Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 140

‫اع الطَّ ِر ْيق "‬

‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬


‫ص ُ‬
‫‪3‬‬

‫لقطاع‬
‫نصب المنجنيق ّ‬
‫الطريق‬
‫إلى دماج دار العلم‬
‫والتحقيق‬
‫تأليف ‪:‬‬
‫أبي حاتم يوسف بن العيد الجزائري‬

‫تقديم‬
‫فضيلة الشيخ العالمة المحدث‬
‫أبي عبد الرحمن يحي بن علي الحجوري‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪4‬‬
‫‪ -‬حفظه هللا تعالى‪-‬‬

‫مقدمـة فضيلة الشيخ العالمة المحدّث‬


‫أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري‬
‫حفظه هللا تعالى‬
‫بـــسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫الحمد هلل الهــادي إلى أقــوم ســبيل‪،‬والمضــ ّل لمن يشــاء بعد إقامة الح ّجةـ‬
‫بال ّدليل‪ ،‬يهدي من يشاء ويَع ِ‬
‫ْص ُم ويُعافي فضال‪ ،‬ويُضلُّ من يشاء ويخذل ويبتلي‬
‫عدال‪.‬‬

‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ربًّا ومعبــودًا‪ ،‬فهو حســبنا ونعم‬
‫الوكيل ؛ وأشــهد ّ‬
‫أن مح ّمـ دًا عبــده ورســوله‪ ،‬صــلى هللا عليه وعلى آله وســلم‪،‬‬
‫المبعوث في خير أ ّمة وأكرم جيل ‪.‬‬

‫أ ّما بعد ‪:‬‬

‫فقد طلب منّي أخونا البـــاحث النّبيـــل‪ ،‬ذو ال ُخلُق الحسن والنّهج الجميـــل‪،‬‬
‫يوسف بن العيد الجزائري حفظهـ هللا‪ ،‬أن أقرأ رسالته هذه المس ّماة ‪:‬‬

‫" نصب المنجنيق لقطّاع الطّريق عن د ّماج دار العلم والتّحقيق‬


‫"‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪5‬‬
‫ْ‬
‫ولكن أخونا يوسف طلبه‬ ‫وكنت أحبُّ أن يُعـــــرض مثلها على غـــــيري‪،‬‬
‫عندي عزيــز‪ ،‬فقــرأت الرّســالة المــذكورة ورأيته أحسن فيها وأجــاد‪ ،‬وطرزها‬
‫بالبيانات الواضحة‪ ،‬والنّصــائح الطّيّبـة‪ ،‬والنُّقــوالت المناسـبة‪ ،‬والفوائد الجيـاد‪،‬‬
‫كتبه ‪ :‬يحيى بن علي الحجــوري في ذي‬ ‫فجزاه هللا خيرا ونفع به‪.‬‬
‫الحجة ‪1428‬هـ‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا من يهده هللا فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن ال‬
‫إله إال هللا وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫‪،‬أن وفقنا للرحلةـ في طلب العلم‬ ‫فمن نعمة هللا علينا وعلى كثير من إخواننا ْ‬
‫ّ‬
‫وإحياء هذه السنة التي أضحت في هذا العصر كرامة من هللا تعالى ‪ ،‬وتلقي‬
‫علم الكتاب والسنة من منبعه األصيل على أيدي أهله في قلعة دار الحديث‬
‫بدماج حرسها هللا تعالى‪ ،‬التي قد غدت منارة من منارات اإلسالم وحصنًا‬
‫منيعًا ألهله‪ ،‬رحم هللا مؤسسها على التقوى من أول يوم اإلمامَ المجدد مقبل بن‬
‫هادي الوادعي‪ ،‬وحفظ خليفته عليها الشيخ العالمة المحدث الفقيه يحيى بن‬
‫علي الحجوري‪ ،‬الذي قام عليها من بعده خير القيام‪.‬‬
‫وفي هذه اآلونة األخيرة ابتلى هللا عباده فيها ‪‬ليميز الخبيث من الطيب ‪،‬فكفر‬
‫بهذه النّعمة قو ٌم لم يُؤدُّوا ُشكرها ‪،‬وعضُّ وا اليد التي أحسنت إليهم ‪،‬وقد قال‬
‫(‪)1‬‬
‫النبي ﷺ ‪ «:‬ال يشكر هللا من ال يشكر الناس » ‪،‬ولم يعرفوا‬
‫لها قدرها فخرجواـ منها وأُخرجوا بسبب معاصيهم وما جنَته أيديهم‪.‬‬
‫الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس‬ ‫وشكرها آخرون فثبَّتهم هللا تعالى‪ ،‬فأما ّ‬
‫فيمكث في األرض‪،‬وتلك األمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وكان لفتنة عبد الرحمن بن مرعي ‪-‬هداه هللا‪ -‬والمتعصبين له ؛ القدح ال ُمعلّى‬
‫في ذلك ‪،‬وفي محاولة ضرب هذه الدار وتشتيت الشمل والصف فيها‪،‬وكان‬
‫‪1‬‬
‫() أخرجه أبوداود وغيره من حديث أبي هريرة‪،‬وهو في "الصحيح المسند" لإلمام‬
‫الوادعي رحمه هللا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() وهم المقصودون بهذا اللفظ كلما ُذكر ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪6‬‬
‫بعض إخواننا الغرباء فريسة سهلة لمكرهم ال َّس ّيء ‪‬وال يحيق المكر ال َّس ّيء إال‬
‫شتى البلدان‪،‬‬ ‫بأهله‪ ،‬وكان تركيزهم كبيرا عليهم لمحاولة إيصال فتنتهم إلى ّ‬
‫ظنًّا منهم أن ذلك ينفعهم‪ ،‬وهو في الحقيقةـ عليهم ال لهم‪.‬‬
‫وكان القصد من كتابة هذه األوراق‪ ،‬تنبيه إخواننا السلفيين خارجـ اليمن‪،‬‬
‫وخاصة المغاربة والغربيّين واألندنوسيّين منهم ‪،‬ألنهم أكثر المتوافدين إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫هذه القلعة المباركة‪ ،‬وتحذيرهم من هذه الفتنة والساعين فيها ‪ ،‬ومن‬
‫المؤسف أن بعض إخواننا ممن كان منهم في الدار‪ ،‬لُبّس عليه من طرفهم‬
‫وفتن‪ ،‬وربما رجع إلى بالده وأساء إلى نفسه بإطالق لسانه في هذه الدار أو‬ ‫ُ‬
‫في شيخها حفظهـ هللا تعالى‪.‬‬
‫سا يتحيَّن منه الفرص لقطع‬ ‫ومنهم من جلس في (صنعاء) واتَّخذها َمْترَ ً‬
‫الطريق على طلبة العلم إلى هذه القلعة المباركة ‪ .‬وال حول وال قوة إال باهلل!!‬
‫وربما تشبثوا بزخرف من القول غرورا أُلقي على مسامعهم فعلق ولم‬
‫التخلص منه‪ ،‬ووهللا الذي الإله غيره‪ ،‬ال أعرف أحدًا م ّمن فُتن منهم‬ ‫يستطيعوا ّ‬
‫ذا حصيلة علمية تليق بمن كان منتسبا إلى هذه الدار‪ ،‬فلقد كانوا ‪ -‬وفقك هللا‬
‫لكل خير ‪ -‬بين مضيّع لألوقات‪ ،‬أوصاحب فتن مترصد ‪ ،‬أومخذول عرف‬
‫النعمة ثم كفرها ‪،‬والقاسم المشترك بينهم ‪ :‬عدم التوفيق لطلب العلم ‪ ،‬وهللا‬
‫المستعان‪.‬‬
‫فلما رأوا أنهم قد تعبوا من تلقي العلم ‪ ،‬ويئسوا من تحصيله ‪ -‬بخال ف إخوانهم‬
‫الذين ثبتهم هللا تعالى‪،‬الحريصين على أوقاتهم‪،‬الذين علموا أن هذه الفتن إنما‬
‫هي ابتالء من هللا تعالى ليمكن به حزبه ألم أحسب الناس أن يتركوا أن‬
‫يقولوا آمنّا وهم ال يفتنون ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمن الذين صدقوا‬
‫وليعلمن الكاذبين ‪ ،‬ولم يتركوا العلم والطمأنينة والخير بسبب خزعبالت ال‬
‫تروج على السّلفي الموفّق ‪ -‬أخذوا يبحثون لهم عن عذر يرجعون به إلى‬
‫(‪)2‬‬
‫بالدهم ‪ ،‬فمن ثَ َّم تن َّوع وحي الشيطان عليهم‪ ،‬وكان العذر أقبح من الذنب ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫()وإن كان أوّل من يدخل في اسم قطاع الطريق‪ ،‬هم أصحاب الحزبيات واألهواء‬
‫الواضحة كاإلخوان المسلمين والتّبليغيّين وغيرهم من أهل ال ّزيغ والضاللة‪ ،‬وبحثي‬
‫أن أصحاب الحزبيات الجديدة الخفيّة كانت أش ّد ضررًا‬ ‫هذا شامل لهم بال شك ‪ .‬إالّ ّ‬
‫وقطعًا للطريق وأكثر تلبيسًا من غيرهم ‪ ،‬وهللا المستعان ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() وهؤالء هم المقصودون بلفظ ( المخذولين ) كلما ذكر فيما يأتي إن شاء هللا تعالى ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫(‪7)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وشاركهم في قطع الطريق إلى الخير بعض السفهاء في أرض الحجازـ ‪،‬‬
‫ممن ح ّل فيها من الغرباء ‪ -‬وهم أكثر ‪ -‬من أشباه طلبة العلم‬ ‫سواء من أهلها أو ّ‬
‫‪،‬وهم بذلك صا ّدون عن سبيل هللا وعن التفقّه في ال ّدين‪ ،‬وهللا الموعد‪.‬‬
‫وأنا ذاكر لك يا مريد الرّفعة بطلب العلم‪ ،‬بعض صفات القوم وما ألقى عليهم‬
‫الشيطان ‪‬ولقد ص ّدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه‪ ،‬لتكون منهم في أمان‬
‫(‪)3‬‬
‫‪‬ولتستبين سبيل المجرمين‪ ‬والحمد هلل الكريم المنان ‪.‬‬
‫وقد قسمت هذا البحث على ثالثة فصول‪:‬‬
‫ـ الفصل األول‪ :‬التحذير والتزهيد من قلعة الحديث بدماج‪:‬‬
‫وذكرت تحته أهم ما ُيثيره قطّاع الطريق من طعون وتزهيد حول هذه الدار‬
‫المباركة ‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫_ ليس في ال ّدار شغل غير السّبّ وال ّشتم والوقيعة في أعراض ال ّدعاة وأهل‬
‫العلم!!‬
‫_ قولهم‪ :‬إن دار الحديث بدماج لم تعد على ما كانت عليه سابقا ‪ ،‬وأنها‬
‫أصبحت دار فتن!!‬
‫_ شبهة التأصيل المفقود!!‬
‫_ هؤالء متش ّددون!!‬
‫_ طال ب دار الحديث في جوع وفقر!!‬
‫_ ليس فيها إال علم الحديث!!‬
‫ـ الفصل الثاني‪ :‬الطعن والتزهيد في شيخنا الجليل أبي عبد الرحمن يحيى بن‬
‫علي الحجوري حفظهـ هللا تعالى ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫() وهم المقصودون بهذا اللفظ كلما ذكر أيضا ‪،‬وإن كان الكل متعصبا سفيها مخذوال‬
‫‪،‬إال أن لك ّل منهم وصفه األلصق به‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() إذ أن كثيرا ممن يقدم إلينا عن طريقها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫() وقد سلكوا أجمعون للتنفير عن دار الحديث بدماج وعن شيخها مسلك الحزبيين‬
‫وأهل األهواء لتنفيذ مكرهم السيء ‪ ،‬وقد قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى‬
‫عند تشخيصه لمسلك أهل األهواء في ترويج باطلهم‪ (:‬وكل من يخالف مذهب أهل‬
‫السنة ال يعتمد إال على أحد ثالثة أشياء‪ :‬إما نقل كاذب وإما داللة مجملة ‪ -‬وقال في‬
‫موضع‪ :‬أو خطاب ألقي إليهم اعتقدوا أنه من هللا وكان من إلقاء الشيطان‪ -‬وإما قياس‬
‫فاسد ) انظر كتاب"شيخ اإلسالم وجهوده في الحديث‪."1/466‬‬
‫وبنحوه كالم اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى‪ (:‬هذه الحزبيات َمْبنيَّة على الكذب والخداع‬
‫والتلبيس وقلب الحقائق ) من"غارة األشرطة ‪ ."1/15‬رحم هللا أئمة اإلسالم ماكان‬
‫أبصرهم بالسّبل الغويّة ‪ ،‬وسيأتي فيما سنعرضه لك من النقاط؛ أن الطريق واحدة‪ ،‬فكن‬
‫على ربط بكالم األئمة ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪8‬‬
‫وذكرت تحت هذا الفصل أهم ما يثيرونه من كذب وطعون حول شيخنا حفظه‬
‫هللا تعالى‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫_ محاولة إسقاطـ كون الشيخ عالما للتمكن من ترويج باطلهم!‬
‫_طعنهم في الشيخ باستخدام السب والشتم وألقاب السوء قطع هللا ألسنتهم‪.‬‬
‫_استخدام التنظيم السري التكتلي لجلب أكبر عدد من الطالب وخاصة الغرباء‬
‫منهم وإثارتهم على الشيخ حفظه هللا‪.‬‬
‫_ محاولة التحريش بين الشيخ وغيره من أهل العلم سعيا منهم إلى الفتنة!!‬

‫شتام‪ ،‬يقع في أعراض أهل العلم!!‬ ‫سباب ّ‬ ‫_ قولهم إن الشيخ متش ّدد‪ّ ..‬‬
‫_قولهم‪ :‬إن الشيخ يحيى عنده أخطاء وأخطاء!!!!!‬
‫_ دعواهم أن الشيخ متسرِّع ال ُيراعي مصلحة الدعوة!!‬
‫_ قولهم إن الشيخ يؤثر فيه مجالسوه وهم كذبة! وهو يسمع إليهم!!‬
‫ـ الفصل الثالث‪ :‬ذكر بعض الشبه التي يستخدمها المتعصبون والمخذولون لرد‬
‫الحجج التي أقامها عليهم شيخنا الناصح األمين‪:‬‬
‫فمن ذلك قولهم‪:‬‬
‫_ ال نأخذ بكالم الشيخ حتى يجمع عليه باقي علماء اليمن أو جلهم!!!‬
‫_ كالم الشيخ في عبد الرحمن بن مرعي ال ُيعبأ به ‪ ،‬ألن كالم األقران يطوى‬
‫وال يروى!!‬
‫_ الكالم في ابن مرعي والخالف فيه ‪ ،‬كاختالف السلف في بعض الرواة‪ ..‬مع‬
‫بقاء األلفة ‪ ،‬وعدم اإللزام بقول أحد !!!‬
‫سنّة‬‫ثم أردفت ك ّل شبهة بما يفنّدها – بإذن هللا ع ّز وج ّل‪ -‬من الكتاب وال ّ‬
‫وأقوال األئمة رضي هللا عنهم ورحمهم‪ ،‬وإن كان أمر التّقصير والقصور‬
‫حاصال‪،‬إال أنّي أسأله تعالى أن يتجاوز عنّا فيه‪ ،‬وهللا الموفّق ‪.‬‬
‫ثم أعقبتُ ذلك بخـــــــاتمة‪ ،‬ذكرت فيها نصيحة لنفسي وإلخواني الق ّراء ‪.‬‬
‫وأسأله تعالى أن يجعل ما كتبناه من ذبّ عن السنة وأهلها‪ ،‬ذخرًا لنا يوم‬
‫ولي ذلك والقادر عليه ‪.‬‬
‫نلقاه‪ ،‬إنه ُّ‬
‫وكتبه‪ :‬أبو حاتم‬
‫يوسف الجزائري‬
‫بمكتبة دار الحديث العامرةـ‬
‫بالسنة والعلم ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪9‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫التحذير والتزهيد من قلعة الحديث بدماج ‪:‬‬

‫ثم اعلم يا سائل الهداية والتوفيق أن أهل البدع واألهواء يتربصون بدار‬
‫الحديث الشامخة بدماج وغيرها من مراكز السنة الدوائر‪ ،‬وأنهم ليسوا بهادئين‬
‫عنها‪ ،‬وهم بين الحين واآلخر يحاولون أن يندسوا في أوساطها إلثارة‬
‫الفتن‪،‬وقد ذكر شيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظهـ هللا هذا في‬
‫"الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية" فقال‪ (:‬الوسيلة الخامسة‪ :‬محاولةـ‬
‫دخول الحزبيين في أوساط السلفيين‪ ،‬وفي معاقلهم‪ ،‬وتفكيكهم‪ ،‬أال تالحظون‬
‫حفظكم هللا ما صنعوا في السعودية؟ فإنهم لمّا رأوا دعوة التوحيد والسنة سائدة‬
‫في تلك الدولة ‪ ،‬حاول الحزبيون من أصحاب حسن البنا وسيد قطب أن يدخلوا‬
‫في جامعاتهم ‪ ،‬وأن يدخلوا في شؤون دعوتهم ‪،‬حتى أنشؤوا من يقوم بالدور‬
‫من أيادي قوية ممكنة ‪ ،‬جعلوا يزحزحون السلفيين عن كثير من األعمال‬
‫الهامة‪ ،‬واحدا بعد واحد‪.‬‬
‫وتاهلل إن الحزبيين ليسوا بهادئين عن دار الحديث بدماج وفروعها‪ ،‬ولو‬
‫استطاعوا أن يفعلوا ذلك ألسرعوا إليه الهرولة ‪ ،‬من أجل أن يفعلوا فيه نفس‬
‫ذلك األسلوب حتى يصير هذا يميّع هذا ‪ ،‬وهذا إذا تكلم قام ضده فالن ‪ ،‬ولكن‬
‫وهلل الحمد ؛ من حاول ذلك في مراكز السنة يبوء بالفشل إن شاء هللا ‪ ،‬فقد‬
‫وهبنا أنفسنا للدعوة السلفية وال نبغي بها بدال ‪‬فماذا بعد الحق إالّ الضّالل فأنّى‬
‫تصرفون‪( )..‬أضرار الحزبية على األمة اإلسالمية ص‪. ) 38 _37‬‬
‫وهكذا تجدهم في الخارجـ ساعين في ترويج األكاذيب والتلفيقات والشبه على‬
‫الناس ليقطعوا عليهم الطريق إلى الرفعة والسّؤدد ‪ ،‬وهم بهذا يصدون الناس‬
‫عن السنة وعن طلب العلم والتفقه في الدين ‪ ،‬ويسعون في هدم الدين شعروا أم‬
‫لم يشعروا‪.‬‬
‫وشَرطُه]‬
‫[ قُطّاع الطّريق ُن ّواب إبليس في األرض ُ‬
‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى في كتابه النفيس" مفتاح دارالسعادة‬
‫‪"1/160‬‬
‫وهو يتكلم عن أصناف الناس الذين يكون ذهاب اإلسالم على أيديهم ‪:‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪10‬‬
‫( ‪ ...‬والصنف الرابع ‪ :‬ن ّواب إبليس في األرض ‪ ،‬وهم الذين يثبّطون الناس‬
‫عن طلب العلم والتفقه في الدين ‪ ،‬فهؤالء أضر عليهم من شياطين الجن ‪،‬‬
‫فإنهم يحولون بين القلوب وبين هدى هللا وطريقه ‪ ...‬وهؤالء كلهم على شفا‬
‫جرف هار ‪ ،‬وعلى سبيل الهلكة ‪ ،‬وما يلقى العالم الداعي إلى هللا ورسوله ما‬
‫يلقاهـ من األذى والمحاربة إال على أيديهم ‪ ،‬وهللا يستعمل من يشاء في سخطه ‪،‬‬
‫كما يستعمل من يحب في مرضاته إنه بعباده خبير بصير ) ‪.‬‬
‫وقال في "مدارج السالكين‪ ..(:"2/464‬ولم ينه عن العلم إال قطاع الطريق‬
‫منهم ‪ ،‬ونواب إبليس وشرطه ) ‪.‬‬
‫سئل العالمة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا تعالى ‪ :‬هناك‬ ‫وقد ُ‬
‫إخوة جزائريون في المدينة ‪ ،‬يأتي األخ من الجزائر وغيرها‪ ،‬وقد جمع أمره‬
‫على الرحلة إلى دماج لطلب العلم ‪ ،‬فيثبطونه حتى يبقى‪ ،‬وهناك إخوة لهم‬
‫سنتان في المملكة‪ ،‬فنرجو منكم نصيحة لهؤالء الذين أصبحوا قطاع طرق عن‬
‫الخير؟ فأجابـ حفظهـ هللا تعالى‪( :‬هؤالء كما قال السائل قطاع طرق‪ ،‬لماذا‬
‫يحذرون من الدراسة في دماج‪ ،‬دا ٌر تدرس كل العلوم‪ ،‬وهللا ما يحذر منها إال‬
‫(‪)1‬‬
‫رجل يريد الصد عن سبيل هللا‪ ،‬وكذلك أخواتها دور الحديث األخرى) ‪.‬‬
‫وقد ذكر لنا كثير من إخواننا طلبة العلم الذين دخلوا اليمن مرورًا بأرض‬
‫الحجاز أنهم عانوا كثيرًا من تثبيط بعض السفهاء هناك عن المجيء إلى دار‬
‫الحديث بدماج‪ ،‬ومنهم من يشوه صورتها بافتراء الكذب‪...‬وال حول وال قوة إال‬
‫باهلل!! وما أظن سلفيًّا يفعل هذا فضالً عن أن يدين هللا به‪ ،‬وإنما هو فعل‬
‫الحزبيين المندسين في أوساط السلفيين لتشتيت شملهم‪ ،‬أو أنه فعل مغفل‬
‫مخذول تابع لكل ناعق صاح به ودعاه‪.‬‬
‫قال شيخنا العالمة المحدث أبو عبدالرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظهـ هللا‬
‫تعالى‪( :‬فمن حذر من مراكز السنة وعلماء السنة فهذا يداس‪ ،‬يداس وال‬
‫كرامة‪ ،‬فتراه يحقر ما عظم هللا‪ ،‬ويعظم ما حقرـ هللا‪ ،‬فاهلل يرفع شأن العلم فقال‪:‬‬
‫‪‬يرفع هللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‪ ‬وهذا المخذول يحقر‬
‫منهم )"الثوابت المنهجية" ص(‪.)20‬‬
‫هكذا يسعى نواب إبليس لضرب هذه الدار من الداخل والخارج‪،‬وبشتى‬
‫الوسائل يقطعون الطريق عن طالبيها‪ ،‬وليأذنوا بحرب من هللا ‪‬وتذوقوا السوء‬
‫بما صددتم عن سبيل هللا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() ‪ -‬حدثني بذلك الإخوة الأفاضل‪ :‬أبو العباس الشحري وأبو عبدهللا البيضاني وأبو‬
‫علي عبد هللا الليبي حفظهم هللا تعالى ‪ ،‬حيث سمعوا ذلك في مجلس من مجالس‬
‫رمضان ‪1427‬هـ ببيت الشيخ ربيع حفظه هللا تعالى ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪11‬‬
‫وسأعرض لك إن شاء هللا بعض ما يحاولون زرعه بين الحين واآلخر في‬
‫أوساط السلفيين داخل الدار وخارجها من تلفيقات وكذب وتلبيس لتزهيدهم‬
‫فيها ‪‬قاتلهم هللا أنى يؤفكون‪.‬‬

‫فمن ذلك قولهم‪:‬‬


‫ب والشّتم‬ ‫ليس في دار الحديث بد ّماج (‪ )1‬شغل غير ال ّ‬
‫س ّ‬
‫والوقيعة‬
‫في أعراض الدّعاة وأهل العلم!!!!!‬
‫وعلكة قذرة َيمضغونها ويُمضغونها أسمج‬ ‫السفهاء‪ِ ،‬‬
‫ولم أر ِفرية يتداولها ّ‬
‫وأقذر من هذه‪ ،‬وإنما يقول هذا أصحاب الحزبيات الذين يريدون قلب الحقائق‪،‬‬
‫روجون ِفريتهم في مغارب األرض‬ ‫في ّ‬‫ورمي طالب العلم في المزالق‪ُ ،‬‬
‫والمشارق‪ ،‬ليقطعوا عليه الطريق إلى السنة والصفاء والرفعة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬وليعلم أخي القاريء‪ ،‬أن أوّل مقصود من هذه النّقطة والتي بعدها‪ ،‬هو الشيخ يحيى‬
‫حفظه هللا تعالى‪ ،‬ولذلك اكتفينا بذكرها هنا ليكون الموضوع شامال‪ ،‬ومغنيًا عن إعادته‬
‫في فصل الطعون في الشيخ ‪ .‬وهللا الموفق‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪12‬‬
‫كل باطل‪،‬‬ ‫السهل والجبل‪ ،‬ووقفت في وجه ّ‬ ‫أن دعوة مألت ّ‬ ‫ومما ال شك فيه ّ‬ ‫ّ‬
‫صَوره وأشكاله ‪‬ليميز الخبيث من الطيب‪ ‬ومع هذا هي شامخة‬ ‫بمختلف ُ‬
‫شماء تعظ المتعلم وتعلم الجاهل‪ ،‬وتعطف على الصغير‪ ،‬وتأخذ بيد الكبير‬
‫وتقمع المعاند المكابر‪ ،‬وتزجر الفاسد الحاسد‪ ،‬فال غرابة أن ينبري لهذه‬
‫خصومها من أهل الباطل بالعداء والتنفير‪ ،‬ومع ذلك فأهل السنة بدار‬ ‫ُ‬ ‫الدعوة‬
‫الحديث الشامخة بدماج حرسها هللا تعالى منذ تأسيسها على يد اإلمام مقبل بن‬
‫هادي الوادعي رحمه هللا تعالى‪ ،‬إلى يومنا الحاضر‪ ،‬ال يفترون وال يكلون وال‬
‫يملُّون من طلب العلم مشايخ وطلبة‪ ،‬رجاالً ونسا ًء‪ ،‬أطفاالً وشيو ًخا‪ ،‬فالداعي‬
‫في دعوته‪ ،‬والمعلم في تعليمه‪ ،‬والكاتب في مكتبته‪...‬ولو كا نوا سبابين شتامين‬
‫ظلمة‪ ،‬النقطعت دعوتهم‪ ،‬وما انتشرت بين األنام بالقبول‪ ،‬ولغلبوا كما غلب‬
‫المفسدون قبلهم‪ ،‬بل ال تزال دعوتهم ظاهرة‪ ،‬مشتهرة‪ ،‬وأشرطتهم وتواليفهم‬
‫في شتى العلوم‪ ،‬يستضيء بها الناس في كل مكان‪.‬‬
‫وكـــم أنـاس لنبع العلم لم‬ ‫في أرض دماج حلّ القلب والجسد‬
‫يــردوا‬
‫لكـن بدمــاج زاد الخير‬ ‫والخير يـا شيخ في األصقاع قاطبة‬
‫والرشـــد‬
‫وكيف واآلي تزكي األرض‬ ‫صاف ما به كـــدر‬
‫ٍ‬ ‫نسيم دمـــاج‬
‫والسّند‬
‫لكنما العـــلم يعلو نـــوره‬ ‫في أرض دماج ال حزب وال صنم‬
‫صعـــد‬
‫ومن علوم لها في‬ ‫في سنة صرحهاـ في الكــون مرتفع‬
‫(‪)2‬‬
‫الحــــــق معتمد‬
‫السفهاء‪ ،‬ما ذا تعنون بالسب والشتم والوقيعة في أهل العلم؟! فإن‬ ‫لشلة ّ‬ ‫ثم نقول ّ‬
‫هذه األلفاط ُقلبت حقائقهاـ واستخدمت في غير محلها‪.‬‬
‫الرّد على‬
‫فإن عنيتم بها ما السلفيون عليه – بقلعة الحديث بدماج وغيرها ‪ -‬من ّ‬
‫البدع وأهلها‪ ،‬المحاربين للسنة ومنهج السلف‪ ،‬والمتطاولين على علماء األمة‬
‫ويردون‬
‫ُّ‬ ‫ويردون بغيهم على اإلسالم وتحريفهم له‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫حقًّا فإن السلفيين ينتقدونهم‬
‫تطاولهم على أهله‪ ،‬كل ذلك بالحق والعلم والحجة والبرهان سالكين في ذلك‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر "عوائق الدعوة السلفية" ص(‪ )21-15‬للشيخ الفاضل أبي عمرو الحجوري‬
‫حفظه هللا تعالى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬أبيات من قصيدة الشاعر السلفي أبي رواحة الموري حفظه هللا تعالى بعنوان‬
‫(دماج صرح العلم الشامخ) من ديوانه "النهر العريض" ص(‪.)57‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪13‬‬
‫طريق السلف الصالح ومن سار على دربهم كابن تيمية وابن القيم وابن‬
‫عبدالوّهاب‪ ،‬واألئمة من بعدهم كابن باز واأللباني وابن عثيمين والوادعي‪،‬‬
‫ونظرائهم من دعاة الحق وأنصار الدين والشجى في نحور أهل البدع‪ ،‬وقد‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى‪( :‬الرّاد على أهل البدع مجاهد‪،‬‬
‫حتى كان يحيى بن يحيى يقول‪ :‬الذب عن السنة أفضل من الجهاد) "نقض‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫المنطق" ص(‪)12‬‬
‫وقال‪( :‬ومثل أئمة البدع من أهل لمقاالت المخالفةـ للكتاب والسنة أو العبارات‬
‫المخالفةـ للكتاب والسنة‪ ،‬فإن بيان حالهم وتحذير األمة منهم واجب باتفاق‬
‫المسلمين‪ ،‬حتى قيل ألحمد بن حنبل‪ :‬الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب‬
‫إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال‪( :‬إن صام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه‪،‬‬
‫فبين أن نفع هذا عام‬
‫وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين‪ ،‬هذا أفضل‪ّ .‬‬
‫للمسلمين في دينهم‪ ،‬من جنس الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬إذ تطهير سبيل هللا ودينه‬
‫ومنهاجهـ وشرعته ودفع بغي هؤالء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية‬
‫باتفاق المسلمين‪ ،‬ولوال من يقيمه هللا لدفع ضرر هؤالء لفسد الدين‪ ،‬وكان‬
‫فساده أعظم من فساد استيالء العدو من أهل الحرب‪ ،‬فإن هؤالء إذا استولوا لم‬
‫يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إال تبعًا‪ ،‬وأما أولئك فهم يفسدون القلوب‬
‫ابتدا ًء) "الفتاوى" (‪.)232-28/231‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ونصوص الكتاب والسنة وكالم األئمة في هذا كثير ‪.‬‬
‫سبابًا وشتا ًما في أعراض أهل العلم من يقوم بهذا العمل‬
‫وال يجوز أن ُيسمّى ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫العظيم‪ ،‬إذ أن أهل البدع والفتن ليسوا من أهل العلم في شيء ‪ ،‬قال اإلمام‬
‫ابن عبدالبر رحمه هللا تعالى‪( :‬أجمع أهل الفقهـ واآلثار من جميع األمصار أن‬
‫أهل الكالم أهل بدع وزيغ‪ ،‬وال يكون يعدون عند الجميع في جميع األمصار‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر كتاب "جماعة واحدة ال جماعات" ص(‪ )83 ،82 ،80‬للعالمة المجاهد‬
‫الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا تعالى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬انظر لذلك كتب السنة "شرح أصول االعتقاد" لاللكائي‪ ،‬و"الشريعة" لآلجري‬
‫وغيرها‪ ،‬وكتاب "شرعية النصح والزجر والتحذير من دعاة الجهل والتحزب" لشيخنا‬
‫العالمة المحدث يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا تعالى‪ ،‬وكتاب "إجماع العلماء‬
‫على الهجر والتحذير من أهل البدع واألهواء" للشيخ خالد بن ضخوي الظفيري‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫() ‪ -‬وهذا عند إطالق لفظ (العلماء) و(أهل العلم) فإنه إنما ينصرف إلى أهله حقًا أهل‬
‫االستقامة والعلم‪ ،‬أما عند التقييد‪( :‬علماء الضاللة)‪( ،‬علماء السوء والبدعة‪ )...‬فإنه ال‬
‫ضير فيه لقوله تعالى‪( :‬أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل)‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪14‬‬
‫في طبقات العلماء‪ ،‬وإنما العلماء‪ :‬أهل األثر والفقه‪ ،‬ويفاضلون فيه باالتفاق‬
‫والمْيز والفهم) "جامع بيان العلم" (‪.)2/96‬‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫وإال فبهذا المنطلق المغالط يكون ابن تيمية والسلف شتامين لعلماء األمة‪،‬‬
‫وعلى رأسهم‪ :‬المرِّيسي‪ ،‬وعمرو بن عبيد‪ .!!!!!...‬وقد رد شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية على أنبل من هؤالء‪ ،‬مثل ابن كلّاب واألشعري والباقالني وابن‬
‫سب وشتم علماء أمة‬‫القشيري‪ ،‬بل والبيهقي والغزالي‪ .‬فهل نقول إنه ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلسالم ؟!! فهؤالء لفرط جهلهم لم يفرقوا بين السب والشتم‪ ،‬وبين الجرحـ‬
‫ألهل الباطل‪ ،‬والنصح للمسلمين والذب عن سنة سيد المرسلين‪ ،‬إذ أن السب‬
‫والشتم ال يجوز‪ ،‬والجرح ألهل الباطل واجب عند الحاجةـ باتفاق أهل العلم‪،‬‬
‫وكذا النصح للمسلمين‪ ،‬وصاحبه مستحق للشكر على ما يقوم به من جهاد‬
‫ونصح ‪.....‬‬
‫وشتا ًما؟!!!‬
‫سبابًا ّ‬
‫بل يكون النبي صلى هللا عليه وسلم على هذا – وحاشاه ‪ّ -‬‬
‫وشتا ًما‪ -‬في السنة كثير‪:‬‬‫إذ نحو هذا‪-‬م ّما يُس ّمونه ِسبابًا ِ‬
‫(‪)2‬‬
‫ومنه قوله صلى هللا عليه وسلم لمعاذ ‪« :‬أفتّان أنت يا معاذ» ‪.‬‬
‫وقوله ألبي ذر رضي هللا عنه عندما عير رجالً بأمه‪« :‬إنك امرؤ فيك‬
‫(‪)3‬‬
‫جاهلية» ‪ .‬وقوله صلى هللا عليه وسلم لصاحب السجع ‪ « :‬إنما هذا من‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ .‬وقوله لمن أبى األكل بيمينه ‪ « :‬ال استطعت‪ ،‬ما منعه‬ ‫إخوان الكهان‪» ..‬‬
‫(‪)5‬‬
‫إال الكبر » ‪.‬‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم لذي الخويصرة ‪ « :‬ويلك ‪ ،‬ومن يعدل إذا لم‬
‫أعدل؟‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫قد خبت وخسرت‪» ..‬‬
‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر كتاب "جماعة واحدة ال جماعات"للشيخ ربيع حفظه هللا‪ ،‬ص(‪.)83‬‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬متفق عليه‪ ،‬من حديث جابر‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫()‪ -‬متفق عليه من حديث أبي ذر‪ .‬قال اإلمام الوادعي رحمه هللا منبهًا‪( :‬وهذا في حق‬
‫هذين الصحابيين الجليلين ومن يشابههما‪ ،‬المراد به األدب‪ ،‬ال التجريح؛ وإنما ذكرنا‬
‫هذا ليدل على جواز إطالق مثل هذا على من يحتاج إلى تأديب) "المخرج من الفتنة"‬
‫ص(‪.)33‬‬
‫‪4‬‬
‫() _ متفق عليه من حديث أبي هريرة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫() ‪ -‬رواه مسلم من حديث سلمة بن األكوع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫() متفق عليه من حديث أبي سعيد ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪15‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وقوله لذلك الخطيب‪ « :‬بئس خطيب القوم أنت‪. » ..‬‬
‫وقوله لفاطمة بنت قيس‪ « :‬أما معاوية فصعلوك ‪ ،‬وأما أبو جهم فال يضع‬
‫(‪)2‬‬
‫العصا عن عاتقه » ‪.....‬‬
‫قال اإلمام األلباني رحمه هللا ‪ ..(:‬فالناس‪-‬من جملة ما اضطربوا في المفاهيم‬
‫وخرجوا عن الفهم الصحيح للكتاب والسنة‪: -‬أن المسلم إذا قال في حق عالم‪:‬‬
‫(أخطأ)‪ ،‬اعتبر هذا طعنا في الذي قيل فيه إنه (أخطأ)! وهذا جهل‪ ،‬قال‬
‫الرسول ‪ ‬ألبي بكر في قضية‪(:‬أخطأت)‪ .‬هل طعن الرسول في صاحبه في‬
‫الغار؟ حاشا‪ ،‬بل قال في بعض أصحابه حينما أفتى فتوى فأخطأـ فيها‪(:‬كذب‬
‫فالن)‪" )..‬السلفية ص‪. "65‬‬
‫سبابًا‬
‫وقال اإلمام المعلمي رحمه هللا تعالى‪( :‬ولم يكن صلى هللا عليه وسلم ّ‬
‫لعانًا‪...‬وإنما كان يرى من بعض الناس ما يضرهم في دينهم أو‬ ‫والشتّا ًما وال ّ‬
‫يخل بالمصلحة العامة أو مصلحة صاحبه نفسه فيكره صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ّ‬
‫ذلك وينكره فيقول‪« :‬ما له تربت يمينه» ونحو ذلك‪")..‬التنكيل"‪.‬‬
‫وقال اإلمام ابن رجب رحمه هللا في "الفرق بين النصيحة والتعيير"‪ (:‬وأما‬
‫المبيِّن لخطأ من أخطأـ من العلماء قبله‪ ،‬إذا تأدب في الخطابـ وأحسن الرد فال‬
‫حرج عليه وال لوم يتوجه عليه‪ ،‬وإن صدر منه من االغترار بمقالته فال حرج‬
‫عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول‪:‬كذب فالن‪.‬‬
‫ومن هذا قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬كذب أبو السنابل)‪.)..‬‬
‫بل وفي كتاب هللا عزّ وجلّ الكثير من ذلك أيضاً‪:‬‬
‫قال تعالى‪(:‬مثل الذين ُح ّملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل‬
‫أسفارا‪ )...‬اآلية‪ ،‬وقوله تعالى‪(:‬فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو‬
‫ي مبين)‪ ،‬وقوله‬ ‫تتركه يلهث‪ )...‬اآلية‪ ،‬وقوله تعالى‪ (:‬قال له موسى إنك لغو ٌّّ‬
‫تعالى‪(:‬وال تطع كل حالّف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم)‬
‫‪.‬وانظر كتاب" المخرج للفتنة‪ "37-27‬لإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى‬
‫وكتاب"شرعية النصح والزجر والتحذير من دعاة الجهل والتحزب والتلبيس‬
‫والتغرير" لشيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظةـ هللا تعالى‪.‬‬
‫وقد عدّ شيخنا المحدث الفقيه يحيى بن علي الحجوري حفظهـ هللا تعالى هذه‬
‫النقطة من الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية ومن التنفير المباشر عنها في‬
‫كتابه(أضرار الحزبية على الدعوة السلفية ص‪.)43‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه مسلم من حديث عدي بن حاتم‬
‫‪2‬‬
‫() رواه مسلم من حديث فاطمة بنت قيس ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪16‬‬
‫السّنة حقاًـ‪،‬‬
‫_ أما إن كانوا يعنون بقولهم‪(:‬يقعون في أعراض أهل العلم)أهلَ ّ‬
‫الذابّين عن حياضها؛ فهذا من افترائهم وكذبهم‬ ‫المتمسكين بها الداعين إليها‪ّ ،‬‬
‫وكل من تكلم في أهل الباطل وسخّر نفسه لبيان ما هم عليه‬ ‫ُّ‬ ‫على أهل السنة!!‬
‫رموه بذلك‪ ،‬وأهل السنة أعلم الناس بمعنى الوقيعة في األعراض والسّ ّ‬
‫ب‬
‫والشتم وأبعدهم عن ذلك‪ ،‬وقد صانهم هللا تعالى منه‪ ،‬وهم الذين يُربُّون الأمة‬
‫على اآلداب والأخالق الحميدة‪ ،‬وهم أحرص الناس على جمع الكلمة على‬
‫احترام أهل العلم وتوقيرهم وكتبهم ومجالسهم تشهد بذلك‪.‬‬
‫ثم إن كان هذا قصدهم فإن بيان أخطاء أفراد أهل السنة‪ -‬بضوابطه ‪ -‬بالحجةـ‬
‫والدليل مع احترامهم وتقديرهم نصحا ً لهم وأخذاً بأيديهم إلى الحق أمرٌ واجب‪،‬‬
‫والسكوت عنه خيانة وترك للنُّصح لهم‪ ،‬وليس في هذا طعن وال جرح في‬
‫(‪)1‬‬
‫المردود عليه ‪،‬بل هو من التعاون على الخير‪ ،‬قال تعالى‪«:‬وتعاونوا على‬
‫البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان»‪ ،‬وقال‪ «:‬والعصر إن اإلنسان‬
‫لفي خسر إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا‬
‫بالصبر»‪ ،‬وقال تعالى‪ «:‬والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر»‪ ،‬وقد امتدح هللا هذه األمة وجعلها خير األمم‬
‫بسبب قيامها بهذا الواجب العظيم فقال‪ «:‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون‬
‫بالمعروف وتنهون عن المنكر» ‪ ،‬وقد كان الصحابة رضي هللا عنهم ربما‬
‫أنكر بعضهم على بعض إذا رأوا مخالفةـ للدليل ‪،‬حتى جمع الزركشي كتابا‬
‫‪1‬‬
‫() قال العالمة ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا تعالى في( األجوبة السلفية على‬
‫األسئلة المنهجية ص‪( : ) 20-18-17‬لكن نميز بين أهل السنة وأهل البدعة‪ ،‬و كما‬
‫قال ابن حجر وقال غيره‪ (:‬المبتدع يهان وال كرامة ) ‪ ،‬يهان ألن قصده سيء ‪،‬‬
‫المبتدع صاحب هوى كما قال هللا تبارك وتعالى‪ :‬فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون‬

‫ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ‪..‬اآلية ‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ (:‬فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى هللا فاحذروهم )[متفق عليه‬
‫من حديث عائشة رضي هللا عنها]‪ ...‬وهؤالء يستغلون المتشابه قصدا واتّباعا للهوى‬
‫ليضلوا أنفسهم ويضلوا الناس فماذا يستحقون؟ يستحقون اإلهانة والتشريد إلى درجة‬
‫أن هذا الذي يتبع المتشابه إذا أصبح داعيا يقتل أو يضرب على حسب فتنته‪ ،‬فضال أن‬
‫ويقسى عليه في النقد عند الحاجة والضرورة‪ ...‬فأهل البدع ما نقول فيهم إنهم‬ ‫ينتقد ُ‬
‫مجتهدون ألنهم متبعون للهوى بشهادة هللا وشهادة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فالمبتدع الضال يفرق اآلن ويخطىء فيقول لك ‪ :‬هذا اجتهاد! لما قتل (حكمتيار)‬
‫واألحزاب الضالة (جميل) الرحمن قالوا‪:‬هذا اجتهاد!! استباحة دماء السلفيين اجتهاد‬
‫عندهم !!وهكذا ال يقع في ضاللة وطامة إال قالوا اجتهاد!! فهذا ظلم وتمييع لإلسالم ‪،‬‬
‫يجب أن يتبصر فيه المسلمون فيميزون بين أهل الهدى وكيف ينتقدونهم ويبينون‬
‫أخطاءهم‪ ،‬وبين أهل الضالل وكيف يتعاملون معهم ) ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪17‬‬
‫فيما أنكرته عائشة رضي هللا عنها على بعض الصحابة‪ ،‬وعلى هذا سار سلفنا‬
‫من بعدهم ‪ ،‬ولم يحملهم على ذلك إال النصح للدين وحب الخير للمنصوح‪،‬‬
‫وعلى هذا قام الدين خير القيام ‪ ،‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪ «:‬الدين‬
‫النصيحة ‪ ،‬قالوا لمن يا رسول هللا؟ قال‪ :‬هلل ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين‬
‫(‪)1‬‬
‫وعامتهم» ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن رجب رحمه هللا تعالى في"الفرق بين النصيحة والتعيير"‪ (:‬وقد‬
‫أجمع العلماء على جواز ذلك أيضا‪ ،‬ولهذا تجد كتبهم المصنفة في أنواع العلوم‬
‫الشرعية‪ ..‬ممتلئة من المناظرات ‪،‬ور ّدوا أقوال من تضعف أقواله من أئمة‬
‫السلف والخلف‪ ،‬من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ‪ ،‬ولم ينكر ذلك أحد من‬
‫أهل العلم وال ا ّدعى فيه طعنا على من رد عليه قوله‪ ،‬وال ذما وال‬
‫نقصا‪...‬فحينئذ‪ ،‬فرد المقاالت الضعيفة‪ ،‬وتبيين الحق في خالفها‪،‬باألدلة‬
‫الشرعية ليس هو مما يكره العلماء‪ ،‬بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون‬
‫عليه ‪ ،‬فال يكون داخال في باب الغيبة بالكلية‪ ،‬فلو فرض أن أحدا كره إظهار‬
‫خطئه المخالف للحق‪ ،‬فال عبرة بكراهته لذلك ‪ ،‬فإن كراهة إظهار الحق إذا‬
‫كان مخالفاـ لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة‪ ،‬بل الواجب على المسلم‬
‫أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين به‪ ،‬سواء كان ذلك في موافقته أو‬
‫مخالفته ‪ ،‬وهذا من النصيحة هلل ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين‬
‫وعامتهم وذلك كما أخبر به النبي ‪. ‬‬
‫وأما المبين لخطأ من أخطأـ من العلماء قبله‪ ،‬إذا تأدب في الخطابـ وأحسن الرد‬
‫فال حرج عليه وال لوم يتوجه عليه‪ ،‬وإن صدر منه من االغترار بمقالته فال‬
‫حرج عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول‪:‬كذب‬
‫فالن‪ .‬ومن هذا قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬كذب أبو السنابل)‪ ..‬وقد بالغ‬
‫األئمة الورعون في إنكار مقاالت ضعيفة لبعض العلماء وردوها أبلغ الرد كما‬
‫(‪)2‬‬
‫كان اإلمام أحمد‪ ..‬وسواء كان الذي يبين خطأه صغيرا أو كبيرا‪ ،‬وله أسوة‬
‫وأنكرت عليه من العلماء‬ ‫شذ بها ُ‬ ‫بمن رد من العلماء مقاالت ابن عباس التي ّ‬
‫مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك‪ ،‬ومن رد على سعيد بن المسيب‪..‬‬
‫ورد على الحسن‪ ..‬وعلى عطاء‪ ..‬وعلى طاوس قوله في مسائل متعددة شذ بها‬
‫عن العلماء‪ ،‬وعلى غير هؤالء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم‬
‫ومحبتهم والثناء عليهم‪ .‬ولم يعد أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها‬
‫طعنا في هؤالء األئمة وال عيبا لهم‪ ..‬وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في‬
‫‪1‬‬
‫() أخرجه مسلم من حديث تميم الداري رضي هللا عنه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() في المطبوع‪( :‬خطؤه)‪.‬ولعل ما أثبتنا هو الصواب‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬
‫(‪) 1‬‬
‫‪18‬‬
‫الدين فأما أهل البدع والضاللة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم ‪ ،‬فيجوز بيان‬
‫جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيرا من االقتداء بهم ‪ ،‬وليس كالمنا من هذا القبيل‬
‫وهللا أعلم‪ .‬ومن عرف منه أنه أراد على العلماء النصيحة هلل ورسوله ‪ ،‬فإنه‬
‫يجب أن يعامل باإلكرام واالحترام والتعظيم كسائر أئمة المسلمين الذين سبق‬
‫ذكرهم وأمثالهم ومن اتبعهم بإحسان )‪.‬‬
‫وقال العالمة عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب كما في" الدرر‬
‫السنية‪(:"9-4/8‬فما زال الصحابة ومن بعدهم ينكرون على من خالف وأخطأ‬
‫كائنا من كان ولو كان أعلم الناس وأتقاهم‪ ،‬وإذا كان هللا بعث محمدًا بالهدى‬
‫ودين الحق وأمرنا باتباعه وترك ما خالفه فمن تمام ذلك أن من خالفهـ من‬
‫العلماء مخطئ ينبه على خطئه وينكر عليه)‪.‬‬
‫وقال العالمة الفوزان حفظهـ هللا تعالى‪( :‬نحن نحب العلماء ‪ -‬وهلل الحمد‪-‬‬
‫ونحب الدعاة إلى هللا عز وجل‪ ،‬لكن إذا أخطأ واحد منهم في مسألة‪ ،‬فنحن‬
‫نبين الحق في هذه المسألة بالدليل وال ينقص ذلك من محبة المردود عليه‬
‫وال من قدره‪ ،‬يقول اإلمام مالك رحمه هللا‪( :‬ما منا إال را ٌد ومردود عليه إال‬
‫(‪)2‬‬
‫صاحب هذا القبر) يعني رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ...‬ولهذا يقول‬
‫(‪)3‬‬
‫بعض العلماء لما أخطأـ بعض زمالئه قال‪( :‬فالن حبيبنا ولكن الحق أحب‬
‫إلينا منه) هذا هو الطريق الصحيح‪ ،‬وال تفهموا أن الرد على بعض العلماء‬
‫في مسألة أخطأ فيها معناه تنقص له أو بغض‪ ،‬بل ما زال العلماء يرد‬
‫بعضهم على بعض وهم إخوة ومتحابون‪ ...‬يجب أن نعرف هذا وال نتكلم‬
‫محاباة لفالن‪ ،‬بل علينا أن نبين الخطأ) "األجوبة المفيدة" ص(‪.)177-175‬‬
‫وقال ابن الجوزي رحمه هللا تعالى ‪( :‬وقد كان اإلمام أبو عبد هللا أحمد بن‬
‫حنبل لشدة تمسكه بالسنة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من األخيار إذا‬
‫صدر منهم ما يخالف السنة ‪ ،‬وكالمه ذلك محمول على النصيحة للدين )‬
‫"مناقب اإلمام أحمدص‪."253‬‬
‫وقال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪( :‬يجب على من عثر على وهم‬
‫إنسان ولو كان من أكبر العلماء‪ -‬في عصره أو فيمن سبقه‪ -‬أن ينبه على هذا‬
‫الوهم وعلى هذا الخطأ ‪ ،‬ألن بيان الحق أمر واجب‪ ،‬وبالسكوت يمكن أن‬
‫يضيع الحق الحترام من قال بالباطل‪ ،‬ألن احترام الحق أولى بالمراعات‬
‫‪1‬‬
‫() يعني من باب أولى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬وقد جاء عند الطبراني في "الكبير‪ "11942‬بإسناد حسن عن ابن عباس رضي‬
‫هللا عنه مرفوعًا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫()‪ -‬قاله اإلمام ابن القيم في أبي إسماعيل الهروي كما في "مدارج السالكين"‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪19‬‬
‫)"كتاب العلم ص‪" ،"239‬شرح الحلية ص‪."211‬‬
‫وقال العالمة عبيد الجابري حفظهـ هللا تعالى ‪( :‬من األصول أن ُيَردَّ على‬
‫المخالف وإن كان من األئمة األعالم األثبات وال ينظر إلى حسناته‪ ،‬يرد‬
‫الخطأ ‪ ،‬يبين ويفند ويبين وجه الصواب‪")..‬األجوبة السلفية على األسئلة الدعوية‬
‫ص‪."54‬‬
‫قال اإلمام األلباني رحمه هللا تعالى‪(:‬ونحن‪..‬إذ نقول‪(:‬أخطأ)‪ ،‬ال نعني الغمز‬
‫وال اللمز وال الطعن‪ ...‬وإنما نعني أنه‪-‬أي المجتهد من هؤالء المجتهدين‪-‬إما‬
‫أن يؤجر أجرين‪ ،‬وإما أن يؤجر أجرا واحدا‪ ،‬فإذا أُجر أجرا واحدا فذلك‬
‫واحدا‪..‬‬
‫ً‬ ‫يساوي عندنا (أخطأ) ‪ ،‬و(أخطأ) يساوي عندنا أُجر ً‬
‫أجرا‬
‫فالناس‪ -‬من جملة ما اضطربوا في المفاهيم وخرجوا عن الفهم‬
‫الصحيح للكتاب والسنة(‪: -)1‬أن المسلم إذا قال في حق‬
‫عالم(أخطأ)‪ ،‬اعتبر هذا طعنا في الذي قيل فيه إنه (أخطأ)! وهذا‬
‫جهل‪،‬‬
‫قال الرسول ‪ ‬ألبي بكر في قضية‪(:‬أخطأت)‪ .‬هل طعن الرسول في صاحبه‬
‫في الغار؟ حاشا )"السلفية ص‪."65‬‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬وهذا فقه غاب عن كثير من الناس‪ -‬وحتى على بعض المنتسبين إلى السنة‪ -‬وصار‬
‫ك ّل من يبيّن خطأ بعض الفتاوى التي يرى أنها مخالفة لل ّدليل‪ ،‬قالوا‪ :‬هذا يطعن في‬
‫علماء السنّة !! جهال منهم بمنهج السلف في معاملتهم مع أخطاء المخالف منهم‪ ،‬ولم‬
‫يَ ْسلَ ْم منهم شيخنا يحيى الحجوري حفظه هللا تعالى‪ ،‬فمرّة يقولون‪ :‬يطعن في الشيخ‬
‫صالح الفوزان!! ومرّة في الشيخ عبد العزيز آل الشيخ!!!‪....‬كذبًا منهم وزورًا ‪.‬‬
‫وشيخنا حفظه هللا م ّمن يحترم أهل العلم‪ ،‬ويثني عليهم ويشيد بهم‪ ،‬كيف ال وهم أهل‬
‫سنّة واتّباع!!‪...‬وكونه ير ّد بعض ما يراه مخالفًا للدليل‪ ،‬سواء صدر من أئمة السلف أو‬
‫من المعاصرين‪ ،‬فهو بذلك قائم بالنّصيحة التي أوجبها هللا تعالى عليه‪ ،‬ومقتد بمنهج‬
‫السلف واألئمة‪ ،‬وال يُغضب ذلك أحدًا من أهل السنة حقًّا‪ ،‬ومن كره ذلك فال حجة في‬
‫كراهته كما قال اإلمام ابن رجب وغيره من األئمة‪.‬‬
‫وصدق شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى إذ قال في معرض ذكره لخطأ الرجل العظيم في‬
‫العلم وما يترتب عليه ‪ (:‬ويصير بذلك فتنة لطائفتين‪ :‬طائفة تعظّمه‪ ،‬فتريد تصويب ذلك‬
‫الفعل واتّباعه عليه‪ ،‬وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في واليته وتقواه‪ ،‬بل في برّه‬
‫وكونه من أهل الجنة‪ ،‬بل في إيمانه حتى تخرجه من اإليمان‪ .‬وكل هذين الطريقين‬
‫فاسد ‪ .‬ومن سلك طريق االعتدال عظّم من يستحق التعظيم وأحبه ووااله وأعطى الحق‬
‫حقّه‪...‬وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة‪ ،‬خالفا ألهل البدع من الخوارج والمعتزلة‬
‫ونحوهم )كما في"طريق الوصول رقم‪."243‬‬
‫وما م ّر من كالم أهل العلم في بيان ذلك‪ ،‬كاف في لقم المعاندين حجارة من طين ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪20‬‬
‫وقال العالمة ربيع بن هادي حفظهـ هللا تعالى‪( :‬باب النقد لأللباني وألمثاله‬
‫مفتوح –وهللا‪ -‬وال يغضب من ذلك ال األلباني وال أمثاله من حملة السنة‪،‬‬
‫النقد المؤدب الذي يحترم العلماء وليس له هدف إال بيان الحق‪ ،‬فهذا بدأ من‬
‫عهد الصحابة وال ينتهي‪...‬وارجعوا إلى كتاب الحافظـ ابن رجب رحمه هللا‪:‬‬
‫"الفرق بين النصحية والتعيير" إذ تكلم وبين فقال‪ :‬بيان الهدى وبيان الحق ال‬
‫بد منه‪ ،‬وقد انتُقد سعيد بن المسيب وابن عباس وطاووس وأصحاب ابن‬
‫وانتقدوا‪ ،‬وما قال أحد ‪ :‬إن هذا طعن‪ ،‬ما يقول بهذا إال أهل‬ ‫وانتقدوا ُ‬
‫عباس‪َ ،‬‬
‫األهواء فنقول‪ :‬ال‪ ،‬ال تنتقدوا األلباني‪ ،‬طيب‪ ،‬أخطاؤه تنتشر باسم الدين!‪،‬‬
‫وإال أخطاء ابن باز‪ ،‬وال أخطاء ابن تيمية وإال أخطاء أي واحد !!‬
‫أي خطأ يجب أن يبين للناس أن هذا خطأ‪ ،‬مهما علت منزلة هذا الشخص‬ ‫ُّ‬
‫الذي صدر منه هذا الخطأ‪ ،‬ألننا كما قلنا غير مرة بأن خطأه ُينسب إلى دين‬
‫هللا‪ ...‬فالشاهد أن النقد ألهل العلم ومن أهل العلم ينتقد بعضهم بعضًا‪،‬‬
‫ويبينون للناس الخطأـ تحاشيًا من نسبة هذا الخطأ إلى دين هللا عز وجل هذا‬
‫واجب وال نقول جائز‪ ،‬بل واجب أن تبينوا للناس الحق وتميزوا بين الحق‬
‫والباطل ﴿وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه ﴾‬
‫﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما‬
‫عصوا وكانوا يعتدون كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون‬
‫﴾ فالنقد من باب إنكار المنكر‪ ،‬فنقد األشخاص السلفيين الكبار إذا أخطأوا‪،‬‬
‫وبيان خطئهم هذا من باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬ومن باب‬
‫البيان الذي أوجبه هللا‪ ،‬ومن باب النصيحة التي أوجبها هللا وحتمها‬
‫علينا‪...‬ونقد األخطاء ونقد البدع مع التصريح باحترام أهل السنة وإثبات أن‬
‫للمجتهد إذا أصاب له أجرين‪ ،‬وإذا أخطأ فله أجر واحد‪ ،‬هذا ما ندين هللا به في‬
‫نقد أهل السنة وليس كذلك أهل البدع) ‪" .‬األجوبة السلفية على أسئلة أبي رواحة‬
‫المنهجية" ص(‪.)20-16‬‬
‫وكالم أهل العلم في هذا كثير‪.‬‬
‫مرض التّخــــــاذل]‬
‫ُ‬ ‫[ لكــنّه‬
‫وليعلم هؤالء‪ ،‬أن أهل السنة بدماج وغيرها على بصيرة من أمرهم‪ ،‬وأنهم لن‬
‫يتركوا ما أوجب هللا عليهم من بيان الحق والمنافحة عنه بالصفيح األملج‬
‫والدليل األبلج‪ ،‬بسبب سفاهة القوم وتثبيطهم‪ ،‬وكما قال العالمة ابن الوزير‬
‫ب عن الحق خوفاً‬ ‫الذ ّ‬
‫رحمه هللا تعالى‪( :‬ولو أن العلماء رضي هللا عنهم تركوا ّ‬
‫من كالم الخلق‪ ،‬لكانوا قد أضاعوا كثي ًرا وخافوا حقي ًرا) "العواصمـ والقواصم"ـ‬
‫(‪.)1/223‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪21‬‬
‫وقد قال تعالى‪﴿ :‬ولينصرن هللا من ينصره إن هللا قوي عزيز ﴾ وقال ﴿فإن يكفر‬
‫بها هؤالء فقد وكلنا بها قو ًما ليسوا بها بكافرين ﴾ وقال ﴿وإن تتولوا يستبدل‬
‫قو ًما غيركم ثم ال يكونوا أمثالكم ﴾ ‪.‬‬
‫(وفي الوقت الذي نرى فيه نزرًا ينزوي عن النذارة بغير وجه‪ ،‬نرى فريقًا‬
‫آخر يضيف إلى ذلك المجادلة عن المبطلين بتخذيل القائم بالحراسة‪ ،‬لتغطية‬
‫مرض التقصير بداء التخذيل‪ ،‬وانظر كيف ُتدفع آفة بآفة‪ ،‬وتعوق مسيرة الحياة‬
‫اإلسالمية الصافية‪..‬أال إن التخذيل في هذه المسيرة اآلثمة كما أنه انصراف‬
‫وهز لمواقفهم‪،‬‬‫ٌّ‬ ‫عن معاضدة العدل ونصرة الحق‪ ،‬وتعرية لفرسان الدعوة‪،‬‬
‫فهو مظاهرة للمجرمين من المبتدعين والمفسدين‪ ،‬وهللا سبحانه قد نهى عن‬
‫ذلك فقال تعالى‪﴿ :‬فال تكونن ظهيرًا للكافرين ﴾ وقال عن موسى عليه السالم‬
‫﴿قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرًا للمجرمين ﴾‪...‬وما حال المخذل‬
‫المخذول إال كما قال شاعر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حسان بن ثابت‬
‫رضي هللا عنه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ظهر‬ ‫أم َلحاني عن‬ ‫بالحزْن ْتيس‬
‫ما أبالي أنب َ‬
‫ب لئيم‬
‫غْي ٍ‬
‫َ‬
‫ولغيره‪:‬‬
‫أن رمى فيه غالم‬ ‫ما يضير البحر أمسى زاخرًا‬
‫بحجر‬
‫تعرضًا للمصلحين‪ ،‬فإن هذا من أسباب زيادة‬ ‫وكلما ازداد المخذِّل المخذول ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫األجر للداعي على بصيرة الذاب عن حرمات الدين) ‪.‬‬
‫ونقول لهؤالء المخذّلين ‪ :‬إنكم إذا عجزتم عن اتِّباع طريق أهل السنة‬
‫الحقيقيّين‪ ،‬وعلى رأسهم الصحابة والتابعون وأتباعهم‪ ،‬فال يجوز لكم أن‬
‫تنسبوا إليهم مذهبًا يتبرؤون منه‪ ،‬وواقعهم على خالفه ودينهم ال يرضاه ‪.‬‬
‫كما ال يجوز أن ُتشن المعارك الطاحنة ضدهم إن هم ساروا على طريق‬
‫سبًا وشت ًما وعداء لعلماء اإلسالم‪ ،‬وهم في‬ ‫ل عملهم هذا ّ‬ ‫وجْع ِ‬
‫السلف الكرام‪َ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واقع أمرهم لم ينتقدوا إال أئمة البدع والضالل‪ ،‬وقادة الفتن والمحن ‪.‬‬
‫وقال العز بن عبد السالم‪ (:‬أوجب هللا على العلماء إعزاز الدين وإذالل‬
‫المبتدعين‪ ،‬فسالح العالم علمه‪ ،‬كما أن سالح الملك سيفه وسنانه‪ ،‬فكما ال‬
‫يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن الملحدين والمشركين؛ ال يجوز للعلماء‬
‫إغماد ألسنتهم عن الزائغين والمبتدعين‪ ،‬فمن ناضل عن هللا وأظهر دين هللا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫()‪ -‬من كتاب "الرد على المخالف" ص(‪ .)74-70‬بتصرف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬انظر كتاب "جماعة واحدة ال جماعات" للعالمة ربيع حفظه هللا تعالى‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪22‬‬
‫كان جديرًا أن يحرسه هللا تعالى بعينه التي ال تنام‪ ،‬ويُع َّزه بع ّزه الذي ال يُضام‪،‬‬
‫خصوصا وقد قال القشيري‪ :‬سمعت أبا علي ال ّدقّاق يقول‪ :‬من سكت عن الحق‬
‫فهو شيطان أخرس ‪.‬‬
‫فالسّاكتون عصاة آثمون‪ُ ،‬مندرجون تحت قوله تعالى‪ :‬كانوا ال يتناهون عن‬
‫(‪)1‬‬
‫منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) ‪.‬‬
‫قل فيه من يساعد على نصرة الحق والتحذير من أهل الباطل‪،‬‬ ‫ونحن في زمان ّ‬
‫وكثُر فيه المثبّطون عن ذلك‪ ،‬وقد قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا تعالى في‬
‫كتابه"االعتصام" (‪...( :)30-1/29‬مع أن الداخل في هذا األمر فالموالي له‬
‫يخلد به إلى األرض‪ ،‬ويلقي له باليد إلى العجز عن بث الحق بعد رسوخ‬
‫العوائد في القلوب‪ ،‬والمعادي يرميه بالدردبيس‪ ،‬ويروم أخذه بالعذاب‬
‫البئيس‪...‬فالمعترض لهذا األمر ينحو نحو عمر بن عبدالعزيز رضي هللا عنه‬
‫في العمل حيث قال‪( :‬أال وإني أعالج أمرًا ال يعين عليه إال هللا‪ ،‬فقد فني عليه‬
‫الكبير وكبر عليه الصغير ‪ ،‬وفصح عليه األعجمي‪ ،‬وهاجر عليه األعرابي‪،‬‬
‫حتى حسبوه دينًا ال يرون الحق غيره)‪.‬‬
‫وكذلك ما نحن بصدد الكالم عليه‪ ،‬غير أنه أم ٌر ال سبيل إلى إهماله‪ ،‬وال يسع‬
‫منة فيه إال األخذ بالحزم والعزم في ّبثه بعد تحصيله على كماله‪،‬‬ ‫أحًدا ممن له ّ‬
‫وإن كره المخالف؛ فكراهيته ال حجة فيها على الحق أال يرفع مناره‪ ،‬وال‬
‫يخسف أنواره)‪ .‬اهـ المراد ‪.‬‬

‫ومن ذلك قولهم ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() نقال عن مقدمة تحقيق"الردعلى الجهمية لإلمام أحمد"بتحقيق دغش العجمي(ص‬
‫‪.)62‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪23‬‬
‫هــــــــــؤالء ُمتشـــدِّدون!!!‬

‫اعلم ‪ -‬وفّقنا هللا وإياك إلى سلوك طريق الرشاد‪ -‬؛ أن األصل في أسلوب‬
‫الدعوة هو ما وصفه هللا عز وجل في كتابه الكريم فقال‪ :‬اُدع إلى سبيل‬
‫ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ‪ ،‬وقول النبي ‪: ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫« إن الرفق اليكون في شيء إال زانه‪ ،‬وال يُنزع من شيء إالّ شانه » ‪،‬‬
‫وقوله‪ « : ‬إن هللا رفيق يحب الرفق‪ ،‬ويعطي على الرفق ما ال يعطي على‬
‫(‪)2‬‬
‫العنف‪ ،‬وما ال يعطي على ما سواهما » ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫المدعوون من المخالفين‪ ،‬فيختلف حالهم بحسب تفاوتهم في قبول الحق‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫أ ّما‬
‫ومعاملة كلٍّ وفق ما يقتضيه حاله‪ ،‬من‬
‫ُ‬ ‫وانقيادهم إليه‪ ،‬وبحسب اتجاهاتهم ‪.‬‬
‫تمام الحكمة المأمور بها ‪:‬‬
‫_ فمنهم أهل ِعناد وزَ يْغ‪ ،‬يُجادَلون بالتي هي أحسن‪ ،‬فإن لم ينفع معهم تكون‬
‫ال ّش ّدة والغلظة عليهم خير عالج لر ْدعهم أو للوقاية منهم ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن باز رحمه هللا تعالى‪ (:‬وال شك أن الشريعة اإلسالمية الكاملة‬
‫جاءت بالتحذير من الغل ّو في الدين‪ ،‬وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنة‪ ،‬والجدال بالتي هي أحسن‪ ،‬ولكنها لم تُهمل جانب الغلظة‬
‫والشدة في محلها حيث ال ينفع اللين والجدال بالتي هي أحسن‪ ،‬كما قال‬
‫سبحانه‪ :‬يأيّها النبي جاهد الكفارـ والمنافقين واغلظ عليهم ‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفارـ وليجدوا فيكم غلظة واعلموا‬
‫أن هللا مع المتقين ‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬وال تجادلوا أهل الكتاب إال بالتي هي‬
‫أحسن إال الذين ظلموا منهم ‪ ،‬أما إذا لم ينفع واستمر الظلم أو الكفر أو‬
‫الفسق في عمله ولم يبال بالواعظ والناصح؛ فإن الواجب األخذ على يديه‪،‬‬
‫ومعاملته بالشدة‪ ،‬وإجراء ما يستحقه من إلقامة ح ّد أو تعزير أو تهديد أو‬
‫توبيخ‪ ،‬حتى يقف عند حدّه‪ ،‬وينزجر عن باطله )"مجموع فتاوى ومقاالت‬
‫‪. "303-3/302‬‬

‫‪1‬‬
‫() أخرجه مسلم من حديث عائشة رضي هللا عنها ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() أخرجه مسلم من حديث عائشة رضي هللا عنها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫() ثم وقفت‪ -‬بحمد هللا تعالى‪ -‬على كالم لإلمام ابن القيم رحمه هللا كما في"التفسير القيم‬
‫ص‪ ،"344‬ذكر فيه نحو هذا التقسيم ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪24‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى‪(:‬فإن الظالم باغ معتد مستحق‬
‫للعقوبة‪ ،‬اليجب االقتصار معه على التي هي أحسن‪ ،‬بخالف من لم يظلم؛ فإنه‬
‫يُجادل بالتي هي أحسن )"الجواب الصحيح‪"2/37‬‬
‫وقال رحمه هللا‪ (:‬وكان نبينا مبعوثا بأعدل األمور وأكملها‪ ،‬فهو الضحوك‬
‫القتال‪ ،‬وهو نبي الرحمة ونبي الملحمة‪ ،‬بل أ ّمته موصوفون بذلك في قوله‬
‫تعالى‪ :‬أش َّداء على الكفارـ رحماءـ بينهم ‪ ،‬وقوله‪ :‬أذلّة على المؤمنين‬
‫‪...‬فإن مج ّرد اللّين يُفسد ‪ ،‬ومجرد الشدةـ تفسد )‬ ‫أع ّزة على الكافرين‬
‫"منهاج السنة‪."6/138‬‬
‫لكن يختلف ذلك بحسب حال المخالفةـ في نفسها‪-‬من فسق أو بدعة أو كفر‬
‫وغير ذلك‪ -‬من كونها عظيمة المفسدة أوْ ال‪ ،‬واشتهار صاحبها بها واستظهار‬
‫أتباعه‪..‬‬
‫قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا‪ (:‬إن القيام عليهم بالتثريب أو التنكيل‪ ،‬أو الطرد‬
‫أو اإلبعاد أو اإلنكار‪ ،‬هو بحسب حال البدعة في نفسها من كونها عظيمة‬
‫المفسدة في الدين أوْ ال‪ ،‬وكون صاحبها مشتهرا بها أو ال‪ ،‬وداعيا إليها أو ال‪،‬‬
‫ومستظهرًا باألتباع أو ال‪ ،‬وخارجًا عن الناس أو ال‪ ،‬وكونه عامال على جهة‬
‫الجهل أو ال‪ ،‬وكلُّ هذه األقسام له اجتهاد ي ُخصُّ ه‪")...‬االعتصام‪. "1/225‬‬

‫_ ومنهم المظهر لإلنصاف الطالب للحق‪ ،‬وتختلف معاملته أيضًا‪-‬كما مرّ‪-‬‬


‫بحسب نوع المخالفة ومفسدتها‪....‬فتكون على قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬فمنهم من يُنزَّل منزلة المعاند‪ ،‬فيُعامل بالغلظة‪ ،‬تنبيها له وزجرًا ‪.‬‬
‫فمن ذلك ما جاء في "الصحيحين" من حديث جابر ‪ ، ‬في قصة معاذ ‪ ‬حين‬
‫كان ي ُؤ ُّم قومه ويُطيل عليهم‪ ،‬فزجرهـ النبي ‪ ‬وقال له‪ «:‬يا معاذ !أفتّان أنت‪...‬‬
‫»‪.‬‬
‫وما جاء عند مسلم في"صحيحه"من حديث عبد هللا بن عمرو‪‬أن النبي ‪ ‬رأى‬
‫أمرتك بهذا! » قال‪ :‬أغسلهما؟‬‫عليه ثوبين معصفرين‪ ،‬فقال زاج ًراـ له ‪ «:‬أُ ُّمك َ‬
‫قال‪« :‬بل احرقهما»ـ ‪.‬‬
‫وغير ذلك كثير‪ ،‬وقد م ّر ذكر بعض األمثلة في الكالم على المسألة السابقة‬
‫‪.‬وفي نحو هذا قال شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪(:‬المؤمن للمؤمن كاليدين‬
‫تغسل إحداهما األخرى‪ ،‬وقد ال ينقلع الوسخ إالّ بنوع من الخشونة‪ ،‬لكن ذلك‬
‫يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين ) " الفتاوى ‪-28/53‬‬
‫‪."54‬‬
‫‪ - 2‬ومنهم من يُكتفى في دعوته ومعاملته باللين والرفق ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪25‬‬
‫واستخدام الغلظة والشدة مع مراعاة هذه المراتب‪-‬كلٍّ بحسبه‪ -‬منهج رباني‬ ‫ُ‬
‫سلفي حكيم كما سبق‪ ،‬وليس من ال ّش ّدة المذمومة في شيء‪ ،‬بل من ال ّش ّدة التي‬
‫(‪)1‬‬ ‫ّ‬
‫حث عليها الشرع ‪ ،‬وسار عليها السلف الصالح رضوان هللا عليهم‪ ،‬وكانت‬
‫تُعد من أظهر عالمات أهل السنة والجماعة‪ ،‬ومحمدة ومنقبة عظيمة لهم‪،‬‬
‫ومنّة من هللا عليهم‪ ،‬ومن أعظم الزاد ليوم المعاد ‪ ،‬أذ ّل هللا بها أهل األهواء‬
‫على أيديهم‪ ،‬وش ّد بها ظهور أهل السنة عليهم‪.‬‬
‫قال اإلمام أسد بن موسى في رسالته التي كتبها إلى أسد بن فرات ‪ ( :‬اعلم‪ -‬أي‬
‫أخي‪-‬أن ما حملني على الكتابة إليك ما ذكر أهل بالدك من صالح ما أعطاك‬ ‫ّ‬
‫هللا من إنصافك على الناس‪ ،‬وحسن حالك مما أظهرت من السنة‪ ،‬و َعيْبك ألهل‬
‫البدعة‪ ،‬وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم‪ ،‬فقمعهم هللا بك‪ ،‬وش ّد بك ظهر أهل‬
‫السنة‪ ،‬وق ّواك عليهم بإظهار عيبهم‪ ،‬والطعن عليهم‪ ،‬فأذلَّهم هللا بذلك‪ ،‬وصاروا‬
‫ببدعتهم متستّرين‪ ،‬فأبشر‪-‬أي أخي‪-‬بثواب ذلك‪ ،‬واعت ّد بها أفضل حسناتك من‬
‫الصالة والحج والجهاد‪ ،‬وأين تقع هذه األعمال من إقامة كتاب هللا وإحياء سنة‬
‫رسوله‪" )..‬البدع والنهي عنها البن وضاح‪."29-28‬‬
‫وقال الشيخ العالمة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه هللا‬
‫من هللا به عليك من جهادك أهل البدع‪،‬‬ ‫في بعض رسائله ‪..(:‬وقد بلغني ما َّ‬
‫واإلغالظ في اإلنكار على الجهمية المعطلة ومن واالهم‪ ،‬وهذا من أج ّل النعم‬
‫وأشرف العطايا‪..‬وهو من أظهر شعائر السنة وآكدها‪ ،‬وإنما يختص به في كل‬
‫عصر ومصر‪ :‬أهل السنة وعسكر القرآن‪ ،‬وأكابر أهل الدين واإليمان‪ ،‬فعليك‬
‫بالج ّد واالجتهاد‪ ،‬واعتد به من أفضل الزاد للمعاد‪ ،‬قال تعالى‪ :‬إنّا لننصر‬
‫رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد ‪" ) .. ..‬عيون‬
‫الرسائل‪."540-2/539‬‬
‫(‪)2‬‬
‫لكن حين ابتعد الناس عن كتاب ربهم وسنة نبيهم‪ ،‬أصبحوا ال يُميّزون بين‬
‫المبتدع والمتَّبع‪ ،‬والسلفي والمتميّع‪ ،‬وأنَّى لهم التمييز وفاقد الشيء ال‬
‫‪1‬‬
‫() قال الدكتور الرحيلي في كتابه"موقف أهل السنة من أهل األهواء‪ (:"2/577‬فليعلم‬
‫أن تقريرمشروعية إذالل أهل البدع وإهانتهم عند أهل السنة والجماعة‪...‬إنما جاء‬
‫تأصيله لمقصدين شرعيين ساميين‪:‬‬
‫المقصد األول‪ :‬استجابة ألمر هللا وأمر رسوله ‪ ‬بترك تعظيم أهل البدع‪ ،‬ووجوب إذاللهم‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪( :‬واغلظ عليهم) وقال النبي ‪( ‬ال تقولوا للمنافق سيد) ‪...‬واتباعا‬
‫لهدي سلف األمة الصالح فيما اتّفقوا عليه من إذالل أهل البدع واحتقارهم وتطبيقهم‬
‫لهذا المنهج معهم‪...‬‬
‫المقصد الثاني‪ :‬درء المفاسد المترتّبة على تعظيم أهل البدع‪.)..‬‬
‫‪2‬‬
‫() انظر"قراع الأسنة ص‪"54‬للشيخ عبد العزيز الب َُرعي حفظه هللا‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪26‬‬
‫يُعطيه‪....‬والمستقيم ليس متش ّددا‪ ،‬والذين يرمون الدعاة إلى هللا َ‬
‫أهل السنة‬
‫بقلعة العلم الشامخة بدماج بالتّش ّدد؛ ال يعنون بالمتش ّدد إالّ المستقيم المتمسّك‬
‫بالكتاب والسنة‪ ،‬من حيث يعلمون ومن حيث ال يعلمون ‪....‬ولكن ما دُمنا نعلم‬
‫أنّا لم نَحد عن سنة رسول هللا ‪ ، ‬فال نُبالي‪ ،‬فَلَ َك ْم أوذي األنبياء والصالحون‬
‫من بعدهم‪...‬‬
‫قال العالمة ربيع بن هادي المدخلي حفظهـ هللا تعالى ‪..(:‬فإن أهل األهواء اآلن‬
‫تعلّقوا مثال بكلمة ‪:‬فالن عنده شدّة!! فنفّروا من كتبه! هل كان السلف إذا‬
‫ص ّد عن‬‫قالوا‪ :‬فالن شديد على أهل البدع‪ ،‬يذ ُّمونه بهذا؟! أو يريدون بذلك ال ّ‬
‫سبيل هللا كما يفعل هؤالء من أهل األهواء اآلن )"األجوبة السلفية على أسئلة‬
‫أبي رواحة المنهجية ص‪. "19‬‬
‫وهذا اإلمام ابن القيم رحمه هللا يحكي منهج الصحابة مع أهل األهواء فيقول‪:‬‬
‫(وقد كان ابن عباس شديدًا على القدرية‪ ،‬وكذلك الصحابة )"شفاء العليل ص‬
‫‪. "60‬‬
‫وما قصة عمر ‪ ‬مع صبيغ بن عسل‪ ،‬عنك ببعيد ‪.‬‬
‫وهكذا األئمة من بعدهم‪ ،‬قال اإلمام أحمد رحمه هللا ‪ (:‬إذا رأيت الرجل يغمز‬
‫حماد بن سلمة‪،‬فاتّهمه على اإلسالم‪ ،‬فإنه كان شديدًا على المبتدعة) "السير‬
‫‪."452-7/447‬‬
‫وقال اإلمام مالك رحمه هللا‪ (:‬ال تُسلم على أهل األهواء وال تجالسهم‪ ،‬إال أن‬
‫تغلظ عليهم‪ ،‬وال يُعاد مريضهم‪")..‬الجامع البن أبي زيد القيرواني ص‪."125‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي رحمه هللا تعالى‪ (:‬حكمي في أصحاب الكالم أن يُضربوا‬
‫بالجريد والنعال‪ ،‬ويُحملوا على اإلبل ويُطافَ بهم في العشائر والقبائل ويُقال ‪:‬‬
‫هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكالم ) "شرح السنة للبغوي‬
‫‪."1/218‬‬
‫وجاء في ترجمة القاضي أبي علي يعقوب بن إبراهيم البرزيني‪ (:‬وكان‬
‫متشدّدا في السنة )"طبقات الحنابلة‪."2/246‬‬
‫وقال الذهبي في ترجمة أبي المظفرـ السمعاني رحمه هللا‪..(:‬وكان شو ًكا في‬
‫(‪)1‬‬
‫أعين المخالفين‪")..‬السير‪. "19/116‬‬
‫وما حملهم على ذلك إال النصح للمسلمين ‪.‬‬
‫قال ابن الجوزي رحمه هللا تعالى ‪( :‬وقد كان اإلمام أبو عبد هللا أحمد بن حنبل‬
‫سكه بالسنة‪ ،‬ونهيه عن البدعة‪ ،‬يتكلم في جماعة من األخيار إذا‬ ‫لشدّة تم ُّ‬
‫‪1‬‬
‫() وأمثلة ذلك كثيرة ج ًّدا‪ ،‬وانظر ما سبق منها وأمثلة أخرى كتاب"إجماع العلماء على‬
‫الهجر والتحذير من أهل األهواء" للشيخ خالد بن ضحوي الظفيري‪ ،‬فقد عقد فيه فصال‬
‫لذلك‪.‬فجزاه هللا خيرًا‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪27‬‬
‫صدر منهم ما يخالف السنة ‪ ،‬وكالمه ذلك محمول على النصيحة للدين )‬
‫"مناقب اإلمام أحمدص‪."253‬‬
‫ّ‬
‫ومن الناس من وسّع دائرة إطالق لفظ التش ّدد على السلفيين عموما‪ ،‬وعلى أهل‬
‫السنة بدماج خصوصًا‪،‬حتّى أصبحوا يعيبونهم باألخذ بعزائم األمور! وإحياء‬
‫ما هو من السنن مهجور! فيص ّورونهم للناس غالةً! جفاةً!ـ ال يعرفون من‬
‫الدين غير(القشور)! ويقولون ‪ :‬هؤالء متش ّددون!! ليقطعوا الطريق إلى دار‬
‫سنة وشيخ صبور‪ ،‬وصدَق الجبّار المنتقم القائل في كتابه‪ :‬ومكر أولئك هو‬
‫يبور ‪.‬‬
‫وأهل ال ّسنّة‪-‬بدماج وغيرها‪ -‬وهلل الحمد‪ ،‬أهل وسطيّة وعدل‪ ،‬ال إفراط عندهم‬
‫أهل ال ُميُوعة غير راضين بذلك‪ ،‬وما هم فيه من الميوعة‬ ‫لكن َ‬ ‫وال تفريط‪ّ ،‬‬
‫والتيسير‪-‬زعموا!‪ -‬أش ّد ضررًا على اإلسالم م ّما يرمون به أهل السنة‬
‫والوسطيّة‪.‬‬
‫أن الحكم على الناس بالتش ّدد وعدمه‪ ،‬حكم‬ ‫ث ّم اعلم ‪ -‬وفّقك هللا لك ّل خير‪ّ -‬‬
‫شرعي اليتوالّه كل أحد‪ ،‬وإنّما هو ألهل العلم واإلنصاف‪.‬‬
‫قال العالمة صالح الفوزان حفظه هللا‪ (:‬فالتساهل في أمــور الــدين ال يقِ ـ ُّل‬
‫خطــورة عن الغل ـ ّو‪ ،‬بل هو ش ـ ّر منهـ‪ ،‬ولهــذا قــال تعــالى‪ :‬وهللا يريد أن‬
‫‪،‬‬ ‫يتــوب عليكم ويريد الــذين يتّبعــون الشــهوات أن تميلــوا ميال عظيما‬
‫فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصّالة واتّبعوا الشــهوات‬ ‫وقال تعالى‪:‬‬
‫فسوف يلقون غيًّا إال من تاب وآمن وعمل صالحا ‪.‬‬

‫فالمتساهلون يصفون المتمسّكين بالــدين والوســطية بــأنهم متشـ ّددون غالة‬


‫ومتطرّفون‪...‬وربّما يقول بعضهم‪ :‬إن الدين يســر!! يريد بــذلك التّحلّل من‬
‫شرائعه‪ ،‬ونقول‪ :‬نعم‪ ،‬الــدين يسر في تشــريعاته ورخصه الشــرعية‪ ،‬وهو‬
‫يشــــرع لكل حالة ما يناســــبها من حالة المــــرض والســــفر والخــــوف‬
‫والضــرورة‪،‬ـ ال أنّه يسر في التحلل من أحكامــه‪ ،‬فهــذا ليس يســرا ! وإنما‬
‫هو حرج وإثم‪ ،‬والنبي ‪ ‬ما ُخيِّر بين أمرين إال اختــار أيســرهما ما لم يكن‬
‫إثما ‪ .‬فالتيسير الذي يوقع في اإلثم خرو ٌج عن سماة الدين وهديه‪ ،‬وشرور‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪28‬‬
‫االنحالل من الــــدين أشــــ ّد من شــــرور الغلو فيــــه‪ ،‬وهــــؤالء الجهّــــال‬
‫والمغرضون ليسوا هم الذين يبينون معنى الغلو‪ ،‬وإنما الذين يبينون حدود‬
‫الغلو والتطرّف هم العلماء األتقياء الراسخون في العلم على ضوء الكتاب‬
‫والســنة ‪ ،‬ال الصــحفيون وأصــحاب الشــهوات والجهــال أو المتعــالمون أو‬
‫أهل الضـــالل وهللا جل وعال يقـــول‪ :‬فســـئلوا أهل الـــذكر إن كنتم ال‬
‫تعلمون ‪.‬ويقــول جـ ّل وعال‪ :‬قل هل يســتوي الــذين يعلمــون والــذين ال‬
‫يعلمون إنما يتذكر أولوا األلباب ‪ .‬فمــتى خرجنا عن بيــان أهل العلم إلى‬
‫بيان أهل الضالل أ ْم َعنّا في الضالل والخطأ‪...‬فيصفون التمسك بالدين بأنه‬
‫تش ّدد‪ ،‬ويصفون المتمسكين بالــدين وبالعقيــدة الصــحيحة بــأنهم متطرفــون‬
‫وغالة وهكذا‪ ،‬فالغالي يرى أن المعتدل متساهل‪ ،‬والمتساهل يرى المعتدل‬
‫غاليا ومتشــ ّددا‪ ،‬والحمد هلل أن هللا لم يجعل هــؤالء وال هــؤالء هم الــذين‬
‫يحكمـــون في هـــذا البـــاب وتُقبل أقـــوالهم‪ ،‬وإنما وكله هللا إلى العلمـــاء‬
‫الراسخين المعتدلين على ضــوء الكتــاب والســنة ومنهج الســلف الصــالح‪،‬‬
‫ألن الحكم بالغلو أو بالتساهل حكم شرعي تــترتّب عليه آثــاره‪ ،‬فال يتــوالّه‬
‫كل من هبّ ودبّ على حسب هــواه‪")..‬البيــان ألخطــاء بعض الكتــاب ص‬
‫‪ ."159‬وانظر رســـالة شـــيخنا حفظه هللا تعـــالى‪" :‬المفهـــوم الصـــحيح‬
‫للتيسير"‪.‬‬
‫فهالّ ذكرتم لنا عال ًما سلفيًّا واحدًا يرمي أهل ال ّسنّة‪ -‬بد ّماج – بالتش ّدد؟!!!‬
‫أم تقولون على هللا الكذب وأنتم تعلمون !!‬
‫بتطـرف وتسـرع وتشـدد‬ ‫ال تلمزونا ياخفافيشـ الدجى‬
‫سرنا على نهج الخليل محمد‬ ‫التقـذفونا بالشذوذ فـــإننـا‬
‫أو بالحديث المستقيم المسند‬ ‫ولكل قول نستــــدل بآيــة‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪29‬‬

‫ومن كذبهم وافترائهم قولهم‪:‬‬


‫دمـّــــاج تغيـّــرت على ما كانت عليــــه!!‬
‫وأصبحت دار فتــــــــــن!!!‬

‫ال يخفى على ك ّل صاحب بصــيرة تأ ّمل في ســنن هللا في خلقــه‪ ،‬أنه ال يجد‬
‫ويظن أنه على هــدى مســتقيم‪ ،‬وأن أهل‬‫ّ‬ ‫زائغا عن طريق الحق القويم‪ ،‬إالّ‬
‫الحق ُمغيِّرو ن وعلى طريق ســقيم قل هل أُنبّــؤكم باألخســرين أعمــاال‬
‫‪.‬‬ ‫الذين ض ّل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا‬
‫ق بالتّغيُّر أو التّغيير‪ ،‬فِرية قذفها إبليس اللعين في روع من‬ ‫ي أهل الح ّ‬‫ورم ُ‬
‫َ‬
‫انتكست فطرته‪ ،‬وزاغ قلبُه‪ ،‬ليُلبّسوا على الناس أمرهم‪ ،‬ويص ّدونهم عن‬
‫صراط الذين أنعم هللا عليهم‪.‬‬
‫فقد استخدمها المشركون أهل األوثان‪ ،‬ورموْ ا بها نبيّنا ‪ ، ‬فقالوا‪ :‬تغيّر وغيّر‬
‫دين آباءنا وأجدادنا!!! وهكذا أعداء الرّسل ‪.‬‬
‫واستخدمها الرّافضة الملعونون‪ ،‬ورموْ ا بها أفضل النّاس بعد األنبياء‬
‫والمرسلين‪ ،‬صحابةَ رسول هللا ‪ ‬األمين‪ ،‬فقالوا ‪ :‬تغيّروا وغيّروا من بعده !!!‬
‫وورثها عن هؤالء وهؤالء‪ ،‬أهل البدع واألهواء‪ ،‬فرموْ ا بها أهل السنّة‬
‫األبرياء !!!‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪30‬‬
‫ومن ُورَّاث هذا الفكر الخبيث؛ بعض خصوم اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى‪،‬‬
‫وكذا بعض األغمار م ّمن انتكس قلبه‪ ،‬من بعد ما عرفوا السنة ودعوْ ا إليها‪،‬‬
‫إن دار‬ ‫وذبُّوا عنها!!‪ ..‬فأشاعوا بعد موت اإلمام الوادعي رحمه هللا وأذاعوا ‪ّ :‬‬
‫الحديث بد ّماج تغيّرت من بعده!!!! كذبًا منهم وزورا‪ ،‬وص ًّدا عن سبيل هللا ‪،‬‬
‫وكيدًا بدعوة اإلمام الوادعي السّلفيّة النّقيّة ‪.‬‬
‫ق بتشنيعه بلباس من‬ ‫وصدق اإلمام ابن القيم رحمه هللا إذ قال‪ (:‬وكم ُر ّد من الح ّ‬
‫اللفظ قبيح )"مفتاح دار السعادة‪."1/444‬‬
‫وكان م ّمن تولّى كبرها؛ ذلكم ال ّزائغ المهين‪(:‬أسامة القوصي) – عامله هللا بما‬
‫أهل ال ُّسنّ ِة‬
‫ق الجديدة‪ ،‬وعادى َ‬ ‫أن اتّخذ له تِل ُك ُم الطّري َ‬
‫ق‪ -‬وذلك بعد ِ‬ ‫يستح ّ‬
‫والعقيد ِة‪ ،‬وأصبح يشيد بأهل البدع وجامعة األزهر و ُمفتيها!! وأخذته ال ّدنيا‬
‫مأخ ًذا كبيرا!! ‪...‬وال حول وال ق ّوة إالّ باهلل !‬
‫وقد صدق‪ -‬وربِّي – من قال من السلف‪ (:‬ما ابتدع رجل بدعة إال أتى غدا بما‬
‫كان ينكره اليوم )!! ‪.‬‬
‫واقتدى بهؤالء وهؤالء وذاك‪ ،‬أصحابُ الحزبيّة الجديدة و َمن في قلبه مرض‪،‬‬
‫أرضهم ومسكنَهم‪ ،‬ودعوتُها دعوتُهم‪ ،‬تن ّكروا لها وقالوا‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وبعدما كانت (د ّماج)‬
‫تغيّرت !!!‬
‫أن أهل السنة بقلعة العلم بد ّماج‪ -‬حرسها هللا من كيد‬ ‫وليعلم القاصي وال ّداني؛ ّ‬‫ْ‬
‫ق ُمستمسكون‪ ،‬ينهوْ ن‬ ‫الكائدين‪ ،‬وزيغ ال ّزائغين – على ال ّدرب سائرون‪ ،‬وبالح ّ‬
‫عن المنكر وبالمعروف يأمرون‪ ،‬ال إفراط عندهم وال هم يُفرِّ طون‪ ،‬اليت ّغيّرون‬
‫وال يتب ّدلون – بإذنه ع ّز وجلّ‪. -‬‬
‫من المؤمــنين رجــال صــدقوا ما عاهــدوا هللا عليه فمنهم من قضى نَحْ به‬
‫ومنهم من ينتظر وما ب ّدلوا تبديال ‪.‬‬
‫على العهد ال يلوي وال‬ ‫تزول الجبال ال ّراسيات وقلبهم‬
‫يتغيّر‬
‫وهذه تواليفهم وأشرطتهم ودعوتهم‪ ،‬فأين التّغيير فيها لو كنتم تص ُدقون؟!!!‬
‫بل أنتم المغيّرون المب ّدلون لو كنتم تعقلون !!‬
‫والمتأ ّمل أيضا في أحوال الناس وتقلُّباتهم بين الخير والتّر ّدي‪ ،‬يجدهم على‬
‫أصناف ‪:‬‬
‫‪ -‬فمنهم المتغيّر من الخير إلى خير مثله أو أحسن منه ‪.‬وهذا الصنف‬
‫أسماها وأفضلها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ومنهم متغيّر من الش ّر إلى الخير ‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم المتغيّر من ال ّش ّر إلى ش ّر مثله أو أسوأ منه ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪31‬‬
‫‪ -‬ومنهم متغيّر من الخير إلى ال ّش ّر ‪ .‬وهذا ش ّر هذه األصناف وأرداها ‪.‬‬
‫والنّاظر في التّغيُّرات الحاصلةـ بعد موت اإلمام الوادعي رحمه هللا في قلعة‬
‫العلم ال ّشامخة بد ّماج‪ ،‬يجدها في ذروة التّغيُّر وأحسنه ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ض ْعفَ ْي ما كان عليه ‪ ،‬ورُحل إلى ال ّدار من ك ّل‬ ‫فقد ازداد عدد الطّالّب إلى ِ‬
‫بقاع األرض طلبًا للعلم والهداية‪ ،‬وأصبحت مكانة د ّماج العلمية في السّاحة‬
‫عالية رفيعة‪ ،‬بما يصدر منها من كتب وبحوث وأشرطة علميّة‪ ،‬انهال الناس‬
‫عليها مستفيدين منها ومسترشدين ‪ ،‬و ُوسِّع المسجد إلى ضعفي ما كان عليه‬
‫أيضا‪...‬‬
‫أ ّما قطاع الطرق‪ ،‬فقد نالوا من التّغيّر شرّأقسامه‪ ،‬وانقلبوا ش ّر منقلب ألم‬
‫تر إلى الذين ب ّدلوا نعمة هللا كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار ‪ ،‬ذلك بأن‬
‫‪.‬‬ ‫هللا لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم‬
‫فاللهم يا مقلّب القلوب‪ ،‬ثبّت قلبي على دينك ‪.‬‬
‫ق من بعض المشايخ من طالّب اإلمام الوادعي‬ ‫وهنا كلمة أنقلها‪ ،‬وشهادةُ ح ٍّ‬
‫رحمه هللا تعالى‪ ،‬وهو الشيخ الفاضل أبو عمرو عبد الكريم الحجوري ‪ ،‬يقول‬
‫حفظه هللا تعالى ‪:‬‬
‫( الحمد هلل رب العالمين وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له؛ وأشهد ّ‬
‫أن‬
‫مح ّمدًا عبده ورسوله‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫يَا أَ ْه َل ْال ِكتَــا ِ‬
‫ب قَـ ْد َجـ ا َء ُك ْم َر ُسـولُنَا يُبَي ُِّن لَ ُك ْم َكثِــيراً‬ ‫قال سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫ِم َّما ُك ْنتُ ْم تُ ْخفُونَ ِمنَ ْال ِكتَا ِ‬
‫ب َويَ ْعفُو ع َْن َكثِ ٍ‬
‫ير قَ ْد َجا َء ُك ْم ِمنَ الل ِه نُو ٌر َو ِكتَابٌ‬
‫ُمبِ ٌ‬
‫ين ‪.‬‬
‫وقد بعث هللا رسوله محمدًا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬في أوحال الشرك‬
‫وأدحاض الضالل والكفر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬لَقَ ْد َم َّن اللهُ َعلَى ْال ُم ْؤ ِمنِينَ إِ ْذ بَ َع َ‬
‫ث‬
‫َاب َو ْال ِح ْك َمةَ َوإِ ْن‬
‫فِي ِه ْم َرسُوالً ِم ْن أَ ْنفُ ِس ِه ْم يَ ْتلُو َعلَ ْي ِه ْم آيَاتِ ِه َويُزَ ِّكي ِه ْم َويُ َعلِّ ُمهُ ُم ْال ِكت َ‬
‫ين ‪.‬‬ ‫الل ُمبِ ٍ‬
‫ض ٍ‬ ‫َكانُوا ِم ْن قَ ْب ُل لَفِي َ‬

‫‪1‬‬
‫() ويصل عددهم في زمن العطلة إلى سبعة آالف طالب‪ ،‬وال يقلُّ في ســائر األوقــات‬
‫األخرى عن خمسة آالف طالب‪ .‬أسأل هللا تعالى أن يحفظهم من كل سوء ومكروه‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪32‬‬
‫وقد روى اإلمام أبو داود في "سننه" برقم(‪ )4219‬عن أبي هريرة ‪ ‬عن‬
‫رسول هللا ‪ ‬قال ‪ :‬إن هللا يبعث لهذه األمة على رأس كل مئة سنة من يج ّدد‬
‫لها دينها ‪.‬‬
‫ومن أولئكم األئمة األفذاذ‪ ،‬والعلماء النُّقاد؛ شيخنا العالمة النحرير مقبل بن‬
‫هادي الوادعي رحمه هللا‪ ،‬الذي ج ّدد هللا به الدين في بالد كثيرة من العالم سيما‬
‫بالد اليمن التي خرج إليها شيخنا مقبل رحمه هللا من بالد السعودية‪ ،‬وقد طغى‬
‫عليها التشيع والتصوف‪ ،‬وما بقي أخذه التحزب المقيت ‪.‬‬
‫فقام شيخنا ودعا إلى هللا وعلّم وألّف وجال في أكثر البالد‪ ،‬وهرع إليه الناس‬
‫من شتى بقاع األرض‪ ،‬فأحيا علوم السنة بعد أن كادت تموت بل ماتت في‬
‫بالدنا اليمنية إال النادر الضئيل‪ ,‬قال شيخنا في "مقدمة الجامع الصحيح في‬
‫القدر"(ص‪:) 5‬‬
‫(فإنه م ّما ق ّدر هللا على بعض البالد اليمنية؛ أن تعيش زيادة على ألف سنة في‬
‫ظلمات التشيع المبتدَع‪ ،‬وأباطيل الرفض الممقوت‪ ،‬حتى اختلطت البدعة‬
‫‪1‬‬
‫بدمائهم ولحومهم وأُشربت بها قلوبهم ‪ ) ...‬إلخ‪.‬‬
‫وأقام شيخنا مركزاً علمًيّـًّا ضخما ً – بل على اصطالح القوم ‪ :‬جامعةـ كبرى –‬
‫وتعليم الكتاب والسنة والعمل بذلك والدعوة إليهما‪ ،‬مع العناية بحسن‬‫ِ‬ ‫نشر‬
‫في ِ‬
‫التربية والتصفية في طالب الدار وغيرهم ‪.‬‬
‫وقد بلغ طالبه على ما يزيد على مائة ألف طالب‪ ,‬كما ذكره أخونا الفاضل أبو‬
‫سليمان القطري في رسالته في وصف دماج‪ ،‬ورسالته مطبوعة ضمن كتاب‬
‫شيخنا "الباعث على إنكار الحوادث" وقد طُبعت في حياة الشيخ رحمه هللا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬يقول العالمة حامل لواء الجرح والتعديل الشيخ ربيع بن هادي المــدخلي حفظه هللا‪،‬‬
‫في رثائه لإلمــام الــوادعي رحمه هللا‪ ،‬ونصــيحته ألهل اليمن‪ (:‬هــذا ما نُعــ ّزيكم به في‬
‫ق في بالد اليمن‪ ،‬وامتدّت‬
‫حامل لواء السنة والتوحيد‪ ،‬ذلكم الداعي إلى هللا المجدّد بح ّ‬
‫آثار دعوته إلى أصقاعـ شتّى من أصقاعـ األرض‪،‬ـ وأقــول لكم ما أعتقــده‪ :‬إن بالدكم بعد‬
‫المفضــلةـ عــرفت الســنة ومنهج الســلف الصــالح على تفــاوت في الظهــور‬
‫ّ‬ ‫القــرون‬
‫والقـــ ّوة‪ ،‬ومع ذلك فما أعـــرف نظـــي ًرا لهـــذا العهد الـــذي منّ هللا به عليكم وعلى أهل‬
‫اليمن‪،‬على يد هذا الرجل الصالح المحدّث‪ ،‬ال ّزاهد الورع‪ ،‬الذي داس الـدّنياـ وزخارفها‬
‫تحت قدميه ) ‪.‬‬
‫وقد شهد بتجديد وإمامة الوادعي رحمه هللا تعالى أيضــا؛ فطاحل أهل العلم‪ ،‬كاإلمــامين ابن‬
‫عثيمين رحمه هللا‪ ،‬والنجمي حفظه هللا تعالى وغيرهما‪ ،‬ولقد أصبح إنكار ذلك وتهمي ُشه‬
‫سفسطة وسفهًا‪ ،‬وهللا المستعان ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬ ‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫" نَ ْ‬
‫‪33‬‬
‫ولقد أقضّت دعوة شيخنا الحقّة مضجع أهل البدع بمختلف صورهم وأشكالهم‪،‬‬
‫ولذا فلقد استعملوا كل األساليب في التحذير منه‪ ،‬ولم يتركوا طريقة يظنون‬
‫أنها تزهّد في دعوة الشيخ إالسلكوها‪ ،‬إ ّما بالقول أو الفعل‪ ،‬وكان من أشهر‬
‫أن الشيخَ مقبالً قد مات!! وهذا‬ ‫وآخر ما ر َّوجُوه ‪-‬في حياة الشيخ رحمه هللا‪ّ :-‬‬
‫تكرّر كثيراً والشيخ بين أظهرنا! وهو حي يرزق ويتعجب من كالمهم!!‬
‫أن النّاس إذا سمعوه لن يذهبوا إلى مركز الشيخ لطلب‬ ‫وهذا فعلوه ظنّا منهم ّ‬
‫أن الشيخ إذا مات ذهبت دعوته!! ‪.‬‬ ‫العلم‪ ،‬وظنّا منهم ّ‬
‫ُكلُّ نَ ْف ٍ‬
‫س َذائِقَةُ‬ ‫ول ّما جاء األجل المحتوم الذي قضاه هللا على ك ّل نفس‪:‬‬
‫ُ‬
‫ار َوأ ْد ِخ َل ْال َجنَّةَ‬ ‫ت َوإِنَّ َما تُ َوفَّوْ نَ أُج َ‬
‫ُور ُك ْم َيوْ َم ْالقِيَا َم ِة فَ َم ْن ُزحْ ِز َـح ع َِن النَّ ِ‬ ‫ْال َموْ ِ‬
‫ُور ‪ ،‬وتوفّي الشيخ رحمه هللا‪ -،‬وخيّب‬ ‫ع ْال ُغر ِ‬ ‫فَقَ ْد فَازَ َو َما ْال َحيَاةُ ال ُّد ْنيَا إِاَّل َمتَا ُ‬
‫ق وأهله‪ -‬كان الشيخ ع ِهد بمركزهـ ودعوته إلى‬ ‫هللا ظنون الحاقدين على الح ّ‬
‫أبرز طُالَّبه وأعل ِمهم وأحز ِمهم فأوصى له‪ ،‬وهو شيخنا الفقيه المح ّدث العالمة‬ ‫ِ‬
‫يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا‪ ،‬وكان الشيخ قد خَ بَ َرهُ وسبره طيلة‬
‫ق وأه ٌل للقيام بعده إن جاءه أمر هللا ‪.‬‬ ‫مرضه‪ ،‬فعلم أنّه أح ُّ‬
‫فكان هذا األمر أش ّد على أهل الباطل من وقع النّبل‪ ،‬حيث إنهم لم يكونوا‬
‫ق!! فاستعملوا ع ّدة أساليب للتّحذير والتّنفير من‬ ‫أن تبقى ال ّدعوة والح ّ‬ ‫يحسبون ْ‬
‫أن‬‫صيِّ ِه الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظهـ هللا‪ ،‬منها ّ‬ ‫وو ِ‬ ‫دعوة خليفته َ‬
‫الشيخ يحيى غي ََّر!! وليس على ما كان عليه الشيخ!! وهذا منهم فشل واضح!‬
‫وضعف كاسح! ألمور أه ّمها ‪:‬‬
‫ً‬
‫أن دعوة شيخنا مقبل رحمه هللا كانت حقّا – وهم في‬ ‫‪ -‬أنه اعتراف منهم ّ‬
‫الحقيقة ال يعترفون بذلك‪. -‬‬
‫وألن بعض من يُطلق هذه المقالة هم خصوم شيخنا مقبل رحمه هللا‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫فيُقال لهم‪ :‬متى رضيتم أنتم عن دعوة ال ّشيخ رحمه هللا؟!‬
‫‪ -‬شعو ٌر بثقة النّاس بدعوة ّشيخنا مقبل رحمه هللا ‪ .‬وما كان مثلها دون‬
‫غيرها ‪.‬‬
‫أن هذه دعوى عارية عن ال ّدليل والبرهان! بل هي محض افتراء!!‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ولست أدري!! هل يذكر أصحاب هذه الفرية نموذجًا حتّى من خالله‬
‫نبيّن بطالنها!!! أم أنهم ال يذكرون شيئًا وإنّما يُطلقون الكالم على‬
‫عواهنه!!!‬
‫‪ -‬ولكن سأبيّن للقارىء اللّبيب فساد مقالتهم ‪:‬‬
‫فبمقارنة زمن شيخنا مقبل رحمه هللا مع زمن شيخنا يحيى‪ ،‬لم أر أنا وال‬
‫غيري من عقالء النّاس تغيُّ ًرا!!‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬ ‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪34‬‬
‫وطالب الدار‪ ,‬وفضالء أهل البالد – وغيرهم من المنصفين‪-‬مقرون أنه لم‬
‫يحصل تغير كما زعموا!‬
‫والشيء بالشيء يذكر فلقد التقيت بمؤرخ اليمن القاضي إسماعيل األكوع‬
‫وفقه هللا تعالى‪ ,‬وكان في معرض سؤالي له‪ :‬لِ َم لم يذكر دار الحديث بدماج‬
‫في كتابه(هجر العلم ومعاقله في اليمن) كما ذكر غيرها مما ال يوازى بها!؟‬
‫فسألني عن الدار‪ ,‬وعن الشيخ يحيى حفظه هللا‪ ,‬وكان مما قال لي من نفسه‪:‬‬
‫نعم أنا أسأل عن الشيخ يحيى فقالوا‪ :‬هو سائر على نفس سير الشيخ مقبل‬
‫رحمه هللا‪.‬اهـ ‪.‬‬
‫ففي مجال الثبات على الكتاب والسنة على فهم السلف لم يحصل تغير‪.‬‬
‫وهات سنة واحدة كانت تُعمل ترك العمل بها اآلن‪ ,‬أو هات محر ًماـ كان ينهى‬
‫عنه أصبح جائ ًزا اآلن؟!‬
‫وكذا في سيرة ال ّدعوة؛ هو نفس السّير الذي كان يسير في زمن الشيخ رحمه‬
‫هللا ‪.‬‬
‫وكذا في مجال ال ّدروس؛ لم يتغيّر بشيء‪ ،‬فالنّهج الذي كان يُنهج في زمن‬
‫شيخنا رحمه هللا في باب ال ّدروس؛ هو النّهج الّذي عليه المركز اآلن ‪.‬‬
‫وكذا في باب القبول أو الطّرد‪.‬‬
‫وكذا في باب البحث والتّأليف‪.‬‬
‫وكذا في باب ال ّر ّد على أهل البدع والتّحذير من شرّهم‪ ،‬فكما كان شيخنا مقبل‬
‫رحمه هللا تُقرأ عليه أسئلة ويُجيب عليها في العقيدة أو الفقه أو في بيان حال‬
‫المبطلين‪ ،‬وكان يُحاضرـ في ال ّداخل والخارجـ على الهاتف‪ ،‬فكذا الحال اآلن‪،‬‬
‫وما علم شيخنا مقبل رحمه هللا مبتدعًا إال ور ّد عليه وبيّن حاله‪ ،‬أشخاصاـ كانوا‬
‫أو جماعات‪ ،‬وارجع إلى كتب وأشرطة الشيخ رحمه هللا‪ ,‬وقد أفرد كالم الشيخ‬
‫صاـ كانوا‪ ,‬أو فرقًا‪.‬‬ ‫رحمه هللا فيمن تكلم فيهم بالتصنيف؛ أشخا ً‬
‫وهات مبتدعا بان شرُّ ه ولم ير ّد عليه شيخنا يحيى حفظهـ هللا؟‬
‫وعلى كلٍّ ‪ ،‬فهذه نماذج‪ ,‬وعند المقارنةـ يتّضح كذب هذه المقالة وحقد قائلها‪،‬‬
‫وأقول لهم كما قال هللا تعالى‪َ :‬وإِ َذا خَ لَوْ ا عَضُّ وا َعلَ ْي ُك ُم اأْل َنَا ِم َل ِمنَ ْال َغي ِْظ قُلْ‬
‫ور ‪.‬‬ ‫ت الصُّ ُد ِ‬ ‫ُموتُوا ِب َغي ِْظ ُك ْم إِ َّن اللهَ َعلِي ٌم بِ َذا ِ‬
‫والشاعر يقول‪:‬‬
‫وْ ِم أو ُس ُّدوا المكان الذي َس ُّدوا‬ ‫أقلُّوا عليهم ال أبا ألبيكم من ال ّل‬
‫فمركز دماج عام ٌر اآلن بحمد هللا بأضعاف ما كان عليه في حياة شيخنا مقبل‬
‫رحمه هللا‪ ،‬من حيث العدد والعلم والتعليم والدعوة والتحقيق والتأليف‪ ،‬والناس‬
‫في غاية السّرور والفرح بهذا الدار العامر في داخل البالد وخارجها؛ فوهللا ما‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪35‬‬
‫ِسرْ نا بقعة من أرض هللا الواسعة‪ ،‬في اليمن أو في الشرق أو في الغرب؛ إال‬
‫وجدنا الناس في غاية التّلهف للرحلةـ والبقاء في دار الحديث بد ّماج ‪.‬‬
‫فالواقع شاهد العيان‪ ،‬وخير برهان‪ ،‬على بطالن هذا الهذيان‪ ،‬وإذا كنت بعيدًا‬
‫ْصر صدق ما أقول‪.‬‬ ‫أخي المسلم فادنو وأَب ِ‬
‫قد ح ّدثوك فما راء كمن سمع‬ ‫يا ابن الكرام أال تدنو فتبصر ما‬
‫فدعني من بنيّات الطّريق‬ ‫فهذا الحق ليس به خفاءـ‬
‫وقال اآلخر‪:‬‬
‫شيء إذا احتاج النهّار إلى‬ ‫وليس يص ّح في األذهان‬
‫دليل‬
‫ولقد أحسن من قال‪:‬‬
‫فهل يعمى العالمون عن‬ ‫وهبني قلت الصّبح ليل‬
‫الضّياء!!‬
‫كتبت هذه الوريقات المختصرة على عجل من أمري لضيق الوقت‪ ،‬ولكن‬
‫استجابة لطلب أخينا المفضال يوسف الجزائري حفظه هللا‪ ،‬وما توفيقي إالّ باهلل‬
‫عليه تو ّكلت وإليه أُنيب ‪.‬‬
‫أبو عمرو الحجوري ‪/3‬محرم‪ ,1429/‬دار الحديث بد ّماج )‪.‬‬
‫أ ّما قولهم عن ال ّدار‪ ( :‬أصبحت دار فتن !!!)‪ ،‬فهي فرية من جنس ما قبلها‪،‬‬
‫وقد كفانا أهل العلم المنصفون النّاصحون مؤنة ال ّر ّد عليهم ‪.‬‬
‫سئل الشيخ الدّاعية البصير‪ ،‬محمد بن عبد هللا اإلمام حفظه هللا‬
‫فقد ُ‬
‫تعالى‪:‬‬
‫ظهر عندنا في هذه األيّام شباب يتكلّمون على مركز د ّماج ويطعنون فيه‪،‬‬
‫ويقولون ‪ :‬إنّه دار فتن!! فما نصيحتكم لهم ؟‬
‫وأصحاب فِتَن‪ ،‬فدار الحديث‬
‫ُ‬ ‫سو ٍء‪،‬‬‫فأجاب حفظه هللا ‪ (:‬هؤالء قو ُم ُ‬
‫في د ّماج يُع ُّد تاجا ألهل السنة في اليمن وفي غير اليمن‪ ،‬ويُع ُّد جامعة أهل‬
‫مسخرين من قِبل‬ ‫َّ‬ ‫السنة العالميّة‪.....‬فهؤالء إ ّما أن يكونوا‬
‫جهة معيّنة‪ ،‬مستخدمين لغرض الفتن وغرض الطعن‬
‫وهكذا‪ ،‬فيُنصح لهم‪ ،‬فإن قبلوا فذاك‪ ،‬ماقبلوا عُرفوا أنهم‬
‫أصحاب فتن وأصحاب قول جائر‪ ،‬فال يُعبأ بقولهم وال‬
‫يُصغى إليه‪ ،‬ونسأل هللا ع ّز وج ّل أن يُصلحهم ‪.‬‬
‫أ ّما هذا؛ يُع ُّد من جملة االنحرافات‪ ،‬إذا كان ما قُبل هذا‬
‫سف‪ ،‬وبما فيه من إنكار أمر حقيقي‬ ‫الكالم بما فيه من التّع ُّ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪36‬‬
‫واقعي‪ ،‬ما قُبل م ّمن هم قد صاروا في الحساب مشايخ !‬
‫فكيف يُقبل م ّمن هو غم ٌر من األغمار!!! نسأل هللا أن‬
‫يُصلحنا وإيّاهم ) ‪.‬‬
‫سئل الشيخ النّاقد البصير‪ ،‬عبد العزيز البرعي حفظه هللا تعالى‪:‬‬
‫و ُ‬
‫التشويه‬
‫ولكن كثُر ّ‬
‫ْ‬ ‫تعلمون أن أعظم معاقل السنة في اليمن معهد دمّاج‪،‬‬
‫والطعن في هذا المركز بطريقة أخرى‪ ،‬وهي الطعن في القائمين عليه‪،‬‬
‫وباألخص الشيخ يحيى الحجوري‪ ،‬فنرجو كلمة حق في هذا الشيخ‪ ،‬وجزاكم‬
‫هللا خيرًا ‪.‬‬
‫فكان م ّما أجاب به حفظه هللا‪ ..(:‬ونحن نعلم مقدار الحملة الشرسة التي على‬
‫مركز دماج‪ ،‬وإن كنا نعلم أن هناك حمالت على جميع المراكز‪ ،‬لكن ليست‬
‫ي مركز بنفس‬ ‫بشيء أمام الحمـلة الشـرسة عـلى مركز دمّـاج‪ ،‬ال وجـود أل ّ‬
‫األسلـوب عـلى وجـه األرض كمركز دمّاج‪ ،‬وسواء جاء الذين يتآمرون على‬
‫المركز‪ ،‬سواء جاؤوا عن طريق الطعن في القائمين على المركز‪ ،‬أو عن‬
‫طريق الطعن في المركز‪ ،‬أو عن طرائق مختلفة كثيرا ج ًّدا يبذلونها في‬
‫خلخلة وضع المركز‪ ،‬والسعي لإلطاحة به‪ ،‬نعرف هذا‪ ،‬وال نجد فرصة‬
‫نستطيع أن ندافع فيها عن المركز إال بدلناها‪ ،‬وال نجد شخصا عنده في نفسه‬
‫شيء على مركز دماج إال ناصحناه‪ ،‬ونهرناه إن لم يكف النصح‪ ،‬وإن لم‬
‫يكف النهر في المجلس الخاص نهرناه في المجلس العلني وما جاملناه‪ ،‬نحن‬
‫نعتبر الكالم في مركز دماج كالما فينا جميعا‪ ،‬نعتبر الكالم في الشيخ يحيى‬
‫كالما فينا جميعا‪ ،‬نعتبر اإلساءة إلى مركز دماج أو إلى الشيخ يحيى أو إلى‬
‫طالب الذين في المركز كالما فينا‪ ،‬هذا مركزنا‪ ،‬هذا‬ ‫المد ّرسين أو إلى ال ُّ‬
‫مركزنا‪ ،‬ونحن نتش ّرف به ون ُد ُّل الناس عليه‪ ،‬ونحثهم على طلب العلم هناك‪،‬‬
‫التزكيات ُع َّزابا ومز ّوجين‪ ،‬ونذكر المراكز ونذكر الشيخ يحيى‬ ‫ونكتب لهم ّ‬
‫وغيره‪ ،‬هذا أمر بارك هللا فيكم نحن نتقرب فيه إلى هللا ع ّز وج ّل‪ ،‬وذهابنا إلى‬
‫مسجل والمشايخ‬‫ّ‬ ‫دماج ومحاضراتنا هناك وما فيها من الكالم الذي قلناه‬
‫جميعا في الثناء على المركز‪ ،‬لهذا نعتبر من كان يُنفّر عن مركز‬
‫دماج؛ إ ّما أنه ال يدري ما يقول وال يضرب حساب كالمه‪،‬‬
‫أوأنه دسيسة‪ ،‬نَعم؛ رجل يتكلم في مركز دماج‪ ،‬إما أنه ما‬
‫هو ضارب حساب كالمه وال يعرف نتائجه‪ ،‬أو أنه‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪37‬‬
‫من شريط"أسئلة أصحاب‬ ‫دسيسة ما فيه خير‪ ،‬وهللا المستعان)‬
‫قُصيعر"بتاريخ(‪)28/7/1428‬‬
‫وسئل اإلمام العالمة ربيع حفظه هللا تعالى‪ -‬بعد موت اإلمام الوادعي‬
‫رحمه هللا‪ :-‬ما رأيكم في الذهاب للدراسة في دار الحديث في دماج في اليمن‬
‫مع العلم أنني طالب علم مبتدئ ؟ فكان جواب الشيخ‪ (:‬نعم ‪ ،‬ينبغي أن تشد‬
‫ال ّرحال إلى هذا المعقل من معاقل اإلسالم ‪ ،‬وهذه المنارة من منارات اإلسالم‪.‬‬
‫نعم ‪ ،‬يشد إليها الرحالـ ويطلب فيها العلم‪ ،‬ويجد فيها إن شاء هللا الخير الكثير‬
‫‪ ،‬ويجد فيها السنة والهدى ‪ ،‬ويجد فيها إتباع النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬فنحن‬
‫وهللا نشجع على الدراسة في هذه الدار التي هي من معاقل السنة ومن‬
‫مناراتها‪ ......‬فلله الحمد‪ ،‬من أراد الخير ‪ ،‬ومن أراد الهدى‪،‬‬
‫ومن أراد البعد عن الفتن ‪ ،‬فعليه بمعاقل السنة‪ ،‬وهلل‬
‫الحمد ‪ ،‬فهي متوفرة في كثير من البلدان ‪ ،‬والسيما هذا‬
‫المعقل الذي أرى فيه تميُّزا واضحا ‪ ،‬وهلل الحمد‪ .‬فهنيئا‬
‫لمن يرحل إليه يقتبس الهدى من معينه ‪ ،‬ويستنير بما‬
‫(‪)1‬‬
‫وإن أبَوْ ا بعد هذا إالّ الجدال‬ ‫فيه من السنة والخير ) ‪.‬‬
‫والخوض!!!‬
‫فنقول لهــــم ‪ :‬بيننـا وبينكـم الحــوض!!!‬

‫ومن ذلك‪:‬‬
‫شبهـة التّأصيـــل المفقـود !!‬

‫‪1‬‬
‫() بتاريخ ‪/23‬رمضان‪ .1424/‬وهو منشور في شبكة (سحاب)‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪38‬‬
‫وقد كثُر تداول هذا الكالم في هذه اآلونة األخيرة من المخذولين‪ ،‬و َغَدت هذه‬
‫الكلمة‪( :‬التأصيل) مجملة تحتاج إلى استفسار وتفصيل‪ ،‬لكشف ما يخفيه هؤالء‬
‫وليتبين زيف كذبهم وتلبيسهم على الناس‪ ،‬وال يخفاك أنها عادة‬ ‫ّ‬ ‫من أسرار‪،‬‬
‫والزيغ‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه‬ ‫ّ‬ ‫الضالل‬
‫ّ‬ ‫أهل‬
‫منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله‪ ﴾ ...‬اآلية ‪.‬‬
‫قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه‪ ،‬فأولئك‬
‫الذين سمى هللا فاحذروهم» متفق عليه من حديث عائشة رضي هللا عنها ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪( :‬فأصل ضالل بني آدم من األلفاظ‬
‫المجملة‪ ،‬والمعاني المشتبهة‪ ،‬والسيما إذا صادفت أذهانًا ُمخبَّطة‪ ،‬فكيف إذا‬
‫وتعصب؟!!) "الصواعق" (‪.)3/928‬‬ ‫ُّ‬ ‫انضاف إلى ذلك هوى‬
‫تأصيل)!!!يلبّسون‬
‫ُ‬ ‫فتجد بعضهم يقول بملء فمه‪( :‬ليس في دار الحديث بدماج‬
‫على ذوي القلوب الضعيفة‪ ،‬ولو سألتهم عن معنى هذا التأصيل‪ ،‬وعن ضابط‬
‫التأصيل لخبطوا وزادوك تمويهًا وتلبيسًا!!!‬
‫قال الشيخ بكر أبو زيد حفظهـ هللا وسدده‪( :‬والتأصيل‪ :‬مصدر الشيء إذا جعله‬
‫أصالً لغيره‪ ،‬واألصل والقاعدة والمنهج‪ :‬كلها بمعنى‪ ،‬لكن صارت المغايرة‬
‫بالتعبير في كل منهما‪ .‬وانظر‪" :‬الكليات" ألبي البقاء الكفوي) "التأصيل"‬
‫ص(‪.)7‬‬
‫ومن المعلوم أنه ليس ألهل السنة والجماعة السلفيين أصل وقاعدة ومنهج غير‬
‫كتاب هللا تعالى وسنة نبيه ‪ ‬ومنهج السلف الصالح ‪.‬‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬أوَلم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب ُيتلى عليهم ﴾‪ ،‬وقال ‪ :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله واتقوا هللا إن هللا سميع عليم ﴾‪،‬‬
‫وقال‪ ﴿:‬وأطيعوا هللا وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على‬
‫رسولنا البالغ المبين ﴾‪ ،‬وقال تعالى‪﴿ :‬ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له‬
‫وله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا‬ ‫ويتبع غير سبيل المؤمنين ُن ِّ‬‫الهدى ّ‬
‫﴾‪ ،‬وقال‪﴿ :‬فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ﴾‪.‬‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬عليكم بسنتي‪ ،‬وسنة الخلفاء الراشدين‬
‫المهديين عضوا عليها بالنواجذ»‪ ،‬أخرجهـ أحمد (‪ )4/126‬والترمذي (‪)2676‬‬
‫وغيرهما وهو حديث حسن بطرقه‪.‬‬
‫ونصوص الكتاب والسنة في هذا كثيرة‪.‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى‪( :‬إن الناس عليهم أن يجعلوا‬
‫كالم هللا ورسوله هو األصل المُتبع واإلمام المقتدى به‪...‬وأ ّما ما سوى كالم‬
‫هللا فال يجوز أن يجعل أصالً بحال)‪" .‬التسعينية" (‪.)1/175‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪39‬‬
‫وقال‪ (:‬من ضيّع األصول حُرم الوصول‪ ،‬واألصول‪ :‬اتّباع ما جاء به الرسول‬
‫‪ ) ‬كما في"طريق الوصول إلى العلم المأمول"(ص‪.)191‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي رحمه هللا‪(:‬واألصل هو‪ :‬كتاب‪ ،‬أوسنة‪ ،‬أو قول بعض‬
‫أصحاب رسول هللا ‪ ، ‬أو إجماع الناس )"مناقب الشافعي للبيهقي ‪."1/367‬‬
‫وقال اإلمام أحمد رحمه هللا تعالى‪( :‬أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه‬
‫أصحاب رسول هللا ‪ ‬واالقتداء بهم) "السنة"ص(‪ )14‬وغيره‪.‬‬
‫صل حزب هللا ورسوله أصال غير ما‬ ‫وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪ (:‬لم يُؤ ّ‬
‫وجنّتهم التي إليها يُرجعون‬ ‫عولون‪ُ ،‬‬ ‫جاء به ال ّرسول‪ ،‬فهو أصلهم الذي عليه يُ ِّ‬
‫)"شفاء العليل ص‪."25‬‬
‫وقال اإلمام البربهاري‪( :‬واألساس التي تبنى عليه الجماعة هم أصحاب‬
‫ضل) "شرح‬ ‫محمد ‪ ‬وهم أهل السنة والجماعة‪ ،‬فمن لم يأخذ عنهم قد ّ‬
‫السنة" ص(‪.)59‬‬
‫وكالم األئمة في هذا مستفيض أيضًا‪.‬‬
‫وقد قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى وغيره‪:‬‬
‫قال الصحابة هم أولوا‬ ‫العلم قال هللا قال رسوله‬
‫العرفان‬
‫التأصيل‬ ‫ل هذا ّ‬ ‫المتقدمين والمتأخرين في َنْي ِ‬ ‫ّ‬ ‫ولو نظرت في كالم أهل العلم من‬
‫ب في مجرى واحد أصيل‪ ،‬ويُكمل بعضه بعضًا‪،‬‬ ‫يص ُّ‬‫األصيل‪ ،‬لوجدت كالمهم ُ‬
‫ولع ّل جامعهـ أن يقول‪( :‬هو اإلخالص في تلقي علم الكتاب والسنة‪ -‬وآالته‪-‬‬
‫على فهم السلف الصالح‪ ،‬وأخذه عن أهله مع االستمرار والتدرج في‬
‫تحصيله‪ ،‬وتثبيته بالعمل والدعوة إليه مع الصبر على المشاق)‪.‬‬
‫وأنت ‪-‬وفقك هللا لطاعته‪-‬إذا تأملت ما عليه دار الحديث بدماج‪ ،‬لرأيت من ذلك‬
‫نصيبا وفيرا ‪ -‬فيما نحسبهم وهللا حسيبهم‪ ،-‬وما حََفظَُة القرآن وصحيح‬
‫البخاري وصحيح مسلم ورياض الصالحين والبلوغ‪ ،‬وغير ذلك من كتب‬
‫عدون بالمئات‪ ،‬وما المؤلفات النافعة الصادرة عن هذه الدار من‬ ‫السنة‪...‬الذين ُي ُّ‬
‫مما‬
‫بحوث وشروح وتحقيقات‪ ،‬وذبٍّ عن السنة نثرًا وقريضًا‪ ،‬وغير ذلك ّ‬
‫مؤسسات أهل البدع والتحزب باجتماعها عنك ببعيد‪ ،‬مع الجد‬ ‫ّ‬ ‫تعجز عنه‬
‫عطل عن‬ ‫واالجتهاد في التواصل في طلب العلم ليالً ونهارًا‪ ،‬ليس عندهم ُ‬
‫طلب العلم وال راحة ولسان حالهم يقول‪:‬‬
‫إذا م ّر بي يوم ولم أستفد هدى ولم أكتسب عل ًما فما‬
‫ذاك من عمري‬
‫ولو رأيت عبادتهم وصومهم وقيامهم وصبرهم الحتقرت نفسك في جانبهم‬
‫يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة‬
‫تلعب‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪40‬‬
‫الملبسين‪ ،‬وقد مألت دعوة هذا المركز المبارك اآلفاق‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وألدركتَ ُقبح ومكر‬
‫واستفاد منها مسترشد الحق في كل مكان‪ ،‬وترى الوافدين إلى الدار من جميع‬
‫ما علموا من خيرها وصفاءها‪ ،‬وأصبح الناصحون من أهل العلم‬ ‫بقاع العالم‪ِ ،‬ل َ‬
‫وحاثين‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫مرشدين إليها‬
‫شعاعـــــه كشعاع الفجر‬ ‫دا ٌر بدمـــاج منه النور قد سطعا‬
‫ينتشــــــر‬
‫من أجل نيل الهدى والعلم قد‬ ‫مابين جدرانه قد ض ّم كوكبــــة‬
‫حضروا‬
‫وبعضهم لطوال الكتب قـد‬ ‫فبعضهم قــام للقرآن يحـفظــهـ‬
‫عبــــروا‬
‫وبعضهم انبرى كــي يُحفـظ‬ ‫وبعضهم صار في اإلعراب نابغة‬
‫األثــــر‬
‫وبعضهم لطوال الكتب‬ ‫وآخر شــارحـ في الفقهـ معتبـــر‬
‫يختصــــــــر‬
‫بمثلهم أمــة اإلســــــالم‬ ‫جيل على سنة المختار قد نشـ ُؤوا‬
‫تنتصــــر‬
‫ت‬
‫ض ِ‬‫طـــابت بواطنهـ ْم فابْي ّ‬ ‫تشاهد النّور في أحداق أعينهـم‬
‫ــور‬
‫الصُّ َ‬
‫كالنحــــل مجتـمع في الجــ ّو‬ ‫ّ‬ ‫إذا مررتَ بهم تسم ْع د َِويَّهُ ُمـــوا‬
‫ينتشـــر‬
‫حقّاـ على ذكره مـــاأطيب السّمـــــر‬ ‫ً‬ ‫قــد أسهروا ليله ْم بذكر خالقهم‬
‫واخــ ُذل عــد َّوهُ ُم واجعله ينكســـر‬ ‫ياربّ فاحفظهم وارحم مؤسّسها‬
‫وينشـــر العلــم في أرجائهـــــاـ‬ ‫واحفظ إلهي الذي قد قام يحرسها‬
‫ُدرر‬
‫وذاد عن حوضها تلبيس‬ ‫الشيخ يحيى من أشاد بهـا‬ ‫َ‬ ‫أعني به‬
‫(‪)1‬‬
‫من مكــروا‬
‫وقد كان اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى يقول‪( :‬السّّنة بدمّاج بسنتين في‬
‫الجامعة اإلسالمية)‪.‬‬
‫وقال الشيخ المحنك البصير محمد بن عبدهللا اإلمام حفظهـ هللا تعالى‪...( :‬دار‬
‫تاجا ألهل السنة في اليمن وفي غيرها من اليمن ويعد‬ ‫دماج يُعدُّ ً‬‫الحديث في ّ‬

‫‪1‬‬
‫()_ أبيات من قصيدة "ال ّديباج في وصف دار الحديث بد ّماج" ألخينا ال ّشاعر الفاضل‬
‫أبي مسلم الزعكري الحجوري حفظه هللا‪ ،‬مع شيء من االختصار‪.‬‬ ‫‪:‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪41‬‬
‫جامعة أهل السنة العالمية‪ ،‬يعني أعظم من الجامعاتـ المتفرقة في العالم‪،‬‬
‫وجامعات إسالمية في كذا‪ ،‬والجامعات اإلسالمية في كذا‪ ،‬والحمد هلل)‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهل هذا إال من ثمرات التأصيل األصيل؟!!!!!‬
‫(‪)1‬‬
‫وقال الشيخ أبو همام البيضاني ‪( :‬يقول شيخنا العالمة ربيع بن هادي‬
‫المدخلي حفظه هللا تعالى‪ :‬ال أعلم مكانًا للعلم مثل دمّاج‪ ،‬ألن الطالب يذهب‬
‫إليها فيمكث الوقت القليل ويأتينا بالعلم الكثير‪.‬‬
‫واآلن في ‪16/8/1428‬هـ َّألف كتابًا يتكلم فيه عن علماءنا المتقدمين كيف‬
‫كانوا يحفظون السنة‪ ،‬وأطلعني عليه وقال‪ :‬هذا ألفته ألمثال طلبة العلم‬
‫بدماج؛ فإني ال أعلم مثلهم لحفظ السنة)‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهل هذا إال من ثمرات التأصيل األصيل؟!!‬
‫وسُئل الشيخ ربيع حفظه هللا تعالى أيضا‪ :‬ما رأيكم في الذهاب للدراسة في دار‬
‫الحديث في دماج في اليمن مع العلم أنني طالب علم مبتدئ ؟‬
‫شد ال ِّرحال إلى هذا المعقل‬ ‫فكان جواب الشيخ‪ (:‬نعم ‪ ،‬ينبغيـ أن ُت َ‬
‫من معاقل اإلسالم ‪ ،‬وهذه المنارة من منارات اإلسالم‪.‬‬
‫نعم ‪ ،‬يشد إليها الرحال ويطلب فيها العلم‪ ،‬ويجد فيها إن شاء هللا الخير الكثير ‪،‬‬
‫ويجد فيها السنة والهدى ‪ ،‬ويجد فيها اتباع النبي صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫فنحن وهللا نشجع على الدراسة في هذه الدار التي هي من معاقل السنة ومن‬
‫مناراتها‪ .‬وفيها رجال إن شاء هللا من أهل السنة والهدى والعلم ‪ ،‬نسأل أن‬
‫يثبتهم على السنة وأن ينفع بهم‪ ،‬وأن يجعلهم من حملة لواء السنة في هذا‬
‫العصر الذي تراكمت فيه البدع ‪ ،‬وتطورت فيه الفتن والعياذ باهلل‪.‬‬
‫فلله الحمد‪ ،‬من أراد الخير ‪ ،‬ومن أراد الهدى‪ ،‬ومن أراد البعد عن الفتن ‪،‬‬
‫فعليه بمعاقل السنة‪ ،‬وهلل الحمد ‪ ،‬فهي متوفرة في كثير من البلدان ‪ ،‬والسيما‬
‫هذا المعقل الذي أرى فيه تميزا واضحا ‪ ،‬وهلل الحمد‪.‬‬
‫فهنيئا لمن يرحل إليه يقتبس الهدى من معينه ‪ ،‬ويستنير بما فيه من السنة‬
‫(‪)2‬‬
‫والخير ) ‪ .‬قلت‪ :‬وهل هذا إال من ثمرات التأصيل األصيل؟!!‬
‫عقل على أصحابها‬ ‫ُقبحًا لهاتيك العقول فإنها‬
‫ووبال‬

‫‪1‬‬
‫() ومن خطّه نقلت ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() بتاريخ ‪/23‬رمضان‪ .1424/‬وهو منشور في شبكة (سحاب)‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪42‬‬
‫ولو استفسرت هؤالء المخذولين والمتعصبين عن حلمهم الموعود!! وتأصيلهم‬
‫المتعصبين‬
‫ّ‬ ‫المفقود!! لوجدتهم يعنون ذهاب فالن وفالن من المدرسين‬
‫وخروجهم من الدار!!!‬
‫َ‬ ‫ممن هو على سكيكتهم‪،‬‬ ‫المفتونين المغرورين ّ‬
‫وحالهم قريب م ّمن قال فيهم شيخ اإلسالم رحمه هللا‪ (:‬إن غالب ما يتكلمون به‬
‫ظن فاسد وجهل مر ّكب‬ ‫ظن صحيح‪ ،‬بل ّ‬ ‫من األصول ليس بعلم وال ّ‬
‫)"االستقامة‪."1/54‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه هللا‪ (:‬وك ّل من أصّل أصال لم يؤصّله هللا ورسوله‪ ،‬قاده‬
‫قسرا إلى ر ّد ال ّسنّة وتحريفهاـ عن مواضعها‪")..‬شفاء العليل ص‪."25‬‬
‫وما أشبه اليوم بالبارحةـ ؛ ففي فتنة أبي الحسن المصري ‪ ،‬وبعد كشف أهل‬
‫العلم الناصحين لضالله ‪ ،‬كان أتباعه الحمقى يسلكون نفس هذه الطريق‬
‫ويه ّولون على طلبة العلم بأن خروج فالن وفالن من المفتونين من الدار يعني‬
‫سقوطها وفشل الدعوة فيها!!! وما علموا أن ذهاب الفتنة والقضاء عليها‬
‫وأهلها هو من تمام التأصيل!!! وأن هذه الدعوة المباركة إنما هي دعوة هللا‬
‫عز وجل وهو حاميها‪ ،‬وليس لفالن وال عالّن عليها منّة‪ ،‬وقد ذهب هؤالء‬
‫وهؤالء وما ازدادت الدار إال طمأنينة وصفاء‪.‬‬
‫وفي الدار أضعاف أضعاف هؤالء؛ من المشائخ واألساتذة الفضالء‪ ،‬الذين‬
‫درسون جميع الفنون وهم أهل ثبات وسنة‪ ،‬ولو سردت لك أسماءهم وأبحاثهم‬ ‫ُي ِّ‬
‫لطال بنا المقام‪ .‬وهللا المستعان‪.‬‬

‫ومن ذلك قولهم‪:‬‬


‫دار الحديث بدماج ال تقدم للطالب شهادات‬
‫!!!!!‬

‫وقد ع ّد شيخنا يحيى الحجوري حفظهـ هللا تعالى هذا من التزهيد والتحذير غير‬
‫المباشر من الدعوة السلفية في كتابه(أضرار الحزبية على األمة اإلسالمية ص‬
‫‪.)43‬‬
‫أن قائل هذا الكالم‪ -‬شعر أم لم يشعر‪ -‬يفتح‬
‫واعلم أخي أرشدك هللا لطاعته ‪ّ ،‬‬
‫للناس به باب ضاللة‪ ،‬حيث إنه يدعوهم إلى االلتحاق بجامعة األزهر!!‬
‫وجامعة اإليمان‪ -‬زعموا‪ !!-‬وجامعات الحزبيين ومن على شاكلتهم‪ ،‬إذ أن هذه‬
‫الشهادات إنما يتحصل عليها ‪-‬غالبا‪-‬عند هذا الصنف من الجامعات وال مفرّ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪43‬‬
‫نعم هناك الجامعة اإلسالمية بأرض الحجاز ‪-‬على ما فيها من حزبيين‪ -‬فيها‬
‫خير كبير ومشايخ سلفيون‪ ،‬غير أن االلتحاق بها ليس بسهل المنال‪ ،‬وهللا‬
‫المستعان‪.‬‬
‫السفهاء هو الص ّّد عن سبيل هللا‪ ،‬وقطع الطريق دون دار‬ ‫لكن قصد هؤالء ّ‬
‫الحديث بدماج‪ ،‬وبأي وسيلة أو حيلة‪ ،‬وإن كانت ساقطة عليلة‪ ،‬ذلك بأن الباطل‬
‫ال يقوم عليه دليل صحيح‪ ،‬فيلجأ أهله إلى استخدام الحيل‪ ،‬وهم في ذلك‬
‫الصّد عن العلم وصرف الناس‬ ‫ّ‬ ‫متشبهون باليهود أصحاب المكر والحيل‪ ،‬بل‬
‫أشد قبحًا وإفسادًا!!‬
‫عنه ّ‬
‫وكون دار الحديث بدماج ال تُعطي شهادات ورقية!! حقٌّ‪ ،‬لكنهم ما أرادوا من‬
‫ذلك إال باطالً‪ ،‬وهم بكالمهم هذا جعلوا الشهادات غايتهم في طلب العلم!!‬
‫وجعلوا الشهادات دليالً وميزانًا للعلم وطالبه‪ ،...‬وهل كان أئمة اإلسالم‬
‫أصحاب شهادات جامعية؟!!! وهل كان أبو بكر وعمر رضي هللا‬
‫عنهما‪...‬دكاترة؟!!‪ ،‬أو اإلمام مالك وأحمد والشافعي‪...‬أو شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية‪...‬أو العالمة األلباني‪...‬واإلمام ابن باز‪...‬أصحاب شهادات ورقيّة؟!!‬
‫نعم؛ من كان طلبه العلم هلل خالصًا ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره‪،‬‬
‫وكان وصوله إلى الشهادة وسيلة إلى هذا المقصد العظيم‪ ،‬فإنها تكون له عونًا‬
‫بإذن ا هلل تعالى‪.‬‬
‫تحرم نفسَك من طلب العلم في هذه القلعة الشامخة التي ال تعادلها‬ ‫ِ‬ ‫أ ّما أن‬
‫جامعة على وجه األرض في صفاء منهجها ومصدر تلقيها وقوتها العلمية‪،‬‬
‫وتزهّد فيها من أجل شيء من حطام الدنيا!!!‬
‫فأنت بحاجةـ إلى مراقبة ّنيتك ومجاهدتها على اإلخالص لربها‪ ،‬قال العالمة‬
‫أما ما‬
‫ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪...( :‬وهذا ما كان عليه السلف الصالح‪ّ ،‬‬
‫عليه الخلف اليوم فيختلف كثيرًا عن ذلك‪ ،‬فتجد األعداد الكبيرة من الطالب في‬
‫الجامعات والمعاهد‪ ،‬منهم من ّنيته ال تنفعه في الدنيا واآلخرة‪ ،‬بل تضره‪ ،‬فهو‬
‫ينوي أن يصل إلى الشهادات لكي يتوصل بها إلى الدنيا فقط‪ ،‬وقد جاء التحذير‬
‫من الرسول ‪ ‬فقال‪« :‬من تعلم عل ًما مما يبتغي به وجه هللا عز وجل ال يتعلمه‬
‫إال ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» أي ريحها‪،‬‬
‫وهذا خطر عظيم‪ ،‬فعِلم شرعي تجعله وسيلة إلى عرض الدنيا‪ ،‬هذا قلب‬
‫للحقائق‪ ،‬والطالب إذا أخلص النية جاءته الدنيا تبعًا ولن يفوته شيء‪ ،‬وسيخرج‬
‫هو ومن يريد الشهادة على حد سواء‪ .)...‬كتاب "العلم" ص(‪.)197-196‬‬
‫وقد يظن بعضهم أن المنصب الذي يتحصل عليه عن طريق الشهادات هو‬
‫الذي يجعله مرموقًا وناب ًغا في العلم!!‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى‪( :‬المنصب والوالية ال يجعل من‬
‫ليس عال ًما مجتهدًا‪ ،‬عال ًما مجتهدًا‪ ،‬ولو كان الكالم في العلم وال ّدين بالواليات‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪44‬‬
‫والمنصب؛ لكان الخليفة والسلطان أحق بالكالم في العلم وال ّدين‪ ،‬وبأن يستفتيه‬
‫الناس ويرجعوا إليه فيما أشكل عليهم في العلم والدين‪.)...‬‬
‫وقد كانت الحكومة اليمنية عرضت على اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى أن‬
‫تعتمد دار الحديث بدماج كمعهد إسالمي تابع للوزارة‪ ،‬ويكون له اهتمام‬
‫وشهادات ورواتب‪...‬لكنه رحمه هللا تعالى لقوة بصيرته وحكمته‪ ،‬وبُعد نظره‪،‬‬
‫عكر‬
‫وي ِّ‬
‫رفض ذلك لعدة أسباب رأى أنها تحيل بين طلبة العلم وصدق النية‪ُ ،‬‬
‫والتميُّز عن الباطل وأهله‪ ،‬وأغلق بابًا ال ُتؤمن‬‫ّ‬ ‫بينهم وبين صفاء المنهج‬
‫غائلته‪ ،‬وس ّد على أصحاب الدنيا وطالبي الشهادات طريق الوصول إلى الدار‬
‫التي أُسّست على التقوى من أول يوم‪ ،‬فال يأتيها ‪-‬بإذن هللا تعالى‪ -‬إال راغب‬
‫التجرُّد عنها وإخالص‬ ‫في العلم‪ ،‬راغب عن الدنيا‪ ،‬يعلم أنه المناص له إال ّ‬
‫سْعِيه هلل تعالى‪ ،‬وأنه في معزل عنها وعن مطامعها‪.‬‬ ‫َ‬
‫ومعلوم أيضًا ما في انضمام الدار‪ ،‬إلى سلك الوزارة من مضارّ ‪ ،‬إذ يضعف‬
‫وتلزَم الدار بقوانين ودستور‪ ،‬وربما اجتاحهاـ أهل البدع‬ ‫قبض زمام األمور‪ُ ،‬‬
‫من الحزبيين وغيرهم مدرسين كانوا أو طلبة‪ ،‬واأليدي مكتوفة‪ ،!!...‬وقد‬
‫حصل هذا في كثير من الجامعات بعدما كانت نقيّة من نتن الحزبيين‪ ،‬فلما‬
‫دخلوها أفسدوها أو كادوا‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل!! لكن هللا تعالى ثبّت‬
‫اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى وخليفته من بعده‪ ،‬العالمة يحيى بن علي‬
‫الحجوري حفظهـ هللا تعالى‪ ،‬فمسكوا الدار بيد من حديد‪ ،‬ال تجد البدع وأهلها‬
‫طَّلابَ العلم فيها بشهادة عظيمة باقية‪،‬‬ ‫هللا تعالى ُ‬‫إلى الدار مسل ًكا‪ ،‬وعوَّض ُ‬
‫ليست كتلك الشهادات الفانية‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬شهد هللا أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولوا العلم قائ ًما بالقسط ال إله‬
‫إال هو العزيز الحكيم ‪.‬‬
‫من ظلمة الجهل فيها‬ ‫يا قلعة في سماء المجــد شامخــة‬
‫يحتمي البشر‬
‫ال ليس يجتازهـ يا صاح من‬ ‫نور العقيدة سور قد أحاط بهـا‬
‫كفروا‬
‫كم حاولوا هدمه لكنهم‬ ‫أيضا وذو بدعة ال ليس يدخله‬
‫ُكسـروا‬
‫بسنة المصطفى والوحي يعتبـر‬ ‫من خلف جدرانه األهواء قد رُميَت‬
‫(‪)1‬‬

‫‪1‬‬
‫() أبيات من قصيدة "ال ّديباج في وصف دار الحديث بد ّماج" ألخينا ال ّشاعر الفاضل‬
‫أبي مسلم الزعكري الحجوري حفظه هللا ‪ ،‬مع شيء من االختصار‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪45‬‬

‫ومن ذلك قولهم‪:‬‬


‫طالب دار الحــــديث بدمـّـاج في فقـر وجــوع!!!‬

‫وهذا الكالم ‪ -‬على ما فيه من الكذب والتلبيس‪ -‬من مضحكات ما أتى به القوم‬
‫من سفاهتهم‪ ،‬فهم لفرط جهلهم لم يعرفوا للعلم قدره‪ ،‬ولم يستحيوا مما يقولون‪،‬‬
‫وقد قال النبي‪« :‬إن مما أدرك الناس من كالم النبوة األولى إذا لم تستح فافعل‬
‫ما شئت»‪ ،‬أخرجهـ البخاري من حديث أبي مسعود البدري ‪.‬‬
‫وقد قيل‪:‬‬
‫إذا ق ّل ماء الوجه قل حياؤه وال خير في وجه إذا قل‬
‫ماؤه‬
‫إذ كان عليهم أن يع ّدوا هذا من مناقب طالب دار الحديث بدماج حفظهم هللا‬
‫ّ‬
‫ومالذها‬ ‫تعالى ‪،‬كيف أنهم صابرون ومصطبرون على طلب العلم وترك الدنيا‬
‫في سبيل تحصيله وبذله للناس بالرغم من ضيق عيشهم‪ ،‬ال يمدون أيديهم ال‬
‫يتسولون عند التجار وأبواب المساجد‪ ،‬قانعون بما‬
‫ّ‬ ‫إلى جمعيّات حزبية‪ ،‬وال‬
‫آتاهم هللا تعالى من فضله إذ« ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى عن‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫غنى النفس» ‪ ،‬و«قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه هللا بما آتاه هللا» ‪،‬‬
‫قاله نبينا ‪. ‬‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() _ أخرجه مسلم من حديث عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنه‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪46‬‬
‫وعن أبي ذر ‪ ‬قال‪ :‬كنت رديفا خلف رسول هللا ‪ ‬على حمار ‪ ،‬فلما جاوزنا‬
‫بيوت المدينة قال‪ «:‬كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة جوع ‪ ،‬تقوم عن‬
‫فراشك ال تبلغ مسجدك حتى يجهدك الجوع »؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬هللا ورسوله أعلم‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قال ‪« :‬تعفف يا أبا ذر»‪.‬‬
‫وتزهدون في دارنا التي مألت الدنيا علما ونورا ؛ بحال كان‬ ‫ّ‬ ‫ثم كيف تعيبوننا‬
‫الغر المحجلين!!‬
‫ّ‬ ‫عليها أكرم الخلق وأشرف األنبياء والمرسلين ‪ ،‬وصحابته‬
‫يقول اإلمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه هللا تعالى في كتابه النفيس"ذم‬
‫المسألة"‪ ( :‬فإنني أنصح ألهل السنة أن يصبروا على الفقر ‪ ،‬فهي الحال التي‬
‫اختارها هللا لنبيه محمد ‪، ‬وربّ العزة يقول في كتابه الكريم‪ :‬ولنبلوكم‬
‫بشيء من الخوف والجوع ونقص من األموال واألنفس والثمرات وبشر‬
‫الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا هلل وإنا إليه راجعون أولئك على‬
‫صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون ‪.‬‬
‫وإليك نبذة من صبر النبي ‪ ‬والصحابة رضي هللا عنهم على الفقر والجوع‬
‫والعري‪:‬‬
‫قال اإلمام مسلم رحمه هللا (‪ :)3/1609‬حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خلف‬
‫بن خليفة عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال‪ :‬خرج رسول‬
‫هللا ‪ ‬ذات يوم أو ليلة‪ ،‬فإذا هو بأبي بكر وعمر‪ ،‬فقال‪« :‬ما أخرجكماـ من‬
‫بيوتكما هذه الساعة»؟ قاال‪ :‬الجوع يا رسول هللا‪ ،‬قال‪« :‬وأنا‪ ،‬والذي نفسي‬
‫بيده‪ ،‬ألخرجني الذي أخرجكماـ قوموا فقاموا معه‪ »...‬الحديث ‪.‬‬
‫قال اإلمام الترمذي رحمه الله (‪ :)7/33‬حدثنا العباس بن محمد أخبرنا عبدهللا‬
‫بن يزيد المقرئ أخبرنا حيوة بن شريح حدثني أبو هانىء الخوالني أن أبا علي‬
‫عمرو بن مالك الجنبي أخبره عن فضالة بن عبيد أن رسول هللا ‪ ‬كان إذا‬
‫صلى بالناس يخ ّر رجال من قامتهم في الصالة من الخصاصة‪،‬وهم أصحاب‬
‫الصفة‪ ،‬حتى يقول األعراب ‪ :‬هؤالء مجانين ‪ ،‬أو مجانون ‪ ،‬فإذا صلى رسول‬
‫هللا ‪ ‬انصرف إليهم فقال‪ «:‬لو تعلمون مالكم عند هللا ألحببتم أن تزدادوا فاقة‬
‫وحاجة» ‪.‬‬
‫قال فضالة‪ :‬وأنا يومئذ مع رسول هللا ‪. ‬‬
‫هذا حديث حسن صحيح ‪....‬‬
‫قال اإلمام البخاري رحمه هللا (ج‪13‬ص‪ )303‬حدثنا سليمان بن حرب حدثنا‬
‫حماد عن أيوب عن محمد قال‪ :‬كنّا عند أبي هريرة وعليه ثوبان مم ّشقان من‬
‫كتّان ‪ ،‬فتمخط فقال‪ :‬بخ بخ ‪ ،‬أبوهريرة يتمخط في الكتان! لقد رأيتني وإني‬
‫‪1‬‬
‫() _ رواه معمر بن راشد في"جامعه" الملحق بـ"المصنف‪ ،"11/351‬وأحمد(‬
‫‪ )21325‬وغيرهما بإسناد صحيح ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪47‬‬
‫ألخِرُّ فيما بين منبر رسول هللا ‪ ‬إلى حجرةـ عائشة مغشيا عليَّ ‪ ،‬فيجيء‬
‫الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أني مجنون وما بي من جنون ‪ ،‬مابي‬
‫إال الجوع ‪".......‬‬
‫قال اإلمام أحمد رحمه هللا(ج‪ : )2/324‬حدثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثنا‬
‫الجريري عن عبد هللا بن شقيق قال ‪ :‬أقمت بالمدينة مع أبي هريرة سنة ‪ ،‬فقال‬
‫لي ذات يوم ونحن عند حجرةـ عائشة ‪ :‬لقد رأيتنا وما لنا ثياب إال البراد المفتَّقة‬
‫‪ ،‬وإنه ليأتي على أحدنا األيام مايجد طعاماـ يقيم به صلبه ‪ ،‬حتى إن كان أحدنا‬
‫ليأخذ الحجرـ فيش ّده على أخمص بطنه ثم يشده بثوبه ليقيم به صلبه ‪ ،‬فقسم‬
‫رسول هللا ‪ ‬ذات يوم بيننا تمرا فأصاب كل إنسان منا سبع تمرات فيهن حشفة‬
‫‪ ،‬فما سرني أن لي مكانها تمرة جيدة قال‪ :‬قلت‪:‬لم؟ قال تش ّد لي من مضغي‪.‬‬
‫هذا حديث صحيح على شرط مسلم ‪ ،‬والجُريري هو‪ :‬سعيد بن إياس مختلط‪،‬‬
‫ولكن عبد الوارث بن سعيد سمع منه قبل االختالط كما في"الكواكب‬
‫النيرات"‪ )..‬وساق رحمه هللا ثمانية وعشرين حديثا من هذا الباب ‪.‬‬
‫كل من عرف دار الحديث بدماج ولو بزيارة واحدة‪ ،‬لما‬ ‫افتراء هؤالء؛ ُّ‬
‫َ‬ ‫ويدرك‬
‫يراه من قناعة الطالب وما هم فيه من الكفاية‪.‬‬
‫وأسمج منه قول بعض السفهاء في أرض الحجاز من أشباه طلبة العلم ‪ ( :‬إن‬
‫الذباب ال يجد له في دماج مكانا )!!!!! كناية منه على شدة الفقرـ فيها!! كذبًا‬
‫منه وتلبيسا على ذوي النفوس والهمم الضعيفة ‪ ،‬وقد كثر في تلك البالد‬
‫قطاع الطريق إلى هذه القلعة الشامخة ‪ ،‬فما يعلمون من شخص أنه‬ ‫المباركة ّ‬
‫نفروه بمثل هذه األكاذيب ‪.‬‬ ‫يريد الرحلةـ إليها إال ّ‬
‫وقد عدّ شيخنا العالمة يحي بن علي الحجوري حفظهـ هللا تعالى هذا من‬
‫(الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية) في كتابه " أضرار الحزبية على‬
‫األمة اإلسالمية ص‪ "43‬حيث قال‪ (:‬وهناك تنفير غير مباشر وهو أوسع وأشد‬
‫وأضر من األول‪ -‬يعني التنفير المباشر‪ ... -‬يقولون‪ :‬ماعندهم شهادات‪..‬أو ما‬
‫عندهم أكل طيب‪ ،‬ويكون في هذا التزهيد صرفه عن الخير‪ ،‬والتحذير غير‬
‫المباشر قد يحمله بعض المغفَّلين حتى وإن كان سلفيّا )‪.‬‬
‫على أن كثيرا من هؤالء تجدهم ُيريقون ماء وجوههم وراء التّسوُّالت‬
‫والصدقات‪!!..‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فكان عليهم أن يستحيوا على أنفسهم ؛ كيف يعيبون أهل العفة على عفتهم!!!‬
‫تحسرًا على أمثال هؤالء‪ ( :‬آه آه ‪،‬‬ ‫يقول اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى ُم ِّ‬
‫وإن طلب علم نهايته الشحاذة الخير فيه ‪:‬‬
‫ولو عظموه في النفوس‬ ‫ولو أن أهل العلم صانوه صانهم‬
‫لعظما‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪48‬‬
‫محيّـاه بـاألطماع حتى‬ ‫ولكـن أهانوه فهـــان ودنســوا‬
‫تجهّمـا‬
‫‪.....‬وأخيرا فإني أنصح الذين يلهثون بعد جمع األموال؛ فالذي لم يتزوج قد‬
‫أرشده هللا ماذا يعمل فقال‪:‬وليستعفف الذين ال يجدون نكاحاـ حتى يغنيهم هللا‬
‫من فضله‪...‬والذي عليه َدْين أنصحه أن يعمل حتى يقضي هللا َدْيَنه‬
‫‪...‬فاألموال التي تكون فيها إهانة للعلم وللدعاة إلى هللا‪ ،‬أو دعوة إلى حزبية‪،‬‬
‫أوجعل المساجد للشحاذة ‪ ،‬فلسنا بحاجتهم‪.‬‬
‫ويا هلل ‪ ،‬كم من داعية كبـــير تـــراه يحفظ اآليـــات الـــتي فيها تـــرغيب في‬
‫الصدقة‪ ،‬وينتقل من هذا المسجد إلى هذا المسجد ‪ :‬وما تقــدموا ألنفســكم‬
‫من خــير تجــدوه عند هللا هو خــيرا وأعظم أجــرا ! وانقلب المســكين من‬
‫داعية إلى شحاذ!! وصدق الرســول صــلى هللا عليه وســلم إذ يقــول‪ (:‬لكل‬
‫أمة فتنة ‪ ،‬وفتنة أمتي المال )‪" )..‬ذم المسألة" ‪.‬‬

‫ومن ذلك قولهم‪:‬‬


‫ليس في دار د ّماج إالّ علم الحديث!!!!!‬
‫وقد سلك بعض قطاع الطريق هذا المسلك أيضا في التنفير من قلعة العلم‬
‫بدماج‪ ،‬مستخدمين في ذلك قناع النصح ‪،‬وسلفهم في ذلك إبليس لعنه هللا‬
‫صِّورون للناس أنه ليس فيها إال علما‬ ‫في َ‬
‫وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ‪ُ ،‬‬
‫يتعدى (حدثنا) و(أخبرنا)‪ ......‬وقد وقعوا بذلك في محظورين‬ ‫جافًّا‪ ،‬ال ّ‬
‫عظيمين‪:‬‬
‫‪ _1‬الكذب والتلبيس‪:‬‬
‫ال جهلًا‬‫يكذب قولهم‪ ،‬وأحسن أحوال صاحب هذا الكالم أن يكون جاه ً‬ ‫إذ الواقع ِّ‬
‫وتثبث ‪ ،‬وقد حرّم هللا‬
‫ردد كالم كل من يسمع‪ ،‬بدون َتحرٍّ ُّ‬
‫ال ُي ِّ‬
‫ُمركًّبا ‪ ،‬أو ُمغفَّ ً‬
‫ع ّز وجل على خلقه القول بغير علم فقال‪:‬وال تقف ما ليس لك به علم‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫‪‬قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن واإلثم والبغي بغير الحق‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪49‬‬
‫وأن تشركوا باهلل ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على هللا ماال تعلمون‪،‬‬
‫وكفى به إثما مبينا أن يكون سببا لقطع الطريق على طالبي العلم والسنة‪،‬‬
‫ص ّد عن سبيل هللا ‪،‬وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل هللا‪.‬‬ ‫وال ّ‬
‫أما دار الحديث بدماج فليس يلحقهاـ ضرر من هذا الطعن وأمثاله‪ ،‬وكما قيل‪:‬‬
‫أن رمى فيه سفيه‬ ‫ما يضر البحر أمسى زاخرا‬
‫بحجر‬
‫وما يدرَّس في هذه القلعة الشامخة من فنون العلم؛ ال تكاد تراه مجتمعا في‬
‫أكبر الجامعاتـ العالمية اإلسالمية ‪ ،‬بدءا من تعليم الكتابة والحساب ‪ ،‬إلى‬
‫أعلى المستويات‪ ،‬وكل ما يطلبه الطلبة من الدروس يجدونه وهلل الحمد والمنّة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫يدرس‬ ‫وشيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا تعالى لوحده ِّ‬
‫الفقه والعقيدة والنحو ومصطلح الحديث وأصول الفقه‪ ...‬وال أعلم فنًّا إال‬
‫(‪)2‬‬
‫وللشيخ فيه شرح ‪ ،‬حتى بلغت شروحاته للمتون مئات األشرطة ‪.‬‬
‫التخصصات‬ ‫ُّ‬ ‫أما بقية المشايخ والمدرسين ‪ -‬وهم كثير وهلل الحمد‪ -‬فأصحابـ‬
‫في كل فن منهم كثير ‪ ،‬وأكثرهم مل ّم بجميع الفنون ‪ ،‬وتواليفهم وبحوثهم‬
‫وتحقيقاتهم التي تعد بالمئات في جميع الفنون‪ ،‬وإقبال الناس عليها‪ ،‬دليل على‬
‫قوة الحصيلة العلميّة ‪ ،‬ودليل على كذب الملبّسين والمغفّلين ‪.‬‬
‫المدرس قبل شرح الكتاب يشرع في البحث في مسائله وأدلّته‪ ،‬وتخريج‬ ‫ِّ‬ ‫فتجد‬
‫غضّا‬
‫ً‬ ‫فن‪ ...‬حتّى يق ّدمه للطّالب‬ ‫أحاديثه‪ ،‬مع نقل كالم أهل الشأن من ك ّل ّ‬
‫طريًّا‪.‬‬
‫أما المحظور الثاني الذي وقعوا فيه فهو ‪:‬‬
‫جنبك هللا‬ ‫‪ _2‬التّنقّص من علم الحديث وأهله ‪ :‬كيف هذا ؟! هب أخي ّ‬
‫درس غيرالحديث !!‬ ‫الخذالن أن دار الحديث بدماج ‪ -‬حرسها هللا تعالى ‪-‬ال ُت ِّ‬
‫ب في الدار أو نقيصة ؟!!‬ ‫عْي ٌ‬‫وليس فيها إال علم الحديث !! فهل في ذلك َ‬
‫وهل في هذا ما يصرف الناس عنها لو كانوا يعلمون؟!!!‬
‫وأين أنتم من سلفنا الذين كانوا َيُعُّدون عدم معرفة الرجل بغير الحديث منقبة‬
‫من مناقبه !! ‪ .‬قال اإلمام أحمد رحمه هللا تعالى في رجل ‪ (:‬إني ألغبطه! مات‬
‫)"السَير" ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫وما يعرف إال الحديث!! ولم يكن صاحب كالم‬

‫‪1‬‬
‫() _ ودروسه حفظه هللا هي أصل دروس ال ّدار ‪ ،‬وما رحلنا نحن وإخواننا إال إليها‬
‫جزاه هللا عنا خير الجزاء ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫طبع الكثير منها بعد تفريغ الطلبة ‪ ،‬وتنقيح الشيخ إيّاه ‪ ،‬وما بقي فهو في‬
‫() _ وقد ُ‬
‫طريقه إلى الطبع إن شاء هللا تعالى ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪50‬‬
‫عـــائبا أهلـه ومـا‬ ‫قل لمن عاند الحديث وأضحى‬
‫يـــ ّدعيــه‬
‫أم بجهل فالجهل خلق السفيـه‬ ‫أبعلم تقـول هـــذا أبن لـــي‬
‫ن مــن التّـّرهات والتّمويـه‬ ‫ُأيعاب الذين حفظوا الـ ّديــــ‬
‫كـل عــــــالم‬
‫راجــع ُّ‬
‫ٌ‬ ‫وإلى قولهـم ومـــــا قـد رَوَْوُه‬
‫وفقيـه‬
‫ولقد أجاد ابن القيم رحمه هللا تعالى إذ قال وكفاني ُمؤنة المقال‪... (:‬ونحو هذا‬
‫من الكلمات التي أحسن أحوال قائلها أن يكون جاهال ُيعذر بجهله ‪ ،‬أو شاطحا‬
‫معترفا بشطحه ‪،‬وإال فلوال عبد الرزاق وأمثاله‪ ،‬ولوال (أخبرنا) و (حدثنا)‪ ،‬لما‬
‫وصل إلى هذا وأمثاله شيء من اإلسالم ‪ .‬ومن أحالكـ على غير(أخبرنا)‬
‫و(حدثنا) فقد أحالك‪ :‬إما على خيال صوفي أو قياس فلسفي أو رأي نفسي ‪،‬‬
‫فليس بعد القرآن و (أخبرنا) و (حدثنا) إال شبهات المتكلمين ‪ ،‬وآراء‬
‫المنحرفين‪ ،‬وخياالت المتصوفين‪ ،‬وقياس المتفلسفين‪ ،‬ومن فارق الدليل ضل‬
‫عن سواء السبيل‪ ،‬وال دليل إلى هللا والجنة سوى الكتاب والسنة ‪ ،‬وكل طريق‬
‫لم يصحبها دليل القرآن والسنة فهي من طرق الجحيم‪ ،‬والشيطان الرجيم )‬
‫"مدارج السالكين‪."469_2/468‬‬
‫وال يبغض الحديث وأهلَه إال أصحاب السوء من المبتدعة والمخنثين وأهل‬
‫الفجور‪:‬‬
‫قال اإلمام أبو حاتم رحمه هللا تعالى‪ (:‬من عالمة أهل البدع الوقيعة في أهل‬
‫األثر)"شرح اعتقاد أهل السنة لاللكائي"‪ ،‬وقال اإلمام الزهري رحمه هللا‬
‫حُّبه إال فحول الرجالـ وال يبغضه إال مخنّثوهم ) ‪،‬‬
‫تعالى‪ (:‬علم الحديث ال ُي ِ‬
‫فاحذر يا طالب العلم أن تكون أحد هؤالء فتهلك!!‬
‫سفهاء‪ :‬أفتزهدون في علم لواله ولوال من سخرهم هللا تعالى‬ ‫ثم أقول لهؤالء ال ّ‬
‫فبذلوا أنفسهم في االشتغال به وكانوا س ّدا منيعا على أعداء اإلسالم ؛ الندرست‬
‫ال ّسنّة و الشريعة ؟!!‬
‫قال اإلمام الثوري رحمه هللا تعالى )‪:‬المالئكة حرّاس السّماء‪ ،‬وأهل الحديث‬
‫حرّاس األرض )"شرف أصحاب الحديث" ‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي رحمه هللا تعالى ‪(:‬أصحاب الحديث حفظة هذا‬
‫الدين)"شرف أصحاب الحديث" ‪.‬‬
‫وقال اإلمام الحاكم رحمه هللا تعالى‪(:‬فلوال اإلسناد وطلب هذه الطائفة له‪،‬‬
‫وكثرة مواظبتهم على حفظه ‪ ،‬لدرس منار اإلسالم ‪ ،‬ولتم ّكن أهل اإللحاد‬
‫والبدع منه بوضع األحاديث وقلب األسانيد ‪ ،‬فإن األخبار إذا تعرت عن وجود‬
‫األسانيد فيها كانت بترا )"مقدمة معرفة علوم الحديث ص‪."6‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬‫ص ُ‬ ‫" نَ ْ‬
‫‪51‬‬
‫وقال اإلمام أبو المظفرـ السمعاني رحمه هللا تعالى‪..(:‬ولوالهم ال ندرس علم‬
‫النبي[‪ ،]‬ولم يقف أحد على سنته وطريقته) ‪.‬‬
‫ولقد كان سلفنا الصالح من الصحابة واألئمة بعدهم‪ ،‬في طلب الحديث يكاد‬
‫السنن سرورهم ‪،‬وعقولهم بلذاذتها عامرة ‪،‬‬ ‫ينحصر شأنهم ‪ ،‬وفي تعلم ُّ‬
‫وعيونهم لحفظهاـ ساهرة ‪ ،‬رضي هللا عنهم وشكر سعيهم ‪.‬‬
‫وأهل الحديث ‪-‬قديما وحديثا‪ -‬مع ذلك هم أعلم الناس بالشريعة ومقاصدها ‪،‬‬
‫وبما كان عليه النبي ‪ ‬وأصحابه ‪ ،‬ولم يمنعهم اشتغالهم به من التفقه في الدين‪،‬‬
‫بل ما زادهم إال إحسانا وتوفيقا ‪.‬‬
‫قال العالمة أبو الحسنات اللّكنوي رحمه هللا تعالى ‪( :‬ومن نظر بنظر‬
‫اإلنصاف ‪ ،‬وغاص في بحار الفقه واألصول‪ ،‬متجنّفا االعتساف‪ ،‬يعلم علما‬
‫يقينا أن أكثر المسائل الفرعية واألصلية التي اختلف العلماء فيها ‪ ،‬فمذهب‬
‫المحدثين فيها أقوى من مذاهب غيرهم‪ ،‬وإني كلما أسير في شعب االختالف‬
‫أجد قول المحدثين فيها قريبا من اإلنصاف‪ ،‬فلله ذرّهم‪،‬وعليه‬
‫اب شرعه صدقا ‪ ،‬حشرنا‬ ‫شكرهم(كذا!)كيف ال وهم ورثة النبي ‪ ‬حقا ‪،‬ونُّو ُ‬
‫هللا في زمرتهم وأماتنا على حبّهم وسيرتهم )انظر"مقدمةـ الصفة"للعالمةـ‬
‫األلباني رحمه هللا ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقال اإلمام أحمد رحمه هللا تعالى‪( :‬أهل الحديث أعظم درجة من الفقهاء)ـ ‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعي رحمه هللا تعالى‪(:‬عليكم بأصحاب الحديث‪ ،‬فإنهم أكثر‬
‫صوابا من غيرهم)‪".‬اآلداب الشرعية‪"1/438‬‬
‫يا قاصدا علم الحديث يذمـه إذ ضـل عن طرق‬
‫الهــدايـة فهمه‬
‫وأجلها علم الحديث‬ ‫إن العلوم كما علمت كثــيرة‬
‫وعلمه‬
‫فأتم سهم في المعالي‬ ‫من كان طالبه وفيـــه تيقـظ‬
‫سهـمــه‬
‫بي وشذ عنّا‬
‫الن ّ‬
‫دين ّ‬ ‫لوال الحديث وأهله لم يستقم‬
‫حكمـــه‬
‫ما كان فهم في البسيط‬ ‫وإذا استراب بقولنا متحذلق‬
‫فهـمـه‬

‫‪1‬‬
‫() _ (شرف أصحاب الحديث) ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪52‬‬
‫والكالم في فضل أهل الحديث كثير يكاد ال ينحصر‪ ،‬وتشنيع األئمة على‬
‫منتقصيهم مشتهر‪ ،‬وفيما ذكرنا غنية وكفاية للمعتبر‪ ،‬والحمد هلل العليم‬
‫(‪)2‬‬
‫المقتدر ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الطّعن والتّزهيد في الشّيخ الجليل ‪ :‬يحي بن علي‬
‫الحجوري‬
‫حفظه هللا تعالى ‪:‬‬
‫وتفننوا في إساءتهم للشيخ حفظه هللا تعالى‪،‬‬‫وقد دخلوا في هذا من باب واسع‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫وجل‬ ‫وهم يعلمون خطورةـ الوقيعة في أهل العلم ‪ ،‬الذين اجتباهم هللا ّ‬
‫عز‬
‫وجعلهم ورثة األنبياء ‪ ،‬ورفعهم مكانا عليّا‪ ،‬ونصوص الكتاب والسنة تكاد ال‬
‫ُتحصر في بيان فضلهم ومكانتهم العظيمة ‪ ،‬قال تعالى‪:‬شهد هللا أنه ال إله إال‬
‫هو والمالئكة وأولوا العلم قائما بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم‪ ، ‬فلو لم‬
‫يكن من ذلك إال هذه اآلية؛ لكان كافيا في بيان عظم منزلتهم ورفعتهم على‬
‫غيرهم ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() _ وانظر كتاب "شرف أصحاب الحديث" لإلمام الخطيب البغدادي ‪ ،‬وكتاب "أهل‬
‫الحديث هم الطائفة المنصورة" للعالمة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي ‪ ،‬وغيرها من‬
‫الصدد ‪ .‬أسأل هللا أن يثبتنا على السنة إلى يوم نلقاه ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الكتب النافعة في هذا‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪53‬‬
‫قال اإلمام القرطبي رحمه هللا تعالى‪ (:‬في هذه اآلية دليل على فضل العلم‬
‫وشرف العلماء وفضلهم‪ ،‬فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم هللا باسمه‬
‫واسم مالئكته كما قرن اسم العلماء )"الجامع ألحكام القرآن‪. "4/41‬‬
‫وقال العالمة السعدي رحمه هللا تعالى‪ ( :‬وفي هذه اآلية فضيلة العلم والعلماء‪،‬‬
‫خصهم بالذكر من دون البشر‪ ،‬وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة‬ ‫ّ‬ ‫ألن هللا‬
‫مالئكته‪ ،‬وجعل شهادتهم من أكبر األدلة والبراهين على توحيده ودينه‬
‫وجزائه‪ ،‬وأنه يجب على المكلفين قبول هذه الشهادة العادلة الصادقة‪ ،‬وفي‬
‫ضمن ذلك‪ :‬تعديلهم‪ ،‬وأن الخلق تبع لهم‪ ،‬وأنهم هم األئمة المتبوعون‪ ،‬وفي هذا‬
‫من الفضل والشرف وعلو المكانة ماال يقادر قدره)"التيسير" ‪.‬‬
‫وليعلم الذين يعادونهم أنهم بذلك معلنون للحرب مع هللا ع ّز وجل‪ ،‬قال النبي‬
‫(‪)1‬‬
‫‪«:‬من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب » ‪ ،‬والعلماء هم ذروة األولياء بعد‬
‫األنبياء‪ ،‬ودخولهم في هذا االسم دخول أ ّولي بعدهم؛ قال تعالى‪:‬أال إن أولياء‬
‫هللا الخوف عليهم وال هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ‪ ،‬وأهل العلم‬
‫أكمل الناس تقوى وإيمانا‪ .‬وقد قال اإلمامان الشافعي وأبو حنيفة ‪ (:‬إن لم يكن‬
‫(‪)2‬‬
‫العلماء والفقهاءـ أولياء هللا فليس هلل ولي ) ‪.‬‬
‫والطعن فيهم هو في الحقيقة قدح فيما يحملون من الهدى والعلم ‪ ،‬وتشتيت‬
‫وإشاعة للفوضى فيها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لألمة وتضييع لها‬
‫قال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪(:‬وبتوقير العلماء ُتَوقَّرال ّشريعة ألنهم‬
‫حاملوها‪ ،‬وبإهانة العلماء تهان الشريعة‪،‬ألن العلماء إذا ذلّوا وسقطوا أمام‬
‫أعين الناس ذلّت الشريعة التي يحملونها‪ ،‬ولم يبق لها قيمة عند الناس وصار‬
‫كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة )‪".‬شرح رياض الصالحين‬
‫‪1/716‬ط دار السالم"‪.‬‬
‫وقال العالمة الفوزان حفظه هللا تعالى‪...( :‬واالستخفافـ بهم يعتبر استخفافاـ‬
‫بمقامهم ‪ ،‬ووراثتهم للنبي ‪ ، ‬واستخفافاـ بالعلم الذي يحملونه‪...‬وإذا لم يوثق‬
‫بالعلماء فبمن يوثق؟ وإذا ضاعت الثقة بالعلماء؛ فإلى من يرجع المسلمون‬
‫لحل مشاكلهم‪ ،‬ولبيان األحكام الشرعية؟ وحينئذ تضيع األمة ‪ ،‬وتشيع‬
‫الفوضى‪...‬وما من أحد استخف بالعلماء إال وقد عرض نفسه للعقوبة‪ ،‬والتاريخ‬
‫خير شاهد على ذلك قديما وحديثا‪")..‬األجوبة المفيدة ص‪."202_201‬‬

‫‪1‬‬
‫() _ أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() _ كما في"شرح حديث أبي الدرداء ص‪ "50‬للحافظ ابن رجب رحمه هللا تعالى ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪54‬‬
‫وقال العالمة ربيع المدخلي حفظه هللا‪..(:‬فترى هؤالء ل ّما فرغوا من‬
‫الشباب بدؤوا بالعلماء يسقطونهم‪ ،‬فهذا منهج اإلخوان المسلمين‪...‬فما‬
‫قصدهم؟!‬
‫قصدهم إسقاط المنهج السلفي‪ ،‬وإقامة األباطيل والضالالت على أنقاضه ‪.‬‬
‫والذين يطعنون اآلن‪ ،‬فإنهم يريدون رفع راية اإلسالم؟!! ورفع راية السنة؟!!‬
‫كذابون‪ ،‬متّهمون مهما ا ّدعوا ألنفسهم‬ ‫أبدًا‪ ،‬أبدًا‪ ،‬هذه قرائن وأدلة على أنهم ّ‬
‫)"الحث على المو ّدة واالئتالفـ ص‪."44-43‬‬
‫وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪..(:‬ألن العلم ميراث األنبياء‪ ،‬والعلماء‬
‫ورثتهم‪ ،‬فمحبة العلم وأهله ميراث األنبياء وورثتهم‪ ،‬وبغض العلم بغض‬
‫لميراث األنبياء وورثتهم‪..‬فمن أحب العلم وأهله فقد أحب ما أحبه هللا وذلك مما‬
‫يدان بـه ) "مفتاح دار السعادة‪."1/136‬‬
‫والوقيعة في أهل العلم مسلك أعداء األنبياء ‪ ‬من اليهود والنصارى‬
‫والمنافقين‪ ،‬ومسلك أهل البدع واألهواء ‪،‬وأظهر عالمة لهم ‪.‬‬
‫قال اإلمام أبو عثمان الصابوني رحمه هللا تعالى‪ (:‬وعالمات البدع على أهلها‬
‫بادية ظاهرة‪ ،‬وأظهر آياتهم وعالماتهم‪ :‬شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬واحتقارهم لهم ‪،‬واستخفافهم بهم‪. )..‬‬
‫ورثة األنبياء وتوقيرهم من أظهر عال مات أهل‬ ‫ِ‬ ‫أهل العلم‬
‫كما أن احترام ِ‬
‫السنة ‪ ،‬قال اإلمام الصابوني أيضا‪ (:‬وإحدى عالمات أهل السنة حبّهم ألئمة‬
‫السنة وعلمائها وأنصارها‪")..‬اعتقاد السلف أصحاب الحديث"‪.‬‬
‫والطاعن فيهم متسبّب في إهالك نفسه ‪ ،‬وموت قلبه ‪ ،‬قال اإلمام ابن عساكر‬
‫رحمه هللا تعالى‪ (:‬واعلم يا أخي وفقنا هللا وإياك لمرضاته‪ ،‬وجعلنا ممن نخشاه‬
‫ويتقيه حق تقاته ‪ :‬أن لحوم العلماء ‪-‬رحمة هللا عليهم‪ -‬مسمومة ‪ ،‬وعادة هللا في‬
‫هتك أستار منتقصيهم معلومة‪ ،‬ألن الوقيعة فيهم بما هم فيه براء أمره عظيم‪،‬‬
‫والتناول ألعراضهم بالزور واالفتراء مرتع وخيم‪")...‬تبيين كذب المفتري ص‬
‫‪. "28‬‬
‫[مــوعظة ؛ فهل من م ّدكـــر؟!!]‬
‫(‪)1‬‬
‫فعلى كل مسلم موحد ‪ :‬النهوض بالحقوق الشرعية عليه للعلماء العاملين‬
‫والكف عن أعراضهم والوقيعة‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬من توقيرهم وتبجيلهم وإعطائهم قدرهم‪،‬‬
‫فيهم‪ ،‬والبعد عن إثارة التشكيك في نياتهم ونزاهتهم ‪،‬والتعسف في حمل‬
‫تصرفاتهم بالفتيا والقول على محامل السوء‪ ،‬وتصيّد المعائب عليهم‪ ،‬وإلصاق‬
‫التهم بهم‪ ،‬والحط من أقدارهم‪ ،‬والتزهيد فيهم ‪ ،‬فإن هذا من أعظم وسائل‬
‫الهدم‪ ،‬ومن مواطن اإلثم‪ ،‬وتفتيت األمة والقيادة العلمية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫() _ من كتاب "الرد على المخالف ص‪ "88‬للشيخ بكر أبو زيد وفقه هللا‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪55‬‬
‫وما هذه إال وخَـَزات ُمرجــف‪ ،‬وطعــون متســرع‪،‬وهي مواقف يتشــفى بها‬
‫من في قلبه علة ‪،‬وفي دينه رهق وذلة من أهل البدع واألهــواء وغــيرهم‪،‬‬
‫السـنّة وتكــون بفعلتك هـذه‬
‫فال تكونن ظهيرا للمجرمين ‪ ،‬تخذل علماء ّ‬
‫سلمهم غنيمة‬
‫وت ِّ‬
‫تــذود النــاس عنهم ‪ ،‬وعن دروســهم وحلقهم ومــآثرهم ‪ُ ،‬‬
‫بـــاردة إلى علمـــاء ّ‬
‫الســـوء والبدعـــة‪ ،‬أو جعلهم همال تتصـــيدهم الفـــرق‬
‫واألحزاب‪.‬‬

‫ومما عمد إليه المخذولون والسفهاء والمتعصبون في مسيرتهم اآلثمة ‪:‬‬


‫محاولة إسقاط كون الشّيخ عال ًما‪ 1‬للتّم ّكن من ترويج‬
‫باطلهم!! ‪:‬‬
‫إذ أنهم على علم بأن لكالم العلماء في نفوس الناس رواجا وقبوال‪ ،‬فأخذوا‬
‫ساعين في صرف األنظار عنهم بتشويه صورتهم بشتى الوسائل‪ ،‬لتخلو لهم‬
‫الساحة ولينفق باطلهم ويروج‪.‬‬
‫وليكن في علم إخواننا السلفيين‪ ،‬أن هذا المسلك مسلك يهودي ماسوني ‪ ،‬ورثه‬
‫عنهم أهل التّح ّزب قديما وحديثا‪ ،‬فيعمدون إلى ابتكار مقدمات خفيّة ‪،‬للوصول‬
‫إلى غاية ونتيجة إبليسية ‪.‬‬
‫قال العالمة ربيع بن هادي المدخلي حفظهـ هللا تعالى‪ ( :‬وهذه طبعا هي طريقة‬
‫اإلخوان المسلمين وطريقة أهل البدع‪ّ ،‬‬
‫فإن أهل البدع من أسلحتهم أن يبدؤوا‬
‫بإسقاط العلماء‪ ،‬بل هي طريقة يهودية ماسونية ‪ ":‬إذا أردت إسقاط فكرة‬
‫فأسقط علماء ها أو شخصياتها"!!! فابتعدوا عن هذا الميراث ال َّرديء‪،‬‬
‫واحترموا العلماء‪...‬فالذي يكره هذا المنهج يتكلم في علمائه‪ ،‬والذي يُبغض‬
‫هذا المنهج ويُريد إسقاطه يسير في هذه الطريق‪ ،‬وهي مفتوحة لهم؛ طريق‬
‫اليهود‪ ،‬وطريق األحزاب الضالة من الروافض وغيرهم‪")..‬الحث على المودة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬وأوسع من ذلك دعوى خلو اليمن من العلماء بعد موت اإلمام الــوادعي رحمه هللا!!‬
‫وقد تــولّى ال ـ ّر ّد على هــذه الفريــة؛ أخونا الفاضل أبو حــاتم ســعيد بن دعــاس حفظه هللا‬
‫تعالى في رسالته "إنباء الفضالء ب َزيْف دعــوى خلـ ّو اليمن من العلمــاء" وهي مطبوعة‬
‫وهلل الحمد‪ ،‬وقد نُشرت أيضا على الشبكة ‪ ،‬ويقود اآلن هذه الدعوى الباطلة التّهميشــيّة‪-‬‬
‫بلباس آخر‪ -‬األخوان عبد الرحمن وعبد هللا ابنا مرعي عاملهما هللا بما يستحقّان ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪56‬‬
‫واالئتالف"(ص‪.)41_40‬‬
‫فلما كان كالم الشيخ يحيى حفظهـ هللا تعالى في عبد الرحمن بن مرعي العدني‬
‫شق صف أهل السنة بد ّماج ؛ بله‬ ‫مؤيَّدا بالح ّجةـ والبيان لفتنته التي سعت في ّ‬
‫اليمن‪ ،‬ولم يستطع أذنابه ر ّده‪ ،‬أو إخراج كالم ألهل العلم بحجة ليسقطه؛‬
‫يواجهون به ويعارضون؛ أرادوا نزع ثقة طلبة العلم في هذا الشيخ الجليل بأنه‬
‫(‪)1‬‬
‫ليس بعالم!!! وماالنتيجة ؟ ال يؤخذ بقوله !!!‬
‫كالّ ! فقد كذبوا وهللا‪ ...‬وهم يعلمون قدر هذا الشيخ الجليل‪ ،‬وما حََباه هللا تعالى‬
‫من علم ورسوخ فيه‪ ،‬لكنه الهوى يعمي ويص ّم!!‬
‫وقبل الخوض مع هؤالء بذكر شهادة أهل العلم المنصفين لشيخنا حفظه هللا‬
‫تعالى بالعلم والتّضلّع فيه؛ أحببت أن أذكر للقوم ضابط إطالق لفظ (عالم)‬
‫على األشخاص‪،‬لعلمي بأن أكثرهم يجهل ذلك‪ ،‬وليعلموا أيضا غل ّوهم‬
‫ومبالغتهم فيمن هم معهم م ّمن يرفعون شأنهم‪ ،‬ولو لم يبلغوا عشر معشار من‬
‫يزهّدون في علمه ‪.‬‬
‫أن إثبات كون الشخص عال ًما والشهادة له بذلك؛ ليست‬ ‫وليعلم أخي القارىء‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫من األمور السّهلة ‪.‬‬
‫بأن فالنًا راسخ في العلم‪ ،‬وفالنًا غير‬‫قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا‪(:‬والشهادة ّ‬
‫راسخ في غاية الصّعوبة)"االعتصام‪."2/290‬‬
‫ث ّم هي ليست لكل من هبّ ودبّ ‪ ،‬ونُسب إلى العلم واألدب‪ ،‬وإنّما هي ألهل‬
‫العلم الع ُدول ذوي اإلنصاف‪ ،‬ال ألهل الزيغ والهوى والجهل‪.‬‬
‫قــال اإلمــام ابن قيّم الجوزية رحمه هللا‪ (:‬والشــاهد المقبــول عند هللا‪ ،‬هو‬
‫الــذي يشــهد بعلم وصــدق‪ ،‬فيُخــبر بــالحق ُمســتندا إلى علمه بــه؛ كما قــال‬
‫تعالى‪ :‬إالّ من شهد بالح ّ‬
‫ق وهم يعلمون ‪.)..‬‬
‫وقال اإلمام الذهبي رحمه هللا‪(:‬لكن إذا ثبتت إمامة الرجل وفضله‪ ،‬لم يضره ما‬
‫قيل فيه‪ ،‬وإنما الكالم في العلماء مفتقر إلى وزن بالعدل والورع )"السير‬
‫‪."8/338‬‬

‫‪1‬‬
‫() وهم لو كانوا منصفين ألخذوا بالحق وأذعنوا إليه‪ ،‬سواء كان النّاطق به عالما أم لم‬
‫يكن كذلك‪ ،‬كما هو دأب السلف واألئمة ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن رجب رحمه هللا‪ (:‬فلهذا كان أئمة السلف ال ُمج َمع على علمهم وفضلهم‬
‫ق م ّمن أورده عليهم وإن كان صغيرا‪ ،‬ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول‬ ‫يقبلون الح ّ‬
‫الحق إذا ظهر في قول غيرهم )"الفرق بين النصيحة والتعيير"‪.‬‬
‫كيف وشيخنا عالم ربّاني سلفي!! لكنه الهوى يعمي ويص ّم!! ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪57‬‬
‫وقال‪ .(:‬ولكن الجاهل ال يعلم رتبة نفسه‪ ،‬فكيف يعلم رتبة غيره؟!!) ‪" .‬السير‬
‫‪."11/321‬‬
‫ّ‬
‫أهل القبلة كلهم‪ ،‬مؤمنهم‬ ‫وقال اإلمام الذهبي رحمه هللا أيضا‪(:‬ثم اعلم أن َ‬
‫وفاسقهم‪ ،‬و ُسنّيّهم ومبتدعهم‪ -‬سوى الصحابة‪-‬لم يجمعوا على مسلم بأنه سعيد‬
‫ناج‪...‬فما من إمام كامل في الخير إالّ وثَ ّم أناس من جهلة المسلمين ومبتدعيهم‬
‫يذ ّمونه ويحطون عليه‪...‬وإنما العبرة بقول جمهور األمة الخالين من الهوى‬
‫والجهل‪ ،‬المتّصفين بالورع والعلم )"السير‪."345-13/344‬‬
‫[ ضابط العالم ] ‪:‬‬
‫وأما ضابط الـ(العالم) فقد جاء في السّنة ما يبيّنه بأحسن بيان‪ ،‬حيث قال‬
‫عليه الصالة والسالم ‪ « :‬العلماء ورثة األنبياء »‪ ،‬وهذا من جوامع كلمه صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬وهو الميزان الحقيقيـ والشرعي لما يحمله هذا اللفظ من ثقل‪.‬‬
‫[ تفسير إرث األنبياء ] ‪:‬‬
‫وقد بيّن تعالى ميراث األنبياء وما أُرسلوا به في كتابه الكريم فقال ‪ :‬هو الذي‬
‫أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ‪. ‬‬
‫قال غير واحد من أهل العلم‪(:‬الهدى) هو العلم النافع ‪ ،‬و(دين الحق) هو العمل‬
‫الصالح ‪.‬‬
‫وقال تعالى‪  :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى هللا على بصيرة أنا ومن اتبعني‬
‫وسبحان هللا وما أنا من المشركين‪.‬‬
‫قال العالمة الفوزان حفظهـ هللا تعالى‪ ( :‬قال تعالى‪﴿ :‬وإذ أخذ هللا ميثاق الذين‬
‫أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه ‪ ،‬هذا ميثاق أخذه هللا على العلماء أن‬
‫يبينوا للناس ما علمهم هللا من أجل أن ينشروا الخير‪ ،‬ويخرجوا الناس من‬
‫الظلمات إلى النور‪ ،‬وهذا عمل الرسل عليهم الصالة والسالم ومن اتبعهم‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪:‬قل هذه سبيلي‪...‬اآلية‪ ،‬هذه طريقة الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫وطريقة أتباعه‪ :‬العلم‪ ،‬والعمل‪ ،‬والدعوة إلى هللا عز وجل‪")..‬شرح األصول‬
‫الثالثة ص‪."27_26‬‬
‫وقال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى عند شرحه للحديث‪(:‬العلماء هم‬
‫ورثة األنبياء‪ :‬ورثوا العلم من األنبياء‪ ،‬وورثوا العمل كما يعمل األنبياء‪،‬‬
‫وجل‪ ،‬وورثوا هداية الخلق وداللتهم على شريعة‬ ‫ّ‬ ‫وورثوا الدعوة إلى هللا ّ‬
‫عز‬
‫هللا‪")..‬شرح رياض الصالحين‪/2‬ص‪1486_1485‬ط دار السالم"‪.‬‬
‫وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪ (:‬ورثة الرسل وخلفاؤهم في أممهم‪ ،‬وهم‬
‫القائمون بما بعثوا به ‪ :‬علما وعمال ودعوة الخلق إلى هللا على طريقه‬
‫ومنهاجه)"طريق الهجرتين‪."351‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪58‬‬
‫ومن هذا المنطلق تنوعت عبارات أهل العلم في ضابط العالم على هذه األقسام‬
‫الثالثة ‪ -1‬فمنها ما يرجع إلى ما ينبغي أن يكون عليه العلماء من العلم وآالته ‪.‬‬
‫‪ -2‬ومنها ما يرجع إلى العمل بالعلم وما يلحقهـ ‪.‬‬
‫‪ -3‬ومنها ما يرجع إلى جانب الدعوة‪ ،‬ومرجعية الناس ودوران الفتوى على‬
‫العالِم‪.‬‬
‫[ جانب العلم وآالته ] ‪:‬‬
‫وأما العلم النافع الذي أُرسل به األنبياء؛ فمِن أجمع ما يُقال فيه ‪:‬‬
‫[ هو ما جاء في كتاب هللا ‪ ،‬وفي سنة رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وبيّنه‬
‫العلماء ال ّربّانيّون من أصحاب العقيدة السّلفية‪ ،‬والمنهج السّليم‪ ،‬في ك ّل باب من‬
‫أبواب العلم ]"شرح الثالثة األصول ص‪ "17‬للعالمة زيد المدخلي حفظهـ هللا ‪.‬‬
‫وقال اإلمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه هللا تعالى ‪:‬‬
‫العلـم قال هللا قال رسـولـه قال الصّحابة هم أولوا‬
‫العرفان‬
‫وقد تنوعت عبارات أهل العلم في ح ّد ما ينبغي أن يكون عليه العالم من إلمام‬
‫بالعلم وآالته؛ وكالمهم كله يصبّ في مجرى واحد‪ ،‬ويك ّمل بعضه بعضا فمن‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫_ قال العالمة ابن عثيمين‪ ( :‬العالم ؛ ك ّل من أل َّم بجملة من العلوم كالنّحو‬
‫والفقه والعقيدة‪ )...‬من شريط "لقاء مفتوح"‪.‬‬
‫كملت له آالت االجتهاد ) كما في‬ ‫_ وقال العالمة الباجي ‪ (:‬هو الذي ُ‬
‫"موسوعة مصطلحه في أصول الفقهـ‪. "1/892‬‬
‫طلب منه أن يفتي فيه ‪،‬‬ ‫_ وقال العالّمة النّعمي ‪ ( :‬من يقيم البرهان على ما ُ‬
‫ويستطيع االستدالل الصحيح بالكتاب والسنة‪ ،‬وأخذ الحكم من دليله حتى يشفي‬
‫سائله من سقامه‪ ،‬ويروي صا ّديه من غليل أوامه )"معارج األلباب ص‪."163‬‬
‫_ وقال اإلمام ابن القيم في العلماء‪ ( :‬فقهاء اإلسالم ومن دارت الفتيا على‬
‫أقوالهم بين األنام‪ ،‬الذين خصّوا باستنباط األحكام‪ ،‬وعنوا بضبط قواعد الحالل‬
‫والحرام ) "إعالم الموقعين‪/1‬ص‪."9‬‬
‫_ وقال العالمة صديق حسن خان‪ (:‬من تمكن من إثبات المسائل بأدلتها عن‬
‫علم وثبت )"أبجد العلوم ص‪. "80‬‬
‫_وقال الشيخ صالح آل الشيخ ‪...(:‬هم أهل الشمولية في معرفة األحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬فيعلمون الفقهـ بأبوابه كلها‪ ،‬ويعلمون قواعد الشرع واألصول‬
‫المرعيّة فال يكون عندهم التباس وال اختالف بين المسألة واألخرى‪ ،‬وال بين‬
‫القضايا بعضها مع بعض)"الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن ص‬
‫‪."44‬‬
‫قلت ‪ :‬ولعل أقرب جامع لهذه التعاريف المتن ّوعة أن يقال ‪:‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫(‪59 )1‬‬
‫[ العالم من أحاط بجملة من العلوم الشرعية‪ ،‬وجمع آالت االجتهاد ‪ ،‬بحيث‬
‫يستطيع االستدالل بالدليل‪،‬واستنباط الحكم منه عن علم وثبت‪،‬دون ا ْلتباس‬
‫بين المسائل] ‪.‬‬
‫أن لشيخنا العالمة يحيى بن‬ ‫وال يخفى على كل منصف متجرّد عن الهوى؛ ّ‬
‫علي الحجوري حفظهـ هللا من ذلك قسطٌ وفير‪ ،‬وأنّه ممن يتن ّزل عليه هذا‬
‫ك أو تر ُّدد يسير‪ ،‬ومن قرأ في كتب الشيخ التي تتجاوز‬ ‫التعريف دون ش ّ‬
‫الثمانين في شتَّى العلوم وكذا أشرطته التي ُتعد بالمئات من محاضرات‬
‫‪1‬‬
‫() _ إذ البد لكل عالم من نصيب من االجتهاد‪ ،‬وال يلزم من ذلك إثبات االجتهاد‬
‫المطلق‪.‬‬
‫وآالته خمسة‪ ،‬ذكرها اإلمام الشوكاني رحمه هللا تعالى في كتابيه‪":‬االجتهاد والتقليد"‬
‫و"إرشاد الفحول‪/2‬ص‪ "1033_1027‬في كالم طويل أذكر هنا مل َّخصه ‪:‬‬
‫‪ _1‬أن يكون عارفا بما اشتملت عليه مجاميع السنة من أحاديث‪ ،‬وال يشترط حفظها‪ ،‬بل‬
‫أن يكون مستطيعا على استخراجها من مواضعها‪ ،‬وأن يكون ممن له التمييز بين‬
‫صحيح الحديث وسقيمه‪.‬‬
‫‪ _2‬أن يكون عارفا بمسائل اإلجماع لئال يفتي بخالفه‪.‬‬
‫‪ _3‬أن يكون عارفا بلسان العرب‪ ،‬بحيث يمكنه تفسير ما ورد في الكتاب والسنة‪ ،‬وال‬
‫يشترط أن يكون حافظا لها عن ظهر قلب‪.‬‬
‫‪ _4‬أن يكون عارفا بعلم أصول الفقه ألنه عماد االجتهاد وأساسه‪.‬‬
‫‪ _5‬أن يكون عارفا بالناسخ والمنسوخ بحيث ال يخفى عليه شيء من ذلك‪ ،‬مخافة أن يقع‬
‫في الحكم المنسوخ ا‪.‬هـ مل ّخصا‪.‬‬
‫وقد غال أقوام في شروط المجتهد‪ ،‬حتى ذكروا أوصافا قال فيها اإلمام محمد بن عبد‬
‫الوهّاب النّجدي رحمه هللا تعالى في رسالته "الستة أصول"‪ ( :‬لعلها ال توجد تا ّمة في‬
‫أبي بكر و عمر)!! ‪ ،‬وقال اإلمام ال ّشوكاني في"إرشاد الفحول"‪ (:‬وال يخفاك أن كالم‬
‫أهل العلم في هذا الباب من قبيل اإلفراط‪ ،‬وبعضه من قبيل التفريط‪ ،‬والحق الذي الشك‬
‫فيه وال شبهة أن المجتهد‪ ،)...‬ثم ذكر ما مل ّخصه قد م ّر ذكره ‪.‬‬

‫وليس من شرط العالم أن يحيط بجميع العلم‪ ،‬أو أن ال يخطىء ويز ّل ‪.‬‬
‫_ قال ياقوت الحموي رحمه هللا ‪ (:‬وال بد للعالم من جهل‪ ،‬أي أن يجهل كثيرا م ّما يُسأل‬
‫عنه‪ ،‬إما ألنّه ما سمعه أو نسيه ) "إرشاد األريب"‪.‬‬
‫_ وقال اإلمام ابن رجب رحمه هللا تعالى‪ ( :‬وكلّهم ‪-‬أي العلماء‪ -‬معترفون بأن اإلحاطة‬
‫بالعلم كلّه من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم )"الفرق بين النصيحة‬
‫والتعيير"‪.‬‬
‫يكلف جمع السنة كلها‪ ،‬بل إذا كان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫_ وقال العالمة المعلمي رحمه هللا تعالى‪ ( :‬العالم ال َّ‬
‫عارفا بالقرآن وعنده طائفة صالحة من السنة‪ ،‬بحيث يغلب على اجتهاده الصواب‪ ،‬كان‬
‫له أن يفتي‪ ،‬وإن عرضت قضية لم يجدها في الكتاب والسنة سأل من عنده علم بالسنة‪،‬‬
‫فإن لم يجد اجتهد رأيه )"األنوار الكاشفة ص‪ ،"51‬وانظر "رفع المالم عن األئمة‬
‫األعالم"‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬ ‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪60‬‬
‫وقوة‬
‫ودروس وشروح‪...‬عَلم مكانة الشيخ العلمية وجم َعه آالت االجتهاد‪ّ ،‬‬
‫استنباطه وترجيحاته مع ما رزقه هللا عزّ وجلّ من حافظةـ يتعجّب منها كل من‬
‫سنة بين عينيه‪ ،‬مع بيان‬ ‫يسمع محاضراتـ الشيخ وخطبه ودروسه‪ ،‬وكأنّ ال ّ‬
‫ً‬
‫سقيمها من صحيحها‪ ،‬وربّما عددت له في خطبة خمسين حديثا أو أكثر‪،‬‬
‫وضعف ذلك من آيات الكتاب العزيز‪ ،‬فللّه درّه من حافظـ متقن‪ ،‬وأدرك ّ‬
‫أن‬
‫الطّاعن في علم الشيخ غم ٌر حقير‪ ،‬وقد شهد له بالتّبحّر في العلم مج ّدد شهير‪،‬‬
‫وإمام بصير‪ ،‬وأعرف الناس به وهو العالم الرباني مقبل بن هادي الوادعي‬
‫رحمه هللا وكذا غيره من أهل العلم‪ ،‬وال ينبئك مثل خبير‪.‬‬
‫قال العالمة الوادعي رحمه هللا تعالى في مقدمته لكتاب شيخنا "ضياء السالكين‬
‫ي شطر رسالة السفر ألخينا في هللا‬ ‫في أحكام وآداب المسافرين"‪( :‬فقد قُرئ عل َّ‬
‫الشيخ الفاضل التّق ّي ال ّزاهد المحدّث الفقيه أبي عبدالرحمن يحيى بن علي‬
‫الحجوري حفظهـ هللا‪ ،‬فوجدتها رسالة مفيدة فيها فوائد تُش ُّد لها الرّحال‪،‬‬
‫اشتملت على فوائد حديثيَّة من جرح وتعديل وتصحيح وتضعيف‪ ،‬وعلى‬
‫فوائد فقهيّة من استنباط أحكام وتفسير غريب وتوضيح مبهم‪ ،‬شأنه في‬
‫رسائله األخرى‪...‬ونفع إخوانه بالفتاوى التي تعتمد على الدليل‪.)...‬‬
‫وقال أيضًا في تقديمه لكتاب شيخنا "أحكام التيمم"‪..( :‬أودعه فوائد تُش ُّد لها‬
‫سند‪ ،‬واستنباط مسائل فقهية‬ ‫ال ّرحال‪ ،‬من كالم على الحديث وعلى رجال ال َّ‬
‫تبحره في علم الحديث والفقه‪ ،‬ولست أبالغ إذا قلت‪ :‬إنَّ عمله‬ ‫بما ي ُد ُّل على ُّ‬
‫هذا يفوق عمل الحافظ في "الفتح" في هذا الباب؛ من بيان حال ك ّل حديث‬
‫وبيان درجته‪. )...‬‬
‫وقال في مق ّدمته لكتاب "إصالح المجتمع" بتحقيق شيخنا‪..( :‬وقد بذل ال ّشيخ‬
‫يحيى حفظهـ هللا جهدًا مشكورًا في تخريج أحاديثه وتحقيق ألفاظه ومعانيه‬
‫وتنبيهات قيّمة على بعض األخطاء التي حصلت للمؤلّف رحمه هللا‪ ،‬فأصبحت‬
‫تخاريج الحديث مرج ًعا ينبغي لطالب العلم أن يقتنيه‪ ،‬ولو من أجل‬
‫التخريج‪...‬أسأل هللا أن يجزيه خيرًا وأن يبارك في علمه وماله وولده‪...‬إنه‬
‫جواد كريم)‪.‬‬

‫_ وقال اإلمام ابن عبد البر رحمه هللا تعالى‪ ( :‬ال يسلم العالم من الخطأ‪ ،‬فمن أخطأ قليال‬
‫وأصاب كثيرا فهو عالم‪ ،‬ومن أصاب قليال وأخطأ كثيرا فهو جاهل )"الجامع ص‬
‫‪."348_347‬‬
‫وعليه ‪ :‬فإن المعتمد في ح ّد العالم ما سبق أعاله‪ ،‬ومتى كان العالم متأهّال لالجتهاد وأَخذْ‬
‫الحكم من دليله؛ سواء بالفعل ‪ ،‬أو بالقوّة بحيث يستطيع استخراج مالم يحط به من‬
‫مصادره‪ ،‬كان ذلك مجز ًءا ‪ ،‬وال يخرجه عن زمرة العلماء‪ ،‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪61‬‬
‫وقال أيضًا في مقدمة كتاب شيخنا "الصُّ بح ال َّشارق في ال ّر ّد على ضالالت‬
‫عبد المجيد ال ّزنداني في كتابه توحيد الخالق"‪ ( :‬فللّه د ّره من باحث ُمل ّم‬
‫بحواشي الفوائد‪ ،‬من عقيدة وفقه وحديث وتفسير‪. )...‬‬
‫وكالم اإلمام الوادعي رحمه هللا في هذا كثير‪ ،‬وحسبك به إنصافًا وإمامة في‬
‫الجرح والتعديل‪.‬‬
‫[ جانب العمل بالعلم ] ‪:‬‬
‫واعلم قبل ذلك أن العمل ال يكون مقبوال إال بركنين أساسيين‪ ،‬وبقدر اإلخالل‬
‫بهما يضعف العمل أو يبطل بالكلية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬الذي خلق الموت والحياة‬
‫ليبلوكم أيكم أحسن عمال ‪ ،‬قال اإلمام الفضيل بن عياض رحمه هللا تعالى‪:‬‬
‫( العمل الحسن‪ :‬أخلصه وأصوبه؛ فإن العمل إذا كان خالصاـ ولم يكن صوابا‬
‫لم يقبل‪ ،‬وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل‪ ،‬حتى يكون خالصاـ صوابا‪،‬‬
‫والخالص أن يكون هلل‪ ،‬والصواب أن يكون على السنة )‪ .‬ثم قرأ قوله تعالى‪:‬‬
‫‪‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمال صالحاـ وال يشرك بعبادة ربه أحدا ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن كثير رحمه هللا تعالى‪ ( :‬وهذان ركنا العمل المتقبَّل‪ ،‬البد أن‬
‫يكون خالصا هلل‪ ،‬صوابا على شريعة رسول هللا ‪") ‬تفسير سورة الكهف"‪.‬‬
‫ونصوص الكتاب والسنة في هذا زاخرة ‪.‬‬
‫وقد تن َّوعت عبارات أهل العلم في تعريف العالم العامل بعلمه‪ ،‬وكالمهم‬
‫رحمهم هللا تعالى كثير في هذا الصّدد‪ ،‬وكلُّه مستقًى من أدلّة الكتاب وال ّسنّة‪،‬‬
‫ومستنبط منهما‪.‬‬
‫ومن كالمهم في ذلك‪:‬‬
‫_ قال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪ (:‬العمل بالعلم‪ :‬أن يعمل طالب‬
‫العلم بعلمه عقيدة وعبادة‪ ،‬أخالقاـ وآدابا ومعاملة‪ ،‬ألن هذا هو ثمرة العلم وهو‬
‫نتيجة العمل )"كتاب العلم ص‪."32‬‬
‫_ وقال العالمة الشوكاني رحمه هللا تعالى‪ ( :‬إنّه ال ينبغي لعالم أن يدين بغير‬
‫مادان السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم من الوقوف على ما‬
‫تقتضيه أدلة الكتاب والسنة‪ ،‬وإبراز الصفات كما جاءت‪ ،‬ورد علم المتشابه‬
‫إلى هللا سبحانه‪ ،‬وعدم االعتداد بشيء من تلك القواعد المد َّونة في هذا العلم‪،‬‬
‫المبنيَّة على شفا جرف هار من أدلة العقل التي ال تعقل وال تثبت إال بمجرد‬
‫الدعاوي واالفتراء على العقل بما يطابق الهوى‪")...‬أدب الطلب ص‪."198‬‬
‫_ وقال إبراهيم الخواص رحمه هللا تعالى‪ ( :‬ليس العلم بكثرة الرواية‪ ،‬إنما‬
‫العالم من اتّبع العلم واستعمله‪ ،‬واقتدى بالسنن )"االعتصام‪."1/162‬‬
‫_ وقال اإلمام الشاطبي رحمه هللا تعالى‪ (:‬ال يتّبع أحد من العلماء إالّ من حيث‬
‫هو متوجّه للشريعة قائم بحجّتها‪ ،‬حاكم بأحكامها جملة وتفصيال‪" )..‬االعتصام‬
‫‪."2/860‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪62‬‬
‫_ وكان الحسن يقول‪ (:‬إنما الفقيه‪ :‬الزاهد في الدنيا‪ ،‬الراغب في اآلخرة‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المجتهد في العبادة‪ ،‬القائم بسنة محمد صلى هللا عليه وسلم‪. )...‬‬
‫_ وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪ (:‬هللا جعل العلماء وكالء وأُمناء على‬
‫ب عنه‪...‬قال تعالى‪ :‬أولئك الذين‬ ‫وحيه‪ ،‬وارتضاهم لحفظه والقيام به ّ‬
‫والذ ّ‬
‫آتيناهم الكتاب والحكم والنب ّوة فإن يكفر بها هؤالء فقد و ّكلنا بها قوما ليسوا بها‬
‫بكافرين‪".‬تنقيح اإلفادة من مفتاح دار السعادة ص‪." 26‬‬
‫_ وقال اإلمام القرطبي رحمه هللا تعالى‪ (:‬فالعلماء هم العالمون بمصالح األ ّمة‬
‫الذ ُابّون عن سنّته الحافظون لشريعته ‪ ،‬فهؤالء‬ ‫بعده صلى هللا عليه وسلم‪ّ ،‬‬
‫ق بالوراثة ) "المفهم‪."6/689‬‬ ‫األح ّ‬
‫يصب في مصبّ واحد ‪ ،‬وهو أن العالم بعلمه هو‪:‬‬ ‫وكلُّ هذا الكالم ُ‬
‫صالح؛ عقيدةً‬ ‫سلف ال ّ‬‫سنة على فهم ال ّ‬ ‫[ ال ُمذعن لما تقتضيه أدلّة الكتاب وال ّ‬
‫ب عنها ] ‪.‬‬ ‫وعبادةً وسلو ًكا‪ ،‬مع القيام بالشّريعة ّ‬
‫والذ ّ‬
‫وقد أوضح هللا تعالى صفات العلماء العاملين أوضح بيان ‪:‬‬
‫سلف ‪:‬‬ ‫‪-1‬أ ّما اإلذعان للوحيين واتّباع منهج ال ّ‬
‫فلقوله تعالى‪:‬وما كان لمؤمن وال مؤمنة إذا قضى هللا ورسوله أمرا أن يكون‬
‫لهم الخيرة من أمرهم‪ ، ‬وقوله تعالى‪ :‬ومن يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن‬
‫له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت‬
‫مصيرا‪. ‬‬
‫وقال تعالى‪:‬إنّهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا‬
‫لنا خاشعين‪ ،‬وقال تعالى ‪ :‬إنّما يخشى هللا من عباده العلماء‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫أ ّمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر اآلخرةـ ويرجو رحمة ربه قل هل‬
‫يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون إنّما يتذ ّكر ألوا األلباب ‪ .‬وبعض هذه‬
‫أن أهل العلم أ ّول المخاطبين بذلك‪ .‬وهذه األدلّة‬ ‫النّصوص وإن كان عا ّمًا ‪ ،‬إالّ ّ‬
‫وغيرها من بابها‪ ،‬شاملة لالتّباع عقيدةً وعبادةً وسلو ًكا ‪.‬‬
‫ب عنها‪:‬‬ ‫‪ _ 2‬القيام بالشريعة ّ‬
‫والذ ّ‬
‫قال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪ (:‬أهل العلم هم القائمون على أمر هللا‬
‫تعالى حتى تقوم الساعة‪ ،‬ويُستدلُّ لذلك بحديث معاوية رضي هللا عنه يقول‬
‫سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪ « :‬من يرد هللا به خيرا يفقّهه في‬
‫ال ّدين‪ ،‬وإنّما أنا قاسم وهللا معطي‪ ،‬ولن تزال هذه األمة قائمة على أمر هللا ال‬
‫يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر هللا » رواه البخاري…)"العلم ص‪."32‬‬
‫أن شيخنا أبا عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري‬ ‫فإذا تقرّر هذا ‪ :‬فاعلم ّ‬
‫حفظه هللا تعالى من العلماء العاملين العابدين الذين أفنَوْ ا أعمارهم في عبادته‬
‫‪1‬‬
‫() _ أخرجه الدارمي في"مقدمة السنن"برقم(‪ ،)302‬بسند حسن ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫" نَ ْ‬
‫‪63‬‬ ‫ّ‬
‫تعالى‪ ،‬المذعنين لشرعه‪ ،‬الذابّين عن حياضه‪ ،‬ويعرف هذا من له أدنى معرفة‬
‫بالشيخ حفظهـ المولى ‪.‬‬
‫وقد شهد له بذلك أئ ّمة منصفون‪ ،‬وعلماء عاملون ‪:‬‬
‫قال اإلمام المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا تعالى‪...(:‬والذي أدين هللا‬
‫تقي ورع زاهد‪ ...‬كيف أتكلّم فيمن داسوا‬ ‫أن الشيخ الحجوري ٌّ‬ ‫ع ّزوج ّل به ّ‬
‫الدّنيا بأقدامهم والنّاس يتكالبون عليها‪...‬بل طاردوا الجمعيّات الحزبيّة التي‬
‫ف ّرقت كيان األ ّمة وطاردوا البدع‪. )...‬‬
‫وقال اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى في مق ّدمته لكتاب"أحكام الجمعة"‬
‫لشيخنا‪ ..(:‬والشيخ يحيى حفظه هللا تعالى في غاية من التّح ّري والتُّقى والزهد‬
‫والورع وخشية هللا‪ ،‬وهو ق َّوال بالحق ال يخاف في هللا لومة الئم‪. )...‬‬
‫وقال في مق ّدمة كتاب "ضياء السالكين" ‪...(:‬الشيخ الفاضل التّق ّي ال ّزاهد ‪...‬‬
‫واألخ الشيخ يحيى هو ذلك الرّجل المحبوب لدى إخوانه لما يرون فيه من‬
‫ساخة‪. )...‬‬ ‫حسن االعتقاد ومحبة السنة وبغض الحزبيّة الم ّ‬
‫وقال في مقدمة كتاب‪":‬الصبح الشارق" ‪ ..(:‬وصدق ربّنا إذ يقول‪:‬يأيها الذين‬
‫آمنوا إن تتّقوا هللا يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم وهللا ذو‬
‫الفضل العظيم‪ ،‬فالشيخ يحيى حفظه هللا فتح هللا عليه بسبب تمسكه بكتاب‬
‫هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد العزيز البرعي حفظهـ هللا تعالى ‪..(:‬نحن نعلم أنه على تقوى‬
‫هللا ع ّز وج ّل ومراقبة‪ ،‬وأخونا في هللا ع ّزوج ّل ونحبّه في هللا‪ ،‬وعالم من‬
‫تاج على رؤوس أهل‬ ‫سنّة‪ٌ ،‬‬ ‫سنّة‪ ،‬نفع هللا به ‪ ،‬أس ٌد من أسود ال ُّ‬ ‫علماء ال ُّ‬
‫سنّة‪ ،‬نحبُّه في هللا ع ّزوج ّل ) ‪.‬‬ ‫ال ُّ‬
‫من شريط "أسئلة أصحاب قصيعر"بتاريخ(‪. )28/7/1428‬‬
‫ظن ال ّشان‬‫بأئ ّمة اإلسالم ّ‬ ‫يا قوم وهللا العظيم أسأتموا‬
‫[ما يرجع إلى جانب الدّعوة ومرجعيّة الناس ودوران الفتوى على العالم] ‪:‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬وإذ أخذ هللا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس وال تكتمونه‪،‬‬
‫هذا ميثاق أخذه هللا على العلماء أن يبينوا للناس ما علّمهم هللا من أجل أن‬
‫ينشروا الخير ويخرجوا الناس من الظلمات إلى النور‪ ،‬ويأمروا بالمعروف‬
‫وينهوا عن المنكر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون‬
‫بالمعروف وينهون عن المنكر‪ ،‬وهذا عمل الرسل عليهم الصالة والسالم‬
‫وورثتهم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬قل هذه سبيلي أدعو إلى هللا على بصيرة أنا ومن اتّبعني‬
‫وسبحان هللا وما أنا من المشركين‪ ،‬وقال تعالى ‪ :‬والعصر إن اإلنسان لفي‬
‫خسر إال الذين آمنوا وعملوا الصالحاتـ وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر‪،‬‬
‫العلم والعمل والدعوة إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح‪ ،‬وهذه هي‬
‫صفات العالم ال ّداعي إلى هللا على بصيرة ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪64‬‬
‫قال العالمة عبيد الجابري حفظهـ هللا تعالى‪[ :‬هو من يفقّه النّاس في دين هللا‬
‫من كتاب هللا ومن سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬هو الذي يبين للناس‬
‫صرهم من القرآن ومن حديث النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وفق‬ ‫دينهم ويب ّ‬
‫منهج السلف الصالح‪..‬هذا هو العالم الحقّ‪ ،‬وهو العالم ال ّربّاني‪ ،‬يعلم الناس‬
‫صغار المسائل قبل كبارها]"تبيين ذوي العقول السليمة ص‪. "76‬‬
‫فإذا ك ُمل العالم بإصالح ق َّوتيه العلمية والعملية‪ ،‬فإن عليه السعي إلى بذل‬
‫الخير للناس تأسًِّيا بالرسل عليهم الصالة والسالم‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ومن أحسن‬
‫قوال م ّمن دعا إلى هللا وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين‪. ‬‬
‫وهذا الصنف هو الذي على الناس سؤالهم؛ قال تعالى‪ :‬فاسألوا أهل الذكر إن‬
‫كنتم تعلمون‪. ‬‬
‫وهم الذين على الناس الرجوع إليهم في مدله ّمات األمور‪ ،‬قال تعالى‪ :‬وإذا‬
‫جاءهم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا به ولو ر ُّدوه إلى الرسول وإلى أولي‬
‫األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‪. ‬‬
‫أ ّما عن شيخنا حفظهـ هللا تعالى‪ ،‬فإنه ال يشك منصف عاقل في أنه من الدعاة‬
‫ٍ‬ ‫وصدع‬ ‫ونهي عن المنكر‬
‫ٍ‬ ‫أمر بالمعروف‬‫إلى هللا على علم وبصيرة‪ ،‬مع ٍ‬
‫بالحق‪ ،‬وأمانة في النصح‪ ،‬وحلم وصبر ورفق بالمخالف‪،‬ـ وحزم مع المعاند‬
‫المجازف‪ ،‬ويشهد لذلك مواقف ومواقف ‪.‬‬
‫وإليك بعض شهادات األئمة المنصفين ‪:‬‬
‫ق شيخنا ‪:‬‬ ‫قال اإلمام المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا تعالى في ح ّ‬
‫(‪..‬وقد مسك الدعوة السلفية بيد من حديد‪ ،‬وال يصلح لها إال هو وأمثاله‪. )..‬‬
‫وقال اإلمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه هللا تعالى في وصيته ألهل بلده ‪:‬‬
‫( ال ترضوا بنزوله من على الكرسي فهو ناصح أمين‪. )..‬‬
‫وقال رحمه هللا في مقدمته لكتاب"أحكام الجمعة" لشيخنا ‪.. (:‬وهو ق ّوال بالحق‬
‫لومة الئم‪. )..‬‬
‫اليخاف في هللا ْ‬
‫وقال في تقديمه لتحقيق شيخنا لكتاب "إصالح المجتمع"‪ ( :‬واألخ الشيخ‬
‫يحيى بن علي الحجوري بحمد هللا قد أصبح مرج ًعا في التدريس والفتاوى‪،‬‬
‫أسأل هللا أن يجزيه خيرًا‪. )..‬‬
‫وقال رحمه هللا تعالى مقدمة كتاب"ضياء السالكين"‪..(:‬وإنّي أرجو أن ينفع هللا‬
‫به وبمؤلّفاته اإلسالم والمسلمين‪...‬ونفع إخوانه بالفتاوى التي تعتمد على‬
‫الدليل‪.)..‬‬
‫وقال اإلمام الوادعي رحمه هللا أيضا في وصيّته التي كتبها قبل موته بعشرة‬
‫أيّام ‪ (:‬وأوصي إخواني في هللا أهل السنة باإلقبال على العلم النافع‪ ،‬والصدق‬
‫مع هللا واإلخالص‪ ،‬وإذا نزلت بهم نازلة اجتمع لها أولوا الح ّل والعقد‪،)..‬‬
‫وذكر منهم شيخنا حفظهـ هللا تعالى ‪ .‬ومعلوم أنه ال يُرجع في النّوازل إال إلى‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪65‬‬
‫العلماء أهل االستنباط‪ ،‬قال تعالى‪:‬وإذا جاءهم أمر من األمن أو الخوف‬
‫أذاعوا به ولو ر ُّدوه إلى الرسول وإلى أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه‬
‫منهم‪. ‬‬
‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪ (:‬العالم بكتاب هللا وبسنة رسوله وأقوال‬
‫الصحابة‪ ،‬فهو المجتهد في أحكام النوازل‪")..‬اإلعالم‪. "4/212‬‬
‫وقال الرازي في"محصوله ص‪("2657‬مع النّفائس)‪..(:‬ونعني بأهل الحل‬
‫والعقد‪ :‬المجتهدون في األحكام الشرعية) ‪.‬‬
‫وقد أدلى األخ عبد هللا ماطر حفظهـ هللا بشهادة له أمام المأل بمسجد دار الحديث‬
‫ي‪ -‬وأنا وهللا‪ ،‬ليس بيني‬‫بد ّماج فقال‪ (:‬وقد سألت الشيخ ‪ -‬يعني اإلمام الوادع َّ‬
‫وبينه إال هللا ع ّز وجلّ‪ ،‬وأنا في غرفته على سريره الذي ينام عليه؛ فقلت ‪ :‬يا‬
‫شيخ‪ ،‬إلى من يرجع إليه اإلخوة في اليمن؟ ومن هو أعلم واحد في اليمن؟‬
‫(‪)1‬‬
‫فسكت الشيخ قليال ثم قال‪ :‬الشيخ يحيى ) ‪.‬‬
‫قولتي عندي‬ ‫َمن مات ِمن ْ‬ ‫ضوا على ص ّم الحصى كمدًا‬ ‫دعهم يع ّ‬
‫له كفن‬
‫[ النتيجة المتحتّمة ]‬
‫فم ّما سبق يتبين جليًّا أن شيخنا أبا عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظهـ‬
‫هللا تعالى‪ ،‬من العلماء العاملين ال ّداعين إلى هللا تعالى على علم وبصيرة‪ ،‬وأن‬
‫الطاعنين في علمه‪ ،‬المسقطين لمنزلته‪ ،‬غ ّشاشون خائنون‪ّ ،‬‬
‫كذابون مفترون‪،‬‬
‫ومعاول هدم لهذا الدين‪،‬وستكتب شهادتهم ويسألون‪.‬‬
‫[وهل يشترط أن يكون العالم من الكبار حتى يُقبل قوله؟؟!!]‬
‫م ّر ببيان موسّع وبشهادة أهل العلم العدول المنصفين‪ ،‬أن شيخنا حفظه هللا‬
‫تعالى م ّمن له في العلم باع ورسوخ‪ ،‬لكن أهل األهواء مثلهم كمثل اليربوع!‬
‫كلّما ُس ّد عليه جحر خرج من آخر! وهم وإن كنّا ال نعبأ بآرائهم السّاقطة‪،‬‬
‫وأهوائهم التي ال تُدرك‪ ،‬إالّ أنّنا نتنفّل بال ّر ّد عليهم‪ ،‬لِما قد يغترُّ بهم بعض من‬
‫ال تمييز له وال إدراك‪ ،‬فنقول لهم ‪:‬‬
‫ما ضابط كون العالم من الكبار حتى نأخذ بقوله؟!!‬
‫فإن قالوا ‪ :‬أن يكون كاإلمام ابن باز رحمه هللا تعالى ونظرائه‪ ،....‬قيل لهم‪:‬‬
‫فكيف باإلمام محمد بن عبد الوهّاب؟! فإن قالوا‪ :‬فاإلمام محمد بن عبد‬
‫الوهاب! قيل لهم‪ :‬فكيف بشيخ اإلسالم؟! ‪...‬فأحمد‪...‬فابن المسيب‪...‬فابن‬
‫عباس‪...‬فأبوبكر‪...‬فالنّب ّي صلى هللا عليه وسلم! فرجعوا إلى التّحاكم إلى ال ّدليل‬
‫والحجة!!‬

‫‪1‬‬
‫()_ وقد نشرت شهادته على الشبكة ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪66‬‬
‫وإن سلمنا لهم جدال أن شيخنا حفظه هللا ليس من الكبار!! فهل يكون هذا‬
‫ميزانا لر ِّد ما أقام عليه ال ّدليل والبرهان؟!! أم أنه خالتلبيس على الناس؟!!‬
‫‪1‬‬
‫فعلى كلٍّ ؛ فأصحابـ هذه الفرية مخالفون للكتاب والسنة وإجماع السلف‪،‬‬
‫ق واإلذعان إليه صدر م ّمن صدر‪ ،‬وإن كان‬ ‫ال ّدالين على وجوب اتّباع الح ّ‬
‫أصغر الناس علما وقدرًا ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن رجب رحمه هللا تعالى ‪..(:‬فلهذا كان أئمة السلف المجمع على‬
‫علمهم وفضلهم‪ ،‬يقبلون الحق م ّمن أورده عليهم وإن كان صغي ًرا‪ ،‬ويوصون‬
‫أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم )"الفرق بين النصيحة‬
‫والتّعيير"‪.‬‬
‫لكن ألهل األهواء وراء ذلك مقاصد وغايات‪...‬‬
‫قال الشيخ محمد بازمول حفظهـ هللا تعالى في كتابه "عبارات موهمة" (ص‬
‫شاف ‪ ،‬أنقله لك مع شيء من التصرّف‬ ‫ٍ‬ ‫كاف‬
‫ٍ‬ ‫‪- )56-54‬مبيّنا ذلك بكالم‬
‫واالختصار‪ (: -‬من العبارات الموهمة؛ قول بعضهم‪ :‬هذا الشيخ ليس من‬
‫العلماء الكبار‪.‬‬
‫هذه الكلمة يردّدها بعض الناس إذا أراد أن يرد كال ًما قاله أحد المشايخ‪ ،‬أو‬
‫إذا أراد أن يصرف أحدًا عن السماع لهذا الشيخ أو األخذ منه؛ وخاصة فيما‬
‫هو من باب إنكار المنكر والتحذير من البدع‪ ،‬والتنبيه على الخطأ‪ ،‬وهذا من‬
‫الباطل الذي هو من نفثات الشيطان؛ ليصرف عن السماع للحق أو قبوله ‪.‬‬
‫وهي كلمة مردودة من وجوه‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن األصل أن ال ي َُر َّد الكالم باألشخاص‪ ،‬بل يُقبل الكالم ويرد بحسب‬
‫موافقته للحق ومخالفته إيّاه‪ ،‬ال لمجرد أن قائله ليس من العلماء الكبار‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن كون القائل من العلماء الكبار ال يعني أن كل كالمه حق‪ ،‬فعاد األمر‬
‫إلى النظر في دليل هذا القائل ومدى موافقته للحق أو مخالفته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬وقد حمل لواءها في هـــــذه اآلونة عبد هللا بن مـــــرعي‪ -‬ومن وراءه أخـــــوه عبد‬
‫الــرحمن!!‪-‬ـ صــاحب المشــاريع الكثــيرة الفاشــلة !! حــتى أصــبح معروفا من لصــوص‬
‫الـــدعوة!! وانظر لحقيقة أمـــره ‪":‬نبـــذة مختصـــرة عن مشـــاريع عبد هللا بن مـــرعي‬
‫المشــــتهرة" و" التجــــول في بعض ما عند عبد هللا بن مــــرعي من تســــوّل" – وهما‬
‫منشوران‪ -‬لألخ الفاضل محمد باريدي العمودي الحضرمي حفظه هللا‪ ،‬تجـ ْد العجب من‬
‫صب نفسك حاكما على‬ ‫حقيقة هذا الرجل!! فهال عرفت قدر نفسك يا ابن مرعي حتى تُن ِّ‬
‫الحق وقاضيا عليه؟؟!!‬
‫وال األ صيل وال ذي الرأي‬ ‫ما أنت بالحكم الترضى حكومته‬
‫والجدل‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪67‬‬
‫ومنها‪ :‬أن هذه الكلمة فيها تزهيد للناس في العلماء وإساءة أدب وتضييع‬
‫لحقِّهم‪.‬‬
‫يردُّون بها‬
‫ومنها‪ :‬أن هذه الكلمة أصبحت من معاول الهدم عند أهل البدع‪ُ ،‬‬
‫كالم أهل السنة والجماعة‪ ،‬فكل عالم يحذر من بدعة يقعون فيها‪ ،‬أو من‬
‫حذَُّر منه بأنه ليس من العلماء الكبار‪.‬‬ ‫باطل يتجارون فيه؛ ُيدفع كالمه ويُ َ‬
‫ق في األمر بالمعروف والنهي عن‬ ‫أن معنى هذا الكالم؛ أنه الح ّ‬ ‫ومنها‪ّ :‬‬
‫المنكر إال لمن كان‪ -‬عندهم‪ -‬من العلماء الكبار!!وهذا مخالف لعموم قول‬
‫الرسول الكريم صلوات هللا وسالمه عليه‪ « :‬من رأى منكم منكرا‪...‬‬
‫»الحديث ‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن هللا ع ّز وج ّل إنما أمر بالرجوع إلى أهل العلم بالكتاب والسنة‪ -‬أهل‬
‫الذكر‪ -‬ولم يشترط أن يكونوا من العلماء الكبار!!فقال تعالى‪:‬فاسألوا أهل‬
‫ال ِّذكر إن كنتم ال تعلمون‪. ‬‬
‫ومنها‪ :‬أن العالم حين يذكر لك بدعةً أو خطأ ً وقع فيه هذا الرجل أو ذلك‪ ،‬فإنه‬
‫يخبرك عن حاله‪ ،‬وخبر الثقة مقبول‪ ،‬إال أن يعارضه خب ٌر مثله‪ ،‬وال يشترط‬
‫في ذلك أن يكون الرجل من العلماء المشهورين أو أن يكون من العلماء‬
‫الكبار!! إذ هذا لم يذكره األئمة في شروط قبول الخبر! فالقول به خروج عما‬
‫قرره أهل العلم‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن واقع حال قائل هذه الكلمة يدل على أنه يريد فقط تقرير البدعة‬
‫وترك إنكارها‪ ،‬ألنك حتى لو جئت له بكالم أهل العلم الكبار في ردّ هذه‬
‫البدعة أو هذه المقالة الباطلة‪ ،‬أو في توضيح خطأ هذا الرجل أو ذاك لرده‬
‫ضا بمقولة أخرى‪...‬‬‫أي ً‬
‫والنّتيجة‪ :‬أن يستمر الباطل‪ ،‬وتستمر الدعوة إلى هذا الشخص وبدعته‪،‬‬
‫ويغرر بالناس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ويمرر دعاة الباطل ويلمعونه على حساب السنة وأهلها‪،‬‬
‫فيعود أهل الحق ال يعرفهم الناس‪ ،‬فال يطلبون ما معهم من الحق؛ فال يعرف‬
‫الناس السنة‪ ،‬ويعود المعروف منك ًرا والمنكر معروفًا!!! فال حول وال قوة إال‬
‫باهلل‪ ،‬وإنا هلل وإنا إليه راجعون )‪.‬‬

‫[ مطلـــب هـــــــــام ] ‪:‬‬


‫الغلـــو أصــل من أصــــول الفتن‬
‫اعلم ‪-‬رحمني هللا وإياك‪ّ -‬‬
‫أن الغلو ّفي األشخاص دا ٌء خطير‪ ،‬وشرُّ ه مستطير‪،‬‬
‫وما من فتنة حصلت وتحصل إالّ وللغلو فيها نصيب كبير‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪68‬‬
‫وقد ّ‬
‫حذرنا هللا تعــالى من الغلـ ّو في غــير ما آية من كتابــه‪ ،‬فقــال عـ ّز من‬
‫قائل‪ :‬يا أهل الكتاب ال تغلوا في دينكم غير الحق وال تتّبعوا أهواء قــوم‬
‫قد ضلّوا من قبل وأضلّواـ كثيرا وضلّوا عن سواء السبيل ‪.‬‬
‫وحذرنا نب ّي هللا ‪ ‬منه أيَّما تحذير‪ ،‬لِما علم من خطورته على األمة اإلسالميّة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وأنّه سبب هالك األمم الماضية‪ ،‬وسبب هالك ك ّل من وقع فيه ‪.‬‬
‫فقد أخرجـ اإلمام مسلم رحمه هللا في"صحيحه" من حديث عبدهللا بن مسعود ‪‬‬
‫أن رسول هللا ‪ ‬قال‪ « :‬هلك المتنطّعون »‪ .‬قالها ثالثا ‪.‬‬
‫المجاو ُزون الح َّد في‬
‫ِ‬ ‫قال النووي في شرحه على"مسلم" ‪ (:‬هم المغالون‬
‫أقوالهم وأفعالهم)‪.‬‬
‫وأخرج اإلمام النّسائي رحمه هللا في "سننه" وغيره‪ ،‬من حديث ابن عباس ‪‬‬
‫أن النبي ‪‬قال‪ «:‬وإيّاكم والغل ّو في الدين‪ ،‬فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلو في‬
‫الدين »‪.‬‬
‫حذر ‪ ‬أ ّمته من أن يرفعوه فوق منزلته التي جعله هللا فيها ‪.‬‬ ‫بل ّ‬
‫فقد روى اإلمام البخاري رحمه هللا في"صحيحه" من حديث عمر‪ ‬قال‪:‬‬
‫سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪ « :‬ال تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنّما‬
‫أنا عبد ‪ ،‬فقولوا ‪ :‬عبد هللا ورسوله » ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد وقع‪-‬في هذه األزمان‪ -‬بعض من ينتسبون إلى ال ّسنّة من طالب العلم في‬
‫يتحصْ ر ُموا ولم يشت ّد‬‫هذا ال ّداء العُضال‪ ،‬ونفخهم الشيطان به‪ ،‬فتزبّبوا قبل أن َ‬
‫عودهم بعد ‪.‬‬
‫أن ليس كلُّ طالب علم تحصّل على شيء من العلم‬ ‫ولتعلم ‪-‬وفّقك هللا لطاعته‪ْ -‬‬‫ْ‬
‫وآالته‪ ،‬وربما استنبط بعض الفوائد‪ ،‬يكون بذلك عالما! وإنما العالم من أصبح‬
‫العلم له كالسّجيّة والوصف الثابت ‪.‬‬
‫قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا تعالى‪-‬بعدما ذكر انقسام الناس في طلبه‬
‫وتحصيله من مقلدة وطلبة علم‪(:-‬والمرتبة الثالثة‪ :‬الذين صار لهم العلم وصفا‬
‫من األوصاف الثابتة‪ ،‬بمثابة األمور البديهية في المعقوالت األُ َول‪ ،‬أو تُقاربها‪،‬‬
‫وال ينظر إلى طريق حصولها‪ ،‬فإن ذلك ال يُحتاج إليه)"الموافقات‪."1/90‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه هللا‪(:‬اسم الفقيه والعالم عند اإلطالق ال يُقال لمن معه‬
‫مسألة أو مسألتان من فقه وعلم‪ ،‬وإن قيل‪ :‬معه شيء من العلم‪ ،‬ففرق بين‬
‫المعيّة المطلقة‪ ،‬ومطلق المعية ) ‪.‬‬
‫وإن أكثر ما تعاني دعوة أهل السنة في قديم األزمان وحاضرها‪ ،‬من هذا‬ ‫ّ‬
‫ظن أنه قد بلغ من العلم ما يجعله في غنية عن االستفادة من‬ ‫الصنف الذي ّ‬
‫العلماء‪ ،‬فاستب ّد برأيه في شؤون ال ّدعوة!! وليس أهال لذلك ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪69‬‬
‫قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا ‪ (:‬وإنّما يُؤتى الناس من قِبل ُجهّالهم الذين‬
‫منهي عنه‪ ،‬إذ لم‬ ‫ٌّ‬ ‫يحسبون أنهم علماء‪ ،‬وإذا كان كذلك؛ فاجتهاد من اجتهد‬
‫يستكمل شروط االجتهاد‪ ،‬فهو على أصل العموميّة)االعتصام‪. 1/145‬‬
‫فانبروْ ا ألهل العلم ُم َعا ِدين و ُمتن ِّكرين‪ ،‬ول ّما يبلغوا من العلم عشر معشار ما‬ ‫َ‬
‫عندهم‪ ،‬وهذا الذي وقع فيه بعض األصاغر المتعصبين لفتنة عبد الرحمن بن‬
‫يموهون على طلبة العلم ويش ّككونهم فيما هم فيه من‬ ‫مرعي العدني‪ ،‬وأصبحوا ِّ‬
‫الخير‪ ،‬موجِّ هين سهامهم نحو شيخنا حفظهـ هللا تعالى‪ ،‬وأرادوا إضرام نار‬
‫الفتنة ‪ ،‬مكرًا منهم بهذه ال ّدعوة المباركة‪.‬‬
‫قال اإلمام الشوكاني رحمه هللا في ترجمة (علي بن قاسم الحنش) من البدر‬
‫الطالع‪(:1/473‬ومن محاسن كالمه الذي سمعته منه‪:‬‬
‫الناس على طبقات ثالث‪ :‬فالطبقة العالية العلماء األكابر‪....‬والطبقة السافلة‬
‫عامة على الفطرة‪....‬والطبقة المتوسّطة هي منشأ الشر‪ ،‬وأصل الفتن الناشئة‬
‫في الدين‪ ،‬وهم الذين لم يمعنوا في العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة األولى‪،‬‬
‫وال تركوا حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة‪ ،‬فإنهم إذا رأوا أحدًا من أهل‬
‫الطبقة العليا يقول ما ال يعرفونه م ّما يُخالفـ عقائدهم التي أوقعهم فيها‬
‫القصور؛ فوقوا إليه سهام التقريع‪ ،‬ونسبوه إلى ك ّل قول شنيع‪ ،‬وغيَّروا فِطر‬
‫أهل الطبقة السُّفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة‪ ،‬فعند ذلك تقوم الفتن‬
‫‪1‬‬
‫ال ّدينية على ساق) ‪.‬‬
‫ومن المؤسف أن يتأثَّر بهم‪-‬كما سبق ذكره‪ -‬بعض إخواننا طلبة العلم فانبهروا‬
‫ببعض ما عندهم من المعلومات وظنّوهم علماء‪ ،‬فاتّخذوهم أئمة لهم‪ ،‬ورغبوا‬
‫بهم واستغنوا عن أهل العلم الراسخين النّاصحين!!‬
‫وقد سُئل العالّمة ابن عثيمين رحمه هللا‪ :‬هناك بعض طلبة العلم يحرص على‬
‫حضور دروس طلبة العلم‪ ،‬دون أن يُلقي اهتماما بدروس العلماء الذين جمعوا‬
‫ما لم يجمعه طلبة العلم‪ ،‬فما توجيه فضيلتكم‪-‬حفظكم هللا تعالى‪-‬؟‬
‫أن اإلنسان ينبغي أن يطلب العلم على عالم‬ ‫فأجاب رحمه هللا‪ (:‬الذي أراه ّ‬
‫ألن بعض طلبة العلم يتص ّدر للتّدريس‪ ،‬فيُحقّق المسألة من المسائل‪،‬‬ ‫ناضج‪ّ ،‬‬
‫سواء حديثية أو فقهية أو عقائدية‪ ،‬يُحقّقهاـ تما ًما ويُراجع عليها‪ ،‬فإذا سمعه‬
‫ظن أنّه من أكابر العلماء‪ ،‬لكن لو خرجـ قَ ْي َد أن ُملة عن‬ ‫الناشيء من طلبة العلم ّ‬
‫هذا الموضوع الذي حقّقهـ ونقّحه وراجع عليه‪ ،‬وجدت أنه ليس عنده علم‪ ،‬لذلك‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬انظر كتــاب" بداية االنحــراف ونهايته‪ "437-432‬للشــيخ محمد اإلمــام حفظه هللا‬
‫تعـــالى‪ ،‬فقد عقد فيه فصال نفيسا أســـماه‪(:‬أصل منشإ الفتن في الـــدين م ّمن لم يرسخ في‬
‫ال ّشريعة)‪ ،‬فراجعه فإنه مه ّم ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪70‬‬
‫يجب على طالب العلم المبتدىء أن يتلقّى العلم على يد العلماء الموثوق بعلمهم‬
‫وأمانتهم ودينهم )"العلم ص‪."107-106‬‬
‫فباؤوا بالخسارةـ وانقلبوا خاسئين‪ ،‬وأصبحوا عبرة ومثال لمن خلفهم‪ ،‬مصداقا‬
‫لحديث النبي ‪ « ‬هلك المتنطّعون »‪ .‬قال ابن المنير رحمه هللا‪-‬كما في "فتح‬
‫الباري"‪ (:-‬هذا الحديث علم من أعالم النّب ّوة‪ ،‬فقد رأينا ورأى الناس قبلنا‪ّ ،‬‬
‫أن‬
‫ك ّل متنطّع في الدين ينقطع ‪.)..‬‬
‫وال الشرُّ يأتيه وهو طائع‬ ‫ولم أر مثل الخير يتركه الفتى‬
‫وصدق شيخ اإلسالم رحمه هللا إذ قال‪ (:‬فيعلم أن المنتسب إلى اإلسالم أو‬
‫سنّة‬
‫السنة في هذه األزمان قد يمرق أيضا من اإلسالم والسنة‪ ،‬حتى يدّعي ال ّ‬
‫من ليس من أهلها‪...‬وذلك بأسباب منها الغل ّو الّذي ذ ّمه هللا في كتابه)‬
‫"الفتاوى‪ ."3/383‬أسأل هللا العظيم أن يُجنِّبنا فتنة الغل ّو‪ ،‬وأن يجعلنا م ّمن‬
‫يعرفون قدر أنفسهم وقدر أهل العلم‪ ،‬وهللا المستعان‪.‬‬
‫ومـــــــن ذلك‪:‬‬
‫ب والشّتم وألقاب‬
‫س ّ‬
‫[طعنهم في الشّيخ واستخدام ال ّ‬
‫سوء!!!]‬‫ال ّ‬
‫‪ -‬قطع هللا ألسنتهم ‪-‬‬
‫ثم اعلم يا سائل الهداية والتوفيق‪ ،‬أن َمط ُموسي البصيرة من المتعصبين وأهل‬
‫الخذالن اتخذوا لهم مسل ًكا آخر في مسيرتهم اآلثمة‪ ،‬استخدموا فيه السّبّ‬
‫وال ّشتم والتّلقيب بألقاب السّوء‪ ،‬م ّما سوُْقه كافٍ في بيان ما وصل إليه هؤالء‬
‫المفتونون من الرّدية والرّزية‪ ،‬حتى أصبحوا ال يتورّعون عن الوقيعة في أهل‬
‫العلم ‪ .‬وقد مر معك بأن الطعن فيهم أظهر عالمة ألهل البدع والتحزب‪،‬‬
‫ونزيد هنا ‪:‬‬
‫قال العالمة صالح الفوزان حفظهـ هللا تعالى‪ (:‬ال يقع في أعراض العلماء‬
‫المستقيمين على الحق إالّ أحد ثالثة ‪ :‬إ ّما منافق معلوم النفاق‪ ،‬وإما فاسق‬
‫حزبي ضا ٌّل يبغض العلماء‬
‫ٌّ‬ ‫يبغض العلماء ألنهم يمنعونه من الفاسق‪ ،‬وإ َّما‬
‫ألنهم ال يوافقونه على حزبيَّته وأفكاره المنحرفة )"األجوبة المفيدة ص‪. "51‬‬
‫وسئل العالمة زيد المدخلي حفظهـ هللا تعالى‪ :‬متى يكون الرجل حزبيًّا؟ فذكر‬
‫سك بما عليه‬ ‫من تلك العالمات‪ _4 ...( :‬وقوعه في أعراض الدُّعاة إلى التّم ّ‬
‫أهل األثر‪")...‬العقد المنضد"‪.‬‬
‫فمِن قائل ‪:‬إن الشيخ بال ديانة!! ‪ ،‬وقائل‪ :‬كذاب!! ‪ ،‬وآخر‪ :‬منافق!!‬
‫‪،‬وآخر‪:‬ح ّدادي ‪ ،‬فالحي!! سيء الخلق!! ‪....‬وغير ذلك م ّما يندى له الجبين ‪،‬‬
‫وال حول وال ق ّوة إالّ باهلل ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪71‬‬
‫وبحمد هللا تعالى‪ ،‬ال يلحق أهل السنة من هذه األلقاب السيئة شيء‪ ،‬وهكذا عادة‬
‫يقدروا على أخذ الثّأر من أهل ال ّسنّة إالّ بأن يلقّبوهم بهذه‬ ‫أهل األهواء‪ ،‬لم ْ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫األلقاب الشنيعة‪ ،‬وشيخنا منها براء‪ ،‬وليس إال عال ًما سلفيّا أثريّا فضال من هللا‬
‫ومنّة‪.‬‬
‫قال اإلمام أبو عثمان الصابوني رحمه هللا تعالى في"عقيدة السلف أصحاب‬
‫الحديث" (‪(: )170_169‬أنا رأيت أهل البدع في هذه األسماء التي لقّبوا بها‬
‫أهل السنّة‪ ،‬سلكوا معهم مسلك المشركين لعنهم هللا مع رسول هللا ‪ ،‬فإنهم‬
‫كذابًا‪ ،‬وكان‬ ‫اقتسموا القول فيه‪ ،‬فس ّماه بعضهم ساح ًرا‪...‬وبعضهم فتريًا مختلقًا ّ‬
‫ً‬
‫النبي ‪ ‬من تلك المعائب بعيدًا بريئًا‪ ،‬ولم يكن إال رسواًل مصفًّى نبيا ّ‪ ،‬قال هللا‬
‫ع ّز وجل ‪  :‬انظر كيف ضربوا لك األمثال فضلوا فال يستطيعون سبيال‪،‬‬
‫وكذلك المبتدعة‪ -‬خذلهم هللا‪: -‬اقتسموا القول في حملة أخباره ونقلة آثاره‪،‬‬
‫ورواة أحاديثه‪ ،‬المقتدين به‪ ،‬المهتدين بسنّته‪ ،‬المعروفين بأصحاب الحديث؛‬
‫فس ّماهم بعضهم حشويّة و‪...‬وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعايب‪،‬‬
‫سبل‬ ‫سنة المضيّة‪ ،‬والسيرة المرضيّة‪ ،‬وال ّ‬ ‫بريئة زكيّة نقيّة‪ ،‬وليسوا إال أهل ال ّ‬
‫سويّة‪ ،‬والحجج البالغة القول ) ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وقال اإلمام ابن القيّم رحمه هللا ‪ (:‬فما ذنب أهل السنة والحديث إذا نطقوا بما‬
‫نطقت به النصوص‪ ،‬وردوا تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين الذين عقدوا‬
‫ألوية الفتنة‪ ،‬وأطلقوا أعنّة المحنة‪ ،‬وقالوا في هللا وعلى هللا بغير علم‪ ،‬فر ّدوا‬
‫باطلهم وبينوا زيفهم وكشفوا إفكهم‪ ،‬ونافحوا عن هللا ورسوله‪ ،‬فلم يقدروا على‬
‫أخذ الثأر منهم إال بأن س ّموهم‪....‬ولوكان لهؤالء عقول لعلموا أن التلقيب‬
‫بهذه األلقاب ليس لهم‪..‬فدعوا التّشنيع بما تعلمون أنتم وكل عاقل أنه كذب‬
‫ظاهر وإفك مفترى!!)"الصواعق المرسلة‪."263_1/262‬‬
‫بث هؤالء المفتونين‪،‬‬ ‫وكل من له أدنى معرفة بشيخنا حفظهـ هللا تعالى‪ ،‬يعلم خُ َ‬
‫وكِذَبهم‪ ،‬ويزداد حبّا وإجالالً له‪ ،‬لِما َ‬
‫حَباه‬ ‫من المتعصبين والسفهاء والمخذولين َ‬
‫هللا من العلم والتواضع والزهد في الدنيا‪ ،‬لكن هللا ع ّز وجل أراد له الرفعة‬
‫فأعلى شأنه ‪.‬‬
‫وإذا أراد هللا نشـر فضيلة ‪ ‬طُِويت أتاح لها لسان حسود‬
‫فتجده ُيؤتى له بأمثال هؤالء الحمقى‪ ،‬فيعفو عنهم ويُناصحهم ويصبر‬
‫(‪)1‬‬
‫عليهم ‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫() _ إال من علم أنه مطموس البصيرة‪ ،‬فهذا يطرده وينظّف المركز من أمثاله ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪72‬‬
‫أن أحدهم قال‪ :‬إن الشيخ بال ديانة!! ‪ -‬وهذا كالم أقرب إلى‬ ‫ومن ذلك ّ‬
‫التكفير!‪ ، -‬فلما أُحضر إلى الشيخ وأق ّر بذنبه غير ُمكترث!! قابله الشيخ‬
‫بالصفح ونصحه باإلقبال على طلب العلم‪...‬‬
‫وقد حصل أيضا أن بعض اللّيبيين والجزائريين المخذولين غادروا د ّماج من‬
‫غير أن يستأذنوا الشيخ حفظه هللا تعالى‪ ،‬قاصدين أرض الحجازـ عن طريق‬
‫التهريب‪ ،‬فمسكهم بعض حرّاس القبائل وحبسوهم‪ ،‬ولما علموا أنهم قادمون‬
‫من عند الشيخ أتى بعضهم إليه يسأل عن حالهم‪ ،‬فشفع الشيخ لهم‪ ،‬وطلب منهم‬
‫أن يطلقوا سبيلهم وأالّ يتعرّضوا إليهم بسوء!! ‪،‬فطبّقوا أمره إكراما ً له! ‪،‬مع ما‬
‫يعرف الشيخ من سبّهم وطعنهم فيه‪.....‬واألمثلة على صبر الشيخ على هؤالء‬
‫وعفوه عنهم كثيرة‪ ،‬وشيخنا ال يطرد أحدا من ال ّدار حتى يناصحه ع ّدة مرّات‬
‫ويمهله ‪ ،‬ويتألّفه‪..‬حتى ينفذ صبر كثير من الناس‪ ،‬والشيخ مستمر في نصحه‬
‫حتى يعلم أنه الفائدة من ذلك‪ ،‬وأن شرّه غير مأمون‪ ،‬فيطرده وقد أيس منه‪.‬‬
‫ياابن الكرام أال تدنو فتُبصرما قد ح ّدثوك فما راء كمن سمع‬
‫وقد سئل الشيخ العالمة أحمد بن يحيى النجمي حفظه هللا تعالى‪ :‬ما قولكم فيمن‬
‫يتكلم في هؤالء المشايخ‪ :‬الشيخ ربيع المدخلي‪ ،‬ومحمد بن عبد الوهّاب‬
‫الوصابي‪ ،‬والشيخ الحجوري؟‬
‫فأجاب‪ :‬من تكلم في أهل السنة وحملة المنهج السلفي‪ ،‬فذلك دليل على أنه‬
‫مبتدع‪ ،‬وهؤالء المشايخ نحسب أنهم أهل سنة‪ ،‬وأصحاب منهج سلفي‪ ،‬وال‬
‫نز ّكيهم على هللا‪")...‬الفتاوى الجلية‪."2/71‬‬
‫وقال الشيخ محمد بن عبد هللا اإلمام حفظهـ هللا‪ :‬ال يطعن في الشيخ العالّمة‬
‫يحيى الحجوري إالّ جاهل أو صاحب هوى ‪.‬‬
‫وقال‪ - :‬وكان يتكلم عن الخروجـ لل ّدعوة‪ ،‬فقام أحد الحاضرين في الدرس‬
‫فقال‪:‬ياشيخ! الشيخ يحيى ما يخرج دعوة!‪ ،‬فقال له‪ -:‬انتظر! الحجوري إمام ‪.‬‬
‫وقال خطيب أهل السنة باليمن؛ الشيخ عبد هللا بن عثمان حفظهـ هللا تعالى‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫فالذي يتكلم فيه وفي إخوانه المشائخ‪..‬فاتّهمه على اإلسالم‪.‬أو كما قال ‪.‬‬
‫وقال الشيخ عبد العزيز البرعي حفظهـ هللا تعالى‪ ( :‬نعتبر الكالم في الشيخ‬
‫يحيى كالما فينا جميعا‪ ،‬نعتبر اإلساءة إلى مركز دماج أو إلى الشيخ يحيى أو‬
‫طالب الذين في المركز كالما فينا‪.)..‬‬ ‫إلى المد ّرسين أو إلى ال ُّ‬
‫ّان‬
‫يا قوم وهللا العظيم أسأتموا بأئمة اإلسالم ظنّ الش ِ‬
‫‪1‬‬
‫() _ وهو محمد بن جعفر العدني المفتون ‪.‬‬
‫‪ -‬انظــر"الشــيخ يحــيى في ســطور" ألخينا الفاضل أبي اليمــان عــدنان ّ‬ ‫‪2‬‬
‫الــذماري‪،‬‬
‫و"البراهين الجلية" ألخينا الفاضل معافى ال ُح َديْدي حفظهما هللا تعالى ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪73‬‬ ‫كلُّ هذا بسبب قيامه بنصرة الح ّ‬
‫ق ودحض الباطل الذي‬
‫عليه عبد الرحمن بن مرعي العدني‪ ،‬الذي أثار علينا الفتن بعدما كنّا في‬
‫طمأنينة وسكينة‪ ،‬وأخذ يُعصّب علينا إخواننا‪ ،‬حتّى ش ّكل له عصابة‬
‫تنظيمية لضرب الدّعوة في قلعة العلم بد ّماج‪ ،‬ولإلطاحةـ بشيخنا‬
‫الجليل أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظهـ هللا تعالى‪ ،‬وتم ّكن من‬
‫تحزيب عدد غير قليل من طلبة العلم في الدار وغيرها‪ ،‬حتى تركوا طلب العلم‬
‫وأصبحوا شذرمدر‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل !!‪ ،‬وبعد ما كان يُجلُّ شيخنا‬
‫ويقول‪ :‬إن الشيخ يحيى موفَّق‪ ،‬وأنا أدعو له!! ويقول‪ :‬ال يصلح لدار الحديث‬
‫غير الشيخ يحيى !! ‪..‬أصبح يرمي الشيخ يحيى وينزل عليه نصوص المكر‬
‫‪1‬‬
‫ويُمثّله بفالح الحربي ‪ ،..‬ويطعن فيه ويقول‪ :‬إنّي أجتهد عليه‬
‫بال ّدعاء‪..!!...‬وطعوناته في شيخنا كثيرة معلومة‪ ،‬وانظر لذلك بشهادة العدول‬
‫رسالة "حقائق وبيان لما عليه فتنة عبد الرحمن"ألخينا الفاضل كمال بن ثابت‬
‫العدني حفظه هللا ‪ .‬وقد كان ألتباعه ش ّر سلف في ذلك ‪ ،‬هو وأخوه عبد هللا بن‬
‫مرعي الذي قال في شيخنا‪ :‬أحمق ومجنون وبال أدب!!!! وال حول وال قوة‬
‫إال باهلل ‪.‬‬
‫صحه بترك ما بذر منه من‬ ‫أن الشيخ أراد األخذ بيده ونُ َ‬ ‫كلُّ هذا من أجل ّ‬
‫مسيرته المفرّقة للصّف‪ ،‬فأصبح أسدًا على أهل السنة بعد أن كان ال ستطيع‬
‫حزبي أو مبتدع هالك‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫الكالم في أدنى‬
‫فتخاء تنفر من صفير‬ ‫أس ٌد عل َّي وفي الحروب نعامة‬
‫صافر‬‫ال ّ‬
‫وقد ر ّد هللا كيده وأتباعه في نحورهم‪ ،‬ولم يبق حوله سوى كسير أو عوير أو‬
‫ثالث ليس فيه خير‪ ،‬واتّضح للنّاس ما في مسيرته الجائرةـ من حزبيّة مفرّقة‬
‫وشرٍّ عريض ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صـاحب الح ّداديّة الجديـدة‪ ،‬وقد أصـبح يـؤذي أهل السـنة‪ -‬نسـأل هللا أن يصـلحه أو‬
‫كره بــراء‪ ،‬وقد كــان من أوائل من تصـ ّدى لفكــره‬
‫يريح األمة من شرّه ‪ ، -‬وشيخنا من فِ ِ‬
‫ّ‬
‫البطال‪ ،‬وله ر ٌّد عليه منشور مشهور‪ ،‬لكنه الكذب والتلبيس!!‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪74‬‬

‫س ّري الستقطاب أكبر عدد من الطّالّب‪،‬‬‫استخدام التنظيم ال ّ‬


‫(‪)1‬‬
‫صة الغرباء منهم‪ ،‬وإثارتهم على الشّيخ حفظه هللا‬ ‫وخا ّ‬
‫‪ ،‬ومحاولة تشويه صورته داخل الدّار وخارجها!!‬
‫وهذه حقيقة كان عليها المتعصبون لفتنة عبد الرحمن في هذه المسيرة اآلثمة‪،‬‬
‫وواقع ال يستطيع أحد دفعه‪ ،‬حاولوا به إسقاط شيخنا حفظه هللا واإلطاحة به‪،‬‬
‫وبمنزلته داخل الدار وخارجها‪،‬ـ مستخدمين في ذلك طريقة الحزبيين الماكرين‬
‫سري داخل الدار لصيد أكبر عدد من الطالب مع‬ ‫‪ ،‬بالقيام بتنظيم مكثف ّ‬
‫التركيز على الغرباء منهم ‪ ،‬ليجعلوا منهم جنودا يسيّرونهم بإثارتهم على‬
‫ُّ‬
‫اليشك سلفي موفق في أنها حزبية كسابقاتها التي‬ ‫الشيخ بأساليب ماكرة‪،‬‬
‫أُثيرت على أهل السنة‪ ،‬وخاصة على هذه الدار المباركة‪ ،‬لكن سرعان ما‬
‫تنكشف وتتّضح جليًّا ‪.‬‬
‫وأنا ذاكر لك طريقة هؤالء في تنظيمهم الحزبي الذي ضيّع كثيرا من إخواننا‬
‫الغرباء ‪ ،‬مع أمثلة واقعية تطبيقية‪ ،‬عايشناها ورأيناها رأي العين‪ ،‬ثم أعقب‬
‫ذلك بذكر بعض شهادات التائبين من هذه الحزبية المقيتة‪ ،‬على مكر أصحاب‬
‫هذا التنظيم بالدعوة السلفية المباركة‪ ،‬وهللا الموفق‪.‬‬
‫[ استخدام الكذب والتّلبيس ] ‪:‬‬
‫استخدام الكذب والتكذيب‬
‫ُ‬ ‫_ ومما سلكه خونة الدعوة في هذه المسيرة اآلثمة؛‬
‫‪،‬والتلبيس بإظهار اإلنكار على من يقع‬
‫ُ‬ ‫لكل ناصح يفضح قلقلتهم وتعصبهم‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬وهي في الحقيقة نفس طريقة اإلخوان المسلمين في مكرهم بأهل العلم ‪.‬‬
‫يقول سعيد حوّى‪ -‬وهو منهم وإليهم‪ (:-‬العلماء الذين يقفون في طريق دعوتنا عليكم أن‬
‫تسحبوا عليهم طلبتهم حتّى ال يشعر إالّ وهو وحيد‪ ،‬وال يجد من يُعلِّمه!!! ) كما‬
‫في"المجروحين لإلمام الوادعي ص‪ ،"40‬جمع أخينا الفاضل أبي أسامة عادل‬
‫السياغي حفظه هللا ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪75‬‬
‫ذلك منهم‪ ،‬حتى يبقوا بعيدين عن األنظار ويتسنّى لهم بث أفكارهم‪ ،‬وقد قال‬
‫اإلمام البربهاري رحمه هللا تعالى‪َ (:‬مَث ُل أصحاب البدع مث ُل العقارب؛ يدفنون‬
‫رؤسهم في التراب ويخرجون أذنابهم! فإذا تمكنوا لدغوا‪ ،‬وكذلك أهل البدع‬
‫مختفون بين الناس؛ فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون) "طبقات الحنابلة‪."2/44‬‬
‫ولم يكن هذا لينفق على شيخنا حفظه هللا وعلى السلفيين المتبصّرين‪ ،‬لكنه كان‬
‫يبذل لهم النصيحة مع صبر وحلم ورفق وعفو‪ ،‬و ُكنّا نتعجب من سعة صدر‬
‫شيخنا حفظه هللا وسماحته‪ ،‬لكنهم لم يق ّدروا ذلك وال رفعوا له رأساً‪ ،‬وخانوا‬
‫ومكروا ‪‬ويمكرون ويمكر هللا وهللا خير الماكرين‪. ‬‬
‫[ اصطياد طلبة العلم وتجنيدهم في تنظيمهم ] ‪:‬‬
‫بحرية‪ ،‬بسبب‬ ‫ّ‬ ‫ولما لم يكونوا مستطيعين مباشرة قلقلتهم في أوساط طلبة العلم‬
‫حزم الشيخ وقبضته الحديدية على الدار المباركة‪ ،‬ولكثرة الناصحين فيها‪،‬‬
‫سلكوا لهم طريقا ً أخرى ماكرة! فجعلوا يتربصون بطلبة العلم النجباء‪،‬‬
‫لتجنيدهم في تنظيمهم بأساليب حزبية مقيتة‪ ،‬وبعد أن كان الواحد منهم ال‬
‫يعطي للطالب فرصة للجلوس معه؛ أصبحوا يقرّبون إليهم من رأوا منه م ْيالً‬
‫سابقا ً إليهم وينهالون عليه بالتزاكي والمديح! حتى يوقعونه في شراكهم‬
‫ويصبح مهيَّئا ً للتعبئة‪ ،‬وممن كان فريسة سهلة لهؤالء؛ بعض إخواننا‬
‫الجزائريين المغفلين! كالمدعو(عثمان الجزائري)الذي اعترف في جمع من‬
‫الخونة‪ ،‬غير أنه لم ي َُوفَّق‬
‫َ‬ ‫الجزائريين‪ -‬كنت من بينهم ‪ -‬بما وقع له مع هؤالء‬
‫للتوبة بعد ما نصحناه ووعد بذلك‪ ،‬إذ تمكن منه الداء وتفشى في قلبه وأُشربه؛‬
‫فلم يستطع التخلص منه! وال حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬ونسأل هللا أن يهديه ‪.‬‬
‫[ مرحلة التّعبئة عن طريق الجلسات ال ّ‬
‫س ّرية ] ‪:‬‬
‫بعد ذلك ينتقلون بفريستهم إلى مرحلةـ أخرى هي مرحلة التعبئة! وذلك بتكثيف‬
‫الجلسات السرية‪ ،‬في البيوت والخلوات! وفي زمن يكونون فيه بعيدين عن‬
‫(‪)1‬‬
‫األنظار‪،‬كأوقات الدروس أو بالليل!! مع تغيير مكان االجتماع بين الحين‬
‫(‪)2‬‬
‫واآلخر‪ ،‬لئال يُكتشف تنظيمهم ‪،‬وغير ذلك‪ ،‬يستخفون من الناس وال‬
‫يستخفون من هللا وهو معهم إذ يبيتون ما ال يرضى من القول‪. ‬‬

‫‪1‬‬
‫() مع العلم بأن الدروس العامة في الدار ُملز ٌم كلُّ أح ٍد بحضورها!!‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬وقد كان الحرّاس األفاضل يطاردونهم من مكان إلى مكان‪ ،‬حيث إنهم كلّما عُرف‬
‫لهم مجلس غيّروه إلى آخر ليكونوا بذلك بعيدين عن األنظار!! ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪76‬‬
‫وقد قال اإلمام عمر بن عبد العزيز رحمه هللا تعالى‪(:‬إذا رأيت القوم يتناجون‬
‫(‪)3‬‬
‫في دينهم دون العامة فأعلم أنهم على تأسيس ضاللة) ‪.‬‬
‫وقال أبو إسماعيل الهروي‪ (:‬ال وهللا‪ ،‬وال دين المتناجين دين‪ ،‬وال رأي‬
‫المستترين متين ) "ذ ّم الكالم‪."4/328‬‬
‫وقد سُئل العالمة المحدث أحمد بن يحيى النجمي حفظه هللا‪:‬هل الذهاب‬
‫بالشباب إلى الخلوات من منهج اإلخوان المسلمين؟ أم أن األمر بخالف ذلك؟‬
‫فأجاب‪ :‬نعم! هذه طريقتهم‪ ،‬فهم يقولون‪ :‬نذهب ونقرأ القرآن وما أشبه ذلك من‬
‫(‪)2‬‬
‫األمور فيسيرون في الليل إلى أماكن بعيدة! ويجلسون هناك وعندهم أناشيد‬
‫وما شابهها من البدع‪ ...‬ألن هؤالء القوم إن كانوا صادقين فيما يدعون وبأنهم‬
‫يريدون العبادة؛ فكان ينبغي لهم أن يجلسوا في المساجد‪ ...‬فالمهم أن عملهم‬
‫هذا فيه خطر‪ ،‬ومثل هؤالء إنما يعملون هذا العمل ألمور يريدون أن يتستروا‬
‫عليها وأن يتخفُّوا بها! بمعنى أنهم سيصرحون بأقوال للموجودين معهم وال‬
‫يستطيعون أن يصرحوا بها إذا كانوا في مجمع كبير وإنما يصرحون بها عند‬
‫من يثقون به ‪")..‬الفتاوى الجلية ص‪."64‬‬
‫وقال حفظه هللا‪ (:‬فما هو الداعي إلى السرية؟! إال أن عندهم في دعوتهم أمور‬
‫غير تعليم األحكام الشرعية يريدون التكتّم عليها حتى يصلوا إلى مآربهم‬
‫)"المورد العذب ص‪."246‬‬
‫وقال العالمة زيد المدخلي حفظه هللا‪ (:‬أسلوب ال ّسرّية والتّكتّل في جوف الليل‬
‫وغياهب الظالم‪..‬صنيع ينكره العلماء العارفون‪ ،‬والعقالء الواعون‪ ،‬لما ينتج‬
‫عنه من اآلثار السيئة التي تصيب الدعوة والدعاة إلى هللا في‬
‫المقاتل‪")..‬األجوبة السديدة ‪."5/28‬‬
‫حذر السلف من‬ ‫وقال الشيخ عبد السالم بن برجس رحمه هللا‪ (:‬وقد ّ‬
‫االجتماعات ال ّسرّية ألنها نواة الضاللة‪ ،‬إذ الضاللة أول ما تخرج في األمة‬
‫تكون س ًّرا بين أُناس جليسهم الشيطان يزيّن لهم سوء أعمالهم‪ ،‬ويلهمهم أن‬
‫عدو لما وصلوا إليه م ّما يعتقدون أنه‬‫الصواب معهم دون غيرهم‪ ،‬وأن غيرهم ٌّ‬
‫الحق‪.‬‬
‫ق لما استخفوا‬ ‫وعالمة أهل الباطل‪ :‬االجتماعات السِّريّة ‪ ،‬إذ لو كانوا على ح ٍّ‬
‫عن أعين الناس‪....‬فالحذر الحذر من التجمعات السرية على أي صفة كانت‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫() _ أخرجه الدارمي في"مقدمة السنن"برقم (‪،)315‬وعبد هللا بن أحمد في"الزوائد‬
‫على الزهد‪ "1681‬من طريقين عن األوزاعي قال‪ :‬قال عمر به ‪.‬‬
‫واألوزاعي لم يدرك عمر بن عبد العزيز‪ ،‬واألثر مشهور عنه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() ‪ -‬أما أصحاب الفتن عندنا فالطعن في الشيخ يحيى حفظه هللا إنشادُهم !!!‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪77‬‬
‫حتى لو كان شعارها‪ :‬العلم الشرعي والدعوة إلى هللا تعالى واألمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬ألن العبرة بالحقائقـ ال بالمسميات‪ .‬فمنذ أن صدع النبي ‪‬‬
‫بالدعوة إلى يومنا هذا ودين هللا قائم ‪ ،‬والخليفة المسلم قائم‪ ،‬فال حاجةـ إلى‬
‫السرية وال الضرورة‪ ،‬بل هي إثم مبين‪ ،‬وحُوب كبير‪ ،‬وفتنة ُمضلّة )"األمر‬
‫بلزوم جماعة المسلمين ص‪."85-81‬‬
‫وهذا أحد رؤوس اإلخوان المسلمين يُخبر عن األمور التي ارتكزت عليها‬
‫حزبية اإلخوان المسلمين‪ ،‬فيقول في كتابه"المدخل إلى دعوة اإلخوان‬
‫المسلمين ص‪:"292‬‬
‫( ‪ ...‬أ ‪ -‬كل ما يدور ويجري بينك وبين إخوانك س ّر الينبغي أن يطلع عليه‬
‫أحد مهما كانت قرابته أو صداقته أو أخوته أو اعتباره‪ ،‬إال إذا رأيت خلال‬
‫فلتُعلم القيادة‪ ،‬وليعلم األخ‪ :‬أن طريقنا هذا يحتاج إلى رجال تموت أسرارهم‬
‫ب_ اغتنام األوقات المناسبة واألماكن المناسبة لتبليغ أمر أو إسداء نصيحة‪،‬‬
‫بطريقة لبقة‪ ،‬وبشكل ال يُلفت النظر‪ ،‬وتجنب االنفعال‪ ،‬وليست المدرسة أو‬
‫مكان العمل أو مكان التجمع صالحا للكالم في األمور السرية أو الخاصة‪.‬‬
‫‪ ....‬د _ عندما نكون في عمل نحرص على أال يتعرّف عليه أحد‪ ،‬فعلينا أن‬
‫نالحظ عدم الدورية في الزمان والمكان‪ ،‬والتغيير المستمر‪ ،‬وعدم استخدام‬
‫حد إن أمكن ذلك‪.)......‬‬ ‫مكان واحد ألكثر من ثالث مرات متوالية على أبعد ّ‬
‫وهذا وهللا عين ما كان عليه أصحاب الحزبية الجديدة عندنا!! ‪.‬‬
‫وهذا(عثمان الجزائري) ‪ -‬هداه هللا ‪ -‬يخبرعن طريقة القوم فيقول ‪( :‬كانوا‬
‫صا يقرّبونهم إليهم‪ ،‬وكنت أنا من خواصّهم‪ ،‬حتى جعلوني‬ ‫يتّخذون لهم خوا ًّ‬
‫وسيطا بينهم وبين الجزائريين!! فيسألونني عنهم‪ ،‬فمن ز ّكيته لهم اطمأنّوا‬
‫حذروه!! وكنت إذا ذهبت إليهم مع بعض الجزائريين‬ ‫إليه! ومن جرحته لهم ِ‬
‫يشيرون إل ّي مستفهمين عن حاله!!! ‪ ،‬ويقول‪:‬ولذلك ل ّما استدعى الشي ُخ يحيى‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ياسينَ وناصرًا العدنيّين وأبا الخطّابـ اللّيبي ‪ ،‬قالوا له‪:‬ليس عندك علينا‬
‫دليل!! ‪ ،‬ألنهم لم يكونوا ليكلّموا غير الخواص!!!! )‪.‬‬
‫السلفي البصير! إن لم تكن هذه هي الحزبيّة‪ ،‬فما الحزبيّة إ ًذا‬ ‫ُّ‬ ‫قلت‪ :‬فيا أيها‬
‫؟!!!‬
‫[بثُّ من جندوه في صفوف الطالب] ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() _ وهؤالء الثالثة مع أحمد مشبح‪ -‬غالم ياسين‪ -‬رؤساء المنظرين في هذه الفتنة‬
‫بدماج‪ ،‬عاملهم هللا بما يستحقون ‪ .‬وألخينا الفاضل الناصح أبي حمزة محمد بن حسين‬
‫العمودي‪" ،‬سلسلة شرارة اللّهب على من أُصيب بداء الكلب" فض ٌح لهم ولفتنتهم ‪،‬‬
‫فجزاه هللا خيرًا ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪78‬‬
‫هكذا يسعى أصحاب الفتن والتعصب في تمزيق الدعوة بدار الحديث بدماج ‪،‬‬
‫فجنّدوا لهم مجموعة من طلبة العلم يأتمرون بأمرهم ‪ ،‬ويسيّرونهم كيف ما‬
‫لبث أفكارهم الخبيثة ‪ ،‬وليبقوا بعيدين عن األنظار ‪ ،‬وأفراخهم في شغل‬ ‫أرادوا ّ‬
‫دائم ‪ ،‬ودعوة مستمرة ‪.‬‬
‫وهي نحو طريقة اإلخوان المسلمين كما ذكر ذلك علي العشماوي أحد رجالهم‪:‬‬
‫( كان سيد قطب يرى بعد أن سألنا عن عدد األفراد الذين في أيدينا‪ ،‬وأخبرناه‬
‫أنهم حوالي ثالثمئة‪ ،‬كان يرى أن سبعين منهم على األقل سيكونون قادة‬
‫مبرزين أو إيجابيين أكثر‪ ،‬وقال‪ :‬يجب أن نبحث عن هؤالء السبعين‪ ،‬وأن‬
‫نعمل على إعطائهم جرعات أكثر من الفكر‪ ،‬وأن نبدأ بتدريب هؤالء تدريبا‬
‫خفيفا‪ ،‬حتى يكون ذلك بداية لتأهيلهم في أن يكونوا قادة العمل الذي نحن‬
‫بصدده في المستقبل القريب‪ ،‬تمت إعادة تشكيل المجموعة بين ثالثة إلى‬
‫خمسة أفراد‪ ،‬واتفق على أن يكون لكل خمس مجموعات قائد‪ ،‬وكل قائد على‬
‫عالقة مباشرة برئيس المنطقة التي يقوم بالعمل فيها‪ ،‬وبهذا نتمكن من عزل‬
‫أي مجموعات يت ّم كشفها أو القبض على أحد أفرادها بتهريب المسؤول عن‬
‫(‪)1‬‬
‫هذه المجموعات‪ ،‬وبهذا ال يتم كشف التنظيم كله) كما في "القطبية‪. "80‬‬
‫ثم شاء هللا تعالى القائل في كتابه ‪:‬أم حسب الذين في قلوبهم مرض ألن يخرج‬
‫هللا أضغانهم‪.‬أن جاءني بعض اإلخوة الجزائريين وأخبرني بأن (عثمان)‬
‫يزهد في الشيخ ويطعن‪ ،‬ويبث له بعض الشبهات ليقرر له ذلك ‪ ،‬ثم جاءني‬
‫آخر بنفس الكالم‪ ،‬فعلمت وكذا إخواني الناصحون أن الرجل قد أصيب بالداء‬
‫‪ ،‬وقد كنا قبل ناصحناه بالبعد عن هؤالء‪ ،‬فما شعرنا إال وهو جند من جنودهم‪،‬‬
‫فذهبت إلى شيخنا حفظهـ هللا وطلبت منه أن ينصح لعثمان ‪ ،‬ولم أخبره بما‬
‫صدر منه من طعن وغيره ‪ ،‬فل ّما علم (عثمان) بادر بتكذيبي عند الناس!‬
‫والحلف باأليمان المغلظة!! فاضطررت إلى إحضارـ الشهود عليه‪ ،‬وبعد كرٍّ‬
‫وفرٍّ‪ ،‬اعترف بطعنه في الشيخ وتظاهر بالتّوبة أيّاما‪ ،‬لكنه بقي مع اتصال‬
‫بمنظري الفتنة‪،‬كما أق ّر هو بذلك‪ ،‬وكان يستشيرهم في أموره وكما قال النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪«:‬األرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر‬
‫(‪)2‬‬
‫منها اختلف» ‪ ،‬وقد قال اإلمام األوزاعي رحمه هللا ‪ (:‬من ستر عنا بدعته لم‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر كتاب‪" :‬االنتقادات العلية" للشيخين األحمدين بازمول والزهراني حفظهما هللا‬
‫تعالى ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() _ أخرجه البخاري من حديث عائشة‪ ،‬ومسلم من حديث أبي هريرة ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪79‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫تخف عنا ألفته ) وقال بعض السلف‪ (:‬يتكاتم أهل األهواء كل شيء إال‬
‫التآلف والصحبة )‬
‫والشخص إذا جالس أهل البدع سرق من أخالقهم‪ ،‬ألن الطبع لصّ ‪،‬وأورثته‬
‫مجالستهم التزام أصولهم وطرائقهم من كذب وتلبيس ومكر‪ ،‬حتى يصير بعد‬
‫ذلك واحدا منهم‪ ،‬وقد قال النبي صلى هللا عليه سلم‪ «:‬مثل الجليس‬
‫(‪)1‬‬
‫الصالح‪...‬ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة » ‪.‬‬
‫وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪ (:‬إن العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫أكسبه ذلك تحريفا للحق عن مواضعه )"إغاثة اللهفان‪. "1/55‬‬
‫[ ادّعاء التوبة لمن فُضح منهم ] ‪:‬‬
‫ولما كان وجود الناصحين حجر عثرة في طريق هؤالء‪ ،‬أراد (عثمان)‬
‫التخلص منهم بحيلة ماكرة! فذهب إلى الشيخ حفظهـ هللا تعالى زاعما التوبة‬
‫النصوح مما صدر منه من طعن في فضيلته‪ ،‬وقدح في إخوانه الناصحين‪،‬‬
‫وأنه متبرّىء من فتنة عبد الرحمن‪ ،‬و‪...‬ثم جمع جميع الجزائريين وتظاهر‬
‫بالتوبة بحضرة الشيخ ‪ ،‬ولم يجد منه ومن إخوانه إال الفرحـ به والصدر‬
‫الرحب‪..‬‬
‫فلما بدأت األنظار تتباعد من حوله؛ عاد إلى ما كان عليه وأش ّد! وأصبح هو‬
‫بنفسه منظّرًا ‪ -‬لكن تحت إشراف المنظّرين!! ‪ -‬وأصبح يترصّد باإلخوة الذين‬
‫ال يدرون بحقيقة هذه الفتنة‪ ،‬لحداثة وجودهم في الدار‪ ،‬واستعمل معهم طريقة‬
‫أسياده الحزبية!!‬
‫قال الشيخ محمد اإلمام حفظهـ هللا تعالى في كتابه"بداية االنحراف ونهايته ص‬
‫‪(:"444‬إن أهل البدع إذا رأوا نفرة الناس عنهم‪ ،‬وشعروا بسقوط مكانتهم‪ ،‬أو‬
‫لحقتهم المؤاذاة لهم بالسجن أو بالطرد أو ماأشبه ذلك؛ تظاهر بعضهم‬
‫بالرجوع عن بدعته‪ ،‬وهم غير صادقين! وعلى سبيل المثال‪ :‬غيالن الدمشقي‪،‬‬
‫أظهر الرجوع عن بدعة القدر عند الخليفة عمر بن عبد العزيز‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫(‪)3‬‬
‫عاد يدعو إليها حتى قُتل في عهد هشام بن عبد الملك ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫() _ أخرجه الاللكائي(‪ )257‬وابن بطة(‪، )420‬وجاء عن غير األوزاعي أيضا ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫() _ أخرجه البخاري من حديث أبي موسى األشعري رضي هللا عنه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬انظر"الصوارف عن الحق ص‪."97-94‬‬
‫‪3‬‬
‫() _ أخرج القصة عبد هللا بن أحمد في"السنة برقم‪ ،"948‬والفريابي في"القدر برقم‬
‫‪ "279‬وغيرهما‪ ،‬بإسناد حسن ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪80‬‬
‫وهذا أيوب السختياني قال‪ :‬كان رجل يرى رأيا فرجع عنه‪ ،‬فأتيت محمد بن‬
‫سيرين فرحاـ بذلك أُخبره فقلت‪ :‬أَشعرت أن فالنا ترك رأيه الذي كان يرى؟‬
‫فقال‪ :‬انظر إلى مه يتحول! إن آخر الحديث أشد عليهم من األول‪ ،‬أوله ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(يمرقون من الدين)‪ ،‬وآخره‪(:‬ثم اليعودون إليه) ‪. )..‬‬
‫قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا بعد ذكره حديث أبي ذر‪ (:‬فهذه شهادة الحديث‬
‫الصحيح لمعنى هذه اآلثار‪ ،‬وحاصلهاـ أنه ال توبة لصاحب البدعة عن‬
‫(‪)2‬‬
‫بدعته ‪ ،‬فإن خرجـ عنها فإنما يخرج لما هو شر منها‪ ،‬كما في حديث أيوب‪،‬‬
‫أو يكون ممن يظهر الخروج عنها وهو مصر عليها بعد‪ ،‬كقصة غيالن مع‬
‫عمر بن عبد العزيز‪....‬ولكن الغالب في الواقع اإلصرار‪ ،‬ومن هنالك قلنا‪:‬‬
‫يبعد أن يتوب بعضهم‪ ،‬ألن الحديث يقتضي العموم بظاهره )"االعتصام‬
‫‪. "215_1/214‬‬
‫[ بعض أساليبهم األخرى في الدّعوة ] ‪:‬‬
‫يقول أخونا محمود الجزائري حفظهـ هللا‪ (:‬كان عثمان الجزائري يأتيني إلى‬
‫شركه‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫غرفتي‪ ،‬ويستخدم معي بعض األساليب الماكرةـ ليوقعني في َ‬
‫_ أنه كان يعطيني ردود بعض المتعصبين على أهل السنة‪ ،‬ويسمعني بعض‬
‫األشرطة‪ ،‬ويقول لي في بعض تلك الرسائل ‪ :‬إنها رسالة تأصيلية ينبغي أن‬
‫تحفظ!!‬
‫وهكذا يريد أن يزيّن لي الباطل في ثوب النصح ‪.‬‬
‫_ وكان يستخدم معي أسلوب التخويف والتهويل! فيقول‪ :‬إن العلماء مخالفونـ‬
‫للشيخ يحيى! وسيتكلّمون فيه!! وهناك أمور التعرفها! ولو عرفتها لخ ّر‬
‫السقف من فوقنا‪ !!..‬ولحملت حقيبتك وسافرت!!‪. )...‬‬
‫فيا أيها السلفي البصير‪ ،‬إن لم تكن هذه هي الحزبية ؛ فما الحزبية إ ًذا ؟!!!‬

‫[ استخدام التقية لالستمرار في الدّعوة ] ‪:‬‬


‫وأخبرنا أخونا محمود أيضا بأنه كان متعجّبا أش ّد العجب من مكر (عثمان)‬
‫وتالعبه؛ حيث إنه يصبح سلفيًّا ويمسي مفتونا‪ ،‬كما هو دأب أهل النفاق الذين‬
‫أخبر هللا عن قولهم‪:‬وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم‬
‫قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزءون‪ ،‬وقولهم‪:‬آمنوا بالذي أنزل على الذين‬

‫‪1‬‬
‫() _ أخرجه مسلم من حديث أبي ذر رضي هللا عنه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() _ وهذا بناء على الغالب كما سيأتي من كالمه نفسه ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪81‬‬
‫آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون وال تؤمنوا إالّ لمن تبع دينكم‪‬‬
‫‪.‬‬
‫وازدادت صدمته وتعجّبُه أكثر حين صرّح له (عثمان) بأن الذي فعله مع‬
‫اإلخوة إنما هو تورية!!!!!!! وأوصاه بأن يسلك معهم نفس الطريق ليكون‬
‫منهم في أمان!!!!!!‬
‫فيا أيها السلفي البصير‪ ،‬إن لم تكن هذه هي الحزبية؛ فما الحزبية إ ًذا ؟ ! ! !‬
‫ففضحه‪ ،‬ث ّم‬
‫َ‬ ‫ولكن هذا لم يكن لينطلي على أخينا الفاضل محمود حفظهـ هللا‬
‫اجتمعنا بعدها مع إخواننا بـ(عثمان)‪ ،‬لمعرفة حقيقة أمره‪ ،‬فشهد عليه عدد من‬
‫اإلخوان بما لم يستطع تكذيبه‪ ،‬وأق ّر بجميع ما سبق ذكره‪ ،‬وطلبنا منه أن يتوب‬
‫إلى هللا تعالى‪ ،‬ويبيّن حال أصحاب الفتنة ومنظريها للناس‪ ،‬فوعدنا بذلك‪ ،‬لكنه‬
‫_كما سبق وأن ذكرنا_ لم يوفّق للتوبة‪ ،‬وقال لبعض إخواننا قبل أن يخرج‬
‫مطرودا‪ (:‬إن هذه عقيدة في قلبي! ال أستطيع الرجوع عنها )!!!‬
‫وصدق رسول‬
‫هللا ‪‬إذ قال‪ «:‬إن هللا حجب_ وفي رواية‪:‬حجز_ التوبة عن كل صاحب البدعة‬
‫(‪)1‬‬
‫حتى يدع بدعته » ‪.‬‬
‫سر صاحب‬ ‫وقد سُئل اإلمام أحمد عن معنى هذا الحديث فقال‪ (:‬ال ُيَوفّق وال يُيَ ّ‬
‫بدعة لتوبة)كما في"لوامع األنوار‪." 1/400‬‬
‫وجاء عن سفيان الثوري رحمه هللا تعالى أنه قال‪ (:‬البدعة أحب إلى إبليس من‬
‫المعصية والمعصية ُيتاب منها‪ ،‬والبدعة ال يتاب منها ) ‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪ (:‬ومعنى قولهم‪ :‬إن البدعة ال يتاب منها؛ أن‬
‫المبتدع الذي يتخد دينا لم يشرعه هللا وال رسوله‪ ،‬قد ُزيّن له سوء عمله فرآه‬
‫سيء‬ ‫حسنا‪ ،‬فهو ال يتوب ما دام يراه حسنا‪ ،‬ألن أول التوبة‪ :‬العلم بأن فعله ّ‬
‫ليتوب منه‪ ،‬أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب‬
‫ويفعله فما دام يرى فعله حسنا وهو سيء في نفس األمر فإنه ال‬
‫يتوب)"الفتاوى ‪. "10/9‬‬
‫قلت‪ :‬وما ذاك إال لعلم هللا تعالى السابق‪ ،‬بأن محلَّه ليس قابالً لذلك‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫‪‬فلما زاغوا أزاغ هللا قلوبهم‪. ‬‬
‫وقال اإلمام الشاطبي رحمه هللا تعالى‪ (:‬فكذلك صاحب الهوى إذا دخل قلبه‬
‫وأُشرب حبَّه‪ ،‬ال تعمل فيه الموعظة‪ ،‬وال يقبل البرهان وال يكترث بمن خالفه‪،‬‬
‫واعتبرْ ذلك بالمتقدمين من أهل األهواء؛كمعبد الجهني وعمرو بن عبيد‬
‫وسواهما‪ ،‬فإنهم كانوا حيث لقوا مطرودين من كل جهة‪ ،‬محجوبين عن ك ّل‬
‫‪1‬‬
‫() _ أخرجه الطبراني في "األوسط"‪ ،‬والبيهقي في"الشعب‪ "7/59‬وغيرهما عن أنس‬
‫بإسناد صحيح ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪82‬‬
‫لسان‪ُ ،‬مبعدين عند كل مسلم‪ ،‬ثم مع ذلك لم يزدادوا إال تماديا على ضاللهم‪،‬‬
‫ومدوامة على ما هم عليه‪ ،‬ومن يرد هللا فتنة فلن تملك له من هللا شيئا(‪‬‬
‫"االعتصام‪."2/268‬‬
‫وقد كان (عثمان الجزائري) قب ُل ذا اجتهاد في طلب العلم‪ ،‬واحترام لشيخنا‬
‫حفظه هللا تعالى‪ ،‬ومثابرة في دروسه ‪.....‬حتى تسلط عليه هؤالء الغشاشون‬
‫الخونة‪ ،‬فمسخوه بتنظيمهم الحزبي الماكر‪ ،‬وأبعدوه عن طلب العلم الذي‬
‫تغرّب ألجله‪ ،‬وعن شيخه الذي رحل إليه من بالده البعيدة‪ ،‬وعن إخوانه الذين‬
‫كانوا يُكنُّون له المودة واإلخاء ‪....‬فكانوا أضر عليه من شياطين الجن وجنود‬
‫إبليس الذين أخبر النبي صلى هللا عليه وسلم عنهم فقال‪ «:‬إن إبليس يضع‬
‫عرشه على الماء‪ ،‬ثم يبعث سراياه‪ ،‬فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة‪ ،‬يجيء‬
‫أحدهم فيقول‪ :‬فعلت كذا وكذا‪ ،‬فيقول‪ :‬ما صنعت شيئا! ثم يجيء أحدهم فيقول‪:‬‬
‫ّقت بين وبين امرأته! قال ‪ :‬فيُدنيه منه ويقول‪ :‬نعم أنت!! »‬ ‫ما تركته حتى فر ُ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬
‫ومن السحرة الذين قال هللا فيهم‪:‬يفرقون بين المرء وزوجه‪.‬‬
‫وم ّمن قال النبي صلى هللا عليه وسلم فيهم‪« :‬ليس منا من خبّب امرأة على‬
‫‪2‬‬
‫زوجها‪ ،‬أو عبدا على سيّده » ‪ ،‬وهؤالء أش ّر وأضرّ‪ ،‬إذ أنهم يحُولون بين‬
‫القلوب وبين هدى هللا وطريقه‪...‬قاتلهم هللا أنى يؤفكون‪. ‬‬
‫[ أمثلة أخرى على بعض ضحايا تنظيم عبد الرحمن الجائر] ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫وهكذا تسلّط قُطّاع الطريق على األخ (بالل الجزائري ) واستغلوا عاطفته!‬
‫غالًّ على الشيخ حفظه هللا تعالى‪ ،‬وعلى إخوانه الناصحين‬ ‫فشحنوا قلبه وملَئُوه ِ‬
‫ُكن لهم المحبة واأللفة اإلخاء‪ ،‬وكانت لي معه زمالة وصداقة‬ ‫الذين كان ي ّ‬
‫استمرت أكثر من سنتين‪ ،‬حتى ظهرت هذه الحزبية المقيتة وأصحابها‪ ،‬وكما‬
‫أن السبب الرئيسي لهذه الفتنة‪ :‬هو الغلو في األشخاص‬ ‫وأن ذكرت؛ ّ‬ ‫سبق ْ‬
‫وإنزالهم فوق منزلتهم‪ ،‬وقد كان (بالل) ُمغت ًّرا بمنظري هذه الفتنة‪ ،‬وهم‪-‬كما‬
‫سبق ذكره – ال يتع ّدون أن يكونوا طلبة علم‪ ،‬تزبّبوا قبل أن َيَتحَصْ َر ُموا ولما َّ‬
‫يشت َّد ُعودهم بع ُد ويصلَبَّ في العلم‪.‬‬
‫وقد سلكوا معه نفس الطريق مع (عثمان الجزائري)‪ ،‬فقرّبوه إليهم بعدما كنت‬
‫أراه يجري وراء أحدهم ليظفر بجواب عن سؤال!!! وكانوا يُكثّفون معه‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أخرجه مسلم من حديث جابر رضي هللا عنه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي هللا عنــه‪ ،‬وهو في"الصــحيح المســند"‬
‫لإلمام الوادعي رحمه هللا ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أبو زكريا من بلدة (عين طاية) ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪83‬‬
‫الجلسات السرية في البيوت والخلوات !! حتى ظهرت منه آفات وآفات!‬
‫فذهبت إليه في غرفته باذالً له النصيحة بالبعد عنهم‪ ،‬واإلقبال على طلب العلم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫وأن يعرف للشيخ قدره ومعروفه‪ ،‬وبعدم االستشراف للفتن‪....‬فوجدت منه‬
‫آنذاك قَبوالً‪ ،‬ووعدني خيرًا ‪.‬‬
‫ي!‬‫وما هي إال أيام حتى رجع إلى مجالستهم وس ّريّاتهم‪،‬وقام بهجري والطعن ف َّ‬
‫أن القوم أوغلوا صدره‪ ،‬ولبَّسوا عليه أمره ‪.......‬‬ ‫فعلمت َّ‬
‫وكان شيخنا حفظه هللا تعالى صابرا عليه‪ ،‬وناصحًا له‪ ،‬ورفيقا به‪ ،‬مع كثرة ما‬
‫كان يصدر من بالل من زلقات وشطحات‪ ،‬حتى تم ّكن ُمنظّروا الفتنة عن‬
‫طريقه من التلبيس على مجموعة من اإلخوة األندنوسيين والجزائريين‬
‫وإلحاقهم بالركب‪...‬وما هي إال أيام أخرى حتى سافر(بالل) وترك طلب العلم!‬
‫ورجع إلى البالد يطعن في الشيخ الذي أحسن إليه! وفي الدار التي تربّى فيها!‬
‫ويقطع الطريق إليها‪ ،‬بعد أن كان من المنافحين عنها ‪....‬وال حول وال قوة إال‬
‫باهلل!! وقد أحسن عامر بن عبد هللا إذ قال‪ (:‬ما ابتدع رجل بدعة إال أتى غدا‬
‫بما كان ينكره اليوم )"الشرح واإلبانة رقم ‪."83‬‬
‫وهكذا أيضا وقع (حسين بوقادوم الجزائري) في قفص تنظيمهم الجائر‪ ،‬وبعد‬
‫أن كان ثانيًا ركبتيه تحت كرسي شيخنا حفظه هللا تعالى‪ ،‬ومحبًّا له وشاكرا‬
‫لفضله عليه‪ ،‬حتى إنه كان يقول لي‪:‬إنّي أ حبُّ الشيخ يحيى مثل حبي ألبي أو‬
‫أكثر!!!فما هي إالّ جلسة أو جلستان مع أبي الخطّاب اللّيبي‪ ،‬وناصر العدني‬
‫حتى أصبح يقول‪:‬الشيخ يحيى ما عنده خلق!! وكيف أطلب العلم على من هذا‬
‫حاله!! لذلك أتأخرـ في الدروس حتى ال أتأثّر به!! ‪....‬في كالم كثير ذكره‬
‫ألخينا الفاضل محمد علي الجزائري‪ ،‬عندما أسدى له النصح والتّوجيه إلى‬
‫الخير ‪.‬‬
‫وهكذا وقع أيضا (رياض العنّابي الجزائري) الذي كان يقول لي‪:‬ال ب ّد لي من‬
‫المكث في دماج سبع سنوات على األقل!! ويتّصل ببعض إخواننا في الجزائر‬
‫ويقول لهم‪:‬ثالث سنوات بد ّماج مع االجتهاد تصبح بها شيخا‪.‬وكان يجلُّ الشيخ‬
‫ويدعو له‪....‬حتى تسلط عليه أصحاب السُّوء فأفسدوا عليه عقله‪ ،‬وأع َموْ ا‬
‫بصيرته‪ ،‬وكنا نبذل له النُّصح فيقبله صباحا‪ ،‬ويتركه ليالً!!! حتى أصبح‬
‫يطعن في الشيخ! ويَعِ ُد بالتَّحذير من مركز دماج إذا رجع إلى البالد‪ ،‬بل قام‬
‫محذرا ومنفّرا!!! وأخبرني األخ الفاضل محمد بوعجيلة‬ ‫بذلك واتصل بالبالد ّ‬
‫اللّيبي‪ -‬وكان ألصق الناس به ِلما كان بينهما من الصداقة‪ -‬فقال‪(:‬قال لي‬
‫رياض‪ :‬إذا ذهبت إلى البالد وسُئلت عن دماج؛ فإن كان سائلي م ّمن يفهم‪،‬‬
‫الذهاب!! وإن لم يكن كذلك قلت له‪ :‬فيها خير!!) ‪ ،‬ولما ّ لَقيه أخونا‬ ‫حذرته من ّ‬ ‫ّ‬
‫الفاضل حسان القسنطيني بـ(صنعاء) ‪ -‬بعدما طُرد رياض من دماج ‪ -‬ونصحه‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪84‬‬
‫بالتوبة والرُّ جوع إلى دماج ‪ -‬قال له ‪:‬كيف أتوب وهي عقيدة في قلبي!!! وله‬
‫طعون أخرى في المركز وفي إخوانه يطول المقام بذكرها‪.‬‬
‫وهكذا سقط بعض إخواننا في قبضتهم‪ ،‬بعد أن كان طلب العلم في دماج حلمه‪،‬‬
‫حتى إنه أ ّول ما وصلت به السيارة إلى دماج‪ ،‬ووطأت رجله حصاها سأل‪:‬‬
‫أهذه دماج؟ـ قيل له‪ :‬نعم! فخ ّر ساجدا هلل تعالى شكرا منه على هذه النعمة‪ ،‬فما‬
‫هي إالّ أشهر قليلة حتى أوقعوه في شركهم الحزبي‪ ،‬وضيّقواعليه صدره‪،‬‬
‫فخرج منها كارها حائرا!! وصدق اإلمام ابن بطّة رحمه هللا إذ قال‪...(:‬ف ّكرتُ‬
‫في السبب الذي أخرج أقواما من السنة والجماعة‪ ،‬واضطرّهم إلى البدعة‬
‫والشناعة‪ ،‬وفتح باب البلية على أفئدتهم‪ ،‬وحجب نور الحق على بصيرتهم‪،‬‬
‫فوجدت ذلك من وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬البحث والتنقير وكثرة السؤال ع ّما ال يغني وال يضرُّ العاقل جهله‪،‬‬
‫وال ينفع المؤمن فهمه ‪.‬‬
‫واآلخر‪ :‬مجالسة من ال تُؤمن فتنته‪ ،‬وتفسد القلوب صحبته) "اإلبانة‪"1/390‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫واألمثلة على ضحايا هذا التنظيم الحزبي الجديد كثيرة ‪ ،‬وإنما اقتصرت‬
‫على بعض من فُتن من أهل بلدي ليُعرفوا‪ ،‬وليعتبر بهم غيرهم من الغرباء‪،‬‬
‫وليعلم الناس خبث أصحابه الذين سعوا في تفريق الشمل بين أهل السنة‬
‫طِع الطريق عن طالبي الرّفعة والسُّؤدد بطلب العلم في هذا الصرح‬ ‫وق ْ‬
‫بالدار‪َ ،‬‬
‫الشامخ والدار المباركة‪ ،‬قاتلهم هللا أنّى يؤفكون ‪. ‬‬

‫[ شهادة حقّ‪ ،‬وفضيحة على رؤوس األشهاد ] ‪:‬‬


‫وكان م ّمن نجا من هذه الحزبية ال ُمرَّة الخبيثة‪ ،‬وهذا التنظيم الجائر‪ ،‬ووفّقه هللا‬
‫تعالى للهداية‪ ،‬وتركِ سبل الغواية‪ ،‬األخ الفاضل أمين الخارفي‪ ،‬الذي كان‬
‫واحدا منهم‪ ،‬وداعيا تحت رايتهم ومن أشدهم تعصُّ با‪ ،‬ول ّما أراد هللا تعالى له‬
‫‪1‬‬
‫() _ كباديس البسكري المفتون‪ ،‬ورضا السطائفي وبل ِديَّاه عبد العالي ونذير‪ ،‬وشريف‬
‫الشاوي‪ ،‬وإسماعيل ومحمد الطّبالطيّين‪ ،‬ومحمد من عين طاية‪ ،‬وغيرهم من‬
‫الجزائريين من ضحايا هذه الحزبية الجديدة‪ ،.....‬وأنا لهم ناصح بالتوبة إلى هللا تعالى‪،‬‬
‫قبل أن يأتي ذلك اليوم الموعود‪ ،‬ويوم يعضّ الظالم على يديه يقول ياليتني اتّخذت‬
‫مع الرسول سبيال ياويلتى ليتني لم أتّخذ فالنا خليال لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني‬
‫‪.‬‬ ‫وكان الشيطان لإلنسان خذوال‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪85‬‬
‫الخير؛ كشف له عن زيف دعوتهم‪ ،‬وقام بفضحهم على رؤوس األشهاد‪ ،‬وكان‬
‫م ّما قال‪...( :‬اتصلت بالشيخ حفظه هللا تعالى عما حصل مني ‪ ،‬والحق أن‬
‫اإلنسان بشر‪ ،‬فإذا رجع اإلنسان بصدق وكان محبّا للخير‪ ،‬هللا ع ّز وجل يقبل‬
‫التوبة‪ ،‬ويكون عند إخوانه هو هو‪،‬وأما أنه سيخشى على نفسه أنه لو ظهر‬
‫سيسقط لو ظهر شيء‪ ،‬ال وهللا؛ إذا تاب ورجع يبقى كما هو وهلل الحمد‪ ،‬فعلى‬
‫كل يا إخوة‪ ،‬أول ما بدؤوا كما قلت لكم في عدة نقاط ‪:‬‬ ‫ٍّ‬
‫‪ -1‬االتصاالت؛ أن الشيخ يحيى فعل كذا كذا‪ ،‬ويتصلون باإلخوة الذين هم‬
‫بارزون في الدعوة‪ ،‬اتصاالت بعد اتصاالت‪ ،‬فالن وفالن‪...‬‬
‫‪ -2‬الطعن في الشيخ يحيى وفيمن عند الشيخ يحيى‪ ،‬ومن تقرب من الشيخ‬
‫يحيى قالوا‪:‬ها ! وهللا هذا كمال العدني قالوا وهللا خطير ‪ ،‬يريد أن يرتفع‬
‫بإسقاط الشيخ عبد الرحمن العدني ! وعند من يرتفع‪ ،‬عند الشيخ يحيى حفظهـ‬
‫هللا‪ ،‬حتى أوقعوا في أنفسنا شيئا على الشيخ يحيى وعلى اإلخوة القائمين‪،‬‬
‫والذين يتقرّبون عند الشيخ حفظه هللا تعالى ‪.‬‬
‫‪ -3‬كانوا يتكلمون على الشيخ يحيى بأنه متسرع‪ ،‬وأنه رجل ما عنده‬
‫رحمة!! وأنه شديد!! وإلى ما قد سمع كثير من اإلخوة ما يتكلمون به من‬
‫الكالم ‪.‬‬
‫يثبتونه ‪ :‬وهللا إّنا نعرف‬
‫‪ -4‬أضف إلى ذلك أن من كان معهم ورأوه شديدًا ُ‬
‫أنك رجل مواقف!! إنسان شجاع!! ابق على ما أنت عليه!!! انصر الشيخ عبد‬
‫الرحمن!!الشيخ يحيى ظلمه!! والشيخ يحيى جفا عليه!! ‪ ،‬فأنا وقع في نفسي‬
‫فعال‪ ،‬فقلت‪ :‬مال الشيخ يحيى هكذا شادد على الشيخ عبد الرحمن‪ ،‬الشيخ عبد‬
‫الرحمن مسكين!!! ‪...‬فأخذتني العاطفة‪ ،‬واستعطفوني ال جزاهم هللا خيرا‪،‬‬
‫وكانوا وهللا سيوقعونا ويفارقون بيننا وبين إخواننا‪ ،‬لكن أسأل هللا ع ّز وج ّل‬
‫أن يفضحهم وقد فعل ‪.‬‬
‫‪ -5‬وأيضا كانوا يثبتون على الزعزعة والقلقلة على مركز "دماج"‪ ،‬ثم لما‬
‫وصلنا قالوا‪ :‬نذهب إلى الشيخ اإلمام أنا واألخ أنيس وإخوة آخرون أغلبهم قد‬
‫رجع‪...‬بناء على أننا نذهب عند الشيخ محمد اإلمام‪ ،‬ثم نذهب عند الشيخ عبد‬
‫الرحمن ونتظلّم عند المشائخ ‪:‬أن الشيخ يحيى جافي!! وأنه قاسي!!‪ ،‬حتى‬
‫أن من جملة ما أقنعونا به أن الشيخ يحيى[لو أن] أحدا ذهب إليه ‪ ،‬وقال له ‪:‬‬
‫الطالب!! قال يا فالن أنت مع من؟ فإذا قال الطالب أنا‬ ‫الشيخ يحيى بدأ يختبر ُّ‬
‫مع العلماء قال له‪:‬أُخرج!!أنت مطرود!! عجيب الشيخ يحيى‪ ،‬كيف!! ‪ .‬فعلى‬
‫كل؛ يا إخوان‪ ،‬بدأت وكنت أرى تكتُّالت وكالم شديد في الشيخ يحيى حفظه‬ ‫ٍّ‬
‫هللا ما وجدناه عند اإلخوة اآلخرين‪ ،‬وأنا بقيت في حيرة! إيش القصّة هذه!‬
‫الشيخ يحيى ظالم للشيخ عبد الرحمن؟! وبهذه ال ّش ّدة؟!! ‪ ،‬فلما راجعت نفسي‬
‫قليال‪ ،‬قلت‪ :‬هذا مستحيل أن الشيخ يحيى يصدر منه هكذا! البد من التثبت في‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪86‬‬
‫صبا شديدا‪....‬وأنا أول الفتنة ما قد عرفت‬ ‫صبنا تع ّ‬ ‫األمر‪ ،‬فبعد ذلك فعال تع ّ‬
‫صبونا فعالً؛ وهللا أدهى من أبي الحسن‪ ،‬ويتكلم وأعظم من فتنة أبي‬ ‫شيء ‪ ،‬فع ّ‬
‫الحسن! ألنهم استفادوا‪ ،‬افتضح‪ ،‬لكن نحن على طريقة جديدة!! وهي‪ :‬نأتي‬
‫باثنين إذا أردنا شخص نتكلم ونجعل مقارنة بين الشيخ يحيى وعبد‬
‫الرحمن!! ونبيّن أن الشيخ عبد الرحمن كذا وكذا‪ ،‬ويمدحونه!! ‪ ،‬فعلى كل يا‬
‫إخوان‪ ،‬القضية ُمتَ ْكتَ َكة عنده‪ ،‬فأنا بعد ما رأيت من تلك الكلمات الجارحة من‬
‫أحبه في هللا‪ ،‬فإذا بالرجل‬
‫ضمنها األخ عبد الرحمن الخارفي‪ ،‬وأنا وهللا كنت ّ‬
‫قنبلة ذ ّريّة‪...،‬فقال‪ :‬وهللا الحمد هلل ما في نفسي أنا إال يحيى الحجوري!! إيش‬
‫ولا قائد معسكر!!هذا يضربه وهذا‬ ‫القصة هذه ! الشيخ يحيى انقلب‪ّ ،‬‬
‫يدكمه!!‪...‬فأتى بكلمة في الشيخ يحيى! وهو هو وهللا أحق بها وهللا‪ ،‬وهللا هو‬
‫السفيه!! هذا مجاوز‪ ،‬ما سمعت وال أخا‪ ،‬وال طالبا يميل إلى الشيخ‬
‫يحيى[يقول في]عبد الرحمن ‪ :‬سفيه ‪.‬‬
‫‪...‬بعد ذلك يا إخوان لما عرفنا أن الجماعة ليس لهم مقصد إال القلقلة‪،‬ـ وفي‬
‫المركز وفي الطّالّب‪ ،‬وفي الدعاة إلى هللا عز ّوجل ؛ هي طريقة الحزبيّين‬
‫تماما ً ‪ ،‬وهللا ما فيها أدنى شك ‪ ،‬إال عند من أعمى هللا بصيرته ‪.‬‬
‫أ ّوال الخروج في تلك الصورة‪ ،‬أنا عرفت ‪ ،‬فنظرت إلى المسألة من أصلها؛‬
‫أ ّوال خرجوا بصورة حزبية‪..‬وكانوا حريصين أشد الحرص على الناس‬
‫المب ّرزين واألذكياء في المركز‪ ،‬فالن وفالن وفالن؛ اختيارات!!‪ ...‬مثل‬
‫اإلخوان المسلمين‪ ،‬يختارون الشباب على الشيوخ‪ ،‬بنفس تلك التّكتكة‪،‬‬
‫فأخذوا فالن وفالن ويسجلون تسجيالت‪...‬هي القضية أنها اتّضحت لنا من‬
‫أول من أيّام الخروجـ (صعدة)‪..‬فأنا استغربت! كيف الشيخ عبد الرحمن تجلّد!!‬
‫ونحن وهللا ما نعرف عنه ما ذكره الشيخ يحيى البارحة؛ أنّه حصل بينه وبين‬
‫البكري زمان‪ ،‬وكان يبكي فعالً!! وال عنده أي استعداد‪ .‬كنت آتيه في قضية‬
‫أبي الحسن؛ قلت‪ :‬يا شيخ عبد الرحمن! أبو الحسن يريد المكر بالدّعوة‪،‬‬
‫ويريد كذا وكذا ‪ ،‬نحب أن تناصر الشيخ يحيى بكلمة! ‪ ،‬وإالّ بمحاضرة!!‬
‫قال‪ :‬يا أخ أمين! أنت تعرف أنّي مريض!ما عندي طاقة أتكلم! والشيخ‬
‫يحيى‪ ،‬حفظه هللا تعالى ووفّقه وسدّده! وقد كفانا المؤنة وهلل الحمد!!فإنه ما‬
‫يحتاج أن أتكلم في أبي الحسن!!!فكنا نعذره ألنه مريض‪ ،‬وفي اآلن خرجت‬
‫أخبار!!على كل يا إخوان‪ ،‬ل ّما نظرت إلى القضية من أصلها ؛ وإذا بها فعال‪،‬‬
‫وتجميع‪ ،‬وأغلب هؤالء؛ المتعصبون للشيخ عبد الرحمن ‪ ،‬وهللا أغلبهم ما‬
‫كان يصلي أحيانا الجماعة ‪ ،‬وأنا أعرفهم مثل (مشبح)‪...‬فحقيقةـ األمر‪،‬أنهم‬
‫بالغوا في شدة عظيمة األمر‪ ،‬وهجوم شديد على الشيخ يحيى حفظه هللا‬
‫تعالى‪،‬حتى أن بعضهم كانوا يريدون منّا أننا نعمل انقالب وثورة على‬
‫الشيخ!! وهللا المستعان ‪ -‬وأنا أعتذر يا شيخ يحيى وأطلب منك المسامحة‪،‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪87‬‬
‫فالحق أنّني كنت أش ّدهم وكانوا فرحين بي! قالوا‪ :‬وهللا أمين صاحب صميل!!‬
‫فالخطّة ‪ :‬أنهم يتركون الشيخ يحيى حتى يتكلم في عبد‬ ‫هللا المستعان ‪ُ -‬‬
‫الرحمن‪ ،‬وأنا أول من يقوم في الحلقة فأقول‪ :‬اتّق هللا في الشيخ عبد‬
‫الرحمن العدني!! وفالن يقوم من هناك!! وش ّكلنا فوضة!!!! إيش معنى‬
‫هذا؟! هذه وهللا هي الحزبية!!هذه هي الحزبية! إيش الحزبية؟! تعصُّ بات‬
‫لشخص‪...‬وعلى كل يا إخوان؛ الذي أنصح به نفسي أ ّوال قبل أن أنتهي وأختم‬
‫كالمي‪ ،‬وهللا أنّي بقيت متحيّرًا‪ ،‬وأنا أعرف الشيخ يحيى‪ ،‬وهللا ليس أنّي ال أثق‬
‫بالشيخ يحيى‪ ،‬لكن هؤالء دواهي‪ ،‬شياطين‪....‬بعد ذلك ‪،‬ففي ذات يوم أصلّي‬
‫وأنا في غاية الطلب من هللا ع ّزوجلّ؛ يا رب وفّقني في هذه الفتنة وللحق فيها‪،‬‬
‫ثم أتيت بذاك ال ّدعاء المعروف في قيام الليل‪ ،‬فنمت قليال ‪ ،‬فوهللا أنّي أُري‬
‫الشيخ عبد الرحمن أمامي‪ ،‬وأنا ذاك الليلة حامي معه‪ ،‬وإذا بالمنادي ينادي؛ يا‬
‫أخ أمين!الشيخ عبد الرحمن تغيّر‪ ،‬األخ عبد الرحمن تغيّر‪ ،‬مرّتين! صحيت ثم‬
‫رجعت إلى نومي‪ ،‬فمرة ثانية نفس الرؤيا! قمت وهللا أنا على بصيرة من‬
‫األمر‪ ،‬وقلت ‪:‬عجيب! ‪....‬فاتّصلت بالشيخ عبد الرحمن‪ ،‬أنا وصهره إبراهيم‬
‫العسمي‪... ،‬فبدأنا بالكالم‪ ،‬وقلت له يا أبا عبد هللا‪ ،‬أنا أسألك باهلل العظيم! إن‬
‫كنت تعلم أنك مترئس لهذه الفتنة‪ ،‬أو عندك شيء؛ فاتق هللا ع ّز وجلّ! ال تكن‬
‫سببا لهذه الفتنة! فإنّك تتح ّمل من األوزار التي هي وهللا‪ ،‬تعلم‪ ،‬فماذا قال؟! يا‬
‫(‪)1‬‬
‫ق أنّ الشيطان نزل !!!!!!!!! فأنا على طول عرفت أن هذا‬ ‫أخانا أمين؛ الح ّ‬
‫نوع من االعتراف بالذنب‪ ،‬وقال‪ :‬إن شاء هللا ستسمع ما يسرُّ ك! فوهللا ما‬
‫سمعنا إال ما يسوؤنا‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪....‬وعلى كل أنا قد كلمت الشيخ يحيى‪ ،‬واعتذرت إليه ع ّما صدر مني من‬
‫كلمات‪ ،‬وأتوب إلى هللا ع ّز وج ّل من التّعصّب الذي كنّا قد حملناه على شيخنا‬
‫يحيى‪ ،‬وما فيه عيب أن اإلنسان يقع في خطأ عن تديُّن‪ ،‬لكن إن اتضح له‬
‫األمر ال تحمله عنصرية أو جاهلية بعدم الرجوع‪ ،‬ارجع والرفعة بيد هللا‬
‫ق حاجزـا‬ ‫ع ّزوجلّ‪ ،‬إذا كنت تحب السنة وعلماء السنة فارجع‪ ،‬ما تكون كلمة ح ّ‬
‫بينك وبين الدعوة السلفيّة‪ ،‬وال يكون اعتقاد أو شخص يكون حاجزا بينك وبين‬
‫إخوانك ) ا‪.‬هـ من شريط"التائبون من حزبية عبد الرحمن"‪.‬‬
‫وم ّمن أراد هللا تعالى له الخير أيضا؛ األخ أبو عبد هللا األملحي حفظهـ هللا‬
‫تعالى‪ ،‬وقد نقل نصّ شهادته‪ ،‬أخونا الفاضل معافى الحديدي حفظه هللا تعالى‬
‫في رسالته "البراهين الجلية على ما عند أتباع الشيخ عبد الرحمن من الحزبيّة‬
‫ص‪ "29‬حيث قال‪..(:‬هذا األخ الفاضل أبو عبد هللا األملحي حفظهـ هللا تعالى‬
‫صبًا‪ ،‬بل من أش ّد المتعصبين! ثم استبان له األمر وذهبت‬ ‫كان معهم متع ّ‬
‫‪1‬‬
‫ق إ ًذا ؟؟!!!!‬
‫() فلماذا التّجلّد للباطل والتّص ّدي للح ّ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪88‬‬
‫الغشاوة من على عينيه وتاب ورجع إلى هللا‪ ،‬ومن رجوعه أنه أحبَّ أن يُدلي‬
‫بهذه النصيحة حتى ال يقع أح ٌد فيما وقع فيه‪ ،‬فيقول‪...:‬ثم أما بعد‪ :‬أنا كنت‬
‫معهم من المتعصبين للشيخ عبد الرحمن‪ ،‬بسبب المجالسين لي والذين‬
‫يزوروني دائ ًما‪ ،‬الذين سماهم فضيلة الشيخ يحيى الحجوري حفظه هللا بأنهم‬
‫ُم َو ْشوِشون أو مقلقلون أو المرضى‪ ،‬وهذه العبارات كلها منطبقة عليهم جميعًا‪،‬‬
‫ألنهم كسبوني بأخالقهم ومعاملتهم لي المعاملة الحسنة! ك ّرهوني في المركز‬
‫وفي شيخ المركز بتعبئتهم لي تعبئة مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬مرضت فكانوا‬
‫يتفقّدوني بل أعطوني بعض الدواء هديّة بدون مقابل‪ ،‬بل كانوا يحاولون أن‬
‫ي وسيلة‪ ،‬باألخالق والحفاوةـ والتَّكريم‬ ‫ي طريقة وبأ ّ‬ ‫يكسبوني إلى صفّهم بأ ّ‬
‫واالبتسامات‪ ،‬بل كانوا يعطونني بعض األشرطة وبعض األوراق التي تناقض‬
‫ما يكون عليه والدنا وشيخنا الناصح األمين يحيى الحجوري حفظه هللا‪ ،‬حتى‬
‫بدأتُ أطعن في فضيلة الشيخ يحيى الحجوري بأنه ظالم! وغير ذلك من‬
‫األلفاظ التي اليجوز لي أن أتكلم بها‪ ،‬حتى هممت وأل ّول مرة بمغادرة دمّاج‪،‬‬
‫والسفر إلى خارج د ّماج‪،‬‬
‫وهي كانت وما تزال أحب البقاع إل ّي في اليمن‪ ،‬وهذه هي الحزبية بعينها!!‬
‫قلت ذات مرّة في البيت‪ :‬إن اإلمام المجدد مقبل الوادعي رحمه هللا‬ ‫حتى ُ‬
‫تعالى‪ ،‬إنَّه أساء االختيار لهذه الدار‪ ،‬وأنا أستغفر هللا من كل ما صدر منّي؛‬
‫سوا ٌء الطعن في فضيلة والدنا وشيخنا يحيى الحجوري‪ ،‬أو في هذه الدار‪،‬‬
‫وأتوب إليه من كل تصرُّ ف حصل منّي من تحذير من بعض مالزم اإلخوة‪ ،‬أو‬
‫من بعض األشرطة التي تختص بهذا الموضوع ‪ُ .‬حرّر في ‪/25 :‬شعبان‪/‬‬
‫‪ 1428‬ا‪.‬هـ ) ‪.‬‬
‫واألمثلة على هذا كثيرة‪ ،‬ولعل فيما ذكرنا كفاية للمعتبر‪ ،‬وهللا الموفّق ‪.‬‬

‫ومن سعيهم في الفتنة‪:‬‬


‫محاولة التّحريش بين الشّيخ وغيره من أهل العلم‪ ،‬سعيًا‬
‫منهم‬
‫في الفتنة !!!!!‬
‫ومن سعي المتعصبين لتشويه صورة شيخنا يحيى الحجوري حفظه هللا تعالى‬
‫في الخارج؛ أن عمدوا إلى محاولة التحريش بينه وبين غيره من أهل العلم‬
‫قص َد الفتنة وإضرام نارها‪ ،‬بافتراء الكذب تارة‪ ،‬وتارة بالتظلم عندهم‪...،‬‬
‫عساهم أن يظفروا بكالم ألهل العلم يكون لهم حجةـ على ما هم عليه من‬
‫الباطل‪ ،‬كما هي عادة أهل األهواء والبدع ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪89‬‬
‫قال اإلمام الشوكاني رحمه هللا تعالى‪( :‬وقد جرت قاعدة أهل البدع في سابق‬
‫الدهر والحقه‪ ،‬بأنهم يفرحون بصدور الكلمة الواحدة من عالم من العلماء‪،‬‬
‫ويبالغون في إشهارها وإذاعتها فيما بينهم‪ ،‬ويجعلونها حجة على بدعتهم‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ويضربون بها وجه منْ أنكر عليهم ) "أدب الطلب ص‪. "43‬‬
‫وما يستغلُّه أهل األهواء‪-‬كأصحابـ الفتنة عندنا‪ -‬من كالم أهل العلم على أقسام‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬إ ّما أكاذيب يختلقونها عليهم!‬
‫‪ -‬أو كال ًما يُحرّفونه ليتناسب مع ما يشتهون!‬
‫_ أو يستغلون ببعض الغلط الذي قد يصدر من بعضهم!‬
‫قال شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪..(:‬ولكن بعض الخائضين بالتأويالت‬
‫الفاسدة‪ ،‬يتشبّث بألفاظ تُنقل عن بعض األئمة‪ ،‬وتكون إما غلطا أو‬
‫مح ّرفة‪")...‬الفتاوى‪."5/409‬‬
‫وقال العالمة النجمي حفظه هللا تعالى في "تنبيه الغبي ص‪ (:"13‬وقد يأخذ‬
‫بعض أهل البدع شيئا من كالم العالم المشهور لما فيه من االحتمال‪ -‬ولو كان‬
‫بعيدا‪ -‬ليدخلوه في صفهم‪،‬ويجعلوه من حزبهم ا ّدعاء عليه بالباطل )‪.‬‬
‫صل الرافضة والباطنية‬ ‫وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪...(:‬وبهذا تو ّ‬
‫واإلسماعيلية والنُّص ْيريّة إلى ترويج باطلهم وتأويالتهم‪ ،‬حين أضافوها إلى‬
‫أهل بيت النبي ‪ ‬لما علموا أن المسلمين متفقون على محبتهم وتعظيمهم‪ ...‬ث ّم‬
‫نفقوا باطلهم بنسبته إليهم ) "مختصر الصواعق‪."1/79‬‬
‫ومن تلك األكاذيب التي سعى أهل الفتن في ترويجها على هذا النمط؛ ما‬
‫أشاعوه وأذاعوه بين الناس من أن الشيخ ربيعًا حفظهـ هللا تعالى قال في شيخنا‪:‬‬
‫(يُسحب من على كرسيّه)!!!!! لَِما علموا من ثقة الناس بهذا العالم الجليل‪،‬‬
‫ولقصد التحريش بينه وبين شيخنا حفظهما هللا ‪ ،‬مكرًا منهم بهذه الدعوة‬
‫المباركة‪.‬‬
‫وقد بيّن كيد هؤالء وكذبهم‪ ،‬العالمة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي نفسُه !!‬
‫قال الشيخ الفاضل أبو ه ّمام البيضاني ‪ -‬وكان قد سأله ع ّما نُسب إليه حفظهـ هللا‬
‫تعالى‪( : -‬فتعجب الشيخ حفظهـ هللا!وأجاب على سؤالي وقال متعجبًا‪ :‬إن‬
‫الدعوة السلفية لها أعداء يكيدون لها وألهلها‪،‬أال وقد كان رجل من‬
‫ّقن بين الشيخ ربيع والشيخ مقبل!قال‪ :‬وقد أخبرت الشيخ‬ ‫اإلمارات يقول‪:‬ألُفر ّ‬
‫ُمقبال بذلك‪ ،‬وما زالوا يسعون في ذلك‪ -‬بعد أن قال‪ -:‬أما الشيخ يحيى بن علي‬
‫‪1‬‬
‫() _ ول ّما أثنى بعض مشايخ السنة على عبد الرحمن بن مرعي العدني ‪ -‬تحسينا للظّ ّن‬
‫به‪ -‬طاروا بها وقعدوا!!‪...‬فالحول وال قوّة إالّ باهلل!!كيف يعارضون الحجج بأقوال‬
‫الرجال!!‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪90‬‬
‫الحجوري؛ فوهللا أني لم أقل ذلك‪ ،‬ولو كنت سأقول ذلك لكلمته مشافهة‪ -‬ثم‬
‫قال‪ -:‬والذي أدين هللا عز وجل به‪:‬أن الشيخ الحجوري تقي ورع زاهد ‪-‬‬
‫وأخذ يثني عليه ‪ -‬وقد مسك الدعوة بيد من حديد ‪ ،‬واليصلح لها إال هو‬
‫وأمثاله‪ -‬ثم قال‪ - :‬أقرئوا الوصابي والحجوري وإخوانه سالمي‪ ،‬وقولوا‬
‫لهم‪ :‬إنه لو جاءني من جاءني‪ ،‬ما سمعت فيهم‪،‬بل لو جاءني بأمثال جبال‬
‫مكة من الكالم لم أفتح أُذني لذلك‪ ،‬كيف أتكلم فيمن داسوا الدنيا بأقدامهم‬
‫والناس يتكالبون عليها‪....‬بل طاردوا الجمعيات الحزبية التي فرقت كيان‬
‫األمة‪ ،‬وطاردوا البدع ثم أتكلم فيهم ونعين أهل البدع عليهم‪ ،‬هذا ال يُعقل!!‬
‫)‪.‬‬
‫َ‬
‫من مات من قَوْ لتي عندي‬ ‫دعهم يعضّوا على ص ّم الحصا َكمدا‬
‫له َكفَ ُن‬
‫ومن ذلك ماسبق نقله من شهادة األخ أمين‪ ،‬الذي كان من المتجلّدين معهم‪ ،‬ثم‬
‫بصّره هللا بغيّهم‪ ،‬حيث قال‪ ...(:‬وأيضا كانوا يثبتون على الزعزعة والقلقلة‬
‫على مركز "دماج"‪ ،‬ثم لما وصلنا قالوا‪ :‬نذهب إلى الشيخ اإلمام أنا واألخ‬
‫أنيس وإخوة آخرون أغلبهم قد رجع‪...‬بناء على أننا نذهب عند الشيخ محمد‬
‫اإلمام‪ ،‬ثم نذهب عند الشيخ عبد الرحمن ونتظلّم عند المشائخ ‪:‬أن الشيخ‬
‫يحيى جافي!! وأنه قاسي!!‪. ).‬‬
‫ومن ذلك ما صنع أبو الخطابـ طارقـ الزنتاني اللّيبي ‪ -‬وهو من رؤوس‬
‫ومنظّري هذه الفتنة بد ّماج ‪ -‬حيث اتَّصل هاتفيًّا ببعض المشايخ في أرض‬
‫الحجاز‪،‬ـ عساه أن يُخرج منهم شيئا يؤيّد به فتنته العمياء‪ ،‬لكنه باء بالخسارةـ‬
‫وانقلب الكيد على رأسه ‪.‬‬
‫قال شيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا تعالى في أحد دروسه‪:‬‬
‫(اتصل بعض الدعاة من السعودية‪ ،‬وأخبر أن أبا الخطاب –هداه هللا‪-‬يسلك‬
‫مسلك الحزبيين األُول أصحاب أبي الحسن في االتصال للمشايخ والتحريش‬
‫والسعي بالفتنة!! واتصل لي بعض المشايخ‪ ،‬وبعضهم نصحه‪ ،‬وعلى هذا‪:‬‬
‫فأبو الخطاب مطرود‪ ،‬ال جزاه هللا خي ًرا‪ ،‬وال لقّاه خي ًرا ُمفسد قصده الفتنة‪،‬‬
‫ش ّر يتوكل على هللا‪،‬‬ ‫ومن ظهر ش ّره بعده هكذا على هذا الحال‪ ،‬الذي يُظهر ال َّ‬
‫هذه حزبية على طريقة أصحاب أبي الحسن‪ ،‬حذو القدّة بالقدّة‪ ،‬وهللا ما يشكُّ‬
‫ق)‪.‬‬‫صر بالح ّ‬‫فيها من تب ّ‬
‫ضا‪ ،‬الشيخ ربيع حفظه هللا تعالى ‪:‬‬ ‫وحث على طرده أي ً‬ ‫َّ‬
‫قال األخ الفاضل عبد الحكيم ال ّريمي حفظه هللا تعالى‪.. (:‬فأقول أ ّوال‪ :‬اتّصل‬
‫بي األخ الفاضل عادل بن منصور المقيم بالسعوديّة‪-‬وهو م ّمن يُثني عليه‬
‫الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظهـ هللا‪ ،‬وغيره من مشايخ اليمن والسعودية‪،‬‬
‫حفظ هللا الجميع‪-‬فأخبرني عن الشيخ ربيع بن هادي المدخلي أنه أخبره أن أبا‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪91‬‬
‫الخطّاب اتّصل به‪ ،‬فل ّما علم الشيخ ربيع أن االتّصال فيه الطعن بالشيخ يحيى‬
‫ّ‬
‫الحجوري حفظهـ هللا؛ زجره الشيخ ربيع وشدّد عليه‪ ،‬وقال الشيخ ربيع‪:‬‬
‫قولوا للشيخ يحيى يطرد هذا ال ّرجل‪ ،‬فقيل له‪ :‬لع ّل الشيخ يحيى يخشى عليه‬
‫‪1‬‬
‫أن يُؤذى في بلده ‪ ،‬فقال الشيخ ربيع‪ :‬يتأذى في بلده وال يُؤذي الدعوة‬
‫(‪)2‬‬
‫السلفية في اليمن‪ ،‬ويُثير الفتن والقالقل في الدعوة السلفية في اليمن!! ‪.‬‬
‫وقال األخ عادل بن منصور حفظهـ هللا‪ :‬من أحبّ أن يتأ ّكد من هذا الكالم بنفسه‬
‫فليتّصل بالشيخ ربيع المدخلي حفظه هللا ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اتّصلت بالشيخ العالمة الوالد أحمد بن يحيى النّجمي حفظهـ هللا‪ ،‬فذ َك ُ‬
‫رت‬
‫(‪)3‬‬
‫له أن أبا الخطّاب اتّصل‪ ،‬فقال لي‪ :‬اتّصل بي أبو هارون ! فل ّما سمعته يتكلّم‬
‫على الشيخ يحيى تركتُه‪ ،‬وحاول االتّصال بي ع ّدة مرّات فأَبي ُ‬
‫ْت أن أ ُر َّد‬
‫(‪)4‬‬
‫عليه‪. )...‬‬
‫(‪)5‬‬
‫واألمثلة من هذا الباب كثيرة ‪.‬‬
‫وقد َع َّد شيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا تعالى هذا المسلك‪،‬‬
‫من الوسائل الخفيّة لضرب الدعوة السلفية‪ ،‬فقال في رسالته النفيسة‪":‬أضرار‬
‫الحزبية على األ ّمة اإلسالمية"(ص‪ (:)29 _28‬ومن تلك الوسائل‬
‫الخفية‪...‬التحريش الذي يقوم به أضداد الدعوة السلفية بين حملة الدعوة السلفية‬
‫علماء ودعاة‪ ،‬فينشرون في أوساطهم التحريش! وليس هذا بجديد‪ ،‬وإنما هو‬
‫قديم من زمن اإلمام البخاري وشيخه محمد بن يحيى الذهلي‪ ،‬ومن زمن اإلمام‬
‫مالك وابن إسحاق‪ ،‬ومن زمن عباس بن عبد العظيم وعبد الرّزاق وأئمة‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬وهذا من سماحة شيخنا وعفوه حفظه هللا تعالى‪ ،‬ولكنهم ال يفقهون ! ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() ومع ذلك كلّه‪ ،‬ل ّما سُئل عبد الرحمن بن مرعي العدني عنه أشاد به!!! فقارن‬
‫صنيعه بصنيع العالمة ربيع‪ ،‬تدرك الحزبية ال ُمنتنة التي هو فيها!!!‬
‫‪3‬‬
‫() واسمه حاتم جمعه اللّيبي‪ ،‬مخذول متعصّب إلى النُّخاع! وكان الشيخ يحيى‬
‫الحجوري حفظه هللا صابرًا عليه وعلى من هم على سكيكته‪ ،‬كـ‪:‬أبي قيس خيري‬
‫الشيباني‪ -‬وهو رأس فتنتهم‪ -‬وناصر ْالطيِّف كشالف‪ ،‬وميلود العجيلي اللّيبيّين‪ ،‬وبعد أن‬
‫شهد عليه غير واحد‪ ،‬اعترف بجُرمه‪ ،‬ومع ذلك فإن الشيخ أمهله وأصحابَه‪ ،‬ونصحهم‬
‫بالتَّوبة‪ ،‬فأبوا إالّ الطّرد تجلُّدًا منهم للباطل!!!‪،‬ونحو هؤالء في التعصب‪ :‬فوزي‬
‫أُرحومة‪ ،‬وبالل السُّوكني‪ ،‬ومصطفى الزنتاني أسأل هللا أن يهديهم ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫() من رسالة"القول الصواب لبيان حال أبي الخطّاب" ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫() وانظر رسالة أخينا الفاضل أبي زيد معافى المغالفي "البراهين الجلية"‪ ،‬فقد ذكر‬
‫أمثلة أخرى على هذا النمط ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪92‬‬
‫متقدمين‪ ،‬وهذا جهد الشيطان‪ ،‬روى اإلمام مسلم في"صحيحه" من حديث‬
‫س أن يعبده المصلون في‬ ‫جابر بن عبد هللا ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪« :‬إن الشيطان َأِي َ‬
‫جزيرة العرب ولكن بالتحريش »‪ ،‬أي هو سائر في التحريش‪ ،‬عامل في‬
‫جاهد في التحريش‪ ،‬اليفتأ من التحريش‪ ،‬حتى يحرش بين األخ‬ ‫ٌ‬ ‫التحريش‪،‬‬
‫وأخيه‪ ،‬واألب وابنه‪ ،‬ينصب عرشه على البحر ويبُث جنوده للتحريش بين‬
‫الناس‪...‬فال يحبّذ ما صنع حتى يأتي من يقول‪ :‬ال أزال بفالن وفالن حتى فارق‬
‫امرأته‪ ،‬فيقول‪ :‬نعم أنت! ويُت ّوجه‪ .‬ومن سعى في ذلك يُعتبر من جنود‬
‫الشيطان في هذا‪ ،‬سواء حرّش بين األخ وأخيه‪ ،‬أو بين المرأة وزوجها‪ ،‬أو بين‬
‫الجار وجاره‪ ،‬من المسلمين‪ ،‬كلُّ ذلك عمل الشيطان ‪ ،‬وقد قال النبي ‪ « : ‬من‬
‫خبّب امرأة على زوجها أو مملوكا على سيّده فليس منّا »‪.....‬فهذا أمر ملحوظ‬
‫عند العقالء؛ أنه ال يمكن أن يهدأ أعداء الدعوة السلفية عن هذا الجانب‪. )..‬‬
‫لكن محاوالتهم ‪ -‬بحمد هللا تعالى‪ -‬كلَّها تبوء بالفشل‪ ،‬وينقلبون في ك ّل مرّة‬
‫ّ‬
‫خاسرين‬
‫ور ّد هللا الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى هللا المؤمنين القتال‬
‫وكان هللا قويّا عزيزا ‪.‬‬

‫ومن ذلك قولهم ‪:‬‬


‫إن الشيخ متشدّد‪..‬وسبّاب شتّام يقع في أعراض أهل‬
‫العلم!!!!‬
‫وقد م ّر الكالم على هذه النّقطة في فصل الطّعون في ال ّدار المباركة‪ ،‬بما يكفي‬
‫إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وقد نبّهنا هنالك بأن المقصود األ ّول لهم من هذا الكالم هو‬
‫شيخنا حفظه هللا تعالى‪ ،‬عاملهم هللا بما يستحقّون ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪93‬‬

‫ومن ذلك قولهم‪:‬‬


‫إنّ الشّيخ يحيى متس ّرع ال يُراعي مصلحة‬
‫الدّعوة!!!‬
‫وهذا من خلطهم وخبطهم وعدم ضبطهم للمسائل‪ ،‬إذ أن بيان الباطل والتحذير‬
‫منه أول ظهوره حتى ال يستشري ويتمكن من نفوس الناس‪ :‬من تمام الحكمة‪،‬‬
‫وهو منهج نبوي أصيل‪ ،‬سلكه الصحابة واألئمة من بعدهم‪ ،‬وينبغي لكل سلفي‬
‫ناصح أن يتحلى به فضال عن العلماء ‪.‬‬
‫وأنا ذاك ٌر لك بعض األمثلة التطبيقية على ذلك من سيرة النبي ‪: ‬‬
‫‪ -1‬فقد أخرج اإلمام مسلم رحمه هللا في "صحيحه"‪ ،‬من حديث عبد هللا بن‬
‫عباس ‪ :‬أن رسول هللا ‪ ‬رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه‬
‫وقال‪ «:‬يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده » ‪ .‬فقيل للرجل بعدما‬
‫ذهب رسول هللا ‪ : ‬خذ خاتمك انتفع به‪ .‬قال ‪ :‬ال‪ ،‬وهللا ال آخذه أبدًا وقد طرحه‬
‫رسول هللا ‪. ‬‬
‫‪ -2‬وأخرج اإلمام البخاري رحمه هللا في "صحيحه" من حديث عبد هللا بن‬
‫عمرو‪ ‬قال‪ :‬تخلف رسول هللا ‪ ‬في سفر سافرناه‪ ،‬فأدركنا وقد أره ْقنا الصالة‪،‬‬
‫صالة العصر‪ ،‬ونحن نتوضأ‪ ،‬فجعلنا نمسح على أرجلنا ‪ ،‬فنادى بأعلى صوته‪:‬‬
‫« ويل لألعقاب من النار » مرّتين أو ثالثا ‪.‬‬
‫‪ -3‬وأخرج اإلمام مسلم رحمه هللا في "صحيحه" وغيره‪ ،‬من حديث عدي بن‬
‫حاتم‪ : ‬أن رجال خطب عند النبي ‪ ‬فقال‪ :‬من يطع هللا ورسوله فقد رشد‪ ،‬ومن‬
‫يعصهما فقد غوى‪ .‬فقال رسول هللا ‪ « : ‬بئس الخطيب أنت‪ ،‬قل‪ :‬ومن يعص‬
‫هللا ورسوله » ‪ .‬قال ابن نمير‪ :‬فقد غوى ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪94‬‬
‫‪ -4‬وأخرج اإلمام البخاري رحمه هللا في "صحيحه" من حديث سلمة بن‬
‫األكوع ‪ : ‬أن رجال أكل عند رسول هللا ‪ ‬بشماله‪ ،‬فقال‪ « :‬كل بيمينك »‪.‬‬
‫قال‪ :‬ال أستطيع‪ ،‬قال‪ « :‬ال استطعت » ‪ .‬ما منعه إال الكبر‪ ،‬فما رفعها إلى فيه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -5‬وأخرج اإلمام البخاري ومسلم‪-‬رحمهما هللا‪ -‬في "صحيحيهما" من حديث‬
‫أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬جاء ثالثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ‪ ‬يسألون عن‬
‫عبادة النبي ‪ ، ‬فلما أُخبروا كأنهم تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬وأين نحن من النبي ‪ ‬؟ قد‬
‫ُغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ‪ .‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فإني أصلي الليل أبدا‪.‬‬
‫وقال اآلخر‪ :‬أنا أصوم الدهر وال أُفطر‪ .‬وقال اآلخر‪ :‬أنا أعتزل النساء ال‬
‫أتزوج أبدا‪ .‬فجاء رسول هللا ‪ ‬إليهم فقال‪ « :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أ َما‬
‫وهللا‪ ،‬إني أخشاكم هلل وأتقاكم له‪ ،‬لكني أصوم وأُفطر‪ ،‬وأُصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج‬
‫النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس مني » ‪.‬‬
‫وأمثلة ذلك من السنة كثيرة ‪.‬‬
‫وعلى هذا سار السلف رضوان هللا عليهم ‪:‬‬
‫قال العالمة البشير اإلبراهيمي رحمه هللا‪ُ -‬مبيِّنًا حال الصحابة رضي هللا عنهم‬
‫في المسارعة إلى تغيير المنكرات‪ (:-‬وكانوا يأخذون أنفسهم بالفزع لحرب‬
‫الباطل ألول ما تنجم ناجمته‪ ،‬فال يهدأ لهم خاطر حتى يوسعوه إبطاال ومح ًوا‪،‬‬
‫شره‪ ،‬ويستفحل أمره‪ ،‬فتستغلظ جذوره‬ ‫وال يسكتون عليه حتى يستشري ُّ‬
‫ويتب ّوأ من نفوس العامة مكانا مطمئنا ) ‪.‬‬
‫ومن ذلك ما أخرجه الطبراني‪ ،‬من طريق أبي الزعراء‪ ،‬قال‪ :‬جاء المسيّب بن‬
‫نجبة إلى عبد هللا [يعني ابنَ مسعود ‪ ]‬فقال‪ :‬إنّي تركت قوما بالمسجد يقولون‪:‬‬
‫من سبّح كذا وكذا فله كذا وكذا ! قال ‪ :‬قم يا علقمة‪ ،‬فل ّما رآهم قال‪ :‬يا علقمة‬
‫اشغل عنّي أبصار القوم‪ ،‬فل ّما سمعهم ما يقولون‪ ،‬قال‪ :‬إنّكم لمتمسّكون بذنب‬
‫(‪)1‬‬
‫ضاللة‪ ،‬أو إنكم ألهدى من أصحاب مح ّمد ‪. ‬‬
‫وما قصة ابن عباس ‪ ‬مع الخوارج عنك ببعيد ‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثيرة ‪.‬‬
‫ومضى على ذلك أئمة الدين إلى عصرنا هذا ‪.‬‬
‫قال العالمة الفوزان حفظهـ هللا – را ّدا على من نسب إلى اإلمام ابن باز رحمه‬
‫هللا أمرا باطال‪..(:-‬هذا الكالم لو صدر في حياة الشيخ ابن باز رحمه هللا لبادر‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬أخرجه الطبراني في"الكبير‪ ،"8628‬وإسناده حسن ‪ ،‬وأبو الزعراء هو عبد هللا بن‬
‫هانيء‪ ،‬وثّقه ابن سعد ‪.‬‬
‫ولهذا األثر طرق أخرى بأطول من هذا السياق‪ ،‬ولع ّل ما ذكرناه أصح إسنادا وأد ّل على‬
‫المراد ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪95‬‬
‫بر ّده وإنكاره كعادته رحمه هللا في المسارعة في إنكار الباطل لو نُسب إلى‬
‫غيره‪ ،‬فكيف إذا نُسب ذلك إليه‪")..‬البيان لبعض أخطاء ال ُكتّاب ص‪."149‬‬
‫وقد حث هللا تعالى في كتابه الكريم في ع ّدة آيات على المسارعة إلى فعل‬
‫الخير ‪:‬‬
‫فاســتبقوا الخــيرات ‪ ،‬وقــال‪ :‬إنهم كــانوا يســارعون في‬ ‫قال تعــالى‪:‬‬
‫‪ ،‬وقال‪ :‬أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها ســابقون ‪،‬‬ ‫الخيرات‬
‫وقوله تعالى‪ :‬ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات هللا آنــاء‬
‫الليل وهم يســـجدون يؤمنـــون باهلل واليـــوم اآلخر ويـــأمرون بـــالمعروف‬
‫وينهــون عن المنكر ويســارعون في الخــيرات وأولئك من الصــالحين‬
‫ُتســـابق ويُســـا َرع إليه ‪ :‬األمر بـــالمعروف والنهي عن‬
‫‪..،‬ومن أعظم ما ي َ‬
‫المنكر‪.‬‬
‫ومعلوم ما في التأخر عن إنكار المنكرات وبيانها للناس من مضار وآفات‪،‬‬
‫والبدعة إذا ما حُوربت أول ظهورها تم ّكنت من قلوب الناس‪ ،‬و َعسُر على‬
‫ال ُمصلح استدراك ضحاياها‪.‬‬
‫قال العالمة اإلبراهيمي رحمه هللا‪ ( :‬واجب العالم الديني أن ينشط إلى الهداية‬
‫كلّما نشط الضالل‪ ،‬وأن يسارع إلى نصرة الحق كلما رأى الباطل يصارعه‪،‬‬
‫ش ّر والفساد قبل أن تم ّد مدّها‪ ،‬وتبلغ أشدها‪ ،‬وقبل أن‬
‫وأن يحارب البدعة وال ّ‬
‫س ُر اقتالعها‪ ،‬وواجبه أن‬
‫يتع ّودها الناس فترسخ جذورها في النفوس‪ ،‬ويع ُ‬
‫الصفوف مجاهدًا وال يكون مع الخوالف والقعدة‪ ،‬وأن يفعل ما‬ ‫ينغمس في ُّ‬
‫يفعله األطباء الناصحون؛ من غشيان مواطن المرض إلنقاذ الناس منه‪ ،‬وأنْ‬
‫ش ُرور ال ليركبها مع الراكبين؛ بل ليفرق اجتماعهم عليها )"‬ ‫يغشى مجامع ال ُّ‬
‫‪1‬‬
‫اآلثار ‪. "111-4/110‬‬
‫وقد أجمع أهل العلم على أنه (ال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة)‪ ،‬قال‬
‫القاضي أبو بكر الباقالني‪ (:‬ال خالف بين األمة في أن الشرع لم يرد بأمر‬
‫يجب تقديمه وتمسّ الحاجة إلى تنفيذه مع تأخير بيانه‪ ،‬وهذا هو المعتمد في أنه‬
‫ال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬من كتاب"الصوارف عن الحق" ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪96‬‬
‫ويدل على ذلك ما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري ‪‬‬
‫قال ‪ :‬سمعت رسول هللا ‪ ‬يقول‪ « :‬من رأى منكم منكرا فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم‬
‫يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان »‪.‬‬
‫إذ أن قوله‪( :‬فليغيره) أمر يقتضي الفورية‪ ،‬القترانه بـ(الفاء) الدالة على عدم‬
‫التراخي ‪.‬‬
‫والعلماء مجمعون‪ -‬لهذا المعنى‪ -‬على وجوب الفورية في‬
‫األمر بالمعروف والنهيـ عن المنكر‪ .‬قال اإلمام القرافي‬
‫رحمه هللا‪ (:‬قال العلماء‪ :‬األمر بالمعروف والنهيـ عن‬
‫المنكر واجب على الفور إجماعا‪" )..‬الفروق‪/4‬ص‪"1400‬ط‪-‬دار‬
‫السالم‪.‬‬
‫وشيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا على هذا المنهج القويم يسير‪ ،‬فما‬
‫إن تظهر قرون البدع إال وتجده من أ ّول من يبادر إلى محاربتها و َمحْ ِوها‪،‬‬
‫ومواقفه في ذلك محمودة‪ ،‬وما فتنة أبي الحسن المصري‪ ،‬والبكري‪ ،‬وفالح‬
‫الحربي‪ ،‬وابن مرعي وغيرها عنك ببعيد‪ ،‬وقد شكر السلفيون له صنيعه في‬
‫ذلك‪.‬‬
‫والمخذلين‪ ،‬فما إن يرمي ناصح بنبله لر ّد الباطل حتى‬ ‫ّ‬ ‫لكن هذا دأب المثبّطين‬
‫تجدهم ساعين إلى إيقافه ‪.‬‬
‫فيقولون ‪ :‬فالن متسرّع!!! بل ويزيدون‪ :‬ال يُراعي مصلحة الدعوة!!!!‬
‫شبهات وحجج لع ّل الشياطين لم يكونوا على علم بها‪ ،‬فتجدهم يدندنون دائما‪:‬‬
‫التتكلموا في فالن ألجل مصلحة الدعوة!!! ال‪ ،‬مراعاةً لمصلحة الدعوة!!!!!!‬
‫وجعلوا يضربون بها وجه ك ِّل منْ أنكر الباطل وتصدّى له ‪ ،‬وقد كان اإلمام‬
‫الوادعي رحمه هللا تعالى يقول في نحوهؤالء ‪ (:‬جعلوا مصلحة الدعوة‬
‫طاغوتا!!)‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫وقال اإلمام ابن باز رحمه هللا تعالى‪ (:‬القاعدة الكليّة‪ :‬أنه ال يجوز تأخير البيان‬
‫عن وقت الحاجة‪ ،‬فإذا ُوجد من يجهل الحق وجب أن يُعلّم م ّمن يعلم الحق‪ ،‬وال‬
‫(‪)1‬‬
‫يجوز تأخيره من أجل مراعاة خاطرة فالن‪.)..‬‬
‫ّ‬
‫الطرق هؤالء‪ ،‬آثرت نقله كله لفائدته ‪.‬‬ ‫ولإلمام األلباني ر ٌّد نفيس على قُطّاع ُّ‬
‫قال رحمه هللا تعالى ‪..(:‬فاألهم‪:‬أن يهتم الداعية بالدعوة إلى أهم شيء‪ ،‬ثم الذي‬
‫يليه وهكذا‪ ،‬ولكن إذا كان في مناسبة ما بدت له خطيئة من بعض الناس‬
‫تخالف الشريعة‪ ،‬ببعض األحكام التي ليست من أصول الشريعة‪ ،‬لكن الوقت‬
‫‪1‬‬
‫()_ من رسالة "صور مضيئة من جهود اإلمام عبد العزيز بن باز رحمه هللا في الرد‬
‫على المخالف ص ‪."69-68‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪97‬‬
‫وقت بيان‪ ،‬ووقت أمر بالمعروف ونهي عن منكر‪ ،‬فال يجوز أن يكتم ذلك‬
‫باسم السياسة‪ ،‬وإنما يدعو إلى السنة التي يعرفها في تلك المناسبة‪ ،‬ولكن‬
‫كما قال هللا ع ّز وجلّ‪ :‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ‪،‬‬
‫فما قال هللا عز وجل‪ :‬ادع إلى شيء واترك شيئا!!وإنما أمر بالدعوة بالحكمة‬
‫والموعظة وبالتي هي أحسن‪.‬‬
‫فمثال‪ :‬إذا كان هناك إنسان يصلي في مسجد‪ ،‬فرأى بجانبه شابّا في مقتبل‬
‫العمر يصلي وهو متختّم بخاتم من ذهب‪ ،‬فقد يرى بعض الناس من السياسة‬
‫في الدعوة أن يسكت وأال ينصح هذا المصلي في هذه المخالفة‪ ،‬فهذا من‬
‫السياسة الشرعية؟!! ومتى ينصح يا ترى وهو قد يفوته وال يراه مرة‬
‫أخرى؟!! لذلك‪ ،‬والمسألة والصور تتع ّدد وتتكرّر‪ ،‬وخاصة من الشخص‪-‬كما‬
‫قلت أول الجواب‪-‬إذا كان نصّب نفسه للدعوة لإلسالم‪ ،‬فهو ال يجوز أن يدعو‬
‫إلى بعض اإلسالم ويترك البعض اآلخر‪ ،‬ولكن يجب أن يهتم باألهم فاألهم‪،‬‬
‫هذا الب ّد منه ‪.‬‬
‫لكن يرى المنكر ويسكت عنه يومًا‪ ،‬ويومين‪ ،‬وثالثة‪ ،‬واألربعة‪ ،‬والشهر‬
‫والشهرين‪ ،‬بزعم أن هذه من سياسة الدعوة!! فلم يكن األمر كذلك في عهد‬
‫الرسول عليه السالم‪ ،‬وال في عهد السلف الصالح ‪.‬‬
‫وإنما القاعدة في ذلك من ناحيتين‪ :‬من حيث األسلوب‪ ،‬فقد سمعتم اآلية‬
‫ألن هناك نصوصا‬ ‫السابقة‪ ،‬ومن حيث عموم األمر‪ ،‬فهو شامل لكل شيء‪ّ ،‬‬
‫كثيرة ج ًّدا‪ ،‬ومن أشهرها ما هو معروف لدينا جميعا ‪:‬‬
‫« من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع‬
‫فبقلبه ‪ ،‬وذلك أضعف اإليمان » ‪.‬‬
‫رأى منكرا لم يستطع تغييره بيده‪ ،‬فينزل إلى المرتبة الثاني‪ :‬يغير ذلك المنكر‬
‫بلسانه‪ ،‬بالتي هي أحسن كما في اآلية السابقة‪ ،‬إن لم يستطع‪ :‬فبقلبه وذلك‬
‫أضعف اإليمان ‪ .‬ما قال‪ :‬إن اقتضت (حكمة الدعوة)! أو(سياسة الدعوة)! ‪،‬‬
‫تسكت‪ ،‬ال! قال‪ :‬إن استطعت ‪ ،‬فما دمت تستطيع أن تغيّر المنكر مهما كان‪،‬‬
‫فمادام أنه‪ -‬كما جاء في السؤال‪ -‬مخالف للسنة‪ ،‬فعلينا البيان‪ ،‬ثم ‪ :‬لست‬
‫عليهم بمسيطر‪....‬ال سيما أنه ليس هناك كتاب مصنّف في بيان اإلسالم الذي‬
‫يجب أن ندعو إليه آجال‪ ،‬أو ال ندعو إليه مطلقا‪ ،‬بزعم هيك (سياسة الدعوة)‬
‫تقتضي!! ‪ ،‬ليس هناك كتاب‪ ،‬وال يمكن أن يوجد مثل هذا الكتاب! ‪.‬‬
‫فهذا الذي يزعم ويريد أن يقسِّم اإلسالم إلى قسمين‪ :‬قسم يدعو إليه مباشرة‪،‬‬
‫وقسم‪ :‬نؤجّل أو نمسك!!‬
‫من أين له هذا التقسيم؟! وما دليله؟!‬
‫هذا في الواقع ينبغي أن يكون من أكبر العلماء المسلمين حتى قد يسمع بهذا‬
‫التقسيم‪ ،‬فأين هؤالء؟؟!‪.....‬أنا أقولها صريحة‪ :‬الذين يُخالفون هذه القاعدة‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪98‬‬
‫نظريًّا يدعون إلى تقسيم اإلسالم إلى قسمين‪ :‬قسم هام يُبدأ به‪ ،‬وآخر ال‬
‫يُشتغل به‪...‬ونحن تكلمنا في هذا كثيرا وكثيرا‪ ،‬ولذلك نقتصرعلى هذا‪ ،‬وبهذا‬
‫القدر كفاية‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين )"السلفية ص‪."56-53‬‬
‫ونقول لقطّاع الطريق‪-‬إنصافا لهم‪:-‬ونحن ال نُنكر أنه قد يكون في التحذير من‬
‫البدع والمنكرات والمسارعة في إنكارها بعض المفاسد‪ ،‬ولم يغفل سلفنا‬
‫الصالح عن ذلك‪ ،‬لكن المصالح الحاصلة من الرّد عليهم وتبيين حالهم‪..‬أعظم‬
‫بكثير‪ ،‬و(إذا تعارض الض ََّر َران‪ ،‬فالمرت َكب أخفهماـ وأسهلهما)‪ ،‬و(يُطرح حكم‬
‫األخف وقاية من األثقل)‪ ،‬وهذا فقه عظيم غفل عنه كثير م ّمن يُ َش ْن ِشنُون‬
‫بـ(مصلحة الدعوة!!)‪ ،‬وقد بيّن هذا بكالم متين‪ ،‬اإلما ُم الشاطبي رحمه هللا‬
‫تعالى فقال‪..(:‬فمثل هؤالء الب ّد من ذكرهم والتشريد بهم‪ ،‬ألن ما يعود على‬
‫المسلمين من ضررهم إذا تُركوا‪ ،‬أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير‬
‫عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعداوة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وال شك أن التفرّق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم‪-‬إذا أقيم عليهم‪،-‬‬
‫أسهل من التفرق بين المسلمين وبين ال ّداعين ومن شايعهم واتّبعهم‪ ،‬وإذا‬
‫تعارض الض ََّر َران‪ ،‬فالمرت َكب أخفهما وأسهلهما‪ ،‬وبعض الش ّر أهون من‬
‫جميعه‪ ،‬كقطع اليد المتآكلة‪ ،‬إتالفها أسهل من إتالف النفس‪ .‬وهذا شأن الشرع‬
‫أبدا ‪ :‬يطرح حكم األخف وقاية من األثقل ) "االعتصام‪. "2/229‬‬
‫هذا؛ ولع ّل فيما ذكرنا كفاية‪ ،‬لمبتغي الهداية‪ ،‬والحمد هلل ربّ العالمين‪.‬‬
‫ومن تلبيسهم على الناس قولهم‪:‬‬
‫الشّيخ يحيى عنده أخطا ٌء‬
‫وأخطاء!!!‬
‫وهذا مسلك معروف يسلكه الحزبيون محاولةً منهم إلسقاط من ينبري للتصدي‬
‫الجَّهال‪ُ -‬ح ّكاما‬
‫صُّبون أنفسهم‪-‬وهم ُ‬
‫الناس‪...‬فيَن ِ‬
‫ُ‬ ‫لباطلهم ‪ ،‬وتهوين شأنه عند‬
‫على أهل العلم‪ ،‬وهذا ما صنعه المتعصبون في هذه المسيرة اآلثمة‪ ،‬فتجدهم‬
‫يتربّصون في أواخر الصفوف؛ يسجل بعضهم كالم الشيخ بالمسجالت‬
‫الصغيرة التجسُّسيَّة!! وبعضهم يسجّل في دفتره‪....‬وهكذا تجد القوم يصطادون‬
‫في الماء العكر‪ ،‬ويعكرون الماء الصافي‪ ،‬عساهم أن يحصلوا على زلّة‬
‫تُضاف إلى أُختها فتنمو وتكبر!!!!‬
‫كســراب بقيعة‬ ‫لكنهم ولّوا على أدبارهم ورجعوا خــائبين! وغــدا حلمهم‬
‫الضـمآن مــاء حتّى إذا جــاءه لم يجــده شــيئا ووجد هللا عنــده فوفّــاه‬
‫يحســبه ّ‬
‫!!‬ ‫حسابه‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪99‬‬
‫ومن المؤسف أن يتأثّر بهم ويقتدي؛ بعض إخواننا الغرباء! وكما قيل‪:‬‬
‫يمرُّ به على ِجيَف‬ ‫ومن جعل الغراب له دليال‬
‫الكالب‬
‫ك بهذه الفرية وير ّددها‪ :‬الشيخ يحيى عنده أخطاء كثيرة!!!‬ ‫وأصبح بعضهم َيْعِل ُ‬
‫لو ِسعت مجلّدًا؟!!!!‬ ‫زاد بعضهم‪ :‬لو جُمعت َ‬
‫أضــغاث‬ ‫ولو استفسرتهم عن مجلد الهــوى! وما الــذي حــوى! لوجــدت‬
‫‪.‬‬ ‫أحالم وما نحن بتأويل األحالم بعالمين‬
‫وكما قيل‪:‬‬
‫حقًّاـ وكلٌّ كاسر‬ ‫حجج تهافت كالزجاج تخالها‬
‫مكسور‬
‫ولسنا نقول‪ :‬إن الشيخ يحيى حفظه هللا تعالى معصوم! وهو الذي يقول في‬
‫دروسه مرارًا ‪ (:‬وهللا إنّنا مقصّرون‪ ،‬وإنّنا ذوو أخطاء‪ ،‬نسأل هللا أن يعفو‬
‫عنّا‪ ،)..‬ويطلب من إخوانه الطالب أن ينبهوه إن أخطأـ أو نسي‪...‬وإذا تبين له‬
‫الحق رجع إليه وقرّره‪...‬‬
‫وشيخنا حفظه هللا تعالى م ّمن له في السنة قدم صالح‪...‬مالز ٌم للحق‪ُ ...‬عرف‬
‫بت ََو ِّخيه واتّباعه‪...‬طريقته سلفيّة …‪.‬قال اإلمام المجاهد ربيع بن هادي المدخلي‬
‫تقي‬
‫أن الشيخ الحجوري ٌّ‬ ‫حفظه هللا تعالى ‪...( :‬والذي أدين هللا ع ّزوج ّل به ّ‬
‫ورع زاهد‪ ،)...‬وقال أيضا ‪..( :‬وقد مسك الدعوة السلفية بيد من حديد‪ ،‬وال‬
‫يصلح لها إال هو وأمثاله‪. )..‬‬
‫وقال اإلمام الوادعي ‪ ..(:‬والشيخ يحيى حفظه هللا تعالى في غاية من‬
‫التّح ّري والتُّقى والزهد والورع وخشية هللا‪.)..‬‬
‫وقال الشيخ عبد العزيز البرعي حفظهـ هللا تعالى ‪..(:‬نحن نعلم أنه على تقوى‬
‫هللا ع ّزوج ّل ومراقبة‪ ،‬وأخونا في هللا ع ّزوج ّل ونحبّه في هللا‪ ،‬وعالم من علماء‬
‫(‪)1‬‬
‫سنّة‪ ،‬نفع هللا به‪.. )..‬‬‫ال ُّ‬
‫_ ومن كان هذا حاله فإن خطأه مغفــور‪ ،‬بل هو عليه مــأجور‪ ،‬والمتنقّص‬
‫إن الـذين‬ ‫منه ألجل خطئه‪ ،‬المتتبّع لعثرته؛ آثم مأزور‪ ،‬وقد قال تعـالى‪:‬‬
‫يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا واآلخــرة‬
‫وهللا يعلم وأنتم ال تعلمون ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫()وقد م ّر نقل ثناء أهل العلم على شيخنا بما يغني عن إعادته هنا ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪100‬‬
‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪.. (:‬ومن له علم بالشرع والواقع؛ يعلم‬
‫قطعا أن الرجل الجليل الذي له في اإلسالم قد ٌم صالح وآثا ٌر حسنة‪ ،‬وهو من‬
‫اإلسالم وأهله بمكان‪ ،‬قد تكون منه الهفوة والزلّة هو فيها معذور بل مأجور‬
‫الجتهاده‪ ،‬فال يجوز أن يُتَّبع فيها‪ ،‬وال يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته في‬
‫قلوب المسلمين)"اإلعالم‪."3/283‬‬
‫وقال اإلمام األلباني رحمه هللا تعالى‪(:‬ونحن‪..‬إذ نقول‪(:‬أخطأ)‪ ،‬ال نعني الغمز‬
‫وال اللمز وال الطعن‪ ...‬وإنما نعني أنه‪-‬أي المجتهد من هؤالء المجتهدين‪-‬إما‬
‫أن يؤجر أجرين‪ ،‬وإما أن يؤجر أجرا واحدا‪ ،‬فإذا أُجر أجرا واحدا فذلك‬
‫واحدا )"السلفية ص‬
‫ً‬ ‫يساوي عندنا (أخطأ) ‪ ،‬و(أخطأ) يساوي عندنا أُجر ً‬
‫أجرا‬
‫‪."65‬‬
‫وقال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪ (:‬العلماء بال ش ّك يُخطئون‬
‫سلّما للقدح فيهم‪،‬‬‫ويصيبون‪ ،‬وال ينبغي لنا بل وال يجوز أن نتّخذ من خطئهم ُ‬
‫فإن هذا طبيعة البشركلهم‪ ،‬أنهم يخطئون إذا لم يوفقوا للصواب‪ ،)...،‬ثم قال‬
‫رحمه هللا ناصحًا ألمثال هؤالء المفتونين‪:‬‬
‫(وأنصح طلبة العلم وغيرهم أن يتقوا هللا‪ ،‬وأالّ يجعلوا أعراض العلماء‬
‫واألمراء مطيّة تركبونها متى شئتم‪ ،‬فإنه إذا كانت الغيبة في عامة الناس من‬
‫كبائر الذنوب؛ فهي في العلماء واألمراء أشدّ‪ ،‬حمانا هللا وإياكم ع ّما يغضبه‪،‬‬
‫وحمانا ع ّما فيه العدوان على إخواننا‪ ،‬إنه جواد كريم )"العلم ص‪."217-215‬‬
‫_ وصاحب هذا المسلك المغرور‪ ،‬سائر على غير منهج السلف المبرور‪.‬‬
‫قال العالمة ابن عثيمين رحمه هللا‪.. (:‬أ ّما أن يُفرح بزلّة العالِم وخطئه‪،‬‬
‫ليُشيعها بين الناس فتحصل الفرقة‪ ،‬فإن هذا ليس من طريق‬
‫(‪)1‬‬
‫)"كتاب العلم ص‪."42‬‬ ‫السلف‬
‫إن كون العلماء يخطئون‪ ،‬هل يوجب ذلك ر ّد ما أصابوا فيه‪،‬‬ ‫_ ثم نقول لهم‪ّ :‬‬
‫وأقاموا البيّنات الواضحات عليه؟!! أم أنّه الهوى يعمي ويص ّم؟!!‬
‫ولو سلكنا مسلك (قُطَّاع ُّ‬
‫الطرُق) هؤالء‪ ،‬ل َما َ بقي في األ ّمة شيء اسمه‪:‬‬
‫(علماء)!! ولَ َع َّم فيها الفساد والبالء!!‬
‫وهذا في الحقيقةـ ر ٌّد للحق واألدلة‪ ،‬ومنه ٌج يسعى في إقصاء العلم وأهله!!‬
‫قال العالمة ربيع بن هادي المدخلي حفظهـ هللا‪.. (:‬أما السلفي الذي يوالي‬
‫السلفيين‪ ،‬ويحب المنهج السلفي‪-‬بارك هللا فيكم‪ -‬ويكره األحزاب ويكره البدع‬
‫وأهلها‪ ،‬وغير ذلك من عالمات المنهج السلفي‪ ،‬ثم يضعف في بعض النقاط؛‬

‫‪1‬‬
‫()وقد مر نقل كثير من كالم أهل العلم في الحكم على هؤالء‪ .‬فليراجع في موضعه ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪101‬‬
‫فإن هذا نترفق به‪ ،‬وما نتركه‪ ،‬ولكن ننصحه وننتشله‪ ،‬ونصبر عليه ونعالجه‪-‬‬
‫بارك هللا فيكم‪.-‬‬
‫أما أن يقال‪ :‬من أخطأ هلك! فعلى هذا فلن يبقى أحد! ولهذا؛ فترى هؤالء ل ّما‬
‫فرغوا من الشباب بدؤوا بالعلماء يسقطونهم‪ ،‬فهذا منهج اإلخوان‬
‫المسلمين‪...‬فما قصدهم؟!‬
‫قصدهم إسقاط المنهج السلفي‪ ،‬وإقامة األباطيل والضالالت على أنقاضه‪.‬‬
‫والذين يطعنون اآلن‪ ،‬فإنهم يريدون رفع راية اإلسالم؟!! ورفع راية‬
‫السنة؟!!‬
‫كذابون‪ ،‬متّهمون مهما ادّعوا ألنفسهم‬ ‫أبدًا‪ ،‬أبدًا‪ ،‬هذه قرائن وأدلة على أنهم ّ‬
‫)"الحث على المو ّدة واالئتالفـ ص‪."44-43‬‬
‫وقال اإلمام الذهبي رحمه هللا في ترجمة اإلمام ابن خزيمة من"السير ‪/‬‬
‫ِّ‬
‫وتوخيه ال تِّباع‬ ‫‪(:"374‬ولو أن كل من أخطأـ في اجتهاده مع صحة إيمانه‬
‫الحق أهدرناه وبدّعناه‪ ،‬لق ّل من يسلم من األئمة معنا‪ ،‬رحم هللا الجميع بمنهّ‬
‫وكرمه) ‪.‬‬
‫وقال اإلمام ابن القيم رحمه هللا ‪ (:‬فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرك جملة‪،‬‬
‫وأُهدرت محاسنه‪ ،‬لفسدت العلوم والصناعات والحكم‪ ،‬وتعطّلت‬
‫معالمها)"المدارج‪."2/39‬‬
‫أيضــا‪ :‬إنه ال يُــر ُّد على شــيخنا إذا أخطــأ! إذ أن ذلك من‬
‫ـ ولســنا نقــول ً‬
‫النصيحة ألهل العلم ‪-‬وقد مرّبيــان ذلك في فصل مســتقل‪، -‬لكن الشـّأن أن‬
‫ب وإنصــاف‪ ،‬ال بكذبٍ وإرجــاف ! قــال تعــالى‪:‬‬
‫بحق وأد ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫الرُّد‬
‫يكــون َّ‬
‫يأيها الذين آمنوا كونوا ق ّوامين هلل شهداء بالقسط وال يجــرمنّكم شــنآن قــوم‬
‫‪.‬‬ ‫على أالّ تعدلوا‬
‫يقول العالمة ابن عثيمين رحمه هللا تعالى‪ُ -‬مبيِّنًا الموقف السلفي من أخطاء‬
‫محذ ًرا من طريق أهل البدع معهم‪: -‬‬ ‫أهل العلم‪ّ ،‬‬
‫(موقف طالب العلم من وهم وخطأ العلماء‪:‬‬
‫هذا الموقف له جهتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬تصحيح الخطأ‪ ،‬وهذا أمر واجب‪ ،‬يجب على من عثر على وهم‬
‫ينبه على هذا الوهم وعلى هذا الخطأ ‪ ،‬ألن‬ ‫إنسان ولو كان من أكبر العلماء أن ّ‬
‫بيان الحق أمر واجب‪ ،‬وبالسكوت يمكن أن يضيع الحق الحترام من قال‬
‫بالباطل‪ ،‬ألن احترام الحق أولى بالمراعاة‪......‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪102‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يقصد بذلك بيان معايبه ال بيان الحق من الباطل‪ ،‬وهذه تقع من‬
‫إنسان حاسد‪-‬والعياذ باهلل‪-‬يتمنى أن يجد قوالً ضعيفًا‪ ،‬أو خطأ ً لشخص ما‬
‫فينشره بين الناس‪ ،‬ولهذا نجد أهل البدع يتكلمون في شيخ اإلسالم ابن‬
‫تيمية رحمه هللا‪ ،‬وينظرون إلى أقرب شيء يمكن أن يقدح به فينشرونه‬
‫ويعيبونه‪")..‬كتاب العلم ص‪" ،"239‬الحلية ص‪." 211‬‬
‫أقلُّوا عليهم ال أبا ألبيكم من ال ّل وْ ِم أو ُس ُّدوا المكان الذي‬
‫َس ُّدوا‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬وسواء كان الخطأـ في المسائل العلمية أو العملية‪ -‬أو ما يُسمى باألصول‬
‫وأن الخطأـ المغفور هو ما كان في المسائل‬ ‫والفروع‪ ، -‬فالتفريق بينهما‪َّ ،‬‬
‫العملية دون العلمية؛ ليس عليه دليل!!! بل الدليل على خالفه!!! وما دام العالم‬
‫متحرّيا للحق‪ ،‬واتقى هللا ما استطاع‪ ،‬فقد أ ّدى الذي عليه‪ ،‬وهو مأجور على‬
‫اجتهاده ‪.‬‬
‫ومن األدلّة على ذلك؛ حديث عمرو بن العاص‪ ‬المتفق عليه‪ ،‬أن النبي ‪‬‬
‫قــال ‪ «:‬إذا حكم الحــاكم فاجتهد فأصــاب فله أجــران‪ ،‬وإن أخطأ فله أجر‬
‫واحد » ‪ ،‬ولقوله تعـــالى‪ :‬ال يكلّف هللا ً‬
‫نفســـا إالّ وســـعها لها ما كســـبت‬
‫وعليها ما اكتسبت ربّنا ال تُؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ‪ ،‬قــال تعــالى‪ :‬قد‬
‫فعلت ‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬فاتقوا هللا ما استطعتم ‪ ،‬وغير ذلك من األدلّة‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن عثيمين رحمه هللا بعد ِذكره لحديث عمرو بن العاص‪.. (:‬فهذا‬
‫واضح في تقسيم المجتهدين إلى مخطىء ومصيب‪ ،‬وظاهر الحديث‬
‫والنصوص أنه شامل للفروع واألصول‪ ،‬حيث دلت النصوص على أن هللا ال‬
‫يكلف نفسا إال وسعها‪")..‬العلم ص‪."210‬‬
‫وقال‪ (:‬وأما الفرق بين الخطأـ في األمور العملية والعلمية؛ فال أعلم أصال‬
‫للتفريق بين الخطأ في األمور العلمية والعملية‪")..‬العلم ص‪."213‬‬
‫سلف وأئمة الفتوى كأبي‬ ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪..(:‬هذا قول ال ّ‬
‫ّ‬
‫حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم‪ ،‬ال يؤثمون مجتهدا مخطئا‬
‫في المسائل األصولية وال الفرعية‪ ،‬كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيره‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬وليس الكالم على ما كان مخالفا لكلّيّات الشريعة‪ ،‬ومن البدع الواضحة الجلية‪ ،‬لبُعده‬
‫السحيق ع ّما نحن فيه ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪103‬‬ ‫ّ‬
‫الدين‪ ،‬أنهم ال يكفرون وال يفسقون وال يؤثمون أحدًا من المجتهدين‬
‫المخطئين‪ ،‬ال في مسألة علمية وال عملية‪")..‬الفتاوى‪."19/207‬‬
‫وقال‪ (:‬وهذا فصل الخطاب في هذا الباب‪ ،‬فالمجتهد المستدل؛ من إمام وحاكم‬
‫وعالم وناظر ومفت وغير ذلك‪ ،‬إذا اجتهد واستدل فاتّقى هللا ما استطاع‪ ،‬كان‬
‫ق للثواب إذا اتّقاه ما‬ ‫هذا هو الذي كلّفه هللا إيّاه‪ ،‬وهو مطيع هلل مستح ٌّ‬
‫استطاع‪ ،‬وال يُعاقبه هللا ألبتة‪ ،‬خالفًا للجهميّة المجبرة ‪")..‬الفتاوى‪-19/216‬‬
‫‪."217‬‬
‫وقال‪ (:‬وكثير من مجتهدي السلف والخلــف‪ ،‬قد قــالوا وفعلــوا ما هو بدعة‬
‫ولم يعلموا أنه بدعة‪ ،‬إما ألحــاديث ضــعيفة ظنوها صــحيحة‪ ،‬وإما آليــات‬
‫ـرد منهــا‪ ،‬وإ ّما لــرأي رأوه ‪ ،‬وفي المســألة نصــوص لم‬
‫فهموا منها ما لم يُـ َ‬
‫ربّنا‬ ‫تبلغهم‪ ،‬وإذا اتقى الرجل ربّه ما اســــتطاع دخل في قوله تعــــالى‪:‬‬
‫التؤاخــذنا إن نســينا أو أخطأنا ‪ ،‬وفي الحــديث أن هللا قــال‪ « :‬قد فعلت‬
‫» ‪")..‬معارج الوصولـ ص‪."43‬‬

‫[ ومتى يكون العالِم منبوذا ؟]‬


‫أن من كــان معروفًا ُّ‬
‫بالس ـنة وتحرّيه‬ ‫م ـ ّر من نصــوص األئمة المتظــافرة‪ّ ،‬‬
‫التِّباع الحق‪ ،‬وب َذل وسعه للوصول إليــه‪ ،‬ثم وقع في مخالفة الحــق‪..‬فإنه ال‬
‫يكـون بـذلك منبـو ًذا‪ ،‬لكن الـذي يـترك الحق بعـدما بُيِّن له وأُقيمت ال ُحجّة‬
‫عليه‪ ،‬ويهرع وراء هواه(‪.)1‬فإنه يُحكم عليه بحسب ما عاند فيه من بعد ما‬
‫استبانت له البيّنات‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ومن يُشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له‬
‫الهــدى ويتّبع غــير ســبيل المؤمــنين نولّه ما تــولّى ونُصــله جهنّم وســاءت‬
‫وما كــان هللا ليُضـ ّل قو ًما بعد إذ هــداهم حتّى‬ ‫مصيرا ‪ ،‬وقــال تعــالى‪:‬‬
‫يُبيِّن لهم ما يتّقون ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫()‪ -‬كما هو حال شيخكم ابن مرعي‪-‬هداه هللا‪ ،-‬فقد ناصحه شيخنا يحيى حفظه هللا‬
‫وغيره من النّاصحين‪ ،‬فأبى إالّ الحزبيّة التي هو فيها !! نسأل هللا تعالى أن ي ُر ّده ر ّداً‬
‫جميال ‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪104‬‬
‫قال شيخ اإلسالم رحمه هللا‪ (:‬هذا مع أني دائما ومن جالسني يعلم ذلك مني‪،‬‬
‫أني من أعظم الناس نهيا عن أن يُنسب معيَّن إلى تكفير و تفسيق ومعصية؛ إال‬
‫إذا ُعلم أنه قد قامت الحجةـ الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة‪ ،‬وفاسقا‬
‫أخرى‪ ،‬وعاصيا أخرى‪")..‬الفتاوى"(‪.)3/229‬‬
‫فهالّ بيّنتم لنا هذه األخطاء البدعيّة التي عند الشيخ؟!! ث ّم هل أقمتم الح ّجةـ‬
‫عليه؟!! أم أنه الكذب والبهتان؟!!‬
‫وال َّدعاوى إن لم يُقيموا عليهـــــا بيّنات أصحابها أدعياء‬
‫أسأل هللا العظيم أن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬وأن يحفظ علينا‬
‫دعوتنا ومشايخنا‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه ‪.‬‬

‫ومن طعن المتعصبين والمخذولين في شيخنا حفظه هللا تعالى قولهم ‪:‬‬

‫إن الشيخ يؤثر فيه مجالسوه‪ ،‬وهم كذبة‪ ،‬وهو يسمع‬


‫إليهم!!!‬
‫هكذا تتنوع أساليب أهل الفتن في مسيرتهم اآلثمة للوصول إلى إسقاطـ أهل‬
‫العلم‪ ،‬وتجرئة الناس عليهم‪ِ ،‬بجَْعِلهم كال ّدُمى ّالتي َيلعب بها محرِّكها كيف شاء‪،‬‬
‫الشديد الغفلة ‪...‬إلبعاد ثقة الناس عنهم‪ ،‬وجعلهم في حيرة وشك من‬ ‫وكالمغفّل ّ‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪105‬‬
‫قبول الحق الذي عندهم‪..‬وهي نفس طريقة أهل النفاق التي سلكوها مع النبي ‪‬‬
‫‪ ،‬وكما أن العلماء ورثة األنبياء ‪،‬كذلك أهل البدع واألهواء ورثة أهل‬
‫النفاق!!! ‪.‬‬
‫وقد أبان الشيخ محمد بن عمر بازمول في كتابه"عبارات موهمة ص‪_49‬‬
‫‪"50‬زَْيفَ هذا الكالم‪ ،‬ومكر أصحابه بعلماء أهل السنة ودعوتهم ‪ -‬حيث إنهم‬
‫كل من تصدى لباطلهم‬ ‫ل َهْدٍم يحاولون به إسقاطـ ِّ‬ ‫ومْعَو َ‬
‫جعلوه َدْيَدًنا لهم‪ِ ،‬‬
‫وكشف عوارهم ‪ -‬بما أغناني عن الكتابة‪ ،‬فقـال‪:‬‬
‫( احذروا يا إخواني هذه الكلمة‪..‬فإنها من كالم أهل البدع والجهل‪ ،‬وقد كنت‬
‫سمعتها تقال في حق الشيخ ابن باز‪-‬رحمه هللا‪، -‬وسمعتها تقال في‬
‫حق[الشيخ] األلباني‪-‬رحمه هللا‪، -‬وسمعتها تقال في حق مشايخ آخرين‪ .‬وهي‬
‫كلمة باطلة من وجوه منها‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن هذه الكلمة طعن في الشيخ أنه غير ضابط يقبل التلقين من‬
‫تالمذته‪ ،‬واألصل أنه ثقة ضابط‪ ،‬فهذا خالف األصل‪ ،‬فإما أن يقام عليها دليل‪،‬‬
‫وإال حقها الرد وعدم القبول ‪.‬‬
‫الثاني ‪:‬أن هذه الكلمة قد نهى هللا عن قولها للنبي صلى هللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫والعلماء ورثة األنبياء‪« .‬ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن‬
‫خير لكم يؤمن باهلل ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون‬
‫رسول هللا لهم عذاب أليم»‪.‬‬
‫قال الطبري في تفسيره(ج‪/10‬ص‪ )168‬عند هذه اآلية‪ (:‬يقول _تعالى‬
‫ذكره_‪ :‬ومن هؤالء المنافقين جماعة يؤذون رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫ويعيبونه ويقولون‪ :‬هو أذن سامعة‪ ،‬يسمع من كل أحد ما يقول؛ فيقبله‬
‫ويصدقه‪ .‬وهو من قولهم‪ :‬رجل أذنة مثل (فعلة) إذا كان يسرع االستماع‬
‫والقبول‪ ...‬ا‪.‬هـ‬
‫الثالث‪ :‬أن هذه الكلمة يتس ّور بها أصحابها لرد كالم أهل العلم في األشخاص‬
‫أو في األمور‪ ،‬وهذا من أسوإ وأبطل مايكون‪ ،‬إذ كالم العالم اليرد إال بدليل‬
‫شرعي‪ ،‬فهل هذا من األدلة الشرعية ؟‬
‫الرابع ‪ :‬أن هذه الكلمة فيها محاذير كثيرة؛ منها ‪ :‬ترسيخ انعدام الثقة‬
‫بالشيخ في كالمه وأحكامه‪ ،‬وإذا ضاعت الثقة بالشيخ ضاعت الثقة بعلومه ‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬ومن محاذير هذه الكلمة ‪ :‬أنها تسقط مهابة الشيخ وإجالله من‬
‫نفوس الطالب ) ‪.‬‬
‫أما عن قولهم‪ (:‬جلساء الشيخ‪ ، !!)..‬فإن طالب الشيخ حفظهـ هللا كلهم جلساؤه‪،‬‬
‫كسرِّ يَّاتهم وتُرّاهاتهم!!‬
‫وليس عند الشيخ س ّريّات وتُرّاهات‪ِ ،‬‬
‫ولكنهم يعنون بقيّة المشايخ وطلبة العلم الكبار في الدار‪ ،‬وحراس الشيخ‬
‫األفاضل‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪106‬‬
‫وما قَ ْد ُح أصحاب الفتن فيهم إالّ لكونهم من الناصحين وحجر عثرة في‬
‫طريقهم‪ ،‬فأرادوا إزاحتهم من طريقهم أ ّوال بتشويه صورتهم‪ ،‬ث ّم إسقاطـ مكانة‬
‫الشيخ ثانيا‪ ،‬وهدم الدعوة بدماج آخرا ‪...‬‬
‫الجن لم يكونوا على علم بمداخلها ول ّما يصلوا‬ ‫ّ‬ ‫أساليب ماكرة‪ ،‬ولع ّل شياطين‬
‫‪1‬‬
‫إليها‪..‬‬
‫نعوذ باهلل من الفتن وأهلها ‪.‬‬
‫‪....‬والعاقبة للمتّقين‬
‫وهكذا تتوالى طعون أهل األهواء في هذه المسيرة اآلثمة في شيخنا حفظه هللا‬
‫تعالى‪ ،‬الذي أصبح محنة في هذا الزمان‪....‬‬
‫وما ذنب شــيخنا إذا نطق بما نطقت به النصــوص‪ ،‬ورد تأويل الجــاهلين‬
‫وانتحال المبطلين الذين عقــدوا ألوية الفتنــة‪ ،‬وأ طلقــوا أعنة المحنــة‪ ،‬فــر ّد‬
‫باطلهم وبيّن زيفهم وكشف إفكهم‪ ،‬ونــافح عن هللا ورســوله ومنهج الح ـ ّ‬
‫ق‪،‬‬
‫فلم يقدروا على أخذ الثّأر منه إال بالطّعن فيه والكذب عليه‪ ،‬فدعوا التّشنيع‬
‫بما تعلمون أنتم وكل عاقل منصف أنه كذب ظاهر وإفك مفــترى‪....‬وســرْ‬
‫شيخنا على درب الحق‪ ،‬فإنك – وربّي – منصور مــادمت ناطقا بــه‪ ،‬إنّا‬
‫‪،‬‬ ‫لننصر رسلنا والــذين آمنــوا في الحيــاة الــدنيا ويــوم يقــوم األشــهاد‬
‫‪ ،‬إن هللا ال يُخلف الميعــاد ‪ ،‬وما‬ ‫فســيكفيكهم هللا وهو الســميع العليم‬
‫هـــذا إال تمحيص من هللا وابتالء ليُم ّكن به حزبه ويمحق الظـــالمين وال‬
‫تهنوا وال تحزنوا وأنتم األعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مسّ‬
‫القوم قرح مثله وتلك األيام نداولها بين الناس وليعلم هللا الذين آمنوا ويتخذ‬
‫منكم شـــهداء وهللا ال يحب الظـــالمين وليمحص هللا الـــذين آمنـــوا ويمحق‬
‫الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم هللا الذين جاهدوا منكم ويعلم‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬قــال اإلمــام أحمد رحمه هللا تعــالى في أمثــال هــؤالء من أربــاب الحيــل‪ (:‬ما أرى‬
‫الشيطان يحسن هذا‪ ،‬حتى جــاء هــؤالء فتعلمه منهم )"مــوارد األمــان من إغاثة اللهفــان‬
‫ص‪."365‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪107‬‬
‫الصابرين ‪ ،‬والحال كما قال اإلمــام الشــوكاني رحمه هللا ‪(:‬وهــذه قاعــدة‬
‫مطّــردة في كل عــالم يتبحّر في المعــارف العلمية ويفــوق أهل عصــره‪،‬‬
‫ّ‬
‫المقصـرون‪،‬ـ ويقع له معهم‬ ‫ويدين بالكتاب والســنة‪ ،‬فإنه البـ ّد أن يســتنكره‬
‫محنة بعد محنــة‪ ،‬ثم يكــون أمــره األعلى وقوله األولى‪ ،‬ويصــير له بتلك‬
‫الـــ ّزالزل لســـان صـــدق في اآلخـــرين‪ ،‬ويكـــون لعلمه حـــظّ ال يكـــون‬
‫لغيره‪)..‬البدرالطالعـ‪.1/65‬‬

‫فال نــامت أعين الجبنــاء والحاســدين‪ ،‬وال قــرّت أعين الغالة والمــائعين‪،‬‬
‫وهنيئا لكم السنة يا أهل السنة إن هللا مع الذين اتقوا والــذين هم محســنون‬
‫‪.‬‬

‫سيناله كيد الغواة الحسّد‬ ‫واعلم بأن من اقتدى بمحمد‬


‫من جاهل ومكابر ومقلّد‬ ‫ويذوق أنواع العداوة واألذى‬
‫هذا الطريق إلى الهدى‬ ‫فاصبر عليه وكن بربّك واثقا‬
‫والسؤدد‬

‫الفصل الثالث ‪:‬‬


‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪108‬‬
‫ذكر بعض الشُّبه التي يستخدمها المتعصبون‬
‫الحجج التي أقامها عليهم شيخنا‬
‫والمخذولون لر ّد ُ‬
‫الناصح األمين‪:‬‬

‫فمن ذلك قولهم‪:‬‬


‫شذ عن أهل العلم بجرحه البن مرعي!! ولن نأخذ بكالمه‬‫الشيخ ّ‬
‫حتّى يُجمع علماء اليمن أو ُجلّهم!!‬
‫هكذا يتن ّوع مكر أهل األهواء ويظهر كل مرة بلباس جديد ليستروا به‬
‫سوَءاتُهم‪ ،‬وحالهم كما قيل‪:‬‬ ‫وتبدو ْ‬
‫ُ‬ ‫عوراتهم‪ ،‬لكن سرعان ما ينكشف عنهم‬
‫خفـــافيش أخفاهاـ الضياء بنوره وال أَ َمهــَا قطع من الليل باديـا‬
‫فصالت وجالت فيه حتى إذا النّها ربدى استخفت وأبدت‬
‫تواريًا‬
‫رد الحجج بالحجة‪ ،‬فعمدوا إلى شبه أعداء الرسل‪،‬‬ ‫ذلك أ نهم لم يستطيعوا ّ‬
‫والشعوبيّة‪ ،‬يحاجّون بها الحق وأهله‪ ،‬ويستغلّون سكوت بعض أهل العلم‬
‫فيستدلون به على باطلهم ويتكثَّرون به‪ ،‬مستضعفين أهلَ الحق لقلَّتهم‪....‬‬
‫قال اإلمام الموفق أبو محمد المقدسي رحمه هللا‪( :‬ومن العجب أن أهل البدع‬
‫يستدلون على كونهم أهل الحق بكثرتهم‪...‬ويستدلون على بطالن السنة بقلة‬
‫أهلها وغربتهم وضعفهم‪ ،‬فيجعلون ما جعله النبي ‪ ‬دليل الحق وعالمة‬
‫السنة‪ :‬دليالً على الباطل؛ فإن النبي ‪ ‬أخبرنا بقلة أهل الحق في آخر الزمان‬
‫وغربتهم‪ ،‬وظهور أهل البدع وكثرتهم‪ ،‬ولكنهم سلكوا سبيل األمم في‬
‫استداللهم على أنبياءهم بكثرة أموالهم وأوالدهم‪")..‬حكاية المناظرة في‬
‫القرآن ص(‪.")58-57‬‬
‫تغتر بما اغت ّر به‬‫ّ‬ ‫وقال اإلمام ابن قيّم الجوزية رحمه هللا تعالى‪...( :‬وإياك أن‬
‫الجاهلون؛ فإنهم يقولون‪ :‬لو كان هؤالء على حق لم يكونوا أقل الناس‬
‫عددًا‪ ،‬والناس على خالفهم!! فاعلم أن هؤالء هم الناس ومن خالفهم‬
‫فمتشبهون بالناس‪ ،‬وليسوا بناس‪ ،‬فما الناس إال أهل الحق‪ ،‬وإن كانوا أقلهم‬
‫عددًا‪.‬‬
‫ّ‬
‫قال ابن مسعود‪ :‬ال يكن أحدكم إمعة‪ ،‬يقول أنا مع الناس‪ ،‬ليُوطن أحدكم نفسه‬
‫على أن يُؤمن وإن كفر الناس‪.‬‬
‫وقد ذ ّم سبحانه األكثرين في غير موضع؛ كقوله‪ :‬وإن تطع أكثر من في‬
‫األرض يضلوك عن سبيل هللا ‪ ،‬وقال ‪:‬وما أكثر الناس ولو حرصت‬
‫بمؤمنين ‪ ‬وقال‪ :‬وقليل من عبادي الشكور ‪ ،‬وقال‪ :‬وإن كثيرًا من الخلطاء‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬ ‫" نَ ْ‬
‫‪109‬‬
‫ليبغي بعضهم على بعض إال الذين آمنوا وعملوا الصالحاتـ وقليل ما هم ‪‬‬
‫"مفتاح دار السعادة" (‪.)1/147‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ولكن أكثر الناس ال يؤمنون ‪ ،‬وقال‪ :‬ولقد أضل قبلهم أكثر‬
‫األولين ‪ ،‬وقال‪ :‬إن في ذلك آلية وما كان أكثرهم مؤمنين ‪.‬‬
‫وهللا تعالى لم يجعل الحق منوطًا بقول الجمهور واألكثرين‪ ،‬بل بكتابه وسنة‬
‫نبيه ‪ ‬األمين‪ ،‬وإن كان سالكهما وحيدًا‪ ،‬قال تعالى‪ :‬اتبعوا ما أنزل إليكم من‬ ‫ّ‬
‫ربكم وال تتبعوا من دونه أولياء قليالً ما تذكرون ‪.‬‬
‫ثم كيف ترمون من يتمسك بالكتاب والسنة ويدافع عنهما بالدليل األبلج‬
‫والصّفيح األملج بالشذوذ‪ ،‬وتجعلون الكثرة معيارًا لقبول الحق الذي معه!!‬
‫وبأيّ كتاب أو سنة تر ّدونه؟!!! ‪‬أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم‬
‫الشاذون إن كنتم تعقلون‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫يأذن به هللا ‪‬؟! بل أنتم‬
‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا تعالى‪( :‬إن القول الشاذ هو الذي ليس مع قائله‬
‫دليل من كتاب هللا‪ ،‬وال من سنة رسول هللا ‪ ، ‬فهذا هو القول الشاذ‪ ،‬ولو‬
‫دل عليه كتاب هللا وسنة رسول‬ ‫كان عليه جمهور أهل األرض‪ ،‬وأما قول ما ّ‬
‫هللا ‪ ‬فليس بشاذ‪ ،‬ولو ذهب إليه الواحد من األمة‪ ،‬فإن كثرة القائلين وقلتهم‬
‫ليس بمعيار وميزان للحق يعيّر به ويوزن به‪.‬‬
‫وهذه غير طريقة الراسخين في العلم‪ ،‬وإنما هي طريقة عا ّمية تليق بمن‬
‫بضاعتهم من الكتاب والسنة مزجاة ‪ ،‬وأما أهل العلم الذين هم أهله‪ ،‬فالشذوذ‬
‫عندهم والمخالفةـ القبيحة هي الشذوذ عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة‬
‫ومخالفتها‪ ،‬وال اعتبار عندهم بغير ذلك مالم يجمع المسلمون على قول واحد‪،‬‬
‫ويعلم إجماعهم يقينا‪ ،‬فهذا الذين ال تحل مخالفته)ـ "الفروسية" ص(‪-168‬‬
‫‪.)169‬‬
‫وقال في كتابه النفيس "إعالم الموقعين عن رب العالمين" (‪:)410-3/409‬‬
‫(واعلم أن اإلجماع والحجةـ والسواد األعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان‬
‫وحده‪ ،‬وإن خالفه أهل األرض )‪ ،‬ثم استشهد بقول عبدهللا بن مسعود رضي‬
‫هللا عنه لعمر بن ميمون األودي‪( :‬إن جمهور الجماعة هم الذين فارقوا‬
‫الجماعة‪ ،‬الجماعةـ ما وافق الحق وإن كنت وحدك‪ )...‬إلى أن قال‪( :‬فمسخ‬
‫المختلفون الذين جعلوا السواد األعظم والحجة والجماعة هم الجمهور‪،‬‬
‫وجعلوهم عيارًا على السنة‪ ،‬وجعلوا السنة بدعة‪ ،‬والمعروف منك ًرا لقلة أهله‬
‫شذ هللا به في النار‪ ،‬وما عرف‬ ‫شذ ّ‬ ‫وتفرده في األعصار واألمصار‪ ،‬وقالوا‪ :‬من ّ‬
‫المختلفون أن الشاذ ما خالف الحق وإن كان الناس كلهم إال واحدًا منهم‪،‬‬
‫فهم الشاذون‪ ،‬وقد شذ الناس كلهم زمن أحمد إال نف ًرا يسي ًرا فكانوا هم‬
‫الجماعة‪ ...‬فال إله إال هللا!! ما أشبه الليلة بالبارحة‪ ،‬وهي السبيل ال َم ْهيَ ْع‬
‫ألهل السنة والجماعة حتى يلقوا ربهم‪ ،‬مضى عليها سلفهم وينتظرها‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪110‬‬
‫خلفهم‪ ،‬من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا هللا عليه فمنهم من قضى نحبه‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن ينتظر وما بدلوا تبديالً ‪ ‬وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم) ‪.‬‬
‫وقال اإلمام ابن حزم رحمه هللا تعالى في "إحكام األحكام" (‪( :)5/661‬الشذوذ‬
‫في اللغة التي خوطبنا بها‪ :‬الشذوذ هو مفارقةـ واحد من العلماء سائرهم‪ ،‬وهذا‬
‫قول قد بيّنّا بطالنه في باب الكالم في اإلجماع‪...‬وذلك أن الواحد إذا خالف‬
‫الجمهور إلى حق فهو محمود ممدوح‪ ،‬والشذوذ مذموم بإجماع‪ ،‬فمحال أن‬
‫يكون المرء محمودًا مذمو ًما من وجه واحد في وقت واحد‪...‬وقد خالف جميع‬
‫الصحابة رضي هللا عنهم أبا بكر في حرب أهل الردة فكانوا في حين خالفهم‬
‫مخطئين كلهم‪،‬فكان هو وحده المصيب‪ ،‬فبطل القول المذكور‪...‬والذي نقول‬
‫به وباهلل التوفيق‪ :‬إنّ ح ّد الشذوذ هو مخالفة الحق‪ ،‬فكل من خالف الصواب‬
‫في مسألة ما‪ ،‬فهو فيها شاذ‪ ،‬وسواء كان أهل األرض كلهم بأسرهم أو‬
‫بعضهم والجماعة والجملة أهل الحق ولو لم يكن في األرض إال واحد فهو‬
‫غيرهما وغير رسول هللا ‪ ‬أهل شذوذ وفرقة‪ ،‬وهذا الذي قلناه ال خالف فيه‬
‫قر به شاء أو أبى‪ ،‬والحق‬ ‫وم ٌّ‬
‫بين العلماء وكل من ما خالف فهو راجع إليه ُ‬
‫هو األصل الذي قامت السماوات واألرض به‪ ،‬قال هللا تعالى‪ :‬ما خلقنا‬
‫السموات واألرض وما بينهما إال بالحق ‪ ‬فإذا كان الحق هو األصل‪ ،‬والباطل‬
‫خروج عنه وشذوذ منه‪ ،‬فل ّما لم يجز أن يكون الحق شذوذا وليس إال حق أو‬
‫باطل‪ ،‬صح أن الشذوذ هو الباطل وهذا تقسيم أوله ضروري وبرهان قاطع‬
‫كاف وهلل الحمد ) ‪.‬‬
‫والمتبع لألكثرية في غير الدليل‪ ،‬واقع في شعبة من شعب التقليد!! وعرق من‬
‫عروق العصبية!! وإن كان مجتهدا من المجتهدين!!فكيف إذا كان جاهال!!‬
‫قال اإلمام الشوكاني رحمه هللا تعالى‪ (:‬فإن المجتهد هو الذي ال ينظر إلى من‬
‫سه تُنازعه إلى الدخول في قول األكثرين‬ ‫قال‪ ،‬بل إلى ما قال‪ ،‬فإن وجد نف َ‬
‫والخروج عن قول األقلّين‪ ،‬إلى متابعة من له جاللة قدر‪ ،‬ونبالة ذكر‪ ،‬وسعة‬
‫دائرة علم‪ ،‬ال ألمر سوى ذلك؛ فليعلم أنه بقي فيه عرق من عروق العصبية‪،‬‬
‫وشعبة من شعب التقليد‪ ،‬وأنه لم يُ َوفّ االجتهاد حقَّه )"أدب الطلب ص‪"122‬‬
‫‪.‬‬
‫سئل اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى كما في شريط"األجوبة الندية على‬ ‫وقد ُ‬
‫األسئلة الهولندية"(بتاريخ‪23‬ربيع أول‪ :)1420‬هل يشترط في الكالم على‬
‫الشخص وتجريحه أن يكون أكثر علماء السنة أوكلّهم قد جرحوه؟ السيما وأن‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر "اختيارات ابن القيم األصولية" (‪ )1/324‬للشيخ الفاضل عبد المجيد جمعة‬
‫الجزائري حفظه هللا تعالى‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪111‬‬
‫هذا الجارح قد اطلع على بيّنة من كالم هذا المبتدع ‪،‬من خالل محاضراته‬
‫وتآليفه؟‬
‫(‪)1‬‬
‫فأجاب‪ ( :‬نعم نعم‪ ،‬المسألة يا إخوان ما قرأ القوم المصطلح ‪ ،‬أو أنهم‬
‫قرؤوه ويلبسون !! نقول لكم بأعظم من هذا ‪ :‬هب أن أحمد بن حنبل قال‪:‬ثقة‪،‬‬
‫ويحيى بن معين قال ‪ :‬كذاب ‪ ،‬فهل يضره قول يحيى وقد خالفهـ أحمد بن حنبل‬
‫؟ نعم ‪ ،‬قول يحي جرح مفسر‪ ،‬اطلع على مالم يطلع عليه أحمد‪ ،‬فماذا؟!‬
‫فماذا؟ دع عنك لو جرحهـ يحيى بن معين وحده‪ ،‬فعلى هذا إذا قام عالم من‬
‫علماء العصر وأبرز البراهين على ضالل محمد الغزالي‪،‬أو يوسف‬
‫القرضاوي ‪،‬أو منهج اإلخوان المفلسين‪،‬نقبل ويجب قبوله‪«،‬يأيها الذين آمنوا‬
‫إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم‬
‫نادمين» نعم ‪،‬إذا جاءنا العدل نقبل‪ ،‬كما هو مفهوم اآلية‬
‫إذا جاءنا العدل نقبل ‪،‬فأين أنتم من اآلية التي تدل على أنه إذا جاءنا العدل‬
‫نقبله‪ ،‬وإذا جاءنا الفاسق بنبإ نتبين‪ ،‬فماذا يا إخوان! فالمه ّم ‪ :‬القوم ملبسون‬
‫مخالفون لعلماءنا المتقدمين ولعلماءنا المتأخرين‪،‬والحمد هلل‪ ،‬وإني أحمد هللا‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬الناس ال يَثقون بك يأيها المه ّوس وال بكالمك )‪.‬‬
‫سئل شيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا تعالى‪ :‬إذا جرّح‬ ‫و ُ‬
‫ويقر العلماء على تجريحه ‪ ،‬أم ُيكتفى‬ ‫ّ‬ ‫العالم شخصا هل يلزم أن يجتمع‬
‫بتجريح عالم واحد ؟‬
‫فأجاب ‪ ( :‬بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬نحمده سبحانه وبه‬
‫نستعين‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فإن الحق يجب أن يؤخذ‪ ،‬فإذا قال من له خبرة بالجرحـ‬
‫والتعديل في شخص ما قوال هو جرح فيه‪ ،‬فينظر إلى براهينه‪ ،‬فإن أتى بحجة‬
‫وجب قبول الحجة‪ ،‬وال عذر في ترك الحق ألحد‪ ،‬قال هللا عزوجل‪:‬ألم يأن‬
‫للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هللا وما نزل من الحق‪ ،‬وقال‪:‬أفمن يهدي‬
‫إلى الحق أحق أن يتبع أمن اليهدي إال أن يهدى‪ ،‬وقال هللا عزوجل ‪:‬يأيها‬
‫الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل ولو على أنفسكم أو الوالدين‬
‫واألقربين ‪-‬إلى قوله‪ -‬فال تتبعوا الهوى أن تعدلوا‪ ،‬ال يحملكم اتباع الهوى عن‬
‫البعد عن العدل ‪،‬وإن تلووا أوتعرضوا فإن هللا كان بما تعملون خبيرا ‪،‬‬
‫وهذا سياق تهديد في القرآن لمن يلوي أو يعرض عن الحق‪ ،‬فواجب أخذ الحق‬
‫ممن أبرزه وبيّنه‪ ،‬واشتراط أنه ال يُؤخذ ذلك الحق حتى يجمع عليه كذا كذا‬

‫‪1‬‬
‫() _ نصّ األئمة ‪ :‬الخطيب البغدادي في "الكفاية"‪ ،‬وابن الصالح في "المقدمة" ‪،‬‬
‫وابن كثير في "االختصار" وغيرهم ؛ على أنه ال يشترط في قبول الجرح أكثر من‬
‫واحد‪ .‬وهذا هو الصواب الذي ال ينبغي العدول عنه ؛ إذ أن جرح أهل األهواء يدخل‬
‫في باب األخبار‪ ،‬فال يشترط العدد في قبوله بخالف باب الشهادة‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪112‬‬
‫من الناس‪ ،‬أو من أهل العلم‪ :‬من المحدثات‪ ،‬وفي كتب الحديث وفي كتب‬
‫يتحرى الصّواب‬
‫ّ‬ ‫الفقه وغير ذلك من كتب أهل العلم بيان منهج أهل السنة أنه‬
‫ويأخذ الحق ‪ ،‬وأنه ال يشترط في الحق أن يكون إجماعا في كل مسألة‪ ،‬وهذا‬
‫من المحدثات يعتبر‪...‬والشاهدـ كتب الجرح والتعديل ومن قال غير ذلك يبرز‬
‫ما عنده من البراهين ‪..‬وضابط الجرح أنه يكون مفسرا مبيَّنا ‪ ،‬وأن الجرح‬
‫المفسر يؤخذ ويقدم على التعديل‪ ،‬فعلى هذا‪ ،‬هذه محدثة عصريّة‪....‬هذه‬
‫محدثة عصريّة باطلة باطلة في زمننا‪ ،‬على علمائنا رحمة هللا عليهم‪ ،‬كان‬
‫العالم يقول ما يراه‪ ،‬وإذا جرح واحدا قالوا‪ :‬جرحهـ فالن‪ ،‬هذا الرجل تكلم فيه‬
‫فالن ويتكلم فيه‪ ،‬وقال في كالمه كذا وكذا؛ يقبل كالمه‪ ،‬فهذا هو الصواب في‬
‫هذه المسألة‪ ،‬والحمد هلل )‪.‬‬
‫ثم إن استغاللهم ســكوت بعض المشــايخ في اليمن واالحتجــاج به أســلوب‬
‫ماكر من أساليب الحزبيين الرهيبة‪ ،‬ولجهلهم بالشريعة وأصــولها خلطــوا‬
‫وخبطـــوا‪ ،‬فـــإن الشـــرع لم يـــوجب على كل أهل العلم وجوبًـــا عينيًّا أن‬
‫يتصدوا أجمعون لكل باطل يظهر‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ولتكن منكم أمة يــدعون‬
‫إلى الخير ويأمرون بــالمعروف وينهــون عن المنكر ‪ ،‬فــدلّت اآلية على‬
‫أن ذلك من فــروض الكفاية ‪ ،‬مــتى قــام به بعضــهم ســقط عن البــاقي(‪.)1‬‬
‫قال العالمة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه هللا تعالى مق ـرّرا ذلك‬
‫ّ‬
‫الــــذهب‪ (:‬ويجب أن يعلم علماؤنا األفاضل ‪ ،‬أن‬ ‫بكالم نفيس يكتب بمــــاء‬
‫ألهل األهـــواء والتّحـــ ّزب أســـاليب رهيبة الحتـــواء الشـــباب والتســـلّط‬
‫والســيطرة على عقــولهم‪ ،‬وإلحبــاط جهــود المناضــلين في الســاحة عن‬
‫المنهج السلفي وأهله ‪.‬‬
‫من تلكم األساليب الماكرةـ ‪ :‬استغالل سكوت بعض العلماء عن فالن وفالن‪،‬‬
‫وإن كان من أضل الناس‪ ،‬فلو قدم الناقدون أقوى الحجج على بدعه وضالله‬
‫فيكفي عند المغالطين لهدم جهود المناضلين الناصحين التساؤل أمام الجهلة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر كتاب "األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص‪ "15‬لشيخ اإلسالم رحمه‬
‫هللا‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪113‬‬
‫فما بال فالن وفالن من العلماء سكتوا عن ضالله ؟! وهكذا يلبسون على‬
‫الدّهماءـ ؛ بل وكثير من المثقفين‬
‫وغالب الناس ال يعرفون قواعد الشريعة وال أصولها التي منها ‪ :‬أن األمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات‪ ،‬فإذا قام به البعض سقط‬
‫"الحد الفاصل ص‪."170‬‬ ‫عن الباقين )‬
‫ولست أعني بسكوت المشايخ ‪ :‬أنهم ساكتون عن باطل تبّين لهم وأقروه! ولكن‬ ‫ُ‬
‫طيب يشكرون عليه ‪،‬‬ ‫هم يسعون إلى نصح المنحرفين وتداركهم وهذا مقصد ّ‬
‫لكن أهل الفتن يجعل ذلك دليال على مخالفتهم للحق الذي أقيم بالبراهين؛ وهذا‬ ‫ّ‬
‫رأي باطل عاطل ‪ .‬وكالم شيخنا حفظه هللا تعالى واجب على الكل قبوله وعدم‬
‫معارضته‪ ،‬إذ أنه قائم على أدلة وحقائق ال يمكن ألحد دفعها‪ ،‬وألن منشأ‬
‫الفتنة بدأ من مركزه وداره‪،‬على مرأى منه ومعاينة ‪( ،‬وليس الخبر‬
‫كالمعاينة)‪ ،‬ويشهد على فتنة عبد الرحمن والمتعصبين له وكيدهم وتح ّزبهم‬
‫آالف من طلبة العلم في دار الحديث بدماج‪ ،‬وهم الذين عانوا من فتنتهم أش ّد‬
‫العناء ‪....‬‬
‫ولكن كما سبق ذكره؛ أن المشايخ ساعون في النصح ‪ ،‬وهم أرفع من أن ير ّدوا‬
‫الحق ويخذلوا أهله‪ ،‬وقد قال الشيخ الفاضل محمد بن عبد هللا اإلمام حفظه هللا‪:‬‬
‫(هو جرت أشياء عندهم في داخل مركزهم‪،‬وأمور يعني جعلته يتكلم بما تكلم‬
‫وكذا – سمعت‪ -‬ونحن ال نقول‪ :‬إنه تكلم بباطل‪ ،‬لكن أيضا نقول‪ :‬المسألة يعني‬
‫يسعى فيها باإلصالح‪ ،‬يسعى فيها باإلصالح‪ ،...‬ال يُفهم أنّنا نُخطّىء الشيخ‬
‫يحيى فيما تكلم به يعني جملة وتفصيال‪ )...‬ا‪.‬هـ المراد ‪ ،‬من شريط"جلسة مع‬
‫أهل قصيعر(بتاريخ ‪. )28/7/1428‬‬
‫وسئل حفظهـ هللا تعالى أيضا‪ :‬هل العلماء في اليمن ض ّد الشيخ يحيى‪،‬ألن بعض‬
‫المتعصبين مع الشيخ عبد الرحمن يقولون ذلك؟‬
‫فم ّما قاله فيما أجاب به‪...(:‬العلماء سائرون على سير واحد‪،‬الشيخ يحيى‬
‫والمشايخ سائرون في اتجاه واحد‪ ،‬في المحافظة على الدعوة‪ ،‬والحمد هلل‬
‫كلمتهم واحدة ومنهجهم واحد‪ ،‬سائرون على سير واحد‪ ...‬فكالم الشيخ يحيى‬
‫معتبر ‪ ،‬وكالم المشايخ معتبر‪ )..‬من شريط"جلسة مع أصحاب الخيسة"‪.‬‬
‫وفي هذا ر ّد على شلّة التعصب والخذالن‪ ،‬الذين يلبسون على الناس‬
‫ويُخيفونهم بتهويل األمور باألكاذيب‪ ،‬وبأن المشايخ معارضون ومخالفون‬
‫للشيخ يحيى ‪« ...‬وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» ‪.‬‬
‫وبعد فراغي من كتابة هذه األوراق‪ ،‬شاء هللا تعالى أن يجتمع مجموعة من‬
‫الحج لهذا العام‪1428‬هـ ‪ ،‬في بيت العالّمة ربيع بن‬ ‫ّ‬ ‫مشايخ اليمن في موسم‬
‫هادي المدخلي حفظه هللا تعالى‪ ،‬وتحاوروا معه في بعض شؤون الدّعوة‪،‬‬
‫ومن بين ما تط ّرقوا إليه‪ :‬مسألة فتنة عبد الرحمن بن مرعي العدني‪،‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪114‬‬
‫وأدانوه وجمي َع من طُرد من د ّماج‪ -‬من عصابته‪ -‬وأنّه ما‬
‫طُرد أحد منهم إال بحقّ‪ ،‬حتى قال فيهم الشيخ ربيع‪:‬‬
‫هؤالء فجرة‪.‬أو كما قال حفظه هللا‪ ،‬واتّفقوا على مطالبة‬
‫عبد الرحمن بالتّب ّرء م ّما هو فيه ‪.1)...‬‬
‫أم على هللا تفترون؟!!‬ ‫فهل جميع هؤالء العلماء ّ‬
‫شاذون؟!!‬
‫ق وال‬‫‪ ‬ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هللا وما نزل من الح ّ‬
‫يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم األمد فقست قلوبهم وكثير‬
‫منهم فاسقون ‪. ‬‬
‫وعلى الشيخ عبد الرحمن بن مرعي إن كان ناصحا لنفسه وللدعوة ْ‬
‫أن يبادر‬
‫بالتوبة إلى هللا تعالى م ّما بذره وسعى فيه من الفتنة بالدعوة السلفية عموما‬
‫وبدار الحديث بدماج خصوصا‪ ،‬والتّح ّزب الذي حصل منه وأتباعه‪ ،‬الذي‬
‫أُقيمت البراهين الواضحة لبيانه‪ ،‬ومن طعوناته في شيخنا حفظهـ هللا‪ ،‬وغير‬
‫ذلك م ّما جناه‪ ،‬وليترك التّالعب والمجْ َم َجة‪ ،‬وليكن صريحًا ُمصلحا ‪‬إال الذين‬
‫تابوا وأصلحوا وبيّنوا‪. ‬‬
‫ومن لم يتبيّن له ما نقول؛ فالتّحاكم إلى الكتاب والسنة هو الفاصل بيننا‬
‫صوفية وأهل البدع !!! ‪ ...‬فإن تنازعنم‬ ‫وبينهم‪ ،‬ال التّحاكم إلى محاكم ال ّ‬
‫في شيء فر ّدوه إلى هللا والرسول‪ ..‬اآلية ‪ ،‬فاللهم سترك !!‬

‫ومن ذلك قولهم‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كما أخبرنا بــذلك شــيخنا يحــيى حفظه هللا تعــالى بعد رجوعه من الحج‪،‬في بعض‬
‫دروسه المباركة ‪.‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪115‬‬
‫كالم الشيخ يحيى في ابن مرعي اليعبأ به ‪،‬ألن كالم‬
‫األقران يطوى واليُروى!!!‬
‫ومنهم من يستدل لرد الحق ببعض الحق؛ إذ أنهم علموا أن الباطل المحض ال‬
‫يروج على الناس‪ ،‬فضال عن طلبة العلم‪ ،‬فألبسوه ببعض الحق تلبيسا ومكرا‪،‬‬
‫كما هو دأب اليهود لعنهم هللا‪ ،‬قال تعالى‪ :‬يا أهل الكتاب لم تلبسون الح ّ‬
‫ق‬
‫ق وأنتم تعلمون ‪.‬‬‫بالباطل وتكتمون الح ّ‬
‫قال اإلمام شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪(:‬وال ينفق الباطل في الوجود إال‬
‫ِبشَْوبٍ من الحق‪ ،‬كما أن أهل الكتاب لبسوا الحق بالباطل بسبب الحق اليسير‬
‫الذي معهم‪")..‬الفتاوى‪."35/190‬‬
‫وقال اإلمام الشاطبي رحمه هللا تعالى‪(:‬يبعد في مجاري العادات أن يبتدع أحد‬
‫بدعة من غير شبهة دليل يقدح له‪ ،‬بل عامة البدع البد لصاحبه من متعلق‬
‫دليل شرعي) "االعتصام‪."2/136‬‬
‫وقال اإلمام الثوري رحمه هللا تعالى ‪ (:‬ما من ضاللة إال عليها زينة )"الحجة‬
‫في بيان المحجة‪ ."2/424‬وكالم األئمة في هذا كثير ‪.‬‬
‫أوهن من بيت العنكبوت!! وكّلما انبرى ناصح لبيان‬ ‫ومن ذلك شبه أضحت ْ‬
‫رمْوا بها في طريقه‪.....‬‬
‫ضالل شخص وانحرافهـ بالحجةـ‪َ ،‬‬
‫فمن ذلك قولهم ‪ :‬هذا كالم أقران!!!‬
‫فنقول لهم‪ :‬وكون كالم شيخنا في ابن مرعي من كالم األقران حق!لكن؛ هل‬
‫يوجب ذلك ر ّده؟؟!!‬
‫فلو أنهم كانوا يعقلون؛ لعلموا أنها من أقوى الحجج عليهم ‪ ..‬لكنه الهوى يعمي‬
‫ويصم!!‬
‫رد هذه ال ّشبهة الداحضة العليلة‪ ،‬بنقل كالم بعض األئمة في هذا‬‫ونكتفي في ِّ‬
‫الشأن ‪:‬‬
‫_ قال اإلمام ابن األمير الصنعاني رحمه هللا تعالى في كتابه"ثمرات النظرفي‬
‫علم األثر ص‪ ...(: "130‬ثم إن كان مرادهم باألقران ‪ :‬المتعاصرون في قرن‬
‫واحد‪ ،‬والمتساوون في العلوم‪ ،‬فهو مشكل! ألنه اليعرف حال الرجل‬
‫إال من عاصره ‪ ،‬واليعرف حاله من بعده إال بأخبار من قارنه‬
‫‪...‬فأهل العلم هم الذين يعرفون أمثالهم‪ ،‬وال يعرف أولي الفضل إال ذوو‬
‫الفضل‪ ،‬فاألولى إناطة ذلك لمن يعلم أن بينهما تنافسا أو تحاسدا أو شيئا يكون‬
‫سببا لعدم الثقة لقبول بعضهم في بعض ‪ ،‬ال لكونه من األقران‪ ،‬فإنه‬
‫اليعرف عدالته وال جرحه إال من أقرانه‪.)..‬‬
‫_ وقال العالمة اللكنوي رحمه هللا تعالى في"الرفع والتكميل ص‪:"200‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪116‬‬
‫( فائدة ‪ :‬قد صرحوا بأن كلمة المعاصر في حق المعاصر غير مقبولة‪ .‬وهو‬
‫كما أشرنا إليه مقيد بما إذا كانت بغير برهان وال حجة ‪،‬وكانت‬
‫مبنية على التعصب والمنافرة‪ ،‬فإن لم يكن هذا وال هذا فهي مقبولة بال‬
‫شك‪.‬فاحفظه فإنه مما ينفعك في األولى واآلخرة)‪.‬‬
‫_ وقال اإلمام الوادعي رحمه هللا تعالى مجيبا عن هذه الشبهة أيضا في‬
‫شريط‪":‬األجوبة الندية على األسئلة الهولندية" فقال‪...(:‬ما بقي إال أصحاب‬
‫الدنيا الذين لهم مصالح هم الذين يقولون هذا‪ ،‬وإال فقد اتضحت الحقيقة‬
‫‪،‬اتضحت الحقيقةـ يا هذا! أكالم األقران غير مقبول؟‪ -‬فأجابه طالب‪ -:‬كالم‬
‫األقران إذا ظهر أنه لعداوة أو لحسد فهنا اليقبل‪ .‬قال الشيخ‪ :‬صحيح ‪ - ،‬قال‬
‫الطالب‪ -:‬وأما إذا كان ناصحا له ومبينا حقيقة أمره وزيغه؛ فأعرف الناس‬
‫بالرجل هو قرينه‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬صحيح‪ ...‬كالم األقران بحسب ما قرأتموه وفي‬
‫كتب الرجال وفي كتب التواريخ؛ مقبول أو غير مقبول؟‪...‬نعم يا إخوان‪،‬‬
‫القرين هو أعرف بك من غيره‪ ،‬فينبغي أن يكون مقدّما‪ ،‬ما معنى‬
‫قولهم‪ :‬فالن أعرف الناس بأهل بلده‪ ،‬وفالن أعرف الناس بالمصريين‪،‬‬
‫وفالن أعرف الناس بالشاميين‪ ،‬أي نعم‪ ،)...‬ثم ذكرأمثلة على ذلك ‪_ .‬‬
‫سئل شيخنا العالمة يحيى بن علي الحجوري حفظه هللا ‪ :‬ما هوضابط‬ ‫و ُ‬
‫األقران ؟ ومتى يقبل كالم القرين في قرينه ؟‬
‫فأجاب‪ :‬كالم القرين المبرهَن ُيقبل في قرينه ‪ ،‬ولو ُأهدر هذا الباب لما‬
‫قبلنا ج ّل كتب الجرح والتعديل‪ ،‬هل تكلم اإلمام أحمد في الكرابيسي ألنه‬
‫بعد أن مات الكرابيسي وإال في زمنه؟! وهكذا ع ّدد‪ ...‬قلنا الحق يجب أن‬
‫يقبل وال تميّع القضيّة‪ :‬كالم أقران!!! أبو الحسن من أقراننا ‪،‬وكذلك‬
‫أيضا ج ّل الحزبيين اآلن الموجودين‪ ،‬الزنداني من أقراننا‪ ،‬صعتر من‬
‫أقراننا‪ ...‬إيش‪ ،‬نترك هذا وما يقبل الحق من أجل أن هذا في زمنه ومن‬
‫أقرانه!! أين الحق إذن!! كالم فارغ‪...‬الكالم الفارغ الذي ُيبنى على غير الحق‬
‫ال يقبل ‪.‬‬
‫النبل تهوي ليس فيها‬‫َلَك َّ‬ ‫كالم المرء في غير ُكْنهه‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وإن‬
‫ِنصالها‬
‫ووهللا ‪ ،‬من عارض الحق أنه سين ّكس رأسه كما نكس رأس من قبله )"من‬
‫حج "‪.‬‬
‫شريط أسئلة أهل َل ْ‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪117‬‬ ‫هذا ّ‬
‫وإن معرفة كون الجارحـ ما تكلم في قرينه إال بدافع الهوى والحسد‪...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بالصدع‬‫ّ‬ ‫علموا‬
‫يحتاج إلى بينة وبرهان ‪ ،‬وقد علم القوم أن شيخنا من الذين ُ‬
‫بالحق مع األمانة والنصح‪ ،‬كما وصفه بذلك شيخه اإلمام الوادعي رحمه هللا‬
‫تعالى ‪ ،‬وقال ألهل بلده لما أوصى له بخالفته على الدار‪ (:‬ال ترضوا بنزوله‬
‫من على الكرسي‪ ،‬فهو ناصح أمين )‪.‬‬
‫وقد تكلم أهل الفتن من المتعصبين والمخذولين في شيخنا لَـ َّما بيَّن حقيقة ما‬
‫عليه ابن مرعي من انحرافـ وحزبية‪ ،‬بأنه إنما تكلم فيه عن هوى وحسد‪ ،‬وقد‬
‫ر َّد هذه الفرية مشايخ اليمن حفطهم هللا تعالى في اجتماعهم في (معبر) بتاريخ‬
‫(‪ ،)12/4/1428‬مع ابن مرعي ‪ -‬هداه هللا‪ ،-‬ومما كتبوه في بيانهم آنذاك‪:‬‬
‫(‪...‬وشكروا الشيخ يحيى على ما يقوم به من خدمته ودفاعه عن الدعوة‬
‫السلفية‪ ،‬إذ أنه ال يتكلم بدافع الحسد‪،‬وال بدافع الحقد‪،‬والبدافع الرغبة في‬
‫ممن‬‫إسقاط أحد من أهل السنة‪ ،‬وإنما بدافع الغيرة على السنة أهلها )‪ ،‬وكان ّ‬
‫وقّع معهم على هذا ‪ :‬عبد الرحمن بن مرعي ‪ -‬هداه هللا‪ -‬نفسه !!!‬
‫وقد ر ّدها المشايخ أيضا في جلساتهم الخاصة‪ ،‬ومن ذلك ما قاله الشيخ عبد‬
‫العزيز البرعي حفظه هللا تعالى في شريط إثر إجابته على أسئلة "أصحاب‬
‫قصيعر" بتاريخ (‪ (:)27/8/1428‬أنا أقول بارك هللا فيكم ‪ :‬ال يمكن يتكلم‬
‫الشيخ يحيى عن هوى ‪ ،‬وهو أرفع من ذلك ‪ ،‬نحن نعلم أنه على تقوى هلل‬
‫عزوجل ومراقبة ‪. )..‬‬
‫فإذا تقرر لك هذا ؛ وقد علمت أن شيخنا حفظه هللا تعالى قد بين ما في فتنة ابن‬
‫مرعي بأوضح بيان ‪،‬بالحجةـ والبرهان‪ ،‬وأن منشأ هذه الفتنة ومبدأها إنما وقع‬
‫ق تر ّد كالمه‪،‬‬ ‫يح ّ‬ ‫في مركز شيخنا وداره ‪،‬وأهل مكة أدرى بشعابها‪ ....‬فبأ ّ‬
‫ي إنصاف تروم خالفه‪..‬فدع عنك العاطفة‪ ،‬إذ هي في حقيقة األمر عاصفة‪،‬‬ ‫وبأ ّ‬
‫تعمي األنظار بالغبار‪ ،‬وتحجب الحق عن األبصار‪...‬‬
‫وحتام ال ينجاب عن قلبك‬ ‫ّ‬ ‫فحتّام ال تصحو وقـد قرب المـــدى‬
‫السكر‬
‫وتذكــر قـولي حين ال ينفع‬ ‫بلا سوف تصحو حين ينكشف الغطا‬
‫الذكـر‬

‫‪1‬‬
‫() _ انظر "التنكيل"‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪118‬‬

‫[قياس فاسد ورأي كاسد!!]‬


‫ومن ذلك قولهم‪:‬‬
‫إن الكالم في ابن مرعي والخالف فيه؛ كاختالف‬
‫الرواة‪ ...‬مع بقاء األُلفة‪ ،‬وعدم اإللزام‬
‫سلف في بعض ُّ‬ ‫ال َّ‬
‫بقول أحد!!!!!!‬
‫اعلم ألهمك هللا التَّوفيق واالتّباع‪ ،‬وجنَّبك الخذالن واالبتداع؛ أن القياس الفاسد‬
‫المصادم للحجة؛ـ قاعدة يعتمد عليها دعاة البدع والتحزب لرد الحق وإخماده‪،‬‬
‫حتى قال اإلمام الشاطبي رحمه هللا تعالى‪.. (:‬القياس الفاسد‪ ..‬هو عمدةـ كل‬
‫مبتدع ) "االعتصام‪. "1/335‬‬
‫وقد م ّر قول شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪ (:‬وكلُّ من يخالف مذهب أهل السنة‬
‫ال يعتمد إال على أحد ثالثة أشياء‪ -..‬وذكر منها‪ -:‬أو قياس فاسد‪. )..‬‬
‫وهو مذهب إبليسي قديم‪ ،‬وأص ُل ك ّل ش ّر عظيم‪ .‬قــال شــيخ اإلســالم رحمه‬
‫هللا تعــالى‪ (:‬والشــرع دائما يبطل القيــاس الفاســد‪ ،‬كقيــاس إبليس‪ ،‬وقيــاس‬
‫المشــركين الــذين قــالوا‪ :‬إنما الــبيع مثل الربا ‪....‬ولهــذا قــال طائفة من‬
‫السلف‪ (:‬أ ّول من قـاس إبليس ‪ ،‬وإنما ُعبـدت الشـمس والقمر بالمقـاييس)‪،‬‬
‫أي بمثل هـــذه المقـــاييس الـــتي يشـــتبه فيها الشـــيء بما يُفارقـــه‪ ،‬كأقيسة‬
‫المشركين)"الفتاوى‪."542-20/539‬‬
‫وقال شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪ (:‬وأصل ضالل من ض َّل هو تقديم قياسه‬
‫على النص المن ّزل من عند هللا واختياره الهوى على اتباع أمر هللا) "العبودية‬
‫ص‪. "69‬‬
‫ومن ذلك قول شلة التعصب والخذالن‪:‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪119‬‬
‫إن الكالم في عبد الرحمن بن مرعي‪،‬كمثل الكالم في الرواة الذين اختلف فيهم‬
‫أئمة الحديث من بين جارح له ومع ّدل‪ ،‬مع عدم إنكار بعضهم على بعض‪،‬‬
‫ولسنا ملزمين بقول فالن وال عالّن!!!‬
‫هكذا يُلبّسون على الناس ويتالعبون بعقولهم‪ ،‬ويقفُون موقف أهل األهواء‬
‫إلسقاط الحق وأهله‪ ،‬وتجرئة الناس على ر ّده وتمييعه‪ ،‬هروبا من الحجج التي‬
‫أقيمت عليهم‪ ،‬لكن هللا تعالى يقول‪ :‬كلما أوقدوا نارا للفتنة أطفأها هللا ‪. ‬‬
‫وممن بيّن عوار هذه الشبهة العليلة؛ العالمة المجاهد أبو محمد ربيع بن هادي‬
‫المدخلي حفظه هللا تعالى‪ ،‬حيث قال ‪.. (:‬وال يقف المسلم المتَّبع موقف أهل‬
‫األهواء فيقول‪ :‬قد اختلف العلماء ‪،‬فال يلزمني قول فالن وال فالن‪ ،‬ويذهب‬
‫يتالعب بعقول الناس‪ ،‬فإن مثل هذا القول يُج ّرىء الناس على رد الحق‬
‫وإسقاط أهله‪ ،‬وصاحب الحجة يجب األخذ بقوله اتباعا لشرع هللا وحجته‪،‬ال‬
‫لشخص ذلك الرجل وسواد عينيه‪...‬واإلمام أحمد نفسه خالف الناس في شريك‬
‫بن عبد هللا النخعي وأبي نعيم‪ ،‬ألنه لم تقدم له الحجةـ على تبديعهما‪ ،‬ولو‬
‫قدّموها له لقبلها والتزمها‪ ،‬كما عهدنا ذلك منه ومن أمثاله رحمه هللا‪ ،‬فمدار‬
‫القبول والرد هو الحجة ال الهوى ) "أئمة الحديث ومن سار على نهجهم أعلم‬
‫الناس بأهل األهواء والبدع ص‪."66_65‬‬
‫وقال‪ ..(:‬عندكم علم من الجرح والتعديل‪ ،‬الكالم الذي قلناه ‪ :‬ناس جرحوا‪،‬‬
‫ناس ما جرحوا‪ ،‬ناس يزكون ويدافعون هذا المجروح‪ ،‬نحن نطلب من‬
‫الجارحين التفسير‪ ،‬إذا بينوا أسباب الجرح الصحيحة فيجب اتباعهم ‪ ،‬ألن‬
‫هذا اتباع للحق‪ ،‬ورد ما عندهم من الحق رفض للحق‪ ...‬فيجب على من‬
‫يخالفهم أن ينصاع ويرجع إلى الحق والصواب‪ ،‬وأن يأخذ بالحجة _ بارك‬
‫يكذبون بالحق‪،‬ويرفضون الحق‪ ،‬وهذا أمر عظيم‬ ‫هللا فيكم _ فكثير من الناس ّ‬
‫ج ًّدا‪ ) ..‬ا‪.‬هـ المراد‪ ،‬من "الحث على المودة واالئتالف ص‪. "61_60‬‬
‫قلت ‪ :‬وإنما قد يختلف األئمة في تضعيف رواة وتجريحهم بسبب الضبط‬
‫والحفظ بنا ًء على اجتهاد ك ّل إمام في سبره لحديث الراوي ومقابلة حديثه‬
‫بروايات الثقات وغير ذلك‪ ،‬فمنهم من يؤ ّديه اجتهاده إلى تضعيف الراوي‬
‫ومنهم من يخالف‪ ،‬وال يعقدون على ذلك وال ًء وال برا ًء ‪ -‬ومع ذلك كله إذا أقام‬
‫أحدهم البينة على ضعف ضبط فالن ببيان ما أخطأ فيه ونحوذلك‪ ،‬فإنهم‬
‫يسلمون للحجةـ وينقادون إلى الصواب‪ ،‬وقد ينكرون على من خالف منهم‪-..‬‬
‫أ ّما باب التبديع؛ فإنه يدخل في باب األسماء واألحكام‪ ،‬وينبني عليه وال ٌء‬
‫وبراء‪ ،‬وليس هذا مما يختلف فيه األئمة ‪ ،‬ومن قُ ّدمت له األدلّة والبراهين‬
‫التزمها وأذعن إليها ‪.‬‬
‫فتبين بهذا ؛ أن المسألة دائرة حول نوع الطعن والجرح في الشخص‪ ،‬فمن‬
‫كان سبب الجرحـ فيه هو ضعف الضبط ونحوه‪ ،‬فإن األمر فيه نسبي ‪ ،‬يختلف‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪120‬‬
‫باختالف اجتهاد كل واحد من أهل العلم‪ ،‬وال يوجب ذلك وال ًء وال برا ًء ‪ ،‬ومن‬
‫كان سبب الجرحـ فيه هو البدعة؛ بنوا على ذلك والء وبراء‪ ،‬ولزم قبول الحجةـ‬
‫فيه بعد البيان‪.‬‬
‫وكالم العلماء في التحذير من أهل البدع هو من باب الخبر‪ ،‬وقبول أخبار‬
‫الثقات أمر ضروري الب ّد منه‪ ،‬ويجب قبوله وعدم ر ّده‪.‬‬
‫أما عن قولهم‪..(:‬وال ينكر بعضهم على بعض!!) ‪ ،‬فهو نفس تلك القاعدة‬
‫المنقوضة‪(:‬إن مسائل الخالف ال إنكار فيها!!)‪ ،‬وهي قاعدة استخدمها أهل‬
‫البدع والتّح ّزب لس ّد باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر!!‬
‫قال اإلمام الشوكاني رحمه هللا ‪ (:‬وهذه المقالة قد صارت أعظم ذريعة إلى‬
‫س ّد باب األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬فالواجب على من علم بهذه‬
‫الشريعة ولديه حقيقة من معروفها ومنكرها؛ أن يأمر بما علمه معروفا‪،‬‬
‫ق ال يتغيّر حكمه‪ ،‬وال يسقط وجوب العمل به‬ ‫وينهى ع ّما علمه منكرا‪ ،‬فالح ّـ‬
‫واألمر بفعله واإلنكار على من خالفه‪،‬ـ بمجرّد قول قائل‪ ،‬أو اجتهاد مجتهد‪ ،‬أو‬
‫ابتداع مبتدع )"السيل الجرّارـ‪."589-4/588‬‬
‫وأقبح منها‪-‬وكالمهم فيه إشارةـ إليها‪ -‬قاعدة أبي الحسن المبتدَعة‪ (:‬االختالف‬
‫في األشخاص ليس اختالفا في ال ّدعوة!!)‪ ،‬ونقضها يُعلم م ّما سبق‪ ،‬وهللا‬
‫الموفِّق ‪.‬‬

‫خــاتمـــــــة ‪:‬‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬
‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪121‬‬
‫هذا وليعلم أخي القاريء‪ ،‬أن شبهات أهل األهواء ال آخر لها؛ فال يذهب‬
‫(‪)1‬‬
‫ال ّزمان في مماشاة الجهّال ‪ ،‬وإنما كان القصد ِذكر أهم ما يُثيرونه حول أهل‬
‫السنة وبخاصة على هذه ال ّدار المباركة‪.‬‬
‫ولوال أن أصحاب هذه الشبهات كثروا وانتشروا‪ ،‬وهم عند بعض النّاس أهل‬
‫سنّة واتّباع !! لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد هذه األقوال ‪ ،‬وإيضاح هذا‬
‫الضالل ‪.‬‬
‫وأن العقول إذا فسدت لم يبق لضاللها ح ّد‬ ‫أن الضّالل ال ح ّد له‪ّ ،‬‬
‫ولكن يعلم ّ‬
‫معقول‪ ...‬والقول الباطل الكذب هو من باب ما ال ينقض الوضوء‪ ،‬ليس له‬
‫ق والعمل به(‪.)2‬‬ ‫ضابط‪ ،‬وإنّما المطلوب معرفة الح ّ‬
‫وعلى إخواننا أهل الســنة أن يُخلصــوا قصــدهم هلل ع ّزوجــل‪ ،‬وأن يكونــوا‬
‫على قناعة بما هم فيه من الحق فيلزمـــوه وأهله الناصـــحين‪ ،‬وال يكونـــوا‬
‫أتباعا لك ّل ناعق صاح بهم ودعاهم‪ ،‬وأن يكونــوا قــائلين بــالحق صــادعين‬
‫به أينما حلّوا وارتحلوا‪ ،‬فإن في ذلك النجاة لو كنّا نعقــل‪ ،‬واصــبر نفسك‬
‫مع الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وال تَ ْع ُد عيناك عنهم‬
‫تريد زينة الحياة الدنيا وال تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان‬
‫أمره فرطا وقل الحق من ربّكم فمن شاء فليُؤمن ومن شاء فليكفر ‪.‬‬
‫وهنا كالم نفيس لإلمام شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى‪ ،‬آثرت نقله نُصحا لنفسي‬
‫وإلخواني طلبة العلم أهل السنة‪ ،‬وخاصة المبتدئين منهم ‪.‬‬
‫قال اإلمام ابن القيّم رحمه هللا ‪ (:‬وال ُّشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين‬
‫انكشاف الحق له‪ ،‬فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثّر تلك الشبهة فيه‪ ،‬بل‬
‫يقوى علمه ويقينه بردِّها ومعرفة بطالنها‪ ،‬ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالح ِّ‬
‫ق‬
‫قلبُه‪ ،‬قدحت فيه ال ّشك بأ ّول وهلة‪ ،‬فإن تداركها وإالّ تتابعت على قلبه أمثالها‪،‬‬
‫حتى يصير شا ًّكا مرتابًا ‪.‬‬
‫والحق يتوارده جيشان من الباطل ‪ :‬جيش شهوات الغ ّي‪ ،‬وجيش شبهات‬
‫الباطل‪ ،‬فأيّما قلب صغا إليها وركن إليها تشرّبها وامتأل بها‪ ،‬فينضح لسانه‬
‫‪1‬‬
‫()‪ -‬انظر ‪" :‬العوا صم من القواصم ص‪ "281‬ألبي بكر بن العربي ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫()‪ -‬انظر‪" :‬الفتاوى‪ ،"358-2/357‬و"ال ّدرء‪ "8/51‬لشيخ اإلسالم رحمه هللا ‪ .‬نقال‬
‫عن"أصول الجدل ص‪"484‬فما بعد‪ ،‬للشيخ حمد العثمان حفظه هللا‪.‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪122‬‬
‫وموجبه بها‪ ،‬فإن أشرب شبهات الباطل تفجّرت على لسانه ال ّشكوك والشبهات‬
‫فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه ! وإنّما ذلك من عدم علمه‬ ‫ّ‬ ‫واإليرادات‪،‬‬
‫ويقينه ‪.‬‬
‫وقال لي شيخ اإلسالم رضي هللا عنه‪ -:‬وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد‪-‬‬
‫‪:‬‬
‫سفِنجة فيتش ّربها‪ ،‬فال ينضح إالّ‬ ‫( ال تجعل قلبك لإليرادات والشبهات مثل ال ِّ‬
‫بها‪ ،‬ولكن اجعله كال ّزجاجة المصمتة تم ّر الشّبهات بظاهرها‪ ،‬وال تستق ّر‬
‫فيها‪ ،‬فيراها بصفائه‪ ،‬ويدفعها بصالبته‪ ،‬وإالّ فإذا أَش َْربَتْ قلبَك ك ّل شبهة تم ّر‬
‫عليها؛ صار مقَ ًّرا للشُّبهات ) ‪ .‬قال اإلمام ابن القيّم بعدها ‪ :‬فال أعلم أنِّي‬
‫انتفعتُ بوصيّة في دفع الشُّبهات كانتفاعي بذلك )"مفتاح دار السّعادة"‪.‬‬
‫وفي الختام ‪ ،‬أسأل هللا الكريم‪ ،‬ربّ العرش العظيم‪ ،‬أن يحفظنا ودعوتنا‬
‫ق حتّى نلقاه‪ ،‬إنّه ول ّي ذلك‬ ‫ومشايخنا من ك ّل سوء ومكروه‪ ،‬وأن يثبّتنا على الح ّ‬
‫والقادر عليه ‪.‬‬
‫وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن الإله إال أنت أستغفرك وأتوب إليك ‪.‬‬

‫وكتبه‬
‫الفقير إلى عفو ربّه ‪:‬‬
‫أبو حاتم‬
‫يوسف بن العيد الجزائري‬
‫بمكتبة دار الحديث‬
‫العامرةـ بالسنة والعلم‬
‫بد ّماج‬
‫حرسهــا هللا تعالى‬
‫في أواخر شهر ذي‬
‫القعدة عام ‪1428‬هـ‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪123‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫بيان ونصيحة ألهل‬
‫العقول الصحيحة‬
‫قــــان‬
‫ِ‬ ‫ت والفُرْ‬ ‫و ُمن ِّ‬
‫َــــز ِل اآليــــا ِ‬ ‫حم ـدًا لــربي ُم ْس ـبِ ِغ اإلحسـ ِ‬
‫ـان‬
‫ـان‬
‫ـالم واإليمـ ِ‬
‫حم ـدًا على اإلسـ ِ‬ ‫األرزاق بين ِعبَـــا ِد ِه‬
‫ِ‬ ‫و ُمقَ ِّســـ ِم‬
‫األزمـــان‬
‫ِ‬ ‫لســـائر‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫دين البقـــا ِء‬ ‫الكمال ونَ ْعتُـهُ‬
‫ِ‬ ‫ين ال ُّش ُم ِ‬
‫ول َم َع‬ ‫ِد ُ‬
‫بــــــــاآلي أَيَّ َدهُ وبــــــــالقُ ِ‬
‫رآن‬ ‫ِ‬ ‫بـــــالنبي محمـــــ ٍد‬
‫ِّ‬ ‫قد َم َّن ربي‬
‫فصالتُه تغشى النَّ ْ‬
‫بي العــدناني‬ ‫أرسى به ربي قواعـــ َد ُســـ ْؤ َد ٍد‬
‫وصــراطُ ربي واح ـ ٌد ال اثنـ ِ‬
‫ـان‬ ‫نهارنا‬
‫ِ‬ ‫ـمس‬
‫ْض ـا كشـ ِ‬
‫بشريع ٍة بَي َ‬
‫ســان‬
‫ِ‬ ‫الح‬
‫وصــف ِ‬
‫ِ‬ ‫حــار في‬
‫َـ‬ ‫قد‬ ‫َم ْن ذا يُحيطُ بوص ـفِها وي ُِجي ـ ُدهُ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني‬
‫ُميــان‬‫آذان صــ ٍّم َمــ ْع عمى الع‬ ‫لِس ُ‬ ‫الخلـــق حـــتى‬ ‫ما مـــات خـــي ُر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفتَِّـــر ْ‬
‫المـــيزان‬
‫ِ‬ ‫ع حكي ٌم عـــاد ُل‬ ‫شـــر ٌ‬ ‫الصـــراط‬
‫ِ‬ ‫حتكَ األنـــا َم على‬ ‫َ‬
‫هبـــان‬ ‫و ُمـــن َّزهٌ عن بدعـــ ِة الرُّ‬ ‫هم‬
‫طريــــق‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــو ُد‬
‫ع بــــري ٌء من‬ ‫شــــرْ ٌ‬ ‫ي َق‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتنـــاولوا ِم ْن‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــاللم ٍ ٍدة‬
‫وتـــوارث العُلمـــا ُء ِع ْل َم ُم َح َّ‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫يـــانع الب ُْســـت ِ‬
‫َان‬ ‫ِ‬
‫ِّب األَرْ ِ‬
‫دان‬ ‫ك يفـــو ُح ُمطَي َ‬ ‫ِم ْســـ ٌ‬ ‫ق ِختَا ُمــ هُ‬ ‫الطَّ ْع ُم حُلــ ٌو والرَّحيــ ُ‬
‫ان‬ ‫ص ـحْ بُ النَّبِ ِّي يقــو ُدهُ ال ُع َمـ َ‬
‫ـر ِ‬ ‫َ‬ ‫ُعنِ َي ال ِكـــرا ُم به أَ َحـــ َّ‬
‫ق ِعنَايَـــ ٍة‬
‫ُــدوان‬
‫ِ‬ ‫الكفــر والع‬
‫ِ‬ ‫أهــل‬
‫َ‬ ‫في هللا‬ ‫أتبا ُعهم أَخ ُذوا اللِّوا َء وجاه ُدوا‬
‫ـيطان‬
‫ِ‬ ‫ـغ والشـ‬‫ثُلَ ُل الهَ َوى وال َّز ْيـ ِ‬ ‫وتــواردت عنــ َد اللِّقَــا ِء َعلَ ْي ِه ُم‬
‫ْ‬
‫ان‬ ‫ليس ال َك ِري ُم لَدَى َ‬
‫الوغَى بِ َجبَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ـوغَى‬ ‫فتجرَّدوا للح ِّ‬
‫ق واحت َد َم الـ َ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬ ‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪124‬‬
‫ب بـــــالفَتى‬
‫صـــــوْ ٍ‬‫ِم ْن ُكـــــلِّ َ‬ ‫َسلُّوا ُسيُوفَ النَّصْ ِر ثُ َّم َر َموْ هُ ُم‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــان‬ ‫ال ِم ْ‬
‫صـ ُر لإليمـ ِِ‬
‫ـان‬ ‫َى َعال ُمنَا ِدي النَّ ْ‬
‫ط‬ ‫ناد‬ ‫ت‬ ‫العــدو وأَ ْد َ‬
‫بــر ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َت ثُلَــ ُل‬
‫فتبــ َّدد ْ‬
‫ــان‬ ‫اق َســي ُ‬
‫ْف َبيَ ِ‬ ‫َكفَــرُوا ولِلفُ َّســ ِ‬ ‫ص ـ َّوبٌ ِت ْلقَــا َء‬
‫َان ُم َ‬ ‫الس ـن ِ‬
‫ْف ِّ‬‫َس ـي ُ‬
‫ْ‬
‫ان‬ ‫ـــزدَا ٌد بال نُ ْق َ‬
‫صـــ ِ‬ ‫َمـــ َع ذاكَ ُم ْ‬ ‫َممان َ‬
‫زال هـــذا د َْأبَهُ ْم وعَـــ ُد ُّوهُ ْم‬
‫ضــ ْعفَ ِ‬
‫ان‬ ‫ْف بعدَه ِ‬ ‫وضع ٌ‬
‫ْف ِ‬ ‫ضع ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ف ال َعـ ُد ِّو يَ ُمـ ُّدهُ‬‫صـ ُّ‬
‫حــتى َغـ دَا َ‬
‫ان‬ ‫حيث ْالتَقَى ال َّ‬
‫صفَّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫وتَبَ ْخت ََر ْ‬ ‫ب وال َّردَى‬ ‫ُّ‬
‫التحز ِ‬ ‫وتكالبَ ْ‬
‫ت بِ َد ُ‬
‫ع‬
‫واألوثان‬
‫ِ‬ ‫أهل ال ِّشرْ ِ‬
‫ك‬ ‫َد ْع َع ْنكَ َ‬ ‫اإلسالم هَــ ِذي تَ ْنتَ ِمي‬
‫ِ‬ ‫فِ َر ٌ‬
‫ق إلى‬
‫ت أَحْـــ زَاني‬‫َك ْم فِ ْتنَـــ ٍة قَـــ ْد هَي ََّج ْ‬ ‫ُ‬
‫رأيت ِمنَ‬ ‫َك ْم َرا َعنِي ما قـــــــ ْد‬
‫قالـبَاَل‬
‫ابن فُ ِ‬
‫الن‬ ‫ت وأينَ فُ ٌ‬
‫الن ُ‬ ‫َحــــــ َدثَ ْ‬ ‫ـالوا فما َحــا ُل الفَتَى في فتن ـ ٍة‬
‫ـوم في آذاني‬ ‫ت ُحـ ر ُ‬
‫ُوف القـ ِ‬ ‫طَنَّ ْ‬ ‫ذكــرت مقــالَهُ ْم وحــديثَهُ ْم‬
‫ُ‬ ‫لما‬
‫ت أبـــوابي على ِو ْلـــدَاني‬ ‫وأَ َج ْف ُ‬ ‫حتى إذا َس َكنَ األنا ُم وأَ ْه َجعُــوا‬
‫احيـ بِ ُكــلِّ أَ َمـ ِ‬
‫ـان‬ ‫وأَضْ أ َ ُ‬
‫ت ِمصْ بَ ِ‬ ‫ت أوراقي وج ُْل ُ‬
‫ت‬ ‫ضـــــــــــــرْ ُ‬‫أَحْ َ‬
‫أو تَ ْكت َِحـــ لْ ِم ْن نَوْ ِمهَا ال َع ْين ِ‬
‫َـــان‬ ‫ي‬ ‫بِ َخ ُ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــايَ ِطـــ ِد ِري‬
‫آليت ال تَ ْنفَ ُّ‬
‫ـــك ع َْن قَلَ ِمي‬
‫يــان‬
‫ت فيها َمــوْ قِفِي بِبَ ِ‬ ‫صــ ْغ ُ‬ ‫قد ُ‬ ‫حـــــتى أُتِ َّم قصـــــيدةً نونيـــــةً‬
‫جـــان‬
‫ِ‬ ‫ت َكبَ ْغ ٍ‬
‫ـــل فَوْ قَـــهُ ُخرْ‬ ‫َولَّ ْ‬ ‫َد ْعنِي وخَ بِّرْ نِي أَ ِخي ع َْن فِرْ قَ ٍة‬
‫ـق ال ِمـ ْد ِ‬
‫فان‬ ‫َس ـارُوا َك َس ـي ِْر اآلبِـ ِ‬ ‫ت علينا ِم ْن ِخاَل ِل‬ ‫خَــــــــــــ َر َج ْ‬
‫وتَطَــاولَ ْ‬ ‫صـــــــــــــــــــــــــــــــــــفُ‬
‫صــــو ْدفِن َرَا‬ ‫ُ‬
‫ت في ســاح ِة ال َم ْي ـد ِ‬
‫َان‬ ‫أخــــذت ِمنَ األعــــدا ِء َ‬
‫َثان‬ ‫لطريــق أحمــ َد ليلــةَ َ‬ ‫رجاؤنافُ بوفِمهَنا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫ص‬
‫ُ‬
‫الحــ د ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِ ِ‬ ‫ين كــــــــان‬ ‫في ِح ِ‬
‫ا ْنتَ َم‬
‫فــإذاىهُ ُم قَلَبُــوا ال ِم َج َّن لِ َ‬
‫وتَ َمــالَئُوا َمــ َع شــيع ِة العُــ ْد َو ِ‬
‫ان‬ ‫ْــر ِه‬
‫ظه ِ‬
‫ــذ كــان ِعيــ ٌد بعــدَه ِعيــد ِ‬
‫َان‬ ‫ُم ْ‬ ‫ت وكــــان‬ ‫هي فتنــــةٌ ع َ‬
‫َصــــفَ ْ‬
‫ـير ميعــا ٍد أَت ْ‬ ‫ظُهُو ُرهَا‬
‫اإل ْخ َو ِ‬
‫ان‬ ‫أفاض ِل ِ‬
‫ِ‬ ‫ببعض‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َعبَثَ ْ‬ ‫َت‬ ‫هي فتن ـةٌ ِم ْن غـ ِ‬
‫فــان‬
‫ِ‬ ‫صــطَ ِحبًا هــزياًل‬
‫للــ َّدا ِء ُم ْ‬ ‫ضــى فمنه ْم َم ْن‬ ‫حــتى غَــ دَوْ ا َمرْ َ‬
‫اب الثَّاني‬ ‫ع َْن غــير ِه ْم أاَّل ي َ‬ ‫ى‬ ‫ضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وجماعةٌ تحتَ ِ‬ ‫َم َ‬
‫ُص ـ َ‬ ‫ْــز ٍل‬
‫ج ِب َمع ِ‬ ‫العاَل ِ‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬ ‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫" نَ ْ‬
‫‪125‬‬
‫يُ ْنقِي ِه ُم بالمــــــا ِء واألُ ْشــــــن ِ‬
‫َان‬ ‫ـامر‬
‫ـر غـ ٍ‬ ‫والنُّصْ ُح مبــذو ٌل كنهـ ٍ‬
‫فكأســـا بعـــ َدهُ َّن ثَ َم ِ‬
‫ـــان‬ ‫ً‬ ‫كأســـا‬
‫ً‬ ‫صـــفَّى‬ ‫العســـل ال ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ي ُْســـقَى ِمنَ‬
‫ان‬ ‫َكيَّةُ النِّ َ‬
‫ير ِ‬ ‫َربِّي وإِاَّل‬ ‫فيهُؤهُ ِّ‬
‫الشــفَا ُء لِـــ َم ْن أرا َد ِشــفَا َءهُ‬ ‫دا‬

‫ان‬‫‪ِ -‬م ْن عَوْ ِن َربِّي‪ -‬قَ ْذفَةَ البُرْ َك ِ‬ ‫ــــار تَخَالُــــهُـ‬


‫إن الكال َم ِمنَ ال ِكبَ ِ‬ ‫َّ‬
‫ان‬ ‫ـــل َّ‬
‫الشـــ ِ‬ ‫ككالم أَ ْه ِ‬
‫ِ‬ ‫وكال ُمـــ هُ‬ ‫والشي ُخ يحيى َسـائ ٌر ب َم َسـ ِ‬
‫ار ِه ْم‬
‫ِم َّم ْن يُقَ ْعقَــــ ُع عنــــدَه بِ ِشــــن ِ‬
‫َان‬ ‫تحســـبن الشـــيخَ يحـــيى أَنَّهُ‬
‫َّ‬ ‫ال‬
‫َــــــراهُ تُقِلُّهُ القَــــــد ِ‬
‫َمان‬ ‫َ‬ ‫ال لَ ْن ت‬ ‫ق القــوي َم َس ـفَاهَةً‬
‫َم ْن عان َد الح ـ َّ‬
‫واإلعْاَل ِن‬
‫الســرِّ ِ‬ ‫جلســاتُك ْم في ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫أَتَ َكتُّ ٌل فَتَ َع ُّ‬
‫صــــــبٌ فَت ََح‬
‫ــــــزبٌ‬
‫غان‬
‫الر َو ِ‬ ‫ب أنتَ في َ‬ ‫ِم ْث َل الثُّ َع ْيلِ ِ‬ ‫أهـــل الهُـــدَى في‬ ‫ِ‬ ‫والقَـــ ْد ُح في‬
‫ْ‬
‫ْـــر للفَتَى الـــ ِّد ْهقَ ِ‬
‫ان‬ ‫دار خَ ي ٍ‬ ‫عن ِ‬ ‫وُخف ُغيَــــــــ رُو ُر ُك ْم وال ِكبْــــــــ ُر‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــثُ ٍَّةم‬
‫وس ـنَّ ِة ال َعـ ْدنَاني‬
‫ب ُ‬‫هُ ِمنَ ال ِكتَــا ِ‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــ ُرعلُِّو ْمتُُج ُم ُك ْوم‬
‫َب الـــ ِذي‬ ‫ُخ‬
‫وأَ َســـأْتُ ُم األَد َ‬
‫وإذا ت ََشـــا بال َك ْســـ ِر فَ ِ‬
‫اإل ْســـ َك ِ‬
‫ان‬ ‫ضــــ ِّم ال َغي ِْن‪ -‬هــــذا‬ ‫ُغ ْمــــ ٌر ‪-‬بِ َ‬
‫ــــــان‬ ‫وليس يَ ْفت َِرقَ‬
‫َ‬ ‫ــــــان‬ ‫يَتَتَابَ َع‬ ‫كال ْبهُطُمهاُ‬
‫ضــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والح ْق ُد الــ َّدفِ ُ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫فالجه ُل‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ب النَّ ْشـــ َو ِ‬
‫ان‬ ‫ار ِ‬ ‫تَ ْيهًا َكتَيْـــ ِه َّ‬
‫الشـــ ِ‬ ‫س‬ ‫ويظُ ُّن جـــاهلُهُ ْم بِـــأ َ ْن لَــــ ِم َ‬
‫لو كــــان ِم ْن أمثــــالِ ُك ْم أَ ْلفَ ِ‬
‫ــــان‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ُك َم ْما‬ ‫أَال ْق َّس ِ‬
‫ص ـرْ ج َُو ْي ِهـ ُل لَ ْس ـتُ ُم بــأُولئِ‬
‫هــــــان‬
‫ِ‬ ‫ق وال بُرْ‬ ‫َب ْغيًا بال َحــــــ ٍّ‬ ‫ـيخها‬ ‫اج أو ِم ْن شـ ِ‬ ‫أَتَنَــا ُل ِم ْن َد َّم َ‬
‫كــان‬
‫ِ‬ ‫الذ َرى ُمتَ َمنِّ َع األَرْ‬ ‫ْب ُّ‬
‫صع َ‬ ‫َ‬ ‫َد َّما ُج يحميـــ ِه اإللـــهُ فقد غَـــ دَا‬
‫لــدان‬
‫ِ‬ ‫الو‬
‫ــال بِ َر ْميَــ ِة ِ‬
‫الجبَ ِ‬ ‫نَي َ‬
‫ْــل ِ‬ ‫ــاو ْلتُ ُم‬
‫ضــ َح ْكتُ ُمونَا يــو َم أَ ْن َح َ‬
‫أَ ْ‬
‫ان‬‫الص ـ ْبيَ ِ‬
‫ـرا ِّ‬ ‫ـرا ٌء ِم ْن هُـ َ‬ ‫ْ‬
‫لكن هُـ َ‬ ‫لو كــــان ذاكَ ِب َر ْميَــــ ٍة فَلَ ُربَّ َما‬
‫يــــو َم ال َك ِريهَــــ ِة إِنَّه َُّن أَ َمــــاني‬ ‫صـــيبُهُ ْم‬ ‫الن فُالنَ أَ ْن َسنُ ِ‬ ‫َمنَّى فُ ُ‬
‫وســ ُكوتُ ُك ْم ِســي ِ‬
‫َّان‬ ‫صــ َرا ُخ ُك ْم ُ‬ ‫فَ ُ‬ ‫ـر ُك ْم وتُقَ ْلقِلُــوا‬ ‫إِ ْن ت َْس ـتَ ِميلُوا َغ ْيـ َ‬
‫ان‬
‫َــــــو ِ‬
‫َار ه َ‬ ‫تاهلل ما ُك ْنتُ ْم بِــــــد ِ‬ ‫ـــــــــــــــر ْمتُ ُم َوأُ ِع ْنتُ ُم ُم ِّك ْنتُ ُم‬
‫ِ‬ ‫أُ ْك‬
‫وأُ ِه ْنتُ ُم بـــــالطَّرْ ِد وال ُخ ْ‬
‫ـــــذاَل ِن‬ ‫وس ـ ُك ْم‬ ‫ب نُفُ َ‬ ‫حــتى أَ ْه ْنتُ ْم بالـ ُّـذنُو ِ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬ ‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪126‬‬
‫أَ َرأَيْتَ َم ْن أَرْ دَى بِــ ِه الظِّ ْلفَ ِ‬
‫ــان‬ ‫ف َح ْتفَها‬ ‫َت بِ ِظ ْل ٍ‬‫كال َّشا ِة يو َم َدع ْ‬

‫الشــــيْخَ بــــالثَ َو ِ‬
‫ران‬ ‫أَتُقَــــابِلُونَ َّ‬ ‫هَبْ أَ َّن َشــــــي ِْخي إِ ْذ نَفَــــــا ُك ْم‬
‫نــــــان‬ ‫أَب َ‬
‫ْصــــــرْ تَهُ ْم ولِ ُكلِّ ِه ْم قَرْ‬ ‫ئ ِحـ ْ‬
‫ـزبٌ إِ ْذ ن ََش ـا بِقُرُونِ ـ ِه‬ ‫ُملو ْخ ِط ٌ‬
‫كان‬
‫ِ‬
‫ان‬ ‫أَتُ َعـــا ِملُونَ العُـــرْ فَ بـــالنُّ ْك َر ِ‬ ‫يضــــــهَا‬ ‫أتقــــــابلونَ َم َحبَّةً بِنَقِ ِ‬
‫وتُ َكـــ ِّدرُونَ َم َوائِـــ َد ِ‬
‫اإلحْ َســـ ِ‬
‫ان‬ ‫أَتُبَــــــا ِدلُونَ َج ِميلَــــــهُ ِبقَبِ ِ‬
‫يح ُك ْم‬
‫الو ْلهَ ِ‬
‫ــــان‬ ‫ــــو ْلتُ ُم َكت ََو ْلــــ ُو ِل َ‬
‫َو ْل َ‬ ‫فـــــإذا َكـــــ َوى َشـــــ ْي ِخي ُرء َ‬
‫ْوس‬
‫وســــــــــــــــــــــــــــــــــــَــ ُكد َْام‬
‫َُكر ْم ُء ِ‬
‫ـر ُك ْم وقُيُــو ِد ُك ْم ِم ْن َعـ ِ‬
‫ـان‬ ‫في فِ ْكـ ِ‬ ‫ب خَ بَّ ْبتُ ُمــوهُ و َك ْم غ‬
‫طــال ٍ‬
‫ْــــدان‬
‫ِ‬ ‫ب ال األَب‬ ‫ِم ْن ِعلَّ ٍة في القل ِ‬ ‫ب ت ََركَ الـ ُّ‬
‫ـزاَل َل وعَافَ ـهُ‬ ‫َك ْم طال ٍ‬
‫ان‬
‫ـر ِ‬ ‫فَ َغـ دَا َر ِهينَ البَحْ ـ ِر والطَّيَـ َ‬ ‫ب نَفَّرْ تُ ُمـوهُ ع َِن الهُـدَى‬‫َك ْم طال ٍ‬
‫ان‬
‫صــ َم ِ‬ ‫َع ْن َد ال ُمهَ ْي ِم ِن يَ ْلتَقِي الخَ ْ‬ ‫فالموعــ ُد هللاُ الــ ِذي نَــ ْد ُعوهُ إِ ْذ‬ ‫ِ‬
‫واإل ْخـ َو ِ‬
‫ان‬ ‫ب ِ‬ ‫فضاًل ع َِن األحبا ِ‬ ‫الضــيَا َع‬ ‫ضــى َ‬ ‫َم ْن ذا الــ ِذي يَرْ َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلم‬
‫الســـفَا ٍَل‬ ‫َملم ْنس ذا الـــ ِذي يَرْ َ‬
‫يمــان‬
‫ِ‬ ‫الع ْل ِم ِ‬
‫واإل‬ ‫ِم ْن بعــ ِد أَ ْخــ ِذ ِ‬ ‫ضـــى َّ‬
‫نه‬
‫لنفســــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ ِ‬ ‫لَ ِ‬
‫ان‬
‫ـو ِ‬‫ح وهَـ َ‬ ‫فاض ـ ٍ‬
‫ي ِ‬ ‫ـز ٍ‬ ‫ِب ـ ُذي ِ‬
‫ُول ِخـ ْ‬ ‫ضـــى ِم‬ ‫ْـــرةٌ فيمن َم َ‬ ‫ـــكَ ِعب َ‬
‫ف‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْاكلِبَهُ ٍْم‬ ‫َس‬
‫ــر ٍـة ُمتَ َك ِّســ ِري األَ ْســن ِ‬
‫َان‬ ‫في ُح ْف َ‬ ‫ت َر‬‫نـــا َد ْتهُ ُم الـــ ُّدنيا فَـــأ َ ْلقَ ْ‬

‫ــك في الــ ُّد َّك ِ‬


‫ان‬ ‫الع ْل ِ‬
‫لــبيع ِ‬ ‫وفَتًى‬ ‫لو ِظيفَ ـ ٍة أو َم ْ‬
‫ط َع ٍم‬ ‫ض ـى َ‬‫هــذا َم َ‬
‫ِ‬
‫ـان‬
‫والحيتـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ـ ْي ِد‬
‫َّ‬ ‫أَ ْلقُــوْ ا ِشـباكَ‬ ‫ـار َدعَـاهُ ُم‬ ‫وجماعةٌ َ‬
‫صـ ْي ُد البِ َح ِ‬
‫الســــــــوق‬‫ويُتــــــــاجروا في ُّ‬ ‫ما قَوْ لُنَا َسخَ رًا به ْم أَ ْن يشــتروا‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــان‬
‫ـــان‬ ‫باإلحس‬
‫كنتَ ترجُـــوهُ ِمنَ الفِ ْتيَ ِِ‬ ‫َم ْن‬ ‫َــرى‬ ‫الجبين ْ‬
‫بأن ت َ‬ ‫ُ‬ ‫لكن لهُ يَ ْندَي‬
‫ْ‬
‫ان‬ ‫ب النِّ َ‬
‫ير ِ‬ ‫نَ تَقَا ُدعًا َ‬
‫كجنَـــــــا ِد ِ‬ ‫يَتَهَــالَ ُكونَ على ال ـ ُّدنَا َيتَقَــا َد ُعو‬
‫َحطَبًا لكـــــــلِّ ُم َعانِـــــــ ٍد فَتَّ ِ‬
‫ان‬ ‫وجماعةٌ صاروا فريسةَ غافِ ٍل‬
‫ثُ َّم ارْ تَ َمى َك ْهاًل َمـــ َع ال ُع ْميَ ِ‬
‫ـــان‬ ‫أَ ْفنَى وأجهـــ َد ُع ْم َ‬
‫ـــرهُ بِ َشـــبَابِ ِه‬
‫ق باألَ ْش ـطَ ِ‬
‫ان‬ ‫ُحــرٌّ فكيــفَ ي َُس ـا ُ‬ ‫با ُعو ُك ُم في الس ِ‬
‫ُّوق يو َم َمــزَ ا ِد ِه‬
‫زَ فُّوا إِلَيْــــ ِه ِب َشــــ َ‬
‫ارةًـ وتَهَــــاني‬ ‫الغرُّ الوضي ُع تَ َكالَبُوا‬ ‫إِ ْن ي ْ‬
‫ُط َر ِد ِ‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬ ‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫" نَ ْ‬
‫‪127‬‬
‫احتقــــار ذاك أَ ْم طُ ْغيَ ِ‬
‫ــــان‬ ‫ٍـ‬ ‫أَ ِم ِن‬ ‫يتنافسونَ على ال َّردَى يا َو ْيلَهُ ْم‬
‫والخاَّل ِن‬
‫ِ‬ ‫اإل ْخـــ َو ِ‬
‫ان‬ ‫ُز َمـــ رًا ِمنَ ِ‬ ‫يا ليتَ ِشــــــع ِْري َك ْم خ َِســـــــرْ تَ‬
‫الجــرْ َذ ِ‬
‫ان‬ ‫ـرةَ ِ‬ ‫ُص ـالِ ُح ُز ْمـ َ‬
‫ِهــرٌّ ي َ‬ ‫ك‬ ‫وضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّــــع َ‬
‫ُوا‬ ‫ْري َهــــلْ أَتَ ْت‬‫يا ليتَ ِشــــع ِ‬
‫َ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــةً‬
‫واألبـــدان‬
‫ِ‬ ‫اختالف القَ ْل ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫بعـــ َد‬ ‫ماليبَ أَ َرى َج ْم َع ال َعـ ُد ِّو ت ََو َّح ُدوا‬
‫ِع ِجي‬

‫ان‬ ‫ما ذاكَ إِاَّل َســــ ْ‬


‫ط َوةُ العُــــ ْد َو ِ‬ ‫ح بَ ْينَهُ ْم‬ ‫أَد ََريْتَ َم ْن يَ ْس َعى لِص ُْل ٍ‬
‫قــالوا التَّ َســرُّ َع ثُ َّم فَ ْقــ َد َحن ِ‬
‫َــان‬ ‫ما َشــــأْنُ ُك ْم ما تَ ْنقِ ُمــــونَ َعلَ ْي ِه ُم‬
‫ْــز ِم قُــ ْد َوةٌ وتَــد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما ذا بــأ َ َّو ِل هَجْـ ِو ُك ْم فَلَ ُك ْم بِ ِش ْنــ‬
‫َان‬ ‫ـــشنَ ِة األخَ ي ِ‬
‫ِ‬
‫ويمـــــان‬
‫ِ‬ ‫للمســـــتقيم يمينُـــــهُ‬
‫ِ‬ ‫متواضـ ٌع‬
‫ِ‬ ‫فالشــي ُخ يحـيى عــال ٌم‬
‫يــــان‬
‫ِ‬ ‫يتقــــاودون تقــــا ُو َد ال ُع ْم‬ ‫أوكلما طــــر َد المشــــاي ُخ ثُلَــــةً‬
‫ونقــو ُل َم ْن لِخزَ انَــ ِة َ‬
‫الحــ رَّاني‬ ‫يتو َّع ُدونَ بِــأ َ ْن َســن َْذ ُك ُر فَ ْقــ َدهُ ْم‬
‫ســان‬
‫ِ‬ ‫فينا ُدرُوسُ جماعــ ِة الفُرْ‬ ‫ت‬ ‫ُوج ُك ْم َك ْم فُتِّ َح ْ‬‫أَ َرأَيْتَ يو َم ُخر ِ‬
‫ين ال َّداني‬ ‫َشتَّى الفُنُ ِ‬
‫ون ِمنَ ال َم ِع ِ‬ ‫َت ُد َر ُر القَاَل ئِ ِد وارْ ت ََو ْ‬
‫ت‬ ‫وتن َّوع ْ‬

‫ق النُّ ْع َم ِ‬
‫ــان‬ ‫َت َك َشــقَائِ ِ‬ ‫فَلَقَــ ْد بَــد ْ‬ ‫واســــــتُ َّل ِم ْن زَ ي ِْن الــــــ ُورُو ِد‬‫ْ‬
‫يضـــــــــــــــــــــــــــــــــه‬
‫ـــواُ‬ ‫َميا ِرإِ ْخ ُوتَـــاهُ تَيَقَّظُـــوا وتَ َعلَّ ُم‬
‫أَ ْن َسوْ فَ يَ ْلقَى َس ْعيَهُ ال ُمتَـ َ‬
‫ـواني‬
‫َاجـ ِذ األَ ْس ـ ِ‬
‫نان‬ ‫َض ـوا علي ـ ِه ِبن ِ‬
‫ع ُّ‬ ‫يا إِ ْخ َوتَا ما الخــي ُر إِاَّل َســ ْي ُر ُك ْم‬
‫يســةَ األَ ْث َم ِ‬
‫ــان‬ ‫ُد ْنيَا ال ُغــ ر ِ‬
‫ُور بَ ِخ َ‬ ‫وســـــ ُك ْم‬‫يل نُفُ َ‬ ‫إِيَّا ُك ُم أَ ْن ت َْســـــتَ ِم َ‬
‫ـــــان‬
‫ِ‬ ‫ق وبَيَ‬ ‫ب وتَفَ ُّ‬
‫ـــــو ٍ‬ ‫وتَـــــأ َ ُّد ٍ‬ ‫فالع ْل َم والنُّصْ َح ْالزَ ُموا بِ َس ـ ِكينَ ٍة‬
‫ِ‬
‫ان‬ ‫اَل تُ ْشــــ َغلَ َّن ِب ُخبْــــزَ ٍة ِ‬
‫وخــــ َو ِ‬ ‫ير ُمثَابِرًا‬
‫ص َ‬‫َسابِ ْق به ال ُع ْم َر القَ ِ‬
‫صـــلْ لل َم َحـــ لِّ الثَّاني‬
‫ُحفَـــ ٌـر فَ َح ِّ‬ ‫ف َم َح ُّلكَ اليو َم القُصُو ُر وبعــ َدهَا‬
‫ــــــظ ُجهُــــــودَكَ يا أَ ِخي‬‫ْ‬ ‫واحْ فَ‬ ‫أهـــل‬
‫ِ‬ ‫ار ْع أِل َ ْخـــ ِذ ال ِع ْل ِم ِم ْن‬
‫َســـ ِ‬
‫ان‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــو‬ ‫صَ‬‫ِيبُ ْم ِ‬ ‫التُّقَى‬
‫وج َ ِِ‬
‫نــان‬ ‫ض ـ ٍة ِ‬ ‫لروْ َ‬ ‫ضى علي ِه َ‬ ‫ق ِع ْل ِم الـــــد ِ‬
‫ِّين َدرْ بٌ‬ ‫فطريـــــ ُ‬
‫ال تُ ْخـــــــ َدع َْن بِفُاَل ٍن اب ِْن فُاَل ِن‬ ‫ح‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ َك ٌهُ‬
‫ص َد ال َّشي ُ‬
‫ْطان في ِه ِشــبَا‬ ‫ض َ‬ ‫وا أَ ِرْ‬
‫قد‬
‫واإلحْ َســ ِ‬
‫ان‬ ‫يُ ْك َسى لِبَ َ‬
‫اس الفَ ْخ ِر ِ‬ ‫ْصـرًا ُمتَأ َ ِّدبًا‬
‫فَ َم ِن ارْ ع ََوى ُم ْستَب ِ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬ ‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪128‬‬
‫ت َكفَاني‬ ‫ما َح َّل بي ُم ْذ أَ ْن لُ ِد ْغ ُ‬ ‫ــوا ِة فَقُــلْ‬
‫وإذا ارْ تَ َميْتَ َمــ َع ال ُغ َ‬
‫ت الفِئَتَـ ِ‬
‫ـان‬ ‫السـ َحابُ وبــانَ ِ‬ ‫قُ ِشـ َع َّ‬ ‫صـــرُوا وتَنَبَّهُـــوا‬ ‫لَياهُ ْإِم ْخ َوتَـــاهُ تَبَ َّ‬
‫بالحرْ َم ِ‬
‫ــان‬ ‫للشــيخ يحــيى بَــا َء ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْن كــان ذا إِ َح ٍن َكقَ ـ ْد ِر قُاَل َمـ ٍة‬
‫لَ ْســتُ ْم كيحــيى ْإذ يَلِي ويُ َعــاني‬ ‫ف ِم ْنهُ ُم‬
‫اط ُ‬ ‫يا َم ْن ت ََح َّر َك ِ‬
‫ت ال َع َو ِ‬
‫يـــــان‬
‫ِ‬ ‫ْس الـــــ ِذي ُخبِّرْ تُ ُم َك ِع‬ ‫لَي َ‬ ‫يـــــــــل إِنَّهُ‬
‫ٍ‬ ‫يا َم ْن َعتِبْتَ بال َدلِ‬
‫ال تُ ْلــــ َد ُغ َّن اليــــو َم بالثُّ ْعبَ ِ‬
‫ــــان‬ ‫ان ا ْستَ ْيقِظُوا‬
‫ي على البَيَ ِ‬ ‫يا الئِ ِم َّ‬
‫ـــــــان‬
‫ِ‬ ‫لكن َمـــــــ َع األي َِّام يَ ْفت َِرقَ‬
‫ْ‬ ‫ُــــور‬
‫ِ‬ ‫ــــوى يــــو َم الظُه‬ ‫إن الهَ َ‬ ‫َّ‬
‫ان‬ ‫وتَ َمثَّلُــــوا بِ َمقُولَــــ ِة َّ‬
‫الســــ َّم ِ‬
‫َى‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــد‬
‫ســـةٌ‬ ‫إن ْالهُ َّ‬
‫الـــذ َكا َء بِاَل زَ َكـــا ٍء نَ ْك َ‬ ‫لَ َ َّك‬

‫ق ِمنَ الــــــرَّحْ َم ِن‬‫إِاَّل بِتَوْ فِيــــــ ٍ‬ ‫ت بِنَــافِ ٍع‬ ‫وقال لَ ْس ـ ُ‬


‫َ‬ ‫هَتَفَ َّ‬
‫الذ َكا ُء‬
‫ت أَ ْ‬
‫ط َرافُهَا ِب ُج َم ِ‬
‫ــان‬ ‫قَــ ْد طُــرِّ زَ ْ‬ ‫أَرْ َســـــــــــــــ ْلتُهَا نُونِيَّةً َذهَبِيَّةً‬

‫ْـــر َما ِغشٍّ َواَل إِ ْده ِ‬


‫َـــان‬ ‫ِم ْن َغي ِ‬ ‫َصـــائِ ِحي ُمتَلَطِّفًا‬ ‫تن َ‬ ‫فيها بَـــ َذ ْل ُ‬
‫ان‬ ‫ناصــحًا وال ْف َ‬
‫ضــ ُل لِل َمنَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بَــلْ‬ ‫ـاواًل‬
‫ـاخرًا ُمتَطَـ ِ‬ ‫َما قُ ْل ُ‬
‫ت َذاكَ ُمفَـ ِ‬
‫أبوعبدالرحمن فتح بن عبدالحافظ بن إسماعيل المعافري القدسي‬
‫(أُلقيت بدار الحديث بدماج في ذي القعدة‪1248/‬هـ)‪.‬‬

‫هذه دماج‬
‫إن أخلص الــــــدين في الروحــــــات‬ ‫بــــالظفر‬
‫ِ‬ ‫َد َّماجُ عــــاد الـــذي يأتيـــك‬
‫والبُ َك‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر‬
‫ِـ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مالز ًمـــا في الطريـــق الشـــد لألز ِر‬ ‫علن‬
‫وراقب هللاَ في ســـــــــــــرٍّ وفي ٍ‬

‫ـر‬
‫في غير حق مضواـ بالجهــد وال ُع ُمـ ِـ‬ ‫هــام الغــواة بوصــف للنســا غَــ َزاًل‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪129‬‬ ‫ُ‬
‫وصـــف لبثنـــة أو جاراتهـــا األخَـــر‬ ‫من وصف ليلى كذا وصف لعــزة أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫والبشــر‬
‫ِـ‬ ‫وصــفـ لقــ ٍد ولــون الشــعر‬ ‫نعت الخــــــــــدودـ فنعت العين يتبعه‬

‫ص ـ ِر‬
‫ـول والقِ َ‬
‫والريح منها وحال الطـ ِ‬ ‫ق واإلدال َل قد وصــفوا‬
‫والسير والنط َـ‬
‫َ‬

‫ـــر‬ ‫حســـنا َء تَ ْق ُ‬
‫صـــ ُر عنهـــا دارةُ القَ َم ِ‬ ‫واصـــــف َد َّما َج في ُحلَ ٍ‬
‫ـــــل‬ ‫ٌ‬ ‫لكنـــــني‬

‫والســـفر‬
‫ِ‬ ‫أني بهـــا ُم ْغـــر ٌم في الحـــ ِّل‬ ‫صـــاح أنبئهـــا مـــتى ترها‬
‫ِ‬ ‫باهلل يـــا‬

‫تــــذري‬
‫ِ‬ ‫من النَّدى فيــــك لم تبقي ولم‬ ‫كــأن مــا فُ ـ ِّرقت في غــيرك اجتمعت‬

‫وشامةً في الخدود البيض فــازدهريـ‬ ‫يـــا غـــرةٌ في جـــبين الـــدهر فاتنـــةً‬

‫والبصـــر‬
‫ِـ‬ ‫واألذهـــان‬
‫ِ‬ ‫ســـاَّل بةَ القل ِ‬
‫ب‬ ‫يـــا وردة في ربـــاع اليمن ناضـــرة‬

‫الســـــــ َح ِر‬
‫بعابـــــــد قـــــــائم هلل في َ‬ ‫يا روضة من رياض الخــير عــامرة‬

‫بـــالعبَر‬
‫ِ‬ ‫لخـــوف هللا‬
‫ِ‬ ‫والعينُ فاضـــت‬ ‫ذاكـــــــــــر هلل مختليًا‬
‫ٍ‬ ‫وصـــــــــــائم‬
‫ٍـ‬

‫بشـــر‬
‫ِ‬ ‫بجنـــة الخلـــد لم تخطـــر على‬ ‫يرجــوا اإللــه لنيــل الفــوز في غــد ِه‬

‫الحـــذر‬
‫ِ‬ ‫في أمســـه خائفًـــا في غايـــة‬ ‫ب قــد جنت يــ ُدهُ‬
‫َمــ ْع كونــه من ذنــو ٍ‬

‫البصــر‬
‫ِ‬ ‫رج ًمــا بغيب يــرى كشــاهد‬ ‫ُ‬
‫الحــــديث الــــذي تُلقى عواهنه‬ ‫ليس‬

‫ج ٌّم غفــــي ٌر من األبطـــــال والنُ ُم ِـ‬


‫ــــر‬ ‫َد َّماج يـــا من تـــربى في حضـــانتها‬

‫َّ‬
‫والضــ َر ِـر‬ ‫الزيغ‬
‫ِ‬ ‫أه ُل الضالل وأه ُل‬ ‫َد َّماج يــــــا من تــــــر َّدى في مخالبها‬

‫والشــرر‬
‫ِـ‬ ‫من ذكرهــا فئــةُ الطغيــان‬ ‫ُعبَت‬
‫َد َّماج يـــا قلعـــة اإلســـالم كم ر ِ‬

‫جمعيـــةٌ ســـاهمت بالشـــرـ والـــ َو َحر‬ ‫صــــوفيةٌ شــــيعةٌ إخــــوانُ ســــي ِدهم‬

‫لســــنا نبــــالي بحمــــد هللا بالهَــــ َذ ِر‬ ‫ٌ‬


‫شــامت حســدًا‬ ‫القـــول فيهـــا‬
‫َ‬ ‫وأَ ْكثَــ َـر‬

‫والبـــد ُر ال يســـتويـ وقالمـــةُ ُّ‬


‫الظفُ ِ‬
‫ـــر‬ ‫ديـــــار مـــــا يناوئها‬
‫ٍ‬ ‫وأنشـــــئوا في‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪130‬‬
‫حــتى تؤوبــوا ويَ ْ‬
‫ص ـ ِغىـ القلبُ للعــبر‬ ‫بعــون ربي عصــا موســى لكم أبــدًا‬

‫فعـــاد في َر ْميِهـــا بالســـهم والـــوترـ‬ ‫وبعضــهمـ أحســن الــرمي الســديد بها‬

‫ـر‬
‫ماض ومك ـ ُر القــوم لم يضـ ِ‬
‫ٍ‬ ‫والحق‬ ‫من عارض الحــق يســعى في مهانته‬

‫ـر‬
‫ـيص في هَ َجـ ِ‬
‫ت الشـ ِ‬
‫ـر ذا ِ‬
‫كبائع التمـ ِ‬ ‫ومن تعـــــــــــالى على َد َّماج مجترئًا‬

‫بالطــــــــــائر ال َعقِر‬
‫ِـ‬ ‫إني أمثِّلُـــــــــــهُ‬ ‫لألعالم في ســـــــــــــــف ٍه‬
‫ِ‬ ‫ومن تن َّك َر‬

‫أَنَّى تــــــؤث ُر فيــــــ ِه رميــــــةُ ال َح َجر‬ ‫بحصـى‬


‫ً‬ ‫كالبحر يرميــه طفـ ٌل عــاج ٌز‬

‫البشــر‬
‫ِ‬ ‫ال في القبــور وال تحيــا كمــا‬ ‫إني أراك تمــــوت اليــــوم من َك َمــــ ٍد‬

‫واألثــــر‬
‫ِ‬ ‫إن النضــــال عن القــــرآن‬ ‫العميم بها‬
‫ِ‬ ‫الخـــــير‬
‫ِ‬ ‫إن النفـــــا َح عن‬

‫ُر‬
‫األحجــار والجُــ د ِـ‬
‫ِ‬ ‫ليس الــدفا ُ‬
‫ع عن‬ ‫إن الــــــدفاع عن النهج القــــــويم أال‬

‫ـهل والـ َو ِع ِر‬


‫ـل السـ ِ‬
‫أهل البــوادي وأهـ َ‬
‫َ‬ ‫عن دعــوة الشــيخ َسـلْ أهــل الحقــول‬
‫وســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلْ‬
‫َ‬
‫العصافير فوق الغصن والشــجرـ‬
‫َـ‬ ‫سل‬ ‫ســل الســحاب الــذي يعطيــك وابِلَــهُ‬

‫يأتيــك من قــد ســألت اليــوم بــالخبرـ‬ ‫والفلــك في البحــر ســلها عن مــآثره‬

‫ســيرًا صــحيحًا َمــ َع القــرآن واألثر‬ ‫قـــــد هيَّأ َ هللاُ فيهـــــا من يســـــير بنا‬

‫ورُبَّ أمنيــــــــــــــ ٍة أحلى من الظَفَر‬ ‫ذا كـــان قبـــل مجيء الشـــيخ أمنيـــةً‬

‫ص ـ ِـر‬ ‫بالبخــل لم تُرْ ميــا يو ًمــا وال َ‬


‫الح َ‬ ‫يـــــداه في هللا أعطت كـــــل غاليـــــ ٍة‬

‫والســـيَ ِر‬
‫ِ‬ ‫في عصـــرنا زينـــةَ اآلثـــار‬ ‫شــي ُخ الحــدي ِ‬
‫ث وشــيخ العلم في يمن‬

‫ن َِع ْمتَ بالخلـــد في الجنـــات والنُّه ِ‬


‫ُـــر‬ ‫إني ألرجـــــــو بـــــــأن هللا بشـــــــره‬

‫غرســــا لــــه من جنــــاه يــــان ُع الثمر‬


‫ً‬ ‫إني ألرجـــــو لـــــه خـــــيرًا وأن له‬

‫واجعلــه في رفقـ ِة الصــديق أو ُع َمـ ِ‬


‫ـر‬ ‫فارفعـــه يـــا رب في الـــدنيا وآخـــر ٍة‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪131‬‬ ‫َّ‬
‫كمــا تُنَقى الثيــابُ الــبيضُ من قَــ َذ ِر‬ ‫ـل‬‫ق الشــيخَ من زلـ ٍ‬
‫والذنب فاغفر ون ـ ِّ‬

‫َّ‬
‫والسـهَر‬ ‫من كـان أهاًل لحمـل العبء‬ ‫حــتى إذا مــا قضــى نحبًــا أنــاب له‬

‫ُصــر‬
‫بكــثرة في مــدار الحــول والع ُ‬ ‫العلم عــامرةٌ‬
‫ِ‬ ‫في دار شــيخي دروسُ‬

‫في العيـــد درس وشـــهر الصـــوم أو‬ ‫الــدرس في ُعطَــ ٍل‬


‫َ‬ ‫لســنا نوقَّفُ هــذا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفر‬
‫ِ‬ ‫ص‬
‫الجـ ْدر والشـ ِـ‬
‫ـجر‬ ‫والــواد تحت ظالل َ‬ ‫مكانهـــا مســـجد والســـقف أو ســـكن‬

‫شــطر من الليــل عنــد النــوم والفَتَر‬


‫ٍ‬ ‫ووقتهــــا من شــــروق يَ ْســــتَ ِمرُّ إلى‬

‫بأقســــــام لمعتــــــبر‬
‫ٍ‬ ‫من الــــــدروس‬ ‫علم العقيـــــــدة أغلى مـــــــا نمارسه‬

‫مثـــل األصـــول وكشـــف الشـــرك‬ ‫َر‬


‫صــغ ٍ‬
‫ففي العبــاد ِة درس النشــأ من ِ‬
‫والضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــررـ‬
‫خــــال من ال َكــــ د ِ‬
‫َر‬ ‫ٍ‬ ‫نحظى بمعتقــــد‬ ‫دُرُّ نضــــــي ٌـد وتطهــــــي ٌر لمعتقــــــ ٍد‬

‫كتــابُ توحيــ ِد ربِّ العــرش فابتــدرـ‬ ‫قـــو ٌل مفيـــ ٌد مبـــادي شـــيخنا وكـــذا‬

‫كواســـــــــطي ٍة او َح ْمويـــــــــ ِة األثر‬ ‫وفي الصــــــــــفات فكتب البن تيمية‬

‫قواعــدًا في صــفات الــرب والقــدر‬ ‫ي ِز ْد‬


‫والتدمريـــة مـــع متن الطحـــاو ِّ‬

‫بعض تلــك نكن منــهُ على َحــ َذ ِر‬ ‫في‬ ‫وغـــير تلـــك وإن يظهـــر لنـــا خطـــأ ٌ‬
‫ِ‬
‫البن الصـــالح و َم ْن يتلـــوهُ في األثر‬ ‫وللحــــــديث علــــــو ٌم في مقدمــــــ ٍة‬

‫نــــاظم ناقــــ ٍد يــــأتي ب ُم ْخت َ‬


‫َصــــ ِـر‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬ ‫كاشف عن خَ بْ ِء ُمع ِ‬
‫ْضــل ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫من باس ٍط‬

‫يحــيى النــواويُّ في التقــريب واليسر‬ ‫مثــ ُل العــراق ِّي أو كــأبي الفــداء كــذا‬

‫ــري‬
‫ث َح ِ‬
‫فتح ال ُمغي ِ‬
‫كذا السخاويُّ في ِ‬ ‫الــــذهبي‬
‫ْ‬ ‫ــــظ‬
‫الســــيوطي أو كموقِ ِ‬
‫ُّ‬ ‫أو‬

‫النظـــر‬
‫ِ‬ ‫ونخبـــ ٍة شـــرحُهاـ في نزهـــ ِة‬ ‫القـــــدر في نُك ٍ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫أو اإلمـــــا ُم العظي ُم‬

‫صـــر‬
‫من غـــير نســـيان بيقونيـــة القِ َ‬ ‫ـل‬
‫والخوض بعد بلــوغ الجهــد في علـ ٍ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬
‫الجويـــني مـــع ن ْ‬ ‫‪132‬‬
‫ـــر‬
‫َظ ٍم لـــه َع ِط ِ‬ ‫ِّ‬ ‫متن‬ ‫صـــالح وكـــذا‬
‫ٍ‬ ‫لشـــيخ‬
‫ٍ‬ ‫األصـــول‬
‫ِ‬ ‫عل ُم‬

‫الشـــافعي األثـــريـ‬
‫ْـ‬ ‫رســـالةٌ لإلمـــام‬ ‫وروضـــــةٌ وأتت منهـــــا مـــــذكرةٌ‬

‫ْــــر والــــ ُّد َر ِـر‬


‫الحب ِ‬ ‫وبلــــوغ َ‬
‫ِ‬ ‫كعمــــد ٍة‬ ‫وللدرايــــ ِة درسُ الفقــــه منتصــــبٌ‬

‫ث قَس ِْم المــال في األسـ ِ‬


‫ـر‬ ‫عل ُم المواري ِ‬ ‫كــــذا الــــدراريُّ للقاضــــي ويتبعها‬

‫ـو في تحف ـ ٍة َمـ ْع أصــلها ابتكر‬


‫والنحـ َـ‬ ‫عروضـــــهم‬
‫ُ‬ ‫بالغـــــةٌ خـــــطٌ إمال ٌء‬

‫والصـــرف فـــاعتبر‬
‫َـ‬ ‫ألفيـــةٌ شـــرحُها‬ ‫تتمتمهـــا ملحـــةٌ والقطـــ ُر بعـــدَهما‬

‫كتحفـ ِة الطِّ ْفـ ِ‬


‫ـل أو منظومـ ِة الجـزري‬ ‫كـــــذاك درسٌ لتجويـــــ ٍد بمعهـــــدنا‬

‫في غيرهـــــا الـــــدرسُ والتلقين في‬ ‫ت مثـــ ُل الشـــاطبي ِة أو‬


‫وفي القـــراءا ِ‬
‫الصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــغر‬
‫ت إلى مــا جــال في فكــري‬ ‫لكن أَ َشـرْ ُ‬ ‫وغـــــير ذاك كثـــــي ٌر في مجالســـــنا‬

‫الطــير في الــ ُو َك ِر‬


‫ِ‬ ‫يَ ْن ُمــون فيــ ِه نمــ َّو‬ ‫ولألعـــــاجم دَرسٌ قـــــد َر طـــــاقتِهم‬
‫ِ‬

‫بالــــذكر‬
‫ِ‬ ‫والنفــــ ُع فيهــــا وال يختصُّ‬ ‫يفيــــــد ذا ذا ويلقي الــــــدرس متقنُه‬

‫أصـــــــــابهن بحمـــــــــد هللا من فَتَر‬ ‫فللنســـــــاء دروس نحـــــــ َو ذاك وما‬

‫ال عـــــذر في تر ِكهـــــا إال لمعتـــــذر‬ ‫دروســاـ َع َّم حاضــرُها‬


‫ً‬ ‫أضــف إليهــا‬

‫ـل العشــا وبُ َع ْي ـ َد الظهــر وال َع َ‬


‫ص ـر‬ ‫قبـ َ‬ ‫درس شــيخي جــاء موعـدُه‬
‫َ‬ ‫أعني بها‬

‫والــدر تَ ْنهَــلُّ ِمن في الشـ ِ‬


‫ـيخ كــالمطر‬ ‫فيهــــــا الســــــكينة والتعليم في أدب‬

‫ـور‬ ‫قُــلْ جــام ُع الشـ ِ‬


‫ـيخ والتفســي ُر للسـ ِ‬ ‫مســـلم وكـــذا‬
‫ٍ‬ ‫ي أو في‬
‫درسُ البخـــار ِّ‬

‫حين من األوقــاتـ والتِّيَ ِ‬


‫ــر‬ ‫بعض ٍ‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫هذي الــرؤوس وأخــرى قــد تخالطهاـ‬

‫ص ـ ِر‬ ‫واف وبينَ الطُـ ِ‬


‫ـول والقِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫والوقت‬ ‫المقصــــد النفــــ ُع والــــرحمنُ يكلؤنا‬

‫ـور‬
‫تلقاهُ في صــور ٍة من أحســن الصـ ِ‬ ‫ب عن َكثَ ٍ‬
‫ب‬ ‫ُزرْ معهـد الشـيخ والطال ِ‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪133‬‬
‫إن كنت ذا أذن أو كنت ذا بصر‬ ‫ـبر‬
‫ـديار وق ـفـ منهــا على خـ ٍ‬
‫وائت الـ َ‬

‫ُ‬
‫نبـــات األرض بـــالمطر‬ ‫كمـــا يزيـــد‬ ‫يـــزداد يو ًمـــا فيو ًمـــا قـــد ُـر معهـــدنا‬

‫جمـــــــع الـــــــدفاترـ واألقالم وال ُزبُرـ‬ ‫بعـــد الفـــروض تـــرى الطالب قـــد‬
‫َح َشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدوا‬
‫ويَرْ ُمقــــون مكــــانَ الشــــيخ بالبصر‬ ‫وصـلَّ ُوا النفـ َل بعـد الـذكر وانتظـرواـ‬

‫ـور ويرج ـوـ طلعــة القمر‬


‫ـيص نـ ٍ‬
‫بصـ َ‬ ‫كالســار في الليلــة الظلمــاء مرتقبًــا‬
‫ِـ‬

‫ويـــرتقي صـــهوةَ الكرســـي كـــالنَّ َم ِر‬ ‫الفــرض ُمتَّئــدًا‬


‫ِ‬ ‫يســير شــيخي بُ َعيــ َد‬

‫ق نَ ِه ِ‬
‫ــــر‬ ‫وغيرهــــا من فُــــرا ٍ‬
‫ت دافــــ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َد َّما ُج أضحت تـرويـ النـاس في يمن‬

‫ُفــــر‬
‫وفي مــــدائنها والشــــرُّ في الح ِ‬ ‫الخـــير فيهـــا صـــاع ٌد أبـــدًا‬
‫َ‬ ‫فصـــعدةُ‬

‫النفـــر‬
‫ِ‬ ‫أهـــل البالد بهـــا من أكـــرم‬ ‫َد َّماج زينتهــــــــا وهللا ناصــــــــرها‬

‫ـرر‬
‫كم واجهــوا في ســبيل هللا من ضـ ِـ‬ ‫جــــزاهم هللا عنــــا اليــــو َم صــــالحةً‬

‫واألرض أعطــــوا لبــــاني الــــ ُّدورـ‬ ‫َ‬ ‫لم يبخلـــوا بالعطايـــاـ من مـــزارعهم‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر‬
‫ِـ‬ ‫وال ُح َج‬
‫ويُ ْبتَلى األخـــوةُ الحـــراسُ بالســـهر‬ ‫وطــــالبُ العلم يمســــي آمنًــــا فرحًا‬

‫قــد آو ُوا الــدعوةَ الغــرا َء في ال ـ ُو َك ِر‬ ‫فلنعــــــــرفن لهم حقًــــــــا فــــــــإنه ُـم‬
‫َّ‬

‫واإلســالم في الزبر‬
‫ِـ‬ ‫الحق‬
‫ِ‬ ‫في نصرة‬ ‫األزمــان ذكــ َرهم‬
‫ِ‬ ‫يــا ربِّ َخلِّ ْد مــدى‬

‫كــــذا بحاشــــ َد أو ســــفيانَ أو َخ ِم ِ‬


‫ــــر‬ ‫َع ْمــران َريْــ َدةُ فيهــا الخــي ُر ُم ْنت َِشــ ٌر‬

‫الخَــــو ِر‬
‫َ‬ ‫ال يَ ْســــبِقَ ْن ُكم إليه ْم زمــــرةُ‬ ‫ُمـ ُّدوا إليهم أيــاديْ النصــح في َع َجـ ٍل‬

‫إن تنشــــروا ســــنة المختــــارـ تنتشر‬ ‫يت في قُـــد ٍُم‬


‫وح َّجةُ اليـــو َم وال َمحْـــ ِو ُ‬
‫َ‬

‫كم َخرَّجواـ في طريـ ِ‬


‫ـق العلم من درر‬ ‫َحجُــــــــــو ُـر َح َّجةَ يــــــــــا هلل درُّ هم‬

‫رهــطٌ لشــيخي فشــدوا َمعْقــد األُ ُز ِر‬ ‫يكفي ُك ُم من عظيم الفخــــــــــــــر أنكم‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪134‬‬
‫والســنة اليــوم في صــنعا َء ناهضــةٌ‬
‫في مسج ِد الخير أو شــرقين أو َجـ ِد ِر‬

‫خــوالنُ َح ْي َمــ ةُ فيهــا أو بــني َمطَ ِ‬


‫ــر‬ ‫والخـــي ُـر يســـعى بجـــ ٍّد في جوانبهـــاـ‬

‫نصـــــر ودعوتُـــــه للخـــــير والظفر‬


‫ٍ‬ ‫ـام أبي‬
‫ـيخ اإلمـ ِ‬
‫ـبر مركــز الشـ ِ‬
‫في معـ ٍ‬
‫َّ‬
‫الـــذ ِم ِر‬ ‫يـــا مرحبًـــا ببالد الواعـــظ‬ ‫إلى ذمــــار وفيهــــاـ طــــالبٌ يقــــظٌ‬

‫والنج ُم في األفــق يهــدي تائــه البشر‬ ‫وفي الحديــــد ِة نَجْ م قــــد أضــــاء بها‬

‫الصـــادق األثـــري‬
‫ِ‬ ‫هلل دَرُّ التَّهـــا ِم ْي‬ ‫تَهامــةُ اليــو َم فيهــا الســنةُ انتشــرت‬

‫الضـــ ِح ْي بَاجـــ ٌل َمـــ ْع ُخوخَـــ ِة‬


‫َ‬ ‫َحيْسُ‬ ‫ُســــ ْينِيَ ٍة‬ ‫ُ‬
‫بيت الفقيــــ ِه زبيــــ ٌد َمــــ ْع ح َ‬
‫الطُ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر َـر‬
‫َ‬
‫الســور‬
‫ِـ‬ ‫منها األمين الوصابي المتقنُ‬ ‫أ َّما وصـــــابُ فعاليهـــــا وســـــافلُها‬

‫ـير بــاألثر‬
‫ْس الخـ ِ‬ ‫واذ ُكرْ َردا ًعــا ُمـ َ‬
‫ـري َ‬ ‫وريمــــةٌ عتمــــةٌ وال َعــــوْ ُد قَ ْعطَبَــــةٌ‬

‫َ‬
‫والشــــ ِع ِر‬ ‫الــــبرعي‬
‫ِّ‬ ‫ـــرق‬
‫ِ‬ ‫وســـ َّد ٍة َم ْف‬
‫َ‬ ‫ُـــــدين وبعـــــدا ٍن وقاعـــــد ٍة‬
‫ِ‬ ‫وفي الع‬

‫َـــز خـــيرًا كمـــا تهت ُّ‬


‫َـــز بالخضر‬ ‫تهت ُّ‬ ‫إبُّ المدينـــةُ والريـــفُ المحيـــطُ بها‬

‫من الخيــار كــذاك األَ ْمــ ُر في َ‬


‫صــبِر‬ ‫تعــــــز بال ِد العــــــ ِّز ناشــــــئةٌ‬
‫ٍّ‬ ‫وفي‬

‫أه ُل الهوى قد أُذيقوا جرع ـةَ الصــبر‬ ‫والح َشـــاـ َشـــ ِمي ُر َماويـــةٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وشـــرْ عَبٌ‬

‫ق من‬ ‫لن تَعْـــــ دَمواـ الخـــــي َر واألخال َـ‬ ‫فرســـــان مســـــابقةٌ‬


‫ٌ‬ ‫وفي ال َم َعـــــافرـ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــري‬
‫ِ‬ ‫ُج‬
‫ح َ‬
‫ـرر‬
‫صـول ٍة منهم وال ضـ ِـ‬ ‫تخش من َ‬ ‫َ‬ ‫لم‬ ‫قـــومـ إذا الطـــي ُر حلَّت في ِر َحـــالهم‬

‫هم األســـود عزيـــزو النفس والنفَ ِ‬


‫ـــر‬ ‫هم الكــــــــرا ُم إذا هَبُّوا لمكرمــــــــ ٍة‬

‫بمختصــــــر‬
‫ِ‬ ‫لحج وأبينَ والبيضــــــاـ‬
‫ٍ‬ ‫عَـــرِّ جْ بنـــا نحـــو ردفـــا ٍن وضـــالِ ِعناـ‬

‫إن كـــان في البَـــ ْد ِو أو إن كـــان في‬ ‫ُســــنِّيُّهم قــــد بــــدا للحــــق مفخــــرةً‬
‫الحضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر‬
‫ِ‬
‫فارعوه بالشكر في الروحات والبُ َك ِر‬ ‫ى‬ ‫يــا أهــ َل يــاف َع ُســدتُّم باتّ ِ‬
‫بــاع هــد ً‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪135‬‬
‫قــد رفــرفت فتالقىـ صــدق ذا الخــبر‬ ‫وانظ ـرـ إلى الســنة الغــراء في َعـ َدن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫عــوذوا بــربي من الخــذالن والفــتر‬ ‫بالحرص والجد يبقى الخير منتشــرًا‬

‫رجالُهــا قــد غــدوا في الحــق كــالنُّ ِم ِر‬ ‫الخـــير واإلحســـا ِن في يمن‬


‫ِ‬ ‫وشـــبوةُ‬

‫َّ‬
‫والس ـ ُمر‬ ‫أهل الشواطي وأه َل النخــل‬
‫َ‬ ‫األرض دعــوتُهم‬
‫َ‬ ‫أمــا الحضــارمـ ع َّم‬

‫أُ ِ‬
‫صـــيب أعـــداؤهم بالـــذل والخـــور‬ ‫ـال صــاحُبهاـ‬
‫من قــو ِة الــدعو ِة المفضـ ِ‬

‫ُصـــ ِوينَ غيضـــةَ حيث الصـــاحبُ‬ ‫ح ْ‬ ‫َحلِّق بنـــا فـــوق ســـيحو ٍ‬


‫ت وســـاحل ِه‬
‫المهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــري‬
‫سوقطرة اليوم أضحت زينــة الجــزر‬ ‫في لجة البحر تلقى الســعد في جــزر‬

‫وكم بالد بهــــــــــــــــذا النظم لم أُثِر‬ ‫هــذا وعَــ ُّد بِقــاع األرض أعجــزني‬

‫جــــاءت بحــــق عميم النفــــع منتشر‬ ‫ُول مــــا نالهــــا قلمي‬


‫ناهيــــك عن د ٍ‬

‫أن تنصــــرواـ دين رب العــــرش في‬ ‫ى‬


‫يؤمـــل القـــوم فيكم رفعـــة وهـــد ً‬
‫صـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر‬
‫ال ُع ُ‬
‫مــا قــد يعــوق من األشــغال والفِ َكر‬ ‫فال يخيبن ذاك الظن واطَّ ِرحــــــــــوا‬

‫عــاد الصــبا بعــد إيفــاء على الكــبر‬ ‫ْ‬


‫ولتغنم ال ُع ْمــر قبــل الفــوت فيــه فما‬

‫وجــــ َّد في العلم والتعليم واصــــطبر‬


‫ِ‬ ‫وض ـ َّن به‬ ‫ْ‬
‫ولتشــغ ِل الــوقتَ في خــير ُ‬

‫تهصــــروه بــــإذن هللا يَ ْنهَ ِ‬


‫صــــ ِـر‬ ‫ِ‬ ‫إن‬ ‫فــالعلم ســهل على َم ْن َجــ َّد في طلب‬

‫ربي كمــــا قالــــه في ســــورة القمر‬ ‫والـــذك ُـر والشـــرعـ والقـــرآن َّ‬
‫يســـره‬

‫َّ‬
‫والصـــــ َدرـ‬ ‫َّ‬
‫تعجلن على اإليـــــراد‬ ‫ال‬ ‫فحبس النفس في نيـــــل العلـــــوم أال‬

‫كالفرخ في العش لم يَـ ْدرُج ولم يَ ِطـ ِ‬


‫ـر‬ ‫فمن تعجـــل قبـــل النضـــج موعـــدَه‬

‫ــــراق تجــــو ُد العينُ بــــالعبر‬


‫ِ‬ ‫من الفِ‬ ‫يـــا من تـــركتم أهـــاليْكم وإخـــوتَكمـ‬

‫حتى افترشم بساطَ الرمــل والح ُ‬


‫ُصـر‬ ‫ً‬
‫فراشــــا الن موطئه‬ ‫يــــا من تــــركتم‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪136‬‬
‫والمــــدر‬
‫ِ‬ ‫ت من األعــــوا ِد‬
‫إلى بيــــو ٍ‬ ‫يــا من تــركتم قصــورًا في مــدائنكم‬

‫إلى يســــــــــــير من األزواد والثمرـ‬ ‫ومطع ًما قد حوى األصنافَ في رغد‬

‫إلى قليـــــل من األمـــــوال ُمـــــ َّدخ ِ‬


‫َر‬ ‫ومتجــرًا در منــه الــرِّز ُ‬
‫ق في َســ َع ٍة‬

‫إلى نعــــال شــــديد القــــاع منبــــتر‬ ‫ومركبًـــــاـ فارهًـــــاـ قـــــد كنت تركبه‬

‫إلى التواضــــع واإلحســــان واليسرـ‬ ‫ومنصـــــبًا كنت فيـــــه آمـــــرًا بطاًل‬

‫قـــد ذقتم المـــ َّر في نـــوع من الخطر‬ ‫وفي التنقـــــــل من قطـــــــر إلى بلد‬

‫وســيرةٌ ســنَّها موســى مــع الخضر‬ ‫فهـــــــــــذه ســـــــــــنة األعالم قبلكمـ‬

‫َصـــ ُد ْق ي ُِع ْنـــكَ إلـــهُ الخلـــق تنتصر‬


‫ت ْ‬ ‫وذاك منكم لفي ذات اإللـــــــــه وإن‬

‫أهــل الحــق واألثر‬


‫ِ‬ ‫أن الــ ُّدنا ســجنُ‬ ‫أما روى المصطفىـ في مســلم خــبرًا‬

‫يُ َمتَّعُــــــون بهــــــا كالشــــــا ِء والبقر‬ ‫وأنهــــــــا جنــــــــة للكــــــــافرين هُ ُم‬

‫العيش في ســقر‬
‫ِ‬ ‫ب وســو ُء‬
‫سو ُء العذا ِ‬ ‫حـــتى إذا جـــاء وعـــد هللا كـــان له ْم‬

‫لجنــــة الخلــــد والفــــردوس والنُّهُرـ‬ ‫إن الحيـــاة الـــتي نســـعى لنغنمهـــا‬

‫أزواج طُه ٍ‬
‫ْـــر وحـــو ٌر متعـــةُ النظر‬ ‫بهــــا النعيم الــــذي ال شــــيء يقطعه‬

‫العيش بالكــدر‬
‫ِ‬ ‫ص ـ ْف َو‬
‫واستبدل القــو ُم َ‬ ‫مــا تشــتهي النفسُ فيهــا ماثــ ٌل أبــدًا‬

‫عظيم الشــــان مقتــــدر‬


‫ِ‬ ‫مليــــك‬
‫ٍ‬ ‫ربٍّ‬ ‫في مقعد الصدق في خير المقام لدى‬

‫مـــع الكتـــاب وفقـــه الـــدين واألثر‬ ‫وهللا مــــا الخــــير إال في طــــريقتكم‬

‫ُوســبْتَ عن ُع ُمر‬
‫والفقــ ُر أنجى إذا ح ِ‬ ‫وهللا مــــا الســــعد إال في معيشــــتكم‬

‫فيها يرى الناس إصعادي و ُمنحدري‬ ‫فهــــــذه مهجــــــتي جــــــادت برائعة‬

‫وإن لي أخــــوةً شــــعرا َء في أثــــري‬ ‫والوصف فيهــا أتى منِّى على عجـ ٍ‬
‫ـل‬ ‫ُـ‬

‫ُـ‬
‫ضعيف الصوت والبصر‬ ‫إني الفقير‬ ‫أصـــبت ففضـــ ُل هللاِ أَ ْدركـــنيـ‬
‫ُ‬ ‫فـــإن‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫‪137‬‬ ‫ْ‬
‫والعُــــذ ُر لي عنــــدكم أني من البشر‬ ‫وإن زَ لَ ْل ُ‬
‫ت فـــــإني راجـــــ ٌع أبـــــدًا‬

‫ـبي الهــدى المختــار من مضر‬


‫على نـ ِّ‬ ‫ثم الصـــــــــالة وتســـــــــلي ٌـم يقارنها‬

‫ـر‬
‫من جاء من بعــدهم قف ـ ًوا على األثـ ِ‬ ‫وآلـــه وعلى صـــحب النـــدى وعلى‬

‫أبو عبد‪ ‬الرحمن فتح بن عبد‪ ‬الحافظ بن إسماعيل القدسي‬


‫قُرئت في دار الحديث ب َد َّماج ليلة الثالثاء (‪/24‬من ذي الحجة‪/‬‬
‫‪1426‬هـ)‪.‬‬

‫الترجمة الشعرية للشيخ يحيى الحجوري حامل لواء‬


‫سلفية باليمن‬
‫الدّعوة ال ّ‬
‫شعر أبي مسلم الحجوري‬

‫اق‬ ‫ريحــــــ ةُ ال ُع َّ‬


‫شــــــ ِ‬ ‫كَاَّل وال تَ ْب َ‬ ‫َما َه َّزني ِذ ْك ُر األَ َغــانِي َوال َهـ َ‬
‫ـوى‬

‫َّوق في أَ ْع َماقي‬ ‫لَ ْم يُ ْ‬


‫ص ِل نَا ُر الش ِ‬ ‫ب َو َز ْينَ ٍ‬
‫ب‬ ‫ســ َعا ٍد َوال َّربَــا ِ‬
‫َوهَــ َوى ُ‬

‫ش ـ ِر ال ـدِّي ِن في اآلفَـ ِ‬
‫ـاق‬ ‫س ـ َعى لِنَ ْ‬
‫يَ ْ‬ ‫َــــالم‬ ‫َمــــا هَــــ َزني إاَّل َ‬
‫شــــ َمائِ ُل ع ٍ‬

‫اق‬
‫ســـ ِ‬ ‫س أَهْـــ ِل ال َّز ْي ِ‬
‫ـــغ َوا ْلفُ َّ‬ ‫تَ ْلبِ ْي َ‬ ‫الشـــ ِر ْي َع ِة‬
‫ض َّ‬ ‫ـــذو ُد عَنْ َحـــ ْو ِ‬ ‫َويَ ُ‬
‫َجا ِهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدًا‬
‫ص ـ َمةَ ا ِإل ْخفَـ ِ‬
‫ـاق‬ ‫ش ـ ْي ِخي َو ْ‬
‫َحاشَاهُ َ‬ ‫شــ ِّم ًرا نَ ْحــ َو ا ْل ُعال‬ ‫قُــ ُد ًما يَ ِ‬
‫ســ ْي ُر ُم َ‬

‫َوهللاُ أ ْعطَــــاهُ ال َم َكــــانَ الــــ َّراقي‬ ‫الشــ ْي ُخ ال ُه َمــا ُم بِفِ ْطنَــ ٍة‬ ‫اِ ْخت َ‬
‫َــارهُ َّ‬

‫اق‬
‫الســبَّ ِ‬
‫س َّ‬‫ُــو ا ْلفَ ــا ِر ُ‬
‫َه ْي َه ــاتَ ه َ‬ ‫َمنْ َذا يُبَا ِر ْيـــ ِه َويُـــ ْد ِر ُك َ‬
‫ســـ ْعيَهُ‬

‫شـــقَ ِ‬
‫اق‬ ‫َاعيًـــا لِ ِ‬
‫شـــ ْي ِخي د ِ‬ ‫اَل لَ ْي َ‬
‫س َ‬ ‫ســـنَّ ٍة‬ ‫ج ا ْل ِكتَـــا ِ‬
‫ب َو ُ‬ ‫يَـــ ْدعُو إِلَى نَ ْه ِ‬

‫َو َكـــ َذا يُ َحـــ ِّذ ُر ِمنْ ُدعَـــا ِة نِفَ ِ‬


‫ـــاق‬ ‫صــفِّيًا‬ ‫بَــ ْل نَ ِ‬
‫اصــ ًحا َو ُم َربِّيًــا َو ُم َ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪138‬‬
‫ب ا ْلبَـــاقِي‬
‫صـــا َر آيَـــاتَ ا ْل ِكتَـــا ِ‬
‫َولَ َ‬ ‫ســنَّةً‬ ‫ــو َذ َّوبُــوهُ لَــ َذ َ‬
‫اب لَ ْ‬
‫ـــح ُمهُ ُ‬ ‫لَ ْ‬

‫ب َد ْمـ َع ا ْل َع ْي ِن فِي اأْل َ ْحـ د ِ‬


‫َاق‬ ‫قَ ْد َ‬
‫ص َّ‬ ‫إِنْ َجنَّ لَ ْيــــ ٌل بــــالظَّاَل ِم َرأَ ْيتَــــهُ‬

‫اق‬ ‫اب ِم ْثــ َل َّ‬


‫الســائِ ِل ال َّر ْقــ َر ِ‬ ‫تَ ْن َ‬
‫ســ ُ‬ ‫الـــ ُخدُو ِد ت ََخالُ َها‬
‫ق ْ‬ ‫فَت َِس ْي ُل ِمنْ فَ ْو ِ‬

‫ق فِي‬‫الشــــ ْو َ‬ ‫َوا ْل َخــــ وفُ يُ ْ‬


‫ــــذ ِكي َّ‬ ‫ســــ ُج ُد لِإِل ِ لَــــ ِه تَطَ ُّوعًــــ ا َ‬
‫َويَبِ ْيتُ يَ ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاق‬
‫ِ‬ ‫اأْل َ ْع َم‬
‫ـــاق‬ ‫َ‬
‫ـــع اأْل ْطبَ ِ‬
‫ِمنْ َو ْحي َربِّي َرافِ ِ‬ ‫ســ ْو َرةً‬
‫اح َرتَّ َل ُ‬ ‫فَــإِ َذا أَتَى اإْل ِ ْ‬
‫صــبَ ُ‬

‫فَت ََخالَــــــ َها تَ ْب ِكي ِمنَ اإْل ِ ْ‬


‫شـــــفَ ِ‬
‫اق‬ ‫صــــــدَى تِاَل َو ِة‬ ‫ت َْح ِكي ا ْل ِجبَــــــا ُل َ‬
‫شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْي ِخنَا‬
‫َ‬
‫اق‬ ‫شـــت َِغاًل إِلَى اإْل ِ ْ‬
‫شـــ َر ِ‬ ‫بِ ِّ‬
‫الـــذ ْك ِر ُم ْ‬ ‫َ‬
‫الص ـاَل ِة َرأ ْيتَ ـهُ‬
‫ض َّ‬ ‫َ‬
‫ضى ف ْر َ‬ ‫َ‬
‫فَإِذا ق َ‬
‫َ‬

‫خ َكـــا ْلبَ َّر ِ‬


‫اق‬ ‫الشـــ ْي ِ‬
‫َوتَـــ َرى ُم َحيَّا َّ‬ ‫صـــلَّى‬‫الضـــ َحى َ‬ ‫ُّ‬ ‫فَـــإِ َذا أَتَى َو ْقتُ‬
‫ضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ َحى‬ ‫ال ُّ‬
‫خ َكالت ِّْريَـ ِ‬
‫ـاق‬ ‫الش ـ ْي ِ‬ ‫فَت َِجي ُء فَ ْتـ َ‬
‫ـوى َّ‬ ‫ضــ ُهم‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫ُ َ ْ ُ َْ ُ‬‫ســ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫اَّل‬ ‫ُّ‬
‫ط‬ ‫ال‬ ‫َويَ ِ ْ ُ‬
‫ه‬‫ُــ‬ ‫ئ‬ ‫ي‬ ‫ج‬

‫ع ا ْل َ‬
‫ـــخاَّل ِ‬
‫ق‬ ‫ســ ْب َحانَ َربِّي ا ْلـــ ُم ْب ِد ِ‬
‫ُ‬ ‫َـــرى َعلَ ْيـــ ِه َم َهابَـــةً َو َجاَل لَـــةً‬
‫َوت َ‬

‫َويَقُــــو ُل ال أَ ْخ َ‬
‫شــــى ِمنَ اإْل ِ ْماَل ِ‬
‫ق‬ ‫ضـ ْيفَهُ‬ ‫الضـيْفُ أَ ْكـ َ‬
‫ـر َم َ‬ ‫َوإِ َذا أَتَــاهُ َّ‬

‫ــــــــاق‬
‫ِ‬ ‫َولِــــــــ َذا أُ ِح ُّب َم ِزيَّةَ اإْل ِ ْنفَ‬ ‫ق َرا ِزقِي‬ ‫َ‬
‫ــــــــــخاَل ئِ ِ‬ ‫ق ا ْل‬
‫فاهللُ َر َّزا ُ‬

‫يُ ْحـــ يي بِ َهـــا ِع ْل ًمـــا إِلَى اآلفَ ِ‬


‫ـــاق‬ ‫صــ ْفقَةً‬ ‫َوتَــ َراهُ يَ ْعقِــ ُد ُكــ َّل َ‬
‫شــ ْه ٍر َ‬

‫ـح َّذ ِ‬
‫اق‬ ‫س ـلَ َك ا ْلــ ُ‬
‫سلُ ُك َم ْ‬ ‫فِي ا ْلبَ ْح ِ‬
‫ث يَ ْ‬ ‫خ يَحــيى قُ ـ َّوةً‬
‫الش ـ ْي ِ‬
‫ب َّ‬‫َوتَ ـ َرى بِ ُك ْت ِ‬

‫ـر ا ْل ِح ْبـ ِر َواأْل َ ْو َر ِ‬


‫اق‬ ‫لَ ْم ت َْحـ ِو َغ ْيـ َ‬ ‫شةً‬
‫ث َه َّ‬ ‫ض ا ْلـ َمبَ ِ‬
‫اح ِ‬ ‫لَ ْي َ‬
‫ستْ َك َما بَ ْع ِ‬

‫ســـــا( ) بِ ْيـــــ َع فِي‬


‫‪1‬‬
‫الســـــ ْب ِع ْين ِط ْر ً‬
‫َّ‬ ‫خ قَ ـ ْد زَادَتْ َعلَى‬ ‫فَ ُم َؤلَّفَــاتُ َّ‬
‫الش ـ ْي ِ‬
‫اق‬
‫ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــ َو ِ‬ ‫اأْل َ ْ‬
‫ب َوا ْل َ‬
‫ــــحاَّل ِ‬
‫ق‬ ‫ب ا ْلقُ ْط ِ‬
‫ســـتْ َك ُك ْت ِ‬‫لَ ْي َ‬ ‫اج بَيْنَ طُاَّل ِ‬
‫ب ا ْل ُعاَل‬ ‫َولَ َهـــــــــا َر َو ٌ‬

‫س ـي ا ْل ُعلُــو ُم ِوثَــاقِي‬
‫َويَقُو ُل يَــا نَ ْف ِ‬ ‫س دُونَ تَ َوقُّ ٍ‬
‫ف‬ ‫َويَقُــــــو ُم بِالتَّ ْد ِر ْي ِ‬

‫‪1‬‬
‫() كتاب‪ ،‬أو ُمؤَ لَّف‪.‬‬
‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّاع الطَّر ْيق "‬ ‫ص ُ‬‫" نَ ْ‬
‫فَاس ـ ِعي إلَ ِى نَيــل الثَّواب ا ْلبــاقي‪139‬‬ ‫ٌ‬
‫ْ ِ َ ِ َ ِ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫نِ َع ُم اإْل ِ لَـــ ِه َعلِ ْيـــ ِك نَ ْف ِ‬
‫ســــي َج َّمة‬

‫اســـــ ِط اأْل َ ْرز ِ‬


‫َاق‬ ‫ضـــــاهُ َربِّي بَ ِ‬
‫يَ ْر َ‬ ‫اَل تَ ْط َم ِعي يَا نَ ْف ُ‬
‫س فِي َغ ْي ِر الَّ ِذي‬

‫ار َكا ْلـــ ِميثَاق‬ ‫فَــا ْل ِع ْل ُم ِع ْنــ ِدي َ‬


‫صــ َ‬ ‫س ـ ْيلَةٌ‬ ‫َه ْي َهاتَ َمــا نَ ْحـ َو ا ْلفِ َكـ ِ‬
‫ـاك َو ِ‬

‫ـو يُ ْج ِمـ ُع اأْل َ ْعـ دَا َعلَى إِ ْحـ َراقِي‬


‫لَـ ْ‬ ‫ق لَ ْ‬
‫س ـتُ بِتَــا ِر ٍك‬ ‫َو َك َذاكَ قَ ْو َل ا ْلــ َ‬
‫ـح ِّ‬

‫ـــــــجبْنُ ِمنْ أَ ْخاَل قِي‬


‫ُ‬ ‫كَاَّل فَلَ ْي َ‬
‫س ا ْل‬ ‫أَأَ َخـــ افُ ِم َّمن لِ ْل ُم َه ْي ِم ِن َخ ِ‬
‫اضـــ ٌع‬

‫ض َعلَى اأْل َ ْعنَ ِ‬


‫ـــاق‬ ‫َوقَ َ‬
‫ضـــاؤُه َمـــا ٍ‬ ‫فاهلل َربِّي ْلألُ ُمــــــــو ِر ُم َ‬
‫ســــــــيِّ ٌر‬

‫احــ د ا ْل َ‬
‫ـــخاَّل ِ‬
‫ق‬ ‫صــ ُد َربِّي ا ْل َو ِ‬
‫َوا ْلقَ ْ‬ ‫َو َم ِطيَّتِي نَ ْف ِ‬
‫ســـــي َو ِدينِي اَل َمتِي‬

‫شـــ ْي ِخي لِأْل َنَ ِ‬


‫ـــام الـــ َّراقِي‬ ‫ِعلَـــ ٌل َو َ‬ ‫صـ َب َوا ْل َهـ َ‬
‫ـوى‬ ‫إِنَّ الت ََّحـ ُّز َب َوالتَّ َع ُّ‬

‫اق‬ ‫صــا ُروا أِل َه ِ‬


‫ْــل ا ْل ُك ْفــ ِر َكــ اأْل ْب َو ِ‬ ‫َ‬ ‫ض نَ ْه َج ا ْل ُغـــ َوا ِة فَـــإِنَّ ُه ْم‬ ‫لَ ْم يَ ْ‬
‫ـــرتَ ِ‬

‫الش ـا ِهينُ بــا ْل َو ْق َو ِ‬


‫اق‬ ‫َه ـ ْل يُ ْع ـ َد ُل َّ‬ ‫ق فِي‬ ‫صـــ ْق ِر ا ْلبَـــا ِز َحلَّ َ‬ ‫شـــ ْي ِخي َك َ‬
‫َ‬
‫ضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا‬ ‫ا ْلفَ َ‬
‫َصـــنَ ُع اأْل َ ْقـــزَا ُم بِـــا ْل ِع ْماَل ِ‬
‫ق‬ ‫َمـــا ت ْ‬ ‫َ‬
‫َب اأْل عْــ دَا َء َم ْه َمــا َكتَّلُــوا‬ ‫اَل يَـ ْ‬
‫ـره ُ‬

‫اق‬ ‫َو ُعقُولَنَــــا يَ ْح ِمي َمنَ ُّ‬


‫الســــ َّر ِ‬ ‫ع َك ْي يُنِ ْيـ َر طَ ِر ْيقَنَا‬
‫صـ َد ُ‬
‫ق يَ ْ‬ ‫بِا ْلــ َ‬
‫ـح ِّ‬

‫ق فِي‬‫الصـــــــــــــ ْف َ‬
‫س يَ ْب ِغي َّ‬ ‫اَل لَ ْي َ‬ ‫شـــ ِر ا ْل ُعلُ ِ‬
‫ـــوم بِ ِه َّم ٍة‬ ‫ســـ َعى إِلَى نَ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫اق‬
‫ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــ َو ِ‬ ‫اأْل َ ْ‬
‫الســاقِي‬
‫ــام َّ‬‫الشــ ْي ُخ يَ ْحــ يى لِأْل َنَ ِ‬
‫َو َّ‬ ‫صفَّى لَ َّ‬
‫ــذ ِةً‬ ‫فَــا ْل ِع ْل ُم َكا ْل َع َ‬
‫ســ ِل ا ْلـــ ُم َ‬

‫ض أَ ْك ٍ‬
‫ــــل َراقِي‬ ‫أَ ْو أَ ْط َع ُمــــوهُـ بِبَ ْع ِ‬ ‫صـا ُمـ ْدنِفًا‬
‫ش ْه َد ش َْخ ً‬ ‫فَإِ َذا َ‬
‫سقَ ْينَا ال ُّ‬

‫اق‬ ‫ســــــقَا ِم ِه يَ ْلقَــــــاهُ َكا ْل َغ َّ‬


‫ســــــ ِ‬ ‫لِ ُ‬ ‫يَ ْلقَــاهُ ُمــ ّـًًّرا لَـــ ْم يَ ِجــ ْد لَــهُ لَ ـ َّـذةً‬

‫سـ ِدي ذي اأْل َرز ِ‬


‫َاق‬ ‫ـربِّي ُم ْ‬
‫َح ْمدًا لِـ َ‬ ‫يَ ْحــــ يى َحيَاتُــــ َك لِ ْلبَ ِريَّ ِة نِ ْع َمــــ ةٌ‬

‫َوأَل َ ْنتَ لِإْل ِ ْ‬


‫ســـــــــــاَل ِم ِد ْر ٌ‬
‫ع َواقِي‬ ‫الضـاَل لَ ِة ِخ ْن َجـ ٌر‬ ‫فَأَل َ ْنتَ فِي َح ْلـ ِ‬
‫ـق َّ‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬ ‫‪140‬‬
‫س فِي‬ ‫ســــيْفَ ا ْلـــــ ُهدَى َك َّ‬
‫الشــــ ْم ِ‬ ‫َ‬ ‫الشــــــ ِر ْي َع ِة‬
‫ب َّ‬ ‫ض َعلَى د َْر ِ‬ ‫فَــــــا ْم ِ‬
‫اق‬
‫شــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ َر ِ‬ ‫اإْل ِ ْ‬ ‫شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ِه ًرا‬
‫ُم ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِذ ْكـ ُر الــ َ‬
‫ـج ِم ْي ِل يُ َع ـ ُّد ِمنْ أخاَل قِي‬ ‫َّ‬
‫ش ْي ِخي إِن َما‬ ‫َ‬
‫ستُ غا ٍل فِ ْي َك َ‬ ‫أَنَا ل ْ‬
‫َ‬

‫َويَقُـــو ُل هَـــ َذا ا ْلقَ ْطـــ ُع لِأْل َ ْعنَ ِ‬


‫ـــاق‬ ‫فَلَ ُربَّ َمــا عَــ َذ َل ا ْل َعــ ُذو ُل قَ ِ‬
‫صــ ْي َدتِي‬

‫َكــ َد ِمي َو ُم ِّخي َحــ َّل فِي أَ ْع َمــاقِي‬ ‫يَــا عَــا ِذلِي َد ْعنِي فَ ُحبِّي َ‬
‫شــ ْي َخنَا‬

‫س فِي‬
‫الشــــ ْم ِ‬
‫ضــــ ْو ُء َّ‬ ‫شــــ َّع َ‬ ‫أَ ْو َ‬ ‫صلَّى هللاُ َما ه ََج َم الد َُّجى‬ ‫َوا ْل َ‬
‫ـخ ْت ُم َ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاق‬
‫ِ‬ ‫اآْل َفَ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ـــــــح ْم ُد هلل ال َع ِظ ْي ِم البَــــــاقِي‬
‫َ‬ ‫َوا ْل‬ ‫تَ ْغشَى النَّبِ َّي ُم َح َّمدًا َخ ْي َر ا ْل َ‬
‫ــو َرى‬

‫أ ُْلقِيَ ْ‬
‫ت بدار الحديث بدماج بتاريخ‪/2( :‬ذو القعدة‪1428 /‬هـ)‪.‬‬

‫الفهرس اإلجمالي‬
‫اع الطَّ ِر ْيق "‬ ‫ب الم ْن َجنِيق لقُطَّ ِ‬ ‫" نَ ْ‬
‫ص ُ‬
‫‪141‬‬
‫مقدمـة الشيخ العالمة المح ّدث يحيى بن علي الحجوري‪3..................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التحذير والتزهيد من قلعة الحديث بدماج ‪10...........................................:‬‬
‫ب والشّتم والوقيعة في أعراض‬ ‫س ّ‬
‫فمن ذلك قولهم ‪ :‬ليس في دار الحديث بد ّماج شغل غير ال ّ‬
‫الدّعاة وأهل العلم!!!!! ‪14......................................................................................‬‬
‫ومن ذلك قولهم ‪:‬هــــــــــؤالء ُمتشـــدِّدون!!!‪31..........................................................‬‬
‫ومن كذبهم وافترائهم قولهم‪:‬دمـّــاج تغيـّــرت على ما كانت عليـــه!!وأصبحت دار فتــــن!!! ‪40‬‬
‫ومن ذلك‪:‬شبهـة التّأصيـــل المفقـود !! ‪47..................................................................‬‬
‫ومن ذلك قولهم‪ :‬دار الحديث بدماج ال تقدم للطالب شهادات !!!!!‪54.................................‬‬
‫ومن ذلك قولهم‪:‬طالب دار الحــــديث بدمـّـاج في فقـر وجــوع!!!‪58..................................‬‬
‫ومن ذلك قولهم‪ :‬ليس في دار د ّماج إالّ علم الحديث!!!!!‪63............................................‬‬
‫طعن والتّزهيد في الشّيخ الجليل ‪ :‬يحي بن علي الحجوري حفظه هللا تعالى ‪69. :‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬ال ّ‬
‫ومما عمد إليه المخذولون والسفهاء والمتعصبون في مسيرتهم اآلثمة ‪:‬محاولة إسقاط كون‬
‫الشّيخ عال ًما‪73..................................................................................................:‬‬
‫[ ضابط العالم ] ‪ [ -‬تفسير إرث األنبياء ] ‪75.............................................................:‬‬
‫[ جانب العلم وآالته ] ‪77......................................................................................:‬‬
‫[ جانب العمل بالعلم ] ‪81..................................................................................... :‬‬
‫[ النتيجة المتحتّمة ]‪89.........................................................................................‬‬
‫[ مطلـــب هـــــــــام ] ‪:‬الغلـــو أصــل من أصــــول الفتن‪90.............................................‬‬
‫سوء!!!] قطع هللا ألسنتهم ‪..‬‬ ‫ب والشّتم وألقاب ال ّ‬
‫س ّ‬
‫ومـــــــن ذلك‪[:‬طعنهم في الشّيخ واستخدام ال ّ‬
‫‪94‬‬
‫صة الغرباء‬ ‫س ّري الستقطاب أكبر عدد من الطّالّب‪ ،‬وخا ّ‬ ‫ومن ذلك أيضا ‪:‬استخدام التنظيم ال ّ‬
‫منهم‪ ،‬وإثارتهم على الشّيخ حفظه هللا ‪ ،‬ومحاولة تشويه صورته داخل الدّار وخارجها!!‪99....‬‬
‫[ استخدام الكذب والتّلبيس ] ‪100......................................................................:‬‬
‫[ اصطياد طلبة العلم وتجنيدهم في تنظيمهم ] ‪100.................................................:‬‬
‫س ّرية ] ‪101................................................:‬‬‫[ مرحلة التّعبئة عن طريق الجلسات ال ّ‬
‫[ ادّعاء التوبة لمن فُضح منهم ] ‪106................................................................ :‬‬
‫[ بعض أساليبهم األخرى في الدّعوة ] ‪108..........................................................:‬‬
‫[ استخدام التقية لالستمرار في الدّعوة ] ‪109.......................................................:‬‬
‫[ شهادة حقّ‪ ،‬وفضيحة على رؤوس األشهاد ] ‪115............................................... :‬‬
‫ومن سعيهم في الفتنة‪:‬محاولة التّحريش بين الشّيخ وغيره من أهل العلم‪ ،‬سعيًا منهم في‬
‫الفتنة !!!!!‪121..................................................................................................‬‬
‫ومن ذلك قولهم ‪:‬إن الشيخ متشدّد‪..‬وسبّاب شتّام يقع في أعراض أهل العلم!!!!‪127..............‬‬
‫ومن ذلك قولهم‪:‬إنّ الشّيخ يحيى متس ّرع ال يُراعي مصلحة الدّعوة!!!‪128...........................‬‬
‫العلم والتَّحقِيق "‬
‫" إلى َد َّماج دَار ِ‬
‫ومن تلبيسهم على الناس قولهم‪:‬الشّيخ يحيى عنده أخطا ٌء وأخطاء!!!‪136..........................‬‬
‫‪142‬‬
‫ومن طعن المتعصبين والمخذولين في شيخنا حفظه هللا تعالى قولهم ‪ :‬إن الشيخ يؤثر فيه‬
‫مجالسوه‪144.................................................................................................... ،‬‬
‫الحجج التي‬ ‫الفصل الثالث ‪:‬ذكر بعض الشُّبه التي يستخدمها المتعصبون والمخذولون لر ّد ُ‬
‫أقامها عليهم شيخنا الناصح األمين‪148....................................................................:‬‬
‫شذ عن أهل العلم بجرحه البن مرعي!! ولن نأخذ بكالمه حتّى يُجمع‬ ‫فمن ذلك قولهم‪:‬الشيخ ّ‬
‫علماء اليمن أو ُجلّهم!!‪148....................................................................................‬‬
‫ومن ذلك قولهم‪ :‬كالم الشيخ يحيى في ابن مرعي اليعبأ به ‪،‬ألن كالم األقران يطوى‬
‫واليُروى!!! ‪158.................................................................................................‬‬
‫الرواة‪...‬‬
‫سلف في بعض ُّ‬ ‫ومن ذلك قولهم‪ :‬إن الكالم في ابن مرعي والخالف فيه؛ كاختالف ال َّ‬
‫مع بقاء األُلفة‪ ،‬وعدم اإللزام بقول أحد!!!!!!‪163.........................................................‬‬
‫خــاتمـــــــة ‪167................................................................................................:‬‬
‫ملحق القصائد ‪175..................................................................................‬‬

You might also like