداد‪ ،‬مما يعين أن السنديك ميكنه طيلة هذه املدة ممارسة دعوى البطالن الوجويب‬
‫واجلوازي ما دامت مهمته مل تنتهي بعد‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن جيعل العديد من التصرفات معلقة ملدة طويلة‬
‫دون البث يف صحتها أو بطالهنا مما ينعكس ال حمالة على إستقرار املعامالت(‪ )164‬وهو ما يتحقق وفلسفة املشرع‬
‫من إقرار أجال لدعوى اإلبطال‪.‬‬

‫نافل القول أن مسطرة تقرير البطالن واإلبطال عرفت يف ظل قواعد البطالن الوجويب واجلوازي تراجعا مهوال سواء‬
‫فيما يتعلق بصاحب املصلحة يف رفعها أو أجل رفعها‪ ،‬وقبل ذلك حاجة احملكمة اىل ضرورة إقرار البطالن الوجويب‬
‫خالفا للبطالن الذي يقع كمبدأ بقوة القانون‪.‬‬

‫وكل ما تقدم جيعلنا نتساءل حول أثار البطالن واإلبطال هل بدورها تأثرت بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة‬
‫من صعوبات املقاولة؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بالنسبة ألثار البطالن الوجوبي والجوازي‬


‫إن أثار البطالن الوجويب واجلوازي ال تشد يف نطاقها العام عن أثار البطالن واإلبطال يف القواعد العامة‪ ،‬فالعقد‬
‫الباطل ال يكون له وجود قانوين‪ ،‬والعقد القابل لإلبطال الذي تقرر إبطاله يسري عليه نفس احلكم‪ ،‬حبيث يعترب‬
‫عدما‪ ،‬وكأنه مل يكن ومل يوجد من قبل باملرة(‪.)165‬‬

‫غري أنه ينبغي أن نشري يف البداية اىل مالحظة أساسية هي أن العقد بدون مقابل الذي تقرر بطالنه إستنادا اىل‬
‫املادة ‪ 452‬من م ت يف فقرهتا األوىل‪ ،‬كان عقدا صحيحا منتجا لكافة أثاره‪ ،‬حيث أنه لو مل يتم فتح املسطرة يف‬
‫مواجهة املدين ملا كان ألي كان أن يقول بأنه عقد باطل‪ ،‬وبالتايل فالبطالن يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية‬
‫واملعاجلة من صعوبات املقاولة ليس بطالنا باملعىن الدقيق للكلمة‪.‬‬

‫ومن بني املالحظات األساسية كذلك‪ ،‬يالحظ أنه إذا كان العقد القابل لإلبطال ال يصري حتما اىل زواله بل يضل‬
‫قائما وينتج كل أثاره‪ ،‬كل ما يف األمر أنه حيمل بني طياته جرتومة فساده(‪ ،)166‬وهذه اجلرتومة ميكن عالجها‬

‫(‪ )164‬عادل الشاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪121‬‬


‫(‪ )165‬عبد الحق صافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..‬‬
‫(‪ )166‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪11‬‬
‫باإلجازة أو التصديق أو التقادم‪ ،‬فإن العقد الذي خيضع للبطالن اجلوازي ال ميكن إصالحه سواء باإلجازة أو‬
‫التصديق ألن منطق نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ال يستصيغ ذلك‪ ،‬وذلك إلرتباط قواعده‬
‫وكما أشرنا سابقا‪ ،‬بالنظام العام‪ ،‬فال جيوز االتفاق على ما خيالفها‪ .‬كما أن السنديك ال ميكنه أن جييز عقدا‬
‫بإمكانه أن يطالب بإبطاله إذا كان مظرا بأصول املقاولة والدائنني‪ ،‬وال جيدي التقادم أيضا يف ذلك‪ ،‬خاصة إذا‬
‫علمنا أن املشرع مل حيدد لدعوى بطالن التصرفات املنجزة خالل فرتة الريبة أي أجل‪.‬‬

‫وإذا كانت القاعدة تنص أن املتعاقدين يرجعان اىل احلالة اليت كانا عليها قبل التعاقد‪ ،‬إذا كان العقد قد مت البدء يف‬
‫تنفيذه‪ ،‬وكان ذلك ممكنا‪ ،‬ويف ذلك ينص الفصل ‪ 114‬من ق ل ع على أنه‪« :‬اإللتزام الباطل بقوة القانون ال‬
‫يمكن أن ينتج أي أثر‪ ،‬إال إسترداد ما دفع بغير حق تنفذا له ‪ ،»...‬ويؤكد على ذلك الفصل ‪ 124‬من نفس‬
‫القانون بالنسبة لإلبطال والذي جاء فيه‪« :‬يترتب على إبطال اإللتزام وجوب إعادة المتعاقدين الى نفس ومثل‬
‫الحالة التي كانا عليها وقت نشأته‪ ،‬والتزام كل منهما بأن يرد لألخر كل ما أخده منه بمقتضى أو نتيجة‬
‫العقد الذي تقرر إبطاله ‪.»...‬‬

‫فإن هذه القاعدة تصطدم مبؤسسة تؤطرها قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬ويتعلق‬
‫األمر مبسطرة التصريح بالديون‪ ،‬فاملتعاقد الذي تقرر بطالن العقد الذي كان يربطه باملدين(‪ ،)167‬ويف ضل غياب‬
‫نص صريح حيدد كيفية إسرتجاع ما دفعه املتعاقد املتعاقد مع املدين تنفيذا للعقد الذي تقرر بطالنه‪ ،‬فإنه ال يسعنا‬
‫سوى القول بأن ما هو مستحق له إذا كان مبلغ من املال يعترب يف ضل قواعد هذا النظام دينا يف ذمة املدين‪،‬‬
‫وبالتايل يتعني عليه أن يقوم بالتصريح به لكي يتسىن له إسرتجاعه وذلك حتت طائلة السقوط‪ ،‬وهو ما يتعارض‬
‫مع حقه يف اإلسرتجاع الفوري لتلك املبالغ‪.‬‬

‫وأمام هذا الواقع نصطدم جمددا بغياب نص حيدد أجل ممارسة دعوى البطالن من طرف السنديك‪ ،‬وهو ما قد‬
‫يرتتب عنه أن ال يتم إبطال العقد إال بعد إنتهاء كل أجاالت التصريح بالديون اليت حددها املشرع يف املادة ‪451‬‬
‫من م ت(‪ .)168‬بل أكثر من ذلك قد جيد أيضا هذا املتعاقد الذي أصبح دائنا يف ضل هذا النظام باملبالغ اليت‬

‫(‪ )167‬يتعلق ألامر هنا بالبطالن الجوازي للعقود بمقابل‪.‬‬


‫(‪ )168‬تنص املادة ‪ 6.1‬من م ت على أنه‪« :‬يجب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح املسطرة بالجريدة الرسمية‪ .‬ويمدد هذا‬
‫ألاجل بشهرين بالنسبة إلى الدائنين القاطنين خارج اململكة املغربية‪.‬‬
‫فيما يخص املتعاقدين املشار إليهم في املادة ‪ ،111‬ينتهي أجل التصريح خمسة عشر يوما بعد تاريخ الحصول على التخلي عن مواصلة العقد‪ ،‬إذا كان هذا التاريخ‬
‫الحقا لتاريخ ألاجل املنصوص عليه في الفقرة ألاولى‪».‬‬
‫‪11‬‬
‫كان من حقه إسرتجاعها فورا نفسه خارج األجل احملدد لتقدمي طلب رفع السقوط عن (دينه) اىل القاضي‬
‫املنتدب‪ ،‬إستناذا اىل املادة ‪ 411‬من م ت(‪.)169‬‬

‫ومن زاوية أخرى إذا كان البطالن يف إطار القواعد العامة ناجتا عن خلل يف تكوين العقد‪ ،‬وبذلك ميكن لعناصر‬
‫العقد السليمة أن ترتب أثارا يصفها الفقه بالعرضية‪ ،‬من ذلك ما نص عليه الفصل ‪ 115‬من ق ل ع الذي جاء‬
‫فيه‪« :‬بطالن جزء من اإللتزام يبطل اإللتزام في مجموعه‪ ،‬إال إذا أمكن لهذا اإللتزام أن يبقى قائما بدون‬
‫هذا الجزء الذي لحقه البطالن‪ .‬وفي هذه الحالة األخيرة يبقى اإللتزام قائما بإعتباره عقدا متميزا عن العقد‬
‫األصلي‪ ،».‬وهو ما يسمى بنظرية إنتقاص العقد‪ ،‬وكذلك ما جاء يف الفصل ‪ 111‬من نفس القانون‪ ،‬والذي‬
‫ينص على أنه‪« :‬إذا أبطل اإللتزام بإعتبار ذاته وكان به من الشروط ما يصح به إلتزام أخر جرت عليه‬
‫القواعد المقررة لهذا اإللتزام األخر‪ ،».‬وهو ما يعرف بنظرية حتول العقد‪ ،‬فإن بطالن التصرفات املنجزة خالل‬
‫فرتة الريبة مؤسس على أسباب خارجة عن نطاق مكونات العقد‪ ،‬لذلك ال ميكنه إنتاج أية أثار عرضية‪ ،‬بل إن‬
‫العقد قد ينشأ صحيحا خالل فرتة الريبة‪ ،‬وبعد ذلك يلحقه البطالن‪.‬‬

‫وبالنسبة للغري فيسري عليه ما يسري على أطراف العقد الباطل حىت ولو كان حسن النية‪ ،‬ذلك أن طبيعة اجلزاء‬
‫املرتتب على التصرفات املنجزة خالل فرتة الريبة –البطالن الوجويب والبطالن اجلوازي‪ -‬جيعل من سوء النية مفرتض‬
‫حىت يف هذا الغري‪ ،‬يف حني أن القواعد العامة للبطالن تأخد يف احلسبان حسن نية الغري‪ ،‬وميكنها أن تنهض سببا‬
‫إلنتاج العقد الباطل أثارا جتاهه(‪ ،)170‬حبيث جاء يف الفصل ‪ 124‬من ق ل ع أنه‪ ...« :‬وتطبق بشأن الحقوق‬
‫المكتسبة على وجه صحيح للغير حسني النية األحكام الخاصة المقررة لمختلف العقود المسماة‪ ،».‬وقد‬
‫أدرج قانون اإللتزامات والعقود جمموعة من التطبيقات لذلك(‪.)171‬‬

‫ختاما ميكن القول أن أثار البطالن الوجويب واجلوازي إتضح أهنا تأثرت بدورها بفلسفة املشرع من خالل إقرار هذا‬
‫النظام‪ ،‬ذلك أن املشرع يف ضل قواعد هذا النظام مل يسعى اىل إرجاع املتعاقدين اىل احلالة اليت كانا عليها قبل‬

‫(‪ )169‬تنص املادة ‪ 6.1‬من م ت على أنه‪« :‬حينما ال يتم القيام بالتصريح داخل آلاجال املحددة في املادة ‪ ،6.1‬ال يقبل الدائنون في التوزيعات واملبالغ التي لم توزع إال‬
‫إذا رفع القاض ي املنتدب عنهم هذا السقوط عندما يثبتون أن سبب عدم التصريح ال يعود إليهم‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬ال يمكنهم املشاركة إال في تقسيم التوزيعات املوالية‬
‫لتاريخ طلبهم‪.‬‬
‫ال يواجه بالسقوط الدائنون الذين لم يشعروا شخصيا خرقا ملقتضيات املادة ‪.6.6‬‬
‫ال يمكن ممارسة دعوى رفع السقوط إال داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ صدور مقرر فتح املسطرة‪.‬‬
‫تنقض ي الديون التي لم يصرح بها ولم تكن موضوع دعوى رامية إلى رفع السقوط‪».‬‬
‫(‪ )170‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )171‬من ذلك ما جاء في الفصل ‪ 11.1‬من ق ل ع الذي ينص على أنه‪« :‬الدائن الذي يتسلم بحسن نية‪ ،‬على سبيل الرهن الحيازي شيئا منقوال ممن ال يملكه‬
‫يكسب حق الرهن‪ ،‬ما لم يكن ألامر متعلقا بش يء ضائع أو مسروق قابل لالسترداد ضمن الشروط املنصوص عليها في الفصل ‪ 116‬مكرر‪».‬‬
‫‪11‬‬
‫التعاقد أكثر من سعيه اىل إعادة الرتكيبة املالة للمقاولة‪ ،‬ولو على حساب حق املتعاقد يف إسرتداد ما دفعه تنفيذا‬
‫للعقد‪ ،‬أو على حساب الغري الذي قد يكسب حقوقا عن حسن نية من خالل التصرفات اليت تقرر بطالهنا‪.‬‬

‫كما أن كل ما ميكن قوله بعد إنتهائنا من هذا الفصل األول أن القواعد العامة املتحكمة يف تكوين العقد وحتديد‬
‫مصريه إنقلبت موازهنا بفعل فلسفة املشرع اليت جاء هبا يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات‬
‫املقاولة واليت تسجد رغبته يف التضحية بكل ما من شأنه أن يعيق إنقاد املقاولة املتعثرة ولو كان ذلك على حساب‬
‫فلسفة أخرى جتسدها القواعد العامة واليت يشكل مبدأ سلطان اإلرادة احملرك األساسي هلا‪ ،‬والذي بدوره ينتج عنه‬
‫ثالث نتائج أساسي‪ ،‬هي احلرية التعاقدية والقوة امللزمة للعقد ونسبية أثار العقد‪.‬‬

‫وأمام هذا الواقع نتساءل هل إمتدت أزمة القواعد العامة يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات‬
‫املقاولة اىل القواعد املرتبطة بأثار العقد؟‬

‫‪16‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أزمة القواعد العامة المرتبطة بأثار العقد‬

‫إن اهلدف من إنشاء العقود هو تنفيذها عن طريق إعمال أثارها‪ .‬من مث يشكل هذا التنفيذ إمتدادا طبيعيا لتطابق‬
‫إراديت العاقدين(‪ ،)172‬جاء هبذا اخلصوص ضمن الفصل ‪ 111‬من ق ل ع‪« :‬اإللتزامات التعاقدية المنشأة‬
‫على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في‬
‫الحاالت المنصوص عليها في القانون‪».‬‬

‫ويرتب العقد الصحيح املستجمع لكافة أركان إنعقاده مجيع أثاره اليت قصدها املتعاقدان‪ ،‬أي أن له قوة ملزمة‬
‫ألطرافه‪.‬‬

‫غري أن هذه القوة ليست مطلقة بل هي نسبية من جهتني‪:‬‬

‫‪ -‬من جهة األشخاص‪ ،‬حيث ال يسري العقد إال بالنسبة للمتعاقدين وخلفهما العام واخلاص‪ ،‬وال ينفذ يف‬
‫وجه الغري إال على سبيل اإلستثناء‪.‬‬
‫‪ -‬ومن جهة املوضوع‪ ،‬حيث ال يتقيد أطراف العقد إال باإللتزامات الواردة فيه(‪.)173‬‬
‫وإذا ثبتت القوة امللزمة للعقد‪ ،‬بالنسبة للشخص‪ ،‬بعد حتديد مضمونه‪ ،‬فإن هذا الشخص يلتزم بتنفيذ ما يقع عليه‬
‫من واجبات مبقتضى العقد‪ ،‬وإخالله بإلتزاماته العقدية جيعله مسؤوال أمام أصحاب احلق فيها‪ ،‬مسؤولية عقدية‪،‬‬
‫أي أساسها العقد‪ ،‬فيتعرض لذلك إللزامه بالتنفيذ أو بالتعويض أو تطبيق اجلزاءات األخرى‪ ،‬كالفسخ أو غريه من‬
‫اجلزاءات اخلاصة بالعقود امللزمة للجانبني(‪.)174‬‬

‫وإذا كان نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يهدف اىل ضمان إستمرارية احلياة اإلقتصادية‬
‫للمقاولة وضمان فعاليتها‪ ،‬حفاظا على املزايا اليت توفرها‪ ،‬فإنه كان لزاما أن متتد أثار هذا التوجه القانوين احلديث‬
‫اىل العالقات التعاقدية‪ ،‬وذلك لتحقيق األهذاف اليت سطرها املشرع هلذا النظام‪ ،‬إذ ال ميكن تصور بقاء املقاولة‬
‫إذا مل تستمر العقود(‪.)175‬‬

‫(‪ )172‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ :‬املصدر إلارادي لإللتزامات (العقد)‪ ،‬الكثاب الثاني‪ :‬أثار العقد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪1‬‬
‫(‪ )173‬عبد الحق صافي‪ ،‬دروس في القانون املدني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )174‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪1.1‬‬
‫(‪ )175‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫وإمتداد قواعد هذا النظام اىل العالقات التعاقدية سيكون له طابع مؤثر على نطاق قوهتا امللزمة‪ ،‬ذلك أن هذا‬
‫النظام جاء بقواعد أدت اىل جتاوز أثار العقد ألطرافه بشكل ال ينسجم حىت مع اإلستثناءات اليت جاءت هبا‬
‫القواعد العامة‪ ،‬بل أكثر من ذلك سيمتد تأثري قواعد هذا النظام اىل تعطيل مفعول القوة امللزمة للعقد على‬
‫مستوى اإللتزامات املتولدة عنه وأيضا جتاوز إرادة األطرف يف التحكم يف مدة تلك اإللتزامات التعاقدية (المبحث‬
‫األول)‪.‬‬

‫وإذا كانت القوة امللزمة للعقد تربز أمهيتها بشكل كبري عندما خيل أحد طريف العالقة التعاقدية بتنفيذ إلتزامه‪ ،‬من‬
‫خالل إجباره على التنفيذ أو فسخ العقد وترتيب مسؤوليته التعاقدية يف مجيع احلاالت‪ ،‬فإن قواعد نظام إجراءات‬
‫الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تأىب أن تستجيب جلزاء القوة امللزم للعقد‪ ،‬إذ جندها تفرض على املتعاقد مع‬
‫املقاولة املدينة جمموعة من القيود اليت حترمه من حقه يف املطالبة برتتيب جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد على املقاولة‬
‫املدينة (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪1.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تجليات األزمة على مستوى نطاق القوة الملزمة للعقد‬
‫القاعدة أن العقد يلزم طرفيه بكل ما جييء فيه‪ .‬فهو يتضمن قوة حتتم على طرفيه الرضوخ واإلذعان له يف كل ما‬
‫حيتويه‪ ،‬وبعبارة أخرى هو يتضمن قوة ملزمة لعاقديه بإحرتامه‪ ،‬بالنسبة اىل كل أحكامه‪ ،‬فهو بالنسبة إليهما‪ ،‬ويف‬
‫حدود تنظيم العالقات اليت حيكمها كالقانون‪ .‬فال يستطيع أحدمها أن يستقل بنقضه وال بتعديله‪ ،‬مامل يصرح له‬
‫القانون بذلك‪ .‬ويف ذلك نص الفصل ‪ 111‬من ق ل ع بأن‪« :‬اإللتزامات التعاقدية المنشأة على وجه‬
‫صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت‬
‫المنصوص عليها في القانون‪».‬‬

‫فالقاعدة إذن أن العقد شريعة املتعاقدين‪ .‬وقد عرب املشرع الفرنسي عن ذلك بنصه يف املادة ‪ 2216‬من القانون‬
‫املدين الفرنسي على أن‪« :‬اإلتفاقات التي تمت على وجه شرعي تقوم مقام القانون بالنسبة الى عاقديها‪».‬‬

‫وهكذا يلتزم املتعاقد بتنفيذ العقد وفقا ملضمونه‪ ،‬وهذا هو مقتضى القاعدة العامة اليت تقضي بأن العقد شريعة‬
‫املتعاقدين(‪.)176‬‬

‫إال أنه يبدو جليا أن نطاق القوة امللزمة للعقد وكما هي حمددة يف القواعد العامة تأثرت مبنطق قواعد نظام‬
‫إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬إذ جند أن أثار العقد جتاوزت أطرافه سواء من حيث تدخل الغري‬
‫يف العقد‪ ،‬أو من حيث إمتداد أثار هذا العقد اىل غري أطرافه (المطلب األول)‪ ،‬وجند أيضا أن قواعد هذا النظام‬
‫أبطلت مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة عنه (المطلب الثاني) مت يف األخري‪ ،‬نقول أنه‬
‫إذا كانت القواعد العامة ختول بنصيب كبري ووافر إلرادة األطراف التحكم يف مدة إلتزاماهتم التعاقدية‪ ،‬فإن قواعد‬
‫هذا النظام جتاوزت تلك اإلرادة ومل تعرها أي إهتمام (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تجاوز أثار العقد ألطرافه‬


‫إذا كان مؤدى مبدأ سلطان اإلرادة حصر القوة امللزمة للعقد يف أطرافه‪ ،‬أي من قصدوا من خالل تطابق إرادهتم‬
‫التعاقد‪ ،‬فإن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وخروجا عن مبدأ نسبية أثار العقد خول‬
‫للسنديك وحده احلق يف املطالبة مبواصلة العقود اجلارية أو التخلي عنها (الفقرة األولى)‪ ،‬كما جند أيضا أن مشرع‬
‫هذا النظام منح لرئيس احملكمة من خالل اإلتفاق الودي الذي يربم يف إطار مسطرة التسوية الودية‪ ،‬وللمحكمة‬
‫من خالل خمطط التسوية‪ ،‬صالحية ترتيب أثار يف مواجهة أشخاص يعتربون مبنطق القواعد العامة أغيار عن‬
‫اإلتفاق الودي وخمطط التسوية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫(‪ )176‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪611‬‬


‫‪1.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬سلطة السنديك في المطالبة بمواصلة العقود الجارية أو التخلي عن مواصلتها‬
‫لقد سن املشرع مبقتضى نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جمموعة من القواعد اإلستثنائية اليت‬
‫تساعد على تأمني إستمرارية املقاولة‪ ،‬حيث متت التضحية باألحكام العامة‪ ،‬من خالل إعطاء سلطة تقديرية‬
‫ألجهزة املسطرة بإعتبارها صاحبة احلل والعقد يف املساطر اجلماعية(‪.)177‬‬

‫ويعترب السنديك حبكم الصالحيات والسلطات املسندة إليه كأحد أجهزة املسطرة‪ ،‬ممثال قانونيا للمقاولة اخلاضعة‬
‫ملساطر املعاجلة‪ ،‬ووكيال عن الدائنني(‪ ،)178‬ولعل سلطة إبرام العقود الضرورية إلستمرارية نشاط املقاولة من بني‬
‫السلط اليت قد متنح له بصدد توليه مهامه إستنادا اىل املادة ‪ 114‬من م ت(‪.)179‬‬

‫وإذا كانت القواعد العامة تعرتف بأن حتديد صفة الطرف يف العقد ال يتوقف على التنفيذ املادي لإللتزامات‬
‫التعاقدية من قبل املتعاقد شخصيا‪ ،‬ألن هذه الصفة تتحدد عند تكوين العقد‪ ،‬بل إن تنفيذه ميكن أن يوكل‬
‫لشخص أخر ليس طرفا يف العقد(‪ .)180‬فإن هذا هو ما ميكن أن جنده ولو ظاهريا يف سلطة السنديك يف املطالبة‬
‫بتنفيذ العقود اجلارية(‪ ،)181‬ذلك أن سلطة املطالبة مبواصلة العقود اجلارية أو التخلي عنها ترجع حسب الفقرة‬
‫األوىل من املادة ‪ 111‬من م ت(‪ )182‬إليه وحده‪ ،‬أي أن حق اإلختيار هو حكر على السنديك وحده(‪ ،)183‬وإن‬
‫كانت هذه السلطة املمنوحة له للنيابة عن املدين كمتعاقد يف مرحلة تنفيذ العقد ال ترجع اىل إرادة املدين‪ ،‬بل اىل‬
‫إرادة املشرع مما جيعلها تتخد شكل نيابة قانونية اىل حد ما(‪.)184‬‬

‫(‪ )177‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1.‬و‪1.‬‬


‫(‪ )178‬محمد البعدوي‪ ،‬دور السنديك في إدارة املقاولة الخاضعة ملسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور بمؤلف مساطر صعوبات املقاولة بين القانون والعمل‬
‫القضائي‪ ،‬سلسلة القانون واملمارسة القضائية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )179‬تنص املادة ‪ 116‬من م ت على أنه‪« :‬يكلف الحكم السنديك‪:‬‬
‫‪ - 1‬إما بمراقبة عمليات التسيير؛‬
‫‪ - 2‬إما بمساعدة رئيس املقاولة في جميع ألاعمال التي تخص التسيير أو في بعضها؛‬
‫‪ - 3‬إما بأن يقوم لوحده‪ ،‬بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة‪.‬‬
‫يمكن للمحكمة أن تغير‪ ،‬في أي وقت‪ ،‬مهمة السنديك بطلب منه أو تلقائيا‪».‬‬
‫(‪ )180‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكثاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )181‬وإن كنا قد أشرنا سابقا في الفصل ألاول عند حديثنا عن الطبيعة القانونية لتصرفات السنديك في أموال املدين الى أنها تشد عن القواعد العامة للنيابة‬
‫القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬راجع الفقرة ألاولى من املطلب ألاول من املبحث ألاول من الفصل ألاول‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫(‪ )182‬تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 111‬من م ت على أنه‪« :‬بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف‬
‫املتعاقد مع املقاولة‪ .‬ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب ملدة تفوق شهرا‪».‬‬
‫‪)7( Bauno boccara: procédure collectives et contrats en cours, jures classeur périodique 1994, éd entreprise, N° 38, P 411, Pr 3‬‬
‫(‪ )184‬ذلك أننا وقفنا فيما سبق في الفصل ألاول على مجموعة من إلاشكاالت التي يتعدر معها القول بأن طبيعة تصرفات السنديك باسم املدين تنسجم مع قواعد‬
‫النيابة القانونية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫إال أننا بتحليل املادة ‪ 111‬من م ت(‪ )185‬سنقف عند العديد من النقاط اليت تستعصي فيها سلطة السنديك يف‬
‫املطالبة مبواصلة العقود اجلارية أو التخلي عنها عن التناغم مع القواعد العامة املقررة يف باب النطاق الشخصي‬
‫ألثار العقد‪.‬‬

‫فبالرجوع اىل مستهل املادة ‪ 111‬من م ت جندها تنص على أنه‪« :‬بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ‬
‫العقود الجارية ‪ ،»...‬وهذه السلطة ميتلكها حىت يف احلالة اليت يقتصر فيها حكم فتح املسطرة على حتديد مهمته‬
‫يف مراقبة تسيري املقاولة‪ ،‬ونفهم من ذلك أنه ال املدين املفتوحة يف مواجهته املسطرة وال املتعاقد معه ميلكان سلطة‬
‫املطالبة بتنفيذ العقد‪ ،‬ولتتضح الصورة أكثر نورد تتمة الفقرة األوىل من ذات املادة واليت تنص على أنه‪... « :‬‬
‫ويفسخ العقد بعد توجيه إندار الى السنديك يضل دون جواب لمدة تفوق شهرا‪ ».‬ويستفاد منها أن التخلي‬
‫عن العقد يرجع أيضا اىل إرادة السنديك اليت يعرب عنها صراحة أو ضمنا‪.‬‬

‫وبالتايل يفهم مما سبق ذكره أن العقد مل يعد ملكا ال للمدين وال للمتعاقد معه خالفا ملا تقره القواعد العامة‪،‬‬
‫حبيث ينص الفصل ‪ 111‬من ق ل ع يف هذا الصدد على أنه‪« :‬اإللتزامات التعاقدية المنشأة على وجه‬
‫صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا‪ ،»...‬إال أنه يبدوا يف ضل‬
‫املادة ‪ 111‬من م ت أن السنديك هو من ميلك مفاتيح العقود‪.‬‬

‫وإ ذا كان باإلمكان أن نقول أن طبيعة تدخل السنديك يف حتديد مصري العقد من زاوية املدين قد ال يؤثر يف‬
‫القواعد العامة على أساس أن السنديك ال يلزم املدين بأكثر مما تعاقد عليه مع املتعاقد األخر‪ ،‬وبالتايل فالقول بأن‬
‫تدخل السنديك يشكل خروجا عن مبدأ كفاية سلطة العقد يف إلزام أطرافه مبا حيتويه أمر غري وارد من هذه الزاوية‪،‬‬
‫ما دام أن مواصلة تنفيذ العقد الذي خيتاره السنديك هو يف صاحل املدين‪ ،‬بل أكثر من ذلك فهو جيعله غري‬
‫مطالب بتنفيذ ما إلتزم به وإستحق قبل احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬وذلك حتث طائلة الدفع بعدم التنفيذ من طرف‬
‫املتعاقد معه (أي مع املدين)(‪ ،)186‬وهو ما يزكي فرضية كون السنديك إمنا يستعمل حق اإلختيار بالنيابة عن‬

‫(‪ )185‬تنص املادة ‪ 111‬من م ت على أنه‪« :‬بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة‪.‬‬
‫ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب ملدة تفوق شهرا‪.‬‬
‫يجب على املتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح املسطرة‪ .‬وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه إلالتزامات سوى منح الدائنين حق‬
‫التصريح بها في قائمة الخصوم‪.‬‬
‫عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد‪ ،‬يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن ألاضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم‪ .‬غير أنه يمكن للطرف آلاخر تأجيل‬
‫إرجاع املبالغ الزائدة التي دفعتها املقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البت في دعوى التعويض عن ألاضرار‪.‬‬
‫ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد‪ ،‬على الرغم من أي مقتض ى قانوني أو شرط تعاقدي‪».‬‬
‫(‪ )186‬فكل ما هنالك أن عدم الوفاء باإللتزامات املترتبة على املقاولة املدينة يعطي الحق للمتعاقد املعني بامأمر أن يصرح بمبلغ هذه إلالتزامات ضمن قائمة خصوم‬
‫املقاولة‪ ،‬ويتم التصريح بالديون في هذه الحالة وفقا مأحكام الفقرة الثانية من املادة ‪ 6.1‬من م ت‪.‬‬
‫‪ -‬امحمد لفروجي‪ ،‬مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور بمؤلف مساطر صعوبات املقاولة بين القانون‬
‫والعمل القضائي‪ ،‬سلسلة القانون واملمارسة القضائية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫املدين‪ ،‬إال أنه سرعان ما تنهار هذه الفرضية إذا علمنا أنه يف احلالة اليت خيتار فيها السنديك عدم مواصلة العقد‪،‬‬
‫ميكن أن يؤدي ذلك اىل دعوى للتعويض عن األضرار اليت حلقت باملتعاقد مع املقاولة‪ ،‬ألن فتح مسطرة التسوية‬
‫القضائية يعترب أمرا لصيقا بظروف املقاولة املعنية باألمر‪ ،‬مما ال جيعل منه سببا إلعفاء هذه املقاولة من مسؤوليتها‬
‫التعاقدية الناجتة عن توقفها عن تنفيذ العقد(‪ ،)187‬وهو األمر الذي قد ال حيبذه املدين‪.‬‬

‫أما إذا نظرنا اىل األمر من زاوية املتعاقد مع املدين‪ ،‬وربطنا الفقرة الثانية من املادة ‪ 111‬من م ت اليت تنص على‬
‫أنه‪« :‬يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة‪ .‬وال‬
‫يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة الخصوم‪ ».‬مع ما قلناه‬
‫عن الفقرة األوىل من ذات املادة نتوصل اىل نتيجة مفادها أن السنديك عندما خيتار مواصلة تنفيذ العقد‪ ،‬ال ميكن‬
‫للمتعاقد مع املقاولة أن حيتج يف مواجهة السنديك بواقعة عدم وفاء املقاولة املدينة بإلتزاماهتا املستحقة قبل تاريخ‬
‫فتح مسطرة التسوية القضائية(‪.)188‬‬

‫وإذا كان ذلك يظهر ضربا واضحا ملبدأ الدفع بعدم التنفيذ املنصوص عليه يف الفصل ‪ 111‬من ق ل ع(‪،)189‬‬
‫فإنه يظهر أيضا مساسا مببدأ نسبية أثار العقد من حيث أطرافه‪ ،‬فالسنديك ليس طرفا يف العقد‪ ،‬وال ميكن اجلزم‬
‫يف ضل ما مر معنا بأنه ينوب عن املدين نيابة قانونية باملعىن املتعارف عليه يف القواعد العامة‪ ،‬ورغم ذلك فهو يلزم‬
‫املتعاقد مع املدين بالوفاء بعقد كان بإمكانه (أي املتعاقد مع املقاولة) أن يتخلص منه نظرا لعدم وفاء املدين‬
‫بإلتزامه‪.‬‬

‫ومن كل ما تقدم يظهر جليا أن تدخل السنديك يف حتديد مصري العقد أبطل مفعول مبدأ نسبية أثار العقد من‬
‫حيث سلطة أطرافه عليه (أي على العقد)‪ ،‬إذ أصبح هو املتحكم يف أثار هذا العقد وليس أطرافه‪ .‬ويعترب املتعاقد‬
‫مع املقاولة املدينة األكثر تضررا من هذا التدخل‪.‬‬

‫ومبدأ نسبية أثار العقد من حيث أشخاصه سيعرف تراجعا واضحا أيضا يف إطار إتفاق التسوية الودية وخمطط‬
‫اإلستمرارية‪ ،‬وهو ما سنقف عليه يف الفقرة املوالية‪.‬‬

‫(‪ )187‬امحمد لفروجي‪ ،‬مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫(‪ )188‬محمد العروص ي‪ ،‬مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مكتبة دار السالم‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص‬
‫‪1..‬‬
‫(‪ )189‬ينص الفصل ‪ 211‬من ق ل ع على أنه‪« :‬في العقود امللزمة للطرفين‪ ،‬يجوز لكل متعاقد منهما أن يمتنع عن أداء التزامه‪ ،‬إلى أن يؤدي املتعاقد آلاخر التزامه‬
‫املقابل‪ ،‬وذلك ما لم يكن أحدهما ملتزما‪ ،‬حسب إلاتفاق أو العرف‪ ،‬بأن ينفذ نصيبه من إلالتزام أوال‪.‬‬
‫عندما يكون التنفيذ واجبا لصالح عدة أشخاص يجوز للمدين أن يمتنع من أداء ما يجب مأي واحد منهم إلى أن يقع ألاداء الكامل ملا يستحقه من التزام مقابل‪».‬‬
‫‪12‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تجاوز أثار إتفاق التسوية الودية ومخطط اإلستمرارية ألطرافه‬
‫بعد أن وقفنا يف الفصل األول عند إمكانية القول بالطبيعة التعاقدية لكل من اإلتفاق الودي وخمطط التسوية مبا‬
‫يتضمنه من خمطط للتفويت وخمطط لإلستمرارية الذي يهمنا يف هذا اإلطار‪ ،‬فإن هذه الطبيعة تتطلب بالرجوع اىل‬
‫القواعد العامة املؤطرة لإللتزامات التعاقدية أن حترتم جمموعة من املبادئ‪ ،‬ولعل من بني هذه املبادئ مبدأ نسيبة‬
‫أثار العقد‪ ،‬فاألصل يف العقد أنه ال ينشئ عالقة إلتزام إال بني الطرفني اللذين تراضيا على إبرامه(‪ ،)190‬فال ينشئ‬
‫يف ذمة الغري إلتزاما وال يكسبه حقا(‪ ،)191‬وهذا ما جيري التعبري عنه عادة بنسبية أثار العقد من حيث‬
‫أشخاصه(‪.)192‬‬

‫وإستثناء‪ ،‬وإلعتبارات تتعلق مبوجبات العدالة أو إستقرار التعامل قد تنصرف أثار العقد اىل الغري يف حاالت خاصة‬
‫يقررها القانون(‪ ،)193‬إال أن ما يالحظ بصدد دراسة هذه احلاالت‪ ،‬هو أهنا وإن كانت تشكل إستثناء على مبدأ‬
‫نسبية أثار العقد‪ ،‬إال أهنا هتم فقط احلالة اليت ترتب حقوقا للغري‪ ،‬كاإلشرتاط ملصلحة الغري(‪ ،)194‬أو حتمله‬
‫إلتزامات بعد إقراره للعقد‪ ،‬كما هو احلال يف التعهد عن الغري(‪.)195‬‬

‫واإلتفاق الودي وخمطط اإلستمرارية جندمها ال ميتثالن ال للمبدأ املذكور‪ ،‬وال لإلستثناءات الواردة عليه‪ ،‬فبخصوص‬
‫اإلتفاق الودي فإذا كان املشرع جنده من خالل مقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‬
‫املتعلقة بالتسوية الودية مييز بني فئتني من الدائنني‪ ،‬فئة الدائنني الرئيسني الذين تبلغ ديوهنم درجة من األمهية حبيث‬
‫تؤثر على التوازن املايل واإلقتصادي للمقاولة يف حال عدم إعادة جدولتها ومنح ختفيضات بشأهنا‪ ،‬وفئة الدائنني‬
‫غري الرئيسني أو الثانويني الذين ال تبلغ ديوهنم من الضخامة واألمهية ما قد يؤدي اىل اإلخالل بتوازنات املقاولة‬
‫وبنشاطها(‪ ،)196‬حبيث ميكن اإلقتصار على الدائنني الرئيسني يف إبرام اإلتفاق الودي‪ ،‬وحبيث يشكل هؤالء احلد‬
‫األدىن املسموح به إلبرام هذا اإلتفاق‪ ،‬فإن ذلك ال يعين أن باقي الدائنني ما داموا مل يرتضوا الدخول يف هذا‬

‫(‪ )190‬إال أنه ال يقصد بطرفي العقد‪ ،‬العاقدان وحدهما‪ ،‬بل يمكن أن يعتبر كالطرفين‪ ،‬من حيث إنصراف أثار العقد‪ ،‬من يعتبرون خلفا لهما‪ ،‬سواء أكان خلفا عاما‬
‫أو خلفا خاصا‪.‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪611‬‬
‫(‪ )191‬محمد املهدي‪ ،‬الوجيز في نظرية العقد‪ ،‬في ضوء القانون املدني املغربي‪ ،‬مطبعة أنفو‪-‬برانت‪ ،‬فاس‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪121‬‬
‫(‪ )192‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪611‬‬
‫(‪ )193‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )194‬راجع بهذا الخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 11‬الى ‪61‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 612‬الى ‪6.1‬‬
‫(‪ )195‬راجع بهذا الخصوص‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 61‬الى ‪11‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 666‬الى ‪612‬‬
‫(‪ )196‬صليحة حاجي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 211‬و‪211‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلتفاق أو أنه مل تتم إستشارهتم من قبل املصاحل ال ميكن أن تنصرف إليهم أثار هذا اإلتفاق تأسيسا على الفصل‬
‫‪ 115‬من ق ل ع الذي ينص على أنه‪« :‬اإللتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد‪ ،‬فهي ال تضر الغير‬
‫وال تنفعهم‪ ،»...‬بل جاءت املادة ‪ 114‬من م ت خمالفة ومستبعدة ملبدأ نسبية أثار العقد من حيث أشخاصه‬
‫من خالل تنصيصها على أنه بإمكان رئيس احملكمة يف احلالة اليت يربم فيها اإلتفاق الودي مع الدائنني الرئيسني‬
‫فقط‪ ،‬أن مينح للمدين أجال األداء الواردة بالنصوص اجلاري هبا العمل فيما خيص الديون اليت مل يشملها‬
‫اإلتفاق(‪ ،)197‬ونرى أن يف ذلك ضرب للمبدأ املشار له‪.‬‬

‫أما خبصوص خمطط اإلستمرارية‪ ،‬وعلى إعتبار أنه يتسم أيضا بالطابع التعاقدي وإن كان يف حدود دنيا‪ ،‬من‬
‫خالل بداية مراحل إعداده بإستشارة الدائنني اليت تبدوا يف ظاهرها ذات طابع تعاقدي ملنحها حرية للدائنني يف‬
‫التنازل عن األجال املضمنة يف عقودهم(‪ ،)198‬وكذا التخفيض من قيمة ما هلم من ديون على املدين‪ ،‬وحيث أنه‬
‫من املعلوم أن الدائنني غري ملزمني مبنح املقاولة أجال إضافية لألداء أو ختفيضات عن األداء(‪ ،)199‬وبالتايل ميكن‬
‫أن نتصور عدم موافقة بعض الدائنني أثناء إستشارهتم فرديا أو مجاعيا على األجال اجلديدة لديوهنم واملقرتحة من‬
‫طرف السنديك‪ ،‬فإن هؤالء الدائنني هم من مساهم املشرع «باقي الدائنين» من خالل الفقرة الثانية من املادة‬
‫‪ 115‬من م ت(‪ )200‬وأخضعهم لقاعدة فرض أجال موحدة لألداء بصرف النظر عن نوعية ديوهنم(‪.)201‬‬

‫ومفاد هذه القاعدة أن الدائنني الذين مل يشاركوا يف مسطرة اإلستشارات‪ ،‬أو الذين رفضوا خالهلا األجال‬
‫والتخفيضات املقرتحة(‪ ،)202‬قد تفرض عليهم احملكمة أجال موحدة لألداء بغض النظر عما إذا كانوا دائنني‬
‫عاديني أو أصحاب إمتيازات أو رهون أو كانت ديوهنم حالة أو مؤجلة(‪.)203‬‬

‫(‪ )197‬إن الديون التي لم يشملها إلاتفاق قد تكون أيضا ديونا لدائنين مشاركين في إلاتفاق الودي بديون أخرى‪ ،‬ورفضوا تقديم أية تنازالت بخصوص الديون التي ال‬
‫يشملها إلاتفاق‪.‬‬
‫(‪ )198‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫(‪ )199‬تجدر إلاشارة أن الشق املتعلق بمنح تخفيضات عن الديون التي للدائن على املقاولة املدينة ال تطرح أية إشكالية في هذا الصدد‪ ،‬نظرا مأنها ال تفرض عليهم في‬
‫حالة عدم رغبتهم أو عدم إستشارتهم للدخول في إلاتفاق‪.‬‬
‫(‪ )200‬تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 1..‬من م ت على أنه‪« :‬تفرض املحكمة بالنسبة إلى باقي الدائنين آجاال موحدة لألداء‪ ،‬مع مراعاة آلاجال ألاطول‪ ،‬التي اتفق‬
‫عليها ألاطراف قبل فتح املسطرة وذلك فيما يخص الديون املؤجلة‪ .‬ويمكن أن تزيد هذه آلاجال عن مدة تنفيذ مخطط الاستمرارية‪ .‬ويجب أن يتم السداد ألاول‬
‫داخل سنة‪».‬‬
‫ن‬
‫(‪ )201‬سعد بتهي‪ ،‬مدى فعالية ألاجال املتعلقة بمخطط التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور بمؤلف منازعات ألاعمال بين القانو واملمارسة‪ ،‬منشورات املجلة املغربية‬
‫للدراسات وإلاستشارات القانونية‪ ،‬مطبعة ألامنية‪-‬الرباط‪ ،‬توزيع مكتبة الرشاد‪-‬سطات‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2116‬ص ‪.21‬‬
‫ل‬
‫(‪ )202‬جاء في حكم للمحكمة التجارية بالدارالبيضاء‪« :‬إن مقترحات التسوية املقدمة من طرف السنديك الى الدائنين وإن لم تحظ بقبو بعض الدائنين‪ ،‬فإن‬
‫للمحكمة أن تفرض أجاال موحدة لألداء‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 1..‬من م ت ‪.»...‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن املحكمة التجارية بالدارالبيضاء رقم ‪ 1..‬في ملف عدد ‪ 12-2.1‬بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪ ،2112‬منشور باملجلة املغربية لقانون ألاعمال‬
‫واملقاوالت‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪ ،2111‬ص ‪ 111‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )203‬الغالي الغيالني‪ ،‬أثار مخطط إلاستمرارية على مركز الدائنين‪ ،‬مقال منشور بمجلة املحاكم املغربية‪ ،‬عدد ‪ ،111‬مارس‪-‬ماي ‪ ،2111‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬‬
‫الدارالبيضاء‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪11‬‬
‫ومما ال شك فيه أن سلوك احملكمة هلذا الطريق فيه خروج عن القواعد العامة املقررة للتصرفات التعاقدية‪ ،‬فإذا كان‬
‫ميكن قبول فرض األجال املقرتحة على الدائنني الذين متت إستشارهتم وقرروا عدم الرد‪ ،‬وذلك بتفسري سكوهتم‬
‫على أنه مبثابة قبول‪ ،‬وبالتايل فإهنم إرتضوا أن تسري عليهم تلك األجال املقرتحة يف إطار املخطط‪ ،‬فإن األمر‬
‫خبصوص الدائنني الذين مل تتم إستشارهتم والدائنني الذين رفضوا بشكل صريح تقدمي أجال إضافية‪ ،‬وجيدون‬
‫أنفسهم بعد ذلك مقيدين بأجال مل يتعاقدوا عليها‪ ،‬ال ميكن تفسريه إال بكون خمطط اإلستمرارية جتاوز مبدأ‬
‫نسبية أثار العقد ورتب أثار على غري أطرافه‪.‬‬

‫زد على ذلك‪ ،‬أن قاعدة األجال املوحدة قاعدة مضرة بالدائنني‪ ،‬خاصة أصحاب اإلمتيازات والرهون ألهنا تؤدي‬
‫اىل جتميد ضماناهتم وتأميناهتم خالل األجال املوحدة املفروضة عليهم‪ ،‬مما جيعلها مبثابة عقاب للدائنني الذين‬
‫رفضوا املوافقة على األجال املقرتحة عليهم من طرف السنديك أثناء اإلستشارات(‪.)204‬‬

‫يبدوا واضحا مما تقدم أن املشرع يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تنكر إلرادة األطراف‬
‫يف تنفيذ إلتزاماهتم التعاقدية من خالل إجبار السنديك الدائنني على تنفيذ عقودهم اليت تربطهم مع املقاولة‬
‫املدينة‪ ،‬رغم أن السنديك ال يعترب طرفا يف العقد حىت يستنجد بالقواعد العامة إلرغام املتعاقد األخر على تنفيذ‬
‫إلتزامه‪ ،‬بل أكثر من ذلك فاملقاولة مل تنفذ إلتزاماهتا السابقة‪ .‬كما المسنا أيضا هذا اإلنكار من خالل إجبار‬
‫الدائنني على اخلضوع ألجال إضافية بشأن ديوهنم التعاقدية رغم أهنم مل يعربوا عن إرادهتم يف ذلك‪ ،‬وهذا التأثري‬
‫والتنكر للقواعد العامة سنجده ميتد أيضا اىل حد إبطال مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة‬
‫عنه‪ ،‬والذي يشكل (أي العقد) نتاج إرادتني أو أكثر إرتضيتا أن جتعالنه قانونا هلما‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إبطال مفعول القوة الملزمة للعقد على مستوى اإللتزامات المتولدة عنه‬
‫إذا كان من بني حمددات القوة امللزمة للعقد‪ ،‬ما ميكن أن يشكل مضمونا له‪ ،‬أي اإللتزامات املتولدة عن العقد‪،‬‬
‫فإن املنطق القانوين يقضي بتنفيذ هذه اإللتزمات مبجرد حلول أجلها‪ ،‬غري أننا نواجه يف ضل نظام إجراءات الوقاية‬
‫واملعاجلة من صعوبات املقاولة قواعد تؤدي اىل تعطيل مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات التولدة‬
‫عنه‪ ،‬وذلك من خالل تعطيل إمكانية الدفع بعدم تنفيذ العقد اجلاري واإلحتجاج بتجزئته كرد فعل على عدم‬
‫تنفيذ املقاولة إللتزاماهتا التعاقدية عند حلول أجلها (الفقرة األولى)‪ ،‬كما جند أن قواعده تعطل أيضا قواعد الوفاء‬

‫(‪ )204‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض املقاولة ومساطر معالجتها‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬في مساطر املعالجة‪ :‬حكم فتح‬
‫املسطرة «الشروط املوضوعية والشكلية وإلاجراءات والتسوية القضائية واملرحلة املؤقتة وإستمرارية املقاولة والتفويت»‪ ،‬دار النشر املغربية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪-‬‬
‫يونيو ‪ ،2112‬ص ‪.111‬‬
‫‪11‬‬
‫اإلرادي بالديون السابقة حلكم فتح املسطرة (الفقرة الثانية)‪ ،‬مث يف األخري جند تلك القواعد تعطل أيضا سريان‬
‫الفوائد خاصة اإلتفاقية (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعطيل إمكانية الدفع بعدم تنفيذ العقد الجاري واإلحتجاج بتجزئته‬
‫يعترب الدفع بعدم التنفيذ من اجلزاءات املدنية اليت ترتبط بزمرة العقود امللزمة للجانبني‪ ،‬ويتجسد هذا النظام يف كون‬
‫املتعاقد له احلق يف اإلمتناع عن تنفيذ إلتزاماته جتاه املتعاقد األخر حىت يقوم هذا األخري بتنفيذ ما إلتزم به إزائه‪،‬‬
‫وذلك يف العقود امللزمة جلانبني كما أشرنا‪.‬‬

‫ونظام الدفع بعدم التنفيذ يعد يف األصل وسيلة للدفاع وليست للهجوم لكون املستفيذ من هذا الدفع يكتفي‬
‫باإلمتناع عن التنفيذ كإجراء حلث املتعاقد األخر على الوفاء بإلتزاماته املقابلة ويف ذلك ضمانة فعلية للوفاء‬
‫باإللتزام(‪.)205‬‬

‫ويشكل الدفع بعدم التنفيذ جتسيد للعدالة اخلاصة اليت ميتلكها أطراف اإللتزام التعاقدي امللزم للجانبني إستنادا اىل‬
‫الفصل ‪ 111‬من ق ل ع الذي ينص على أنه‪« :‬في العقود الملزمة للطرفين‪ ،‬يجوز لكل متعاقد منهما أن‬
‫يمتنع عن أداء التزامه‪ ،‬إلى أن يؤدي المتعاقد اآلخر التزامه المقابل‪ ،»... ،‬إال أننا نالحظ أن هذه العدالة‬
‫اخلاصة املقررة ألطراف العالقة التعاقدية امللزمة للجانبني واملستمدة من القواعد العامة معطلة التنفيذ يف ضل املادة‬
‫‪ 111‬من م ت‪ ،‬واليت تنص يف فقرهتا الثانية على أنه‪« :‬يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء‬
‫المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة‪ .‬وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين‬
‫حق التصريح بها في قائمة الخصوم‪.».‬‬

‫وإذا كان هذا التعطيل ال يطال سوى اإللتزامات الواجبة األداء قبل احلكم بفتح املسطرة(‪ ،)206‬فإنه ال يقتصر‬
‫وكما ذهب اىل ذلك أحد الباحثني على اإللتزامات املتعلقة بأداء مبلغ من املال(‪ ،)207‬فقياسا على املادة ‪411‬‬
‫من م ت فهو يشمل خمتلف اإللتزامات سواء تعلقت بأداء مبلغ من املال أو غريه من األداءات(‪.)208‬‬

‫(‪ )205‬للتوسع أكثر في مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ راجع‪:‬‬


‫‪ -‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬النظرية العامة لإللتزامات في القانون املدني املغربي‪ ،‬الجزء ألاول‪ :‬مصادر إلالتزامات‪ ،‬الكتاب ألاول‪ :‬نظرية العقد‪ ،‬مطبعة فضالة‪-‬‬
‫املحمدية‪ ،‬طبعة ‪ ،1..1‬ص ‪ 211‬الى ‪211‬‬
‫(‪ )206‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من صعوبات املقاولة ‪ ،...‬الجزء الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫(‪ )207‬عبد الرزاق الزيتوني‪ ،‬إستمرارية املقاولة بعد التوقف عن الدفع وحماية الدائنين على ضوء قانون ‪ 11-.1‬املتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪ ،‬قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية‪-‬عين الشق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2116-2111‬ص ‪ 1.1‬و‪1.1‬‬
‫(‪ )208‬أحمد لعتيك‪ ،‬مصير العقود الجارية عند فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة التكوين‬
‫والبحث‪ ،‬قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة الحسن ألاول‪ ،‬كلية العلوم القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،211.-2111‬ص ‪.1‬‬
‫‪16‬‬
‫إال أن املشكل هنا ال يثار خبصوص نطاق هذا التعطيل أكثر من التعطيل حبد ذاته‪ ،‬فقاعدة الدفع بعدم التنفيذ ال‬
‫متيز بني اإللتزامات املتولدة عن العقد امللزم للجانبني كما ورد يف صياغة الفصل ‪ 111‬من ق ل ع الذي ينص‬
‫على أنه‪ ...« :‬يجوز لكل متعاقد منهما أن يمتنع عن أداء التزامه‪ ،»... ،‬وبالتايل فمهما كان نطاق‬
‫اإللتزامات اليت تعطل املادة ‪ 111‬من م ت إمكانية اللجوء اىل قاعدة الدفع بعدم التنفيذ خبصوصها ضيقا أو‬
‫واسعا‪ ،‬فإنه يف مجيع احلاالت يشكل خروجا عن القواعد العامة يف هذا الصدد‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى‪ ،‬وخبصوص تعطيل إمكانية املطالبة بتجزئة العقد(‪ )209‬كما هو منصوص عليه يف الفقرة األخرية‬
‫من املادة ‪ 111‬من م ت اليت تنص على أنه‪« :‬ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة ‪...‬‬
‫العقد‪ ،‬على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي‪ ،».‬فإننا جند هذا التعطيل يرتبط حقيقة من خالل‬
‫التمعن يف فلسفة املادة ‪ 111‬من م ت بتعطيل إمكانية الدفع بعدم التنفيذ‪ ،‬ذلك أنه إذا كان ميكن القول بأن‬
‫إعتماد عدم قابلية العقود اجلارية التنفيذ للتجزئة‪ ،‬واليت قد تظهر خاصيتها املرنة‪ ،‬فإنه باملقابل تظهر خطورهتا يف‬
‫إطار مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬ملا يتمسك املتعاقد بعدم تنفيذ العقد(‪ ،)210‬ذلك أن من بني األسباب اليت ميكن‬
‫أن يتمسك أو يستند عليها الدائن حىت جيزأ العقد قانونا‪ ،‬أشارت اىل إحداها املادة ‪ 111‬من م ت يف فقرهتا‬
‫الثانية‪ ،‬واملتمثلة يف عدم الوفاء باإللتزامات املتعهد هبا من قبل املقاولة‪ ،‬فقد جاء يف تلك الفقرة أنه‪« :‬يجب على‬
‫المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة ‪ ،»...‬وال يبقى أمام‬
‫الدائنني سوى التصريح بديوهنم يف قائمة اخلصوم‪.‬‬

‫وباملوازاة مع هذا الطرح فإن املبىن املنطقي والقانوين لتجزئة اإلتفاق أو الصفقة أو العقد أو عموما التصرف القانوين‬
‫هو مبدأ القوة امللزمة للعقد‪ ،‬الذي جيعل من اإلتفاق أساس التعاقد‪ ،‬وهي قوة تؤدي اىل ثقة كال املتعاقدين‬
‫املشروعة يف أن تنصرف أثار العقد اىل كل املدى الذي أراداه وإبتغاه‪ ،‬ويف حدود ما إتفقا عليه يف عقد واحد‪ ،‬أو‬
‫يف عقود مرتابطة تشكل كال ال يقبل التجزئة أو على العكس من ذلك قد تشكل جتزئتها محاية هلم‪.‬‬

‫(‪ )209‬نالحظ في هذا الصدد أن مجموعة من الباحثين عند تناولهم إلشكالية عدم قابلية العقود الجارية للتجزئة وقعوا في الخلط بين وصف إلالتزام (إلالتزامات‬
‫القابلة لإلنقسام) وما يقصده املشرع حقيقة من التجزئة الواردة في املادة ‪ 111‬من م ت‪ ،‬ذلك أن ألاصل في إلالتزامات أنها غير قابلة لإلنقسام إستنادا الى القواعد‬
‫العامة‪ ،‬وال تكون قابلة لذلك إال إذا تعدد أحد طرفيها‪ ،‬وزد على ذلك أن املشرع ضيق من نطاق هذا إلاستثناء من خالل الفصل ‪ 1.1‬من ق ل ع حينما نص على‬
‫أنه‪« :‬ال محل لالنقسام بين املدينين بدين قابل له‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان محل الدين تسليم ش يء معين بذاته وموجود بين يدي أحد املدينين؛‬
‫‪ - 2‬إذا كان أحد املدينين مكلفا وحده بتنفيذ إلالتزام بمقتض ى السند املنش ئ له أو بمقتض ى سند الحق‪.‬‬
‫وفي كلتا الحالتين يجوز أن يطالب بالدين كله املدين الحائز للش يء املعين أو املكلف بالتنفيذ‪ ،‬مع ثبوت الحق له في الرجوع على امللتزمين معه إذا كان لهذا الرجوع‬
‫محل‪» .‬‬
‫وبالتالي فلو كان املقصود من املشرع في إطار املادة ‪ 111‬من م ت هو تعطيل وصف إلالتزام هذا‪ ،‬لكان إكتف بما تقرره القواعد العامة في هذا الصدد‪.‬‬
‫(‪ )210‬محمد العروص ي‪ ،‬مصير العقود الجارية التنفيذ ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫‪11‬‬
‫وهكذا قد يكون أساس جتزئة العقد اجلاري التنفيذ شريعة املتعاقدين الواضحة أو اليت يتم إستخالصها من تفسري‬
‫العقد(‪ ،)211‬وقد يكون أساسها ومصدرها هي قاعدة الدفع بعدم التنفيذ كمؤسسة قانونية ختول للمتعاقد أن ميتنع‬
‫عن تنفيذ جزء من إلتزاماته أو كلها اىل أن يؤدي الطرف األخر يف العالقة التعاقدية ما يقابل ذلك‪ ،‬غري أن‬
‫وضعية املقاولة اليت فتحت املسطرة يف مواجهتها‪ ،‬جتعل من عدم التجزئة للعقود اجلارية التنفيذ أمرا إلزاميا‪ ،‬بدليل‬
‫أن الفقرة الرابعة واألخرية من املادة ‪ 111‬من م ت واملشار هلا سابقا جاء فيها‪« :‬ال يمكن أن يترتب عن مجرد‬
‫فتح التسوية القضائية تجزئة ‪ ...‬العقد على الرغم من أي مقتضى قانوني او شرط تعاقدي‪.».‬‬

‫ونافل القول أن تعطيل القواعد العامة من خالل املادة ‪ 111‬من م ت واملتمثلة يف مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ‬
‫واّلية جتزئة اإللتزامات التعاقدية كرد فعل عن تطبيق مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ أو كنتاج خالص إلرادة األفراد‬
‫اجملسدة يف العقد اجلاري تنفيذه‪ ،‬وإن كان يشكل مساسا بقوة العقد امللزمة‪ ،‬فإن املشرع فضل التضحية باملصلحة‬
‫اخلاصة للمتعاقد واليت حتميها القواعد العامة املذكورة‪ ،‬مقابل محاية املصلحة العامة املتمثلة يف ضمان إستمرارية‬
‫العقود اليت تشكل يف ضل مقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة ماال من أموال املقاولة‬
‫ووسيلة من وسائل تقومي وإصالح وضعيتها‪.‬‬

‫وتعطيل القوة امللزمة للعقد فيما خيص اإللتزامات املتولدة عنه سيمتد أيضا اىل املقاولة املدينة بدورها‪ ،‬حبيث منع‬
‫عليها املشرع أن تقوم بالوفاء بأي دين خارج القواعد املخصصة لألداء يف املساطر اجلماعية‪.‬‬
‫(‪)212‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعطيل قواعد الوفاء اإلرادي بالديون التعاقدية السابقة للحكم بفتح المسطرة‬
‫تنص الفقرة األوىل من املادة ‪ 411‬من م ت على أنه‪« :‬يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة القانون منع أداء‬
‫كل دين نشأ قبل صدوره‪ ،».‬وما يستشف من هذا التنصيص أنه يتضمن قاعدة يتم مبقتضاها منع كل من رئيس‬
‫املقاولة والسنديك من أداء كل دين يكون ناشئا قبل صدور احلكم القاضي بفتح املسطرة‪ ،‬فمبدئيا يشمل نطاق‬
‫هذا املنع أداء الديون السابقة يف النشأة لتاريخ صدور احلكم القاضي بفتح املسطرة‪ ،‬ما مل يكن املشرع قد قرر‬
‫معاملة الدائن املعين باألمر معاملة خاصة(‪ ،)213‬وهو ما مت التنصيص عليه يف الفقرة الثانية من املادة املشار هلا‬
‫أعاله‪ ،‬إذ جندها تنص على أنه‪« :‬يمكن للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم‬
‫وذلك لفك الرهن أو السترجاع شيء محبوس قانونيا‪ ،‬إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة‪.».‬‬

‫(‪ )211‬محمد العروص ي‪ ،‬مصير العقود الجارية التنفيذ ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫(‪ )212‬تجدر إلاشارة أن نفس التعطيل يطال أيضا أداء الديون السابقة لألمر بالوقف املؤقت لإلجراءات في إطار التسوية الودية مع بعض إلاختالفات غير املؤثرة‪.‬‬
‫(‪ )213‬امحمد لفروجي‪ ،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪1.‬‬
‫أما الديون الناشئة بعد تاريخ صدور احلكم بفتح املسطرة فتخضع ملقتضيات املادة ‪ 111‬من م ت اليت تنص على‬
‫أنه‪« :‬يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية‪ ،‬باألسبقية على كل ديون أخرى‬
‫سواء أكانت مقرونة أم ال بامتيازات أو بضمانات‪.».‬‬

‫وبالتوجه صوب القواعد العامة جندها تعترب الوفاء هو السبب الطبيعي والطريق املألوف إلنقضاء اإللتزامات‬
‫التعاقدية بشكل خاص‪ ،‬ذلك أن نشوء اإللتزام صحيحا ينطوي بالضرورة على تعهد املدين بتنفيذ ما تعهد به‪،‬‬
‫فالوفاء إدن هو هناية املطاف يف اإللتزام ويبدوا وكأنه أثر رئيسي من أثاره(‪.)214‬‬

‫غري أن التنصيص على منع أداء الديون السابقة‪ ،‬جيعلنا أمام إلتزام معدوم يف املرحلة اإلنتقالية‪ ،‬حيث أحكام الباب‬
‫األول من القسم السادس من الكتاب األول من ق ل ع املنظمة للوفاء معطلة متاما(‪ )215‬يف ضل القواعد املنظمة‬
‫لألداء أو الوفاء بالديون بصفة عامة والديون التعاقدية بصفة خاصة يف مساطر إجراءات الوقاية واملعاجلة من‬
‫صعوبات املقاولة‪ ،‬حبيث تطبق هذه القاعدة على مجيع وسائل األداء‪ ،‬سواء مت هذا األداء من طرف رئيس املقاولة‬
‫أم من طرف السنديك‪ ،‬ومهما كانت الطريقة اليت مت هبا‪ ،‬سواء أكان نقدا أم بالتحويل البنكي أم حبوالة الديون‬
‫املهنية أم عن طريق األوراق التجارية(‪ ،)216‬وتشمل كذلك سائر الديون والدائنني‪ ،‬سواء أكانوا دائنني عادين أو‬
‫أصحاب إمتيازات عامة أو خاصة‪ ،‬أم أصحاب رهون كيفما كان شكلها(‪.)217‬‬

‫وهكذا فإذا كان الفصل ‪ 111‬من ق ل ع ينص على أنه‪« :‬ينقضي اإللتزام بأداء محله للدائن وفقا للشروط‬
‫التي يحددها االتفاق أو القانون‪ ،».‬فإنه مل مييز بني اإللتزامات اليت ميكن أن تكون حمال لألداء أو الوفاء‪ ،‬ومل‬
‫يقم بتجزئتها‪ ،‬حبيث يتعني أن يتم الوفاء جبميع هاته اإللتزامات يف الوقت الذي حدده اإلتفاق أو القانون‪،‬‬
‫واملشرع بتنصيصه يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 411‬من م ت على أنه‪« :‬يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة‬
‫القانون منع أداء كل دين نشأ قبل صدوره‪ ».‬يكون قد جزأ حمل اإللتزام الذي يتعني الوفاء به‪ ،‬وذلك جبعل‬
‫الوفاء باجلزء الذي إستحق قبل صدور احلكم بفتح مسطرة التسوية غري منتج ألي أثر‪ ،‬حبيث حىت لو مت جتاوز‬
‫هذا املنع فإن مصري ذلك األداء هو البطالن إستنادا اىل املادة ‪ 415‬من م ت(‪ ،)218‬وهو ما يزيد من حدة تأزم‬
‫قواعد الوفاء اإلرادي بالديون التعاقدية بشكل خاص‪.‬‬

‫(‪ )214‬مامون الكزبري‪ ،‬نظرية إلالتزامات في ضوء قانون إلالتزامات والعقود املغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬أوصاف إلالتزام وإنتقاله وإنقضاءه‪ ،‬دون ذكر املطبعة والطبعة‬
‫(مجرد نسخة)‪ ،‬ص ‪2.1‬‬
‫(‪ )215‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫(‪ )216‬عبد الرزاق الزيتوني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )217‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية ‪ ،...‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪1.‬‬
‫(‪ )218‬تنص املادة ‪ 61.‬من م ت على أنه‪« :‬يبطل كل عقد أو تسديد تم خرقا ملقتضيات املادة السابقة وذلك بطلب من كل ذي مصلحة يقدمه داخل أجل ثالث‬
‫سنوات ابتداء من تاريخ إبرام العقد أو أداء الدين‪ .‬حينما يخضع العقد للشهر‪ ،‬يسري ألاجل ابتداء من ذلك‪».‬‬
‫‪1.‬‬
‫وبإستقراء املادة ‪ L622-7‬من مدونة التجارة الفرنسية جندها لطفت من حدة هذا املنع وأجازت بصريح‬
‫العبارة(‪ )219‬إمكانية الوفاء بدين سابق على حكم فتح املسطرة عن طريق املقاصة‪ ،‬وهو توجه رأى فيه أحد‬
‫الباحثني(‪ )220‬تلطيفا من القيود اليت تواجه العقد وعودة لألحكام العامة‪.‬‬

‫أما املشرع املغريب‪ ،‬فقد جاء من خالل املادة ‪ 411‬من م ت بصياغة عامة تفيد مشول املنع لكل أنواع الوفاء مبا‬
‫فيها الوفاء عن طريق املقاصة‪ ،‬وهو ما دفع القضاء املغريب اىل رفض أداء الديون السابقة عن طريق هذه‬
‫الوسيلة(‪.)221‬‬

‫وخبصوص الرجوع اىل أصل هذه املقارنة اليت جنريها بني قواعد الوفاء ضمن القواعد العامة واملادة ‪ 411‬من م ت‪،‬‬
‫جند املشرع يف الفقرة الثانية من املادة املذكورة يورد إستثناء لقاعدة منع أداء الديون السابقة من خالل مساحه‬
‫للقاضي املنتدب بأن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم‪ ،‬وذلك لفك الرهن أو إلسرتجاع شيء حمبوس‬
‫قانونيا‪ ،‬إذا كان يستلزمه متابعة نشاط املقاولة‪.‬‬

‫وال ميكن إعزاء هذا اإلستثناء اىل إعتبارات قانونية‪ ،‬وإمنا هو من جتليات معيار نفعية العقد املتحكم يف مصري‬
‫العقود‪ ،‬ويف أثارها يف ضل املساطر اجلماعية‪ ،‬وهو ما تؤكده عبارة «إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة»‪،‬‬
‫الواردة يف الفقرة املذكورة من املادة ‪ 411‬من م ت(‪.)222‬‬

‫وإذا كان هذا األداء الذي يتم يف إطار هذا اإلستثناء من شأنه أن خيدم مصاحل املقاولة‪ ،‬ومصاحل الدائن الذي‬
‫حصل على األداء‪ ،‬فإنه على عكس ما ميكن أن يوحي به‪ ،‬فهو يزيد من حدة تأزم قواعد الوفاء‪ ،‬إذ يؤدي اىل‬
‫إحداث متييز بني الدائنني من حيث حقهم يف احلصول على األداء‪.‬‬

‫كما أن إحداث متييز بني الديون الناشئة قبل صدور احلكم والناشئة بعد صدوره ال ينسجم ومنطق القواعد‬
‫العامة‪ ،‬خاصة إذا كان الدينني معا مرتتبني عن نفس العقد‪ ،‬ومبفهوم أدق ناشئني عن نفس حمل اإللتزام التعاقدي‪،‬‬
‫إذ أن ذلك يرتتب عليه تقسيم حمل اإللتزام الذي يتعني الوفاء به‪ ،‬وهو ما يشكل تعارضا مع الفصل ‪ 161‬من ق‬
‫ل ع الذي ينص يف فقرته األوىل على أنه‪« :‬إذا لم يكن هناك إال مدين واحد‪ ،‬لم يجبر الدائن على أن‬
‫يستوفي اإللتزام على أجزاء‪ ،‬ولو كان هذا اإللتزام قابال للتجزئة ‪.»...‬‬

‫(‪ )219‬بحيث جاء في فقرتها ألاولى‪:‬‬


‫‪»Le jugement ouvrant la procédure emporte, de plein droit, interdiction née antérieurement au jugement d'ouverture, à l'exception du paiement par‬‬
‫«… ‪compensation de créances connexes‬‬
‫‪(44) Nathalie stagnolé, Op, Cit, P 75‬‬
‫(‪ )221‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 111‬املؤرخ في ‪ ،211.-11-11‬منشور بسلسلة إلاجتهاد القضائي‪ ،‬ع ‪ ،1‬دجنبر ‪ ،2111‬ص ‪ 21.‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )222‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..‬‬
‫‪61‬‬
‫ونافل القول أن الوفاء باإللتزامات كوسيلة من وسائل إنقضائها مبا يف ذلك اإللتزامات التعاقدية تأثر بالتمييز الذي‬
‫أحدته املشرع داخل كثلة الديون اليت على عاتق املقاولة املدينة‪ ،‬وباملساطر اليت جاء هبا للقضاء على تلك الديون‪،‬‬
‫واليت تشكل (أي الديون) حجرة عرتة أمام تسوية حالتها‪.‬‬

‫وسنجد أيضا أن سريان الفوائد اإلتفاقية اليت ترتتب على اإللتزامات التعاقدية سيتأثر أيضا بقاعدة وقف سريان‬
‫الفوائد اليت جاء هبا نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬سواء من حيث التأثري على حق الدائنني‬
‫يف احلصول عليها أو حق الكفيل يف اإلستفادة من هذا الوقف بدوره‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعطيل سريان الفوائد اإلتفاقية‬


‫من األثار اليت يرتبها حكم فتح املسطرة ما نصت عليه املادة ‪ 411‬من م ت(‪ ،)223‬واليت قررت وقف سريان‬
‫الفوائد القانونية واإلتفاقية وكذا فوائد التأخري وكل زيادة‪ ،‬وقد جاءت هذه املادة عامة وبدون إستثناء أو ختصيص‬
‫فيما يتعلق مبجال التطبيق‪ ،‬حبيث تطبق على مجيع أنواع الديون العادية واإلمتيازية واملضمونة برهن أو رهون رمسية‬
‫أو حيازية‪ ،‬وتشمل كل أنواع الفوائد سواء كانت قانونية أو إتفاقية أو فوائد التأخري أو الزيادات‪ ،‬وذلك كما أشرنا‬
‫سابقا‪.‬‬

‫وعلى الرغم من تعدد مصادر الفوائد املوقوف سرياهنا كما وضحنا أعاله‪ ،‬فإن أثر هذا الوقف أشد وطأة على‬
‫الفوائد اإلتفاقية منها على الفوائد األخرى(‪ ،)224‬حيث يذهب الفقه(‪ )225‬اىل أن الفوائد اإلتفاقية املضمنة يف‬
‫العقود اجلارية اليت خيتار السنديك مواصلتها توقف بشكل مطلق ألن إشرتاطها مت قبل احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬أما‬
‫الفوائد التأخريية والقانونية النامجة عنها فتستمر إذا ترتبت عن ديون نشأت بعده(‪.)226‬‬

‫زيادة على كون الفوائد اإلتفاقية هي األكثر تأثرا هبذا املوقف‪ ،‬فإهنا هي اليت ترتبط مبوضوعنا نظرا لطابعها‬
‫التعاقدي‪ ،‬من حيث كوهنا من مشتمالت اإللتزام التعاقدي الذي تتأثر قوته امللزمة يف ضل ما جاء به املشرع يف‬
‫هذا النظام من تعطيل للقوة امللزمة إلتفاقات األطراف‪.‬‬

‫وأول ما ينبغي مالحظته خبصوص هذا الوقف الذي تتعرض له الفوائد خاصة اإلتفاقية هو كونه ال يسري إال يف‬
‫مواجهة الدائنني الناشئة ديوهنم قبل صدور احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬خبالف الدائنني الناشئة ديوهنم بعد صدور هذا‬

‫(‪ )223‬تنص املادة ‪ 61.‬من م ت على انه‪« :‬يوقف حكم فتح املسطرة سريان الفوائد القانونية وإلاتفاقية وكذا كل فوائد التأخير وكل زيادة‪».‬‬
‫(‪ )224‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..‬‬
‫(‪ )225‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية ‪ ،...‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪211‬‬
‫(‪ )226‬وفي نفس إلاتجاه إعتبر جانب من إلاجتهاد القضائي املقارن بأنه من الضروري التمييز بين الفوائد إلاتفاقية والفوائد القانونية والتأخيرية‪ ،‬بحيث يسري‬
‫الوقف على الفوائد إلاتفاقية‪ ،‬بإعتبار أن الواقعة املنشأة لإلتفاق كانت قبل صدور الحكم القاض ي بفتح املسطرة‪ ،‬أما فيما يتعلق بالفوائد القانونية والتأخيرية فال‬
‫يسري عليها الوقف‪ ،‬وتستمر في السريان بإعتبارها نشأت بعد صدور هذا الحكم‪.‬‬
‫‪- Cass.com, 10/12/1991, RJDI, 3, N° 288‬‬
‫‪61‬‬
‫احلكم‪ ،‬حيث أن ديوهنم تستمر يف إنتاج الفوائد بالنظر اىل حق األسبقية الذي يتمتعون به(‪ ،)227‬ويبقى املعيار‬
‫الذي يعتد به ملعرفة ما إذا كان الدين ناشئا قبل أم بعد فتح املسطرة هو الواقعة (التعاقدية) املنشئة للدين(‪،)228‬‬
‫األمر الذي يؤدي بنا اىل التمييز بني الدائنني وأيضا بني القوة امللزمة للعقود يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية‬
‫واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬إذ جند أن قوة العقد امللزمة والذي رتب فوائد إتفاقية قبل حكم فتح املسطرة تعترب‬
‫قاصرة على اإلستمرار يف إنتاج نفس األثار بعد صدور هذا احلكم‪ ،‬إذ جيعل هذا احلكم حدا مؤقتا هلا‪ ،‬يف حني‬
‫أن نفس العقد لو نشأ بعد احلكم بفتح املسطرة فإن الفوائد املشرتطة فيه تنتج أثارها‪ ،‬وهو ما يشكل خروجا‬
‫واضحا عن القواعد العامة اليت جتعل من القوة امللزمة للعقد تتصف بالعمومية والتجريد‪.‬‬

‫ويثار التساؤل أيضا خبصوص وضعية الكفيل الذي يقوم بأداء الفوائد املستحقة يف ذمة املدين(‪ ،)229‬يف الوقت‬
‫الذي ال تسري هذه الفوائد يف مواجهة هذا األخري؟‬

‫فبالرجوع اىل القواعد العامة جند الفصالن ‪ 2261‬و ‪ 2261‬من ق ل ع(‪ )230‬يضعان أمام الكفيل طريقتني‬
‫للرجوع على املدين‪ ،‬فإما أن يقوم بذلك إعتمادا على دعوى شخصية جتد أساسها يف صفة الكفيل‪ ،‬أو أن يستند‬
‫يف رجوعه على مبدأ حلوله حمل الدائن يف حقوقه وإمتيازاته يف حدود كل ما دفعه‪ ،‬مبعىن أن الكفيل ميارس حقه‬
‫اخلاص يف النوع األول من الرجوع‪ ،‬يف الوقت الذي جند النوع الثاين يأيت نتيجة حلوله حمل الدائن(‪.)231‬‬

‫إال أنه يبدوا أن حقه يف الرجوع على املدين ضاق نطاقه يف ضل قاعدة وقف سريان الفوائد‪ ،‬ذلك أنه ال ميكنه‬
‫سلوك طريق دعوى احللول إعتبارا لطبيعة هذه الدعوى اليت ختوله احللول حمل الدائن‪ ،‬يف حني أن الدائن تسري يف‬

‫‪(51) Bernard Soinne, la continuation du cour des intérêts, Revue des procédures collectives, 1988, N° 1, P 223‬‬
‫‪(52) Christine lebel, l'élaboration du plan de continuation de l'entreprise en redressement judiciaire, édition presse universitaire d'aise Marseille,‬‬
‫‪2000, P 190.‬‬
‫(‪ )229‬ذلك أن املادة ‪ 662‬من م ت تنص على أنه‪« :‬ال يمكن للكفالء‪ ،‬متضامنين كانوا أم ال‪ ،‬أن يتمسكوا‪:‬‬
‫‪ -‬بمقتضيات مخطط الاستمرارية؛‬
‫‪ -‬بوقف سريان الفوائد املنصوص عليه في املادة ‪.956‬‬
‫يحتج على الكفالء بسقوط ألاجل‪».‬‬
‫(‪ )230‬ينص الفصل ‪ 1111‬من ق ل ع على أنه‪« :‬للكفيل الذي يقض ي إلالتزام ألاصلي قضاء صحيحا حق الرجوع على املدين بكل ما دفعه عنه‪ ،‬ولو كانت الكفالة قد‬
‫أعطيت بغير علمه‪ ،‬وله حق الرجوع عليه أيضا من أجل املصروفات والخسائر التي كانت نتيجة طبيعية وضرورية للكفالة‪.‬‬
‫كل فعل يصدر عن الكفيل وليس وفاء بمعناه الحقيقي وإنما يترتب عليه انقضاء إلالتزام ألاصلي وبراءة ذمة املدين‪ ،‬يقع بمثابة الوفاء‪ ،‬ويعط الكفيل حق الرجوع‬
‫من أجل أصل الدين واملصروفات املتعلقة به‪».‬‬
‫وينص الفصل ‪ 1111‬من نفس القانون على أنه‪« :‬الكفيل الذي وفى الدين وفاء صحيحا يحل محل الدائن في حقوقه وامتيازاته ضد املدين في حدود كل ما دفعه‪،‬‬
‫وضد الكفالء آلاخرين في حدود حصة كل منهم‪ .‬غير أن هذا الحلول ال يغير في ش يء إلاتفاقات الخاصة املعقودة بين املدين ألاصلي وبين الكفيل‪».‬‬
‫(‪ )231‬يكمن الفرق بين الدعوى الشخصية ودعوى الحلول في أن ألاولى تسمح للكفيل بالحصول على تعويض أكثر حجما مأن املدين يتحمل‪ ،‬تجاه الكفيل‪ ،‬الى جانب‬
‫املبلغ املؤدى فوائد هذا املبلغ واملصاريف وتعويض ألاضرار‪ ،‬أما الدعوى الثانية فهي وسيلة تجعل الكفيل يستفيد من إلامتيازات والضمانات التي كانت مرصودة‬
‫لإللتزام‪ ،‬إال أنه ال يمكنه الحصول إال على ما أداه فعال‪ ،‬وتقادم دعواه مرتبط بتقادم دعوى املدين‪.‬‬
‫‪ -‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪62‬‬
‫حقه قاعدة وقف سريان الفوائد‪ ،‬وبالتايل ليس له سوى اللجوء اىل دعوى الرجوع الشخصي‪ ،‬مما يشكل تضيقا‬
‫حلق الكفيل يف إسرتداد ما وفاه عن املدين‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى فإذا كان إلتزام الكفيل إستنادا اىل القواعد العامة يدور مع إلتزام املدين وجودا وعدما‪ ،‬وللكفيل‬
‫يف ضل هذه القاعدة العامة أن يتمسك يف مواجهة دائن املدين جبميع الدفوع املتعلقة باملدين وذلك إستنادا اىل‬
‫الفصل ‪ 2261‬من ق ل ع(‪ ،)232‬واليت من بينها الدفوع املتعلقة بالدين املضمون سواء كانت هذه الدفوع‬
‫مصدرها اإلتفاق أو القانون‪ ،‬وال شك أن ما جاءت به املادة ‪ 411‬من م ت خبصوص وقف سريان الفوائد‬
‫يشكل دفعا قانونيا ميكن للمدين أن يتمسك به يف مواجهة الدائن الذي يطالبه بالفوائد املرتتبة عن الفرتة الالحقة‬
‫حلكم فتح املسطرة اىل غاية احلكم الذي حيصر خمطط اإلستمرارية(‪.)233‬‬

‫وكنتيجة منطقية وإستنادا اىل القواعد العامة حيق للكفيل أن يتمسك بدوره هبذا الدفع يف مواجهة الدائن‪ ،‬غري أن‬
‫املشرع ذهب إىل عكس ذلك حني نص صراحة من خالل املادة ‪ 441‬من م ت املشار هلا سابقا اىل جتريد‬
‫الكفيل من هذا الدفع‪ ،‬وبالتايل فإن املدين يفقد يف هذه احلالة أهم الضمانات اليت ختوهلا له القواعد العامة يف‬
‫ضل قاعدة وقف سريان الفوائد‪.‬‬

‫يف األخري يبدوا واضحا مدى تأثر اإللتزامات املتولدة عن العقد واليت تشكل مناط القوة امللزمة للعقد‪ ،‬سواء فيما‬
‫يتعلق باحلد من سريان الفوائد اإلتفاقية اليت تشكل إحدى ملحقات اإللتزام التعاقدي أو فيما يتعلق بقواعد‬
‫إنقضاء هاته اإللتزمات‪ ،‬أو فيما يتعلق بقاعدة الدفع بعدم التنفيذ اليت تشكل اّلية قانونية إلرغام املتعاقد األخر‬
‫على الوفاء بإلتزامه بقواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬واليت حولت مسار القوة امللزمة‬
‫للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة عنه اىل وجهة خدمة مسطرة تسوية املقاولة‪.‬‬

‫وأمام هذا الوضع نتساءل هل ستنجح قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يف احلد أيضا‬
‫من سلطة إرادة األطراف يف التحكم يف مدة اإللتزامات التعاقدية؟‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تجاوز إرادة األطراف في التحكم في مدة اإللتزامات التعاقدية‬


‫أدى إرتباط العقد باملقاولة اىل بروز عدة حتوالت تتعلق بالعقد بوصفه تصرفا قانونيا‪ ،‬حيث جند أن نظام إجراءات‬
‫الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة أحدث ثورة حقيقية يف إطار القواعد العامة للعقود‪ ،‬إذ مل تعد اإلرادة تشكل‬

‫(‪ )232‬ينص الفصل ‪ 1111‬من ق ل ع على أنه‪« :‬للكفيل أن يتمسك‪ ،‬في مواجهة الدائن‪ ،‬بكل دفوع املدين ألاصلي‪ ،‬سواء كانت شخصية له أو متعلقة بالدين‬
‫املضمون‪ ،‬ومن بينها الدفوع التي تؤسس على نقص أهلية املدين ألاصلي‪ .‬وله أن يتمسك بهذه الدفوع‪ ،‬ولو برغم اعتراض املدين أو تنازله عنها‪ ،‬كما أنه يمكنه أن‬
‫يحتج بالدفوع التي هي خاصة بشخص املدين ألاصلي كاإلبراء من الدين الحاصل له شخصيا‪».‬‬
‫(‪ )233‬ذلك أن املادة ‪ 661‬نصت على أنه‪« :‬يستأنف سريان الفوائد ابتداء من تاريخ الحكم املحدد ملخطط الاستمرارية‪».‬‬
‫‪61‬‬
‫عامال أساسيا يتحكم يف حياة العقد‪ ،‬وتركت مكاهنا لعامل أخر يرى فيه هذا النظام أنه أكثر أمهية‪ ،‬وهو مدى‬
‫نفعية أو ضرورة العقد بالنسبة للمقاولة(‪ ،)234‬لذلك جند قواعد هذا النظام تبطل مفعول الشرط املتحكم يف مدة‬
‫اإللتزام التعاقدي (الفقرة األولى)‪ ،‬وإىل جانب ذلك منحت حملكمة املسطرة سلطة التحكم يف أجال اإللتزامات‬
‫التعاقدية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إبطال مفعول الشرط المتحكم في مدة اإللتزام التعاقدي‬


‫عرف املشرع املغريب الشرط يف الفقرة األوىل من الفصل ‪ 211‬من ق ل ع بأنه‪« :‬الشرط تعبير عن اإلرادة يعلق‬
‫على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع‪ ،‬إما وجود اإللتزام أو زواله‪ ،».‬ويضيف الفقيه مامون الكزبري رمحه اهلل‬
‫أن اإللتزام املقرون بشرط هو إدن إلتزام جمهول املصري‪ ،‬إذ الشك يدور حول معرفة ما إذا كان األمر الذي علق‬
‫عليه وجود اإللتزام أو زواله سيتحقق أو ال يتحقق يف املستقبل(‪.)235‬‬

‫والشرط على أنواع خمتلفة ميكن تصنيفها من عدة زوايا‪ ،‬أمهها التصنيف الذي يصنفها اىل شرط فاسخ وشرط‬
‫واقف‪ ،‬وما يهمنا يف هذا الصدد هو الشرط الفاسخ )‪ (condition résolutoire‬وهو الشرط الذي ينتج‬
‫معه العقد املعلق عليه كل أثاره بصورة فورية‪ ،‬لكن تزول كافة هذه األثار مبفعول رجعي عند حتققه(‪. )236‬‬

‫وعموما يكتسي الشرط كأحد أوصاف اإللتزام التعاقدي أمهية بالغة ألنه ميكن من ربط العقد حبقيقة ما قصدته‬
‫اإلرادة املشرتكة للعاقدين(‪ .)237‬كما أن من بني أهم مقوماته كونه أمر مشروع‪ ،‬وهذا ما يستفاد من الفصل ‪211‬‬
‫من ق ل ع(‪.)238‬‬

‫من خالل ما سبق نتساءل‪ ،‬هل حافظ املشرع على قدسية إرادة األطراف وسلطاهنا يف ربط إلتزاماهتم مبا تطابقت‬
‫حوله إرادهتم من شروط جتعل اإللتزامات اليت تعاقدوا من أجلها تنتهي عند حتقق الشرط الذي إرتضوه؟‬

‫بداية جند املادة ‪ 112‬من م ت تنص على أنه‪ ...« :‬ال يترتب عن إصدار الحكم سقوط األجل‪ ،».‬ورغم أن‬
‫هذه املادة يبدوا من خالل النظرة األوىل أنا ما توحي به هو كوهنا تقصي املقتضيات القانونية اليت ترتب على شهر‬
‫إفالس املدين سقوط مزية األجل‪ ،‬واملتمثلة يف الفصل ‪ 211‬من ق ل ع الذي ينص يف مطلعه على أنه‪« :‬يفقد‬
‫المدين مزية األجل إذا شهر إفالسه ‪ ،»...‬فإنه ليس هناك ما مينع من أن نطاقها ميتد أيضا اىل إستبعاد‬

‫(‪ )234‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 11‬و‪11‬‬


‫(‪ )235‬مامون الكزبري‪ ،‬نظرية إلالتزامات في ضوء قانون إلالتزامات والعقود املغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪1.‬‬
‫(‪ )236‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪12.‬‬
‫(‪ )237‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪121‬‬
‫(‪ )238‬ينص الفصل ‪ 11.‬من ق ل ع على أنه‪« :‬كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق إلانسان في أن يتزوج‪،‬‬
‫وحقه في أن يباشر حقوقه املدنية‪ ،‬يكون باطال ويؤدي إلى بطالن إلالتزام الذي يعلق عليه‪.‬‬
‫وال يطبق هذا الحكم على الحالة التي يمنع فيها أحد الطرفين نفسه من مباشرة حرفة معينة خالل وقت وفي منطقة محددين‪».‬‬
‫‪61‬‬
‫املقتضيات اإلتفاقية‪ ،‬فقد يتفق طرفا العقد على أن خضوع أحدمها لنظام املساطر اجلماعية يرتتب عليه حلول‬
‫أجل إلتزامه‪ ،‬وبالتايل فاملادة ‪ 112‬من م ت تقصي كل شرط ميكن أن يدرجه األطراف يف العقد جيعل حدا‬
‫لألجل الذي إتفقا عليه عند التعاقد‪.‬‬

‫ويف نفس السياق جند املادة ‪ 111‬من م ت تنص يف فقرهتا األخرية على أنه‪ « :‬ال يمكن أن يترتب عن مجرد‬
‫فتح التسوية القضائية ‪ ...‬إلغاء أو فسخ العقد على الرغم من أي ‪ ...‬مقتضى تعاقدي‪ ،)239(».‬حيث إذا‬
‫كانت املقتضيات اإلتفاقية تقضي بفسخ العقد‪ ،‬وبالتايل إهناء مدته مبجرد صدور حكم فتح املسطرة‪ ،‬وذلك‬
‫كطريقة إلدارة املخاطر بواسطة العقد من خالل إهناء قوته امللزمة اليت قد ترتتب عنها أثار سلبية لو ضل العقد‬
‫حمتفظا هبا بعد تاريخ فتح املسطرة‪ ،‬وكل ذلك هو نتيجة مقبولة ملبدأ احلرية التعاقدية‪ ،‬فإن املادة ‪ 111‬املشار هلا‬
‫أعاله تعترب هذه اإلمكانية كأن مل تكن حيث أشارت اىل عدم إمكانية إستخدام اّلية الفسخ واإللغاء يف مواجهة‬
‫العقود اجلارية‪ ،‬وعليه مل يعد من اجملدي أن يلجأ املتعاقد مع املقاولة اىل تضمني العقد شرطا يقضي بفسخه جملرد‬
‫صدور حكم التسوية القضائية‪ ،‬وهذا ما يسمى بالفسخ اإلتفاقي الذي يقع برضا طريف العقد(‪.)240‬‬

‫ومن بني املواد اليت تقصي أيضا وتبطل مفعول كل شرط تكون الغاية منه وضع حد لإللتزام التعاقدي‪ ،‬جند املادة‬
‫‪ 414‬من م ت اليت نصت يف فقرهتا األخرية على أنه‪« :‬يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط المعمول بها‬
‫عند فتح المسطرة‪ ،‬على الرغم من كل شرط مخالف ‪ ،»...‬ولعل من بني الشروط املخالفة‪ ،‬ذلك الشرط‬
‫الذي من شأنه أن يؤدي اىل إهناء حياة العقد يف حالة تغيري املركز القانوين ألحد أطرافه‪ ،‬وهو ما يقع عند تفويت‬
‫العقود يف إطار خمطط التفويت‪.‬‬

‫واملشرع ضمانا منه لنجاح عملية تفويت العقود مل يعر أي إهتمام إلرادة األطراف يف التحكم يف مدة اإللتزامات‬
‫التعاقدية من خالل إدراجها لشرط يربط إستمرارية العقد ببقاء نفس األطراف ضمن العالقة التعاقدية‪.‬‬

‫ومن زاوية أخرى‪ ،‬فإنه إذا كان إبطال مفعول الشرط املتحكم يف مدة اإللتزامات التعاقدية من خالل ما سبق‪،‬‬
‫ذهب يف سياق إقصاء إرادة املتعاقد اليت عرب عنها من خالل ذلك الشرط‪ ،‬والذي كان يرغب من خالله يف‬
‫التحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي املرتبط به إستنادا اىل مبدأ سلطان اإلرادة الذي خيول له ذلك‪ ،‬فإن احملكمة عند‬

‫(‪ )239‬لقد ميز الفقه بين إلالغاء والفسخ‪ ،‬حيث إعتبر إلغاء أو إنهاء العقد عبارة عن وضع حد للعقد‪ ،‬ويتحقق إلانحالل في هذه الصورة بالنسبة الى ما بقي من‬
‫العقد بعد إلانهاء‪ ،‬أما الذي تم من العقد قبل ذلك فال أثر لإلنهاء عليه‪ ،‬ومعنى ذلك أنه ال يكون بأثر رجعي‪ ،‬أما الفسخ هو حق املتعاقد في العقد امللزم للجانبين‪ ،‬إذا‬
‫لم يوف املتعاقد ألاخر بإلتزامه‪ ،‬في أن يطلب حل الرابطة العقدية كي يتحلل هو من التزامه‪.‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 6.1‬و‪6.1‬‬
‫ّ‬
‫(‪ )240‬دماحة قيقاي‪ ،‬مال العقود الجارية التنفيذ في مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪-‬الدارالبيضاء‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية وإلاقتصادية وإلاجتماعية‪-‬املحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2112-2111‬ص ‪21‬‬
‫‪61‬‬
‫حصرها ملخطط التفويت‪ ،‬إستغلت اّلية الشرط جلعل املفوت إليه ال يقدم على تفويت األموال املفوتة ملدة حتددها‬
‫هي (املادة ‪ 422‬من م ت)‪ ،‬ووجه تعطيل الشرط يف هذه احلالة يكمن يف إقصاء إرادة املفوت إليه يف قبوله‪،‬‬
‫وبالتايل قبول اإللتزام املتولد عنه‪ ،‬ذلك أن احملكمة هي وحدها املتحكمة يف إدراج هذا الشرط الذي من شأنه أن‬
‫يلزم املفوت إليه باإلبقاء على األموال املفوتة للمدة اليت حددهتا احملكمة‪ ،‬وهو ما يتعارض مع كون الشرط يف‬
‫القواعد العامة من توابع اإللتزام اليت جيب أن يشملها أيضا توافق إرادة طريف العالقة التعاقدية‪.‬‬

‫ومما تقدم‪ ،‬فإذا كان واضحا أن نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة حد من إرادة املتعاقد يف‬
‫التحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي‪ ،‬فإن هذا التدخل سيمتد أيضا اىل األجال اليت إرتبط هبا اإللتزام التعاقدي من‬
‫خالل منح احملكمة سلطة التحكم يف تلك األجال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تحكم المحكمة في أجال اإللتزامات التعاقدية‬


‫يبدوا من خالل اإلطالع على بعض املواد املؤطرة ملسطرة حصر خمطط التسوية أن املشرع مسح للمحكمة بتعديل‬
‫أجال الوفاء باإللتزامات التعاقدية‪ ،‬يف خطوة رأى فيها أحد الباحثني(‪ )241‬تطبيقا ملهلة امليسرة يف القانون التجاري‪،‬‬
‫وإستثناء على مبدأ األداء الفوري الذي مييز الديون التجارية‪ ،‬إال أننا نعارضه متاما يف رأيه هذا‪ ،‬ذلك أن من بني‬
‫شروط منح مهلة امليسرة وفقا للقواعد العامة‪ ،‬أن تفرض وضعية املدين وحالته االقتصادية إعطائه تلك املهلة‪،‬‬
‫حيث يتوقف حتقق هذا الشرط على كون املدين حسن النية‪ ،‬مل يتبني تقصريه مطلقا يف عدم الوفاء بإلتزاماته‪ ،‬أو‬
‫تنكره هلا بأي شكل من األشكال(‪ ،)242‬وهذا ما ال جنده عند العديد من املدينني اخلاضعني للمساطر اجلماعية‪،‬‬
‫وبالتايل ال ميكن القول بأن تدخل احملكمة يف تعديل وفرض أجال جديدة يشكل تطبيقا ملهلة امليسرة‪.‬‬

‫وبناء على هذا الطرح فإنه يتضح بداية أن إشراك املشرع للمتعاقدين مع املقاولة يف حتديد األجال اجلديدة للوفاء‬
‫باإللتزامات التعاقدية من خالل مسطرة اإلستشارة(‪ )243‬من املقتضيات اليت ترتاجع فيها حدة أزمة العقد يف‬
‫املساطر اجلماعية‪ ،‬وتراعى فيها مصاحل الدائنني وحرية إرادهتم(‪ ،)244‬إال أنه سرعان ما يتهدم هذا الطرح‪ ،‬ذلك أنه‬
‫بعد اإلستشارة‪ ،‬تعرض األجال والتخفيضات املمنوحة من الدائنني خالل اإلستشارة على احملكمة قصد اإلشهاد‬

‫‪(64) Nathalie Stagnoli, Op, Cit, P 71‬‬


‫(‪ )242‬راجع بخصوص هذا الشرط وباقي شروط مهلة امليسرة‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحق صافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 112‬و‪111‬‬
‫(‪ )243‬يتجلى ذلك من خالل إستشارتهم فرديا أو جماعيا حول ألاجال الجديدة املقترحة‪ ،‬وتتم إلاستشارة في صورتها الفردية بتوجيه السنديك رسالة الى كل دائن‬
‫صرح بدينه‪ ،‬يضمنها مقترحاته بتسديد الديون‪ ،‬بما فيها ألاجال الجديدة مع تضمينها رأي املراقبين في املوضوع (املادة ‪ 1.6‬من م ت)‪ ،‬أما الصورة الثانية لإلستشارة‬
‫فيجتمع فيها الدائنون تحث رئاسة السنديك بناء على إستدعاء منه أو نشر إشعار باإلستدعاء في صحيفة مخول لها نشر إلاعالنات القانونية‪ ،‬وإعالنه في لوحة‬
‫مخصصة لهذا الغرض في املحكمة (الفقرة ألاولى من املادة ‪ 1.1‬من م ت)‪.‬‬
‫وتحصل املوافقة‪ ،‬إما ضمنيا عند عدم مشاركة الدائن في إلاستشارة الجماعية (الفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 1.1‬من م ت) أو عدم الجواب داخل أجل ‪ 11‬يوم من تلقي‬
‫رسالة السنديك عند إستشارته لهم فرديا (الفقرة الثانية من املادة ‪ 1.1‬من م ت)‪ ،‬أو بشكل صريح‪.‬‬
‫(‪ )244‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪66‬‬
‫عليها‪ ،‬ويسوغ للمحكمة أن تقوم خبفض هذه األجال والتخفيضات على الرغم من موافقة الدائنني السابقة‪ ،‬إذا‬
‫مسحت الظروف املالية واإلقتصادية للمقاولة بذلك(‪ ،)245‬وإن كان يرى أحد الباحثني(‪ )246‬أن هذا التخفيض‬
‫الذي تقدم عليه احملكمة لألجال املتحصل عليها من خالل اإلستشارة ال يشكل مساسا بإرادة الدائنني ما دام يتم‬
‫يف إطار النطاق الذي تسمح به املادة ‪ 115‬من م ت يف فقرهتا األوىل واملتمثل يف التخفيض فقط دون الرفع‪ ،‬إال‬
‫أننا ال نسايره الرأي وذلك لعلتني‪:‬‬

‫‪ -‬األوىل أن القواعد العامة ال تقصر املساس بإرادة األطراف على التدخل السليب لتعديل ما إرتضته إرادة‬
‫أطراف العالقة التعاقدية‪.‬‬
‫‪ -‬والثانية هي أنه حىت وإن كانت احملكمة ال ميكنها أن تزيد من مدة هذه األجال‪ ،‬فإن مساسها بالقوة‬
‫امللزمة إلتفاقات األطراف متحققة ال حمالة يف هذه احلالة‪ ،‬ذلك أن ختفيضها لألجال املمنوحة من خالل‬
‫إستشارة السنديك للدائنني‪ ،‬مت رغما عن إرادة املدين اليت ميكن أن نقول جتاوزا ملا تبنيناه سابقا(‪ )247‬يعرب‬
‫عنها السنديك يف هذه املرحلة‪.‬‬
‫ومن زاوية أخرى يبدوا أن فرض احملكمة ألجال موحدة على الدائنني الذين رفضوا منح أجال جديدة‪ ،‬جيسد‬
‫بشكل واضح ال يدع جمال للنقاش إلغاء كل دور إلرادة األطراف‪ ،‬سواء املعرب عنها يف العقد أم الالحقة لذلك‪،‬‬
‫واليت رفضت منح أجال جديدة‪ ،‬ذلك أن املادة ‪ 115‬من م ت يف فقرهتا الثانية(‪ )248‬جاءت واضحة خبصوص‬
‫ذلك(‪.)249‬‬

‫زيادة على ذلك‪ ،‬تعد قاعدة األجال املوحدة قاعدة مضرة بالدائنني‪ ،‬خاصة أصحاب اإلمتيازات والرهون‪ ،‬ألهنا‬
‫تؤدي اىل جتميد ضماناهتم وتأميناهتم خالل األجال املوحدة املفروضة‪ ،‬مما جيعلها مبثابة عقاب للدائنني الذين‬
‫رفضوا املوافقة على األجال املقرتحة عليهم من طرف السنديك أثناء اإلستشارة‪.‬‬

‫وعموما إذا كان نظام املساطر اجلماعية أتقل كاهل الدائنني بتضحيات كبرية‪ ،‬يف سبيل تكريس أهداف ومرامي‬
‫املشرع من وراء سن مقتضيات نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬فإنه جيب على احملكمة اليت‬

‫(‪ )245‬الغالي الغيالني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬


‫(‪ )246‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫(‪ )247‬ذلك أن ألاجال والتخفيضات املقترحة على الدائنين خالل إلاستشارة إنما هي نابعة من إرادة املدين‪ ،‬فال يمكن للسنديك أن يقترحها من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫(‪ )248‬تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 1..‬من م ت على أنه‪« :‬تفرض املحكمة بالنسبة إلى باقي الدائنين آجاال موحدة لألداء‪ ،‬مع مراعاة آلاجال ألاطول‪ ،‬التي اتفق‬
‫عليها ألاطراف قبل فتح املسطرة وذلك فيما يخص الديون املؤجلة‪ .‬ويمكن أن تزيد هذه آلاجال عن مدة تنفيذ مخطط الاستمرارية‪ .‬ويجب أن يتم السداد ألاول‬
‫داخل سنة‪».‬‬
‫(‪ )249‬يقصد املشرع من خالل هذه املادة بعبارة (باقي الدائنين) أولئك الذين لم يشاركوا في مسطرة إلاستشاراة‪ ،‬أو الذين رفضوا خاللها ألاجال والتخفيضات‬
‫املقترحة‪.‬‬
‫‪ -‬الغالي الغيالني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫‪61‬‬
‫هلا السلطة التقديرية الواسعة يف تطبيق قاعدة األجال املوحدة‪ ،‬مراعاة مركز الدائنني الذي تراجع لصاحل هيمنة‬
‫التدخل القضائي‪ ،‬ما دام أن الدين‪ ،‬يف هذه احلالة ال يعترب مستحقا يف األجال املتفق عليها يف العقد طبقا‬
‫للقواعد العامة‪ ،‬ولكن داخل األجل احملدد من طرف احملكمة عند حصرها للمخطط إستجابة حلاجيات التسوية‬
‫القضائية اليت ختضع لسلطتها التقديرية(‪.)250‬‬

‫أما خبصوص احلالة اليت تتجه فيها احملكمة اىل إعتماد خمطط للتفويت‪ ،‬فإهنا بدورها تعرف تراجعا للقوة امللزمة‬
‫للعقد من خالل الصالحية اليت تتوفر عليها احملكمة لتعديل أجال الوفاء باإللتزامات التعاقدية املتعلقة بالعقود‬
‫املفوتة يف إطار املخطط‪ ،‬إذ جند املادة ‪ 414‬من م ت يف فقرهتا الثالثة تنص على أن‪« :‬يجب تنفيذ هذه العقود‬
‫وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة‪ ،‬على الرغم من كل شرط مخالف مع مراعاة آجال األداء‬
‫التي يمكن أن تفرضها المحكمة‪ ،‬لضمان التنفيذ السليم للمخطط‪ ،‬بعد االستماع إلى المتعاقد أو‬
‫استدعائه بشكل قانوني‪ ،».‬ويبدوا أن املشرع مل مييز بني ما إذا كان الدين حال أم مؤجل‪ ،‬ما يفيد إمكانية فرض‬
‫أجال إضافية على الديون احلالة أو تعديل أجال الديون اليت مل حيل أجال الوفاء هبا(‪.)251‬‬

‫وإذا كان املشرع قد حاول إشراك املتعاقدين مع املقاولة يف عملية تعديل األجال‪ ،‬ملا أكد على إستماع احملكمة‬
‫إليهم‪ ،‬أو إستدعائهم بصفة قانونية (املادة ‪ 411‬من م ت)‪ ،‬فإن أحد الباحثني(‪ )252‬وندعم رأيه هذا‪ ،‬يرى أن‬
‫هذا اإلشراك إمنا هو على سبيل اإلعالم فحسب‪ ،‬ذلك أن املادة ‪ 414‬من م ت إستعملت عبارة (األجال التي‬
‫يمكن أن تفرضها المحكمة) واليت تفيد أن ما تقرره احملكمة من أجال يلزم املتعاقد‪ ،‬وليس إلرادته يف القبول أو‬
‫الرفض أي أثر‪.‬‬

‫وإذا كان جيب على احملكمة عند البث يف منح األجال أن تأخد بعني اإلعتبار الطبيعة القانونية للعقد املفوت‪،‬‬
‫فإننا نتساءل عن مدى إمكانية حصول املتعاقد الذي حتمل وزر فرض أجال األداء اجلديدة على التعويض عما‬
‫حلق به من أضرار‪ ،‬خاصة عندما يتضمن العقد األصلي شرطا من هذا النوع؟‬

‫جييب أستاذنا حممد أبو احلسني عن هذا التساؤل بالقول بأن أجال األداء املشار هلا يف املادة ‪ 414‬من م ت وإن‬
‫كان أثرها يؤدي اىل تأجيل تاريخ إستحقاق الدين‪ ،‬فإن األجل املفروض من طرف احملكمة ميس فقط األداء‬
‫كوسيلة لتنفيذ وإنقضاء اإللتزامات وليس إستحقاق الدين الذي تؤدي املماطلة يف تنفيذه اىل فقدان طابع‬
‫إستحقاقه‪ ،‬فتاريخ اإلستحقاق حيدده األطراف وتعديله من طرف احملكمة يعترب إستثناء من مبدأ تطبيق العقد وفق‬

‫‪(73) J.C.Boulay, "réflexions sur la notion d'originalité de créance" REV, Trim. Dr.com, 1990, P 343‬‬
‫‪(74) Harie Hélène Monserie, "les contrats dans le redressement et la liquidation judiciaire". LITEC 1994, P 265‬‬
‫(‪ )252‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪6.‬‬
‫الشروط األصلية‪ ،‬لذلك يرى عدم حتميل املفوت إليه ومعه مسطرة التسوية القضائية األثار املالية (التعويض) لشرط‬
‫متديد األجل‪ ،‬وإال ستصبح هذه الشروط من قبيل املألوف لتعطيل مفعول املادة ‪ 414‬من م ت(‪.)253‬‬

‫وإن كنا نساير ما ذهب إليه رأي أستاذنا جوابا عن السؤال املطروح‪ ،‬خاصة يف التربير الذي قدمه يف أخر جوابه‪،‬‬
‫فإننا نرى أن هذا التعويض كان سيخفف شيئا ما من قسوة املساطر اجلماعية على إرادة الدائن اليت مل يعرها‬
‫املشرع أي إهتمام من خالل إحالل إرادة احملكمة حملها للتحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي‪.‬‬

‫ونلفت اإلنتباه يف األخري أن املشرع الفرنسي‪ ،‬عدل عن هذا املوقف‪ ،‬مبقتضى قانون إنقاد املقاوالت الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 14‬يوليوز ‪ ،1111‬حبيث مل يعد ممكنا للقضاء أن يتدخل من أجل منح مثل هذه األجال بعد حصره‬
‫ملخطط التفويت‪ ،‬ورمبا يكون ذلك إمانا منه بأن األجل املفروض من طرف احملكمة ميس األداء كوسيلة لتنفيذ‬
‫وإنقضاء اإللتزام‪ ،‬ويؤثر من مت يف مبدأ السرعة يف املعامالت بإعتباره من املبادئ الثابتة يف القانون التجاري(‪.)254‬‬

‫من خالل كل ما تقدم معنا يف هذا املبحث‪ ،‬يبدوا بارزا أن نطاق القوة امللزمة للعقد يف ضل نظام إجراءات الوقاية‬
‫واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬عرف إنتكاسة واضحة من خالل تغليب أهداف املسطرة على كل من قاعدة‬
‫نسبية أثار العقد كإحدى القواعد األساسية اليت ينبين عليها العقد‪ ،‬وعلى ما يتضمنه العقد من إلتزامات تشكل‬
‫تعبريا عن إرادة طرفيه‪ ،‬وعلى سلطة أطرافه يف التحكم يف مدة اإللتزامات املتولدة عنه‪.‬‬

‫ويبدوا كذلك واضحا أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة تبدوا شهيته مفتوحة لإلطاحة‬
‫باملزيد من القواعد العامة املؤطرة للعالقات التعاقدية‪ ،‬وهذا ما سنقف عليه من خالل املبحث املوايل املتعلق بأزمة‬
‫القواعد العامة على مستوى جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مظاهر األزمة على مستوى جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد‬
‫يشكل عدم تنف يذ العقد خرقا للقانون‪ ،‬وبالتحديد ملبدأ القوة امللزمة للعقد‪ .‬من مت يتعني معاقبة املتعاقد املمتنع عن‬
‫التنفيذ‪ ،‬ألن هذا املبدأ يتجرد من كل معىن إذا إستطاع املتعاقد التخلص من إلتزاماته اليت أبرمها مبحض إرادته‪،‬‬
‫هلذا أعطى املشرع للدائن باإللتزام غري املنفذ مجلة من الوسائل القانونية متكنه من مواجهة املدين املخل وإجباره‬
‫على إحرتام إلتزامه(‪ .)255‬وجاء هبذا اخلصوص ضمن الفقرة األوىل من الفصل ‪ 111‬من ق ل ع أنه‪« :‬إذا كان‬

‫(‪ )253‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬


‫(‪ )254‬جواد الدهبي‪ ،‬شرط إلاحتفاظ بامللكية‪ ،‬في مساطر صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار ألافاق املغربية للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )255‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون املدني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11.‬‬
‫‪6.‬‬
‫المدين في حالة َمطْـل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ اإللتزام‪ ،‬مادام تنفيذه ممكنا‪ .‬فإن لم يكن‬
‫ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد‪ ،‬وله الحق في التعويض في الحالتين‪».‬‬

‫وهذا يفيد أنه عند عدم التنفيذ الطوعي لإللتزام حيق للدائن أن يلجأ اىل الطرق اليت أقرها القانون إلجبار املدين‬
‫على تنفيذ إلتزامه‪ ،‬فكل إلتزام يشمل واجبا وسلطة اإلجبار على الوفاء به ولو قضاء‪ ،‬ففي اجملال التعاقدي جيوز‬
‫للدائن أن جيرب املدين املماطل على تنفيذ إلتزامه تنفيذا عينيا‪ .‬إال أننا يف ضل قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة‬
‫من صعوبات املقاولة سنقف على حقيقة أخرى مفادها أن قواعد التنفيذ اجلربي العيين تبدوا معطلة متاما يف ضل‬
‫قاعدة وقف املتابعات الفردية (المطلب األول)‪.‬‬

‫وإذا كان الفسخ هو حق املتعاقد يف العقد امللزم للجانبني‪ ،‬إذا مل يويف املتعاقد األخر بإلتزامه‪ ،‬يف أن يطلب حل‬
‫الرابطة العقدية كي يتحلل هو من إلتزامه‪ .‬فهو يدخل اىل جانب املسؤولية العقدية يف نطاق اجلزاء الذي يرتتب‬
‫على القوة امللزمة للعقد‪ ،‬غري أن ما يبدوا أيضا هو أن قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‬
‫جلأت اىل تعطيل احلقني معا (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعطيل قواعد التنفيذ الجبري العيني‬


‫تشكل قاعدة وقف املتابعات الفردية اليت جاء هبا نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة حاجزا‬
‫حقيقيا أما القواعد العامة اليت تعطي احلق للدائن ملطالة مدينه قضاء بأداء ما إلتزم به يف العقد‪ ،‬إذ تقرر هذه‬
‫القاعدة –أي قاعدة وقف املتابعات الفردية‪ -‬وقف ومنع املتابعات الفردية اليت تكون الغاية منها احلصول على‬
‫األداء (الفقرة األولى)‪ ،‬ويف نفس السياق‪ ،‬جند القاعدة ذاهتا تعيق حق الدائن يف إجبار مدينه على تنفيذ إلتزامه‬
‫من خالل التنفيذ على أمواله‪ ،‬إذ جند هذه القاعدة تقرر أيضا وقف ومنع إجراءات التنفيذ على أموال املدين‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬وقف ومنع المتابعات الفردية من حيث الحصول على األداء‬
‫األصل يف تنفيذ اإللتزامات مبا فيها اإللتزامات التعاقدية أن يتم إختياريا ويف األجل احملدد لذلك(‪ ،)256‬وإذا حل‬
‫األجل احملدد لذلك وإمتنع املدين عن التنفيذ أو متاطل يف ذلك‪ ،‬جاز للدائن إجباره على التنفيذ‪ ،‬إذ جند الفصل‬
‫‪ 111‬من ق ل ع ينص يف فقرته األوىل على أنه‪ « :‬إذا كان المدين في حالة َمطْـل كان للدائن الحق في‬
‫إجباره على تنفيذ اإللتزام‪ ،‬مادام تنفيذه ممكنا ‪.»...‬‬

‫(‪ )256‬ينص الفصل ‪ 121‬من ق ل ع على أنه‪« :‬إذا لم يحدد للوفاء باإللتزام أجل معين‪ ،‬وجب تنفيذه حاال ما لم ينتج ألاجل من طبيعة إلالتزام‪ ،‬أو من طريقة‬
‫تنفيذه‪ ،‬أو من املكان املعين لهذا التنفيذ‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يعين ألاجل القاض ي‪».‬‬
‫‪11‬‬
‫غري أنه إذا صادفت مطالبة الدائن بدينه خضوع املدين لنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪،‬‬
‫خاصة يف حالة فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية(‪ ،)257‬فإن مطالبته هاته يكون مصريها عدم القبول‪ ،‬ويف‬
‫هذا الصدد جاء قرار حملكمة النقض‪ ،‬جاء فيه‪« :‬يقع على محكمة الموضوع أن ترد كل دعوى رفعت بعد‬
‫الحكم بفتح المسطرة والرامية الى أداء مبلغ من المال‪ ،‬بحيث ال يبقى للدائن بعد الحكم بفتح المسطرة‬
‫في مواجهة مدينه إال التصريح بالدين الى السنديك‪ ،‬ومواصلة المسطرة في إطار تحقيق الديون دون رفع‬
‫النزاع بدعوى مبتدئة أمام القضاء طبقا لمقتضيات المادة ‪ 553‬من م ت التي تمنع كل دعوى قضائية‬
‫يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل حكم فتح المسطرة»(‪.)258‬‬

‫وطبقا ملا جاء يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 411‬من م ت(‪ )259‬املشار هلا يف القرار أعاله‪ ،‬فإن حكم فتح املسطرة‬
‫يوقف ومينع كل دعوى يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل احلكم املذكور يكون موضوعها احلكم على‬
‫املقاولة املدينة بأداء مبلغ من املال‪ ،‬وذلك كيفما كانت طبيعة الدين‪ ،‬أي سواء كان متعلقا بالنشاط التجاري‬
‫للمقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة (دين جتاري او حريف مثال)‪ ،‬أو كان دينا شخصيا خاصا برئيس املقاولة‬
‫وذلك بالنظر اىل عمومية عبارة «ديون» الواردة يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 411‬من م ت املشار هلا سابقا(‪.)260‬‬

‫وعليه‪ ،‬ال ميكن للدائن بدين نقدي سابق حلكم فتح املسطرة‪ ،‬إجبار مدينه على الوفاء به‪ ،‬ويهدف املشرع من‬
‫هذا املنع اىل تفادي إستنزاف ما تبقى للمقاولة من أموال أو نقود قد حتتاج إليها يف الظروف الصعبة اليت متر‬
‫منها(‪.)261‬‬

‫وال شك أن هذا املقتضى القانوين يعد خروجا عن القواعد العامة املعمول هبا‪ ،‬واليت تققضي وكما أشرنا سابقا بأنه‬
‫من حق الدائن عندما يصبح دينه حاال ومستحقا ويرفض مدينه الوفاء به أن يلجأ اىل القضاء ملطالبته بذلك‪،‬‬

‫(‪ )257‬ذلك أن وقف ومنع املتابعات الفردية بغاية الحصول على ألاداء نجده يترتب أيضا عن ألامر بالوقف املؤقت لإلجراءات الذي يصدره رئيس املحكمة التجارية‬
‫في إطار مسطرة التسوية الودية (الوقاية الخارجية)‪.‬‬
‫(‪ )258‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،11..‬املؤرخ في ‪ ،211.-11-1.‬ملف تجاري عدد ‪2111-2-1-111‬‬
‫‪ -‬أورده عمر أزوكار‪ ،‬قضاء محكمة النقض ‪ ،...‬م س‪ ،‬ص ‪ 111‬و‪ 116‬وأيضا ص ‪ 616‬و‪611‬‬
‫(‪ )259‬تنص الفقرة ألاولى من املادة ‪ 611‬من م ت على أنه‪« :‬يوقف حكم فتح املسطرة ويمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم‬
‫املذكور ترمي إلى‪:‬‬
‫‪ -‬الحكم على املدين بأداء مبلغ من املال؛‬
‫‪»... -‬‬
‫(‪ )260‬إبراهيم قادم‪ ،‬أثار التسوية القضائية على حقوق الدائنين الناشئة ديونهم قبل الحكم بفتح مسطرة املعالجة‪ ،‬مقال منشور بمجلة القصر‪ ،‬عدد ‪ ،21‬شتنبر‬
‫‪ ،211.‬ص ‪1.‬‬
‫(‪ )261‬عبد الرزاق الزيتوني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪2.1‬‬
‫‪11‬‬
‫وذلك خمافة إنقضاء الدين حسب ما يقرره القانون املدين الذي يعد أحد مصادر القاعدة القانونية يف املادة‬
‫التجارية(‪.)262‬‬

‫ويدخل يف نطاق الوقف واملنع الذي تقرره الفقرة األوىل من م ‪ 411‬من م ت أيضا الدعاوي اليت ترمي اىل أداء‬
‫مبلغ من املال بطريقة غري مباشرة‪ ،‬وعلى اخلصوص الدعاوي الرامية اىل إجبار املدين على الوفاء بإلتزام بعمل‪،‬‬
‫حيث أن هذا األخري سواء كان إلتزاما بتحقيق نتيجة أم جمرد بدل عناية(‪ ،)263‬يتحول عند عدم الوفاء به اىل‬
‫تعويض‪ ،‬فقد جاء يف الفصل ‪ 142‬من ق ل ع ما يلي‪« :‬اإللتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء به الى‬
‫تعويض ‪ ،»...‬وهو ما حدى مبحكمة النقض الفرنسية(‪ )264‬اىل إدخال هذا النوع من الدعاوى يف نطاق الفقرة‬
‫األوىل من املادة ‪ L621-21‬من مدونة التجارة الفرنسية‪ ،‬املقابلة للمادة ‪ 411‬من م ت‪ ،‬أما حمكمة النقض‬
‫املغربية‪ ،‬فإهنا مل تتزحزح عن حرفية نص املادة ‪ 411‬من م ت‪ ،‬وبالتايل ال تقبل بوقف أو منع الدعاوى الرامية اىل‬
‫تنفيذ اإللتزام بعمل‪ ،‬وهكذا جاء يف إحدى قراراهتا‪« :‬المادة ‪ 554‬من م ت تهم الدعاوى الرامية الى الحكم‬
‫على المدين بأداء مبلغ مالي أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال‪ ،‬أما الدعاوى التي تهدف الى غير‬
‫ذلك من قبيل القيام بعمل أو اإلمتناع عن القيام بعمل أو فسخ عقد لعدم القيام بعمل كما هو الحال في‬
‫النازلة فال تخضع للمادة المذكورة‪ ،‬وإنما للمادة ‪ 555‬من م ت»(‪.)265‬‬

‫ومن زاوية أخرى‪ ،‬يطرح التساؤل حول ما إذا كانت الدعوى الرامية اىل تصفية الغرامة التهديدية ختضع لقاعدة‬
‫إيقاف املتابعات الفردية الرامية اىل احلصول على األداء أم ال؟‬

‫جييب األستاذ احممد لفروجي(‪ )266‬عن هذا التساؤل بكون معاجلة هذه املسألة تستدعي التمييز بني الفرتة املمتدة‬
‫من تاريخ اإلمتناع عن التنفيذ اىل تاريخ فتح املسطرة وبني الفرتة الالحقة لصدور احلكم القاضي بفتح املسطرة‪.‬‬

‫ففيما خيص الفرتة األوىل‪-‬أي تلك الفاصلة بني تاريخ اإلمتناع عن التنفيذ وتاريخ فتح املسطرة‪ -‬يرى األستاذ بأن‬
‫احملكوم له ميلك احلق يف رفع دعوى فردية‪ ،‬من أجل طلب تصفية الغرامة التهديدية احملكوم هبا‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫التصريح مببلغها اىل السنديك‪.‬‬

‫(‪ )262‬عبد الكريم عباد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪2.1‬‬


‫(‪ )263‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫«‪(86) Cass.com, juin 1995, J.C.P , 1996 –I- 386, N° 16, obs. Pétel, cité par Mlle Juliette Grossemy, " le recouvrement de la créance, face à la »FAILLITE‬‬
‫‪du débiteur, Mémoire de D.E.A droit privé, faculté des sciences juridique, politique et sociales, Université de Lille II, Année 2001-2002, p 29.‬‬
‫‪- Cass.com 28 Mars 1995, J.C.P.E. Pan 711, cité sous code de commerce Annote sous la direction de pétrel lexis Nexis 2012, P 815.‬‬
‫(‪ )265‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 111‬بتاريخ ‪ ،2111-11-11‬في امللف التجاري عدد ‪ ،11-12.‬منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬عدد ‪ ،112‬ص ‪ 11.‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )266‬امحمد لفروجي‪ ،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 21‬و‪21‬‬
‫‪12‬‬
‫يف حني يرى أنه خالفا ملا سبق فإن دعوى تصفية الغرامة التهديدية تتأثر بقاعدة إيقاف املتابعات الفردية فيما‬
‫خيص الفرتة الالحقة لصدور احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬ألن املدين ال ميكن أن يعترب بعد ذلك يف حالة إمتناع عن‬
‫التنفيذ ما دام أنه ليس بإمكانه القيام هبذا التنفيذ نتيجة منعه من أداء الديون السابقة حلكم فتح املسطرة‪.‬‬

‫وإعتبارا لكل ما تقدم فإن إعمال قاعدة وقف املتابعات الفردية بشكل عام والرامية اىل احلصول على األداء‬
‫بشكل خاص‪ ،‬ميس واقعيا بالقيمة االقتصادية للحقوق‪ ،‬بالنظر ملا يرتتب عنها من تعطيل وتأخري يف حصول‬
‫الدائنني السابقني على احلكم بفتح مسطرة التسوية القضائية على حقوقهم طوال فرتة املالحظة اىل غاية إعداد‬
‫احلل الدائم للمقاولة املتعثرة(‪.)267‬‬

‫وميكن القول أيضا أنه ما دام الفقه املدين يعترب التنفيذ اجلربي هو اخلاصية املميزة لإللتزام املدين عن اإللتزام‬
‫املعنوي‪ ،‬ويصف هذا اإللتزام األخري باإللتزام الناقص لعدم إمكانية إجبار املدين به على الوفاء‪ ،‬فإنه ميكن أن‬
‫نقول مع أحد الباحثني(‪ )268‬أن اإللتزام النقدي الناشئ قبل احلكم بفتح املسطرة جعلت منه قاعدة وقف‬
‫املتابعات الفردية إلتزاما ناقصا‪.‬‬

‫ويف األخري لبد من اإلشارة أن ما تقدم ليس إال جزء من قاعدة وقف املتابعات الفردية اليت جاءت هبا املادة‬
‫‪ 411‬من م ت‪ ،‬ذلك أن القاعدة املذكورة توقف ومتنع أيضا كل إجراء للتنفيذ يقيمه الدائنون على منقوالت‬
‫وعقارات املدين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وقف ومنع إجراءات التنفيذ‬


‫التنفيذ هو وفاء املدين مبا إلتزم به‪ ،‬أو مبا حكم به عليه مبقتضى حكم قضائي أصبح هنائيا أو أمر بتنفيذه قبل‬
‫صريورته هنائيا «النفاد املعجل»(‪.)269‬‬

‫أما إذا رفض املدين تنفيذ احلكم بعد صدوره‪ ،‬وإشعاره من طرف الدائن وإلتجأ هذا األخري اىل مصلحة التنفيذ‬
‫باحملكمة اليت أصدرت احلكم املراد تنفيذه لتنفيذه‪ ،‬فإننا نكون أما حالة التنفيذ اجلربي(‪.)270‬‬

‫وملا كانت املساطر اجلماعية هتدف كما سبق أن أشرنا يف حمطات سابقة اىل تسوية وضعية املقاولة املدينة عن‬
‫طريق إخضاع دائنيها الذين تعود ديوهنم اىل ما قبل صدور احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬إلجراءات مجاعية‪ ،‬فإن ذلك‬

‫(‪ )267‬محمد العلواني‪ ،‬أثار حكم فتح التسوية القضائية على التأمينات العينية‪ ،‬مقال منشور باملجلة املغربية للدراسات وإلاستشارات القانونية‪ ،‬العدد الرابع‪-‬‬
‫‪ ،2111‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )268‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪66‬‬
‫(‪ )269‬فالتنفيذ إلاختياري هو لجوء املدين الى الوفاء بما إلتزم به‪ ،‬سواء صدر الحكم بإلزامه أم ال‪.‬‬
‫(‪ )270‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬موسوءة قانون املسطرة املدنية والتنظيم القضائي (الجزء الثالث)‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬توزيع مكتبة الرشاد‪-‬سطات‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪ ،2111‬ص ‪.1121‬‬
‫‪11‬‬
‫يقتضي أن يتم منع كل واحد من هؤالء الدائنني من سلوك أو اإلستمرار يف سلوك إجراءات فردية هادفة اىل‬
‫التنفيذ على األموال املنقولة والعقارية هلذه املقاولة مهما كانت طريقة التنفيذ(‪.)271‬‬

‫وتأسيسا على ذلك وإستنادا اىل الفقرة الثانية من املادة ‪ 411‬من م ت‪ ،‬فإن احلكم بفتح املسطرة يوقف ومينع كل‬
‫إجراء للتنفيذ يقيمه الدائنني أصحاب ديون نشأت قبل ذلك (أي قبل احلكم) على منقوالت أو عقارات املدين‪،‬‬
‫وذلك لتفادي أي تسابق من شأنه أن خيل باملساواة بني الدائنني‪ ،‬وكذلك لتفادي ما ميكن أن حييط هبذه‬
‫اإلجراءات من حماباة لفائدة بعض الدائنني على حساب البعض األخر‪ ،‬وتفادي إستنزاف األموال اليت حتتاج إليها‬
‫املقاولة يف هذه الظروف الصعبة(‪.)272‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإذا كان الفصل ‪ 2162‬من ق ل ع ينص على أنه‪« :‬أموال المدين ضمان عام لدائنيه ‪ ،»...‬حبيث‬
‫خيول الضمان العام للدائن إقتضاء حقه من أموال مدينه‪ ،‬ويف سبيل ذلك منحه املشرع عند إمتناعه عن التنفيذ‬
‫بشكل حيب سلوك إجراءات التنفيذ‪ ،‬عن طريق احلجز على أمواله‪ ،‬فإن حقه هذا أصبح عدمي األثر بعد فتح‬
‫املسطرة يف مواجهة مدينه‪ ،‬إذ يرتتب عن حكم فتح املسطرة جمموعة من األثار من بينها تلك القاعدة املنصوص‬
‫عليها يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 411‬من م ت‪.‬‬

‫وينبغي اإلشارة أن هذه القاعدة جاءت عامة وشاملة لكل إجراءات التنفيذ(‪ ،)273‬سواء كان حجزا تنفيذيا على‬
‫املنقوالت(‪ )274‬أو العقارات(‪ ،)275‬أم حجز ما للمدين لذى الغري(‪ ،)276‬إال أن اإلشكال يطرح خبصوص احلجز‬
‫التحفظي‪ ،‬ومدى إمكانية القول بأن قاعدة وقف ومنع إجراءات التنفيذ جتبه أيضا بالنظر اىل عمومية صياغة املادة‬
‫‪ 411‬من م ت؟‪.‬‬

‫جوابا على هذا التساؤل نورد قرارين حملكمة النقض (اجمللس األعلى سابقا)‪ ،‬األول جاء فيه‪« :‬إن المحكمة التي‬
‫إعتبرت بأن حكم فتح المسطرة يوقف كل إجراءات التنفيذ‪ ،‬ولو تعلق األمر بالحجوز‪ ،‬سواء كان حجزا‬

‫(‪ )271‬امحمد لفروجي‪ ،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 21‬و‪.21‬‬
‫(‪ )272‬عمر السكتاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪6.‬‬
‫(‪ )273‬امحمد لفروجي‪ ،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫(‪ )274‬إن الحجز التنفيذي باإلضافة الى ما يترتب عليه من وضع املال املحجوز تحث يد القضاء‪ ،‬فإنه يؤدي الى غل يد املحجوز عليه عن إدارة املحجوز ويؤدي‬
‫مباشرة الى بيعه وإستفاء دين الحاجز من ثمنه في حالة عدم أداء املدين املبالغ املحكوم بها عليه بعد إعذاره‪.‬‬
‫والحجز التنفيذي قد يقع على املنقوالت (الفصول ‪ 161‬الى ‪ 16.‬من ق م م)‪ ،‬كما يقع على املنقوالت املعنوية كامأصل التجاري بجميع عناصره املعنوية واملادية أو‬
‫على العناصر املادية وحدها إذا كانت كافية مأداء الدين‪.‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1111‬و‪.111.‬‬
‫(‪ )275‬كما يمكن أن يقع الحجز التنفيذي أيضا على العقارات (الفصول ‪ 16.‬الى ‪ 16.‬من ق م م)‬
‫(‪ )276‬الحجز لدى الغير‪ ،‬هو إجراء يلجأ إليه الدائن لحجز مال مملوك ملدينه بين يدي مدين هذا ألاخير‪.‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111.‬‬
‫‪11‬‬
‫تنفيذيا أو تحفظيا‪ ... ،‬تكون قد طبقت مقتضيات المادة ‪ 553‬من م ت تطبيقا سليما‪ ،)277(».‬والثاين جاء‬
‫فيه‪« :‬الحجز التحفظي وإن تحدثت عنه نصوص قانون المسطرة المدنية في القسم المخصص لطرق‬
‫التنفيذ فإنما هو مجرد إجراء تحفظي ال تأثير له على سير المسطرة الجماعية ‪.)278(»...‬‬

‫وحىت يف ضل هذا التوجه األخري حملكمة النقض الذي يعترب احلجز التحفظي خارج نطاق املادة ‪ 411‬من م ت‪،‬‬
‫فإن هذا احلجز يتعرض لقيد أخر هو قاعدة منع تقييد الضمانات املنصوص عليها يف املادة ‪ 444‬من م ت(‪،)279‬‬
‫لذلك جند الفقه(‪ )280‬جيمع على مشول املادة ‪ 411‬من م ت للحجز التحفظي‪.‬‬

‫وعموما إذا كان يبدوا جليا مما تقدم أن مبدأ الضمان العام الذي ميلكه الدائنني أصحاب الديون التعاقدية بشكل‬
‫خاص‪ ،‬على أموال مدينهم والذي تشكل احلجوز الوسيلة الناجعة يف حتقيقه‪ ،‬قد مت إستبعاده لغاية حتقيق أهذاف‬
‫املسطرة‪ ،‬فإن األمر مل يقف عند هذا احلد‪ ،‬بل سيمتد أيضا اىل الدائنني أصحابا الضمانات اخلاصة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإذا كان القانون التجاري امللغى‪ ،‬يقصر قاعدة وقف املتابعات الفردية على الدائنني العادين والدائنني‬
‫أصحاب اإلمتيازات العامة الناشئة ديوهنم قبل احلكم بشهر اإلفالس‪ ،‬دون الدائنني أصحاب اإلمتيازات اخلاصة‬
‫وأصحاب الرهون‪ ،‬ملا يتمتع به هؤالء من أفضلية وأسبقية وحق تتبع األموال املرهونة أو ذات اإلمتياز اخلاص‬
‫إلستفاء ديوهنم(‪ ،)281‬فإنه وخالفا لذلك جند املدونة احلالية أوسع نطاق من حيث القاعدة املذكورة‪ ،‬حبيث مل متيز‬
‫املادة ‪ 411‬من م ت بني الدائنني العادين وبني أصحاب الضمانات‪ ،‬ومل تعر هؤالء األخريين احلماية اليت حترص‬
‫األحكام العامة على إحاطتهم هبا‪ ،‬إذ تشهد حقوقهم يف ضل املساطر اجلماعية حتجريا وتقزميا يفقدها طابعها‬
‫اإلمتيازي الذي تتسم به يف ضل القواعد العامة(‪.)282‬‬

‫غري أنه إذا كانت الضمانات اخلاصة تصنف حسب التقسيم الرئيسي والكالسيكي اىل ضمانات عينية‪،‬‬
‫وضمانات شخصية(‪ ،)283‬فإن الكفالة بإعتبارها أبرز الضمانات الشخصية يف الواقع العملي‪ ،‬تنفلت من قبضة‬

‫(‪ )277‬قرار محكمة النقض عدد ‪ ،1.‬بتاريخ ‪ ،2111-11-1‬ملف تجاري عدد ‪ ،1-.1.‬منشور باملجلة املغربية لقانون الاعمال واملقاوالت‪ ،‬عدد ‪ ،11‬ص ‪ 11‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )278‬قرار محكمة النقض عدد ‪( 111.‬صادر عن غرفتين)‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2111-12-21‬في امللف التجاري عدد ‪ ،11-121.‬منشور بمجلة قرارات املجلس ألاعلى بغرفتين‬
‫أو بجميع الغرف‪ ،‬للمستشار إدريس بلمحجوب‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪ 212‬وما يليها‪ .‬أورده محمد بفقير‪ ،‬مدونة التجارة والعمل القضائي املغربي‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪-‬الدارالبيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2111‬ص ‪.161‬‬
‫‪ -‬في نفس إلاتجاه سار قرار محكمة النقض عدد ‪ ،1..‬الصادر بتاريخ ‪ ،211.-11-2.‬في امللف عدد ‪ ،16-2116‬منشور بمجلة امللف عدد ‪ ،11‬ص ‪122‬‬
‫وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )279‬تنص املادة ‪ 666‬من م ت على أنه‪« :‬ال يمكن تقييد الرهون الرسمية وال الرهن وال الامتيازات بعد الحكم بفتح املسطرة‪».‬‬

‫(‪ )280‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية ‪ ،...‬الجزء الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪- George Ripert et Roné Roblot, Traite de droit commercial, Tom 2, 14 éme édition 1996, L.G.D.G. P 977‬‬
‫(‪ )281‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية ‪ ،...‬الجزء الثالث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )282‬حياة حجي‪ ،‬نظام الضمانات وقانون صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2112‬ص ‪111‬‬
‫(‪ )283‬أنظر بهذا الخصوص‪ :‬حياة حاجي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫قاعدة وقف املتابعات الفردية‪ ،‬حسب الرأي الراجح فقها وقضاء(‪ ،)284‬وبالتايل ال تشكل قاعدة وقف املتابعات‬
‫الفردية يف شقها املتعلق بوقف إجراءات التنفيذ حاجزا أما حتقيق هذه الضمانة‪.‬‬

‫يف حني أنه إذا بادر الدائن اىل إنشاء رهن كضمانة عينية على مال من أموال املدين لضمان دين عليه‪-‬دين ناشئ‬
‫عن عقد مثال‪ -‬حبيث يرتب له إمتيازا خاصا ميكنه من إستيفاء دينه باألولوية بعيدا عن أي تزاحم أو منافسة من‬
‫قبل الدائنني‪ ،‬وذلك مبجرد سلوكه مسطرة حتقيق الرهن‪ ،‬فإنه مبجرد فتح مساطر املعاجلة يف مواجهة مدينه يتبخر‬
‫حقه هذا‪.‬‬

‫وهكذا فقد جاء يف إحدى قرارات حمكمة اإلستئناف التجارية بفاس‪« :‬إن البنك الذي وجه إنذارا عقاريا‬
‫للمدين تم عمد الى تحويله الى حجز تنفيذي من أجل بيع العقارات موضوع الرهن وإستخالص دينه من‬
‫الثمن‪ ،‬تم أصبح هذا المدين بعد اإلنذار العقاري تحث نظام التسوية القضائية‪ ،‬وصرح البنك لدى‬
‫السنديك بالدين موضوع اإلنذار العقاري‪ ،‬كل ذلك يصبح خاضعا لقاعدة وقف المتابعات الفردية‬
‫(‪)285‬‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 553‬من م ت‪».‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن الضمانات اخلاصة مبا توفره للدائن من حقوق‪ ،‬وما تدعم به قوة العقد امللزمة‪ ،‬مستعصية على‬
‫التحقيق‪ ،‬ليجد الدائنون أصحاب الضمانات أنفسهم جمرد دائنني عادين‪ ،‬ليس هلم سوى العودة اىل الضمان العام‬
‫واملعطل بدوره(‪ )286‬كما أسلفنا الذكر‪.‬‬

‫ويف األخري لبد من اإلشارة اىل أن قاعدة وقف املتابعات الفردية مل تستنفذ بعد مجيع أثارها الرامية اىل تعطيل حق‬
‫الدائن يف املطالبة مبا له على مدينه‪ ،‬إذ سنجدها تساهم أيضا يف تعطيل حقه يف التخلص من العقد الذي مل يلتزم‬
‫املدين بتنفيذ ما التزم به من خالله‪ ،‬وذلك من خالل حرمانه من جزاء الفسخ‪ ،‬واىل جانب ذلك سنجد قواعد‬
‫نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة سيمتد مفعوهلا أيضا اىل تعطيل قواعد املسؤولية العقدية‪.‬‬

‫(‪ )284‬أنظر بخصوص هذا املوقف‪ :‬حياة حجي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 1..‬الى ‪1.1‬‬
‫بمجلة املحاكم التجارية عدد ‪ 1‬و‪ 1‬فبراير‬ ‫منشور‬ ‫ي‬
‫(‪ )285‬قرار محكمة إلاستئناف التجارية بفاس‪ ،‬عدد ‪ ،126‬بتاريخ ‪ ،211.-11-22‬ملف تجار عدد ‪،16-1111‬‬
‫‪ ،211.‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -‬أوردته مريم بلهوان‪ ،‬تأثير صعوبات املقاولة على مركز العقار‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2116‬ص ‪ 21‬و‪21‬‬
‫(‪ )286‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪..1‬‬
‫‪16‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعطيل قواعد الفسخ والمسؤولية العقدية‬
‫ال شك أن حق الدائن يف املطالبة بفسخ العقد عند عدم تنفيذ املدين لإللتزامه‪ ،‬حق تقره القواعد العامة سواء كان‬
‫فسخا إتفاقيا أو قضائيا‪ ،‬إال أننا نصادف مبجرد فتح املسطرة يف مواجهة املدين‪ ،‬قواعد جتعل هذا احلق غري جمدي‬
‫وتؤدي اىل تعطيل احلق يف ممارسته (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يبدوا واضحا أن مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة جتاهل قواعد‬
‫املسؤولية العقدية حينما سكت عن إقرار حق املتعاقد يف التعويض الذي مل خترت احملكمة تفويت عقده (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعطيل قواعد الفسخ‬


‫يعترب الفسخ أهم سبب إلحنالل العقد امللزم للجانبني بوصفه جزاء القوة امللزمة‪ ،‬وهو حق املتعاقد يف العقد امللزم‬
‫للجانبني‪ ،‬إذا مل يفي املتعاقد األخر بإلتزامه‪ ،‬يف أن يطلب حل الرابطة العقدية كي يتحلل هو من إلتزامه‪ ،‬فهو‬
‫يدخل اىل جانب املسؤولية العقدية يف نطاق اجلزاء الذي يرتتب على القوة امللزمة للعقد كما أشرنا سابقا(‪.)287‬‬

‫والقاعدة أن الفسخ يقع مبقتضى حكم من القضاء(‪ ،)288‬وجيوز أن يتفق املتعاقدان على أن يعترب العقد مفسوخا‬
‫من تلقاء نفسه عند عدم قيام أحد املتعاقدين بتنفيذ إلتزامه‪ ،‬ويف هذه احلالة يقع الفسخ مبقتضى اإلتفاق‪ .‬ومن مت‬
‫يكون الفسخ من حيث طريقة وقوعه إما قضائيا او إتفاقيا(‪ ،)289‬إال أن هذه القاعدة ستعرف تعطيال يف ضل‬
‫قواعد نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬فأول ما ينبغي مالحظته هو ما تنص عليه املادة‬
‫‪ 111‬من م ت يف فقرهتا الثانية واليت جاءت بالقول‪ « :‬يجب على المتعاقد أن يفي بإلتزاماته رغم عدم وفاء‬
‫المقاولة بإلتزاماتها السابقة لفتح المسطرة‪ ،‬وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه اإللتزامات سوى منح الدائنين‬
‫حق التصريح بها في قائمة الخصوم‪ ،».‬وهو ما يفهم منه أهنا تقصي ضمنيا تلك اإلمكانية أو مبفهوم أدق ذلك‬
‫احلق الذي ختوله القواعد العامة للمتعاقد يف الدفع بعدم تنفيذ إلتزامه يف حالة عدم تنفيذ املتعاقد معه إللتزامه‪.‬‬
‫وأيضا طلب فسخ العقد كوسيلة للضغط ووسيلة لضمان حقوقه(‪ ،)290‬وذلك إستنادا اىل الفصل ‪ 111‬من ق ل‬
‫ع(‪.)291‬‬

‫(‪ )287‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪6.1‬‬


‫(‪ )288‬ينص الفصل ‪ 21.‬من ق ل ع في فقرته ألاخيرة على أنه‪« :‬ال يقع فسخ العقد بقوة القانون وإنما يجب أن تحكم به املحكمة‪».‬‬
‫(‪ )289‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫(‪ )290‬محمد العروص ي‪ ،‬مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫ْ‬
‫(‪ )291‬ينص الفصل ‪ 21.‬من ق ل ع على أنه‪« :‬إذا كان املدين في حالة مطـل‪ 291‬كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ إلالتزام‪ ،‬مادام تنفيذه ممكنا‪ .‬فإن لم يكن‬
‫ممكنا جاز للدائن أن يطلب فسخ العقد‪ ،‬وله الحق في التعويض في الحالتين‪.‬‬
‫إذا أصبح تنفيذ إلالتزام غير ممكن إال في جزء منه‪ ،‬جاز للدائن أن يطلب إما تنفيذ العقد بالنسبة إلى الجزء الذي مازال ممكنا‪ ،‬وإما فسخه وذلك مع التعويض في‬
‫الحالتين‪= .‬‬
‫‪11‬‬
‫فاملقاولة واحلالة هاته هي املخطئة‪ ،‬فهي اليت مل تنفذ إلتزاماهتا‪ ،‬إال أنه رغم ذلك تدخل املشرع حلمايتها من صرامة‬
‫القواعد العامة اليت ما كانت لتمنحها ما منحته إياها الفقرة الثانية من املادة ‪ 111‬من م ت‪ ،‬وميكن تفسري ذلك‬
‫بكون أن من بني أهم املستجدات اليت جاء هبا نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة هو أن العقد‬
‫أصبح يشكل ماال من أموال املقاولة وبواسطته تنظم معامالهتا مع األغيار خاصة منها املالية واإلقتصادية‪ ،‬وكان‬
‫من الطبيعي إيراد جمموعة من القيود على مبدأ سلطان اإلرادة ومنها محاية العقد من أثار الفسخ(‪.)292‬‬

‫وعموما ميكن القول أن الفقرة الثانية من املادة ‪ 111‬من م ت تعترب مبثابة األحكام العامة ملا ميكن وصفه بأزمة‬
‫قواعد الفسخ يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬ذلك أن ما سبق ذكره يف ضل املادة‬
‫نفسها وأيضا املادة ‪ 411‬من م ت املتعلقة بقاعدة وقف املتابعات الفردية كما سنرى فيما بعد‪ ،‬ما هو إال شرح‬
‫للقاعدة اليت جاءت هبا تلك الفقرة‪.‬‬

‫وهكذا جند املادة ‪ 111‬من م ت يف فقرهتا األخرية تنص على أنه‪« :‬ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية‬
‫القضائية ‪ ...‬فسخ العقد‪ ،‬على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي‪ .».‬ومؤدى هذه الفقرة أهنا‬
‫تلغي كل نص يقضي بكون العقد يقع حتث طائلة الفسخ مبجرد فتح مسطرة التسوية القضائية يف مواجهة‬
‫املتعاقد‪ ،‬وما يقال خبصوص النص يقال خبصوص تضمني العقد شرطا يؤدي اىل فسخ العقد يف نفس الظروف‪.‬‬

‫ويبدوا أن أول نص تقصيه هذه الفقرة هو الفصل ‪ 111‬من ق ل ع الذي يعطي للدائن احلق يف طلب الفسخ‬
‫إذا كان املدين يف حالة مطل يف تنفيذ اإللتزام التعاقدي‪ ،‬وهو ما يتحقق يف حالة فتح مسطرة املعاجلة يف مواجهة‬
‫املدين‪ ،‬فما ذلك إال قرينة على توقفه عن الدفع الذي ينم عن مطل يف أداء اإللتزامات املرتتبة عن العالقات‬
‫التعاقدية‪.‬‬

‫وخبصوص الشرط الفاسخ‪ ،‬فإن كان واضحا أن الفقرة األخرية من املادة ‪ 111‬من م ت تفرغه من كل أثر‪ ،‬مما‬
‫جيعل إرادة األطراف املعرب عنها عند التعاقد‪ ،‬واليت تشكل حسب الفصل ‪ 111‬من ق ل ع(‪ )293‬مصدر قانون‬
‫حيكم عالقة طريف العقد غري جمدية يف ترتيب أثاره واليت يشكل الشرط الفاسخ إحدى هذه األثار‪ ،‬فإننا سنقف‬
‫عند إشكالية تبدوا أكثر أمهية من تعطيل الشرط الفاسخ ذاته‪ ،‬ذلك ان الفصل ‪ 215‬من ق ل ع(‪ )294‬ينص‬

‫= وعالوة على ذلك تطبق القواعد املقررة في ألابواب املتعلقة بالعقود الخاصة‪.‬‬
‫ال يقع فسخ العقد بقوة القانون‪ ،‬وإنما يجب أن تحكم به املحكمة‪» .‬‬
‫(‪ )292‬عبد العزيز تريد‪ ،‬أثار الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية على املتابعات الفردية‪ ،‬مقال منشور بمجلة املعيار‪ ،‬عدد ‪-11‬يونيو ‪ ،2111‬ص ‪21‬‬
‫(‪ )293‬ينص الفصل ‪ 211‬من ق ل ع على أنه‪« :‬إلالتزامات التعاقدية املنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما‬
‫معا أو في الحاالت املنصوص عليها في القانون‪».‬‬
‫(‪ )294‬ينص الفصل ‪ 11.‬من ق ل ع على أنه‪« :‬كل شرط يقوم على ش يء مستحيل أو مخالف لألخالق الحميدة أو للقانون يكون باطال ويؤدي إلى بطالن إلالتزام الذي‬
‫يعلق عليه‪ .‬وال يصير إلالتزام صحيحا إذا أصبح الشرط ممكنا فيما بعد‪».‬‬
‫‪1.‬‬
‫على أن كل شرط يقوم على شيء خمالف للقانون يكون باطال ويؤدي اىل بطالن اإللتزام الذي علق عليه‪ .‬وبالتايل‬
‫نتساءل أوليس الشرط الذي ينص على فسخ العقد مبجرد فتح مسطرة التسوية القضائية يعد خمالفا للفقرة األخرية‬
‫من املادة ‪ 111‬من م ت؟‪ ،‬مما سترتتب عنه إستنادا اىل هذه القاعدة العامة القول ببطالن مجيع العقود اليت ترتبط‬
‫هبا املقاولة واملتضمنة ملثل هذا الشرط‪ .‬ونشري إىل أننا مل نصادف أي رأي فقهي ملح اىل هذه اإلشكالية‪.‬‬

‫وبالعودة جمددا اىل الفسخ اإلتفاقي الذي قلنا بأن املادة ‪ 111‬من م ت يف فقرهتا األخرية تلغي أي أثر له‪ ،‬فإنه‬
‫ينبغي التوضيح أوال أن هذا الفسخ يتخذ مظهرين(‪ ،)295‬أوهلما أن يتفق األطراف على أن يكون العقد مفسوخا‬
‫من تلقاء نفسه عند عدم الوفاء باإللتزام‪ ،‬وهو ما عرب عنه يف الفصل ‪ 141‬من ق ل ع الذي جاء فيه‪« :‬إذا‬
‫اتفق المتعاقدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ بقوة القانون‪ ،‬بمجرد‬
‫عدم الوفاء‪ ،».‬وثانيهما هو حني يدرج األطراف شرطا يعلق فسخ العقد على حتقق واقعة معينة‪ ،‬ويف هذه احلالة‬
‫ينتج الفسخ عن تنفيذ الشرط كوصف يف العقد ال كأثر لعدم التنفيذ‪ ،‬وهو ما يستفاد من الفقرة األوىل من الفصل‬
‫‪ 211‬من ق ل ع اليت جاء فيها‪« :‬الشرط تعبير عن اإلرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع‪ ،‬إما‬
‫وجود اإللتزام أو زواله‪.».‬‬

‫ويف هذا اإلطار جند أحد الباحثني(‪ )296‬جانب الصواب يف رأيه حني إعترب أن التعطيل الذي متارسه الفقرة األخرية‬
‫من املادة ‪ 111‬من م ت ال يهم سوى النوع الثاين من الفسخ‪ ،‬أي الفسخ الناتج عن حتقق واقعة معينة‪ ،‬وهي يف‬
‫هذه احلالة واقعة فتح املسطرة‪ ،‬أما الشرط الفاسخ املقصود من خالل الفصل ‪ 141‬من ق ل ع‪ ،‬فهناك جمال‬
‫إلعماله‪ .‬ويكفينا للرد عن رأيه هذا أن نتبىن رد أحد الباحثني(‪ )297‬على الرأي السابق بالقول أن مقتضيات الفقرة‬
‫الثانية من املادة ‪ 111‬من م ت أغلقت كل املنافد على التفسريات الضيقة للفقرة األخرية من نفس املادة‪ ،‬حني‬
‫ألزمت املتعاقد بالوفاء بإلتزاماته رغم عدم وفاء املقاولة بإلتزاماهتا السابقة لفتح املسطرة‪ ،‬لذلك ال ميكن إثارة الشرط‬
‫(‪)298‬‬
‫الفاسخ مهما كانت دواعيه‪ ،‬على أن ال يتحقق قبل فتح املسطرة‬

‫ويبدوا أيضا أن تعطيل مؤسسة الفسخ ال يتوقف عند حدود ما جاءت به املادة ‪ 111‬من م ت‪ ،‬بل جند أيضا‬
‫املادة ‪ 411‬من نفس املدونة تنص يف فقرهتا األوىل على أنه‪« :‬يوقف حكم فتح المسطرة ويمنع كل دعوى‬
‫قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور ترمي إلى‪... :‬‬

‫(‪ )295‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 26‬و‪21‬‬


‫(‪ )296‬لبنى فريالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫(‪ )297‬معاد لخيار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪2.‬‬
‫‪)298( Nathalie Stagnoli, Op, Cit, P 19‬‬
‫‪1.‬‬
‫‪ -‬فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال»‪.‬‬

‫وإذا كان واضحا أن نطاق تعطيل هذه الفقرة ملؤسسة الفسخ ميكن حتديده يف حالة املطالبة بفسخ عقد لعدم أداء‬
‫مبلغ مايل‪ ،‬ويف كون هذا املبلغ كان مستحقا قبل احلكم بفتح املسطرة‪ .‬وبالتايل فاملطالبة بفسخ العقد لعدم تنفيذ‬
‫إلتزامات أخرى غري أداء مبلغ مايل أو كون هذا املبلغ أصبح مستحقا بعد احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬ال يطاهلا‬
‫التعطيل‪ ،‬فإننا نبدي مالحظتني نرى أهنا ستوضحان أكثر‪ ،‬مدى عمق األزمة اليت تعيشها قواعد الفسخ يف ضل‬
‫نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ ،‬فحىت يف احلالة اليت ميكن فيها املطالبة بفسخ العقد إستنادا اىل سبب أخر غري عدم أداء مبلغ مايل‪،‬‬
‫فإنه ميكن غلق هذه النافدة اليت تركتها املادة ‪ 411‬من م ت يف وجه الدائن إذا قرر السنديك مواصلة‬
‫تنفيذ العقد إستنادا اىل املادة ‪ 111‬من نفس املدونة‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا إذا كان يستفاد من املادة ‪ 411‬من م ت أن الدائنني أصحاب الديون الناشئة بعد حكم فتح‬
‫املسطرة‪ ،‬واليت تكون غالبا ناجتة عن عقود جارية(‪ )299‬ميلكون مجيع األسلحة اليت ختوهلا هلم القواعد‬
‫العامة ملطالبة مدينهم (املقاولة) مبا يف ذلك املطالبة بفسخ عقد لعدم أداء مبلغ مايل‪ ،‬فإننا نرى من وجهة‬
‫نظرنا ان إعمال هذا احلق سيفرغ املادة ‪ 111‬من م ت من كل قيمة‪ ،‬لذلك نرى أن إمتالك الدائن بدين‬
‫ناشئ بعد حكم فتح املسطرة لكل ما تقره القواعد العامة جيب إستبعاد مؤسسة الفسخ منه نظرا‬
‫لتعارضها مع فلسفة العقود اجلارية‪.‬‬
‫من كل ما تقدم يتضح أن جزاء القوة امللزمة للعقد املتمثل يف الفسخ يبدوا بال قيمة يف ضل سعي املشرع اىل‬
‫احلفاظ على شبكة العالقات التعاقدية اليت تربط املقاولة مع حميطها اإلقتصادي بالرغم من كون أن املقاولة ختل‬
‫بإلتزاماهتا اليت تربطها مع هؤالء‪ ،‬وهذا اإلخالل قد يثري أيضا مسؤوليتها العقدية‪ ،‬إال أن املشرع يف نظام إجراءات‬
‫الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة يبدو أنه سيتجه أيضا اىل إسقاط هذه املسؤولية عن املقاولة رغم كوهنا‬
‫تشكل جزء ال يتجزأ من القوة امللزمة للعقد اليت تقرها القواعد العامة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تغييب التعويض عن الضرر الناتج عن عدم إختيار تفويت العقد‬
‫تعترب تقنية تفويت العقود يف إطار املادة ‪ 414‬من م ت عملية إنتقالية ال تشمل سوى العقود اليت تعترب ضرورية‬
‫للحفاظ على النشاط‪ ،‬وهذا األمر يظهر أطرافا متعاقدة وطائفة أخرى يقصيها احلكم القضائي من نطاق التفويت‬
‫نتيجة إستبعاد احملكمة تفويت العقود اليت هم طرف فيها‪ ،‬لتنتظرهم وضعية غري واضحة املعامل(‪.)300‬‬

‫(‪ )299‬نجد الى جانب هذه العقود‪ ،‬العقود التي أبرمتها املقاولة بعد حكم فتح املسطرة بشكل قانوني‪.‬‬
‫(‪ )300‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪.1‬‬
‫وهذه الضبابية اليت تكتنف مصريهم جتعلنا نتساءل‪ ،‬هل حاول مشرع نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات‬
‫املقاولة أن حيد من قساوة هذا اإلقصاء مبنحهم احلق يف التعويض إستنادا اىل القواعد العامة يف جمال املسؤولية‬
‫العقدية؟‬

‫يبدوا مند أول وهلة‪ ،‬أنه وعلى خالف املادة ‪ 111‬من م ت اليت تنص على أن عدم تنفيذ العقد ميكن أن يؤدي‬
‫اىل فتح باب دعوى التعويض الذي سيدرج مبلغه يف قائمة اخلصوم‪ ،‬فإن املادة ‪ 414‬من نفس املدونة‪ ،‬واملشار هلا‬
‫أعاله‪ ،‬ضلت صامتة عن مصري العقد الذي ال يشمله التفويت‪.‬‬

‫وأمام هذا الواقع يرى أحد الباحثني(‪ )301‬أنه ال جمال للقول بوجوب تعويض صاحب العقد الذي أقصاه احلكم‬
‫من نطاق التفويت‪ ،‬وذلك إلعتبارين أساسني‪:‬‬

‫‪ -‬األول يتجلى يف سكوت املادة ‪ 414‬من م ت‪ ،‬وهذا الصمت حيمل على أنه رفض من املشرع متتيع‬
‫املتعاقد هبذا احلق‪.‬‬
‫‪ -‬الثاين فيتجلى يف كون التخلي عن تنفيذ العقد يف إطار مقتضيات املادة ‪ 111‬من م ت يعترب تصرفا‬
‫قانونيا صادرا عن السنديك الذي يعترب يف أول وأخر املطاف ممثال للمقاولة اخلاضعة للمسطرة‪ ،‬على‬
‫عكس احلكم القضائي الذي حيصر خمطط التفويت والذي يتم مبوجبه العدول عن حوالة بعض العقود‪،‬‬
‫حيث يعترب هذا األخري قرار خارج إرادة املقاولة املفوتة‪.‬‬
‫يف ضل هذا الرأي نتساءل جمددا‪ ،‬هل فعال ال يشكل عدم متتيع املتعاقد الذي صدر احلكم القاضي برفض تفويت‬
‫عقده باحلق يف التعويض خروجا عن القواعد العامة للمسؤولية العقدية؟‬

‫يف نفس سياق الرأي السابق‪ ،‬وإجابة عن السؤال املطروح‪ ،‬يرى أستاذنا حممد أبو احلسني(‪ )302‬أنه وإن كان فعال‬
‫أن عدم التفويت يلحق أضرارا باملتعاقد(‪ ،)303‬فإن القول حبقه يف احلصول على تعويض تعوقه موانع مادية وأخرى‬
‫قانونية‪:‬‬

‫‪ -‬فبالنسبة للموانع املادية فهو يساير فيها الرأي السابق‪ ،‬بقوله أن سكوت املشرع من خالل املادة ‪414‬‬
‫من م ت‪ ،‬قد يرتجم برفض املشرع اإلعرتاف باحلق يف التعويض‪ .‬ويضيف أن عدم تدخل إرادة األطراف‬
‫يف عملية عدم التفويت جيعل الشخص املدين بالتعويض غري موجود‪ ،‬وبالتايل فإن التعويض عن إهناء‬

‫(‪ )301‬جواد الدهبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 111‬و‪116‬‬


‫(‪ )302‬محمد أبو الحسين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 111‬و‪116‬‬
‫(‪ )303‬فهو يرى أن عدم التفويت يلحق أضرارا باملتعاقد‪ ،‬الش يء الذي يعطيه الحق في الحصول على التعويض‪ ،‬مأن العقد املستمر التنفيذ الذي لم يفوت ينتج أثاره‬
‫عبر الزمان‪ ،‬وإنهائه املبكر دون أي أجل يحول دون تنفيذه بالنسبة للمستقبل خالفا لتوقعات ألاطراف‪ ،‬وهذا كاف من الناحية املبدئية إلستحقاق التعويض‪.‬‬
‫‪.1‬‬
‫العقد يتحمله الطرف الذي تسبب يف ذلك إستنادا اىل القواعد العامة‪ ،‬وهو ما يبدوا غري متوفر يف نظره‬
‫واحلالة هاته‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة للموانع القانونية‪ ،‬فريى أستاذنا أهنا تكمن يف كون إهناء العقد بسبب عدم تفويته ينتج عن‬
‫تدخل حادث أجنيب جعل التصرف يف وضعية يستحيل عليه إنتاج أثاره‪ ،‬ويضيف بأنه إذا أضفنا اىل هذا‬
‫العنصر مساّلة غياب إرادة األطراف سنصل اىل عدم قيام أي حق يف التعويض تطبيقا لشروط املسؤولية‪،‬‬
‫ألن قرار إهناء العقد يتخذ تبعا لسلطة احملكمة دون أن يتدخل املدين يف عملية التفويت‪.‬‬
‫ودائما يف إطار جوابه‪ ،‬يضيف أستاذنا بأن التقريب بني احلدث األجنيب الذي يؤدي اىل فقدان العقد لفاعليته‪،‬‬
‫وبني القوة القاهرة اليت تستبعد طلب أي تعويض يف إطار القواعد العامة يدفع اىل رفض اإلعرتاف حبق الطرف‬
‫الذي مل يفوت عقده يف التعويض‪ ،‬فاحلدث الذي حيول دون تنفيذ العقد يف املستقبل هو حكم احملكمة القاضي‬
‫بعدم التفويت‪ ،‬وهو حدث خارجي غري متوقع وصعب املواجهة‪ ،‬وصفته األجنبية تنحدر من عدم تدخل املدين‬
‫واملفوت إليه يف عدم تفويت العقد‪ ،‬وحكم احملكمة غري متوقع بالنسبة لألطراف املتعاقدة‪ ،‬وال ميكن دفع تنفيذ‬
‫هذا احلكم ألنه يتمتع بقوة ملزمة‪.‬‬

‫يبدوا واضحا أن أستاذنا من خالل رأيه هذا يقر بأن حرمان املتعاقد الذي مل يتم تفويت عقده من التعويض‪ ،‬ال‬
‫يشكل خروجا عن القواعد العامة‪ ،‬ألن شروط املسؤولية واحلالة هاته غري متوفرة‪.‬‬

‫غري أننا ال نتفق مع رأي أستاذنا ومعه الرأي الذي أوردناه قبله‪ ،‬إذ نرى أن شروط املسؤولية العقدية تنطبق متام‬
‫املطابقة مع حالة عدم إختيار احملكمة تفويت العقد‪ ،‬وسنوضح ذلك من خالل تفحص أركان املسؤولية العقدية‬
‫وشروطها‪ ،‬وتنزيلها على احلالة حمل الدراسة‪.‬‬

‫فبخصوص ركن اخلطأ العقدي‪ ،‬جند القواعد العامة تتطلب فيه توافر ثالثة أمور أساسية(‪ ،)304‬األمر األول عدم‬
‫إجراء التنفيذ العيين الكامل لإللتزام‪ ،‬األمر الثاين حصول هذا اإلخالل باإللتزام (اخلطأ) لسبب يعزى اىل املدين‪،‬‬
‫األمر الثالث إستمرار إخالل املدين بإلتزامه اىل ما بعد إعذاره‪.‬‬

‫فإذا كان األمر األول والثالث‪ ،‬ال يطرحان أي إشكال‪ ،‬فإن القول خبصوص األمر الثاين‪ ،‬بأن اإلخالل ال ميكن‬
‫نسبه اىل املدين‪ ،‬بل هو ناتج عن حادث أجنيب متمثل يف احلكم الصادر عن احملكمة الذي قرر عدم التفويت‪،‬‬
‫يعد أمر مردود‪ ،‬ذلك أن القواعد العامة تشرتط لقيام السبب األجنيب‪ ،‬توافر شرطني‪ ،‬أحدمها أال يكون للمدين يد‬
‫يف حصوله (أي حصول السبب األجنيب)‪ ،‬ومل يكن يف وسعه تفاديه أو درء نتائجه ببدل اجلهد املعقول‪ ،‬وهو ما‬

‫(‪ )304‬أنظر بهذا الخصوص‪ :‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 611‬الى ‪.611‬‬
‫‪.2‬‬
‫ال جنده متوفرا يف العديد من احلاالت اليت يكون فيها املدين سيء النية‪ ،‬وهو من أدى بنفسه اىل الوصول اىل‬
‫احلالة اليت تستوجب فتح املسطرة من األساس يف مواجهته‪.‬‬

‫وتزكية هلذا الطرح جند الفصل ‪ 144‬من ق ل ع ينص على أنه‪« :‬المدين الموجود في حالة مطل يكون‬
‫مسؤوال عن الحادث الفجائي والقوة القاهرة‪ ،».‬فحىت لو سلمنا برأي أستاذنا يف هذا الصدد‪ ،‬فإنه عندما خيتار‬
‫السنديك مواصلة عقد ما إستنادا اىل املادة ‪ 111‬من م ت‪ ،‬يستعيد املتعاقد خبصوص األثار اليت سريتبها العقد‬
‫بعد ذلك كافة الضمانات اليت ختوهلا له القواعد العامة‪ ،‬وبالتايل يف احلالة اليت يتوقف فيها السنديك أو رئيس‬
‫املقاولة حسب احلالة عن تنفيذ إلتزامات املقاولة املرتتبة عن العقد املقرر مواصلة تنفيذه واليت رتبت أثارها بعد‬
‫اخليار باملواصلة‪ ،‬يرتتب عنه إعتبار املدين (املقاولة) يف حالة مطل‪ ،‬وهو ما سيغطي حالة إختيار احملكمة التخلي‬
‫عن العقد عند حصرها ملخطط التفويت‪ ،‬إستنادا اىل الفصل ‪ 144‬من ق ل ع املشار له أعاله‪.‬‬

‫أما خبصوص ركن الضرر فقد أشار أستاذنا بأن حكم احملكمة غري متوقع‪ ،‬وبالتايل فإن القواعد العامة تشرتط أن‬
‫يكون الضرر يف إطار قواعد املسؤولية العقدية ضررا متوقعا‪ ،‬إال أن رأي أستاذنا أغفل أن هذا الشرط أوردت عليه‬
‫القواعد العامة إستثناء يتعلق باحلالة اليت يكون فيها اإلخالل ناتج عن غش املدين أو خطأه اجلسيم‪ ،‬فإن كان‬
‫احلكم غري متوقع فإنه بالكاد ناتج يف غالب احلاالت اليت تفتح فيها املسطرة يف مواجهة املدين عن خطأه‬
‫اجلسيم‪ ،‬إن مل نقل عن غشه‪.‬‬

‫وتبقى أهم نقطة مل ينتبه إليها رأي أستاذنا‪ ،‬هي أن اإلرادة هي اليت أنشأت العقد وحددت أثاره‪ ،‬واملسؤولية‬
‫العقدية هي إحدى هذه األثار‪ ،‬وعليه فإن اإلرادة اليت تنشأ املسؤولية تستطيع كذلك أن تعدل قواعدها يف حدود‬
‫النظام العام واألداب‪ ،‬ومن مت جيوز للمتعاقدين أن يتفقا على تعديل قواعد هذه املسؤولية‪ ،‬فلهما أن يتفقا على‬
‫التشديد من هذه املسؤولية‪ ،‬ولو كان ذلك اىل حد حتميل املدين املسؤولية عن السبب األجنيب(‪.)305‬‬

‫ويف األخري بدا واضحا أن أركان املسؤولية العقدية متوفرة يف احلالة اليت تقرر فيها احملكمة عدم تفويت العقد لعدم‬
‫ضرورته يف إستمرارية النشاط‪ ،‬وهذا املربر يبدوا ان املشرع جعله هو األساس يف إهناء حياة العقد‪ ،‬إال أنه ال يعد‬
‫من املنطق القول بأنه هو سبب عدم تنصيصه على وجوب تعويض املتعاقد عند التخلي عن موصلة عقده مع‬
‫املفوت إليه‪ ،‬بل كان سبب ذلك هو عدم رغبة املشرع يف إستنزاف مثن التفويت‪ ،‬الذي يعلم بأنه يف غالب‬
‫األحوال قد ال يكفي حىت لسداد املصاريف القضائية والديون اإلمتيازية‪ ،‬فما بالك بالتعويض‪ .‬إال أنه كيفما كان‬

‫(‪ )305‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 611‬و‪.616‬‬


‫‪.1‬‬
‫مربره فإن عدم تنصيصه على أحقية املتعاقد املتضرر من قرار احملكمة يف التعويض‪ ،‬يشكل ال حمالة خروجا عن‬
‫القواعد العامة‪.‬‬

‫‪.1‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫ال شك يف أن قواعد الكتاب اخلامس من مدونة التجارة أو ما يعرف بنظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من‬
‫صعوبات املقاولة‪ ،‬خاصة يف بنودها اليت متس الروابط التعاقدية‪ ،‬تشكل مبنطق وبفلسفة وبضوابط علم التشريع إن‬
‫صح القول‪ ،‬نصوصا خاصة تعترب إستثناء أو تطبق باألولوية على النصوص العامة املتحكمة أو املؤطرة للروابط‬
‫العقدية‪.‬‬

‫وحنن ال ننكر ذلك‪ ،‬إال أنه يف الكثري من احلاالت‪ ،‬وكما بينا من خالل حماور هذا البحث املتواضع جند قواعد‬
‫هذا النظام (أي نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة) ال ميكن وصفها بكوهنا جمرد إستثناء يطبق‬
‫باألولوية على القاعدة العامة‪ ،‬بل جتاوزت هذا املنطق وأسست مبدأ جديد يتحكم يف حياة العقد‪ ،‬هذا املبدأ ال‬
‫ميكن تصوره جنبا اىل جنب مع مبدأ سلطان اإلرادة الذي يتحكم يف الروابط العقدية يف ضل القواعد العامة من‬
‫خالل نتائجه الثالث (احلرية التعاقدية‪ ،‬القوة امللزمة للعقد‪ ،‬نسبية أثار العقد)‪ ،‬وهذا املبدأ هو مبدأ نفعية العقد‪.‬‬

‫وميكننا ان نكون أكثر جرأة ونقول بأن هذا املبدأ (أي مبدأ نفعية العقد) إنبعث على أنقاض مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫مبفهومه ومقوماته الكالسيكية‪ .‬فإن كنا من خالل هذا البحث حبثنا عن مكامن ومظاهر أزمة القواعد العامة‬
‫للتعاقد يف ضل نظام إجراءات الوقاية واملعاجلة من صعوبات املقاولة‪ ،‬وهو ما بيناه من خالل دراسة القواعد‬
‫املتحكمة يف تكوين العقد وحتديد مصريه وكذا ترتيب أثاره يف ضل تأثرها بقواعد هذا النظام‪ ،‬حبيث وقفنا من‬
‫خالل هذه الدراسة على جمموعة من األزمات اليت خلقتها قواعد هذا النظام يف قواعد نظرية العقد اليت يشكل‬
‫مبدأ سلطان اإلرادة عمودها الفقري‪ ،‬فإننا توصلنا اىل نتيجة مفادها أن التشريعات احلديثة واليت يشكل الكتاب‬
‫اخلامس من مدونة التجارة تطبيق من تطبيقاهتا أحدثت تغيريا جذريا يف األسس الفلسفية اليت يقوم عليها مبدأ‬
‫سلطان اإلرادة‪.‬‬

‫فإن كان مبدأ سلطان اإلرادة يقدس حرية الفرد وإرادته ويعتربها أساس العالقات التعاقدية‪ ،‬وجعل من تدخل‬
‫الدولة يقتصر على محاية هذه اإلرادة‪ ،‬فإن الكتاب اخلامس من مدونة التجارة‪ ،‬ومن خالل املبدأ الذي إستحدته‬
‫–مبدأ نفعية العقد‪ -‬للتحكم يف العالقات التعاقدية اليت ترتبط هبا املقاولة املوجودة يف حالة صعوبة‪ ،‬رسم للعقد‬
‫أسس جديدة جتعل منه خادما للمصلحة العامة بعيدا عن املصلحة الفردية الضيقة ألطرافه‪.‬‬

‫فالعقد يف ضل مبدأ نفعية العقد له أبعاد إجتماعية وإقتصادية‪ ،‬فبعده االجتماعي يتجسد من خالل تطويع العقد‬
‫خلدمة املصلحة االجتماعية للمقاولة من خالل احملافظة على الروابط التعاقدية اليت ستؤدي اىل احلفاظ على‬
‫املقاولة وبالتايل احلفاظ على دورها اإلجتماعي‪ ،‬أما بعده اإلقتصادي فيتمثل يف جعل العقد مال من أموال‬

‫‪.1‬‬
‫املقاولة‪ ،‬ليس بالنظر اليه من زاوية إستبداد أحد طرفيه (املقاولة املفتوحة يف مواجهتها املسطرة) بالتحكم يف‬
‫مصريه‪- ،‬فهي يف األصل ال تتحكم فيه بل أجهزة احملكمة هي من تتحكم‪ -‬بل بكونه سيحافظ على إستمرارية‬
‫نشاطها ويساهم يف إستعادهتا ملكانتها السليمة داخل الدورة االقتصادية‪ ،‬وبالتايل محاية اإلقتصاد الوطين وجعل‬
‫العقد اّلية لتقومي وإصالح شوائبه‪.‬‬

‫‪.6‬‬
‫المراجع المعتمدة‬
‫المراجع باللغة العربية‬

‫‪ ‬المراجع العامة‪:‬‬
‫‪ ‬أمحد شكري السباعي‪ ،‬نظرية بطالن العقود يف القانون املدين املغريب والفقه اإلسالمي والقانون املقارن‪،‬‬
‫منشورات عكاظ‪ ،‬الطبعة الثانية (دون ذكر سنة الطبعة)‪.‬‬
‫‪ ‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬شرح القانون املدين‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪.2114‬‬
‫‪ ‬أنوار سلطان‪ ،‬مصادر اإللتزام‪ ،‬الوجيز يف النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دراسة مقارنة يف القانونني املصري واللبناين‪،‬‬
‫دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪-‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪.2151‬‬
‫‪ ‬سليمان مرقص‪ ،‬الوايف يف شرح القانون املدين‪ ،‬يف اإللتزامات (نظرية العقد واإلرادة املنفردة)‪ ،‬إيريين للطباعة‬
‫(مطبعة السالم)‪ ،‬توزيع دار الكتب القانونية‪-‬مصر‪ ،‬ومكتبة صادر‪-‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪.2151‬‬
‫‪ ‬عبد احلق الصايف‪ ،‬دروس يف القانون املدين (مصادر اإللتزامات)‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪.1111 ،‬‬
‫‪ ‬عبد احلق الصايف‪ ،‬القانون املدين‪ ،‬اجلزء األول‪ :‬املصدر اإلرادي لاللتزامات (العقد)‪ ،‬الكتاب األول‪ :‬تكوين‬
‫العقد‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪.1114‬‬
‫‪ ‬عبد احلق صايف‪ ،‬القانون املدين‪ ،‬اجلزء األول‪ :‬املصدر اإلرادي لاللتزامات‪ ،‬العقد‪ ،‬الكتاب الثاين‪ :‬أثار‬
‫العقد‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1111‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط يف القانون املدين اجلديد‪ ،‬اجلزء الثالث (األوصاف احلوالة‪ ،‬االنقضاء)‪ ،‬دون‬
‫ذكر املطبعة والطبعة‪.‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬موسوءة قانون املسطرة املدنية والتنظيم القضائي (اجلزء الثالث)‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬توزيع مكتبة الرشاد‪ -‬سطات‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.1122‬‬
‫‪ ‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات يف القانون املدين املغريب‪ ،‬اجلزء األول‪ :‬مصادر اإللتزامات‪،‬‬
‫الكتاب األول‪ :‬نظرية العقد‪ ،‬مطبعة فضالة‪ -‬احملمدية‪ ،‬طبعة ‪.2111‬‬

‫‪.1‬‬
‫‪ ‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬الوجيز يف النظرية للعقود املسماة‪ ،‬الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬توزيع مكتبة دار األمان‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.2111‬‬
‫‪ ‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية اإللتزامات يف ضوء قانون اإللتزامات والعقود املغريب‪ ،‬اجلزء األول‪ :‬مصادر‬
‫اإللتزامات‪ ،‬دون ذكر املطبعة والطبعة‪.‬‬
‫‪ ‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية اإللتزامات يف ضوء قانون اإللتزامات والعقود املغريب‪ ،‬اجلزء الثاين‪ :‬أوصاف اإللتزام‬
‫و انتقاله و انقضاءه‪ ،‬دون ذكر املطبعة والطبعة (جمرد نسخة)‪.‬‬
‫‪ ‬حممد املهدي‪ ،‬الوجيز يف نظرية العقد‪ ،‬يف ضوء القانون املدين املغريب‪ ،‬مطبعة أنفو‪ -‬برانت‪ ،‬فاس‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪.1111‬‬
‫‪ ‬حممد حسني منصور‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية‪-‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪.2111‬‬

‫‪ ‬المراجع الخاصة‪:‬‬
‫‪ ‬أمحد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط يف مساطر الوقاية من الصعوبات اليت تعرتض املقاولة ومساطر معاجلتها‬
‫(اجلزء الثالث) مطبعة املعارف اجلديدة‪-‬الرباط‪ ،‬دار النشر املعرفة‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1111‬‬
‫‪ ‬أمحد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط يف مساطر الوقاية من الصعوبات اليت تعرتض املقاولة ومساطر معاجلتها‪،‬‬
‫اجلزء الثاين‪ ،‬يف مساطر املعاجلة‪ :‬حكم فتح املسطرة «الشروط املوضوعية والشكلية واإلجراءات والتسوية القضائية‬
‫واملرحلة املؤقتة واستمرارية املقاولة والتفويت»‪ ،‬دار النشر املغربية‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية يونيو ‪.1111‬‬
‫‪ ‬احممد لفروجي‪ ،‬التوقف عن الدفع يف قانون صعوبات املقاولة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪( ،‬دون‬
‫ذكر عدد الطبعة وسنتها)‪.‬‬
‫‪ ‬احممد لفروجي‪ ،‬وضعية الدائنني يف مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬سلسلة دراسات قانونية معمقة‪ ،‬عدد ‪،1‬‬
‫مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪( ،‬دون ذكر عدد الطبعة وسنتها)‪.‬‬
‫‪ ‬جواد الدهيب‪ ،‬شرط االحتفاظ بامللكية‪ ،‬يف مساطر صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار األفاق املغربية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1126‬‬
‫‪ ‬حياة حجي‪ ،‬نظام الضمانات وقانون صعوبات املقاولة (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1121‬‬

‫‪..‬‬
‫‪ ‬صليحة حاجي‪ ،‬التسوية الودية يف صعوبات املقاولة‪ ،‬واقع وأفاق‪ ،‬دراسة يف ضل مشروع تعديل الكتاب‬
‫اخلامس من مدونة التجارة‪ ،‬مطبعة أطالل‪-‬وجدة‪ ،‬توزيع مكتبة الرشاد للنشر والتوزيع‪-‬سطات‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪.1121‬‬
‫‪ ‬عبد الرحيم السلماين‪ ،‬القضاء التجاري باملغرب ومساطر معاجلة صعوبات املقاولة‪-‬دراسة نقدية مقارنة‪-‬‬
‫مطبعة طوب بريس‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1115‬‬
‫‪ ‬عالل فايل‪ ،‬مساطر معاجلة صعوبات املقاولة‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬طبعة دجنرب‬
‫‪.1121‬‬
‫‪ ‬عمر أزوكار‪ ،‬قضاء حمكمة النقض يف مساطر التسوية والتصفية القضائية‪ ،‬منشورات دار القضاء باملغرب‪،‬‬
‫يصدرها مكتب أزوكار للمحاماة واالستشارة والتحكيم بالدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪.1126‬‬
‫‪ ‬حممد العروصي‪ ،‬مصري العقود جارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مكتبة‬
‫دار السالم‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.1121‬‬
‫‪ ‬حممد بفقري‪ ،‬مدونة التجارة والعمل القضائي املغريب‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪.1121‬‬
‫‪ ‬حممد كرام‪ ،‬الوجيز يف مساطر صعوبات املقاولة يف التشريع املغريب (اجلزء األول) املطبعة والوراقة الوطنية‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪.1121‬‬
‫‪ ‬مرمي بلهوان‪ ،‬تأثري صعوبات املقاولة على مركز العقار‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪.1124‬‬
‫‪ ‬نور الدين األعرج‪ ،‬مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬مطبعة سلكي أخوين‪-‬طنجة‪ ،‬الطبعة األوىل يونيو ‪.1124‬‬

‫‪ ‬األطروحات والرسائل‪:‬‬
‫‪ ‬أمحد الدمياوي‪ ،‬وضعية كفيل املدين يف إطار مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت‪ ،‬جامعة‬
‫حممد اخلامس‪-‬أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬الرباط‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.1126-1121‬‬
‫‪ ‬أمحد لعتيك‪ ،‬مصري العقود اجلارية عند فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫املعمقة يف القانون اخلاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪ ،‬قانون األعمال‪ ،‬جامعة احلسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.1115-1111‬‬

‫‪..‬‬
‫‪ ‬أسامة سلعوس‪ ،‬محاية الدائنني وشركاء املقاولة يف نظام املساطر اجلماعية‪ ،‬أطروحة لنيل دبلوم الدكتوراه يف‬
‫القانون اخلاص (دون ذكر اجلامعة والكلية وتاريخ مناقشتها)‪.‬‬
‫‪ ‬دماحة قيقاي‪ ،‬ماّل العقود اجلارية التنفيذ يف مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاسرت يف القانون‬
‫اخلاص‪ ،‬جامعة احلسن الثاين‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬احملمدية‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪.1121-1122‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاق الزيتوين‪ ،‬استمرارية املقاولة بعد التوقف عن الدفع ومحاية الدائنني على ضوء قانون ‪21-11‬‬
‫املتعلق مبدونة التجارة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪ ،‬قانون األعمال‪ ،‬جامعة‬
‫احلسن الثاين‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬عني الشق‪ ،‬السنة اجلامعية ‪-1111‬‬
‫‪.1114‬‬
‫‪ ‬فاحتة مشماشي‪ ،‬أزمة معاجلة صعوبات املقاولة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف احلقوق‪-‬شعبة القانون‬
‫اخلاص‪ ،‬جامعة حممد اخلامس أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية‪-‬الرباط‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪.1111-1114‬‬
‫‪ ‬لبىن فريايل‪ ،‬العقود يف إطار مساطر صعوبات املقاولة‪ ،‬حبث هناية التمرين‪ ،‬الفوج ‪ ،15‬املعهد الوطين‬
‫للدراسات القضائية ‪.1112-2111‬‬
‫‪ ‬حممد أبو احلسن‪ ،‬تفويت املقاولة كحل يف إطار التسوية القضائية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف احلقوق‪ ،‬شعبة‬
‫القانون اخلاص‪ ،‬وحدة قانون األعمال‪ ،‬جامعة احلسن الثاين الدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية عني الشق‪-‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.1111-1111‬‬
‫‪ ‬معاد خليار‪ ،‬خصوصيات نظام التعاقد يف إجراءات معاجلة صعوبات املقاولة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف‬
‫القانون اخلاص‪ ،‬جامعة احلسن األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬سطات‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪.1121-1126‬‬

‫‪ ‬المقاالت‪:‬‬
‫‪ ‬إبراهيم قادم‪ ،‬أثار التسوية القضائية على حقوق الدائنني الناشئة ديوهنم قبل احلكم بفتح مسطرة املعاجلة‪،‬‬
‫مقال منشور مبجلة القصر‪ ،‬عدد ‪ ،12‬شتنرب ‪.1115‬‬
‫‪ ‬أمحد شكري السباعي‪ ،‬مسطرة التسوية القضائية (أو التصحيح القضائي) و التصفية القضائية وتصحيح‬
‫املقاولة‪ ،‬مقال منشور مبجلة احملاكم املغربية‪ ،‬العدد ‪.51‬‬

‫‪.1‬‬
‫‪ ‬احممد لفروجي‪ ،‬مصري العقود جارية التنفيذ يف تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور مبؤلف‬
‫مساطر صعوبات املقاولة بني القانون والعمل القضائي‪ ،‬سلسلة القانون واملمارسة القضائية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪.‬‬
‫‪ ‬الغايل الغيالين‪ ،‬أثار خمطط االستمرارية على مركز الدائنني‪ ،‬مقال منشور مبجلة احملاكم املغربية‪ ،‬عدد ‪،261‬‬
‫مارس‪-‬ماي ‪ ،1121‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬زكرياء العماري‪ ،‬مدى قابلية قرار رئيس احملكمة التجارية برفض طلب إفتتاح إجراء التسوية الودية للطعن‬
‫باالستئناف‪ ،‬مقال منشور مبجلة القضاء التجاري‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪.1121‬‬
‫‪ ‬سعد هبيت‪ ،‬مدى فعالية اآلجال املتعلقة مبخطط التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور مبؤلف منازعات األعمال‬
‫بني القانون واملمارسة‪ ،‬منشورات اجمللة املغربية للدراسات واالستشارات القانونية‪ ،‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬توزيع مكتبة‬
‫الرشاد‪-‬سطات‪ ،‬العدد الثاين‪ ،‬ديسمرب ‪.1124‬‬
‫‪ ‬عادل الشاوي‪ ،‬دعوى إبطال التصرفات اجملرات خالل فرتة الريبة يف ضل نظام صعوبات املقاولة‪ ،‬مقال‬
‫منشور مبجلة القضاء التجاري‪ ،‬عدد ‪ ،6‬سنة ‪1126‬‬
‫‪ ‬عبد الرحيم السماين‪ ،‬حصر احملكمة ملخطط االستمرارية يف إطار مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور‬
‫باجمللة املغربية لقانون األعمال واملقاوالت‪ ،‬ع ‪ – 1‬يناير ‪.1111‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز تريد‪ ،‬أثار احلكم بالتسوية أو التصفية القضائية على املتابعات الفردية‪ ،‬مقال منشور مبجلة‬
‫املعيار‪ ،‬عدد ‪-12‬يونيو ‪.1116‬‬
‫‪ ‬عبد الكرمي عباد‪ ،‬خمطط تفويت املقاولة بني النصوص القانونية وصعوبات تطبيقها من طرف القضاء‪ ،‬مقال‬
‫منشور مبجلة رحاب احملاكم‪ ،‬عدد ‪ 5‬سنة ‪1121‬‬
‫‪ ‬عمر السكتاين‪ ،‬نظام التعاقد بني ثوابت النظرية العامة لاللتزامات ومتغريات قانون صعوبات املقاولة‪-‬دراسة‬
‫حتليلية يف ضوء تطور التشريع ومواقف الفقه وأحكام القضاء‪ ،-‬مقال منشور باجمللة املغربية للدراسات واالستشارات‬
‫القانونية‪ ،‬العدد السادس‪-‬السنة الثالثة ‪ ،1124‬مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬توزيع دار األفاق املغربية للنشر والتوزيع‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ ‬حممد البعدوي‪ ،‬دور السنديك يف إدارة املقاولة اخلاضعة ملسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مقال منشور مبؤلف‬
‫مساطر صعوبات املقاولة بني القانون والعمل القضائي‪ ،‬سلسلة القانون واملمارسة القضائية‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪.‬‬
‫‪ ‬حممد العلواين‪ ،‬أثار حكم فتح التسوية القضائية على التأمينات العينية‪ ،‬مقال منشور باجمللة املغربية للدراسات‬
‫واالستشارات القانونية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،1121-‬مطبعة النجاح اجلديدة‪-‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪ ‬الندوات‪:‬‬
‫‪ ‬امللك ي احلسني بن عبد السالم‪ ،‬السنديك (أحد أجهزة معاجلة صعوبات املقاولة)‪ ،‬عرض مقدم يف إطار‬
‫وحدة التكوين والبحث‪ ،‬املركز املغريب للدراسات واألحباث حول‪ :‬املهن القضائية والقانونية‪ ،‬سنة ‪.1116‬‬
‫‪ ‬خالد بنكريان‪ ،‬دور رئيس احملكمة التجارية يف مساطر التسوية الودية‪ ،‬مقال منشور بأشغال الندوة املنعقدة‬
‫مبناسبة الذكرى اخلمسينية باجمللس األعلى‪ ،‬حتث عنوان «صعوبات املقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل‬
‫اجتهادات اجمللس األعلى» مطبعة األمنية‪-‬الرباط‪ ،‬ط ‪.1111‬‬
‫‪ ‬عبد اجمليد غميجة‪ ،‬أبعاد األمن التعاقدي وارتباطاته‪ ،‬عرض مقدم يف اللقاء الدويل حول (األمن التعاقدي‬
‫وحتديات التنمية) املنظم من قبل اهليئة الوطنية للموثقني‪ ،‬الصخريات‪ ،‬أيام ‪ 25‬و‪ 21‬أبريل ‪.1126‬‬

‫‪ ‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪ www.droitetentreprise.org‬‬
‫‪ www.ism.ma‬‬
‫‪ Www.association-oeuvres-sociales-commune-agadir.ma‬‬

‫‪.2‬‬
:‫المراجع باللغة الفرنسية‬
 Ouvrages
 Amalvay et F. Derrida, plan de cession et vice de consentement, Dalloz 1988.
 Bauno boccara: procédure collectives et contrats en cours, jures classeur
périodique 1994, éd entreprise.
 Christine lebel, l'élaboration du plan de continuation de l'entreprise en
redressement judiciaire, édition presse universitaire d'aise Marseille, 2000.
 DEKEUVER Defosser, REV Droit bancaire et bourse 1988.
 Fernand Derraida, pierre godés et jean pierre sortais: Redressement et
liquidation judiciaire des entreprises, Dalloz 1991
 George Ripert et Roné Roblot, Traite de droit commercial, Tom 2, 14éme
édition 1996, L.G.D.G.
 Harie Hélène Monserie, "les contrats dans le redressement et la liquidation
judiciaire". LITEC 1994.
 M.Azoulai, L'élimination de l'institut personale dans le contrat, en la
tendance à la stabilité du rapport contractuel L.G.D.J 1960.
 Roublot et Ripert, Traité de droit commercial, T2, 14émé édition 1996.
 Yves guyon, Droit des Affaires, T2.

 Thèse Et Mémoires:
 Juliette Grossemy, " le recouvrement de la créance, face à la »FAILLITE «du
débiteur, Mémoire de D.E.A droit privé, faculté des sciences juridique, politique et
sociales, Université de Lille II, Année 2001-2002.
 Khalid Tourabi, les dérogations à la liberté contractuelle pendant les
procédures de traitement des difficultés des entreprises, thèse de master, droit des
relations d'affaires, université Hassan 1er, faculté des sciences juridiques,
économiques et sociales- Settat, Année universitaire 2011-2012.

.1
 Nathalie Stagnoli, les atteintes de procédure collective à la liberté
contractuelle, Mémoire de DEA Droit des affaires, universitaire Robert Schuman
de Strasbourg, Année universitaire 2002-2003.

 Articles:
 Bernard Soinne, la continuation du cour des intérêts, Revue des procédure
collectives, 1988.
 Crédot et Gérard : L'ouverture de crédit, le compte courant et l'article 37 de
la loi 25 janvier 1985 REV droit bancaire 1987 -1
 J.C.Boulay, "réflexions sur la notion d'originalité de créance" REV, Trim.
Dr.com.
 Jacques Ghestin, la notion de contrat, revue française de théorie juridique N°
12, 1990.
 Khalid Elyazidi, Evaluation globale de l'apport du nouveau code de
commerce en matière de procédures collectives, centre marocain des études
juridiques.
 Yves chaput, Droit de Redressement et liquidation judiciaire des entreprises,
Presse Universitaires de France, 1996.

.1
‫فهرس المحتويات‬
‫مقدمة‪1 ............................................................................................. :‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أزمة القواعد العامة املتحكمة يف تكوين العقد وحتديد مصريه ‪4 ................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مظاهر األزمة على مستوى الشروط املتعلقة مبضمون العقد ‪5 .................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اإلتفاق الودي وخمطط التسوية وأزمة احملل والسبب ‪5 ......................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬مدى إمكانية إعتبار اإلتفاق الودي وخمطط التسوية عقد ‪5 ..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر أزمة احملل والسبب يف اإلتفاق الودي وخمطط التسوية ‪22 .............................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أزمة املفهوم القانوين للعقد ومثن التفويت ‪26 ..............................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أزمة املفهوم القانوين للعقد ‪21 ...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إرتباط مثن التفويت بأهداف املخطط وليس بقيمة األموال املفوتة ‪21 .........................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬جتليات األزمة على مستوى الشروط املتعلقة باملتعاقدين ‪11 ...................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬جتاهل مساطر املعاجلة للقواعد العامة لصفة التعاقد ‪11 ....................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬غموض الطبيعة القانونية لتصرفات السنديك يف أموال املدين ‪12 ............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إستبعاد اإلعتبار الشخصي لبعض العقود ‪16 ..............................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تغييب ركن إرتضاء التعاقد ‪11 ..........................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬إجبار الدائنني على اإلمتثال لرغبة املدين يف إبرام االتفاق الودي ‪15 .........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التفويت اجلربي للمقاولة والعقود الالزمة للحفاظ على النشاط ‪11 ...........................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬مظاهر األزمة على مستوى نظرية البطالن‪16 ..............................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬شدود أسباب بطالن التصرفات املنجزة خالل فرتة الريبة عن أسباب البطالن واإلبطال يف‬
‫القواعد العامة ‪16 ...................................................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬عدم إنسجام أسباب البطالن الوجويب مع أسباب البطالن ‪11 ..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم إنسجام أسباب البطالن اجلوازي مع أسباب اإلبطال ‪11 ...............................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬شدود قواعد تقرير البطالن الوجويب واجلوازي وأثارمها عن القواعد العامة للبطالن واإلبطال ‪61 .‬‬
‫‪.1‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬بالنسبة لقواعد تقرير البطالن الوجويب واجلوازي ‪61 .........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬بالنسبة ألثار البطالن الوجويب واجلوازي ‪61 ................................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬أزمة القواعد العامة املرتبطة بأثار العقد ‪61 ..................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬جتليات األزمة على مستوى نطاق القوة امللزمة للعقد ‪61 .....................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬جتاوز أثار العقد ألطرافه ‪61 ............................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬سلطة السنديك يف املطالبة مبواصلة العقود اجلارية أو التخلي عن مواصلتها ‪11 ................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جتاوز أثار إتفاق التسوية الودية وخمطط اإلستمرارية ألطرافه ‪11 ..............................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬إبطال مفعول القوة امللزمة للعقد على مستوى اإللتزامات املتولدة عنه ‪11 ....................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬تعطيل إمكانية الدفع بعدم تنفيذ العقد اجلاري واإلحتجاج بتجزئته ‪14 .......................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعطيل قواعد الوفاء اإلرادي بالديون التعاقدية السابقة للحكم بفتح املسطرة() ‪15 ..............‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬تعطيل سريان الفوائد اإلتفاقية ‪42 ........................................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬جتاوز إرادة األطراف يف التحكم يف مدة اإللتزامات التعاقدية ‪41 ...........................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬إبطال مفعول الشرط املتحكم يف مدة اإللتزام التعاقدي ‪46 .................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حتكم احملكمة يف أجال اإللتزامات التعاقدية ‪44 ............................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬مظاهر األزمة على مستوى جزاءات اإلخالل بتنفيذ العقد ‪41 ................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعطيل قواعد التنفيذ اجلربي العيين ‪11 ...................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬وقف ومنع املتابعات الفردية من حيث احلصول على األداء ‪11 ..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وقف ومنع إجراءات التنفيذ ‪11 ..........................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تعطيل قواعد الفسخ واملسؤولية العقدية ‪11 ...............................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬تعطيل قواعد الفسخ ‪11 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تغييب التعويض عن الضرر الناتج عن عدم إختيار تفويت العقد ‪51 .........................‬‬
‫خامتة‪51 ............................................................................................ :‬‬

‫‪.6‬‬

You might also like