Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 606

‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪2‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بؽداد من هوالكو الى بوش‬


‫تؤليؾ ‪ :‬عبدالحسين السويلمان‬
‫بدأ العمل بكتابة هذا الكتاب بتارٌخ‪2003/10/27‬‬
‫انتهى الكتاب بعونه تعالى بتارٌخ‬
‫‪Monday, February 10, 2014‬‬

‫‪3‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االهداء ‪:‬‬
‫الى الوطن‬
‫الى الشهداء‬
‫الى كل شرٌؾ وضع قلمه من اجل اعالء كلمة الحق‬
‫الى التارٌخ الشرٌؾ الذي الٌؽٌر الحقابق من اجل حفنة من حطام الدنٌا ‪،‬‬
‫الى كل من ضحى كل حٌاته من اجل تربٌتً وتعلٌمً ـ ابً وامً‬
‫الى كل استاذ قدم عصارة فكره من اجل نشر العلم‬
‫الى اخوتً الذٌن اقتطعوا من وقتهم الثمٌن من اجل مساعدتً فً اكمال هذا الكتاب وانجاح هذ ِه‬
‫المحاولة‬
‫الى اخً وعزٌزي ورفٌق درب الؽربة الذي ضحى بثمٌن وقته من اجل اخراج هذا الكتاب بالشكل‬
‫الممتاز من التصحٌح والتبوٌب واالرشاد ‪ ،‬االخ االستاذ الكبٌر علً هـلـٌل الشمري واالستاذ االخ‬
‫حسٌن فٌصل‬
‫‪--------------------------------------------------------------‬‬

‫‪4‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الكاتب في سطور ‪:‬‬


‫عبدالحسٌن عبداالمٌر السوٌلمان‬
‫ولد فً البصرة عام فً ‪ 1965‬فً منطقة رٌفٌة ‪ ،‬جزٌرة‬ ‫‪‬‬
‫صؽٌرة تسمى (الشلهة المحمودٌة) ‪ ،‬ودخل مدرسة كرمة علً‬
‫االبتدابٌة ‪ ،‬وثانوٌة الهارثة للبنٌن ‪ ،‬ولم ٌنهً الدراسة الثانوٌة بسبب‬
‫الحرب العراقٌة االٌرانٌة وعدم استطاعته لمواصلة الدراسة حٌث دخل الخدمة العسكرٌة االجبارٌة‬
‫‪ ،‬فً عام ‪1986‬‬
‫تعرض الى اصابات فً الحرب كان اخرها تلؾ بؤعصاب الدماغ بسبب الحرب‬ ‫‪‬‬
‫واصوات القنابل والمدفعٌة اضافة الى تعرضه الى االصابات بآثار االسلحة الكٌمٌاوٌة ‪ .‬لم ٌستطع‬
‫الهروب من الجٌش فكان مجبرا على المشاركة فً جمٌع حروب العراق مع جٌرانه حتى عام‬
‫‪1991‬‬
‫شارك فً الثورة الشعبانٌة عام ‪ 1991‬وبعد فشلها العسكري تعرض الى السجن فً‬ ‫‪‬‬
‫البصرة وشاهد التصفٌة العرقٌة والقتل الجماعً والمجازر ‪ ،‬خرج من العراق الى السعودٌة مع‬
‫‪5‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من خرج حٌث سجون السعودٌة التً تم تسمٌتها فٌما بعد بـ (معسكر اٌواء الالجبٌٌن العراقٌٌن فً‬
‫االرطاوٌة )‬
‫سنحت له الفرصة فٌه لدخول دروس الفقه والمنطق واالصول واللؽة العربٌة وما شاكلها‬ ‫‪‬‬
‫من الدروس التً كانت تدرس فً مساجد رفحاء بعد ان انتقل الٌها من االرطاوٌة‬
‫ؼادر السعودٌة الى كندا عام ‪ 1997‬ودرس فً تورنتو دورس اللؽة االنكلٌزٌة ‪ ،‬استقر‬ ‫‪‬‬
‫به المطاؾ فً هاملتون عام ‪2002‬‬
‫شارك فً تؤسٌس العدٌد من الجمعٌات ‪ ،‬والنشاطات االجتماعٌة والسٌاسٌة والدٌنٌة ‪ ،‬قدم‬ ‫‪‬‬
‫خدمات اجتماعٌة كنشاط فردي ‪.‬‬
‫شارك مشاركة فعلٌة فً تؤسٌس جمعٌة الرسالة االسالمٌة ‪ ،‬والجمعٌة العراقٌة الكندٌة‬ ‫‪‬‬
‫وانتخب سكرتٌرا لها ‪ ،‬وجماعة المهجر الثقافً ‪،‬‬
‫اسس نشرة المهجر الثقافً ‪ ،‬ومإسسة الكوثر االعالمٌة الحرة وشبكتها الكوثر نت‬ ‫‪‬‬
‫‪ www.al-kawther.net‬المشرؾ علٌها ‪.‬‬
‫عمل فً محطة تلفزٌون المصطفى تصوٌر ومونتاج‬ ‫‪‬‬
‫عمل فً خدمة حسٌنٌة المصطفى ـ هاملتون حقل االعالم ‪ ،‬التصوٌر والمونتاج‬ ‫‪‬‬
‫‪--------------------------‬‬

‫‪6‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫قال بعض الشعراء في حب امير المإمنين علي عليه السالم ‪:‬‬


‫ٌَا َمنْ ٌُسَا ِب ُل َذابِبا ً َعنْ ُك ِّل مُعْ ضِ لَـ ٍة َسخٌِ َفـة‬
‫َال َت ْكشِ َفـنَّ ُمؽ ًّ‬
‫َطـى َفلَ ُر َّبمَـا َك َش ْفـتَ ِجٌ َفـة‬
‫ت ْال َقطِ ٌ َفـة‬
‫الطب ِْل مِنْ َتحْ ِ‬ ‫ور َبدَا َك َّ‬
‫َو لَرُبَّ َمسْ ُت ٍ‬
‫إِنَّ ْالجَ َوابَ لَحَ اضِ ـ ٌر لَ ِك َّننِـً أ ُ ْخفٌِـ ِه خٌِ َفـة‬
‫لَ ْو َال اعْ ِتدَا ُء رَ عِ ٌَّ ٍة أ ُ ْلقًِ سِ ٌَا َس َتهَـا ْال َخلٌِ َفـة‬
‫َو ُسٌُوؾُ أَعْ دَا ٍء ِبهَـا هَامَا ُت َنـا أَبَـداً َنقٌِ َفـة‬
‫َـال َط ِرٌ َف ً‬
‫آل مُحَ مَّـ ٍد ُجم ً‬ ‫َ‬ ‫لَ َن َشرْ ُ‬
‫ـة‬ ‫ار ِ‬ ‫ت مِنْ أسْ رَ ِ‬
‫ك َو أَبُـو حَ نٌِ َفـة‬ ‫ُت ْؽنٌِ ُكـ ْم َعمَّـا رَ َواهُ مَالِـ ٌ‬
‫َو أَرَ ٌْ ُت ُك ْم أَنَّ ْال ُح َس ٌْنَ أُصِ ٌبَ فًِ ٌ َْو ِم ال َّسقٌِ َفـة‬
‫َت ِباللٌَّ ِ‬
‫ْـل َفاطِ مَـة ال َّش ِرٌ َفـة‬ ‫َو ِِلَيِّ حَ ٍ‬
‫ال لُحِّ د ْ‬
‫َت َشٌ َْخ ٌْ ُك ُم َعنْ َو ْط ِء حُجْ رَ ِتهَا ْال ُمنٌِ َفة‬‫َو لِمَا حَ م ْ‬
‫ص ِتهَـا أَسِ ٌ َفـة‬ ‫ت مُحَ مَّـ ٍد مَا َت ْ‬
‫ـت ِب ُؽ َّ‬ ‫أَوِّ ْه ل ِِب ْنـ ِ‬
‫‪-------------------------‬‬
‫َوفًِ َسفٌِ َن ِة أَهْ ِل ال َب ٌْ ِ‬
‫ت َق ْد رَ ِكب ْ‬
‫َـت‬ ‫َن ْفسِ ً َعلَى ِذ ْك ِر المُرْ َتضَى َط ُرب ْ‬
‫َـت‬
‫ّللاُ أُمِّـً إِ َّنهَّـا َش ِرب ْ‬
‫َـت‬ ‫ال ع َّّذبَ ّ‬ ‫ه َِو ٌَّتًِ َعلَويَّ ال َّن ْه ِ َق ْـد ُك ِتب ْ‬
‫َـت‬

‫‪7‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫َـن‬
‫الزم ِ‬‫ت مِنْ َث ْد ٌِهَا رَ ْدحَ ا ً مِنَ َّ‬
‫ضعْ ُ‬ ‫رَ َ‬ ‫الوصِ ـًِّ َو ّؼ َّذ ْتنٌِـ ِه ِباللَّب ِ‬
‫َـن‬ ‫حُبَّ َ‬
‫َـت َومِـنْ لَب ِ‬
‫َـن‬ ‫لِل مِنْ حَ رَّ ٍة َطاب ْ‬ ‫ِِّ‬ ‫ب فًِ َب َدنًِ‬ ‫حَ َّتى َنمَا حُبُّ دَاحًَِ البَا ِ‬
‫ت مِنْ ذِي و َذا أَهْ َو أَبَا حَ َس ِن ْ‬ ‫َفصِ رْ ُ‬ ‫َو َكانَ لًِ َوالِ ٌد ٌَه َْو أَبَـا حَ س ِ‬
‫َـن‬
‫‪-----------------------‬‬
‫قصٌدة لست أدري‬
‫للشاعر سٌد علً نقً هندي‬
‫‪--------‬‬
‫لم ٌكن فً كعبة الرحمن مولود سواه‬
‫إذ تعالى فً البراٌا عن مثٌل فً عاله‬
‫و تولى ذكره فً محكم الذكر اإلله‬
‫أٌقول الؽر فٌه بعد هذا؟‬
‫لست أدري‬
‫‪.........‬‬
‫أقبلت فاطمة حاملة خٌر جنٌن‬
‫جاء مخلوقا بنور القدس ال الماء المهٌن‬
‫أقبلت تدعو و قد جاء بها داء المخاض‬
‫نحو جذع النخل من ألطاؾ ذي اللطؾ المفاض‬
‫فدعت خالقها الباري بؤحشاء مراض‬
‫كٌؾ ضجت‪ ،‬كٌؾ عجت‪ ،‬كٌؾ ناحت؟‬
‫لست أدري‬
‫‪.........‬‬
‫لست أدري ؼٌر أن البٌت قد رد الجواب‬
‫بابتسام فى جدار البٌت أضحى منه باب‬
‫دخلت فانجاب فٌه البشر عن محض اللباب‬
‫إنما أدري بهذا‪ ،‬ؼٌر هذا‬
‫لست أدري‬
‫‪.....‬‬
‫كٌؾ أدري و هو سر فٌه قد حار العقول‬
‫حادث فً الٌوم لكن لم ٌزل أصل االصول‬
‫مظهر لِل لكن ال اتحاد ال حلول‬
‫ؼاٌة اإلدراك أن أدري بؤنً‬
‫‪8‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لست أدري‬
‫‪.....‬‬
‫ولد الطهر «على»من تسامى فً عاله؟‬
‫فاهتد فٌه فرٌق و فرٌق فٌه تاه‬
‫ضل أقوام فظنوا أنه حقا إله‬
‫أم جنون العشق هذا ال ٌجاز ؟‬
‫لست أدري‬
‫‪........‬‬

‫فهرست مواضيع الكتاب ج‪: 1‬‬

‫‪9‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ال غ الف‬ ‫‪‬‬


‫ص االهداء‬ ‫‪‬‬
‫الكاتب فً سطور‬ ‫‪‬‬
‫قالوا ‪..‬‬ ‫‪‬‬
‫فهرست‬ ‫‪‬‬
‫تقدٌم الدكتور عبدالزهرة البندر‬ ‫‪‬‬
‫تقدٌم المإلؾ الطبعة االولى‬ ‫‪‬‬
‫تقدٌم المإلؾ الطبعة الثانٌة‬ ‫‪‬‬
‫ومضات سرٌعة‬ ‫‪‬‬
‫الباب االول ‪ :‬اضواء على الخلفٌات التارٌخٌة للعراق والمنطقة‬ ‫‪‬‬
‫الفصل االول‬
‫العراق زمن الزحؾ العربً بعد االسالم‬ ‫‪o‬‬
‫مسح العراق بعد احتالله‬ ‫‪‬‬
‫دولة االنقالب العمري الدالبل والدستور‬ ‫‪‬‬
‫خطبة فاطمة الزهراء ع‬ ‫‪‬‬
‫احتجاجات االمام علً وصحابته وهجوم جٌش االنقالبٌٌن‬ ‫‪‬‬
‫كالم امٌر المإمنٌن ع‬ ‫‪‬‬
‫المجتمعون فً دار فاطمة‬ ‫‪‬‬
‫لقاء عبدّللا بن عمر بٌزٌد وسر رسالة عمر الى معاوٌة‬ ‫‪‬‬
‫استشهاد فاطمة الزهراء‬ ‫‪‬‬
‫تمزٌق العراق وتوزٌعه كؽنابم لجٌش االنقالب‬ ‫‪‬‬
‫وثٌقة االستعباد العمرٌة التً اصبحت دستور للحكومات التً جاءت‬ ‫‪‬‬
‫بعده الى ٌومنا هذا‬
‫نسب عمر بن الخطاب‬ ‫‪‬‬
‫تسمٌة العراق ‪ ،‬وبناء بؽداد زمن الدولة العباسٌة‬ ‫‪o‬‬
‫فً نسب بنً العباس‬ ‫‪o‬‬
‫امبراطورٌة الصٌن واتساع رقعتها‬ ‫‪o‬‬
‫جنكٌزخان ٌإسس امبراطورٌة الصٌن‬ ‫‪o‬‬
‫الطوسً والعلقمً والدولة العباسٌة اراء وردود‬ ‫‪o‬‬
‫الجٌش الصٌنً فً الطرٌق الى بؽداد‬ ‫‪o‬‬

‫‪10‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بؽداد قبٌل سنوات السقوط‬ ‫‪o‬‬


‫الفساد المالً‬ ‫‪‬‬
‫الفساد االداري‬ ‫‪‬‬
‫انتشار الرشوة‬ ‫‪‬‬
‫انذار هوالكو لبؽداد‬ ‫‪‬‬
‫رد بؽداد على االنذار‬ ‫‪‬‬
‫وقفة مع من نفى عالقة الطوسً باالحتالل‬ ‫‪‬‬
‫الجٌش الصٌنً ٌهاجم بؽداد‬ ‫‪o‬‬
‫الباب الثانً ‪ :‬الدولة العثمانٌة‪ :‬بداٌة ظهور آل عثمان‬ ‫‪‬‬
‫الخٌانة ونهاٌة دولة السالجقة‬ ‫‪o‬‬
‫بداٌة السلطنة العثمانٌة‬ ‫‪o‬‬
‫عوامل ضعؾ الدولة العثمانٌة‬ ‫‪o‬‬
‫النظام الداخلً‬ ‫‪o‬‬
‫دولة ال ُكرد فً شمال العراق واٌران وسورٌا وجنوب تركٌا‬ ‫‪o‬‬
‫باب االمبراطورية البريطانية‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬ومضات على مقدمات االمبراطورية البريطانية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫مقتطفات من مذكرات مستر هنفر ‪،‬مإسـس الوهابٌة‬ ‫‪o‬‬
‫الخطة السداسٌة البرطانٌة ومحمد بن عبدالوهاب‬ ‫‪o‬‬
‫دولة آل السعود العدوانٌة ودورها فً تخرٌب العالم العربً‬ ‫‪o‬‬
‫امارة الدرعٌة‬ ‫‪‬‬
‫الهجوم على العتبات فً العراق‬ ‫‪‬‬
‫النجؾ االشرؾ اٌام الهجوم الوهابً‬ ‫‪‬‬
‫شاه اٌران والدولة السعودٌة‬ ‫‪‬‬
‫آل سعود هاجم دول الجوار ‪ ،‬احتلت الكوٌت ‪ ،‬هاجمت العراق وهدمت المقدسات فٌه ‪ ،‬احتلت قطر‬ ‫‪o‬‬
‫وعمان ‪ ،‬منعت الحجاج من دخول مكة المكرمة ‪ ،‬قضى علٌها محمد علً باشا مرتٌن ‪ ،‬واعادت‬
‫تشكٌل نفسها ثالث مرات ‪.‬‬
‫اسرابٌل تجتمع مع ال سعود ‪ ،‬وٌصدرون قرارات مشتركة ‪.‬‬ ‫‪o‬‬
‫الدولة العثمانٌة والحرب العالمٌة االولى ‪ ،‬انهٌارها ‪ ،‬تقسٌم ممتلكاتها ‪ ،‬مراسالت حسٌن مكماهون ‪،‬‬ ‫‪o‬‬
‫توسع االمبراطورٌة البرٌطانٌة وعصرها الذهبً االول‬ ‫‪o‬‬
‫شركة لٌن التجارٌة ودورها فً توسع االمبراطورٌة البرٌطانٌة‬ ‫‪o‬‬
‫قناة السوٌس والطرق البحرٌة‬ ‫‪o‬‬
‫‪11‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حركة التبشٌر بالمسٌحٌة فً العراق‬ ‫‪o‬‬


‫عصر االمبراطورٌة الثانً ‪ ،،،‬البرٌطانٌون وسٌاسة المستقبل‬ ‫‪o‬‬
‫الحرب العالمٌة االولى ‪،‬‬ ‫‪o‬‬
‫سقوط بؽداد ‪،1917‬‬ ‫‪‬‬
‫الثورة العربٌة الكبر‬ ‫‪‬‬
‫باب العراق من العصر الملكً الى العصر الجمهوري‬ ‫‪o‬‬
‫زوال االمبراطورٌة البرٌطانٌة ‪ ،‬وحركات التحرر ـ ثورة عبدالكرٌم قاسم فً العراق‬ ‫‪‬‬
‫مقدمات ثورة قاسم‬ ‫‪o‬‬
‫شاهد عٌان على الثورة‬ ‫‪o‬‬
‫نوري السعٌد وقصة هروبه ومقتله‬ ‫‪o‬‬
‫انجازات ثورة تموز‬ ‫‪o‬‬
‫الثامن من شباط ومجزرتها الرهٌبة ‪ ،‬وسٌطرة العصابة البعثٌة ورحٌل عبدالكرٌم قاسم‬ ‫‪o‬‬
‫االمبراطورية البريطانية ولكن بالثوب االمريكي هذ ِه المرة‬
‫الواليات المتحدة االمريكية‬
‫االحداث التً رافقت تؤسٌس االمبراطورٌة االمرٌكٌة‬ ‫‪‬‬
‫فً داخل القارة االمرٌكٌة‬ ‫‪o‬‬
‫فً الشرق االسط‬ ‫‪o‬‬
‫التوسع االمرٌكً‬ ‫‪‬‬
‫عصابة البعث تستولً على الساحة العراقٌة ‪ ،‬وعالقتها بالساحة العربٌة‬ ‫‪‬‬
‫الحرب على االرهاب ‪ ،‬الحرب االمرٌكٌة ـ الروسٌة وبروز صدام ‪،‬وبن الدن على الساحة‬ ‫‪‬‬
‫بذرة الوهابٌة التً زرعت فً السعودٌة تنتشر على الساحة العالمٌة ‪ ،‬تساعدها حروب بن الدن وصدام‬ ‫‪‬‬
‫اسرابٌل والوثٌقة الصهٌونٌة‬ ‫‪‬‬
‫حرب الخلٌ الثانٌة ‪ :‬تارٌخ الصراع الكوٌتً العراقً ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫آل صباح وجذورهم‬ ‫‪‬‬
‫آل صباح واالتفاقات الدولٌة‬ ‫‪‬‬
‫سور الكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫محاوالت ضم الكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫الكوٌت بٌن االحتالل والتحرٌر‬ ‫‪‬‬
‫الكوٌت تحت مطرقة صدام واسباب االحتالل الصدامً للكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫حرب الخلٌ ‪ ، 1991‬احداث ما قبل وبعد تحرٌر الكوٌت ودخول الجٌش االمرٌكً الحرب‬ ‫‪‬‬

‫‪12‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحصار االقتصادي على العراق ودور المعارضة المتصاعد فً االطاحة بصدام وحكومة البعث‬ ‫‪‬‬
‫حرق ابار الكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫صدام ٌؤمر الجٌش باالنسحاب‬ ‫‪‬‬
‫هزٌمة صدام فً الحرب ‪ ،‬االنتفاضة الشعبانٌة ‪ ،‬الجرابم الصدامٌة اثناء وبعد االنتفاضة ‪ ،‬شهود عٌان من‬ ‫‪‬‬
‫داخل وخارج العراق‬
‫االنتفاضة تؤكل ابناءها‬ ‫‪‬‬
‫صور من االنتفاضة‬ ‫‪‬‬
‫السنوات العجاؾ ـ وشددت الرحال‬ ‫‪‬‬
‫الجزء الثاني ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫السنوات العجاؾ‬
‫المقدمة‬ ‫‪‬‬
‫االنتفاضة الشعبانٌة ـ تفاصٌل االحداث‬ ‫‪‬‬
‫مجازر ـ الهارثة ‪ ،‬ساحة سعد وؼٌرها‬ ‫‪‬‬
‫الحالة االقتصادٌة‬ ‫‪‬‬
‫فشل االنتفاضة ودخولً السجن‬ ‫‪‬‬
‫الخط الفاصل بٌن الموت والحٌاة ‪ ،‬بٌن الوطن والؽربة ـ بعد خروجً من السجن‬ ‫‪‬‬
‫تفتٌش‬ ‫‪‬‬
‫خٌمة صفوان على الحدود مع الكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫حفر الباطن ـ هل انت شٌعً او مسلم‬ ‫‪‬‬
‫الوعد الكاذب‬ ‫‪‬‬
‫وادي الجن ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫االرطاوٌة‬ ‫‪o‬‬
‫االضراب‬ ‫‪o‬‬
‫معركة التونه‬ ‫‪o‬‬
‫الٌؤس وبناء البٌوت‬ ‫‪o‬‬
‫اضراب االرطاوٌة الشامل وقنابل الؽاز‬ ‫‪o‬‬
‫رفحاء واحداث حرق االؼاثة‬ ‫‪o‬‬
‫انفجار قنابل‬ ‫‪o‬‬
‫رفحاء المدرسة‬ ‫‪o‬‬
‫الصالة ‪ ،‬الكرامات والعجابب‬ ‫‪o‬‬

‫‪13‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقاء الوفود واالستداد للسفر‬ ‫‪o‬‬


‫السفر الى كندا‬ ‫‪o‬‬
‫من مطار الى اخر‬ ‫‪‬‬
‫فقد الحقابب‬ ‫‪‬‬
‫مطار برٌطانٌا‬ ‫‪‬‬
‫تورنتو ـ كندا‬ ‫‪‬‬
‫رحلة العالج‬ ‫‪‬‬
‫نشاطاتً فً كندا‬ ‫‪‬‬
‫الحٌاة فً الؽربة ‪ ،‬المعانات والمحاسن‬ ‫‪‬‬
‫باب وجاء النصر‬
‫امرٌكا تسعد مرة اخر للحرب ‪ ،‬وبوش ٌقول ‪ّ :‬للا امرنً باسقاط صدام ‪ ،‬تفاصٌل حرب تحرٌر العراق‬ ‫‪‬‬
‫من البعث ودخول الجٌش االمرٌكً فً ‪. 2003‬‬
‫بن الدن واحداث ‪2001‬‬ ‫‪o‬‬
‫امرٌكا تتهم بن الدن باحداث ‪911‬‬ ‫‪o‬‬
‫رسابل تطالب بالتدخل االمرٌكً السقاط صدام‬ ‫‪o‬‬
‫خطة امرٌكٌة لدخول العراق‬ ‫‪o‬‬
‫الجٌش االمرٌكً على ابواب العراق‬ ‫‪o‬‬
‫بؽداد تحت المطرقة ‪ ،‬معركة المطار‬ ‫‪o‬‬
‫تسلسل احداث حرب ‪2003‬‬ ‫‪‬‬
‫سقوط الصنم ‪ ،‬ونهاٌة الكتاب‬ ‫‪o‬‬
‫كلمات واراء‬ ‫‪o‬‬
‫وثابق مكتوبة‬ ‫‪‬‬
‫خطبة فاطمة الزهراء ع‬ ‫‪o‬‬
‫محمد عبدالوهاب والدولة الوهابٌة‬ ‫‪o‬‬
‫الدكتور الجلبً وسقوط صدام‬ ‫‪o‬‬
‫صور من االنتفاضة‬ ‫‪o‬‬
‫الدولة الخوارزمٌة ومواجهة االعصار المؽولً‬ ‫‪o‬‬
‫القادة العرب ٌرفضون شن حرب ‪ 2003‬على العراق‬ ‫‪o‬‬
‫قرار مجلس االمن ‪1990‬‬ ‫‪o‬‬
‫حكومات العراق بعد ‪1920‬‬ ‫‪o‬‬
‫عالقة القاعدة باالرهاب‬ ‫‪o‬‬
‫‪14‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ذكرٌاتً مع برزان التكرٌتً ـ د‪ .‬صاحب الحكٌم‬ ‫‪o‬‬


‫طرق التعذٌب ـ‬ ‫‪o‬‬
‫رسالتان بٌن صدام والصدر قبل اعدامه‬ ‫‪o‬‬
‫المفكرة الخفٌة لحرب الخلٌ ـ ارٌك لوران‬ ‫‪o‬‬
‫قصٌدة الشاعر ضافر ناجً‬ ‫‪o‬‬
‫دعاء ابً حمزة الثمالً‬ ‫‪o‬‬
‫‪o‬‬
‫وثابق مصورة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪----------------------------‬‬

‫‪15‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تقديم الدكتور عبدالزهره البندر‬


‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫كتابة التارٌخ لٌست ترفـًا فكرًٌا وال سر ًدا عشوابًٌا ِلحدا ِ‬
‫ث االمم والشعوب ‪ ،‬تحكً مواقفها‬
‫وتتحدث عن بطوالتها ومآسٌها دابما هو استحضار وتمثٌل لتلك الوقابع وتمثلها لٌحدد فً ضوبها‬
‫االنسانُ موقفه من الواقع بما ٌتوفر له من عبرة وعظمة ودروس وهو ٌخوض تجربته االجتماعٌة‬
‫وٌزاول عمله التؽٌٌري فً واقع الحٌاة ‪.‬‬
‫صصِ ِه ْم عِ ب َْرةٌ ِِّلُولًِ اِلَ ْل َبا ِ‬
‫ب ‪ " ...‬سورة ٌوسؾ ‪.111‬‬ ‫قال تعالى "لَ َق ْد َك َ‬
‫ان فًِ َق َ‬
‫والتارٌخ الذي ٌنتمً الٌه الفرد البد ان ٌكون شاخ ً‬
‫صا باحداثه وحركاته وحوادث ِه امام شخصٌت ِه‬
‫لٌحدد مسإولٌت ِه الحقٌقٌة ازاء تلك الصور واالحداث ‪.‬‬
‫فنحن النرٌد ان نسـتؽرق فً التارٌخ لنقؾ متفرجٌن على صور ِه المختلفة وتداعٌات ِه ‪ ،‬وانما نرٌد‬
‫ان نحدد موقفنا ونسـؤل انفسنا عما نحن صانعٌن ازاء تلك المواقؾ واالحداث ‪ ،‬فالنه القرآنً‬
‫ٌإكد بوضوح ان انباء واخبار االمم تشكل زا ًدا ومعٌ ًنا ٌنطلق من خاللها العاملون فً بناء الحٌاة‬
‫ك ِمنْ أَن َباء َما َق ْد َس َبقَ َو َق ْد آ َت ٌْ َنا َ‬
‫ك مِن لَّ ُد َّنا ِذ ْكرً ا " طه‪99‬‬ ‫قال تعالى " َك َذلِ َ‬
‫ك َنقُصُّ َعلَ ٌْ َ‬
‫من جانب اخر ٌمثل التارٌخ مقط ًعا متمٌزا فً تجربة االمم والشعوب وهً من ؼٌر شك‬
‫تمثل بع ًدا متمٌزا فً تجربة االمم والشعوب الالحقة بشرط االنفعال والتعاطً بؤحداثها وفق رإٌة‬
‫واضحة ساهمت تلك المواقؾ ببلورتها ولهذا ٌقال ان الذي الٌنفعل بمؤساة التارٌخ الٌمكنه ان ٌنفعل‬
‫بمؤساة الحاضر ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كما ان الذي ٌتوفر على كتابة التارٌخ واستٌعاب البد ان ٌكتـشؾ سننه وقوانٌنه ‪ ،‬فالتارٌخ كما هو‬
‫معلوم محكوم بقوانٌن وسنن تحدد مسٌرته وتوجه احداثه فكل الهزابم واالنتصارات والتقدم‬
‫واالنكسـار فً حٌاة االمم والشعوب انما انتجتها اسبابها الموضوعٌة ودوافعها النفسٌة سواء كانت‬
‫تلك االمم تنتمً الى مسار عقابدي دٌنً او مسـار اجتماعً عام‪.‬‬
‫فنالحظ مثال على مستو الجماعة االسالمٌة المنتمٌة الى دٌن عالمً سماوي لم تفلت‬
‫عن تلك النوامٌس الثابتة فً التارٌخ ‪ ،‬فالنصر لهذ ِه الجماعة ـ كما ٌقول االمام الشهٌد الصدر‬
‫(رض) {هو لٌس حقـًا الهًٌا لهذ ِه الجماعة وانما حق طبٌعً بقدر ماتوفر شروطه الموضوعٌة}‬
‫ولهذا فؤن هذ ِه الجماعة فً حالة اخاللها بتلك الشروط فؤنها قد تتعرض الى هزابم تكلفها الكثٌر من‬
‫فقدان الدم والمواقع المكانٌة‬
‫ْن إِ ْذ أَعْ َج َب ْت ُك ْم َك ْث َر ُت ُك ْم َفلَ ْم ُت ْؽ ِن‬
‫ٌِر ٍة َو ٌَ ْو َم ُح َنٌ ٍ‬
‫ّللا ُ فًِ َم َواطِ َن َكث َ‬ ‫ص َر ُك ُم َّ‬
‫قال تعالى " لَ َق ْد َن َ‬
‫ٌن " التوبة ‪25‬‬ ‫ت َعلَ ٌْ ُك ُم اِلَرْ ضُ ِب َما َر ُح َب ْ‬
‫ت ُث َّم َولَّ ٌْ ُتم م ُّْد ِب ِر َ‬ ‫َعن ُك ْم َش ٌْ ًبا َو َ‬
‫ضا َق ْ‬
‫ولهذا حدد القرآن الكرٌم شروطـًا موضوعٌة ونفسٌة البد من توفرها داخل الجماعة المإمنة وهً‬
‫تمارس عملها التؽٌٌري فً بناء الحٌاة ‪ ،‬كاالٌمان بالِل والثقة به وطاعة القٌادة واالنضباط بتوجٌهها‬
‫ُّون َكثٌِ ٌر َف َما َو َه ُنو ْا لِ َما أَ َ‬
‫صا َب ُه ْم فًِ‬ ‫بدرجة االلتزام التام قال تعالى " َو َكؤٌَِّن مِّن َّن ِبًٍّ َقا َت َل َم َع ُه ِر ِّبٌ َ‬
‫ٌن " آل عمران ‪. 146‬‬ ‫ّللا ُ ٌُحِبُّ الص ِ‬
‫َّاب ِر َ‬ ‫ض ُعفُو ْا َو َما اسْ َت َكا ُنو ْا َو َّ‬ ‫ٌل َّ ِ‬
‫ّللا َو َما َ‬ ‫َس ِب ِ‬
‫والكتاب الذي بٌن ٌدٌك ـ اخً القاريء الكرٌم ـ والمعنون بؤسم (بؽداد من هوالكو الى بوش) هو‬
‫من جهد االخ الكاتب عبدالحسٌن السوٌلمان وقد تعرفت على االخ المذكور من خالل ترددي على‬
‫مدٌنة هاملتون الكندٌة خالل زٌاراتً التبلٌؽٌة هناك ‪ .‬فباالضافة الى ترجمت ِه التً تصدرت الكتاب‬
‫والتً ٌظهر من خاللها حجم المعاناة التً تحملها والتً كلفت ُه ضرٌبة صحٌة ونفسٌة وجسمٌة عالٌة‬
‫بسبب حماقات النظام الدكتاتوري البربري البابد والتً حرمته من الكثٌر من الفرص اال انه كان‬
‫عصامًٌا فً مواجهة الصعوبات فؤستطاع ان ٌعض على جرح ِه وٌواصل تحصٌله العلمً بالجهد‬
‫الذاتً مع مجموعة من اخوان ِه المجاهدٌن فً معسكر االرطاوٌة فً السعودٌة بعد قمع االنتفاضة‬
‫الشعبانٌة المباركة والتً كان قد شارك فٌها بشكل واضح ‪ ،‬حٌث امضى فً ذلك المعسكر فترة‬
‫زمنٌة ؼادر بعدها الى كندا لٌستقر فً مدٌنة هاملتون لٌشارك فً عدة نشاطات فكرٌة واجتماعٌة‬
‫سخرها لخدمة الجالٌة هناك ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اما ماٌخص كتابه فقد خطط الكاتب ان ٌتم انجازه على شكل اجزاء تسـنى لً ان اطلـّع على الجزء‬
‫االول منه والتً ٌتؤلؾ من بابٌن ‪ ،‬االول عبارة عن خلفٌات موجزة عن تارٌخ العراق والمنطقة‬
‫وهو عبارة عن سرد للتارٌخ السٌاسً فً العراق حتى زوال االمبراطورٌة البرٌطانٌة ابان ثورة‬
‫الرابع عشر من تموز على ٌد عبدالكرٌم قاسم عام ‪1958‬م ‪.‬‬
‫واما الباب الثانً فهو عبارة عن عودة االستٌالء الجدٌد على العراق ولكن هذ ِه المرة من قبل‬
‫الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة بعد ان مهدت لهذا االستٌالء بمجًء حزب البعث السًء الصٌت‬
‫وتمكنه من رقاب الشعب العراقً بعد ان حكم العراق بالنار والحدٌد وكمم االفواه ومصادرة‬
‫الحرٌات وزج مبات اآلالؾ من االحرار فً السجون وقتل االالؾ من االبرٌاء واالحرار والتنكٌل‬
‫بمجموع الرافضٌن لهذا الحكم الدكتاتوري وخصوصا ابناء الحركة االسالمٌة التً عانت االمرٌن‬
‫على ٌد عصابات البعث المجرمة ‪ ،‬والتً كللت جرٌمتها باعدام قابد التحرك االسالمً ومفجر‬
‫الثورة ‪ ،‬االمام الشهٌد الصدر (رض) فً السابع من نٌسان عام ‪. 1980‬‬
‫والذي ٌتمٌز به الكاتب الكرٌم فً بحثه القٌم ان ٌالحق الحدث بتفاصٌله الدقٌقة لٌقرأ من خالل‬
‫سطوره الدوافع واالؼراض التً ساهمت فً تكوٌن االحداث التارٌخٌة على الساحة العراقٌة ‪،‬‬
‫اضافة الى توثٌقه لالحداث بالنصوص المختلفه التً تضفً على بحث ِه ثوب التثبت والعلمٌة وهذا‬
‫هو منه البحث العلمً فً دراسة اي علم كان ‪.‬‬
‫والشًء المتمٌز فً هذا البحث سردهُ لوقابع االنتفاضه الشعبانٌة المباركة والموثقة بالصور‬
‫واالحداث والوقابع حٌث اكتسبت تلك الحركة صورا ومظاهر حٌة تحكً عن اصالة شعبنا العراقً‬
‫الصابر ‪ ،‬والذي ابى ان ٌستسلم للقهر والظلم فان موقفه الصرٌح رؼم السنوات العجاؾ التً‬
‫قضاها تحت سٌاط الجالدٌن والكثر من ربع قرن فكانت انتفاضته العمالقة التً اسقطت معظم‬
‫المحافظات وكادت ان تقضً على اعتى نظام سًء عرفته المنطقة االقلٌمٌة ‪ ،‬فقمعت االنتفاضه‬
‫بوحشٌة بالؽة حٌث دفع شعبنا العظٌم مبات اآلالؾ من ابناب ِه البررة شهداء من اجل كرامة االمة‬
‫وعزتها وستبقى تلك االنتفاضة عالمة مضٌبة فً تارٌخ هذ ِه االمة ومهما دار الزمن ‪.‬‬
‫كما ٌتلمس القاريء الكرٌم االبعاد الحقٌقٌة والمرامً البعٌدة لالحتالل االمرٌكً للعراق واهداؾ‬
‫المشروع االمرٌكً فً العراق خصوصا والمنطقة عمومًا ‪ ،‬والذي ٌقوم باالساس على حفظ‬
‫ورعاٌة وتكرٌس المصالح االمرٌكٌة فً المنطقة بعٌ ًدا عن الشعارات الجوفاء التً تحملها ابواق‬
‫االحتالل لتحتمً خلؾ الحرٌة والدٌمقراطٌة والشروع الجدٌد للشرق االوسط وامثالها من‬
‫‪18‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الشعارات التً باتت معروفة ِلبناء امتنا التً تعانً فً مرحتها الراهنة اقسـى مظاهر الحرمان‬
‫والمحاصرة وانعدام االمن والخدمات عٌش االرهابٌٌن والمجرمٌن والصدامٌٌن تحت مظلة‬
‫االحتالل البؽٌض والذي ٌر ان تلك المظاهر مقدمات ضرورٌة لتحقٌق مشروع ُه االستعماري‬
‫الجدٌد‪.‬‬
‫اني في الوقت الذذ اث ّمم ن ب ِه جهد هذا الكاتب الكريم اشد على يدي ِه فً مضاعفة الجهد من اجل‬
‫استجالء الحقابق التارٌخٌة وفضح االسالٌب الماكرة للؽزاة الجدد فً نهب ثروات امتنا ومحاولة‬
‫تركٌعها واضعاؾ واقعها تحسـبًا من اي انطالقة وثابتة تعٌد لألمة كرامتها‬
‫وٌمكرون وٌمكر ّللا وّللا خٌر الماكرٌن ‪.‬‬

‫د‪.‬عبدالزهرة البندر‬
‫هاملتون ـ رمضان المبارك‬
‫‪ 1428‬هـ ـ ‪ 2007‬م‬
‫============================‬

‫‪19‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تقديم المإلؾ (الطبعة االولى)‪:‬‬


‫باديء ذي بدء ‪ ،‬ان هذا الكتاب لٌس مقارنة بٌن رجلٌن او مرحلتٌن فً تؤرٌخ العراق‪ ،‬وما الزحؾ‬
‫المؽولً على بؽداد اال نقطة بداٌة البحث ‪ ،‬ثم انه ليس كتابا تؤريخيا صرفا مجردا عن العواطؾ‪،‬‬
‫لذا فلٌس من الؽرٌب ان ٌجد القاريء فٌها مٌوال عاطفٌة وتحلٌالت خبرٌة‪ ،‬ثم انً لن اتوؼل كثٌراً‬
‫فً التارٌخ الى العصر العباسً واالسس التً بنى علٌها بنٌانه والدماء التً سالت فٌه ولن اكثر‬
‫الوقوؾ على فترة هوالكو الدموٌة حٌث ان دجلة ؼمرته الدماء حتى تؽٌر لون ماءه مختلطا بٌن‬
‫حبر الكتب ودماء الناس‪ ،‬وسوؾ امر مرور الكرام على بؽداد اٌام البرٌطانٌٌن‪.‬‬
‫من المستحٌل على اي كاتب ان ٌحٌط بكل االحداث ولكن اخذنا منها ما مكننا ّللا منه‪ ،‬بمعنى آخر‬
‫ق د تكون مهمة وقد ٌجد احداثا ربما ٌعتقد‬ ‫ربما الٌجد القاريء فً كتابنا احداثا فً عٌن البعض‬
‫القاريء الكرٌم انها ؼٌر مهمة ‪.‬‬
‫لن امكث طوٌال فً الفترة البكرٌة الصدامٌة‪ ،‬لكن البحث فً سقوط بؽداد بٌد االمٌركان سوؾ ٌؤخذ‬
‫حبر القلم كلة ‪.‬‬
‫‪ ‬وجهات نظر ‪ ،‬قد ٌراها البعض منحازة ‪،‬‬
‫‪ ‬وقد ٌراها اخرون ؼٌر منصفة ‪،‬‬
‫‪ ‬وربما ٌجامل البعض وٌصفها بانها جٌدة بعض الشًء ‪.‬‬
‫المهم ‪ ،‬بل اِل هم عندي هو الدماء التً سالت بدون حق من اجل بقاء بعض الكراسً والعروش‬
‫الزابفة ‪.‬‬
‫ومن ّللا التوفٌق‬
‫المإلؾ ‪ :‬عبدالحسٌن السوٌلمان‬
‫============================‬

‫‪20‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مقدمة الطبعة الثانية‬

‫من عادة الك ّتاب اعادة التمحٌص والتدقٌق حتى بعد االنتهاء من العمل‪ ،‬وكالعادة اعدت التفكٌر‬
‫مرارا فً اعادة كتابة كتابً هذا ـ بؽداد من هوالكو الى بوش‪ ،‬ووجدت نفسً على حافة القرار‬
‫النهابً للبدأ بتحدٌث المعلومات بعد ان حصلت على مصادر جدٌدة ووثابق خطٌرة تخص مواضٌع‬
‫البحث‪ ،‬وكذا العدٌد من االخطاء االمالبٌة والزمانٌة فلزم تصحٌحها واعادة العمل علٌها من ان‬
‫اصل الى ؼاٌة اكمل وعمل اكثر اتقا ًنا‪.‬‬
‫لذا تركت جل اعمالً جانبا وتفرؼت العادة الكتاب من الصفحات االولى مع االحتفاض بالقواعد‬
‫االساسٌة‪ ،‬وما اقوم به اال اضافة الناقص وتصحٌح االصل‬

‫ومن ّللا التوفٌق‬


‫المإلؾ ‪ :‬عبدالحسٌن السوٌلمان‬
‫‪Monday, February 10, 2014‬‬

‫============================‬

‫‪21‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومضات سريعة‪:‬‬
‫بني العباس ‪:‬‬
‫تنتمً بنً العباس الى قرٌش مكة ‪ ،‬حكموا االمبراطوية االسالمية ردحا من الزمن على قواعد‬
‫واسس اسستها لهم دولة االنقالب العمرذ في يوم السقيفة وبعد وفاة اخر االنبياء وسيد‬
‫المصلحين ‪ ،‬اسسوا بؽداد وصارت عاصمتهم‪ ،‬سالت الدماء انهارا فً زمانهم واكثرها دماء شٌعة‬
‫الهاشمٌون واالمٌون وبنً العباس كلهم‬
‫علً بن ابً طالب عامة واعمامهم من بنً هاشم خاصة ؾ‬
‫من نسل واحد ‪.‬‬
‫ارتعدت فرابص بنً العباس وحكامهم السكار امام قوة الهجوم الشرقً لكنهم لم ٌكونوا اهال‬
‫ظم الدولة الشرقٌة الحدٌثة العهد التً تشكلت فً‬ ‫لتحمل المسإلٌة فً الدفاع عن بؽداد امام تعا‬
‫الصٌن ‪.‬‬
‫امبراطورية المؽول واتساع رقعتها ‪:‬‬
‫جنكٌزخان فً شمال الصٌن نجح فً تشكٌل حكومة وانشاء دولة عسكرٌة قوٌة كان حافزا قوٌا‬
‫حالٌا ـ ثم الهجوم على‬ ‫لالتساع على حساب االراضً المجاورة فهاجم عاصمة الصٌن ـ بكٌن‬
‫من جهة الؽرب بسبب سوء تصرؾ حاكمها "محمد‬ ‫الدولة الخوارزمٌة " التً كانت تجاوره‬
‫بحواضرها المعروفة مثل‪" :‬بخار "‪" ،‬وسمرقند"‪،‬‬ ‫خوارزم شاه"‪ .‬انتهى حال ها بؤن سقطت‬
‫و"نٌسابور" ‪ .‬مما ساعده على توسٌع جٌشا ً قوٌا مستمدا قواه من البلدان والمناطق التً دخلها ‪.‬‬
‫الصٌن فً (ذي‬ ‫بعد سلسلة من الحروب جلس "منكوقآن بن تولوي بن جنكٌز خان" على عرش‬
‫الحجة ‪648‬هـ = إبرٌل ‪1250‬م)‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الى جنوب‬ ‫اتجه بعدها إلى ؼزو جٌرانه ‪ ،‬فؤرسل أخاه اِلوسط "قوبٌالي" على رأس جٌش كبٌر‬
‫أخاه األصؽر هوالكو الى إٌران وبقٌة بالد العالم‬ ‫الصٌن ومنطقة جنوب شرق آسٌا‪ ،‬وأرسل‬
‫اإلسالمً‪.‬‬
‫لم ٌكن هوالكو قد جاوز السادسة والثالثٌن من عمره حٌن عهد إلٌه أخوه "منكوقا آن" بهذه المهمة‬
‫‪ ،‬مهمة القضاء على طابفة اإلسماعٌلٌة وإخضاع الخالفة العباسٌة ‪.‬‬
‫بعد ان تمكن من توسٌع رقعة الدولة وزٌادة قوة الجٌش اعد العدة للدخول الى بؽداد ‪ ،‬كانت بؽداد‬
‫فً اشد الرعب وهً تتلقى االخبار‪ ،‬اال انها تكابر كعادتها فلٌس لها الجٌش الكافً وال الوالء‬
‫للدولة‪ ،‬وظلم بنً العباس زاد من حقد الناس علٌهم وحبهم للتخلص منهم ‪ .‬وحرص الخان اِلكبر‬
‫أن ٌوصً أخاه قبل التحرك بؤن ٌلتزم بالعادات والتقالٌد وٌطبّق قوانٌن جده جنكٌز خان‪ ،‬وأن ٌكون‬
‫هدفه هو إدخال البالد من ضفاؾ نهر "جٌحون" حتى مصر فً دولة المؽول‪ ،‬وأن ٌعامل من‬
‫ٌخضع لسلطانه معاملة طٌبة‪ ،‬وٌذٌق الذل من ٌبدي المقاومة‪.‬‬
‫تقدم هوالكو بجٌش عرمرم تتقدمهم اخبار بطشهم وعدتهم وسمعتهم الحربٌة المرعبة التً اثرت‬
‫على نفوس الجٌوش المعادٌة من القادة والجنود ‪ ،‬فم نهم من ف ّر امامهم ومنهم من سلم نفسه‪.‬‬
‫سقطت اٌران كلها بدون جهد ٌذكر والتً كانت محكومة من الدولة االسماعٌلٌة ‪ ،‬فما كان من بؽداد‬
‫اال ان استقبلت رسل هوالكوا ـ ٌدعوها الى تسلٌم المفاتٌح وحل جٌوشها واالستسالم فورا ‪.‬‬
‫كانت بؽداد تبن تحت وطؤة العباسٌٌن ولهوهم وسكرهم المستمر‪ ،‬وكان الجٌش الٌدري ما ٌفعل هل‬
‫ٌطٌع الدولة الفاسدة ام ٌستسلم للقوة الباطشة‪.‬‬
‫رؼم ان الجٌشين اشتبكا فً معركة اال ان الصمود كان مستحٌال امام جٌش قوامه اكثر من مبتً‬
‫الؾ ‪ ،‬فما كان من بؽداد اال ان فتحت ابوابها وسعى امبراطور الدولة العباسٌة الى تسلٌم نفسه الى‬
‫امبراطوٌة المؽول‪ ،‬لتنتهً بذلك اكبر امبراطورٌة حكمت مبات من السنٌن على ٌد االمبراطورٌة‬
‫الفتٌة فً (‪ 14‬من صفر ‪ 656‬هـ ‪ 20،‬من فبراٌر ‪1258‬م)‪.‬‬
‫استمرت بؽداد تحت هٌمنة المؽول والذٌن شكلوا بدورهم امبراطوٌة جدٌدة تحت اسم العثمانٌٌن‬
‫نسبة الى مإسسها عثمان بن ارطؽل‪ ،‬والتً استمرت حتى تصاعد القوة العسكرٌة الؽربٌة (اوربا)‪.‬‬
‫اً فً اطراؾ البالد ‪ ،‬زاد الجهل‬ ‫لم تهتم الدولة العثمانٌة بالعلوم وتطوٌر البالد اقتصادٌا وثقافً‬
‫وتعاضم شؤنه خاصة فً المناطق العربٌة حتى ازدحم الناس على طلب الخالص منها كما سوؾ‬
‫نر فً الفصول القادمة من الكتاب‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫استمرت الدولة العثمانٌة فً توسٌعاتها واستمر تعاظم الدول الؽربٌة ـ االوربٌة ـ وتوسعاتها رؼم‬
‫انها كانت مشؽولة بالحروب ‪.‬‬
‫استعانت برٌطان اي بالجزٌرة العربٌة على محاربة العثمانٌٌن رافعة ً شعار (جبنا محررٌن ال‬
‫فاتحٌن)‪.‬‬
‫انتهى صوت‬ ‫احت حسٌن بن علً (شرٌؾ مكة) على ان برٌطانٌا لم تفً بوعودها له‪ ،‬اال انه‬
‫حسٌن هذا وبقً صوت الشارع العربً ‪ .‬سرعان ما تؽٌر االمر ودارت االحداث ‪.‬‬
‫اإلمبراطورٌة البرٌطانٌة بدأت بالهند وركزت نشاط شركة الهند الشرقٌة البرٌطانٌة‪ ،‬والذي حدث‬
‫أن الشركة قامت أوال بإنشاء مراكز لتجارتها على شواطا البنؽال ‪ ،‬مهمتها أن تقوم على تفرٌػ‬
‫سفن الشركة الحاملة لبضابعها من إنكلترا (أو من ؼٌرها) وتحافظ علٌها فً مخازنها حتى مواسم‬
‫شحنها إلى الداخل‪ .‬وفً الوقت ذاته تستقبل منتجات ومحاصٌل الداخل لشحن سفنها بها لتعود بها‬
‫إلى إنكلترا (أو ؼٌرها)‪.‬‬
‫انشؤت مراكز لحراس مخازن شركة الهند الشرقٌة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحول حراس الشركة إلى شبه قوة مسلحة خاصة‬ ‫‪‬‬
‫لحق جٌش إنكلٌزي نظامً بملٌشٌا شركة الهند الشرقٌة التً أصبحت بذاتها نواة حكومة‬ ‫‪‬‬
‫الهند‪،‬‬
‫برٌطانً موازٌة فً دلهً للحكومة البرٌطانٌة اِلصلٌة فً لندن‪.‬‬
‫ا‬ ‫قامت بدور حكومة‬ ‫‪‬‬
‫ثم ان البرٌطانٌٌن دخلوا العراق من البصرة كما مر فً كتب التارٌخ بعد ان اسـسوا‬ ‫‪‬‬
‫ـ والتً اؼرت الكثٌر من‬ ‫قواعد تجارٌة ـ شركة لينج التجارية في جنوب العراق‬
‫اصحاب العقول فً اتباعها والعمل معها ‪ ،‬وكذا استنجد بعضهم بها‬
‫المهم انها سٌطرت على المجاري النهرٌة فً العراق حتى صار الوالً العثمانً الٌقرر قراراً اال‬
‫بموافقة البرٌطانٌٌن ‪ ،‬وزاد االحتدام ودخلت بؽداد متسللة الٌها بالطرٌقة نفسها التً سٌطرت فٌها‬
‫على الجنوب حتى حٌن قٌام الحرب العالمٌة االولى فكان دخولها العسكري الى بؽداد وانتهى امر‬
‫العراق بٌدٌها فً نهاٌة الحرب العالمٌة االولى‪ ،‬ردحا من الزمن حكمت العراق وفلت الزمام من‬
‫ٌدٌها عندما دخل عبدالكرٌم قاسم قصر بؽداد صباحا ً والقوم نٌام ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صارت بؽداد فً قبضت قاسم هذ ِه المرة بعد ان كانت فً قبضة االمبراطورٌة البرٌطانٌة‪ ،‬اال انه‬
‫ؼادرها الى الدار اآلخرة على اٌدي من قاموا معه وبمساندة حزب البعث الذي حاول استالم زمام‬
‫االمور اال ان بؽداد صارت فً قبضة االخوٌن عارؾ حتى عام ‪ 1968‬حٌث امسكت ببؽداد ٌد‬
‫البعثٌٌن لٌإسسوا جمهورٌة الرعب فً ‪ 17‬تموز عام ‪.1968‬‬
‫ذلك الكرسً ساعدته‬ ‫جلس على كرسً بؽداد احمد حسن البكر ‪ ،‬كان صدام حٌنها طموحا الى‬
‫الظروؾ ان يجلس على الكرسً بعد ان ازاح البكر من طرٌقة فً عام ‪. 1979‬‬
‫لقد كانت الصراعات على اوجها‪ ،‬حٌث سالت الدماء بؽزارة وزرع الرعب فً كل مكان وانشؤ‬
‫جهازا قمعٌا ً لم ٌفلت منه الطفل الصؽٌر او الشٌخ الكبٌر‪ ،‬العالم او الجاهل ‪ ،‬المرأة او الرجل ‪.‬‬
‫كان الشعب العراقً فٌها رهٌن المحبسٌن محبس الحكومة وقتلها وارهابها وطؽٌانها المفرط‬
‫والمحبس الثانً الحروب التً القت نٌرانها علٌه ‪ ،‬ومن هرب لم تعنه الدنٌا ‪ ،‬فتشكلت احزاب‬
‫جدٌدة فً الخارج ‪ ،‬فٌما بقً الداخل ٌبن من ثقل الهموم والحدٌد والنار‪.‬‬
‫ارتفعت االصوات فً الخارج مطالبة بانقاد ابناء الداخل اال ان اصواتها كانت ال تعبر حٌطان‬
‫قاعات االجتماعات فٌما تجنبها العالم العربً ودول العالم‪ ،‬كانت بالنسبة الى الداخل مجرد هوامش‬
‫‪ ،‬فكانت‬ ‫ال قٌمة لها ‪ ،‬حتى انتهت الحرب مع اٌران وبدأت الحرب على الكوٌت والحرب الكبر‬
‫الثورة العارمة فً الداخل ـ والتً تسمى ـ ( ثورة شعبان ) ‪ ،‬عام ‪ 1991‬والتً تخاذل عنها ‪ ،‬بل‬
‫ساعد فً قمعها كل دول العرب حٌث وقفت جنبا الى جنب مع طاؼٌة العصر‪.‬‬
‫البشر ‪ ،‬فٌما سكتت مالٌٌن‬ ‫هرب المالٌٌن من الناجٌن الى دول الجوار واحترقت اوراق مالٌٌن‬
‫اخر تحت وطؤت الحكومة وعساكرها ‪.‬‬
‫انطفت نٌران شعبان وتؤججت فً الصدور ‪ ،‬فكانت فرصة لالحزاب فً الخارج ان تشتعل نشاطا‬
‫اكثر‪.‬‬
‫اكثر ؾ‬
‫سنوات عجاؾ مرت على الشعب العراقً وكؤنه ٌعٌش فً تنور ‪ ،‬نار فً الداخل تؤكله ‪ ،‬واطماع‬
‫فً الخارج تؽذٌها وانطوت صفحات السنوات العجاؾ وجاء ما ٌسمى بـ( الفرج) على ٌد امرٌكا‬
‫بالتخلص من صدام وزبانٌته ‪.‬‬
‫قربت نهاٌة شهر اذار عام ‪ ، 2003‬ودخلت الدبابات االمرٌكٌة من الكوٌت عبر الصحراء لتتساقط‬
‫امامها المدن الواحدة تلو االخر حتى وصلو الى بؽداد سالكٌن طرٌق الصحراء حٌث عبروا‬

‫‪25‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الفرات الى المطار فكانت لٌلتها بؽداد تعٌش على املٌن ‪ ،‬امل فً الٌنجاة من صدام ‪ ،‬وآخر السالمة‬
‫من هذ ِه الحرب ‪.‬‬
‫الرافعة فً الدبابة االمرٌكٌة صنم‬ ‫فً صباح التاسع من نٌسان اسقطت السواعد العراقٌة وسلك‬
‫صدام فً بؽداد حٌث تجمع علٌه ابناء بؽداد ضربا باالقدام واالحذٌة والنعال‪ ،‬توجهت آلة التلفزٌون‬
‫فً منتصؾ شوارع بؽداد لتسجل مشهد (ابوتحسٌن) وهو ٌضرب صورة صدام بالنعل فؤشتهرت‬
‫الحادثة باسم (نعال ابو تحسٌن)‪.‬‬
‫ضربات (نعال ابو تحسٌن) رحل بها صدام وحزبه وجٌشه وكل حكومته وصارت مثاال لكل‬
‫طاؼٌة ‪ ،‬قٌل‬ ‫الشعوب‪ ،‬نعال ابو تحسٌن صار شعارا ٌضرب به المثل اذا ارٌد القضاء على‬
‫"احضروا لكل طاؼٌة نعال ابو تحسٌن"‪.‬‬
‫يسم‬ ‫دبل ٌو بوش االبن‪ ،‬وتشكل عهد جدٌد ‪،‬‬ ‫سقطت بؽداد السقوط االخٌر على ٌد جورج‬
‫(دٌمقراطٌة رؼم انؾ العالم الدكتاتوري) ‪.‬‬
‫وبهذ ِه الكلمات نكون قد وصنا الى نهاٌة كتابنا المقرر له ان ٌكون من جزبٌن‬
‫الجز االول ـ استعراض تؤرٌخً‬
‫الجزء الثانً ـ ‪ 2003-1991‬تحت اسم السنوات العجاؾ وحرب الدٌمقراطٌة الجدٌدة‬
‫كتابنا كله بؤسم (بؽداد من هوالكو الى بوش)‬

‫‪26‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫====== الجزء االول =======‬


‫الباب االول ‪:‬‬
‫الفصل االول‪:‬‬
‫اضواء على الخلفيات التؤريخية ‪:‬‬
‫اضواء على الخلفٌات التؤرٌخٌة للعراق قبل واثناء سٌطرة االمبراطورٌة البرٌطانٌة على العراق ‪.‬‬
‫لم ٌكن العراق دولة بهذ ِه الرسوم اال بعد ان انتهت الحرب العالمٌة االولى وانتصار بعض الدول‬
‫االوربٌة على بعضها اآلخر‪ ،‬فكان لبرٌطانٌة حصة االسد فً الدولة العثمانٌة المنهزمة ‪ ،‬وكان‬
‫العراق لقمتها فتؤسست المملكة العراقٌة بتارٌخ ‪1921/8/23‬م‪ ،‬بعد ان كان العراق خاضعا ً تماما‬
‫لسٌطرة االمبراطورٌة العثمانٌة‪.‬‬
‫اما فً العهود االسالمٌة التً سبقت العهد العثمانً‪" ،‬فقد اتفق البلدانٌون والمإرخون على ان‬
‫العراق ٌتكون من قسمٌن متمٌّزٌن‪ ،‬احدهما فً الشمال واآلخر فً الجنوب‪ ،‬لكنهم اختلفوا فً‬
‫تسمٌتها وفً تعٌٌن حدودها ‪ ،‬فؤطلقوا على القسم االول ارض الجزٌرة‪ ...‬واطلقوا على القسم اآلخر‬
‫بابل ‪،‬او العراق‪ ،‬سواد العراق" ‪ ...‬وقد شرح الخطٌب البؽدادي فً تارٌخ بؽداد تفاصٌل عظٌمة‬
‫حول ذلك ‪ ،‬اقتطع منها هذا النص ((" ‪ ...‬فمس َح السواد فوجده ستة وثالثٌن ألؾ ألؾ جرٌب فوضع‬
‫على كل جرٌب درهما وقفٌزا قال أبو عبٌد أر حدٌث مجالد عن الشعبً هو المحفوظ وٌقال إن‬
‫حد السواد الذي وقعت علٌه المساحة من لدن تخوم الموصل ماداً مع الماء إلى ساحل البحر ببالد‬
‫عبادان من شرقً دجلة هذا طوله وأما عرضه فحده منقطع الجبل من أرض حلوان إلى منتهى‬
‫طرؾ القادسٌة المتصل بالعذٌب من أرض العرب فهذا حدود السواد "‬
‫كان هذا النص من تارٌخ بؽداد صفحة ‪ ، 40‬وقد سبق هذا النص كٌؾ ان عمر بن الخطاب ارسل‬
‫الجٌوش الحتالل البلدان المجاورة ‪ٌ ،‬قول الخطٌب البؽدادي فً مجمل حدٌثة عنها انهم اقتطعوا‬
‫ارض السواد قطعا وبدأوا ٌتوزعون ثرواته دون اهلة على ان العراق صار من المؽانم الحربٌة لهم‬
‫‪27‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ايرادا لدولة االنقالب‬ ‫حٌث وضعوا على كل جرٌب ـ مساحة من االرض ـ قفٌزا‪ ،‬واعتبروه‬
‫العمرذ (ابو بكر ‪ ،‬عمر ‪ ،‬عثمان) وخراجا لهم رؼما عن انؾ سكانه االصلٌٌن ومن رفض كان‬
‫نصٌبة الموت تحت السٌاط‪ .‬والتً اسست للخالفة االموٌة والعباسٌة التً حكمت بهذ ِه القواعد‬
‫واالطر السٌاسٌة الى هذا الٌوم‪.‬‬
‫حاول االمام علً بن ابً طالب (علٌه السالم) اعادة الدولة الى عهد رسول ّللا (صلى ّللا علٌه وآله‬
‫وسلم ) عندما آلت الٌه االمور اال ان االمور لم تجري على ما اراد فشنت علٌه الحروب حتى رحل‬
‫عن الدنٌا شهٌدا مضمخا بدماء الشهادة فً محراب المسجد فً الكوفه ‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬ربما ٌحت البعض على كلمة دولة االنقالب العمري وقد اطلق علٌها المإرخون بدولة (الخلفاء‬
‫ت مِن َق ْبلِ ِه الرُّ ُس ُل أَ َفإِن‬
‫الراشدٌن) اقول بصرٌح العبارة ‪ ،‬قال تعالى ( َو َما م َُح َّم ٌد إِالَّ َرسُو ٌل َق ْد َخلَ ْ‬
‫ّللا َش ٌْ ًبا َو َس ٌَجْ ِزي َّ‬
‫ّللاُ ال َّشاك ِِر َ‬
‫ٌن )‬ ‫مَّاتَ أَ ْو قُ ِت َل ان َققلَق ْبب ُتت ْبم َقعلَقى أَق ْبع َقق ِ‬
‫اب ُتك ْبم َو َمن ٌَن َقلِبْ َعلَ َى َع ِق َب ٌْ ِه َفلَن ٌَضُرَّ َّ َ‬
‫(آل علمران ‪ ،‬اٌة ‪.144‬‬
‫واشارت الى ذلك فاطمة الزهراء بنت رسول ّللا محمد علٌها السالم فً خطبتها ((‪ ....‬أٌها الناس‬
‫اعلموا أنً فاطمة و أبً محمد ص أقول عودا وبدوا وال أقول ما أقول ؼلطا وال أفعل ما أفعل‬
‫شططا لَ َق ْد جا َء ُك ْم َرسُو ٌل ِمنْ أَ ْنفُسِ ُك ْم َع ِزٌ ٌز َعلَ ٌْ ِه ما َع ِن ُّت ْم َح ِرٌصٌ َعلَ ٌْ ُك ْم ِب ْالم ُْإ ِمن َ‬
‫ٌِن َرإُ ؾٌ َرحٌِ ٌم فإن‬
‫تعزوه وتعرفوه تجدوه أبً دون نسابكم وأخا ابن عمً دون رجالكم ولنعم المعز إلٌه ص فبلػ‬
‫الرسالة صادعا بالنذارة مابال عن مدرجة المشركٌن ضاربا ثبجهم آخذا بؤكظامهم داعٌا إلى سبٌل‬
‫ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ٌجؾ اِلصنام وٌنكث الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر حتى‬
‫محضه ونطق زعٌم الدٌن وخرست شقاشق الشٌاطٌن‬ ‫تفر اللٌل عن صبحه وأسفر الحق عن‬
‫وطاح وشٌظ النفاق وانحلت عقد الكفر والشقاق وفهتم بكلمة اإلخالص فً نفر من البٌض الخماص‬
‫وكنتم على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجالن وموطا اِلقدام تشربون‬
‫الطرق وتقتاتون القد أذلة خاسبٌن تخافون أن ٌتخطفكم الناس من حولكم فؤنقذكم ّللا تبارك وتعالى‬
‫بمحمد ص بعد اللتٌا والتً وبعد أن منً ببهم الرجال وذإبان العرب ومردة أهل الكتاب كلما‬
‫أوقدوا نارا للحرب أطفؤها ّللا أو نجم قرن الشٌطان أو فؽرت فاؼرة من المشركٌن قذؾ أخاه فً‬
‫لهواتها فال ٌنكفا حتى ٌطؤ جناحها بؤخمصه وٌخمد لهبها بسٌفه مكدودا فً ذات ّللا مجتهدا فً أمر‬
‫ّللا قرٌبا من رسول ّللا سٌدا فً أولٌاء ّللا مشمرا ناصحا مجدا كادحا ال تؤخذه فً ّللا لومة البم‬
‫تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون األخبار‬ ‫وأنتم فً رفاهٌة من العٌش وادعون فاكهون آمنون‬
‫‪28‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وتنكصون عند النزال وتفرون من القتال فلما اختار هللا لنبيه دار أنبيائه ومؤوى أصفيائه ظهر‬
‫فيكم حسكة النفاق وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الؽاوين ونبػ خامل األقلين وهدر فنيق‬
‫المبطلين فخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مؽرزه هاتفا بكم فؤلفاكم لدعوته‬
‫مستجيبين وللعزة فيه مالحظين ثم استنهضكم فوجدكم خفافا وأحمشكم فؤلفاكم ؼضابا فوسمتم‬
‫ؼير إبلكم ووردتم ؼير مشربكم هذا والعهد قرٌب والكلم رحٌب والجرح لما ٌندمل والرسول لما‬
‫ٌقبر ابتدارا زعمتم خوؾ الفتنة أال فً الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحٌطة بالكافرٌن فهٌهات منكم‬
‫باهرة‬ ‫وكٌؾ بكم وأنى تإفكون وكتاب ّللا بٌن أظهركم أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعالمه‬
‫وزواجره البحة وأوامره واضحة وقد خلفتموه وراء ظهوركم أرؼبة عنه ترٌدون أم بؽٌره تحكمون‬
‫من الخاسرٌن ثم لم‬ ‫ببس للظالمٌن بدال ومن ٌتبع ؼٌر اإلسالم دٌنا فلن ٌقبل منه وهو فً اآلخرة‬
‫تلبثوا إال رٌث أن تسكن نفرتها وٌسلس قٌادها ثم أخذتم تورون وقدتها وتهٌجون جمرتها‬
‫النبً الصفً تشربون‬ ‫وتستجٌبون لهتاؾ الشٌطان الؽوي وإطفاء أنوار الدٌن الجلً وإهمال سنن‬
‫حسوا فً ارتؽاء وتمشون ِلهله وولده فً الخمرة والضراء وٌصٌر منكم على مثل حز المد‬
‫النص الكامل فً اخر الكتاب مع الوثابق‬ ‫ووخز السنان فً الحشا‪))....‬‬
‫عندما تمت مإامرة السقٌفة وحدث بٌنهم ماحدث تقدم جٌش مإلؾ من ثالثة االؾ رجل باتجاه بٌت‬
‫االمام علً وهاجموه واحرقوا بٌت الرسول ‪ ،‬فالٌك‬
‫النص التالي من بحوث حول كتاب السقيفة ‪:‬‬
‫"كلمة خالد بن سعٌد بن العاص‬ ‫‪‬‬
‫اتق ّللا ‪ ،‬فقد سمعت رسول ّللا ٌقول ٌوم بنً قرٌضه ‪ ،‬حٌن قتل علًّ رجالهم‪"،‬‬
‫ٌا ابا بكر ‪ِ ،‬‬
‫ٌامعشر المهاجرٌن اوصٌكم بوصٌة ‪،‬فاحفظوها‪ ،‬أال ان علًّ بن ابً طالب‪ ،‬امٌركم بعدي‬
‫وخلٌفتً فٌكم ‪ ،‬بذلك اوصانً ربً‪ .‬وانكم ان لم تحفظوا وصٌتً اختلفتم فً احكامكم‬
‫واضطرب علٌكم امر دٌنكم‪ ،‬ووالكم شراركم"‬
‫ثم قام ابو اٌوب االنصاري وقال مثله‬
‫وقام عثمان بن حنٌؾ وقال مثله‬
‫وقام عمّار وقال مثله‬
‫وقام الب ّراء بن عازب وقال مثله‬
‫ُ‬
‫ولٌـت علٌكم ولست بخٌركم‪ ،‬اقٌلونً اقٌلونً‬ ‫فصاح ابو بكر ‪،،،،‬‬
‫‪29‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فقال عمر ــ ٌا لكع (ٌااحمق) اذا كنت ال تقوم بحج قرٌش وال تقدر على الرد فلم اقمت نفسك‬
‫هذا المقام ‪ ،‬لقد هممت ان اخلعك واجعلها فً سالم مولى ابً حذٌفة واخذ بٌد ِه واخرج ُه وبقوا‬
‫ثالث اٌام وخاؾ عمر الفتنة ‪ .‬فجهز جيشا وامر خالد بن الوليد ب ( ‪ )1000‬فارس ومعاذ بن‬
‫جبل ب ( ‪ )1000‬فارس وجاء معه ( ‪ )1000‬فارس ودخل المسجد وصاح ‪ :‬يا اصحاب‬
‫علي ّم إلن ذهب الرجل منكم وتكلم بالذذ تكلم به امس اخذت الذذ فيه عينيه‬
‫فقام الٌه خالد بن سعٌد بن العاص قال‪:‬‬
‫ٌؤبن الصهاك‪ ،‬أبؤسٌافكم تهددوننا‪ ،‬ام بجمعكم تفزعوننا‪ ،‬وّللا ان اسٌافنا احد من اسٌافكم‪،‬‬
‫وعددنا اكثر من عددكم‪ ،‬الن حجة ّللا فٌنا‪ ،‬وّللا لو كنت بنفسً لجاهدتكم بسٌفً‪ ،‬فؤجلسه علً‬
‫فقام سلمان‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫سمعت رسول ّللا ٌقول "بٌنما اخً علً بالمسجد ومعه اصحابه اذا بجماعة تكبسه‪ ،‬اوالبك من‬
‫كالب اهل النار‪ ،‬وال اشك هإالء انتم‪ ،‬فقام عمر وهم به‪ ،‬وبادر الٌه علًّ ‪ ،‬وقال ٌا ابن‬
‫الصهاك‪ ،‬أبؤسٌافكم تهددوننا ام بجمعكم تكاثرونا‪ ،‬وّللا لوال كتاب من ّللا سبق‪ ،‬وعهد من‬
‫رسولهِ‪ِ ،‬لرٌتك اٌنا اضعؾ ناصرا واقل جندا‬
‫وخرج وقال مادخلت هذا المسجد اال كما دخل موسى ))‬

‫وفً إخبار النبً صلى ّللا علٌه وآله بتظاهر اِلمة على علً علٌه السالم من بعده ‪ ،‬فهذا كتاب سلٌم‬
‫بن قٌس الهاللً فً ص‪ٌ 134‬قول‪:‬‬
‫"ثم نظر رسول ّللا صلى ّللا علٌه وآله إلى فاطمة وإلى بعلها وإلى ابنٌها فقال‪ٌ :‬ا سلمان‪ ،‬أشهد ّللا‬
‫أنً حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم‪ .‬أما إنهم معً فً الجنة‪ .‬ثم أقبل النبً صلى ّللا علٌه وآله‬
‫على علً علٌه السالم فقال‪ٌ :‬ا علً‪ ،‬إنك ستلقً بعدي من قرٌش شدة‪ ،‬من تظاهرهم علٌك وظلمهم‬
‫لك‪ .‬فإن وجدت أعوانا علٌهم فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك‪ ،‬فإن لم تجد أعوانا فاصبر‬
‫وكؾ ٌدك وال تلق بٌدك إلى التهلكة"‬
‫ونص اخر من كتاب نهج البالؼة‬
‫"ومن خطبة ال مٌر المإمنً علً بن ابً طالب (علٌه السالم) فً نه البالؼة الذي جمعه الشرٌؾ‬
‫الرضً المعروفة بال ِّش ْقشِ ِقٌَّة ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الر َقحى َقي ْبن َقح ِد ُتر‬


‫ب مِنَق ه‬ ‫ص َقها ابن أبي قحافه َقو إِ هن ُته لَق َقي ْبعلَق ُتم أَقنه َقم َقحلِّي ِم ْبن َقها َقم َقحل ُّ ا ْبلقُت ْبط ِ‬ ‫أَق َقما َقو ه ِ‬
‫هللا لَق َققدْب َقت َقق هم َق‬
‫شحا ً َقو َقطفِ ْبقتُت أَق ْبر َقتئِي َقبيْبنَق أَقنْب‬ ‫س َقد ْبلتُت دُتو َقن َقها َقث ْبوبا ً َقو َقط َقو ْبيتُت َقع ْبن َقها َقك ْب‬ ‫س ْبيل ُت َقو َقال َقي ْبر َققى إِلَق هي ال هط ْبي ُتر َقف َق‬ ‫َقع ِّني ال ه‬
‫ح فِي َقها‬ ‫الصؽِي ُتر َقو َقي ْبكدَق ُت‬
‫يب فِي َقها ه‬ ‫صول َق بِ َقي ٍد َقج هذا َقء أَق ْبو أَق ْب‬
‫صبِ َقر َقعلَقى َقط ْبخ َقي ٍة َقع ْبم َقيا َقء َقي ْبه َقر ُتم فِي َقها ا ْبل َقكبِي ُتر َقو َقيشِ ُت‬ ‫أَق ُت‬
‫ْن َق ًذ َو فًِ ْال َح ْل ِق‬ ‫ت َو فًِ ْال َعٌ ِ‬
‫ص َبرْ ُ‬ ‫صب َْر َعلَى َها َتا أَحْ َجى َف َ‬ ‫ْت أَنَّ ال َّ‬ ‫ُتم ْبإمِنٌن َقح هتى َقي ْبل َققى َقر هب ُته ‪َ ،‬ف َرأٌَ ُ‬
‫ضى ْاِلَ َّو ُل لِ َس ِبٌلِ ِه َفؤ َ ْدلَى ِب َها إِلَى ابن الخطاب َبعْ َدهُ ( ُث َّم َت َم َّث َل ِب َق ْو ِل‬
‫َشجً ا أَ َر ُت َراثًِ َنهْبا ً َح َّتى َم َ‬
‫ْاِلَعْ َشى)‬
‫َّان أَخًِ َج ِاب ِر‬ ‫َو ٌَ ْو ُم َحٌ َ‬ ‫ور َها‬‫ان َما ٌَ ْومًِ َعلَى ُك ِ‬ ‫َش َّت َ‬
‫ضرْ َع ٌْ َها َف َ‬
‫صٌ ََّر َها فًِ‬ ‫َف ٌَا َع َجبا ً َبٌْن َما ه َُو ٌَسْ َتقٌِل ُ َها فًِ َح ٌَا ِت ِه إِ ْذ َع َق َد َها ِآل َخ َر َبعْ َد َو َفا ِت ِه لَ َش َّد َما َت َش َّط َرا َ‬
‫ب‬‫صا ِح ُب َها َك َرا ِك ِ‬‫شنُ َم ُّس َها َو ٌَ ْك ُث ُر ْال ِع َثا ُر فٌِ َها َو ِاالعْ ِت َذا ُر ِم ْن َها َف َ‬ ‫َح ْو َز ٍة َخ ْش َنا َء ٌَ ْؽل ُ ُ‬
‫ظ َك ْل ُم َها َو ٌَ ْخ ُ‬
‫اس َو َتلَ ُّو ٍن َو‬
‫ّللا ِب َخبْطٍ َو شِ َم ٍ‬ ‫س لَ َها َت َقحَّ َم َف ُمن ًَِ ال َّناسُ لَ َعمْ ُر َّ ِ‬ ‫الصَّعْ َب ِة إِنْ أَ ْش َنقَ لَ َها َخ َر َم َو إِنْ أَسْ لَ َ‬
‫اع ٍة َز َع َم‬ ‫ضى لِ َس ِبٌلِ ِه َج َعلَ َها فًِ َج َم َ‬ ‫ول ْال ُم َّد ِة َو شِ َّد ِة ْال ِمحْ َن ِ َح َّتى إِ َذا َم َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ت َعلَى ُ‬ ‫ص َبرْ ُ‬ ‫اض َف َ‬ ‫اعْ ت َِر ٍ‬
‫ت أ ُ ْق َرنُ إِ َلى َه ِذ ِه‬ ‫ض الرَّ ٌْبُ فًَِّ َم َع ْاِلَ َّو ِل ِم ْن ُه ْم َح َّتى صِ رْ ُ‬ ‫ور َم َتى اعْ َت َر َ‬ ‫لِل َو لِل ُّش َ‬ ‫أَ ِّنً أَ َح ُد ُه ْم َف ٌَا َ َّ ِ‬
‫ص َؽا َر ُج ٌل ِم ْن ُه ْم لِضِ ْؽ ِن ِه َو َما َل ْاآل َخ ُر لِصِ ه ِْر ِه َم َع‬ ‫ت إِ ْذ َطارُوا َف َ‬ ‫ت إِ ْذ أَ َس ُّفوا َو طِ رْ ُ‬ ‫ال َّن َظاب ِِر لَ ِك ِّنً أَسْ َف ْف ُ‬
‫ُون َما َل‬ ‫ضم َ‬ ‫ِث ْال َق ْو ِم َنافِجا ً ِحضْ َن ٌْ ِه َبٌ َْن َنثٌِلِ ِه َو مُعْ َتلَ ِف ِه َو َقا َم َم َع ُه َب ُنو أَ ِبٌ ِه ٌَ ْخ َ‬ ‫َه ٍن َو َه ٍن إِلَى أَنْ َقا َم َثال ُ‬
‫اعنًِ‬ ‫ت ِب ِه ِب ْط َن ُت ُه َف َما َر َ‬ ‫ث َعلَ ٌْ ِه َف ْتل ُ ُه َو أَجْ َه َز َعلَ ٌْ ِه َع َمل ُ ُه َو َك َب ْ‬ ‫ٌع إِلَى أَ ِن ا ْن َت َك َ‬ ‫ّللا ِخضْ َم َة ْ ِ‬
‫اإل ِب ِل ِن ْب َت َة الرَّ ِب ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اي‬‫ش َّق عِ ْط َف َ‬ ‫ان َو ُ‬ ‫ب َح َّتى لَ َق ْد وُ طِ َا ْال َح َس َن ِ‬ ‫ون َعلًََّ ِمنْ ُك ِّل َجا ِن ٍ‬ ‫ضب ُِع إِلًََّ ٌَ ْن َثال ُ َ‬ ‫إِ َّال َو ال َّناسُ َكعُرْ ؾِ ال َّ‬
‫ُون‬
‫آخر َ‬ ‫ت أ ُ ْخ َر َو َق َس َط َ‬ ‫ت َطا ِب َف ٌة َو َم َر َق ْ‬ ‫ت ِب ْاِلَ ْم ِر َن َك َث ْ‬
‫ض ِة ْال َؽ َن ِم َفلَمَّا َن َهضْ ُ‬ ‫ٌِن َح ْولًِ َك َر ِبٌ َ‬ ‫مُجْ َت ِمع َ‬
‫ض َو ال‬ ‫ون عُلُ ًّوا فًِ ْاِلَرْ ِ‬ ‫ٌِن ال ٌ ُِرٌ ُد َ‬ ‫ك الدَّا ُر ْاآلخ َِرةُ َنجْ َعلُها ِللَّذ َ‬ ‫َكؤ َ َّن ُه ْم لَ ْم ٌَسْ َمعُوا َّ َ‬
‫ّللا ُسب َْحا َن ُه ٌَقُو ُل ت ِْل َ‬
‫ت ال ُّد ْن ٌَا فًِ أَعْ ٌُن ِِه ْم َو َرا َق ُه ْم‬ ‫ّللا لَ َق ْد َس ِمعُو َها َو َو َع ْو َها َو لَ ِك َّن ُه ْم َحلِ ٌَ ِ‬ ‫ٌِن َبلَى َو َّ ِ‬ ‫َفساداً َو ْالعا ِق َب ُة ل ِْل ُم َّتق َ‬
‫ِزب ِْر ُج َها أَ َما َو الَّذِي َفلَقَ ْال َح َّب َة َو َب َرأَ ال َّن َس َم َة لَ ْو َال ُحضُو ُر ْال َحاضِ ِر َو ِق ٌَا ُم ْالحُجَّ ِة ِبوُ جُو ِد ال َّناصِ ِر َو‬

‫ْت َح ْبلَ َها َعلَى َؼ ِ‬


‫ار ِب َها َو‬ ‫وم َِلَ ْل َقٌ ُ‬ ‫ِظ ِة َظالِم َو َال َس َؽ ِ ْ‬
‫ب َمظل ُ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّللا ُ َع َ ْال ُعلَ َما ِء أَ َّال ٌُ َقارُّ وا َعلَى ك َّ‬ ‫َما أَ َخ َذ َّ‬
‫س أَوَّ لِ َها َو َِلَ ْل َف ٌْ ُت ْم ُد ْن ٌَا ُك ْم َه ِذ ِه أَ ْز َه َد عِ ْندِي ِمنْ َع ْف َط ِة َع ْن ٍز ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫لَ َس َقٌ ُ‬
‫ْت آخ َِر َها ِب َكؤ ِ‬
‫َقالُوا ‪َ :‬و َقا َم إِلَ ٌْ ِه َر ُج ٌل ِمنْ أَهْ ِل الس ََّوا ِد عِ ْن َد ُبلُوؼِ ِه إِلَى َه َذا ْال َم ْوضِ ِع ِمنْ ُخ ْط َب ِت ِه َف َن َاولَ ُه ِك َتابا ً قٌِ َل إِنَّ‬
‫ظ ُر فٌِ ِه ( َفلَمَّا َف َر َغ ِمنْ ق َِرا َء ِت ِه)‬ ‫ان ٌُرٌ ُد ْاإل َجا َب َة َع ْن َها َفؤ َ ْق َب َل ٌَ ْن ُ‬
‫ِ‬ ‫فٌِ ِه َم َسا ِب َل َك َ ِ‬
‫ضٌْتَ‬ ‫ْث أَ ْف َ‬ ‫ك ِمنْ َحٌ ُ‬ ‫َت ُخ ْط َب ُت َ‬‫اط َرد ْ‬ ‫ٌِن لَ ِو َّ‬ ‫ٌِر ْالم ُْإ ِمن َ‬ ‫َّاس ‪ٌَ :‬ا أَم َ‬ ‫َقا َل لَ ُه ابْنُ َعب ٍ‬
‫ت ُث َّم َقرَّ ْ‬
‫ت‬ ‫ك شِ ْقشِ َق ٌة َه َد َر ْ‬
‫َّاس ت ِْل َ‬
‫َف َقا َل ‪َ :‬ه ٌْ َهاتَ ٌَا اب َْن َعب ٍ‬
‫‪31‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ون أَمٌِ ُر ْالم ُْإ ِمن َ‬


‫ٌِن علٌه‬ ‫ت َعلَى َك َال ٍم َق ُّط َكؤ َ َسفًِ َعلَى َه َذا ْال َك َال ِم أَ َّال ٌَ ُك َ‬
‫ّللا َما أَ َس ْف ُ‬
‫َّاس ‪َ :‬ف َو َّ ِ‬
‫َقا َل ابْنُ َعب ٍ‬
‫ْث أَ َرا َد ‪.‬‬‫السالم َبلَػَ ِم ْن ُه َحٌ ُ‬

‫المجتمعون في دار فاطمة (عليها السالم) ‪:‬‬


‫ومن هذا المصدر ‪http://www.albadri.info/rodod/rodod21.htm :‬‬

‫وقد ذكر المإرخون فً عداد من تخلؾ عن بٌعة أبً بكر فً بٌت‬


‫كال من (العباس بن عبد‬ ‫فاطمة مع علً (علٌهما السالم) والزبٌر‬
‫المطلب وعتبة بن أبً لهب وسلمان الفارسً وأبً ذر الؽفاري‬
‫وعمار بن ٌاسر والمقداد بن اِلسود والبراء بن عازب وأبً بن‬
‫كعب)‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن عبد ربه ان أبا بكر بعث عمر بن الخطاب لٌخرجهم‬
‫من بٌت فاطمة وقال له‪ :‬ان أبوا فقاتلهم فاقبل بقبس من نار على ان ٌضرم علٌهم الدار فلقٌته‬
‫فاطمة فقالت ٌا ابن الخطاب اجبت لتحرق دارنا قال نعم أو تدخلوا فٌما دخلت فٌه اِلمة (‪.)10‬‬
‫رو الطبري قال أتى عمر بن الخطاب منزل علً (علٌه السالم) وفٌه طلحة والزبٌر ورجال من‬
‫المهاجرٌن فقال‪« :‬وّللا ِلُحرِّ قنَّ علٌكم أو لتخرجن إلى البٌعة» (‪. )11‬‬
‫وقد ذكر أصحاب الحدٌث عن الزهري‪« :‬ان علٌا (علٌه السالم) وبنً هاشم بقوا ستة اشهر لم‬
‫ٌباٌعوا حتى ماتت فاطمة» (‪. )12‬‬
‫وقوله (علٌه السالم) ‪« :‬ولم ٌكن لً معٌن إال أهل بٌتً فضننت بهم عن الموت» (‪.)13‬‬
‫وقوله ‪ « :‬لو وجدت أربعٌن ذوي عزم !» (‪. )14‬‬
‫وفً كتاب معاوٌة إلى علً (علٌه السالم) «وأعهدك أمس تحمل قعٌدة بٌتك لٌال على حمار ‪،‬‬
‫وٌداك فً ٌدي ابنٌك الحسن والحسٌن ‪ٌ ،‬وم بوٌع أبو بكر الصدٌق ‪ ،‬فلم تدع أحدا من أهل بدر‬
‫والسوابق إال دعوتهم إلى نفسك ‪ ،‬ومشٌت إلٌهم بامرأتك ‪ ،‬وأدللت إلٌهم بابنٌك ‪ ،‬واستنصرتهم على‬
‫صاحب رسول ّللا ‪ ،‬فلم ٌجبك منهم إال أربعة أو خمسة ولعمري لو كنت محقا ِلجابوك ‪، . . .‬‬
‫ومهما نسٌت فال أنسى قولك ِلبً سفٌان لما حركك وهٌجك لو وجدت أربعٌن ذوي عزم لناهضت‬
‫القوم » (‪. )15‬‬
‫قوله ‪( :‬ولٌس منكم من تقطع اِلعناق إلٌه مثل أبً بكر) ‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫أقول ‪ :‬هذا الوصؾ ال ٌنطبق على أبً بكر إذ لم تكن له قرابة خاصة من النبً أو سابقة جهادٌة‬
‫ممٌزة أو نص ٌإهله لذلك بخالؾ علً (علٌه السالم) حٌث جمع ذلك كله ‪.‬‬
‫قوله ‪( :‬وال نعرؾ هذا اِلمر إال لهذا الحً من قرٌش) ‪.‬‬
‫وفً رواٌة احمد بن حنبل عن مالك بن انس (ولن تعرؾ العرب هذا اِلمر إال لهذا الحً من‬
‫قرٌش) وفً رواٌة ابن اسحق (قد عرفتم ان هذا الحً من قرٌش بمنزلة من العرب لٌس بها‬
‫ؼٌرهم وان العرب ال تجتمع إال على رجل منهم‪)..‬‬
‫ونستفٌد من هذا الكالم امرٌن هما ‪:‬‬
‫االول‪ :‬ان االمر المتنازع علٌه فً السقٌفة لٌس هو مجرد السلطة االجرابٌة بل هو سلطة اجرابٌة‬
‫مقرونة بسلطة دٌنٌة وذلك الن العرب لم ٌكونوا فً الجاهلٌة ٌخضعون لقرٌش اجرابٌا بل كانوا‬
‫ٌخضعون لها دٌنٌا حٌث ٌدٌنون بكل امر تضعه قرٌش فً امر الدٌن وبخاصة الح وهو امر‬
‫مذكور فً كل كتب السٌرة ( ‪ ، )16‬وفً ضوء هذه السلطة تجرأ عمر فً حكومته على تحرٌم‬
‫متعة الح وقبول الناس ذلك منهم (‪. )17‬‬
‫الثانً ‪ :‬ان المهاجرٌن االربعة فً السقٌفة انما ؼلبوا االنصار الحاضرٌن بؤساس جاهلً كان‬
‫االسالم قد أَماته ‪ ،‬وهذا االساس هو االمتٌاز الدٌنً لقرٌش وقد نزعه االسالم عن قرٌش وكرسه‬
‫لمحمد (صلى ّللا علٌه وآله) واهل بٌته (علٌهم السالم) ‪.‬‬
‫وامام شعار عمر ورفع الراٌة القرشٌة انكسر سعد بن عبادة فً هذا االجتماع المدبر من الحزب‬
‫القرشً بإعالن اسٌد بن حضٌر ( ‪ )18‬ربٌس االوس وبشٌر بن سعد احد وجوه الخزرج ( ‪)19‬‬
‫مٌلهما إلى الحزب القرشً ومن ثم بٌعتهما ومن معهما من أتباعهما أبا بكر ‪.‬‬
‫قوله ‪( :‬كان وّللا ان اقدم فتضرب عنقً ‪ . . .‬احب إلىَّ من ان أتؤمر على قوم فٌهم أبو بكر) ‪.‬‬
‫وقد قال قبل ذلك (ولٌس فٌكم من تقطع اِلعناق إلٌه مثل أبً بكر) ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬لست ادري هل هاتان الكلمتان من أبً حفص كانتا على سبٌل الجد أم شؤنه فٌهما شؤنه فً‬
‫كلمته لما توفً النبً (صلى ّللا علٌه وآله) وكشؾ هو والمؽٌرة بن شعبة الثوب عن وجه النبً‬
‫(صلى ّللا علٌه وآله) فقال ‪ :‬واؼشٌاه ما اشد ؼشً رسول ّللا (صلى ّللا علٌه وآله)‪ ،‬ثم اخذ ٌهدد‬
‫بالقتل من قمال ان رسول ّللا قد مات ‪ ،‬واخذ ٌقول ان رجاال من المنافقٌن ٌزعمون ان رسول ّللا‬
‫توفً ‪ ،‬وان رسول ّللا ما مات ‪ ،‬ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران ‪ ،‬فؽاب عن‬
‫قومه أربعٌن لٌلة ‪ ،‬ثم رجع بعد ان قٌل مات ‪ ،‬وّللا لٌرجعن رسول ّللا فلٌقطعن أٌدي رجال‬
‫‪33‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وأرجلهم ٌزعمون ان رسول ّللا مات‪( ،‬من قال انه مات علوت رأسه بسٌفً هذا ‪ ،‬وإنما ارتفع إلى‬
‫السماء) (‪. )20‬‬
‫قال ابن أبي الحديد « ان عمر لما علم ان رسول هللا قد مات خاؾ من وقوع فتنة في اإلمامة‬
‫وتؽلب أقوام عليها أما من األنصار أو من ؼيرهم فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس‬
‫فاظهر ما أظهره وأوقع تلك الشبهة في قلوبهم حراسة للدين والدولة إلى ان جاء أبو بكر »‬
‫(‪. )21‬‬
‫وفً ما أوردناه من رواٌة البخاري وشرحها كفاٌة فً توضٌح حال السقٌفة وإنها كانت بٌعة خاصة‬
‫ِلبً بكر فً أجواء العصبٌة القبلٌة ولٌست مجرد ترشٌح له ثم أردفت ببٌعة عامة اقترنت بالتهدٌد‬
‫وقوة السالح ‪.‬‬

‫______________________‬
‫(‪ )10‬العقد الفرٌد ‪ ، 260-259 : 4‬كنز العمال ‪ 140 : 3‬واإلمامة والسٌاسة ‪ 121‬انساب اِلشراؾ ‪. 586 : 1‬‬
‫(‪ )11‬تارٌخ الطبري ج ‪ . 202 : 3‬رو الذهبً فً مٌزان االعتدال ج ‪ 108 : 3‬وابن حجر فً لسان المٌزان ج ‪4‬‬
‫‪ 188 :‬فً ترجمة علوان بن داود قول أبً بكر فً مرضه الذي توفً فٌه (وددت أنً لم اكشؾ بٌت فاطمة وتركته‬
‫وان اؼلق على الحرب) ورواه أٌضاالمسعودي فً مروج الذهب ج ‪2:309‬والطبري فً تارٌخه ج ‪ . 430 : 3‬واقدم‬
‫مصدر تارٌخً رو ذلك هو كتاب اِلموال ‪ِ 174 :‬لبً عبٌد (ت ‪ 224‬هجـ) ؼٌر انه كنى عنها ولم ٌصرح بها قال‬
‫قال أبو بكر (وددت أنً لم اكن افعل كذا وكذا لخلة ذكرها) (قال أبو عبٌد ال أرٌدذكرها)‪.‬‬
‫أقول فإذا كان أبو عبٌد القاسم بن سالم وأمثاله ٌتحامون ذكر اصل الهجوم على دار فاطمة (علٌها السالم)فهل ٌترقب‬
‫ممن ذكره منهم ان ٌعنى بتفاصٌل الهجوم ونتابجه المروعة على الزهراء (علٌها السالم)بوصفها الوجه البارز فً‬
‫‪ « :60/2‬فاما اِلمور الشنٌعة المستهجنة التً‬ ‫مخاطبة القوم ومن هنا ٌظهر للقارئ خطؤ قول ‪ :‬ابن أبً الحدٌد ج‬
‫تذكرها الشٌعة من إرسال قنفذ إلى بٌت فاطمة (علٌها السالم) وانه ضربها بالعصا فصار فً عضدها كالدمل وبقً‬
‫أثره إلى ان ماتت وان عمر ضؽطها بٌن الباب والجدار‪ ...‬وألقت جنٌنا مٌتا وجعل فً عنق علً (علٌه السالم) حبل‬
‫ٌقاد به‪ ...‬فكله ال اصل له عند أصحابنا‪ .. ..‬وانما هو شىء تنفرد الشٌعة بنقله » لقد ؼاب عن ابن أبً الحدٌد ان‬
‫الطبري لم ٌذكر تفاصٌل ما جر بٌن أبً ذر ومعاوٌة بعد إشارته إلى اصل الخبر خشٌة من العامة إذ جاء فً تارٌخه‬
‫« كان ما ذكر من أمر أبً ذر ومعاوٌة فً الشام وأشخاص معاوٌة إٌاه منها ألٌها (إلى المدٌنة) أمور كثٌرة كرهت‬
‫ذكرها » ج ‪ 4‬ص ‪ 283‬وقوله عن المكاتبات التً جرت بٌن محمد بن أبً بكر ومعاوٌة بن أبً سفٌان « جرت‬
‫‪ 4‬ص ‪ .557‬فهل ٌترقب منه ومن‬ ‫مكاتبات بٌنهما كرهت ذكرها لما فٌها مما ال ٌحتمل سماعها العامة » الطبري ج‬
‫نظرابه من المإرخٌن ان ٌذكروا تفاصٌل الهجوم الذي جر على بٌت فاطمة (علٌها السالم) وبخاصة وان نتاب ذلك‬
‫على شعور العامة اكثر بكثٌر من نتاب ذكر تفاصٌل ما جر بٌن أبً ذر ومعاوٌة أو ما جر بٌن محمد بن أبً بكر‬
‫‪34‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومعاوٌة أٌضا‪ .‬على اننا ال نعدم الحصول على طرؾ من المعلومات فً هذاالمصدر السنً أو ذاك لمن أراد‬
‫التتبعواالستقصاء ‪.‬‬
‫(‪ )12‬صحٌح البخاري كتاب المؽازي باب ؼزوة خٌبر ج ‪ 38 : 3‬وصحٌح مسلم ‪ 153 : 5 ، 72 / 1‬االستٌعاب ‪2‬‬
‫‪586 : 1‬‬ ‫‪ ، 244 :‬أسد الؽابة بترجمة أبً بكر (ولم ٌباٌع علً (علٌه السالم) إال بعد ستة اشهر) انساب اِلشراؾ‬
‫وفً الؽدٌر ‪ 102 : 3‬عن الفصل البن حزم ‪( 97-96‬وجدنا علٌا (رض) تؤخر عن البٌعة ستة اشهر)‪.‬‬
‫(‪ )13‬قال ابن أبً الحدٌد وهو قول ما زال ٌكرره علً (علٌه السالم) ولقد قاله عقٌب وفاة رسول ّللا (صلى ّللا علٌه‬
‫وآله)(شرح النه ج‪. )22 : 2‬‬
‫(‪ )14‬شرح النه ج‪. 22 : 2‬‬
‫(‪ )15‬وقعة صفٌن نصر بن مزاحم ‪ 182‬ابن أبً الحدٌد ‪. 67 : 2‬‬
‫(‪ )16‬قال ابن اسحاق ‪ « :‬وكانت قرٌش ابتدعت امر ال ُحمْس جمع احمس وهو المتصلب فً الدٌن وسمٌت قرٌش‬
‫ُحمْسا لزعمهم بؤنهم المتشددون فً الدٌن) ثم ابتدعوا فً ذلك امورا لم تكن لهم منها انهم حرموا على اهل الحل (وهم‬
‫العرب الساكنون خارج مكة) ان ٌؤكلوا من طعام جاإا به معهم من الحل الى الحرم اذا جاإا حجاجا او عمارا وال‬
‫ٌطوفوا بالبٌت اذا قدموا اول طوافهم اال فً ثٌاب الحمس (اي فً ثٌاب احد القرشٌٌن) فان لم ٌجدوا منها شٌبا طافوا‬
‫بالبٌت عراة فان تكرم من متكرم من رجل او إمرأة ولم ٌجد ثٌاب الحمس فطاؾ فً ثٌابه التً جاء بها من الحل القاها‬
‫اذا فرغ من طوافه ثم لم ٌنتفع بها ولم ٌمسها هو وال احد ؼٌره ابدا فكانت العرب تسمً تلك الثٌاب اللقى ‪ .‬قال ابن‬
‫اسحاق فحملوا على ذلك العرب فدانت به ‪ . . .‬فكانوا كذلك حتى بعث ّللا محمدا (صلى ّللا علٌه وآله) فوضع ّللا‬
‫تعالى امر الحمس وما كانت قرٌش ابتدعت منه (اي هدم ّللا قٌمته » السٌرة النبوٌة البن هشام ج ‪. 203-201/1‬‬
‫(‪ )17‬انظر الفصل السابع من هذا الكتاب ‪.‬‬
‫(‪ )18‬أسد الؽابة ترجمة اسٌد بن حضٌر وفٌه انه اسلم على ٌد مصعب بن عمٌر فً العقبة اِلولى وان أبا بكر فً‬
‫‪ 20‬وحمل عمر عنه السرٌر حتى وضعه بالبقٌع انظر تفصٌل‬ ‫خالفته كان ٌكرمه وال ٌقدم علٌه أحدا وتوفً سنة‬
‫موقؾ بشٌر بن سعد واسٌد بن حضٌر فً تارٌخ الطبري ج ‪. 221 / 3‬‬
‫(‪ )19‬وقد قٌل انه أول من باٌع أبا بكر من اِلنصار كان قد شهد العقبة الثانٌة وبدرا والمشاهد كلها قتل ٌوم عٌن التمر‬
‫مع خالد سنة ‪ 12‬هجـ ‪. .‬‬
‫(‪ )20‬تارٌخ الٌعقوبً ‪ ، 95 : 2‬الطبري ‪ /‬البداٌة والنهاٌة البن كثٌر ‪ 242 : 5‬تٌسٌر الوصول ‪ ، 41 : 2‬انساب‬
‫اِلشراؾ ‪ ، 565 : 1‬تارٌخ أبً الفداء ‪. 164 : 1‬‬
‫(‪ )21‬انظر شرح النه ج‪. 43 : 2‬‬
‫‪--------------------‬‬
‫بعد استشهاد االمام الحسين (ع) وأصحابه ‪ ,‬وسبً النساء واِلطفال الى الشام ‪ ,‬أقٌمت المآتم ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫قٌل ‪ :‬خرج عبد ّللا بن عمر بن الخطاب صارخا ً ‪ ,‬الطما ً وجهه ‪ ,‬شاقا َ جٌبه‪ٌ ,‬قول‪ٌ :‬ا معشر بنً‬
‫هاشم وقرٌش ‪ ,‬والمهاجرٌن واِلنصار ٌُستح ّل هذا من رسول ّللا (ص) فً أهله وذرٌته وأنتم‬
‫أحٌاء ترزقون‪ ,‬ال قرار دون ٌزٌد‪.‬‬
‫قٌل‪ :‬لم ٌدخل عبد ّللا مدٌنة وال التقى بجمع حتى استنفرهم على ٌزٌد‪ ,‬وكانت أخباره تصل الى‬
‫الشام‪.‬‬
‫وعند وصوله الى دمشق واستنفاره أهل الشام ورد على باب اللعٌن ٌزٌد ٌرٌده‪ ,‬فؤعلم ٌزٌد بما‬
‫ٌحصل وأذن أن ٌدخل عبدّللا دون أحد‪ ,‬وقال إنها فورة من فورات أبً محمد وعن قلٌل ٌفٌق منها‪.‬‬
‫فدخل أبً محمد صارخا ٌقول‪ :‬ال أدخل ٌا أمٌر ‪ ........‬وقد فعلت بؤهل بٌت محمد (ع) ما لو‬
‫تمكنت الترك والروم ما استحلوا ما استحللت‪ ,‬وال فعلوا ما فعلت‪ .‬قم عن البساط حتى ٌختار‬
‫المسلمون من هو أحق به منك‪.‬‬
‫فرحب به ٌزٌد وقال له‪ٌ :‬ا أبا محمد س ٍّكن من فورتك‪ ,‬وأعقل وانظر بعٌنٌك‪ ،‬واسمع بؤذنك ‪...‬و الى‬
‫أن قال له‪ :‬أبوك قلّد أبً أمر الشام‪ ,‬أم أبً قلد أباك خالفة رسول ّللا (ص) ؟‬
‫فقال عبد ّللا‪ :‬أبً قلّد أباك الشام‪.‬‬
‫قال ٌزٌد‪ٌ :‬ا أبا محمد‪ ،‬أفترضى به وبعهده إلى أبً‪ ،‬وما ترضاه؟‬
‫قال عبدّللا‪ :‬بؤيٍّ أرضى‪.‬‬
‫قال ٌزٌد‪ :‬أفترضى بؤبٌك؟‬
‫قال عبد ّللا‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فضرب ٌزٌد ٌده على ٌد عبد ّللا بن عمر‪ ،‬وقال له‪ :‬قم ٌا أبا محمد حتى تقرأه‪ .‬فقام معه‪ ،‬حتى ورد‬
‫خزانة من خزابنه‪ ،‬فدخلها‪ ،‬فدعا بصندوق وفتحه‪ ،‬واستخرج منه تابوتا ً مقفالً مختوماً‪ ،‬فاستخرج‬
‫منه طوماراً لطٌفا فً خرقة حرٌر سوداء‪ ،‬فؤخذ الطومار بٌده ونشره‪.‬‬
‫ثم قال ٌزٌد‪ٌ :‬ا أبا محمد هذا خط أبٌك؟‬
‫قال عبد ّللا‪ :‬إي وّللا‪.‬‬
‫وأخذه من يده فق ّمبله فقال له‪ :‬اقرأه‪ .‬فقرأه ابن عمر فإذا فيه‪:‬‬
‫إن الذذ أكرمنا بالسيؾ على اإلقرار به فؤقررنا والصدور وؼِرة واألنفس واجفة والنياؾ والبصائر‬
‫شاكية مما كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليه وأطعنا فيه رفعا ً بسيوفه عنا وتكاثره بالحي علينا من‬
‫بل أقسم واألصنام‬
‫فب ُته ٍ‬
‫اليمن وتعاضد من سمع به ممن ترك دينه وما كان عليه آباإه في قريش ِ‬
‫‪36‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واألوثان والالت والعزى ما جحدها عمر منذ عبدها وال عبد للكعبة ربا ً وصدق لمحمد قوال وال ألقى‬
‫السالم إال للحيلة عليه وإيقاع البطش به فإنه قد أتانا بسحر عظيم وزاد في سحره على سحر بني‬
‫اسرائيل مع موسى وهارون وداود وسليمان وابن أمه عيسى ولقد أتانا بكل ما أتوا به من السحر وزاد‬
‫عليهم ما لو أنهم شهدوه إال قروا له وأنه سيد السحرة‪.‬‬

‫كيفية شهادة فاطمة الزهراء وقصة الهجوم على الدار ‪:‬‬


‫كتب عمر بن الخطاب عهدا إلى معاوٌة ذكر فٌه ما ٌلً‪(( :‬فؤتٌت داره ـ الحدٌث حول دار اإلمام‬
‫علً علٌه السالم ـ مستشٌرا إلخراجه منها‪ ،‬فقالت اِلمة فضة وقد ُ‬
‫قلت لها‪ :‬قولً لعلً ٌخرج الى‬
‫بٌعة ابً بكر فقد اجتمع المسلمون‪ ،‬فقالت‪ :‬ان امٌر المإمنٌن علٌا مشؽول‪ ،‬فقلت‪ :‬خلً عنك هذا‬
‫وقولً له ٌخرج و إال دخلنا علٌه واخرجناه كرها‪ ،‬فخرجت فاطمة فوقفت وراء الباب فقالت‪ :‬أٌها‬
‫الضالون المكذبون ماذا تقولون؟ وأي شًء ترٌدون‪ ،‬فقلت‪ :‬يا فاطمة فقالت‪ :‬ما تشاء يا عمر ؟‬
‫فقلت‪ :‬ما بال ابن عمك قد اوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب ؟ فقالت لي‪ :‬طؽيانك يا عمر‬
‫اخرجني و الزمك الحجة و كل ضال ؼوى ‪ ،‬فقلت‪ :‬دعً عنك اِلباطٌل و أساطٌر النساء و قولً‬
‫لعلً‪ٌ :‬خرج‪ ،‬فقالت‪ :‬ال حب و ال كرامة ‪ ،‬أبحزب الشٌطان تخوفنً ٌا عمر ؟ و كان حزب الشٌطان‬
‫ضعٌفا‪ ،‬فقلت‪ :‬ان لم ٌخرج جبت بالحطب الجزل و اضرمتها نارا على أهل هذا البٌت واحرق من‬
‫فٌه‪ ،‬أو ٌقاد علً إلى البٌعة‪ ،‬وأخذت سوط قنفذ فضربتها ‪ ،‬و قلت لخالد بن الولٌد‪ :‬أنت و رجالنا‬
‫فقالت يا عدو هللا و عدو رسوله و عدو أمير‬ ‫هلمّوا فً جمع الحطب‪ ،‬فقلت‪ :‬انً مضرمها‪،‬‬
‫المإمنين فضربت فاطمة ٌدٌها من الباب تمنعنً من فتحه‪ ،‬فرمته‪ ،‬فتصعب علًّ ‪ ،‬فضربت كفيها‬
‫بالسوط فآلمها فسمعت لها زفٌرا و بكاء‪ ،‬فكدت ان ألٌن و أنقلب عن الباب‪ .‬فذكرت أحقاد علي و‬
‫ولوعه في دماء صناديد العرب و كيد محمد وسحره فركلت الباب و قد ألصقت أحشاءها‬
‫بالباب تترسه و سمعتها و قد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها و قالت‪ٌ :‬ا‬
‫أبتاه ٌا رسول ّللا هكذا كان ٌفعل بحبٌبتك و ابنتك‪ ،‬آه ٌافضة إلٌك فخذٌنً‪ ،‬فقد و ّللا قتل ما فً‬
‫احشابً من حمل‪ ،‬و سمعتها تمخض و هً مستندة الى الجدار‪ ،‬فدفعت الباب ودخلت فؤقبلت إلً‬
‫بوجه أؼشى بصري‪ ،‬فصفقت صفقة على خدٌها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها و تؤثرت الى‬
‫اِلرض…))‬

‫‪37‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ...:‬فؤخذ عمر السوط من قنفذ مولى ابً بكر‬ ‫وقد اخبرت علٌها السالم بنفسها ما جر علٌها‬
‫فضرب به عضدي حتى صار كالدمل وركل الباب برجله فرده َعلًّ وأنا حامل فسقطت لوجهً‬
‫والنار تسعر وٌسفع وجهً‪ ،‬فٌضربنً بٌده حتى انتشر قرطً من اذنً و جاءنً المخاض‪،‬‬
‫فؤسقطت محسنا بؽٌر جرم‪.‬‬
‫قال اإلمام الباقر علٌه السالم‪ :‬ما رإٌت أمً فاطمة علٌها السالم ضاحكة مستبشرة منذ قبض‬
‫رسول ّللا صلى ّللا علٌه و آله حتى قبضت‪.‬‬
‫‪----‬‬
‫‪ /‬مؤساة‬ ‫المصادر‪:‬مجمع النورٌن ــــــ للشٌخ المرندي ‪ /‬مقتل فاطمة الزهراء *ع* ــ للعالمة السٌد ٌاسٌن الموسوي‪.‬‬
‫الزهراء *ع* ــ للمحقق العالمة السٌد جعفر مرتضى العاملً‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬
‫ومما تقدم يثبت اثباتا قطعيا اليقبل الشك بؤن الخالفة التً قام علٌها الثالثة ‪( ،‬ابو بكر ‪ ،‬عمر ‪،‬‬
‫وعثمان) ‪ ،‬انقالب صرٌح على دولة االسالمٌة التً اسسها رسول ّللا ‪ ،‬وانقلب الناس علٌه بعد‬
‫وفاته كما تقدم ‪ ،‬وعندما حاول االمام علً بن ابً طالب (ع) ـ بعد ان آلت الٌه االمور ـ اعادت‬
‫االمور الى ماكانت علٌه فً اٌام النبً (ص) قام علٌه الجمهور بصوت (واسنة عمراه) ‪ ،‬وقامت‬
‫علٌه عابشة بحرب الجمل ‪ ،‬وقام علٌه الشام بحروب لها اول ولٌس لها اخر ‪ ،‬حتى قامت قضٌة‬
‫التحكٌم‪ ،‬ثم الخورج ولما اعٌاه اصالح االمور تركها وخطب فٌهم خطبة نؤخذ منها هذا النص‬
‫الوارد فً نه البالؼة ‪:‬‬
‫ت ِمنْ َجانِب َت َه َّت َكت ِمنْ َ‬ ‫ٌِص ْ‬‫الث ٌَابُ ْالم َتدَ اعِ ٌَ ُة! ُكلَّما ح َ‬ ‫ار ْال ِب َكا ُر ْال َع ِم َدةُ‪َ ،‬و ِّ‬‫ارٌ ُك ْم َك َما ُت َد َ‬ ‫ُ‬
‫آخ َر‪،‬‬ ‫" َك ْم أ َد ِ‬
‫ض َّب ِة فً‬ ‫ُكلَّما أَ َط َّل َعلَ ٌْ ُك ْم َم ْنسِ ٌر ِمنْ َم َناسِ ِر أَهْ ِل ال َّش ِام أَ ْؼلَقَ ُك ُّل َرجُل ِم ْن ُك ْم َبا َبهُ‪َ ،‬وا ْن َج َحر ا ْن ِج َح َ‬
‫ار ال َّ‬
‫ًِ ِبؤ َ ْف َوقَ َناصِ ل إِ َّن ُك ْم‬ ‫ًِ ِب ُك ْم َف َق ْد ُرم َ‬ ‫صرْ ُتمُوهُ! َو َمنْ ُرم َ‬ ‫ّللا َمنْ َن َ‬ ‫ضبُع فًِ ِو َجار َها َّ‬
‫الذلٌِ ُل َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫جُحْ ِر َها‪َ ،‬وال َّ ِ‬
‫صلِ ُتح ُتك ْبم َقو ُتيقِي ُتم أَق َقودَق ُتك ْبم َقول ِك ِّني و ِ‬
‫هللا‬ ‫ّللا ـ لَ َكثٌِ ٌر فًِ ْال َب َ‬
‫احاتِ‪َ ،‬ق ِلٌ ٌل َتحْ تَ الرَّ ا ٌَاتِ‪َ ،‬قوإِ ِّني لَق َقعالِ ٌنم ِب َقما ُتي ْب‬ ‫ـ َو ِ‬
‫ض َقر َقع هللاُت ُتخدُتودَق ُتك ْبم َقوأَق ْبت َقع َق‬
‫س ُتجدُتودَق ُتك ْبم! الَق َقت ْبع ِرفُتونَق ا ْبل َقحقه َقك َقم ْبع ِر َقفتِ ُتك ُتم‬ ‫سا ِد َقن ْبفسِ ي ‪ .‬أَق ْب‬ ‫الَق أَقرى إِ ْب‬
‫صالَق َقح ُتك ْبم َقبإِ ْبف َق‬
‫ا ْبل َقباطِ ل َق َقوالَق ُتت ْببطِ لُتونَق ا ْبل َقباطِ لَق َقكإِب َقطالِ ُتك ُتم ا ْبل َقحقه !‬

‫‪38‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بعد ان تبٌن لنا مما سبق ان الدولة التً تؤسست بعد وفاة الرسول وما اسست له من انهار النظام‬
‫االسالمً سٌاسٌا ‪ ،‬نعود الى الفتوحات التً قامت بها ونعود الى احتالل العراق ‪ ،‬ونواصل‬
‫الحدٌث كما تروٌه المصادر التارٌخٌة‬
‫‪ ...‬فكان ارض السواد ـ كما ٌقول صاحب كتاب تارخ بؽداد ـ (("‪ ...‬ما فوق حلوان فهو ذمة وما‬
‫دون حلوان من السواد فهو فٌا وسوادنا هذا فٌا ‪ ))"...‬للدولة الؽازٌة‪.‬‬
‫ثم انه إنما سمى العراق بالسواد ـ الن العرب حٌن جاءوا نظروا إلى مثل اللٌل من النخل والشجر‬
‫والماء فسموه سوادا ‪ .‬وشرح الخطٌب ان العرب كانت تلحق االخضر باالسود ‪ ،‬فالبرؼم من ان‬
‫العراق كان اخضر داكنا من كثرة النخٌل واالشجار ‪ ،‬اطلقوا علٌه ارض السواد لهذا السبب وقد‬
‫ذكرت بعض المصادر ان ارض السواد ‪ ،‬اي االرض الخصبة جدا‪.‬‬
‫كفارا يجب ان يقتلوا او يكونوا عبيدا الى ما شاكل‬
‫ً‬ ‫وكانوا قد اقتطعوا خراج العراق على ان اهله‬
‫ذلك من االوصاؾ التً فهمتها من النصوص المطولة والتً التعنٌنا تفاصٌلها فً هذا الكتاب‪.‬‬
‫"اما لفظة (عراق) فٌعتقد البعض ـ كما ٌذكر ادورد فٌلٌب ـ انها مستعارة من البهلوٌة ومعناها‬
‫االرض الواطبة "‪ *( .‬كتاب الحركة االسالمٌة فً العراق ‪ ،‬عبد الحلٌم الرهٌمً فً ص ‪ 29‬منه *) وقٌل اٌضا‬
‫ان اصل كلمة عراق مترجمة من اآلشورٌة او اآلرٌة من لؽات الدولة التً حكمت العراق فً‬
‫السنٌن الؽابرة ‪ ،‬تحت لفظة ((أوراك)) ثم تحولت الى العربٌة بكلمة (عراق) وهً االقرب‪ .‬كما‬
‫وردت رواٌات اخر تدل على بعض من هذ ِه المعانً ‪ ،‬كـ ( كثرة العروق ‪ ،‬وكثرة االعراق ‪،‬‬
‫وكثرة العراك ـ اي الحروب) ولكل وجهة هو مولٌها ومعتقدا بها ‪.‬‬

‫وثيقة االستعباد العمرية على مستعمرات الفتوحات االسالمية‬


‫وقد ورد النص التالي فً كتب ابناء سنة الجماعة مما ٌدل مد قسوة دولة الخالفة العمرٌة فً‬
‫اٌامها والتً سادت مناهجها الى هذا الٌوم والى اجل ؼٌر مسمى‪ ،‬حٌث سار حكام القوم على هذا‬
‫االساس مع البلدان التً استعمروها تحت اسم الفتوحات االسالمٌة‪ ،‬والنص التالً منقول من تفسٌر‬
‫(ابن كثٌر) للقرآن الكرٌم فً تفسٌر االٌة القرآنٌة ‪:‬‬
‫ٌِن‬
‫ون د َ‬ ‫ُون َما َحرَّ َم َّ‬
‫ّللاُ َو َرسُولُ ُه َو َال ٌَدٌِ ُن َ‬ ‫ون ِب َّ ِ‬
‫الِل َو َال ِب ْال ٌَ ْو ِم ْاآلخ ِِر َو َال ٌ َُحرِّ م َ‬ ‫َقاتِلُوا الَّذ َ‬
‫ٌِن َال ٌ ُْإ ِم ُن َ‬
‫ُون‬
‫صاؼِ ر َ‬ ‫اب َح َّتى ٌُعْ ُ‬
‫طوا ْال ِج ْز ٌَ َة َعنْ ٌَ ٍد َو ُه ْم َ‬ ‫ٌِن أُو ُتوا ْال ِك َت َ‬ ‫ْال َح ِّق م َِن الَّذ َ‬

‫‪39‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صلَّى َّ‬
‫ّللا َعلَ ٌْ ِه َو َسلَّ َم َقا َل " َال‬ ‫ّللا َع ْن ُه أَنَّ ال َّن ِبًّ َ‬
‫صحٌِح مُسْ لِم َعنْ أَ ِبً ه َُرٌ َْرة َرضِ ًَ َّ‬ ‫{{" َجا َء فًِ َ‬
‫ار ِبالس ََّال ِم َوإِ َذا لَقٌِ ُت ْم أَ َحده ْم فًِ َط ِرٌق َفاضْ َطرُّ و ُه ْم إِلَى أَضْ ٌَقه " َولِ َه َذا‬ ‫ص َ‬ ‫َتبْدَ ءُوا ْال ٌَهُود َوال َّن َ‬
‫ك ال ُّشرُوط ْال َمعْ رُو َفة فًِ إذاللهم‬ ‫ٌِن ُع َمر بْن ْال َخ َّطاب َرضِ ًَ َّ‬
‫ّللا َع ْن ُه ت ِْل َ‬ ‫ِا ْش َت َر َط َعلٌَ ِْه ْم أَمٌِر ْالم ُْإ ِمن َ‬
‫ك ِممَّا َر َواهُ ْاِلَ ِبمَّة ْال ُح َّفاظ ِمنْ ِر َوا ٌَة َعبْد الرَّ حْ َمن بْن ؼَ ْنم ْاِلَ ْش َع ِريّ َقا َل ‪:‬‬ ‫صؽِيره ْبم َقو َقت ْبحقِيره ْبم َو َذلِ َ‬
‫َقو َقت ْب‬
‫ار ِمنْ أَهْ ل ال َّشام‬ ‫ص َ‬ ‫َك َتبْت لِ ُع َمر بْن ْال َخ َّطاب َرضِ ًَ َّ‬
‫ّللا َع ْن ُه حٌِن َ‬
‫صالَ َح َن َ‬
‫ّللا الرَّ حْ َمن الرَّ حٌِم‬ ‫ِبسْ م َّ‬
‫ِ‬
‫ار َمدٌِ َنة َك َذا َو َك َذا‬ ‫ص َ‬‫ٌِن ِمنْ َن َ‬ ‫ّللا ُع َمر أَمٌِر ْالم ُْإ ِمن َ‬ ‫َه َذا ِك َتاب ل َِع ْب ِد َّ‬
‫ار ٌّ َنا َوأَم َْوال َنا َوأَهْ ل ِملَّت َنا َو َش َر ْط َنا لَ ُك ْم َعلَى أَ ْنفُس َنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إِ َّن ُك ْم لَمَّا َق ِد ْم ُت ْم َعلَ ٌْ َنا َسؤ ْل َنا ُك ْم ْاِل َمان ِِل ْنفُسِ َنا َو َذ َر ِ‬
‫أَنْ َال ُنحْ دِث فًِ َمدٌِ َنت َنا َو َال فٌِ َما َح ْول َها َدٌْرً ا َو َال َكنٌِ َسة َو َال قالٌة َو َال َ‬
‫ص ْو َم َعة َراهِب َو َال‬ ‫‪‬‬
‫ب ِم ْن َها‬
‫ُن َج ِّدد َما َخ ِر َ‬
‫ٌِن‬ ‫ان ُخ َط ًطا ل ِْلمُسْ لِم َ‬
‫ٌِن َوأَنْ َال َن ْم َنع َك َنابِس َنا أَنْ ٌَ ْن ِزل َها أَ َحد ِمنْ ْالمُسْ لِم َ‬ ‫َو َال ُنحْ ًٌِ ِم ْن َها َما َك َ‬ ‫‪‬‬
‫فًِ لٌَْل َو َال َن َهار‬
‫َوأَنْ ُن َوسِّع أَب َْواب َها ل ِْل َمارَّ ِة َوابْن الس َِّبٌل‬ ‫‪‬‬
‫ٌِن َث َال َثة أٌََّام ُن ْطعِم ُه ْم‬
‫َوأَنْ ُن ْن ِزل ِمنْ َرأَ ٌْ َنا ِمنْ ْالمُسْ لِم َ‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َنؤْ ِوي فًِ َك َنابِس َنا‬ ‫‪‬‬

‫َو َال َم َن ِ‬
‫ازل َنا َجاسُو ًسا‬ ‫‪‬‬
‫ٌِن‬ ‫َو َال َن ْك ُتم ؼِ ًّ‬
‫شا ل ِْلمُسْ لِم َ‬ ‫‪‬‬
‫َو َال ُن َعلِّم أَ ْو َالد َنا ْالقُرْ آن‬ ‫‪‬‬
‫َو َال ُن ْظ ِهر شِ رْ ًكا‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن ْدعُو إِلَ ٌْ ِه أَ َح ًدا‬ ‫‪‬‬
‫اإلسْ َالم إِنْ أَ َرا ُدوهُ‬ ‫َ‬
‫َو َال َن ْم َنع أ َح ًدا ِمنْ َذ ِوي َق َرا َبت َنا ال ُّد ُخول فًِ ْ ِ‬ ‫‪‬‬
‫َوأَنْ ُن َو ِّقر ْالمُسْ لِم َ‬
‫ٌِن‬ ‫‪‬‬
‫َوأَنْ َنقُوم لَ ُه ْم ِمنْ َم َجالِس َنا إِنْ أَ َرا ُدوا ْال ُجلُوس‬ ‫‪‬‬

‫َو َال َن َت َشبَّه ِب ِه ْم فًِ َشًْ ء ِمنْ م َُال ِبسه ْم فًِ َق َل ْنس َُوة َو َال عِ َما َمة َو َال َنعْ لٌَ ِ‬
‫ْن َو َال َفرْ ق َشعْ ر‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن َت َكلَّم ِب َك َالم ِِه ْم‬ ‫‪‬‬

‫‪40‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫َو َال َن َك ْتنًِ ِب ُك َنا ُه ْم‬ ‫‪‬‬


‫َو َال َنرْ َكب ال ُّسرُوج‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن َت َقلَّد ال ُّسٌُوؾ‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن َّتخِذ َش ٌْ ًبا ِمنْ الس َِّالح‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َنحْ مِل ُه َم َع َنا‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن ْنقُش َخ َواتٌِم َنا ِب ْال َع َر ِب ٌَّ ِة‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن ِبٌع ْال ُخمُور‬ ‫‪‬‬
‫َوأَنْ َن ُج ّز َم َقادٌِم ُرءُوس َنا‬ ‫‪‬‬
‫َوأَنْ َن ْل َزم َز ٌِّ َنا َحٌ ُْث َما ُك َّنا‬ ‫‪‬‬
‫الز َنانٌِر َعلَى أَ ْو َساط َنا‬ ‫َوأَنْ َن ُ‬
‫ش ّد َّ‬ ‫‪‬‬
‫صلٌِب َعلَى َك َنابِس َنا‬ ‫َوأَنْ َال ُن ْظ ِهر ال َّ‬ ‫‪‬‬
‫صلُب َنا‬‫َوأَنْ َال ُن ْظ ِهر ُ‬ ‫‪‬‬
‫ٌِن‬ ‫َو َال ُك ُتب َنا فًِ َشًْ ء ِمنْ ُ‬
‫طرُق ْالمُسْ لِم َ‬ ‫‪‬‬
‫َو َال أَسْ َواقه ْم‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َنضْ ِرب َن َواقٌِس َنا فًِ َك َنابِس َنا إِ َّال َ‬
‫ضرْ بًا َخفٌِ ًفا‬ ‫‪‬‬
‫َوأَنْ َال َنرْ َفع أَصْ َوات َنا ِب ْالق َِرا َء ِة فًِ َك َنابِس َنا فًِ َشًْ ء فًِ َحضْ َرة ْالمُسْ لِم َ‬
‫ٌِن‬ ‫‪‬‬
‫ٌِن َو َال ُبع ً‬
‫ُوثا‬ ‫َو َال َن ْخرُج َشعَّان َ‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َنرْ َفع أَصْ َوات َنا َم َع َم ْو َتا َنا‬ ‫‪‬‬
‫ٌِن َو َال أَسْ َواقه ْم‬ ‫َو َال ُن ْظ ِهر ال ِّن َ‬
‫ٌران َم َع ُه ْم فًِ َشًْ ء ِمنْ ُ‬
‫طرُق ْالمُسْ لِم َ‬ ‫‪‬‬

‫َو َال ُن َج ِ‬
‫اور ُه ْم ِب َم ْو َتا َنا‬ ‫‪‬‬
‫َو َال َن َّتخِذ ِمنْ الرَّ قٌِق َما َج َر َعلَ ٌْ ِه سِ َهام ْالمُسْ لِم َ‬
‫ٌِن‬ ‫‪‬‬
‫َوأَنْ ُنرْ شِ د ْالمُسْ لِم َ‬
‫ٌِن‬ ‫‪‬‬
‫ْ‬
‫َو َال َنطلُع َعلٌَ ِْه ْم فًِ َم َن ِ‬
‫ازله ْم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫َقا َل َفلَمَّا أَ َتٌْت ُع َمر ِب ْال ِك َتا ِ‬
‫ب َقزا َقد فِي ِه ‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ك َعلَى أَ ْنفُس َنا َوأَهْ ل ِملَّت َنا َو َق ِب ْل َنا َعلَ ٌْ ِه ْاِلَ َمان‬ ‫ٌِن َش َر ْط َنا لَ ُك ْم َذلِ َ‬
‫َو َال َنضْ ِرب أَ َح ًدا ِمنْ ْالمُسْ لِم َ‬ ‫‪‬‬
‫َفإِنْ َنحْ نُ َخالَ ْف َنا فًِ َشًْ ء ِممَّا َش َر ْط َناهُ لَ ُك ْم َو َو َّظ ْف َنا َعلَى أَ ْنفُس َنا َف َال ِذمَّة لَ َنا َو َق ْد َح َّل لَ ُك ْم ِم َّنا‬
‫َما ٌَ ِح ّل ِمنْ أَهْ ل ْالم َُعا َندَة َوال ِّش َقاق‪ }}.‬انتهى النص المنقول‬

‫ومما تقدم من الشروط ‪ٌ ،‬بدوا جلٌا للعاقل المتفحص انه لٌس من المعقول ان ٌكتب االنسان مثل‬
‫هذ ِه الشروط على نفسه ‪ ،‬وانا على ٌقٌن ان عصابات عمر هً التً كتبت كل هذ ِه الشروط‬
‫واجبرت سكان المستعمرات على توقٌعها وارسالها الى عمر‪ ،‬ومما مر من الشروط والمواثٌق التً‬
‫اخذها عمر بن الحطاب على المستعمرات التً صارت تحت ٌده نعلم مد القسوة التً مارستها‬
‫السلطات العمرٌة على هذ ِه المستعمرات ـ البلدان المفتوحة بالسٌؾ ـ حٌث ذكر فً الشرط االول‬
‫(أَنْ َال ُتن ْبحدِث فًِ َمدٌِ َنت َنا و ال فٌِ َما َح ْول َها َدٌْرً ا و ال َكنٌِ َسة و ال قالٌة و ال َ‬
‫ص ْو َم َعة َراهِب و ال ُتن َقجدِّد َقما‬
‫َقخ ِر َقب ِم ْبن َقها ) ‪ ،‬ان كمة (ال ُن َحدِث ‪ ،‬ال نجدد) ‪ ،‬تعنً ان نترك كل شًء على ماهو علٌه من‬
‫الخراب ‪ ،‬فصار ليس من حق الشعب ان يتصرؾ بالمدينة التي يسكن فيها اال بؤذن ٍ من عمر ‪،‬‬
‫واي تحدٌث ٌعنً مخالفة للشروط العمرٌة ‪ ،‬والتً تكلفهم انفسهم او اموالهم ‪ ،‬و شرط ال نجدد الذي‬
‫خربته الجٌوش العمرٌة ‪ ،‬داللة واضحة جدا على مد التعسؾ الهمجً الذي مارسته تلك الجٌوش‬
‫‪ ،‬اكثر مما فعل هوالكو فً بؽداد ‪،‬حٌن دخلها كما سوؾ ٌمر علٌنا فً الصفحات القادمة ‪ ،‬او‬
‫االستعمار الؽربً فً عصرنا والعصر الذي سبقنا ‪ ،‬وهذا المنه نفسه سارت علٌه الحكومات‬
‫العربٌة فً تارٌخنا المعاصر‪.‬‬

‫اسرار نسب عمر الذي‬ ‫وعلى ذكر سٌرة عمر بن الخطاب اضع بٌن ٌدي القاريء الكرٌم بعض‬
‫ذكره ابن السابب الكلبً حٌث ٌقول ما مختصره ‪ ،‬ان نفٌل وصاهاك من عبٌد الحبشة استقدموهم‬
‫اهل مكة الستخدامهم مع الخدم والعبٌد فكانت صهاك ترعى الؽنم ونفٌل ٌرعى الماعز ‪ ،‬والتقٌا فً‬
‫يهودية‬ ‫البرٌة فوقع بٌنهما السفاح ‪ ،‬فخرج منها ولد تركت ُه فً مزابل مكة ‪ ،‬التقطته امرة جنازة‬
‫ُمً‬
‫(وركز هنا ـ عزٌزي القاريء الكرٌم ـ على كلمة ٌهودٌة ) وربته واشتؽل بالحطابة ‪ ،‬فس َ‬
‫الحطاب ‪ ،‬وعندما كبر هذا الولد شاهد امه ‪ ،‬فوقع علٌها سفاحا فانجب منها فتاة تسمى حنثمة ‪،‬‬
‫رمتها صاهاك على المزابل ‪ ،‬فالتقطها رجل ٌقال له هشام بن المؽٌرة بن الولٌد ‪ ،‬وهشام هذا‬

‫‪42‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫معروؾ عنه بجمع الجواري والتكسب بسفاحهن ‪ ،‬فجمع بٌنها وبٌن الحطاب بعد ان كبرت فانجبت‬
‫عمر بن الحطاب ابن حنثمة بنت صاهاك‪.‬‬
‫تؾصٌل نسب عمر بن الخطاب كما ورد فً كتاب محمد بن السابب الكلبً‪ -‬الصالبة فً معرفة‬
‫ا‬
‫الصحابة ‪ -‬الجزء ( ‪ - ) 3‬رقم الصفحة ‪( : ) 212 ( :‬وأما تفصٌل نسبه وبٌانه؛ فهو أن (نفٌل)‬
‫كان عبدا لكلب بن لإي بن ؼالب القرشً‪ ،‬فمات عنه ثم ولٌه عبد المطلب‪ ،‬وكانت (صهاك) قد‬
‫بعثت لعبد المطلب من الحبشة‪ ،‬فكان (نفٌل) ٌرعى جمال عبد المطلب‪ ،‬و(صهاك) ترعى ؼنمه‪،‬‬
‫وكان ٌفرق بٌنهما فً المرعى‪ .‬فاتفق ٌوما اجتماعهما فً مراع واحد‪ ،‬فهواها وعشقها (نفٌل) وكان‬
‫قد ألبسها عبد المطلب سرواال من اِلدٌم (الجلد المدبوغ) وجعل علٌه قفال وجعل مفتاحه معه‬
‫لمنزلتها منه‪ .‬فلما راودها قالت‪ :‬مالً إلى ما تقول سبٌل وقد ألبست هذا اِلدٌم ووضع علٌه قفل‪.‬‬
‫فقال (نفٌل)‪ :‬أنا أحتال علٌه‪ .‬فؤخذ سمنا من مخٌض الؽنم ودهن به اِلدٌم وما حوله من بدنها حتى‬
‫استله إلى فخذٌها‪ ،‬وواقعتها فحملت منه (بالخطاب) فلما ولدته ألقته على بعض المزابل باللٌل خٌفة‬
‫من عبد المطلب‪ ،‬فالتقطت (الخطاب) امرأة ٌهودٌة جنازة وربته‪ ،‬فلما كبر كان ٌقطع الحطب‬
‫فسمً الخطب لذلك بالحاء المهملة فصحؾ بالمعجمة‪ .‬وكانت (صهاك) ترتاده فً الخٌفة فرآها‬
‫ذات ٌوم وقد تطؤطؤت عجٌزتها‪ ،‬ولم ٌدر من هً فوقع علٌها فحملت منه (بحنتمة) فلما وضعتها‬
‫ألقتها على مزابل مكة خارجها‪ ،‬فالتقطها هاشم بن المؽٌرة بن الولٌد‪ ،‬ورباها فنسبت إلٌه‪ .‬فلما‬
‫كبرت؛ وكان (الخطاب) ٌتردد على هشام؛ فرأ (حنتمة) فؤعجبته‪ ،‬فخطبها إلى هشام فزوجه‬
‫إٌاها‪ ،‬فولدت الرجل‪ ،‬وكان الخطاب والده ِلنه أولد حنتمة إٌاه حٌث تزوجها وحده‪ِ ،‬لنه سافح‬
‫صهاك فؤولدها حنتمة‪ ،‬والخطاب من أم واحدة وهً صهاك)"‬
‫وقد ذكر فً رواٌة عن االمام علً (ع) ‪ ،‬النص التالً (( علً بن أبً طالب (ع) سمعت حبٌبً‬
‫ودجٌل‬ ‫محمدا صلى ّللا علٌه وسلم ٌقول سٌكون لبنً عمً مدٌنة من قبل المشرق بٌن دجلة‬
‫وقطربل والصراة ٌشٌد فٌها بالخشب واالجر والجص والذهب ٌسكنها شرار خلق ّللا وجبابرة أمتً‬
‫أما إن هالكها على يد السفياني كؤني بها وهللا قد صارت خاوية على عروشها )) ‪.‬‬
‫وفً رواٌة اخر عن (( علً بن أبً طالب (ع) أنه قال سمعت النبً صلى ّللا علٌه وآله وسلم‬
‫الزوراء يكون فيها حرب‬ ‫ٌقول تكون مدٌنة بٌن الفرات ودجلة ٌكون فٌها ملك بنً العباس وهً‬
‫قال أبو قٌس فقٌل لعلً ٌا أمٌر‬ ‫مقطعة يسبى فيها النساء ويذبح فيها الرجال كما تذبح الؽنم‬
‫المإمنٌن ل َم سماها رسول ّللا صلى ّللا علٌه وآله وسلم الزوراء قال الن الحرب تدور فً جوانبها‬
‫‪43‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حتى تطبقها قال إذا َع َب َر السفٌانً الفرات وبلػ موضعا ٌقال له عاقرقوفا محا ّللا االٌمان من قلبه‬
‫‪ ،‬سبعٌن ألفا متقلدٌن سٌوفا محالة وما سواهم أكثر منهم‬ ‫فٌقتل بها إلى نهر ٌقال له الدجٌل‬
‫فٌظهرون على بٌت الذهب فٌقتلون المقاتلة واالبطال وٌبقرون بطون النساء ٌقولون لعلها حبلى‬
‫بؽالم وتستؽٌث نسوة من قرٌش على شاطا دجلة إلى المارة من أهل السفن ٌطلبن إلٌهم أن‬
‫ٌحملوهن حتى ٌلقوهن إلى الناس فال ٌحملوهن بؽضا ‪ ...‬الى اخر النص)) لو ال ان استعراض‬
‫االحادٌث ٌطول لما بخلت بها ‪ ،‬اال ان المقام لٌس مقام اطالة بل مقام سرد سرٌع ورحٌل الى‬
‫ؼٌرها من اراد التفاصٌل ٌجدها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بناء بؽداد‬
‫وقد روت اخبار تارٌخ الٌعقوبً حول‬
‫بناء مدٌنة بؽداد فً ( ‪145‬هـ‪762،‬م)‬
‫رواٌات عدٌدة اختار منها لالختصار ‪،‬‬

‫هذا النص الوارد فً صفحة ‪ ، 373‬الجزء الثانً ((" وصار أبو جعفر إلى بؽداد سنة ‪ ،144‬فقال‪:‬‬
‫ما رأٌت موضعا أصلح لبناء مدٌنة من هذا الموضع بٌن دجلة والفرات وشرٌعة البصرة واالبلة‬
‫وفارس وما واالها والموصل والجزٌرة والشؤم ومصر والمؽرب ومدرجة الجبل وخراسان‪ ،‬فاختط‬
‫مدٌنته المعروفة بمدٌنة أبً جعفر فً الجانب الؽربً من دجلة‪ ،‬وجعل لها أربعة أبواب‪:‬‬
‫بابا سماه باب خراسان شرع على دجلة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وبابا سماه باب البصرة شرع على الصراة التً تؤخذ من الفرات وتصل إلى دجلة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وبابا سماه باب الكوفة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪45‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبابا سماه باب الشؤم‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫وعلى كل باب من هذه االبواب مجالس وقباب مذهبة ٌصعد إلٌها على الخٌل‪ ،‬وجعل عرض السور‬
‫من سفل سبعٌن ذراعا‪ ،‬وضرب على سابر بؽداد سورا‪ ،‬وجد فً البناء‪ ،‬وأحضر المهندسٌن‬
‫والبنابٌن والفعلة من كل بلد‪ ،‬وأقطع موالٌه وقواده القطابع داخل المدٌنة‪ ،‬فدروب المدٌنة تنسب‬
‫إلٌهم‪ ،‬وأخذهم بالبناء‪ ،‬وأقطع آخرٌن على أبواب المدٌنة‪ ،‬وأقطع الجند أرباض المدٌنة‪ ،‬وأقطع أهل‬
‫بٌته االطراؾ‪ ،‬وأقطع ابنه المهدي وجماعة من أهل بٌته وموالٌه‬
‫‪144‬هـ ‪،‬‬ ‫وقواده‪ .‬وشخص المهدي من خراسان منصرفا إلى العراق فً هذه السنة‪ ،‬وهً سنة‬
‫فخرج أبو جعفر الستقباله بنهاوند ‪ ،‬وقدم فصار إلى الكوفة‪ ،‬فنزل الحٌرة والمدٌنة التً بناها‬
‫المنصور‪ ،‬وسماها الهاشمٌة‪ ،‬فؤقام المهدي أٌاما‪ ،‬ثم ابتنى برٌطة بنت أبً العباس بالحٌرة‪ .‬وبلػ‬
‫المنصور أن محمد بن عبد ّللا بن حسن بن حسن قد تحرك بالمدٌنة‪ ،‬فكاتبه أهل البلدان‪ ،‬فخرج‬
‫حاجا‪ ،‬ولم ٌدخل المدٌنة فً منصرفه‪ ،‬وصار إلى الربذة‪ ،‬فؤتى بجماعة من العلوٌٌن‪ ،‬ومعهم محمد‬
‫بن عبد ّللا بن عمرو بن عثمان‪ ،‬وهو أخو عبد ّللا بن حسن المه‪ ،‬فسؤلهم عن محمد بن عبد ّللا بن‬
‫حسن بن حسن‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما نعلم له موضعا‪ ،‬وال نعرؾ له خبرا‪ .‬فقال لمحمد بن عبد ّللا بن عمرو‬
‫بن عثمان‪ :‬أقطعتك ووصلتك وفعلت وفعلت‪ ،‬ولم أواخذك بذنوب أهل بٌتك‪ ،‬ثم تستمٌل علً‬
‫عدوي‪ ،‬وتطوي أمره عنً ؟ ثم أمر به‪ ،‬فضرب ضربا شدٌدا‪ ،‬وطٌؾ به بالربذة على حمار‪،‬‬
‫وأشخص القوم جمٌعا على أقتاب بؽٌر وطاء‪ .‬وانصرؾ أبو جعفر من حجه‪ ،‬فصار إلى بؽداد‪،‬‬
‫‪ ،145‬وكانت االسواق داخل المدٌنة‪ ،‬فؤخرجها إلى‬ ‫ونزل مدٌنته المعروفة بباب الذهب سنة‬
‫الكرخ‪ ،‬ولم ٌقر أبو جعفر إال أٌاما حتى أتاه الخبر بخروج محمد بن عبد ّللا بن حسن بن حسن‬
‫وظهور أمره‪ ،‬فرجع إلى الكوفة‪ ،‬فؤقام بقصر ابن هبٌرة بٌن الكوفة وبؽداد أٌاما‪ ،‬وولى رٌاح بن‬
‫) ‪ ،‬المصدر *‬ ‫عثمان بن حٌان المري المدٌنة‪ ،‬وقال‪ :‬ما وجدت لهم ؼٌرك‪ ،‬وال أعلم لهم سواك‬
‫تارٌخ الٌعقوبً الجزء الثانً ص ‪. 374‬‬
‫حكم العباسٌون بؽداد بالنار والحدٌد واهلها كارهون فض العراق بالسجون والقتل والتشرٌد وسالت‬
‫الدماء انهارا‪ .‬وال اطٌل الوقوؾ علٌها فلٌس لً مع العصر العباسً شؤن ‪.‬‬
‫بني العباس ‪:‬‬
‫تنتمً بنً العباس الى قرٌش مكة حكموا االمبراطوٌة االسالمٌة التً اسـسـها ابو العباس السفاح‬
‫(عبدّللا بن محمد بن علً بن عبدّللا بن العباس بن عبدالمطلب بن هاشم) والعباسٌٌن نسبة الى‬
‫‪46‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جدهم العباس بن عبدالمطلب بن هاشم ‪ ،‬حكموا ردحا من الزمن وعاصمتهم بؽداد التً بناها ابو‬
‫جعفر المنصور (واسمه عبدّللا ‪ ،‬اخو ابو العباس السفاح ‪ ،‬حفٌدته زبٌدة (واسمها أ َمة العزٌز) بن‬
‫جعفر بن المنصور ‪ ،‬التً تزوجت فً ( ‪ 165‬هـ) من ابن عمها ـ هارون الرشٌد (بن الخٌزران‬
‫الريْ ) بن محمد المهدي بن ابً جعفر‬
‫‪148‬هـ فً َ‬ ‫بنت عطاء الٌمانٌة االصل) (المولود فً‬
‫المنصور) ‪ ،‬سالت الدماء انهارا فً زمانهم واكثرها دماء الشٌعة عامة واعمامهم من بنً هاشم‬
‫(العباسٌون جدهم العباس بن عبد المطلب ‪،‬‬ ‫خاصة ‪ .‬فالهاشمٌون واالمٌون من نسل واحد‬
‫والهاشمٌون المقصود بهم اوالد علً بن ابً طالب من ذرٌة فاطمة الزهراء بن رسول ّللا محمد‬
‫(ص) بن عبدّللا بن عبد المطلب بن هاشم ‪ ،‬واسم هاشم (عمر العال) (*سبابك الذهب فً انساب‬
‫العرب ‪ ،‬وكتاب امٌرات القصور*) ‪ .‬وعلى ذكر مقاتل العباسٌٌن فقد قتل هارون هذا االمام موسى‬
‫بن جعفر الكاظم ‪ ،‬وجاء بعده المؤمون بن هارون لٌقتل االمام علً الرضا بن موسى الكاظم ‪،‬‬
‫وسار على هذا الٌنجه من جاء بعده بقتل االمام محمد الجواد ‪ ،‬وعلً الهادي والحسن العسكري ‪،‬‬
‫ولو لم ٌختفً عن اعٌنهم االمام محمد بن الحسن العسكري القابم المهدي ‪ ،‬لقتلوه هو االخر دون ان‬
‫تهتز لهم شعرة او تطرؾ لهم عٌن‪.‬‬
‫فً اخر‬ ‫هدد المؽول االمبراطورٌة العباسٌة ‪ ،‬ؾ ارتعدت فرابص بنً العباس وحكامهم السكار‬
‫عهودهم امام قوة الهجوم الشرقً لكنهم لم ٌكونوا اهال لتحمل المسإلٌة فً الدفاع عن بؽداد امام‬
‫تعاضم الدولة الشرقٌة الحدٌثة العهد ‪.‬‬

‫========================================‬

‫‪47‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫امبراطورية الشرق الفتية‬


‫شعاع من الضوء على امبراطورية الصين واتساع رقعتها ‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫(" ابتداءا من عام ‪ ،1170‬تدفقت على آسٌا جموع فرسان تٌمورلنك من البدو اِلتراك‪ ،‬وتٌمور‬
‫اِلعرج وتامٌرالن الفارس الجدٌد لنهاٌات العالم‪ ،‬فً سٌاق موجة أخر كانت قد سبقته هً موجة‬
‫‪ 1247‬اكتسحت‬ ‫الطاعون الكبر ‪ .‬فهذه الحملة التً انطلقت من سهوب القرم الشمالٌة فً عام‬
‫ومصر وإفرٌقٌا‬ ‫عبر البحر اِلسود مجمل حوض البحر اِلبٌض المتوسط من بٌزنطٌا إلى سورٌا‬
‫الشمالٌة وأوروبا الؽربٌة وإسبانٌا وإٌطالٌا وفرنسا فً حرب شرسة دامت مبة عام‪...‬‬
‫وثالثٌن عاما ً‬ ‫وخالل سنتٌن قضى ما بٌن الثلث والنصؾ من الشعوب التً طالتها‪ .‬وخالل خمسة‬
‫أعمال القتل والتدمٌر‪،‬‬ ‫حقق تٌمورلنك‪ ،‬سٌد المراوؼات والخٌانات‪ ،‬نتاب مشابهة متجاوزاً‪ ،‬فً‬
‫‪49‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المؽولٌٌن زاعما ً أنه من ذرٌتهم‪ ،‬جامعا ً ما بٌن الوحشٌة والتعصب الدٌنً لد المقاتلٌن من الدٌانة‬
‫ٌكونوا مإمنٌن على طرٌقته على اِلرجح‪ ،‬اِلكثر‬ ‫اإلسالمٌة‪ ،‬حتى وإن كان المسلمون‪ ،‬وهم لم‬
‫عدداً بٌن ضحاٌاه‪ ،‬حتى بلؽوا المالٌٌن‪.‬‬
‫وسورٌا‬ ‫واحدة تلو اِلخر دمرت بشكل منهجً كالً من إٌران والقوقاز وروسٌا والهند‬
‫واإلمبراطورٌة العثمانٌة فً ظل بٌازٌد ‪ ،‬فذبح السكان وأحرقت المدن واِلرٌاؾ والزراعات‬
‫وتصحرت اِلراضً المروٌة‪ .‬وبدون أي اهتمام باستؽالل اِلراضً المحتلة‪ ،‬فقد كان المهم التدمٌر‬
‫بعد معارك فتاكة بٌن البدو والسكان المقٌمٌن‪ ،‬بٌن الفرسان والمشاة‪ .‬لكن "ما الذي ٌستطٌعه قطٌع‬
‫السبت ‪28‬‬ ‫( نص مصدره‪ ،‬مجلة الوطن السعودٌة ‪:‬‬ ‫من الدجاج والعجول أمام النمور وعصابات الذباب؟"‪.‬‬
‫جماد اآلخرة ‪1425‬هـ الموافق ‪ 14‬أؼسطس ‪2004‬م العدد (‪ )1415‬السنة الرابعة )‬

‫ٌقول الباحث حبٌب المدابنً فً كتابه "دور الشٌعة فً سقوط الدولة العباسٌة بٌن الحقابق‬
‫واالوهام"‪:‬‬
‫(("جاءها التتر أو المؽول بقبابلهم! وبطونهم وهم فً خشونة البداوه وقوة اِلبدان بقٌادة رجل شدٌد‬
‫البطش المعروؾ بجنكيزخان القابد الشهٌر فحمل بهم من أواسط آسٌا على العالم المتمدن فً أوابل‬
‫القرن السابع للهجرة ففتح جنكٌزخان مملكة اإلسالم من أقصى أطرافها الشرقٌة إلى حدود العراق‬
‫ؼٌر ما افتتحه من بالد الهند والصٌن حتى بلؽت مساحة مملكته ‪ 400.000‬مٌل مربع ‪ .‬والمؽول‬
‫أو المُؽل قبٌله من التتر كانت تقٌم حوالً بحٌرة بٌقال فً جنوبً سٌبٌرٌا ولم ٌكن لهم شؤن بٌن‬
‫اِلمم حتى فً أٌام جنكٌزخان ِلنهم كانوا ال ٌزٌدون‬
‫على ‪ 40.000‬خٌمة فإذا حسبنا فً الخٌمة عشرة أنفس‬
‫لم ٌزد عددهم على ‪ 400.000‬نفس فحمل جنكٌزخان‬
‫بهذا العدد القلٌل من بدو المؽول على ما ٌحٌط ببالدهم‬
‫من الممالك العامرة واكتسحوها فً بضعة عشر عاما ً ‪.‬‬
‫وكان والد جنكٌزخان أمٌراً على ‪ 13‬قبٌلة من المؽول‬
‫تحت رعاٌة الخان اِلكبر ملك التتر بعهود متبادلة بٌنهما‪.‬‬
‫ولد جنكٌزخان سنة ‪ 548‬هـ فسمّوه تموجٌن وهو اسمه الذي كان ٌعرؾ به فً نشؤته اِلولى‪ .‬وبعد‬
‫أربع عشرة سنة توفً أبوه فاستخؾّ رإساء القبابل بتموجٌن وتمرّدوا علٌه وأصبح كل منهم ٌطلب‬
‫السٌادة لنفسه‪ .‬وكان تموجٌن شدٌد البطش من حداثته فجمع رجاله وحارب الثابرٌن وتؽلّب علٌهم‪،‬‬
‫‪50‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وحارب تموجٌن بعد ذلك حروبا ً فاز فٌها فازداد أمراإه تعلّقا ً به فاحتفلوا بتهنبته احتفاالً أعظم من‬
‫ذاك فً سهل على ضفاؾ سلنكا فاجتمع اِلمراء والخانات فوقؾ فٌهم وكان قوي العارضة فؤبدع‪،‬‬
‫ثم جلس على لباده سوداء فرشوها له هناك وأصبحت تلك اللباده أثراً مقدسا ً عندهم من ذلك الحٌن‪.‬‬
‫ثم وقؾ بعض الحضور وكان من أهل التقو والنفوذ فقال‪:‬‬
‫(مهما بلػ من قوتك فإنها من ّللا وهو سٌؤخذ بٌدك وٌشد أزرك فإذا فرطت فً سلطانك صرت‬
‫أسود مثل هذه اللبادة ونبذك رجالك نبذ النواة)‪.‬‬
‫ثم تقدم سبعة أمراء أنهضوه باحترام وساروا بٌن ٌدٌه حتى أقعدوه على عرشه ونادوا باسمه ملكا ً‬
‫على المؽول‪.‬‬
‫وكان فً جملة الحضور شٌخ ٌعتقدون فٌه الكرامة والقداسة فتقدّم ولٌس علٌه كساء وقال‪ٌ( :‬ا‬
‫أخوتً قد رأٌت فً منامً كؤن رب السماء على عرشه الناري تحدق به اِلرواح وقد أخذ بمحاكمة‬
‫أهل اِلرض فحكم أن ٌكون العالم كله لموالنا تموجٌن وأن ٌسمى جنكٌزخان أي الملك العام) ثم‬
‫التفت إلى تموجٌن وقال‪( :‬لبٌك أٌها الملك فإنك تدعى منذ اآلن جنكٌزخان بؤمر اإلله)‬
‫اسوار عاصمة الصين المحاصرة‬

‫قابد عاصمة الصٌن الذي قتل نفسه بعد ان ٌؤس من النصر‬

‫‪51‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جٌش المؽول ٌتسلق اسوار العاصمة الصٌنٌة‬


‫ولم ٌعد ٌُعرؾ بعد ذلك إال بهذا االسم‪ ،‬فلما تهٌؤ له تؤسٌس دولته وتدرٌب جنده إلى فتح العالم فسار‬
‫أوالً نحو الشرق إلى مملكة! الصٌن وكان إلمبراطور الصٌن جزٌة من المؽول ٌإدونها كل سنة‬
‫فلما استفحل أمر جنكٌزخان أبى الدفع ومعنى ذلك اإلباء إشهار الحرب‪.‬‬
‫فحمل جنكٌزخان بجٌشه على الصٌن واخترق سورها العظٌم وأمعن فٌها قتالً ونهبا ً ‪ ،‬والصٌنٌون‬
‫ٌومبذ أسبق اِلمم فً االختراعات الحربٌة فاستخدموا النار الٌونانٌة التً استعان بها الٌونان على‬
‫دفع العرب وقذفوا على المؽول كرات فٌها البارود قبل أن ٌعرفه أهل الؽرب بؤزمان‪ .‬على أن ذلك‬
‫لم ٌكن لٌرد ؼارات تلك القبابل فمازال جنكٌزخان زاحفا ً حتى احتل بكٌن عاصمة الصٌن وسابر‬
‫بالدها الشمالٌة‪ ،‬فازداد ذلك الفاتح رؼبة وقوة فتحوّ ل بجنده الج ّرار نحو الؽرب أي ؼربً بالده‬
‫وهً مملكة اإلسالم‪ .‬فحمل جنكٌزخان نحو الؽرب وجنده ٌزٌد على ( ‪ )700.000‬مقاتل واكتسح‬
‫تركستان وما وراءها وأوؼل فٌها قتالً ونهبا ً مما تقشعر له اِلبدان‪ .‬فلم ٌكن همّهم ؼٌر القتل والنهب‬
‫كالوحوش الكاسرة ولٌس هنا محل اإلفاضة فً سٌرة هذا الرجل وإنما ٌُقال باإلجمال أنه تمكن فً‬
‫حٌاته من إنشاء مملكة لم ٌو ّفق لمثلها أحد من الفاتحٌن قبله وال بعده ‪ ...‬أنشؤ مملكة تمتد من البحر‬
‫المحٌط إلى البحر اِلسود ودخل فً سلطانه مالٌٌن من الصٌنٌٌن والتنكوت واِلفؽان والهنود‬
‫والفرس واِلتراك وؼٌرهم‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌقتحمون العاصمة وٌسٌطرون علٌها‬


‫وهو ال يعرؾ القراءه وال الكتابه ‪ .‬مات جنكٌزخان سنة‬ ‫أنشؤ جنكٌزخان هذه المملكة الواسعة‬
‫‪ 22‬سنة‪ ،‬وبعد موته أقتسم أوالده‬ ‫‪624‬هـ وهو فً السادسة والسبعٌن من عمره وقد تولى الملك‬
‫مملكته‪ .‬اما هوالكو ابن طلوذ بن جنكيزخان فقد تولى بعض المقاطعات فً مملكة أبٌه واستقل بها‬
‫وملك فارس سنة ‪ 654‬هـ وعرفت دولته فٌها بدولة اٌلخان‪ ،‬ولما استقر له الملك فً فارس حمل‬
‫دور الشٌعة فً سقوط الدولة العباسٌة بٌن الحقابق واالوهام‬ ‫على بؽداد‪ ))" .‬من كتاب‬

‫‪53‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جنكيزخان يوسس امبراطورية الصين‪:‬‬

‫ٌستعد للهجوم على الٌابان‬

‫المنطقة التً دار منها الهجوم على الٌابان‬

‫‪54‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سفن المؽول تؽٌر على الٌابان‬


‫ٌنحدر جنكٌز خان بعد سلسلة طوٌلة من االباء الى قوي خان بن جٌن بن ماجٌن بن بولجاس بن‬
‫سلسلة االنساب العثمانٌة ضمن النصوص الوثابقٌة فً اخر الكتاب‪.‬‬ ‫ٌافث بن نوح (ع) بن لمك بن متوشٌل ـ‬
‫كان حافزا قوٌا‬ ‫نجاح جنكٌزخان فً شمال الصٌن فً تشكٌل حكومة وانشاء دولة عسكرٌة قوٌة‬
‫لالتساع على حساب االراضً المجاورة فهاجم عاصمة الصٌن ـ بكٌن ـ واستولى علٌها بقوت ِه‬
‫‪ ،‬بعد ان حاصرها الجٌش المؽولً وطال‬ ‫العسكرٌة لٌشكل منها ومن سكان الصٌن جٌشا قوٌا‬
‫حصارها‪ ،‬حتى عمت المجاعة فٌها النه جعلها سجنا ِلهلها ومنعهم من خارجها ‪ ،‬ثم اقتحم‬
‫( كما عرضه فلم صٌنً تارٌخً‬ ‫اسوارها لٌقتل اكثر من مليون انسان فيها واستباح المدينة لجيشه‬
‫وثابقً تم عرضه على شاشة تلفزٌون االستكشافات ‪ Discovery TV‬فً كندا ) بعد ان اقتحم اسوارها ودخل‬
‫جٌشه ‪ ،‬ثم ان قابد جٌش المدٌنة عندما شاهد هزٌمة جٌشه وأٌقن انه الٌستطٌع المقاومة بعد ذلك ‪،‬‬
‫استل سٌفه من ؼمده وؼرسه فً صدره مفضال االنتحار على ان ٌقع اسٌرا ‪.‬‬
‫وهذ ِه الحادثة تذكرنا بالربٌس العراقً الذي هرب متخلٌا عن مدٌنته بعد ان دخلت الدبابات‬
‫االمرٌكٌة‪ ،‬وبعدها وجدوه مختبؤ كفـؤر الحقول الهارب‪ ،‬وسترد تفاصٌل ذلك الحقا‬
‫‪ ،‬امبراطورٌة‬ ‫استولى جنكٌزخان على المدٌنة بقوته العسكرٌة لٌشكل منها ومن سكان الصٌن‬
‫صٌنٌة ذا جٌشا قوٌا قوامه اكثر من مئة الؾ ‪ ،‬سار به بعد ان تم له احتالل الصٌن بالكامل قاصدا‬
‫عبور البحر الحتالل الٌابان‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جهز (كوبلكان) جٌشه بالسفن التً بناها من اجل اقتحام بحر الٌابان ‪ ،‬لكن اعصار التاٌفون وهٌاج‬
‫البحر اؼرق السفن المؽولٌه فقد ؼرق اكثر من ‪ 4400‬سفينة صينية وسبعين الؾ جندذ ‪ ،‬حاولت‬
‫فٌها الجٌوش اقتحام الٌابان ـ كما ٌقول الباحث التارٌخً الٌابانً (كانزو شٌهاٌٌدو) الذي ظهر فً‬
‫الفلم الوثابقً التارٌخً ‪ ،‬لقد تم بناء كل هذ ِه السفن فً سنة واحدة فً الوقت الذي تحتاج الى اكثر‬
‫من خمس سنوات ‪ ،‬مما تسبب فً وجود اخطاء كثٌرة‪ ،‬وكذا اكراه القابد المؽولً كوبلٌكان‪ ،‬العما َل‬
‫على العمل باالكراه والسخرة (بدون اجر) وارؼمهم على االسراع فً البناء ‪ ،‬فتسبب فً ؼرق‬
‫السفٌنة ‪ ،‬ثم ان السفن كانت مسطحة من االسفل مما ٌجعلها صالحة لالنهار ولٌس للبحر‪ ،‬ساعد‬
‫ذلك الخطؤ على انقالبها بالعواصؾ على عكس السفن البحرٌة ذات العمود النازل فً البحر لحفظ‬
‫التوازن‪ ،‬لقد كان كوبلكان السبب فً خسارة جٌش الصٌن وفشله فً اقتحام الٌابان وبذلك نجت‬
‫الٌابان من االحتالل‪.‬‬
‫من‬ ‫وجهز المؽول جٌشا قوٌا استطاعوا به الهجوم على الدولة الخوارزمٌة" التً كانت تجاوره‬
‫الؽرب‪ ،‬و بسبب سوء تصرؾ حاكمها "محمد خوارزم‬
‫شاه" انتهى بها الحال بؤن سقطت الدولة وحواضرها‬
‫المعروفة مثل‪" :‬بخار ‪ ،‬وسمرقند‪ ،‬ونٌسابور"‪ .‬مما‬
‫ساعده على توسٌع جٌشا ً قوٌا مستمدا قواه من البلدان‬
‫والمناطق التً دخلها‪.‬‬
‫بعد سلسلة من الحروب جلس "منكوقآن بن تولوي بن‬
‫جنكٌز خان" المؽولً على عرش الصٌن فً (ذي الحجة ‪648‬هـ = إبرٌل ‪1250‬م)‪ .‬اتجه بعدها‬
‫الى جنوب الصٌن‬ ‫إلى ؼزو جٌرانه ‪ ،‬فؤرسل أخاه اِلوسط "قوبٌالي" على رأس جٌش كبٌر‬
‫هوالكو الى إٌران وبقٌة بالد العالم اإلسالمً‪،‬‬ ‫ومنطقة جنوب شرق آسٌا‪ ،‬وأرسل أخاه اِلصؽر‬
‫(التفاصٌل فً الوثابق فً اخر‬ ‫وعهد إلٌه بالقضاء على طابفة اإلسماعٌلٌة وإخضاع الخالفة العباسٌة‬
‫الكتاب)‬
‫بعد ان تمكن من توسٌع رقعة الدولة وزٌادة قوة الجٌش اعد العدة للدخول الى بؽداد‪ ،‬كانت بؽداد‬
‫فً اشد الرعب وهً تتلقى االخبار‪ ،‬اال انها تكابر كعادتها فلٌس لها الجٌش الكافً وال الوالء‬
‫للدولة‪ ،‬وظلم بنً العباس زاد من حقد الناس علٌهم وحبهم التخلص منهم‪.‬‬
‫‪--------------------‬‬
‫‪56‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الطوسي والعلقمي والدولة العباسية بين االثبات والنفي ‪:‬‬


‫الكاتب واالدٌب مٌثم علً مٌثم البحرانً قد عاصر الفترة ووعاها بكل دقابقها فهو ابن ذلك التارٌخ‬
‫وهو مإلؾ كتاب (النجاة فً القٌامة فً تحقٌق امر االمامة ـ مٌثم علً مٌثم البحرانً)‪،‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪http://www.beliefcenter.com/shialib/books/11/alnejat/alnejat-01.html‬‬

‫" فً أواخر عصر‬ ‫والذي نقل تفاصيل االحداث التً سقطت بها بؽداد فً ٌد المؽول كان قد ولد‬
‫المستنصر بالِل العباسً ( ‪ 1258 - 1242 ( )640 - 23‬م) وفً الرابعة من عمره توفً‬
‫المستنصر وخلفه ابنه عبد ّللا المستعصم بالِل ( ‪ )640‬فؤوكل تدبير الملك إلى وزيره ((أبً طالب‬
‫محمد ابن علً بن محمد القمً العلقمً )) ‪ ،‬واشتؽل هو باللعب بالطيور وضرب الطنبور واللهو‬
‫والفجور‪ ،‬وأؼار ابن الخلٌفة أبو بكر على محلة " الكرخ " مسكن الشٌعة فً بؽداد فنهبها‪ ،‬وأسر‬
‫جمعا كثٌرا من سادة الشٌعة‪ ،‬ومعهم ألؾ امرأة أو فتاة منهم ‪ .‬فتصد الوزٌر العلقمً القمً لزوال‬
‫آل العباس آمال فً أن ٌلٌها أحد السادة العلوٌٌن‪.‬‬
‫ومن قبل المستنصر وعلى عهد جده أحمد الناصر لدٌن ّللا ( ‪ )622 - 575‬كان الملك فً المشرق‬
‫اإلسالمً إٌران وما واالها بٌد (تكش الخوارزمشاهً)‪ ،‬وتوفً هذا فً سنة ‪ 596‬وخلفه ابنه عالء‬
‫الدٌن محمد خوارزمشاه ووسع ملكه من أقصى المشرق إلى حدود العراق وملك كل هذه البالد‪.‬‬
‫ولم‬ ‫أساء التصرؾ مع وفود جنكٌزخان المؽولً فاحت بذلك وأؼار على المشرق اإلسالمً‪،‬‬
‫ٌستطع الدفاع عن بالده ؾانهزم جٌش عالء الدٌن خوارزمشاه‪ ،‬ولم ٌبق فٌها من ٌحمً البالد وٌمنع‬
‫فاستولوا علٌها‪ ،‬وتوفً عالء الدٌن سنة ‪ 617‬وخلفه ابنه جالل الدٌن‪ ،‬وجهز جٌشا وحارب المؽول‬
‫فلجؤ الهند‪ ،‬ورجع سنة ‪ 622‬واستجاب دعوته‬ ‫وانتصر فً بعض المواقع وانكسر فً أواخرها‬
‫(ٌقباد السلجوقً‬ ‫المسلمون لحرب المؽول‪ ،‬واستولى على البالد‪ ،‬ولكنه بدأ ٌحارب الملوك‪ :‬ك‬
‫والملك اِلشرؾ )‪ ،‬فتصالحا لحربه فانكسر وانهز م جٌشه ‪ .‬وانتهز فرصة ضعفهم هوالكو حفٌد‬
‫جنكٌز مع قومه التتار‪ ،‬فكانت الحملة التترٌة بقٌادة هوالكو بعد الحملة المؽولٌة بقٌادة جنكٌزخان‬
‫سنة ‪628‬هـ وقتل فٌها جالل الدٌن وانقضى ملك الخوارزمشاهٌٌن‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الدولة بعد اخر اتساع لها على ٌد هوالكو‬


‫الجيش الصيني في الطريق الى بؽداد ‪:‬‬
‫انتهز الفرصة دعاة اإلسماعٌلٌٌن بقٌادة الحسن بن الصباح‪ ،‬فنشروا دعوتهم فً أوساط إٌران‪:‬‬
‫ؼلب علٌهم التتار فً سنة ‪ 653‬هـ ‪ 1255‬م‪ ،‬ـ والحدٌث الزال لصاحب‬
‫َ‬ ‫قزوٌن وما واالها‪ ،‬حتى‬
‫الكتاب مٌثم علً مٌثم البحرانً ـ وفً أوابل المحرم سنة ‪ 655‬هـ ‪1257‬م حاصر هوالكو بؽداد‪،‬‬
‫‪ )672 - 597‬وقرر‬ ‫وقد استصحب الخواجة نصٌر الدٌن محمد بن محمد بن الحسن الطوسً (‬
‫‪ ،‬وحاول‬ ‫هوالكو إرسال المحقق الطوسً رسوال إلى الخلٌفة العباسً المستعصم للتفاوض معه‬
‫الطوسً أن ٌقنع الخلٌفة بالتنازل لألمر الواقع لتهدبة اِلوضاع والحد من إراقة الدماء‪ ،‬إال أن‬
‫الخلٌفة أصر على رفض كل الحلول المطروحة‪ ،‬فرجع الطوسي ‪ ،‬وبدأ هوالكو بتضٌٌق الحصار‬
‫على بؽداد‪ .‬وحًنها تصد وزٌر الخلٌفة مإيد الدين العلقمي القمً لزوال آل العباس‪ ،‬آمال فً أن‬
‫ٌلٌها أحد السادة العلوٌٌن ‪ ،‬فقد كاتب التتار وراسلهم خفٌة‪ ،... ،‬وتفرق جٌش المستعصم‪ ،‬وأبلؽه أن‬
‫هوالكو ٌرٌد أن ٌزوج ابنته ابنك أبا بكر‪ ،‬ثم ٌكون لك كما كان لك السالجقة وتبقى أنت الخلٌفة‪،‬‬
‫فإن رأٌت أن تخرج إلٌهم وتصالحهم وتصاهرهم‪ ،‬فال تراق الدماء وينتهي األمر بالسالم والوبام !‬
‫‪ ،‬وحٌث لم ٌكن للخلٌفة تدبٌر إال فً تطٌٌر الطٌور‪ ،‬لذلك فقد نجحت فٌه ؼٌره ‪ ،‬واستدعى الوزٌر‬
‫من فقهاء بؽداد وسابر علمابها أن ٌحضروا مجلس السالم‪ ،‬وخرج الخلٌفة وبٌده قضٌب مع جماعة‬
‫من العلماء واِلعٌان وأكابر الدولة إلى بالط هوالكو‪ ،‬وأدخلهم هوالكو فً مخٌمه‪ ،‬وحٌث اجتمع‬
‫‪58‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جمعهم جرد جنوده سٌوؾ حتوؾ فٌهم‪ .‬أما المستعصم وابنه أبو بكر فقد وضعوهما فً جولقٌن‬
‫(خرجٌن) وضربوهما بمكدم الجص حتى ماتا‪ ،‬وكان ذلك فً الٌوم الثامن والعشرٌن من شهر‬
‫محرم سنة ‪ 656‬ه ـ ثم استباحوا بؽداد أربعٌن ٌوما‪ ،‬وقتلوا سابر أوالد المستعصم واسترقوا بناته‪،‬‬
‫وكؤن دخولهم بؽداد كان بعد أسبوع من قتل المستعصم ومن اعتصم به‪ ،‬فً الخامس من شهر صفر‬
‫سنة ‪ 656‬هـ ‪ 1258‬م‪.‬‬
‫ُ‬
‫حذفت بعض‬ ‫اقول ـ رد على هذ ِه الرواٌة بعض الكتـّاب ‪ ،‬وقالوا عنها انها مختلقة من اصلها ‪ ،‬وقد‬
‫الكلمات التً التلٌق ان اضعها فً هذا الكتاب واستبدلتها بكلمات اخر تدل على نفس المعانً ‪،‬‬
‫كً ال ٌقع بعض التشكٌك فً التحرٌؾ او التالعب بالنصوص‪.‬‬
‫‪--‬‬
‫تقدم هوالكو بجٌش قوامه ( ‪ 120‬الؾ جندي ) تتقدمهم اخبار بطشهم وعدتهم وسمعتهم الحربٌة‬
‫المرعبة التً اثرت على نفوس الجٌوش المعادٌة من القادة والجنود ‪ ،‬فم نهم َمن فر امامهم ومنهم‬
‫َمن سلم نفسه ‪.‬‬
‫سقطت اٌران كلها بدون جهد ٌذكر والتً كانت محكومة من الدولة االسماعٌلٌة ‪ ،‬فما كان‬ ‫‪‬‬
‫من بؽداد اال ان استقبلت رسل هوالكوا ـ ٌدعوها الى تسلٌم المفاتٌح وحل جٌوشها‬
‫واالستالم فورا ‪.‬‬
‫هوالكو ساعة المراسالت مع بؽداد فً همدان ‪ ،‬والتً ا تخذها مقرا له ولجٌشه الجرار ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫حٌث زاد عدة وعددا من البالد التً سقطت تحت بطشه ‪.‬‬
‫بؽداد تبن تحت وطؤة العباسٌٌن ولهوهم وسكرهم المستمر‬ ‫‪‬‬
‫الجٌش الٌدري ما ٌفعل هل ٌطٌع الدولة العباسٌة الفاسدة ام ٌستسلم للقوة الصٌنٌة الباطشة‬ ‫‪‬‬
‫‪.‬‬
‫الرسالة االخٌرة بٌن هوالكو والحكومة العباسٌة ‪ ،‬و رد هوالكو على رسل بؽداد كان‬ ‫‪‬‬
‫شدٌدة االنذار وكثٌر الوعود وفً لهجة عنٌفة وبٌان ؼاضب ‪.‬‬
‫حل الفزع فً قلب الخلٌفة ؛ فجمع حاشٌته وأركان دولته واستشارهم فٌما ٌفعل او ٌترك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لم ٌستطع الخلٌفة من اقناع جٌشه بالصمود ‪ ،‬ولم ٌقتنع هو باالستسالم ‪.‬‬
‫‪---------‬‬

‫‪59‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بؽداد قبيل سنوات السقوط‬


‫تآكلت الدولة العباسٌة داخلٌا والفساد المستشري فٌها وفساد المقتدر العباسً‪ ،‬والخلٌفة الذي جاء‬
‫بعده‬
‫اصبح االتراك لهم دور التحكم فً مإسسات واصبحوا من اهم رجال الدولة العباسٌة فً زمن‬
‫المقتدر العباسً وعلى رأسهم (مإنس الخازن ) التركً ‪ ،‬الذي انتقم منه المقتدر العباسً وقتله لما‬
‫عاث من الفساد فعصر المقتدر بالِل كان مابٌن ‪295‬هـ الى ‪ 320‬هـ ‪ ،‬اي ‪ 25‬سنة ‪ ،‬نقل التارٌخ‬
‫السٌاسً عن عهد المقتدر ان عهده كان عصرا ذهبٌا والحقٌقة ان عهد المقتدر كان عهدا ظالما‬
‫جابرا ‪،‬‬
‫ومن السمات البارزة فً عصره ‪:‬‬
‫الفساد المالي‬
‫تبذٌر الخلٌفة الموال بٌت الخالفة وبٌت مال المسلمٌن ‪ ،‬حٌث بنى حكمه على االضطهاد والظم ‪،‬‬
‫تلك االموال التً جمعها الذٌن من قبله تعد الوؾ االلوؾ من المالٌٌن بسبب جمعها من الضرابب‬
‫الباهضة على المواطنٌن ‪ ،‬وقعت تلك االموال عند المقتدر ‪ ،‬فبددها حتى افلست الخزٌنة ‪.‬‬
‫عاش المقتدر طفولته بٌن الجواري وترؾ القصور فً كنؾ ابٌه ـ ٌقول ابن االثٌر فً الكامل ج ‪6‬‬
‫ص ‪ " ، 222‬وكان جملة ما اخرجه من االموال تبذٌرا وتضٌٌعا فً ؼٌر وجهه نٌؾ وسبعٌن الؾ‬
‫الؾ دٌنار (‪. )70.000.000‬‬
‫فرّق الجواهر الثمٌمة من الذهب والفضة التً جمعها هارون العباسً ‪ ،‬وبددها على الجواري‬
‫لهو وهزل ولعب وشرب خمور وفجور ورقص الجواري فً مجلس هذا الخلٌفة‬
‫والمؽنٌات فً ٍ‬
‫ٌقول عبدالملك المكً العصامً فً كتاب صمت النجوم العوالً ج ‪ 3‬ص ‪ "، 354‬واخرج المقتدر‬
‫العباسً على النساء الجواري جميع جواهر الخالفة واتلؾ امورا كثٌرة ‪ ،‬منها من النقد ثمانٌن الؾ‬
‫الؾ دٌنار ‪ 80.000.000‬مصكوكا من الذهب‬
‫ومن مظاهر البذخ واالسراؾ ما اقامه المقتدر العباسً من مراسٌم فرح ٌوم ختان اوالد ِه ‪ ،‬سنة‬
‫‪ 305‬هـ ‪ ،‬ما تلكؾ ‪ 600.000‬دٌنار ذهب من خزٌنة الدولة ‪ ،‬فً حفلة واحدة ‪ ،‬كما ورد فً‬
‫المنتظم ِلبن الجوزي ج‪ 6‬ص ‪ ، 127‬وارسل الى وزٌره علً بن الفرات ‪ٌ ،‬وم ختان اوالد ِه ثالث‬
‫موابد كانت استدارة الواحدة منها خمسون شبرا ٌحملونها الحمالون ‪ ،‬وثوبا منسوجا بالذهب وصٌنة‬

‫‪60‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 5.000‬دٌنار من الذهب ‪ ،‬كما ورد فً‬ ‫ذهب فٌها دنانٌر وحلو ونفابس وكنوز ‪ ،‬كانت تقدر‬
‫كتاب تحفة االمراء فً تارٌخ الوزراء لـ هالل الصابً ص ‪75‬‬
‫وكان فً قصوره اعداد هابلة من اآلالؾ المإلفة من الخصٌان والؽلمان والجواري ولنا فً ذلك‬
‫مثال واحد من التً كان ٌملكها هذا الخلٌفة‬
‫ففً سنة ‪ 305‬هـ عندما جاء رسول ملك الروم حامال رسالة القٌصر الى المقتدر العباسً ‪ ،‬امر‬
‫الخلٌفة بان ٌطاؾ بهذا الرسول بدار الخالفة فكان المستقبلٌن من الخدم كما ٌصؾ الخطٌب‬
‫البؽدادي فً تارٌخ بؽداد ج ‪1‬ص‪ 7000( 101‬خادم ‪ ،‬منهم ‪ 4000‬بٌض و ‪ 3000‬سود ‪ ،‬وعدد‬
‫الحجّاب ‪ 700‬حاجب ‪ ،‬و‪ 4000‬ؼالم ‪ ،‬من ؼٌر الخدم والجواري والخصٌان ‪).‬‬
‫ومن سمات هذا الخلٌفة انؽماسة فً الشراب والطرب والمجون واالرتماء فً احضان الجواري‪،‬‬
‫والمؽنٌات مدفوع الثمن من بٌت مال المسلمٌن وبسبب هذا واسباب اخر كانت تعٌش البالد فً‬
‫اوضاع معٌشٌة سٌبة وجفاؾ وفقر مدقع‪.‬‬
‫كما انه امتدت اٌدي النساء والجواري الى ان تعزل وتنصب من تشاء من الوزراء والعمال فكان‬
‫الوزٌر مجرد دمٌة باٌدي الجواري‪ ،‬فانتشر بسبب هإالء الحكام الفقر والجوع بٌن الناس‪ ،‬فظهرت‬
‫فً عصره الفتن والثورات‪ ،‬كثورة الزن ‪ ،‬وانتشار االمراض واالوببة والضرابب الباهظة ٌجمعها‬
‫وٌنفقها فً اللهو والترؾ والبذخ‪.‬‬
‫وكانت ام الخلٌفة السٌدة (شؽب)‪ ،‬تنصب من ترٌد وتعزل من ترٌد‪ ،‬فكان الوزراء الذٌن تنصبهم‬
‫ٌنهبون مٌزانٌة الدولة بؤسمها‪ ،‬وكان فً عهد هذا الخلٌفة (قهرمانات ـ اي وزٌرات ـ ) وكانت‬
‫الوزٌرة فاطمة وكٌلة ام الخلٌفة‪ ،‬والوزٌرة ام موسى‪ ،‬والوزٌرة (ثـَ َمـ ْل) فتحت لها دٌوان خاص‬
‫للقضاء وتحسم فً المظالم وتحكم فً الدعاوي‪ ،‬والوزٌرة (زٌدان) والتً كان عندها سجن خاص‬
‫تسجن فٌه كل من ٌخالفها وتؽضب علٌه‬
‫وكان ابرز دور فً هذ ِه الشخصٌات شخصٌة ام الخلٌفة‪ ،‬وكان اسمها ( َشؽَبْ ) كانت ظالمة جابرة‬
‫ولعبت دورا كبٌرا واصبحت فً المنصب االول فً الدولة فً عهد ِه وكانت هً من تعٌن الوزراء‬
‫والوزٌرات لحسم الدعاوي والشكاو والخصومات بٌن الناس‪ ،‬وولت النساء القضاء‪ ،‬وكانت‬
‫القاضٌة (ثمل) تجلس للقضاء فً الرصافة عند قبر ابً حنٌفة‪.‬‬
‫وكانت من اعمال ام الخلٌفٌة سرقة اموال المسلمٌن ‪ ،‬وتصرفت فً االوقاؾ االسالمٌة وتملكتها‪،‬‬
‫حٌث طلبت من القاضً احمد بن اسحاق بن بهلول ان ٌلؽً وقفٌة بعض االماكن حتى ٌتسنى لها‬
‫‪61‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫التصرؾ بها وتؤخذه ملكا لها‪ ،‬وعندما رفض القاضً تمت اقالت ُه من منصب ِه بسبب وقوف ِه بوجهها‬
‫كما ٌقول ابن الجوزي فً المنتظم‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪ ، 232‬والبداٌة والنهاٌة البن كثٌر‪،‬ج‪ 11‬ص ‪، 177‬‬

‫انتشار الرشوة‬
‫ثم انتشرت الرشوة فً البالد‪ ،‬فكانت تجمع المال عن طرٌق الرشوة‪ ،‬حتى من الوزراء‪ ،‬فكان على‬
‫الوزٌر ان ٌدفع الرشاوي الم الخلٌفة كً ٌضمن بقاءه فً منصبه‪ ،‬ومثالها الوزٌر عبٌدّللا بن ٌحٌى‬
‫الخاقانً‪ ،‬اعطى رشوة مقدارها ‪ 100.000‬دٌنار لكً تقلدهُ وزٌرا بعد وزارة ابن الفرات‪ ،‬فكان‬
‫الوزراء ٌدفعون الم الخلٌفة الرشاوي‪ ،‬ولما لم ٌتمكن الوزٌر ابن الفرات من العودة ثانٌة الى‬
‫الوزارة اال بعد ان دفع فً كل ٌوم ‪ 333‬دٌنار ذهب لها‪ .‬كما ذكر ابن مسكوٌه فً تجارب االمم‬
‫وتعاقب الهمم ج‪ 1‬ص ‪42‬‬
‫‪1.000.000‬دٌنار فً السنة‪ ،‬والخلٌفة ٌجمع‬ ‫جمعت اموال طابلة لنفسها دون منازع كان دخلها‬
‫فً حفالته نصؾ ملٌون ‪ ،500.000‬رؼم ان الشعب جابع وٌإن من وطبة الجوع‪ ،‬وصار عجز‬
‫مالً وحلت ازمة مالٌة عام ‪ 317‬من جراء هذ ِه االسفافات المالٌة‪ ،‬والفتن‪ ،‬وبعد مقتل الخلٌفة‬
‫واعتقال ام الخلٌفة اكتشؾ فً بٌتها نصؾ ملٌون دٌنار ذهب من ؼٌر االمالك الزراعٌة‬
‫واالقطاعات‪ ،‬بعد ان تسلط الخلٌفة (القاهر بالِل ) حٌث سار على نه سابقه من الفساد االداري‪،‬‬
‫بعد ان اخذ ام الخلٌفة وعلقها من ارجلها الى السقؾ حتى ان البول كان ٌسٌل على وجهها وعذبها‬
‫تعذٌبا قاسٌا من اجل استخراج االموال التً كانت تملكها وخباتها فً بٌتها ‪.‬‬
‫اعترفت بالكنوز بعد التعذٌب القاسً وشدت ِه من قبل الخلٌفة القاهر ‪ ،‬وقدرت االراضً التً بٌعت‬
‫بنصؾ ملٌون ـ كما ٌذكر بن مسكوٌه‪ ،‬وانتهت حٌاتها فً التعذٌب‬
‫ومن المظاهر اٌضا‪ ،‬ان الخدم تطاول نفوذهم فً سٌاسٌة الدولة والسلطة‪ ،‬وزاد فً الخدم عند‬
‫الخلٌفة الجدٌد على سابقه‪ ،‬كما ٌذكر ابن الطقطقً فً االداب السلطانٌة ص ‪ ،260‬قال ان فً قصر‬
‫الخالفة كان هناك ‪ 11000‬خادم خصً‪ ،‬ؼٌر السقالبة وابناء الفرس والروم والسودان‪ ،‬ومن‬
‫ابرزهم صافً الحرمً‪ ،‬وسوسن الحاجب وكان لهم من النفوذ العظٌم‪ ،‬كما ٌقول القرطبً فً صلة‬
‫التارٌخ ص ‪ ،20‬وبلػ تجبر الخادم سوسن الحاجب‪ ،‬ولم ٌؤمن منه احد‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫إنذار هوالكو لمظ ّمفر الدين قطز‬


‫"من ملك الملوك شر ًقا وؼربًا القابد اِلعظم‪ :‬باسمك اللهم‪ ،‬باسط اِلرض‪ ،‬ورافع السماء‪ٌ ،‬علم‬
‫الملك المظفر قطز الذي هو من جنس الممالٌك الذٌن هربوا من سٌوفنا إلى هذا اإلقلٌم‪ٌ ،‬تنعمون‬
‫بؤنعامه‪ ،‬وٌقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك‪ٌ ،‬علم الملك المظفر قطز وسابر أمراء دولته وأهل‬
‫مملكته بالدٌار المصرٌة وما حولها من اِلعمال‪ ،‬إنا نحن جند ّللا فً أرضه‪ ،‬خلقنا من سخطه‪،‬‬
‫وسلطنا على َمن َح َّل به ؼضبه‪ ،‬فلكم بجمٌع البالد معتبر‪ ،‬وعن عزمنا مزدجر‪ ،‬فاتعظوا بؽٌركم‬
‫وأسلموا لنا أمركم‪ .‬قبل أن ٌنكشؾ الؽطاء‪ ،‬فتندموا وٌعود علٌكم الخطؤ‪ ،‬فنحن ما نرحم من بكى‪،‬‬
‫وال ّ‬
‫نرق لمن شكر‪ ،‬وقد سمعتم أننا قد فتحنا البالد‪ ،‬وطهرنا اِلرض من الفساد‪ ،‬وقتلنا معظم العباد‪،‬‬
‫فعلٌكم بالهرب‪ ،‬وعلٌنا الطلب‪ ،‬فؤي أرض تإوٌكم‪ ،‬وأي طرٌق تنجٌكم‪ ،‬وأي بالد تحمٌكم؟! فما لكم‬
‫من سٌوفنا خالص‪ ،‬وال من مهابتنا مناص‪ ،‬فخٌولنا سوابق‪ ،‬وسهامنا خوارق‪ ،‬وسٌوفنا صواعق‪،‬‬
‫وقلوبنا كالجبال‪ ،‬وعددنا كالرمال‪ ،‬فالحصون عندنا ال تمنع‪ ،‬والعساكر لقتالنا ال تنفع‪ ،‬ودعاإكم‬
‫علٌنا ال ٌُسمع‪ ،‬فإنكم أكلتم الحرام‪ ،‬وال تع ُّفون عند كالم‪ ،‬وخنتم العهود واِلٌمان‪ ،‬وفشا فٌكم العقوق‬
‫والعصٌان‪ ،‬فؤبشروا بالمذلة والهوان‪ ،‬فالٌوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون فً اِلرض‬
‫بؽٌر الحق وبما كنتم تفسقون‪ ،‬وسٌعلم الذٌن ظلموا أي منقلب ٌنقلبون‪ ،‬فمن طلب حربنا ندم‪ ،‬ومن‬
‫قصد أماننا سلم‪ ،‬فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم‪ ،‬فلكم ما لنا وعلٌكم ما علٌنا‪ ،‬وإن خالفتم هلكتم‪ ،‬فال‬
‫حذر من أنذر‪ .‬وقد ثبت عندكم أنا نحن الكفرة‪ ،‬وقد ثبت عندنا أنكم‬ ‫تهلكوا نفوسكم بؤٌدٌكم‪ ،‬فقد ّ‬
‫الفجرة‪ ،‬وقد َسلَّ َطنا علٌكم من له اِلمور المقدّرة‪ ،‬واِلحكام المدبرة‪ ،‬فكبٌركم عندنا قلٌل‪ ،‬وعزٌزكم‬
‫عندنا ذلٌل‪ ،‬فال تطٌلوا الخطاب‪ ،‬وأسرعوا برد الجواب‪ ،‬قبل أن تضرم الحرب نارها‪ ،‬وترمً‬
‫ً‬
‫حرزا‪ ،‬وتدهون منا بؤعظم داهٌة‪،‬‬ ‫نحوكم شرارها‪ ،‬فال تجدون منا جاها ً وال ً‬
‫عزا‪ ،‬وال كافًٌا وال‬
‫وتصبح بالدكم منكم خالٌة‪ ،‬فقد أنصفناكم إذ راسلناكم‪ ،‬وأٌقظناكم إذ حذرناكم‪ ،‬فما بقً لنا مقصد‬
‫سواكم‪ ،‬والسالم علٌنا وعلٌكم‪ ،‬وعلى من أطاع الهد ‪ ،‬وخشً عواقب الرد ‪ ،‬وأطاع الملك‬
‫اِلعلى"‪.‬‬
‫وكان ذلك فً سنة ‪ 658‬هجرٌة "أوابل سنة ‪1260‬م"‪.‬‬
‫‪--------‬‬

‫‪63‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫رد المظ ّمفر قطز على رسالة هوالكو‪:‬‬


‫فلما سمع قطز ما فً هذا الكتاب جمع اِلمراء‪ ،‬واتفقوا على قتل ُرسُل هوالكو‪ ،‬وكانوا أربعٌن‬
‫ً‬
‫توسٌطا‪-‬‬ ‫رجالً‪ ،‬فقبض علٌهم‪ ،‬واعتقلوا‪ ،‬وأمر بإعدامهم فؤعدموا‬
‫أي‪ :‬ضربوا بالسٌؾ فً وسطهم لٌشطروا شطرٌن –‬
‫كل مجموعة منهم أمام باب من أبواب القاهرة‪ ،‬وعُلقت رإوسهم على باب "زوٌلة"‪ .‬وكان النصر‬
‫فً عٌن جالوت على ٌدٌه ‪.‬‬
‫المصدر‪http://www.alghoraba.com/wthaeq/1_wthaeq.htm:‬‬

‫وقفة مع من نفى عالقة الطوسي باالمر‪:‬‬


‫وفً قضٌة الطوسً‪ ،‬ذكر كمال الدٌن ابن الفوطً الحنبلً البؽدادي المتوفى سنة ‪ 723‬هـ والذي‬
‫أُسر فً واقعة التتار‪ ،‬ث ّم تخلّص من االسر‪ ،‬اشتؽل مشرفا ً على الكتب بالمستنصرٌّة‪ ،‬ص ّنؾ خاللها‬
‫تؤرٌخا ً فً خمس وخمسٌن مجلّداً‪ ،‬ؾ‬
‫ي هذا الكتاب ٌتع ّرض لقضٌّة سقوط بؽداد على ٌد هوالكو‪،‬‬
‫انكر ان لخواجة نصيرالدين اسم في هذه القض ّمية بشكل مطلق ‪.‬‬
‫فً الوقت الذي نر ابن الطقطقً المولود سنة ‪ 660‬والمتو ّفى سنة ‪ ،709‬هذا صاحب كتاب‬
‫ذذكر في هذا الكتاب‬
‫الفخري فً االداب السلطانٌّة والدول االسالمٌّة‪ ،‬قد رو حوادث بؽداد ‪ ،‬ولم ُت‬
‫مع ما ذكر من الحوادث لخواجة نصيرالدين عالقة في القض ّمية أصالً ال من قريب وال من بعيد‪.‬‬
‫نعم ٌذكر اسم الخواجة م ّر ًة واحد ًة‪ ،‬حٌث ٌبٌّن دخول ابن العلقمً على هوالكو الذي ٌُنسب إلٌه من‬
‫قبل بعض ك ّتاب الس ّنة ـ السابقٌن والالّحقٌن ـ أنّ له ٌداً فً سقوط بؽداد‬
‫ثم ان اكثر الرواٌات المإٌدة لفكرة تدخل بن العلقمً والطوسً فً قضٌة بؽداد هً روايات سنية‬
‫االقالم ‪ٌ ،‬شم منها روابح قد ال تلٌق لبعض المإرخٌن والباحثٌن‪ ،‬واكثر من اثار هذا التدخل الذهبً‬
‫تالمٌذ بن تٌمٌة كما ٌقول علً الحسٌنً المٌالنً الذي اورد كتابا خاصا بهذ ِه العالقة المشكوك فً‬
‫اصلها‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الجيش الصيني يهاجم بؽداد ‪:‬‬


‫(" اشتد ؼضب هوالكو وضاق صدره من حصار بؽداد الطوٌل‪ ،‬فقرر الهجوم عل ٌها‪ ،‬رؼم ان‬
‫الجٌشان اشتبكا فً معركة ؼٌر متكافبة اال ان الصمود كان مستحٌال امام جٌش قوامه اكثر من‬
‫مبتً الؾ ‪ ،‬فما كان من بؽداد اال ان فتحت ابوابها وسعى امبراطور الدولة العباسٌة الى تسلٌم نفسه‬
‫الى امبراطو ر الصٌن المؽولي‪ ،‬لتنتهً بذلك اكبر امبراطورٌة حكمت مبات من السنٌن على ٌد‬
‫االمبراطورٌة الفتٌة فً (‪ 14‬من صفر ‪ 656‬هـ –‪ 20‬من فبراٌر ‪1258‬م)‪.‬‬
‫واشرنا فٌما سبق "وحٌث لم ٌكن للخلٌفة تدبٌر إال اللعب بالطٌور‪ ،‬نجحت فٌه خدعة الوزٌر‪ ،‬واشار‬
‫البحرانً فً كتابة االنؾ الذكر ‪ ،‬الى انه استدعى الوزٌر بعض من فقهاء بؽداد وسابر علمابها أن‬
‫ٌحضروا مجلس السالم‪ ،‬خرج الخلٌفة وبٌده قضٌب مع جماعة من العلماء واِلعٌان وأكابر الدولة‬
‫إلى بالط هوالكو‪ ،‬وأدخلهم هوالكو فً مخٌمه‪ ،‬وحٌث اجتمع جمعهم ‪ ،‬جرد جنود هوالكو السٌوؾ‬
‫وقتلوهم‪.‬‬
‫(اي‬ ‫أما المستعصم وابنه أبو بكر فقد وضعوهما فً جولقٌن (خرجٌن) وضربوهما بمكدم الجص‬
‫احجار الجص) حتى ماتا‪ ،‬وكان ذلك فً الٌوم الثامن والعشرٌن من شهر محرم سنة ‪ 656‬ه ـ‪.‬‬
‫ثم استباحوا بؽداد أربعين يوما وقتلوا سائر أوالد المستعصم واسترقوا بناته (اذ جعلوهن مع‬
‫الرقيق اذ العبيد) ‪ ،‬ودخولهم بؽداد كان بعد أسبوع من قتل المستعصم ومن اعتصم به‪ ،‬فً‬
‫الخامس من شهر صفر سنة ‪ 656‬هـ ‪1258‬م‪.‬‬
‫وكان هوالكو قد اتخذ تبرٌز عاصمة له‪ ،‬واستوزر بهاء الدٌن محمد الجوٌنً بعنوان صاحب‬
‫الدٌوان‪ ،‬إلدارة الدولة فً إٌران‪ ،‬فتركه فً بؽداد ورجع مصطحبا معه نصٌر الدٌن الطوسً إلى‬
‫عاصمته تبرٌز‪ ،‬بعد عام من دخوله بؽداد فً أوابل سنة ‪ 657‬هـ ‪ 1258‬م‪.‬‬
‫ثم ان هوالكو أوكل والٌة اِلوقاؾ والتفتٌش العام فً شإون البالد إلى المحقق الطوسً (قدس‬
‫سره) فً سنة ‪ 662‬هـ ‪ 1263‬م فؤرسله لذلك إلى العراق فً تلك السنة فزار البصرة وبؽداد و‬
‫واسط والحلة ‪.‬‬
‫ثم آل االمر الى الذٌن شكلوا‬ ‫استمرت بؽداد تحت قٌادة جٌش المؽول القادم من شمال الصٌن‬
‫امبراطوٌة جدٌدة تحت اسم العثمانٌٌن (("وفً (‪ 19‬من ربٌع اِلول ‪663‬هـ ‪ 9‬من ٌناٌر ‪1265‬م)‬
‫(ابا خاقان)‬ ‫توفً هوالكو بالقرب من مراؼة وهو فً الثامنة واِلربعٌن من عمره‪ ،‬تاركا ِلبنابه‬
‫وأحفاده مملكة فسٌحة عرفت بإٌلخانٌة فارس‪ ،‬ولم تلبث زوجته "طقز خاتون" أن لحقت به‪ ،‬وحزن‬
‫‪65‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫(* = مصادر الدراسة‪ :‬رشٌد الدٌن فضل ّللا الهمدانً ‪-‬‬ ‫لوفاتهما المسٌحٌون بالشرق‪ ،‬وعدّوهما من القدٌسٌن ‪...‬‬
‫جامع التوارٌخ ‪( -‬تارٌخ هوالكو خان) القاهرة ‪1960‬م‪ .‬فإاد عبد المعطً الصٌاد ‪ -‬المؽول فً التارٌخ ‪ -‬دار النهضة العربٌة –‬
‫بٌروت ‪ .1970 -‬عباس إقبال – تارٌخ المؽول‪ -‬ترجمة عبد الوهاب علوب – المجمع الثقافً – أبو ظبً – ‪1420‬هـ= ‪2000‬م‪.‬‬
‫السٌد الباز العرٌنً – المؽول – دار النهضة العربٌة – بٌروت – ‪1981‬م‪ .‬عبد السالم عبد العزٌز فهمً – تارٌخ الدولة المؽولٌة‬

‫فً إٌران – دار المعارؾ – القاهرة – ‪1981‬م )‪ ، )) " .‬انتهى النص ‪.‬‬
‫ثم أن بهاء الدٌن محمد الجوٌنً والً هوالكو على بؽداد توفً فً سنة ‪ 661‬هـ ففوض هوالكو‬
‫حكومة بؽداد بعدهُ إلى ابنه عالء الدٌن عطاء الملك الجوٌنً‪ ،‬واستوزر له أخاه شمس الدٌن محمد‬
‫بن محمد الجوٌنً من كتب التراجم لذلك العهد‪ ،‬ونجد اسم "مسعود" فً أبناء شمس الدٌن محمد‬
‫الجوٌنً الستة‪ :‬محمد‪ ،‬وأتابك وفرج ّللا‪ ،‬و مسعود‪ ،‬وٌحٌى‪ ،‬الذٌن قتل أربعة منهم (عدا محمدا) بعد‬
‫ان قتل أبٌهم‪ ،‬المل ُ‬
‫ك أرؼون خان التتري المؽولً‪ ،‬ولهم اخ خامس ٌدعى زكرٌا‪ ،‬بقً حٌا‪ ،‬وكان‬
‫ذلك فً ‪ 4‬شوال سنة ‪ 683‬هـ‪ ،‬سعى فٌه فخر الدٌن المستوفً القزوٌنً وحسام الدٌن الحاجب لد‬
‫أرؼون خان واتهمه بإعداد السم لقتل آباقا خان‪ ،‬فقتله أرؼون خان فً حوالً مدٌنة أهر (زنجان)‬
‫وبعد فترة قلٌلة قتل أوالده اِلربعة‪.‬‬
‫وقال ٌحٌى بن عبد اللطٌؾ القزوٌنً ( ‪ 948‬م) فً " لب التوارٌخ" بالفارسٌة‪" :‬تملك أرؼون خان‬
‫‪ 7‬جماد اآلخرة سنة ‪ 683‬هـ فقتل الخواجة شمس الدٌن‬ ‫بن آباقا خان ‪ -‬بعد أحمد خان ‪ -‬فً‬
‫صاحب الدٌوان الذي استمرت وزارته وأبٌه وجده تسعا وعشرٌن عاما‪ ،‬بتهمة سمه آلباقا خان‪ ،‬فً‬
‫ضحى ٌوم االثنٌن ‪ 4‬شعبان سنة ‪ 683‬هـ فً آذرباٌجان‪ ...‬وعاقب أوالده اِلربعة‪ ،‬وقبورهم فً‬
‫قرٌة "چرند آب" و مات أرؼون خان بعد سبع سنٌن فً ‪ 5‬ربٌع اِلول سنة ‪ 690‬هـ ‪ .‬ومسعود بن‬
‫شمس الدٌن الجوٌنً هذا هو الذي ٌعبر عنه السٌد ابن طاووس فً كتابه "مه الدعوات" ٌقول‪:‬‬
‫"حدثنً صدٌقنا الملك مسعود‪ ،‬ختم ّللا له بإنجاز الوعود"‪.‬‬
‫ويحتمل أن ٌكون "المسعود" جوزنا أن ٌكون "كرشاسب" االسم الفارسً اِلصٌل ِلبٌه شمس الدٌن‬
‫محمد أو جده بهاء الدٌن محمد‪ ،‬أو ِلحد أجداده‪... ،‬‬
‫( المصدر‪ :‬كتاب الٌنجاة ـ‬ ‫وإن كان المسعود هو الشهٌد بن الشهٌد شمس الدٌن‪ ،‬وقد قتال فً ‪ 683‬ه ـ‬
‫مٌثم البحرانً ص ‪)28‬‬
‫ٌقول صاحب كتاب الشٌعة والحكم فً العراق فً باب (المؽول والتشٌع) نؤخذ منه النص التالً ‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪" ....‬وهكذا انقلبت اِلحوال من حال إلى حال‪ ،‬حتى مجًء هوالكو وؼزوه بؽداد‪ ،‬وإحداثه الدمار‬
‫الشدٌد فٌها‪ ،‬إال أن مذهب أهل البيت (عليهم السالم) بقي ثابتا ً صامداً رؼم تلك الهزاهز‬
‫واالبتالءات العظيمة وحينما استتب األمر لهوالكو وفرض سيطرته على بؽداد تنفس أتباع‬
‫مذهب أهل البيت (عليهم السالم) الصعداء نتيجة لدخول بعض حكام المؽول اإلسالم ببركة جهود‬
‫العلماء الكبار أمثال العالمة وابنه (رحمهما ّللا) وؼٌرهما ـ وإعالن إتباعهم لمذهب أهل البٌت‬
‫(علٌهم السالم)‪ ،‬ومن هإالء الحكام (نٌقوالوس بن أرؼون) وسمً بمحمد خدابنده‪ ،‬وكذلك ابنه أبو‬
‫سعٌد بهادرخان‪ ،‬وبعضهم أسلم‪ ،‬ولكن لم ٌصرح بالتشٌع‪ ،‬مثل ؼازان المسمى محمود‪ ،‬وهو أخو‬
‫محمد خدابنده‪ ،‬وبٌن من لم ٌطل عهده لٌعلم حاله مثل تكوادر بن هوالكو المسمى بؤحمد‪.‬‬
‫جالبر‪ :‬وهً ساللة مؽولٌة أنشؤها حسن بزرك على أنقاض اإلٌلخانٌة‪ ،‬حكمت العراق من ( ‪740‬‬
‫إلى ‪813‬هـ) عاصمتها بؽداد أشهر سالطٌنها أوٌس وابنه أحمد‪ ،‬حكمت هذه الدولة العراق بعد‬
‫رحٌل المؽول‪ ،‬وهً دولة شٌعٌة بحتة‪ ،‬ولها بصمات واضحة على التشٌع‪ ،‬وكان زعٌم هذه الدولة‬
‫(حسن الجالبري) وهو من أمراء المؽول وان لم ٌكن مؽولً اِلصل‪ ،‬وقد استمر فً حكم العراق‬
‫فترة من الزمن‪ ،‬وجاء بعده ولده وحكم العراق‪ ،‬وتعاقبت على حكم العراق مجموعة من أفراد هذه‬
‫العابلة‪ ،‬وفً عام ‪ 767‬هـ بنى أحد أوالد حسن الجالبري الحرم الحسٌنً القابم الٌوم‪.‬‬
‫بعدما سٌطرت الدولة العثمانٌة على مقالٌد الحكم‪ ،‬تؽٌر حال الشٌعة فً العراق عما كانوا علٌه فً‬
‫زمن الدولة الصفوٌة‪ ،‬فلقد عاد الظلم واالضطهاد‪ ،‬وأصبح كل من ٌنتمً إلى أهل البٌت (علٌهم‬
‫السالم) وٌعرؾ بؤنه من شٌعة أمٌر المإمنٌن (علٌه السالم) معرضا ً للقتل والتشرٌد‪ ،‬وبجمٌع‬
‫‪ ،‬ولم‬ ‫أصناؾ التعذٌب اِلخر ‪ .‬كان المذهب الرسمي في الدولة العثمانية هو المذهب الحنفي‬
‫ٌكتفوا فً جعله فوق المذاهب بؤسرها‪ ،‬بل عمدوا إلى ضرب المذاهب اِلخر ‪ ،‬وخصوصا ً‬
‫المذهب الشٌعً‪.‬‬
‫وسعوا إلى نشر المذهب الحنفً بؤسلوب الترؼٌب والترهٌب فً جمٌع أرجاء العراق‪ ،‬حٌث كانوا‬
‫ٌنشرونه بصورة سرٌة فً المناطق الجنوبٌة من العراق وفً العتبات المقدسة‪ ،‬والتً كان كل‬
‫سكانها من الشٌعة إال ما ندر‪ ،‬كما قاموا بنشر مذهبهم وبصورة علنٌة فً شمال العراق‪ ،‬وبعض‬
‫المناطق التً ٌكثر فٌها السنة‪.‬‬
‫ونتٌجة لمقاومة الشٌعة الشدٌدة‪ ،‬وقوة نفوذهم وتؤثٌرهم أُجبر بعض اِلمراء اِلتراك على مسالمة‬
‫الشٌعة‪ ،‬فقد أجروا بعض التعدٌالت والتعمٌرات فً العتبات المقدسة‪ ،‬وزارها بعض والتهم‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫والجدٌر بالذكر هنا أن بعض المإرخٌن قال‪ :‬أن الشٌعة القوا من العرب ـ من السنة الذٌن كانوا‬
‫تحت حكم الدولة العثمانٌة ـ الحاقدٌن على التشٌع‪ ،‬وعلى مذهب أهل البٌت (علٌهم السالم)‪ ،‬أكثر‬
‫مما القوه من الحكام اِلتراك أنفسهم‪ ،‬وقد اثبت التارٌخ حٌنما رحل الترك عن العراق فان اِلوضاع‬
‫" ـــ انتهى النص المنقول من‬ ‫المؤساوٌة ظلت على ما هً علٌه إن لم نقل أنها تفاقمت‬
‫(‪)http://www.alshirazi.com‬‬

‫‪68‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الباب الثاني‬

‫الدولة العثمانية‬

‫بداية ظهور آل عثمان‬


‫‪http://ar.wikipedia.org‬‬
‫بعد وفاة أرطؽرل قام السلطان عالء الدٌن السلجوقً بتنصٌب اِلمٌر عثمان مكانه‪ ،‬وعثمان بن‬
‫أرطؽرل ولد عام ‪ 656‬هـ‪1258/‬م وتوفً عام ‪726‬هـ‪1326 /‬م‪ .‬وهو من عشٌرة قاًٌ‪ ،‬شهدت‬

‫‪69‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سنة مولده ؼزو المؽول بقٌادة هوالكو لبؽداد وسقوط الخالفة العباسٌة‪ .‬كما فً تفاصٌل سوؾ تؤتً‬
‫الحقا‬
‫تولى الحكم عام ‪ 687‬هـ بعد وفاة أبٌه أرطؽرل بتؤٌٌد من اِلمٌر عالء الدٌن السلجوقً‪ .‬قام اِلمٌر‬
‫السلجوقً بمنحه أي أراض ٌقوم بفتحها وسمح له بضرب العملة‪.‬‬
‫و لما قتل اِلمٌر عالء الدٌن من قبل المؽول وقتلوا معه ابنه ؼٌاث الدٌن الذي تولى مكانه‪ ،‬أصبح‬
‫عثمان بن أرطؽرل أقو رجال المنطقة فاتخذ مدٌنة اسكً شهر قاعدة له ولقب نفسه بادٌشاه آل‬
‫عثمان واتخذ راٌة له‪.‬‬
‫قام بدعوة حكام الروم فً آسٌا الصؽر إلى اإلسالم فإن أبوا فعلٌهم أن ٌدفعوا الجزٌة فإن أبوا‬
‫فالحرب‪ ،‬فخافوا منه واستعانوا علٌه بالمؽول فؤرسل إلٌهم جٌشا بقٌادة ابنه أورخان فهزمهم وأكمل‬
‫الجٌش مسٌرته ففتح بورصة‪ .‬توفً بعد أن عهد البنه بتولً الحكم من بعده‪.‬‬
‫من قبٌلة الؽز اِلؼوز التركٌة‪.‬‬
‫هاجر جده سلٌمان شاه‪ ،‬أمٌر عشٌرة قاًٌ‪ ،‬مع عشٌرته من موطنه اِلصلً‪ ،‬فً آسٌا الوسطى‪،‬‬
‫لٌستقر فً اِلناضول فتابع طرٌق التوسع بشجاعة خارقة‪ ،‬فكافؤه السلطان عالء الدٌن‪ ،‬وكرّمه‬
‫بإعطابه شارات السالجقة‪ ،‬وهً الراٌة البٌضاء والخلعة والطبل‪،‬‬
‫و الدولة السلجوقٌة بسطت نفوذها إلى العراق ‪ ،‬فً عهد عاهلها السابع ملكشاه الثانً بن بركٌاروق‪،‬‬
‫وحكمت بؽداد والري والحجاز والحرمٌن ما بٌن سنة ‪ 1105‬و‪ ، 1194‬وحكامهم فً تلك الفترة‬
‫هم‪:‬‬
‫ملكشاه الثانً (‪)1105 - 1105‬‬
‫ؼٌاث الدنٌا والدٌن محمد بن ملكشاه (‪)1118 - 1105‬‬
‫مؽٌث الدٌن محمود الثانً بن محمد (‪)1131 - 1118‬‬
‫داود بن محمود (‪)1132 - 1131‬‬
‫طؽرل الثانً بن محمد (‪)1134 - 1132‬‬
‫مسعود بن محمد (‪)1152 - 1134‬‬
‫ملكشاه الثالث بن محمود (‪)1153 - 1152‬‬
‫محمد الثانً بن محمود (‪)1160 - 1153‬‬

‫‪70‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سلٌمان شاه بن محمود (‪)1161 - 1160‬‬


‫ارسالن شاه بن طؽرل (‪)1176 - 1161‬‬
‫طؽرل الثالث بن ارسالن شاه (‪)1194 - 1176‬‬
‫اضافة الى ان السلطان عالء الدٌن منح سلٌمان شاه استقالالً‪ ،‬ولقب (بك)‪ ،‬ابتداء من سنة ‪ 688‬هـ‪/‬‬
‫‪1289‬م‪ ،‬وسمح له بؤن ٌسكك النقود باسمه (أ ٌكتب علٌها أسمه)‪ ،‬سمح له بؤن ي ذكر اسمه بعد‬
‫اسم السلطان عالء الدٌن من على منابر المساجد والجوامع السلجوقٌة‪ ،‬ومنحه السلطان السلجوقً‬
‫عالء الدٌن كٌقباد الثالث جهات إسكً شهر وإٌنونو‪ ،‬عام ( ‪1289‬م)‪ ..‬وقرر منحه ما ٌفتحه من‬
‫أرضً البٌزنطٌٌن وؼٌرهم ‪.‬‬
‫مدٌنة (بورصة )‪ ،‬المعروفة فً ؼرب اِلناضول‪ ،‬فً‬ ‫بن ارطؽل‬ ‫وقد حاصر عثمان‬
‫عام(‪1314‬م)‪ ،‬ولكنه لم ٌتمكن من االستٌالء علٌها ‪ ،‬ثم انه توسعت منطقة نفوذ عثمان أو إمارته‪،‬‬
‫فشملت مناطق سوؼود‪ ،‬ودومانٌ ‪ ،‬وإٌنه كول‪ ،‬وٌنً شه ر‪ ،‬وإن حصار‪ ،‬وقوٌون حصار‪ ،‬وكوبري‬
‫حصار‪ ،‬وٌوند حصار‪ .‬وجعل فً عام( ‪1300‬م) ‪ٌ ،‬نً شهر (اي المدٌنة الجدٌدة) مركزاً لتلك‬
‫اإلمارة‪ .‬ولقب نفسه بـ(ادٌشاه ال عثمان)‬
‫ثم عاد واتجه إلى بورصة (بروسة) فاستطاع أن ٌدخلها عام ‪ 717‬ـ ‪1317‬م ‪ ،‬وتعد من الحصون‬
‫الرومٌة المهمة فً آسٌا الصؽر ‪ ،‬وأمن أهلها وأحسن إلٌهم فدفعوا له ثالثٌن ألفا ً من عملتهم‬
‫الذهبٌة‪ ،‬وأسلم حاكمها (أفرٌنوس)‪ ،‬فمنحه عثمان لقب بٌك‪ ،‬وأصبح من القادة العثمانٌٌن البارزٌن‪.‬‬
‫وتوفً عثمان عام ‪ ،726‬ـ ‪1326‬م وقد عهد البنه أورخان بالحكم بعده‪.‬‬
‫***‬
‫خيانة قائد بيزنطي ونهاية دولة السالجقة‪:‬‬
‫نشؤت صداقة بٌن عثمان اِلول ‪ ،‬والقابد البٌزنطً كوسه مٌخابٌل حاكم قلعة (خرمن قاٌا) الذي‬
‫أسلم‪ ،‬وأنقذ عثمان من مإامرة بٌزنطٌة ُدبرت له فً ولٌمة عرس بٌزنطً‪ .‬وفي تلك األثناء هاجم‬
‫قازان المؽولي المدن السورٌة‪ ،‬ومدٌنة قونٌة‪ ،‬فاحتلها سنة ‪699‬هـ‪1299 /‬م‪ ،‬وأنهى دولة سالجقة‬
‫األناضول‪.‬‬
‫وفد على عثمان بن أرطؽرل كثٌر من علماء الدولة السلجوقٌة هربا ً من المؽول‪ ،‬وأقبل علٌه‬
‫أمراإها وأعٌانها وأثرٌابهم‪ ،‬فؤثورا إمارته وأنتقلت من مجرد قبٌلة وأمارة إلى أن تصبح لها‬
‫مقومات الدولة وبهذا الحدث ٌمكن القول أنه بدأت بهإالء القادمٌن اله اربٌن من وجه المؽول سلطنة‬
‫‪71‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫آل عثمان فً عام (‪708‬هـ‪1308/‬م)‪ ،‬أ عندما توفً آخر سالطٌن سالجقة الروم السلطان ؼٌاث‬
‫الدٌن مسعود الثالث‪ ،‬حٌث كانت اإلمارة العثمانٌة تابعة للدولة السلجوقٌة قبل ذلك‪ ..‬اإلستٌالء على‬
‫بورصا‬

‫وكان الهدؾ اِلسمى‪ ،‬الذي ٌسعى اِلمٌر عثمان لتحقٌقه‪ ،‬هو احتالل مدٌنة بورصا واتخاذها‬
‫عاصمة للدولة العثمانٌة‪ .‬وظل هذا هدفا ً ٌطمح إلٌه اِلمٌر عثمان حتى آخر حٌاته؛ فقد أمر‪ ،‬وهو‬
‫على فراش الموت‪ ،‬ولده أورخان بفرض الحصار علٌها‪ ،‬واالستماتة فً ؼزوها واإلستٌالء علٌها‪.‬‬
‫وقد نجح أورخان فً ذلك‪ ،‬وطارت أنباء االستٌالء إلى اِلمٌر عثمان وهو ٌجود بؤنفاسه اِلخٌرة‪.‬‬
‫و ُنقل جثمانه إلى مدٌنة بورصا ودفن بها‪ .‬فً عام( ‪726‬هـ ‪/1324‬م) ‪ ،‬بعد أن عاش سبعٌن عاماً‪،‬‬
‫قضى منها ‪ 27‬عاما ً على عرش السلطنة‪ .‬وكان عثمان اِلول له من اِلوالد سبعة‪ ،‬هم‪ :‬أورخان‬
‫بك‪ ،‬وعالء الدٌن بك‪ ،‬وجوبان بك‪ ،‬وحامد بك‪ ،‬وفاطمة خاتون‪ ،‬وبازارلً بك‪ ،‬وملك بك‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بداية السلطنة العثمانية (‪)726-699‬ه ‪1326-1299/‬م‬


‫السلطان عثمان اِلول الذي وُ لد فً بلدة ُس ُؽ ْوت )‪ (Sogüt‬إحد البالد التابعة‬
‫لمدٌنة (ٌنً شهر) سنة ‪ 656‬هـ‪1258 /‬م‪ ،‬كما مر بنا سابقا أعلن سلطنته فؤتاه‬
‫أمراء الدولة السلجوقٌة‪ ،‬ودخلوا تحت حماٌته‪ ،‬ونصبوه سلطانا على اِلناضو ل‪ ،‬فاتخذ مدٌنة ٌنً‬
‫شهر عاصمة له‪ ،‬وأستمر فً الحروب لمدة سبع سنوات‪ ،‬وؼزا الكثٌر من قالع الروم البٌزنطٌٌن‪،‬‬
‫وؼزا مدٌنة كبري حصار‪ ،‬وقلعة أزنٌق الشهٌرة‪ ،‬وهاجت الجٌوش البٌزنطة على ٌنً شهر‬
‫عاصمة العثمانٌٌن‪ ،‬فتصد لهم السلطان عثمان على رأس جٌشه بجوار قلعة قٌون حصار‬
‫وهزمهم ثم اقتفى أثرهم حتى موقع دٌمبوز‪ ،‬فقتل أمٌر مدٌنة كستل البٌزنطً‪ ،‬وهرب بقٌة اِلمراء‬
‫البٌزنطٌٌن نحو بورصة والقسطنطٌنٌة‪ ،‬وشٌد السلطان عثمان قلعتٌن بالقرب من مدٌنة بروسه سنة‬
‫‪ 717‬هـ‪1317 /‬م وأقام فً إحداهما ابن أخٌه آق تٌمور قابداً‪ ،‬وفً اِلخر بلبانجق أحد ممالٌكه‬
‫قابداً‪ ،‬وحاصر بروسه‪ ،‬وترك ولده السلطان أورخان وكوسه مٌخال وصالتق ألب للمحافظة على‬
‫البالد وحاصر قلعة قره‪ ،‬ثم ؼزا السلطان عثمان قلعة لبلبنجً‪ ،‬وقلعة جادرلق‪ ،‬وٌكٌنجه حصار‪،‬‬
‫وآق حصار‪ ،‬وتكفور‪ ،‬ثم أرسل الؽازي أورخان والؽازي عبد الرحمن وؼٌرهما إلى قلعة قره‬
‫جٌش ‪ ،‬فإستولوا علٌها ‪ ،‬وتابع السلطان ؼزواته نحو مدٌنة أزمٌد‪( ،‬قوجة إٌلًّ) وحٌنذا ؼزا‬
‫الؽازي عبد الرحمن مدٌنة أزنٌق ( نٌقٌا)‪ .‬وعزم السلطان عثمان ؼازي على ؼزو بروسه سنة‬
‫‪ 726‬هـ‪1326 /‬م‪ ،‬وعٌن ابنه أورخان بك قابداً لجٌوش الؽزو‪ ،‬واستولى على جبل أولمبة (أولو‬
‫داغ) قرب بورصة (بروسة) ثم ؼزا بورصة‪ ،‬ومرض السلطان عثمان‪ ،‬فقام بزٌارته ابنه الؽازي‬
‫‪ 17‬أو ‪20‬‬ ‫‪70‬سنة ‪ ،‬توفً فً‬ ‫وهو ٌبلػ من العمر‬ ‫أورخان‪ ،‬وتوفى السلطان عثمان اِلول‬
‫رمضان سنة ‪726‬هـ‪ 1326 /‬م‪ ،‬وقد ؼزا عثمان أراضى البٌزنطٌٌن وضمها إلى أمالكه حتى‬
‫بلؽت ستة عشر ألؾ كٌلومتر ؼداة وفاته سنة ‪ 724‬هـ‪1324 /‬م ‪ ،‬ومدة سلطنته ‪ 27‬سنة‪ ،‬ودفن‬
‫فً تربته الخاصة فً بروسة (بورصة)‬

‫الدولة بعد وفاة المإسس لها‬

‫‪73‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وتسلطن بعده ابنه الؽازي فً سبٌل ّللا (أورخان) فؤوكل إدارة شإون اإلدارة ِلخٌه عالء الدٌن‪،‬‬
‫‪ .‬حكم الدولة العثمانٌة ‪ 40‬سلطان بدأت بعثمان‬ ‫ووُ لد ِلورخان فً تلك السنة ابنه مراد اِلول‬
‫وانتهت بالسطان عبدالمجٌد الثانً ‪1924‬م‬
‫عوامل ضعؾ الدولة العثمانية‬
‫العوامل الداخلية‬
‫‪ .1‬ضعؾ السالطن المتؤخرٌن وٌتضح من‪:‬‬
‫عدم قٌادتهم للجٌش ‪.‬‬
‫عدم ترأسهم جلسات الدٌوان ‪.‬‬
‫ضعؾ قدرتهم على اإلدارة ‪.‬‬
‫انشؽالهم بؤمورهم الخاصة ‪.‬‬
‫‪ -2‬انحدار اإلنكشارٌة‪:‬‬

‫لوحة زٌتٌة تصور دورٌة إنكشارٌة تجوب شوارع سمٌرنا برٌشة ألكسندر ‪ -‬جابرٌٌل دٌكامب فً ‪1828‬م‬

‫أهملوا تدرٌباتهم ‪.‬‬


‫‪74‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫قل ارتباطهم بثكناتهم مما أد إلى ضعؾ قدراتهم القتالٌة و الحربٌة ‪.‬‬
‫‪ -3‬سوء نظام جباٌة الضرابب‪:‬‬
‫كان تحصٌل وجمع اِلموال العامة فً الوالٌات ٌتم عن طرٌقة االلتزام ‪.‬‬
‫العوامل الخارجية‪:‬‬
‫االمتٌازات اِلجنبٌة لبعض الدول اِلروبٌة أد إلى التدخل فً شإون الدولة ‪.‬‬
‫اِلطماع االستعمارٌة اِلروبٌة فً ممتلكات الدولة العثمانٌة ‪.‬‬
‫ظهور روسٌا القٌصرٌة كقوة تسعى على حساب الدولة العثمانٌة‪ ،‬وتحرٌض شعوب البلقان للثورة‬
‫ضدها ‪.‬‬
‫الهزابم التً ألحقتها الجٌوش اِلروبٌة بالجٌش العثمانٌة بسبب ‪:‬‬
‫اختراع اِلروبٌن اسلحة جدٌدة ‪.‬‬
‫تفوق اسالٌبهم القتالٌة وضعؾ االنكشارٌة ‪.‬‬
‫نظام الحكم و اإلدارة في الدولة العثمانية‬
‫‪ -1‬السلطان‪ :‬من مهامه‪:‬‬
‫تطبٌق الشرٌعة اإلسالمٌة ‪.‬‬
‫قٌادة الجٌوش ‪.‬‬
‫تعٌٌن الوزراء وعزلهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصدر اِلعظم‪.‬‬
‫كان مستشار السلطان فً البداٌة العهد العثمانً ‪.‬‬
‫أصبح ممثل السلطان فً فترة ضعؾ السالطٌن‪ ,‬والتحكم بالتعٌٌنات والوظابؾ واِلمور المتعلقة‬
‫بالجٌش واإلدارة‪.‬‬
‫نهاٌة الحكم‬ ‫بداٌة الحكم‬ ‫الحٌاة‬ ‫الحاكم‬

‫‪1326‬‬ ‫‪1299‬‬ ‫‪1326 - 1258‬‬ ‫عثمان بن أرطؽل‬

‫‪1359‬‬ ‫‪1326‬‬ ‫‪1359 - 1284‬‬ ‫أورخان ؼازي‬

‫‪ٌ 28‬ونٌو ‪1389‬‬ ‫‪1359‬‬ ‫‪1389 - 1326‬‬ ‫مراد اِلول‬

‫‪75‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ٌ 20‬ولٌو ‪1402‬‬ ‫‪ٌ 28‬ونٌو ‪1389‬‬ ‫‪1403 - 1357‬‬ ‫باٌزٌد اِلول الصاعقة‬

‫‪ 20‬ماٌو ‪1421‬‬ ‫‪ٌ 20‬ولٌو ‪1402‬‬ ‫‪1421 - 1389‬‬ ‫محمد اِلول السٌد‬

‫مراد الثانً ( للمرة‬


‫أؼسطس ‪1444‬‬ ‫‪ 20‬ماٌو ‪1421‬‬ ‫‪1451 - 1402‬‬
‫اِلولى)‬

‫محمد الثانً الفاتح (‬


‫‪1446‬‬ ‫أؼسطس ‪1444‬‬ ‫‪1481 - 1432‬‬
‫للمرة اِلولى)‬

‫مراد الثانً ( للمرة‬


‫‪ 3‬فبراٌر ‪1451‬‬ ‫‪1446‬‬ ‫‪1451 - 1402‬‬
‫الثانٌة)‬

‫محمد الثانً ( للمرة‬


‫‪ 3‬ماٌو ‪1481‬‬ ‫‪ 3‬فبراٌر ‪1451‬‬ ‫‪1481 - 1432‬‬
‫الثانٌة)‬

‫‪ 25‬أبرٌل ‪1512‬‬ ‫‪ 20‬ماٌو ‪1481‬‬ ‫‪1512 - 1447‬‬ ‫باٌزٌد الثانً‬

‫‪ 22‬سبتمبر ‪1520‬‬ ‫‪ 25‬أبرٌل ‪1512‬‬ ‫‪1520 - 1466‬‬ ‫سلٌم اِلول‬

‫‪ 6‬سبتمبر ‪1566‬‬ ‫‪ 22‬سبتمبر ‪1520‬‬ ‫‪1566 - 1495‬‬ ‫سلٌمان اِلول القانونً‬

‫‪ 12‬دٌسمبر‬
‫‪ 6‬سبتمبر ‪1566‬‬ ‫‪1574 - 1524‬‬ ‫سلٌم الثانً‬
‫‪1574‬‬

‫‪ٌ 15‬ناٌر ‪1595‬‬ ‫‪ 12‬دٌسمبر ‪1574‬‬ ‫‪1595 - 1546‬‬ ‫مراد الثالث‬

‫‪ 22‬دٌسمبر‬
‫‪ٌ 15‬ناٌر ‪1595‬‬ ‫‪1603 - 1566‬‬ ‫محمد الثالث‬
‫‪1603‬‬

‫‪ 22‬نوفمبر ‪1617‬‬ ‫‪ 22‬دٌسمبر ‪1603‬‬ ‫‪1617 - 1590‬‬ ‫أحمد اِلول‬

‫مصطفى اِلول ( للمرة‬


‫‪ 26‬فبراٌر ‪1618‬‬ ‫‪ 22‬نوفمبر ‪1617‬‬ ‫‪1639 - 1591‬‬
‫اِلولى)‬

‫‪ 20‬ماٌو ‪1622‬‬ ‫‪ 26‬فبراٌر ‪1618‬‬ ‫‪1622 - 1604‬‬ ‫عثمان الثانً‬

‫‪ 10‬سبتمبر ‪1623‬‬ ‫‪ 20‬ماٌو ‪1622‬‬ ‫‪1639 - 1591‬‬ ‫مصطفى اِلول ( للمرة‬

‫‪76‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الثانٌة)‬

‫‪ 9‬فبراٌر ‪1640‬‬ ‫‪ 10‬سبتمبر ‪1623‬‬ ‫‪1640 - 1609‬‬ ‫مراد الرابع‬

‫إبراهٌم اِلول فاتح‬


‫‪ 8‬أؼسطس ‪1648‬‬ ‫‪ 9‬فبراٌر ‪1640‬‬ ‫‪1648 - 1615‬‬
‫جزٌرة كرٌت‬

‫‪ 8‬نوفمبر ‪1687‬‬ ‫‪ 8‬أؼسطس ‪1648‬‬ ‫‪1693 - 1642‬‬ ‫محمد الرابع‬

‫‪ٌ 23‬ونٌو ‪1691‬‬ ‫‪ 8‬نوفمبر ‪1687‬‬ ‫‪1691 - 1642‬‬ ‫سلٌمان الثانً‬

‫‪ 6‬فبراٌر ‪1695‬‬ ‫‪ٌ 23‬ونٌو ‪1691‬‬ ‫‪1695 - 1643‬‬ ‫أحمد الثانً‬

‫‪ 22‬أؼسطس‬
‫‪ 6‬فبراٌر ‪1695‬‬ ‫‪1703 - 1664‬‬ ‫مصطفى الثانً‬
‫‪1703‬‬

‫‪ 1‬أكتوبر ‪1730‬‬ ‫‪ 22‬أؼسطس ‪1703‬‬ ‫‪1736 - 1673‬‬ ‫أحمد الثالث‬

‫‪ 13‬دٌسمبر‬
‫‪ 2‬أكتوبر ‪1730‬‬ ‫‪1754 - 1696‬‬ ‫محمود اِلول‬
‫‪1754‬‬

‫‪ 30‬أكتوبر ‪1757‬‬ ‫‪ 13‬دٌسمبر ‪1754‬‬ ‫‪1757 - 1696‬‬ ‫عثمان الثالث‬

‫‪ٌ 21‬ناٌر ‪1774‬‬ ‫‪ 30‬أكتوبر ‪1757‬‬ ‫‪1774 - 1717‬‬ ‫مصطفى الثالث‬

‫‪ 7‬أبرٌل ‪1789‬‬ ‫‪ٌ 21‬ناٌر ‪1774‬‬ ‫‪1789 - 1725‬‬ ‫عبد الحمٌد اِلول‬

‫‪ 29‬ماٌو ‪1807‬‬ ‫‪ 7‬أبرٌل ‪1789‬‬ ‫‪1808 - 1761‬‬ ‫سلٌم الثالث‬

‫‪ٌ 28‬ولٌو ‪1808‬‬ ‫‪ 29‬ماٌو ‪1807‬‬ ‫‪1808 - 1779‬‬ ‫مصطفى الرابع‬

‫‪ٌ 1‬ولٌو ‪1839‬‬ ‫‪ٌ 28‬ولٌو ‪1808‬‬ ‫‪1839 - 1785‬‬ ‫محمود الثانً‬

‫‪ٌ 25‬ونٌو ‪1861‬‬ ‫‪ٌ 1‬ولٌو ‪1839‬‬ ‫‪1861 - 1823‬‬ ‫عبد المجٌد اِلول‬

‫‪ 30‬ماٌو ‪1876‬‬ ‫‪ٌ 25‬ونٌو ‪1861‬‬ ‫‪1876 - 1830‬‬ ‫عبد العزٌز اِلول‬

‫‪ 31‬أؼسطس‬
‫‪ 30‬ماٌو ‪1876‬‬ ‫‪1904 - 1840‬‬ ‫مراد الخامس‬
‫‪1876‬‬

‫‪77‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 27‬أبرٌل ‪1909‬‬ ‫‪ 31‬أؼسطس ‪1876‬‬ ‫‪1918 - 1842‬‬ ‫عبد الحمٌد الثانً‬

‫‪ٌ 3‬ولٌو ‪1918‬‬ ‫‪ 27‬أبرٌل ‪1909‬‬ ‫‪1918 - 1844‬‬ ‫محمد الخامس‬

‫‪ 1‬نوفمبر ‪1922‬‬ ‫‪ٌ 3‬ولٌو ‪1918‬‬ ‫‪1926 - 1861‬‬ ‫محمد السادس‬

‫‪ 3‬مارس ‪1924‬‬ ‫‪ 1‬نوفمبر ‪1922‬‬ ‫‪1944 - 1868‬‬ ‫عبد المجٌد الثانً‬

‫استمرت االمبراطورٌة العثمانٌة حتى تصاعد القو الؽربٌة فً اوربا ‪ .‬لم تهتم بالعلوم وتطوٌر‬
‫البالد التً وقت تحت سٌطرتها اقتصادٌا وثقافٌة‪ ،‬بل زاد الجهل وتعاضم شؤنه حتى ازدحم الناس‬
‫على طلب الخالص‪ .‬ثم ان الوالت اهتموا بؤنفسهم اكثر من الشعب كما تذكر كتب التارٌخ فؤبتعد‬
‫الناس عنهم اال اصحاب المصالح القرٌبة‪ .‬فزاد الؽنً ؼناءا وزاد الفقٌر فقرا‪.‬‬
‫استمرت الدولة العثمانٌة فً توسٌعاتها واستمر تعاظم الدول الؽربٌة ـ االوربٌة ـ وتوسعاتها رؼم‬
‫انها كانت مشؽولة بالحروب‬

‫طبٌعة الحٌاة فً العراق فً تلك االٌام‬

‫‪78‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫دولة ال ُتكرد في شمال العراق وايران وسوريا وجنوب تركيا ‪:‬‬

‫ثم ان " المنطقة الكردٌة‪ ،‬التً تقع فً اقصى الشمال الشرقً وشرق العراق وحتى ‪ ..‬الحرب‬
‫العالمٌة االولى‪ ،‬عملٌا‪ ،‬فً حالة شبه استقالل"‪.‬‬
‫وٌبدوا لً من خالل ماوقع بٌن ٌدي من التارٌخ ان المنطقة الكردٌة كانت دولة شبة مستقلة بقٌاداتها‬
‫حتى ان الناس اؼفلوا ذكرها النها لم تكن ذات طابع عدوانً او حتى تابعة ِلحد ما‪ ،‬اال انها من‬

‫‪79‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الناحٌة السٌاسٌة كانت تخضع مع من خضع الى الدولة العثمانٌة ولم ٌحدثنا التؤرٌخ عن ما سبقها‪.‬‬
‫او ربما لم ٌصل شًء مما ذكره ارباب التارٌخ عنها‪.‬‬
‫تذكر بعض المصادر " ان "كوردستان الكبر " مصطلح سٌاسً ٌستعمله القومٌون الكورد لمنطقة‬
‫جؽرافٌة كبٌرة ممتدة فً عدة دول تضم الكورد؛ تشمل اربعة اجزاء ربٌسة ٌطلق علٌها كوردستان‬
‫تركٌا وكوردستان إٌران وكوردستان العراق وكوردستان سورٌا‪ ،‬باإلضافة إلى اطراؾ صؽٌرة‬
‫على الحدود الجنوبٌة الرمٌنٌا‪.‬‬
‫وتعترؾ إٌران والعراق بمنطقة كوردٌة على أراضٌها؛ اما سورٌا وتركٌا فاِلمر ؼٌر معترؾ به‪.‬‬
‫وتندرج اللؽة الكوردٌة ضمن مجموعة اللؽات اآلرٌة التً تضم اللؽات الكوردٌة‪ ،‬الفارسٌة‪،‬‬
‫البشتونٌة‪ ،‬الطاجٌكٌة ولؽات أخر عدٌدة‪ ،‬والتً تمثل فرعا من أسرة اللؽات الهندوأوروبٌة‬
‫المنحدرة من اللؽة السنسكرٌتٌة اآلرٌة‪ ،‬وكلمة كوردستان مإلفة من جزأٌن‪ ،‬اِلول منها هو (كورد)‬
‫نسبة إلى الشعب الكوردي‪ ،‬والجزء الثانً منها هو (ستان) وتعنً موطن أو مكان‪.‬‬
‫وعرفت المنطقة منذ زمن بعٌد بارض الكورد‪ ،‬ففً عصر حضارات ما بٌن النهرٌن عرفت‬
‫المنطقة بتسمٌات متعددة ولكنها ذات داللة واحدة ومعنى‬
‫واحد‪ ،‬كان السومرٌون ٌسمون المنطقة (كورا كوتٌوم)‬
‫وتعنً أرض كاردا‪ ،‬اما اِلشورٌون فكانوا ٌسمونها‬
‫(كورتً)‪ ،‬والبابلٌون كانوا ٌسمونها (كاردو)‪ ،‬واالؼرٌق‬
‫سموها (كاردوتشوي)‪ ،‬والرومان سموها (كوردرٌن)‪،‬‬
‫وكان العرب المسلمون ٌسمونها (اقلٌم الجبال)‪.‬‬
‫وظهرت كلمة كوردستان كمصطلح جؽرافً أول مرة فً القرن الثانً عشر المٌالدي فً عهد‬
‫السالجقة‪ ،‬عندما فصل السلطان السلجوقً سنجر القسم الؽربً من إقلٌم الجبال وجعله والٌة تحت‬
‫حكم قرٌبه سلٌمان شاه وأطلق علٌها اسم كوردستان‪ ،‬وكانت هذه الوالٌة تشتمل على اِلراضً‬
‫الممتدة بٌن أذربٌجان ولورستان وهً مناطق (سنا‪ ،‬دٌنور‪ ،‬همدان وكرمنشاه‪ ،‬إضافة إلى المناطق‬
‫الواقعة ؼرب جبال زاجروس‪ ،‬مثل (شهرزور وكوي سنجق)‪.‬‬
‫‪ 35‬إلى ‪ 45‬ملٌون‪ٌ ،‬توزعون بنسبة ‪ %35-30‬فً‬ ‫وتختلؾ التقدٌرات بشؤن عدد الكورد بٌن‬
‫تركٌا ( ‪ 20-15‬ملٌونا)‪ %20-15 ،‬فً إٌران ( ‪ 15-10‬ملٌونا)‪ %25-20 ،‬فً العراق ( ‪7-6‬‬
‫مالٌٌن) و ‪ %10-5‬فً سورٌا (‪ 3-2‬مالٌٌن) ونسبة قلٌلة فً أرمٌنٌا‪)www.shafaaq.com(.‬‬
‫‪80‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ان ؼالبٌة ال ُكرد من القبائل الرحل يطلق عليهم " اسياد الجبال " تؤسست لهم امارات مستقلة فً‬
‫فترات مختلفه تعمها " اآلؼوات" ولم تصنؾ هذ ِه االمارات اال فً النصؾ االول من القرن التاسع‬
‫عشر‪ .‬حٌث تم القضاء على امارتً "راوندوز و بهندٌان فً عام ‪ 1836‬السباب سٌاسٌة وتزاحم‬
‫المصالح ‪ ،‬ثم تم تصفٌة دولة بابان الكردٌة تماما عام ‪ 1851‬والتً حل محلها المشاٌخ الوارثون‬
‫كالبرزنجً والنقشبندٌة حٌث بقٌت المناطق الكردٌة فً عزلة قاتله حٌث عملت الدولة العثمانٌة‬
‫على تعمٌقها ‪.‬‬
‫فمنذ عام ‪ 1885‬اتخذت الدولة سٌاسه البطش والسٌطرة علٌهم لضمان عدم استقرارهم من اجل‬
‫استخدام ال ُكرد فً الخدمات والعمل المجانً او ذات االجر الزهٌد‪ ،‬وهذ ِه الحالة نفسها جرت فً‬
‫الهند ابان االحتالل البرٌطانً لها‪ ،‬فقد استخدمت برٌطانٌا الهنود وكؤنهم عبٌد اال انهم كانو‬
‫ٌتقاضون اجورا‪ ،‬على خالؾ االمرٌكان الذٌن استعبدوا االفارقة ونقلوهم الى امرٌكا بالسالسل‬
‫والحبال الستخدامه كعبٌد كما سوؾ نر فً هذا الكتاب‪.‬‬
‫فٌما حاولوا ـ ال ُكرد ـ من جانبهم تشكٌل قوات عسكرٌة مسلحة تدعى "الحمٌدٌة" من الخٌالة ال ُكرد‬
‫المقدمٌن من كل قبٌلة‬
‫ثم انه كانت النقشبندٌة عندهم وهً طرٌقة من طرق الصوفٌة اسسها محمد بهاءالدٌن البكري كان‬
‫‪1826‬م‪ ،‬وبهذ ِه الصورة كان ال ُكرد معزولٌن عن التؤثٌرات‬ ‫ابرز اتباعها خالد النقشبندي عام‬
‫والتطورات المحٌطة بهم‪ ،‬وبقٌت زعاماتهم محلٌة بعٌدة عن التفكٌر السٌاسً الذي انشؽل به العالم‪.‬‬
‫كان سكان العراق حٌنذاك الملٌون والنصؾ الى الملٌونٌن كما ٌذكر الجواهري فً تارٌخ مشكلة‬
‫االرض فً العراق‪ .‬تركز الشٌعة فً بؽداد والجنوب وتركز السنة فً الشمال الؽربً لبؽداد اما‬
‫منطقة الجبال فقد اختلط الدم والدٌن فٌها فال تمٌٌز‪.‬‬
‫تمٌز العراق كله باالختالط المذهبً والعرقً حتى مع ؼٌر المسلمٌن الذٌن شكلوا نسب مختلفة من‬
‫السكان‪ ،‬ولم ٌهتم الناس به اكثر من اهتمامهم بالعادات القبلٌة والعشابرٌة من الجبال الى الخلٌ ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الباب الثالث‬
‫االمبراطورية البريطانية‬

‫‪82‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومضات ضوئية على مقدمات االمبراطورية البريطانية‪:‬‬


‫استعانت برٌطان اي بالجزٌرة العربٌة على محاربة العثمانٌٌن رافعة ً شعار (جبنا محررٌن ال‬
‫صفق بعض الناس تصفٌقا حارً ا لها‪ ،‬حٌث زرعت فً الجزٌرة بذرة خبٌثة ارادت بها‬
‫فاتحٌن) ؾ‬
‫تدمٌر االسالم عامة‪ ،‬والدولة العثماٌنة خاصة‪ ،‬اال وهً‪:‬‬
‫بذرة محمد عبدالوهاب والوهابية‪.‬‬
‫مقتطفات من كتاب الجاسوس البريطاني الذذ اسس الوهابية مستر هنفر‪:‬‬

‫قصر محمد بن عبدالوهاب فً السعودٌة‬


‫بعد ان عاد مستر هنفر من تركٌا والتً تعلم فٌها اللؽة الفارسٌة والتركٌة والعربٌة ‪ ،‬وكذا تعلم‬
‫الشرابع واالحكام االسالمٌة والقرآن من اجل انجاز مهمته كجاسوس محترؾ فً العالم االسالمً‬
‫لصالح وزارة المستعمرات البرٌطانٌة‪ ،‬وقد اجتمع بسكرتٌر وزارة المستعمرات البرطانٌة فقال له‬
‫بؤن مهمة (هنفر) فً السفرة القادمة الى العالم االسالمً هً التعرؾ على النزاعات بٌن المسلمٌن‬
‫ونقاط الخالؾ من اجل تفجٌرها وتزوٌد الوزارة بالمعلومات الدقٌقة التً تساعد على ذلك‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫"فإننا نحن البرٌطانٌٌن اليمكننا العيش في الرفاه اال بالقاء الفتن والنزاع في كافة المستعمرات ‪،‬‬
‫كما اننا الٌمكننا تحطٌم السلطات العثمانٌة اال بإلقاء الفتن بٌن رعاٌاها‪ ،‬واال فكٌؾ تتمكن امة قلٌلة‬
‫العدد من ان تسٌطر على امة كبٌرة العدد ‪ ،‬فإجتهد بكل قواك ان تجد الثؽرة وان تدخل من الثؽرة"‪،‬‬

‫‪83‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان السكرتٌر ٌوجه الجاسوس هنفر بإثارتها واضعاؾ الدولة بهذ ِه الفتن‪ .‬كانت مهمته الثانٌة هً‬
‫العراق‪ ،‬حٌث وصل البصرة وذهب الى المساجد وقد ابتدأ بمساجد‬
‫السنة واشتؽل نجارا فً البصرة‪ ،‬وكان قد اشتؽل نجارا عند رجل‬
‫سنً اسمه خالد فً تركٌا‪ ،‬اعانته قدرته على الخدٌعة‪ ،‬على تؽطٌة‬
‫اصله البرٌطانً مدعٌا باالصل التركً‪.‬‬
‫لقد استطاع هذا الجاسوس من كشؾ الخالفات بٌن السنة والشٌعة‬
‫واستؽاللها خاصة بعد ان تعرؾ على ( محمد بن عبدالوهاب) ‪ ،‬السعودي‬
‫القادم الى البصرة‪ ،‬حٌث كان ٌتردد على دكان صؽٌر لنجار اسمه‬
‫(عبدالرضا) رؼم ان الرجل شٌعٌا وٌتردد علٌه االٌرانٌون اال ان محمد‬
‫عبدالوهاب كان ٌتردد على هذا الدكان والنه كان ٌعرؾ الفارسٌة‬
‫والعربٌة والتركٌة‪ ،‬وكان فً زي طلبة العلوم الدٌنٌة‪ " ،‬وكان شابا طموحا‬
‫للؽاية عصبي المزاج ‪ ،‬ناقما على الحكومة العثمانٌة ‪ ،‬اما حكومة فارس فلم ٌكن له شؤن بها"‪.‬‬
‫وذكر هنفر ان السبب فً لقاءه مع عبدالرضا هو ان كالهما ناقمٌن على السلطة العثمانٌة‪ ،‬و "كان‬
‫محمد عبدالوهاب شابا متحررا بكل معنى الكلمة"‪ٌ "،‬قلد فهم نفسه فً فهم القرآن والسنة‪ ،‬وٌضرب‬
‫بآراء المشاٌخ‪ ،‬المشاٌخ زمانه والمذاهب االربعة فحسب بل بآراء ابً بكر وعمر اٌضا عرض‬
‫الحابط‪ ،‬إذا فهم هو من الكتاب على خالؾ ما فهموه"‪ ،‬هذا وقد جرت نقاشات بٌنه وبٌن الشٌخ‬
‫جواد القمً ـ الشخ القادم من اٌران ـ وكان هنفر ٌسترق السمع الى هذا الحوارات العنٌفة‪:‬‬
‫قال له القمً‪ :‬اذا كنت انت متحررا ومجتهدا كما تدعً فلماذا ال تتبع علٌا كالشٌعة‬ ‫‪‬‬
‫قال محمد ‪ :‬الن علٌا مثل عمر وؼٌره لٌس قوله حجة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد ابد هنفر اعجابه بالقمً وبد محمد عبدالوهاب بٌن ٌدٌه "كالعصفور فً ٌد الصٌاد الٌتمكن‬
‫‪ ،‬فإن تحرره وطموحه وتبرمه من‬ ‫تحركا‪ ،‬لقد وجدت في محمد عبدالوهاب ضالتي المنشودة‬
‫مشاٌخ عصره ورأٌه المستقل الذي الٌهتم حتى بالخلفاء االربعة‪ ،‬اما ماٌفهم ُه هو من القرآن والسنة‬
‫كان اكبر نقاط الضعؾ التً كنت اتمكن ان اتسلل منها الى نفسه"‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ؼرور محمد عبدالوهاب وطموحه اؼر الجاسوس البرٌطانً هنفر فً استؽالله ‪ ،‬اذ انه كان‬
‫ٌزدري بؤبً حنٌفة اٌما ازدراء ‪ ،‬وكان ٌقول " اننً اكثر فهما من ابً حنٌفة‪ ،‬وان نصؾ كتاب‬
‫البخاري باطل" ‪.‬‬
‫عقد هنفر مع محمد عبدالوهاب روابط وصلة قوٌة من اجل تحقٌق اهدافه‪ ،‬واؼراءه‪ ،‬على ان محمد‬
‫عبدالوهاب اكثر موهبة من علً وعمر‪" ،‬وان الرسول لو كان حاضرا الختارك خلٌفة له دونهما‪،‬‬
‫آمل من تجدٌد االسالم على ٌدك‪ ،‬فإنك المنقذ الوحٌد الذي ٌرجى به انتشال االسالم من هذ ِه‬
‫السقطة" واستمر نقاش هنفر مع عبدالوهاب حول القرآن وتفسٌر بعض االٌات القرآنٌة‪ٌ ،‬قول هنفر‬
‫‪":‬كنت اقصد من وراءها اٌقاع محمد فً الفخ وكان هو ٌسترسل فً قبول آرابً لٌظهر نفسه‬
‫بمظهر المتحرر ولٌجلب ثقتً اكثر فؤكثر"‪ ،‬وقد اؼراه فً تحرٌؾ كلمة الجهاد فً القرآن‪ ،‬ومتعة‬
‫النساء‪ٌ ،‬قول هنفر ‪":‬وقد اثرت فً الؽرٌزة الجنسٌة ـ كان اعزبا ـ قلت له‪ :‬اال نتحرر انا وانت‬
‫ونتخذ (متعة) نستمتع بها؟ فهز رأسه عالمة الرضا" فؤؼتنم هنفر فرصة الرضا فً كسر خوفه من‬
‫التجاوز على الشرع االسالمً‪ ،‬فؤؼراه فً بعض النساء المسٌحٌات المجندات من قبل وزارة‬
‫المستعمرات البرٌطانٌة الفساد الشباب المسلم ‪ ،‬اؼراه بفتاة اطلق هفر علٌها اسم (صفٌة ) وجاء به‬
‫الى دارها ‪ ،‬فكانت الدار خالٌة اال منهم ‪ ،‬فؤعطاها الشٌخ نقدا‪ ،‬وتركهما هنفر‪ ،‬مع بقاء اتصاله بها‪،‬‬
‫استمرت عالقة صفٌة بمحمد عبدالوهاب‪ٌ ،‬قول هنفر "وتذوّ ق محمد حالوة مخالفة اوامر الشرٌعة‬
‫تحت ؼطاء االجتهاد واالستقالل بالرأي‪ ،‬وفً الٌوم الثالث من المتعة اجرٌت مع محمد حوارا‬
‫طوال حول ـ عدم تحرٌم الخمر ـ وكلما استدل بآٌات واحادٌث زٌفتها" لقد اؼراه بالخمر خاصة وان‬
‫عمر ومعاوٌة وؼٌره من الشخصٌات االسالمٌة الكبٌرة الصٌت والمقدمه عنده كانوا الٌفارقونها‪،‬‬
‫فؤصؽى له تمام االصؽاء وتنهد‪ ،‬واستبشر‪ ،‬بؤن كسْ رها بالماء على رأي عمر بن الخطاب ٌفقدها‬
‫الحرمة‪ ،‬فوصل الخبر الى صفٌة التً لم تدع الفرصة تفوت حتى فعلتها بالشٌخ محمد عبدالوهاب‬
‫ٌقول هنفر‪" :‬فؤخبرتنً بعد ذلك ان الشيخ شرب حتى الثمالة ‪ ،‬وعربد وجامعها عدة مرات فً تلك‬
‫اللٌلة وقد رأٌت انا آثار الضعؾ والنحول علٌه ؼداة تلك اللٌلة وهكذا استولٌت انا وصفٌة على‬
‫الشٌخ استٌالءا كامال"‬
‫فرحت برٌطانٌا بهذ ِه النتاب وطربت لها ‪ ،‬فؤؼراه هنفر بؤن الصالة ؼٌر واجبة ‪ ،‬بعدها ‪ٌ ،‬قول‬
‫هنفر ‪" :‬وجدته الٌهتم بؤمر الصالة احٌانا ٌصلً واحٌانا الٌصلً ‪ ،‬خصوصا فً الصباح فكان‬

‫‪85‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌتركها ؼالبا‪ ،‬حٌث كنت اسهر معه الى بعد منتصؾ اللٌل ؼالبا ‪ ،‬فكان منهوك القو عند الصباح‬
‫فال ٌقوم الى الصالة‪.‬‬
‫ُ‬
‫اخذت اسحب رداء االٌمان عن عاتق الشٌخ شٌبا فشٌبا ‪ ..‬اخذت فً اذكاء روحه فً ان‬ ‫وهكذا‬
‫ٌكون طرٌقا ثالثا‪ ،‬ؼٌر السنة وؼٌر الشٌعة‪ ،‬وكان ٌستجٌب لهذا االٌحاء كل استجابة ‪ ،‬النه كان‬
‫ٌمأل ؼروره وتحرره ‪ .‬وبفضل صفٌة التً دامت عالقتها معه بعد االسبوع اٌضا ‪ ،‬تمكنت فً‬
‫االخذ بقٌادة الشٌخ كامال"‪.‬‬
‫ثم ان هنفر حدث الشٌخ بالمإاخات "فتآخٌنا ومنذ ذلك الحٌن كنت اتبعه فً كل سفر وحضر ‪،‬‬
‫وكنت اهتم الن تؤتً الشجرة التً ؼرستها ثمارها التً صرفت الجلها اثمن اوقات شبابً وكنت‬
‫اكتب بالنتاب الى الوزارة كل شهر مرة ‪ ...‬وكان الجواب ٌؤتٌنً بالتشجٌع الكافً" ‪.‬‬
‫جاء االمر لهنفر من برٌطانٌا ان ٌنتقل من البصرة الى النجؾ فً زي تاجر اذربٌجانً‪ ،‬فؤلتقى‬
‫برجال الدٌن الشٌعة وحضر مجالسهم‪ ،‬وعرؾ من خالل لقاءاته ان الشٌعة التؽرٌهم الدنٌا وال‬
‫السٌاسة‪ ،‬كانوا اعداء للسلطة العثمانٌة لضؽطها على حرٌاتهم‪ ،‬وحصروا انفسهم فً علوم الدٌن‬
‫دون الدنٌا‪ ،‬وال ٌفكرون فً ماٌجري حولهم فً العالم‪،‬‬
‫ٌقول هنفر ‪" :‬وقد حاولت مكررا استنهاضهم لمحاربة الخالفة فلم اجد فٌهم اذنا صاؼٌة‪ ،‬وكان‬
‫بعضهم ٌسخر منً"‪ .‬وٌبدوا ان الشٌعة فً ذلك الوقت اكتشفوا امر هنفر بؤنه جاسوس‪ ،‬فلم ٌعطوه‬
‫الفرصة لتنفٌذ مخططاته‪ ،‬ولم ٌعارضوه النه الٌمثل خطرا علٌهم ‪.‬‬

‫وجد مايثلج صدره في العراق فقد كان ٌر ان‪:‬‬


‫" االوضاع العامة والخاصة تنذر بنهاٌة الحكم‬
‫فالوالً من قبل االستانة رجل مستبد جاهل ٌحكم بما ٌشاء وكؤن الناس عبٌد وإماء له‬ ‫‪‬‬
‫راض عنه‬
‫ٍ‬ ‫والشعب بصورة عامة ؼٌر‬ ‫‪‬‬
‫اهل الشٌعة ‪ ...‬الحكومة تضؽط على حرٌاتهم وال تعٌر لهم اهمٌة‬ ‫‪‬‬
‫والسنة ٌؤنفون ان ٌحكمهم رجل تركً وفٌهم االشراؾ ‪....‬‬ ‫‪‬‬
‫والبالد خراب ٌعٌش الناس فٌها فً قذارة ووساخة وخرابب‬ ‫‪‬‬
‫والطرق ؼٌر مؤمونه فعصابات اللصوص ٌتربصون القوافل فٌنقضوا علٌها‬ ‫‪‬‬

‫‪86‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ...‬المخاصمات بٌن العشابر قابمة على قدم وساق ‪ ،‬فالٌمر ٌوم اال وعشٌرة تنقض على‬ ‫‪‬‬
‫عشٌرة اخر وٌكون بٌنهما القتل والسلب‬
‫والجهل واالمٌة متفشٌة بصورة مدهشة ‪...‬‬ ‫‪‬‬
‫واالقتصاد منهار ‪ ،‬فعٌش الناس فً فاقة شدٌدة وفقر مدقع والنظام ؼٌر مستتب فالفوضى‬ ‫‪‬‬
‫هً التً تسود على كل شًء ‪"... .‬‬
‫كتب تقرٌرا مفصال عن مشاهدات ِه فً العراق فً تقرٌر مسهب استوعب مابة صفحة ‪ ،‬وسلمه الى‬
‫ممثل الوزارة فً بؽداد ‪.‬‬
‫عندما عاد هنفر ‪ ،‬الى برٌطانٌا ‪ ،‬فاطلعته الحكومة على خططها المستقبلٌة بجمٌع اسرارها فكان‬
‫الخطة االولى فً اكثر من ‪ 1000‬صفحة فً كتاب خاص ‪،‬‬
‫اما السر الثانً فكان فً كتاب اخر من خمسٌن صفحة "تتعرض للخطط الرامٌة الى تحطٌم‬
‫االسالم والمسلمٌن خالل قرن واحد ‪ ،‬حتى ٌكون االسالم خبرا بعد حقٌقة ‪ ،‬والوثٌقة كانت موجهه‬
‫الى الرإساء العاملٌن فً حقل الوزارة الجل هذا الشؤن "استعرضها هنفر فً اكثر من عشٌرٌن‬
‫نقطة ‪ ،‬كان منها‪:‬‬
‫اثارة النزاعات والخالفات الشدٌدة ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫زرع الكٌانات الدٌنٌة فً العالم االسالمً من اجل تخرٌبه ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫زرع االدٌان والمذاهب المزٌفة فً جسم بالد االسالم ‪ ،‬بتخطٌط دقٌق ومدروس ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫نشر الفساد بن المسلمٌن بالزنا ‪ ،‬واللواط والخمر والقمار وماشابه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اشعال الحروب والثورات الداخلٌة والحدودٌة بٌن المسلمٌن ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫اكمال الشوط مع محمد عبدالوهاب لتؤسٌس امارة له فً نجد وامداده بالسالح واالموال ‪ ،‬وقد‬
‫وضعت وزارة المستعمرات البرٌطانٌة خطة دقٌقة الن ٌنفذها الشٌخ وهً ‪:‬‬
‫الخطة السداسية البرطانية ومحمد عبدالوهاب‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ " تكفٌر كل المسلمٌن واباحة قتلهم وسلب اموالهم وهتك اعراضهم‬
‫وبٌعهم فً اسواق النخاسة وحلٌة جعلهم عبٌدا ونساءهم جواري ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ هدم الكعبة باسم انها آثار وثنٌة ‪ ،‬ومنع الناس عن الح واؼراء القبابل بسلب الحجاج وقتلهم‬
‫‪ 3‬ـ السعً لخلع الخلٌفة االسالمً ‪....‬‬

‫‪87‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 4‬ـ هدم القباب واالضرحة واالماكن المقدسة عند المسلمٌن فً مكة والمدٌنة وسابر البالد التً‬
‫ٌمكن ذلك فٌها بؤسم انها وثنٌة وشرك واستهانة بشخصٌة النبً (محمد ) وخلفاءه ورجال االسالم‬
‫مما ٌٌتسر ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ نشر الفوضى واالرهاب فً البالد حسب ماٌمكن ذلك‬
‫‪ 6‬ـ نشر قرآن فٌه التعدٌل الذي ثبت فً االحادٌث من زٌادة نقٌصة ‪".‬‬
‫قال السكرتٌر لهنفر‪ ،‬ان هذا البرنام تم االتفاق علٌه بٌن الحكومة البرٌطانٌة ومحمد عبدالوهاب ‪،‬‬
‫وهً تخطط "لٌكن محمد عبدالوهاب مثل نبٌه (محمد) لٌتمكن من هذا االنقالب المنشود"‬
‫سافر هنفر الى نجد وصلها والى محمد عبدالوهاب فً بٌته ‪ٌ ،‬قول هنفر‪:‬‬
‫"وفً سنة ‪ 1143‬هـ ( ‪ 1730‬ـ ‪ 1731‬م )‪ ،‬قوٌت ُ عزٌمته وقد جمع انصاره‪ ،‬فؤظهر دعوته‬
‫بكلمات مبهمة والفاظ مجملة ِلخص خواصه ‪ ،‬ثم جعل ٌوسع رقعة الدعوة‪ ....‬وقد وضعت على‬
‫اعداء الشٌخ جواسٌس شرٌتهم بالمال‪ ،‬فكلما ارادوا اثارة فتنة اخبرنا الجواسٌس بقصدهم فنتمكن‬
‫من قلب الخطة ‪ ..‬لقد وعدنً (الشٌخ) بتنفٌذ كل الخطة السداسٌة اال انه قال الٌتمكن فً الحال‬
‫الحاضر اال على االجتهاد ببعضها وهكذا كان‪ ،‬وقد استبعد الشٌخ ان ٌقدر على (هدم الكعبة) عند‬
‫االستٌالء علٌها‪ ،‬كما لم ٌـبح عند الناس بؤنها وثنٌة وكذلك استبعد قدرته على صٌاؼة قرآن جدٌد ‪،‬‬
‫وكان اشد خوفه من السلطة فً مكة ‪ ...‬بعد سنوات من العمل تمكنت الوزارة من جلب (محمد بن‬
‫سعود ـ ولد فً ‪1697‬م ـ ‪1109‬هـ) الى جانبها فؤرسلو الًّ رسوال ٌبٌن لً ذلك وٌظهر وجوب‬
‫التعاون بٌن (محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود ‪ ،‬لٌستولوا على قلوب الناس واجسادهم ‪"...‬‬
‫و(ابو عبدالعزٌز محمد بن سعود بن محمد بن محمد بن مقرن) هو من نسل محمد بن مقرن بن‬
‫مرخان امٌر الدرعٌة الذي توفً فً ‪1684‬م‪.‬‬
‫وقد قاربت والدة محمد بن سعود‪ ،‬والدة محمد بن عبدالوهاب‪ ،‬فقد ولد االخٌر فً ‪1703‬م وهو (‬
‫"محمد بن عبدالوهاب بن سلٌمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد بن برٌد بن محمد بن برٌد‬
‫بن مشرؾ التمٌمً ـ مإسس الحركة الوهابٌة " ـ التفاصٌل حول محمد عبدالوهاب الوالدة والنشؤة‬
‫حسب رأي ابناء الطابفة الوهابٌة ‪ ،‬فً اخر الكتاب مع الوثابق فراجع التفاصٌل هناك)‬
‫وفً رواٌة اخر من الموسوعة الحرة (وٌكٌبٌدا) هو محمد بن عبد الوهاب بن سلٌمان بن علً بن‬
‫محمد بن أحمد بن راشد بن برٌد بن محمد بن برٌد بن مشرؾ بن عمر بن معضاد بن رٌس بن‬
‫زاخر بن محمد بن علوي بن وهٌب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنٌع بن نهشل بن‬
‫‪88‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫شداد بن زهٌر بن شهاب بن ربٌعة بن أبً سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زٌد مناة بن تمٌم‬
‫بن مر بن أد بن طابخة بن إلٌاس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان‪،‬أما والدة محمد بن عبد‬
‫الوهاب؛ فهً بنت محمد بن عزاز بن المشرفً الوهٌبً التمٌمً‪ ،‬فهً من عشٌرته اِلدنٌن‪ ,‬فٌقال‪:‬‬
‫(المشرفً) نسبة إلى جده مشرؾ وأسرته آل مشرؾ‪ ،‬وٌقال ‪( :‬الوهٌبً) نسبة إلى جده وهٌب جد‬
‫الوهبٌة‪ ،‬والوهبٌة ٌجتمعون فً محمد بن علوي بن وهٌب‪ ،‬و هم بطن كبٌر من حنظلة‪ ،‬وحنظلة‬
‫ولد‬ ‫بٌت من بٌوت بنً تمٌم اِلربعة الكبار‪ .‬وٌقال‪( :‬التمٌمً) نسبة إلى تمٌم أبً القبٌلة الشهٌرة‪،‬‬
‫محمد بن عبد الوهاب سنة ‪ 1115‬هـ‪ ،‬الموافق ‪1703‬م‪،‬‬

‫‪89‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫دولة آل السعود العدوانية ودورها في تخريب العالم العربي‪:‬‬


‫وبذلك تمت لهم انشاء العاصمة ( الدرعية ) للحكم ٌقول هنفر ‪:‬‬
‫"وكانت الوزارة تزود الحكومة‬
‫الجدٌدة سرا بالمال الكافً‪ ،‬كما‬
‫اشترت الحكومة الجدٌدة فً‬
‫الظاهر عدة من العبٌد كانو من‬
‫خٌرة ضباط الوزارة الذٌن دربوا‬
‫على اللؽة العربٌة والحروب‬
‫الصحراوٌة فكنت انا واٌاهم‬
‫وعددهم احد عشر نتعاون بوضع‬
‫الخطط الالزمة وكان (المحمدان)‬
‫ٌسٌران على ما نضع لهما من‬
‫الخطط وكثٌرا ما نتناقش االمر‬
‫مناقشة موضوعٌة اذا لم ٌكن امر‬
‫خاص من الوزارة"‪ .‬لقد صارت‬
‫الدرعٌة مركز انطالق ال سعود للسٌطرة على منطقة نجد بالكامل ‪1744‬م هٌمن علٌها (محمد بن‬
‫عبدالوهاب ومحمد بن سعود) بالسٌؾ والعنؾ واتفقا االثنان على تؤسٌس الدولة السعودٌة االولى‬
‫وتم توقٌع االتفاق فً ‪1745‬م فً الوقت الذي توافق مع حكم الممالٌك العثمانٌٌن العراق فً‬
‫‪ 1747‬م‪ ،‬السنة التً وقعت بها معركة كبٌرة بنً ال سعود ودهام بن دواس حاكم الرٌاض بعد‬
‫اربع معارك طاحنة بٌن الرٌاض والدرعٌة‪ ،‬استولوا على الرٌاض فً ‪1755‬م‪ .‬فكانت انطالقتهم‬
‫الى المناطق االخر الحتاللها وتوسٌع السعودٌة ‪ ،‬فوقعت معارك بٌنها وبٌن خالد بن عرٌعر بن‬
‫‪ ،1759‬رافق ذلك تولً عبدّللا بن الصباح على الكوٌت فً‬ ‫دجٌن‪ ،‬امٌر دولة االحساء فً‬
‫‪ ، 1762‬وبناءهم سور الكوٌت لحماٌتها من هجمات آل سعود‪ ،‬التً سارت جٌوشها الى العراق‬
‫وكان مقصدهم النجؾ لهدم مراقد الشٌعة فٌها‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫إمارة الدرعية‬
‫إمارة الدرعٌة سماها مانع بن ربٌعة المرٌدي بالدرعٌة نسبة إلى درعٌة القطٌؾ التً كان ٌسكنها‬
‫وقد دعاه قرٌبه ابن درع من حجر الٌمامة ِلخذ منطقة بالقرب من وادي حنٌفة وبدأت اِلسرة حكم‬
‫اإلمارة بداٌة من محمد بن مقرن بن مرخان جد آل سعود وتاله موسى بن ربٌعة بن وطبان الذي‬
‫تم خلعه وحكم سعود بن محمد بن مقرن وبعد وفاته تولى زٌد بن مرخان بن وطبان وقد حاول زٌد‬
‫ضم العٌٌنة بعد انتشار الوباء فٌها وكان فً العٌٌنة اِلمٌر المخلوع موسى بن ربٌعة بن وطبان ‪،‬‬
‫أستطاع أمٌر العٌٌنة عبد ّللا بن معمر المعروؾ بخرفاش خداع زٌد أمٌر الدرعٌة بالصلح وقتله‬
‫وأربعٌن من رجاله ونجا محمد بن سعود بؤمان الجوهرة بنت عبد ّللا بن معمر و أصبح أمٌرا‬
‫‪http://ar.wikipedia.org‬‬ ‫للدرعٌة‪.‬‬
‫وقد كان حكم السعودٌة امتد تحت حكم االمراء ‪:‬‬
‫(‪ )1‬سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان مإسس الدولة السعودٌة وإلٌه تنسب أول القرن‬
‫‪12‬هـ ‪1139 -‬هـ ‪،‬‬
‫(‪ )2‬محمد بن سعود بن محمد بن مقرن ‪1139‬هـ ‪ 1179 -‬هـ‪ 1726 ،‬م ‪ 1765 -‬م‪،‬‬
‫(‪ )3‬عبد العزٌز بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن‪1179‬هـ‪1218-‬هـ ‪1765،‬م‪1802 -‬‬
‫م‪،‬‬
‫(‪ )4‬سعود ( الكبٌر) بن عبد العزٌز بن محمد بن سعود‪1218‬هـ‪1229-‬هـ ‪1802 ،‬م‪-‬‬
‫‪1812‬م‬
‫(‪ )5‬عبد ّللا بن سعود ( الكبٌر ) بن عبد العزٌز بن محمد بن سعود‪1229‬هـ‪ 1233-‬هـ‪،‬‬
‫‪1813‬م‪1817 -‬م (‬
‫(‪ )6‬مشاري بن سعود ( الكبٌر ) بن عبد العزٌز بن محمد بن سعود‪1235‬هـ ‪1235-‬هـ‪،‬‬
‫‪1819‬م‪ 1819-‬م‪،‬‬
‫(‪ )7‬تركً بن عبد ّللا بن محمد بن سعود ‪1235‬هـ‪1236-‬هـ‪1819 ،‬م‪1820-‬م ‪ ،،‬ثم‬
‫من‪1240‬هـ ‪1249 -‬هـ‪1824 ،‬م‪1833-‬م ‪،‬‬
‫(‪ )8‬فٌصل بن تركً بن عبد ّللا (للمرة اِلولى)‪ 1250‬هـ ‪ 1254-‬هـ‪1834‬م ‪1838-‬م‪،‬‬
‫(‪ )9‬خالد بن سعود ( الكبٌر ) بن عبد العزٌز بن محمد بن سعود‪ 1254‬هـ‪1257-‬هـ ‪،‬‬
‫‪1838‬م‪1841-‬م‬
‫‪91‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عبد ّللا بن ثنٌان بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان‪1257‬هـ ‪-‬‬ ‫(‪)10‬‬


‫‪1259‬هـ‪1841،‬م‪1843-‬م‬
‫فٌصل بن تركً بن عبد ّللا (للمرة الثانٌة)‪1259‬هـ‪1282-‬هـ‪1843 ،‬م‪-‬‬ ‫(‪)11‬‬
‫‪1865‬م‬
‫عبد ّللا بن فٌصل بن تركً بن عبد ّللا‪ 1282‬هـ‪ 1286-‬هـ‪1865 ،‬م‪-‬‬ ‫(‪)12‬‬
‫‪1869‬م‬
‫سعود بن فٌصل بن تركً بن عبد ّللا‪1286‬هـ‪1307-‬هـ ‪1869 ،‬م‪1889-‬م‬ ‫(‪)13‬‬
‫عبد الرحمن بن فٌصل بن تركً بن عبد ّللا‪1307‬هـ‪1309-‬هـ‪1889،‬م‪-‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫‪1891‬م‬
‫عبد العزٌز بن عبد الرحمن بن فٌصل بن تركً آل سعود المإسس الحقٌقً‬ ‫(‪)15‬‬
‫للدولة السعودٌة ‪1319‬هـ‪1373-‬هـ‪1902،‬م‪1953-‬م‬
‫سعود بن عبد العزٌز بن عبد الرحمن بن فٌصل بن تركً آل سعود‬ ‫(‪)16‬‬
‫‪1373‬هـ‪1384-‬هـ ‪1953 ،‬م‪1964-‬م‬
‫فٌصل بن عبد العزٌز بن عبد الرحمن بن فٌصل بن تركً آل‬ ‫(‪)17‬‬
‫سعود‪1384‬هـ‪1395-‬هـ‪1964 ،‬م‪1975-‬م‬
‫خالد بن عبد العزٌز بن عبد الرحمن بن فٌصل بن تركً آل سعود‪1395‬هـ ‪-‬‬ ‫(‪)18‬‬
‫‪1402‬هـ‪1975 ،‬م‪ 1982-‬م‬
‫خادم الحرمٌن الشرٌفٌن الملك فهد بن عبد العزٌز بن عبد الرحمن بن فٌصل‬ ‫(‪)19‬‬
‫بن تركً آل سعود ‪1402‬هـ ‪1982-‬م – حكم الى ان مات فً ‪2005/5/27‬م ‪ ،‬فخلفه‬
‫الملك الحالً اخٌه عبدّللا بن عبدالعزٌز‬

‫‪92‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ثم ان عبدالعزٌز ال سعود الذي تولى حكم السعودٌة فً ‪1765‬م‪ ،‬هاجم الشمال كما هاجم الجنوب‬
‫وشن المعارك الطاحنة على العشابر المجاورة من اجل اخضاعها لحكمة‪ ،‬بعد معارك عنٌفة مع‬
‫‪1784‬م‪ ،‬وٌروي كتاب (موسوعة مقاتل‬ ‫االحساء حٌث آل خالد تم آلل سعود السٌطرة علٌها فً‬
‫من الصحراء تفاصٌل تشكٌل هذ ِه الدولة العدوانٌة بالتفاصٌل الٌومٌة المسهبة) رؼم ان حروب ال‬
‫‪ ،1793‬وقد‬ ‫سعود وصراعهم مع بنً خالد لم ٌنتهً ‪ ،‬قام ال سعود بمهاجمة قطر والكوٌت فً‬
‫دمروها وعملوا فٌها السلب والنهب على انها ؼنابم لهم ‪ .‬فعقدت الكوٌت مع امٌر المنتف فً‬
‫العراق اتفاقٌة للدفاع المشترك ضد السعودٌة وذلك فً ‪ ،1797‬هاجمها السعودٌون وسفكوا فٌها‬
‫الدماء واؼتصبوا وسلبوا ‪ٌ ،‬قول مقاتل من الصحراء "انها ؼنابم آلل سعود" ‪.‬‬
‫‪ 1801‬ـ "الموافق ‪ 1216‬هـ ‪ ،‬هاجمت القوات السعودية بقيادة‪ ...‬سعود جنوب العراق وهدمت‬
‫القباب واالضرحة والمزارات الشيعية وهدمت قبر الحسين في كربالء " بعدها تولى سعود حكم‬
‫‪1804‬م بهجوم على الكوٌت واحتل منطقة‬ ‫السعودٌة بعد وفات عبدالعزٌز حٌث بدأ حكمه فً‬
‫الجهراء‪ ،‬وانسحب منها بعد ان عمل بها ما عمل‪ ،‬فً السنة التالٌة اصدر اوامره بمنع الحجاج من‬
‫دخول مكة الداء فرٌضة الح ‪.‬‬
‫وهذا النص حول الهجمة الوهابٌة على النجؾ فً كتاب مطبوع تحت اسم (منه الرشاد لمن اراد‬
‫السداد) للعالمة الفقٌه الش جعفر خضٌر الجناجً النجفً ‪ ،‬تحقٌق السٌد مهدي الجابً ‪ ،‬طبعة دار‬
‫الثقلٌن ‪ ،‬بٌروت ـ لبنان‪1994 .‬م ‪ ،‬فً ص ‪ 43 -37‬ورد ما نصه‪:‬‬
‫‪93‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مواقفه السامية امام الوهابية‬


‫قال فً االعٌان ‪" :‬وكان ـ المترجم (العالمة المترجم) ـ شدٌد الؽٌرة على الطابفة‪ ،‬عظٌم العناٌة‬
‫بؤمورها‪ ،‬كثٌر المناهضة لخصمها‪ ،‬وقد انبر للرد على الوهابٌة بٌده ولسانه‪ ،‬لما عظم خطرهم‬
‫على العراق‪ ،‬فرد ؼاراتهم عن مدٌنة النجؾ‪ ،‬وجمع االسلحة والذخابر فً داره‪ ،‬ورتب المقاتلة‬
‫على السور‪ ،‬وباشر العلماء القتال بؤنفسهم‪ ،‬وشجعوا المقاتلٌن بتحرٌضهم حتى ارتد ربٌسهم سعود‬
‫واصحابه عنها خاببٌن‪ ،‬وفتحوا كربالء عنوة ونهبوها وقتلوا اهلها وهم اكثر من اهل النجؾ واوفد‬
‫رسالة خاصة الى سعود بٌّن له فٌها فساد ما ٌنحلونه من تكفٌر المسلمٌن ورمٌهم بالشرك‬
‫وقال فً الطبقات‪ :‬وقد دفع المترجم عن النجؾ كثٌرً ا من الحوادث المهمة والوقابع الدامٌة منها‪:‬‬
‫المرجع الديني‬ ‫حادثة ابن سعود الوهابً‪ ،‬الذي ؼار على النجؾ وحاصرها فحاربه المترجم ـ‬
‫والقائد الروحي والسياسي في ذلك الزمن ـ مع االهالً طٌلة اربعة اٌام ردّه منكوسً ا لم ٌتمكن من‬
‫فتحها‪ ،‬وكان المسإول االول عن حفظ النجؾ والدفاع عنها‬
‫مساع كرٌمة وخدمات عظٌمة للدٌن وللطابفة‬
‫ٍ‬ ‫وقال فً ماضً النجؾ وحاضرها ‪ :‬للمترجم‬
‫االمامٌة‪ ،‬وصٌانة امته ووطنه من الكوارث التً كادت ان تؤتً على النجؾ وتدعها فً مهب‬
‫زوابع الحدثان وقد دحرها عن النجؾ ٌوم كانت النجؾ المانع لها وال وازع تتخطفها ذباب‬
‫الوهابٌة المتوحشٌن الذٌن ضربوا فً الهمجٌة والوحشٌة الرقم القٌاسً فإن وحشٌتهم تنفر منها اكلة‬
‫لحوم البشر كل ذلك عداوة ونفورا عن الحق ودلٌل ُه وهم ٌحسبون انهم ٌحسنون صنعا‪ ،‬وهً‬
‫االشنشه اعرفها من اخزم ونشهة من ارقم فالحول وال قوة اال بالِل "‬
‫وطالما عانت منهم العتبات المقدسة االمرٌّن ‪ ،‬سفك الدماء ونهب االموال فقد عاثوا فً كربالء‬
‫المقدسة كما خلده التارٌخ بالدم القانً اال انهم لم ٌستطٌعوا ان ٌفعلوا فً النجؾ مافعلوه فً ؼٌرها‬
‫ببركة هذا الشٌخ وامثاله‪ ،‬فقد هبّ مجالدا عن النجؾ بنفس ِه واوالده والخاصة من تالمذته فكان‬
‫للٌنجؾ سورا حدٌدٌا قد دفعهم عنها مرات عدٌدة حتى اندحروا خاببٌن وتفرقوا خاسبٌن‬
‫والبؤس باالشارة الى تفصٌل ذكر هجمات الوهابٌٌن على النجؾ وموقؾ المترجم عند تجاههم‪،‬‬
‫وحماٌته عن بلدة النجؾ واهلها وهذا التفصٌل نذكره فً كتاب ماضً النجؾ وحاضرها تحت‬
‫عنوان حادثة الوهابٌة‬

‫‪94‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫قال‪ :‬بعد ظهرو بدعة محمد بن عبدالوهاب وانتشار مذهب الوهابٌة فً طابفة عنزة واعتنق هذا‬
‫المذهب سعود بن عبدالعزٌز وبه عظمت شوكة الوهابٌٌن وكانت له عدة هجمات على الحرم‬
‫الؽروي وكان فً كل دفعة ٌقتل الرجل واالثنٌن ممن ٌظفر بهم خارج البلدة‪ ،‬ولم ٌتمكن من دخولها‬
‫وكان ٌفاجبهم بجنده الفٌنة بعد الفٌنة ِلن مركزه كان فً الرحبة وهً قرٌبة من النجؾ فاذا سمعوا‬
‫به اؼلقوا االبواب فٌطوؾ حول السور وكلما وجد احد قتله ورمى برأسه داخل البلدة وكان ٌؤتً‬
‫من اصحاب العشرة واالكثر فٌدخلون البلدة على حٌن ؼفلة من اهلها فٌقتلون وٌنهبون ‪.‬‬
‫قدمت قافلة من نجد الى ومعها فوارس من عرب الوهابً سنة ‪1214‬هـ فباعت القافلة ماعندها فً‬
‫بؽداد‪ ،‬وحملت ما ارادت وعزمت على المسٌر الى بالدها وتوجه معها من العراق بقصد الح‬
‫جماعة وساروا حتى وصلوا المشهد فوجدوا هناك فرقة من الخزاعل وهم رفضة‪ ،‬فنظر فوارس‬
‫الوهابً الى امٌر الخزاعل ٌقبل عتبة باب حجرة االمام علً فحملوا علٌه وقتلوه ودام القتال ثالث‬
‫ساعات وقتل وجرح رجال الوهابً مابة رجل ومثلهم من عرب الخزاعل وهبت اموال الحاج‬
‫العراقً وجمال الوهابً وخٌلهم توجه الى نجد من سلم منهم وعاد الى بؽداد الحاج العراقً‪( .‬عن‬
‫‪ 168‬ما‬ ‫ؼرابب االثر المخطوط لٌاسٌن بن خٌرّللا العمري) وفً مطالع السعود المخطود ص‬
‫ملخصه‪ :‬ارسل الوزٌر سلٌمان باشا والً بؽداد عبدالعزٌز بك الشاوي الى عبدالعزٌز بن سعود‬
‫لٌواجهه فً درعٌت ِه وٌكلم ُه فً دٌات من قتلهم خزاعة وسكان النجؾ من اهل نجد عندما دلب‬
‫دٌاتهم من الوزٌر‪ ،‬فلما قفل الشاوي من حجة اجتاز بابن سعود فكلم ُه فً هذا االمر‪ ،‬فؤبى وطلب‬
‫من الوزٌر ٌكون له ؼربً الفرات وللوزٌر شرقٌة‪ ،‬فعاد ابن شاوي وابناء الوزٌر بذلك فذلك فؤبى‬
‫وهذ ِه الحادثة هً التً ؼرست بذور الحشناء بٌن الوهابٌٌن والنجفٌٌن زٌادة على ما علٌه الوهابٌون‬
‫من النصب والبؽضاء لكل مسلم موال وٌرونه خارجا عن الدٌن نازحا عن االسالم‬
‫واول حادثة للوهابً كانت سنة ‪1216‬هـ على كربالء وقتله اهلها فإنه بعد ما اباحها وهتك حرمة‬
‫الحرم الحسٌنً توجه بجنده الى النجؾ ونازلها‬
‫ذكر هذ ِه الحادثة الب ّحاثة البراقً‪ ،‬فقال ـ بعد ان ساق سن ًدا الى من شاهد الواقعة ـ مانصه ‪(( :‬لمّا‬
‫جاء سعود الى النجؾ واحاط بها‪ ،‬واشتؽل بالرمً بالرصاص من الطرفٌن‪ ،‬قتل اهل النجؾ جمسة‬
‫احدهم عمًّ السٌد علً الحسنً الشهٌر بالبرقعً‪ ،‬وكانت شدّة عظٌمة على اهل النجؾ لعلمهم بما‬
‫صنع بؤهالً كربالء من القتل والنهب وما فعل بمكة والمدٌنة ولذا برزت المُخدّرات من خدورها‬
‫ومعهن العجابز ٌشجّعن المقاتلٌن‪ ،‬وٌقفن على كل فرقة وٌقلن‪ :‬اما تستحون على نسـابكم ان تهتك‬
‫‪95‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واموالكم ان تنهب وتذهب ؼٌرتكم واستؽاثوا كلهم بؤمٌر المإمنٌن علٌه السالم وعجّ وا الى ّللا‬
‫بالبكاء والعوٌل واستجاروا بحامً الجار فؤجارهم فهزم المنافقٌن وشتت شملهم وشوهدت ضرباته‬
‫المعلومه ((‬
‫وفً ؼرابب االثر ص ‪ 56‬قال ‪ :‬وفً سنة ‪1215‬هـ ارسل الوهابً سرٌة الى العراق لنهب مشهد‬
‫االمام علً علٌه السالم وهدم قبـّته واخذ ما فٌها من االموال فالتقى بها اعراب البصرة وقاتلوهم‬
‫وكسروها اشد كسرة وقتل من عرب الوهابٌة جماعة واخذ منهم ‪ 600‬جمل وقبل ‪ 1600‬جمل‬
‫وفً المنتظم الناصري ج ‪ 3‬ص ‪ 78‬ما ترجمت ُه‪ :‬فً سنة ‪ 1217‬هـ ؼار عبدالعزٌز الوهابً على‬
‫الحرمٌن فً النجؾ وكربالء وجاء ِلطراؾ العراق فً عٌد الؽدٌر فً آخر تلك السنة‪ ،‬وقتل‬
‫جماعة من العلماء والمجاورٌن ومن جملة من قتل العالم الفاضل الكامل العارؾ مّال عبدالصمد‬
‫الهمدانً صاحب بحر المعارؾ وكان مقٌما فً كربالء اكثر من اربع واربعٌن سنة ‪.‬‬
‫والحادثة الثانٌة للوهابٌة هً‪ :‬لمّا بلػ اهالً النجؾ نبؤ توجهه الى البلدة وانه قاصد مهاجمتها على‬
‫كل حال فؤول مافعلوه انهم نقلوا خزانة االمٌر علٌه السالم الى بؽداد خوفا علٌها من النهب كما‬
‫نهبت خزانة الحرم النبوي ثم اخذوا باالستعداد له والدفاع عن وطنهم وحٌاتهم‬
‫وكان القابم بهذا العبًء والمتكلؾ لشإون الدفاع هو العالمة الزعٌم الشٌخ (جعفر ـ صاحب كشؾ‬
‫الؽطاء) وساعده بعض العلماء‪ ،‬فؤخذ ٌجمع السالح وٌجلب ماٌحتاج الٌه فً الدفاع‪ ،‬فما كانت اال‬
‫اٌام حتى ورد الوهابً بجنوده ونزل النجؾ لٌال فبات تلك اللٌلة وعزم على ان ٌهجم على البلدة‬
‫نهارً ا‪ ،‬وٌوسع اهلها قتال ونهبًا‪.‬‬
‫وكان الشٌخ قد اؼلق االبواب وجعل خلفها الصخور واالحجار وكانت االبواب ٌومب ٍذ صؽٌرة وعٌّن‬
‫لكل باب عدّة من المقاتلة واحاط باقً المقاتلٌن بالسور من داخل البلدة وكان السور ٌومبذ واهً‬
‫الدعابم بٌن كل اربعٌن او خمسٌن ذراعا منه قولة ـ اي حصارـ وكان قد وضع فً كل قولة ثـُلة من‬
‫اهم اهل العلم شاكٌن بالسالح فكان جمٌع مافً البلدة من المقاتلة الٌزٌدون على المابتٌن ِلن اؼلب‬
‫االهالً خرجوا هاربٌن حٌنما بلػ سمعهم توجه العدوا واستجاروا بعشابر العراق‪ ،‬فلم ٌبقَ مع‬
‫الشٌخ اال ثلة من مشاهٌر العشابر كالشٌخ حسن نجؾ والشٌخ خضر شالل والسٌد جواد ـ صاحب‬
‫مفتاح الكرامة ‪ ،‬والشٌخ مهدي مال كتاب ‪ ،‬وؼٌرهم من المشاٌخ االخٌار‪.‬‬
‫ثم ان الشٌخ واصحاب ُه وطنوا انفسهم على الموت لقلـّتهم وكثرة عدوهم وامّا ابن سعود فإنه بات تلك‬
‫اللٌلة بجند ِه خارج البلدة وما ان اصبح الصباح اال وهم قد انجلو عن البلدة المشرفة وتفرقوا ‪..‬‬
‫‪96‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وذكر هذ ِه الحادثة العالمة السٌد جواد صاحب مفتاح الكرامة فً آخر المجلد الخامس من كتاب ِه‬
‫‪ 1221‬مع تشتت االحوال واشتؽال‬ ‫المذكور فقال‪ :‬تم هذا المجلد فً أول شهر ربٌع االول سنة‬
‫البال بما نابنا من الخارج المعلون فً ارض نجد فانه اخترع ما اخترع فً الدٌن واباح دماء‬
‫المسلمٌن وتخرٌب قبور اِلبمة المعصومٌن الى ان ذكر هجومه على كربالء واستٌالءه على مكة‬
‫المشرفة والمدٌنة المنورة‪.‬‬
‫ثم قال وفً سنة ‪ 1221‬هـ فً اللٌلة التاسعة من شهر صفر قبل الصبح بساعة هجم علٌنا فً‬
‫النجؾ االشرؾ ونحن فً ؼفلة حتى ان بعض اصحابه صعدوا السور وكادوا ٌؤخذوا البلد فظهرت‬
‫ِلمٌر المإمنٌن علٌه السالم المعجزات الظاهرة والكرامات الباهرة‪ ،‬فقتل من جٌش ِه كثٌر ورجع‬
‫خاببا ولِل الحمد على كل حال‬
‫‪ 112‬وكان ممن شاهد الحادثة وذكر عدد جند‬ ‫وذكرها اٌضا صاحب كتاب لإلإ الصدؾ ص‬
‫الوهابً وانهم ‪ 15000‬رجل وقتل منهم ‪ 700‬رجل‬
‫وذكر السٌد صاحب صاحب مفتاح الكرامة فً كتاب ِه هذا حادثة اخر للوهابً قال فً آخر المجلـّد‬
‫‪ 7‬منه ‪ :‬بعد تمامه سنة ‪1225‬هـ وقد احاطت االعراب من عنٌزة قابلٌن بمقالة الوهابً الخارج‬
‫بالنجؾ االشرؾ ومشهد االمام الحسٌن علٌه السالم وقد قطعوا الطرٌق ونهبوا زوّ ار الحسٌن علٌه‬
‫السالم بعد منصرفهم من زٌارة نصؾ شعبان وقتلوا منهم جمعا ؼفٌرً ا واكثر القتلى من العجم‬
‫وربما قٌل انهم ‪ 150‬وقٌل اقل ‪ ،‬وبقً جملة من زوار العرب فً الحلة ما قدروا على ان ٌؤتوا الى‬
‫النجؾ االشرؾ‪ ،‬فبعضهم صام فً الحلة وبعضهم مشى الى الحسكة‪.‬‬
‫والخالصة ان حادثة الوهابٌة سلسلة حوادث متتابعة على النجؾ وفً كل هذ ِه الحوادث كانوا‬
‫ٌرجعون ناكصٌن على اعقابهم مدبرٌن وٌكفً ّللا العبا َد والبالد شرهم‪.‬‬
‫وكان النجفٌون اذا دهمهم الوهابً‬
‫ٌلتجبوون الى ّللا وٌنقطعون الٌه‬
‫وٌتوسلون بصاحب المرقد الطاهر علٌه‬
‫السالم وٌلوذون بجنابه فٌحمٌهم‬
‫وٌجٌرهم "))‪ .....‬انتهى‬

‫‪97‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً كتاب (االمام السٌستانً امة فً رجل ـ حسٌن محمد علً الفاضلً)) ٌقول فً صحفة ‪:27‬‬
‫"وفً نهاٌة القرن الثانً بدأ بعض الشٌعة ٌسكنون عنده (قبر امٌر المإمنٌن "ع") وٌدفنون امواتهم‬
‫حوله ولم ٌنته القرن الثالث حتى اصبحت النجؾ مدٌنة صؽٌرة "‬
‫وفً صفحة ‪ٌ 30‬قول نقال عن ابن بطوطة فً وصفه للنجؾ ‪ ... " :‬وقد قدر بعضهم دورها فً‬
‫تلك الفترة وما بعدها ـ عدا الخانات والمدارس ـ بما ٌقرب من سبعة آالؾ دار وحٌن استولى الشاه‬
‫‪ 930‬هـ مقالٌد بؽداد سارع الى زٌارة النجؾ واعتنى‬ ‫اسماعٌل االول الصفوي المتوفً سنة‬
‫بشإونها واصلح نهرا بقربها عرؾ بـ نهر شاه ‪.‬‬
‫وفً صفحة ‪ٌ 36‬قول ‪ :‬فً النجؾ االشرؾ مكتبات كثٌرة خاصة وعامة وتضم مبات االلوؾ من ـ‬
‫المجلدات ـ فً مختلؾ انواع الثقافة وعشرات االلوؾ من المخطوطات فً شتى العلوم‪.‬‬
‫هجمات ال سعودة على المراقد المقدسة فً العراق اثارت ثابرة الدولة العثمانٌة‪ ،‬واٌران والدول‬
‫االسالمٌة االخر ‪ ،‬فطلب شاه ايران السماح له بدخول السعودية لتؤديب سلطانها ‪ ،‬اال ان الدولة‬
‫العثمانٌة تكفلت باالمر دون اٌران وارسلت محمد علً باشا ‪ ،‬حاكمها فً مصر‪ ،‬بؤمر من سلطانها‬
‫مصطفى الرابع‪ ،‬بمهمة القضاء على آل سعود‪ .‬كما انها زاد تهدٌدها على‬
‫‪ 1811‬بعد ان عمل‬ ‫الكوٌت‪ ،‬فبدأت حملة محمد على باشا ودخل الحجاز فً‬
‫بهم مذبحة فً معركة القلعة‪ ،‬واصل الجٌش المصري زحفه بؤتجاه مكة بقٌادة‬
‫احمد طوسون بن محمد علً باشا‪ ،‬بعد ان عقد اتفاقا مع الشرٌؾ ؼالب ‪،‬‬
‫شرٌؾ مكة فً ‪ ،1813‬فً الوقت الذي تولى عبدّللا بن سعود بن عبدالعزٌز‬
‫الحكومة كانت الخطط تسٌر لصالح محمد علً باشا‪ .‬وفً السنة التالٌة دخل فً‬
‫‪ ،1815 / 1/11‬لتسقط حكومة ال سعود بحملة‬ ‫معركة مع ال سعود فً الطابؾ واحتلها فً‬
‫ابراهٌم باشا ابن محمد علً باشا فً ‪1819‬م‪.‬‬
‫فً ‪ ،1826‬عاد آل سعود لتشكٌل حكومتهم مرة اخر ‪ ،‬بقٌادة‬
‫مشاري آل سعود الذي هرب من سجنه فً مصر‪ .‬لحق به فً السنة‬
‫التالٌة فٌصل آل سعود‪ ،‬هاربا من السجن فً مصر‪ .‬لٌبدأ الحكوم‬
‫بالهجوم على االحساء فً ‪ ،1829‬وسفكوا الدماء وسلبوها (على انها‬
‫ؼنابم) واجبروها على الخضوع الى حكمهم‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫استمرت حمالتهم الحربٌة على العشابر من اجل الؽنابم والسٌطرة علٌها فترة طوٌلة من الزمن‪.‬‬
‫فً‪ ،1838‬فٌصل بن تركً ٌستسلم‪ ،‬والقوات المصرٌة بقٌادة خورشٌد باشا‪ُ ،‬تحطِ م دولة أل سعود‬
‫مرة اخر ‪ ،‬لٌهرب فٌصل بن تركً آل سعود‪.‬‬
‫وبدأت حرب االخوة على كرسً الحكم فً السعودٌة‪ ،‬لٌعود فٌصل لحكم السعودٌة بعد القضاء‬
‫على اخوته‪ ،‬فً ‪ 1843‬حٌث خسر فٌها عبدّللا بن ثنٌان الذي مات فً سجنه فً نفس السنة‬
‫‪ ،1845‬بسط فٌصل بن تركً سٌطرته وحك َمه على السعودٌة لٌبدأ دولة سعودٌة جدٌدة بتهدٌد‬
‫سلطنة عُمان واحتاللها‪.‬‬
‫برٌطانٌا تنذره الٌقافه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فً السنة التالٌة تمردت قبال سلطنة عمان على حكم آل سعود‬ ‫‪‬‬
‫لحقها فً ‪ ،1847‬شرٌؾ مكة بجٌش على نجد ومعركة معهم ‪ ،‬وخالد بن سعود ٌسنده ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫واستمرت معاركه مع العشابر دون هوادة ‪ ،‬من اجل الؽنابم مرة ومن اجل السٌطرة مرة‬
‫اخر ‪.‬‬
‫ومن الوثابق على االستداد السعودي للهجوم على الدول المجاورة بدون حٌاء وسلبهم اموالهم ـ هذ ِه‬
‫الوثٌقة نوردها من آالؾ الوثابق التً وقعت بٌن اٌدٌنا على سبٌل المثال ولٌس الحصر ‪:‬‬
‫برقٌة من عبد العزٌز آل سعود إلى برسً كوكس ٌشكو تصرؾ المعتمد البرٌطانً فً الكوٌت ضد‬
‫قواته السعودٌة‬
‫ففً تارٌخ ‪ 9‬صفر ‪ 1339‬هـ الموافق ‪ 1920/10/23‬م ابرق عبد العزٌز آل سعود بالبرقٌة‬
‫التالٌة‪:‬‬
‫(بؽداد االخ االمجد االجل االفخم الصدٌق العم المندوب السامً لحكومة برٌطانٌا العظمى‪.‬‬
‫أنتم تعلمون أننا ما تحركنا لؽزو الكويت إالّم بطلب منكم وتوجيهاتكم الكريمة لكون الكويت شذت‬
‫عن طريق الجمٌع واصبحت تمالا تركٌا وتتعاون مع ابن رشٌد وتإٌد قبٌلتً شمر والعجمان اعداء‬
‫الطرفٌن‪ ،‬وهذا ما ٌعرفه المٌجر مور معتمدكم فً الكوٌت‪ ،‬وباالول قلنا ان هذا االعمال ما هً إالّ‬
‫مناورة من عنده لٌبالػ فً مصادقة برٌطانٌا آلل صباح وللكوٌتٌٌن ولكن مندوبا من قابد قواتنا‬
‫فٌصل الدوٌش أرسله الٌنا على عجل ٌقول ان فٌصل الدوٌش فً ؼاٌة الؽضب منً ومن برٌطانٌا‬
‫ومن الكوٌت وانه في الوقت الذذ نؤمره بالهجوم على الكويت تقوم بريطانيا بتوزيع منشوراتها‬

‫‪99‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌقة مما آثار جندنا علٌنا‪ ،‬وفً هذه‬ ‫بالطائرات لتهديده بضربه بالطائرات البريطانية الصد‬
‫المنشورات ٌؤمر لٌعتمد البرٌطانً فً الكوٌت الدوٌش باالنسحاب من مكانه فً الصبٌحة بالقرب‬
‫من الكوٌت‪ ،‬ونحن ال نعرؾ مم نتلقى أوامرنا؟‪.‬‬
‫هل نتلقاها منكم أو من المندوب السامً فً الكوٌت؟… والدوٌش واالخوان ٌسؤلوننً ـ بمفهومهم ـ‬
‫فً رسالة الدوٌش وٌقولون‪ :‬ما هذه االعمال فٌنا؟… ان كان أهل الكويت وابن صباح من الكفار‬
‫مثلما قلتم اتركونا نقاتلهم ح ّمتى نفنيهم أو ٌسلمون وان كان من المسلمٌن فلماذا تهددنا برٌطانٌا‬
‫بمنشوراتها بالقتل والقصؾ بالطابرات إذا لم ننسحب ثم لماذا ٌقوم المعتمد البرٌطانً المٌجر مور‬
‫بتوبٌخ وفدنا برباسة الشٌخ الدٌحانً وأمام جمع كبٌر من أهل الكوٌت وٌقول له "ان االخوان‬
‫كذابٌن هم والدوٌش وان ابن سعود ما ارسلهم وان برٌطانٌا ؼٌر علٌمة وؼٌر مإٌدة لهجوم‬
‫االخوان على الكوٌت " وإذا ترون اننا نسحب من مكاننا فً الكوٌت فسننسحب لكن أخبروا ابن‬
‫صباح الذي ٌستعٌن بقوة المٌجر مور ان ٌوقؾ تحرشاته بجندنا المخٌمٌن فً الصبٌحة)!…‬
‫التوقٌع‪ :‬الخادم االمٌن عبد العزٌز آل سعود‬
‫وهنا ــــــــــــ الخادم االمٌن (الرسالة موجهة لمن هل لِل ام للشعب ام لبرٌطانٌا ) عزٌزي القاريء‬
‫الكرٌم‬

‫الدولة العثمانية والحرب العالمية االولى ‪:‬‬


‫استعانت برٌطانا بالجزٌرة العربٌة على محاربة العثمانٌٌن رافعة ً شعار (جبنا محررٌن ال فاتحٌن)‬
‫صفق بعض الناس تصفٌقا حارا لها ‪ .‬خاصة بعد مراسالت معروفه بؤسم (مراسالت حسٌن ـ‬
‫ؾ‬
‫مكماهون) ‪.‬‬
‫"ولد حسٌن بن علً بن محمد بن عبدالمعٌن بن عوؾ‪ ،‬من نسل الحسن بن علً بن ابً طالب (ع)‬
‫‪1913‬م‪ ،‬وقد عٌن ُه السلطان العثمانً‬ ‫فً ‪ 1854‬وكانت وفاته فً‬
‫‪ ،1893‬عاد‬ ‫عبدالحمٌد الثانً بعد ان تم ابعاده الى استنبول فً عام‬

‫‪100‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ،1908/11/1‬وصل الٌها فً‬ ‫السلطان وعٌن ُه امٌرا على مكة خلفا لعم ِه (عون الرفٌق) فً‬
‫‪ 1908 /12/3‬ـ‬
‫مراسالت بٌن ربٌس القطب العربً شرٌؾ مكة ومكماهون على القطب البرٌطانً حٌث كان مقرهُ‬
‫فً مِصر آنذاك ‪ ،‬الرسابل تلو الرسابل ودار من الحوارات ما دار ‪ ،‬واجتمع من اجتمع ‪ ،‬ورضً‬
‫من رضً وؼضب من ؼضب‪ .‬وحانت الفرصة لتنفٌذ الوعود‪.‬‬
‫‪ ، 1909 /4 /13‬حدثت ثورة اطاحت بالحكومة العثمانٌة وتم الؽاء دساتٌرها‪ ،‬لكن الجٌش المتواجد‬
‫فً مقدونٌا والذي ٌقوده شوكت باشا زحؾ الى العاصمة واخمد الثورة‪ ،‬مما حدا بالدولة العثمانٌة‬
‫الى اصدار قرارات منعت فٌه قٌام الجمعٌات واالحزاب فً ‪، 1909/8/23‬‬
‫‪ 1909‬وحتى نهاٌة الحرب العالمٌة االولى‪ ،‬كانت الدولة العثمانٌة تفقد‬ ‫خالل الفترة مابٌن‬
‫مستعمراتها الواحدة بعد االخر بسبب الضؽوط السٌاسٌة والعسكرٌة االوربٌة ‪ ،‬وضعؾ السٌاسة‬
‫المحلٌة‪ ،‬وقٌام الثورات االستقاللٌة فً تلك الدول مما حدا بالدولة العثمانٌة الى عقد الصلح مع هذ ِه‬
‫الدولة وتلك الدولة من اجل الٌنجاة بما تبقى من مستعمراتها‪ ،‬ثم ان تخلخل الوضع فً الداخل ساعد‬
‫على قٌام حزب "تركٌا الفتاة " بقٌادة انقالب ‪ ،‬اؼتٌل به "الصدر االعظم محمود شوكت باشا فً‬
‫‪ ، 1913/1/21‬بعد هزٌمة االمبراطورٌة العثمانٌة فً حرب البلقان ‪ ،‬فكانت سٌاستها محاولة‬
‫التقارب مع المانٌا‪ .‬لحقه فً ‪ 23‬من نفس الشهر ارؼام الصدر االعظم كامل باشا على االستقالة‪،‬‬
‫‪ 6 /1‬من نفس السنة‬ ‫وتشكلت حكومة جدٌدة برباسة محمود شوكت باشا ‪ ،‬حٌث تم اؼتٌاله فً‬
‫لٌشكل حزب تركٌا الفتاة حكومة برباسة طلعت باشا‪ ،‬اخذها منه جمال باشا السفاح وانور باشا قابد‬
‫القوات المضادة الٌطالٌا فً لٌبٌا فً ‪ ،1914‬الذي تعزز به النفوذ االلمانً فً الدولة العثمانٌة ‪،‬‬
‫فكان تنظٌم الجٌش التركً بؤٌدٌهم‪.‬‬
‫‪ ، 1914 /11 / 7‬القوات البرٌطانٌة والهندٌة نزلت فً شط العراب فً العراق واستولت على‬
‫البصرة عسكرٌا فً ‪ ،11 / 22‬متجهة الى بؽداد‪،‬‬
‫‪ 1914/12/18‬ـ برٌطانٌا تستولً على مصر وتعلن انفصالها عن االمبراطورٌة العثمانٌة وتعٌن‬
‫(( هنري مكماهون)) مندوبا سامٌا لها بدل من القنصل العام‪ ،‬ومكماهون هذا‬
‫هو صاحب المراسالت مع حسٌن شٌرؾ مكة‪ .‬وبعدها خلعوا الخدٌوي عباس‬
‫حلمً والً مصر الذي تولها فً ‪ ،1882‬وتسلمها بعده السلطان حسٌن كامل‬

‫‪101‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫التعاون العربً بقٌادة حسٌن مع برٌطانٌا ساعد على استفحال شوكت آل سعود فً وسط الجزٌرة‪،‬‬
‫واشؽلت الدولة العثمانٌة فً حربها معه مما ساعد اٌضا على دخول برٌطانٌا الدردنٌل التركً فً‬
‫‪ ،1915 /2 /19‬وهذا المضٌق تتزاحم علٌه تركٌا والمانٌا وروسٌا وبرٌطانٌا وفرنسا ودول‬
‫اخر ‪ ،‬فً الحرب العالمٌة االولى‬
‫‪1915/7/14‬ـ "بدأ المراسالت بٌن الشرٌؾ حسٌن‪ ،‬امٌر مكة وهنري مكماهون المندوب السامً‬
‫البرٌطانً فً القاهرة‪ ،‬مذكرات كتبها حسٌن فً الطابؾ "باسم العرب واالمة العربٌة"‪ .‬بدأت‬
‫المفاوضات بٌن العراب وبرٌطانٌا فً شؤن استقالل المناطق العربٌة واقامة مملكة عربٌة كبر "‬
‫((كتاب موسوعة مقاتل من الصحراء ))‬
‫جمال باشا ٌحكم بالحدٌد والنار‪ ،‬وتسٌل الدماء باوامره‪ ،‬اعدامات فً داخل تركٌا‪ ،‬وفً‬
‫المستعمرات العثمانٌة‪،‬‬
‫دت بؤن تكون الدولة (الشام والعراق والجزٌرة كلها) فً حكم ِه‬
‫واعد حسٌن برٌطانٌا بالنصرة وواع ه‬
‫ولم ٌفكر بؤن ذكاء العرب سوؾ ٌعبر هذا الحد ووقع االوراق البٌضاء وسار بجٌشه الى‬
‫الشمال ٌحارب به من اراد البرٌطانٌون محاربته‪.‬‬
‫لم ٌمر على الحلم العربً فترة طوٌلة حتى سمع باالجتماع فً ‪ ،1916 / 5 / 16‬عقدت فٌه‬
‫اتفاقٌات ساٌكس بٌكو‪" ،‬المبعوثان الخاصان مارك ساٌكس عن برٌطانٌا ‪ ،‬وجورج بٌكو عن فرنسا‬
‫‪ ،‬نصت هذ ِه االتفاقٌات على ان تتقاسم فرنسا وبرٌطانٌا اراضً االمبراطورٌة العثمانٌة فً الشرق‬
‫االوسط" ‪،‬‬

‫‪102‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" ظل هذا االتفاق سرٌا حتى ‪ ،1917/11/8‬عندما كشفه (تروتسكً‪ ،‬مفوض الشإون الخارجٌة‪،‬‬
‫بعد نجاح الثورة البلشٌفٌة فً روسٌا‪ ،‬فً جملة ما كشؾ من الوثابق السرٌة فً وزارة خارجٌة‬
‫القٌصر‪ .‬لقد تقاسمت فٌه برٌطانٌا وفرنسا ‪ ( ،‬البرتقال والتفاح العربً )‪ ،‬فقام حسٌن ٌصرخ وٌعربد‪،‬‬
‫اٌن الوعود‪ٌ ،‬ا أٌها السٌد المعهود‪ .‬والـ ‪ ...‬حٌث انه فً ‪ ،1916 /10/29‬اتفقت برٌطانٌا وفرنسا‪،‬‬
‫بعد مباحثات بٌنهما "على االعتراؾ بالشرٌؾ حسٌن ملكا على الحجاز فقط ‪ ،‬فٌما بادرت لندن‬
‫بمفاوضات مع "لمنظمة الصهٌونٌة الدولٌة" فً ‪ 1917 /2/10‬من اجل انشاء "وطن قومً للٌهود‬
‫فً فلسطٌن "‬
‫‪" ،1917 /3 /11‬احتلت القوات البرٌطانٌا مدٌنة بؽداد" ـ هناك فصل خاص لها تحت عنوان‬
‫سقوط بؽداد عام ‪1917.‬‬

‫‪103‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 1917 /7 / 5‬قوات شرٌؾ حسن مع القوات البرٌطانٌا تحتل العقبة االردنً وتطرد العثمانٌٌن‬
‫منها ‪ ،‬اعلنها لورانس فً القاهره بعد اربعة اٌام ‪.‬‬
‫‪" ،1917 /11 /1‬وزٌر الخارجٌة البرٌطانً (آرثر جٌمس بلفور) ٌعلن وعده الشهٌر فً رسالة‬
‫‪"،...‬فً الٌوم نفسه بدأت القوات البرٌطانٌا ‪...‬والعربٌة هجومها على فلسطٌن‪ ،‬لتصدر موافقتها‬
‫‪ٌ 16‬وم اعلن لٌنٌن ثورته‬ ‫فورا ثالث دول "الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة‪ ،‬فرنسا‪ ،‬واٌطالٌا" بعد‬
‫‪ ، /12/15‬انفصلت بعدها الكنٌسة‬ ‫وانتصار الثورة االشتراكٌة‪ ،‬لتوقع اتفاق برٌت مع المانٌا فً‬
‫‪ ،1918/2/5‬لحقها وفاة عبدالحمٌد الثانً بعد خمسة اٌام فً سجن‬ ‫عن الدولة فً روسٌا فً‬
‫استانبول‪ ،‬لتبدأ الخطوات االخٌرة لنهاٌة الحرب العالمٌة االولى‪ ،‬وتبدأ الدول المتحاربه فً عقد‬
‫اتفاقٌات الصلح‪ ،‬وبرٌطانٌا تواصل زحفها الى نهر االردن فً ‪ ،4/3‬وتتم احتاللها لفلسطٌن تمهٌدا‬
‫لتسلٌمها الى الٌهود‪ ،‬حسب الوعد‪.‬‬
‫‪" ،1918/6/4‬حاٌٌم وازمان‪ ،‬ربٌس اللجنة الصهٌونٌة‪ ،‬يجتمع مع االمير فيصل فً مقر قٌادته فً‬
‫رهٌدة بٌن معان والعقبة ‪( ...‬واٌز مان) كان قد زار مصر واجتع بعدد من الزعماء السورٌٌن فٌها‪،‬‬
‫والى القدس واجتمع بعدد من زعماء فلسطٌنٌٌن لتهدبة المخاوؾ العربٌة ‪"...‬‬
‫بعد شهر تماما تولى السلطان محمد السادس الحكم فً الدولة العثمانٌة ‪ ،‬وهو اخر السالطٌن‬
‫العثمانٌٌن ‪.‬‬
‫‪ ، 10/6‬اللواء شكري االٌوبً ٌصل الى بٌروت من قبل فٌصل ‪ ،‬لٌتسلم السلطة وٌعلن انضمام‬
‫لبنان الى الحكومة العربٌة الموعودة بٌن حسٌن وبرٌطانٌا‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقاء الملك عبدالعزٌز آل سعود بملك العراق فيصل االول ـ فٌصل بن حسٌن‬

‫‪ ، 10/30‬توقٌع الهدنة مع تركٌا فً جزٌرة رودس‪ ،‬استسلمت فٌها الحامٌات فً الحجاز وعسٌر‬
‫والٌمن وسورٌا والعراق الى قابد الحلفاء‪ ،‬وفً الٌوم التالً ٌتم تعٌٌن فٌصل بن الحسٌن بن علً‬
‫حاكما عسكرٌا عاما وربٌس دٌوان الشور الحربً‪ ،‬وٌنشًء مجلس شور للنظر فً القوانٌن‬
‫واالنظمة واالدارة ومحكمة تمٌٌز‪ ،‬ثورات محلٌة فً الدول التً هزمت فً الحرب العالمٌة االولى‪،‬‬
‫التً انتهت تماما فً ‪ 1918 /11/11‬والتً تحارب فٌها ‪ 65‬ملٌون عسكري من تسع دول اضافة‬
‫للمناطق الخاضعه لها‪ ،‬قتل منهم ‪ 8‬ونصؾ ملٌون وجرج ‪ 21‬ملٌون‪ ،‬واكثر من ‪ 10‬مالٌٌن مدنً‬
‫وضعفهم من الجرجى‪،‬‬
‫‪ 11/13‬دخل الحلفاء عاصمة الدولة العثمانٌة‪ ،‬وفً ‪ 22‬منه فٌصل ٌصل الى فرنسا‪ ،‬فٌذهل لما‬
‫شاهد من تحذٌرات" من الوقوع فً حبابل الوحدة العربٌة التً تحمل فً طٌاتها خطرا شدٌدا على‬
‫مصالح برٌطانٌا وفرنسا‪ ،‬وادخال تعدٌالت سرٌة على ساٌكس بٌكو‪ ،‬صارت بها الموصل‬
‫وفلسطٌن تحت ٌد برٌطانٌا‪ ،‬واقرار االنتداب الفرنسً على سورٌا ولبنان‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ،1919/2/6‬فٌصل ٌطالب بالوحدة العربٌة واالستقال‪ ،‬طربت امرٌكا للطلب وامتنعت برٌطانٌا‬
‫وفرنسا‪.‬‬
‫‪ 4/28‬ـ اتفقت الدول المنتصرة على نظام االنتداب تحت رعاٌة عصبة االمم المتحدة التً هً فً‬
‫ٌومها االول من التؤسٌس لتختار مدٌنة جنٌؾ مقرا لها‪ ،‬على الدول المنفصلة عن العثمانٌٌن‪ ،‬بعدها‬
‫بٌومٌن اعلنت برٌطانٌا رسمٌا وعد بلفور‪.‬‬
‫‪ ، 1919/6/28‬توقٌع معاهدة فرساي ‪ ،‬التً انتهت بها الحرب العالمٌة االولى‪ ،‬والتً خلفت بعدها‬
‫‪ ،1919/8/5‬وتؤسٌس تركٌا وانتهاء االمبراطورٌة‬ ‫ثورة مصطفى كمال اتاتورك فً تركٌا‬
‫‪ ،9/15‬تحت االنتداب البرٌطانً اضافٌة الى فلسطٌن‬ ‫العثمانٌة ‪ ،‬ضم الموصل الى العراق فً‬
‫واالردن‪ ،‬بعد عشرة اٌام انسحب االنجلٌز من سورٌا وتاركٌن خلفهم فٌصل تحت رحمة الفرنسٌٌن‪،‬‬
‫اقرار وعد بلفور من قبل الدول العالمٌة واعتزام تنفٌذه‪ ،‬اد الى مظاهرات فً الشارع الفلسطٌنً‬
‫فً ‪ 1920/2/27‬والتصادم مع االهداؾ الٌهودٌة والبرٌطانٌة‪ ،‬وقٌام الثورة العربٌة الكبر عام‬
‫‪ ، 1920‬محاوالت برٌطانٌة وفرنسٌة للتؽلب على الثورة وارضاء الجانب العربً‪ ،‬كانت نتٌجتها‬
‫ان تفرقت الناس بٌن ؼاضب وموافق لها‪.‬‬

‫وٌثقة دامؽة تثبت اعطاء الملك عبدالعزٌز فلسلطٌن للٌهود باالتفاق مع برٌطانٌا العظمى وفٌها ٌقول‬
‫عبدالعزٌز النص التالً بخط ٌده ‪ " :‬إنا السلطان عبد العزٌز بن عبد الرحمن السعود بن عبد الرحمن أقر‬
‫‪106‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وأعترؾ ألؾ مرة للسٌر برسى كوكس مندوب برٌطانٌا العظمى ال مانع عند من أن أعطى فلسطٌن‬
‫للمساكٌن الٌهود أو ؼٌرهم وكما تراه برٌطانٌا التى ال أخرج عن رأٌها حتى تصٌح الساعة " ختم‬
‫وهذا الدلٌل الدامػ على من ٌقول ان السعودٌة دولة متحررة واسالمٌة وقد ثبت بالوثابق والصور انهم‬
‫متعاونون بكامل التعاول والعبودٌة الى برٌطانٌا وامرٌكا من بعدها بحسب قول سٌدهم االكبر ـــ التً ال‬
‫اخرج عن رأٌها حتى تصبح الساعة "‪.‬‬

‫طربت برٌطانٌا للعبة لتلعب الدست الثانً (الشوط الثانً) فوافقته مرة اخر على وضع اوالده‬
‫على المناطق التً تم فتحها ‪ ،‬وانهم لم ٌخونوه بل ان كل ما فعلوه هو تقسٌم اداري عسكري ‪ ..‬ثم‬
‫انتهى الشوط الثانً بالجلسه االخر التً كان بها فصل الخطاب بؤن ٌكون هناك (حكومات‬
‫عسكرٌة برٌطانٌة وفرنسٌة على االراضً التً تم فتحها)‪...‬‬
‫صرخ حسٌن مرة اخر ولكن هذ ِه المرة صرخ الوطن العربً كله معه فً ثورة العشرٌن الثورة‬
‫العربٌة الكبر ‪ .‬وحتى ٌسكتوا الشارع وضعوا اب َنًْ حسٌن على العراق واالردن واقنعوه بؤن‬
‫الصدٌقة فرنسا قد اجهدت نفسها معهم فال بد ان تكون لها حصة فً الموضوع فكانت سورٌا‬
‫ولبنان‪ ،‬اما فلسطٌن فؤرض مقدسه والبد لكل مقدس من احترام‪ .‬وان الٌهود شعب ّللا المختار‬
‫وللمختار حق االختٌار‪ ،‬فتبرعت برٌطانٌة لهم بؤرض فلسطٌن‪ .‬انتهى بذلك صوت حسٌن وبقً‬
‫‪ .‬سرعان ما تؽٌر االمر ودارت‬ ‫صوت الشارع العربً فً ثورة العشرٌن‪ ،‬الثورة العربٌة الكبر‬
‫االحداث‪.‬‬

‫توسع االمبراطورية البريطانية وعصرها الذهبي‪:‬‬


‫بدأت اإلمبراطورٌة البرٌطانٌة بالهند وركزت نشاط شركة الهند الشرقٌة البرٌطانٌة‪ ،‬والذي حدث‬
‫أن الشركة قامت أوال بإنشاء مراكز لتجارتها على شواطا البنؽال‪ ،‬مهمتها أن تقوم على تفرٌػ‬
‫‪107‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سفن الشركة الحاملة لبضابعها من إنكلترا (أو من ؼٌرها) وتحافظ علٌها فً مخازنها حتى مواسم‬
‫شحنها إلى الداخل‪ .‬وفً الوقت ذاته تستقبل منتجات ومحاصٌل الداخل لشحن سفنها بها لتعود بها‬
‫إلى إنكلترا (أو ؼٌرها)‪ .‬انشؤت مراكز لحراس مخازن شركة الهند الشرقٌة‪ ،‬ثم تحول حراس‬
‫الشركة إلى شبه قوة مسلحة خاصة‪ ،‬لحق جٌش إنكلٌزي نظامً بملٌشٌا شركة الهند الشرقٌة التً‬
‫أصبحت بذاتها نواة حكومة الهند‪ ،‬قامت بدور حكومة برٌطانٌة موازٌة فً دلهً للحكومة‬
‫البرٌطانٌة اِلصلٌة فً لندن‪ ،‬وساعدتها على ذلك دواعً التمدد اإلمبراطوري البرٌطانً‬
‫وضرورات حماٌة الممتلكات البرٌطانٌة وكذلك أصبحت حكومة الهند مستودع خبرة إمبراطورٌة‬
‫هابلة‪ ،‬ومدرسة عالٌة الكفاءة تخرج منها أكفؤ الوزراء والمشرعٌن والدبلوماسٌٌن واإلدارٌٌن فً‬
‫مختلؾ مجاالت الخدمة العامة فً عاصمة اإلمبراطورٌة ذاتها‪.‬‬
‫روى لي والدذ النه من اهل تلك الفترة وكذا حدثني جدذ اذ انه ولد فً ‪ 1898‬وتوفً فً اوابل‬
‫الثمانٌنات حٌث كنت طالبا فً االعدادٌة آنذاك‪ ،‬حدثونً بالكثٌر مما القى البرٌطانٌون من‬
‫العراقٌون ومن المصابب حتى انهم تمنوا لو لم تكن لهم قدم واحده فً العراق ولو لساعة ‪ ،‬لكن‬
‫االمر قد فلت من اٌدٌهم‪ .‬وصار االمر بٌد عبد الكرٌم قاسم ( تلمٌذهم والذي درس فً برٌطانٌا‬
‫وتخرج من لندن نفسها )‬
‫ثم ان برٌطانٌا دخلت العراق من البصرة كما ذكرت كتب التارٌخ بعد ان اسـسوا قواعد تجارٌة ـ‬
‫شركة بٌت لني التجارٌة للتجارة مع الهند فً جنوب العراق ـ والتً اؼرت الكثٌر من اصحاب‬
‫المهارات المتمٌزة فً اتباعها والعمل معها‪ ،‬وكذا استنجد بع ضهم بها‪ ،‬المهم انها سٌطرت على‬
‫المجاري النهرٌة فً العراق حتى صار الوالً العثمانً الٌقرر قرارا اال بموافقة البرٌطانٌٌن‪،‬‬
‫وزاد االحتدام ودخلت بؽداد متسللة الٌها بالطرٌقة نفسها التً سٌطرت فٌها على الجنوب حتى حٌن‬
‫قٌام الحرب العالمٌة االولى فكان دخولها العسكري الى بؽداد وانتهى امر العراق بٌدٌها فً نهاٌة‬
‫الحرب العالمٌة االولى ‪ ،‬وفلت الزمام من ٌدٌها عندما دخل عبدالكرٌم قاسم قصر بؽداد فً صباحا ً‬
‫‪ .‬والقوم نٌام ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫شركة لينج التجارية قاعدة للنفوذ البريطاني ‪:‬‬


‫كان للنفوذ االقتصادي واالمتٌازات التً منحها العثمانٌون لالوربٌٌن بمثابة حافز قوي للتؽلؽل‬
‫االقتصادي وبدافع حماٌة المصالح االقتصادٌة تدخل الجٌش وتشكلت نقاط برٌطانٌة فً بعض‬
‫الطرق المإدٌة الى الشركات البرٌطانٌة رافقت النشاطات االقتصادٌة حركات تبشٌرٌة فكانت‬
‫فرنسا السباقة الى ذلك فً عام ‪ 1535‬ثم برٌطانٌا ‪1580‬م ‪ ،‬فكان حصة االسد فً العراق الى‬
‫برٌطانٌا واختصرت فرنسا على المناطق االخر خاصة فً منتصؾ القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫الباخرة " لٌن " أول باخرة أبحرت فً نهر دجلة من البصرة الى الموصل‬

‫‪109‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تؤسيس شركة الهند الشرقية البريطانية ‪:‬‬


‫بعد ان حصل البرٌطانٌون على امتٌازات عام ‪ 1580‬تؤسست "شركة الهند الشرقٌة" البرٌطانٌة‬
‫‪ 1822‬فصار لها‬ ‫لالعمال التجارٌة ورافقتها جٌوش لحماٌتها حتى اكتسبت صبؽة سٌاسٌة عام‬
‫مقٌمٌن وممثلٌن سٌاسٌٌن ووكالء محلٌٌن‪ *( ،‬اٌرلند فٌلٌب فً الصفحة العاشرة ومابعدها من كتابه‬
‫"اٌرلند"‪ ،‬كما ذكرها اٌضا "عبدالحمٌد الرهٌمً فً صفحة ‪ " ) 46‬وثٌقة رقم ـ ‪ 1‬ـ السرٌة‬
‫للؽاٌة والصادرة فً استنبول فً عام ‪ 1911‬م‪ ،‬وثٌقة ‪ ،2‬النص الكامل لمعاهدة ساٌكس بٌكوا‬
‫السرٌة بٌن برٌطانٌا وفرنسا‪. )*.‬‬
‫كان العراق مركزها والرابط لطرقها بٌن الشرق والؽرب بدأت محاوالتها فً انشاء مصنعها فً‬
‫البصرة فً عام ‪ 1635‬م‪ ،‬وتم لها ذلك فً عام ‪1643‬م‪ .‬فكان بداٌة للنفوذ البرٌطانً فً العراق‬
‫لٌكون "هارفود جونز" المقٌم فً قابم مقامٌة البصرة التً تؤسست عام ‪1764‬م ثم فً ‪ 1798‬فً‬
‫امر سلطانً بقبول جونز قنصال‬
‫اول مقٌمٌة فً بؽداد‪ .‬بعد ان حصل السفٌر البرٌطانٌة على ٍ‬
‫برٌطانٌا فً بؽداد وما حولها‪.‬‬
‫كما كان لشركة " لينج التجارية البريطانية " عام ‪ 1860‬كؤضخم شركة للمالحة دور فً حصول‬
‫برٌطانا على امتٌازات خٌالٌة بتشؽٌل بواخرها فً نهري دجلة والفرات وخطوة كبٌره نحو التؽلؽل‬
‫البرٌطانً فً العراق حٌث احتكرت الشركة مسالك المالحة فً النهرٌن‪ .‬كان شا ِه ُدها ان الحاج‬
‫"كنعان جاسم" من االوابل الذٌن اعطتهم شركة لٌن اجازة قٌادة بواخرها‪ ،‬فكان رقم الشهادة على‬
‫ما اتذكر ـ حٌث شاهدتها بعٌنً ـ رقم ‪ ، 1‬بؤنه كان امهر سابقً الشركة ومعتمد علٌه فً العراق‬
‫اعتمادا كبٌرا‪ ،‬رأٌتها من ضمن بعض الجوابز التً حصل علٌها‪ ،‬فً بٌته عندما كنت ُ شابا لم‬
‫اتجاوز الخامسة عشر من العمر‪.‬‬
‫افتتاح قناة السويس وطرق المواصالت ‪:‬‬
‫ثم جاء افتتاح قناة السوٌس عام ‪ 1869‬نتٌجة لتزاٌد النفوذ االوربً فً المنطقة زاد من اتساع‬
‫االمبراطورٌة البرٌطانٌة وزاد من نفوذها وتحكمها فً العراق‪ ،‬انشاء سكة حدٌد الحجاز‪ ،‬ثم سكة‬
‫حدٌد بؽداد امتٌازا المانٌا عام ‪ .1899‬ولما كان عام ‪ 1913‬اتصل الشرق والؽرب بها مما اصبح‬
‫العراق مركزا خطٌرا اكثر ‪ ،‬كانت بعدها سنً الحرب العالمٌة االولى‪.‬‬
‫فً النص التالً ٌظهر لنا انه كان فً المنطقة من ٌتعاون مع برٌطانٌا من ابناء الشعب‪:‬‬

‫‪110‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫"‪ ...‬اِلتراك ٌتوقعون مقابل قٌامهم باتخاذ اإلجراءات الالزمة‪ ،‬والتً تلبً رؼباتنا بصدد الجزء‬
‫المتعلق بخط سكة حدٌد بؽداد – الخلٌ الفارسً‪ ،‬أن نقوم بإعطابهم السٌادة التامة على الكوٌت‪،‬‬
‫وأنهم ٌعلقون أهمٌة عظٌمة على الموضوع اِلخٌر‪ ،‬وإذا ما اقتضت الحاجة القٌام بهذا اِلمر‬
‫واإلذعان لرؼبة اِلتراك‪ ،‬فإن مثل هذا اِلمر ٌكون بالكؾ والتخلً عن مطالبتهم بالبحرٌن وقطر‬
‫وأي شًء آخر جنوب شرقً العجٌر ( العقٌر )‪ ،‬وأن الوسابل اِلخر التً نملكها للمساومة هً‬
‫(السفٌنة الحربٌة البرٌطانٌة – كوامٌت) والحرس الهندي من السٌبوي فً دابرة القنصلٌة العامة فً‬
‫بؽداد (‪ )...‬حٌث تعهدت هذه المرة برٌطانٌا بشكل معلن وواضح فً الحفاظ على قاعدتها المتقدمة‬
‫والمراكز اِلخر فً – نجد والمحمرة –‬
‫** ذكر (كتاب مسوعة مقاتل من الصحراء ) انه فً " ‪1896 /5/17‬م‪ ،‬اؼتال مبارك بن صباح‬
‫الثانً (اخوٌه محمد وجراح) ونصّب نفسه امٌرا على الكوٌت" وفً موضع اخر ٌقول‬
‫‪ ، 1897/12/1":‬اصدر السلطان العثمانً فرمانا شاهانٌا ً ـ اي امرا ملكٌا ـ بتنصٌب الشٌخ مبارك‬
‫قابمقام على الكوٌت‪ .‬الذي تعرض الى محاولة لالطاحة بحكمة من قبل جٌش بحري اعده ٌوسؾ‬
‫‪ 1897‬مما حدا بالشٌخ‬ ‫بن عبدّللا هندٌان على الساحل الفارسً للخلٌ قبالة ساحل الكوٌت فً‬
‫‪ 1899/1/23‬وقع مبارك اتقافٌة‬ ‫مبارك الى تكرار طلبه من برٌطانٌا لحماٌته مرة اخر ‪ ،‬وفً‬
‫الحماٌة مع برٌطانٌا‪ ،‬لٌنشًء نظاما جمركٌا‪ ،‬ارادت ان تحصل الدولة العثمانٌة بواسطة مندوبها‬
‫على الضرابب التً ٌجمعها مبارك‪ ،‬اال انه رفض المندوب ومرافقٌه‬
‫فً السنة التالٌة برٌطانٌا تتدخل النقاذ الكوٌت من العثمانٌٌن برسالة الى استانبول "ان برٌطانٌا لها‬
‫وقد حصل الشٌخ مبارك الصباح على مكافؤة مثبتة فً‬ ‫ارتباطات خاصة مع شٌخ الكوٌت" ** ـ‬
‫الوثابق البرٌطانٌة وهً تتعلق بإعفاء ممتلكاته من مزارع وعقارات فً العراق من الضرابب‬
‫وبشكل دابم مقابل الدعم الذي ٌقدمه مع أبن سعود والشٌخ خزعل – حاكم المحمرة – للقوات‬
‫البرٌطانٌة فً مواجهاتها العسكرٌة مع القوات العثمانٌة (‪ )...‬قد سبب ردود فعل قوٌة واشارات‬
‫‪ ...‬وٌختتم الكاتب تعلٌقاته قابالً‪ ،‬بؤنه من الضرورذ‬ ‫ؼاضبة فً صحٌفة – التنٌن – التركٌة –‬
‫" أقدم وأكثر اِلقالٌم التصاقا ً‬ ‫تحذير هإالء الذين يعملون لنشر النفوذ األجنبي في العراق‬
‫باإلمبراطورٌة "بؤن مخططاتهم فاشلة " ‪ ،‬وبما ان ذكر الصحؾ فً ذلك الزمن للمتعاونٌن مع‬
‫برٌطانٌا اجماال‪ ،‬اما ان العدد كان كبٌرا‪ ،‬او انه تجنب ذكر االسماء لتجنب االحراج‪ ،‬او انه ٌدعً‬
‫وجودهم من باب اخر‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اال اننً ال استبعد ذلك‪ ،‬فلكل زمان رجاله فٌهم المحارب وفٌهم السٌاسً وفٌهم من ٌجلس فً بٌته‬
‫من ٌطلب لقمة العٌش بهدوء‪ .‬على ان النص التالً ٌثبت صراحة وجود معامالت مع برٌطانٌا‬
‫والدول االوربٌة‪:‬‬
‫"المادة الحادٌة عشرة‪ :‬تستمر المفاوضات مع العرب باسم الحكومتٌن بالطرق السابقة نفسها لتعٌٌن‬
‫حدود الدولة أو حلؾ الدول العربٌة "هذا النص من معاهدة ساٌكس بٌكوا ـ ( * الوثابق الملحقة * )‬
‫لقد ساعد نموا االقتصاد على ٌد الؽربٌٌن على اقبال بعض الناس لالنتفاع ب ِه والعمل مع‬
‫البرٌطانٌٌن اقتصادٌا ثم سٌاسٌا لتحقٌق مصالح مشتركة فظهرت فبات من شٌوخ العشابر‬
‫كؤقطاعٌٌن ساعدتهم برٌطانٌا على ذلك‪ .‬صراع لتٌارات المصالح والتنافس طوال فترة الثورة‬
‫الصناعٌة الى الحرب العالمٌة‪ .‬كما بدا واضحا تدخل برٌطانٌة فً تعٌٌن واقصاء رجال القضاء‬
‫والسٌاسة العثمانٌٌن وكذا التدخل فً عملهم ساعد على اٌجاد منفذ حر الى السكان واستمالة بعض‬
‫اطراؾ الشعب العراقً ‪ ،‬فؤقامت عالقات مع بعض االعٌان والوجهاء (*الحورانً البرت فً‬
‫كتابه*)‪ ،‬ومن هإالء بعض التجار والمالكٌن ورإساء العشابر‪.‬‬
‫حركة التبشير بالمسيحية في العراق‪:‬‬
‫استؽل الفرنسٌون الفرصة فحاولوا نشر النشاط التبشٌري فً‬
‫العراق منذ اوابل الحكم العثمانً فارسلو (الكبوشٌٌن) حٌن انشؤوا‬
‫رسالة فً بؽداد ‪( 1626‬والكرملن) فً البصرة من اجل تحوٌل‬
‫بعض الناس الى المسٌحٌة‪.‬‬
‫رؼم انهم فشلوا فً ذلك‪ ،‬بسبب قوة الثقافة االسالمٌة المحلٌة‪ ،‬اال‬
‫انهم استطاعوا نشرها فً االقلٌات ؼٌر المسلمة‪ .‬ثم ان " بداٌات‬
‫التبشٌر بالمسٌحٌة فً منطقة الخلٌ والجزٌرة العربٌة كانت عام‬
‫" (* حكاٌات‬ ‫‪ 1889‬وعلى ٌد منظمة االرسالٌة العربٌة االمٌركٌة‬
‫التبشٌر المسٌحً اِلمٌركً فً العراق ‪ 1900‬ـــ ‪ ، 1935‬الوثابق الملحقة*)‬
‫‪-------------------------------------------------------‬‬

‫‪112‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫البريطانيون وسياسة المستقبل‪:‬‬ ‫عصر االمبراطورية الثاني‬


‫رسم البرٌطانٌون سٌاسة المستقبل واستفادوا من نزعة الوالء للدول االوربٌة التً خلقوها باالوساط‬
‫الشعبٌة ‪ ،‬ساهم فً تطوٌرها نظام الجهل العثمانً فضال عن االؼداق باالموال على من ٌمٌل الٌهم‪.‬‬
‫لهذ ِه السباب وِلسباب اخر كانت السٌطرة على العراق ومن ثم االحتالل العسكري االنجلٌزي‬
‫والمطالبه ببقاء االنتداب‪ ،‬بعد ان تم بناء الدولة الملكٌة فً العراق‪ ،‬صارت برٌطانٌا االمبراطورٌة‬
‫التً ال تؽٌب عن اراضٌها الشمس ‪.‬‬
‫الوضع السٌاسً القلق فً المنطقة وخاصة وان الدولة العثمانٌة فً طرٌقها الى نهاٌتها وعدم وجود‬
‫التنظٌم االداري الجٌد‪ ،‬ساعد على اٌجاد ثؽرات قاتلة لها استفاد منها الؽربٌون للدخول الى الشارع‬
‫العربً عامة والعراقً خاصة من اجل احكام السٌطرة على العراق فنمت تنظٌمات وتٌارات جانبٌة‬
‫واحزاب وجمعٌات لها مقرات فً بؽداد والبصرة خاصة اذ لم ٌشهد العراق آنذاك وضعا ً حرجا ً‬
‫اكثر مما شاهده فً اثناء انهٌار الدولة العثمانٌة التلقابً وال ارٌد سرد اسماء التنظٌمات التً‬
‫(* الكاتب عبد الحلٌم الرهٌمً فً صفحة ‪.)*139‬‬ ‫تشكلت النها لٌس موضع البحث‬
‫‪ 1914‬وشرع طالب النقٌب فً‬ ‫تراجعت معظمها بعد االحتالل البرٌطانً للعراق رسمٌا عام‬
‫مساومة البرٌطانٌٌن وفكر بعضهم بالثورة على العثمانٌٌن والتعاون من‬
‫االنجلٌز انطالقا من جنوب العراق‪ ،‬اعتمادا على ملخص قول محمد مهدي‬
‫البصٌر فً تارٌخ القضٌة العراقٌة‪.‬‬
‫وهذا مما ٌدلنا على ان التذمر من الدولة العثمانٌة بلػ ذروته واستفادت منه‬
‫برٌطانٌا وتعاونت معها بعض الحركات السقاط الحكم العثمانً رؼم انه‬
‫كانت هناك حركات معارضة لتٌار التجدٌد اال ان برٌطانٌا اتمت سٌطرتها‬
‫على العراق وقد ظهرت للعٌان الدعوات التً ٌمثلها محمود اآللوسً‬
‫بدعوت ِه السلفٌة‬
‫وتقول كتب السنة انه ( ولد العالمة محمود شكري االلوسً فً بؽداد عام‬
‫‪1273‬هـ‪ 1856/‬م‪ ،‬وعرؾ عن والده وأعمامه حب اِلدب والتفقه مع مٌل‬
‫للتصوؾ‪ .‬ولكن محمود شكري أخذ بنزعة عقالنٌة عالٌة جعلته أقرب لدعاة‬
‫السلفٌة اإلصالحٌٌن فً عصره مثل محمد رشٌد رضا واِلمام محمد عبده‪ ،‬وجمال الدٌن القاسمً‪.‬‬
‫وتوفً فً ٌوم الخمٌس ‪ 4‬شوال ‪1342‬هـ‪ 8 /‬آٌار ‪1924‬م‪ ،‬ودفن فً مقبرة الشٌخ معروؾ‬
‫‪113‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الكرخً فً بؽداد‪ ,‬وذكر تلمٌذه الشٌخ محمد بهجت اِلثري أنه مات بمرض ألم به فً ربتٌه‬
‫‪ ، ).www.artsgulf.com‬رؼم كل ذلك كان معظم العلماء والمإسـسـات الدٌنٌة السنٌة وان لم ٌنطقوا‬
‫بها صراحة طوال العهد العثمانً االخٌر فقد كانوا معارضٌن لسٌاسة دولة السلطان عبد الحمٌد‬
‫رؼم انه كان ٌهدؾ الى اصالح الوضع نحو االفضل‪.‬‬
‫ظهرت بعض الصدامات فً البصرة ؼٌر ان معارضتهم كانت ضعٌفة اما الموصل فقد تمتع‬
‫العلماء واالعٌان بنفوذ واسع ولهم رأي رؼم معارضتهم للعثمانٌٌن وكان فً بؽداد اعٌانها‬
‫وعلماءها موقفا سلبٌا حادا من ثورة تركٌا الفتاة وحكم االتحادٌٌن والسلطان عبد الحمٌد وسٌاست ِه‬
‫االصالحٌة كان سبها هو حرمانهم من الحصانه وابعادهم عن دفة السٌاسة حٌث تم ابعاد‬
‫عبدالرحمن النقٌب من رباسة بلدٌة بؽداد استقالة نجم الدٌن القاضً ثم السٌاسة العلمانٌة التً قادها‬
‫االتحادٌون وبطشهم برجال الدٌن فً السجون‪ ،‬صار بها الشٌعة فً الجنوب بٌن فكً الكماشة‬
‫العثمانٌة وبطشها من جهة والتؽلؽل البرٌطانً من الجهة االخر فبلؽت النجؾ ذروة مكانتها‬
‫كمركز للعواصؾ السٌاسٌة وموبال لحركات اسالمٌة شٌعٌة رافق ذلك تطور سرٌع فً االحداث‬
‫فً اٌران مما ساعد على قٌام بعض اهالً كربالء بحركات سٌاسٌة وتظاهرات قامت السلطة على‬
‫قمعها فكانت مذبحة دموٌة عرفت بؤسم " واقعة عرصة كربالء " اصدرت فتو من النجؾ بالتوقؾ‬
‫حفاظا على ارواح المتبقٌن واستعمال التقٌة الى ذروتها ـ ثم ان الشٌعة اكثر الناس مظلومٌة على‬
‫طول الخط منذ تؤسٌسها اٌام تنصٌب االمام علً بن ابً طالب (ع) فً ؼدٌر خم‪ ،‬فمرة ترتفع‬
‫واخر تنخفض نسبتها تبعا للضروؾ السٌاسٌة المحٌطة بهم ‪.‬بطشت بهم حكومة االنقالب‬
‫العمري‪ ،‬ثم مملكة بنً امٌة‪ ،‬ثم االمبراطورٌة العباسٌة‪.‬‬
‫بطش الدولة العثمانٌة‪ ،‬وحركة التبشٌر بالتقدم واالصالح الؽربً ساعد على زٌادة التؽلؽل‬
‫البرٌطانً رؼم معارضة بعض الشعب وظهور حركات مقاومة تحت ذرٌعة ـ "محاوالت الدول‬
‫االستعمارٌة االعتداء على البلدان االسالمٌة واحتاللها" ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الصورة ‪ :‬دخول القوات االنكٌزٌة لبؽداد ‪1917‬م‬

‫سقوط بؽداد ‪: 1917‬‬


‫أرسل االنكلٌز حملة بلػ عددها ‪ 40,000‬مقاتل تحت قٌادة الجنرال (مود) فبدأ الهجوم على الجٌش‬
‫العثمانً فً ‪ 1917/1/9‬فاحتلوا الخطوط االمامٌة لبؽداد بعد عدة معارك استولوا على (الفالحٌة)‬
‫فً ‪ 22‬منه ‪ ،‬تضعضع الجٌش العثمانً فنكص الى سلمان باك ثانٌة ‪ ،‬فؤخذ االنكلٌز ٌطاردونه فلم‬
‫ٌقو على الثبات ‪ ،‬وارتد الى بؽداد‪.‬‬
‫َ‬
‫دخل الجنرال مود بؽداد صباح ‪ ،1917/3/11‬وبعد‬
‫طارده القابد مود واضطره الى ترك بؽداد‪ ،‬ؾ‬
‫ان سقطت بؽداد استولى الجٌش االنكلٌزي على سابر المدن العراقٌة بعد مناوشات ومناهدات ‪،‬‬
‫(* تارٌخ دخول البرٌطانٌٌن العراق فً‬ ‫وبذلك انطوت آخر صفحة من تارٌخ بنً عثمان فً العراق ‪.‬‬
‫الحرب العالمٌة االولى ـ الوثابق الملحقة *)‬
‫وبما ان البحث لٌس مختصا باالمبراطورٌة البرٌطانٌة فً ذلك الزمن فلٌس من شؤننا البحث‬
‫التفصٌلً ولمن اراد التفصٌل ٌستطٌع الحصول على (كتاب الحركات االسالمٌة فً العراق)‪ ،‬ففٌه‬
‫التفاصٌل المملة حٌث ٌروي صاحب الكتاب ان الحركات الثورٌة والمعارضة وحركات الجهاد‬
‫شكلت قواعد كبٌرة وواسعة لثورة النجؾ عام ‪ 1918‬وثورة العشرين الكبرى حٌث قام عدد كبٌر‬

‫‪115‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من المجتهدٌن كان ابرزهم محمد سعيد الحبوبي وكاظم اليزدذ اذا افتى بالجهاد‬
‫بعد اجتماعه الى مبعوث الحكومة العثمانٌة ارسل نجله محمد لٌستنهض العشابر‬
‫للجهاد وفً سامراء كان محمد تقً الشٌرازي قد افتى بوجوب محاربة الكفر‬
‫االنجلٌزي‪ ،‬فً كربالء كان التبرٌزي والخراسانً‪ ،‬وكان الحٌدري فً الكاظمٌة‪،‬‬
‫وكان للخالصً فً البصرة دوره مع العلماء‪ ،‬وكلما ازداد بطش الدولة العثمانٌة ازدادت الحركات‬
‫والثورات‪ .‬رؼم ان عالقة الشٌعة بالدولة العثمانٌة سٌبة اال انهم لم ٌقبلوا باالحتالل البرٌطانً‪،‬‬
‫فوقعوا بٌن ذراعً الكماشة‪ ،‬ولقد فصلـّها الرهٌمً فً الحركات االسالمٌة فً العراق تفصٌل من‬
‫ال ٌرٌد التوقؾ عنه استفدنا من مختصراتها لبٌان ان االمبراطورٌة البرٌطانٌة تؤسست على انقاض‬
‫الدولة العثمانٌة بطرٌقة اقتصادٌة اوال ثم توسعت الى ان اصبحت حركة سٌاسٌة توسعٌة‪.‬‬
‫‪" ،1920/10/25‬تالٌؾ اول حكومة وطنٌة فً العراق برباسة نقٌب االشراؾ‪ ،‬عبدالرحمن‬
‫الكٌالنً‪ ،‬لحقه تؤسٌس الجٌش العراق فً ‪.1921/1/6‬‬
‫‪1884 /5/1‬م‬ ‫‪ ، 1921/3/12‬مإتمر فً القاهرة‪ ،‬تم فٌه تعٌٌن فٌصل بن الحسٌن المولود فً‬
‫حاكما على العراق بدال من سورٌا‪ ،‬وفً الوقت نفسه كان اخوه عبدّللا ٌتقدم‬
‫‪ ،3/2‬وفً اخر‬ ‫بقواته من معان االردنٌة الى الكرك ‪ ،‬لٌصل الى عمّان فً‬
‫الشهر التقى بـ ونستون چرچل وزٌر المستعمرات البرٌطانٌة‪ ،‬فً القدس‬
‫واتفق على اقامة امارة شرقً االردن‪ ،‬تحت الوصاٌة البرٌطانٌة‪ ،‬بعد ان تخلى‬
‫عن عرش العراق‪ ،‬واعلن رسمٌا فً ‪ ،9/1‬فً القاهرة ‪ ،‬تم استثناء االردن‬
‫من " الوطن القومً للٌهود فً صك االنتداب على فلسطٌن " الن االردن كانت جزء منها قبل ذلك‪.‬‬
‫‪ ، 1921/3/13‬استقالل منؽولٌا عن الصٌن‪ ،‬وكنا قد ذكرنا ان امبراطورٌة الصٌن التً اسسها‬
‫جنكٌزخان وتوسعت حتى شمت الشرق والؽرب‪ ،‬تحولت فً الشرق الى الدولة العثمانٌة فٌما‬
‫انحصرت امبراطورٌة الصٌن على االراضً الصٌنٌة الحالٌة‪ ،‬حتى انفصلت عنها منؽولٌا‪ ،‬لتنتهً‬
‫االمبراطورٌة تماما‪.‬‬
‫‪ ، 7/6‬اعلن رسمٌا صك االنتداب على فلسطٌن فً عصبة االمم المتحدة‪ ،‬تمهٌدا لتنفٌذ وعد بلفور‪.‬‬
‫وبعده بؤٌام قالبل قرر مجلس الوزراء العراقً برباسة عبدالرحمن الكٌالنً‪ ،‬المنادات بـ فٌصل بن‬
‫الحسٌن ملكا على العراق‪ ،‬الذي كان قد وصل الى البالد فً ‪ 6/29‬من جدة عند طرٌق البصرة الى‬
‫بؽداد‪ .‬لٌتولى مقالٌد الحكم الملكً فً ‪. 1921/ 8/1‬‬
‫‪116‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد ساهمت الثورة الصناعٌة البرٌطانٌة بشكل كبٌر فً توسع االمبراطورٌة على وجهٌن‬
‫البحث عن الموارد والمعادن كمواد اولٌة لصناعاتها‬ ‫‪‬‬
‫والبحث عن اسواق لمنتجاتها‬ ‫‪‬‬
‫ومن خالل ذلك تم استؽالل االوضاع المتردٌة الثارة النزعات المحلٌة لصالحها عرفت فٌما بعد‬
‫بسٌاسة (فرق تسد) فكانت الدولة االولى فً العالم رؼم ان هناك دول اخر كانت ابرزها فرنسا‬
‫والمانٌا اال ان برٌطانٌا كانت صاحبة السبق آن ذاك‪.‬‬
‫عندما دخلت برٌطانٌا المنطقة العربٌة واالسالمٌة بل جمٌع بلدان العالم دخلتها عن طرٌق‬
‫االقتصاد‪ ،‬شركات اقتصادٌة‪ ،‬حماٌة المصالح البرٌطانٌة‪ ،‬تدخل فً السٌاسٌة على ان الوالة ضعفاء‬
‫وٌحتاجون الى مساعدة من الخارج سواء كان لؽوٌا ً او علمٌاً‪ ،‬اختالؾ الثقافة اختالؾ فً الرأي‪،‬‬
‫تصادم ٌتطور الى حمل السالح‪ ،‬نشؤ بما ٌعرؾ الٌوم بالمقاومة‪.‬‬
‫عندما دخلت العثمانٌون العراق‪ ،‬اهملوا التعلٌم اٌما اهمال فانتشر الجهل‪ ،‬ولوال الكتاتٌب والماللً‬
‫(قراء المجالس الحسٌنٌة عند الشٌعة‪ ،‬وهم مشاٌخ ٌعرفون القراءة والكتابة وٌعلمونها لالطفال‬
‫اضافة الى تعلٌمهم القرآن وبعض االمور المتعلقة بالدٌن) لضاعت اللؽة العربٌة تماما ولما اجاد‬
‫قراءتها احد بعدهم‪ ،‬فقد حرصت الدول المستعمرة على طمس معالمها من اجل طمس الدٌن‪ ،‬كما‬
‫علمنا من مذكرات مستر هنفر الجاسوس البرطانً‪ .‬وعندما جاءت برٌطانا وجدت دولة ٌعمها‬
‫الجهل ففتحت المدارس من اجل تخرٌ دفعات من الموظفٌن لالستفادة منهم فً ادارة الدولة‪ ،‬ولوال‬
‫ذلك لفعلوا ما فعلت فرنسا فً مستعمراتها‪ ،‬حٌث اقامت مدارس فرنسٌة‪ ،‬وحاولت طمس العربٌة ما‬
‫استطاعت الى ذلك سبٌال‪ .‬ونر ذلك واضحا فً الجزابر والمؽرب العربً‪.‬‬
‫ثارت الشعوب على برٌطانٌا النها لم تعطً حق الشعوب بعد ان ظهر منهم المثقفون والواعون‬
‫ٌرض البعضُ اال‬
‫ِ‬ ‫حصل بعضهم على ماٌرضٌهم وخدع البعض اآلخر بمعسول الكالم‪ ،‬فٌما لم‬
‫باالستقالل وصناعة جمهورٌات مستقلة‪.‬‬
‫ان من بٌن الشعوب التً ثارت امرٌكا نفسها لتقوم هً بالدور التالً وعندما فتح لها المجار زرعت‬
‫جٌشها ال كما فعلت برٌطانٌا بل بطرٌقتها الخاصة ‪.‬‬
‫=====‬

‫‪117‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الباب الرابع‬

‫العراق من العصر الملكي الى العصر الجمهورذ‬

‫فصل‪:‬‬
‫ولكل بطل نهاية ‪:‬‬
‫كل دولة ومصٌرها الزوال‪ ،‬ولكل بطل نهاٌة‪ ،‬كانت برٌطانٌا سٌدة العالم بعد االمبراطورٌة‬
‫العثمانٌة اال ان امرٌكا تصاعد صوتها وعال حتى اٌام الحروب الكبر العالمٌة االولى والثانٌة‬
‫فصارت القوة العظمى المنتظرة ‪.‬‬
‫بدأت حركات التحرر فً الشرق والؽرب وافِلت شمس برٌطانٌا عن بؽداد كما افلت شمس آل‬
‫عثمان‪ .‬انطفؤت شمس برٌطانٌا عندما اشرقت شمس ثورة ‪ 14‬تموز عام ‪ 1958‬م على ٌد عبد‬
‫الكرٌم قاسم ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تضارب االحداث السٌاسٌة وفشل الحكومة فً السٌطرة على زمام االمور وتؽلب اراء االحزاب‬
‫رؼم انها تبدو هادبة تماما اال انها تفور من الداخل‪ ،‬استؽلتها تنظٌمات فً داخل الجٌش العراقً‬
‫وحركة الضباط االحرار ساعد فً انبثاق ثورة عارمة فً عام ‪ 1958‬فجلس على الكرسً الزعٌم‬
‫عبدالكرٌم قاسم معلنا سقوط العهد الملكً وانشاء الجمهورٌة العراقٌة فً ‪ 14‬تموز ‪. 1958‬‬
‫‪----------‬‬
‫حكم بؽداد فً زمن برٌطانٌا ‪:‬‬

‫فٌصل اِلول‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً ‪ 1885‬ومات فً ‪1933‬حكم العراق باستفتاء عام‬
‫من ‪ 1921‬حتى وفاته‬

‫ؼازي اِلول‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً ‪ 1912‬وتفوفً فً ‪ 1939‬ورث العرش بعد ابٌه فً سنة ‪ 33‬وتوفً بحادث سٌارة‬

‫فٌصل الثانً‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً ‪ 1935‬ورث العرش بعد ابٌه فً سنة ‪ 53‬حتى قتل فً ‪1958‬‬

‫‪119‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪120‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫====‬
‫الجمهورٌة العراقٌة االولى‬

‫عبد الكرٌم قاسم‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً ‪ 1914‬ـ قام بالثورة فً ‪ 1958 / 7 / 14‬راح ضحٌة انقالب عسكري فً ‪1963‬‬

‫عبد السالم عارؾ‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً ‪ 1921‬وحكم بعد االنقالب العسكري ‪ 1963‬توفً بحادث طابرة سنة ‪1966‬‬

‫عبد الرحمن عارؾ‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً سنة ‪ ، 1918‬وخلؾ اخاه على الحكمم فً ‪ ، 66‬سقط حكمه بانقالب البعثٌٌن سنة ‪68‬‬
‫========‬
‫الجمهورٌة العراقٌة الثانٌة‬

‫أحمد حسن البكر‬ ‫‪‬‬


‫ولد فً ‪ ، 1914‬جاء بانقالب عسكري سنة ‪ ، 68 / 7 /17‬وانتهى باستقالته سنة ‪79‬‬

‫‪121‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صدام حسٌن ولد فً ‪ 37‬وخلؾ البكر بحكم العراق ‪ 79‬سقط بالهجوم االمرٌكً على‬ ‫‪‬‬
‫العراق فً ‪ 2003‬وتم اعدامه فً ‪ 2006‬بعد محاكمة دامت ثالث سنوات‬
‫الجمهورية العراقية الثالثة‬

‫أعلن ٌوم اِلحد ‪ 2003-07-15‬فً بؽداد عن أسماء أعضاء مجلس الحكم االنتقالً العراقً‬
‫وٌتؤلؾ المجلس الذي له صالحٌات استشارٌة لد إدارة الحكم المدنً اِلمرٌكٌة فً العراق‪ ،‬من‬
‫‪ 25‬عضوا من السنة والشٌعة والمسٌحٌٌن والعرب واِلكراد والتركمان و اآلشورٌٌن‪.‬‬
‫ولم تمثل فً المجلس الحركة الملكٌة الدستورٌة العراقٌة‪ ،‬التً ٌتزعمها الشرٌؾ علً بن الحسٌن‪.‬‬
‫وفً ما ٌلً قابمة بؤسماء أعضاء المجلس حسب التسلسل اِلبجدي‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهٌم الشٌقر الجعفري(شٌعً)‪ ،‬المتحدث باسم حزب الدعوة اإلسالمً (من كربالء)‪ ،‬وقد تم‬
‫حظر الحزب عام ‪ 1980‬مما اضطره للهرب إلى الخارج‪.‬‬
‫‪122‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ -‬أحمد شٌاع البراك(شٌعً)‪ ،‬نقٌب المحامٌن وربٌس رابطة حقوق االنسان فً بابل‪ ،‬وأحد شٌوخ‬
‫عشٌرة آل بوسلطان‪.‬‬
‫‪ 1992‬بمساندة‬ ‫‪ -‬أحمد الجلبً(شٌعً)‪ ،‬زعٌم جماعة المإتمر الوطنً العراقً التً تؤسست عام‬
‫من وزارة الدفاع االمرٌكٌة (البنتاجون) وقد أمضى ‪ 45‬عاما خارج العراق‪.‬‬
‫‪ -‬إٌاد عالوي(شٌعً)‪ ،‬زعٌم جماعة الوفاق الوطنً العراقً المإسسة عام ‪،1990‬‬
‫‪ -‬جالل الطالبانً‪،‬زعٌم االتحاد الوطنً الكردستانً (السلٌمانٌة)‪ ،‬وقد انفصل عن الحزب‬
‫الدٌموقراطً الكردستانً عام ‪ 1975‬لٌإسس االتحاد الذي ٌسٌطر على الجزء الجنوبً الشرقً‬
‫من شمال العراق‪.‬‬
‫‪ -‬حمٌد مجٌد موسى(شٌعً)‪ ،‬سكرتٌر الحزب الشٌوعً العراقً منذ عام ‪(1993‬بابل)‪،‬‬
‫‪ -‬دارا نور الدٌن‪ ،‬قاض عضو بمحكمة االستبناؾ ومعارض سابق‪ ،‬حكم علٌه بالسجن لمدة ثالث‬
‫سنوات فً عهد الربٌس السابق صدام حسٌن بسبب حكمه بعدم دستورٌة احد مراسٌمه الخاصة‬
‫بمصادرة االراضً‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الكرٌم المحمداوي المعروؾ باسم أمٌر اِلهوار (شٌعً)‪ ،‬ربٌس حزب ّللا العراقً‬
‫(العمارة)‪،‬‬
‫‪ -‬عدنان الباجه جً(سنً)‪ ،‬زعٌم تجمع الدٌمقراطٌٌن العراقٌٌن المستقلٌن‪ ،‬وزٌر خارجٌة ما بٌن‬
‫عامً ‪1965‬و‪ 1967‬قبل وصول حزب البعث إلى السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬عقٌلة الهاشمً(شٌعٌة)‪ ،‬دبلوماسٌة سابقة فً خارجٌة حكومة صدام‪ ،‬وخبٌرة فً الشإون‬
‫الخارجٌة والقانون‪ ،‬حاصلة على درجة الدكتوراه فً االدب الفرنسً‪ .‬حلت سالمة الخفاجً محل‬
‫عقٌلة الهاشمً التً أؼتٌلت فً سبتمبر – أٌلول ‪2003‬‬
‫‪ -‬ؼازي عجٌل الٌاور(سنً)‪ ،‬تربطه عالقة قرابة بشٌخ قبٌلة شمَّر المإلفة من شٌعة وسنة‪ ،‬مهندس‬
‫مدنً قضى ‪ 15‬عاما فً السعودٌة‪.‬‬
‫‪ -‬محسن عبد الحمٌد(سنً)‪ ،‬زعٌم الحزب اإلسالمً العراقً‪ ،‬واكادٌمً فً جامعة بؽداد (من‬
‫كركوك)‪ ،‬كاتب له مإلفات عدة فً شروح القرآن الكرٌم‪.‬‬
‫‪ -‬محمد بحر العلوم‪ ،‬عالم دٌن (شٌعً) وربٌس مإسسة أهل البٌت الخٌرٌة فً لندن‪،‬‬
‫‪ -‬محمود عثمان‪ ،‬سٌاسً كردي مستقل‪ ،‬شؽل مناصب عدة فً الحزب الدٌموقراطً الكردستانً‬
‫فً الستٌنٌات قبل انتقاله الى لندن التً اسس فٌها الحزب االشتراكً الكردستانً‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ -‬مسعود برزانً(سنً)‪ ،‬زعٌم الحزب الدٌمقراطً الكردستانً (أربٌل)‪،‬‬


‫‪ -‬موفق الربٌعً(شٌعً)‪ ،‬طبٌب تلقى تعلٌمه فً برٌطانٌا وعاش لفترة طوٌلة فً لندن‬
‫‪ -‬نصٌر كامل الجادرجً(سنً)‪ ،‬زعٌم الحزب الوطنً الدٌمقراطً العراقً‪ ،‬حقوقً ورجل‬
‫اعمال‪،‬‬
‫‪ -‬وابل عبد اللطٌؾ(شٌعً)‪ ،‬قاضي‪.‬‬
‫‪ٌ -‬ونادم كنه‪ ،‬زعٌم الحركة اآلشورٌة الدٌمقراطٌة‪،‬‬
‫‪ -‬السٌدة رجاء حبٌب الخزاعً(شٌعً)‪ ،‬مدٌرة مستشفى للوالدة فً جنوب العراق‪ ،‬درست وعاشت‬
‫فً المملكة المتحدة خالل الستٌنٌات والسبعٌنٌات قبل ان تعود إلى العراق عام ‪.1977‬‬
‫‪ -‬سمٌر شاكر محمود الصمٌدعً(سنً)‪ ،‬رجل أعمال ومعارض‬
‫‪ -‬صالح الدٌن محمد بهاء الدٌن(سنً)‪ ،‬زعٌم حزب االتحاد اإلسالمً الكردستانً الذي اسسه عام‬
‫‪ ، 1991‬من حلبجة بمحافظة السلٌمانٌة‪ ،‬وٌعد حزبه الثالث فً ترتٌب القو المسٌطره على الشمال‬
‫العراقً‪.‬‬
‫‪ -‬صون كول جاجوك‪ ،‬ناشطة نسابٌة من التركمان العراقٌٌن‪( ،‬كركوك)‪ ،‬مهندسة واستاذة‪.،‬‬
‫‪ 17‬ماٌو – أٌار‬ ‫‪ -‬عز الدٌن سلٌم(شٌعً)‪ ،‬زعٌم حزب الدعوة اإلسالمٌة فً البصرة‪ .‬أؼتٌل فً‬
‫‪2004‬‬
‫‪ -‬عبد العزٌز الحكٌم(شٌعً)‪ ،‬أحد قادة المجلس اِلعلى للثورة اإلسالمٌة فً العراق‪ ،‬شقٌق ربٌس‬
‫المجلس آٌة ّللا محمد باقر الحكٌم الذي ٌرؼب فً إقامة نظام اسالمً فً البالد‪ ،‬وقد عاد عبد‬
‫العزٌز الى العراق بعد ‪ 20‬عاما فً المنفى‪.‬‬
‫وقد جر اإلعالن عن تشكٌلة مجلس الحكم االنتقالً العراقً الحاكم المدنً اِلمرٌكً للبالد (بول‬
‫برٌمر‪ ،‬وسرجٌو دٌمٌلٌو ممثل اِلمٌن العام لالمم المتحدة)‬
‫الحكومات التً جاءت بعد مجلس الحكم ـ جاءت بصنادٌق االقتراع واالنتخابات الحرة ضمن‬
‫قوابم حزبٌة وتجمعات وافراد ‪ ،‬جرت االنتخابات على عموم العراق وخارجه حٌث الجالٌات‬
‫العراقٌة المنتشرة حول العالم‪.‬‬
‫=========‬

‫‪124‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الجمهورية العراقية االولى ‪:‬‬


‫صارت بؽداد فً قبضة قاسم هذ ِه المرة بعد ان كانت فً قبضة االمبراطورٌة البرٌطانٌة ‪ ،‬اال انه‬
‫ؼادرها الى الدار اآلخرة على اٌدي من قاموا معه وبمساندة حزب البعث الذي حاول استالم زمام‬
‫االمور اال ان بؽداد سقطت فً قبضة االخوٌن عارؾ حتى عام ‪ 1968‬حٌث سقطت بؽداد فً ٌد‬
‫البعثٌٌن تماما واسسوا جمهورٌة الرعب فً ‪ 17‬تموز عام ‪ 1968‬فجلس على كرسً بؽداد احمد‬
‫حسن البكر‪ ،‬كان صدام حٌنها طموحا الى الكرسً ساعدته الظروؾ ان جلس على الكرسً بعد ان‬
‫ازاح البكر من طرٌقة فً عام ‪. 1979‬‬

‫مقدمات ثورة قاسم ‪:‬‬

‫عبدالكرٌم قاسم ٌفترش االرض فً‬


‫مكتبة فً قصر الرباسة فهو مقر‬
‫عمله وبٌت ِه‬

‫"ولد عبدالكرٌم قاسم فً ‪ 21‬نوفمبر‪ /‬تشرٌن الثانً عام ‪ 1914‬فً محلة المهدٌة ببؽداد من اب‬
‫سنً كان ٌعمل نجارا وٌدعى قاسم محمد البكر وام شٌعٌة من مدٌنة الصوٌرة جنوب بؽداد وتدعى‬
‫(كٌفٌة حسن ٌعقوبة التمٌمً )‪ .‬وقال المحامً عبداللطٌؾ العبٌدي ( ‪ 70‬عاما ً) والذي جاء من منطقة‬
‫الكرادة لٌر التمثال “لم نكن نحبه فقط كنا نمٌل الى تقدٌسه ِلنه كان رجالً بسٌطا ً وفقٌراً مثلنا‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عاش ومات وهو ال ٌملك شٌبا ً”‪(" .‬مقطع من نص فً الوثابق المكتوبه تحت عنوان ازاحة الستار‬
‫عن ‪)...‬‬
‫ادركت القو واِلحزاب الوطنٌة استحالة تؽٌٌر اِلوضاع فً البالد من دون تعاونها المشترك‪،‬‬
‫وبموجب برنام ٌتم االتفاق بشؤنه من قبل كافة اِلطراؾ‪ .‬ونتٌجة للمساعً المبذولة فً هذا السبٌل‬
‫من قبل سابر اِلطراؾ‪ ،‬فقد جرت لقاءات بٌن الحزب الوطنً الدٌمقراطً‪ ،‬وحزب االستقالل‪،‬‬
‫والحزب الشٌوعً‪ ،‬وحزب البعث العربً االشتراكً‪ ،‬والعدٌد من الشخصٌات الوطنٌة المستقلة‪،‬‬
‫وتم خالل تلك اللقاءات دراسة مكثفة حول السبل والوسابل الكفٌلة لتحقٌق أهدافها وطموحاتها‪،‬‬
‫وإنقاذ الشعب العراقً من تلك الزمرة التً استهترت بحقوقه وحرٌاته ومصالحه‪ ،‬وربطت البالد‬
‫فً شباط من عام‬ ‫بعجلة اإلمبرٌالٌة‪ .‬وقد أسفرت تلك الجهود عن تشكٌل {جبهة االتحاد الوطنً}‬
‫(*تارٌخ العراق الحدٌث ‪ ،‬حامد الحمدانً ‪،‬‬ ‫‪ ،1957‬وتم تشكٌل لجنة علٌا تضم ممثلٌن عن تلك اِلحزاب‬
‫الفصل العاشر*)‪.‬‬

‫شاهد عيان على ثورة قاسم ‪:‬‬


‫‪ )1932‬الذي‬ ‫وهو من موالٌد‬ ‫رو (والدذ عبداالمير السويلمان‬
‫كان حٌنها جندٌا فً مقر القٌادة فً لواء عبدالكرٌم قاسم‪ ،‬ان‬
‫عبد الكرٌم قاسم امروه ان ٌخرج بلواءه الى االردن او‬
‫سورٌا‪ ،‬فطلب من الجٌش اعداد العدة والسالح وادوات‬
‫االستعراض وماشاكلها الن مروره سوؾ ٌكون ببؽداد‪،‬‬
‫فقمنا بانجاز االوامر كما طلب ولم ٌكن اي ضابط حتى‬
‫اقرب المقربٌن منه ٌعلم ماٌدور فً رأسه‪ ،‬وطلب من بعض‬
‫موالٌد‬
‫الكتابب والمقرات البقاء فً محلها ـ خلفٌات ـ فكنت انا فٌها‬
‫مع بعض الضباط‪ ،‬دخل بؽداد دخول المستعرض فلما وصل الى الطرٌق الذي ٌخرجه من بؽداد‬
‫امر الجٌش بالتوقؾ والعودة والتوجه الى القصر وامر مجموعة اخر بدخول االذاعة فورا بعد ان‬
‫وصلها‪ ،‬اعلن امام الجميع بيان قيام الثورة وانهاء االحتالل البريطاني ‪ ،‬ودخول القصر‪ ،‬فلما سمع‬
‫اصحاب المناصب والوزراء ذلك لم ٌخرج احد من بٌته الى القصر فدخله عبدالكرٌم قاسم منتصرا‬
‫دون دماء ‪ ،‬هرب حٌنها ـ والحدٌث لوالدي ـ نوري سعٌد مرتدٌا عباءة نسابٌة الى ساحة بؽداد‬
‫‪126‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مستطلعا االمر وكان قد هًء له زورقا للهرب به عن طرٌق دجلة كان كل ضنه انه اذا خرج من‬
‫بؽداد كان له االمر فً العودة وافشال الثورة‪ ،‬اال ان امره كشؾ فً وسط شوارع بؽداد وعرفه‬
‫الناس فاحاطوا به‪ ،‬فاطلق النار على رأسه وسقط فً الحال‪.‬‬
‫كنت جالسا حٌنها فً بهو الضباط‪ ،‬جاء احدهم مسرعا قال ـ عبداالمٌر ‪ ،،،‬افتح الرادٌوا بسرعة‪،‬‬
‫قلت ماذا حصل ـ قال افتح‪ ،‬فقمت بفتح الرادٌو‪ ،‬واذا هو ٌذٌع التفاصٌل‪ ،‬صاح الضباط المتواجدون‬
‫فً قاعة البهو بؤعال اصواتهم‪ "(( ،‬ـ فعل ْـ َها إكرٌّم ـ" ))‪ ،‬وبدأ الضحك‪ ،‬واالحتفال‪ ،‬وبعدها بوقت‬
‫قصٌر قالوا هرب نوري السعٌد ‪ ،‬من بٌته ومن ٌستطع القاء القبض علٌه فله جابزة مالٌة‪ ،‬ـ والزال‬
‫الحدٌث لوالدي ـ قال‪ ،‬فضرب الضباط اٌادٌهم اسفاً‪"(( ،‬ال حول وال قوة اال بالِل ‪ ،‬أفلتَ اللعٌن"))‪.‬‬
‫ــــ ( وكلمة لعٌن ٌطلقها العراقٌون دابما سواء كان ذما او مدحا ‪،‬ؼاضبٌن او فرحٌن ‪ ،‬وهناك‬
‫كلمات اخر مشابهة المجال لذكرها) ‪ ،‬وٌستمر والدي فً الحدٌث وٌقول‪ :‬مر وقت ؼٌر قصٌر‪،‬‬
‫واذا بالرادٌو ٌذٌع خبر انه عثر على نوري سعٌد فً الشارع فاطلق النار على رأسه بعد ان‬
‫حاصره الناس‪ ،‬قفز الضباط من اماكنهم‪"(( :‬قالوا ــ عبداالمٌر ؼداك ‪ ،‬صارت حلوه ال گعده"))‪.‬‬
‫((الگع ده ‪ :‬اي المجلس ‪ ،‬او الجلسة))‬ ‫انتهى حدٌث والدي عنها‪.‬‬

‫نورذ السعيد وقصة هروبه ومقتله‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ذكر الكاتب ( هرمز كوهاري) فً رواٌة عن هروب نوري السعٌد قوله لجأ نوري السعٌد الى بٌت‬
‫هاشم جعفر‪ ،‬اخو ضٌاء جعفر الوزٌر المعروف فً العهد الملكً ‪ ،‬فخرج ـ عمر بن هاشم جعفر ـ‬
‫حاال من البٌت‪.‬‬
‫خرج فورا مع إمرأتٌن من عائلة االستربادي مرتدٌا عباءة نسائٌة‪،‬‬
‫عرف نوري بنواٌا ـ عمر ـ ف‬
‫ومن سوء حظه ظهرت البجامة من تحت العباءة أثناء سوأله عن بٌت أحد الشٌوخ بٌت (العرٌبً)‬
‫وصاح أبو الدكان "نوري السعٌد‪ ..‬نوري السعٌد " وهجمت الجماهٌر علٌه وفتكت به قبل أن ٌصل‬
‫ـ وصفً طاهر ـ المرافق االمٌن والمخلص للزعٌم وأصاله بعدة صلٌات‪ ،‬ثم سحل فً الشوارع‬
‫ٌقول الكاتب‪ :‬إلتقٌت بـ ـ عمر ـ بطرٌق الصدفة فً الشارع‬ ‫بعد أن تعرفوا علٌه فً القٌادة‪.‬‬
‫ومدحته على عمله هذا‪ ،‬هنا أرٌد أن أوكد أن ـ عمرا ـ لم ٌبلغ عن نوري السعٌد‪ ،‬طمعا بالجائزة‬
‫النه من عائلة ثرٌة‪ ،‬وقال لً‪" :‬عندما قدم لً الزعٌم الجائزة شكرنً وأنا بدوري تبرعت بنصفها‬
‫كتاب الذكرٌات عن الثورة‬ ‫‪*(( "...‬‬ ‫أي (بخمسة االف) دٌنار الى الدولة‪ ،‬فكرر الزعٌم شكره لً‪.‬‬
‫وقائدها الزعٌم عبد الكرٌم قاسم ‪ ،‬هرمز كوهاري ")) التفاصٌل فً الوثائق الملحقة فً اخر الكتاب‬
‫وٌبدوا ان قضٌة السحل (سحب الجثة بالحبال او بؽٌرها) عادة قدٌمة عند العراقٌٌن وقد مرت بً‬
‫حوادث تارٌخٌة مشابهة منذ زمن البابلٌٌن الى ٌومنا هذا ٌقتلون وٌسحبون المقتول انتقاما منه او‬
‫تشفٌا ‪ ،‬واذا لم ٌتمكنوا منه بنفسه سحبوا تصوره مجسما او ثنابٌا ‪ ،‬كما فعلوا فً تمثال صدام‬
‫سحبوه فً شوارع بؽداد ‪ ،‬وضبوا صورته بالنعال ‪ ،‬كما فعلوا فً ضرب صورة صدام فً‬
‫االنتفاضة الشعبانٌة سنة ‪ 91‬والتً على اثرها قامت االنتفاضة ‪ ،‬ولو شاءت االقدار ان ٌسحب‬
‫صدام بعد اعدامه لفعلوا ذلك ‪.‬‬
‫وفي رواية اخرى ‪:‬‬
‫ك نوري السعٌد بابن هاشم جعفر‪ ،‬الذي خرج من الدار‪،‬خوفا ً من إبالغ السلطة الجدٌدة عن مكان‬
‫ش ّ‬
‫يبً]‪ ،‬فً منطقة البتاوٌٌن‬ ‫وجوده‪ ،‬فؽادر الدار متوجها إلى قصر اإلقطاعً الكبٌر [محمد العر‬
‫وبرفقته زوجة االستربادي وخادمه ‪ .‬وفً الطرٌق اكتشفته جماهٌر الشعب ‪ ،‬فراح ٌطلق النار فً‬
‫الهواء من مسدسه‪ ،‬لعله ٌستطٌع التخلص منهم‪ ،‬لكنه فشل فً ذلك‪ ،‬وأضطر إلى أن ٌطلق آخر‬
‫رصاصة على رأسه‪ ،‬مفضالً االنتحار على الوقوع بؤٌدي الشعب‪ ،‬وقد مثلت الجماهٌر بجثته ولم‬
‫(* تارٌخ العراق الحدٌث‪ ،‬حامد الحمدانً‪ ،‬الفصل الثانً‪ :‬فجر الثورة *) (* الوثابق الملحقة ‪ :‬حٌاة‬ ‫تبق لها أثراً‪.‬‬
‫ِ‬
‫نوري سعٌد ونشاطاته *)‬

‫‪128‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبهذ ِه الطرٌقة انتهت بؽداد من اٌدي البرٌطانٌٌن الى اٌدي عبدالكرٌم قاسم الذي رحل هو بدورة‬
‫الى دار االخرة على اٌدي البعثٌة فً انقالبهم االسود‪.‬‬
‫‪ ،1959‬ان االمر كان اقو من الصاعقة على‬ ‫ٌقول والدي ـ الذي ترك الخدمة العسكرٌة فً‬
‫رإوسنا حٌنما سمعنا ان عبدالكرٌم ؼادر الدنٌا على اٌادي هإالء ‪ .‬فبات الشارع العراقً كله فً‬
‫صمت حزٌن وكؤن الدنٌا انتهت وحان موعد الرحٌل منها وقامت القٌامة‪.‬‬
‫"سقطت بؽداد هذ ِه المرة بٌد البعثٌة فً الساعة التاسعة من صباح ٌوم الجمعة ‪ 8‬شباط عام ‪1963‬‬
‫بعدها‪".‬‬ ‫فسالت اودٌة الدماء دون هواده‬
‫(* تارٌخ العراق الحدٌث ‪ ،‬حامد الحمدانً ‪ ،‬الفصل السابع ‪ :‬انقالب ‪ 8‬شباط ‪ 1963‬الفاشً *)‬
‫‪....‬‬

‫‪129‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لم تكن ثورة عبدالكرٌم لتروق للرأي العام العالمً حٌث ان مصالحهم بسلب خٌرات العراق قد‬
‫ض ْ‬
‫ُربت عرض الحابط ولم ٌتفق معه الضعفاء فدبروا الحٌل والخدع حتى اطٌح بقاسم فً نهاٌة‬
‫االمر على اٌدي البعثٌة وبمساعدة امرٌكة ‪.‬‬
‫منجزات ثورة عبدالكرٌم قاسم كما ٌراها الكاتب عبدالخالق ‪ " :‬ننظر إلى إنجازات الثورة باإلرتباط‬
‫إلى ما حققته من تحوالت كبٌرة فً المجتمع العراقً وبقٌت تؤثٌراتها حتى الٌوم رؼم الثورات‬
‫المضادة‪ ،‬نلخص أهمها كما ٌلً‪:‬‬
‫ً‬
‫السٌاسٌة الداخلٌة‪:‬‬ ‫اوالً‪ -‬المنجزات‬
‫‪-1‬إلؽاء الملَكٌة وإقامة النظام الجمهوري‪.‬‬
‫‪-2‬تفجٌر الوعً السٌاسً لد الجماهٌر الشعبٌة الواسعة التً كانت محرومة من المساهمة العلنٌة‬
‫فً النشاطات السٌاسٌة‪ ،‬وبذلك رفع مستو الوعً لد الجماهٌر بحقوقها وواجباتها الوطنٌة‪،‬‬
‫وانؽمرت فً نشاطات اِلحزاب السٌاسٌة‪ .‬إطالق السجناء السٌاسٌٌن‪ ،‬وحرٌة التعبٌر والتفكٌر‬
‫والعمل النقابً والسٌاسً والثقافً‪..‬الخ‬
‫‪-3‬تعزٌز اإلستقالل السٌاسً‪ ،‬إذ حققت الثورة الحفاظ على كٌان العراق السٌاسً واستقالله الناجز‬
‫وسٌادته الوطنٌة الكاملة وإلؽاء جمٌع المعاهدات االستعمارٌة الجابرة والمخلة بالسٌادة الوطنٌة‪.‬‬
‫‪-4‬فً مجال الوحدة الوطنٌة وحقوق القومٌات‪ :‬التؤكٌد على شراكة العرب واِلكراد فً الوطن‬
‫العراقً‪ .‬وهذا ما أكد علٌه الدستور المإقت (المادة الثالثة) وِلول مرة فً تارٌخ العراق‪ ،‬مع‬
‫ضمان حقوق جمٌع القومٌات اِلخر فً المواطنة الكاملة‪.‬‬
‫‪-5‬ألؽت الثورة سٌاسة اإلنحٌاز نحو الؽرب واِلحالؾ العسكرٌة والتً سار علٌها النظام الملكً‬
‫والتً أدت إلى إضعاؾ العراق عسكرٌاً‪ِ ،‬لن الدول الؽربٌة لم ِّ‬
‫تزود العراق بالسالح خالل تلك‬
‫الفترة حٌث كشفت ثورة ‪ 14‬تموز بؤن العراق لم ٌكن ٌملك حتى شبكة رادار بالرؼم من كونه‬
‫عضواً فً حلؾ بؽداد‪ .‬أما سٌاسة الحٌاد التً سار علٌها النظام الجمهوري فقد أدت إلى حصول‬
‫العراق على اِلسلحة من كال المعسكرٌن الشرقً والؽربً‪.‬‬
‫‪ 700‬جمعٌة‪،‬‬ ‫‪ ،1961‬والذي بموجبه أجٌزت ما ٌقارب من‬ ‫‪-6‬صدور قانون الجمعٌات عام‬
‫وإجازة اِلحزاب السٌاسٌة المإمنة بالدٌمقراطٌة‪.‬‬
‫‪ -7‬ألؽت اِلبعاد الطابفٌة من ممارسات الدولة الرسمٌة‪ ،‬ووضعت اِلسس إللؽاء التمٌٌز الطابفً فً‬
‫العراق‪ ،‬تلك السٌاسٌة التً مورست خالل الحكم العثمانً واستمر علٌها العهد الملكً‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪-8‬إعتماد وتعزٌز مقومات الهوٌة الوطنٌة العراقٌة‪.‬‬


‫ثانٌا ً‪ -‬فً السٌاسة العربٌة والمواقؾ القومٌة‪:‬‬
‫‪-1‬توقٌع معاهدات ثقافٌة واقتصادٌة وعسكرٌة مع الجمهورٌة العربٌة المتحدة‪ .‬والعمل على تقوٌة‬
‫التضامن العربً وتنشٌط دور العراق ضمن مإسسات الجامعة العربٌة‪.‬‬
‫‪-2‬دعم حركات التحرر الوطنً العربٌة‪ ،‬منها‪ ،‬دعم الثورة الجزابرٌة وتخصٌص ملٌونً دٌنار‬
‫‪ %2‬من المٌزانٌة‬ ‫سنوٌا ً من المٌزانٌة لها‪ ،‬وكان هذا مبلؽا ً كبٌراً فً وقته إذ كان ٌشكل نسبة‬
‫العراقٌة‪ .‬وكان العراق أول دولة تعترؾ بمٌالد الجمهورٌة الجزابرٌة‪ .‬كما أجزلت حكومة الثورة‬
‫فً دعم ثورة ظفار‪ ،‬ومساعدة اإلمارات العربٌة فً الخلٌ قبل تراكم الثروة النفطٌة عندهم‪ .‬ودعم‬
‫نضال الوطنٌٌن اللبنانٌٌن ضد حكومة كمٌل شمعون والتدخل اِلمرٌكً‪.‬‬
‫‪-3‬تؤسٌس جٌش التحرٌر الفلسطٌنً‪ .‬فسح المجال أمام الشباب الفلسطٌنً للتدرٌب والعمل فً‬
‫الجٌش العراقً ومعاهده‪ .‬كما وأقترح قابد الثورة الزعٌم عبدالكرٌم قاسم‪ ،‬تؤسٌس الدولة الفلسطٌنٌة‬
‫فً الضفة الؽربٌة التً كانت تحت حكم اِلردن‪ ،‬وقطاع ؼزة الذي كان تحت حكم مصر آنذاك‪.‬‬
‫فعارضه بشدة الحكام العرب وعلى رأسهم الربٌس جمال عبد الناصر‪ .‬ولو تحقق هذا اإلقتراح‬
‫وتؤسست الدولة الفلسطٌنٌة آنذاك‪ ،‬لكانت تحظى باإلعتراؾ والشرعٌة الدولٌة‪ ،‬ولما استطاعت‬
‫إسرابٌل إحتاللها عام ‪ 1967‬وإلؽاءها كدولة ولما حصل ما حصل من كوارث فٌما بعد‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬فً السٌاسة الخارجٌة‪:‬‬


‫‪-1‬لقد حررت ثورة ‪ 14‬تموز ‪ 1958‬سٌاسة العراق الخارجٌة من كل سلطان وتوجٌه خارجً‪،‬‬
‫وأصبحت ال تستهدؾ إال مصلحة العراق ومصلحة العرب والحرٌة والسالم فً العالم‪.‬‬
‫‪-2‬اإلنسحاب من اِلحالؾ العسكرٌة‪ ،‬وإقامة العالقات المتوازنة مع التكتالت اإلقلٌمٌة والدولٌة‬
‫‪ 24‬آذار ‪ .1959‬وفً الحقٌقة أعتبر‬ ‫واِلفرو‪-‬آسٌوٌة‪ .‬حٌث تم اإلنسحاب من حلؾ بؽداد ٌوم‬
‫الحلؾ مٌتا ً من أول ٌوم الثورة‪ .‬أما تؤخٌر اإلعالن الرسمً فكان ِلؼراض سٌاسٌة وتكتٌكٌة لصالح‬
‫العراق‪ ،‬منها مثالً‪ ،‬ضمان عدم تدخل دول الحلؾ ضد الثورة‪ ،‬وعلى اِلخص بعد اإلنزال‬
‫اِلمرٌكً فً لبنان والبرٌطانً فً اِلردن بعد أٌام من تفجٌر الثورة لوأدها والقضاء على‬
‫الجمهورٌة الفتٌة‪ .‬ولضمان اعتراؾ دول الحلؾ بحكومة الثورة وبالنظام الجمهوري فً العراق‪.‬‬
‫وعدم قطع العالقة بدول الجوار‪ .‬كذلك كتكتٌك ذكً من الزعٌم قاسم ورؼبة حكومة الثورة‬
‫‪131‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 20‬آب ‪ " :1958‬إن‬ ‫استمرار الحصول على اِلسلحة من الدول الؽربٌة‪ .‬حٌث ذكر الزعٌم فً‬
‫المساعدات العسكرٌة اِلمرٌكٌة ستصل فً اإلسبوع القادم‪ ،‬وإن مبدأنا أن نكون أصدقاء مع دول‬
‫العالم لذلك ال ٌوجد سبب لرفضه" ‪.‬‬
‫كذلك إن تجمٌد نشاطات العراق فً الحلؾ منذ الٌوم اِلول للثور‪ ،‬أعتبر بمثابة اإلنسحاب منه‪،‬‬
‫وعدم رؼبة العراق فً إثارة الحكومة البرٌطانٌة ضدها وخلق المشاكل السٌاسٌة واإلقتصادٌة لها‬
‫عن طرٌق شركات النفط واِلرصدة العراقٌة هناك‪.‬‬
‫‪-3‬ساهم العراق بدور فعال فً تؤسٌس منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)‪ ،‬والذي صار سالحا ً‬
‫ماضٌا ً لحماٌة حقوق الدول النفطٌة‪.‬‬
‫‪-4‬توقٌع معاهدة صداقة مع اإلتحاد السوفٌتً والدول اإلشتراكٌة‪.‬‬

‫رابعا ً‪-:‬إجتماعٌا ً‪:‬‬


‫‪-1‬إلؽاء العالقات اإلقطاعٌة‪ ،‬وإلؽاء قانون حكم العشابر الذي كان ٌخوِّ ل شٌوخ اإلقطاع بحسم‬
‫القضاٌا الجزابٌة فً مناطقهم‪ ،‬وهو قانون سنه اإلنكلٌز إلرشاء شٌوخ العشابر لكسب والبهم‪ .‬كان‬
‫سكان اِلرٌاؾ ٌشكلون حوالً ‪ %60‬من الشعب‪ .‬وبذلك فكانت سلطة القضاء محصورة على‬
‫المدن فقط دون سكان اِلرٌاؾ اِلمر الذي كان له مردود سلبً على تطوٌر الرٌؾ حضارٌا ً‪.‬‬
‫‪-2‬إصدار قانون اإلصالح الزراعً وإلؽاء اإلقطاع‪ .‬وهذا بحد ذاته ثورة إجتماعٌة لصالح المالٌٌن‬
‫من الفالحٌن الفقراء‪.‬‬
‫‪ -3‬قامت الثورة بتشرٌع قانون اِلحوال الشخصٌة‪ ،‬الذي بموجبه أعاد اإلعتبار للمرأة العراقٌة التً‬
‫كانت مسحوقة فً جمٌع اِلزمنة ما قبل الثورة‪ .‬وأقر القانون مساواتها بالرجل فً المٌراث‪،‬‬
‫وشهادتها فً المحاكم تعادل شهادة الرجل‪ ،‬كذلك مسؤلة تعدد الزوجات فً صالح المرأة‪ .‬وبذلك‬
‫أعادت الثورة للمرأة إعتبارها كإنسانة لها كرامتها وشعورها بآدمٌتها‪ ،‬وفسح المجال أمامها لتلعب‬
‫دورها الكامل فً بناء اِلسرة والمجتمع ومساواتها بؤخٌها الرجل فً الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫‪-4‬نشر التعلٌم‪ .‬لقد أزداد عدد المدارس والمعاهد العلمٌة وعدد الطلبة والمدرسٌن خالل أربع‬
‫‪ 38‬عاما ً‪ .‬إضافة‬ ‫سنوات ونصؾ السنة من عمر الثورة إلى ضعؾ ما حققه النظام الملكً خالل‬
‫إلى إرسال آالؾ الطلبة إلى الخارج فً بعثات دراسٌة فً مختلؾ المجاالت العلمٌة الالزمة لبناء‬
‫الركابز اإلقتصادٌة وإدارتها وإدامتها وخاصة المرافق النفطٌة‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪-5‬تبنت الثورة سٌاسة العدالة اإلجتماعٌة على المستو الطبقً والجؽرافً حٌث عممت المشارٌع‬
‫كافة مٌادٌن النشاط اإلجتماعً والمدن العراقٌة‪.‬‬
‫‪-6‬قللت من الفوارق بٌن المدٌنة والرٌؾ وتعزٌز الصلة بٌنهم‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬إقتصادٌا ً‪:‬‬
‫‪-1‬تحرٌر النقد العراقً من الكتلة اإلسترٌلٌنٌة‪ .‬وتعتبر هذه الخطوة من أهم الخطوات فً تحرٌر‬
‫اإلقتصاد العراقً من قٌود التبعٌة البرٌطانٌة‪ .‬فبدالً من اإلعتماد على اإلسترلٌنً ومشاكله فً‬
‫تذبذب قٌمته فً أسواق العملة كرصٌد احتٌاطً للدٌنار العراقً‪ ،‬اعتمدت العملة العراقٌة فً عهد‬
‫الثورة على تنوع اِلرصدة‪ ،‬من الذهب والدوالر وعمالت صعبة أخر مما قو قٌمة الدٌنار‬
‫العراقً‪ ،‬خاصة فً فترات تعوٌم اإلسترلٌنً الذي انخفض إلى نصؾ قٌمة الدٌنار العراقً‪.‬‬
‫‪-2‬إلؽاء اإلمتٌازات البترولٌة فً اِلراضً العراقٌة ما عدا المناطق المستؽلة فعالً‪ .‬فؤصدرت‬
‫حكومة الثورة قانون رقم ‪ 80‬لعام ‪ 1961‬فحررت بموجبه ‪ %99.5‬من اِلراضً العراقٌة من‬
‫سٌطرة الشركات النفطٌة العالمٌة‪ .‬وهذا بحد ذاته ٌعتبر ثورة حررت العراق من شكل آخر من‬
‫اإلستعمار‪ .‬وبذلك وضعت اِلسس القوٌة لتؤمٌم الثروة النفطٌة فً وقت الحق‪ .‬كما وسنت حكومة‬
‫الثورة قانون تؤسٌس شركة النفط الوطنٌة‪ ،‬وٌقال إن البحة القانون هذا قد عجَّ ل فً إؼتٌال الثورة‪،‬‬
‫وكان مع الزعٌم عبد الكرٌم قاسم إثناء إعدامه ٌوم ‪ 9‬شباط ‪ .1963‬كما وأرسلت الحكومة آالؾ‬
‫البعثات الدراسٌة إلى الخارج وخاصة فً مجال هندسة النفط‪ ،‬اِلمر الذي سهل تؤمٌم النفط الحقا ً‪.‬‬
‫فلم تهتم السلطة فً العهد الملكً بتدرٌب كوادر عراقٌة فً مجال النفط‪.‬‬
‫‪-3‬إبرام التعاون اإلقتصادي مع اإلتحاد السوفٌتً وبموجبه أنشؤ العراق الكثٌر من المإسسات‬
‫اإلقتصادٌة‪ ،‬مثل مد الخط العرٌض بؽداد‪-‬بصرة‪ ،.‬معمل الزجاج فً الرمادي‪ ،‬معمل اِلدوٌة فً‬
‫سامراء‪ ،‬معمل الجلود فً الكوفة‪ ،‬معمل التعلٌب واِللبان فً كربالء وؼٌره كثٌر‪.‬‬
‫‪-4‬بناء مٌناء تجاري عمٌق فً أم قصر‪ ،‬والمٌناء العمٌق لتصدٌر النفط فً شمال الخلٌ ‪ 25 ،‬مٌالً‬
‫جنوب مصب شط العرب‪ .‬وبذلك حقق توسعا ً فً مٌاهنا اإلقلٌمٌة فً الخلٌ ووسع من صادراتنا‬
‫ٌسم قاسم أي من المٌناءٌن بإسمه‪ ،‬ولما جاء البعثٌون إلى السلطة عام ‪ ،1968‬سمّوا‬
‫النفطٌة‪ .‬ولم ِ‬
‫المناء العمٌق بمٌناء البكر ومدٌنة الثورة فً بؽداد والتً بناها قاسم أٌضا ً بمدٌنة صدام‪.‬‬
‫وتحقق الكثٌر فً اإلزدهار اإلقتصادي فً عهد الثورة وذلك إلعتماد الزعٌم عبد الكرٌم قاسم على‬
‫خٌرة الكفاءات الوطنٌة المخلصة والمتحمسة لخدمة الوطن وتطبٌقا ً لمبدأ‪( :‬الشخص المناسب فً‬
‫‪133‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المكان المناسب) بدون أي تمٌٌز‪ .‬وٌشهد ٌذلك باحثون أجانب مثل حنا بطاطو الذي ٌقول‪" :‬ومما له‬
‫مؽز أن أصحاب المصانع لم ٌعرفوا إزدهاراً كالذي عرفوه فً عهد عبد الكرٌم قاسم ( ‪-1958‬‬
‫‪ ،)1963‬الذي كانت سٌاساته اإلقتصادٌة والمالٌة موحى بها ‪-‬إلى درجة ؼٌر قلٌلة‪ -‬من الوطنٌٌن‬
‫الدٌمقراطٌٌن‪ ،‬وبدقة أكبر‪ ،‬من محمد حدٌد الذي كان له فً تلك السنوات نفوذه فً الحكومة حتى‬
‫عندما كان خارجها"‪.‬‬
‫وبشهادة حسن العلوي أن الزعٌم عبد الكرٌم قاسم قد نجح فً تنفٌذ ‪ 17‬هدفا ً من مجموع عشرٌن‬
‫من أهداؾ الثورة التً اتفقت علٌها اللجنة العلٌا للضباط اِلحرار كما ذكرها اللواء الركن محسن‬
‫حسٌن الحبٌب‪ ،‬عضو اللجنة‪ ،‬وهو من مناوبً قاسم منذ اِلٌام اِلولى للثورة‪ ،‬فً كتابه (حقابق عن‬
‫ثورة ‪ 14‬تموز فً العراق)‪ .‬وبؤسلوب اإلختبار المدرسً‪ٌ ،‬توصل العلوي إلى أن الزعٌم قاسم‬
‫ٌستحق ‪ 85‬درجة بالمابة فً هذا اإلمتحان‪ .‬وهذه درجة إمتٌاز‪.‬‬

‫لقد فشل الزعٌم عبد الكرٌم قاسم فً تحقٌق ثالثة أهداؾ‪:‬‬


‫‪-1‬الوحدة العربٌة (ولم تكن الوحدة مع الجمهورٌة العربٌة المتحدة ضمن أهداؾ الثورة‪ ،‬إال فً‬
‫حالة تعرض الجمهورٌة العراقٌة إلى خطر هجوم خارجً)‪.‬‬
‫‪-2‬فشل فً تؤسٌس نظام دٌمقراطً‪ .‬ولم ٌكن هذا ذنبه وسنؤتً على هذه الموضوعة الحقا ً‪.‬‬
‫‪-3‬كذلك فشل فً حل القضٌة الكردٌة‪.‬‬
‫لقد فشلت جمٌع الحكومات القومٌة العروبٌة التً ساهمت بإؼتٌال عبد الكرٌم قاسم‪ ،‬والتً حكمت‬
‫‪ 9‬شباط ‪ 1963‬ولحد كتابة هذه السطور أي خالل ما ٌقارب‬ ‫العراق من بعده منذ إؼتٌاله ٌوم‬
‫اِلربعٌن عاماً‪ ،‬فشلت فً تنفٌذ ما فشل عبد الكرٌم قاسم فً تنفٌذه خالل اِلربعة أعوام ونصؾ‬
‫العام من حكمه والعراق فً أشد فترات ؼلٌانه‪ .‬لٌس هذا فحسب‪ ،‬بل صارت مفردات القومٌة‬
‫والوحدة العربٌة والدٌمقراطٌة فً عهد حكم العروبٌٌن من الممنوعات فً العراق الذي أعادوه إلى‬
‫مرحلة ما قبل القومٌة حٌث أحٌوا فٌه روح البداوة والقبلٌة وحكم العشٌرة واِلسرة الحاكمة‪.‬‬
‫أما القضٌة الكردٌة فقد اعتمد هإالء الحكام فً حلها على اسلوب إبادة الجنس مثل عملٌات اِلنفال‬
‫والؽازات السامة فً حلبجة والحروب الداخلٌة وؼٌرها‪ ،‬وتدمٌر أكثر من أربعة آالؾ قرٌة‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬الكاتب عبدالخالق حسٌن العنوان اإللكترونً للكاتب‪:‬‬
‫‪Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com‬‬
‫‪134‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫====‬
‫وفً خطبة لجمال عبدالناصر فى نقابة المهندسٌن بالجامعة احتفاالً ببدء تنفٌذ مشروع السد العالى‬
‫‪ٔ٩٘٩/ٔٔ/ٕٙ‬ـ ٌقول فٌها حول العراق ‪:‬‬
‫"‪....‬ثم قامت ثورة العراق فى ٗٔ ٌولٌو سنة ‪ ،٘٨‬ونظرنا إلى هذه الثورة على أنها كسب كبٌر‬
‫للقومٌة العربٌة‪ ،‬ورأٌنا فٌها اِلمل الكبٌر؛ ِلن شعب العراق أما كنا بنحارب فى بورسعٌد فى وقت‬
‫نور السعٌد خرج ضد أوامر نور السعٌد وقابل الرصاص؛ علشان ٌعلن عن رأٌه وٌعلن عن‬
‫شعوره‪ ،‬ولم ٌرهب الرصاص‪ ،‬وأعلن تضامنه مع مصر ضد العدوان الثالثى‪ ،‬وأعلن إٌمانه‬
‫بالقومٌة العربٌة‪.‬‬
‫وكانت ثورة ٗٔ ٌولٌو هى تعبٌر عن أمانى وآمال هذا الشعب؛ ولهذا من أول ٌوم لثورة العراق‬
‫أعلنا أننا نساند هذه الثورة‪ ..‬أعلنا ان احنا بنساند هذه الثورة؛ ِلن كان من الواضح لنا أن هذه‬
‫الثورة ثورة قابمة على مبادئ االستقالل‪ ،‬ثورة قابمة على أساس أال تخضع لمناطق النفوذ‪ ،‬ثورة‬
‫قامت تعمل للشعب العراقى وللشعب العربى‪ ،‬ثورة قابمة فى بلد مجاور لنا البد أن نتضامن معها‪.‬‬
‫وكان أ خطر بٌهدد العراق بٌهددنا جمٌعاً؛ ولهذا أعلنا من أول ٌوم أننا نتضامن مع شعب العراق‬
‫ومع ثورة العراق‪ ،‬وأن أ عدوان على العراق عدوان على أراضٌنا‪ .‬أعلنا هذا وكانت القوات‬
‫البرٌطانٌة تتجمع فى اِلردن‪ ،‬والقوات اِلمرٌكٌة تتجمع فى لبنان‪ ،‬وكان طبعا ً هذا التجمع لمجابهة‬
‫الموقؾ اللى نت عن الثورة‪ .‬وسرنا بعد هذا وكلنا أمل‪ ،‬ولكن كان أٌضا ً أعداء القومٌة العربٌة؛‬
‫االستعماروأعوان االستعمار والعمالء كلهم أمل‪ ،‬ك ٌل ٌرٌد أن ٌحقق مبادبه‪".‬‬
‫وفً مقال للكاتب محمود الوندي نشرته شبكة العراق االخضر ٌقول من ضمن مقاله حول ثورة‬
‫عبدالكرٌم قاسم ‪ ..." :‬وفً بداٌة االمر انقسم العرب الى طرفٌن ‪ :‬الطرؾ االول ضم الدول‬
‫المناهضة للثورة فً العراق والتً شملت الدول المتضررة من هذا التؽٌٌر وخاصة االردن والدول‬
‫العربٌة االخر ووقفوا الى الجانب الدول االقلٌمٌة مرتبطة بحلؾ بؽداد هً اخر تضررت اٌضا‬
‫من هذا التؽٌٌر ‪ ،‬فعملوا جمعٌا على اجهاضها منذ اٌامها االولى ‪ِ ،‬لن الحكومة العراقٌة قد عبرت‬
‫عن عزمها وتصمٌمها على االنسحاب من حلؾ بؽداد والتقٌد بمبادئ باندونػ ومٌثاق اِلمم المتحدة‪.‬‬
‫الطرؾ الثانً ضم الدول المإٌدة للثورة والتً مثلتها انذاك حمهورٌة العربٌة المتحدة وجمهورٌة‬
‫سورٌا الطامعٌن لكنوز العراق كانوا متوقعٌن هم بدالء الدول العربٌة المناهضة للثورة ‪ ،‬وبعد‬
‫اعترافهم الرسمً بالنظام الجدٌد فً العراق ومساندتهم ودعمهم للجمهورٌة الولٌدة ‪ ،‬طالبت هذه‬
‫‪135‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الدول بعد ذلك بالوحدة الفورٌة من الحكومة العراقٌة الجدٌدة على ؼرار الوحدة الهزٌلة بٌن مصر‬
‫وسورٌا التً انهارت هذه الوحدة المسخرة وانتهت بالفشل الذرٌع ِلنها لم تحققت عن إرادة شعوبهم‬
‫بل إرادة فوقٌة للحكام ‪ ،‬وعندما رفض المشروع الوحدة من قبل العراقٌٌن وقابد الثورة الشهٌد عبد‬
‫الكرٌم قاسم تراجعوا عن تؤٌدهم للحكومة الجدٌدة فً العراق ‪ ،‬واصبحوا اشد اعدابها واخذوا‬
‫ٌتعاونون مع الطرؾ االخر للقضاء علٌها ‪.‬‬
‫وقفت جمٌع الدول العربٌة انذاك مع اٌران وتركٌا الى جانب امرٌكا وبرٌطانٌا وحتى اسرابٌل فً‬
‫افشال ثورة ‪ 14‬تموز وانقضاض علٌها بسبب مجٌا نظام حكم جدٌد معادي لهم "‬
‫‪http://www.iraqgreen.net/modules.php?name=News&file=article&sid=21533‬‬

‫وهكذا جاءت الرٌح بما ال تشتهً حكومة قاسم ‪ ،‬لم ٌترك االمبرٌالٌٌن مسؤلة إسقاط الثورة أبداً ‪ ،‬بل‬
‫بادروا إلى تؽٌر خططهم بما ٌتالءم والظروؾ الجدٌدة ‪ ،‬محاولٌن إنهاء الثورة من الداخل‪ ،‬مجندين‬
‫حزب البعث وطائفة من القوى القومية لتنفيذ أهدافهم الشريرة‪،‬‬
‫فلقد ذكر علً‬
‫صالح السعدي أمٌن‬
‫سر حزب البعث ‪،‬‬
‫فً مإتمر صحفً‬
‫عقده بعد وقوع‬
‫علً صالح السعدي‬ ‫عبدالسالم عارؾ‪.‬‬ ‫عبدالرحمن عارؾ‬ ‫انقالب عبد السالم‬
‫عارؾ ضد حكم‬
‫البعث قابالً (لقد جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي ) ‪.‬‬
‫لقد جبنا بقطار امرٌكً ‪،‬هكذا ٌصرح البعثً وبمأل فٌه ‪ .‬و كما ذكر الملك حسٌن ‪ ،‬ملك اِلردن‪ ،‬فً‬
‫فً بارٌس‬ ‫مقابلة أجراها معه محمد حسنٌن هٌكل ربٌس تحرٌر صحٌفة اِلهرام فً فندق كرٌون‬
‫حٌث قال الملك ‪:‬‬
‫‪،1957‬‬ ‫"تقول لً أن االستخبارات اِلمرٌكٌة كانت وراء اِلحداث التً جرت فً اِلردن عام‬
‫‪ 8‬شباط ‪ 1963‬قد حضي بدعم االستخبارات‬ ‫أسمح لً أن أقول لك أن ما جر فً العراق فً‬
‫األمريكية‪ ،‬وال يعرؾ بعض الذين يحكمون بؽداد اليوم هذا األمر ولكنني اعرؾ الحقيقة ‪.‬لقد‬
‫‪136‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عقدت عدة اجتماعات بين حزب البعث واالستخبارات األمريكية وعقد أهم تلك االجتماعات في‬
‫الكويت وأزيدك علما ً أن محطة إذاعة سرية كانت قد نصبتها االستخبارات األمريكية في الكويت‬
‫‪ 8‬شباط رجال االنقالب بؤسماء الشيوعيين وعناوينهم‬ ‫وكانت تبث إلى العراق وتزود يوم‬
‫للتمكن من اعتقالهم وإعدامهم "‪.‬‬
‫"لقد حكم االنقالبٌون البعثٌون مدة تسعة أشهر ‪،‬كان إنجازهم الوحٌد خاللها هو شن الحرب‬
‫الهوجاء على الشٌوعٌٌن والدٌمقراطٌٌن‪ ،‬وكانت تلك اِلشهر بحق أشهر الدماء والمشانق‪،‬‬
‫والسجون والتعذٌب‪ ،‬وكل اِلعمال الدنٌبة‪ ،‬التً ٌند لها جبٌن اإلنسانٌة‪ ،‬حتى وصل اِلمر بعبد‬
‫السالم عارؾ‪ ،‬شرٌكهم فً االنقالب‪ ،‬وربٌس جمهورٌتهم‪ ،‬بعد انقالب شباط‪ ،‬أن أصدر كتابا ً‬
‫(*تارٌخ العراق الحدٌث ‪ ،‬حامد الحمدان ‪ ،‬الفصل السابع ‪ :‬انقالب ‪8‬‬ ‫ضخما ً عن جرابمهم‪ ،‬وأفعالهم المشٌنة"‬
‫شباط ‪ 1963‬الفاشً *)‬
‫اذن كانت الكوٌت مقرا الجتماعات البعثٌة واالمرٌكان والساعد االٌمن لهم ضد عبدالكرٌم قاسم فً‬
‫انقالب الثامن من شباط ‪ .‬وكان االردن وؼٌرها من الدول االٌادي المساعدة ‪.‬‬
‫ضم فرٌق االنقالبٌٌن حزب البعث بقٌادة كل من‪ :‬علً صالح السعدي‪ ،‬وأحمد حسن البكر ‪ ،‬وطالب‬
‫شبٌب ‪ ،‬وحازم جواد ‪ ،‬ومسارع الراوي ‪ ،‬وحمدي عبد المجٌد ‪ ،‬والضباط البعثٌٌن ‪ ،‬عبد الستار‬
‫عبد اللطٌؾ ‪ ،‬والمقدم المتقاعد عبد الكرٌم مصطفى نصرت‪ ،‬وصالح مهدي عماش‪ ،‬وحردان عبد‬
‫الؽفار التكرٌتً ‪،‬ومنذر الونداوي ‪ ،‬باإلضافة إلى القو القومٌة التً ضمت كل من ‪ :‬عبد السالم‬
‫وعبد الهادي الراوي‪ ،‬ورشٌد مصلح وعبد الؽنً‬ ‫عارؾ ‪،‬وطاهر ٌحٌى‪ ،‬وعارؾ عبد الرزاق‪،‬‬
‫الراوي ‪،‬وعدد آخر من صؽار الضباط ‪.‬‬
‫توجه عبد السالم عارؾ إلى معسكر أبً ؼرٌب ‪،‬حٌث وصل مقر كتٌبة الدبابات الرابعة ‪،‬وانضم‬
‫إلٌه أحمد حسن البكر ‪،‬واستقال كالهما إحد الدبابات‪ ،‬وتوجها إلى دار اإلذاعة‪ ،‬وبصحبتهما دبابة‬
‫أخر ‪،‬وساعدهم حرس دار اإلذاعة ‪ ،‬المشاركٌن فً االنقالب على السٌطرة علٌها ثم التحق بهم‬
‫كل من حازم جواد ‪ ،‬وطالب شبٌب ‪،‬وهناء العمري ‪ ،‬خطٌبة علً صالح السعدي ‪،‬أمٌن سر حزب‬
‫البعث ‪ ،‬أما خالد مكً الهاشمً فقد أندفع بدباباته متوجها ً إلى بؽداد ‪،‬رافعا ً صور عبد الكرٌم قاسم‬
‫لخدع جماهٌر الشعب التً مألت شوارع بؽداد لتدافع عن الثورة وقٌادتها ‪.‬‬
‫بدأت ثمانٌة شباط ـ ‪ 14‬رمضان ـ بمجزرة رهٌبة قرب مقر حكومة عبد الكرٌم قاسم عند الساعة‬
‫التاسعة صباحا ً‬
‫‪137‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫محاوالت االنقالب على ثورة تموز ‪:‬‬

‫ورد فً كتاب ثورة ‪ 14‬تموز ‪ 58‬عدة محاوالت لالنقالب سبقة مجزرة شباط‪.‬‬
‫ٔٔ‬ ‫(( " أوالً ـ محاولة عبد السالم عارؾ اؼتٌال عبد الكرٌم قاسم فً مقره بوزارة الدفاع فً‬
‫تشرٌن اِلول ‪ ، ٔ٩٘٨‬ولوال انتباه الزعٌم الفجابً لحركة عبد السالم بسحب المسدس من جٌبه‪،‬‬
‫وهجوم الزعٌم فوآد عارؾ الذي كان موجوداً فً الصالة على عبد السالم والسٌطرة على المسدس‬
‫وتفرٌؽه من الرصاص ‪ ،‬ودخول المرافق اِلقدم الزعٌم وصفً طاهر للصالة فً تلك اللحظة‬
‫لكانت قد حلت الكارثة ‪ ،‬ومع ذلك فقد عفا عنه عبد الكرٌم وطلب منه مؽادرة العراق سفٌراً فً‬
‫ألمانٌا ‪ ،‬وودعه شخصٌا ً فً المطار‪ .‬لكن عبد السالم عاد بصورة سرٌة ومن دون علم الحكومة‬
‫ٌوم ٗ تشرٌن الثانً ‪ ٔ٩٘٩‬حٌث كانت حركة انقالبٌة قد جر اإلعداد لها من قبل عدد من‬
‫الضباط القومٌٌن المساندٌن له فً تلك اِلٌام ‪ ،‬لكن عبد الكرٌم قاسم اعتقل عبد السالم وأفشل‬
‫المحاولة ‪ ،‬وتمت إحالته للمحاكمة ‪ ،‬وحكم علٌه باإلعدام ‪ ،‬لكن الزعٌم عفا عنه وأعاد له راتبه‬
‫التقاعدي وأرسله للح لعله ٌتوب ‪!!!.‬‬
‫ثانٌا ً ـ انقالب العقٌد الشواؾ فً الموصل فً ‪ ٨‬آذار ‪ ،ٔ٩٘٩‬والذي كان للحزب الشٌوعً والحزب‬
‫الدٌمقراطً الكردستانً‪ ،‬الدور اِلساس والفعال فً إخماد االنقالب فً مهده‪ ،‬وقُتل الشواؾ خالل‬
‫االنقالب‪ ،‬وحوكم عدد من الضباط الذٌن شاركوا فً االنقالب‪ ،‬وتم إعدام البعض منهم ‪.‬‬
‫ثالثا ً ـ محاولة االنقالب الذي دبره رشٌد عالً الكٌالنً والذي تم كشفه فً ‪ ٨‬كانون الثانً ‪ٔ٩٘٩‬‬
‫وإفشاله قبل تنفٌذه بؤٌام ‪،‬وتم القبض على المتآمرٌن وقدموا للمحاكمة وتم الحكم على الكٌالنً‬
‫ٌنفذ الحكم ‪،‬‬ ‫باإلعدام ‪،‬والسجن ِلعوانه المشاركٌن فً المحاولة لكن الزعٌم عبد الكرٌم قاسم لم‬
‫وأفرج عنه فٌما بعد !!‬
‫‪138‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫رابعا ً ـ محاولة البعثٌٌن اؼتٌال الزعٌم عبد الكرٌم قاسم فً رأس القرٌة فً ‪ ٧‬تشرٌن اِلول ٓ‪ٔ٩ٙ‬‬
‫‪،‬لكن عناٌة ّللا أنقذت الزعٌم عبد الكرٌم قاسم من الموت‪ ،‬حٌث أصٌب بعدة رصاصات‪ ،‬واستشهد‬
‫المرافق‬ ‫سابقه ‪،‬وتم إفشال الموآمرة الدنٌبة والواسعة التً دبرت للثورة‪ ،‬وتمت السٌطرة على‬
‫العامة فً بؽداد من قبل الضباط الوطنٌٌن وجماهٌر الشعب‪ ،‬والقً القبض على المتآمرٌن وقدموا‬
‫للمحاكمة وحكم علٌهم باإلعدام ‪ ،‬لكن الزعٌم عبد الكرٌم قاسم لم ٌنفذ الحكم‪ ،‬بل عفا عنهم وأطلق‬
‫سراحهم لكً ٌعاودوا الكرة وٌنفذوا انقالبهم الفاشً فً ‪ ٨‬شباط ٖ‪. !!! ٔ٩ٙ‬‬
‫‪ ٨‬شباط الفاشً الذي دبره اإلمبرٌالٌون اِلمرٌكٌون والبرٌطانٌون بالتعاون‬ ‫خامسا ً ـ انقالب‬
‫والتنسٌق مع عبد الناصر ‪ ،‬ونفذته عصابات البعثٌٌن والقومٌٌن الذٌن اؼتالوا ثورة الرابع عشر من‬
‫تموز وقابدها الشهٌد عبد الكرٌم قاسم ورفاقه الشهداء ‪ ،‬وقادة الحزب الشٌوعً واِللوؾ من‬
‫كوادره وأعضابه ‪ ،‬ومن الوطنٌٌن القاسمٌٌن ‪ ،‬وأؼرقوا العراق بالدماء وملبوا السجون باِللوؾ من‬
‫الوطنٌٌن الشرفاء الذٌن ذادوا عن الثورة ‪.‬‬
‫ومن المإسؾ والمخجل بل والمخزي أن تجري كل تلك المحاوالت االنقالبٌة الفاشلة ‪،‬وانقالب ‪8‬‬
‫شباط بدعم مباشر من قبل نظام عبد الناصر مادٌا ً وإعالمٌا ً وتسلٌحا ً ‪))"...‬‬
‫مجزرة الثامن من شباط ‪:‬‬
‫وفً نفس الوقت ‪ ،‬وصل العقٌد عبد الؽنً الراوي إلى مقر لواء المشاة اآللً الثامن فً الحبانٌة ‪،‬‬

‫عبد الغنً الراوي‬ ‫عبد الرزاق الناٌف‪:‬‬


‫حلن العودة الى السلطت‪.‬‬
‫وتمكن بمساعدة أعوانه من االنقالبٌٌن من السٌطرة على اللواء المذكور‪ ،‬وتحرك به نحو بؽداد ‪،‬‬
‫كما نزل المبات من أفراد الحرس القومً على طول الطرٌق بٌن الحبانٌة وأبو ؼرٌب‪ ،‬حاملٌن‬
‫أسلحتهم‪ ،‬وقد وضعوا إشارات خضراء على أذرعهم‪ ،‬وتقدمت قوات االنقالبٌٌن بقٌادة المقدم‬
‫المتقاعد عبد الكرٌم مصطفى نصرت ‪ ،‬وأحاطت بوزارة الدفاع‪ ،‬كما تقدمت قوة أخر من الطرؾ‬
‫‪139‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الثانً لنهر دجلة‪ ،‬مقابل وزارة الدفاع‪ ،‬متخذة لها مواقع مقابل وزارة الدفاع ‪ ،‬وبدأت قصفها‬
‫للوزارة بالمدفعٌة الثقٌلة ‪ .‬وعندما وصلت تلك الدبابات إلى وزارة الدفاع ‪ ،‬استدارت ظهرها نحو‬
‫(الدوشكا) المنصوبة علٌها تطلق رصاصها الكثٌؾ على‬ ‫الوزارة‪ ،‬وبلحظات بدأت رشاشات‬
‫الجماهٌر المحتشدة‪ ،‬وتخترق أجسادهم بالمبات‪ .‬لقد ؼطت الجثث والدماء تلك الشوارع والساحة‬
‫المقابلة لوزارة الدفاع‪ ،‬خالل عشرة دقابق الؼٌر‪ ،‬وكانت مجزرة رهٌبة ال ٌمكن تصورها‪ ،‬وال‬
‫ٌمكن أن ٌدور فً خلد أي إنسان أن ٌجرأ المتآمرون على اقترافها‪.‬‬
‫ولم تكتؾِ دبابات المتآمرٌن بما فعلت ‪ ،‬بل جاءت الطابرات لتكمل المجزرة ‪ ،‬موجهة رشاشاتها‬
‫حتى نحو الجرحى الذٌن كانوا ال ٌزالون على قٌد الحٌاة‪.‬‬
‫ثم بدأ بعد ذلك القصؾ المركز على وزارة الدفاع بالطابرات ومدافع الدبابات التً أحاطت‬
‫بالوزارة من جانبً الكرخ والرصافة وبدأت القذابؾ تنهال علٌها ‪ ،‬والقوات المتواجدة داخلها ترد‬
‫على القصؾ بما تملك من أسلحة وعتاد ‪ ،‬إال أن المقاومة بدأت تضعؾ شٌبا ً فشٌبا ً ‪ ،‬دون أن ٌؤتً‬
‫أي إسناد من أي من القطعات العسكرٌة التً كان عبد الكرٌم ٌعتمد علٌها ‪ِ ،‬لنه كان فً وادٍ‪،‬‬
‫وأولبك الخونة فً وا ٍد آخر ‪ ،‬وادي الخونة والخٌانة‪.‬‬
‫وفٌما كانت عملٌة القصؾ تتواصل‪ ،‬تقدمت قوات أخر نحو معسكر الرشٌد‪ ،‬ومقر الفرقة‬
‫الخامسة‪ ،‬واللواء التاسع عشر‪ ،‬وحٌث هناك المعتقل رقم واحد‪ ،‬الذي كان عبد الكرٌم ٌحتجز فٌه‬
‫عدد من الضباط البعثٌٌن‪ ،‬والقومٌٌن‪ ،‬حٌث تم إطالق سراحهم لٌشاركوا فً االنقالب‪ ،‬وتمكنت‬
‫قوات االنقالبٌٌن من السٌطرة على المعسكر‪ ،‬ومقر الفرقة‪ ،‬ووقع بؤٌدٌهم مجموعة من الضباط‬
‫مجزرة أخرى بالعديد منهم و ُتمورس التعذيب‬ ‫الوطنٌٌن المعتقلٌن هناك‪ ،‬حٌث نفذ االنقالبٌون‬
‫الشنيع بالبعض األخر ‪.‬‬
‫وخاصة في مدينة الثورة والشاكرية‬ ‫واستمرت مقاومة الشعب فً بعض مناطق بؽداد‪،‬‬
‫والكاظمية وباب الشيخ وحي ال ُتكرد والحرية والشعلة لعدة أيام ولم يستطع االنقالبيون قمع‬
‫المقاومة إال بعد أن جلبوا الدروع لتنفث نار القنابل الحارقة فوق رإوسهم واصدر االنقالبيون‬
‫منذ اللحظات‬‫بيانهم المشإوم رقم ‪ 13‬الذي ٌدعو إلى إبادة الشٌوعٌٌن الذٌن تصدوا لالنقالب ُ‬
‫اِلولى‪ ،‬وشنوا على الحزب الشٌوعً حرب إبادة ال هوادة فٌها‪ ،‬حيث اعتقلوا ما يزيد على نصؾ‬
‫مليون مواطن‪ ،‬بٌنهم ‪ 1350‬ضابطا ً عسكرٌا ً من مختلؾ الرتب‪ ،‬وجر تعذٌب المعتقلٌن بؤسالٌب‬

‫‪140‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان من‬ ‫بشعة ال ٌصدقها أحد‪ ،‬واستشهد جراء ذلك المبات من المناضلٌن تحت التعذٌب الشنٌع‪،‬‬
‫ضحاٌا التعذٌب كل من [ سالم عادل ] السكرتٌر العام للحزب الشٌوعً ٌوم ‪ 7‬آذار‪ " .1963‬سالم‬
‫عادل االسم الحركً لحسٌن أحمد الرضً ولد سالم عادل فً النجؾ االشرؾ فً العراق عام‬
‫‪ 1956‬ولؽاٌة أنقالب شباط "‬ ‫‪ ، 1922‬قاد سالم عادل الحزب الشٌوعً العراقً للفترة ما بٌن‬
‫(*التفاصٌل فً الوثابق الملحقة*)‬
‫حٌث قطع االنقالبٌون ٌدٌه ورجلٌه‪ ،‬وفقؤوا عٌناه فً محاولة النتزاع االعترافات منه عن تنظٌمات‬
‫الحزب‪ ،‬وٌقول الكاتب امٌر الجنابً فً كتابه حول سالم عادل وضروؾ اعتقاله ((‪ ....‬فً لٌلة ‪19‬‬
‫شباط وبٌنما كان الشهٌد سالم عادل فً احد بٌوت الشعب مع ابناء وبنات حزب الفقراء والناس‬
‫الطٌبٌن‪ ,‬الحزب الشٌوعً العراقً‪ٌ ,‬حاول معهم تضمٌد الجراح العمٌقة التً اثخنهم بها (فرسان‬
‫عروس الثورات) بوؼت الجمٌع تلك اللٌلة الشتابٌة الباردة بشلة اجرامٌة باؼٌة من قطعان الحرس‬
‫القومً الفاشً‪ ,‬تقتحم البٌت بعد محاصرتهم له من كل الجهات وتطوٌق المنطقة التً ٌقع بها البٌت‬
‫اٌضا ً‪ ,‬كان افراد الحرس القومً ٌصرخون أٌن سالم عادل؟ محطمٌن اثاث البٌت وكل ما تقع علٌه‬
‫اعٌنهم الجبانة ‪ ..‬لحظات قلٌلة وٌنزل الٌهم الشهٌد سالم عادل من الؽرفة التً كان ٌتواجد فٌها‬
‫والتً تقع فً الطابق الثانً من البٌت ‪ ,‬مرتدٌا ً بدلته وربطة عنق حامال حقٌبة صؽٌرة كان قد‬
‫وضع فٌها بجامته متهٌبا ً لالعتقال ‪ ,‬ورد علٌهم بصوت واضح ‪,‬أنا سالم عادل ‪ .‬وأقتٌد مع جمٌع‬
‫الذٌن كانوا معه معصوبً العٌون مقٌدي اآلٌادي الى مركز المؤمون وفٌما بعد الى قصر النهاٌة ‪..‬‬
‫علما ً ان الحرس القومً كانوا قد ذهبوا أوالً الى بٌت سالم عادل الكابن على الطرٌق بٌن تل محمد‬
‫وبؽداد الجدٌدة وإعتقلوا ساكنٌه ومعهم ابن الشهٌد اآلصؽر علً البالػ من العمر سنتان وثالثة‬
‫اشهر ‪))....‬‬
‫كما استشهد أٌضا ً من أعضاء اللجنة‬
‫المركزٌة كل من‪ :‬جمال الحٌدري‪،‬‬
‫ومحمد صالح العبلً‪،‬ونافع ٌونس‪،‬‬
‫وحمزة سلمان‪ ،‬وعبد الجبار وهبً‪،‬‬
‫أبو سعٌد‪ ،‬وعزٌز الشٌخ‪ ،‬ومتً الشٌخ‬
‫‪،‬و محمد حسٌن ابو العٌس ‪ ،‬وجورج‬

‫‪141‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تللو‪ ،‬و عبد الرحٌم شرٌؾ ‪،‬وطالب عبد الجبار ‪ ،‬باإلضافة إلى المبات من الكوادر الحزبٌة ورفاق‬
‫الحزب ‪ ،‬قضوا جمٌعا ً تحت التعذٌب رافضٌن تقدٌم االعترافات عن تنظٌمات حزبهم‪.‬‬
‫اقتٌد عبد الكرٌم قاسم ورفاقه إلى ستدٌو التلفزٌون‪ ،‬وتقدم عبد الؽنً الراوي ‪،‬والربٌس منعم حمٌد‬
‫‪،‬والربٌس عبد الحق‪،‬فوجهوا نٌران أسلحتهم اِلوتوماتٌكٌة إلى صدورهم فماتوا لساعتهم ‪،‬رافضٌن‬
‫‪ 14‬تموز ‪،‬‬ ‫وضع عصابة على أعٌنهم ‪ ،‬وكان آخر كالم لعبد الكرٌم قاسم هو هتافه بحٌاة ثورة‬
‫وحٌاة الشعب العراقً ‪ .‬سارع االنقالبٌون إلى عرض جثته ‪،‬وجثث رفاقه على شاشة التلفزٌون‬
‫مات ‪*( .‬تارٌخ العراق الحدٌث ‪ ،‬حامد الحمدانً ‪ ،‬الفصل‬ ‫لكً ٌتؤكد الشعب العراقً أن عبد الكرٌم قاسم قد‬
‫السابع ‪ :‬انقالب ‪ 8‬شباط ‪ 1963‬الفاشً *) انتهت النصوص المختارة‪.‬‬
‫صارت بؽداد بٌد االستعمار البعثً بعد ان ؼادر قاسم الحٌاة بهذ ِه الطرٌقة البشعة ‪ ،‬لتبدأ معاناة‬
‫الشعب العراقً التً استمرت طوٌال كان منها حرب الحكومة البعثٌة على بعضها البعض فقد اكلت‬
‫ابناءها ‪ ،‬وكان منها الحرب على ال ُكرد التً راح ضحٌتها المالٌٌن فً الحرب على اٌران عام‬
‫‪ 1980‬الى ثمان سنوات راح ضحٌتها شعبٌن مسلمٌن العراق واٌران ‪ ،‬ما ان وضعت الحرب‬
‫اوزارها حتى قامت حرب على الكوٌت ‪.‬‬
‫التً سوؾ اورد تفاصٌلها الحقا ‪.‬‬
‫‪-------------------------------------‬‬
‫ومن الوثابق المهمة على التعاون بٌن امرٌكا واعوانها على الشعوب المقهورة منذ زمن بعٌد ولٌس‬
‫على الشعب العراقً فقط ‪ ،‬والثبات تورط امرٌكا فً وجود البعثٌة واسقاط حكومة قاسم هذ ِه‬
‫الوثٌقة الدامؽة ‪:‬‬
‫"رسالة الملك فٌصل بن عبد العزٌز إلى الملك حسٌن بعد حرب ‪1967‬‬
‫نص رسالة الملك السعود فٌصل بن عبد العزٌز إلى الملك اِلردنى الحسٌن بن طالل بعد حرب‬
‫‪1967‬‬
‫هذه الرسالة منشورة فى كتاب ( عقود من الخٌبات ) للكاتب حمدان حمدان الطبعة اِلولى ‪1995‬‬
‫عن دار بٌسان على الصفحات من ‪. 537 -535‬‬
‫وأعرض لكم اآلن نص الرسالة كما وردت بالكتاب المذكور‬

‫‪142‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تقول الرسالة التى بعث بها الملك فٌصل بن عبد العزٌز إلى الملك الحسٌن بن طالل ( وهى وثٌقة‬
‫بتارٌخ ‪ 3‬كانون الثانى (ٌناٌر) ‪ 1969‬م الموافق ‪ 14‬شوال ‪ 1388‬ه وحملت الوثٌقة الرقم ‪421‬‬
‫من أرقام وثابق مجلس الوزراء السعود ما ٌلى ‪-:‬‬
‫صاحب الجاللة الملك حسٌن بن طالل ملك المملكة اِلردنٌة الهاشمٌة ‪ ،‬حفظه ّللا‬
‫ٌا صاحب الجاللة‬
‫سبق لى أن تحدثت لجاللتكم ‪ -‬كشقٌق ٌسره ما ٌسركم وٌضره ما ٌضركم – عن الحالة التى وصل‬
‫إلٌها اِلردن الشقٌق ‪ ،‬بوجود ما ٌسمى ( المقاومة الفلسطٌنٌة ) ‪ ،‬وأفصحت لجاللتكم عن ٌقٌنى‬
‫القاطع أن هذه ( المقاومة ) سوؾ تستؽل ضدكم وتتحول من اسمها الظاهر ( مقاومة فلسطٌنٌة )‬
‫‪ .‬واآلن وبعد أن‬ ‫إلى ( مقاومة ) ضدكم وضد شعبكم إن أنتم تهاونتم بترك حبالها على الؽوارب‬
‫أتضح لجاللتكم أمرها جلٌا‪،‬فإنه ال ٌسعنى إال أن أكرر نصحى لإلستفادة من هذا الوقت السانح‬
‫لجاللتكم بمبادرة القضاء المبرم على هذه ( المقاومة ) ‪ .‬فبادروا أٌها اِلخ العظٌم قبل أن ٌحدث ما‬
‫نتوقعه بٌن ٌوم و أخر ‪ ،‬وما نخشى عقباه باستبدال حكمكم ال قدر ّللا ‪ ،‬بحكم هذه ( المقاومة‬
‫الفلسطٌنٌة ) ‪ ،‬ومن ثم ٌؤتى دورنا نحن ‪ ،‬حٌن ٌتحول اِلردن من دولة شقٌقة إلى وبال ثورة علٌنا ‪،‬‬
‫فننشؽل بمحاربة ثورتين شيوعيتين ‪ ،‬واحدة فى جنوب مملكتنا واِلخر فى شمالها ‪ ،‬حٌث ٌصبح‬
‫اِلردن الشقٌق كالجنوب المسمى بالٌمن الدٌمقراطى ‪ ،‬والذ لم نزل نتعاون و إٌاكم فى مكافحة من‬
‫أفسدوه ‪.‬‬
‫فإن لم ٌصبح اِلردن دولة شٌوعٌة بانتصار ( المقاومة ال قدر ّللا ) ‪ ،‬فإنه سٌصبح بالتؤكٌد وال‬
‫محالة دولة ناصرٌة أو بعثٌة أو قومٌة ‪ ،‬وكل هذه التسمٌات وإن اختلفت مجارٌها ‪ ،‬فإنها تصب فى‬
‫قعر بإرة واحدة هى بإرة الهدم ضدنا وضد أصدقائنا األمريكان واإلنكليز وأنصار النظام‬
‫الؽربى ‪.‬‬
‫لذلك فإننى أعرض مجددا على جاللتكم ‪ -‬كشقٌق لكم – رأٌنا النهابى ورؼبتنا الملحة ‪ ،‬بالقضاء‬
‫على كل هذه الزمر المفسدة المجتمعة فى اِلردن باسم ( مقاومة إسرابٌل ) ‪ ،‬بٌنما ‪ٌ -‬شهد ّللا –‬
‫(أن شر إسرائيل ال وجود له أمام شرور تلك الزمر المفسدة) ‪.‬‬
‫وبهذه الرسالة ‪ ،‬ما أردنا إال تكرار عرض خدماتنا لجاللتكم بتحمل كافة المصروفات ‪ ،‬وما‬
‫ستتكلفونه من مال وسالح وذخٌرة فى سبٌل مقاومة ( المقاومة ) ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وإال فإننى وأسرتى الصدٌقة التى تر فى هذا الرأ ‪ ،‬وتقره كما تعلمون ‪ ،‬سننضم جمٌعا ضدكم ‪،‬‬
‫لنشكل الطرؾ اِلخر لمقاومتكم ومقاومة هذه ( المقاومة ) ؼٌر الشرٌفة ِلننا بذلك ال ندافع عن‬
‫كٌانكم فقط ‪ ،‬بل عن كٌاننا أٌضا ‪.‬‬
‫وبانتظار الرد من جاللتكم ‪ ،‬أدعو ّللا أن ٌحمٌكم من كل مكروه وأن ٌؤخذ بٌدنا إلحباط كل ما ٌحٌط‬
‫بنا من أخطار المفسدٌن الملحدٌن ‪.‬‬

‫أخوكم المخلص‬
‫فٌصل بن عبد العزٌز آل سعود ‪ ،‬ملك المملكة العربٌة السعودٌة‬
‫‪-----‬‬

‫‪144‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫باب‪:‬‬
‫االمبراطورية البريطانية ولكن بالثوب االمريكي هذ ِه المرة‬

‫فصل‪:‬‬
‫الواليات المتحدة االمريكية ‪:‬‬
‫اتسعت برٌطانٌا بإتجاه الشرق‪ ،‬واتسعت بإتجاه الؽرب فعبرت المحٌط االطلسً لتتحكم بشإون‬
‫مساكٌن اخرٌن شؽلتهم عاداتهم المحلٌة وخرافاتهم عن النظر الى المستقبل‪ .‬قبابل متفرقة متحاربة‬
‫فٌما بٌنها ال تكاد تفقه من السٌاسة حرفا واحدا‪ ،‬جاءوهم فوجدوهم ٌلبسون الرٌش على الرإوس‬
‫مربوطة بحبال التخلؾ المطبق‬
‫والجهل العمٌق فكانوا الطعم لبعضهم‬
‫البعض استؽله الرجل االبٌض‬
‫فؤسماهم "الهنود الحمر" واستعملهم‬
‫كما ٌستعمل كماشة الجمرة ٌقدمهم الى‬
‫الموت كً ٌسترٌح هو من الطرفٌن‪،‬‬
‫من النار والكماشة معا‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تجمع فٌها المهاجرون من العالم القدٌم ‪ٌ ،‬تقدمهم الرجل االوربً االبٌض جالبا معه من كان اسود‬
‫البشرة عبدا له ـ عرفوا بالعبٌد ـ مقٌدٌن بالسالسل‪ ،‬من وصل منهم على قٌد الحٌاة ونجا من الموت‬
‫كان مستخدما مستؽال اسوء استؽالل ‪ٌ ،‬عملون لقوت ٌومهم وفوق رإوسهم السوط وبٌن اٌدٌهم‬
‫القٌود‪.‬‬
‫تؤسست دولة كبر على رإوسهم‪ ،‬عرفت فٌما بعد بالوالٌات المتحدة االمرٌكٌة التً استقلت عن‬
‫برٌطانٌا فً ‪1776/7/4‬م وقوٌت شوكتها وتحالفت مع الدول التً خرجت منها لتشكل حلفا كان‬
‫نتٌجته ان قامت حروب عالمٌة ابرزها الحرب العالمٌة االولى والثانٌة والحرب الباردة فً النهاٌة‬
‫بٌن اقو دولتٌن ‪.‬‬
‫كانت الحرب على اشدها بٌن االمبراطورٌة البرٌطانٌة واالمبراطورٌة العثمانٌة فً القرن الثامن‬
‫عشر والتاسع عشر والعشرٌن كانت نتٌجتها ان رحلت الدولة العثمانٌة لترتقً سلم التحكم بالعالم‬
‫االمبرٌطورٌة البرٌطانٌة العظمى‪ .‬ولما كان الزمن الٌستمر مع احد‪ ،‬ارتقت امرٌكا لتعتلً منصة‬
‫التحكم بالعالم ‪ ،‬تنازعها من جهة اخر دولة ٌقال لها االتحاد السوفٌتً االشتراكً ‪ ...‬الى اخر‬
‫المواصفات‪ ،‬التً اضحت فً مرور الزمن كلمات على الورق اثناء الحرب الباردة مع امرٌكا التً‬
‫اكتفت بثالث حروؾ ِلسمها ‪ USA‬واستعملت قواها العقلٌة والعظلٌة للعمل مع القلٌل من الكالم ‪.‬‬
‫لقد كان للمخابرات االمرٌكٌة دورا فاعال فً زعزعة السوفٌت‪ ،‬فقد زرعوا الفتن التً لم ٌستطع‬
‫السوفٌت مقاومتها ‪ ،‬حرب المخابرات االمرٌكٌة ‪ CIA‬السرٌة دخلت الكرملن الروسً ومزقته من‬
‫الداخل‪ ،‬وقد عرضت احد الفضابٌات العربٌة (الجزٌرة) فلما وثابقٌا شرح فٌه اعضاء من الـ(سً‬
‫آي اي) عملهم فً كٌفٌة انهٌار الشٌوعٌة واالتحاد السوفٌتً‪ ،‬وكٌؾ ان الفساد االداري السوفٌتً‬
‫كان احد نتاب اعمالهم (الوثابق المصورة‪ ،‬صور العضاءه) كما انهم قدموا ملٌارات الدوالرات‬
‫لمساعدة المتشددٌن االسالمٌٌن فً افؽانستان‪ ،‬وامدوهم بالسالح واالموال (الوثابق المصورة)‪.‬‬
‫فذهبت روسٌا لٌبدأ عصر االمبراطورٌة الجدٌدة التً قررت’ ان اسمٌها بـ (االمبراطورٌة‬
‫البرٌطانٌة بالثوب االمرٌكً) ‪.‬‬

‫االحداث التي تؤسست على اساسها االمبراطورية االمريكية‪:‬‬


‫بعد ان استعرضنا بعضها فً مقدمة البحث آن االوان ان نلقً نظرة فاحصة ومفصلة على االحداث‬
‫التً تؤسست على اساسها االمبراطورٌة الجدٌدة والتً هً العظمى فً زماننا الحالً فقد امتلكت‬
‫‪146‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اقطاب االرض من شرقها الى ؼربها شمالها وجنوبها سواء كان ذلك االمتالك فعلٌا بالقوات والعدة‬
‫والعدد ‪ ،‬او فعلٌا ؼٌر مباشرا بتؤسٌس قواعد لها فً تلك البلدان التً ال تستطٌع ادارة نفسها بدونها‬
‫‪ ،‬او بالطرٌقة الثالثة وهً ان تسٌطر على الحكومة وتجعلها طوع امرها ومسلوبة االرادة وال تقرر‬
‫شٌبا اال بؤمر االدارة االمرٌكٌة‪ ،‬ومن ٌعارضها ٌكن فً الطرؾ الثانً لتطلق علٌه فً الحال (قطب‬
‫من اقطاب الشر او ارهابً) على حد قول الربٌس االمرٌكً للصحفٌٌن "انت معنا او مع اعداءنا"‪.‬‬
‫وما اكثر الساكتٌن واقل المتكلمٌن وبالتالً فالهٌمنة االمرٌكٌة على البلدان جاءت بجمٌع االمور‬
‫لصالحها خاصة بعد ان انهارت امبراطورٌة القرن الماضً وبدأت بالزوال من ساحات الحروب‬
‫الى ساحة االنعزال واالنظواء حتى صارت هً نفسها تحت قٌادة مستعمرتها التً تحررت منها‬
‫وصارت سٌدة العالم ‪ ،‬اي على لؽة العرب القدٌمة ـ حكم العبد سٌدة ـ ‪.‬‬
‫القارة االمريكية ‪:‬‬
‫عاشت امرٌكا ـ القارة ـ ردحا من الزمن تحت حكم القبابل المتصارعة فٌما بٌنها ‪ ،‬و تعرؾ هذ ِه‬
‫القبابل فً كندا بؤسم (النٌتؾ وتعنً المواطن االصلً ‪ )Native‬وٌسمٌهم االمرٌكٌون (اسكٌموا ـ‬
‫اي الوحوش ـ) وٌسمونهم اٌضا (الهنود الحمر) وبطبٌعة الحال انقسمت القارة االمرٌكٌة الشمالٌة‬
‫الى جزبٌن كبٌرٌن حاول احدهما السٌطرة على اآلخر اال ان تسارع الزمن وتقارب االفكار تؽلب‬
‫فً آخر االمر فتشكلت مقاطعات فً شمال امرٌكا وبعدها اتفقت فٌما بٌنها لتشكل دولة كندا‬
‫االتحادٌة واسست لها قانون ٌعرؾ باالتحاد الفدرالً‪ ،‬وبنت لها قصرا أسمته قصر السالم ‪ ،‬وبنت‬
‫عالقات مع المواطنٌن االصلٌٌن واسمتهم بـ(النٌتؾ) واحتفلوا معا ً بٌوم االتفاق‪ ،‬شكر بعضهم‬
‫البعض فؤسموه (ٌوم الشكر) ‪.‬‬
‫فٌما اتفق القسم الثانً على تسمٌة مناطقهم بالوالٌات وحاربوا بعضهم بعضا فً حرب اهلٌة بدأت‬
‫فً ‪ ،1861/3/12‬سالت الدماء بٌنهم فثار العبد على سٌده ردحا‬
‫من الزمن ذهب ضحٌتها الهنود الحمر بإبادة جماعٌة كانت‬
‫حصٌلتها ان قل عددهم وضعفت قواهم وانحلت صالتهم وانخرطوا‬
‫فً المجتمع الوالٌاتً الجدٌد ‪.‬‬
‫أتحدت هذ ِه الوالٌات لتكون الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة‪ ،‬لتصرخ‬
‫فً وجه سٌدها (برٌطانٌا) الذي اوجدها طالبة من ُه االبتعاد عنها بقوة الصراخ والسطوة‪ ،‬انسحبت‬
‫ً‬
‫تاركة ِلمرٌكا حرٌة التصرؾ‪ ،‬سرعان ما قوٌت شوكتها فسارعت الى ؼزو الجار ‪،‬‬ ‫برٌطانٌا‬
‫‪147‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فكانت الحرب االولى لها مع دول الجوار ‪ ،‬هجمت على الدولة المتشكلة حدٌثا (كندا) وسلبوها‬
‫حكمها وشعارها‪ ،‬لٌعود الكندٌون الى حمل السالح واستعادة شعارهم المسلوب ونقلوا حكومتهم الى‬
‫اوتاوا لتبدأ رحلة الجد والعمل المثمر من جدٌد ‪ ،‬ترك االمرٌكان استخدام قوة السالح معها واكتفوا‬
‫بالسٌطرة االقتصادٌة‪ ،‬فؤكثر الشركات امرٌكٌة واالدارة السٌاسٌة الداخلٌة كندٌة والخارجٌة‬
‫برٌطانٌا العظمى‪ ،‬فٌما صارت امرٌكا حلٌفا لبرٌطانٌا ومناصر ًة لها فً الحرب العالمٌة ‪ ،‬اشرقت‬
‫الشمس االمرٌكٌة على العالم الجدٌد بحرب تكنولوجٌا السالح ‪ ،‬فكانت عواصفها وعٌونها حتى‬
‫ذهبت برٌطانٌا الى اراضٌها مخلفة ورابها مستعمراتها التً صارت جمٌعا فً قبضة االمرٌكان‬
‫(قرصان القراصنة)‬
‫عندما افلت شمس اإلمبراطورٌة البرٌطانٌة كانت الحرب الباردة مع االتحاد السوفٌاتً تمأل ساحة‬
‫الصراع العالمً‪ ،‬وكانت اإلمبراطورٌة اِلمٌركٌة تقودها بإصرار ‪ ،‬مارس كل أسالٌب الحرب‬
‫النفسٌة واالقتصادٌة والسٌاسٌة وفً النهاٌة دفن االتحاد السوفٌتً نفسه تاركا خلفه عالما ملٌبا‬
‫بالصراعات الداخلٌة والدولٌة والساحة اصبحت مهٌبة تماما لالمراطورٌة الشابة الجدٌدة دون‬
‫منازع‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫امريكا تنفرد بالساحة‪:‬‬
‫فرؼت الساحة لالمبراطورٌة االمرٌكٌة الجدٌدة التً دخلت دول العالم بقوة السالح مرة ‪،‬‬
‫واالقتصاد مرة والحرب النفسٌة والثقافٌة اخر واالعالم كان سٌد الساحة فً هذا المجال ‪ .‬لن‬
‫اذهب الى فٌتنام أو الٌابان ‪ ،‬او حربها مع الصٌن ‪ ،‬الحرب الباردة الثانٌة التً لم تربح منها امرٌكا‬
‫الى الوجه االسود ‪ ،‬وخرجت من حربها الباردة مع الٌابان بوجه اسود اخر‪ ،‬رؼم ان الصٌنٌون اقل‬
‫خبرة واكثر عددا واوسع اراضً وارخص موادا‪ ،‬اال انهم حاربوها بطرٌقة لم ٌستطع معها‬
‫االمرٌكان السٌطرة علٌها وتركت ساحتهم الى ؼٌر رجعة فمالت الى خدعة عام الفٌن‪ ،‬الخدعة التً‬
‫لم ٌستطع العالم كله الخالص منها‪ ،‬بن الدن وصدام و‪...‬الى اخر القابمة السرٌة‬
‫الحرب ضد االرهاب ‪:‬‬
‫اشتعلت الحرب بٌن روسٌا التً حاولت جاهدة الوصول الى المٌاه الدافبة فدخلت فً افؽانستان‪،‬‬
‫وبالمقابل قامت امرٌكا بتشكٌل عناصر لها وتم تدرٌبهم واعدادهم من اجل خوض هذ ِه المعركة‬
‫‪ *(،‬المصدر‪ :‬تقرٌر‬ ‫فكان "اسامة بن الدن" صنٌعتها الذي اخلص لها طوال فترة حربها مع الروس‬
‫‪148‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تلفزٌونً بثته قناة الجزٌرة حول المخابرات االمرٌكٌة فً الوثابق المصورة صور من شخصٌات السً آي أي تتحدث‬
‫عن نفسها بالتفصٌل *)‬
‫لم ٌكن بن الدن عمٌل امرٌكا الوحٌد‪ ،‬بل كان خلفه رجل من العرب صنع على عٌن المخابرات‬
‫االمرٌكٌة امدوه بكل ماٌرٌد حتى تمكن من ٌنقض على الحكومة بعد ان ازاح عن طرٌقه كل من‬
‫عارضه او شك فً نصرتهم له‪ .‬لٌصٌر فً صفوؾ الملوك والرإساء ـ وبالقلم العرٌض عبٌد‬
‫امرٌكا المخلصٌن ـ حسٌن بن طالل ملك االردن‪ ،‬فهد بن سعود ملك السعودٌة‪ ،‬جابر الصباح‬
‫وحكام الخلٌ االخرٌن‪ ،‬ثم الباقٌن بالدرجات المتالحقة بعدهم‪ ،‬مابرح ان بزهم جمٌعا لٌكون فً‬
‫المرتبة االولى بعد ان ازاح احمد حسن البكر عن طرٌقة واصبحت الساحة خالٌة امامه جلس على‬
‫الكرسً لٌوحً الى الناس بـ(انا ربكم االعلى فؤعبدون) وان لم ٌقل بلسانه فقد قال بؤفعاله‪ ،‬اعترض‬
‫علٌه الخلٌ ثم خفت صوتهم بإشارات من امرٌكا ‪ .‬اندفع الى اٌران فً حرب ارادت بها امرٌكا ـ‬
‫بجهاز التحكم عن بعد ـ اضعاؾ شوكة الجمهورٌة التً قامت وفً ٌدٌها سكٌنا قوٌا وحادا تقتطؾ‬
‫من مزارع امرٌكا ماتشاء رؼم انفها ‪ .‬وبالتؤكٌد هذا ما ال ٌرضٌها حٌن ان الكرسً االٌرانً صرح‬
‫بؤعلى صوته بفتو قاتله ( امرٌكا هً الشٌطان االكبر)‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ُ‬
‫وكنت فً حٌنها‬ ‫اندفع صدام صاحب الشٌمة الخاوٌة فً الثانً والعشرٌن من اٌلول عام ‪،1980‬‬
‫فً الخامسة عشر من العمر حٌن اندلعت حرب السنوات الثمان تحت اسم (القادسٌة الثانٌة) والتً‬
‫راح ضحٌتها المالٌٌن‪ .‬كل هذا كان بناءا لالحجار االولى فً امبراطورٌة امرٌكا الكبر ‪.‬‬
‫اما اسامة بن الدن الذي هو من اصحاب المالٌٌن ‪ ،‬فترعرع فً احضان الدولة العظمى الجدٌدة ‪،‬‬
‫ربت ُه وطورته وجهزت ُه بؤفضل العدد والسالح وزرعت ُه فً ارض خصبة فاتى بالثمار المرجوة منهُ‪،‬‬
‫كانت ارض افؽانستان اخصب ارض لمثل بذر ٍة ـ كما ٌقول عضو السً آي أي المتقاعد ـ‪.‬‬
‫ولدت قبل قرون فً ارض اخر كانت خصبة ونشؤت‬
‫وترعرعت على ٌد البرٌطانٌٌن وصارت القو السرطانٌة‬
‫بالنسبة الى باقً المناطق‪ ،‬صنعها (البرٌطانً جون فٌلبً فً‬
‫زمن عبدالعزٌز ال سعود وصار اماما للمسجد‪ ،‬وصلى‬
‫عبدالعزٌز خلفه وعندما سؤلوه لماذا قدمته القى علٌهم خطبته ثم‬
‫(*مجزرة مكة ‪ ،‬الدوافع والوقابع واالهداؾ ‪ ،‬القسم االعالمً فً‬ ‫قتلهم) ‪،،،‬‬
‫سفارة الجمهورٌة االسالمٌة فً اٌران ‪ ،‬بٌروت ‪ 1408‬هـ ـ ‪1988‬م*)‬
‫كفرّت الوهابٌة جمٌع االدٌان االخر وجمٌع من لم ٌتبع ملتهم‬
‫وصدرور الحكم االخٌر ‪ ،‬من لم ٌكن وهابٌا كان كافرا ووجب‬
‫قتله ‪،‬‬
‫‪ .‬الفتو التً اجبرته‬ ‫واصدر بن باز فتواه من قتل سبعة من الشيعة دخل الجنة دون حساب‬
‫االمم المتحدة على الؽاءها فً عام ‪ 1992‬حٌث كنت انا من بٌن آالؾ االسر فً السعودٌة تحت‬
‫‪150‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مطرقة الموت بسبب هذ ِه الفتو حٌمنا دخلوا علٌنا بالدبابات لوال تدخل القوات االمرٌكٌة النقاذنا ‪،‬‬
‫تراجعوا بعد ان عرفوا ان ابن باز‪ ،‬الؽاها بامر من امرٌكا‪ .‬بهذ ِه المدرسة وفً مثل هذه االجواء‬
‫تربى وترعرع بن الدن‪ ،‬حامال لالفكار الوهابٌة‪.‬‬
‫حملت الوهابٌة ببذور االرهاب التً زرعتها الوالٌات االمتحدة االمرٌكٌة قاصدة معاندة ‪ ،‬فكان‬
‫مركزها السعودٌة وفروعها فً بلدان عدٌدة‪ ،‬وافؽانستان الوهابٌة الطالبانٌة واحدة من انشط‬
‫بذورها وكان ابرز شخصٌاتها وشيخها وسيدها الروحي (اسامة بن الدن) الذي لمع نجمه (وقتها‬
‫كنت انا فً سجن السعودٌة فً االرطاوٌة‪ ،‬ثم لمع ثانٌة (وكنت فً ذلك الزمن فً رفحاء‪ ،‬المدرسة‬
‫التً لن انساها والسجن الذي التسطٌع ممحاة الزمن الذرٌّة ان تلؽٌة) واشرق نجم بن الدن فً‬
‫‪ )September 11, or 911‬والتً‬ ‫احداث الحادي عشر من اٌلول والمسماة بـ(سبتمبر اٌلفن‬
‫ؼٌرت وجه التارٌخ وازاحت ؼمابم لم تكن تزاح وانطلقت رٌاح كانت خامدة فً فم التنٌن النابم‬
‫لتحرق كل اوراق هذا الٌنجم المزٌؾ الفاسد العقٌدة وتكشؾ المستور‪.‬‬
‫اما الشخصٌة العربٌة التً اشرت لها اشاره سرٌعة فقد حان وقت الحدٌث عنها‪ ،‬فهً صدام بن ابٌه‬
‫‪ ،‬والمعروؾ عالمٌا ً بؤسم (صدام حسٌن)‪.‬‬
‫فصدام شخصٌة مجهولة االب الحقٌقً (وقٌل انه عبدالسطٌح الٌهودي) من ام ٍ عاشت بٌن احضان‬
‫الرجال دون تمٌٌز بٌن اسود وابٌض عربً وؼٌره والمعروفة‬
‫بؤسم (صبحة طلفاح) عاشت حٌاتها متسكعة بٌن الدور‬
‫والشوارع وبٌوت الدعارة فكان مولد هذا الفتى فً العوجة من‬
‫صالح الدٌن فً شمال بؽداد وتربى‪...‬‬
‫ٌقول الدكتور صاحب الحكٌم فً مقال ٌصؾ فٌه صبحة‪....( :‬‬
‫و كانت تخرج وحدها و ترفض ان ٌراقبها احد او ان ٌمسك علٌها احد طرٌقها و كانت تحضر‬
‫جلسات الرجال لوحدها و حتى انها تمٌزت بمالبسها التً ال تشبهها مالبس النساء اِلخرٌات وان‬
‫اكمامها كنت عرٌضة بطرٌقة انها تري قسما من اذرعها‪ .‬مما ال تتزٌى بها نساء العراق و ال حتى‬
‫البدوٌات ‪)...‬‬
‫‪http://www.afka.org/Art2007/Alhakim070121.htm‬‬
‫فً عام ‪ 1965‬ذهب صدام الى لبنان لدعوة اللبنانٌٌن الى حزب البعث وٌجري اتصاالت مع‬
‫بعض الدول لتدبٌر امور االنقالب على عبد السالم عارؾ وبالتنسٌق مع مٌشٌل عفلق الذي ٌقٌم فً‬
‫‪151‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فرنسا وٌاتً الى بٌروت بجواز سوري مزور باسم ((انطوان طعمة)) كان ٌخطط لعشابر تكرٌت‬
‫االربعة الربٌسٌة لكً تصل الى مستو السٌطرة على العراق كله ‪ ،‬وفعال تمت الخطة بؤتصالت‬
‫سرٌة ودقٌقة مع برٌطانٌا وامرٌكا وبشكل دقٌق تم تنحٌة الحكومة وتؤسٌس حكومة جدٌدة فً عام‬
‫‪ٌ 1968‬قودها البعث ظاهرا وامرٌكا من وراء الكوالٌس‪ .‬وهً واحدة من الخطة الكبر للسٌطرة‬
‫االمرٌكٌة واالسرابٌلٌة على الشرق االوسط ولبنة فً بناء االمبراطورٌة االمرٌكٌة الكبر على‬
‫عتقد ان على حزب البعث ان ٌبسط نفوذه على كافة الدول العربٌة‪ ,‬فً اقل من عشر‬
‫قاعدة ا ا‬
‫سنوات وكانت الخطوات االولى هً السٌطرة على مصر اوالً ونشر البعث فً البلدان العربٌة‬
‫االخر بواسطة تؤسٌس التنظٌمات السرٌة والعلنٌة وثالثها قلب نظام الحكم‬
‫فً االردن عسكرٌا ً مقابل عدم اشتراك الجٌش العراقً فً اي عملٌة ضد‬
‫اسرابٌل او من ٌناصرها ‪.‬‬
‫ٌقول حردان فً مذكراته‪ { :‬فقد كانت خطتنا مبنٌة على اساس ضرورة‬
‫حردان‬ ‫الجٌش العراقً فً االراضً‬ ‫التعاون مع الملك حسٌن‪ ,‬لضمان بقاء‬
‫االردنٌة‪ ,‬لٌس تحسبا لهجوم اسرابٌل على العراق ‪ ,‬فقد اتفقنا مع اسرائيل بعد شهر من انقالب‬
‫‪ / 30‬تموز وبالضبط ‪/ 29‬آب‪ ,68/‬على عدم شن اذ هجوم على جيشنا‬
‫أو على العراق في مقابل عدم اشتراك الجيش العراقي في اذ عملية ضد‬
‫اسرائيل‪ ,‬او حتى في صد اذ هجوم على االردن‪ ,‬وفي مقابل السماح‬
‫لليهود العراقين بالهجرة الى اسرائيل عن طريق قبرص ‪ .‬هذا االتفاق الذي تم بٌننا وبٌن اسرابٌل‬
‫‪ ،‬فً مدٌنة بارٌس قد احترمه‬ ‫عن طرٌق عفلق و ((اللورد سٌؾ)) عمٌد الصهٌونٌة فً لندن‬
‫فً اي‬ ‫الجانبان حتى االن ‪ ,‬فلم تشن اسرابٌل اي هجوم بعده على جٌشنا‪ ,‬ولم ٌشترك هذا الجٌش‬
‫عملٌة ضد اسرابٌل ‪ ,‬كما اعطً الربٌس فً بٌان رسمً كافة حقوق المواطنة للجالٌة الٌهودٌة بما‬
‫فً ذلك حق الهجرة الى خارج العراق} ‪,‬‬
‫كل هذ ِه التنازالت التً قدمها البعثٌون لالمرٌكان لم تكن سو قواعد لبناء االمبراطورٌة سواء‬
‫أكانت هذ ِه بإرادة االمرٌكان انفسهم وبتخطٌطهم ام كانت بإرادة الشعوب االخر لتقاطع المصالح ‪.‬‬
‫ولم ٌكن العراق ـ منذ العهد القدٌم الى الٌوم ـ سو مركز التخطٌطات والتوسعات لكل‬
‫االمبراطورٌات‪ ،‬فؤول دولة حاولت االتساع وتكوٌن امبراطورٌتها كان منطلقها العراق‪ ،‬ثم فارس‬

‫‪152‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واالتراك واالمبراطورٌة العربٌة العباسٌة‪ ،‬العثمانٌة‪ ،‬ثم البرٌطانٌة‪ ،‬والٌوم االمبراطورٌة‬


‫االمرٌكٌة‪.‬‬
‫فما هو السر ؟!!!!!‬
‫هل هً النفط كما ٌعتقد البعض؟!! لم ٌكن فً العراق نفط قبل العهد البرٌطانً‪.‬‬
‫هل هو االقتصاد ؟ !!! هناك بلدان اؼنى من العراق بمالٌٌن المرات ‪.‬‬
‫هل هو مركز للكرة االرضية والعالم القدٌم‪ ،‬لماذا لم تكن تركٌا‪ ،‬وهً التً تربط قارتٌن وتشرؾ‬
‫على ربط القارة الثالثة‪ ،‬مصر تربط قارتٌن وتشرؾ على الثالثة‪ ،‬الشام‪ ،‬السعودٌة ‪.‬‬
‫لقد كانت الهند مركز انطالق اقتصادي كبٌر وثورة بشرٌة بٌد البرٌطانٌٌن استخدموهم فً حروبهم‬
‫ودرة تاجهم العراق‪ .‬فما هو السر؟!!!‬
‫وكان مركز توسعهم ّم‬
‫االسبلة التً لم اجد لها حال ‪ ،‬وربما لم ٌجد الكثٌــر من الكتاب والباحثٌن لها جوابًا‬
‫لماذا اختار االمام علي )ع( ‪ ،‬العراق عاصمة له؟‬
‫لماذا اختار االمام الحسين )ع( العراق منطلقا لثورته؟ ٌقول البعض من كبار المحللٌن والمإرخٌن‬
‫لو ان ثورة الحسٌن قامت فً ارض ؼٌر العراق لمسحها التؤرٌخ ولم ٌكن لها سو اثر موضعً‪،‬‬
‫ولو ان الحسٌن قتل فً ارض ؼٌر العراق لما بقً منه ؼٌر االسم ‪.‬‬
‫وتقول الروٌات ان االمام الحجة )ع( ٌقٌم فً نهاٌة االمر حكومته فٌه وٌكون عاصمة العالم كله‬
‫فلو كانت المصالح المادية فما هإالء بماديين ابدا‬
‫ثم ان اكثر االنبياء تواجدا فً الشرق االوسط من ادم وابراهٌم الى ان اوصى الرسول لوصٌ ِه‬
‫كانت دوابرهم وتخطٌطاتهم العراق ‪ ،‬وشاهدها قبر االمام امٌر المإمنٌن علً )ع( اذ ٌتوسط االمام‬
‫)ع( آدم ونوح (ع) فً النجؾ‪.‬‬
‫فما هً الحكمة وما هو السر ؟!!!‬
‫لكنه العراق‬
‫بالد االضداد ‪.‬‬
‫ثم لماذا ركزت اسرائيل قواعدها وتخطٌطاتها وقالت ان دولتها (من) الفرات الى النٌل‪ ،‬هل ان كلمة‬
‫(مِن) هنا تعنً انها سوؾ تبدأ بالعراق النشاء امبراطورٌتها الكبر التً تخطط لها وتعمل على‬
‫انشاءها جاهدة ؟‬

‫‪153‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد أكد اللواء أحمد عبدالحلٌم الخبٌر االستراتٌجً المصري وعضو المجلس المصري للعالقات‬
‫الخارجٌة أن الحرب ضد العراق أصبحت مإكدة مشٌرا الى أن قرار ‪ 1441‬الصادر عن مجلس‬
‫اِلمن مهد للواليات المتحدة افتعال األزمات في أذ وقت لشن حربها ضد العراق‪.‬‬
‫وقال إن عناصر السٌنارٌو اِلمٌركً المنتظر تطبٌقه مع العراق ٌشتمل على مماِلة ال ُكرد من ناحٌة‬
‫وتؤلٌب المعارضة الداخلٌة من ناحٌة أخر خاصة فً الجٌش بالتؤكٌد على حتمٌة الهزٌمة للجٌش‬
‫العراقً فً هذه الحرب المزعومة‪ ،‬كذلك تنشٌط العراقٌٌن فً المنفى وقد ظهر هذا خالل مإتمر‬
‫المعارضة اِلخٌر‪ .‬ولم ٌستبعد اللواء عبدالحلٌم أن تؽازل أمٌركا اٌران بحكم أنها تمثل أهمٌة فً‬
‫شن حرب ضد «صدام حسٌن»‪.‬‬
‫هذا ما نقلة شارح كتاب مفصل حول قضٌة االتساع االمرٌكً حٌث تناولها بمنتهى الدقة‪ .‬فهل هو‬
‫جزء من مخطط الدولة االسرائيلية ام االمريكية ؟‬
‫اعرض على القاري الكرٌم هذ ِه الوثابق المكتوبة‪ ،‬نص الوثيقة االسرائيلية لتقسيم الشرق االوسط‬
‫والسيطرة عليه‪ ،‬البرنام الذي كانت تخطط له اسرابٌل منذ االربعٌنات‪،‬‬
‫======================================‬
‫نص الوثيقة الصهيونية‬
‫أوالً‪ :‬نظرة عامة على العالم العربً واإلسالمً‬
‫‪1‬ـ إن العالم العربً واإلسالمً هو بمثابة برج من الورق أقامه اِلجانب ( فرنسا وبرٌطانٌا فً العشرٌنٌات) ‪ ،‬دون‬
‫أن توضع فً الحسبان رؼبات وتطلعات سكان هذا العالم‪.‬‬
‫‪2‬ـ لقد قُسِّم هذا العالم إلى ‪ 19‬دولة كلها تتكون من خلٌط من اِلقلٌات والطوابؾ المختلفة‪ ،‬والتً ُتعادي كل منهما‬
‫اِلخر ‪ ،‬وعلٌه فان كل دولة عربٌة إسالمٌة معرضة الٌوم لخطر التفتت العرقً واالجتماعً فً الداخل إلى حد‬
‫الحرب الداخلٌة كما هو الحال فً بعض هذه الدول‪.‬‬
‫‪3‬ـ وإذا ما أضفنا إلى ذلك الوضع االقتصادي ٌتبٌن لنا كٌؾ أن المنطقة كلها‪ ،‬فً الواقع‪ ،‬بناء مصطنع كبرج الورق‪،‬‬
‫ال ٌمكنه التصدي للمشكالت الخطٌرة التً تواجهه‪.‬‬
‫‪4‬ـ فً هذا العالم الضخم والمشتت‪ ،‬توجد جماعات قلٌلة من واسعً الثراء وجماهٌر ؼفٌرة من الفقراء‪ .‬إن معظم‬
‫العرب متوسط دخلهم السنوي حوالً ‪ 300‬دوالر فً العام‪.‬‬
‫‪5‬ـ إن هذه الصورة قابمة وعاصفة جداً للوضع من حول الكٌان الصهٌونً‪ ،‬وتشكل بالنسبة لهذا الكٌان تحدٌات‬
‫ومشكالت وأخطار‪ ،‬ولكنها تشكل أٌضا ً فرصا ً عظٌمة‪.‬‬
‫ثانٌا ً ـ مصر‬
‫‪1‬ـ فً مصر توجد أؼلبٌة سنٌة مسلمة مقابل أقلٌة كبٌرة من المسٌحٌٌن الذٌن ٌشكلون اِلؼلبٌة فً مصر العلٌا‪ ،‬حوالً‬

‫‪154‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 8‬ملٌون نسمة‪ .‬وكان الربٌس محمد أنور السادات قد أعرب فً خطابه فً أٌار‪/‬ماٌو من عام ‪ 1980‬عن خشٌته من‬
‫أن تطالب هذه اِلقلٌة بقٌام دولتها الخاصة‪ ،‬أي دولة" لبنانٌة" مسٌحٌة جدٌدة فً مصر‪...‬‬
‫‪2‬ـ والمالٌٌن من السكان على حافة الجوع نصفهم ٌعانون من البطالة وقلة السكن فً ظروؾ تعد أعلى نسبة تكدس‬
‫سكانً فً العالم‪.‬‬
‫‪3‬ـ وبخالؾ الجٌش فلٌس هناك أي قطاع ٌتمتع بقدر من االنضباط والفعالٌة‪.‬‬
‫‪4‬ـ والدولة فً حالة دابمة من اإلفالس بدون المساعدات الخارجٌة اِلمرٌكٌة التً ُخصصت لها بعد اتفاقٌة السالم‪.‬‬
‫‪5‬ـ إن استعادة شبه جزٌرة سٌناء بما تحتوٌه من موارد طبٌعٌة ومن احتٌاطً ٌجب إذن أن ٌكون هدفا ً أساسٌا من‬
‫الدرجة اِلولى الٌوم…‪ .‬إن المصرٌٌن لن ٌلتزموا باتفاقٌة السالم بعد إعادة سٌناء‪ ،‬وسوؾ ٌفعلون كل ما فً وسعهم‬
‫لكً ٌعودوا إلى أحضان العالم العربً‪ ،‬وسوؾ نضطر إلى العمل إلعادة اِلوضاع فً سٌناء إلى ما كانت علٌه‪....‬‬
‫‪6‬ـ إن مصر ال تشكل خطراً عسكرٌا ً استراتٌجٌا ً على المد البعٌد بسبب تفككها الداخلً‪ ،‬ومن الممكن إعادتها إلى‬
‫الوضع الذي كانت علٌه بعد حرب حزٌران‪ٌ/‬ونٌو ‪ 1967‬بطرق عدٌدة‪.‬‬
‫‪7‬ـ إن أسطورة مصر القوٌة والزعٌمة للدول العربٌة قد تبددت فً عام ‪ 1956‬وتؤكد زوالها فً عام ‪.1967‬‬
‫‪8‬ـ إن مصر بطبٌعتها وبتركٌبتها السٌاسٌة الداخلٌة الحالٌة هً بمثابة جثة هامدة فعالً بعد سقوطها‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫التفرقة بٌن المسلمٌن والمسٌحٌٌن والتً سوؾ تزداد حدتها فً المستقبل‪ .‬إن تفتٌت مصر إلى أقالٌم جؽرافٌة منفصلة‬
‫هو هدؾ الكٌان الصهٌونً السٌاسً فً الثمانٌنات على جبهتها الؽربٌة‪.‬‬
‫‪9‬ـ إن مصر المفككة والمقسمة إلى عناصر سٌادٌة متعددة‪ ،‬على عكس ما هً علٌه اآلن‪ ،‬لن تشكل أي تهدٌد للكٌان‬
‫الصهٌونً بل ستكون ضمانا ً للزمن و"السالم" لفترة طوٌلة‪ ،‬وهذا اِلمر هو الٌوم فً متناول أٌدٌنا‪.‬‬
‫‪10‬ـ إن دول مثل لٌبٌا والسودان والدول اِلبعد منها لن ٌكون لها وجود بصورتها الحالٌة‪ ،‬بل ستنضم إلى حالة التفكك‬
‫والسقوط التً ستتعرض لها مصر‪ .‬فإذا ما تفككت مصر فستتفكك سابر الدول اِلخر ‪ ،‬وإن فكرة إنشاء دولة قبطٌة‬
‫مسٌحٌة فً مصر العلٌا إلى جانب عدد من الدوٌالت الضعٌفة التً تتمتع بالسٌادة اإلقلٌمٌة فً مصر ـ بعكس السلطة‬
‫والسٌادة المركزٌة الموجودة الٌوم ـ هً وسٌلتنا إلحداث هذا التطور التارٌخً‪.‬‬
‫كما إن تفتٌت لبنان إلى خمس مقاطعات إقلٌمٌة ٌجب أن ٌكون سابقة لكل العالم العربً بما فً ذلك مصر وسورٌا‬
‫والعراق وشبه الجزٌرة العربٌة‪.‬‬
‫ثالثا ً ـ لٌبٌا‬
‫إن الربٌس معمر القذافً ٌشن حروبه المدمرة ضد العرب أنفسهم انطالقا ً من دولة تكاد تخلو من وجود سكان ٌمكن أن‬
‫ٌشكلوا قومٌة قوٌة وذات نفوذ‪ .‬ومن هنا جاءت محاوالته لعقد اتفاقٌات باتحاد مع دولة حقٌقٌة كما حدث فً الماضً‬
‫مع مصر وٌحدث الٌوم مع سورٌا‪.‬‬
‫رابعا ً ـ السودان‪:‬‬
‫وأما السودان ـ أكثر دول العالم العربً اإلسالمً تفككا ً ـ فإنها تتكون من أربع مجموعات سكانٌة كل منها ؼرٌبة عن‬
‫اِلخر ‪ ،‬فمن أقلٌة عربٌة مسلمة سنٌة تسٌطر على أؼلبٌة ؼٌر عربٌة أفرٌقٌة إلى وثنٌٌن إلى مسٌحٌٌن‪.‬‬
‫خامسا ً ـ سورٌا‬
‫‪155‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪1‬ـ إن سورٌا ال تختلؾ اختالفا ً جوهرٌا ً عن لبنان الطابفٌة باستثناء النظام العسكري القوي الذي ٌحكمها‪ .‬ولكن الحرب‬
‫الداخلٌة الحقٌقٌة الٌوم بٌن اِلؼلبٌة السنٌة واِلقلٌة الحاكمة من الشٌعة العلوٌٌن الذٌن ٌشكلون ‪ %12‬فقط من عدد‬
‫السكان‪ ،‬تدل على مد خطورة المشكلة الداخلٌة‪.‬‬
‫‪2‬ـ إن تفكك سورٌا والعراق فً وقت الحق إلى أقالٌم ذات طابع قومً ودٌنً مستقل‪ ،‬كما هو الحال فً لبنان‪ ،‬هو‬
‫هدؾ الكٌان الصهٌونً اِلسمى فً الجبهة الشرقٌة على المد القصٌر‪ ،‬وسوؾ تتفتت سورٌا تبعا ً لتركٌبها العرقً‬
‫والطابفً إلى دوٌالت عدة كما هو الحال اآلن فً لبنان‪.‬‬
‫‪3‬ـ وعلٌه فسوؾ تظهر على الشاطا دولة علوٌة‪.‬‬
‫‪4‬ـ وفً منطقة حلب دوٌلة سنٌة‪.‬‬
‫‪5‬ـ وفً منطقة دمشق دوٌلة سنٌة أخر معادٌة لتلك التً فً الشمال‪.‬‬
‫‪6‬ـ وأما الدروز فسوؾ ٌشكلون دوٌلة فً الجوالن التً نسٌطر علٌها‪.‬‬
‫‪7‬ـ وكذلك فً حوران وشمال اِلردن وسوؾ ٌكون ذلك ضمانا ً لألمن والسالم فً المنطقة بكاملها على المد القرٌب‪.‬‬
‫وهذا اِلمر هو الٌوم فً متناول أٌدٌنا‪.‬‬
‫سادسا ً ـ العراق‬
‫‪1‬ـ إن العراق ال تختلؾ كثٌراً عن جارتها ولكن اِلؼلبٌة فٌها من الشٌعة واِلقلٌة من السنة‪ ،‬إن ‪ %65‬من السكان‬
‫لٌس لهم أي تؤثٌر على الدولة التً تشكل الفبة الحاكمة فٌها ‪ %20‬إلى جانب اِلقلٌة الكردٌة الكبٌرة فً الشمال‪.‬‬
‫‪2‬ـ ولوال القوة العسكرٌة للنظام الحاكم وأموال البترول‪ ،‬لما كان باإلمكان أن ٌختلؾ مستقبل العراق عن ماضً لبنان‬
‫وحاضر سورٌا‪.‬‬
‫‪3‬ـ إن" بشابر" الفرقة والحرب اِلهلٌة تلوح فٌها الٌوم‪ ،‬خاصة بعد تولً اإلمام الخمٌنى الحكم‪ ،‬والذي ٌُعتبر فً نظر‬
‫الشٌعة العراقٌٌن زعٌمهم الحقٌقً ولٌس الربٌس صدام حسٌن‪.‬‬
‫‪4‬ـ إن العراق الؽنٌة بالبترول والتً تكثر فٌها الفرقة والعداء الداخلً هً المرشح التالً لتحقٌق أهداؾ الكٌان‬
‫الصهٌونً‪.‬‬
‫‪5‬ـ إن تفتٌت العراق هو أهم بكثٌر من تفتٌت سورٌا وذلك ِلن العراق أقو من سورٌا‪.‬‬
‫‪6‬ـ إن فً قوة العراق خطورة على الكٌان الصهٌونً فً المد القرٌب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أٌة دولة‬
‫أخر ‪.‬‬
‫‪7‬ـ وسوؾ ٌصبح باإلمكان تقسٌم العراق إلى مقاطعات إقلٌمٌة طابفٌة كما حدث فً سورٌا فً العهد العثمانً‪.‬‬
‫‪8‬ـ وبذلك ٌمكن إقامة ثالث دوٌالت (أو أكثر) حول المدن العراقٌة‪.‬‬
‫‪9‬ـ دولة فً البصرة‪ ،‬ودولة فً بؽداد‪ ،‬ودولة فً الموصل‪ ،‬بٌنما تنفصل المناطق الشٌعٌة فً الجنوب عن الشمال‬
‫السنً الكردي فً معظمه‪.‬‬
‫سابعا ً ـ لبنان‪:‬‬
‫أما لبنان فإنها مقسمة ومنهارة اقتصادٌا لكونها لٌس بها سلطة موحدة‪ ،‬بل خمس سلطات سٌادٌة (مسٌحٌة فً الشمال‬
‫تإٌدها سورٌا وتتزعمها أسرة فرنجٌة‪ ،‬وفً الشرق منطقة احتالل سوري مباشر‪ ،‬وفً الوسط دولة مسٌحٌة تسٌطر‬
‫‪156‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫علٌها الكتابب‪ ،‬وإلى الجنوب منها وحتى نهر اللٌطانً دولة لمنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة هً فً معظمها من‬
‫الفلسطٌنٌٌن‪ ،‬ثم دولة الرابد سعد حداد من المسٌحٌٌن وحوالً نصؾ ملٌون من الشٌعة‪.‬‬
‫(ملحوظة من المحرر‪ :‬كان هذا هو الوضع اللبنانً زمن كتابة الوثٌقة‪ ،‬ولكن القو الوطنٌة اللبنانٌة نجحت فً إعادة‬
‫الوحدة الوطنٌة‪).‬‬
‫ثامنا ً ـ السعودٌة والخلٌ‬
‫‪1‬ـ إن جمٌع إمارات الخلٌ وكذلك السعودٌة قابمة على بناء هش لٌس فٌه سو البترول‪.‬‬
‫‪2‬ـ وفى البحرٌن ٌشكل الشٌعة أقلٌة السكان ولكن ال نفوذ لهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ وفً دولة اإلمارات العربٌة المتحدة ٌُشكل الشٌعة أؼلبٌة السكان‪.‬‬
‫‪4‬ـ وكذلك الحال فً عُمان‪.‬‬
‫‪5‬ـ وفً الٌمن الشمالٌة وكذلك فً جنوب الٌمن‪ ...‬توجد أقلٌة شٌعٌة كبٌرة‪.‬‬
‫‪6‬ـ وفً السعودٌة نصؾ السكان من اِلجانب المصرٌٌن والٌمنٌٌن وؼٌرهم‪ ،‬بٌنما القو الحاكمة هً أقلٌة من‬
‫السعودٌٌن‪.‬‬
‫‪7‬ـ وأما فً الكوٌت فإن الكوٌتٌٌن اِلصلٌٌن ٌُشكلون ربع السكان فقط‪.‬‬
‫‪8‬ـ إن دول الخلٌ والسعودٌة ولٌبٌا ُتعد أكبر مستودع للبترول والمال فً العالم‪ ،‬ولكن المستفٌد من كل هذه الثروة هً‬
‫أقلٌات محدودة ال تستند إلى قاعدة عرٌضة وأمن داخلً‪ ،‬وحتى الجٌش لٌس باستطاعته أن ٌضمن لها البقاء‪.‬‬
‫‪9‬ـ وإن الجٌش السعودي‪ ،‬بكل ما لدٌه من عتادٍ‪ ،‬ال ٌستطٌع تؤمٌن الحكم ضد اِلخطار الفعلٌة من الداخل والخارج‪.‬‬
‫وما حدث فً مكة عام ‪ 1980‬لٌس سو مثال لما قد ٌحدث‪.‬‬
‫‪10‬ـ إن شبه الجزٌرة العربٌة بكاملها ٌمكن أن تكون خٌر مثال لالنهٌار والتفكك كنتٌجة لضؽوط من الداخل ومن‬
‫الخارج‪ ،‬وهذا اِلمر فً مجمله لٌس بمستحٌل على اِلخص بالنسبة للسعودٌة سواء دام الرخاء االقتصادي المترتب‬
‫على البترول أو قل فً المد القرٌب‪ .‬إن الفوضى واالنهٌار الداخلً هً أمور حتمٌة وطبٌعٌة على ضوء تكوٌن‬
‫الدول القابمة على ؼٌر أساس‪.‬‬
‫تاسعا ً ـ المؽرب العربً‪:‬‬
‫‪1‬ـ ففً الجزابر هناك حرب أهلٌة فً المناطق الجبلٌة بٌن الشعبٌن الذٌن ٌُكونان سكان هذا البلد‪.‬‬
‫‪2‬ـ كما أن المؽرب والجزابر بٌنهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوٌة اإلسبانٌة باإلضافة إلى الصراعات الداخلٌة‬
‫التً تعانى منها كل منهما‪.‬‬
‫‪3‬ـ كما أن التطرؾ اإلسالمً ٌهدد وحدة تونس‪.‬‬
‫عاشراً ـ إٌران وتركٌا وباكستان وأفؽانستان‪:‬‬
‫‪1‬ـ فإٌران تتكون من النصؾ المتحدث بالفارسٌة والنصؾ اآلخر تركً من الناحٌة العرقٌة واللؽوٌة‪ ،‬وفً طباعه‬
‫أٌضا ً‪.‬‬
‫‪2‬ـ وأما تركٌا فمنقسمة إلى النصؾ من المسلمٌن السنٌة أتراك اِلصل واللؽة‪ ،‬والنصؾ الثانً أقلٌات كبٌرة من ‪12‬‬
‫ملٌون شٌعً علوي و ‪ 6‬ملٌون كردي سنً‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪3‬ـ وفً أفؽانستان خمسة مالٌٌن من الشٌعة ٌُشكلون حوالً ثلث عدد السكان‪.‬‬
‫‪4‬ـ وفً باكستان السنٌة حوالً ‪ 15‬ملٌون شٌعً ٌُهددون كٌان هذه الدولة‪.‬‬
‫اِلردن وفلسطٌن‪:‬‬
‫‪1‬ـ واِلردن هً فً الواقع فلسطٌنٌة حٌث اِلقلٌة البدوٌة من اِلردنٌٌن هً المسٌطرة‪ ،‬ولكن ؼالبٌة الجٌش من‬
‫الفلسطٌنٌٌن وكذلك الجهاز اإلداري‪ .‬وفً الواقع ُتعد عمان فلسطٌنٌة مثلها مثل نابلس‪.‬‬
‫‪2‬ـ وهً هدؾ استراتٌجً وعاجل للمد القرٌب ولٌس للمد البعٌد وذلك أنها لن تشكل أي تهدٌد حقٌقً على المد‬
‫البعٌد بعد تفتٌتها‪.‬‬
‫‪3‬ـ ومن ؼٌر الممكن أن ٌبقى اِلردن على حالته وتركٌبته الحالٌة لفترة طوٌلة‪ .‬إن سٌاسة الكٌان الصهٌونً ـ إما‬
‫بالحرب أو بالسلم ـ ٌجب أن تإدي إلى تصفٌة الحكم اِلردنً الحالً ونقل السلطة إلى اِلؼلبٌة الفلسطٌنٌة‪.‬‬
‫‪4‬ـ إن تؽٌٌر السلطة شرقً نهر اِلردن سوؾ ٌإدي أٌضا ً إلى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب ؼربً‬
‫النهر سواء بالحرب أو فً ظروؾ السلم‪.‬‬
‫‪5‬ـ إن زٌادة معدالت الهجرة من المناطق وتجمٌد النمو االقتصادي والسكانً فٌها هو الضمان إلحداث التؽٌر المنتظر‬
‫على ضفتً نهر اِلردن‪.‬‬
‫‪6‬ـ وٌجب أٌضا ً عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتً أو أي تسوٌة أو تقسٌم للمناطق‪...‬‬
‫‪7‬ـ وأنه لم ٌعد باإلمكان العٌش فً هذه البالد فً الظروؾ الراهنة دون الفصل بٌن الشعبٌن بحٌث ٌكون العرب فً‬
‫اِلردن والٌهود فً المناطق الواقعة ؼربً النهر‪.‬‬
‫‪8‬ـ إن التعاٌش والسالم الحقٌقً سوؾ ٌسودان البالد فقط إذا فهم العرب بؤنه لن ٌكون لهم وجود وال أمن دون التسلٌم‬
‫بوجود سٌطرة ٌهودٌة على المناطق الممتدة من النهر إلى البحر‪ ،‬وأن أمنهم وكٌانهم سوؾ ٌكونان فً اِلردن فقط‪.‬‬
‫‪9‬ـ إن التمٌز فً دولة الكٌان الصهٌونً بٌن حدود عام ‪ 1967‬وحدود عام ‪ 1948‬لم ٌكن له أي مؽز ‪.‬‬
‫‪10‬ـ وفً أي وضع سٌاسً أو عسكري مستقبلً ٌجب أن ٌكون واضحا ً بؤن حل مشكلة عرب فلسطٌن ‪ 48‬سوؾ‬
‫ٌؤتً فقط عن طرٌق قبولهم لوجود (إسرابٌل) ضمن حدود آمنة حتى نهر اِلردن وما بعده‪.‬‬
‫‪11‬ـ تبعا ً لمتطلبات وجودنا فً هذا العصر الصعب ( العصر الذري الذي ٌنتظرنا قرٌبا ً)‪.‬‬
‫‪12‬ـ فلٌس باإلمكان االستمرار بوجود ثالثة أرباع السكان الٌهود على الشرٌط الساحلً الضٌق والمكتظ بالسكان فً‬
‫هذا العصر الذري‪.‬‬
‫‪13‬ـ إن إعادة توزٌع السكان هو إذن هدؾ استراتٌجً داخلً من الدرجة اِلولى‪ ،‬وبدون ذلك لن نستطٌع البقاء فً‬
‫المستقبل فً إطار أي نوع من الحدود‪ .‬إن مناطق (ٌهودا والسامرة) والجلٌل هً الضمان الوحٌد لبقاء الدولة‪.‬‬
‫‪14‬ـ وإذا لم نشكل أؼلبٌة فً المنطقة الجبلٌة فإننا لن نستطٌع السٌطرة على البالد‪ .‬وسوؾ نصبح مثل الصلٌبٌٌن الذٌن‬
‫فقدوا هذه البالد التً لم تكن ملكا ً لهم باِلصل وعاشوا ؼرباء فٌها منذ البداٌة‪.‬‬
‫‪15‬ـ إن إعادة التوازن السكانً االستراتٌجً واالقتصادي لسكان البالد هو الهدؾ الربٌسً واِلسمى لدولة (إسرابٌل)‬
‫الٌوم‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪16‬ـ إن السٌطرة على المصادر المابٌة من ببر السبع وحتى الجلٌل اِلعلى‪ ،‬هً بمثابة الهدؾ القومً المنبثق من‬
‫الهدؾ االستراتٌجً اِلساسً‪ ،‬والذي ٌقضى باستٌطان المناطق الجبلٌة التً تخلو من الٌهود الٌوم‪.‬‬
‫انتهت الوثٌق‬

‫حسين بن طالل ملك االردن اول من سحب حبل المدفع واطلق النار برفقة صدام على اٌران الشعال شرارة الحرب‬
‫لقد قامت الحرب العراقٌة االٌرانٌة على اٌعازات امرٌكٌة برٌطانٌة لالنتقام من العراق واٌران ‪،‬‬
‫بدأت الحرب فً اول ٌوم استلم فٌها صدام مقود سفٌنة العراق حٌث خطط وخطط معه اسٌادة للقٌام‬
‫بها واعانه علٌها العرب واالجانب ‪ ،‬فكان حطبها العراقٌون لثمان سنوات ابتداءا الٌوم الثانً من‬
‫اٌلول حٌث دار القتال الفعلً فً اواسط الحدود العراقٌة االٌرانٌة (سٌؾ سعد وزٌن القوس) وحتى‬
‫انتهت بالمعارك الخمسة فً عام ‪ ،1988‬التً بدأت بالفاو وانتهت فً شمال العراق ‪ ،‬وكنت انا‬
‫واحدا من شهودها وعودا من اعواد حطبها‪.‬‬
‫انتهت الحرب فً ‪ .88/8/8‬تنفس الشعب الصعداء‪ ،‬دارت الدابرة على من اعان صدام فً حربه‬
‫ضد اٌران‪ ،‬والحجة هذ ِه المرة االقتصاد العراقً انهار بسبب الكوٌت ‪ ،‬الكوٌت اؼتصبت الدٌنار‬
‫العراقً‪ ،‬الكوٌت هتكت ستر المرأة العراقٌة‪ ،‬الكوٌت‪ ،‬الكوٌت ‪ ،...‬حتى احتقن االمر وكانت‬
‫الحادثة االولى من نوعٌها‪ ،‬العرب ٌقتلون بعضهم البعض فً الكوٌت‬
‫وكان الهجوم على الكوٌت فً الساعة الثانٌة بعد منتصؾ لٌلة الجمعة الثالث من آب عام تسعٌن‪.‬‬
‫هل كان بوحً من امرٌكا ؟‬
‫هل ِلمرٌكا ٌدا فً ذلك ؟‬

‫‪159‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫** السوٌلمان شاهد عٌان على **‬


‫** الهجوم على الكوٌت وحروب صدام ***‬
‫دخلت السٌارات االولى الحدود الكوٌتٌة والجٌش الٌدري هل هً مناورة ام انها حرب فعلٌة ‪ .‬اٌن‬
‫كانت االستخبارات العسكرٌة ساعتها ولماذا كان الشارع خالٌا من السٌارات تماما وحراس الحدود‬
‫مقٌدي االٌادي عند نقطة الحدود المطالع وٌقؾ على رأسهم " اٌاد فتٌح الراوي" ٌوشر للسٌارات‬
‫باالستمرار بالدخول ‪ ،‬الطابرات تقصؾ عاصمة الكوٌت من كل االتجاهات ‪ ،‬مدافع الهاون‬
‫والمدافع الثقٌلة حتى احترق قصر االمٌر بما فٌه ‪ .‬دخل الجنود فً القصر لٌستخرجون اسرارا‬
‫وفضابح ‪...‬‬
‫ماهً هذ ِه الفضابح وماهً هذ ِه االسرار ؟ واٌن صار بها الدهر ؟‬
‫اٌن االسر الكوٌتٌٌن ‪ ،‬والمقاتلٌن الذٌن صمدوا مع امٌرهم واخوه ؟‬
‫كٌؾ استقبل السعودٌون الكوٌتٌٌن واٌن وضعوهم عندما فروا ؟‬
‫لماذا انقلبت الموازٌن وما سر المبعوثٌن الى صدام فً االنسحاب من الكوٌت ولماذا لم ٌوافق ؟‬
‫مدافع الهاون والمدافع الثقٌلة حتى احترق قصر االمٌر بما فٌه ‪ .‬دخل الجنود فً القصر‬
‫لٌستخرجون اسرارا وفضابح ‪.‬‬
‫اسرار وخفاٌا واسبلة سوؾ ترد اجابات بعضها فً هذا الباب انشاء ّللا وبعضها ٌحتاج الى سنٌن‬
‫طوٌلة من البحث ‪ ،،‬وّللا المعٌن‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫****‬

‫الباب الثالث ‪:‬‬


‫حرب الخليج الثانية‬
‫الفصل في‬
‫تاريخ الصراع الكويتي العراقي ‪:‬‬

‫لم ٌكن دخول صدام للكوٌت محتال لها باالمر الؽرٌب ‪ ،‬فقد كانت لها اسس وقواعد تارٌخٌة لطالما‬
‫طالب الحكام السابقٌن العادة الكوٌت الى العراق بعد ان فصلته‬
‫َ‬
‫برٌطانٌا بشكل نهابً‪.‬‬
‫تؤسست الكوٌت على ساحل البحر وهً عبارة عن ارض‬
‫سكن‬ ‫للبحارة تجمعت فٌها عشابر صٌادي االسماك من اجل الرزق‪،‬‬
‫الكوٌت قبل آل الصباح وجماعتهم لفٌؾ من البدو وصٌادي السمك ثم‬
‫جاء آل الصباح وآل الخلٌفة والزاٌد والجالهمة والمعاودة‪ ،‬ونزل‬
‫هإالء بعد اإلذن من أمٌر بنً خالد‪ ،‬وكانت هجرتهم إلى الكوٌت‬
‫بالتدرٌ ِلنهم لمّا تركوا قطر تفرقوا فً البالد فمنهم من سكن بالد فارس ومنهم من سكن قٌس‬
‫(وهً جزٌرة فً الخلٌ العربً)‪ ،‬ومنهم من سكن الصبٌة ومنهم من سكن عبادان والمخراق‪ ،‬ثم‬
‫‪ ،‬لما كثر الساكنون فً‬ ‫أخذوا ٌتوافدون على الكوٌت وتبعهم خلق كثٌر ؼٌرهم من عرب وعجم‬
‫الكوٌت وخالطهم جمع من المهاجرٌن إلٌها رأوا من الضروري أن ٌإمر علٌهم أمٌر منهم ٌكون‬
‫مرجعا ً لحل المشكالت واالختالفات فوقع اختٌارهم على صباح لهذا اِلمر‪ ،‬فوافقهم صباح بعد أخذ‬
‫((*صفحات من تارٌخ الكوٌت للكاتب ٌوسؾ بن عٌسى القناعً*))‬ ‫العهد منهم على السمع والطاعة فً الحق‬

‫‪161‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ولم تكن هناك سو ادارة العشابر للمنطقة كعادة العرب اٌام زمان‪ ،‬اال ان الحرب السعودٌة مع‬
‫امارتً البحرٌن والشٌخ خزعل ( الشٌخ خزعل الكعبً أمٌر المحمرة فً االحواز‪ .‬دبر له مكٌدة فً‬
‫نٌسان سنة (‪ )1925‬بمساعدة البرٌطانٌٌن‪ ،‬قادها الحاكم اإلٌرانً زاهدي الذي تظاهر باالنسحاب‬
‫والعودة مع جنوده إلى طهران إثر معارك بٌن الجٌش الفارسً والقوات العربٌة فً اِلحواز‪،‬‬
‫حصل بعدها صلح بٌن الطرفٌن‪ ،‬وقد أبد زاهدي رؼبته فً تودٌع الشٌخ خزعل‪ ،‬مع ضمانات‬
‫من القنصل البرٌطانً بضمان سالمته‪ .‬وفً حفلة التودٌع التً أقٌمت على الٌخت الخزعلً فً شط‬
‫العرب نفذ الحاكم الفارسً نٌته المبٌتة فؽدر بالشٌخ خزعل‪ ،‬وقام جنوده باعتقاله واقتٌاده إلى‬
‫‪ ).‬اثارت‬ ‫طهران‪ ،‬لٌموت فً معتقله سنة ( ‪ )1936‬بعد إحد عشرة سنة قضاها فً االعتقال‬
‫االحقاد ضد العشابر الساحلٌة‪ ،‬كان اول من سقط بٌد كماشة التحالؾ السعودي ـ الوهابً هم آل‬
‫خالد على ارض االحساء‪ ،‬بعد ان هربت عشابر العتوب من وسط الجزٌرة العربٌة فً ‪1716‬م‬
‫عودة الى جذور ال صباح‬
‫حٌث كانت مساكنها هناك والنها عشابر آثرت عدم البطش والحقد لم تستطع الدفاع عن نفسها امام‬
‫عشابر البطش والؽزوات‪ ،‬خاصة حروب ال سعود التً طاردتهم قبل‬
‫واثناء تكوٌن دولتهم االولى ففرت العتوب ناجٌة بنفسها الى الساحل‬
‫الشرقً ثم الى البحرٌن لٌنشقوا الى شقٌن متجهٌن الى الشمال خاصة بعد‬
‫الحرب عشابر بحرٌنٌة قطرٌة سعودٌة‪ ،‬وكما ذكرنا كانت مجرد حرب عشابر تشجعها الدول‬
‫االجنبٌة من اجل خلق اجواء ساخنة تكون حجة لهم لدخولها المنطقة‪ ،‬سار شق من العتوب فً‬

‫‪162‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الزوارق بإتجاه الشمال لٌستقر قرارهم فً سواحل البصرة ‪ ،‬والشق الثانً ساروا على ارض بنً‬
‫خالد التً كانت على ساحل االحساء وكان خروجهم من منطقة القتال هاربٌن من الحروب اذ ال‬
‫ناقة لهم بها وال جمل‪ ،‬وكانت مضارب ال خالد ممتدة من الحدود البحرٌنٌة الى حدود مملكة‬
‫الخزاعل‪ ،‬وعندما دخلوا البصرة لم ترق لهم فعادو لٌسكنوا ارضا وسطا تعطب منهم قوم فقٌل‬
‫عنهم ـ العطب ـ وسكنوا البصرة‪ ،‬فٌما عاد آل الصباح لٌعقدوا اتفاقا مع الصٌادٌن وممكلة بنً خالد‬
‫للسكن فً المنطقة‪،‬‬
‫أل الصباح واالتفاقيات الدولية‬
‫ثم سارت االتفاقات حتى اصبح آلل صباح ٌدهم على المنطقة لدقة تنظٌمهم وسٌاستهم حٌث كانت‬
‫‪1716‬م‪ 1128 ،‬هـ حٌث اسسوا فً منطقة‬ ‫المنطقة كلها تحت الهٌمنة العثمانٌة عند سنة‬
‫(الگر ٌن ـ جنوب الكوٌت حالٌا) دولتهم وسموها الكوٌت‪ ،‬وكان شٌخها حٌنب ٍذ ومإسسها (صباح‬
‫االول العتوبً سنة ‪ 1818‬م‪ ،‬ثم انهم للوقاٌة من هجمات آل سعود بنوا سورا ً من الطٌن سنة‬
‫‪ 1780‬ـ ‪1789‬م‪.‬‬
‫‪1760‬م‪ ،‬خصوصا بعد ان انهارت قوة آل خالد‬ ‫ٌبلػ طوله مٌال واحدا حٌث بدأوا ببناءه عام‬
‫العسكرٌة امام ضربات ال سعود القوٌة‪ ،‬ثم سلمها الى ولده عبدّللا ( ‪ 1850‬ـ ‪ )1859‬ومن بعده ـ‬
‫جابر االول ـ لحق به صباح الثانً ‪ ،‬كان على بؽداد حٌنب ٍذ مدحت باشا الوالً العثمانً الذي اراد‬
‫‪ 1872‬هاجمت‬ ‫‪ 1871‬على االحساء‪ ،‬فً‬ ‫مد نفوذه الٌها حٌث جهزت حمالت كانت احدها‬
‫السعودٌة الكوٌت واحتلتها‪ ،‬انتهت بالمصالحة‪ ،‬لتستقر الكوٌت بعدها وتتفرغ للبناء‪ ،‬وتطوٌر نفسها‬
‫حٌث استمرت السعودٌة فً حروبها مع ال خالد‪ ،‬وآل علً وشمّر‪ ،‬ثم ان رؼم ذلك خاضوا بعض‬
‫الحروب‪ ،‬فكان من بٌنها حرب وقعت تحت اسم ـ واقعة الرقه ـ التً حدثت بٌن الكوٌتٌٌن وبٌن بنً‬
‫كعب‪ ،‬والتً ؼلب بها الكوٌتٌون على االمر واخذوا الؽنابم ‪ ،‬الكوٌت فً بادئ أمرها تحت حماٌة‬
‫أمٌر بنً خالد فلما توفً وضعؾ حكم بنً خالد صارت الكوٌت مهددة من جهة الجنوب بسعود بن‬
‫عبدالعزٌز آل سعود‪ ،‬ومن جهة الشمال بؤمراء المنتفق‪،‬‬

‫‪163‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سور الكويت له ستة أبواب‬

‫فاضطر الكوٌتٌون لحماٌة أنفسهم وأموالهم إلى بناء السور‪ ،‬فبنوه فً مدة وجٌزة‪ .‬وقد جعلوا للسور‬
‫ستة أبواب‪:‬‬
‫فاِلول من جهة الشرق ٌسمى (دروازة ابن بطً) وهو شرقً بٌت ابن نصؾ‬ ‫‪‬‬
‫والثانً ٌسمى (دروازة القروٌة) وهو ٌقابل محلة القناعات من جهة الجنوب‬ ‫‪‬‬

‫‪164‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫والثالث ٌسمى (دروازة آل عبدالرزاق) فً جنوب المسجد اآلن‬ ‫‪‬‬


‫والرابع ٌسمى (دروازة الشٌخ) وهو محل الصنقر وٌسمى محل ادهٌمان‬ ‫‪‬‬
‫والخامس ٌسمى (دروازة السبعان) وهو شرقً بٌت ابن بحر حوالً مدرسة البنات اآلن‬ ‫‪‬‬
‫والسادس ٌسمى (دروازة البدر) وهو بقرب مسجد الصقر‬ ‫‪‬‬
‫وٌقال أن جنوبً بٌت عثمان الراشد باب ٌسمى‬ ‫وكلمة (دروازة) فارسٌة االصل بمعنى (باب)‪،‬‬
‫(دروازة الفداغ)‪.‬‬
‫امتد صراعهم مع بنً كعب الذٌن ؼزوا البصرة وحاولوا االستٌالء علٌها ولكن اعانة ُ الكوٌتٌٌن‬
‫قوضت من ذلك فخسروا الكعبٌون المعركة وبقٌت البصرة تحت امارة العثمانٌون حٌث كانت‬
‫البصرة آلل الزهٌر‪ ،‬واستمر القتال مرة فً البصرة واخر فً جزر الكوٌت وثالثة فً المحمرة‬
‫(( المصادر‪* :‬تارٌخ الدولة السعودٌة االولى‪ ،‬تقرٌر اذاعة الكوٌت ـ ‪ 1995‬حول تارٌخ ال صباح‪ ،‬موسوعة العشابر‬
‫واالنساب ـ كتاب مخطوط للسوٌلمان‪ ،‬صفحات من تارٌخ الكوٌت للكاتب ٌوسؾ بن عٌسى القناعً *))‬
‫كانت الكوٌت تعانً بٌن الحٌن واآلخر من هجومات عسكرٌة تارة‪ ،‬واعالمٌة اخر تهددها بضمها‬
‫الى العراق خاصة وان برٌطانٌا كانت لها الٌد الطولى فً االمر حٌث تقؾ مع هذا مرة ومع ذاك‬
‫اخر { " كما وضعت الخارجٌة البرٌطانٌة العدٌد من السٌنارٌوهات والخطط التً على مبعوثها أن‬
‫ٌعمل من خاللها‪ ،‬وكان الهدؾ من النشاط الجدٌد هو تعزٌز موقع برٌطانٌا فً الخلٌ والكوٌت‬
‫على صد إبرام معاهدة ‪ 1907‬التً حصلت فٌما بعد‪ ،‬بٌن الشٌخ مبارك وبرٌطانٌا وكان جوهرها‬
‫استبجار مٌناء – الشوٌخ – فً محاولة مقصودة لمنع تسلل أي نفوذ إلى الكوٌت‪ ،‬بعد تسرب بنود‬
‫ذلك االتفاق إضاؾت الحكومة العثمانٌة احتجاجا ً جدٌداً إلى سلسلة احتجاجاتها السابقة‪ ،‬والتً كان‬
‫أبرزها الصادر فً العام ‪ ... "1904‬واثناء الحرب العالمٌة االولى " كانت النتاب المهمة تتعلق‬
‫بالقاعدة اللوجستٌة المتقدمة – الكوٌت – حٌث تعهدت هذه المرة برٌطانٌا‬
‫بشكل معلن وواضح فً الحفاظ على قاعدتها المتقدمة والمراكز اِلخر‬
‫فً – نجد والمحمرة –‬
‫وقد حصل الشيخ مبارك الصباح على مكافؤة مثبتة فً الوثابق البرٌطانٌة‬
‫وهً تتعلق بإعفاء ممتلكاته من مزارع وعقارات فً العراق من‬
‫الضرابب وبشكل دابم مقابل الدعم الذي ٌقدمه مع أبن سعود والشٌخ خزعل – حاكم المحمرة –‬
‫للقوات البرٌطانٌة فً مواجهاتها العسكرٌة مع القوات العثمانٌة‪ ،‬قرار اإلعفاء هذا هو بمثابة‬
‫‪165‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اإلعالن البرٌطانً الرسمً عن خطط قد اتخذت لفصل الكوٌت عن العراق وهو العامل الذي كانت‬
‫برٌطانٌا تقصد من وراءه مد سٌطرة "عمٌلها" إلى داخل أرض البصرة " ‪ " ..‬ولهذا نجد أن الملك‬
‫ؼازي عندما ؼضب من شٌخ الكوٌت اتخذ قراره بوضع ٌد الدولة العراقٌة على تلك الممتلكات‬
‫وكانت تلك الخطوة تمثل الشرارة التً بدأ بها خط المواجهة الشعبٌة والرسمٌة العراقٌة فً الظهور‬
‫العلنً‪ ،‬من المكاسب اِلخر المهمة التً حصل علٌها شٌخ الكوٌت من الحرب العالمٌة اِلولى‪،‬‬
‫)‪ –(D‬وهً‬ ‫إدخال الكوٌت ضمن المنطقة التً تتم إدارتها من قبل القوة العسكرٌة المسماة – دي‬
‫التً تشكل مجمل القوات العسكرٌة الهندٌة فً الخلٌ العربً وهً رأس الرمح فً خطط الحرب‪،‬‬
‫على خلفٌة تفاصٌل الحرب تم التؽٌٌر السٌاسً اآلتً‬
‫تم تعٌٌن السٌر – برسً كوكس الذي ولد فً ‪ – 1864 /11/20‬الضابط السٌاسً اِلقدم للعمل‬
‫مع قوات الشرق اِلوسط المتواجدة فً البصرة‪ ،‬وتم التؽٌٌر اآلخر عندما صار اتصال الوكٌل‬
‫السٌاسً البرٌطانً مباشرة بالسٌر – برسً كوكس – ٌستلم منه اِلوامر مباشرة فٌما ٌتعلق‬
‫بالقضاٌا السٌاسٌة للوكالة السٌاسٌة فً الكوٌت بعد احتالل بؽداد"‬
‫((المصدر * نص الوثٌقة الصادرة عن السفٌر البرٌطانً فً أسطنبول ‪ ،‬فً عهد المشروطٌة – الدستور – بعد إسقاط‬
‫السلطان عبد الحمٌد وتولً جماعة االتحاد والترقً السلطة‪ .‬الوثٌقة رقم ‪ .. F0371/1232 :‬عام ‪1909 /‬سري ‪-‬‬
‫الرقم – ‪ 50‬أسطنبول فً ‪ /17‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪ 1911 /‬من السٌد – مارلنػ – إلى السٌر – أدوارد ؼراي –‬
‫وزٌر الخارجٌة البرٌطانً"}‬
‫‪---‬‬
‫محاوالت ضم الكويت الى العراق‬
‫حاول حكام عراق اٌام زمان العثمانٌٌن والملكٌة استعادة الكوٌت الى العراق‪ ،‬ولكن تمسك الكوٌتٌٌن‬
‫وتماسكهم جعل االمر فً ؼاٌة الصعوبة‪ ،‬خصوصا وان لدٌهم اتفاقٌات سٌاسٌة قوٌة مع البلدان‬
‫القوٌة لحماٌتهم من اي محاولة ضم وانتهاك‬
‫فقد حاول ؼازي ضم الكوٌت وفشل اذ دبروا له االؼتٌال وقتلوه فً حادث‬ ‫‪‬‬
‫وحاول عبدالكرٌم قاسم ان ٌضم الكوٌت الى العراق ‪ ،‬لكنه استشار المرجعٌة الشٌعٌة فً‬ ‫‪‬‬
‫النجؾ الذٌن نصحوه بان ذلك العمل ؼٌر صحٌح فتراجع بموجبها واعتبر االمر ملؽٌا ‪،‬‬
‫ولم ٌقع بٌن ٌدي مصدر ٌذكر اسماء المراجع اال انهم ذكروا اجماال ‪ ،‬اال انه كانت تربطه‬
‫روابط قوٌة بمرجعٌة السٌد الحكٌم‬

‫‪166‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حاول العارفٌان استمالة الرأي العام لضم الكوٌت وفشال فً ذلك ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كانت بؽداد فً زمن البكر اكثر ابتعادا عن الكوٌت وهموم ضمها النشؽالها بالخالفات‬ ‫‪‬‬
‫الداخلٌة وتصفٌة االقطاب المعارضة‬
‫حتى تفرغ صدام للكوٌت ولٌنفذ خطة محكمة وهجوم مباؼت كانت الكوٌت فً قبضته‬ ‫‪‬‬
‫خالل ٌومٌن ‪.‬‬
‫حاول الكوٌتٌون استمالة اخوانهم فً الخلٌ حٌث فروا الٌهم حٌث استقبلوهم احسن استقبال‬
‫واعانوهم ووقفوا بجانبهم وقفة لم ٌستطٌعوا الوقوؾ على اقدامهم لوالها ‪ ،‬كان على اثرها ان تدخل‬
‫فهد بن عبدالعزٌز واجتمعت الجامعة العربٌة ولكن جاء القرار النهابً بان ٌتركوا االمر (للوالٌات‬
‫المتحدة االمرٌكٌة) الدخول بجٌوش التحالؾ التً بلؽت اكثر من خمسٌن (وقٌل ثالثٌن) دولة كانت‬
‫من ضمنها السعودٌة ومصر وسورٌا ‪ ..‬وؼٌرها من الدول ‪ .‬لضرب العراق وطرده من الكوٌت‪.‬‬

‫وفً دراسة اخر حول تارٌخ الكوٌت تقول هذ ِه الدراسة ‪" :‬‬
‫كتاب تارٌخ الكوٌت السٌاسً من الكتب التارٌخٌة المهمة فً تارٌخ شبه الجزٌرة العربٌة وٌعتبر من الكتب‬
‫المهمة التً حافظت على جزء من تارٌخ الكوٌت واِلحداث التً حصلت لها ومواقؾ الكوٌت منها وبعض‬
‫اِلحداث المجاورة للكوٌت فً المملكة العربٌة السعودٌة وعربستان والخلٌ العربً والزبٌر وؼٌره‪ .‬وتطرق‬
‫المإلؾ حسٌن خلؾ الشٌخ خزعل الكعبً رحمه ّللا لبعض المواضٌع التً تتطرق لقبٌلة بنً خالد وٌعتبر‬
‫من النوادر التً تطرقت لتارٌخ القبٌلة العرٌق وسؤضع بعض النصوص فً الكتاب المذكور لكً ٌتم للقارئ‬
‫معرفة ما كتبه‪ .‬أورد المإلؾ حسٌن خلؾ الشٌخ خزعل فً المجلد اِلول الصفحة ‪ 36‬عن تضارب اآلراء‬
‫فً تارٌخ تمصٌر مدٌنة الكوٌت وقال‪:‬‬
‫"كانت الكوٌت فٌما سبق من اِلراضً المدمجة فً إمارة اإلحساء وواقعة ضمن حدودها الشمالٌة‪.‬‬
‫‪1081‬هـ ‪1669‬م‬ ‫ولما استخلص اِلمٌر براك بن ؼرٌر آل حمٌد إمارة اإلحساء من ٌد اِلتراك فً سنة‬
‫أصدر أمره بإنشاء قصر كبٌر (كوت) فً موقع مدٌنة الكوٌت الحالٌة( ‪ )1‬لٌتخذ ملجؤ لقواته المحافظة على‬
‫الحدود ولٌودع فٌه ذخٌرة وزاداً لٌتمون منه إذا ما أراد القدوم إلى تلك المنطقة للصٌد أو ِلي ؼرض آخر‬
‫وأقام فٌه ثلة من الحرس برباسة أحد ممالٌكه‪.‬‬
‫وبعد إشادة ذلك الحصن أخذت بعض القبابل العربٌة الرحل وقسم من الفرس صٌادي اِلسماك الساكنٌن فً‬
‫السواحل اإلٌرانٌة من الخلٌ العربً ٌتوافدون إلى أطراؾ ذلك الحصن وٌقٌمون حوله ثم ٌرتحلون‬
‫ثم ِأشٌدت حوله بعض البٌوت الصؽٌرة أقام بها قسم منهم ثم شادوا الدور وأقاموا حولها اِلسواق‪.‬‬
‫‪167‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ثم تداعى قسم من أركان ذلك الحصن فؤعٌد بناإه بشكل أصؽر مما كان علٌه سابقا ً فعبر عنه (بكوٌت)‬
‫تصؽٌر كلمة كوت‪.‬‬
‫ولكن تارٌخ تؤسٌس مدٌنة الكوٌت لم ٌحدد تحدٌداً جازما ً فهناك أقوال شتى متضاربة فً تحدٌد تارٌخها‪.‬‬
‫‪1083‬هـ ‪1672‬م ومنهم من زعم أن تارٌخ‬ ‫فمن المإرخٌن من ٌزعم أن تارٌخ تؤسٌسها كان فً عام‬
‫تؤسٌسها كان فً عام ‪1125‬هـ ‪1713‬م ومنهم من ٌظن أن تؤسٌسها كان فً عام ‪1022‬هـ ‪1613‬م وإلى‬
‫هذا القول اِلخٌر ذهب الشٌخ مبارك حٌنما طلب منه محسن باشا والً البصرة أن ٌخبره بالتحقٌق عن‬
‫تارٌخ تؤسٌس مدٌنة الكوٌت فؤجابه الشٌخ مبارك بكتاب ٌقول له فٌه أن تارٌخ مدٌنة الكوٌت ٌرجع إلى عام‬
‫‪1022‬هـ الموافق ‪1613‬م‪.‬‬
‫ومن المحقق أن إنشاء المدن وتمصٌرها من اِلمور التً ال تتم فً وقت قصٌر ولعل إنشاء مدٌنة الكوٌت‬
‫كان فً بادئ اِلمر بإقامة أكواخ صؽٌرة ثم بنٌت البٌوت ثم تدرجت بالعمران روٌداً روٌداً واتخذت فٌها‬
‫اِلسواق فؤصبحت مدٌنة وأن اختالؾ وتضارب اآلراء بتارٌخ التؤسٌس ٌعود إلى أن هناك من اعتبر إقامة‬
‫اِلكواخ منشؤ للتؤسٌس ومنهم من اعتبر تارٌخ الدور الصؽٌرة هو المنشؤ ومنهم من جعل تشٌد الدور الكبٌرة‬
‫واتخاذ اِلسواق أساسا ً للتارٌخ وعلى هذا وقع االختالؾ وعلى هذا وقع االختالؾ بٌن الرواة واشتبه علٌهم‬
‫اِلمر والكل منهم جاد فً ما قال‪".‬‬
‫هذا جزء مما كتبه المإلؾ عن تارٌخ الكوٌت وتمدٌنها وأنها كانت تحت حكم آل حمٌد من بنً خالد‬
‫المخزومٌة وأمٌرها براك بن ؼرٌر آل حمٌد الخالدي‪ .‬وهناك المزٌد من النصوص التً تطرقت لتارٌخ آل‬
‫حمٌد من بنً خالد ومنها على سبٌل المثال ما كتبه المإلؾ فً المجلد اِلول فً الصفحة ‪ 43‬من كتابه القٌم‬
‫تارٌخ الكوٌت السٌاسً عندما تطرق لحاكم الكوٌت اِلول الشٌخ صباح اِلول بن جابر بن سلمان بن أحمد‬
‫آل شمالن العتبً الجمٌلً التؽلبً الوابلً وتارٌخ حكمه العرٌق فً كاظمة البحار الكوٌت الحبٌبة وكتب‬
‫حرفٌا ً مع بعض التصرؾ‪:‬‬
‫"الشٌخ صباح اِلول‬
‫من ‪1130‬هـ ‪1718‬م إلى ‪1190‬هـ ‪1776‬م‬
‫انقضت مدة على ترشٌح الشٌخ صباح إلدارة شإون الحكم فً الكوٌت دون أن تطلق ٌده بذلك فؤدرك‬
‫ً‬
‫وحماٌة لوطنهم من الؽزو ولرفع‬ ‫ً‬
‫محافظة على أنفسهم‬ ‫الكوٌتٌون وجوب اتخاذ جانب من الحٌطة والحذر‬
‫المشاكل والخالفات الداخلٌة وٌكون ذلك بحصر تلك المهمة بشخص واحد – وبعد المداولة واِلخذ والرد‬
‫قر(‪ )2‬رأٌهم على حصر هذا المنصب بالشٌخ صباح بن جابر بن سلمان بن أحمد بعد أن اشترطوا علٌه‬
‫إقامة العدل وعدم االستبداد فً الرأي فعاهدهم على ذلك مشترطا ً علٌهم أن ٌسمعوا له وٌطٌعوه وأنه سٌكون‬
‫عند حسن ظنهم وقد تم ذلك فً عام ‪1130‬هـ ‪1718‬م‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عقد تحالؾ مع أمراء اإلحساء‬


‫بعد أن انفرد الشٌخ صباح بحكم الكوٌت أخذ على عاتقه توطٌد اِلمن ونشر العدل وسٌادة السالم فازدهرت‬
‫الكوٌت واشتهرت بالعزة وحسن الجوار‪.‬‬
‫ولما شعر أمٌر اإلحساء (محمد بن ؼرٌر) بما قام به الشٌخ صباح فً الكوٌت تحقق لدٌه أن إخضاعها‬
‫بالقوة لطاعته أصبح من اِلمور المتعسرة فصار ٌسعى لذلك بالحسنى فطلب من الشٌخ صباح أن ٌرسل إلٌه‬
‫أحد الكوٌتٌٌن لٌتفاوض معه فؤرسل الشٌخ صباح ولده عبدّللا لؽرض التفاوض فاتفقوا على اِلمور اآلتٌة‬
‫(اعتراؾ أمٌر اإلحساء باستقالل الشٌخ صباح فً حكم الكوٌت وتعقد بٌنهم معاهدة حسن جوار وأن ال‬
‫تنضم الكوٌت إلى خصوم أمٌر اإلحساء وأن تنفذ جمٌع أوامره وأوامر من سٌخلفه فً حكم اإلحساء التً‬
‫ٌصدرونها فً شؤن القبابل العربٌة المنتشرة بٌن القطرٌن على اِلصول المتعارؾ بٌن القبابل) فؤقر الشٌخ‬
‫صباح جمٌع الشروط حتى تم له السٌطرة تدرٌجٌا ً على الكوٌت‪".‬‬

‫من المعروؾ أن اِلمٌر الشٌخ صباح بن جابر رحمه ّللا خلؾ خمسة أوالد وهم عبدّللا حاكم الكوٌت الثانً‬
‫وسلمان ومحمد ومبارك ومالك‪ .‬وتوفً رحمه ّللا فً عام ‪1190‬هـ ‪1776‬م‪ .‬و أٌضا ً فً الكتاب المذكور‬
‫وبعد سرد تارٌخ حاكم الكوٌت اِلول الشٌخ صباح بن جابر التؽلبً رحمه ّللا تطرق المإلؾ أٌضا ً لعالقة‬
‫ابن الشٌخ صباح‪ ,‬عبد ّللا‪ ,‬حاكم الكوٌت الثانً مع اِلمٌر سعدون بن عرٌعر الخالدي رحمهم ّللا‪ .‬من‬
‫اِلجدر وضع بعض المعلومات البسٌطة عن الشٌخ عبدّللا اِلول بن صباح اِلول التؽلبً رحمهم ّللا وهو‬
‫كما ٌلً‪:‬‬

‫"الشٌخ عبدّللا اِلول بن صباح‬


‫من عام ‪1190‬هـ ‪1776‬م إلى عام ‪1229‬هـ ‪1814‬م‬
‫تولى إمارة الكوٌت بعد وفاة الشٌخ صباح ولده اِلصؽر الشٌخ عبد ّللا بالنظر لما كان ٌتصؾ به من سرعة‬
‫البدٌهة وصفاء الذهن والكرم وحسن السٌرة والشجاعة‪.‬‬
‫الشٌخ عبدّللا واِلمٌر سعدون بن عرٌعر‬
‫فً أواخر عام ‪1190‬هـ ‪1776‬م‬
‫نزل أمٌر اإلحساء الشٌخ سعدون بن عرٌعر – قرٌبا ً من مدٌنة الكوٌت‪ ,‬فظن البعض أنه ٌرٌد بها سوءاً‬
‫فخرج إلٌه الشٌخ عبدّللا لٌكشؾ ما كان ٌنوٌه وسرعان ما ظهر حسن نواٌاه إذ أخذ ٌوجه العتب إلى الشٌخ‬
‫عبدّللا وٌإنبه على خروجه بمثل ذلك العدد القلٌل من الرجال دون أن ٌؤخذ االستعدادات الكافٌة الحتمال‬

‫‪169‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الطوارئ إذ ربما كان القادم إلى الكوٌت ؼٌره من الذٌن ٌنون اِلذ وان خروجه على ذلك الحال أمر ال‬
‫ٌخلو من التهور وعدم التروي ومناقضا ً لخطط العسكرٌة‪.‬‬
‫فاعتذر إلٌه الشٌخ عبدّللا عن ذلك قابالً أن خروجه على تلك الحالة لم ٌكن إال لعلمه بؤنه سٌقابل رجالً ٌراه‬
‫بمثابة اِلخر اِلكبر وأنه واثق من حسن نواٌاه تجاه الكوٌت وأهلها ولو كان القادم ؼٌره لما خرج إلٌه إال‬
‫بجٌش جرار وبرجال ال ٌهابون الموت‪.‬‬
‫فسر اِلمٌر سعدون من هذا القول ثم عاد كل منهما إلى بلده مرتاح النفس‪.‬‬
‫وتطرق المإلؾ رحمه ّللا ِلحد أبناء قبٌلة بنً خالد الكرام وهو راشد بورسلً الخالدي الذي كان مع التاجر‬
‫شمالن بن علً مع بعض الرفقاء أحمد المناعً واخوانه و سعد اخو ناهض وصالح المسباح المطٌري فً‬
‫مدٌنة جنة‪ .‬أرسل الشٌخ مبارك بن صباح الصباح رحمه ّللا ابنه سالم لمالقاتهم مع مرافق وهو حسٌن بن‬
‫علً السترضاء التجار الذٌن خرجوا من الكوٌت بسبب زعل‪ .‬راجع المجلد الثانً من كتاب تارٌخ الكوٌت‬
‫السٌاسً الصفحة ‪.284‬‬

‫وتطرق الباحث لعربستان العربٌة المستقلة وعندما تكلم عن قبابل عربستان قال فً المجلد الثالث الصفحة‬
‫‪ 87‬من نفس المرجع‪:‬‬
‫"قبابل عربستان‬
‫أن أول من سكن عربستان من العرب قبل اإلسالم قبٌلة بنً كلب وبنً نمر وان أهم قبابل عربستان العربٌة‬
‫الٌوم التً تقطن القسم الشمالً هً آل كثٌر وبنو طرؾ وبنو سالة وبنو الم وبنو مالك وبنو خالد وبنو تمٌم‬
‫وآل خمٌس وزبٌد وربٌعة‪.‬‬
‫أما قبابله الجنوبٌة فهً بنو كعب وبنو تمٌم‪".‬‬
‫ربما ٌقصد عن القسم الشمالً (اِلحواز)‪.‬‬
‫من كتاب تارٌخ الكوٌت السٌاسً لمإلفه حسٌن خلؾ الشٌخ خزعل الكعبً فً المجلد اِلول‪ ,‬الصفحة ‪-57‬‬
‫‪ 58‬كتب ما ٌلً مع بعض التصرؾ‪:‬‬
‫فتن اإلحساء وموقؾ الكوٌت منها‬
‫فً سنة ‪1204‬هـ ‪ 1790‬م دارت معركة بٌن جٌوش اِلمٌر سعود السعود وبٌن جٌوش اِلمٌر عبد المحسن‬
‫بن سرداح وابن أخته دوٌحس بن عرٌعر أمراء اإلحساء فً محل ٌدعى ؼرٌمٌل( ‪ )1‬أسفرت عن اندحار‬
‫جٌوش اإلحساء وفرار عبد المحسن إلى المنتفق فاسند اِلمٌر سعود أمارة اإلحساء إلى زٌد بن عرٌعر ولما‬
‫أستقر اِلمٌر زٌد باإلحساء أرسل إلى عبد المحسن فً المنتفق من ٌستمٌله وٌمٌنه باِلمان وٌدعوه إلى القدوم‬

‫‪170‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫إلٌه فً اإلحساء فقدم علٌه واثقا ً بؤمانه ولكن اِلمٌر زٌد أمر بقتله فؤثار عمله هذا سخط بنً خالد وأهالً‬
‫اإلحساء فاجتمعوا وباٌعوا براك بن عبد المحسن واخرجوا اِلمٌر زٌد وإخوانه من اإلحساء‪.‬‬
‫أما اِلمٌر براك لما استتب له اِلمر فً اإلحساء جمع جٌوشه وخرج بهم ٌرٌد ؼزو نجد انتقاما ً للخسارة‬
‫التً الحقوها بوالده سابقا ً فاجتمع بجٌشه على الجهراء‪.‬‬
‫وعندما بلؽت اِلمٌر سعود هذه اِلخبار أعد الجٌوش وخرج بها من الدرعٌة مجداً فً طلبهم فتوجه إلى‬
‫الجهراء فلم ٌدركهم هناك ِلنهم كانوا قد تركوها وتوجهوا إلى قرب – آبار (اللصافة واللهابة والقرعا)‬
‫المتقاربة من بعضها البعض فاشتبك معهم هناك بمعركة حامٌة كانت الدابرة فٌها على بنً خالد ففر اِلمٌر‬
‫براك إلى المنتفق وذلك فً عام ‪1207‬هـ ‪1793‬م‪.‬‬
‫أما الكوٌت فقد كانت ٌومبذ فً رٌبة من اِلمر وكان من الصعب علٌها االنحٌاز إلى أحد الطرفٌن فشاور‬
‫الشٌخ عبد ّللا الصباح الكوٌتٌٌن فً اِلمر فقرروا باإلجماع اتخاذ موقؾ الحٌاد التام وعدم فتح أبواب‬
‫مدٌنتهم لكال الخصمٌن‪.‬‬
‫ثم ذهب اِلمٌر سعود إلى اإلحساء واسند إمارتها إلى محمد الحملً وعٌن فٌها علماء عابداً إلى الدرعٌة‪.‬‬

‫نهاٌة أمر آل حمٌد فً اإلحساء‬


‫ولما عاد اِلمٌر سعود إلى الدرعٌة ثارت اإلحساء علٌه وعلى اِلشخاص الذٌن عٌنهم فٌها فقتلوهم جمٌعا ً‬
‫بما فٌهم عامله وكان عددهم ثالثٌن شخصا ً ثم ربطوهم بالحبال وجروهم باِلسواق العامة وحٌنما بلؽت‬
‫اِلمٌر سعود هذه اِلنباء خرج من الدرعٌة فً عام ‪1208‬هـ ‪1794‬م بجٌوش جرارة واتجه نحو اإلحساء‬
‫فنزل أوالً على قرٌة الشقٌق(‪ )2‬فحاصرها ٌومٌن ثم أخذها عنوة وهرب أهلها منها واجتمعوا مع جمٌع أهل‬
‫قر شمال اإلحساء فً قرٌة قُرٌن(‪ )3‬فوافتهم الجٌوش السعودٌة وحاصرتها اشد الحصار وحاصرت أهالً‬
‫المطٌرفً أٌضا ً فصالحوه على نصؾ أموالهم فارتحلت عنهم الجٌوش إلى المبرز فخرج اِلمٌر زٌد بن‬
‫عرٌعر بجٌوشه لمالقاتهم فحصل بٌنهم قتال أسفر عن انسحاب اِلمٌر زٌد وجٌوشه إلى داخل المدٌنة‪.‬‬
‫وبعد أٌام قلٌلة سارت الجٌوش السعودٌة إلى المبرز ودارت هناك معركة قتل فٌها كثٌر من أهالً المبرز ثم‬
‫أخذت الجٌوش السعودٌة باالنتقال إلى جهة الشرق إلى أن وصلت إلى الجبٌل واستولت علٌها‪.‬‬
‫عندبذ اشتد خوؾ أهالً اإلحساء وآمنوا بالهالك فاجتمعوا لد اِلمٌر براك بن عبد المحسن وأظهروا له‬
‫الطاعة وطلبوا إلٌه أن ٌتوسط فً أمرهم لد اِلمٌر سعود وٌؤخذ لهم اِلمان على أن ٌباٌعوه فؤجاب اِلمٌر‬
‫سعود ؼلى طلبهم اسند أمارة اإلحساء إلى اِلمٌر براك وأمره بالعودة وقفل هو راجعا ً بجٌوشه إلى الدرعٌة‪.‬‬
‫ولما عاد اِلمٌر براك إلى اإلحساء وطلب من أهالٌها أن ٌفوا له بما وعدوه قلبوا له ظهر المجن ونابذوه‬
‫وقاتلوه حتى اضطروه للعودة إلى المبرز وكان زٌد بن عرٌعر وإخوته فً (الجفر والجشة) فتوجهوا إلى‬

‫‪171‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اإلحساء فدارت بٌنهم وبٌن قوات اِلمٌر سعود التً كانت هناك معركة أسفرت عن انهزام اِلمٌر زٌد‬
‫وإخوته من اإلحساء وجالبهم عنها إلى الشمال وبزوال اِلمٌر زٌد زالت أمارة آل حمٌد المستقلة فً‬
‫اإلحساء والقطٌؾ ونواحٌها وذلك عام ‪1209‬هـ ‪1795‬م‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن وقوع هذه الفتن وتعدد الحوادث فً اإلحساء أحدث أثراً كبٌرا ُ فً نفوس أهالً الكوٌت‬
‫دعاهم ذلك لكً ٌلتفوا حول بعضهم البعض وٌتآزروا وٌكونوا ٌداً واحد ًة لمناصرة الشٌخ عبد ّللا الصباح‬
‫لٌتخلصوا بذلك من االتفاقٌة المعقودة بٌنهم وبٌن آل حمٌد أمراء اإلحساء فً عصر الشٌخ صباح اِلول‬
‫وبسقوط أمارة بنً خالد (آل حمٌد) من اإلحساء تبدأ الخطوة اِلولى النطالق الكوٌت نحو االستقالل‪".‬‬
‫هذا ما استطعت استخراجه من الكتاب القٌم للشٌخ خزعل وربما هناك المزٌد ُؼٌبت عنً أو جهلتها من ؼٌر‬
‫قصد وجل من ال ٌسهو‪ .‬ارجوا أننً وفقت فً إخراج النصوص التً تكلمت عن تارٌخ قبٌلة بنً خالد‬
‫وأرجوا منكم المسامحة إن حصلتم من عندي أي تقصٌر‪ .‬جزانا ّللا وإٌاكم خٌر الجزاء وأسؤل ّللا أن ٌجازٌنا‬
‫على نٌاتنا الطٌبة‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫(‪ٌ )1‬رجح أن ذلك الحصن قد أشٌد فً موقع النفوذ الصؽٌر على مسافة قرٌبة من موقع المستشفى اِلمرٌكً الٌوم‬
‫(‪ )2‬ربما ٌقصد قرروا‬
‫(‪ )3‬ؼرٌمٌل جسر صؽٌر تحته ماء قرب اإلحساء‪.‬‬
‫(‪ )4‬الشقٌق تقع فً حدود الكوٌت الجنوبٌة‬
‫(‪ )5‬قرٌن ٌقع فً الجبهة الجنوبٌة من حدود الكوٌت‪.‬‬
‫*) انتهى نص الدراسه المنقول‬

‫‪172‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فصل في ‪:‬‬
‫الكويت بين االحتالل والتحرير‬
‫كنتُت جندٌا وجاء امر الحركة‪ ،‬وبما ان واجبً العسكري عمل التوصٌالت‬
‫الكهربابٌة لم نكن ندري اٌن الذهاب‪ ،‬بدأ البعض ٌقول انها مجرد تحركات‬
‫روتٌنٌة‪ ،‬حٌث كثرت تحركاتنا فً تلك الفترة من مكان الى اخر وال نكاد‬
‫نستقر فً موضع حتى ٌؤتً االمر بالحركة الى مكان اخر‪ ،‬وقسم قال انها‬
‫علً كٌماوي‬
‫مناورات عسكرٌة‪ ،‬حتى ان الضباط لم ٌتوقعوا شًء اخر النهم ٌتلقون‬
‫اوامرهم من القٌادة العلٌا دون تفاصٌل ‪ ،‬انزل فً المحل كذا ‪ ،‬ادخل المكان الفالنً ‪ ،‬افتح نار ‪،‬‬
‫اقطع نار ‪ ،‬الى اخره من االوامر التً تصدر من الحكومة العراقٌة الى قادة‬
‫الجٌش والى باقً المراتب بالتتابع دون تفاصٌل ‪ ،‬وعندما وصلت السٌارة التً‬
‫استقلها الى الحدود الكوٌتٌة عند ‪ 1990 / 8 / 2‬توقعنا اننا اخطؤنا وضللنا‬
‫الطرٌق فقرر السابق التوقؾ والعودة الى الوراء وفعال استدارت السٌارة بنا‬
‫وعدنا ادراجنا مسافة وترٌث قلٌال‪ ،‬ثم شاهد احد الضباط فً سٌارة اخر وهو ٌعطٌه اشارة‬
‫باالستمرار‪ ،‬وصنا الى النقطة الحدودٌة‪ ،‬فشوه َقد حرس الحدود الكوتي يجلسون القرفصاء والعقال‬
‫ملتويا ً على رقابهم وعلي حسن المجيد (علي كيمياوذ) وقيل (اياد فتيح الراوذ) واقفا على‬
‫رأسه ويإشر الى السيارات بالدخول الى الكويت ‪ ،‬فً حٌنها اعلنت اذاعة بؽداد‪ ،‬ان االنقالبٌون‬
‫بالكوٌت اطاحوا بحكومة جابر وطلبوا من الجٌش العراقً مساعدتهم ‪.‬‬
‫دخلنا طول الطرٌق الى العاصمة فوجدنا النٌران مشتعلة فً كل مكان حول قصر الحكومة ـ التً‬
‫تم قصفها بالطابرات وتقدمت نحوها الدبابات‬
‫دارت معركة طاحنة حول القصر المحترق بنٌران المدافع والتً ٌقودها من الجانب الكوٌتً احد‬
‫ُ‬
‫وقفت‬ ‫ابناء العابلة الجابرٌة‪ .‬بعد ان اتممت اٌصال الكهرباء الى مقر العملٌات واجهزة االتصال‬
‫على مرتفع اشاهد من بعٌد الدخان المتصاعد من منطقة المعارك التً ابتلعت سراٌا وافواج‬
‫واستعانوا بؤخر ‪ ،‬ذهب ضحٌة العملٌات االالؾ من الناس من الجٌش والشعب من الطرفٌن‪ .‬كنت‬
‫اسمع مسإولً االتصاالت الهاتفٌة ٌقولون ان القطعات تباد الواحدة تلو االخر وٌطلبون المدد‪،‬‬
‫فتقدمت المدافع ‪122‬ملم و ‪130‬ملم والى اخر القابمة وبدأت بالقصؾ الثقٌل‪ ،‬انتهى االمر عند‬
‫منتصؾ النهار‪ ،‬وطلبوا منا ان نستعد للمؽادرة الى مكان اخر‪ ،‬كان المكان االخر هو وزارة الدفاع‬
‫‪173‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ذاتها‪ ،‬والتً تم احتاللها تماما‪ ،‬وبعد ان استتب االمر للجنود والضباط بدأت عملٌة السلب والنهب‬
‫واالؼتصاب‪ ،‬فما تركوا شٌا اال واقتحموه من سٌارات وبٌوت ومخازن‪.‬‬
‫فمن شواهدها انه طلب منً العقٌد امر الوحدة ان انقل المواد الكهربابٌة التً ٌحتاجونها من مخزن‬
‫وزارة الدفاع بمساعدة احد الجنود‪ ،‬وفعال تم نقل عدد من القطع واالسالك وتحمٌلها الى شاحنة‬
‫خاصة بالمواد الكهربابٌة‪ ،‬ـ وبعد ان نقلونً الى وحدة عسكرٌة اخر ‪ ،‬قام الجنود المتواجدون فً‬
‫ُ‬
‫كنت فٌها بالتخلص منها بعد ان تعطلت السٌارة ورموها فً احد شوارع الكوٌت ـ‬ ‫السٌارة التً‬
‫ُ‬
‫نقلت فراشً وعدتً الكهربابٌة الى سٌارة تنقلنً الى الوحدة الجدٌدة‪ ،‬وعندما وصلت ‪ ،‬وجدتها‬
‫تسكن فً العراء وتؽزوها المعارضة الكوٌتٌة لٌال بٌن الفٌنة واالخر ‪ ،‬حتى ٌؤسوا من سالمة‬
‫‪.1990/2/18‬‬ ‫المخازن والحراس فجاء امر االنسحاب الى المقرات العراقٌة داخل العراق فً‬
‫كان اخر شهر استلمت به راتبً هو الشهر السادس‪ ،‬ولم استلم بعدها اي راتب حٌث انه كان من‬
‫المفروض ان احصل بداٌة الشهر الثامن وعندما بدات الحركة اختفت الرواتب كلها‪ ،‬والى االبد‪.‬‬
‫تم تسلٌم الكوٌت الى وحدات عسكرٌة اخر منها من راح ضحٌة ومنها من بقً الى ان دخل‬
‫االمرٌكان‪ ،‬ومنها من اختفى ولم ٌعرؾ له اثر‪.‬‬
‫كان موقعنا الجدٌد على الخط السرٌع بٌن البصرة والناصرٌة وكالعادة بقٌت على نفس العمل ٌجب‬
‫ان اوصل شبكات االسالك الكهربابٌة التً اوصل بعضها شخص اخر قبلً‪.‬‬
‫اعادونً بعدها الى مقر الوحدة التً نقلنونً منه فً الكوٌت (مقر المدفعٌة)‪ ،‬على انهم جلبوا معهم‬
‫محرك جدٌد والٌعرفون كٌؾ ٌعمل‪ ،‬المهم كان من واجبً العسكري ان اساعدهم على تشؽٌلة فكان‬
‫ذلك‪ ،‬واستقر رأٌهم إبقاءي فً المقر‪.‬‬
‫(* نص قرار االمم المتحدة رقم ‪ 1990/ 660‬ـ‬ ‫كان دخول القوات االمرٌكٌة بعد قرار من االمم المتحدة‬
‫الوثابق المكتوبة فً اخر الكتاب)‬
‫بعد ان تم لصدام دخول الكوٌت عٌن حاكما بؤسمه فً الكوٌت‪ ،‬وبعد ان خرج من الكوٌت مهزوما‪،‬‬
‫(* الوثابق ‪،،‬‬ ‫انهزم هذا الحاكم الى العراق‪ ،‬امسكت به الكوٌت ودخل سجونها فاصدروا علٌه احكاما‬
‫تثبٌت عقوبة اإلعدام بحق ربٌس حكومة الؽزو العراقً للكوٌت *)‬
‫(* الوثابق ‪ ،،،‬القٌادة‬ ‫االسر الكوٌتٌٌن الذٌن اخذهم الجٌش العراقً كان مصٌرهم المقابر الجماعٌة‪،‬‬
‫اِلمٌركٌة الوسطى‪ :‬العثور على بقاٌا مفترضة لكوٌتٌٌن مفقودٌن فً العراق * )‬

‫‪174‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان لً حوار عبر االنترنت فً عام ‪ 2005‬مع احد االخوة فً الكوٌت من الذٌن لدٌهم اطالع‬
‫على القصر االمٌري‪ ،‬سؤلت ُه عن الممر السري الذي خرجت منه الحكومة الكوٌتٌة ساعة الهجوم‬
‫على القصر‪ ،‬فانكر فً البديء وجود اي ممر سري وبعد ان استوثـقـته‪ ،‬قال انه ممر من القصر‬
‫كؤنه سرداب ٌإدي الى مطار فً داخل القصر‪ ،‬هذا المطار تنطلق منه مروحٌات ـ ٌقال له (بالت‬
‫فورم) ‪ ،‬هذا وقد قال شاهد عٌان وقؾ على بوابة هذا الممر انه كان مؽلقا طوٌال قال ان هناك اثار‬
‫تدل على استعمالة ساعة خروج الحكومة الكوٌتٌة من القصر والن المكان مؽلق والٌوجد منفذ منه‬
‫الى الشارع اعتقد الواقفون من العسكر انه نفق سري‪ ،‬واعتقد ساعتها كان القصر محاصرا تماما‬
‫من قبل جٌش صدام الذٌن اطبقوا على القصر من كل جانب‪ ،‬وربما لم ٌكونوا قد اطبقوا الخناق‬
‫على هذا المكان الحد سببٌن‪ ،‬اما ان ٌكون جهال به‪ ،‬او انه الوقت‪ ،‬حٌث تؤخروا عن لحظة‬
‫الخروج‪ .‬فً الوقت الذي بقً بعض من الحكومة بقٌادة ابن القصر االمٌري ٌقاومون الجٌش‬
‫المهاجم ‪.‬‬
‫ٌقول شاهد العٌان انه شاهد بعض صور وافالم مجون حملها الجنود من القصر تدل على الكثٌر‬
‫من التدنً الخلقً للساكنٌن فً تلك القصور اال انه فقد هذ ِه المستمسكات اثناء االنسحاب ومجازره‪.‬‬
‫كما وقد احضر شهود عٌان وقفوا على بٌوت القصور االمٌرٌة على فضابح جنسٌة موثقة بافالم‬
‫فٌدٌو بالصوت والصورة تمثل درجة متدنٌة من االنحطاط الخلقً اضافة الى قطع من اعضاء‬
‫تناسلٌة مطاطٌة تناثرت هنا وهناك فً تلك القصور‪ ،‬رؼم ان الوثابق فقدت اثناء مجزرة االنسحاب‬
‫اال ان شهود العٌان اقسموا اٌمانا على مشاهدتها فً تلك القصور‪.‬‬
‫وضاعت الحقٌقة بٌن الرابً وما اقسم علٌه بعدما فقدت تلك الوثابق ‪.‬‬
‫ٌقول شاهد العٌان‪ ،‬ان الكوٌت كانت فً ؼاٌة الترؾ المادي والفكري قبل الهجوم الصدامً على‬
‫الكوٌت وهذا الترؾ كان سببة كثافة االنتاج النفطً وكثرة االموال وقلة عدد السكان مما زاد معدل‬
‫عال جدا‪ ،‬حتى هجوم‬
‫دخل الفرد الكوٌتً حٌنها على المعدل العالمً‪ ،‬كما ان الدٌنار الكوٌتً كان ٍ‬
‫لٌال معدودات‪ ،‬فكانت قٌمة الدٌنار‬
‫صدام على الكوٌت الذي حطم كل الذي بنوه فً سنٌن‪ ،‬فً ٍ‬
‫الكوٌتً من عشرٌن دٌنارا عراقٌا الى دٌنار واحد ‪ ،‬ثم تم توحٌد العملة فصار بامكان صرؾ‬
‫الدٌنار العراقً فً الكوٌت‪ ،‬وال ٌمكن صرؾ الدٌنار الكوٌتً فً العراق‪.‬‬

‫من بعض اسباب دخول الكويت العلنية والسرية ‪:‬‬


‫‪175‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان الهجوم على الكوٌت له عدة اسباب منها معلنة ومنها ؼٌر معلنة‬
‫اما االسباب المعلنة‪ :‬فهً ان صدام قال ان الكوٌت هً السبب فً تدهور االقتصاد العراقً "النها‬
‫كانت تسرق نفط العراق وتصدره وتقبض االموال" على حد ادعاء عزة الدوري‪ ،‬كما ان الدٌنار‬
‫الكوٌتً تضاعؾ الى درجة كبٌرة حتى صار الدٌنار العراقً ٌساوي الدرهم الكوٌتً‪ ،‬او اقل منه‪،‬‬
‫مما تسبب بالضؽط على االقتصاد العراقً وقاده الى التدهور‪.‬‬
‫وقد حاول صدام تؽطٌة اخفاقاته فً الحروب على جٌرانه وفشل اجهزته االقتصادٌة‪ ،‬حٌث تولى‬
‫االدارة االقتصادٌة من ال ٌجٌد القراءة والكتابة‪ ،‬بل ان قابد جٌش صدام (الملقب بـ علً كٌمٌاوي ـ‬
‫علً حسن المجٌد) كان ؼٌر متعلم‪ .‬اي انه لم ٌصل الى المدرسة والٌعرؾ حتى معنى القراءة‬
‫والكتابة‪ .‬وكانت حكومة صدام مبنٌة على الجهل واالتباع االعمى والطاعة‪ ،‬تحت شعار نفذ وال‬
‫تناقش‪ .‬حٌث استعبد الناس‪ ،‬وعلى حد التعبٌر القرآنً استخؾ قومه فاطاعوه‪.‬‬
‫ومن االسباب المعلنة اٌضا ‪ ..‬الشتابم المتبادلة بٌن الحكومات الكوٌتٌة والعراقٌة الى درجة ابناء‬
‫المالهً والهو ‪ ،‬وقد ظهر ذلك جلٌا فً اجتماع الجامعة العربٌة‪ ،‬حٌث قام اعضاء الحكومة‬
‫العراقٌة بالهجوم الكالمً على نظابرهم فً الجلسة التً‬
‫نشرتها وسابل االعالم واقتطعت منها الكثٌر سترا‬
‫للشرؾ ‪ .‬اال انها ظهرت على اشرطة الفٌدٌوا التً‬
‫سربتها وسابل االعالم تسرٌبا بعد مرور عشرات السنٌن‬
‫علٌها ‪.‬‬
‫كانت اخرها ان قام الجٌش العراقً بالدخول الكوٌت وانقطع الخطاب ـ ربما نحصل على معلومات‬
‫اضافٌة حول الكوٌت تضاؾ الى الجزء الثانً من الكتاب فً حالة عدم اضافتها فً محلها فً هذا‬
‫الجزء‪.‬‬
‫*****‬

‫‪176‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حرب الخليج عام ‪ 1991‬هزيمة العراق وقيام االنتفاضة الشعبانية ‪:‬‬

‫‪177‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الهجوم االمريكي ومجزرة الجيش العراقي ‪:‬‬


‫"بحلول بداٌة أؼسطس ‪ 1990‬كانت قوة فٌلق الحرس الجمهوري تتمثل فى ‪ 8‬فرق وتفصٌلهم ( ‪2‬‬
‫فرقة مدرعة ‪ 1 /‬فرقة مشاة مٌكانٌكٌة ‪ /‬فرقة للقوات الخاصة ‪4 /‬‬
‫‪ 140‬ألؾ جندي‬ ‫فرق مشاة ) وٌنتظم فى صفوفهم قرابة الــ‬
‫عراقً و ‪ 1500‬دبابة وعربات قتال مدرعة ومدفعٌة ذاتٌة‬
‫الحركة باإلضافة إلً وحدات اإلسناد اإلداري الخاصة بالفٌلق‪" .‬‬
‫(المصدر ‪)www.defense-arab.com‬‬
‫قائد قوات التحالؾ الميداني يروذ احداث عاصفة الصحراء في‬
‫‪((،‬صاحب السمو الملكً الفرٌق اول‬ ‫موسوعة مقاتل من الصحراء‬
‫الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز آل سعود)) اخذنا منها مقتطفات‬
‫سرٌعة جدا ـ كانت تحت اسم ٌومٌات حرب التحرٌر‪:‬‬
‫‪ 1990‬هبطت طابرة عراقٌة فً مطار‬ ‫بعد ساعات قلٌلة على فشل المحادثات فً جدة فً آب‬
‫بؽداد قادمة من جدة حٌث عاد الوفد العراقً من المباحثات وٌحمل اخبارها عزة ابراهٌم الدوري‬
‫("(موالٌد ‪ ،)1942‬كان الرجل الثانً إبان حكم صدام حسٌن حٌث شؽل مركز نابب ربٌس مجلس‬
‫قٌادة الثورة وقبلها عدة مناصب من بٌنها منصب وزٌر الداخلٌة ووزٌر‬
‫‪178‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الزراعة‪ .‬بعد احتالل العراق اختفى عزة الدوري وأعلن حزب البعث العربً االشتراكً (قطر‬
‫ٌنتمً إلى فخذ البو‬ ‫العراق) أنه تسلم منصب اِلمٌن العام للحزب خل ًفا لصدام حسٌن بعد إعدامه‬
‫حربة وهً جزء من عشٌرة المواشط فً مدٌنة الدور‪ ،‬وهً عشٌرة عرٌقة ٌرجع نسبها إلى معاوٌة‬
‫" المصدر‪:‬‬ ‫بن أبً سفٌان وسمٌت العشٌرة بالمواشط نسبة إلى الشٌخ محمد المشط‬
‫‪ )ar.wikipedia.org‬الى قابده المبجل صدام وقدم بحثه المفصل كان اؼالق الحدود بٌن العراق‬
‫والكوٌت على اثرها ‪ ،‬ثم ان طارق عزٌز ووزٌر الخارجٌة االمرٌكً لشإون الشرق االوسط جون‬
‫كٌلً قد اجتمعا فً واشنطن فً نفس الٌوم لحل االزمة بٌن الكوٌت والعراق بالوسابل السلمٌة‬
‫واصٌبت بالفشل اجتمع صدام بقادة الجٌش وتوجهوا الى مدٌنة صفوان ٌتقدمهم ربٌسهم ثم تواصل‬
‫موسوعة مقاتل من الصحراء‪ ،‬للكاتب العسكري والسٌاسً خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز آل سعود‬
‫السرد التفصٌلً الٌوم بالٌوم والساعة بالساعة‪ ،‬حٌث ٌقول فً احد نصوصه‬
‫"فً الساعة السادسة صباحا بتوقٌت واشنطن وصلت مجموعة حدٌثة من‬
‫االستخبارات الدفاعٌة الى البنتاؼون للحشود العراقٌة على الحدود العراقٌة‬
‫الكوٌتٌة وبدراستها تبٌن ان هناك ثالث فرق مدرعة تتحرك على بعد ثالث‬
‫امٌال من الحدود الكوٌتٌة واوضحت الصور كذلك ان العراق حرك حوالً‬
‫ثمانٌن طابرة عمودٌة بالقرب من الحدود " كانت امرٌكا تتوقع ـ بل متؤكدة‬
‫من ان هجوما عراقٌا فً اللٌلة االولى من آب ‪ 90‬او صباح الٌوم الثانً منه‪ ،‬وفً الوقت نفسه قرأ‬
‫كولٌن باول ‪ Colin Powell‬تقرٌرا آخر من االستخبارات المركزٌة‬
‫تإكد العزم على ؼزو الكوٌت‪ ،‬فً صباح الٌوم الثانً اعلنت الكوٌت‬
‫ان جابر االحمد الجابر الصباح فً مكان آمن هاربا من الكوٌت الى‬
‫السعودٌة مع عابلته عن طرٌق منفذ الخفجً الحدودي واستقبله محمد‬
‫بن فهد امٌر المنطقة الشرقٌة مقررا تشكٌل حكومة جدٌدة فً المنفى‪ ،‬فً الوقت ذاته كان الربٌس‬
‫‪ Margaret Thatcher‬حٌث‬ ‫االمرٌكً جورج بوش فً طرٌقه لمقابلة ربٌسة الوزراء تاتشر‬
‫تم اتفاقهما كما اعلن الربٌس االمرٌكً للصحفٌٌن‪ ،‬اجتمعت الجامعة العربٌة وتقدمت سورٌا‬
‫بمقترحها بعقد مإتمر طاريء‪ ،‬اقترح حسنً مبارك بان ٌسافر الملك حسٌن الى بؽداد فورا فً‬
‫محاولة القناع صدام بعقد قمة فً جدة وحل المشكلة‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فشلت كل الحلول مع صدام‪ ،‬وصدر قرار من مجلس االمن رقم ‪ٌ 660‬دٌن الؽزو وٌطالب العراق‬
‫باالنسحاب والمفاوضات مع الكوٌت لحل االزمة‪ ،‬اٌدت القرار الدول العربٌة جمٌعا وامتنعت الٌمن‬
‫‪ ،660‬اصدرت‬ ‫عن التصوٌت‪ ،‬شارك السوفٌت الدعوة لالنسحاب ؼٌر المشروط مإٌدة لقرار‬
‫تركٌا بٌانا ادان الؽزو وطالبت باالنسحاب ‪ ،‬الجماعة االوربٌة انضمت الٌهم فً بٌان لها‪ ،‬لحقتها‬
‫فرنسا فً بٌان اخر‪ ،‬ثم منظمة الوحدة االفرٌقٌة‪.‬‬
‫الحكومة الكوٌتٌة الصدامٌة المإقتة المتشكلة فً الكوٌت اصدرت ثالث بٌانات‪ ،‬عزلت فٌها امٌر‬
‫الكوٌت الشٌخ جابر وسعد العبد ّللا سالم الصباح ولً عهده وحل المجلس الوطنً واعالن تشكٌل‬
‫حكومة مإقتة‪ ،‬الثانً اؼالق الحدود البرٌة والبحرٌة‪ ،‬وفً الثالث ناشدت العراق المساندة وان‬
‫العراق لبى هذا الطلب‪ ،‬وبالتؤكٌد ان الحكومة بعثٌة شكلها صدام لمجرد خدعة ولٌس حكومة‬
‫بالمعنى االنتخابً او التعٌٌنً الصحٌح‪ ،‬انما بعدما دخل صدام الكوٌت شكلها ثم قررت هذ ِه‬
‫الحكومة كما سوؾ نر ضم الكوٌت واعتبارها محافظة من محافظات العراق‪.‬‬
‫بدأت العملٌات العسكرٌة العراقٌة‪ ،‬فً تمام الساعة ‪ 11:00‬مساء ٌوم ‪ 1‬أؼسطس ‪ 1990‬باحتالل‬
‫أول مركز حدودي كوٌتً[‪]4‬‬
‫كانت الخطة العسكرٌة العراقٌة تتضمن دفع عدة فرق من واحدت الحرس الجمهوري بحٌث تتقدم‬
‫على خط أم قصر ‪ -‬الصبٌة بالتوازي مع خط صفوان ‪ -‬العبدلً ثم الجهراء‪ ،‬بٌنما تشن فرقة من‬
‫الحرس الجمهوري ضربة ثانوٌة هجومها من الؽرب‪.‬‬
‫فً الساعة ‪ 02:30‬من فجر ٌوم ‪ 2‬أؼسطس احتلت كتٌبة مشاة بحرٌة عراقٌة مدعمة بالدبابات‬
‫جزٌرة بوبٌان من الجنوب وكان بالجزٌرة حامٌة عسكرٌة كوٌتٌة وهاجمت أٌضا ً القوات العراقٌة‬
‫جزٌرة فٌلكا و اشتبكت مع حامٌتها‪.‬‬
‫فً العاصمة أنزلت قوات جوٌة وبحرٌة فً ساعات الؽزو اِلولى ودارت اشتبكات حول قصر‬
‫دسمان مع قوات الحرس االمٌري‪ ،‬فً الجهراء ( ‪ 29‬كم ؼرب العاصمة) اشتبكت ألوٌة الجٌش مع‬
‫القوات المتقدمة فً معارك ؼٌر متكافبة مثل معركة جال اللٌاح ومعركة جال المطالع ومعركة‬
‫الجسور وجال اِلطراؾ وبحلول ٌوم ‪ 4‬أؼسطس كانت القوات العراقٌة قد سٌطرت على كامل‬
‫التراب الكوٌتً‬
‫‪ 1990‬تحركت ثالث فرق من قوات‬ ‫فً الساعة الثانٌة عشر من منتصؾ لٌلة الثانً من اب‬
‫الحرس الجمهوري من جنوب العراق الى داخل الكوٌت‪ ،‬نزلت كتٌبة مشاة البحرٌة بمدرعاتها على‬
‫‪180‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الساحل عند الساعة الثانٌة والنصؾ لٌال (بعد منتصؾ اللٌل)‪ ،‬فً الساعة الخامسة صباحا بدأ‬
‫الهجوم على فٌلكا جوٌا ‪ 45‬طابرة عمودٌة‪ ،‬القوات المشاة والدروع العراقٌة دخلت الكوٌت بكاملها‬
‫واتمت احتالل الكوٌت عند الساعة الرابعة عصرا واستولت على كل شًء‪ .‬وقد ورد فً احد‬
‫فً العاصمة أنزلت قوات‬ ‫المصادر االخبارٌة على االنترنت ـ الموسوعة الحرة ـ النص التالً "‬
‫جوٌة وبحرٌة فً ساعات الؽزو اِلولى ودارت اشتبكات حول قصر دسمان مع قوات الحرس‬
‫االمٌري‪ ،‬فً الجهراء ( ‪ 29‬كم ؼرب العاصمة) اشتبكت ألوٌة الجٌش مع القوات المتقدمة فً‬
‫معارك ؼٌر متكافبة مثل معركة جال اللٌاح ومعركة جال المطالع ومعركة الجسور وجال‬
‫اِلطراؾ وبحلول ٌوم ‪ 4‬أؼسطس كانت القوات العراقٌة قد سٌطرت على كامل التراب الكوٌتً ‪".‬‬
‫انتهى النص‬
‫اجتمع الربٌس االمرٌكً مع مجلس االمن القومً االمرٌكً عند الساعة الثامنة بتوقٌت امرٌكا‬
‫لدراسة الموقؾ وتعببة الجهود والرأي العام‪ ،‬ارسلت بعدها امرٌكا سبع سفن حربٌة الى الخلٌ‬
‫والبحر المتوسط شاركتها برٌطانٌا فً قرقاطتٌن وثالث سفن حربٌة‪.‬‬
‫القوات العراقٌة تستدعً القوات االحتٌاط والجنود االحتٌاط‪ ،‬بعد ان تم تسرٌحهم من حرب اٌران‬
‫شمل الطلب جمٌع الموالٌد حتى سن ‪ 45‬سنة‪ 14 .‬فرقة مشاة وثالث فرق دروع و ‪ 11‬فرقة جدٌدة‬
‫احاطت ببؽداد ‪.‬‬
‫تم تجمٌد الممتلكات الكوٌتٌة فً الدول الؽربٌة للحفاظ علٌها ‪.‬‬
‫الجامعة العربٌة تصدر بٌان ادانت فٌه الؽزو الصدامً للكوٌت ذلك فً اجتماع عقد فً الثالث من‬
‫آب ‪ ،‬قال عنه صاحب الكتاب انه باؼلبٌة ‪ 14‬دولة من ‪ 21‬دولة‪ ،‬كانت الٌمن والسودان قد امتنعا‬
‫عن التصوٌت ولم توافق االردن ومورٌتانٌا‪ ،‬فٌما ؼابت لٌبٌا عن االجتماع‪ ،‬كما وطالبوا بانسحاب‬
‫العراق‪.‬‬
‫فً الثالث من آب اعلن العراق‪ ،‬ان القوات العراقٌة سوؾ تنسحب وقد تم االتفاق مع الحكومة‬
‫الكوٌتٌة الجدٌدة ووضعت خطة االنسحاب وفق جدول زمنً اعتبارا من الٌوم الخامس من آب‪،‬‬
‫مالم ٌحدث ماٌخالؾ ذلك‪ .‬وصل وفد العراق الى جدة للقاء الملك فهد وحكومته للنقاش‪ .‬البٌت‬
‫االبٌض ٌواصل اجتماعاته حول الشؤن الجدٌد‪ .‬اعلنت روسٌا انضمامها الى جماعة المنددٌن‪ ،‬ادانت‬
‫‪660‬‬ ‫الؽزو وطالبت باالنسحاب واجتماع دولً لحل النزاع‪ .‬اٌدت اٌران قرار مجلس االمن‬
‫ودخلت فً قابمة المنددٌن ‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اصدرت حكومة الكوٌت الحرة المإقته بٌان رقم ‪ 4‬قررت فٌه مصادرة امالك الحكومة الكوٌتٌة‬
‫السابقة فً الداخل والخارج على انها اموال ؼٌر مشروعة لحقتها ببٌان خامس‪ ،‬على انه تم االتفاق‬
‫مع العراق على االنسحاب من الكوٌت وفق جدول زمنً‪.‬‬
‫العراق ٌحشد جٌش على الحدود مع سورٌا واعاد تشكٌل قوات االحواز البرمابٌة حتى بلػ حجم‬
‫القوات العراقٌة فً داخل الكوٌت الى ‪ 120‬الؾ جندي‪.‬‬
‫اجتماعات تتواصل ومحادثان‪ ،‬حول نٌة العراق دخول السعودٌة واالستٌالء علٌها إذ انّ امكانٌات‬
‫السعودٌة العسكرٌة اضعؾ بكثٌر من العراق وبالتالً ٌتم ابتالعها فً اٌام قلٌلة‪ ،‬فرأت امرٌكا‬
‫ارسال جٌوشها الى السعودٌة فمهاجمة السعودٌة ٌعنً مهاجمة امرٌكا كما ٌقول صاحب الكتاب‪،‬‬
‫وطلب الربٌس االمرٌكً عرض الخٌارات العسكرٌة المتاحة ‪ .‬فٌما اعلن بوش تجمٌد ارصدة‬
‫العراق ودعا دول العالم الى ذلك‪ .‬فٌما قرر العراق بالمقابل تجمٌد سداد الدٌون للوالٌات المتحدة‬
‫االمرٌكٌة ‪.‬‬
‫جمدت الٌابان والمانٌا وبلجٌكا واٌطالٌا وهولندا‪ ،‬جمٌع الودابع العراقٌة على الفور‪.‬‬
‫من بٌانات الٌوم الرابع من آب ان الكوٌت خسرت ماٌقرب من ‪ 800‬كوٌتً فً عداد الموتى من‬
‫ٌوم الؽزو الى ساعتهم‪ .‬اعلنت اسرابٌل مخاوفها واستعدادها لما وصفته بتداعٌات الشر‪ .‬فٌما‬
‫تشكلت حكومة الكوٌت الحرة المإقتة ـ الصدامٌة ـ برباسة العقٌد عالء الدٌن حسٌن علً‪ ،‬الذي‬
‫تولى القٌادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع والداخلٌة بالوكالة وضمت الحكومة ثمانٌة‬
‫اخرٌن كلهم من العسكرٌٌن‪ ،‬واصدر قرارات ٌحٌل جمٌع الضباط الكوٌتٌٌن من الجٌش والشرطة‬
‫الكوٌتٌة االصل‪" ،‬من رتبة عقٌد فما فوق الى التقاعد‪ ،‬بموجب الصالحٌات التً خولها لنفسه‪ ،‬وفً‬
‫الوقت نفسه اعلنت مصادر كوٌتٌة ان ربٌس هذ ِه الحكومة لٌس كوٌتٌا ً بل هو صهر الربٌس‬
‫العراقً صدام حسٌن"‪.‬‬
‫ثم اصدر بٌانات وقرارات منها تشكٌل الجٌش الشعبً وبٌانات اخر طالب فٌه العرب االعتراؾ‬
‫بحكومته‪ ،‬بالوقت الذي نقلت صور الفضابٌات ان الجٌش العراقً فً تزاٌد ولٌس كما اعلنوا انهم‬
‫منسحبون‪.‬‬
‫فً الٌوم الخامس زاد الوضع السٌاسً والعسكري واالمنً واالقتصادي سوءا ً حٌث‪ ،‬من بٌن‬
‫االحداث اعالن العراق بدأ االنسحاب من الكوٌت باالتفاق مع الحكومة الجدٌدة‪ ،‬فٌما وجه جابر‬
‫خطابه االول من السعودٌة الى الشعب الكوٌتً بالصمود ‪ ،‬فٌما صرحت امرٌكا ان الخٌارات‬
‫‪182‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الزالت مفتوحة وانه ال دلٌل ٌثبت ان العراق منسحب من الكوٌت‪ .‬وعلى اثرها استدعى مستشارٌه‬
‫الستعراض الخٌارات العسكرٌة‪ ،‬فً الوقت نفسه واصل حسنً مبارك والٌمنً محادثات‬
‫ومشاورات للحصول على حل عربً بدٌل للحل االمرٌكً فٌما اعلنت السعودٌة التعبٌة العامة‬
‫ودعت المواطنٌن لاللتحاق بالجٌش وتهٌبة االمور للحرب‪.‬‬
‫"فً الساعة الثانٌة والنصؾ بعد ظهر االحد‪ 1990/8/5‬بتوقٌت واشنطن ؼادر العاصمة االمرٌكٌة‬
‫وزٌر الدفاع دٌك تشٌنً وقابد القوات المركزٌة االمرٌكة الجنرال نورمان‪ ،‬وبعض المرافقٌن‬
‫متوجهٌن الى السعودٌة"‪ .‬جمدت اموال العراق فً جمٌع انحاء العالم‪ ،‬واصٌب بالعزلة القاتلة ‪.‬‬
‫فً الٌوم ‪ ، 8/7‬استقبل صدام القابم باالعمال االمرٌكً ورسالة شفوٌة من بوش‪ ،‬استعدت بؽداد‬
‫بعدها الخالء بؽداد من سكانها االربع مالٌٌن الى مخٌمات خارج المدٌنة وشرعت بتوزٌع االسلحة‬
‫على اعضاء حزب البعث الحتمال تعرض البالد للهجوم العسكري‪ .‬اجتماعات عربٌة واسالمٌة‬
‫وعالمٌة متفرقة لتدارس االوضاع ‪ ،‬برٌطانٌا وفرنسا ترسالن مزٌد من القوات البحرٌة والبرٌة الى‬
‫المنطقة‪ .‬وحامالت طابرات وقطعات عسكرٌة تؽادر الى المنطقة‪.‬‬
‫مجلس االمن ٌصدر قرار ‪ 661‬فرض الحظر االقتصادي على العراق باؼلبٌة مع امتناع كوبا‬
‫والٌمن ‪ .‬وقرارات دولٌة مإٌدة لهذا القرار‪ .‬رؼم ان السوفٌت الٌرحبون بالتدخل العسكري‪ ،‬فضلوا‬
‫الضؽط السٌاسً لحل االزمة‪.‬‬
‫استقبل صدام فً الٌوم السابع من آب‪ ،‬االمٌر الكوٌتً الجدٌد العقٌد عالء الدٌن فً بؽداد واعلن‬
‫بموجب اللقاء‪:‬‬

‫الؽاء النظام االميرذ في الكويت واعالن النظام الجمهورذ ‪.‬‬


‫‪ 40‬الؾ كوٌتً‬ ‫فً الوقت الذي تتواصل فٌه االجتماعات وارسال الجٌوش الى المنطقة‪ ،‬ترك‬
‫دٌارهم الى السعودٌة هربا من االحتالل العراقً للكوٌت‪ .‬وزاد الخناق االقتصادي على العراق‪،‬‬
‫وتزاٌد اعداد الجٌوش المتحالفة فً المنطقة قررت تركٌا ؼلق الحدود مع العراق واٌقاؾ انابٌب‬
‫النفط والسماح للجٌوش االمرٌكٌة باستعمال اراضٌها‪.‬‬
‫فً الثامن من آب‪" ،‬تقدمت الحكومة الكوٌتٌة المإقتة والمعٌنة من قبل صدام‪ ،‬الى القٌادة العراقٌة‬
‫بطلب االندماج فً وحدة مع العراق" كان القرار بالنص التالً‪:‬‬

‫‪183‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫((" قررت حكومة الكوٌت الحرة المإقته‪ ،‬ان تناشد االهل فً العراق‪ ،‬رجال القادسٌة النشامى‪،‬‬
‫حراس البوابة الشرقٌة للوطن العربً ‪ ...‬ان ٌوافقوا على عودة االبناء الى عابلتهم الكبٌرة على‬
‫عودة الكوٌت الى العراق العظٌم‪ ،‬الوطن االم‪ ،‬وتحقق الوحدة االندماجٌة الكاملة بٌن الكوٌت‬
‫والعراق‪ ))" ...‬اقتطعت منه المفٌد والبٌان طوٌل‪ .‬لحقه بٌان عراقً بالقبول لٌصدر الربٌس‬
‫العراقً مرسوما ٌعٌن فٌه ربٌس الحكومة عالء حسٌن فً منصب نابب ربٌس الوزراء‪ .‬وبقٌة‬
‫اعضاء الحكومة مستشارٌن بدرجة وزراء‪ ،‬ضمت به الكوٌت الى العراق فً وحدة اندماجمٌة‬
‫كاملة‪ ،‬تحت اسم المحافظة التاسعة عشر‪.‬‬

‫عالء حسين‬
‫من وٌكٌبٌدٌا‪ ،‬الموسوعة الحرة‬
‫عالء حسٌن علً جبر الخفاجً‪ ،‬من موالٌد ‪ ،1948‬ضابط سابق فً‬
‫الجٌش الكوٌتً‪ ،‬وترأس الحكومة الكوٌتٌة المإقتة التً عٌنت من قبل‬
‫العراق فً الفترة ما بٌن ‪ 4‬أؼسطس ‪ 1990‬و ‪ 8‬أؼسطس ‪1990‬‬
‫أثناء الؽزو العراقً للكوٌت‪.‬‬
‫نشؤ عالء حسٌن فً الكوٌت‪ ،‬وتلقى تعلٌمه الجامعً فً بؽداد‪ ،‬فً أثناء الؽزو العراقً للكوٌت‪ ،‬ترأس عالء حسٌن‬
‫‪ 4‬أؼسطس ‪ 1990‬و ‪8‬‬ ‫حكومة الكوٌت المإقتة وهً حكومة صورٌة عٌنت من قبل العراق‪ ،‬فً الفترة ما بٌن‬
‫أؼسطس ‪ ،1990‬وبعدها أعلن انضمام الكوٌت إلى العراق بناء على طلب الحكومة الكوٌتٌة المإقتة لتصبح المحافظة‬
‫رقم تسعة عشر‪ ،‬وكان أٌضا وزٌرا للداخلٌة ووزٌر الدفاع‬
‫‪ 1993‬باإلعدام وذلك‬ ‫بعد حرب الخلٌ الثانٌة‪ ،‬بدأت محاكمة عالء حسٌن ؼٌابٌاً‪ ،‬فحكمت علٌه المحكمة الكوٌتٌة فً‬
‫بسبب الخٌانة العظمى‪ ،‬وصدر حكم التمٌز النهابً بالسجن المإبد بتهمة الخٌانة والتآمر مع العدو فً زمن الحرب‪.‬‬
‫‪ 2000‬عندما‬ ‫وكان عالء حسٌن بعد حرب الخلٌ الثانٌة قد عاش متنقال ما بٌن العراق وتركٌا والنروٌ حتى ٌناٌر‬
‫عاد إلى الكوٌت لٌثبت بؤنه لم ٌكن متعاونا مع العراق فً أثناء الؽزو العراقً للكوٌت وانما أجبر على قبول رباسة‬
‫وزارة الحكومة المإقتة‪ ،‬وصدرت محكمة التمٌٌز بالكوٌت حكما علٌه بالحبس المإبد فً مارس ‪ ".2001‬انتهى النص‬
‫المنقول‬
‫واصلت الجامعة العربٌة واالمم المتحدة ودول العالم اجتماعاتها وقراراتها فردٌة‪ ،‬ثنابٌة وجماعٌة‬
‫فً الوقت نفسه " َع َب ْ‬
‫رت حاملة الطابرات االمرٌكٌة اٌزنهاور ‪ USS . Eisenhower‬التً تعمل‬
‫بالطاقة النووٌة قناة السوٌس‪ ،‬ومعها خمس قطع بحرٌة معاونه فً طرٌقها الى الخلٌ "‬

‫‪184‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تصاعدت الحدة بٌن العراق ودول الحلؾ ولم ٌر الجمٌع سو الحل العسكري لحل االزمة‬
‫واخراج العراق من الكوٌت‪ ،‬فً الوقت الذي تتجمع فٌه الجٌوش فً المنطقة‪ ،‬وتتواصل االجتمعات‬
‫السٌاسٌة من جهه اعلن العراق ان جمٌع الرعاٌا االجانب فً العراق رهابن وتحت االعتقال لٌزٌد‬
‫التوتر فً المنطقة قال وزٌر الدفاع االمرٌكً "ان العراق حشد ‪ 200‬الؾ جندي على الحدود مع‬
‫السعودٌة وان الربٌس االمرٌكً اصدر تعلٌماته بردع اي هجوم تتعرض له السعودٌة‪ .‬انقطعت‬
‫امدادات العراق من دول الجوار ودول العالم اال من االردن التً واصلت فتح حدودها مع العراق‬
‫رؼم تهدٌد امرٌكا لها‪ .‬حتى الخامس عشر من آب حٌث زاد عدد الجٌش فً المنطقة وزادت معه‬
‫االستعدادات للحرب‪.‬‬
‫فً ‪ 17‬آب‪ ،‬الربٌس االمرٌكً ٌعلن تقلص الخالفات مع االردن‪ ،‬وبرٌطانٌا تعتبر االردن واقعة فً‬
‫احراج وتستحق المساعدة والتفهم‪ ،‬فً الوقت الذي بدأ العراق بتجمٌع الرعاٌا الؽربٌٌن واحتجازهم‬
‫فً اماكن محددة واستخدامهم كدروع بشرٌة‪.‬‬
‫وفً الٌوم التالً هدد العراق الوالٌات المتحدة بؤستخدام اسلحة الدمار الشامل فً حالة هجومها‬
‫علٌه ‪.‬‬
‫فً التاسع عشر من آب قطع الربٌس االمرٌكً اجازته وعقد اجتماعا موسعا لبحث التطورات‬
‫االخٌرة بالمقابل وجه صدام رسالة الى عابالت االجانب والى شعوب العالم طلب ٌها التعاون على‬
‫منع الجرٌمة الواسعة وانهاء االزمة‪ ،‬على انه هدد باستخدام اسلحة الدمار الشامل‪.‬‬
‫وقرر العراق مصادرة االموال والممتلكات العقارٌة والمنقولة السرة الشٌخ جابر وعابلته ومن واله‬
‫وٌسري هذا القرار على ‪ 49‬شخصا ‪.‬‬
‫ولوقوؾ عرفات مع العراق فً هذا االمر قررت السعودٌة وقؾ االعانة الى الفلسطٌنٌن والتً هً‬
‫‪ 151‬ملٌون دوالر‪ ،‬فً الوقت الذي كشؾ صباح االحمد الجابر الصباح‪،‬‬
‫عن دور الكوٌت لمساندة العراق فً حربه مع اٌران وانها قدمت ‪ 14‬ملٌار‬
‫دوالر خالل سنوات الحرب الثمانٌة‪ ،‬مما اسهم فً احداث توازن عسكري‬
‫عراقً ضد اٌران‪.‬‬
‫قام العراق بزرع الؽاما فً الموانًء ومحطات الكهرباء والمٌاه وآبار النفط بالكوٌت من اجل‬
‫احراقها فً ساعة الصفر‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كانت المقاومة الكوٌتٌة تواصل هجماتها وحرب العصابات مع الجٌش العراقً طوال هذ ِه الفترة‪،‬‬
‫ْ‬
‫ُمرت‬ ‫ُ‬
‫كنت فً من شملهم االنسحاب من الكوٌت الى العراق فً الثامن عشر من آب بعد ان د‬ ‫فٌما‬
‫وحداتنا العسكرٌة والكثٌر من القطعات على اثر هذ ِه الهجمات المتتالٌة‪.‬‬
‫فً ‪ 21‬آب حذر ربٌس العراق فً رسالة مفتوحة من وقع كارثة عالمٌة اذا لجؤت الوالٌات المتحدة‬
‫الى شن هجومها وانه قد اعد العدة الطالق الصوارٌخ الكٌمٌاوٌة عشوابٌا ‪ ،‬وقد حرك صوارٌخه‬
‫بالفعل الى خط المواجهه المرابطة على طوال الحدود السعودٌة‬
‫نعم بالفعل كان ذلك حٌث كانت وحدة الصوارٌخ قرٌبة من الوحدة العسكرٌة التً كنت فٌها على‬
‫الحدود مع السعودٌة‪ ،‬وعندما جاء امر اطالق الصوارٌخ خرج الضابط المسإول على اطالقها‪،‬‬
‫وسمعته ٌقول باللهجة العراقٌة الدارجة ((" شوؾ هذا الزمال ٌرٌدنً اطلق صوارٌخ كٌمٌاوٌة على‬
‫الناس خلً ٌولً هذا المطً")) ومعناها ـ انظر الى هذا الزمال (الحمار) ـ ٌقصد صدام ـ ٌرٌد من‬
‫ان اطلق الصوارٌخ الكٌمٌاوٌة على الجٌوش المتحالفة ‪ ،‬دع عنك هذا الحمار ‪ ،‬دلٌال على عدم‬
‫الرؼبة فً تنفٌذ االوام الصادرة له من القٌادة العلٌا ‪ ،‬لعدم فابدة االمر او لعدم وجود اي جندي‬
‫ٌشرؾ علٌها ‪ ،‬فالجٌش قد هرب وترك الساحة خاوٌة على عروشها‪.‬‬
‫ولو فعلها واطلق الصوارٌخ لكانت الجزٌرة العربٌة من منتصؾ السعودٌة الى الى االردن فً خبر‬
‫كان‪ ،‬وقطعة من الركام والحطام المحترق‪ .‬ومن العراق الى البحر االحمر والمتوسط‪ .‬هذا من‬
‫قاعدة واحدة للصوارٌخ‪ ،‬ناهٌك عن ان العراق قد نشر قواعد عدٌدة مشابهه لها الوسط وشمال‬
‫العراق‪.‬‬
‫فً ‪ 25‬آب اصدر مجلس االمن قراره ‪ 665‬خولهم بؤستخدام القوة واعالن الحرب على العراق‬
‫مع امتناع الٌمن وكوبا عن التصوٌت‪.‬‬
‫فً ‪ 26‬آب ٌقول صاحب موسوعة مقاتل من الصحراء‪" :‬وفقا لمصادر وزارة الدفاع االمرٌكٌة‪،‬‬
‫فإن العراق قد نقل صوارٌخه ‪ ....‬الى سواحل السودان الشرقٌة‪ ،‬لتكون فً مواجهه المملكة العربٌة‬
‫السعودٌة"‬
‫وبذلك تكون السودان قد شاركت فً الصراع القابم بالمنطقة مع العراق‪ ،‬ولٌس االراضً العراقٌة‬
‫وحدها‪ ،‬وبالتالً لو حدث وانطلقت هذ ِه الصوارٌخ لكانت الجزٌرة العربٌة من الرٌاض الى البحر‬
‫العربً والمحٌط الهندي فً خبر كان‪.‬‬
‫فً ‪ 29‬اب‪ ،‬صفقة اسلحة امرٌكٌة الى السعودٌة بـ ‪ 2‬ملٌار و‪ 200‬ملٌون دوالر‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً ‪ 30‬آب اعلن صدام "انه لٌس لدٌه اي نٌة فً االنسحاب من الكوٌت كما نفى انه بعث الى‬
‫الوالٌات المتحدة اي مقترحات بهدؾ المفاوضات السرٌة النهاء االزمة"‪ ،‬واكد تحذٌره لواشنطن‪،‬‬
‫وردا على تصرٌحات سعودٌة ادلى قابد الجوٌة العراقٌة بتصرٌح قال فٌه‪:‬‬
‫" اذا نشبت الحرب فإنه سٌنسؾ كامل اسرابٌل والمملكة السعودٌة بالطابرات والصوارٌخ"‪.‬‬
‫وبالتؤكٌد هذ ِه مجرد خدعة للراي العام العربً وإثارة للمشاعر ولعب علٌها فهو ٌعلم علم الٌقٌن انه‬
‫ؼٌر قادر على ذلك‪ .‬ولم ٌخلو ٌوم من اجتماعات او تصرٌحات ونقاشات حادة ٌومٌة وتهدٌدات‬
‫متبادلة‪ ،‬وكلما اجتمع قوم ادانوا وشجبوا واحتجوا وطالبوا العراق باالنسحاب ‪.‬‬
‫فً االول من اٌلول قدم الربٌس االمرٌكً اعفاء مصر من الدٌون المترتبة علٌها ‪ 7.1‬ملٌار دوالر‬
‫وفوابدها ‪ 800‬ملٌون دوالر سنوٌا‪ ،‬وذلك بعد ان بحث المشروع مع وزارتً الخارجٌة والدفاع فً‬
‫مجلس االمن القومً‪ .‬فً هذا االثناء طرح الربٌس اللٌبً معمر القذافً مبادرته من بٌن االؾ‬
‫المبادرات التً طرحت حٌث كانت انسحاب القوات العراقٌة واحالل قوات االمم المتحدة محلها‬
‫وانسحاب القوات االجنبٌة من المنطقة العربٌة بالتمام والكمال‪ ،‬وتمكٌن العراق من جزٌرة بوبٌان‬
‫لتكون منفذ له على الخلٌ واعادة حقل الرمٌله الٌه وفك الحصار و‪ ،...‬كانت اؼلبها تصب لصالح‬
‫صدام ولم ٌكن صدام لٌحلم بها ‪،‬وبالتؤٌد ان المتضرر هو الكوٌت‪.‬‬
‫فً ‪ ، 9/2‬القوات العراقٌة اعتقلت سفٌر المانٌا الشرقٌة فً الكوٌت ونقلته الى بؽداد‪ ،‬زٌادة فً‬
‫التوتر وزٌادة فً الضؽوط على العراق واستمرار فً الحصار البري والبحري اال ان الخط الجوي‬
‫اقتصر على نقل الرعاٌا االجانب المحتجزٌن فً العراق وبدأت عملٌات اجالء الرعاٌا االجانب‬
‫واخراجهم من العراق استعدادا لذبحه‪ ،‬هنا بثت اذاعة صوت امريكا العربية "ان الرئيس االمريكي‬
‫جورج بوش اعطى الضوء االخضر الى وكالة االستخبارات االمريكية التخاذ االجراءات الالزمة‬
‫إلطاحة الربٌس العراقً صدام حسٌن‪ ".‬فٌما استمر زٌادة الجٌوش وتكدٌس االسلحة فً المنطقة‬
‫لدول التحالؾ بكافة المعداة العسكرٌة؛ احتدم الجدل حول ضربة ستراتٌجٌة سرٌعة وان العسكر‬
‫‪ 20‬ـ ‪30‬‬ ‫ٌحذرون من مثل هذ ِه الضربات فقد تخسر الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة ماٌراوح بٌن (‬
‫الؾ) جندي فً حالة اندالع الحرب ولكن الضؽوط استمرت لالسراع فً شن الحرب‪ .‬وبسبب‬
‫موقؾ عرفات من الكوٌت طردت منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة من دول التحالؾ وقطعت العالقات‬
‫معها‪ ،‬وبقٌت االردن الوحٌدة المحرجة بٌن الطرفٌن بٌن العراق الصدٌق الدابم وخصمه‪ ،‬وتحاول‬
‫ان ترضً الطرفٌن عنها‪ .‬واستمر موقؾ الٌمن والسودان المساند الى صدام فٌما لقً مصرٌٌن فً‬
‫‪187‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫العراق حتفهم بطلق ناري ووصلت الجثث الى مصر على متن طابرات عسكرٌة لٌبٌة‪ .‬اعلنت‬
‫القوات المتحالفة ان سفٌنة حربٌة امرٌكٌة اسرت سفٌنة عراقً فً الخلٌ ‪ ،‬انضمت السنؽال الى‬
‫التحالؾ بـ ‪ 500‬مقاتل‪.‬‬
‫فً الخامس من اٌلول ـ سبتمبر اعلن الشاذلً القلٌبً استقالته من منصب كؤمٌن للجامعة العربٌة‬
‫مإكدا التزامه الصمت كل هذ ِه االٌام الن الجامعة ؼير ذذ فائدة وانها شاركت فً تعمٌق الخالفات‬
‫القابمة بٌن االسرة العربٌة ولٌس حلها‪ ،‬فً الوقت نفسه وجه صدام خطابه الى االمة العربٌة‬
‫واالسالمٌة النقاذ العراق من الحصار وواصل عناده بالتمسك بالكوٌت فٌما استمر الحلفاء بالتفكٌر‬
‫فً حماٌة السعودٌة من مخالب صدام ‪.‬‬
‫تقدمت الكوٌت بشكو الى االمم المتحدة على اعمال السلب والنهب الواسعة والمستمرة التً ٌقوم‬
‫بها الجٌش العراقً وبشكل منظم وطالبت بالحفاظ على حقوق الكوٌت والتعوٌض فٌما بعث جابر‬
‫برسابله الى الؽرب باالسراع واتخاذ اجراءات حاسمة لحل االزمة‪ ،‬فشل طارق عزٌز فً استدراج‬
‫موسكوا لصالح ِه والتً اكدت بدورها تمسكها بانسحاب العراق من الكوٌت‪.‬‬
‫حتى الٌوم السادس من اٌلول بلػ عدد الالجبٌن من العراق الى االردن ‪ 60,000‬معظمهم من ؼٌر‬
‫العراقٌٌن‪.‬‬
‫هنا بادرت القوات االمرٌكٌة الى تلؽٌم الممرات المابٌة فً المنطقة وحركت انظمة صوارٌخا‬
‫ومنصاتها بإتجاه حدود الكوٌت مع العراق استعدادا للحرب‪.‬‬
‫خطوات سرٌع نحو الحرب وصدام الزال معاندا متمسكا برأٌه‪ ،‬وكل هذ ِه المماطلة والتؤخٌر من‬
‫اجل انقاذ حوالً ملٌونً شخص اجنبً بالعراق جاءوا للعمل واحتجزوا رهابن حرب من بٌنهم‬
‫الخبٌر والعامل البسٌط‪" ,‬وان هناك ‪ 8‬االؾ سوفٌتً فً العراق‪ ،‬من بٌنهم ‪ 180‬خبٌرا عسكرٌا "‪.‬‬
‫فً ‪ " / 9/7‬افادت تقارٌر برٌطانٌة ان قوات االنتشار السرٌع االمرٌكٌة حالت دون تقسٌم‬
‫السعودٌة وان هناك مإامرة مدبرة من جانب العراق والٌمن واالردن الحتالل اجزاء كبٌره من‬
‫المملكة احتالال الٌترك لالسرة السعودٌة المالكة سو منطقة الوسط التً تخلوا من النفط "‬
‫فً هذا الوقت تعهدت الكوٌت بـخمسة ملٌارات دوالر لتؽطٌة نفقات الحرب رؼم تضررها‪ ،‬كما‬
‫تعهدت السعودٌة واالمارات بتقدٌم المساعدات ونفقات القوات االمرٌكٌة فٌما اعلن العراق التقشؾ‬
‫الؽذابً استعدادا لخوض الحرب الجدٌدة ‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً ‪ 9/8‬اعلنت مصر انضمامها الى الدول المساندة للسعودٌة بكل الوسابل وان قوات مصرٌة‬
‫اضافٌة سترسل الى المنطقة‪.‬‬
‫فً ‪ ، 9/10‬دخلت قوات فلسطٌنٌة الى الكوٌت تعزٌزا للقوات العراقٌة وزاد العراق جٌشه بـ ‪100‬‬
‫الؾ عسكري اضافً سحبهم من الحدود مع اٌران‪ ،‬فٌما قدم عروضا لبعض الدول بتزوٌدها بالنفط‬
‫‪ 9/11‬رفضت االردن بعض االلتزامات للمقاطعة التجارٌة مع‬ ‫مجانا مقابل الوقوؾ معه وفً‬
‫العراق ومساعدته فسارع بوش الى قطع المساعدات االقتصادٌة لالردن ودعا الى ذلك بقٌة الدول‪.‬‬
‫فً ‪ ، 9 /12‬اصدرت اٌران فتــو بالجهاد ضد االمرٌكان فزادت على اثر هذ ِه الفتو الخالفات‬
‫والصراعات‪ ،‬وكان هدفها منع انتشار امرٌكا فً المنطقة مشٌرة ً الى احتمال حدوث اعتداء‬
‫امرٌكً على اٌران ‪ ،‬فٌما استعدت القوات االمرٌكٌة الحتمال هجمات اٌرانٌة انتحارٌة على القوات‬
‫االمرٌكٌة ‪.‬‬
‫فً ‪ 9 /14‬تبادل النٌران بٌن القوات االمرٌكٌة وبعض السفن العراقٌة فً الخلٌ ‪.‬‬
‫‪ 300‬ضابطا من بٌنهم برتبة لواء فً اكبر مذبحة صدامٌة بسبب‬ ‫فً ‪ ، 9 / 16‬اعدم العراق‬
‫معارضتهم لؽزوا الكوٌت ‪.‬‬
‫فً ‪ ، 9 /18‬وصل عدد القوات العراقٌة الى ‪ 360‬الؾ جندي تدعمهم ‪ 1450‬قطعة مدفعٌة كلها‬
‫فً الكوٌت ‪ ،‬اذا عرفنا ان سكان الكوٌت الٌتجاوز عددهم نصؾ ملٌون‪ ،‬عرفنا حجم الكارثة التً‬
‫حلت بعد نهاٌة الحرب‪.‬‬
‫فً ‪ ، 9/20‬هدد العراق بتدمٌر جمٌع حقول النفط اذا تعرض لهجوم عسكري‪.‬‬
‫فً ‪ " 9 / 25‬حجم القوات االمرٌكٌة بلػ ‪ 150‬الفا‪.‬‬
‫فً ‪ ، 10 /1‬وصل عدد جثث المصرٌٌن القادمة من العراق الى مصر ‪ 995‬جثة كانوا قد قتلوا‬
‫بالعراق‪.‬‬
‫فً ‪ 10 /2‬وصل عدد القوات االمرٌكٌة وحدها ‪ 170‬الؾ جندي مقابل ‪ 430‬الؾ جندي عراقً‬
‫فً الكوٌت‪.‬‬
‫وفً ‪ 10 /4‬بلػ عدد الالجبٌن من العراق الى ‪ 900‬الؾ شخص‬
‫فً ‪ 10/9‬اعلن صدام بان لدٌه نوعا جدٌدا من الصوارٌخ ٌبلػ مداها مبات الكٌلومترات‪ ،‬وانه قادر‬
‫على ان ٌضرب بها اسرابٌل فً حالة نشوب الحرب وان على القوات االمرٌكة ان تؽادر المنطقة ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً الٌوم التالً صرح وزٌر الدفاع االمرٌكً" ‪ ...‬وان اذ محاولة من جانبه من جانب صدام‬
‫الستخدام االسلحة البيولوجية والكيمياوية سيرد عليها بطريقة تإدذ الى الدمار الشامل‬
‫للعراق"‪ .‬فً الوقت الذي ذكر فٌه متخصصون بشإون الطٌران والتكنولوجٌا العسكرٌة ان العراق‬
‫طوّ ر صوارٌخه حٌث تبلػ انفجارها اضعاؾ قوتها السابقة‪ ،‬وهً اسلحة ؼٌر تقلٌدٌة‪ ،‬مما اثار نوع‬
‫من التشابم فً حالة استخدامها‪ ،‬اي ان منطقة الشرق االوسط سوؾ تحترق تماما‪ .‬وعلى هذا‬
‫اعرب قابد القٌادة المركزٌة االمرٌكٌة فً الٌوم التالً عن امله بان التقع الحرب رؼم انه وعد بؤن‬
‫تكون سرٌعة وحاسمة‪.‬‬
‫فً ‪ 10 / 16‬اعلن معمر القذافً‪ ،‬انه سوؾ ٌعلن النفٌر العام وتحشٌد الجٌش اذا ما حدث شًء‬
‫مرٌب فً المنطقة قد ٌودي الى ان تدخل لٌبٌا الحرب‪ .‬فً نفس الوقت حذرت امرٌكا من ان‬
‫العراق سوؾ ٌستخدم االسلحة الكٌمٌاوٌة اذا رؼب فً ذلك‪ .‬فً الٌوم التالً صرح العراق بؤنه لن‬
‫ٌستخدمها اال اذا استخدمتها امرٌكا ضده‪.‬‬
‫فً ‪10 / 20‬كشفت مصادر ان العراق كان ٌطور مادة الٌورانٌوم لصنع قنابل نووٌة وقالت "ان‬
‫لد بؽداد االن ماٌسمى بالعجٌنة الصفراء التً ٌمكن تطوٌرها النتاج هذ ِه االسلحلة"‪ .‬فً الٌوم‬
‫التالً صرحت مجلة المانٌة بؤن المانٌا الشرقٌة سابقا ساعدت العراق على اقامة مصانع لالسلحة‬
‫الكٌمٌاوٌة وان المصانع االلمانٌة الؽربٌة قدمت مساهمات حاسمة فً هذا المجال فً الوقت ذاته‬
‫‪ 150‬صاروخا من‬ ‫صرح مسإولون امرٌكٌون وخبراء ان العراق استولى فً الكوٌت على نحو‬
‫نوع هوك التً ٌمكن ان تشكل تهدٌدا بارزا لطابرات القوات االمرٌكٌة والقوات المتحالفة‪ .‬فً‬
‫الخامس والعشرٌن من تشرٌن االول اعلنت السفارة الكوٌتٌة فً دمشق ان عدد القتلى الكوٌتٌٌن‬
‫وصل الى ‪ 4200‬منذ بدأ الؽزو وان ‪ 12‬الؾ اسٌر بٌن مدنً وعسكري محتجزا فً العراق فً‬
‫الوقت الذي ترددت عن اختفاء رادار كوٌتً متطور امرٌكً الصنع كلؾ الكوٌت ‪ 25‬ملٌون دوالر‬
‫كانت تستخدمه بطارٌات الصوارٌخ من نوع هوك المضادة للطابرات ‪ ،‬على ان هذا الرادار صار‬
‫تحت تحكم الجٌش العراقً‪.‬‬
‫فً ‪ 10 /27‬اكد مسإولون فً االدارة االمرٌكٌة ان االدلة تثبت على ان العراق زرع االلؽام فً‬
‫المنشبات النفطٌة لتدمٌر االقتصاد‪ ،‬وكما لؽم المصانع الكٌمٌاوٌة فً الكوٌت لتدمٌر المنطقة فً‬
‫حالة نشوب الحرب حسب سٌاسة االرض المحروقة التً ٌتبعها دابما ‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحصار االقتصادذ ينهش العراق نهشا‪:‬‬


‫بدأ الحصار االقتصادي ٌنهش بالعراق والشعب العراقً حتى صار الفرد ٌطلب الطعام والٌجده‪،‬‬
‫اما العسكر فال طعام ٌصل وال ماء وانما ماٌصلهم من قوت الٌوم ‪،‬‬

‫القصعة اناء كبير يوضع فيه الطعام يتجمع عليه الجنود لالكل‬

‫كانت القصعة تصلنا كل ٌوم مرة واحدة بعد ان كانت ثالث مرات بالٌوم ‪ ،‬ثم امرونا بان نحافظ‬
‫‪ 91‬انقطعت تماما وبقٌنا نلتقم‬ ‫على ماعندنا فصارت تؤتً ثالث مرات باالسبوع ‪ ،‬وفً بداٌة‬
‫الصمون الٌابس ونحافظ علٌه حتى ان الصمونة الواحدة ان وجدت ٌحاول الجندي الحفاظ علٌها‬
‫لٌومه كله‪ .‬وزاد الطٌن بلة الهروب المتزاٌد واول‬
‫الهاربٌن القابمٌن على اٌصال الطعام للجٌش‪ .‬فصار‬
‫الناس ٌطلبون من الضباط ارسال السٌارة الى مقرات‬
‫االعاشة لجلب الطعام بعد ان انقطع عنا وال ٌحصلون‬
‫علٌه ‪.‬‬
‫فً الوقت الذي ٌستعد فٌه الحلفاء لتنفٌذ مهمتهم تدور‬
‫اللجان السٌاسٌة الحتواء االزمة التً بات من المتٌقن‬
‫انها لن تحل بطرٌقة سٌاسٌة عقد صدام اجتماعا‬
‫بالقٌادة العسكرٌة وحثهم على االستعداد للقتال الطوٌل‬
‫وحرب الشوارع ‪.‬‬
‫فً ‪ 11 /1‬اعلن الربٌس االمرٌكً ان العراق منزوع السالح حتما ً حتى لو انسحب من الكوٌت‬
‫ولن ٌسمح له بامتالكه مرة اخر " فلٌس من الممكن ان نترك العراق الذي ٌمتلك الصوارٌخ‬
‫المتوسطة واالسلحة الكٌمٌاوٌة‪ ،‬وٌرٌد امتالك القنبلة النووٌة على هذا الوضع "‪ .‬على ان القوات‬
‫العراقٌة عازمة على " اقامة ستار من اللهب على طول السواحل العراقٌة لمنع اي انزال للقوات‬

‫‪191‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الدولٌة فً المنطقة وذلك بتفجٌر عدد من ناقالت النفط واشعال النٌران فً مالٌٌن اللترات من النفط‬
‫فً مٌاه الخلٌ "‪.‬‬
‫فً ‪ 11/4‬اعلن العراق ان على العالم كله ان ٌنسى شٌبا ٌسمى امارة الكوٌت وان العراق سوؾ لن‬
‫ٌخرج ابدا منها بل ٌجب علٌهم ان ٌتحدثوا عن محافظة عراقٌة اسمها الكوٌت‪ ،‬وعلى عكسه ـ‬
‫وزٌر االعالم العراقً ـ صرح طارق عزٌز بان العراق على استعداد لحل االزمة سلمٌا ً‪،‬‬
‫وتضارب االقوال هو مجرد مماطلة واظهار الشجاعة والوهمٌة مقابل الخوؾ الظاهر والرعب‪.‬‬
‫فً الوقت نفسه هدد العراق على لسان صدام بانه سوؾ ٌهاجم الدول العربٌة التً تشارك فً‬
‫الحرب‬
‫فً الوقت الذي صرحت فٌه امرٌكا زٌادة عدد قواتها فً الخلٌ صرح بالٌوم التالً طارق عزٌز‬
‫ان امرٌكا تظهر نواٌاها الحقٌقٌة للهجوم العسكري على العراق ‪.‬‬
‫فً ‪ 11 /11‬اٌران تجري مناورات عسكرٌة بحرٌة وجوٌة واعدتها من اكبر المناورات فً تارٌخ‬
‫البالد وتستمر عشرة اٌام على مٌاه الخلٌ حتى خلٌ عُمان بحوالً ‪ 50‬سفٌنة بحرٌة ومبات من‬
‫الزوارق السرٌعة‪ ،‬هذا لتنبه امرٌكا من عدم التعرض لها بحجة من الحج ‪ .‬فً نفس الوقت اعلن‬
‫العراق رسمٌا انه ؼٌر قادر على امداد االسواق بالمواد الؽذابٌة الضرورٌة لسد حاجة المواطن‬
‫مما ٌإكد ان االقتصاد العراقً قد انهار انهٌارا واضحا جدا رؼم ان حزب البعث ٌملك ملٌارات‬
‫الدوالرات حسب قول المعارضة العراقٌة‪ ،‬وبؤمكانها ان تسد حاجة المواطن البسٌط وابطال‬
‫الحصار وهذ ِه االموال ٌستخدمها البعثٌون لترفهم ‪.‬‬
‫صرحت الكوٌت فً ‪ 11/12‬ان خسابرها لحد االن بلؽت ‪ 100‬بلٌون دوالر من جراء الؽزو‪.‬‬
‫وفً الوقت الذي تتزاٌد فٌه اللقاءات السٌاسٌة واللقاءات العسكرٌة تتعاظم الجهود من اجل الحلول‬
‫السمٌة‪ ،‬فً الوقت نفسه تتعاظم التواجدات العسكرٌة فً المنطقة وتتعقد المسؤلة وتتسارع نحو‬
‫نشوب الحرب‪.‬‬
‫فً ‪ 11/13‬اطلقت امرٌكا صاروخ ٌحمل قمر تجسس استعدادا للحرب‪.‬‬
‫فً ‪ 11/17‬صرح وزٌر الصحة بنقص متزاٌد باالدوٌة وتزاٌد حاالت االمراض كدلٌل واضح‬
‫على انهٌار الحالة الصحٌة العراقٌة وعجز العراق االقتصادي زاد الطٌن بلة‪.‬‬
‫فً ‪ 11 /23‬قررت امرٌكا زٌادة قواتها الى ‪ 400‬الؾ جندي عند بداٌة العام الجدٌد فً الوقت‬
‫الذي هً علٌه االن ‪ 200‬الؾ ‪،‬‬
‫‪192‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً ‪" ،، 11 /24‬بدأ العراق فً استدعاء مزٌد من قوات االحتٌاط لالنضمام الى القوات الجدٌدة‬
‫وقوامها ‪ 250‬الؾ جندي ٌعتزم ارسالها الى الكوٌت لتعزٌز قواته هناك ‪ ،‬وقد طلب بٌان عسكري‬
‫‪ 58‬ـ ‪ 60‬التقدم الى‬ ‫اذاعه رادٌو بؽداد‪ ،‬من رجال االحتٌاط فً الجٌش من موالٌد مابٌن عامً‬
‫الخدمة العسكرٌة خالل ‪ 9‬اٌام اعتبارا من ‪ ،1990 / 11 / 27‬لٌزٌد عدد القوات العراقٌة على‬
‫‪ 600‬الؾ جندي فً الكوٌت‪.‬‬
‫وفً الٌوم التالً هدد العراق بحرق ابار نفط السعودٌة بالصوارٌخ اذا ما شنت القوات المتحالفة‬
‫الحرب وسوؾ تكون االهداؾ السعودٌة كلها فً متناول الصوارٌخ العراقٌة بدون استثناء فً نفس‬
‫الوقت الذي قرر استدعاء جمٌع المزارعٌن العراقٌٌن الى الخدمة العسكرٌة بعد ان كان قد اعفاهم‬
‫من الخدمة حٌث صدر القرار الستدعاء ‪ 60‬الؾ مزارع خالل اسبوع واحد ‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫فً ‪ 11 / 28‬اعلن القذافً "ان بالده لم ٌعد ٌهمها من قرٌب او بعٌد قضٌة الخلٌ بدأ من‬
‫نوفنبر ‪ "90‬و "ان لٌبٌا ستدع جمٌع االطراؾ تدفع ثمن سٌاساتها بما فً ذلك العراق والكوٌت‬
‫والسعودٌة"‬
‫فً ‪ 11 / 29‬اعلن صدام بانه لن ٌستسلم امام الضؽوط الدولٌة وسوؾ ٌقاتل‪،‬‬
‫وفً ‪ 12/3‬اعلن العراق ان ‪ 1416‬طفل دون الخامسة من العمر ماتو فً االشهر االخٌرة بسبب‬
‫نقص االدوٌة والحلٌب وسوء الؽذاء بسبب الحظر المفروض على العراق‪.‬‬
‫وفً ‪" 12/12‬تضاعفت القوات االمرٌكٌة فً الخلٌ حتى اعلن وزٌر الدفاع ان حجمها المنتشر‬
‫حالٌا بلػ ‪ 480‬الؾ جندي اما القوات العراقٌة فً الكوٌت وجنوب العراق فقد وصل الى نصؾ‬
‫ملٌون جندي‪.‬‬
‫فً ‪ 12 / 15‬اعلن العراق ان طارق عزٌز سٌجتمع بعد ٌومٌن فً واشنطن مع االمرٌكان "وان‬
‫اللقاء لن ٌتم‪ ،‬بسبب اصرار واشنطن على فرض المواعٌد على العراق‪".‬‬
‫وفً الٌوم التالً صرحت صحٌفة امرٌكٌة "ان العراق انتهى من بناء مصنع النتاج المعداة‬
‫االساسٌة وانه حصل على تكنولوجٌا ؼرٌبة‪ ،‬تفً النتاج قنبلة نووٌة‪ ،‬وقد ٌتمكن من ذلك ابتداءا من‬
‫عام ‪ 1991‬وانه حتى لو انسحب من الكوٌت فان قدراته النووٌة لن تلبث ان تشكل تهدٌدا خطٌرا‬
‫الستقرار المنطقة "فً الوقت نفسه اعلن البٌت االبٌض" ان الؽاء زٌارة طارق عزٌز الى واشنطن‬
‫التً كانت محددا لها (‪ٌ )......‬إكد ان الربٌس العراق صدام حسٌن لٌس على استعداد الن ٌتباحث‬

‫‪193‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مع الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة النه ٌعلم انها سوؾ تطلب منه االنسحاب وانه ٌرؼب فً التهرب‬
‫وكسب الوقت" ‪.‬‬
‫فً ‪" 12 / 17‬صرح سفٌر العراق فً بارٌس انه فً حالة اندالع الحرب فان جمٌع المنشآت‬
‫النفطٌة فً الخلٌ سوؾ تدمر تماما" فً الوقت نفسه استدعى العراق جمٌع افراد قوات االحتٌاط‬
‫ممن تبلػ اعمارهم ‪ 33‬سنة من موالٌد ‪ 57‬للخدمة العسكرٌة خالل ‪ 3‬اٌام من ضمنهم المتواجدون‬
‫فً خارج العراق العودة الى العراق خالل اسبوعٌن‪.‬‬
‫فً ‪ 12/19‬اعلن بوش فً مإتمر صحفً انه قد بدأ العد التنازلً لحسم ازمة الكوٌت وان الحرب‬
‫اذا نشبت لن تكون ضد العراق بل من اجل تنفٌذ هدؾ محدد وهو تحرٌر الكوٌت‪ .‬فً خالل هذه‬
‫الفترة تصاعدة حدة المظاهرات المنددة بالحرب‪ ،‬والمطالبة بالحلول السٌاسٌة التً لم تتوقؾ‬
‫مساعٌها‪ .‬وفً الٌوم التالً اعلن صدام بانه لن ٌنسحب من الكوٌت فً الموعد المحدد من قبل االمم‬
‫المتحدة حتى لو دخل الحرب‪.‬‬
‫فً ‪ 12/12‬شهدت بؽداد اكبر عملٌة اخالء للسكان فً تارٌخ العراق حٌث ان عشرات اآلالؾ‬
‫خرجوا منها الى مناطق مجاورة الحتمال وقوع الحرب‪ .‬واصدر العراق تعلٌمات للمدارس‬
‫والمراكز االجتماعٌة اؼالق ابوابها فً اللحظة التً تبدأ بها الحرب وزاد صدام تمسكا بعدم‬
‫‪" 91 / 1/15‬موعد انتهاء المهلة التً حددتها االمم المتحدة"‬ ‫االنسحاب من الكوٌت قبل موعد‬
‫وقالت صحٌفة لوس انجلوس تاٌمز "ان اقمار المراقبة الصناعٌة االمرٌكٌة فوق منطقة الخلٌ لم‬
‫تكتشؾ اول عملٌة اطالق صوارٌخ عراقٌة متوسطة المد من اصل ثالث عملٌات اطالق جرت‬
‫مطلع الشهر الحالً اال قبل دقٌقة من اصطدامه وانهم فإجبوا اثر تجارب االطالق‪ ،‬التً جرت فً‬
‫الثانً من دٌسمبر الجاري‪ ،‬انطالقا من البصرة فً الجنوب العراق واضافت الصحٌفة ان‬
‫الصوارٌخ ‪ ...‬اجتازت اسرابٌل ‪ 640‬كم قبل ان تتحطم فً الصحراء العراقٌة‪ ... ،‬كان ٌمكن ان‬
‫ٌصٌب القدس او تل ابٌب" ‪.‬‬
‫فً ‪ 12/25‬اعلنت اسرابٌل التعببة العامة فً صفوؾ جٌشها فً حالة هجوم عراقً وحشدت‬
‫قواتها على امتداد الحدود مع االردن‪.‬‬
‫وفً ‪ 12 / 31‬اعلن وزٌر الصحة عن وفاة ‪ 4‬االؾ عراقً بسبب نقص االدوٌة والؽذاء بسبب‬
‫الحصار‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فٌما اعلنت اٌران انها سوؾ تبقى على الحٌاد التام ولن تسمح الي طرؾ باستؽالل مجالها الجوي‪.‬‬
‫وفً ذات الوقت اعلنت تركٌا عن استعدادها لمساعدة امرٌكا‪،‬‬
‫بدأ العراق بتعببة ‪ 300‬الؾ جندي لحشدهم على الحدود مع تركٌا وهدد العراق بضرب المصالح‬
‫االمرٌكٌة فً العالم كله‪ .‬على انه لن ٌنسحب وان الكوٌت محافظة عراقٌة‪.‬‬
‫فً مطلع ‪ 91‬اعلنت اسرابٌل ان العراق لن "ٌنجح فً اقحام اسرابٌل فً المواجهه" رؼم جهوده‬
‫من اجل شق صفوؾ التحالؾ المضاد ‪.‬‬
‫كانت التهدٌدات على اسرابٌل من اجل جرها الى المعركة ‪ ،‬وبالتالً سوؾ ٌتحج الشعب العربً‬
‫على ان الحرب مع اسرابٌل ولٌس مع العراق ‪ ،‬وهذا سوؾ ٌخلخل الجبهة العربٌة ضد التحالؾ‬
‫وتتعقد المشاكل ‪ ،‬لذا طلبت امرٌكا من اسرابٌل عدم الدخول فً المعامع الحربٌة لتجنب هذا التعقٌد‬
‫‪ ،‬السٌما ان المنقطة تع التعقٌدات الدٌنٌة والمذهبٌة والطابفٌة والعنصرٌة والتعقٌدات السٌاسٌة ‪.‬‬
‫فً ‪ 91/1/3‬بلػ عدد قوات التحالؾ ‪ 630‬الؾ مقاتل فً مقابل ‪ 530‬الؾ عراقً‪.‬‬
‫فً ‪ 1/8‬طلب بوش من الكونكرس قرارا ٌخوله الحق فً استخدام القوة العسكرٌة الخراج العراق‬
‫من الكوٌت‪.‬‬
‫وفً ‪ 1/9‬اعلن االردن ؼلق حدوده مع العراق فً وجه النازحٌن هربا من احتمال نشوب الحرب‬
‫فً الخلٌ ‪.‬‬
‫فً ‪ 1/12‬وافق الكونكرس االمرٌكً على قرار ٌعطً الربٌس االمرٌكً السلطة الستخدام القوة‬
‫الخراج العراق من الكوٌت ‪.‬‬
‫فً ‪ 1 /14‬اعلن الناطق الرسمً للبٌت االبٌض ان اي دقٌقة بعد منتصؾ اللٌل ٌعد وقتا خارج‬
‫االنذار‪ .‬فٌما عقد صدام مإتمرا حث فٌه العراقٌٌن على ان ٌهٌبوا انفسهم وٌستعدوا نفسٌا وعسكرٌا‪.‬‬
‫وقال " ان الكويت لكم وستموتون وتحييون من اجلها ‪ " ...‬وذكرت االنباء ان عبارة هللا اكبر‬
‫ستضاؾ الى العلم العراقي بموجب امر من صدام ‪.‬‬
‫فً ‪ ... ،1/15‬ولم ٌبدي العراق ادنى االستعداد لقبول السالم ‪.‬‬
‫فً ‪ " ، 1/16‬ذكرت االذاعة العراقٌة ان الربٌس العراق‪ ،‬صدام تولى القٌادة المٌدانٌة للقوات‬
‫المسلحة العراقٌة‪ ،‬وانه سٌتولى بنفسه مسإولٌة كافة العملٌات العسكرٌة" فً هذا الوقت بدأت‬
‫الساعة الؽربٌة فً الحساب الوقت االضافً بعد ان انتهى الوقت‪ .‬نفذ الصبر وانقضى الوقت‬
‫ودقت ساعات الموت اجراسها‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً الٌوم التالً‪ ،‬القى بوش خطابا سٌاسٌا الذي نصه‪:‬‬


‫"إن الربٌس العراقً‪،‬صدام حسٌن‪ ،‬بدأ هذ ِه الحرب‪ ،‬منذ خمسة اشهر‪ ،‬حٌنما هاجم الكوٌت واحتلها‬
‫وان اللٌلة‪ ،‬التً التحمت المعركة فً حرب‪ ،‬نشبت على اساس قرارات مجلس االمن الدولً‬
‫وبموافقة الكونكرس‪ ،‬وبعد اشهر من الجهود الدبلوماسٌة" وواصل الربٌس االمرٌكً انه اعطى‬
‫اوامره لقادة القوات النهاء هذ ِه الحرب فً اسرع وقت ممكن‪ ،‬كما اعلن فً خطابه قابال‪" :‬اننا‬
‫نتطلع الى انشاء نظام عالمً جدٌد قابم على القانون ولٌس قانون الؽاب‪ ،‬وسوؾ ننجح فً ذلك‪،‬‬
‫وستكون لنا الفرصة فً العٌش فً سالم‪ ،‬واكد بوش انه لٌس هناك خالؾ بٌننا وبٌن الشعب‬
‫العراقً‪ ،‬فهو شعب بريء‪ ،‬اقحم فً هذا النزاع ‪ ،‬وهدفنا هو تحرٌر الكوٌت ولٌس ؼزوا العراق‪".‬‬
‫ثم ان البٌت االبٌض قد اعلن ان العملٌات قد بدأت لتحرٌر الكوٌت واعادة الشرعٌة الٌها‪ ،‬وبالفعل‬
‫كان االمر ثقٌال على الجٌش العراقً فقد امطرته امرٌكا ولم ٌكن هناك مكان لم تصله ٌد التحالؾ‬
‫حتى اصبح العراق جمرة تشتعل تحت اقدام اهله المساكٌن الجٌاع‪ ،‬ال كهرباء وال ماء وال حتى‬
‫رادٌو ٌسمعون فٌه االخبار ومن كان عنده رادٌو فانه ال توجد محطة لالرسال فً العراق حتى‬
‫ٌستلمها‪ ،‬او انه بدون نضٌدة النها كانت ؼالٌة جدا‪ ،‬فً هذا االثناء اصبح العراق جحٌما الٌطاق‪،‬‬
‫شعب ٌتصارخ حٌث ٌلتقطه الموت من السماء بصوارٌخ او قنابل‪ ،‬او ٌؤكله الجوع والعطش‪ ،‬بدت‬
‫الحٌاة فً العراق وكانه ٌنتظر ساعة الهالك ‪ ،‬الساعة او الساعة القادمة‪.‬‬
‫البٌت االبٌض قال " ان استخدام اسلحة كٌمٌاوٌة او بٌولوجٌة او نووٌة‪ ،‬سٌكون اٌذانا بتصعٌد خطٌر‬
‫للصراع المسلح ‪.‬‬
‫لقد ؼدر الؽادرون ‪ ،‬فارتكب زمٌل‬ ‫وجه صدام خطابه فً الٌوم التالً للعملٌات افتتحه بكلمة‬
‫الشٌطان ‪ ...‬جرٌمته الؽادرة ‪ ...‬الى اخر الخطبة الجوفاء ناشد بها الشعب العراقً الجابع مقطوع‬
‫االجنحة الصمود حتى ٌفرج ّللا عنه‪.‬‬
‫ٌقول الباحث فً موسوعة مقاتل الصحراء الفرٌق الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز وهو‬
‫ٌصؾ المعركة التً ٌقودها بصفته قابد للقوات المشتركة ومسرح العملٌات ‪.‬‬
‫فً الساعة ‪ 3:00‬من فجر ٌوم الجمعة‪ ،1991/1/17 ،‬انطلقت أكثر من ‪ 2000‬طابرة حربٌة‬
‫نحو ‪ 700‬هدؾ‪ ،‬كان قد حُدد سلفاً‪ ،‬كما انطلقت الصوارٌخ البعٌدة المد من السفن الحربٌة‬
‫المتواجدة فً الخلٌ العربً وخلٌ العقبة والبحر اِلحمر‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ففً أعالً البحر اِلحمر كانت هناك حامالت الطابرات [ساراتوجا ] و [كندي] و[تٌدور روزفلت]‬
‫و[ أمرٌكا] وعلى ظهرها ما ٌزٌد على ‪ 200‬طابرة‪ ،‬قادرة على الوصول الى أي نقطة فً العراق‪،‬‬
‫هذا باإلضافة إلى الصوارٌخ البعٌدة المد من نوع كروز‪ ،‬الموجهة تلفزٌونٌا ً ‪،‬التً كانت على‬
‫(* تارٌخ العراق الحدٌث ‪ ،‬حامد الحمدانً‪ ،‬الفصل‬ ‫متنها والقادرة على المناورة إلصابة أهدافها بدقة ‪.‬‬
‫عشرٌن‪ ،‬عاصفة الصحراء *)‬
‫وٌستمر صاحب موسوعة مقاتل الصحراء الفرٌق الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز بوصفه‬
‫للمعركة‪:‬‬
‫واصلت طابرات الشبح قصؾ العراق فاصابت القصر الجمهوري ومركز القٌادة العراقٌة‪ ،‬القواعد‬
‫الجوٌة‪ ،‬باالشتراك مع طابرات التحالؾ قصفت مواقع المشاة العراقٌة فً الكوٌت والعراق‪ .‬تمزقت‬
‫الحشود العراقٌة بٌن‬
‫قتٌل‬ ‫‪‬‬
‫ومحترق‬ ‫‪‬‬
‫وهارب‬ ‫‪‬‬
‫وجرٌح ٌبحث عن معٌن فالٌجد ‪ ،‬فٌنزؾ حتى ٌموت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫منصات الصوارٌخ قصفت واصبحت حطاما سواء كان عندها جنود او كانت مجرد كتل‬ ‫‪‬‬
‫من الحدٌد فً الصحراء ‪.‬‬
‫قصؾ مبنى قٌادة الجوٌة ودمر تدمٌرا كامال‪ ،‬خالل ‪ 48‬ساعة االولى للحرب‬ ‫‪‬‬
‫بلػ عدد الطلعات الجوٌة ‪ 2107‬طلعة جوٌة اطلق خاللها العراق سبعة صوارٌخ سكود وصلت‬
‫الى تل ابٌب وحٌفا ادت الى اصابة ‪ 12‬شخص فً اسرابٌل بجروح وصفته اسرابٌل بانه خطٌر‬
‫ومحاولة من العراق الى جر اسرابٌل الى الحرب الى جانب الحلفاء فٌحدث شقا فً صفوؾ‬
‫التحالؾ‪ ،‬وهً خطة ذكٌة جدا‪ ،‬بمجرد ان ٌعلم الجندي المسلم ان اسرابٌلً ٌقاتل معه ضد العراق‬
‫حتى تنقلب عنده الموازٌن اال ان اسرابٌل لم تجر الى المعركة‪ .‬كما ان الظهران تعرضت الى‬
‫‪ 17‬قدم‪ ،‬لم ٌنجم عنها‬ ‫قصؾ صاروخً تمكن قوات التحالؾ من تفجٌرها فً الجو على ارتفاع‬
‫خسابر‪.‬‬
‫طالب المسإولون العسكرٌون فً اسرابٌل الرد‪ ،‬حٌث بدأت اسرابٌل بدراسة سبله‪ .‬ركز التحالؾ‬
‫جهوده على منصات الصوارٌخ داخل العمق العراقً فقصفتها ومقرات البعث وحطمتها‪،‬‬
‫‪197‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومطارات عسكرٌة فاصابتها واصابت محطات الكهرباء واطفؤتها تماما لٌعٌش العراق فً الظالم‬
‫الدامس تماما‪ 196 .‬صاروخا كان مصدرها البارجات االمرٌكٌة سقطت على رإوس العراقٌٌن‬
‫فٌما شرعت االذاعة العراقٌة اكاذٌبها بان ‪ 64‬طابرة اسرابٌلٌة كانت من ضمن الطابرات القاصفة‪،‬‬
‫الخبر الذي نفاه التحالؾ ونفته اسرابٌل نفسها خاللها اعلن الحلفاء عن فقد ثمان طابرات امرٌكٌة‬
‫مضافا الى عشرة افراد من الجٌش من القوات الجوٌة ‪ ،‬فٌما خسر العراق ‪ 11‬طابرة عراقٌة‪ .‬على‬
‫‪ 72‬طابرة‬ ‫‪ 2000‬طلعة ٌومٌا ‪ ،‬قال العراق فٌها انه اسقط‬ ‫ان قوات التحالؾ تنفذ طلعاتها بـ‬
‫امرٌكٌة على انه خسر ‪ 23‬مدنٌا وجرح ‪66‬‬
‫فً الٌوم الثالث للمعركة‪ ،1 / 19 ،‬اتصل بوش باسرابٌل هاتفٌا وحثها على عدم دخول المعركة‬
‫ضد العراق الن استدراجها ٌعنً تدمٌر التحالؾ‪ .‬فٌما اعلن وزٌر الدفاع ان اسرابٌل ستحصل على‬
‫صوارٌخ باترٌوت اعتراضٌة‪.‬‬
‫فً الوقت الذي اعلن العراق فً بٌاناته ان الحشود االمرٌكٌة على الحدود فً انتظار الدخول وان‬
‫‪ 40‬طابرة اقلعت من تركٌا الى العمق العراقً‬ ‫طابرات التحالؾ قصفت العمق العراقً كانت‬
‫وبذلك صارت تركٌا عضوا بالمعركة استمر القصؾ الجوي‪ ،‬وبقً الجٌش البري ٌنتظر االوامر‬
‫حذرا من ان ٌضرب العراق ضربته الكٌمٌاوٌة التً وعد بها‪ .‬اعلن العراق انه اطلق ‪ 11‬صاروخ‬
‫على اسرابٌل وقالت اسرابٌل انها ثالثة اصابت ستة اشخاص وقتلت واحد فً ثانً هجوم عراقً‬
‫على اسرابٌل خالل ‪ 30‬ساعة‪ .‬فً الوقت الذي ضاعفت الطابرات المتحالفة قصؾ العراق‬
‫ضاعفت امرٌكا ضؽطها على اسرابٌل لعدم دخول المعركة‪ ،‬وان امرٌكا سوؾ تعال الموقؾ‬
‫وتنهً المعركة كان من نتابجها ان سقطت ثالث طابرات امرٌكٌة اخر وخسر العراق خمس‬
‫طابرات اضافٌة كان ذلك خالل ‪ 4700‬ؼارة جوٌة‪ ،‬فٌما قال العراق فً بٌانه ان دفاعاته الجوٌة‬
‫اسقطت ‪ 100‬طابرة‪ ،‬وان الجٌش العراقً اسر الطٌارٌن وعرض مكافاة لكل طٌار ٌإسر من‬
‫التحالؾ والمكافؤة هً ‪ 10‬االؾ دٌنار عراقً‪ .‬فً الوقت الذي وصلت السرابٌل الصوارٌخ‬
‫االعتراضٌة على امل استمرارها بضبط النفس واصلت امرٌكا قصؾ العراق ومدارج الطابرات‬
‫بصوارٌخ وقنابل مخصصة لهذا الؽرض‬
‫ان‬ ‫قالت اذاعات العراق حيث اننا كنا نتابع الراديو ليال ونهارا ونستمع الى االخبار اوال باول‬
‫‪ 140‬طابرة !!! كما اسقطت صوارٌخ دون‬ ‫العراق اسقط ‪ 12‬طابرة جدٌدة لٌرتفع العدد الى‬

‫‪198‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وصولها الهدؾ وقد عرض التلفزٌون صورة لصاروخ محطم وصور االسر من الطٌارٌن على‬
‫انه اسر عشرة جنود من الطٌارٌن‬
‫وٌعلم المتتبع للبٌانات العراقٌة ٌعلم انها كاذبة تماما الن الٌوم الرابع والخامس من العملٌات كان‬
‫محمال بالضباب الكثٌؾ وقد عادت معظم الطابرات بكامل حمولتها ولم تستطع الوصول الى هدفها‬
‫فٌما اعلنت قوات التحالؾ فً الٌوم الخامس من العملٌات ان العراق اطلق حتى االن ‪ 12‬صاروخ‬
‫فٌما تم تدمٌر جمٌع قواعد الصوارٌخ العراقٌة العشرة بمنصاتها‪ ،‬والؽت بعض الطلعات الجوٌة‬
‫‪10‬‬ ‫لسوء االحوال الجوٌة الذي استمر للٌوم السادس من العملٌات رؼم ذلك فاق عدد الطلعات‬
‫االؾ طلعة‪ ،‬وللمرة الثالثة ٌطلق العراق ثالث صوارٌخ على اسرابٌل ‪ ،‬فٌما اعلن الفرنسٌون ان‬
‫ضربات التحالؾ كانت ناجحة‪ ،‬سقطت طابرة امرٌكٌة وتم انقاذ الطٌار دون ان ٌتمكن منه الجٌش‬
‫العراقً‪ ،‬بلؽت خسابر التحالؾ من الطابرات ‪ 18‬طابرة‪ ،‬وكان العراق قد اعلن انه اسقط ‪140‬‬
‫طابرة‪ ،‬وقالت القوات المتحالفة انها اسقطت ‪ 17‬طابرة عراقٌة‪ .‬كما وفقد ‪ 25‬جندٌا من التحالؾ ‪.‬‬
‫فً ‪ ، 1/22‬فجر العراق حقول البترول الكوٌتٌة وخزانات الوقود الحداث سحابة تمنع الطٌران‬
‫االمرٌكً من مواصلة الؽارات فتحول النهار الى لٌل‪ ،‬ال تكاد تر ٌدك التً امام عٌنٌك من شدة‬
‫الظالم‪ ،‬كما ان الؽازات الخانقة اضطرتنا الى لبس القناع فً كثٌر من االحٌان ‪ .‬قال العراق فً‬
‫هذا الٌوم تم اسقاط ‪ 178‬طابرة من طابرات التحالؾ‪ ،‬وان خسابر العراق ‪ 40‬مدنٌا و‪ 31‬جندٌا‪.‬‬
‫فً الٌوم السابع من المعركة ‪ 1/23‬صرحت وزارة الدفاع السوفٌتٌة ان صدام قام بإعدام قابد‬
‫السالح الدفاع الجوي العراقً وكبار قادة سالح الجو والدفاع الجوي رمٌا بالرصاس بعد الخسابر‬
‫الكبٌرة التً منٌت بها القوات العراقٌة فً الحرب‪ ،‬وبذلك ٌتضح بشكل كبٌر بان البٌانات العراقٌة‬
‫كان جمٌعها مجرد كلمات سوداء على ورق ابٌض ال واقع لها او كما ٌقال (حبرا على ورق)‪.‬‬
‫وصرحت قوات التحالؾ‪ ،‬بان االجواء اصبحت مفتوحة امام طابرات الحلفاء بعد القضاء على‬
‫القوة الجوٌة العراقٌة بشكل تام "وان قوات الحلفاء تدمر تدرٌجٌا القوة االستراتٌجٌة والعسكرٌة‬
‫والهٌاكل االساسٌة للعراق‪ ،‬بهدؾ تدمٌر القٌادة المركزٌة لصدام" كما دمرت مولدات الطاقة‬
‫الكهربابٌة لتحٌل العراق الى ظالم دامس فوق ظالم اللٌل ودخان ابار الكوٌت والجوع والعطش‬
‫واالمراض وقلة الطعام‪ ،‬اضافة الى الظلم الصدامً الذي كان على الشعب العراقً‪ ،‬لقد كنت كحال‬
‫العدٌد من العراٌٌن نعٌش وكاننا ننتظر ساعة الزوال او ان ٌوم القٌامة على بعد ساعات او دقابق‬
‫عنا‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 250‬جندٌا‪ ،‬الى‬ ‫‪ ، 1 / 24‬العراقٌون ٌسلمون انفسهم الى قوات التحالؾ‪ ،‬والى تركٌا‪ ،‬فقد هرب‬
‫تركٌا فً الشمال‪ ،‬فٌما فتح الجٌش االمرٌكً مخٌما ً الستقبال الهاربٌن قرب الكوٌت ولم تصرح‬
‫بعددهم حٌث بلػ عدد الطابرات العراقٌة المحطمة الى ‪ 26‬طابرة مقابل ‪ 20‬طابرة من الحلفاء فً‬
‫الوقت ذاته قال العراق انه اسقط ‪ 180‬طابرة اضافٌة ‪.‬‬

‫حرائق آبار النفط الكويتية‬


‫هً حرابق أشعلها الجٌش العراقً فً آبار النفط الكوٌتٌة فً أواخر فبراٌر ‪ ،1991‬قبل انسحابه‬
‫‪ 1073‬ببر نفطً‪ ،‬وذلك عن طرٌق‬ ‫من الكوٌت حٌث قامت القوات العراقٌة بتدمٌر ما ٌقارب‬
‫تفجٌرها مما أد إلى احتراق أكثر من ‪ 727‬ببراً مسببا ً ؼٌمة سوداء ؼطت سماء الكوٌت والدول‬
‫المجاورة لها‪ ،‬بل وحتى بعض دول الخلٌ العربً والدول المطلة على المحٌط الهندي‪ ،‬مما أد‬
‫إلى حصول مشاكل بٌبٌة وتلوث فً الجو العام‪.‬‬
‫بعد تحرٌر الكوٌت بدأت عملٌة اطفاء اِلبار المشتعلة فً مارس ‪ 1991‬وتم اطفاء آخر ببر فً ‪6‬‬
‫نوفمبر ‪.1991‬‬

‫القنبلة االم تلد افراخا وافراخها تل د افراخا في وقت واحد ‪:‬‬


‫فً ‪ 1/25‬بدأت القوات االمرٌكٌة استعمال الطابرات الثقٌلة فً المعركة الول مرة منذ اشتعال‬
‫الحرب ودكت القطعات العسكرٌة‪ ،‬واثقلتها بالحاوٌات المتفجرة‪ ،‬وان الحاوٌة المتفجرة عندما تسقط‬
‫فانها تخرج منها قنابل ال ٌحصى عددها تتجه الى جمٌع الجهات لتنفجر فتخرج منها قنابل الى‬
‫جمٌع االتجاهات لتنفجر االخٌرة وتتناثر‪ ،‬وبذلك تكون قد ؼطت مساحة هابلة من االرض وتمسحها‬

‫‪200‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مسحا كامال والٌنجو منها الى من حفر له قبرً ا وؼطاهُ بؽطاء ثقٌل التستطٌع القنابل ازالته ‪،‬‬
‫فؤصبحت الحٌاة فً اعننا بٌض عصفور بٌن الحجار المتساقطة‪.‬‬
‫وبما ان الجٌش كله على سطح الصحراء فانها مجزرة ال توصؾ‪.‬‬
‫شن العراق هجوما خامسا بالصوارٌخ على اسرابٌل سقطت ثالث فً تل ابٌب فجرح اربعٌن من‬
‫اصل سبع صوارٌخ كانت قد اطلقت من العراق‪.‬‬
‫اؼرق الجٌش العراقً مٌاه الخلٌ بالنفط المسال حٌث تقدر بقعة النفط بمالٌٌن البرامٌل من مٌناء‬
‫االحمدي الكوٌتً ومستودعات النفط الكوٌتٌة مما ٌهدد المنطقة بكارثة بٌبٌة واثار خطٌرة ‪.‬‬

‫كما وساعد على انتشارها فً الخلٌ فٌما قال الجٌش االمرٌكً انها لن تإثرعلى العمٌات‬
‫العسكرٌة‪ ،‬فٌما كشفت الصحؾ البلجٌكٌة عن مخابًء عراقٌة ثمانٌة استخدمها العراق كقواعد‬
‫جوٌة تحت االرض بنتها للعراق الشركات البلجٌكٌة ٌمكن تفجٌرها بقنابل وصوارٌخ مضادة‬
‫لالسمنت فقط ‪.‬‬
‫‪ 900‬كؽم تحمل صوارٌخ مضادة‬ ‫تسربت المعلومات للقوات االمرٌكٌة فامطرتها بالقنابل من‬
‫للتصفٌح‪.‬‬
‫ٌتراوح سمك االسمنت المسلح بٌن ‪ 120 – 8‬سنتمترا‪،‬‬
‫كان العراق قد ابرم صفقة بناءها بـ ‪ 380‬ملٌون دوالر‬
‫خالل الحرب العراقٌة االٌرانٌة ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫راجمات الصوارٌخ والمدفعٌة والدبابات افتتحت ٌوم ‪ 1/27‬طوال النهار حتى اسكتت مصادرها‬
‫بواسطة القوة الجوٌة على الحدود مع السعودٌة ‪.‬‬
‫‪ 24884‬طلعة ‪ ،‬فٌما وصل عدد االسر لد‬ ‫فً الٌوم التالً بلػ عدد الطلعات الجوٌة الى‬
‫التحالؾ ‪ 110‬اسر ‪ ،‬فً ‪ 1/29‬عاد العلم الكوٌتً لٌرتفع فوق جزٌرة ام المرادم مرة اخر عقب‬
‫استسالم القوات العراقٌة هناك ‪ ،‬فٌما استمر تدفق النفط الى الخلٌ ‪.‬‬
‫فً لٌلة ‪ 29‬ـ ‪ 1 / 30‬دخلت قوة عسكرٌة عراقٌة الخفجً بثالث كتابب تضم ‪ 500‬جندي اتضح‬
‫فٌما بعد انها اللواء المشاة االلً ‪ ،15‬كانت النتٌجة ان قتل منهم ‪ 67‬واسر الباقون ‪ .463‬لحقتها‬
‫باالشتباك مع ‪ 80‬دبابة تقدمت الى الخفجً ‪ .‬فً الوقت الذي وصلت الطابرات العراقٌة الهاربة‬
‫‪216‬‬ ‫الى اٌران ‪ 115‬طابرة مقاتلة ونقل وشحن مدنٌة وقاصفة ‪ .‬قال العراق من جانبه ان اسقط‬
‫‪ 500‬طابرة فً الوقت الذي قال‬ ‫طابرة اضافٌة فٌكون عدد الطابرات التً تم اسقاطها اكثر من‬
‫التحالؾ انه خسر حوالً ‪ 19‬طابرة فقط خالل مجموع العملٌات‪ ،‬وقد احصً عدد الطابرات‬
‫العراقٌة الهاربة فً ‪ 1/31‬الى اٌران فوصل الى ‪ 98‬طابرة ‪.‬‬
‫فً ‪ ،2/3‬بلػ عدد الطلعات االمرٌكٌة ‪ 41‬الؾ طلعة‪ .‬كان حصٌلة اسرابٌل ‪ 30‬صاروخا عراقٌا ‪.‬‬
‫فً ‪ 2 / 5‬وصل عدد الؽارات المتحالفة الى ‪ 47‬الفا ً فٌما اضٌفت ‪ 10‬طابرات عراقٌة هاربة الى‬
‫اٌران لٌصل عددها الى ‪ 110‬طابرات‪ .‬فٌما بلػ االسر لد التحالؾ ‪ 842‬اسٌرا من بٌنهم ‪51‬‬
‫‪ 290‬طابرة هذا الٌوم‬ ‫ضابطا فً معسكرات فً السعودٌة‪ .‬فً الوقت الذي قال العراق انه دمر‬
‫مضافة الى ماسبق لٌصبح العد اكثر من ‪ 800‬طابرة ‪.‬‬
‫وفً ‪ 2 /10‬بلػ عدد االسر الى ‪ 959‬اضافة الى ‪ 418‬سابقٌن لٌصبح العدد االجمالً الى‬
‫‪ 1377‬ضابطا وجندٌا عراقٌا ‪.‬‬
‫فً ‪ 2 / 13‬قصؾ قوات التحالؾ ملجا العامرٌة فً بؽداد فكانت مجزرة كبٌرة راح ضحٌتها ‪94‬‬
‫مواطنا كان االختالط بٌن االمرٌن انه مدنً على الحسابات العراقٌة او عسكري على الحسابات‬
‫االمرٌكٌة ‪،‬‬
‫وفً ‪ 2 /17‬وصل عدد الطلعات الؽربٌة الى ‪ 78‬الؾ طلعة‪ ،2/18 ،‬فً الوقت الذي اعلنت قوات‬
‫‪ 30‬طابرة من طابراتها بالوقت الذي قال‬ ‫التحالؾ استعدادها للهجوم البري اعلنت انها خسرت‬
‫العراق انه اسقط اكثر من ‪ 1000‬طابرة‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان العراق قد هدد باستعمال سٌاسٌة االرض المحروقة فً الشهر الماضً واحرق بعض خزانات‬
‫النفط‬
‫فً ‪ 2/22‬احرق الجٌش العراق ‪ 140‬ببرا من آبار النفط والمنشآت والخزانات ومصبات النفط فً‬
‫‪ %25‬من الحقول النفطٌة الكوٌتٌة‪ .‬الصوارٌخ والطابرات جعلت سماء‬ ‫الكوٌت حتى ؼطى‬
‫العراق جحٌما الٌطاق خالل هذا الفترة اذ التخلوا ساعة من ساعات الٌوم والٌلة من سماع صوت‬
‫الصوارٌخ‪.‬‬
‫فً الوقت الذي اذاع العراق ان القوات االمرٌكٌة بدأت بشن الهجوم البري ‪ 2/23‬اخترقت القوات‬
‫االمرٌكٌة الدفاعات العراقٌة وفتحت الثؽرات فً السواتر الرملٌة ودخلت دون مقاومة على امتداد‬
‫الساتر الرملً الذي ٌحمً الحدود‪.‬‬
‫فً الٌوم التالً اعلن بوش بداٌة الحرب البرٌة رسمٌا فٌما استمرت القوات االمرٌكٌة بالتوؼل الى‬
‫العمق وصل عدد االسر الى اكثر من ‪ 5500‬عراقً فضال عن ان هناك مبات آخرٌن سلموا‬
‫انفسهم من قبل‪ .‬فٌما وصل عدد الطلعات الؽربٌة الى ‪ 100‬الؾ طلعة‪ ،‬تعرضت العاصمة العراقٌة‬
‫بؽداد الى هجمات صاروخٌة وجوٌة تصاعدت بها سحب الدخان الى عنان السماء فصارت بؽداد‬
‫مدٌنة الموت المرعبة‪.‬‬
‫فً ‪ 2 /25‬اعلنت القوات الفرنسٌة انها توؼلت بالعمق العراق الى ‪ 160‬كم فً االراضً العراقٌة‬
‫وتمكنت من تطوٌق فرقة عراقٌة كاملة تتكون من آالؾ الجنود واسرت ‪ 3‬االؾ عراقً‪.‬‬
‫صدام يؤمر الجيش باالنسحاب ‪:‬‬
‫فً ‪ ، 2/28‬امر صدام القوات العراقٌة باالنسحاب من الكوٌت لعدم قدرتها على االستمرار فً‬
‫القتال ‪ ،‬وبدأت تتجه نحو البصرة من االراضً الكوٌتٌة‪ ،‬اعلن البنتاؼون ان هذ ِه االرتال‬
‫والمدرعات سوؾ تقصؾ وان الطابرات تتعقبها وتهاجمها على الرؼم من سوء االحوال الجوٌة ‪،‬‬
‫فكان المجزرة المخٌفة‪ 400 ،‬الؾ جندي بالصحراء بآلٌات ودروع ٌتعرضون الى الموت من‬
‫السماء والصحراء اضافة الى الجوع والتعب‪ ،‬كان المجزرة الكبر التً راح ضحٌتها ما ال ٌقل‬
‫عن ‪ 300‬الؾ عسكري بجمٌع الٌاتهم‪.‬‬
‫خرج العراق من المعركة بهزٌمة العمر التً ال تنسى‪ ،‬وخرجت الكوٌت تحتفل على جثث نصؾ‬
‫ملٌون من اخوانهم العراقٌٌن‪ ،‬هاتفٌن بالنصر تحت ضالل دخان ‪ 517‬ببرا محترقا نٌرانا مشتعلة‬
‫‪ 136‬طابرة‬ ‫ٌؤكل لهٌبها االرض والسماء‪ ،‬فٌما بلػ عدد الطابرات العراقٌة الهاربة الى اٌران‬
‫‪203‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 29‬العراقٌة استسلمت بكاملها بكامل اسلحتها‬ ‫وآالؾ االسر العراقٌٌن فً السعودٌة‪ ،‬فرقة‬
‫ومعداتها وافرادها وقابدها وزاد علٌها اكثر من ‪ 140‬من مختلؾ الرتب‪.‬‬
‫قررت حكومة جابر العابدة من المنفى والتً قبلت التراب الكوٌتً حال نزولها ارض المطار رافعة‬
‫‪ٌ 90‬وما‪ ،‬وكانت‬ ‫علم الكوٌت ان تبدأ على الفور عملٌات إعمار الكوٌت‪ "،‬بمرحلة اولى تدوم‬
‫الحكومة الكوٌتٌة قد وقعت نحو ‪ 200‬عقد قٌمتها ‪ 800‬ملٌون دوالر مع الشركات االمرٌكٌة لتنفٌذ‬
‫مد الخدمات االولٌة وازالة المخلفات‪ ،‬واطفاء حرابق النفط‪ .‬وبدأت بوادر تهافت من الشركات‬
‫االوربٌة والعربٌة‪ ،‬فً المزاحمة على جهود االعمار مع حدوث شًء من االحباط لحصول‬
‫االمرٌكٌٌن على نصٌب االسد ‪.‬‬
‫اعلن خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز ـ صاحب الكتاب الذي نقلنا منه بعض النصوص ـ قابد القوات‬
‫المشتركة ومسرح العملٌات ان عدد االسر العراقٌٌن لد قوات التحالؾ ارتفع الى ‪ 30‬الؾ اسٌر‬
‫وان خسابر قوات التحالؾ ضبٌلة للؽاٌة ‪ .‬فٌما اصرت اذاعة بؽداد ان تسمي انسحابها من العراق‬
‫انسحابا تكتيكيا وانها تحقق انتصارات ‪ ،‬الهزٌمة القاتلة لحقت بالعراقً الجندي والضابط والمواطن‬
‫االعتٌادي على حد سواء‪ ،‬لقد كان االنسحاب من المعركة محملٌن بالعار كان الموت ذاته ولو‬
‫ٌشتر الموت الشترٌناه فً ذالك الحال‪ .‬وما الذٌن بقوا فً الصحراء كً ٌموتوا تحت القصؾ ال‬
‫النهم الٌستطٌعون المقاومة ولم ٌجدوا السبٌل الى الهرب‪ ،‬وانما اختاروا الموت على ان ٌنسحبوا‬
‫محملٌن بعار الهزٌمة‪.‬‬

‫االنسحاب التكتيكي من الكويت‬


‫فً الٌوم التالً اعلن صدام‪ ،‬فً خطاب قرأه بنفسه من اذاعة رادٌو بؽداد ان الكوٌت لم تعد جزءا‬
‫من العراق‪ ،‬وٌجًء هذا الخطاب استجابة للشروط االمرٌكٌة‪ ،‬على ان امرٌكا اشترطت على صدام‬
‫ان ٌخرج شخصٌا مرتدٌا بزة عار الهزٌمة وٌعلن استسالم بالده وانسحابه من الكوٌت‪ ،‬ولو كان‬
‫ٌحمل ذرة من الؽٌرة والشرؾ النتحر ‪ ،‬او ترك السلطة بؤكملها حفاظا على ماء الوجه لكنه صدام‬
‫ابن ابٌه‪.‬‬
‫ولو عدنا ادراجنا بالتؤرٌخ ‪ ،‬لتذكرنا ما قرأناه فً الصفحات االولى عندما لم ٌستطع قابد جٌش‬
‫العاصمة الصٌنٌة ـ بكٌن ـ الدفاع وشاهد جنود المؽول ٌدخلون ‪ ،‬استل سٌفه وؼرزه فً صدر ِه‬

‫‪204‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حٌث فضل االنتحار على عار الهزٌمة‪ .‬وهنا صدام ٌفضل عار الهزٌمة والذل والخٌانه و‪ ..‬واخٌرا‬
‫ٌمسكونه هاربا فً حفرة كما الجرذ الهارب وٌقاد الى المحاكم ــــ‪.‬‬
‫اعلنت الكوٌت االحكام العرفٌة الى ان ٌتم تصفٌة البالد من اثار الؽزو الصدامً‪"( ،‬استقبل‬
‫االردنٌون‪ ،‬بصدمة وذهول‪ ،‬قرار العراق االنسحاب من الكوٌت‪ ،‬ؼٌر ان معظمهم اعتبر ان هذا‬
‫القرار لن ٌنقص من قٌمة الربٌس العراقً صدام حسٌن الزعٌم العربً من وجهة نظرهم الذي‬
‫وقؾ امام العالم كله"‪) .‬‬
‫واصلت القوات المشتركة مهامها فً سحق الجٌش المنسحب وهو ٌجر اذٌال الخٌبة والهزٌمة وقتله‬
‫فً الصحراء فً مجزة طرٌق الموت وقد اسرت ‪ 22‬الؾ من الجنود العراقٌٌن فً اماكن اخر ‪.‬‬
‫‪ 2 /28‬كان اخر انفاس مقاومة العراق المرٌكا‬

‫توقفت عملٌاته ضد الحلفاء‬ ‫‪‬‬


‫اوقؾ اطالق صوارٌخ سكود‬ ‫‪‬‬
‫اعلن امتثاله للقرارات الدولٌة‬ ‫‪‬‬
‫ابطل قرار ضم الكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫قب َل بمبدأ دفع التعوٌضات عن خسابر ؼزو الكوٌت‬ ‫‪‬‬
‫اطالق سراح جمٌع االسر كما ٌقول‬ ‫‪‬‬
‫قب َل بتعٌٌن هٌبة عسكرٌة تجتمع مع قادة التحالؾ‬ ‫‪‬‬
‫وتوقفت الحرب‪.‬‬
‫الهزيمة الكبرى مقدمة للثورة على صدام‪:‬‬
‫كان ذلك ٌوما اسودا علٌنا جمٌعا وخاصة الذٌن كانوا على االراضً الكوٌتٌة حٌث وقعت المجازر‬
‫الكبر لم ٌنجوا منهم الى القلة القلٌلة‪ ،‬قامت الطابرات بقصفنا فٌما احترقت ابار النفط‪ ،‬السماء‬
‫ملبدة بالؽٌوم السوداء التً تحول بها النهار الى لٌل ألٌل فً وسط الصحراء‪ ،‬كنت اذا اخرجت ٌدي‬
‫امام عٌونً ال ار منها شٌبا ‪ ،‬كان علًَّ ان ارتدي القناع الكٌمٌاوي كً اتخلص من الدخان‪،‬‬
‫اضافة الى الجوع والعطش‪ ،‬وفرار الناس كل الى جهة ٌعلمها‪ ،‬فمن وصل الى اهله كان من‬
‫الفابزٌن فوزا عظٌما‪ ،‬ومن بقً فً الصحراء ٌشترك فً قتله القصؾ الثقٌل والجوع والعطش‪،‬‬

‫‪205‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان علٌنا (ونحن حوالً عشرة من الجنود) ان نختبًء تحت حدٌ ٍد وضعناه على شق النبوب نفط‬
‫خالً (لم ٌوضع به االنبوب بعد)‪ ،‬للحفاظ على ارواحنا من القصؾ والحاوٌات المتفجرة التً‬
‫تتساقط على روسنا كالمطر‪ ،‬وؼٌرها‪ ،‬الٌخرج احد من الحفرة اال ووجد مصٌرة او شاهد اشالءهُ‬
‫تتطاٌر ودماءهُ تسٌل كاالنهار‪ .‬كان لٌلنا كؤنه بحر لجًْ ظلمات بعضها فوق بعض وضوء النهار‬
‫كان كافٌا الن ٌر بعضنا البعض ونتعرؾ على وجود بعضنا البعض عن طرٌق الصوت‪.‬‬
‫فكان القرار ان نستقل سٌارة كبٌرة فٌها الكثٌر من المواد صعدناها وحملنا فٌها الفراش كان علًّ ان‬
‫اكون فً الجزء المكشوؾ منها ـ سٌارة (اٌفا) مكشوفة ومحملة‪.‬‬
‫كان مرورنا على طرٌق الزبٌر حٌث الطرٌق قد قطعت جسوره فصار المرور به صعب للؽاٌة‬
‫وبعد ان استطاعت سٌارتـنا المرور قصفت سٌارات خلفنا فً بداٌة الرتل وسٌارات فً اخر الرتل‬
‫ووقت مجزرة رهٌبة هناك حٌث قامت الطابرات بؤبادة الرتل باجمعه رواحا واٌابا‪ ،‬كنا نسٌر‬
‫ونتشهد الشهادتٌن ننتظر ساعة الرحٌل من الدنٌا فً اي لحظة‪ .‬المهم وصلنا الى طرٌق اعلمه‬
‫جٌدا‪ ،‬ارشدتهم الى اقصر الطرق الى الطرٌق العام بصرة عمارة‪ ،‬ولما وصلنا الى الجسر المقطوع‬
‫(جسر گرمة علً ـ القرٌب من الجامعة) قلت لهم انا انزل هنا وانتم اتخذوا الطرق التً ترٌدون‪،‬‬
‫ُ‬
‫عبرت النهر مع مجموعة من‬ ‫نزلت عابدا الى بٌتنا حاسر الراس حامال القناع بٌد والبندقٌة باخر‬
‫الجنود المدنٌٌن بواسطة الزوارق ‪ ،‬والنساء تتصارخ باكٌة على الحالة التً ترانا علٌها‪ .‬كان هذا‬
‫فاستقبلني والدذ بصرخة‬ ‫الوضع قاسٌا على الناس ٌلهب النار فً صدورهم‪ ،‬وصلت الى البٌت‬
‫هزت اعماق من سمعه قابال‪" :‬رأٌت العدٌد من الهزابم وشاهدت الكثٌر من الجٌش‪ ،‬لكن هذ ِه لم‬
‫تمر علً كما مرت علٌكم"‪ ،‬كان ٌصب الدموع صبّا‬
‫تؤج الشارع الشعبً لهذا المشهد وهو ٌر الجنود تعود حفاة ً وبمالبس ممزقة وبعضهم الدماء‬
‫تنزؾ من جراح ِه او ملطخا بها‪ ،‬ما م ّر ٌومان على الحالة حتى قامت قٌامة الشعب ‪ ،‬لقد كان هذا‬
‫ٌوم ‪.1991/2/28‬‬
‫‪----------------------------------------------------------------‬‬

‫‪206‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فصل ‪:‬‬
‫وانفجر الشعب ‪:‬‬
‫فً زٌارة عابلٌة الى البصرة‪ ،‬ارتفعت اصواتا ؼرٌبة‪ ،‬عرفتها وانكرت علٌه الخبر‪ ،‬لكن زادت‬
‫الشكوك فلٌس ٌخفى على العراقٌٌن صوت االنفجارات المدوٌة‪ ،‬السٌما والمسكن قرٌب من‬
‫الحادث‪ ،‬الذي ٌتصاعد منه الدخان‪.‬‬
‫وعند الصباح تبٌن ان ساحة سعد ـ المنطقة التً كنا فٌها ـ قد عجّت بالمتظاهرٌن واحترق االمن‬
‫واالمان والدولة‪ ،‬فحكومة صدام على كؾ عفرٌت‪ ،‬لقد بدأت االنتفاضة الكبر ‪.‬‬
‫"انتصب ضابط عراقً شرٌؾ امام جدارٌة كبٌرة فً ساحة من ساحات مدٌنة البصرة‪ ،‬انتصب‬
‫بشموخ وتحد‪ٌ ،‬راقب الناس تارة‪ ،‬وٌطٌل النظر الى جدارٌة القابد العسكري الذي ٌقود جٌش‬
‫الملٌون‪ ،‬تارة اخر ‪ٌ .‬لقً بنظره بعٌدا عن صورة القابد‪ ،‬الى منظر االالؾ من الجنود الذٌن‬
‫ٌجرون اقدامهم بتثاقل وصعوبة‪ ،‬و ٌَهال ُه منظ ُر اولبك البشر وهم فً مالبسهم الداخلٌة بعد تخلصهم‬
‫من بدالتهم العسكرٌة وزٌهم القتالً فً صحراء الكوٌت‪ ،‬لٌنتهوا من كارثة الهزٌمة المفروضة‬
‫علٌهم‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقؾ هذا الضابط الشرٌؾ امام الجدارٌة‪ ،‬وصوّ ب رشاشته الى رأس القابد المهزوم‪ ،‬لحظات‪،‬‬
‫رشقها بصلٌات اصابت هدفها باتقان‪ .‬عاد بخطوتٌن الى الوراء‪ ،‬لٌفرغ باقً الرصاصات فً‬
‫صورة الصنم‪.‬‬
‫تكؾ الطلقات‪ ،‬وتلتهب اِلكؾ بالتصفٌق‪ ،‬تشق هالهل النسوة فً الساحة عنان السماء‪ ،‬وٌتحول‬
‫صداها الى هتافات فً المحالت المجاورة واالزقة وصٌحات ّللا اكبر تمتزج باصوات العٌارات‬
‫النارٌة القادمة من كل صوب‪ ،‬من اسلحة شباب البصرة‪.‬‬
‫طارد الثابرون الهاربٌن من الحزبٌٌن والمسإولٌن البعثٌٌن‪ ،‬بعد ان تحولوا الى جرذان مرعوبة‪.‬‬
‫انتشر اللهٌب المتصاعد من الساحة الى كل مدٌنة وقرٌة فً محافظة البصرة ‪ ،‬فً العشار‪ ،‬الفاو‪،‬‬
‫الزبٌر‪ ،‬ام قصر والشعٌبة‪.‬‬
‫انها انتفاضة شعب ٌثؤر لكرامته وكرامة الجٌش العراقً‪.‬‬
‫كانت البصرة‪ ،‬المحطة االولى لالنتفاضة‪ ،‬التً ٌحررها ابناء الشعب‪ ،‬وٌنضم الٌهم افراد الجٌش‬
‫القادمون من صحراء الكوٌت‪.‬‬
‫الجنود والضباط ٌسلمون اسلحتهم للمنتفضٌن‪.‬‬
‫مراكز الشرطة تتحول الى مراكز مٌدانٌة للتنسٌق بٌن المقاتلٌن‪.‬‬
‫دوابر الدولة ٌحتلها الثابرون‪.‬‬
‫نٌران الؽضب المتفجر تلتهم دوابر اِلمن والمخابرات ومقرات حزب البعث‪.‬‬
‫سٌطر الؽاضبون على المحافظة بكل توابعها‪.‬‬
‫من البصرة‪ ،‬تنتشر البطولة الى الناصرٌة‪ ،‬العمارة‪ ،‬الكوت‪ ،‬النجؾ االشرؾ‪ ،‬كربالء‪ ،‬الدٌوانٌة‪،‬‬
‫دٌالى والحلة‪.‬‬
‫من الجنوب‪ ،‬امتدت انتفاضة الشعب الى السلٌمانٌة‪ ،‬اربٌل‪ ،‬دهوك وكركوك‪ .‬تالحمت سواعد ابناء‬
‫كردستان العراق بسواعد ابناء الجنوب الصامد‪ ،‬تحولت االٌام الى اعراس للشباب الذٌن صمموا‬
‫على تحوٌل االنتفاضة الى ثورة رفض للحروب العدوانٌة‪ ،‬ضد اٌران والكوٌت‪ ،‬وضد الشعب‬
‫((*ـ كتاب الوجدان ـ‬ ‫الكردي ‪.‬ثورة رفض للنظام برمته‪ ،‬من اجل اسقاطه وبناء العراق الحر الجدٌد ‪".‬‬
‫للصحافً الرابد فابق بطً ‪ ،‬فصل االنتفاضة الشعبانٌة " ))‬
‫لقد كان مرور الزمن بثقل الجبال الرواسً حتى انطلقت من ساحة سعد عند الساعة الثانٌة لٌال ٌوم‬
‫الثانً من اذار‪ ،‬رصاص على صورة صدام على شارع بصرة عمارة‪ ،‬المنتصبة على بوابة (بٌت‬
‫‪208‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحزب) وعندها انشر الخبر فً الصباح هجم الناس على مراكز الشرطة والجٌش وكل المراكز‬
‫الحكومٌة بشكل عشوابً وؼاضب ٌكسّرون وٌقتلون وٌسلبون وٌنهبون‪ ،‬اشتعلت الفوضى العارمة‪،‬‬
‫كنت حٌنها فً ساحة سعد ابحث عن سٌارة تقلنا راجعٌن بها الى بٌتنا‪ .‬كل من نقول له خذنا الى‬
‫كذا ٌقول ان الطرٌق مقطوع واالنتفاضة اكلت كل شًء ‪.‬‬
‫كان علٌنا ان نصل باي وسٌلة‪ ،‬المهم وصلنا الى البٌت بشق االنفس وجدنا ان الناس فً فوضى‬
‫وقضً االمر ووصلت الثورة الى‬
‫َ‬ ‫عارمة‪ ،‬شاركتهم فً ثورة الؽضب على الدولة‪ ،‬لكن االمر شاع‬
‫حدود بؽداد‬
‫كان علً الصبر على الجوع وفراغ الجٌب والفوضى العارمة‪ ،‬فتركت بٌتنا والتجبت الى بٌت‬
‫اخوالً فً الرٌؾ حٌث اكثر امان واقل فوضى‪ ،‬وبما انها منظقة رٌفٌة‪ ،‬فال تسقط علٌها العٌن‪،‬‬
‫رؼم ذلك حدث ما حدث فٌها من السرقات‪.‬‬
‫مرت االٌام القالبل والتً لم تكد تعبر نصؾ الشهر واذا بالجٌش ٌعود للسٌطرة على الدولة مرة‬
‫اخر ‪ ،‬فكان ضحٌتها السكان كالعادة ‪.‬‬
‫بدأت الدولة بالمذابح‪ ،‬كل من تطاله ٌد الجٌش ٌكون مصٌره‪ ،‬او ٌنجوا باعجاز من ّللا‪ .‬اقتحموا‬
‫بٌوتنا رؼم ان المنطقة كانت هادبة اال ان الجٌش الٌعرؾ الفرق بٌن المقاتل والمدنً‪ ،‬وبدأت‬
‫عملٌات االعتقال العشوابً‪ ،‬كنت انا حٌنها فً البٌت اضطر احد الضباط ان ٌجلس معنا حتى زوال‬
‫الجٌش‪ ،‬كان الرجل من بؽداد ضابط برتبة نقٌب‪ ،‬كان جلوسه معً فً نظر الجٌش اننً كنت‬
‫سجٌن عنده‪ ،‬قفد قال لهم انه تحت سٌطرتً االن‪ ،‬فٌما حاول الكثٌر االخفاء فً االراضً الواسعة‬
‫فمن اختفى فً حفرها ونخٌلها نجا‪ ،‬ومن القً علٌه القبض لقً حتفه‪.‬‬
‫تركنا عندما تؤكد بؤن الجٌش قد ؼادر المنطقة‪ ،‬فٌما قررت العودة الى الجٌش وجدت االمر‬
‫مستحٌال‪ ،‬ارسلت من ٌستكشؾ لً الطرٌق الى اٌران مع عوابلنا‪ ،‬عاد بخبر حزٌن ‪ ،‬ان الطرٌق‬
‫مؽلق‪ ،‬ال فابدة من المحاولة باتجاه الشرق‪.‬‬
‫الجوع القاتل‪ ،‬الفوضى العارمة‪ ،‬انقطاع الكهرباء‪ ،‬ظالم اللٌل‪ ،‬ورداءة الماء زادت الوضع سوءا‪.‬‬
‫الفوران فً النفوس‪ ،‬ولكن الحول وال قوة‪ .‬قال خالً باعلى صوته‪ ،‬انتم جمٌعا فً الطرٌق الى‬
‫الموت اذا قبلتم بهذا‪ ،‬اختاروا اما الموت او الحرب او الهروب‪ .‬لم اره بعدها‪.‬‬
‫كان علً ان ار طرقا للخالص من االزمة‪ ،‬لم ٌوافقنً الناس الذٌن كانوا حولً على الحرب وال‬
‫على الهرب‪ ،‬فاختاروا البقاء وتحمّل البطن الفارؼة مستسلمٌن للموت بطٌب ُه وسرٌع ُه عاجل ُه وآجلهُ‪،‬‬
‫‪209‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فقد دبّ الٌاسُ من النجاة والحٌاة‪ ،‬فً نفوسهم‪ ،‬فً عروقهم‪ ،‬وسار فً دماءهم حد االعٌاء‬
‫فاستسلموا‪ ،‬فمن انتهى او نجى‪ ،‬امره الى ّللا‪.‬‬
‫وجدت السبٌل ان اخرج من البٌت للٌنجاة بنفسً بعد ان اؼلقوا الطرق جمٌعها‪ ،‬وفشلت جمٌع‬
‫ُ‬
‫افلت من قبضة الجٌش على‬ ‫محاوالتً فً انقاذ من معً من عوابل‪ ،‬لبست المالبس العسكرٌة حتى‬
‫اننً ملتحق بوحدتً العسكرٌة‪ ،‬وبما ان ٌدي خالٌة من السالح‪ ،‬فقد امنت من الناس الؽضبٌن‪.‬‬
‫ٌممت وجه تجاه ساحة سعد حٌث كانت نهاٌتً قد اقتربت ـ او ظنتها كذلك ـ عندما امسكوا بً مع‬
‫من امسك بهم‪ ،‬رأٌت فٌها الجثث البشرٌة تلتقمها الكالب وتكترش بها بطون الوحوش الضارٌة‪،‬‬
‫فقد كانت جثث الناس طعاما للكالب برصاص الجٌش الصدامً‪ ،‬امسكوا بً فً الطرٌق واوقفونا‬
‫على حافة الشارعة ـ حسب التنظٌم العسكري ثالث او اربع خطوط ‪،‬من ثم اخرجوا منا جماعة‬
‫على انهم شاهدوهم مع المحاربٌن كما ٌزعمون‪ ،‬فكان مصٌرهم امام عٌوننا ‪ٌ ،‬تساقطون برصاص‬
‫بنادق ‪ ،‬ثم اقتادونا الى زنازٌن‪ ،‬ورأٌنا الموت فٌها‪ ،‬فمن مات مقتوال برصاص كان اهون علٌه‬
‫ممن مات تحت التعذٌب طلبا لالعترافات‪ ،‬كان جنوب العراق كله على هذا القٌاس‪ .‬وما انا اال‬
‫لٌال عشر‪ ،‬كل لٌلة بالؾ سنة‪.‬‬
‫واحدا من مالٌٌن‪ .‬كان رمضان‪ ،‬وكان الموت‪ ،‬بقٌت فً السجن ٍ‬

‫‪210‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صور من‬
‫مجزرة المطالع‬
‫طريق الموت‬

‫حتى فرج ّللا عنً وخرجت الى وجه الحٌاة مرة اخر ‪ ،‬الشاهد المجازر ‪.‬‬
‫مجزرة الهارثة ـ قرب الطاقة الحراٌة فً الهارثة ـ‬ ‫‪‬‬
‫مجزرة ساحة سعد‬ ‫‪‬‬
‫مجزرة الزبٌر‬ ‫‪‬‬
‫مجزرة الخط السرٌع‬ ‫‪‬‬
‫والمجزرة الكبر طرٌق الكوٌت ـ بصرة والتً تعرؾ بـ (مجزرة المطالع والمسمى‬ ‫‪‬‬
‫بطرٌق الموت )‪ ،‬هذا المجزرة التً لم ٌستطع اي عاقل ان ٌتصور فضاعتها‬

‫هذا ما شاهدته انا ‪ ،‬مضافا الى ما رواه اآلخرون وسجلته الكتب والكامرات ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ستبقى هذ ِه المجزرة على طرٌق الكوٌت شاه ُد العصر على ظلم العرب‪ ،‬بل االنسان على نفسه‬
‫بصٌرة ولو القى معاذٌره‪ ،‬مذبحة للبشر والبٌبة‪.‬‬
‫لم تكن الكالب وحدها كانت محظوظة بهذ ِه االشالء البشرٌة بل جمٌع حٌوانات البرٌة من النمل الى‬
‫الذباب الى ؼٌره ‪ ،‬جثث تجمعت علٌها كل وحوش الدنٌا لتؤكل منها ‪ ،‬وما هم اال جنود من ابناء‬
‫العراق ؼدر بهم الزمن والقابد ‪.‬‬
‫بؽداد تبن تحت وطؤة قدم صدام‪ ،‬ومدن العراق تتصارخ وال من منقذ‪ ،‬وجثث تؤكلها وحوش‬
‫االرض‬
‫واؼمضت عٌنً على دمعها ‪ ،‬فقد انتهى االمر‪.‬‬
‫هكذا كان العراق فً عنً ‪ ،‬فً اوابل عام ‪.991‬‬
‫دول التحالؾ تتآمر على االنتفاضة الشعبية وتحاول اسقاطها منذ اللحظات االولى النطالقها ‪:‬‬
‫فً ‪ ، 3 /2‬اعمال عنؾ‪ ،‬مظاهرات‪ ،‬انتفاضة شعبٌة معادٌة لصدام فً جمٌع انحاء العراق ‪،‬‬
‫سعدون حمادي نابب صدام فً زٌارة مفاجبة الى طهران‪ ،‬حامال رسالة من صدام الى الربٌس‬
‫االٌرانً‪" ،‬ابلػ البطرٌرك العراقً رفابٌل بٌضاوي بابا الفاتكان بولس السادس والمشاركٌن فً قمة‬
‫الفاتٌكان المنعقدة لدراسة اوضاع الحرب مابعد حرب الخلٌ حول االخطار التً تنجم عن حدوث‬
‫تؽيير في نظام الحكم في العراق ‪ ،‬وانتشار الفوضى فً البالد ‪ ،‬قد تلقً بالعراق فً اتون حرب‬
‫اهلٌة ‪،‬شبٌهة بالحرب اللبنانٌة ‪ ،‬مدٌنة البصرة انهارت وباتت البصرة فً فوضى شاملة "‬

‫وصؾ صاحب الموسوعة الطرٌق بٌن البصرة والكوٌت بانه مذبحة مروعة على الطرٌق حٌث‬
‫رقدت آالؾ العربات والدبابات المحروقة وآالؾ الجثث لجنود عراقٌٌن كانت القوات المنسحبة قد‬
‫تعرضت الى نٌران القنابل االنشطارٌة (الحاوٌات المتفجرة) لمدة خس ساعات‪.‬‬
‫فً ‪ ، 3/3‬االنباء عن تمرد شٌعً فً الجنوب وسقوط اربع محافظات ـ البصرة‪ ،‬الناصرٌة‪،‬‬
‫العمارة‪ ،‬والسماوة ـ واشتباكات بٌن الجٌش والمواطنٌن فً ماٌشبة الثورة الشعبٌة‪ ،‬التً انظم الٌها‬

‫‪212‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ما تبقى من افراد الجٌش العراقً‪ ،‬واعلن الثابرون فً البصرة سٌطرتهم علٌها وطلبوا من الوالٌات‬
‫المتحدة وبقٌة دول التحالؾ تقدٌم العون لهم‬
‫‪ ، 1991/3/5‬الثوار ٌسٌطرون على كربالء والنجؾ االشرؾ واربٌل بعد بعد معارك ضارٌة‬
‫ضد قوات صدام والخارجٌة االمرٌكٌة تإكد ان االضطرابات تسود ست مدن عراقٌة وان "النظام‬
‫العراقً الحاكم استخدم الحرس الجمهوري وقوات الجٌش النظامً والشعبً والشرطة لقمع‬
‫االضطرابات"‪.‬‬
‫ولم ٌستحً الراوي وان كان خبٌرا بنظام صدام وظلمة للشعب وصؾ الثورة الشعبانٌة انها مجرد‬
‫اضطرابات‪ ،‬وكعادة السعودٌٌن ٌصفونها بانها بتحرٌض اٌرانً وانها انتفاضة طابفٌة‪ ،‬الى اخر‬
‫القابمة من االوصاؾ المقززة للنفس‪ ،‬مما ٌدلل على حقدهم على الشٌعة‬
‫فً ‪ 3/6‬ـ صدام ٌدفع ‪ 4‬فرق للحرس الجمهوري لقمع الثوار والسٌطرة على الموقؾ خاصة‬
‫البصرة عاصمة الجنوب وكربالء العاصمة المقدسة‪،‬‬
‫صدام ٌطرد وزٌر الداخلٌة وٌنصب مكانه علً حسن المجٌد (علً كٌمٌاوي ) المعروؾ بشره‪،‬‬
‫"ٌقول المراقبون الدبلوماسٌون ان هذ ِه القرارات تعكس شعور ـ صدام ـ بتضاإل سٌطرته التً‬
‫ٌرتكز علٌها بعد هزٌمته العسكرٌة"‪.‬‬
‫فً الوقت الذي نفت فٌه اٌران اي تدخل لها بالعراق ‪.‬‬
‫فً ‪ 3/7‬ـ القوات الصدامٌة تحاصر محافظات الوسط المقدسة وتضؽط علٌها بشدة فٌما تفجرت‬
‫بؽداد مرة اخر ‪ .‬فٌما اشتعلت اشتباكات فً بدرة وزرباطٌة بٌن الثوار والصدامٌٌن على الحدود‬
‫المتاخمة الٌران ـ نشرت الخبر بالتفاصٌل وكالة االنباء االٌرانٌة‪ .‬فً نفس الوقت اعلنت الكوٌت‬
‫االنتخابات العامة والوعود باعادة الحٌاة البرلمانٌة الى الكوٌت‪ ،‬ثم ان قوات التحالؾ فً السعودٌة‬
‫اجتمعت بقٌادة صدامٌة موقعة معهم مذكرة تفاهم "حول عودة جمٌع اسر الحرب المحتجزٌن فً‬
‫الخلٌ ‪ ... ،‬وتبادل االسر بٌن الطرفٌن" فً الوقت الذي اعلنت فٌه قوات التحالؾ ان خسابر‬
‫العراق المنظوره فً الحرب وصلت الى ‪ 3700‬دبابة ‪ 2400 ،‬ناقلة ‪ 2600 ،‬قطعة مدفعٌة‪.‬‬
‫‪ 3/8‬ـ وجهت اٌران نداء الى صدام بالتنحً عن الحكم‪ .‬بالوقت الذي اتسعت الثورة الشعبٌة الى‬
‫"واستخدم النظام العراقي االسلحة‬ ‫‪ 24‬مدٌنة على االقل من الجنوب حتى شمال العراق‪،‬‬
‫الكيمياوية في محاولة للسيطرة على مدينة البصرة التي اكدت مصادر عراقية ذلك"‬

‫‪213‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 3 /9‬ـ المعارضة العراقٌة تإكد سٌطرتها على عدة مدن اهمها البصرة وانها شكلت لجنة الدارة‬
‫شإون المدٌنة وفتحت محطة اذاعة وتعتزم اصدار جرٌدة‪ .‬على الرؼم من ان المعارك بٌن الشعب‬
‫وصدام الزالت مستمرة" كما اشتعلت فً المنطقة الكردٌة وان المعارضة هناك احكمت سٌطرتها‬
‫على السلٌمانٌة وبعض المدن االخر شمالً العراق فٌما اسر ال ُكرد بعض من عناصر السلطة‬
‫البعثٌة‪.‬‬
‫‪ 3 / 10‬ـ رؼم ان العراق وقع اتفاقٌات على اعادة جمٌع االسر الكوٌتٌٌن‪ ،‬اال ان المماطلة‬
‫استمرت دون ان ٌنفذها‪ ،‬مما يدل على ان العراق قد ابادهم عن بكرة ابيهم ودفنهم في المقابر‬
‫‪ 2003/4/9‬على ٌد جورج دبل ٌو بوش‬ ‫الجماعية التً ظهرت بعد ان سقط النظام البعثً فً‬
‫االبن‪ ،‬ومن الجدٌر بالذكر ان بوش االب الذي حرر الكوٌت تعاون مع ال سعود فً خطاب بٌنهما‬
‫على ترك مساعدة الشٌعة وترك الٌد الصدامٌة تعبث بهم‪ ،‬وبعد عشرة سنوان حٌنما جلس بوش‬
‫االبن على السلطة قام بتحرٌر العراق من صدام منطلقا من نفس االماكن التً انطلق منها ابوه‪.‬‬
‫ونواصل المسٌرة مع قابد قوات التحالؾ فً عاصفة الصحراء فً موسوعته ـ موسوعة مقاتل من‬
‫الصحراء ـ ٌشرح لنا الوضع القابم آنذاك "وطالب المتظاهرون الحكومة الكوٌتٌة ببذل جهد اكبر‬
‫الطالق االسر الكوٌتٌٌن مإكدٌن ان عددهم ٌصل الى ‪ 22‬الؾ اسٌر‪ ،‬وهو ماٌفوق التقدٌر‪ ،‬الذي‬
‫تضمنه تصرٌح ولً العهد وربٌس الوزراء الكوٌتً‪ ،‬سعد العبدّللا الصباح‪ ،‬الذي اشار الى ان‬
‫عددهم ٌصل الى ‪ 6‬آالؾ اسٌر‪، ".‬‬
‫وحول الساحة العراقٌة نقلت مصادر حكومٌة امرٌكٌة ان لدٌها خططا لقصؾ اي وحدات عسكرٌة‬
‫عراقٌة تستعمل الؽازات السامة ضد الثوار‪ ،‬وان امرٌكا حذرت صدام من استخدام السالح‬
‫الكٌمٌاوي ‪ ،‬فٌما اعلن المجلس االعلى للثورة االسالمٌة "ان المعارك مشتعلة فً مدٌنة تكرٌت‪،‬‬
‫مسقط رأس صدام وقالت ان قوات ؼير عراقية تحارب الثوار ‪ ...‬فلسطينية واردنية تشترك مع‬
‫قوات الحرس الخاص في القتال "‬
‫‪ 30‬مدٌنة ومبات القر ومعارك عنٌفة دامٌة تجري فً‬ ‫فً ‪ 3 /11‬ـ الثوار ٌسٌطرون على‬
‫كربالء مع الحرس الجمهوري الخاص‪ ،‬على ان ‪ 30‬الؾ جندي عراقً انظموا الى الثوار بدباتهم‬
‫ومدافعهم ‪ .‬فٌما سـٌطر ال ُكرد على العاصمة الكردٌة اربٌل بعد قتال ضار ٍ‪ ،‬مع الصدامٌٌن‪ ،‬فٌما‬
‫الٌزال القتال ٌدور فً نواحً اخر قرب كركوك باتجاه بؽداد‪ ،‬فٌما استسلم الؾ عسكري منهم‬
‫‪ 42‬طابرة عمودٌة هجومٌة و ‪ 12‬صاروخا من القوات‬ ‫‪ 43‬ضابطا‪ .‬وقد استولى الثوار على‬
‫‪214‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحكومٌة‪ ،‬والزال القتال مستمرا‪ .‬فٌما استمرت امرٌكا بتحذٌر صدام من استخدام الكٌمٌاوي ولم‬
‫تكن اال حبرا على ورق‪ ،‬واستمر علً كٌمٌاوي بطحن الشعب العراقً بسالحه المفضل ولعبته‬
‫المحببة الى قلبه (السالح الكٌمٌاوي)‪.‬‬
‫فً ‪ 3 /12‬ـ السفٌر العراقً فً اسبانٌا ٌطلب اللجوء السٌاسً‪ .‬فً الوقت ذاته خسرت الثورة‬
‫كربالء والنجؾ التً سقطت بٌد قوات صدام ‪.‬‬
‫فً ‪ 3 / 13‬ـ "نجح تنظٌم الضباط االحرار فً كسر ابواب معتقل سماره فً البصرة واالفراج‬
‫عن ‪ 107‬اسر من بٌنهم ‪ 3‬مصرٌٌن و ‪ 14‬طفال كوٌتٌا‪ 10 ،‬سٌدات‪ 23 ،‬طالبا وطالبة كوٌتٌٌن‬
‫و‪ ....‬وسلموهم الى قوات التحالؾ على الحدود التً سلمتهم بدورها للقوات السعودٌة ‪.‬‬
‫"صرح وزير الدفاع االمريكي في واشنطن ان القوات االمريكية ستبقى في العراق حتى يعود‬
‫االستقرار الى هذا البلد" ولن اضٌؾ تعلٌقا على هذا فالعبارة وحدها كافٌة‬
‫فً ‪ 3 / 15‬ـ حذرت روسٌا من اسقاط صدام باي شكل من االشكال‪ ،‬فٌما حذرت امٌركا صدام‬
‫تحذٌرا خطٌا" من انها اذا استخدمت طائرات ذات اجنحة ثابتة ضد الثوار فً العراق‪ ،‬فستكون‬
‫انتهكت بذلك وقؾ اطالق النار فً حرب الخلٌ "‪ .‬وكالة االنباء االٌرانٌة تصرح بان الجٌش‬
‫الصدامً قد استخدم "قنابل النابالم وكمٌات كبٌرة من الؽازات ضد المناطق اآلهلة بالسكان فً‬
‫المدن العراقٌة‪ "...‬فٌما استمرت المعارك من الشمال الى الجنوب بٌن السلطة الحاكمة والشعب‬
‫الؽاضب‪.‬‬
‫هذا وقد اعلن ال ُكرد انه ارتكب النظام الصدامً مذبحة جدٌدة ضد ال ُكرد فً محاولة لسحق الثورة‬
‫وانه استخدم النابالم والطابرات فً ابادة جماعٌة فً الوقت نفسها اعلن الثوار فً الجنوب ان صدام‬
‫استخدم المدفعٌة والصوارٌخ فالحق دمار بمسجد حضرة االمام الحسٌن فً كربالء وحاصر الثوار‬
‫فً البصرة وزٌرا لداخلٌة (الملقب بـ " جزار ال ُكرد علً كٌمٌاوي") هذا وقد اعتبر مساع ُد‬
‫العملٌات االمرٌكٌة استخدام صدام ضد الثوار خرقا لالتفاق بوقؾ اطالق النار المبرم‪ ،‬وبقً هذا‬
‫ِب على الورق واؼلق الملؾ‪.‬‬
‫مجرد رأي احتفض به هو لنفسه‪ ،‬كت َ‬
‫فٌما اعلن الصلٌب االحمر انه سـلـّم ‪ 449‬اسٌرا عراقٌا للسلطات العراقٌة فً حٌن رفض اخرون‬
‫تنفٌذ اوامر الصلٌب االحمر بتسلٌمهم الى السلطة العراقٌة‪ ،‬وكان المصٌر معروفا والٌحتاج الى‬
‫اطالة فً حدٌث ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جٌمس بٌكر وزٌر خارجٌة امرٌكا صرح "ان الربٌس العراقً صدام حسٌن لن ٌبقى فً الحكم اكثر‬
‫من نهاٌة هذا العام"‪.‬‬
‫مع االسؾ كانت توقعاته ؼٌر صحٌحة فقد وقؾ مرة اخر على رجلٌة بمساعدات من دول‬
‫الجوار وبعض الدول المساندة واستمر حامال سكٌنت ُه الكبٌرة على رقاب الشعب المظلوم حتى نزل‬
‫امر ّللا من السماء فً ‪.2003‬‬
‫فً ‪ 3/17‬ـ حزب الدعوة ٌإكد فً بٌاناته ان صدام اسقط "قنابل النابالم الحارقة على المواطنٌن‬
‫اثناء محاولتهم الهروب من القتال العنٌؾ‪ ،‬الدابر فً مدٌنتً النجؾ وكربالء المقدستٌن وان هذ ِه‬
‫القنابل‪ ،‬تسببت بمقتل آالؾ االشخاص‪ ،‬الذٌن تركت جثثهم ملقاة على الطرٌق بٌن المدٌنتٌن"‪،‬‬
‫واستمرت الثورة واستمر الثابرون ٌدعون االمم المتحدة والعالم ـ ٌقول المثل الشعبً العراقً (‬
‫صحت وٌن ‪ ،،‬جاوبنً الصد وٌن ) ـ فقد تؽٌرت خطة امرٌكا وبقً صدام على الكرسً‪.‬‬
‫فً ‪ 3/20‬ـ السٌد ابو القاسم الخوبً تحت قبضة صدام‪ ،‬من اجل اجهاض الثورة‪ .‬فً الوقت الذي‬
‫اكدت امرٌكا ان اٌران ال دخل لها وال عون لالنتفاضة الشٌعٌة‪.‬‬
‫الصٌن تبكً فً ‪ 3/21‬ـ على ظالمة الشعب العراقً فً تصرٌحات مسإلٌها والعرب ٌحتفلون‬
‫فرحٌن على انؽام النصر وسفك دماء المظلومٌن‪ ،‬والشعب العراقً تطحنة رحى صدام الذي بدأ‬
‫ٌستعٌد قوته بمساعدة قوات فلسطٌنٌة واردنٌة اضافة الى قواته االرهابٌة وبقٌادة السفاح ـ كٌمٌاوي‪.‬‬
‫ٌقول صاحب الموسوعة ان ((النجؾ تقصؾ بصوارٌخ ارض ارض الكٌمٌاوٌة وقنابل النابالم‬
‫الحارقة‪ .‬فً الوقت الذي كان زعٌم الشٌعة االعلى تحت االعتقال الصدامً حسب ما صرحت ابنته‬
‫لوسابل االعالم "بان صدام اختطؾ ابٌها" ))‪.‬‬
‫فً ‪ 3/22‬ـ بؽداد مطوقة بالجٌش ومعزولة علن العراق تماما وكؤنها دولة مستقلة ممنوع التجول‪،‬‬
‫توتر متزاٌد‪ ،‬مظاهرات احتجاج‪ ،‬فً الوقت الذي تتلقى بقٌة المحافظات الضربات القاسٌة بكل‬
‫اسلحة الدمار والخراب‪ ،‬امرٌكا تقول ان االشتباكات فً الجنوب قد انخفضت حدتها وان الحكومة‬
‫تستعٌد عافٌتها مرة اخر ‪ ،‬مسعود البرزانً ٌطلب من المعارضة العودة الى العراق من اجل‬
‫تشكٌل حكومة مإقتة‪ ،‬ولكن بعد ماذا‪ ،‬وقد اتفقت كلمة العرب على ان ٌعطوا صدام جرعات مقوٌة‬
‫تعٌد له العافٌة من اجل مزٌدا من الدماء العراقٌة‪ .‬تصرٌحات متضاربة‪ ،‬المدن تتساقط الواحدة بعد‬
‫االخر بٌد الحكومة‪ ،‬وٌتمزق الشعب وتمتلًء به السجون والمقابر‪.‬‬
‫‪-------‬‬
‫‪216‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فصل‪ :‬االنتفاضة تؤكل ابناءها ‪.‬‬


‫لم ٌكن ذلك الٌوم مخطط له مسبقا‪ ،‬فاالنتفاضة الشعبانٌة قامت بشكل عشوابً وؼٌر مدروس او‬
‫محسوب له مطلقا‪ ،‬القٌادات تجتمع وتتفرق دون ان تصل الى نتاب ترضً ولو طرفا واحدا‪ ،‬والكل‬
‫ٌتذمر‪ ،‬الشارع ٌؽلً من شدة الظلم ووطًء الهزٌمة‪ ،‬انفجر الشارع قبل ان تنفجر اقالم قادة‬
‫االحزاب المعارضة‪ ،‬لتعطً درسا فً االباء والتضحٌة وضٌق النفس‪.‬‬
‫اال ان االمر لٌس بهذ ِه البساطة‪.‬‬
‫ٌقول الدكتور جعفر محسن‪ ،‬وهو احد الثوار المشاركٌن فً مدٌنة كربالء والنجؾ فً عدة مرات‬
‫وفً كلمات متفرقة فً وقد كررها فً اؼلب االحتفاالت المقامة فً حسٌنٌة المصطفى‪ ،‬على ان‬
‫االنتفاضة الشعبانٌة لم تسقط بسبب قوة وشراسة الحكومة البعثٌة فقط‪ ،‬بل انها ُنخرت من الداخل‪،‬‬
‫وعدم وجود القٌادة التً تقودها واالدارة التً تسٌر اعمالها‪ .‬فال طعام فً االسواق ٌؤكله المواطن‬
‫وال رصاص ٌصل الى المقاتل كً ٌدافع به عن نفسه‪ ،‬كما ان سوء تصرؾ بعض الشخصٌات زاد‬
‫من الطٌن بلة‪ ،‬فانهارت قو المقاتلٌن وحاولوا التخلص من الموقؾ باسرع وقت‪ ،‬لكن االمر قد‬
‫سار والقافلة قد مرت‪ ،‬كما ان عناصر البعث قد تسللت بٌن صفوؾ المقاتلٌن لتكون هً المخالب‬
‫التً ٌقبض بها الصدامٌون على المقاتلٌن‪.‬‬
‫بالفعل شاهدت هذا انا وؼٌري ممن شارك الثوار ثورتهم ‪ ،‬فقد كانت عناصر البعث تفعل االفاعٌل‪،‬‬
‫حتى ان ابن عمً (محمد عزٌز) ـ وهو من عناصر المخابرات الصدامٌة قسم مكافحة االجرام‬
‫حٌنها ـ قال بنص العبارة‪" :‬قالوا لنا اتركوهم ٌفعلوا ماٌشاءون‪ ،‬فسرعان ما ٌبردون وتكونوا انتم‬
‫عٌننا علٌهم"‪.‬‬
‫وبالفعل كان هو ومن معه فً مقرات قٌادات االنتفاضة المحلٌة التً حاولت اعادة تنظم نفسها‪،‬‬
‫وقال لً‪ " :‬شاهدت اسمك من ضمن القوائم التي رفعت الى قيادات المخابرات ‪ ،‬ولو استطعت ان‬
‫ُ‬
‫لكنت من‬ ‫امحوه لفعلت" لكنها نزلت الى حوصلة الطابر البعثً‪ .‬اي انهم لو استطاعوا الالمساك بً‬
‫اهل القبور‪.‬‬

‫يقول صاحب كتاب الثورة الشعبانية عام الحادذ والتسعين ‪:‬‬


‫لقد حاول النظام العراقً استخدام ذات االسالٌب التً تلجؤ الٌها الدول االستبدادٌة فً قمع انتفاضات‬
‫وزرع الفتنة بٌن الناس ‪ .‬لقد عٌن‬ ‫الشعوب ‪ ،‬استخدام القوة المسلحة والقسوة والتدمٌر الجماعً‬
‫‪217‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صدام ابن عمه علً حسن المجٌد وزٌراً للداخلٌة خلفا ً لسمٌر عبد الوهاب لكً ٌتمكن من اعادة‬
‫السٌطرة على المدن التً سٌطر الشعب علٌها ‪ .‬ان علً حسن المجٌد مشهور ببطشه وقدرته على‬
‫اسكات الناس باالسالٌب المعروفة‪ .‬لقد استعمل االسلحة الكٌماوٌة ضد ال ُكرد فً كردستان العراق‬
‫‪ 5000‬مواطن‬ ‫عام ‪1988‬مرتٌن االولى فً اذار (مارس) ضد سكان حلبجة وقتل اكثر من‬
‫‪ 25‬آب‬ ‫واستخدامها فٌما بعد ضد الثوار ال ُكرد حٌنما توقفت الحرب العراقٌة االٌرانٌة فً‬
‫(اؼسطس) ‪ 1988‬ورؼم خبرة المجٌد فً قمع المقاومة الوطنٌة الكوٌتٌة خالل اشهر خضوع‬
‫الكوٌت للسلطة العراقٌة‪ ،‬فانه فشل فً السٌطرة على االنتفاضة رؼم استخدامه السلوب االرض‬
‫المحروقة واستباحته المدن المقدسة‪.‬‬
‫صور من االنتفاضة‬
‫قوات الحرس‬ ‫نقل مواطنان مصرٌان‪ ،‬اجتازا الحدود الى إٌران قادمان من مدٌنة البصرة‪ ،‬أن‬
‫الجمهوري ال تبدي أي رحمة‪ ،‬وتسحق كل شًء ٌقع فً طرٌقها‪ ،‬وال تسٌر فً الطرق العادٌة‬
‫للمدٌنة بل تشق لنفسها طرقا ً بعد تدمٌر البٌوت وأٌنما تتجه تخلؾ وراءها جثثا ً متناثرة ودوراً‬
‫مهدمة‪ ،‬وقد جعلوا مدٌنة (الحٌانٌة) فً البصرة‪ ،‬أطالالً متناثرة‪ ،‬الن شرارة االنتفاضة انقدحت‬
‫منها‪ ،‬وقصفوا (ساٌلو) البصرة بقنابل النابالم الحارقة مما أحدث مجزرة رهٌبة‪ ،‬وموت هذا وذاك‬
‫(االخطبوطٌة) على الثابرٌن وثم تقوم بالقاء‬ ‫تقوم الطابرات السمتٌة لهذا الحرس بؤلقاء شباكها‬
‫البنزٌن علٌهم الجل حرقهم وهم أحٌاء‬
‫لقد استخدم صدام الجٌش لذبح الشعب ‪ . . .‬واستخدم لذلك حٌالً شٌطانٌة ال مثٌل لها‪ ،‬منها أنه أعلن‬
‫لسكان مدٌنة البصرة القدٌمة بانه سوؾ ٌوزع مواداً ؼذابٌة فً موعد حدده‪ ،‬فلما تجمع الناس الذٌن‬
‫ٌتضورون جوعاً‪ ،‬وكان معظمهم من الشٌوخ والنساء واالطفال‪ ،‬قامت قوات النظام بإمطارهم‬
‫بوابل من قذابؾ المدفعٌة الثقٌلة وقنابل النابالم المحرقة‪.‬‬
‫وقد كرر نفس االسلوب فً مدٌنة العمارة عندما ادخل شاحنتٌن‪ ،‬أوهم السكان بانهما تحمالن مواد‬
‫ؼذابٌة فتجمع الناس وهم ٌؤملون بالحصول على كسرة من الخبز تسد رمقهم وفً هذا الحشد البابس‬
‫الذي ٌنتظر الطعام وإذا باربع طابرات سمتٌة تمطرهم برصاص الحقد وتمنحهم الموت بدل الطعام‬
‫فجعلتهم اشالء متناثرة‪.‬‬
‫وقد وصلت حالة الجوع بالبعض أمراً طحن (نو ) التمر واستعماله كدقٌق ! بعد خلطه بانواع من‬
‫الطحٌن الردئ‪ٌ ،‬قول احد االخوة رأٌت شخصا ً ٌؤكل عجٌنة سوداء وال ٌكاد أن ٌتمكن من بلعها‬
‫‪218‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لطعمها وخشونة دقٌقها‪ ،‬ونقل ان شخصا ً آخر كان ٌقتات على الحشٌش ‪ . . .‬أجل الحشٌش ! حتى‬
‫حصل له من جراء ذلك نزٌؾ داخلً ‪( .‬الحشٌش نوع من النباتات تنبت فً االراض القرٌبة من‬
‫المٌاه تقتات علٌه المواشً)‬
‫كما نقل عن النازحٌن الى خرمشهر صوراً تعصر الفإاد ألما ً ‪ . . .‬منها أن امرأة كانت تحمل‬
‫رضٌعا ً مقمطا ً بٌدها‪ ،‬تجد السٌر هربا ً من بطش قوات الحرس الجمهوري التً اقتحمت مدٌنة‬
‫(التنومة) وبطشت بؤهلها‪ ،‬كانت المرأة فً حالة ذهول‪ ،‬بحٌث ان لها ابنة ٌقدر عمرها بستة أعوام‬
‫كانت تسٌر حافٌة خلفها تناشدها ان ُتبطًء السٌر حتى تلحق بها ‪ . . .‬فؤجابت االم ـ وكؤن القٌامة‬
‫قد قامت واذهلتها عن ابنتها ـ ٌا ابنتً ـ حاولً أن تلحقً بً ما استطعت‪ ،‬إذا لم تقدري على ذلك ‪،‬‬
‫فإنً اُرٌد الفرار بنفسً!!‬
‫وٌستمر صاحب كتاب االنتفاضة الشعبانٌة بسرد القصص المروعة والمإلمة حٌث نقلت منه هذا‬
‫المقطع من الكتاب‬
‫ثم اردؾ علٌنا النقٌب المالح ـ قابد طابرة سمتٌة ـ عماد عبد حمود لٌروي قصة مروعة اخر ‪،‬‬
‫تحت عنوان حلبجة ثانٌة فً جنوب العراق مع وقؾ التنفٌذ‪ ،‬ولو حدثت لكانت الكارثة الكبر التً‬
‫تمحى بها من الخارطة تماما ثالث محافظات ـ البصرة والناصرٌة والعمارة ‪ ..‬حٌث ٌقول‪:‬‬
‫حلبج ة ثاني ة في جن وب الع راق م ع وقؾ التنف يذ‬
‫بؽداد‪ -‬جرٌدة الصباح ‪:‬‬
‫فً العام ‪ 1991‬نقلت وكاالت االنباء العالمٌة تقارٌر عن لجوء طابرة سمتٌة عراقٌة محملة باسلحة‬
‫كٌمٌاوٌة مع طاقمها الى اٌران‪ .‬وكذبت وسابل اعالم النظام السابق كعادتها هذه التقارٌر وعدّتها‬
‫عارٌة من الصحة‪ ،‬واصفة إٌاها بالحرب الدعابٌة والنفسٌة على العراق‪.‬‬
‫والٌوم‪ ،‬وبعد سقوط النظام السابق‪ ،‬عاد النقٌب المالح عماد عبد حمٌدي الذي كان على متن هذه‬
‫الطابرة لٌروي لـ(الصباح) اِلحداث الحقٌقٌة لتلك الطابرة‪..‬‬
‫من االنسحاب الى االنتفاضة‬
‫ـ‬ ‫االنتفاضة الشعبانٌة المباركة وحدها قادتنً للعودة الى مقر وحدتً الجدٌدة فً قلعة صالح‬
‫محافظة مٌسان بعد ان أقسمت على عدم وضع رتبتً العسكرٌة على كتفً‪ ،‬وانا ار طابرات‬
‫‪ 60‬كم عن مدٌنة‬ ‫التحالؾ تدمر مطار الجلٌبة الذي كنت احد ضباطه والذي ٌقع على مسافة‬
‫الناصرٌة‪ .‬وكنت فً طرٌقً الى الجنوب ار افراد الجٌش العراقً ٌعودون مشٌا على اِلقدام من‬
‫‪219‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الكوٌت باتجاه المدن العراقٌة‪ ،‬حفاة ٌتالعب بهم الجوع والعطش ومرارة االنكسار والؽضب‪ ،‬بعد‬
‫ان دمرت قوات التحالؾ معسكراتهم وآلٌاتهم وجعلتهم ٌهٌمون فً الصحراء القاحلة‬
‫كانت االنتفاضة تعنً ان نظام (صدام) قد انتهى بعد أن تحررت الكثٌر من المحافظات العراقٌة من‬
‫سطوة جالدٌها‪ ،‬وبدأ رجال الجٌش العابدٌن من الكوٌت ٌنضمون الى جحافل الثوار فً مدن‬
‫وقصبات العراق‪.‬‬
‫العودة الى القلعة‬
‫بتارٌخ ‪ 24/3/1991‬وصلت الى مطار قلعة صالح العسكري واستقبلنً فٌه الكثٌر من االصدقاء‬
‫بالتحٌة والترحٌب والعناق‪ ،‬لكن البرقٌة العاجلة من قبل الفرٌق الركن هشام صباح الفخري بتجهٌز‬
‫طابرة محملة باالسلحة كافة جعلتنً هابما وقلقا من جدٌد‪ ،‬خاصة بعد تحوٌل اوامر التنفٌذ على‬
‫السرب الخاص بً‪.‬‬
‫وكان صباح الٌوم التالً موعد تنفٌذ المهمة الموكلة بهذه الطابرة‪ ،‬وهذا ما جعلنً قلقا ال استطٌع‬
‫النوم‪ ،‬متقلبا على هذا الجنب وذاك ‪ .‬اذ تداعت فً خٌالً مشاهد قسوة النظام فً حق الشعب‬
‫العراقً وبالخصوص فً حق أخً الذي حكم علٌه بالسجن المإبد كونه متدٌنا بسبب وشاٌة احد‬
‫الرفاق ‪.‬‬
‫المهمة الؽامضة !‬
‫فً الٌوم التالً‪ ،‬وفً الساعة الثامنة صباحا كانت الطابرة من نوع ‪ MiI 7‬وهً من أحدث طابرات‬
‫الهٌلٌكوبتر المقاتلة تجثم فً ساحة المطار وقد حملت باالسلحة كافة‪ ،‬وهذا ٌعنً انها تحمل ستة‬
‫بودات صوارٌخ إطالق‪ ،‬فضال عن أربع االؾ طلقة مدفع رشاش ‪ .‬وتم فحص الطابرة من قبل‬
‫المهندس المختص ومن قبل النقٌب (م) الذي اختٌر قابدا للطابرة ‪ .‬وكان على النقٌب(م) أن ٌختار‬
‫طٌارا مساعدا له فً هذه المهمة‪ ،‬ولهذا اختار المالزم االول (ش) ‪ .‬وعند ذلك قررت التدخل‬
‫لمعرفة ما وراء هذه المهمة الؽامضة‪ ،‬فطلبت من النقٌب الطٌار (م) ان أصحبه بصفة مالح‪ ،‬وبعد‬
‫تردد وافق النقٌب(م) على طلبً هذا رؼم قناعته بان المسافة القصٌرة التً ستقطعها الطابرة ال‬
‫تحتاج لمالح ‪.‬‬
‫الهدؾ على مسافة ‪ 100‬مئة متر فقط‬
‫شاهدت قابد الطائرة يفتح جميع االزرار المتعلقة برمي‬ ‫بعد عشر دقابق من تحلٌق الطابرة‬
‫الصواريخ والقذائؾ وعندما سؤلته عن سبب ذلك اجابنً‪ :‬نحن االن فوق الهدؾ بالضبط وتفصلنا‬
‫‪220‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عنه مئة متر فقط ‪ .‬وحٌن نظرت الى االسفل صعقت لالمر‪ ،‬اذ لم ٌكن الهدؾ سوى مئات العوائل‬
‫النازحة من جنوب العراق باتجاه ايران بعد قمع االنتفاضة الشعبانٌة‪ ،‬كانوا فقراء عزل ٌحملون‬
‫أطفالهم وما خؾ من أمتعتهم وتبدو علٌهم آثار الخوؾ والتعب‪.‬‬
‫(نض (س) ـ) خلؾ‬ ‫وكنت فً تلك اللحظة أجلس بٌن الطٌار االول والطٌار الثانً فٌما ٌجلس‬
‫ظهري فً مقطورة الحمولة‪ .‬وفً هذه اللحظة الحرجة قمت باطفاء جميع أزرار الرمي وشهرت‬
‫مسدسي على الطيارين اآلخرين مهددا إياهم بعدم رمي طلقة واحدة ‪ .‬فقال قابد الطابرة ‪ :‬نحن ننفذ‬
‫اِلوامر لٌس اال‪ .‬وهنا اطلقت طلقة ثانٌة أصابت الزجاجة االمامٌة للطابرة فادرك الجمٌع خطورة‬
‫الموقؾ‪ ،‬ورفضت مقترح قابد الطابرة بالعودة الى مطار قلعة صالح‪ ،‬وتحت التهدٌد بتفجٌر الطابرة‬
‫أجبرت قابدها بالتوجه نحو اٌران‪.‬‬
‫هبطت الطابرة بجمٌع طاقمها وأسلحتها فً ناحٌة الحوٌزة فً اِلراضً اِلٌرانٌة بعد حوالً‬
‫عشرٌن دقٌقة وتم استقبالها من قبل االؾ العراقٌٌن المهاجرٌن الى هناك بسبب قمع وبطش نظام‬
‫(صدام)‪.‬‬
‫وبعد ثالثة اٌام من التحقٌق مع افراد طاقم الطابرة من قبل لجنة خاصة‪ ،‬قررت هذه اللجنة اعتباري‬
‫الجبا سٌاسٌا‪ ،‬فٌما ع اد اآلخر ون من اسر حرب‪ .‬وخالل االٌام الثالثة هذه‪ ،‬حدثت ضجة فً‬
‫محملة باالسلحة‬ ‫االعالم العالمً بشؤن طابرة سمتٌة عراقٌة لجؤت الى اٌران مع طاقمها وهً‬
‫الكيمياوية‪ .‬أذاعت ذلك اذاعة ‪ BBC‬ومونت كارلو وصوت أمرٌكا والعدٌد من االذاعات العربٌة‬
‫والعالمٌة‪.‬‬
‫ولم أصدق فً الحقٌقة هذه اِلخبار واعتبرتها وجها من وجوه الدعاٌة فً الحرب ‪ .‬لكن قابد‬
‫الطابرة النقٌب (م) اخبرنً ان جمٌع هذه اِلخبار صحٌحة جدا‪ ،‬وانه كان ٌعلم مسبقا بهذه التفاصٌل‬
‫النه كلؾ من قبل جهات عراقٌة علٌا بضرب الالجئين العراقيين المتوجهين الى ايران باالسلحة‬
‫الكيمياوية‪ .‬وانه لم يطلع بقية افراد طاقم الطائرة على التفاصيل النها كانت سرية جدا‪.‬‬
‫‪http://www.sotaliraq.com/iraqi-news/nieuws.php?id=7755‬‬
‫‪-----‬‬
‫االمير السعودذ سعود الفيصل يعترؾ بمشاركته مع أمريكا في قمع انتفاضة ‪1991‬‬

‫‪221‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اعترؾ وزٌر خارجٌة المملكة السعودٌة "سعود الفٌصل" فً كلمة له أمام مجلس العالقات‬
‫الخارجٌة فً نٌوٌورك بمساهمة بالده مع الوالٌات المتحدة فً قمع الشعب العراقً على ٌدي‬
‫"صدام" فً انتفاضة عام ‪.1991‬‬
‫حٌث جاء فً كلمته نقال عن وكالة أنباء "روٌترز" ما نصه‪" :‬لقد خضنا معا حربا إلبعاد إٌران عن‬
‫العراق بعد طرد العراق من الكوٌت"‪.‬‬
‫فً إشارة واضحة إلى مساهمتهم مع اِلمرٌكان فً قمع الشعب العراقً تحت ذرٌعة امتداد النفوذ‬
‫اإلٌرانً‪.‬‬
‫وقد حاول مراسل أو محرر "روٌترز" بعدها تفسٌر هذه الجملة خطؤ عن جهل أو عن عمد‪ .‬فقال‬
‫مفسرا‪" :‬مشٌرا إلى حرب الخلٌ عام ‪ 1991‬عندما قاتلت السعودٌة ضمن ابتالؾ عسكري قادته‬
‫الوالٌات المتحدة لتحرٌر الكوٌت من الؽزو العراقً"‪.‬‬
‫وهذا خطؤ‪ِ ،‬لن معنى الجملة واضح جدا‪ .‬حٌث ٌذكر وزٌر خارجٌة السعودٌة‪ ،‬أنه خاض الحرب‬
‫مع أمرٌكا إلبعاد إٌران عن العراق بعد حرب الخلٌ أو "بعد طرد العراق من الكوٌت" كما ٌقول‬
‫هو‪ .‬ولم ٌكن بعد هزٌمة "صدام" من الكوٌت سو االنتفاضة‪ .‬ثم إن حرب الخلٌ لم تكن إلبعاد‬
‫إٌران عن العراق بل إلخراج "صدام" من الكوٌت‪ .‬فلٌس للجملة معنى سو مشاركته فً قمع‬
‫الشعب العراقً وبالتالً مشاركته فً المقابر الجماعٌة‪.‬‬
‫فلٌعرؾ الشعب العراقً وخصوصا الشٌعة العرب منهم من أباح دماءهم باِلمس ومن ٌستبٌحها‬
‫هذا الٌوم وبؤٌة دعو ‪.‬‬
‫ٌذكر قبلها مراسل "روٌترز" أو المحرر ما ٌلً‪" :‬وأضاؾ ان مثل هذا الصراع سٌإدي الى تدخل‬
‫كل من اٌران بسبب مصالحها فً جنوب العراق الذي ٌهٌمن علٌه الشٌعة وتركٌا بسبب قلقها من‬
‫ظهور كٌان كردي ‪.". . .‬‬
‫أرجو من القارئ الكرٌم مالحظة عبارة "جنوب العراق الذي ٌهٌمن علٌه الشٌعة"‪ ،‬المناظر تماما‬
‫لقولنا‪ :‬السعودٌة التً ٌهٌمن علٌها السعودٌون‪ .‬أو‪ :‬أمرٌكا التً ٌهٌمن علٌها اِلمرٌكٌون‪ .‬إنهم‬
‫ٌعرفون جٌدا هذا المعنى ولكنهم ٌستخدمونه استخفافا بالشعب العراقً فً وسط وجنوب العراق‬
‫وهم الشٌعة‪ ،‬وتعمٌة على القارئ الذي لم ٌطلع على التوزٌع السكانً فً العراق‪ .‬لٌوهموه بؤن‬
‫الجنوب مسكون من قبل أناس آخرٌن فهٌمن علٌه الشٌعة‪.‬‬
‫ثم ٌذكر الخبر ما ٌلً‪ " :‬واضاؾ قابال "واالن فاننا نسلم البالد كلها الٌران دون مبرر‪.".‬‬
‫‪222‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫أنظر عزٌزي القارئ إلى هذا االستهتار وكؤن العراق ضٌعة من ضٌاع آل سعود أو اِلمرٌكان‬
‫لٌسلماها إلى اإلٌرانٌٌن أو ٌبقٌاها تحت خدمتهم‪.‬‬
‫لٌعلم هإالء أن العراق هو أصل اإلنسانٌة وأهله أهل عزة وكرامة تؤبى الضٌم أو الخضوع آلل‬
‫سعود أو إلٌران أو ِلمرٌكا‪ .‬وإلن جار الزمان علٌه‪ ،‬لتدخله القوات اِلمرٌكٌة‪ .‬فألنه كان تحت‬
‫حكم سلطان ظالم متجبر أباد الشعب‪.‬‬
‫وال أرٌد أن أعلق على باقً ما ذكر فً الخبر من الٌسٌر من كالمه‪ .‬ولعل الذي لم ٌذكر أدهى‬
‫وأمر‪.‬‬
‫مقال منشور على الموقع االلكترونً ‪ ،‬الكوثر نت ‪ ،‬بقلم ‪ :‬علً آل شفاؾ ‪21.09.2005‬‬
‫مما ٌدلل على ان التعاون الخارجً مع صدام لقتل الشعب العراقً كان قابما على قدم وساق ‪ ،‬حتى‬
‫انهم ساهموا بشكل كبٌر فً اعطاء الفرصة للبعثٌٌن فً العودة الى الساحة العالمٌة ولٌس العراقٌة‬
‫فحسب ‪ ،‬الحبا بصدام ‪ ،‬ولكن بؽضا لقٌام دولة دٌمقراطٌة او دولة اسالمٌة تقلب الموازٌن‬
‫والقٌاسات ‪.‬‬
‫‪-----------------------‬‬

‫‪223‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫باب ‪:‬‬

‫السنوات العجاؾ ‪:‬‬

‫‪224‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فشلت االنتفاضة عسكرٌا فً اسقاط النظام الصدامً ‪ ،‬الثوار مطاردون فً كل مكان‪ ،‬الشعب‬
‫العراقً ٌبن‪ ،‬ولم ٌعبر انٌنه الى الجٌران الن صوته ال ٌكاد ٌسمع حتى لو صرخ‪ .‬وكؤنه رجل‬
‫اثـقـلـتـه الجراح ‪ ،‬فصار طرٌح الفراش ‪" ،‬الهو حً فٌرتجى ـ والهو مٌت فٌستراح" كما ٌقول‬
‫الشاعر‬
‫‪ ،1963‬وفً ‪68‬‬ ‫لقد بات السرطان ٌؤكل به منذ اول ٌوم دخله وصعد الى راس السلطة فً عام‬
‫كان السرطان قد استفحل‪ ،‬وفً عام ‪ 1980‬صار هو القابد ما علٌنا اال االنتظار والسكوت‪ ،‬حتى‬
‫ان العراق ما عاد ٌنطق بكلمة واحدة ‪ ،‬فعند وصول عام ‪ ،1991‬اصابه الخرس وصار كطرٌح‬
‫فراش ‪ .‬اذا صرخ الٌسمع صراخه جٌرانه‪ ،‬بل الٌستطٌع سماع صوته حتى من وضع اذنه على‬
‫فمه‪ .‬فتساقطت بعض خالٌاه من جسده وبدأ الجسد ٌتآكل فمن مسه السرطان‪ ،‬دخل فً دوامته‪ ،‬وإن‬
‫افلت منه فهو بٌن منتظر الموت وهارب‬
‫ُ‬
‫كنت من بٌن َمنْ نجا‪ ،‬اتجهت الى الجنوب حٌث المملكة السعودٌة‪ ،‬اذ ان جٌش االمبراطورٌة‬
‫االمرٌكٌة كان على الخط السرٌع بصرة ـ ناصرٌة‪.‬‬
‫وصلت الى االمرٌكان وقادونا الى معسكراتهم‪ ،‬ال زالت صورتها فً ذهنً‪.‬‬
‫وشددت الرحال‬
‫امسك بً الجٌش الصدامً فً ساحة سعد ـ وهً ساحة سٌارات النقل بٌن المحافظات ـ فً الثالث‬
‫من نٌسان عام ‪ 1991‬وارسلونا الى السجن الرهٌب مع الجمع الؽفٌر بعد ان اختاروا منا مجموعة‬
‫ال ادري لماذا‪ ،‬هل كانت عشوابٌة ام انهم ٌعرفونهم بالصورة واالسم ‪ ،‬المهم كان مصٌرهم ‪ ،‬إن‬
‫كانت اال ساعة من نهار واذا هً مجزرة ساعة سعد ‪ ،‬التً لم استطع فٌها ان انظر الى الموت‬
‫فادرت بوجهً الى جهة اخر‬
‫اقتادونا الى السٌارات ثم الى سجن امن الفٌلق السابع المتواجد فً منطقة الزبٌر حٌنها ـ اقصد بٌن‬
‫الزبٌر والبصرة ـ اعصبوا عٌوننا وربطوا اٌادٌنا الى الخلؾ وادخلونا الى الصحراء ‪ ،‬صحراء‬
‫مقفهرة مفتوحة ال من عٌن رأت وال من اذن سمعت ـ وبعد مسٌرة طوٌلة ادخلونا الى ؼرؾ‬
‫صؽٌرة فً الصحراء الؽرفة تقدٌرها ثالث امتار عرضا وستة امتار طوال ‪ ،‬تحمل بٌن طٌاتها مالم‬
‫ٌمكننً عدههم ‪ ،‬فلٌس امامنا اال ان نصبر ‪ٌ ،‬قولون انها ؼرفة النتظار التحقٌق فقط (مجرد حجز)‬
‫‪225‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكل من عاد من التحقٌق عاد بال عقل او مكسر االعضاء من شدة التعذٌب وعنؾ التحقٌق ووسابله‬
‫الخبٌثة ‪.‬‬
‫كان جلوسنا القرفصاء فاذا جلس احدنا كان على اثنٌن من الذٌن بجانبة ان ٌبقون واقفون ‪ ،‬واذا نام‬
‫على االرض كان ٌنام تحت ساقٌة شخص واصبح وسادة لرإوس اخرٌن على صدره ورأسه على‬
‫صدر شخص اخر‪ .‬هكذا كان المنام لٌال ‪ ،‬وحالنا فً النهار بٌن منتظر الموت ومنتظر التحقٌق وال‬
‫ناج منها ٌكون مصدرا للسخرٌة والضحك‪ ،‬حتى دب‬
‫ٌفكر فً النجاة احد‪ ،‬فمن قال انً خارج ٍ‬
‫الٌؤس فً الجمٌع من النجاة من هذ ِه الحفرة ‪.‬‬
‫دام االمر اربعة اٌام وكل ٌوم بؤلؾ سنة‪ ،‬كان التعذٌب فٌها مزدوجا‪ ،‬فحٌن ٌنادون باالسم ثالث‬
‫مرات فالن بن فالن ‪ ،‬استعد ‪ ،‬وفً الثالثة اخرج ‪ٌ ،‬خرج قلبه من صدره قبل ان ٌخرج الى‬
‫التحقٌق حتى حان موعدنا ‪ ،‬فقرأوا اسماءنا جماعة المرة االولى ‪ ،‬استعدوا للخروج من هذا‬
‫القفص ‪ ،‬فكان اهون علٌنا ‪ ،‬النه لو كان للتحقٌق لكان النداء فردي ‪ ،‬اما وقد صار النداء جماعً‬
‫فاالمر مختلؾ ‪ ،‬فً النداء الثانً اخرجونا ووضعونا فً سٌارة سارت بنا ماشاء ّللا لها ان تسٌر‬
‫وكل ذلك فً الصحراء ثم وصلنا شارع (بصرة ـ زبٌر) وعبرناه الى مقر انضباط الفٌلق السابع ‪،‬‬
‫حٌث من دخله كان بٌن امرٌن اما ان ٌسفـّر الى وحدته العسكرٌة ‪ ،‬كونه هاربا ‪ ،‬او الى بؽداد حٌث‬
‫سجن ابو ؼرٌب الرهٌب ‪.‬‬
‫وصلنا الى السجن واذا به عددا ال ٌعد من الناس سؤلت اقربهم الً حٌث كان ٌنام قرب الباب ‪ ،‬كم‬
‫لبثت الى االن؟ قال‪ :‬ال ادري‪ ،‬كل ما عرفت انه اكثر من ستة اشهر ‪ ،‬ثم سكت‪.‬‬
‫كان شعره ٌضلل رأسه ووجهه وصار معمال لصناعة القمل والروابح‪ ،‬اما الروابح فمن االصل ال‬
‫اشمها بسبب مرض فً حاسة الشم‪ ،‬ولكنً ار بعٌنً مصادر الروبح‪ ،‬انها اجساد السجناء وسطل‬
‫مكسور من االسفل بٌول به السجناء وٌنزلون فٌه ماٌخرج من البطون‪ .‬وكان مكانً قرب الباب‪،‬‬
‫فما ٌسٌل من ذلك السطل ٌصلنً‪ ،‬رؼم ان السجن كان النتظار للنقل الى سجن اخر ـ تسفٌرات ـ‬
‫كانت هذ ِه االٌام اٌام شهر رمضان وكنت صابما حٌنها اال اننً ال استطٌع الصالة السباب عدة‬
‫منها‪:‬‬
‫لعدم وجود الماء الكافً للطهارة‬ ‫‪‬‬
‫والثانً الجهل التام باالحكام الشرعٌة‬ ‫‪‬‬

‫‪226‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وعدم طهارة المكان الذي نسكن فٌه ‪ ،‬ننام على نجاسة ونجلس علٌها حتى منّ ّللا علٌنا‬ ‫‪‬‬
‫برحمته وخرجنا من السجن ـ‬
‫ال اطٌل فً سرد التفاصٌل فستؤتً تفاصٌلها فً كتاب (السنوات العجاؾ ـ وهو الجزء الثانً من‬
‫هذا الكتاب)‬
‫‪ 1991‬كان وصولً الى االمرٌكان ودخولً الى معسكرهم فً‬ ‫فً ٌوم التاسع من نٌسان عام‬
‫عصر الٌوم التالً بعد مسٌرة حوالً عشرٌن كٌلوا متر عبر الصحراء على االقدام‪ ،‬اهرب من‬
‫حفرة الى حفرة خوفا من عٌون الصدامٌٌن ‪ ،‬او سباع الصحراء ‪ ،‬فكالهما مفترس ‪ ،‬وشاءت‬
‫االقدار ان اصل من شوارع الزبٌر الى دبابات االمرٌكان على الخط السرٌع فً منطقة (اللِحٌْس )‪.‬‬
‫منطقة السٌر كانت رملٌة مبتعدا عن الشارع العام بٌن البصرة والناصرٌة ‪ ،‬وحٌدا فً الصحراء‬
‫ارتدي مالبس عسكرٌة ثقٌلة وتحتها بجامة وقمٌص اضافة للمالبس الداخلٌة‪ ،‬كل ذلك من اجل ان‬
‫احافظ على رطوبة جسمً من الشمس الحارقة ولهٌب الصحراء‪ ،‬احمل حقٌبتً فً ٌدي سابرا‬
‫باتجاه منطقة اثل الزبٌر والمزارع ‪ ،‬انتقل مسرعا من حفرة الى اخر استقر بها للحظة افحص‬
‫الطرٌق ‪ ،‬ثم اشعر باالمان انتقل الى اقرب حفرة اشاهدها امامً‪ ،‬حتى اقتربت من شارع سٌطرة‬
‫القادسٌة‪ ،‬والننً اعرؾ الصحراء وطرقه‪ ،‬ضمنت ان اتجاهً صحٌح من خالل وصولً الى‬
‫الشارع العرضً‪ ،‬عبرته الى منطقة فٌها اشجار االثل‪ ،‬وآثار السٌارات الهاربة‪ ،‬تفحصت اثار‬
‫اطاراتها عرفت بعضها وعلمت انها سٌارات عراقٌة هاربة‪ ،‬ثم الحت الى ناظري اثار اطارات‬
‫ؼرٌبة ‪ ،‬عرفت منها انها لسٌارات امرٌكٌة فشعرت اننً خرجت من موضع الخطر ‪ ،‬ولن ٌلحق‬
‫بً من اخاؾ منه على نفسً وبدأت اسٌر باتجاه الطرٌق السرٌع حٌث جلس االمرٌكان تحت جسر‬
‫طرٌق بصرة ناصرٌة ‪ ،‬وهنا شاهدت احد الفالحٌن البدو‪ ،‬سؤلته عن مكانهم اجابنً انهم هناك ‪،‬‬
‫المهم وصلت الى االمرٌكان وقد تجاوزت الساعة الثالثة عصرا ‪.‬‬
‫عندما دخلنا الى السجن كان طعامنا بطل من الماء ‪ ،‬وتمرتٌن واحدة فً الصباح للسحور والثانٌة‬
‫لالفطار‪ ،‬وعندما وصلت الى االمرٌكان ‪ ،‬اؼرقونً بجودهم ‪ ،‬الطعام والماء النقً ‪ ،‬فعرفت من‬
‫ساعتها انً خرجت من دوامة الظلم الى رحمة ّللا ‪ ،‬رؼم اننً ال ادري ما سوؾ اشاهده ‪ ،‬اال انه‬
‫دخلت فً قلبً همسة احساس باالمان انه لن اقتل بعدها وانً ربما سوؾ اكون آمنا من اقفاص‬
‫التعذٌب الى االبد ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً اللٌل حملونا بسٌارات كبٌرة ـ حٌث كانوا ٌنتظرونها ـ ونقلونا الى الكوٌت على الحدود مع‬
‫العراق ‪ ،‬وضعونا فً معسكر ٌض بالعراقٌٌن من امثالً محاطٌن باسالك شابكة وخٌمة كبٌرة ـ‬
‫قالو لً فً ما بعد انها خٌمة صفوان ـ تحٌط بنا السٌارات العسكرٌة التً تنٌر التجمع البشري‬
‫الرهٌب باضواء مصابٌحها ‪ ،‬النارة المكان‪ ،‬واالمرٌكان ٌدورون بٌن الناس ٌضحكون وٌمازحون‬
‫الناس‪ ،‬كً ٌشعرونهم بانهم فً سفرة للمرح والسرور ولٌس الجبٌن او مهاجرٌن ‪ٌ ،‬خففون ع ّنا‬
‫عناء السفر وتعب الطرٌق وألم المصٌبة ‪ ،‬رؼم انهم قد عبروا المحٌطات والمسافات الواسعة‬
‫وخرجو من معركة مات من مات وخرج سالما من الموت من خرج‪ ،‬رؼم ذلك كله كانوا بروحٌة‬
‫عالٌة ونفس كرٌمة ومعاملة طٌبة‪ ،‬بل زادوا على ذلك ٌخففون عن آالمنا وهمومنا بابتساماتهم‬
‫ونكاتهم ومداعباتهم اللطٌفة ‪.‬‬
‫كان الناس ٌضحكون بل ٌضجون بالضحك رؼم ان الجو كان باردا والهموم ثقٌلة‪ ،‬ولم اشعر‬
‫بلحظة واحدة فً الرؼبة في االبتسامة ناهٌك عن الضحك‪ ،‬الننً كنت ساعتها محمل بالعقد‬
‫النفسٌة التً مزقت فإادي مما رأٌت من المجازر والسجون ‪ ،‬كنت فرحا لنفسً وحزٌنا على من‬
‫فقد حٌاته فً طرٌقً‪ ،‬نجوت انا وؼادروا الدنٌا‪ ،‬ولم ٌروا طعما لالبتسامة‪ .‬فبعضهم مات برصاص‬
‫االعدام‪ ،‬وبعضهم مات من التعذٌب فً السجون‪ ،‬وبعضهم من وجد مٌتا فً فراشه من شدة‬
‫االرهاق النفسً واالمراض‪ .‬وفوق ذلك كله كنت وحٌدا من بٌن عشٌرتً وقومً ‪ ،‬الٌس من حقً‬
‫ان اشعر الؽربة بكل قساوتها ‪.‬‬
‫هذ ِه كانت اول السنون العشر العجاؾ ‪ .‬حيث بداية الجزء الثاني من هذا الكتاب‬
‫مرت السنون العشر العجاؾ واقتربت السنة التً تحرر بها العراق من ظلم طاؼٌة واحد ‪ ،‬ودخل‬
‫فً ظلم الجٌران وكلهم طؽاة وهذا الفترة خارج نطاق الكتاب ‪ ،‬الن الكتاب ٌنتهً عند تحرر بؽداد‬
‫من ٌد صدام الى ٌد جورج دبلٌو بوش ربٌس االمبراطورٌة االمرٌكٌة فً التاسع من نٌسان عام‬
‫الفٌن وثالثة ‪.‬‬
‫‪------‬‬

‫‪228‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫السـوٌلمان ‪1991‬‬

‫الجزء الثانً من كتاب ‪:‬‬


‫بؽداد من هوالكو الى بوش‬
‫االن ت ف اضة الشعبانية االرطاوية رفحاء‬
‫المجلد االول‬

‫‪229‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المقدمة ‪:‬‬
‫ك ّنا قد تحدثنا عن تارٌخ العراق والمنطقة فً الجزء االول من الكتاب وتطرقنا الى الكثٌر من‬
‫مالبسات الحوادث التً سبقت االنتفاضة الشعبانٌة وحرب الخلٌ التً ذهب آالؾ البشر ضحٌة‬
‫لها‪ ،‬فلقد اندلعت الحرب الثانٌة بٌن العراق ودول الجوار مرة اخر ‪ ،‬ولكن من جهة الؽرب هذ ِه‬
‫المرة فً عام ‪ 1990‬بعد ان تقدمت القوات العراقٌة ودخلت الكوٌت واحتلتها فً اٌام معدودات‬
‫خرج العراق منها مهشم االضالع ال ناصر والمعٌن ‪ ،‬تحمل فٌها الشعب اعباءًا لم ٌستطع ان‬
‫ت علٌه ضؽطه وتمزقت خالٌاه‬
‫ٌصبر علٌها اكثر ‪ ،‬اما وّللا ان الشعب المسكٌن بدا كؤنه )بالونا( اشد‬
‫واحتقن ؼٌضا وسخطا على من نفخ فٌه ‪ ،‬فانفجر واي انفجار ‪.‬‬
‫بعد ان جر العراق اذٌال الهزٌمة فً حرب الناقة للشعب بها وال جمال ؼٌر الذل والهوان وتمزق‬
‫ب اخر وهذ ِه المرة بٌن الشعب وقادته‬
‫االنفاس لٌدخل فً حر ٍ‬
‫انتفاضة كسرت كل قٌود الخوؾ من السلطان وقواته وجبروته ‪ ،‬انتؾ ض انتفاضة َ المذبوح على‬
‫ذباحة لٌستل من ٌده السكٌن التً اراد بها نحره وٌطعنه طعنة نجالء كادت ان تقضً علٌه وٌنتهً‬
‫لكن ذلك الطاؼوت سرعان ما‬ ‫كل شًء ‪ٌ ،‬نتهً ذلك الظلم الذي خٌم علٌه عشرات السنٌن ‪،‬‬
‫تجمعت حوله الطواؼٌت من امثاله وقام مرة اخر لٌنتقم من ضحٌته شر انتقام ‪.‬‬
‫فشل الشعب فً القضاء على حاكمة المتجبر ال ِلنه ضعٌؾ فحسب ‪ ،‬بل انهكه الجوع واالرهاق‬
‫وأالم سٌاط التعذٌب ‪ ،‬لقد عاش الشعب العراقً فً سجن عظٌم رؼم انه ٌسٌر بالطرقات وٌؤكل‬
‫مما ٌرمٌه له ذلك السلطان المتجبر من فضالت طعامه ‪ ،‬لٌس هذا فحسب ‪ ،‬بل كان الشعب العراقً‬
‫لحكومة البعث كما العبد الذلٌل الخابر القو الذي الٌدري ماٌصنع ‪ ،‬ماعلٌه اال ان ٌقول نعم وٌنفذ‬
‫بصمت ‪ ،‬تحت شعار البعث (( نفذ وال تناقش )) وقٌل كانت قبل ذلك (( نفذ ثم ناقش ))‪.‬‬
‫كان هدؾ الشعب ان ٌتخلص من ذلك الطاؼوت ‪ ،‬فما كان من ذلك الطاؼوت واعوانه من الداخل‬
‫والخارج اال ان قام مرة اخر ٌكٌل الضربات االلٌمة واالشد ضراوة مرة بعد اخر ‪ ،‬لتبدأ محنة‬
‫لم ٌشهدها العالم من قبل ‪ ،‬طاؼٌة متجبر وشعب ضعٌؾ خابر القو ‪ ،‬اذا تكلم ضرب ُه ضربا ٌتهشم‬
‫بها جلمود الصخور‪ ،‬واذا بكى تناولته جٌرانه بالشتابم والسباب‪ ،‬ال سامع وال معٌن سو الصبر‬
‫الذي ٌقطر دما عبٌطا ‪.‬‬
‫ما كان لهذا الشعب اال ان اعلن استسالمه النهابً وٌؤسه من النجاة‪ ،‬فمنهم من فرّ هاربا ومنهم من‬
‫صبر تحت السٌاط ‪ ،‬ومنهم من صرخ فمات فً مقابر فردٌة وجماعٌة الٌعلم عددها اال ّللا ‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومرت هذ ِه السنوات العجاؾ وانتهت برحمة من ّللا نزلت الٌه من السماء ‪ ،‬فسلط ّللا عدوه على‬
‫عدوه ‪ ،‬فكان سقوط الطاؼٌة على ٌد طاؼٌة اعتى واكثر تجبرا منه ‪ ،‬ذلك الطاؼوت المتجبر الذي‬
‫جاء بالبعث على صدر العراق ‪ ،‬انتفض هذ ِه المرة النقاذ الشعب منه ‪ ،‬نعم انه امر ّللا الذي المفر‬
‫منه ‪ ،‬امر ّللا الذي نزل الى الشعب العراقً من السماء ‪ ،‬لٌقتلع صدام وحزبه وذلك فً عام‬
‫‪. 2003‬‬
‫السنوات العجاؾ انتهت ولكن تركت ذكرٌات الٌمة ‪ ،‬ذكرٌات سٌتذكرها االجٌال جٌال بعد جٌل‪،‬‬
‫وتتواترها االقالم الشرٌفة منها والدنٌبة ‪.‬‬
‫مظلومٌة الشعب العراقً وقعت بٌن االوراق واالقالم وكامرات التصوٌر ‪ ،‬ولكن هل انصفت كل‬
‫هذ ِه الوسابل هذا الشعب المسكٌن المؽلوب على امره ‪ .‬ال وّللا ‪ ،‬لم وال ولن تنصفه وتعطٌه حقه ‪،‬‬
‫ولو سكبت االقالم بدل الحبر دما ً ‪.‬‬
‫سنواتنا العجاؾ هذ ِه بدأت فً ‪ 1991‬وانتهت فً ‪ ، 2003‬ولكنها لن ٌشتمل علٌها مجلد واحد ‪ ،‬او‬
‫كتاب واحد ‪ ،‬او وجهة نظر واحدة اوكاتب واحد ‪ ،‬بل كل ماٌقع بٌن اٌدٌنا من قصص ورواٌات‬
‫وشخصٌات ‪ ،‬والنها ذكرٌات ومذكرات ‪ ،‬فلن ٌكون للتسلسل التارٌخً واسماء الكتب والك ّتاب فً‬
‫ذكر احداثها اهمٌة مطلقا ‪ ،‬نعم ربما ٌكون للتسلسل التؤرٌخً فً داخل القصة الواحدة اهمٌة ادبٌة‬
‫وتوثٌقٌة ‪.‬‬
‫سٌكون هذا المجلد مخصص لماٌقع بٌن اٌدٌنا وما شاهدناه لالنتفاضة الشعبانٌة ومادار فً‬
‫االرطاوٌة ورفحاء والمهجر فً بلدان الؽربة والتؽرب‪ ،‬وربما فً مجلدات قادمة سنتناول بعونه‬
‫تعالى مصابب العراقٌٌن فً البلدان االخر التً هاجروا الٌها ‪ ،‬ومصابب الداخل ‪.‬‬
‫السنوات العجاؾ ـ تؤلٌؾ واخراج السوٌلمان ‪ ،‬وشكرا لكل الجهود الجامعة للمعلومات اما‬
‫مصادرها فستكون اكثرها حٌة وواقعٌة ومشاهدات عٌنٌة من ارض الواقع وان تعدد الك ّتاب وتعدد‬
‫اسماء الكتب فلن تفً بتؽطٌتها واٌفاء الشعب العراقً حقه ‪.‬‬
‫عبدالحسٌن السوٌلمان‬
‫==================================‬

‫الباب االول‬
‫‪231‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫م ّر بنا فً الجزء االول ‪ ،‬ذكر الثورة الشعبانٌة ببعض التفاصٌل ولكن ربما فاتنا ان نذكر فٌه كل‬
‫شًء او ربما الشًء الكثٌر ‪ ،‬وكما اوردنا فً مقدمة الكتاب انه من المستحٌل على كاتب او حتى‬
‫مجموعة ك ّتاب ان تحٌط بكل شًء وكل الحوادث ‪ ،‬اال انه ـ كما ٌقال ـ ما ال ٌدرك جُله ال ٌترك‬
‫كله ‪.‬‬
‫وقد ذكرت مشاهداتً وما وصلنً من احوال االنتفاضة الشعبانٌة وما دار فٌها وما حولها وسوؾ‬
‫احاول فً هذا الجزء المرور ببعض التفاصٌل التً فاتنا ان نذكرها ‪.‬‬
‫لقد مر بنا ان صدام تكبد الخسابر الفادحة بعد الهزٌمة فً الكوٌت واثناء االنسحاب ‪ ،‬لكن سرعان‬
‫ما استعاد قواه لٌهاجم شعبه هذ ِه المرة ‪ ،‬الشعب الذي تحمل ما ال ٌستطاع ‪ ،‬وصبر على ما كان من‬
‫شبه المستحٌل ان ٌُصبر علٌه ‪ ،‬وانفجر فً نهاٌة االمر بثورة عارمة اشتعلت من الشمال الى‬
‫الجنوب ومن الشرق الى الؽرب ‪ ،‬ولكن سرعان ما خفتت نٌران االنتفاضة لتكون جمرة تحترق‬
‫من الداخل ‪ ،‬وتحرق من ٌالمسها ‪ ،‬فلم تكن الجدارٌة التً وقؾ ذلك الضابط الشهم على ظهر‬
‫الدبابة موجها الٌها الرشاش لٌرشقها برشقات اال الشرارة التً اشعلتها كعود ثقاب فً ؼرفة ملٌبة‬
‫بالؽاز ‪ ،‬فما كانت تلك الشرارة لتفعل فعلها لوال ان الؽرفة تشبعت تماما بالؽاز لتنفجر ذلك االنفجار‬
‫الهابل ‪.‬‬
‫ٌقول الكاتب نجٌب الصالحً فً كتابة الزلزال تحت عنوان ـ بانوراما الكارثة ـ‬
‫والجنرال نجٌب الصالحً مإسس حركة الضباط العراقٌٌن اِلحرار قاب ًدا لقوات‬
‫الحرس الجمهوري فً حرب الخلٌ قبل أن ٌفر من العراق وٌإسس حركته عام‬
‫‪ .1995‬ولعبت خبرته العسكرٌة ومعرفته الدقٌقة بالقوات المسلحة العراقٌة دورا‬
‫مهما فً حجم حركته التً تعتبر واحدة من أقو حركات المعارضة العراقٌة‪ ،‬حتى ولو عدّت فً‬
‫نفس الوقت من أكثر الحركات العراقٌة المعارضة ؼموضا بسبب ماضً الصالحً‪ .‬وقبل الحرب‪،‬‬
‫‪ 2003‬إنه سان ٌد للعمل العسكري ضد‬ ‫قال الصالحً قبٌل الهجوم االمرٌكً على العراق فً عام‬
‫النظام البعثً من ثالث جبهات مختلفة‪ ،‬الكوٌت واِلردن وكردستان العراقٌة لكن من دون مشاركة‬
‫الوالٌات المتحدة‪.‬‬
‫احداث ‪1991‬م ‪ٌ ،‬قول الصالحً‪ (( :‬كانت صور التذمر والسخط والنقمة تشمل كل اِلفراد والجنود‬
‫بمالبسهم الرثة وأحذٌتهم المتهربة وهم ٌجرون أقداما تحمل أجساما منهكة وفً عٌونهم حزن عمٌق‬
‫وأمل ضابع ونفوسهم تتطلع إلى إنهاء المؤساة والقضاء على عناصرها المسببة وإنقاذ شعبنا مما‬
‫‪232‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌنتظره من نتاب مدمرة‪ .‬كانوا ٌشقون طرٌقهم وهم ٌترنحون من اإلعٌاء والتعب وصور الموت‬
‫تالحقهم‪ ،‬فطابرات التحالؾ لم تكؾ عن القصؾ‪ ،‬فكان المنظر ٌزداد بإسا باحتراق الدبابات‬
‫والعجالت وكلما اقتربت الطابرات كان الجنود ٌتمددون على اِلرض ثم ٌنهضون وٌستؤنفون‬
‫سٌرهم ببطء باتجاه الحدود‪ ،‬العدٌد من الضباط تركوا عجالتهم لكً ٌتجنبوا القصؾ‪ ،‬لكننا بقٌنا فً‬
‫عجلتنا "الالندكروز"‪ ،‬نقطع الطرٌق التً تعرضت للقصؾ الشدٌد الذي أحدث فٌها أخادٌد عمٌقة‪،‬‬
‫وفً وسط حشود جنودنا المتدفقة كنا نشق الطرٌق بصعوبة بالؽة وكانت نظرات مثقلة بالعتاب‬
‫تواجهنا وهً ترسم تعابٌر ؼٌر مؤلوفة وتساإالت مكبوتة عن هذا الدمار وعن المسإول عن كل‬
‫ذلك !‬
‫( فً الحرب العراقٌة – اإلٌرانٌة‪ ،‬خسرنا معارك مهمة واضطررنا إلى االنسحاب مراراً ولكن لم‬
‫ٌبلػ اإلحساس بمرارة المؤساة الحد الذي نعٌشه الٌوم‪ ،‬إنها الكارثة بعٌنها‪ .‬فلقد خسرنا كل شًء‪).‬‬
‫كان الكثٌر من الضباط والجنود ٌقطعون الطرٌق مشٌا على اِلقدام‪ ،‬وبقدر ما كان اِلمر مؤساوٌا‪،‬‬
‫كان ٌنبا بمرحلة قادمة تعقب مرحلة االنكسار‪ ،‬حبلى بؤحداث مرٌرة‪ ،‬وفً هذا المنعطؾ اختفت‬
‫الرتب وتساو أفراد الجٌش وتوحدت مشاعرهم وأحاسٌسهم فً مسٌرة المعاناة الطوٌلة* كانت‬
‫الساعة تشٌر إلى العاشرة مساء اً وقد وصلنا جبل "سنام" حٌث كان ٌفترض أن ألتقً ضباط مقر‬
‫الفرقة وقطعاتها وكان القصؾ شدٌدا وطابرات الحلفاء تلقً حمولتها بكثافة وعلمت أن السبب فً‬
‫ذلك هو نصب رادار على قمة جبل سنام‪.‬‬
‫قررنا أن نذهب إلى الزبٌر لقضاء اللٌلة هناك ثم نستؤنؾ البحث فً الصباح‪ .‬كانت المدٌنة تؽص‬
‫بمبات الدبابات والناقالت والعجالت وهً تقؾ مالصقة لجدران البٌوت إحتماءا بها‪ .‬هكذا كان حال‬
‫الجٌش الذي قاده نظامه السٌاسً إلى مثل هذا الموقؾ الذي ال ٌحسد علٌه‪.‬‬
‫بقٌت أتجول فً مدٌنة الزبٌر ساعة كاملة‪ ،‬توقفت عند العدٌد من الدبابات وعجالت القتال المدرعة‪،‬‬
‫وقد ترك الضباط‬ ‫كان كثٌر منها ٌعود للفرقة المدرعة السادسة والفرقة اآللٌة اِلولى وفرق أخر‬
‫والجنود عجالتهم وأسلحتهم الثقيلة دون حراسة خالفا ً للعرؾ العسكرذ ولجؤوا إلى البيوت حيث‬
‫نزع كثير منهم بزاتهم العسكرية وأخذوا يبحثون عن مالبس مدنية يلبسونها ‪ ،‬كانوا ٌرٌدون أن‬
‫تبق أٌام المؤساة والمرارة لدٌهم أي رؼبة فً االستمرار فٌه‪ ،‬فبدأوا‬
‫ٌقطعوا عالقتهم بالجٌش إذ لم ِ‬
‫ٌربطون بٌن عودة اِلوضاع إلى مجارٌها وبٌن سقوط النظام وانتهاء حكم العصابة الجابرة‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لم أستطع تحمل تلك المشاهد المإلمة فقررت العودة إلى ناحٌة صفوان وقضٌت اللٌلة فً العجلة‬
‫متنقال بٌن المزارع وقرٌبا من جبل سنام))‪ .‬انتهى النص‬
‫لقد كانت رصاصات تلك البندقٌة مفتاح الثورة العارمة والنار التً انتشرت فً العراق من الجنوب‬
‫حتى الشمال‪.‬‬
‫ٌقول صاحب كتاب مقاتل من الصحراء ‪ ،‬ان صدام زج اربعة فرق للحرس الجمهوري لقمع‬
‫االنتفاضة ‪ ،‬وكان ٌقودها (علً حسن المجٌد ـ الملقب بـ علً كٌمٌاوي) السًء الصٌت ‪ ،‬والذي‬
‫عرؾ عنه قسوته وسوء خلقه‪ ،‬والذي اباح العراق واستحله من شماله الى جنوبه قتال وتشرٌدا‬
‫وسجنا‪ ،‬لقد افسد هذا الرجل بالعراق فسادا لم ٌسبقه الٌه احد ‪.‬‬
‫ذكرت فً الجزء االول ‪ ،‬ان ضابطا عراقٌا صبّ حمم نار بندقٌته على صورة صدام فً ساحة‬
‫سعد (راجع‪ :‬فصل وانفجر الشعب) بعدها انتهت سٌطرة الدولة وشاعت سٌطرة المنتفضٌن فشاعت‬
‫فوضى عارمة ‪ ،‬حٌث انه ال توجد حكومة تحكم وانما اشخاص ٌتحكمون بالشوارع من دون قابد ‪،‬‬
‫ال توجد كهرباء وال انارة فً اللٌل ‪ ،‬وال خدمات ‪ ،‬وانقطع الماء من االنابٌب ‪ ،‬فقد توقفت محطات‬
‫الضخ ‪ ،‬توقؾ العمل تماما اال من بعض بابعً الطعام ِلهداؾ شخصٌة ‪ ،‬والٌك ماقاله الكاتب‬
‫نجٌب الصالحً فً كتابه الزلزال حول هذا الموضوع تحت عنوان (الجٌاع ‪ ..‬ومدخر التموٌن)‬
‫الجياع ‪ ...‬ومدخر التموين‬
‫من جانب آخر‪ ،‬استمر الثوار فً تصعٌد عملٌاتهم حٌث هاجموا مدخر تموٌن "النشوة" فً ناحٌة‬
‫"الدٌر" واستولوا على كمٌات كبٌرة من المواد الؽذابٌة "كالطحٌن‪ ،‬الرز‪ ،‬السكر‪ ،‬الشاي والبقولٌات‬
‫الجافة"‪ ،‬والتً كانت مخصصة لتموٌن قطعات الفٌلق الثالث‪.‬‬
‫فً أثناء ذلك‪ ،‬صدرت اِلوامر للفرقة السادسة بالحركة الفورٌة لمنع "المخربٌن" * من السٌطرة‬
‫على محتوٌات المدخر وتفتٌش الناحٌة وفرض السٌطرة اِلمنٌة علٌها‪.‬‬
‫فً الساعة التاسعة صباح ‪ 3‬آذار‪ ،‬تحركت الفرقة وهً تضم عشرٌن عجلة " ‪ ،"B.M.B1‬وبضع‬
‫دبابات‪ ،‬وكنت ضمن مجموعة القٌادة إلى جانب القابد ومعنا آمري التشكٌالت وفصٌل الحماٌة‪.‬‬
‫فً الساعة الحادٌة عشرة‪ ،‬وصلنا مركز الناحٌة وكان الوضع هادبا ال أثر فٌه ِلٌة أعمال تخرٌبٌة‬
‫كما ابلؽنا بذلك عند استالم المهمة‪ ،‬ولكن المدٌنة كانت فً حالة إضراب‪ ،‬فقد تعطلت اِلسواق‬
‫والخدمات‪ .‬بعدها توجهنا إلى المدخر وكان آمره ومجموعة حماٌة صؽٌرة فً استقبالنا بعد أن‬

‫‪234‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كانوا قد اختفوا وتركوا اِلهالً المدنٌٌن ٌستولون على المحتوٌات وظلوا فً مخاببهم ولم ٌخرجوا‬
‫منها إال بعد رإٌتهم طالبع القوة المدرعة تتقدم نحوهم‪.‬‬
‫قال "أبو لٌث" آمر المدخر‪ ،‬وكان برتبة عقٌد واصفا الهجوم‪:‬‬
‫((تجمع المبات من النساء والرجال واِلطفال حول السٌاج وهم ٌحملون العصً والفإوس وكان‬
‫بعضهم ٌحمل بنادق كالشنكوؾ ومسدسات وراحوا ٌهتفون ضد الربٌس وضد الحزب)) ولما‬
‫استفسرت منه عن مطالبهم‪ ،‬قال‪(( :‬كانوا ٌرٌدون أن ٌنهبوا المدخر وقد هددونً بالقتل ولكنً لم‬
‫أستجب لهم‪)).‬‬
‫واستؽربت مما جاء على لسان أبً لٌث ثم سؤلته عن الطرٌقة التً دخلوا بها إلى المدخر؟ فقال‬
‫((انهم عبروا اِلسٌجة واقتحموا اِلبواب وكسروا اِلقفال)) واستطرد قابال‪:‬‬
‫‪( -‬إن جنود الحماٌة‪ ،‬وهم فً اِلساس مجموعة من المعوقٌن‪ ،‬أطلقوا النار على المهاجمٌن والذٌن‬
‫كانت أعدادهم كبٌرة) وعلمت فٌما بعد إن الحماٌة لم تستطع أن تفتح النار على المهاجمٌن بل‬
‫اختفوا فً البٌوت المجاورة للمدخر) ولما كان هذا اِلمر ٌعرضه حٌنها للمساءلة ِلن األوامر كانت‬
‫لذا فانه كان مضطرا إلعداد تلك القصة‪ ،‬ثم‬ ‫تنص على إطالق النار على المتظاهرين بال تردد‬
‫سؤلت "أبا لٌث" بلهجة مازحة‪:‬‬
‫‪ -‬كٌؾ ٌسرق مدخر فٌه مبات اِلطنان من المواد الؽذابٌة خالل ساعتٌن وقد جاءوا حفاة وبال‬
‫وسابل نقل ومخزن الرز وحده ٌحتوي على ( ‪ )40‬طنا ً كما قلت لنا اِلمر الذي ٌحتاج إلى ( ‪)40‬‬
‫عجلة بٌك أب أو عدة شاحنات ؟‬
‫ضحك ‪ ..‬بعد أن ارتسمت على مالمحه ما ٌدل على الحٌرة واالرتباك‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫((كانوا جٌاعا وشاهدت نساءهم تحمل الواحدة منهن كٌس رز على كتفها وتتجه مهرولة نحو دارها‬
‫لتعود مرة ثانٌة خالل دقابق!))‬
‫قال الضابط اإلداري للمدخر‪ :‬انه ((شاهد إحداهن تحمل جهاز تكٌٌؾ فوق رأسها وصبٌة ٌتولون‬
‫أمر مخازن المعلبات والكارتونات الصؽٌرة)) *‬
‫كانت الجماهير المهاجمة من الفئات المسحوقة اقتصاديا وتعاني من شظؾ العيش ولٌس ؼرٌبا‬
‫أن تكون نظرتهم إلى النظام بكلٌته نظرة كراهٌة إذ استؤثر أزالمه بكل لوازم الرفاهٌة والعٌش‬
‫الرؼٌد فً القصور الفارهة حٌث كان كل من ٌنتسب إلى الزمرة الحاكمة ٌحوز ما ٌشاء من‬
‫‪ .‬ولما قام‬ ‫الممتلكات فً حٌن ك ان الناس ينحدرون إلى قاع الفقر وليس من سائل عن حالهم‬
‫‪235‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صدام باحتالل الكوٌت‪ ،‬ارتفعت اِلسعار بشكل جنونً وبدأ العمل بنظام البطاقة التموٌنٌة والذي ال‬
‫ٌكاد ٌكفً العابلة لمدة عشرة أٌام في حين استمر أعوان النظام بالتمتع بالثروات وإنفاق األموال‬
‫على هواهم دون أن ٌإثر فٌهم الوضع الجدٌد وال بد لنا من ذكر‪ ،‬أن النظام ادخل عملية الفرهود‬
‫فً سٌاسته وطبقها فعال فً صورة مادة لمعاقبة من ٌخفون سلعا أو ٌتحاٌلون على "الشعبة‬
‫االقتصادٌة" التً تراقب التجارة والتابعة لدوابر اِلمن العامة‪ ،‬فكان المخالؾ ٌحبس ثم ٌحدد ٌوم‬
‫"لفرهدة" مخزنه وأمام عٌنٌه‪ ،‬وٌؤتً الجالوزة وأقاربهم من كل حدب وصوب فً ساعة ٌتفقون‬
‫علٌها وٌقومون بنهب محله التجاري باسم الدولة وتعلٌماتها!‬
‫بعد أن انهٌنا تفقد المدخر‪ ،‬خرجنا إلى الشارع العام قرب مدٌرٌة الناحٌة حٌث وزعت القواطع على‬
‫ُ‬
‫ووجهت إلٌهم أوامر بتفتٌش المنطقة دون التعرض إلى البٌوت‪.‬‬ ‫التشكٌالت‬
‫ٌعن بســـط‬
‫كان دخول الفرقة المدرعة ٌعنً استرداد النظام لمواقع عابدة للثوار‪ ،‬لكن ذلـك لم ِ‬
‫السٌطرة الكاملة علٌها‪ ،‬فالمدٌنة لم تشهد أعمال عنؾ أو إطالق نار وطرٌقة تنفٌذ "الواجب" كانت‬
‫مإثرة كثٌراً‪ ،‬حاول الجمٌع أن ٌشعروا الناس بالعطؾ والرحمة وان اِلوامر الصادرة من بؽداد لم‬
‫ٌجر تنفٌذها كما أراد النظام‪.‬‬

‫كابوس أم حقيقة ‪..‬؟‬


‫عندما كنا بالقرب من مركز الناحٌة بانتظار نتاب التفتٌش‪ ،‬شاهدنا شابا ٌركض مسرعا وٌتبعه عدد‬
‫من الجنود وفً هذه اِلثناء جاءنا عنصر من بقاٌا اِلمن العام الذي كان وراء عملٌة المالحقة قابال‪:‬‬
‫‪ -‬إن هذا الشاب كان ٌقود المتظاهرٌن *! حٌنها بادر قابد الفرقة وأرسل أحد جنود حماٌته للتعرؾ‬
‫على الموقؾ‪ ،‬فسار اِلخٌر فً االتجاه الذي أشار إلٌه اِلول وبعد مضً دقابق ال تتعد العشر‪،‬‬
‫جًء بجندي الحماٌة مصابا بطلق ناري فً ٌده الٌسر وكانت اإلصابة بسٌطة بحٌث لم تصل‬
‫الرصاصة إلى العظم‪ ،‬لكن الحادثة كانت تعنً اعتداءا وتحدٌا الن الفرقة ؼلب على تصرفها‬
‫الهدوء والمسالمة ولم تطلق رصاصة واحدة على أحد وساد شعور بؤنه ال بد من العثور على‬
‫الجانً ورأ قابد الفرقة أن ٌستعٌن بمختار المنطقة للتعرؾ على الشخص‪ ،‬فهذا من اختصاصه‪،‬‬
‫فؤرسل أحد جنود الحماٌة لجلبه من بٌته وقد وصل المختار بعد ساعة تقرٌبا‪،‬‬
‫ولما سلم علٌنا ‪ ..‬قال معتذرا‪:‬‬

‫‪236‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ -‬آسؾ‪ ،‬لم استطع الخروج من بٌتً بسهولة‪ ،‬لٌس الٌوم فقط بل منذ أسبوعٌن الن أهل "الدٌر"‬
‫ٌتهموننً بؤننً جاسوس للحكومة *‬
‫رد علٌه القابد مقاطعا كالمه ‪:‬‬
‫‪ -‬ال داعً لهذا الكالم‪" ،‬أرٌد منك أن تؤتً بالشخص الذي أطلق النار على الجندي"‪ .‬ثم أوعز إلى‬
‫حماٌته بمرافقته لٌدلهم على الدار التً أطلقت منها النار وقبل أن ٌتحرك المختار وجماعة الحماٌة‬
‫ورجل اِلمن والجندي الجرٌح قال القابد موجها حدٌثه إلى المختار‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم ٌعترؾ أهل الدار‪ ،‬لدٌنا أوامر بضربها بالدبابات !‬
‫ذهب المختار وجنود الحماٌة لجلب الشخص الذي أطلق النار على الجندي ولكنهم لم ٌجدوا فً‬
‫الدار سو نساء وأطفال أكدوا لهم أن أوالدهم فً الجٌش‪ ،‬فعاد المختار والحماٌة والجندي الجرٌح‬
‫لٌخبروا القابد بما جر ‪ ،‬ثم أردؾ المختار قابالً‪:‬‬
‫‪ -‬سٌدي هذه العابلة معروفة وال ٌوجد لدٌهم اآلن رجل واحد ٌمكن أن ٌقوم بمثل هذا العمل وقد‬
‫ٌكون "اِلخ ‪ -‬وأشار بٌده نحو الجندي "واهم" ‪ ،-‬وقد تكون إطالقة طابشة أصابته وربما هرب‬
‫الفاعل باتجاه النهر (شط العرب)‪.‬‬
‫هنا ظهر االنفعال على قابد الفرقة‪ ،‬الذي خاطبه قابال‪ :‬ال تتستر علٌهم‪ ،‬أنا أرٌد الفاعل فورا وإذا لم‬
‫تؤت به سٌكون أحد أوالدك بدٌال عنه‪ ،‬لدٌك نصؾ ساعة ‪ ..‬فرد عليه المختار بصوت منخفض ‪:‬‬
‫‪ -‬إننً فً ورطة تماما ‪" ..‬أهل المدٌنة ٌتهموننا بالتعاون مع الحكومة ضد الشعب وال نستطٌع‬
‫الخروج من بٌوتنا ‪ ..‬أنا عضو في حزب البعث وابني نصير متقدم في الحزب‪ ..‬والجيش يتهمنا‬
‫بالتواطإ مع األعداء ‪ ..‬هذه بلوى صبت على رإوسنا"‪.‬‬
‫ثم اخذ المختار أحد جنود الحماٌة واتجه للبحث عن الشخص الذي أطلق النار على الجندي ‪..‬‬
‫عاد بعد نصؾ ساعة وبرفقته شاب طوٌل ٌرتدي دشداشة بٌضاء وجاكٌت ازرق‪ ،‬مظهره وحركاته‬
‫توحً بالحٌاء والتهذٌب ولما وصل بادر قابال‪:‬‬
‫‪ -‬هذا ابني ‪ ..‬تفضلوا خذوه بدال من الشاب الذذ تطلبونه !‬
‫بدت على القابد عالمات اإلحراج وصمت للحظات قبل أن ٌرد بشًء واكتفى بالقول‪:‬‬
‫‪ -‬سنضرب ابنك اآلن !‬
‫اقتربت من ابن المختار الذي ٌعمل مدرسا فً إحد المدارس الثانوٌة وتحدثت معه عن اِلحداث‬
‫التً وقعت فً الناحٌة خالل الٌومٌن الماضٌٌن‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪237‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 17‬كانون‬ ‫‪ -‬إن البعثٌٌن ٌتعرضون لتهدٌدات بالقتل منذ بداٌة القصؾ الجوي لدول التحالؾ فً‬
‫الثانً‪ ،‬وِلن "والدي" مختار المنطقة وعضو فً الحزب فقد تم التركٌز على "عابلتنا" ووصلت‬
‫اِلمور إلى درجة أصبحنا فٌها ال نفتح الباب الخارجً إال بعد التؤكد من هوٌة الطارق وال نخرج‬
‫من البٌت بعد الضٌاء اِلخٌر‪.‬‬
‫ورؼبت فً مزٌد من الحدٌث عن المنظمة الحزبٌة وبقٌة الحزبٌٌن البعثٌٌن‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪ -‬انهم اختفوا تدرٌجٌا‪ ،‬ذهبوا إلى المدن اِلخر خشٌة انتقام أهالً المنطقة منهم ِلنهم ٌمثلون‬
‫السلطة‬
‫وبعد لحظات من الصمت‪ ،‬سؤلته عما إذا كان الحزب قد أساء ِلهالً المنطقة‪ ،‬فؤجاب‪:‬‬
‫‪" -‬ال توجد إساءات متعمدة‪ ،‬بل مالحقة للهاربٌن من الجٌش ومطالبة الناس بااللتحاق بقواطع‬
‫الجٌش الشعبً‪ ،‬وملء بطاقات المعلومات وؼٌرها من اِلعمال التً تتم بناءا على تعلٌمات تؤتً‬
‫من فوق ونحن ننفذ! وعلى أٌة حال‪ ،‬فان الحزب أصبح مكروها ً لد الناس ِلنه لم ٌعد جماهٌرٌا‬
‫كما كان الحال فً السابق‪ ،‬كذلك الناس تكره الحكومة وصار الحزب جزءا منها‪.‬‬
‫كان تعاطؾ المختار مع أبناء مدٌنته واضحا وكانت طرٌقة كالمه تدل على تحاشٌه التورط فً‬
‫مقتل ابن إحد العوابل المعروفة فٌها ولكن قابد الفرقة ٌجد نفسه مرؼما على التشدد فً تنفٌذ‬
‫اِلوامر وٌخشى أن توجه له تهمة التقاعس والتواطإ خاصة واِلمور لم تكن قد حسمت بعد‪،‬‬
‫فالمإشرات تتالحق والنظام ما زال قابما‪.‬‬
‫كان قابد الفرقة على قناعة بؤن المختار ٌعرؾ الفاعل ولكنه ٌخشى انتقام ذوٌه‪ ،‬لذا قرر حجز ابن‬
‫المختار فً مقر الفرقة حتى الساعة الثانٌة بعد الظهر وهدد بإطالق النار على ذراعه الٌسر إذا‬
‫لم ٌتم إحضار الشاب المطلوب‪ ،‬عند ذلك اقتٌد ابن المختار إلى مقر القٌادة‪.‬‬
‫كنت حٌنها أقؾ متؤمالً الموقؾ عن كثب وأنظر باحترام وود إلى المختار وابنه‪ ،‬فهما رجالن‬
‫محترمان ولم تصدر منهم إساءة ِلبناء مدٌنتهم وأصبحا فً وضع ال ٌحسدان علٌه عندما تعرضا‬
‫للمسابلة وحتى اإلهانة تجسدت أمامً صورة مروعة عن النظام‪ ،‬فقد حول مجموعة كبٌرة من‬
‫الناس إلى شركاء له فً سٌاسته بل إلى مإسسة تعمل لصالحه وقارنت بٌن الوضع الذي انحدر إلٌه‬
‫الحزب فً نشاطه حٌث اصبح مإسسة أمنٌة خانعة للنظام وبٌن طموحات وتطلعات أولبك القادة‬
‫البعثٌٌن الذٌن كان إخالصهم لمبادئ الحزب واِلمة العربٌة سببا فً أن ٌقضً علٌهم صدام!‬

‫‪238‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً الساعة الثانٌة بعد الظهر‪ ،‬جاء المختار إلى مقر الفٌلق ومعه شاب نحٌؾ ٌعلو بشرته اصفرار‬
‫شدٌد وتوجه إلى قابد الفرقة قابال‪ :‬هذا هو الشاب المطلوب ! فً هذه اللحظة طلب منه القابد أن‬
‫ٌراجع نفسه وهل هو متؤكد من ذلك أم أنه جلب الشاب إلنقاذ ابنه من العقاب ؟ فرد المختار قابالً ‪:‬‬
‫إن هذا الشاب ٌعترؾ بما اقترفته ٌداه ورجا القابد أن ٌتؤكد بنفسه من الشاب‪ ،‬ولما سإل الشاب عن‬
‫صحة ما جاء على لسان المختار أجاب قابال‪ :‬نعم‪ ،‬أنا الذي أطلقت الرصاص على الجندي!‬
‫كان المختار مرتبكا قلقا وعندما أُطلق سراح ابنه‪ ،‬سارع الخطى لٌخرج من المؤزق وقد تبادلت‬
‫معهما للحظة خاطفة نظرات مشحونة بالقلق والتردد والحٌرة‪.‬‬
‫أمر قابد الفرقة أفرادا من الحماٌة بوضع الشاب قرب الجدار ورفع ذراعه الٌسر إلى اِلعلى‬
‫لتنفٌذ العقوبة التً ارتؤاها‪ ،‬ولما تم وضع الشاب "وإعداده" على الصورة المطلوبة دخل بعض‬
‫الجنود فً مناقشة بٌنهم حول من سٌقوم بإطالق النار !‬
‫كم تمنٌت أن أكون سارحا فً خٌال ٌحملنً بعٌدا عن هذا المشهد! ورددت مع نفسً‪،‬رباه‪ ،‬هل إن‬
‫ما ٌجري أمامً حلم أم كابوس!! تبا لمثل هذا الواقع المإلم ‪...‬ها نحن نتحول من قادة وضباط‬
‫ٌحترمنا الجنود والناس إلى رجال ال ٌهمهم سو إلحاق الظلم باآلخرٌن وإدانتهم دون دلٌل!‬
‫فٌا لها من لعنة!‬
‫كنت أتابع مالمح الحٌرة التً ارتسمت على وجه قابد الفرقة وحقٌقة المؤزق الذي دخل فٌه‪ ،‬فهو‬
‫متردد‪ ،‬إذ إن اِلمور كانت ؼٌر محسومة لصالح االنتفاضة وان خوفه من الؽــد ٌجبره علــى تنفٌذ‬
‫اِلوامر القاسٌة ولو بشًء من المرونة‪.‬‬
‫فً تلك اللحظة عزمت دون تردد أن افعل ما ٌملٌه علً ضمٌري‪ ..‬فاقتربت من الشاب وسؤلته‬
‫بعطؾ ظاهر‪:‬‬
‫‪ -‬هل أنت أطلقت النار حقا على الجندي ؟ ‪-‬كنت أتوقع أن ٌنفً ذلك كً أتمكن من مساعدته ‪-‬‬
‫ولكنه أجابنً بهدوء‪:‬‬
‫‪ -‬نعم‪ ،‬أنا أطلقت الرصاص على الجندي‪ ،‬ولم ٌضؽط علًّ المختار لالعتراؾ بذلك‪ ،‬بعد الذي‬
‫سمعته من الشاب أصبح موقفً اكثر حراجة فاتجهت إلى قابد الفرقة الذي كان ٌنتظر ابتعادي عن‬
‫الشاب لٌصدر أمر الرمً وقلت له‪:‬‬
‫‪ -‬ربما سنرتكب خطؤ بحقه‪ ،‬فقد ال ٌكون هو الفاعل‪ ،‬وربما تصٌب الرصاصة رأسه فتقتله‪ ،‬كما إن‬
‫إصابة جندٌنا بسٌطة !‬
‫‪239‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫طلب منً القابد أن أوضح قصدي‪ ،‬فؤجبته بصوت خافت "نعفٌه !" فوافق على الفور واصدر أمره‬
‫بالعفو عن الشاب وكؤنه كان ٌنتظر مثل هذه المشورة منذ حٌن!‬
‫شعرنا بارتٌاح كبٌر عندما أطلق سراح الشاب وشاهدناه ٌخرج مسرعا لٌلحق بالمختار وابنه وكان‬
‫لهذه الحادثة صد حسن لد الجنود القرٌبٌن منا الذٌن حضروا المشهد وعاشوا تفاصٌل الحدث‬
‫وسرعان ما انتشر الخبر بٌن كافة منتسبً الفرقة وكان له وقع كبٌر فً النفوس‪.‬‬

‫مشاعر … مشتركة ‪! ..‬‬


‫كانت تجمعنا مشاعر خفٌة بالحفاظ على الضبط العسكري للتشكٌالت المنفذة دون القٌام بارتكاب‬
‫أعمال عنؾ ضد أهل "مدٌنة الدٌر" وكان شعورنا المشترك ٌتركز حول حقٌقة تتلخص‪ ،‬بؤننا ال‬
‫ٌمكن أن نشارك فً قتل شعبنا‪ ،‬فالجٌش العراقً ذو تارٌخ مشرؾ وعالقته بالشعب كانت دوما‬
‫حسنة وتعبر عن روابط تؤرٌخٌة تمتد جذورها عمٌقا من الشمال إلى الجنوب حٌن ٌتذكر أبناء‬
‫الجٌش ما قدمه اِلجداد من تضحٌات من أجل نٌل االستقالل الوطنً الناجز وطرد المستعمرٌن‬
‫واآلن هم أحفاد أولبك اِلبطال الذٌن عمدوا استقالل الوطن بدمابهم الزكٌة‪ ،‬فهل ٌتنكرون للتارٌخ‬
‫الذي خط اِلجداد صفحاته بالدم ؟ وهل ٌنسون مواقؾ الجٌش الوطنٌة فً تالحمه مع الشعب فً‬
‫الوثبات واالنتفاضات والثورات ؟ كان كل ذلك ٌذكرهم وبإلحاح بؤنهم الفصٌلة المسلحة للشعب‬
‫وانهم اآلن فً موقؾ ؼٌر جدٌر بهم بل هم فً "ورطة" حقٌقٌة!‬
‫إذ‪ ،‬كٌؾ ٌقدم الجٌش على قتل أحفاد أولبك الرجال الذٌن جعلوا من العراق كٌانا ً مستقالً بٌن شعوب‬
‫المنطقة فً مطلع هذا القرن؟‬
‫كنا نتداول هذه العبارات مع بعضنا حٌن نلتقً وكان فٌها ما ٌكفً من المعانً بعدم تنفٌذ اِلوامر‬
‫المشددة الصادرة من بؽداد والقاضٌة بقمع االنتفاضة بكل السبل والوسابل وكانت لؽة العٌون‬
‫وسٌلتنا فً التعبٌر عن المشاعر الكامنة واِلحاسٌس المشتركة التً كانت تجمعنا فً تلك اللحظات‬
‫الصعبة‪ .‬ولقد لمست عند انتشار الجنود فً المدٌنة والقر المطلوب تدمٌرها إن جمٌع منتسبً‬
‫الفرقة ٌتعاطفون مع أهالً المدٌنة وقراها وسرعان ما أدرك اِلهالً أن الفرقة التً وصلت إلى‬
‫المدٌنة ال تنوي إٌذاء الناس‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً الحقٌقة‪ ،‬لم ٌحدث فً المدٌنة ما ٌدعو إلى استخدام القوة‪ ،‬وكان كل ما حدث هو حرق وتحطٌم‬
‫لتماثٌل وجدارٌات صدام ونهب "المدخر"‪ ،‬علما أن المدٌنة كانت تعٌش فً حالة حظر التجوال‬
‫وإضراب ؼٌر معلنٌن‬
‫وعادت التشكٌالت بعد أن أتمت واجبها فً فرض اِلمن والسٌطرة على "الدٌر"‪ ،‬لٌس بإطالق‬
‫النار أو هدم البٌوت أو إعدام الناس عشوابٌا بل من خالل استعراض للقوة وتظاهر محدود بالتشدد‪.‬‬
‫وفً الثانٌة بعد الظهر‪ ،‬ذهبت إلى مقر الفٌلق حٌث جناح القابد وكان اللواء الركن "صباح نوري‬
‫العجٌلً" ردٌفا * لقابد الفٌلق الذي اختٌر عضوا فً مفاوضات صفوان وجلس إلى جانبه العمٌد‬
‫الركن "عبد المنعم سلٌمان" وكٌل ربٌس أركان الفٌلق واللواء "فاضل الشٌخلً" مدٌر صنؾ‬
‫المخابرة‪.‬‬
‫كانت ؼرفة القابد مظلمة عند دخولً والقابد الردٌؾ ٌتحدث بهدوبه المعروؾ مع ضٌفه وربٌس‬
‫أركانه‪ ،‬أدٌت التحٌة العسكرٌة وأبلؽته بتنفٌذ "الواجب والسٌطرة" على "الدٌر" وتفقدنا المدخر‬
‫وأردفت قابال‪:‬‬
‫‪ -‬الوضع هادئ هناك وال ٌوجد ما ٌإثر على اِلمن‪.‬‬
‫أجابنً بعد ان نطقت نظراته بعدم الرضا قابال‪:‬‬
‫‪ -‬لكنكم لم تنفذوا مثلما طلبنا منكم !‬
‫وشعرت بؤن القابد الردٌؾ سٌقودنً إلى إحراج‪ ،‬فتجاهلت كلماته وخرجت من الؽرفة‪.‬‬
‫جثث تطفو ‪! ..‬؟‬
‫فً الممر المإدي إلى جناح شعبة أمن الفٌلق‪ ،‬شاهدت عشرات الجنود ٌجلسون القرفصاء وأٌدٌهم‬
‫فوق رإوسهم وتحٌط بهم عناصر مسلحة من أمن الفٌلق بؤمرة ضباط أمن ٌقفون على مقربة منهم‬
‫وكؤن هإالء الجنود مجرمو حرب أو لصوص أو خونة ولٌس من طرٌقة ٌعالجون بها إال هذا‬
‫االزدراء وهذه النهاٌة المعروفة سلفا بسلبهم رمق الحٌاة وإذا كانت عناصر اِلمن المسلحة وضباط‬
‫اِلمن ٌستؤسدون على أفراد عزل ضعاؾ أمامهم‪ ،‬فهل ٌتصورون أن فً ذلك إعالءاً لشؤن الوطن‬
‫وإكراما لمقاتلٌن بواسل عادوا من ساحة موت محقق! أم انهم ٌقومون بعملٌة بهرجة لصورة نظام‬
‫سقط إلى الحضٌض وٌحاول انتشال نفسه بإخماد اِلنفاس لٌقؾ على جماجم وأشالء أبناء شعب‬
‫ٌؤس وهو ٌسٌر من ؼٌر هدؾ وفق أوامر لم ٌمارسها حتى الشٌاطٌن فً القصص الخرافٌة!‬

‫‪241‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حٌنذاك استوقفنً نداء استؽاثة أطلقه ثالثة من الجنود "سٌدي ‪ ..‬سٌدي"‪ ،‬وتابع أحدهم شارحا لً‬
‫حالهم‪:‬‬
‫‪ ،16‬انسحبنه من الكوٌت مع اللواء وٌتهمونه‬ ‫‪" -‬سٌدي ‪ّ ..‬للا ٌخلٌك ‪ ..‬احنه من اللواء المدرع ‪/‬‬
‫ؼوؼاء" !‬
‫إن ما صدر من هذا الجندذ ليس مما يضعه في موقؾ الدفاع عن نفسه بل انه تقرير عن حاالت‬
‫بديهية ال تستحق هذا الؽلو في الحقد واإلذالل وهو يعلم أن ندائه هو صرخة ما قبل الموت وإنها‬
‫مثل صرخة في واد ونفخة في رماد بل ويعلم اكثر من ذلك إن الجواب الذذ سيؤتيه من هذه‬
‫العناصر هو "ولقد قضيت من الؽريم ديوني" ورب سائل يسؤل هل إن هذه الديون هي للجنود‬
‫الذين خاضوا حرب الثمان سنوات ضد إيران ورسموا صور المعارك بتضحياتهم ولونوها‬
‫بدمائهم وعادوا معوقين مدى الحياة الجنود الذين سيقوا إلى الكويت ليقفوا حيارى أمام قوات‬
‫التحالؾ الدولي لتنثرهم بعد حين في متاه ات الصح ارى وبط ون الوديان أم أن هذه الديون ضد‬
‫صب الجاني نفسه حاكما يخيل إليه انه يحكم بالعدل والقسطاط بينما‬
‫هإالء الجنود ولتحصيلها ين ّم‬
‫هو ؼارق في أوحال الجريمة !!!‬
‫كان هإالء الجنود الثالثة ٌستنجدون بً حٌث كنت آمر لوابهم السابق وربٌس أركان فرقتهم‬
‫الحالً‪ ،‬فهم ٌعرفوننً جٌدا ووجوههم مؤلوفة عندي وقد ترك الخوؾ والرعب على مالمحهم آثارا‬
‫ال تنسى وكؤنهم فً وادي الموت وها هم ٌمدون لً أٌادٌهم أمال فً انتشالهم‪.‬‬
‫نظرت إلى جماعة اِلمن بحثا عن آمرهم الرابد " ‪ ".....‬وقلت له‪:‬‬
‫‪ -‬هإالء الجنود الثالثة من أبطال الفرقة المدرعة السادسة وقد انسحبوا مع تشكٌالتهم من الكوٌت‪،‬‬
‫فما هً عالقتهم بالؽوؼاء ؟ ٌجب إطالق سراحهم‪.‬‬
‫كان الرابد " ‪ " .......‬لبقا‪ ،‬لكنه خبٌث ودموي‪ ..‬فؤجابنً‪:‬‬
‫‪" -‬سٌدي ‪ ...‬تؤمر أمر ‪ ...‬سنجري معهم تحقٌقا بسٌطا للتؤكد من سالمة موقفهم ونطلق سراحهم بعد‬
‫عرض الموضوع على السٌد قابد الفٌلق الذي سٌعود بعد ساعات ‪ ..‬سٌدي تدلل ‪ ..‬اطمبن علٌهم"!‬
‫سرت بٌن الجنود موجة ارتٌاح وهم ٌسمعون كلمات ضابط اِلمن فكبر فً أعماقهم أمل فً الٌنجاة‬
‫وتبادلوا النظرات وأشرقت على وجوههم ابتسامات مشوبة بالحذر‪ ،‬أما أنا‪ ،‬ففً قرارة نفسً كنت‬
‫أر فً عبارات الرابد وكلماته التً تحمل التردد شٌبا ال ٌتناسب مع واقع سٌرته وسلوكه ِلنه كان‬
‫عندما ٌجٌبنً كؤنه ٌقوم بتمثٌل دور اسند إلٌه‪.‬‬
‫‪242‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً الساعة العاشرة من تلك اللٌلة‪ ،‬سمعنا أصوات طلقات بنادق كالشنكوؾ متقطعة تارة‬
‫ومتواصلة أخر مصدرها جناح اِلمن‪ ،‬واستمرت هذه الطلقات عشر دقابق وظننت ذلك احتفاال‬
‫بعودة قابد الفٌلق من المفاوضات! وفً الصباح‪ ،‬وكانت الوساوس تسري فً أوصالً عن حٌاة‬
‫الجنود الثالثة وأصوات الطلقات‪ ،‬أرسلت ضابط التوجٌه السٌاسً الرابد (فرحان السلمانً)‪،‬‬
‫لالستفسار عن أوضاعهم‪ ،‬وحٌن عاد‪ ،‬كنت قد لمحت على وجهه ؼمامة حزن ‪ ..‬قال‪:‬‬
‫‪ -‬اعدموا ‪ ! ...‬ليلة البارحة ‪ ! ...‬سيدذ ‪ ...‬وألقيت جثثهم في شط العرب!‬
‫ارتسمت فً تلك اللحظة أمامً مالمح الجنود الثالثة والوضعٌة التً كانوا فٌها وهم ٌستنجدون بً‬
‫إلنقاذهم وتؤكدت شكوكً عما كان ٌخفً الرابد * من نٌة وعزم على إعدامهم‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬كنت‬
‫أتساءل عن الطرٌقة التً اعدموا بها‪ ،‬وهل تم إعدامهم بموافقة قابد الفٌلق الذي عاد من صفوان توا‬
‫؟ ومع علمً انه كانت هناك صالحٌات لتنفٌذ حكم اإلعدام بؤي مشتبه به دون الرجوع إلى المراتب‬
‫العلٌا‪ ،‬إال أن هذه الصالحٌات لم ٌستخدمها إال نفر قلٌل جدا وهم ٌفعلون ذلك إما ِلنهم كانوا خابفٌن‬
‫من تقارٌر ترفع عنهم أو نفذوها بإلحاح مباشر من مسإولً اِلمن ولذلك كنت فً قرارة نفسً اتهم‬
‫ضابط اِلمن الرابد " ‪ " ...‬فً إعدام الجنود الثالثة والعشرات ؼٌرهم !‬
‫لقد كانت مكاتب اِلمن هدفا مباشرا لثوار االنتفاضة والجنود الذٌن التحقوا بها الن هذه المكاتب‬
‫إضافة إلى سوء تصرؾ منتسبٌها وتدنً أخالقهم‪ ،‬كانت مراكز لجمع المعلومات عن الضباط‬
‫والمراتب وقد استولى شباب االنتفاضة على هذه المكاتب ومزقوا بعض أضابٌرها واحرقوا البعض‬
‫اآلخر وحملت الرٌح ما تبقى منها إلى مختلؾ االتجاهات ووصلت بعض بقاٌاها إلى حدودنا‬
‫الشرقٌة مع إٌران وبعد أن تسربت المعلومات الموجودة فً اِلضابٌر بات كل منا ٌعرؾ ما كان‬
‫مكتوبا عنه فً التقارٌر وقد أصبحت محتوٌاتها مادة للحدٌث‪..‬‬
‫مرة‪ ،‬جاءنً أحد الضباط ٌحمل ورقة ملطخة بالطٌن قطع أحد أطرافها وكتب على جانبها اِلٌسر‬
‫العلوي عبارة "جهاز اِلمن الخاص"‪ ،‬وكان واضحا أنها مرسلة إلى قٌادة الفرقة المدرعة السادسة‬
‫عام ‪ 1988‬وتتضمن معلومات عنً ‪..‬‬
‫قال لً الضابط الشاب‪:‬‬
‫‪ -‬وجدتها على جانب الطرٌق العام‪ ،‬خارج الفرقة‪ ،‬عندما كنت أتمشى مساءا‪ ،‬فتبٌن لً كٌؾ لجؤ‬
‫مسإولو اِلمن والتنظٌم الحزبً إلى الكذب إلظهار إخالصهم للنظام‪ ،‬فقد ادعوا انهم احرقوا‬

‫‪243‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫محتوٌات المكتب أو ذاتٌة الشعبة قبل انسحابهم كلٌة وهم ٌرددون ‪" ..‬إضبارة ‪ ...‬إضبارة ‪ ..‬هكذا‬
‫اخبرونً فً البداٌة!)‬

‫على بوابة الهارثة ‪..‬‬


‫فً الساعة الثالثة بعد ظهر ٌوم ‪ 7‬آذار ‪ ، 1991‬وصل إلى مقرنا العمٌد الركن "صالح عبد ّللا‬
‫حنتوش" الذي ٌشؽل منصب ضابط ركن الثانً حركات الفٌلق الثالث‪ •،‬وقال لقابد الفرقة ولً‬
‫أٌضا‪ :‬إن "المخربٌن" ٌسٌطرون على مدخل الهارثة فً الجهة القرٌبة من الفٌلق ويريد قائد الفيلق‬
‫أن يحرك الفرقة السادسة بمجملها "لتطهير" المدينة وان يبدأ العمل فورا‪.‬‬
‫كان الجو باردا وممطرا‪ ،‬وكنا عابدٌن لتونا من عملٌة التفتٌش التً بدأت منذ الصباح الباكر لذلك‬
‫رد قابد الفرقة‪:‬‬
‫‪ -‬إن الفرقة عادت تواً من واجب والجنود ٌرٌدون أن ٌتناولوا طعامهم وٌؤخذوا قسطا من الراحة‬
‫وموقفنا اإلداري ما زال صعبا‪ ،‬فهل باإلمكان تؤجٌل الواجب ؟‬
‫قال صالح‪:‬‬
‫‪ -‬إن قابد الفٌلق ٌرٌد العمل اآلن وعلى الفور‪ ،‬فلم ٌكن هناك خٌارً ا فً التهٌإ والحركة ‪ ،‬فاتجهنا‬
‫إلى المركز المطلوب حٌث كان قابد الفٌلق بانتظارنا عند مركز الدفاع المدنً لمدٌنة الهارثة وكنت‬
‫حرٌصا على أن اخرج مع التشكٌالت عند تنفٌذ هذه الواجبات ِلمور كثٌرة أهمها اإلطالع‬
‫واستؽالل الفرص للتخفٌؾ والحد من صرامة التنفٌذ وكان قابد الفرقة ٌرؼب دابما فً أن أكون‬
‫معه خالفا لسٌاقات العمل• النه ال ٌوجد مبرر لكً أبقى فً المقر إذ ال ٌوجد عندنا مقرات كبٌرة‬
‫لكً تنقسم إلى مقر للقابد وآخر لربٌس اِلركان‪.‬‬
‫بدأنا بالتحرك‪ ،‬لواء ‪ 25 /‬ومعه " ‪ "3‬دبابات من لواء ‪ 16 /‬و " ‪"4‬دبابات من لواء ‪ 30 /‬وتوجهنا‬
‫إلى الهارثة والى منطقة تحشد معٌنة وقرٌبة من مقر قابد الفٌلق حٌث تجمع اكثر من ثالثٌن شخصا‬
‫من بٌنهم الفرٌق الركن "صالح عبود" والقابد الردٌؾ "اللواء صباح نوري"‪ ،‬وقابد الفرقة اِلولى‬
‫عمٌد ركن "حسٌن حسن عداي"‪ ،‬وقابد الفرقة الثالثة عمٌد ركن "حسن زٌدان" وضباط آخرون‬
‫وجماعة أمن الفٌلق‪.‬‬
‫قال الفريق صالح عبود مخاطبا قائد الفرقة بعد أن استدعى آمر لواء المشاة اآللي‪ 25 /‬أيضا ‪:‬‬
‫هإالء مجموعة من العمالء "المخربين" وهم على بعد كيلو متر واحد وأشار بيده نحو مدخل‬
‫‪244‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مدينة "الهارثة" ٌحتلون موقع سٌطرة عسكرٌة قدٌمة‪ ،‬المطلوب أن تقضً علٌهم وتدخل المدٌنة‬
‫لتطهٌرها وتصل قواتك إلى الجسر الذي جنوب السٌطرة وجعل الطرٌق إلى البصرة سالكا‪ .‬ثم‬
‫حول نظره إلى آمر اللواء وقال له‪ :‬عليك أن تبدأ بمعالجة السيطرة والبيوت المجاورة لها قبل‬
‫الحركة خشية وجود أسلحة مقاومة للدبابات فيها وأردؾ قائال‪ :‬عليكم فرض السيطرة على‬
‫المدينة بالقوة وكرر أوامره السابقة بتدمير المساكن والبنايات التي تبدذ أية فعالية معادية‪.‬‬
‫الوقت ٌقترب من الساعة الخامسة عصرا ‪ ...‬كانت القوة منهكة معنوٌا‪ ..‬وِلول مرة أصبحنا تحت‬
‫اختبار حقٌقً‪ ،‬فجمٌع الحاضرٌن وعلى رأسهم قابد الفٌلق ٌشاهدون عمل الفرقة وٌترقبون النتاب‬
‫التً ال تقبل التسامح والتهاون‪.‬‬
‫األوامر واضحة وحازمة والهدؾ معلوم والقوة متكاملة في منطقة الوثوب والجميع يشاهدون‬
‫بؤعينهم‪.‬‬
‫كنت أتوقع بؤن القوة سوؾ تدخل الهارثة وتدمرها هذه المرة حيث ال مجال للتهرب من تنفيذ‬
‫األوامر‪.‬‬
‫باشرت القوة بالتقدم بعد أن أطلقت الدبابات نيرانها في اتجاه عدد من المباني والمراصد القريبة‬
‫من السيطرة ولكن اإلطالقات سقطت بعيدة جدا عن أهدافها بحيث لم نشاهد موقع سقوطها ! * (‪-‬‬
‫‪*-‬مالحظاتً ومشاهداتً فً نهاٌة النص*‪ )--‬وهذا مإشر على أن الرجال القابضٌن على الزناد قد‬
‫قرروا تنفٌذ اِلوامر الصادرة إلٌهم على طرٌقتهم الخاصة‪ .‬كان آمر اللواء وهيئة ركنه يتوسطون‬
‫القوة المتقدمة نحو هدفها وهي "السيطرة" وعندما أصبحت على مقربة ثالثمائة متر فتحت النار‬
‫من جهة الثوار وكانت عبارة عن صلية او صليتين كالشنكوؾ باتجاه القوة المهاجمة سقط على‬
‫أثرها ذلك ثالثة جرحى أحدهم ضابط‪ .‬فً تلك اللحظة‪ ،‬توقفت عجالت القتال المدرعة والدبابات‬
‫جمٌعها وكنا نتوقع أنها نفذت توجٌها ِلمر اللواء‪ ،‬الجمٌع ٌترقب الموقؾ بحذر‪ ،‬قابد الفٌلق‬
‫واآلخرون ٌنتظرون احتالل الناحٌة والسٌطرة على الجسر الذي ٌربطها بطرٌق البصرة وبذلك‬
‫ٌسجل موقفا بطولٌا وٌزؾ البشر للقابد العام فً بؽداد! ولكن هنا حدثت المفاجؤة فقد تراجعت‬
‫القوة المهاجمة بعجالتها المدرعة ودباباتها مهزومة إلى حيث انطلقت وتعالت صليات الرصاص‬
‫خلفها ويبدو أن جنودنا قرروا حسمها هذه المرة بؤنفسهم دون الحاجة إلى إيماءة من أحد ‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تخلت القوة عن القتال وكانت هزٌمة مذهلة وواضحة للجمٌع وال ٌمكن التستر علٌها وكنت أخشى‬
‫أن ٌعتبر اِلمر من تدبٌرنا‪ ،‬قابد الفرقة وأنا‪ ،‬حٌث كثرت المإشرات بهذا الخصوص‪ .‬فاقتربت من‬
‫آمر اللواء وقلت له مبتسما عملكم جيد أجابني قائال‪ :‬هذه ورطة جديدة في الكويت كان الجنود‬
‫ال يقاتلون أما هنا فال يوجد أذ استعداد للقتال ال من الضباط وال من الجنود ثم لماذا القتال؟‬
‫ولمصلحة من يموتون ؟ وعندما شاهد الفريق صالح ما حدث لقوة كبيرة أمام صليتي رشاش‬
‫عرؾ وضع قطعاته وانه اليمكن أن يكرر العملية أو يقوم بشيء ؼير االنسحاب إلى مقره في‬
‫ناحية الدير فقرر االنسحاب ولزم الصمت ولم ٌحاول التحقٌق والمحاسبة وتناسى الموضوع كلٌا‬
‫وتظاهر مقتنعا بمبررات بعض الخٌرٌن من أن هذا حدث نتٌجة ضعؾ العامل اإلداري وانه لٌس‬
‫عصٌانا أو عدم تنفٌذ أوامر‪ * ،‬ولكن بوادر تشٌر إلى عدم االرتٌاح من قابد وربٌس أركان الفرقة‬
‫قد ظهرت وتمخضت عن القٌام بنقل قابد الفرقة المدرعة السادسة إلى فرقة المشاة ‪ 29 /‬بالرؼم من‬
‫أن أمر إلؽابها قد صدر توا كما تم تبلٌػ القابد الجدٌد بضرورة تحجٌم ربٌس أركانها والحد من‬
‫هٌمنته على التشكٌالت والمقرات فٌها رٌثما ٌتم نقله إلى مكان آخر‪ ،‬وبعد بضعة أٌام من تلك‬
‫التطورات تم القبض على ضابطٌن وعدد من الجنود فً تلك القوة من قبل عناصر أمن الفٌلق‬
‫بتهمة التعاون مع المعارضة!‬
‫مختببون و قتلى ‪..‬وهجوم مضاد !!‬
‫بعد ٌوم ‪ ، 3/8‬استمرت الفرقة بإدامة معداتها وأسلحتها وتدبٌر شإونها اإلدارٌة‪ ،‬وتزاٌد آنذاك‬
‫التحاق الضباط والجنود إلى وحداتهم بعد ان كانوا مختببٌن فً المدن والقر المجاورة طوال اِلٌام‬
‫الماضٌة‪ ،‬وكان من بٌن المختببٌن الذٌن التحقوا مسإول التنظٌم الحزبً للفرقة ومدٌر اإلدارة وعدد‬
‫من آمري الصنوؾ وضباط أمن مقر الفرقة‪.‬‬
‫وفً ‪ 13‬آذار‪ ،‬عٌن العمٌد الركن "سعدون ٌونس محمد أمٌن" قابدا للفرقة المدرعة السادسة وزود‬
‫بتوجٌهات شفوٌه تحذره من ربٌس أركان الفرقة (مإلؾ الكتاب)‪ ،‬ولما سمعت بذلك التوجٌه‪ ،‬بدأت‬
‫الشكوك ٌساورنً من التعامل معه وهٌؤت نفسً لمرحلة جدٌدة من العمل‪.‬‬
‫وفً ٌوم ‪ 15‬آذار‪ ،‬كلفت الفرقة بواجبات خفٌفة لتفتٌش القر والقصبات الواقعة ضمن القاطع ولم‬
‫تمكن قوات الحرس الجمهورذ (فرقة حمورابي) من‬ ‫تحدث أثناء التفتٌش حوادث مهمة عدا‬
‫اقتحام مدينة الهارثة بعد مقاومة باسلة أبداها المنتفضون وبذلك أصبح الطريق سالكا إلى‬
‫البصرة وأصبحت المدينة ضمن مسإولية الفرقة المدرعة الثالثة‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان العمٌد الركن "سعدون" قابدا للفرقة ( ‪ )29‬التً صدر توا أمر بإلؽابها‪ ،‬وكان آنذاك فً قرٌة‬
‫الزرٌجً فً الضفة الشرقٌة لنهر دجلة الذي ٌفصل بٌن مقر الفٌلق والجانب اآلخر وقد استطاع‬
‫رجال االنتفاضة تطوٌقه وعزله ضمن قاطع المعارضة لمدة أسبوع (من ‪ 9 - 2‬آذار) حيث أخفاه‬
‫أحد وجهاء القرية هو ورئيس أركانه العميد الركن "صباح مطرود" وعدد من الضباط والجنود‬
‫في أحد المنازل وفي األيام األخيرة قام وجيه القرية بتسريبهم * إلى مقر الفٌلق عبر شط العرب‬
‫وقد ترك إٌواء الوجٌه له وللضباط والجنود اآلخرٌن والمحافظة على حٌاتهم أثرا طٌبا عمٌقا فً‬
‫نفسه إضافة إلى تعامل الثوار معه بالتسامح‪ ،‬ولما ظهرت علٌه آثار ذلك اإلحسان‪ ،‬بدأت الشكوك‬
‫تحوم حوله حتى وصلت إلى حد التهامس بؤنه ٌتهاون مع الثوار‪ ،‬وعندما شعر هو بذلك أراد أن‬
‫ٌثبت العكس‪ ،‬فؤظهر الشدة فً أوامره ومع ذلك‪ ،‬كان التناقض بادٌا على موقفه لعدم قناعته بقمع‬
‫الثوار بالقوة والعنؾ‪ ،‬ومما ٌجدر ذكره‪ ،‬انه كردي اِلصل وبعثً (عضو قٌادة فرقة) وكان ٌطمح‬
‫بالوصول إلى أعلى المناصب العسكرٌة لما عرؾ عنه من كفاءة وشجاعة ونزاهة‪ ،‬ولكن انتمابه‬
‫القومً كان ٌحول دون ذلك‪ ،‬اِلمر الذي زاد من صالبته وافتخاره بنفسه كونه كردي اِلصل‪،‬‬
‫ونتٌجة التحذٌرات الموجهة إلٌه بتقلٌص نفوذي فً الفرقة‪ ،‬كان ٌتجنب مشاورتً فً كثٌر من‬
‫القضاٌا وٌتعمد عدم إشراكً فً اِلحداث الٌومٌة التزاما منه بتوجٌهات مقر الفٌلق بهذا الصدد‪ ،‬إال‬
‫أن ذلك لم ٌؽٌر من قناعتً به‪ ،‬فقد عرفته رجال وطنٌا مخلصا‪.‬‬
‫فً الٌوم الثانً الستالمه القٌادة‪ ،‬سقطت قنبلة أطلقها المنتفضون على مقر الفرقة قتل على أثرها‬
‫أربعة ضباط أحداث كانوا مجتمعٌن حول "قوري شاي"‪ .‬كان اثنان منهم من محافظة واسط‬
‫والثالث من النجؾ والرابع من مدٌنة الثورة فً بؽداد وفً الٌوم نفسه كانت الفرقة السادسة تشترك‬
‫مع قطعات الحرس الجمهوري فً "الهجوم المضاد على مواقع المعارضة" فً الضفة الشرقٌة من‬
‫دجلة‪.‬‬
‫قتال على الطريق ‪..‬‬
‫‪ 3/15‬هً عبور شط العرب واالستدارة من القرنة‬ ‫كانت واحدة من المهمات التً ُكلفنا بها ٌوم‬
‫جنوبا وشرقا بموازاة الحدود العراقٌة ‪ -‬اإلٌرانٌة ثم العودة إلى مقرنا القدٌم فً النشوة إذ كنا قد‬
‫أكملنا احتالل النشوة والمناطق والقر المجاورة لها وقد استؽرقت هذه العملٌة ست ساعات‪ ،‬من‬
‫السادسة صباحا حتى الثانٌة عشرة ظهرا‪ ،‬وكانت المهمة هً إعادة جزء من اِلراضً و‬
‫"تطهٌرها" حسب مخطط الهجوم الموجه ضد الثوار من الضفة الشرقٌة لشط العرب ولؽاٌة الحدود‬
‫‪247‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اإلٌرانٌة حٌث سٌطرنا على المنطقة وعدنا إلى المعسكرات التً كانت قد تعرضت للنهب والسرقة‪،‬‬
‫فقد الحظنا اختفاء بعض الشبابٌك واِلسالك الكهربابٌة‪ ،‬فً حٌن أخذ الوضع المتردي للجٌش ٌتؽٌر‬
‫عما كان علٌه حٌث بدأ الكثٌر من الضباط والجنود الؽاببٌن والمتسربٌن بالعودة إلى وحداتهم وبدأت‬
‫الفرقة تستقبل المبات منهم ٌومٌا‪ ،‬أما عن سٌر تنفٌذ العملٌة فجر ذلك الٌوم‪ ،‬فقد تحركنا باتجاه ناحٌة‬
‫القرنة لٌال وفً طرٌقنا مررنا بناحٌة "طلحة" * التً قاوم أهلها بضراوة وابدوا من صنوؾ‬
‫البطولة فً الدفاع عن مواقعهم ما ٌدل على روحهم القتالٌة واستعدادهم للتضحٌة‪ ،‬ودار القتال بٌن‬
‫الحرس الجمهوري والثوار فً جو بارد ممطر وكنا نتحرك بصعوبة‪ ،‬فالطٌن وطبٌعة الشوارع ال‬
‫تساعد على التقدم‪ ،‬وبحلول الساعة التاسعة صباحا عبرنا النهر من جهة "القرنة" باتجاه جسر‬
‫"السوٌب" ثم "النشوة" وواصلنا التقدم وقد ضعفت المقاومة آنذاك حٌث كانت قطعات الحرس‬
‫الجمهوري قد سبقتنا بالعبور وكانت آثار جرابمهم ضد الثوار ال تزال قابمة على الطرٌق حٌث‬
‫كانت جثث القتلى المدنٌٌن تعد بالعشرات وكانت أعمارهم ال تزٌد على العشرٌن سنة وأسلحتهم‬
‫الكالشنكوؾ و ‪ R B G 7‬ملقاة حوالٌهم‪ ،‬وكؤنها ترٌد أن تقول‪" :‬كنا بؤٌدي مقاتلٌن ثوار شجعان !"‬
‫كانت كثرة المواضع المحفورة على التقاطعات الربٌسة وامتالإها بالجثث وانتشار القتلى بشكل‬
‫مجموعات تدل على حدوث مقاومة ضارٌة أبداها الثوار‪ ،‬وٌبدو أن قوات الحرس قد استخدمت‬
‫قنابل الدبابات ضدهم بكثرة وقد تقدمنا دون اعتراض الن قوات حمورابً التابعة للحرس‬
‫الجمهوري كانت قد أنجزت المهمة وفتحت الطرٌق بعد أن أبادت المنتفضٌن وهدمت وأحرقت‬
‫البٌوت وأتلفت المزروعات‪ ..‬هكذا كان مصٌر أسود ٌطوي حٌاة المبات من أبناء العراق الشجعان‬
‫فٌا لها من كارثة وٌا لها من بلو !!!‬
‫ولم ٌتوقؾ ارتكاب الجرابم عند هذه الحدود البشعة الخسٌسة‪ ،‬بل تعداها إلى ما هو اكثر كراهٌة‬
‫ومقتا واشمبزازا‪ ،‬إذ كنا نشاهد على الطرٌق االسفلتً المعبد صورا ِلجساد بشرٌة سحقتها سرؾ‬
‫الدبابات وبدت وكؤنما تم استنساخها على اِلرض بعد أن ص َّفت فٌختلط اللحم الممزق بالعظام‬
‫المهشمة تحت وطؤة الدبابات فتظل صور اِلجساد مطبوعة فوق اإلسفلت وال ٌظهر إال الشعر‬
‫اِلسود المتبقً منها مع بقاٌا قطع من اِلحذٌة‪!..‬‬
‫بدأنا نبحث عن أسلحتنا المتناثرة ونكمل الترمٌمات البسٌطة ثم صدرت اِلوامر للقٌام بمهمات‬
‫لتفتٌش القر بحثا عن رجال االنتفاضة ومالحقة السكان وتوالت عملٌات التفتٌش واالعتقاالت‬
‫فكانت القرٌة تطوق لٌال وفً الرابعة صباحا ٌبدأ التفتٌش‪ ،‬فٌدخلون إلى البٌوت وٌهجمون على‬
‫‪248‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫العابالت وأصبحت مهمات التفتٌش تجري مرتٌن فً اِلسبوع وكؤنها مناسبات لزٌارات نحسة الن‬
‫رجال المقاومة كانوا ٌترددون على ذوٌهم بٌن فترة وأخر ‪.‬‬
‫كانت عملٌات التفتٌش قاسٌة وال إنسانٌة فً البداٌة ولكنها أصبحت روتٌنٌة فٌما بعد حٌث تخرج‬
‫العوابل من بٌوتها فً اللٌل وفً جو بارد ولم اشترك فً أٌة عملٌة تفتٌش‪ ،‬لذا كنت أسؤل الضباط‬
‫العابدٌن من التفتٌش للوقوؾ على حقٌقة ما ٌجري‪ ،‬فٌقولون‪ :‬إن معظم العوابل تعٌش أوضاعا‬
‫مإلمة وفً ظروؾ معاشٌة قاسٌة وال ٌوجد عندهم شًء من الطعام سو كمٌات من التمر التالؾ‬
‫وٌبدو أن مصدر التمر هو مكابس التمور الحكومٌة التً تعرضت إلى عملٌات النهب‪.‬‬
‫وقد أظهرت التفتٌشات الدقٌقة والمتتالٌة إن هإالء الناس المنتفضٌن لم ٌفقدوا اِلمل فً النصر‬
‫ومعاودة االنتفاضة‪ ،‬فقد تفننوا فً كٌفٌة المحافظة على اِلسلحة والحرص على عدم تسلٌمها للدولة‬
‫ً‬
‫مؽلفة فً أكٌاس ناٌلون داخل النهر‪ ،‬ووجدت كذلك مخفٌة فً‬ ‫وإخفابها بشكل محكم‪ ،‬فقد وُ جدت‬
‫المزارع وبٌن الجدران وداخل التنانٌر ومدفونة تحت اِلرض ‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫شاب من النشوة ‪..‬‬


‫كان الكثٌر من شباب االنتفاضة ٌتمتع بمستو معٌن من الوعً واإلدراك اللذٌن ٌمٌزانهما عن‬
‫اآلخرٌن وذلك بحصولهم على مستو معٌن من التعلم والثقافة جعلت لهم مكانة محترمة داخل‬
‫محٌطهم االجتماعً ومن بٌن تلك العناصر التً كانت تحمل وعٌا ً جٌداً وشاركت فً االنتفاضة‪،‬‬
‫شاب ٌدعى "حٌدر"‪،‬وهو من عابلة معروفة فً ناحٌة النشوة‪ ،‬وكما هو معروؾ عن أهل النشوة ‪،‬‬
‫بعد أن قهرتهم قوات النظام أنهم حملوا ضحاٌاهم واستقروا فً بٌوتهم وبدأوا ٌساعدون المتبقٌن من‬
‫أبنابهم لٌنجوا بؤنفسهم من حمالت القمع الوحشٌة‪.‬‬
‫وبعد أن انتهت المقاومة الشعبٌة‪ ،‬تعرض سكان الناحٌة إلى حملة اعتقاالت وكان من بٌن المعتقلٌن‬
‫"حٌدر" وقد ادعى أفراد اِلمن العسكرٌة انهم سٌحققون معه فقط فً مقر الفٌلق وعلى عادتهم فً‬
‫الكذب واالدعاء‪ ،‬فانهم قاموا بإعدامه بعدما أجروا تحقٌقا مثٌرا معه انتهى نهاٌة مؤساوٌة‪ !..‬فً‬
‫الوقت الذي كانت العابلة تنتظر عودة ابنها حٌدر بعد انتهاء التحقٌق عُثر على جثته طافٌة فً‬
‫النهر‪ ،‬فحمله والده برباطة جؤش وتوجه به إلى عابلته التً كانت تعٌش فً حالة قلق وترقب‪.‬‬
‫استقبلت العابلة جثة ابنها بحالة من التؤثر والحزن واستاء أهل الناحٌة استٌاءا كبٌرا ولم ٌترددوا فً‬
‫إظهار االستنكار واإلدانة‪ .‬بعد حٌن اخبرنً أحد ضباط اِلمن الذي شاهد جانبا من التحقٌق قابال‪:‬‬
‫‪249‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫"كان منطق الشاب وطرٌقة طرحه آلرابه وعدم إنكاره التعاون مع المعارضة قد عرضه إلى ألوان‬
‫التعـــذٌب والتعجٌل بإعدامه فحٌنما سؤله المحقق عددا من اِلسبلة من بٌنها‪:‬‬
‫‪ -‬هل أنت حٌدر ؟‬
‫‪ -‬نعم ‪! ..‬‬
‫أنت متهم بالتعاون مع المخربٌن‪ ،‬فماذا تقول ؟‬
‫‪ -‬أنا متعاون مع المعارضة الذٌن هم كلهم أبناء مدٌنتً من شباب ونساء وأطفال‪ ،‬وهم الذٌن‬
‫انتفضوا بسبب الظروؾ التً ٌعٌشون تحت وطؤتها‪ !..‬فالجنود الذٌن سٌقوا باإلجبار إلى ساحات‬
‫الحروب وماتوا هناك هم إخواننا وأبناء وطننا وال طابل من هذه الحروب سو الموت المجانً‬
‫والدمار االقتصادي الذي نعٌشه نحن هنا فً هذه القر المنسٌة والتً لم تشمل بؤبسط وسابل الحٌاة‬
‫الكرٌمة حتى بدأنا نحس أن حٌاتنا ال ترقى إلى مستو البشر‪ ،‬بل وإنها وصلت إلى الحد الذي فقدنا‬
‫فٌه إنسانٌتنا‪ ،‬ظلم‪ ،‬تماٌز‪ ،‬طابفٌة ! وتعرضنا لكل العلل االجتماعٌة‪ ،‬ولذلك لم ٌجد الناس سو‬
‫التململ والنهوض الذي عبروا عنه بهذه االنتفاضة‪.‬‬
‫‪ -‬إن موقفك وكالمك بهذا الشكل ٌعنً االعتراؾ الذي ٌقودك إلى اإلعدام !‬
‫‪ -‬لم أقل ؼٌر الحقٌقة‪ ،‬فإذا كانت الحقٌقة مرة إلى درجة تجلب على قابلها اإلعدام‪ ،‬فما هو ذنبً ؟‬
‫وهل ٌمكن تزوٌر وتزٌٌؾ وقلب الحقابق عندما تبدو صورة واقعٌة لكل ذي بصر وبصٌرة ؟ لم‬
‫ٌعد هناك مجال للصمت‪ ،‬ولهذا انتفض الناس !‬
‫وبعد أن أنهى المحقق أسبلته‪ ،‬كان ثمة صمت ‪ ...‬إشارات ‪ ...‬ثم تسمع إطالقات‪ ،‬تحمل بعدها جثة‬
‫حٌدر لترمى فً شط العرب‪.‬‬
‫أما أنا فلم أخؾ تؤلمً لما حدث وكذلك كل من سمع الحكاٌة من الضباط والجنود ولكن ال أحد‬
‫ٌستطٌع إظهار عواطفه جهارا‪ ،‬وفً الٌوم الثانً شاهدنا عشرات الرجال ومبات من النسوة‬
‫المتشحات بالسواد ٌترددون بصمت على بٌت "أبو حٌدر" الذي رفع اِلعالم السود حدادا!‬
‫ظل أزالم النظام ٌشكون بالشباب وٌرتابون منهم وتزاٌد نشاط عناصر اِلمن وكانوا بٌن فترة‬
‫وأخر ٌشنون على هإالء الشباب حمالت اعتقال لؽرض التحقٌق معهم ولمعرفة أماكن تواجدهم‬
‫زمن االنتفاضة‪ ،‬وكنت أر مجامٌع كثٌرة ٌجري التحقٌق معها‪ ،‬وفً إحد المرات التقٌنا بشباب‬
‫ٌافعٌن كنت اعرؾ والدهم حٌث كان مجاورا لمقر اللواء المدرع ‪ ،16 /‬وهو رجل متقدم فً السن‬
‫اسمه "حسٌن" وأمهم امرأة عجوز‪ ،‬وِلنهم كانوا فً قبضة رجال اِلمن‪ ،‬فقد كان علً أن أجد‬
‫‪250‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وسٌلة إلنقاذ أبناء "أبو علً" الن نظراته الملٌبة بالحزن والرجاء كانت من المشاهد التً لن‬
‫أنساها‪ ،‬مما حفزنً على التدخل ولكن بحذر وبعد جهد نجحت فً إنقاذ حٌاتهم وإطالق سراحهم !‬

‫جرائم … ال تنسى!‬
‫كان لقوات الحرس الجمهوري وقوات الحرس الخاص دور ربٌسً فً الجرابم الوحشٌة التً‬
‫ارتكبت ضد أبناء الشعب تحت ذرابع شتى وبمختلؾ المبررات‪ ،‬وبهذا الصدد نسوق هذه الحادثة‬
‫دلٌالً على الممارسة الالإنسانٌة التً تتصؾ بها تلك القوات ضد اِلهالً العزل‪:‬‬
‫ففً أعقاب االنتفاضة بؤٌام قلٌلة وفً أحد مناطق عشابر الجبور فً محافظة القادسٌة وصباح ذات‬
‫ٌوم‪ ،‬تم تطوٌق المنطقة من قبل قوات الحرس الجمهوري حٌث اخذ فوج من تلك القوات بالدخول‬
‫من جهة بٌنما استطاعت وحدة مدرعة الدخول من الجهة الثانٌة وقد أخذت تلك القوة تشكٌل‬
‫المعركة وواصلت التقدم باتجاه القر والمساكن اآلمنة وفتحت النار بؽزارة دون تمٌٌز بٌن رجل‬
‫وامرأة وطفل إذ كانوا ٌطلقون النار على السكان والبٌوت وهم على بعد ‪ 400‬متر وبنحو عشوابً‪.‬‬
‫كانت هناك مزرعة قرٌبة‪ ،‬ونتٌجة للرمً الكثٌؾ والمرعب هرب شاب من الشباب الذٌن ٌعملون‬
‫فً تلك المزرعة وكانت رصاصة قد أصابته فً ساقه بالحٌن‪ ،‬لكنه فضل الهرب فً تلك اللحظة‪.‬‬
‫استمرت القوة بإطالق الرصاص نحوه وبمطاردته ونتٌجة طبٌعٌة ِلصابته المإثرة‪ ،‬فقد سقط على‬
‫اِلرض وعندها تمكنوا منه ووجدوه جرٌحاً‪ ،‬فانقضوا علٌه كالذباب الشرسة‪ ،‬وانهالوا علٌه‬
‫بالضرب بؤعقاب البنادق واِلحذٌة ثم حملوه ووضعوه فً الحوض الخلفً للعجلة وهو ٌنزؾ دما ً‬
‫وتركوه على هذا الحال تحت أشعة الشمس دون أي محاولة لإلسعاؾ وبعد ساعات قلٌلة كان هذا‬
‫الشاب قد فارق الحٌاة!‬
‫وٌستمر مسلسل المجازر والتصفٌات‪ ،‬فقد شكلت فً معسكر المحاوٌل محاكم صورٌة من ضباط‬
‫أمن ومسإولٌن حزبٌٌن وعناصر من جهاز اِلمن الخاص واالستخبارات ٌعملون بإشراؾ طــه‬
‫الجزراوي وقد تعاون معهم أفراد من بعض القر والعشابر المتواجدة هناك لتؤمٌن المعلومات‬
‫والمشاركة فً المالحقة وإلقاء القبض على الكثٌر من العوابل واِلفراد الذٌن ٌوجه إلٌهم االتهام‬
‫باالشتراك فً أعمال االنتفاضة فً محافظة بابل والمحافظات المجاورة الذٌن تسللوا عبر القر‬
‫واِلرٌاؾ والبساتٌن لالختفاء من اجل العثور على أماكن آمنة نسبٌا ً‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقد باشرت تلك المحاكم واللجان اِلمنٌة مهماتها بتنفٌذ حملة إعدامات واسعة ضد هإالء‬
‫المواطنٌن‪ ،‬والذٌن كان البعض منهم ٌقضً نحبه أثناء التحقٌق والبعض اآلخر فً اإلعدام الفوري!‬
‫وقد تم تحدٌد أحد المبازل االروابٌة الجافة لٌكون ساحة إعدام للمبات من الشباب وعشرات العوابل‬
‫من نساء وأطفال وشٌوخ حٌث ٌتم جمعهم فً نسق واحد وٌطلق علٌهم الرصاص من الخلؾ وهم‬
‫بمواجهة المبزل ومن ثم دحرجتهم إلى القاع الذي تحول إلى مقبرة جماعٌة ال تزال آثارها باقٌة‬
‫حتى اآلن متمثلة ببقاٌا اِلحذٌة والمالبس والعظام المهشمة‪.‬‬
‫أن عائلة كانت ضمن‬ ‫وقد رو شاهد عٌان تفاصٌل حادثة مروعة جرت أمام عٌنٌه إذ قال‪:‬‬
‫العوائل التي أجرذ معها التحقيق قد صدر حكم اإلعدام ضدها من ضمنها امرأة (حالوية) األصل‬
‫تحمل طفلها الذذ ال يتجاوز السنة اقتيدت إلى ساحة اإلعدام وهناك أطلق أحدهم النار عليها‬
‫فسقطت وتدحرج طفلها الصؽير على األرض وهو يصرخ فما كان من مطلق النار ذاته إال أن‬
‫يوجه فوهة بندقيته نحو الطفل ويطلق النار عليه فيقتله في الحال إلى جانب أمه!!‬
‫وهنا أكد شاهد العٌان الذي رو الحادثة وفً معرض السإال عن حقٌقة هذا القاتل والمنفذ لتلك‬
‫الجرٌمة المروعة‪ ،‬هل هو من أفراد الحرس الجمهوري أو الحرس الخاص أو من عناصر اِلمن‬
‫واالستخبارات؟‬
‫فكان الجواب‪ :‬كال انه أحد منتسبي الحزب الحاكم وهو من أهالي محافظة بابل!!‬
‫‪ ،،،‬انتهى النص ‪...‬‬
‫ُ‬
‫وكنت فٌها فً لحظة دخول‬ ‫ومنطقة الهارثة والتي انا من اهلها‬
‫الدبابات‪ ،‬معركة اخر ومنطقة اخر كالتً تحدث عنها نجٌب‬
‫الصالحً فً النص المتقدم وقد سقطت هذ ِه القذابؾ التً قال عنها‬
‫فً المنطقة القرٌبة على جسر السٌطرة العسكرٌة ‪ ،‬وعلى البٌوت ‪،‬‬
‫وهذ ِه البٌوت عبارة عن صرابؾ واكواخ المساكٌن فً قرٌة الماجدٌة‬
‫وماٌجاورها وشاهدت المساكٌن الذٌن سقطوا مضرجٌن بدمابهم‬
‫وتنهش جثثهم الكالب ‪ ،‬وقد كنت اسٌ ُر على الشارع والدبابات كانت‬
‫رتال طوٌال بؤتجاه مركز ناحٌة الهارثة ‪ ،‬فً محاولة منها للسٌطرة علٌها ‪ ،‬حٌث لم نتوقع ان‬
‫محاصرً ا فً البٌت ولم استطع الهروب‬
‫َ‬ ‫تداهمنا هذ ِه الدبابات فً الصباح المبكر للتفتٌش ‪ ،‬فكنت انا‬
‫حٌث كبسونً (القوا علً القبض) فً بٌت خالتً فانجانً ّللا تعالى ‪ ،‬داهمونا فً الصباح من‬
‫‪252‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫علي القبض واخذوني معهم لساعة من الزمن ثم اطلقوا سراحً‪،‬‬


‫ّم‬ ‫الباب الخلفً للبٌت و القوا‬
‫وبعدها دخلوا البٌت مرة اخر من الباب الربٌسً المواجه للشارع العام وكبسونً فٌه ثانٌة فكان‬
‫فٌهم ضابط قادم من بؽداد‪.‬‬
‫ُ‬
‫سمعت صلٌات رشاشات انطقت من بٌن البٌوت فً الجانب الشمالً للجسر‬ ‫وفً هذا االثناء‬
‫الصوت كان بشكل واضح الننً كنت قرٌبا من موقع الحدث اطلقها بعض شباب المنطقة ‪ ،‬واختفوا‬
‫فً بساتٌن نخٌل المنطقة ‪ ،‬المعروفة بكثافتها وبعد دقابق سمعت ان احدهم فقد الحٌاة واختفى‬
‫الباقون بٌن النخٌل واالنهار حٌث جاءت احد النساء تهرول فزعة مرتعبة ‪ ،‬وكنت واقفا مع‬
‫خالتً فً الباب الخلفً للبٌت وقالت على انهم هاجموا بٌتها وقتلوه وهرب الباقون‪ ،‬ولحق بهم‬
‫جنود الجٌش فً تفتٌش دقٌق فً مزارع المنطقة ‪ ،‬والرشقات النارٌة التً اطلقت علٌهم وتسببت‬
‫فً انسحابهم ‪ ،‬كانت من بعض شبابنا حٌث كانوا متربصٌن لهم فً الحفر الجهة الؽربٌة من‬
‫الشارع ‪ ،‬وهذ ِه الحفر عبارة عن عرصات الطٌن ـ مساحات من االرض فارؼة من البناء ـ التً‬
‫كنا نستعملها لصناعة الطابوق ونرسله الى (الدوؼة ـ الكورة ) الفرن الذي ٌُ ْف َخر ب ِه الطٌن لٌصٌر‬
‫طابوقا صالحا للبناء (حٌث كنت اساعد اوالد خوالً فً العمل به فً اواخر السبعٌنات وبداٌة‬
‫الثمانٌنٌات عندما كنت مابٌن العاشرة والعشرٌن من العمر خالل هذ ِه الفترة التً ترعرعت فٌها) ‪،‬‬
‫وقد توالت الرشقات من الرشاشات على الجٌش فؤجبرته على االنسحاب من المنطقة ٌجر اذٌال‬
‫الهزٌمة ‪ ،‬لٌعود بعدها علً حسن المجٌد وٌبطش بالمدٌنة اي بطشا بقوات التعرؾ معنى الرحمة ‪،‬‬
‫وبهذ ِه القوات (قوات حمورابً) كانت تلك المذبحة الرهٌبة التً ذهب ضحٌتها ابناء الهارثة فكانت‬
‫على ٌدٌها مجزرة الهارثة الرهٌبة والتً تحدثت عنها فً الجزء االول من الكتاب‪.‬‬
‫الحالة االقتصادية‬
‫ونعود لنواصل الحدٌث عن الحالة االقتصادٌة‪ ،‬حٌث بدأت اكٌاس الطعام تؤتً من اٌران عبر ناقلٌن‬
‫لها ٌذهبون الى هناك وٌشترون الطحٌن ومن لم ٌجد من ٌذهب الى اٌران فؤنه لن ٌحصل علٌه او‬
‫ٌشترك مع اشخاص عندهم القابلٌة على ذلك ‪ ،‬واصبح طرٌق الحدود الى اٌران سهال فبمجرد‬
‫عبور نهر دجلة تجد ساحة سٌارات تنادي عبادان ‪ ،‬المحمرة ‪ ،‬او اي مدٌنة اٌرانٌة اخر ‪ ،‬ك ّنا‬
‫نسٌر فً الشارع دون خوؾ من االنضباط العسكري الصدامً او مطاردة رجال االمن وكؤن‬
‫العراق تحرر تماما وعادت الروح الى االسواق مرة اخر ولكن بشكل بطًء من المواد‬
‫المستوردة من اٌران والمنتجة من الداخل او المواد التً تم اخراجها بعد ان كسرت اقفال مخازن‬
‫‪253‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االطعمة فً البصرة والتً وجد فٌها ماٌكفً العراق سنٌن طوٌلة لو استعمل بشكل صحٌح ‪ ،‬اال ان‬
‫السلب والنهب وعدم وجود النظام بل حتى عدم وجود الرؼبة في اعادة النظام افرغ تلك المخازن‬
‫خالل اسبوع ‪ ،‬فكلما اكتشفوا مخزنا اخر كسروا قفله وفتحوا ابوابه للسلب والنهب ‪ ،‬حتى احتاج‬
‫الناس الى الذهاب الى االسواق االٌرانٌة ‪ ،‬ومن لم ٌجد له وسٌلة للحصول على الطعام اكتفى‬
‫بؤكٌاس التمر التً ٌشترٌها من الذٌن نهبوها من المخازن والتً تـُحمّـل فً عربة ٌجرها حصان او‬
‫حمار ‪ ،‬حٌث اصبحت هً‬
‫الوسٌلة الشابعة بعد ان توقفت‬
‫السٌارات عن العمل لعدم وجود‬
‫الوقود‪ ،‬واكتفى بعض اصحاب‬
‫السٌارات بما استطاعوا تخزٌنه‬
‫من البنزٌن فً سٌاراتهم ‪ ،‬او‬
‫الحصول علٌه من مخازن محطات البنزٌن التً سرعان ما افرؼت ما فٌها خالل اسابٌع ‪ ،‬لم تدم‬
‫هذ ِه الحالة حتى بدأت القوات الصدامٌة مهاجمة الشعب مرة اخر وبدأ الحكم الصدامً بقمع‬
‫االنتفاضة‪ ،‬حاولنا الحصول على طرٌق الى اٌران للهرب هذ ِه المرة ولٌس لجلب الطعام‪ ،‬ولكن‬
‫عادت لنا االخبار بؤن الحدود اؼلقت‪ ،‬وان الجٌش بدأ ٌستعٌد سٌطرته على المناطق التً كانت‬
‫تحت سٌطرة المنتفضٌن‪ ،‬واحترقت اوراق االنتفاضة‪ ،‬ارسلت احد االخوان الى الحدود االٌرانٌة‬
‫لكنه عاد لنا هاربا من سطوة الجٌش‪ ،‬كما ذكرت فً الجزء االول‪.‬‬
‫شاهدتُت أبي يؤخذ نوى التمر ويطحنها كي تصبح طحينا ليخبزوها ويؤكلوها فقد‬
‫فرغ البيت تماما من الطعام اال من نواة التمر ومن الماء حتى صار النقل‬
‫بالسطل من النهر كما كان اجدادنا في ايام ماقبل الطاقة الكهربائية في‬
‫الثالثينيات وما قبلها ـ عندها حاولت البحث عن طرٌقة للخالص من تلك االزمة لم ٌوافقنً الناس‬
‫على بعض الحلول الموضعٌة‪ ،‬فؤخترت ترك العراق‪ ،‬وكالعادة رفضوا ذلك المشروع‪ ،‬فصار لزاما‬
‫ان اخرج من العراق وحٌدا كما دخلت الدنٌا وحٌدا‪ ،‬وعلى اثرها كتبت مقولتً ( جئت الى الدنيا‬
‫وحي ًدا النه لم يفهمني احد وعشت في الدنيا وحي ًدا النه لم يفهمني احد وسافرت وحيدا النه لم‬
‫يفهمني احد وربما سؤموت وحي ًدا النه لن يفهمني احد ) ‪ ،‬ذهبت اطلب المعلومات وارسل كبار‬
‫السن ِلستكشاؾ الطرٌق (الن كبار السن ال تتركز علٌهم عٌن الدولة او ؼٌرها فهم سالمون من‬
‫‪254‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫في كتاب‬ ‫ُ‬


‫وذهبت الى الوحدة العسكرٌة التً كنت انتمً الٌها ـ وحدة من وحدات المدفعٌة ‪،‬‬ ‫المتابعة)‪،‬‬
‫آخر تحت اسم "سويلمانيات" سؤورد فيه تفاصيل حول كتائب المدفعية وكيفية عملها باعتبارذ احد جنود المدفعية‬
‫فوجدتهم ٌقصفون مدٌنتً عن بعد ‪ ،‬فقررت تركهم فبقابً بٌنهم ٌعنً اشاركهم فً قتل ابناء مدٌنتً‬
‫واشاركهم فً قتل اهلً وعمومتً‪ ،‬وفً تلك اللحظات اسرع الًّ احد جنود القلم (مكتب قلم‬
‫الوحدة) وقال الٌشاهدك الضباط ‪ ،‬فهذا الكتاب بين يدذ يحكم بسفك دمك متى ما شاهدوك واينما‬
‫شاهدوك كان ذلك فً ‪1991/3/18‬م‪ ،‬لقد كان ناصحا صادقا كما عرفت ُه وخبرته من قبل ‪ ،‬فما كان‬
‫منً اال اننً قفلت راجعا الى البٌت اع ّد العدة فً الصباح التالً لترك العراق بال عودة ‪ ،‬وعند‬
‫فجر ٌوم ‪ 1991/3/28‬م ‪ ،‬هاجمتنا القوات الصدامٌة وكبستنً كما مر فً االسطر السابقة داخل‬
‫الدار ‪ ،‬حٌث استطاع بعض الشباب الهرب ‪ ،‬فقوض ّللا ضابطا برتبة نقٌب لحماٌتً جاء من بؽداد‬
‫مرسال من قبل حكومة صدام (قوات امن بؽداد والحرس الخاص) لالشراؾ على عملٌات قمع‬
‫االنتفاضة وكانوا اذا كلمّوه ترتعد فرابصهم ‪ ،‬حاولوا القاء القبض علًّ وهو واقؾ عند الباب فقال‬
‫لهم اتركوه هو عندي ففهموا منه انه القى علًّ القبض او ربما اوهمهم بذلك‪ ،‬فجلس عندي فً‬
‫البٌت حتى انتهت المنطقة وزال الخطر ‪ ،‬تركنا وانصرؾ‪.‬‬
‫ساعتها قلت للحاضرٌن وكان ابً وامً واقفٌن فً ساحة بٌت خالتً الواقع فً قرٌة من قر‬
‫ناحٌة الهارثة ـ لقد علمتم علم الٌقٌن انني مطلوب وان دمي مسفوك المحالة ‪ ،‬فال بقاء لً عندكم ‪،‬‬
‫وار اننً اموت بعٌدا عن انظاركم بدال من ان اقتل بٌن اٌدٌكم ‪ ،‬واعددت العدة وخرجت من‬
‫البٌت قاصدا ساحة سعد‪.‬‬
‫فشلت االنتفاضة عسكرٌا فً اسقاط النظام الصدامً‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الثوار مطاردون فً كل مكان ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الشعب العراقً ٌبن ‪ ،‬ولم ٌعبر انٌنه الى الجٌران الن صوته ال ٌكاد ٌسمع حتى لو صرخ ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫صار كمن اثـقـلـتـه الجراح وصار طرٌح الفراش "الهو حً فٌرتجى ـ والهو مٌت فٌستراح"‬ ‫‪‬‬
‫كما ٌقول الشاعر‬
‫واذكر على سبٌل المثال ال الحصر ان االخ االستاذ علً الشمري قد ذكر فً كتابة "حلق القٌود‬
‫وظلم المطامٌر" الكثٌر من هذ ِه المشاهد والتً حدثت امام عٌنٌة وفً مدٌنت ِه ‪ ،‬فللقاريء ان ٌطلع‬
‫علٌها هناك‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد بات السرطان البعثً ٌؤكل بالوطن منذ اول ٌوم دخله وصعد الى راسه فً عام ‪ ، 1963‬وفً‬
‫‪ 1980‬صار السرطان هو القابد‬ ‫‪ 1968‬كان هذا السرطان البعثً صؽٌرا فاستفحل ‪ ،‬وفً عام‬
‫وما على الجسد العراقً اال تطبٌق االوامر واالنتظار والسكوت ‪ ،‬حتى ان حنجرة العراق ماعادت‬
‫تنطق بكلمة واحدة وعند وصول عام ‪ ، 1991‬اصاب مرٌضنا الخرس وصار طرٌح الفراش ‪.‬‬
‫تساقطت بعض خالٌاه من جسده وبدأ جسد العراق ٌتآكل ف َمنْ مسّـه ذلك السرطان الخبٌث‪ ،‬دخل فً‬
‫ُ‬
‫اتجهت الى الجنوب‬ ‫ُ‬
‫فكنت من بٌن َمنْ نجا ‪،‬‬ ‫دوامته‪ ،‬و َمنْ افلتَ منه فهو بٌن منتظر الموت وهارب‬
‫حٌث الجار السعودي ‪ ،‬اذ ان جٌش االمبراطورٌة االمرٌكٌة كان على الخط السرٌع "بصرة ـ‬
‫ناصرٌة"‪.‬‬
‫وصلت الى االمرٌكان وقادونا الى معسكراتهم ‪ ،‬ال زالت صورتها المخٌفة فً ذهنً وتقض‬
‫مضاجعً بٌن الحٌن واالخر‪ .‬وكانت لً اشارة الى ذلك فً الجزء االول من الكتاب تحت عنوان‬
‫"وشددت الرحال" وهنا موعدنا مع التفاصٌل‪:‬‬
‫امسك بي الجيش الصدامي في ساحة سعد ـ وهً ساحة سٌارات للنقل بٌن المحافظات ـ فً الثالث‬
‫من نيسان عام ‪ 1991‬وارسلونا الى السجن الرهٌب مع الجمع الؽفٌر بعد ان اختاروا منا مجموعة‬
‫ال ادري لماذا ‪ ،‬هل كانت عشوابٌة ام انهم ٌعرفونهم بالصورة واالسم‪ ،‬حٌث اوقفونا على شكل‬
‫صفوؾ ووقؾ احد الضباط ومعه عددا من الجنود ووممن ٌرتدي المالبس المدنٌة واشاروا على‬
‫من ٌرٌدون اخراجه من بٌن الصفوؾ (هذا ‪ ،‬هذا ‪ ،‬ذاك ‪ ،‬ذاك ‪ ،)...‬فكان مصٌرهم ‪ ،‬إن كانت اال‬
‫ساعة من نهار واذا هً مجزرة ساحة سعد الرهٌبة التً الاستطٌع ان انسى لحظاتها مهما حاولت‬
‫ذلك‪ ،‬لم استطع فٌها ان انظر الى الموت فادرت بوجهً الى جهة اخر حتى اقتادونا الى السٌارات‬
‫ثم الى سجن امن الفٌلق السابع الواقع فً منطقة الزبٌر حٌنها ـ اقصد بٌن الزبٌر والبصرة ـ اذ انهم‬
‫اعصبوا عٌوننا وربطوا اٌادٌنا الى الخلؾ وادخلونا الى الصحراء‪ ،‬صحراء مقفهرة مفتوحة قاحلة‬
‫قاتلة‪.‬‬
‫وبعد مسٌرة طوٌلة ادخلونا الى ؼرؾ صؽٌرة فً الصحراء الؽرفة تقدر بثالث امتار عرضا وستة‬
‫امتار طوال ٌسمونها "قاعة انتظار التحقٌق"‪ ،‬تحمل بٌن طٌاتها مالم ٌمكننً عدهم ‪ ،‬فلٌس امامنا اال‬
‫ان نصبر‪ٌ ،‬قولون انها ؼرفة النتظار التحقٌق فقط (حجز مإقت) ‪ ،‬وكل من عاد من التحقٌق عاد‬
‫بال عقل او مُكسّر االعضاء من شدة التعذٌب وعنؾ التحقٌق ووسابله الخبٌثة‪ .‬ومن الجدٌر بالذكر‬
‫ان االخ االستاذ علً الشمري قد اورد طرق التعذٌب فً كتابه حلق القٌود وظلم المطامٌر وكذا‬
‫‪256‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫طرق‬ ‫ذكر االستاذ االخ مهدي عبدّللا شمخً الربٌعً فً كتابه اوراق مهربة من زنازٌن العراق‪.‬‬
‫التعذيب ملؾ في اخر الكتاب في الوثائق المصورة‬
‫كان نومنا القرفصاء فاذا جلس احدنا كان على اثنٌن من الذٌن بجانبة ان ٌبقون واقفون‪ ،‬واذا نام‬
‫على االرض كان ٌنام تحت ساقٌة شخص واصبح وسادة لرإوس‬
‫اخرٌن على صدره ورأسه على صدر شخص اخر‪ .‬هكذا كان المنام‬
‫لٌال‪ ،‬وحالنا فً النهار بٌن منتظر الموت ومنتظر التحقٌق وال ٌفكر فً‬
‫ناج منها ٌكون مصدرا للسخرٌة‬
‫الٌنجاة احد‪ ،‬فمن قال انً خارج ٍ‬
‫والضحك‪ ،‬حتى دب الٌؤس فً الجمٌع من الٌنجاة من هذ ِه الحفرة‪.‬‬
‫دام االمر اربعة اٌام وكؤنها اربعة االؾ سنة‪ ،‬كان التعذٌب فٌها‬
‫مزدوجا‪ ،‬حٌن ٌنادون باالسم ثالث مرات فالن بن فالن‪ ،‬استعد‪ ،‬وفً‬
‫الثالثة اخرج‪ٌ ،‬خرج قلبه من صدره قبل ان ٌخرج الى التحقٌق حتى‬
‫حان موعدنا‪ ،‬فقرأوا اسماءنا جماعة المرة االولى‪ ،‬استعدوا للخروج من‬
‫هذا القفص‪ ،‬فكان اهون علٌنا‪ ،‬النه لو كان للتحقٌق لكان النداء فردي‪ ،‬اما وقد صار النداء جماعً‬
‫فاالمر مختلؾ‪ ،‬فً النداء الثانً اخرجونا ووضعونا فً سٌارة سارت بنا ماشاء ّللا لها ان تسٌر‬
‫وكل ذلك فً الصحراء ثم وصلنا شارع بصرة زبٌر وعبرناه الى مقر انضباط الفٌلق السابع‪ ،‬حٌث‬
‫من دخله كان بٌن امرٌن اما ان ٌسفـّر الى وحدته العسكرٌة‪ ،‬كونه هاربا او الى بؽداد حٌث سجن‬
‫ابو ؼرٌب الرهٌب والشعبة الخامسة فً بؽداد المعروفة السٌبة الصٌت‪.‬‬
‫ُ‬
‫جلست ‪ ،‬كم‬ ‫وصنا الى السجن واذا به اعداد كبٌرة ال تعد من الناس‪ ،‬سؤلت اقربهم الى الباب حٌث‬
‫لبثت الى االن؟‬
‫قال ‪ :‬الادري ‪ ،‬كل ما عرفت انه اكثر من ستة اشهر‪ ،‬وسكت‪.‬‬
‫كان شعره ٌضلل رأسه ووجهه وصار معمال لصناعة القمل و(عطورها)‪ ،‬اما الروابح فمن االصل‬
‫الاشمها النً فقدت حاسة الشم منذ الطفولة اضافة الى مرض الجٌوب االنفٌة‪ ،‬ولكنً ارا بعٌنً‬
‫مصادر الروابح‪ ،‬ومن مصادرها أعل ُم انها نتنة عفنة الى درجة التوصؾ‪ ،‬فمصادرها‪:‬‬
‫تر الماء ولو مرة واحدة حتى فً التبول والتؽوط ‪ ،‬والماء الذي‬
‫اجساد السجناء التً لم َ‬ ‫‪‬‬
‫ٌصلنا هو قنٌنة صؽٌره نشترٌها من الحانوتً ـ هذا لمن كان عنده دٌنار لشراء قنٌنة ماء ـ‬

‫‪257‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من اجل الشرب وتمٌرات قلٌلة ‪ ،‬تمرة واحدة فً الصباح واخر فً المساء ‪ ،‬هذا‬
‫طعامنا فً السجن‬
‫وسطل مكسور من االسفل بٌول وٌتؽوط به السجناء وكؤنه مرحاض وٌرمون به‬ ‫‪‬‬
‫الفضالت ‪ ،‬فتسٌل منه الً نجاسات الى خارجه ‪.‬‬
‫وكان مكانً قرب الباب‪ ،‬فما ٌسٌل منها ٌصلنً‪ ،‬كان السجن مجرد انتظار للنقل الى سجن اخر ـ‬
‫تسفٌرات ـ بالمناسبة كانت هذ ِه االٌام اٌام رمضان وكنت صابما حٌنها اال اننً ال استطٌع الصالة‬
‫السباب عدة منها‪ ،‬لعدم وجود الماء الكافً للطهارة‪ ،‬والثانً الجهل التام باالحكام الشرعٌة‪ ،‬وعدم‬
‫طهارة المكان الذي نسكن فٌه‪ ،‬ننام على نجاسة ونجلس علٌها ‪ ...‬حتى منّ ّللا‬
‫علٌنا برحمته وخرجنا من السجن ‪ ،‬عندما جاء االمر لهم بالتحرك من البصرة‬
‫الى منطقة اخر وحٌث ان عدد السجناء كثٌر قالوا اعٌدوهم الى الوحدات التً‬
‫القت علٌهم القبض ‪ ،‬ومن تلك الوحدات خرج بكفالة من عنده كفالة او صدٌق‬
‫وبقً من ال حظ له بمن ٌعرفه سو الرحمة االلهٌة التً شملنً بها عندما قال الضابط وقعوا على‬
‫انه اذا امسكنا بكم ثانٌة ـ اعدام فوري ـ ووقعنا بالقلم االحمر وخرجنا طالبً النجاة‬

‫‪ 1991/4/9‬الخط المصيرذ الفاصل بين الموت والحياة‬


‫خرجت من السجن منهك القو ابحث عن شًء لم اجد له فً خٌالً سو الضباب من ساحة سعد‬
‫ت من بٌوت احد اقاربنا فً البصرة‪ ،‬ثم عند الصباح انطلقت قاصدا منطقة‬
‫الى الشارع ثم الى بٌ ٍ‬
‫بالهموم واالثقال‬
‫ٍ‬ ‫الزبٌر متخذا شارع بصرة ـ زبٌر ‪ ،‬مرتدٌا البزة العسكرٌة سالكا شارعً ا محمال‬
‫مرعوبا من سٌطرات وحوش السلطة الذٌن ٌحملون اشارة (أ‪.‬ع) وتعنً (انضباط عسكري)‪،‬‬
‫واشارة (أ‪.‬ش) اي انضباط شرطة‪ ،‬و (مثلث احمر ٌدل على الحرس الجمهوري)‪ ،‬وؼٌرها كثٌر‪،‬‬
‫سٌطرات اقامها الجٌش للتفتٌش‪ ،‬وسٌطرات اقامتها الشرطة للتفتٌش‪ ،‬وسٌطرات اقامتها محكافحة‬
‫االجرام واالمن ‪ ،‬التكاد تخرج من سٌطرة حتى تقع فً اخر ‪.‬‬
‫ركبت الباص من ساحة سعد الى الزبٌر ولٌس عندي سو تردٌد االٌة القرآنٌة (( َو َج َع ْل َنا مِن َبٌ ِ‬
‫ْن‬
‫ُون )) ‪ ،‬فكلما توقؾ الباص عند سٌطرة‪ ،‬صعد‬ ‫ٌِه ْم َس ًّدا َو ِمنْ َخ ْلف ِِه ْم َس ًّدا َفؤ َ ْؼ َش ٌْ َنا ُه ْم َف ُه ْم الَ ٌُ ْبصِ ر َ‬
‫أَ ٌْد ِ‬
‫جندي من جنود الحكومة ٌفتش الناس واالفواه خرساء التسمع فٌها حتى الهمس صار ممنوعا‬
‫انفاس الناس تتحرك فً صدورها وجبة هواء تدخل وتخرج على امل ان تعود مرة اخر ‪ ،‬فربما‬
‫‪258‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ال تعود‪ ،‬وافواه مؽلقة وعٌون مفتوحة تراقب الموت بصمت‪ٌ ،‬مر بً الجندي ‪ ،‬وقد طمس ّللا‬
‫على عٌونه بؽشاوة فال ٌرانً فٌتجازونً الى ؼٌري‪ ،‬حتى وصلت الى منطقة الزبٌر حٌث كان‬
‫صباح ‪ 1991/4/10‬والساعة قاربت السادسة صباحا‪ ،‬اشترٌت بعض االشٌاء وانطلقت الى موقؾ‬
‫السٌارات قاصدا الناصرٌة‪ ،‬اال ان سواق السٌارات اشاروا علًّ بالتحفـظ بالقول وقطع المسافة‬
‫ماشٌا على االقدام عبر رمل صحراءها القاحلة القاتلة ‪.‬‬
‫طرٌق رملً طوٌل حار ٌحمل بٌن طٌاته مخاطر‬
‫ٍ‬ ‫نعم ماشٌا سالكا طرٌق (الزبٌر ـ اللحٌس) على‬
‫وحوش الطبٌعة ووحوش السلطة‪ .‬اذا صادني احدهم يكون قبرذ في تلك الرمال اوبين تلك الحفر‪.‬‬
‫منطقة السٌر كانت رملٌة مبتعدا عن الشارع العام بٌن البصرة والناصرٌة ‪ ،‬وحٌدا فً الصحراء ‪،‬‬
‫قلت كنت ارتدي مالبس عسكرٌة ثقٌلة وتحتها بجامة وقمٌص اضافة للمالبس الداخلٌة‪ ،‬كل ذلك من‬
‫اجل ان احافظ على رطوبة جسمً من الشمس الحارقة ولهٌب الصحراء‪ ،‬احمل حقٌبتً فً ٌدي‬
‫سابرا باتجاه منطقة اثل الزبٌر والمزارع‪ ،‬انتقل مسرعا من حفرة الى اخر استقر بها للحظة‬
‫افحص الطرٌق‪ ،‬وعندما اشعر باالمان انتقل الى اقرب حفرة اشاهدها امامً‪ ،‬حتى اقتربت من‬
‫شارع (سٌطرة القادسٌة) ـ وهً سٌطرة عسكرٌة تقع على الطرٌق الى الناصرٌة ‪ ،‬والننً اعرؾ‬
‫الصحراء وطرقها‪ ،‬ضمنت ان اتجاهً صحٌح من خالل وصولً الى الشارع العرضً ‪،‬‬
‫الخط الفاصل بين الوطن االم والمهجر‬
‫ُ‬
‫اختفٌت فً حفرة او خلؾ كثٌّب‬ ‫لقد كان مسٌري مسٌر الخابؾ الهارب المتستر ‪ ،‬كلما مرت سٌارة‬
‫من الرمال‪ ،‬حتى اذا زال الخطر مددت ارجلً ِلخطو الخطوات التالٌة حتى وصلت الى منطقة‬
‫ٌقال لها (االثل) والتً تقع بٌن البصرة والناصرٌة‪ٌ ،‬فصلها شارع متصل بسٌطرة عسكرٌة ٌقال‬
‫ب ٌنبض بالخوؾ واالمل فً وقت واحد ‪.‬‬
‫لها (سٌطرة القادسٌة) عبرت الشارع بقل ٍ‬
‫فً تلك اللحظات الفاصلة بٌن الماضً والحاضر ‪ ،‬بٌن الموت والحٌاة‪ ،‬بٌن العراق الوطن االم‬
‫وبٌن الخطوات االولى بلدان اللجوء وحٌاة المهجر‪ .‬فكل الذي ٌفصلنً بٌن الخوؾ واالمل هو‬
‫لحظات عبور الشارع ‪،‬‬
‫وضعت رجلي على الشارع‬
‫إلتفاته الى اليمين‬
‫إلتفاته الى اليسار‬
‫وانطالقة مسرعة الى االمام‬
‫‪259‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اسرعت بعبور الشارع وماهً اال دقٌة او اكثر ‪ ،‬واذا انا بآثار اطارات السٌارات الموجودة على‬
‫االرض قد اختلط فٌها القدٌم والحدٌث المعروؾ وؼٌر المعروؾ ‪ ،‬اجتزت ؼابة االثل ‪ ،‬واذا بآثار‬
‫ؼرٌبة لم استطع تمٌٌزها ولكن كلما طال المسٌر تتؽٌر االثر‪ ،‬حتى تٌقنت انها اثار اطارات‬
‫السٌارات االمرٌكٌة ولٌس للعراقٌة بٌنها من اثر‪ ،‬واحسـست عندها اننً خرجت من دابرة الخطر ـ‬
‫ربما مإقتا ًـ ولكن انفتحت اسارٌر االمل ‪.‬‬
‫عندما عرفت انها لسٌارات امرٌكٌة راودنً شعور خفٌؾ اننً خرجت من موضع الخطر ‪ ،‬ولن‬
‫ٌلحق بً من اخاؾ منه على نفسً وبدأت اسٌر باتجاه الطرٌق السرٌع حٌث حط االمرٌكان‬
‫رحالهم تحت جسر طرٌق بصرة ناصرٌة ‪.‬‬
‫ْ‬
‫حكمت علًَّ حكومة البعث باالعدام فً اكثر من قرار ‪ ،‬فقد صدرا قرار‬ ‫فاتنً ان اذكر انه قد‬
‫االعدام فً الوحدة العسكرٌة على اننً هارب منها‪ ،‬وحكم اخر صدر من السجن تحت قول (اذا تم‬
‫القاء القبض علٌك مرة اخر ـ االعدام فورا) وشاءت االقدار ان االوراق التً كانت عندي‬
‫وسقطت بؤٌدي حراس السجن ‪ ،‬لم ٌفتحوها واخذوها كؤمانات وكان ذلك من حسن الحظ وسالمة‬
‫القدر ‪ ،‬فلو فتحوها لكانت نهاٌتً فً تلك الساعة على اٌدٌهم ‪ .‬النها تحمل فً طٌاتها الموت ‪.‬‬
‫من ضمن هذ ِه االوراق كانت هذ ِه الخواطر من منظومة طوٌلة تحت عنوان ـ وداعا ٌاعراق ‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫انزالق ‪ ،‬قـُطِ عت ع ّنا دروب الحٌاة‬
‫ُ‬ ‫ماذا كسبنا فً الدنٌا ودوارها هل لظلم اهل الظلم‬
‫جمٌعها حتى مواطن الطعم واالرزاق ‪ ،‬شد الرحال عنها فلٌس فٌها ؼٌر منبوذ ومهمول‬
‫وح ّر ُ‬
‫اق ‪ ،‬افً الدنٌا بعد ذا امل ام تؽٌر اهلها فٌه اذواق ‪ ،‬لست ار فٌها بعد ذا طمع‬
‫ولٌست لها بعد ذا مشتاق‬
‫*واقصد بها الحٌاة فً العراق ولٌس الحٌاة بما هً هً *‪.‬‬
‫ومن منظومة اخر هذ ِه االبٌات ‪:‬‬
‫ٌؤكل القوي فٌنا ضعٌفنا وٌعلم انه لٌقص ُر العمر ‪ ،‬أجُنّ الناس بال تقو ام سكرت العقول‬
‫فال تشكر ‪ ،‬حمقى لقد رأٌت مرارة وج ّر بها االمر االم ّر‪ ،‬تصبح معارفنا نكرا وٌسود‬
‫الشقً االحقـر ‪ ،‬عجبا وكل العجابب بنا تذبح بٌوتنا ونسخر ‪ ،‬جرت نواببها احزاننا‬
‫فهل حكمت بعدل حكوماتنا والقصُر ‪ ،‬نسٌنا وسط الهموم عوابلنا وبٌكنا ونحن الهاجرون‬
‫االخسر‬
‫‪260‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪----‬‬
‫المهم بعد قراءتً آلثار وخطوط الٌنجاة ‪ ،‬استطعت ان اسٌر منتصب القامة بؤتجاه معسكر‬
‫االمرٌكان والذي اخبرونً عنه قبل خروجً من البٌت ‪.‬‬
‫مررت بمزارع الزبٌر قرب الخط السرٌع ورأٌت فالحا‪ ،‬سؤلت ُه عن مكان قواة التحالؾ‪ ،‬فتـنهد‬
‫وتحسّر وقال‪ ،‬نعم اعرؾ ماتقصد‪ ،‬هل تشاهد ذلك الجسر (الطرٌق السرٌع) قلت نعم ‪ ،‬قال تجدهم‬
‫تحت الجسر هناك‪.‬‬
‫وكانت زوجته قرٌبة منه فرفعت ٌدٌها وضربت على رأسها وقالت باللهجة العراقٌة (ّللا ٌخلصنا‬
‫من صدام خلصوا اوالدنا)‪ ،‬كانت تتمنى الخالص من صدام وتشتكً الى ّللا من كثرة الهاربٌن من‬
‫العراق ‪ ،‬هذ ِه المرأة الصحراوٌة التً شاهدة عددا محدودا من الهاربٌن مثلً ولم تعلم او تشاهد‬
‫ْ‬
‫شاهت اعٌنهن من رإٌة‬ ‫ؼٌرهم وصرخت باكٌة‪ ،‬فما بالك بحال االمهات اللواتً فقدن ابناءهن او‬
‫اوالدهن ٌُـقتلون بٌن اٌدٌهن وٌسقطون كما تتساقط اوراق الوردة الذابلة ‪ ،‬او امهات شاهدن‬
‫اوالدهن مقتولٌن تؤكل اجسادهم الكالب الجابعة ‪.‬‬
‫ُ‬
‫شعرت من خالل كالمها ان هناك العدٌد من الناس مرّوا من هذا الطرٌق‪ ،‬وشكرتهم وواصلت‬
‫السٌر على تلك الرمال مقتربا من الطرٌق السرٌع الى الجسر‪ ،‬وقبل ان ام ّر من تحت الجسر‪،‬‬
‫شاهدنً اثنان من عساكر االمرٌكان فرفعوا السالح‪ ،‬وطلبوا م ّنً التوقؾ ورفع الٌدٌن الى االعلى‪.‬‬
‫لحظة في نقطة تفتيش‬
‫اوقفونً عند دبابه وسؤلونً عن هدفً والؽاٌة من تسلٌم نفسً لهم‪ ،‬لم استطع االجابة لفظا الننً‬
‫فً الحقٌقة كنت متعبا خابر القو ثم انً كنت مرتدٌا بجامة وقمٌص تحت المالبس العسكرٌة‬
‫للوقاٌة من حرارة الصحراء وللحفاظ على رطوبة جسدي او ان تقتلنً الصحراء بحرارتها ـ‬
‫فاخرجت من حقٌبتً ورقة وقلم كتبت فٌها عبارات باللؽة االنگلٌزٌة مفادها اننً متعب وارٌد ترك‬
‫العراق بال عودة الٌه‪ ،‬وقرأوها وقالوا لً كلها دقابق ونكون فً المعسكر‪.‬‬
‫وهنا اخذتنً لحظة تذكر حٌن امسكت بالشارع من السجن مساء ٌوم التاسع من نٌسان عام ‪1991‬‬
‫وامضٌت اللٌل عند اقاربنا فً البصرة ‪ ،‬ثم وصولً الى االمرٌكان ودخولً الى معسكرهم فً‬
‫عصر الٌوم التالً بعد مسٌرة حوالً عشرٌن كٌلومترً ا عبر الصحراء على االقدام ‪ ،‬اهرب من‬
‫حفرة الى حفرة خوفا من عٌون الصدامٌٌن‪ ،‬او سباع الصحراء‪ ،‬فكالهما مفترس‪ ،‬وشاءت االقدار‬
‫ان اصل من شوارع الزبٌر وها انا على ظهر دبابات االمرٌكان على الخط السرٌع فً منطقة‬
‫‪261‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫(اللِحٌْس)‪ .‬اصعدونً على الدبابة ـ وهً المرة االولى واالخٌرة فً حٌاتً ان اصعد على ظهر‬
‫دبابة ـ وسارت بنا مسافة حتى وصلنا الى مركز استقبال الهاربٌن من امثالً ‪.‬‬
‫وجدت فٌها عددا ٌقارب المبة او ٌزٌد على ذلك عرفت اشكال بعضهم وعرفنً منهم جماعة النهم‬
‫من المنطقة التً اسكن فٌها ( گرمة علً) وبعضهم كانوا طالبا ً فً نفس المدارس التً درسنا معا‬
‫فٌها‪ .‬المهم عرفت ساعتها ـ والساعة قاربت او تجاوزت بقلٌل الثالثة بعد الظهر ـ انً كنت امشً‬
‫اكثر من ‪ 20‬كٌلومترا فً الصحراء ولمدة زادت على ‪ 9‬ساعات‪ ،‬مع الجوع والعطش والخوؾ‬
‫والرعب ولكن كانت النتٌجة ان االمرٌكان قدموا لً اكٌاس من الطعام والماء‪ ،‬رؼم انً لم اعرؾ‬
‫كٌؾ افتح كٌس الطعام السفري االمرٌكً‪ ،‬اال اننً حاولت فتحها‪ ،‬فنادانً احد العسكر وارشدنً‬
‫الى طرٌقة فتح االكٌاس‪ ،‬لقد حصلت على الطعام والماء بعد ذلك الجهد والجوع وطول المسافة ‪.‬‬
‫لقد كانت خٌمتان كبٌرتان بدون جدران ٌتوسطها شِ بـاك ُتستعمل لتؽطٌة اآللٌات العسكرٌة لحجبها‬
‫من نظر العدوا والطٌران المعادي‪ٌ ،‬فصل بٌن تلك االماكن الثالث سٌاجات من االسالك الشابكة‪.‬‬
‫حٌنها اخذتنً لحظة من التفكٌر حٌث عادت بً ذاكرتً عندما دخلنا الى السجن كان شرابنا من‬
‫قنٌنة صؽٌرة من الماء‪ ،‬وطعامنا تمرتٌن واحدة فً الصباح للسحور والثانٌة فً المساء لالفطار‪،‬‬
‫وعندما وصلت الى االمرٌكان‪ ،‬اؼرقونً باكٌاس الطعام والماء النقً‪ ،‬فعرفت من ساعتها انً‬
‫خرجت من دوامة الظلم الى رحمة ّللا التً لطالما حلمت بها عندما كنت تحت مطرقة النظام‬
‫الصدامً وفً دوامة ظلم البعثٌٌن‪ ،‬عندما كان االنسان ٌشعر بالجوع والٌجد طعاما والناس تؽرق‬
‫بالطعام فً مكان اخر وترفل بالصحة والعافٌة وتتنعم بالنِعم االلهٌة والرحمة التً التنتهً ‪ ،‬تلك‬
‫اللحظات اعادت لً ذكرٌات الجٌش وكٌؾ كنت ابحث عن صمونة الجٌش الٌابسة وقطرة من ماء‬
‫ابلل بها حنجرتً الملتهبة وفً نفس المنطقة التً انا فٌها االن تحت خٌمة امرٌكٌة كنت ابحث عن‬
‫لقمة واحدة اسد بها الجوع ولم اجد والدخان ٌؽطٌها بسواد احتراق ابار النفط اثر الهجوم االمرٌكً‬
‫مقارنة ؼرٌبة بٌن شهرٌن والمكان واحد‪.‬‬
‫شهر تحت قصؾ الطابرات وذل االنسحاب والهزٌمة الخوؾ والرعب محاط بالطابرات القنابل ‪،‬‬
‫وشهر بٌن ٌدي االمرٌكان ٌؽرقونا بالطعام والماء تحت خٌمة محاطة باالسالك الشابكة وبٌن ٌدي‬
‫الطعام ‪ ،‬لحظات تذكر تعٌدنً الى ذكرٌات السجن حٌث الحرس وحشٌ من وحوش صدام ‪،‬‬
‫والحرس هذا الٌوم امرٌكً ٌخاطب الناس بإبتسامة عرٌضة ‪ ،‬الحرس الواقؾ على باب السجن‬
‫هناك كان مقطب الوجه عابس ال تجد فً وجه ِه نقطة بقدر رأس االبرة من الرحمة ‪ ،‬ووجه‬
‫‪262‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحرس االمرٌكً الذي تمأله االبتسامة والضحك وبؤشارة واحدة منك ٌؤتً مهروال هل تطلب شًء‬
‫هل انت محتاج الى مساعدة‪،‬‬
‫اختلطت عندذ العبرة والدمعة بالفرحة بالرحمة االلهية ‪ ،‬رؼم اننً ال ادري عن ما سوؾ اشاهده‪،‬‬
‫اال انه دخل فً قلبً نسمات من االمان انه لن اقتل بعدها وشممت رابحة من االمان من ان ألقى‬
‫فً اقفاص التعذٌب مرة اخر ‪ ،‬انتظر ان ٌؤتً الجندي االمرٌكً من اجل التحقٌق‪.‬‬
‫بعد ذلك ارسلوا لً اثنٌن من رجال العسكر االمرٌكٌة ٌسؤلونً‪ ،‬اجبت على بعض االسبلة ولم‬
‫استطع االجابة على اكثرها فتركونً الرتاح قلٌال ثم ارسلوا لً ثالث من النساء من العسكر‪ ،‬كانت‬
‫احداهن تتحدث العربٌة‪ ،‬رؼم ان كلماتها لم تكن صحٌحه النها امرٌكٌة وتعلمت بعض الكلمات عن‬
‫طرٌق الحفظ وتصٌؽها صٌاؼة ؼربٌة على سبٌل المثال (شنو وحدة مال انتَ ) وتقصد (ماهً‬
‫وحدتك العسكرٌة) اال اننً حاولت ان افهم ما تقول واجٌبها بما تستطٌع فهمة من الكلمات‪ ،‬وبعدها‬
‫خرجن من عندي مسرورات بعد ان ابدٌن شكرهن لً ـ كعادة الؽربٌٌن ـ السٌما اننً قابلتهن بروح‬
‫فكاهٌة رؼم المتاعب واثرت فٌهن الروح المرحة‪ .‬انتهى التحقٌق!‪ ،‬نعم تركونً فطلبوا منً‬
‫ؼرفة التحقيق‬ ‫االنضمام الى المجموعة السابقة بعد ان كنت فً مكان فردي من اجل التحقٌق ‪،‬‬
‫ولكن ليس على الطريقة العربية فالسياط العربية الزالت تلعب على اجساد المساكين اثناء‬
‫التحقيق ٌدخل ثالثة (ملك الموت‪ ،‬ملك العذاب‪ ،‬وخازن النار من اجل التوقٌع على استالم هذا‬
‫المجرم المسكٌن الجالس على كرسً التعذٌب فً ؼرفة التحقٌق) التحقٌق مع االمرٌكان فقط‬
‫مجموعة من االسبلة وابتسامات تترك اثرها على القلب بالراحة ‪ ،‬وتترك اثرها على الجسد المتعب‬
‫وتمألهُ بالسكٌنة والراحة ولٌس بالجراح والدماء التً تسٌل من اثر الضرب بالسٌاط العربٌة‪ ،‬كانت‬
‫االسبلة لطٌفة من افوا ٍه َ‬
‫ألطؾُ منها‪،‬‬
‫لقد اعادت الذكرٌات الى ؼرفة التحقٌق حٌث انواع العذاب والرعب والسٌاط التً تمزق القلب قبل‬
‫ان ٌتمزق منها الجسد والمالبس اما لسان الم َُحقِق فؤعتى سطو ًة من سٌاط الجالد نفسه‪ ،‬لقد اختلؾ‬
‫االمر هذ ِه المرة‪ ،‬لم ٌبدأوا السإال بكلمة ((اعترؾ قبل ان نسلخ جلدك)) بل بدأوا كالمهم بـ(مرحبا‬
‫‪ ،‬كٌؾ الحال‪ ،‬هل انت مرتاح االن‪ ،‬هل انت سعٌد معنا االن‪ ،‬ماسمك من فضلك؟ وتتوالى االسبلة‬
‫بكل لطافة وهدوء‪ .‬سارت االمور على ماٌرام وادخلونً مع مجموعة كبٌرة من امثالً‪ ،‬وبعد ان‬
‫ؼابت الشمس ووصلت الشاحنات‪ ،‬لٌحملونا بسٌاراتهم االمرٌكٌة وساروا بنا ماشاء ّللا لهم ّللا‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً اللٌل حملونا بسٌارات كبٌرة ـ حٌث كانوا ٌنتظرونها ـ ونقلونا الى الكوٌت على الحدود مع‬
‫العراق‬
‫الخيمة التي على الحدود مع الكويت‬
‫حتى وصلنا الى معسكرهم الربٌسً على الحدود مع الكوٌت ‪ ،‬وماكانت اال خٌمة كبٌرة محاطة‬
‫عن بعد مسافة بسٌاج من االسالك الشابكة وسٌارات امرٌكٌة للحراسة وانارة المكان بمصابٌحها ‪،‬‬
‫رؼم ان المكان واسع وكبٌر جدا‪ ،‬اال انه كان ملًء بالناس وال اظن ان العدد ٌقل عن االلؾ‪.‬‬
‫وكانت فً منتصؾ المساحة حفرة كبٌرة اشعلوا بها االمرٌكان النار من اجل التدفبة الن الجو كان‬
‫باردا كعادة لٌالً الصحراء ‪ ،‬كان االمرٌكان ٌتجولون بٌننا وٌتسامرون بروح ملٌبة بالمرح ـ‬
‫كعادتهم ـ وتجدهم ٌمازحون العراقٌٌن وٌخففون عنهم آالمهم بتلك النكات والضحكات والحركات ‪.‬‬
‫وضعونا فً معسكر ٌض بالعراقٌٌن من امثالً محاطٌن باسالك شابكة وخٌمة كبٌرة ـ قالو لً فً‬
‫ما بعد انها خٌمة صفوان تلك الخٌمة التً شهدت مفاوضات االمرٌكان مع مبعوثً صدام عام‬
‫‪1991‬‬
‫‪http://www.alnoha.com/read12/anfalSOL6AN.htm‬‬

‫(" الحدٌث عن خٌمة صفوان وما تم االتفاق والتوقٌع علٌه‬ ‫بعد وفق اطالق النار وانتهاء الحرب ٌقول احد الكتـّاب‬

‫‪264‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫داخلها بٌن الجانبٌن العراقً وجانب قو التحالؾ ٌثٌر فً نفوسنا‪ ،‬نحن العسكرٌٌن العراقٌٌن بصورة خاصة ونفوس أبناء الشعب‬
‫بصورة عامة‪ ،‬مشاعر حزن دفٌن ممزوج بؤلم مرٌر ‪ ...‬ستظل "خٌمة صفوان" تحكً لألجٌال القادمة "قصة ضٌاع الوطن والتنازل‬
‫"( الفصل الثالث من كتاب الزلزال لٌنجٌب الصالحً‬ ‫عن الكبرٌاء الوطنً وتمزٌق الهوٌة الوطنٌة"!‬

‫تحٌط بنا السٌارات العسكرٌة التً تنٌر التجمع البشري‬ ‫‪ )"، http://iraq4all.dk/Book/book.htm‬ـ‬

‫الرهٌب باضواء مصابٌحها‪ ،‬النارة المكان‪ ،‬واالمرٌكان ٌدورون بٌن الناس ٌضحكون وٌمازحون‬
‫الناس‪ ،‬كً ٌشعرونهم بانهم فً سفرة للمرح والسرور ولٌسوا الجبٌن او مهاجرٌن‪ٌ ،‬خففون ع ّنا‬
‫عناء السفر وتعب الطرٌق وألم المصٌبة‪ ،‬رؼم انهم قد عبروا المحٌطات والمسافات الواسعة‬
‫وخرجو من معركة مات َمن مات وخرج سالما منها َمن خرج‪ ،‬رؼم ذلك كله كانوا بروحٌة عالٌة‬
‫ونفس كرٌمة ومعاملة طٌبة‪ ،‬بل زادوا على ذلك ٌخففون ع ّنا آالمنا وهمومنا بابتساماتهم ونكاتهم‬
‫ومداعباتهم اللطٌفة‪.‬‬

‫كان بعض الناس ٌضحكون بل ٌضجون بالضحك رؼم ان الجو كان باردا والهموم ثقٌلة‪ ،‬ولم اشعر‬
‫النني كنت ساعتها مح ّممل‬ ‫بلحظة واحدة فً الرؼبة فً االبتسامة ناهٌك عن التفكٌر بالضحك‪،‬‬
‫بالعقد النفسية التي مزقت فإادذ مما رأيت من المجازر والسجون ‪ ،‬كان الفرح والحزن الضحكة‬
‫والدمعة تختلط دون تمٌٌز‪ ،‬فً الوقت الذي كنت فٌه فرحا لنفسً‪ ،‬كنت حزٌنا على من فقد حٌاته‬

‫‪265‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وانا فً طرٌقً الى الٌنجاة‪ ،‬نجوت انا وؼادروا الدنٌا ولم ٌروا طعمًا لالبتسامة‪ .‬فبعضهم مات‬
‫برصاص االعدام حتى امتألت امعاء الكالب من لحومهم‪ ،‬وبعضهم مات من التعذٌب فً السجون‪،‬‬
‫وبعضهم من قتل صبرً ا ومات فً فراشه من شدة االرهاق الروحً‪ .‬وفوق ذلك كله كنت وحٌدا من‬
‫بٌن عشٌرتً وقومً ‪ ،‬اشعر الؽربة بكل انفاسها وقد بدا ذلك واضحا حتى بعد دخولً كندا‬
‫وتجوالً فً مناطقها السٌاحٌة الجمٌلة كما سوؾ اوردهُ فً الصفحات القادمة من حٌاتً فً الؽربة‬
‫واالؼتراب ان شاء ّللا‪.‬‬
‫هل هذ ِه كانت اول السنين العشر العجاؾ ؟‪.‬‬
‫ثم تجمعت السٌارات (الشاحنات) الكبٌرة من اجل نقلنا الى مكان اخر وٌبدوا ان المكان كان مإقتا ً‬
‫ٌستقبلون فٌه الهاربٌن من الجحٌم العراقً‪ ،‬بعد ان تمت االستعدادات اصعدودنا على ظهر تلك‬
‫الشاحنات الطوٌلة والمعدة اساسا لنقل االحمال والمواد‪ ،‬ولكنهم استعملوها لنقلنا عبر الكوٌت ومروا‬
‫بنا بمجزرة المطالع الرهٌبة التً لم اشاهدها سابقا‪ ،‬فكانت اخر مجزرة اشاهدها على االرض‬
‫مباشرة وامام العٌن المجردة‪ ،‬هذ ِه المجازر شاهدتها ـ ولم تكن هناك محطات اعالمٌة او آالت‬
‫تصوٌر شخصٌة او فٌدو معنا ولم نفكر فً ذلك وقد تكلمت عبر شبكة االنترنت مع احد االخوة‬
‫اثناء كتابة الجزء االول من الكتاب وارسل لً هذ ِه الصور التً انفردت بها ـ اال ان ٌكون قد‬
‫ارسلها بنفس ِه الى ؼٌري ـ كما لم ٌكن لً الوقت الكافً الن اسبله متى وكٌؾ التقطت هذ ِه الصور‬
‫وتفاصٌل اخر حولها‪ ،‬ولم تنقلها اوراق الصحافة ‪ ،‬حدثت واختفت دون ان ٌسمع عنها احد‬
‫فٌسجلها بصوته‪.‬‬
‫مجازر تقشعر منها االبدان وتدمع لها القلوب قبل العٌون‪ ،‬ويكفي ان تنفجر بالبكاء عندما تسمع‬
‫بان مجموعة من الكالب اجتمعت على جثة‬
‫انسان تنهشه فكٌؾ اذا كان ذلك امام عٌنٌك‪،‬‬
‫واقبح من ذلك ان تشاهد ا ٌنم اوالدها في هذ ِه‬
‫المجازر وبين افواه ومخالب الكالب وال‬
‫تستطيع ان تفعل شيء ؼير ان تؽطي عينيها‬
‫بيديها وتصرخ باكية وتعود الى منزلها ‪ ،‬لم تكن‬
‫المجازر بالعراق باكبر من مجزرة المطالع المجزرة التً نسٌها التارٌخ وسطرتها اقالم‬
‫المظلومٌن بعبرة وسجلتها صحؾ الشامتٌن بقهقة المنتصر ‪.‬‬
‫‪266‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مجزرة كبٌرة على جانبً طرٌق الكوٌت الى البصرة‪ ،‬امتدت من مدخل المطالع على الحدود‬
‫الكوٌتٌة الى منتصؾ دولة الكوٌت‪ ،‬ومألت الصحراء ‪،‬جثث متعفنة تؤكلها كالب البوادي وحٌوانات‬
‫البر وكواسر السماء ‪ ،‬حطام اكلته النٌران‪ ،‬ماهً اال حطام واجساد اخوان لنا رحلوا الى ربهم بٌن‬
‫ظالم ومظلوم‪ .‬مجزرة المطالع او طرٌق الموت المجزرة التً ذهب ضحٌتها آالؾ الجنود من‬
‫وقد شاهدتُت في‬ ‫الجٌش العراقً اثناء االنسحاب من الكوٌت حٌث تم قصفهم بطابرات التحالؾ‬
‫هذ ِه المجزرة الجثث التي مزقتها انياب‬
‫وحوش البرارذ وكواسرها ونيران الطائرات‬
‫‪ ،‬وآلٌات العسكر العراقً واخر مدنٌة كانت‬
‫متحركة مع الرتل المنسحب من الكوٌت بعد‬
‫الهزٌمة الكبر ‪ ،‬هذ ِه المجزة سكت عنها‬
‫التارٌخ ولم نسمع لها ؼٌر همسات سرعان ما‬
‫اختفت معالمها ‪ ،‬بالوقت الذي اقاموا الدنٌا‬
‫واقعدوها لقتل طفل فً فلسطٌن ‪ ،‬اما العراقً ؛ إؼـمِـضـوا العٌون فانه عراقً ‪ ،‬وانتهى ‪.‬‬
‫لم استطع تحمل منظر المدافع والدبابات ومختلؾ اآللٌات المحترقة والمدمرة على طول طرٌق‬
‫الموت من الحدود العراقٌة الى مداخل منتصؾ الكوٌت‪ ،‬تلك المجزرة التً ال تؽٌب صورتها عن‬
‫عٌونً وكؤنً اشاهد اشالء الجنود الممزقة امام عٌونً حاضرة الى الٌوم وال اظن ان االٌام سوؾ‬
‫تمحو صورتها من ذاكرتً‪ ،‬حتى اترك الحٌاة الدنٌا ‪.‬‬
‫لقد كانت الكالب والذباب وؼٌرها من‬
‫الكواسر تؤكل من اجسادنا سواء فً‬
‫مجزرة الكوٌت او مجزرة ساحة سعد‬
‫او مجزرة الهارثة او ‪ ....،‬او ‪ ،.....‬او‬
‫‪ ....‬حتى هذا الٌوم ‪ ،‬والى اجل ؼٌر‬
‫مسمى ‪.‬‬
‫وقد اشار نجٌب الصالحً فً كتابه‬
‫الزلزال الى هذ ِه المجزرة‪ ،‬مجزرة‬
‫طرٌق الكوٌت تحت عنوان ‪:‬‬
‫‪267‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫"(فً الطرٌق إلى البصرة‪:‬‬


‫البصرة ثؽر العراق الذي ٌفتر دوما عن‬
‫ابتسامة ساحرة كؤن النخٌل فٌها وشاح لها‬
‫ٌزٌدها بهاء ‪ ..‬البصرة الحبٌبة التً تحمل‬
‫باعتزاز قالدتها التً صاؼها لها شرٌانا‬
‫الحٌاة‪ ،‬دجلة والفرات ‪ ..‬البصرة هذه ذات‬
‫المعالم الجمالٌة واإلقتصادٌة والفكرٌة‬
‫وقد أصبحت هدفا لنٌران الحروب تلفحها‬
‫تارة الحرب العراقٌة ‪ -‬اإلٌرانٌة وأخر حرب الخلٌ فتحرق رموشها القذابؾ وتشعل الصوارٌخ‬
‫فً وشاحها النٌران وكم أؼمضت هذه البصرة المبتالة بؤناملها عٌون اآلالؾ من ضحاٌا الحربٌن‬
‫وهم ٌخرون صرعى فً جنباتها وتفتح ذراعٌها بحزن بطولً لتضمهم إلٌها وتنهمر دموعها وهً‬
‫تستقبل العابدٌن بعد اندحار الحاكم وهزٌمته!‪..‬‬
‫وفً الطرٌق إلى البصرة كنت أشاهد حركة البصرٌٌن بعد وقؾ إطالق النار وتنقالتهم بالرؼم من‬
‫أن الطابرات اِلمرٌكٌة ما زالت تحلق فً الجو بٌنما سحب الدخان تحجب ضوء الشمس فتقع‬
‫المدٌنة وأهلها فً ظالم ووسط ذلك الظالم بقاٌا آلٌات وعجالت تحترق تهشمها النٌران وأخر‬
‫معطوبة فٌها جثث الجنود اِلبطال الشهداء تشٌر إلى المؤساة! ‪..‬‬
‫أفواج من الجنود‪ ،‬حفاة‪ ،‬بال أسلحة‪ ،‬نظرات البإس واإلنكسار والتذمر تلوح على وجوههم الكالحة‪،‬‬
‫جرحى ومصابون على جانبً الطرٌق‪ ،‬أعداد من أفراد الجٌش الشعبً تؤخذ طرٌقها مع الحشود‬
‫المنكسرة إذ كنت أمٌزهم من أؼطٌة الرإوس وكلما تقدمت بً العجلة كنت أشعر باِللم ٌمزقنً‬
‫وكنت أتساءل بمرارة‪ ،‬أي طاقة لنا نحن العراقٌٌن على تحمل ما ٌفعله المستبدون بنا؟ ما سبب ما‬
‫ٌعانٌه هإالء ؟ ما ذنب الناس ؟ طرٌق اآلالم هذا‪ ،‬هل ٌنتهً عند نقطة قرٌبة ؟‬
‫كان جسر الزبٌر مقطوعا ‪ ..‬أسالك الهاتؾ والكهرباء مدالة من اِلعمدة أو ممدودة على اِلرض ‪..‬‬
‫أسلحة بال رجال‪ ،‬مقاومة الطابرات صامتة على أسطح المنازل بال ٌد تضؽط على زنادها‪،‬‬
‫الحرابق تلتهم كل شًء هنا وهناك!‪...‬‬

‫‪268‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فقدت القدرة على المكابرة فلم أتمالك نفسً‪ ،‬جنودنا‪ ،‬وأهلنا‪ ،‬وأرضنا‪ ،‬تحرق وتدمر وتذل‪ ،‬انهمرت‬
‫دموعً وكنت أُقاوم الحسرات فً داخلً وأكبت شهقات الحزن والنقمة‪ ،‬ال أرٌد أن ٌر الجنود‬
‫المرافقون دموعً!‪..‬‬
‫ولما وصلت بعد جهد إلى مقر القٌادة العامة للقوات المسلحة‪ ،‬أخبرونً أن المقر انتقل إلى مكان‬
‫‪70‬كم شمال البصرة‪،‬‬ ‫آخر وحاولت الذهاب إلى مقر الفٌلق الثالث فً "الدٌر" وٌقع على بعد‬
‫فعلمت‪ :‬إن الجسور مقطوعة وعلٌنا أن نسلك طرقا ً أُخر ‪.‬‬
‫قررت العودة إلى جبل سنام‪ ،‬النقطة الدالة والموضع الذي ٌقؾ شاهداً على مؤساة شعب ونكبة‬
‫جٌش والذي ٌحتضن فً سفوحه رجاالً ٌحاولون أن ٌمزقوا شرنقة الٌؤس التً تكبل قواهم وٌبذلوا‬
‫كل ما ٌمكن لتخفٌؾ وتٌرة االنحدار‪.‬‬

‫بٌن الزبٌر ‪ ...‬والنشوة‬


‫كان ال بد لنا أن نترك الدؾء الذي أحسسناه ونحن فً أحضان الجبل لنواجه تٌارات اِلحداث التً‬
‫تعددت مصادرها واتجاهاتها مما دفعنا إلى التحرك نحو الداخل‪ .‬وفً الطرٌق أوضح لً قابد‬
‫الفرقة كٌؾ وصله أمر ترك المنطقة بواسطة سرٌة انضباط الفرقة اآللٌة ‪ 51 /‬وأن القاطع أصبح‬
‫من مسإولٌة الفٌلق الثانً وان هذه المنطقة التً كنا نشؽلها ستنصب فٌها خٌمة المفاوضات مع‬
‫دول التحالؾ‪.‬‬
‫ثم واصل كالمه‪:‬‬
‫‪-‬سنبقى فً معسكر الدرٌهمٌة هذه اللٌلة وؼداً صباحا ً نعٌد تنظٌم وحداتنا وعصراً نتحرك إلى‬
‫‪ 2‬آب‬ ‫الدٌر و النشوة * حٌث المقر والمعسكرات الدابمٌة للفرقة وتشكٌالتها التً كنا فٌها قبل‬
‫‪1990‬‬
‫سلكنا طرٌقا ً ترابٌة اختزاال للوقت ولتؤمٌن الخروج من منطقة الحظر بسرعة وأخذنا عجالت القتال‬
‫المدرعة وقد أبلػ اِلمرٌكان آمر اللواء المدرع‪ ،30 /‬أن ٌترك الدبابات وعجالت القتال ولكنه لم‬
‫ٌهتم بتبلٌؽهم هذا‪.‬‬
‫فً الساعة الثانٌة عشرة ‪ ..‬وصلنا إلى مدرسة قتال الفٌلق الثالث داخل المعسكر وقد أخذت الحٌاة‬
‫تدب فٌه حٌث خرج الجنود إلى الشمس وتركوا مالجبهم وبدءوا ٌنفضون اِلفرشة واِلؼطٌة وكان‬
‫بعضهم ٌتفقد جاهزٌة سالحه!‪..‬‬
‫‪269‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تجولنا فً مقر المدرسة باحثٌن عن مكان نؤوي إلٌه ونجد فٌه ماءاً ‪ ..‬أٌام متواصلة لم ٌشعر فٌها‬
‫أحد منا بالراحة‪ ..‬كثٌرون من الجنود لم ٌحلقوا ذقونهم ولم ٌستحموا‪ ،‬وبعد ساعتٌن خرجت إلى‬
‫الزبٌر لتفقد اللواء المدرع ‪ 16 /‬ولواء المشاة اآللً ‪ .25 /‬كان الوضع مثٌرا للقلق وٌهدد بفقداننا‬
‫السٌطرة على الجنود والضباط اِلحداث‪ ،‬فالمدٌنة تؽص بالجنود الذٌن بدأ أؼلبهم ٌرتدي مالبس‬
‫مدنٌة مثل الدشادٌش وؼٌرها وقد بقً الكثٌر منهم مختببا داخل البٌوت‪.‬‬
‫أصدرنا أمرا بخروج الجمٌع والتجمع خارج المدٌنة والتهٌإ للحركة‪ ،‬ولما شاع اِلمر وتؤكد‬
‫الضباط والجنود أنهم ٌتجهون إلى الداخل وإلى معسكراتهم الدابمٌة ولٌس إلى قتال خاسر بدءوا‬
‫ٌتجمعون عند مدخل المدٌنة‪.‬‬
‫لم ٌكن بعد التجمع والحركة ما ٌذكرنا بواقع جٌشنا ومستواه قبل ‪ 2‬آب ‪ 1990‬إال مالمح بسٌطة‬
‫من االنضباط واالحتفاظ بالمعنوٌات نجدها عند القلٌل من الضباط وضباط الصؾ القدماء فً‬
‫الخدمة وعدد هإالء محدود أصال‪ ،‬كما أن ما تبقى من اِلسلحة والتجهٌزات قلٌل وذو كفاءة‬
‫محدودة وان اكثر من نصؾ اِلشخاص المنسحبٌن ذهبوا من دون إذن إلى أهلهم فً المحافظات‬
‫بٌنهم عدد كبٌر من الضباط اِلحداث وآمري وحدات وكان الموقؾ النهابً لمجموع الفرقة كاآلتً‪:‬‬
‫لواء مدرع ‪ ، 16 /‬ما بقً منه كان ٌعادل سرٌة دبابات واحدة‪ ،‬والفوج الرابع اآللً الذي وصل إلى‬
‫البصرة متكامال بفضل كفاءة آمره المقدم الركن "فالح حسان" وضباط الفوج وجنوده عالوة على‬
‫امتالكه عجالت القتال"‪( ، "B.M.B.1‬وقد ذكرنا سابقا أنها خفٌفة وسرٌعة وذات كفاءة فنٌة عالٌة)‬
‫ولكن اتضح أن آمر الفوج لم ٌستلم أمرا واضحا ً من آمر اللواء بل أخبره خطؤ بالعودة إلى المعسكر‬
‫الدابمً فً النشوة مباشرة‪ ،‬مما جعل الفوج ٌتجه مباشرة إلى جسر "التنومة" عبر شط العرب‬
‫واجتٌازه لٌال إلى منطقة الشالمجة ثم الزرٌجً ثم النشوة على الطرٌق المحاذي لشط العرب‪ ،‬وال‬
‫نعلم مصٌره على وجه الدقة المطلوبة‪ ،‬أما اللواء المدرع‪ 30 /‬فقد كانت القوة المتبقٌة فٌه عبارة عن‬
‫‪ "100‬جندي وضابط‪ ،‬أما لواء المشاة‬ ‫سرٌة دبابات وسرٌة مشاة آلٌة والمجموع ال ٌزٌد عن "‬
‫اآللً ‪ ،25 /‬فقوته تعادل " ‪ "40‬عجلة قتال "‪ ، "B.M.B1‬وعدد من الدبابات وأطقم هذه العجالت‬
‫والدبابات ؼٌر كاملة واِلشخاص الموجودون فٌه ال ٌزٌدون عن "‪ "250‬جندٌا ً وضابطا ً‪.‬‬
‫كنا نبحث عن آلٌات الفرقة من دبابات وناقالت وكنا نتساءل ماذا حل بالمدفعٌة‪ ،‬الدفاع الجوي‪،‬‬
‫الهندسة العسكرٌة‪ ،‬الصنؾ الكٌماوي‪ ،‬الطبابة‪ ،‬التموٌن والنقل والمخابرة ‪ ..‬؟ إذ لم نجد إال أعدادا‬
‫قلٌلة من الجنود والضباط‪ ،‬أما اآلمرون فقد اختفوا‪.‬‬
‫‪270‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كنت حرٌصا ً فً ٌوم االنسحاب على أن أدفع بهذه الصنوؾ إلى البصرة فً وقت مبكر إذ لم تكن‬
‫هناك حاجة ِلي منها خالل تلك الفترة‪.‬‬
‫فً الصباح‪ ،‬بدأ الجٌش باالنسحاب شماال باتجاه البصرة والعمارة حٌث الفٌلقان الثالث والرابع وأما‬
‫الفٌلق الثانً‪ ،‬فقد بدأ ٌعٌد تنظٌمه جنوب البصرة‪.‬‬
‫وأخذت مدٌنة الزبٌر تطرح عن كاهلها عببا بشرٌا ٌفوق طاقتها فقد كان لجوء قطعات عسكرٌة‬
‫إلٌها ٌشبه نوعا ً من االحتالل لكن بقوة بابسة وأسلحة صامتة حٌث تدفق الجنود على أهلها الطٌبٌن‬
‫فاحتلوا كل شًء وفتحت لهم اِلبواب بروح وطنٌة وشهامة أصٌلة‪ ،‬فقد كانت الزبٌر كؤي مدٌنة‬
‫أُخر فً العراق تدخل فً مرحلة معاناة (تدبٌر المعٌشة) وكانت المدٌنة بال ماء وال كهرباء!‬
‫ومثل هذا التدفق البشري الكبٌر إلى مدٌنة صؽٌرة ال ٌمكن أن ٌتم دون مضاٌقات ِلهلها‪،‬‬
‫فالنازحون إلٌها ٌحملون فً أعماقهم مرارة تجربة قاسٌة تنعكس نتابجها فً سلوكهم وتصرفاتهم‬
‫وأوضاعهم النفسٌة السٌبة‪ ،‬فكان من بٌنهم مثالً‪ ،‬الضٌؾ الثقٌل الذي سبب ِلصحاب الضٌافة‬
‫شعوراً باالضطهاد وربما كانت "الزبٌر" بهذا الخصوص أفضل حاال من "الحٌانٌة" "والبصرة‬
‫القدٌمة" "والجمهورٌة" "والخمسة مٌل"‪ِ ،‬لن مرور اِلٌام ٌدفع باِلوضاع إلى تطورات جدٌدة‪.‬‬
‫بدأت تردنا أخبار عن حوادث سرقات ونهب وإطالق عٌارات نارٌة فً "الزرٌجً"‪" ،‬والنشوة"‬
‫"والدٌر"‪ ،‬حٌث تتواجد معسكرات الفرق الدابمٌة التً ٌفترض أن ننتقل إلٌها بعد الؽد وكان ضمن‬
‫توجٌهاتنا أٌضا أن ترسل التشكٌالت والمقرات عناصرها اإلدارٌة إلى تلك المعسكرات مع الضٌاء‬
‫اِلول لٌوم ؼد "اِلول من آذار‪ ،‬لتهٌبة اِلماكن والمستلزمات اإلدارٌة لمقر الفرقة والتشكٌالت‬
‫المإمل وصولها لٌال وكانت مجموعة مقر الفرقة مإلفـة من‪ :‬أمٌن سر شعبة التنظٌم الحزبً‪ ،‬مدٌر‬
‫اإلدارة‪ ،‬ضباط اِلمن‪ ،‬آمر كتٌبة المخابرة‪ ،‬آمر الهندسة‪ .‬أما التشكٌالت فقد اختارت ممثلٌها من‬
‫بٌن اِلشخاص الموجودٌن لدٌها وحسب ظروؾ كل تشكٌل‪ )).‬انتهى النص‬
‫حفر الباطن‬
‫وصلنا الى حفر الباطن ـ المعسكر السعودي الذي تدٌرهُ قوات التحالؾ ‪ ،‬لقد كانت عبارة عن‬
‫مربعات كبٌرة من الخٌام محاطة باالسالك الشابكة ‪ ،‬ادخلونا على كرفانات ِلجراء بعض‬
‫الفحوصات والتسجٌالت القانونٌة‬

‫‪271‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفي حفر الباطن ‪.....‬انت شيعي لو مسلم!!!‬


‫ادخلونا على خٌمة (مكتب التسجٌل) ٌجلس على المكتب ـ جندي سعودي ‪ ،‬ومترجم ‪ ،‬وامرٌكً‪.‬‬
‫ولنا معه قصة ‪.‬‬
‫استقبلونا فً المعسكر بسإال اطار عقلً ساعتها ولم اعرؾ ماذا اقول ‪ ،‬كان السإال فً خٌمة‬
‫تسجٌل االسماء فً مقدمة المعسكر ‪،‬‬
‫مااسمك ؟‬
‫عبدالحسٌن عبداالمٌر السوٌلمان‬ ‫‪‬‬
‫كم عمرك ؟‬
‫انا من موالٌد ‪1965‬‬ ‫‪‬‬
‫هل انت مسلم او شيعي ؟‬
‫هنا تلجل لسانً ‪ ،‬فكلمة (او) تعنً المفارقة ‪ ،‬مسلم او شٌعً ‪ ،‬قضٌة فٌها امر ؼامض ‪ ،‬قلت له‬
‫(اي بمعنى اما ان تكون مسلما‬ ‫انا مسلم شٌعً ‪ ،‬قال بالحرؾ الواحد ‪ :‬ال مايجوز لو مسلم لو شيعي ‪.‬‬
‫والتكون شٌعٌا فلو كنت شٌعٌا الٌمكن ان تكون مسلما وكذا العكس ) فقلت فهل ٌعنً اذا قلت انا شٌعً ٌعنً‬
‫‪ ،‬قال‬ ‫صرخ بوجهي اجب بسرعة اضطربت اكثر‬ ‫انا لٌس بمسلم ‪ ،‬ام ان هناك امر اخر ‪،‬‬
‫شخص كان الى جانبً ال ادري اذا كان ٌنتظر التسجٌل بعدي او انه كان ٌعمل معهم ‪ ،‬موضحا‬
‫التبس علً ـ قال يقصد هل انت سني ام شيعي ‪ ،‬عندها اجبت ‪ ،‬انا شٌعً ‪ ،‬رؼم انً لم‬
‫َ‬ ‫االمر الذي‬
‫اعرؾ سبب السإال ‪ ،‬فلم نفكر به مطلقا ‪ ،‬فال فرق بٌن السنً والشٌعً فً التعامل اال بالقضاٌا‬
‫الشخصٌة التً العالقة لها بالموقؾ الذي انا به ‪ ،‬وانتهى التسجٌل وخرجت ‪ ،‬واعطونً مالبس ‪،‬‬
‫ألتخلص من مالبسي القذرة التي املتؤت بالقمل من اثر السجن السابق بحرقها بالنار فلو دفنتها‬
‫النتقل ماتحمله الى االخرين فكان الحل الوحيد لها ان تحرق بالنار جميعها ‪.‬‬
‫ارض تسمى حفر الباطن‪ ،‬حٌث بقٌنا هناك‬
‫ٍ‬ ‫لقد جمعت القوات المتحالفه الالالؾ من الالجبٌن فً‬
‫لفترة من الزمن تحت رعاٌة القوات االمرٌكٌة ‪ ،‬بعدها تسلمت القوات السعودٌة مجامٌع الالجبٌن ‪،‬‬
‫فؤصحبنا تحت رعاٌة القوات السعودٌة ‪ ،‬فً لٌلتها ـ اللٌلة التً سلمونا بها الى الحرس السعودي ـ‬
‫قام احد الحرس السعودي باطالق الرصاص متعمّدا على احد السجناء فً المعسكر فارداه قتٌال‬

‫‪272‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واصاب اخر ‪،‬وعلى اثرها هرع ضابط سعودي وعرفاءه وحراسه ‪ ،‬اهالوا علٌه ركال ‪ ،‬واحاطوا‬
‫بالقاتل ‪ ،‬وانهالوا ركال ‪ ،‬ولما سؤلوه عن السبب‬
‫لماذا قتلت ؟‬
‫قال الحرس‪ :‬هإالء شٌعة ‪.‬‬
‫قال الضابط ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫قال‪ :‬انا فعلت واجبً الدٌنً‪ ،‬فعندي فتو من عبدالعزٌز بن باز انه من قتل عشرة من‬
‫الشٌعة ٌدخل الجنة بؽٌر حساب‪ ،‬وانا قتلت واحد بقً تسعة‬
‫اضطرب الضابط وزاد علٌه الركل وشتمه وشتم بن باز ‪،‬‬
‫حٌنها عرفت ان االمر مختلؾ عندهم ‪ ،‬او ربما هناك بعض االسرار التً لم استطع فهمها ‪.‬‬
‫شاهدت ذلك بؤم عٌنً وسمعته بؤذنً‪ ،‬رؼم ذلك اكاد ال اصدق ربما كانت مجاملة او خوفا من ان‬
‫تصل الى االمرٌكان‪ ،‬رؼم انهم قد عرفوا التفاصٌل ولم ٌعرفوا السبب ‪.‬‬
‫سرعان ما وقع الخبر بٌد االمرٌكان ـ رؼم التحفظ السعودي ـ ثم دارت الدوابر لٌؤتً الصلٌب‬
‫االحمر واالمم المتحدة النقاذ الموقؾ بعد ان تؤكدوا من صحة صدور مثل هذ ِه الفتو ‪.‬‬
‫سارت رحى الزمان عند بداٌة شهر آٌار وجاءنا امٌر المنطقة الشرقٌة السعودي لٌخبرنا بؤننا سوؾ‬
‫ننقل الى منطقة اخر ‪ ،‬وفً ‪ 1991/5/5‬سارت بنا السٌارات ماشاء ّللا لها ان تسٌر ‪.‬‬
‫الوعد الكاذب‬
‫تجمع الناس حول االمٌر السعودي وهو ٌلقً بوعود ِه وٌتؤمل الناس من وعود ِه خٌرا‪ ،‬لم ٌكن االمر‬
‫بتلك السهولة التً تصوروها المساكٌن البسطاء وصدقوها وفرحت الحفاة ان السلطان السعودي‬
‫هذا سوؾ ٌنتقل بهم من حفر الباطن الى مكان افضل بكثٌر منه ـ كما ادعى ـ وانه المكان الذي‬
‫ترك ُه االخوة الكوٌتٌون وعادوا الى وطنهم بعد تخلصهم من جٌوش الطاؼٌة صدام والذي جاءوا‬
‫الٌه هاربٌن‪ ،‬فكان استقبالهم بالورود والعز والعناٌة الفابقة وفً ضٌافة الملك المفد ‪ ..‬لم ٌكن فً‬
‫تصور احد من هإالء المساكٌن ان هذا االمٌر قد القى قنابله العربٌة والتً لم نكن نثق بها ولكن‬
‫المثل الشعبً العراقً ٌقول (ٌفوتك من ال چذاب صدقا چثٌر) اي ان الكاذب قد تبدر منه كلمة‬
‫صادقة ولكن لكثر ماٌكذب التصدقه فتندم على عدم التصدٌق ولكن بعد فوات االوان‪ ،‬فقال البعض‬
‫انها ربما تكون من الحقابق الن االخوة الكوٌتٌون كانوا قد سكنوا فً مساكن طٌبة وطعام وفٌر‬
‫وخدمات جلٌلة والكل ٌؤمل فً الحصول على مثلها‪ ،‬او ربما اقل منها ثم انه امٌر اي انه من ابناء‬
‫‪273‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫العابلة الحاكمة ومسإول ودرجة التصدٌق به ٌجب ان تكون عالٌة بحكم منصب ِه ومسإلٌته‬
‫السٌاسٌة‪.‬‬
‫ثم ان هإالء الحفاة المساكٌن القادمٌن من الجحٌم ٌطمحون فً الٌنجاة وامل فً الحٌاة‪ ،‬وتوسعت‬
‫احالمنا الوردٌة وسبحت افكارنا بها‪ ،‬فكان واقفا الى جانبً احد االخو ٌدعى (نشوان) ـ كان‬
‫فراشه الى جانب فراشً فً خٌمة واحدة مع بقٌة االخوة ـ انطلق الى هذا االمٌر لٌضع بٌن ٌدٌه‬
‫ورقة‪ ،‬سرعان ما شعر االمٌر بصدمة المفاجؤة ثم ؼادر المعسكر‪ ،‬وسؤلت نشوان ماذا حدث‪،‬‬
‫فؤخبرنً انه وضع بٌن ٌدٌه الجنسٌة التً تظهر انتسابه الى عشٌرة ال سعود‪ ،‬وان هذا االمٌر هو‬
‫عم ُه ‪ ،‬احد اخوة ابٌه‪ ،‬حٌث ان والد نشوان كان قنصال سعودٌا فً البصرة‪ ،‬وقد انقطعت بهم السبل‬
‫للعودة لوطنهم فكان لزاما علٌه ان ٌؤتً معنا مع الالجبٌن‪ ،‬وقال ان االمٌر وعده بؤنه سوؾ ٌخبر‬
‫عشٌرته الخراجه‪ ،‬وبالفعل جاءت السٌارات وبتلك الحفاوة واالجالل واالكرام والتقدٌر استقبلوه‬
‫واخرجوه من بين الحفاة المساكين الذٌن ٌنظرون الٌه وٌنتظرون الفرج بذلك الحلم الوردي ‪.‬‬
‫هإالء المساكٌن لم ٌكن راع ٍ لهم سو الصحراء والحرس السعودي البدوي الذي الٌعرؾ حتى‬
‫فك الحروؾ والٌفرّق بٌن ورقة الكتابة وورقة الشجر الصفراء الٌابسة‪ ،‬تلك الصحراء التً تحمل‬
‫بٌن كثبان رمالها وحوش البراري عطفت علٌنا واحتظنتنا ‪.‬‬
‫بقٌنا اٌامًا بعد ذلك لٌؤتً وقت تنفٌذ اوامر ذلك االمٌر السعودي وتنطلق بنا السٌارات من حفر‬
‫الباطن الى مكان االحالم الموعود‪ .‬ودارت الساعات مع دوران دوالٌب السٌارات واالفكار الزالت‬
‫تؽرق بذلك الحلم الجمٌل ( الحرية والكرامة ‪ ،‬عمارات عالٌة فً مدٌنة جمٌلة نسكن بها‪ ،‬سوق‬
‫وعمل ـ تحت شعار ضٌوؾ الملك)‪ .‬هذ ِه االحالم تبتلعها الصحراء مرة وتخرج مرة اخر ترواد‬
‫الحفاة المساكٌن الحالمٌن بالحرٌة والكرامة فً اؼنى دولة عربٌة‪ ،‬حلم جمٌل ولكن ‪...‬‬
‫السٌارات ترتقً التالل‪ ،‬صحراء مفتوحة ال نر فٌها حتى شجرة‪ ،‬رأٌنا عن بُعد مدٌنة زاخرة‬
‫بالبنٌان والشجر‪ ،‬فسبحت االفكار ربما انها هً المقصودة‪ ،‬حلم سعٌد ولكن ابتلعه الشارع االسود‬
‫الحارق هذ ِه المرة بعد ان اجتازت السٌارات اسوار المدٌنة ولم تتوقؾ حتى لالستراحة ولو لدقابق‬
‫لقضاء الحاجة على االقل‪ ،‬وفرحنا مرة اخر وطفحت االحالم الى السطح من بحر الوهم عندما‬
‫الحت عن بعد مدٌنة اخر ‪ ،‬تسابقت الٌها العٌون وعلت االبتسامة شفاه الحفاة المساكٌن‪ ،‬ففقدوها‬
‫تلق على المدٌنة ولو تحٌة عابرة‪ ،‬وعادت الشفاهء الذابلة‬
‫مرة اخر بعد ان عبرت السٌارات ولم ِ‬
‫امل رسم ُه االمٌر السعودي‪ ،‬والحلم بالحرٌة والكرامة ٌدؼدغ مشاعر المساكٌن‪ ،‬هذا‬
‫لالنقباض على ٍ‬
‫‪274‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحلم الذي دام سوٌعات معدودات بدأ ٌتالشى عندما تركت السٌارات الشارع االسود ونزلت الى‬
‫الرمل االصفر‪.‬‬
‫احالم العصافٌر الصؽٌرة بدأت تصؽر وتؽصر مع عبور التالل السعودٌة تلة بعد اخر واصوات‬
‫البالبل الحالمة تحول الى نعٌب الؽراب عندما الحت الى االنظار شباك عالٌة فً وا ٍد منخفض ‪،‬‬
‫عرفنا فٌما بعد انه ٌنخفض عن مستو سطح البحر بعشرة امتار او اكثر ‪.‬‬
‫ْ‬
‫حبست االبتسامة بٌن االسالك الشابكة‬ ‫ْ‬
‫اقطبت الوجوه واخرست االفواه‬ ‫تلك الصحراء وشباكها‬
‫وتالشى تماما ذلك الحلم الوردي عندما تبٌن على وج ٍه الٌقبل الشك ان االمٌر السعودي كان كـاذبـًا‬
‫وان كل وعود ِه كانت مجرد حقنة مخدر موضعً حتى الٌفكر اي من هإالء المساكٌن الحفاة بشًء‬
‫ؼٌر محسوب له حسابه ‪.‬‬
‫شباك وحراسات متداخلة بعضها ببعض اكلت االحالم والحالمٌن معا‪ ،‬انه سجن االرطاوٌة للهاربٌن‬
‫من ظلم صدام الى رحمة آل سعود‪.‬‬

‫وادذ الموت او وادذ الجن (االرطاوية)‬


‫دخلنا وادي وخرجنا من وادي كل ذلك فً الصحراء القاحلة‪ ،‬واذا نحن بمعسكر كبٌر‪ ،‬عرفنا بعدها‬
‫ان الوادي اسمه وادي الجن او وادي الموت وان السجن اسمه سجن االرطاوٌة ‪.‬‬
‫عادت لً ذكرٌات حدٌث والدي حول وادي الجن قال عنه ان قوافل الحجٌ عندما تمر بهذه‬
‫المنطقة فانها تسرع السٌر وال تدخلها لٌال او تنام فٌها‪ ،‬النه وادي الموت ‪ ،‬تكثر فٌه الجن وخبابث‬
‫الصحراء‪ .‬معذر ًة ٌاوالدي لقد بتنا وبقٌنا فً االرطاوٌة اشهر واشهر ‪ ،‬ال نر فٌها اال سٌارات‬
‫الحراسات وسٌارات توصل لنا الطعام الذي ٌرمى لنا من باب حدٌدي داخل باب حدٌدي كما‬
‫ٌرمى علؾ الحٌوان لمجموعة حٌوانات فً قفص‪ ،‬اال ان الفرق هنا نوع الطعام والتعببة ٌستلم‬
‫الطعام عراقً من المعسكر لٌوزعه على الباقٌن‪ ،‬والمعسكر عبارة عن مربعات داخل مربع اكبر‬
‫داخل مربع اكبر‪ ،‬كل تسعة مربعات فً مربع كبٌر ٌسمونه (م َُجمّع) تصؾ فٌه المربعات على‬
‫جانبً شارع داخلً‪ ،‬وتجمع كلها فً مربع اكبر منها ٌسمى سجن االرطاوٌة ‪.‬‬
‫دخلت السٌارات الى الشِ باك بعد ان فتح الحرس ابوابها المقفلة بقفلٌن ثم الى الشوارع الداخلٌة التً‬
‫‪ )8‬ـ صورة‬ ‫ٌسمونها المجمعات والمربعات توقفت السٌارة التً كنت فٌها عند باب المربع رقم (‬
‫ؼالؾ الجزء الثانً ‪ ،‬كانت امام خٌمة السٌد رحٌم فً المربع ‪ ،‬انا وسٌد رحٌم فً المنتصؾ قٌل‬
‫‪275‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫انه سافر الى اٌران وكان رجل دٌن ورع تقً صاحب علم جم‪ ،‬وثالثنا كان االخ علً من اهالً‬
‫الفاو اقصى جنوب البصرة سافر الى امرٌكا ـ كان الشبك المحٌط بكل مربع عبارة عن شبك‬
‫مزدوج‪ ،‬اي بٌن شبك والشبك االخر فراغ مقداره متر تقرٌبا ٌتسع لمرور شخص بٌنهما‪ ،‬كانوا‬
‫عندما ٌرٌدون حساب عددنا فً التعداد الصباحً والمسابً ٌدخلوننا من جهة الٌسار فً هذا بٌن‬
‫الشبكٌن فً المربع ونسٌر الى ان ندور حول المربع الواحد خلؾ االخر‪ ،‬وعندما نصل الى نقطة‬
‫العد على الطريقة‬ ‫البداٌة ٌدخلوننا الواحد بعد االخر من اجل احصاء العدد‪ ،‬وكانت طرٌقة‬
‫السعودية في حساب رإوس الماشية من االؼنام والدواب االخرى‪ :‬راس راسين ‪.....،5 ،4 ،3 ،‬‬
‫الى اخر العدد‪ ،‬والٌراعون اذا كانت الشمس حارقة او ممطرة‪ ،‬المهم ٌمر النهار كله على هذا‬
‫المنوال‪ ،‬ساروا على هذا النه مرة فً االسبوع‪ ،‬حتى قرروا ان ٌكون فً المعسكر‪ ،‬ممثالً عن كل‬
‫مربع‪ ،‬وهو ٌتولى مهمة التعداد وتوزٌع االرزاق وؼٌر ذلك‪ ،‬وبما انه عراقً فال حاجة للجلوس‬
‫تحت الشمس او بٌن الشباك‪ٌ ،‬مر على الخٌام خٌمة خٌمة وٌعرؾ العدد منها‪ ،‬بسجل خاص عنده‪،‬‬
‫او ٌجمع المربع كله وٌجلسه جلسة العسكر‪ ،‬وخالل دقابق ٌكون قد انتهى التعداد على الطرٌقة‬
‫العراقٌة‪ ،‬وٌسلـّم المطلوب الى الضابط السعودي او المسإول االكبر‪.‬‬
‫لم ٌستطع الحرس تصدٌق االمر النه ؼرٌب علٌه‪ٌ ،‬تم حساب ‪ 500‬او ‪ 800‬شخص خالل دقابق‪،‬‬
‫قضٌة فوق التصدٌق عنده‪.‬‬
‫وعلى هذا اروي هذ ِه الحادثة مع الحرس السعودي والتً وقعت امامً دخل علٌنا ٌطلب العدد‬
‫الموجود ‪ ،‬وقال اجلسوا ‪ ،‬وبدأ بالعد راس راسٌن ثالثة ــ ولم ٌستطع ان ٌكمل العد فعاد من جدٌد‬
‫ثالث او اربع مرات ‪ ،‬ولكنه ٌخطؤ فً كل مرة ‪ ،‬قال له احد العراقٌٌن انا احسبهم ‪ ،‬قال لنا اجلسوا‬
‫خمسات (اي كل خمسه فً خط واحد ) مر بنا لٌحسب الخط العرضً ٌفصل بٌن كل خمسه فراغ‬
‫صؽٌر ‪ ،‬وحسب ( ‪ × )5×5‬؟ ‪ ،‬واعطاه العدد الكامل خالل اقل من دقٌقة ‪ ،‬وقؾ السعودي مذهوال‬
‫ال ٌستطٌع ان ٌصدق او ٌكذب وقبلها ووجهه ٌقول هل هذا الرقم صحٌح ام انه شٌطان ‪ ،‬حتى جاء‬
‫الرقٌب ‪ ،‬واكد صحة الرقم ‪ ،‬وقال له ال تجادل العراقٌٌن فً االعداد ‪ .‬ضحك الحاضرون وذهبوا ‪،‬‬
‫ثم انصرفنا الى الخٌام‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اما حدٌث االضراب عن الطعام وثورة فتح الشباك‪ ،‬ودخول الجٌش السعودي على السجناء‬
‫وضربنا بالكٌمٌاوي و‪ ...‬المصابب التً مرت علٌنا فال‬
‫ٌمكن حصرها فً‬
‫كتاب واحد واذكر‬
‫منها ما استطعت ‪.‬‬
‫االحالم الوردٌة‬
‫ابتلعتها الصحراء‪ ،‬واالمل فً الحرٌة مزقته االسالك الشابكة التً فوق الشبك العالً وقفل الباب‬
‫الذي ٌجلب الكآبة تحول الى كابوس‪ ،‬حٌث ان حجمه بحجم الٌد وكبر حجمه ٌزرع الٌؤس فً‬
‫الخروج من هذ ِه الشباك‪ ،‬مما تسبب فً انتحار بعض من لم ٌسعفه الصبر‪.‬‬
‫ٌشرؾ على المربع الواحد ‪ 8‬نقاط حراسة كما هو موضح فً الصورة ٌتبادل علٌها الحراس‬
‫السعودٌون ‪ ،‬اضافة الى الحرس هناك دورٌات حراسة فً السٌارات العسكرٌة‪ ،‬وسٌارات دورٌة‬
‫خاصة بـ (الرقٌب = تعادل ربٌس عرفاء فً الرتب العسكرٌة العراقٌة) وواجب الرقٌب االشراؾ‬
‫المباشر على الحراسات ثم ٌؤتً دورٌات الضباط وعددها ٌزداد كلما زادت الٌنجوم على الكتؾ‪ ،‬ثم‬
‫آمر المعسكر ـ العمٌد ـ وعندما تدخل سٌارة االرزاق‪ ،‬وهً عبارة عن سٌارة احمال كبٌرة‬
‫(شاحنة)‪ ،‬تدخل معها سٌارات الحراسات وٌُخرجون من المربع بعض افراد المربع تحت اشراؾ‬
‫آمر المربع لتنزٌل االطعمة وادخالها الى المطبخ داخل المربع‪ ،‬وبعد ان ٌتؤكد الرقٌب من ان الباب‬
‫تم اقفاله بالشكل المطلوب ٌؽادرون الى مربع اخر‪ ،‬مرت االشهر على هذا الحال فٌؤس المساكٌن‬
‫فً داخل الشباك من الحلم الوردي الذي ٌُسمى (كرامة)‪ ،‬الكرامة التً قرأنا عنها فً كتب الدراسة‬
‫وسمعناها فً خطابات قابد الضرورة ‪ ،‬تلك الخطابات الحماسٌة التً ٌرددها فً الدفاع عن‬
‫(الكرامة) والتً لم نشاهدها ولم نشم رابحتها والنعرؾ صورتها‪ ،‬كل ما عندنا عبارة عن (حلم‬
‫اسمه الكرامة) بدأ ٌصؽر وٌصؽر ثم ابتلعته الصحراء‪.‬‬
‫مرت االشهر ولم نسمع عن شًء جدٌد‪ ،‬كل ما نسمع عنه (وصلت االرزاق‪ ،‬صوت العامل على‬
‫المطبخ وهو ٌنادي قصعة (اي الطعام جاهز احظروا اوانً الطعام الى المطبخ للحصول على ما تم‬
‫اعداده لكم من الطعام هذا الٌوم مختصرا فً كلمة واحدة ـ قصعة ـ وصوت الموذن وهو ٌنادي‬
‫للصالة فً الجامع الصؽٌر المبنً من خٌام قرٌبا من المطبخ) وكل ما نشاهده سٌارة الدورٌة‬
‫والحراسات‪ ،‬خٌام من القماش الثقٌل الداكن بلون الصحراء فً الصحراء محاطة بالشباك واالسالك‬
‫‪277‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ،‬لٌس فٌها ؼٌر هإالء المساكٌن الجٌاع الحفاة ‪ٌ ،‬حتمون بها من اشعة الشمس وحرارة الصٌؾ‪،‬‬
‫وفً اللٌل نستضًء بضٌاء مصابٌح اعمدة الحراسات التً‬
‫تحٌط بالمربع من الخارج ‪.‬‬
‫واذا اردنا ان نكتب شٌبا فاالمر ٌحتاج الى قلم وهً حالة شبه‬
‫نادرة والحصول على قلم ٌحتاج الى الكثٌر من الجهد ثم‬
‫ٌحتاج الى ان نؤخذ الورقة التً تحٌط بقنٌة ماء القصٌم ‪،‬‬
‫والتً ٌتم توزٌعها مع االرزاق‪ ،‬ونكتب على الجزء االبٌض منها‪ ،‬وعندما كان االمر تحت اشراؾ‬
‫االمرٌكان كانوا ٌعطوننا مع الطعام اوراق رطبة بالرابحة تستمل للتنظٌؾ‪ ،‬نفتحها بعناٌة شدٌدة كً‬
‫ال تتمزق ونجففها وبعد ذلك نستعملها كورقة للكتابة‪ ،‬مرت على هذ ِه الحالة الشهور بعد الشهور‬
‫حتى قرر بعض اصحاب الثقافة‬
‫والخبرة السٌاسٌة القٌام بعمل جبّار‪،‬‬
‫وهو ان استطاعوا الحصول على‬
‫موافقة بذهاب امر المربع ومن ٌختاره‬
‫للمساعدة الى السوق السعودي لشراء‬
‫بعض الحاجٌات لمن هو داخل هذ ِه‬
‫االقفاص المؽلقة‪،‬‬

‫ثم انهم زودوا المطبخ بخط كهرباء‬


‫وجهاز تلفزٌون ٌوضع قرٌبا من الباب‬
‫ٌشرؾ علٌه امر المربع والطباخون‪،‬‬
‫وكنا نجلس قرٌبا من الباب ونشاهد‬
‫بعض برام القناة السعودٌة الوحٌدة التً تصل الى المعسكر موجاتها بعد ؼٌاب الشمس‪ ،‬الن‬
‫التٌار الكهربابً ٌنقطع فً النهار فالكهرباء مخصصة لالنارة الٌلٌة خارج المعسكر‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫تمكنا من الحصول على الدفاتر واالقالم والكتب وتحسن االمر اكثر فتم شراء اجهزة الرادٌو‬
‫واستطعنا بها ان نسمع اخبار العالم والمحاضرات الدٌنٌة التً تبث من اٌران وهذا بحد ذاته انجاز‬
‫خٌالً وعظٌم‬
‫‪278‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫السوٌلمان فً مسجد مربع ‪ 8‬داخلً ـ االرطاوٌة‬

‫فقد زاد الثقة فً النفوس الصامتة وبدأ الناس تنفتح على الناس وبدأ الحدٌث عن الماضً ولو بكثٌر‬
‫من التحفظ ولكن االمر خرج عن كون اننا مجامٌع ال تعرؾ بعضها البعض الى التعارؾ رؼم‬
‫اننً كنت بعٌدا عن حتى فكرة التعرؾ على اآلخرٌن بسبب المرض النفسً الذي كنت اعانً منه‬
‫فً حٌنها لكننً كنت اراقب عن كثب ماٌدور حولً وبدأت الصداقات ـ صداقات السجن طبعا ـ‬
‫وانتفتحت اسارٌر البعض على البعض اآلخر بفضل اصحاب العلم والثقافات الدٌنٌة وؼٌرها فقد‬
‫حاول ابمة الجوامع ـ بشدٌد من التحفـّظ ـ زرع روح الثقة بٌن الالجبٌن فً هذ ِه السجن‪ ،‬رؼم ذلك‬
‫ظهرت بوادر الفتنة وبعض الصراعات حول المناصب فً صدور ضعفاء النفوس وما اكثرهم‬
‫ولكنها مجرد اوهام تطفح على السطح فتثٌر زوبعة ترابٌة وتزول لتظهر اخر مكانها فانقسم‬

‫‪279‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الناس على عدة مجامٌع لِل واخر للشٌطان والهو فكنت وحٌ ًدا فً التفكٌر واالحاسٌس معتزال‬
‫الناس وهمومها مشؽول بهمومً وامراضً الجسدٌة والنفسٌة مرة اخالط الناس لدقابق استمع لما‬
‫ٌقولون وٌسخرون وكثٌرا ما الزم فراشً اتناول ماٌقع بٌن ٌدي اقرأ واسمع لجهاز الرادٌو الصؽٌر‬
‫واكتب ما اشاء على اوراق احتفظت بالنزر القلٌل منها ومشكلتً الكبر الى هذا الٌوم ان االسماء‬
‫ال تستقر فً ذاكرتً ولم ٌخطر ببالً اننً سوؾ اكتب هذ ِه االسطر بل حتى اننً سوؾ اخرج من‬
‫تلك الشباك الى الحٌاة مرة اخر فاالحالم عندي ابتلعتها الصحراء وحبستها االقفاص حتى تجمدت‬
‫وانقطع فٌها النفس‪.‬‬

‫اضراب الحالمين االول‬


‫نر امال فً الخروج من هذ ِه المقبرة‪ ،‬حتى استطاع جماعة من المثـقفٌن ان ٌقودوا‬
‫مرت االشهر لم َ‬
‫المعسكر كله الى فكرة (اضراب عن الطعام) والمطالبة بحقوق السجناء‪ ،‬وبدأت المراسالت السرٌّة‬
‫بٌن امراء المربعات لم ٌستطع اي سعودي مهما كان ذكاءه او رتبته االمساك بخٌط من خٌوطها‬
‫وقد واكبت الحدث اوال بؤول ووقعت امام عٌنً‪ ،‬حٌث كانت على عدة طرق منها ‪:‬‬
‫= جرت العادة ان ٌقوم كل مربع بؤخراج بعض افراد ِه لمساعدة سٌارة االرزاق فً انزال االرزاق‬
‫وادخالها الى المربع ‪ ،‬وخالل هذ ِه العملٌة ٌقوم امر المربع بوضع ورقة ـ بطرٌقة سرٌّة للؽاٌة ـ بٌد‬
‫عامل االرزاق الذي تم اختٌاره واختباره لهذ ِه المهمة ‪ ،‬لٌنقل هذ ِه الرسالة الى امر مربع اخر ومنه‬
‫الى اخر‪ ،‬وبهذ ِه الطرٌقة تتم المراسالت بٌن امراء المربعات‪ ،‬فحامل الرسالة الٌفتحها والمشرؾ‬
‫على السٌارة والحراسات وسٌاراتهم ال تشاهد وال تعلم ماٌدور حولها على االطالق ‪.‬‬
‫= الطرٌقة االخر التً استخدموها هً ان ٌنادي امر المربع على امر مربع مجاور له ـ البعد بٌن‬
‫المربعٌن مسافة مربع كامل ـ وبعد تبادل بعض الكلمات المشفرة‪ ،‬او ٌرمً رسالة مربوطة بحجارة‬
‫الى المعسكر الثانً وٌتلقى بنفس الطرٌق الجواب والى المربع الثانً والثالث وهكذا‪.‬‬
‫وبهذ ِه الطرق تم االتفاق على موعد واسباب وشعارات االضراب وماذا ٌكتبون فٌه وساعة الصفر‬

‫‪280‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫= الحالة الثالثة التً حصلت ذهب احدهم الى السوق واتصل بـاذاعة (بً بً سً البرٌطانٌة) وتم‬
‫االتفاق معهم على ان الٌبث الخبر اال فً ساعة الصفر ‪.‬‬
‫= تم عزل كمٌات من ارز والخبز الٌابس وبعض المواد التً ال تتلؾ استعدادا لالضراب‬
‫كل هذ ِه االجراءات تمت بسرٌة تامة وكنت احد المشاركٌن فٌها وطلب امر المربع من جمٌع‬
‫السجناء عدم االقتراب من الحرس او الباب‪ ،‬واذا جاءت سٌارة االرزاق الٌقترب منها احد‪ ،‬فٌما‬
‫اتخذ المطبخ االجراءات الالزمة وبالفعل عند ساعة الصفر كانت سٌارة االرزاق تمر على‬
‫المربعات دون ان ٌستقبلها احد‪ٌ ،‬نادون والٌجدون جوابًا‪ ،‬وكنت انا قرٌب من المسجد مقابل الباب‬
‫واراقب االحداث عن كثب‪ ،‬الحرس ٌفتح االبواب وٌنادي والٌجد من ٌجٌبه‪ ،‬عادت السٌارة من‬
‫المربع االخٌر الى االول مرة اخر ومعهم (العمٌد) امر المعسكر‪ ،‬وحاول دون جدو الكالم مع‬
‫اي فرد من افراد المربع‪ ،‬ولم ٌجد جوابًا‪ ،‬قال للحرس افتح الباب‪ ،‬فدخل الى داخل المربع‪،‬‬
‫ُ‬
‫وذهبت الى امر المربع الخبره عن طلب‬ ‫ونادانً‪ ،‬قلت ‪ :‬اسؾ ‪ ،‬تكلم مع امر المربع (محمد)‪،‬‬
‫العمٌد الكالم معه‪ ،‬فخرج الٌه وهو الزال فً ساحة المربع وكنت قرٌبا منهما ٌسؤله العمٌد عن‬
‫السبب‪ ،‬اجابه انه اضراب عن الطعام‪ ،‬وان االمر الٌخص السعودٌة من قرٌب او بعٌد‪ ،‬نرٌد االمم‬
‫المتحدة والصلٌب االحمر‪ ،‬ولن نقول شٌبا ٌسًء الى السعودٌة‪ ،‬وانما نطالب بحقوقنا‪ ،‬االضراب‬
‫سوؾ ٌستمر اما ان تتحقق مطالبنا او نموت جوعا فً الصحراء‪ .‬ذهب الى مكتبة لالتصال‬
‫بالرٌاض ثم عاد الٌنا‪ ،‬وناد ‪ٌ :‬امحمد ‪ٌ ،‬امحمد ‪ ،‬خرج الٌه من الخٌمة وانتصؾ ساحة المربع‪،‬‬
‫واسرعت الٌهم كً اراقب االحداث عن كثب‪ ،‬قال نحن قرٌبون منكم ومشرفون على المربعات‬
‫كلها ولم نعلم بالخبر إال االن ‪ ،‬كٌؾ وصل الخبر الى اذاعة (بً بً سً) وهً فً برٌطانٌا‪ ،‬لقد‬
‫سمعت الحكومة فً الرٌاض وعقدت اجتماعا طارئ لتدارس الموقؾ‪.‬‬
‫مر ٌوم واخر … حضرت االمم المتحدة ومعها الصلٌب االحمر وهم ٌخبروننا بؤنه ( اليعلم بكم احد‬
‫من االمم المتحدة او ؼيرها اليعلمون بؤن هناك اذ عراقي في السعودية ولو ابتلعتكم الصحراء‬
‫لن يعلم بكم اال هللا)‪ .‬وانتهى االضراب بعد ان حقق اهدافة وقد تحقق‪:‬‬
‫‪ ‬حضور االمم المتحدة الى المعسكر‬
‫‪ ‬فتحت صنادٌق برٌد فصار اتصالنا بالعالم من خاللها عملٌة سهلة وبدأت المراسالت مع جمٌع‬
‫دول العالم‬

‫‪281‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ‬تؽٌر اسمنا من اسرى حرب الى الجئين وهً من اهم الخطوات واعظمها‬
‫‪ ‬فتحت ابواب الشباك وترك الحراس مواضعم فً النهار‪ ،‬فسهلت علٌنا الحركة بٌن المربعات‬
‫اثناء النهار‬
‫‪ ‬استبدلوا محطات تولٌد الكهرباء القدٌمة بؤخر جدٌدة وتم تزوٌد كل خٌمة بالكهرباء‪ ،‬فصار‬
‫من السهل شراء التلفزٌونات واالستمتاع بنور الكهرباء فً اللٌل وبعض من النهار‬
‫‪ ‬تم شراء اجهزة تدفبة وطباخات (هٌتر) وصار باالمكان طبخ بعض المواد فً الخٌمة وحسب‬
‫الرؼبة ‪.‬‬
‫‪ ‬خدمات اخر كثٌرة‬
‫لم ٌكن االضراب مجرد امتناع عن الطعام‪ ،‬بل كان وسٌلة قوٌة قاهرة جلبت لنا الكثٌر من المنافع‬
‫السامٌة‪ ،‬ولكن االمر سرعان ما تبدل حتى ساءت االوضاع مرة اخر وحدث الحدث االكبر‪ ،‬لحقه‬
‫قصفنا بالمواد الكٌمٌاوٌة‬

‫معركة التونة‬
‫ٌ‬
‫حدث ٌذكرهُ سكان ذلك المربع ‪،‬‬ ‫معركة عنٌفة فً المربع التاسع (المجاور للمربع الذي كنت فٌه)‬
‫ْ‬
‫اشتركت فٌه مجامٌع ممن الٌحب الهدوء والسكٌنة‪ ،‬مدفوعة‬ ‫والسبب هو شجار بٌن طرفٌن او اكثر‬
‫ت اخر وِلن المكان مضطرب الى الؽاٌة القصو ‪ ،‬بدأ بعضهم ٌرمً البعض االخر بكل‬
‫من جها ٍ‬
‫عرؾ به (علب سمك التونة) التً‬
‫َ‬ ‫حجر وؼٌر ِه‪ .‬ولكن اشد ما‬
‫ٍ‬ ‫ما وقع تحت ٌدٌه وٌمكن رمٌه من‬
‫ض ْ‬
‫ُربت بها رإوس البعض وسالت الدماء وقد صنع بعضهم (سواطٌر وسٌوؾ) اما عن كٌفٌة‬
‫صناعتها فقد شرحها لنا احد الهاربٌن الى خٌمتنا ‪ ،‬شرح لنا بعضهم ممن قفز من فوق الشباك‬
‫هاربا من ان تصٌبه شظاٌا المعركة‪ ،‬ودخل مربعنا شخص من نفس المربع‪ ،‬شاهد الهدوء والوفاق‬
‫قابم فٌه والمشاكل فٌه فقد استطاع امر المربع بحكمة حل الكثٌر من االشكاالت وقد عرؾ عن‬
‫محمد "آمر المربع" انه استاذ فً احد المدارس وٌعلم جٌدا بكٌفٌة ادارة المربع وقد جر انتخابه‬
‫والتصوٌت علٌه بفوز ساحق نجح فً االنتخابات ونجح اٌضا فً ادارة المعسكر على احسن وجه‬
‫حتى انه بعد ذلك استطاع ان ٌدٌر المجمع كله فً االضراب الثانً كما سوؾ ٌمر بنا‪ ،‬فقال هذا‬
‫المشاؼب القادم من مربع ‪ 9‬بصرٌح العبارة (المربع هاديء؟؟!!‪ ،‬سوؾ تشاهدون) وٌبدوا ان ُه كان‬

‫‪282‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌخطط لخلق المشاكل فٌه دون ان ٌنتبه الى قوله احد والن الناس مشؽولة بشإون ؼٌر هذا الشؤن‪،‬‬
‫من قضاء الصوم والصالة والدعاء فلم ٌثٌروا له االنتباه حتى حدثت المشاكل واولها صناعة‬
‫السٌوؾ التً ؼزت االرطاوٌة عبر رسابل المشاؼبٌن البرٌدٌة اآلتٌة من معسكر رفحاء‪ ،‬فقد كانوا‬
‫ٌقطعون اجزاء حدٌدٌة من الشباك المحٌطة بالمربع وٌطرقونها حتى ٌجعلوها سٌفا او ساطورً ا‬
‫ْ‬
‫كثرت هذ ِه السٌوؾ والسواطٌر حتى بدأت‬ ‫ٌشدون له مقب ً‬
‫ضا ٌستخدموها فً قتال بعضهم البعض‪،‬‬
‫المشاكل تتسع اكثر فؤكثر وقد قام السعودٌون بإنشاء معسكر اخر اسموه بـ (انفرادي) نقلوا الٌه‬
‫اعدا ًدا كبٌرة من المعسكر الداخلً للتخفٌؾ من هذ ِه االزمات ومنها كثرة المتواجدٌن فً المربع‬
‫الواحد وصؽر مساحت ِه ‪.‬‬
‫اتسعت الفتحات التً حدثت فً الشِ باك‪ ،‬وتساقط بعضها وقد انسحبت الحراسات المحٌطة بالمربع‬
‫وبقً الحارس الذي فً الباب فصار باالمكان الخروج من المربع من كل االطراؾ من دون خوؾ‬
‫من حرس او دورٌة‪ ،‬ولم ٌعد للباب قٌمة سو انزال االرزاق وتقدٌم الخدمات االخر ‪ ،‬ثم ان‬
‫الفتحات الصؽٌرة اتسعت ثم اسقطته تماما وصارت الشباك سقوفا لبٌوت الطٌن التً تؽطٌها‬
‫الخٌمة‪ ،‬فقد قمنا بحفر االرض لنصنع من التراب طابوقا وٌطلق علٌه اٌضا (اللِبنْ ‪ ،‬الطوب ‪،‬‬
‫القرمٌد) ‪ ،‬الن الساكنٌن فً هذه المربعات لم ٌعودوا الى ذلك الحلم الوردي الذي كانوا ٌحلمون به‬
‫وٌسمونه (الحرٌة والكرامة) واعتادوا على العٌش والقبول باالمر الواقع ‪.‬‬

‫(نحن هنا الى ان نشٌخ ونموت‪ ،‬او ٌقتلنا السعودٌون‪ ،‬او ٌحدث ّللا بعد ذلك امرا) فقام البعض بفتح‬
‫االسواق‪ ،‬فقد قام احدهم بالتعاون مع السعودٌٌن بجعل خٌمته حانوتا‪ ،‬ومألهُ بالبضاعة السعودٌة‬
‫فٌما جلس اخرون على الشارع بالبسطات (قام بوضع بساط وضع علٌه بضاعته) وبعضهم قام‬
‫ببناء االفران للخبز والشوي‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ولً مع الطٌن وبٌوت الطٌن قصة وقصة ‪ ،‬ففً اٌام الطفولة‬


‫والشباب لم ٌكن بناء بٌوتنا من الطابوق المفخور والسقوؾ‬
‫العامرة كما هو عهد االؼنٌاء من الناس وانما بٌوت من القصب‬
‫والطٌن والبواري‪ ،‬فقد عشت طفولتً واٌام شبابً ( ‪– 1965‬‬
‫‪ )1991‬فً حٌاة الفقر والعوز ‪ ،‬واروي لكم هذ ِه الذكرٌات فً‬
‫كتابً اآلخر (سوٌلمانٌات)‬
‫لقد امست الحٌاة وكؤنها طبٌعٌة ولكن تحت الحراسات السعودٌة حٌث اكتفى السعودٌون بالحراسات‬
‫الخارجٌة للمعسكر والدورٌات‪ ،‬حٌث انهم ٌجلسون فً كابٌنات عالٌة (بٌوت مراقبة ترتفع ثالثة‬
‫امتار تقرٌبا) فٌشاهدوا المعسكر كله دون الحاجة الى حراسات داخلٌة الن المربعات قد سقط‬
‫جدرانها تماما‪ ،‬استعملت الساحات المفتوحة للدورات الرٌاضٌة‪ ،‬والصالة الجماعٌة فً العٌد وؼٌره‬
‫واالستفادة منها فً المناسبات الكبٌرة واداء بعض الشعابر الحسٌنٌة‪ ،‬وهنا ظهر دور السٌؾ‬
‫والساطور مرة اخر حٌث عاشوراء وضرب الرإوس اثناء العزاء وسالت الدماء مرة اخرة بما‬
‫ٌعرؾ بـ (تطبٌر) وقد تم مراسلة العلماء حوله ـ فبعض قال انه حرام بالعارض واخر قال ممنوع‬
‫وثالث سمح به ولكن بحدود‪.‬‬
‫كما وظهرت الى العٌان بشكل واضح وجلً بعض الخطوط السٌاسٌة واالتجاهات لتخلق مشاكل‬
‫جدٌدة اضافة الى الدورات التثٌفٌة والرٌاضٌة‪ ،‬وطفحت الى السطح بعض االعمال االدبٌة والفنٌة‬
‫واصدر بعض االخوة بعض المنشورات االدبٌة والدٌنٌة والعلمانٌة‪.‬‬
‫سرعان ماظهر ما ٌعكر صفو الماء‪ ،‬ومللنا حٌاة الصحراء والسجن فكان لدٌنا خٌارات محدودة‬
‫(البقاء والصبر‪ ،‬االنتحار‪ ،‬العودة الى الحدود) وزاد الطٌن رشقة قوٌة من الماء المؽلً من قبل‬
‫السعودٌة حٌث قاموا بؤخذ مربع بكاملة من مربعات االنفرادٌة (مربع ‪ )8‬والذي ٌتجاوز عدد سكانه‬
‫‪ 500‬مسكٌن ورموهم على الحدود العراقٌة السعودٌة لتؤكلهم الصحراء او ٌصلوا الى المدن‬
‫العراقٌة فٌختطفهم وحوش النظام البعثً‪ .‬وقد شاهدت بعض االخوة فً المستـشفى قد حاول‬
‫االنتحار‪ ،‬احدهم صبّ على نفسه النفط واحرق نفسه‪ ،‬واالخر قطـّع موس الحالقة وابتلع ُه فً‬
‫محاولة لالنتحار‪ ،‬واخر فعل مافعل فً جسمه من تجرٌح فً محاولة لالنتحار‪ ،‬وقد علق بعضهم‬
‫نفسه بحبل واختق ومات‪ .‬والهدؾ هو الخالص من الوضع القابم من شدة الجزع الذي الٌحتمله‬
‫عاقل فبلػ الى ذروت ِه ‪ ،‬حتى قٌل فً بعض ما وصنا من اخبار الناس ان لو زارنا من الخارج احد‬
‫‪284‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لحكم على الجمٌع بالجنون المطبق فعالمنا ٌختلؾ تماما عن العالم الخارجً وكؤننا فً كوكب ؼٌر‬
‫االرض ومن جنس ؼٌر جنس البشر‪ ،‬وقد ألِفنا الحٌاة حتى صار احدنا الٌمٌز هل هو مجنون ام‬
‫عاقل هل فعال انسان ام مجرد كابن حً ٌإدي ماٌعتقد انه صحٌح هل فعال ان ماٌسمعه وٌقرأه‬
‫صحٌح ام ان الحٌاة مجرد خٌال النابم عندما ٌستٌقظ ٌجد نفسه فً عالم ؼٌر العالم الذي كان هو فٌه‬
‫واعتاد العٌش فٌه‪(،‬كما قال لً احد اصحاب العقول المثقفة ) فقد شاعت فً المعسكر افكار متعددة‬
‫وثقافات منها المؤلوفة ومنها ؼٌر المؤلوفة‪ ،‬رؼم ان العبادات واداء الواجبات الدٌنٌة لم ٌتوقؾ اال ان‬
‫االنسان ذلك الكٌان الضعٌؾ ٌتطلع الى العالم بعٌن ؼٌر العٌن الذي كنا ننظر بها الى العالم‪ ،‬فقد‬
‫صار العالم كله عندنا شباك وحارس وطعام ٌرمٌه لنا السعودي من خلؾ االسالك الكبٌرة والعالٌة‬
‫وشاعت روح الٌؤس فً االنفس الى حد بعٌد‪.‬‬
‫عندها عادت أفكار المثقفٌن للظهور مرة اخر فقد اقام الفنان الرسام محمد عبداالمٌر بانشاء عدة‬
‫معارض فنٌة وطلب منً المشاركة بمنظومات من الشعر على بعض الرسومات الكارٌكاتٌرٌة التً‬
‫قام برسمها وطلب منً التعلٌق علٌها ‪.‬‬
‫ومن هذ ِه الرسوم شاركت ُه بتعلٌق على صورة على شكل منظومة شعرٌة ‪:‬‬
‫تحت عنوان بؽداد الهو‬
‫راح طابت لها االسحا ُر‬
‫نبا الحً بً ٌاحلوة فوق شفا زؼارٌد ٍ‬
‫نبا الحً بً ٌاحلوة لو اطلقوها لكان بها الكل شموسا واقما ُر‬
‫ابؽداد ٌومًا للهو قد مررنا به وام المدارس تحضننا شوقا وانبها ُر‬
‫لكننً ٌا ام كل جمٌلة بك الجسم وبالبصرة الروح واالفكا ُر‬
‫فذاك السٌاب فوق منصت ِه وذاك الفراهٌدي تناشدهُ االقما ُر‬
‫وذاك الذي حكت بصرٌات ُه فؤخرست لها كل مراٌا ال ُس ّحا ُر‬
‫‪ 1991/8/8‬رسمها على‬ ‫ومنظومة اخر للوحة خماسٌة تحت عنوان "خماسٌة حدث مظلم فً‬
‫شكل لوحة تتشكل من خمس لوحات متسلسلة وطلب منً التعلٌق علٌها فكتبت ‪:‬‬
‫سمت روحً واختفت‬
‫وسط السحاب الداكن‬
‫من ؼبار االحداث‬
‫نظرت الى بعٌد‬
‫‪285‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عبر الحكاٌات القدٌمة‬


‫فً الؾ لٌلة ولٌلة‬
‫اعترفت‬
‫انً ؼرٌق الحب الذاهب‬
‫وقد رحل‬
‫الى اٌام‬
‫لم تعد‬
‫اال‬
‫فً الخٌال‬
‫ُ‬
‫وكتبت تعلٌقا على لوحة اخر وهً عبارة عن سابق دراجة هوابٌة ولكن دراجته مقطعة‬ ‫كما‬
‫االجزاء ٌقودها على طرٌق وعر ‪ ،‬وكان المقصد بها سٌاسٌا ‪:‬‬
‫انظر الى دراجتً كٌؾ تسٌر ان اطارد بها جٌش العصافٌر‬
‫اترك مكانك وافسح لً مجاال كً اسٌر‬
‫مقود دراجتً الٌحركها واطاراتها تكاد تطٌر‬
‫وبعض اسالكها تقطعت وسلسل الحلقات صار كسٌر‬
‫ومالبسً قد رقعتها وسروالً من الدهر صار ٌطٌر‬
‫انتظر سؤعود بعد ان احطم جٌش العصافٌر‬
‫ان الناس بجٌشً صاحً صارت تستجٌر‬
‫الى اخر المنظومة الساخرة‬
‫ومنظومات اخر ال حاجة لالطالة فً ذكرها ‪ ،‬وذكرت بعضها للتمٌثٌل ‪.‬‬
‫كما شاركت فً بعض النشرات االدبٌة ‪ ،‬وشارك احد االخوة فً جرٌدة الؽرباء التً اصدرها‬
‫بعض االخوة فً المربع وانتشرت فً المعسكرات حٌث كانت على شكل مخطوطات ٌعملون لها‬
‫نسخ ٌدوي وٌنشرونها فً المعسكر حٌث قال فً قصٌدة من ‪ 27‬بٌتا اوردها فً اخر الكتاب‪ ،‬من‬
‫بعض ابٌاتها‪:‬‬
‫ٌقول الشاعر ظافر محمد ناجً فً قصٌدته التً تحت عنوان شوق الؽرٌب‬
‫ماشاهدت عٌنً سواكِ والروح لم تعرؾ هو ً إالكِ‬
‫‪286‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عٌد ‪ ..‬وقد عرؾ المسا ُء قدومه لمّا اباحت نورها عٌناكِ‬


‫عٌد ‪ ..‬وانً لٌست اشعره اذا لم ترتجؾ فً راحتً ٌداكِ‬
‫ثم ٌقول ‪:‬‬
‫ان تجحدي فً الؽرام فإننً آلٌت ان افنى فداء هواك‬
‫واجٌز نفسً ان ابوحها النثى انؽامً بقفر سماك‬
‫ت من الورود وتتنعمٌن بخضرة اآلراكِ‬
‫تتزٌنٌن بما جمع ِ‬
‫تتحدثٌن وكل مابً صاؼ ٌر او تسؤلٌن فؤقول ٌابشراك‬
‫صو ٌر تروادنً ولٌقلب اذا انكرت ِه ٌمسً بؽٌر حراكِ‬
‫ار اشجانً مساءًا عابقا ‪ ....‬الى اخر القصٌدة حٌث ٌقول فً نهاٌتها‬
‫ْ‬
‫ورقت نجومه سؤسؤل الظلماء عن لقٌاكِ‬ ‫فإذا اتى لٌ ٌل‬
‫واذا ذا خبؤ وه الحٌاة فإن لً روح تردد ‪ ..‬اننً اهواكِ‬
‫وانً اعتذر للشاعر اذا ورد خطؤ فً النقل ‪ ،‬فقد كتبت القصٌدة فً دفتر ذكرٌاتً واحتفظت بها‬
‫لحٌن كتابة هذا الكتاب ونقلتها كما كتبتها ‪ ،‬والعذر عند كرام الناس مقبو ُل‪.‬‬
‫كانت االمور تجري بشكل جمٌل ولطٌؾ وهاديء حتى حدث الحدث الكبٌر (الكٌمٌاوي) فً‬
‫‪ 1991/8/29‬م ‪ ،‬حٌث انتشرت حاالت من الفوضى فً بعض االحٌان تصل الى درجة‬
‫الصراعات لتسٌل بها الدماء من اجل الشًء سو ان فالنا ٌنتمً الى الجماعة الفالنٌة وقد ظهرت‬
‫بعض الحاالت التً تسًء الى شخصٌة االنسان السوي اال انها حاالت تبقى فردٌة من قبٌل حاالت‬
‫الشذود الجنسً ودخول بعض االفالم االباحٌة عن طرٌق اشخاص ذهبوا للفابدة وعادوا بالضرر‪،‬‬
‫ومنها ان احدهم ذهب لزٌارة بٌت ّللا الحرام فً مكة وعاد ومعه فلم من االفالم االباحٌة حتى‬
‫بالحجًْ إلجاٌبْ فلم السكس ْأوٌاه) ووتعنً ( مرحبا الحاج الذي جلب فلم‬
‫شاعت العبارة (هال َ‬
‫االباحة معه) لتدل على مد االستهتار بالشعابر الدٌنٌة من قبل بعض االشخاص‪ ،‬كما وان هناك‬
‫من ٌطبع هذ ِه االفالم وٌوزعها وٌقول (على عناد الجامع نسكر ونعربد)‪ .‬كما ان الوعً الثقافً اثر‬
‫على التصرفات مع السعودٌٌن‪ ،‬وهنا برزت فكرة القٌام باالضراب الثانً‪.‬‬

‫اضراب االرطاوية الشامل‬

‫‪287‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫شاهد السعودٌون بعض التجمعات التً اثارت ارتٌابهم واثارت الؽٌض فً صدورهم وحالوا‬
‫عالجها ولم ٌفلحوا فما كان منهم اال ان جمعوا جٌوشهم وتقدموا حول المربعات بعساكر االرهاب‬
‫الخافة المساكٌن ‪ ،‬اثارت رؼبتً فً استكشاؾ االمور بشكل اوضح‪ ،‬فوقفت على منصة عالٌة‬
‫تستخدم النابٌب المٌاه (وهً عبارة عن حوض وبه عدد من صنابٌر الماء ـ حنفٌات ـ وعندما ٌؤتً‬
‫وقت ضخ الماء ٌتجمع عدد من المكلفٌن بحمل الماء وتخزٌنة لكل خٌمة بقنانً بعد ان ٌتم استخدام‬
‫ماءها المخصص للشرب (قنانً ماء القصٌم) ‪ ،‬قلت وقفت على هذ ِه المنصة كً اشاهد بوضوح‬
‫‪ 7‬قنبلة ٌدوٌة سقطت بالقرب من احد‬ ‫ماسوؾ ٌقوم به السعودٌون‪ ،‬واذا بهم ٌرمون على مربع‬
‫احسن‬
‫َ‬ ‫االخوة داخل المربع‪ ،‬لٌرفعها وٌعدٌها الى المكان الذي انطلقت منه مرة اخر (واعتقد انه‬
‫التدرب فً الجٌش من خالل حركته المباؼتة وسرعته باعادة المقذوؾ الى قاذ ِف ِه)‬

‫لتنفجر فٌنتشر دخانها على المكان‪ ،‬عرفت من دخانها انها من قنابل الكٌمٌاوٌة الخانقة‪ ،‬سً اس‬
‫والتً تستعمل فً القتل الجماعً للجٌوش المعادٌة‪ ،‬اذا زادت كمٌتها تودي الى القتل اختناقا‪.‬‬
‫فصرخت باعلى صوتً بالموجودٌن (ضعوا قطعة قماش مبللة بالماء وناموا على االرض‪ ،‬انها‬
‫مواد كٌمٌاوٌة خانقة) فقال احدهم‪ ،‬وانت!!‪ ،‬قلت ال تبالً بً انا اعرؾ ماذا افعل‪ ،‬حافظوا على‬
‫جلودكم وانفاسكم منها‪ .‬وكثرت سٌارات االسعاؾ وعمت الفوضى بٌن السعودٌة النها انفجرت‬
‫بٌنهم وتساقطوا بها وكثر صٌاحهم زاد فٌهم الرعب كما تؤثر من لم ٌلتزم بقولً له فاحترقت وجوه‬
‫البعض واختنق اخرٌن وزاد اختناق البعض الى درجة الخطر وخاصة المصابون بداء الربو حتى‬
‫تجمعت سٌارات االسعاؾ ونقلتهم فورا محمولٌن بٌن االٌادي‪ ،‬وعندها صار لزامًا التصرؾ‬
‫السرٌع بوجه السعودٌٌن الذٌن زادت حماقاتهم فوق المستو المعتاد‪ .‬جمعنا الجموع امام باب‬
‫المعسكر (المجمّع) واعدوا العدة للتحدي االكبر‪.‬‬

‫االضراب عن الطعام نزل كالصاعقة‬

‫‪288‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد كان اتفاقا عاما هذ ِه المرة بٌن امراء المربعات والمجمعات فً الداخلً واالنفرادي على اعالن‬
‫االضراب العام‪ ،‬االضراب الذي فعل االفاعٌل قال عنه السٌد الحكٌم (قدس سره الشرٌؾ) لقد‬
‫صنعتم فً اٌام مالم نستطع صنع ُه فً اعوام‪ ،‬لقد كان االضراب كالصاعقة نزلت على السعودٌة‬
‫عندما استطعنا اٌصال الرسالة الى العالم كله لٌس بالخبر او الصوت وحدة بل بالصـوت‬
‫والصــورة حٌث استطاع جماعة من االخوة المثقفٌن تصوٌر الحادث بكامل ِه بكامٌر ِة الفٌدوا وتفننوا‬
‫بالسرٌة فً العمل‪ ،‬وعندما وقعت عٌن احد الحراس واخبر العمٌد بؤن هناك الة تصوٌر فٌدٌو‪ ،‬زاد‬
‫الرعب وصاروا ٌطاردون المشكوك فً من سقطت علٌه العٌن واستطاعوا بذكاء خارق اخفاء كل‬
‫شًء دون ان تقع عٌون السعودٌٌن على شًء‪ ،‬ولكن الصاعقة لم تكن هنا بل عندما خرج الفلم الى‬
‫خارج السعودٌة وانتشر بٌن التلفزٌونات‪ ،‬لقد استاع احد االخوة (ابراهٌم) الذي خرج من المعسكر‬
‫واوصل الفلم بطرٌقة فنٌة رهٌبة شاهدت الرجل وهو ٌخبرنا ان العملٌة سوؾ تتم بالطرٌقة التالٌة‬
‫وفً الٌوم التالً اختفى الفلم من المعسكر لٌظهر بعد فترة فً محطات التلفزٌون العالمٌة‬
‫واالذاعات العالمٌة‪ ،‬حتى ظهر االمٌر السعودي وهو ٌقول هوالء صاروا شوكة فً حناجرنا ومن‬
‫ٌرٌدهم ٌؤخذهم وحاولوا تؽطٌة االمور ولكن دون جدو ‪ ،‬حاولوا تبرٌر مواقفهم ولكن دون جدو‬
‫الصوت ه ّز العالم العدٌد من سفارات العالم استلمت رسابل تنادي باالسراع وقد كتبت العدٌد من‬
‫الرسابل وارسلتها لتلك السفارات مع من كتب والنها فرصة ثمٌنة فقد جاءت ردود بالرفض بعضها‬
‫وبالموافقة المبدبٌة اخر وان بعضها ارسلته السفارات الى دولها لدراسة الموقؾ‪ ،‬واشد الرسابل‬
‫تؤثٌرا كانت على االمم المتحدة وامرٌكا حٌث حملت تواقٌع مثقفٌن وسٌاسٌٌن برسابل جماعٌة‬
‫وبصرخات عالٌة‪.‬‬
‫ظهر ذلك واضحا وجلٌا عندما وصلت كتب القٌادات السعودٌة بشؤن الالجبٌن وهذا امثلة على‬
‫الوثابق التً ارسلت ‪:‬‬
‫من كتاب اتفاقيات جنيؾ حول شإون االسرى وحرية الحركة‬
‫الباب ‪ 3‬القسم ‪ 2‬الفصل ‪ 1‬المادة ‪ 21‬ص( ‪ )105-104‬والتً تنص على ‪:‬‬
‫الٌجوز حجز او حبس االسر اال كؤجراء ضروري تقتضٌه حماٌة صحتهم والٌجوز ان ٌدوم هذا الوضع على اي‬
‫حال ِلكثر مما تتطلبه الضروؾ التً اقتضت ُه ‪ٌ ،‬جوز اطالق حرٌة اسر الحرب بصورة جزبٌة او كلٌة مقابل وعد‬
‫او تعهد منهم بقدر ما تسمح بذلك قوانٌن الدولة التً ٌتبعونها وٌتخذ هذا االجراء بصفة خاصة باالحوال التً ٌمكن ان‬
‫ٌسهم فٌها فً تحسٌن صحة االسر‬
‫المادة ‪ 50‬القسم ‪ 3‬ص ‪ 117‬حول اعمال االسر المباحة ‪:‬‬
‫‪289‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ .1‬الزراعة‬
‫‪ .2‬الصناعات االنتاجٌة والتحوٌلٌة واالستراتٌجٌة‬
‫‪ .3‬اعمال النقل والمناولة ذات الطابع المدنً‬
‫‪ .4‬االعمال التجارٌة والفنون والحرؾ‬
‫‪ .5‬الخدمات المنزلٌة‬
‫‪ .6‬خدمات المنافع العامة ذات الطابع المدنً‬
‫اضافة الى امكانٌة عملهم لحساب اصحاب العمل الخاصة كما مذكور فً المادة ‪ 57‬ص ‪ 120‬من اتفاقٌات جنٌؾ‬
‫وقد خالفت السعودٌة كل هذ ِه القوانٌن وتم احتجازنا فً المعسكر الى سنوات طوٌلة ‪ ،‬حٌث تركت‬
‫المعسكر الى كندا فً ‪ 1997‬بعد ستة سنوات ونصؾ ‪ ،‬فٌما بقً بعدي اخوتً حتى سقوط النظام‬
‫البعثً فً العراق عام ‪ 2003‬اي اكثر من ‪ 12‬سنة ‪.‬‬
‫كتاب القيادة السعودية بشؤن الالجئين‬
‫رقم الملؾ ‪10/1/25/97‬‬
‫برقٌة صادرة برقم ‪ 732/25/97‬بتارٌخ ‪1412/3/8‬هـ‬
‫صاحب السمو الملكً النابب الثانً لربٌس مجلس الوزراء ووزٌر الدفاع والطٌران والمفتش العام‪ ،‬صاح السمو الملكً‬
‫وزٌر المالٌة ‪ ،‬صاحب السمو الملكً ربٌس االستخبارات العامة‬
‫باالشارة الى برقٌة شخصكم الكرٌم رقم ‪ 1961/3/1/1‬وبتارٌخ ‪1412/2/22‬هـ المرفوع لمقام موالي خادم الحرمٌن‬
‫الشرٌفٌن بشؤن توصٌات اللجنة المكلفة بدراسة موضوع الالجبٌن العراقٌٌن الموجودٌن فً المملكة وذلك انفاذا‬
‫باالمرٌن السامٌٌن ‪ 12/2/15‬وتارٌخ ‪1412/1/18‬هـ الرقم س‪ 892 /‬ـ القاضٌة بدراسة هذا الموضوع اتشرؾ بؤن‬
‫ابدي لشخصكم الكرٌم فً هذا الصدد ان هذ ِه الوزارة قد بذلت والتزال تبذل جهودها بالتنسٌق مع مكتب المفوض‬
‫السامً لألمم المتحدة لشإون الالجبٌن بتسهٌل انتقال الراؼبٌن من الالجبٌن العراقٌٌن الموجودٌن فً المملكة الى‬
‫البلدان التً طلبوا اللجوء الٌها تمت مخاطبة سفارات الدول المعتمدة لد المملكة والتً ٌرؼب الالجبون اللجوء الٌها‬
‫كما جر استدعاء سفارات تلك الدول و ُبح َ‬
‫ِث الموضوع معهم وجر حثهم على االستجابة لطبات اللجوء وكانت‬
‫حصٌلة تلك االتصاالت ورود اجابات من ‪ 19‬دولة والبالؽة ‪ 28‬دولة وقد جر مإخرً ا التعقٌب بمذكرات عاجلة الى‬
‫السفارات التً لم ترد اجاباتها بعد الجدٌر بالذكر ان اجابات الدول التً تمت مخاطبتها فً هذا الشؤن والتً تلقتها‬
‫الوزارة حتى االن كانت على النحو التالً ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قبلت اٌران فقط قبول الالجبٌن العراقٌٌن الراؼبٌن الٌها‬
‫‪2‬ـ اعتذرت عن قبول الالجبٌن ‪ 7‬دول هً ‪ :‬االمارات ‪ ،‬عُمان ‪ ،‬دار السالم ‪ٌ ،‬ابان ‪ ،‬اٌطالٌا‪ ،‬بلجٌكا ‪ ،‬المانٌا‬
‫‪3‬ـ الدول التً طلبت معلومات تفصٌلٌة عن الالجبٌن لدراسة طلباتهم ‪ 5‬دول ‪ :‬مصر ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬تركٌا ‪ ،‬هولندا ‪ ،‬اسبانٌا‬
‫‪ 5‬دول هً ‪:‬‬ ‫‪4‬ـ الدول التً اقترحت ان تتلقى طلبات الالجبٌن عن طرٌق المفوضٌة السامٌة من ثم تقوم بدراستها‬
‫استرالٌا ‪ ،‬برٌطانٌا ‪ ،‬الدنمارك ‪ ،USA ،‬السوٌد ‪،‬‬

‫‪290‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سعود الفٌصل ـ وزٌر الخارجٌة‬


‫الى اخر الكتاب حٌث التكملة ؼٌر مهمة وتم اهمال نقلها من الكتاب االصلً ‪.‬‬
‫‪-----------------‬‬
‫فً الوقت نفسه حاولت السعودٌة كعادتها التخفٌؾ من هول الصدمة ونشر اشاعات فً تلك الدول‬
‫على اننا مجامٌع من الوحوش والمجرمٌن تخلص منا العراق بؤن شاعت الفوضى الطابفٌة‬
‫وخرجوا من السجون وقد استفادوا من الصور العاشورابٌة (التطبٌر) لٌبرهنوا على ان من ٌضرب‬
‫رأسه بهذا الشكل الجنونً مستعد الن ٌخرب الدولة التً ٌذهب الٌها‪ .‬وان االمم المتحدة هً التً‬
‫اجبرت السعودٌة على االحتفاظ بهم حتى حٌن‪ .‬ثم ان هإالء خارجون على القوانٌن ‪ ،‬والى اخر ِه‬
‫من هذ ِه االشاعات التً كان هدفها تسقٌط الشخصٌات العراقٌة المتواجدة ومحاولة للتؽطٌة على‬
‫قضٌة االضراب واالسلوب القمعً الذي حاولوا به انهاء االضراب‪.‬‬
‫لقد استطاع هذا االضراب بالصوت والصورة فضح الجرابم السعودٌة بحق البسطاء المساكٌن حتى‬
‫ان الفنانٌن ابتكروا طرقا عظٌمة فً اظهار المظلومٌة فقد تم تعلٌق بعض المجسمات والصور على‬
‫السٌاج تمثل العدٌد من المظلومٌات‪ ،‬وتم دفن بعض االخوة فً حفرة فً االرض كقبور ووضع‬
‫مواد الطعام امام باب المجمّع وقدور الطبخ‪ ،‬كدلٌل على االضراب عن الطعام‪ ،‬فٌما قام بعض‬
‫االخوة باستعمال الخٌط واالبرة واخاطوا به افواههم وجلسوا فً الصؾ االمامً للمتظاهرٌن وامام‬
‫عٌون العمٌد الذي كان الٌدري ماٌقول وهو ٌر سٌارات االسعاؾ تنقل المتساقطٌن من الجوع الى‬
‫المستشفى‪ ،‬وٌنقل ماٌشاهده الى حكومة الرٌاض على ان القضٌة خارجة عن السٌطرة وٌجب‬
‫االسراع بتلبٌة طلب المتظاهرٌن المضربٌن عن الطعام ِلٌام متتالٌة وٌنتظرون التعجٌل بتلبٌة‬
‫الطلبات‪ ،‬وقد شاهدت موظؾ الصلٌب االحمر وهو ٌحث المتظاهرٌن على االستمرار على ان‬
‫االضراب نجح نجاحا عظٌما‪ ،‬وهو ٌعلم من خالل عالقته بامراء المربعات‬
‫ماهو الهدؾ ونتاب االضراب‪ ،‬وقال انه عندما ٌخرج الى مكتبه فً خارج‬
‫السعودٌة سوؾ ٌشرح التفاصٌل التً شاهدها وسمعها‪ ،‬فٌما فتحت االبواب‬
‫على مصراعٌها للوفود العالمٌة وجاءتنا اخبار عظٌمة ان الوفود سوؾ تدخل المعسكر وان بعضها‬
‫قد شد الرحال نحو المعسكر وفتحت لهم كرفانات خاصة لمقابلة وفود الدول‪ .‬وبذا وصلنا الى‬
‫الهدؾ وكسرنا حاجر الٌؤس وانفتحت افاق العالم وتحطمت الحدود الدولٌة امام الحفاة المساكٌن فً‬
‫صحراء وادي الموت الرهٌب والمقبرة الجماعٌة الرهٌبة فً السعودٌة المسماة بـ (االرطاوٌة)‬

‫‪291‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومن امثلة اللقاءات مع السفارات هذا التقرٌر عن اللقاء مع السفارة الكندٌة ‪:‬‬

‫تقرٌر المقابلة مع الوفد‬


‫السفارة الكندٌة‪/‬المقابلة‪ /‬الٌوم السبت‬
‫التارٌخ ‪10/12‬‬
‫المكان مقر المفوضٌة السامٌة‬
‫بعد المناقشة والمداولة مع السفٌر الكندي حول مسؤلة الهجرة والعمل فً كندا اتضح لنا بؤن دولتهم تقبل الهجرة وفق‬
‫الشروط اِلتٌة ‪:‬‬
‫أـ من له عالقة عابلٌة‬
‫ب ـ دولة كندا تهتم بالكوادر الوسطٌة وخاصة فً مجال صناعة السٌارات وتوابعها وكوادر التمرٌض والطب‪.‬‬
‫ج ـ تقدم طلبات المشمولٌن بالضوابط اعاله عن طرٌق المفوضٌة السامٌة ٌوضع فٌها ‪:‬‬
‫االسم ‪ ،‬الشهادة ‪ ،‬المهنة ‪ ،‬اسم االقارب ‪ ،‬درجة القربى ‪ ،‬العنوان‬
‫د ـ حٌن وصول الطلبات الى السفارة ستتم دراستها بشكل دقٌق والموافقات تحتاج الى الوقت الكافً التخاذ القرار‬
‫بالقبول‬
‫الوفد ‪:‬‬
‫قاسم شناو ـ بكلورٌوس فلسفة ‪ ،‬هاشم حنون ـ بكلورٌوس ترجمة ‪ ،‬موحان عبدالجلٌل ـ مدٌر مدرسة ‪ ،‬طه ٌاسٌن ـ‬
‫هندسة ‪ ،‬علً سرٌع حسٌن ـ بلكورٌوس ان گٌزي ‪ ،‬د‪.‬عبدالهادي ٌحٌى ـ دكتوراه رٌاضٌات ‪ ،‬عبدالكرٌم زامل ـ‬
‫ماجستٌر حاسبات ‪ ،‬بدران سفٌح ـ مهنس مٌكانٌك ‪ ،‬جواد كاظم ـ تكنلوجٌا ‪ ،‬سٌد علً ٌاسٌن ـ مدرس لؽة ؼربٌة‬
‫بعدها تم تؽٌٌر هذ ِه الشروط نحو االفضل من قبل الوفد الكندي نفسه فصار الوفد ٌقابل وٌعطً الـ‬
‫(‪ )OK‬فً نفس الوقت وٌرسل المقبول للفحص خالل اٌام وٌتم سفره الى كندا ‪ ،‬وعندما وصلنا‬
‫وجدنا ان االمور مختلفة تماما ‪ ،‬ولنا فً ذلك وقفة طوٌلة ان شاء ّللا‪.‬‬
‫روح للمرح في قلب عالم الحزن‬
‫وكعادة العراقٌٌن الٌتركون مناسبة اال وٌضعوا علٌها بصماتهم ففً االفراح ٌجتمعون وٌخففون من‬
‫وطؤة الصحراء وفً االحزان ٌجتمعون للوقوؾ على المصٌبة بشًء من الدمعة ‪ ،‬فقد ُعقِدت‬
‫المجالس للذكر واحزان اهل البٌت علٌهم السالم ‪ ،‬فنصبت المآتم فً وقتها الذي تم جدولته من قبل‬
‫المختصٌن بالتوارٌخ كوفٌات اهل البٌت علٌهم السالم وذكر شهاداتهم وكذا موالٌدهم وافراحهم‬
‫فلم تمر مناسبة من هذ ِه المناسبات اال وقام اخوة االٌمان بإحٌاءها كما عقدت المجالس لالعٌاد بعد‬
‫صالة العٌد والتهانً به وربما كره البعض المشاركة فٌها على اننا فً حاالت الؽربة وضٌاع‬

‫‪292‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االوطان ووطؤة االسر فً السعودٌة الى اخر القابمة من االعذار اال اننا لم نتوقؾ عن عقد جلساتنا‬
‫سواء كانت بدعوات فردٌة ام دعوات جماعٌة ‪ ،‬ومن امثلة هذ ِه الجلسات قرر اخوتنا فً الخٌمة‬
‫التً كنت فٌها ان ٌدعون اصدقاءهم وٌدعون الطباخ حسٌن البؽدادي كما اعتاد ان ٌلقب نفسه‬
‫للطبخ بمناسبة عٌد الفطر عام ‪ ، 1992‬وبها شاركتهم بخاطرة منظومة على شكل ابٌات شعرٌة ‪:‬‬
‫اطاب لنا الزمان اجتماعا ال اسمٌه كما ٌسموه الجماعة‬
‫ٌقولون انه ً‬
‫عٌدا اطل علٌنا وفراق االهل ومخالطة الوضاعة‬
‫بٌن اسالك شابكات وقد امسك الباب مشبوه الرضاعة‬
‫اذا الطفته ٌزأر ؼاضبا بوجنتٌه تر الجبن بمخدوع الشجاعة‬
‫تركنا وسط الحواجز بٌوتنا تؽسل العار وتجنً المجاعة‬
‫انطفؤن نار الجود من اهالٌنا والحمٌة تؤكلها اذناب الفضاعة‬
‫ٌانفس هل تفرحً بعٌ ٍد اضعنا فٌه الحب والوداعة‬
‫تجرعنا سموم الموت تؤكلنا هموم الشوق وفه ٍد وخداعة‬
‫جروحنا تنزؾ ضاحكة والسم وسط القول تؤتً جُراعة‬
‫ٌموج بنا الحزن واالفراح هاربة وكاذب القول أعْ َجزنا سماعه‬
‫ٌانفس خذي طعم الحٌاة وطٌبها وباجتماع طاب للقوم افتزاعه‬
‫اصبري فً الود خٌ ٌر وإن طاؾ بك الحزن إتزنً بطاعة‬
‫______________ ‪ 1992/4/5‬اول ٌوم عٌد الفطر المبارك ‪1412‬هـ‬
‫وعندما سمعوها طلبو منً ان اكتب خاطرة لالبتسامة والضحك وامتداح حسٌن الطباخ عندما طبخ‬
‫ً‬
‫طبخا لذٌذا تطٌب له نفس االكلٌن ‪ ،‬وبالفعل كان فرحهم به كبٌرا فنظمت هذ ِه الخاطرة على شكل‬
‫ابٌات شعرٌة فقلت ‪:‬‬
‫اوان من دجاج تطاٌر لحمه والعظم بالنهم كان انتزاعة‬
‫ٍ‬
‫اٌا ٍد ال تعرؾ رحمة بدجاج طاب وافوا ٍه تكسر اضالعه‬
‫كٌؾ ال وابو علً ٌطبخ ُه فٌسـٌل له اللعاب بفضاعة‬
‫اتصور انً إن لم اطعمه ٌومًا تصبنً حسرة وفقر ومجاعة‬
‫تعالى فً ذلك ضحك االخوة وشكرونً واخذها منً حسٌن افتخارا بها ‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بالحرية والكرامة‬ ‫تحت هذ ِه االجواء عادت االحالم الوردٌة للظهور مرة اخر ‪ ،‬احالم السجناء‬
‫التً لطالما حاولت الحكومات الظالمة طمس معالمها واحراقها مرا ٍة عدٌدة‪ ،‬وانتشرت روح الدعابة‬
‫مرة اخر بٌن الناس ولكن سرعات ماٌنقضً الفرح بسرعة فابقة لٌخٌم الحزن مرة اخر بحدث‬
‫من هنا وهناك فبعد انتقالنا الى رفحاء فرح بعض االخوة بلقاء العوابل وتزوج بعض العزاب‬
‫والتقى البعض االخر بؤصدقاءهم واقاربهم واهالٌهم‪ ،‬سرعان مانعق الؽراب مرة اخر بحرٌق‬
‫كبٌر وهم عظٌم ‪ ،‬حادثة حرق االؼاثة‪.‬‬
‫‪-----‬‬
‫من الحوادث الشخصٌة التً وقعت معً اثناء وجودي فً االرطاوٌة هو دخولً مستشفى الملك‬
‫خالد فً المجمعة فً ‪1992/8/3‬م وبعدها حصلت على النظارة الطبٌة ـ بعد ‪ٌ 40‬ومًا استلمتها‪،‬‬
‫وفً ‪ 1992/11/15‬م دخلت مستشفى المٌدان فً المعسكر وخرجت منه بعد ٌومٌن ‪.‬‬
‫فً ‪1992/12/14‬م‪ ،‬قامت السعودٌة بنقل معسكر االرطاوٌة بؤكمل ِه الى رفحاء لدمجه مع معسكر‬
‫اٌواء العراقٌٌن فً رفحاء‪ ،‬وحال وصولنا الى رفحاء وقبل ان اكمل ترتٌب فراشً فً الخٌمة‬
‫ذهبت فً الحال الى المدرسة ـ التً اخبرونً عنها حال وصولنا ـ وقدمت اسمً لالكمال الدراسة‬
‫‪ ، 93‬واستلمت‬ ‫هناك حٌث حصلت على شهادة السادس االعدادي الفرع االدبً فً نهاٌة عام‬
‫الشهادة فً شهر كانون الثانً عام ‪ 1994‬م ‪ ،‬الننً لم استطع اكمال الدراسة فً العراق بسبب‬
‫الحرب‬
‫المخ ّميم القديم والمخيم الحديث‬
‫رفحاء بنٌت على مرحلتٌن كما ذكر سكانها ‪ ،‬المخٌّم القدٌم والمخٌم الحدٌث ‪ ،‬اما المخٌم القدٌم ـ‬
‫كما ذكروا لً ـ عبارة عن خٌام محاطة بؤسالك شابكة صؽٌره وتحوم حولها الدورٌات والشبهات‬
‫والمصابب ‪ ،‬فكان لً لقاء مع شاهد عٌان من سكان هذا المخٌم (كان اللقاء عبر االنترنت فً‬
‫‪ June 30,2008‬حٌث تحدث لنا حول مشاهداته) وكان قد حدثنً حول مواضٌع مختلفة منها‬
‫حرق االؼاثة‪ ،‬واحد اللطابؾ والمواقؾ المضحكة‪ ،‬وبعض المواقؾ المخزٌة والمخلة للشرؾ‬
‫وكان اشهرها المإامرات المشتركة بٌن المخابرات السعودٌة والمخابرات العراقٌة واالتفاقٌات‬
‫السرٌة لتخرٌب سمعة الالجبٌن والهاربٌن من ظلم الطاؼٌة‪ ،‬حٌث قال‪:‬‬
‫"كانت خٌمتً مباشرة قرب نقطة التفتٌش بعدة امتار وكان فً المعسكر احد الذٌن استقطبوه‬
‫المخابرات آن ذاك "عباس طناك" وهو من السماو وشخص اخر نسٌت اسم ُه من محافظة النجؾ‬
‫‪294‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫استخدمته المخابرات السعودٌة والعراقٌة باالتفاق‪ ،‬هإالء حفروا مواضع خارج المعسكر تحت‬
‫االرض وفرشوها باحسن االشٌاء وجهزوها باحسن التجهٌزات‪ ،‬ثم بدأ العمل باالتفاق مع‬
‫المخابرات العراقٌة والسعودٌة بؤن ٌلقون القبض على رإوس القادة الذٌن قاموا باالنتفاضة‬
‫الشعبانٌة فً العراق حٌث استقطبوا هإالء االثنٌن ووفروا لهم كل ماٌرٌدون ـ تصور نحن لٌس‬
‫لدٌنا سجابر هم عندهم‪ ،‬اموال عندهم والنملكها‪ ،‬لٌس عندنا مالبس وهم عندهم احسن المالبس‬
‫عقال وشماغ ابٌض ودشداشه فاخرة ونحن مساكٌن بكل ما بالكلمة من معنى ـ وشٌبا فشٌبا تطور‬
‫الموقؾ‪ ،‬تدخل الدورٌات بٌن الخٌّم حٌث ٌرسل عباس طناك مراسلٌه الى االماكن‪ٌ ،‬رون ان هذا‬
‫الرجل متزوج وعنده اطفال‪ٌ ،‬ؤتون علٌه باللٌل ٌختطفونه ٌؤخذوا الى الحدود العراقٌة السعودٌة‪ ،‬ثم‬
‫ٌرجعون للزوجة اما ان تدخل فً داخل الموضع وٌفعلون بها فٌرجعون لها زوجها واذا لم تستسلم‬
‫لهم ٌكون لها مصٌر خطر‪ ،‬وٌختارون شخصٌات بارزة ‪ ،‬وبدأوا استنقاء اي شخص زوجته جمٌلة‬
‫وحلوة و‪ ...‬هذه المخابرات السعودٌة والجٌش‪ ،‬الى ان وصلت المواصٌل لهإالء بهذ ِه المواضع‬
‫ٌجلبون راقصات من العراق والخمر الى هذ ِه المواضع‪ ،‬ووصل دورهم الى محافظة البصرة‪ ،‬وانا‬
‫قرٌب من السٌاج الذي شرّكنا انفسنا داخله لحماٌة انفسنا‪ ،‬انا واحد من الناس الذي اشتؽل على هذا‬
‫الشرك ـ االسالك الشابكة ـ وكان مكان قرٌب من نقطة الحراسه‪ ،‬اتفقنا اهل البصرة والدٌوانٌة وكل‬
‫المحافظات حٌث كانت مقسمه وكان الشعار صرخة واحدة (ّللا اكبر) وفً اللٌلة التً ٌؤتون‬
‫الختطاؾ زوج انسانة بمنتى الجمال ـ سبحانك ٌارب ـ احد الضباط الشرفاء الذٌن شاركوا بمقاومة‬
‫الطاؼٌة صدام‪ ،‬وهو من اهالً البصرة‪ ،‬فؤخلٌنا خٌّمت ُه ونقلناه الى مكان آمن ثم بدأنا بالتسلٌح‪،‬‬
‫سالحنا كان وتد الخٌمة ثم تلثمنا باللثام العربً‪ ،‬وبدأنا نحرس‪ ،‬كنت اتمشى وبٌدي عمود الخٌمة‬
‫الشرك باعلى اصواتنا‪ ،‬صرخ‬
‫َ‬ ‫الطوٌل‪ ،‬وعندما بدأوا بالدخول واكملوا دخولهم فصُحنا من بداٌة‬
‫‪15.000‬‬ ‫المعسكر كله بصوت واحد "ّللا اكبر" فصار عندهم ارتجاج ورعب‪ ،‬تصور الموقؾ‬
‫نسمه وبصوت واحد "ّللا اكبر" صار عندهم رد فعل فتم السٌطرة على هإالء الذٌن دخلوا‪ ،‬وهربوا‬
‫بالسٌارات بعد ذلك دخلت المدرعات فحدث اطالق النار وصار اشتباك بٌننا وبٌن المدرعات‪،‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪ 3‬مدرعات بكامل اسلحتها و‬ ‫فخسرنا ‪ 15‬شخص بٌن جرٌح واسٌر وكانت خسابر الجٌش‬
‫ضباط و ‪ 2‬من الجنود‪.‬‬
‫صعدنا فوق المدرعات واعطٌناهم انذار "اذا لم تخرجوا االن نهجم على رفحة ونؤخذها كلها" فقالوا‬
‫"انهم سٌفعلونها فعال وٌحتلون رفحة كلها بهذ ِه الدبابات حقٌقة" وعندها توقؾ القتال وهاجمتنا‬
‫‪295‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الطابرات السعودٌة السمتٌة ـ المروحٌات ـ لنقل االسر ‪ ،‬قلنا لهم خذوهم هإالء نحن اعطٌناهم‬
‫فداء‪ ،‬اسراكم ‪ ،‬ودباباتكم عندنا ولن نعطٌهم‪ ،‬فقالوا "سوؾ نقتحم المعسكر وندوسه كله" قلنا لهم‬
‫"طٌب"‪ ،‬اما نحن فسٌطرنا على هإالء هاجمنا المواضع والقٌنا القبض علٌها واخذنا االشرطة‬
‫والوثابق الموجودة فً هذ ِه المواضع‪ ،‬ثم بدأت المفاوضات وكانت المفاوضات قرٌبة خٌمتً‪،‬‬
‫ودابما احضر المفاوضات وكان الرجل الذي سٌطر على الموقؾ رجل شجاع فعال‪ ،‬اخذ هذ ِه االدلة‬
‫واصبحت فً اٌدٌنا والجنود والضباط المصابون والدبابات فً حوزتنا‪ ،‬كانت لٌلة عجٌبة دبابة‬
‫مدرعة "موالي ٌا بٌس مان" عندما تكون قربها تدوسك تقفز علٌها وتضرب جنودها وتسقطهم الى‬
‫االرض تحت المدرعة وتذكر ان السالح كان مجرد عمود خٌمة‪ ،‬المسؤلة وصلت الى المفاوضات‪،‬‬
‫قلنا لهم‪" :‬نحن نرٌد ان نتفاوض مع الملك فهد نفسه" فقالوا ‪":‬الملك فهد الٌدري بهذ ِه االمور" فقلنا‪:‬‬
‫ال ٌجب ان ٌدري بها" فقالوا اي طلب هذا ‪ ،‬سوؾ نقتحم المعسكر بؤمر آمر المنطقة الشرقٌة قال‬
‫"اقتحام المعسكر"‬
‫فماذا نفعل‪ ،‬اجلسنا النساء واالطفال بالشارع الربٌسً وقلنا اذا اردتم ان تقتحمون المعسكر‬
‫وتدوسون هإالء االطفال والنساء‪ ،‬تفضلوا‪ ،‬ولم ٌترك مكانه احد وبقٌنا على هذا الوضع بدون‬
‫خوؾ‪ ،‬فوصلت هذ ِه المفاوضات ان نوصل هذ ِه االدلة والمستمسكات وبؤصرار على انه البد ان‬
‫الملك ٌعلم بهذا الوضع واذا علم الملك بهذ ِه االمور تحدث مشكلة كبٌرة !! كارثة ٌعنً !!!‬
‫الجٌش الذي موجود كله ٌتبدل وٌحاسبون ‪ ،‬سوؾ ٌنتهون وتكون فضٌحة كبٌره لهم‪ .‬النه من ؼٌر‬
‫المعقول ان الملك ٌقبل بهذ ِه الفضابح والمفاسد ‪.‬‬
‫وسلمونا االسر الذٌن عندكم وتؤخذون اسراكم الذٌن عندنا ‪ ،‬وامر المنطقة الشرقٌة وافق على‬
‫المقابلة واتفقنا ممنوع حسب الشروط ‪:‬‬
‫‪ٌ ---‬عادون هإالء االسر ونتؤكد من سالمتهم وانهم ؼٌر معذبٌن او مضروبٌن‪ ،‬او متؤذٌن‪ ،‬تحت‬
‫اشراؾ الطبٌب وارجعنا لهم اسراهم والمدرعات‬
‫‪ ---‬الٌدخل الجٌش داخل المعسكر وال نحن نخرج خارج المعسكر اال للضرورة‪ ،‬االسعاؾ‬
‫واالطفاء ونحن النخرج اال للمستشفى او حالة والدة‬
‫واستمرت هذ ِه الشروط‪ ،‬موالنا بٌس مان‪ ،‬الى ان انتقلنا الى المعسكر الثانً‬

‫‪296‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ---‬والطلب اآلخر‪ ،‬عباس طناك ٌُسـّلم للمعسكر تحت المحاكمة ‪ ،‬هو وصاحبه الثانً‪ ،‬اما عباس‬
‫وصاحبه فقد هربا ولم نرهم بعد ذلك‪ ،‬تم تهرٌبهم من قبل المخابرات السعودٌة‪ ،‬وكان االتفاق اذا‬
‫شاهدوهم فً المعسكر ٌتم قتلهم فهم مهدوري الدم‪ ،‬حسب االدلة التً تم االمساك بها‬
‫انتهى الموقؾ بعد ان قبلوا بالشروط ‪ ،‬انتقلنا الى المعسكر الثانً ولم تزل الشروط قابمة ‪ ،‬فؤخلوا‬
‫السعودٌة بالشرط االخر‪ ،‬فقاموا بارسال دورٌات عسكرٌة داخل المعسكر‪ ،‬وٌعتدون علٌنا‪،‬‬
‫ٌصدمون بعض الناس‪ٌ ،‬كسرون الدراجة الهوابٌة اذا شاهدوا احد ٌركبها امامهم‪ٌ ،‬حاول رمً‬
‫االوساخ على مالبس الشخص الماشً ـ عندما تسٌر سٌارة الدورٌة تضؽط على اي بقعة وسخة‬
‫بقوة فتتطاٌر تلك االوساخ واالتربة على الماشٌن ـ مع ذلك نقول شكرا ‪ ،‬شكرا للسعودٌة"!!!‬

‫‪ 1993/3/28‬حادث حرق االؼاثة المرعب واحداثها الرهيبة‬


‫توقؾ التؤرٌخ عند هذ ِه الحادثة فً رفحاء ‪ ،‬حدث مرعب حقٌقة اهملته االقالم تماما ‪ ،‬صفعة‬
‫تارٌخٌة فً تارٌخ اللجوء فً العالم ‪ ،‬حادثة اهتزت لها المشاعر واالحاسٌس واحترقت اوراق‬
‫الكثٌرٌن ‪ ،‬االؼاثة بناٌة لالمم المتحدة فً معسكر إلٌواء الالجبٌن‪ ،‬مجرد صفابح من المعدن تحمل‬
‫فً داخلها مكاتب خالٌة خاوٌة ولكن لٌس العبرة فً المكتب ولكن العبرة فً الحادث وما بعده‪،‬‬
‫القضٌة لٌست مجرد نار اشتعلت وانتهى االمر بل تعد ذلك الى االعتداء على االعراض واذالل‬
‫العراقٌٌن اذالال لم ٌفتح التارٌخ عٌونه علٌه واهمله كما اهمل الكثٌر من امثاله‪ ،‬فً االرطاوٌة‬
‫هاجمتنا الدبابات وضربونا بالكٌمٌاوي ولكن الحادث لم تتجاوز الٌوم وانتهى االمر ولكن فً حادثة‬
‫االؼاثة استمر االذالل والتحقٌر شهورا وكؤنها سنوات بل عشرات السنٌن‪ .‬حادثة مرعبة حقـًا‬
‫للعقالء‪.‬‬
‫رجعت من المدرسة متعبا بعد ٌوم دراسً ثقٌل الى البٌت واذا بشركاء الدار جاءوا ٌتراكضون‪،‬‬
‫جعفر‪ ،‬عباس‪ ،‬رعد‪ ،‬ما الخبر قالوا جمٌعا احترقت االؼاثة هاجمها احد الذٌن شربوا حبوب مخدرة‬
‫وهجم على الحرس واطلقوا علٌه النار واصابوه بعد ان رمى بقنٌنة مشتعلة على مكتب االؼاثة‬
‫واحترق‪ ،‬قلت وما هو الحل‪ ،‬قالوا ال ندري ولكن االمر عند هذا صمت مطبق‪ .‬كٌؾ حدث ولماذا‪.‬‬
‫قالوا هل انت مقٌم هنا وال ترٌد الخروج من السعودٌة‪ ،‬قلت بلى ارٌد الخروج ولكن هذا الحادث‬
‫سوؾ ٌجر الوٌالت علٌنا‪ ،‬انتم ال تعلمون مانوع االذالل الذي سوؾ ٌقع فوق رإوسنا‪ ،‬هذ ِه كارثة‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ُ‬
‫الصمت متؤلمًا النهم ال ٌعلمون‪ ،‬ماهً اال ساعات واذا‬ ‫ضحكوا فً البداٌة من قولً واخذنً‬
‫باالخبار ان السعودٌٌن ٌجهزون العدة للبحث عن المهاجمٌن من اتباع السكران (جبّار ال ٌْ َتٌْم) الذي‬
‫هاجم االؼاثة واحرقها‪.‬‬
‫ٌقول شاهد عٌان انه كان ضمن فرٌق عراقً لكرة القدم‪ ،‬وكانوا ٌقومون بؤعداد ملعب رٌاضً تابع‬
‫الى الجامعة ( البناٌة التً بنتها االؼاثة والسعودٌة والجامعة ذهبت الٌها وسجلت اسمً للدخول الٌها‬
‫بعد انهاء دراستً االعدادٌة ) ٌقول شاهد العٌان بعد ان رجعنا الى البٌت للعودة مرة اخر الكمال‬
‫اصالح الملعب لمالقات الفرٌق السعودي الذي جاء بالطرٌق لمالقات منتخب المخٌّم الذي شكله‬
‫العراقٌون واعدوه لهذ ِه الفرصة‪ ،‬والتً من المقرر ان تؽطى اعالمٌا وفً حالة فوز الفرٌق العراقً‬
‫سوؾ ٌذهب الى المدن السعودٌة ٌالعب الفرق السعودٌة‪ ،‬كما وتحتوي هذ ِه الجامعة على مجموعة‬
‫من االساتذة المدرسٌن من حملة شهادة الدكتوراه والملعب لكرة الطابرة كان قد بنً فً هذ ِه‬
‫الجامعة وقد كـُلفنا انا وشخص اسمه عصام ثامر الذي كان فً المنتخب العراقً فً العراق‪ ،‬وبدأنا‬
‫نعمل فً قسم الرٌاضة فً الجامعة حتى وصلنا الى ذروة اعمالنا ونجازات رٌاضٌة للمعسكر حتى‬
‫شاهدوا السعودٌون عملنا فشكرونا ثم بنوا ساحة فً هذ ِه الكلٌة وصبؽنا الساحة بالمادة الخضراء‬
‫وهٌبناها لمباراة وكانت فً شهر رمضان عدنا للبٌت للفطور ثم نرجع للمباراة بٌننا وبٌن الفرٌق‬
‫السعودي‪ ،‬فسمعنا صراخا وعوٌال ورمً ثم رجعنا واذا بالمسؤلة احتدم القتال والرمً والى ؼٌر‬
‫وكان ٌخاطبنً‬ ‫ذلك‪ ،‬سؤنا عن ذلك فقالوا ان احد ـ المْكـَبْسلٌن (ممن ٌتناولون المخدرات) ٌابٌس مان (‬
‫بالقول الن الحوار كان عبر شبكة االنترنت فً ؼرؾ المحادثة الصوتٌة على برنام البالتوك ‪ paltalk‬بتارٌخ ‪June‬‬
‫‪ 30 2008‬وكان اسمً فٌها ‪ peace man‬اي رجل السالم وكان االخ عبدالصاحب عبد العرٌب السعٌد وٌسكن فً‬
‫شمال قارة اروبا‪ ،‬وهو تحت اسم الحاضر ) كانت المسؤلة كالتالً‪:‬‬
‫"المخابرات العراقٌة والمخابرات السعودٌة فً مإامرة قد اودت بحٌاة الكثٌر من الطرفٌن وخسارة‬
‫اساتذة جامعٌٌن من السعودٌٌن مثقفٌن بدرجة عالٌة‪ ،‬انا التقٌت بثالث او اربع اساتذه دكاتره‪،‬‬
‫وشرحوا مواقؾ وما كان ٌجري داخل المملكة‪ ،‬وشكرونا واستؤنسنا بلقاءهم وبعد لحظات من‬
‫رجوعنا الى البٌت وعلمنا بهذ ِه المسؤلة وما حدث حٌث الهجوم على الجامعة وحرقها حٌث احترقوا‬
‫هإالء االساتذة داخلها‪ ،‬واالفتعال جاء من المخابرات العراقٌة والسعودٌة باالتفاق حٌث هٌؤوا هذا‬
‫الرجل ضعٌؾ النفس وهجم على الحراس فجادله ودفعه واراد ان ٌؤخذ منه السالح فقتل الحرس‬
‫االول وبدأ الحرس الثانً بالرمً علٌه ثم قتل ـ جبار ال ٌْ َتٌّم ـ ومن هنا بدأت المسؤلة‪ ،‬الناس رأوا‬
‫‪298‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫رجل من المعسكر قد قتله الحرس ولم ٌعرفوا انه جبار‪ ،‬لو كانوا ٌعرفونه وانه مدفوع من قبل‬
‫المخابرات‪ ،‬لما فعلوا هذ ِه االفاعٌل‪ ،‬هجموا على هذا المبنى وحرقوه ‪ ،‬وحرقوا من فٌه ‪،‬والحراس‬
‫ومن كان فً هذا المبنى ال ٌعلمون باالمر شًء فبدأوا ٌقتلون كل من ٌشاهدون ودخل الجٌش وما‬
‫الى ذلك‪ ،‬وانا انزوٌت فً البٌت وهٌبات نفسً للسفر وسافرت فً وقتها الى السوٌد وال اعرؾ‬
‫ماذا جر بعد ذلك موالنا بٌس مان اما بالنسبة للفرٌق فقد كان فً الطرٌق الٌنا ثم رجع ادراجه‬
‫الى من حٌث اتى والكلٌة حُرقت قتل كل من كان فً المبنى من الحراس والطالب والمدرسٌن‬
‫واخرٌن بحوالً الخمسٌن كانوا فً الحادثة بٌنهم جرٌح وقتٌل ثم توقؾ الرمً ‪ .‬وهذ ِه نرمٌها على‬
‫المخابرات العراقٌة ومن تعاون معهم من السعودٌون ‪،‬وهً مسؤلة البد وان تذكر‪ ،‬وبعد ان هدأت‬
‫االمور ذهبنا نحن قسم الرٌاضة لتقصً االمر فوجدنا انه كان بعض الناس تحرق وبعضها تسرق‬
‫من هذا المبنى حٌث كنت فً مربع ‪ 15‬من قاطع البصرة وقرٌب على الحادث‪".‬‬
‫‪----------------‬‬
‫رؼم انه ـ اي جبار إل ٌْ َتٌْم ـ قد قتل اال ان االمر لم ٌتوقؾ عند هذا الحد فقد هرب اصحابه واختفوا‬
‫فً البٌوت داخل المخٌّم وبما ان السعودٌٌن ال ٌفرقون بٌن شخص وآخر وال ٌعرفون المهاجمٌن‬
‫فؤن المعسكر كله سوؾ ٌخضع للتفتٌش وفق االحكام العرفٌة العسكرٌة‪ ،‬وهنا وقع المحذور‪ ،‬فقلت‬
‫لهم هذا ما كنتم ال تعلمون‪ ،‬انا عسكري واعرؾ مامعنى االحكام العرفٌة والتفتٌش العسكري ولٌس‬
‫فٌكم من لبس مالبس ا لجيش قالوا حينها صدقت ماذا سوؾ يفعلون قلت سوؾ يدخلون البيوت‬
‫بيتا بيتا ويخرجون الناس بالقهر واالجبار ويضربون من شاءوا دون خجل واستحياء ‪ ،‬وبالفعل لم‬
‫نستطع ان نخرج من البٌوت ابتداءا من مؽٌب الشمس حتى الصباح وبما ان المرافقات موحدة فً‬
‫كل خلٌة من خالٌا المربع فال بد من الخروج من البٌت من اجل قضاء الحاجة واذا شاهدنا الحرس‬
‫وقعت الكارثة اما ان ٌقتلونه بالرصاص او ٌشبعونه ضربًا بالسٌاط ‪ ،‬فقد خالؾ االوامر العرفٌة‪،‬‬
‫اي اننا كنا مسجونٌن فً داخل السجن الكبٌر سجن داخل سجن ‪ ،‬فالمعسكر كله عبارة عن سجن‬
‫وكل مربع هو سجن وكل خلٌة هً سجن وصار البٌت نفسه سجنا اخر‪ ،‬لتهاجمنا الدبابات فً االٌام‬
‫التالٌة وتدخل البٌوت للتفتٌش العام وتحت عبارة (اطلع ٌا الچلب تفتٌش) اي بمعنى اخرج ٌا اٌها‬
‫الكلب سوؾ نقوم بتفتٌشك والبٌت االن‪ ،‬وبالتؤكٌد الضرب بالسٌاط والشتابم الالذعة وااللفاظ البذٌبة‬
‫والوٌل لمن فتح فمه بكلمة حتى لو كانت كلمة تو ّجع من ضربة سوط‪ ،‬فهم ٌتخللون الخالٌا‬

‫‪299‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ودروبها دون وازع من ضمٌر وكل من ٌسٌر امامهم ٌكون عرضة للمساءلة او ربما الدهس‬
‫بالسٌارة والوٌل له اذا اسرع الخطا هاربا من امامهم‪ ،‬تقع علٌه السٌاط كؤنها المطر الؽزٌر‪.‬‬
‫وفً لٌلة من اللٌالً وكنت فً حالة صحٌة متردٌة ج ًدا خرجت الى المرافق وبعد عودتً الى البٌت‬
‫واذا بسٌارة العسكر السعودي فً وجهً نازلة من الشارع العام الى داخل الخلٌة‪ ،‬ارعبتنً سرعة‬
‫السٌارة ‪ ،‬فربما اكون تحت اطاراتها فؤسرعت ال ُخطا الى الدار ماهً اال دقٌقة واذا بالسعودي فً‬
‫‪ 400‬باون ٌحٌطها سٌاج من‬ ‫باب الخٌمة داخل البٌت ـ البٌت عبارة عن ثالث خٌمات كبٌرة‬
‫الچلب" سحبونً من الفراش لم‬ ‫الطابوق ـ وهو ٌصرخ بصوت الصحراوي ال ِجلؾ "اطلع ٌا‬
‫ٌرحموا حالً بانً مرٌض ارتجؾ من شدة االلم والضعؾ اوقفونً خارج الدار امام الدبابه وهو‬
‫ٌصرخ بوجهً لماذا ترتجؾ‪ ،‬قالوا له انه مرٌض وخرج من المستشفى الٌوم ‪ ،‬قال ولماذا هربت‪،‬‬
‫قلت خفت من ان اكون بٌن عجالت سٌارتكم فؤسرعت الى البٌت‪ ،‬قال لو ضربتك ضربة واحدة‬
‫االن سوؾ تموت‪ ،‬ال تهرب مرة اخر ‪ ،‬قلت حتى لو كنت بٌن عجالت عقربكم هذا‪ ،‬قالوا نعم‪،‬‬
‫سوؾ نقؾ‪ ،‬قلت فً نفسً نعم‪ ،‬اذا وقفتم!!‪ ،‬اذا وقفتم !! ‪ .‬عندها تركونً لحالً وذهبوا‪.‬‬
‫عودة اخر الى ساعات التفتٌش االولى وهم ٌدخلون الخالٌا وٌخرجون اهلها بالسٌاط ‪ ،‬والحمد لِل‬
‫لم ٌدخلوا بٌتنا النهم انشؽلوا ببعض شإونهم‪ ،‬وقد وصلتنا اخبار من العوابل ـ الن العوابل لهم‬
‫مربعات خاصة بهم وللعزاب مربعات خاصة بهم ـ ان السعودٌون اقتحموا البٌوت واعتدوا حتى‬
‫على االعراض لٌس بالضرب فقط بل حتى بالتحرش الجنسً واالفعال الدنٌبة التً ٌند لها الجبٌن‬
‫وظهر فً المعسكر من هو دنًء وسافل ممن ٌبٌع عرضه واعراض االخرٌن بؤبخس االثمان‬
‫وطالت الشهور ونحن على هذ ِه الحالة‪ ،‬حتى ؼادر المعسكر من ؼادر الى امرٌكا واوربا وبدت‬
‫البٌوت وكؤنها خالٌة فقام السعودٌون بمحاوالت جمع المربعات والؽاء بعضها وتهدٌمها لقلة‬
‫ساكنٌها‪ ،‬فؤنتقلت الى مربع اخر مع جمعاعة اخر ‪.‬‬
‫فً لٌلة من اللٌالً كنت خارج البٌت وعدت متعبا ونمت استٌقظت من النوم واذا بإبن عمً (مهدي‬
‫جبّار) وهو من عشٌرتنا مشدود الرأس بعصابة وقد ؼمرت الدماء بعضها والقوم حوله فً‬
‫اضطراب‪ ،‬قلت ماذا حدث قالوا اعتد علٌه احد المتهورٌن وضربه بـ (ساطور) وبعدها بقلٌل‬
‫خرجوا جمٌعا‪ ،‬وكؤن االمور على حالها طبٌعٌة‪ ،‬وبعد سوٌعات عاد لً احد اصدقاء ِه ٌحمل هوٌته‬
‫قابال هل جاء مهدي قلت ماالخبر ثانٌة‪ ،‬قال ال شًء بسٌطة هذ ِه هوٌته عندما ٌعود ٌخبرك‪ ،‬ومر‬
‫اللٌل وزاد قلقً علٌه ولم ٌعد وكالعادة اعددت العدة للنوم ‪ ،‬استٌقظت على صوت اقتحام العساكر‬
‫‪300‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫السعودٌة الى البٌت افزعنً مظهرهم ورتبهم العسكرٌة فقال لً احدهم ‪ ،‬الشًء نام الٌخصك من‬
‫االمر شًء ‪ ،‬وخرجوا جمٌعا خارج الدار‪ ،‬مهدي لم ٌعد‪ ،‬سٌد ناصر واخوه سٌد زكً خرجوا مع‬
‫العسكر ولم ٌعودوا بقٌت فً الدار اضرب اخماسا بؤسداس ال ادري ماٌدور حولً من شدة الصدمة‬
‫والرعب‪ ،‬قلت فً نفسً خرجت من رعب العراق كً ادخل فً رعب السعودٌة ام انه مجرد‬
‫زاوبع عاصفة حرق االؼاثة ‪ ،‬العلم عند رب العزة‪.‬‬
‫فً الٌوم التالً عاد مهدي ‪ ،‬واخبرنً انه عندما شاهد السٌارة قادمة الى الخلٌة عاد ادراجة الى‬
‫بٌوت العوابل وفً الوقت الذي اخذوا فٌ ِه السادة (سٌد زكً واخٌه سٌد ناصر الموسوي) الى‬
‫السجن‪ ،‬على ان اسماءهم كانت مكشوفة ضمن رسابل تم تهرٌبها الى العراق عن طرٌق المهربٌن‪،‬‬
‫عرفت حٌنها ان المخابرات العراقٌة لها الدور الفاعل فً تخرٌب المعسكر واثارة الفتن وان‬
‫المخططات تخرج من قصر صدام نفسه‪ ،‬وكان قد اعترؾ احد كبار القادة فً القصر الصدامً انه‬
‫خرج من العراق وكشؾ اوراق ومإمرات كانت تحاك فً القصر من اجل التخلص من‬
‫المعارضٌن العراقٌٌن فً معسكر رفحاء‪ ،‬وصرّح وفٌق السامرابً بؤنه اشرؾ على العدٌد من هذ ِه‬
‫المإمرات ولكنها فشلت اال حرق االؼاثة كان الناجح‪ ،‬وهنا تٌقت ـ عزٌزي القاريء الكرٌم ـ ان كل‬
‫ما جر من احداث هو تحت اشراؾ المخابرات الصدامٌة وباالشتراك مع المخابرات السعودٌة‬
‫نفسها من اجل اذالل العراقٌٌن اٌنما كانوا وصب الوٌالت علٌهم‪ ،‬ولو نجحت المإامرات السابقة لما‬
‫بقً م ّنا احد على قٌد الحٌاة منذ ذلك الزمن‪ .‬فٌالِل وِلالعٌب السٌاسة والسٌاسٌٌن‪.‬‬
‫خرج السادة (زكً وناصر) من السجن بعد حٌن وعادت االمور الى مسارها بٌن الدراسة فً‬
‫المساجد والبٌوت والعبادة والدعاء الى اخر االعمال المعتادة ولكن بعد جهد جهٌد ورعب شدٌد‪.‬‬
‫رفعوا اسمً الى الوفد االمرٌكً ( ‪ )JVA‬ولكن ملفً اعٌد الى مكتب االمم المتحدة مرفوضً ا‪ ،‬فً‬
‫‪ 1995/1/10‬بعد شهرٌن من تقدٌمة وكان هناك امل صؽٌر فً القبول وانتهى فً حٌن ِه‪.‬‬
‫تمض اال اٌام قالبل حتى سمعنا بصفقة سعودٌة ـ عراقٌة‪ ،‬لبٌع وشراء مصابر المساكٌن‬
‫لم ِ‬
‫‪1995/7/3‬م وردتنا اخبار حول عقد صفقة خسة‬ ‫المظلومٌن والمسجونٌن بدون ذنب حٌث فً‬
‫ونذالة عربٌة بٌن الحكومة السعودٌة والحكومة العراقٌة ـ مخابراتٌا ـ على تسلٌم الالجبٌن العراقٌٌن‬
‫الى صدام مقاٌضة كل ( ‪10‬كوٌتٌٌن بـ ‪150‬عراقً) فٌا لها من صفقة خاسرة ورخٌصة ان ٌباع‬
‫العراقً بهذا الثمن البخس‪ ،‬اوردت ذلك الخبر صحٌفة الفرقان الشهرٌة التً كانت تصدر من كندا‬
‫آنذاك فً عد ٍد صادر فً الشهر الخامس من عام ‪1995‬م على ان تقوم السعدوٌة بؤؼراء المساكٌن‬
‫‪301‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بالعودة ‪ ،‬والضؽط علٌهم بالظروؾ القاسٌة من الجهة االخر ‪ ،‬فالظاهر للعٌان هو الرؼبة فً‬
‫العودة‪ ،‬ولكن الوجه الخفً للحقٌقة هو االرهاب والقسوة والعنؾ‪.‬‬

‫قنابل وانفجار في احد البيوت‬


‫‪14‬هـ ـ وهً من‬ ‫نقل شهود عٌان جاءونا من موقع الحدث خبرً ا مفادهُ ان انفجارً ا فً مربع‬
‫مربعات العوابل‪ ،‬فرفحاء مقسمة الى قسمٌن قسم للعوابل وقسم للعزاب وقد حدثت تحت هذا‬
‫العنوان قصص وقصص ال تعد وال تحصى ـ وانه من تدبٌر المخابرات العراقٌة التً دفعت امواال‬
‫طابلة إلثارة الشؽب والتخرٌب فً المعسكر كما وان لالٌادي السعودٌة دور خفً ـ كعادتها ـ فً‬
‫تمرٌر مثل هذ ِه المخططات الخبٌثة‪ ،‬كانت نتاب هذا الحدث جراح خطٌرة‪ ،‬وقد كان ذلك فً‬
‫‪1995/7/3‬م ‪.‬‬
‫وقد ظهر اسمً فً قوابم استدعاء الى المفوضٌة حٌث نجحت فً اجتٌاز االختبار االولً وقدموا‬
‫‪1997/2/5‬م لٌظهر اسمً فً قوابم ِه فً‬ ‫ملفً الى الوفد الكندي الذي جاء بعد اسبوعٌن فً‬
‫‪ ، 97/2/13‬وكانت مقابلتً للوفد الكندي الذي ٌترأسه (فكتور) فً ‪ 2/20‬عند الساعة ‪ 11‬صباحا‬
‫‪ ،‬وجلست فً انتظار الفحص الطبً والسفر الذي كان فً ‪1997/8/28‬م حٌث انتهى عهدي مع‬
‫السعودٌة الى االراضً الكندٌة ولً مع ذلك قصة طوٌلة ‪.‬‬
‫ورد فً كتاب حول مخٌمات الالجبٌن نشرته شبكة العراق للجمٌع كتاب (جمهورٌة رفحاء ‪ ،‬طارق‬
‫حربً ) ‪ ،‬فً الصفحة الخامسة النص التالً ‪:‬‬
‫" كتبت هذه السطور بالتشاور مع شهود اِلحداث‬
‫‪ ..‬وتم للسلطات السعودٌة فً المخٌم ماأرادت‪ ،‬السٌما فً‬
‫الفترة التً أعقبت زٌارة السٌدة أوؼاتا‪ ،‬وتصرٌحها فً اإلعالم‬
‫السعودي بؤنها أُفهمت من قبل السلطات‪ ،‬على نحو أكٌد‬
‫وواضح‪ ،‬بؤن الالجبٌن العراقٌٌن أشقاء للمواطنٌن السعودٌٌن!‪،‬‬
‫وهم (ضٌوؾ) الملك!‪ ،‬والتوجد حوادث فً المخٌم على اإلطالق‪ ،‬بل بالعكس فالالجبون ٌنعمون‬
‫بالراحة والطمؤنٌنة!‪ ،‬و‪..‬و‪..‬و‪..‬‬

‫‪302‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫انقضى شهر واحد فقط على الزٌارة المذكورة‪ ،‬لكن لم ٌتؽٌر شًء سو إطالق (‪ )515‬الجبا‪،‬‬
‫حملتهم أقدارهم إلى الوالٌات المتحدة كمهاجرٌن بعد طول انتظار‪ ،‬وكانت مجامٌع أخر سواهم‪،‬‬
‫تنتظر وفدا من الدولة المذكورة ٌدعى‪(GVA).‬‬
‫إن مهمة هذا الوفد تتلخص فً إعداد مقابالت أولٌة‪ ،‬وتقدٌمها إلى ضباط الهجرة الذٌن ٌشكلون وفدا‬
‫آخر ٌدعى)‪ ، (INS‬وقد جرت العادة أن ٌصل هذا الوفد تالٌا الوفد اِلول‪ ،‬بعد اسبوعٌن أوثالثة‪،‬‬
‫وربما ٌطول اإلنتظار إلى أشهر‪ ،‬فٌشٌع بٌن الالجبٌن المنتظرٌن جوا من القلق والترقب؟!‬
‫كل شًء هادئ بعد المسٌرتٌن السلمٌتٌن اللتٌن نظمهما الجبو اِلرطاوٌة‪ ،‬بالتعاون والتنسٌق مع‬
‫الجبً رفحاء‪ ،‬وتسود المخٌم حالة من االسترخاء التام‪ ،‬بانتظار المزٌد من الوعود التً أطلقها‬
‫مكتب المفوضٌة السامٌة‪ ،‬تلك المتعلقة بزٌادة نسبة إعادة توطٌن الالجبٌن‪.‬‬
‫الحٌاة روتٌنٌة من قماشة سقؾ الخٌمة حتى السوق الكبٌر!‬
‫***‬
‫لكن صباح ٌوم االثنٌن ‪ 1993.3.8‬شاع فً أرجاء المخٌم‪ ،‬أن المفارز السعودٌة الحدودٌة‪ ،‬ألقت‬
‫القبض على عابلة عراقٌة اجتازت الحدود‪ ،‬لإللتحاق بؤحد أبنابها من الجبً رفحاء‪ ،‬فً الحقٌقة فإن‬
‫الجبٌن اثنٌن اِلول ٌدعى عبد اِلمٌر من قضاء سوق الشٌوخ‪ ،‬والثانً ٌدعى أبو زٌنب من مدٌنة‬
‫كربالء‪ ،‬تسلال إلى العراق وعادا بعد فترة قصٌرة بعابلتٌهما إلى المخٌم‪ ،‬لكن سوء الحظ كان لهما‬
‫بالمرصاد‪ ،‬إذ ألقت القبض علٌهم المفارز السعودٌة حول المخٌم‪ ،‬وبعد التحقٌقات فً مكتب‬
‫اإلستخبارات أطلق سراح الرجلٌن‪ ،‬فٌما احتجزت الزوجتان واِلطفال فً مقر القٌادة‪.‬‬
‫عاد الرجالن إلى المخٌم وتشاكا أمر احتجاز العابلتٌن‪ ،‬إلى الالجبٌن فً المضابؾ والحسٌنٌات‪،‬‬
‫وسر خبر اإلحتجاز سرٌان النار فً الهشٌم بٌن الخٌام‪ ،‬فؤحرقت قلوب الالجبٌن صؽارا وكبارا!‬
‫لؽرض استؽالل عواطؾ الالجبٌن ومشاعرهم‪ ،‬وكذلك تحرٌضهم على التجمع بباب المخٌم‪،‬‬
‫لمساعدة العابلتٌن المذكورتٌن إن امكن ذلك‪ ،‬أطلقت بعد صالة الظهر نداءات بمكبرات الصوت من‬
‫إحد الحسٌنٌات ‪.‬‬
‫وكانت العابلتان كالمستجٌر من الرمضاء بالنار‪ ،‬إذ بعد التحقٌق الذي استمر ساعات طوٌلة وتخللته‬
‫اإلهانات‪ ،‬قرر مكتب االستخبارات إعادتهما إلى العراق بتسلٌمهم إلى المخفر الحدودي‪ ،‬منعا –‬
‫حسب ادعاء المكتب – لنزوح عوابل أخر بحجة وجود أبنابهم فً المخٌم!‬

‫‪303‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ازاء حادث كهذا شعر الالجبون بالعار‪ ،‬واشتعلت النخوة فً نفوس الكثٌرٌن فتشكلت مجموعات‬
‫ضؽط‪ ،‬وقامت هذه المجموعات بزٌارة الشٌوخ فً مضابفهم‪ ،‬ومسإولً القواطع فً بٌوتهم‪،‬‬
‫وتدارسوا معهم موضوع احتجاز الزوجتٌن واِلطفال‪ ،‬وحرضوهم وحثوهم على التوسط بما لهم‬
‫من جاه إلطالق سراح الجمٌع‪.‬‬
‫تحمس عدد من الشٌوخ ومثلهم من مسإولً القواطع‪ ،‬وتوسطوا لد مكتب اإلستخبارات‪ ،‬لكن‬
‫اِلخٌر لم ٌعر أذنا مصؽٌة لهإالء‪ ،‬ولم ٌنثن فً نهاٌة اِلمر عن قراره‪ ،‬وقام بإبعاد العابلة وتسلٌمها‬
‫إلى المخفر الحدودي‪.‬‬
‫عصرا اندفع عدد قلٌل من الالجبٌن‪ ،‬وتجمعوا أمام الباب للتفاوض مع قٌادة المخٌم‪ ،‬أو هكذا كانوا‬
‫ٌظنون!‪ ،‬لكن القٌادة المخٌم والمكتب اإلستخبارات والأحد المطاوعة الذي حضر المشهد‪ ،‬اهتموا‬
‫ِلمر هإالء الالجبٌن‪ ،‬وتركوهم ٌرددون شعارات شٌعٌة منها‪ :‬اطلع ٌاالمهدي وص ّفٌ َههْ ‪ ..‬شوؾ‬
‫الشٌعه شصاٌر بٌهه!!‪ ،‬هناك فً باب المخٌم البعٌد نسبٌا عن وسطه لبث الالجبون طوٌال‪ ،‬مرددٌن‬
‫الشعارات تحت حراب الجنود المستوفزٌن‪ ،‬ولما رأ المحتجون أن الأحد ٌهتم ِلمرهم‪ ،‬قرروا‬
‫العودة إلى بٌوتهم فً ساعة متؤخرة من اللٌل‪ ،‬دون أن ٌحصلوا على نتٌجة‪.‬‬
‫الثالثاء ‪3.9‬‬
‫فً صباح الٌوم التالً وجه نداء آخر من إحد الحسٌنٌات‪ ،‬الذي ٌتهم صاحبها بالتعاون مع‬
‫السلطات السعودٌة‪ ،‬ولم تكن توجد توجٌهات لضبط النفس‪ ،‬من قبل موجهً النداء بالتجمع أمام‬
‫الباب‪ ،‬وخالل ساعة تداعى بالفعل الجبون كثٌرون إلى هناك‪ ،‬وكان عدد من الالجبٌن‪ٌ ،‬رتدون‬
‫اِلكفان وقطعا قماشٌة خضراء اللون ٌعصبون بها رإوسهم‪ ،‬كتب علٌها‪ٌ :‬احسٌن ٌاشهٌد كربالء‬
‫‪..‬وٌالثارات الحسٌن!‪ ،‬إضافة إلى ذلك هتفوا بشعارات حول مظلومٌة الشٌعة‪ ،‬حٌث الناصر‬
‫والمعٌن فً الصحراء !‬
‫فً تلك اِلثناء حضر من مقر القٌادة ضابط برتبة نقٌب ٌصحبه أحد المطاوعة‪ ،‬ووقفا أمام الجنود‬
‫تاركٌن مسافة أمتار بٌنهما وبٌن المحتجٌن‪ ،‬فزادت الهتافات واللطم‪ ،‬وكان مشهدا اهتزت له نفسً‬
‫لقربً من الباب حٌنها‪ ،‬وشعرت بؤلم على العراقً‪ ،‬الذي وصلت به اِلمور إلى طلب الحماٌة‬
‫والرحمة فلم ٌجدها‪ ،‬والنجدة من أصحاب القوة والمال فلم ٌُع َطها!‬
‫فً تلك الساعة العصٌبة من عمر المخٌم دبَّ فً نفس النقٌب نداء الحرب الوهابً‪ ،‬فالتفت متوسال‬
‫إلى المطوَّ ع أمر إطالق النار‪ ،‬لكن هذا ترٌث أول اِلمر‪ ،‬ولما اشتدت الهتافات وازدادت حدة‬
‫‪304‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الصرخات‪ ،‬حول مظلومٌة الشٌعة فً الصحراء خاصة‪ ،‬هاجت نفسه ولم ٌصبر على هكذا تحدي‪،‬‬
‫فما كان منه إال أن أعطى أمر إطالق النار على المحتجٌن إلى النقٌب‪ ،‬الذي هتؾ فً الحال‪:‬‬
‫أفلحت ٌاشٌخ! وأطلق النار من مسدسه الشخصً على المحتجٌن‪ ،‬ما شجع الجنود الذٌن كانوا فً‬
‫ُبوب الج َّنه ‪....‬و ٌْ َنكْ‬ ‫حالة استعداد وإنذار‪ ،‬على إطالق النار أٌضا‪ ،‬صارخٌن بهٌستٌرٌة ‪َ :‬هب ْ‬
‫َّت ه َ‬
‫ٌَباؼِ ٌ َه ْه!‬
‫***‬
‫اسفر اطالق النار العشوابً على الالجبٌن المحتجٌن عن سقوط عدد منهم‪ ،‬بٌنما الذ اآلخرون‬
‫بالفرار باتجاه وسط المخٌم وكنت أحدهم‪ ،‬ولم نسلم من رشقات الرصاص فالحقتنا فوق الرإوس‬
‫وبٌن اِلرجل‪ ،‬ماأد إلى جرح عدد منا‪ ،‬وسقوطهم على جانبً الشارع العام‪.‬‬
‫نتٌجة إلطالق النار العشوابً وقع المخٌم فً حالة من البلبلة والؽلٌان‪ ،‬وعم الهلع فً كل مكان‪،‬‬
‫وإندفع الالجبون من سابر أرجاء المخٌم نحو وسطه‪ ،‬وقام أحد الالجبٌن وٌدعى جبار الٌتٌّم‪ ،‬وهو‬
‫شاب فً منتصؾ الثالثٌنات من أهالً مدٌنة الدٌوانٌة‪ ،‬فتشاجر مع أحد الجنود حراس مكتب هٌبة‬
‫اإلؼاثة‪ ،‬محاوال تحت حالة هٌستٌرٌة سلب الجندي بندقٌته دون جدو ‪ ،‬وكان عراك باِلٌدي‬
‫وصٌاح وهٌاج بٌن اإلثنٌن‪ ،‬وفً نهاٌة اِلمر قام الجندي وصوب إلى الٌتٌم بندقٌته‪ ،‬وأطلق ثالث‬
‫رصاصات استقرت فً مإخرة رأسه‪ ،‬حسبما جاء فً تقرٌر منظمة العفو الدولٌة الذي شارك‬
‫موظفوها بمراسم دفن الٌتٌم!‬
‫وتضاعفت أعداد الالجبٌن الذٌن هرعوا إلى مكان الحادث وصاروا آالفا‪ ،‬وحملوا القتٌل فً الحال‬
‫إلى حسٌنٌة قرٌبة للصالة علٌه ومن ثم تشٌٌعه‪.‬‬
‫بعد دقابق من تلك الحادثة لم ٌبق الجا فً خٌمته تقرٌبا‪ ،‬ؼدا النساء واِلطفال‪ ،‬إال وهرع إلى‬
‫وسط المخٌم حٌث وقع الحادث‪ ،‬وٌمكن وصؾ المشهد برمته هكذا ‪ :‬ألوؾ من الالجبٌن ٌطوفون‬
‫بالقتٌل وسط المخٌم أي حول (الكرفانات)‪ ،‬وجمٌعهم ٌهتفون ضد عملٌة القتل‪ ،‬وضد الظلم الذي‬
‫حاق بالعراقٌٌن فً الصحراء‪ ،‬على أٌدي السلطات السعودٌة حسب تعبٌرهم وهتافاتهم‪.‬‬
‫بٌنما كان آالؾ من الالجبٌن ٌطوفون بالقتٌل‪ ،‬حضر قابد المخٌم بسٌارته (نوع الندكروز)‪ ،‬محاطا‬
‫بآلٌات عسكرٌة وجنود ووحدة من قوات الطوارئ‪ ،‬وقؾ القابد على مسافة مناسبة من المشٌعٌن‪،‬‬
‫وأمرهم بمكبرة الصوت بالتفرق وعدم اإلستمرار بالتشٌٌع‪ ،‬لكن الالجبٌن رفضوا اِلمر العسكري‬
‫ولم ٌمتثلوا له‪ ،‬البل إنهم اعتبروا عدم تشٌٌع المٌت ظلما مضاعفا !‬
‫‪305‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وأسرع عدد من الالجبٌن إلى الخٌام القرٌبة وعادوا بؤدوات جارحة وعصً‪ ،‬تحسبا لوقوع المزٌد‬
‫من اإلعتداءات والهجومات من قبل وحدة الطوارئ‪ ،‬التً كان أفرادها مستفزٌن ومتؤهبٌن إلطالق‬
‫النار!‬
‫استمر طواؾ الالجبٌن بالقتٌل طوٌال‪ ،‬مرددٌن الهتافات الحماسٌة وانخرط عدد منهم فً البكاء‪،‬‬
‫معتبرٌن أن ماحدث كان وحشٌا‪ ،‬والٌمكن لقلب مسلم أو عربً أن ٌتحمله‪ ،‬وبٌنما كان الالجبون‬
‫منشؽلٌن بالتشٌٌع والبكاء‪ ،‬خرج الجندي القاتل من بوابة هٌبة اإلؼاثة بحماٌة قوة مسلحة‪ ،‬ملوحا ً‬
‫بوقاحة ببندقٌته تجاه الالجبٌن مستفزا إٌاهم‪ٌ ،‬رٌد بذلك أنه قادر على سفك دماء جدٌدة!!‬
‫ولم ٌتحمل الالجبون تلك اإلهانة فقام عدد منهم ٌقدر ب (‪ )20-25‬الجبا‪ ،‬بصب الزٌت على تلك‬
‫ْ‬
‫فاندلعت فٌها‬ ‫(الكرفانات) وإشعالها‪ ،‬وكانت تلك مصنوعة من الخشب ومواد سرٌعة اإلشتعال‬
‫ْ‬
‫وصعدت ألسنتها وأعمدة من الدخان اِلسود الكثٌؾ إلى السماء‪.‬‬ ‫النٌران‪،‬‬
‫جن جنون قابد المخٌم وقوة الطوارئ‪ ،‬فقاموا بإطالق الرصاص الكثٌؾ على الالجبٌن‪ ،‬مرة ثانٌة‬
‫عشوابٌا‪ ،‬ماأد إلى تفرقهم إلى البٌوت‪ ،‬ركضا وانبطاحا وسقوطا وزحفا على البطن‪ ،‬فجرح من‬
‫جرح وقتل من قتل!‬
‫ْ‬
‫وقامت بإطفاء الحرٌق‪ ،‬ولم ٌتدخل مكتب المفوضٌة والكرٌم‬ ‫ووصلت بعد قلٌل وحدة إطفاء‬
‫اِلتاسً فً تلك اِلحداث‪ ،‬كما لم ٌدخل إلى المخٌم موظؾ من لجنة الصلٌب اِلحمر الدولٌة‪ ،‬فقد‬
‫اختفى الجمٌع عن اِلنظار فً تلك الساعة الحرجة من عمر مخٌم رفحاء!‬
‫***‬
‫بعد االنتهاء من عملٌة إطفاء الحرابق تلقى الالجبون عقوبة جماعٌة!‬
‫ْ‬
‫اقتحمت قوة عسكرٌة مدرعة مسندة بقوات المشاة شوارع المخٌم وتؽلؽلت بٌن الخالٌا‪ ،‬وكانت‬ ‫فقد‬
‫هٌبة الجنود وبنادقهم المشرعة تنذر بحرب شوارع‪ ،‬وفً تقدمهم وانتشارهم لم ٌتوقؾ الجنود‬
‫والشرطة وقوات الطوارئ‪ ،‬عن اطالق المزٌد من رشقات الرصاص العشوابً‪ ،‬بطول المخٌم‬
‫وعرضه‪ ،‬فتم قتل وجرح المزٌد من الالجبٌن بدم بارد‪ ،‬وقامت وحدة خاصة من مكتب‬
‫االستخبارات ‪ ،‬بتصوٌر اِلحداث و(الكرفانات) المشتعلة وعملٌة إطفابها‪ ".‬انتهى النص‬
‫‪http://iraq4all.dk/archive/Book/book.htm‬‬

‫‪306‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫رفحاء المدرسة التي التبيد وال تنسى ذكراها‬


‫لم تكن الحٌاة فً رفحاء فترة ركود (طعام ونوم وهموم) بل كانت مدرسة عظٌمة ٌُقدم فٌها دروس‬
‫فً جمٌع العلوم والفنون ‪ ،‬دورات تعلٌمٌة وتثقٌفٌة جلٌلة القدر منها وبعضها تافهة الى حد االعٌاء‬
‫وصلت الى االلعاب المحرمة والتصرفات الرذٌلة‬
‫الحدٌث عن رفحاء كتارٌخ ؼٌر الحدٌث عنها كمدرسة‪،‬‬
‫فالتارٌخ ٌهتم كعادت ِه بالتحدث عن (متى وكٌؾ ومن ولماذا)‬
‫ولكن المدرسة تزٌد علٌها بـ(ماهً العبرة من ذلك) اي‬
‫قراءة مابٌن سطور الحدث ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وجدت نفسً اندفع الى‬ ‫بعد ان انهٌت دراستً االعدادٌة‬
‫الجوامع والحسٌنٌات ودور العلم لدراسة الفقة والمنطق‬
‫علم‬
‫وعلوم اللؽة ‪ ،‬وما ان انتهً من مرحلة حتى ادخل فً اخر ‪ ،‬من مسجد الى اخر ومن بٌت ٍ‬
‫للشٌخ االستاذ‬ ‫الى اخر‪ ،‬نخرج مع ابتسامة ضٌاء شمس الصباح فهناك درس فً جامع الزهراء‬
‫ابو عبدالمجٌد (حمٌد عبدعلً) فً الفقه والتفقه فً العبادات‪ ،‬ثم الى مسجد االمام الحسٌن حٌث‬
‫دروس المنطق للمظفر مع االستاذ جاسم ‪ ،‬ثم الى دار االخ السٌد عبدالمنعم الحسٌنً فً تفاصٌل‬
‫دروس العبادات‪ ،‬ثم الى حسٌنٌة الزهراء حٌث دروس فً فقه العبادات مع الشٌخ محمدعلً ؼالم‪،‬‬
‫والى حسٌنٌة الشٌخ جواد الكندي حٌث درس من دروس الفقه‪ ،‬ثم درس فً بٌت االخ االستاذ‬
‫عبدالرضا داخل حاشوش فً دروس الفلسفة‪ ،‬ودروس فً المنبر الحسٌنً على ٌد عدد من‬
‫المختصٌن والمحاضرٌن ومنهم الشٌخ عدنان الخرسان (فً كندا حالٌا)‪ ،‬السٌد محمد القصٌر (ذهب‬
‫الى اٌران) اضافة الى العمل على نقل بعض النصوص وتحلٌلها حٌث قمت فً كتابة مخطوط‬
‫(االنساب والعشابر) وهو الزال مخطوطا‪ ،‬كتاب مخطوط اخر تحت عنوان (ان فً الموعظة‬
‫لحكمة) جمعت فٌه ما استطعت من اشعار واقوال ومحاضرات وتحلٌالت حتى صار على شكل‬
‫مجلدات عدٌدة والزال من مخطوطاتً الشخصٌة‪ ،‬مضافا الى اعمال المنزل والعناٌة الشخصٌة‪،‬‬
‫الٌهم ان كان المشً فً طلب العلم بٌن الجوامع والمدارس لنصؾ ساعة او اكثر بٌن المسجدٌن‬
‫فالمهم هو الوصول الى الدرس نصؽً الستاذنا بشؽؾ ونلتهم الدروس التهامًا‪ ،‬وال ننتبه النفسنا اال‬
‫وقد قالت لنا الشمس مع السالمة نلتقً فً صباح الؽد ان شاء ّللا‪ ،‬فنقول المعذرة فلدٌنا دروس‬
‫اخر حتى منتصؾ اللٌل‪ ،‬وفً اللٌل هناك واجبات اخر ودرس اخر انها ساعات قٌام اللٌل‬
‫‪307‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫والدعاء عندما تنطفً االنوار وتختفً االعٌن خلؾ حجبها على وسابد الراحة واالسترخاء‬
‫واالحالم الجمٌلة‪.‬‬
‫لقد ساعدنً المولى الجبار فً دراسة الفقه على ٌد اساتذة كرام وكذا المنطق وما كدت ان انتهً‬
‫منهما حتى دخلت دخلت دورة اصول الفقه فدروس الفقة اصبحت من الماضً ولما انهٌته حاولت‬
‫دخول دروس كفاٌة اصول الفقة عند كبار الشٌوخ ‪ ،‬حٌث ذهبت الى مدرسة الشٌخ الفاضلً‬
‫وعرضت علٌهم الدخول معهم ‪ ،‬قال لً ما انهٌت ‪ ،‬قلت انهٌت دراسة اصول الفقه ‪ ،‬قال ادخل‬
‫معنا فً الجزء الثانً من كفاٌة االصول ‪ ،‬اال ان الشٌخ الفاضلً دخل المستشفى ولم ٌحالفنً الحظ‬
‫فً حضور دروس كفاٌة اصول الفقه والبحث الخارج عنده‪ ،‬وأما دورة الفلسفة اخذنا منها مقدماتها‬
‫ولم ٌحالفنً الوقت فً اكمالها وتخرجت من دورة المنبر النها كانت قصٌرة كل ذلك كان قاعدة‬
‫لدخول مرحلة البحث الخارج‪ ،‬ولكن شاءت االقدار ان تمر سنوات الدراسة وكؤنها سوٌعات واذا‬
‫بً انطلق نحو الطابرة التً اقلتنً على متنها الى كندا فً الوقت الذي (تعمم) من زمالء الدراسه‬
‫ولوال السفر لكنت من حٌنها من الشٌوخ المعممٌن ‪.‬‬
‫لً مع السفر والسعودٌة وضٌاع الحقابب بسبب اخطاء السعودٌة قصة طوٌلة سوؾ اوردها‬
‫تفصٌال ان شاء ّللا‪.‬‬

‫الصالة والدعاء والزيارة لها طعم خاص هناك‬


‫لقد كان للصالة والعبادات االخر فً رفحاء طعم خاص جدا‬
‫وممٌز‪ ،‬فمدرسة العبادة فً رفحاء تؤخذك بعٌ ًدا الى عالم الروح‪،‬‬
‫مدرسة العبادة فً رفحاء الٌشعر بها اال من فقدها‪ .‬لقد قال االمام‬
‫الخمٌنً (قدس) اما ان تكون الصالة صورة الروح فٌها كما‬
‫صورة الجسم الجامد وكؤنها على هٌبة سٌارة واذا نظرت الى‬
‫داخلها تجدها جوفاء الشًء فٌها‪ ،‬او ان تكون روح عالٌة ترتفع‬
‫باالنسان الى مالك ٌسٌر على االرض وتكون بالفعل صلة بٌن‬
‫ُ‬
‫علمت‬ ‫العبد وربه وانقطاع روحانً‪ ،‬عندما قرأت بعض من كتابه ‪ ,‬سر الصالة وصالة العارفٌن ‪,‬‬
‫اننا كنا فً بحرها فً رفحاء ؼارقٌن دون ان نعلم‪ ،‬نعم فؤن روح الصالة عرفناها قبل ان نقرأ هذا‬
‫الكتاب عندما كنا نقؾ بٌن ٌدي المولى الكرٌم والدموع تجري على الخدٌن من تلقاء نفسها او‬
‫‪308‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عندما ندخل فً ساعات دعاء كمٌل وذلك الصوت الروحانً الذي ٌجذب النفوس وٌسٌطر علٌها‬
‫(حاج سامً) وهو ٌقرأ دعاء كمٌل فتمٌل الٌه الروح وتنسى انها تسكن فً ذلك الجسد الطٌنً‬
‫وتذوب فً عالم الدعاء وذلك الصوت فتسٌل الدموع انهارا تجرؾ كل الذنوب والخطاٌا وتؽسل‬
‫القلوب الوالهة للعبادة‪ .‬كٌؾ ال تذوب تلك الروح المتلهفة وهً تسمع دعاء ابً حمزة الثمالً‬
‫ْك ُم ْش َر َع ًة‪َ ،‬و َمنا ِه َل الرَّ ِ‬
‫جاء ِالٌَ َ‬
‫ْك‬ ‫ب ِالٌَ َ‬ ‫بصوت الشٌخ باقر المقدسً " اَللّـ ُه َّم ِا ّنً اَ ِج ُد ُس ُب َل ْال َمطالِ ِ‬
‫وح ًة‪َ ،‬واَعْ لَ ُم اَ َّن َ‬
‫ك‬ ‫خٌن َم ْف ُت َ‬
‫ّار َ‬‫ك لِلص ِ‬ ‫ُباح ًة‪َ ،‬واَب َ‬
‫ْواب الدُّعا ِء ِالَ ٌْ َ‬ ‫كم َ‬ ‫ك لِ َمنْ اَ َّملَ َ‬ ‫ُم ْت َر َع ًة‪َ ،‬وا ْ‬
‫ال ِ سْ تِعا َن َة ِب َفضْ لِ َ‬
‫ك َوالرِّ ضا ِب َقضاب َ‬
‫ِك‬ ‫ص ِد اِؼا َثة‪َ ،‬واَنَّ فًِ اللَّ ْهؾِ اِلى جُو ِد َ‬ ‫ُوفٌن ِب َمرْ َ‬‫لِلرّ اجًن ِب َم ْوضِ ِع اِجا َبة‪َ ،‬ول ِْل َم ْله َ‬
‫ْك َقرٌبُ ْال َمسا َفةِ‪،‬‬ ‫ِرٌن‪َ ،‬واَنَّ الِرا ِح َل ِالٌَ َ‬‫وح ًة َعمّا فً اٌَْدي ْالمُسْ َتؤث َ‬ ‫ِخلٌن‪َ ،‬و َم ْن ُد َ‬‫عِ َوضا ً ِمنْ َم ْن ِع ْالبا َ‬
‫ْك ِب َطلِ َبتً‪َ ،‬و َت َوجَّ ه ُ‬
‫ْت‬ ‫ت ِالٌَ َ‬‫ص ْد ُ‬
‫ك‪َ ،‬و َق ْد َق َ‬ ‫ك إال ّ اَنْ َتحْ ُج َب ُه ُم ا ْ‬
‫ال َ عما ُل ُدو َن َ‬ ‫ك ال َتحْ َت ِجبُ َعنْ َخ ْل ِق َ‬‫َواَ َّن َ‬
‫ك ِم ّنً‪َ ،‬والَ‬ ‫ك اسْ تِؽا َثتً‪َ ،‬و ِب ُدعا ِب َ‬
‫ك َت َوسُّلً ِمنْ َؼٌ ِْر ِاسْ ِتحْ قاق الِسْ تِماعِ َ‬ ‫حاجتً‪َ ،‬و َج َع ْل ُ‬
‫ت ِب َ‬ ‫ِالٌَ َ‬
‫ْك ِب َ‬
‫ٌمان ِب َت ْوحٌ ِد َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ال ِ‬ ‫ك‪َ ،‬ولَ َجابً ِالَى ا ْ‬
‫ك‪َ ،‬و ُس ُكونً اِلى صِ ْد ِق َوعْ ِد َ‬ ‫اسْ تٌجاب لِ َع ْف ِو َ‬
‫ك َع ّنً‪َ ،‬ب ْل لِ ِث َقتً ِب َك َر ِم َ‬
‫ك‪ ،‬اَللّـ ُه َّم اَ ْنتَ ْالقا ِب ُل‬
‫ك لَ َ‬ ‫ك‪َ ،‬وال اِلـ َه إال ّ اَ ْنتَ َوحْ د َ‬
‫َك ال َشرٌ َ‬ ‫ك ِم ّنً اَنْ ال َربَّ لً َؼ ٌْ ُر َ‬
‫َو ٌَقٌنً ِب َمعْ ِر َف ِت َ‬
‫ك صِ ْد ٌق ( َواسْ ؤَلوُ ّللاَ ِمنْ َفضْ لِ ِه ‪ .....‬نص الدعاء فً اخر الكتاب مع الوثابق ‪.‬‬ ‫ك َح ٌّق‪َ ،‬و َوعْ ُد َ‬ ‫َو َق ْول ُ َ‬
‫نعم عندما نتطفًء االنوار اال نور الدعاء وتخفت كل االصوات اال صوت الروح وهمساتها‬
‫وتهرب كل الشٌاطٌن إذ المكان لها فً حضرة القداسة وموضع تحفه المالبكة وتملإهُ االرواح‬
‫المتشوقة الى النقاء والعلٌاء واالرتقاء ‪.‬‬
‫الهً لٌس لً سو قرعً لبابك حٌلة ‪ ..‬ترفتع االرواح عن اجسادها لتطوؾ حول الكون الفسٌح‬
‫وهً تزور سٌد شباب اهل الجنة سٌد الشهداء ابا عبدّللا الحسٌن (ع) بزٌارة عاشوراء ‪ ،‬فعاشوراء‬
‫الحسٌن فً رفحاء له طعم خاص جدا‪ ،‬مدرسة رفحاء الروحٌة مدرسة العطاء الذي ٌرتفع الى‬
‫مستو المعجزات والكرامات العظٌمة ‪.‬‬
‫ت من الخيام‬
‫الكرامات والعجائب في بيو ٍ‬
‫رواٌات الكرامات والعجابب ال ٌمكن احصاءها ولكن احاول ان اورد بعض منها فإن كنت قد‬
‫نسٌت ماسمعت ُه فال ٌمكن ان انسى تلك الصور العظٌمة‪ ،‬عندما شاهدت صورة احد االخوة وهو‬
‫ٌقرأ القرآن وقد انطفؤت الكهرباء وهو الٌزال ٌقرأ سمعه من ٌسكن مع ُه فقال ربما كان ٌقرأ على‬
‫شمعة ولكنه عندما دخل علٌه رجع لٌؤخذ الة التصوٌر وٌلتقط له صورة دون ان ٌشعر بها‬
‫القاريء‪ ،‬واذا به ٌر النور ٌخرج من بٌن صفحات القرآن على وجه القاريء وهو ٌقرأ على ذلك‬
‫‪309‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫النور‪ ،‬انه نور القرآن ولٌس ؼٌره‪ ،‬عندها انتبه الى اخٌه وهو ٌلتقط له صورة ثانٌة‪ ،‬واتشرت هذ ِه‬
‫الصورة بالمعسكر‪ ،‬ومع االسؾ بل شدٌد االسؾ لم استطع ان امتلك تلك الصورة الن الوقت كان‬
‫قد انتهى وسافرت‪.‬‬
‫صورة اخر التقل عجبا عنها عندما هبّت رٌح زعزع عاصفة قاصفة تقتلع البٌوت الثابتة من‬
‫جذورها اقتربت الى المخٌم فظن الناس انهم بها هالكون المحالة وانها النهاٌة‪ ،‬فترك الحرّ اس‬
‫نقاطهم ولجؤوا الى مالجًء تحت االرض‪ ،‬وزاد فزعهم ورعبهم عندما شاهدوا احد خزانات الماء‬
‫الكبٌرة الذي التمأله شاحنة او شاحنتان كبٌرة من الماء (ترٌله) شاهدوه والرٌاح تقلعه من جذوره‬
‫وقواعده لٌطٌر فً الهواء لتقذفه الرٌاح على بعد اكثر من مبة متر وكؤنه ورقة فً الهواء‪ ،‬هنا وقع‬
‫الرعب واي رعب والٌدرون ماٌفعلون وهم ٌشاهدون الرٌاح العاتٌة التً تتجه نحو مخٌم بٌوته‬
‫مجموعة من الخٌام القدٌمة مصنوعة من قماش اذا مسته الرٌح ّ‬
‫تمزق‪ ،‬شاهدوا الرٌاح العاتٌة وهً‬
‫تنشق الى نصفٌن ٌمٌنا وشماال لتمر على المعسكر وتلتحم فً الطرؾ الثانً تاركة المخٌم واهله‬
‫بسالم وامان‪ ،‬وزادت دهشتهم عندما شاهدونا نسٌر فً طرقاتها آمنٌن وكؤن شٌبا لم ٌكن‪.‬‬
‫ولطبٌعة الجو داخل المخٌم دهشة عاتٌة ضاربة عند الحراسات السعودٌة بل حتى قادتهم‪ ،‬فهم‬
‫ٌهربون من الحر الشدٌد خارج المخٌم الى داخل المخٌم لالستمتاع بالجو اللطٌؾ فٌه‪ ،‬والخط‬
‫الفاصل بٌن حرار ٍة تنفج ُر لها اطارات السٌارات وداخل المعسكر هو سٌاج من اسالك شابكة‬
‫وشباك من الحدٌد‪ ،‬فلو ترك االمرعلى طبٌعته لما كان هناك فارق‪ ،‬لكنه التدخل االلهً‪ ،‬صحراء‬
‫قاحلة حارقة فً داخلها مربع صؽٌر ذا جو لطٌؾ ومتمٌز‪ .‬انه االعجاز االلهً وكرامات‬
‫المساكٌن‪ ،‬حتى صرّح احد ضباط الحراسات بذلك االعجاب وقال البد ان تكون هذ ِه الناس‬
‫المسجونه فً هذا السجن الكبٌر على حق ونحن على باطل‪.‬‬
‫بل وزاد على ذلك احد سواق شاحنات الماء (تانكر) قرر ان الٌؤتً للمخٌم بالماء وذهب الى اهله‬
‫فً المدٌنة التً ٌسكن بها‪ ،‬عاد الى المخٌم مسرعا وهو ٌخبر بقصته‪ ،‬التً مخلصها ان ا ّم ُه وبخت ُه‬
‫بقولها ان هإالء كفار وكذا وكذا فكٌؾ تذهب لهم بالماء وتساعدهم على الحٌاة عندما اخبرها بؤنه‬
‫ٌحمل الماء الى الشٌعة فً المخٌم‪ ،‬ولكنه ذ ِه َل عندما قدمت الٌه مرعوبة خابفة ترتجؾ وتقول‬
‫اذهب لهم االن واوصل لهم الماء فقد شاهدت فً عالم الرإٌا ماٌدل على ان لهإالء مكانة ومنزلة‬
‫خاصة عند ّللا والقصة طوٌلة اوردت منها ما ٌدل داللة قاطعة على ان هناك جانب من الحماٌة‬
‫الؽٌبٌة والتدخل االلهً لحماٌة هإالء المساكٌن القاطنٌن فً صحراء وتحت رحمة رمالها الحارقة‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ، June 30 2008‬بقوله "‬ ‫وقد رو لً االخ الحاضر طرؾ من هذ ِه الرواٌة فً نفس اللقاء‬
‫موالي بٌس مان القصة كالتالً‪:‬‬
‫"سؤبق ٌؤتً بتنكر ماء للمعسكر وهو من اشد الحاقدٌن على هذ ِه الجموع الشٌعٌة‪ٌ ،‬قول (انا ما احب‬
‫ان اجلب لكم الماء وامً تقول ال تذهب لهم‪ ،‬كٌؾ تذهب الى هإالء الكفرة‪ ،‬كنت نابما وجاءتنً‬
‫فاطمة الزهراء وقالت لً لماذا ال تذهب لهإالء وتعطٌهم ماء‪ ،‬قلت لها السبب من امً‪ ،‬وسكتت‬
‫ولم تكلمنً وذهبت‪ .‬وفً الٌوم التالً جاءت امً مرعوبه ‪ ،‬قلت مابك ٌا امً ماذا حدث‪ ،‬قالت لً‬
‫جاءتنً مرأة فً المنان بهذ ِه الهٌبة‪ ،‬وقالت لً لماذا تمنعٌن ابنك من نقل الماء لهإالء الناس‪ ،‬قلت‬
‫لها انا اٌضا ربٌتها وقالت لً انا فاطمة الزهراء)‬
‫جاءنا ٌبكً وٌقول هذا الماء مجانا لن اخذ علٌه ماال ‪ ،‬انا متبرع كل ثالثة دروب ـ درب ٌعنً كل‬
‫مرة اجلب بها الماء ‪ ،‬حمولة ـ واحدة مجانٌة تبرعا منً من اجل فاطمة الزهراء ‪ .‬تصور موالي‬
‫بٌس مان ‪ ،‬كم كانت هناك رحمة من محمد وآل محمد صلوات ّللا علٌهم تحٌط بنا‪ 15000 ،‬نسمة‬
‫كانوا تحت رحمة الصحراء هذ ِه من دون االرطاوٌة التً جاءت بعد ذلك الن العدد زاد عندما‬
‫جاءوا من االرطاوٌة "‪.‬‬
‫ومن القصص العجٌبة التً شاهدتها انا هً جفاؾ اآلبار التً كانت تزودنا بالماء حتى خرج قاع‬
‫الببر بماء كبرٌتٌة ولٌس ماءًا عادٌا‪ ،‬وشاهدتهم ٌحفرون الببر بالحفار لزٌادة عمقة دون فابدة‪،‬‬
‫وحاولوا اٌصال الماء عن طرٌق سٌارات شحن الماء (تنكرات) اال إن االطارات لم تستطع تحمل‬
‫حرارة الطرٌق فؤنفجرت بسببها وتوقفت فً الطرٌق‪ ،‬االتصاالت بٌن المسإولٌن على المخٌم‬
‫والحكومة السعودٌة تقول بؤن المعسكر كله سٌموت من العطش ورداءة الماء اذا لم ٌتم انقاذ‬
‫ولٌال حتى نفذ الماء‬
‫ٍ‬ ‫الموقؾ من قبل حكومة الرٌاض‪ ،‬التً حاولت بدورها ولم تتمكن وبقٌنا اٌام‬
‫تماما‪ ،‬وهنا تدخل االعجاز االلهً‪ ،‬فمرت الرٌاح على البحر االحمر لتحمل الماء عبر الصحراء‬
‫الطوٌلة التً تزٌد على االلؾ كٌلو متر وال تسقط من ماءها قطرة وعند وصولها الى المخٌم‬
‫ودخلت فٌه انزلت السماء ماءًا منهمر لم تمتلًء اآلبار فحسب بل اؼرقت المعسكر بالماء‪ ،‬فشاع‬
‫الخبر وعلم الشاهد والؽابب ان االحداث التً جرت هو امر اعجازي وامر الهً وؼٌبً وكرامة‬
‫من كرامات هإالء المساكٌن‪.‬‬
‫لم ٌقؾ عند هذا الحد بل تجاوزه الى ابعد من ذلك‪ ،‬فمن المعروؾ عن الخمٌة انها مصنوعة من‬
‫مادة تشتعل بسرعة البانزٌن اذا مستها شرارة النار‪ ،‬والن الخٌام كانت قدٌمة فقد كنا نرمً علٌها‬
‫‪311‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫زٌت اسود كً نحافظ علٌها من التلؾ بالماء وحرارة الصحراء‪ ،‬فقد اصبحت خٌوطها ؼٌر قادرة‬
‫على ابعاد الماء عن من ٌسكن تحتها‪ .‬ونحمٌها من التلؾ اٌضا بسبب الظروؾ الطبٌعٌة‪ ،‬ولكن‬
‫الحادث هذ ِه المرة قام به بعض المجرمٌن بمحاولة احراق بعض الخٌام ومنها مسجد الزهراء‬
‫ومسجد البصرة الكبٌر والذي حدثت فٌه هذ ِه القصة حٌث كان خدام المسجد نٌام تحت هواء‬
‫المبردات فً منتصؾ النهار الصٌفً الحار فشعر احدهم برابحة شٌا ما ٌحترق فخرج على الفور‬
‫ٌبحث عن مصدر الرابحة فوجد النار تشتعل فً اطراؾ خٌمة من خٌام الجامع فناد وركض الى‬
‫الماء الطفاءها فاستطاعوا اطفاءها بسرعة دون ان تؤخذ من الخٌمة اال شبرا او اشبارا‪ ،‬وعندما‬
‫تذكرت القصة امام احد اصدقابً فً كندا ـ كان ٌسكن معً فً الشقة ـ قال كنت احد خدام المسجد‬
‫حٌنها وان الذي قام مسر ًعا كان اثقل الناس نومًا فلٌس من عادته االستٌقاظ اال بشق االنفس‬
‫والعجٌب فً االمر لٌس هذا وانما العجٌب هو ان النار لم تستطع احراق تلك الخٌام رؼم انها دامت‬
‫وقتـًا طوٌال بالقٌاس الى التهاب خٌمة قدٌمة مؽطات بمواد سرٌعة االشتعال اذا المستها شرارة من‬
‫النار وكؤنها طبق من البانزٌن‪ ،‬ونفس الحدث حدث مع جوامع اخر فً تلك الفترة‪ ،‬وما هذ ِه‬
‫الجرٌمة اال جزء من مخططات اجرامٌة الٌسعنا المجال للتطرق الٌها اال بع ً‬
‫ضا منها فً مجلدات‬
‫هذا الكتاب ـ السنوات العجاؾ ‪.‬‬

‫لقاء الوفد الكندذ ورحلة ترك البالد الناطقة بالعربية وعبور‬


‫المحيطات‬
‫‪1997/2/5‬م ظهر اسمً فً قوابم استدعاء لالختبار فً المفوضٌة‬
‫وكانت النتٌجة جٌد جدا فتم حجز ملفً الى مقابلة الوفد الكندي الذي‬
‫)‪ (form‬مقابلة الوفد الكندي‬ ‫سٌؤتً بعد اسبوعٌن ‪ 1997/2/13‬ظهر اسمً فً قوابم امالء‬
‫واحضار صورتٌن الذي سٌؤتً قرٌبا ‪ 1997/2/17 ،‬تؤجل امالء (الملؾ) الى ٌوم االثٌن حٌث‬
‫الموعد الساعة التاسعة ‪ 2/ 17‬الذي تم فعال ظهور اسماءنا لمقابلة الوفد الكندي عند الساعة الثامنة‬
‫وجواب كانت‬ ‫صباح ٌوم الخمٌس ‪ 1997/2/20‬فكانت عند الساعة الحادٌة عشر وبعد سإال‬
‫الموافقة وانتظار الفحص الطبً وموعد السفر الى كندا حٌث كان رقم الملؾ( ‪.)29470011‬‬

‫‪312‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 1997/2/25‬ظهر اعالن ملخص ُه ان ُه ‪ :‬ال حجز إال للوفد االمرٌكً ومن رفض امرٌكا فال فرصه‬
‫له لمقابلة اي وفد‪ٌ ،‬عنً عدم مجٌبه بعد ذلك وترفع المفوضٌة ٌدها عن الرافض اذ ال وفود قادمة‬
‫والمقابالت بعد هذ ِه السنة ‪ ....‬كما جاء فٌ ِه اٌضا ‪:‬‬
‫الفقرة ‪6‬ـ اذا استمر رفض ‪ ....... ....‬فستضطر المفوضٌة الى اقفال مكاتبها فً مخٌم رفحاء‬
‫وسيتحمل‬ ‫ٌرفض (مقابلة الوفد االمرٌكً) بؤنه رافض السفر‬ ‫‪7‬ـ ستعمل وثابق ومستندات لمن‬
‫مسإلٌة نفسة‬
‫‪11‬ـ سنة ‪ 1997‬ستكون اخر سنة لدخول الوفد الى المخٌم وبعدها لن تدخال الوفود ابداً‬
‫‪15‬ـ لم ٌبق امل بشؤن البقاء فً السعودٌة ‪.....‬‬
‫توقٌع امراء المربعات‬
‫فً ‪1997/2/25‬‬
‫*****‬
‫ال‬ ‫وقد اشار االعالن ان الباقٌن بال فرصة هم الؾ شخص والمرفوضٌن على الوفد االمرٌكً‬
‫ٌدخلوها ابدا والمرفوض من )‪ (JVA‬سٌعاد النظر فً شؤن ِه من قبل المفوضٌة بعد اكمال اجراءات‬
‫‪ ،،‬ماذا ٌعنً ؼٌر خطر على‬ ‫ال بقاء ‪ ,,.‬ال مفوضية في المخيم‬ ‫عامة وعلى هذا ‪ ،،‬ال وفود‬
‫الباقٌن بال حماٌة اال رحمة ّللا والصحراء الممٌتة والرافض ٌتحمل مسإلٌة نفسه ؟؟؟؟!!!!!‬
‫لقد نزل هذا االعالن على اللوحة اوراقا بٌضاء ولكن على قلوب الكثٌر من المساكٌن نٌرانا حارقة‬
‫مشتعلة تحترق فٌها جمٌع االحالم التً تم بناءها خالل فترة المقابالت وعلى هذا االساس جمع‬
‫بعض الناس افكاره وسطـّر على الورق مالحظاته معلنا استسالمه للقدر ‪ ،‬فؤما ان ٌكون ممن َسعُدَ‬
‫حظ ُه فً وفد من الوفود للسفر او انه ٍ‬
‫باق مع من خان بهم الزمن وسقط فً احضان الصحراء الى‬
‫االبد ‪.‬‬
‫لم ٌكن هذا االعالن اال انذار(اما الرحٌل او االقامة فً العذاب المهٌن) وربما رفض البعض‬
‫تصدٌق الخبر او قال ان للزمن جوالت وتحوالت لعل ّللا ٌجعل بعد ذلك امرا ‪.‬‬
‫ولكن بقً االمر على جفاف ِه فكلمة ( الوفود البقاء المفوضية في المخيم الحماية ) تعنً ان‬
‫تترك هذ ِه الجموع المكونة من آالؾ البشر فً الصحراء تؤكلها الوحوش او تدركها رحمة ّللا‬
‫قضٌة فٌها وقفة لِل وللتارٌخ ‪ ،‬فاالمر لرافض السفر ‪ ،‬اختٌارهُ وٌتحمل تبعاته ‪ ،‬ولكن االمر بالنسبة‬
‫للمرفوض ٌختلؾ تماما‪ ،‬فهو راؼب فً السفر وقابل الوفود ولكن لم ٌحالفه الحظ فً السفر‪ ،‬فهذا‬
‫‪313‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االعالن ٌعنً قتل ُه فً الصحراء قتال بطٌبا ‪ ،‬والذي ٌعٌش فً الصحراء ٌعلم جٌدا اكثر من ؼٌره‬
‫كم هً قاسٌة على اهلها ‪ ،‬فكٌؾ من كان دخٌال علٌها مسجونا فً اقفاصها ‪ ،‬وفً كل االحوال‬
‫شاءت االقدار ان اترك خلفً فً هذ ِه الصحراء ماٌقارب اِللفٌن من المساكٌن او ٌزٌد ‪ ،‬وأتت‬
‫ساعة الخالص والرحٌل ولً معها قصة طوٌلة‪.‬‬
‫‪ 380‬مسكٌن والحضور وبعد‬ ‫‪ٌ 1997/3/18‬وم الفحص الطبً للمسافرٌن الى كندا وعددهم‬
‫تؤجٌالت ومتاعب سعودٌة كالعادة تم الفحص الطبً فً ٌوم الثالثاء ‪ 3/11‬وفً ‪ 3 / 18‬محاضرة‬
‫عامة وشروحات كانت عند العاشرة صباحا‬

‫=========‬
‫وبدأت الرحلة الى كندا‬
‫على شكل وجبات سفر بعدد رحالت تجارٌة ‪ ..‬حٌث كان العدد الكلً‬
‫‪ 400‬تم تقسٌمها على‪:‬‬

‫التارٌخ‬ ‫عدد المسافرٌن‬ ‫الرحلة‬


‫‪97/2 / 2‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪97/5/19‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪97/5/25‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪97/6/15‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪97/6/21‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪5‬‬
‫ُ‬
‫بدأت باالعداد‬ ‫واخر تنتظر الجدول لشهر تموز فٌما استمرت مقابالت وفحوصات وهنا‬
‫واالستعداد للسفر وجمعت المتاع ـ ‪ ، 1997/7/4‬فً ٌوم االثنٌن ‪ 97/7/14‬ظهرت قوابم السفر‬
‫الى كندا وكان تسلسلً الثالث اي الحضور للفحص النهابً فً ‪ 7/15‬من ثم السفر ٌوم ‪ 7/28‬تم‬
‫فً صباح‬ ‫اكمال االجراءات االولٌة وط لب منا احضار ‪ 4‬صور مصحوبة باالسم ورقم الملؾ‬
‫مع‬ ‫االربعاء ‪ .‬و فً الصباح ذهبنا الستالم اوراق التعهدات وبراءة الذمة وقد وقعنا لد االؼاثة‬
‫انهاء القضاٌا‬ ‫بعض الصعوبات المتوقة من السعودٌٌن كالعادة وخلق بعض المتاعب المهم تم‬

‫‪314‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الوهمٌة العالقة وانما هً ضؽوط وممارسات سعودٌة عفا عنها الزمن لكن االمر كون الذٌن نتعامل‬
‫معهم حمقى ‪ ،‬ال ‪ ،‬بل حمٌر ‪ ،‬ال‪ٌ ،‬كفً انه ُ سعودي فعال‪.‬‬
‫كان ذلك فً ‪ 7/20‬بعد جهد جهٌد وذهاب وعودة وتحت حرقة شمس السعودٌة الحارة واسبوع من‬
‫المتاعب تم حل المشله التً ال اصل لها اال فً راس (االخو !!!! ) وتحت درجة حرارة تصل الى‬
‫‪ 45‬درجة مبوٌة تحت الشمس الحارة تم استالم اوراق براءة الذمة‪ ،‬والى شحن حقابب السفر ٌوم‬
‫السبت ‪ 7/26‬على ان ٌكون السفر ٌوم االحد عند الساعة الثامنة صباحا والى مطار الظهران وكان‬
‫معنا سفرتان الى استرالٌا والى النروٌ هذا مختصر من ما كتبت ُه فً ‪97/7/25‬‬
‫وكان لقاء‬
‫تم السفر فً ٌوم ‪ 1997/7/27‬من رفحاء الى مطار رفحاء الى مطار الظهران الى مطار هٌثروا‬
‫ال تكاد تحملها االوراق‪ ،‬معاناة السفر فً‬ ‫ـ لندن ‪ ،،‬ثم الى كندا حٌث الحرٌة قصة طوٌـــــــــلة‬
‫السعودٌة وراحة السفر الى كندا كمن خرج من النار بعد العفو االلهً الى الجنة بكفالة !!! انتهى‬
‫عهد البالد الناطقة بالعربٌة ( اقصد الجحٌم العربً) الى صفحات جدٌدة فً بالد الؽربة واالؼتراب‬
‫والموت البطًء وحٌدا ولكن بهدوء‬
‫‪--------------‬‬
‫مقتطفات من صفحات االؼتراب السويلماني‬
‫مراجعة تؤريخية للفترة من لحظة السفر من السعودية‬
‫الى لحظات الدخول الى كندا‬
‫لم ٌكن من العجب العجاب ان ٌهاجر االنسان من وطن الى وطن ‪ ،‬فلٌس لالنسان اال وطن واحد‬
‫ٌستقر به هو ذلك الوطن الذي ٌبقى فٌه الى االبد والذي ٌؽادر الٌه مجبرا شاء ذلك ام رفض ‪ ،‬ولن‬
‫ٌنفع ُه فً ذلك المكان اال ما كان قد اعد له من عمل صالح‪ ،‬ولٌس مقام الحدٌث عن ُه االن‪ ،‬انما‬
‫تلمٌح الى اننا على رحٌل مستمر كبشر‪ ،‬ولكن ان ٌعٌش االنسان وحٌدا وفً دار االؼتراب‪ ،‬امر ال‬
‫ٌمكن ان ٌحتمل ولو حرص االنسان على تحمله مكرها ً ‪.‬‬
‫واصلنا الحدٌث حول السعودٌة وما جر فٌها ودخلنا مرحلة الطٌران الى كندا ‪.‬‬
‫لم ٌكن الطٌران باالمر الهٌن على شخص مرٌض ولكن امر ال بد منه‬
‫كنت قد ذكرت فً ماكتبت ُه فً ‪ 1997/7 /20‬الساعة ‪ 7:47‬مساءا اننا عشنا تحت ضؽط نفسً‬
‫قاتل وجاء الحل عصر ٌوم ‪ 21‬بعد عمل تعهدات من قبل احد ساكنً الدار ووقع التعهد ابن عمً ـ‬
‫‪315‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مهدي جبار عباس الصٌمري على استالم المواد المتبقٌة خلفنا النه لم ٌحن سفره بعد ـ عند الساعة‬
‫التاسعة مساءا ‪.‬‬
‫وفً صباح االربعاء استلمت براءة الذمة من ضابط االرتباط فسلمّنا ورقة الى االؼاثة بعد انتظار‬
‫ساعة عند الباب وتحت اشعة شمس السعودٌة الحارقة ورمل صحراءها حٌث وصلت درجة‬
‫الحرارة الى اكثر من ‪ 50‬درجة مبوٌة‪ ،‬كان الخمٌس وكانت االسماء على لوحة االعالنات حٌث‬
‫شحن الحقابب الساعة الثالثة مساء ٌوم السبت السادس والعشرٌن من تموز والسفر سوؾ ٌكون ٌوم‬
‫االحد عند الساعة الثامنة صباحا‪ ،‬بإتجاه مطار الظهران وهناك معنا سفرتان الى استرالٌا‬
‫والنروٌ ‪ ،‬واالٌادي على القلب ‪.‬‬
‫ال الصحراء ولوعة‬ ‫وكان موعد السفر وحضرنا والتفتٌش فً انتظارنا حرارة الشمس ورم‬
‫االنتظار والمرض الذي انا فٌه ‪ ،‬صعدنا الباصات (سٌارات النقل الطوٌلة) عند الساعة التاسعة‬
‫والنصؾ ‪.‬‬
‫انطلقت بنا سٌارات السفر فً ٌوم ‪ 1997/7/27‬الساعة ‪ 10:00‬صباحا‪ ،‬من رفحاء الى مطار‬
‫رفحاء الى مطار الظهران الى مطار هٌثروا ـ لندن ‪ ،،‬ثم الى كندا حٌث الحرٌة قصة طوٌـــــــــلة‬
‫ولكن كانت مشوقة وهذ ِه تفاصيلها والتي كنت اكتبها في دقائق لحظاتها على ورقة كنت احملها‬
‫معي طوال الرحلة‬
‫‪5‬‬ ‫الساعة ‪ 10:00‬االنطالق‪ ،‬تحرك الرتل بإتجاه البوابة الربٌسٌة للمجمع العام وصلناه خالل‬
‫دقابق بإتجاه رفحاء التً تبعد ‪ 20‬كٌلومترا من المعسكر‪ ،‬حٌث تقاطع طرٌق رفحاء وحفر الباطن‬
‫عند الساعة العاشرة والثلث وصلنا المطار حٌث قاعة المطار عند الساعة ‪ 10:40‬دقٌقة‪ ،‬انتظار‬
‫فً صالة المؽادرة حتى ‪ 12:25‬ظهرا ً‪ .‬وفً قاعة االنتظار لصعود الطائرة من الساعة ‪12:25‬‬
‫الى الساعة الواحدة‪ ،‬صرنا على متن الطابرة بعد الواحدة بخمس دقابق ـ الطابرة من نوع بوٌنػ‬
‫‪ 737‬بإتجاه الظهران ‪.‬‬
‫كان االقالع عند الساعة ‪ 1:14‬دقٌقة‬
‫عند الساعة ‪ 2:24‬كنا فوق مٌاه الخلٌ العربً على مقربة من مطار الظهران ‪،‬ثم على ارض‬
‫المطار عند تمام الساعة الثالثة‪.‬‬
‫كنت فٌها فً حالة صحٌة متردٌة للؽاٌة وعلى وشك التقٌإ بٌن اللحظة والثانٌة وقد اعاننً ّللا‬
‫وبعض االخوة على الصبر والتحمل ‪ .‬وقد وضعونا بعد نقلنا بالباصات الصفراء التابعة للمطار الى‬
‫‪316‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫قاعة الالنتظار وكانت القاعات كبٌرة وعلٌها حراسات سعودٌة من الشرطة والجٌش السعودي‬
‫مدججٌن بالسالح‪ ،‬ادخلوا جماعة استرالٌا فً قاعة واؼلقوا االبواب علٌهم وكؤنها سجن‪ ،‬واخذونا‬
‫وقد شدد وا الحراسات وكؤنما هً نقلة لمجموعة من المجرمٌن المقادٌن الى ساحات‬ ‫لألخر‬
‫االعدام ـ المنتشرة طبعا فً العالم العربً ـ تحت حراسة الشرطة ومكافحة االجرام واالمن‬
‫والمخابرات السعودٌة ‪.‬‬
‫بقٌنا فً هذ ِه القاعة من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى منتصؾ اللٌل حٌث جلبوا لنا العشاء بعد‬
‫جوع ٌمزق االمعاء وٌثقل الكاهل عند الساعة التاسعة مساءا اذ لم نذق الطعام منذ الصباح ‪.‬‬
‫مرت الساعات ثقٌلة وكؤنها سنٌن حتى جاءت الساعة التً جاءت مجموعة من عمال المطار‬
‫واخذوا جميع الحقائب الصؽيرة منها والكبيرة فً عربات المطار الى طابرة الندري ماهً والى‬
‫اٌن تتجه حتى جاءت اخبارها بعد حٌن ‪ ..‬فعند الساعة الحادٌة عشر جاء مسإول الرحالت التابع‬
‫ُحزن الصدٌق وٌُشمِت بنا االعداء‪ ..‬حث قال ان االؼبٌاء‬
‫لالمم المتحدة لٌحمل لنا ما ٌ ّجرح وٌإلم وٌ ِ‬
‫حملوا جمٌع الحقابب الى استرالٌا وبدون تمٌٌز تاركٌن الرحلتٌن الى كندا والنروٌ بدون حقابب‬
‫" قالها وفً قلبه الخوؾ والرٌبة وتحت‬ ‫"وسوؾ نرسلها لكم بعد وصولكم اذا تم العثور عليها‬
‫الحراسات السعودٌة المشددة‪ ،‬وبعد رحلة العذاب وبط ابرة سعودٌة صؽٌرة تتقطعت بها انفاسي عند‬
‫ارتقاءها وهبوطها بل طوال رحلتها وك أ ننا نركب فً مركب فً بحر ماب على اهبة االستعداد‬
‫للموت فً اي لحظة‪ .‬ثم قاعة االنتظار تحت الحراسة ‪ .‬بعد كل هذا ‪....‬‬

‫جاء الفرج ‪.‬‬


‫نقلونا الى قاعة انتظار الطابرة البرطانٌة فكنا كمن خرج من سجن لٌدخل الى ساحة الخالص‪،‬‬
‫دخلنا قاعة عرفنا اننا كنا فً عصر ماقبل التارٌخ ودخلنا عصر الح ضاره ‪ ،‬ومابٌنهما اال دقابق‬
‫وشارع‪ .‬كانت العٌون ال تصدق ما تر فمن مخٌم على الرمال الى قاعة تحت الحراسة‪ ،‬الى قاعة‬
‫تنظمها برٌطانٌا العظمى ‪ ... ،‬المهم كانت الصدمة بالمشهد انستني معاناة السفر فبٌن المشهد االول‬
‫والمشهد الثانً آالؾ السنٌن ولٌست خمسة دقابق‪.‬‬
‫بدون حقائب بطبيعة الحال وبالمالبس التي ‪...‬‬ ‫إعداد بطاقات الصعود الى طابرة برٌطانٌة ـ‬
‫الاريد ان اصفها حؾاظا على سالمة التؤريخ العربي وشرفه ‪ ..‬فالحقابب قد ضاعت فً مطار‬
‫السعودٌة ‪ ،‬الساعة ‪ 12:30‬كنا فً (قاعة برٌطانٌا العظمى فً مطار الظهران) وتكفً هذ ِه العبارة‬
‫‪317‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عن الوصؾ‪ .‬جمٌع القابمٌن علٌها برٌطانٌٌن والخدمات ‪ ..‬رؼم ذلك بقً الشعور بؤننا الزلنا سجناء‬
‫مع بعض نسمات الشعور بالحرية ـ فنحن داخل قفص من االشواك السامة اسمه سعودٌة ‪.‬‬
‫عند الساعة الواحدة والنصؾ اقلعت بنا الطابرة الى برٌطانٌا ( ‪ )1997/7/28‬وصارت فً قلب‬
‫‪ 6‬ساعات او اكثر‪ ،‬حٌث‬ ‫السماء ولم اشعر بذالك وكؤننً على االرض ولٌس فً الهواء‪ ،‬بعد‬
‫الساعة التاسعة نظرت الى نفسً واذا نحن نقترب من االرض فعرفت اننا فً حالة هبوط‪ ،‬ولو‬
‫كنت نابما ساعتها لم اشعر حتى ٌوقظنً الناس للخروج من الطابرة‪ .‬وتوقفت الطابرة عن الحركة‬
‫وكل شًء كان هاديءاً تماما التدري هل انك على االرض ام فً كبد السماء عرفت حٌنها مد‬
‫الهوة الشاسعة بٌن العرب والؽرب وعرفت ان العرب يعيشون في‪ ..‬عفوا ‪ .‬ال اريد الوصؾ‬
‫حفاظا على الشرؾ العربي ‪ .‬المهم نزلنا مطار هثروا ‪ ..‬فً لندن عند الساعة التاسعة وقد استقبلتنا‬
‫فتاة بؽدادٌة فً مطار لندن ساعدتنا كؤم تساعد اطفالها ونسٌر وكؤننا اطفال روضة بٌن قادة‬
‫سٌاسٌٌن الندري اٌن نذهب وماذا نفعل‪ .‬هناك شعرنا ال بل احسسنا ال بل لمسنا وشممنا نسيم‬
‫!!؟‪ ،‬وإن ك ّنا نشعر بحاالت السجن‬ ‫من نسائم الحرية ال بل يقيننا اننا احرار وليس سجناء‬
‫وطعم ُه فً افواهنا واسالك ُه بٌن عٌوننا كلما اؼمضناها‪ ،‬اذ الزال الطعم طرٌا وملٌبا بمٌاه الظلم‬
‫والطؽٌان والجرم العربً ‪..‬الخ ‪.‬‬
‫كان قد اختلط طعمٌن طعم العرب وطعم الؽرب فال ندري هل ن ضحك ام نبكً اختلطت الدمعتان‬
‫معا فتركناهما معا‪ .‬وكنا بذلك ‪ ...‬ال ادرذ ماذا اقول ‪.‬‬
‫بريطاني العظمى !!!؟؟ !!‬
‫ا‬ ‫المهم اننا في لندن‬
‫‪ 20000‬ما قبل‬ ‫لحظات عجٌبة ‪ ،‬وانتقال بٌن عالمٌن بل بٌن قرنٌن ‪ ،‬ال بل بٌن عصرٌن عصر‬
‫التارٌخ وعصر ‪ 2000‬بعد المٌالد ‪ .‬بٌن العراق وحروبه وسجونه ‪ ،‬والسعودٌة وسجنها ‪ ،‬ورفحاء‬
‫ورمالها‪ ،‬الى مطار هثروا فً قلب برٌطانٌا العظمى ‪.‬‬
‫التستطٌع كامرات الفٌدوا وصؾ تلك الصدمة والمشاعر‪ ،‬فكٌؾ ٌستطٌع قلم وحبر وورق بٌن ٌدي‬
‫رجل مثلً ال ٌعرؾ من الكتابة الى رسم الحروؾ ‪.‬‬
‫لقد كانت ساعات الماضً سنٌن ‪ ،‬واصبحت الساعات فً لندن ثوانً ‪ .‬ياإلهي كيؾ اصؾ الفرق ‪.‬‬
‫انني كنت في عصر واصبحت في عصر معذرة ايها التؤريخ لقد ظلمتك فقد خانني التعبير ‪.‬‬

‫في مطار هثرو‬


‫‪318‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً لحظة وصولنا الى مطار هثروا البرٌطانً استقبلتنا الشابة العراقٌة العاملة فً المطار كما‬
‫ُ‬
‫وقفت امهامها بسإال بعد االستبذان حول الحقابب المفقودة ‪ ،‬قالت انها تعلم بذلك وسوؾ‬ ‫ذكرت ‪،‬‬
‫تصلكم الحقابب رؼما عن انوفهم ودعتنا الى عدم القلق ‪ ،‬رؼم انهم لم ٌستطٌعوا تصدٌق قضٌة‬
‫ضٌاع الحقابب النها قضٌة ؼٌر مقبولة عندهم عقال ‪ ،‬وطلبوا منـّا البحث عنها فً اماكن استالم‬
‫ُ‬
‫فؤكدت لهم انها فقدت قبل السفر فً مطار السعودٌة واخبرتهم بما اخبرونا هناك ‪ ،‬واعطونا‬ ‫الحقابق‬
‫اوراق خاصة بضٌاع الحقابب وتعوٌضات مالٌة فً حالة عدم الحصول علٌها ‪ ،‬وواصلت عملها‬
‫فً اكمال اوراقنا للوصول الى كندا ‪ ،‬ولكن االمر لٌس فً مادٌة الحقابب وما تحمل ولو قدموا لنا‬
‫تعوٌضات بمالٌٌن الدوالرات ‪ ،‬بل انها تحمل فً طٌاتها مكتبتً التً ال تعوضها اموال االرض‬
‫مشاعرذ التً فً داخلها ‪ .‬ولً وقفة حول هذا‬ ‫كلها‪ ،‬صحٌح انها مجرد اوراق ولكن ثمنها فً‬
‫الموضوع فً حٌنها‪ ،‬و اكتملت اجراءات السفر من برٌطانٌا العظـــمى الى دولة تابعة لها سٌاسٌا‬
‫عند الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقٌت برٌطانٌا‪ ،‬جلسنا ننتظر ساعة االقالع بإتجاه تورنتو ـ كندا‪،‬‬
‫على طابرة كندٌة‪ ،‬اذا قورنت بطابرة برٌطانٌا لم تعد شٌبا‪ .‬اما اذا قورنت بالطابرة السعودٌة كانت‬
‫السعودٌة متخلفة عنها بثمانٌن قرنا !!! وعندك القٌاس وعند ّللا العلم ‪.‬‬
‫انطلقت الرحلة ثم كبد السماء عند الساعة ‪ 1:15‬بعد منتصؾ اللٌل بعون الباري وحفظة من مطار‬
‫‪ 18:18‬حٌث الحافة‬ ‫لندن وبتوقٌتها الثامن والعشرٌن من تموز وعند االجواء الكندٌة الساعة‬
‫الشرقٌة للساحل الكندي‪ .‬ثم داخل مطار تورنتو عند الساعة الثامنة مساءا ـ اما كٌؾ اختلؾ التوقٌت‬
‫فتلك من عجابب الكرة االرضٌة فنزولنا فً كندا على حساب الساعات كالتالً ‪:‬‬
‫من الساعة ‪ 8‬صباحا بتوقٌت السعودٌة حتى الثانٌة عشر لٌال‪ ،‬حٌث الطابرة البرٌطانٌة ‪ 14 ،‬ساعة‬
‫‪ 6 ،‬ساعات فً طابرة برٌطانٌا تضاؾ ا لٌها لتكون ‪ 20‬ساعة ‪ .‬من الساعة التاسعة الى الواحدة‪،‬‬
‫اربع ساعات تضاؾ الٌها لتكون ‪ 24‬ساعة ‪ 8 ،‬ساعات حتى كندا ‪ ،‬لتكون ‪ 32‬ساعة ‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫عند تمام الساعة الثامنة مساءا اكملنا اراءات الخروج من المطار الى الباصات عند الساعة‬
‫لٌال بتوقٌت لندن ولكن بتوقٌت كندا الزالت الشمس عند مساءها الصٌفً حٌث وصلنا بناٌة (النوه‬
‫رسبشن سنتر ‪ Nawah Reception centre‬ـ على شارع جارفز فً مركز مدٌنة تورنتو)‬
‫) ‪(321 Jarvis St. Toronto , ON, M4B 1C2‬‬
‫لٌستقبلنا افرادهُ وسكان ُه وبعض االصدقاء الذٌن سبقونا من العراقٌٌن ‪ .‬واجراءات السكن عند‬
‫الساعة الثالثة عصرا بتوقٌت تورنتو ‪ 1997/7/28‬بالوقت الذي هو ‪ 29‬تموز فً الشرق ‪.‬‬
‫‪319‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان من المستقبلٌن لنا فالح المحمداوي الذي تكفل بشإوننا ومساعدتنا حٌث سكنت فً ؼرفة رقم‬
‫‪ 406‬اي فً الطابق الرابع الؽرفة السادسة‬
‫وفً الٌوم التالً كانت اجراءات اخر قد تمت‪ .‬اشترٌت اول بطاقة فً حٌاتً تسمى‬
‫(المتروباص) وبطاقة شهرٌة للتنقل بالباصات للشهر الثامن كان ذلك فً الثالث من آب وثم اتمام‬
‫مراجعاتً واسفاري فً المدٌنة (وهً بطاقة شهرٌة نشترٌها من محطة القطار ب ‪ 78‬دوالر ‪،‬‬
‫تستعمل للتنقل بالباصات وقطار تورنتو ـ متروـ والنها بطاقة شهرٌة فٌمكن استعمالها على مدار‬
‫الساعة حتى نهاٌة الشهر ‪ ،‬وهناك بطاقات اخر لالستعمال مرة واحدة ‪ ،‬ومثله قطعة معدنٌة‬
‫اصؽر من حجم عشرة سنتات ‪ ،‬وبطاقة اخر ٌومٌة تستعمل لٌوم كامل وتسقط فً الٌوم التالً ‪،‬‬
‫كما وٌمكن استعمال (كاش) هو ان تضع النقود فً حقل خاص امام السابق او مراقب المحطة‬
‫لتستطٌع الدخول الى الباص او المحطة )‬
‫فً االول من اٌلول انتقلنا الى شقة وبداٌة الدراسة فً مدرسة لتعلٌم اللؽة االنجلزٌة فً الثامن من ُه‬
‫كان عنوانً‬
‫)‪(2 Secord Ave # 609 , M4C 2C3‬‬
‫وسارت االمور فً صراع الحٌاة الجدٌدة حتى حصولً على الجنسٌة الكندٌة ِلشعر بؤنً مواطن‬
‫ولً حق المواطنة على الكرة االرضٌة فً بداٌة سنة الفٌن وواحد ‪.‬‬
‫وصلنا الى كندا ‪ ،‬فهل انتهت المشكلة كما كان فً امانٌنا واحالمنا الوردٌة ‪ ،‬هل انتهت السنوات‬
‫العجاؾ ام الزالت تطرق بمطارقها على رإوسنا‪ ،‬ماهو الفرق ان تكون فً الصحراء او تكون فً‬
‫مدنٌة فً اقصى العالم الؽربً مادام الفكر والتفكٌر والهموم تطل بؽٌومها السوداء الداكنة العاصفة‬
‫‪ ،‬هل اختلفت الهموم باختالؾ المكان ‪.‬‬
‫ُ‬
‫دخلت الشارع الكندي دخلت وانا احمل فً داخلً ثالث شخصٌات (الشخصٌة العربٌة‬ ‫عندما‬
‫وبعاداتها وتقالٌدها وتحفظها االسالمً ‪ ،‬الشخصٌة الممزقة من شدة الرعب والخوؾ والرجفة من‬
‫رإٌة اي مظهر من مظاهر السلطان والزي الموحد ‪ ،‬الشخصٌة المتطلعة نحو االفضل والباحثة فً‬
‫العالم المتحضر والتواقة الملٌبة باالمل والطموح) شخصٌات امتزجت ببعضها فً صراع حاد‬
‫وعراك مستمر فؤن تؽلبت احداها عملت االخر على تعذٌبها واحباطها فً محاولة لالنتصار‬
‫علٌها ‪ ،‬شخصٌة الزالت عاداتها وتقالٌدها وعقٌدتها االسالمٌة التً تحاول جاهدة الحفاظ على‬
‫الطهارة والعبادات وااللتزام و‪ ..‬وتحارب المجتمع من اجل ان الٌإثر علٌها وٌحرقها بما تسمٌه‬
‫‪320‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الفساد االخالقً والتحلل واالنحطاط والالمباالت ‪ ،‬وهً تشاهد الناس بحسب اعتقادها نازعة للعفة‬
‫والروحانٌة‪ ،‬مجتمع الٌفرق بٌن طهارة لسان القطة ولسان الكلب ‪ ،‬فكالهما ٌشربان من اناء واحد‪.‬‬
‫عالم منفتح على كل شًء ‪ ،‬وتقالٌد التستطٌع ان تتؤقلم معها وتنخرط فٌها‪ ،‬بل وصل المجتمع‬
‫باالنفتاح الى ان ٌفضل الحٌوان فً بعض االحٌان على االنسان الن االعتداء على االنسان ٌمسحه‬
‫االعتذار والتسامح اما االعتداء على الكلب الٌمسحه اال القاضً والٌك عزٌزي القاريء الكرٌم هذ ِه‬
‫القصة التً جرت معً فً االسبوع االول فً كندا‬
‫كنت جالسا فً حدٌقة عامة انظر الى الزهور واستمتع بالطبٌعة الجمٌلة حٌث كانت مركز مدٌنة‬
‫تورنتو واذا بؤمرأة عجوز معها كلب صؽٌر ٌسٌر امامها ‪ ،‬حاول االقتراب منً ـ كعادتهم فً‬
‫التعامل مع الناس ـ ولكنه طفحت عندي روح المسلم المتحفظ من النجاسة فحاولت ابعادهُ ‪ ،‬فإذا بها‬
‫تثور ثابرتها وتهاجمنً وتمسكنً من تالبٌبً ‪ ،‬انها كارثة التدانٌها كارثة !! تقول لً هو حبٌبً‬
‫هو ابنً ‪ this is my baby‬قلت لها اسؾ ‪،‬لم تكتفً امسكتنً من رقبتً ‪ ،‬قدم اعتذارك ‪،‬‬
‫فكررت اعتذاري بؤننً جدٌد وصلت الى كندا منذ اٌام ثالثة وال اعرؾ قوانٌنكم‪ ،‬وعندها تركتنً‪،‬‬
‫وتركت فً نفسً سإاال (لماذا كل هذا الؽضب ‪ ،‬حاولت ابعاده عنً فقط النه "نجس" ‪ ،‬ثم انه‬
‫مجرد كلب ال اكثر) عرفت فٌما بعد ان مكانة الكالب عند هإالء بمنزلة االوالد ‪ ،‬بل وترتقً على‬
‫مرتبة الزوج ‪ ،‬فالزوج عند النساء مجرد فراش ولذة وانتهى كل شًء مع السالمة‪ ،‬وهذ ِه التقالٌد‬
‫ؼرٌبة جدا على شخصٌة عربٌة المنشؤ اسالمٌة الثقافة والتربٌة ‪.‬‬
‫وللشخصٌة االخر سطوة عظٌمة وسٌطرة قاتلة فهً شخصٌة القادم من بٌن اقفاص السجون الذي‬
‫ٌخاؾ االختالط بالناس وٌحذر من كل كلمة ٌقولها لعل واشًٌا ٌشً بها الى السلطان وٌقع مالم ٌكن‬
‫ماش بالشارع‪ ،‬فقد ٌكون‬
‫ٍ‬ ‫بالحسبان‪ٌ ،‬خاؾ عندما ٌلتقً بؤصحاب الزي الموحد ولو مجرد لقاء‬
‫(رجل مخابرات او أمن او شرطً او جاسوس من جواسٌس السلطان) وكل هذ ِه من تراكمات‬
‫العالم العربً‪ ،‬فٌمشً بالشارع متحفظا فً كل خطوة لعل عٌنا من عٌون السلطان تلتقط ُه فٌعود‬
‫الى اقفاص السجن‪ ،‬ثم ٌراجع نفسه مرة اخر ‪ ،‬اٌن انا؟ انا فً كندا ولٌس فً بالد الرعب العربً‪.‬‬
‫كانت لً خطوات مع االخ زهٌر المٌاحً ـ زمٌلً فً الشقة التً اسكن فٌها ـ فً االسابٌع االولى‬
‫لوصولنا الى كندا ‪ ،‬ونحو فً طرٌقنا الى بحٌرة تورنتو حٌث كنا نسكن على شارع جارفز فً‬
‫ُ‬
‫إلتفت الى زهور واذا هو‬ ‫مركز المدٌنة وهو قرٌب على البحٌرة وبعد ان خال الشارع من السابلة‬
‫واقؾ متخوؾ من االستمرار قابال (خاؾ ممنوع!!) اي اخاؾ ان ٌكون المكان الذي نحن فٌه‬
‫‪321‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اي اٌن نحنُ ‪،‬‬ ‫احنا وين ؟!!!‬ ‫ممنوع الدخول الٌه ‪ ،‬ثم التفتَ الى نفس ِه قابال بإبتسامة لطٌفة "‬
‫وسإاله لم ٌكن من باب طلب االجابة ولكن ٌرٌد ان ٌقول الزالت عقولنا ٌصعب علٌها التصدٌق‬
‫ُ‬
‫تعرفت على قصص كثٌرة مشابهة وقعت‬ ‫بؤننا خرجنا من دوّ امة الخوؾ من كل شًء ‪ ،‬وقد‬
‫الخواننا مما ٌدل على ان قضٌة الخوؾ مزروعة زراعة فً صدورنا الى درجة صعوبة ازالتها‪،‬‬
‫فالخوؾ من السلطان وعناصرهُ قضٌة تحتاج الى وقت طوٌل وسنوات للتخلص منها ‪.‬‬
‫وقد مرت علًّ قصص عدٌدة ومُرّة حٌث كنت ال ادري ما افعل عندما اشاهد شرطًٌا تؤخذنً‬
‫االوهام لعل عٌنه تمٌزنً وأقع فً المحاذٌر‪ ،‬رؼم انها مجرد اوهام ومع علمً الكامل بؤنها كذلك‬
‫ولكن االمر خارج عن السٌطرة فقد مضى من العمر اكثر من ثالثٌن سنة فً الرعب العربً‬
‫والخوؾ من كل خطوة ؼٌر محسوب لها الؾ حساب‪.‬‬
‫الخوؾ والرعب استمر لثالثة اشهر وتحت العناٌة االلهٌة والرعاٌة المدرسٌة من قبل القابمٌن‬
‫على التدرٌس والحدٌث المتكرر مع (الكونسلر) المستشارة االجتماعٌة فً المدرسة والتفكٌر‬
‫والعمل الجاد للتخلص منها حٌث بدأت تضعؾ الى درجة الزوال فً نهاٌة االمر بعد مرور فترة‬
‫لٌست بالقصٌرة ‪ ،‬ومع ذكر الكونسلر سوؾ ٌؤتً الحدٌث حول قضٌة الحقائب المفقودة فً حٌنها‪.‬‬
‫الشخصٌة التً كانت تحمل الرعب فً داخلها دون ان تبٌن للناس بالشكل الملموس تم القضاء‬
‫علٌها والتخلص منها ولكن قضٌة العزلة واالنفرادٌة واالبتعاد عن المجتمع تحتاج الى وقت اطول‬
‫لحلها ثم ان هناك قضاٌا اكثر اهمٌة منها والتً اشارت علًّ الكونسلر بؤن اراجع بها طبٌب العابلة‬
‫‪ ،‬وما طبٌب العابلة ٌا سٌدتً ‪ ،‬قالت طبٌب العابلة هو الطبٌب المختص بالشإون الصحٌة وجمٌع‬
‫تفاصٌل العالج المطلوب بٌن ٌدٌه‪ ،‬سٌدتً وهل طبٌب العابلة هذا سوؾ ٌحل قضٌة السنوات‬
‫العجاؾ ومخلفات الدول الناطقة بالعربٌة ؟ هنا لم اجد جوابا حتى عند الكونسلر والتً امضت‬
‫حٌاتها التً تجاوزت الخمسٌن سنة فً دراسة علم النفس والمجتمع وصارت من اصحاب‬
‫االختصاص فً مجال عملها‪ ،‬فهموم الطالب همومها وحاالتهم االجتماعٌة تهمها ومن‬
‫اختصاصها‪ ،‬وامامها ذلك المسكٌن الهارب من "عدالة ونزاهة ونظافة وطهارة الحكومات العربية‬
‫وحبها الشديد للمجتع " !!! ‪ ،‬اشتكت الٌها احد المدرسات ان السوٌلمان ٌشتكً من اوجاع الرأس‬
‫كثٌرا وتؤتً له االحٌان تشتد به اآلالم فٌضرب رأسه على المنضدة فؤستدعتنً الى مكتبها ودار‬
‫حدٌث طوٌــل (الصفوؾ التحتوي رحالت وانما منضدة كبٌرة واربع كراسً او اكثر ٌجلس علٌها‬
‫الطالب على شكل مجامٌع) وبطبٌعة الحال ٌجري الحدٌث بٌن هذ ِه المجامٌع فتتشكل الصداقات‬
‫‪322‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الطالبٌة والعالقات االجتماعٌة وبتخطٌط مسبق من مدرسًْ المواد فً محاوالت لكسر الحاجز‬
‫االجتماعً بٌن الطالب وفً كثٌر من االحٌان تطرح المدرسة مواضٌع اجتماعٌة وتطلب من‬
‫الطالب مناقشتها واٌجاد الحلول لها‪ ،‬وهذ ِه واحدة من االسالٌب التربوٌة والتعلٌمٌة اٌضا التً تمتاز‬
‫بها المدارس الؽربٌة عن المدارس العربٌة وهذ ِه بدورها ساهمت مساهمة جادة وكبٌرة للتخلص من‬
‫مرض االنعزالٌة التً كنت اعانً منه فترات طوٌلة من العمر وساهمت فً عالج الكثٌر من‬
‫االمراض النفسٌة التً كنت اعانً منها بسبب " فضل وكرم الحكومات العربية ادام هللا بقاها !!! "‬
‫بعدها بدأت تبرز الى الساحة الشخصٌة الثالثة ذلك االنسان المهاجر الطموح الطالب المجد‬
‫والباحث عن الحكمة والمعاٌشه فً بلد مطلوب من ُه ان ٌتعرؾ علٌه وٌستوطن فٌه لٌكون مواطنا‬
‫صالحً ا‪ ،‬فلم ٌعد فً القفص وٌرمى الٌه الطعام كما ٌرمى للحٌوانات العلؾ‪ ،‬او حاضرا للذبح مثل‬
‫المواشً متى ما اراد الراعً السجّان ذلك ‪ ،‬فالٌوم هو ٌسكن فً مدٌنة عظٌمة وجلٌلة القدر ال فرق‬
‫بٌنه وبٌن ذلك المواطن الذي سبقه فً السكن فً تلك البناٌة وربما ٌكون جاره هندٌا او كندٌا او‬
‫روسٌا او‪ ...‬لٌكن ماٌكون فالكل فً الحقوق والحرٌات على ح ٍد سواء‪ ،‬شقـّة خالٌة ونظٌفة وجاهزة‬
‫له ٌضع فٌها ما ٌشاء من االثاث وٌطبخ ماٌشاء من الطعام وٌتجول حٌث ٌشاء فً االسواق وٌستمع‬
‫بما ٌشاء فً الحٌاة فال ٌوجد من ٌنادي بؤعلى صوت ِه (قصعه) فتتراكض الصوانً لتحمٌل الطعام‬
‫من المطبخ فالحصة محدودة (قدح واحد من التمن وعلٌه قلٌل من المرق ٌطبخها صاحب المطبخ‬
‫بالمقادٌر المطلوبة ومن اراد الزٌاده فعلٌه ان ٌؽلق فمه وال ٌنطق بكلمة النه سوؾ ٌؤخذ حصة‬
‫ؼٌره)‪ ،‬وال ٌشاركه فً السكن الجدٌد احد كما كان ٌشارك ُه عدد كبٌر من الناس بحٌث الٌجد مكان‬
‫لٌنام فٌه فتختلط االرجل والرإوس فال ٌدري المسكٌن اٌن ٌضع رأسه وقد روٌت ذلك فً مقدمة‬
‫الكتاب‪ ،‬ومتى مادخل السجّان بسوطه وصرخ (الكل بالزاوٌة) تضطرب االنفاس والقلوب‬
‫واالجساد والٌدري هل ٌحتمً من السوط ام سوؾ ٌكون جسده حماٌة لمن ٌحتمً به فسٌاط الجالد‬
‫العربً ال ٌمكن نسٌانها مطلقا‪ ،‬والٌوم ٌدفع السوٌلمان عربة التسوق فً شوارع كندا الجمٌلة‬
‫والنظٌفة وتجول فً اسواقها لٌشتري ماٌشاء وبالسعر المناسب له‪ ،‬مرّت اشهر واشهر حتى تمكن‬
‫السوٌلمان من ان ٌسٌطر على حزنه وٌخفؾ منه واستطاع ان ٌشارك الناس ضحكهم وفرحهم‬
‫بإبتسامات خفٌفة وصؽٌرة او دعابة ومزاح بسٌط‪ ،‬بعد جد واجتهاد فً طلب العلم والدراسة النها‬
‫الوسٌلة الوحٌدة التً استطٌع من خاللها الدخول فً المجتمع الكندي وللتخلص من حالة االنعزال‬
‫والخوؾ والرعب‪ ،‬فهل انتهت السنوات العجاؾ ٌاتر ؟ ام الزالت اثارها ‪ ،‬فسوؾ نر فً‬
‫‪323‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الصفحات القادمة كٌؾ انها زرعت تؤثٌرات عظٌمة فً نفس ذلك العربً الذي الزال فً سنته‬
‫االولى واشهر ِه االوابل فً كندا ‪.‬‬
‫كرم وسخاء شرؾ‬ ‫قضٌة الحقابب المفقودة الزالت معلقة فً انتظار الوصول الٌها ففً طٌاتها "‬
‫الحكومات العربية التي ال ارؼب في الطعن فيها طبعا حفاظا على الشرؾ العربي بالتؤكيد "‬
‫ولكن سوؾ ابدأ بالحالة الصحٌة وقضٌة النظارات الطبٌة تتقدمها فلها الدور الكبٌر فً الحدٌث‬
‫القادم‪.‬‬
‫كثرت الشكاوي الى "الكونسلر مارلٌن" فؤستدعتنً الى مكتبها وسؤلتنً عن سبب اوجاع الرأس‬
‫اكثرن الشكاوي من الحاالت المرضٌة التً اعانٌها فاجبتها عن بعض ما تعرضت‬
‫َ‬ ‫وان المدرسات‬
‫ُ‬
‫ِلنتحرت‪ ،‬انت فعال صبور"‪ ،‬فقلت مامرّ‬ ‫الٌه فقالت بصرٌح العبارة "لو مرّت علًّ واحدة منها‬
‫علً شًء الٌكاد ٌبٌن امام ما م ّر على اخوتً وابناء بلدي‪ ،‬وماشهدته اال جزء ٌسٌر من االحداث‬
‫مجرد قشه على سطح بحر من الهموم‪ ،‬فتحسرت وقالت حدثنً عن اوجاع الرأس وسببها ‪،‬‬
‫فشرحت لها انه عندما انكسرت نظارتً الطبٌة بعد وصولً بٌومٌن الى كندا وكنت اعتمد علٌها‬
‫شدٌد االعتماد الننً ال استطٌع االستؽناء عنها اصبحت ال استطٌع ان اقرأ ما تكتبه المدرسات على‬
‫السبورة (اللوحة الخضراء) فؤضطر الى التركٌز الشدٌد مما ٌإدي الى التؤخٌر واوجاع فً الرأس‬
‫وحرقة فً العٌون اضافة الى الضوضاء القوٌة التً التفارقنً وقد تقدمت بالفحوصات الطبٌة وقد‬
‫تؤخر استالم النظارات الجدٌدة ‪ ،‬اضافة الى االوجاع االخر فً جسمً هنا وهناك ‪ ،‬وقضٌة‬
‫الحقابب اتعبتنً كثٌرا والتً الزالت معلقة لحد االن تحتاج الى حل ‪.‬‬
‫وذكرت لها القصة الكاملة لضٌاع الحقابب فكانت لها بمثابة الصدمة التً الٌمكن تصدٌق ان تحدث‬
‫‪ ،‬وتكفلت بحلها واتصلت بالعاصمة الكندٌة اوتاو من اجل االسراع فً الحصول على النظارة‬
‫‪lost‬‬ ‫الطبٌة بؤسرع وقت واتصلت بمونتلاير "مقر المفقودات ومخازن ما فقد وتم العثور علٌه‬
‫‪ ، and found‬عملت اقصى ما تستطٌع فً حل هذ ِه المواضٌع ونصحتً بمراجعة طبٌب العابلة‬
‫كما قدمت سابقا‪ ،‬وبالفعل بعد اٌام استطعت الحصول على نظارة طبٌة واستدعتنً مرة اخر‬
‫لتخبرنً انها استطاعت الحصول على مكان الحقابب ولكن لم ٌذكروا اسمك ‪ ،‬قالوا ان فٌها فالن‬
‫وفالن وعددت مجموعة من االسماء ‪ ،‬قلت نعم هذ ِه هً المجموعة التً كنت فٌها ‪ ،‬وكل الحقابب‬
‫فً قضٌة واحدة ‪ ،‬فقالت رؼم ان همً كله ٌتركز على طالب هذ ِه المدرسة اال انها البد من انت‬
‫تحل بشكل جماعً ‪ ،‬وطلبت منً اسم الشخص المسإول الذي ٌتم االعتماد علٌه فً الموضوع‬
‫‪324‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫للتعاون معه ‪ ،‬فذكرت اسم "فالح المحمداوي" البطل الذي تفرغ لمساعدتنا فً مركز االستقبال "‬
‫النوة رسبشن سنتر" واتصلت هً بفالح ‪ ،‬فعاد هو باالتصال بً لالستفسار ‪ ،‬ثم عاد لالتصال‬
‫بالكونسلر ‪ ،‬واستمرت االتصاالت بالمطار فً تورنتوا ثم مونتلاير وعثروا على الحقابب‬
‫وارسلوها الى فالح ‪ ،‬فؤنطلقنا الستالم كنوزنا الثمٌنة والتً ال تقدر بثمن "الحقابب المفقودة"‬
‫وعندما اجتمعنا فً بٌت فالح وجدنا الحقائب ممزقة رؼم اننً لم افقد شًء منها اال ان بعض‬
‫الحقابب فقد بعض محتوٌاتها ومنها مافقدت تماما‪ ،‬وبعد البحث عن القضٌة تبٌن انها استلمت ممزقة‬
‫من االصل‪ ،‬فشكرا لالخالص العربي ومطارات العرب على الحفاظ على سالمة االمانات كما هي‬
‫عادة الحكومات العربية على سالمة مواطنيها !!! ‪ .‬وال اريد سرد التفاصيل حفاظا على الكرامة‬
‫العرب ي ة طبعا‪.‬‬
‫انتهت قضٌة الحقابب المفقودة والممزقة واخبارها وعندما اخبرت الكونسلر قالت انهم قالوا انا‬
‫وصلتهم ممزقة من االصل‪ .‬عندما ارادوا تنظٌؾ ؼرؾ الحقابب المهملة "فضالت المطار" وجدوا‬
‫علٌها اسماء فجعلوها فً المخازن على امل الحصول على سابل ٌسؤل عنها ـ هذ ِه االمانة عند‬
‫الكـفـّـار ٌا مسلمٌن اخبرونً ماهً االمانة عندكم ؟!!! شكرا ٌامطارات العالم العربً وصلت‬
‫االمانة ولكن ممزقة‪ ،‬ولكنها وصلت والحمد لِل ‪ .‬والزالت قضٌاٌا اخر من قضاٌا السنوات‬
‫العجاؾ تحتاج الى حلول‪ .‬فمراجعات االطباء التنتهً واحمد ّللا على سالمتً فقد رأٌت وعلمت‬
‫وسمعت عن اشخاص ماال تحمله اوراق الكتب بٌن طٌاتها ففٌهم من فقد اجزاء من جسم ِه ومن فقد‬
‫عقله‪ ،‬بل فقد حٌاته اٌضا ‪.‬‬
‫وبدأت رحلة العالج ‪:‬‬
‫هل انتهت السنوات العجاؾ؟ ‪ ،‬لم تنتهً رحلة العالج من االمراض‪ ،‬لقد رحلة العالج بدأت فً‬
‫تورنتوا الكندٌة ومراجعات االطباء المختصٌن وطبٌب العابلة ومساعدة الدولة واالخوة وفوق ذلك‬
‫‪ )%90‬من االمراض التً اعانً منها وبقٌت‬ ‫كله ّللا لطٌؾ بعباد ِه ‪ ،‬فً النهاٌة تخلصت من (‬
‫معضلة االطباء‪ ،‬والتً اثبت الفحوصات الطبٌة من قبل اصحاب االختصاص قالوا انها " تلؾ فً‬
‫االعصاب السمعٌة الداخلٌة للدماغ والتً تربط بٌن االذن الداخلٌة والدماغ وهً سبب كل هذ ِه‬
‫الضوضاء والطنٌن المستمر واوجاع الرأس ونصحونً بالراحة واالسترخاء ‪ ،‬على انها من‬
‫الحاالت التً ال عالج له لحد االن ‪ ،‬وتمت احالتً على اثرها واثر امراض اخر العالقة لذكرها‬
‫بموضوعنا احالونً على دابرات المساعدات الحكومٌة لمعاقً الحروب ‪ODSP – Ontario‬‬
‫‪325‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ، Disibilty Sport Program‬شكرا ٌا "امرة عربٌة واحدة ذات رسالة خالدة" ‪ ،‬شكرا مرة‬
‫اخر ٌا بالد الزالت تردد "بالد العرب اوطانً" مبورك علٌكم وطن تمزقه الحروب والعصبٌات‬
‫وتحكمه الطواؼٌت‪.‬‬

‫العالقة مع كندا من رفحاء‪.‬‬


‫لم تكن رحلتً الى كندا مجرد صدفة ان ظهر اسمً وقابلت ورحلت ‪ ،‬وانما كان عندي بعض العلم‬
‫وكان عندي هدؾ للرحٌل الى كندا حٌث اشترٌت كتاب حول كندا ‪ ،‬ودرست اللؽة االنكلٌزٌة‬
‫وقرأت بعض الكتب لزٌادة ثقافتً اللؽوٌة ورفع مستواها وفتحت دورات لتدرٌس المبتدبٌن اللؽة‬
‫االنكلٌزٌة كلها مجرد محاوالت من اجل رفع قدراتً اللؽوٌة اضافة الى سد وقت الفراغ بشًء‬
‫نافع ‪ ،‬وزاد طموحً هذا عندما تبادلت الرسابل مع اخ لنا سبقنا الى كندا (ابو اٌات الساعدي )‬
‫اعطٌت عنوانه الى الوفد الكندي عندما قابلته حٌث انه ٌسكن فً تورنتو فً حٌنها وابو اٌات رجل‬
‫من اصحاب العلم والتقى والورع ‪ ،‬وبعد وصوله الى كندا راسلته ببعض الرسابل مستفسرا عن‬
‫الحالة السٌاسٌة ـ النصار المجلس االعلى للثورة االسالمٌة فً العراق وخط السٌد محمد باقر‬
‫الحكٌم ‪ ،‬واكد لً انهم على اتصال مستمر وان االرض صالحة للعمل فً هذا الخط ‪ ،‬وهم‬
‫ٌجتمعون بٌن الفترة واالخرة وٌقٌمون الصالة فً المسجد ‪ ،‬وبعد وصولً الى (نوة رسبشن سنتر)‬
‫استقبلنً هو وجماعة اخر ممن سبقنا وسؤلنً االخ (عالء الترٌ ) حول موقفً وهل انا على‬
‫استعداد للعمل فً خط السٌد الحكٌم ‪ ،‬فقلت له انا قدمت لهذا وانا فً مقدمة الرتل ـ رأس الحربة ـ‬
‫فشد على عضدي وفعال حضرنا المسجد (عند اللبنانٌٌن ـ مركز الهد اللبنانً ـ على شارع‬
‫لورنس وڤكتورٌا پارك ـ ) وعنده تعرفت على الكثٌر من االخوة فً اتجاهات مختلفة ومتعددة رؼم‬
‫المعاناة الشخصٌة كان هناك اندفاع نحو الخدمة ‪ ،‬فالشخصٌة االسالمٌة المتحمسة ال زالت قوٌة‬
‫وتقاوم المصاعب والمتاعب وتحارب الشخصٌات المنهارة التً احملها كما ذكرت سابقا‪ ،‬كما‬
‫وساعدنً على االستمرار وجود بعض المجاهدٌن الشرفاء ونظرتً الى من ترك الخط ممن كان‬
‫معنا حٌث ان جماعة كانوا معنا وؼلبتهم شقوة الحضارة على نقاء الشخصٌة االسالمٌة واخذهم‬
‫تٌار المادة واندفعوا نحو التحلل الؽربً وكعادة االنسان ٌضعؾ امام مؽرٌات الحٌاة اال مارحم ربً‬
‫‪ ،‬وانا على معرفة ببعض اخواننا ممن سكنوا بعٌدا عنا ـ ؼرب مركز مدٌنة تورنتو ـ اخذهم تٌار‬
‫كندا وانفتاحها فؤطالوا الشعور وحلقوا الذقون وارتكبوا المحرمات مع هذه وتلك ومنهم من زاد على‬
‫‪326‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ذلك من مسارات الشٌاطٌن ‪ ،‬وسار بنا المسار بؤتجاه محاوالت الحفاظ على الشخصٌة االسالمٌة‬
‫التً الزلنا نحملها ‪ ،‬وفً فترة تواجدنا فً شارك (سٌكورد) عقدنا عدة اجتماعات والتقٌنا بعض‬
‫الشخصٌات المهمة وقد زارتنا شخصٌات كبٌرة من المجلس االعلى للثورة االسالمٌة فً العراق‬
‫قادمة من اٌران حٌث مقرهُ هناك ‪ ،‬واكدنا ثباتنا على الخط الحكٌمً والجهاد وتجدٌد البٌعة‬
‫لالستمرار على هذا النه ‪ ،‬وتم اعادة تشكٌل جماعة انصار المجلس حٌث تم انتخاب االخ عالء‬
‫الترٌ الذي فاز باعلى االصوات ربٌسا للجماعة والتً تحولت فٌما بعد من انصار المجلس الى‬
‫(جمعٌة الرسالة االسالمٌة العراقٌة) وصار عالء المحور الربٌسً لنا والخط الساخن بٌننا وبٌن‬
‫السٌد الحكٌم فً اٌران حٌث عقد عدة اجتماعات ‪ ،‬وسافر الى اٌران ‪ ،‬وحضر اجتماعات سٌاسٌة‬
‫مهمة فً العاصمة الكندٌة اوتاو مع الحكومة الكندٌة وقد شاهدت له صور مع جون كرستجٌان‬
‫ربٌس وزراء كندا واخر مع كبار المسإولٌن اضافة الى السٌد الحكٌم ورجال دٌن ‪ ،‬اي ان حركة‬
‫االخ عالء كانت على مستو عالمً ونشاطة كان ملحوظا وواضحا وله رسابل متبادلة مع‬
‫الحكومة الكندٌة والتً شاهدت بعضها‪ ،‬وقد عقدت الجمعٌة عدة نشاطات منها النشاطات المسرحٌة‬
‫حٌث فرقة الرسالة المسرحٌة التً ٌترأسها سٌد سعد المحنا ‪ ،‬وقد شاركت فً تمثٌل شخصٌات بها‬
‫وكان معنا االخ زهٌر (الذي كان ٌسكن معً حتى نهاٌة عام ‪ ، 99‬حٌث ؼادرنً الى وندزر مع‬
‫اقاربه وتركت الشقة ِلسكن فً اقصى الؽرب (ؼرب مدٌنة تورنتو) على شارع دندص‬
‫(‪ )Dundas street west‬وهنا بدأت معاناة االنفراد بالسكن ‪ ،‬سكنت هناك شهرا ثم طلب منً‬
‫االخ عالء بؤمر من المجلس ان اكون قرٌبا منهم حٌث انهم ٌحتاجون الى نشاطاتً وقربً منهم ‪،‬‬
‫وجهزوا لً مكان اخر على شارع كندي سكنت فٌه شهرا حتى جاء االمر باالنتقال الى المسجد‬
‫العمل فٌه واسكن فٌه ‪ ،‬كجزء من المخطط الشامل والذي كانت المرجعٌة ترنوا الٌه لتكون لهم‬
‫موضع قدم فً شمال امرٌكا ‪ ،‬وكان من المفروض ان ٌكون المسجد ـ كما اخبرنً السٌد محمد‬
‫باقر الجاللً ممثل السٌد السٌستانً فً شمال امرٌكا‪ ،‬والذي حظر لٌمهد لوصول السٌد الكشمٌري‬
‫ـ على ان اكون انا مسإول المكتب الربٌسً لشمال امرٌكا ومقرهُ مسجد الرسول االعظم الذي كان‬
‫من المفروض ان ٌستلمونه من مالك ِه (الحاج ابو عارؾ) الملٌاردٌر المعروؾ ‪ ،‬وزاد الضؽط‬
‫عندما فازت جماعة (جمعٌة الرسالة) بكرسً الصدارة واالدارة ‪ ،‬فكانوا عندي بٌن الحٌن واآلخر‬
‫وتكثؾ العمل اكثر عندما حضر السٌد محمد باقر الكشمٌري واخٌة السٌد مرتضى الكشمٌري ممثل‬
‫السٌد السٌستانً فً اوربا وامرٌكا ‪ ،‬فلم تكن هناك لحظة فراغ ‪ ،‬حتى وقع المحذور وتؽٌر رأي‬
‫‪327‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫(ابو عارؾ) فٌهم وطردهم من المسجد ـ تحت ضؽوط من جماعات تحارب خط السٌد الحكٌم‬
‫ومرجعٌة السٌد السٌستانً ‪ ،‬وكنت انا حلقة الوصل بٌن السادة ومالك البناٌة رؼم علمه الكامل‬
‫ُ‬
‫اسـسـت اول موقع على‬ ‫بوضوح خطً السٌاسً وهو ال ٌسمح بالنشاط السٌاسً ‪ ،‬فً حٌنها‬
‫االنترنت بؤسمً الشخصً ومنه موقع اخر للجمعٌة ‪ ،‬وعند اللقاء بٌن االخ عالء والسٌد الحكٌم ‪،‬‬
‫اوصاه السٌد الحكٌم بً كثٌرا وقدم لً التوجٌهات والدعاء لً ‪ ،‬وقد اخبرنً عالء بنص كلمة السٌد‬
‫الحكٌم بحقً (هذا رجل مبارك اعتنوا به) ‪ ،‬عاد عالء من اٌران ولكن االمور كانت قد انقلبت رأسا‬
‫على عقب ‪ ،‬فقد طرد ابو عارؾ ممثلً المرجعٌة وكانت اخر رسالة من ابً عارؾ الى السٌد‬
‫الكشمٌري ‪ ،‬قال لً ابو عارؾ " ممنوع ٌبقون هذ ِه اللٌلة فً المسجد ‪ٌ ،‬جب ان ٌرحلوا فورا" ‪،‬‬
‫فقلت له لقد رحلوا بالفعل والسٌد مرتضى الكشمٌري فً المطار او قد طارت به الطابرة والسٌد‬
‫محمد باقر الكشمٌري مع االستاذ قٌس العلً ـ مإسس ومحرر جرٌدة الحٌاة العربٌة ـ‬
‫وقد علمت فٌما بعد بتفاصٌل واخبار كانت خافٌة عنً النشؽالً فً العمل فً المسجد ‪ ،‬حٌث كان‬
‫عملً الربٌس هو تنظٌؾ المسجد والعناٌة به من الناحٌة الخدمٌة‬
‫ومن النشاطات التً شاركت فٌها ‪ ،‬تصوٌر السفرة التً قامت بها الجمعٌة الى حدٌقة الحٌوانات‬
‫المفتوحة (سفاري) حٌث حضر معنا بعض الشٌوخ الكبار من الوالٌات المتحدة واخر من دولة‬
‫اخر نسٌت اسمها لتقادم الزمن بٌن الحدث وكتابة هذا الكتاب ‪ ،‬كل هذ ِه االحداث جرت فً عام‬
‫الفٌن ‪ ،‬وفً اواخر عامل الفٌن حدث امر اكثر تعقٌدا ‪ ،‬حٌث لعبت االصابع باالوتار لعبًا عنٌفا وتم‬
‫اخراجً من المسجد ‪ ،‬حٌث بدأت العمل مع االستاذ قٌس العلً فً جرٌدة الحٌاة العربٌة ‪ ،‬ولهذا‬
‫الرجل موقؾ من الواجب علً ان اذكره من باب االمتنان والشكر‪.‬‬
‫الموقؾ االول عندما تزلزلت االرض تحت اقدامً واضطربت وكدت اترك االسالم لوال ان تدخل‬
‫وانقد الموقؾ بتذكٌري بقول امٌر المإمنٌن علٌه السالم ـ ٌعرؾ الرجال بالحق ولٌس العكس ‪،‬‬
‫اعرؾ الحق تعرؾ اهله ‪ ،‬والقصة كالتالً‬
‫اتصل ابو عارؾ بً لٌدور حدٌث بٌنه وبٌن السٌد مرتضى الكشمٌري ‪ ،‬وكان االخ سالم الطباخ‬
‫جالس عندي فً الؽرفة وسمع الحوار ‪ ،‬واذا بالسٌد مرتضى الكشمٌري ٌتهمنً بالتقصٌر فً العمل‬
‫واننً تركت انارة المسجد تعمل طوال اللٌل والنهار ‪ ،‬فكانت مفتاح لباب فتنة ‪ ،‬فؤخبرهُ ابو عارؾ‬
‫ان هذ ِه االنارة ال تحكم بها وٌجب ان تبقى من شروط امان الدولة ‪ ،‬وال ٌسمح له اطفاءها ‪ ،‬وعندها‬
‫دار حدٌث لم اسمعه تبٌن من خالله انه كان ٌشتكً تقصٌري فً العمل ‪ ،‬رؼم انه لم ٌشاهد ماٌقول‬
‫‪328‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ؼٌر انه سمع من بعض زارعً الفتن ‪ ،‬وهنا استشاط سالم ؼضبا ‪ ،‬وقال حتى انت تزرع الفتنة ‪،‬‬
‫فبمن نثق اذن ‪ ،‬وعندها ترك سالم العمل فً المسجد حٌث تعرض الى ضؽوط هو االخر من اجل‬
‫طرده ‪ ،‬وجرت الحرب علٌه ومن نتاب تلك الحرب ان اهٌل الضرب على زوجته وكادت ان‬
‫تسقط حملها وبعد والدته اصٌب بتشوٌهات واعاقات شكلت لسالم معاناة عظٌمة ولسنوات طوٌلة ال‬
‫لشًء اال النه لم ٌتخلى عن خط السٌد الحكٌم ونصرته للمجلس االعلى ‪ ،‬وعلى شخص اخر كان‬
‫ٌعمل معنا كان واجبه اصالح ماٌفسد فً البناء ‪ ،‬الماء والبناء ‪( ،‬صاحب ابو العٌس) حتى تخلصوا‬
‫منه على الرؼم من انه لٌس على خطنا السٌاسً ‪ ،‬ولكن كان الهدؾ افراغ الساحة ممن ٌقؾ الى‬
‫جانبً وبالفعل تم لهم ذلك ولٌتفرؼوا لً وٌطردونً من المسجد بعد اشهر ‪ ،‬حٌث تؽٌر ابو العٌس‬
‫الى الجانب المعاكس لً فً اخر االمر‪ .‬بعد انتهاء المكالمة بٌن السٌد والمالك ‪ ،‬شعرت بؤن هناك‬
‫اخطار عظٌمة خرجت الى الخارج ودارت فً رأسً افكار عجٌبة وتدخل الشٌطان كعادته الثارتها‬
‫وتؽذٌتها منها‪ ، :‬هل فعال اننً على خطؤ ‪ ،‬هل وهل ‪ ،‬وتدخل الشٌطان فٌها جعل منها منزقا ‪،‬‬
‫سبحت فً بحر من الزوابع ‪ ،‬على ان هناك خطر قادم المحالة ‪ ،‬خرج حٌنها قٌس العلً ٌنادٌنً ‪،‬‬
‫وجاء الً قال نادٌتك ولم تجب قلت لم انتبه لك ‪ ،‬قال ما االمر ‪ ،‬سؤلته ‪ ،‬هل فعال القانون ؼلط ام‬
‫اننا لم نفهم القانون ‪ ،‬هل فعال الحق مع ‪ ،‬وضد ام اننا ‪ ...‬قاطعنً ‪ ،‬قابال ‪ ،‬نحن ال نفهم القوانٌن ‪،‬‬
‫الحق الٌعرؾ بالرجال ‪ ،‬فعدت الى رشدي ‪ ،‬قال ‪ ،‬ماذا تعتقد ‪ ،‬قلت هناك امر خطٌر سوؾ ٌحدث‬
‫قرٌبا ‪ ،‬وعندي احساس بؤن االمر فعال خطٌر ‪.‬‬
‫لم تمر االٌام حتى اتصل بً ابو عارؾ بطردهم من المسجد وان االمور ٌجب ان تكون كلها تحت‬
‫سٌطرته وحده ‪ ،‬حتى شعرت بؤنه ٌرٌد طردي ‪ ،‬فقال اذا لم تفعل ما اقول لك سوؾ تكون انت‬
‫منهم ‪ ،‬قلت انا مجرد عامل واقوم بواجبً ‪ ،‬فإن قصرت فذاك الننً بشر كباقً البشر ‪ ،‬وسكت‬
‫عنً وتابع طرد الباقٌن ‪.‬‬
‫وعندما جاء دوري ‪ ،‬انهى عملً واوكله الى ؼٌري وطلب منً مؽادرة المسجد ‪ ،‬حٌنها تضاٌقت‬
‫الدٌنا بعٌنً فلٌس لً مكان وكٌؾ اجد مكان فً هذا العالم المتسارع ‪ ،‬وهنا قرع جرس الهاتؾ‬
‫اسماعً ـ انه قٌس العلً بادرنً بالسإال عن عملً ‪ ،‬قلت له ماحدث ‪ ،‬قال لقد فزعت من النوم‬
‫وامتدت ٌدي الى التلفون دون ارادتً حٌث احسست بؤنك فً موقؾ محرج ‪ ،‬لم تمر لٌلة حتى‬
‫جاءنً ونقل اؼراضً واسكننً فً مكتب الجرٌدة على مسإولٌته الى حٌن حصولً على مكان‬
‫للسكن مع ابقابً للعمل معه فً الجرٌدة ‪ .‬وبالفعل حصلت على مكان اخر فً بٌت مع عابلة من‬
‫‪329‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫العوابل الكندٌة قرٌبة شارع فكتورٌا ‪ Victoria park‬وبعد شهر انتقلت الى مكان اخر مع جماعة‬
‫من اصحابنا على شارع كندي ‪،‬‬
‫كان لسٌد شاكر البعاج والذي ٌسكن فً نفس البناٌة التً حللت بها مإخرا ‪ ،‬هو االخر الفضل‬
‫االخر علًّ حٌث قدم التضحٌات من الوقت والمال من اجل مساعدتً للتؽلب على كثٌر من‬
‫المصاعب وكان المبادر بدون ان ٌنتظر منً حتى كلمة شكرا ‪ .‬وهو من الموالٌن للمجلس وله‬
‫تضحٌات ‪ ،‬ودامت رفقتً له حتى انتقالً من تورنتو الى هاملتون ‪ ،‬حٌث صرنا نسكن معً ا كما‬
‫سوؾ ٌمر علٌنا‬
‫رؼم ذلك لم اترك العمل مع الجمعٌة حٌث بدأت بنشاط جدٌد ـ التصوٌر وتسجٌل االحداث ‪،‬‬
‫وتحوٌلها الى ارشٌؾ ‪ ،‬حتى عام ‪ 2002‬حٌث تركت تورنتو الى هاملتون ِلبدأ نشاطً فٌها‬
‫رحلتي مع التصوير والتوثيق المصور‬
‫حبً للتوثٌق والوثابق بدأ منذ اٌام الدراسة حٌث التقطوا لً صورة بالمدرسة عند الصؾ االول‬
‫االبتدابً مع مجموعة من الطالب والمدرسٌن ‪ ،‬ثم اٌام الدراسة فً المتوسطة والثانوٌة احتفظت‬
‫ببعض الصور وكنت اضع كل شًء فً محله المناسب له ‪ ،‬فتعلمت من المعلمٌن كٌؾ ارتب‬
‫ؼرفتً واوراقً ومكتبتً ‪ ،‬وزاد اهتمامً فً اٌام الشباب وخاصة بعد زواجً االول كانت تحت‬
‫ٌدي آلة تصوٌر للصور الثابتة وبعد تحمٌض وطبع الصور كنت احتفظ بها فً ملؾ مصوّ ر ‪،‬‬
‫وكنت اكتب فً دفتر خاص االحداث التً تمر بً ‪ ،‬اكتب الحدث ثم التوقٌع بتارٌخ الحدث فً‬
‫اخره وعندما تركت العراق تركت كل شًء فً البٌت وخرجت بمالبس حرقتها فً المعسكر كما‬
‫اوردته سابقا وال ادري هل بقٌت بعدي ام اتى علٌها الزمن وضاعت مع الوطن الضابع‪ ،‬وفً‬
‫المعسكر واصلت العملٌة فكنت اكتب االحداث واضع تحتها التارٌخ ـ كالعادة ـ خاصة اٌام رفحاء‬
‫وكنت احب ان احتفظ بها ‪ ،‬وعندما نزلت كندا كان همً هو الحقابب المفقوده والتً تحتوي على‬
‫مكتبتً ومخطوطاتً وكانت من ضمنها ‪ ،‬ولكن كانت فرحتً ال توصؾ عندما وصلت سالمة ‪،‬‬
‫وفً تورنتوا اشتر زمٌل السكن اخً (زهٌر المٌاحً) آلة تصوٌر ‪ ،‬وكنت استعملها واشتري لها‬
‫االفالم واطبعها واحتفظ بها فصار عندي ملؾ مصوّ ر رابع وجمٌل ٌسجل الكثٌر من االحداث‬
‫الجمٌلة والذكرٌات اللطٌفة اضافة الى اننً اشترٌت اول جهاز كومبٌوتر لٌساعدنً على التوثٌق ‪،‬‬
‫وذكرت ان اخوتنا اخذونً معم الى مركز الهد اللبنانً وفٌه تعرفت فٌها على االستاذ (الحاج‬
‫مطٌع) الرجل الذي ٌملك محل العمال الفٌدٌو والتصوٌر والتصوٌر المتحرك ‪ ،‬وفكانت لً‬
‫‪330‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الفرصة فً االمساك باآللة وهو ٌرشدنً عن طرٌق سماعة اذن اذهب الى اللقطة الفالنٌة صور‬
‫كذا وكذا انتبه الى كذا وكذا ‪ ،‬وهذ ِه التوجٌهات كانت لً بمقام دورة تدرٌبٌة تخرجت منها المتلك‬
‫كامرتً الشخصٌة ‪ ،‬وطبقت ما قاله استاذي وافتخر بذلك ‪ ،‬وكنت استخرج ما بآلة التصوٌر وأنقله‬
‫الى شرٌط كبٌر واحتفظ به ‪ ،‬وال امتلك تلك االمكانٌات بتعدٌل االفالم واخراجها بالشكل االجمل‬
‫حتى عام ‪ ، 2008‬كان حٌنها كل همً كٌفٌة التصوٌر ونقله الى كاسٌت وبتلك االمكانٌات البسٌطة‬
‫وثقت الكثٌر من االحداث وضاع الكثٌر منها ‪ ،‬ولكن ما احتفظت به كان قاعدة بنٌت علٌه ‪ ،‬ومن‬
‫‪ 2003‬حٌث الحرب على العراق ‪ ،‬ثم زاد نشاطً‬ ‫التوثٌقات ما سجلته من التلفزٌون فً عام‬
‫التصوٌري بعد ان امتلكت تحوٌل الفٌدٌو من التسجٌل الى الكاسٌت الكبٌر الى الكومبٌوتر ‪ ،‬حٌث‬
‫كانت بداٌات لتطوٌر العمل ‪ ،‬حتى عام ‪ 2008‬عندما اشترٌت جهاز ‪ apple imac‬كومبٌوتر‬
‫أبل ماكنتوش ‪ ،‬والذي قفز بً الى االنتاج والتقطٌع واالخراج الفنً وتحمٌله على افالم ذات الجودة‬
‫العالٌة على اقراص االفالم الرقمٌة ‪ HD-DVD‬وٌبقى الفخر واالعتزاز لالستاذ ‪ ،‬ولالخوة الذٌن‬
‫اعانونً على التقدم واخص منهم خادم اهل البٌت علٌهم السالم الرادود جاسم ابو هبة ‪ ،‬وكاظم‬
‫الخفاجً ابو احمد ‪.‬‬
‫الحياة في الؽرب من وجهة نظر الناس‬
‫ربما تكون الحٌاة فً الؽرب جمٌلة فً عٌون البعض‪ ،‬وقبٌحة فً عٌون البعض االخر‪ ،‬هادفة فً‬
‫راي وتافهة فً رأي اخر ‪ ،‬ولكن ماذا عن الحٌاة تحت وطؤة من الرحمة عنده وال ضمٌر ‪ ،‬هل‬
‫هً بنفس الدرجة ‪ ،‬هل فعال الؽرب الكافر ٌدمر االنسان كما ٌعتقد البعض ام انه ٌبنً الشخصٌة‬
‫الواعٌة المدركة للحقابق والمتجهة نحو تطوٌر االنسان وتطوٌر البالد كما ٌحلوا للبعض ان ٌراها ‪،‬‬
‫وهل المقارنة بٌن شرق المحٌط االطلسً وبٌن ؼربة صحٌحة ام ان االمر فٌه تفاصٌل ‪،‬‬
‫هل للحاكم دور فً كل هذ ِه المصابب والتطورات ام ان الشعب هو الذي اعطى الحاكم كل هذ ِه‬
‫الصالحٌات ‪.‬‬
‫ٌتصارخ البعض ‪ ،‬حاكمنا ظالم جابر ‪ ،‬وارد على ذلك واقول دابما ‪ ،‬حاكم الناس منهم ‪ ،‬فلم ار‬
‫ربٌس العلماء رجل الٌجٌد القراءة والكتابة اال فً العراق ‪ ،‬ولم ار حاكم دولة الٌفرق بٌن بناته‬
‫والبؽاٌا اال فً العراق او ربما اقول تسامحا فً العالم العربً ‪ ،‬فعندما تم التعرؾ على هوٌة وزٌر‬
‫التعلٌم العالً والبحث العلمً تبٌن انه كان مجرد عامل بلدٌة ٌجمع اوساخ الشارع وٌضعها‬
‫بالحاوٌات ال ٌعرؾ القراءة والكتابة والٌنظر حتى الى الورقة فخطوطها ال تعنً له شًء‬
‫‪331‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫والٌعرؾ من االخالق ذرة والٌنظر الٌها فهً التعنٌه من قرٌب اوبعٌد اذ انه رجل بذيء ال ُخلق‬
‫الى درجة ادنى من مستو الشٌطان ‪،‬‬
‫اما باقً حكومة صدام فال داعً لالطالة فٌها اذا كان صدام نفسه جاء من صبحة طلفاح المعروفة‬
‫بسفالتها وسقوطها االخالقً حٌث تقول التقارٌر الواقعٌة انها كانت تجوب الرجال بحثا عن االنس‬
‫حتى جاء صدام ونشؤ بٌن عصابات االجرام فكان سٌدها وكبٌرها ثم جلس على الحكومة تحت‬
‫اشراؾ عصابات الـ (سً آي أي ‪ )CIA‬االمرٌكٌة وعصابات المافٌا االوربٌة والحكومات العربٌة‬
‫المتمرسة فً االجرام نزوال الى اخر موظؾ فً الدولة ‪،‬‬
‫فً الوقت الذي ٌحمل الشعب فً طٌاته علماء اجالء وعظماء تحكمه عصابات االجرام ‪ ،‬وفً‬
‫الوقت الذي ٌنام العلماء فً ؼٌاهب السجون وظلم المطامٌر ـ راجع كتاب االستاذ علً الشمري ‪،‬‬
‫حلق القٌود وظلم المطامٌر ‪ ،‬ففٌه ماٌشفً الؽلٌل ‪ ،‬فً الوقت ذاته ٌؤنس اعضاء حزب البعث‬
‫وحكومة االجرام الصدامٌة بالحٌاة وٌمرحون بتمزٌق الشعب بسٌاط االجرام ٌفرحون بسٌل الدماء‬
‫من اجساد الشرفاء من الشعب‪.‬‬
‫وقد علمت من خالل تجربتً فً الحٌاة ان ربٌس االطباء ٌجب ان ٌكون طبٌبا واال الٌستطٌع فهم‬
‫العمل ‪ ،‬والموسٌقٌون ربٌسهم منهم وقد ٌحلوا للبعض ان ٌسمٌه قابد جوقة الطبالٌن (ضابط اٌقاع) ‪،‬‬
‫نعم فعال فقابد جوقة الطبالٌٌن للسٌاسة العراقٌة علً حسن المجٌد ذلك الرجل الجاهل اِلمً الذي‬
‫صار القابد العام للقوات المسلحة والرجل الثانً بعد المجرم االكبر صدام ‪ ،‬وال ارٌد التفاصٌل‪.‬‬
‫اذا كان كل هذا ‪ ،‬فكٌؾ وصلوا وصعدوا على رقاب الناس اذن؟‬
‫االمر ٌحتاج الى تفكٌر ‪ ،‬وربما ان القاريء سوؾ ٌر ما اقوله حقٌقة ‪ ،‬ولكن لٌنظر الى اسرت ِه‬
‫فً بٌته وتصرفات ارباب العوابل ٌجد ان رب البٌت طاؼٌة ‪ ،‬وعندما ٌنشؤ ابناءهُ فاالقو تكون له‬
‫الهٌمنة والكلمة المسموعة ‪ ،‬وللعشٌرة ربٌس بالسٌؾ والحدٌد والنار ولٌس بالعلم واالختٌار السلٌم ‪،‬‬
‫اذن ‪ :‬ربٌس القوم منهم فال ؼرابة ان ٌكون الحكام العرب ‪ ...‬ال ارٌد االطالة حرصا على الشرؾ‬
‫العربً المنهار من اصله‬
‫عندما عشت فً عالم الؽرب ‪ ،‬نظرت الى القوم بعٌن التمعن فرأٌت ان صاحب العلم ٌضعونه على‬
‫الرإوس وما على الجاهل اال ان ٌجهد نفسه وٌسؤل فٌجد امامه طابورا طوٌال ممن ٌهرول له من‬
‫اجل ارشاده واٌصاله الى هدفه ‪ ،‬وجدت ان رب االسره ٌجهد نفسه من اجل تعلٌم اطفاله ورفع‬
‫مستواهم ـ اذا كان هو اصال رفٌع المستو ـ وال ٌترك شاردة وواردة اال ووضعها بٌن اٌدٌهم ‪ ،‬اذا‬
‫‪332‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تحدث اوالده فؤنه ٌترك كل شًء من اجل ان ٌصؽً لهم وٌستؤنس بآراءهم وال ٌحتقر الرأي مهما‬
‫فلكل‬
‫ٍ‬ ‫كان تافها ‪ ،‬فلٌس عنده شًء تافه ‪ ،‬فبذلك تربى المجتمع على كلمة ـ احترم رأي االخرٌن ‪،‬‬
‫رأٌه وهو ح ّر به ‪ ،‬وعلى االخرٌن االخذ به او تركه ‪ ،‬فً المدرسة‪ ،‬فً العمل‪ ،‬فً الدابرة‬
‫الحكومٌة‪ ،‬ابتداءا من البلدٌة حتى ربٌس الدولة‪ ،‬الٌوجد من ٌقؾ فوق رأسك وٌقول لك اخرس او‬
‫انت عبد والٌحق لك ان تقول او تتنفس او ‪ ...‬كما صرح الكثٌر من علماء المسلمٌن من الطابفة‬
‫السٌنة بصرٌح العبارة ( لٌس لالقلٌة صوت وعلٌهم السكوت والٌحق له مالدفاع عن انفسهم او‬
‫الكالم او االعتراض ‪ ، ) ...‬ففً عالم الؽرب (انت حر ولك رأٌك ولالخرٌن االستماع وعلٌك‬
‫راض وسعٌد ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫االستماع لرأٌهم) ‪ ،‬وعندها ٌصل الجمٌع الى الهدؾ دون صٌاح وضوضاء والكل‬
‫فلٌس الحاكم اال موظؾ فً دابرة ان احسن فلنفسه وان اساء سوؾ ٌخسر عمله وٌطرد منه ‪ ،‬حتى‬
‫الحاكم اذا لم ٌجٌد العمل فلن ٌنتخب ُه الشعب للجولة القادمة ‪ ،‬فهو ٌسعى الرضاء الناس كً ٌبقى فً‬
‫منصب ِه‬
‫اما شعوبنا العربٌة ‪ ،‬فعلى الشعب ان ٌجهد نفسه ؼاٌة الجهد من اجل ان ٌرضى الحاكم ‪ ،‬وؼضب‬
‫الحاكم ٌعنً ان ٌفقد الشعب حٌاته او ٌعٌش فً ؼٌاهب السجن الرهٌب ‪ ،‬فربٌس الدولة فً العالم‬
‫العربً هو السٌد والباقً عبٌد وخدم ‪،‬كما مر بنا فً الجز االول ان الدستور الذي سن ُه عمر بن‬
‫الخطاب وبنت الدولة االموٌة علٌه اركانها قولهم للشهب (تعطً البٌعة على انك العبد ونحن‬
‫االسٌاد)‬
‫فً الؽرب الربٌس هو الخادم والشعب ٌحكم على عمله اجاد ام اساء ‪ ،‬فعمت الناس السعادة‬
‫والحرٌة والكل فً القانون سواسٌة ‪.‬‬
‫اذا اخطؤ سابق السٌاره ٌحاسبه الشرطً حتى لو كان السابق هو ربٌس الدولة نفسه‪ .‬والمحسن‬
‫ٌقابل باالحسان حتى لو كان شخص جاهل بذيء ٌفترش الشارع وال ٌؤوي الى سكن‬
‫واما الحٌاة‪ ،‬فٌختٌارها االنسان نفس ُه لنفس ِه ‪ ،‬فمن اختار ان ٌعٌش عٌش الفقراء الٌقؾ علٌه احد‬
‫وٌجبرهُ على شًء ‪ ،‬ومن اراد ان ٌكون من اهل العلم والعقل والقٌادة فالطرٌق مفتوح على ان ٌجٌد‬
‫الفعل وٌحسن التصرؾ واالختٌار‪ .‬فلٌس للمرأ اال ما سعى وان سعٌه سوؾ ٌُر ‪ .‬وبذا عاشت‬
‫القطة والكلب فً بٌت واحد وؼرفة واحدة بل ونامت القطة على ذراع الكلب فً امان واستؤناس‬
‫ولذا كتب الدكتور عبد الفتاح مرتضى مقاله (كالبنا وكالبهم)‬

‫‪333‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كالبنا‪ ..‬وكالبهم‬
‫تتؤلم (ب‪.‬ب) لسماعها ان مواطنا ً تعامل بقسوة مع كلبه ‪ ..‬كان ٌسمعه موسٌقى ؼٌر التً ٌحب ‪ ..‬فٌصاب الكلب بالكآبة‬
‫وقد ٌمتنع ( ٌضرب) عن الطعام وعدم هز ذٌله ترحٌبا ً بصاحبه‪ ..‬وهً تتؤلم كثٌراً ( ومنظمات حقوق االنسان‬
‫والحٌوان معها) ِلن صاحب الكلب فرض على كلبه نوعا ً من الطعام خالٌا ً من اللحم او السمك او الدجاج ‪ ,‬او اعطاه‬
‫عصٌر برتقال طازج بدل الحلٌب الطازج وربما تعلن بعض المنظمات العربٌة شجبها وإستنكارها وتندٌدها لصاحب‬
‫كلب فرض على كلبه ان ٌنام فً سرٌره الخاص ‪ ..‬ثم تخرج مظاهرات حاشدة ودعوات دولٌة لمحاسبة صاحب الكلب‬
‫النه اشترط على كلبه متابعة إحد القنوات التلفزٌونٌة ومنعه ( ولربما رفع الصحن الالقط الخاص بتلفزٌون كلبه )‬
‫من متابعة قنوات معادٌة! كل هذا ٌجري مع كالب الؽرب ‪ ..‬فكٌؾ حال كالبنا ؟‬
‫كالبنا تعٌش بنعمة ٌحسدها علٌها شعوبنا‪ ..‬فهً لها الحق فً التجوال فً اي مكان دون رادع ‪ ..‬بل هً مدللة جداً‬
‫خصوصا ً فً االماكن الممنوع على الناس التقرب الٌها ( وهً كثٌرة جداً والحمد لِل (‬
‫كما ان كالبنا تنعم بحرٌة العض ِلي كابن ومهاجمته وتمزٌق ثٌابه واثارة الرعب بٌن الناس وخصوصا ً الشٌوخ‬
‫والنساء واالطفال لكن كالبنا التهتم بالسكٌرٌن ( وهم بؤزدٌاد مخٌؾ )‪.‬‬
‫وبسبب تنوع أكالتنا الدسمة والوفٌرة والتً نرمً نصفها فً صنادٌق القمامة لتوقعاتنا بزٌارة ضٌؾ مفاجًء (تٌمنا ً‬
‫بمبدأ حاتم الطابً والكرم العربً) فؤن كالبنا متخمة بهذه ( الزٌادات) وهً تنعم بؤنواع اِلكالت الشرقٌة والؽربٌة دون‬
‫عناء ٌذكر ‪ ..‬ورحم ّللا نصؾ شعوبنا التً تموت جوعا ً وفقراً ال لسبب اال لكً تشبع ( كالبنا)!‬
‫وكالبنا فً نعٌم ‪ ..‬فهً ؼٌر مجبرة على اظهار جنسٌتها او جواز سفرها او هوٌتها او مكان اقامتها ‪..‬‬
‫د‪ .‬عبد الفتاح مرتضى‬

‫المقارنة بٌن الشرق والؽرب لٌس طعنا بالوطن االم ‪ ،‬وامتداحا للوطن الحاضن وانما هو كشؾ‬
‫الحقابق من اجل طلب التؽٌٌر ولذلك تشكلت االحزاب السٌاسٌة واالجتماعٌة واشتؽلت االحزاب‬
‫الدٌنٌة باذلة كل الجهود من اجل التخلص من هذا الواقع المإلم الذي تسبب فً كل هذ ِه المصابب‬
‫والهموم ‪ ،‬ولذلك ارسلت االنبٌاء والرسل من ّللا إلصالح ما فسد من شإون العباد ‪ ،‬ولكن كل هذ ِه‬
‫الحلول لم تصلح ما ٌفسدهُ الطؽاة ابتداءا من الفراعنة القدماء الى فراعنة البعث الذٌن شردونا‬
‫ودمرّوا العراق ‪ ،‬فقامت الجماهٌر الطاهرة لمحاربة الطؽاة وقدمت التضحٌات تلوا التضحٌات من‬
‫الداخل والخارج ‪ ،‬وعلى هذا المسار سار المجلس االعلى للثورة االسالمٌة فً العراق والذي صار‬
‫قابدا له السٌد الحكٌم وبذلت الجهود من اجل اعالء كلمة ّللا واالطاحة بالبعث الفاسد ‪ ،‬فنشؤت‬
‫جمعٌة الرسالة االسالمٌة على نفس البرنام ‪ ،‬انشؤناها فً بالد المهجر لمتابعة العمل من اجل‬
‫التخلص هذا الحكم الظالم وعقدنا الندوات وبذلنا االموال والجهود فؤقامت الجمعٌة مسرحٌتها‬

‫‪334‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االولى بالتعاون مع مركز الهد اللبنانً وكنت من المشاركٌن فً التمثٌل وكانت تحت عنوان‬
‫العاصفة ‪ ،‬وهً من اخراج السٌد سعد المحنا ‪ ،‬كما وعملنا اعمال اخر مشتركة فً نفس المطاؾ‬
‫توضح للناس مظالم الشعب العراقً وترؾ المجتمع بحجم المعاناة بطرق حدٌثة ونشطة والقٌت‬
‫المحاضرات من قبل كبار المشاٌخ ومن ضمنها المحاضرات التً القٌت اثناء السفرة الى حدٌقة‬
‫الحٌوان المفتوحة التً عقدت بعد وجبة الطعام ‪ ،‬وزادت الجهود خالل الفترة ‪ 2002‬الى ‪2003‬‬
‫عندما شاركت الجمعٌة تحت علم المجلس االعلى فً اجتماع لندن فً الوقت الذي تسارعت‬
‫االحداث من قبل امرٌكا والدول االخر المتحالفة‪.‬‬
‫فً الوقت نفسة كانت الجهود متواصلة عبر محطات االعالم وشبكات االنترنت لنقل االخبار‬
‫وؼرؾ المحادثة الصوتٌة على االنترنت بتفاصٌل االحداث‬
‫فً عام ‪ 2002‬تركت تورنتوا وانتقلت الى هاملتون ـ على بعد نصؾ ساعة تقرٌبا من تورونتوـ‬
‫ولحق بً سٌد شاكر البعاج حٌث سبقنا الٌها عدد من اخواننا اعضاء الجمعٌة فكان عالء مشؽول‬
‫بٌن كندا حٌث الجمعٌة واٌران حٌث مقر المجلس االعلى ‪ ،‬لقاءات اتصاالت اجتماعات فكان‬
‫نشاطنا فً هاملتون ال ٌقل اهمٌة عن نشاطنا فً تورنتوا حٌث مركز الجمعٌة والفرق هو عدم‬
‫وجود مركز ثابت لنا فكان اللقاء اما عن طرٌق االنترنت او الهاتؾ او االخبار بالنقل الفردي‬
‫الشفوي‪.‬‬
‫وعندما انشؤت مإسسة الكوثر االعالمٌة الحرة ‪ www.al-kawther.net‬وقمت بنشر االخبار‬
‫بالتفاصٌل ومتابعة االحداث من خالل المراسلٌن ووسابل االعالم المحلٌة والعالمٌة‬
‫العمل استمر حتى عام ‪ 2003‬حٌث تسارعت الجهود من اجل اسقاط حكومة الطؽٌان البعثً ‪ ،‬وقد‬
‫اوردت فً الجزء االول تفاصٌل العملٌات العسكرٌة التً جرت حتى سقطوط الصنم ‪.‬‬
‫قد ٌتصور القاريء من قراءته لالسطر الماضٌة ان الذٌن سكنوا الخارج الٌعانون من شًء وان‬
‫كل شًء قد توفر لهم وتركوا الداخل ٌتصارخ من االلم ‪ ،‬الجواب بالطبع النفً ‪ ،‬فمعاناة الذي خرج‬
‫اضعاؾ ماٌعانٌة الداخل لكون الضؽوط نفسٌة اكثر مما هً جسدٌة ‪ ،‬قد ٌتعرض االنسان فً‬
‫الداخل الى الجوع ونقص فً المالبس او السجن تحت ٌد الطاؼٌة المتجبر ‪ ،‬ولكن االمر بالخارج‬
‫ٌختلؾ ‪ ،‬فمن ترك عابلته والٌستطٌع العودة او االتصال بهم فهو كالسجٌن بٌن االقفاص تض‬
‫مضاجعه سٌاط الؽربة والفراق والم االخبار التً ال تشفً الؽلٌل فالسنوات العجاؾ بالنسبة له‬
‫جفاؾ االوراق من حبر االخبار الطٌبة القادمة من داخل وطنه المثخن بالجراح ‪ ،‬فعندما ٌسمع بان‬
‫‪335‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫السلطة اقتحمت المنطقة الفالنٌة وفٌها له جذر ٌحترق حرقتٌن ‪ ،‬االولى انه ال ٌستطٌع ان ٌدافع‬
‫عنهم بٌد او لسان ‪ ،‬والثانً الٌدري ماٌحدث فال الخبر ٌشفً ؼلٌله وال ٌحرق اوراقه فٌدب فٌه‬
‫الٌؤس من جذوره ‪ ،‬والسنوات العجاؾ تتمثل له مرة اخر عندما ال ٌجد عمال فتجؾ ٌدهُ عن المال‬
‫فال ٌستطٌع انقاذ جذوره فً العراق من مصٌبة العوز هذا اذا كان هو نفسه ال ٌشكوا العوز‬
‫وشضؾ العٌش فٌعٌش الفقر فً قلب الؽنى ‪ ،‬وٌحرم نفسه لذة التمتع بالحٌاة والمؤكل والمشرب‬
‫واللباس والنوم الكافً من اجل ان ٌجمع (الدوالر فوق الدوالر) كً ٌحوّ لها الهله علـ ّ ُه ٌخفؾ عن‬
‫جابع الم الجوع ‪ ،‬وٌسكن فً اتعس االماكن وارخصها من اجل ان ٌرفع عن اهله سٌاط برد الشتاء‬
‫وحرارة الصٌؾ او ٌكسً عرٌانا تمزقت مالبسه فً العراق والٌملك ؼٌر الصبر ٌسد بها جوع‬
‫االمل فً الحٌاة ‪ ،‬فكل عرٌان فً العراق هو ه ٌم ثقٌل على الذٌن ٌسكنون فً بلدان الدوالرات‬
‫ومجاالت االنس والفرح والسرور‬

‫الؽربة ومعاناة البحث عن عمل‬


‫لم ٌكن البحث عن عمل امر سهل مطلقا اٌنما كان ولكن المعاناة فً عالم الؽرب اشد منها فً مكان‬
‫اخر السباب عدة ‪:‬‬
‫احدها اللؽة ‪ ،‬فعلى من ٌؽادر وطنه لٌبحث عن عمل فً وطن اخر ان ٌتعلم لؽة القوم ‪ ،‬وهذا ٌؤخذ‬
‫منه الوقت الطوٌل حتى ٌتمكن من استعمال لؽة القوم الذٌن قدم ضٌفا علٌهم ‪ ،‬وبالتالً من الصعب‬
‫علٌه فهم جمٌع ماٌرٌدون فٌقع فً مصاعب فهمهم والتفاهم معهم ‪ ،‬وهذ ِه الحالة طبٌعٌة لبنً البشر‬
‫ولكن ما هو فوق هذا كله اننا قدمنا حفاة من كل شًء فنحن لسنا ضٌوؾ طالب عمل بل الجبٌن‬
‫مشردٌن نرجوا رحمة المالك والمملوك وقد اضعنا االوطان واالخوان ‪ ،‬ففوق حزن الضٌاع الم‬
‫الفراق والم البحث عن عمل ولعنة اللؽة الجدٌدة ‪ ،‬فمن خرج من لعن ٍة وقع فً اخر ‪ ،‬جٌاع‬
‫ٌتصارخون ٌطلبون زؼٌؾ الخبز منك وانت بٌن نارٌن نار اللؽة ونار البحث عن عمل وتحصل‬
‫على عمل تحتاج الى لؽة وتعلـّم اللؽة الجدٌدة ٌحتاج الى صفاء ذهن وراحة بال ووقت طوٌل ‪،‬‬
‫ومن اٌن تؤتً بها وانت منهك القو ال تدري ما تفعل‪ ،‬هل تختار المدرسة وتعتمد على الدوالرات‬
‫التً ال تسد حتى حاجة االنسان المفرد وهً مخصصة اصال لدفع االٌجار وتؽطٌة الطعام ‪ ،‬واذا‬
‫اردت ان تشتري مالبس فال بد من قطع شًء من الطعام او الحرمان من وجبة فً الٌوم من اجل‬
‫ان تجمع دوالرات قلٌلة لشراء مالبس تلبسها ‪ ،‬او تذهب الى اماكن المالبس المستعملة لتلبس‬
‫‪336‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مالبسه االخرون قبلك فٌستهلك بعد شهر او شهرٌن هذا اذا كانت به روح قوٌة للتحمل وفً الوقت‬
‫الذي تكافح انت من اجل تؽطٌة ما تحتاج للعٌش وتعلم اللؽة ‪ٌ ،‬كافح افراد عابلتك المرض والم‬
‫الجوع ونار االنتظار وانت تحترق بٌن النارٌن ‪.‬‬
‫والمعاناة االخر انك لست من اهل البالد حتى تعلم طرقها ‪ ،‬وبالتالً تحتاج الى الوقت الطوٌل‬
‫حتى تختبر افاعً شبكات العمل وتماسٌحها ‪ ،‬ففً الوقت الذي تعٌش حرب البحث عن العمل‬
‫المناسب ‪ ،‬تحترق عندما تجد نفسك مؽلوب على امرك وقد سرقوا جهودك وانت ال تدري ‪ ،‬فمالك‬
‫العمل قد اعطاك ربع ما تستحق واكل علٌك ثالثة ارباعها ‪ ،‬وعندما تؽادر العمل تطالب بحقك ٌقال‬
‫لك انت كنت تعمل بالنقد المباشر وبال قانون ‪ ،‬وبالتالً تعود الى نقطة الصفر فال انت من المال‬
‫المؽتصب وال انت ممن كسب الوقت والخبرة ‪ ،‬فالعمل الذي قمت به لٌس سو جمع فضالت‬
‫االعمال والتً الٌرؼب بها احد ‪ ،‬وهنا تسلم امرك الى ّللا وتسكت عابدا الى نقطة الصفر‪ ،‬وما‬
‫اكثر الناس الذٌن وقعوا فً فخ اللصوص من اصحاب المالٌٌن من الدوالرات ‪ ،‬وما جمعوا هذ ِه‬
‫المالٌٌن اال لٌكونوا ثقة القوم وٌُعتمد علٌهم وٌتصورهم االنسان المعدم البسٌط الرب الذي البد من‬
‫الرجوع الٌه اال عن طرٌق سرقة جهد المساكٌن ‪ ،‬فهو ٌسرق من الطرفٌن ‪ٌ ،‬عطً نصؾ حق‬
‫العامل وٌؤخذ النصؾ الثانً لٌوزعه بٌن الضرابب والخدمات المزعومة ‪ ،‬ففً طراوة اللسان‬
‫وحالوة الكلمات وذكاء الثعالب تضٌع الضحٌة وتتصوّ ر انها على خٌر ‪ ،‬وفً النهاٌة تظهر الحقٌقة‬
‫ان ذلك الثعلب قد ابتلع الفرٌسة بالكامل ‪ ،‬وعندما تترك العمل تجد الحقابق ان ذلك الرب الثقة كان‬
‫ثعلبا ماكرا ‪ ،‬فتبدأ بلعن الساعة التً تعرفت بها علٌه ‪ ،‬واحٌانا تعلن الشركة التً كنت تعمل فٌها‬
‫ؼلق ابوابها ‪ ،‬او افالسا او بحج اخر وتضٌع اموال العاملٌن والٌقبضون منها (سنتا واحدا ‪one‬‬
‫‪. ) cent‬‬
‫كما حصل معً شخصٌا عندما كنت اعمل فً مخزن فً تورنتو بواسطة وكاالت العمل‪ ،‬وبعد ان‬
‫انتهى العمل وكان اسبوعا واحد استلمت الصك ‪ ،‬وكان من المفروض ان ٌكون حوالً اربع مبة‬
‫دوالر ‪ ،‬كان خالٌا من االموال ‪ ،‬وعندما راجعت وجدت انهم سرقوا اكثر من الؾ دوالر من‬
‫الصك ‪ ،‬ولحقوا بها الصك نفسه فلم اقبض منهم شًء وعدت بخفً حنٌن وضاع الوقت والجهد‬
‫والمال ‪ ،‬انها افاعً وتماسٌح ارباب العمل ‪.‬‬

‫الؽربة وبعض معاناة اصحاب العوائل‬


‫‪337‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من طبٌعة االنسان ان ٌسعى لالسقرار وحب تكوٌن عابلة سعٌدة ومتماسكة وٌطمح لسعادتها وٌعمل‬
‫من اجل تطوٌرها وتقدمها وتربٌتها ‪ ،‬وهو حق طبٌعً فٌختار له زوجة من هنا وهناك وتقع فً‬
‫حبه وٌقع فً حبها وتسٌر االمور على ماٌشاء وٌرٌد فهل هذا القانون دابم ام مإقت‬
‫القانون جمٌل وحق طبٌعً ولكن النتاب ‪...‬‬
‫لم ٌحالفنً الحظ فً ان اكون من اصحاب العوابل فقضٌت طوال هذ ِه الفترة فً حٌاة فردٌة لعل ّللا‬
‫ٌمن علً بالنصؾ الخر ‪ ،‬لذا ال اعرؾ من معاناة العوابل الى شذرات تشطح من هنا وهناك‬
‫وقطرات من فٌض ماء الكؤس رؼم ذلك ان الرأس منها ٌشٌب والقلب ٌحترق وٌتمنى االنسان‬
‫الجحٌم على ان ٌقع فٌها‬
‫واكثر ما سمعته من اصحاب العوابل‪:‬‬
‫المعاناة المادٌة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المعاناة االخالقٌة‬ ‫‪‬‬
‫المعاناة االجتماعٌة‬ ‫‪‬‬
‫سوء التفاهم‬ ‫‪‬‬
‫تؤثر المجتع الخارجً على الزوج ‪ ،‬الزوجة ‪ ،‬االطفال‬ ‫‪‬‬
‫ازدواج الشخصٌة عند الطفل‬ ‫‪‬‬
‫حقوق المرأة وسوء االستخدام‬ ‫‪‬‬
‫ضٌاع حقوق الرجل بٌن قانون الدولة وسرعة رد الفعل وسوء التصرؾ‬ ‫‪‬‬
‫ضٌاع االطفال وانخراطهم فً ملذات المجتمع المتحلل‬ ‫‪‬‬
‫مشكلة الطالق والفراق‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،،،،،،‬قابمة ال تنتهً ونحتاج الى مجلدات ومجلدات من اجل سرد عناوٌنها ناهٌك عن‬ ‫‪‬‬
‫الخوض فً تفاصٌلها ‪ .‬ومن اراد المزٌد فعلٌه البحث والتحقٌق‬
‫مما تقدم نعلم علم الٌقٌن ان االنسان فً الؽرب لٌس بذلك السعٌد الذي ٌحسد على سعادته ‪ ،‬بل‬
‫ذلك المذبوح على مقصلة الزمن‬

‫‪338‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بخال من المعاناة وال اصحاب العوابل ‪ ،‬بل الجمٌع تحت طابلة التحدي العظٌم من‬
‫ٍ‬ ‫فلٌس االعزب‬
‫اجل البقاء على المنه الحق او على االقل الحفاظ على العابلة من التشرد والضٌاع ‪ ،‬ولقد ضاعت‬
‫الكثٌر من العوابل لسبب او آلخر ‪ ،‬فالمرأة تبتؽً امور الٌستطٌع الزوج تحملها او الوقوؾ علٌها‪،‬‬
‫الحرب الشعواء من اجل تمزٌق العابلة الٌستطٌع مقاومتها اال من كان عنده االسلحة الكافٌة‪ ،‬واكثر‬
‫‪-13‬‬ ‫ما ٌتعرض لجراح هذ ِه المعركة هم الشباب‪ ،‬فعندما ٌدخل الرجل او المرأة عمر المراهقة (‬
‫‪ )19‬تبدأ المعركة العنٌفة وبجمٌع انواع االسلحة المتاحة ‪ ،‬فمن جانب انه ٌتعلم فً المدرسة عادات‬
‫وتصرفات المجتمع الشبابً الؽربً وتعلٌمات الهٌبة التدرٌسٌة حول الحرٌة الفردٌة على ان‬
‫االنسان ح ّر بما ٌفعل وال قٌود على تصرفاته ‪ ،‬وبالمقابل تعارضها تعلٌمات االب واالم والتقالٌد‬
‫العابلة االسالمٌة والخروج علٌها ٌعنً الخروج من الدٌن وبما ان الشاب قلٌل المعرفة تستهوٌه‬
‫المعاندة وهو النفس ‪ ،‬امام كل المؽرٌات ‪ ،‬فتجده ٌحمل فً داخل ِه صراعا بٌن الحق والباطل ‪،‬‬
‫الصح والخطؤ ‪ ،‬اٌهم احق باالتباع واٌهم على الطرٌق القوٌم ‪ٌ ،‬ر العدد العظٌم من الشباب فً‬
‫سن ِه ٌفعلون تصرفات تقول عنها قوانٌن المجتمع انها صحٌحة وٌقول االب خالؾ ماٌشاهده االبن ‪،‬‬
‫فاٌهم ٌصدق واٌهم ٌعارض ‪ ،‬اٌهم على الحق واٌهم على الباطل ‪ ،‬هل وهل ‪ ،‬والٌدري اي طرٌق‬
‫ٌسلك ‪ ،‬وهنا تقع المشكلة الكبر ‪ ،‬العابلة ترٌده ان ٌستقٌم على طرٌقها والمجتمع ٌسحبه الى‬
‫طرٌق معاكس‪ ،‬ولٌت الصراع ٌنتهً خالل اٌام او شهر او ربما سنة ‪ ،‬ولكن االمر اكبر من ذلك‬
‫ٍ‬
‫واعظم ‪ ،‬فمن استطاع ان ٌقاوم خالل السنة االولى ٌسقط فً السنة الثانٌة ‪ ،‬وحتى ٌصل العشرٌن‬
‫من العمر ٌكون الوقت قد اكل منه الكثٌر وان جراح الحرب تحتاج الى وقت طوٌل من العالج ‪،‬‬
‫هذا اذا رؼب هو بالعالج او وجد من ٌعٌنه لدفعه الى العالج ‪ ،‬وعندما ٌصل الى الفهم الكامل لما‬
‫وقع به من جراح الحرب ٌجد نفسه فً دوامة اخر ‪ ،‬فعلٌه ان ٌعمل وٌكوّ ن اسرة خاصة به‬
‫وٌخوض حربا اخر تقؾ على بوابة العمر تنتظر دخوله لتنقض علٌه بمخالبها ‪ ،‬فما كان ٌواج ُه‬
‫ابوه منه جاء الدور علٌه لٌجد ابنه ٌواجه نفس الحرب التً كان ٌواجها االب ‪ ،‬معركة ال تنتهً‬
‫ولن تنتهً دوابرها الى ٌوم القٌامة ‪.‬‬
‫فهل سمعت عزٌزي القاريء الكرٌم بؤبن قتل اباه ‪ ،‬او انهال على ابٌه ضربا بالٌمٌن والشمال ‪ ،‬او‬
‫طرده اباه من البٌت فصار االب هو المشرد بعد كل معاناة التربٌة ‪ ،‬نعم لقد حدث من هذا الكثٌر‬
‫الكثٌر‪ .‬ولكن لطالما سمعت وشاهدت عن ابناء استقاموا على الخط القوٌم وصاروا من كرام الناس‬

‫‪339‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بل وساروا بالعابلة على الصراط المستقٌم حٌث خرجوا من الحرب منتصرٌن ومفتخرٌن بهذا‬
‫النصر العظٌم‪.‬‬
‫ان نٌران الحرب اما ان تؤكل االخضر والٌابس او ٌخرج منها الشاب المراهق منتصرا ٌفتخر‬
‫بنفسه وٌفتخر به اهله ومجتمعه‪.‬‬
‫ولعل مارأٌته كان اقل بمالٌٌن المرات مما اطلع علٌه ؼٌري او عاناه ‪ ،‬فمن واجه النار لٌس كمن‬
‫سمع عنها‪ ،‬وٌبقى السإال طرٌّا‪ ،‬هل هناك وسٌلة لحل كل هذ ِه المصابب ؼٌر العودة الى ّللا ودٌن‬
‫االسالم وانشاء دولة االسالم تحت رعاٌة امام االسالم وقابده الشرعً فً الوطن االم ؟‬
‫اترك االجابة للقاريء ٌبدي رأٌه وٌبحث بنفسه عن الحلول‬
‫تقول الرواٌات ان االمام صاحب الزمان عجل ّللا َف َر َج ُه عندما ٌظهر على امور الناس فإن ُه ٌقودها‬
‫نحو الطرٌق القوم وٌمأل االرض عدال وقسطا كما مُألت ظلما وجورا ‪ ،‬فهل سٌكون للمرأة الحق‬
‫كما للرجل الحق ام ان الثورات سوؾ تتؤج والحرب سوؾ تشتعل عندما ٌقول للمرأة توقفً عن‬
‫ابراز مفاتنك والتزمً بقانون وضع ُه خالق السماوات واالرض فً الوقت الذي تنفجر هً حتى‬
‫بوجه الخالق العظٌم متحدٌة جمٌع القوانٌن الطبٌعٌة وؼٌر الطبٌعٌة‪ .‬ام ستخرج علٌه عابشه جدٌدة‬
‫بحرب جمل جدٌدة ؟ ‪....‬‬
‫فحقوق المرأة فً عالم الؽرب كسور الصٌن وسالح الرجل البكاء عند االحجار القاعدٌة االولى‬
‫راض عن ذلك او ساخط‬
‫ٍ‬ ‫لذلك السور مقٌّد االٌدي واالرجل الحول له وال قوة‪ ،‬فمكانة الرجل ـ وهو‬
‫ـ دون مستو الحٌوانات االلٌفة كـ(الكلب والقطة ودونهما) فالرجل فً عالم الؽرب عند المرأة‬
‫الؽربٌة لذة الفراش وسعادة اللقاء المإقت ‪ ،‬ثم ٌنتهً كل شًء ‪ ،‬اما فً القانون االسالمً فالمرأة‬
‫اسمى واعلى من ان تكون مجرد انثى تفعل ما تشتهً وٌتالعب بها الهو الشٌطانً كٌفما ٌشاء ‪،‬‬
‫المرأة فً عالم االسالم هً االم التً على عاتقها انشاء المجتمع الراقً العمالق ونشؤة االجٌال‬
‫العظٌمة القدر‪ ،‬لٌتحقق فٌها قول الحكٌم "وراء كل رجل عظٌم امرأة عظٌمة" فالتكون المرأة‬
‫حبٌسة مهمشة وتحت سٌاط الظلم العظٌم القاهر‪ ،‬وال تترك كؤنه دمٌة تتالعب بها شهوات‬
‫الطرقات‪ .‬فإن فهمت المرأة المسلمة فً الؽرب حقٌقتها استفادت من القانون لحماٌتها ولم تستؽله‬
‫وتسًء استخدامه‪ .‬فلٌس من المعقول ان تقوم المرأة العاقلة المإمنة برفع هاتؾ المنزل وتنادي‬
‫الشرطة وتوقع زوجها الذي بذل اقصى مهجته من اجلها بٌن اقفاص السجون لمجرد انه اعترض‬
‫علٌها او ربما تجاوز حدود عقله لضؽوط الزمن والحٌاة‪ .‬قد ٌتصور القاريء انه لم ٌحدث ‪ ،‬بل‬
‫‪340‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حدث ذلك فكان ان انهدمت اسرته وضاع اوالده فكانت هً فً احضان الشٌاطٌن وذهب ابناءهُ فً‬
‫طرقات كندا الملٌبة بالموبقات وكان مصٌره السجن والطالق ثم الرحٌل تاركا خلفه جمٌع‬
‫التضحٌات لسنوات تجاوزت العشرٌن او الثالثٌن سنة ‪ ،‬لٌعود الى الصفر وٌبدأ البنٌان على انقاض‬
‫من رماد المعركة‪.‬‬
‫هذ ِه صورة لبعض الحرٌق فً دول الدٌمقراطٌة والحرٌة والدوالرات والمادٌات فالخطؤ ٌكلؾ‬
‫االنسان الكثٌر الكثٌر ‪ ،‬والصبر وتحمل المعركة قد ٌإدي الى االنتصار وتحقٌق االهداؾ السامٌة‪،‬‬
‫فإنشاء عابلة تصل الى قمة السلم الحٌاتً وترتقً الى درجة ان ٌكون ابنها من افضل الناس‬
‫ُ‬
‫وعلمت من ذالك ‪ ،‬الخٌر والشر على ح ٍد‬ ‫ُ‬
‫وشاهدت‬ ‫ُ‬
‫سعمت‬ ‫واعالهم مكانة وعلما واخالقا ولطالما‬
‫سواء‬

‫مسيرتي مع الشعر واالدب‬


‫لم تكن مسٌرتً مع الشعر واالدب اال من باب حب االطالع والفضولٌة فقد قرأت وحفظت الكثٌر‬
‫من المقطوعات االدبٌة نثرا وشعرا اٌام الدراسة وحاولت ان اتطاول على الورقة والقلم االدبً‬
‫واكتب منظومات وخواطر ادبٌة اٌام الخدمة العسكرٌة االجبارٌة ـ الثمانٌنٌات ـ واٌام تواجدي فً‬
‫السعودٌة ـ التسعٌنٌات ـ حتى وصلت الى كندا ‪ ،‬فقل هذا االندفاع النشؽالً بامور اخر اكثر نفعا‬
‫واوسع اطارا ‪ ،‬رؼم ذلك كتبت بعض المنظومات الشعرٌة اورد بعضها لالستدالل لٌس اال ‪:‬‬
‫جٌبً االٌمن مثل مٌزانً فارغ ـ واالٌسر هم بعد كله فرؼته‬
‫صل ع َل النبً الهادي وعترته‬
‫ِ‬ ‫لو ردت مٌزانك ٌمتلــــً ـ‬
‫وفً ذكر مولد امٌر المإمنٌن علٌه السالم ‪:‬‬
‫انا مو شاعر والبالشعر معروؾ ـ سالٌة قلم باسمك ٌاعلً خطت‬
‫منو المِثلك صفى بهالكـــون ـ وٌابطن شالت وحملت ونگلـت‬
‫مرٌم ساعت الضٌ تحٌّرت ــ من الحرم شردت ‪ ،‬عند النخل ولدت‬
‫بٌت ّللا للعبادة صافً تگول ـ والنخلة الٌابسه خضّرت ومنها تؽذت‬
‫وبٌوم ابو الحسٌنٌن ‪ ،‬كعبة االسالم ح ّنت وانحنت ‪ ،‬رحبت وانفرشت‬
‫گالوا انشگـ الجدار بمولد الكرار گلت " ال " الكعبة من شافته مگبل ابتسمت‬
‫ابتسامة سجل التارٌخ ذكراها ـ واثار الدخول إلهالوكت شاهدة ماندثرت‬
‫‪341‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫شنو الشعر‪ ،‬شنهو اوراق ‪ ،‬شنو اقالم خطت وكتبت‬


‫هذا علً حٌدر الكرار ـ مثله االمة بعد ماولدت‬
‫ـــ‬
‫وقد شاركت فً بعض االحتفاالت والقٌت الخواطر الشعرٌة التً كتبتها وبعض المقاطع االدبٌة‬
‫والمقاالت ‪ ،‬ولكن اكثر ما كتبت هو المقاالت فقد بدأت بكتابة المقاالت السٌاسٌة فً تورنتو فً‬
‫‪ 2001‬وزاد نشاطً عندما شجعنً دكتور عبدالفتاح مرتضى عندما كان انتاجه كثٌفا فً ‪، 2002‬‬
‫‪ ، 2003‬فكنت اخذ مقطع من المقاالت االخبارٌة السٌاسٌة وابدأ بوضع تعلٌقاتً علٌها وابدي رأًٌ‬
‫فً الموقؾ حتى تطور االمر الى البحث فً جذور االحداث فكتبت سلسلة مقاالت تحت عنوان‬
‫"االمبراطورٌة البرٌطانٌة ولكن بالثوب االمرٌكً هذ ِه المرة" وجمعتها فكانت الفكرة ان اكتبها على‬
‫شكل كتاب ولكن االمر لم ٌكن مجرد فكرة بسٌطة فالقاريء ٌرٌد البحث والمزٌد من لماذا وكٌؾ‬
‫ومتى فبدأت افكر فً تؤلٌؾ بؽداد من هوالكو الى بوش وهكذا ظهر هذا االنتاج الضخم الذي بٌن‬
‫ٌدي القاريء الكرٌم‪.‬‬
‫هذ ِه الجهود الفنٌة والمقاالت اصبحت لً الفضاء الذي افرغ به همومً وحسراتً ومتاعبً‬
‫ودمعاتً ووحشتً فكان هً السلو لً ‪ ،‬فعندما اكتب المقال افرغ فٌه جمٌع ما املك من احاسٌس‬
‫وعواطؾ لتخرج صادقة من القلب لعلمً ان ماٌخرج من القلب ٌسقط الى القلب دون تصنع‬
‫وتزوٌق لذا المتتبع للكتاب كله الٌجد فٌه تكلفا فً اختٌار االلفاظ وانما هً ما حقابق تتلجل فً‬
‫الصدر وتنزل على حروؾ جهاز الكومبٌوتر (الحاسوب) بدون ان تمر عبر الورق‪.‬‬
‫وصحٌح ان الؽربة هً مركز المعاناة واآلالم ولكنها المدرسة التً تدرب االنسان على الصبر‬
‫وتحفزه على االندفاع نحو تحقٌق النصر فً معركة الٌدري من العدو فٌها ومن اٌن ٌخرج ‪ ،‬فٌكون‬
‫متؤهبًا ومتوقعا ان ٌتحول العدوا الى صدٌق والصدٌق الى عدو فً اي لحظة ‪ ،‬فٌكون حذرا من‬
‫الجمٌع الٌكشؾ سره الى احد حتى لو كانت زوجته واطفاله ففً دول الحرٌة قد تتحول الزوجة الى‬
‫عدو خطٌر للؽاٌة كما مر بنا فً االسطر الماضٌة ‪ ،‬وقد تحصل على مساعدة من شخص تحسب ُه‬
‫من االعداء والحاقدٌن لمجرد ابتسامة او تسامح فكل شًء جابز فً عالم العجابب والؽرابب ـ دول‬
‫االؼتراب‪.‬‬
‫الفرح والحزن والدمعة واالبتسامة في كؤس واحد‬

‫‪342‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من ٌقرأ االسطر الماضٌة ٌستشؾ من خاللها ان االنسان فً دول الؽربة والتؽرٌب ٌقع تحت‬
‫طاولة الحزن والفرح ‪ ،‬فال ٌدري متى ٌحزن ومتى ٌفرح بل وربما ٌختلط لدٌه االمر فالٌدري هل‬
‫ٌفرح وٌضحك ام ٌبتسم وٌتسامر مع الناس ‪ ،‬ام ٌحزن فتسٌل عٌون ُه دمعا من حرقة االلم والحزن‬
‫ولٌس له اال ان ٌتؤسى بكالم امٌر المإمنٌن (ع) ‪( :‬والترٌن الناس اال تجمال ـ نبا بك دهر او جفاك‬
‫خلٌل ) فهو الحل الوحٌد ‪ ،‬ان تلتقً الناس بإبتسامة عرٌضة تمأل بها حٌاة االخرٌن بالبهجة‬
‫والسرور رؼم نٌران الحزن وااللم التً تحرق قلبك ‪ ،‬وقد ٌتصورها بعض الناس نفاقا اجتماعٌا ‪،‬‬
‫او نفاقا سٌاسٌا ‪ ،‬ولكنها الحقٌقة ‪ ،‬فلٌس فً الناس من ٌشاركك الحزن اذا اظهرت حزنك او ٌحاول‬
‫اظهار االسؾ الجل ما ٌسمعه ‪ ،‬اال القلٌل ممن تراهم كل ٌوم ولهم عالقة طٌبة معك ‪ ،‬فهإالء‬
‫ٌسؤلونك عن كل صؽٌرة وكبٌرة وٌشعرون بما تشعر ‪ ،‬ففً كندا على سبٌل المثال والتً اعٌش‬
‫فٌها ‪ٌ ،‬عٌش الناس كلهم فً توافق ظاهري على اختالؾ االصناؾ واالدٌان واالعراق وااللوان ‪،‬‬
‫فالمهم عندهم ان ٌرونك بٌنهم وفٌهم وٌفرحون بلقاءك امام عٌنك ‪ ،‬وٌنسونك ـ اال ماندر ـ اذا‬
‫اختفٌت عن ابصارهم ‪ ،‬رؼم انهم ٌبتعدون عن إٌذابك او التفكٌر فً ذلك ‪ ،‬فلٌس من شؤنهم التفكٌر‬
‫فً اٌذاء االخرٌن على ان الٌجدون منك اذ ً علٌهم ‪ << ،‬وشعارهم افعل ماتشاء ولكن ال تإذي‬
‫احد ‪ ،‬او ال تإذنً وال أإذٌك ( ‪ >> )don't hurt me , I don't hurt you‬اذا شاهدوك تقع‬
‫فً مشكلة ٌتراكظون الى مساعدتك اٌنما كنت ‪ ،‬عرفوك او لم ٌعرفوك ‪ ،‬هل كان هذا اللقاء االول‬
‫امن انهم على لقاء دابم بك ‪ ،‬مادام امر المساعدة قضٌة انسانٌة فحسب ‪ٌ ،‬تركون كل شًء‬
‫وٌهرعون لمساعدتك ‪ ،‬شاهدت الكثٌر ولمست الكثٌر وعرفت الكثٌر عندهم ‪ ،‬فانا اعٌش بٌنهم ‪،‬‬
‫وكما حدث لً عندما وقعت فً الشارع وكنت قادما من التسوّ ق حٌث توقفت فً منتصؾ الطرٌق‬
‫‪ ،‬حاولت االستمرار بالمسٌر ولم اتستطع ‪ ،‬جلست لالستراحة ‪ ،‬لم تسعفنً قواي ‪ ،‬بل ان االمر‬
‫تعد ذلك الى ان شعرت باالعٌاء الشدٌد فلم اجد نفسً اال ان تمدد جسدي على الشارع ‪ ،‬وقد‬
‫وقؾ الناس حولً ‪ ،‬هل ترٌد المساعدة ؟‬
‫عندما لم ٌسمعوا منً اجابة ‪ ،‬بدا لهم االمر ان ال بد من فعل شًء ‪ ،‬فاالمر الٌحتاج التؤخٌر ‪،‬‬
‫سمعتهم ٌقولون ان سٌارة االسعاؾ بالطرٌق الٌك ‪ ،‬علمت من ذلك انهم اتصلوا بالشرطة‬
‫واالسعاؾ ‪ ،‬وكان بٌد احدهم ملؾ من االوراق ‪ٌ ،‬وضعها تحت رأسً كوسادة لحماٌتً من حر‬
‫الرصٌؾ ‪ ،‬دقابق واذا باالسعاؾ والشرطة حولً ‪ ،‬وضعونً فً االسعاؾ ‪ ،‬وكانوا ٌطرقون علً‬
‫السإال تلو االخر ‪ ،‬ماذا ترٌد ان نفعل ‪ ،‬قلت ان معً اؼراض التسوق ‪ ،‬قال الممرض للشرطة ‪،‬‬
‫‪343‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫انه قلق على دراجته واؼراضه ‪ ،‬قالو لً ان الشرطة سوؾ تعتنً بها وٌؤخذونها مك الى مكان‬
‫امن من المستشفى ‪ ،‬عندها نقلونً الى المستشفى ‪ ،‬وبعد ساعات عدت ادراجً على دراجتً بعد‬
‫مؽٌب الشمس الى البٌت وانا بخٌر وعافٌة ‪ ،‬والحمد لِل رب العالمٌن وشكرا ٌا كندا وٌا كندٌٌن ـ‬
‫دولة كافرة فً نظر المسلمٌن لكنهم تمأل قلوبهم الرحمة ببعضهم البعض ‪ ،‬اعانونً لم ارهم قبل‬
‫ذلك ولم ارهم بعدها ‪ ،‬كل ما هنالك شعروا بحاجتً للمساعدة فتراكضوا للتضحٌة بالوقت وما‬
‫استطاعوا القٌام به ‪ ،‬ال فرق عندهم ‪ ،‬اشكرتهم ام كنت من الجاحدٌن ‪ ،‬المهم عندهم انهم ٌشعرون‬
‫بالسرور انهم قدموا للمحتاج مساعدة مفٌدة ‪.‬‬
‫وال ارٌد الحدٌث عن الدٌمقراطٌة ‪ ،‬فهً ؼنٌة عن التعرٌؾ ‪.‬‬
‫‪--------------------‬‬

‫‪344‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫باب ‪:‬‬
‫وجاء نصر هللا الموعود‬
‫فصل ‪:‬‬

‫بوش يستعد لدخول المعركة في العراق‪:‬‬

‫بوش يستعد لدخول المعركة في العراق‪:‬‬


‫رددت االخبار قول بوش ان صدام عدو حتى ٌثبت العكس وتؤكٌدهُ أن حدٌثه عن أمن العالم ال ٌعنً‬
‫فقط محاربة تنظٌم القاعدة ولكن أٌضا الدول التً أثبتت سوء تعاملها مع جٌرانها وقوله بنٌة البقاء‬
‫‪345‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫زعٌما متروٌا بخصوص الملؾ العراقً وأن ٌواصل مشاوراته مع الكونؽرس والدول الحلٌفة‬
‫لواشنطن‪ .‬وكان قد تناس انه لم ٌترو فً ضرب شعب فً اقصى االرض وزج نفس ِه بحرب مع‬
‫دولة ال تكاد ان تكون دولة بسبب كثرة الح روب والمشاكل التً تعانٌها وشدة وقساوة الحال الى‬
‫درجة الموت الزإام ولكن شاءت الصد ؾ واالقدار ان ٌنقلب االستعمار االمرٌكً الى انقاذ هذا‬
‫الشعب من محنة حكومت ِه الظالمة واستؼلت اطراؾ اخر الموقؾ لصالحها رؼما عن انؾ القوة‬
‫العظمى والتً ارادت ان تكون الرٌاح تجري لصالح سفنها ‪ .‬وبالفعل افاق الناس على صوت‬
‫حكومة جدٌدة فرضت نفسها على الساحة وانتهى امر بحسنات وسٌبات لسنا فً حاجة لسردها ‪.‬‬
‫فهل ٌتوقع ان ٌكرر التارٌخ نفسه فً العراق هذ ِه المرة ؟‬
‫االرض ؼٌر االرض والشعب ؼٌر الشعب واالمور ؼٌر االمور والقانون واحد !! ‪ .‬هل ٌتصور ان‬
‫الطالبان وهل ان صدام او من ٌمثل دور صدام بدرجة الؽباء‬ ‫التعامل مع صدام كالتعامل مع‬
‫الطالبانً ؟‬
‫قد ٌقول القابل لماذا قلت ٌمثل دور صدام ‪ ،،‬اقول ان االمر لٌس بالسهل ان تعرؾ رجل من اكبر‬
‫طؽاة االرض فقد انفق المالٌٌن لحماٌة نفسة وخاصة باختالق قضٌة الشبٌه الذي ال ٌعرؾ الناس‬
‫هل هو صدام ام شبه ُه ‪.‬‬
‫زمن والناس تحكم بؤسمة وما صدام اال شبح فً عالم‬ ‫ثم ما ٌدرٌك لعل صدام قد مات فعال منذ‬
‫السٌاسة المظلم الؽامض ‪ .‬فلٌت شعري هل ٌستطٌع بوش ان ٌخلصنا من حكومة صدام التً جاءوا‬
‫الخادم المطٌع لهم فً المنطقة من اجل ذبح العراقٌٌن خاصة‬ ‫بها االمرٌكان والٌهود كً تكون‬
‫واالسالم عامة ‪ ،‬الٌس هذا اللعٌن من ذاك اللعٌن الذي اقدم على قتل رٌحانة رسول ّللا (ص) وفعل‬
‫ما فعل خطوة بخطوة ‪ ،‬الٌس الذي خلؾ معاوٌة زماننا كالذي خلؾ معاوٌة زمانهم ‪ .‬ثم تؤتً‬
‫امرٌكا لتقول ان صدام عدو حتى ٌثبت العكس ‪ ،‬اي حتى تعود الثقة الشعبٌة االمرٌكٌة بان صدام‬
‫هو ابن امرٌكا وابن الموساد االسرابٌلً ولٌس العكس ‪.‬‬
‫فصدام لٌس عدوا اذا عادت الثقة االمرٌكٌة به ِ وعادت ـ حلٌمة الى عادتها القدٌمة ـ وان العدالة‬
‫االمرٌكٌة كما ٌتصورها بوش بان مصالح امرٌكا فً المنطقة هً االول واالخر ‪ .‬فمتً ٌستفٌق من‬
‫ٌتمنى العهد البريطانً فً القرن الماضً لٌجدد نفس البرنام بالصوت االمرٌكً ‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد كان لبرٌطانٌا نفس الخط فً القرن الثامن والتاسع عشر والعشرٌن ونفس المخطط ٌتجدد الٌوم‬
‫ولكن امرٌكا هذ ِه المرة االمبراطوٌة الجدٌدة التً تتمنى ان ال تؽٌب عن مستعمراتها الشمس ‪ ،‬الٌس‬
‫كذالك‬

‫فصل في ‪:‬‬
‫بن الدن واحداث ‪:September 11, 2001‬‬
‫من هو ابن الدن ؟‬
‫تقول الموسوعة الحرة ‪ ar.wikipedia.org‬ان ‪ " :‬أسامة بن الدن ( ولد فً ٌوم اِلحد ‪ 8‬شعبان‬
‫‪ 1376‬هـ ‪ -‬ومات مقتوال فً ٌوم اإلثنٌن ‪ 28‬جماد اِلولى ‪ 1432‬هـ) نجل الملٌاردٌر محمد بن‬
‫‪ 17‬من أصل ‪ 52‬أخ وأخت‪ .‬درس فً‬ ‫عوض بن الدن وترتٌب أسامة بٌن إخوانه وأخواته هو‬
‫جامعة الملك عبد العزٌز فً جدة وتخرج ببكالورٌوس فً االقتصاد لٌتولً إدارة أعمال شركة بن‬
‫الدن‪ .‬ترك والده ثروة تقدر بتسعمابة ملٌون دوالرفمكنته ثروته وعالقاته من تحقٌق أهدافه فً دعم‬
‫المجاهدٌن اِلفؽان ضد الؽزو السوفٌٌتً ِلفؽانستان‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وهو مإسس وزعٌم تنظٌم القاعدة‪ .‬وهو تنظٌم سلفً جهاد مسلح أنشا فً أفؽانستان سنة‬
‫‪ .1988‬زج بن الدن بتنظٌم القاعدة فً حروب ضد أعتى قوتٌن فً العالم وهما اإلتحاد السوفٌٌتً‬
‫والوالٌات المتحدة حٌث حارب اإلتحاد السوفٌٌتً إبان ؼزو أفؽانستان وحارب الوالٌات المتحدة‬
‫‪1998‬م الجبهة‬ ‫حٌنما ؼزت العراق وأفؽانستان‪ .‬وأعلن باالشتراك مع أٌمن الظواهري عام‬
‫العالمٌة للجهاد ضد الٌهود والصلٌبٌن والتً نجم عنها الحقا ً ما ٌسمى الحرب على اإلرهاب أو‬
‫الحملة الصلٌبٌة العاشرة‪.‬‬
‫بعد وفاة والده‪ ،‬وكان أسامة وقتها فً الحادٌة عشرة من عمره بلػ نصٌبه من التركة ما ٌعادل‬
‫‪ 300‬ملٌون دوالر‪ ،‬استثمرها فً المقاوالت وفً ؼٌرها ولكنه فشل‪ .‬على أن ثروته وعالقاته‬
‫مكنته من تحقٌق عمل آخر‪ ،‬وهو دعم المجاهدٌن اِلفؽان ضّد الؽزو السوفٌاتى ِلفؽانستان‪ .‬وفى‬
‫منظمة دعوٌّة وأسماها "مركز الخدمات" وقاعدة للتدرٌب على فنون‬‫سنة ‪1984‬م أسّس ابن الدن ّ‬
‫الحرب والعملٌات المسلحة باسم "معسكر الفاروق" لدعم وتموٌل المجهود الحربً للمجاهدٌن‬
‫اِلفؽان‪ ،‬وللمجاهدٌن العرب واِلجانب فٌما بعد‪ .‬وبعد انسحاب القوات السوفٌاتٌة من أفؽانستان‬
‫ومع بداٌة الؽزو العراقً للكوٌت عام ‪1990‬م خرج ابن الدن من السعودٌة هاربا ً إلى السودان‪.‬‬
‫وهناك أسس تجارة فاشلة أٌضا ومركزاً جدٌداً للعملٌات العسكرٌة فً السودان"‪.‬‬
‫اسامة بن الدن تاجر مارس التجارة وصار من اصحاب المالٌٌن ‪ ،‬درس الفقه السنً السفلً‬
‫الوهابً واتقن الدور المطلوب منه ان ٌلعبه ‪ ،‬دخل اللعبة السٌاسٌة مع امرٌكا والمخابرات‬
‫االمرٌكٌة اثناء اٌام الحرب الباردة بٌن امرٌكا وروسٌا فكانت افؽانستان الساحة االمثل لوجوده ‪،‬‬
‫بعد ان انتهت الحرب الباردة وانتصرت امرٌكا ‪ ،‬كان اسامة بن الدن تحت رعاٌة امرٌكا ‪ ،‬ولكن‬
‫الظروؾ التً احاطت المنطقة وتؽٌر المصالح ساعد فً نشوء حركات جدٌدة من بٌنها الحركات‬
‫االسالمٌة المتطرفة التً ٌشرؾ علٌها بن الدن ‪.‬‬
‫امريكا تتهم بن الدن في احداث سبتمبر في امريكا ‪:‬‬
‫ُ‬
‫وكنت طالبا فً المدرسة االعدادٌة (هاي‬ ‫فً صباح الحادي عشر من اٌلول عام الفٌن وواحد ‪،‬‬
‫سكول) فً تورنتو الكندٌة لدراسة اللؽة ساعتها ‪ ،‬عندما انتشر خبر ضربة ارهابٌة ضربت امرٌكا‬
‫‪ ،‬لم ٌصدقها البعض ولكن الخبر زاد تؤكٌدا عندما سقطت ابراج التجارة العالمٌة فً امرٌكا بثالث‬
‫ضربات متوالٌة من طٌارٌن انتحارٌٌن ـ كما انتشر الخبر ـ توقؾ الدوام الرسمً لكل دوابر الدولة‬
‫فً ذلك الٌوم ورجعنا الى البٌت ‪ ،‬لنشاهد الفاجعة الكبر التً ذهب ضحٌتها العدٌد من الناس ‪.‬‬
‫‪348‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ، CNN TV‬اثٌرت شكوك عدٌدة حول‬ ‫وبعد التدقٌق على التسجٌل الصوري الذي اعاده‬
‫الموضوع حول مد مصداقٌة ان طابرة تسقط هذا البناء الرهٌب المتقن الصنع ‪ ،‬طلع لنا‬
‫التلفزٌون بتصرٌح خطٌر ساعتها ‪ ،‬ان بن الدن هو المسإول االول عن هذ ِه العملٌة ‪ ،‬سخر البعض‬
‫من هذ ِه االخبار واخذها البعض موضع الجد ‪ ،‬واول الساخرٌن كان الربٌس اللٌبً معمر القذافً‬
‫بكلمة قصٌرة ٌقول مختصرها ـ هل من المعقول ان ٌقوم مثل هذا البعٌر الصحراوي بضرب دولة‬
‫عظمى مثل امرٌكا ـ واعتقد ان الرجل كان على حق فً هذا ‪ ،‬اال انها السٌاسة ‪ ،‬ولٌس موضعنا‬
‫االطراد فً سرد القصة‪ ،‬المهم كان بن الدن حجة امرٌكا فً حرب اشتعلت ولم تنطفًء ‪،‬‬
‫وانطفؤت على اثرها منظمة من اكبر المنظمات االرهابٌة المتطرفة فً العالم ـ طالبان ـ وحكومة‬
‫طالبان فً افؽانستان التً ساقت الموت والدمار اخذها التٌار االمرٌكً بضربة عسكرٌة ساحقة‬
‫وصفعة تارٌخٌة ‪ ،‬بعد ان انتهت المهمة فً افؽانستان واستقر االمر لالمرٌكان ‪ ،‬اعطت محطة‬
‫التلفزٌون االمرٌكً (سً ان ان) اشارة سرٌعة جدا وصمتت عنها لفترة طوٌلة‬
‫‪CNN TV : Iraq is next‬‬
‫ومعناها ‪ ،‬العراق هو القادم بعد افؽانستان‬
‫فالش ساوند ‪ ،‬وخمد الفالش‪ ،‬مرت سنة حول الموضوع ولم ٌتطرق له احد من بعٌد وال من‬
‫قرٌب‪ ،‬حتى عادت فً نهاٌة سنة ‪ 2002‬م ‪ ،‬لتطرق الموضوع مرة اخر ‪ ،‬العراق ٌشترك فً‬
‫ارسال رسابل محملة بـ (االنثركس) الى امرٌكا ومختومة بختوم عراقٌة ومصدرها الرمادي‬
‫العراقٌة ‪ٌ ،‬عنً ان العراق له الٌد فً نشر جرثومة االنثركس التً اصابت البرٌد الؽربً ‪ ،‬مما‬
‫اثار الضجة فً الشارع االمرٌكً بٌن مإٌد ومعارض‪.‬‬

‫رسائل عراقية تطالب امريكا بالتدخل في العراق ‪:‬‬


‫امطرنا البٌت االبٌض بالرسابل والزوار مطالبٌن الحكومة االمرٌكٌة بازاحة صدام ‪ ،‬وقد شاركت‬
‫انا شخصٌا بشكل فردي وجماعً بامطار البٌت االبٌض بالرسابل مطالبٌن الحكومة االمرٌكٌة‬
‫بازاحة حكومة البعث ‪ .‬كما زار البٌت االبٌض شخصٌات كبٌرة من المعارضة العراقٌة ‪ ،‬المهم‬
‫اقتنع البٌت االبٌض بمبادرة بوش بإرسال جٌوشه ‪ ،‬ولكن هل اقتنع الحلفاء بذلك؟ ‪.‬‬
‫خرجت مظاهرات مإٌدة واخر معارضة ‪ ،‬صرخت دول اوربٌة وؼٌر اوربٌة بوجه‬ ‫‪‬‬
‫امرٌكا بان ال تدخل الحرب العراقٌة ‪،‬‬
‫‪349‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اجتمعت الجامعة العربٌة واجمعت ان دخول امرٌكا للعراق ٌعنً جرٌمة تارٌخٌة ال‬ ‫‪‬‬
‫تؽتفر ‪،‬‬
‫الدخول هذا يعني هالك المنطقة‬ ‫صرحت شخصٌات دٌنٌة كبر سنٌة وشٌعٌة بان‬ ‫‪‬‬
‫واؼراقها تحت االحتالل االمريكي ‪ ،‬واول المصرحٌن كان السٌد فضل ّللا والسٌد نصر‬
‫ّللا فً لبنان ‪،‬‬
‫اعلنت معارضتها اٌران خوفا من دخول امرٌكا الى اراضٌها‬ ‫‪‬‬
‫تركٌا رفضت المقترح االمرٌكً ثم خمد صوتها‬ ‫‪‬‬
‫السعودٌة خمد صوتها‬ ‫‪‬‬
‫قطر اعلنت انها معارضة للتدخل االمرٌكً اال ان اراضٌها تحت تصرؾ امرٌكا ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فتحت الكوٌت ذراعٌها وجمٌع امكاناتها لمشاركة امرٌكا فً التخلص من صدام ـ ال حبا‬ ‫‪‬‬
‫فً امرٌكا ولكن بؽضا لصدام الذي دخلها ودمرهاـ ‪،‬‬
‫اهتزت اركان العدٌد من الدول معارضة للتدخل االمرٌكً بمالٌٌن المتظاهرٌن احتجاجا‬ ‫‪‬‬
‫‪ .‬اال ان االمر كان فً الشارع‬ ‫على الحرب ‪ ،‬ال حبا في صدام ولكن بعضا المريكا‬
‫البرٌطانً فً اخطر حال ‪ ،‬كادت ان تكون حربا بٌن طرفً النزاع بؽضا فً الحروب‬
‫لوال معرفة الحكومة البرٌطانٌة واسلوبها المرن فً التعامل ‪ ،‬ال لشًء سو انها ترٌد‬
‫دخول العراق الذي اخرجها منه عبدالكرٌم قاسم ‪ ،‬والعودة الى العراق ٌعنً لهم الكثٌر ‪.‬‬
‫الطموح االمرٌكً السٌطرة على العالم كله وتكوٌن امبراطورٌة ال تؽٌب عن مستعمراتها‬ ‫‪‬‬
‫الشمس ‪،‬‬
‫والطموح العراقً التخلص من البعث والصدامٌٌن وحكومته االجرامٌة التً فتكت‬ ‫‪‬‬
‫بالشعب العراقً الى ابعد الحدود ‪،‬‬
‫اتحد طموح المتخاصمٌن فً نقطة واحدة ‪ ،‬التخلص من صدام من باب تقاطع المصالح‪.‬‬
‫‪--‬‬
‫عقارب الساعة تحث السٌر بسرعة تسابق الرٌح‪ ،‬حٌث ما ان انتهت السنة حتى قررت امرٌكا‬
‫القرار النهابً لدخول الحرب وحصدت كل االصوات المعارضة حصاد الزرع وجهزت الجٌوش‬
‫واعدت العدة والتدرٌبات لدخول الحرب ‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كنت انا ساعتها اسجل دقابق االحداث واتابعها اوال بؤول ولو اردت سردها فً الكتاب الصبح‬
‫الكتاب من آالؾ االوراق لكننً اختصرها اختصارا شدٌدا وكؤنً اضؽط البحر كله فً قارورة ‪.‬‬
‫نص خبري من الـ(بً بً سً) االذاعة البرٌطانٌة‪ ،‬فً الساعة ‪ 21:23‬بتوقٌت جرٌنتش الجمعة‬
‫‪2002/10/11‬‬
‫و ان الجنرال تومً فرانكس أو أحد مرإوسٌه‪،‬‬ ‫نيويورك تايمز‪ :‬خطة أمريكية الحتالل العراق‬
‫سٌتولى منصب الحاكم العسكري فً العراق‪.‬‬
‫وقال أحد زعماء المعارضة إن الوالٌات المتحدة ستكون ساذجة إذا حاولت القٌام بذلك‪.‬‬
‫وقال محلل متخصص فً شإون الشرق اِلوسط إن السٌنارٌو الذي ٌحظى بقبول المعارضة‬
‫العراقٌة هو أن ٌكون هناك وجود أجنبً مإقت ٌتعاون مع حكومة مدنٌة عراقٌة‪.‬‬
‫وتهدؾ الخطة اِلمرٌكٌة التً أشارت إلٌها صحٌفة نٌوٌورك تاٌمز إلى أن ٌقوم قابد عسكري‬
‫أمرٌكً بإدارة شإون العراق لمدة عام أو أكثر فً إطار فترة انتقالٌة تسبق تحقٌق الدٌمقراطٌة فً‬
‫العراق‪.‬‬
‫وتنسب الصحٌفة إلى مسإول كبٌر قوله إن الربٌس اِلمرٌكً جورج بوش لم ٌقر الخطة بعد‪.‬‬
‫وٌقول مراسلهم إن تلك الخطة ربما تكون واحدة فقط من بٌن عدة خطط بشؤن العراق‪.‬‬
‫وتقول الصحٌفة إن البٌت اِلبٌض ٌعكؾ على وضع خطة لتشكٌل حكومة عسكرٌة تقودها الوالٌات‬
‫المتحدة فً العراق فً حال إطاحة أمرٌكا بنظام الربٌس العراقً صدام حسٌن‪.‬‬
‫هذا مقطع من الخبر ‪.‬‬
‫اصرت امرٌكا على الحرب ‪ ،‬واستعدت لها ‪ ،‬ومن الطرؾ المقابل سخر صدام كعادت ِه من امرٌكا‬
‫اٌّما سخرٌة وقال ان عنده جٌشا قادرا على االنتصار ‪ ،‬وان العراق سوؾ ٌهزم امرٌكا وجعلهم‬
‫عبٌدا عنده والى اخر الوعود البالونٌة التً ال ٌصدقها ابسط الناس عقال ‪ .‬ولم تبالً امرٌكا ‪،‬‬
‫وزادت من تهدٌداتها وجمع قواها ‪ ،‬ولملمت قرارها النهابً ‪.‬‬
‫بالوقت الذي تصر الناس على بوش بالتخلً عن برنامجه ٌوافقهم بآخر النهار وٌعود عند الصباح‬
‫الى نفس المقٌاس حتى اضجروه من كثرة االسبلة‬
‫لماذا توافقنا فً اطراؾ النهار وتعود فً اوله مصرا ؟!‬ ‫‪‬‬
‫قال وبصرٌح العبارة وبدون تردد ‪ (،‬هللا امرني ان اسقط صدام وانتهى) ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪351‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبعد ان دققت فً عبارات الرجل وتؤرٌخه ‪ ،‬وجدت ان بوش ملتزم دٌنٌا ومن اصحاب العقول‬
‫الدٌنٌة ـ حسب عقٌدته ـ وانه كثٌر التردد على الكنٌسٌة والصالة فٌها منذ نعومة اضفاره ‪ ،‬مما زاد‬
‫من ثقتً بانه كان صادقا فً قوله ان ّللا امرنً ان اسقط صداما ‪ .‬هذا ولنا وقفة تحليلية مفصلة‬
‫في هذا‪.‬‬
‫******‬

‫صدام على حافة الهاوية‬


‫الجيش االمريكي على ابواب العراق ‪:‬‬
‫االراضً الخلٌجٌة ‪ ،‬المٌاه البحرٌة‪ ،‬السماء ملبدة بؽٌوم من الؽضب‪ ،‬والعاصفة فً انتضار ساعة‬
‫الصفر ‪.....‬‬
‫نهاية الدكتاتورية الكبرى في عام ‪2003‬‬
‫تناقلت االخبار على الـ(سً تً فً) الكندٌة‪ ،‬انباء العراق واستعداده للحرب حٌث اجتمع صدام‬
‫بالقٌادات البعثٌة اعقبتها مظاهرات فً بؽداد ٌظهر بها رجل شعبً ٌحمل بندقٌة روسٌة كالشنكوؾ‬
‫ٌقول "سوؾ نسحق الجنود االمرٌكان واذا انتهى عتاد بندقٌتً سوؾ اخنقهم خنقا واذا لم استطع‬
‫سوؾ انهشهم بؤضراسً" خرجت امرأة عجوز تقول "اٌن تذهب ٌا بوش ‪ ،‬سوؾ نجعل من العراق‬
‫مقبرة لالمرٌكان"‬

‫‪352‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪353‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً الؽرب مإتمرات صحفٌة بٌن برٌطانٌا وامرٌكا ‪ٌ ،‬ظهر بها بوش و بلٌر و ازناربرٌؾ قال بها‬
‫بوش سوؾ نقتحم العراق النه خطر على المنطقة وٌزود االرهابٌن ‪ ،‬قتل العراقٌٌن فً حلبجة‬
‫االطفال والكبار جمٌعا بدون رحمة ‪ ،‬وعد بان ٌنزع العراق سالحة اذا لم ٌكن بالعملٌات السٌاسٌة ‪،‬‬
‫فسوؾ ٌكون بالقوة العسكرٌة ‪ ،‬وسوؾ نبنً الدٌمقراطٌة بالعراق ‪ ،‬ـ (* قمت بتسجٌل االحداث‬
‫والخطب فً اشرطة تلفزٌونٌة من محطات التلفزٌون (سً ان ان) ‪( ،‬سً تً فً) وؼٌرها ‪ ،‬وهً‬
‫من الوثابق الموجودة عندي فً مكتبتً الصوتٌة *)‬
‫الصحاؾ فً مإتمر صحفً ٌقول اذا كان االمرٌكان ٌتوقعون ان الدخول الى العراق مجرد نزهة ‪،‬‬
‫فهم خاطبون ‪ ،‬طارق عزٌز ٌعقد مإتمرا ‪،‬صحفٌا ‪ ،‬ان الحرب لن تقع واذا وقعت فنحن منتصرون‬
‫‪ .‬الجٌش االمرٌكً ٌستعد ‪ " ،‬انها ساعة المطرقة تحٌن عندما ٌقول الربٌس انطلقوا ٌعنً ننطلق‬
‫الى القتال فورا " االؾ القوات االمرٌكٌة على الحدود مع العراق استعدادا للدخول الٌه فً اي‬
‫لحظة ‪ .‬االحوال الجوٌة السٌبة لن تعٌق الدخول الى العراق اسقاط حكومته ‪ ،‬العدٌد من الجٌش‬
‫العراقً ٌسلم نفسه الى القوات االمرٌكٌة ‪ ،‬تدرٌبات مستمرة استعدادا للدخول ‪ ،‬اعداد المشورات‬
‫لنشرها فً المناطق المدنٌة والعسكرٌة وتحذٌرات للجٌش والشعب من موجهة الجٌش االمرٌكً‬
‫الكاسح ‪.‬‬
‫العاصفة االعالمية حول قوة الجيش االمريكي وبطشة ال تختلؾ عن الهجوم االعالمي في زمن‬
‫دخول هوالكو الى بؽداد فالرعب من الجيش االمريكي بؽداد تكابر وتتصور بؤنها قادرة على‬

‫‪354‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صد الهجوم في ذلك الزم فدخلها هوالكوا واليوم بؽداد ترتكب نفس الخطؤ في المكابرة امام‬
‫خالل نصؾ ساعة من االن سوؾ ٌصدر االمر بالهجوم على العراق فً اي‬ ‫القوات االمريكية‬
‫لحظة من هذ ِه اللٌلة ‪.‬‬
‫فً ‪ ،2003/3/1‬اجتمعت الحكومات العربٌة كما نقلت ذلك وكالة الـ (بً بً سً) البرٌطانٌة ‪،‬‬
‫محاولٌن ابعاد شبح الحرب على العراق " اختتمت القمة العربٌة التً انعقدت بمنت ع شرم الشٌخ‬
‫فً مصر بإصدار بٌان ٌرفض بشكل واضح شن أي هجوم عسكري على العراق وتهدٌد سالمة أي‬
‫دولة عربٌة‪" .‬رؼم ان العرب كانوا اشد المعارضٌن لدخول امرٌكا الى العراق اال ان كالمهم دابما‬
‫حبرا على ورق ‪ ،‬سرعان ما نفذت امرٌكا ما ارادت دون االهتمام الى اصواتهم المبحوحة‬
‫واصوات ؼٌرهم التً عبرعنها بوش بانهم اناس ال ٌدرون ماٌدور بٌن قدمٌها ‪ .‬رؼم انها ادت الى‬
‫بعض االرباك فً خطة البٌت االبٌض كما ٌقول الخبر الصادر فً الٌوم التالً " وقد اد االختالؾ‬
‫داخل البرلمان التركً حول موضوع السماح لألمرٌكٌٌن باستخدام القواعد التركٌة إلى إرباك‬
‫الخطط اِلمرٌكٌة الرامٌة إلى نشر أكثر من ستٌن ألؾ من القوات البرٌة فً تركٌا‪ .‬إذ صوّ ت ‪264‬‬
‫برلمانٌا بالموافقة على نشر القوات اِلمرٌكٌة‪ ،‬لكن العدد ٌقل بؤربعة أصوات عن اِلؼلبٌة المطلقة‬
‫الالزمة من النواب المشاركٌن فً الجلسة‪ .‬وطلبت وزارة الخارجٌة اِلمرٌكٌة استٌضاحا من تركٌا‬
‫فً شؤن عملٌة التصوٌت‪ .‬ومن المقرر أن تحصل تركٌا‪ ،‬فً حال شن الحرب التً تقودها الوالٌات‬
‫المتحدة على العراق‪ ،‬على ‪ 15‬ملٌار دوالر من المساعدات اِلمرٌكٌة‪ ،‬إذا وافقت على نشر القوات‬
‫اِلمرٌكٌة على اراضٌها‪ .‬وفً حال موافقة البرلمان على القرار فً الرابع من الشهر الحالً‬
‫فسٌخول ذلك الحكومة صالحٌة نشر قوات تركٌة فً شمال العراق الكردي عند نشوب الحرب‪.‬‬
‫وتسعى واشنطن إلى نشر ‪ 62‬ألؾ جندي وأكثر من ‪ 250‬طابرة فً تركٌا بؤسرع ما ٌمكن فً‬
‫إطار االستعداد للحرب"‬
‫ظهر العرب منقسمٌن على انفسهم ‪ ،‬فهذا ٌشتم ذاك حتى تضاربوا بالكراسً واالحذٌة‪ .‬كما ٌبٌن‬
‫الفلم الذي تسرب من اروقة الجامعة العرابٌة واختفى بٌن المحطات االعالمٌة تسترا على الفضٌحة‬
‫التً سوؾ تبدٌها االٌام فً المستقبل آجال ام عاجال ‪.‬‬
‫فً ٌوم ‪ ، 2003 /3 /7‬بدأت ُهدّم جزء من السٌاج العازل على الحدود مع العراق استعدادا‬
‫وقال دالجٌت بجا‬ ‫للدخول الى العراق من الكوٌت كما نقلت وكالة انباء الجزٌزة على االنترنت "‬
‫المتحدث باسم بعثة المراقبٌن بٌن العراق والكوٌت التابعة لألمم المتحدة إن عملٌة الهدم بدأت منذ‬
‫‪355‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اِلربعاء وتوقفت الٌوم‪ .‬ولم ٌحدد الجهة التً قامت بعملٌة الهدم‪ .‬وقال بجا إن مجهولٌن أحدثوا‬
‫فجوات كبٌرة فً السٌاج على الجانب الكوٌتً من الحدود فً نحو سبعة أماكن‪ .‬وٌمتد السٌاج بطول‬
‫الحدود البرٌة بٌن البلدٌن التً تبلػ ‪ 200‬كٌلومتر‪ .‬وكان مسإولون ؼربٌون فً الكوٌت قالوا من‬
‫قبل إن سٌاج منطقة الحدود المنزوعة السالح سٌزال فً عدة أماكن للسماح للدبابات والمركبات‬
‫المدرعة باالندفاع شماال فً العراق عبر المنطقة المنزوعة السالح إذا ما قرر الربٌس اِلمٌركً‬
‫جورج بوش شن هجوم على العراق‪".‬‬
‫فً المنتصؾ من الشهر الثالث طلبت واشنطن من االمم المتحدة سحب المفتشٌن الدولٌٌن عن‬
‫اسلحة الدمار الشامل ‪ ،‬وقال محمد البرادعً‪ ،‬ربٌس الوكالة الدولٌة للطاقة الذرٌة‪ ،‬إن مسإولٌن‬
‫بالحكومة اِلمرٌكٌة قد اتصلوا به مساء أمس اِلحد ونصحوه بسحب جمٌع المفتشٌن من بؽداد‪ .‬كما‬
‫صدرت نصابح مماثلة إلى لجنة المراقبة والتحقق والتفتٌش‪ ،‬انموفٌك ‪ ،‬العاملة فً العراق‪ .‬نقل هذا‬
‫لنا التلفاز صباح هذا الٌوم عند الساعة السادسة والربع صباحا على االمر على انهاء سحب اسلحة‬
‫العراق نهاٌة الٌوم وان الحرب مع العراق صارت النقطة االولى فً اجتماعات دار السالم (قصر‬
‫الحكم الكندي فً اوتاوا) واصبح قمة المحادثات هل ان الحرب على وشك الوقوع ام ان فٌها بعض‬
‫الترٌث‪.‬‬
‫فً ‪ ، 3 / 19‬قالت مصادر االخبار ان امرٌكا سوؾ تدخل العراق حتى لو خرج صدام منه هاربا‬
‫او مٌتا ‪ ،‬اعالن الحرب سوؾ ٌتم بعد ساعات سبعة من االن والقوات االمرٌكة على اهبة االستعداد‬
‫للهجوم ‪ ،‬تركٌا فتحت الحدود ‪ ،‬الكوٌت السعودٌة الـ ‪ .....‬ما بقً امام الناس الى االنطالق للدخول‪.‬‬
‫اخ العابلة الحاكمة صار‬ ‫توعد بوش من ٌخرّب بالعقوبات وواعد العراقٌٌن بؤعادة البناء ‪ ،،‬صر‬
‫وفً نفس الشهر بدأت تصرٌحات متضاربة ان سورٌا تنظم جٌش لمحاربة‬ ‫بدون حدود ‪،‬‬
‫االمرٌكان فً العراق "فندت الحكومة السورٌة اتهامات وزارة الدفاع اِلمرٌكٌة (البنتاؼون) لدمشق‬
‫بتزوٌد العراق بمعدات عسكرٌة‪ ،‬بؤنها إدعاءات عارٌة عن الصحة وال أساس لها‪ .‬وصؾ رامسفٌلد‬
‫الخطوة السورٌة بؤنها عمل عدابً فً نظر واشنطن‪ .‬وتؤتً التصرٌحات اِلمرٌكٌة عقب ٌوم واحد‬
‫من تصرٌحات الربٌس السوري بشار اِلسد لصحٌفة "السفٌر" اللبنٌانٌة الخمٌس‪ ،‬والتً شكك فٌها‬
‫وقال اِلسد حتى لو نجحوا‪،‬‬ ‫من نجاح التحالؾ الذي تقوده الوالٌات المتحدة فً حرب العراق‪.‬‬
‫وأضاؾ أن حكومة بالده "ستحاسب"‬ ‫"فستكون هناك مقاومة شعبٌة عربٌة ‪ ،‬وقد بدأت بالفعل‪".‬‬
‫الحكومة السورٌة على "هذا العمل العدابً‪ ".‬وسُـبِـل رامسفٌلد فٌما إذا كانت الوالٌات المتحدة تهدد‬
‫‪356‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بتصرؾ عسكري تجاه سورٌا فؤجاب بقوله "لقد قلت ما قلته بشكل واضح‪ ".‬وبالفعل هذا مالمسناه‬
‫بعد سقوط بؽداد بدأت اعمال العنؾ فً العراق بقتل وسفك دماء العراقيين وليس االمريكان !!‬
‫وكؤن القٌامة قد قامت على العراق ودامت لمدة سنٌن ابتداءا من اول ٌوم سقط فٌه اول شهٌد على‬
‫ٌد الؽدر السٌد عبدالمجٌد الخوبً بعد ٌومٌن من انهاء السلطة البعثٌة الحاكمة فً بؽداد ‪ ،‬كان مقتل‬
‫عدو وصدٌق ولحقت بها‬
‫السٌد الخوبً اول االحداث التً هزت الساحة العراقٌة وابكت كل ٍ‬
‫عملٌات اجرامٌة قادها البعثٌون بمساعدة الدول المجاورة وبرزت فٌها شخصٌات واحداث‬
‫متضاربه مثل الزرقاوي وحارث الضاري ومقتد الصدر وؼٌرهم ‪ ،‬وبما ان البحث ال عالقة له‬
‫فً مابعد التاسع من نٌسان فلن ابحث فً تفاصٌله مطلقا ‪.‬‬
‫بدت االمور صعبة للؽاٌة ‪ ،‬والساعات تتضارب فً دخول العراق ‪ ،‬لم ٌكن شهر اذار اال جرس‬
‫انذار قاتل الى بؽداد والمنطقة فٌما بعد وربما تإدي الى تؽٌٌر خارطة المنطقة بالكامل‬
‫تقرٌر من موسكو ٌقول مقطع منه "‬
‫‪March 22, 2003, 1300hrs MSK (GMT +3), Moscow - Additional‬‬
‫‪information about the situation in the primary combat areas in‬‬
‫‪southern Iraq became available by 1300hrs (Moscow time, GMT +3).‬‬
‫‪The US command reports about the supposed surrender of the‬‬
‫‪entire Iraqi 51st Infantry Division turned out to be a complete‬‬
‫‪fabrication. According to our sources the 51st Division continues to‬‬
‫‪fight on the approaches to Basra and we can only talk about‬‬
‫‪individual cases of Iraqi soldiers being captured in combat.‬‬
‫وسوؾ اترك النص كما هو دون ترجمة ‪.‬‬
‫كان العراق لقمة سابؽة فً ٌد القوات االمرٌكٌة وهً تدخل من البصرة الى بؽداد ‪ ،‬وكؤنها نزهه ‪،‬‬
‫حٌث دخلت الدبابات الحدود العراقٌة وحدثت بعض االشتباكات فً البصرة والناصرٌة ولكن‬
‫الوضع بشكل عام نراقبة على شاشات التلفزٌون اللحظة باللحظة ‪ ،‬وكان هناك رجل ٌنقل لنا‬
‫االحداث من على ظهر احد الدبابات لقب نفسه بؤسم ( تموز ) ٌنقل االخبار لنا مباشرة من‬
‫االحداث على صوتٌا عبر شبكة االنترنت على ؼرفة المحادثة الصوتٌة على الشبكة العالمٌة ـ‬
‫االنترنت ـ ( البرلمان العراقً ـ البالتوك ) كان ٌقول ‪ ،‬انهم ٌسٌرون على رمال العراق فً‬
‫‪357‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الصحراء وكؤنهم فً نزهة ٌتسامرون وٌضحكون رؼم انهم محملٌن باثقال العدة الحربٌة ‪ ،‬كان‬
‫الجنود ٌخرجون من الدبابات التً تتوقؾ فً الصحراء بٌن الفٌنة واالخر حٌث نشاهدها على‬
‫قنوات الـ(سً ان ان) والـ(سً تً فً) هنا فً كندا ‪ ،‬ونقلتها وسابل االعالم العربٌة والعالمٌة‬
‫بالتفاصٌل بالصورة والصوت ‪.‬‬
‫واصلت الدبابات دخولها ‪ ،‬والنقاش حاد بٌن االخوة العراقٌٌن على ؼرفة المحادثة الصوتٌة وكلما‬
‫حدث حدث قالوا خبر عاجل وصلنا من ساحة المعركة ‪ ،‬كنت انا اتابع التلفاز الساعة بالساعة ‪،‬‬
‫ومسمرا على الكرسً بٌن التلفزٌون والكومبٌوتر اراقب االحداث ‪ ،‬كانت الدبابات تسٌر على‬
‫الرمال العراقٌة الى بؽداد وقد اتخذوا الصحراء ممرا لهم ‪ ،‬وعندما وصلوا الى منطقة الناصرٌة ‪،‬‬
‫اتصل سٌد شاكر البعّاج باهله فً الناصرٌة ـ وكان ٌسكن معً فً نفس البناٌة وٌشرؾ علٌها وكما‬
‫هو معلوم ان كلمة (سٌد) تطلق على من هو من نسل رسول ّللا محمد (ص)‪ .‬ـ قالوا (نعم انهم على‬
‫ابواب الناصرٌة ولكنهم ٌعرفون من ٌضربون وما هً اهدافهم (‪ ،‬واضافوا انهم مرتاحٌن وٌترقبون‬
‫نهاٌة االمر مع الخوؾ من الكالم بالتلفون حٌث ان صدام الزال فً بؽداد ‪ ،‬والخوؾ وارد جدا‪.‬‬
‫كانت الطابرات قد دكت اهدافها بالعراق دكا دكا‪ ،‬وحطمت اهدافها بالدقة اللٌزرٌة هذ ِه المرة ‪ ،‬فال‬
‫ٌخطؤ الصاروخ هدفه‪ ،‬فً حٌن ان بؽداد كانت تعد العدة للمعركة على الحدود معها ‪.‬‬
‫كان التوقع ان تحدث معركة تارٌخٌة مهمة اذا وصلوا الى حدود الحلة ‪ ،‬فبؽداد محاطة بؤسوار من‬
‫الجٌش من المستحٌل ان تخترق ‪ ،‬الحلة من الجهة الؽربٌة عبارة عن مخازن اسلحة العراق كله‬
‫ولو قاتلوا لسنوات لن تنتهً اال بهزٌمة امرٌكا حتى لو وقؾ العالم كله الى جانبها ‪ .‬لقد كانت لً‬
‫زٌارات وزٌارات الى تلك المخازن واعرؾ ماذا تحتوي من حصون وموانع ومخازن ‪ ،‬فؤٌن كانت‬
‫كلها عندما عبرتها الدبابات بصمت ‪ ،‬امر ٌثٌر الشك والحٌرة باديء االمر ولكن للمتفحص‬
‫والعارؾ فال ؼرابة ‪ ،‬الن السالح الحدٌدي ٌحتاج الى اٌا ٍد تقاتل به مإمنة بما تفعل ‪.‬‬
‫وانتهى آذار واقترب نٌسان ‪ ،‬والدبابات االمرٌكٌة الزالت فً الصحراء تسٌر حتى كاد ان ٌنفذ‬
‫وقودها ‪.‬‬
‫جاءت االخبار حٌنها بالصورة والصوت من مراسل الـ( سً ان ان‪ ،‬محطة التلفزٌون االمرٌكٌة)‪،‬‬
‫قرر الجٌش ان ٌحمل بعض الدبابات على الشاحنات للتقلٌل من استهالك الوقود وان تتؤخر بعض‬
‫الطابرات لتؤمٌن حماٌة لطابرات التموٌن ‪ ،‬فً الوقت الذي ٌنتظرون ناقالت الوقود القادمة خلفهم‬
‫بسرعة عبر الصحراء ‪.‬‬
‫‪358‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫توقؾ الرتل فً انتظار الفرج‪ ،‬وحٌنما وصلت االمدادات ‪ ،‬تقدم الصؾ االول باتجاه الحلة وكؤنه‬
‫رأس السهم حتى اذا كانت مسافة كافٌة انطلق الصؾ الثانً وهكذا‪ .‬كما سوؾ نر فً التفاصٌل‬
‫االحداث الٌومٌة بالصفحات الالحقة من هذا الباب‪.‬‬
‫عند ابواب الحلة توقؾ الرتل كله ثم واصل المسٌرة‪ ،‬انه نٌسان النهاٌة المحتومه او معركة‬
‫الحصار ‪ ،‬فحصار بؽداد امر المفر منه ‪.‬‬
‫الشمال ‪ :‬اكراد وامرٌكان ٌتقدمون على بؽداد ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫من جهة االردن ‪ :‬سقطت كل قواعد صدام وال مجال للدفاع عن بؽداد اال عند اسوارها ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الجنوب ‪ :‬الدبابات وصلت الى الخط السرٌع المإدي الى بؽداد بعد ان عبرت الحلة‬ ‫‪‬‬
‫بصمت ال ٌكاد ٌصدّق ‪.‬‬
‫بؽداد تحت المطرقة ‪:‬‬
‫الدبابات تسٌر على الخط السرٌع وبؤسرع ما تملك من طاقة‪ ،‬متجهة نحو المطار ‪ ،‬رؼم ان الخط‬
‫السرٌع الداخل الى بؽداد مفتوح اال ان الدبابات كانت تسٌر امنة وبشكل سرٌع ‪ ،‬ثم حولت وجهتها‬
‫الى المطار‪ ،‬قٌل فً المطار معركة حدثت اال انه تبٌن فٌما بعد‪ ،‬كما ٌذكر االستاذ الكاتب والشاعر‬
‫عز الدٌن الشبٌب فً مقال له نشرته الكوثر نت ٌقول نصه ‪:‬‬

‫معركة المطار وماحدث ليلة الثامن من نيسان‬


‫نهاٌة معركة باطفاء االنوار الكاشفة ‪ ،‬تحاكٌنا القصص عن نهاٌات تراجٌدٌة وخاصة اذا كانت‬
‫مادتها القتل والدماء واالحزان ولكن ما حدث ٌستدعً الؽرابة والضحك والبكاء والحزن فً آن‬
‫واحد‪ .‬فاقرأ واحكم اٌها القاريء العزٌز‬
‫على قناة العربٌة تلتقً بالدكتور اٌاد عالوي وتسؤله‪:‬‬
‫‪ ‬ماحدث فً ارض المطار ؟‬
‫‪ ‬والجواب بنص العبارة " اي معركة ؟‬
‫‪ ‬اتقصدون معركة صفوان؟‬
‫‪ ‬ال ال ‪ ،‬معركة المطار ‪،‬‬

‫‪359‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ‬لم تكن هناك اذ معركة ‪ ،‬ولكن سنطلعكم من بداٌة تحركاتنا داخل العراق‪ ،‬قبل اربع وعشرٌن‬
‫ساعة‪ ،‬وصلنا الى الحدود االردنٌة وقمنا بتوزٌع" المإتمر الوطنً" ماٌقارب من مبتً تلفون ثرٌا‬
‫لمساعدة القوات االمرٌكٌة فً تحدٌد اهدافها بدقة ‪ ،‬التقٌنا بالشٌوخ من الفلوجه والرمادي وابدوا‬
‫تعاونهم الؽٌر اعتٌادي على الرؼم من وجود النظام على قٌد الحٌاة ‪ .‬بدأت الؽارات الجوٌة االولى‬
‫‪ .‬فضربت‬ ‫على بؽداد وكان مدير مرور منطقة الكرخ يوجه الطائرات االمريكية بتلفون الثريا‬
‫الطابرات االماكن التً ٌفترض ان ٌكون فٌها الربٌس صدام ‪،‬ولكنها اخطؤت نتٌجة لمعلومات‬
‫خاطبة وهذا من جماعتنا ‪ ،‬ـ والحدٌث لعالوي ـ ثم بدأت الؽارات الجوٌة الكبر وكنا على مقربة‬
‫من بؽداد ولم نكن نتوقع ان تكون مقاومة عنٌفة فً الجنوب ‪ .‬وقد وضعنا فً موقؾ النحسد علٌه‪.‬‬
‫‪ ‬السإال من جدٌد ‪ :‬ماحدث فً ارض المطار ؟‬
‫‪ ‬اخً العزٌز ‪ ،‬وصلت القوات االمرٌكٌة الى ارض المطار ‪ ،‬بدون مقاومة ‪ ،‬وذلك الننا قمنا‬
‫باتصالٌن مهمٌن ‪.‬‬
‫‪ ‬مع من ؟‬
‫‪ ‬مع قادة عسكرٌٌن كبار‪.‬‬
‫‪ ‬تقصد من اقارب الربٌس ؟‬
‫‪ ‬نعم من آل المجٌد ‪ .‬وحذرناهم من مقاومة القوات االمرٌكٌة حتى اذكر ‪ ،‬ان احدهم قد ارتبك‬
‫وقال سوؾ لن اقاوم‬
‫‪ ‬والثانً ‪ ،‬اهو من آل المجٌد ؟‬
‫‪ ‬نعم ‪ .‬وتذكرون حٌنما دخلت القوات الى بؽداد كان معنا من جماعتنا ـ الوفاق الوطنً ـ شخص‬
‫ٌتقن وٌجٌد التحدث بصوت الربٌس صدام ‪،‬وكنا نعلم ‪ ،‬ان اعالن وقؾ اطالق النار من جانب‬
‫القوات العراقٌة معناه ان هذا الشخص هو لٌس شخص الربٌس صدام ‪ .‬فبادر الى زرع الفتنة بٌن‬
‫الجٌش العراقً فؤرسل رسالة صوتٌة الى قادة الحرس الخاص بؤن قابد االمن الخاص ٌحاول‬
‫التعاون مع القوات االمرٌكٌة وعلٌكم بالتخلص منه حاال ‪ ،‬مع سحق قواته وهذا ماٌفسر قول بعض‬
‫العرب المقاومٌن ان رصاصات فً الخلؾ كانت قد اعلمتنا ان شٌبا ما قد حدث ‪ ،‬وان خٌانة قد‬
‫تكون ‪.‬‬
‫‪ ‬وماذا عن ارض المطار ؟‬

‫‪360‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ‬لقد قلت لك انها حادثة بسٌطة ‪،‬ـ فضحك عالوي ـ ٌاأخً العزٌز ‪ ،‬كل ما فً االمر ان‬
‫المعركة المزعومه فً ارض المطار كان زمنها فً اللٌل ‪ ،‬وهذا لم ٌستدعً م ّنا اال ان نطفًء‬
‫االنوار ‪ ،‬فالجماعة بادروا تحت جنح الظالم الى اخالء ارض المطار تماما ومن دون اي مقاومة‬
‫تذكر‪.‬‬
‫‪ ‬ماذا تقصد ؟ هل هناك اي ارتباط بٌنكم وبٌن شخصٌات فً ارض‬
‫المطار؟‬
‫‪ ‬اخً العزٌز ـ المقاومة تذكر فً ارض المطار ‪،‬‬
‫‪ ‬ما رأٌك بالصحاؾ ؟‬
‫‪ ‬مهنٌا ً ‪ ،‬اداءهُ جٌد ‪ ،‬ولكنه مسإول عن كل قطرة دماء عراقٌة‬
‫وساهم فً زٌادة عدد القتلى ‪.‬‬
‫‪ ‬الم ٌكن صدام ٌعلم بالخٌانة ؟‬
‫‪ ‬نعم ‪ ،‬فً االعظمٌة ‪ ،‬حٌنما خرج ‪ ،‬سؤلت ُه امرأة ‪ ،‬ما حدث ٌا ابا عدي ؟ ـ ضلوعً خاننً ‪.‬‬
‫والكالم لصدام ـ‬
‫‪ ‬الم تفكر فً زٌارة صدام الى السجن ‪ ،‬وما هو وجه الؽرابة فً شخصٌتهِ؟‬
‫‪ٌ ‬ؤخً عجٌب امر هذا الرجل ‪ ،‬لم اكن اتوقع ان يترك بنات ُته بين الدول يعني الرجل فاق‬
‫تصوراتي وتوقعاتي ‪ .‬حتى اوالده قاتلوا برجوله وتلك الحفرة هي التي منعتني من ان ازوره‬
‫وكادوا يقولون جاء عالوذ للشماته بصدام ‪.‬‬
‫‪ ‬دبابتان دخلتا بؽداد ‪ ،‬هل تإمنوا بهذ ِه القصة ؟‬
‫‪ ‬الم تر هاتٌن الدبابتٌن ؟ !‬
‫هكذا انتهت قصة من قصص الؾ لٌلة ولٌلة تحت الظالم وحتى الصباح لم ٌبق اال دبٌب تلك‬
‫الدبابتٌن ‪ ،‬وداعا والى الصباح ‪،‬‬
‫عز الدٌن الشبٌب ‪،،‬‬
‫‪Canada , February 22, 2005‬‬

‫‪361‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫نعم انه حدث تارٌخً ان تتحرر بؽداد من قبضة صدام بهذ ِه السرعة وبهذ ِه البساطة ‪ ،‬بؽداد التً‬
‫احتلت الكوٌت فً نصؾ ٌوم ‪ ،‬صارت بٌن ٌد االمرٌكان فً اقل من ذلك وبهذ ِه السرعة ‪ ،‬لقد‬
‫سقطت بؽداد من ٌد اعتى طاؼٌة فً عصر الذرة والمفاعالت النووٌة بل فً كل العصور ‪.‬‬
‫‪-------‬‬
‫مقارنات ‪:‬‬
‫لقد فاق صدام ‪ ،‬فرعون فً طؽٌانه ‪ ،‬ففرعون عندما ارسل ّللا له موسى‪ ،‬لم ٌقتله‬ ‫‪‬‬
‫وحاوره‪ ،‬وطلب منه ان ٌعقد له موعدا‪ ،‬واجتمع الناس حوله وابد كل منهم حجته ‪ ،‬وقد‬
‫كان موسى (ع) قد تربى فً بٌت فرعون ‪ ،‬وقتل منهم رجال وخرج من المدٌنة متخفٌا‪،‬‬
‫ثم عاد ٌطلب من فرعون ان ٌتخلى عن طؽٌانه وجبروته وٌكون‬
‫موسى سٌدا على فرعون ‪ ،‬ماذا كنت تفعل انت اٌها القاريء الكرٌم‬
‫لو كنت مكان فرعون‪ ،‬وربٌت موسى‪ ،‬وفً النهاٌة رأٌت منه‬
‫مارأ فرعون‪ .‬اترك الجواب لك ‪ ،‬ولكن السإول ماذا لو كان‬
‫صدام مكان فرعون ‪ ،‬هل تنتظر منه ان ٌنتظره ان ٌكمل كالمه‪،‬‬
‫بالتؤكٌد كان ٌقتله فورا ودون انتظار ‪.‬‬
‫وما محمد باقر الصدر اال واحدا من الشواهد الشامخة على طؽٌان فرعون العصر صدام ‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫نعم صدام هذا الجبار الذي فاق بجبروته كل طؽاة االرض ‪ ،‬اطلق على نفسه (‬ ‫‪‬‬
‫اسمًا) ال لشًء سو ان ّللا له ( ‪ 99‬اسما ) فؤراد ان ٌكون له ماٌفوق اسماء ّللا تحدٌا‬
‫وطؽٌانا ‪.‬‬
‫صدام فاق النمرود الطاؼٌة ‪ ،‬لقد فاق من وقؾ بوجه نبً ّللا ابراهٌم (ع) محاججا متحدٌا‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،‬النمرود الذي بلػ من الطؽٌان مابلػ‪ ،‬حاور ابراهٌم حٌنما شاهد اعجازه بهت وتركه ‪،‬‬
‫فلو كان صدام فً زمانه ‪ ،‬لفعل بابراهٌم مافعله باالمام محمد باقر الصدر‪ ،‬حٌث دق فً‬
‫رأسه المسمار وقتله شر قتلة‪ ،‬واذاقوا اخته العلوٌة الفاضلة بنت الهد عظابم وٌالتهم‬
‫وقتلوها بعده‪.‬‬
‫صدام هذا فعل مالم ٌفعله هتلر فً زمانه‪ ،‬فقد كان هتلر ٌحب شعبه وٌرٌد ان ٌرفعهم‬ ‫‪‬‬
‫فوق االمم‪ ،‬حتى انه اعتبر امت ُه بالمرتبة االولى فوق االمم ثم وضع سلسلة جعل فٌها‬

‫‪362‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االمم االوربٌة متتابعة فً رأسه القابمة ثم االمم االخر ‪ ،‬اال ان صدام اهان امت ُه اٌما‬
‫اهانة‪ ،‬وشرد اشرافها وقتل علماءها‪ ،‬واستباح الحرمات ودنس كرامتها‪ ،‬واحالها الى‬
‫تراب‪ ،‬وله القول الشهٌر ـ (اذا اردت ان اسلم العراق ‪ ،‬سوؾ اسلمه ترابا) نعم انه أحرق‬
‫كل شًء ‪ ،‬بالفعل اكلت ناره االخضر والٌابس ‪ ،‬ترك العراق عالة على الشعوب االخر‬
‫رؼم ان العراق ٌملك الثروات الهابلة والمخزونه ‪ ،‬اال انه شعب جابع عاري مرٌض ‪،‬‬
‫فقد مات االطفال وهم ٌتمنون لقمة ٌسدون بها جوعهم ‪ ،‬مات المرٌض وهو ٌتمنى ان‬
‫ٌصله جرعة واحدة من الدواء ‪ ،‬ماتت االنهار وؼادرت مزارعه الطٌور‪ ،‬وؼادرت‬
‫ارضه البركة ‪ ،‬حتى ان البذور ك ّنا نضعها فً االرض تموت وال تنبت وعندما نحفر‬
‫مكانها نجدها قد تعفنت او تٌبست ‪ ،‬هلكت الحٌوانات بسبب جفاؾ االهوار واالنهار ‪،‬‬
‫وطفح النفط على سطح االرض وبدأ ٌقتل الناس ‪ ،‬امتألت االرض بالمقابر حتى ال مجال‬
‫لقبر جدٌد‪ ،‬وقد انبر احد الشعراء الشعبٌٌن بقوله‬
‫"گبور فوك گبور ‪ ،‬فوك گبور اهلنا گبورنا تعلت"‬
‫هذا الطاؼٌة الذلٌل تم االمساك به هاربا فً مزارع تكرٌت بعد اشهر من تحرر بؽداد من‬ ‫‪‬‬
‫قبضته فً حفرة كؤنه الجرذ ‪ ،‬اخرجه الجنود االمرٌكان من الحفرة اشعث الرأس مقمل‬
‫قذر مرتدٌا مالبس رثة وحذابٌن لبس الٌسار بالٌمٌن والٌمٌن بالٌسار ‪ ،‬ووجدوا كٌسا‬
‫لقذاراته فً مكانه‪ ،‬اي انه كانت حفرته خالءه الذي ٌتخلى فٌه عن قذاراته‪ ،‬حٌث وضع‬
‫االمرٌكان علٌها لوحة للسخرٌة واالستهزاء بـ (القابد الضرورة وحامً البوابة الشرقٌة‬
‫وبطل التحرٌر القومً و‪ ....‬القابمة التً ال تنتهً من االسماء وااللقاب الرنانه)‪ ،‬من‬
‫ٌزور الحفرة ٌدفع ‪ 100‬دوالر لمشاهدتها ‪.‬‬
‫لقد صارت مثاال للسخرٌة ردحا من الزمن ‪ ،‬والى ٌوم ٌبعثون‪ .‬جرذ العوجة الذي حكم العراق‬
‫‪ 35‬سنة ‪ ،‬قتل المالٌٌن‪ ،‬وشرد المالٌٌن‪ ،‬ودمر امة ً بكاملها‪ ،‬لم ٌشهد مصٌره فرعون ‪ ،‬حٌث‬
‫مات فرعون وهو ٌقود جٌشه‪ ،‬ومات طاؼوت العراق نمرود فً قصر مشٌد ولم ٌشهد ذل كذل‬
‫صدام‪ ،‬وكفى صدام ذال ان تنشر صورته كل صحؾ الدنٌا تحت (وصؾ جرذ العوجة‬
‫الهارب)‪ ،‬ثم انه اشد ذال امام المحكمة وتشاهده الناس ٌجٌب القاضً وٌرجوه‪ ،‬اذ لم ٌكن‬
‫اذن منه ‪.‬‬
‫ٌستطٌع ان ٌفتح رجل فمه بكلمة امامه دون ٍ‬

‫‪363‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد كانت شجاعة فارس االمة وحارس بوابتها الشرقٌة ان سلم بؽداد الى االمرٌكان هاربا‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،‬بؽداد التً دافعت عن نفسها ‪ ،‬امام هجوم جٌش المؽول ولم تستسلم جبنا او خٌانة ً ‪ ،‬بل‬
‫انها خاضت معركة بعد حصار دام اشهرا ‪ ،‬حتى م ّل هوالكوا من الحصار فهاجمها‬
‫بجٌش عرمرم ‪ ،‬لكنها الحروب اما رابحا او خاسر ‪ ،‬لقد خسرت بؽداد الحرب وخرج‬
‫الحاكم العباسً ٌسلم نفسه ‪ ،‬وقتل فً المعركة او قتل اسٌرا ‪ ،‬لكنه قتل بكل الحاالت‬
‫محاربا ولٌس هاربا ‪ ،‬بؽداد التً دافع حاكمها العثمانً امام االنكلٌز ولم ٌسلمها حتى رأ‬
‫ان قوة جٌشه انهارت امامه ‪ ،‬ولم ٌجد شًء سو ان ٌنسحب الى الداخل ‪ ،‬ثم كانت‬
‫نهاٌته ان فاز الجٌش البرٌطانً القوي عدة وعددا على ذلك القابد الذي دافع عن نفسه‬
‫وعن بالده بما ٌملك من قوة ‪ .‬ولم ٌهرب وٌترك شعبه تتقاذفه الرٌاح ‪.‬‬
‫دخل هوالكوا بؽداد بجٌش تتقدمه وسابل االعالم والسمعة الحربٌة الهابلة التً التقهر ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫فقد استخدم هوالكوا وسابل االعالم لصالحه واجاد ‪ ،‬فً الوقت الذي كان اعالم الخلٌفة‬
‫العباسً الٌتجاوز بؽداد ‪ .‬تماما كما فعلت برٌطانٌا ‪ ،‬فً دخولها بؽداد ‪ ،‬ثم ان بؽداد‬
‫واجهت اعالما امرٌكا لم ٌسبق له مثٌل ‪ ،‬من حٌث القوة والسمعة ‪ ،‬نعم تعددت الوسابل‬
‫ولكن الهدؾ واحد ‪ ،‬هو اثارة الرعب فً قلب الخصم وتحطٌم نفسٌات ومعنوٌات جٌشه ‪.‬‬
‫كانت امرٌكا تستخدم جمٌع وسابل االعالم ‪ ،‬المربٌة والسمعٌة والمقروءه من اجل‬
‫الوصول الى هدفها ‪ ،‬اثارت الرعب ‪ ،‬حتى ان الربٌس المصري وقؾ مخاطبا صدام‬
‫بنص العبارة قابال ‪ ،‬هذ ِه امرٌكا ٌاصدام ‪ ،‬فال تقارعها ((" دي امرٌكا ٌصدام")) ‪ ،‬اي‬
‫انك ترمً بنفسك وبشعبك فً التهلكة اذا قارعتها ووقفت بوجهها ‪ ،‬وسابل االعالم التً‬
‫كانت تنشر االخبار بالتفخٌم والتعظٌم ‪ ،‬امرٌكا القوة التً تحرق المعاند بنارها وال‬
‫ٌواجهها اال بطل ‪ ،‬امرٌكا ‪ ،‬امرٌكا ‪ ..‬زوبعة اعالمٌة اسقطت الرعب فً قلوب الضعفاء‬
‫واالقوٌاء ‪،‬حتى صارت االمبراطورٌة التً ال تقارعها السٌوؾ ‪ ،‬كانت تعرض طابراتها‬
‫المتطورة الواحدة بعد االخر وقدراتها التً ال تقهر ‪ ،‬لم تبدأ بالعراق ‪ ،‬بل بدأت بدول‬
‫اخر وصفها البعض من الكتـّـاب (دولة ال تكاد ان تكون دولة) بسبب الفوضى والضٌاع‬
‫السٌاسً واالجتماعً والعسكري ‪ ،‬كانت الدول تتساقط الواحدة بعد االخر وكؤنها قطع‬
‫من الدمى اما اعالمٌا او عسكرٌا او سٌاسٌا او اقتصادٌا ‪ ،‬حتى صارت سٌدة العالم كله ‪،‬‬

‫‪364‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫رؼم ذلك انا على بٌنة كاملة لو انها دخلت على شعب ٌحب قابده وقابده شرٌؾ مدافع‬
‫عنه لما فازت فً معركة واحدة ‪ .‬والدلٌل انها حاولت اخضاع الٌابان لها ‪ ،‬ولم تقدر‪،‬‬
‫وحاولت اخضاع اٌران ‪ ،‬او على االقل اخذ اعتراؾ منها بامرٌكان ‪ ،‬ولعل اٌران تسلم‬
‫بؤن اسرابٌل دولة تستحق االعتراؾ بها ‪ ،‬اال ان اٌران تخرج بٌن الحٌن واالخر وترفع‬
‫شعارها الدابم ـ الموت المرٌكا ‪ ،‬الموت السرابٌل ‪ٌ ،‬جب ان تزول اسرابٌل ‪ ،‬الى اخره ‪،‬‬
‫حتى صارت اٌران ؼصة فً بلعوم امرٌكا والدول التً تناصر امرٌكا وتقبل تراب‬
‫اقدامها‪.‬‬
‫صدام ذلك المكابر والمتكبر والبطل الورقً ‪ ،‬احترقت قوته كما تحترق ورقة صؽٌره فً‬ ‫‪‬‬
‫قصر اشتعلت به النار ‪ .‬انها ارادة ّللا فً اذالل المتجبرٌن ‪ ،‬فالحق ‪،‬والحق حق الٌمكن‬
‫تبدله مطلقا ‪ :‬الكبرياء رداء هللا ومن نازع هللا رداءه البسه هللا رداء الذلة فاعتبروا يا‬
‫اولوا االلباب ‪.‬‬
‫تسلسل احداث حرب العراق مع امريكا عام ‪ 2003‬حسب ماترويها موسوعة مقاتل الصحراء‬
‫‪ 15‬الؾ جندي اضافً الى الخلٌ ‪ ،‬استعدادا لهجوم‬ ‫‪" 2003 /1/1‬قررت واشنطن ارسال‬
‫مرتقب‪ ،‬واالمم المتحدة تعتزم استخدام طابرات عمودٌة ‪ ،‬للبحث عن اسلحة عراقٌة محظوره" فً‬
‫الوقت ذاته صرحت القٌادة المركزٌة االمرٌكٌة ‪ ،‬طابرات ؼربٌة تنفذ دورٌات فوق العراق قصفت‬
‫رادارات عراقٌة على بعد ‪ 210‬كم جنوب شرق بؽداد والمضادات االرضٌة العراقٌة ‪ ،‬هذا وقدد‬
‫جدد الربٌس المصري نصحه لصدام وااللتزام بمقررات الشرعٌة الدولٌة ‪.‬‬
‫‪ 1 / 2‬ـ عمر موسى ـ االمٌن العام للجامعة العربٌة ـ ٌسعى فً العراق مع لجنة التفتٌش الدولٌة‪،‬‬
‫وادخال مفتشٌن عرب فً لجان التفتٌش الدولٌة عن اسحلة الدمار الشامل ‪.‬‬
‫‪ 1 /3‬عمت مظاهرات احتجاجا على الحرب فً العدٌد من المدن الباكستانٌة والمدن العالمٌة‬
‫االخر ‪ .‬فٌما اكد الربٌس االمرٌكً بوش على االستعداد للتحرك العسكري فً حالة رفضه لنزع‬
‫السالح‬
‫‪ 1/5‬ـ مقاتالت امرٌكٌة قصفت ثالث مضادات ارضٌة ـ والقت منشورات تدعو العراقٌٌن الى‬
‫االستماع الى بث اذاعً لقوات التحالؾ‪ ،‬استمرار المفتشٌن الدولٌٌن والمظاهرات الدولٌة ‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 1/6‬ـ صدام ٌلقً خطابا وصؾ بانه خطاب حرب فً مناسبة ذكر تؤسٌس الجٌش العراقً ـ وان‬
‫العراق سوؾ ٌهزم امرٌكا‪ ،‬واعلن البرادعً ـ ان المفتشٌن الدولٌٌن لم ٌعثروا على اسلحة‬
‫محظورة‪ ،‬فً الوقت نفسه اكدت برٌطانٌا ان احتماالت شن حرب على العراق حتمٌة‬
‫‪ 1/7‬ـ اكد زعٌم االتحاد الوطنً الكردستانً ـ جالل الطالبانً ـ "ان تؽٌٌرالنظام العراقً قرار‬
‫اتخذته االدارة االمرٌكٌة‪ ،‬وان الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة ستشن هجوما على العراق "‬
‫‪1/7‬ـ " اعتقلت الشرطة البرٌطانٌة سبعة ارهابٌٌن‪ ،‬بعد العثور على ؼازات كٌمٌاوٌة سامة ‪،‬‬
‫وشدٌدة الخطر من فً منازلهم فً لندن ‪ .‬فً الوقت الذي اعلنت السعودٌة انها ؼٌر مستعدة‬
‫لمساعدة امرٌكا فً حربها على العراق فٌما طلب البرادعً عن حاجته الى بضعة اشهر الكمال‬
‫مهمته‬
‫‪ 1/12‬ـ آالؾ المؽاربة ٌخرجون فً مظاهرات احتجاجا على الحرب على العراق وٌهتفون بصدام‬
‫والموت السرابٌل‪ .‬فً الوقت الذي اكد الربٌس المصري " ان ضرب العراق سٌكون له تداعٌات‬
‫شدٌدة الخطر ‪ ...‬ومن شانه ان ٌصب الزٌت على النار " فً الٌوم التالً ‪ ،‬برٌطانٌا تلقً القبض‬
‫على ستة من االرهابٌٌن من اصول افرٌقٌة بتورطهم فً قضاٌا ارهابٌة ‪ ،‬فً الوقت نفسه اعلن‬
‫الربٌس اللٌبً على التعاون مع امرٌكا فً تعقب اعضاء القاعدة " وطالب بالقضاء على‬
‫االرهابٌٌن فً الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة وبرٌطانٌا "‬
‫‪ 1/14‬ـ شرطً برٌطانً ٌلقى مصرعة فً عملٌة اعتقال ثالث من االرهابٌٌن فً برٌطانٌا ‪،‬‬
‫ضمن حملة مكافحة االرهاب البرٌطانٌة‬
‫‪ 1/15‬ـ امرٌكا تجدد طلب مساعدة حلفابها فً شمال االطلسً فً حرب العراق‬
‫‪ 1/16‬ـ مجلس االمن فً جلسة مؽلقة ‪ٌ ،‬ناقش قضٌة عمل المفتشٌن فً العراق ‪ ،‬وتداعٌات الحرب‬
‫على العراق‪ .‬فٌما فشلت امرٌكا فً اقناع االمم المتحدة " بتؽٌٌر مواعٌد تقدٌم مفتشً االسلحة‬
‫الدولٌٌن تقارٌرهم ‪ .‬فً نفس الٌوم متظاهرون بدعوة من الحزب الشٌوعً ٌخرجون ضد الحرب‬
‫على العراق ‪ ،‬فٌما نفى مدٌر دابرة الرقابة الوطنٌة العراقٌة ـ حسام محمد امٌن ـ عالقة الرإوس‬
‫الفارؼة التً عثر علٌها المفتشون باسلحة الدمار الشامل ‪.‬‬
‫‪ 1/17‬ـ السفٌر االمرٌكً فً روسٌا ‪ " ،‬ان واشنطن ستقدم لمفتشً نزع االسلحة فً العراق ادلة‬
‫جدٌدة على ان بؽداد تطور برنامجا السلحة الدمار الشامل " ‪ .‬وزارة الداخلٌة الكوٌتٌة تعلن عن‬
‫‪ 40‬سنة ـ الرقٌب فً الحرس الوطنً الكوٌتً ‪،‬‬ ‫القاء القبض " على (محمد حمد فهد الجوٌعد ـ‬
‫‪366‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بتهمة التخابر والتعامل مع االستخبارات العراقٌة ‪ ،‬وتزٌدها بمعلومات سرٌة امنٌة وعسكرٌة ‪،‬‬
‫ورصدت بعض الشخصٌات السٌاسٌة المهمة والمسإولة فً دولة الكوٌت بهدؾ تسهٌل االعمال‬
‫االرهابٌة والتخرٌبٌة ‪ " ...‬طابرات امرٌكٌة تقصؾ العراق وبعض الوسابل الدفاعٌة فً العراق ‪.‬‬
‫م الكونكرس ‪ .‬واخر فً لبنان ‪ ،‬والٌابان ‪،‬‬ ‫‪ 1/18‬ـ مظاهرات فً امرٌكا ضد الحرب اما‬
‫والسعودٌة تعلن عن عدم تدخلها فً القضٌة العراقٌة ‪ ،‬فرنسا ‪ " :‬ان اي عمل عسكري امٌرٌكً‬
‫منفرد ضد العراق من تؤٌٌد االمم المتحدة سٌكون خارج الشرعٌة الدولٌة ‪.‬‬
‫‪ 1/19‬ـ طارق عزٌز ان العراق ٌطالب دول المؽرب العربً بتحرك سٌاسً لمنع الوالٌات المتحدة‬
‫‪ .‬ومظاهرات فً روسٌا ضد الحرب ‪ ،‬طابرات امرٌكٌة تقصؾ محطات لالتصال فً العراق بٌن‬
‫الكوت والناصرٌة ‪ .‬واسرابٌل تجري مناورات " استعدادا لمواجهة اسرابٌل ضد ضربات محتملة‬
‫بصوارٌخ سكود من العراق " والسعودٌة تلقً القبض على سعودٌا اضرم النار فً قاعدة امرٌكٌة‬
‫جنوب الرٌاض ‪.‬‬
‫‪ 1/20‬ـ " اكد وزٌر الدفاع االمرٌكً ‪ ،‬دونالد رامسفٌلد ‪ ،‬انه ٌإٌد منح عفو عن الربٌس العراقً ‪،‬‬
‫صدام حسٌن ‪ ،‬وؼٌره من المسإولٌن العراقٌٌن المعاونٌن له ‪ ،‬فً حالة تخلٌهم عن الحكم ‪ ،‬طواعٌة‬
‫وسلما ‪ .‬فً الوقت الذي اقر مجلس االمن الدولً اعالن مكافحة االرهاب " الذي ٌحذر من الخطر‬
‫الشدٌد والمتزاٌد الناجم عن تمكن االرهابٌٌن من حٌازة مواد نووٌة او كٌمٌاوٌة او بٌولوجٌة او‬
‫استخدامها اٌاها " والمانٌا تعرب عن قلقها من نشوب الحرب على العراق ‪ ،‬القوات المصرٌة تمنع‬
‫مظاهرات ضد الحرب من الوصول الى السفارة االمرٌكٌة‬
‫‪ 1/22‬ـ االدارة االمرٌكٌة‪ " :‬ان الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة باشرت نشر نظام انذار مبكر ضد‬
‫االسلحة البٌولوجٌة ‪ " ...‬فٌما اعلنت الٌونان انها لن تشارك فً الحرب مع العراق‬
‫‪ 1/23‬ـ اعلنت اٌران انها لن تسمح لصدام حسٌن بدخول اراضٌها فً حالة اندالع الحرب ‪ .‬فٌما‬
‫حذرت امرٌكا القادة العسكرٌٌن العراقٌٌن " بؤنه سٌحاكم رجالها ـ رجال القوات المسلحة العراقٌة ـ‬
‫بصفتهم مجرمً حرب ‪ ،‬اذا استخدموا اسلحة دمار شامل ‪"...‬‬
‫‪ 1/24‬ـ طابرات امرٌكٌة وبرٌطانٌة تلقً ‪ 360‬الؾ منشور دعابً جنوب بؽداد ‪ ،‬لتجنب مخاطر‬
‫الحرب ‪ .‬واسبانٌا تلقً القبض على اعضاء من شبكة تنظٌم القاعدة التابع الى اسامة بن الدن‬
‫وشبكت ِه ‪ ،‬واالردن تعلن عن عدم وقوفها مع امرٌكا فً الحرب على العراق ولن تكون ممرا الي‬
‫عمل عسكري‪.‬‬
‫‪367‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 1/25‬ـ الطابرات الحربٌة االمرٌكٌة تشارك فً حراسة منطقة الحظر الطٌران فوق جنوب العراق‬
‫‪ 1/26‬ـ طابرات حربٌة امرٌكٌة تقصؾ مواقع اتصالت فً الجنوب العراقً ‪ ،‬فً ما اعلن امٌن‬
‫عام البٌت االبٌض االمرٌكً ( اندرو كارد ) ان الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة " ال ترٌد نزع اسلحة‬
‫العراق فقط ‪ ،‬وانما رحٌل الربٌس العراقً صدام حسٌن كذلك ‪ ،‬مإكدا وجود عالقات بٌن النظام‬
‫العراقً واالرهاب الدولً " فٌما تظاهر ‪ 5‬آالؾ شخص فً تركٌا ضد الحرب وطالبوا حكومتهم‬
‫بمنع امرٌكا من استخدام قواعد تركٌة فً الحرب ‪ ،‬فً الوقت نفسه اعلنت المفتشون عن عدم‬
‫عثورهم على اسلحلة نووٌة ‪.‬‬
‫‪ 1/27‬ـ مظاهرات فً لبنان ‪ ،‬سورٌا ‪ ،‬ودول اخر ضد الحرب ‪ ،‬ومالٌزٌا تحث امرٌكا على‬
‫االصؽاء الى المجتمع الدولً الرافض للحرب ‪ ،‬ومفتشً االمم المتحدة " ان العراق ابد تعاونا‬
‫على فتح مواقعه امام المفتشٌن الدولٌٌن"‬
‫‪ " 1/29‬تعهد الربٌس االمرٌكً جورج بوش ان ٌحارب بكل قوة الوالٌات المتحدة العسكرٌة لنزع‬
‫سالح العراق ‪ ،‬اذا كان ذلك ضرورٌا ‪ ،‬وقال ان صدام حسٌن ٌسعى من خالل امتالك اسلحة‬
‫الدمار الشامل الى السٌطرة والتخوٌؾ والهجوم ‪ ،‬جاء ذلك فً الخطبة الرباسٌة السنوٌة ‪"...‬‬
‫المفتش الدولً سكوت رٌتر ‪ٌ ،‬تهم بلٌكس بحذؾ نقاط ربٌسٌة من تقرٌره الذي قدمه حول اسلحة‬
‫العراق ‪.‬‬
‫‪ 2/1‬ـ طارق عزٌز ـ العراق لن ٌرسل ممثال عنه الى اجتماع مجلس االمن الدولً فً الخامس‬
‫من هذا الشهر ‪ ،‬وطه ٌاسٌن رمضان ٌحذر امرٌكا من عواقب الحرب ‪ " ،‬وقال ان نتاب الحرب‬
‫اذا ما وقعت ستكون اسوء من نتاب الحرب العالمٌة الثانٌة ‪ ،‬وٌسكون تفجٌر كبٌر ‪ ،‬واول الدول‬
‫التً ستنهار هً الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة‬
‫‪ ، 2/4‬صدام ـ امرٌكا تبحث عن ذرابع للحرب على العراق ‪ ،‬وان العراق الٌملك اي اسلحة دمار‬
‫شاملة وكان صدام قد صرح فً وقت سابق بؤن العراق ٌمتلك الكٌمٌاوي المزدوج ‪ ،‬سمعه العالم‬
‫اجمع ‪.‬‬
‫‪ 2/21‬ـ كولن باول " ان العراق سٌوضع فً حال تدخل امرٌكً تحت ادارة عسكرٌة لفترة‬
‫محدودة ‪ ،‬وان الهدؾ لٌس تدمٌره بل اطاحة نظام ربٌسه صدام حسٌن الذي بدد اموال شعبه على‬
‫اسلحة ‪ ...‬ونرؼب فً ان تنقل االدارة العسكرٌة فً اسرع وقت السلطة الفعلٌة الى ادارة مدنٌة ‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 2/22‬ـ تشكٌك فً مصداقٌة معلومات مفتشً االسلحة والمعلومات االمرٌكٌة ‪ٌ ،‬قول احد المفتشٌن‬
‫" انها ؼٌر دقٌقة " المكسٌك تتعهد بموقفها المعارض للحرب على الرؼم من الضؽوط االمرٌكة ‪.‬‬
‫‪ٌ 1943‬قٌم فً‬ ‫والكوٌت تعلن اعتقال جاسوس عراقً ٌدعى زهٌر محمد نادر من موالٌد بؽداد‬
‫الكوٌت منذ عام ‪. 1980‬‬
‫‪ 2/23‬ـ مناورات امرٌكٌة فً الفلبٌن واقتراحات فرنسٌة لنزع اسلحة العراق‬
‫‪ 2/25‬ـ طابرة امرٌكٌة مروحٌة تسقط ‪ ،‬وٌقتل فٌها اربعة جنود امرٌكان ‪ ،‬فً شمال الكوٌت ‪،‬‬
‫وصدام ٌرفض بشدة طلب مفتشً االسلحة تدمٌر صوارٌخ الصمود مدعٌا انها ال تنتهك القرارات‬
‫الدولٌة‪.‬‬
‫‪ 2/26‬ـ تظاهرات من ‪ 10‬االؾ شخص فً اٌطالٌا احتجاجا على الحرب على العراق والقوات‬
‫االمرٌكٌة فً الكوٌت ترتدي االقنعة الكٌماوٌة بعد تحذٌر من هجوم كٌمٌاوي ‪ .‬وهانز بلٌكس ‪،‬‬
‫كبٌر مفتشً االسلحة ‪ " ،‬العراق لم ٌتخذ قرار نزع اسلحته ‪ ،‬ولم ٌصل الى مستو التعاون "‬
‫وتركٌا تخلً سفارتها فً بؽداد ‪ ،‬ومظاهرات فً مصر ضد الحرب وفً الٌوم التالً حاملة‬
‫الطابرات العمالقة االمرٌكٌة تتوجه الى الخلٌ ‪.‬‬
‫‪ ، 2/28‬جامع االزهر وتظاهرات كبٌره عقب صالة الجمعة تندد بامرٌكا وتهتؾ لصدام ‪.‬‬
‫‪ 3/1‬ـ الٌمن تشهد مظاهرات كبٌرة ضد الحرب لحقتها مظاهرات فً البوسنه والقمة العربٌة‬
‫الخامسة عشر فً مصر تعقد اجتماعها وتندد بالحرب وتعلن رفضها ‪ ،‬فٌما حدثت مشادة كالمٌة‬
‫بٌن عبدّللا بن عبدالعزٌز آل سعود والربٌس اللٌبً القذافً ‪.‬‬
‫‪ 3/2‬ـ عملٌات البحث فً العراق " العثور على كمٌات كبٌرة من مادة انثركس (الجمرة الخبٌثة)‬
‫وؼاز االعصاب فً اكس ‪ ،‬مما عززت المعلومات االمرٌكٌة ضد االمم المتحدة ‪ .‬وعمر موسى‬
‫ٌحاول ارسال بعثات دبلماسٌة الى الدول لتفادي الحرب‬
‫‪ 3/3‬ـ قصؾ امرٌكً لمنشآت فً العراق ‪ٌ ،‬صٌب ‪ ، 15‬وٌذهب ضحٌته ستة مواطنٌن عراقٌٌن ‪.‬‬
‫ومظاهرات حاشدة فً مصر ضد الحرب واٌران تدعوا الى استفتاء عام فً العراق تتخلى‬
‫الحكومةالعراقٌة عن منصبها بدل الحرب‬
‫‪ 3/4‬ـ البرتؽال تدعو الى مزٌد من الضؽوط على العراق وتطبٌق قرار ‪ 1441‬الصادر من االمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬والمانٌا تدعوا رعاٌاها فً العراق الى االسراع فً مؽادرته ‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 3/5‬ـ القمة االسالمٌة فً الدوحة ترفض الحل العسكري مع العراق ‪ ،‬والعراق ٌدمر بعض‬
‫صوارٌخه البعٌدة المد ارضاءا المرٌكا والمفتشٌن لتجنب الحرب ‪ ،‬واستمرار المظاهرات فً‬
‫العالم ضد الحرب‬
‫‪ 3/6‬ـ بلؽارٌا تسحب دبلوماسٌها من العراق ‪ ،‬والكوٌت تلقً القبض على متطرفٌن‬
‫‪ 3/7‬ـ امرٌكا تمهل العراق حتى ‪ 3 / 17‬ـ لنزج جمع اسلحته ‪ ،‬او تنطلق ساعة الصفر ‪ .‬واسبانٌا‬
‫ترفض ارسال مفتشٌن الى العراق رؼم معارضتها للمشروع االمرٌكً والمهلة النهابٌة ‪ ،‬والزعٌم‬
‫الفلسطٌنً احمد ٌاسٌن ‪ٌ ،‬قول ان الحرب االمرٌكٌة على العراق هً الحرب على االسالم ‪،‬‬
‫‪ 3/8‬ـ طابرات امرٌكٌة تقصؾ منظومة رادار متحركة فً منطقة الحظر الجوي فً الجنوب ‪،‬‬
‫‪ 3/10‬ـ برٌطانٌا وامرٌكا ـ " كبٌر مفتشً االسلحة الدولٌة ‪،‬بلٌكس قد اخفى دلٌال مهما فً تقرٌره ‪،‬‬
‫اال وهو وجود طابرات عراقٌة من دون طٌار ‪.‬‬
‫‪ 3/12‬ـ برٌطانٌا تحدد شروط ستة لصدام ‪ ،‬اذا مارؼب فً تجنب الحرب ‪ .‬اولها ان ٌعلن عبر‬
‫التلفاز اعالنا واضحا انه مستعد لكشؾ عن اسلحة الدمارالشامل العراقٌة المخبآة ‪.‬‬
‫‪ 3/15‬ـ طابرات امرٌكٌة تؽٌر على مواقع فً الجنوب العراقً فً اطار الحظر الجوي ‪ .‬فٌما‬
‫اؼلقت مالٌزٌا سفارتها بالعراق بعد اخالءها‬
‫‪ 3/16‬ـ طابرات االمم المتحدة فً العراق المستخدمة فً عملٌات التفتٌش ‪ ،‬تم سحبها من العراق‪.‬‬
‫‪ 3/17‬ـ كوفً عنان ٌسحب جمٌع موظفً االمم المتحدة من العراق ‪ ،‬مإكدا ان جمٌع اعمال االمم‬
‫المتحدة بما فً ذلك برنام النفط مقابل الؽذاء ستتوقؾ ‪ .‬فٌما رفض وزٌر الخارجٌة العراقً ‪،‬‬
‫‪ 48‬ساعة ‪ ،‬او‬ ‫ناجً صبري ‪ ،‬انذار امرٌكً لصدام بالتخلً عن السلطة ومؽادرة العراق خالل‬
‫اعالن الحرب‬
‫‪ 3 /18‬ـ االمم المتحدة تعلن ‪ " ،‬ان مفتشً االسلحة التابعٌن لها ‪ ،‬ؼادروا العراق "‬
‫‪ 3/19‬ـ عشرات االال ؾ من العراقٌٌن ٌهربون من مناطقهم الى منطقة كردستان ‪ ،‬اكثرهم من‬
‫كركوك وبؽداد ‪ .‬وطابرات امرٌكٌة تقصؾ اهدافا شملت مدفعٌة ومضادات جوٌة وبطارٌات‬
‫صوارٌخ ارض ارض فً جنوب العراق‪.‬‬
‫‪ 3 / 20‬ـ "اعلن الربٌس االمرٌكً جورج بوش ‪ ،‬بدأ العملٌات العسكرٌة فً العراق ‪ ،‬واستهل‬
‫القوات االمرٌكٌة باطالق ‪ 40‬صاروخا " من جهة اخر توعد صدام بان الحرب سوؾ ٌكون‬
‫طوٌل وقاس ‪ ،‬فٌما اعربت بلجٌكا عن اسفها الندالع الحرب ‪ ،‬سقطت صوارٌخ على شمال الكوٌت‬
‫‪370‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ونفى العراق انه المسإول عنها ‪ ،‬هذا وقد اصابت صوارٌخ امرٌكا مبانً فارؼة على حد تعبٌر‬
‫االعالم العراقً ‪ " ،‬فً ارض الكو ٌت تحطمت طابرة عمودٌة قتالٌة امرٌكٌة قرب الحدود مع‬
‫العراق ‪ ،‬تركٌا تسمح للطابرات االمرٌكٌة بالعبور فً اجواءها ‪ ،‬المدفعٌة االمرٌكٌة الثقٌلة تفتح‬
‫‪ 105‬ملم ‪ ،‬فً اتجاه االراضً العراقٌة ‪،‬‬ ‫النار على طول الحدود الكوٌتٌة العراقٌة من عٌار‬
‫وقوات المشاة البحرٌة االمرٌكٌة تعبر الحدود كبداٌة للهجوم البري ‪ ،‬التلفزٌون العراقً ٌنقل عن‬
‫متحدث عسكري عراقً ان طابرة امرٌكٌة سكرسكً تحطمت تحمل جنود ومعدات ـ اسقطت اثناء‬
‫هجوم القوات المتحالفة ‪ ،‬طالبت امرٌكا دول العالم بؤؼالق سفاراتها والبعثات الدبلوماسٌة العراقٌة‬
‫على اراضٌها الى ان تتولى سلطات جدٌدة الحكم فً بؽداد ‪ ،‬وقد رفضت الطلب كل من فرنسا‬
‫والمانٌا والجزابر " فٌما اعلن العراق ان جنود من العراقٌٌن قتلوا وجرح اخرون ‪ ،‬اعلنت فرنسا‬
‫ان مجالها الجوي مفتوح امام الطابرات االمرٌكٌة ‪ ،‬نقلت انباء الحكومة العراقٌة سقوط مدٌنة ام‬
‫قصر على الحدود مع الكوٌت ‪،‬‬
‫‪ 3/21‬ـ امرٌكا تعلن سٌطرتها على نفط الفاو والقوات االمرٌكٌة تتعرض الى نٌران عراقٌة الول‬
‫مرة مما ابطؤ التقدم باتجاه العمق العراقً وقابد حاملة الطابرات ٌطلق ‪ 320‬صاروخا على بؽداد‬
‫وضواحٌها ‪ ،‬واصٌب شخصان فً مدٌنة عبادان ‪ ،‬نتٌجة قنبلة اطلقتها طابرة امرٌكٌة اثناء الؽارات‬
‫على العراق ‪.‬‬
‫‪ 3/22‬ـ جندي امرٌكً ٌلقً قنابل على زمالبه داخل معسكر الجٌش االمرٌكً شمال الكوٌت ‪،‬‬
‫اشتباكات بن القوات االمرٌكٌة فً الصحراء حول النجؾ والقصؾ االمرٌكً على البصرة ٌذهب‬
‫ضحٌته ‪ 50‬شخصا ‪ ،‬ومعركة عنٌفة على مشارؾ البصرة جنوب العراق ‪ ،‬امرٌكا تلؽً تحرٌك‬
‫قواتها عبر تركٌا الى شمال العراق كان فرقة المشاة فً الكوٌت هً البدٌل ‪ ،‬وجنود امرٌكان‬
‫ٌقعون فً كمٌن وٌلقون مصرعهم ‪.‬‬
‫ؼطت سحب الدخان بؽداد بسبب حرق الجٌش العراقً للنفط الذي فً الخنادق المحٌطة ببؽداد ‪،‬‬
‫طالبت الكوٌت فً اجمتاع طاريء للجامعة العربٌة ان ٌصدروا بٌانا " تدٌن العدوان العراقً‬
‫الصاروخً على الكوٌت " وسقوط ‪ 45‬واصابة اخرٌن اثر صاروخا عابرا امرٌكٌا على جماعة‬
‫انصار االسالم فً كردستان‬
‫‪ 3/23‬ـ اصابات فً النساء واالطفال فً هجوم التحالؾ على مجمع ٌسكنة موظفً شركة نفطٌة‬
‫فً البصرة وكذلك سقط بعض الجنود فً معارك عنٌفة فً الناصرٌة فضال عن من وقع فً كمٌن‬
‫‪371‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عراقً فً المنطقة ذاتها ‪ ،‬بالوقت الذي قالت البٌانات العراقٌة ان امرٌكا تكبدت خسابر فادحة‬
‫‪ 11‬دبابة وثالث ناقالت وست عربات ‪ ،‬الطابرات االمرٌكٌة‬ ‫باالرواح والمعدات من بٌهنها‬
‫العمالقة ـ ب‪ 52‬تتوجة الى الخلٌ فٌما اصٌب ‪ 321‬عراقٌا فً بؽداد بسبب الهجمات االمرٌكٌة ‪.‬‬
‫‪ 3/24‬ـ صوارٌخ امرٌكٌة عابرة تضرب الحدود التركٌة عن طرٌق الخطؤ ولم تسفر عن ضحاٌا ‪،‬‬
‫والطابرات العمودٌة (اباتشً ) تواصل هجماتها جنوب بؽداد فً قتال لمدة ثالث ساعات ‪.‬‬
‫المنشورات االمرٌكٌة تتساقط على كربالء والناصرٌة تدعوا لالستسالم ‪ .‬بالوقت الذي اعلنت ان‬
‫طابرة اباتشً سقطت فً العراق ‪ " ،‬قالت وسابل االعالم االمرٌكٌة ان خسابر القوات االمرٌكٌة‬
‫الت خاضت قتاال شرسا فً الناصرٌة بلؽت عشرة قتلى و ‪ 12‬جرٌحا و ‪ 16‬مفقودا ‪ ،‬والصحـّاؾ‬
‫ٌقول ان مبات المدنٌٌن العراقٌٌن راحوا ضحٌة القصؾ االمرٌكً ‪ .‬عربة امرٌكٌة تخسرها القوات‬
‫وجرح ثالث من الجنود ‪ ،‬واالتحاد االوبً ٌحذر تركٌا من استؽالل الحرب الكتساح الشمال‬
‫العراقً ‪ ،‬والقوات البولندٌة تشترك فً عملٌات الهجوم على العراق بؤكثرمن خمسٌن عسكرٌا ‪.‬‬
‫معارك فً النجؾ ٌذهب ضحٌتها عدد من الجٌش االمرٌكً ‪ ،‬فٌما قتل ستة من البعثٌٌن من بٌنهم‬
‫مسإول اقلٌمً ‪.‬‬
‫‪ 3/25‬ـ معارك شرسة فً الناصرٌة تشترك فٌها الطابرات العمودٌةالعسكرٌة والمدفعٌة الثقٌلة ‪،‬‬
‫ومٌناء ام قصر ٌستعصً على القوات االمرٌكٌة والمقاومة العراقٌة الشرسه فٌه ‪.‬‬
‫‪ 3/26‬ـ الٌابان ترفض اؼالق السفارة العراقٌة فً طوكٌو ‪ .‬والصوارٌخ االمرٌكٌة تدك محطة‬
‫التلفزٌون العراقً وموقع اتصاالت واتصاالت فضابٌة عراقٌة ‪ ،‬قدرة النظام فً السٌطرة على‬
‫العراق تتدهور ‪ .‬اٌران تقرر انشاء مركزٌن طبٌٌن فً كردستان على الحدود معها لتقدٌم الخدمات‬
‫‪200‬‬ ‫العالجٌة لجرحى المنطقة ‪ .‬ومحمد سعٌد الصحاؾ ( وزٌر االعالم العراقً ) ٌصرح ان‬
‫منزل ُدمر فً الناصرٌة بسبب الهجوم الجوي االمرٌكً و سقوط ‪ 500‬جرٌح من المدنٌٌن ‪ ،‬قال‬
‫‪ 19‬اخرٌن‬ ‫ان القوات االمرٌكٌة استخدمت " قنابل انشطارٌة اودت بحٌاة تسعة اشخاص وجرح‬
‫‪ 18‬شخص ‪ ،‬ونفى ان ام قصر صارت تحت‬ ‫فً دٌالى شمال العراق واربعة فً بابل وجرح‬
‫سٌطرة التحالؾ "‬
‫فرقة المشاة الرابعة ـ الفرقة االمرٌكٌة المتطورة جدا تكنلوجٌا والتـقنٌة الحربٌة سوؾ تشترك فً‬
‫المعركة حسب تصرٌح قابد الجٌش االمرٌكً ‪ ،‬فٌما اتهم العراق امرٌكا بخطؾ مدنٌٌن عراقٌٌن‬
‫على انهم اسر حرب ‪ ،‬برٌطانٌا تقلص من عدد موظفٌها فً القوة الجوٌة ‪ ،‬الجٌش العراقً‬
‫‪372‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 173‬انزل فً‬ ‫ٌحطم طابرة عمودٌة ‪ ،‬وزٌر الدفاع االمرٌكً ٌعلن ان اللواء االمرٌكً المظلً‬
‫شمال العراق ‪ ،‬فً اول انتشار واسع للقوات االمرٌكٌة لالحاطة ببؽداد من الشمال والجنوب‬
‫‪ 3/27‬ـ تدمٌر عدد كبٌر من الدبابات وناقالت الجنود عراقٌة دمرتها القوات االمرٌكٌة ‪ ،‬كانت‬
‫تحاول الخروج من البصرة ‪ ،‬القوات االمرٌكٌة تواصل تقدمها عبرالصحراء نحو بؽداد " فً‬
‫‪ 150‬كم جنوب الشرقً من بؽداد " والثانً عبر‬ ‫اتجاهٌن احدهما من جهة الكوٌت الى الكوت‬
‫الصحراء باتجاه الحلة ‪ .‬والقوات االمرٌكٌة تعلن ان خسابرها من الجٌش ‪ 24‬جندي وسبعة اسر‬
‫و عشرة مفقودٌن و ‪ 28‬جرٌحا ‪ ،‬منذ بدأ العملٌات ‪ .‬محطة التلفزٌون فً البصرة تحت سٌطرة‬
‫القوات البرٌطانٌة تماما ‪ ،‬وهً تواصل تقدمها للسٌطرة الكاملة على البصرة والقوات االمرٌكٌة "‬
‫تستخدم ذخابر الٌورانٌوم المنضب ‪ ،‬بواسطة طابرات هارٌر ودبابات ابرامز ومركبات برادلً ‪.‬‬
‫‪ 3/28‬ـ عشرة صوارٌخ من المدمرة االمرٌكٌة فً المتوسط تسقط فً بؽداد والٌابان تطلق اقمارا‬
‫صناعٌة تجسـسٌة مهمتها مراقبة الصوارٌخ ‪ ،‬ال ُكرد ٌحققون " تقدما كبٌرا وباتوا على بعد عشرٌن‬
‫كٌلومترا من كركوك باتجاه بؽداد " القوات البرٌطانٌة تمر بؤوقات عصٌبة حسب تصرٌح تونً‬
‫بلٌر ‪ ،‬امرٌكا تتحرك خالل اللٌل فً مزٌد من القوات الى الشمال العراقً حٌث تفتح جبهة ثانٌة‬
‫باتجاه بؽداد والصحاؾ ٌعلن ان معارك عنٌفة فً جنوب المثنى واسقاط طابرة وقصؾ التحالؾ‬
‫ٌسفر عن ‪ 26‬ضحٌة واصابة اخرٌن من المدنٌٌن كما ٌقول الصحاؾ ‪ .‬قنابل من زنة ‪ 2068‬كٌلو‬
‫ؼرام ‪ ،‬تسقط على موقع اتصاالت ربٌس فً وسط بؽداد من طابرات بً ‪ 2‬الخارقة للرادار ‪.‬‬
‫العراق ٌستخدم فرق الموت خلؾ الجٌش الكراه الجٌش العراقً على القتال ‪ ،‬فٌما صرح نابب‬
‫وزٌر الدفاع االمرٌكً ‪ " ،‬ان والوالٌات المتحدة االمرٌكٌة لم تتوقع بعض التكتٌكات التً‬
‫استخدمها المقاتلون العراقٌون‬
‫‪ 3/29‬ـ القوات االمرٌكٌة والبرٌطانٌة تسٌطر على ‪ 600‬ببر نفط فً جنوب العراق وتتوؼل فً‬
‫العمق قرب بؽداد ‪.‬‬
‫‪ 3/30‬ـ شاحنة عسكرٌة فً الكوٌت تصدم جماعة من الجنود خارج معسكر فً القاعدة العسكرٌة‬
‫فً الكوٌت وٌذهب ضحٌتها ‪ 15‬جندي ‪ ،‬والقوات البرٌطانٌة تخوض قتاال ضارٌا فً جنوب‬
‫العراق ‪،‬‬
‫‪ 1000‬طلعة جوٌة ٌوم االحد ‪ ،‬استهدفت الحرس‬ ‫‪ 3/31‬ـ وصل عدد الطلعات الى اكثر من‬
‫الجمهوري ‪،‬‬
‫‪373‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 4/2‬ـ " اعلن مسإول الدفاع االمرٌكً ‪ ،‬ان مشاة البحرٌة االمرٌكٌة ‪ ،‬امنوا معبرا ربٌسٌا على‬
‫نهر دجلة ممهدٌن الطرٌق اما عبور آالؾ القوات صوب العاصمة العراقٌة ‪ ،‬بؽداد ‪ .‬القوات‬
‫العراقٌة تنسحب من خط التماس مع ال ُكرد ‪ ،‬ال ُكرد ٌحرزون تقدما بؤتجاه بؽداد ‪" .‬برام التلفزٌون‬
‫الحكومً العراقً تتوقؾ اثر سلسلة من عملٌات القصؾ على بؽداد‬
‫‪ 4/3‬ـ القوات االمرٌكٌة على ابواب بؽداد ‪ ،‬هجمات بالقذابؾ المضادة للدبابات ـ ار بً جً ـ‬
‫ٌذهب ضحٌتها اثنٌن من جنود امرٌكا ‪ ،‬ؼرب نهر الفرات بالقرب من بؽداد ‪ 20 .‬انفجارا متتابعا‬
‫جنوب بؽداد حٌث منطقة المطار والقوات االمرٌكٌة تخوض قتاال للسٌطرة علٌه ‪.‬‬
‫فرقة المشاة االمرٌكٌة الثالثة ‪ ،‬متقدمة الى بؽداد ‪ ،‬وهجوم على مطار بؽداد الربٌسً بدون مقاومة ‪.‬‬
‫‪، 27‬‬ ‫انقطاع الكهرباء عن بؽداد اول مرة ‪ ،‬الصحاؾ ٌقول ان الهجمات االمرٌكٌة راح ضحٌتها‬
‫وجرح ‪ 193‬من المدنٌٌن ‪ ،‬ونفى الصحاؾ ان القوات االمرٌكٌة فً بؽداد ‪ ،‬بل حتى قرٌبة منها ‪،‬‬
‫حتى انها لم تسٌطر على ام قصر ‪ ،‬وزٌر الدفاع ٌقول انهم " لم ٌستهدفوا شبكة التولٌد الكهربابً‬
‫والٌعرؾ سبب انقطاع التٌار الكهربابً ‪ ،‬وطارق عزٌز ٌعلن انه من المستحٌل ان تسٌطر القوات‬
‫المهاجمة على بؽداد ‪ ،‬ووعد بحرب طوٌلة " تقبض كثٌرا من االرواح البشرٌة "‬
‫‪ 4/4‬ـ معركة ٌذهب بها ‪ 320‬جندي عراقً نهاٌتها السٌطرة التامة على مطار بؽداد الدولً ‪،‬‬
‫وصدام ٌدعو الجٌش الى الصمود التً باتت على مشارؾ بؽداد ‪ ،‬قرأ الصحاؾ رسالة صدام الى‬
‫الشعب العراقً ‪ ،‬ووعد بهزٌمة امرٌكا ‪ .‬الصحاؾ ٌقول ان الجٌش االمرٌكً مطوق ومحاصر‬
‫ومعزول فً مطار بؽداد ‪ " ،‬وستواجه عمال ؼٌر تقلٌدي ‪ ،‬اذا لم ٌسلم من تبقى من جنودها بسرعة‬
‫" فً الوقت نفسه قال وزٌر الدفاع البرٌطانً " ان قوات الحرس الجمهوري العراقٌة ربما تكون‬
‫قد تراجعت ‪ ،‬بعد اقتحام القوات االمرٌكٌة مطار بؽداد واالستٌالء علٌه ‪ ...‬ان احتالل مطار بؽداد‬
‫ٌمثل ضربة قوٌة لصدام "‬
‫‪ 4/5‬الصلٌب االحمر ٌسجل ‪ 3000‬اسٌر حرب عراقً ‪ ،‬الدبابات االمرٌكٌة تدخل ضواحً‬
‫جنوب بؽداد ‪ ،‬بعد ‪ٌ 17‬وم من بدا الهجوم ‪،‬انفجارات عظٌمة تهز جزء بؽداد الؽربً ‪ ،‬فً الوقت‬
‫الذي تتجول فٌه الدبابات فً وسط بؽداد ‪ ،‬اعلن وزٌراالعالم الصحاؾ ‪ ،‬ان القوات العراقٌة "‬
‫استطاعت سحق القوات االمرٌكٌة فً مطار صدام الدولً ‪ ،‬واجبرتهم على التراجع الى مكان‬
‫صؽٌر فً ابو ؼرٌب ‪.‬‬

‫‪374‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 7000‬جندي امرٌكً وتحت‬ ‫‪ 4/6‬ـ مطار بؽداد الدولً‪ ،‬مطار صدام سابقا ‪ٌ ،‬حمل بٌن طٌاته‬
‫سٌطرتهم ‪ ،‬مشاة البحرٌة االمرٌكان ٌزحفون نحو بؽداد لتطوٌقها‬
‫‪ 4/7‬ـ الصحاؾ ‪ " :‬ان الجنود العراقٌٌن الحقوا هزٌمة منكرة بالقوات االمرٌكٌة‪ ،‬التً حاولت‬
‫احتالل مواقع داخل العاصمة بؽداد ‪ ،‬نافٌا وجود اي قوات امرٌكٌة فً بؽداد ‪ ،‬واضاؾ‪(( :‬لقد‬
‫جرعناهم السم والعلقم ‪ ،‬لٌلة امس ‪ ،‬جنود القابد صدام حسٌن وقواته العظٌمة ‪ ،‬اعطتهم درسا)) وقد‬
‫نفى ان تكون القوات االمرٌكٌة قد دخلت القصور الرباسٌة فً بؽداد ‪ ،‬القصر الجمهوري ‪ ،‬او اٌؤ‬
‫من االدارات الحكومٌة واكد فً مإتمر صحافً عقد امام وزارة االعالم ان بعض الدبابات دخلت‬
‫الدورة جنوب ؼرب بؽداد حٌث حوصرت وقضً علٌها " فً ما ذكر مسإولون اكراد ان اكثر من‬
‫مابة ضابط وجندي عراقً استسلموا للقوات الكردٌة فً شمال العراق حٌث اجبرهم استمرار‬
‫القصؾ االمرٌكً على ان ٌنسحبوا فرارا ‪ ،‬تاركٌن معداتهم ‪.‬‬
‫فً وقت متؤخر من نفس الٌوم كانت المشاة االمرٌكٌة دخلت بؽداد قادمة من جنوبها الشرقً‬
‫وتمركزت العربات االمرٌكٌة فً طرٌق محاذ لدجلة اما المجمّع الرباسً حٌت تجددت معارك‬
‫لبضع ساعات ‪ ،‬كما صرح االمرٌكان ‪ ،‬وصرح " وزٌر الدفاع البرٌطانً ‪ ،‬جٌؾ هون ‪ ،‬امام‬
‫مجلس العموم البرٌطانً ان القوات االمرٌكٌة باتت تسٌطر على الطرق الربٌسٌة التً تتحكم فً‬
‫مداخل بؽداد ومخارجها ‪.‬‬
‫فً ما قال ماٌزر ربٌس هٌبة االركان الجٌوش االمرٌكٌة " ان الطابرات االمرٌكٌة والبرٌطانٌة‬
‫نفذت اكثر من الؾ طلعة جوٌة فً ؼضون ‪ 24‬ساعة فً العراق "‬
‫‪ 4/8‬ـ القوات االمرٌكٌة استولت على مطار الرشٌد جنوب شرقً العاصمة بؽداد ‪ .‬اما القوت‬
‫االمرٌكٌة القادمة من الجهة الؽربٌة عبر الصحراء فقد وصلت الى مشارؾ الحلة‬
‫‪ 4/9‬القوات االمرٌكٌة تتقدم على الضفة الشرقٌة لنهر دجلة فً وسط بؽداد حٌث ترك المقاتلون‬
‫العراقٌٌون مواقعهم فً شوارعها ‪ ،‬برٌطانٌا تعلن انهٌار السلطة فً العراق وفرار اعضاءها ‪ ،‬بعد‬
‫ان تفككت تماما ‪ .‬وبركس ٌقول ان اكثر من سبعة االؾ عراقً وقعوا فً االسر ‪.‬‬
‫عمرو موسى ٌطالب العراقٌٌن باختٌار حكومتهم وان ال تفرضها علٌهم دول اجنبٌة ‪ ،‬فً الوقت‬
‫الذي وقفت القوات االمرٌكٌة متفرجة على عملٌات السلب والنهب والفوضى العارمة فً العراق‬
‫بؽد ان انهار الصنم االكبر فً ساحة بؽداد وهو ٌسحب بالحبال ‪،‬‬

‫‪375‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لقد حاول العراقٌٌون سحب الصنم ( تمثال صدام) فً منتصؾ ساحة بؽداد ‪ ،‬اال انهم فشلوا ‪ ،‬صعد‬
‫احد العراقٌٌن فوق رأس التمثال لٌضع الحبل ‪ ،‬وبسحبه انقطع الحبل ‪ ،‬عاودوا الكرة ‪ ،‬واستعانوا‬
‫بالدبابة االمرٌكٌة ذات الزنجٌل ‪ ،‬حٌث وضعوا الزنجٌل فً رقبة صنم صدام ‪ ،‬وقام الجندي‬
‫االمرٌكً بوضع العلم االمرٌكً على رأس التمثال ‪ ،‬اال ان العراقٌٌن رفضوا ذلك ‪ ،‬وانزلوا العلم‬
‫االمرٌكً لٌضعوا العلم العراقً محله وتم ربط التمثال بالمجنزرة االمرٌكٌة وسحبته ‪ ،‬فمال التمثال‬
‫قلٌال ‪ ،‬ثم اكثر فاكثر ‪ ،‬وسقط التمثال وبقً معلقا بالقاعدة ‪ ،‬فانهال علٌه العراقٌٌون ضربا باالحذٌة‬
‫واالحجار وسحبته الدبابة فسقط وسحب فً الساحة والعراقٌٌون ٌنهالون علٌه ضربا االحذٌة ‪.‬‬
‫وفً مكان اخر ركزت الكامرات على رجل عراقً كبٌر السن ٌنادي باعلى صوته وٌحمل صورة‬
‫صدام وٌضربها بنعاله ‪ ،‬انه ابو تحسٌن ‪،‬‬

‫كلمات الختام ‪:‬‬


‫نعال ابو تحسين ‪:‬‬

‫" إن ٌوم التاسع من نٌسان المجٌد‪ ،‬هو ٌوم نزول اللعنات على الطاؼٌة (المدحور) و حزبه‬
‫(المهزوم)‪ٌ ،‬وم استطاع فٌه رجل واحد أن ٌختزل حقبة كاملة و مظلمة عجت بكل أصناؾ‬
‫العذاب‪ ،‬لقد وقؾ أبو تحسٌن (ذلك العراقً الشهم و الملًء بعفوٌة الحق و بلسان المظلوم) ٌسجل‬
‫و بحروؾ من نور (من خالل نعاله الخالد) أروع وأبهى وبؤصدق الكلمات‪ .‬لقد حمل أبو تحسٌن‬
‫بٌمٌنه ذلك الرد الحاسم (النعال) و وهو ٌرد على كل الطروحات و اِلكاذٌب التً كان بطل‬
‫(التحرٌر وأبو الهزابم!!!) ٌرددها على أسماع العالم حول بطوالته الخارقة(فً الهروب!!!) و‬
‫شهامته المنقطعة النظٌر (على الفنانات والراقصات العروبٌة) و صوالته فً معارك الشرؾ(فً‬

‫‪376‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ؼرؾ اللٌل!!!)‪ .‬نعم بـ(فردة) نعال واحد تم وضع نهاٌة لكل ذلك و كشؾ الحقٌقة التً طال‬
‫انتظارها و إزالة الشك والشبهة عن حقٌقة هذا النظام و حزبه‪ .‬بنعال واحد تم إٌقاؾ اآللة اإلعالمٌة‬
‫الجهنمٌة و إخراس كل اِلفواه العفنة لذلك النظام و حزبه‪ ،‬التً عمل بها اآلالؾ من المرتزقة‪ ،‬و‬
‫بنعال واحد فقط تم إزاحة الستار عن حقٌقة حزب البعث (الهمجً) و زٌؾ أفكاره العوجاء و‬
‫الشوهاء‪ .‬ولٌس ؼرٌبا أن ٌتم تسجٌل كل تلك اِلحداث بالنعال و لٌس صدفة أن ٌزول صدام‬
‫(اِلشعث اِلؼبر) و حزبه بواسطة النعال‪ِ ،‬لن القدر لم ٌشؤ أن ٌكرمهم بالزوال تحت ظالل‬
‫السٌوؾ أو اِلسلحة‪ ،‬بل كان "قدرهم بقدر نعال‪ * ( " .‬الدكتور إبراهٌم محمد صالح فً مقال تحت‬
‫عنوان ‪( :‬نعال) أبو تحسٌن و الخبر الٌقٌن *) صورة ابو تحسٌن فً الوثابق المصورة‪.‬‬

‫وقال كاتب ‪:‬‬


‫" هذا هو مصٌر كل خابن هذا الذي قتل المالٌٌن منا ؛ ٌا ناس هذه هً الحرٌة " المقرونة بصفعات‬
‫النعال ‪ -‬فً نهاٌة مشهد الطاؼٌة و هو ٌتدحرج مع نظامه تحت اِلقدام الحافٌة للعراقٌٌن‪.‬‬
‫لقد قال وفعل أبو تحسٌن "جواد كاظم عواد "‪ ،‬الشٌا الذي أراد و ٌرٌد قوله وفعله كل عراقٌة‬
‫و عراقً مظلوم ؛ و ال تضٌرنا سهام فطاحلة هذه اِلٌام فً تفسٌراتهم و تحلٌالتهم العجاببٌة "فً‬
‫أن ما كان هو تعطش للثؤرأكثر من كونه التوق للحرٌة !!!" ؛ فحتى عالِم التحلٌل النفسً"سٌجموند‬
‫فروٌد" ما كان سٌتوصل الى هذه البراعة فً التحلٌل المتشكك؛ و أنا ال أجد تناقضا بٌن التعبٌر‬
‫(من‬ ‫"‬ ‫لب هذه الحرٌة‪.‬‬
‫عن المشاعر فً نٌل الحرٌة و التعبٌر عن أخذ الثؤر و التشفً فً الذي َس َ‬
‫مقال لالستاذ سلٌم الحكٌم فً ‪) 2003 /9/12‬‬

‫وقال كاتب اخر‪:‬‬


‫" ففً ٌوم التاسع من نٌسان ( إبرٌل ) الخالد عام ‪ 2003‬سقطت تحت أحذٌة اِلحرار كل أصنام‬
‫ونصب الهزٌمة الوطنٌة والقومٌة والحضارٌة ؟ وفً ذلك الٌوم العاصؾ والتارٌخً تهاوت كل‬
‫أوهام الشعارات التخدٌرٌة والساذجة المزٌفة ‪ ،‬وتالشت كل عناصر القوة اإلرهابٌة الكارتونٌة التً‬
‫تجبرت على الشعوب المستلبة ‪ ،‬وفً ذلك الٌوم المشرق فً خلوده عاد البعث الفاشً البابد‬
‫لمجاري التارٌخ الخلفٌة لتنتهً بنهاٌته التلفزٌونٌة عقود طوٌلة سوداء من التخلؾ والهزٌمة‬
‫والعشابرٌة وحكم اِلوؼاد والطؽاة وبقاٌا اإلرث اإلنكشاري العثمانً ‪ ،‬وبعد ذلك الٌوم العظٌم‬
‫‪377‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كشؾ أهل اإلرهاب الدٌنً والطابفً من الدجالٌن والقتلة الفاشست عن وجوههم الحقٌقٌة وبانت‬
‫أمام العالمٌن فاشٌتهم وإرهابهم المستند لجذور تارٌخٌة عرٌقة من اإلرهاب الدٌنً المإدل‬
‫والمإطر وفق سٌنارٌوهات مرعبة من التخلؾ التارٌخً الذي تعود جذوره لجرابم (الخوارج ) و (‬
‫الحشاشٌن ) ‪ ..‬ولكل قو الموت والدمار التً تنشط هدما فً عقٌدة اِلمة وعناصرها اِلخالقٌة‬
‫والسلوكٌة ‪ ...‬إنه ٌوم ( الفتح الجلٌل ) آلفاق الحرٌة واإلنعتاق واإلنفتاح على العوالم الحدٌثة‬
‫والمشاركة الفاعلة مع بقٌة خلق ّللا فً بناء الحضارة البشرٌة المشتركة وللجمٌع ولٌست لفبة أو‬
‫عشٌرة أو عابلة ؟ إنه الٌوم الذي سٌخلده التارٌخ وسٌعتبره مفصال تارٌخٌا للتؽٌٌر رؼم أنوؾ‬
‫متطاولة الٌوم تحاول تعكٌر جالل الحدث والتقلٌل من أهمٌته‪ ، !.‬إنه الٌوم الخالد الذي إنتصؾ فٌه‬
‫المظلوم العراقً البسٌط لعذاب القرون والسنٌن ‪ ،‬إنه ٌوم المواطن العراقً البسٌط ( أبو تحسٌن)‬
‫هل تتذكرونه ؟ أم أن الذاكرة العربٌة مثقوبة والتحتفل وترقص وتطبل إال بالهزابم المخزٌة‬
‫والكارثٌة لتحولها إلنتصارات مجٌدة ؟ إنه الٌوم الذي أطلق فٌه العراقً آهات اِللم والحسرة‬
‫والتوجع ضد عقود الظلم الفاشٌة وحٌث إرتفعت اِلٌادي و ( اِلحذٌة ) العراقٌة لتنهال على صور‬
‫ونصب وأصنام الطاؼٌة الدموي الجبان وتحٌله لمزبلة التارٌخ وهً تردد بالعراقٌة الخالصة‬
‫والمعجونة بكل آهات السنٌن ‪:‬‬
‫{ آخ ‪ ..‬لو تدرون هذا أٌش سو بٌنه}؟‪ ..‬إنه ٌوم المظلوم العراقً من كل ملله ونحله على الظالم‬
‫والفرعون الطابفً اإلرهابً الؽشوم الذي ٌقعد الٌوم ملوما محسورا فً سجنه اِلمٌركً السوبر و‬
‫( المكٌؾ ) ٌنتظر حكم القانون والشعب بعد أن شاهد حكم التارٌخ وهو ٌسحب كالجرذان من‬
‫حفرته القومٌة التارٌخٌة التً كانت خٌر تجسٌد إلندحار جرذان البعث الفاشً صاحب الرسالة‬
‫التارٌخٌة اِلصٌلة والخالدة فً تمزٌق اِلمة وتكسٌحها !‪".‬‬
‫( من مقال للكاتب العراقً االستاذ داود البصري )‬
‫وقال احد الشعراء ‪:‬‬
‫اٌها الباقر الحكٌم لٌوم فٌه ننساه لم ٌكن لٌعدا‬
‫ؼبت عشرٌن والبالد صهٌل وخبطت المضمار خبد العلندا‬
‫وجدمت الحصن الممٌت بجٌش واطحت الطؽٌان حٌن استبدا‬
‫وفتحت البالد والسلم قسطا من اهالٌك والعظام تهد‬
‫قد اضؤت الدرب الحنوك لشعب ضللوه واحكمو الجهل قٌدا‬
‫‪378‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عهد صدام قد ازيح بنعل وؼد بالجحور والوحل جرذا‬


‫وقال شاعر اخر ‪:‬‬
‫بؽداد اسمك فاعل مستفعل فبناك مفعوال به صدام‬
‫ؾ وجرك كاسر لعب الهو برأس ِه والمدام‬
‫منعوك من صر ٍ‬
‫سٌزول ٌابلد الحكٌم مخلفا نعال ولعنا دابما هدام‬
‫ؾ ٌبقى تدوس رسومه االقدام‬
‫فالنعل تذكار الرئيس بمتح ٍ‬
‫واللعن ارث بنً المجٌد ربٌسهم عار الحفاة الفارس المقدام‬
‫ً‬
‫تحٌة والٌك ٌادار السالم سالم‬ ‫للشعب فً ارض الحسٌن‬
‫‪--------------‬‬
‫شيخ زايد يتوسط النقاذ صدام قبل الحرب لكن لم ينتفع بها‬

‫ٌقول ابن الشٌخ زاٌد فً تقرٌر بثه تلفزٌون الفضابٌة (العربٌة) ان الشٌخ زاٌد بن سلطان ال نهٌان‬
‫قدم اقتراحا قبل نشوب الحرب بؤن ٌؽادر صدام العراق متخلٌا عن السلطة وٌرسل الى دولة ٌكون‬
‫فٌه امانه ومن معه رؼم ان صدام وافق على المقترح اال انه كان وقتا متؤخرا والقرار االمرٌكً‬
‫كان قد سبق لحظة القبول ‪ ،‬وفات االوان ‪ ،‬وانتهت المهلة التً منحتها امرٌكا له ‪ ،‬فما ٌنفع الندم اذ‬
‫تندمون ‪ ،‬وال تنفعهم شفاعة الشافعٌن ‪ .‬واندلعت الحرب ‪.‬‬
‫‪%%%%%%%%%%%%%%%%%%%‬‬

‫‪379‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كلمة من شارك في تصحيح الكتاب وتدقيقه ‪:‬‬


‫االستاذ والكاتب علً هلٌل الشمري الذي اجهد نفسه فً تصحٌح‬ ‫‪‬‬
‫الكتاب وتقوٌمه ‪:‬‬
‫" هذ ِه محاولة جادة بالرؼم من الظروؾ التً ٌعٌشها الكاتب ـ االخ السوٌلمان‬
‫ظروؾ الوحدة القاتلة والمرض ـ والؽربة فهً تحدي اضافً لكل الظروؾ ومحاولة موفقة لكتابة‬
‫تارٌخ فً فترة من اشد الفترات قساوة وظلما ‪ ،‬وهً بحد ذاتها تمثل ؼموضا ً بالرؼم من سعة‬
‫وحداثة وسابل االتصال الحدٌثة ‪ ،‬والكاتب نحى بنفسه عن الؽرضٌة ‪ ،‬فبدا شامخا ً فً ظالل‬
‫االستقاللٌة وابتعد عن لؽة السلطان فال مداهنة الحد ‪ ،‬وال مراوؼة ‪ ،‬والبحث بحد ذاته ٌمثل ؼوصا‬
‫فً بحر متالطم االمواج والعابد من تلك االمواج العاتٌة بآللًء هً فً البرٌق اشد ومٌضا ً من‬
‫البرق ‪ ،‬وحسبنا ان الكاتب عاش المحنة لٌروي لنا قصة الصراع بٌن الحق والباطل ‪ ،‬بٌن الحاكم‬
‫والمحكوم ‪ ،‬بٌن الشعب والسلطة ‪ ،‬ال تقل دموٌة عن تلك الدماء التً سالت بسٌؾ الحجاج‬
‫اوسٌوؾ بنً امٌة والكاتب اكتو بنٌران الجبابرة وداست حوافر خٌل الحجاج كم ماهو جمٌل‬
‫فٌحٌاته ‪ ،‬فؤنبر ببساطت ِه ٌإرخ لهذ ِه الفترة لكً ال ٌضٌع تارٌخ مرحلة مهمة من تارٌخ العراق‬
‫الحدٌث ‪ ،‬واذا كانت الماركسٌة تفسٌر كل شًء (( بالصراع الطبقً )) فؤي طبقٌة هذ ِه التً تدعوا‬
‫لها الماكسٌة ‪.‬‬
‫واذا كانت نداءات المفكرٌن والكتاب والحكام والمحكومٌن تدعوا العادة كتابة التؤرٌخ وفً هذا الكم‬
‫الهابل من المعلومات باعتبار ان العالم اصبح قرٌة ‪ .‬انبر كاتبنا بقلمه لٌسقط التكلٌؾ الشرعً‬
‫بشهادة هً اروع الشهادات الصادقه النها نابعة من شخصٌة صادقة شفافه عاشت المحنة بكل‬
‫مؤساتها‬
‫كتب فً هاملتون ـ كندا‬
‫بتارٌخ ‪ 2005/12/25 :‬م "‬
‫‪------------------------‬‬

‫‪380‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الخاتمة ‪:‬‬
‫وبهذ ِه الكلمات نكون قد وصلنا الى نهاٌة الكتاب ‪ ،‬نؤمل من ّللا اننا نقلناه على حقٌقة امره وحقابق‬
‫‪، 2004‬‬ ‫شاهدناها وسمعناها وقرأنا عنها ‪ ،‬بهذ ِه الكلمات نكون قد ختمنا كتابا بدأنا به فً عام‬
‫‪ ، 2005‬ونسؤل ّللا ان ٌوفقنا النهاء ِه‬ ‫وانتهٌنا من جمع اساسٌات معلوماته فً اواخر اكتوبر‬
‫وتنقٌحه ونختم فً ‪ Monday, February 10, 2014‬بقول الحمد لِل رب العالمٌن‬
‫‪-----------‬‬

‫‪381‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مصادر البحث‪:‬‬
‫‪ .1‬القرآن الكرٌم‬
‫‪ .2‬تارٌخ بغداد ‪ ----‬الخطٌب البغدادي‬
‫‪ .3‬بحوث حول كتاب السقٌفة ـ عدنان الخرسان‬
‫‪ .4‬كتاب نهج البالغة ـــــ االمام علً بن ابً طالب ع‬
‫‪ .5‬صفحات من االنترنت (الشبكة العنكبوتٌة العالمٌة)‬
‫‪ .6‬مجمع النورٌن ــــــ للشٌخ المرندي ‪ /‬مقتل فاطمة الزهراء *ع* ــ للعالمة السٌد ٌاسٌن الموسوي‪/.‬‬
‫مأساة الزهراء *ع* ــ للمحقق العالمة السٌد جعفر مرتضى العاملً‬
‫‪ .7‬تفسٌر ابن كثٌر‬
‫‪ .8‬مصادر الحدٌث النبوي فً كتب العامة‬
‫‪ .9‬ابن السائب الكلبً‬
‫‪ .10‬كتاب تارٌخ الٌعقوبً‬
‫‪ .11‬مجلة الوطن السعودٌة ‪ :‬السبت ‪ 28‬جمادى اآلخرة ‪1425‬هـ الموافق ‪ 14‬أغسطس ‪2004‬م العدد‬
‫(‪ )1415‬السنة الرابعة )‬
‫‪ .12‬دور الشٌعة فً سقوط الدولة العباسٌة بٌن الحقائق واالوهام ــــ حبٌب المدائنً‬
‫‪ .13‬سبائك الذهب فً معرفة قبائل العرب‬
‫‪ .14‬اقتحام الٌابان ـ الباحث التارٌخً الٌابانً (كانزو شٌهاٌٌدو)‬
‫‪ .15‬النجاة فً القٌامة فً تحقٌق امر االمامة ـ مٌثم علً مٌثم البحرانً‬
‫‪ .16‬الكامل ــــ ابن االثٌر‬
‫‪ .17‬كتاب صمت النجوم العوالً ــــــ عبدالملك المكً العصامً‬
‫‪ .18‬المنتظم ـــ ابن الجوزي‬
‫‪ .19‬صلة التارٌخ ـــــ القرطبً‬
‫‪ .20‬علً الحسٌنً المٌالنً‬
‫‪ .21‬الشٌعة والحكم فً العراق ـ باب المغول والتشٌع‬
‫‪ .22‬مذكرات مستر هنفر‬
‫‪ .23‬منهج الرشاد لمن اراد السداد‪--- -‬جعفر خضٌر الجناجً النجفً‬
‫‪ .24‬االمام السٌستانً امة فً رجل ـ حسٌن محمد علً الفاضلً‬
‫‪ .25‬كتاب موسوعة مقاتل من الصحراء ـ الفرٌق الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز قائد‬
‫الجٌوش المتحالفة فً عاصفة الصحراء ‪1991‬‬
‫‪ .26‬عبدالحمٌد الرهٌمً‬
‫‪ .27‬كتاب الحركات االسالمٌة فً العراق‬
‫كتاب الذكرٌات عن الثورة وقائدها الزعٌم عبد الكرٌم قاسم ‪ ،‬هرمز كوهاري‬ ‫‪.28‬‬
‫تارٌخ العراق الحدٌث‪ ،‬حامد الحمدانً‬ ‫‪.29‬‬
‫صحٌفة االهرم ـ مقابلة محمد حسنٌن هٌكل مع الملك االردنً حسٌن‬ ‫‪.30‬‬
‫كتاب ( عقود من الخٌبات ) للكاتب حمدان حمدان‬ ‫‪.31‬‬
‫‪382‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ .32‬تقرٌر تلفزٌونً بثته قناة الجزٌرة حول المخابرات االمرٌكٌة‬


‫‪ .33‬كتاب مجزرة مكة ‪ ،‬الدوافع والوقائع واالهداف ‪ ،‬القسم االعالمً فً سفارة الجمهورٌة االسالمٌة‬
‫فً اٌران‬
‫‪ .34‬مقاالت ـ الدكتور صاحب الحكٌم‬
‫‪ .35‬مذكرات ـ حردان التكرٌتً‬
‫‪ .36‬تارٌخ الدولة السعودٌة االولى‪ ،‬تقرٌر اذاعة الكوٌت ـ ‪ 1995‬حول تارٌخ ال صباح‪ ،‬موسوعة العشائر‬
‫واالنساب ـ كتاب مخطوط للسوٌلمان‪ ،‬صفحات من تارٌخ الكوٌت للكاتب ٌوسف بن عٌسى القناعً‬
‫كتاب تارٌخ الكوٌت السٌاسً ــــ حسٌن خلف الشٌخ خزعل الكعبً‬ ‫‪.37‬‬
‫جرٌدة الصباح‬ ‫‪.38‬‬
‫كتاب الزلزال ــــ الجنرال نجٌب الصالحً‬ ‫‪.39‬‬
‫معركة المطار وماحدث لٌلة الثامن من نٌسان ـــــ الشاعر عزالدٌن الشبٌب‬ ‫‪.40‬‬
‫محطات التلفزٌون عربٌة وعالمٌة اخبار احداث ‪2003‬‬ ‫‪.41‬‬
‫‪ .42‬مقال لالستاذ سلٌم الحكٌم‬
‫‪ .43‬مقال للكاتب العراقً االستاذ داود البصري‬

‫‪383‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وثائق مكتوبة‬
‫خطبة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السالم‬
‫رو عبد ّللا بن الحسن باسناده عن آبابه ‪ ،‬أنه لما أجمع أبوبكر وعمر على منع فاطمة علٌها السالم فدكا و بلؽها ذلك الثت خمارها على رأسها و‬
‫اشتملت بجلبابها وأقبلت فً لم ٍة من حفدتها ونساء قومها تطؤ ذٌولها ما تخرم مشٌتها مشٌة رسول ّللا ( ص ) حتى دخلت على أبً بكر وهو فً‬
‫حشد من المهاجرٌن واِلنصار وؼٌرهم فنٌطت دونها مالءة فجلست ثم أ َنت أ َن ًة أجهش القوم لها بالبكاء فؤرت المجلس ثم أمهلت هنٌبة حتى إذا سكن‬
‫نشٌ القوم وهدأت فورتهم‪.‬‬
‫افتتحت الكالم بحمد ّللا و الثناء علٌه والصالة على رسوله فعاد القوم فً بكابهم فلما أمسكوا عادت فً كالمها فقالت علٌها السالم‪:‬‬
‫الحمد لِل على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم والثناء بما قدم من عموم نعم ابتداها وسبوغ آالء أسداها وتمام منن أوالها جم عن اإلحصاء عددها‬
‫ونؤ عن الجزاء أمدها وتفاوت عن اإلدراك أبدها وندبهم الستزادتها بالشكر التصالها واستحمد إلى الخالبق بإجزالها وثنى بالندب إلى أمثالها‬
‫وأشهد أن ال إله إال ّللا وحده ال شرٌك له كلمة جعل اإلخالص تؤوٌلها وضمن القلوب موصولها وأنار فً التفكر معقولها الممتنع من اِلبصار رإٌته‬
‫ومن اِللسن صفته ومن اِلوهام كٌفٌته ابتدع اِلشٌاء ال من شًء كان قبلها وأنشؤها بال احتذاء أمثلة امتثلها كونها بقدرته وذرأها بمشٌته من ؼٌر‬
‫حاجة منه إلى تكوٌنها وال فابدة له فً تصوٌرها إال تثبٌتا لحكمته وتنبٌها على طاعته وإظهارا لقدرته تعبدا لبرٌته وإعزازا لدعوته ثم جعل الثواب‬
‫على طاعته ووضع العقاب على معصٌته ذٌادة لعباده من نقمته وحٌاشة لهم إلى جنته وأشهد أن أبً محمدا عبده ورسوله اختاره قبل أن أرسله‬
‫وسماه قبل أن اجتباه واصطفاه قبل أن ابتعثه إذ الخالبق بالؽٌب مكنونة وبستر اِلهاوٌل مصونة وبنهاٌة العدم مقرونة علما من ّللا تعالى بمآٌل‬
‫اِلمور وإحاطة بحوادث الدهور ومعرفة بمواقع اِلمور ابتعثه ّللا إتماما ِلمره وعزٌمة على إمضاء حكمه وإنفاذا لمقادٌر رحمته فرأ اِلمم فرقا‬
‫عن اِلبصار‬ ‫فً أدٌانها عكفا على نٌرانها عابدة ِلوثانها منكرة لِل مع عرفانها فؤنار ّللا بؤبً محمد ص ظلمها وكشؾ عن القلوب بهمها وجلى‬
‫ؼممها وقام فً الناس بالهداٌة فؤنقذهم من الؽواٌة وبصرهم من العماٌة وهداهم إلى الدٌن القوٌم ودعاهم إلى الطرٌق المستقٌم ثم قبضه ّللا إلٌه قبض‬
‫رأفة واختٌار ورؼبة وإٌثار فمحمد ( ص ) من تعب هذه الدار فً راحة قد حؾ بالمالبكة اِلبرار ورضوان الرب الؽفار ومجاورة الملك الجبار‬
‫صلى ّللا على أبً نبٌه وأمٌنه وخٌرته من الخلق وصفٌه والسالم علٌه ورحمة ّللا وبركاته‬
‫ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت ‪ :‬أنتم عباد ّللا نصب أمره ونهٌه وحملة دٌنه ووحٌه وأمناء ّللا على أنفسكم وبلؽاءه إلى اِلمم زعٌم حق له فٌكم‬
‫كتاب ّللا الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضٌاء الالمع بٌنة بصابره منكشفة سرابره منجلٌة‬ ‫وعهد قدمه إلٌكم وبقٌة استخلفها علٌكم‬
‫ظواهره مؽتبطة به أشٌاعه قابدا إلى الرضوان اتباعه مإد إلى الٌنجاة استماعه به تنال حج ّللا المنورة وعزابمه المفسرة ومحارمه المحذرة وبٌناته‬
‫الجالٌة وبراهٌنه الكافٌة وفضابله المندوبة ورخصه الموهوبة وشرابعه المكتوبة فجعل ّللا اإلٌمان تطهٌرا لكم من الشرك والصالة تنزٌها لكم عن‬
‫الكبر والزكاة تزكٌة للنفس ونماء فً الرزق والصٌام تثبٌتا لإلخالص والح تشٌٌدا للدٌن والعدل تنسٌقا للقلوب وطاعتنا نظاما للملة وإمامتنا أمانا‬
‫للفرقة والجهاد عزا لإلسالم والصبر معونة على استٌجاب اِلجر واِلمر بالمعروؾ مصلحة للعامة وبر الوالدٌن وقاٌة من السخط وصلة اِلرحام‬
‫منسؤة فً العمر ومنماة للعدد والقصاص حقنا للدماء والوفاء بالنذر تعرٌضا للمؽفرة وتوفٌة المكاٌٌل والموازٌن تؽٌٌرا للبخس والنهً عن شرب‬
‫الخمر تنزٌها عن الرجس واجتناب القذؾ حجابا عن اللعنة وترك السرقة إٌجابا للعفة وحرم ّللا الشرك إخالصا له بالربوبٌة فاتقوا ّللا حق تقاته وال‬
‫تموتن إال وأنتم مسلمون وأطٌعوا ّللا فٌما أمركم به ونهاكم عنه فإنه إنما ٌخشى ّللا من عباده العلماء‬
‫ثم قالت أٌها الناس اعلموا أنً فاطمة و أبً محمد ص أقول عودا وبدوا وال أقول ما أقول ؼلطا وال أفعل ما أفعل شططا لَقَدْ جا َء ُك ْم رَ سُو ٌل مِنْ‬
‫أَ ْنفُسِ ُك ْم عَ ِزٌ ٌز عَ لَ ٌْ ِه ما عَ نِ ُّت ْم حَ ِرٌصٌ عَ لَ ٌْ ُك ْم بِ ْالم ُْإ ِمنٌِنَ رَ إُ ؾٌ رَ حٌِ ٌم فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبً دون نسابكم وأخا ابن عمً دون رجالكم ولنعم‬
‫المعز إلٌه ص فبلػ الرسالة صادعا بالنذارة مابال عن مدرجة المشركٌن ضاربا ثبجهم آخذا بؤكظامهم داعٌا إلى سبٌل ربه بالحكمة والموعظة‬
‫الحسنة ٌجؾ اِلصنام وٌنكث الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر حتى تفر اللٌل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه ونطق زعٌم الدٌن وخرست‬
‫شقاشق الشٌاطٌن وطاح وشٌظ النفاق وانحلت عقد الكفر والشقاق وفهتم بكلمة اإلخالص فً نفر من البٌض الخماص وكنتم على شفا حفرة من النار‬
‫مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجالن وموطا اِلقدام تشربون الطرق وتقتاتون القد أذلة خاسبٌن تخافون أن ٌتخطفكم الناس من حولكم فؤنقذكم‬
‫ّللا تبارك وتعالى بمحمد ص بعد اللتٌا والتً وبعد أن منً ببهم الرجال وذإبان العرب ومردة أهل الكتاب كلما أوقدوا نارا للحرب أطفؤها ّللا أو نجم‬
‫قرن الشٌطان أو فؽرت فاؼرة من المشركٌن قذؾ أخاه فً لهواتها فال ٌنكفا حتى ٌطؤ جناحها بؤخمصه وٌخمد لهبها بسٌفه مكدودا فً ذات ّللا‬

‫‪384‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مجتهدا فً أمر ّللا قرٌبا من رسول ّللا سٌدا فً أولٌاء ّللا مشمرا ناصحا مجدا كادحا ال تؤخذه فً ّللا لومة البم وأنتم فً رفاهٌة من العٌش وادعون‬
‫فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوابر وتتوكفون اِلخبار وتنكصون عند النزال وتفرون من القتال فلما اختار ّللا لنبٌه دار أنبٌابه ومؤو أصفٌابه ظهر‬
‫فٌكم حسكة النفاق وسمل جلباب الدٌن ونطق كاظم الؽاوٌن ونبػ خامل اِلقلٌن وهدر فنٌق المبطلٌن فخطر فً عرصاتكم وأطلع الشٌطان رأسه من‬
‫مؽرزه هاتفا بكم فؤلفاكم لدعوته مستجٌبٌن وللعزة فٌه مالحظٌن ثم استنهضكم فوجدكم خفافا وأحمشكم فؤلفاكم ؼضابا فوسمتم ؼٌر إبلكم ووردتم ؼٌر‬
‫مشربكم هذا والعهد قرٌب والكلم رحٌب والجرح لما ٌندمل والرسول لما ٌقبر ابتدارا زعمتم خوؾ الفتنة أال فً الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحٌطة‬
‫باهرة وزواجره البحة وأوامره‬ ‫بالكافرٌن فهٌهات منكم وكٌؾ بكم وأنى تإفكون وكتاب ّللا بٌن أظهركم أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعالمه‬
‫واضحة وقد خلفتموه وراء ظهوركم أرؼبة عنه ترٌدون أم بؽٌره تحكمون ببس للظالمٌن بدال ومن ٌتبع ؼٌر اإلسالم دٌنا فلن ٌقبل منه وهو فً‬
‫اآلخرة من الخاسرٌن ثم لم تلبثوا إال رٌث أن تسكن نفرتها وٌسلس قٌادها ثم أخذتم تورون وقدتها وتهٌجون جمرتها وتستجٌبون لهتاؾ الشٌطان‬
‫الؽوي وإطفاء أنوار الدٌن الجلً وإهمال سنن النبً الصفً تشربون حسوا فً ارتؽاء وتمشون ِلهله وولده فً الخمرة والضراء وٌصٌر منكم على‬
‫مثل حز المد ووخز السنان فً الحشا وأنتم اآلن تزعمون أن ال إرث لنا أ فحكم الجاهلٌة تبؽون ومن أحسن من ّللا حكما لقوم ٌوقنون أفال تعلمون‬
‫بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحٌة أنً ابنته أٌها المسلمون أأؼلب على إرثً ٌا ابن أبً قحافة أفً كتاب ّللا ترث أباك وال أرث أبً لقد جبت شٌبا‬
‫ث ُسلٌَْمانُ داوُ دَ وقال فٌما اقتص من خبر ٌحٌى بن زكرٌا إذ قال َفهَبْ لًِ مِنْ‬ ‫فرٌا أفعلى عمد تركتم كتاب ّللا ونبذتموه وراء ظهوركم إذ ٌقول َو َو ِر َ‬
‫ّللاُ فًِ أَ ْوال ِد ُك ْم ل َِّلذ َكر م ِْث ُل حَ ظِّ‬
‫وقال ٌُوصِ ٌ ُك ُم َّ‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َْ‬ ‫لَ ُد ْنكَ َولِ ًٌّا ٌ َِر ُثنًِ َو ٌ َِر ُ‬
‫ِ‬ ‫ّللا‬ ‫ض ُه ْم أ ْولى بِبَعْ ٍ‬
‫ض فًِ كِتا ِ‬ ‫آل ٌَعْ قُوبَ وقال َو أولوا اِلرْ ِ‬
‫حام بَعْ ُ‬ ‫ث مِنْ ِ‬
‫اِل ْقرَ ِبٌنَ ِب ْالمَعْ رُوؾِ حَ ًّقا عَ لَى ْال ُم َّتقٌِنَ وزعمتم أن ال حظوة لً وال إرث من أبً وال رحم بٌننا أ‬ ‫ْاِلُ ْن َث ٌٌَْن وقال إنْ َترَ كَ َخٌْراً ْال َوصِ ٌَّ ُة ل ِْلوالِدَ ٌْن َو ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فخصكم ّللا بآٌة أخرج أبً منها أم هل تقولون إن أهل ملتٌن ال ٌتوارثان أو لست أنا وأبً من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه‬
‫من أبً وابن عمً فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك ٌوم حشرك فنعم الحكم ّللا والزعٌم محمد والموعد القٌامة وعند الساعة ٌخسر المبطلون وال‬
‫ٌنفعكم إذ تندمون ولكل نبؤ مستقر وسوؾ تعلمون من ٌؤتٌه عذاب ٌخزٌه وٌحل علٌه عذاب مقٌم‬
‫ثم رمت بطرفها نحو اِلنصار فقالت ‪ٌ :‬ا معشر النقٌبة وأعضاد الملة وحضنة اإلسالم ما هذه الؽمٌزة فً حقً والسنة عن ظالمتً أما كان رسول‬
‫ّللا ص أبً ٌقول المرء ٌحفظ فً ولده سرعان ما أحدثتم وعجالن ذا إهالة ولكم طاقة بما أحاول وقوة على ما أطلب وأزاول أتقولون مات محمد (‬
‫ص ) فخطب جلٌل استوسع وهنه واستنهر فتقه وانفتق رتقه وأظلمت اِلرض لؽٌبته وكسفت الشمس والقمر وانتثرت الٌنجوم لمصٌبته وأكدت اآلمال‬
‫وخشعت الجبال وأضٌع الحرٌم وأزٌلت الحرمة عند مماته فتلك وّللا النازلة الكبر والمصٌبة العظمى ال مثلها نازلة وال بابقة عاجلة أعلن بها كتاب‬
‫ّللا جل ثناإه فً أفنٌتكم وفً ممساكم ومصبحكم ٌهتؾ فً أفنٌتكم هتافا وصراخا وتالوة وألحانا ولقبله ما حل بؤنبٌاء ّللا ورسله حكم فصل وقضاء‬
‫ّللا َشٌْبا ً َو سَ ٌَجْ ِزي َّ‬
‫ّللاُ‬ ‫ت مِنْ َق ْبلِ ِه الرُّ ُس ُل أَ َفإِنْ ماتَ أَ ْو قُ ِت َل ا ْن َقلَ ْب ُت ْم عَ لى أَعْ ِ‬
‫قاب ُك ْم َو مَنْ ٌَ ْن َقلِبْ عَ لى عَ ِق َب ٌْ ِه َفلَنْ ٌَضُرَّ َّ َ‬ ‫حتم َو ما مُحَ َّم ٌد إِ َّال رَ سُو ٌل قَدْ َخلَ ْ‬
‫ال َّ‬
‫شاك ِِرٌنَ إٌها بنً قٌله أأهضم تراث أبً وأنتم بمرأ منً ومسمع ومنتد ومجمع تلبسكم الدعوة وتشملكم الخبرة وأنتم ذوو العدد والعدة واِلداة‬
‫والقوة وعندكم السالح والجنة توافٌكم الدعوة فال تجٌبون وتؤتٌكم الصرخة فال تؽٌثون أنتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخٌر والصالح والنخبة‬
‫تبرحون نؤمركم‬ ‫التً انتخبت والخٌرة التً اختٌرت لنا أهل البٌت قاتلتم العرب وتحملتم الكد والتعب وناطحتم اِلمم وكافحتم البهم ال نبرح أو‬
‫فتؤتمرون حتى إذا دارت بنا رحى اإلسالم ودر حلب اِلٌام وخضعت ثؽرة الشرك وسكنت فورة اإلفك وخمدت نٌران الكفر وهدأت دعوة الهرج‬
‫واستوسق نظام الدٌن فؤنى حزتم بعد البٌان وأسررتم بعد اإلعالن ونكصتم بعد اإلقدام وأشركتم بعد اإلٌمان بإسا لقوم نكثوا أٌمانهم من بعد عهدهم‬
‫وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أ تخشونهم فالِل أحق أن تخشوه إن كنتم مإمنٌن أال وقد أر أن قد أخلدتم إلى الخفض وأبعدتم من هو‬
‫أحق بالبسط والقبض وخلوتم بالدعة ونجوتم بالضٌق من السعة فمججتم ما وعٌتم ودسعتم الذي تسوؼتم فإن تكفروا أنتم ومن فً اِلرض جمٌعا فإن‬
‫ّللا لؽنً حمٌد أال وقد قلت ما قلت هذا على معرفة منً بالجذلة التً خامرتكم والؽدرة التً استشعرتها قلوبكم ولكنها فٌضة النفس ونفثة الؽٌظ وخور‬
‫القناة وبثة الصدر وتقدمة الحجة فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر نقبة الخؾ باقٌة العار موسومة بؽضب الجبار وشنار اِلبد موصولة بنار ّللا‬
‫الموقدة التً تطلع على اِلفبدة فبعٌن ّللا ما تفعلون وسٌعلم الذٌن ظلموا أي منقلب ٌنقلبون وأنا ابنة نذٌر لكم بٌن ٌدي عذاب شدٌد فاعملوا إنا عاملون‬
‫و انتظروا إنا منتظرون‪.‬‬
‫فؤجابها أبو بكر عبد ّللا بن عثمان وقال ٌا بنت رسول ّللا لقد كان أبوك بالمإمنٌن عطوفا كرٌما رءوفا رحٌما وعلى الكافرٌن عذابا ألٌما وعقابا‬
‫عظٌما إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء وأخا إلفك دون اِلخالء آثره على كل حمٌم وساعده فً كل أمر جسٌم ال ٌحبكم إال سعٌد وال ٌبؽضكم إال‬
‫شقً بعٌد فؤنتم عترة رسول ّللا الطٌبون الخٌرة المنتجبون على الخٌر أدلتنا وإلى الجنة مسالكنا وأنت ٌا خٌرة النساء وابنة خٌر اِلنبٌاء صادقة فً‬
‫قولك سابقة فً وفور عقلك ؼٌر مردودة عن حقك وال مصدودة عن صدقك وّللا ما عدوت رأي رسول ّللا وال عملت إال بإذنه والرابد ال ٌكذب أهله‬

‫‪385‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وإنً أشهد ّللا وكفى به شهٌدا أنً سمعت رسول ّللا ( ص ) ٌقول نحن معاشر اِلنبٌاء ال نورث ذهبا و ال فضة و ال دارا و ال عقارا و إنما نورث‬
‫الكتاب والحكمة والعلم والنبوة وما كان لنا من طعمة فلولً اِلمر بعدنا أن ٌحكم فٌه بحكمه وقد جعلنا ما حاولته فً الكراع والسالح ٌقاتل بها‬
‫المسلمون وٌجاهدون‬
‫فقالت علٌها السالم سبحان ّللا ما كان أبً رسول ّللا ( ص ) عن كتاب ّللا صادفا وال ِلحكامه مخالفا بل كان ٌتبع أثره وٌقفو سوره أفتجمعون إلى‬
‫الؽدر اعتالال علٌه بالزور وهذا بعد وفاته شبٌه بما بؽً له من الؽوابل فً حٌاته هذا كتاب ّللا حكما عدال وناطقا فصال ٌقول ٌ َِر ُثنًِ َو ٌ َِر ُ‬
‫ث مِنْ ِ‬
‫آل‬
‫ث ُسلٌَْمانُ داوُ دَ وبٌن عز وجل فٌما وزع من اِلقساط وشرع من الفرابض والمٌراث وأباح من حظ الذكران واإلناث ما أزاح‬ ‫ٌَعْ قُوبَ و ٌقول َو َو ِر َ‬
‫به علة المبطلٌن وأزال التظنً والشبهات فً الؽابرٌن كال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جمٌل وّللا المستعان على ما تصفون‬
‫فقال أبو بكر صدق ّللا ورسوله وصدقت ابنته معدن الحكمة وموطن الهد والرحمة وركن الدٌن وعٌن الحجة ال أبعد صوابك وال أنكر خطابك‬
‫هإالء المسلمون بٌنً وبٌنك قلدونً ماتقلدت وباتفاق منهم أخذت ما أخذت ؼٌر مكابر وال مستبد وال مستؤثر وهم بذلك شهود‬
‫فالتفتت فاطمة علٌها السالم إلى الناس و قالت ‪ :‬معاشر المسلمٌن المسرعة إلى قٌل الباطل المؽضٌة على الفعل القبٌح الخاسر أفال تتدبرون القرآن أم‬
‫على قلوب أقفالها كال بل ران على قلوبكم ما أسؤتم من أعمالكم فؤخذ بسمعكم وأبصاركم ولببس ما تؤولتم وساء ما به أشرتم وشر ما منه اؼتصبتم‬
‫لتجدن وّللا محمله ثقٌال وؼبه وبٌال إذا كشؾ لكم الؽطاء وبان بإورابه الضراء وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون و خسر هنا لك المبطلون‬
‫ثم عطفت على قبر النبً ( ص ) و قالت‬
‫لوكنت شاهدها لم تكثر الخطب‬ ‫قـد كـان بعـدك أنبـاء و هنبثة‬
‫و اختل قومك فاشهدهم و ال تؽب‬ ‫إنـا فقـدناك فقـد اِلرض وابلها‬
‫فؽاب عنا فكـل الخٌـر محتجب‬ ‫قـد كـان جبرٌـل باآلٌات ٌإنسنا‬
‫علٌك ٌنزل من ذي العـزة الكتب‬ ‫و كنت بـدرا و نـورا ٌستضاء به‬
‫إذ ؼبت عنا فنحن الٌـوم تؽتصب‬ ‫تجهمتنـا رجـال و استخؾ بنـا‬
‫منا العٌـون بتهمال لها سكـب‬ ‫فسوؾ نبكٌك ما عشنا و ما بقٌت‬

‫‪http://shiaweb.org/ahl-albayt/al-zahraa/khotba.html‬‬
‫‪http://shiaweb.org/ahl-albayt/al-zahraa/index.html‬‬

‫*****‬
‫نشؤة الشٌخ محمد بن عبد الوهاب‬
‫صالح بن عبدالعزٌز بن محمد أل الشٌخ‬
‫الرٌاض ‪1419/10/26‬‬
‫نسبه‪:‬‬
‫ولد الشٌخ محمد بن عبدالوهاب بن سلٌمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد بن برٌد بن مشرؾ التمٌمً سنة ‪ 1115‬هجري (‪1703‬م)‬
‫فؤصله ٌنحدر إلى قبٌلة تمٌم تلك القبٌلة التى حافظت على موطنها فً إقلٌم نجد واستقرت واستوطنت وتركت حٌاة البدو واشتؽلت بؤوجه النشاط‬
‫اِلخر من زراعة وتجارة‪.‬‬
‫تعلمه‪:‬‬
‫ولد فً عام ‪ 1115‬هجرٌة على صاحبها أفضل الصالة وأكمل التحٌة ‪.‬‬
‫وتعلم على أبٌه فً بلدة العٌٌنة وهذه البلدة هً مسقط رأسه رحمة ّللا علٌه ‪ ،‬وهً قرٌة معلومة فً الٌمامة فً نجد شمال ؼرب مدٌنة الرٌاض بٌنها‬
‫وبٌن الرٌاض مسٌرة سبعٌن كٌلو مترا تقرٌبا ‪ ،‬أو ما ٌقارب ذلك من جهة الؽرب ‪ .‬ولد فٌها رحمة ّللا علٌه ونشؤ نشؤة صالحة ‪ .‬وقرأ القرآن مبكرا‪.‬‬
‫واجتهد فً الدراسة ‪ ،‬والتفقه على أبٌه الشٌخ عبد الوهاب بن سلٌمان ‪ -‬وكان فقٌها كبٌرا وعالما قدٌرا ‪ ،‬وكان قاضٌا فً بلدة العٌٌنة ‪ -‬ثم بعد بلوغ‬
‫الحلم ح وقصد بٌت ّللا الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشرٌؾ‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ثم توجه إلى المدٌنة على ساكنها أفضل الصالة والسالم ‪ ،‬فاجتمع بعلمابها ‪ ،‬وأقام فٌها مدة ‪ ،‬وأخذ من عالمٌن كبٌرٌن مشهورٌن فً المدٌنة ذلك‬
‫الوقت ‪ ،‬وهما ‪ :‬الشٌخ عبد ّللا بن إبراهٌم بن سٌؾ الٌنجدي ‪ ،‬أصله من المجمعة ‪ ،‬وهو والد الشٌخ إبراهٌم بن عبد ّللا صاحب العذب الفابض فً‬
‫علم الفرابض ‪ ،‬وأخذ أٌضا عن الشٌخ الكبٌر محمد حٌاة السندي بالمدٌنة ‪ .‬هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشٌخ عنهما بالمدٌنة ‪ .‬ولعله أخذ عن‬
‫ؼٌرهما ممن ال نعرؾ ‪.‬‬
‫ورحل الشٌخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمابها ‪ ،‬وأخذ عنهم ما شاء ّللا من العلم ‪ ،‬وأظهر الدعوة هناك إلى توحٌد ّللا ودعا‬
‫الناس إلى السنة ‪ ،‬وأظهر للناس أن الواجب على جمٌع المسلمٌن أن ٌؤخذوا دٌنهم عن كتاب ّللا وسنة رسول ّللا علٌه الصالة والسالم ‪ ،‬وناقش‬
‫وذاكر فً ذلك ‪ ،‬وناظر هنالك من العلماء ‪ ،‬واشتهر من مشاٌخه ‪ ،‬هناك شخص ٌقال له الشٌخ محمد المجموعً ‪ ،‬وقد ثار علٌه بعض علماء السوء‬
‫بالبصرة وحصل علٌه وعلى شٌخه المذكور بعض اِلذ ‪ ،‬فخرج من أجل ذلك وكان من نٌته أن ٌقصد الشام فلم ٌقدر على ذلك لعدم وجود النفقة‬
‫الكافٌة ‪ ،‬فخرج من البصرة إلى الزبٌر وتوجه من الزبٌر إلى اإلحساء واجتمع بعلمابها وذاكرهم فً أشٌاء من أصول الدٌن ثم توجه إلى بالد‬
‫حرٌمالء وذلك ( وّللا أعلم ) فً العقد الخامس من القرن الثانً عشر ِلن أباه كان قاضٌا فً العٌٌنة وصار بٌنه وبٌن أمٌرها نزاع فانتقل عنها إلى‬
‫حرٌمالء سنة ‪ 1139‬هجرٌة فقدم الشٌخ محمد على أبٌه فً حرٌمالء بعد انتقاله إلٌها سنة ‪ 1139‬هجرٌة ‪ ،‬فٌكون قدومه حرٌمالء فً عام ‪1140‬‬
‫‪ 1153‬هجرٌة فحصل من بعض أهل‬ ‫هـ أو بعدها ‪ ،‬واستقر هناك ولم ٌزل مشتؽال بالعلم والتعلٌم والدعوة فً حرٌمالء حتى مات والده فً عام‬
‫حرٌمالء شر علٌه ‪ ،‬وهم بعض السفلة بها أن ٌفتك به ‪ .‬وقٌل ‪ :‬إن بعضهم تسور علٌه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا‬
‫إستقرارة فً العٌٌنة‬
‫بعد هذه الحادثة خرج الشٌخ للعٌٌنة واستقر بها ‪ ،‬وأسباب ؼضب هإالء السفلة علٌه أنه كان آمرا بالمعروؾ ناهٌا عن المنكر ‪ ،‬وكان ٌحث اِلمراء‬
‫على تعزٌر المجرمٌن الذٌن ٌعتدون على الناس بالسلب والنهب واإلٌذاء ‪ ،‬ومن جملتهم هإالء السفلة الذٌن ٌقال لهم ‪ :‬العبٌد هناك ‪ ،‬ولما عرفوا من‬
‫الشٌخ أنه ضدهم وأنه ال ٌرضى بؤفعالهم ‪ ،‬وأنه ٌحرض اِلمراء على عقوباتهم ‪ ،‬والحد من شرهم ؼضبوا وهموا أن ٌفتكوا به ‪ ،‬فصانه ّللا وحماه ‪،‬‬
‫ثم انتقل إلى بلدة العٌٌنة وأمٌرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ‪ ،‬فنزل علٌه ورحب به اِلمٌر ‪ ،‬وقال ‪ :‬قم بالدعوة إلى ّللا ونحن معك وناصروك‬
‫وأظهر له الخٌر ‪ ،‬والمحبة والموافقة على ما هو علٌه ‪ ،‬فاشتؽل الشٌخ بالتعلٌم واإلرشاد والدعوة إلى ّللا عز وجل ‪ ،‬وتوجٌه الناس إلى الخٌر ‪،‬‬
‫والمحبة فً ّللا ‪ ،‬رجالهم ونسابهم ‪ ،‬واشتهر أمره فً العٌٌنة وعظم صٌته وجاء إلٌها الناس من القر المجاورة‪.‬‬
‫وفً ٌوم من اِلٌام قال الشٌخ لألمٌر عثمان ‪ :‬دعنا نهدم قبة زٌد بن الخطاب رضً ّللا عنه فإنها أسست على ؼٌر هد ‪ ،‬وأن ّللا جل وعال ال‬
‫ٌرضى بهذا العمل ‪ ،‬والرسول صلى ّللا علٌه وسلم نهى عن البناء على القبور ‪ ،‬واتخاذ المساجد علٌها ‪ ،‬وهذه القبة فتنت الناس وؼٌرت العقابد ‪،‬‬
‫وحصل بها الشرك فٌجب هدمها ‪ ،‬فقال اِلمٌر عثمان ال مانع من ذلك ‪ ،‬فقال الشٌخ ‪ :‬إنً أخشى أن ٌثور لها أهل الجبٌلة ‪ ،‬والجبٌلة قرٌة هناك قرٌبة‬
‫من القبر ‪ ،‬فخرج عثمان ومعه جٌش ٌبلؽون ‪ 600‬مقاتل لهدم القبة ‪ ،‬ومعهم الشٌخ رحمة ّللا علٌه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبٌلة لما سمعوا‬
‫بذلك لٌنصروها وٌحموها ‪.‬‬
‫فلما رأوا اِلمٌر عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ‪ ،‬فباشر الشٌخ هدمها إلزالتها فؤزالها ّللا عز وجل على ٌدٌه رحمة ّللا علٌه ‪ .‬فقال الشٌخ‬
‫لألمٌر عثمان بن معمر ‪ :‬ال بد من هدم هذه القبة على قبر زٌد ‪ -‬وزٌد بن الخطاب رضً ّللا عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمٌر المإمنٌن رضً ّللا‬
‫تعالى عن الجمٌع ‪ ،‬وكان من جملة الشهداء فً قتال مسٌلمة الكذاب فً عام ‪ 12‬من الهجرة النبوٌة ‪ ،‬فكان ممن قتل هناك وبنً على قبره قبة فٌما‬
‫ٌذكرون ‪ ،‬وقد ٌكون قبر ؼٌره ‪ ،‬لكنه فٌما ٌذكرون أنه قبره ‪ -‬فوافقه عثمان كما تقدم ‪ ،‬وهدمت القبة بحمد ّللا وزال أثرها إلى الٌوم ولِل الحمد والمنة‬
‫‪ ،‬أماتها جل وعال لما هدمت عن نٌة صالحة ‪ ،‬وقصد مستقٌم ونصر للحق ‪ ،‬وهناك قبور أخر منها قبر ٌقال ‪ :‬إنه قبر ضرار بن اِلوزر كانت‬
‫علٌه قبة هدمت أٌضا ‪ ،‬وهناك مشاهد أخر أزالها ّللا عز وجل ‪ ،‬وكانت هناك ؼٌران وأشجار تعبد من دون ّللا جل وعال فؤزٌلت وقضى علٌها‬
‫وحذر الناس عنها ‪ .‬والمقصود أن الشٌخ استمر رحمة ّللا علٌه على الدعوة قوال وعمال كما تقدم ‪ ،‬ثم إن الشٌخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة‬
‫مرات ‪ ،‬وسؤل عن عقلها فقٌل ‪ :‬إنها عاقلة وال بؤس بها ‪ ،‬فلما صممت على االعتراؾ ‪ ،‬ولم ترجع عن اعترافها ‪ ،‬ولم تدع إكراها وال شبهة وكانت‬
‫محصنة ‪ ،‬أمر الشٌخ رحمة ّللا علٌه بؤن ترجم فرجمت بؤمره حالة كونه قاضٌا بالعٌٌنة ‪ ،‬فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة‬
‫العظٌمة إلى ّللا وهجرة المهاجرٌن إلى العٌٌنة‪.‬‬
‫طرد الشٌخ بن عبدالوهاب من العٌٌنة‪:‬‬
‫وبلػ أمٌر اإلحساء وتوابعها من بنً خالد سلٌمان بن عرٌعر الخالدي أمر الشٌخ وأنه ٌدعو إلى ّللا وأنه ٌهدم القباب ‪ ،‬وأنه ٌقٌم الحدود فعظم على‬
‫هذا البدوي أمر الشٌخ ‪ِ ،‬لن من عادة البادٌة إال من هد ّللا ‪ ،‬اإلقدام على الظلم ‪ ،‬وسفك الدماء ‪ ،‬ونهب اِلموال ‪ ،‬وانتهاك الحرمات ‪ ،‬فخاؾ أن‬

‫‪387‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫هذا الشٌخ ٌعظم أمره وٌزٌل سلطان اِلمٌر البدوي ‪ ،‬فكتب إلى عثمان ٌتوعده وٌؤمره أن ٌقتل هذا المطوع الذي عنده فً العٌٌنة ‪ ،‬وقال ‪ :‬إن المطوع‬
‫الذي عندكم بلؽنا عنه كذا ‪ ،‬وكذا !! فإما أن تقتله ‪ ،‬وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا !! وكان عنده لألمٌر عثمان خراج من الذهب ‪ ،‬فعظم على‬
‫عثمان أمر هذا اِلمٌر ‪ ،‬وخاؾ إن عصاه أن ٌقطع عنه خراجه أو ٌحاربه ‪ ،‬فقال للشٌخ ‪ :‬إن هذا اِلمٌر كتب إلٌنا كذا وكذا ‪ ،‬وأنه ال ٌحسن منا أن‬
‫نقتلك وأنا نخاؾ هذا اِلمٌر وال نستطٌع محاربته ‪ ،‬فإذا رأٌت أن تخرج عنا فعلت ‪ ،‬فقال له الشٌخ ‪ :‬إن الذي أدعو إلٌه هو دٌن ّللا وتحقٌق كلمة ال‬
‫إله إال ّللا ‪ ،‬وتحقٌق شهادة أن محمدا رسول ّللا ‪ ،‬فمن تمسك بهذا الدٌن ونصره وصدق فً ذلك نصره ّللا وأٌده وواله على بالد أعدابه ‪ ،‬فإن‬
‫صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فؤبشر فسٌنصرك ّللا وٌحمٌك من هذا البدوي وؼٌره ‪ ،‬وسوؾ ٌولٌك ّللا بالده وعشٌرته ‪ ،‬فقال ‪ :‬أٌها الشٌخ أنا‬
‫ال نستطٌع محاربته ‪ ،‬وال صبر لنا على مخالفته‪.‬‬
‫دخول الشٌخ محمد إلى الدرعٌة‪:‬‬
‫فخرج الشٌخ عند ذلك وتحول من العٌٌنة إلى بالد الدرعٌة ‪ ،‬جاء إلٌها ماشٌا فٌما ذكروا حتى وصل إلٌها فً آخر النهار ‪ ،‬وقد خرج من العٌٌنة فً‬
‫أول النهار ماشٌا على اِلقدام لم ٌرحله عثمان ‪ ،‬فدخل على شخص من خٌارها فً أعلى البلد ٌقال له ‪ :‬محمد بن سوٌلم العرٌنً فنزل علٌه ‪ ،‬وٌقال ‪:‬‬
‫إن هذا الرجل خاؾ من نزوله علٌه وضاقت به اِلرض بما رحبت ‪ ،‬وخاؾ من أمٌر الدرعٌة محمد بن سعود فطمؤنه الشٌخ وقال له ‪ :‬أبشر بخٌر ‪،‬‬
‫وٌقال‬
‫‪:‬‬ ‫وهذا الذي أدعو الناس إلٌه دٌن ّللا ‪ ،‬وسوؾ ٌظهره ّللا ‪ ،‬فبلػ محمد بن سعود خبر الشٌخ محمد ‪،‬‬
‫أخبره به زوجته جاء إلٌها بعض الصالحٌن وقال لها ‪ :‬أخبري محمدا بهذا الرجل ‪ ،‬وشجعٌه على قبول دعوته وحرضٌه على مإازرته ومساعدته‬
‫وكانت امرأة صالحة طٌبة ‪ ،‬فلما دخل علٌها محمد بن سعود أمٌر الدرعٌة وملحقاتها قالت له ‪ :‬أبشر بهذه الؽنٌمة العظٌمة ! هذه ؼنٌمة ساقها ّللا إلٌك‬
‫‪ ،‬رجل داعٌة ٌدعو إلى دٌن ّللا ‪ ،‬وٌدعو إلى كتاب ّللا ‪ٌ ،‬دعو إلى سنة رسول ّللا علٌه الصالة والسالم ٌا لها من ؼنٌمة ! بادر بقبوله وبادر بنصرته‬
‫‪ ،‬وال تقؾ فً ذلك أبدا ‪ ،‬فقبل اِلمٌر مشورتها ‪ ،‬ثم تردد هل ٌذهب إلٌه أو ٌدعوه إلٌه؟ ! فؤشٌر علٌه وٌقال ‪ :‬إن المرأة أٌضا هً التً أشارت علٌه‬
‫مع جماعة من الصالحٌن وقالوا له ‪ :‬ال ٌنبؽً أن تدعوه إلٌك ‪ ،‬بل ٌنبؽً أن تقصده فً منزله ‪ ،‬وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعً إلى الخٌر ‪،‬‬
‫فؤجاب إلى ذلك لما كتب ّللا له من السعادة والخٌر رحمة ّللا علٌه وأكرم ّللا مثواه‬
‫لقاء الشٌخ بن عبدالوهاب ببن سعود والعد بٌنهم‪:‬‬
‫فذهب إلى الشٌخ فً بٌت محمد بن سوٌلم ‪ ،‬وقصده وسلم علٌه وتحدث معه ‪ ،‬وقال له ٌا شٌخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر باِلمن وأبشر بالمساعدة ‪،‬‬
‫فقال له الشٌخ ‪ :‬وأنت أبشر بالنصرة أٌضا والتمكٌن والعاقبة الحمٌدة ‪ ،‬هذا دٌن ّللا من نصره نصره ّللا ‪ ،‬ومن أٌده أٌده ّللا وسوؾ تجد آثار ذلك‬
‫سرٌعا ‪ ،‬فقال ‪ٌ :‬ا شٌخ سؤباٌعك على دٌن ّللا ورسوله وعلى الجهاد فً سبٌل ّللا ‪ ،‬ولكننً أخشى إذا أٌدناك ونصرناك وأظهرك ّللا على‬
‫أعداء اإلسالم ‪ ،‬أن تبتؽً ؼٌر أرضنا ‪ ،‬وأن تنتقل عنا إلى أرض أخر فقال ‪ :‬ال أباٌعك على هذا ‪ . . .‬أباٌعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم ال‬
‫أخرج عن بالدك أبدا ‪ ،‬فباٌعه على النصرة وعلى البقاء فً البلد وأنه ٌبقى عند اِلمٌر ٌساعده ‪ ،‬وٌجاهد معه فً سبٌل ّللا حتى ٌظهر دٌن ّللا ‪،‬‬
‫وتمت البٌعة على ذلك ‪.‬‬
‫أعمال الشٌخ بالدرعٌة‪:‬‬
‫توافد الناس إلى الدرعٌة من كل مكان ‪ ،‬من العٌٌنة ‪ ،‬وعرقة ‪ ،‬ومنفوحة ‪ ،‬والرٌاض وؼٌر ذلك ‪ ،‬من البلدان المجاورة ‪ ،‬ولم تزل الدرعٌة موضع‬
‫هجرة ٌهاجر إلٌها الناس من كل مكان ‪ ،‬وتسامع الناس بؤخبار الشٌخ ‪ ،‬ودروسه فً الدرعٌة ودعوته إلى ّللا وإرشاده إلٌه ‪ ،‬فؤتوا زرافات ووحدانا‪.‬‬
‫فؤقام الشٌخ بالدرعٌة معظما مإٌدا محبوبا منصورا ورتب الدروس فً الدرعٌة فً العقابد ‪ ،‬وفً القرآن الكرٌم ‪ ،‬وفً التفسٌر ‪ ،‬وفً الفقه ‪،‬‬
‫وأصوله ‪ ،‬والحدٌث ‪ ،‬ومصطلحة ‪ ،‬والعلوم العربٌة ‪ ،‬والتارٌخٌة ‪ ،‬وؼٌر ذلك من العلوم النافعة ‪ ،‬وتوافد الناس علٌه من كل مكان ‪ ،‬وتعلم الناس‬
‫علمه فً الدرعٌة الشباب وؼٌرهم ‪ ،‬ورتب للناس دروسا كثٌرة للعامة ‪ ،‬والخاصة ‪ ،‬ونشر العلم فً الدرعٌة واستمر على الدعوة‪.‬‬
‫بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول فً هذا المٌدان وإزالة الشرك الذي فً بالدهم ‪ ،‬وبدأ بؤهل نجد ‪ ،‬وكاتب أمراءها وعلماإها ‪ .‬كاتب علماء‬
‫الرٌاض وأمٌرها دهام بن دواس ‪ ،‬كاتب علماء الخرج وأمراءها ‪ ،‬وعلماء بالد الجنوب والقصٌم وحابل والوشم ‪ ،‬وسدٌر وؼٌر ذلك ‪ ،‬ولم ٌزل‬
‫ٌكاتبهم وٌكاتب علماءهم وأمراءهم ‪.‬‬
‫وهكذا علماء اإلحساء وعلماء الحرمٌن الشرٌفٌن ‪ ،‬وهكذا علماء الخارج فً مصر ‪ ،‬والشام ‪ ،‬والعراق ‪ ،‬والهند ‪ ،‬والٌمن ‪ ،‬وؼٌر ذلك ‪ ،‬ولم ٌزل‬
‫ٌكاتب الناس وٌقٌم الحج وٌذكر الناس ما وقع فٌه أكثر الخلق من الشرك والبدع ‪ ،‬ولٌس معنى هذا أنه لٌس هناك أنصار للدٌن بل هناك أنصار وّللا‬
‫جل وعال قد ضمن لهذا الدٌن أن ال بد له من ناصر وال تزال طابفة فً هذه اِلمة على الحق منصورة كما قال النبً علٌه الصالة والسالم ‪ ،‬فهناك‬
‫أنصار للحق فً أقطار كثٌرة ‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ولكن الحدٌث اآلن عن نجد ‪ ،‬فكان فٌها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما ال ٌحصٌه إال ّللا عز وجل ‪ .‬مع أن فٌها علماء فٌهم خٌر ‪ ،‬ولكن لم‬
‫ٌقدر لهم أن ٌنشطوا فً الدعوة وأن ٌقوموا بها كما ٌنبؽً ‪ ،‬وهناك أٌضا فً الٌمن وؼٌر الٌمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه‬
‫الخرافات ‪ ،‬ولكن لم ٌقدر ّللا لدعوتهم الٌنجاح ما قدر لدعوة الشٌخ محمد ِلسباب كثٌرة ‪،‬‬
‫منها ‪ :‬عدم تٌسر الناصر المساعد لهم ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬عدم الصبر لكثٌر من الدعاة وتحمل اِلذ فً سبٌل ّللا ‪،‬‬
‫ومنها ‪ :‬قلة علوم بعض الدعاة التً ٌستطٌع بها أن ٌوجه الناس باِلسالٌب المناسبة ‪ ،‬والعبارات الالبقة ‪ ،‬والحكمة والموعظة الحسنة ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬أسباب أخر ؼٌر هذه اِلسباب ‪ ،‬وبسبب هذه المكاتبات الكثٌرة والرسابل والجهاد اشتهر أمر الشٌخ ‪ ،‬وظهر أمر الدعوة ‪ ،‬واتصلت رسابله‬
‫بالعلماء فً داخل الجزٌرة ‪ ،‬وفً خارجها ‪ .‬وتؤثر بدعوته جمع ؼفٌر من الناس فً الهند وفً أندونٌسٌا ‪ ،‬وفً أفؽانستان ‪ ،‬وفً أفرٌقٌا وفً المؽرب‬
‫‪ ،‬وهكذا فً مصر ‪ ،‬والشام ‪ ،‬والعراق ‪ ،‬وكان هناك دعاة كثٌرون عندهم معرفة بالحق والدعوة إلٌه فلما بلؽتهم دعوة الشٌخ زاد نشاطهم ‪ ،‬وزادت‬
‫قوتهم واشتهروا بالدعوة ولم تزل دعوة الشٌخ تشتهر وتظهر بٌن العالم اإلسالمً وؼٌره ‪ ،‬ثم فً هذا العصر اِلخٌر طبعت كتبه ‪ ،‬ورسابله ‪ ،‬وكتب‬
‫أبنابه ‪ ،‬وأحفاده ‪ ،‬وأنصاره ‪ ،‬وأعوانه من علماء المسلمٌن فً الجزٌرة وخارجها ‪ ،‬وكذلك طبعت الكتب فً دعوته ‪ ،‬وترجمته ‪ ،‬وأحواله ‪ ،‬وأحوال‬
‫أنصاره ‪ ،‬حتى اشتهرت بٌن الناس فً ؼالب اِلقطار واِلمصار ‪ ،‬ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا وأن لكل داعً أعداء كثٌرٌن قال ّللا تعالى ‪:‬‬
‫ض ُز ْخرُؾَ ْال َق ْو ِل ُؼرُورً ا َولَ ْو َشا َء رَ بُّكَ مَا َفعَ لُوهُ َف َذرْ ُه ْم َومَا ٌَ ْف َترُونَ‬
‫ض ُه ْم إِلَى بَعْ ٍ‬ ‫س َو ْال ِ‬
‫جنِّ ٌُوحًِ بَعْ ُ‬ ‫َو َك َذلِكَ جَ عَ ْل َنا لِ ُك ِّل َن ِبًٍّ عَ د ًُّوا َشٌَاطِ ٌنَ ْ ِ‬
‫اإل ْن ِ‬
‫فلما اشتهر الشٌخ بالدعوة وكتب الكتابات الكثٌرة ‪ ،‬وألؾ المإلفات القٌمة ‪ ،‬ونشرها فً الناس ‪ ،‬وكاتبه العلماء ‪ ،‬ظهر جماعة كثٌرون من حساده ‪،‬‬
‫ومن مخالفٌه ‪ ،‬وظهر أٌضا أعداء آخرون ‪ ،‬وصار أعداإه وخصومه قسمٌن ‪:‬‬
‫قسم عادوه باسم العلم والدٌن ‪ ،‬وقسم ‪ :‬عادوه باسم السٌاسة ولكن تستروا بالعلم ‪ ،‬وتستروا باسم الدٌن ‪ ،‬واستؽلوا عداوة من عاداه من العلماء الذٌن‬
‫أظهروا عداوته وقالوا ‪ :‬إنه على ؼٌر الحق ‪ ،‬وإنه كٌت وكٌت ‪.‬‬
‫والشٌخ رحمة ّللا علٌه مستمر فً الدعوة ٌزٌل الشبه ‪ ،‬وٌوضح الدلٌل ‪ ،‬وٌرشد الناس إلى الحقابق على ما هً علً من كتاب ّللا وسنة رسوله علٌه‬
‫الصالة والسالم ‪ ،‬وطورا ‪ٌ .‬قولون ‪ :‬إنه من الخوارج ‪ ،‬وتارة ٌقولون ‪ٌ :‬خرق اإلجماع ‪ ،‬وٌدعً االجتهاد المطلق وال ٌبالً بمن قبله من العلماء‬
‫والفقهاء وتارة ٌرمونه بؤشٌاء أخر وما ذاك إال من قلة العلم من طابفة منه وطابفة أخر قلدت ؼٌرها واعتمدت علٌها ‪ ،‬وطابفة أخر خافت على‬
‫مراكزها فعادته سٌاسة وتستتر باسم اإلسالم والدٌن واعتمدت على أقوال المخرفٌن والمضللٌن‪.‬‬
‫والخصوم فً الحقٌقة ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫علماء مخرفون ٌرون الحق باطال والباطل حقا ‪ ،‬وٌعتقدون أن البناء على القبور ‪ ،‬واتخاذ المساجد علٌها ‪،‬ودعاءها من دون ّللا واالستؽاثة بها وما‬
‫أشبه ذلك دٌن وهد ‪ ،‬وٌعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبؽض الصالحٌن ‪ ،‬وأبؽض اِلولٌاء ‪ ،‬وهو عدو ٌجب جهاده‪.‬‬
‫وقسم آخر ‪ :‬من المنسوبٌن للعلم جهلوا حقٌقة هذا الرجل ‪ ،‬ولم ٌعرفوا عنه الحق الذي دعا إلٌه بل قلدوا ؼٌرهم وصدقوا ما قٌل فٌه من الخرافٌٌن‬
‫المضللٌن ‪ ،‬وظنوا أنهم على هد فٌما نسبوه إلٌه من بؽض اِلولٌاء واِلنبٌاء ‪ ،‬ومن معاداتهم ‪ ،‬وإنكار كراماتهم ‪ ،‬فذموا الشٌخ ‪ ،‬وعابوا ونفروا عنه‬
‫‪.‬‬
‫وقسم آخر ‪ :‬خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لبال تمتد أٌدي أنصار الدعوة اإلسالمٌة إلٌهم فتنزلهم عن مراكزهم ‪ ،‬وتستولً على بالدهم ‪،‬‬
‫واستمرت الحرب الكالمٌة ‪ .‬والمجادالت والمساجالت بٌن الشٌخ وخصومه ‪ٌ ،‬كاتبهم وٌكاتبونه ‪ ،‬وٌجادلهم وٌرد علٌهم ‪ ،‬وٌردون علٌه ‪ ،‬وهكذا‬
‫جر بٌن أبنابه وأحفاده وأنصاره وبٌن خصوم الدعوة ‪ .‬حتى اجتمع من ذلك رسابل كثٌرة ‪ ،‬وردود جمة ‪ ،‬وقد جمعت هذه الرسابل والفتاو‬
‫والردود فبلؽت مجلدات ‪ ،‬وقد طبع أكثرها والحمد لِل ‪ ،‬واستمر الشٌخ فً الدعوة والجهاد وساعده اِلمٌر محمد بن سعود أمٌر الدرعٌة ‪ ،‬وجد‬
‫اِلسرة السعودٌة على ذلك ‪ ،‬ورفعت راٌة الجهاد وبدأ الجهاد من عام ‪ 1158‬هـ ‪.‬‬

‫بداٌت الجهاد بالسٌؾ‪:‬‬


‫بدأ الجهاد بالسٌؾ ‪ ،‬وبالكالم والبٌان ‪ ،‬والحجة ‪ ،‬والبرهان ‪ ،‬ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسٌؾ ‪ ،‬ومعلوم أن الداعً إلى ّللا عز وجل إذا لم ٌكن‬
‫لدٌه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفً شهرته ‪ ،‬ثم ٌقل أنصاره ‪.‬‬
‫ومعلوم ما للسالح والقوة من اِلثر العظٌم فً نشر الدعوة ‪ ،‬وقمع المعارضٌن ونصر الحق ‪ ،‬وقمع الباطل ولقد صدق ّللا العظٌم فً قوله عز وجل‬
‫ٌِزانَ لِ ٌَقُو َم ال َّناسُ ِب ْالقِسْ طِ َوأَ ْن َز ْل َنا ْالحَ دٌِدَ فٌِ ِه بَؤْسٌ َشدٌِ ٌد‬
‫ت َوأَ ْن َز ْل َنا مَعَ ُه ُم ْال ِك َتابَ َو ْالم َ‬
‫وهو الصادق سبحانه فً كل ما ٌقول ‪ :‬لَقَدْ أَرْ سَ ْل َنا ُر ُسلَ َنا ِب ْال َب ٌِّ َنا ِ‬

‫‪389‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ب إِنَّ َّ َ‬
‫ّللا َق ِويٌّ عَ ِزٌ ٌز فبٌن سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبٌنات ‪ ،‬وهً الحج والبراهٌن‬ ‫ص ُرهُ َو ُر ُسلَ ُه بِ ْالؽَ ٌْ ِ‬ ‫اس َولٌَِعْ لَ َم َّ‬
‫ّللاُ مَنْ ٌَ ْن ُ‬ ‫َو َم َنافِ ُع لِل َّن ِ‬
‫الساطعة التً ٌوضح ّللا بها الحق ‪ ،‬وٌدفع بها الباطل ‪ ،‬وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فٌه البٌان ‪ ،‬والهد واإلٌضاح ‪ ،‬وأنزل معهم المٌزان ‪ ،‬وهو‬
‫العدل الذي ٌنصؾ به المظلوم من الظالم ‪ ،‬وٌقام به الحق وٌنشر به الهد وٌعامل الناس على ضوبه بالحق والقسط ‪ ،‬وأنزل الحدٌد فٌه بؤس شدٌد ‪،‬‬
‫فٌه قوة وردع وزجر لمن خالؾ الحق ‪ ،‬فالحدٌد لمن لم تنفع فٌه الحجة وتإثر فٌه البٌنة ‪ ،‬فهو الملزم بالحق ‪ ،‬وهو القامع للباطل ‪ ،‬ولقد أحسن من‬
‫قال فً مثل هذا ‪:‬‬
‫وما هو إال الوحً أوحد مرهؾ *** تزٌل ظباه اخدعً كل مابل‬
‫فهذا دواء الداء من كل جاهل ** وهذا دواء الداء من كل عادل‬
‫فالعاقل ذو الفطرة السلٌمة ‪ٌ ،‬نتفع بالبٌنة ‪ ،‬وٌقبل الحق بدلٌله ‪ ،‬أما الظالم التابع لهواه فال ٌردعه إال السٌؾ ‪ ،‬فجد الشٌخ رحمه ّللا فً الدعوة والجهاد‬
‫‪ ،‬وساعده أنصاره من آل سعود ‪ ،‬طٌب ّللا ثراهم على ذلك ‪ ،‬واستمروا فً الجهاد والدعوة من عام ‪1158‬هـ إلى أن توفً الشٌخ فً عام ‪1206‬هـ‬
‫فاستمر الجهاد والدعوة قرٌبا من خمسٌن عاما ‪ .‬جهاد ‪ ،‬ودعوة ‪ ،‬ونضال ‪ ،‬وجدال فً الحق ‪ ،‬وإٌضاح لما قاله ّللا ورسوله ‪ ،‬ودعوة إلى دٌن ّللا ‪،‬‬
‫وإرشاد إلى ما شرعه رسول ّللا علٌه الصالة والسالم ‪.‬‬
‫حتى التزم الناس بالطاعة ‪ ،‬ودخلوا فً دٌن ّللا ‪ ،‬وهدموا ما عندهم من القباب ‪ ،‬وأزالوا ما لدٌهم من المساجد المبنٌة على القبور ‪ ،‬وحكموا الشرٌعة‬
‫‪ ،‬ودانوا بها ‪ ،‬وتركوا ما كانوا علٌه من تحكٌم سوالؾ اآلباء واِلجداد ‪ ،‬وقوانٌنهم ‪ ،‬ورجعوا إلى الحق ‪.‬‬
‫وعمرت المساجد بالصلوات ‪ ،‬وحلقات العلم ‪ ،‬وأدٌت الزكوات ‪ ،‬وصام الناس رمضان ‪ ،‬كما شرع ّللا عز وجل ‪ ،‬وأمر بالمعروؾ ‪ ،‬ونهً عن‬
‫المنكر ‪ ،‬وساد اِلمن فً اِلمصار ‪ ،‬والقر ‪ ،‬والطرق ‪ ،‬والبوادي ‪ ،‬ووقؾ البادٌة عند حدهم ‪ ،‬ودخلوا فً دٌن ّللا وقبلوا الحق ‪ ،‬ونشر الشٌخ فٌهم‬
‫الدعوة ‪.‬‬
‫وأرسل الشٌخ إلٌهم المرشدٌن ‪ ،‬والدعاة فً الصحراء والبوادي ‪ ،‬كما أرسل المعلمٌن ‪ ،‬والمرشدٌن ‪ ،‬والقضاة إلى البلدان والقر ‪ ،‬وعم هذا الخٌر‬
‫العظٌم والهد المستبٌن نجدا كلها وانتشر فٌها الحق ‪ ،‬وظهر فٌها دٌن ّللا عز وجل ‪.‬‬
‫عمل أبناء الشٌخ بعده‪:‬‬
‫ثم بعد وفاة الشٌخ رحمة ّللا علٌه استمر أبناإه ‪ ،‬وأحفاده ‪ ،‬وتالمٌذه ‪ ،‬وأنصاره فً الدعوة والجهاد ‪ ،‬وعلى رأس أبنابه الشٌخ اإلمام عبد ّللا بن‬
‫محمد ‪ ،‬والشٌخ حسٌن بن محمد ‪ ،‬والشٌخ علً بن محمد ‪ ،‬والشٌخ إبراهٌم بن محمد ‪ ،‬ومن أحفاده الشٌخ عبد الرحمن بن حسن ‪ ،‬والشٌخ علً بن‬
‫حسٌن ‪ ،‬والشٌخ سلٌمان بن عبد ّللا بن محمد وجماعة آخرون ومن تالمٌذه أٌضا الشٌخ حمد بن ناصر بن معمر ‪ ،‬وجمع ؼفٌر من علماء الدرعٌة ‪،‬‬
‫وؼٌرهم استمروا فً الدعوة والجهاد ونشر دٌن ّللا تعالى وكتابة الرسابل وتؤلٌفات المإلفات ‪ ،‬وجهاد أعداء الدٌن ‪ ،‬ولٌس بٌن هإالء الدعاة‬
‫وخصومهم شًء إال أن هإالء دعوا إلى توحٌد ّللا وإخالص العبادة لِل عز وجل ‪ ،‬واالستقامة على ذلك ‪ ،‬وهدم المساجد والقباب التً على القبور ‪،‬‬
‫ودعوا إلى تحكٌم الشرٌعة واالستقامة علٌها ودعوا إلى اِلمر بالمعروؾ ‪ ،‬والنهً عن المنكر ‪ ،‬وإقامة الحدود الشرعٌة ‪ .‬هذه أسباب النزاع بٌنهم‬
‫وبٌن الناس ‪.‬‬
‫والخالصة ‪ :‬أنهم أرشدوا الناس إلى توحٌد ّللا ‪ ،‬وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالِل ومن وسابله وذرابعه ‪ ،‬وألزموا الناس بالشرٌعة‬
‫اإلسالمٌة ‪ ،‬ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبٌان ‪ ،‬واإلٌضاح والحجة ‪ ،‬جاهدوه فً ّللا عز وجل وقصدوه فً بالده حتى ٌخضع للحق ‪،‬‬
‫وٌنٌب إلٌه وٌلزموه به بالقوة والسٌؾ ‪ ،‬حتى ٌخضع هو وأهل بلده إلى ذلك ‪.‬‬
‫وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ‪ ،‬التً ما أنزل ّللا بها من سلطان ‪ ،‬كالبناء على القبور ‪ ،‬واتخاذ القباب علٌها والتحاكم إلى الطواؼٌت ‪،‬‬
‫وسإال السحرة والكهنة ‪ ،‬وتصدٌقهم وؼٌر ذلك ‪ ،‬فؤزال ّللا ذلك على ٌدي الشٌخ وأنصاره رحمة ّللا علٌهم جمٌعا ‪ .‬وعمرت المساجد بتدرٌس‬
‫الكتاب العظٌم والسنة المطهرة ‪ ،‬والتارٌخ اإلسالمً ‪ ،‬والعلوم العربٌة النافعة ‪ ،‬وصار الناس فً مذاكرة ‪ ،‬وعلم ‪ ،‬وهد ‪ ،‬ودعوة ‪ ،‬وإرشاد ‪،‬‬
‫وآخرون منهم فٌما ٌتعلق بدنٌاهم من الزراعة والصناعة وؼٌر ذلك ‪ ،‬علم وعمل ‪ ،‬ودعوة وإرشاد ‪ ،‬ودنٌا ودٌن ‪ ،‬فهو ٌتعلم وٌذاكر ‪ ،‬ومع ذلك ٌعمل‬
‫فً حقله الزراعً ‪ ،‬أو فً صناعته أو تجارته وؼٌر ذلك ‪ .‬فتارة لدٌنه ‪ ،‬وتارة لدنٌاه دعاة إلى ّللا وموجهون‬
‫إلى سبٌله ‪ ،‬ومع ذلك ٌشتؽلون بؤنواع الصناعة الرابجة فً بالدهم ‪ ،‬وٌحصلون من ذلك على ما ٌؽنٌهم عن خارج بالدهم ‪ ،‬وبعد فراغ الدعاة وآل‬
‫سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمٌن ‪ ،‬وجنوب الجزٌرة‪.‬‬
‫دخول الحرمٌن‪:‬‬

‫‪390‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كاتبوا علماء الحرمٌن سابقا ‪ ،‬والحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمٌن على ما هم علٌه من تعظٌم القباب ‪ ،‬واتخاذها على القبور ‪ ،‬ووجود‬
‫الشرك عندها ‪ ،‬والسإال ِلربابها ‪ ،‬سار اإلمام سعود بن عبد العزٌز بن محمد بعد وفاة الشٌخ بإحد عشرة سنة توجه إلى الحجاز ‪ ،‬ونازل أهل‬
‫الطابؾ ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطابؾ قد توجه إلٌهم قبل سعود اِلمٌر عثمان بن عبد الرحمن المضاٌفً ‪ ،‬ونازلهم بقوة أرسلها إلٌها اإلمام‬
‫سعود بن عبد العزٌز بن محمد أمٌر الدرعٌة بقوة عظٌمة من أهل نجد وؼٌرهم ‪ ،‬ساعدوه حتى استولى على الطابؾ ‪ ،‬وأخرج منها أمراء الشرٌؾ ‪،‬‬
‫وأظهر فٌه الدعوة إلى ّللا ‪ ،‬وأرشد إلى الحق ‪ ،‬ونهى فٌها عن الشرك ‪ ،‬وعبادة ابن عباس ‪ ،‬وؼٌره مما كان ٌعبده هناك الجهال ‪ ،‬والسفهاء من أهل‬
‫الطابؾ ‪ ،‬ثم توجه اِلمٌر سعود عن أمر أبٌه عبد العزٌز إلى جهة الحجاز ‪ ،‬وجمعت الجٌوش حول مكة‪.‬‬
‫فلما عرؾ شرٌفها أنه ال بد من التسلٌم أو الفرار فر إلى جدة ‪ .‬ودخل سعود ومن معه من المسلمٌن البالد من ؼٌر قتال واستولوا على مكة فً فجر‬
‫‪ 1‬من شهر محرم من عام ‪ 1218‬هـ وأظهروا فٌها الدعوة إلى دٌن ّللا ‪ ،‬وهدموا ما فٌها‬
‫من القباب التً بنٌت علً قبر خدٌجة وؼٌره ‪ ،‬فؤزالوا القباب كلها ‪ ،‬وأظهروا فٌها الدعوة إلى توحٌد ّللا عز وجل ‪ ،‬وعٌنوا فٌها العلماء والمدرسٌن‬
‫‪ ،‬والموجهٌن والمرشدٌن ‪ ،‬والقضاة الحاكمٌن بالشرٌعة‬
‫ثم بعد مدة وجٌزة فتحت المدٌنة ‪ ،‬واستولى آل سعود على المدٌنة فً عام ‪ 1220‬هـ بعد مكة بنحو سنتٌن ‪ ،‬واستمر الحرمان فً والٌة آل سعود ‪،‬‬
‫وعٌنوا فٌها الموجهٌن والمرشدٌن ‪ ،‬وأظهروا فً البالد العدل وتحكٌم الشرٌعة ‪ ،‬واإلحسان إلى أهلها وال سٌما فقرابهم ومحاوٌجهم فؤحسنوا إلٌهم‬
‫باِلموال ‪ ،‬وواسوهم ‪ ،‬وعلموهم كتاب ّللا ‪ ،‬وأرشدوهم إلى الخٌر ‪ ،‬وعظموا العلماء ‪ ،‬وشجعوهم على التعلٌم ‪ ،‬واإلرشاد ولم ٌنزل الحرمان‬
‫الشرٌفان تحت والٌة آل سعود إلى عام ‪ 1226‬هـ ثم بدأت الجٌوش المصرٌة والتركٌة تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمٌن ‪،‬‬
‫ِلسباب كثٌرة تقدم بعضها ‪ ،‬وهذه اِلسباب كما تقدم هً أن أعداءهم ‪ ،‬وحسادهم ‪ ،‬والمخرفٌن الذٌن لٌس لهم بصٌرة ‪ ،‬وبعض السٌاسٌٌن الذٌن‬
‫أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزٌل مراكزهم ‪ ،‬وأن تقضً على أطماعهم ‪ ،‬كذبوا على الشٌخ ‪ ،‬وأتباعه ‪ ،‬وأنصاره ‪ ،‬وقالوا إنهم ٌبؽضون‬
‫الرسول علٌه الصالة والسالم ‪ِ ،‬لنهم ٌبؽضون اِلولٌاء ‪ ،‬وٌنكرون كراماتهم ‪ ،‬وقالوا‬
‫إنهم أٌضا ٌقولون كٌت وكٌت مما ٌزعمون أنهم ٌنتقصون به الرسل علٌهم الصالة والسالم ‪ ،‬وصدق هذا بعض الجهال ‪ ،‬وبعض المؽرضٌن ‪،‬‬
‫وجعلوه سلما للنٌل منهم والقتال لهم ‪ ،‬وتشجٌع اِلتراك والمصرٌٌن على حربهم ‪ ،‬فجر ما جر من الفتن والقتال ‪ -‬وصار القتال بٌن الجنود‬
‫‪ 1226‬هـ إلى عام ‪ 1233‬هـ سبع سنٌن كلها قتال‬ ‫المصرٌة والتركٌة ومن معهم وبٌن آل سعود فً نجد ‪ ،‬والحجاز ‪ ،‬سجاال مدة طوٌلة من عام‬
‫ونضال بٌن قو الحق وقو الباطل ‪.‬‬
‫والخالصة ‪ :‬أن هذا اإلمام الذي هو الشٌخ محمد بن عبد الوهاب رحمة ّللا علٌه إنما قام إلظهار دٌن ّللا ‪ ،‬وإرشاد الناس إلى توحٌد ّللا ‪ ،‬وإنكار ما‬
‫أدخل الناس فٌه من البدع والخرافات ‪ ،‬وقام أٌضا إللزام الناس بالحق ‪ ،‬وزجرهم عن الباطل ‪ ،‬وأمرهم بالمعروؾ ‪ ،‬ونهٌهم عن المنكر‪.‬‬
‫هذه خالصة دعوته رحمة ّللا تعالى علٌه ‪ ،‬وهو فً العقٌدة على طرٌقة السلؾ الصالح ٌإمن بالِل وبؤسمابه ‪ ،‬وصفاته ‪ ،‬وٌإمن بمالبكته ‪ ،‬ورسله‬
‫وكتبه ‪ ،‬وبالٌوم اآلخر ‪ ،‬وبالقدر خٌره وشره ‪ ،‬وهو على طرٌقة أبمة اإلسالم فً توحٌد ّللا ‪ ،‬وإخالص العبادة له جل وعال ‪ .‬وفً اإلٌمان بؤسماء ّللا‬
‫وصفاته على الوجه الالبق بالِل سبحانه ‪ ،‬ال ٌعطل صفات ّللا ‪ ،‬وال ٌشبه ّللا بخلقه ‪ .‬وفً اإلٌمان بالبعث ‪ ،‬والنشور ‪ ،‬والجزاء والحساب ‪ ،‬والجنة‬
‫والنار ‪ ،‬وؼٌر ذلك ‪.‬‬

‫خالصة فكر الشٌخ محمد بن عبدالوهاب‪:‬‬


‫ٌقول فً اإلٌمان ما قاله السلؾ أنه قول وعمل ٌزٌد وٌنقص ‪ٌ .‬زٌد بالطاعة ‪ ،‬وٌنقص بالمعصٌة ‪ ،‬كل هذا من عقٌدته رحمه ّللا ‪ ،‬فهو على طرٌقتهم‬
‫وعلى عقٌدتهم قوال وعمال ‪ ،‬لم ٌخرج عن طرٌقتهم البتة ‪ ،‬ولٌس له فً ذلك مذهب خاص ‪ ،‬وال طرٌقة خاصة ‪ ،‬بل هو على طرٌق السلؾ الصالح‬
‫من الصحابة وأتباعهم بإحسان ‪ .‬رضً ّللا عن الجمٌع ‪ .‬وإنما أظهر ذلك فً نجد ‪ ،‬وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد علٌه من أباه ‪ ،‬وعانده ‪،‬‬
‫وقاتلهم ‪ ،‬حتى ظهر دٌن ّللا وانتصر الحق ‪ ،‬وكذلك هو على ما علٌه المسلمون من الدعوة إلى ّللا ‪ ،‬وإنكار الباطل ‪ ،‬واِلمر بالمعروؾ ‪ ،‬والنهً‬
‫عن المنكر ولكن الشٌخ وأنصاره ٌدعون الناس إلى الحق ‪ ،‬وٌلزمونهم به ‪ ،‬وٌنهونهم عن الباطل ‪ ،‬وٌنكرونه علٌهم ‪ ،‬وٌزجرونهم عنه حتى ٌتركوه‪.‬‬
‫وكذلك جد فً إنكار البدع والخرافات حتى أزالها ّللا سبحانه بسبب دعوته ‪ .‬فاِلسباب الثالثة المتقدمة آنفا هً أسباب العداوة ‪ ،‬والنزل بٌنه وبٌن‬
‫الناس ‪ .‬وهً ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬إنكار الشرك والدعوة إلى التوحٌد الخالص ‪.‬‬
‫ثانٌا ‪ :‬إنكار البدع ‪ ،‬والخرافات ‪ ،‬كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التً أحدثتها طوابؾ المتصوفة‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ثالثا ‪ :‬أنه ٌؤمر الناس بالمعروؾ ‪ ،‬وٌلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروؾ الذي أوجبه ّللا علٌه ‪ ،‬ألزم به وعزر علٌه إذا تركه وٌنهى الناس عن‬
‫المنكرات ‪ ،‬وٌزجرهم عنها ‪ ،‬وٌقٌم حدودها ‪ ،‬وٌلزم الناس الحق ‪ ،‬وٌزجرهم عن الباطل ‪ ،‬وبذلك ظهر الحق ‪ ،‬وانتشر ‪ ،‬وكبت الباطل ‪ ،‬وانقمع ‪،‬‬
‫وسار الناس فً سٌرة حسنة ‪ ،‬ومنه قوٌم فً أسواقهم ‪ ،‬وفً مساجدهم ‪ ،‬وفً سابر أحوالهم ‪.‬‬
‫ال تعرؾ البدع بٌنهم وال ٌوجد فً بالدهم الشرك ‪ ،‬وال تظهر المنكرات بٌنهم ‪ .‬بل من شاهد بالدهم وشاهد أحوالهم وما هم علٌه ذكر حال السلؾ‬
‫الصالح وما كانوا علٌه زمن النبً علٌه الصالة والسالم ‪ ،‬وزمن أصحابه ‪ ،‬وزمن أتباعه بإحسان فً القرون المفضلة رحمة ّللا علٌهم‪.‬‬
‫فالقوم ساروا سٌرتهم ‪ ،‬ونهجوا منهجهم ‪ ،‬وصبروا على ذلك ‪ ،‬وجدوا فٌه ‪ ،‬وجاهدوا علٌه ‪ ،‬فلما حصل بعض التؽٌٌر فً آخر الزمان بعد وفاة‬
‫الشٌخ محمد بمدة طوٌلة ووفاة كثٌر من أبنابه رحمة ّللا علٌهم وكثٌر من أنصاره حصل بعض التؽٌٌر جاء االبتالء وجاء االمتحان بالدولة التركٌة ‪،‬‬
‫ّللا ال ٌُؽَ ٌِّ ُر مَا بِ َق ْو ٍم حَ َّتى ٌُؽَ ٌِّرُوا مَا بِؤ َ ْنفُسِ ِه ْم‬
‫والدولة المصرٌة ‪ ،‬مصداق قوله عز وجل ‪ :‬إِنَّ َّ َ‬
‫نسؤل ّللا عز وجل أن ٌجعل ما أصابهم تكفٌرا وتمحٌصا من الذنوب ‪ ،‬رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضً ّللا عنهم ورحمهم‬

‫انتشار دعوة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب‬

‫‪ 1219‬هجري واصبح حجاج البالد‬ ‫انتشرت دعوة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب خارج نجد عندما استولت الدولة السعودٌة على مكة المكرمة سنة‬
‫المسلمة ٌفدون إلى مكة المكرمة وٌشاهدون علماء هذه الدعوة الحقا ‪ ,‬وٌسمعون خطبهم وإرشاداتهم ‪ ,‬كما شاهدوا سٌرة الدولة إن ذاك ‪ ,‬وما هً‬
‫بالدهم‬
‫‪.‬‬ ‫علٌة من االعتصام بكتاب ّللا والسنة ‪ ,‬فتؤثر بعض الحجاج بالدعوة وأخذوا ٌنشرون مبادئ الدعوة وٌحاربون الخرافات والبدع فً‬
‫وكان النتشار الدعوة فً العالم االسالمً عدة آثار من أهمها‪:‬‬
‫‪ 1-‬قٌام ٌقظة فكرٌة إسالمٌة كان العالم االسالمً والمسلمٌن فً اشد الحاجة لها‪.‬‬
‫‪ 2-‬كانت الدعوة عامال مهما من عوامل نمو الوعً الوطنً فً كثٌر من البالد اإلسالمٌة التى ابتلٌت باالستعمار‪.‬‬
‫‪ 3-‬كان من أثر الدعوة السلفٌة فً كثٌر من الدول اإلسالمٌة تجمٌد وإضعاؾ كل اِلفكار المعادٌة لهذه الدعوة المباركة‪.‬‬
‫‪ 4-‬تؤٌٌد شامل لهذه الدعوة اإلصالحٌة من العلماء المسلمٌن الؽٌورٌن على دٌنهم وعقٌدتهم فً البالد االسالمٌة ‪ ,‬والمنبع الذي اعتمد علٌه كثٌر من‬
‫رجال اإلصالح المسلمٌن‪.‬‬

‫تعلٌقات بعض الكتاب والمإرخٌن على انتشار دعوة الشٌخ‬


‫محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان‬

‫العقاد‪:‬‬
‫ٌقول العقاد (( ولم تذهب صٌحة ابن عبدالوهاب عبثا فً الجزٌرة العربٌة وال فً أرجاء العالم اإلسالمً من مشرقة إلى مؽربه ‪ ,‬فقد تبعه كثٌر من‬
‫الحجاج وزوار الحجاز ‪ ,‬وسرت تعالٌمه إلى الهند والعراق والسودان وؼٌرها من اِلقطار النابٌة ‪,‬و أدرك المسلمٌن أن علة الهزابم التى تعاقبت‬
‫علٌهم إنما هً فً ترك الدٌن ال فً الدٌن نفسه ‪ .‬وأنهم خلفاء أن ٌستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع ‪ ,‬والعودة إلى دٌن السلؾ الصالح‬
‫فً جوهره ولبابه )) (‪)8‬‬
‫وٌقول العقاد أٌضا‪:‬‬
‫(( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزٌرة العرب حتى تردد صداها فً البنؽال سنة ‪ 1804‬م واتبعها طابفة الفرابضٌة بنصوصها الحرفٌة‬
‫‪ ,‬فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدٌن بحكم الشرٌعة ‪ ,‬ثم تردد صد الدعوة الوهابٌة بعد ذلك بزعامة السٌد أحمد البارٌلً فً البنجاب ‪ ,‬وأوجب‬
‫على اتباعه حمل السالح لمحاربة السٌخٌن وتقدمهم فً القتال حتى الموت ‪)9( )).‬‬
‫أرنولد‪:‬‬
‫ٌقول فً كتابه ( الدعوة إلى اإلسالم )‬
‫(( وفً القرن العشرٌن نشطت حركة الدعوة إلى اإلسالم فً البنؽال نشاطا ملحوظا ‪ ,‬و أرسلت طوابؾ كثٌرة ٌنتمً أهلها إلى تؤثٌر الحركة الوهابٌة‬
‫اإلصالحٌة ‪ ,‬دعاتهم ٌتنقلون فً هذه المناطق ‪ ,‬وٌطهرون البالد من بقاٌا العقابد الهندوكٌة بٌن الكفار (‪)10‬‬

‫‪392‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً الٌمن‪:‬‬
‫‪ 1250‬هجري ‪ ,‬ودعا بما ٌشب دعوة الشٌخ بن الوهاب وتقلد ببن تٌمٌة وألؾ كتاب (نبٌل‬ ‫ظهر فً الٌمن الشٌخ على الشوكانً المتوفً سنة‬
‫اِلوطان ) لشرح كتاب شٌخ اإلسالم ( منتقى اِلخبار ) (‪)11‬‬
‫فً العراق‪:‬‬
‫نجد أسرة (اِللوسً ) التً بذلت حٌاتهم لتعمٌق التربٌة اإلسالمٌة فً العراق وقد كتبوا عن الشٌخ ودعوته ونافحوا عنها ز (‪)12‬‬
‫فً الجزابر‪:‬‬
‫إن من أول من حمل راٌة الدعوة السلفٌة هو المإرخ الجزابري‬
‫(أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن ٌجتمع بتالمٌذ الشٌخ محمد بن عبدالوهاب فً الح ‪ .‬و ذاكرهم فً أمور إلى أن انتهى به اِلمر باالقتناع ‪,‬‬
‫وكان ذلك بحضور وفد حجٌ كان ٌرأسه ولً عهد المؽرب آنذاك ‪)13( .‬‬
‫‪1‬كذلك تؤسست ( جمعٌة العلماء المسلمٌن الجزابرٌٌن ) الوجه السلفً بزعامة عبدالحمٌد بن بادٌس ( ‪ )1359-1305‬الذي أطلع على مبادئ الدعوة‬
‫السلفٌة عندما ذهب للح فً مكة المكرمة ‪ .‬و دعا إلى إصالح عقابد الجزابرٌٌن من البدع والخرافات ‪ ,‬ودعا إلى االجتهاد ومحاربة التقلٌد اِلعمى‬
‫والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكرٌم والسنة النبوٌة ‪)14( .‬‬
‫السودان‪:‬‬
‫ٌقول السٌر أرنولد ‪ (( :‬وحول نهاٌة القرن الثامن عشر ظهر من بٌن جماعة الفلبً رجل معروؾ ٌدعى الشٌخ عثمان دانفودو ‪ ,‬عرؾ انه مصلح‬
‫دٌنً وداع ومحارب ‪ ,‬وقد ذهب من السودان إلى مكة ِلداء فرٌضة الح ‪ ,‬فعاد من هناك ملٌبا بالحماس والؽٌرة من أجل اإلصالح والدعوة‬
‫لإلسالم‪,‬‬
‫وتؤثر بالوهابٌة الذٌن كانت قوتهم أخذة فً النماء ‪ ,‬فؤنكر الصالة على روح المٌت ‪ ,‬تعظٌم من مات من اِلولٌاء ‪ ,‬وأستنكر من بالػ فً تمجٌد محمد‬
‫نفسه ‪ ,‬وهاجم شرب الخمر وفساد اِلخالق اللتٌن كانتا منتشرتٌن ))(‪)15‬‬
‫مصر‪:‬‬
‫نجد الشٌخ محمد عبده ومحمد رشٌد رضا تبنٌا مبادئ دعوة محمد بن عبدالوهاب ‪ ,‬ودافعا عنها فً مإلفاتهم ‪ ,‬وكذلك عبدالرحمن الجبرتً مإرخ‬
‫مصر ‪ ,‬وهو من اشد المتؤثرٌن بدعوة بن عبدالوهاب ‪ ,‬وكان ٌر أن اِلتراك قد ارتكبوا خطؤ كبٌر عندما حاربوا دعوة الشٌخ و أنصارها مما دفع‬
‫محمد علً باشا لقتله ‪)16( .‬‬
‫المؽرب‪:‬‬
‫تؤثر بها (سٌدي محمد بن عبدّللا ) الذي حارب الصوفٌة متؤثر بكتب وأراء الشٌخ محمد بن عبد الوهاب وكذلك (موالي سلٌمان ) الذي قام ضد‬
‫الزواٌا ودعا إلى التوحٌد ‪)17( .‬‬
‫‪ 1‬ومما سبق نالحظ أن انتشار الدعوة السلفٌة اإلصالحٌة المباركة فً العالم اإلسالمً تنتشر بشدة وتقوم بالمجتمعات التى تصلها حركات إصالحٌة‬
‫هدفها نشر اإلسالم وتطهٌره من البدع والشوابب والخرافات‬
‫وتصحٌح أوضاع الحٌاة الفاسدة ‪ ,‬ثم محاولة تؤسٌس دولة إسالمٌة وتكوٌن حكومة إسالمٌة صالحة ‪)18( .‬‬

‫أقوال بعض المنصفٌن عن دعوة الشٌخ‬


‫محمد بن عبدالوهاب‬

‫أحمد القطان‪:‬‬
‫(( استطاعت حركة الموحدٌن نشر العلم والمعرفة بٌن طبقات الشعب المختلفة ‪ ,‬واستطاعت تكوٌن طبقة ممتازة من علماء الدٌن ورجال المعرفة‬
‫فنشرت الحركة فً الناس علوم الشرٌعة المطهرة وأالتها ‪ ,‬من التفسٌر والحدٌث ‪ ,‬والتوحٌد والفقه ‪ ,‬والسٌرة والتارٌخ ‪ ,‬وؼٌر ذلك وأصبحت‬
‫الدرعٌة قبلة العلوم والمعارؾ ٌفد إلٌها الطالب من سابر النواحً واِلرجاء ‪ ,‬و انتشر العلم فً جمٌع الطبقات‪)19( )) .‬‬
‫محمد كرد‪:‬‬

‫‪393‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كتب عالمة الشام محمد كرد علً بحثا بعنوان ( اصل الوهابٌة )‬
‫اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إال داعٌة هداهم من الضالل وساقهم إلى الدٌن السمح ‪ ,‬وإذا بدت من بعضهم فهً ناشبة من نشؤة البادٌة ‪ ,‬وقلما‬
‫رأٌنا شعبا من أهل اإلسالم ٌؽلب علٌه التدٌن والصدق واإلخالص مثل هإالء القوم ‪ ,‬وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنٌن طوٌلة فلم نرهم حادوا عن‬
‫اإلسالم قٌد ؼلوة ‪...‬إلخ )) (‪)20‬‬
‫طه حسٌن‪:‬‬
‫قال ٌصؾ دعوة محمد بن عبدالوهاب (( قلت أن هذا مذهب جدٌد قدٌم معا ‪ ,‬والواقع أنه لٌس بجدٌد بالنسبة للمعاصرٌن ‪ ,‬ولكنه قدٌم فً حقٌقة االمر‬
‫‪ِ ,‬لنه لٌس إال الدعوة القوٌة إلى اإلسالم الخالص النقً المطهر من شوابب الشرك والوثنٌة ‪ ,‬وهو دعوة إلى اإلسالم كما جاء به النبً صلى ّللا علٌه‬
‫وسلم خالصا له ‪ ,‬ملؽٌا كل واسطة بٌن ّللا وبٌن الناس ))(‪) 21‬‬
‫حافظ وهبة‬
‫قال فً كتابه (جزٌرة العرب ) عن الشٌخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد ‪ ,‬داع إلى الرجوع إلى الدٌن الحق ‪ ,‬فلٌس للشٌخ محمد تعالٌم خاصة‬
‫‪ ,‬وال أراء خاصة ‪ ,‬وكل ما ٌطبق فً نجد ‪ ,‬هو طبق مذهب اإلمام أحمد بن حنبل رحمة ّللا وأما فً العقابد ‪ ,‬فهم ٌتبعون السلؾ الصالح ‪ ,‬وٌخالفون‬
‫من عداهم))‬
‫الزركلً‪:‬‬
‫قال فً كتابه ( اِلعالم الجزء السابع ) عن الشٌخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته ‪ ,‬الشعلة اِلولى للنهضة الحدٌثة فً العلم اإلسالمً كله ‪,‬‬
‫تؤثر بها رجال اإلصالح ‪ ,‬فً الهند ومصر ‪ ,‬والعراق ‪ ,‬والشام وؼٌرها))‬
‫محمد رشٌد رضى‪:‬‬
‫قال السٌد محمد رشٌد رضا عن محمد بن عبدالوهاب (( قام ٌدعو إلى تجرٌد التوحٌد ‪ ,‬وإخالص العبادة لِل وحده ‪ ,‬بما شرع ّللا فً كتابه ‪ ,‬وعلى‬
‫لسان رسوله خاتم النبٌٌن علٌه الصالة والسالم ‪ ,‬وترك البدع والمعاصً وإقامة شعابر اإلسالم المتروكة وتعظٌم حرماته المنتهكة))‬
‫رأي العقاد‪:‬‬
‫تناول اِلستاذ عباس العقاد فً كتابه (( اإلسالم فً القرن العشرٌن))‬
‫دعوة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب فقال (( ظاهر من سٌرة الشٌخ محمد ابن عبدالوهاب الوهابٌة أنه لقً فً رسالته عنتا ‪ ,‬فاشتد كما ٌشتد من ٌدعو‬
‫ؼٌر سمٌع ومن العنت أطباق الناس على الجهل والتوسل بما ال ٌضر وال ٌنفع والتماس المصالح بؽٌر أسبابها وآتٌان الممالك من ؼٌر أبوابها وقد‬
‫ؼبر البادٌة زمان كانوا ٌتكلمون فٌه على التعاوٌذ والتمابم وأضالٌل المشعوذٌن والمنجمٌن وٌدعون السعً من وجوهه توسال بؤباطٌل السحرة‬
‫والدجالٌن حتى االستشفاء ودفع الوباء فكان حقا على الدعاة أن ٌصرفهم عن هذه الجهالة وكان من أثر هذه الدعوة أنها صرفتهم عن ألوان البدع‬
‫والخرافات ))‬

‫وكما تناول الدعوة مفكرٌن عرب تناولها بعض المستشرقٌن‬


‫لوثروب ستودارد‪:‬‬
‫ٌقول فً كتابه (حاضر العالم اإلسالمً ) (بلػ العالم اإلسالمً فً القرن الثانً عشر الهجري ‪ ,‬أعظم مبلػ من التضعضع و االنحطاط ‪ ,‬فؤربد جوه‬
‫‪,‬وطبقت الظلمة كل صعق من أصقاعه ‪ ..... ,‬وبٌنما العالم اإلسالمً مستؽرق فً هجعته ‪ ,‬ومترنح فً ظلمته ‪ ,‬إذا بصوت ٌدوي فً قلب الصحراء‬
‫فً شبه الجزٌرة العربٌة ‪ ,‬مهد اإلسالم ‪ ,‬فٌوقظ المإمنٌن وٌدعوهم إلى اإلصالح والرجوع إلى سواء السبٌل ‪ ,‬والصراط المستقٌم ‪ ,‬فكان الصراخ‬
‫بهذا الصوت إنما هو المصلح المشهور محمد بن عبدالوهاب الذي أشعل نار الوهابٌة واتقدت ثم أخذت هذا الداعً ٌحض المسلمٌن على إصالح‬
‫النفوس واستعادة المجد اإلسالمً القدٌم )) (‪)22‬‬
‫المستشرق بروكلمان‪:‬‬
‫(( فلما أب محمد بن عبدالوهاب إلى بلده اِلول سعى إلى أن ٌعٌد العقٌدة والحٌاة اإلسالمٌة صفاءها اِلصلً )) (‪)23‬‬
‫وٌلفرد كانتول‪:‬‬
‫((سمعت – من أساتذة جامعة مكٌٌل بكندا))‬

‫‪394‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان محمد بن عبدالوهاب ٌقول قبل كل شًء ‪ٌ ,‬حب أن تعٌشوا حسب الشرع اإلسالمً وهذا معنى أن تكونوا مسلمٌن ‪ ,‬ال ذاك الرؼاء العاطفً‬
‫النقً الحرارة التى ٌقدمها الصوفٌون ‪ ,‬فؤساس اإلسالم هو الشرع ‪ .‬وإذا كنتم ترٌدون أن تكونوا مسلمٌن فٌجب أن تعٌشوا حسب أوامر الشرع ‪.‬‬
‫(‪)24‬‬
‫برنارد لوٌس‪:‬‬
‫(( وباسم اإلسالم الخالً من الشوابب الذي ساد فً القرن اِلول ناد محمد بن عبدالوهاب باالبتعاد عن جمٌع ما أضٌؾ للعقٌدة والعبادات‬
‫من زٌادات باعتبارها بدعا خرافٌة ؼرٌبة عن اإلسالم )) (‪)25‬‬

‫الخاتمة‬

‫الحمدلِل الذي وفقنا وهدانا لهذا وما كنا مهتدٌن لوال هدانا ّللا‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فقد تطرقنا فً موضوع بحثنا هذا إلى شخصٌة من أهم الشخصٌات فً العلم االسالمً الحدٌث والمعاصر وحركة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب‬
‫السلفٌة لٌست حركة جدٌده أو مذهب جدٌد دعً للقٌام به بل هو تجدٌد لما علٌه دٌننا اإلسالمً الحنٌؾ خالً من الشوابب والبدع والشركٌات التى‬
‫انتشرت على طول التارٌخ اإلسالمً القدٌم والحدٌث وما زال الكثٌر منها مستمر حتى ٌومنا هذا وقد شرحنا بشكل موجز عن الشٌخ محمد بن‬
‫عبدالوهاب التمٌمً ونسبه وتعلمه وفكره وتحالفه مع أل سعود وكٌفٌة قٌام الدولة السعودٌة اِلولى وانتهابها بالتعاون العثمانً المصري البرٌطانً‬
‫وهً اِلصل واِلم للدولة السعودٌة الثانٌة ثم الدولة السعودٌة الحدٌثة التى أسسها حفٌد محمد ‪ ,‬عبدالعزٌز وما زالت دولتهم مستمرة إلى اآلن تحاول‬
‫أن تسٌر على نه كتاب ّللا والسنة والسلؾ وتبذل الجهد لذلك وما زالت أسرة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب وأحفاده ٌتولون القضاء على حد علمً‬
‫وما زالت هناك الكثٌر من الفرق التى تحارب الحركة السلفٌة وأبرز هذه الفرق هم الصوفٌة واالشعرٌة والحبشٌة واِلباضٌة وؼٌرها الكثٌر من فرق‬
‫المسلمٌن ‪ ,‬باإلضافة للنصار والٌهود والهندوز وؼٌرهم الكثٌر‪.‬‬
‫أما تسمٌة الدعوة المجددة للشٌخ محمد بن عبدالوهاب فهً على اِلؼلب جاءت من خصومهم حٌث سماهم البعض بالحركة الوهابٌة او حركة‬
‫الموحدون او السلفٌة وانتشر االسم ومازال ٌلقب به كل من سار على خطا الشٌخ المجدد محمد بن عبدالوهاب ونبذ الشرك والدعاء من ؼٌر ّللا‬
‫بكافة صورة‪.‬‬
‫وقد تطرقنا فً موضوعنا لبعض اِلقوال لكتاب مسلمٌن ومستشرقٌن تكلموا عن الحركة السلفٌة وانتشارها ورأٌهم فٌها‪.‬‬
‫كذلك أحب أن أذكر إن الدعوة السلفٌة مازالت قابمة إلى ٌومنا هذا ومستمرة ومن أبرز أعالمها فً عهدنا المعاصر المشاٌخ ابن باز والعثٌمٌن‬
‫واِللبانً رحمهم ّللا والكثٌر ؼٌرهم‬
‫هذا أتمنى أن ال ٌحرمنا ّللا اِلجر والثواب على هذا البحث وارجوا من ّللا أن ٌكون مفٌد لكً من ٌطلع علٌه وٌزٌد رصٌد معلوماته بهذا الموضوع‬
‫والحمدلِل والمنة على التوفٌق‪.‬‬

‫المصادر‬
‫‪ 1-‬حٌاة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب وحقٌقة دعوته ‪ ,‬تؤلٌؾ اِلستاذ الدكتور سلٌمان بن عبدالرحمن الحقٌل ‪,‬الطبعة اِلولى ‪1999,‬م‬
‫‪2-‬محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفتر علٌه ‪ ,‬اِلستاذ مسعود الندوي ‪ ,‬ترجمة وتعلٌق عبدالعلٌم عبدالعظٌم البستوي ‪ ,‬مراجعة الدكتور‬
‫محمد تقً الدٌن الهاللً ‪ 1420 ,‬هجري‬
‫‪3-‬تارٌخ العرب الحدٌث والمعاصر ‪ ,‬دكتور عبدالرحٌم عبدالحمن عبدالرحٌم ‪ ,‬الطبعة الخامسة‪1990‬م‬
‫‪ 4-‬دراسات فً تارٌخ الخلٌ العربً الحدٌث والمعاصر ‪ ,‬الدكتور بدر الدٌن عباس الخصوصً ‪,‬الجزء اِلول ‪ ,‬الطبعة الثانٌة‪1984‬م‬
‫‪5-‬مذكرة تارٌخ العرب الحدٌث ‪ ,‬الدكتور فٌصل المسلم‬
‫مواقع باإلنترنت‬
‫‪6-‬موقع الشٌخ بن باز رحمة ّللا على االنترنٌت ‪, http://www.binbaz.org.sa/‬‬
‫‪7- http://www.arriyadh.com/tourism/historical_places.htm‬‬

‫‪395‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪8-‬موقع حرٌمالء والدعوة السلفٌة ‪, http://www.huraymela.net/daeoh.htm‬‬


‫‪9-‬موقع المؽرب و عبدالوهاب‬
‫‪10-‬موقع مدٌنة الدرعٌة التارٌخٌة‪,‬‬
‫‪11-‬موقع البحرٌن ومحمد بن عبدالوهاب‬
‫‪12-‬بعض مواقع اإلنترنت من خالل موقع البحث‪http://www.raddadi.com/‬‬

‫=========‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪1-‬الشٌخ سلٌمان بن سحمان‪ ,‬الضٌاء الشارق‪,‬القاهرة‪,‬مطبعة المنار‪1344 ,‬ه‪,‬ص‪.7‬‬
‫‪ 2-‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمٌة ‪ ,‬بحوث أسبوع الشٌخ محمد بن عبد الوهاب (الشبهات التً أثٌرت حول دعوة اإلمام محمد بن عبد‬
‫الوهاب والرد علٌها ‪ ,‬إعداد عبد الكرٌم الخطٌب‪,‬ج‪,2‬ص‪.204‬‬
‫‪3-‬حسٌن بن ؼنام ‪ ,‬روضة اِلفكار واالفهام المرتاد حال اإلمام وتعدد ؼزوات ذوي اإلسالم ‪ ,‬ج‪ ,1‬القاهرة ‪1368 ,‬ه ‪ ,‬ص‪-5‬ص‪.6‬‬
‫‪4-‬لوتروب ستودارد‪ ,‬حاضر العالم اإلسالمً ‪ ,‬ترجمة عجاج نوٌهض‪ ,‬وتعلٌق شكٌب أرسالن ‪ ,‬ج‪,1‬ص‪.295‬‬
‫‪5-‬المرجع السابق ‪ ,‬ص ‪.259‬‬
‫‪6-‬حسٌن بن ؼنام ‪ ,‬تارٌخ نجد‪ ,‬ص ‪-11‬ص‪ 12‬بتصرؾ‪.‬‬
‫‪ 7-‬عبد اللطٌؾ بن عبد الرحمن بن حسن أل شٌخ‪,‬‬
‫مجموعة الرسابل والمسابل الٌنجدٌة ‪ .‬ج‪ , 3‬ص ‪ – 381‬ص ‪382‬‬
‫‪8-‬عباس محمود العقاد ‪ ,‬اإلسالم فً القرن العشرٌن ‪ ,‬ص ‪86‬‬
‫‪9-‬نفس المرجع صفحة ‪69‬‬
‫‪10-‬توماس أرنولد ‪ ,‬الدعوة إلى اإلسالم ‪ ,‬ص ‪239‬‬
‫‪ 11-‬دعوة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب وأثرها فً العالم اإلسالمً‬
‫‪12-‬المصدر السابق ‪ ,‬ص ‪83‬‬
‫‪13-‬عبد الحلٌم عوٌس ‪ ,‬أثر اإلمام محمد بن عبدالوهاب فً الفكر اإلسالمً اإلصالحً بالجزابر ‪ ,‬مصر ‪1,‬‬
‫دار الصحوة ‪ 1305 ,‬هجري ‪ ,‬ص ‪13‬‬
‫‪14-‬محمد السلمان ‪ ,‬دعوة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب ‪ ,‬ص ‪95‬‬
‫‪15-‬محمد بن عبدالوهاب ‪ ,‬أحمد عبد الؽفور العطار ‪ ,‬ص ‪213‬‬
‫‪16-‬للمزٌد من المعلومات ‪ ,‬انظر ‪ :‬بحوث الشٌخ محمد بن عبدالوهاب ‪,‬ج‪ , 2‬ص‪-320‬ص‪337‬‬
‫‪ 17-‬حٌات الشٌخ محمد بن عبدالوهاب وحقٌقة دعوته ‪ ,‬االستاذ الدكتور سلٌمان بن عبدالرحمن الحقٌل ‪ ,‬الطبعة اِلولى‪1999‬م ‪ ,‬ص‪208‬‬
‫‪ 18-‬للمزٌد من المعلومات عن انتشار دعوة الشٌخ محمد بن عبدالوهاب ‪ ,‬انظر مقال الدكتور عبدّللا بن ٌوسؾ الشبل ‪ ,‬العدد الرابع ‪ ,‬مجلة الدارة ‪,‬‬
‫عام ‪ , 1399‬ص ‪ -32‬ص ‪24‬‬
‫‪19-‬عبدّللا بن ٌوسؾ الشبل ‪ ,‬الشٌخ محمد بن عبدالوهاب ‪ ,‬ص ‪64‬‬
‫‪20-‬القدٌم والحدٌث ‪ ,‬محمد كرد علً ‪ ,‬ص ‪120‬‬
‫‪ 21-‬حٌات الشٌخ محمد بن عبدالوهاب وحقٌقة دعوته ‪ ,‬اِلستاذ الدكتور سلٌمان بن عبدالرحمن الحقٌل ‪ ,‬الطبعة اِلولى‪1999‬م ‪ ,‬ص ‪210‬‬
‫‪22-‬حاضر العالم اإلسالمً ‪ ,‬ج‪1‬‬
‫‪23-‬تارٌخ الشعوب اإلسالمٌة ‪ .‬ترجمة الدكتور نبٌه أمٌن ومنٌر البعلبكً‬
‫‪ 24-‬اإلسالم فً نظر الؽرب لجماعة من المستشرقٌن نقله للعربٌة إسحاق الحسٌنً‪.‬‬
‫‪25-‬العرب فً التارٌخ ‪ ,‬ترجمة نبٌه أمٌن ومحمد سٌؾ زابد‪.‬‬
‫****‬

‫‪396‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الدكتور احمد الچلبً وعالقته بسقوط بؽداد ـ هل كان للدكتوراحمد الجلبً عالقة بؤسرابٌل ‪ ،‬وهل كان سببا فً سقوط بؽداد هذ ِه المرة ـ مجلة عرب‬
‫تاٌمز التً تصدر فً امرٌكا كشفت اسرار وثابق خطٌره للؽاٌة ـــــــــــــــــ‪.‬‬
‫بدأ الكونجرس اِلمرٌكً تحقٌقا ً فً نشاطات احمد الجلبً‪ .‬وذكرت مجلة أمرٌكٌة أن فرع التحقٌقات التابع‬
‫للكونجرس ٌحقق فً ما إذا كان زعٌم المإتمر الوطنً العراقً أحمد الجلبً قد خرق القانون اِلمرٌكً‬
‫باستخدام أموال قدمتها له واشنطن‪ ،‬فً محاولة لخداع الرأي العام فً الوالٌات المتحدة إلطاحة نظام الربٌس‬
‫السابق صدام حسٌن‪.‬‬
‫وأشارت مجلة “نٌوزوٌك” إلى أن القضٌة تتعلق بعشرات اآلالؾ من الدوالرات التً تلقاها الجلبً‬
‫ومجموعته خالل عامً ‪ 2001‬و‪ .2002‬وكان الجلبً قد وافق خطٌا ً على استخدام اِلموال التً تقدمها له وزارة الخارجٌة االمرٌكٌة‬
‫من أجل “ بدء حملة معلومات وعالقات عامة لالتصال بالعراقٌٌن داخل العراق وخارجه‪ ،‬وبث رسابل إلى المجتمع الدولً عامة”‪ .‬لكن‬
‫الشروط اِلمرٌكٌة تمنع بشدة استخدام اِلموال فً أنشطة ذات صلة‪ ،‬أو ٌمكن أن تبدو ذات صلة‪ ،‬بمحاولة التؤثٌر فً سٌاسات حكومة‬
‫الوالٌات المتحدة‪ ،‬أو الكونجرس أو بث الدعاٌة وسط الشعب اِلمرٌكً‪.‬‬
‫وكان المإتمر الوطنً العراقً قد أبلػ الكونجرس االمرٌكً فً ‪ 2002‬بؤنه نشر أكثر من ‪ 100‬تقرٌر خبري فً الفترة بٌن أكتوبر‪ /‬تشرٌن‬
‫اِلول ‪ 2001‬وماٌو‪ /‬أٌار ‪ 2002،‬تحتوي معلومات جمعها مخبروه‪ ،‬الذٌن تؽطً نفقاتهم أموال وزارة الخارجٌة اِلمرٌكٌة‪ .‬وتشمل هذه‬
‫التقارٌر اإلخبارٌة موضوعات تربط صدام حسٌن باإلرهاب‪ ،‬وبؤحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ /‬أٌلول ‪ 2001 ،‬وبرام اِلسلحة الجرثومٌة والكٌماوٌة‬
‫المحظورة‪.‬‬
‫‪-----‬‬
‫الدكتور احمد الجلبً ٌكشؾ للمرة االولى عن اوراق بنك "البتراء‪":‬‬
‫‪2008-06-07‬‬
‫=‪http://www.newsabah.com/look/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication=2&NrArticle=15719&NrIssue‬‬
‫‪1158&NrSection=25‬‬
‫الدكتور احمد الجلبً ٌكشؾ للمرة االولى عن اوراق بنك "البتراء‪":‬‬
‫* قو واحزاب عربٌة وضؽط النظام العراقً السابق كانوا وراء الملؾ‬
‫* الملك حسٌن طلب ان ٌعقد اجتماع مع قادة المعارضة العراقٌة فً عمان‬
‫* فشلوا فً منعنا من تحقٌق خطوات البرنام السٌاسً على االرض‬
‫للمرة االولى ٌخرج الدكتور احمد الجلبً من صمته وٌتحدث بشكل تفصٌلً عن ازمة بنك البتراء االردنً الذي اسسه‪ ،‬االزمة التً افضت الى‬
‫تطورات خطرة جمدت اعمال ثانً اهم مصرؾ فً المملكة االردنٌة الهاشمٌة وضربت بقوة االحكام العرفٌة العسكرٌة ادارته وحاملً ؼالبٌه‬
‫اسهمه وفً مقدمتهم الدكتور احمد الجلبً وقد وصل عمق الضربات ادارة البنك واصحابه الى حد اصدار احكام بحق الدكتور الجلبً رافقتها‬
‫واحزاب عربٌة واردنٌة لم‬ ‫موجة كبٌرة من التشهٌر والهجوم االعالمً المنظمة قادها فً الؽالب انصار معروفون للنظام العراقً السابق وقو‬
‫تستسػ التحرك الالحق للدكتور احمد وسعٌه السقاط نظام صدام عبر قوة الوالٌات التحدة االمرٌكٌة العسكرٌة‪.‬‬
‫فً الحدٌث الذي تنشره (الصباح الجدٌد) تفاصٌل خطرة وواسعة عما جر امام وخلؾ الكوالٌس بصدد القضٌة التً تطرح على المأل عند كل‬
‫مفصل سٌاسً ٌتعلق بمابعد الدكتاتورٌة والنظام الشمولً الصدامً‪.‬‬
‫الدكتور احمد الجلبً بدأ حدٌثه بالقول ‪ :‬فٌما ٌتعلق بحكٌاتً مع الحكومة اِلردنٌة وقضٌة بنك "البتراء" ‪ ،‬فهذا موضوع استؽرق من البحث أالفا"‬
‫مإلفة من المقاالت والمقابالت ‪ ،‬وأنا سؤذكركم حقابق محددة ‪ ،‬أوال" ‪ ..‬ان هذا البنك أنا من أسسه سنة ‪ 1977‬وكانت فٌه أثر اِلسهم ‪ ،‬وبنٌته من‬
‫مصرؾ بدأ بـ عشرةملٌون دوالر ‪ ،‬وكانت لً أنا وعابلتً فٌه أكثرٌة اِلسهم والخاسر اِلكبر مما جر فً الحقٌقة هو أنا وعابلتً ‪ ،‬ولٌس اي‬

‫‪397‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 12‬سنة أصبح ثانً أكبر مصرؾ فً اِلردن وكانت له مساهمات ومإسسات‬ ‫طرؾ آخر هذا واحد ‪ ،‬وثانٌا"هذا البنك بدأ من الصفر وخالل‬
‫مصرفٌة فً انحاء العالم ‪ ،‬بضمنها مصرؾ فً واشنطن فً أمٌركا وكان من أنجح المصارؾ وحصل على جابزة من مدٌنة واشنطن على انه اكثر‬
‫مصرؾ نشاطا ً فً مجال التجارة الخارجٌة فً واشنطن‪،‬اضافة الى كون هذا المصرؾ ادخل التكنولوجٌا الحدٌثة فً العمل المصرفً فً االردن‬
‫‪ 1978‬اي منذ اول سنة عمل له‪،‬وتقدم تقدما واسعا جدا واٌضا فٌما ٌتعلق باسالٌب الدفع‬ ‫وكان سباقا فً مجال الكومبٌوترحٌث استخدم عام‬
‫االلكترونٌة‪،‬كارتات االبتمان ـ واول مشروع لكارت الفٌزا فً العالم العربً والشرق االوسط سنة‪ 1982‬ونجح نجاحا كبٌرا فً هذا المشروع بحٌث‬
‫دعتنً مإسسة فٌزا العالمٌة الكون عضوا فٌها لمدة سبع سنوات مع كبرٌات البنوك فً العالم‪،‬وكان للبنك فً االردن ‪ 29‬فرعا وكان له ‪ 110‬االؾ‬
‫عمٌل لهم حسابات فً البنك‪ ،‬ماذا جر ؟ولماذا اختلقت هذه القصة ؟‬
‫صدام ٌضؽط على الملك الراحل حسٌن‬
‫اوال‪ -‬ارٌد ان اخبركم ان االجراء الذي اتخذ ضد بنك البتراء‪،‬اتخذ حسب الحاكم العسكري‪ ،‬وهو كان ربٌس الوزراء فً الوقت ذاته ‪ .‬وحتى بعد ان‬
‫الؽٌت االحكام العرفٌة فً االردن منذ ‪ 16‬سنة ما مازالت قضٌة هذا البنك هً القضٌة الوحٌدة الخاضعة لالحكام العرفٌة العسكرٌة ‪ .‬والقضٌة‬
‫بسٌطة جدا ًوفٌها ثالثة امور االمر االول هو سٌطرة المصرؾ عن طرٌق عمل السوق على دخول العملة االجنبٌة الى االردن عن طرٌق القطاع‬
‫الخاص‪،‬ونجاح المصرؾ سبب ؼٌظا ً فً االردن علٌه وتفاصٌل هذا الموضوع كثٌرة ال نرٌد الخوض فٌها االن ‪.‬‬
‫االمر الثانً‪ -‬هو ان هذا المصرؾ نجح فً االقتصاد االسهمً‪،‬بحٌث اصبح ٌسٌطر على‪ 49‬شركة مطروحة اسهمها فً السوق المالً‪،‬مما اوجد‬
‫لم تستطع منافسةالمصرؾ عن طرٌق العمل التنافسً المؤلوؾ ‪.‬‬ ‫شعوراًبالضٌق والرفض من قبل اطراؾ اخر‬
‫واالمر الثالث وهو الكبٌرجداً‪ ،‬هو ‪ :‬ان نظام صدام رأ ان عملً ٌهدد وضعهم المالً فً اواخر الحرب العراقٌة ـ االٌرانٌة واثر صدام مباشرة‬
‫على الملك حسٌن التخاذ اجراء ضدي وهذا هو السبب الجوهري والحقٌقً‪،‬واالسباب االولى كان بامكانً معالجتها من دون مشكالت‪ ،‬كان لدٌنا‬
‫المجال لمعالجتها واستٌعاب عملها‪،‬لكن السبب السٌاسً‪ ،‬هو الذي دفعهم الى هذا االجراء فلجاوا الى االحكام العرفٌة العسكرٌة واصدروا االمر من‬
‫لجنة االمن االقتصادي للسٌطرة على هذا المصرؾ‪ ،‬وما زالت حتى االن فً هذا المصرؾ ‪ 1200‬قطعة ارض كبٌرة فً االردن اؼلبها فً عمان‬
‫وهً ملك المصرؾ وتجري تصفٌتها بطرٌقة اقل ما ٌقال عنها‪،‬انها طرٌقة ؼٌر نزٌهة‪.‬‬
‫اقمنا على النظام االردنً دعو‬
‫‪ ،1989‬االن لو جرت تسوٌة ٌتم عبرها تركنا‬ ‫و االمالك الموجودة فً المصرؾ االن باالسعار الحالٌة‪،‬ؼطت كافة موجودات المصرؾ سنة‬
‫نتصرؾ باالمالك‪ ،‬فنسترجع اضعاؾ الحقوق وما تزال هٌبة التصفٌة تعمل منذ ‪ 19‬سنة‪ ،‬وتتقاضى رواتبها من موجودات المصرؾ‪،‬وهٌبة التصفٌة‬
‫هذه تتفتح اكثر من ‪ 100‬جنطة ورواتبهم تدفع من ربع استثمارات هذا البنك وحكٌت قصص وقضاٌا مخزٌة فً التعامل باالحكام العرفٌة واستؽالل‬
‫السلطة‪ ،‬فً االردن انا قابلت الملك حسٌن فً الخارج عدة مرات اخر مرة قابلته كانت قبل وفاته باشهر فً واشنطن‪ ،‬دعانً ان اعود الى االردن‪.‬‬
‫‪ 1995‬فً شهر تشرٌن الثانً ‪،‬‬ ‫فقلت له وهذه المشكلة ؟ فاجابنً انها مشكلة تافهة وبسٌطة وانه كفٌل بحلها ‪ ،‬وقبل ذلك كنا فً كوردستان عام‬
‫طلب الملك حسٌن ان ٌعقد اجتماعا مع قادة المعارضة العراقٌة فً عمان ‪ ،‬فاتصل بً وإتصل بطرق اخر ‪ ،‬االجتماع لم ٌحدث ‪،‬لكن بعد شهر‬
‫ونصؾ عدت الى لندن ‪ ،‬فوجدت امامً فً الٌوم التالً مدٌر جهاز المخابرات االردنً فً ذلك الحٌن‪.‬‬
‫مإامرة‬
‫اسمه مصطفى القٌسً ‪ ،‬طلب االجتماع بً ‪،‬فوافقت واجتمعنا لمدة ‪ 11‬ساعة فً ٌوم واحد ‪ ،‬افطرنا وتؽدٌنا وتعشٌنا ونحن نتحاور قال لً اننا قمنا‬
‫بدراسة شاملة لما جر بتكلٌؾ من الملك حسٌن ‪ ،‬ووجدنا ان هناك مإامرة علٌك ‪ ،‬وعلى الملك حسٌن نتٌجة ماجر ! ولذلك كلفنً ان احل هذه‬
‫المشكلة‪،‬واستعمل عبارة ان _ الملك ٌخلق الشكوك بٌده ‪ -‬فاستدعى وزٌر الخارجٌة ثم ربٌس الدٌوان الملكً وطلبوا ارسال محامً ولكنهم لم ٌتمكنوا‬
‫من الوصول الى حل ‪،‬السباب تتعلق بوضعهم السٌاسً الداخلً والوضع الخارجً ‪ ،‬وكانت هذه القضٌة تستعمل كثٌرا وهً قضٌة تجارٌة ومالٌة ‪،‬‬
‫حصلت قبل ‪ 19‬ولكم ان تتخٌلوا النشاط االعالمً الذي اثٌر حول هذه القضٌة خالل هذه االعوام وحتى االن هل سمع احدكم عن مصرؾ التجارة‬
‫لالستثمار الدولً ‪ bcci‬ال احد ٌتذكر فً العراق االن ‪ ،‬وهو فً االمارات وجمع مبلػ بلػ عشرة اضعاؾ حجم بنك البتراء تمت تصفٌته خالل اربع‬
‫او خمس سنوات ؟ لكن هذه القضٌة ما زالت مستمرة ‪ ،‬النها مرتبطة لٌس فقط بً ‪ ،‬وانما ببرنام معٌن ٌتعلق بالوضع االمنً العربً ووضع‬
‫‪ ،‬لكننً ال ارٌد ان – اطلع – واطلق‬ ‫العراق فً هذا المجال ونحن اقمنا على النظاام االردنً دعو ‪ ،‬نعم ‪ ..‬وحصل انجاز فً هذه الدعو‬
‫اعالنات نارٌة والدعو لم تنته بعد ‪ ،‬انا طبعً حذر فً هذا المجال ‪ ،‬الن المحكمة فً ٌد الحاكم ولٌست فً ٌدي ‪ ،‬هناك مراحل ‪ ،‬المرحلة‬
‫القادمة مثال هً فً الشهر التاسع من هذه السنة وقد بدأنا العمل فً الشهر الثامن سنة ‪ ، 2004‬لذلك فان هذا الموضوع مستؽل ضدي وضد‬

‫‪398‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫البرنام الذي نطرحه فً العراق ‪ ،‬والسإال هو كٌؾ استطعنا ان نعبر هذه الحواجز حتى نجعل االمٌركان ٌتبنون وجهة نظرنا فً سنة ‪2002‬‬
‫– ‪ 2003‬فً موضوع العراق ‪ ،‬وكٌؾ استطعنا مع كل ما اثٌر حول هذا الموضوع ان نقوم بما قمنا به ‪ ،‬وهنا اود ان اورد معلومة لم اذكرها‬
‫لالعالم من قبل ‪ ،‬فً ٌوم وصولنا الى بؽداد جاءنً احد الصحفٌٌن المصرٌٌن لٌلة وصولنا الى بؽداد سنة ‪ 2003‬شهر الرابع ٌوم ‪ 15‬فً‬
‫نادي الصٌد وقال ٌرٌد ان ٌكلمك الشٌخ محمد بن زاٌد ‪ ،‬وانا لم اكن اعرفه‪ ،‬فقلت له الباس ‪ -‬ورن تلفون الثرٌا – ففتحت الخط و(طلع لً ) الشٌخ‬
‫محمد وسلم علً وسلمت علٌه وقال لً لدي ثالث نقاط معك ‪ ،‬اوال اهنبك على االنجاز العظٌم وصولكم الى بؽداد ‪ ،‬فقلت له انا اشكرك وانا‬
‫ممنون منك لهذه االلتفاتة ‪ ،‬والشًء الثانً اقول لك ان لدٌنا اناسا فً سفارتنا وسنقدم من خاللهم مساعدات اؼاثة ‪ ،‬وهم سٌقومون بواجباتاهم‬
‫بالتعاون معك ‪ ،‬وهم مستعدون كذلك وكذلك نحن لتلبٌة طلباتكم وما نستطٌع تحقٌقه فً هذا المجال فقلت له نشكركم على هذا االهتمام بواقع‬
‫الشعب العراقً فاستمر قابال اما ثالثا فانتبه الى جارك – عبد ّللا – ٌقصد االردن ‪ -‬فقلت له انهم ٌخلقون المشكالت فً وجهنا ‪ ،‬فقال لً ان‬
‫اي اتفاق ٌتم بٌنكم سٌكون فً وجهً !! وبعد اسبوع جاء وزٌر الخارجٌة االردنً المعروؾ بارتباطاته بالمخابرات االمٌركٌة وشن علً‬
‫هجوما واسعا فً الصحافة االمٌركٌة ‪ ،‬بعد اسبوع من هذه الحادثة ؟؟ انتم الصحفٌون فسروا ذلك ؟؟ وعندما هاجم االمٌركان مقرنا فً الشهر‬
‫الخامس سنة ‪ 2004‬صرح الملك عبد ّللا فً امٌركا بانه قدم الى بوش ملفا كامال لدعم موضوع الهجوم علً ؟؟ والتصرٌح منشور له فً‬
‫الصحافة االمٌركٌة ‪ ،‬فانظروا الى هذا الموضوع وامتداداته ‪ ،‬وتفسٌري له ‪ ،‬انه نقطة ضؽط علً وعلى البرنام السٌاسً الذي وضعته والذي‬
‫بدأ باسقاط صدام ‪ ،‬وفشلوا فً منعنا من تحقٌق خطواته التنفٌذٌة على االرض ‪ ،‬واقامة الدٌمقراطٌة فً العراق ‪ ،‬واالن هم ٌحاولون منع نهوض‬
‫الشعب العراقً وٌبقونه تحت االحتالل والسٌطرة االجنبٌة وان شاء ّللا سٌفشلون اٌضا‪.‬‬
‫كتابة‪-‬صافً الٌاسري‬
‫‪----------‬‬
‫* عرب تاٌمز ‪ ....‬صحيفة اردنية تتهم الجلبي باالتفاق مع شارون على زعزعة امن االردن‬
‫ذكرت جرٌدة الدستور االردنٌة التً كانت تحصل على مبات االلوؾ من الدنانٌر االردنٌة من بنك البتراء مقابل اعالنات كان ٌنشرها احمد‬
‫الجلبً قبل انهٌار البنك وهروب الجلبً الى دمشق بمساعدة تمارا الداؼستانً اخت تٌمور السفٌر االردنً فً لندن وزوج االمٌرة بسمة اخت‬
‫الملك حسٌن سابقا ذكرت الجرٌدة ان الجلبً اتفق مع شارون على زعزعة االمن فً االردن ولم تذكر الجرٌدة مصدرها ‪ ...‬وجاء هذا فً‬
‫اطار حملة تشن على الجلبً فً الصحؾ االردنٌة بعد ان اتهم الجلبي النظام االردني بسرقة اموال العراقيين والعمل كسمسار سالح لصدام‬
‫حسين‬
‫وجاء فً الخبر الذي نشرته الدستور ان االخفاق الواسع الذي تعرض له فً الحصول على منصب رباسة الحكومة العراقٌة‪ٌ ،‬قٌم منذ‬
‫اسبوعٌن زعٌم حزب المإتمر الوطنً العراقً احمد الحلبً فً محافظة النجؾ وسط معلومات تتحدث عن قٌامه بدور الوسٌط فً‬
‫المواجهات بٌن عناصر جٌش مقتد الصدر وبٌن القوات االمٌركٌة‪.‬‬
‫واكد خضٌر الخزاعً‪ ،‬المتحدث الرسمً فً حزب الدعوة ‪ -‬تنظٌم العراق ان الجلبً ٌتصدر وساطة سٌاسٌة لتسوٌة ازمتً المدن المقدسة‬
‫والصدر فً آن واحد‪ ،‬ملمحا ً الى ان الشارع النجفً ٌطرح الكثٌر من التساإالت لوجود الرجل فً المدٌنة‪.‬‬
‫وٌشار الى ان الجلبً ؼاب اوؼٌب تماما ً عن مشاورات عملٌة اختٌار ربٌس الحكومة العراقٌة وتشكٌلة الوزارة فً اكبر اخفاق واجهه منذ‬
‫قدومه الى العراق قبل اكثر من سنة‪.‬‬
‫وقالت المعلومات ان الجلبً ٌرٌد من وساطة النجؾ ان ٌثبت لألمٌركٌٌن انه ما زال ٌملك نفوذاً فً اوساط الشٌعة وانه ٌمكن ان ٌكون له‬
‫دور فً تهدبة الوضع اِلمنً الساخن فً مناطق جنوب العراق فً محاولة لتجدٌد والبه لواشنطن‪.‬‬
‫وقال قادمون من النجؾ ان الشارع النجفً ٌنظر الى الجلبً على انه عمٌل اسرابٌل فً العراق وان الكثٌر من المرجعٌات رفضت تبنً‬
‫الجلبً كممثل سٌاسً للشٌعة نظراً لخلفٌته فً دهالٌز االستخبارات الدولٌة المتعددة‪.‬‬
‫التقارب بٌن الجلبً وبٌن اٌران ومرجعٌات النجؾ‪ ،‬وصفه مراقبون عراقٌون بؤنه محاولة من الجلبً لحماٌة حٌاته من حلفابه السابقٌن فً‬
‫الوالٌات المتحدة‪ ..‬ورأت تقارٌر سٌاسٌة رفٌعة فً بؽداد ان مشكلة الجلبً انه عمل طوال الفترة السابقة على تخرٌب العالقة االردنٌة‬
‫االمٌركٌة وانه ربما قدم وعودا لحكومة ارٌٌل شارون بالعمل على زعزعة أمن االردن او ابتزاز االردن مقابل تطبٌع كامل للعالقات بٌن‬
‫العراق والكٌان الصهٌونً‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واشارت بعض التوقعات الى ان امام الجلبً خٌارا وحٌدا هو الخروج من العراق خشٌة ان ٌفضً البقاء فٌه الى اؼتٌاله سواء من حلفابه‬
‫التقلٌدٌٌن او من جماعات المقاومة العراقٌة التً تعتبره بؤنه المحرض اِلول على ؼزو العراق‪.‬‬
‫وقال الباحث العراقً سالم العبٌدي ان سمعة الجلبً اصبحت فً الحضٌض‪ ،‬فعناصره جاءوا الى بؽداد على الدبابة اِلمٌركٌة واول عمل‬
‫قاموا به هو االستٌالء على بعض اموال مصرفً الرافدٌن والرشٌد وبعض ممتلكات البنك المركزي العراقً‪ ،‬كما انهم استولوا على كمٌات‬
‫كبٌرة من الذهب وقطع اآلثار من المتحؾ العراقً الوطنً‪.‬‬
‫واعترؾ عضو تنظٌم حزب الجلبً فً بؽداد عبد ّللا الصفار صراحة بؤن الحزب شن حرب اعتقاالت فً صفوؾ العرب واالردنٌٌن‬
‫بصورة خاصة وتسبب فً سجن المبات منهم فً السجون االمٌركٌة فً ابو ؼرٌب والمطار وام قصر فً البصرة‪ ،‬واتهم سورٌة بتموٌل‬
‫االرهاب فً العراق‪.‬‬
‫وٌر مثقفون عراقٌون ان سوء مواقؾ الجلبً وتصرٌحاته المعادٌة لدول الجوار للعراق كان سببا ً كافٌا ً للحكم علٌه انه ال ٌصلح ِلي‬
‫منصب فً عراق المستقبل وسببا ً لتزاٌد كراهٌة العراقٌٌن له‪.‬‬
‫تفاصيل مخططات القضاء على الرئيس العراقي صدام حسين لم تعد سرا فً طً الكتمان بل اصبحت مادة خصبة شابقة تنشر ادق تفاصٌلها‬
‫فً الصحؾ الٌومٌة االسرابٌلٌة على لسان رموز المعارضة العراقٌة المقٌمة بالعاصمة البرٌطانٌة لندن‪.‬‬
‫احدث الخطط اعلن عنها زعٌم فصابل المعارضة للنظام العراقً بالخارج والتً سٌتم تنفٌذها تحت حماٌة امرٌكٌة بعناصر عراقٌة من الداخل‬
‫والخارج ومتابعة جادة للؽاٌة من اسرابٌل‪ .‬ومن اهدافها عزل الربٌس صدام عن مصادر القوة والثروة وحصار داخل العاصمة بؽداد الى ان‬
‫ٌحٌن موعد تنفٌذ هدفها النهابً فً عام ‪.2001‬‬
‫من العاصمة البريطانية لندن اختار الدكتور احمد عبد الهادذ شلبي من معارضي نظام حكم الرئيس صدام حسين صحيفة اسرائيلية ليعلن‬
‫من خاللها عن تفاصيل خطة اتفاق فصابل المعارضة مع االدارة االمرٌكٌة على اسقاط الربٌس العراقً‪ ,‬وكان حرٌصا فً حدٌثه على اظهار‬
‫عمق وحرارة عالقات الصداقة التً تربطه بالشخصٌات السٌاسٌة واالمنٌة البارزة فً اسرابٌل ومنهم دٌفٌد بار اٌالن المستشار االعالمً‬
‫لربٌس الحكومة بنٌامٌن نتنٌاهو و الدكتور عوزي اراد المستشار السٌاسً وقابمة طوٌلة من االكادٌمٌٌن بمراكز االبحاث بالجامعات‬
‫االسرابٌلٌة ‪ ,‬واكد على ان لقاءاته المتعددة بهم لم تتم داخل اسرابٌل بل كانت تتم دابما فً لندن‪.‬‬
‫وٌترأس اٌضا فً مقره الدابم الدابم حالٌا بلندن "المجلس الوطنً العراقً" وهو التنظٌم السٌاسً الذي ٌضم كل حركات المعارضة لنظام‬
‫الربٌس صدام حسٌن‪ ,‬والذي ٌسعى قادته منذ حرب الخلٌ لكسب التموٌل المالً من أي اطراؾ العداد فرق مقاومة السقاط الربٌس العراقً‪.‬‬
‫قبل ان ٌعرض تفاصٌل المخطط اصر على سرد سبب شعوره بالكراهٌة تجاه الربٌس صدام حسٌن‪ ,……,‬وبداٌته عندما اكتشؾ انهم قاموا‬
‫بتجنٌد سكرتٌرته الخاصة "مٌسون" لقتله بالسم‪ ,‬فعندما دخلت علٌه اكتشؾ ان ثمة تؽٌٌرا طرأ علٌها‪ ,‬وكانت مرتبكة وما ان سؤلها عن السبب‬
‫حتى بسطت له ٌدٌها بقارورة السم‪ ,‬وقصت له الحكاٌة بانها تعرضت لعملٌة اختطاؾ من مقر عملها فً قٌادة قوات المعارضة الكردٌة فً‬
‫منطقة صالح الدٌن الواقعة فً المنطقة الشمالٌة بالعراق وانهم حملوها الى قٌادة الحرس الوطنً فً بؽداد والتً ٌرأسها قصً صدام حسٌن‬
‫االبن االصؽر للربٌس والذي اجبرها على التعاون مع المخابرات العراقٌة‪ ,‬وبعد التؤكد من ضمان والبها التام لهم حملوها مرة اخر الى‬
‫قصر الرباسة فً بؽداد وسلمها الرئيس صدام بيده قارورة السم وقال لها بلهجة امرة " انت مدينة لي بهذه المهمة عليكي التخلص من‬
‫هذا الكلب المدعو شلبي"‪.‬‬
‫وكما ٌقول شلبً فً هذه الفترة كانت عالقاته قوٌة باجهزة المخابرات البرٌطانٌة فارسل لهم فورا القارورة لتحلٌلها فً احد معامل التحالٌل‬
‫التابعة لها‪ ,‬واظهرت عملٌة التحلٌل ان هذا النوع من السموم تبدأ اعراض مفعوله فً الظهور على الضحٌة بعد اربعة اٌام من تناوله وهً‬
‫الوفاة الفجابٌة وال ٌترك اثرا فً الجسم بعدها وتبدو اسباب الوفاة وكؤنها اسباب طبٌعٌة‪ .‬وعلى الرؼم من تعرضه لمحاولة االؼتٌال فانه لم‬
‫ٌهرب من العراق اال منذ عام ونصؾ عندما دخلت قوات سالح المدرعات بالجٌش العراقً الى منطقة كردستان الخماد المعارضة الكردٌة‬
‫بزعامة مسعود برزانً‪.‬‬
‫ورحل الى لندن حٌث بدأ السعً والتنقٌب عن حلفاء اقوٌاء لمساعدته فً الثؤر من الربٌس العراقً‪ ,‬وكانت اولى خطواته تجمٌع كل حركات‬
‫المعارضة بالخارج فً تنظٌم سٌاسً واحد اطلق علٌه اسم المإتمر الوطنً العراقً‪.‬‬
‫اما الخطوات العملٌة فً هذا االتجاه فتذكر الصحٌفة االسرابٌلٌة االسرابٌلٌة "ٌدٌعوت احرونوت" ان تفاصٌلها بدأت فً التبلور النهابً‬
‫وتزامنت مع الزٌارة الرسمٌة التً قام بها ربٌس الوزراء بنٌامٌن نتٌنٌاهو للندن منذ ثالثة اسابٌع‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫قبل زٌارة نتنٌاهو للندن بٌوم واحد عقد فً العاصمة البرٌطانٌة اجتماع من نوع خاص وتم فً مبنى السفارة االمرٌكٌة برباسة مارثن اندك‬
‫المساعد الخاص لوزٌرة الخارجٌة االمرٌكٌة مادلٌن اولبراٌت‪ ,‬وحضره ‪ 16‬شخصٌة عراقٌة هم زعماء حركات المعارضة للنظام السٌاسً‬
‫للربٌس صدام بالخارج فً الدول االوروبٌة‪.‬‬
‫االجتماع الذي استمر عدة ساعات كان الهدؾ من عقده تنحٌة كل الخالفات بٌن قادة حركات المعارضة فً المرحلة الحالٌة للتوصل الى‬
‫صٌؽة وفاق واتفاق جماعً بٌنهم وبدء مرحلة التعاون المشترك فً تنفٌذ المخطط المرحلً لحصار الربٌس العراقً فً الداخل‪ ,‬وقد وافق‬
‫اعضاء الكونجرس االمرٌكً بواشنطن على التصدٌق على مٌزانٌة تموٌل هذه الحركات وبلؽت حوالً ‪ 96‬ملٌون دوالر‪.‬‬
‫قبل عقد اللقاء كانت الصراعات والخالفات بٌن حركات المعارضة قد بلؽت ذروتها واستحالت معها عملٌة حشد وتوحٌد جهودها‪ ,‬ووصلت‬
‫االتهامات بٌنهم الى حد االتهام بالخٌانة والعمالة للربٌس صدام حسٌن‪ ,‬وعلى الرؼم من المساعً البرٌطانٌة فً التوفٌق بٌنهم فان الدور‬
‫االمرٌكً كان اكثر حسما فً تصنٌؾ ثقل كل حركة منهم داخل العراق والتؤٌٌد الجماهٌري الذي تحظى به‪ ,‬وما ترتب على ذلك من رصد‬
‫مبالػ من مٌزانٌة الكونجرس لكل منها على حسب قوتها ومكانتها‪ ,‬ومن بٌن قادة المنظمات برزت شخصٌة المعارض السٌاسً احمد شلبً‬
‫الذي ٌتصؾ بانه له شخصٌة جذابة لكن اجهزة المخابرات االسرابٌلٌة تصفه بانه "نصاب ومحتال شاطر وجذاب" عرؾ لؽة الحوار المناسبة‬
‫مع االمرٌكان والبرٌطانٌٌن وقرر النزول الى الملعب والتحالؾ مع أي قوة ضد الربٌس العراقً واعلن انه مهندس المخطط الذي سٌنفذ داخل‬
‫العراق بعد الضربة العسكرٌة االمرٌكٌة البرٌطانٌة االخٌرة‪.‬‬
‫وادعى فً حدٌثه انه عندما عرضها على اعضاء الكونجرس االمرٌكً حظً بتؤٌٌدهم وتؤٌٌد الربٌس االمرٌكً بٌل كلٌنتون شخصٌا‪,‬‬
‫والجنرال واٌن دونٌن وكان قابدا لعملٌات قوات التحالؾ اثناء حرب الخلٌ ومن اكثر المتحمسٌن لتبفٌذها بكل تفاصٌلها على الرؼم من‬
‫معارضة مسبولً البنتاجون الذٌن حذروا من انها ستإدي الى سفك الكثٌر من دماء الشعب العراقً‪.‬‬
‫هذه الخطة سٌتم تنفٌذها على ثالث مراحل متتالٌة‪.‬‬
‫المرحلة االولى‪:‬‬
‫ٌتم فٌها تجنٌد اكبر عدد من الشباب العراقً المقٌم فً الخارج –فً الدول االوروبٌة‪ -‬وتدرٌبهم تدرٌبا عسكرٌا على مهام قتالٌة وٌكون تدرٌبا‬
‫رفٌع المستو ‪ ,‬وبعد اعدادهم ٌدفع بجزء منهم الى المنطقة الشمالٌة فً العراق وهً منطقة كردستان‪ ,‬واخرون ٌتسللون الى المنطقة الجنوبٌة‬
‫التً ٌسكنها ؼالبٌة من المواطنٌن من الشٌعة وكذلك الى المنطقة الؽربٌة المجاورة للحدود العراقٌة االٌرانٌة وتكون مسبولٌة مقاتلً هذه الفرق‬
‫القٌام بعملٌات عسكرٌة ضد قوات الجٌش العراقً فً التوقٌت الذي تصدر لهم فٌه االوامر ببدبها‪.‬‬
‫وٌشرح الدكتور شلبً ظروؾ تشكٌل هذه الفرق القتالٌة بقوله‪ :‬ان الخالؾ كان على اختٌار الدولة التً سٌتم تدرٌبهم فً معسكراتها‬
‫واقترحت دولة محددة فً منطقة الشرق االوسط لكن استقر االختٌار النهابً على احد دول امرٌكا الالتٌنٌة‪ ,‬ولم تكن هناك صعوبة فً‬
‫تجمٌع المتطوعٌن‪ ,‬ففور االعالن عنه فً اوساط المواطنٌن العراقٌٌن بالخارج تقدم للجهات المسبولة من الٌوم االول مابة وستون متطوعا‪.‬‬
‫ومن الشروط المطلوب توافرها من المتطوع ان ٌتراوح عمره ما بٌن خمسة وعشرٌن و خمسة و ثالثٌن عاما‪ ,‬وتكون اولوٌة االختٌار لمن‬
‫انهوا فترة التجنٌد االلزامٌة فً الوحدات القتالٌة بالجٌش العراقً‪ ,‬وعلى دراٌة كاملة بتضارٌس االرض العراقٌة‪ ,‬وكذلك اللٌاقة البدنٌة العالٌة‬
‫وباالضافة للروح القتالٌة ال ٌكتفً بان ٌكون المتطوع من معارضً النظام السٌاسً الحالً بالعراق وال من كارهً الربٌس صدام حسٌن بل‬
‫ممن ٌحمل ثؤرا شخصٌا لوفاة قرٌب من عابلته او تعذٌبه فً السجون العراقٌة وان ٌكون ملما بقدر من اللؽة االنجلٌزٌة‪.‬‬
‫المرحلة الثانٌة‪:‬‬
‫بعد االنتهاء من دفع هذه الفرق الى االرض العراقٌة واالطمبنان الى استقرارها فً مواقعها بالمناطق الثالث تبدأ عملٌة تسلل قواد الفرق‬
‫القتالٌة‪ ,‬وتكون مهمتهم فً المرحلة االولى استقطاب اعضاء المعارضة الداخلٌة والجنود الهاربٌن من الخدمة العسكرٌة بالجٌش ومساعدتهم‬
‫فً الوصول الى معسكرات التدرٌب من المنطقة الشمالٌة فً كردستان‪ ,‬هذه المجموعات بعد ان تنهً تدرٌبها تزود بانواع من االسلحة كالتً‬
‫ٌستخدمها جنود الجٌش العراقً حتى ٌحدثوا اكبر قدر من الفوضى واالرتباك عند بدء عملٌات المواجهة العسكرٌة معهم‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪:‬‬
‫والتً تبدأ فٌها القوات بعد اتمام توحٌد صفوفها فً المبادرة باستفزاز قوات الجٌش العراقً فً المناطق الثالث الشمالٌة والجنوبٌة والوسطى‬
‫فً توقٌت واحد‪ ,‬وستبدأ هذه التحركات بعد اعالن القوات االمرٌكٌة والبرٌطانٌة بتحدٌد مناطق معٌنه داخل العراق انها مناطق محظور‬
‫التحرك فٌها من قبل الحكومة العراقٌة بحٌث ٌحظر دخول السٌارات او أي نوع من المركبات الٌها وكذلك االفراد او الطٌران فً مجالها‬

‫‪401‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الجوي‪ ,‬وسٌكون االعالن عن هذه االجراءات بهدؾ رفع ٌد الحكومة العراقٌة عنها وفرض مظلة حماٌة سالح الطٌران االمرٌكً علٌهم‬
‫حٌث ستكون مراكز انطالق فرق المقاومة والمعارضة من عملٌاتهم العسكرٌة‪.‬‬
‫من االهداؾ النهابٌة التً حددتها الخطة تحوٌل الربٌس صدام حسٌن من ربٌس دولة العراق الى عمدة بلدٌة بؽداد فقط‪ ,‬وحصاره داخل حدود‬
‫المدٌنة وعزله عن مصادر الثروة من البترول ومصدر قوته وردعه وهو الجٌش‪ ,‬وان تسٌطر حركات فرق المعارضة على الطرق الربٌسٌة‬
‫بالدولة التً تربط بٌن مدنها الكبر وكل ذلك تحت مظلة الحماٌة االرٌكٌة والبرٌطانٌة‪.‬‬
‫اما الهدؾ النهابً وهو القضاء على الربٌس العراقً وتصفٌته جسدٌا فالخطة مرسومة على ان ٌتم ذلك مع بداٌة القرن القادم على ٌد احد‬
‫عمالبها من دابرة المقربٌن الٌه بعدها سٌهبط الخلٌفة فً الحكم على اجنحة امرٌكٌة اسرابٌلٌة برٌطانٌة‪.‬‬
‫لكن السإال المطروح فً حالة افتراض ان هذا المخطط بدأ تنفٌذه بالفعل مثلما اعلن المعارض شلبً‪ ,‬هل سٌكون هو الربٌس القادم للعراق‪,‬‬
‫وما رأي الخبراء االسرابلٌٌن فً شخصٌته وفً خطة القضاء على الربٌس صدام حسٌن؟‬
‫الدكتور "امتسٌا برعام" المتخصص فً الشإون العراقٌة بجامعة حٌفا وهو من االصدقاء المقربٌن للمعارض العراقً قال انه بدء من عام‬
‫‪ 1991‬واسرابٌل ممثلة فً مراكز االبحاث العلمٌة تتناول هذه المعلومات والخطط بجدٌة بالؽة وتولٌها قدرا كبٌرا من االهتمام والخطة‬
‫بتفاصٌلها سٌنارٌو حقٌقً قابل للتنفٌذ‪ ,‬وتنفٌذها لتحقٌق اهدافها ٌحتاج الى توافر اهم عناصرها وهو وجود منظمة معارضة لحكم صدام تستند‬
‫الى تؤٌٌد شعبً بالداخل وهٌكل تنظٌمً قوي‪ ,‬وفً حالة وجودها ستزود بخبراء تدرٌب واتصاالت وتقارٌر اجهزة مخابرات ومخططً‬
‫معارك وستعمل تحت حماٌة الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة الن امرٌكا لن تحارب داخل العراق بابنابها الجنود‪.‬‬
‫اما فٌما ٌتعلق بشخصٌة المعارض احمد شلبً فهو ٌر انه فً شخصٌته مالمح للزعامة والقدرة على التنفٌذ ومن الممكن ان ٌكوناحد رموز‬
‫المعارضة البارزٌن‪ ,‬الدكتور احمد شلبً ٌعتبر حالٌا من رجال االعمال حٌث ٌعمل فً مجال اجهزة الكمبٌوتر ومره ‪ 54‬عاما وحصل على‬
‫درجة الدكتوراة فً الرٌاضٌات من جامعة االثرٌاء بامرٌكا‪" ,‬ام‪.‬أي‪.‬تً‪ ".‬بنفس الجامعة التً تخرج منها ربٌس الوزراء االسرابٌلً بنٌامٌن‬
‫نتنٌاهو‪.‬‬
‫وهو من عابلة ارستقراطٌة فً بؽداد‪ ,‬جده عبد الهادي كان عضو اول برلمان عراقً وظل فً منصبه الوزاري وزٌرا للتعلٌم فً ثمانً‬
‫وزارات متعاقبة‪.‬‬
‫ٌقول انه ؼادر العراق منذ اكثر من عشرٌن عاما وعمل استاذا بالجامعة االمرٌكٌة ببٌروت محاضرا لعلوم الرٌاضٌات ثم انتقل منها الى‬
‫العاصمة االردنٌة عمان‪ ,‬وبمساعدة عمه وهو من خبراء اعمال البنوك اسسا معا "بترا – عمان" ‪ ,‬وفً فترة زمنٌة قصٌرة اصبح البنك ثانً‬
‫اكبر البنوك فً االردن وافتتح سلسلة محالت سوبرماركت‪ ,‬ومكاتب للكروت االبتمانٌة واستمرت حٌاته بعمان هادبة وهانبة وامواله فً‬
‫قفزات نجاح خٌالٌة لمدة اثنً عشر عاما الى ان اكتشفت الحكومة االردنٌة بعد ازمة انهٌار سعر الدٌنار انه كان سببا فً هذا االنهٌار وانه‬
‫اخفى اكثر من ‪ 40‬ملٌون دوالر من ارباح البنك عن الجهات الرقابٌة المسإولة‪ ,‬وبدأت بعدها تظهر اتهامات عدٌدة ضده بانه استؽل تردده‬
‫على العواصم االوروبٌة فً العمل بتجارة االسلحة‪.‬‬
‫وقبل اندالع حرب الخلٌ طرد من االردن وسافر الى برٌطانٌا لالنتقام من االردن فً شخص الملك حسٌن فً البرنام االمرٌكً "ستون‬
‫دقٌقة> وادعى انه من مإٌدي الربٌس صدام حسٌن فً ؼزوه للكوٌت ومنذ تلك اللحظة حرم من دخول االردن مرة اخر حتى الٌوم‪.‬‬
‫وطوال االعوام الماضٌة ظل ٌسعى لتشكٌل قوة عسكرٌة معارضة للربٌس صدام حسٌن فً منطقة كردستان وٌقول انه ال ٌخفً عالقاته‬
‫بالشخصٌات االسرابٌلٌة الرسمٌة وؼٌرها‪ ,‬فهو ٌر فً الدول الؽربٌة واسرابٌل حلفاء دورهم حٌوي فً الصراع ضد صدام حسٌن‪.‬‬
‫لذلك ففً اسرابٌل حالٌا من ٌوصً وٌنظر بجدٌة لشخصٌة المعارض احمد شلبً وٌر ضرورة توثٌق العالقات اكثر معه فً الفترة القادمة‪.‬‬

‫ذكرت مجلة "نٌوزوٌك" ان ربٌس المإتمر الوطنً العراقً احمد الشلبً ٌمتلك ‪ 25‬طنا من وثابق االستخبارات العراقٌة توجه بعض منها‬
‫اتهامات الى العابلة المالكة فً االردن‪.‬‬
‫وقال الشلبً للمجلة "انها وثابق مربكة فعال"‪ ،‬ملمحا الى ان بعضا منها ٌتعلق بالعاهل االردنً الملك عبد ّللا الثانً‪.‬‬
‫واضاؾ الشلبً ان الملك عبد ّللا الذي تسلم العرش فً ‪" 1999‬قلق من عالقاته مع صدام (حسٌن)‪ .‬وهو قلق مما ٌمكن ان ٌحصل"‪ .‬وامتنع‬
‫عن تقدٌم مزٌد من التفاصٌل‪.‬‬

‫‪402‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ،1989‬حكمت علٌه محكمة‬ ‫وقد انشؤ احمد الشلبً امبراطورٌة مصرفٌة فً االردن فً الثمانٌنات ثم افلست‪ .‬فبعد افالس بنك انترا فً‬
‫عسكرٌة اردنٌة فً ‪ 1992‬بالسجن ‪ 22‬عاما بتهمة االختالس واستؽالل النفوذ‪.‬‬
‫لكن الشلبً ٌتهم صدام حسٌن بالتآمر علٌه عندما كان قرٌبا من النظام االردنً‪ ،‬ومن محمد سعٌد النابلسً الذي كان حاكما للبنك المركزي‬
‫االردنً‪ ،‬وال ٌوفر انتقاداته للعاهل االردنً عندما تتاح له الفرصة‪.‬‬
‫وٌعتبر الشلبً االوفر حظا لد وزارة الدفاع االمٌركٌة والكونؽرس االمٌركً لحكم العراق بعد تشكٌل حكومة عراقٌة انتقالٌة‪.‬‬
‫واكد الشلبً الموجود فً بؽداد منذ ‪ 16‬نٌسان‪/‬ابرٌل انه لٌس "مرشحا الي منصب فً الحكومة العراقٌة االنتقالٌة" وان دوره ٌقضً ب‬
‫"المساعدة فً اعادة اعمار العراق"‪.‬‬

‫عرب تايمز كتب اسامة فوزذ‬


‫ٌبدو ان المواجهة بٌن الدكتور احمد شلبً والحكومة االردنٌة قد بدأت بفتح ملفات انهٌار بنك البترا ‪ ...‬فخالل السنوات الماضٌة كنا نسمع‬
‫فقط رأي الجانب االردنً وملخصه ان الشلبً سرق البنك وهرب ‪ ...‬ولكن بعد عودة الشلبً الى العراق كواحد من اهم رموز المعارضة‬
‫العراقٌة وكشخص محتمل لرباسة العراق بدأت الصورة تختلؾ بخاصة وان شلبً بدأ ٌكشؾ العدٌد من االوراق عن تورط شخصٌات اردنٌة‬
‫بما فٌها االمٌر حسن شخصٌا بسرقة البنك وانهٌاره وعن دور للمخابرات العراقٌة فً اثارة المشكالت له من خالل الوزارة االردنٌة التً‬
‫شكلت عام ‪ 1989‬برباسة مضر بدران والموالٌة للعراق ‪.‬‬
‫قبل اٌام وبالتحدٌد فً السابع من هذا الشهر نشرت جرٌدة " وول سترٌت جورنال " االمرٌكٌة رسالة مفتوحة للرئيس بوش كتبتها الدكتورة‬
‫تمارا احمد شلبي ابنة الدكتور احمد شلبي اتهمت فيها الحكومة االردنية بالتسبب فً انهٌار بنك البتراء وتمويل مشتريات السالح لصدام‬
‫حسين سرا من خالل البنك المركزذ االردني ومحاولة تقدٌم احمد شلبً ككبش فداء لصدام حسٌن االمر الذي حعله ٌهرب الى سورٌا ‪....‬‬
‫الدكتورة تمارا تكشؾ النقاب عن ان مسبوال كبٌرا فً الحكومة االردنٌة كان متعاطفا مع والدها نصحه بالهرب من االردن الن النٌة تتجه‬
‫نحو تسلٌمه لصدام حسٌن ‪ ....‬وجهات امرٌكٌة نصحت الشلبً اٌضا بالهرب من االردن ‪ ...‬كما تكشؾ تمارا شلبً التً تحمل درجة‬
‫دكتوراه فً التارٌخ من جامعة هارفرد وتعمل مع ابٌها فً بؽداد عن ان والدها هرب الى سورٌا وهذا ٌتطابق مع ما ورد فً كتاب االمٌرة‬
‫بدٌعة ابنة الملك علً المقٌمة فً لندن والتً ذكرت ان احمد شلبي هرب الى دمشق بسيارة تمارا الداؼستاني شقيقة تيمور الداؼستاني‬
‫سفير االردن الحالي في بريطانيا والزوج السابق لالميرة بسمة اخت الملك حسين وان الملك حسين كان يعرؾ ذلك ‪.‬‬
‫تمارا شلبً تكشؾ النقاب اٌضا عن ان والدها طلب النص الكامل للحكم الذي اصدرته المحكمة العسكرٌة االردنٌة ضده وقالت انه سٌقوم‬
‫بكشؾ التالعب بهذه المحكمة السترداد حقوقه فً البنك ولتبٌٌض سمعته ورد شرفه ‪.‬‬
‫الجدٌد فً هذا االمر ان ادعاء احمد شلبً بؤنه هرب من االردن لٌس النه سرق البنك وانما الن الحكومة االردنٌة كانت بصدد تسلٌمه لصدام‬
‫بموجب صفقة ٌجد تصدٌقا على نطاق واسع بٌن العراقٌٌن بخاصة وان المخابرات االردنٌة سلمت االؾ العراقٌٌن للمخابرات العراقٌة وكانت‬
‫تبتز المقٌمٌن فً االردن وتهددهم اما باالنصٌاع لرؼباتها او مواجهة امكانٌة تسلٌمهم للعراق حٌث ٌقوم صدام باعدامهم فورا وهو االسلوب‬
‫الذي اتبعته المخابرات االردنٌة مع المواطن العراقً المقٌم فً المانٌا والذي طلب منه ان ٌشهد زورا ضد لٌث شبٌالت واال سٌتم تسلٌمه‬
‫لصدام( انقر هنا لقراءة حكاٌته) ‪ ....‬ولم ٌقتصر هذا على العراقٌٌن الموجودٌن فً االردن فقد قامت الحكومة االردنٌة قبل عامٌن بتسلٌم‬
‫الالجبٌن السٌاسٌٌن اللٌبٌٌن فً االردن لمعمر القذافً مقابل وعد من القذافً بتزوٌد االردن بؤنابٌب لمد المٌاه فً الجنوب ‪ ....‬ثم ان اسلوب‬
‫االبتزاز والتهدٌد هو من اسالٌب المخابرات االردنٌة المعروفة فعلى هامش محاكمة ربٌسها السابق سمٌح البطٌخً كشؾ عقٌد فً المخابرات‬
‫تورط فً فضٌحة مجد الشماٌلة انه عندما كشؾ الفساد للبطٌخً هدده هذا ببناته !!‬
‫هذه الخلفٌة للصراع ‪ ...‬بٌن شلبً واالردن وضعتها القوات االمرٌكٌة نصب اعٌنها وهً تحقق فً االنفجار االخير الذذ وقع في السفارة‬
‫االردنية في بؽداد حيث وجهت السلطات االردنية اتهامات مباشرة لشلبي فً حٌن تر السلطة االمرٌكٌة المدنٌة ان جهات اصولٌة تقؾ‬
‫وراء هذا االنفجار ‪.‬‬
‫والجدٌد فً االمر اٌضا ان مجموعة اردنٌة معارضة تتخذ من واشنطن مقرا لها هً التً قامت بتوزٌع رسالة تمارا شلبً بل وطلبت من‬
‫الملك عبدّللا ان ٌفتح تحقٌقا فً االمر مع مضر بدران ومجموعته وفٌما ٌلً النص الحرفً لهذه الرسالة ‪.‬‬
‫‪An authentic independent Jordanian-American organization seeks to promote‬‬

‫‪403‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

democracy and human rights in Jordan and peaceful coexistence between Israel and its Arab
neighbors
P. O. Box 22102, Alexandria, VA 22304
Telephone/Fax: (703) 370-0176
E-mail: jagcusajordan@yahoo.com
Political Statement (2 )
=============================================
For Immediate Release--August 10, 2003Jordanian-American Graduates Committee

For Further Info. Contact: Abdul Salam Hassan Al-Naser in the U.S. at (703) 370-0176;
jagcusajordan@yahoo.com

=============================================

The article below appeared in the Wall Street Journal, USA, on Thursday, August 7, 2003. The
JAGC decided to distribute this article in its entirety to the people of Jordan to read and analyze
the valuable information, provided by Dr. Tamara Chalabi, the daughter of Mr. Ahmed Chalabi, the
former president of the collapsed Petra Bank, and current member of the Governing Council of
Iraq (GCI). The article provides solid facts about the despicable role of the former government of
Mr. Mudar Badran in the Petra Bank Scandal. We sincerely hope that HM King Abdullah II will
conduct an independent and full investigation on the Petra Bank Scandal and prevent current
appointed officials, such as Dr. Marwan Muasher, the Foreign Affairs Minister, from attacking Mr.
Chalabi and the GCI .

============================================
BEFORE THE WAR
The Petra Bank Scandal
Jordan slandered my father at Saddam's behest .
BY TAMARA CHALABI
Thursday, August 7, 2003 12:01 a.m .
BAGHDAD--Ahmad Chalabi, my father, is here in Iraq, sitting on the Governing Council of Iraqi
nationals that will help ours become a free country. Iraqis from all regions and religions line up
daily to meet him at his home. They know his lifelong cause is democracy for all Iraqis, not just a
chosen few. To them he is a good man, and an attractive leader .
Yet many in the Western media seem unable to mention my father's name without regurgitating a
14-year-old Jordanian libel that he wrongfully diverted assets of his own Petra Bank. The real story
couldn't be more different. Petra Bank was seized and destroyed by those in the Jordanian
establishment who'd become willing to do Saddam Hussein's bidding. That Jordan has branded

404
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

my father as an "asset diverter" would be comic, were it not for what it says about that kingdom's
servile complicity with Saddam .
In 1978, Ahmad Chalabi formed Petra Bank in Amman. It prospered, growing to be the second
largest bank in Jordan. In the '80s, as a pillar of Jordan's banking system, he fought to obstruct
Saddam's ability to finance his war with Iran, as well as his weaponsprograms. He warned about a
grain-sales inancing scheme, whereby Iraq obtained funds from the Atlanta branch of an Italian
bank to finance arms purchases. He challenged the ways in which Jordan profited from arms sales
to Iraq and angered Saddam by pressuring Jordan's Central Bank not to issue Iraq letters of credit
on Saddam's terms .
In early 1989, Petra submitted its annual financial statement to the Central Bank, showing
continuing asset growth--and nothing that would justify singling it out for military seizure. The
authorities approved the financial accounts, just as they had in the past. Petra Bank, if left alone,
would be prospering today. Instead, here is the sequence of events :
•In April 1989, a shuffle in the Jordanian government brought to power a group of officials with
intimate ties to Saddam. On Aug. 3, 1989, out of nowhere, they declared that my father had
diverted assets of Petra Bank, so much so that it was a risk to the nation of Jordan. Invoking a
wildly inapplicable 22-year-old martial-law decree, issued to stave off economic crisis triggered by
Israel's occupation of the West Bank, Jordan literally attacked Petra Bank. Armed soldiers, backed
by tanks, stormed its Amman offices, then being operated by unarmed civilian bank employees .
•My father left Jordan, driving himself to Syria after being warned by a sympathetic member of the
government that the plan was to arrest him and deliver him to Saddam. His family was told by a
former U.S. diplomat that he was smart to leave as his life was at risk .
•After leaving Jordan, he continued to speak out against Saddam, predicting that he would invade
Kuwait. Almost immediately after my father sounded this warning, Jordan swept down again.
Using Arthur Andersen's Geneva branch, it issued a new audit that rewrote the financial condition
of Petra Bank to make it appear insolvent on the date it was seized. Assets of 476 million
Jordanian dinars ($541 million) were "revalued" downward to 297 million dinars ($337 million).
Later, the bank's liquidators reported a collection rate of over 150% on the bulk of the devalued
assets--a recovery rate that in itself shows the revaluation was a ruse .
•The true asset picture approved just months before the takeover made this new audit a lie. If it
could have dared to challenge the authorities, the public needed to ask but one question: Why did
Jordan denounce Petra Bank in 1989, a year when the bank had met all its overseas obligations
while Jordan itself was so financially troubled that it had declared a moratorium on all its own
payments ?
•Not coincidentally, the same Jordanian military that had taken over Petra Bank took Saddam's
side when he invaded Kuwait .
•The military occupation of Petra Bank was enough to destroy public confidence in the bank. The
actions of those who took over assured its ruin. They failed to honor commitments made by the

405
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

bank, accelerated business loans that were not in default and not due, foreclosed on assets
securing those loans, and then sold the assets at bargain prices to individuals closely tied to the
Jordanian government. Employees in three countries, including the U.S., lost their jobs, and the
Chalabi family lost tens of millions of dollars .
•In December 1991, my father went on U.S. television and described how Jordan was helping Iraq
violate sanctions on weapons procurement, producing documents to back up his claims. He spoke
of Iraq's many accounts with the Central Bank of Jordan to finance these purchases. The head of
that bank denied this, while admitting that "mysteriously" some $55 million of Iraqi money had
shown up in his bank after Iraq's invasion of Kuwait. My father also revealed that Jordan turned
that money over to Saddam, even though Iraq owed impoverished Jordan hundreds of millions of
dollars .
•A few months later, Jordan set up a State Security Court to try my father in absentia. The court
was established on April 1, 1992, met only once--on April 8--and the next day issued a 223-page
decision finding my father guilty. If any more than this "efficiency" is needed to show that the trial
was illegitimate, consider this: The month before the trial started, the martial law on which the
court's decision was based had been abolished! Jordan did all this for Saddam Hussein .
But things are different now. My father has demanded the records from this military tribunal and
the basis for the lengthy decision--one written, Jordan claims, in just one day. He may well invoke
a more balanced forum to recover his losses and good name if Jordan does not make a clean
break with its quisling past and publicly declare that it has no evidence of wrongdoing by Ahmad
Chalabi .
Ms. Chalabi recently completed a Ph.D in history and Middle East studies at Harvard. She works
with her father in Iraq .
President George W. Bush, The White House
Mr. Colin Powell, U.S. Secretary of State
Dr. Condoleeza Rice, US National Security Adviser
Kofi Annan, UN Secretary General
Klaus Schwab, President of the World Economic Forum (WEF )
Members of U.S. Congress
European Union, Delegation of the European Commission to the United States
The Office of the United Nations High Commissioner for Human Rights (OHCHR )
U.S. and Worldwide Human Rights Organizations and Political Institutions
U.S. and Jordanian Press and Media

ً‫أعلن رئيس مجلس الحكم العراقي بالوكالة احمد الجلبي أن المجلس يملك معلومات خطيرة وكبٌرة حول موضوع "كوبونات" النفط الت‬
‫ إال أنه رفض الخوض فً اِلسماء حتى ال ٌإثر ذلك‬،‫وزعها الربٌس العراقً المخلوع صدام حسٌن على مإٌدٌه فً العالم العربً والعالم‬
.‫على أي محاكمات مستقبلٌة للمتورطٌن‬

406
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقال الجلبً فً مإتمر صحافً عقده فً بؽداد إن " صدام حسٌن تمكن من سرقة ملٌارات الدوالرات من أموال الشعب العراقً تحت إشراؾ‬
‫اِلمم المتحدة" فً إشارة الى برنام "النفط مقابل الؽذاء" الذي كانت تدٌره المنظمة الدولٌة‪.‬‬
‫وأوضح الجلبً أن المجلس الذي قرر فتح تحقٌق رسمً فً الموضوع سٌكلؾ شركات محاسبة وقانون دولٌة للمساعدة فً التحقٌق فً "كل‬
‫الشخصٌات والشركات والعابالت والقادة والسٌاسٌٌن فً كل العالم ممن تلقوا هذه الرشى"‪.‬‬
‫وكانت صحٌفة عراقٌة قد ذكرت أن عشرات الشخصٌات والشركات العربٌة واِلجنبٌة استفادت من كوبونات نفطٌة وزعها صدام وتضمنت‬
‫القوائم اسماء رإساء عرب ووزراء منهم الشيخ سلطان رئيس الوزراء االماراتي بالوكالة واخيه عيسى وزير االشؽال كماا تضمنت‬
‫اسماء صحفيين اشهرهم محمد الهوني صاحب جريدة العرب في لندن وهو ليبي وؼسان زكريا السورذ كما تضمنت اسم سالم النحاس‬
‫عدا عن اسماء لصحفيين مصريين ولبنانيين وامير قطرذ ورجال اعمال اردنيين من وزراء سابقين ‪ ،‬وأجرت وزارة النفط العراقٌة تحقٌقا ً‬
‫حول الموضوع‪.‬‬
‫وقال الجلبً إن مجلس الحكم بحث تقرٌراً أعدته وزارة النفط العراقٌة‪ ،‬مشٌراً الى أن "التقرٌر ٌتضمن معلومات كبٌرة وخطٌرة‪ ،‬وقرر‬
‫المجلس الموافقة على توصٌة اللجنة المعنٌة بتكلٌؾ شركة عالمٌة إلجراء التحري والتحقٌق فً هذا اِلمر‪ ،‬وأوصى كذلك بالتفاهم مع سلطة‬
‫التحالؾ للقٌام بهذا العمل"‪.‬‬
‫وأوضح "تمت الٌوم مناقشة الموضوع مع السفٌر (بول) برٌمر فؤبد تؤٌٌد سلطة التحالؾ الكامل لهذا التحري‪ .‬وأثنى على المجلس لتعامله‬
‫المسإول حول أسماء اِلفراد والشركات والمإسسات التً ورد اسمها وعدم االستعجال فً نشر هذه اِلمور قبل أن تتم عملٌة التحري‬
‫والتقصً من قبل شركة محاسبة عالمٌة مختصة فً هذه اِلمور"‪ ،‬وقال الجلبً‪" :‬تحدث الكثٌر من أعضاء المجلس وبعد ذلك أصدر المجلس‬
‫توصٌة الى أعضابه‪ ،‬وكذلك توجه الى الوزراء بعدم تداول أسماء اِلفراد والشركات واِلطراؾ اِلخر التً وردت أسماإها فً هذا التقرٌر‬
‫ِلن ذلك قد ٌضفً بعض الشك على عملٌة مقاضاة للذٌن هناك ضرورة بمقاضاتهم بشكل طبٌعً نتٌجة للتحرٌات‪.‬‬
‫وٌجب علٌنا الحفاظ على اِلدلة وٌجب علٌنا الحفاظ على اإلجراءات القانونٌة السلٌمة إلجراء المحاكمات إذا كان ذلك ضرورٌا ً فً العراق‬
‫وخارجه‪ ،‬ولذلك فنحن لن نفصح بشكل رسمً أو بؤي شكل آخر عن أسماء فً الوقت الحاضر‪ ،‬ونتوجه الى التحقٌق بشكل دقٌق وسلٌم"‪.‬‬

‫* عرب تاٌمز ‪....‬الجلبي يكشؾ النقاب عن وثائق تثبت تورط الكبارٌتً فً فضٌحة بنك البتراء‬
‫تصاعدت حدة المواجهة بٌن االردن والجلبً بعد تصرٌحات الناطق باسم الجلبً عن وجود اتصاالت سرٌة بالجلبً النهاء مشكلة بنك البتراء‬
‫وكشؾ الناطق باسم الجلبً عن وثٌقة قال ان الجلبً بعث بها الى ربٌس الوزراء السابق زٌد بن شاكر حذره فٌها الى دور مسبولٌن اردنٌٌن‬
‫فً افالس البنك ومنهم عبد الكرٌم الكبارٌتً الذي اصبح ربٌسا للوزراء وهو صهر سمٌح البطٌخً‬
‫وكانت الناطقة باسم الحكومة االردنٌة أسمى خضر قد نفت بشدة ارسال عمان مبعوثٌن الى بؽداد لتسوٌة قضٌة بنك "البتراء" مع زعٌم‬
‫"المإتمر الوطنً العراقً" احمد الجلبً‪ .‬وقالت فً تصرٌحات نشرتها جرٌدة الحٌاة التً تصدر فً لندن ان "هذا الرجل بات على ما ٌبدو‬
‫فً ازمة حقٌقٌة وٌسعى الى الخروج منها بشتى الوسابل التً لن تإدي فً نهاٌة المطاؾ الى اي نتٌجة‪ ,‬اذا لم ٌواجه القضاء االردنً‬
‫بالحقابق"‪.‬‬
‫وقالت خضر ان الجلبً الذي دٌن عام ‪ 1992‬باختالس ‪ 300‬ملٌون دوالر من موجودات بنك "البتراء" عندما كان ٌرأس مجلس ادارته‬
‫"ٌستطٌع ان ٌمثل امام محكمة امن الدولة التً تضم قضاة مدنٌٌن وٌعٌد فتح ملؾ القضٌة‪ ,‬بدالً من االدعاءات المتواصلة عن اتصاالت ال‬
‫وجود لها"‪ ,‬وشددت على أن "أي مسإول اردنً لم ٌقم بإجراء اي اتصال مع الجلبً‪ِ ,‬لننا ننظر الى قضٌته فً بُعدها القضابً فقط‪ ,‬فٌما‬
‫ٌحاول هو تسٌٌسها باستمرار"‪.‬‬
‫وكان القٌادي البارز فً "المإتمر الوطنً العراقً" مثال اِللوسً اكد فً مإتمر صحافً فً بؽداد امس ان الجلبً "رفض مرتٌن او ثالثا ً‬
‫مقابلة مبعوث من السلطات القضابٌة االردنٌة من اجل تسوٌة المشاكل المتعلقة ببنك البتراء‪ ,‬وطمس االمور‪ ,‬ولكنه اصر على فضح القضٌة‬
‫واعادة االموال التً سُرقت منه شخصٌا ً وفتح ملؾ التحقٌق الفعلً"‪.‬‬
‫‪ 22‬عاما ً وفتح ملؾ قضٌة بنك "البتراء" امام القضاء بدالً من اللجوء الى‬ ‫ودعت خضر الجلبً الى "مواجهة الحكم الؽٌابً بسجنه‬
‫التصرٌحات والتهدٌدات ؼٌر المفٌدة فً الصحافة ووسابل االعالم" مشددة على ان "االردن لن ٌتنازل فً هذه القضٌة التً أثرت سلبا ً على‬
‫االقتصاد الوطنً"‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ ,1991‬وتكشؾ جانبا ً من الظروؾ‬ ‫وقدّم م األلوسي وثيقة سرية موجهة الى الشرٌؾ زٌد بن شاكر بتارٌخ الرابع من نٌسان (أبرٌل) عام‬
‫والمالبسات المحٌطة "بفضٌحة البتراء" وتحمل االدارة السابقة للبنك متمثلة بمحافظ البنك محمد سعٌد النابلسً واحد اعضاء مجلس ادارته‬
‫عبد الكرٌم الكبارٌتً‪ ,‬مسإولٌة تعثر عمل "بنك البتراء" الذي عزته "الوثٌقة" الى سوء االدارة والمخالفات‪ .‬وتحد أن ّ‬
‫ٌكذب االردن هذه‬
‫الوثٌقة وإال فإن "المإتمر" الى "سٌكشؾ الحقابق كافة"‪.‬‬
‫وطالب االلوسً الحكومة االردنٌة بـ "فتح تحقٌق فعلً تتبناه محكمة مدنٌة خاضعة الحكام جنابٌة وقوانٌن مدنٌة‪ ,‬بعكس الحكومة العسكرٌة‬
‫العرفٌة التً كانت قد حققت سابقا ً فً االمر"‪ ,‬كما طالب بارجاع االموال المسروقة الى اصحابها وكذلك أموال الجلبً الشخصٌة‪.‬‬
‫* عرب تاٌمز ‪ ....‬الجلبي رفض مقابلة مبعوث اردنً رفٌع المستو وطلب استرداد امواله التً صادرتها الحكومة االردنٌة واالنتربول‬
‫الدولً ٌرفض طلبا اردنٌا حول الجلبً‬
‫اكد مثال االلوسً القٌادي البارز فً حزب المإتمر الوطنً العراقً الذي ٌتزعمه احمد الجلبً الٌوم الثالثاء ان هذا االخٌر رفض ولمرتٌن‬
‫او ثالث مقابلة مبعوث من السلطات القضابٌة االردنٌة حضر الى بؽداد من اجل تسوٌة المشاكل المتعلقة بقضٌة بنك البتراء المثٌرة للجدل‪.‬‬
‫وقال االلوسً فً مإتمر صحافً عقده فً نادي الصٌد وسط بؽداد حاول شخص ٌقول انه مبعوث من اعلى سلطة قضابٌة فً االردن‬
‫ولمرتٌن او ثالث ان ٌلتقً فً بؽداد احمد الجلبً فً محاولة لطمطمة (لطمس) االمور‪.‬‬
‫واضاؾ ولكن الجلبً رفض مقابلته واصر على فضح االمور واعادة االموال التً سرقت ومنه شخصٌا وفتح ملؾ التحقٌق الفعلً فً قضٌة‬
‫بنك البتراء‪ .‬واوضح االلوسً ان الذٌن سرقوا االموال هم ثلة من السراق ولكن دون ان ٌتهم الحكومة االردنٌة او العابلة الهاشمٌة‪ ،‬ورافضا‬
‫فً الوقت نفسه تقدٌم اسماء‪.‬‬
‫وكانت السلطات االردنٌة حكمت على الجلبً ؼٌابٌا فً ‪ 1992‬بالسجن ‪ 22‬عاما بتهمة اختالس حوالى مبتً ملٌون دٌنار اردنً ( ‪288‬‬
‫ملٌون دوالر) من بنك البتراء الذي كان مدٌره وتحوٌلها الى مصارؾ سوٌسرٌة‪ ،‬بعد افالس المصرؾ عام ‪ .1989‬وكان االنتربول الدولً‬
‫رد اربع شكاو سابقة وجهها االردن ضد الجلبً للمطالبة باعتقاله‪ ،‬معتبرا ان الجلبً حوكم امام محكمة استثنابٌة ولٌس امام محكمة عادٌة‬
‫وكان الجلبً قد اتهم رجال الملك حسٌن بسرقة اموال البنك‬
‫مما ٌجدر ذكره ان الجلبً هرب من االردن بتوصٌة من االمٌر حسن وقد استقل سٌارة تمارا الداؼستانً اخت السفٌر االردنً فً لندن تٌمور‬
‫الداؼستانً زوج االمٌرة بسمة السابق‪.‬‬
‫ارتباك في الخطط العسكرية االمريكية‬
‫‪http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_2812000/2812123.stm‬‬
‫السفن الحربٌة االمرٌكٌة فً االنتظارقال مسإولون فً وزارة الدفاع اِلمرٌكٌة (البنتاؼون) إنهم قد ٌضطرون إلى تعدٌل سرٌع فً خطط ؼزو‬
‫العراق‪ ،‬فً اعقاب رفض البرلمان التركً السماح للقوات اِلمرٌكٌة باستخدام القواعد التركٌة فً هذا الؽزو ‪.‬‬
‫وأوضح مسإول بارز فً البنتاؼون‪ ،‬حسبما نقلت وكالة روٌترز لألنباء‪ ،‬أن الخطط اِلمرٌكٌة مرنة على نحو ٌسمح للمخططٌن لمواجهة أي طارئ‪.‬‬
‫وٌر بعض المحللٌن أن بعض الخٌارات قد تكون حمل الجنود اِلمرٌكٌٌن ومعداتهم إلى شمال العراق على متن طابرات شحن باستخدام المهابط‬
‫القدٌمة الموجودة فً تلك المنطقة‪ ،‬وربما أٌضا االستفادة من الطرق السرٌعة كمهابط ‪.‬‬
‫وكانت واشنطن‪ ،‬التً عرضت على تركٌا مساعدات اقتصادٌة ضخمة بملٌارات الدوالرات‪ ،‬قد أبلؽت انقره بؤنها ال ٌمكن أن تنتظر أكثر مما‬
‫انتظرت ‪.‬‬
‫احتجاجات شعبٌة واسعة ضد الحربوقد اد االختالؾ داخل البرلمان التركً حول موضوع السماح لألمرٌكٌٌن باستخدام القواعد التركٌة إلى إرباك‬
‫الخطط اِلمرٌكٌة الرامٌة إلى نشر أكثر من ستٌن ألؾ من القوات البرٌة فً تركٌا ‪.‬‬
‫إذ صوّ ت ‪ 264‬برلمانٌا بالموافقة على نشر القوات اِلمرٌكٌة‪ ،‬لكن العدد ٌقل بؤربعة أصوات عن اِلؼلبٌة المطلقة الالزمة من النواب المشاركٌن فً‬
‫الجلسة ‪.‬‬
‫وطلبت وزارة الخارجٌة اِلمرٌكٌة استٌضاحا من تركٌا فً شؤن عملٌة التصوٌت ‪.‬‬
‫ومن المقرر أن تحصل تركٌا‪ ،‬فً حال شن الحرب التً تقودها الوالٌات المتحدة على العراق‪ ،‬على ‪ 15‬ملٌار دوالر من المساعدات اِلمرٌكٌة‪ ،‬إذا‬
‫وافقت على نشر القوات اِلمرٌكٌة على اراضٌها ‪.‬‬
‫وفً حال موافقة البرلمان على القرار فً الرابع من الشهر الحالً فسٌخول ذلك الحكومة صالحٌة نشر قوات تركٌة فً شمال العراق الكردي عند‬
‫نشوب الحرب ‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وتسعى واشنطن إلى نشر ‪ 62‬ألؾ جندي وأكثر من ‪ 250‬طابرة فً تركٌا بؤسرع ما ٌمكن فً إطار االستعداد للحرب ‪.‬‬
‫ومن المحتمل أن ترسل تركٌا ضعؾ هذا العدد من القوات إلى شمال العراق ‪.‬‬

‫وٌقول جونً داٌموند مراسل بً بً سً فً أنقرة إن نتٌجة التصوٌت تمثل ضربة قوٌة للحكومة التركٌة التً تولت السلطة قبل أربعة شهور‪ ،‬والتً‬
‫تحظى بؤؼلبٌة كبٌرة فً البرلمان ‪.‬‬
‫خٌار صعب‬
‫وٌضٌؾ أن نتٌجة التصوٌت تتفق مع الرفض الشعبً الواسع لشن حرب على العراق‪ ،‬فقد تظاهر اآلالؾ فً شوارع تركٌا بالتزامن مع عملٌة‬
‫التصوٌت فً البرلمان ‪.‬‬
‫وستضطر الحكومة التركٌة اآلن إلى االختٌار بٌن أمرٌن‪ ،‬إما أن تعترؾ بهزٌمتها وتلؽً االتفاق الذي توصلت إلٌه مع الوالٌات المتحدة بمشقة‬
‫بالؽة‪ ،‬أو تدعو إلى إجراء اقتراع آخر أمالً فً أن ٌؽٌر بعض نوابها رأٌهم ‪.‬‬
‫وتشٌر استطالعات الرأي إلى أن ‪ 80‬فً المبة من اِلتراك ٌعارضون الحرب‪ ،‬وقد شارك عشرات اآلالؾ من اِلشخاص من مختلؾ الفبات فً‬
‫مظاهرات رافضة للحرب ‪.‬‬
‫وردد المتظاهرون شعارات‪" :‬ال للحرب"‪ ،‬و‪" :‬ال نرٌد أن نكون جنوداً ِلمرٌكا ‪".‬‬
‫وٌقول مراسلنا إن المظاهرات كانت بمثابة جهود بذلها الشعب التركً فً اللحظات اِلخٌرة لوقؾ ما ٌبدو وأنه أصبح أمراً محتوما ً ‪.‬‬
‫بٌد أن تركٌا ال تزال بحاجة إلى االتفاقٌة السٌاسٌة واالقتصادٌة التً أمضت أسابٌع فً التفاوض علٌها مع الوالٌات المتحدة ‪.‬‬
‫كما تخشى تركٌا‪ ،‬الدولة المسلمة الوحٌدة العضو فً حلؾ شمال اِلطلسً (الناتو)‪ ،‬من إؼضاب واحدة من أهم حلفابها‪.‬‬
‫‪-----------------‬‬
‫إزاحة الستار عن تمثال الزعيم عبدالكريم قاسم في بؽداد‬
‫‪http://www.iraqoftomorrow.org‬‬
‫بمناسبة الذكر ‪ 47‬لثورة تموز المجٌدة أعاد العراقٌون رمزا وطنٌا حٌا هو الزعٌم عبدالكرٌم قاسم الذي قاد الثورة وذلك فً ازاحة تمثال له‬
‫الزعٌم‬ ‫فً ساحة الؽرٌري فً شارع الرشٌد فً بؽداد‪ .‬وكان ٌشؽل هذه الساحة تمثال عبدالوهاب الؽرٌري احد المشاركٌن فً محاولة اؼتٌال‬
‫عبدالكرٌم قاسم قاسم عام ‪ 1959‬والتً شارك فٌها صدام حسٌن‪ .‬وهكذا التارٌخ ٌخلد االشراؾ وٌرمً فً مزبلته القتلة والمجرمٌن والفكر‬
‫الشوفٌنً‪ .‬لوال التاسع من نٌسان لما تحقق حلم الكثٌر من العراقٌٌن فً رإٌة تمثال لوطنً عراقً شرٌؾ ونزٌه‪ .‬وقد صنع تمثال قاسم بحملة تبرع‬
‫قادها الحزب الشٌوعً العراقً الذي اقصاه الزعٌم قاسم عن الساحة السٌاسٌة بفعل عنٌؾ فً فترة حكمه‪ ،‬فٌما اشرؾ على حملة بناء التمثال وجمع‬
‫التبرعات عبدالجبار الفتلً الذي حكم علٌه الزعٌم قاسم بالسجن اربعة أعوام‪ .‬ولد عبدالكرٌم قاسم فً ‪ 21‬نوفمبر‪ /‬تشرٌن الثانً عام ‪ 1914‬فً‬
‫محلة المهدٌة ببؽداد من اب سنً كان ٌعمل نجارا وٌدعى قاسم محمد البكر وام شٌعٌة من مدٌنة الصوٌرة جنوب بؽداد وتدعى كٌفٌة حسن ٌعقوبة‬
‫التمٌمً‪ .‬وقال المحامً عبداللطٌؾ العبٌدي (‪ 70‬عاما ً) والذي جاء من منطقة الكرادة لٌر التمثال “لم نكن نحبه فقط كنا نمٌل الى تقدٌسه ِلنه كان‬
‫رجالً بسٌطا ً وفقٌراً مثلنا‪ .‬عاش ومات وهو ال ٌملك شٌبا ً”‪.‬‬
‫االنتفاضة الشعبانية عام ‪1991‬‬
‫بدأ الؽضب الجماهٌري ٌنتشر فً أوساط الشعب والجٌش فً البصرة وبعض المدن العراقٌة االُخر بعد توقؾ الحرب التً منٌت فٌها القوات‬
‫العراقٌة بخسابر فادحة وتجمع الناس واطلقوا النار على صور الربٌس صدام حسٌن والتؾ معهم الجٌش وتمت السٌطرة على البصرة والمدن‬
‫العراقٌة االُخر مثل العمارة والناصرٌة والسماوة والنجؾ وكربالء والكوت واستولى االكرد على مدٌنة السلٌمانٌة‪.‬‬
‫ان التحرك الجماهٌري الكبٌر او الثورة الشعبٌة الحالٌة بدأ بصورة عفوٌة ‪ .‬وكان ثقل الذي حدث محركا ً كافٌا ً للناس كً ٌنتفضوا على النظام‬
‫العراقً ‪ ،‬ساعدهم فً ذلك عدم قدرة الجٌش على تولً أمر القمع ‪ .‬فالجٌش دمر معظمه فً قتال المابة ساعة االخٌرة من الحرب ولم ٌعد فً‬
‫استطاعته مواجهة الشعب ‪ .‬بل إن قسما ً كبٌراً انظم الى الجماهٌر الؽاضبة واصطؾ مع الشعب ضد السلطة التً ما ان توقفت الحرب حتى اعلنت‬
‫(( انتصارها‪)) .‬‬
‫لقد حاول النظام العراقً استخدام ذات االسالٌب التً تلجؤ الٌها الدول االستبدادٌة فً قمع انتفاضات الشعوب ‪ ،‬استخدام القوة المسلحة والقسوة‬
‫والتدمٌر الجماعً ‪ .‬لقد عٌن صدام ابن عمه علً حسن المجٌد وزٌراً للداخلٌة خلفا ً لسمٌر عبد الوهاب لكً ٌتمكن من اعادة السٌطرة على المدن‬
‫التً سٌطر الشعب علٌها ‪ .‬ان علً حسن المجٌد مشهور ببطشه وقدرته على اسكات الناس باالسالٌب المعروفة ‪ .‬لقد استعمل االسلحة الكٌماوٌة ضد‬

‫‪409‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ال ُكرد فً كردستان العراق عام ‪ 1988‬مرتٌن االولى فً اذار ( مارس ) ضد سكان حلبجة وقتل اكثر من ‪ 5000‬مواطن واستخدامها فٌما بعد ضد‬
‫الثوار ال ُكرد حٌنما توقفت الحرب العراقٌة االٌرانٌة فً ‪ 25‬آب ( اؼسطس ) ‪ 1988‬ورؼم خبرة المجٌد فً قمع المقاومة الوطنٌة الكوٌتٌة خالل‬
‫اشهر خضوع الكوٌت للسلطة العراقٌة ‪ ،‬فانه فشل فً السٌطرة على االنتفاضة رؼم استخدامه السلوب االرض المحروقة واستباحته المدن المقدسة‪.‬‬
‫إن الثورة الشعبٌة تمكنت من اقناع االالؾ من افراد القوات المسلحة العراقٌة كً ٌنضموا إلٌها وٌوجهوا بنادقهم صوب بؽداد ‪ .‬ولقد تمكنت هذه‬
‫الثورة من تحقٌق نجاحات فً ظروؾ لم تكن مالبمة بصورة جٌدة ‪ .‬ولكن استعداد الناس للموت ساعد على تذلٌل مصاعب كبٌرة ‪ .‬فقد حققت هذه‬
‫الثورة خالل االسبوعٌن االولٌن انجازٌن مهمٌن لتحقٌق االستمرار واالنتصار فٌما بعد‪.‬‬
‫االول ‪ :‬استطاعت ان تتحول الى ثورة منتظمة نسبٌا ً ‪ ،‬فقد تحولت من الحالة العفوٌة التً طفت علٌها فً االٌام االولى الى حالة الثورة المنضبطة‬
‫والتً ٌنسق حركاتها جهاز قٌادي ٌتصؾ بالخبرة والقدرة على التحمل ‪ .‬ولكم ٌكن التنسٌق مقتصراً على المناطق الجنوبٌة فً العراق حٌث بدأت‬
‫االنتفاضة ‪ ،‬وإنما ٌتم التنسٌق بٌن الجنوب والشمال ( كردستان ) لمواصلة الثورة ومحاصرة قو النظام‪.‬‬
‫الثانً ‪ :‬هو قدرتها على االتساع ‪ .‬لقد بدأت االنتفاضة فً محلة فً ؼرب مدٌنة البصرة وانتشرت بسرعة فً محافظة البصرة ثانً اهم مدٌنة‬
‫عراقٌة ‪ .‬ثم انتشرت الى مدن الجنوب والوسط وبعدها اتسعت نحو الشمال العراقً‪.‬‬
‫ان اسقراءاً موجزاً لشعارات االنتفاضة كفً بؤن ٌزٌل عنها الضباب وٌسلط الضوء على الحقابق الؽامضة لترتفع جمٌع التساإالت واالستفهامات ‪. .‬‬
‫بعبارات واضحة وبسٌطة أطلقها الشعب بال تكلٌؾ وال اعداد مسبق وإنما جاءت معبرة عن ذوقه الحر وضمٌره ورؼبته الواقعٌة‪.‬‬
‫*ّللا اكبر‪.‬‬
‫*الموت لصدام ‪ . . .‬فلٌحٌا االسالم‪.‬‬
‫*ال إله إال ّللا ‪ . . .‬صدام عدو ّللا‪.‬‬
‫*ٌا حسٌن‪.‬‬
‫*أبد وّللا ما ننسه حسٌناه‪.‬‬
‫*أحنه شباب الحسٌن ‪ . . .‬كومً ٌزٌنب هلهلً ‪.‬‬
‫*ماكو ولً إال علً ‪ . . .‬ونرٌد قابد جعفري‪.‬‬
‫*االسالم هو االطار ‪ . . .‬والمنطق‪.‬‬
‫*الحسٌن هو الطرٌق ‪ . . .‬واالسلوب‪.‬‬
‫*التشٌع والوالٌة الهل البٌت ( ع ) ‪ . . .‬هو الطموح المطلوب‪.‬‬
‫‪-----------------------‬‬
‫صور من االنتفاضة‬
‫نقل مواطنان مصرٌان ‪ ،‬اجتازا الحدود الى إٌران قادمان من مدٌنة البصرة ‪ ،‬أن الحرس الجمهوري ال تبدي أي رحمة ‪ ،‬وتسحق كل شًء ٌقع فً‬
‫‪ ،‬وقد‬ ‫طرٌقها ‪ ،‬وال تسٌر فً الطرق العادٌة للمدٌنة بل تشق لنفسها طرقا ً بعد تدمٌر البٌوت وأٌنما تتجه تخلؾ وراءها جثثا ً متناثرة ودوراً مهدمة‬
‫جعلوا مدٌنة (( الحٌانٌة )) فً البصرة ‪ ،‬أطالالً متناثرة ‪ ،‬الن شرارة االنتفاضة انقدحت منها ‪ ،‬وقصفوا (( ساٌلو )) البصرة بقنابل النابالم الحارقة‬
‫مما أحدث مجزرة رهٌبة ‪ ،‬وموت هذا وذاك تقوم الطابرات السمتٌة لهذا الحرس بؤلقاء شباكها (( االخطبوطٌة )) على الثابرٌن وثم تقوم بالقاء‬
‫البنزٌن علٌهم الجل حرقهم وهم أحٌاء ‪ .‬واالمر المثٌر للفخر واالعتزاز أن هذه االسالٌب الخسٌسة لم تفت من عضد المجاهدٌن بل زادتهم اصراراً‬
‫على مواصلة الدرب وقد شوهدت أعداد من المجاهدٌن تنقل عوابلها الى (( خرمشهر )) أو المناطق البعٌدة عن ساحة االحداث ثم ترجع ثانٌة الى‬
‫مٌدان المنازلة بكل اندفاع واقتدار‪.‬‬
‫واالمر المثٌر للعجب ان المرأة العراقٌة قد سطرت مالحم وبطوالت كبٌرة على سبٌل المثال ما قامت به الفتاة البصرٌة (( زٌنب )) التً تبلػ من‬
‫العمر ( ‪ ) 14‬ربٌعا ً ‪ ،‬إذ تقدمت وهً تطوق نفسها بحزام ناسؾ ـ إلى احد الدبابات المتقدمة ‪ ،‬وقامت بتفجٌر نفسها أمام الدبابة االمر الذي ادعى‬
‫الى تعطٌل الدبابة‪.‬‬
‫ٌقول احد المجاهدٌن ‪ :‬استشهد احد مجاهدٌنا الذي كان ٌقاتل جنبا ً الى جنب مع شقٌقه فما كان من شقٌقه إال أن أخبر والدته باالمر ‪ . . .‬إذ تقدم منها‬
‫قابالً (( هلهلً ـ أي زؼردي ـ ٌا أماه )) ‪ . . .‬فقد استشهد أخً ‪ . . .‬أجابت االم والتصمٌم ٌشع من وجهها ‪ ،‬الذي ٌبدو علٌه االصفرار من أثر‬
‫الجوع والسهر ‪ (( . .‬لن أهلهل )) ! ‪ . . .‬اذهب بؤخٌك وادفنه وأت ببندقٌته لكً أقاتل معك ‪ ،‬واحل محله‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تجدر االشارة الى ان النظام قد عمل على تقلٌل الجٌش ـ بوجه خاص ـ مما اد الى استخدامه كؤداة فصل ولٌس أداة وصل ‪ ،‬اذ فصل بٌن الجٌش‬
‫والشعب بواسطة اسلوب االؼراء المادري والتضلٌل االعالمً وقد صدرت االوامر باعدام كل جندي ٌمتلك جهاز الرادٌو ! او ٌنقل خبراً ٌكشؾ عن‬
‫حقٌقة ما ٌجري ‪ ،‬وقد ُنقل عن مصادر الثوار ان النظام ‪ٌ ،‬خشى من اخبار قواته بحقٌقة االمر‪.‬‬
‫ونقلوا عن جنوداً استسلموا للقوات الشعبٌة فً العمارة قولهم بان الضباط قد أخبروهم بان قوات امٌركٌة اُنزلت فً العمارة ترتدي مالبس عربٌة !!‬
‫‪ ،‬كما ُنقل ان النظام أخبر القوات البعثٌة التً ارسلها الى النجؾ وكربالء بان القوات االمرٌكة قد احتلت المدٌنتٌن المقدستٌن وما علٌكم إال أخراجهم‬
‫منها‪! .‬‬
‫لقد استخدم صدام الجٌش لذبح الشعب ‪ . . .‬واستخدم لذلك حٌالً شٌطانٌة ال مثٌل لها ‪ ،‬منها أنه أعلن لسكان مدٌنة البصرة القدٌمة بانه سوؾ ٌوزع‬
‫مواداً ؼذابٌة فً موعد حدده ‪ ،‬فلما تجمع الناس الذٌن ٌتضورن جوعا ً ‪ ،‬وكان معظمهم من الشٌوخ والنساء واالطفال ‪ ،‬قامت قوات النظام بإمطارهم‬
‫بوابل من قذابؾ المدفعٌة الثقٌلة وقنابل النابالم المحرقة‪.‬‬
‫وقد كرر نفس االسلوب فً مدٌنة العمارة عندما ادخل شاحنتٌن ‪ ،‬أوهم السكان بانهما تحمالن مواد ؼذابٌة فتجمع الناس وهم ٌؤملون بالحصول على‬
‫كسرة من الخبز تسد رمقهم وفً هذا الحشد البابس الذي ٌنتظر الطعام وإذا باربع طابرات سمتٌة تمطرهم برصاص الحقد وتمنحهم الموت بدل‬
‫الطعام فجعلتهم اشالء متناثرة‪.‬‬
‫وقد وصلت حالة الجوع بالبعض أمراً طحن (( نو )) التمر واستعماله كدقٌق ! بعد خلطه بانواع من الطحٌن الردئ ‪ٌ ،‬قول احد االخوة رأٌت‬
‫شخصا ً ٌؤكل عجٌنة سوداء وال ٌكاد أن ٌتمكن من بلعها لطعمها وخشونة دقٌقها ‪ ،‬ونقل ان شخصا ً آخر كان ٌقتات على الحشٌش ‪ . . .‬أجل الحشٌش !‬
‫حتى حصل له من جراء ذلك نزٌؾ داخلً‪.‬‬
‫كما نقل عن النازحٌن الى خرمشهر صوراً تعصر الفإاد ألما ً ‪ . . .‬منها أن امرأة كانت تحمل رضٌعا ً مقمطا ً بٌدها ‪ ،‬تجد السٌر هربا ً من بطش قوات‬
‫الحرس الجمهوري التً اقتحمت مدٌنة (( التنومة )) وبطشت بؤهلها ‪ ،‬كانت المرأة فً حالة ذهول ‪ ،‬بحٌث ان لها ابنة ٌقدر عمرها بستة أعوام كانت‬
‫تسٌر حافٌة خلفها تناشهدها ان ُتبطًء السٌر حتى تلحق بها ‪ . . .‬فؤجابت االم ـ وكؤن القٌامة قد قامت واذهلتها عن ابنتها ـ ٌا ابنتً ـ حاولً أن‬
‫تلحقً بً ما استطعت ‪ ،‬إذا لم تقدري على ذلك ‪ ،‬فإنً اُرٌد الفرار بنفسً !!‬
‫وفً خرمشهر ‪ ،‬تجد العجب ‪ . . .‬كل العجب تر اطفاالً ونساءاً قد أحرقت وجوههم قنابل النابالم ‪ ،‬ونساءاً قد ارهقتهم أهوال المصٌبة هذه تنادي ـ‬
‫وقد مزقت قمٌصها ـ أٌن أمً وأبً ‪ ،‬وتلك تنادي ‪ :‬ـ أٌن أخوتً واالُخر ـ مفجوعة باوالدها ‪ . . .‬وتر شبابا ً قد فقد عقله بفعل جرابم البعث‪.‬‬
‫أسالٌب قمع االنتفاضة‬
‫كل ٌوم ٌمر ٌإكد انتشار وتجذر ابناء الشعب العراقً المظلوم ‪ . . .‬رؼم تصاعد وتنوع اسالٌب النظام القمعٌة ‪ ،‬فقد اتبع النظام فً مواجهة قو‬
‫المعارضة الشعبٌة عدة أسالٌب خسٌسة منها ‪ :‬ـ‬
‫اوالً ‪ :‬ـ أسلوب العصا والجزرة ‪ :‬ـ‬
‫وٌتمثل باعدام وتصفٌة وتجوٌع المعارضة وأثابة واعراء من ٌسكت وٌخنع وٌسبح بحمد النظام فً شراء الذمم والنفوس الضعٌفة ومن اجل القضاء‬
‫على عناصر ورموز المعارضة منح ( مكافؤة ) نقدٌة قدرها ( ‪ ) 3‬االالؾ دٌنار لكل من ٌسلم أحد المعارضٌن للسلطة !‬
‫ونستطٌع ان نشخص مصادٌق اسلوب العصا الؽلٌظة أو سٌاسة االنتقام باستخدام قنابل النابالم الحارقة والمحرمة دولٌا ً ضد ابناء البصرة الصامدة‬
‫وكذلك القصؾ الهمجً بالمدفعٌة الثقٌلة والدبابات للمدن المقدسة فً النجؾ وكربالء ‪ ،‬وقد اتخد النظام اسالٌب قل نظٌرها لضخامتها منها ما نقلته‬
‫القناة الثالثة فً التلفزٌون البرٌطانً عن مواطن برٌطانً ‪ ،‬كان سجٌنا ً فً البصرة لمدة سبعة اشهر ‪.‬‬
‫قوله ‪ :‬ـ ( ان النظام قد لجؤ الى خدعة خبٌثة فً مواجهته للناس ‪ ،‬حٌث أعلن ان المواد الؽذابٌة ستوزع فً منطقة البصرة القدٌمة ‪ ،‬وعندما تجمع‬
‫الناس الجابعون وبٌنهم الشٌوخ والنساء واالطفال ‪ . . .‬قامت قوات النظام المجرم بقصفهم بانواع الصوارٌخ والمدفعٌة مما تسبب فً قتل وجرح‬
‫االالؾ منهم واختلط الدخان والنار بالتراب والدم ‪!! .‬‬
‫ثانٌا ً ‪ :‬ـ اسلوب الدروع البشرٌة ‪ :‬ـ‬
‫هذا االسلوب قد استخدمه النظام فً حرب الخٌل عندما احتجز الرهابن الؽربٌٌن فً المنشات الحٌوٌة ومن ثم استخدم االسر والمواطنٌن الكوٌتٌٌن‬
‫العزل كدروع بشرٌة ‪ . . .‬والٌوم ٌستخدم هذا االسلوب فً الشمال وبالذات فً مدٌنة كركوك ‪ ،‬وكذلك فعل نفس االسلوب فً الجنوب ولكن بصورة‬
‫خبٌثة اُخر اذ وضع العوابل فوق الدبابات حتى ٌمنع الثوار من تدمٌرها وأعاقة تقدمها نحو مدن الجنوب ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ـ أسلوب الؽدر والمخادعة ‪ :‬ـ‬

‫‪411‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من أبرز السمات الالاخالقٌة للبعثٌٌن ‪ ،‬إذ عمد النظام الى بث عمالبه وجواسٌسه بٌن الجماهٌر الؽاضبة واخذ هإالء بطعن الناس من وراء ظهورهم‬
‫بالمد والسكاكٌن خلسة ومن دون رحمة ! وكذلك اعطاء المعلومات عن تحركات الثوار ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬اسلوب التجوٌع ‪ :‬ـ‬
‫عن طرٌق قطع االرزاق والمواد الؽذابٌة عن المناطق الثابرة من أجل ترضٌخها بالمقابل تحت تصرؾ رجال النظام ‪ ،‬فقد عثرت القوات الشعبٌة فً‬
‫بٌت محافظ العمارة على ( ‪ ) 30‬كٌسا ً من الدقٌق ومجموعة من الؽزالن و ( ‪ ) 60‬بطانٌة فً وقت تحتاج الجماهٌر الى كسرة الخبز ! وعثرت على‬
‫مبات علب الزٌت ومبات االكٌاس من الرز والسكر فً مخازن كربالء الحكومٌة‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬التعتٌم االعالمً ‪ :‬ـ‬
‫فعلى الرؼم من تقارٌر المراسلٌن والمخابرات العالمٌة وأفادات الهاربٌن من العراق القابلة بؤن ( شعب ٌثؤر ‪ . . .‬ومدن ُتحرر ) ٌصر النظام على‬
‫إنكار وطمس الحقٌقة ‪ . . .‬كالنعامة التً تدفن رأسها فً الرمال وهً تظن ان عدوها ال ٌراها وبدال من ذلك ٌوحً النظام وكانه ٌسٌطر على زمام‬
‫االمور ولكن محاوالت النظام الرامٌة الى التعتٌم الخارجً والتضلٌل الداخلً وخاصة تضلٌل أفراد القوات المسلحة بؤنهم ٌجابهون قوات أجنبٌة‬
‫ؼازٌة‪.‬‬
‫كما استخدم النظام اسالٌب مستحدثة من االرهاب لقتل وتشرٌدها ما تبقً من الشعب العراقً ‪ ،‬لٌبقى ومن معه فً طؽٌانهم ٌعمهون ‪ ،‬وإن االسالٌب‬
‫التً ٌستخدمها النظام ضد االنتفاضة ذات وحشٌة دموٌة ورهٌبة جداً ‪ ،‬حٌث لم ٌحدث مثلها فً التارٌخ ‪ ،‬التً فاق بها طواؼٌت العصور الماضٌة !!‬
‫ومن هذه االسالٌب ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ إذا القً القبض على ثابر منتم الى حركة اسالمٌة او ؼٌرها ‪ٌ ،‬وثق بالحبال وتجرٌد مالبسه وحرقه بعد رشه المواد السرٌعة االشتعال كالنفط‬
‫والنزٌن !!‬
‫‪2‬ـ ٌقتل بالرصاص كل من انتفض من الشعب ‪ ،‬ان كان شابا ً أو شٌخا ً أو امرأة وٌبقى بالعراء بال كفن وال دفن لكً تتؽذ علٌها الوحوش الكواسر‬
‫‪ ،‬وٌنال نفس هذا المصٌر كل من ٌطالب ولده او اقاربه او صدٌقه !!‬
‫‪ 3‬ـ المدٌنة التً انطلقت منها الثورة او االنتفاضة بوجه النظام البعثً الكافر ‪ٌ ،‬ربط أهالً تلك المدٌنة من الصؽٌر وحتى الشٌخ الكبٌر مع النساء‬
‫وٌتم رمٌهم امام الدبابات والعجالت المجنزة وسحقهم وهم احٌاء ‪ .‬ولم ٌستثنى من تلك المدٌنة أٌا ً كان !!‬
‫هدم جمٌع الدور بواسطة المدافع وفوهة الدبابات وكذلك الشفالت ‪ ،‬التً دخلها مجاهد أو ثابر ‪ ،‬أو عرؾ أن افراد البٌت لم ٌتصدون للثوار ‪،‬‬
‫وباعتبارهم صامتٌن اذن هم معهم فً الجرٌمة !!‬
‫‪ 5‬ـ رمً أي دار بنفس الوسابل الماضٌة ‪ٌ ،‬وجد علٌها شعار ضد نظام الطاؼٌة ؼٌر مبالٌن بساكنً البٌت ‪ ،‬وهدم وتخرٌب دورهم فوق رإسهم !!‬
‫‪ 6‬ـ ٌمنع على المدن المنتفضة من جمٌع وسابل المعٌشة كالطعام واالدوٌة والماء والكهرباء وعدم تزوٌدهم بالوقود لعجالتهم !!‬
‫‪ 7‬ـ سحب كافة اجهزة الرادٌو من منتسبً الجٌش العراقً ‪ ،‬لكً ال ٌسمعوا ما ٌجري فً داخل العراق ومن ثم ٌتمردوا على النظام وٌعاقب كل من‬
‫ٌوجد لدٌه جهاز رادٌو او ما شابه من وسابل اعالم اخر ‪ ،‬فستكون عقوبته االعدام الفوري وبال محكمة فً داخل وحدته العسكرٌة !!‬
‫‪8‬ـ منع كافة مراتب الجٌش بما فٌهم الضباط والجنود من التمتع باجازة دورٌة خوفا ً من وصول ذلك الفرد ‪ ،‬الى عابلته ولم ٌر سو اشالء ممزقة‬
‫‪ ،‬ومدن مهدمة ‪ ،‬وجور خالٌة ‪ ،‬فٌهرب من الجٌش ثابراً بوجه النظام منتقما ً من افراد حزبه !!‬
‫‪ 9‬ـ اصدر اوامره الى كافة الشعب العراقً بؤن ال ٌؤوي اي ثابر ‪ ،‬وال ٌقضً له أي حاجة ‪،‬والمخالؾ سٌتعرض الى هدم داره بعد اعدام افراد‬
‫عابلته بالتمام !!‬
‫‪ 10‬ـ ان كل مدٌنة تحرر من قبل الثوار ٌباشر النظام بسرقة اطفال واشبال من تلك المدٌنة كرهٌنة ‪ ،‬ومن ثم ٌتم رمٌهم من مرتفع عالً بواسطة‬
‫الطابرات على أهالً المدٌنة المحررة الرباكهم وتخوٌفهم محذراً اٌاهم بنفس المصٌر ‪ ،‬وهذا ما حدث فً مدٌنة العمارة فً الجنوب العراقً‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ استعمال جمٌع الوسابل االرهابٌة والفتاكة من كٌمٌاوٌة وبٌلوجٌة وفسفورٌة ومواد سامة وؼاز الخردل واالعصاب والنابالم على المدن‬
‫المستعصٌة على النظام وجٌشه وبال انذار مسبق !!‬
‫‪ 12‬ـ ضرب وتهدٌم القباب المقدسة وتوجٌه اللوم على الثابرٌن‪.‬‬
‫‪13‬ـ ارشاء بعض العناصر المتذبذبٌن من مثقفٌن وشٌوخ عشابر باموال طابلة ‪ ،‬ومدهم بالسالح والعتاد ووسابل قمٌعة اُخر ‪ ،‬للوقوؾ بوجه‬
‫العشابر المنتفضة‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ تخصٌص مبالػ كمكافبات وهداٌا لكل من ٌلقً القبض على ثابر !!‬

‫‪412‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 15‬ـ زٌادة رواتب عناصر االمن المجرمٌن ‪ ،‬مما ٌجعلهم ٌقاتلون حتى الرمق االخٌر فً سبٌل هذه الدنٌا بربط مصٌرهم مع صدام !!‬
‫‪-------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الخوارزميون ومواجهة اإلعصار المؽولي‬
‫( فً ذكر وفاة عالء الدٌن خوارزم‪ 13 :‬من شوال ‪617‬هـ )أحمد تمام‬
‫نشؤت الدولة الخوارزمٌة بٌن أحضان دولة السالجقة التً حكمت مناطق واسعة فً الشرق اإلسالمً‪ ،‬فقد ظهر فً عهد السلطان السلجوقً‬
‫"ملكشاه" مملوك نابه فً بالطه‪ٌ ،‬سمى "أنوشتكٌن" نجح فً أن ٌحظى بتقدٌر السلطان ونٌل ثقته‪ ،‬فجعله والًٌا على إقلٌم خوارزم‪ ،‬وظل على والٌته‬
‫حتى وفاته سنة (‪490‬هـ=‪1097‬م)‪ ،‬فخلفه ابنه محمد وكان على مقدرة وكفاٌة مثل أبٌه‪ ،‬فظل ٌحكم باسم الدولة السلجوقٌة ثالثٌن عامًا‪ ،‬نجح فً‬
‫أثنابها فً تثبٌت سلطانه‪ ،‬ومد نفوذه‪ ،‬وتؤسٌس دولته وعُرؾ باسم خوارزم شاه‪ ،‬أي أمٌر خوارزم‪ ،‬والتصق به اللقب وعُرؾ به ‪.‬‬

‫وبعد وفاته سنة (‪522‬هـ=‪1128‬م) خلفه ابنه "أتسز" بموافقة السلطان السلجوقً سنجر‪ ،‬وكان أتسز والًٌا طموحً ا مد بصره فرأ دولة السالجقة‬
‫توشك على االنهٌار‪ ،‬فتطلع إلى بسط نفوذه على حسابها‪ ،‬واقتطاع أراضٌها وإخضاعها لحكمه‪ ،‬ودخل فً حروب مع السلطان سنجر الذي وقؾ‬
‫بالمرصاد لطموحات أتسز‪ ،‬ولم ٌمكنه من تحقٌق أطماعه‪ ،‬وأجبره على االعتراؾ بتبعٌته له‪ ،‬وظل ٌحكم خوارزم تحت سٌادة السالجقة حتى وفاته‬
‫فً سنة (‪551‬هـ=‪1156‬م ‪).‬‬

‫وفً الوقت الذي بدأ الضعؾ ٌدب فً أوصال الدولة السلجوقٌة كانت الدولة الخوارزمٌة تزداد قوة وشبابًا‪ ،‬حتى تمكنت من إزاحة دولة السالجقة‬
‫‪-568‬‬ ‫واالستٌالء على ما كان تحت ٌدٌها من بالد‪ ،‬وكان السلطان "تكش" بطل هذه المرحلة‪ ،‬وتعد فترة حكمه التً امتدت أكثر من ربع قرن (‬
‫‪596‬هـ=‪1200-1173‬م) العصر الذهبً للدولة الخوارزمٌة ‪.‬‬

‫عالء الدٌن‬

‫ولما توفً "تكش" سنة (‪596‬هـ=‪1199‬م) خلفه ابنه "عالء الدٌن محمد"‪ ،‬وكان كؤبٌه طموحً ا ٌتطلع إلى توسٌع دولته وبسط نفوذها‪ ،‬فدخل فً‬
‫‪606‬هـ= ‪1209‬م)‪ ،‬واستولى على بالد ما وراء النهر‪،‬‬ ‫حروب مع جٌرانه‪ ،‬فاستولى على معظم إقلٌم خراسان‪ ،‬وقضى على دولة الخطا سنة (‬
‫وأخضع لسلطانه مكران وكرمان واِلقالٌم الواقعة ؼربً نهر السند‪ ،‬وسٌطر على ممتلكات دولة الؽور فً أفؽانستان‪ ،‬وبلؽت بذلك الدولة أقصى‬
‫اتساعها فً عهده‪ ،‬حٌث امتدت من حدود العراق العربً ؼربًا إلى حدود الهند شر ًقا‪ ،‬ومن شمال بحر قزوٌن وبحر آرال شماالً إلى الخلٌ العربً‬
‫والمحٌط الهندي جنوبًا ‪.‬‬

‫ظهور جنكٌزخان‬

‫وتزامن مع اتساع الدولة الخوارزمٌة وازدٌاد نفوذها ظهور المؽول وبروز دولتهم على ٌد "تٌموجٌن" المعروؾ بجنكٌزخان الذي نجح فً السٌطرة‬
‫على قبابل المؽول‪ ،‬وإحكام قبضته علٌهم‪ ،‬وما كاد ٌهل عام ( ‪602‬هـ=‪1206‬م) حتى كان قد أخضع لسلطانه كل بدو صحراء جوبً‪ ،‬واتخذ من‬
‫مدٌنة "قراقورم" مقرً ا له‪ ،‬ووضع للقبابل الخاضعة لها نظامًا ٌحكمها وقوانٌن ٌحتكمون إلٌها‪ ،‬سمٌت بالٌاسا‪ ،‬وهو دستور اجتماعً وعسكري‬
‫صارم‪ ،‬أساسه الطاعة العمٌاء للسلطان ‪.‬‬

‫وبعد أن رسخت أقدام جنكٌزخان ووثق من قوته تطلع إلى توسٌع رقعة دولته‪ ،‬ومد بصره إلى بالد الصٌن‪ ،‬حٌث الخصب والنماء‪ ،‬فشن حمالت‬
‫علٌها‪ ،‬واستولى على مساحات شاسعة من بالد الصٌن وتوج جهوده بالسٌطرة على العاصمة بكٌن سنة (‪612‬هـ=‪1215‬م ‪).‬‬

‫االحتكاك بٌن الدولتٌن‬

‫‪413‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تجاورت الدولتان القوٌتان‪ ،‬ولم ٌكن هناك مفر من الصدام بٌنهما‪ ،‬وكان كل منهما ٌنتظر الفرصة لالنقضاض على اآلخر‪ ،‬وحدث ما لم ٌكن منه بد‪،‬‬
‫فالتقى السلطان محمد خوارزم وهو فً طرٌقه إلى إحد الؽزوات بفرقة من الجٌش المؽولً كان ٌقودها "جوجً بن جنكٌزخان"‪ ،‬وعلى الرؼم من‬
‫ضخامة جٌش الخوارزمٌٌن‪ ،‬فإنه لم ٌفلح فً تحقٌق نصر حاسم على تلك الفرقة لمهارتها فً القتال وأسالٌبها المبتكرة فً الحرب التً اندهش لها‬
‫الجٌش الخورازمً ‪.‬‬

‫وكان لهذا اللقاء أثر فً نفس السلطان الخوارزمً‪ ،‬فاستشعر الخوؾ من هإالء الجٌران الجدد‪ ،‬ولم ٌؤمن ؼدرهم‪ ،‬فبدأ ٌتابع أخبارهم‪ ،‬ولما وصلت‬
‫إلٌه أنباء استٌالء جنكٌزخان على بكٌن لم ٌصدق هذه اِلخبار‪ ،‬وأرسل وفدً ا إلى بكٌن للوقوؾ على جلٌة اِلمر‪ ،‬ومقابلة جنكٌزخان‪ ،‬فلما وصل إلى‬
‫هناك استقبلهم وأحسن وفادتهم وبعث معهم برسالة ودٌة إلى السلطان الخوارزمً ‪.‬‬

‫وبدالً من أن ٌنصرؾ السلطان إلى تقوٌة دولته والقضاء على المؽول الذٌن ٌهددون دولته أو مسالمتهم‪ ،‬انصرؾ إلى النزاع مع الخلٌفة العباسً‬
‫الناصر لدٌن ّللا‪ ،‬وطمع فً أن ٌكون له الهٌمنة على بؽداد والخالفة العباسٌة كما كانت لسالطٌن السالجقة‪ ،‬فحرك جٌوشه الجرارة تجاه بؽداد‪ ،‬لكن‬
‫اِلمطار الؽزٌرة والعواصؾ الشدٌدة تكفلت باِلمر وتصدت له‪ ،‬فمات عدد كبٌر من جند الخوارزمٌٌن وهلكت خٌولهم‪ ،‬واضطر السلطان إلى العودة‬
‫إلى بالده سنة (‪614‬هـ=‪1217‬م) ‪ٌ ،‬جر أذٌال الخٌبة والفشل وكانت هذه أول صدمة قاتلة قابلته منذ أن ولً الحكم فً سنة (‪596‬هـ‪1199-‬م ‪).‬‬

‫حادثة قتل التجار‬

‫رجع السلطان بعد فشل أمله فً السٌطرة على بؽداد إلى بالد ما وراء النهر‪ ،‬واستقبل هناك وفدً ا من تجار المؽول المسلمٌن ٌحملون رسالة من‬
‫جنكٌزخان إلى السلطان ٌعرض علٌه إبرام معاهدة تجارٌة بٌن البلدٌن فوافق السلطان على مضض‪ ،‬بعد أن شعر أن الرسالة تحمل فً طٌاتها التهدٌد‬
‫والوعٌد‪ ،‬وكان فً السلطان أنفة وكبرٌاء‪ ،‬فؤسّرها فً نفسه وإن لم ٌبدها فً الحال ‪.‬‬

‫ثم حدث ما لم ٌكن فً الحسبان‪ ،‬فقد قدم جماعة من التجار من رعاٌا جنكٌزخان إلى مدٌنة "أترار" التابعة للدولة الخوارزمٌة‪ ،‬فارتاب فٌهم "ٌنال‬
‫خان" حاكم المدٌنة دون تثبت‪ ،‬وبعث إلى السلطان الخوارزمً ٌخبره باِلمر‪ ،‬وبشكوكه فٌهم‪ ،‬فبعث إلٌه ٌؤمره بالقبض علٌهم وقتلهم؛ باعتبارهم‬
‫جواسٌس من قبل جنكٌزخان ‪.‬‬

‫وكان من الطبٌعً أن تسوء العالقة بٌن الدولتٌن بعد الحادث الطابش الذي أقدم علٌه السلطان‪ ،‬دون أن ٌدري أن كل قطرة من دماء هإالء التجار‬
‫كلفت المسلمٌن سٌالً من الدماء لم ٌنقطع لفترة طوٌلة‪ ،‬وأرسل جنكٌزخان إلى السلطان ٌطلب منه تسلٌم حاكم "أترار" لٌحاكمه ما دام قد تصرؾ من‬
‫تلقاء نفسه دون أن ٌرجع إلٌه‪ ،‬لكن السلطان رفض احتجاج جنكٌزخان‪ ،‬ولم ٌلجؤ إلى اللٌن والتلطؾ‪ ،‬وتملكته العزة باإلثم فؤقدم على قتل الوفد الذي‬
‫ٌحمل الرسالة دون بصر بعواقب اِلمور‪ ،‬قاطعًا كل خٌط إلحالل السالم محل الحرب ‪.‬‬

‫االستعداد للحرب‬

‫كان قتل الرسل ٌعنً إعالن الحرب بٌن الدولتٌن وقطع كل أمل لحسن الجوار وحدوث السالم‪ ،‬فؤخذ كل فرٌق ٌستعد لآلخر‪ ،‬وشرع السلطان‬
‫الخوارزمً ٌستطلع أخبار المؽول‪ ،‬وٌجهز الجٌوش‪ ،‬وٌبنً اِلسوار حول المدن‪ ،‬وٌفكر فً رسم الخطط الحربٌة‪ ،‬حتى صار ال ٌتكلم إال فً‬
‫موضوع الحرب الذي شؽل قلبه‪ ،‬وفً الوقت نفسه كان جنكٌزخان ٌستعد للصدام المرتقب بٌنهما‪ ،‬فجهز جٌوشه‪ ،‬وأعد أسلحته‪ ،‬وحشد كل ما ٌمكن‬
‫حشده ‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبعد أن أكمل جنكٌزخان استعداداته انطلق بجٌشه نحو بالد ما وراء النهر فً خرٌؾ سنة ( ‪616‬هـ= ‪1219‬م) وهو ٌعتقد أنه سٌقابل خصمًا قوًٌا‪،‬‬
‫ٌحسب له ألؾ حساب‪ ،‬وبدالً من أن ٌخرج الجٌش الخوارزمً لمالقاة المؽول استقر رأي قادته على ترك المؽول ٌعبرون نهر سٌحون‪ ،‬واصطٌادهم‬
‫بعد ذلك فً بالد ما وراء النهر التً ال ٌعرفون مسالكها‪ ،‬بحٌث تنقطع اإلمدادات عنهم ‪.‬‬

‫اإلعصار المؽولً‬

‫بلػ جنكٌزخان وجٌشه نهر سٌحون على مقربة من مدٌنة أترار فً رجب (‪616‬هـ=‪1219‬م) ولم ٌشؤ أن ٌهاجم الخوارزمٌٌن من جهة واحدة‪ ،‬بل‬
‫من جهات متعددة تربك استعداداتهم‪ ،‬وتشتت وحدتهم‪ ،‬فقسم جٌشه الذي ٌبلػ ما بٌن مابة وخمسٌن أل ًفا إلى مابتً ألؾ جندي إلى أربعة جٌوش ‪:‬‬
‫‪ -‬اِلول بقٌادة ابنٌه جؽتاي وأوكتاي ومهمته فتح مدٌنة أترار ‪.‬‬
‫‪ -‬والثانً بقٌادة ابنه جوجً وهو االبن اِلكبر لجنكٌز خان‪ ،‬ووجهته البالد الواقعة على ساحل نهر جٌجون ‪.‬‬
‫‪ -‬أما الثالث فمهمته االستٌالء على مدٌنتً بنكات وخسجند على نهر سٌحون ‪.‬‬
‫‪ -‬والجٌش الرابع كان تحت قٌادة جنكٌزخان‪ ،‬وٌتؤلؾ من معظم الجٌش المؽولً وٌضم القو الضاربة‪ ،‬وكانت وجهته مدٌنة بخار الواقعة فً قلب‬
‫إقلٌم ما وراء النهر‪ ،‬وكانت مهمة هذا الجٌش هً التصدي لقوات الخوارزمٌٌن‪ ،‬والحٌلولة دون وصولهم إلى المدن المحاصرة على نهر سٌحون من‬
‫ناحٌة الشرق ‪.‬‬

‫وقد نجحت الجٌوش الثالثة فٌما وكل إلٌها من مهام‪ ،‬فسقطت مدٌنة أترار‪ ،‬بعد أن صمدت للحصار شهرً ا كامالً‪ ،‬وأبلى حاكمها بال ًء حس ًنا فً الدفاع‬
‫حتى فقد معظم رجاله‪ ،‬ونفدت المإن واِلقوات‪ ،‬ولم تكن المدن اِلخر بؤسعد حاال من أترار فسقطت هً اِلخر أمام الجٌشٌن الثانً والثالث ‪.‬‬

‫سقوط بخار وسمرقند‬


‫أما الجٌش الرابع الذي ضم معظم قوات المؽول‪ ،‬فقد تحرك إلى بخار تلك الحاضرة العظٌمة‪ ،‬وهاجم المدٌنة بضراوة شدٌدة‪ ،‬ودارت معارك عنٌفة‬
‫بٌن الجٌش الموكل بالدفاع عن المدٌنة وقوات المؽول لمدة ثالثة أٌام‪ ،‬انهارت بعدها قو الخوارزمٌٌن ولم ٌكونوا قلٌلً العدد‪ ،‬بل كانوا عشرٌن ألؾ‬
‫مقاتل‪ ،‬وشعروا بالٌؤس‪ ،‬فقرروا االنسحاب لٌالً‪ ،‬وتمكنوا من اختراق الجٌش المؽولً الذي ٌحاصر المدٌنة‪ ،‬وأجبروه على االرتداد‪ ،‬ولو أنهم صبروا‬
‫وتابعوا عدوهم المتقهقر لكان خٌرً ا لهم‪ ،‬ولكنهم آثروا السالمة تاركٌن المدٌنة المنكوبة لقدرها المحتوم أمام المؽول الهم ‪ ،‬فاجتاح المؽول المدٌنة‬
‫اآلمنة كالجراد المنتشر فً (ذي الحجة ‪616‬هـ= فبراٌر ‪1219‬م)‪ ،‬وقاتلوا من اعتصم بقلعتها‪ ،‬وطردوا أهلها بعد أن سلبوا ما فً المدٌنة من أموال‪،‬‬
‫ثم أعملوا السٌؾ فٌمن بقً بداخل المدٌنة‪ ،‬وأنهوا عملهم الوحشً بإحراق المدٌنة فؤصبحت قاعًا صفص ًفا بعد أن كانت درة متأللبة بٌن حواضر‬
‫العالم اإلسالمً ‪.‬‬
‫وبعد أن أجهز جنكٌزخان على بخار اتجه إلى سمرقند حاضرة إقلٌم ما وراء النهر‪ ،‬وضرب حولها حصارً ا شدٌدً ا‪ ،‬ودار قتال عنٌؾ هلك فٌه أكثر‬
‫الجند الخوارزمً؛ ما أضعؾ مقاومة أهل سمرقند فطلبوا اِلمان نظٌر تسلٌم المدٌنة‪ ،‬فؤجابهم المؽول‪ ،‬وما إن دخلوا المدٌنة التعسة حتى أعملوا فٌها‬
‫السٌؾ بعد أن جردوهم من أسلحتهم‪ ،‬وأحرقوا المدٌنة ومسجدها على من فٌه من الناس ‪.‬‬

‫نهاٌة السلطان محمد خوارزم شاه‬


‫كانت الهزابم التً لقٌها السلطان الخوارزمً قاسٌة‪ ،‬ولم تكن من قلة فً العدد والعتاد‪ ،‬ولكن كانت من سوء قٌادة‪ ،‬وفرقة فً الصؾ‪ ،‬وحب للدنٌا‪،‬‬
‫وتقاعس عن الجهاد‪ ،‬وخور فً العزٌمة‪ ،‬ووهن فً النفس‪ ،‬فانهار البناء الضخم‪ ،‬وسقطت الدولة المترامٌة فً سنوات قلٌلة‪ ،‬ولم ٌعد أمام السلطان‬
‫سو التوجه إلى مكان آمن ٌعٌد فٌه تنظٌم جٌشه وٌعاود الجهاد حتى ٌسترد ما فقده‪ ،‬لكنها كانت أحالم بددها إصرار جنكٌزخان على تتبع السلطان‬
‫الفار من بلد إلى آخر‪ ،‬وجند المؽول تطارده‪ ،‬حتى انتهى به المطاؾ إلى همدان فً نحو عشرٌن ألفا من جنوده ‪.‬‬

‫وفً هذه اِلثناء تمكن المؽول من السٌطرة على إقلٌم خوارزم‪ ،‬أهم والٌات الدولة‪ ،‬وأسروا تركان خان والدة السلطان ومن معها من أبنابه وبناته‪،‬‬
‫فلما قُدّموا إلى جنكٌزخان أمر بقتل أبناء السلطان محمد خوارزم وكانوا صؽار السن‪ ،‬وزوّ ج أبناءه وبعض رجاله من بنات السلطان ‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وما كادت تصل هذه اِلنباء المفجعة إلى السلطان حتى ازداد ؼمًا على ؼم‪ ،‬وأصابه الحزن والهم‪ ،‬وكان قد انتهى به الفرار إلى جزٌرة فً بحر‬
‫قزوٌن‪ٌ ،‬حوطه الٌؤس والقنوط‪ ،‬فؤسلم نفسه لألحزان‪ ،‬ولم ٌقو على دفعها‪ ،‬وسٌطر علٌه القلق‪ ،‬وحلت به اِلمراض‪ ،‬ولم تكؾّ عٌناه عن البكاء على‬
‫المجد الضابع والرباسة والسلطان‪ ،‬وظل على هذا الحال حتى أسلم الروح فً ( ‪ 13‬من شوال ‪617‬هـ=‪ 9‬من دٌسمبر ‪1220‬م)‪ ،‬وقبل وفاته أوصى‬
‫البنه جالل الدٌن منكبرتً بالسلطة‪ ،‬فحمل راٌة الجهاد‪ ،‬وواصل رحلة الكفاح‪ ..‬ولهذا حدٌث آخر ‪.‬‬

‫من مصادر الدراسة ‪:‬‬


‫ابن اِلثٌر‪ :‬الكامل فً التارٌخ – دار صادر – بٌورت – ‪1978‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫حافظ حمدي‪ :‬الدولة الخوارزمٌة والمؽول – دار الفكر العربً – القاهرة – ‪1949‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عباس إقبال‪ :‬تارٌخ إٌران بعد اإلسالم – دار الثقافة للنشر والتوزٌع – القاهرة – ‪1990-1410‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عبد السالم عبد العزٌز فهمً‪ :‬تارٌخ الدولة المؽولٌة فً إٌران – دار المعارؾ – القاهرة – ‪1981‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عصام عبد الرءوؾ‪ :‬الدول اإلسالمٌة المستقلة فً أشرق – دار الفكر العربً – القاهرة – ‪1987‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/12/article28.shtml‬‬

‫‪------------------‬‬
‫القادة العرب يرفضون شن حرب على العراق‬

‫صبري وصف المبادرة اإلماراتية بالتافية‬

‫‪416‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫القذافي‪:‬السعودية تحالفت مع الشيطان‬


‫الدول العربية قالت انيا لن تشارك في أي عمل عسكري ضد العراق‬
‫اختتمت القمة العربية التي انعقدت بمنتج شرم الشيخ في مصر بإصدار بيان يرفض بشكل واضح شن أي ىجوم عسكري عمى العراق وتيديد سالمة‬
‫أي دولة عربية‪.‬‬
‫وقال البيان إن الدول العربية لن تشارك في أي عمل عسكري ضد العراق‪.‬‬
‫المتحدة‪ ،‬والى إتاحة المزيد من الوقت الستكمال عمل فرق التفتيش‬ ‫ودعا القادة العرب إلى تسوية األزمة العراقية بالطرق السممية من خالل األمم‬
‫الدولية‪.‬‬
‫وكانت أجواء اجتماع القمة الذي عقد لبحث األزمة العراقية قد شيدت توت اًر ومفاجآت‪.‬‬
‫فقد وقع تالسن حاد بين الرئيس الميبي معمر القذافي وولي العيد السعودي األمير عبد اهلل بن عبد العزيز الذي يمثل بالده في القمة‪.‬‬
‫وكان القذافي يتحدث عن التواجد األمريكي في السعودية قائال إن "السعودية تحالفت مع الشيطان لصد الخطر العراقي"‪.‬‬

‫وقال إن األزمة الحالية ليست بين الواليات المتحدة والعراق ولكنيا بين العرب أنفسيم مشي ار إلى أن دوال خميجية بينيا السعودية ىي التي دعت القوات‬
‫األمريكية إلى المنطقة عقب غزو الكويت عام ‪. 1990‬‬
‫ورد األمير عبد اهلل عميو مدافعا عن عروبة واسالم بالده قائال إن "السعودية ليست عميمة لالستعمار مثمك ومثل غيرك‪ ".‬ثم سألو قائال "من أتى بك‬
‫إلى الحكم؟"‬
‫كما طالبو بعدم الحديث عن شؤون ليس لو الحق في الحديث عنيا متيما إياه بالكذب‪.‬‬
‫ورد عميو القذافي قائال "لقد أخطأت فيمي فما أريد قولو ىو حقائق تاريخية يعرفيا الجميع"‬
‫وقد انقطع البث التمفزيوني المباشر لمقمة عقب تعقيب الممك عبد اهلل مباشرة‪ .‬ودعا رئيس الجمسة ممك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خميفة إلى‬
‫رفع الجمسة لبعض الوقت‪.‬‬

‫مبادرة إماراتية‬
‫وكانت تكينات قد ترددت في ردىات القمة العربية في شرم الشيخ عن مبادرة إماراتية تحدث عن بعض تفاصيميا تمفزيون أبوظبي‪ ،‬تدعو إلى تخمي‬
‫القيادة العراقية عن السمطة خالل أسبوعين‪ ،‬لكن المبادرة لم تطرح‪.‬‬
‫وقيل إن المبادرة كانت تنص عمى تقديم حماية ممزمة لمقيادة العراقية محميا ودوليا‪ ،‬عمى أن تتولى جامعة الدول العربية واألمم المتحدة اإلشراف عمى‬
‫الوضع الداخمي في العراق لفترة انتقالية لم يتم تحديدىا‪.‬‬
‫وخالل مؤتمر صحفي عقده عقب انتياء اعمال القمة رفض وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الرد عمى سؤال بشأن المبادرة اإلماراتية قائال إنو لن‬
‫يناقش "أي أفكار تافية"‪.‬‬
‫وفي اتصال ىاتفي مع البي بي سي قال سفير العراق لدى األردن‪ ،‬الدكتور صباح ياسين إن بالده غير مستعدة حتى لمنظر في ىذه المقترحات‪ ،‬وأنيا‬
‫لن تستقبل أي وفد عربي قد يصل إلى بغداد حامالً ىذه األفكار‪.‬‬
‫المزيد من الوقت لنزع أسمحتو بطريقة سممية وتجنب الحرب‬ ‫وقد طالب الرئيس المصري حسني مبارك‪ ،‬في كممتو بالجمسة االفتتاحية بمنح العراق‬
‫األمريكية ضده‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫عبد اهلل اتيم القذافي بالكذب‬


‫وقال مبارك اليوم السبت‪" :‬يجب منح العراق وقت كاف إلظيار جديتو في تنفيذ الق اررات " المتعمقة بنزع أسمحتو والتي أصدرىا مجمس األمن‪ ،‬وحث‬
‫بغداد عمى "إبداء المزيد من التعاون" مع مفتشي األسمحة‪.‬‬
‫وأضاف في إشارة ضمنية لرفضو أي حرب أمريكية دون تفويض من األمم المتحدة "نعتقد أن الحل األمثل ىو المجوء إلى الشرعية الدولية وأن يحل‬
‫ىذا األمر في إطار مجمس األمن الدولي‪".‬‬
‫لمعراق‪ ،‬وحث الدول العربية عمى التوحد في مواجية ىذه‬ ‫وحذر مبارك من أن الحرب "سيكون ليا عواقب خطيرة" و"قد تنتشر إلى الدول المجاورة"‬
‫األزمة‪.‬‬
‫وتابع قائال‪" :‬يتعين أن نبقى متوحدين في مثل ىذه القضايا االستراتيجية‪ .‬يمكن السماح بالخالفات في القضايا غير الحاسمة لمستقبمنا‪".‬‬
‫اجراءات أمنية مشددة أحاطت بموقع انعقاد القمة‬
‫وأضاف‪" :‬الموقف الحالي جعل شعوب المنطقة تشعر بأن مستقبل األمة العربية معمق في الميزان‪".‬‬
‫وكان الرئيس المبناني اميل لحود قد افتتح القمة بكممة قال فييا "نعارض أي حرب ضد العراق أو أي دولة عربية أخرى‪ ،‬وسنعتبر ىذا تيديدا لألمة‬
‫العربية بأكمميا‪".‬‬
‫وكان لحود يتحدث باعتباره رئيس القمة العربية السابقة قبل أن يسمم رئاسة الجامعة العربية لمبحرين‪ ،‬الرئيس الجديد لمقمة العربية‪.‬‬
‫وأضاف الرئيس المبناني‪" :‬وفي الوقت نفسو نوجو دعوة إلى العراق لمواصمة تعاونو مع األمم المتحدة حتى ال يقدم أي ذريعة قد تؤدي إلى الحرب‪".‬‬

‫الهوامش فً اخر صفحة من الكتاب ‪:‬‬


‫*‪ = *1‬كلمة(كان ذلك شاؼل الوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة عارفة أنها تخالؾ به وصٌة الجنرال <<جورج واشنطن>> مدركة وهً تتابع مجر‬
‫الحوادث فً أوروبا ( ‪ ....‬بعد توحٌد ألمانٌا وحرب السبعٌن وسقوط دولة نابلٌون الثالث ومشهد كومٌونة بارٌس المإذن بعصر من الثورات‬
‫االجتماعٌة) أن القارة القدٌمة مقبلة على حرب عالمٌة إلعادة توزٌع المستعمرات وشعورها بؤن الفرصة سانحة لها لتخرج إلى أعالً البحار‪) .... .‬‬
‫محمد حسنين هيكل (اإلمبراطورية على الطريقة األميركية‬
‫‪) http://sotaliraq.com/view/article_2003_03_1_4707.html‬‬

‫==============================‬

‫* ‪ * 3‬ماٌجري خلؾ كوالٌس استالم حكومة البعث للسلطة فً العراق من كتاب مذكرات حردان التكرٌتً والتً نشرها‬
‫فً شبكة الكوثر محمد كاظم الجادري فً عام ‪ (( 2004‬فإن ما ٌجري وراء الكوالٌس لٌس من النوع الذي ٌستطٌع‬
‫الجمٌع ان ٌكشفوه ‪ ,‬انه مثل الحدٌث الصحفً الذي لٌس للنشر ‪ .‬ولقد اوضحت ل (( ابو هٌثم )) عدة مرات شعوري العمٌق بضرورة القٌام بعمل ‪,‬‬
‫النقاذ العراق من (( استعمار الكوالٌس )) ‪ - ,‬حسب تعبٌري الخاص – وكل مرة كنت اواجه ضحكة عرٌضة منه ‪ ,‬اسمع بعدها كلماته التً كانت‬
‫عالوزارة ‪ ,‬وجابتنً عالرباسة ‪ ...‬خلٌه مستورة )) ‪ .‬ولو انً‬ ‫تبدو متقطعة ٌقول باللهجة العراقٌة ‪ (( : -‬اشبٌها الكوالٌس ؟ مو هٌه اللً جاببتك‬
‫سبلت االن عن اسباب انقالب ‪ / 17‬تموز ‪ ,‬وانقالب ‪ / 30‬تموز لما ترددت فً االشارة الى واشنطن كجواب على السإال االول ‪ ,‬والى برٌطانٌا‬
‫كجواب على السإال الثانً ‪ :‬فقد اعلن الربٌس السابق عبد الرحمان عارؾ ‪ ,‬قبل انقالبنا بشهرٌن على تعدٌل فً اتفاقٌات النفط لصالح شركة(‬

‫‪418‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اٌرب الفرنسٌة ) ‪ ,‬وقد طلبنً ابو هٌثم عشٌة اعالن الحكومة عن هذا التعدٌل ‪ ,‬وشرح لً اهمٌة هذا االعالن ‪ ,‬واثاره السبة على عالقات كل من‬
‫العراق – برٌطانٌا – والعراق امرٌكا ‪ .‬وذكر ان علٌنا ان نستؽل هذا الوضع الجدٌد للقٌام بعمل ما ‪ .‬وجرت بعد ذلك اتصاالت بٌننا وبٌن صدام‬
‫الذي كان اذ ذاك فً بٌروت ‪ ,‬واخبرناه بضرورة اقامة حوار عاجل بٌنه وبٌن السفارة االمرٌكٌة ‪ ,‬واخبرناه باجراء اتصال مع عفلق بهذا لشؤن ‪.‬‬
‫وبعد اقل من اسبوع اخبرنا صدام بؤن الحكومتٌن ابدتا استعدادهما للتعاون الى اقصى حد بشرطٌن ‪ :‬االول – ان نقدم لهما تعهدا خطٌا بالعمل وفق‬
‫ما ٌرسمونه لنا ‪ .‬والثانً‪ -‬ان نبرهن على قوتنا فً الداخل وتقرر ان ٌقوم حزب البعث بتنظٌم مظاهراة ضد عبد الرحمان عارؾ كتدلٌل على القوة‬
‫‪ ,‬وفعال نظم الحزب تظاهرة ضخمة بالتعاون مع الشٌوعٌن والدٌنٌٌن ‪ ,‬وكان ٌمشً امامها ابو هٌثم وانا وعماش وبعض (( الرفاق )) ‪ .‬وقد اخبرتنا‬
‫السفارة االمرٌكٌة فً بٌروت انها على استعداد للتعاون على ان (( نتساهل )) بعد نجاح االنقالب فً مسؤ لة النفط مع الشركات االمرٌكٌة ‪ ,‬ووافقنا‬
‫على الشروط ‪ .‬وبعد ثالثة اٌام جاءنا من السفارة االمرٌكٌة من ٌقول ‪ :‬ان علٌنا ان نتعاون مع آمر الحرس الجمهوري لعبد الرحمان عارؾ ‪ :‬عبد‬
‫الرزاق الناٌؾ ‪ ,‬وان علٌنا ان نمشً وفق الخطة التً سٌرسمها لنا ‪ .‬وقد التقٌنا به فً سٌارته الخاصة لٌلة ‪ / 12‬تموز ‪ , 68 /‬واتفقنا معه على كل‬
‫شًء ‪ .‬وال ارٌد هنا الخوض فً كٌفٌة وقوع االنقالب ‪ ,‬ولكن الذي ادهشنا جمٌعا ان االنقالب نجح اسرع مما كنا نتصوره ‪ ,‬فقد رفع عبد الرحمن‬
‫عارؾ ٌدٌه عالمة االستسالم بمجرد ان اطلق جماعة عبد الرزاق الناٌؾ ثالث طلقات خارج ؼرفته صباح ٌوم ‪ / 17‬تموز ‪ .‬ولم تمر ستة اٌام فقط‬
‫على االنقالب حتى اتصلت بنا السفارة البرطانٌة فً بؽداد بشكل سري وذكرت خطورة االستمرار فً السٌاسة التً اعلنها عبد الرزاق الناٌؾ‬
‫بصفته ربٌسا للوزراة فً مإتمره الصحفً االول واالخٌر الذي عقده اثناء رباسته للوزراة ‪ ,‬والذي قال فٌه ‪ :‬ان حكومته ستتخذ اتجاها مستقال فً‬
‫قضاٌا النفط ‪ ,‬وانها ستعٌد النظر فً كل االتفقٌات المعقودة بٌن العراق وبٌن شركات النفط ‪).‬‬
‫==========================‬
‫وثٌقة بعنوان "استراتٌجٌة إسرابٌلٌة للثمانٌنات"‪ .‬وقد‬ ‫* ‪ * 4‬فً عام ‪ 1982‬نشرت مجلة "كٌفونٌم" التً تصدرها المنظمة الصهٌونٌة العالمٌة‪،‬‬
‫ُنشرت هذه الوثٌقة باللؽة العبرٌة‪ ،‬وتم ترجمتها إلى اللؽة العربٌة‪ ،‬وقدمها الدكتور ‪ /‬عصمت سٌؾ الدولة كؤحد مستندات دفاعه عن المتهمٌن فً‬
‫‪.1988‬‬ ‫قضٌة تنظٌم ثورة مصر عام‬

‫===============================‬
‫العرب والمسلمون فاعلون أكثر من أذ مرة سابقة‪ ...‬لكن بؤذ صورة؟‬
‫‪ Nov 4, 2004‬بقلم‪ :‬الرأذ العام‬
‫القاهرة ـ من عماد سٌد أحمد‪ :‬شكلت أزمة الرهابن اِلمٌركٌٌن فً طهران بداٌة الثمانٌنٌات عالمة فارقة فً االنتخابات الرباسٌة اِلمٌركٌة التً‬
‫أطاحت الربٌس جٌمً كارتر لمصلحة رونالد رٌؽان فً ما عرؾ بعدها بمصطلح «مفاجؤة أكتوبر» التً تسهم فً شكل كبٌر فً نتاب انتخاب‬
‫الربٌس اِلمٌركً الجدٌد‪ .‬وٌبدو أن العرب هم أصحاب «مفاجؤة أكتوبر» فً هذه االنتخابات‪ ،‬سواء فً ما ٌتعلق بالتورط العسكري اِلمٌركً‬
‫المباشر فً العراق واستخدامه من قبل الطرفٌن المتنافسٌن الربٌس جورج بوش والمرشح الدٌموقراطً جون كٌري‪ ،‬أو من حٌث المفاجآت الفردٌة‬
‫التً تمثلت فً الظهور المباؼت ِلسامة بن الدن فً شرٌط جدٌد قبٌل االنتخابات‪ ،‬ما دفع بالمرشحٌن لمحاولة استثمار ظهور «الشبح» المخٌؾ‬
‫لألمٌركٌٌن لمصلحة حملته‪ .‬ففٌما حاول بوش تؤكٌد أن وجود بن الدن ٌإكد استمرار الخطر الذي تعرض له المجتمع اِلمٌركً بسبب االرهاب‪ ،‬كما‬
‫حدث فً كارثة ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬ما ٌعنً أن الحرب ضد االرهاب واجبة‪ ،‬وأن وجوده واستمراره فً االتجاه نفسه ضرورة من أجل القضاء على‬
‫ظاهرة االرهاب‪ ،‬سعى كٌري الى توضٌح أن بقاء بن الدن حٌا وفاعال هو فً ذاته تؤكٌد على فشل سٌاسة بوش ولجوبه الى خٌار الحرب بهذه‬
‫الصورة‪ ،‬مقدما برنامجه كبدٌل لسٌاسة بوش الفاشلة فً القضاء على بن الدن‪ .‬وبٌن هذا وذاك تلقً االنتخابات الرباسٌة اِلمٌركٌة بظالل كثٌفة على‬
‫الواقع العربً داخل الوالٌات المتحدة وخارجها‪ .‬وفً الوقت الذي أعلن فٌه عدد من المنظمات االسالمٌة والعربٌة فً أمٌركا‪ ،‬تؤٌٌده المشروط‬
‫للمرشح الدٌموقراطً‪ ،‬بدا أن بعض الدول العربٌة وفً مقدمها العراق تقدم دعمها المباشر وؼٌر المباشر للربٌس الجمهوري‪.‬‬
‫ومنذ بدأت الحملة االنتخابٌة قبل أشهر عدة‪ ،‬بدا أن ظاهرة التصوٌت من الخارج فً هذه االنتخابات سوؾ تكون ذات ثقل خاص أكثر من أي وقت‬
‫مضى‪ ،‬وفرضت الورقة العراقٌة نفسها على الالفتات االنتخابٌة وتلتها الورقة االنتخابٌة ثم الصراع العربً ـ االسرابٌلً‪ ،‬اضافة الى الورقتٌن‬
‫االٌرانٌة ـ السورٌة‪.‬‬
‫وفً أحد لقاءاته مع مإٌدٌه فً ٌوم عٌد العمال والذي ٌمثل البداٌة التقلٌدٌة لموسم سباق الحمالت االنتخابٌة‪ ،‬نظم المرشحان تجمعات حاشدة فً‬
‫والٌات مٌسوري‪ ،‬بنسلفانٌا‪ ،‬وٌست فرجٌنٌا‪ ،‬وأوهاٌو‪ ،‬انتقد كٌري فً شدة سٌاسة بوش فً الحرب على العراق‪ ،‬ووصفها بؤنها «الحرب الخطؤ فً‬

‫‪419‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المكان الخطؤ»‪ .‬وقال‪ :‬ان هدفه سحب القوات اِلمٌركٌة فً والٌة فرجٌنٌا‪ ،‬أبلػ كٌري الجماهٌر بؤن حرؾ دبلٌو فً اسم بوش هو أٌضا الحرؾ‬
‫اِلول من كلمة خطؤ باالنكلٌزٌة وٌرمز الى خطؤ فً االختٌارات‪ ،‬وخطؤ فً التقدٌر‪ ،‬وخطؤ فً اِلولوٌات‪ ،‬قابال‪«:‬أخطؤ فً االتجاه الذي تسٌر فٌه‬
‫البالد‪ ،‬فً كل شًء‪ ،‬بدءا بالوظابؾ وانتهاء بالعراق»‪.‬‬
‫أهم شًء فً االنتخابات اِلمٌركٌة هو أنه من المرات القلٌلة التً تصبح فٌها اِلوراق الخارجٌة مهمة للؽاٌة قٌاسا بالبرام الصحٌة والسٌاسات‬
‫االجتماعٌة ونظام الضرابب‪ ،‬والشك أنه ال توجد ورقة انتخابٌة خارجٌة من الورقة العراقٌة وهً ذاتها التً بدأت بها المعركة االنتخطابٌة بٌن‬
‫‪ 11‬سبتمبر التً وحدت البالد‬ ‫الجمهورٌٌن والدٌموقراطٌٌن الذٌن اتخذوا منها ذرٌعة لتقوٌض جماهٌرٌة بوش «االبن» التً حصدها منذ أحداث‬
‫تلقابٌا ً فً وجه عدو جدٌد وخلؾ بوش نفسه‪ ،‬الذي ارتفعت أسهمه فً استطالعات الرأي‪ ،‬بٌن لٌلة وضحاها الى معدالت قٌاسٌة وصلت الى ‪ 90‬فً‬
‫المبة وهً حالة معروفة فً النظام السٌاسً اِلمٌركً حٌن تتعرض البالد لخطر خارجً أو تنخرط فً صراع خارج الحدود‪ ،‬وٌطلق علٌها‬
‫«االلتفاؾ حول الربٌس» وهً حالة موقتة سرعان ما تعود بعدها شعبٌة الربٌس الى معدلها الطبٌعٌة بل ربما ٌصل اِلمر بعدها الى الهزٌمة فً‬
‫أول انتخابات‪ ،‬كما حدث مع جٌمً كارتر وجورج بوش اِلب‪ ،‬ومن ثم كان الجدٌد هو استمرار ارتفاع شعبٌة بوش لفترة أطول بكثٌر من المتعارؾ‬
‫علٌه‪.‬‬
‫وفً الواقع‪ ،‬كانت هذه الشعبٌة الممتدة جزءاً من حالة عامة لٌست االدارة بمنؤ عنها وعن صنعها‪ ،‬صحٌح أنها نشؤت تلقابٌا ً بعد ‪ 11‬سبتمبر كما‬
‫سبق القول‪ ،‬اال أن استمرارها كان نتاج تضافر عوامل عدة كان على رأسها دور عمدي لعبته االدارة نفسها فضالً عن اِلداء الفرٌد لالعالم‬
‫اِلمٌركً بعد أحداث سبتمبر واللذٌن كانا سببا فً انهٌار المعارضة المإسسٌة فؽذ انهٌارها الحالة نفسها‪ ،‬وقد أد كل ذلك الى وضع ألم بالوالٌات‬
‫المتحدة صارت له تداعٌاته بالؽة الخطورة على السٌاسة الداخلٌة والخارجٌة‪ ،‬سوؾ تظل أمٌركا كؤمة تدفع ثمنا باهظا ً له لسنوات وربما عقود مقبلة‪.‬‬
‫أما فً ما ٌتعلق بالدور العمدي الذي لعبته االدارة‪ ،‬فكان ٌتمثل فً سعٌها الستثمار الحالة التً سرت عقب أحداث سبتمبر وتكرٌسها بهدؾ اطالة‬
‫أمدها بقدر االمكان وكانت وسابلها فً ذلك هً السٌطرة على المعلومات المتاحة للرأي العام‪ ،‬فضالً عن التؽذٌة المستمرة لحالة الذعر التً أصابت‬
‫المواطن العادي‪ ،‬وكانت مسإلة أساسا عن تلك الحالة‪ .‬وتجدر هنا االشارة الى أن أحداث سبتمبر قد وقعت فً لحظة كانت االدارة فٌها تتسم‬
‫بخصابص فرٌدة‪.‬‬
‫فهً من أكثر االدارات اِلمٌركٌة مٌال للسرٌة والتعتٌم على ما ٌدور فً أروقتها وكانت هذه الخاصٌة واضحة فً أداء هذه االدارة حتى قبل أحداث‬
‫سبتمبر وكثٌرة هً الحاالت التً قاومت فٌها االدارة اطالع الكونؽرس ـ صاحب الحق دستورٌا فً الرقابة ـ على المعلومات‪ ،‬اِلمر الذي وصل فً‬
‫بعض اِلحٌان الى صدام علنً تم رفعه الى القضاء‪.‬‬
‫فعلى سبٌل المثال‪ ،‬ظلت االدارة اِلمٌركٌة طوال ثمانٌة شهور كاملة قبل ‪ 11‬سبتمبر ترفض التقدم بؤٌة معلومات عن مجموعة العمل التً ترأسها‬
‫دٌك تشٌنً بتكلٌؾ من بوش العداد استراتٌجٌة عامة فً شؤن قضٌة الطاقة لٌتم عرضها على الربٌس‪ ،‬ومع المعلومات التً كان مكتب المحاسبة‬
‫العامة وهو أحد اِلجهزة الرقابٌة التابعة للكونؽرس‪ ،‬طلبها فً اطار التحقٌق فً اِلمر بعد أن تبٌن أن شركات الطاقة العمالقة صاحبة المصلحة فً‬
‫أٌة سٌاسات جدٌدة كانت مهٌمنة فً تلك المجموعة التً رأسها تشٌنً وظلت االدارة ترفض التقدم بؤٌة معلومات حتى وصل اِلمر الى صدام مباشر‬
‫بٌن المكتب والبٌت اِلبٌض‪ ،‬تم رفعه للقضاء‪ ،‬ولم ٌبدأ البٌت اِلبٌض فً تقدٌم بعض المعلومات اال بعد فضٌحة «انرون»‪ ،‬وهً احد الشركات‬
‫العمالقة التً كانت محتلة فً المجموعة نفسها‪ ،‬والنمط نفسه كان واضحاً‪ ،‬فً رفض االدارة المستمر االفراج عن الكثٌر من الوثابق الخاصة‬
‫بالربٌس السابق رونالد رٌجان‪ ،‬فوفق القانون اِلمٌركً ٌتم االفراج عن أؼلب الوثابق الرباسٌة باستثناء عدد محدود للؽاٌة ـ بعد خروج الربٌس‬
‫المعنً من البٌت اِلبٌض بــ ‪ 12‬عاما‪ ،‬وهو الموعد الذي كان حل فً ٌناٌر ‪ ، 2001‬اال أن االدارة حتى أؼسطس من العام نفسه‪ ،‬وبعد مرور ستة‬
‫أشهر كاملة‪ ،‬كانت التزال تحتجز تلك الوثابق ‪ ،‬بعبارة أخر لم تكن أحداث سبتمبر هً السبب وراء مٌل االدارة الى السرٌة والتعتٌم‪ ،‬وانما كانت‬
‫المبرر الجدٌد القو الذي استخدمته تحت شعار «اِلمن القومً»‪ ،‬وهمشت من خالله دور الكونؽرس قدر االمكان‪ .‬فمنذ البداٌة كان عدد من رموز‬
‫هذه االدارة ـ وعلى رأسهم دٌك تشٌنً ـ ٌإمنون بؤن صالحٌات المإسسة التشرٌعٌة شهدت فً العقد اِلخٌر اتساعا ً على حساب المإسسة التنفٌذٌة‪،‬‬
‫ثم جاءوا الى مناصبهم عازمٌن على وقؾ ذلك التوسع‪ ،‬وحرمان المإسسة التشرٌعٌة من المعلومات هو بال شك احد الوسابل التً تحجم من‬
‫دورها‪ ،‬وقد وصلت هذه االدارة الى مد ؼٌر مسبوق فً مٌلها للسرٌة الٌضاحٌة سجل ادارة أخر ــ ربما باستثناء ادارة نٌكسون ـ واِلمثلة فً‬
‫الواقع ال تعد وال تحصى على المد الذي وصلت الٌه فً رؼبتها فً اضفاء المعلومات والسٌطرة علٌها‪ .‬فعلى سبٌل المثال ال الحصر‪ ،‬بجرد بدء‬
‫العملٌات العسكرٌة فً أفؽانستان عقدت وزارة الدفاع اِلمٌركٌة صفقة بمالٌٌن الدوالرات‪ ،‬اشترت بمقتضاها بشكل مطلق حق بث الثور التً‬

‫‪420‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌلتقطها قمر اصطناعً مدنً اسمه « ‪ »LKONAS‬كان قادراً على اعطاء صور شدٌدة الوضوح لما ٌحدث على اِلرض هناك‪ ،‬بما فً ذلك جثث‬
‫الضحاٌا المدنٌٌن‪.‬‬
‫ولم تكن السٌطرة على المعلومات نمطا متكرراً تمارسه االدارة فقط مع االعالم وانما مارسته أٌضا ً مع عدد من المنظمات البحثٌة اِلمٌركٌة‬
‫‪11‬‬ ‫والمإسسات اِلهلٌة المختلفة‪ ،‬فضال عن حجبها عن الكونؽرس ـ كما ذكرنا ـ وكثٌرة هً الحاالت التً لم تطلع فٌها االدارة الكونؽرس بعد‬
‫سبتمبر‪ ،‬ولعل أخطر القرارات ذلك الذي أنشؤ بموجبه بوش االبن المحاكم العسكرٌة لمحاكمة اِلجانب «المتورطٌن فً أعمال ارهابٌة»‪ .‬ومكمن‬
‫الخطر لم ٌكن فقط فً أن المإسسة التشرٌعٌة لم تخطر بالقرار قبل صدوره‪ ،‬رؼم أنها وحدها المنوط بها دستورٌا ً انشاء كل أنواع المحاكم‪ ،‬وانما‬
‫اٌضا ً ِلنه صدر فً صورة قرار تنفٌذي‪ ،‬ووضع كل الصالحٌات فً ٌد الربٌس ووزٌر الدفاع عند التعامل مع أولبك المعتقلٌن وكان هذا القرار هو‬
‫احدي اللبنات اِلولى المسإولة عن فضٌحة أبوؼرٌب اذ أنه سمح للمإسسة التنفٌذٌة بؤن تكون هً الجالد والقاضً من دون أٌة قٌود رقابٌة من‬
‫المإسستٌن التشرٌعٌة والقضابٌة‪.‬‬
‫أما االعالم اِلمٌركً فقد أد أداء فرٌدا بعد ‪ 11‬سبتمبر حٌن مارس رقابة ذاتٌة وتخلى عن روح المساءلة والتؤكد من دقة ما ٌصدر عن المإسسة‬
‫التنفٌذٌة‪ ،‬فاالعالم بعد ‪ 11‬سبتمبر لٌس نفسه الذي كان بطل اطاحة ربٌس سابق من منصبه (نٌكسون من خالل الصحؾ والتدقٌق) وقد اعترؾ‬
‫االعالم اِلمٌركً اخٌرا بهزال أدابه منذ ‪ 11‬سبتمبر وكانت افتتاحٌة «نٌوٌورك تاٌمز» ـ كبر الصحؾ اِلمٌركٌة ـ التً اعتذرت فٌها عن أدابها‬
‫فً الفترة التً سبقت حرب العراق ذات داللة بالؽة‪ ،‬فقد اعترفت بؤنها «نقلت معلومات عن االدارة والعراقٌٌن فً المنفى‪ ،‬من دون أن تقوم بدورها‬
‫المهنً فً التحري عن صدقٌتها»‪ .‬وقد تضافر عامل آخر مع كل ذلك ال ٌقل خطورة وهو موت المعارضة داخل مإسسات الحكم باستثناء أصوات‬
‫قلٌلة من الحزب الدٌموقراطً أمثال روبرت بٌرد وباترٌك لٌهً وتٌد كنٌدي‪ ،‬فضال عن النواب السود‪ ،‬انهارت تماما المعارضة المإسسٌة فقد‬
‫أصاب الدٌموقراطٌٌن الذعر بسبب االرتفاع المذهل لشعبٌة الربٌس‪ ،‬اثر اعالن حربه على االرهاب بعد ‪ 11‬سبتمبر‪ .‬وآثر الحزب الدٌموقراطً‬
‫ورجاله السالمة على تحدي ربٌس فً أوج شعبٌته ووافقوا على أؼلب التشرٌعات الخالفٌة التً دفع بها فً مجال السٌاسة الداخلٌة والخارجٌة على‬
‫السواء‪ .‬لكن البالد شهدت فً ربٌع وصٌؾ ‪ 2002‬أحداثا كادت تنذر بتحول سٌاسً عن المناخ الذي ساد بعٌد ‪ 11‬سبتمبر حٌث واجهت االدارة‬
‫ظهور سلسلة من الفضابح المالٌة التً جسدها انهٌار شركة «انرون» التً هً سابع شركة أمٌركٌة وهً من شركات الطاقة العمالقة ومقرها‬
‫هٌوستن فً والٌة تكساس‪ .‬وكانت الشركة أعلنت افالسها فً نهاٌة العام ‪ ، 2001‬مما أد الى خسارة بالٌٌن الدوالرات وخسارة موظفٌها مدخراتهم‬
‫الخاصة بالمعاشات‪ .‬وقد تبٌن أن االنهٌار كان ناتجا عن فساد وتالعب فً سجالت الشركة اال أن اِلهم من ذلك هو أن ربٌس الشركة كان أحد أكبر‬
‫ممول حمالت بوش االنتخابٌة منذ كان حاكما ً لوالٌة تكساس بل ان مسإولً «انرون» كانوا دوما من كبار المساهمٌن فً حمالت بوش‪.‬‬
‫ومع مجًء صٌؾ ‪ 2002‬كان عجز الموازنة وصل الى مستو جدٌد‪ ،‬فضال عن تزاٌد نسبة البطالة‪ ،‬اِلمر الذي كان ٌنذر ببوادر مرحلة جدٌدة‬
‫ٌستعٌد فٌها النظام السٌاسً اِلمٌركً بعض توازنه‪ ،‬فحٌن تؤتً حملة انتخابٌة حٌث كانت البالد تستعد النتخابات تشرٌعٌة فً نوفمبر ‪ 2002‬وهً‬
‫االنتخابات التً تؤتً فً منتصؾ مدة الرباسة وسط جو مشحون بالتوتر والتذمر الشعبً تكون النتٌجة عادة استفتاء على أداء الموجودٌن فً مقاعد‬
‫الحكم‪.‬‬
‫ومن ثم كان الوضع فً تلك الشهور مهٌؤ لحدوث تحول ٌعصؾ على اِلقل بحالة الموات السٌاسً الناتجة عن انتحار المعارضة المإسسٌة بعد‬
‫أحداث سبتمبر وفً ظل التهدٌدات االرهابٌة وحال التوجس التً حرمت ادارة بوش من استمرارها‪ ،‬خاصة أن الحزب الدٌموقراطً المعارض كان‬
‫قد بنى رصٌده تارٌخٌا على أنه الحزب االفضل فً التعامل مع اِلوضاع االقتصادٌة‪ ،‬اال أن ادارة بوش كانت لها استراتٌجٌة أخر فً التعامل مع‬
‫هذا الوضع‪ .‬كانت ادارة بوش عقدت العزم على ؼزو العراق منذ انتهاء الحملة العسكرٌة على أفؽانستان‪ ،‬فقد تبٌن أن الموضوع طرح على أجندة‬
‫وحظً بمناقشات واسعة بٌن رموز الحلقة الضٌقة المحٌطة بالربٌس اِلمٌركً قبل ؼزو أفؽانستان‪ ،‬لكن اِلسباب منطقٌة وقع االختٌار على ؼزو‬
‫أفؽانستان أوال‪ ،‬هو الذي لم ٌكن ٌعنى تخلً الرموز الداعٌة لؽزو العراق عن مطلبها‪ ،‬ومن ثم بدأ االعداد فعال لؽزو العراق بمجرد انتهاء الحملة‬
‫العسكرٌة على أفؽانستان اال أن االدارة أجلت توقٌت االفصاح عن نواٌاها الى ٌولٌو ‪ِ 2000‬لسباب داخلٌة أمٌركٌة بالكامل‪ .‬فلما كان الكونؽرس هو‬
‫صاحب الحق الدستوري فً اعالن الحرب أو تفوٌض الربٌس باستخدام القوة العسكرٌة‪ ،‬فقد قامت حسابات ادارة بوش على أنه من اِلسهل بالنسبة‬
‫لها الحصول على موافقة الكونؽرس اذا ما تقدمت بطلبها ذلك فً خضم معركة االنتخابات التشرٌعٌة‪ ،‬فهً بذلك تضرب عصفورٌن بحجر واحد‪،‬‬
‫اِلول الحصول على القرار والثانً جعل اِلمن القومً هو القضٌة التً تحسم على اساسها االنتخابات الرباسٌة‪.‬‬
‫وببدء العملٌات على العراق وسقوط صدام حسٌن فً ٌد ادارة بوش وجد الدٌموقراطٌون أنفسهم أمام معضلة‪ ،‬فالحزب كان استعد لالنتخابات‬
‫باستراتٌجٌة تسعى الى جعل قضاٌا الداخل مع محور الحملة‪ ،‬واستثمار وتدهور اِلوضاع االقتصادٌة وارتفاع عجز الموازنة والبطالة‪ ،‬فضال عن‬

‫‪421‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فضابح الشركات الكبر وانهٌار سوق المال فالحزب الدٌموقراطً قد بنى رصٌده على أنه اِلفضل فً التعامل مع القضاٌا االقتصادٌة‪ ،‬واِلزمات‬
‫الداخلٌة‪ ،‬بٌنما بنى الحزب الجمهوري رصٌده على أنه اِلفضل فً التعامل مع السٌاسة الخارجٌة ومن ثم كان اِلفضل للحزب الدٌموقراطً أن‬
‫تكون اِلوضاع الداخلٌة هً شعار الحملة االنتخابٌة الرباسٌة الحالٌة ولٌست القضاٌا الخارجٌة والتً ربط الحزب الجمهوري بٌنها وبٌن اِلمن‬
‫القومً والحرب علً االرهاب‪ ،‬ومن ثم ومنذ ألقت ادارة بوش بقضٌة العراق فً المعترك السٌاسً تؽٌرت قواعد اللعبة‪ ،‬وصار على الدٌموقراطٌٌن‬
‫التعامل مع الموقؾ الجدٌد فما كان منهم اال أن تبنوا استراتٌجٌة جدٌدة ثبت أنها كلفتهم كثٌرا على المد القصٌر والمتوسط أٌضا‪.‬‬
‫وفً آخر تقرٌر لمعهد واشنطن لسٌاسة الشرق اِلدنى أكد أن االنتخابات الرباسٌة ستكون أكثر اهتماما بالسٌاسة الخارجٌة فً الوالٌات المتحدة وأن‬
‫قضاٌا العراق والحرب على االرهاب من اِلوراق اِلساسٌة التً ستإثر فً مسار هذه االنتخابات وأكد التقرٌر أن بوش سعى الى الحصول على‬
‫تعهد من قبل المملكة العربٌة السعودٌة بضخ كمٌات اضافٌة من النفط لخفض اِلسعار قدر االمكان للحٌلولة من دون حدوث هزة اقتصادٌة أثناء‬
‫االنتخابات‪.‬‬
‫وأكد التقرٌر أن االدارة اِلمٌركٌة سعت الى حشد أوراقها الخارجٌة قبٌل االنتخابات‪ ،‬لذا استؽلت حدث االنتخابات الرباسٌة اِلفؽانٌة والتً تعد‬
‫اِلولى من نوعها فً أفؽانستان منذ سقوط نظام طالبان العام ‪ 2001‬أمال فً كسب ورقة انتخابٌة‪ ،‬حرصت االدارة علٌها خاصة بعدما أصرت على‬
‫تؤجٌل االنتخابات اِلفؽانٌة مرتٌن منذ ٌونٌو ثم سبتمبر الماضٌٌن بحجة تردي اِلوضاع اِلمنٌة وتصعٌد الهجمات ضد فلول القاعدة وطالبان‪ ،‬وافقت‬
‫االدارة اِلمٌركٌة على اجراء االنتخابات الرباسٌة اِلولى على الرؼم من أن اِلوضاع التً جرت فٌها االنتخابات لم تختلؾ عن سابقتها التً كان من‬
‫المقرر اجراء االنتخابات فٌها‪.‬‬
‫كما أن زٌارة ربٌس الوزراء العراقً أٌاد عالوي فً منتهى الدقة والترتٌب وبدا وكؤنه جزء من حملة بوش االنتخابٌة وكؤن خطاب عالوي مكتوبا‬
‫بطرٌقة توحً بؤنه رد واضح على نقد هوٌة كٌري للحرب ولٌس ردا عادٌا‪ ،‬وانما رد مسإول عراقً‪ ،‬قاله فً لحظة تارٌخٌة أمام مجلس النواب‬
‫والشٌوخ‪ ،‬أي أمام أمٌركا كلها‪ ،‬واستمع اِلمٌركٌون الى خطاب عالوي الذي نجح فً اقناع المجلسٌن وكذلك الكثٌر من وسابل االعالم بؤن‬
‫« االرهاب فً العراق هو أمر تقوم له فبة صؽٌرة فً منطقة محدودة فً العراق هً الفلوجة والرمادي وهما مدٌنتان ضمن محافظة واحدة من‬
‫المحافظات الثمانً عشر محافظة التً ٌتكون منها العراق وسماها واحدة واحدة‪ ،‬أما الكامٌرات فً البٌت اِلبٌض أٌضا وبدا عالوي متفهما كربٌس‬
‫وزراء ورجل دولة سواء فً خطابه أمام الكونجرس أو فً أحادٌثه لالعالم اِلمٌركً وأكد بشكل صارم أن االنتخابات العراقٌة سوؾ تجر فً‬
‫موعدها‪ .‬جاء خطاب عالوي ـ خالل زٌارته ِلمٌركا ‪ -‬بمثابة أفضل رد ٌمكن أن ٌقدمه جورج بوش االبن للتقلٌل من انتقادات كٌري للحرب فً‬
‫العراق أمام أكبر عدد من الناخبٌن اِلمٌركٌٌن‪ ،‬واالنتخابات الرباسٌة اِلفؽانٌة وخطاب عالوي وكذلك الضؽط على سورٌة واٌران المتهمتٌن بدعم‬
‫االرهاب من قبل ادارة بوش هو ملمح من مالمح ظاهرة التصوٌت من الخارج فً االنتخابات اِلمٌركٌة‪.‬‬
‫هذه الظاهرة التً بدأها االٌرانٌون عندما صوتوا لمصلحة رٌؽان ضد كارتر فً انتخابات ‪ ، 1980‬ولم ٌطلقوا سراح الرهابن اال بتعلٌمات من رجال‬
‫رونالد رٌؽان الذي كان مرشحا ضد الربٌس كارتر وقتها والذي لوال هذه اِلزمة لربما حصل كارتر على هزٌمة مقبولة اذا جاءت نتٌجة هذه‬
‫االنتخابات على مستو المجمع االنتخابً ‪ 489‬صوتا لصالح رٌؽان ضد ‪ 49‬صوتا فقط لمنافسه كارتر‪ .‬أزمة الرهابن وحلها على ٌد رجال رٌجان‬
‫هو ما عرؾ فٌما بعد بمفاجؤة أكتوبر‪ ،‬التً ٌترقبها اِلمٌركٌون من بعدها فً كل انتخابات‪.‬‬
‫‪http://www.sotaliraq.com/latest-press-news/full/article_2004_11_4_4228.html‬‬

‫=========================‬

‫(* ‪ * 5‬هوامش )‬
‫قرار مجلس األمن الدولي رقم ‪ 660‬لسنة ‪1990‬‬
‫ٌدٌن القرار رقم ‪ 660‬االحتالل العراقً للكوٌت وٌطالب الجٌش العراقً باالنسحاب الفوري وؼٌر المشروط‪ ،‬والبدء فً حوار مباشر بٌن الطرفٌن‬
‫لحل الخالفات بٌنهما‪ .‬وفٌما ٌلً نص القرار‪:‬‬
‫القرار ‪ )1990( 660‬الذي اتخذه مجلس اِلمن الدولً فً جلسته ‪ 2932‬المنعقدة فً ‪ 2‬أؼسطس‪/‬آب ‪*1990‬‬
‫إن مجلس اِلمن إذ ٌثٌر جزعه ؼزو القوات العسكرٌة العراقٌة للكوٌت فً ‪ 2‬أؼسطس‪/‬آب ‪.1990‬‬
‫وإذ ٌقرر أنه ٌوجد خرق للسلم واِلمن الدولٌٌن فٌما ٌتعلق بالؽزو العراقً للكوٌت‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وإذ ٌتصرؾ بموجب المادتٌن ‪ 39‬و‪ 40‬من مٌثاق اِلمم المتحدة‪.‬‬

‫ٌدٌن الؽزو العراقً للكوٌت ‪.‬‬


‫ٌطالب بؤن ٌسحب العراق جمٌع قواته فورا ودون قٌد أو شرط إلى المواقع التً كانت تتواجد فٌها فً ‪ 1‬أؼسطس‪/‬آب ‪. 1990‬‬
‫ٌدعو العراق والكوٌت إلى البدء فورا فً مفاوضات مكثفة لحل خالفاتها وٌإٌد جمٌع الجهود المبذولة فً هذا الصدد‪ ,‬وبوجه خاص جهود جامعة‬
‫الدول العربٌة ‪.‬‬
‫ٌقر أن ٌجتمع ثانٌة حسب االقتضاء للنظر فً خطوات أخر لضمان االمتثال لهذا القرار‪.‬‬
‫*اتخذ فً الجلسة ‪ 2932‬بؤؼلبٌة ‪ 14‬صوتا مقابل ال شٌا (من مجموع أصوات مجلس اِلمن البالؽة ‪ 15‬صوتا) ولم ٌشترك عضو واحد (الٌمن)‬
‫عن التصوٌت‪.‬‬
‫________________‬
‫المصدر‪:‬‬
‫اِلمم المتحدة‬

‫===========================================‬
‫(*‪ )* 6‬تثبٌت عقوبة اإلعدام بحق ربٌس حكومة الؽزو العراقً للكوٌت‬
‫الكوٌت أ‪,‬ؾ‪,‬ب‬
‫أفاد مراسل وكالة فرانس برس ان المحكمة الجنابٌة فً الكوٌت ثبتت أمس اِلربعاء عقوبة االعدام على الكوٌتً عالء حسٌن علً ربٌس الحكومة‬
‫الكوٌتٌة أثناء االحتالل العراقً‪.‬‬
‫وأعلن القاضً ناٌؾ المطٌرات فً ختام الجلسة التً لم تستؽرق سو ثالث دقابق رفض المعارضة وتؤٌٌد الحكم المعارض له الذي صدر ؼٌابٌا‬
‫عام ‪ 1993‬م وقضى بإعدام العقٌد علً‪.‬‬
‫ثوان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وبدا العقٌد علً ‪ 41‬عاما مصدوما عند تالوة الحكم واقتاده جنود خارج القاعة بعد‬
‫وقد عاد الى الكوٌت فً كانون الثانً الماضً بملء ارادته قادما من أوسلو‪ ,‬وبموجب القانون الكوٌتً طالب بإلؽاء الحكم الذي صدر علٌه ؼٌابٌا‬
‫وأعٌدت محاكمته فً ‪ 20‬كانون الثانً‪ٌ /‬ناٌر الماضً‪.‬‬
‫وأعلن محامٌه خالد العبدالجلٌل الذي لم ٌكن موجودا أمس لوكالة فرانس برس انه سٌقدم استبنافا ضد الحكم‪.‬‬
‫وكان ترأس حكومة انتقالٌة من تسعة وزراء عٌنتها بؽداد ؼداة االحتالل العراقً للكوٌت فً الثانً من آب‪ /‬أؼسطس ‪1990‬م‪ ،‬وتم حلها فً الثامن‬
‫من الشهر نفسه لد اعالن العراق ضم الكوٌت‪.‬‬
‫ومنذ بدء محاكمته أكد انه بريء وان السلطات العراقٌة أرؼمته خالل االحتالل آب‪ /‬أؼسطس ‪ 1990‬شباط‪ /‬فبراٌر ‪ 1991‬على تشكٌل الحكومة‬
‫االنتقالٌة‪.‬‬

‫===========================‬
‫( * ‪ 7‬هامش *)‬
‫القٌادة اِلمٌركٌة الوسطى‪ :‬العثور على بقاٌا مفترضة لكوٌتٌٌن مفقودٌن فً العراق‬
‫الجمعة ‪ 09‬ماٌس ‪2003‬‬
‫أعلنت القٌادة االمٌركٌة الوسطى الجمعة العثور على مقبرة جماعٌة فً جنوب العراق قد تكون تضم بقاٌا كوٌتٌٌن كانوا فقدوا خالل حرب الخلٌ‬
‫اِلولى ‪.1991‬‬
‫وقالت القٌادة فً بٌان من جنوب العراق ان " فرٌقا من المتطوعٌن الكوٌتٌٌن وقوات التحالؾ ٌحققون فً بقاٌا بشرٌة عثر علٌها مإخرا فً مقبرة‬
‫جماعٌة بالقرب من السماوة"‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وجاء فً البٌان " استنادا الى التحقٌقات االولٌة فان هذه البقاٌا قد تكون لمواطنٌن كوٌتٌٌن اعتبروا فً عداد المفقودٌن منذ الؽزو العراقً للكوٌت‬
‫‪."1990‬‬
‫وكانت الكوٌت قررت فً نٌسان‪/‬ابرٌل الماضً تقدٌم مكافؤة بقٌمة ملٌون دوالر لكل من ٌقدم معلومات "صحٌحة" حول مصٌر حوالى‪ 600‬شخص‬
‫اعتبروا مفقودٌن منذ االحتالل العراقً للكوٌت بٌن ‪ 1990‬و‪.1991‬‬
‫وتإكد الكوٌت ان ‪ 605‬اشخاص من جنسٌات مختلفة معتقلون فً العراق منذ ‪.1991‬‬
‫=======‬
‫وثٌقة اخر ‪:‬‬
‫المجرم سبعاوي ٌعترؾ امام لجنة التحقٌق العراقٌة الخاصة بقتل عراقٌٌن واسرىكوٌتٌٌن‬
‫إباء ‪ .‬وكاالت‬
‫اعترؾ مجرم الحرب االخ ؼٌر الشقٌق للدكتاتور العراقً المخلوع سبعاوي الحسن الذي كان ربٌسا لجهاز االستخبارات العراقٌة وربٌسا لما ٌعرؾ‬
‫باسم (محكمة الثورة) بقتله ‪ 607‬كوٌتٌٌن كان الجٌش العراقً اعتقلهم ونقلهم الى داخل العراق‪.‬‬
‫واعترؾ الحسن امام لجنة التحقٌق التً تستجوبه بمسإولٌته عن قتل ‪ 607‬كوٌتٌٌن بعد اعتقالهم اثر الؽزو العراقً للكوٌت عام (‪.)1990‬‬
‫واقر سبعاوي امام اللجنة بتموٌله العملٌات االرهابٌة فً العراق ‪ ،‬كاشفا (معلومات خطٌرة عن االموال التً كان قد استولى علٌها ونقلها الى خارج‬
‫العراق قبل وبعد سقوط النظام فً ‪ 9‬ابرٌل ‪ ،)2003‬مشٌرا الى (بعض دول آسٌا حٌث اودعت فً المصارؾ بؤسماء مستعارة وهً ملٌارات‬
‫الدوالرات)‪.‬‬
‫وقالت اللجنة ( ان سبعاوي اعترؾ بمشاركته الفعالة فً عملٌات تعذٌب وقتل المشاركٌن فً انتفاضة مارس فً بلدة الدجٌل ( ‪ 60‬كلم شمال ؼرب‬
‫بؽداد) عند اعتقالهم فً سجن أبو ؼرٌب فً ضواحً بؽداد عام ‪ )1982‬وهً (القضٌة المتهم فٌها اٌضا االخ ؼٌر الشقٌق لصدام برزان التكرٌتً‬
‫ونابب الربٌس السابق طه الجزراوي)‪.‬‬
‫وكانت الدجٌل شهدت عملٌات اعدام بالجملة اثر تعرض موكب صدام حسٌن فً ٌولٌو عام ‪ 1982‬لمحاولة اؼتٌال اثناء مروره فً احد شوارعها‬
‫وفشلها ومن ثم وصول افواج من القوات الخاصة التً اعتقلت واعدمت المبات واحتجزت سكانها فً مجمعات ومعسكرات اعتقال فً السماوة لمدة‬
‫اربع سنوات وقامت بحرق البٌوت والبساتٌن والمزارع فً اطار عقاب جماعً للمدٌنة وسكانها)‪.‬‬
‫‪ 1991‬واعدام ‪ 150‬رجال فً سجن‬ ‫وابلػ سبعاوي لجنة التحقٌق بمشاركته المباشرة فً قتل السٌاسً والكاتب العراقً عزٌز السٌد جاسم عام‬
‫االستخبارات فً (كرادة حرٌم) ببؽداد‪.‬‬
‫وكشؾ سبعاوي امام اللجنة انه (استولى خالل فترة االحتالل العراقً للكوٌت على ‪ 500‬سٌارة من شركتً (الساٌر) و(البهبهانً) الكوٌتٌٌن وباعها‬
‫لحسابه فً االسواق العراقٌة)‪.‬‬
‫وكان سبعاوي ٌحمل الرقم ‪ 36‬فً البحة المطلوبٌن للقوات االمرٌكٌة من المسإولٌن العراقٌٌن‪.‬‬
‫‪-------------‬‬
‫بوش ‪ :‬ال انسحاب من العراق وال هوادة في الحرب على اإلرهاب‬
‫عواصم ¯ الوكاالت‪ :‬حذر الربٌس االمٌركً جورج بوش إٌران وسورٌة من انهما سٌتحمالن عواقب دعمهما لإلرهاب فً العراق والعالم‪ ,‬مإكدا ان‬
‫صبر الوالٌات المتحدة نفد حٌال ارهاب هذٌن النظامٌن‪ ,‬فً حٌن اتهم ربٌس الوزراء البرٌطانً طونً بلٌر طهران بالتدخل فً العراق ودعم التمرد‬
‫السنً فً محاولة ل¯ »تروٌع« دول التحالؾ بسبب موقفها من ملؾ إٌران النووي ‪( ...‬راجع ص ‪)29‬‬
‫وقال بوش فً كلمة امام المعهد القومً للدٌمقراطٌة فً واشنطن مساء امس‪» :‬الدول الراعٌة لالرهاب مثل سورٌة واٌران لدٌها تارٌخ طوٌل من‬
‫التعاون مع االرهابٌٌن وهم ال ٌستحقون الصبر من قبل ضحاٌا االرهاب‪ ..‬الوالٌات المتحدة ال تفرق بٌن من ٌرتكبون اعماال ارهابٌة ومن ٌدعمهم‬
‫وٌمنحهم النهم جمٌعا شركاء مذنبون على قدم المساواة فً عملٌات القتل‪«.‬‬
‫واضاؾ‪ٌ» :‬عتبر اإلرهابٌون العراق جبهة مركزٌة فً حربهم ضد االنسانٌة‪ ,‬وٌجب ان نعتبر العراق جبهة مركزٌة فً الحرب على االرهاب‪«.‬‬
‫وقاوم بوش دعوات بدء سحب القوات االمٌركٌة او إعالن جدول زمنً على االقل لالنسحاب‪ .‬وقال فً هذا السٌاق ان مثل هذه الخطوة ستعد نصرا‬
‫لالرهابٌٌن وسٌكون هناك مخاطر من نقل السٌطرة على العراق الى اٌدي اسامة بن الدن واكبر عمالبه هناك ابو مصعب الزرقاوي‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واكد الربٌس االمٌركً مستهدفا معارضٌه ان العراقٌٌن احرزوا تقدما ملحوظا فً اعادة بناء بالدهم‪ ,‬واقامة الدٌمقراطٌة وتعزٌز القوات االمنٌة‪.‬‬
‫ووصؾ الخالفات الداخلٌة حول دستور البالد بؤنه تطور دٌمقراطً اٌجابً‪ ,‬وقال »التقدم لٌس سهال‪ ,‬ولكنه مستمر‪ ,‬وال ٌجب على اي شخص عادل‬
‫ان ٌتجاهل او ٌنفً او ٌرفض انجازات الشعب العراقً‪«.‬‬
‫وتعهد بوش اال تلٌن الوالٌات المتحدة فً حربها على االرهاب‪ ,‬قابال »لن نكل او نسترٌح حتى ٌتم النصر فً الحرب على االرهاب‪«.‬‬
‫واضاؾ‪» :‬ان حقد المتطرفٌن كان قابما قبل العراق وسٌبقى قابما بعده‪ .‬السلطات الروسٌة لم تقدم دعما للعملٌة فً العراق ورؼم ذلك فان الناشطٌن‬
‫قتلوا اكثر من ‪ 180‬تلمٌذا روسٌا فً بٌسالن‪«.‬‬
‫ورأ ان » هإالء المتطرفٌن وجدوا دابما على مد السنٌن اعذارا لعنفهم منها الوجود االسرابٌلً فً الضفة الؽربٌة او الوجود االمٌركً فً‬
‫السعودٌة او هزٌمة طالبان او الحمالت الصلٌبٌة قبل الؾ عام‪«.‬‬
‫وتضؽط الوالٌات المتحدة على سورٌة لمنع المتشددٌن من العبور الى العراق لالنضمام الى الحركات المسلحة‪.‬‬
‫كما حذرت الوالٌات المتحدة اٌران من التدخل فً الشؤن العراقً‪.‬‬
‫وقال بوش ان الدولتٌن تدعمان االرهابٌٌن‪.‬‬
‫واضاؾ ان » اي حكومة تختار ان تكون حلٌفا لالرهاب اختارت اٌضا ان تكون عدوا للحضارة وٌتعٌن على العالم المتحضر محاسبة هذه االنظمة‪«.‬‬
‫‪11‬‬ ‫من جانب اˆ خر اعلن الربٌس االمٌركً فً كلمته انه تم احباط ثالث محاوالت اعتداء خططت »القاعدة« لتنفٌذها فً الوالٌات المتحدة منذ‬
‫سبتمبر ‪ 2001‬فضال عن سبع محاوالت اعتداء فً دول اخر ‪ ,‬حامال بشدة على االسالمٌٌن المتطرفٌن‪ ,‬وقال ان »الوالٌات المتحدة وشركاءها‬
‫احبطوا ما ال ٌقل عن عشرة مخططات ارهابٌة جدٌة (للقاعدة) منذ ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001,‬بٌنها ثالثة مخططات كانت تستهدؾ الوالٌات المتحدة‪«.‬‬
‫واضاؾ‪» :‬احبطنا ما ال ٌقل عن خمسة مخططات اخر (للقاعدة) تهدؾ الى تحدٌد اهداؾ فً الوالٌات المتحدة او تسلل عمالء الى بلدنا‪.‬‬
‫ولم ٌقدم بوش مزٌدا من التفاصٌل حول هذه المخططات‪.‬‬
‫وشبه بوش التطرؾ االسالمً بالشٌوعٌة وقال » ان التحدي الكبٌر لقرننا الجدٌد ٌكمن فً المجرمٌن واٌدٌولوجٌة المتطرفٌن االسالمٌٌن« مشٌرا الى‬
‫ان مكافحة التطرؾ االسالمً »تشبه من زواٌا كثٌرة مكافحة الشٌوعٌة فً القرن الماضً‪«.‬‬
‫واوضح ان » التطرؾ االسالمً مثل االٌدٌولوجٌا الشٌوعٌة حركة نخبوٌة تدٌرها طلٌعة نصبت نفسها (على رأس الحركة) وتدعً التكلم باسم جمٌع‬
‫المسلمٌن‪«.‬‬
‫وانتقد اسامة بن الدن زعٌم تنظٌم »القاعدة« مشٌرا الى انه »نشؤ فً الثروة واالمتٌازات« وٌعتبر ان »الخٌار الصالح للمسلمٌن المساكٌن هو ان‬
‫ٌصبحوا قتلة وانتحارٌٌن‪«.‬‬
‫وفً لندن اتهم ربٌس الوزراء البرٌطانً طونً بلٌر إٌران وحزب ّللا اللبنانً بدعم التمرد السنً فً العراق‪ ,‬وقال خالل مإتمر صحافً مشترك‬
‫مع الربٌس العراقً جالل الطالبانً امس »لٌس هناك اي مبرر لتخدل إٌران او اي بلد اˆخر فً العراق‪«.‬‬
‫واكد ان برٌطانٌا تشك فً ان اٌران تدعم التمرد فً العراق‪.‬‬
‫واضاؾ » ما هو واضح ان هناك عبوات ناسفة لم تستعمل فقط ضد القوات البرٌطانٌة بل اٌضا فً اماكن اخر فً العراق وان الطبٌعة الخاصة‬
‫لهذه العبوات تقودنا اما نحو عناصر اٌرانٌة واما نحو حزب ّللا‪«.‬‬
‫واوضح ان هذه العبوات »تشبه عبوات استعملها حزب ّللا المدعوم من اٌران‪«.‬‬
‫وتطرق بلٌر ضمنا لفرضٌة دعم طهران التمرد العراقً بهدؾ ممارسة ضؽوط على لندن تتعلق بالمفاوضات حول طموحاتها النووٌة‪ ,‬وقال‪» :‬لن‬
‫نخضع الي ترهٌب ما دمنا نثٌر القضاٌا الضرورٌة والمبررة المتصلة بواجبات اٌران فً موضوع االسلحة النووٌة بموجب معاهدة« الوكالة الدولٌة‬
‫للطاقة الذرٌة‪.‬‬
‫من جهته اعلن وزٌر الخارجٌة البرٌطانً جاك سترو ان بالده ستبحث مع اٌران فً مسؤلة المتفجرات التً ٌسلمها هذا البلد للمتمردٌن فً العراق‪.‬‬
‫وفٌما نفى كل من طهران وحزب ّللا اللبنانً فً بٌانٌن منفصلٌن االتهامات البرٌطانٌة‪ ,‬انبر ربٌس الوزراء العراقً ابراهٌم الجعفري الى الدفاع‬
‫عن اٌران وقال‪» :‬هذه االتهامات ال اساس لها من الصحة وال نتفق معها تماما‪ ..‬العالقات بٌن اٌران والعراق حالٌا ودٌة للؽاٌة وقوٌة واخذة فً‬
‫االتساع‪«.‬‬
‫واستطرد قابال فً مقابلة مع التلفزٌون اإلٌرانً »بعض الناس ٌرٌدون االضرار بعالقاتنا الودٌة الراهنة مع اٌران‪ .‬لكن لن نسمح لهم بذلك‪ .‬نحن‬
‫مصرون على توسٌع عالقاتنا كل ٌوم‪«.‬‬

‫‪425‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫السـٌاسة‬
‫‪http://www.sotaliraq.com/iraqi-news/nieuws.php?id=8890‬‬
‫تحسين معلة شكوت ابن البكر لصدام فنقله من كلية الطب ورفضت قرارات نائب الرئيس لمخالفتها القوانين (‪)2‬‬
‫‪19/11/2004‬‬ ‫الحياة‬ ‫لندن ‪ -‬مهدذ السعيد‬
‫فً الحلقة اِلولى تحدث الدكتور تحسٌن معلة عن بعض جوانب الصراع على السلطة فً العراق‪ ,‬وعن اِلحداث السٌاسٌة التً عصفت بهذا البلد‪,‬‬
‫وعن الظروؾ التً تعرؾ فٌها الى أحمد حسن البكر وصدام حسٌن‪ ,‬وكٌؾ عال صدام من جروح أصٌب بها فً المحاولة الفاشلة الؼتٌال‬
‫عبدالكرٌم قاسم وهروبه الى سورٌة ثم مصر‪ .‬وفً هذه الحلقة ٌواصل متابعة عالقته بصدام وظروؾ التحاقه بالمعارضة العراقٌة‪:‬‬
‫كٌؾ تعاملت مع الوضع الجدٌد بعد انقالب ‪ ,1968‬وهل كنت على حذر بعالقتك مع أحمد حسن البكر وصدام حسٌن‪ ,‬بعد انقسام أعضاء الحزب‬
‫حول تؤٌٌد كال الطرفٌن؟‬

‫أحمد حسن البكر‪.‬‬


‫‪ -‬عالقتً بؤحمد حسن البكر كانت متٌنة للؽاٌة‪ ,‬وكنت ألتقً به تباعا ً منذ عام ‪ ,1966‬ونتحدث حول الكثٌر من القضاٌا‪ ,‬وكنت أتردد علٌه فً بٌته‬
‫مرات عدة خالل اِلسبوع‪.‬‬
‫وقد طرح علًَّ رؼبته فً العودة الى الحزب بعد اطالق سراحه من السجن ابان حكم عبدالسالم عارؾ‪ ,‬وقد استقرت ظروفه فً شكل ملموس بعد‬
‫مقتل عارؾ‪ ,‬اذ خلت الساحة السٌاسٌة أمامه‪ِ ,‬لنه ٌعرؾ أن عبدالرحمن عارؾ كان رجالً ضعٌفا ً وسهالً وفً أحٌان كثٌرة متعاونا ً‪ ,‬لذلك ارتفعت‬
‫أسهم البكر فً تلك المرحلة‪.‬‬
‫قبل انقالب ‪ 30 - 17‬تموز (ٌولٌو) ‪ ,1968‬كان فً نٌة بعض الضباط الوزراء مثل صبحً عبدالحمٌد وصالح مهدي عماش تنفٌذ محاولة انقالبٌة‬
‫ضد حكومة عبدالرحمن عارؾ‪ .‬وفً الفترة نفسها كان المرحوم عبدالرزاق الناٌؾ ٌخطط هو اآلخر النقالب "قصر" ِلنه كان أكثر المقربٌن الى‬
‫عبدالرحمن عارؾ‪ ,‬وكان ٌبحث عن شركاء له‪ ,‬ولم ٌوفق فً البداٌة‪ِ ,‬لنه لم ٌكن مسنوداً من حزب أو جماعة معٌنة‪ ,‬وكان مجرد فرد لم ٌكن معه‬
‫سو عبدالرحمن الداود‪.‬‬
‫ذهب الناٌؾ الى رجب عبدالمجٌد وطلب منه االشتراك فً االنقالب‪ ,‬لكن رجب اشترط انضمام ناجً طالب‪ ,‬وكان الناٌؾ متحفظا ً عن ناجً طالب‪,‬‬
‫وٌبدو انه فاتح البكر‪ ,‬وكان البكر أكثر دهاء من الناٌؾ‪ ,‬فاقتنص هذه الفرصة‪ ,‬وخدع عبدالرزاق الناٌؾ حٌن أبد موافقته على االشتراك معه فً‬
‫االنقالب‪.‬‬
‫هكذا تمت الصفقة التً خطط لها البكر بذكاء كبٌر وأشرك معه صدام حسٌن الحقا ً‪ ,‬وقد لعب صدام دوراً تنفٌذٌا ً وراء الكوالٌس فً ما ٌتعلق‬
‫باالنقالب اآلخر فً ‪ 30‬تموز من العام نفسه حٌن فاجؤ الناٌؾ وأنصاره بإشهار السالح فً وجوههم واقتٌادهم الى طابرة كانت جاثمة فً انتظارهم‪,‬‬
‫حٌث انتقلوا الى بلدان أخر ‪ ,‬وتركزت السلطة بٌد البكر وصدام منذ ذلك الحٌن‪.‬‬
‫< بعد االنقالب ضد الناٌؾ والداود بدأت مرحلة جدٌدة فً ما ٌتعلق بالسلطة والعالقة بالرموز المسإولة فً هذه السلطة وخصوصا ً البكر وصدام‪,‬‬
‫هل جر اتصال بٌنك وبٌنهم بعد ذلك وكٌؾ تطورت هذه العالقة؟‬
‫‪ -‬فً الٌوم التالً النقالب البكر ‪ -‬صدام ضد الناٌؾ والداود‪ ,‬اتصل بً البكر هاتفٌا ً‪ ,‬وقد استؽرق ذلك بعض الوقت الى حٌن وصولً الى الهاتؾ‪,‬‬
‫وحاالً أخذت سماعة الهاتؾ ِلجٌب على المحادثة‪ ,‬وإذ بالمتحدث هو صدام حسٌن‪.‬‬
‫سلم علًَّ مرحبا ً‪ ,‬وقال لً‪ :‬دكتور تحسٌن‪ ,‬لدٌنا منصب محافظ الكوت أو محافظ البصرة‪ ,‬فهل ترؼب بؤحد هذٌن المنصبٌن؟‬
‫أجبته حاالً بالرفض‪ ,‬وكان ٌجلس بجانبً كل من عبداللطٌؾ البدري ومجٌد سعٌد (كان وزٌراً للتربٌة فً احد وزارات طاهر ٌحٌى)‪ .‬واصلت‬
‫حدٌثً مع صدام حسٌن‪ ,‬وقلت له‪ :‬أنا لم أطلب منكم وظٌفة‪ ,‬قال‪ :‬إذاً ال ترٌد الكوت‪ ,‬فؤمامك البصرة‪ ,‬قلت‪ :‬أنا أستاذ مساعد فً كلٌة الطب‪ ,‬وموقعً‬
‫هذا أكبر من منصب محافظ‪ ,‬وحٌن أطلب منكم وظٌفة‪ ,‬فسؤقدم عرٌضة كما ٌفعل اآلخرون‪.‬‬
‫تحدثت معه بلهجة متشنجة وخشنة‪ ,‬ما دفع عبداللطٌؾ ومجٌد الى لومً قابلٌن‪ :‬ان هذه اللهجة لٌست مناسبة‪ ,‬فهإالء فً كل اِلحوال لٌسوا ؼرباء‪,‬‬
‫وٌجب أن تتحدث معهم بؤسلوب آخر‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صدام حسٌن‪.‬‬
‫رفعت الهاتؾ مرة أخر لالتصال بصدام‪ ,‬ولما تم ذلك قلت له‪ :‬أرٌد أن أراك‪ ,‬فقال لً‪ :‬أهالً بك وأنا فً انتظارك‪.‬‬
‫ذهبت الٌه‪ ,‬والتقٌت به وتحدثت معه بلهجة هادبة وقلت له‪ :‬من الخطؤ أن تعٌِّنوا طبٌبا ً فً منصب محافظ‪ ,‬فالمحافظ إما أن ٌكون محامٌا ً أو ضابطا ً‪,‬‬
‫ِلن الطبٌب ال ٌصلح لمثل هذا الموقع‪ ,‬فؤنا حالٌا ً أستاذ مساعد فً كلٌة الطب وهذه مسإولٌة تختلؾ عن مسإولٌة المحافظ‪ .‬قال‪ :‬طٌب‪ ,‬لماذا ال تكون‬
‫ربٌسا ً لجامعة بؽداد؟ قلت له‪ :‬اننً ال أزال أستاذاً مساعداً‪ ,‬وربٌس الجامعة منصب أستاذي‪ .‬سؤلنً‪ :‬هل ثمة طموح لديّ ؟ قلت له‪ :‬طبعا ً‪ ,‬لديّ مثل هذا‬
‫الطموح‪ ,‬ولكن ٌجب أن ننظر الى مصلحة الثورة‪ ,‬وأن تحتل الكفاٌات موقعها طبقا ً لمستوٌاتها‪ ,‬فالرجل المناسب ٌجب أن ٌكون فً المكان المناسب‪.‬‬
‫< هل تعتقد ان ترشٌحك لمنصب محافظ جاء بطلب من أحمد حسن البكر أم هو من تدبٌر صدام حسٌن؟‬
‫‪ -‬ال أستطٌع أن أجزم بهذا الخصوص‪ ,‬ولكن بعد فترة من الزمن طرحت علًَّ مناصب محلٌة كثٌرة‪ ,‬وكنت أرفضها ِلنها بعٌدة من تخصصً‪ ,‬حتى‬
‫وصل اِلمر بالبكر الى استدعابً والطلب منً تحدٌد المنصب الذي أرٌده‪ ,‬ولكنً لم أعطه رأٌا ً بذلك‪.‬‬
‫وبعد مرور بعض الوقت اتصل بً عزة مصطفى وزٌر الصحة وأخبرنً بؤن البكر رشحنً سفٌراً فً الجزابر‪ ,‬وقد وافقت على ذلك بعد أن ترددت‬
‫كثٌراً فً البداٌة‪.‬‬
‫وموافقتً جاءت لحسم اِلمر الذي بدأ ٌتحول الى أمر شخصً من دون ارادتً أو رؼبتً‪ ,‬فقد كنت مقتنعا ً بوظٌفتً أستاذاً مساعداً فً كلٌة الطب‪.‬‬
‫وفً الجزابر ظهرت بعض المشكالت نقلت على أثرها الى بؽداد‪ ,‬ربما بسبب ؼضب البكر علًَّ ‪ ,‬بعد أن صرفت زوج ابنته مظهر مطلك من العمل‬
‫فً السفارة بسبب تصرفاته ؼٌر المنضبطة‪.‬‬

‫علً صالح السعدي‪.‬‬


‫وبعد فترة من الجحود بٌنً وبٌن البكر‪ ,‬صدر أمر بتعٌٌنً عمٌداً لكلٌة الطب فً بؽداد‪ ,‬وهو الموقع الذي ٌنسجم مع مإهالتً ورؼباتً‪ ,‬ولكنه‬
‫الموقع الذي وسع مشكالتً مع البكر وصدام فً آن‪.‬‬
‫< ٌعنً ذلك انك كنت ال تلبث أن تخرج من مشكلة حتى تقع فً أخر فً تعاملك مع البكر وصدام‪ ,‬ماذا ترٌد بالذات؟‬
‫‪ -‬من الممكن االعتقاد بذلك‪ ,‬فالمشكلة الجدٌدة بعد تعٌٌنً عمٌداً لكلٌة الطب بدأت مع محمد ابن أحمد حسن البكر‪ ,‬الذي كان طالبا ً متعبا ً وكسوالً وال‬
‫تإهله امكاناته العلمٌة ِلن ٌصبح طبٌبا ً‪ ,‬اال انه ابن الربٌس‪ ,‬وعلٌه فإن ارادة أبٌه هو أن ٌكون طبٌبا ً‪.‬‬
‫كان محمد قد أقلق الكلٌة‪ ,‬أساتذ ًة وموظفٌن وطالبا ً‪ ,‬فقد كان ٌحمل معه مسدسا ً وهو متهور بطبٌعته وارتكب مشكالت‪ ,‬لذلك قررت ان أفاتح صدام‬
‫بؤمره‪ِ ,‬لنً ال أرٌد أن أتسبب بوضع ؼٌر مناسب للبكر فً حٌنه‪ ,‬اذ كان مرٌضا ً وجالسا ً فً البٌت‪.‬‬
‫طلبت هاتفٌا ً من سكرتٌر صدام علً العبٌدي لقاء به‪ ,‬وسؤلنً العبٌدي عن طبٌعة القضٌة التً أرٌد أن أفاتح صدام بها‪ ,‬فقلت له‪ :‬قضٌة عابلٌة‪ .‬وحٌن‬
‫ذهبت الى اللقاء‪ ,‬قال العبٌدي ان صدام خرج لمهمة عاجلة‪ ,‬وفوضنً أن استمع منك عن تفاصٌل هذه القضٌة‪ .‬أخبرته بؤمر محمد من البداٌة وحتى‬
‫النهاٌة‪ ,‬وطلبت منه أن تحسم هذه القضٌة فً شكل نهابً‪ .‬وفً الٌوم التالً صدر أمر بنقل محمد الى كلٌة اإلدارة فً الجامعة المستنصرٌة‪.‬‬
‫< ما هً قصة العالقة المتوترة بٌنك وبٌن صدام حسٌن‪ ,‬والتً انتهت بهروبك الى الكوٌت ومن ثم الى لندن؟‬

‫عبدالسالم عارؾ‪.‬‬
‫‪ -‬كان لقابً اِلول بصدام حسٌن التكرٌتً بعد ٌوم واحد من فشل محاولة اؼتٌال عبدالكرٌم قاسم فً منطقة "راس القرٌة" فً تارٌخ‪ 7‬تشرٌن اِلول‬
‫‪ 13‬أٌلول (سبتمبر) ‪ ,1963‬حٌث شارك‬ ‫(أكتوبر) عام ‪ .1959‬المرة الثانٌة التً التقٌت فٌها صدام حسٌن كانت أثناء عقد المإتمر القطري فً‬
‫مندوبا ً عن مكتب الفالحٌن القطري‪.‬‬
‫ولم ٌكن آنذاك برز على صعٌد الوسط الحزبً‪ ,‬لذلك لم ٌكن تؤثٌره كبٌراً فً أعمال المإتمر‪ ,‬وأذكر أنه جاءنً لٌثنً على دوري ونقاشاتً فً‬
‫المإتمر‪ ,‬اذ كانت اِلزمة بٌن كتلتً علً صالح السعدي وحازم جواد مشتعلة‪ ,‬وكنت ممن تحدثوا باتجاه تسوٌة المشكلة فً صورة جذرٌة خدمة‬
‫للحزب والعملٌة السٌاسٌة فً البالد‪ ,‬وقد عبر لً عن اتفاقه مع ما قلته حول المشكلة‪ ,‬ثم تبادلنا أحادٌث أخر كثٌرة‪.‬‬
‫المرات اِلخر التً التقٌت فٌها صدام حسٌن كانت بعد عام ‪ 1968‬عندما كان ناببا ً للربٌس البكر‪ ,‬وفً تلك الفترة خصوصا ً حٌن أصبحت عمٌداً‬
‫لكلٌة الطب‪ ,‬بدأت الضؽوط والمضاٌقات تتصاعد ضدي‪ ,‬وأعتقد ان صدام حسٌن كان وراءها‪.‬‬

‫‪427‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫أثناء ذلك طلبت قٌادة الحزب ان ٌكتب الكادر الحزبً تقارٌر تقٌٌمٌة للحكم‪ .‬فً البداٌة امتنعت‪ ,‬ولكن إلحاح الحزب أحرجنً‪ ,‬فكتبت تقرٌراً أشرت‬
‫فٌه الى ان التحزبات المناطقٌة والعشابرٌة واالقلٌمٌة هً التً تؽلب على المصلحة الوطنٌة فً الدولة‪ ,‬بعدها توقفوا عن مطالبتً بالمزٌد من‬
‫التقارٌر‪.‬‬
‫< ولكن‪ ,‬هل هناك مشكالت أكثر بعداً فً تصاعد العداوة بٌنك وبٌن صدام حسٌن؟‬
‫‪ -‬نعم‪ ,‬حدثت مشكلتان بٌنً وبٌن صدام حسٌن عام ‪ ,1975‬وهما المشكلتان اللتان قطعتا حبل المودة بٌنً وبٌنه‪ ,‬وأدتا الى اثارة حال من الخصومة‬
‫المباشرة التً كادت أن تقودنً الى حتفً‪ .‬المشكلة اِلولى تتعلق بطبٌب ناشا جاء من الدنمارك اسمه ملحم العانً‪.‬‬
‫كان هذا الطبٌب حدٌث عهد بالمهنة ِلنه تخرج فً الكلٌة منذ فترة قصٌرة‪ .‬وكان حاصالً على دبلوم فً اِلمراض الزهرٌة‪ ,‬والمفروض أن ٌعٌن‬
‫طبٌبا ً فً الكلٌة الطبٌة‪ ,‬وربما على أقل تقدٌر ٌعٌن مدرسا ً‪ ,‬ولٌس أستاذاً فً كلٌة الطب‪ِ ,‬لن لقب أستاذ ٌعتبر قضٌة كبٌرة بالنسبة الٌنا‪.‬‬
‫أرسل صدام أوراق تعٌٌنه فً كلٌة الطب الى عمادة الكلٌة التً كنت عمٌدها‪ ,‬وكتب على هذه اِلوراق‪ٌ :‬عٌن أستاذاً فً كلٌة الطب‪ .‬أنا رفضت ذلك‪,‬‬
‫وال أرٌد ان أدخل فً المزٌد من التفاصٌل‪ِ ,‬لن ذلك ٌحتاج الى عملٌة سرد طوٌلة‪ ,‬وتحاٌلت على اصرار تعٌٌنه أستاذاً‪ ,‬فقررت تشكٌل لجنة لتحدٌد‬
‫مرتبته العلمٌة‪ ,‬وبذلك أستطٌع تجرٌد صدام من أي تؤثٌر فً هذه القضٌة‪.‬‬
‫اتصل بًَّ هاتفٌا ً‪ ,‬وقال لً‪ :‬دكتور تحسٌن‪ ,‬حٌنما ٌطلب ربٌس الدولة أو نابب ربٌس الدولة أن ٌعٌن ملحم العانً أستاذاً‪ ,‬فٌعنً ان ٌعٌن أستاذاً‪ .‬قلت‬
‫له‪ :‬نحن نحترم ربٌس الدولة ونابب ربٌس الدولة‪ ,‬ولكن لدٌنا قانون ٌقٌدنا‪ ,‬فإذا أراد ربٌس الدولة أو نابب ربٌس الدولة ان ٌعٌن أستاذاً‪ ,‬فلٌُصدِر له‬
‫قراراً من مجلس قٌادة الثورة‪ ,‬وبذلك ٌكتسب صفة القانون‪ .‬نحن ال نستطٌع مخالفة القانون‪ ,‬قال‪ :‬وإذا اصدرنا قراراً لمجلس قٌادة الثورة؟ قلت له‪ :‬إذاً‬
‫لن نقول ال‪.‬‬
‫بعد أشهر وصلتنا زمالة للتدرٌب على اِلمراض الجلدٌة فً برٌطانٌا‪ ,‬فرشحته بعدما وقع على عبارة "ارؼب بذلك"‪ ,‬وهكذا ؼادر الى الخارج‬
‫وانتهت المشكلة‪ .‬القضٌة الثانٌة هً القشة التً قصمت ظهر البعٌر وتخص طالبا ً آخر هو بهمن بختٌار ابن مدٌر استخبارات الشاه الذي هرب الى‬
‫العراق وأخذ ٌعمل ضد الشاه بحماٌة صدام حسٌن‪ ,‬ولكنه قتل فً ظروؾ ؼامضة من جانب أحد الذٌن خرجوا معه الى الصٌد‪ .‬بهمن كان ٌدرس فً‬
‫كلٌة الطب‪ ,‬وكانت له عالقة مع ابنة أحد المسإولٌن السورٌٌن التً كانت تدرس معه فً الكلٌة‪ ,‬وكان وسٌما ً‪ ,‬ولكنه مراهق الطبع وؼٌر مكترث‬
‫بؤحد‪ ,‬وقد التزمه صدام بسبب عالقة ربطته بوالدته‪.‬‬

‫عبدالرحمن عارؾ‪.‬‬
‫تصرؾ بهمن معً فً احد المرات تصرفا ً أرعن‪ ,‬وانتظرنً فً الباب حامالً مسدسه‪ ,‬ولكن أحد الموظفٌن هجم علٌه وأخذ منه المسدس‪ .‬بسبب‬
‫هذا التصرؾ فصلته من الكلٌة‪ ,‬فحاول صدام اعادته‪ ,‬ولكنً أصررت على موقفً‪ ,‬فاتصل بً سعدون شاكر مدٌر االستخبارات العامة وكان آنذاك‬
‫محسوبا ً على صدام وحاول اقناعً بإعادته الى الدراسة فرفضت‪.‬‬
‫هذه القضٌة أدت الى اثارة الضؽوط ضدي‪ ,‬مما دفعنً الى تقدٌم االستقالة‪ ,‬ولكن قرار مجلس قٌادة الثورة استبدل االستقالة بإحالتً على التقاعد‪,‬‬
‫وعٌنوا بدالً منً شخصا ً موقتا ً أصدر قراراً بنقل بهمن بختٌار الى كلٌة طب الموصل‪.‬‬
‫بعد هذه الحادثة ثبت لً أن وراء حملة الضؽوط والتهدٌد بنقلً من منصبً كان ٌقؾ صدام حسٌن‪ ,‬واعتبرت ان قرار احالتً على التقاعد كان فً‬
‫واقع الحال محاولة لتسوٌة اِلزمة‪ ,‬ربما قد حفظت حٌاتً الى حد ما‪.‬‬
‫< كٌؾ توقعت ان تجري اِلمور الحقا ً‪ ,‬ولماذا اخترت طرٌق الخروج من العراق واالنضمام الى المعارضة فً الخارج؟‬
‫‪ -‬عام ‪ 1976‬خرجت من العراق بعدما فقدت اِلمل بؤن أعمل طبٌبا ً أو رجل أعمال فً ظل الوضع القابم آنذاك‪ ,‬فقد وصلنً الكثٌر من التهدٌدات‬
‫والتحذٌرات وأخبرنً أحد أصدقابً المتنفذٌن بؤنً فً خطر‪ ,‬وان صدام حسٌن بدأ حملة اؼتٌاالت وتصفٌات فً صفوؾ قٌادًٌ حزب البعث‪ِ ,‬لنه‬
‫ٌشعر بتعصب تارٌخً أمام العناصر القدٌمة فً الحزب‪ ,‬وخصوصا ً العناصر التً لم تعره اهتماما ً فً السابق‪.‬‬
‫ومن بٌن الذٌن حذرونً كان أحد أبناء مدٌنتً النجؾ الذي عمل فً المكتب االستشاري لصدام حسٌن‪ ,‬وكان هذا الصدٌق من عابلة المرزة‪ .‬وقد‬
‫أرسل لً خبراً ٌقول‪ :‬ان صدام حسٌن طلب اضبارتً الشخصٌة‪ ,‬وهذا ٌعنً بالنسبة الى من ٌعرؾ صدام حسٌن انه حٌن ٌطلب اضبارة شخص ما‪,‬‬
‫فإن قرار الموت قد اتخذ بحقه‪.‬‬
‫كان موقؾ صدام منً عدابٌا ً منذ البداٌة‪ ,‬وهذا ما كنت أشعر به‪ ,‬وربما ٌكمن السبب فً معرفته الدقٌقة بعالقتً الشخصٌة بؤحمد حسن البكر‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ؼادرت العراق سراً الى الكوٌت‪ ,‬وهناك بدأت أتصل بالمعارضة العراقٌة‪ ,‬وسافرت الى دمشق والتقٌت الربٌس حافظ اِلسد‪ ,‬واتفقنا على العمل‬
‫تمض كما أردت لها‪ .‬وتعرضت فً الكوٌت الى محاولة اؼتٌال‪ ,‬وفً النهاٌة قررت الذهاب الى لندن‪ ,‬وهناك أسست مع‬
‫المشترك‪ ,‬ولكن اِلمور لم ِ‬
‫أٌاد عالوي وصالح عمر العلً "حركة الوفاق الوطنً" وأقمنا عالقات مع الداخل‪ ,‬واتصلنا بضباط فً الجٌش العراقً ومدنٌٌن من قطاعات‬
‫مختلفة‪ .‬ولكن حركة الوفاق تعرضت الى انشقاق قام به صالح عمر العلً واسماعٌل القادري‪ ,‬فاعتبرناهما مستقٌلٌن‪.‬‬
‫شاركت فً معظم نشاطات المعارضة فً الخارج‪ ,‬وحضرت مإتمرات فٌٌنا وبٌروت وصالح الدٌن ونٌوٌورك‪ ,‬ولكن اصابتً بالمرض حالت دون‬
‫مزاولتً نشاطاتً السٌاسٌة التً تتطلب الحركة واالنتقال‪ ,‬لذلك قدمت استقالتً من الحركة بعد سقوط نظام صدام حسٌن‪ ,‬وأنا اآلن اعتبر نفسً‬
‫مستقالً‪ ,‬ولم انقطع عن مواصلة العمل السٌاسً فً الوقت الحاضر‪.‬‬
‫تدمير أجزاء من السياج الحدودذ بين الكويت والعراق‬
‫جمعة ‪ 1424/1/4‬هـ ‪ -‬الموافق‪ 2003/3/7‬م (آخر تحدٌث) الساعة ‪( 3:00‬مكة المكرمة)‪( 0:00 ،‬ؼرٌنتش)‬

‫قال مراقبون فً اِلمم المتحدة إن جزءا من سٌاج ٌحدد منطقة حدودٌة منزوعة السالح بٌن العراق والكوٌت قد هدم‪ ،‬فً خطوة وصفت بؤنها تؤتً‬
‫ضمن االستعدادات اِلمٌركٌة لشن الحرب المحتملة على العراق‪.‬‬

‫وقال دالجٌت بجا المتحدث باسم بعثة المراقبٌن بٌن العراق والكوٌت التابعة لألمم المتحدة إن عملٌة الهدم بدأت منذ اِلربعاء وتوقفت الٌوم‪ .‬ولم ٌحدد‬
‫الجهة التً قامت بعملٌة الهدم‪ .‬وقال بجا إن مجهولٌن أحدثوا فجوات كبٌرة فً السٌاج على الجانب الكوٌتً من الحدود فً نحو سبعة أماكن‪ .‬وٌمتد‬
‫السٌاج بطول الحدود البرٌة بٌن البلدٌن التً تبلػ ‪ 200‬كٌلومتر‪.‬‬

‫وكان مسإولون ؼربٌون فً الكوٌت قالوا من قبل إن سٌاج منطقة الحدود المنزوعة السالح سٌزال فً عدة أماكن للسماح للدبابات والمركبات‬
‫المدرعة باالندفاع شماال فً العراق عبر المنطقة المنزوعة السالح إذا ما قرر الربٌس اِلمٌركً جورج بوش شن هجوم على العراق‪.‬‬

‫ٌشار إلى أن أكثر من نصؾ القوات اِلمٌركٌة فً منطقة الخلٌ تتمركز فً صحراء شمال الكوٌت وٌتوقع أن تضاؾ إلٌهم القوات اِلمٌركٌة التً‬
‫كان مقررا أن تنتشر فً تركٌا والبالػ عددها ‪ 62‬ألؾ جندي بعد أن رفض البرلمان التركً انتشارهم هناك‪ .‬وٌصل عدد القوات اِلمٌركٌة المنتشرة‬
‫فً منطقة الخلٌ حالٌا إلى ‪ 230‬ألؾ جندي وٌتوقع أن ٌرتفع العدد إلى ‪ 300‬ألؾ‪.‬‬

‫حكومات العراق بعد ‪1920‬‬


‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫فً هذا القسم ٌتم تلخٌص وترجمة حٌاة الشخصٌات التً حكمت العراق من بعد الدولة العثمانٌة ‪ ،‬أمّا كٌفٌة وصولهم الى الحكم فسٌتم تفصٌله فً‬
‫االقسام االخر من االنقالبات والثورات‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الجنرال مود ‪1917/11/18 - 1917/3/11‬‬

‫الجنرال ستانلً مود ‪ ،‬قابد القوات البرٌطانٌة التً زحفت على بؽداد واحتلها ٌوم ‪ 11‬آذار ‪1917‬م‪ .‬جا به من الدردنٌل بعد إنتهاء المعارك هناك ‪،‬‬
‫إلنقاذ القوات المحاصرة فً الكوت وفك الحصار عنها‪.‬‬
‫رقً الى رتبة قابد فٌلق دجلة فً ‪11‬تموز ‪1916‬م وبعد ‪ٌ 48‬وما ً ر ّقً مرة أخر فصار القابد العام للقوات العامة فً العراق‪.‬‬
‫دخل معارك ضارة مع اِلتراك فانتصر فٌها الواحدة تلو اِلخر حتى دخل بؽداد صباح ٌوم ‪ 11‬آذار ‪ ،1917‬وبعدها استمرت قواته فً االستٌالء‬
‫على بقٌة المدن العراقٌة ‪ ،‬وبذلك إنتهت آخر أٌام الحكم العثمانً فً العراق‪.‬‬
‫فً ٌوم ‪ 19‬آذار نشر بٌانه المشهور على العراقٌٌن والذي جاء فٌه ‪" :‬جبنا محررٌن ال فاتحٌن‪...".‬‬

‫‪429‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بدأ الخالؾ ٌدب بٌن الجنرال مود والسٌر برسً كوكس ‪ ،‬بسبب طبٌعة الجنرال مود الذي كان ٌحب التسلط واإلستٌالء وإدارة كل اِلمور بنفسه‬
‫عسكرٌة كانت ام سٌاسٌة ‪ ،‬حتى وفاته ومن ثم نقل السٌر برسً كوكس الى طهران‪.‬‬
‫فً مساء ٌوم ‪ 14‬تشرٌن الثانً ‪ 1917‬م حضر الجنرال مود حفلة فً مدرسة اِللٌانس الٌهودٌة ‪ ،‬وتناول فٌها الحلٌب ‪ ،‬وبعد انتهابها وعند عودته‬
‫‪18‬‬ ‫الى بٌته شعر بتوعك فً صحته ‪ ،‬ثم اشتد علٌه المرض ‪ ،‬وبعد الفحص والمعالجة ‪ ،‬ظهر انه مصاب بنوع حاد من الكولٌرا‪ .‬وفً مساء ٌوم‬
‫ّ‬
‫المعظم‪.‬‬ ‫تشرٌن الثانً لفظ انفاسه اِلخٌرة ‪ ،‬ودفن فً مقبرة اِلنكلٌز قرب باب‬
‫_______________‬
‫لمحات اجتماعٌة من تارخ العراق الحدٌث‪ :‬د‪ .‬علً الوردي‪ :‬ج‪ ،2‬ص‪. 377-315‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------‬‬
‫آرنولد ولسن ‪l1920-1918‬‬

‫هو الحاكم السٌاسً العام فً العراق ‪ ،‬الذي خلؾ السٌر كوكس عند نقل كوكس الى هران فً شهر نٌسان ‪1918‬م وزٌراً مفوضا ً فً طهران‪.‬‬
‫كان ولسن ضابطا ً شابا ً فً الرابعة والثالثٌن من عمره ‪ ،‬ولكن عٌب ولسن انه لم ٌفهم المجتمع العراقً كما فهمه كوكس‪ .‬كان ولسن قد تخرج فً‬
‫الكلٌة العسكرٌة فً برٌطاانٌا عام ‪1903‬م ‪ ،‬فعٌن موظفا ً سٌاسٌا ً فً الهند ‪ ،‬وشاهد البون الشاسع بٌن الهنود واالنكلٌز حٌث المستو الثقافً‬
‫والحضاري ‪ ،‬فكان ٌإمن بما ٌسمة "رسالة الرجل االبٌض فً تمدٌن الشعوب" وكان ٌعٌب برٌطانٌا فً سٌاستها إتجاه العرب فً الوعود الكاذبة‬
‫التً اتبعتها مع العرب‪ .‬كما كان ٌعتقد ان العراقٌٌن ؼٌر قادرٌن على حكم انفسهم ولهذا ٌجب تدرٌبهم واِلخذ بٌدهم وأن ٌحكم العراق حكما ً انكلٌزٌا ً‬
‫مباشراً ‪ ،‬وعند اشتداد الثورة فكرت الحكومة البرٌطانٌة باستبداله بالسٌر برسً كوكس الذي هدأ الحالة وراوغ وخادع حتى فرض االنتداب باسم‬
‫الوصاٌة وبهذا وصل الى ما لم ٌستطع ولسن الوصول الٌه فً حكم العراق ‪ ،‬ولم ٌستطع ولسن كذلك من اخماد الثورة العراقٌة ‪1920‬م وحل محله‬
‫السٌر برسً كوكس والذي تمكن من تهدبة الحالة‪.‬‬
‫_______________‬
‫لمحات اجتماعٌة من تارخ العراق الحدٌث‪ :‬د‪ .‬علً الوردي‪ :‬ج‪ ،5‬ص‪. 331-55‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------------‬‬
‫السٌر برسً كوكس ‪1920/10/1‬م‬

‫السٌر برسً كوكس ‪ ،‬مندوب الحكومة البرٌطانٌة السامً فً العراق ‪ ،‬كان رجال هادبا حلٌما لٌنا ً على عكس ماكان علٌه سلفه من الصرامة والشدة‬
‫‪ ،‬جاء لٌهٌّؤ الرأي العراقً العام الى تقبل فكرة الحكومة العربٌة التً ٌزمع إقامتها والتً أرسلته حكومته من أجل التفاهم على إنشابها ‪ ،‬فقد كان‬
‫معروفا بدهابه االنكلٌزي المخادع وسٌاسته الثعلبٌة الماكرة‪.‬‬
‫جاء الى العراق أول مرة مع الجنرال مود بوظٌفة حاكم سٌاسً من قبل القابد العام فً العراق ‪ 1917‬م ‪ ،‬ثم نقل الى طهران لٌتولى منصب الوزٌر‬
‫المفوض البرٌطانً ‪ ،‬وعاد ثانٌة الى العراق ‪ 1920‬م لتهدبة الحالة وتشكٌل الحكومة الموقتة ‪ ،‬فؤلفها برباسة السٌد عبد الحمن النقٌب ‪ ،‬وجعل شؤنها‬
‫والعدم سواء ‪ ،‬حٌث السلطة كانت بٌد المستشارٌن والمسإولٌة على الوزراء ‪ ،‬تحت نظارة المعتمد السامً وارشاده‪.‬‬
‫وحضر كوكس مإتمر القاهرة لدرس شإون الشرق اِلدنى ‪ ،‬وهو الذي اقترح تؤسٌس الجٌش العارقً لتخفؾ من أعباء برٌطانٌا ‪ ،‬وهو الذي أجر‬
‫التصوٌت العام والمناداة باالمٌر فٌصل ملكا ً على العراق تؤٌٌداً لقرار مجلس الوزراء فً ‪ 11‬تموز ‪1921‬م‪.‬‬
‫منحته حكومته وسام اإلمبراطورٌة البرٌطانٌة السامً من الدرجة االولى ‪ ،‬وعمل كذلك على تؤسٌس المجلس التؤسٌسً‪.‬‬
‫فً ‪ 28‬تشرٌن الثانً ‪ 1922‬م عند مرض الملك ‪ ،‬مارس الحكم مباشرة ‪ ،‬فؤمر بإؼالق اِلحزاب وتعطٌل الصحؾ واعتقال أصحابها وؼٌرهم من‬
‫الوطنٌٌن ونفٌهم الى جزٌرة هنجام وأرسل الطابرات لقصؾ القبابل المإٌدة للحركة الوطنٌة‪.‬‬
‫_______________‬

‫‪430‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لمحات اجتماعٌة من تارخ العراق الحدٌث‪ :‬د‪ .‬علً الوردي‪ :‬ج‪ 5‬القسم االول‪ ،‬ص‪ ، 260-209‬ومعلومات ومشاهدات فً الثورة العراقٌة الكبر ‪،‬‬
‫‪1920‬م‪ .‬السٌد محمد علً كمال الدٌن‪ ،‬ص‪ 228،272‬و‪ ,384‬وتارٌخ العراق السٌاسً الحدٌث‪ :‬السٌد عبد الرزاق الحسنً ج‪ 1‬ص‪. 183‬‬

‫‪----------------------------------------------------------------------‬‬
‫عبد الرحمن النقٌب ‪1921-1920‬م‬

‫هو السٌد عبد الرحمن المحض الكٌالنً نقٌب اِلشراؾ الطالبٌٌن فً بؽداد إب السٌد علً من اِلسرة الكٌالنٌة ‪ ،‬الذي ترأس الحكومة العراقٌة‬
‫اإلنتقالٌة التً أنشؤها السٌر برسً كوكس فً ‪27‬تشرٌن اِلول ‪1920‬م والتً دامت حتى المناداة باِلمٌر فٌصل اِلول ملكاًعلى العراق فً ‪23‬آب‬
‫‪ 1921‬م ‪ ،‬ثم ألفها ثانٌة برباسته فً ‪10‬أٌلول ‪ 1921‬م وألفها للمرة الثالثة فً ‪30‬أٌلول ‪ 1922‬م حٌث تركت الوزارة الحكم فً ‪17‬تشرٌن الثانً‬
‫‪ 1922‬م ‪ ،‬فؤلفها بعده عبد المحسن السعدون‪.‬‬
‫كان ٌتولى االوقاؾ الكٌالنٌة داخل العراق وخارجه‪ .‬وكان مجلسه محفالً سٌاسٌا ً ٌفزع الٌه رجاالت الدولة وأقطاب البالد الدارة كفة البلد وحفظ‬
‫توازنه السٌاسً‪.‬‬
‫له مإلفات منها ‪ :‬الفتح المبٌن فً تجمة جده الشٌخ عبد القادر وأوالده وطرٌقته والرد على مخالفٌه ‪،‬وله كتاب فً المواعظ التً كان ٌلقٌها فً شهر‬
‫رمضان المبارك فً جامع الحضرة الكٌالنٌة‪.‬‬
‫توفً عام ‪ 1926‬م ودفن فً ؼرفة فً الحضرة الكٌالنٌة‪.‬‬
‫_______________‬
‫دلٌل الجمهورٌة العراقٌة لسنة ‪1960‬م ‪ ،‬ص‪ ، 221‬وحكومات بؽداد ‪ :‬عبد الحمٌد العلوجً ‪،‬ص‪ ، 26‬واالعالم الزركلً ‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ 92‬والبؽدادٌون‬
‫اخبارهم وجالسهم‪ :‬ابراهٌم الدروبً ‪ :‬ص‪. 10‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الملك فٌصل اِلول ‪1933-1921‬م‬

‫فٌصل بن الحسٌن بن علً الحسنً الهاشمً ‪ -‬نسبه الى الحسن المثنى ابن الحسن المجتبى ابن االمام علً بن ابً طالب علٌه السالم ابو ؼازي ‪،‬‬
‫ملك العراق ‪ ،‬ولد فً الطابؾ وترحرح فً خٌام بنً عتٌبة فً بادٌة الحجاز‪.‬‬
‫‪1916‬م فؤقسم‬ ‫ورحل مع ابٌه حٌن أبعد الى االستانه سنة ‪1981‬م وعاد معه سنة ‪ 1909‬م فؤخذ ٌنتقل بٌن الحجاز واِلستانة ‪ ،‬وزار دمشق سنة‬
‫بٌمٌن االخالص لجمعٌة "العربٌة الفتاة" السرٌة‪.‬‬
‫وثار والده على الترك سنة ‪1916‬م فتولى فٌصل قٌادة الجٌش الشمالً ‪ ،‬ثم سمًّ قابدا عاما ً على الجٌش العربً المحارب فً فلسطٌن الى جانب‬
‫القوات البرٌطانٌة ودخل سورٌا سنة ‪1918‬م بعد جالء االتراك عنها‪.‬‬
‫فاستقبله أهلها استقبال المنقذ ‪ ،‬وسافر الى بارٌس ناببا ً عن أبٌه فً مإتمر الصلح ‪ ،‬وعاد الى دمشق فً أوابل سنة ‪1920‬م فنودي به ملكا ً دستورٌا ً‬
‫على البالد السورٌة سنة ‪ 1920‬م وكانت وقعة مٌسلون فً ‪ 24‬تموز ‪ 1920‬م واحتل الجٌش الفرنسً سورٌة‪.‬‬
‫ورحل الملك فٌصل الى اوربا ‪ ،‬فؤقام فً اٌطالٌا مدة ثم ؼادرها الى انكلترا ‪ ،‬وكانت الثورة فً العراق ضد اِلنكلٌز التزال مشتعلة فدعته الحكومة‬
‫البرٌطانٌة لحضور مإتمر عقدته فً القاهرة سنة ‪1921‬م برباسة ونستون شرشل وتقرر ترشٌحه لعرش العراق ‪ ،‬فانتقل الى بؽداد ونودي به ملكا ً‬
‫على العراق فً ‪ 11‬تموز ‪1921‬م ‪ ،‬فانصرؾ الى االصالح الداخلً بوضع الدستور للبالد ‪ ،‬وأنشؤ مجلسا ً لالمة ‪ ،‬وأقام العالقات بٌن العراق‬
‫وبرٌطانٌا على أسس معاهدات ‪ 1922،1926،1927،1930‬م وأصلح ما بٌن العراق وجٌرانه " السعودٌة واٌران وتركٌا" وزار العاصمة التركٌة‬
‫والعاصمة البرٌطانٌة ثم قصد سوٌسرا لالستجمام ‪ ،‬فتوفً بالسكتة القلبٌة فً عاصمتها "برن" فً ‪ 8‬أٌلول ‪ 1933‬م ونقل جثمانه الى بؽداد ودفن‬
‫فٌها‪.‬‬
‫وله مإلفات منها "مذكرات فٌصل عن القضٌة السورٌة" و "فٌصل بن الحسٌن فً خطبه وأقواله" وؼٌرها ‪ ،‬وقد كتب فً سٌرته بعض الكتب‪.‬‬
‫_______________‬

‫‪431‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االعالم ‪ :‬الزركلً ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ ، 372‬ودلٌل العراق الرسمً لسنة ‪ ،1936‬ومعجم المإلفٌن ‪ :‬كوركٌس عواد‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.507‬‬

‫‪----------------------------------------------------------------‬‬
‫الملك ؼازي اِلول ‪1939-1933‬م‬

‫ؼازي بن فٌصل بن الحسٌن بن علً الحسنً الهاشمً ‪ ،‬ملك العراق ‪ ،‬ولد سنة ‪1912‬م ونشؤ بمكة المكرمة ‪ ،‬وانتقل الى بؽداد حٌن سمًّ ولٌا ً لعهد‬
‫المملكة العراقٌة سنة ‪ 1924‬وأرسله والده فٌصل اِلول الى كلٌة هارو فً انكلترا سنة ‪ 1927‬فدرس فٌها سنتٌن وعاد الى بؽداد والتحق بالكلٌة‬
‫السكرٌة وناب عن والده فً تصرٌؾ شإون الدولة سنة ‪ ، 1933‬وأبوه فً أنكلترا ‪ ،‬فكان وقفه فٌها حازما ُ ‪ ،‬ونودي به ملكا ً على العراق بعد وفاة‬
‫أبٌه سنة ‪1933‬م فاستمر الى ان توفً فً بؽداد قتٌالً فً ‪ 4‬نٌسان ‪ 1939‬م باصطدام سٌارته وهو ٌقودها بعمود التلؽراؾ بالقرب من قصره‪.‬‬
‫كان مولعا بالرٌاضة والصٌد ‪ ،‬وللناس فً سبب مقتله أقوال ‪ ،‬وقد كانت فترة عهده فترة اضطرابات وإنقالبات عسكرٌة ‪ ،‬كثورة الفرات وإنقالب‬
‫بكر صدقً فً ‪1936-10-29‬م‪.‬‬
‫نصب االمٌر عبد االله وصٌا ً على ابنه الملك فٌصل الثانً عند وفاته بسبب عدم بلوؼه السن القانونٌة لتولٌه مقالٌد الحكم‪.‬‬
‫_______________‬
‫االعالم ‪ :‬الزركلً ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ ، 301‬ودلٌل العراق الرسمً لسنة ‪ ،1936‬ودلٌل الجمهورٌة العراقٌة لسنة ‪1960‬م ص‪.230‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------------------‬‬
‫الملك فٌصل الثانً ‪1958-1939‬م‬

‫فٌصل الثانً بن ؼازي بن فٌصل اِلول بن حسٌن ملك الحجاز بن الشرٌؾ محمد بن عبد المعٌن بن عون بن محسن بن عبد ّللا بن الحسٌن بن عد‬
‫ّللا "أمٌر مكة" وفٌصل نسبه الحسن المثنى بن االمام الحسن المجتبى بن االمام علً بن أبً طالب علٌه السالم‪.‬‬
‫ولد فٌصل الثانً فً بؽداد سنة ‪1935‬م ونشؤ فٌها ودرس العلوم على أساتذة خصوصٌٌن ‪ ،‬وأصبح ملكا ً على العراق ٌوم ‪ 6‬نٌسان ‪1939‬م بعد وفاة‬
‫أبٌه الملك ؼازي الأول "تحت وصاٌٌة خاله اِلمً عبد االله‪".‬‬
‫وفً عام ‪ 1947‬م سافر الى انكلترا للدراسة حٌث التحق بمدرسة "ساندوٌس" ثم التحق بكلٌة "هارو" فً ‪ 7‬ماٌس ‪1949‬م التً تخرج فٌها بتارٌخ‬
‫‪14‬‬ ‫‪1952 / 10 / 23‬م‪ .‬عاد بعدها الى العراق ‪ ،‬حٌث تولى سلطاته الدستورٌة ٌوم ‪ 2‬ماٌس ‪1953‬م وبقً ملكا ً على العراق حتى صباح ٌوم‬
‫تموز ‪ 1958‬م حٌث انتهى العهد الملكً وقٌام الجمهورٌة‪ .‬له مإلؾ هو اسالٌب الدفاع عن النفس‪.‬‬
‫_______________‬
‫معجم العراق ‪ :‬عبد الرزاق الهاللً‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.25‬‬
‫معجم المإلفٌن العراقٌٌن ‪ :‬كوركٌس عواد ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.507‬‬

‫‪-------------------------------------------------------------------‬‬
‫عبد اإلله بن علً ‪1958-1939‬م‬

‫‪1913‬م ‪ /‬وتلقى علومه فً كلٌة فكتورٌا فً‬ ‫هو االمٌر عبد االله بن الملك علً بن الملك حسٌن ‪ ،‬ولد فً الطابؾ من الدٌار الحجازٌة عام‬
‫االسكندرٌةبمصر ‪ ،‬عاد بعدها الى بؽداد ملحقا ً بالبالط الملكً ووزارة الخارجٌةز‬
‫وفً نٌسان ‪1939‬م بعد مقتل الملك ؼازي والمناداة بولً عهده االمٌر فٌصل ملكا ً على العراق ‪ ،‬اختٌر االمٌر عبد االله وصٌا ً على العرش‪.‬‬

‫‪432‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً اثناء تؤزم الوضع فً منتصؾ عام ‪1940‬م وأوابل سنة ‪1941‬م ظهر تؤٌٌد للسٌاسة االنكلٌزٌة ‪ ،‬فؽادر بؽداد سراً الى الحبانٌة ومنها الى‬
‫البصرة ‪ ،‬فحدثت أزمة خطٌرة ‪ ،‬مما اظطر حكومة الدفاع الوطنً التً قامت فً البالد ٌومبذ ‪ ،‬الى دعوة مجلس اِلمة الى اإلجتماع فً العاشر من‬
‫نٌسان ‪1941‬م ‪ ،‬وتعٌٌن الشرٌؾ شرؾ وصٌا ً على العرش‪.‬‬
‫فقررت الحكومة البرٌطانٌة اعادة عبد االله الى منصب الوصاٌة مهما كلفها االمر ‪ ،‬فاصطدم الجٌشان العراقً والبرٌطانً فً معارك دامٌة بدأت‬
‫فً الثانً من آٌار ‪ 1941‬م وانتهت فً الثالثٌن منه ‪ ،‬حٌث أعٌد الوصً المعزول واعتقل وفصل الكثٌر من الضباط والموظفٌن وؼٌرهم ‪ ،‬كما‬
‫أوقفت صدور الصحؾ ‪ ،‬وبقً مسٌطراً على شإون الدولة حتى بعد تولً الملك فٌصل الثانً سلطاته الدستورٌة وانتهاء مدة وصاٌته عام ‪1953‬م‪.‬‬
‫وكان قد أصبح ولٌا ً للعهدإضافة الى منصب الوصاٌة فً قرار مجلس الوزراء بتارٌخ ‪1943 / 11 / 11‬م‪.‬‬
‫وفً اثناء مدة حكمه قام بزٌارة بلدان كثٌرة منها زٌارته الى الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة فً صٌؾ ‪1945‬م‪.‬‬
‫وفً اثناإ عودته زار برٌطانٌا حٌث مهّد الى تعدٌل المعاهدة العراقٌة البرٌطانٌة الى معاهدة "بورت سموث" فً كانون الثانً وبعد زٌارته النكلترا‬
‫زار فرنسا ومن ثم الى تركٌا ‪ ،‬ووصل بؽداد ٌوم ‪1945 / 9 / 20‬م وفً ‪ 15‬تموز ‪ 1947‬م سافر الى لندن حٌث بحث مع المسإولٌن البرٌطانٌٌن‬
‫فً تعدٌل المعاهدةو العراقٌة‪-‬البرٌطانٌة والتً أدت الى وثبة كانون الثانً ‪ 1948‬م وبالتالً الى الؽابها ‪ ،‬وقد أخذ عبدد االله ٌمعن فً التدخل فً‬
‫شإون البالد ‪ ،‬حتى سعى الى عقد حلؾ بؽداد وتكوٌن االتحاد العربً مع اِلردن ‪ ،‬فظهرت االحتجاجات واالنتقادات من الجهات الوطنٌة‬
‫واالحزاب‪ ،‬ضد السٌاسة المتبعة فً العراق ‪ ،‬قصد بها اصحابها انقاذ البالد من خطر التدهور واالضمحالل ‪ ،‬وتوزٌع المسإولٌات بحسب‬
‫قضً‬ ‫االختصاصات ومراعاة حرمةالدستور والقوانٌن المنبثقة منه ‪ ،‬فابت االمور اال ان تسٌر سٌراً معاكسا ً وان تفعل اِلنانٌة فعلها فً ذلك حتى‬
‫علٌها فً ‪ 14‬تموز ‪ 1958‬م وقتل عبد االله والملك فٌصل وألؽٌت بذلك الملكٌة فً العراق ‪ ،‬واُعلن نظام الحكم الجمهوري‪.‬‬
‫_______________‬
‫تارٌخ الوزارات العراقٌة ‪ :‬السٌد عبد الرزاق الحسنً ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ 270-246‬و ج‪ 6‬ص‪ 10‬من نفس المصدر‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------------------‬‬
‫الشرٌؾ شرؾ ‪1941/6/31 _ 4/10‬م‬

‫ولد الشرٌؾ شرؾ فً مدٌنة الطابؾ عام ‪1880‬م‪ .‬وهنوو من أمراء البٌت الهاشمً الذي كان ٌحكم الحجاز‪.‬‬
‫كان أبوه راجح أمٌراً على مدٌنة الطابؾ وما جاورها‪ .‬ونشؤ فارسا ً قاد الكتابب مع اِلمٌر فٌصل بن الحسٌن فً حرب عسٌر ثم أصبح مستشاره‬
‫الخاص والمقرب الٌه وعند وفاة أبٌه تولى إمارة الطابؾ بعده ‪ ،‬كما اشترك فً الثورة العربٌة الكبر التً قادها الملك حسٌن ضد العثمانٌٌن‪.‬‬
‫بعد استٌالء السعودٌٌن على الحجاز ‪ ،‬ؼادر الى العراق ‪ ،‬فكان موضع ثقة الملك فٌصل اِلول ‪ ،‬وأنابه عنه عام ‪ 1927‬م عندما اعتزم السفر الى‬
‫‪1941‬م ‪،‬‬ ‫أوربا‪ ،‬وسموه عصامً الثقافة له اطالع فً اللؽة واِلدب والتارٌخ وأنساب العرب‪ .‬وعندما تؤزم الوضضع السٌاسً فً العراق عام‬
‫اختٌر لٌكون وصٌا على العرش وباجماع اعضاء مجلس اِلمة بدالً من اِلمٌر عبد االله الوصً على العرش بتارٌخ ‪ 10‬نٌسان ‪1941‬م وبعد فشل‬
‫ثورة ماٌس التً فجرتها حكومة الدفاع الوطنً التً اختارت الشرٌؾ شرؾ وصٌا ً على العرش بدالً من اِلمٌر عبد االله ‪ ،‬حوكم من قبل المجلس‬
‫العرفً العسكري ‪ ،‬بالحبس الشدٌد لمدة ‪ 3‬سنوات من تارٌخ توقٌفه فً ‪ 2‬نٌسان ‪1944‬م‪.‬‬
‫توفً عام ‪1981‬م‪.‬‬

‫‪----------------------------------------------------------------------‬‬
‫محمد نجٌب الربٌعً ‪1963-1958‬م‬

‫ولد الفرٌق محمد نجٌب الربٌٌعً فً بؽداد سنة ‪1904‬م من عابلة ُّ‬
‫تمت بالنسب الى قبٌلة ربٌعة‪ ،‬وتدرج فً الدراسة حتى تخرج من الثانوٌة والتحق‬
‫بالكلٌة العسكرٌة سنة ‪ 1927‬م ثم التحق بكلٌة االركان العراقٌة ‪ ،‬وبعدها إلتحق بكلٌة االركان فً كونٌا واستمر ٌتدرج فً الرتب العسكرٌة حتى بلػ‬
‫رترة فرٌق ركن فً ‪ 1957 / 11 / 2‬م وقد نال أوسمة كثٌرة منها وسام الرافدٌن من الدرجة الثالثة ومن النوع العسكري ‪ ،‬وندب الى السلك‬

‫‪433‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 2‬المإرخ فً ‪ 14‬تموز ( ‪ 26‬ذي‬ ‫الخارجً سفٌراً للعراق فً جدّة ‪ ،‬وفً ‪ 14‬تموز ‪1958‬م اختٌر ربٌسا ً لمجلس السٌادة ‪ ،‬بموجب البٌان رقم‬
‫الحجة ‪1378‬هـ) وبقً فً منصبه هذا حتى أطٌح بحكومة عبد الكرٌم قاسم‪.‬‬
‫_______________‬
‫دلٌل الجمهورٌة العراقٌة لسنة ‪ 1960‬ص‪.13‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫عبد الكرٌم قاسم ‪1963-1958‬م‬

‫ولد الفرٌق الركن عبد الكرٌم قاسم فً بؽداد عام ‪ 1914‬م من أسرة عراقٌة ‪ ،‬ونشؤ فً مدٌنة الصوٌرة حٌث انتقل مع والده‪ .‬وعاد الى بؽداد عام‬
‫‪1926‬م‪.‬‬
‫واصل دراسته االبتدابٌة ‪ ،‬ثم دخل الثانوٌة المركزٌة ‪ ،‬وبعد اكمالها عٌُن معلما ً فً مدرسة الشامٌة االبتدابٌة ‪ ،‬فً محافظة القادسٌة ‪ ،‬وفً عام‬
‫‪ 1932‬م ‪ ،‬إلتحق بالكلٌة العسكرٌة ‪ ،‬والتً تخرج فٌها عام ‪1934‬م ‪ ،‬وفً ‪ 24‬كانون الثانً دخل كلٌة اِلركان وتخرج فٌها عام ‪1941‬م‪ .‬واشترك‬
‫فً عدة دورات عسكرٌة داخل القطر وخارجه ‪ ،‬وتدرج فً الرتب العسكرٌة حتى وصل الى رتبة زعٌم ركن "عمٌد ركن" بتارٌخ‪ 2‬ماٌس ‪1955‬م‬
‫‪ 14‬تموز‬ ‫‪ 2‬ماٌس ‪ 1941‬م وبحركات بارزان ‪ 1945‬م أتٌح له مع الضباط االحرار تفجٌر ثورة‬ ‫‪ ،‬كما اشترك ضمن القٌادة الؽربٌة فً ثورة‬
‫‪ 1958‬م ‪ ،‬التً اطاحت بالنظام الملكً وأقامت النظام الجمهوري ‪ ،‬فعٌن بمنصب ربٌس الوزراء والقابد العام للقوات المسلحة ووكٌل وزٌر الدفاع‪.‬‬
‫اُعدم بالرصاص فً ‪ 9‬شباط ‪1963‬م‪.‬‬
‫_______________‬
‫ثورة ‪ 14‬تموز ‪ 1958‬فً العراق ‪ :‬لٌث عبد الحسن ‪ :‬ص‪.403-371‬‬

‫‪----------------------------------------------------‬‬
‫عبد السالم عارؾ ‪1966-1963‬م‬

‫‪1934‬م ‪ ،‬والتحق بالكلٌة‬ ‫ولد المشٌر عبد السالم محمد عارؾ فً ‪ 21‬آذار ‪ 1921‬فً بؽداد ‪ ،‬ونشؤ فٌها وأكمل دراسته االبتدابٌة والثانوٌة عام‬
‫العسكرٌة التً تخرج فٌها عام ‪ 1941‬م برتبة مالزم ثان ‪ ،‬واشترك فً ثورة ماٌس ‪ 1941‬م ثم نقل الى البصرة والتً بقً فٌها حتى عام ‪1944‬م‬
‫حٌث نقل الى الناصرٌة ‪ ،‬واختٌر عام ‪ 1946‬م مدربا فً الكلٌة العسكرٌة ثم نقل الى كركوك ومنها سافر الى فلسطٌن واشترك فً حرب عام‬
‫‪1952‬م الى دابرة تدرٌب‬ ‫‪ 1948‬م ‪ ،‬ثم نقل الى مقر قٌادة الجٌش عندما أصبح الفرٌق نور الدٌن محمود ربٌسا ِلركان الجٌش ‪ ،‬ونقل عام‬
‫المناورات حتى عام ‪ 1945‬م ‪ ،‬ثم نقل الى اللواء التاسع عشر ‪ ،‬وبعدها التحق بدورة القطعات العسكرٌة البرٌطانٌة فً دسلدورؾ بالمانٌا الؽربٌة‬
‫للتدرٌب وبقً فٌها حتى عام ‪1956‬م ‪ ،‬وعند عودته ُبلّػ بالسفر الى المفرق لٌكون على أتم استعداد لمعاونة االردن ضد الكٌان الصهوٌنً‪.‬‬
‫انظم الى الضباط االحرار بنا ًء على طلب عبد الكرٌم قاسم ‪ ،‬وكان من المساهمٌن الفعالٌن فً التحضٌر والقٌام بثورة ‪ 14‬تموز ‪1958‬م ‪ ،‬وتولى‬
‫بعد نجاحها منصب نابب ربٌس الوزراء ووزارة الداخلٌة ‪ ،‬ثم حصل خالؾ بٌنه وبٌن عبد الكرٌم قاسم وأعفً من مناصبه ‪ ،‬وعٌن سفٌراً للعراق‬
‫فً المانٌا الؽربٌة ‪ ،‬وبعدها حوكم بتهمة محاولة قلب نظام الحكم ‪ ،‬فحكم علٌه باالعدام ثم بدل بالسجن وبعدها أخلً سبٌله‪.‬‬
‫وفً انقالب ‪ 14‬رمضان ‪1963‬م اختٌر ربٌسا ً للجمهورٌة برتبة مشٌر ركن ‪ ،‬فكان ذلك أول ربٌس للجمهورٌة العراقٌة وفً ‪ 18‬تشرٌن الثانً قام‬
‫بردة تشرٌن لتصفٌة البعثٌٌن‪.‬‬
‫قام بزٌارات لعدد من البلدان واشترك فً عدة مإتمرات‪.‬‬
‫توفً على أثر سقوط طابرة الهٌلكوبتر التً كان ٌستقلها هو مرافقوه بٌن القرنة والبصرة مساء ٌوم ‪ 13‬نٌسان ‪1966‬م‪.‬‬
‫_______________‬
‫ثورة ‪ 14‬تموز ‪ 1958‬فً العراق ‪ :‬لٌث عبد الحسن ‪ :‬ص‪.426-401‬‬

‫‪434‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫عبد الرحمن عارؾ ‪1968-1966‬م‬

‫ولد عبد الرحمن محمد عارؾ فً بؽداد عام ‪ 1916‬م ونشؤ فٌها ‪ ،‬ثم دخل الكلٌة العسكرٌة سنة ‪ 1936‬م وتخرج فٌها برتبة مالزم ثان ‪ ،‬وتدرج فً‬
‫المناصب العسكرٌة حتى بلػ رتبة لواء فً ‪ 1964‬وأشؽل عدة مناصب عسكرٌة هامة ‪ ،‬وفً عام ‪ 1962‬م أحٌل على التقاعد ‪ ،‬وأعٌد الى الخدمة‬
‫ثانٌة فً ‪ 8‬شباط ‪1963‬م‪.‬‬
‫وكان قد اشترك فً ثورة ماٌس ‪ ،1941‬وحرب فلسطٌن ‪1948‬م‪ .‬وساهم فً ردة تشرٌن ‪1963‬م‪ .‬وفً ‪1966 / 4 / 11‬م ترأس وفداً عراقٌا‬
‫عسكرٌا الى االتحاد السوفٌاتً ‪ ،‬إال انه عاد من االتحاد السوفٌاتً قاطعا ً زٌارته لٌشترك فً مراسٌم تشٌٌع جنازة شقٌقه عبد السالم محمد عارؾ‪.‬‬
‫فً ٌوم ‪ 1966 /4 /16‬انتخب ربٌسا للجمهورٌة العراقٌة فً اجتماع عقده مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنً ‪ ،‬وفً تموز ‪1966‬م ر ّقً الى‬
‫رتبة فرٌق ‪ ،‬وفً ‪1967 /5 /10‬م شكل الوزارة برباسته وفً ‪ 1967 /7 /10‬م تخلى عن رباسة الوزارة ‪ ،‬وقام بزٌارات الى عدد من الدول‬
‫العربٌة واالسالمٌة‪ ،‬وفً ‪ 17‬تموز ‪ 1968‬م أقٌل من منصبه بانقالب حزب البعث ‪ ،‬وتم تسفٌره الى خارج العراق‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫أحمد حسن البكر ‪1979-1968‬م‬

‫من موالٌد عام ‪1914‬م فً مدٌنة تكرٌت‪ .‬تخرج فً مدرسة دار المعلمٌن االبتدابٌة عام ‪ 1932‬م ‪ ،‬ثم التحق بالكلٌة العسكرٌة عام ‪1938‬م‪ .‬عٌن فً‬
‫حكومة عبد الكرٌم قاسم عضواً فً المجلس العرفً العسكري ‪ ،‬وفً ‪ 1958 /10 /20‬م أعتقل ثم أحٌل على التقاعد فً ‪1959 /4 /19‬م‪ .‬وبعد‬
‫انقالب ‪ 14‬رمضان ‪1963‬م عٌُن ربٌس للوزراء ‪ ،‬وشكل وزارتٌن فً تلك الفترة وبعد ردّة تشرٌن الثانً ‪1963‬م اعتقل‪.‬‬
‫كان من اوابل المخططٌن النقالب ‪17‬تموز ‪ 1968‬حٌث تم ارؼام عبد الرحمن عارؾ على التسلٌم بقوة السالح وتم تسفٌره الى خارج العراق ‪،‬‬
‫وهنا استلم احمد حسن البكر الحكم‪.‬‬
‫وفً ‪ 30‬تموز ‪ 1968‬م أعلن احمد حسن البكر من االذاعة بتسفٌر عبد الرزاق الناٌؾ وفً ‪ 31‬تموز تم تشكٌل وزارة جدٌدة برباسته‪.‬‬
‫فً تموز ‪ 1979‬م أعلن تخلٌه عن كل مناصبه لظروفه الصحٌة حٌث استلمها صدام حسٌن‪.‬‬
‫توفى فً بؽداد فً ‪1982‬م ودفن فٌها‪.‬‬

‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫صدام حسٌن ‪1979‬م‬

‫ولد فً ‪ 28‬نٌسان ‪ 1937‬فً قرٌة العوجة جنوب قضاء تكرٌت‪.‬‬


‫انضم الى حزب البعث فً عام ‪ 1957‬م وهرب الى سورٌة ومصر حٌث اكمل االعدادٌة عام ‪1962‬م وفً عام ‪ 1964‬م اعتقل وهرب من السجن‬
‫‪ 1966‬حٌث وبقً مختفٌا‪.‬‬
‫بعد انقالب ‪ 17‬تموز إدعى اكمال دراسته فً كلٌة الحقوق ببؽداد‪.‬‬
‫وفً تموز ‪ 1979‬م استلم حكم العراق بعد إعتزال احمد حسن البكر‪.‬‬
‫فً ‪ 1980 /9 /17‬م أعلن الؽاء اتفاقٌة الجزابر المعقودة بٌن اٌران والعراق عام ‪ 1975‬م‪ ،‬وباشر بعدها بؽزو اٌران‪.‬‬
‫دخول بريطانيا الى العراق في ايام الحرب العالمية االولى‬
‫أؼارت برٌطانٌة من جهة البحر بجٌوشها الجرارة ومعداتها الحربٌة ‪ ،‬وكان بدء الؽارة فً شهر أٌلول سنة ‪ 1914‬فاحتلت الجٌوش البرٌطانٌة الفاو‬
‫بال مقاومة كما احتلت عبادان ثم احتلت البصرة وجعلتها قاعدة العمالها العسكرٌة ‪ ،‬وكان صبحً بك والً البصرة وقابدها قد ارتد الى القرنة ‪،‬‬

‫‪435‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فسار القابد البرٌطانً فً اثره وهاجمه هناك ‪ ،‬فرأ صبحً بك ان ال فابدة من المقاومة سو التؽرٌر بمن معه من الجند فارسل بكتاب الى القابد‬
‫االنكلٌزي ٌقترح فٌه االستسالم على ان ٌخرج الجٌش بسالحه ‪ ،‬فؤبى القابد االنكلٌزي قبول هذا الشرط ‪ ،‬فاستسلم الجٌش التركً بال قٌد او شرط ‪،‬‬
‫وكان عدده ( ‪ ) 1200‬جندي و ‪ 42‬ظابطا‪ ،‬واُسر القابد صبحً بك‪.‬‬
‫وعلى أثر هذه الحادثة أقالت الحكومة جاوٌد باشا القابد العام للجٌش العراقً ‪ ،‬وعٌنت سلٌمان بك العسكري ‪ ،‬وهو من زعماء االتحادٌٌن ‪ ،‬قابداً‬
‫سلٌمان‬ ‫عاما ً للجٌش فً العراق ‪ .‬وقد دارت بعد ذلك معارك دامٌة بٌن الفرٌقٌن كان اشدها واعظمها شؤنا معركة (( الشعٌبة )) التً هجم فٌها‬
‫العسكري على المعسكر البرٌطانً المحصن فٌها هجمة المستمٌت فارتد خاببا ً ‪ ،‬وخسر من جٌشه جنوداً كثٌرٌن ال ٌستهان بهم ‪ ،‬ما بٌن قتٌل وجرٌح‬
‫وأسٌر ‪ .‬وكان لهذه الوقعة تؤثٌرها السًء على نفسه الحزٌنة فقتل نفسه مما أصابه من االخفاق ‪ ،‬فضال عن أنه أصٌب من قبل بشظٌة قنبلة ‪.‬‬
‫فؤرسلت الحكومة نور الدٌن بك ( باشا ) الستالم القٌادة العامة فً العراق وكان االنكلٌز حٌن ذاك قد احتلوا العمارة من جهة دجلة واحتلوا من جهة‬
‫الفرات الناصرٌة ‪ .‬فجمع نور الدٌن بك القو المبعثرة وضافها الى الٌنجدات الجدٌدة فحشد معظمها فً ( السن ) الذي ٌبعد عن الكوت نحو ثمانٌة‬
‫أمٌال تقرٌبا من الشرق ‪ ،‬وهناك اشتبك الجٌشان فً القتال فانتهى بفوز االنكلٌز فنكص الجٌش العثمانً الى بلدة سلمان باك وزحؾ االنكلٌز على‬
‫بلدة سلمان ‪ ،‬وهجموا على قلب الجٌش العثمانً وعلى جناحه االٌسر ‪ ،‬وكاد الفوز ٌحالفهم لوال وصول نجدة قوٌة من االتراك ٌقودها خلٌل بك (‬
‫باشا ) فً تلك الساعة الرهٌبة ‪ ،‬فدحروا الجٌش االنكلٌزي وأرؼموه على ترك الخطوط التً تؽلب علٌها ‪ ،‬فارتد الى الكوت فطارده الجٌش العثمانً‬
‫والقى الحصار علٌه وعلٌها ‪ .‬وعلى الرؼم مما بذله االنكلٌز من الجهود النقاذ هذا الجٌش المحصور لم ٌستطٌعوا انقاذه ‪ ،‬فاستسلم فً ‪ 29‬نٌسان‬
‫‪ 1916‬بعد ان اتلؾ معداته الحربٌة ‪ .‬وكان عدد افراده ( ‪ ) 13500‬عدا الظباط ‪ ،‬فؤرسلوا اسر الى االنضول أما قابده الجنرال طاوسند فقد‬
‫اعدت الحكومة القامته قصراً فخما ً فً جزٌرة االمراء ( بٌوك أطه ) فاقام فٌه حتى زمن عقد الهدنة‪.‬‬
‫وبعد هذه الحادثة أرسل االنكلٌز لتقوٌة جٌشهم حملة بلػ عددها ‪ 40,000‬مقاتل تحت قٌادة الجنرال (( مود )) فبدأ الهجوم على الجٌش العثمانً فً‬
‫‪ 9‬كانون الثانً ‪ 1917‬فاحتلوا الخطوط االمامٌة بعد عدة معارك هابلة ثم استولوا على الفالحٌة فً ‪ 22‬منه وضعضعوا الجٌش العثمانً فنكص الى‬
‫سلمان باك ثانٌة فؤخذ االنكلٌز ٌطاردونه فلم ٌقو على الثبات ‪ ،‬وارتد الى بؽداد ‪ ،‬فطارده القابد مود واضطره الى ترك بؽداد ‪ ،‬ودخل بؽداد صباح‬
‫‪ 11‬آذار ‪ ، 1917‬وبعد ان سقطت بؽداد استولى الجٌش االنكلٌزي على سابر المدن العراقٌة بعد مناوشات ومناهدات ‪ ،‬وبذلك انطوت آخر صفحة‬
‫من تارٌخ بنً عثمان فً العراق‪.‬‬
‫‪ http://www.nahrain.com/d/politic/‬موسوعة النهرٌن ـ الشبكة العالمٌة ‪ ،‬االنترنت‬

‫رؼم التعتيم اإلعالمي المريع االسرار اليمكن اخفاءها كيفي سقطت بؽداد بهذ ِه السرعة‬
‫و رؼم التعتٌم اإلعالمً المرٌع و هذا الخضم الهابل من المعلومات التافهة التً تشؽل المراقبٌن هنا و هناك ‪ ...‬تسربت إلٌنا أخٌراً ٌوم أمس (‬
‫الخمٌس ‪ ) 2003/4/10‬الحقابق دون رتوش و ال‬
‫تؤوٌالت ‪..‬‬

‫و نرجو كل من ٌقرأ هذه الكلمات أن ٌنقلها كما هً دون زٌادة وال نقصان‪...‬‬
‫و نحن بدورنا نتوخى اِلمانة فً نقلها كما وصلتنا راجٌن من ّللا تعالى أن تكون بعٌدة عن أي مزاٌدات‪.‬‬

‫إنه ضابط كبٌر فً الحرس الجمهوري العراقً أبى أن ٌتم نشر اسمه أو رتبته العسكرٌة فقط نستطٌع أن نقول أن اسمه اِلول ‪ :‬محمد و اتفقنا معه‬
‫أن ننشر رتبته بؤنه جنرال‪.‬‬
‫و رفض الكالم أو حتى استقبالنا فً ملجبه الذي ٌختفً فٌه منذ أول أمس قبل أن نتعهد بعدم استعمال أجهزة التصوٌر و ال التسجٌل ‪...‬‬
‫فاضطررنا للموافقة‪.‬‬

‫ُ‬
‫دخلت أنا و صدٌقً ( الكالم للصحفً ) و جلسنا لنراه ٌقول ‪ :‬خٌانة عظٌمة ‪ ...‬خٌانة كبٌرة لم أكن أتوقعها ‪ ...‬بل لم ٌكن أحد منا نحن الذي نذرنا‬
‫أنفسنا جمٌعا للصمود حتى آخر قطرة دم أن‬
‫ندافع عن بؽداد ‪..‬‬

‫‪436‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫و حبس دموعه و احتقانه و هو ٌقول ‪....‬‬


‫صدام حسٌن برفقة تسعة عشر وزٌراً وعابالتهم حُملوا من العاصمة العراقٌة بؽداد بكل عناٌة كالدر المكنون بطابرات حربٌة أمرٌكٌة إلى منفاهم‬
‫االختٌاري‪.‬‬
‫لقد اشتروا سالمتهم ببٌع بؽداد‪..‬‬
‫باعوا العراق و أهله بؤبخس اِلثمان‪.‬‬

‫أول أمس على سبٌل المثال أرفع كتٌبة عسكرٌة من الحرس الجمهوري و أكبرها عتاداً و تسلٌحا ً بتعداد ‪ 3500‬جندي و ضابط ‪ ،‬تصدر إلٌها أوامر‬
‫( سرٌّة للؽاٌة ) فً ساعة و توقٌت محددٌّن‬
‫إلعادة االنتشار جنوب العاصمة لتتمركز فً مكان آخر على وجه السرعة ‪..‬‬

‫و نفذ الجنود اِلبطال اِلوامر بكل دقة و فً التوقٌت المحدد ‪ ،‬فهذه اِلوامر صادرة عن القٌادة العلٌا ‪ ،‬و لم ٌكن ٌعلم بهذا اِلمر سو الربٌس و اثنان‬
‫من الوزراء فقط‪.‬‬

‫و لكن فً نفس التوقٌت ‪ ،‬كانت طابرات العدو اِلمرٌكً تحصد هذه الكتٌبة كاملة عن بُكرة أبٌها و كؤنها على موعد لهذا اللقاء ‪...‬‬

‫ثالثة سرادٌب استراتٌجٌة ‪ ،‬تم حفرها خالل اِلشهر اِلخٌرة لتؤمٌن الخروج و الدخول إلى بؽداد تحت وطؤة أي حصار أمرٌكً منتظر لتؤمٌن‬
‫اإلمدادات و العون ‪ ،‬تصل رسوماتها و إحداثٌاتها إلى‬
‫قٌادة الجٌش اِلمرٌكً لٌنجد الجنود و المجندات ِلمرٌكٌٌن أول من ٌستخدم هذه السرادٌب العسكرٌة السرٌّة للدخول إلى قلب بؽداد ‪ ،‬و كذلك‬
‫للسٌطرة على معسكر الرشٌد ‪.‬‬

‫المتطوعون العرب بتعدادهم ‪ 6000‬متطوع تم تقدٌمهم كهدٌة و لقمة سابؽة للجٌش اِلمرٌكً على طبق من ذهب‪.‬‬
‫بشكل متعمّد و كؤنها خطة مرسومة تم إبعاد مجموعات الحرس الجمهوري عن بؽداد بؤوامر ؼاٌة فً التهور لتلقى مصٌرها المحتوم مكشوفة أمام‬
‫سالح الجوي اِلمرٌكً‪....‬‬

‫سإال أخٌر سٌدي الجنرال ‪ :‬طالما نٌّة الربٌس المؽادرة فلماذا لم ٌوافق على مهلة الثمانً و أربعٌن ساعة التً أعلن عنها الربٌس جورج بوش قبل‬
‫بدء العملٌات العسكرٌة ‪ ،‬و ٌؽادر العراق ؟‬

‫فابتسم الجنرال بؤسى و هو ٌقول ‪ :‬كٌؾ ٌوافق و ٌخرج ؟؟ هل ٌخرج لٌنزع فتٌل الحرب و تفقد أمرٌكا و برٌطانٌا حجتها فً دخول قواتها للسٌطرة‬
‫على العراق ؟‪..‬‬

‫‪------------------------‬‬
‫سقوط بؽداد عاصمة الخالفة العباسية‬

‫جنكٌز خان‬

‫نجح جنكٌز خان فً إقامة إمبراطورٌة كبٌرة ضمن أقالٌم الصٌن الشمالٌة‪ ،‬واستولت على العاصمة بكٌن‪ ،‬ثم اصطدم بالدول الخوارزمٌة التً كانت‬
‫تجاوره بسبب سوء تصرؾ حاكمها "محمد خوارزم شاه"‪ .‬وانتهى الحال بؤن سقطت الدولة وحواضرها المعروفة مثل‪" :‬بخار "‪" ،‬وسمرقند"‪،‬‬
‫و"نٌسابور" فً ٌد المؽول بعد أن قتلوا كل من فٌها من اِلحٌاء‪ ،‬ودمروا كل معالمها الحضارٌة‪ ،‬وتوفً جنكٌز خان سنة ( ‪624‬هـ = ‪1223‬م) بعد‬
‫أن سٌطرت دولته على كل المنطقة الشرقٌة من العالم اإلسالمً‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫االستعداد لؽزو دولة الخالفة العباسٌة‬


‫بعد سلسلة من الصراعات على تولً السلطة بٌن أمراء البٌت الحاكم تولى "منكوقآن بن تولوي بن جنكٌز خان" عرش المؽول فً (ذي الحجة‬
‫‪648‬هـ = إبرٌل ‪1250‬م)‪ .‬وبعد أن نجح فً إقرار اِلمن وإعادة االستقرار فً بالده اتجه إلى ؼزو البالد التً لم ٌتٌسر فتحها من قبل‪ ،‬فؤرسل أخاه‬
‫اِلوسط "قوبٌالي" على رأس حملة كبٌرة للسٌطرة على جنوب الصٌن ومنطقة جنوب شرق آسٌا‪ ،‬وأرسل أخاه اِلصؽر هوالكو لؽزو إٌران وبقٌة‬
‫بالد العالم اإلسالمً‪ ،‬وعهد إلٌه بالقضاء على طابفة اإلسماعٌلٌة وإخضاع الخالفة العباسٌة‪.‬‬

‫حمله هوالكو‬

‫هوالكو‬

‫خرج هوالكو على رأس جٌش كبٌر ٌبلػ ‪ 120‬ألؾ جندي من خٌرة جنود المؽول المدربٌن تدرٌبا عالٌا فً فنون القتال والنزال ومزودٌن بؤسلحة‬
‫الحرب وأدوات الحصار‪ ،‬وتحرك من "قراقورم" عاصمة المؽول سنة ( ‪651‬هـ = ‪1253‬م) متجها نحو الؽرب تسبقه سمعة جنوده فً التوؼل‬
‫واالقتحام‪ ،‬وبؤسهم الشدٌد فً القتال‪ ،‬وفظابعهم فً الحرب التً تزرع الهلع والخوؾ فً النفوس‪ ،‬ووحشٌتهم فً إنزال الخراب والدمار فً أي مكان‬
‫ٌحلون به‪.‬‬

‫القضاء على طابفة اإلسماعٌلٌة‬

‫وعندما وصل هوالكو إلى اِلراضً اإلٌرانٌة خرج أمراإها الستقباله وأمطروه بالهداٌا الثمٌنة وأظهروا له الوالء والخضوع‪ ،‬ثم عبر هوالكو نهر‬
‫جٌحوم واتجه إلى قالع طابفة اإلسماعٌلٌة‪ ،‬ودارت بٌنه وبٌنها معارك عدٌدة انتهت بهزٌمة الطابفة ومقتل زعٌمها "ركن الدٌن خورشاه"‪.‬‬

‫وكان لقضاء المؽول على طابفة اإلسماعٌلٌة وقع كبٌر عَ َّم العالم اإلسالمً على الرؼم مما عاناه من وحشٌة المؽول وتدمٌرهم‪.‬‬

‫رسابل متبادلة بٌن الخلٌفة العباسً وهوالكو‬

‫نجح هوالكو فً تحقٌق هدفه اِلول بالقضاء على الطابفة اإلسماعٌلٌة وتدمٌر قالعها وإبادة أهلها‪ ،‬وبدأ فً االستعداد لتحقٌق هدفه اآلخر باالستٌالء‬
‫على بؽداد والقضاء على الخالفة العباسٌة؛ فانتقل إلى مدٌنة "همدان" واتخذها مقرا لقٌادته‪،‬‬
‫وكان أول عمل قام به أن أرسل إلى الخلٌفة العباسً المستعصم بالِل رسالة فً (رمضان سنة ‪ 655‬هـ = مارس ‪ 1257‬م) ٌدعوه فٌها إلى أن ٌهدم‬
‫حصون بؽداد وأسوارها وٌردم خنادقها‪ ،‬وأن ٌؤتً إلٌه بشخصه وٌسلم المدٌنة له‪ ،‬وأوصاه بؤن ٌستجٌب حتى ٌحفظ مركزه ومكانته وٌضمن حرٌته‬
‫وكرامته‪ ،‬وإن أبى واستكبر فسٌحل بؤهله وبالده الدمار والخراب‪ ،‬ولن ٌدع أحدا حٌا فً دولته‪.‬‬
‫جاء رد الخلٌفة العباسً على كتاب هوالكو شدٌدا ودعاه إلى اإلقالع عن ؼروره والعودة إلى بالده‪ ،‬ثم أرسل هوالكو رسالة ثانٌة إلى الخلٌفة ذكر له‬
‫فٌها أنه سوؾ ٌبقٌه فً منصبه بعد أن ٌقر بالتبعٌة للدولة المؽولٌة‪ ،‬وٌقدم الجزٌة له؛ فاعتذر الخلٌفة العباسً بؤن ذلك ال ٌجوز شرعا‪ ،‬وأنه على‬
‫استعداد لدفع اِلموال التً ٌطلبها هوالكو مقابل أن ٌعود من حٌث أتى‪.‬‬
‫كان رد هوالكو على رسالة الخلٌفة أشد إنذارا وأكثر وعٌدا وفً لهجة عنٌفة وبٌان ؼاضب وكلمات حاسمة؛ فحل الفزع فً قلب الخلٌفة؛ فجمع‬
‫حاشٌته وأركان دولته واستشارهم فٌما ٌفعل؛‬

‫‪438‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حصار بؽداد‬

‫ٌبس هوالكو من إقناع الخلٌفة العباسً بالتسلٌم؛ فشرع فً الزحؾ نحو بؽداد وضرب حولها حصارا شدٌدا‪ ،‬واشتبك الجٌش العباسً الذي جهزه‬
‫الخلٌفة العباسً بقٌادة مجاهد الدٌن أٌبك بالقوات المؽولٌة فكانت الهزٌمة من نصٌبه‪ ،‬وقتل عدد كبٌر من جنوده لقلة خبرتهم بالحروب وعدم‬
‫انضباطهم‪ ،‬وفر قابد الجٌش مع من نجا بنفسه إلى بؽداد‪.‬‬
‫كان الجٌش المؽولً هابال ٌبلػ حوالً ‪ 200‬ألؾ مقاتل مزودٌن بآالت الحصار‪ ،‬ولم تكن عاصمة الخالفة العباسٌة تملك من القوات ما ٌمكنها من‬
‫دفع الحصار ودفع المؽول إلى الوراء‪ ،‬فً الوقت الذي كان ٌظن فٌه هوالكو أن ببؽداد جٌشا كبٌرا‪ ،‬ثم تكشفت له الحقٌقة حٌن اشتد الحصار‪،‬‬
‫ونجحت قواته فً اختراق سور بؽداد من الجانب الشرقً‪ ،‬وأصبحت العاصمة تحت رحمتهم‪.‬‬
‫سقوط بؽداد‬
‫أحس الخلٌفة بالخطر‪ ،‬وأن اِلمر قد خرج من ٌدٌه؛ فسعى فً التوصل إلى حل سلمً مع هوالكو‪ ،‬لكن جهوده باءت بالفشل؛ فاضطر إلى الخروج‬
‫من بؽداد وتسلٌم نفسه وعاصمة الخالفة إلى هوالكو دون قٌد أو شرط‪ ،‬وذلك فً ٌوم اِلحد الموافق ( ‪ 4‬من صفر ‪ 656‬هـ‪ 10 -‬فبراٌر ‪1258‬م)‬
‫ومعه أهله وولده بعد أن وعده هوالكو باِلمان‪.‬‬
‫كان برفقه الخلٌفة حٌن خرج ‪ 3‬آالؾ شخص من أعٌان بؽداد وعلمابها وكبار رجالها‪ ،‬فلما وصلوا إلى معسكر المؽول أمر هوالكو بوضعهم فً‬
‫مكان خاص‪ ،‬وأخذ ٌالطؾ الخلٌفة العباسً‪ ،‬وطلب منه أن ٌنادي فً الناس بإلقاء أسلحتهم والخروج من المدٌنة إلحصابهم‪ ،‬فؤرسل الخلٌفة رسوال‬
‫من قبله ٌنادي فً الناس بؤن ٌلقوا سالحهم وٌخرجوا من اِلسوار‪ ،‬وما إن فعلوا ذلك حتى انقض علٌهم المؽول وقتلوهم جمٌعا‪.‬‬
‫ودخل الؽزاة الهم بؽداد وفتكوا بؤهلها دون تفرقة بٌن رجال ونساء وأطفال‪ ،‬ولم ٌسلم من الموت إال قلٌل‪ ،‬ثم قاموا بتخرٌب المساجد لٌحصلوا على‬
‫ذهب قبابها‪ ،‬وهدموا القصور بعد أن سلبوا ما فٌها من تحؾ ومشؽوالت قٌمة‪ ،‬وأتلفوا عددا كبٌرا من الكتب القٌمة‪ ،‬وأهلكوا كثٌرا من أهل العلم فٌها‪،‬‬
‫واستمر هذا الوضع نحو أربعٌن ٌوما‪ ،‬وكلما مشطوا منطقة أشعلوا فٌها النٌران‪ ،‬فكانت تلتهم كل ما ٌصادفها‪ ،‬وخربت أكثر اِلبنٌة وجامع الخلٌفة‪،‬‬
‫ومشهد اإلمام موسى الكاظم‪ ،‬وؼٌرها من البناٌات التً كانت آٌة من آٌات الفن اإلسالمً‪.‬‬
‫وبالػ المإرخون فً عدد ضحاٌا الؽزو المؽولً حٌن دخلوا بؽداد‪ ،‬فقدرهم بعض المإرخٌن بملٌون وثمانمابة ألؾ نسمة‪ ،‬على حٌن قدرهم آخرون‬
‫بملٌون نسمة‪ ،‬وفً الٌوم التاسع من صفر دخل هوالكو بؽداد مع حاشٌته ٌصحبهم الخلٌفة العباسً‪ ،‬واستولى على ما فً قصر الخالفة من أموال‬
‫وكنوز‪ ،‬وكانت الجٌوش المؽولٌة أبقت على قصر الخالفة دون أن تمسه بسوء‪ ،‬ولم ٌكتؾ هوالكو بما فعله جنوده من جرابم وفظابع فً العاصمة‬
‫التلٌدة التً كانت قبلة الدنٌا وزهرة المدابن ومدٌنه النور‪ ،‬وإنما ختم أعماله الهمجٌة بقتل الخلٌفة المستعصم بالِل ومعه ولده اِلكبر وخمسه من رجاله‬
‫المخلصٌن الذٌن بقوا معه ولم ٌتركوه فً هذه المحنة الشدٌدة‪.‬‬

‫وبمقتل الخلٌفة العباسً فً (‪ 14‬من صفر ‪ 656‬هـ –‪ 20‬من فبراٌر ‪ )1258‬تكون قد انتهت دولة الخالفة العباسٌة التً حكمت العالم اإلسالمً‬
‫خمسة قرون من العاصمة بؽداد لتبدأ بعد قلٌل فً القاهرة عندما أحٌا الظاهر بٌبرس الخالفة العباسٌة من جدٌد‪ ،‬وسبق أن فصلنا ذلك فً الٌوم التاسع‬
‫من المحرم‪.‬‬
‫بعد أن قتلوا الخلٌفة المستعصم بالِل العباسً هو وأهله‪ ،‬واستباحوا المدٌنة التلٌدة‪ ،‬فقتلوا السواد اِلعظم من أهلها الذٌن قُدروا بنحو ملٌون قتٌل‪،‬‬
‫وأضرموا النٌران فً المدٌنة‪ ،‬وهدموا المساجد والقصور‪ ،‬وخربوا المكتبات وأتلفوا ما بها من كتب إما بإحراقها أو رمٌها فً "دجلة"‪ ،‬وأصبحت‬
‫المدٌنة بعد أن كانت درة الدنٌا‪ ،‬وزهرة عواصم العالم‪ ،‬أثرً ا بعد عٌن‪.‬‬
‫وشعر المسلمون بعد مقتل الخلٌفة المستعصم‪ ،‬وسقوط الخالفة العباسٌة التً ظلت تحكم معظم أنحاء العالم اإلسالمً خمسة قرون بؤن العالم على‬
‫وشك االنتهاء‪ ،‬وأن الساعة آتٌة قرٌبا‪ ،‬وذلك لهول المصٌبة التً وقعت بهم‪ ،‬وإحساسهم بؤنهم أصبحوا بدون خلٌفة‪ ،‬وهو أمر لم ٌعتادوه منذ وفاة‬
‫النبً صلى ّللا علٌه وسلم‪ ،‬وصاروا ٌإولون كل ظاهرة على أنها تعبٌر عن سخط ّللا وؼضبه‪ ،‬واتخذوها دلٌالً على ما سٌحل بالعالم‪ ،‬من سوء‬
‫لخلوه من خلٌفة‪.‬‬
‫وٌعد المإرخ الكبٌر ابن اِلثٌر سقوط الخالفة كارثة لم ٌحل مثلها بالعالم من قبل‪ ،‬وٌقول‪ :‬فلو قال قابل منذ خلق ّللا سبحانه وتعالى آدم وإلى اآلن‪ :‬لم‬
‫ٌبت َّل العالم بمثلها لكان صاد ًقا‪ ،‬فإن التوارٌخ لم تتضمن ما ٌقابلها وال ما ٌدانٌها‪.‬‬

‫‪439‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وتداعت اِلحداث سرٌعًا‪ ،‬وتعذر إحٌاء الخالفة العباسٌة مرة أخر فً بؽداد التً أصبحت قاعدة للمؽول الوثنٌٌن‪ ،‬ثم اجتاحت جحافلهم الشام‪،‬‬
‫فسقطت حلب بعد مقاومة عنٌفة‪ ،‬واستسلمت دمشق‪ ،‬فدخلها المؽول دون مقاومة‪ ،‬ولم ٌوقؾ زحفهم المدمر سو انتصار المسلمٌن فً معركة عٌن‬
‫جالوت فً (‪ 26‬رمضان سنة ‪658‬هـ = ‪ 3‬سبتمبر ‪1260‬م‬
‫‪http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/03/article26.shtml‬‬

‫سلسلة االنساب العثمانية ‪:‬‬


‫نوح (ع) ـ ٌافث ( ومنه عجالن ـ رومً بن ٌونان بن عجالن ـ ابو الرومان وجنوب اوربا ‪ ،‬وماؼوغ ابو الصٌن وشرق اسٌا وطوبان ابو االفرن‬
‫وشمال اوربا ‪ ،‬وماذاي ابو الدٌلم ثم بوجاس الجد االعلى للمؽول وسالطٌن الدولة العثمانٌة ) ـ ماجٌن بن بوجاس ـ جٌن ـ قوي خان ـ تورمش خان ـ‬
‫بلً تمورخان ـ قورلوؼان خان ـ قره خول خان ـ سلٌمان شاه خان ـ قره ادؼالن خان ـ قرماش خان ـ باجلق خان ـ قراجادخان ـ قورتلمس خان ـ‬
‫چار لوبوؼاخان ـ سون خان ـ طؽرل خان ـ بلً سون خان ـ حمو رمٌر خان ـ قاي خان ـ باشل خان ـ بورؼاخان ـ ٌماق خان ـ قزل بوؼا خان ـ‬
‫قمري خان ـ طوب خان ـ ٌكتمورخان ـ قماري خان ـ ارقوق خان ـ كوج بك خان ـ آي طوؼمش خان ـ طؽرل خان ـ ٌلوج خان ـ باي سوت خان ـ‬
‫قراخان ـ توراق خان ـ اٌقوتولوخان ـ قراخان ـ اؼوزخان ـ كوكبالٌاخان ـ باسوق ـ توقتمور ـ سورؼادجاق ـ باقً آو ـ باٌسنقرخان ـ نورؼار ـ‬
‫اٌقوملوؼـ باٌندرخان ـ قزلبوؼا ـ قباالب ـ شاه خان ـ جنكٌزخان ( استولى جنكٌزخان على بلخ شرق اسٌا ثم ارض الروم وحلب ومات فً نهر‬
‫الفرات ) ـ ارطؽل ـ السلطان عثمان ؼزي ( وهو عثمان االول ‪ 1258‬ـ ‪ ، 1326‬مإسس االمبراطورٌة العثمانٌة ) ـ السلطان اردخان ـ مراد خان‬
‫االول (‪ ) 1389 – 1360‬ـ سلطان ٌلدروم باندٌدخان ـ س محمد خان ـ س مراد خان الثانً ( ‪ )1351-1421‬ـ س محمد خان الفاتح ( ‪-1451‬‬
‫‪ ) 1481‬ـ س باٌزٌد خان ـ س سلٌم خان االول (‪ )1520-1512‬ـ س سلٌمان خان (‪ )1566-1520‬ـ س مراد خان ـ س محمد خان ـ سلطان‬
‫احمد خان االول (‪ )1617-1603‬واخوه ‪ ،‬س مصطفى خان ـ س ابراهٌم بن احمد واخوٌه ‪،‬س عثمان خان ومراد خان ـ س احمد بن ابراهٌم‬
‫واخوته سلمان ومحمد ـ س مصطفى بن محد وولدٌه عثمان ومحمود ‪ ،‬واخٌه احمد خان ـ س مصطفى خان وابنه س سلٌم خان واخٌه س عبد‬
‫الحمٌد خان ـ س مصطفى بن عبد الحمٌد واخٌه س محمود خان وولدٌه س عبدالمجٌداالول ( ‪ )1861-1839‬وعبدالعزٌز ( ‪ )1876-1861‬ـ‬
‫عبدالحمٌد الثانً ( ‪ )1909-1876‬ـ محمد الخامس ( ‪ )1918-1909‬ـ محمد السادس ( ‪ ( ،)1922-1918‬اخر خلفاء العثمانٌن التً انتهت‬
‫خالفته بثورة كمال اتاتورك وبداٌة الجمهورٌة التركٌة ) (‪ )1938-1923‬وكان كمال اتاتورك قد ولد فً ‪ 1881‬وتوفً فً ‪ 1944‬ـــــــ ملخص‬
‫من المصدر (مخطوط العشابر واالنساب ـ السوٌلمان)‬

‫بوش لعباس‪ :‬هللا «كلفني» خوض الحرب‬


‫لندن الحٌاة ‪//05/10/07 -‬‬
‫قال مسإول فلسطٌنً رفٌع المستو فً مقابلة إذاعٌة إن الربٌس اِلمٌركً جورج بوش عبر عن اعتقاده بؤن ّللا أمره بخوض الحرب فً كل من‬
‫أفؽانستان والعراق‪.‬‬
‫وبثت «هٌبة اإلذاعة البرٌطانٌة» (بً بً سً) أمس مقتطفا ً من مقابلة مع نابب ربٌس الوزراء وزٌر اإلعالم الفلسطٌنً الدكتور نبٌل شعث تشكل‬
‫جزءاً من سلسلة برام عنوانها «إسرابٌل والعرب‪».‬‬
‫ووصؾ شعث لقاءه اِلول مع بوش الى جانب ربٌس الوزراء الفلسطٌنً فً حزٌران (ٌونٌو) ‪ 2003‬بالقول‪« :‬قال لنا الربٌس بوش‪ :‬إن ما ٌحركنً‬
‫هو تكلٌؾ من ّللا‪ .‬كان ّللا ٌقول لً‪« :‬جورج‪ ،‬اذهب وحارب أولبك اإلرهابٌٌن فً أفؽانستان»‪ .‬وقد فعلت‪ .‬ثم قال لً ّللا‪« :‬جورج‪ ،‬اذهب وانه‬
‫الطؽٌان فً العراق»‪ .‬وقد فعلت‪ .‬واآلن‪ ،‬مرة أخر ‪ ،‬أشعر بكلمات ّللا وهً تصل الًّ ‪« :‬اذهب واعط الفلسطٌنٌٌن دولتهم‪ ،‬واحصل لإلسرابٌلٌٌن‬
‫على أمنهم‪ ،‬وحقق السالم فً الشرق اِلوسط»‪ ،‬واقسم بالِل اننً سؤفعل ذلك‪».‬‬
‫وصرح محمود عباس (أبو مازن) لـ «هٌبة اإلذاعة البرٌطانٌة» أن بوش قال له فً االجتماع ذاته‪« :‬إن علًّ التزاما ً أخالقٌا ً ودٌنٌا ً‪ .‬لذا سؤحصل لك‬
‫على دولة فلسطٌنٌة‪».‬‬
‫‪ 10‬و‪ 17‬و‪ 24‬تشرٌن اِلول (اكتوبر) الجاري وستبثه «محطة‬ ‫وستبث سلسلة برنام «إسرابٌل والعرب‪ :‬السالم المراوغ» فً برٌطانٌا اٌام‬
‫اإلذاعة اِلمٌركٌة العامة» (ٌو اس بابلٌك برودكاستٌنػ سٌرفٌس) ٌوم االثنٌن العاشر منه‪.‬‬
‫‪http://www.sotaliraq.com/iraqi-news/nieuws.php?id=8898‬‬

‫‪440‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مختارات من كتاب سقوط بؽداد للكاتب احمد منصور‬


‫تقوم العراق بؽزو الكوٌت واحتاللها‬
‫لم ٌكن أحد ٌتوقع مطلقا أن تقوم العراق بؽزو الكوٌت واحتاللها ‪ ،‬حتى أن القنصل العام الكوٌتً فً إسالم أباد حٌنما سؤلنً وهو ٌنهً لً إجراءات‬
‫سفري إلى الكوٌت قبٌل الؽزو العراقً بؤٌام قالبل ‪ :‬هل تتوقع فعال أن ٌقوم العراق بؽزو الكوٌت ؟ قلت له ‪ :‬من المستحٌل أن ٌحدث هذا ‪ ،‬لكنً ال‬
‫أستبعد أن تتحرك القوات العراقٌة ‪ ،‬تجاه جزٌرتً وربة وبوبٌان ‪ ،‬وربما تجاه بعض المناطق النفطٌة الؽنٌة لتضمن منفذا بحرٌا أوسع وأكبر على‬
‫الخلٌ وهذا أمر مقلق أٌضا لكن ربما ال تستطٌع العراق أن تتجاوز ذلك ‪ ،‬كان الرجل قلقا مثل ؼٌره من الكوٌتٌٌن وقد الحظت القلق أٌضا على وجه‬
‫ضابط الجوازات الذي ختم لً بختم الدخول فً مطار الكوٌت حٌنما سؤلنً نفس السإال بعدما تعرؾ علً من خالل كتاباتً وأجبته نفس اإلجابة ولم‬
‫ٌكن ٌدرك كالنا أن القوات العراقٌة ربما كانت قد تجاوزت الحدود آنذاك والمظلٌٌن سوؾ ٌهبطون بعد قلٌل على أرض المطار ‪ ،‬لذلك كانت‬
‫الصدمة والذهول وعدم التصدٌق ٌخٌم على الجمٌع‪.‬‬

‫صلٌت الفجر وارتدٌت مالبسً ونزلت إلى باحة الفندق فوجدت قلقا بٌن الموظفٌن وهمس لً أحدهم قابال ‪ٌ :‬قولون بؤن القوات العراقٌة دخلت‬
‫الكوٌت ‪ ،‬جلست على أحد المقاعد أفكر ثم بدأت أهٌا نفسً لؽٌر ما جبت له ‪ ،‬وما إن بدأ النهار ٌبزغ وأصوات القصؾ تقترب حتى أصبحت فً‬
‫الشوارع المحٌطة بالفندق حتى بدأ نزالء الفندق ٌنزلون إلى الباحة مذعورٌن ‪ ،‬وما هً إال لحظات إال وجاء جنود على باب الفندق ظننتهم كوٌتٌٌن‬
‫فً البداٌة ثم حٌنما قرأت الشارات على أكتافهم ذهلت ‪ ،‬انهم جنود الحرس الجمهوري العراقٌون وصلوا إلى هنا إلى قلب الكوٌت فً السابعة صباحا‬
‫‪ ،‬سٌطر الهلع والخوؾ على كثٌر من نزالء الفندق ال سٌما وأن أؼلبهم كانوا من عابالت خلٌجٌة من السعودٌة والبحرٌن وقد تعرفت على كثٌر منهم‬
‫بعد ذلك ‪ ،‬لكن حقٌقة الجنود العراقٌٌن الذٌن كانوا ٌحملون أسلحتهم الرشاشة وٌضعون أٌدٌهم على الزناد وٌتعاملون بقلق مع الناس هً التً كانت‬
‫تسٌطر علً ‪ ،‬لم أكن أتوقع أن ٌقدم صدام على ؼزو الكوٌت ولم أكن أتوقع أن ٌصل الجنود العراقٌون بهذه السرعة إلى قلب الكوٌت ‪ ،‬ولم أكن‬
‫أتوقع أن ٌنام أهل دولة آمنٌن مطمبنٌن ثم ٌستٌقظوا فٌجدوا دولتهم قد زالت وقد أصبحت بالدهم تحت سٌطرة دولة أخر ‪ ،‬كم هً عدد المرات وكم‬
‫هً عدد الدول فً العصر الحدٌث التً نام فٌها الناس آمنٌن مطمبنٌن ثم أصبحوا فلم ٌجدوا دولتهم وال حكومتهم ‪.‬‬
‫رؼم طلقات الرصاص التً كانت تنطلق فً وسط المدٌنة من هنا وهناك إال أنً خرجت إلى ساحة الصفا القرٌبة من الفندق والتً تمثل قلب المدٌنة‬
‫القدٌمة فوجدت الفوضى فً كل مكان ‪ ،‬فمحالت الذهب أبوابها مشرعة وقد نهب كل ما فٌها ‪ ،‬بٌنما كان بعض أصحاب المحالت ٌقفون مذهولٌن‬
‫باكٌن ‪ ،‬الناس كلها كانت تركض على ؼٌر هد وفً كل اتجاه وإطالق النار عشوابٌا من كل اتجاه حٌث ٌتعالى صراخ الناس ‪ ،‬فٌما تجمعات‬
‫للجنود العراقٌٌن فً الزواٌا حتى سمعت صوت إطالق قذٌفة وسرعان ما ارتطمت بقوة بمبنى برج االتصاالت الذي كان تحت اإلنشاء آنذاك فؤهتز‬
‫المكان كله وزاد الهلع والركض بٌن الناس وشعرت من قوة االرتطام وقربه أن قلبً قد انخلع منً ‪ ،‬وسط هذا الهلع وجدت سٌارة تاكسً تمر من‬
‫الشارع فؤشرت له أن ٌتوقؾ وأنا ال أتوقع وقوفه ولكنه وقؾ وقال لً ‪ :‬اركب فركبت فقال لً إلى أٌن ؟ التبس علًّ اِلمر فً البداٌة فإلى أٌن أذهب‬
‫وسط هذا الجو العاصؾ ‪ ،‬ثم تذكرت المجلة " المجتمع " فقلت له إلى مقر مجلة المجتمع " فً شارع المؽرب ‪ ،‬انطلق الرجل بسرعة وسط شوارع‬
‫المدٌة القدٌمة فكانت الفوضى بارزة فً كل مكان ‪ ،‬الناس تركض فً كل اتجاه والمحالت التً لم تنهب بعد فً طرٌقها للنهب ‪ ،‬ورشقات الرصاص‬
‫تؤتً من كل اتجاه ‪ ،‬ومن قرٌب بدا قصر الحكم ٌحترق والدخان اِلسود ٌمآل السماء ‪ ،‬أما أصوات القصؾ واالنفجارات فكانت تنبعث من كل جانب‬
‫‪.‬‬

‫تجاوزنا شارع السور الذي ٌفصل المدٌنة القدٌمة عن أحٌاء الكوٌت الحدٌثة ‪ ،‬وبعد دخولنا شارع المؽرب بحوالً مابتً متر فقط وجدت سٌارتٌن‬
‫من سٌارات الٌنجدة الكوٌتٌة تسدان شارع المؽرب بٌنما ٌقؾ خارجهما ضابطان وجندٌان ‪ ،‬حٌنما أقتربت وجدتهما كوٌتٌٌن وال ٌحملون سو‬
‫مسدساتهم ومن الواضح أنهم لم ٌكونوا ٌدركون بدقة ما حل ببلدهم ‪ ،‬وحٌنما وقؾ سابق التاكسً بجوارهم قلت لهم دونما شعور منً ‪ :‬ماذا تفعلون‬
‫عنا ؟ أن الجنود العراقٌٌن ٌملبون شوارع المدٌنة ‪ ،‬وهم على بعد عشرات اِلمتار منكم فقط وٌحملون رشاشات وقاذفات آر بً جً فماذا تفعلون‬
‫بهذه المسدسات ‪ ،‬وٌبدو أن ما قلته قاله كثٌرون ممن مروا قبلً ‪ ،‬لكن الجنود الكوٌتٌٌن أشاروا للتاكسً أن ٌمر وكانوا متوترٌن للؽاٌة ‪ ،‬وِلن الجو‬
‫متوتر فلم ٌكن ِلحد أن ٌتصرؾ بحماقة ‪ ،‬وال بد أن هإالء الجنود كانوا مذهولٌن وؼٌر مصدقٌن لما ٌجري وٌدركون أن اِلمر لن ٌعدوا كونه جنون‬
‫مإقت من صدام وسوؾ تعود اِلمور إلى ما كانت علٌه خالل ساعات‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كما توقعت لم أجد أحد فً مقر مجلة " المجتمع " حٌنما وصلت إال " أسلم " الحارس وعامل البوفٌه الٌمنً الذي كان ٌعرؾ أسرار الجمٌع وٌتلذذ‬
‫بمعرفة ما ٌفكر فٌه اآلخرون وٌنقل أخبار هذا لذالك إال أن الجمٌع مع ذلك كانوا ٌحبونه ولكن ٌتحاشون الكالم أمامه حتى فً شبون طعامهم‬
‫وشرابهم ‪ ،‬وأذكر له أنه أعاننً برعاٌته لً خالل اِلٌام اِلولى من فترة بقابً فً الكوٌت بعد الؽزو العراقً ‪ ،‬رحب بً وقال ‪ :‬ماذا جاء بك ٌا‬
‫أستاذ ؟ لقد فرحت لك أنك سافرت قبل الؽزو لكنً لم أتوقع وصولك فمتى جبت ؟ قلت له ‪ :‬جبت لٌال ٌا " أسلم " لم ٌهً علًّ أن أتركك وحدك فً‬
‫هذه المعمعة ؟‬

‫اتصلت على ربٌس تحرٌر المجلة آنذاك الدكتور أسماعً الشطً فً بٌته فاستؽرب وصولً هو اآلخر وكان مذهوالً مما ٌجري ‪ ،‬وطلب منً أن‬
‫أنتظر قدومه ‪ ،‬وكنت قد تعرفت خالل الشهر الذي قضٌته قبل ذلك فً الكوٌت على معظم مكاتب وكاالت اِلنباء العالمٌة والمراسلٌن وأنا أعد لعملٌة‬
‫تطوٌر المجلة ‪ ،‬فاتصلت على معظمهم فوجدتهم بحاجة إلى معلومات مثلً ومعظمهم كانوا فً منازلهم فً حالة ذهول وخوؾ وتوتر وأذكر أن‬
‫مراسل إحد الوكاالت كان كولومبٌا ؟ والوحٌد الذي وجدت لدٌه معلومات آنذاك كان أحد مراسلً وكالة روٌترز وكان مصرٌا وكان لقبه " هنداوي‬
‫" حٌث لم أعد أذكر أسمه اِلول ‪ ،‬فؤبلؽنً أن القوات العراقٌة قد أحكمت سٌطرتها على معظم اِلماكن الحساسة والهامة فً البالد ‪ ،‬وأن هناك‬
‫مقاومة بسٌطة فً بعض المناطق ‪ ،‬فطلبت منه أن نكون على اتصال لٌعطً أحدنا اآلخر ما ٌمكن أن ٌحصل علٌه من معلومات لكن االتصاالت‬
‫انقطعت بعد ذلك بٌن الجمٌع‪.‬‬

‫كانت تؽطٌتً السابقة للحرب اِلفؽانٌة ثالث سنوات كفٌلة بؤن تجعل حالتً أكثر استقرار وأفضل من اآلخرٌن ‪ ،‬لكنً فً نفس الوقت كانت أعٌش‬
‫بٌنهم وأر وأشعر وأحسن ‪ ،‬بما ٌشعر به اآلخرون حٌث كانت قوافل الهروب من جحٌم الكوٌت قد بدأت مع الؽزو مباشرة وكان كل من ٌعرفنً‬
‫ٌعرض علً أن أخرج مع الخارجٌن قبل أن تسوء اِلمور وال أنكر أنً فكرت أكثر من مرة فً الخروج ‪ ،‬لكن روح المؽامرة جعلنً أنسى كل‬
‫شًء وأن أتؽلب على عواطفً التً كان من أكثرها تؤثٌراً زوجتً التً كانت فً مصر آنذاك لتضع مولودها الثانً وصؽٌرتً " ند " التً لم ٌكن‬
‫عمرها آنذاك ٌتجاوز العامٌن وفً النهاٌة أخذت قرارا بالبقاء حتى تتضح الصورة على اِلقل‪.‬‬

‫كانت الصورة ضبابٌة لد جمٌع من كان فً الكوٌت صباح الثانً من أؼسطس لكن كثٌرٌن لم ٌفكروا طوٌال فؤخذوا طرٌقهم إلى السعودٌة عبر‬
‫طرٌق المؽرب السرٌع الذي ٌربط بٌن حدود البلدٌن حتى أن طوابٌر السٌارات كانت تمتد لعدة كٌلو مترات على هذا الطرٌق ‪ ،‬كانت عملٌة هروب‬
‫‪ 2003‬قٌل االحتالل االمرٌكً للعراق حٌث كانت قوافل‬ ‫كبٌرة من المستقبل المجهول رأٌت مثلها تماما فً بؽداد فً بداٌة شهر مارس عام‬
‫السٌارات للنازحٌن من بؽداد إلى الضواحً والمدن المجاورة تمآل الطرق وحٌث كانت قوافل السٌارات ال ٌملكون فضل المال تقطع بهم الطرق إلى‬
‫بؽداد وعمان ‪ ،‬وحٌث كانت الطابرة الوحٌدة التً كانت تربط بؽداد بدمشق فً رحلة ٌومٌة تحمل فوق طاقتها من البشر والمتاع ‪ ،‬صورة الهروب‬
‫من الحرب المخٌفة وقد رأٌتها من قبل أثناء تؽطٌتً للحرب فً أفؽانستان ومن بعد أثناء تؽطٌتً للحرب فً البوسنة والهرسك‪.‬‬

‫نسبة الذٌن لم ٌصدقوا ما حدث فً الثانً من أؼسطس تقلصت فً الثالث من أؼسطس أو بعد ذلك من أٌام الؽزو الطوٌلة ‪ ،‬حٌث أصبح الجمٌع أمام‬
‫حقٌقة ال تحتمل الشك هً أن الكوٌت أصبحت محتلة من العراق ‪ ،‬ومع هروب الكثٌرٌن وخروجهم من الكوٌت بعد الؽزو إال أن آخرٌن بقوا ورو‬
‫لً الكثٌرون منهم بعد ذلك تفاصٌل ما عاشوه من أٌام عصٌبة ال سٌما أثناء القصؾ الجوي الذي قام به الحلفاء متصؾ ٌناٌر عام ‪ 1991‬فً حربهم‬
‫لتحرٌر الكوٌت‪.‬‬

‫سؤلنً الدكتور إسماعٌل الشطً فً الٌوم اِلول وقال لً ‪ :‬هل ستبقى ٌا أحمد أم ستؽادر الكوٌت ؟ قلت له ‪ :‬إن الصحفً الذي ٌضٌع فرصة مثل هذه‬
‫وقد جاءته على طبق من ذهب مثلً ‪ ،‬ال سٌما وأنا قادم من تؽطٌة حرب أصعب عشرات المرات مما أر ٌكون قد أضاع على نفسه فرصة ذهبٌة‬
‫سٌندم كثٌرا علٌها ‪ ،‬كما أنً أحد الذٌن صقلت خبرتهم الصحفٌة الحروب التً قمت بتؽطٌتها وأعتقد أن الحروب لها دور كبٌر فً صناعة كثٌر من‬
‫الصحفٌٌن البارزٌن فً أنحاء العالم ‪ ،‬وِلن مثل هذه الفرص ال تكرر كثٌرا فً الحٌاة فإن تضٌٌعها من صحفً هو تضٌٌع لمهنته وحرفته ودوره‬

‫‪442‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الذي ٌنبؽً أن ٌقوم به ‪ ،‬وربما كانت ترتٌبات اِلقدار أن أدخل الكوٌت على آخر طابرة دخلت مجالها الجوي الهدؾ منه أن أعٌش هذه التجربة لذلك‬
‫سوق أبقى‪.‬‬

‫بقٌت فً الكوٌت خمسٌن ٌوما بعد الثانً من أؼسطس عام ‪ ، 1990‬أرصد ٌوما بٌوم تطورات اِلحداث على أرض الواقع معزوال عن االتصال‬
‫بالعالم الخارجً ‪ ،‬حتى أنً لم أكن أعرؾ شٌبا عن عابلتً وال عن مولودتً ٌاسمٌن التً ولدت فً الخامس عشر من أؼسطس ولم أعرؾ بمٌالدها‬
‫إال بعد خروجً من الكوٌت ووصولً إلى اإلمارات فً الرابع والعشرٌن من سبتمبر وهم كذلك لم ٌكونوا ٌعرفون عنً شٌبا ‪ ،‬حٌث قطعت‬
‫االتصاالت ولم تكن الهواتؾ التً تعمل عبر الستالٌت معروفة وربما لم ٌكن فً الكوٌت كلها إال جهاز واحد أو جهازٌن لكنهما كانا ٌحتاجان إلى‬
‫طبق كبٌر ٌنصب فٌفضح من ٌستخدمها ‪ ،‬ورؼم مطاردة السلطات العراقٌة للصحفٌٌن حتى خرجوا جمٌعا أو عملوا مع قوات االحتالل ـ كما كان‬
‫ٌطلق علٌها ـ أو اعتقلوا إال أن كونً جدٌدا ولم أكن معروفا فً الوسط الكوٌتً فقد أخفٌت هوٌتً الصحفٌة ‪ ،‬وساعدنً بعض اِلصدقاء الكوٌتٌٌن‬
‫على استخراج هوٌة كتب فٌها أنً موظؾ ‪ ،‬وال أعتقد أن صحفٌٌن مؽامرٌن كثٌرٌن بقوا فً الكوٌت تلك المدة وربما أكون أحد هإالء القالبل الذٌن‬
‫بقوا رؼم خطورة البقاء‪.‬‬

‫اتسمت اِلٌام اِلولى للؽزو العراقً للكوٌت بالفوضى العارمة فً كل مكان ‪ ،‬والفوضى معناها السلب والنهب وانعدام اِلمن ومن ثم التعرض لكل‬
‫المخاطر ومن بٌنها الموت ‪ ،‬ومع الهلع الذي كان ٌسٌطر على الناس وفرار الكثٌرٌن منهم فقد بقً الكثٌرون أٌضا فً الكوٌت بل إن من بقوا كانوا‬
‫أكثر ممن خرجوا ‪ ،‬ورؼم سٌطرة العراقٌٌن على كل المواقع العسكرٌة تقرٌبا فً الكوٌت خالل فترة وجٌزة إال أن بعض الكوٌتٌٌن بقوا ٌقاوموا‬
‫وظهر ما ٌسمى بـ " المقاومة الكوٌتٌة " وكانت منطقة كٌفان مسرحا بارزا للمقاومة وذهبت ِلر شكل المقاومة فً كٌفان فً الٌوم الثالث من‬
‫الؽزوا فوجدت شباب المنطقة ٌضعون المتارٌس وٌفتشون السٌارات وٌحملون أسلحة خفٌفة بعضها أخذ من معسكرات للجٌش لكن أؼلبها من أقسام‬
‫الشرطة ‪ ،‬وكانوا ٌقومون بعملٌات ضد القوات العراقٌة حٌث فجروا بعض الدبابات واآللٌات ‪ ،‬وكانت اآللٌات المعطوبة ُتر بوضوح ال سٌما على‬
‫الطرق الدابرٌة ومما ساعد على وجود المقاومة السلوكٌات العدوانٌة التً كان ٌقوم بها بعض الجنود العراقٌٌن وصدور فتاو من العلماء الكوٌتٌٌن‬
‫آنذاك كانت تتدوال على نطاق واسع تدعو للمقاومة تحت دعو " دفع الصابل " حتى لو كان مسلما ‪ ،‬وهو ما أشعل الحماس فً نفوس الناس آنذاك‬
‫للدفاع عن أعراضهم وبٌوتهم وممتلكاتهم حٌث كان النهب والسلب ٌتم فً وضح النهار ‪ ،‬ومع استقرار القوات العراقٌة بدأت عملٌات تمشٌط واسعة‬
‫للمنازل بحثا عن السالح والمنشورات التً كانت توزع على نطاق واسع ال سٌما فً المساجد ‪ ،‬وِلن بناء الكوٌت ٌمتد على مساحات شاسعة فقد‬
‫استؽرق اِلمر مدة طوٌلة لكن عملٌات المداهمة والتمشٌط لم تكن تخلو من عملٌات مقاومة واعتقال وؼٌرها‪.‬‬

‫أذكر أنً فً أٌام الؽزو اِلولى سؤلنً أحد السعودٌٌن المقٌمٌن معً فً الفندق عن مخبز ٌشتري منه خبزا لعابلته التً كانت معه وِلنً كنت أحب‬
‫التجول ومعرفة ما ٌدور فً أرجاع المدٌنة فقلت له ‪ :‬أنا حدٌث عهد بالكوٌت لكن شوارعها وأحٌاءها منظمة وما علٌنا سو أن نتحرك ونسؤل‬
‫فمشٌنا بالسٌارة ما ٌزٌد على ساعتٌن حتى وجدنا مخبزا أذكر أننا وقفنا أمامه ما ٌزٌد على ساعة حتى جاء دورنا وأخذنا بعض الخبز ‪ ،‬وقد نجح‬
‫‪ ،‬وبدأوا‬ ‫الكوٌتٌون فً الفترة اِلولى من تنظٌم شبون حٌاتهم وكان التكافل ظاهرا بٌن الناس حٌث رتبوا معٌشتهم فً اِلحٌاء والمناطق المختلفة‬
‫ٌتعاٌشون مع الواقع الذي لم ٌكونوا ٌتوقعون حدوثه ‪ ،‬وأصبح كل حً أو منطقة به لجنة تقوم على تنظٌم شإون الناس وحٌاتهم من جمٌع الجوانب‪.‬‬

‫أما بالنسبة لً فقد انتقلت بعد أسبوع من الفندق إلى بٌت أحد اِلصدقاء من الكوٌتٌٌن الذٌن كانت عابلتهم خارج الكوٌت ‪ ،‬وكان هذا البٌت هو أحد‬
‫الملتقٌات التً تصب فٌها المعلومات عما ٌحدث فً الكوٌت حٌث كان ٌجتمع فٌه الكوٌتٌون من كل اِلطٌاؾ ‪ ،‬فكنت على اطالع وثٌق بكل‬
‫التطورات وكنت أدون ٌومٌاتً لٌس من خالل ما أسمع فقط ولكن من خالل مشاهداتً حٌث كان لً كل ٌوم أكثر من جولة فً مناطق الكوٌت‬
‫المختلفة أتابع فٌها اِلحداث والمشاهدات من قرب ‪ ،‬وأذكر أنً فً اِلٌام اِلولى كنت أحمل كامٌرتً الصؽٌرة وأقوم بتصوٌر بعض اللقطات ولكنً‬
‫علمت أن كل من ٌضبط ومعه كامٌرا كانت القوات العراقٌة تعتقله وال ٌُعرؾ مصٌره ‪ ،‬وكان عملً الذي كنت أقوم به فً ذلك الوقت خطٌر للؽاٌة‬
‫وهو سبب بقابً تلك الفترة وهو تحرٌر النشرة الصحفٌة التً كان ٌصدرها الكوٌتٌون فً الداخل والتً أطلقوا علٌها اسم " المرابطون " وكانت هذه‬
‫النشرة هً الصحٌفة الوحٌدة التً ٌطبعها الكوٌتٌون فً الداخل أثناء االحتالل العراقً وكانت تطبع وتوزع على نطاق واسع فً المساجد والمنتدٌات‬

‫‪443‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫والتعاونٌات وكانت هً المصدر الربٌسً لألخبار للكوٌتٌٌن المقٌمٌن داخل الكوٌت آنذاك لذلك كانت كل اِلخبار تصب عندي من كل التٌارات‬
‫واالتجاهات ‪ ،‬وكنت أقوم بتحرٌرها فٌم ٌقوم شباب كوٌتٌون بباقً العملٌات من طباعة وتوزٌع ‪ ،‬وأذكر أننا أصدرنا تسعة أعداد من داخل الكوٌت‬
‫وحٌنما تعذر االستمرار فً طباعتها فً الداخل تحولت بعد ذلك إلى صحٌفة أسبوعٌة كانت تصدر من لندن واستكملت هناك من العدد العاشر‪.‬‬

‫كان الخوؾ ٌسٌطر على الناس فً كل مكان وفً كل تصرؾ وفً كل حركة ‪ ،‬وإذا لم ٌحسن اإلنسان التصرؾ فً مثل هذه الظروؾ فإن أي‬
‫تصرؾ أحمق ٌكون أن ٌودي إلى المجهول ‪ ،‬كنت حرٌصا على أن أكون تلقابٌا وبسٌطا وودودا فً معاملتً مع كل من حولً ال سٌما عند حواجز‬
‫السٌطرة التً أقامها العراقٌون فً مفارق الطرق الربٌسٌة فً أنحاء المدٌنة ‪ ،‬وأن أبتعد تماما عن الصدام واالستفزاز رؼم أن كل ما كان ٌحدث كان‬
‫ٌدعوا إلى ؼٌر ذلك ‪ ،‬فقد كنت أر بعٌنً عملٌات السلب والنهب التً كانت تتم فً وضح النهار وفً كل مكان ولكل شًء ‪ ،‬كما كانت النٌران‬
‫تندلع فً اِلسواق بعد نهبها أو البٌوت أو قصور الحكم حتى أن قصر ولً العهد الكوٌتً الشٌخ سعد العبد ّللا ظلت أعمدة الدخان تتصاعد فوقه لعدة‬
‫أٌام ‪ ،‬وفً كل ٌوم كنت أخرج فٌه إلى الشارع فً جولة كنت أتوقع أن ٌقبض علًّ أو ٌطلق أحد الرصاص علًّ أو ٌحدث لً مكروه فلم أكن أشعر‬
‫بؤِلمن لحظة واحدة لكنً ال أنكر أنً كنت أستمتع بما أقوم به رؼم كل هذه اِلجواء ‪ ،‬حٌث كنت أعٌش طوال الوقت على متابعة اِلخبار ورصدها ‪،‬‬
‫من كل مصادرها المتاحة لً آنذاك سواء بمشاهداتً وهذه كانت اِلهم كما كانت هناك المصادر الكوٌتٌة التً كانت تجمع المعلومات من أرجاء‬
‫الكوٌت كما كانت الدٌوانٌات ؾ المساء مصدرا هاما للتعرؾ على ما لم أرصده من المصادر اِلخر وعالوة على ذلك كان الرادٌو والتلفزٌون‬
‫مصدرا هاما آخر ‪ ،‬لكن مع مضى الوقت بدأ الملل ٌتسرب إلى لحٌاة الناس حٌث كان الجمٌع ٌترقب تحركا سرٌعا ‪ ،‬لكن كل ٌوم من االنتظار ـ على‬
‫من كان فً الداخل ـ كان ٌوما طوٌال‪.‬‬

‫بدأ العراقٌون ٌطاردون كل من ٌوزع منشورات أو نشرات وكانت " المرابطون " قد بدأت تإثر بشكل كبٌر فً المجتمع الكوٌتً بما تبث من أخبار‬
‫وتضع الناس فً بإرة الحدث فؤصبحت مرصودة وقبض على بعض الشباب الذٌن كانوا ٌقومون بتوزٌعها ونقلتهم السلطات العراقٌة إلى بؽداد فقرر‬
‫الكوٌتٌون إٌقاؾ صدورها بعد تسعة أعداد ثم صدرت بعد ذلك كصحٌفة أسبوعٌة من لندن ‪ ،‬بعدها لم ٌعد لً دور مقنع بالنسبة لً ٌستدعً البقاء‬
‫فقررت الخروج من الكوٌت ولم ٌكن هناك طرٌق مفتوح سو طرٌق بؽداد وصوال لألردن ومنها أسافر إلى الوجهة التً أرٌد‪.‬‬

‫تركت كل متاعً وأوراقً فً الكوٌت لد أحد اِلصدقاء وحملت معً حقٌبة ٌد صؽٌرة بها أؼراضً الشخصٌة ‪ ،‬وحملنً أحد اِلصدقاء الكوٌتٌٌن‬
‫فً سٌارته إلى موقؾ الباصات فً منطقة " خٌطان " وودعنً عن الؽروب وال زلت أذكر دمعتً السخٌنة التً لم أتمالكها حٌنما ودع كل منا اآلخر‬
‫إلى المجهول بعد صحبة كربة ومحنة حٌث ٌظهر هنا معدن الناس وصفاإهم ‪ ،‬وأذكر أنً فً تلك الفترة شعرت بامتزاج مع الذٌن عاٌشتهم لم أجده‬
‫فٌما بعد مع الكوٌتٌٌن الذٌن عشت بٌنهم أكثر من ست سنوات بعد التحرٌر حٌث واصلت عملً كمدٌر تحرٌر مجلة " المجتمع " فقد كان من عرفتهم‬
‫فً أٌام المحنة والؽزو ؼٌر الذٌن عرفتهم من بعد فً كل شًء فالمحن تصنع من الناس شٌبا آخر فقد أحببت كل من عرفتهم فً تلك الفترة فترة‬
‫الؽزو والخوؾ والمحنة وأحبونً ال سٌما وأنً كنت أخاطر بنفسً سعٌا لرفع الظلم عن مظلومٌن لٌس إال ولم ٌكن لدٌهم ما ٌقدموه لً ولم ٌكن‬
‫هناك دافع ِلبقى سو نفس الدوافع التً جعلتنً أبقى فً أفؽانستان من قبل والبوسنة والعراق فٌما بعد لكنً قدمت ما أستطٌع واسؤل ّللا أن ٌجعله‬
‫فً موازٌن أعمالً‪.‬‬

‫ال زالت صورة وداعً لصاحبً الكوٌتً الذي لم ألتق به بعد ذلك إال ربما مرة أو مرتٌن بعد تحرٌر الكوٌت ماثلة فً مخٌلتً ِلنها كانت واحدة من‬
‫أكثر لحظات الصدق والصفاء التً عاٌشتها مع أناس لم أكن أعرؾ من أسمابهم إال أبو فالن أو أبو عالن دون اهتمام بمعرفة أي شًء آخر عن‬
‫حٌاتهم أو مكانتهم فً الحٌاة لكنهم كانوا فً محنة‬

‫وكان ٌجب على أن أساعدهم فٌها واقؾ إلى جوارهم ِلبٌن قضٌتهم ومعاناةهم للناس فقد فقدوا فً هذه اللحظة كل شًء بالدهم وأموالهم ووظابفهم‬
‫وتشتت شملهم وفقدوا اِلمن واِلمان الذي كانت تنعم فٌه الكوٌت‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حٌنما نظرت إلٌه وجدته ال ٌستطٌع أن ٌكتم دموعه مثلً ‪ ،‬فقال لً وهو ٌشد على ٌدي ربما ال نلتقً مرة أخر فؤرجوا أن تذكرنً بخٌر وال زلت‬
‫اذكره حتى بعد ثالثة عشر عاما علٌها ‪ ،‬حتى وأنا أكتب هذه السطور تناسب دموعً كلما تذكرت صفاء نفوسنا فً لحظة الوداع هذه‪.‬‬

‫انطلق بنا الباص من الكوٌت عند الؽروب فً العشرٌن من سبتمبر عام ‪ 1990‬ووصلنا إلى بؽداد عند شروق الشمس ‪ ،‬كان عدد ركاب الباص ال‬
‫ٌزٌد عن أربعة عشر راكبا ً من جنسٌات مختلفة بٌنهم المدرسٌن المصرٌٌن وكان رجالً قد اقترب من الستٌن أعجبته مالحة خادمة سٌالنٌة رؼم‬
‫سمرتها وكانت تتكلم العربٌة المكسرة فظل ٌالطفها وال ٌخفى أعجابه بها حتى عرض علٌها الزواج بعد عدة ساعات وهً تتمنع وأنا أرقب الموقؾ‬
‫بطرافة مع ؼٌري من الركاب واعرؾ أنه سوؾ ٌنتهً عند الحدود العراقٌة اِلردنٌة ‪ ،‬وموظؾ آخر فقد كل مدخراته بعد عشرٌن عاما من العمل‬
‫فً الكوٌت كان ٌجهر بشتٌمة صدام حسٌن ونظام حكمه وكان آخر ٌبدو أنه كان صدٌقا ً له ٌجلس الى جواره مرعوبا ً ٌكتم فمه بٌده كلما سب صدام‬
‫أو شتمه فتضٌع الشتٌمة بٌن فمه وٌد صاحبه الموضوعة علٌه ‪ ،‬فكنت أرقب ما حولً دون تعلٌق وكؤنً أشاهد مسرحٌة حٌة كنت أنا المشاهد الوحٌد‬
‫لها ‪ ،‬بعد الظهر وصلنا إلى الحدود العراقٌة اِلردنٌة وبعدما أنهٌت اجراءات سفري خرجت بسرعة ِلنً لم ٌكن معً سو حقٌبة ٌدي ‪ ،‬ركبت‬
‫حافلة أخر إلى الحدود االردنٌة التً كانت تبعد انذاك حوالً سبعٌن كٌلوا مترا عن الحدود العراقٌة ‪ ،‬ومن هناك أخذت حافلة أخر إلى عمان‬
‫ومنها أخذت الطابرة إلى دبً ‪ ..‬وعند ذلك انتبهت على صوت السابق ٌخرجنً من كل هذه الذكرٌات وٌقول لً ‪ :‬أستاذ أحمد ‪ ...‬لقد وصلنا إلى‬
‫"طرابٌل" نقطة الحدود االردنٌة العراقٌة ‪ ...‬فقد كنت أتذكر وأفكر فٌما حدث عام ‪ 1990‬م بعد عشر سنوات مما وقع حٌث كنت أركب سٌارة من‬
‫‪ 2000‬م ‪ ،‬حٌث ترددت على‬ ‫عمان فً طرٌقً إلى بؽداد فً أول رحلة إلٌها بعد مروري علٌها خارجا ً من الكوٌت وذلك فً شهر أؼسطس عام‬
‫بؽداد بعد ذلك عدة مرات كان أهمها تلك الزٌارة التً كانت قبٌل اِلحتالل اِلمرٌكً للعراق حٌث خرجت من بؽداد قبٌل الحرب بؤربعة أٌام كما‬
‫رصدت قصة سقوط بؽداد من سورٌا وتركٌا والدوحة ثم ذهبت إلى بؽداد بعد االحتالل وأضفت وعرفت المزٌد عن قصة سقوطها التً بدأت حقٌقة‬
‫فً الثانً من أؼسطس عام ‪ 1990‬م حٌث كنت أحد شهود قصة سقوط بؽداد من اللحظة اِلولى فقصة سقوط بؽداد بدأت حقٌقة مع الؽزو العراقً‬
‫للكوٌت فً الثانً من أؼسطس عام ‪1990‬م‪.‬‬
‫‪2000‬م هو زوال المسافة‬ ‫كان أول ما لفت نظري حٌنما وصلت إلى نقطة الحدود العراقٌة اِلردنٌة فً طرابٌل فً شهر اؼسطس من العام‬
‫الحدودٌة الفاصلة بٌن نقطتً الحدود والتً كانت تزٌد على سبعٌن كٌلومترا حٌث ضمت إلى اِلردن بعدما تنازل الربٌس العراقً صدام حسٌن عنها‬
‫قبل عدة سنوات لصالح اِلردن ‪ ،‬وأصبحت نقطتا الحدود بٌن البلدٌن متجاورتٌن ال ٌفصل بٌنهما إال مسافة قصٌرة ‪ ،‬وقد أخبرنً عدي صدام حسٌن‬
‫نجل الربٌس العراقً حٌنما طلب لقابً فً بؽداد فً هذه الزٌارة بعدما علم بوجودي فً المرة اِلولى واِلخٌرة التً رأٌته فٌها بناء على طلبه أن‬
‫ولده الربٌس صدام حسٌن كانت " منطلقاته بعثٌة وحدودٌة فً قراره بالتنازل عن المنطقة الحدودٌة التً كانت فاصلة بٌن البلدٌن لصالح اِلردن‬
‫على اعتبار أن اِلردن بلد شقٌق " وكانت اِلمم المتحدة قد أقامت فً هذه المنطقة عشرات المخٌمات فً عام ‪ 1990‬للفارٌن من الكوٌت حتى ٌتم‬
‫ترحٌلهم إلى بالدهم وقد رأٌت فً زٌارتً اِلخٌرة للعراق والتً كانت فً ٌولٌو من العام ‪2003‬م أي بعد سقوط بؽداد مخٌمات أٌضا ً فً المنطقة‬
‫العازلة بٌن اِلردن والعراق قٌل إنها لمجاهدي خلق ‪ ،‬وأٌضا ً بعض الفارٌن من العراق وفلسطٌنٌٌن كتب علٌهم التشرد فً كل مكان‪.‬‬

‫حٌنما دخلت إلى حدود العراق فً أؼسطس ‪ 2000‬بدأت أشعر بؤجواء الحصار المفروض على العراق والشعب العراقً من شهر اؼسطس ‪1990‬‬
‫فالحٌاة القاسٌة التً كانت ٌعٌشها العراقٌٌون بعد مؽامرة صدام بؽزو الكوٌت كانت بادٌة على وجوه الناس منذ أول لحظة وطؤت فٌها أقدامً أرض‬
‫العراق ‪.‬‬

‫جلست فً صالة كبار الزوار فً نقطة الحدود أنتظر إنهاء إجراءات دخولً إلى العراق حٌث كانت تضم الصالة وفوداً عدٌدة من دول ؼربٌة ٌمثل‬
‫معظمها شركات جاء مندوبوها لترتٌب حصص لهم من كعكة العراق ضمن مشروع " النفط مقابل الؽذاء " التً كانت تدٌره اِلمم المتحدة ‪ ،‬فٌما‬
‫جاء آخرون لدراسة مشروعات مستقبلٌة ٌقومون بها حال انتهاء الحصار أو إنهابه ‪ ،‬فٌما كانت هناك بعض الوفود الرسمٌة ووفود تابعة لألمم‬
‫المتحدة ‪ ،‬وكان هناك فرنسٌون وأسبان ومن جنسٌات أوروبٌة أخر ‪ ،‬لكن ما لفت انتباهً آنذاك هو الصٌنٌون والمالٌزٌون الذٌن كانوا ٌمثلون‬
‫حضوراً ال بؤس به ‪ ،‬وحتى تمشً إجراءات سفرك بٌسر وسهولة كان ال بد أن تدفع شٌبا ً للموظفٌن وكانت خمسة دوالرات كفٌلة بؤن تسهل لك كل‬

‫‪445‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫شًء ‪ ،‬وإال فؤنت ضٌؾ عزٌز على الرحب والسعة لكن اجراءات دخولك ربما تطول قلٌالً وبخمسة دوالرات أخر ٌمكن إعفاإك من اختبار‬
‫"اإلٌدز" الذي كان مقرراً آنذاك على كل من ٌدخل العراق‪.‬‬

‫أنهٌت إجراءات دخولً وأخذت الطرٌق مع مرافقً إلى بؽداد شبه صامت طوال الوقت ‪ ،‬فقد كانت النفسٌة التً مشٌت بها على نفس الطرٌق قبل‬
‫عشر سنوات تختلؾ اختالفا جذرٌا ً عن النفسٌة التً أسٌر بها علٌه الٌوم ‪ ،‬فقد انعكست آثار الحصار على نفسً ‪ ،‬وبدأت أشعر بؤنه حصار فً كل‬
‫شًء وعلى كل شًء ‪ ،‬فقد كانت اِلرض القاحلة على جانبً الطرٌق فً بلد الرافدٌن ومهد الحضارات ومنبع الخصوبة مإذٌة للعٌن والنفس وكانت‬
‫دلٌال على انتشار الموت وفقدان الحٌاة‪ ،‬فثالثة وعشرون عاما ً آنذاك من حكم صدام حسٌن ملٌبة بالحروب والدمار حولت اِلرض التً كانت حٌة‬
‫إلى الموت ‪ ،‬وبددت الثروات والجهود وطاقات اِلجٌال لتلبٌة أوهام الزعٌم ومؽامراته مع إٌران تارة ومع الكوٌت تارة أخر وكله باسم الوحدة‬
‫العربٌة‪.‬‬

‫وصلت بؽداد عند الؽروب ‪ ،‬وكان أول شًء فعلته هو تبدٌل العملة فوجدت الدٌنار العراقً الذي كان ٌساوي أكثر من ثالث دوالرات قبل ؼزو‬
‫العراق للكوٌت فً أؼسطس ‪ 1990‬م قد هو إلى الدرك اِلسفل فً أعسطس ‪ 2000‬وأصبحت قٌمة الدوالر الواحد ٌساوي ‪ 2200‬دٌنار عراقً ‪،‬‬
‫وكان متوسط الرواتب آنذاك بٌن سبعة آالؾ وعشرة آالؾ دٌنار أي بٌن ما ٌساوي ثالث إلى خمس دوالرات فً الشهر ‪ ،‬ولنا أن نتخٌل حٌاة الناس‬
‫الذٌن كان دخلهم ٌساوي دخل الخلٌجٌٌن قبل ‪ 2‬أؼسطس ‪ 1990‬فقد كان البإس ٌسٌطر على حٌاة الجمٌع ‪ ،‬ولم أتخٌل مطلقا ً كٌؾ ٌعٌش رب أسرة‬
‫فٌها خمسة أوالد بخمسة دوالرات فً الشهر حتى لو كان ٌؤخذ ما ٌسمى بالبطاقة التموٌنٌة من الحاجات اِلساسٌة من الطعام من الدولة لذلك كان‬
‫الجمٌع ٌركض باللٌل والنهار من أجل البحث عن لقمة العٌش وحتى ٌسد ما ٌمكن أن ٌسد رمقه ورمق أوالده وٌكفً عابلته ذل المسؤلة ال سٌما وأن‬
‫النفسٌة العراقٌة نفسٌة كرٌمة ومعطاءة وإهانة الكرٌم من أشد صعوبات الحٌاة على اإلنسان ‪ ،‬لذلك كان من الصعب أن تجد بشاشة أو حتى راحة‬
‫على وجه أحد من الناس فً تلك المرحلة ‪ ،‬هذا عالوة على الضؽوط اِلخر التً تمأل حٌاة الناس فقد كانت حٌاة العراقٌٌن بابسة بكل المعاٌٌر فً‬
‫ظل الحصار وفً ظل حكم صدام‪.‬‬

‫مشٌت فً الشوارع قلٌالً أتؤمل وجوه الناس المنهكة والمتعبة ‪ ،‬أحاول أن أقرأ فٌها ما لم أقرأه فً صفحات الكتب والصحؾ التً تناولت حٌاة‬
‫العراقٌٌن تحت الحصار ‪ ..‬الحصار الخارجً وحصار النظام علٌهم ال سٌما وأنً عشت شهراً كامالً تحت الحصار فً سراٌٌفو حٌنما كانت تحت‬
‫الحصار الصربً وسجلت مشاعر الناس هناك فً كتابً "تحت وابل النٌران فً سراٌٌفو " إال أن الوقع فً كل مكان ٌختلؾ عن اآلخر فلكل إنسان‬
‫مشاعره وأحاسٌسه وظروفه وحٌاته التً تختلؾ ولو جزبٌا ً عن اآلخر ‪ ،‬ولعل العراق كان ٌعتبر من الناحٌة التارٌخٌة من أطول الدول التً وقت‬
‫تحت الحصار حٌث تعرض شعب كامل لحصار طوٌل امتد إلى ما ٌقرب من ثالثة عشر عاما ً لم ٌذق وٌالت الحصار الحقٌقٌة فٌها إال العشب‬
‫المسكٌن بٌنما كان النظام ورجاله ٌنعمون بالحٌاة الرؼدة ‪ ،‬كما أن مصاصً الدماء من التجار الجشعٌن ٌجدون فً مثل هذه الحاالت فرصة تارٌخٌة‬
‫للثراء الفاحش ‪ ،‬وكما تتضخم ثروات تجار السالح من وراء الحروب تتضخم كذلك ثروات التجار الجشعٌن من وراء الحصار الذي كان ٌعانٌه‬
‫الشعب ومنها ما عاناة الشعب العراقً طوال ثالثة عشر عاما ً تحت الحصار‪.‬‬

‫وصلت إلى فندق "المنصور " حٌث كان الزمالء فً مكتب قناة "الجزٌرة" قد حجزوا لً على اعتبار أنه ٌجاور مكتب "الجزٌرة" وكان فندق‬
‫"المنصور" أبهى فنادق بؽداد قبل بناء فندق "الرشٌد " ‪ ،‬لكنً حٌنما دخلت إلى الفندق "المنصور" أصبت بانقباض ‪ ،‬وحٌنما دخلت الؽرفة أصابتنً‬
‫الكآبة وشعرت أنً لست فً فندق وإنما فً زنزانة فً سجن أنٌق إلى حد ما ‪ ،‬كان لون السجاد ؼٌر واضح ‪ ،‬ورؼم أن الفرش كانت تبدوا مؽسولة‬
‫ومكوٌة‪ ،‬إال أنً خفت االقتراب من السرٌر ‪ ،‬وكانت هناك ثالجة صدبه فً الصالون حٌث كان ما حجز لً "سوٌت " ولٌس ؼرفة ‪ ،‬أما مقاعد‬
‫الصالون فكانت ممزقة والجلوس علٌها مقلق ‪ ،‬نظرت إلى التلفزٌون فتذكرت التلٌفزٌون الذي رأٌته أول مرة فً حٌاتً ‪ ،‬وحٌنما فتحته بعد‬
‫محاوالت دإوبة للتعرؾ على طرٌقة فتحه ‪ ،‬وجدت قناتٌن ؼٌر واضحتٌن ‪ ،‬أما الحمام فقد كان الصدأ فً كل مكان ‪ ،‬وكانت هناك ماسورة مٌاه‬
‫مكسورة والمٌاه تمأل أرضٌة الحمام‪ ،‬كنت مجهدا من السفر الطوٌل برا ‪ ،‬لكنً لم استطع أن أجلس أو أنام ‪ ،‬حاولت االتصال بمكتب الجزٌرة "‬
‫ِلعرؾ من الزمالء لماذا ٌعاقبوننً بهذه الطرٌقة ‪ ،‬لكن الوقت كان متؤخراً كما أن االتصال الهاتفً مشكلة ‪ ،‬نزلت إلى إدارة الفندق ِلشكو سوء‬
‫الحال فً "السوٌت " الذي اخذته ‪ ،‬ففوجبت بهم ٌقولون لً أنهم إكراما ً لً أعطونً أفضل ما عندهم ‪ ،‬وحتى ٌظهروا لً مد ما حصلت علٌه قالوا‬

‫‪446‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫لً إن الفنان المصري الكومٌدي ٌونس شلبً ٌنزل معً فً نفس الفندق وجاء لعرض مسرحٌة ‪ ،‬وأن مستو " السوٌت " الذي اخذته ربما ٌكون‬
‫أفضل من "السوٌت" الذي ٌقٌم فٌه هو ‪ ،‬قبلت باِلمر الواقع وصعدت مرة أخر إلى الؽرفة لكنً لم استطع أن أبقى فٌها ‪ ،‬فجؤة دوت صفارات‬
‫اإلنذار فً الفندق وسمعت ضوضاء فخرجت فقالوا أن هناك حرٌق فً الفندق نزلت مع باقً النزالء مسرعا فكان الدخان ٌمأل الصاالت اِلرضٌة‬
‫حٌث كان الحرٌق فً المطعم ‪ ،‬فخرجت إلى الباحة الخارجٌة للفندق فوجدت معظم النزالء ٌتجمعون فً حدٌقة الفندق ‪ ،‬ووسط هذه اِلجواء وجدت‬
‫ثالثة من الشباب العراقٌٌن ٌقتربون منً وٌتعرفون علً من خالل برامجً التلفٌزٌونٌة حٌث دار بٌننا حوار قصٌر بعدها طلبوا منً أن أصحبهم‬
‫إلى العشاء ‪ ،‬فاعتذرت لهم متعلال بإرهاق السفر إال أنهم الحوا علً وحاصرونً ورفضوا كافة مبرراتً لالعتذار ‪ ،‬وزادوا فً إؼرابً حٌنما قالوا‬
‫لً أنهم ٌملكون قاربا سرٌعا ً وسوؾ ٌؤخذون جولة فً نهر دجلة ‪ ،‬وسوؾ ٌتناولون العشاء فً نهاٌتها على أحد المطاعم المطلة على النهر ورؼم‬
‫أنً كنت قد رتبت مع السابق الذي صحبنً إلى بؽداد أن ٌمر على فً اللٌل لٌصحبنً إلى المدٌنة القدٌمة حٌث أحب أن أسٌر فً المدن القدٌمة‬
‫السٌما فً هدوء اللٌل واستحضر مشاعر شاعر العراق الكبٌر بدر شاكر السٌاب فً قصٌدته فً هدوء اللٌل وأستحضر مشاعر شاعر العراق الكبٌر‬
‫بدر شاكر السٌاب فً قصٌدته الرابعة " السوق القدٌم " وأتؤمل فً السوق القدٌم وؼمؽمات العابرٌن ‪ ،‬إال أنً قلت إن السوق باق أما رحلة بالقارب‬
‫فً اللٌل فً نهر دجلة فربما ال ٌتكرر مثل هذا العرض كثٌرا‪.‬‬

‫لم أكن أعرؾ أٌا من الشباب الذٌن دعونً للخروج معهم لكن روح المؽامرة جعلتنً أقبل عرضهم فً النهاٌة بعدما اتصلت بمرافقً واعتذرت له ‪،‬‬
‫حٌث عرفت منهم طبٌعة الجولة النهرٌة واِلماكن التً سوؾ نذهب لها وتركت خبراً فً استقبال الفندق ‪ ،‬لمست فً الشباب أصالة ورجولة وشهامة‬
‫العراقٌٌن ‪ ،‬وبعدما وصلنا إلى الجسر الحدٌدي القدٌم ‪ ،‬أحد الجسور التسعة التً تربط بٌن شطري بؽداد الكرخ والرصافة ‪ ،‬حٌث كان القارب هناك‬
‫‪ ،‬لفت انتباهً انخفاض منسوب النهر بشكل كبٌر آنذاك حتى أننا حٌنما نزلنا من السٌارة التً نزل بها الشباب وحتى منسوب المٌاه قال لً أحدهم ‪:‬‬
‫هل تعلم أننا نقؾ اآلن على مستو قاع النهر ؟ فهذه اِلرض التً نقؾ علٌها اآلن عادة ما تؽمرها المٌاه بارتفاع مترٌن على اِلقل ‪ ،‬لكن النهر به‬
‫جفاؾ شدٌد اآلن مثل كل جفاؾ شًء فً العراق ‪ ،‬فمنذ عامٌن ومنسوب المٌاه ٌنخفض فً دجلة والفرات بشكل كبٌر ‪ ،‬ولكن فً دجلة بشكل أكبر‬
‫من الفرات ‪ ،‬وأصبح الجفاؾ ٌعلب دوراً خطٌراً فً تدمٌر المحاصٌل الزراعٌة ‪ ،‬وتدمٌر الحٌاة ورؼم أن الحكومة العراقٌة قد استؽلت جفاؾ النهر‬
‫لتجلٌد جانبٌه بالحجارة ‪ ،‬إال أنً شعرت أن النهر ٌعانً من أعراض الموت ‪ ،‬وكؤن جفاؾ الحٌاة فً العراق سببها الجفاؾ الذي لحق بالنهر ‪،‬‬
‫فاِلنهار حٌنما تفٌض فً حٌاة الشعوب بالمٌاه فإنها تفٌض معها بالخٌر والبركة ‪ ،‬وقد أصدرت منظمة اِلؼذٌة والزراعه التابعة لألمم المتحدة تقرٌراً‬
‫فً بداٌة ٌولٌو من العام ‪ 2000‬أكدت فٌه " أن العراق أصٌب بؤسوأ جفاؾ منذ مابة عام ‪ ،‬وأن الجفاؾ سوؾ ٌدمر ‪ %75‬من محاصٌله لهذا العام ‪،‬‬
‫وٌحتاج العراق إلى إنتاج أكثر من ثالثة مالٌٌن طن من القمح سنوٌا ً إلطعام سكانه البالؽٌن ثالثة وعشرٌن ملٌون نسمة ‪ ،‬على أن ٌستورد باقً‬
‫احتٌاجاته من القمح وفق برنام " النفط مقابل الؽذاء" الذي تشرؾ علٌه اِلمم المتحدة " ورؼم أن إحصاءات اإلنتاج الزراعً فً العراق تعتبر سرا‬
‫دفٌنا ً شؤنها شؤن كل شًء وال تتوافر أٌة معلومات عن تقدٌرات إنتاج هذا العام ‪ ،‬فإن منظمة اِلؼذٌة والزراعة أشارت إلى أن إنتاج العراق من‬
‫القمح عام ‪ 1997‬م انخفض إلى ملٌون وستة من عشرة ملٌون طن عما كان علٌه عام ‪ 1995‬م حٌث كان ملٌون وأربعة وعشرٌن من مابة مما ٌعنً‬
‫أن اإلنتاج فً هذا العام لن ٌتجاوز ثالثمابة طن مما ٌهدد بكارثة حقٌقة ومجاعة منتظرة وشح وقسوة إضافٌة على حٌاة البسطاء الذٌن ٌشكلون أؼلبٌة‬
‫العراقٌٌن الذٌن ٌعٌشون حٌاة بابسة – سوؾ أفصلها فٌما بعد – وتبلػ نسبة الماء المتدفقة فً النهر ‪ %40‬فقط من إجمالً المٌاه التً كانت به قبل‬
‫العام ‪ ،1998‬ومع عدم سقوط االمطار أٌضا ً منذ عام ‪ 1997‬فإن الثروة الحٌوانٌة أصبحت مهددة بالفناء مما جعل الفالحٌن وتجار الماشٌة والبدو‬
‫ٌقتادون عشرات اآلالؾ من الماشٌة والخراؾ واِلبقار لبٌعها فً بؽداد وضواحٌها ‪ ،‬خوفا ً علٌها من الهالك جوعا ً وعطشا ً مما جعل كٌلو اللحم‬
‫الطازج فً بؽداد ٌنخفض إلى أقل من دوالر " ‪ 2000‬دٌنار عراقً " ورؼم استمتاع الناس وقتٌا ً بذلك فإنه ٌنذر بؤزمة مستقبلٌة طاحنة ‪ ،‬وتشٌر‬
‫منظمة اِلؼذٌة والزراعة إلى أن أمراضا ً مختلفة قد تتفشى فً ‪ %60‬من مزارع الدواجن فً العراق حٌث أن عدد المزارع التً تعمل آنذاك تتقلص‬
‫‪ 1991‬من هذه‬ ‫إلى ‪ 527‬مزرعة فقط من إجمالً ‪ 8500‬مزرعة كانت تعمل من قبل ‪ ،‬وقالت إن نصٌب الفرد العراقً قبل حرب الخلٌ عام‬
‫الصناعة كان ٌصل إلى ‪ 85‬بٌضة و ‪ 12.5‬كٌلو من اللحم سنوٌا ً أما اآلن فإن نصٌب الفرد ال ٌزٌد عن ‪ 19‬بٌضة وكٌلو ونصؾ فقط من اللحم‬
‫سنوٌا ً!!‬

‫انطلق بنا القارب الذي كان ٌقوده أحدهم فٌما كان الجمٌع ٌعملون مرشدٌن لً ‪ٌ ،‬مدوننً بالمعلومات والشرح عن اِلحٌاء واِلماكن على ضفتً‬
‫النهر ‪ ،‬وٌجٌبون عن أسبلتً وٌحدثوننً عن الكرخ والرصافة واِلعظمٌة والكاظمٌة فٌما كانت نسمات اللٌل وأضواإه تنساب حولنا ‪ ،‬فجؤة شعرنا‬

‫‪447‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكؤن زلزال قد ضرب القارب من أسفل وصوت ارتطام شدٌد وصٌاحا ً منا جمٌعا ً ‪ ...‬فؤمسكت بطرؾ القارب ‪ ..‬وشعرنا بؤننا فً طرٌقنا إلى قاع‬
‫النهر‪..‬‬

‫لكن قابد القارب تمكن من السٌطرة علٌه فً اللحظات اِلخٌرة ‪ ،‬فٌما كان الفزع قد سٌطر علٌنا جمٌعا ً ‪ ،‬واتضح أننا قد ارتطمنا بجزء مرتفع من قاع‬
‫النهر الذي تعر بسبب قلة الماء المتدفق فٌه وبعدما عاد إلٌنا الهدوء ‪ ،‬قام بتشؽٌل القارب من جدٌد ‪ ،‬وانطلقنا هذه المرة ‪ ،‬ولكن برفق وهدوء وحذر‬
‫‪ ،‬فاِلضواء المنعكسة من جانبً النهر على صفحته لم تكن كافٌة لنمٌز بٌن اِلماكن العمٌقة والمؽمورة بالمٌاه وبٌن ؼٌرها ‪ ،‬ال سٌما وأن بعض‬
‫اِلحٌاء المطلة على النهر كانت مظلمة بسبب تناوب قطع الكهرباء عن أحٌاء بؽداد عدة مرات باللٌل والنهار كل مرة من ساعتٌن إلى ثالث ساعات‬
‫كل ٌوم ‪ ،‬مما كان ٌجعل نهار الناس ولٌلهم مع حر العراق وقٌظها فً هذا الوقت من العام ال ٌطاق ‪ ،‬هذا ما كان ٌحدث فً بؽداد ‪ ،‬أما ما كان ٌحدث‬
‫فً المدن اِلخر فهو العكس تماماً‪ ،‬حٌث تؤتً الكهرباء للناس وكذلك المٌاه ربما ساعتٌن أو ثالثا ً على اِلكثر فً النهار ‪ ،‬ثم ٌقضون لٌلهم ونهارهم‬
‫فً القٌظ ‪ ،‬أم القر فإنها كانت تعٌش عٌشة العصور الوسطى ‪ ،‬وما أصعب ذلك ال سٌما على اِلطفال وعلى المرضى وهم كانوا ٌشكلون نسبة‬
‫كبٌرة من الناس ممن ٌنتمون إلى اِلؼلبٌة المسحوقة من العراقٌٌن ‪ ،‬أما اِلؼنٌاء فلدٌهم مولدات الكهرباء التً ال تشعرهم بما ٌشعر به اآلخرون ‪،‬‬
‫انتقل بنا الحدٌث بعد ذلك عن هإالء المسحوقٌن ‪ ،‬ثم قضٌت باقً اِلٌام مشؽوالً بهإالء حتى وقفت على حقابق مرعبة ‪ ،‬ومعلومات مخٌفة عما آل‬
‫الٌه مصٌر أكثر من عشرٌن ملٌون عراقً كانوا ٌعٌشون تحت الحصار والقهر ‪ ،‬هذه المعلومات نفسها هً التً دفعت "دٌنس هالٌدا " منسق‬
‫برنام النفط مقابل الؽذاء إلى االستقالة من منصبه عام ‪ 1998‬احتجاجا ً على ما ٌفعل بالشعب العراقً ‪ ،‬حٌث وقؾ فً نقابة الصحفٌٌن فً مصر‬
‫محاضراً فً الخامس من ٌولٌو عام ‪ 2000‬مبٌنا ً أبعاد ما حٌث فً العراق وكان مما قاله ‪ " :‬إن الممارسات الؽربٌة بصدد العقوبات المفروضة على‬
‫العراق عنصرٌة ؼربٌة توجه ضد هذه اِلمة وتمهد لصعود قوة مدمرة جدٌدة فً ضوء حجم اإلذالل الذي ٌمارس على العراقٌٌن أسوة بما حدث فً‬
‫المانٌا قبل صعود الراٌخ الثالث " وأضاؾ هالٌدا ‪ " :‬إن هذه العقوبات تدمر اِلساس اإلنسانً وحقوق اإلنسان اِلساسٌة التً أقٌم علٌها مٌثاق اِلمم‬
‫المتحدة ‪".‬‬

‫وهذا ما وقفت عنده طوٌالً " تدمٌر اِلساس اإلنسانً " للشعب العراقً‪.‬‬

‫لقد تحاورت وتكلمت ومشٌت وناقشت وحكٌت مع العشرات من العراقٌٌن آنذاك ‪ ،‬وكنت فً المحصلة أشعر أنً أتعامل مع أناس مدمرٌن من الداخل‬
‫‪ ،‬لقد أصبحت اإلنسانٌة هنا منهارة ومسحوقة ومتصدعة ومدمرة ‪ ..‬حٌنما مررت آنذاك على ساحة السعدون التً كانت ملتقى الناس فً المساء قبل‬
‫الحصار كانت شبه فارؼة إال من قلٌل من الناس ‪ ،‬وحٌنما تحدثت إلى أحدهم وكان القلٌل هو الذي ٌمكن أن ٌتحدث خوفا ً من النظام آنذاك من ناحٌة‬
‫ومن كثرة الهم من ناحٌة أخر ‪ ،‬لكن الرجل حٌنما استؤنس لً شعرت بؤن الهم الذي بداخله ٌكاد ٌنفجر من جوانبه ‪ ،‬وأنه لم ٌعد فٌه‬

‫روح اإلنسان ومشاعره ‪ ،‬وإنما بعض بقاٌا وأطالله ‪ ..‬لقد انهارت الطبقة الوسطى فً العراق ‪ ،‬تلك الطبقة التً كانت تشكل الجانب اِلكبر من‬
‫الشعب العراقً ‪ ،‬وظهرت آنذاك طبقة انتهازٌة تبتز الناس وتسلبهم مقدراتهم هً طبقة رجال اِلعمال الجدد الذٌن أفرزتهم الحرب وأفرزهم‬
‫الحصار ‪ ،‬وهإالء كانوا ٌشكلون فبة قلٌلة من المجتمع العراقً لكنهم كانوا ٌقومون بعملٌات االستٌراد والتصدٌر ‪ ،‬وأؼلبٌتهم كانت تتعامل مع دول‬
‫مثل تركٌا وإٌران وسورٌا واِلردن وكلها دول مجاورة للعراق ‪ ..‬إضافة إلى دول أخر مثل روسٌا وفرنسا وإٌطالٌا وبعض دول أوروبا الشرقٌة‬
‫ودول الشرق اِلقصى بما فٌها الصٌن ‪ ،‬لذلك فإن من أكبر المتناقضات التً ظهرت فً العراق إبان الحصار أنه رؼم الفقر الشدٌد والدخل المتدنً‬
‫للؽاٌة الذي كان ٌعٌش فٌه الناس إال أن كل شًء تقرٌبا ً كان متوفراً فً اِلسواق ‪ ،‬ابتداء من أجهزة التلٌفزٌون مروراً بالسٌارات وانتهاء‬
‫بمستحضرات التجمٌل الؽربٌة ‪ ،‬لكن هذه البضابع لم ٌكن ٌستطٌع شراءها من المقٌمٌن فً العراق إال رجال النظام وطبقة اِلؼنٌاء الجدد الذي كانوا‬
‫ٌوصفون بؤنهم ٌستطٌعون شراء كل شًء ‪ ،‬وقد التقٌت مصادفة فً أؼسطس ‪ 2000‬مع ثالثة من هإالء ودار حوار طوٌل بٌنً وبٌن هإالء الثالثة‬
‫من محدثً النعمة ومن تجار الحصار ‪ ،‬لكنهم كانوا متحفظٌن إلى أبعد الحدود فً اإلجابة على تساإالتً ِلن اِلمر باختصار كان وراءه رجال‬
‫النظام‪ ،‬فالفساد كان مستشرٌا ً إلى أبعد حدود وكان كل شًء فً الدولة ٌوزع على الكبار والكبار ٌوزعونه على صؽار تحتهم والصؽار ٌبحثون عمن‬
‫هو أصؽر حتى ٌصلوا إلى الشعب المنكوب فً النهاٌة فتكون دماإه قد تم مصها عشرٌن مرة !!‬

‫‪448‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقد كان هإالء اِلؼنٌاء الجدد قبل الحرب ٌشكلون طبقة ممٌزة فً المجتمع العراقً بسٌاراتها الفارهة والجدٌدة ‪ ،‬ومظاهر الحٌاة المترفة واإلنفاق‬
‫بال حدود على الكمالٌات وعلى كافة مظاهر الحٌاة ‪ ،‬ففً الوقت الذي لم تكن فٌه أؼلبٌة العراقٌٌن تستطٌع تدبٌر مبلػ أربعمابة الؾ دٌنار – وهً‬
‫رسوم مؽادرة العراق – ِلن الرواتب كان متوسطها عشرة آالؾ دٌنار ‪ ،‬كان هإالء ٌقطعون الطرٌق بٌن عمان وبؽداد بشكل دابم ‪ ،‬بل إن الكثٌرٌن‬
‫منهم أصبحت لهم بٌوتهم فً عمان فً اِلردن ‪ ،‬وتعٌش فً قصور فارهة فً الوقت الذي رأٌت فٌه كثٌر من العراقٌٌن ٌبٌعون أثاث بٌوتهم فً‬
‫أسواق بؽداد حتى ٌسدوا رمق أسرهم وأوالدهم‪.‬‬

‫وقد كان التهرٌب باختصار شدٌد والعمل من خالل حصص مشروع "النفط مقابل الؽذاء " التً كان رجال النظام الكبار ٌلعبون دوراً كبٌراً فً‬
‫توزٌعها رؼم رعاٌة اِلمم المتحدة للمشروع كانت هذه اِلشٌاء مصدراً ربٌسٌا ً للثراء لد هذه الطبقة الجدٌدة التً ٌمكن أن ٌطلق علٌها " أثرٌاء‬
‫الحصار " فهإالء كانوا ٌتاجرون فً كل شًء ‪ ،‬والمهم لدٌهم هو أن تضخم ثرواتهم كل ٌوم حتى ولو من دماء الناس‪ ،‬ووفقا ً لتقارٌر اِلمم المتحدة‬
‫آنذاك فإنه مقابل كل شاحنة كان ٌتم تفتٌشها من قبل مراقبً اِلمم المتحدة عند عبور نقطة الحدود التركٌة – العراقٌة ‪ ،‬فإن هناك مابتً شاحنة أخر‬
‫كانت تدخل العراق دون تفتٌش ‪ ،‬وما كان ٌحدث على الحدود العراقٌة التركٌة كان ٌحدث على الحدود العراقٌة اِلردنٌة والسورٌة واإلٌرانٌة ‪ ،‬ولم‬
‫تكن توجد أي صعوبة لد هإالء فً تمرٌر ما ٌرٌدون بعدما كانت الرشوة إفرازاً طبٌعٌا ً للحصار والفساد الذي كان ٌبثه النظام فً حٌاة الناس ‪،‬‬
‫فمن خالل الرشوة كنت تستطٌع أن تحصل على كل ما ترٌد ‪ ،‬لذلك فقد كان كل شًء متوفراً فً العراق لمن كان ٌملك المال ‪ ،‬وِلن المال لم ٌكن‬
‫عادٌه ‪ ،‬لذلك فقد كانت طبقة " أثرٌاء‬ ‫متوفراً إال فً ٌد من كان ٌعمل فً الخارج أو لدٌه عابل فً الخارج أو ٌعمل بالتجارة أو له موارد ؼٌر‬
‫الحصار " هً الطبقة الممٌزة التً ال تشعر بالحصار بل كانت المستفٌد الربٌسً منه وكانت ال تتمنى زواله ‪ ،‬وبالتالً فقد كانت تتحمل جانبا ً من‬
‫المسإولٌة عما كان ٌحدث للشعب العراقً ‪.‬‬
‫لم تؽٌر كلماتً شٌبا ً كثٌراً من الواقع الذي ٌعٌشه مرافقً والذي ٌعٌشه عموم العراقٌٌن الذٌن كانت حٌاتهم إلى حد ما حٌاة رؼدة قبل أؼسطس عام‬
‫‪ ، 1990‬فرؼم الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة التً استمرت ثمانً سنوات من عام ‪ 1980‬إلى عام ‪ 1990‬أد إلى رفض الحصار على العراق مما شكل‬
‫نوعا من أنواع القتل البطًء لإلنسان العراقً فقد كانت حٌاة الطبقة الوسطى التً تمثل أؼلبٌة العراقٌٌن ترتكز على تحقٌق ثالثة أهداؾ أولها‬
‫الشهادة الجامعٌة وثانٌها منصب واعد فً الجهاز البٌروقراطً للدولة ‪،‬‬

‫ٌدر دخال ثابتا وعمال ٌنتهً عند الثانٌة بعد الظهر وثالثها مصاهرة من عابلة ذات مكانة جٌدة ‪ ،‬لكن هذه اِلهداؾ تالشت كلها بعد بدء الحصار على‬
‫العراق عام ‪ ، 1990‬فلم ٌعد التحصٌل العلمً أو الشهادة الجامعٌة أو حتى شهادة الدكتوراه تمثل ضمانه لصاحبها لكسب المال‪ ،‬فؤصبح العشرات ‪،‬‬
‫أو مبات اآلالؾ من العراقٌٌن ال تمثل الشهادات العلٌا بالنسبة لهم أكثر من ورقة قضى شطرا من حٌاته من أجل تحصٌلها ‪ ،‬أما الوظابؾ حتى ولو‬
‫كانت مرموقة كدرجة االستاذ الجامعً على سبٌل المثال فلم تعد سو مسمى ال ٌحو تحته أٌة امتٌازات وٌكفً أن راتب االستاذ الجامعً ال ٌزٌد‬
‫فً هذا الوقت فً حده اِلعلى عن عشرة دوالرات ناهٌك عما دونه من وظابؾ ‪ ،‬ونتٌجة لتوقؾ المشارٌع فً القطاعات الحكومٌة واِلهلٌة فً‬
‫الدولة بسبب الحصار فقد تم تسرٌح ما ٌقرب من ثلثً القو العاملة فً البالد مما أد إلى ازدٌاد نسبة البطالة‪ ،‬ومن ثم تمزق الحٌاة العابلٌة وانتشار‬
‫السرقة والعنؾ والرشوة والتهرٌب وجنوح االحداث والبؽاء إلى ؼٌر ذلك من صور االنهٌار النفسً واالجتماعً اِلخر ‪.‬‬

‫أما اِلسر العفٌفة فلم تترك وسٌلة تحافظ بها على عفافها إال اتبعتها ‪ ،‬وقد رأٌت وسمعت صورا ال تصدق عن الحٌاة اِلسرٌة للعراقٌٌن فً ذلك‬
‫الوقت ‪ ،‬فكثٌر من اِلسر باعت أجزاء من أثاث بٌتها ولم تبق إال ما هو ضروري واِلقسى من ذلك أن أسرا كثٌرة اضطرت لبٌع اِلبواب الداخلٌة‬
‫للؽرؾ ولم تبق إال على الباب الربٌسً للبٌت وأصبحت اِلسواق الشعبٌة ٌباع فٌها كل شًء ٌمكن أن ٌتخٌله اإلنسان من حاجات الناس الخاصة‬
‫وممتلكاتهم التً ربما ورثوها عن آبابهم‪ ،‬وقد تجولت فً أحد اِلسواق ورأٌت تحفا وتذكرٌات ٌعرضها أصحابها بؤثمان قلٌلة بعدما أصبحت بالنسبة‬
‫لهم ال تمثل إال ما تاتً به من المال لسد الرمق ‪ ،‬وقد ذكرنً هذا بما رأٌته فً العاصمة البوسنٌة سراٌٌفو عندما عاٌشت اِلحداث بها وهً تحت‬
‫الحصار الصربً عام ‪ 1994‬ورأٌت نفس اِلسواق التً أفرزها الحصار وقد خرج الناس بمقتنٌاتهم الخاصة والتً كانت تمثل ذكرٌات من الحٌاة‬
‫ومن اآلباء لٌبٌعوها على قارعة الطرٌق بثمن بخس حتى ٌستطٌعوا أن ٌواصلوا الحٌاة‪.‬‬

‫‪449‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫أعجبنً طاقم نحاسً قدٌم ٌزٌد عمره عن مابتً عام شعرت فٌه بحٌاة اِلجٌال التً مرت علٌه واِلٌدي التً المسته واالكؾ التً تداولته فوقفت‬
‫أمامه وقلبت فٌه فؤخذ‬

‫صاحبه ٌحكً لً تارٌخه محاوال بٌعه لً بؤي ثمن وأنا أخشى دابما ً أن آخذ شٌبا به ذكرٌات من حٌاة اآلخرٌن ‪ ،‬عرض الرجل علً سعراً فً البداٌة‬
‫ثم أخذ ٌخفض فً سعره وأنا أتمنع حتى قلت لن آخذه ِلننً ال أحب أن أشتري شٌبا ً به ذكرٌات عنك أو عن عابلتك ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنه لٌس لً ولكننً‬
‫اشترته من عابلة قبل مدة وشعرت بؤننً بحاجة إلى ثمنه أكثر منه اآلن فقررت بٌعه‪...‬‬

‫هكذا كان الناس ٌبٌعون خصوصٌاتهم على قارعة الطرٌق فً العراق حتى ٌعٌشوا‪..‬‬

‫أما الهدؾ الثالث وهو الزواج من أسرة ذات مكانة فرؼم حرص كثٌر من العالبالت على تماسكها بسبب قسوة الحصار إال أن اإلعراض عن‬
‫الزواج أصبح هو الشابع فً ظل وصول المهور إلى نصؾ ملٌون دٌنار أي حوالً مابتٌن وخمسٌن دوالر فقط ‪ ،‬وهذا آنذاك مبلػ ضخم إلى معظم‬
‫العراقٌٌن ‪ ،‬فقد أصبحت الفتاة العربٌة تصل إلى آخر العشرٌنات أو الثالثٌنات من العمر دون أن ٌتقدم إلٌها احد فً الوقت الذي عاشت فٌه حلم أن‬
‫تصبح زوجة وأما ‪ ،‬ودون خوض فً التفاصٌل الناجمة عن ذلك فقد اتسع نطاق إقامة عالقات خارج إطار الزواج ومن ثم تدمٌر البناء النفسً‬
‫واالجتماعً واِلسر وقد اطلعت على إحصاءات هابلة فً هذا المجال ؼٌر أن الؽالبٌة من الناس ال زالت تكافح وتصر على أال تترلق وحٌنما‬
‫سؤت أحد الشباب الذٌن رافقونً فً عملً عن سبب تؤخره فً الزواج وقد تجاوز سنة الخامسة والثالثون فقال ببساطة ٌكفً أن لدي قدرة على أن‬
‫أعول نفسً اآلن فكٌؾ أستطٌع أن أعول عابلة ؟ وبقى أن أقول لك إن أؼلب المتزوجٌن ٌشعرون بالعجز واإلحباط ِلنهم أصبحوا عاجزٌن عن‬
‫إعالة عابالتهم ‪ ..‬لقد تصدع اإلنسان العراقً من هول ما رأ ‪.‬‬

‫الحلقة القادمة بؽداد بعد تهدٌدات بوش‬

‫نفل ‪PM 10:05 2004-07-07‬‬

‫‪------------------------------------------------------------‬‬

‫فصل بؽداد بعد تهدٌدات بوش‬


‫مشٌت فً شوارع بؽداد وأحٌابها العتٌقة بٌن الرصافة والكرادة والكرخ واِلعظمٌة والمنصور والصالحٌة وعرجت على أحٌابها وشوارعها الحدٌثة‬
‫مثل شارع ‪ 14‬رمضان وشارع الجمهورٌة وؼٌرها أطالع وجوه الناس وأقرأ ما خلفته علٌها سنوات الحصار الطوٌلة والتهدٌدات الحدٌثة التً‬
‫اطلقها الربٌس اِلمرٌكً جورج بوش فً ‪ 25‬نوفمبر ‪2001‬م بؤن العراق ربما تكون هدفا ً تالٌا ً بعد افؽانستان إذا لم تسمح بعودة المفتشٌن الدولٌٌن‬
‫بعدما أؼلقت بؽداد الباب أمام عودتهم عام ‪ 1988‬كان ذلك خالل النصؾ الثانً من نوفمبر واِلول من دٌسمبر ‪ 2001‬وكنا وقتها فً شهر رمضان‬
‫المبارك وكان الناس ٌنتظرون العٌد ‪،‬لكن الوضع االقتصادي آنذاك مع اقتراب العٌد جعل الناس فً صراع شدٌد مع أنفسهم ومع الحٌاة بٌن ضٌق‬
‫ذات الٌد ‪ ،‬ومحاوالت إدخال بعض من السرور فً نفوس أبنابهم الصؽار ‪ ،‬بعض محالت المالبس علٌها إقبال نسبً وكثٌرون أو اِلؼلبٌة كانت ال‬
‫تملك أي فرصة إلدخال السرور على أي من اِلسرة فٌما اكتفى آخرون بالشراء للصؽار‪.‬‬

‫رؼم انشؽال الناس بهمومهم الٌومٌة آنذاك اال أن كل من سؤلتهم عن تهدٌدات بوش للعراق كانوا متخوفٌن لٌس فً القصؾ – وقد تعودوا علٌه منذ‬
‫وقوع العراق تحت الحصار فً أعقاب ؼزوها للكوٌت فً أؼسطس من العام ‪ -1990‬وإنما بالدرجة اِلولى من العودة النقطاع المٌاه والكهرباء‬
‫والتدفبة ال سٌما وأن لٌالً شتاء العراق قاسٌة وشدٌدة البرودة ‪ ،‬وأصعب شًء على الناس أن ٌفقدوا مصدر المٌاه الصالحة للشرب أو الكهرباء فً‬
‫مجتمع كان مترفا قبل سنوات معدودة‪ ،‬وقد اطلعت آنذاك على تقارٌر كثٌرة منها تقرٌر لبرنام الصحة العالمً ذكر أن نسبة الذٌن ٌحصلون على‬
‫مٌاه‬

‫‪450‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صالحة للشرب فً المناطق الحضرٌة فً العراق ال تزٌد عن ‪ %50‬فٌما كانت النسبة ‪ %90‬قبل الحصار ‪ ،‬أما فً الرٌؾ العراقً فإن النسبة كانت‬
‫ال تزٌد فً هذا الوقت عن ‪ %32‬أما الكهرباء فإن العراقٌٌن ٌعانون من نقص فً القوة الكهربابٌة تزٌد نسبته عن ‪ %40‬عما كان علٌه قبل الحصار‬
‫‪ ،‬وكل زابر للعاصمة بؽداد ٌستطٌع أن ٌلمس المعاناة الٌومٌة النقطاع الكهرباء على مدار الٌوم بٌن أحٌاء بؽداد المختلفة بالتناوب ‪ ،‬وأذكر أن‬
‫الزمالء فً مكتب قناة الجزٌرة فً بؽداد قاموا بجهد كبٌر للتاكٌد على إدارة الكهرباء فً بؽداد عدم قطع الكهرباء عن المنطقة التً ٌقع بها مكتب‬
‫‪ 28‬نوفمبر‬ ‫الجزٌرة أثناء بث حفلة برنام "بالد حدود" التً أجرٌتها مع نابب الربٌس العراقً طه ٌاسٌن رمضان والتً أجرٌتها ٌوم اِلربعاء‬
‫‪ 2001‬ومع ذلك فقد أعدوا مولدات كهرباء إضافٌة تحسبها النقطاع الكهرباء فً أي وقت‪.‬‬

‫ورؼم أن (المادة ‪ )54‬من معاهدة جنٌؾ تنص على تحرٌم أي اعتداء على محطات مٌاه الشرب وأنظمة الري فً الحروب إال أن القوات اِلمرٌكٌة‬
‫وحلفاءها دمرت سدود المٌاه العراقٌة الثمانٌة المتعددة اِلؼراض ‪ ،‬وكذلك أنظمة السٌطرة على الفٌاضانات وأنظمة الري ومحطات تولٌد الكهرباء‬
‫ومحطات الصرؾ الصحً ‪ ،‬وكل ذلك أد إلى عواقب صحٌة وخٌمة ٌعانً الشعب العراقً من آثارها وسٌظل ٌعانً إعادة بنابه من هذه البنى‬
‫التحتٌة وهو ٌمثل أو ٌوفر نصؾ حاجة العراقٌٌن ‪ ،‬وقد عبرت وزارة الصحة العراقٌة عن مد تدهور الوضع الصحً لد العراقٌٌن فً تقرٌر‬
‫أصدرته فً اكتوبر من العام ‪2001‬م قالت فٌه " إن أكثر عن عشرة مالٌٌن مواطن عراقً ٌعانون لألمم المتحدة أن "أربعة آالؾ طفل عراقً‬
‫ٌموتون شهرٌا ً بسب سوء التؽذٌة ‪ ،‬ومجموع اِلطفال الذٌن ماتوا بسبب الحصار حتى أكتوبر ‪ٌ 2001‬زٌد عن نصؾ ملٌون طفل عراقً‪".‬‬

‫أما الذٌن تكتب لهم الحٌاة فإنهم ٌعٌشون حٌاة بابسة للؽاٌة ‪ ،‬وقد استوقفت بعض اِلطفال الذٌن ٌملبون الشوارع ‪،‬وٌحملون بعض اِلؼراض البسٌطة‬
‫فٌعرضونها للبٌع إما للمارة أو سابقً السٌارات وسؤلتهم عن حٌاتهم وعابالتهم‪ ،‬فسمعت منهم قصصا ً مبكٌة ولم أجد أٌا ً منهم ملتحقا ً بالمدرسة ‪ ،‬وِلن‬
‫التعلٌم ٌمثل القٌمة الحضارٌة والرإٌة المستقبلٌة ِلي أمة من اِلمم فقد عدت لتقارٌر مختلفة لمعرفة حقٌقة الواقع التعلٌمً فً العراق ؼداة تهدٌدات‬
‫بوش له فً ذلك الوقت فوجدت تقرٌراً حدٌثا ً آنذاك لمنظمة الٌونسكو أشار إلى أن اإلقبال على المدارس فً العراق انخفض إلى نسبة‪ %3‬فقط بعدما‬
‫كانت معدالت التعلٌم فً العراق وصلت إلى ‪ %80‬عام ‪ ،1986‬واآلن أصبحت حالة ‪ %83‬من مدارس العراق ؼٌر صالحة للدراسة‪.‬‬

‫وقد سؤلت أحد اِلطفال الذٌن كانوا ٌقفون عند مفترق الطرق لٌبعوا أؼراضا ً للسٌارات فقلت له ‪ :‬لماذا ال تذهب للمدرسة ؟ أما تفكر فً المستقبل ؟‬
‫نظر إلً باستؽراب شدٌد وكؤنً قادم من كوكب آخر ثم قال لً ‪ :‬أي مستقبل ؟ إننً ال أفكر إال فً هذه اللحظة التً أتمنى أن تشتري منً شٌبا ً مما‬
‫أحمل وتتركنً حتى أبحث عن "زبون" آخر ‪ ..‬امتالت نفسً بالكآبة واالنقباض ثم صادقت بعض الشباب الذٌن تعرفوا على من خالل بعض‬
‫برامجً التً كان ٌعٌد تلفزٌون الشباب بثها بعض قص وحذؾ نصفها أحٌانا ً – حٌث كانت اِلطباق الالقطة ممنوعة آنذاك فً العراق – فقلت لهم‪:‬‬
‫كٌؾ تنظرون للمستقبل؟ نظر بعضهم على بعض ثم قال لً أحدهم ‪ :‬أي مستقبل ؟ هنا فقط تفكر فً ٌومك ‪ ،‬وكٌؾ تستطٌع أن توفر فٌه حاجاتك‬
‫دون أن تمد ٌدك إلى الناس ‪ ..‬لم ٌفارقنً الهم طوال أٌام بقابً فً بؽداد لكن كانت هذه آنذاك هً صورة العراق التً ٌرٌد جورج بوش أن ٌدمرها‬
‫من جدٌد‪.‬‬

‫عقيدة بوش‬
‫‪ 2002‬أما حشد من العسكرٌٌن‬ ‫بدأت معالم العقٌدة الجدٌدة للربٌس اِلمرٌكً جورج بوش تتضح شٌبا ً فشٌبا ً بعد الخطاب الذي ألقاه فً ٌونٌو‬
‫االمرٌكٌٌن فً كلٌة وٌست بوٌنت حٌنما قال‬
‫" إن من حق الوالٌات المتحدة أن تسدد ضرباتها الوقابٌة إلى أي أمة تعتقد أنها تمثل خطراً علٌها ‪ ..‬إن أمرٌكا تملك قوة عسكرٌة ؼٌر خاضعة‬
‫لقانون المنافسة ‪ ،‬وترؼب فً االحتفاظ بهذه القوة ‪ ،‬وهذا ٌجعل سباقات التسلٌح التً عرفتها حقب ماضٌة ؼٌر واردة"‬

‫بهذه العباة وضع بوش الوالٌات المتحدة فً صدر العالم وفرضها القوة التً ال تقهر ثم حدد الهدؾ اِلول وهو العراق قابالً ‪:‬‬

‫‪451‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" إن بلدانا مثل العراق أخطر من التعامل معها بسٌاسة االحتواء فقط ‪ ..‬وإن الردع وهو الرد العنٌؾ والجبار ضد اِلمم ال ٌعنً شٌبا ً بالنسبة لشبكات‬
‫لٌست لدٌها أمم أو مواطنون تدافع عنهم‪ ،‬أما االحتواء فإن ؼٌر ممكن حٌنما ٌملك الطؽاة من الحكام أسلحة الدمار الشامل وٌستطٌعون إطالقها‬
‫بواسطة الصوارٌخ أو تسلٌمها سراً إلى المنظمات اإلرهابٌة الحلٌفة لهم‪".‬‬

‫كانت هذه هً العناوٌن الربٌسٌة لكل الصحؾ اِلمرٌكٌة فً الٌوم التالً لخطاب بوش الذي كان بداٌة لحملته ضد العراق ‪ ،‬وبداٌة لتكلٌؾ فرٌق عمل‬
‫كبٌر ٌعمل داخل اإلدارة لصٌاؼة ما ٌسمى بعقٌدة بوش التً نوقشت إي أعقاب الخطاب أما الكاونجرس حٌث تم إقرارها ومن ثم إجبار العالم على‬
‫االنصٌاع لها واإلٌمان بها ‪ ،‬ومن بٌن مبادئ هذه العقٌدة كما جاءت فً هذا الخطاب‬
‫" إن العالم ال ٌواجه صدام حضارات ولكن ٌشهد صراعا ً بٌن اِلمم لتطبٌق قٌم مشتركة تقوم على الحد من نفوذ الدولة وسلطتها ‪،‬‬

‫واحترام النساء ‪ ،‬والمملكة الخاصة ‪ ،‬وحرٌة التعبٌر ‪ ،‬والعدالة للجمٌع والتسامح الدٌنً ‪ ،‬وعلى الوالٌات المتحدة أن تساعد الدول اِلخر على‬
‫تحقٌق هذه القٌم‪".‬‬

‫الذٌن وضعوا خطط الحرب‬


‫لم ٌكن كشؾ صحٌفة " ها آتس " اإلسرابٌلٌة فً منتصؾ نوفمبر من العام ‪ ، 2002‬عن أن الٌهودٌٌن البارزٌن فً وزارة الدفاع اِلمرٌكٌة رٌتشارد‬
‫بٌرل وداغ فاٌت هما اللذان ٌرسمان صورة الشرق اِلوسط الجدٌد ومخطط الحرب على العراق بالترتٌب مع الحكومة اإلسرابٌلٌة أمرا عابرا ففً‬
‫أعقاب هذا اإلعالن بؤٌام وتحدٌد ٌوم الجمعة ‪ 22‬نوفمبر ‪ 2002‬بدأت فً العاصمة اِلمرٌكٌة واشنطن جلسات "الحوار االستراتٌجً " بٌن الوالٌات‬
‫المتحدة وإسرابٌل والذي ٌهدؾ إلى دراسة أبعاد ومخططات الحرب القادمة ضد العراق ‪ ،‬والتؽٌرات اإلقلٌمٌة التً ستجر بعد الحرب ‪ ،‬ورأس‬
‫الوفد اِلمرٌكً رٌتشارد أرمٌتاج نابب وزٌر الخارجٌة ‪ ،‬وستٌؾ هٌدلً نابب مستشارة اِلمن القومً وبول وولفوٌتز نابب وزٌر الدفاع وهم أبرز‬
‫الصقور الصهاٌنة فً اإلدارة اِلمرٌكٌة ‪.‬‬

‫ورؼم أن صحٌفة " هاآرتس " قد ذكرت فً تقرٌرها الذي لم تتعرض فٌه لهذا االجتماع ‪ ":‬أن العراق هدؾ تكتٌكً والسعودٌة هدؾ استراتٌجً أما‬
‫مصر فهً الجابزة الكبر فً المخطط اِلمرٌكً " إال أن مدٌر جهاز المخابرات السً آي إٌه السابق جٌمس وولسى أكد بوضوح فً محاضرة‬
‫‪ 20‬نوفمبر ‪ 2002‬أن‬ ‫ألقاها فً جامعة اكسفورد فً برٌطانٌا – ونشرت جانبا منها صحٌفة القدس العربً التً تصدر فً لندن ٌوم اِلربعاء‬
‫الوالٌات المتحدة ستعمل على تؽٌٌر أنظمة الحكم فً جمٌع الدول العربٌة وعلى رأسها السعودٌة ومصر بعد االنتهاء من العراق ‪ ،‬ولعل تحذٌر‬
‫الربٌس المصري حسنً مبارك للوالٌات المتحدة أثناء افتتاحه دورة مجلس الشعب المصري التً ألقاها قبل محاضرة وولسى من أن تسعى لتؽٌٌر‬
‫أنظمة الحكم بالقوة ٌإكد أن التهدٌدات اِلمرٌكٌة جادة ‪ ،‬وقد كشؾ جاي بوكمان نابب ربٌس تحرٌر صحٌفة "اطالنتا جورنال " التً تصدر فً‬
‫الوالٌات المتحدة ‪ ،‬أن المخطط الذي تقوم الوالٌات المتحدة بالسعً لتنفٌذ اآلن وضعه بول وولفوٌتز نابب وزٌر الدفاع‪ ،‬وجون بولوتون وكٌل وزارة‬
‫الخارجٌة ‪ ،‬وستٌفٌن كامبون ربٌس مكتب البرام والتحلٌل والتقوٌم فً وزارة الدفاع ‪ ،‬وإلٌوت كوهٌن ودٌفون كروس عضوان فً مجلس سٌاسات‬
‫الدفاع وكلهم من الصهاٌنة ‪ ،‬حٌنما كانوا جمٌعا خارج السلطة‪ ،‬وقد انتهوا من مخططاتهم فً سبتمبر من العام ‪ 2000‬أي قبل عام من أحداث ‪11‬‬
‫سبتمبر ‪ ،2001‬وأنهم فً تقرٌرهم تحدثوا عن محور الشر الذي أعلنه بوش مإخراً والذي ٌضم العراق وكورٌا الشمالٌة وإٌران ‪ ،‬كما أنهم طالبوا‬
‫بزٌادة مٌزانٌة اإلنفاق العسكري آنذاك ‪ ،‬وهذا ما تحقق بعد ‪ 11‬سبتمبر بالفعل ‪ ،‬كما طالبوا بؤن تتحول الوالٌات المتحدة إلى القوة العظمى المهٌمنة‬
‫‪ 17‬نوفمبر‬ ‫على مقدرات العالم‪ ،‬وهذا ما تسعى أمرٌكا لتحقٌقه اآلن ‪ ،‬وأشار بوكمان فً مقاله الذي نشرته مترجما صحٌفة الخلٌ اإلماراٌتة فً‬
‫‪ 2002‬أن هذا التقرٌر الذي وضعه هإالء وهم خارج السلطة قبل أن ٌصبحوا مسبولٌن عن صناعة القرار ‪ٌ ،‬سعون اآلن لتنفٌذ ما وضعوه قبل عام‬
‫من أحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ ،‬وهم ٌعتبرون أنفسهم فً تقرٌرهم مدٌنون لتقرٌر قدٌم وضعه الٌهودي الصهٌونً بول وولفوٌتز نابب وزٌر الدفاع الحالً‬
‫‪ ،1992‬لكنه وجد‬ ‫حٌنما كان وكٌال لوزارة الدفاع لشبون السٌاسة فً عهد دٌك تشٌنً حٌنما كان تشٌنً وزٌرا للدفاع فً إدارة بوش اِلب عام‬
‫صعوبة فً تطبٌقه آنذاك ‪ ،‬فتم تحدٌثه فً سبتمبر عام ‪ 2002‬أضخم مٌزانٌة لإلنفاق العسكري فً الوالٌات المتحدة وهً ‪ 383‬ملٌار دوالر أي ما‬
‫‪ %3.8‬من قٌمة النات القومً اِلمرٌكً وهً ما تعادل ما أعتمده‬ ‫طلبه مٌزاٌنة الصهاٌنة فً تقرٌرهم حٌث طالبوا بزٌادة مٌزانٌة الدفاع إلى‬
‫الكونجرس فً ماٌو ‪ ، 2000‬مما ٌعنً أن كل ما ٌحدث اآلن خطط له الصهاٌنة عام ‪ 1992‬ثم طوروا مخططهم فً سبتمبر ‪ 2000‬وأنهم ٌتبوإون‬

‫‪452‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المناصب الهامة والحساسة ومراكز صناعة القرار ووضع خطط الحرب بترتٌب مع صهاٌنة إسرابٌل ‪ ،‬حٌث ٌجرون العرب العالم إلى مستقبل مظلم‬
‫‪ ،‬لقد أصبح الصهاٌنة ببساطة ٌقفون وبشكل معلن ‪ ،‬وراء كل شًء ‪ ..‬وباختصار شدٌد‪ ..‬هإالء هم الذٌن وضعوا مخطط الحرب على العراق ‪.‬‬
‫ورؼم نجاح الربٌس اِلمرٌكً بوش فً الحصول على تفوٌض من زعماء الكونجرس فً سبتمبر من العام ‪ 2002‬باستخدام القوة ضد العراق إال‬
‫انه كانت هناك معارضة حقٌقة قوٌة لسٌاسات بوش ومخططاته ظهرت بعد ذلك بشكل جلً وذلك من خالل تصرٌحات ومقابالت ومواقؾ أدلى بها‬
‫وعبر عنها كثٌر من السٌاسٌٌن والمفكرٌن وحتى العسكرٌٌن السابقٌن ولعل الربٌس اِلمرٌكً السابق بٌل كلٌنتون كان واضحا حٌنما طالب بوش بؤن‬
‫ٌبحث أوالً عن مرتكبً أحداث الحادي عشر من سبتمبر وٌحاكمهم بدال من مالحقة صدام حسٌن ‪ ،‬أم الربٌس اِلسبق جٌمً كارتر فقد نشر مقاالً فً‬
‫صحٌفة " واشنطن بوست " اِلمرٌكٌة فً ‪ 6‬سبتمبر ‪ 2002‬تحت عنوان " وجه أمرٌكا الجدٌد المزع " انتقد فٌها سٌاسات بوش فً مجاالت‬
‫عدٌدة‪ ،‬وأكد اعتراضه على ما ٌقوم به بوش تجاه فلسطٌن والعراق ‪ ،‬وطالبه بااللتزام باالتفاقات الدولٌة فً كافة المجاالت‪ ،‬أما نابب الربٌس‬
‫اِلمرٌكً السابق آل جور فقد شن هجوما ً كبٌراً على سٌاسات بوش الخارجٌة ‪ ،‬عبر خطاب القاه فً نادي الكومنولث فً سان فرانسٌسكو ونشرت‬
‫مقتطفات منه فً ‪ 14‬سبتمبر ‪ 2002‬كان مما جاء فٌه ‪ " :‬إن بوش بمضٌه وحده فً أسلوب رعاة البقر فً مجال الشإون الدولٌة ٌخاطب بمزٌد من‬
‫العداوات فً الخارج وأن بعض الخطوات التً اتخذت باسم اِلمن فً الداخل ومن بٌنها اعتقال المشتبه بهم دون تمثٌل قانونً تتعد المنطق وؼٌر‬
‫أمرٌكٌة " وقد كان استخدامه لعبارة "أسلوب رعاة البقر " به تعرٌض لبوش الذي ٌنتمً لوالٌة تكساس وأضاؾ جور فً خطابه الذي استمر ما‬
‫ٌقرب من خمس وأربعٌن دقٌقة أبد فٌها ازدراءه لبوش وسٌاسته " إن التركٌز على العراق قبل استقرار الوضع فً افؽانستان فإن بوش قضى على‬
‫النواٌا الحسنة الدولٌة ونشر المخاوؾ فً العالم ‪ ،‬لٌس بما ستفعله الشبكات اإلرهابٌة ولكن ما سنفعله نحن ؟" أما ربٌس اِلؼلبٌة الدٌمقراطٌة فً‬
‫الكونجرس توم داشل فإنه تؽٌب متعمدا عن حضور لقاء بوش مع زعماء الكونجرس بسبب معارضته التً شاركه فٌها كثٌرون من أعضاء‬
‫الكونجرس ‪ ،‬أما وزٌرة الخارجٌة اِلمرٌكً السابقة مادلٌن أولبراٌت فقد ذكرت فً مقابلة لها مع شبكة تلٌفزٌونٌة بً بً إس اِلمرٌكٌة أنها تر أن‬
‫" العراق قد تحجم وانه ال ٌمثل خطرا على الوالٌات المتحدة ‪ ،‬وشاركها الرأي وزي الخارجٌة اِلسبق " لورانس إٌجلبرجر " أما العسكرٌون‬
‫السابقون فقد حذر الكثٌر منهم إدارة بوش من خوض الحرب ‪ ،‬وكان من أبرزهم الجنرال " جوزٌؾ هور " الربٌس اِلسبق للقٌادة المركزٌة للقوات‬
‫اِلمرٌكٌة بٌن عامً ‪ 1990‬و ‪ ، 1994‬وذلك خالل شهادة أدلى بها أمام لجنة القوات المسلحة فً مجلس الشٌوخ اِلمرٌكً فً ‪ 23‬سبتمبر ‪2002‬‬
‫حٌث وصؾ سٌنارٌو الحرب التً كانت تعد لها واشنطن ضد العراق بؤنه أشبه بالكابوس وحٌنما وصؾ أحد السٌنارٌوهات الخاصة بالحرب قال "‬
‫هور " ‪ " :‬السٌنارٌو اِلشبه بالكابوس هو أن نر ست فرق من الحرس الجمهوري وست فرق عسكرٌة ثقٌلة مدعومة باآلالؾ من قطع المدفعٌة‬
‫تدافع عن مدٌنة بؽداد " والنتٌجة حسب رأي الجنرال هً " سقوط العدٌد من الضحاٌا من الطرفٌن وكذلك بٌن السكان المدنٌٌن " واِلمر لم ٌتوقؾ‬
‫عند حد السٌاسٌٌن والعسكرٌٌن ‪ ،‬وإنما تخطاه إلى معارضة عشرات من الشخصٌات المعروفة من الكتاب والممثلٌن واِلكادٌمٌن اِلمرٌكٌٌن الذي‬
‫دعوا إلى الخروج من مسٌرات احتجاج عبر المدن اِلمرٌكٌة الكبر نٌوٌورك ولوس انجلوس وسان فرانسسكو وؼٌرها خالل ٌومً السبت واِلحد‬
‫‪5‬و‪ 6‬أكتوبر ‪ 2002‬لمقاومة "الحرب والقمع اللذٌن اطلقتهما إدارة بوش على العالم " لكن مع وجود هذه االعتراضات التً تتصاعد ٌوما بعد ٌوم‬
‫فً الوالٌات المتحدة وخارجها فإن القرار الحقٌقً هو فً ٌد حفنة صهٌونٌة أمرٌكٌة ستعمل كما قال الكاتب البرٌطانً روبرت فٌسك على التسبب‬
‫فً "اضطرابات سٌاسٌة هابلة فً العالم العربً " ِلن اِلمر كما قال "تٌد كاربنتر" ربٌس دابرة الدراسات االستراتٌجٌة فً مإسسة كاتو لألبحاث‬
‫فً واشنطن فً حوار نشرته صحٌفة الخلٌ اإلماراتٌة " إن اِلمر لن ٌقؾ عند العراق وإنما سوؾ ٌمتد بعد ذلك إلى إٌران ومن ؼٌر المستبعد أن‬
‫ٌؤتً دور سورٌا "‪ ،‬ولكن فً ظل كل هذه االعتراضات فإن المخطط الذي وضعه اللوبً الصهٌونً فً اإلدارة اِلمرٌكٌة سوؾ ٌنتصر فً النهاٌة‬
‫ال سٌما وأن أمرٌكا بالفعل قد شنت الحرب وأصبحت العراق تحت االحتالل اِلمرٌكً حتى وإن وصؾ آل جور سٌاسة بوش بـ "سٌاسة رعاة البقر‬
‫‪".‬‬
‫ومع الحدٌث عن الحرب فال بد من الحدٌث عن تكالٌفها ال سٌما وأن حلفاء الوالٌات المتحدة العرب مع الٌابان قد قاموا بدفع معظم تكالٌؾ الحرب‬
‫الماضٌة ضد‬

‫العراق والتً وصلت إلى واحد وستٌن ملٌار دوالر أو بحسابات الٌوم حسب تقدٌرات "مارك وٌبروت " المدٌر المشارك لمركز البحث االقتصادي‬
‫والسٌاسً فً العاصمة اِلمرٌكٌة واشنطن بلؽت واحداً وثمانٌن ملٌار دوالر ‪ ،‬وقد أعلن رجال وزٌر الدفاع اِلمرٌكً دونالدد رامسفٌلد أن الحرب‬
‫قبل شنها سوؾ تبلػ تكالٌفها خمسٌن ملٌار دوالر إال أن لورانس لٌتري مستشار الربٌس اِلمرٌكً وربٌس المجلس االقتصادي الوطنً قال فً‬
‫‪ 19‬سبتمبر ‪ 2002‬أن الوالٌات بحاجة إلى‬ ‫حدٌث ادلى به لصحٌفة "وول سترٌت جورنال" الٌمٌنٌة التوجه فً الوالٌات المتحدة نشرته اِلثنٌن‬

‫‪453‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫مابتً ملٌار دوالر لشن حرب على العراق ‪ ،‬وأن هذا ٌمثل حوالً اثنٌن فً المابة من النات القومً اِلمرٌكً البالػ عشرة ترٌلٌون دوالر فً العام ‪،‬‬
‫وقد أجابه وزٌر الخزانة اِلمرٌكً بول أونٌل فً نفس الٌوم الذي نشرت فٌه " وول سترٌت جورنال " مقابلتها بؤن الوالٌات المتحدة ٌمكنها تحمل‬
‫التكالٌؾ المادٌة ِلي عمل الزم ضد العراق ‪ ،‬وأكد أونٌل المعروؾ بمٌوله الٌمٌنٌة أنه " أٌا كان القرار النهابً سوؾ ننفذه بنجاح وٌمكننا تحمل‬
‫التكلفة ‪".‬‬

‫وٌؤتً هذا الجدل حول التكلفة التً كانت متوقعة للحرب مع جدل بٌن خبراء االقتصاد عن مد تؤثٌرها على االقتصاد اِلمرٌكً ال سٌما وأن حرب‬
‫أمرٌكا السابقة ضد العراق أدت إلى انتعاش االقتصاد اِلمرٌكً الذي كان ٌعانً من الكساد فً بداٌة التسعٌنٌات ِلن الحلفاء هم الذٌن تكفلوا بدفع‬
‫التكالٌؾ فانتعشت صناعة السالح والدعم اللوجستً للحرب وقامت الدول الحلٌفة بعد ذلك بشراء كمٌات هابلة من السالح ال زال لها دور فً انتعاش‬
‫الشركات اِلمرٌكٌة ‪.‬‬

‫ولم ٌظهر لٌتر فً تقدٌراته وكذلك رجال رامسفٌلد فً تقدٌراتهم اِلقل بكثٌر شٌبا ً عن تفاصٌل هذه التكلفة ومجاالت إنفاقها وهل هً فقط لحرب‬
‫خاطفة إلسقاط نظام حكم الربٌس صدام حسٌن أم للمدة التً ٌتحدث عنها الخبراء وهً عن نٌة أمرٌكا البقاء فً العراق عشرٌن عاما لضمان تدفق‬
‫مستمر وآمن ورخٌص للنفط ‪ ،‬لكن ٌبدو أن لٌتر ٌتحدث عن تكلفة عام واحد ِلنه ربطها بمستو الدخل القومً لمدة عام ‪ ،‬وهذا ما جعل كثٌرا من‬
‫اِلمرٌكٌٌن المعارضٌن للحرب ٌإكدون على أن الدخول فً هذه الحرب له أسباب كثٌرة منها أسباب داخلٌة تتعلق بالفضابح المالٌة للربٌس وناببه‬

‫ومن هإالء مارك وٌبروت إال أن وٌلٌام هوجالن عضو اللجنة المالٌة فً الكونجرس برر اإلقدام على الحرب وقٌمة تكالٌفها الباهظة بؤنها تعود إلى‬
‫"كلفة اِلجٌال الجدٌدة من المعدات العسكرٌة والصوارٌخ " التً من المإكد أن أمرٌكا سوؾ تجربها على البشر الذٌن ال قٌمة لهم فً العراق ‪.‬‬

‫وقد دفع إعالن لٌتر عن التكالٌؾ إلى جدل ساخن فً حٌنه حول من سٌشارك فً التكالٌؾ ال سٌما وأن برٌطانٌا الحلٌؾ القو ِلمرٌكا أعلنت عن‬
‫نٌتها المساهمة بقسط ضبٌل للؽاٌة ربما ال ٌزٌد عن ملٌار جنٌه استرلٌنً ‪ ،‬لكن أمرٌكا تتطلع لحلفابها الذٌن دفعوا الفاتورة السابقة‪ -‬رؼم أنهم ٌبنون‬
‫اآلن تحت وطؤة الدٌون – بؤن ٌكون لهم الدور اِلكبر فً تحمل الفاتورة الجدٌدة ‪ ،‬وإال فإنهم ربما لن ٌسلموا بعد ذلك مما لن ٌسلم منه صدام حسٌن ‪،‬‬
‫لكن من الناحٌة العملٌة وبعد انتهاء الجانب اِلكبر من الحرب واحتالل أمرٌكا للعراق فقد قدر الكونجرس النفقات الشهرٌة للقوات اِلمرٌكٌة فً‬
‫العراق بؤربعة ملٌارات دوالر وأن نفقات الحرب الفعلٌة لم تزد عن أربعٌن ملٌار دوالر لكن مع ذلك فالنفقات فً ازدٌاد وربما تتجاوز حاجز‬
‫اِلربعة ملٌارات كل شهر مع زٌادة تورط القوات اِلمرٌكٌة وزٌادة الخسابر والفاتورة النهابٌة لن تعلن اآلن على أي اِلحوال ولكنها سوؾ تعلن‬
‫ربما مع خروج آخر جندي أمرٌكً فً العراق ‪.‬‬

‫الدعوة التً وجهها الربٌس اِلمرٌكً جورج بوش ٌوم الجمعة ‪ 9‬نوفمبر ‪ 2002‬إلى اِلمرٌكٌٌن حتى ٌفتحوا عٌونهم وآذانهم للمساهمة فً منع أي‬
‫هجمات مقبلة على الوالٌات المتحدة لم تكن سو دعوة جدٌدة لبث مزٌد من الخوؾ فً نفوس اِلمرٌكٌٌن ‪ ،‬فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر‬
‫‪ 2001‬واِلمرٌكٌون ٌعٌشون حالة رعب وخوؾ دابمة سببها الربٌس ٌعود إلى التحذٌرات التً ٌطلقها المسإولون اِلمرٌكٌون ال سٌما المدعً العام‬
‫جون أشكروفت ‪ ،‬واإلجراءات المشددة التً أصبح اِلمرٌكٌون ٌواجهونها فً كل شًء حتى أن الطابرات المدنٌة أصبحت تصاحبها مقاتالت‬
‫أمرٌكٌة فً رحالتها بحجة حماٌتها مما أد إلى إحجام أكثر من ثالثٌن فً المابة من اِلمرٌكٌٌن عن ركوب الطابرات حتى أن بعض الرحالت‬
‫كانت تقلع وعلٌها راكب واحد أو راكبٌن أحٌاناً‪ ،‬وقد أد هذا حتى اآلن إلى أن تعلن أكثر من مابة وأربعٌن شركة طٌران من بٌن ثمانٌة آالؾ شركة‬
‫طٌران فً العام عن إفالسها بٌنها شركات عالمٌة كبر مثل " سوٌس إٌر " و "سابٌنا" و "كندا ألفٌن‪".‬‬

‫كما أن تسعة مالٌٌن شخص ممن ٌعملون فً مجال السٌاحة قد ٌفقدون وظابفهم ‪ ،‬وفً الوالٌات المتحدة وحدها فقد نصؾ ملٌون أمرٌكً وظابفهم‬
‫فً شهر أكتوبر ‪ 2002‬وحده والعدد كل ٌوم فً زٌادة ‪ ،‬أما اإلجراءات التً أعلنتها الوالٌات المتحدة بخصوص التشدٌد فً إجراءات التؤشٌرات ال‬
‫سٌما على الدول العربٌة واإلسالمٌة والتً أصبحت تشترط وضع المتقدم للتؤشٌرة فً امتحان عصٌب ثم إرسال االمتحان إلى مكتب التحقٌقات‬
‫الفٌدرالً " اإلؾ بً آي " لفحص سجل الشخص والموافقة على منحه التؤشٌرة من عدمه فإنه سٌجعل الكثٌرٌن من العرب والمسلمٌن ممن ٌدرسون‬

‫‪454‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً الوالٌات المتحدة أو من أصحاب المصالح معها فً وضع حرج للؽاٌة ‪ ،‬وقد أعلن بالفعل أكادٌمٌون باكستانٌون – رؼم ما تقدمه حكومة الربٌس‬
‫مشرؾ ِلمرٌكا من دعم وتعاون – بؤن طالبهم الذٌن كانوا متوجهٌن للدراسة فً الوالٌات المتحدة لم ٌحصلوا على تؤشٌراتهم مما ٌضع مستقبلهم‬
‫العلمً فً خطر ‪ ،‬والخطورة اِلكبر أن أمرٌكا الدولة القابمة على التنوع العرقً واالستفادة من خبرات العلماء فً انحاء العالم ارتفعت بها دعوات‬
‫تطالب بعدم السماح للعلماء من ؼٌر اِلمرٌكٌٌن بدخول المعامل وإجراء أبحاث بها مما ٌهدد مستو التقدم العلمً فً البالد الذي ٌقوم ؼٌر‬
‫اِلمرٌكٌٌن بجهد كبٌر فٌه‪.‬‬

‫كما أن إجراءات الدخول على المنافذ الثالثمابة فً الوالٌات المتحدة أصبحت أكثر تقعٌداً مما ٌضر بالتجارة ال سٌما مع الدول المجاورة مثل كندا‬
‫التً تقوم كثٌر من الصناعات اِلمرٌكٌة على تعاون معها ‪ ،‬فاإلجراءات المعقدة على الحدود الكندٌة اِلمرٌكٌة دفعت بعض الشركات اِلمرٌكٌة مثل‬
‫شركة "فورد" للسٌارات إلى اإلعالن فً بداٌة نوفمبر ‪ 2002‬عن إؼالق خمسة من مصانعها لتجمٌع السٌارات ‪ ،‬وكل مصنع من هذه المصانع كان‬
‫ٌنت ما قٌمته أربعة وعشرون ملٌون دوالر ٌومٌا ‪ ،‬ولنا أن نتخٌل ذلك فً مجاالت كثٌرة حٌث إن اإلجراءات التً كانت تستؽرق ساعة واحدة على‬
‫الحدود أصبحت اآلن تستؽرق بٌن خمسة عشر إلى عشرٌن ساعة ‪ ،‬أما ركاب المطارات فقد اصبحوا ٌقفون بٌن ثالث ساعات وأكثر أما ضباط‬
‫الهجرة بعدما كانت أطول فترة من قبل خمسة وأربعون دقٌقة ولنا أن نتخٌل أن الوالٌات المتحدة ٌدخلها سنوٌا ً أكثر من خمسمابة ملٌون شخص‬
‫معظمهم من الدول التسع والعشرٌن التً ال ٌحتاج رعاٌاها لتؤشٌرات دخول فٌهم تمنح الوالٌات المتحدة سنوٌا ً سبع مالٌٌن تؤشٌرة جدٌدة‪ ،‬اآلن أصبح‬
‫كل هإالء ٌواجهون إجراءات معقدة سوؾ تحول الوالٌات المتحدة – دون شك – خالل فترة وجٌزة إلى دولة مؽلقة‪.‬‬

‫أما التكالٌؾ المالٌة لفاتورة ما قبل الحرب فإنها حتى أكتوبر ‪ 2002‬تجاوزت المابة ملٌار دوالر وٌتوقع حسب تقرر نشرته "لوس أنجلوس تاٌمز"‬
‫فً العاشر من أكتوبر ‪ 2002‬أن تصل مع نهاٌة ‪ 2003‬إلى أربعمابة ملٌار دوالر‪ ،‬وقد أصبحت حتى المدن الصؽٌرة تساهم فً دفع هذه الفاتورة‬
‫فوالٌة كالٌفورٌنا تتكلؾ مٌزانٌتها ٌومٌا ً ملٌون دوالر كنفقات دفاعٌة وقد وصلت فً نهاٌة العام ‪ 2002‬كما ٌقول المراقبون إلى حوالً نصؾ ملٌار‬
‫دوالر ‪ ،‬أما والٌة أتالنتا فقد أنفقت على العمل اإلضافً للشرطة بها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ‪ 2001‬وحتى أكتوبر ‪ 2002‬أكثر من‬
‫خمسة عشر ملٌون دوالر ‪ ،‬أما رسابل الجمرة الخبٌثة فقد دفعت الكونجرس إلى السعً إلصدار قانون ٌقضً بصرؾ مبلػ ثمانٌة ملٌارات دوالر‬
‫توجه لمواجهة الهجمات اإلرهابٌة البٌلوجٌة حٌث أعلنت السلطات أن رسابل الجمرة هً صناعٌة أمرٌكٌة أي أنهم أمام موجة إرهاب داخلً أٌضا ً‪.‬‬

‫هذه الصورة تإكد كما قال أحد رجال الشرطة اِلمرٌكٌٌن على أن "اِلعباء صارت فادحة دون أن ٌكون هناك ضوء فً نهاٌة النفق‪".‬‬

‫وفً ٌولٌو ‪ 2001‬نشرت الصحؾ البرٌطانٌة أن العاصمة اِلمرٌكٌة واشنطن تتصدر قابمة أكبر عواصم العالم انتشار للجرٌمة ‪ ،‬حٌث ٌصل معدل‬
‫‪ 500‬قتٌل فً العام ‪ ،‬أما فً الوالٌات‬ ‫جرابم القتل فً واشنطن إلى أكثر من ‪ 50‬جرٌمة قتل لكً مابة ألؾ شخص ‪ ،‬ومعدل سنوي ٌصل إلى‬
‫المتحدة بشكل عام فإن معدالت القتل تصل سنوٌا ً كما ذكر آالن بٌٌر وإمٌل برٌز فً كتابهما "أمرٌكا‪ ..‬العنؾ والجرٌمة" الذي صدر فً العام‬
‫‪ 2000‬إلى ‪ 6.3‬جرٌمة قبل لكل مابة ألؾ أمرٌكً وذلك حسب معدالت العام ‪ 1998‬فٌما تصل إلى ‪ 1.6‬فقط لنفس النسبة فً فرنسا ‪ ،‬وخالل‬
‫عقود القرن العشرٌن سجلت الوالٌات المتحدة أعلى نسبة للقتلى بالعٌارات النارٌة فً العالم بلؽت ثالثة أضعاؾ فرنسا وأربعة أضعاؾ كندا ‪ ،‬وسبعة‬
‫أضعاؾ البلدان اِلسكندنافٌة ‪ ،‬وخالل الفترة بٌن عامً ‪ 1960‬والعام ‪ 2000‬لقً ‪ 750‬ألؾ أمرٌكً مصرعهم قتال بالرصاص ‪ ،‬أي بمعدل سنوي‬
‫ٌصل إِل ‪ 1875‬قتٌالً للعام ‪ ،‬وٌملك اِلمرٌكٌون ‪ 330‬ملٌون قطعة سالح فً بٌوتهم ‪ ،‬وٌشترون سنوٌا ً سبعة مالٌٌن قطعة سالح مما ٌنت حدٌثا‪،‬‬
‫وٌعتبر القتل هو أخطر أنواع الجرابم التً ترتكب فً الوالٌات المتحدة ‪ ،‬وحٌنما نجحت الوالٌات المتحدة فً خفض معدالت جرابم القتل وصلت فً‬
‫العام ‪ 1998‬إلى ‪ 16914‬جرٌمة قتل أي بانخفاض بلػ ‪ %7‬فقط عن العام السابق ‪ ،1997‬ومن الطبٌعً أن تصل مبالػ مكافحة الجرٌمة إلى‬
‫مستوٌات عالٌة للؽاٌة‪ ،‬حٌث تنفق الوالٌات المتحدة سنوٌا ً على عالج ضحاٌا الجرٌمة ‪ 105‬ملٌار دوالر ٌضاؾ إلٌها ‪ 350‬ملٌاراً تدفع لهم على‬
‫شلك تؤمٌنات وتعوٌضات ‪ ،‬أما الجهاز اِلمنً فإنه ٌنفق علٌه سنوٌا ً ‪ 120‬ملٌار‬

‫دوالر ‪ ،‬أما السجون التً تضم ‪ 66‬أمرٌكٌا ً من كل مابة الؾ ‪ ،‬وهً النسبة اِلعلى فً العالم ‪ ،‬حٌث ٌقابلها مثال من الفرنسٌٌن ‪ 86‬فقط لنفس النسبة‬
‫‪ ،‬فإنها نفقاتها السنوٌة تصل إلى ‪ 35‬ملٌار دوالر‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫هذا الوضع الداخلً المذري حٌنما ٌلتقً مع نفقات خارجٌة باهظة ٌضع الوالٌات المتحدة أمام خٌارات باهظة ال سٌما وأن ؼالبٌة اِلمرٌكٌٌن كما‬
‫نشرت االستطالعات التً نشرت خالل النصؾ اِلول من سبتمبر ‪ 2003‬تشٌر إلى رفض أؼلبٌة اِلمرٌكٌٌن الدعم الذي طلبه الربٌس بوش من‬
‫الكونجرس بمبلػ ‪ 77‬ملٌار دوالر حتى ٌواجه الحرب الدابرة ضد قواته بعد تورطها فً العراق ‪ ،‬إن فاتورة الحرب فً النهاٌة لن تكون بسٌطة‬
‫ولكنها ستكون فاتورة باهظة وربما تصل نتابجها فً النهاٌة إلى النتاب التً جناها االتحاد السوفٌتً بعد تجربته المرٌرة فً أفؽانستان‪.‬‬

‫ففً منتصؾ ٌناٌر ‪ 2003‬وبعد مشاهدتً للفٌلم مباشرة شاهدت فٌرن كالرك ربٌس عملٌات البحرٌة اِلمرٌكٌة ٌقول أمام عدسات التلفزة العالمٌة‬
‫موجها ً كالمه لبعض قواته المتجهة للخلٌ " أضربوا بقوة وبسرعة وبإحكام دعوا العالم ٌر حدثا ً جدٌداً لم ٌره من قبل ‪ ،‬دعوه ٌر أننا أمة مستعدة‬
‫ال هوادة لقتال كل عدو تسول له نفسه تدمٌر حٌاتنا ‪".‬‬

‫ٌناٌر الموقع التركً من الحرب‬


‫‪ٌ 29‬ناٌر ‪2003‬‬ ‫ببساطة شدٌدة ودون أي تعقٌدات دخلت مقر رباسة الوزراء التركٌة فً أنقرة فٌم كان مجلس الوزراء مجتمعا ً صباح اِلربعاء‬
‫ٌبحث فً الطلب االمرٌكً بنشر ثمانٌن ألؾ جندي فً تركٌا من أجل مهاجمة العراق ‪ ،‬وٌبدوا أن شخصٌة ربٌس الوزراء التركً آنذاك عبد ّللا‬
‫جول قد انعكست على كل شًء فجعلته بسٌطا ً حتى أن الشارع الذي ٌقع فٌه مجلس الوزراء والذي كان مؽلقا ً فً عهد الحكومات السابقة فتحه‬
‫للسٌارات والناس وٌستطٌع أي عابر أن ٌشاهد ربٌس الوزراء وهو ٌتحرك فً سٌارة واحدة ولٌس موكبا طوٌال عرٌضا كما كان ٌفعل أسالفه ‪،‬‬
‫وأطراؾ ما فً اِلمر أن باب المدعى العام الجمهوري الذي ٌترصد كل حركات وسكنات حزب العدالة والتنمٌة الحاكم فً تركٌا ٌقع مباشرة فً‬
‫مواجهة باب مجلس رباسة الوزراء لٌعد على "جول" ووزرابه كل تحركاتهم وسكناتهم على الهواء مباشرة ‪.‬‬
‫وفً مكتب صؽٌر فً مبنى رباسة الوزراء التركٌة التقٌت بالرجل الذي كان ٌنظر إلٌه آنذاك على أنه الصانع الربٌسً لسٌاسة تركٌا الخارجٌة‬
‫"أحمد داواد" أوؼلوا كبٌر المستشارٌن لربٌس الوزراء التركً " عبد ّللا جول " واِلكادٌمً التركً البارز الذي قدم من خالل كتابة "العمق‬
‫واالستراتٌجٌة " الذي صدر قبل حوالً عامٌن رإٌة استراتٌجٌة عملٌة متكاملة للدور اِلقلٌمً والدولً الذي ٌجب أن تلعبه تركٌا فً المرحلة القادمة‬
‫‪ ،‬وٌر كثٌر من المراقبٌن للشؤن التركً فً انقره فً ذلك الوقت أن معظم ما ورد فً الكتاب ٌمثل النه الذي بدأت حكومة حزب العدالة والتنمٌة‬
‫نهجه بعدما تم اختٌارها من قبل الشعب فً انقالب سٌاسً خالل االنتخابات البرلمانٌة التً تمت فً تركٌا فً الثالث من نوفمبر ‪2002‬م ‪.‬‬

‫حٌنما تحدثت مع البروفٌسور داواد أوؼلوا عن مخاؾ الدول العربٌة وما كتبته الصحافة العربٌة عن الباب العالً واِلستانة ومحاولة تركٌا استعادة‬
‫الهٌمنة من جدٌد من خالل تلك المساعً قال الرجل بعدما ضحك ‪ :‬التارٌخ ال ٌعود ‪ ،‬ونحن ال نسعى للهٌمنة على أحد ونحن حكومة اختارنا الشعب‬
‫بثقة كبٌرة من أجل أن نحقق اِلمن والسلم وتحسٌن اِلوضاع ونحن نرٌد أن نكون عند هذه الثقة ‪ ،‬وعلى المستو الخارجً وجدنا أن أول هدؾ‬
‫نسعى إلٌه هو خلق وعً إقلٌمً بٌن القوة اإلقلٌمٌة اِلساسٌة ٌقوم على أخذ مبادرة أنفسنا بؤٌدٌنا فالحلو التً تؤتً من الخارج لن تكون دابما ً فً‬
‫صالحنا‪ ،‬ومصالحنا نحن أدر بها ‪ ،‬فقلت له ‪:‬‬
‫معنى ذلك أنكم مستعدون للدخول فً مواجهة مع أمرٌكا ‪،‬‬
‫‪ ،‬ولكننا فً الواقع نحاول‬ ‫فقال ‪ :‬مطلقاً‪ ،‬مبادرتنا اِلخٌرة للحل السلمً فً العراق بالتعاون مع القو اإلقلٌمٌة ال تعنً أننا ضد الوالٌات المتحدة‬
‫الضؽط باتجاه حل سلمً أكد علٌه باستمرار قادة الوالٌات المتحدة ‪ ،‬والحلول السلمٌة فً مثل هذه االزمات ال بد أن تصنع بتعاون وتقارب إقلٌمً‬
‫ولٌس بشكل منفرد أو إمالء خارجً ‪ِ ،‬لننا إذا نجحنا فً خلق وعً إقلٌمً ومسار متعدد عندها نستطٌع أن نحقق سالما ً مستمرا ‪ ،‬وإذا كانت‬
‫الوالٌات المتحدة تتؽنى بؤنها دولة دٌمقراطٌة فنحن أٌضا ً لنا مرجعٌتنا الدٌمقراطٌة التً ٌجب أن تضبط تحركاتنا ومطالب الوالٌات المتحدة والؽرب‬
‫منا‪.‬‬

‫وقد كان لتصوٌت البرلمان التركًٌ ٌوم السبت اِلول من مارس ‪ 2003‬برفض طلب الحكومة السماح بنشر قوات أمرٌكٌة على اِلراضً التركٌة‬
‫وجه ظاهر ٌإكد على الدٌمقراطٌة وممارستها بشفافٌة لٌس فً تركٌا فحسب ولكن اٌضا ً داخل حزب العدالة والتنمٌة الحاكمة الذي صوت حوالً‬
‫سبعة وتسعٌن من نوابه ضد رؼبة حكومتهم فٌم اعتبر أول ممارسة سٌاسٌة تتم فً تركٌا بهذا الشكل أن ٌصوت أعضاء‬

‫‪456‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫من حزب حاكم ضد طلب حكومتهم ‪ ،‬حتى أن ربٌس الحزب رجب الطٌب أردوؼان وقؾ فً الٌوم التالً للتصوٌت فً مقر حزبه مشٌداً بحرٌة‬
‫الممارسة الدٌمقراطٌة داخل حزبه واحترام إرادة النواب وفً نفس الوقت مادا ٌده للوالٌات المتحدة بؤال ٌإثر التصوٌت على العالقة الحسنة بٌن‬
‫الطرفٌن ‪ ،‬كما خرج السفٌر اِلمرٌكً على الصحفٌٌن بعد التصوٌت لٌعلن عن احترامه للدٌمقراطٌة التركٌة‪ ،‬لكنً قبل عملٌة التصوٌت بٌومٌن كنت‬
‫أحاول فهم الصورة وما ٌدور وراء الكوالٌس من أطراؾ عدٌدة داخل الحزب وخارجه بل ومن مراقبٌن مستقلٌن لألحداث ‪ ،‬وكان معظم هإالء‬
‫ٌشٌرون إلى أن القرار لن ٌمر من مجلس النواب فً التصوٌت اِلول لٌس ِلنه لن ٌمر إطالقا ً ولكن الن اللعبة السٌاسٌة تقتضً أن ٌتم هذا بعد أن‬
‫بدأت حكومة حزب العدالة والتنمٌة تواجه مظاهرات واحتجاجات فً الشارع التركً بلؽت ذروتها حٌنما اجتمع ما ٌقرب من خمسٌن ألؾ متظاهر‬
‫فطوقوا البرلمان أثناء عملٌة التداول على التصوٌت ‪ ،‬وعالة على ذلك فإن هناك أسبابا ً جوهرٌة أخر من أهمها ‪:‬‬
‫‪-------‬‬

‫بؽداد ‪ ...‬قبٌل السقوط‬


‫مشٌت فً شوارع بؽداد القدٌمة قبٌل الحرب أطالع وجوه العراقٌٌن المتعبة‪ ،‬والقلقة والمترقبة للحرب ‪ ،‬الحٌاة تبدو شبه عادٌة كما كنت أراها فً‬
‫مرات زٌاراتً السابقة لبؽداد خالل السنوات الماضٌة ؼٌر أن المتارٌس وأكٌاس الرمال والخنادق منتشرة هذه المرة فً شوارع المدٌنة بشكل كبٌر‬
‫والكل ٌترقب الحرب فً أي لحظة كما قال لً أحد المسإولٌن العراقٌٌن ‪ ،‬مبنى وزارة اإلعالم تحول إلى ما ٌشبه الثكنة اإلعالمٌة حٌث نصبت‬
‫عشرات اِلطباق والخٌام لمراسلً وكاالت اِلنباء والصحافة والتلفزٌونات العالمٌة ‪ ،‬وعشرات الصحفٌٌن والمصورٌن ٌجوبون الشوارع ٌصورون‬
‫أي شًء وكل شًء حتى أن طفال كان ٌؽرس وردة فً كومة من التراب وجدت أكثر من مصور كل منهم ٌصوره من زاوٌة عله ٌنقل صورة من‬
‫صور ترقب الناس فً بؽداد للحرب عبر وردة ٌزرعها طفل فً كومة من التراب ‪.‬‬

‫أسوأ شًء فً الحٌاة أن تنتظر مجهوالً تعرؾ أنه سًء بل ربما ٌكون أسوأ شًء فً الحٌاة ‪ ،‬لكنك ال تستطٌع أن تحدد حجم أو مقدار ما ٌحمله من‬
‫سوء ودمار ‪ ،‬وهل هناك أسوأ من الحرب ؟ ! لقد قمت بتؽطٌة ثالثة حروب سابقة وأعرؾ اِلهوال التً ٌعش فٌها الناس ‪ ،‬قبل وأثناء وبعد الحرب ‪،‬‬
‫"فالحرب ال تحمل اٌفؤل حسن حتى لو كانت نتٌجتها كما ٌدعً نظام دٌمقراطٌا ً سٌكون نموذجا ً لدول المنطقة ِلن ما هو آت سٌكون أسوأ مما هو قابم‬
‫مهما كانت وعود بل أكاذٌب اِلمرٌكان " هذا ما قاله لً أحد العراقٌٌن الذٌن كانت أناقشهم حول النتاب المرتقبة للحرب حسب ما صرح به‬
‫اِلمرٌكٌون ‪ ،‬لكنه قال لً بحماس ‪ " :‬ربما لم نكن كشعب متحمسٌن للحروب السابقة التً خاضتها حكومتنا ِلنها كانت بخٌارنا أما هذه المرة فإن‬
‫الحرب مفروضة علٌنا‪،‬‬

‫ومن ثم فعلٌنا أن نحمل السالح وأن تدافع عن أنفسنا "قلت له ‪ :‬لكن اِلمرٌكٌٌن ٌقولون بؤنهم ٌستهدفون النظام ؟ قال ‪ " :‬هم كذابون ‪ ،‬وأنا حتى لو‬
‫كنت على خالؾ مع النظام وال أقبل سٌاساته سوؾ أخرج ِلقاتل ‪ِ ،‬لنً هنا أقاتل على أرضً وعرضً وقد أصبح الشعب كله شبه مسلح اآلن وال‬
‫ٌخلو بٌت من قطعة سالح أو أكثر واِلمر لن ٌكون سهالً كما ٌروج اِلمرٌكٌون "قلت له إنهم ٌقولون إنكم سوؾ تخرجون بالورود والزهور‬
‫الستقبالهم ‪ ،‬قال ‪ ":‬هم واهمون ٌا سٌدي فؤنا ربما ال احب النظام لكنً ال أحب أمرٌكا ولن أرحب بؤي من جنودها بل سؤقاومهم " تركته والتقٌت مع‬
‫سٌدة سؤلتها ما ذا تحمل قالت ‪ :‬هذا دواء استعدادا للحرب ‪ ،‬فقلت لها ‪ ،‬ما هً نوعٌة هذا الدواء التً تستعدٌن به للحرب ؟ فتحت لً الكرتونة التً‬
‫كانت معها وقالت ‪ :‬هذه كل أنواع اِلدوٌة التً ٌمكن أن نحتاجها مثل أدوٌة االلتهابات واِلنلفونزا حتى أن هذه حبوب للوقاٌة من الجمرة الخبٌثة‬
‫تإخذ حبتٌن مرتٌن صباحا ومساء فقلت لها‪ :‬هل ٌمكن أن أراها ؟ فؤخرجت بعفوٌة شرٌطا منها وقالت ‪ :‬هً لك ‪.‬‬

‫فشكرتها وقلت لها فقط أرٌد أن اعرؾ اسمها فوجدت اسمها سٌلولكس وهً صناعة هندٌة ‪ ،‬فقتل لها ‪ :‬وماذا بخصوص الطعام والشراب‪ ،‬قالت ‪:‬‬
‫قمنا بشراء كمٌات من المٌاه المعدنٌة خوفا من انقطاع مٌاه الشرب ‪ ،‬كما حفرنا ببرا ِلهل الحً ‪ ،‬أما بالنسبة للطعام فقد قامت الحكومة بتوزٌع‬
‫تموٌن ثالثة أشهر على الناس مرتٌن أي عندنا تموٌن أساسً لستة أشهر ‪ ،‬كنا أن المٌسورٌن خزنوا مواد تموٌنٌة إضافٌة اشتروها من اِلسواق ‪،‬‬
‫قلت لها ‪ :‬وماذا بالنسبة للكهرباء؟ قالت ‪ :‬فً الحرب الماضٌة انقطعت الكهرباء واضطر معظم الناس إلى طهً اللحوم التً كانت فً الثالجات‬

‫‪457‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫خالل أٌام قلٌلة وقد عانى الناس على مد السنوات االثنى عشر الماضٌة من انقطاع المٌاه والكهرباء وأصبحت لدٌهم وسابل عدٌدة لترتٌب أمورهم‬
‫بشكل أفضل‪ ،‬واالستعداد للشًء ٌوفر الكثٌر من العناء لكننا نتمنى عدم قٌام الحرب ‪ ،‬لكن إذا قامت فلٌس أمامنا سو أن نعٌش أحداثها ‪.‬‬
‫فصل قصة سقوط بؽداد ‪:‬‬
‫مثلى مثل كثٌر من المتابعٌن لألحداث فوجبت بالسقوط السرٌع للعاصمة العراقٌة بؽداد بعد ثالثة أسابٌع من المقاومة فً المدن والمناطق الجنوبٌة‬
‫من العراق‪ ،‬ورؼم أن معظم المحللٌن العسكرٌٌن الذٌن كانوا ٌتابعون المعركة كانوا ٌسٌرون فً اتجاه أثبتت النتاب النهابٌة للحرب أنه كان معاكسا ً‬
‫لما كان ٌحدث على أرض الواقع إال أن الحقابق تتكشؾ ٌوما بعد اآلخر مإكدة على أن ما حدث كان فٌه خفاٌا وأسرار كثٌرة ربما لن ٌكشؾ الكثٌر‬
‫منها على المد القرٌب‪ ،‬وبعد سقوط بؽداد حاولت وعلى مد عدة أسابٌع فهم ما حدث من خالل التقارٌر والمقابالت الشخصٌة مع متابعٌن قرٌبٌن‬
‫أو مراسلٌن حربٌٌن ممن كانوا فً مناطق خطرة مثل الزمٌل محمد العبد ّللا الذي كان المراسل الصحفً الوحٌد فً البصرة طٌلة أكثر من أسبوعٌن‬
‫من الحرب ‪ ،‬أو من زمالء آخرٌن كانوا فً الجنوب أو فً بؽداد ‪ ،‬كذلك من مسإولٌن سابقٌن فً النظام العراقً أو زعماء فً المعارضة كانت لهم‬
‫صالت قوٌة فً الداخل قبل وبعد انتهاء معركة بؽداد ‪ ،‬أو من اتصاالت وجلسات استماع ونقاش مع مهتمٌن ومتابعٌن ومختصٌن فً الشؤن العراقً‬
‫كذلك من خالل قصاصات صحفٌة كثٌرة لمراسلٌن ؼربٌٌن رافقوا القوات اِلمرٌكٌة فً معركتها أو من خالل زٌارتً لبؽداد بعد سقوطها وحدٌثً‬
‫مع كثٌر من العسكرٌٌن الذٌن تمكنت من اللقاء بهم بٌنهم ضباط فً أسلحة مختلفة من بٌنها الحرس الجمهوري ‪ ،‬وأستطٌع أن أوجز قصة سقوط‬
‫العاصمة العراقٌة بؽداد من خالل هذه المصادر المختلفة فٌما ٌلً‪:‬‬

‫بداٌة ‪ ...‬صدام حسٌن لٌس لدٌه أي خبرة عسكرٌة محترفة فهو لم ٌقبل فً الكلٌة الحربٌة حٌنما تقدم لها بداٌة فً بداٌات حٌاته ‪ ،‬ورفض طلبه مرتٌن‬
‫‪ ،‬وكانت عقدته اِلساسٌة حٌنما كان ناببا للربٌس أن الربٌس اِلسبق احمد حسٌن البكر كان عسكرٌا ً محترفا ً بٌنما كان صدام دخٌالً على العمل‬
‫العسكري لكن صدام استطاع أن ٌقضً على البكر وأن ٌتسلم منه مقالٌد الحكم عام ‪ 1979‬بوسابل مختلفة‪ ،‬لكن صدام حسٌن الذي كان دموٌا ضد‬
‫‪ 1980‬إلى العام‬ ‫شعبه وضد خصومه السٌاسٌٌن كان ٌحمل تارٌخا عسكرٌا ملٌبا ً بالفشل مثل حربه مع إٌران التً امتدت ثمانً سنوات من العام‬
‫‪ 1988‬والتً قضت على ثروات العراق وآماله فً بناء نفسه أو حرب الخلٌ الثانٌة عام ‪ 1991‬التً دمر فٌها مقدرات العراق ووضعها تحت‬
‫الحصار هً والشعب العراقً الذي حاصره بؤجهزة أمنٌة زرعت فٌه الخوؾ ‪،‬‬
‫وِلنه فاشل عسكرٌا ً وؼٌر محترؾ فقد وضع مجموعة من الفاشلٌن وشبهه اِلمٌٌن على رأس المإسسة العسكرٌة وضرب بالتقالٌد العسكرٌة العرٌقة‬
‫عرض الحابط ‪ ،‬فعٌن زوج ابنته السابق حسٌن كامل (الذي كان قد هرب إلى اِلردن ثم عاد وقتل) بعد ذلك عٌنه وزٌرا ِلخطر ثالث وزارات فً‬
‫الدولة هً وزارات الدفاع والتصنٌع الحرب والصناعة‪ ،‬فً الوقت الذي كان فٌه حسٌن كامل ؼٌر متعلم وشبه أمً وككل مإهالته أنه من تكرٌت‬
‫وكان أحد جنود الحراسة الخاصة المخلصٌن لصدام فً فترة ما ‪ ،‬فقدم صدام بترقٌته إلى أعلى المناصب متجاوزا كل اِلعراؾ العسكرٌة وؼٌر‬
‫العسكرٌة ‪ ،‬كذلك علً حسن المجٌد أو علً الكٌماوي كما كان ٌسمى والذي كان قابد المنطقة العسكرٌة الجنوبٌة فً العراق والذي قاد قوات ؼزو‬
‫الكوٌت وقاد الحملة ضد ال ُكرد وؼٌرها من المهمات القذرة اِلخر حتى أنه كان ٌحمل لقب " رجل المهمات القذرة " لم ٌكن سو ضابط صؾ لم‬
‫ٌحصل على أي شهادة عسكرٌة‪ ،‬لكنه منحه رتبة فرٌق أول أركان حرب و "أركان الحرب " لٌست لقبا ً او رتبة عسكرٌة وإنما هً شهادة ٌحصل‬
‫علٌها العسكرٌون بعد دراسة وامتحانات فً كلٌات الحرب العلٌا ‪ ،‬وعادة ما ٌتقدمون إلٌها بعد الحصول على رتبة مقدم فً بعض أنظمة الجٌش لكن‬
‫المجٌد لم ٌحصل حتى على االبتدابٌة العسكرٌة ‪ ،‬ووضع فً أعلى المناصب وكان ٌقود رتبا عسكرٌة عالٌة قضت سنوات طوٌلة فً الدراسة‬
‫والتمحٌص العسكري ‪ ،‬حتى أنه كان أثناء الحرب قابداً للفٌلق الجنوبً الذي كان مقر قٌادته مدٌنة البصرة ٌؤمر لواءات وقٌادات عسكرٌة وٌدٌر‬
‫المعركة وهو لم ٌتجاوز كونه ضابط صؾ حتى لو منحه صدام أعلى الرتب‪.‬‬
‫أما قادة الفٌالق والمناطق العسكرٌة اِلخر أثناء الحرب مثل عزة ابراهٌم أو طه ٌاسٌن رمضان فٌقال أن اِلول كان بابع ثل قبل أن ٌترقى فً‬
‫درجات الحزب وٌصل إلى نابب ربٌس الجمهورٌة ثم أحد القادة العسكرٌٌن الستة المسإولٌن عن الدفاع عن العراق ‪ ،‬وكونه بابع ثل سابق ال ٌعٌبه‬
‫اِلمر شٌبا ً ولكن الحروب وقٌادة المعارك العسكرٌة لها تقالٌد ولها احترام ال ٌجب تجاوزه ‪.‬‬

‫أما الثانً وهو طه ٌاسٌن رمضان فكان ضابط صؾ فً الجٌش قبل قٌام الثورة عام ‪ 1968‬وتمت ترقٌته بسبب والبه الشخصً لصدام حسٌن حتى‬
‫أصبح ناببا ً لربٌس الجمهورٌة ٌوجه كبار الضباط وهو لم ٌخرج من حٌاته كصؾ ضابط عمله أن ٌتلقى اِلوامر من أقل الضباط رتبه حتى وإن‬
‫أصبح نابب ربٌس الجمهورٌة‬

‫‪458‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ولنا أن نتخٌل أن بعض قادة الفرق العسكرٌة أو أجنحة الجٌش العراقً ‪ٌ ،‬دركون وهم ٌخوضون المعركة أن الذي ٌوجههم وٌعطٌهم اِلوامر‬
‫الوالء‬ ‫شخص أمً ال ٌعرؾ القراءة والكتابة أو كان حارسا ً للربٌس أو بابع ثل سابق أو صؾ ضابط على أعلى تقدٌر ‪ ،‬لذا فمن الواضح أن‬
‫الشخصً واِلمٌة والجهل كانت هً المإهالت اِلساسٌة التً كان صدام ٌجعلها معاٌٌر تضع الناس فً صفوؾ قٌادة جٌش ٌدافع عن دولة مثل‬
‫العراق وِلن القهر والقتل كان اِلسلوب الطبٌعً الذي ٌستخدمه صدام ضد من ٌعارضونه فقد كان القادة العسكرٌون ال ٌعرفون وال ٌنفذون إال ما‬
‫ٌقوله الزعٌم الملهم وقادة أركانه اِلمٌٌن والجهلة وهذا ما أكده كثٌر من الضباط الذٌن تحدثوا بعد سقوط بؽداد ووقوع العراق تحت االحتالل‬
‫االمرٌكً ومنهم الجنرال ٌاسٌن م حمد طه الجبوري وهو من كبار الضباط فً سالح المدفعٌة العراقً الذي تحدث فً تقرٌر نشر على موقع "عراق‬
‫نت" على شبكة اإلنترنت طلب منه مساعدة وزارة الدفاع فً بناء أكبر قطعة مدفعٌة فً العالم وذلك بمساعدة بعد اِلخصابٌٌن ‪ ،‬مدفعا قطره ‪210‬‬
‫ملٌمتر أي أكثر من ثمانً بوصات ‪ِ ،‬لن المدفع كان بهذه الضخامة فقد كانوا ٌعملون أنه لن ٌعمل مع ذلك وأصل الجبوري إكمال التصمٌم " وقال‬
‫ضباط عدٌدون أدلوا بشهادتهم فً هذا التقرٌر‬
‫إن صدام كان ٌعتمد على " نظام الرشاوي " مع الضباط وهذا ما أفرخ جواً من الخدٌعة والتضلٌل جعل صدام ٌعتقد أن قواته أكثر قوة مما هً علٌه‬
‫‪ ،‬ونقلت عن الجبوري قوله " لم ٌكن ِلحد أن ٌخبره بؤن فكرته ال تصلح ‪ ،‬وكان ٌجود علٌنا بالجوابز والهداٌا ‪".‬‬

‫أما نابب القابد اِلعلى للقوات المسلحة فقد كان قصً صدام حسٌن الذي كان حدث عهد بالخبرة العسكرٌة ‪ ،‬فقد امتازت قراراته أثناء الحرب‬
‫بالتخطٌط الشدٌد وإرهاق القوات فً التنقل هنا وهناك مما جعلها هدفا سهالً للقوات اِلمرٌكٌة كما أخبرنً بعض ضباط الحرس الجمهوري الذٌن‬
‫التقٌت بهم فً العراق بعد سقوط بؽداد وقال أحدهم بؤسى ‪ ":‬لم نكن نستقر فً موقع ونتمترس فٌه إال وتؤتٌنا اِلوامر بالتحرك لموقع آخر مما جعلنا‬
‫هدفا سهالً للقوات اِلمرٌكٌة وأذكر أنً فً لحظة واحدة فقدت اربعة وعشرٌنن دبابة من أفضل الدبابات عندي مع اطقمها بسبب إصرار القابد‬
‫اِلعلى منى على أن أتحرك بقواتً وأجعلها هدفا مكشوفا للقوات اِلمرٌكٌة ‪ ،‬فوقفت أبكً مثل االطفال من هول ما رأٌت كما أن كل اتصاالتنا‬
‫انقطعت مع قٌادتنا ولم نكن نعرؾ أي هدؾ نضرب أو إلى أي مكان نتجه ‪".‬‬

‫وقد أكدت صحٌفة "سان فرانسسكو كرونٌكل" اِلمرٌكٌة فً عددها الصادر فً ‪ 25‬ماٌو ‪ 2003‬هذه المعلومات وأكدت فً تقرٌرها الذي نقلته‬
‫صحٌفة "الحٌاة" التً تصدر فً لندن فً ‪ 26‬ماٌو ‪ 2003‬أن أثنى عشر عسكرٌا ً عراقٌا ً ممن لم ٌسلموا أنفسهم للقوات اِلمرٌكٌة قد أدلوا بؤحادٌث‬
‫للصحٌفة قالوا فٌها " أن أوامر قصً من الجنود خصوصا ً فرقة حمورابً التابعة للحرس الجمهوري ‪ ،‬إلى مناطق مكشوفة أن هذه اِلوامر التً‬
‫ٌعتقد أنها حظٌت بموافقة صدام حسٌن نفسه أربكت القادة العسكرٌٌن العراقٌٌن وجعلت العاصمة بؽداد مكشوفة وبال قوات دفاع لتفتح الطرٌق أمام‬
‫القوات اِلمرٌكٌة ‪ ،‬والحظت الصحٌفة من العسكرٌٌن العراقٌٌن الذٌن التقى بهم مراسلها أنهم ما زالوا مصدومٌن حتى اآلن جراء ما حصل ‪ ،‬إذا قال‬
‫أحدهم ‪ ":‬إن الجنود كانوا منهمكٌن فً اِلٌام اِلخٌرة للحرب ومتوترٌن لدرجة الجنون ‪ ،‬نظراً لعدم توقفهم عن االنتقال من مكان إلى آخر وفقدانهم‬
‫القدرة على النوم " وقال ضابط كان ضمن خط الدفاع قرب مدٌنة الكوت جنون بؽداد ‪ ":‬إن كل وسابل االتصال بٌن المقاتلٌن فً الجبهات وقٌادة‬
‫اِلركان العلٌا توقفت عن العمل كلٌا قبل أسبوع من سقوط بؽداد " ‪ ،‬وقال الجنرال عالء عبد القادر أحد قادة الحرس الجمهوري ‪ " :‬إن تعٌٌن قصً‬
‫على رأس الجٌش لم ٌكن له مبرر واحد واتخذ بالفعل قرارات مصٌرٌة بإرسال الحرس الجمهوري بعٌداً عن العاصمة إلى مناطق قرب كربالء‬
‫وؼرب الفرات ظنا منه أن القوات اِلمرٌكٌة ستؤتً من هناك ‪ ،‬وعندما اكتشؾ خطؤه أمر الجنود بالعودة إلى بؽداد ‪ ،‬فكان الوقت متؤخراً جداً‬
‫وأضاؾ ‪ " :‬إن صدام وقصً أمرا قٌادة اِلركان فً الثالث من إبرٌل نسٌان – أي قبل سقوط بؽداد بستة أٌام‪ -‬بإبالغ الجنود أن اِلمرٌكٌٌن نقلوا‬
‫رسالة إلى العراقٌٌن مفادها أن اِلمرٌكٌٌن سوؾ ٌضربون بؽداد باِلسلحة النووٌة " ‪ ،‬قال ‪":‬بؤن القادة العسكرٌٌن رفضوا فً البداٌة إطاعة هذا‬
‫اِلمر وحاولوا اقناع صدام وابنه بؤن مثل هذا اإلعالن سوؾ ٌحبط معنوٌات الجنود ‪ ،‬لكن قصً الذي ظل طوال الوقت بمالبسة المدنٌة مرتدٌا ً البدلة‬
‫وربطة العنق ‪ ،‬اصر على إصدار بٌان بهذا الخصوص مما أثار حنق العسكرٌٌن ‪ ،‬ووفقا ً لما ذكره الجنرال "عبد القادر " أدرك قصً أن العسكرٌٌن‬
‫ؼٌر راضٌن عن قراراته فدعا الجتماع موسع لتنفٌس ذلك الؽضب ‪ ،‬وصب اللوم فً الهزٌمة خالله على العسكرٌٌن ‪ ،‬وفً االجتماع انهار أحد‬
‫كبار القادة العسكرٌٌن وراح ٌبكً قابالً بؤن خٌرة جنوده قتلوا ‪".‬‬

‫‪459‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ونقلت الصحٌفة عن الكولونٌل خالد الطابً الذي حضر االجتماع قوله ‪ ":‬عن شعوراً بالؽثٌان ساد بٌن الحضارٌن من تصرفات صدام ونجله ‪،‬‬
‫وأضاؾ أن العسكرٌٌن بدأوا ٌتهامسون سراً بان من ٌرؼب فً مواصلة القتال فلٌفعل ذلك على عاتقه الشخصً " ‪ ،‬وأضاؾ ‪ ":‬إن جمٌع القادة‬
‫العسكرٌٌن قرروا االنصراؾ إلى بٌوتهم معلنٌن أنهم مستعدون للقتال من أجل مستقبل أبنابهم ووطنهم ولكن لٌس من أجل صدام وعدي " هذا جانب‬
‫من الصورة بٌن كٌؾ كان العسكرٌون ٌفكرون وكٌؾ كان صدام وقصً – وهما أجهل الناس بالعسكرٌة – ٌقودون الجٌش العراقً إلى حتفه ‪،‬‬
‫بقرارات كما ٌقول القادة العسكرٌون ال تمت للمارسة العسكرٌة بصلة ولنا أن ندرك أن هذا حدث قبل ستة أٌام من سقوط بؽداد حٌث كان القتال ال‬
‫ٌزال مستعرا بعٌدا عنها ‪ ،‬حٌث أجمع هإالء القادة العسكرٌون لمراسل الصحٌفة أن هذا كان آخر اجتماع للقٌادة العسكرٌة التً تفرق شملها بالفعل‬
‫مساء الرابع من أبرٌل ‪ /‬نسٌان وفً الخامس‬

‫منه شنت الدبابات اِلمرٌكٌة هجمات سرٌعة ومتكررة على بعض أحٌاء بؽداد بٌنما كان الصحاؾ ٌعلن عبر مإتمراته الصحفٌة بؤن القوات العراقٌة‬
‫سوؾ تسحق "العلوج" فً الوقت الذي كان القادة قد ٌبسوا وتفرقوا حسب أقوالهم إلى بٌوتهم‪ ،‬وفً السابع من إبرٌل تم احتالل القصر الجمهوري ‪،‬‬
‫وفً الٌوم الثامن وصلت دبابتان إلى جسر الجمهورٌة ووقعت مذبحة الصحافة ‪ ،‬وذلك من أجل التؽطٌة على جانب خطٌر من القصة وهو تهرٌب‬
‫‪ 25‬ماٌو ‪ 2003‬ونقلته عنها‬ ‫الخونة الذٌن باعوا بؽداد والعراق وذلك حسب تقرٌر مفصل نشرته أسبوعٌة " لو جورنال دودٌماش" الفرنسٌة فً‬
‫وكالة اِلنباء الفرنسٌة حٌث جاء فً التقرٌر " أن صدام حسٌن تعرض للخٌانة من أبن عمه ماهر سفٌان التكرٌتً الذي كان معاونا ً لٌنجله قصً فً‬
‫قٌادة الحرس الجمهوري ‪ ،‬مشٌراً إلىى ان ماهر سفٌان أمر قواته بعدم الدفاع عن بؽداد إثر اتفاق عقدة من اِلمرٌكٌٌن ‪ ،‬وقد اعلنت القوات اِلمرٌكٌة‬
‫فً ‪ 8‬إبرٌل عشٌة سقوط بؽداد وبعد االستٌالء على مطارها موت ماههر سفٌات التكرٌتً " وأشارت اِلسبوعٌة فً تقرٌرها " أن الربٌس العراقً‬
‫السابق صدام حسٌن كان قد أعلن فً جولته التلٌفزٌونٌة التً قام بها فً بعض أحٌاء بؽداد فً ‪ 7‬إبرٌل أنه تعرض للخٌانة " ونقلت " لو جورنال‬
‫دودوٌماش " عن محطة " فرانس ‪ "2‬التلفٌزٌونٌة الفرنسٌة أن اللواء عبد الدلٌمً أحد المسإولٌن العراقٌٌن عن الدفاع عن بؽداد قبل سقوطها قوله إنه‬
‫" فً ‪ 4‬ابرٌل تارٌخ السٌطرة على مطار صدام الذي اطلقت علٌه القوات اِلمرٌكٌة اسم " مطار بؽداد الدولً " كانا قد فقدنا السٌطرة على المدٌنة ‪،‬‬
‫فطلبنا اِلوامر من اللواء ماهر سفٌان التكرٌتً فجاءت اِلوامر باِلنسحاب وعدم القتال " ونقلت اِلسبوع عن "مصدر عراقً " أن التكرٌتً " عقد‬
‫اتفاقا ً" مع اِلمرٌكٌٌن "قبل عام من ذلك " ٌقضً بعدم اشتراك مابة ألؾ عسكري من الحرس الجمهوري فً القتال ‪ ،‬وأنه اقتٌد مع عابلته سراً فً ‪8‬‬
‫إبرٌل على متن طابرة " سً ‪ "130‬إلى قاعدة عسكرٌة أمرٌكٌة ‪ ،‬وبالتالً فإن نبؤ موته لٌس صحٌحا ً ‪.‬‬

‫وأشارت اِلسبوعٌة الفرنسٌة إلى " خروقات " أخر قام بها مسإولون عراقٌون بٌنهم قرٌب آخر لصدام حسٌن هو عبد الرشٌد التكرٌتً الذي كان‬
‫ٌطلع اِلمرٌكٌٌن على تحركات الجٌش العراقً وتحركات قابد قوات "فدابً صدام" عن صدام حسٌن ‪ ،‬كما تشٌر إلى ضابط آخر فً الحرس‬
‫الجمهوري سلم اِلمرٌكٌٌن معلومات عن مكان وجود صدام حسٌن لٌلة ‪ 20-19‬مارس ‪ ،‬تارٌخ اندالع الحرب على العراق ‪ ،‬و ‪7‬إبرٌل فً حً‬
‫المنصور ‪ ،‬وقام اِلمرٌكٌون فً التارٌخٌن المذكورٌن بقصؾ المكانٌن المحددٌن ‪ ،‬إال أن الربٌس العراقً نجا من الموت‪".‬‬

‫وقد رو لً عراقٌٌون فً بؽداد بد سقوطها أن صدام كن ٌشك فً بعض من حوله ‪ ،‬فاختبرهم واحد تلو اآلخر حتى أخبر هذا بؤنه سوؾ ٌذهب إلى‬
‫حً المنصور الذي قصؾ بعد خروج صدام منه ‪ ،‬وأن صدام قد قام بتصفٌته على الفور وبعدها فقد اِلمرٌكٌون أثر صدام‪.‬‬

‫وقد روت لً مصادر عراقٌة عدٌدة رواٌة قرٌبة من هذه وكانت أول خٌوط لهذه القصة حصلت علٌها من بعض العراقٌٌن الذٌن التقٌت بهم فً‬
‫دمشق فً منتصؾ إبرٌل أي بعد أٌام قلٌلة من سقوط بؽداد‪.‬‬

‫هذه بعض الشهادات التً تإكد كٌؾ أن صدام ٌتحمل المسإول اِلساسٌة عن صناعة جٌش كرتونً فً النهاٌة ووضع رجال أمٌٌن وجهلة الذٌن‬
‫كانوا ٌدٌنون له بالوالء الشخصً والذٌن خانوه فً النهاٌة على رأس جٌش العراق‪.‬‬

‫أٌضا ً لم تكن هناك خطة محددة للدفاع عن بؽداد أو العراق بشكل عام‪ ،‬وقد اتضح لً ذلك حٌنما كنت فً بؽداد قبٌل اندالع الحرب بؤٌام حٌث بقٌت‬
‫فً بؽداد إلى ‪15‬مارس ‪ 2003‬فٌما اندلعت الحرب فً ‪ 19‬مارس حٌث شاهدت بعٌنً أنه باستثناء بعض الخنادق التً حفرت فً المدٌنة لم ٌكن‬

‫‪460‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫هناك أي مظاهر تدل على أن المدٌنة تترقب المعركة سو تسرٌب إشاعات بؤن هناك سبعة مالٌٌن مسلح سوؾ ٌؤكلون اِلمرٌكٌٌن وٌسحقونهم‬
‫‪ 1991‬على سبٌل‬ ‫حٌنما ٌقتربون من أبواب المدٌنة كما أكد لً العراقٌون بؤنه لٌس هناك أي حشد إعالمً مثل الذي سبق "أم المعارك" فً العام‬
‫المثال حٌث كان التلٌفزٌون ٌبث اِلؼانً الحماسٌة والتعببة الجماهٌرٌة وهذا ما لم ٌحدث قبٌل الحرب اِلمرٌكٌة على العراق ‪ ،‬وأذكر أنً صلٌت‬
‫الجمعة اِلخٌرة قبٌل نشوب الحرب وكانت تصادؾ ٌوم ‪ 14‬مارس فً المسجد الكبٌر المواجه لشارع المتنبً فلم ٌتطرق خطٌب المسجد للحشود‬
‫اِلمرٌكٌة او التهدٌدات بالحرب وكؤنً أصلً فً "بوكٌنا فاسو" ولٌس فً بؽداد التً كان الحشود اِلمرٌكٌة على أطرافها وؼٌوم الحرب المظلمة‬
‫تؽطً سماءها ‪ ،‬وقد أكد العسكرٌون الذٌن تحدثوا لصحٌفة "سان فرانسسكو كورنٌكل " اِلمرٌكٌة فً ‪ 25‬ماٌو ‪ 2003‬أن "صدام حسٌن " امتنع‬
‫عن اتباع خطط عسكرٌة أعدت قبل الحرب لشن حرب شوارع للدفاع عن بؽداد ‪ ،‬على رؼم البٌانات المتكررة التً أعلنتها القٌادة بؤن الجٌش‬
‫العراقً سٌقاتل من بٌت إلى بٌت دفاعا ً عن العاصمة ‪ ،‬وفً المقابل اقتصرت الدفاعات العراقٌة على الخطوط الثالثة المستدٌرة حول بؽداد التً كان‬
‫أضٌقها على بعد ‪ 30‬مٌالً عن المدٌنة‪.‬‬

‫وكشؾ الجنرال عبد القادر أن " خطط ما قبل الحرب تضمنت تكتٌكات دفاع اعتمدت على تلؽٌم الجسور والطرقات ومطار بؽداد الدولً ‪ ،‬الذي كان‬
‫من المفترض نسفه على نحو ٌجعل القوات اِلمرٌكٌة تتطاٌر فً الهواء بعد احتالله لكن أٌا ً من هذه التكتٌكات لم ٌتم اتباعه أو تنفٌذه " وألقى عبد‬
‫القادر بالالبمة على "العكسرٌن العراقٌٌن ذاتهم وأشار إلى أن شعورا كان سابداً فً أوساطهم بؤن بؽداد عصٌة ولن ٌستطٌع الجٌش اِلمرٌكً دخولها‬
‫"فٌما قال ضابط فً االستخبارات العراقٌة قرر عدم ذكر اسمه أن "العراقٌٌن تؤخروا كثٌراً فً اإلعداد للحرب ‪ ،‬على رؼم المإشرات الخطٌرة إلى‬
‫االستعدادات اِلمرٌكٌة لها ‪ ،‬وأكد ذلك الضابط حٌدر أحمد الذي كان مسإوالً عن ‪ 250‬جندٌا ً فً منطقة الفاو جنوب العراق بقوله إن قواته تسلمت‬
‫صوارٌخ أرض أرض ولم ٌكن الجنود قد دربوا على استعمالها من قبل الستخدامها فً صد الهجوم فقط فً اِلٌام اِلخٌرة قبل نشوب الحرب ‪،‬‬
‫وبالفعل لم تستعمل عند بدء الهجوم ‪".‬‬

‫وعالوة على ذلك كانت الجبهة الداخلٌة للعراق ممزقة للؽاٌة ‪ ،‬وال ٌمكن ِلي قابد أن ٌخوض معركة خارجٌة وجبهته الداخلٌة ممزقة وكارهة له‬
‫ولنظامه وهذا ما لم ٌدركه صدام ‪ ،‬فقد بلؽت كراهٌة شعبه له مبلؽا ً ال ٌوصؾ تمثل فً التاسع من إبراٌل حٌنما أسقط التمثال اِلول فً ساحة‬
‫الفردوس تبعه تدمٌر شامل لكل تماثلٌه بل وتصفٌة لرجال نظامه بلؽت أشكاالً دموٌة شنٌعة بسبب ما ارتكبه بحق شعبه ‪.‬‬

‫أما عن مسار معركة بؽداد فإننا ال نستطٌع أن نقول بؤن القوات العراقٌة لم تقاتل فً معركة بؽداد بشكل نهابً ولكن جانبا ً منها قاتل دون شك ولكنه‬
‫قتال المنهزم ِلن القٌادات العراقٌة بدت منهزمة من البداٌة كما ظهر فً أقوال القادة الذٌن تحدثوا إلى بعض وسابل اإلعالم بعد ذلك وهو ما سبق‬
‫اإلشارة إلٌه ‪ ،‬وهذا ما حدث فً المناطق الجنوبٌة التً صمدت اكثر من ‪ .....‬فً نفس الوقت كان البرٌطانٌون ٌتفاوضون مع زعماء العشابر وقادة‬
‫باقً القوات ؼٌر النظامٌة حتى أخلٌت لهم المدٌنة تماما ً ودخلها البرٌطانٌون دون مقاومة‬

‫وقد أجرٌت مجلة "تاٌم " اِلمرٌكٌة تحقٌقا ً مطوالً قام به فرٌق من صحفٌٌها للبحث فً معركة سقوط بؽداد ونشرته مترجما صحٌفة "الراٌة" القطرٌة‬
‫فً ‪ 19‬ماٌو ‪ 2003‬أكدت فٌه على فرار الكثٌر من جنود الحرس الجمهوري بعدما وجدوا أنفسهم هدفا سهالً للقوات اِلمرٌكٌة ‪ ،‬وقالت "تاٌم " إنه‬
‫" عندما زحفت القوات اِلمرٌكٌة من الكوٌت نشرت القٌادة العراقٌة أربع فرق هً بؽداد والمدٌنة وحمورابً ونبوخذ نصر جنوب العاصمة فً‬
‫خطٌن دفاعٌٌن على شكل نصؾ قوس‪ ،‬كان الخط اِلول "الخارجً " متحصنا بشكل جٌد من كربالء إلى الكوت ولمسافة طولها ‪ 160‬كٌلوا مترا ‪،‬‬
‫أما الخط الخلفً "الداخلً "فطوله تقرٌبا ً ‪ 48‬كٌلوا مترا ٌمتد من الٌوسفٌة وحتى الصوٌرة"‪ ،‬ؼٌر أن عدد القوات المنتشرة فً هذه المناطق كان ؼٌر‬
‫معروؾ ‪ ،‬أما على الورق فٌبلػ تعداد كل فرقة حوالً عشرة آالؾ رجل ‪ ،‬وحسبما أوردته مصادر االستخبارات اِلمرٌكٌة فقد تم تفوٌض كافة هذه‬
‫القوات ‪ ،‬وحسب تقدٌرات المسبولٌن فً البنتاجون والخبراء االجانب أن قوات الحرس الجمهوري التً اصطفت خارج بؽداد والتً تواجهت مع‬
‫القوات اِلمرٌكٌة تراوحت بٌن ‪ 16‬و ‪ 24‬ألؾ جندي ‪ ،‬وفً معظم الوقت كانت الوالٌات المتحدة تضرب هذه القوات من الجو وفً أؼلب اِلحٌان‬
‫استخدمت الطابرات المسٌرة لتحدٌد مواقع الدروع العراقٌة ‪ ،‬ومن ثم تبدأ عملٌات القصؾ الجوي لتدمٌرها ‪ ،‬ومن الؽارات الجوٌة التً تقدر بحوالً‬
‫‪ 28‬ألؾ ؼارة والصوارٌخ التً أسقطها الطٌارون اِلمرٌكٌون خالل الحرب والتً كان ‪ %70‬منها ذكٌة تصفها تم توجٌهه إلى الحرس الجمهوري‬
‫‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً هذه اِلثناء كانت القٌادة اِلمرٌكٌة قد قررت إنهاء معركة بؽداد بؤي ثمن ‪ ....‬أعلن فً مإتمراته الصحفٌة من أنها قنابل صوتٌة ال تدمر ولكنها‬
‫تحدث صوتا عالٌا ً اتضح من خالل بعض التقارٌر أنها قنابل جدٌدة كهرومؽناطٌسٌة تصب دابرة قطرٌة صؽٌرة وتسب تعطٌل الحواس الخمس‬
‫وكافة أشكال الحٌاة ومن ثم الوفاة السرٌعة لكل الموجودٌن فً دابرتها ‪.‬‬

‫ونقلت تفاصٌلها وكالة اِلنباء الفرنسٌة باستخدامها فً الحرب ضد العراق وقال ‪ ":‬إن هذه الصوارٌخ تتمٌز بقدرتها التدمٌرٌة الهابلة وتتسبب فً‬
‫نشوب جدار ناري ٌستهلك اِلوكسجٌن فً المكان بحٌث ٌموت الحضاٌا اختناقا ً من دون أن ٌإثر ذلك على اِلماكن القرٌبة " وأوضح رامسفٌلد "أن‬
‫الصوارٌخ والقنابل الحرارٌة باستطاعتها أن تدمر الطابق اِلول على سبٌل المثال من البناء المستهدؾ من دون أي إلحاق أضرار بالطوابق اِلخر‬
‫‪ ،‬كما أنها مثالٌة للقضاء على العناصر المعادٌة المختببة فً المؽاور او المالجا المحصنة ‪".‬‬

‫فً هذه اِلثناء كان اِلمرٌكٌون قد رتبوا آخر أوراق التفاوض ‪ ، ...‬وكان القادة الجهلة قد فروا هم اآلخرون ‪ ،‬وتركوا الضباط والجنود المخلصٌن‬
‫لبلدهم ٌواجهون الحرب وحدهم حٌث دخل اِلمرٌكٌون إلى بؽداد دون مقاومة وبثمن بخس وقد أكدت مجلة "تاٌم" الرواٌة السابقة ونقلت عن ضابط‬
‫رفٌع المستو فً الحرس الجمهوري قوله ‪ ":‬إن الجنود قد وجهوا إلى ترك أماكنهم فً السادس من إبرٌل أي قبل سقوط بؽداد بثالثة أٌام ‪ ،‬وأنه قد‬
‫شاهد بؤم عٌنه أثناء جولته من أجل إعادة تجهٌز قادة متخلفٌن فً العاصمة بؽداد مجموعة من الضباط الكبار ٌتحركون عبر مختلؾ الوحدات‬
‫ٌطلبون منهم ترك أسلحتهم جانبا ً والعودة للبٌوت وأنه رأي بؤم عٌنه عمٌد ركن وعقٌد ركن لم ٌستطع معرفتهم ٌخبرون وحدات مقاومة الطابرات‬
‫بعدم استخدام أسلحتهم ضد طابرات العدو‬

‫إن قصة سقوط بؽداد لٌست سو قصة حاكم ظالم مستبد جمع حوله مجموعة من الجهلة والخونة حكم بهم شعبه بالحدٌد والنار وما ذكرته ربما لٌس‬
‫سو سطر واحد من سطور هذه القصة " قصة سقوط بؽداد ‪".‬‬

‫معاهدة ساٌكس ـ بٌكو " الجزء الخاص بإنجلترا وفرنسا)]‪"([1‬‬


‫إبرٌل ـ ماٌو سنة ‪1916‬‬

‫‪462‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المادة اِلولى‪:‬‬
‫إن فرنسا وبرٌطانٌا العظمى مستعدتان أن تعترفا وتحمٌا أي دولة عربٌة مستقلة أو حلؾ دول عربٌة تحت رباسة ربٌس عربً فً المنطقتٌن (أ ) ـ‬
‫(داخلٌة سورٌا)‪( ،‬ب ) (داخلٌة العراق) المبٌنتٌن بالخرٌطة الملحقة‪ .‬وٌكون لفرنسا فً منطقة (أ) وإلنجلترا فً منطقة (ب) حق اِلولوٌة فً‬
‫المشروعات والقروض المحلٌة‪ ،‬وتنفرد فرنسا فً منطقة (أ) وإنجلترا فً منطقة (ب) بتقدٌم المستشارٌن والموظفٌن اِلجانب بناء على طلب‬
‫الحكومة العربٌة أو حلؾ الحكومات العربٌة‪.‬‬

‫المادة الثانٌة‪:‬‬
‫ٌباح لفرنسا فً المنطقة الزرقاء (شقة سورٌا الساحلٌة) وإلنجلترا فً المنطقة الحمراء (شقة العراق الساحلٌة من بؽداد حتى خلٌ فارس) إنشاء ما‬
‫ترؼبان فٌه من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة أو من المراقبة بعد االتفاق مع الحكومة أو حلؾ الحكومات العربٌة‪.‬‬

‫المادة الثالثة‪:‬‬
‫تنشؤ إدارة دولٌة فً المنطقة السمراء (فلسطٌن) ٌعٌن شكلها بعد استشارة روسٌا باالتفاق مع بقٌة الحلفاء وممثلً شرٌؾ مكة‪.‬‬

‫المادة الرابعة‪:‬‬

‫‪463‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تنال إنجلترا ما ٌؤتً ‪-:‬‬

‫‪1.‬مٌناء حٌفا وعكا‪.‬‬


‫‪ٌ2.‬ضمن مقدار محدود من ماء دجلة والفرات فً المنطقة (أ) للمنطقة (ب) وتتعهد حكومة جاللة الملك من جهتها بؤن ال تدخل فً مفاوضات ما مع‬
‫دولة أخر للتنازل عن قبرص إال بعد موافقة الحكومة الفرنسٌة مقدما‪.‬‬

‫المادة الخامسة‪:‬‬
‫تكون اسكندرونة مٌناء حرا لتجارة اإلمبراطورٌة البرٌطانٌة وال تنشؤ معامالت مختلفة فً رسوم المٌناء‪ ،‬وال ترفض تسهٌالت خاصة للمالحة‬
‫والبضابع البرٌطانٌة وتباح حرٌة النقل للبضابع اإلنجلٌزٌة عن طرٌق إسكندرونة وسكة الحدٌد فً المنطقة الزرقاء سواء كانت واردة إلى المنطقة‬
‫الحمراء أو المنطقتٌن (أ) و(ب) أو صادرة منها‪ .‬وال تنشؤ معامالت مختلفة ـ مباشرة أو ؼٌر مباشرة ـ على أي سكة من سكك الحدٌد أو فً أي مٌناء‬
‫من موانا المناطق المذكورة تمس البضابع والبواخر البرٌطانٌة‪ .‬وتكون حٌفا مٌناء حرا لتجارة فرنسا ومستعمراتها والبالد الواقعة تحت حماٌتها وال‬
‫ٌقع اختالؾ فً المعامالت وال ٌرفض إعطاء تسهٌالت للمالحة والبضابع الفرنسٌة وٌكون نقل البضابع الفرنسٌة حرا بطرٌق حٌفا وعلى سكة‬
‫الحدٌد اإلنجلٌزٌة فً المنطقة السمراء‪ ،‬سواء كانت البضابع صادرة من المنطقة الزرقاء أو الحمراء أو المنطقة (أ) أو المنطقة (ب) أو واردة إلٌها‬
‫وال ٌجري أدنى اختالؾ فً المعاملة بالذات أو بالتبع ٌمس البواخر الفرنسٌة فً أي سكة من السكك الحدٌد وال فً مٌناء من الموانا فً المناطق‬
‫المذكورة‪.‬‬

‫المادة السادسة‪:‬‬
‫ال تمد سكة حدٌد بؽداد فً المنطقة( أ) إلى ما بعد الموصل جنوبا وال فً المنطقة (ب) إلى ما بعد سامرا شماال إلى أن ٌتم إنشاء خط حدٌدي ٌصل‬
‫بؽداد بحلب مارا بوادي الفرات وٌكون ذلك بمساعدة الحكومتٌن‪.‬‬
‫المادة السابعة‪:‬‬
‫ٌحق لبرٌطانٌا العظمى أن تنشا وتدٌر وتكون المالكة الوحٌدة لخط حدٌدي ٌصل حٌفا بالمنطقة (ب)‪ ،‬وٌكون لها ما عدا ذلك حق دابم بنقل الجنود‬
‫فً أي وقت كان على طول هذا الخط‪ .‬وٌجب أن ٌكون معلوما لد الحكومتٌن أن هذا الخط ٌجب أن ٌسهل اتصال حٌفا ببؽداد وأنه إذا حالت دون‬
‫إنشاء خط االتصال فً المنطقة السمراء مصاعب فنٌة ونفقات وافرة إلدارته تجعل إنشاءه متعذرا فالحكومة الفرنسٌة تكون مستعدة أن تسمح بمروره‬
‫فً طرٌق بربوره ـ أم قٌس ـ ملقى ـ أٌدار ـ ؼسطا ـ مؽاٌر‪ ،‬قبل أن ٌصل إلى المنطقة (ب)‪.‬‬

‫المادة الثامنة‪:‬‬
‫تبقى تعرٌفة الجمارك التركٌة نافذة عشرٌن سنة فً جمٌع جهات المنطقتٌن الزرقاء والحمراء والمنطقتٌن (أ)‪( ،‬ب) فال تضاؾ أي عالوة على‬
‫الرسوم وال تبدل قاعدة التثمٌن فً الرسوم بقاعدة أخذ العٌن‪ .‬إال أن ٌكون باتفاق بٌن الحكومتٌن وال تنشؤ جمارك داخلٌة بٌن أٌة منطقة وأخر من‬
‫المناطق المذكورة أعاله وما ٌفرض من رسوم الجمرك على البضابع المرسلة إلى الداخل ٌدفع فً المٌناء وٌعطً إلدارة المنطقة المرسلة إلٌها‬
‫البضابع‪.‬‬

‫المادة التاسعة‪:‬‬
‫من المتفق علٌه أن الحكومة الفرنسٌة ال تجري مفاوضة فً أي وقت كان للتنازل عن حقوقها‪ ،‬وال تعطً مالها من الحقوق فً المنطقة الزرقاء لدولة‬
‫أخر إال للدولة أو حلؾ الدول العربٌة بدون أن توافق على ذلك سلفا حكومة جاللة الملك التً تتعهد للحكومة الفرنسٌة بمثل هذا فٌما ٌتعلق‬
‫بالمنطقة الحمراء‪.‬‬

‫المادة العاشرة‪:‬‬
‫تتفق الحكومتان اإلنجلٌزٌة والفرنسٌة بصفتهما حامٌتٌن للدولة العربٌة على أن ال تمتلكان وال تسمحان لدولة ثالثة أن تمتلك أقطارا فً شبه جزٌرة‬

‫‪464‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫العرب‪ ،‬أو تنشا قاعدة بحرٌة فً الجزابر على ساحل البحر اِلبٌض الشرقً على أن هذا ال ٌمنع تصحٌحا فً حدود عدن‪ ،‬قد ٌصبح ضرورٌا‬
‫لسبب عداء الترك اِلخٌر‪.‬‬

‫المادة الحادٌة عشرة‪:‬‬


‫تستمر المفاوضات مع العرب باسم الحكومتٌن بالطرق السابقة نفسها لتعٌٌن حدود الدولة أو حلؾ الدول العربٌة‪.(i).‬‬

‫المادة الثالثة عشرة‪:‬‬


‫من المتفق علٌه عدا ما ذكر أن تنظر الحكومتان فً الوسابل الالزمة لمراقبة جلب السالح إلى البالد العربٌة‬

‫مشروع سٌر لورانس أولٌفانت لتوطٌن الٌهود فً" جلعاد"‬


‫سنة ‪1880‬‬

‫‪---------------------------------------------------------------------‬‬

‫]‪[1‬ـ من كتاب "وثابق القضٌة الفلسطٌنٌة" إصدار جامعة الدول العربٌة‪.‬‬

‫‪ i‬ـ معاهدة ساٌكس ـ بٌكو هً الجزء الخاص التنفٌذي لمعاهدة بطرسبرج التً عقدت بٌن برٌطانٌا وفرنسا وروسٌا القٌصرٌة خالل مارس سنة‬
‫‪ 1916‬وقسمت فٌها أمالك اإلمبراطورٌة العثمانٌة التركٌة وكانت أهم مبادئ هذه المعاهدة هً‪:‬‬

‫تمنح روسٌا الوالٌات التركٌة الشمالٌة والشرقٌة‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تمنح برٌطانٌا وفرنسا الوالٌات العربٌة فً اإلمبراطورٌة التركٌة (موضوع معاهدة حسٌن ـ مكماهون)‪.‬‬

‫تدوٌل اِلماكن المقدسة فً فلسطٌن وتؤمٌن حرٌة الح إلٌها وتسهٌل سابر السبل الالزمة للوصول إلٌها وحماٌة الحجاج من كل اعتداء‬

‫وتولي جماعة‬ ‫نص الوثيقة الصادرة عن السفير البريطاني في أسطنبول في عهد المشروطية – الدستور – بعد إسقاط السلطان عبد الحميد‬
‫االتحاد والترقي السلطة ‪.‬‬
‫الوثٌقة رقم ‪F0371/1232:‬‬
‫عام ‪1909 /‬‬
‫سري ‪ -‬الرقم – ‪50‬‬
‫أسطنبول فً ‪ /17‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪1911 /‬‬
‫من السٌد – مارلنػ – إلى السٌر – أدوارد ؼراي – وزٌر الخارجٌة البرٌطانً ‪.‬‬
‫سٌدي ‪...‬‬
‫وجهات نظر تركٌا‬ ‫كان لً الشرؾ أن ارفع إلٌكم فً رسالتً " ‪ " 15 -14‬والمإرختٌن فً ‪ -4‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪ ،‬بعض المالحظات حول‬
‫الفتاة ‪ ،‬بصدد السٌاسة التً سٌتم اتباعها وتطبٌقها فً جنوب العراق ‪ ،‬وحول موضوع الربط بٌن تسوٌة مسؤلة الكوٌت ‪ ،‬واإلجراءات المتخذة بصدد‬
‫الهند المإرخة فً ‪ /1‬كانون اِلول –‬ ‫إكمال القسم النهابً من خطة سكة حدٌد بؽداد ‪ ،‬التً تدور فً فكر اِلتراك ‪ ،‬الحظت فً برقٌة حكومة‬
‫دٌسمبر ‪ ،‬والمرفقة برسالة وزارة الهند – فً برٌطانٌا – المإرخة فً ‪ / 9‬كانون اِلول – دٌسمبر ‪ ، 1910‬بؤن المقٌم السٌاسً فً – بوشهر –‬
‫ٌدافع " من وجهة نظر محلٌة " – عن ضرورة نشر اتفاقٌتنا " وٌقصد بها اتفاقٌة ‪ 1907 – 1899‬مع الكوٌت ‪ ،‬والتلمٌح إلى الحكومة التركٌة بؤننا‬
‫نهدؾ إلى جعل مضمونها ونصوصها فاعلة ‪ ،‬وفً الوقت نفسه ‪ ،‬إزالة الوضع الشاذ فً استخدام العلم التركً هناك ‪ ،‬وإقناع اِلتراك باإلبقاء على‬
‫نفوذهم فقط فً القطٌؾ والعجٌر ( العقٌر ) وسحب قواتهم من البدعة وجنة وأم قصر وبوبٌان ‪ ،‬وأننً أجازؾ بالقول ‪ ،‬بؤنه لألسباب الواردة فً‬
‫رسالتً رقم ‪ 14‬والمإرخة فً ‪ /4‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪ ،‬فإن الوقت لم ٌحن بعد للقٌام بمثل هذا اإلجراء الجذري ‪ ،‬لمعالجة المصاعب البارزة التً‬
‫نعانٌها مع اِلتراك فً منطقة رأس الخلٌ الفارسً ‪ ،‬وكما تمت اإلشارة فً رسالة السٌر جٌرالد لوثر رقم ( ‪ ) 603‬والمإرخة فً ‪ 4‬من الشهر‬
‫الجاري ‪ ،‬فإن اِلتراك ٌتوقعون مقابل قٌامهم باتخاذ اإلجراءات الالزمة ‪ ،‬والتً تلبً رؼباتنا بصدد الجزء المتعلق بخط سكة حدٌد بؽداد – الخلٌ‬
‫الفارسً ‪ ،‬أن نقوم بإعطابهم السٌادة التامة على الكوٌت ‪ ،‬وأنهم ٌعلقون أهمٌة عظٌمة على الموضوع اِلخٌر ‪ ،‬وإذا ما اقتضت الحاجة القٌام بهذا‬
‫اِلمر واإلذعان لرؼبة اِلتراك ‪ ،‬فإن مثل هذا اِلمر ٌكون بالكؾ والتخلً عن مطالبتهم بالبحرٌن وقطر وأي شًء آخر جنوب شرقً العجٌر (‬
‫العقٌر ) ‪ ،‬وأن الوسابل اِلخر التً نملكها للمساومة هً ( السفٌنة الحربٌة البرٌطانٌة – كوامٌت ) والحرس الهندي من السٌبوي فً دابرة القنصلٌة‬
‫العامة فً بؽداد ‪ ،‬ولما كانت المشروطٌة ( الحٌاة الدستورٌة ) التركٌة ماهً إال نسٌ من المإسسات الشعبٌة والمرتبطة بشكل ربٌسً بحال الحصار‬
‫والمحاكمات العرفٌة السرٌة القابمة ‪ ،‬فإنه ٌجب استبعاد أي حل ٌقوم على الخطوط الواردة أعاله ‪ ،‬والذي ٌتضمن وقوع الكوٌت تحت رحمة نظام‬
‫اللجنة ‪ -‬االتحاد والترقً – وإذا ما برهنت اِلٌام بؤن اللجنة ؼٌر قادرة على إقامة حكومة منتظمة ‪ ،‬وأصبحت اإلمبراطورٌة العثمانٌة فً حال من‬
‫الفوضى ‪ ،‬كما هو الحال فً إٌران ‪ ،‬فإنه قد ٌصبح من الضروري اإلعالن صراحة بجعل الكوٌت وملحقاتها محمٌة – برٌطانٌة – إال أن اإلفصاح‬
‫عن نٌتنا هذه ولو بالهمس ‪ ،‬سٌثٌر زوبعة شدٌدة هنا وفً وسط أوروبا ‪ ،‬أن التقرٌر الذي تناقلته صحٌفة – الدٌلً تلؽراؾ – والذي وصل إلى هنا‬
‫من خالل صحٌفة – نٌو فري برٌس – والذي تضمن قرب قٌام إنكلترا بالتوصل إلى ترتٌبات مع ألمانٌا لتكون المحطة النهابٌة لسكة حدٌد بؽداد فً‬
‫إحد – الموانا اإلنكلٌزٌة – فً الخلٌ وٌقصد به الكوٌت ‪ ،‬قد سبب ردود فعل قوٌة واشارات ؼاضبة فً صحٌفة – التنٌن – التركٌة – وٌختتم‬
‫الكاتب تعلٌقاته قابالً ‪ ،‬بؤنه من الضروري تحذٌر هإالء الذٌن ٌعملون لنشر النفوذ اِلجنبً فً العراق " أقدم وأكثر اِلقالٌم التصاقا ً باإلمبراطورٌة "‬
‫بؤن مخططاتهم فاشلة ‪ ،‬وأن ذكر إنشاء مٌناء إنكلٌزي فً الخلٌ الفارسً والذي سٌعرض المصالح وسٌادة اِلراضً العثمانٌة للخطر ‪ٌ ،‬عتبر من‬
‫أكثر اِلمور استفزازٌة ‪.‬‬
‫قبل الحرب العالمٌة‬

‫‪466‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بعد ذلك القرار تصاعدت وتٌرة الخالؾ بٌن اِلطراؾ فً القرار السٌاسً البرٌطانً ‪ ،‬كانت حكومة الهند تعتبر تعٌٌن الوكٌل السٌاسً دابما ً ‪ ،‬بٌنما‬
‫االتفاقات‬ ‫اعتبرته وزارة الخارجٌة البرٌطانٌة مإقتا ً ‪ ،‬وكانت أقو اِلصوات المعارضة هً الدولة العثمانٌة التً اعتبرت ذلك القرار خرقا ً لكل‬
‫السابقة ‪ ،‬ؼادر النقٌب ‪ -‬أس جً نوكس – الكوٌت فً أذار‪ -‬مارس ‪ ، 1905‬كان القلٌل ٌتسرب من تلك اِلحداث الخفٌة لرجال السٌاسة من أبناء‬
‫العراق ‪ ،‬لكن الموقؾ العام هو المتابعة والترقب فً ظل ؼٌاب الكٌان الوطنً لم ٌكن من الحكمة القٌام بذات المحاوالت الشعبٌة العسكرٌة بسبب‬
‫اختالل موازٌن المواجهة العسكرٌة ‪ ،‬ظل العقل العراقً ٌختزن الرعود وٌنتظر اللحظة المناسبة متجمالً بالصبر والتحسب ‪ ،‬بعد مؽادرة – نوكس –‬
‫ناقشت لجنة الدفاع اإلمبرٌالً البرٌطانٌة فً لجنة مخصصة لمتابعة شإون الكوٌت والعراق ذلك القرار‪ ،‬وقررت ضرورة عودة الضابط – نوكس‬
‫– إلى الكوٌت وتم ذلك فً شهر تشرٌن اِلول – نوفمبر ‪ 1905‬حٌث عاد إلى منصبه مواصالً مهمات عمله اللوجستً وكتابة تقارٌره السرٌة عن‬
‫وضع الكوٌت والعراق وعامال على تثبٌت أعمدة االستعمار البرٌطانً فً المنطقة ‪ ،‬لم تتضمن مذكرة عودته إلى المنطقة فترة محددة لبقابه ‪ ،‬كانت‬
‫التوصٌات التً استلمها من الجهة التً ٌعمل لها تتعلق بالتركٌز على البناء لبقاء برٌطانٌا إلى قرون قادمة ولٌست عقود فً المنطقة باعتبارها قاعدة‬
‫االستعمار البرٌطانً الثابتة والقوٌة ‪ ،‬كما تم تزوٌده بمعلومات تتعلق بطرق مواجهة موضوع الفكرة اِللمانٌة المتعلقة بمد سكة حدٌد برلٌن – بؽداد‬
‫إلى أحد موانا الخلٌ العربً ‪ ،‬كما وضعت الخارجٌة البرٌطانٌة العدٌد من السٌنارٌوهات والخطط التً على مبعوثها أن ٌعمل من خاللها ‪ ،‬وكان‬
‫الهدؾ من النشاط الجدٌد هو تعزٌز موقع برٌطانٌا فً الخلٌ والكوٌت على صد إبرام معاهدة ‪ 1907‬التً حصلت فٌما بعد ‪ ،‬بٌن الشٌخ مبارك‬
‫وبرٌطانٌا وكان جوهرها استبجار مٌناء – الشوٌخ – فً محاولة مقصودة لمنع تسلل أي نفوذ إلى الكوٌت ‪ ،‬بعد تسرب بنود ذلك االتفاق إضافة‬
‫الحكومة العثمانٌة احتجاجا ً جدٌداً إلى سلسلة احتجاجاتها السابقة ‪ ،‬والتً كان أبرزها الصادر فً العام ‪ ، 1904‬كانت ثمة مفاوضات تجري بٌن‬
‫الطرفٌن ‪ ،‬تعمل الدولة العثمانٌة من خاللها على تعطٌل خطط برٌطانٌا فً المنطقة ‪ ،‬بٌنما تحاول برٌطانٌا كسب الوقت وهً تدرك جٌداً تدهور‬
‫أوضاع الدولة العثمانٌة ‪ ،‬تلك المفاوضات الطوٌلة أدت فً النهاٌة إلى توقٌع اتفاقٌة برٌطانٌة – تركٌة ‪ ،‬وذلك فً العام ‪ ، 1913‬تلك االتفاقٌة ولدت‬
‫ألمانٌا ‪ ،‬وثمة مالحظة مهمة‬ ‫مٌتة بسبب عدم التصدٌق علٌها وذلك لقٌام الحرب العالمٌة اِلولى ‪ ،‬والمعروؾ أن تركٌا دخلت الحرب إلى جانب‬
‫تسجلها الوثابق البرٌطانٌة عن تلك المرحلة وهً ‪ ،‬أن الوكٌل السٌاسً البرٌطانً فً الكوٌت لم ٌكن ٌتدخل فً الشإون الداخلٌة لإلمارة بسبب‬
‫الحساسٌة الشدٌدة والعالقة الواضحة للشإون اإلدارٌة المرتبطة بالبصرة ومن ثم بالدولة العثمانٌة ‪ ،‬عكس الذي كان ٌجري فً البحرٌن والمحمرة‬
‫من تدخل مباشر ‪ ،‬كما تسجل تلك الوثابق وجود مراسالت واستطالع آراء بٌنه وبٌن أقرانه العاملٌن فً البصرة والمحمرة والبحرٌن ‪ ،‬وكان ٌخضع‬
‫فً تفاصٌل عمله للمقٌم السٌاسً البرٌطانً فً – بوشهر – الذي كان ٌعتبر هو المسإول اِلول تجاه حكومة الهند ‪ ،‬التً تشرؾ على عمل دابرة‬
‫الشإون السٌاسٌة الخارجٌة البرٌطانٌة فً منطقة الخلٌ العربً ‪ ،‬بٌنما كان ٌسمح له بتوجٌه تقارٌره التجارٌة إلى حكومة الهند ووزارة الخارجٌة‬
‫البرٌطانٌة مباشرة ‪،‬‬
‫كما ٌمتلك الصالحٌات المطلقة للتعامل مباشرة مع مدٌر عام الواردات المركزي فً لندن ‪..‬‬
‫‪ 1914‬العام الحاسم‬
‫السٌطرة البرٌطانٌة فً عموم منطقة‬ ‫فً أجواء الحرب العالمٌة اِلولى ونتابجها حصلت الكثٌر من المتؽٌرات فً المنطقة ومن أبرزها تعززت‬
‫المرة‬ ‫الخلٌ العربً والعراق وإٌران وشرق اِلردن ‪ ،‬وكانت النتاب المهمة تتعلق بالقاعدة اللوجستٌة المتقدمة – الكوٌت – حٌث تعهدت هذه‬
‫برٌطانٌا بشكل معلن وواضح فً الحفاظ على قاعدتها المتقدمة والمراكز اِلخر فً – نجد والمحمرة – وقد حصل الشٌخ مبارك الصباح على‬
‫مكافؤة مثبتة فً الوثابق البرٌطانٌة وهً تتعلق بإعفاء ممتلكاته من مزارع وعقارات فً العراق من الضرابب وبشكل دابم مقابل الدعم الذي ٌقدمه‬
‫بمثابة‬ ‫مع أبن سعود والشٌخ خزعل – حاكم المحمرة – للقوات البرٌطانٌة فً مواجهاتها العسكرٌة مع القوات العثمانٌة ‪ ،‬قرار اإلعفاء هذا هو‬
‫اإلعالن البرٌطانً الرسمً عن خطط قد اتخذت لسلخ لفصل الكوٌت عن العراق وهو العامل الذي كانت برٌطانٌا تقصد من وراءه مد سٌطرة‬
‫"عمٌلها " إلى داخل أرض البصرة ‪ ،‬وبذلك تبدو الصورة مقلوبة وتتداخل اِلمور وٌتم التعتٌم على عابدٌة الكوٌت للعراق مع تقادم الزمن ‪ ،‬ولهذا‬
‫نجد أن الملك ؼازي عندما ؼضب من شٌخ الكوٌت اتخذ قراره بوضع ٌد الدولة العراقٌة على تلك الممتلكات وكانت تلك الخطوة تمثل الشرارة التً‬
‫المهمة التً حصل علٌها شٌخ الكوٌت من الحرب‬ ‫بدأ بها خط المواجهة الشعبٌة والرسمٌة العراقٌة فً الظهور العلنً ‪ ،‬من المكاسب اِلخر‬
‫العالمٌة اِلولى ‪ ،‬إدخال الكوٌت ضمن المنطقة التً تتم إدارتها من قبل القوة العسكرٌة المسماة – دي – وهً التً تشكل مجمل القوات العسكرٌة‬
‫الهندٌة فً الخلٌ العربً وهً رأس الرمح فً خطط الحرب ‪ ،‬على خلفٌة تفاصٌل الحرب تم التؽٌٌر السٌاسً اآلتً ‪ ،‬تم تعٌٌن السٌر – برسً‬
‫كوكس – الضابط السٌاسً اِلقدم للعمل مع قوات الشرق اِلوسط المتواجدة فً البصرة ‪ ،‬وتم التؽٌٌر اآلخر عندما صار اتصال الوكٌل السٌاسً‬
‫البرٌطانً مباشرة بالسٌر – برسً كوكس – ٌستلم منه اِلوامر مباشرة فٌما ٌتعلق بالقضاٌا السٌاسٌة للوكالة السٌاسٌة فً الكوٌت بعد احتالل بؽداد ‪،‬‬

‫‪467‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سام ‪ ،‬كما بقٌت مسإولٌة إدارة الشإون الداخلٌة للوكالة فً الكوٌت بٌد المقٌم السٌاسً فً – بوشهر –‬
‫سواء فً منصبه كمندوب مدنً أم كمندوب ٍ‬
‫كان محور الوجود البرٌطانً منذ الخطوة اِلولى ‪ -‬وحتى ٌقٌض ّللا للعرب تلك القوة التً تطرد ذلك الوجود البؽٌض الذي ارتبط بسرقة الثروات‬
‫وإهانة الكرامة واستباحة الوجود ‪ٌ -‬تمثل فً السٌطرة على منابع النفط الموجودة فً منطقة الخلٌ العربً والعراق وإٌران ‪ ،‬كتب وزٌر الخارجٌة‬
‫البرٌطانٌة آنذاك لمجلس وزراء برٌطانٌا تقرٌراً ٌوضح أهداؾ السٌاسة البرٌطانٌة على المد البعٌد ‪ ،‬وخاصة بعد النتاب التً حددتها الحرب ‪،‬‬
‫قابالً ‪ " :‬أن سٌادة برٌطانٌا ومصالحها الحٌوٌة فً الخلٌ ٌجب أن تكون مإكدة ومحمٌة بشكل مطلق ‪ ،‬هذه السٌاسة أراها تساوي قوة اِلسطول‬
‫البرٌطانً ‪ ،‬ونحن نعلم جٌداً أن قوة اِلسطول تعنً قوة برٌطانٌا " أثارت تلك المذكرة عاصفة من التعارض حول الخطط المستقبلٌة ‪ ،‬اِلمر الذي‬
‫دفع – ونستون شرشل – للتدخل بشكل مباشر لٌحسم الخالؾ وفق المنطق الذي روج له فً رسالته التارٌخٌة التً ٌقول فٌها " أن حكومة صاحب‬
‫الجاللة ‪ٌ ،‬جب أن تفكر على الدوام وخاصة للمستقبل القرٌب أو البعٌد وترتب الخطط واِلولوٌات ‪ ،‬ذلك أننً أخشى أن ٌجًء الٌوم الذي تصبح فٌه‬
‫منابع البترول التً نملكها هناك منابع سخط وثورة ضدنا " هذا الرأي الذي أسجله هنا هو لوزٌر المستعمرات البرٌطانٌة الذي أشرؾ على صنع‬
‫القنابل الموقوتة فً المنطقة واقصد – نقاط الخالؾ بٌن الدول حول مناطق الحدود ‪ -‬كان ٌصنع كل شًء فً المنطقة من خالل فلسفة استمرار‬
‫ٌكتب –‬ ‫بها ‪ ،‬فً وثٌقة أخر‬ ‫تدفق البترول إلى برٌطانٌا وهو صاحب النظرٌة التً تعتمد على فكرة أن ٌكون لبرٌطانٌا – بترولها الخاص‬
‫تشرشل خطابا ً لقابد اِلسطول البرٌطانً– وكان وقتها وزٌراً للدفاع ‪ " -‬المطلوب من اِلسطول البرٌطانً اآلن وفً المد المنظور ‪ ،‬هو ضمان‬
‫وصول البترول إلى برٌطانٌا العظمى ‪ ،‬رخٌص فً حالة السالم ‪ ،‬مإكد فً حالة الحرب "‬

‫الوضع بعد الحرب اِلولى‬


‫بعد العام ‪ ، 1914‬كانت السٌاسة البرٌطانٌة قد تحددت وصارت تتداخل مع مجمل المشاكل السٌاسٌة الجدٌدة التً بدأت تظهر فً العراق ‪ ،‬وكانت‬
‫شروط وأهداؾ تلك السٌاسة فً المراحل اِلولى كسب الحرب وتثبٌت الخارطة الجدٌدة ‪ ،‬وفٌما ٌتعلق بالعراق كانت ثمة قرارات كثٌرة ‪ ،‬قد اتخذت‬
‫أؼلبها ظلت سرٌة فً تلك الفترة ‪ ،‬ولكن محورها التخوؾ من العوامل التً ٌتمتع بها ‪ ،‬خاصة وأن قوات برٌطانٌا واجهت فٌه مقاومة شرسة ‪ ،‬قبل‬
‫أن تتمكن من احتالله بشكل تام ‪..‬‬

‫تم آخر تحدٌث فً الساعة ‪ 11:42‬بتوقٌت جرٌنتش األحد ‪2003/04/27‬‬

‫‪468‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وثائق عراقية "تشير الى عالقة مع القاعدة"‬

‫اسم اسامة بن الدن مخفي تحت سائل مصحح ابيض‬


‫تقول صحيفة الصنداي تمغراف البريطانية انو عثر عمى وثائق في بغداد تشير إلى وجود عالقة بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة الذي يرأسو‬
‫أسامة بن الدن‪.‬‬
‫وتقول الصحيفة إن المراسل انيغو غيممور اكتشف ممفات في موقع مدمر لممخابرات العراقية‪.‬‬
‫وتقول الصحيفة إن الممفات وىي بالمغة العربية تشير إلى أن مبعوث القاعدة كان مدعوا لزيارة بغداد بالسر في مارس عام ‪.1998‬‬
‫تأتي ىذه األنباء بعد عدة أيام فقط من قول صحيفة أخرى ىي صحيفة الديمي تمغراف انو تم العثور عمى وثائق تشير إلى ان جورج غاالوي العضو‬
‫في البرلمان البريطاني عن حزب العمال تمقى أمواال من النظام العراقي‪.‬‬
‫ونفى غاالوي ىذه االتيامات‪ ،‬وقال إنو سيقاضي الصحيفة‪.‬‬
‫وتفيد الوثائق المكتشفة أن المسؤولين العراقيين كانوا يريدون إيصال رسالة شفوية لإلعداد الجتماع مع أسامة بن الدن‪.‬‬
‫وكان يمكن أن تتم الزيارة عام ‪ 1998‬قبل أن تتيم واشنطن بن الدن بتفجير اثنتين من السفارات االمريكية في أفريقيا في ذلك العام‪.‬‬
‫وقال غميممور لبي بي سي انو عثر عمى الوثائق بعد ان سمح لو األمريكيون بدخول مقر المخابرات في بغداد‪.‬‬
‫وىرب الوثائق إلى فندقو في بغداد حيث قام مترجمو بترجمتيا إلى اإلنكميزية‪.‬‬
‫وقال لبي بي سي‪" :‬الحظت أن بعض الوثائق تحمل عالمات ممحية بسائل ابيض‪ ،‬وازلنا ىذا السائل بالشفرة فوجدنا اسم أسامة بن الدن ثالث مرات‪،‬‬
‫مما يدل عمى وعي المخابرات بأىمية ذلك‪".‬‬
‫وتقول الوثائق إن مبعوثا من أسامة بن الدن جاء الى العراق في مارس عام ‪ 1998‬لبحث اتصال بين القاعدة والمخابرات العراقية‪.‬‬
‫وقال غيممور ان الوثائق تتحدث عن رسالة شفوية الى بن الدن لبحث فكرة عقد اجتماع مباشر مع بن الدن نفسو‪.‬‬
‫وقال غميمور إن الوثائق ميمة جدا نظ ار إلى أن الواليات المتحدة تقول بوجود عالقة بين العراق والقاعدة‪.‬‬
‫وقال‪" :‬عممت في الشرق األوسط لسنوات كثيرة‪ ،‬وشأني شأن كثير من الصحفيين كنت متشككا فيما يقولو األمريكيون‪".‬‬
‫وقال‪" :‬ولكن بعد ان وجدت ىذه الوثائق انو يبدوا ان االتصال قد تم عام ‪ 1998‬وتمت متابعتو فيما بعد‪".‬‬
‫وأضاف غيممور‪" :‬ليس لدينا أي دليل عمى ذلك‪".‬‬

‫‪469‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقال غيممور انو ال يروج لسياسة الواليات المتحدة‪ ،‬ولكن الوثائق شيء يمكن أن تحتاج إليو الواليات المتحدة لدعم ادعاءاتيا بيذا الشأن‪ .‬وكان صدام‬
‫حسين قد أكد قبل الحرب انو ال توجد عالقة بين العراق وتنظيم القاعدة‪.‬‬
‫وقال صدام حسين في مقابمة مع توني بن العضو السابق في البرلمان البريطاني‪" :‬لو كان ىناك عالقة بيننا وبين القاعدة لكنا مقتنعين بيا ولما كنا‬
‫نشعر بالعار منيا‪".‬‬

‫نص الوثٌقة الصادرة عن السفٌر البرٌطانً فً أسطنبول ‪ ،‬فً عهد المشروطٌة – الدستور – بعد إسقاط‬

‫السلطان عبد الحميد وتولي جماعة االتحاد والترقي السلطة ‪.‬‬


‫الوثٌقة رقم ‪F0371/1232:‬‬
‫عام ‪1909 /‬‬
‫سري ‪ -‬الرقم – ‪50‬‬
‫أسطنبول فً ‪ /17‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪1911 /‬‬
‫من السٌد – مارلنػ – إلى السٌر – أدوارد ؼراي – وزٌر الخارجٌة البرٌطانً ‪.‬‬
‫سٌدي ‪...‬‬
‫كان لً الشرؾ أن ارفع إلٌكم فً رسالتً " ‪ " 15 -14‬والمإرختٌن فً ‪ -4‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪ ،‬بعض المالحظات حول وجهات نظر تركٌا‬
‫الفتاة ‪ ،‬بصدد السٌاسة التً سٌتم اتباعها وتطبٌقها فً جنوب العراق ‪ ،‬وحول موضوع الربط بٌن تسوٌة مسؤلة الكوٌت ‪ ،‬واإلجراءات المتخذة بصدد‬
‫‪ /1‬كانون اِلول –‬ ‫إكمال القسم النهابً من خطة سكة حدٌد بؽداد ‪ ،‬التً تدور فً فكر اِلتراك ‪ ،‬الحظت فً برقٌة حكومة الهند المإرخة فً‬
‫دٌسمبر ‪ ،‬والمرفقة برسالة وزارة الهند – فً برٌطانٌا – المإرخة فً ‪ / 9‬كانون اِلول – دٌسمبر ‪ ، 1910‬بؤن المقٌم السٌاسً فً – بوشهر –‬
‫ٌدافع " من وجهة نظر محلٌة " – عن ضرورة نشر اتفاقٌتنا " وٌقصد بها اتفاقٌة ‪ 1907 – 1899‬مع الكوٌت ‪ ،‬والتلمٌح إلى الحكومة التركٌة بؤننا‬
‫نهدؾ إلى جعل مضمونها ونصوصها فاعلة ‪ ،‬وفً الوقت نفسه ‪ ،‬إزالة الوضع الشاذ فً استخدام العلم التركً هناك ‪ ،‬وإقناع اِلتراك باإلبقاء على‬
‫نفوذهم فقط فً القطٌؾ والعجٌر ( العقٌر ) وسحب قواتهم من البدعة وجنة وأم قصر وبوبٌان ‪ ،‬وأننً أجازؾ بالقول ‪ ،‬بؤنه لألسباب الواردة فً‬
‫رسالتً رقم ‪ 14‬والمإرخة فً ‪ /4‬كانون الثانً – ٌناٌر ‪ ،‬فإن الوقت لم ٌحن بعد للقٌام بمثل هذا اإلجراء الجذري ‪ ،‬لمعالجة المصاعب البارزة التً‬
‫نعانٌها مع اِلتراك فً منطقة رأس الخلٌ الفارسً ‪ ،‬وكما تمت اإلشارة فً رسالة السٌر جٌرالد لوثر رقم ( ‪ ) 603‬والمإرخة فً ‪ 4‬من الشهر‬
‫الجاري ‪ ،‬فإن اِلتراك ٌتوقعون مقابل قٌامهم باتخاذ اإلجراءات الالزمة ‪ ،‬والتً تلبً رؼباتنا بصدد الجزء المتعلق بخط سكة حدٌد بؽداد – الخلٌ‬
‫الفارسً ‪ ،‬أن نقوم بإعطابهم السٌادة التامة على الكوٌت ‪ ،‬وأنهم ٌعلقون أهمٌة عظٌمة على الموضوع اِلخٌر ‪ ،‬وإذا ما اقتضت الحاجة القٌام بهذا‬
‫اِلمر واإلذعان لرؼبة اِلتراك ‪ ،‬فإن مثل هذا اِلمر ٌكون بالكؾ والتخلً عن مطالبتهم بالبحرٌن وقطر وأي شًء آخر جنوب شرقً العجٌر (‬
‫العقٌر ) ‪ ،‬وأن الوسابل اِلخر التً نملكها للمساومة هً ( السفٌنة الحربٌة البرٌطانٌة – كوامٌت ) والحرس الهندي من السٌبوي فً دابرة القنصلٌة‬
‫العامة فً بؽداد ‪ ،‬ولما كانت المشروطٌة ( الحٌاة الدستورٌة ) التركٌة ماهً إال نسٌ من المإسسات الشعبٌة والمرتبطة بشكل ربٌسً بحال الحصار‬
‫والمحاكمات العرفٌة السرٌة القابمة ‪ ،‬فإنه ٌجب استبعاد أي حل ٌقوم على الخطوط الواردة أعاله ‪ ،‬والذي ٌتضمن وقوع الكوٌت تحت رحمة نظام‬
‫اللجنة ‪ -‬االتحاد والترقً – وإذا ما برهنت اِلٌام بؤن اللجنة ؼٌر قادرة على إقامة حكومة منتظمة ‪ ،‬وأصبحت اإلمبراطورٌة العثمانٌة فً حال من‬
‫الفوضى ‪ ،‬كما هو الحال فً إٌران ‪ ،‬فإنه قد ٌصبح من الضروري اإلعالن صراحة بجعل الكوٌت وملحقاتها محمٌة – برٌطانٌة – إال أن اإلفصاح‬
‫عن نٌتنا هذه ولو بالهمس ‪ ،‬سٌثٌر زوبعة شدٌدة هنا وفً وسط أوروبا ‪ ،‬أن التقرٌر الذي تناقلته صحٌفة – الدٌلً تلؽراؾ – والذي وصل إلى هنا‬
‫من خالل صحٌفة – نٌو فري برٌس – والذي تضمن قرب قٌام إنكلترا بالتوصل إلى ترتٌبات مع ألمانٌا لتكون المحطة النهابٌة لسكة حدٌد بؽداد فً‬
‫إحد – الموانا اإلنكلٌزٌة – فً الخلٌ وٌقصد به الكوٌت ‪ ،‬قد سبب ردود فعل قوٌة واشارات ؼاضبة فً صحٌفة – التنٌن – التركٌة – وٌختتم‬
‫الكاتب تعلٌقاته قابالً ‪ ،‬بؤنه من الضروري تحذٌر هإالء الذٌن ٌعملون لنشر النفوذ اِلجنبً فً العراق " أقدم وأكثر اِلقالٌم التصاقا ً باإلمبراطورٌة "‬
‫بؤن مخططاتهم فاشلة ‪ ،‬وأن ذكر إنشاء مٌناء إنكلٌزي فً الخلٌ الفارسً والذي سٌعرض المصالح وسٌادة اِلراضً العثمانٌة للخطر ‪ٌ ،‬عتبر من‬
‫أكثر اِلمور استفزازٌة ‪.‬‬
‫قبل الحرب العالمٌة‬

‫‪470‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بعد ذلك القرار تصاعدت وتٌرة الخالؾ بٌن اِلطراؾ فً القرار السٌاسً البرٌطانً ‪ ،‬كانت حكومة الهند تعتبر تعٌٌن الوكٌل السٌاسً دابما ً ‪ ،‬بٌنما‬
‫اعتبرته وزارة الخارجٌة البرٌطانٌة مإقتا ً ‪ ،‬وكانت أقو اِلصوات المعارضة هً الدولة العثمانٌة التً اعتبرت ذلك القرار خرقا ً لكل االتفاقات‬
‫السابقة ‪ ،‬ؼادر النقٌب ‪ -‬أس جً نوكس – الكوٌت فً أذار‪ -‬مارس ‪ ، 1905‬كان القلٌل ٌتسرب من تلك اِلحداث الخفٌة لرجال السٌاسة من أبناء‬
‫العراق ‪ ،‬لكن الموقؾ العام هو المتابعة والترقب فً ظل ؼٌاب الكٌان الوطنً لم ٌكن من الحكمة القٌام بذات المحاوالت الشعبٌة العسكرٌة بسبب‬
‫اختالل موازٌن المواجهة العسكرٌة ‪ ،‬ظل العقل العراقً ٌختزن الرعود وٌنتظر اللحظة المناسبة متجمالً بالصبر والتحسب ‪ ،‬بعد مؽادرة – نوكس –‬
‫ناقشت لجنة الدفاع اإلمبرٌالً البرٌطانٌة فً لجنة مخصصة لمتابعة شإون الكوٌت والعراق ذلك القرار‪ ،‬وقررت ضرورة عودة الضابط – نوكس‬
‫– إلى الكوٌت وتم ذلك فً شهر تشرٌن اِلول – نوفمبر ‪ 1905‬حٌث عاد إلى منصبه مواصالً مهمات عمله اللوجستً وكتابة تقارٌره السرٌة عن‬
‫وضع الكوٌت والعراق وعامال على تثبٌت أعمدة االستعمار البرٌطانً فً المنطقة ‪ ،‬لم تتضمن مذكرة عودته إلى المنطقة فترة محددة لبقابه ‪ ،‬كانت‬
‫التوصٌات التً استلمها من الجهة التً ٌعمل لها تتعلق بالتركٌز على البناء لبقاء برٌطانٌا إلى قرون قادمة ولٌست عقود فً المنطقة باعتبارها قاعدة‬
‫االستعمار البرٌطانً الثابتة والقوٌة ‪ ،‬كما تم تزوٌده بمعلومات تتعلق بطرق مواجهة موضوع الفكرة اِللمانٌة المتعلقة بمد سكة حدٌد برلٌن – بؽداد‬
‫إلى أحد موانا الخلٌ العربً ‪ ،‬كما وضعت الخارجٌة البرٌطانٌة العدٌد من السٌنارٌوهات والخطط التً على مبعوثها أن ٌعمل من خاللها ‪ ،‬وكان‬
‫الهدؾ من النشاط الجدٌد هو تعزٌز موقع برٌطانٌا فً الخلٌ والكوٌت على صد إبرام معاهدة ‪ 1907‬التً حصلت فٌما بعد ‪ ،‬بٌن الشٌخ مبارك‬
‫وبرٌطانٌا وكان جوهرها استبجار مٌناء – الشوٌخ – فً محاولة مقصودة لمنع تسلل أي نفوذ إلى الكوٌت ‪ ،‬بعد تسرب بنود ذلك االتفاق إضافة‬
‫الحكومة العثمانٌة احتجاجا ً جدٌداً إلى سلسلة احتجاجاتها السابقة ‪ ،‬والتً كان أبرزها الصادر فً العام ‪ ، 1904‬كانت ثمة مفاوضات تجري بٌن‬
‫الطرفٌن ‪ ،‬تعمل الدولة العثمانٌة من خاللها على تعطٌل خطط برٌطانٌا فً المنطقة ‪ ،‬بٌنما تحاول برٌطانٌا كسب الوقت وهً تدرك جٌداً تدهور‬
‫أوضاع الدولة العثمانٌة ‪ ،‬تلك المفاوضات الطوٌلة أدت فً النهاٌة إلى توقٌع اتفاقٌة برٌطانٌة – تركٌة ‪ ،‬وذلك فً العام ‪ ، 1913‬تلك االتفاقٌة ولدت‬
‫مٌتة بسبب عدم التصدٌق علٌها وذلك لقٌام الحرب العالمٌة اِلولى ‪ ،‬والمعروؾ أن تركٌا دخلت الحرب إلى جانب ألمانٌا ‪ ،‬وثمة مالحظة مهمة‬
‫تسجلها الوثابق البرٌطانٌة عن تلك المرحلة وهً ‪ ،‬أن الوكٌل السٌاسً البرٌطانً فً الكوٌت لم ٌكن ٌتدخل فً الشإون الداخلٌة لإلمارة بسبب‬
‫الحساسٌة الشدٌدة والعالقة الواضحة للشإون اإلدارٌة المرتبطة بالبصرة ومن ثم بالدولة العثمانٌة ‪ ،‬عكس الذي كان ٌجري فً البحرٌن والمحمرة‬
‫من تدخل مباشر ‪ ،‬كما تسجل تلك الوثابق وجود مراسالت واستطالع آراء بٌنه وبٌن أقرانه العاملٌن فً البصرة والمحمرة والبحرٌن ‪ ،‬وكان ٌخضع‬
‫فً تفاصٌل عمله للمقٌم السٌاسً البرٌطانً فً – بوشهر – الذي كان ٌعتبر هو المسإول اِلول تجاه حكومة الهند ‪ ،‬التً تشرؾ على عمل دابرة‬
‫الشإون السٌاسٌة الخارجٌة البرٌطانٌة فً منطقة الخلٌ العربً ‪ ،‬بٌنما كان ٌسمح له بتوجٌه تقارٌره التجارٌة إلى حكومة الهند ووزارة الخارجٌة‬
‫البرٌطانٌة مباشرة ‪،‬‬
‫كما ٌمتلك الصالحٌات المطلقة للتعامل مباشرة مع مدٌر عام الواردات المركزي فً لندن ‪..‬‬
‫‪ 1914‬العام الحاسم‬
‫فً أجواء الحرب العالمٌة اِلولى ونتابجها حصلت الكثٌر من المتؽٌرات فً المنطقة ومن أبرزها تعززت السٌطرة البرٌطانٌة فً عموم منطقة‬
‫الخلٌ العربً والعراق وإٌران وشرق اِلردن ‪ ،‬وكانت النتاب المهمة تتعلق بالقاعدة اللوجستٌة المتقدمة – الكوٌت – حٌث تعهدت هذه المرة‬
‫برٌطانٌا بشكل معلن وواضح فً الحفاظ على قاعدتها المتقدمة والمراكز اِلخر فً – نجد والمحمرة – وقد حصل الشٌخ مبارك الصباح على‬
‫مكافؤة مثبتة فً الوثابق البرٌطانٌة وهً تتعلق بإعفاء ممتلكاته من مزارع وعقارات فً العراق من الضرابب وبشكل دابم مقابل الدعم الذي ٌقدمه‬
‫مع أبن سعود والشٌخ خزعل – حاكم المحمرة – للقوات البرٌطانٌة فً مواجهاتها العسكرٌة مع القوات العثمانٌة ‪ ،‬قرار اإلعفاء هذا هو بمثابة‬
‫اإلعالن البرٌطانً الرسمً عن خطط قد اتخذت لسلخ لفصل الكوٌت عن العراق وهو العامل الذي كانت برٌطانٌا تقصد من وراءه مد سٌطرة‬
‫"عمٌلها " إلى داخل أرض البصرة ‪ ،‬وبذلك تبدو الصورة مقلوبة وتتداخل اِلمور وٌتم التعتٌم على عابدٌة الكوٌت للعراق مع تقادم الزمن ‪ ،‬ولهذا‬
‫نجد أن الملك ؼازي عندما ؼضب من شٌخ الكوٌت اتخذ قراره بوضع ٌد الدولة العراقٌة على تلك الممتلكات وكانت تلك الخطوة تمثل الشرارة التً‬
‫بدأ بها خط المواجهة الشعبٌة والرسمٌة العراقٌة فً الظهور العلنً ‪ ،‬من المكاسب اِلخر المهمة التً حصل علٌها شٌخ الكوٌت من الحرب‬
‫العالمٌة اِلولى ‪ ،‬إدخال الكوٌت ضمن المنطقة التً تتم إدارتها من قبل القوة العسكرٌة المسماة – دي – وهً التً تشكل مجمل القوات العسكرٌة‬
‫الهندٌة فً الخلٌ العربً وهً رأس الرمح فً خطط الحرب ‪ ،‬على خلفٌة تفاصٌل الحرب تم التؽٌٌر السٌاسً اآلتً ‪ ،‬تم تعٌٌن السٌر – برسً‬
‫كوكس – الضابط السٌاسً اِلقدم للعمل مع قوات الشرق اِلوسط المتواجدة فً البصرة ‪ ،‬وتم التؽٌٌر اآلخر عندما صار اتصال الوكٌل السٌاسً‬
‫البرٌطانً مباشرة بالسٌر – برسً كوكس – ٌستلم منه اِلوامر مباشرة فٌما ٌتعلق بالقضاٌا السٌاسٌة للوكالة السٌاسٌة فً الكوٌت بعد احتالل بؽداد ‪،‬‬

‫‪471‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سام ‪ ،‬كما بقٌت مسإولٌة إدارة الشإون الداخلٌة للوكالة فً الكوٌت بٌد المقٌم السٌاسً فً – بوشهر –‬
‫سواء فً منصبه كمندوب مدنً أم كمندوب ٍ‬
‫كان محور الوجود البرٌطانً منذ الخطوة اِلولى ‪ -‬وحتى ٌقٌض ّللا للعرب تلك القوة التً تطرد ذلك الوجود البؽٌض الذي ارتبط بسرقة الثروات‬
‫وإهانة الكرامة واستباحة الوجود ‪ٌ -‬تمثل فً السٌطرة على منابع النفط الموجودة فً منطقة الخلٌ العربً والعراق وإٌران ‪ ،‬كتب وزٌر الخارجٌة‬
‫البرٌطانٌة آنذاك لمجلس وزراء برٌطانٌا تقرٌراً ٌوضح أهداؾ السٌاسة البرٌطانٌة على المد البعٌد ‪ ،‬وخاصة بعد النتاب التً حددتها الحرب ‪،‬‬
‫قابالً ‪ " :‬أن سٌادة برٌطانٌا ومصالحها الحٌوٌة فً الخلٌ ٌجب أن تكون مإكدة ومحمٌة بشكل مطلق ‪ ،‬هذه السٌاسة أراها تساوي قوة اِلسطول‬
‫البرٌطانً ‪ ،‬ونحن نعلم جٌداً أن قوة اِلسطول تعنً قوة برٌطانٌا " أثارت تلك المذكرة عاصفة من التعارض حول الخطط المستقبلٌة ‪ ،‬اِلمر الذي‬
‫دفع – ونستون شرشل – للتدخل بشكل مباشر لٌحسم الخالؾ وفق المنطق الذي روج له فً رسالته التارٌخٌة التً ٌقول فٌها " أن حكومة صاحب‬
‫الجاللة ‪ٌ ،‬جب أن تفكر على الدوام وخاصة للمستقبل القرٌب أو البعٌد وترتب الخطط واِلولوٌات ‪ ،‬ذلك أننً أخشى أن ٌجًء الٌوم الذي تصبح فٌه‬
‫منابع البترول التً نملكها هناك منابع سخط وثورة ضدنا " هذا الرأي الذي أسجله هنا هو لوزٌر المستعمرات البرٌطانٌة الذي أشرؾ على صنع‬
‫القنابل الموقوتة فً المنطقة واقصد – نقاط الخالؾ بٌن الدول حول مناطق الحدود ‪ -‬كان ٌصنع كل شًء فً المنطقة من خالل فلسفة استمرار‬
‫ٌكتب –‬ ‫تدفق البترول إلى برٌطانٌا وهو صاحب النظرٌة التً تعتمد على فكرة أن ٌكون لبرٌطانٌا – بترولها الخاص بها ‪ ،‬فً وثٌقة أخر‬
‫تشرشل خطابا ً لقابد اِلسطول البرٌطانً– وكان وقتها وزٌراً للدفاع ‪ " -‬المطلوب من اِلسطول البرٌطانً اآلن وفً المد المنظور ‪ ،‬هو ضمان‬
‫وصول البترول إلى برٌطانٌا العظمى ‪ ،‬رخٌص فً حالة السالم ‪ ،‬مإكد فً حالة الحرب "‬
‫الوضع بعد الحرب اِلولى‬
‫بعد العام ‪ ، 1914‬كانت السٌاسة البرٌطانٌة قد تحددت وصارت تتداخل مع مجمل المشاكل السٌاسٌة الجدٌدة التً بدأت تظهر فً العراق ‪ ،‬وكانت‬
‫شروط وأهداؾ تلك السٌاسة فً المراحل اِلولى كسب الحرب وتثبٌت الخارطة الجدٌدة ‪ ،‬وفٌما ٌتعلق بالعراق كانت ثمة قرارات كثٌرة ‪ ،‬قد اتخذت‬
‫أؼلبها ظلت سرٌة فً تلك الفترة ‪ ،‬ولكن محورها التخوؾ من العوامل التً ٌتمتع بها ‪ ،‬خاصة وأن قوات برٌطانٌا واجهت فٌه مقاومة شرسة ‪ ،‬قبل‬
‫أن تتمكن من احتالله بشكل تام ‪..‬‬
‫نورذ السعيد‬
‫نوري بن سعٌد بن صالح بن المال طه ‪ ،‬من عشٌرة القره ؼولً ‪ ،‬البؽدادي‬
‫‪ ، 1906‬ودخل‬ ‫سٌاسً عسكري المنشؤ ‪ ،‬فٌه دهاء وعنؾ ‪ ،‬ولد ببؽداد ‪ ،‬وتعلم فً مدارسها العسكرٌة‪ ،‬وتخرج من المدرسة الحربٌة باإلسـتانة ـ‬
‫مدرسة اركان الحرب فٌها عام ‪، 1911‬وحظر حرب البلقان ( ‪1912‬ـ ‪ ) 1913‬وساهم فً نشاطات القومٌٌن العرب اٌام ظهورها فً العاصمة‬
‫العثمانٌة فكان من اعظاء جمعٌة العهد السرٌة ‪ ،‬وقامت ثورة الشٌرٌؾ حسٌن فً الحجاز (‪ ) 1916‬فلحق بها فكان من قادة اركان جٌش الشرٌؾ ـ‬
‫الملك فٌصل االول ‪ ،‬فٌصل بن حسٌن بن علً ـ فً زحفه الى سورٌا ودخل قبله دمشق وانحاز الى السٌاسٌة االنكلٌزٌة فً المنطقة ‪ ،‬فكان المإٌد لها‬
‫فً البالط الفٌصلً بسورٌا ‪ ،‬ثم العراق ‪ ،‬مجاهرا بذلك الى اخر حٌاته ‪ .‬ظل فً خدمة فٌصل االول بعد ان اصبح ملكا على العراق ‪.‬‬
‫تمرس فً العمل السٌاسً ‪ ،‬وتولى رباسة الوزراء العراقٌة الول مرة فً عام ‪ ، 1930‬ثم توالها مرات كثٌرة فً اٌام الملك فٌصل ‪ ،‬وابنه الملك‬
‫ؼازي ‪ ،‬والملك فٌصل الثانً بن ؼازي ‪ .‬كما تولى كذلك وزارة الدفاع عام ‪ ، 1926‬ووزارة الخارجٌة عام ‪. 1941‬‬
‫حضر مإتمر المابدة المستدٌرة الذي اقٌم فً لندن فً شباط ‪ ، 1939‬لمناقشة قضٌة فلسطٌن ‪ ،‬وكانت هناك اتصاالت بٌنه وبٌن هتلر ‪ ،‬اثناء الحرب‬
‫العالمٌة الثانٌة ‪ ،‬عن طرٌق السفٌر االلمانً فً بؽداد ولكنها لم تسفر عن شًء ‪،‬نظرا لوالء نوري السعٌد المعروؾ لبرٌطانا ‪ .‬كان هو صاحب فكرة‬
‫مشروع الهالل الخصٌب ‪ ،‬الذي ٌنادي بتوحٌد سورٌا ولبنان وفلسطٌن وشرقً االردن فً دولة واحدة ‪ ،‬وعرض هذا المشروع على االمم المتحدة ‪،‬‬
‫وقٌل انه صاحب فكرة انشاء الجامعة العربٌة ‪ ،‬وتقدم بها عام ‪ ، 1941‬عندما كان سفٌرا للعراق فً مصر ‪ ،‬واقنع بها محمود فهمً النقراشً باشا‬
‫‪ ،‬ربٌس وزراء مصر آنذاك ‪.‬‬
‫تفاوض بؤعتباره ربٌسا للوزراء البرام معاهدة تحفظ لبرٌطانا نفوذا اكبر فً العراق ‪ ،‬وفً عام ‪ ، 1955‬وافق على انضمام بالده لحلؾ بؽداد ‪،‬‬
‫الذي ضم برٌطانٌا وباكستان واٌران وتركٌا ‪ ،‬وٌإكد الكثٌرون ان السعٌد هو صاحب مشورع حلؾ بؽداد ‪ ،‬مما اد الى تدهور العالقات مع مصر ‪،‬‬
‫والهجوم الشدٌد من جمال عبدالناصر على نوري السعٌد ‪،‬كذلك كان نوري السعٌد الٌإمن بسٌاسة " الحٌاد االٌجابً وعدم االنحٌاز " التً كانت‬
‫تنادي بها مصر والهند وٌوؼزالفٌا ‪ ،‬وٌر ان الحٌاد بالنسبة للضعٌفة ‪ ،‬هو مجرد خدعة ‪ ،‬النها ال تملك القوة المادٌة والعسكرٌة الثابته للدفاع عن‬
‫انفسها ‪ ،‬ومن ثم فقد عرض على نهرو زعٌم الهند فً مارس ‪ ، 1954‬ان ٌنضم الى حلؾ بؽداد ‪ ،‬وكان ٌوالً برٌطانٌا ‪ ،‬وٌسعى دابما الى ربط‬
‫العراق بها ‪.‬‬

‫‪472‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وابتلؾ مع الشرٌؾ عبداالله بن علً ـ الوصً على عرش العراق فً اٌام فٌصل الثانً ‪ .‬وقامت ثورة عبدالكرٌم قاسم فً بؽداد ‪ 58‬فكان فٌصل‬
‫وعبداالله من قتالها ‪.‬‬
‫موت نوري سعٌد‬
‫توجهت قوة عسكرٌة بقٌادة الرابد بهجت سعٌد فً صبٌحة ٌوم الثورة ‪ 14 ،‬تموز ‪ ، 1958‬الى بٌت نوري سعٌد ‪ ،‬بهدؾ القبض علٌه ‪ ،‬وحٌن‬
‫وصلت القوة الى بٌت نوري السعٌد لم تجده ‪ ،‬فقد الذ بالفرار وهو بمالبس النوم ‪ ،‬حامال مسدسه معه ‪ ،‬بعد ان اخبرته خادمته البدوٌة ‪ ،‬بؤن قوة‬
‫عسكرٌة على وشك الهجوم علٌه ‪ ،‬وقٌل ان المقدم وصفً طاهر ‪ ،‬الذي عمل حارسا شخصٌا لنوري السعٌد سنوات عدٌدة هو الذي اخبره بذلك ‪،‬‬
‫وقٌل ان وصفً طاهر جاء الى منزل نوري السٌعٌد قبل الفجر واخبره بما ٌدبره له ‪،‬ونصحه بالفرار ‪ ،‬وان وصفً طاهر فعل ذلك لٌثبت اخالصه‬
‫لنوري السعٌد ‪ ،‬اذا فشلت الثورة ‪.‬‬
‫وعلى شاطًء نهر دجله وجد نوري السعٌد قاربا به رجل مسن ‪ ،‬فامره ان ٌحمله الى الرصافه ‪ ،‬كانت الخطة التً فكر فٌها نوري السعٌد هً‬
‫الوصول الى الساحل المقابل ‪ ،‬ثم االتجاه رأسا الى وزارة الدفاع ‪ ،‬قبل ان ٌعبر جٌش الثورة الجسر للوصول الى داخل المدٌنة ‪ ،‬فٌتصل تلفونٌا‬
‫بربٌس اركان الجٌش ورإساء الفرق االولى ‪ ،‬وٌؤمرهم بفتح جسر العبور الحباط االنقالب ‪.‬‬
‫طلب الصٌاد المسن من نوري سعٌد ان ٌرقد فً قاع القارب ‪ ،‬واسدل علٌه شباك الصٌد حتى الٌنكشؾ امره ‪ ،‬وعندما سمع نوري السعٌد اصوات‬
‫القنابل والمدافع التً اطلقها الثابرون ‪ ،‬خشً‪ ،‬ان نزل الى الشاطًء ان تراه الجموع المكتظة وٌنفضح امره ‪ ،‬فطلب من الصٌاد ان ٌعٌده الى ضفة‬
‫الكرادة ‪ ،‬ثم توجه الى منزل صدٌق له ‪ٌ ،‬دعى الدكتور صالح مهدي البصام ‪ ،‬وهو منزل الٌبعد كثٌرا عن منزله ‪.‬‬
‫دبر له صدٌقه صالح طرٌقة للهرب ‪ ،‬فً الصندوق الخلفً لسٌارة شقٌقه مرتضى البصام ‪ ،‬وانطلقت به السٌاره الى حً الصالحٌة ‪،‬ثم من هناك الى‬
‫حً الكاظمٌة ‪ ،‬حٌث منزل صدٌقه القدٌم محمود االستربادي ‪ ،‬كان نوري السعٌد ٌود ان تؤخذه السٌارة راسا من الكاظمٌة الى حٌث ترابط الفرق‬
‫الرابعة وقابدها ‪ ،‬وفٌق عارؾ فً الشمال ولكن خطورة الموقؾ جعلته ٌعدل عن ذلك وٌبقى فً منزل صدقه ‪.‬‬
‫وقضى نوري سعٌد لٌلته هناك ‪ ،‬واستمع الى االذاعة وهً تذٌع بٌانا لحكومة الثورة ‪ ،‬تحذر فٌه افراد الشعب من التستر على نوري السعٌد او اٌواب ِه‬
‫او مساعدته باي شكل من االشكال ‪ .‬وتدعوهم الى القبض علٌه فورا ‪،‬حٌا او مٌتا ‪ .‬وتضمّن البٌان ان حكومة الثورة رصدت جابزة كبر قدرها‬
‫عشرة االؾ دٌنار ‪ ،‬لمن ٌؤتً بنور سعٌد حٌا او مٌتا ‪ ،‬فً ذلك الوقت كان االمل الوحٌد الذي تعلق به نوري هو تدخل قوات الدول االعضاء فً‬
‫حلؾ بؽداد ‪ ،‬والطابرات البرٌطانٌة على وجه الخصوص ‪ ،‬ولكن ذلك لم ٌحدث ‪.‬‬
‫بعد ظهر الٌوم التالً ‪ 15‬تموز ‪ ، 58‬خرج نوري السعٌد مذعورا متنكرا فً زي النساء ‪ ،‬ومعه زوجة محمود االسترابادي وخادمتها ‪ .‬ركبوا‬
‫سٌارة محمود وقادها مظفر بن محمود ‪ ،‬وتوجه بها الى منزل هاشم جعفر ‪ ،‬شقٌق الدكتور ضٌاء جعفر ‪ ،‬الوزٌر السابق ‪،‬عندما رآه عمر بن هاشم‬
‫جعفر ‪ ،‬وعلم انه نوري سعٌد ‪ ،‬وجدها فرصة سانحة للفوز بالجابزة القٌمة والتقرب الى الحكومة الجدٌدة ‪ ،‬ومن ثم خرج مسرعا الى وزارة الدفاع ‪،‬‬
‫وتمكن بصعوبة من مقابلة عبدالكرٌم واخباره ‪.‬‬
‫امر عبدالكرٌم قاسم بان تسرع قوة من العسكرٌٌن الى مكان نوري السعٌد ‪،‬واعتقاله على الفور ولكن مرة اخر حٌن وصلت هذ ِه القوة لم تجد‬
‫نوري فقد ارتاب فً االمر وتوجس شرا حٌن علم بخروج عمر هاشم جعفر ‪ ،‬فاسرع بالهرب ‪ ،‬وهو بمالبسه النسابٌة ومعه زوجة االستربادي‬
‫وخادمتها‬
‫راح نوري ٌبحث عن مكان امن ٌؤوي الٌه ‪ ،‬وهداه تفكٌره الى التوجه الى منزل صدٌقه الشٌخ محمد العرٌبً ‪ ،‬فً منطقة البتاوٌن ‪ ،‬فربما ٌمكن‬
‫الوصول الٌه ‪ ،‬وٌختفً بٌن رجال قبٌلته حتى ٌتسنى لهم تهرٌبه الى الحدود ‪ ،‬فٌعبرها الى اٌران ‪ .‬حاول ان ٌتذكر المنزل وموقعه وخانته الذاكرة‬
‫وسار والى جواره ام عبداالمٌر زوجة االستربادي وخادمتها ‪ ،‬فراح ٌسؤل المحالت التجارٌة وتعرؾ الٌه احد اصحاب هذ ِه المحالت ‪ ،‬فصرخ ـ "‬
‫امسكوه ‪ ،‬هذا نوري السعٌد ‪ ،‬امسكوه " ‪ ،‬تجمهر الناس حوله ‪ ،‬وتوجهت الٌه شاحنة تحمل عددا من رجال الشرطة ‪ ،‬ومعهم وصفً طاهر ‪ ،‬فاخرج‬
‫نوري مسدسه واخذ ٌطلق النار عشوابٌا ‪ ،‬وهو فً رعب وهلع شدٌدٌن ‪.‬‬
‫واسرع الجنود الموجودون فً مكان الحادث ‪ ،‬ومعهم الجماهٌر ‪ ،‬واخذوا ٌطلقون النار علٌه فؤصٌب اصابة قاتلة ‪ ،‬واقترب منه احد الجنود ‪ ،‬وانتزع‬
‫المسدس من ٌده واطلق النار علٌه فؤرداه قتٌال ‪ .‬وفً رواٌة اخر قٌل ان نوري سعٌد هو الذي افرغ مسدسه فً صدره حٌن اٌقن بهالكه ‪ .‬ولما‬
‫وصل وصفً طاهر كان نوري السعٌد ٌلفظ انفاسه االخٌره ‪ .‬فصاحت ام عبداالمٌر ‪ " :‬هذا باشتنا ٌا وصفً ‪ ،‬هذا ابوك وابو الكل ‪ ،‬انقذوه " ‪ .‬وظن‬
‫وصفً انها رجل متنكر فً زي امرأة ‪ ،‬فؤطلق علٌها الرصاص ‪ ،‬ثم اخذ ٌفرغ رشاشه فً جثة نوري السعٌد ‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان وصفً طاهر ٌفخر بعد ذلك ‪ ،‬فً الصحؾ واالذاعة بؤنه هو الذي قبض على نوري السعٌد وقتله ‪ .‬وكانت االهازٌ الشعبٌة تلقبه بعد ذلك بـ "‬
‫قاتل االسد المٌت " فتقول ‪:‬‬
‫" لعنة علٌك سبع لعنة ‪ ،،،‬چتال السبع المٌت "‬
‫اما ولدا السٌد هاشم ‪ ،‬فقد قبض كل منهما خمسة االؾ دٌنار قٌمة الجابزة ‪ .‬حمل الجنود جثة نوري السعٌد الى وزارة الدفاع ‪ ،‬والقوا بها امام‬
‫عبدالكرٌم قاسم ‪ ،‬الذي نظر الٌها ‪ ،‬ومعه مجموعة من الضباط والوزراء ‪ ،‬ثم امر بتركهاا مكانها الى ان ٌحل الظالم ‪ ،‬ثم التوجه بها لدفنها فً مقبرة‬
‫باب المعظم فً بؽداد ‪ ،‬ولكن بعض العناصر نبشت القبر فً الٌوم التالً وسحبت الجثة ‪ ،‬وراحت تسسحلها فً شوارع بؽداد ‪ ،‬الى ان اولصلتها الى‬
‫مٌدان منطقة الوزٌرٌة ‪ ،‬بجوار السفارة المصرٌة ‪ ،‬وكان هناك عدد من سٌارات الشرطة وبعض الدبابات ‪ ،‬فامر قابد الشرطة ان تـسحق الجثة تحت‬
‫جنزٌر الدبابة ‪ ،‬ولما تم ذلك اشعلوا النار فٌها ‪.‬‬
‫وٌقال ان سابق الدبابة حٌن مر بعجالته فوق القسم االسفل من الجثة انتصب القسم االعلى فجؤة ‪ ،‬فاصاب اسابق الهلع ‪ ،‬ونقل بعد ذلك الى مستشفى‬
‫االمراض العصبٌة ‪.‬‬
‫اعلن السفٌر االمرٌكً ‪ ،‬ان وفاة نوري سعٌد خسارة كبى للوالٌات المتحدة االمرٌكٌة وبرٌطانٌا ‪ ،‬وبعث كثٌر من السٌاسٌٌن البارزٌن فً العالم‬
‫رسابل تعزٌة الى زوجة نوري السعٌد ‪ ،‬ومنهم ‪:‬‬
‫هارولد ماكمٌالن ربٌس وزراء برٌطانا السابق ‪ ،‬وسلوٌن لوٌد وزٌر الخارجٌة ‪ ،‬وفرانسٌس همفرٌز المندوب السامً البرٌطانً فً العراق ‪ ،‬واول‬
‫سفٌر برٌطانً فٌها‬
‫ولنوري السعٌد مطبوعات منها ‪:‬‬
‫احادٌث فً االجتماعات الصحفٌة‬
‫استقالل العرب ووحدتهم‬
‫محاضرات عن الحركات العسكرٌة للجٌش العربً فً الحجاز وسورٌا‬
‫المصدر ‪ :‬الموسوعة التارٌخٌة ‪ ،‬خالد بن سلطان بن عبدالعزٌز آل سعود‬

‫شخصية عبد الكريم قاسم‬


‫الكاتب العراقً ‪ :‬صالح عبد الرزاق‬
‫‪http://www.sotaliraq.com/i/article_2003_02_6_x3.html‬‬

‫كان عبد الكرٌم قاسم من أصل رٌفً من مدٌنة الصوٌرة قرب مدٌنة الكوت ‪ .‬والده عربً سنً وأمه كردٌة فٌلٌة شٌعٌة ‪ .‬له أخ (حامد جاسم) ٌعمل‬
‫وسٌطا ً للنقل النهري وحالته جٌدة ‪ .‬نشؤ عبد الكرٌم قاسم عصامٌا ً ‪ ،‬إذ أكمل الكلٌة العسكرٌة ‪ ،‬وحاز مناصب عسكرٌة ‪ ،‬إذ كان برتبة عمٌد ركن‬
‫ومرشح لرتبة أمٌر لواء ركن ‪ .‬وهً رتبة عسكرٌة ٌسمى حاملها (باشا) فً الجٌش العراقً ‪ .‬كان ذا ثقافة جٌدة ‪ٌ ،‬جٌد العربٌة الفصحى ‪ ،‬مطلع‬
‫على اِلدب العربً القدٌم ‪ .‬وٌجٌد اإلنكلٌزٌة ‪ ،‬إذ أنه قد درس اِلركان فً مدرسة كبار الضباط فً برٌطانٌا عام ‪ . 1950‬ومع إختالفنا مع سٌاسته‬
‫وأفكاره وإتهامه بالدكتاتورٌة ‪ ،‬إال أننً لم أجد من ٌذكر سلوكه الشخصً بسوء ‪ ،‬فقد كان مستقٌما ً ‪ ،‬ال ٌدخن ‪ ،‬وال ٌحب السهرات ‪ ،‬جدي ‪،‬‬
‫متواضع ‪ ،‬لم ٌبن قصراً بعد تولٌه الرباسة ‪ ،‬بل سكن فً ؼرفة فً وزارة الدفاع ‪ .‬كان سابقه ٌجلب له طعامه ( سفرطاس) من بٌت أخٌه ‪ .‬لم ٌتزوج‬
‫‪ ،‬وعالقته جٌدة مع أسرته وأصدقابه ‪ .‬لم ٌحتفظ بؤحقاد شخصٌة قدٌمة ‪ ،‬بل كان ٌعفو عن كثٌر ممن أساإا له وحاولوا إؼتٌاله ‪ .‬كان ٌعمل طوال‬
‫الٌوم ‪ ،‬ولم ٌتقٌد بمواعٌد الدوام ‪ .‬وؼالبا ً ما ٌقوم بجولة لٌلٌة لتفقد سٌر العمل فً قناة الجٌش وتبلٌط الطرق والساحات ‪ .‬لم ٌمنح رتبا ً عسكرٌة خارج‬
‫القانون أو منح قدم لؽٌر مستحقٌها ‪ ،‬وحتى نفسه‪.‬‬

‫سياسة عبد الكريم قاسم‬

‫‪474‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌنام فً مكتبه ‪ ،‬والٌملك بٌتا او حتى ؼرفة فً بٌت‬


‫قام عبد الكرٌم قاسم وبمساعدة بعض الضباط باالستٌالء على السلطة فً انقالب عسكري ضمن خطة (عملٌة صقر) ‪ ،‬وتمت تصفٌة العابلة المالكة‬
‫فً ظروؾ ؼامضة ‪ .‬قام عبد السالم عارؾ بقراءة البٌان اِلول للثورة من دار االذاعة العراقٌة ‪ .‬ثم قام بتشكٌل حكومة جدٌدة استعان بها بالوجوه‬
‫السٌاسٌة القدٌمة والمعارضة للنظام الملكً ‪.‬‬
‫بالنسبة لسٌاسة قاسم فً اِلعوام الخمسة التً حكمها هناك تفاصٌل كثٌرة لسنا هنا بصددها ولكننا سنركز على ما أهمها ‪ .‬على الصعٌد الخارجً‬
‫‪ 80‬الذي ٌقٌد التنقٌب عن النفط فً‬ ‫تقارب عبد الكرٌم قاسم مع اإلتحاد السوفٌاتً نكاٌة بؤمٌركا وبرٌطانٌا بعد ؼضبهما على إصدار قانون رقم‬
‫مساحة محدودة ‪ .‬على الصعٌد الداخلً إهتم ببناء المشارٌع العمرانٌة واإلسكانٌة والمصانع ورفع المستو التعلٌمً والصحً ‪ ،‬مما عزز شعبٌته بٌن‬
‫الجماهٌر وخاصة الطبقة المسحوقة التً كانت تعٌش على هامش المدن ‪ ،‬فبنى مدٌنة الثورة ببؽداد ومنح مساكن شعبٌة ِلصحاب الصرابؾ‬
‫وؼالبٌتهم من الشٌعة‪.‬‬

‫موقؾ المرجعية الدينية‬


‫إستقبلت المرجعٌة الشٌعٌة ‪ ،‬التً كان ٌرأسها المرجع الدٌنً السٌد محسن الحكٌم (قدس) ‪ ،‬التؽٌٌر السٌاسً بترحاب ‪ .‬وبعث السيد الحكيم برسالة‬
‫إلى عبد الكريم قاسم جاء فيها‪ :‬ولقد سرني ما يبلؽني عنكم من خطوات سديدة جبارة في هذه اآلونة القصيرة‪ .‬األمر الذذ يستوجب لكم االكبار‬
‫واالعظام‪ .‬لذلك أبارك لكم فيما أوالكم هللا به ‪،‬وأدعو لكم بحسن التوفٌق لخدمة الدٌن واالسالم ‪،‬والمحافظة على الصالح العام‪ .‬وقد أجابه قاسم بما‬
‫ٌلً‪ :‬تلقٌنا كتاب سماحتكم بمزٌد من الشكر‪ ،‬سابلٌن المولى أن ٌوفقنا ِلداء الواجب الملقى على عاتقنا نحو اِلمة وحماٌة شعابر االسالم وإقامة‬
‫موازٌن العدل والمحافظة على الصالح العام‪ ،‬مستمدٌن العون من عناٌة ّللا ومإازرة اِلمة وبركات أبمة الدٌن ‪.‬‬

‫كما أرسل له المرجع الدٌنً السٌد محمد الحسنً البؽدادي برقٌة تؤٌٌد بع أن زاره قادة الثورة بما فٌهم فإاد عارؾ (أحد قٌادات الضباط اِلحرار)‪.‬‬
‫وقد أجاب قاسم على البرقٌة بخط ٌده مخاطبا ً إٌاه بالفقٌه اِلكبر ‪.‬‬

‫الزعيم في القمر‬
‫‪Published on Feb 7, 2003‬‬
‫بقلم‪ :‬كاظم الشاهرذ‬
‫اختار فقراء العراق القمر مكانا للزعٌم حٌنما داهمه الؽدر وداهمته الجٌوش ‪ .‬ومنذ ذلك الٌوم لم نسم القمر قمرا ‪ ،‬بل اصبحنا نسمٌه اذا ظهر واذا‬
‫ؼاب ‪ ،‬ظهر الزعٌم وؼاب الزعٌم ‪ ،‬وبخالصة شدٌدة نسٌنا اسم القمر بتاتا وصار اسمه عندنا ‪ ،‬الزعٌم‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كنا نخشى الزعماء ونخافهم ونخاؾ بطشهم فكل الزعماء الذٌن تزعمونا من اول اجدادي وحتى اخر اب لً ‪ ،‬كنا نخر لهم ساجدٌنا وكان هو ٌخر لنا‬
‫ساجدا ‪ ،‬ولهذا السبب حٌنما داهمه الؽدر وداهمته الجٌوش وحٌنما شعرنا بعدم قدرتنا على حماٌته رحالناه الى القمر ‪ ،‬وقد وصل سالما وشاهدته‬
‫بٌجٌة وحرشة ودنفة وشهزنان والمأل االعظم بكامل نٌاشٌنه وقٌافته وابتسامته ‪ ،‬سالما معافى وحارسا للفقراء‪.‬‬
‫وقبل رحلته البعٌدة الى هناك كان ‪:‬‬
‫ٌقول ( ‪ ) ......‬كان لدي مخبزا وكانت فٌه صورة كبٌرة للزعٌم ‪ .‬وكان عملنا ٌبدا بعد منتصؾ اللٌل حتى اذا اشرق الصباح ٌكون الخبز جاهزا‬
‫للناس ودخل علٌنا الزعٌم فً ؼفلة وكان لدٌنا مٌزان نختبر فٌه حجم الفطابر واستخدمه الزعٌم فوجد ان وزن الفطٌرة دون الحد االدنى فطلب منا‬
‫برجاء ان نصؽر صورته ونزٌد حجم الفطٌرة‪.‬‬

‫كانت السٌدة ( ‪ ) ........‬مدٌرة مدرسة ابتدابٌة وكانت زمٌلته فً التعلٌم قبل ان ٌكون ضابطا فً الجٌش وكان قد احبها حبا شدٌدا وكانت تسخر منه‬
‫وكانت تقول له اذا بقٌت انت الرجل الوحٌد فً الكون فسؤختار بؽال عوضا عنك ‪ .‬وكان الزعٌم قد دخل فً زٌارة تفقدٌة للمدرسة وكان خاتم الزواج‬
‫فً بنصرها ذهبا صافٌا ‪ .‬تفقد الزعٌم المدرسة واحتٌاجاتها وسجل مالحظاته ورحل ‪ .‬وتإكد السٌدة المدٌرة انها لم تشعر بالخوؾ او االنتقام وتقول‬
‫كان ظنً صادقا النه لم ٌقترب من المدرسة ولم ٌقترب منً وكنت سعٌدة باختٌاري زوجا دونه حتى رحٌله الى القمر‪.‬‬

‫حدثنا زاٌر ( ‪ ) .......‬القادم من مدٌنة العمارة ٌقول كنت احفر اساسا فً قطعة ارض فً بؽداد وشاهدت خلفً شخصا سؤلنً ماذا تعمل واجبت على‬
‫الفور ( ابو اذان وعد بتوزٌع قطع اراض وسلؾ لنا نحن سكان الصراٌؾ ) فقال استمر و ( ابو اذان انشالِل ماٌقصر ) وٌقول الزاٌر كان الشخص‬
‫السابل هو نفسه الزعٌم وقد تؤكدت من ذلك بالتمعن فً صوره وكنا نسمٌه ( ابو اذان ) لحجم اذنٌه الكبٌرتٌن‪.‬‬

‫بعد انتصار الزعٌم ورحٌله الى القمر ‪ .‬قال احد الخاسرٌن فً حربه علٌه ( حذاء ) الزعٌم اشرؾ منا جمٌعا‪.‬‬

‫ٌقول ( ابو ‪ ) ......‬كنت اسكن فً محلة بؽدادٌة قدٌمة اب عن جد قبل ان ارحل عنها بتهمة اننً ؼٌر عراقً خالص النسب ‪ ،‬وكان الزعٌم ٌؤتً‬
‫هناك وكان زعٌما وكنا نستخدم صفابح علب الدهن الفارؼة كراسى ونجلس علٌها فً مقاه بسٌطة تتخذ فسح االرصفة مكانا لها وكان هو ٌؤتً‬
‫وٌجلس على واحدة من تلك الصفابح وٌطلب ( استكان جاي ) و ٌشاركنا االحادٌث والمزاح‪.‬‬

‫قبل ان ٌختار له الفقراء القمر مكانا ‪ .‬وجد الؽادرون والجٌوش المداهمة فً جٌبة ‪ .‬دٌنارا واحدا‪.‬‬

‫سٌهبط الزعٌم من قمره ‪ .‬الننا نحن فقراء العراق ادخرناه هناك ووجدنا القمر مكانا امنا له ‪ .‬واالن نقول له عد من قمرك ٌاقمر ‪.........‬‬

‫قصة اؼتيال الملك فيصل آل سعود‬

‫قبل ان اسوق الحادثة التً كانت فً مجرٌات اؼتٌال احد القادة الٌنجباء وهو الملك فٌصل الشهٌد ان شاء ّللا احب ان اقول اننً وّللا العظٌم اكن‬
‫كامل الوالء والحب لدولتً السعودٌة واكن كل االخالص والتقدٌر والعرفان لهذه القٌادة العظٌمة والرشٌدة من اول قابد الى اخر قابد من ال سعود‬
‫ادام ّللا اعزهم واتحد دولة تماثلها او تشابها امنا واستقرارا فً الوقت الحالً وٌكفٌك فخرا انها الدولة الوحٌدة فً خضم هذه الدنٌا التً تعلن فوق‬
‫الجمٌع انها تجعل من كتاب ربها دستورا ومنهاجا مهما كان فٌها من اخطا وتعدٌات فلعل حسناتها تمحو خطٌابتها وماربك بؽافل عما تعملون ‪ ...‬و‬
‫‪1965‬م و ‪ 1975‬م وقبل أن نعرض وجهات النظر المختلفة حٌال هذه اِلحداث ‪ ..‬سؤعرض نبذه‬ ‫قبل أن نبدأ فً الحدٌث عن أحداث عامًّ‬
‫مختصرة جدا عن أبرز الشخصٌات اللتً ستذكر فً هذا الموضوع ‪..‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫‪1964‬م ‪1975 -‬م)‬ ‫· الملك ‪ :‬فٌصل بن عبدالعزٌز ال سعود ‪ -‬ملك المملكة العربٌة السعودٌة ‪( -‬‬

‫‪476‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫· اِلمٌر ‪ :‬خالد بن مساعد بن عبدالعزٌز ‪ -‬اِلخ اِلكبر للشاعر اِلمٌر عبدالرحمن بن مساعد‬
‫· اِلمٌر فٌصل بن مساعد بن عبدالعزٌز ‪ -‬اخو الشاعر عبدالرحمن بن مساعد‪.‬‬
‫· الملك فهد بن عبدالعزٌز ‪ -‬ملك المملكة العربٌة السعودٌة حالٌا ووزٌر الداخلٌة سابقا‪.‬‬
‫· االمٌر عبدّللا بن مساعد ‪ -‬شقٌق الشاعر عبدالرحمن بن مساعد‬
‫· اِلمٌر خالد الفٌصل ‪ -‬ابن الملك فٌصل (الشاعر المعروؾ)‬
‫‪)1977 - 1973‬‬ ‫· هنري كٌسنجر ‪ ..‬وزٌر خارجٌة أمرٌكا اِلسبق (‬
‫· االمٌر طالل بن عبدالعزٌز ‪ -‬وزٌر المالٌة سابقا‬

‫ماذا حدث عام ‪ 1965‬؟‬


‫فً عام ‪1965‬م‬
‫بعد تولً الملك فٌصل مقالٌد الحكم بسنة واحدة ‪ ..‬وقع حدث خطٌر جدا وهو مقتل احد افراد اِلسرة الحاكمة السعودٌة على ٌد رجال اِلمن ! ‪.‬‬
‫ففً هذا العام قُتل اِلمٌر خالد بن مساعد بن عبدالعزٌز (اِلخ اِلكبر لألمٌر عبدالرحمن بن مساعد و ابن شقٌق الملك فٌصل)‪.‬‬
‫لماذا قُتل خالد بن مساعد ‪ ..‬وكٌؾ ؟؟‬
‫عُرؾ عن اِلمٌر خالد بن مساعد التدٌن واإللتزام ‪ ..‬والدعوة الى ّللا وإلقاء الخطب فً المساجد‪ٌ .‬قول اِلمٌر عبدّللا بن مساعد واصفا ً اخاه خالد ‪:‬‬
‫(الذٌن ٌعرفون أخً خالد جٌداً ٌقولون إنه كان متمٌزاً بتقواه‪ ،‬بزهده‪ ،‬بعلمه‪ ،‬وبذكابه‪ .‬كان ٌحفظ القرآن‪ ،‬وفضّل الدعوة وعمل الخٌر وطلب العلم‬
‫على كل شًء آخر‪ .‬كان مفوهاً‪ ،‬وكان لخطبه ومواعظه فً المساجد وقع مإثر فً كثٌرٌن‪ .‬كان من جلسابه وأصدقابه رحمه ّللا الشٌخ عبدالعزٌز‬
‫بن باز مفتً المملكة العربً السعودٌة السابق رحمه ّللا‪ ،‬والشٌخ عبدّللا بن ؼٌث‪ ،‬والشٌخ عبدالرحمن بن فرٌان ربٌس الجماعة الخٌرٌة لتحفٌظ‬
‫القرآن الكرٌم بمنطقة الرٌاض‪ ،‬والشٌخ فوزان القدٌري وؼٌرهم من المشاٌخ وطالب العلم المعروفٌن‪ .‬كان أخً رحمه ّللا ٌدعو وٌجهر بما ٌعتقده‬
‫خطراً على مبادئ وأخالق مجتمعه اإلسالمٌة‪ ،‬وكان ٌنتقد التلفزٌون كؤحد هذه المخاطر‪ٌ .‬خطا من ٌسقط الماضً على الحاضر وٌفصل الرأي عن‬
‫مكانه وزمانه‪ .‬منتصؾ الستٌنات كانت فترة عصٌبة ولم ٌنفرد أخً عن كثٌرٌن آخرٌن فً تفكٌره وآرابه‪ .‬ألوؾ الشباب كانوا ٌف ّكرون وبالطرٌقة‬
‫نفسها آنذاك وال ٌزال ألوؾ ٌفكرون بالطرٌقة نفسها إلى الٌوم‪ .‬كل الفرق بٌنه وبٌن ألوؾ الشباب السعودٌٌن الذٌن كانوا ٌفكرون مثله آنذاك وال‬
‫ٌزالون ٌفكرون مثله إلى الٌوم هو أن أخً خالد كان الشاب السعودي الوحٌد الذي فقد حٌاته لهذا السبب‪).‬‬

‫هناك رواٌات كثٌرة عن مقتل االمٌر خالد بن مساعد ‪..‬‬


‫منها أنه قتل اثناء اقتحامه المسلحة لمحطة التلفزٌون فً الرٌاض ‪...‬‬
‫ومنها ‪ ..‬أن وزير الداخلية في تلك االيام (الملك فهد بن عبدالعزيز ملك السعودية حاليا) أنه أمر بإعتقال االمير خالد بن مساعد ‪ ..‬وأرسل فرقة‬
‫من القوات الخاصة لمنزل خالد بن مساعد في شارع الخزان بقيادة محمد بن هالل المطيرذ (فريق أول متقاعد حاليا) ‪ ..‬وقامت هذه الفرقة‬
‫بمحاصرة المنزل في منتصؾ ليلة الثامن من سبتمبر‪ ( .‬يقال أن محمد بن هالل المطيرذ هو من أرسل رصاصته لتستقر في رأس خالد بن مساعد‬
‫وترديه قتيال) ٌقول اِلمٌر عبدّللا بن مساعد ‪:‬‬
‫(كم مرة قرأتم أن أخي خالد رحمه هللا قتل "أثناء اقتحام محطة التلفزيون في جدة" أو الرياض عام ‪ 1965‬؟ إليكم شيئا لم يقرأه الكثيرون ‪ :‬أخي‬
‫خالد لم يقتل أثناء اقتحام محطة التلفزيون في جدة أو الرياض بل لم يقتحم في حياته أذ محطة تلفزيون في أذ مكان‪ .‬إن لم يكن قتل "أثناء‬
‫اقتحام محطة التلفزيون" كما يقول معظم الباحثين والك ّمتاب األجانب بل حتى العرب منهم وكما يعتقد األلوؾ بمن فيهم بعض أفراد عائلتي‬
‫الكبيرة فؤين قتل ياترى؟ قتل في بيته‪.‬‬
‫كان أخً خالد مع أوالده قبل لحظات مما حدث حدث فً شهر سبتمبر عام ‪1965‬م عندما ‪" :‬التقط ( ‪ )........‬بندقٌة وصوّ بها إلٌه بإحكام ثم أرد‬
‫ابن أخ الملك قتٌالً"‪ .‬الجوهرة بنت خالد بن مساعد بن عبدالعزٌز كانت فً الثالثة من العمر آنذاك‪ .‬أبوها خالد بن مساعد بن عبدالعزٌز كان فً‬
‫الثالثة والعشرٌن‪).‬‬

‫وٌستطرد االمٌر عبدّللا بن مساعد وهو ٌسرد قصة مقتل أخٌه قابال ‪:‬‬

‫‪477‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫( كان المفروض أن ٌؤتً أحد أعمامً إلى البٌت وٌصلً الفجر مع خالد ثم ٌؤخذه بٌده للمساءلة‪ .‬عندما وصل رجال الشرطة فً نحو الساعة الثانٌة‬
‫عشرة من لٌلة الثانً عشر من جماد اِلول عام ‪1385‬هـ (‪8‬سبتمبر ‪ )1965‬أوقفوا سٌاراتهم قبالة البٌت "فً حً الخزان" وحاصروه‪ .‬كان أخً‬
‫خالد فً بٌته وبٌن أوالده فجاءه مرافقه وأبلؽه بوصول رجال الشرطة فخرجا معا ً‪ .‬طلبوا منه مرافقتهم مخفورا فً سٌارة الشرطة فعرض الذهاب‬
‫بسٌاراته بعدما ٌصلً الفجر‪ .‬رفضوا‪ .‬أصروا على اصطحابه معهم فً سٌارة الشرطة‪ .‬فجؤة بدأ الشرطة ٌتقدمون العتقاله بالقوة فتراجع داخل‬
‫المنزل‪ .‬ماذا حدث بعدها ؟؟ ‪..‬‬
‫توجد رواٌات كثٌرة‪ .‬بعضها ٌقول أن أخً خالد أطلق رصاصة فً الجو إلبعاد الشرطة فردوا علٌه بوابل من الرصاص‪ ،‬وبعضها ٌقول إن‬
‫الرصاصة انطلقت من مكان قرٌب منه‪ .‬بعضها ٌقول إنه أطلق النار صوب الشرطة فؤصاب أحدهم فً ساقه ففتحوا النار علٌه‪ ،‬وبعضها ٌقول ؼٌر‬
‫ذلك‪ .‬كان الجو مشحونا ً واالضطراب مسٌطراً لذا لٌس من السهل التٌقن مما حدث تماما ً باستثناء القول أن رصاصة أصابت أخً خالد فً رأسه‬
‫فسقط داخل بٌته وعادت الروح إلى باربها‪ .‬إذا أردت تلخٌص كل ماسمعته عما جر فً تلك اللحظة فهو أنه ال أحد ٌعرؾ بالضبط ماذا حدث‪ .‬لم‬
‫ٌنشر تحقٌق فً حادث مقتل أخً خالد‪ ،‬ولم أسمع من المعنٌٌن باِلمر كله سو أن اِلمر كان مؤساة من أوله إلى آخره‪ .‬الرواٌات التً ٌتبادلها بعض‬
‫الناس ال تؽٌّر فً اِلمر شٌبا ً لذا اخترنا أن نصدق بؤن ما حدث ٌومها لم ٌكن مدبراً إنا لِل وإ ّنا إلٌه راجعون‪.‬‬
‫أعمامً ٌقولون إن ماحدث كان خطؤ ؼٌر مقصود إطالقا‪ .‬لٌس هناك شخص مسإول عن مقتل أخً‪ ،‬ولم ٌؤمر بإطالق النار علٌه أحد‪ .‬نعرؾ‬
‫أعمامً وكلمتهم فوق أي كلمة أخر وإٌماننا كامل بكل ما قالوه لنا‪ .‬ماحدث كان قضاء ّللا وقدره‪ .‬اِلخطاء تقع‪.‬‬
‫مقتل أخً خالد كان خطؤ كبٌراً لن أصححه بكالمً هنا ولن ٌصححه أحد‪ .‬ال أحد ٌستطٌع أن ٌعرؾ بالضبط ما الذي ٌعنٌه مقتل أخً خالد ِلسرتً‪.‬‬
‫ّللا وحده هو الذي ٌعرؾ وهو الذي ٌقرر وهو الذي ٌصحح‪).‬‬
‫وٌنهً اِلمٌر عبدّللا بن مساعد حدٌثه بقوله ‪:‬‬
‫(كنت طفالً وقتها لذا ال أعرفه لكننً أعرؾ أنه هو الذي اختار لً اسمً‪ .‬كان متمسكا بدٌنه وكان ٌقوم بكل ماٌقوم به انطالقا ً من هذا التمسك‪.‬‬
‫الٌوجد دفاع آخر ولم ٌكن سٌقدم دفاعا ً آخر لذا لم ٌهرب ولم ٌختبا ولم ٌتحصّن ولم ٌكن ٌنتظر الشرطة وإصبعه على الزناد‪ .‬كل ماقٌل خالؾ هذا‬
‫ال صحه له على اإلطالق‪ .‬إذا كنت أرٌد أن أشدد على شًء ؼٌر ماقاله أعمامنا بؤن ماحدث كان خطؤ ؼٌر مقصود فهو القول إن خالد لم ٌقتل خالل‬
‫"الهجوم" على مبنى التلفزٌون‪ .‬قرأت وسمعت عن مقتله "اثناء الهجوم على التلفزٌون" وأعرؾ تماما ً االنطباع الذي تركه ذلك فً عقل القارئ‬
‫والمستمع‪ .‬إنه ٌجعل مقتل أخً مبرراً فً صورة ما‪).‬‬
‫كما قال اِلمٌر عبدّللا بن مساعد ‪ .‬لم ٌنشر تحقٌق فً حادث مقتل أخٌه خالد ‪ ..‬وال حتى أسؾ او اعتذار او نعً فً الصحؾ ‪ ..‬الشخص الوحٌد‬
‫الذي نعى االمٌر خالد بن مساعد هو االمٌر خالد الفٌصل (الشاعر المعروؾ وابن الملك فٌصل) ‪ ..‬حٌث رثاه بقصٌدة (قالوا وراها مارثته الصحافة)‬
‫‪..‬‬
‫كتب قصٌدة رثاء فً خالد وهو ال ٌعلم أنه وبعد ‪ 10‬سنوات من كتابته للقصٌدة سٌؤتً شقٌق خالد بن مساعد االمٌر فٌصل بن مساعد وٌقتل أباه !!‬
‫‪.‬‬
‫ماذا حدث فً عام ‪ 1975‬م ؟؟ ‪.‬‬
‫(بعد عشر سنوات من مقتل اِلمٌر خالد بن مساعد ‪ ..‬وفً عام ‪1975‬م ‪ )..‬حدث هز العالم بؤسره ‪ ..‬اؼتٌال أعظم زعٌم عربً فً تلك الفترة ‪...‬‬
‫اؼتٌال الملك فٌصل بن عبدالعزٌز ملك المملكة العربٌة السعودٌة‬
‫نبذة عن الملك العظٌم هو فٌصل بن عبدالعزٌز بن عبدالرحمن ال سعود‪ ،‬االبن الثالث من ابناء الملك عبدالعزٌز بعد تركً وسعود‪ ،‬وهو الحاكم‬
‫الخامس عشر من ال سعود‪ ،‬والثالث فً الدولة السعودٌة الحدٌثة بوٌع فٌصل بن عبدالعزٌز ملكا ً على المملكة العربٌة السعودٌة فً ٌوم االثنٌن ‪27‬‬
‫جماد اآلخرة ‪1384‬هـ الموافق ‪ 2‬نوفمبر ‪1964‬م‪ ،‬بعد أن قررت اِلسرة السعودٌة المالكة والعلماء خلع الملك سعود‪ ،‬واستمرت فترة حكمه قرٌبا ً‬
‫من أحد عشر عاما ً ‪ .‬اكتسبت شخصٌته شهرة عالمٌة ٌشار إلٌها بالبنان وكان مسموع الصوت فً المحافل التً ٌحضرها‪ ،‬خاصة على المستو‬
‫العربً‪ ،‬وكان صاحب شخصٌة قٌادٌة قوٌة‪ ،‬فرض احترامه على الجمٌع حتى الدول العظمى كانت تحسب له ألؾ حساب‪ ،‬كان صاحب موقؾ ثابت‬
‫وواضح حٌال القضٌة الفلسطٌنٌة وعرؾ عنه دفاعه المستمٌت عن االراضً العربٌة المؽتصبة وؼٌرته على االسالم‪ .‬ماذا قالوا عن الفٌصل ؟ !‬
‫بلؽت مهابة الملك فٌصل فً العالم حداً جعل صحافة الؽرب تقول عنه ‪:‬‬
‫‪.‬‬

‫‪478‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫( إن القوة التً ٌتمتع بها الملك فٌصل‪ ،‬تجعله ٌستطٌع بحركة واحدة من قبضة ٌده‪ ،‬أن ٌشل الصناعة اِلوربٌة واِلمرٌكٌة‪ ،‬ولٌس هذا فقط‪ ،‬بل إنه‬
‫ٌمكنه خالل دقابق أن ٌحطم التوازن النقدي اِلوروبً وٌصٌب الفرنك والمارك والجنٌة بضربات ال قبل لها باحتمالها‪ .‬كل هذا ٌمكن أن ٌفعله هذا‬
‫الرجل النحٌل‪ ،‬الجالس فً تواضع على سجادة مفروشة فوق الرمل) ‪.‬‬
‫ٌقول الربٌس السادات ‪ (( :‬إن فٌصالً هو بطل معركة العبور‪ ،‬وسٌحتل الصفحات اِلولى من تارٌخ جهاد العرب‪ ،‬وتحولهم من الجمود إلى الحركة‪،‬‬
‫ومن االنتظار إلى الهجوم‪ .‬وهو صاحب الفضل اِلول فً معركة الزٌت‪ ،‬فهو الذي تقدم الصفوؾ‪ ،‬وأصر على استعمال هذا السالح الخطٌر‪ ،‬والعالم‬
‫ونحن معه مندهشون لجسارته‪ .‬وفتح خزابن بالده للدول المحاربه‪ ،‬تؤخذ منها ما تشاء لمعركة العبور والكرامة‪ ،‬بل لقد أصدر أوامره إلى ثالثة من‬
‫أكبر بنوك العالم‪ ،‬أن من حق مصر أن تسحب ما تشاء وبال حدود من أموال للمعركة))‬
‫اؼتٌال الملك فٌصل ‪ :‬فً صباح ٌوم الثالثاء ‪ 13‬ربٌع اِلول ‪1395‬هـ الموافق ‪ 25‬مارس ‪ 1975‬م‪ ،‬كان الملك فٌصل ٌستقبل زواره بمقر رباسة‬
‫الوزراء بالرٌاض‪ ،‬وكان فً ؼرفة االنتظار وزٌر النفط الكوٌتً الكاظمً‪ ،‬ومعه وزٌر البترول السعودي أحمد زكً ٌمانً‪ .‬ووصل فً هذه اِلثناء‬
‫اِلمٌر فٌصل بن مساعد بن عبدالعزٌز (اخو اِلمٌر خالد بن مساعد والشاعر عبدالرحمن بن مساعد)‪ ،‬ابن شقٌق الملك فٌصل‪ ،‬طالبا الدخول للسالم‬
‫على عمه‪ .‬وعندما هم الوزٌرٌن بالدخول على الملك فٌصل دخل معهما ابن أخٌه االمٌر فٌصل بن مساعد‪ .‬وعندما هم الملك فٌصل بالوقوؾ له‬
‫الستقباله‪ ،‬كعادته مع الداخلٌن علٌه للسالم‪ ،‬أخرج اِلمٌر مسدسا ً كان ٌخفٌه فً ثٌابه‪ ،‬وأطل منه ثالث رصاصات‪ ،‬أصابت الملك فً مقتل فً رأسه‪.‬‬
‫ونقل الملك فٌصل على وجه السرعه إلى المستشفى المركزي بالرٌاض‪ ،‬ولكنه توفً من ساعته‪ ،‬رحمه ّللا رحمة واسعة‪ .‬أما القاتل فقد قبض علٌه ‪،‬‬
‫وأودع السجن‪ .‬وبعد التحقٌق معه نفذ فٌه حكم القصاص قتالً بالسٌؾ فً مدٌنة الرٌاض‪ ،‬بعد اثنٌن وثمانٌن ٌوما ً فً ٌوم االربعاء ‪ 9‬جماد اآلخرة‬
‫‪1395‬هـ الموافق ‪ٌ 18‬ونٌه ‪1975‬م‬
‫قلٌل واذا بً‬
‫ٌقول أحد المعاصرٌن لهذه القصة ‪( :‬كنت بالقرب من رباسة الوزراء ‪ ..‬فً صباح ٌوم الثالثاء وكان هنالك ازدحام شدٌد ‪ ..‬فاقتربت ٍ‬
‫اشاهد اِلمٌر سلطان بن عبدالعزٌز (وزٌر الدفاع الحالً) (بدون شماغ) فً وسط الزحام ٌحتضن الملك فٌصل وٌهم باركابه السٌارة لنقله الى‬
‫المستشفى)‬
‫كلمة الملك خالد إلى أبناء الشعب السعودي (أم القر العدد ‪ 2569‬فً ‪ 16‬ربٌع اِلول ‪ 1395‬الموافق ‪ 28‬مارس ‪ )1975‬بقلب ملًء بالحزن‬
‫واِلسى‪ ،‬ومع تسلٌم كامل إلرادة ّللا وقضابه‪ ،‬أنعً إلى العالمٌن العربً واإلسالمً‪ ،‬وإلى شعبنا المخلص الوفً صاحب الجاللة المؽفور له‪ ،‬الملك‬
‫فٌصل بن عبدالعزٌز‪ ،‬والذي شاء ّللا أن ٌنقله إلى جواره فً صباح ٌوم الثالثاء ‪ 1395-3-13‬هـ ‪ ،‬على أثر حادث اعتداء أثٌم فً وقت نحن أشد‬
‫مانكون فٌه حاجة إلى قٌادته وحكمته وسداد رأٌه‪ ،‬وبعد أن عمل بكل جهوده وطاقاته فً سبٌل الدعوة إلى ّللا‪ ،‬والدفاع عن دٌنه‪ ،‬وبعد أن أرسى‬
‫قواعد نهضتنا المعاصرة على دعابم ثابتة بذل فً سبٌل إرسابها ما ال ٌحصى من الجهود‪ .‬والطاقات‪ ،‬وبعد أن انتقل بالمملكة العربٌة السعودٌة إلى‬
‫مصاؾ الدول المتطورة فً كل المجاالت‪ ،‬مع الحفاظ بإصرار على دٌننا ومثلنا وتقالٌدنا‪ ،‬نسؤل ّللا أن ٌرحمه رحمة شاملة واسعة‪ ،‬وأن ٌجعله مع‬
‫الصدٌقٌن والشهداء والصالحٌن‪ ،‬بمنه وكرمه‪ ،‬وأن ٌعٌننا على إكمال رسالته‪ ،‬والسٌر على منواله‪ ،‬وال نقول إال كما ٌقول الصابرون ((إنا لِل وإنا إلٌه‬
‫راجعون))‬
‫‪.‬‬
‫اؼتٌال الملك فٌصل‪ ...‬بٌن المإامرة والثؤر؟؟ ‪.‬‬

‫إختلفت وجهات نظر المحللٌن والكتاب وأفراد اِلسرة الحاكمة حٌال اؼتٌال الملك فٌصل ‪ ..‬فمنهم من قال أن االمٌر فٌصل بن مساعد قتل الملك‬
‫فٌصل ثؤراً لمقتل أخٌه اِلمٌر خالد بن مساعد ‪ ..‬ومنهم من قال أن مقتل الملك مإامرة ‪ ...‬وأن فٌصل بن مساعد جزء من هذه المإامرة ‪ ..‬ومنهم من‬
‫قال ان االمٌر الذي قتل الملك فٌصل كان ٌعانً من أمراض نفسٌة ‪ ...‬الفبة التً اقتنعت واصرت على ان اؼتٌال الملك فٌصل مإامرة ‪ ..‬كان لها‬
‫مبرراتها ‪..‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -1‬موقؾ الملك فٌصل من أمرٌكا والؽرب عموما فً تلك الفترة ‪.‬‬
‫‪ -2‬موقؾ الملك فٌصل الثابت والقوي اتجاه االحتالل االسرابٌلً لألراضً العربٌة ودعمه الؽٌر محدود لبعض الدول العربٌة فً حربها‬
‫ضد الٌهود‪.‬‬
‫‪.. -3‬خفض انتاج النفط السعودي ِلمرٌكا ووقؾ تصدٌره ‪ ..‬الذي اضر باالقتصاد االمرٌكً‬

‫‪479‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ -4‬بقاء االمٌر فٌصل بن مساعد ولفترة طوٌلة فً الوالٌات المتحدة (ماٌقارب الثمان سنوات) بعض مواقؾ الملك فٌصل اتجاه أمرٌكا‬
‫والحرب العربٌة االسرابٌلٌة‬

‫· دعم الدول العربٌة بالمال والرجال فً حربها ضد العدو االسرابٌلً وهذا بٌان لوزارة الدفاع والطٌران فً المملكة حول اشتراك‬
‫القوات السعودٌة المسلحة فً القتال‪.‬‬
‫(المصدر ‪" :‬الوثابق الفلسطٌنٌة العربٌة لعام ‪ 1973‬م‪ ،‬مإسسة الدراسات الفلسطٌنٌة‪ ،‬بٌروت‪ ،‬م ‪ ، 9‬ط ‪ ، 1‬ص ‪)"366‬‬

‫‪ ......‬أمر جاللة الملك فٌصل بن عبدالعزٌز بؤن توضع كافة القوات العربٌة السعودٌة باقصى درجة االستعداد للمشاركة فً معركة االمة العربٌة‬
‫الكبر ‪ ....... .‬وامر جاللته بدعم الجمهورٌة العربٌة السورٌة وذلك بتحرٌك قوات أخر الداء الواجب المقدس فً المعركة القابمة هناك لٌمتزج‬
‫الدم العربً السعودي‪ ،‬مع الدماء العربٌة‪ ،‬دفاعا ً عن الشرؾ والكرامة واسترداد االرض وتحرٌر المقدسات االسالمٌة‪ .‬وقد بدأت هذه القوات فً‬
‫الوصول فعال الى ارض المعركة فً الجبهة السورٌة‪ .‬والى جانب المشاركة الفعلٌة فً القتال‪ ،‬فإن المملكة العربٌة السعودٌة تضع كافة امكانٌاتها‬
‫وطاقاتها لخدمة المعركة‪ .‬وّللا نسؤل ان ٌحقق المتنا العربٌة االسالمٌة المجاهدة النصر والتوفٌق‪.‬‬

‫· خفض انتاج النفط ومن ثم وقؾ تصدٌره للوالٌات المتحدة وهذا بٌان صادر عن الدٌوان الملكً السعودي حول تخفٌض إنتاج النفط‬
‫(المصدر ‪" :‬الوثابق الفلسطٌنٌة العربٌة لعام ‪ 1973‬م‪ ،‬مإسسة الدراسات الفلسطٌنٌة‪ ،‬بٌروت‪ ،‬م ‪ ، 9‬ط ‪ ، 1‬ص ‪)"383‬‬
‫قرر وزراء البترول العرب‪ ،‬فً مإتمرهم المنعقد فً الكوٌت ٌوم امس اِلول‪ ،‬تخفٌض االنتاج شهرٌا ً بنسبة ال تقل عن ‪ 5‬بالمبة‪ .‬واستنادا للقرار‬
‫‪10‬‬ ‫المذكور‪ ،‬قررت حكومة صاحب الجاللة تخفٌض انتاجها فوراً ابتداء من هذا الٌوم ‪ -‬الخمٌس ‪ -‬حتى نهاٌة شهر نوفمبر (تشرٌن الثانً) بنسبة‬
‫بالمبة‪ ،‬ثم ٌستمر التخفٌض بعد ذلك شهرٌا ً بنسب تقرر عندبذ طبقا ً للقرار المذكور‪ .‬وتبذل حكومة صاحب الجاللة اآلن جهدها لكً تعدل حكومة‬
‫الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة موقفها الحالً من الحرب الدابرة بٌن اِلمة العربٌة واسرابٌل‪ ،‬ومساعداتها الحربٌة لها‪ ،‬واذا لم تسفر هذه المساعً‬
‫سرٌعا ً عن نتاب ملموسة فستوقؾ المملكة تصدٌر البترول إلى امرٌكا‪ .‬بٌان صادر عن الدٌوان الملكً السعودي حول وقؾ تصدٌر النفط إلى‬
‫الوالٌات المتحدة اِلمرٌكٌة(المصدر ‪" :‬الوثابق الفلسطٌنٌة العربٌة لعام ‪ 1973‬م‪ ،‬مإسسة الدراسات الفلسطٌنٌة‪ ،‬بٌروت‪ ،‬م ‪ ، 9‬ط ‪ ، 1‬ص ‪)"383‬‬
‫انطالقا ً من البٌان الذي صدر عن الدٌوان الملكً بتارٌخ ‪ 22‬رمضان ‪ 1393‬هـ‪ ،‬والتً قررت فٌه حكومة صاحب الجاللة تخفٌض انتاجها من‬
‫البترول بنسبة ‪ 10‬بالمبة فوراً‪ ،‬ومتابعتها لتطور الموقؾ‪ ،‬ونظراً الزدٌاد الدعم العسكري االمرٌكً السرابٌل‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫فإن المملكة العربٌة السعودٌة قررت اٌقاؾ تصدٌر البترول للوالٌات المتحدة االمرٌكٌة التخاذها هذا الموقؾ‬
‫‪ · .‬قبل اؼتٌال الملك فٌصل ببضعة أٌام ‪ ..‬كان وزٌر خارجٌة أمرٌكا اِلسبق هنري كٌسنجر فً زٌارة للملكة ‪ ..‬وقبل وصول الوزٌر‬
‫اِلمرٌكً ‪ ،‬أمر الملك فٌصل بإقامة مخٌم فً الصحراء الستقباله ‪ ..‬وأمر بوضع مجموعة من الؽنم و زرع نخلة بالقرب من المخٌم ‪ ..‬لكً ٌبٌن‬
‫للوزٌر اِلمرٌكً وللعالم أنا السعودٌة لٌست فً حاجة الى الموارد المالٌة العابدة من تصدٌر النفط وانها قادرة على وقؾ تصدٌر النفط او حرق‬
‫آبارها ان لزم اِلمر ‪ ..‬وان السعودٌٌن من الممكن أن ٌتكٌفو مرة اخر مع حٌاة البادٌة ‪ٌ ،‬رعون الؽنم وٌزرعون النخل‪ ( ..‬آآه على هٌك شجاعة)‬

‫ٌقول اِلمٌر خالد الفٌصل فً احد اللقاءات التً اجرٌت معه ‪( :‬كنت فً الوالٌات المتحدة انا ووالدتً للعالج ‪ ..‬وأنا فً ؼرفتً فً الفندق سمعت‬
‫والدتً تصرخ ‪ ..‬فذهبت إلٌها مسرعا ‪ ..‬واذا هً منهاره تماما ‪ ..‬بعد سماعها مقتل الملك فٌصل فً المذٌاع) ولم ٌتطرق اِلمٌر خالد الفٌصل‬
‫لألسباب والدوافع التً جعلت االمٌر فٌصل بن مساعد ٌقتل عمّه ! إال أنه وفً احد قصابده التً رثا فٌها والده أشار اشارة واضحة الى أن مقتل‬
‫الملك فٌصل مإامرة ‪ !! ..‬حٌث قال فً قصٌدة (سالم ٌافٌصل) ‪ :‬إن كان قصد عداك تعطٌل ممشاك = حقك علٌنا ما نوقؾ وال ٌوم ‪ .‬إن قاله ّللا‬
‫مانضٌّع لك مناك = نسجد لرب البٌت فً القدس ونصوم ٌشٌر خالد الفٌصل فً البٌت اِلخٌر لمقولة الملك فٌصل المشهورة قبل اؼتٌاله بفترة ‪(( :‬‬
‫سنصلً العٌد القادم فً القدس بإذن ّللا)) اللهم ارحمك عبدك إبن عبدك إبن أمتك ( فٌصل بن عبدالعزٌز بن عبدالرحمن آل سعود ) وأسكنه الجنان ٌا‬
‫ح ّنان ٌام ّنان ٌا أرحم الراحمٌن ‪.....‬اللهم آمٌن‬

‫‪480‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المصدر‬
‫‪http://alsaha.fares.net/sahat?128@82...ux.0@.3ba9654c‬‬
‫‪http://sfa.saudiclub.us/vb/showthread.php?t=24509‬‬

‫‪-----------------------------------‬‬

‫لندن‪« :‬الشرق اِلوسط»‬


‫اتخذ الملك حسٌن قرارا بالتوجه إلى القاهرة بؽرض التصالح مع الربٌس المصري جمال عبد الناصر‪ ،‬ووصل بالفعل إلى قاعدة الماظة العسكرٌة‬
‫بالقرب من القاهرة صبٌحة ٌوم ‪ 30‬ماٌو (أٌار) ‪ 1967‬على متن طابرة كارافٌل قادها بنفسه وهو ٌرتدي بزة عسكرٌة كاكٌة علٌها شارة فٌلد‬
‫مارشال وكان بصحبته عدد محدود من مستشارٌه‪ .‬وتفاجؤ عبد الناصر عندما وجد الملك حسين مرتديا الزذ العسكرذ‪ .‬وقال‪« :‬بما ان زيارتك هذه‬
‫‪ .‬كانت تلك بداٌة ؼٌر سارة‬ ‫سرية ترى ما الذذ يمكن ان يحدث إذا أعتقلناك؟» رد الملك حسين مبتسما‪« :‬لم يخطر ذلك على بالي مطلقا»‬
‫للمحادثات التً جرت فً قصر القبة‪ ،‬حٌث قدّم الملك حسٌن التنازل تلو اآلخر‪.‬‬
‫وفً هذ ِه الحلقة من الكتاب الجدٌد الذي سٌنزل االسواق باللؽة االنجلٌزٌة عن دار بنجوٌن بعنوان أسد االردن والذي تنفرد «الشرق االوسط» بنشر‬
‫حلقات منه ٌكشؾ المإلؾ آفً شلٌم المإرخ البارز والبروفسور فً جامعة اوكسفورد العرٌقة الكثٌر من االسرار التً سبقت نشوب حرب ٌونٌو‬
‫(حزٌران) ‪ 1967‬وخسر فٌها الملك حسٌن الضفة الؽربٌة التً احتلتها اسرابٌل‪ .‬وتكشؾ حلقات هذا الكتاب الذي أعد بعد سنوات من البحث‬
‫والتدقٌق فً اوراق ٌعود بعضها الى العاهل االردنً الراحل وعشرات المقابالت ومبات الوثابق السرٌة‪ ،‬فً اسرابٌل وخارجها‪ ،‬المفاوضات السرٌة‬
‫بٌن الملك حسٌن واالسرابٌلٌٌن واحداث اٌلول االسود ومفاوضات السالم والصلح مع اسرابٌل والعالقة بٌن الملك حسٌن والربٌس العراقً صدام‬
‫حسٌن مرورا بؽزو الكوٌت وحرب الخلٌ ‪ ،‬وكذلك قصة الرحلة االخٌرة للملك حسٌن مع االمراض وتفاصٌل ترتٌبات انتقال الحكم وما صاحبها من‬
‫تطورات‪.‬‬

‫‪481‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ظهرت عدة مإشرات خالل حدٌث الملك حسٌن مع جاك أوكونٌل مدٌر مكتب وكالة االستخبارات المركزٌة االمٌركٌة (سً آي إٌه) وفٌندلً بٌرنز‬
‫السفٌر اِلمٌركً فً عمان على أنه بات متشككا إزاء نواٌا الوالٌات المتحدة فٌما ٌتعلق باِلردن‪ .‬فواشنطن كانت على عالقة وثٌقة مع إسرابٌل‪،‬‬
‫وهذا أمر من المحتمل أن ٌإثر على قدرتها على االستجابة لطلبه المساعدة‪ .‬كان الملك حسٌن ٌشعر أٌضا بؤن أمٌركا لم تكن تقدّر خطورة الوضع‬
‫فً المملكة اِلردنٌة أو رؼبة أعدابه فً التخلص منها‪ ،‬وأعرب الملك حسٌن عن رؼبته فً إبالغ وجهة نظره الشخصٌة هذه لعناٌة الربٌس‬
‫اِلمٌركً‪ .‬انتهى بذلك الحدٌث الجزء الرسمً من اللقاء وطلب الملك حسٌن من اوكونٌل وبٌرنز البقاء لبعض الوقت‪ .‬وفً حدٌث خاص فً مقر‬
‫إقامته بعٌدا عن القٌود الرسمٌة للبالط واصل الملك حسٌن حدٌثه وكشؾ لضٌفٌه‪ ،‬اللذٌن أصابتهما الدهشة‪ ،‬انه ظل ٌجري اتصاالت سرٌة مع قادة‬
‫إسرابٌلٌٌن على مد السنوات الثالث السابقة فً إطار لقاءات سرٌة بٌن الجانبٌن‪ .‬وأوضح الملك حسٌن ان الؽرض من تلك االتصاالت كان‬
‫التوصل إلى تفاهم ٌضمن السالم بٌن اِلردن وإسرابٌل على أمل التوصل فً نهاٌة اِلمر إلى تسوٌة للقضٌة الفلسطٌنٌة من خالل التفاوض‪ .‬وقال‬
‫لهما أٌضا انه ال ٌعرؾ ما كان ٌجب علٌه فعله كً ال ٌحدث ما حدث‪ ،‬فً إشارة إلى الهجوم اإلسرابٌلً على قرٌة السموع‪ .‬وأضاؾ قابال بهدوء إن‬
‫ال أحد سواه فً اِلردن ٌعرؾ شٌبا عن المناقشات التً أجراها مع اإلسرابٌلٌٌن‪ .‬وأكد الملك حسٌن لهما أٌضا انه ال ٌإمن بالحرب كوسٌلة لحل‬
‫المشكلة الفلسطٌنٌة‪ .‬فقد ظل باستمرار ٌتبع نهجا معتدال فً تعامله مع المسؤلة الفلسطٌنٌة على أمل ان ٌضطلع أشخاص ٌتمٌزون بالمعقولٌة‬
‫بالتفاوض ٌوم ما للتوصل إلى تسوٌة عادلة من خالل التفاوض‪ .‬بذل الملك حسٌن أٌضا كل ما ٌستطٌع للقضاء على اإلرهاب ضد اسرابٌل عبر‬
‫حدود اِلردن‪ ،‬والوالٌات المتحدة وإسرابٌل على حد سواء كانتا تدركان كل هذه اِلشٌاء‪ ،‬وقال ان اإلسرابٌلٌٌن كانوا ٌدركون هذه الحقٌقة ِلنه‬
‫«شخصٌا أبلؽهم بذلك»‪ .‬نبّه الملك حسٌن اإلسرابٌلٌٌن إلى ان اِلردن ال ٌمكن ان ٌتحمل هجوما انتقامٌا‪ ،‬وقبل اإلسرابٌلٌون بذلك‪ ،‬ووعدوه بؤن شٌبا‬
‫من هذا القبٌل لن ٌحدث‪ .‬إلى جانب اللقاءات السرٌة كانت هناك اتصاالت سرٌة اٌضا على المستو الشخصً بٌنه والقادة اإلسرابٌلٌٌن‪ ،‬وكانت تلك‬
‫االتصاالت بمثابة تؤكٌد على التفاهم‪ .‬أما آخر رسالة تلقاها من الجانب اإلسرابٌلً‪ ،‬فقد تضمنت تؤكٌدا على ان اسرابٌل ال تعتزم شن هجوم على‬
‫اِلردن‪ .‬تلقى الملك حسٌن تلك الرسالة فً ‪ 13‬نوفمبر (تشرٌن الثانً)‪ ،‬وهو نفس الٌوم الذي هاجمت فٌه القوات اإلسرابٌلٌة قرٌة السموع‪ .‬وأوضح‬
‫أٌضا انه لم ٌكن ٌتوقع تلك الرسالة ولم ٌطلبها أصال‪ ،‬كما أوضح أٌضا انه ربما تكون قد أرسلت قبل ‪ 24‬ساعة أو ‪ 48‬ساعة من موعد تسلمه لها‪.‬‬
‫وفً هذا السٌاق قال حسٌن لضٌفٌه اِلمٌركٌٌن ان ذلك الهجوم كان « خٌانة تامة من الجانب اإلسرابٌلً لكل ما حاول فعله خالل السنوات الثالث‬
‫السابقة فً سبٌل السالم واالستقرار واالعتدال على حساب مخاطر سٌاسٌة شخصٌة»‪ .‬وقال فً ذات السٌاق‪« :‬الؽرٌب فً اِلمر انه على الرؼم من‬
‫المناقشات واالتصاالت السرٌة‪ ،‬وعلى الرؼم من االتفاقٌات والتفاهمات والضمانات السرٌة لم ٌحدث ان وثقت كل الثقة بنواٌاهم تجاهً أو تجاه‬
‫اِلردن‪ .‬فٌما ٌتعلق بتقٌٌم نواٌا اإلسرابٌلٌٌن‪ ،‬اطلب منكم ان تضعوا تجاربً معهم فً مٌزانكم لألمور»‪ .‬أنهى الملك حسٌن حدٌثه قابال‪« :‬هذا ما‬
‫ٌتلقاه المرء جزاء عندما ٌحاول ان ٌكون معتدال‪ ،‬وربما عندما ٌكون ؼبٌا»‪ .‬وطلب عقب ذلك ان تظل هذه المعلومات طً الكتمان وفً ؼاٌة السرٌة‬
‫بٌن اقل عدد ممكن من اِلشخاص‪ .‬وعندما كتب بٌرنز فً وقت الحق حول هذا الحدٌث سلط الضوء على طلب الملك حسٌن وأشار إلى ان الملك‬
‫عبد ّللا اؼتٌل بواسطة فلسطٌنً عندما ُكشؾ النقاب عن اتصاله بالجانب اإلسرابٌلً‪ .‬التقارٌر ذات الصلة بما دار من حدٌث شبه رسمً وشبه خاص‬
‫بٌن الملك حسٌن وأوكونٌل وبٌرنز استخدمت فً إعادة النظر فً السٌاسة اِلمٌركٌة تجاه اِلردن التً كانت قٌد اإلجراء فً واشنطن‪ .‬وكانت وكالة‬
‫االستخبارات المركزٌة اِلمٌركٌة قد شاركت فً هذا اِلمر بمذكرة من ‪ 11‬صفحة تحت عنوان «النظام اِلردنً‪ :‬آفاق مستقبله وعواقب زواله»‬
‫أعدها مكتب التقٌٌم الوطنً بالتنسٌق مع «مكتب االستخبارات والخدمات السرٌة»‪ .‬وحُذؾ من المذكرة اسم الشخص الذي أعدها‪ ،‬بٌد ان محتواها‬
‫عكس معلومات جاك اوكونٌل الخاصة وآراءه‪ .‬بصرؾ النظر عن هوٌة الشخص الذي أعدها‪ ،‬فإن المذكرة سلطت الكثٌر من الضوء على أكثر‬
‫اِلزمات خطورة خالل فترة حكم الملك حسٌن‪ .‬وتضمنت المذكرة إشارة إلى أن الملك حسٌن «بقً فً العرش على الرؼم من التؤٌٌد السٌاسً‬
‫الضبٌل والضعؾ العسكري النسبً مقارنة مع أعدابه والعداء الذي ناصبه إٌاه العرب الرادٌكالٌون الذٌن كانوا ٌعتبرونه دمٌة فً ٌد الؽرب»‪ .‬بقاإه‬
‫فً الحكم كان ٌعز من ناحٌة إلى شجاعته وسعة حٌلته‪ ،‬ومن ناحٌة ثانٌة إلى تؤٌٌد الوالٌات المتحدة له‪ .‬ثمة سبب آخر هو ان العرب الرادٌكالٌٌن‬
‫احتملوا حكمه كبدٌل للنزاع مع اسرابٌل‪ ،‬وهو نزاع كانوا ٌدركون انهم لٌسوا على استعداد له‪ .‬وٌبقى القول إن اِلحداث تركت اِلردن فً وضع ال‬
‫ٌحسد علٌه وهددت الوضع الراهن آنذاك‪ .‬فمنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة أصبحت أكثر عنفا فً انتقادها للملك حسٌن بسبب رفضه قبول قوات عسكرٌة‬
‫عربٌة فً اِلردن ووضعها على الحدود مع اسرابٌل‪ .‬كما ان منظمة «فتح» كثفت من هجماتها داخل اسرابٌل‪ ،‬وكان معظمها انطالقا من أراضً‬
‫اِلردن‪ ،‬الذي بذل قصار جهده لمنعها‪ .‬هجوم اسرابٌل على قرٌة السموع أحدث هزة عنٌفة للملك حسٌن وحكومته وأذلت جٌشه‪ .‬وظهر الملك‬
‫حسٌن أمام مواطنٌه وجٌرانه‪ ،‬وربما أمام نفسه‪ ،‬بمظهر من خذلته الوالٌات المتحدة‪ .‬الفلسطٌنٌون سٌروا مظاهرات على مد ثالثة أسابٌع ضده‬
‫وضد حكومته‪ ،‬وشجعتهم على ذلك الحمالت الدعابٌة للحكومتٌن السورٌة والمصرٌة ومنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة‪ .‬كما ان السخط فً أوساط القوات‬

‫‪482‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المسلحة االردنٌة كان فً تزاٌد مستمر‪ ،‬وكان الملك حسٌن مدركا ضعؾ موقفه على الصعٌد الداخلً‪ ،‬كما كان ٌعتقد فٌما ٌبدو ان الخطر الذي‬
‫تشكله اسرابٌل أكبر مما كان ٌتصور‪ٌ .‬ضاؾ إلى ذلك انه كان ٌشعر بقلق عمٌق إزاء احتمال فشل الوالٌات المتحدة فً مساندته بقوة‪ .‬لذا‪ ،‬فقد كان‬
‫فً صدارة أولوٌاته ان ٌبرهن للجٌش اِلردنً ولمواطنٌه انه ٌتلقى باستمرار تؤٌٌدا كامال من الوالٌات المتحدة‪ ،‬وكان قد طلب بالفعل من الوالٌات‬
‫المتحدة إمدادات إضافٌة من السالح لمساعدته فً تبدٌد االستٌاء فً أوساط القوات المسلحة‪.‬‬

‫استجابة الوالٌات المتحدة لطلب الملك حسٌن كان بمثابة عامل حاسم للوضع القابم آنذاك‪« :‬فالمساعدات العسكرٌة اِلمٌركٌة كانت ستدعم موقفه‬
‫بصورة كبٌرة‪ .‬اما رفضها زٌادة حجم المساعدات‪ ،‬أو تقدٌم مساعدات بكمٌات اسمٌة‪ ،‬فكان من شؤنه إضعاؾ موقفه وتثبٌط عزٌمته»‪.‬‬

‫كان لد الملك حسٌن بعض الشكوك فً ان الوالٌات المتحدة وإسرابٌل تتعاونان ضده‪ ،‬وربما تكون تلك الشكوك قد تؤكدت له بالفعل‪ .‬ورد فً‬
‫المذكرة ان أي كمٌة من المساعدات اِلمٌركٌة ربما ال تضمن استمرار حكمه‪ ،‬وأشارت أٌضا إلى ان تقدٌم مساعدات كبٌرة وفورٌة من المحتمل ان‬
‫تساعده على استمرار سٌطرته سٌاسٌا‪ .‬جاء فً المذكرة أٌضا‪ٌ« :‬مكن القول باختصار إن فرص الملك حسٌن فً تجاوز هذه اِلزمة تعتمد على عدة‬
‫احتماالت‪ ،‬جمٌعها خارج نطاق سٌطرته‪ .‬من الواضح انه فً ورطه عمٌقة‪ ،‬كما ان هناك مخاطر كبٌرة تتهدده وتتهدد االتفاقٌات المإقتة التً‬
‫ساعدت على وجود سالم صعب فً المنطقة»‪ .‬عملٌة إعادة النظر فً السٌاسة تجاه اِلردن أسفرت عن اتخاذ قرار بتزوٌده بمعدات عسكرٌة‪ ،‬لكنها‬
‫لم تكن بالحجم الذي طلبه الملك حسٌن مسبقا‪ .‬وبات االعتقاد السابد ان انهٌار نظامه من المحتمل ان ٌإدي إلى حرب مفتوحة بٌن العرب وإسرابٌل‪،‬‬
‫وهذا أمر لم ٌكن فً مصلحة الوالٌات المتحدة‪ .‬وكدلٌل ملموس على دعم إدارته المستمر لألردن وافق جونسون على نقل معدات عسكرٌة بقٌمة‬
‫‪ 4.7‬ملٌون دوالر إلى عمان بؽرض تحسٌن فعالٌة وحركة الجٌش اِلردنً وقوته النارٌة‪ .‬وكان المسإولون اِلمٌركٌون ٌؤملون فً ان ٌستخدم الملك‬
‫حسٌن هذه اِلسلحة « لمنع مجموعات حرب العصابات الفلسطٌنٌة من استخدام اِلردن كقاعدة النطالق العملٌات العسكرٌة ضد إسرابٌل» ولٌس‬
‫لالستعداد لحرب ضد الدولة الٌهودٌة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد كان أمن إسرابٌل هو القضٌة الربٌسٌة التً شؽلت صناع السٌاسة فً واشنطن من بداٌة هذه‬
‫اِلزمة وحتى انتهابها بتقدٌم مساعدات عسكرٌة متواضعة إلى اِلردن‪ .‬الملك حسٌن أرسل من جانبه خطابا إلى جونسون شكره فٌه على تعاطفه‬
‫واهتمامه وخطواته فً مساعدة اِلردن على تجاوز تلك اِلزمة‪ ،‬لكنه لم ٌذكر خٌبة أمل كبار العسكرٌٌن اِلردنٌٌن تجاه بعض الجوانب الخاصة‬
‫بالمساعدات العسكرٌة التً قدمتها واشنطن‪ .‬وفً المفاوضات مع المبعوث الشخصً للربٌس جونسون‪ ،‬وٌلٌام ماكومبر‪ ،‬أوضح الملك حسٌن انه ال‬
‫ٌتفق مع اعتقاد واشنطن فً ان إسرابٌل لم تؽٌر سٌاستها تجاه اِلردن‪ .‬وكان ٌدرك فً نفس الوقت ان االستجابة اِلمٌركٌة فٌما ٌتعلق بالمساعدات‬
‫العسكرٌة كانت فً اِلساس وسٌلة لتهدبة اِلوضاع أكثر منها وسٌلة للتعامل مع خطر طوٌل المد ‪ .‬فٌما ٌتعلق باإلبقاء على القوات العربٌة خارج‬
‫اِلردن‪ ،‬لم ٌستطع الملك حسٌن تقدٌم ضمانة بذلك لكنه وعد بفعل كل ما ٌستطٌع فً هذا اِلمر‪ِ ،‬لنه لم ٌكن فً مصلحة اِلردن‪ .‬وأخٌرا ابلػ الملك‬
‫حسٌن ماكومبر بؤنه ٌعتزم مواصلة سٌاساته وإجراءاته المعتدلة بؽرض تحسٌن االستقرار فً المنطقة‪ .‬على الصعٌد الداخلً اِلردنً كان هناك‬
‫موقفان فً أوساط مإسسة اِلمن الوطنً تجاه الهجوم على السموع‪ .‬فقد كانت هناك مجموعة تر ان اِلردن فً حاجة إلى الدول العربٌة اِلخر‬
‫كاحتمال أوحد للدفاع عن أراضً اِلردن فً مواجهة أي عدوان إسرابٌلً مستقبال‪ ،‬وهذا ٌعنً التقارب مع الربٌس المصري جمال عبد الناصر‪.‬‬
‫وكانت هناك مجموعة أخر ‪ ،‬بقٌادة وصفً التل‪ ،‬تر ان الهجوم اإلسرابٌلً على السموع اثبت ان «القٌادة العربٌة المشتركة» لم تكن ذات جدو ‪،‬‬
‫وبالتالً من اِلفضل ان ٌركز اِلردن على تطوٌر دفاعاته بنفسه‪ .‬وكان وصفً التل ٌنته بصورة عامة سٌاسة مواجهة مع كل منظمة التحرٌر‬
‫الفلسطٌنٌة وسورٌة وعبد الناصر‪ .‬كان الملك حسٌن على إدراك بمقدرات ودٌنامٌة وإخالص وصفً التل‪ ،‬لكنه كان ٌرٌد ربٌس وزراء أقل صرامة‬
‫بؽرض تحسٌن العالقات مع العالم العربً‪ .‬ففً ابرٌل (نٌسان) ‪ 1967‬أصدر الملك حسٌن قرارا بتعٌٌن سعد جمعة ربٌسا للوزراء‪ ،‬لكنه أبقى على‬
‫وصفً التل ربٌسا للدٌوان الملكً‪ .‬وبعد حوالً ستة أسابٌع من انتهاج الملك حسٌن سٌاسته الجدٌدة دخل اِلردن فً حرب واسعة النطاق فً مواجهة‬
‫إسرابٌل انتهت بخسارة اِلردن للضفة الؽربٌة‪ .‬المحسوبون على مإسسة الحكم ودوابر صناعة السٌاسات فً اِلردن قالوا إنه لم ٌكن هناك من خٌار‬
‫سو القتال إلى جانب اِلشقاء العرب‪ ،‬إال انه لم ٌكن هناك أي شًء حتمً فٌما ٌتعلق بوتٌرة سٌر اِلحداث التً قادت إلى حرب ٌونٌو (حزٌران)‬
‫‪ ، 1967‬وهً حرب لم تكن لها ضرورة أصال وانتهت بنتاب كارثٌة لكل اِلطراؾ العربٌة المشاركة فٌها‪ ،‬ال سٌما اِلردن‪ .‬وٌمكن القول هنا ان‬
‫مفهوم «عدم وجود خٌار آخر» ابتكره من كانوا ٌعملون فً دوابر صنع السٌاسات فً اِلردن بؽرض التؽطٌة على أخطابهم ومسإولٌاتهم الشخصٌة‬
‫تجاه الكارثة التً جلبوها على بلدهم‪ .‬وواجه الملك حسٌن موقفا صعبا‪ ،‬فقد كانت أمامه مجموعة من الخٌارات كان بوسعه االنتقاء منها‪ ،‬لكنه انتهى‬
‫إلى خٌار خاطا‪ .‬وكان وصفً التل قد ظل ٌحذر الملك حسٌن مرارا من أن السٌر وراء مصر سٌورد إلى الحرب وإلى خسارة الضفة الؽربٌة‪ ،‬وهذا‬

‫‪483‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ما حدث بالفعل‪ .‬وبسبب قراره فقد الملك حسٌن السٌطرة على سٌر اِلحداث وانتهى إلى خسارة نصؾ مملكته‪ .‬التنافس العربً الداخلً كان بمثابة‬
‫العامل الحاسم فً إشعال فتٌل اِلزمة التً قادت إلى حرب ٌونٌو (حزٌران) ‪ .1967‬القول بؤن سبب الحرب ناجم عن التنافس والخالؾ العربً‬
‫الداخلً أكثر منه عن النزاع بٌن الدول العربٌة وإسرابٌل ربما ٌبدو بعٌدا عن الواقع‪ ،‬بٌد ان هناك حقابق تدعم هذا القول‪ .‬فالعالم العربً حٌنها كان‬
‫فً حالة اضطراب بالػ ناجم عن النزاع والتشكٌك فٌما بٌن اِلنظمة العربٌة الرادٌكالٌة والمحافظة‪ .‬استولى النظام البعثً على السلطة فً سورٌا فً‬
‫فبراٌر (شباط) عام ‪ 1966‬ورفع شعار الوحدة العربٌة وكان ٌحرض على إشعال حرب شعبٌة لتحرٌر فلسطٌن‪ .‬فهو لم ٌكتؾ فقط بدعم وحدات‬
‫حركة «فتح» لمهاجمة إسرابٌل انطالقا عبر الحدود اِلردنٌة‪ ،‬بل دخل فً مناوشات مع الجٌش اإلسرابٌلً على طول الحدود المشتركة‪ ،‬وبلػ‬
‫تصعٌد العنؾ ذروته باندالع معركة جوٌة فً ‪ 7‬ابرٌل (نٌسان) عام ‪ 1967‬اسقطت خاللها ست طابرات مٌػ سورٌة سوفٌٌتٌة الصنع بواسطة‬
‫سالح الجو اإلسرابٌلً‪ ،‬وبتلك الحادثة بدأ العد التنازلً لحرب ٌونٌو (حزٌران) ‪ .1967‬النزاع بٌن سورٌة وإسرابٌل لم ٌسفر عن أي تحسن فً‬
‫العالقات بٌن دمشق وعمان‪ .‬ووصلت العالقات بٌن البلدٌن إلى قمة التوتر عندما انفجرت ناقلة سورٌة محملة بالدٌنامٌت فً نقطة للجمارك اِلردنٌة‬
‫فً الرمثاء فً ‪ 21‬ماٌو (أٌار)‪ .‬وعند ذلك بات الملك حسٌن على قناعة بؤن العناصر الرادٌكالٌة فً سورٌة تنظر إلى اِلردن‪ ،‬ولٌس إلى إسرابٌل‪،‬‬
‫بوصفه العدو الحقٌقً ووصؾ اإلرهاب وسٌلة ٌهدؾ من خاللها أعداإه السورٌون إلى دفع إسرابٌل لتوجٌه ضربة انتقامٌة لتدمٌر اِلردن‪ .‬واتخذ‬
‫الملك حسٌن حٌنها قرارا بقطع العالقات الدبلوماسٌة مع سورٌة لد عودته من مسرح االنفجار فً الرمثاء‪ .‬الربٌس المصري جمال عبد الناصر‬
‫كان ٌواجه من جانبه مؤزقا ٌتلخص فً كٌفٌة لجم العناصر المتهورة فً النظام السوري إلى حٌن تحقٌق هدفٌن ربٌسٌٌن كان ٌنظر إلٌهما كشرطٌن‬
‫ٌجب تحقٌقهما قبل الدخول فً حرب مع إسرابٌل وهما تحقٌق الوحدة العربٌة وتحقٌق تكافإ فً القوة العسكرٌة بٌن العرب وإسرابٌل‪ .‬وكخطوة أولى‬
‫فً هذا االتجاه و ّقع عبد الناصر اتفاقٌة دفاع مشترك مع سورٌة فً ‪ 7‬نوفمبر (تشرٌن الثانً) ‪ ،1966‬إال أن فشل عبد الناصر فً مساعدة سورٌة‬
‫فً المعركة الجوٌة بٌن الطابرات السورٌة واإلسرابٌلٌة فً ‪ 7‬ابرٌل ‪ 1967‬كشؾ خواء تلك االتفاقٌة وأضعؾ مصداقٌته كحلٌؾ‪ .‬استؽل الملك‬
‫حسٌن تلك الفرصة وشن هجوما قاسٌا على عبد الناصر انتقد فٌه خطابه المناوئ إلسرابٌل فً ظل عدم اتخاذ أي عمل ملموس‪ .‬ووجد عبد الناصر‬
‫نفسه فً موقؾ دفاع‪ ،‬وشرع فً اتخاذ سلسلة من الخطوات بهدؾ تعزٌز هٌبته على الصعٌد الداخلً فً مصر وعلى مستو العالم العربً‪ ،‬وأبد‬
‫أٌضا لهجة تحد لمواجهة إسرابٌل‪ٌ .‬ضاؾ إلى ذلك انه تلقى تقرٌرا من االستخبارات السوفٌاتٌة زعم ان إسرابٌل تعمل على حشد قواتها على الحدود‬
‫السورٌة‪ ،‬واتخذ اثر ذلك ثالث خطوات متتالٌة جعلت من الحرب أمرا حتمٌا‪ ،‬أوالها نشر قوات مصرٌة فً سٌناء بالقرب من الحدود مع إسرابٌل‬
‫فً ‪ 16‬ماٌو (أٌار) وطرد قوة اِلمم المتحدة من قطاع ؼزة فً ‪ 19‬ماٌو وفً ‪ 22‬ماٌو وإؼالق مضٌق تٌران أمام المالحة اإلسرابٌلٌة‪ .‬الملك حسٌن‬
‫من جانبه شعر بقلق بالػ إزاء هذه الخطوات‪ .‬فمن ناحٌة كان ٌدرك ان الخطوات التً اتخذها عبد الناصر قد زادت من خطر وقوع الحرب فً وقت‬
‫لم ٌكن العرب على استعداد لخوضها ولم ٌكن فٌه تعاون عربً أو تنسٌق أو خطة مشتركة‪ .‬ومن الناحٌة اِلخر ‪ ،‬أسفر التحدي الذي أبداه عبد‬
‫الناصر فً مواجهة إسرابٌل عن ازدٌاد شعبٌته بصورة دراماتٌكٌة داخل اِلردن وجعل الشارع العربً ٌتطلع إلى معركة المصٌر وتحرٌر فلسطٌن‬
‫الوشٌك‪ .‬المد المتزاٌد لمشاعر القومٌة العربٌة ترك أثرا عمٌقا لد ؼالبٌة اِلردنٌٌن‪ ،‬اِلمر الذي شكل خطرا على النظام اِلردنً‪ ،‬الذي جاء رد فعله‬
‫فً صورة تؤكٌد على توجهه القومً من خالل محاوالت التقارب مع الدول العربٌة الرادٌكالٌة وتحرٌك وحدات مدرعة من الضفة الشرقٌة باتجاه‬
‫وادي اِلردن‪ ،‬إال ان مصر وسورٌة والعراق لم تبادل اِلردن إٌماءات التوفٌق والمصالحة وتركته معزوال‪ .‬وسعٌا لكسر طوق تلك العزلة اتخذ‬
‫الملك حسٌن قرارا بالتوجه إلى القاهرة بؽرض التصالح مع عبد الناصر‪ ،‬ووصل بالفعل إلى قاعدة الماظة العسكرٌة بالقرب من القاهرة صبٌحة ٌوم‬
‫‪ 30‬ماٌو ‪ 1967‬على متن طابرة كارافٌل قادها بنفسه وهو ٌرتدي بزة عسكرٌة كاكٌة علٌها شارة فٌلد مارشال وكان بصحبته عدد محدود من‬
‫مستشارٌه‪ .‬وصل عبد الناصر إلى قاعدة الماظة الجوٌة الستقبال ضٌفه وتفاجؤ عندما وجد الملك حسٌن مرتدٌا الزي العسكري‪ .‬قال عبد الناصر‬
‫مخاطبا الملك حسٌن‪« :‬بما ان زٌارتك هذه سرٌة‪ ،‬تر ما الذي ٌمكن ان ٌحدث إذا اعتقلناك؟»‪ ،‬رد الملك حسٌن مبتسما‪« :‬لم ٌخطر ذلك على بالً‬
‫مطلقا»‪.‬‬

‫كانت تلك بداٌة ؼٌر سارة للمحادثات التً جرت فً قصر القبة‪ ،‬حٌث قدّم الملك حسٌن التنازل تلو اآلخر‪ .‬قبل ذلك بدأ حدٌثه بالتؤكٌد على ضرورة‬
‫ان تنهض «القٌادة العربٌة المشتركة» لمواجهة التحدٌات‪ ،‬إال ان عبد الناصر اقترح علٌه صٌاؼة اتفاقٌة بٌن البلدٌن‪ .‬وبناء على طلب الملك حسٌن‬
‫أرسل عبد الناصر شخصا إلحضار نص معاهدة الدفاع المشترك المبرمة بٌن مصر وسورٌة‪ .‬الملك حسٌن نفسه قال فً حدٌث له حول تلك‬
‫اللحظات إنه كان متعجال للتوصل إلى نوع من االتفاق إلى درجة أنه قرأ نص االتفاقٌة المصرٌة ـ السورٌة بسرعة وقال مخاطبا عبد الناصر‪:‬‬
‫«أعطنً نسخة أخر ‪ .‬ضع اِلردن بدال عن سورٌة وتكون المسؤلة بذلك قد حُلت»‪ .‬الطرٌقة التً تفاوض بها الملك حسٌن بشؤن تلك االتفاقٌة‬

‫‪484‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الدولٌة المهمة كانت ؼرٌبة‪ ،‬لكنها عكست الجانب المتعجل والمتهور وؼٌر المسإول فٌه‪ ،‬فضال عن نزوعه إلى المؽامرة‪ .‬فاالتفاقٌة المذكورة كانت‬
‫للدفاع المشترك‪ ،‬أي ان ٌتعهد كل من البلدٌن بالدفاع عن اآلخر فً حال تعرضه لهجوم مسلح‪ .‬اِلحكام المفصلة لالتفاقٌة منحت عبد الناصر كل‬
‫مطالبه‪ .‬أوال‪ ،‬وضعت القوات المسلحة اِلردنٌة تحت قٌادة مصرٌة ـ الجنرال عبد المنعم رٌاض‪ .‬ثانٌا‪ ،‬وافق الملك حسٌن على دخول قوات من‬
‫مصر وسورٌة والعراق والسعودٌة اِلراضً اِلردنٌة‪ .‬ثالثا‪ ،‬كان على الملك حسٌن الموافقة على إعادة فتح مكاتب منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة فً‬
‫عمان والمصالحة مع أحمد الشقٌري‪ ،‬الذي استدعً إلى القاهرة من مدٌنة ؼزة فً ذلك الٌوم‪ .‬كما وافق الملك حسٌن على مضض على اصطحاب‬
‫الشقٌري معه عابدا إلى عمان على متن طابرته‪ .‬وكان دور اِلردن فً حال اندالع الحرب اعتراض قسم كبٌر من الجٌش اإلسرابٌلً ومنعه من‬
‫مهاجمة دول المواجهة اِلخر واحدة تلو اِلخر ‪ ،‬وفً المقابل وافق عبد الناصر على تعزٌز القوة الجوٌة اِلردنٌة المحدودة بدعم من مصر‬
‫والعراق‪ .‬حذر الملك حسٌن الجانب المصري من خطر هجوم جوي إسرابٌلً مفاجا‪ ،‬وأشار إلى ان أول هدؾ إلسرابٌل سٌكون القوات الجوٌة‬
‫العربٌة‪ ،‬إال ان عبد الناصر رد بصورة واثقة مطمبنا الملك حسٌن بؤن جٌشه وقواته الجوٌة على استعداد لمواجهة إسرابٌل‪ .‬وجر بث االحتفال‬
‫بتوقٌع المعاهدة حٌا عبر رادٌو القاهرة تبعه مإتمر صحافً شارك فٌه كل من الربٌس جمال عبد الناصر والملك حسٌن وأحمد الشقٌري‪ .‬ولد‬
‫عودته إلى اِلردن فً نفس الٌوم ؼاصت الشوارع بمستقبلً الموكب الملكً فً طرٌقه إلى القصر‪ .‬تؤكد الملك الحسٌن ان شعبه رحب بهذه الخطوة‪،‬‬
‫وفً الٌوم التالً صوّ ت مجلس النواب لصالح االتفاق وبعث ببرقٌات تهنبة إلى الملك والربٌس جمال عبد الناصر‪.‬‬

‫* ؼدا‪ :‬الملك حسٌن فكر فً مبادرة سالم منفردة وطلب لقاءات على اعلى المستوٌات‬
‫‪http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=3&article=442503&issue=10556‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫سلطان سالطين الخالفة يموت من الخوؾ !‬
‫مقتطؾ من كتاب المؽول وؼزو بالد المسلمين الشخ علي الكوراني العاملي‬
‫‪http://www.alameli.net‬‬
‫كان سلطان سالطٌن البالد اإلسالمٌة محمد خوارزم شاه ‪ ،‬وكانت بٌده إمكانات دول وجٌوشها ‪ ،‬لكنه أصٌب بالذعر من هالكو فهرب أمامه من بلد‬
‫الى بلد حتى وصل الى البحر أو الهند ‪ ،‬وهلك وانقطعت إخباره ؟ !‬

‫قال عنه الذهبً فً سٌره‪( :224/22:‬وكان خوارزم شاه محمد قد عظم جداً ‪ ،‬ودانت له اِلمم ‪ ،‬وتحت ٌده ملوك وأقالٌم) ‪.‬‬

‫وقال عنه السبكً فً الطبقات‪ ( :329/1:‬وأما خوارزمشاه فكان سعده قد تكامل ورأ من العظمة ما لم ٌعهد مثله لملك من زمن مدٌد وطالت‬
‫مدته‪ ...‬ملك(بالد) الخطا ‪ ،‬وما وراء النهر وخوارزم وأصفهان ومازندران وكرمان ومنجان وكش وجكان والؽور وؼزنة وأمٌان وأترار وأذربٌجان‬
‫إلى ما ٌلٌها من الهند وبالد الترك ‪ ،‬وجمٌع ما وراء النهر إلى أطراؾ الصٌن ‪ ،‬وخطب له على منابر دربند شروان وبالد خراسان وعراق العجم‬
‫وؼٌرها من اِلقالٌم المتسعة والمدن الشاسعة ‪ ،‬مع المكنة الزابدة ‪ ،‬وطول المدة‪ ...‬وقٌل إنهم وجدوا فً خزانة من خزابنه عشرة اآلؾ ألؾ دٌنار ‪،‬‬
‫وألؾ حمل من اِلطلس)‪.‬انتهى‪ ( .‬وهزموا خوارزم شاه عالء الدٌن محمد بن تكش‪ ،‬فلحق بجزٌرة فً بحر طبرستان فامتنع بها إلى أن مات)‪( .‬تارٌخ‬
‫ابن خلدون‪.)534/3:‬‬

‫وقال فً الكامل‪( :361/12:‬عمد جنكزخان لعنه ّللا وسٌَّر عشرٌن ألؾ فارس وقال لهم‪ :‬أطلبوا خوارزمشاه أٌن كان ‪ ،‬ولو تعلق بالسماء ‪ ،‬حتى‬
‫تدركوه وتؤخذوه ! )‪.‬‬

‫وقال الذهبً فً سٌره‪( :238/22:‬ثم جهز جنكزخان خلؾ خوارزم شاه فعبروا جٌحون خوضا ً وسباحة ‪ ،‬فانهزم منهم وهم وراءه ثم عطفوا فؤخذوا‬
‫الريّ ‪ ،‬ومازندران ‪ ،‬وظفروا بؤم خوارزم شاه ومعها خزابنه ‪ ،‬فؤسروها)‪.‬‬

‫‪485‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً طبقات الشافعٌة‪ ( :337/1 :‬فرأوا فً الطرٌق أم السلطان خوارزمشاه ‪ ،‬وكانت قد سمعت بهزٌمة ابنها وهً فً خوارزم ‪ ،‬وخوارزم دار‬
‫ممكتهم العظمى ‪ ،‬فؤخرجت من الحبس عشرٌن سلطانا ً كانوا فً سجن ولدها وقتلتهم ‪ ،‬وأودعت بعض القالع من اِلموال ما الٌدرك كثر ًة ‪ ،‬ثم‬
‫سارت فرأوها ومعها من اِلموال والجواهر والنفابس ما ال ٌعد كثر ًة ‪ ،‬فاستؤصلوا ذلك كله) ! وفً سٌر الذهبً‪( :143/22 :‬فمن ألقابها‪ :‬عصمة‬
‫الدنٌا والدٌن‪ ،‬ألػ تركان‪ ،‬سٌدة نساء العالمٌن‪ ،‬وكانت سفاكة للدماء ‪ ،‬وهً من بنات ملوك الترك ‪ ،‬ولها من اِلموال والجواهر ما ٌقصر الوصؾ‬
‫عنه‪ ،‬فؤخذت التتار الجمٌع ومما أخذوا البنها صندوقٌن كان هو ٌقول‪ :‬فٌهما ما ٌساوي خراج اِلرض) ‪.‬‬

‫وفً سٌر الذهبً‪( :233/22:‬ودخلت سنة‪ ، 616‬وما زال أمر خوارزم شاه فً إدبار وسعده فً سفال وملكه فً زوال ‪ ،‬وهو فً تقهقر واندفاع ‪،‬‬
‫إلى أن قارب همذان وتفرق عنه جمعه حتى بقً فً عشرٌن ألفا ً ‪ ،‬فما بلع رٌقه إال وطالبع ال ُم ُؽل قد أظلته وأحدقوا به(وكانوا عشرٌن ألفا ً بقدر‬
‫جٌشه !) فنجا بنفسه واستحر القتل بجنده وفرَّ إلى الجبل ثم إلى مازندران ‪ ،‬ونزل بمسجد على حافة البحر ٌصلً بجماعة وٌتلو وٌبكً ‪ ،‬ثم بعد أٌام‬
‫كبسه العدو فهرب فً مركب صؽٌر فوصل إلٌه نشابهم وخاض وراءه طابفة فبقً فً لجة ‪ ،‬ومرض بذات الجنب فقال‪ :‬سبحان ّللا ما بقً لنا من‬
‫مملكتنا قدر ذراعٌن ندفن فٌها ! فوصل إلى جزٌرة فؤقام بها طرٌداً وحٌداً مجهوداً ‪ ،‬ومات فكفنه فراشه فً عمامته سنة سبع عشرة وست مبة)‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬

‫ومعناه أن ذلك كان قبل ؼزو المؽول لبؽداد بتسع وأربعٌن سنة !‬

‫وفً شرح نه البالؼة‪ ( :227/8:‬فكان كلما رحل عن منزل نزله التتار ‪ ،‬حتى وصل إلى بحر طبرستان فنزل هو وأصحابه فً سفن ووصل التتار‬
‫‪ ،‬فلما عرفوا نزوله البحر رجعوا وأٌسوا منه‪ ...‬ثم اخ ُتلؾ فً أمر خوارزم شاه ‪ ،‬فقو ٌم ٌَحْ ُكون أنه أقام بقلعة له فً بحر طبرستان منٌعة فتوفً بها ‪،‬‬
‫وقو ٌم ٌحكون أنه ؼرق فً البحر ‪ ،‬وقو ٌم ٌحكون أنه ؼرق ونجا عرٌانا ً فصعد إلى قرٌة من قر طبرستان ‪ ،‬فعرفه أهلها فجاءوا وقبلوا اِلرض بٌن‬
‫ٌدٌه‪ ،‬وأعلموا عاملهم به فجاء إلٌه وخدمه‪ ،‬فقال له خوارزم شاه‪ :‬إحملنً فً مركب إلى الهند‪ ،‬فحمله إلى شمس الدٌن أنلٌمش ملك الهند وهو نسٌبه‬
‫من جهة زوجته والدة منكبونً بن خوارزم شاه الملك جالل الدٌن ‪ ،‬فإنها هندٌة من أهل بٌت الملك ‪ ،‬فٌقال إنه وصل إلى أنلٌمش وقد تؽٌر عقله مما‬
‫اعتراه من خوؾ التتار ‪ ،‬أو ِلمر سلطه ّللا تعالى علٌه ‪ ،‬فكان ٌهذي بالتتار بكر ًة وعشٌا ً) !!‬
‫‪ -‬شملت حملتهم دول القفقاز وروسٌا وشرق أوروبا‬
‫روت مصادر التارٌخ إخبار ؼزو جٌش جنكٌز ِلرمٌنٌة والقفقاز وجورجٌا وبلؽارٌا وبولنا والمجر وروسٌا ! وهذه بعض نصوصها‪:‬‬

‫فً كامل ابن اِلثٌر‪ ( :383/12:‬لما فرغ التتر من بالد المسلمٌن بؤذربٌجان وأران بعضه بالملك وبعضه بالصلح ‪ ،‬ساروا إلى بالد الكرج من هذه‬
‫اِلعمال أٌضا ً ‪ ،‬وكان الكرج قد أعدوا لهم واستعدوا وسٌروا جٌشا ً كثٌراً إلى طرؾ بالدهم لٌمنعوا التتر عنها ‪ ،‬فوصل إلٌهم التتر فالتقوا فلم ٌثبت‬
‫الكرج بل ولوا منهزمٌن ‪ ،‬فؤخذهم السٌؾ فلم ٌسلم منهم إال الشرٌد ‪ .‬ولقد بلؽنً أنهم قتل منهم نحو ثالثٌن ألفا ً ‪ ،‬ونهبوا ما وصلوا الٌه من بالدهم‬
‫وخربوها ‪ ،‬وفعلوا بها ما هو عادتهم ‪ ،‬فلما وصل المنهزمون إلى تفلٌس وبها ملكهم جمع جموعا ً أخر وسٌرهم إلى التتر أٌضا ً لٌمنعوهم من توسط‬
‫بالدهم‪ ،‬فرأوا التتر وقد دخلوا البالد لم ٌمنعهم جبل وال مضٌق وال ؼٌر ذلك ! فلما رأوا فعلهم عادوا إلى تفلٌس فؤخلوا البالد ! ففعل التتر فٌها ما‬
‫أرادوا من النهب والقتل والتخرٌب‪ ،‬ورأوا بالداً كثٌرة المضاٌق والدربندات فلم ٌتجاسروا على الوؼول فٌها فعادوا عنها ‪ .‬وداخل الكرج منهم خوؾ‬
‫عظٌم حتى سمعت عن بعض أكابر الكرج وكان قدم رسوالً أنه قال‪ :‬من حدثكم أن التتر انهزموا وأُسروا فال تصدقوه ! وإذا حدثتم أنهم قُتلوا‬
‫فصدقوا‪ ،‬فإن القوم ال ٌفرون أبداً ولقد أخذنا أسٌراً منهم فؤلقى نفسه من الدابة وضرب رأسه بالحجر إلى أن مات ‪ ،‬ولم ٌسلم نفسه لألسَ رة !‬

‫لما عاد التتر من بلد الكرج قصدوا دربند شروان فحصروا مدٌنة شماخً وقاتلوا أهلها فصبروا على الحصر ‪ ،‬ثم إن التتر صعدوا سورها‬
‫بالساللٌم‪...‬‬

‫فملك التتر البلد وقتلوا فٌه فؤكثروا ونهبوا اِلموال فاحتازوها ‪ ،‬فلما فرؼوا منه أرادوا عبور الدربند فلم ٌقدروا على ذلك فؤرسلوا رسوالً إلى شروان‬
‫شاه ملك دربند شروان ٌقولون له لٌرسل إلٌهم رسوالً ٌسعى بٌنهم فً الصلح ‪ ،‬فؤرسل عشرة رجال من أعٌان أصحابه فؤخذوا أحدهم فقتلوه ثم قالوا‬

‫‪486‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫للباقٌن‪ :‬إن أنتم عرفتمونا طرٌقا ً نعبر فٌه فلكم اِلمان ‪ ،‬وإن لم تفعلوا قتلناكم كما قتلنا هذا ! فقالوا لهم إن هذا الدربند لٌس فٌه طرٌق البتة ‪ ،‬ولكن فٌه‬
‫موضع هو أسهل ما فٌه من الطرق ‪ ،‬فساروا معهم إلى ذلك الطرٌق ‪ ،‬فعبروا فٌه وخلفوهم وراء ظهورهم‪..‬‬

‫لما عبر التتر دربند شروان ساروا فً تلك اِلعمال وفٌها أمم كثٌرة منهم الالن واللكز وطوابؾ من الترك ‪ ،‬فنهبوها وقتلوا من اللكز كثٌراً وهم‬
‫مسلمون وكفار وأوقعوا بمن عداهم من أهل تلك البالد ‪ ،‬ووصلوا إلى الالن وهم أم ٌم كثٌرة وقد بلؽهم خبرهم فجدوا وجمعوا عندهم جمعا ً من قفجاق‬
‫فقاتلوهم فلم تظفر إحد الطابفتٌن باِلخر ‪ ،‬فؤرسل التتر إلى قفجاق ٌقولون نحن وأنتم جنس واحد وهإالء الالن لٌسوا منكم حتى تنصروهم‬
‫والدٌنكم مثل دٌنهم‪ ،‬ونحن نعاهدكم أننا ال نعترض إلٌكم ونحمل إلٌكم من اِلموال والثٌاب ما شبتم وتتركون بٌننا وبٌنهم ‪ .‬فاستقر اِلمر بٌنهم على‬
‫مال حملوه وثٌاب وؼٌر ذلك فحملوا إلٌهم ما استقر ‪ ،‬وفارقهم قفجاق فؤوقع التتر بالالن فقتلوا منهم وأكثروا ونهبوا وسبوا ‪ ،‬وساروا إلى قفجاق وهم‬
‫آمنون متفرقون لما استقر بٌنهم من الصلح فلم ٌسمعوا بهم إال وقد طرقوهم ودخلوا بالدهم فؤوقعوا بهم اِلول فاِلول ‪ ،‬وأخذوا منهم أضعاؾ ما‬
‫حملوا إلٌهم ! وسمع من كان بعٌد الدار من قفجاق الخبر ففروا من ؼٌر قتال وأبعدوا ‪ ،‬وبعضهم اعتصم بالؽٌاض وبعضهم بالجبال ‪ ،‬وبعضهم لحق‬
‫ببالد الروس !‬

‫وأقام التتر فً بالد قفجاق وهً أرض كثٌرة المراعً فً الشتاء والصٌؾ ‪ ،‬وفٌها أماكن باردة فً الصٌؾ كثٌرة المرعى‪ ،‬وأماكن حارة فً الشتاء‬
‫كثٌرة المرعى‪ ،‬وهً ؼٌاض على ساحل البحر ‪ ،‬ووصلوا إلى مدٌنة سوادق وهً مدٌنة قفجاق التً منها مادتهم فإنها على بحر الخزر ‪ ،‬والمراكب‬
‫تصل إلٌها وفٌها الثٌاب فتشتر منهم وتباع علٌهم الجواري والممالٌك والبرطاسً والقندر والسنجاب ‪ ،‬وؼٌر ذلك مما هو فً بالدهم ‪ ،‬وبحر‬
‫خزرٌة هذا بحر متصل بخلٌ القسطنطٌنٌة ‪.‬‬

‫لما استولى التتر على أرض قفجاق كما ذكرنا سار طابفة كثٌرة منهم إلى بالد الروس ‪ ،‬وهً بالد كثٌرة طوٌلة عرٌضة تجاورهم ‪ ،‬وأهلها ٌدٌنون‬
‫بالنصرانٌة فلما وصلوا إلٌهم اجتمعوا كلهم واتفقت كلمتهم على قتال التتر إن قصدوهم وأقام التتر بؤرض قفجاق مدة ‪ ،‬ثم إنهم ساروا سنة عشرٌن‬
‫وستمابة إلى بالد الروس فسمع الروس وقفجاق خبرهم وكانوا مستعدٌن لقتالهم ‪ ،‬فساروا إلى طرٌق التتر لٌلقوهم قبل أن ٌصلوا إلى بالدهم لٌمنعوهم‬
‫عنها ‪ ،‬فبلػ مسٌرهم التتر فعادوا على أعقابهم راجعٌن فطمع الروس وقفجاق فٌهم ‪ ،‬وظنوا أنهم عادوا خوفا ً منهم وعجزاً عن قتالهم فجدُّوا فً‬
‫ا ِّتباعهم ولم ٌزل التتر راجعٌن وأولبك ٌَ ْقفُون أثرَ هم اثنً عشر ٌوما ً ! ثم إن التتر عطفوا على الروس وقفجاق فلم ٌشعروا بهم إال وقد لقوهم على‬
‫ؼرة منهم ‪ِ ،‬لنهم كانوا قد أمنوا التتر واستشعروا القدرة علٌهم فلم ٌجتمعوا للقتال إال وقد بلػ التتر منهم مبلؽا ً عظٌما ً ‪ ،‬فصبر الطابفتان صبراً لم‬
‫ٌسمع بمثله ‪ ،‬ودام القتال بٌنهم عدة أٌام ثم إن التتر ظفروا واستظهروا فانهزم قفجاق والروس هزٌمة عظٌمة بعد أن أثخن فٌهم التتر وكثر القتل فً‬
‫المنهزمٌن فلم ٌسلم منهم إال القلٌل ‪ ،‬ونهب جمٌع ما معهم ومن سلم وصل إلى البالد على أقبح صورة لبعد الطرٌق والهزٌمة ‪ ،‬وتبعهم كثٌر ٌقتلون‬
‫وٌنهبون وٌخربون البالد حتى خال أكثرها ‪ ،‬فاجتمع كثٌر من أعٌان تجار الروس وأؼنٌابهم وحملوا ما ٌعز علٌهم وساروا ٌقطعون البحر إلى بالد‬
‫اإلسالم‪...‬‬

‫لما فعل التتر بالروس ما ذكرناه ونهبوا بالدهم ‪ ،‬عادوا عنها وقصدوا بلؽار أواخر سنة عشرٌن وستمابة ‪ ،‬فلما سمع أهل بلؽار بقربهم منهم كمنوا‬
‫لهم فً عدة مواضع وخرجوا إلٌهم فلقوهم واستجروهم إلى أن جاوزوا موضع الكمناء ‪ ،‬فخرجوا علٌهم من وراء ظهورهم ‪ ،‬فبقوا فً الوسط‬
‫وأخذهم السٌؾ من كل ناحٌة فقتل أكثرهم ولم ٌن منهم إال القلٌل ! قٌل كانوا نحو أربعة آالؾ رجل فساروا إلى سقٌن عابدٌن إلى ملكهم جنكزخان ‪.‬‬
‫وخلت أرض قفجاق منهم فعاد من سلم منهم إلى بالدهم ‪ ،‬وكان الطرٌق منقطعا ً مذ دخلها التتر ‪ ،‬فلم ٌصل منهم شا من البرطاسً والسنجاب‬
‫والقندر وؼٌرها مما ٌحمل من تلك البالد ‪ ،‬فلما فارقوها عادوا إلى بالدهم واتصلت الطرٌق ‪ ،‬وحملت اِلمتعة كما كانت‪ .)...‬وفً سٌر‬
‫الذهبً‪(:242/22:‬وفً العام(‪)620‬كانت الوقعة بٌن التتار الداخلٌن من الدربند وبٌن القفجاق والروس‪ ،‬وصبروا أٌاما ً ثم استحر القتل بالروس‬
‫والقفجاق‪..‬وفٌها رجعت التتار من بالد القفجاق فاستباحوا الري وساوه وقم‪).‬‬

‫قام الخلٌفة وبطانته بعمل أحمق فحلوا جٌش الخالفة !‬

‫‪487‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقد شهدت مصادرهم المعادٌة للشٌعة بهذا المرسوم العجٌب ‪ ،‬وأجمعت على أن المستعصم وأباه المستنصر وقادة جٌشه الشرابً والدوٌدار الصؽٌر‬
‫وأباه الكبٌر ‪ ،‬اتخذوا قرار تسرٌح جٌش الخالفة وكان عدده مبة ألؾ ‪ ،‬وأنهم أصروا على ذلك رؼم اإلعتراضات ‪ ،‬وخطر مجا المؽول الى‬
‫العاصمة !‬

‫قال أبو الفداء فً تارٌخه‪ ( :804 /‬ولما مات المستنصر اتفقت آراء أرباب الدولة مثل الدوادار والشرابً على تقلٌد الخالفة ولده عبد ّللا ولقبوه‬
‫المستعصم بالِل ‪ ،‬وهو سابع ثالثٌنهم وآخرهم ‪ ،‬وكنٌته أبو أحمد بن المستنصر بالِل منصور ‪ ،‬وكان عبد ّللا المستعصم ضعٌؾ الرأي فاستبد كبراء‬
‫دولته باِلمر ‪ ،‬وحسنوا له قطع اِلجناد ‪ ،‬وجمع المال ومداراة التتر ‪ ،‬ففعل ذلك وقطع أكثر العساكر ‪) .‬‬

‫وقال القلقشندي فً مآثر اإلنافة‪ ( :89/2:‬وأبطل أكثر العساكر ‪ ،‬وكان التتر من أوالد جنكزخان قد خرجوا على بالد اإلسالم على ما تقدم ‪ ،‬وملكوا‬
‫أكثر بالد الشرق والشمال‪ ...‬وكان عسكر بؽداد قبل والٌة المستعصم مابة ألؾ فارس ‪ ،‬فقطعهم المستعصم لٌحمل الى التتر متحصل إقطاعاتهم !‬
‫فصار عسكرها دون عشرٌن ألؾ فارس)‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫قال الذهبً فً تارٌخه‪( :34/48:‬وكان المستنصر بالِل(والد المستعصم)قد استكثر من الجند حتى بلػ عدد عساكره مابة ألؾ فٌما بلؽنا ‪ ،‬وكان مع‬
‫ذلك ٌصانع التتار وٌهادٌهم وٌرضٌهم)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫أقول‪ :‬كان إقبال الشرابً التركً قابد لجٌش الخالفة ‪ ،‬وهو الذي اتخذ قرار حل الجٌش مع الخلٌفة المستنصر ‪ ،‬وثار علٌه الجند فقمعهم بعنؾ وقتل‬
‫منهم قبل أن ٌجا المستعصم وابن العلقمً !(الٌنجوم الزاهرة‪ ،345/6:‬وأعٌان الشٌعة‪) . 85/9:‬‬

‫فكٌؾ نصدق المتعصبٌن فً تحمٌلهم مسإولٌة حل الجٌش البن العلقمً؟ ! والصحٌح أن ابن العلقمً حاول أن ٌعٌد تشكٌل الجٌش فلم ٌسمعوا له !‬
‫وقد شهد الذهبً وؼٌره بذلك عن ؼٌر قصد‪ ،‬كما شهدوا بؤن الخلٌفة وقابد (جٌشه) لم ٌكونا ٌسمعان البن العلقمً رأٌا ً ! قال فً تارٌخه‪: 290/48 :‬‬
‫(كان وزٌراً كافٌا ً ‪ ،‬قادراً على النظم ‪ ،‬خبٌراً بتدبٌر الملك ولم ٌزل ناصحا ً لمخدومه حتى وقع بٌنه وبٌن حاشٌة الخلٌفة وخواصه منازعة فٌما ٌتعلق‬
‫باِلموال واإلستبداد باِلمر دونه ‪ ،‬وقوٌت المنافسة بٌنه وبٌن الدوٌدار الكبٌر وضعؾ جانبه حتى قال عن نفسه ‪:‬‬

‫َ‬
‫وزٌ ٌر رضً من بؤسه وانتقامه بِطًِّ ر ٍ‬
‫ُقاع حشوُ ها النظ ُم والنث ُر‬

‫ٌ‬
‫حمامة ولٌس لها نهًٌ ٌطا ُع وال أم ُر)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫كما تسجع الورقا ُء وهً‬

‫ورو ابن كثٌر أن نتٌجة مرسوم حل الجٌش أنَّ بؽداد لم تقاوم المؽول ! قال فً النهاٌة‪( :234/13 :‬فؤحاطوا ببؽداد من ناحٌتها الؽربٌة والشرقٌة‬
‫وجٌوش بؽداد فً ؼاٌة القلة ونهاٌة الذلة ‪ ،‬ال ٌبلؽون عشرة آالؾ فارس وهم وبقٌة الجٌش كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم ‪ ،‬حتى استعطى كثٌر منهم‬
‫فً اِلسواق وأبواب المساجد ‪ ،‬وأنشد فٌهم الشعراء قصابد ٌرثون لهم‪ ،‬وٌحزنون على اإلسالم وأهله ! وذلك كله عن آراء الوزٌر ابن العلقمً‬
‫الرافضً) ! انتهى‪.‬‬

‫فاعجب لتعصبهم على ابن العلقمً رحمه ّللا الذي لم ٌكن ٌملك شٌبا ً من القرار‪ ،‬وتبربتهم للمجرمٌن الحقٌقٌٌن الخلٌفة المستنصر والمستعصم وقادة‬
‫الجٌش اِلتراك الذٌن أصروا على حل الجٌش ‪ ،‬وفرضوا خلٌفة ضعٌفا ً ٌطٌعهم فً استمرار حل الجٌش وتوفٌر مٌزانٌته ‪ ،‬بٌنما كان خطر المؽول‬
‫واضحا ً للعٌان !‬

‫وقد اضطر الزركلً وهو متعصب كالذهبً للقول إن مإرخٌن ثقاة حكموا ببراءة ابن العلقمً‪ ،‬قال فً اِلعالم‪(:321/5:‬محمد بن أحمد‪...‬مإٌد الدٌن‬
‫اِلسدي البؽدادي المعروؾ بابن العلقمً‪ ،‬وزٌر المستعصم العباسً وصاحب الجرٌمة النكراء فً مماِلة هوالكو على ؼزو بؽداد فً رواٌة أكثر‬

‫‪488‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المإرخٌن‪ ...‬وكان حازما ً خبٌراً بسٌاسة الملك كاتبا ً فصٌح اإلنشاء ‪ ،‬اشتملت خزانته على عشرة آالؾ مجلد ‪ ،‬وصنؾ له الصؽانً العباب وابن أبً‬
‫الحدٌد شرح نه البالؼة ‪ .‬ونفى عنه بعض ثقات المإرخٌن خبر المخامرة على المستعصم حٌن أؼار هوالكو على بؽداد سنة ‪ ،656‬واتفق أكثرهم‬
‫على أنه ماِله )‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫لكن الزركلً أظهر خبثا ً عندما ترجم للمستعصم ونقل افتراء ابن تٌمٌة ‪ ،‬فقال فً‪( :140/4:‬وكان المؽول قد استفحل أمرهم فً أٌام سلفه المستنصر‬
‫فكاتب ابن العلقمً قابدهم هوالكو ٌشٌر علٌه باحتالل بؽداد وٌَعده باإلعانة على الخلٌفة‪ ،‬فزحؾ هوالكو سنة‪ ،645‬وخرجت إلٌه عساكر المستعصم‬
‫فلم تثبت طوٌالً ‪ ،‬ودخل هوالكو بؽداد فجمع له ابن العلقمً ساداتها ومدرسٌها وعلماءها فقتلهم عن آخرهم ! )‬

‫ٌقصد بذلك ؼارات المؽول الصؽٌرة فً زمن المستنصر قبل ؼزو هوالكو ‪ ،‬وكلها قبل وزارة ابن العلقمً ‪ ،‬فاتهامهم له كذبٌ وتعصب ‪ ،‬كاتهامهم‬
‫له بؤنه أتى بالفقهاء الى هوالكو لٌقتلهم ‪ ،‬وستعرؾ أن الذي فعل ذلك عال ٌم سنً !‬

‫حاول ابن العلقمً أن ٌعٌد بناء الجٌش فاتهموه !‬


‫وقع الذهبً فً تناقض عجٌب بسبب تعصبه فاتهم ابن العلقمً بحل الجٌش ‪ ،‬ثم اتهمه بؤنه حرك الجنود المطالبٌن بإعادة تشكٌل الجٌش للضؽط على‬
‫‪.‬‬ ‫الخلٌفة إلعادته ! قال فً تارٌخه‪( :63/47:‬وفٌها(سنة ‪ )648‬كثر الحرامٌة ببؽداد وصار لهم مقدم ٌقال له ؼٌث ‪ ،‬وتجرإوا على دور اِلمراء‬
‫وفٌها ثارت طابفة من الجند ببؽداد ومنعوا ٌوم الجمعة الخطٌب من الخطبة واستؽاثوا ِلجل قطع أرزاقهم ‪ .‬ثم أضاؾ الذهبً‪ :‬وكل ذلك من عمل‬
‫الوزٌر ابن العلقمً الرافضً) ! انتهى ‪.‬‬

‫لقد أراد الذهبً أن ٌذم فمدح ! وكشؾ أن ابن العلقمً ساند أو دفع حركة الجنود إلعادة تشكٌل الجٌش للدفاع عن العاصمة والخالفة ! وهً شهادة‬
‫ٌ‬
‫وإدانة فاضحة للخلٌفة والدوٌدار والشرابً وسلٌمان اتلسلجوقً الذٌن أصدروا مرسوم حل الجٌش قبل وزارة ابن‬ ‫كافٌة لتبربة ابن العلقمً رحمه ّللا‬
‫العلقمً لٌؤكلوا مٌزانٌته ونفقاته ‪ ،‬بحجة أنهم ٌرٌدون جمع المال لمداراة التتر ! فالمٌزانٌة كانت بٌدهم وقرار حل الجٌش بٌدهم‪ ،‬وقد اتهموا العلقمً‬
‫بؤنه ٌضؽط إلعادة الجٌش لٌعطوه مٌزانٌته !(لتبرز إلٌه اِلموال لٌجند بها العساكر فٌقتطع منها لنفسه) !(ابن الطقطقً‪). 231/‬‬

‫‪( :233‬وكان مإٌد الدٌن الوزٌر عفٌفا ً عن أموال‬ ‫وقد شهد ابن الطقطقً المعاصر لهم بنزاهة ابن العلقمً وبراءته ‪ ،‬قال فً اآلداب السلطانٌة‪/‬‬
‫الدٌوان وأموال الرعٌة متنزها ً مترفعا ً‪ .‬قٌل إن بدر الدٌن صاحب الموصل أهد إلٌه هدٌة تشتمل على كتب وثٌاب ولطابؾ قٌمتها عشرة آالؾ دٌنار‬
‫‪ ،‬فلما وصلت إلى الوزٌر حملها إلى خدمة الخلٌفة‪ ،‬وقال‪ :‬إن صاحب الموصل قد أهد لً هذا واستحٌٌت منه أن أرده إلٌه ‪ ،‬وقد حملته وأنا أسؤل‬
‫قبوله َف َقبل ‪ .‬ثم إنه أهد إلى بدر الدٌن عوض هدٌته شٌبا ً من لطابؾ بؽداد قٌمته اثنا عشر ألؾ دٌنار ‪ ،‬والتمس منه أال ٌهدي إلٌه شٌبا ً بعد ذلك !‬
‫وكان خواص الخلٌفة جمٌعهم ٌكرهونه وٌحسدونه ! وكان الخلٌفة ٌعتقد فٌه وٌحبه وكثروا علٌه عنده فكؾَّ ٌده عن أكثر اِلمور ونسبه الناس إلى أنه‬
‫خامر(تآمر مع هوالكو) ولٌس ذلك بصحٌح‪) .‬‬

‫اعترفوا بؤن ابن العلقمً حاول إنقاذ الخالفة فمنعوه !‬


‫فعندما أحسوا بقرب وصول حملة المؽول استشار الخلٌفة وزٌره ابن العلقمً فؤشار علٌه أن ٌرسل الى طاؼٌتهم هوالكو هداٌا وفٌرة ‪ ،‬وٌطمبنه بؤنه‬
‫ٌعترؾ به سلطانا ً كالسلطان البوٌهً والسلجوقً ‪ ،‬لٌعترؾ هوالكو بالخلٌفة وال ٌهاجم بؽداد ! وقد اقتنع الخلٌفة بهذا الرأي وأمرهم فباشروا بتهٌبة‬
‫الهداٌا والرسل ‪ ،‬لكن القابد السنً المتعصب الدوٌدار وبقٌة البطانة استكثروا الهدٌة ومنعوا الخلٌفة من إرسالها فؤطاعهم ‪ ،‬وأحبطوا بذلك محاولة‬
‫إنقاذ الخالفة !‬

‫قال ابن العبري فً تارٌخ مختصر الدول‪ ( :240/‬وفٌها فً شهر شوال رحل هوالكو عن حدود همذان نحو مدٌنة بؽداد ‪ ،‬وكان فً أٌام محاصرته‬
‫قالع المالحدة قد سٌَّر رسوالً إلى الخلٌفة المستعصم ٌطلب منه نجدة ‪ ،‬فؤراد أن ٌسٌِّر ولم ٌقدر ‪ ،‬لم ٌمكنه الوزراء واِلمراء وقالوا‪ :‬إن هوالكو رجل‬
‫صاحب احتٌال وخدٌعة ولٌس محتاجا ً إلى نجدتنا ‪ ،‬وإنما ؼرضه إخالء بؽداد عن الرجال فٌملكها بسهولة ‪ .‬فتقاعدوا بسبب هذا الخٌال عن إرسال‬

‫‪489‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الرجال ! ولما فتح هوالكو تلك القالع أرسل رسوالً آخر إلى الخلٌفة وعاتبه على إهماله تسٌٌر الٌنجدة ‪ ،‬فشاوروا الوزٌر فٌما ٌجب أن ٌفعلوه فقال‪:‬‬
‫ال وجه ؼٌر إرضاء هذا الملك الجبار ببذل اِلموال والهداٌا والتحؾ له ولخواصه ‪ .‬وعندما أخذوا فً تجهٌز ماٌُسَ ٌِّرونه من الجواهر والمرصعات‬
‫والثٌاب والذهب والفضة والممالٌك والجواري والخٌل والبؽال والجمال ‪ ،‬قال الدوٌدار الصؽٌر وأصحابه‪ :‬إن الوزٌر إنما ٌدبر شؤن نفسه مع التاتار‬
‫وهو ٌروم تسلٌمنا إلٌهم فال نمكنه من ذلك ! فؤبطل الخلٌفة بهذا السبب تنفٌذ الهداٌا الكثٌرة ‪ ،‬واقتصر على شا نزر ال قدر له ‪ ،‬فؽضب هوالكو‬
‫وقال‪ :‬ال بد من مجٌبه هو بنفسه أو ٌسٌِّر أحد ثالثة نفر‪ :‬إما الوزٌر وإما الدوٌدار وإما سلٌمان شاه ‪ .‬فتقدم الخلٌفة إلٌهم بالمضً فلم ٌركنوا إلى قوله‬
‫‪ ،‬فسٌَّر ؼٌرهم مثل ابن الجوزي وابن محًٌ الدٌن ‪ ،‬فلم ٌُجدٌا عنه) ‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وقال الذهبً فً تارٌخه‪( :32/48 :‬وفً سنة خمس( ‪)655‬سار هوالكو من همدان قاصداً بؽداد ‪ ،‬فؤشار ابن العلقمً الوزٌر على الخلٌفة ببذل‬
‫اِلموال والتحؾ النفٌسة إلٌه ‪ ،‬فثناه عن ذلك الدوٌدار وؼٌره وقالوا‪ :‬ؼرض الوزٌر إصالح حاله مع هوالكو فؤصؽى إلٌهم وبعث هدٌة قلٌلة مع عبد‬
‫ّللا بن الجوزي فتنمر هوالكو ‪ ،‬وبعث ٌطلب الدوٌدار وابن الدوٌدار وسلٌمان شاه فما راحوا ‪ ،‬وأقبلت ال ُم ُؽل كاللٌل المظلم ‪ .‬وكان الخلٌفة قد أهمد‬
‫حال الجند وتعثروا وافتقروا وقطعت أخبازهم ‪ ،‬ونظم الشعر فً ذلك ! فال قوة إال بالِل)‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫فلماذا ٌتعامى أتباع الخالفة عن حقٌقة أن مركز القرار والمٌزانٌة كانا بٌد الخلٌفة وبطانته ‪ ،‬وٌضعون المسإولٌة على شٌعً مدنً الٌملك القرار؟ !‬
‫ولماذا الٌُدٌنون الخلٌفة البخٌل المنهار الذي عرؾ أن المؽول قصدوا العراق فؤرسل معتمده محتسب بؽداد الفقٌه السنً ابن الجوزي الى هالكو‬
‫لٌسلمه اِلهواز التً كانت خاضعة للخلٌفة مباشرة ! قال الذهبً فً سٌره‪ ( :374/23 :‬وقد أرسله المستعصم إلى خراسان إلى هوالكو ثم رجع‬
‫وأخبر بصحة عزمه على قصد العراق فً جٌش عظٌم ‪ ،‬فلم ٌستعدوا للقابه ! ولما خرج المستعصم إلٌه طلب منه أن ٌنفذ إلى خورستان منٌسلمها ‪،‬‬
‫فنفذ شرؾ الدٌن هذا بخاتم الخلٌفة فتوجه مع جماعة من المؽول وعرفهم حقٌقة الحال) ! انتهى ‪.‬‬

‫ومع كل ذلك ظل (الخلٌفة) مستؽرقا ً فً خمره حتى عندما أحاط جٌش هوالكو بقصره وأصابت سهامهم راقصته ‪ ،‬فكان جوابه أن قال‪ :‬كثفوا‬
‫الستابر؟ !‬

‫قال الخلٌفة‪ :‬قتلوا راقصتً ِّ‬


‫فكثفوا الستابر !‬
‫قال ابن كثٌر فً النهاٌة‪ ( :233/13 :‬وأحاطت التتار بدار الخالفة ٌرشقونها بالنبال من كل جانب حتى أصٌبت جارٌة كانت تلعب بٌن ٌدي الخلٌفة‬
‫وتضحكه ‪ ،‬وكانت من جملة حظاٌاه وكانت مولَّدَ ًة تسمى عَ رَ فة ‪ ،‬جاءها سهم من بعض الشبابٌك فقتلها وهً ترقص بٌن ٌدي الخلٌفة ‪ ،‬فانزع‬
‫الخلٌفة من ذلك وفزع فزعا ً شدٌداً !‬

‫( وأحضر السهم الذي أصابها بٌن ٌدٌه فإذا علٌه مكتوب‪ :‬إذا أراد ّللا إنفاذ قضابه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم) ! فؤمر الخلٌفة عند ذلك‬
‫بزٌادة اإلحتراز وكثرة الستابر(ال ُجدُر) على دار الخالفة ! وكان قدوم هالكو خان بجنوده كلها وكانوا نحو مابتً ألؾ مقاتل إلى بؽداد فً ثانً عشر‬
‫المحرم من هذه السنة ‪ ،‬وهو شدٌد الحنق على الخلٌفة بسبب ما كان تقدم من اِلمر الذي قدره ّللا وقضاه وأنفذه وأمضاه ‪ ،‬وهو أن هالكو لما كان‬
‫أول بروزه من همدان متوجها ً إلى العراق‪ ،‬أشار الوزٌر مإٌد الدٌن محمد بن العلقمً على الخلٌفة بؤن ٌبعث إلٌه بهداٌا سنٌة لٌكون ذلك مدارا ًة له‬
‫عما ٌرٌده من قصد بالدهم ‪ ،‬فخذل الخلٌفة عن ذلك دوٌداره الصؽٌر أٌبك وؼٌره وقالوا إن الوزٌر إنما ٌرٌد بهذا مصانعة ملك التتار بما ٌبعثه إلٌه‬
‫من اِلموال ‪ ،‬وأشاروا بؤن ٌبعث بشا ٌسٌر فؤرسل شٌبا ً من الهداٌا فاحتقرها هالكو خان وأرسل إلى الخلٌفة ٌطلب منه دوٌداره المذكور وسلٌمان‬
‫شاه(وهو ممثل سلطان السالطٌن الخوارزمً ‪ ،‬وحذؾ ذكر ابن العلقمً !)فلم ٌبعثهما إلٌه وال بالى به حتى أزؾ قدومه ‪ ،‬ووصل بؽداد بجنوده‬
‫الكثٌرة الكافرة الفاجرة الظالمة الؽاشمة ممن الٌإمن بالِل وال بالٌوم اآلخر ‪ ،‬فؤحاطوا ببؽداد من ناحٌتها الؽربٌة والشرقٌة وجٌوش بؽداد فً ؼاٌة‬
‫القلة ونهاٌة الذلة ‪ ،‬الٌبلؽون عشرة آالؾ فارس وهم وبقٌة الجٌش كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثٌر منهم فً اِلسواق وأبواب‬
‫المساجد ‪ ،‬وأنشد فٌهم الشعراء قصابد ٌرثون لهم وٌحزنون على اإلسالم وأهله ‪ ،‬وذلك كله عن آراء الوزٌر ابن العلقمً الرافضً وذلك أنه لما كان‬
‫فً السنة الماضٌة كان بٌن أهل السنة والرافضة حرب عظٌمة نهبت فٌها الكرخ ومحلة الرافضة حتى نهبت دور قرابات الوزٌر ‪ ،‬فاشتد حنقه على‬
‫ذلك ‪ ،‬فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على اإلسالم وأهله ما وقع من اِلمر الفظٌع الذي لم ٌإ ُر ّخ أبشع منه منذ بنٌت بؽداد وإلى هذه اِلوقات ‪،‬‬

‫‪490‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ولهذا كان أول من برز إلى التتار هو ! فخرج بؤهله وأصحابه وخدمه وحشمه فاجتمع بالسلطان هالكو خان لعنه ّللا ‪ ،‬ثم عاد فؤشار على الخلٌفة‬
‫بالخروج إلٌه والمثول بٌن ٌدٌه لتقع المصالحة على أن ٌكون نصؾ خراج العراق لهم ونصفه للخلٌفة‪ ،‬فاحتاج الخلٌفة إلى أن خرج فً سبعمابة‬
‫راكب من القضاة والفقهاء والصوفٌة ورإس اِلمراء والدولة واِلعٌان ‪ ،‬فلما اقتربوا من منزل السلطان هوالكوخان حجبوا عن الخلٌفة إال سبعة‬
‫عشر نفسا ً فخلص الخلٌفة بهإالء المذكورٌن ‪ ،‬وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت وقتلوا عن آخرهم ‪ ،‬وأحضر الخلٌفة بٌن ٌدي هالكو فسؤله عن‬
‫أشٌاء كثٌرة فٌقال إنه اضطرب كالم الخلٌفة من هول ما رأ من اإلهانة والجبروت ‪ ،‬ثم عاد إلى بؽداد وفً صحبته خواجه نصٌر الدٌن الطوسً‬
‫والوزٌر ابن العلقمً وؼٌرهما ‪ ،‬والخلٌفة تحت الحوطة والمصادرة ‪ ،‬فؤحضر من دار الخالفة شٌبا ً كثٌراً من الذهب والحلً والمصاغ والجواهر‬
‫واِلشٌاء النفٌسة ‪ ،‬وقد أشار أولبك المأل من الرافضة وؼٌرهم من المنافقٌن على هوالكو أن الٌصالح الخلٌفة‪ ،‬وقال الوزٌر‪ :‬متى وقع الصلح على‬
‫المناصفة ال ٌستمر هذا إال عاما ً أو عامٌن ثم ٌعود اِلمر إلى ما كان علٌه قبل ذلك ‪ ،‬وحسَّنوا له قتل الخلٌفة ‪ ،‬فلما عاد الخلٌفة إلى السلطان هوالكو‬
‫أمر بقتله) ‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫أقول‪ :‬الحظ تناقضهم حٌث اعترفوا بفساد خلٌفتهم وبطانته وجبنهم ‪ ،‬ثم أُصرُّ وا على تؽطٌة عوراته باتهام الوزٌر الشٌعً رحمه ّللا بؤنه سبب سقوط‬
‫بؽداد !‬

‫وما زال أتباعهم الى عصرنا خاصة الوهابٌة ‪ٌ ،‬طبِّلون بهذه الكذبة ضد نصٌر الدٌن الطوسً قدس سره الذي أخذه المؽول أسٌراً واستبقوه ِلنه‬
‫طبٌب ‪ ،‬وضد الوزٌر محمد بن العلقمً رحمه ّللا الذي لم ٌكن تحت إمرته جندي واحد ‪ ،‬وكان ٌص ُر ّخ فً آذان الخلٌفة قبل سنوات منذراً بالخطر ‪،‬‬
‫وال من مجٌب !‬

‫فلماذا ٌرمون بذنوبهم من الذنب له ‪ ،‬وال ٌعترفون بؤن الخلٌفة السكران وقابد جٌشه الجبان هما اللذان أدارا اِلزمة سنوات قبل وزارة ابن العلقمً ‪،‬‬
‫وكان القرار بٌدهما ال بٌده ‪ ،‬وأنهما السبب فً ذلك السقوط المهٌن للخالفة !‬

‫كان سالطٌن الخالفة كلهم مثل الخلٌفة‬


‫تدل رواٌاتهم على أن المستنصر كان جبانا ً ‪ ،‬أما ولده المستعصم فكان جبانا ً ومدمنا ً للخمر ‪ ،‬وبخٌالً ‪ ،‬ومفرطا ً فً هواٌة جمع المال كقابد جٌشه‬
‫الدوٌدار !‬

‫وقد تقدم قوله عندما حذروه من ؼزو المؽول إن بؽداد تكفٌه والبد أنهم سٌتركونها له ! وتقدمت شهادة المتعصب ابن كثٌر بؤنه عندما قتلت سهام‬
‫المؽول راقصته قال كثفوا الستابر ‪ ،‬ستابر سور القصر ‪ ،‬أو قاعة الرقص !‬

‫قال الباحث السٌد حسن اِلمٌن فً كتابه اإلسماعٌلٌون والمؽول‪ ( :130 /‬وٌذكر السابح البندقً ماركو بولو الذي مرَّ ببؽداد بعد انقضاء الدولة‬
‫اإلٌلخانٌة بقلٌل قصة كانت ذابعة فً عهده‪ ،‬خالصتها‪ :‬أن هوالكو بعد أن قبض على الخلٌفة اكتشؾ بؽرابة أن للخلٌفة برجا ً ملٌبا ً بالذهب ! فاستدعاه‬
‫بٌن ٌدٌه وأنبه لجشعه وبخله اللذٌن منعاه من استخدام كنوزه فً تكوٌن جٌش ٌدافع به عن عاصمته ‪ ،‬التً كانت مهددة منذ مدة طوٌلة ‪ ،‬ثم أمر‬
‫بحبسه فً ذلك البرج بدون طعام حٌث مات هناك بٌن كنوزه ! وكذلك فإن عبد ّللا بن فضل ّللا الشٌرازي ذكر اختالؾ الرواٌات فً كٌفٌة قتل‬
‫الخلٌفة ‪ ،‬وإلى أن أحدها ذكر أن الخلٌفة منع عنه الطعام ‪ ،‬وعندما طلب شٌبا ً من الموكلٌن به الحراس وصل الخبر إلى هوالكو فؤمر أن ٌقدم إلٌه‬
‫طبق ملا بالذهب ‪ ،‬فقال الخلٌفة وكٌؾ ٌمكننً أكل الذهب؟ ! فصدر اِلمر عن طرٌق المترجم أن ٌقال له‪ :‬إذا كنت تعرؾ أن الذهب ال ٌإكل ‪ ،‬فلماذا‬
‫لم تفرقه على عسكرك وأعوانك لتفدي به نفسك والعدد الكبٌر من معاونٌك ‪ ،‬فتحفظ بذلك ملكك؟ ! فلم ٌُحِر الخلٌفة جوابا ً ! والحقٌقة أن هاتٌن‬
‫الرواٌتٌن‪ :‬رواٌة ماركو بولو ورواٌة الشٌرازي تعودان فً اِلصل إلى حقٌقة واقعة هً أن هوالكو بعد أن دخل بؽداد أحضر الخلٌفة وطلب إلٌه‬
‫إحضار كنوزه فؤحضر إلٌه بعض اِلموال والجواهر ‪ ،‬فرفضها هوالكو وقال له‪ :‬أذكر ما تملكه من الدفابن ما هً وأٌن توجد؟ فاعترؾ الخلٌفة‬
‫بوجود حوض مملوء من الذهب فً ساحة القصر ‪ ،‬فحفروا اِلرض حتى وجدوه ‪ ،‬وكان ملٌبا ً بالذهب اِلحمر ‪ ،‬وكله سبابك تزن الواحدة مابة‬
‫مثقال) ! انتهى‪.‬‬

‫‪491‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫إن وجود المستنصر والدوٌدار والسلطان محمد خوارزم على رأس هرم السلطة كان كافٌا ً النهٌار نظام الخالفة ! لكنهم ٌبرإونهم لمجرد أنهم سنٌون‬
‫! ثم ٌتهمون ؼٌرهم بؤنهم كانوا سبب انهٌار الدولة ‪ ،‬لمجرد أنهم شٌعة !‬

‫إقرأ ما كتبه كبار علمابهم ومإرخٌهم عن سلطان سالطٌن الخالفة محمد خوارزم المسمى كذبا ً (ؼٌاث الدٌن) فقد كان أفسد من خلٌفته ‪ِ ،‬لنه مع‬
‫فساده اِلخالقً سخٌؾٌ الى حد الجنون !‬

‫قال ابن العبري فً تارٌخ مختصر الدول‪( :227/‬وكان السلطان ؼٌاث الدٌن مقبالً على المجون وشرب الشراب ؼٌر مرضً الطرٌقة ‪ ،‬منؽمسا ً فً‬
‫الشهوات الموبقة ‪ ،‬تزوج ابنة ملك الكرج فشؽفه حبها وهام بها إلى حد أن أراد تصوٌرها على الدراهم فؤشٌر علٌه أن ٌصور صورة أسد علٌه شمس‬
‫لٌنسب إلى طالعه وٌحصل به الؽرض ! وخلَّؾ ؼٌاث الدٌن ثالثة بنٌن عز الدٌن وأمه رومٌة ابنة قسٌس ‪ ،‬وركن الدٌن وأمه أٌضا ً رومٌة‪ ،‬وعالء‬
‫الدٌن‬ ‫الدٌن وأمه الكرجٌة ‪ .‬فولً السلطنة عز الدٌن وهو الكبٌر وحلؾ له اِلمراء و ُخطب له على المنابر ‪ .‬وكان مدبره واِلتابك له اِلمٌر جالل‬
‫قرطاي رجل خٌر دٌِّن صابم الدهر ممتنع عن أكل اللحم ومباشرة النساء ‪ ،‬لم ٌنم فً فراش وطا وإنما كان نومه على الصنادٌق فً الخزانة ‪ ،‬أصله‬
‫رومً وهو من ممالٌك السلطان عالء الدٌن وتربٌته ‪ ،‬وكان له الحرمة الوافرة عند الخاص والعام)‪.‬انتهى‪.‬‬

‫لكن ماذا ٌنفع سكرتٌر صالح مع سلطان فاسد من قرنه الى قدمه؟ !‬

‫وقال ابن اِلثٌر فً الكامل‪( :495/12 :‬وكان جالل الدٌن سا السٌرة قبٌح التدبٌر لملكه ‪ ،‬لم ٌترك أحداً من الملوك المجاورٌن له إال عاداه ونازعه‬
‫الملك وأساء مجاورته ‪ ،‬فمن ذلك أنه أول ما ظهر فً أصفهان وجمع العساكر قصد خوزستان فحصر مدٌنة ششتر وهً للخلٌفة فحصرها ! وسار‬
‫إلى دقوقا فنهبها وقتل فٌها فؤكثر وهً للخلٌفة أٌضا ً ‪ ،‬ثم ملك آذربٌجان وهً ِلوزبك فملكها ‪ ،‬وقصد الكرج وهزمهم وعاداهم ‪ ،‬ثم عاد الملك‬
‫اِلشرؾ صاحب خالط ‪ ،‬ثم عاد عالء الدٌن صاحب بالد الروم‪ ،‬وعاد اإلسماعٌلٌة ونهب بالدهم وقتل فٌهم فؤكثر وقرر علٌهم وظٌفة من المال‬
‫كل سنة‪ ،‬وكذلك ؼٌرهم ‪ .‬فكل الملوك تخلى عنه ولم ٌؤخذ بٌده‪ ...‬وانضاؾ إلى ذلك أن عسكره اختلفوا علٌه وخرج وزٌره عن طاعته فً طابفة‬
‫كثٌرة من العسكر ‪ .‬وكان السبب أن ظهر من قلة عقل جالل الدٌن ما لم ٌسمع بمثله ! وذلك أنه كان له خادم خصً وكان جالل الدٌن ٌهواه واسمه‬
‫قل ‪ ،‬فاتفق أن الخادم مات فؤظهر من الهلع والجزع علٌه ما لم ٌسمع بمثله وال لمجنون لٌلى ! وأمر الجند واِلمراء أن ٌمشوا فً جنازته رَ جَّالة ‪،‬‬
‫وكان موته بموضع بٌنه وبٌن تبرٌز عدة فراسخ فمشى الناس رَ جَّالة ومشى بعض الطرٌق راجالً فؤلزمه أمراإه ووزٌره بالركوب ‪ ،‬فلما وصل إلى‬
‫تبرٌز أرسل إلى أهل البلد فؤمرهم بالخروج عن البلد لتلقً تابوت الخادم ففعلوا فؤنكر علٌهم حٌث لم ٌبعدوا ولم ٌظهروا من الحزن والبكاء أكثر مما‬
‫فعلوا ‪ ،‬وأراد معاقبتهم على ذلك فشفع فٌهم أمراإه فتركهم ! ثم لم ٌدفن ذلك الخصً وإنما كان ٌستصحبه معه أٌنما سار وهو ٌلطم وٌبكً فامتنع من‬
‫اِلكل والشراب ! وكان إذا قدم له قدم له طعام ٌقول إحملوا من هذا إلى قل وال ٌتجاسر أحد ٌقول إنه مات ‪ ،‬فإنه قٌل له مرة إنه مات فقتل القابل له‬
‫ذلك ! إنما كانوا ٌحملون الٌه الطعام وٌعودون ٌقولون إنه ٌقبل اِلرض وٌقول إننً أصلح مما كنت ! فلحق أمراءه من الؽٌظ واِلنفة من هذه الحالة ما‬
‫حملهم على مفارقة طاعته واإلنحٌاز عنه مع وزٌره ‪ ،‬فبقً حٌران ال ٌدري ما ٌصنع السٌما لما خرج التتر فحٌنبذ دفن الؽالم الخصً ‪ ،‬وراسل‬
‫الوزٌر واستماله وخدعه إلى أن حضر عنده ‪ ،‬فلما وصل الٌه بقً أٌاما ً وقتله جالل الدٌن ! وهذه نادرة ؼرٌبة لم ٌسمع بمثلها)‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫‪:374/12‬‬ ‫ثم تحدث ابن اِلثٌر المعاصر لؽزو المؽول عن الوضع المزري للسالطٌن الحكام ومد فسادهم وجبنهم ‪ ،‬قال فً الكامل‪:‬‬
‫(وصلوا(المؽول)إلى تبرٌز وبها صاحب أذربٌجان أوزبك بن البهلوان ‪ ،‬فلم ٌخرج إلٌهم وال حدَّث نفسه بقتالهم النشؽاله بما هو بصدده من إدمان‬
‫الشرب لٌالً ونهاراً ال ٌُفٌق ! وإنما أرسل إلٌهم وصالحهم على مال وثٌاب ودواب وحمل الجمٌع إلٌهم ‪ ،‬فساروا من عنده ٌرٌدون ساحل البحر‪ِ ،‬لنه‬
‫ٌكون قلٌل البرد لٌش ُّتوا علٌه والمراعً به كثٌرة) ! وقال فً الكامل‪( :502/12:‬فً أول هذه السنة أطاع أهل بالد آذربٌجان جمٌعها للتتر‪ ...‬وسبب‬
‫طاعتهم أن جالل الدٌن لما انهزم من التتر وتفرقت عساكره وتمزقوا كل ممزق‪...‬وملوك اإلسالم منحجرون فً اِلثقاب ! ولقد وقفت على كتاب‬
‫وصل من تاجر من أهل الري كان قد انتقل إلى الموصل وأقام بها هو ورفقاء له ‪ ،‬ثم سافر إلى الري فً العام الماضً قبل خروج التتر ‪ ،‬فلما وصل‬
‫التتر إلى الري وأطاعهم أهلها وساروا إلى آذربٌجان سار هو معهم إلى تبرٌز فكتب إلى أصحابه بالموصل ٌقول‪ :‬إن الكافر لعنه ّللا ما نقدر أن‬

‫‪492‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الربٌع‬ ‫نصفه وال كثرة جموعه ‪ ،‬حتى ال تنقطع قلوب المسلمٌن فإن اِلمر عظٌم‪....‬وإن البالد خالٌة من ملك وعساكر ‪ ،‬فقوي طمعهم وهم فً‬
‫ٌقصدونكم‪ ...‬فانظروا ِلنفسكم ‪ .‬هذا مضمون الكتاب ‪ ،‬فإنا لِل وإنا الٌه راجعون وال حول وال قوة إال بالِل العلً العظٌم‪).‬‬

‫صنعوا من الدوٌدار الجبان بطالً ِلنه عدو للشٌعة !‬


‫أنظر كٌؾ ترجم الذهبً للدوٌدار بإعجاب فقال فً تارٌخه‪ ( :18/46 :‬وفٌها كان عرس مجاهد الدٌن أٌبك الدوٌدار الصؽٌر على بنت بدر الدٌن‬
‫صاحب الموصل وكان عرسا ً ما ُ‬
‫شهد مثله ! وخلع علٌه الخلٌفة وأعطاه ونوَّ ه باسمه ‪ ،‬ومشى فً ركابه اِلمراء ووزراء بؤلوٌة المُلك ‪ ،‬وأعطً‬
‫أنواعا ً كثٌرة وتحفا ً ‪ ،‬واستمرَّ دخوله إلى دار الخالفة فً كل ٌوم ) ‪( .‬ووهبه لٌلة عرسه مابة ألؾ دٌنار ‪ ،‬وكان دخله فً العام من ملكه وإقطاعه‬
‫خمسمابة ألؾ دٌنار)‪( .‬تارٌخ الذهبً‪ .)443/47 :‬وقال فً سٌره‪ ( :371/23 :‬الدوٌدار الملك مقدم جٌش العراق ‪ ،‬مجاهد الدٌن أٌبك الدوٌدار‬
‫الصؽٌر ‪ ،‬أحد اِلبطال المذكورٌن والشجعان الموصوفٌن ! الذي كان ٌقول‪:‬لو مكننً أمٌر المإمنٌن المستعصم لقهرت التتار ‪ ،‬ولشؽلت هوالكو‬
‫بنفسه ! وكان مؽر ً بالكٌمٌاء له بٌت كبٌر فً داره فٌها عدة من الصناع والفضالء لعمل الكٌمٌاء وال تصح ‪ ،‬فحكى شٌخنا محًٌ الدٌن بن النحاس‬
‫قال‪ :‬مضٌت رسوالً فؤرانً الدوٌدار دار الكٌمٌاء وحدثنً قال‪ :‬عارضنً فقٌر وقال‪ٌ :‬ا ملك خذ هذا المثقال وألقه على عشرة آالؾ مثقال ٌصٌر الكل‬
‫ذهبا ً ففعلت فصح قوله ‪ ،‬ثم لقٌته بعد مدة فقلت علمنً الصنعة قال‪ :‬ال أعرفها لكن رجالً صالحا ً أعطانً خمسة مثاقٌل فؤعطٌتك مثقاالً ولملك الهند‬
‫مثقاالً وآلخرٌن مثقالٌن وبقً لً مثقال أنفق منه ‪ ،‬ثم أرانً الدوٌدار قطعة فوالذ قد أحمٌت وألقى علٌها مؽربً شٌبا ً فصار ما حمً منها ذهبا ً‬
‫وباقٌها فوالذ ! )‬

‫وقال فً تارٌخه‪( :281/48:‬مقدم جٌوش العراق كان بطالً شجاعا ً موصوفا ً بالرأي واإلقدام ‪ ،‬كان ٌقول‪ :‬لو مكننً أمٌر المإمنٌن لقهرت هوالكو)‪.‬‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫أقول‪ :‬كانت قٌادة جٌش الخالفة كله بٌد هذا القابد الؽالم المدلل الذي أعطاه الخلٌفة لقب(الملك)وكان دخله الشخصً وحده كافٌا ً لمٌزانٌة جٌش !‬

‫لكنه بشهادتهم كان مترفا ً همُّه جمع المال وتحوٌل الحدٌد الى ذهب ! وهو كاذبٌ فً قوله إن دروٌشا ً أعطاه مادة تحول الحدٌد الى ذهب‪ ،‬كما هو‬
‫كاذبٌ فً عنترٌاته بؤن الخلٌفة لو مكنه لهزم هالكو ! فماذا ٌرٌد من الخلٌفة السكران وهو بٌده؟ومتى منعه من الدفاع؟ ولماذا هرب فً زورق‬
‫فقبضوه كالدجاجة !‬

‫قال السبكً فً طبقات الشافعٌة‪ ( :270/8:‬وركب السلطان هوالكو إلى العراق وكان على مقدمته باٌجو نوٌن وأقبلوا من جهة البر الؽربً عن دجلة‬
‫فخرج عسكر بؽداد وعلٌهم ركن الدٌن الدوٌدار فالتقوا على نحو مرحلتٌن من بؽداد وانكسر البؽدادٌون وأخذتهم السٌوؾ وؼرق بعضهم فً الماء‬
‫وهرب الباقون !! )‬

‫ٌ‬
‫معركة أبداً‬ ‫هذا على رواٌة السبكً المفرط فً تعصبه للخلٌفة وبطانته ‪ ،‬لكن ؼٌره رو أن أحداً لم ٌخرج من بؽداد لمقاومة المؽول ‪ ،‬ولم تكن بٌنهم‬
‫!‬

‫قال السٌد اِلمٌن فً أعٌان الشٌعة‪ (:93/9 :‬ولما حمً وطٌس الحرب فً بؽداد وضاق الحال على اِلهالً أراد الدواتدار أن ٌركب سفٌنة وأن ٌهرب‬
‫إلى ناحٌة المسٌب ‪ ،‬ولكنه بعد أن اجتاز قرٌة العقاب أطلق جند بوقا تٌمور حجارة المنجنٌق والسهام وقوارٌر النفط واستولوا على ثالث سفن‬
‫وأهلكوا من فٌها ‪ ،‬وعاد الدواتدار منهزما ً ! فلما وقؾ الخلٌفة على تلك الحال ٌبس نهابٌا ً من اإلحتفاظ ببؽداد ولم ٌرَ أمامه مفراَ وال مهربا َ قط فقال‪:‬‬
‫ال على خوفه‬ ‫سؤستسلم وأطٌع ! ثم أرسل فخر الدٌن الدامؽانً وابن الدرنوش مع قلٌل من التحؾ إلى هوالكو زاعما ً أنه لو بعث بالكثٌر لكان ذلك دلٌ ً‬
‫فٌتجرأ العود ! فلم ٌلتفت هوالكو إلى هذه الهداٌا ‪ ،‬وعادا محرومٌن‪).‬‬

‫‪----------‬‬

‫‪493‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ذكرياتي مع برزان التكريتي‬


‫د‪.‬صاحب الحكيم‬
‫برزان ابراهٌم حسن هو اِلخ ؼٌر الشقٌق للمجرم المعدوم صدام حسٌن مجٌد‪.‬‬
‫ولد فً العوجة ٌقال فً عام ‪ 1952‬و قد ظهرت توارٌخ والدته و اخٌه المجرم صدام بعد ان تولوا الحكم بالقوة حٌث لم تسجل توارٌخ والداتهم‬
‫فٌما قبل ذلك لكون عابالتهم من العوابل الجاهلة البدوٌة ‪ ،‬و هما ( إبنا العوجة) و العوجة تعبٌر للمرأة السٌبة الخلق ‪ .‬فقد جاء فً صفحة ‪ 11‬من‬
‫كتاب صدام سٌاسة اإلنتقام ان صبحة كانت بؽٌا ٌتداولها العامة من الناس و ان صدام كان ٌقود علٌها‪.‬‬

‫‪Saddam Hussein The Politics of Revenge, Said K Aburish‬‬


‫حٌث أورد ابو الرٌش ان صبحة طلفاح اخت حرامً بؽداد خٌر ّللا طلفاح مسلط ( انظر كتاب صدام سٌاسة اإلنتقام ) للكاتب الفلسطٌنً المعروؾ‬
‫سعٌد ابو الرٌش الذي كانت له عالقة مع صدام و ٌعرفه جٌدا والمولود فً بٌت لحم الؾ عدة كتب عن عرفات و آل سعود باللؽة االنكلٌزٌة اسماه‬
‫صعود و سقوط آل سعود‪.‬و ؼٌرها من المإلفات‪...‬‬
‫و ٌعز الكاتب السبب فً عدم حضور المدعو حسٌن والد المجرم صدام والدته هو ان صدام لٌس ابنه و بالرؼم من ان نساء القرٌة البدوٌة مثل‬
‫العوجة كانت فً معزل تام عن الرجال و لكن صبحة كانت الوحٌدة التً تختلط بهم ‪........‬‬

‫من ؼٌر اقاربها ‪ ،‬و كانت تخرج وحدها و ترفض ان ٌراقبها احد او ان ٌمسك علٌها احد طرٌقها و كانت تحضر جلسات الرجال لوحدها و حتى‬
‫انها تمٌزت بمالبسها التً ال تشبهها مالبس النساء اِلخرٌات و ان اكمامها كنت عرٌضة بطرٌقة انها تري قسما من اذرعها‪ .‬مما ال تتزٌى بها نساء‬
‫العراق و ال حتى البدوٌات‪..‬‬

‫و ان إخوة المجرم برزان هما المجرمان سبعاوي الذي عٌنه المجرم صدام ناببا لالمن الوطنً الذي كان برباسة المجرم سعدون شاكر و وطبان‬
‫الذي عٌن اول ما عٌن محافظا لتكرٌت عام ‪ 1978‬التً بدل اسمها الى صالح الدٌن و ال ٌعرؾ احد من هو أبو المجرم صدام ‪ ،‬و لم ٌره أحد و لم‬
‫ٌسمع به أي قروي من منطقته ‪ ،‬حتى قام المجرم صدام بجمع عدد من الرسامٌن و امرهم بوضع صور خٌالٌة و رسمها مكبرة ‪ ،‬ثم هو اي صدام (‬
‫المجرم) قد اختار احد الصور المرسومة بالرٌشة و قال نعم هذه هً صورة والدي !! و وضعها فً متحؾ الهداٌا التً كانت تقدم له ‪ ،‬و الذي كان‬
‫قد سرقه اِلمرٌكان بعد إحتاللهم العراق ‪ ...‬و سكنوا فً قصوره و قد كافؤ المجرم صدام الرسامٌن المرتزقة ‪ ،‬و كان ذلك عام ‪... 1995‬‬
‫ٌقول الكاتب ‪ :‬كان أهل تكرٌت ٌخافون من أهل العوجة عندما ٌدخلون مدٌنة تكرٌت حٌث ٌؽلقون أبوابهم و محالتهم خوفا من نهبها من أولبك‬
‫اِلوباش كما ٌروي صالح عمر العلً عضو ما ٌسمى بمجلس قٌادة الثورة البعثً و وزٌر اإلعالم السابق تزوج برزان احالم بنت حرامً بؽداد‬
‫خٌر ّللا طلفاح ‪ ،‬و التً ماتت فً جنٌؾ و ولدت له محمدا‪ (،‬و هو معتقل فً العراق بتهمة إختالس اِلموال العامة) و سجى التً طلقها المجرم‬
‫عدي صدام ِلسباب اخالقٌة كما ورد ‪،‬و ثرٌا‪ ،‬وعلً‪ ،‬ونور وخوله و كان صدام ٌكرهها ِلنها قد رفضته ‪ ،‬عندما تقدم لخطبتها كما ٌقال كان المجرم‬
‫برزان مرافقا للمجرم صدام أول إستالمهم السلطة بالقوة‪ ...‬عام ‪ 1968‬عندما جندتهم المخابرات المركزٌة اِلمرٌكٌة سً آ اٌه‪ ،‬راجع ٌوناٌتد‬
‫برس انترناشٌونال ‪ ،‬ابرٌل ‪. 2003‬‬
‫ترأس المجرم المعدوم برزان رباسة المخابرات العراقٌة من عام ‪ 1979‬حتى عام ‪ 1983‬و قتل أعداد كثٌرة من العراقٌٌن فً داخل و خارج‬
‫العراق ‪ ,‬لٌس بعٌدا عنا شهادة إمرأة عراقٌة فً المحكمة الجنابٌة العلٌا التً ذكرت انها قد عذبت عارٌة فً حٌن كان المجرم برزان ٌؤكل العنب‪...‬‬
‫و قد ازاحه المجرم صدام من رباسة المخابرات ِلن لفظة ( السٌد الربٌس) بدأت تتردد فً أقبٌة هذا الجهاز القمعً الرهٌب إشارة الى ( ربٌسه)‬
‫برزان ‪ ،‬و المجرم صدام ال ٌرٌد لكلمة ( السٌد الربٌس ) ان تتردد الى له‪...‬‬
‫ألبسنا الشيعة تراجي‬
‫حدثنً أحد الدٌبلوماسٌٌن العرب الذٌن كانوا ضمن إحد الوفود الرسمٌة المعتمدة لد اِلمم المتحدة ‪ ،‬انه كان فً جلسة مع المجرم برزان‪ ..‬و‬
‫دٌبلوماسٌٌن آخرٌن ‪ ،‬وأحتفظ بإسم هذا الدٌبلوماسً الكرٌم ِلسباب معروفة ‪ ،‬حٌث أنه وبالتؤكٌد سوؾ ال ترضى دولته عنه ان هو خاض مثل هذا‬
‫الحدٌث مع برزان و دولته هً التً أٌدت مواقؾ أخٌه المجرم صدام وسكتت عن القتل العام فً العراق الذي كان من سٌاسة هذا المجرم ‪ ،‬بل و‬
‫أمدته باِلموال‪ ...‬و اثناء الحدٌث ‪ ،‬وجه الدٌبلوماسً العربً سإاال الى المجرم برزان ‪:‬‬

‫‪494‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ -‬لماذا تقتلون ال ُكرد و الشٌعة فً العراق ؟‬


‫‪ -‬أجاب المجرم ‪ :‬بكل صفاقة ‪ ،‬و كبرٌاء ‪ ،‬و كان ٌلبس أفضل بدلة حرٌر فً سوٌسرا جلبت له من بارٌس كما ٌروي الصدٌق ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ُكرد مثل هذه ‪ ،‬و اشار الى حذابه ‪ ،‬إنهم عمالء إسرابٌل ‪..‬‬
‫و سؤله الصدٌق الذي ربطتنً به عالقة تطورت الى لقاءات عدٌدة فً أروقة اِلمم المتحدة فً جنٌؾ ‪:‬‬
‫‪ -‬و الشٌعة ؟‬
‫‪ -‬أجابه المعدوم ‪:‬‬
‫بكل ؼرور ‪ ،‬و عنجهٌة ‪ ،‬و هو ٌنفث السٌكار‬
‫كما ٌروي الصدٌق‬
‫‪ -‬إننا ألبسنا الشٌعة تراجً ( ٌعنً أقراطا) ؟‬

‫تجربتي الشخصية معه‬


‫كنت دابما اراه فً أروقة اِلمم المتحدة فً قصرها فً جنٌؾ حٌث إجتماعات لجان حقوق اإلنسان الفرعٌة و اِلصلٌة و خبراء اِلمم المتحدة فً‬
‫شإون حقوق اإلنسان‪ .‬حٌث كنا نشارك فً إجتماعاتها مرتٌن بالسنة و بدعوة رسمٌة لتقدٌم شكاو و وثابق و صورا للشهداء ضد النظام الصدامً‬
‫المجرم كما كنا نوزع المنشورات التً تتضمن وثابق عن إنتهاكات النظام الصدامً المجرم على ممثلً المنظمات الدولٌة المختلفة و رإساء و‬
‫السفراء الدابمٌٌن فً جنٌؾ‪ ...‬و الصحفٌٌن و طالب و باحثٌن عالمٌٌن فً شإون حقوق اإلنسان الواسعة اإلهتمام ‪ ،‬و كم من مرة نجحنا فً عقد‬
‫مإتمرات صحفٌة حضرها ممثلو الصحافة العربٌة و العالمٌة لتبٌان جرابم النظام الصدامً و كنت اقترب منه و اعطٌه المنشور الذي ٌتضمن جرابم‬
‫اخٌه المعدوم‪ ...‬و أقول له سٌادة السفٌر بنبرة عالٌة أمام وزراء العالم و سفرابهم و عندما اسلمه المنشور أقول له بهمس ( بن البؽً‪ ) ...‬و أشتمه‬
‫باللؽة العراقٌة التً ٌفهمها‪ ...‬حتى ضاق ذرعا‪ ...‬و أمر جالوزته _ كما ٌخبرنً أحد أعضاء الوفود العربٌة من دول الخلٌ الذي أحتفظ بإسمه_‬
‫بان ٌبعد ونً عنه و لكن أنى لهم ذلك فؤنا أحمل الباج الذي ٌشبه و ٌوازي الذي ٌحمله ‪ ،‬و أتصرؾ بهدوء و ثقة و خاصة و انً كنت أحمل هم‬
‫العراق ‪ ،‬و فً دٌبلوماسٌة رقٌقة ظاهرٌا ‪ ،‬و عنؾ حاد معه عندما اهمس بإذنه و اذن الجالوزة من أعضاء الممثلٌة الصدامٌة العاملٌن فً جنٌؾ ‪،‬‬
‫تقع بناٌة الممثلٌة الصدامٌة فً بناٌة رقم ‪ 28‬بتً ساكونٌه مع الممثلٌة اِللمانٌة و اإلٌرانٌة و هذا الحً الراقً هو مقر للبعثات الدبلوماسٌة لوقوعه‬
‫بالقرب من مقر اِلمم المتحدة و منظمة الصلٌب اِلحمر الدولٌة و المفوضٌة السامٌة لؽوث الالجبٌن فً اِلمم المتحدة و فندق انتركونتٌننتال ‪ ،‬و‬
‫ٌذكرنً هذا الفندق برحلة شهٌد المحراب السٌد محمد باقر الحكٌم الذي نزل فٌه ضٌفا مكرما عندما جاء الى سوٌسرا فً زٌارته المشهورة لإلجتماع‬
‫مع المستر بٌرٌرز دي كوٌالر اِلمٌن العام اِلمم المتحدة ‪ ،‬و كان أول زعٌم عراقً معارض ٌقابل أرفع دٌبلوماسً عالمً و كان ذلك ٌوم ‪ 27‬آب‬
‫عام ‪ ، 1991‬وكنت معه فً تلك الرحلة التارٌخٌة بعد أن زار لندن و عقد عدة إجتماعات مع الجالٌة العراقٌة الكبٌرة فٌها‪ ...‬كان أعضاء ممثلٌة‬
‫صدام فً اِلمم المتحدة هم عبد المنعم القاضً وهو بدرجة قنصل و محمد أ ‪.‬حسٌن و هو بدرجة قنصل كذلك و شامل أ محمد و هو سكرتٌر أول و‬
‫عادل خلٌل و هو بدرجة سكرتٌر اول لشإون نزع السالح موفق ماروكً و هو بدرجة سكرتٌر ثان و خلٌل جاسم و هو ملحق كلهم من منتسبً‬
‫المخابرات الصدامٌة المجرمة و ٌتداول بعض العاملٌن فً الوفود العربٌة بان بعض هإالء الجالوزة كان ٌوفر الفتٌات الساقطات للمجرم المقطوع‬
‫الرأس ‪ ،‬و المجروم كان ٌفضل اللواتً ٌتكلمن اللهجة التكرٌتٌة حٌث ٌتم جلبهن له من المنطقة الؽربٌة و من الؽجرٌات ذوات الرابحة التً تمتزج‬
‫ببول الؽنم !!‬
‫و مرة حدثت مشكلة فً المطار الن إحداهن لم تكن تحمل ( الصفة الدٌبلوماسٌة) بطبٌعة الحال بٌنما كانت تحمل دعوة خاصة من ممثلٌة النظام‬
‫الصدامً و لم تكن فً الحقٌقة اال بؽً ٌؽطً علٌها أفراد البعثة الصدامٌة حقٌقة هوٌتها و ٌتضح ذلك جلٌا من مالبسها و حركاتها و تطلعها الى‬
‫الٌمٌن و الٌسار فً حركات فجابٌة تلفت النظر‪ ...‬كان المجرم المقطوع الرأس نادرا ما كان ٌشارك فً النقاشات داخل القاعة ‪ ،‬بل ٌكتفً بالحضور ‪،‬‬
‫و اما إلقاءه كلمة الوفد العراقً ‪ ،‬او الرد على ما ٌعرضه ممثلو المنظمات اإلنسانٌة التً تشارك فً إجتماعات اِلمم المتحدة بصفة اإلستشارٌة فقد‬
‫كان ٌتولى ذلك عبد المنعم القاضً ‪ ..‬و السبب فً ذلك فً ان المجرم برزان هو راعً ؼنم فقط نصؾ أمً و بالكاد كان ٌكتب اسمه باللؽة العربٌة‬
‫‪ ...‬فضال عن عدم اجادة اي لؽة أجنبٌة على عكس حال السفراء اآلخرٌن الذٌن ربما ٌتقن بعضهم أكثر من لؽتٌن‪...‬‬
‫كان المجرم ٌشارك فً الحضور فً القاعة الكبر لإلستراحة على البحٌرة التً كانت ملتقى كل الوفود و السفراء و الوزراء من مختلؾ دول العالم‬
‫ٌؤتً لٌشرب‬ ‫و هً المكان الذي نفضله لتحركاتنا لتوزٌع الوثابق و المنشورات و صور الشهداء الذٌن أعدمهم نظام المعدوم صدام المجرم‪...‬‬

‫‪495‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫القهوة متبخترا و حوله الجالوزة و كان الدٌبوماسً الوحٌد ‪ ،‬من بٌن المعتمدٌن ‪ ،‬الذي ٌحمل مسدسا و كنت قد أقمت عالقة مع احد مدراء الحراسة‬
‫من شمال أفرٌقٌا حٌث تعرؾ بعضنا على بعض فً مصلى اِلمم المتحدة فً الطابق تحت اِلرض كٌؾ ٌمكن لدٌبلوماسً ان ٌحمل السالح فً اِلمم‬
‫المتحدة ؟‬
‫سكت …‬
‫و بعد مدة من الزمن أخر أعدت علٌه السإال ؟‬
‫و ٌظهر انه وثق بً و عطؾ على قضٌتً العراقٌة المكلومة‬
‫فقال انه ‪ :‬أن المخابرات الفرنسٌة هً التً أوصت به خٌرا ‪ ،‬و سوؾ تتعجب ام إخبرتك بؤنه ٌدخل الى فرنسا بدون الحصول على تصرٌح خاص‬
‫من الحكومة الفرنسٌة … و معروؾ ان الحدود بٌن جنٌؾ و فرنسا ال تستؽرق سو خمس ‪ 5‬دقابق فقط بالسٌارة !!‬
‫صورة صفحة من رسالة جوابٌة رسمٌة كان قد بعثها المجرم برزان التكرٌتً ردا على ما قدمناه للجنة المفقودٌن قسرٌا و ال إرادٌا كشكو ضد‬
‫النظام الصدامً المجرم ‪ ،‬و قد قدم كاتب السطور تلك الشكو أمام اللجنة و استدعت المجرم برزان و قدمته للمساءلة ‪ ،‬و فٌها أسماء بعض العلماء‬
‫الذٌن اعتقلهم النظام المجرم بعد إجهاضه اإلنتفاضة الشعبانٌة فً آذار ‪ 1991‬و فٌها ٌعترؾ المجرم بقتل الشهٌد الشٌخ محسن الناصري‪...‬‬
‫و أتذكر انه فً إحد المرات عندما ٌرانا الجالوزة أعاله أنا و الشهٌد الدكتور علً العضاض مقبلٌن نحمل همومنا و آالم شعبنا فً الوثابق التً‬
‫نوزعها على الوفود العالمٌة فانه كان ٌجلس و ظهره باتجاه المدخل‪...‬‬
‫فبمجرد ان دخلنا انا و الشهٌد العضاض ‪...‬حتى همس الجالوزة فً أذنه‪...‬ان قد جاءوا فؤسرعنا الٌه وقدمت له منشورا جدٌدا كنا قد طبعناه لٌلة‬
‫اِلمس و سهرنا على إخراجه طوال اللٌل و ترجمناه الى اللؽة الفرنسٌة التً ٌتحدث ٌها أؼلب الحاضرٌن _ لوجود جنٌؾ فً القاطع الفرنسً من‬
‫سوٌسرا‪ -‬حتى فقد أعصابه و قال لً باللؽة الدارجة أشك حلكك أي سوؾ اشق حلقك وهو تهدٌد مبطن بالقتل فؤجبته بكلمات أقذع و أشد‪ ..‬و اشرت‬
‫على حذابً و قلت له هذا كذا‪......‬و بؤخٌك صدام و أمك الـ ‪ ...‬ثم هددنً بالقتل و قد أشارت الى ذلك التهدٌد صحٌفة ذي أبزٌرفر البرٌطانٌة الى‬
‫ذلك فً عددها المإرخ فً ‪ 28‬تموز ‪ 1992‬فً المقال الذي كتبته الصحفٌة البرٌطانٌة المعروفة جولً فلٌنت بعنوان ‪( :‬الوحش البلٌونٌر الذي ٌساند‬
‫صدام ) و قالت الكاتبة البرٌطانٌة ‪ " :‬بؤن برزان أصبح شخصا مستهدفا للدكتور صاحب الحكٌم السكرتٌر العام لمنظمة حقوق اإلنسان المعارضة‬
‫للنظام الصدامً ‪ ،‬و كان برزان ٌرسل حراسه لتتبع أثر الدكتور الحكٌم حٌثما ٌتحرك داخل هٌبة حقوق االنسان ‪ ،‬و هدده بؤنً " سوؾ أمزق فمك‬
‫الى قطع عدٌدة " ‪..‬‬
‫و فً أدناه صورة الصحٌفة المذكورة ‪:‬‬
‫دام عدة اسابٌع امام السفارة السوٌسرٌة و التً تقع فً قلب العاصمة‬ ‫أقول ‪ :‬لقد نظمنا اعتصاما ( بالتعاون مع الدكتور إبراهٌم بحر العلوم )‬
‫البرٌطانٌة فً لندن للمطالبة بطرد المجرم برزان التكرٌتً من سوٌسرا و ذلك عام ‪ ، 1992‬و للفت أنظار المجتمع الدولً على جرابم النظام ‪،‬‬
‫وتؤٌٌد نضال الشعب العراقً فً داخل العراق للتخلص من الحكم الصدامً البؽٌض و تر صور المجرم على الالفتات و المطر الشدٌد الذي لم‬
‫بالطبع لم نفلح من طرده من سوٌسرا ِلنه كان ٌضع أموال الفقراء العراقٌٌن فً‬ ‫ٌمنع المعتصمات و المعتصمٌن من اإلستمرار لعدة أسابٌع‪.‬‬
‫و تسلٌط اِلضواء على‬ ‫مصارفها و لكننا حققنا ما نصبو إلٌه من تحرٌك العمل وإبراز الموقؾ المعارض للنظام الجابر أمام الرأي العام العالمً‬
‫إنتهاكات حقوق اإلنسان من قبل ذلك النظام الساقط و أدناه صورة تارٌخٌة لذلك اإلعتصام الشهٌر الذي استمر عدة إسابٌع و هو ؼٌر اإلعتصام‬
‫المستمر الذي دام ‪ 333‬إسبوعا و كان فً مكان آخر و هو ساحة الطرؾ اِلؼر للمطالبة بمحاكة المجرم صدام و أعوانه القتلة‪.‬‬
‫و االن بعد أعدامه تنفس أصحاب البنوك السوٌسرٌة الصعداء ‪ ،‬فقد ذهبت أموال العراق فً جٌوبهم كما ذهبت أموال كثٌر من البلدان‪ ...‬ممن هم‬
‫على شاكلة هذا المجرم الذي لم تمنعه أموال العراق المسروقة من إنقطاع رقبته قبل ان ٌنطق الشهادتٌن و خسر المجرمان صدام و أخوه برزان‬
‫شعب العراق ‪ ،‬و أرواحهما ‪ ،‬بل و شرفهما ‪ ،‬و خسرا الدنٌا و اآلخرة‪ ....‬و ذلك هو الخسران المبٌن‪.‬‬
‫و من قتل نفسا بؽٌر نفس أو فساد فً اِلرض فكؤنما قتل الناس جمٌعا فكٌؾ بمن قتل مبات اآلالؾ من اِلنفس من الرجال و النساء و اِلطفال‪.‬‬
‫‪www.alhakim.co.uk‬‬
‫===================‬
‫سالم عادل سكرتير الحزب الشيوعي‬
‫‪ ،1922‬قاد سالم عادل الحزب الشٌوعً‬ ‫سالم عادل االسم الحركً لحسٌن أحمد الرضً ولد سالم عادل فً النجؾ االشرؾ فً العراق عام‬
‫العراقً للفترة ما بٌن ‪ 1956‬ولؽاٌة أنقالب شباط اِلسود على ٌد البعثٌٌن والقومٌٌن ضد الثورة الوطنٌة التً قادها عبد الكرٌم قاسم فً ‪ 14‬تموز‬

‫‪496‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 1958‬على النظام الملكً فً العراق والتً كان للحزب الشٌوعً العراقً دوراً هاما فً إنجاحها‪ ،‬وكان لسالم عادل الدور الكبٌر تنظٌم وتحشٌد‬
‫جماهٌر الحزب الشٌوعً العراقً لجانب ثورة ‪ 14‬تموز ‪.1958‬‬
‫‪1944‬‬ ‫درس فً بؽداد حتى تخرج من دار المعلمٌن االبتدابٌة فً بؽداد عام ‪ 1943‬وفٌها بدأت عالقته بالحزب ‪ ،‬وعٌُن مدرسا ً فً الدٌوانٌة عام‬
‫ومن هناك أنضم لصفوؾ الحزب ‪ .‬و بعد أن أصبح عضواً فً لجنة مدٌنة الدٌوانٌة للحزب و لنشاطه الممٌز ُكشؾ كشٌوعً من قبل أجهزة اِلمن‬
‫وتم فصله من العمل عام ‪ , 1946‬ثم اشتؽل مفتش باصات وفصل مرة أخر من العمل لقٌامه بتنظٌم إضراب لجباة ومفتشً الباصات ‪ ،‬وعمل‬
‫بعدها مدرسا ً فً مدرسة خاصة و من ثم مدرسا ً فً مدرسة التطبٌقات وفً نهاٌة عام ‪ 1948‬تم فصله من العمل مجدداً ‪ ،‬وأحترؾ العمل الحزبً‬
‫براتب قدره ستة دنانٌر ‪ ،‬اعتقل فً عام ‪ 1949‬بعد إحد المظاهرات وحُكم علٌه بثالث سنوات سجن فعلً فً سجن "نقرة السلمان" تلٌها سنتان‬
‫إقامة جبرٌة ‪ .‬خرج من السجن فً بداٌة عام ‪ ,1953‬وفً الٌوم اِلول لوصوله للرمادي لتنفٌذ حكم اإلقامة الجبرٌة علٌه لمدة سنتٌن هرب واختفى‬
‫وقرر الحزب إرساله إلى البصرة لٌصبح مسإوالً حزبٌا ً للمنطقة الجنوبٌة ‪ ،‬و هناك تزوج سالم من أمراه عضو فً الحزب الشٌوعً كان قد تعرؾ‬
‫علٌها وعلى أهلها قبل اعتقاله وكان اسمها (ثمٌنة ناجً ٌوسؾ)‪ ,‬وبسرعة تم عقد القران و الزواج و أرسال معا ً للبصرة ‪ .‬ومن هناك أصدر بٌانا ً‬
‫باسم منطقة البصرة حول مجزرة ‪ 1953/6/18‬التً راح ضحٌتها عدد من اعضاء الحزب فً سجن بؽداد والذٌن كان سالم عادل ٌعرفهم جمٌعا ً‬
‫معرفة شخصٌة ‪ ،‬والبٌان كان إعادة إشهار بؤن منظمة البصرة قد عادت للنشاط بعد أن تعرضت لضربـة مإلمة ‪ ،‬و هذا البٌان طبعـه سالم عادل‬
‫بنفسه وتعلم الطباعة فٌه ‪ .‬و بعدها أعتقل فً ‪ 19‬شباط ‪1963‬م أي بعد انقالب ‪ 8‬شباط ‪1963‬م ‪ ,‬حٌث تعرض لتعذٌب شدٌد تقشعر له اِلبدان‬
‫على ٌد الحرس القومً حٌث شوّ ه جسده ولم ٌعد من السهل التعرؾ علٌه ‪ ،‬فقد فقبت عٌناه وكانت الدماء تنزؾ منهما ومن أذنٌه وٌتدلى اللحم من‬
‫ٌدٌه المقطوعتٌن و ُكسرت عظامه وقطعت بآلة جارحة عضالت ساقٌه وأصابع ٌدٌه وقُتل معه بعد االنقالب آالؾ الرفاق الشٌوعٌٌن والدٌمقراطٌٌن‬
‫والعدٌد من قادة الحزب منهم " محمد حسٌن أبو العٌس" و "حسن عوٌنة" و "جمال الحٌدري" و "جورج تللو" ‪ .‬ومن مإلفات الشهٌد سالم عادل‬
‫‪" ، )1957‬انتفاضة ‪ 1956‬ومهامنا فً‬ ‫"البرجوازٌة الوطنٌة فً العراق" ‪" ،‬رد على مفاهٌم برجوازٌة قومٌة وتصفوٌة" الذي تم تؤلٌفه عام (‬
‫الظرؾ الراهن" فً عام (‪" ، )1957‬اإلصالح الزراعً" فً عام (‪" ، )1961‬وجهة نضالنا فً الرٌؾ" فً عام ( ‪ .)1962‬أستشهد فً ‪ 6‬آذار‬
‫‪ 1963‬فً قصر النهاٌة ببؽداد‪ .‬قتل سالم عادل فً قصر النهاٌة على ٌد البعثٌٌن والقومٌٌن الذٌن أستولوا على السلطة بعد تعذٌب طوٌل بسبب‬
‫صموده على موقفه ومبدأ حتى أستشهد وباستشهاده لم ٌتبق من جسده شٌبا الن البعثٌون القوا به فً محلول التٌزاب الحارق‪ .‬كان لسالم عادل دور‬
‫مهم فً لم شمل الحزب الشٌوعً العراقً بسبب وجود أنشقاق آنذاك كان باسم (راٌة الشؽٌله) وكان سالم عادل وبجهده الشخصً السبب فً إعاده‬
‫راٌة الشؽٌله وتنظٌمها إلى صؾ الحزب الشٌوعً‪.‬‬
‫‪---------------------------------------‬‬

‫طرق التعذٌب‬
‫‪May 7, 2004‬‬
‫بقلم‪ :‬منتدٌات فٌلق ال ُكتاب‬
‫هناك مبات االسالٌب التً ٌتفنن ازالم النظام الصدامً البابد فً تعذٌب االبرٌاء من الشعب العراقً ونذكر لكم ‪ 30‬طرٌقة من أبشع طرق التعذٌب‬
‫وأسوأها على اإلطالق والتً كان ٌستخدمها النظام السابق ضد السجناء اِلبرٌاء ‪:‬‬
‫‪ /1‬ضربات على جمٌع أنحاء الجسد خصوصا ً على الرأس واالعضاء التناسلٌة والعمود الفقري صفعات على الوجه رطل باالرجل وضربات‬
‫بقبضات االٌدي المصنوعة من الكاوتشوك (بعض هذه المطارق تحتوي بداخل قطعه الكاوتشوك على قضٌب حدٌدي ) ‪.‬‬
‫ضرب بالحبال وباالنابٌب المصنوعة من الكاوتشوك وبالهراوات وبالسٌاط ‪.‬‬

‫‪497‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ /2‬الفلقة ٌستلقً الشخص الخاضع للتعذٌب على ظهره فوق طاولة ثم ٌربط جسمه وترفع ساقاه الى أعلى ثم ٌضرب على باطن القدمٌن وبعد أنتهاء‬
‫العملٌة ٌجبر الشخص أحٌانا ً على المشً أو الركض فً ؼرفة التعذٌب بعد أن تؽطى أرضٌتها بالماء الحار والمالح ‪.‬‬

‫‪ /3‬الكماشـــه ‪-:‬‬
‫أدوات تشبه المالقط تشد به رإوس أصابع الرجلٌن بعنؾ شـــدٌد‬

‫‪498‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ /4‬نزع االضافر من اصابع الٌدٌن والرجلٌن ‪.‬‬


‫‪ /5‬عصب اِلعٌن والضؽط علٌها ‪.‬‬

‫‪ /6‬ربط الضحٌة على مستو المعصم وتعلٌقها لمدة ساعات متوالٌة فً السقؾ او الجدار او على سلم خشبً ‪.‬‬

‫‪499‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ /7‬تربط الضحٌه من المعصمٌن او من القدمٌن الى مروحه معلقه فً السقؾ ثم تدار المروحه وتضرب الضحٌة فً كل مره تصبح فٌها بمتناول‬
‫الجالد ‪.‬‬

‫‪ /8‬تجبر الضحٌه على البقاء وضعٌة الوقوؾ على رجل واحد مع رفع الذراعٌن فً الهواء وذلك خالل فترة طوٌلة وتضرب الضحٌة فً حال‬
‫االخالل بالوضعٌة المطلوبة ‪.‬‬
‫‪ /9‬شحنات كهربابٌه فً المناطق الحساسـه من الجسم ‪ ( -:‬االنؾ‬
‫االذنٌن ‪ -‬الصدؼٌن ‪ -‬حلمتً الثدي ‪ -‬نقطة الحقوٌن الصابع ‪ ،‬واالعضاء التناسلٌه ‪.‬‬
‫وٌتم تفرٌػ هذه الشحنات الكهربابٌه فً جسم الضحٌة بواسطة آله شبٌهه بالمطرقه ‪ -‬أحد طرفٌها موصول بشرٌط معدنً ( ٌطلقون علٌه أسم (‬
‫القضٌب الكهربابً ‪ -‬أو بمولد كهربابً) ‪.‬‬

‫‪500‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ /10‬تجبر الضحٌة على الدخول فً مؽطس ماء ٌمر فٌه التٌار الكهربابً ‪.‬‬
‫‪ /11‬تحرق اجزاء من جسم الضحٌة بواسطة السجابر أو المكواة الكهربابٌه أو الصفابح المعدنٌة المكهربه أو الؽاز الملتهب ‪.‬‬

‫‪ /12‬الكرسً الكهربابً ( صفٌحة معدنٌة مثبته الى الجدار وموصوله بخمسه قضبان معدنٌة تلذع ظهر الضحٌه المربوطه الى الكرســً) ‪.‬‬
‫‪ /13‬تربط الضحٌة من ٌدٌها ورجلٌها فوق قطعتٌن معدٌتٌن على شكل صلٌب ثم ٌدار الجهاز فوق النار ( كما فً حالة شوي اللحوم ) ‪.‬‬
‫‪ٌ /14‬دخل رأس الضحٌة فً علبه مقفله تخترقها االشعة فوق البنفسجٌة الساطعه مما ٌإدي الى احراق الجهاز البصــري ‪.‬‬
‫‪ /15‬تدخل الضحٌة بعد ان تعر جزبٌا ً من الثٌاب داخل خزانه معدنٌه محماة وممتلبه بالبخار الساخن ثم ٌتم تبرٌد الخزانه بشكل ‪/‬مفاجا ‪.‬‬
‫‪ /16‬عصر الرأس بواسطة الة تسمى (المنكنة) وهً عبارة عن لوحٌن حدٌدٌٌن ومكبس ٌدوي ٌجبر الضحٌة على وضع رأسه بٌنهما وٌتم ضؽط‬
‫المكبس بعد ذلك ‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ٌ /17‬صب الماء فً فم الضحٌة وفوق أنفها فً نفس الوقت حتى ٌختنق ‪.‬‬
‫‪ /18‬توضع الضحٌة فوق مقعد ( نباض) ثم ٌتم تشؽٌل جهاز المقعد فتقذؾ الضحٌة من مكانها الى مسافة مترٌن او ثالثة أمتار ‪.‬‬
‫‪ /19‬الدوالب ‪ -:‬آلة تربط بها الضحٌة وٌتم تشؽٌلها بواسطة محرك ٌدوي مما ٌإدي الى تمزق الضحٌة ‪.‬‬
‫‪ /20‬االعتداءات الجنسٌه ‪ -:‬تجبر الضحٌة على الجلوس فوق فوهة قنٌنه ‪ ،‬أو ٌقومون بادخال شرٌط كهربابً أو فوهة قنٌنه فً دبر الضحٌة ‪.‬‬
‫‪ /21‬العزل فً الزنزانات لفترة طوٌله ‪.‬‬
‫‪ /22‬بتر االعضاء ‪ -:‬سمل االعٌن ‪ -‬جدع االنؾ ‪ -‬وقطع االذنٌن والثدٌٌن والعضو التناسلً ‪ ،‬قطع الٌدٌن او الرجلٌن بواسطة السواطٌر‬

‫‪502‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫سلخ الجلد أو تشطٌبه بواسطة االدوات القاطعة زرع المسامٌر‬

‫فً الجسم التهدٌد بقطع اللسان أو باقً أعضاء الجسم ‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫((أدوات لبتر وتشوٌه أعضاء الجسم))‬


‫‪ /23‬التهدٌد باعتقال او تعذٌب او اؼتصاب افراد اسرة الضحٌة ‪.‬‬
‫‪ /24‬تجبر الضحٌه على مشاهدة عملٌات تعذٌب الضحاٌا اآلخرٌن أو على االستماع الى صرخاتهم أثناء التعذٌب ‪.‬‬
‫‪ /25‬أثناء االستجوابات او فً داخل الزنزانه ٌتم اسماع الضحٌة أشرطة مسجله فً حٌوانات او صوت بكاء افراد اسرة الضحٌة او الشتابم الموجهه‬
‫الٌهم ‪.‬‬
‫‪ /26‬التهدٌد بالقتل او االعدام او التجر بتهم ٌعاقب علٌها عادة باالعدام‬
‫‪ /27‬تمثٌل عملٌات االعدام بالرصاص او الخنق او باالؼراق فً الماء ‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫(( صورة نادرة لقصً بن صدام حسٌن وهو ٌستعد للقٌام بعملٌة إعدام))‬
‫‪ /28‬اهانة الضحٌة باستعمال االلفاظ البذٌبه والشتابم او باجبار على نزع ثٌابها أمام حراس من الجنس اآلخر ‪.‬‬
‫‪ /29‬حرمان الضحٌة من النوم والؽذاء والماء والترهة والدخول الى المرحاض والوضوء وزٌارة العابلة والعناٌه الطبٌه ‪.‬‬
‫‪ /30‬عملٌة إعدام اعتمدها النظام العراقً عن طرٌق زرع قنبلة (تحكم عن بعد) فً جسم الضحٌة وبعد ذلك‬

‫أنظر إلى مقطع الفٌدٌو والذي ٌصور هذه العملٌة‪:‬‬


‫‪http://www.sotaliraq.com/id/executed-grenade.html‬‬
‫شرٌط تعذٌب لصدام‪:‬‬
‫‪http://www.sotaliraq.com/prisoners-abuse.html‬‬
‫‪----------------‬‬
‫رسالتان متبادلتان بين صدام حسين واالمام الصدر‬
‫فً آذار ‪ ،1980‬اي قبل شهر من اعدامه‪ ،‬تلقى السٌد الشهٌد محمد باقر الصدر فً سجنه رسالة من الربٌس المخلوع صدام حسٌن و ر ّد علٌها ‪.‬‬
‫نص رسالة صدام ‪:‬‬
‫لعلك تعلم ان مبادئ حزبنا منبثقة عن روح االسالم و ان شعاراتنا التً نطرحها هً شعارات ذلك الدٌن السمح لكن بلؽة العصر‪ .‬و ان الذي نرٌد‬
‫تطبٌقه على واقع الحٌاة فً وقتنا هذا هو احكام الشرٌعة الؽراء و لكن بلون متطور رابد ٌالبم هذه الحٌاة الصاعدة ‪ .‬و اننا نحب علماء االسالم و‬
‫ندعمهم ما داموا ال ٌتدخلون فً ما ال ٌعنٌهم من شإون السٌاسة و الدولة و ال ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا على الناس؟‬
‫ولماذا دعوتم الى القٌام ضدنا ؟‬
‫ولماذا أٌدتم اعداءنا فً اٌران ؟‬
‫وقد انذرناكم ونصحنا لكم واعذرنا الٌكم فً هذه االمور جمٌعا ً ؼٌر انكم أبٌتم واصررتم ورفضتم اال طرٌق العناد مما ٌجعل قٌادة هذه الثورة تشعر‬
‫بؤنكم خصمها العنٌد وعدوها اللدود وأنتم تعرفون ما موقفها ممن ٌناصبها العداء و حكمه فً قانونها ‪.‬‬

‫‪505‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقد اقترحت رأفة بكم ان نعرض علٌكم اموراً ان أنتم نزلتم على رأٌنا فٌها أمنتم حكم القانون و كان لكم ما تحبون من المكانة العظٌمة و الجاه الكبٌر‬
‫و المنزلة الرفٌعة لد الدولة و مسإولٌها ُتقضى بها كل حاجاتكم و ُتلبى كل رؼباتكم ‪ ،‬و ان أبٌتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فٌكم سارٌا ً‬
‫علٌكم مهما كانت االحوال و امورنا التً نختار منها ثالثة ال ٌكلفكم تنفٌذها اكثر من سطور قلٌلة ٌخطها قلمكم لتنشر فً الصحؾ الرسمٌة و حدٌث‬
‫تلفزٌونً جوابا ً على تلك االقتراحات لتعودوا بعد ذلك مكرمٌن معززٌن من حٌث أنتم أتٌتم لتروا من بعدها من فنون التعظٌم و التكرٌم ما لم تره‬
‫عٌونكم و ما لم ٌخطر على بالكم ‪.‬‬
‫‪ -‬اول تلك االمور هو ان تعلنوا عن تؤٌٌدكم ورضاكم عن الحزب القابد وثورته المظفرة ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيهما ان تعلنوا تنازلكم عن التدخل فً الشإون السٌاسٌة و تعترفوا بؤن االسالم ال ربط له بشإون الدولة ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثهما ان تعلنوا تنازلكم عن تؤٌٌد الحكومة القابمة فً اٌران و تظهروا تؤٌٌدكم لموقؾ العراق منها‪.‬‬
‫و هذه االمور كما ترون ٌسٌرة التنفٌذ‪ ،‬كثٌرة االثر‪ ،‬جمة النفع لكم من قبلنا ‪ ،‬فال تضٌعوا هذه الفرصة التً بذلتها رحمة الثورة لكم ‪.‬‬
‫صدام حسين‬
‫رئيس مجلس قيادة الثورة‬

‫نص جواب الشهيد السعيد محمد باقر الصدر " رض "‬


‫لقد كنت احسب انكم تعقلون القول وتتعقلون‪ ،‬فٌقل عزمكم الزام الحجة‪ ،‬وٌقهر ؼلواءكم وضوح البرهان‪ ،‬فقد وعظتكم بالمواعظ الشافٌة ارجو‬
‫صالحكم‪ ،‬وكاشفتكم من صادق النصح ما فٌه فالحكم ‪ ،‬وابنت لكم من امثالت ّللا ما هو حسبكم زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد‪ ،‬ونشرت لكم من‬
‫مكنون علمً ما ٌبلو ؼلوتكم لو كنتم الى الحقٌقة ظمؤ ‪ ،‬وٌشفً سقمكم لو كنتم تعلمون انكم مرضى ضالل وٌحٌٌكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون انكم‬
‫صرعى ؼواٌة حتى حصحص امركم و صرح مكنونكم اضل سبٌالً من االنعام الساببة و اقسى قلوبا ً من الحجارة الخاوٌة واشره الى الظلم والعدوان‬
‫من كواسر السباع ال تزدادون مع المواعظ اال ؼٌا ً ومع الزواجر اال بؽٌا ً اشباه الٌهود واتباع الشٌطان‪ ،‬اعداء الرحمان قد نصبتم له الحرب الضروس‬
‫وشننتم على حرماته الؽارة العناء وتربصتم بؤولٌابه كل دابرة وبسطتم الٌهم اٌدٌكم بكل مساءة وقعدتم لهم كل مرصد واخذتموه على الشبهات‬
‫وقتلتموهم على الظنة على سنن آبابكم االولٌن‪ ،‬تقتفون آثارهم وتنهجون سبٌلهم ال ٌردعكم عن كبابر االثم رادع وال ٌوزعكم عن عظابم الجرم‬
‫وازع‪ ،‬قد ركبتم ظهور االهواء فتحولت بكم فً المهالك واتبعتم داعً الشهوات فاوردكم اسوأ المسالك‪ ،‬قد نصبتم حبابل المكر واقمتم كمابن الؽدر‪،‬‬
‫لكم فً كل ارض صرٌع وفً كل دار فجٌع تخضمون مال ّللا فاكهٌن وتكرعون فً دماء االبرٌاء شرهٌن‪ ،‬فؤنتم وّللا كالخشب الٌابس اعٌى على‬
‫التقوٌم او كالصخر الجامس انؤ عن التفهٌم فما بعد ذلك ٌؤسا ً منكم‪ .‬شذاذ اآلفاق‪ ،‬واوباش الخلق‪ ،‬وسوء البرٌة وعبدة الطاؼوت واحفاد الفراعنة‪.‬‬
‫واذناب المستعبدٌن‪.‬‬
‫اظننتم انكم بالموت تخٌفوننً وبكرّ القتل تلوننً‪ ،‬ولٌس الموت اال سنة ّللا فً خلقه (كالً على حٌاضه واردون) أولٌس القتل على أٌدي الظالمٌن اال‬
‫كرامة ّللا لعباده المخلصٌن‪ ،‬فاجمعوا امركم وكٌدوا كٌدكم واسعوا سعٌكم فامركم الى تباب وموعدكم سوء العذاب ال تنالون من امرنا وال تطفبون‬
‫نورنا واعجب ما فً امركم مجٌبكم لً بحٌلة الناصحٌن تنتقون القول وتزوّ رون البٌان‪ ،‬تعدوننً خٌر العاجلة برضاكم وثواب الدناٌا بهواكم ‪.‬‬
‫ترٌدون منً ان ابٌع الحق بالباطل وان اشتري طاعة ّللا بطاعتكم وان اسخطه وارضٌكم وان اخسر الحٌاة الباقٌة ِلربح الحطام الزابل‪ ،‬ضللت اذاً‬
‫وما انا من المهتدٌن‪ ،‬تبا ً لكم و لما ترٌدون‪ ،‬اظننتم ان االسالم عندي شًء من المتاع ٌشتر وٌباع؟ او فٌه شًء من عرض الدنٌا ٌإخذ وٌعطى كً‬
‫تعرضون لً فٌه باهظ الثمن جاهلٌن وتمنوننً علٌه زخارؾ خادعة من الطٌن‪ ،‬اتعدوننً علٌه و توعدون وترؼبوننً عنه‪ ،‬فوّللا ال اعطٌكم بٌدي‬
‫اعطاء الذلٌل وال اقر لكم اقرار العبٌد‪ ،‬فان كان عنكم ؼٌر الموت ما تخٌفوننً به فامهلوا به او كان لدٌكم سو القتل تكٌدوننً به فكٌدون وال‬
‫تنتظروا لتبصروا ان لً بالجبال الشم شبٌها ً من التعالً وان عندي من الرواسً شامخات ما تبلً من الرسوخ والثبات‪ ،‬قولوا لمن بعثكم ومن وراء‬
‫اسٌادهم ان دون ما ٌرٌدون من الصدر الؾ قتلة بالسٌؾ او خضبا ً امر وان الذي ٌرٌدونه منً نوع من المحال ال تبلؽوه على اٌة حال‪ ،‬فوّللا لن‬
‫تلبثوا بعد قتلً اال اذلة خابفٌن تهول اهوالكم وتتقلب احوالكم وٌسلط ّللا علٌكم من ٌجرعكم مرارة الذل والهوان ٌسٌقكم مصاب الهزٌمة والخسران‬
‫وٌذٌقكم ما لم تحتسبوه من طعم العناء وٌرٌكم ما لم ترتجوه من البالء ال ٌزال بكم على هذا الحال حتى ٌحول بكم شر فؤل جموع مثبورة صرعى فً‬

‫‪506‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الروابً والفوات حتى اذا انقضى عدٌدكم وقل حدٌدكم ودمدم عروشكم وترككم اٌادي سبؤ اشتات بٌن ما اكلتم بواترهم ومن هاموا على وجوههم فً‬
‫االمصار فولوا الى شتى االمصار واورث ّللا المستضعفٌن ارضكم ودٌاركم واموالكم فاذا قد امسٌتم لعنة تجدد على افواه الناس و صفحة سوداء فً‬
‫احشاء التؤرٌخ‪.‬‬
‫‪----------------‬‬

‫كتاب المفكرة الخفية لحرب الخليج‬


‫رإية م هُتطل ٍِع على العَق دِّ العكسي لألزمة‬
‫بيار سالينجر‬
‫أريك لوران‬
‫المقدمــــة‬
‫الفصل اِلول ‪ :‬سوؾ أنتقم !!‬
‫الفصل الثانً‪ :‬تارٌخ ٌسوده العنؾ‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬انكم تشنون حربا اقتصادٌة‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الذبب والحمل‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬إنها البداٌة فقط !!‬
‫الفصل السادس‪ :‬هل نؽادر الكوٌت ؟‬
‫الفصل السابع‪ :‬لن أؼزو السعودٌة‬
‫الفصل الثامن‪ :‬سطر كتب على الرمال‬
‫الفصل التاسع‪ :‬العد العكسً للحرب‬
‫الفصل العاشر ‪ :‬وتمر اِلٌام‬
‫الفصل الحادي عشر ‪ (( :‬اترك سٌارتك فً الكاراج هذه اللٌلة ))‬
‫الوثابق‬

‫المقدمــــة‬
‫‪ 1990‬كنت قد بدأت بقضاء عطلتً السنوٌة فً جزٌرة ننتوكت الواقعة قرب ساحل‬ ‫عندما ؼزا صدام حسٌن الكوٌت فً الثانً من أؼسطس‬
‫ماساشوستس ‪ .‬فاتصل بً قسم اِلخبار الخارجٌة لشبكة إي بً سً لألخبار فً مساء اِلول من أؼسطس لٌخبرنً عما حدث ‪ .‬وبالرؼم من أنّ‬
‫عطلتً امتدت اسبوعٌن آخرٌن فقد أخذت أتصل بمصادري الشرق أوسطٌة وأزود الشبكة بالمعلومات‪ .‬وتبٌن أن المعلومات التً جمعتها خالل اِلٌام‬
‫القلٌلة اِلولى صحٌحة تماما ً ‪.‬‬

‫‪507‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكنت قد أشرت فٌها إلى أن صدام حسٌن سوؾ ٌستخدم رهابن ؼربٌة كترس بشري ٌحمً المواقع العسكرٌة الربٌسٌة ‪ ،‬والى أنه سوؾ ٌطلق‬
‫صوارٌخ سكود على السعودٌة وإسرابٌل ‪ ،‬وأن الملك حسٌن وٌاسر ٌقومان وراء الكوالٌس بمفاوضات تهدؾ إلى التؽلب بسرعة على اِلزمة ‪.‬‬
‫وعدت إلى لندن ثم توجهت إلى الشرق اِلوسط ومكثت هناك عدة شهور زرت خاللها اِلردن والعراق وسورٌا وتونس ‪ .‬وكنت فً تلك اِلثناء على‬
‫اتصال بمصادر اِلخبار فً مصر والسعودٌة والكوٌت ‪.‬‬
‫وأدت اتصاالتً التً كانت فً الؽالب بؤعلى المستوٌات إلى اكتشاؾ المخططٌن اللذٌن ٌإلفان نص هذا الكتاب وهما ‪ :‬ما الذي حدث بٌن نهاٌة‬
‫الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة فً الثامن من أؼسطس ‪ 1988‬وؼزو الكوٌت فً الثانً من أؼسطس ‪ 1990‬واِلحداث التً دفعت صدام حسٌن إلى القٌام‬
‫بالؽزو‪ ،‬وكٌؾ سعى العالم العربً جاهداً إلى حل المشكلة بسرعة وخصوصا ً بواسطة الملك حسٌن ‪ .‬ولكن الجهود العربٌة اصطدمت بضؽط حكومة‬
‫الوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة على الدول العربٌة لكً تندد بالؽزو‪.‬‬
‫موضوع هذا الكتاب لٌس الحرب ‪ .‬إنه ٌبٌن لنا أنه كان فً اإلمكان تجنب الحرب ‪ .‬فلدي نظرنا فً اِلزمة صار من الواضح أن قلة من اِلقطار‬
‫التً انضمت إلى التحالؾ المناهض للعراق كانت راضٌة عن دكتاتورٌة صدام ووحشٌته ‪ ،‬وعلٌه فإنها لم تكن فً الحقٌقة تحبذ حالً سلمٌا ً ٌسمح‬
‫ببقابه فً الحكم واحتفاظه بؤسلحته ‪ .‬لكن هذا الكتاب ٌبٌن لنا أٌضا ً أن الؽرب واالتحاد السوفٌٌتً اللذٌن اجتمعا على مناهضة العراق هما المسإوالن‬
‫عن تسلٌحه ‪ .‬ومن الواضح أٌضا ً أن الوالٌات المتحدة كانت منذ بداٌة عام ‪ 1990‬توجه إلى العراق رسابل مختلفة تقنعه بؤن قٌامه بعمل عسكري‬
‫ضد الكوٌت لن ٌدفع الوالٌات المتحدة إلى االنتقام منه ‪ .‬وكان كل من صدام حسٌن واِلمٌركٌٌن ال ٌفهم أحدهما اآلخر وعقلٌته ‪ .‬ولم ٌدرك صدام‬
‫حسٌن معنى تحسن العالقات بٌن الوالٌات المتحدة واالتحاد السوفٌٌتً سٌقؾ إلى جانبه ‪ .‬وظل مدة طوٌلة ال ٌصدق تهدٌدات الربٌس بؤن التحالؾ‬
‫الذي ٌتزعمه اِلمٌركٌون لن ٌوافق على بقابه فً الكوٌت ‪ .‬وكانت النتٌجة اندالع الحرب ‪.‬‬

‫الفصل اِلول‬
‫(( سوؾ أنتقم ))‬
‫شهد الثامن من أؼسطس ‪ 1988‬نهاٌة الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة ‪ ،‬لكن لم ٌخطر ببال أحد عندبذ بؤن هذا التارٌخ سوؾ ٌشكل بداٌة أزمة الخلٌ فً‬
‫عام ‪ 1990‬ـ ‪. 1991‬‬
‫وكان قٌام طهران أوالً باقتراح وقؾ الطالق النار كافٌا ً العتبار العراق المنتصر فً ذلك النزاع الذي امتد ثمانً سنوات وحصد أرواح ما ٌقرب من‬
‫ملٌون من البشر ‪ .‬والواقع أن العراق خرج من الحرب قوٌا ً ولكن الحرب استنزفت موارده ‪ .‬وكان ال ٌزال أقو دولة فً المنطقة ‪ 55 :‬فرقة مقابل‬
‫عشر فوق عام ‪1980‬؛ ملٌون جندي مدرب تدرٌبا ً جٌداً ؛ ‪ 500‬طابرة و ‪ 5500‬دبابة ‪ .‬لكن الكارثة المالٌة لم تكن تقل ضخامة ‪ .‬فعندما بدأت‬
‫الحرب كانت لدٌه مدخرات قدرها ثالثون بلٌونا ً من الدوالرات ‪ .‬وعندما انتهت كانت دٌونه قد بلؽت مبة بلٌون دوالر ‪ .‬ولهذا السبب لم ٌترك صدام‬
‫حسٌن مناسبة واحدة إال واؼتنمها لٌقوم بابالغ جمٌع زواره اِلجانب الذٌن كان ٌستقبلهم فً قصره الفخم وسط بؽداد أنه كان خالل اِلعوام الثمانٌة‬
‫الماضٌة " الدرع الواقً لألخوة العرب من التهدٌد الفارسً " وأنه ٌتوقع أن تقوم " أكثر اِلقطار العربٌة ثراء وهً السعودٌة واإلمارات العربٌة‬
‫المتحدة والكوٌت بالعون والمساعدة فً تسدٌد كامل دٌوننا " ‪.‬‬
‫فً التاسع من آب عام ‪ ، 1988‬ؼداة وقؾ إطالق النار بٌن العراق وإٌران أخذت الكوٌت قراراً بزٌادة انتاجها النفطً ‪ ،‬مخالفة بذلك االتفاقات‬
‫المعقودة فً اطار منظمة اِلوبٌك ‪ .‬وقد تم التركٌز الكوٌتً فً تحقٌق هذه الزٌادة االنتاجٌة على آبار الرملٌة الواقعة فً المنطقة الحدودٌة المتنازع‬
‫علٌها مع العراق والتً كانت موضوعا ً فً السابق لمناقشات دبلوماسٌة صاخبة ‪.‬‬
‫واعتبر صدام حسٌن مبادرة الكوٌت إلى زٌادة انتاجها من النفط استفزازاً وخٌانة ومن شؤنه أن ٌزٌد أزمة زٌادة االنتاج وانخفاض اِلسعار حدة وأن‬
‫ٌإدي إلى انخفاض دخل العراق الذي ٌعتمد فً ‪ % 90‬من موارده على النفط بمقدار ‪ 7‬بالٌٌن دوالر أو ما ٌساوي فوابد دٌونه ‪ .‬وكان هذا بمثابة‬
‫خنقه ببطء ‪.‬‬
‫من ناحٌة أخر ال ٌمكن تصور بلدٌن هما على طرفً نقٌض كالعراق والكوٌت ‪ .‬ففً العراق تتركز السلطات فً شخص حاكم مطلق التصرؾ‬
‫ٌعٌش هوس أحالم السلطة والقوة ‪ .‬وفً مواجهة العراق ‪ ،‬البلد المتقشؾ الذي ٌعد ‪ 18‬ملٌونا ً من البشر ٌعانون مختلؾ أشكال الحرمات ‪ ،‬تتربع‬
‫إمارة الكوٌت على الثروة والوفرة حٌث ٌتقاسم ما ٌوازي اِللؾ من أفراد أسرة آل الصباح الحاكمة المناصب المختلفة إضافة إلى السلطة واِلرباح‬
‫وكؤنهم أعضاء مجلس اإلدارة فً أي شركة من الشركات المزدهرة ‪ .‬أما االستثمارات الكوٌتٌة فً الخارج فكانت تتجاوز ‪ 100‬ملٌار دوالر وتإمن‬
‫‪700 , 000‬‬ ‫لإلمارة حوالً ‪ 6‬ملٌارات من الدوالرات سنوٌا ً ‪ ،‬أي أكثر من عابدات البترول ذاتها ‪ .‬وكان على رأس المستفٌدٌن من هذه العوابد‬

‫‪508‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 1, 200 , 000‬شخص‬ ‫شخص ٌحملون الجنسٌة الكوٌتٌة ‪ .‬أمام ؼٌر الكوٌتٌٌن من فلسطٌنٌٌن وإٌرانٌٌن وباكستانٌٌن وؼٌرهم البالػ عددهم حول‬
‫والذٌن ٌدٌرون اقتصاد البالد فلم ٌكن نصٌبهم منها إال فتات الموابد‪.‬‬
‫والمال فً الؽالب ٌجعل صاحبه متعجرفا ً أعمى البصٌرة ‪ .‬وهذا هو ما أصاب زعماء الكوٌت وجعل بالتالً وقوع المؤساة أمراً حتمٌا ً ‪ .‬لقد عجزوا‬
‫عن قراءة النذر بوقوعها فكانت الحرب المؤساوٌة ‪.‬‬
‫وقبٌل ظهر ‪ 12‬فبراٌر عام ‪ٌ 1990‬وم ذكر مولد الربٌس أبراهام لنكولن وصل جون كٌلً إلى بؽداد ‪ .‬وكان فً أواخر اِلربعٌنات من عمره‬
‫متوسط الطول شعره أسمر وتتمٌز حركاته بالهدوء والرزانة ‪.‬وهو دبلوماسً محترؾ متخصص فً الشإون اِلوروبٌة ‪ .‬ولم ٌحتل فً الشرق‬
‫اِلوسط سو منصب واحد وهو سفٌر بالده فً لبنان وكانت هذه هً زٌارته اِلولى للعراق وبوصفه مساعد وزٌر الخارجٌة لشإون الشرق اِلوسط‬
‫‪.‬‬
‫كان الطقس بارداً وسفٌرة الوالٌات المتحدة فً العراق إبرٌل ؼالسبً تنتظره عند سلم الطابرة بصحبة اثنٌن من المسإولٌن العراقٌٌن ‪ .‬وكانت‬
‫ؼالسبً ذات المالمح البارزة والوجه الصارم قد انخرطت فً السلك الدبلوماسً بعد تخرجها من جامعة جون هوبكنز وتتكلم العربٌة بطالقة ‪.‬‬
‫واحتلت عدداً من المناصب وخصوصا ً فً تونس ودمشق قبل أن تتولى إدارة الشإون اِلردنٌة والسورٌة واللبنانٌة فً وزارة الخارجٌة ‪ .‬وكانت‬
‫عازبة وتعٌش فً بؽداد مع أمها وكلبها ‪ ،‬ولم تكن حتى مجًء كٌلً قد ظفرت بمقابلة خاصة مع صدام حسٌن ‪.‬‬
‫كانت تقارٌر اإلدارة اِلمٌركٌة عن الزعٌم العراقً تدور حول ثالثة محاور ربٌسٌة ‪ :‬أوال قدرته ورؼبته فً أن ٌصبح الزعٌم الحقٌقً للعالم العربً‬
‫وثانٌا ً إعجابه الشدٌد بجمال عبد الناصر وسحر زعامته وحبه فً أن ٌكون مثله وثالثا ً تقاربه مع الؽرب ‪ .‬وكانت هذه النقطة الثالثة برأي كٌلً‬
‫ومستشارٌه اِلكثر أهمٌة ‪ .‬فعندما هاجمت القوات العراقٌة إٌران عام ‪ 1980‬كان النظام البعثً ٌعتبر من أقو حلفاء موسكو فً المنطقة ‪ .‬وبعد‬
‫توقٌع اتفاقٌات كامب دٌفٌد عام ‪ 1978‬ربس العراق جبهة الرفض التً استهدفت عزل القاهرة ومعاقبتها على تقاربها مع الدولة الٌهودٌة ‪ .‬وفً ذلك‬
‫الوقت كان العراق ملجؤ ِلكثر الجماعات الفلسطٌنٌة اإلرهابٌة عنفا وفً مقدمتها أبو نضال ورجاله ‪.‬‬
‫على أن العراق خرج من حرب السنوات الثمانٌة مع إٌران أقرب إلى الؽرب من أي وقت مضى ‪ .‬إذ كان اقتصاده أكثر ارتباطا باِلقطار الؽربٌة‬
‫منه باالتحاد السوفٌٌتً ‪ ،‬وفً ترسانة أسلحته من الؽرب وخصوصا ً من فرنسا ال تقل حجما عن اِلسلحة السوفٌٌتٌة ‪ .‬ودفع هذا كله اِلمٌركٌٌن إلى‬
‫المجازفة بؤموالهم فً العراق بوصفه قوة ضخمة تعمل على االستقرار فً المنطقة ‪.‬‬
‫استقبل صدام حسٌن جون كٌلً بعد ظهر الثانً عشر من فبراٌر ‪ . 1990‬وكانت المقابلة هً اِلولى مع أحد الرسمٌٌن اِلمٌركٌٌن منذ زمن بعٌد ‪.‬‬
‫وبادر المبعوث اِلمٌركً مضٌفة ‪ ،‬خالل تبادل التحٌات ‪ ،‬بقوله ‪ " :‬انتم قوة اعتدال فً المنطقة وتتمنى الوالٌات المتحدة إقامة أوثق العالقات مع‬
‫العراق " ‪.‬‬
‫لقد سرّ صدام حسٌن بهذا االطراء وؼمره شعور بالفخر‪ ،‬كما قال لد سماعه ذلك ‪ ،‬وقام بعد ساعات من المقابلة بنقل ما دار فٌها إلى عدد من‬
‫زعماء الدول العربٌة وكان أول من اتصل به هاتفٌا ً هو الملك اِلردنً حسٌن ‪.‬‬
‫وبهذا أبلػ كٌلً الرسالة اِلولى من سلسلة طوٌلة من الرسابل المبهمة والمتناقضة التً سوؾ تكون لها نتاب خطٌرة ‪.‬‬
‫وفً ‪ 15‬فبراٌر وبعد المقابلة بثالثة أٌام بثت اذاعة " صوت أمٌركا " برنامجا ً قالت إنه ٌعكس وجهة نظر الحكومة اِلمٌركٌة وأهابت فٌه بالرأي‬
‫العام العالمً أن ٌتحرك ضد الدكتاتورٌٌن الذٌن ٌحكمون فً مختلؾ اقطار العالم ‪ .‬وذكرت العراق وأدانت صدام حسٌن بوصفه أسوأ دكتاتور فً‬
‫العالم ‪ .‬فؽضب الربٌس العراقً ؼضبا ً شدٌداً ‪ .‬ولم ٌنفع معه االعتذار الذي قدمته واشنطن عبر سفارتها فً بؽداد ‪ .‬ورفض قبول القول بؤن إذاعة "‬
‫صوت أمٌركا " قد تعبر عن رأي ٌخالؾ الرأي الرسمً ‪ ،‬وإذ جاء هذا الحادث بعد أطراء كٌلً علٌه مباشرة فقد اتخذه صدام دلٌالً على أن‬
‫اِلمٌركٌٌن ٌقومون بلعبة مزدوجة‪.‬‬
‫ومما رسّخ قناعته هذه ‪ ،‬قٌام وزارة الخارجٌة اِلمٌركٌة ‪ٌ ،‬وم ‪ 21‬فبراٌر بنشر تقرٌر عن حقوق اإلنسان خصّت العراق بعدد من صفحاته تجاوز‬
‫‪ 12‬صفحة وصفت فٌها الحكومة العراقٌة بؤنها أسوأ منتهك لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وأشارت إلى ممارسة هذه الحكومة المتكررة للتعذٌب واالعدامات‬
‫السرٌعة دون محاكمة ‪.‬‬
‫ولم ٌقؾ اِلمر عند هذا الحد ِلن لجنة الشإون الخارجٌة فً الكونجرس اِلمٌركً أرادت ‪ ،‬بعد صدور هذا التقرٌر ‪ ،‬تبنً قرار ٌدٌن " العراق‬
‫لخرقه الفاضح لحقوق اإلنسان " مما دفع بإدراة الربٌس بوش إلى االحتجاج على هذه الخطوة والحإول دون تبنٌها من قبل مجلس النواب ‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكشفت جمٌع هذه االشارات المتناقضة عن أن االدارة اِلمٌركٌة لم تكن مهتمة اهتماما ً جدٌا بما ٌحدث فً الشرق اِلوسط ‪ ،‬وأن العراق والمنطقة‬
‫لٌسا بٌن أولوٌاتها ‪ .‬فالربٌس بوش وزمالإه ‪ ،‬وعلى اِلخص جٌمس بٌكر وزٌر الخارجٌة كانوا ٌركزون اهتمامهم وطاقتهم فً الحوار اِلمٌركً‬
‫السوفٌٌتً وفً تفجر الدٌمقراطٌة الرابع فً أوروبا الشرقٌة‪.‬‬
‫وفً ‪ 23‬فبراٌر ‪ 1990‬وصل صدام إلى عمان ‪ .‬وبقً مسار الرحلة وموعد الوصول سراً حتى اللحظة اِلخٌرة ‪ .‬فخوفا ً من االؼتٌال ركب طابرة‬
‫خاصة بال إشارات ممٌزة ‪ .‬أما الطابرة التً كان ٌستخدمها فً الرحالت الرسمٌة فكانت قد هبطت فً عمان قبل ساعات وعلى متنها زمالإه‬
‫وحرسه ‪ .‬وعندما استقبله الملك حسٌن كان ٌبدو قلقا ً ومتوترا ‪ .‬وكان قد جاء إلى عمان للمشاركة فً احتفاالت الذكر السنوٌة اِلولى لمجلس‬
‫التعاون العربً ‪ .‬وفً حٌن أن الملك حسٌن كان ٌعلق آماالً كبٌرة على المجلس الذي كان ٌضم العراق واِلردن ومصر والٌمن ‪ ،‬فان صدام حسٌن لم‬
‫ٌكن ٌعٌره اهتماما خاصا ً ‪ .‬والواقع أن لم تثر أٌضا ً اهتمام العرب والصحفٌٌن اِلجانب فً عمان ‪ .‬ومما ٌذكر أنه لم ٌكن بوسع أحد عندبذ أن ٌتنبؤ بما‬
‫سٌقال فً االجتماع وخصوصا ً وراء الكوالٌس ‪.‬‬
‫وألقى صدام خطابا ً شدٌد اللهجة تنبؤ فٌه بؤن تراجع قوة موسكو سوؾ ٌطلق ٌد الوالٌات المتحدة فً الشرق اِلوسط خالل السنوات الخمس القادمة‬
‫على نطاق لم ٌسبق له مثٌل ‪ .‬قال " أال تقوم واشنطن اآلن بمساعدة الٌهود السوفٌٌت على الهجرة إلى إسرابٌل ؟ أال تقوم كذلك بتسٌٌر دورٌاتها فً‬
‫الخلٌ بالرؼم من انتهاء الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة ؟ " وقال صدام فً خطابه الذي أذٌع من عمان بؤن دوافع أمٌركا واضحة ‪ .‬قال ‪ " :‬إن البالد التً‬
‫ستمارس أكبر نفوذ فً المنطقة وتهٌمن على الخلٌ وبتروله سوؾ توطد تفوقها كقوة عظمى ال ُتنافس ‪ .‬وهذا ٌبرهن على أن أهل الخلٌ وسابر‬
‫العرب اآلخرٌن فً ؼفلة عما ٌجري وأن المنطقة ستحكم وفقا ً لمشٌبة الوالٌات المتحدة ‪ .‬وستقوم هذه بتحدٌد سعر البترول بشكل ٌخدم مصالحها ال‬
‫مصالح اآلخرٌن "‪.‬‬
‫كانت رسالة صدام لزمالبه واضحة وهً أن هٌمنة العراق على الخلٌ ال هٌمنة الوالٌات المتحدة هً التً تخدم مصالح العرب على أفضل وجه ‪.‬‬

‫على أن ما قاله صدام أثار ؼضب الربٌس المصري حسنً مبارك حلٌؾ أمٌركا الربٌسً فً المنطقة ‪ .‬فالقاهرة كانت تتلقى سنوٌا ً من واشنطن أكثر‬
‫من ملٌاري دوالر على شكل مساعدات ‪.‬‬
‫واقترح صدام فً خطابه أن تسحب أرصدة البترول المستثمرة فً الؽرب لتؽٌٌر السٌاسة اِلمٌركٌة ‪ .‬وقال ‪ " :‬لٌس هناك مكان بٌن العرب اِلخٌار‬
‫للجبناء الذٌن ٌذهبون إلى أنه ٌنبؽً أن ٌترك أمر اتخاذ القرارات لقوة عظمى هً الوالٌات المتحدة وأن على الجمٌع الرضوخ لها ‪.‬‬
‫خرج مبارك ‪ ،‬الذي اعتبر هذه الكلمات هجوما ً شخصٌا علٌه ‪ ،‬من القاعة ولحق به الوفد المصري ‪ .‬وقال الملك حسٌن الذي بدت على محٌاه عالبم‬
‫القلق كان قد تبعه بعد وقت قصٌر ‪:‬‬
‫ـ ال ٌمكن السكوت على كالم كهذا ‪ .‬سوؾ أعود إلى مصر ‪.‬‬
‫وفً محاولته تلطٌؾ اِلجواء ‪ ،‬اقترح الملك حسٌن تنظٌم لقاء مع الربٌس العراقً الزالة سوء التفاهم ‪ .‬فرفض مبارك أول اِلمر هذا االقتراح بشدة‬
‫التً قدمها الملك اِلردنً ‪ .‬وهكذا اجتمع الثالثة مساء ‪ 24‬فً القصر الهاشمً حٌث كان الملك حسٌن ٌقطن قبل مصرع‬ ‫ثم عاد واقتنع بالحج‬
‫زوجته الملكة عالٌة إثر حادث تحطم طابرة هلٌكوبتر ‪ .‬كان جو اللقاء متشنجا ً شدٌد الوطؤة ‪ .‬وبدل أن ٌحاول صدام حسٌن تهدبة اِلمور أعلن مطالب‬
‫محددة وتكلم بلهجة ال مجال للمساٌرة فٌها وأشار إلى ‪ 30‬ملٌار دوالر من الدٌون التً كانت العربٌة السعودٌة والكوٌت قد منحتها للعراق خالل‬
‫الحرب مع إٌران ‪ .‬وقال ‪ " :‬إذا لم ٌلؽوا تلك الدٌون وٌقدموا لً ‪ 30‬ملٌار دوالر إضافٌة سوؾ أقوم باالنتقام ‪" .‬‬
‫ولما استبد الؽضب بمبارك قال ‪ " :‬إن مطالبك ؼٌر معقولة ‪ .‬وسوؾ تخلق متاعب كثٌرة ‪ " .‬ثم خرج من االجتماع وعاد إلى القاهرة ‪ .‬فاضطر‬
‫الملك حسٌن إلى الؽاء الٌوم الثانً من مناقشات المجلس ‪.‬‬
‫على أن خطاب صدام أثار موجة عارمة من االعجاب واالستحسان لكنه فً الوقت ذاته أثار القلق وخصوصا ً فً الكوٌت والسعودٌة اللتٌن كانتا‬
‫تخشٌان قٌام بؽداد بهجوم مباؼت بالصوارٌخ ٌتبعه اجتٌاح شامل أو القٌام بسلسلة من اِلعمال االرهابٌة تستهدؾ أفراداً من اِلسرتٌن المالكتٌن ‪.‬وفً‬
‫الرٌاض ‪ ،‬بادر المسإولون السعودٌون إلى اإلتصال بشعبة وكالة االستخبارات المركزٌة فٌها وأبلؽوها تهدٌدات صدام حسٌن ‪ .‬وقامت هذه الشعبة ‪،‬‬
‫بدورها ‪ ،‬بنقل المعلومات إلى مركز القٌادة العامة فً ال نؽلً قرب واشنطن ‪ .‬ولكن لم ٌصدر أي رد فعل من االدارة اِلمٌركٌة ‪ .‬وكانت النتٌجة‬
‫العملٌة الوحٌدة هً قرار وكالة االستخبارات المركزٌة بوضع العراق تحت الرقابة الدابمة وتكثٌؾ عملٌة جمع المعلومات حوله ‪ .‬وقد واجهتها فً‬
‫تحركها هذا صعوبة الركون إلى مصادر معلومات جدٌرة بالثقة ‪ِ .‬لن السٌطرة التامة على قنوات السلطة فً بؽداد كافة كانت معقودة بحزم لصدام‬

‫‪510‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حسٌن وِلفراد أسرته عن طرٌق البولٌس السري الذي ٌتمتع بحضور كثٌؾ وفعالٌة كبٌرة ‪ .‬وكان ولٌم كٌسً مدٌر وكالة االستخبارات المركزٌة فً‬
‫عهد رٌؽن قد اعترؾ بؤنه لٌس للوكالة عمٌل ماهر واحد فً العراق وأن الوضع ال ٌزال على حاله ‪.‬‬
‫وفً تلك اِلثناء كانت العواصم العربٌة الربٌسٌة تتداول تقرٌراً سرٌا ً حول الوضع االقتصادي فً العراق وضعه مصرفً من أصحاب النفوذ فً‬
‫الشرق اِلوسط ‪.‬‬
‫ٌستهل المصرفً تقرٌره بالتذكٌر بالفترة من ‪ 1972‬إلى ‪ 1980‬ـ أي السنة التً شهدت بداٌة الحرب ضد إٌران وٌشٌر إلى ارتفاع عابدات البترول‬
‫العراقٌة فٌها من ملٌار إلى ‪ 25‬ملٌار دوالر‪ .‬وٌضٌؾ أن الوضع فً بداٌة ‪ 1990‬لم ٌكن ٌبشر بالخبر ‪ .‬ثم ٌقول ‪:‬‬

‫" إن صورة السبعٌنات البراقة تالشت وحل محلها وضع اقتصادي مظلم ‪ ،‬وخراب واسع فً جمٌع أنحاء البالد ‪ ،‬وضٌاع اِلمل بالنسبة لألجٌال‬
‫القادمة ‪.‬‬
‫تر هل هناك ما ٌمكن عمله لتؽٌٌر هذا الواقع المإلم ؟ ٌحزننً أن أقول إنه فً ظل الحكومة الحاضرة ال بد وأن ٌسٌر الوضع من سًء إلى أسوأ ‪.‬‬
‫"‬
‫ثم ٌشٌر صاحب التقرٌر إلى أن تراكم الدٌون وعجز بؽداد حتى عن دفع فوابدها " سوؾ ٌحمل الحكومة على انتهاج سٌاسة متهورة خطرة فتقبل‬
‫على االستدانه بفابدة تبلػ ‪ % 30‬فً السنة ‪ .‬وٌكشؾ التقرٌر عن حقٌقة تثٌر الدهشة وهً أن العراق كان فً عام ‪ 1989‬أكبر مستفٌد فً العالم من‬
‫" برنام المجتمع اِلمٌركً لتقدٌم التسهٌالت المالٌة " الذي ٌستهدؾ بٌع المنتجات الزراعٌة اِلمٌركٌة فً الخارج ‪.‬‬
‫ولعل أكثر فقرات التقرٌر أهمٌة هً الفقرة اِلخٌرة التً تنبؤت بكثٌر من وضوح الرإٌة بوقوع ما وقع بالفعل ‪ .‬فقالت " إن صدام حسٌن ٌدرك اآلن‬
‫تماما ً حقٌقة وضعه المالً " ‪ .‬فما هً الخٌارات المتاحة له فً العراق ذاته ؟ إنها محدودة جداً ‪ .‬لكن الكوٌت موجودة دابما ً على بعد أمتار من حشود‬
‫قواته المرابطة على شط العرب ‪ .‬والعراق بحاجة إلى منفذ إلى مٌاه الخلٌ المفتوحة ‪.‬‬
‫وكانت هناك دالبل على المصاعب التً تواجهها بؽداد فً كثرة من مشروعاتها الطموحة والمتعثرة مثل بناء شبكة من الطرق تحت أرض بؽداد‬
‫ومن أكثر من ‪ 1 , 800‬مٌل من السكك الحدٌدٌة وبناء سدٌن مابٌٌن الكترونٌٌن ‪.‬‬
‫* * *‬
‫وهناك مراقب آخر للخالفات المتفاقمة داخل " اِلسرة العربٌة " التً كان صدام كثٌراً ما ٌشٌر الٌها فً خطاباته وأحادٌثه الخاصة وهو الملك حسٌن‬
‫‪ ،‬فخالل حكمه الذي امتد ‪ 37‬عاما ولفت اِلنظار بضعفه من ناحٌة وبقدرته على البقاء من الناحٌة اِلخر كان اكثر إحساسا ً من أي شخص ؼٌره‬
‫بالمإشرات التً تنذر باِلزمات الوشٌكة ‪ .‬كان ٌدرك أن تعرض المنطقة لهزة سٌاسٌة أخر قد تعرض وجود بالده ذاته للخطر ‪ .‬فاِلردن الذي‬
‫ٌضم ثالثة مالٌٌن من السكان ـ ‪ % 60‬منهم من الفلسطٌنٌٌن ـ وٌفتقر إلى الموارد ٌمكن إزالته عن الخرٌطة بسهولة ‪ .‬وقال الملك حسٌن ِلحد‬
‫زابرٌه بصوت رزٌن ال أثر فٌه لالنفعال ‪:‬‬
‫" إننً أشعر بتزاٌد التوتر على نحو شبٌه بما حدث قبٌل حرب عام ‪ . 1967‬ولم أشعر خالل السنوات اِلربعٌن الماضٌة بؤن المنطقة بلؽت مفترق‬
‫الطرق الذي تشهده اآلن " ‪.‬‬
‫وكان الملك حسٌن ٌتحدث ووراءه صورة لصدام حسٌن ‪.‬‬
‫كان الربٌس العراقً حلٌفا وفً الوقت ذاته مصدر قلق للملك حسٌن ‪ ،‬إذ كان شرٌكا ً ال ٌمكن لألردن الضعٌؾ أن ٌسٌّره وزعٌما ً قد ٌزعزع توازن‬
‫القو الهش فً المنطقة بطموحاته المعلنة‪.‬‬
‫وبعد فشل لقاء عمان فً ‪ 24‬فبراٌر اقترح الملك على الربٌس العراقً أن ٌقوم بنفسه بجولة تشمل دول الخلٌ فً محاولة منه للسعً إلى اتفاق بٌن‬
‫‪ 26‬فبراٌر برحلة استؽرقت ثالثة أٌام وشملت مختلؾ عواصم المنطقة وأجر خاللها‬ ‫الكوٌت والعربٌة السعودٌة والعراق ‪ .‬وبالفعل قام فً‬
‫محادثات مكثفة مع الزعماء الخلٌجٌٌن ‪ ،‬ثم عاد إلى عمان فً اِلول من آذار منهوك القو ‪ .‬وفً صباح الثالث من آذار اتصل به صدام حسٌن وقال‬
‫‪ " .‬الطابرة فً طرٌقها إلٌك أنا فً انتظارك ببؽداد " ‪.‬‬
‫اجتمع الرجالن أربع ساعات قدم خاللها الملك حسٌن تقرٌراً مفصالً عن جولته ‪ ،‬وسرعان ما تبٌن ان المفاوضات وصلت إلى الطرٌق المسدود ‪،‬‬
‫ِلن الملك الهاشمً لم ٌتلق أي اشارة إٌجابٌة من زعماء الخلٌ فٌما ٌتعلق بؤهداؾ صدام حسٌن الثالثة ‪ :‬تسوٌة الخالفات الحدودٌة مع الكوٌت‬
‫وباِلخص حقول الرملٌة الؽنٌة التً تقع فً المنطقة المتنازع علٌها ‪ .‬الموافقة على تؤجٌره جزٌرتً وربة وبوبٌان اللتٌن تإمنان له منفذاً على الخلٌ‬
‫‪ ،‬وتسوٌة مشكلة الدٌون المتراكمة على العراق خالل الحرب مع إٌران ‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وأبلػ الملك حسٌن الربٌس العراقً أن أمٌر دولة الكوٌت ٌرفض المفاوضات المباشرة حتى ٌعترؾ العراق رسمٌا ً بسٌادة واستقالل الكوٌت ‪ .‬ومن‬
‫الجدٌر ذكره هنا ان حكومة بؽداد كانت قد اعترفت عام ‪ 1963‬باستقالل الكوٌت إال أن مجلس الثورة لم ٌلبث أن الؽى هذا القرار ‪.‬‬
‫لم ٌظهر الؽضب على وجه صدام حسٌن الذي كان جالسا ً على كنبة واسعة ومرٌحة ‪ٌ ،‬شعل بٌن الحٌن واآلخر سٌجارة ‪ ،‬وٌتابع باهتمام شدٌد ما‬
‫ٌقوله الملك الهاشمً كما لو كان ٌتوقع تلك النتٌجة السلبٌة ‪.‬‬
‫وعند نهاٌة االجتماع عبر صدام عن جزٌل شكره لزابره على الجهد الذي بذله ‪ ،‬وأبلؽه أنه ٌؤمل " مع الوقت أن تسود الحكمة واالرادة الطٌبة بالنسبة‬
‫لهذا المسؤلة " ولم ٌكن من اِلمور العادٌة صدور مثل هذه الكلمات الرصٌنة التً تؽلب علٌها روح التوفٌق عن رجل عود زمالءه على الخوؾ من‬
‫نوبات ؼضبه ( وكان حسنً مبارك الذي لم ٌُخؾ نفوره من صدام قد وصفه أمام عدد من الزعماء العرب بؤنه " مضطرب الشخصٌة " ) ‪.‬‬
‫ولم تكد تمضً ثالثة أٌام على عودة الملك حسٌن حتى دعا صدام جمٌع أعضاء القٌادة العلٌا إلى اجتماع سري وأمرهم بؤن ٌضعوا الخطط لحشد‬
‫القوات على الحدود مع الكوٌت‪.‬‬
‫وسرعان ما اشتد التوتر ‪ .‬وفقد الكوٌتٌون بعد النظر الذي كانوا ٌتحلون به ‪ .‬فبالرؼم من أن الفرق العراقٌة لم تكن قد تحركت بعد باتجاه الحدود فإن‬
‫مسإوالً كوٌتٌا كبٌراً أسر لألردنٌٌن خالل مروره بعمان بؤن " صدام حسٌن ال ٌرٌد الجزٌرتٌن وحدهما بل الكوٌت برمتها " ‪.‬‬

‫الفصل الثانً‬
‫تارٌخ ٌسوده العنؾ‬
‫ظلت لندن طوال قرن من الزمن تعتبر الخلٌ أرضا برٌطانٌة تتٌح لها السٌطرة على الطرٌق إلى الهند والشرق اِلقصى ‪ .‬وتضافر عزم برٌطانٌا‬
‫الواضح على أن ال ٌكون لؽٌرها نفوذ فً المنطقة مع دهاء دبلوماسٌٌها على زرع بذور النزاع الحالً ‪.‬‬
‫وحتى الحرب العالمٌة اِلولى كان العراق والكوٌت ٌشكالن جزءاً من االمبراطورٌة العثمانٌة ‪ .‬والواقع أن الكوٌت بمساحتها الصؽٌرة البالؽة حوالً‬
‫‪ 10 , 000‬مٌل مربع كانت تابعة لوالٌة البصرة ‪ .‬وفً عام ‪ 1913‬وبٌنما كان ٌشتد قرع طبول الحرب فً أوروبا وقع االنجلٌز واِلتراك اتفاقٌة‬
‫تمنح الكوٌت الحكم الذاتً ‪ .‬وفً خضم الحرب التً قاتل فٌها اِلتراك إلى جانب اِللمان اعترفت لندن بامارة الكوٌت وبحدودها واستقاللها عن‬
‫االمبراطورٌة العثمانٌة ‪.‬‬
‫على أن تجزبة هذه االمبراطورٌة الذي أوجد لبرٌطانٌا حلٌفا ً استراتٌجٌا لم ترض العراقٌٌن الذٌن انكروا حرمانهم من منفذ إلى الخلٌ وفقد منطقة لم‬
‫ٌسبق أن كانت تتمتع بوجود مستقل ‪.‬‬
‫ثم إنه كان هناك سبب آخر لؽضب العراق الذي وقع عام ‪ 1918‬تحت االنتداب البرٌطانً ‪ .‬ففً عام ‪ 1925‬أجبرت حكومة بؽداد على توقٌع اتفاق‬
‫مع كونسورتٌوم ضخم للشركات باسم شركة البترول العراقٌة (‪ . ) lpc‬وأكدت االتفاقٌة على أن الشركة ستظل بؤٌدي البرٌطانٌٌن وعلى أن ٌكون‬
‫مدٌرها من رعاٌا برٌطانٌا وأن ٌظل االمتٌاز نافذاً إلى عام ‪ 2000‬وهكذا أطلقت ٌد الشركة فً استؽالل أكبر حقل للنفط فً التارٌخ والحصول على‬
‫أرباح خٌالٌة ‪.‬‬
‫والواقع أن الكٌان العراقً كان كٌانا ً مصطنعا ً كالكوٌت وكحدود الدول فً المنطقة ‪ .‬ففً أعقاب اتفاقٌة ساٌكس بٌكو التً قسمت الؽنابم من الدولة‬
‫العثمانٌة بٌن برٌطانٌا وفرنسا جر إنشاء العراق من ثالث والٌات تركٌة وهً بؽداد والبصرة والموصل ‪ .‬وقد لخص أحدهم هذا الوضع تلخٌصا‬
‫رابعا بقوله ‪ " :‬لقد كان العراق من صنع تشرتشل الذي خطرت له فكرة جنونٌة وهً الجمع بٌن حقلً نفط متباعدٌن وهما كركوك والموصل وذلك‬
‫بدم ثالث فبات من الناس وهً ال ُكرد والسنة والشٌعة ‪" .‬‬
‫‪1958‬‬ ‫وربما كانت هذه الوالدة الصعبة ؼٌر المتوازنة هً التً جعلت من تارٌخ العراق الحدٌث سلسلة متواصلة من أعمال العنؾ ‪ .‬وفً عام‬
‫أطاحت الثورة بالحكم الملكً الموالً للؽرب وقتلت الجماهٌر الؽاضبة الملك فٌصل ورجمت ربٌس وزرابه نوري السعٌد وقضت علٌه ‪ .‬وبعد ذلك‬
‫بسنتٌن نجا عبد الكرٌم قاسم زعٌم الثورة بصعوبة من محاولة الؼتٌاله ‪ .‬وكان بٌن الذٌن حاولوا اؼتٌاله شاب فً الثانٌة والعشرٌن من عمره وهو‬
‫صدام حسٌن الذي استطاع الهرب إلى سورٌا بالرؼم من إصابته بجروح ‪.‬‬
‫وفً عام ‪ 1962‬رفعت الجماهٌر الؽاضبة رأس قاسم على منخس وطافت به الشوارع ‪ .‬وفً عام ‪ 1968‬استولى حزب البعث على السلطة ‪ .‬وكان‬
‫هذا انتصاراً لصدام الذي اعتبر رجل النظام القوي ‪ .‬وبالرؼم من أنه احتل منصب نابب ربٌس مجلس الثورة فإنه كان أقو رجل فً البالد ‪.‬‬

‫‪512‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان وال ٌزال ٌسٌطر على مختلؾ دوابر اِلمن ثالثة من اخوته ؼٌر االشقاء وهم برزان وسبوي ووثبان ‪ .‬أما صهره حسٌن كمال المجٌد فكان‬
‫المسإول المباشر عن المذابح التً تعرض لها ال ُكرد وعن استخدام اِلسلحة الكٌماوٌة ضد السكان المدنٌٌن ‪ .‬وهو مفتاح كل مشترٌات الدولة من‬
‫السالح وٌتقاضى عمولة على كل صفقة ‪ .‬وٌقال إن مكاسبه من شراء ‪ 120‬من صوارٌخ سكود عام ‪ 1987‬بلؽت ستٌن ملٌون دوالر ‪.‬‬
‫كان ٌجمع بٌن هذه المجموعة الصؽٌرة المتربعة على سدة الحكم ال دمها فقط بل ودم اآلخرٌن ‪ .‬فعُدي االبن البكر لصدام ظل ٌضرب حارسا من‬
‫حراس أبٌه أمام ضٌوفه حتى قضى علٌه ‪ .‬فؽضب صدام وهدد بقتله ‪ .‬فطلبت زوجته ساجدة من أخٌها عدنان خٌر ّللا وزٌر الدفاع التوسط لد‬
‫صدام ‪ .‬وبالرؼم من أن هذا عفا عن ابنه فلم ٌؽفر إطالقا لوزٌر الدفاع مع أنه صهره وقرٌبه ‪ .‬فؤمر بقتله ‪ .‬لكن قٌل إنه قتل بحادث تحطم طوافة ‪.‬‬
‫إن العنؾ هو سالح صدام حسٌن الربٌسً ‪ .‬وعندما بلػ قمة السلطة احتفل بالمناسبة بإعدام ‪ 21‬من أعضاء وزارته وبٌنهم واحد من أقرب أصدقابه‬
‫إلٌه وقال عنه " كان أقربهم إلًّ لكنه ابتعد عنً " ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وبعد سنة دعا عددا من وزرابه وزمالبه إلى سجن بؽداد المركزي لكً ٌشكلوا فرٌق إعدام ‪ .‬وكان ضحاٌا هم من السجناء السٌاسٌٌن ‪ .‬وكانت هذه‬
‫طرٌقته فً جعل من تحدثهم انفسهم بمعارضته ٌرون ما سٌحل بهم ‪ .‬ووصؾ هذا المشهد بعبارة شدٌدة السخرٌة بقول ‪ " :‬إن اولبك اِلشد إخالصا ً‬
‫هم الذٌن نكتشؾ أنهم مذنبون " ‪.‬‬
‫لم ٌكن صدام فً اِلصل جندٌا ً ‪ .‬لكنه ٌكن للجٌش إعجابا ً شدٌداً مشوبا بالحذر فهو ٌرٌد له أن ٌكون قوٌا ً ولكن مطٌعا ً فً الوقت ذاته ‪ .‬وٌحب أن‬
‫ٌظهر فً زي قابد الجٌش لكن الضباط الكبار ٌشعرونه بالنقص وٌعتبرونه مدعٌا ً ‪ .‬وهذا هو السبب فً االكثار من تطهٌر الجٌش على نطاق واسع ‪.‬‬
‫وخالل الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة أشٌع أنه جر إعدام كثرة من كبار قادة الجٌش ‪ .‬وقال بصراحة ‪ " :‬لم ٌعدم سو قابدي فرقتٌن وقابد وحدة‬
‫مٌكانٌكٌة ‪ .‬وهذا أمر عادي فً الحروب ‪.‬‬
‫ومع هذا انبر له أحد الضباط فً اجتماع للقٌادة العلٌا وأخذ ٌنتقد خطته الهجومٌة ‪ .‬فاستمع صدام إلى انتقاداته ثم سحب مسدسه الذي ٌحمله دابما‬
‫فً حزامه وأطلق النار على رأسه ‪.‬‬
‫وفً عام ‪ ، 1988‬بعد وقؾ المعارك بقلٌل ‪ ،‬زج بالمبات من الضباط فً السجون وت ّم إعدام العدٌد منهم فٌما بعد ‪ .‬وفً عداد الذٌن اختفوا إلى اِلبد‬
‫بطل من أبطال الحرب هو الفرٌق ماهر عبد الرشٌد والد زوجة أحد ابنابه ‪.‬‬
‫من ناحٌة أخر ‪ ،‬صدر تقرٌر عن حقوق اإلنسان عام ‪ٌ 1990‬إكد واضعوه أن " العراق أصبح فً ظل حزب البعث أمة من المخبرٌن " ‪ .‬وهذا‬
‫التعرٌؾ مإلم وصحٌح فً الوقت نفسه ِلن ‪ % 25‬من سكان العراق ٌعملون لحساب أجهزة اِلمن المختلفة‪ .‬وقد تم تنظٌم معظمهم وتدرٌبهم‬
‫بواسطة خبراء البولٌس السري اِللمانً الشرقً ‪LA STASI‬‬
‫وفً حٌاته الخاصة ‪ٌ ،‬طلب صدام حسٌن على الدوام ‪ ،‬وبشكل دوري ‪ ،‬ان ٌعرضوا علٌه فٌلمه السٌنمابً المفضل " العراب " ‪ .‬كما ٌرتاح إلى‬
‫مقارنة نفسه بملك بابل نبوخذ نصر الذي حكمها بٌن ‪ 605‬و‪ 562‬قبل المٌالد ‪ .‬وسبب ذلك هو اٌمان سلفه هذا بالحكم بالقوة واحتالله للقدس وتهدٌمه‬
‫الهٌكل وأسره الشعب الٌهودي ‪.‬‬
‫قال نابلٌون إنه ببنً خطط معاركه على أحالم جنوده النابمٌن ‪ .‬أما صدام حسٌن فٌبدو أنه ٌضع خططه وأحالمه بفضل ترحٌب الدٌمقراطٌات‬
‫الؽربٌة وتواطبها ‪ .‬ففً ‪ 1984‬انفق العراق ‪ 14‬ملٌار دوالر على شراء اِلسلحة أي ما ٌوازي نصؾ انتاجه الوطنً ‪ .‬وبٌن ‪ 1982‬و ‪، 1985‬‬
‫استورد العراق ما ٌعادل ‪ 42 , 8‬ملٌار دوالر من اِلسلحة ‪ .‬ولم تنخفض مشترٌاته بفعل وقؾ إطالق النار مع إٌران ‪ .‬وكانت بؽداد خالل السنوات‬
‫القلٌلة الماضٌة أكبر مستورد للعتاد الحربً فً العالم واحتكرت لنفسها ما ٌقارب ‪ % 10‬من اِلسلحة التً بٌعت على وجه اِلرض ‪.‬‬
‫بعد أن تحالؾ صدام حسٌن مع موسكو وعقد معها معاهدة " صداقة وتعاون " فً عام ‪ 1972‬أخذ ٌقٌم عالقات مع اِلقطار الؽربٌة ِلنها هً وحدها‬
‫القادرة على تزوٌده بما ٌحتاجه ‪ .‬فعندما اعتزم فً أواسط السبعٌنات إنشاء صناعة نووٌة زوده الفرنسٌون بالمفاعل المطلوب ضاربٌن عرض‬
‫الحابط بمخاطر االنتشار النووي ‪ .‬ولم ٌخؾ صدام رؼبته فً حٌازة أسلحة ذرٌة ‪ ( .‬وقد أصٌبت أحالمه بنكسة فً ‪ 1981‬عندما أؼارت الطابرات‬
‫اإلسرابٌلٌة على المفاعل النووي العراقً أوزٌراك ) ‪.‬‬
‫وكانت لدٌه ترسانة ضخمة من اِلسلحة الكٌماوٌة التً استخدمها ضد القوات اإلٌرانٌة والقروٌٌن ال ُكرد ‪ .‬وهنا أٌضا لعبت المساعدات الؽربٌة دورا‬
‫أساسٌا ‪ .‬وقد أعد الخبراء قابمة بؤسماء ثالثمبة شركة أسهمت بدرجات متفاوتة فً تسلح العراق وخصوصا فً صنع اِلسلحة الكٌماوٌة ‪ .‬وكانت‬
‫أكثر الشركات نشاطا فً هذا الباب ألمانٌا والوالٌات المتحدة وبرٌطانٌا وفرنسا وإٌطالٌا وسوٌسرا والنمسا وبلجٌكا ‪ .‬بالرؼم من أن الوالٌات المتحدة‬

‫‪513‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كانت دابما تنفً أنها تزود العراق باِلسلحة فإن كثرة من الشركات اِلمٌركٌة الخاصة باعت مواد حربٌة لبؽداد عبر شركات أخر لعبت دور‬
‫الوسٌط ‪.‬‬
‫إن العملٌة التً كشؾ النقاب عنها فً مطار هٌثرو اللندنً ٌوم ‪ 28‬آذار ‪ 1990‬اظهرات اتساع هذه التجارة ‪ .‬فقد وضعت الجمارك البرٌطانٌة‬
‫‪ 18‬شهراً من‬ ‫عندبذ ٌدها على قطع كهربابٌة ِلؼراض عسكرٌة تدخل فً تركٌب الصاعق الخاص بالقنبلة النووٌة ‪.‬وقد تطلبت هذه المصادرة‬
‫التحقٌقات المشتركة لألجهزة االمنٌة البرٌطانٌة والجمارك اِلمٌركٌة ‪ .‬وقد تم صنع تلك القطع فً شركة أمٌركٌة تقع ضمن والٌة كالٌفورنٌا‬
‫وبالتحدٌد فً سان دٌٌؽو ‪.‬‬
‫بدأت العملٌة عندما اتصل وسطاء ٌعملون لحساب العراق بهذه الشركة فسارع مدراإها إلى إبالغ أجهزة الجمارك اِلمٌركٌة التً دست أحد رجالها‬
‫بٌن المفاوضٌن ‪.‬‬
‫وسارت اإلجراءات بشكل طبٌعً جداً حتى تم نقل القطع المطلوبة إلى لندن بواسطة طابرة شحن تابعة لشركة ‪ TWA‬حٌث بقٌت لمدة أسبوعٌن فً‬
‫عنبر التخزٌن التابع لمنطقة مطار هٌثرو الحرة ‪ .‬وعند نقل البضابع إلى طابرة عراقٌة تدخلت الجمارك وأوقفت عملٌة النقل وألقت القبض على‬
‫خمسة عاملٌن فً شركة الطٌران بٌنهما عراقٌان ولبنانً وبرٌطانٌان ‪.‬‬
‫وفً سان دٌٌؽو ‪ ،‬فقد أدت متابعة خٌوط الشبكة إلى القبض على عدد من البرٌطانٌٌن العاملٌن فً فروع شركات برٌطانٌة فً أمٌركا ‪.‬‬
‫وشكلت القطع المصادرة مفاجؤة للسلطات ‪ .‬فمنذ سنة أو سنتٌن والتقارٌر تتالى عن اعتزام بؽداد صنع أسلحة نووٌة ‪ .‬فؤكدت القطع المصادرة أسوأ‬
‫مخاوؾ الخبراء وتساءلوا عما إذا كان العراق قد اقترب أكثر مما توقعوه من صنع القنبلة‪.‬‬
‫ورد صدام على ذلك بخطاب أشار فٌه إلى " القو المعادٌة للعرب التً تحاول وقؾ تقدم العراق " ‪ .‬لقد كان فً موقؾ حرج ‪.‬‬
‫وفً أٌلول من العام ‪ 1989‬هز انفجار ضخم المجمع العسكري لإلسكندرٌة الواقعة جنوبً بؽداد حٌث ٌتم تصنٌع السالح الكٌمٌابً ‪ .‬وبالرؼم من‬
‫‪ 700‬قتٌل‬ ‫التعتٌم التام على ما حدث فإن صور االقمار الصناعٌة للتجسس وما أدلى به بعض الشهود العٌان أظهرت ضخامة الكارثة ‪ :‬أكثر من‬
‫ومبات المصابٌن بعاهات دابمة ‪ .‬وفً شباط ‪ 1990‬حاول أحد الصحافٌٌن التابعٌن لمجلة االوبزرفر البرٌطانٌة التحقٌق فً تلك الماسؤة ‪ .‬وكان اسمه‬
‫فرزاذ بازوفت ‪ ،‬من اصل إٌرانً وٌحمل الجنسٌة البرٌطانٌة ‪ .‬ولم ٌكد هذا الصحافً ٌبدأ بجمع المعلومات حتى ألقت المخابرات العراقٌة الرهٌبة ‪،‬‬
‫التً ٌدٌرها سبوي اِلخ ؼٌر الشقٌق لصدام ‪ ،‬القبض علٌه ‪ .‬وبعد ان اتهم بالتجسس لحساب إسرابٌل عرض على شاشة التلفاز حٌث أدلى باعترافات‬
‫بدا انها فرضت علٌه وانتزعت منه بالقوة ‪ .‬ولقد أد حكم االعدام الذي صدر بحقه إلى موجة احتجاج ال فً أوروبا والوالٌات المتحدة فقط بل من‬
‫قبل بعض المسإولٌن العرب ‪.‬‬

‫وبعد أٌام قلٌلة من صدور الحكم اؼتنم وزٌر الخارجٌة اِلردنً مروان القاسم فرصة تواجده فً تونس لإلتصال بطارق عزٌز وزٌر خارجٌة العراق‬
‫المشارك بدوره فً اجتماع وزراء الخارجٌة العرب ‪ .‬وقال القاسم لعزٌز أثناء مقابلة جرت بٌنهما على هامش االجتماعات " إنه لمن الخطؤ الفادح‬
‫ان تقدم الحكومة العراقٌة على إعدام بازوفت ‪ِ .‬لن الصحافة سوؾ تستؽل القضٌة وسوؾ تصبح الصورة التً ٌكونها الؽرب عن العراق سلبٌة جداً‬
‫" ‪ .‬ومما أثار دهشة مروان القاسم ‪ ،‬الذي ٌعرؾ طارق عزٌز منذ سنوات ‪ ،‬هو ردة فعل الوزٌر العراقً الؽاضبة والقاطعة والحاسمة " ٌجب‬
‫إعدامه وإالّ سوؾ ٌكون فً العراق االسبوع القادم أكثر من ‪ 1000‬جاسوس " ‪.‬‬
‫وإعدم بازوفت شنقا فً ‪ 15‬آذار ‪ . 1990‬وأؼضبت موجة االدانة إلعدامه صدام الذي لم ٌستطع أن ٌفهم كٌؾ أن العرب الذي طالما أظهر تسامحا ً‬
‫كبٌراً نحوه انقلب فجؤة وأمعن فً انتقاده ‪ .‬وهكذا تضافرت قضٌة بازوفت ومصادرة القطع فً مطار هٌثرو وتحول كثرة من اِلمٌركٌٌن ضده على‬
‫اقناع بؤن هناك مإامرة دولٌة علٌه ‪ .‬وهكذا فإن هذا الرجل البسٌط الحذر والفخور المصاب بجنون القوة أخذ ٌنظر إلى العراق بوصفه قلعة محاصرة‬
‫قادرة على تحدي العالم الذي أمده بقوته‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫انكم تشنون حربا اقتصادٌة‬
‫فً ‪ 2‬نٌسان ‪ ،‬القى صدام حسٌن أمام قٌادات جٌشه خطابا ً تم نقله ‪ ،‬بكامله ‪ ،‬على موجات اإلذاعة العاملة ‪ .‬وقد كان حاسر الرأس ‪ٌ ،‬رتدي زٌا ً كاكٌا‬
‫تزٌنه شارات رتبة الجنرالٌة ‪ .‬واستؽرق خطابه أكثر من ساعة ‪ ،‬إال أن بعض الجمل التً وردت فٌه أذهلت العالم باسره ‪ .‬فبعد أن شرح ما توصل‬

‫‪514‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫إلٌه العلماء والباحثون العراقٌون فً مجال انتاج اِلسلحة الكٌمابٌة اضاؾ ‪ " :‬وّللا ‪ ،‬إذا حاولت إسرابٌل القٌام بشًء ضد العراق سوؾ نعمل على‬
‫جعل النار تلتهم نصفها … إن الذٌن ٌهددوننا بالقنبلة النووٌة سوؾ ٌبادون باِلسلحة الكٌماوٌة ‪".‬‬
‫ووصلت هذه الكلمات إلى مكتب جون كٌلً فً الٌوم نفسه ‪ .‬فقام سكرتٌر الدولة المساعد لشإون الشرق اِلوسط بقرابتها أكثر من مرة ‪ .‬وفً كل‬
‫مرة كان ٌتملكه شعور بالذهول لقساوة لهجة الخطاب وعنفها ‪ .‬فما كان من هذا الرجل الذي أؼدق الثناء على الربٌس العراقً قبل شهرٌن إال أن‬
‫انتقل فً الحال إلى مكتب دنٌس روس الواقع فً أحد الطوابق العلٌا من بناء وزارة الخارجٌة ‪ .‬وكان روس ٌحتل منصب مدٌر مكتب التخطٌط‬
‫السٌاسً ومن أقرب المساعدٌن لوزٌر الخارجٌة جٌمس باٌكر ‪.‬‬
‫رأ كٌلً وجوب القٌام برد فوري ومباشر ٌإكد رفض الوالٌات المتحدة السماح بتهدٌدات من هذا النوع ‪ .‬وكان جون كٌلً بتقلبه بٌن الصالبة‬
‫واللٌن أشبه بالدكتور جٌكل والمستر هاٌد بالنسبة للعراق ‪.‬‬
‫وسرعان ما توصل روس وكٌلً إلى خطة للعقوبات وذهبا إلى مكتب جٌمس بٌكر فً الدور السابع ‪ .‬ولم ٌنتظرا فً الؽرفة الخارجٌة ذات الجدران‬
‫المكسوة بالواح خشبٌة داكنة سو بضع دقابق ‪ ،‬دخال بعدها على جٌمس بٌكر وقاال له ‪ٌ " :‬نبؽً علٌنا أن نرسل إشارة ال ؼموض فٌها وخصوصا‬
‫فٌما ٌتعلق باتخاذ عدد من االجراءات فً المٌدان االقتصادي ‪ " .‬فما كان من بٌكر الذي أزعجته لهجة صدام العدوانٌة إال أن وافق على اقتراحهما‬
‫الذي استهدؾ ثالثة أمور بوجه خاص وهً رفض منح العراق قروضا من بنك التصدٌر واالستٌراد ‪ ،‬والؽاء " برنام قروض المجتمع " وأخٌرا‬
‫اتخاذ إجراء لمنع النظام العراقً من استٌراد " مواد ٌمكن استخدامها لألؼراض العسكرٌة " ‪.‬‬
‫وبٌنما كان الخبراء ٌعملون على اعداد الصٌؽة النهابٌة للخطة قام بوش بالتعبٌر عن رأٌه فً تهدٌدات صدام حسٌن وهو على متن طابرة البوٌنػ‬
‫الرباسٌة التابعة للقوات الجوٌة وذلك فً طرٌقه إلى اتالنتا واندٌانابولٌس ‪ .‬على أن الكلمات التً استخدمها كانت مبهمة تعكس ارتباكه وعدم اعتباره‬
‫العراق بٌن أولوٌاته ‪ .‬قال ‪ " :‬أعتقد أن تصرٌحات (صدام) سٌبة جداً ‪ .‬وسوؾ أطلب فً الحال وبإلحاح من العراق التخلً عن استخدام اِلسلحة‬
‫الكٌمٌاوٌة ِلنها ال تساعد الشرق اِلوسط وأمن العراق واقول أكثر من ذلك إنه ٌإدي إلى نتاب معاكسة ‪ ،‬واقترح صرؾ النظر عن كل ما قٌل فً‬
‫استخدام اِلسلحة الكٌمابٌة أو البٌولوجٌة " ‪.‬‬
‫وفً ‪ 9‬نٌسان ‪ ،‬اجتمع دنٌس روس وجون كٌلً فً مكتب جٌمس بٌكر ولحق بهما روبٌر كٌمٌت سكرتٌر الدولة المساعد للشإون السٌاسٌة والذي‬
‫ٌعتبر فً عداد الحلقة الضٌقة من مساعدي الوزٌر ‪ .‬وكان بٌكر قد حصل على موافقة بوش المسبقة ‪ .‬وبعد أن تم استعراض خطة العقوبات‬
‫االقتصادٌة بالتفصٌل من جدٌد ‪ ،‬اقرت بشكلها النهابً ‪ ،‬ووقع االختٌار على كٌمٌت للقٌام بمهمة التفاوض الشاقة مع مختلؾ الوزارات والوكاالت‬
‫المعنٌة لتطبٌقها على أن الحزم الذي بدا فً االجتماع سرعان ما تبخر ‪ ،‬وبقٌت الخطة حبرا على ورق ‪ .‬أما أسباب الفشل فتكمن فً مقاومة‬
‫البٌروقراطٌة الفدرالٌة وعدم المتابعة السٌاسٌة‪.‬‬
‫وصدر التحفظ اِلول عن وزارة التجارة التً ذهبت إلى أن وقؾ تقدٌم القروض من بنك االستٌراد والتصدٌر سٌعاقب رجال االعمال اِلمٌركٌٌن ‪.‬‬
‫وعارض المسإولون فً الوزارة ذاتها الؽاء برنام قروض المجتمع ِلنه برأٌهم ٌضاٌق مزارعً القمح اِلمٌركٌٌن ‪.‬‬
‫أما مجلس اِلمن القومً التابع للبٌت اِلبٌض والمكلؾ بمتابعة مسابل السٌاسة الخارجٌة فؤكد دعمه لمبدأ العقوبات ولكنه رفض اإلسراع فً تطبٌقها‬
‫ودعا إلى التؤنً ‪ .‬وأٌد روبرت ؼٌت الرجل الثانً فً المجلس والمساعد السابق لمدٌر وكالة االستخبارات اِلمٌركٌة فكرة التدرج فً اتخاذ‬
‫االجراءات ‪ .‬وترأس روبرت كٌمٌت فٌما بعد اجتماعا عقد فً الؽرفة الخاصة باجتماعات مجلس اِلمن القومً بالبٌت اِلبٌض حضره وكالء‬
‫الجهات الحكومٌة الربٌسٌة ‪ .‬ولم ٌخدع االجماع الذي بدا فً االجتماع أحداً ِلن الخطة ظلت حبراً على ورق ‪.‬‬
‫كان الرجل الوحٌد القادر على التؽلب على التحفظات وفرض آرابه هو جٌمس بٌكر ‪ .‬لكنه كان منصرفا ً بوقته وأفكاره إلى توحٌد ألمانٌا ورحالته‬
‫لمقابلة نظٌره السوفٌٌتً ادوارد شٌفارنادزه والتحضٌر معه لقمة بوش ـ ؼورباتشوؾ التً كانت ستعقد فً مالطة فً شهر ماٌو ‪ /‬أٌار ‪ .‬وكما قال‬
‫واحد من أقرب زمالء بٌكر إلٌه " فان الرادار فً واشنطن لم ٌلتقط بعد الصاروخ العراقً " ‪.‬‬
‫وهكذا فإن صدام حسٌن لم ٌتلق أي إنذار رسمً ‪ .‬والواقع أن صدور عدد من االشارات المشجعة اِلمٌركٌة ساعد على زٌادة ؼموض الموقؾ‬
‫اِلمٌركً ‪.‬‬
‫وفً ‪ 12‬نٌسان أي بعد ستة أٌام من الخطاب العنٌؾ الذي ألقاه صدام وصل وفد ٌضم خمسة من أعضاء مجلس الشٌوخ اِلمٌركً برباسة روبرت‬
‫دول ممثل كانساس وزعٌم اِلقلٌة الجمهورٌة فً مجلس الشٌوخ وهو نفسه الذي فشل فً التؽلب على بوش فً االنتخابات اِلولٌة وذلك فً سباقهما‬
‫على الرباسة ‪.‬‬
‫وعلٌه فإنه كان على صدام حسٌن أن ٌخاطب رجال ٌعتبره مهما ً وصاحب نفوذ وتتفق آراإه مع آراء بوش ‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جر االجتماع فً مدٌنة الموصل شمالً البالد قرب الحدود السورٌة ‪ .‬وحضر صدام وهو ٌرتدي بزة رمادٌة أنٌقة وربطة عنق قاتمة اللون ‪.‬‬
‫وجلس وسط ؼرفة صؽٌرة على كنبة مؽطاة بالحرٌر االخضر وأمامه طاولة زجاجٌة فً حٌن توزعت المقاعد الباقٌة بشكل دابري حوله ‪.‬‬
‫بدأ مترجم بقراءة رسالة جلبها الشٌوخ وتقول ‪ " :‬إننا جبنا ِلننا نإمن بدور العراق اِلساسً فً الشرق اِلوسط ‪ ،‬فإن سعٌكم إلى اِلسلحة الكٌماوٌة‬
‫والبٌولوجٌة ال بد وان ٌعرض بلدكم لمخاطر جمة بدل تؤمٌن الحماٌة له ‪ .‬إن مبادرات كهذه تهدد أٌضا بلدانا أخر وتثٌر اضطرابات خطٌرة فً‬
‫الشرق اِلوسط ‪ .‬ثم إن تصرٌحاتكم اِلخٌرة التً تهدد باستخدام السالح الكٌماوي ضد إسرابٌل ‪ ،‬أحدثت دوٌا فً العالم أجمع ‪ . .‬ومن االجدي‬
‫بالنسبة لكم وللسالم فً الشرق اِلوسط ان تعٌدوا النظر فً مثل هذه المشارٌع الخطرة والتصرٌحات والمواقؾ التً تستفز اآلخرٌن ‪".‬‬
‫استمع صدام إلى الرسالة بدون أي انفعال ظاهر ‪ .‬وعند االنتهاء من قراءتها هز رأسه والتفت إلى دول الذي كان ٌجلس على ٌمٌنه وقال بهدوء ‪" :‬‬
‫إننً أدرك أن هناك حملة واسعة علٌنا تشنها الوالٌات المتحدة وأوروبا ‪" .‬‬
‫كان دول رجال صلبا فً الستٌن من عمره ‪ .‬قال ‪ " :‬إن بوش لٌس مصدر هذه الحملة ‪ .‬وقد قال لنا البارحة إنه ضدها‪ " .‬وأعاد دول إلى الذاكرة‬
‫موقؾ الوالٌات المتحدة الذي أدان إسرابٌل عام ‪ 1980‬على أثر الهجوم الجوي الذي شنته على المفاعل النووي العراقً ‪ .‬هنا قاطعه صدام حسٌن‬
‫وقال ‪ " :‬لقد أدنتموها ‪ ،‬ولكننً اطلعت على تقارٌر عدٌدة تفٌد ان الوالٌات المتحدة كانت على معرفة مسبقة بالهجوم " ‪.‬‬
‫وتدخل السٌناتور الجمهوري لوالٌة واٌومنػ ‪ ،‬آالن سمبسون وقال ‪ " :‬ان مشكلتكم لٌست مع الحكومة أو الشعب اِلمٌركً وإنما مع صحافتنا‬
‫المتعجرفة التً ٌصعب إرضاإها " ‪.‬‬
‫وانتقل دول فً حدٌثه إلى البرنام المعادي للعراق الذي بثته إذاعة صوت أمٌركا فً فبراٌر ‪ ،‬وقدم اعتذاره وبلػ صدام ان المسإول عن البرنام‬
‫قد طرد من وظٌفته ‪ .‬وختم حدٌثه بقوله ‪ " :‬اسمح لً أن أذكر أنه منذ ‪ 12‬ساعة فقط أبلؽنً الربٌس بوش أن حكومته تؤمل فً تحسٌن العالقات مع‬
‫العراق وأنه سوؾ ٌعارض فرض عقوبات على العراق ‪ .‬وإذا لزم فإنه اِلمر سوؾ ٌستخدم الفٌتو ضد أي قرار مثل هذا ما لم ٌحدث أي عمل‬
‫استفزازي " ‪.‬‬
‫وهنا تدخلت السفٌرة ابرٌل ؼالسبً التً لزمت الصمت طوال الوقت وختمت االجتماع بقولها ‪ " :‬إننً كسفٌرة أستطٌع أن أإكد ٌا سٌدي الربٌس أن‬
‫هذه فً الحقٌقة هً سٌاسة الوالٌات المتحدة"‪.‬‬
‫على أنه كانت هناك دوافع انتخابٌة وراء لهجة المصالحة التً سادت االجتماع ‪ .‬فؤعضاء الوفد كانوا ٌمثلون والٌات أمٌركٌة زراعٌة ‪ .‬فروبرت‬
‫دول ٌمثل والٌة كنساس التً تصدّر كمٌات كبٌرة من القمح إلى العراق ‪ .‬وعلى هذا االساس تصدرت المصالح التجارٌة البحة االسباب الداعٌة‬
‫‪ 1983‬تم تموٌل‬ ‫لالعتدال اِلمٌركً ‪ .‬فالوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة تبٌع بؽداد بما ٌقارب الملٌار دوالر سنوٌا من القمح والدواجن والذرة ‪ .‬ومنذ‬
‫ؼالبٌة المشترٌات بواسطة قروض بلؽت ‪ 5‬ملٌارات دوالر بضمانة الحكومة اِلمٌركٌة ‪.‬‬

‫ولخص ممثل كانساس الوضع بجملة واحدة فقال‪ " :‬نحن نلبً حاجة العراق من الؽذاء بؤسعار مدعومة " ‪.‬‬
‫ولم ٌكن لد أحد رؼبة فً إفساد تبادل للمنافع من هذا النوع ‪ .‬وعندما استقبل بوش ‪ ،‬فً البٌت اِلبٌض ‪ ،‬الوفد العابد من العراق أصؽى بعناٌة‬
‫شدٌدة إلى آراء روبرت دول التً ٌسودها االعتدال والتفاإل وسمع منه كالما عن صدام حسٌن ٌصفه بالقابد الذي ٌمكن للوالٌات المتحدة أن تإثر‬
‫علٌه ‪.‬‬
‫وحضر االجتماع ربٌس مجلس اِلمن القومً الجنرال برنت سكوكروفت ‪ .‬وكان هذا العسكري الدقٌق المالمح والطوٌل القامة قد تدرج فً كوالٌس‬
‫السلطة العلٌا منذ سنوات طوٌلة ‪ .‬فكانت بداٌة عمله فً البٌت اِلبٌض فً عهد نٌكسون كمساعد لهنري كٌسنجر ‪ .‬وإذ كان هذا العسكري المحترؾ‬
‫ٌمٌل دابما إلى وزن اِلمور والمحافظة على اتزانه فإنه أٌد موقؾ دول الداعً إلى اعتبار العراق وزعٌمه دعامتٌن أساسٌتٌن الستقرار الشرق‬
‫اِلوسط ‪.‬‬
‫وكمإشر على هذا االعتدال انتهز بوش فرص انتهاء شهر رمضان ووجه ( فً ‪ 25‬نٌسان ) رسالة ودٌة لصدام حسٌن عبر فٌها عن أمله " فً أن‬
‫تسهم الروابط بٌن الوالٌات المتحدة والعراق فً السالم واالستقرار فً الشرق اِلوسط " ‪.‬‬
‫وبعد وقت قصٌر أدلى جون كٌلً بشهادة أمام لجنة الشإون الخارجٌة بمجلس الشٌوخ استخدم فٌها اسلوبا ً مختلفا تماما عن اِلسلوب العنٌؾ الذي‬
‫استخدمه فً ‪ 2‬نٌسان للرد على تهدٌدات صدام حسٌن ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" ال تزال االدارة اِلمٌركٌة تعارض فرض العقوبات التً توقع على المصدرٌن اِلمٌركٌٌن وتزٌد العجز فً المٌزان التجاري سوءاً ‪ .‬ثم إننً ال‬
‫أر كٌؾ ٌمكن للعقوبات أن تقوي امكان مماررسة نفوذ مهدئ على أعمال العراق " ‪.‬‬

‫‪516‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫إن هذه الكلمات التً صدرت عن المسإول عن الشرق اِلوسط عكست الموقؾ الرسمً لوزارة الخارجٌة الذي ٌمكن تلخٌصه بالعبارة التالٌة وهً‬
‫أنه لٌس مطروحا فً الوقت الراهن اتخاذ إجراءات اكثر صالبة ضد العراق ‪ .‬وكان جٌمس بٌكر نفسه قد تحول إلى هذا االتجاه ‪ .‬فبٌنما كان فً‬
‫موسكو التقى بالربٌس المصري الذي كان ٌقوم بزٌارة رسمٌة ‪ ،‬وناقش معه تهدٌدات العراق ‪ .‬فؤشار الربٌس المصري إلى أن التهدبة أفضل وسٌلة‬
‫لنزع فتٌل حركات الزعٌم العراقً االستفزازٌة ‪.‬‬
‫وفً بداٌة أٌار وصلت إلى واشنطن اشارتان تنذران بالخطر ‪ .‬لكن لم ٌكن أحد من المسإولٌن بوزارة الخارجٌة ِلخذهما بعٌن االعتبار ‪.‬‬
‫وجاءت اِلولى مفاجؤة للبٌت اِلبٌض ‪ .‬وكانت عبارة عن رسالة تلقاها من وكالة المخابرات المركزٌة تقول فٌها إن بحوزتها معلومات عن " هجوم‬
‫عراقً محتمل على الكوٌت " وكان البٌت اِلبٌض قد تلقى إشارة إلى احتمال وقوع الهجوم ولكن على إسرابٌل ‪ .‬وبالرؼم مما أثارته معلومات‬
‫الوكالة من تشاإم شدٌد ‪ ،‬فقد بقً الموقؾ الرسمً كما هو‪.‬‬
‫وفً هذه اِلثناء وصل وفد من الخبراء العسكرٌٌن والسٌاسٌٌن اإلسرابٌلٌن إلى واشنطن ‪ .‬وكان فً جعبته تحلٌل قاتم للوضع ٌقول بؤن طبٌعة النظام‬
‫العراقً المعتدلة واإلصالحٌة الظاهرة لٌست سو ستار من الدخان ‪ .‬وٌضٌؾ بؤن صدام حسٌن دأب منذ شهر فبراٌر على اتخاذ مواقؾ متصلبة ‪:‬‬
‫إذ طالب بانسحاب السفن اِلمٌركٌة ‪ ،‬وحث العرب مرة أخر على استخدام النفط كسالح سٌاسً ؛ ولم ٌكتؾ بالتهدٌد بمهاجمة إسرابٌل حلٌفة‬
‫الوالٌات المتحدة ‪ ،‬بل تحدث عن احتمال استخدام اِلسلحة الكٌماوٌة ‪ .‬وختموا تحلٌلهم بقولهم إن إنهماكه فً بناء آلته العسكرٌة على نطاق واسع‬
‫دلٌل آخر على ؼرابزه العدوانٌة ‪.‬‬
‫ومن الواضح أنه كانت لد الوفد اإلسرابٌلً معلومات نقلوها فً ‪ 15‬نٌسان للسفٌر اِلمٌركً فً إسرابٌل ولٌم أ ‪ .‬براون وذلك على مابدة ؼداء فً‬
‫عٌد الفصح ‪ .‬وكان بٌن الحضور شٌمون بٌرٌز زعٌم حزب العمل والجنرال اٌهود باراك نابب ربٌس أركان القوات اإلسرابٌلٌة ‪ .‬وبٌنما كانوا‬
‫ٌتحدثون عن تهدٌد صدام حسٌن بشن هجمات على إسرابٌل باِلسلحة الكٌماوٌة إذا هاجمت إسرابٌل العراق قال باراك ‪:‬‬
‫" إن صدام حسٌن ٌحاول خدام العالم ‪ .‬فخطته لٌست الهجوم على إسرابٌل ‪.‬‬
‫علٌكم أن تحولوا أنظاركم إلى ما هو جنوب العراق ‪ .‬فالحقٌقة هً أن أنظاره مشدودة إلٌه " ‪.‬‬
‫وواضح أن باراك كان ٌشٌر إلى الكوٌت واإلمارات ‪.‬‬
‫لم ٌنجح اإلسرابٌلٌون فً جعل اآلخرٌن ٌشاطرونهم قلقهم ‪ .‬فبعض الذٌن استمعوا إلٌهم فسروا التصرٌحات العراقٌة بؤنها تعبٌر عن الخوؾ من ؼارة‬
‫إسرابٌلٌة جدٌدة على مصانع اِلسلحة الكٌماوٌة ‪ .‬وشدد البعض اآلخر على رؼبة صدام فً تكرٌس زعامته للعالم العربً ‪.‬‬
‫لقد ؼشً واشنطن عمى ؼرٌب ‪ .‬فقد اعتبر صدام حسٌن ضٌق اِلفق فً نظرته إلى العالم ‪ .‬فلم ٌكن ٌعرؾ لؽة أخر ؼٌر العربٌة ‪ ،‬ولم ٌكن قد قام‬
‫إال بزٌارة واحدة إلى الؽرب ‪ .‬وكان ذلك فً عام ‪ 1975‬عندما ذهب إلى فرنسا لمفاوضة جاك شٌراك ربٌس الوزراء الفرنسً على شراء مفاعل‬
‫نووي ‪ .‬ولم ٌكن ٌعرؾ شٌبا ً عن الوالٌات المتحدة ‪ .‬وحدث مرة خالل حدٌثه مع زابر ؼربً أنه فوجًء عندما علم من هذا الزابر ان االنتقاد البسٌط‬
‫للربٌس اِلمٌركً ال ٌعد انتهاكا ً خطٌرا للقانون كما هو الحال فً العراق حٌث قد ٌعاقب باإلعدام ‪.‬‬
‫لم ٌكن فً واشنطن من ٌدرك أن ضٌق أفق صدام حسٌن فٌما ٌتعلق بنظرته إلى العالم هو الذي ٌجعله خطراً ‪ .‬فقد كان ٌتصرؾ مع العالم كما‬
‫ٌتصرؾ فً العراق ذاته متجاهالً القواعد والقٌود التً تحكم العالقات الدولٌة ‪.‬‬
‫وسبق أن كان لصدام مراقب رابع فً واشنطن هو السفٌر نزار حمدون الذي امضى سنوات طوٌلة هناك ‪ .‬وكان حمدون دبلوماسٌا ً محترما له‬
‫صالت بكثرة من كبار المسإولٌن اِلمٌركٌٌن ‪ .‬فبعد بداٌة اِلزمة بشهر وصفته جرٌدة " وول سترٌت جورنال " بؤنه " افضل سفٌر اجنبً عرفته‬
‫الوالٌات المتحدة ‪ .‬إال أنه استدعى إلى بؽداد فً عام ‪ 1987‬لٌصبح ناببا ً لوزٌر الخارجٌة ‪ .‬ولم ٌكن لخلفه صالته وحٌوٌته ‪.‬‬
‫وال بد أنه اتضح لصدام حسٌن من تبادل اآلراء مع المسإولٌن مثل روبرت دول ومن مواقؾ واشنطن المتناقضة أن الزعامة اِلمٌركٌة ؼٌر حازمة‬
‫وتمٌل إلى تسوٌة اِلمور ‪ ،‬اِلمر الذي كانت له نتاب خطٌرة ‪.‬‬
‫وفً ‪ 21‬أٌار حصلت حادثة عملت على ازدٌاد شدة التوتر ‪ .‬ذلك أن أحد اإلسرابٌلٌٌن قتل سبعة من الفلسطٌنٌٌن العزل ‪ .‬وبالرؼم من أن الحكومة‬
‫اإلسرابٌلٌة بادرت إلى إدانتها فإن القالقل عمت اِلراضً المحتلة ‪ .‬فاالنتفاضة التً كانت تتربص باإلسرابٌلٌٌن انفجرت بعنؾ ال مثٌل له ‪ .‬ولم ٌكن‬
‫من الممكن أن تقع هذه المؤساة فً وقت أسوأ من الوقت الذي وقعت فٌه ‪ .‬فقد وقعت قبل اسبوع فقط من انعقاد مإتمر القمة العربٌة فً بؽداد لشجب‬
‫تدفق الٌهود السوفٌٌت على إسرابٌل بؤعداد كبٌرة ‪ .‬وفً اعقاب المجزرة استخدمت الوالٌات المتحدة الفٌتو ضد اقتراح قدمته منظمة التحرٌر‬
‫الفلسطٌنٌة لهٌبة اِلمم المتحدة إلرسال مراقبٌن دولٌٌن إلى اِلراضً المحتلة ‪ .‬وأد هذا إلى انفجار الؽضب على أمٌركا فً العالم العربً ‪ .‬وشهد‬
‫اِلردن مظاهرات دموٌة ‪.‬‬

‫‪517‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً ‪ 24‬أٌار بدا الملك حسٌن فً حفل استقبال أُقٌم فً حدابق قصره الرابعة فً ؼاٌة القلق بالرؼم من انه طاؾ على المدعوٌن وشاركهم الحدٌث‬
‫ورحب بكل فرد منهم ‪ .‬وكان ٌتصرؾ بإباء ولباقة وكؤن ما ٌجري فً المنطقة ال ٌستطٌع النٌل من حكمه ‪ .‬لكن هذا لم ٌخدع أحداً فخالل الحفل ذاته‬
‫كشؾ هو نفسه عن مد تؤثره باِلحداث قال ‪ " :‬اعتزم أن أطالب فً مإتمر القمة القادم ببؽداد بمساعدة مالٌة لٌس لً فقط ‪ ،‬بل ولمنظمة التحرٌر ‪.‬‬
‫" وكان صدام قد قال له ‪ " :‬اترك اِلمر لً ‪ .‬سوؾ أجبرهم على الدفع " ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وفً صباح ‪ 28‬أٌار التقً الملوك والرإساء العرب الممثلون الحد وعشرٌن دولة وهم ال ٌعرفون ما خبّا لهم ‪ .‬فما كانوا ٌعرفونه هو أنهم‬
‫ٌجتمعون لشجب تدفق الٌهود السوفٌٌت وتؤٌٌد تهدٌد صدام حسٌن ‪ .‬فمنذ عهد جمال عبد الناصر لم ٌُظهر زعٌم عربً بؤنه قادر على نشر الرعب فً‬
‫الدولة الٌهودٌة ‪.‬‬
‫على أن االجتماع أخذ منحى مقلقا عند نهاٌة جلسة االفتتاح عندما فاجؤ صدام حسٌن الحضور باقتراح عقد جلسة مؽلقة‪ .‬وحاول الملك فهد معارضة‬
‫االقتراح لكنه لم ٌنجح فاضطر إلى القبول ‪ .‬وطلب صدام أن ٌقتصر االجتماع المؽلق على الرإساء والملوك وحدهم دون أعضاء وفودهم ِلنه ـ كما‬
‫قال صدام ـ ال داعً لسماعهم ما سٌقال ‪.‬‬
‫وتحدث صدام بكلمات بلٌؽة موزونة لكً ٌثبت حجته ‪ .‬وبالرؼم من أن موضوع القمة كان هجرة الٌهود السوفٌٌت إلى إسرابٌل فقد أصبح من‬
‫الواضح أن الموضوع الذي أخذ ٌتحدث عنه هو دول الخلٌ ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" إنهم ٌستخرجون كمٌات هابلة من البترول مما ٌساعد على االبقاء على أسعارها المنخفضة ‪ .‬وكلما انخفض سعر البرمٌل دوالراً واحداً ‪ٌ ،‬خسر‬
‫العراق بلٌون دوالر فً السنة ‪ .‬فؤنتم فً الواقع تشنون حربا اقتصادٌة على بالدي " ‪.‬‬
‫وسٌطر الذهول على الحاضرٌن ‪ .‬وكان أول من تصد للدفاع الشٌخ زاٌد ربٌس دولة اإلمارات الذي كان ٌرتدي عباءة بٌضاء موشاة بؤسالك‬
‫الذهب ‪ ،‬لكنه لم ٌكن خطٌبا موفقا ‪ .‬فؤجابه صدام بقوله‪:‬‬
‫" إننً اشكر اإلمارات العربٌة على موقفها اإلٌجابً منا ‪ .‬لكننً احذركم من إننً لم انس إطالقا شحنات اِلسلحة واالعتدة العسكرٌة التً شحنت من‬
‫دبً إلى إٌران خالل الحرب ‪ .‬وسوؾ ٌؤتً ٌوم الحساب " ‪.‬‬
‫كان مبارك فً هذه اِلثناء منحنٌا بعض الشًء إلى اِلمام ٌحدق فً الطاولة أمامه وهو ٌشتعل ؼضبا وبدا القذافً وهو ٌجول بنظره بٌن الحضور‬
‫وكؤنه ٌشاهد شٌبا مسلٌا فً حٌن ان الملك فهد الذي سبق له ان انشؤ عالقات ودٌة مع الربٌس العراقً كان ٌستمع بكثٌر من القلق ‪ .‬فقد ادرك على‬
‫الفور أن ما ٌجري فً المنطقة قد اصبح مصدر خطر كبٌر‪.‬‬
‫كان خطاب صدام خلٌطا مزعجا من المطالب العدوانٌة واالتهامات المحدودة والنوادر العربٌة ذات المؽز ‪ .‬وكان ٌستخدم الكلمات المفخمة‬
‫والحركات ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" اٌها االخوة دعونً ‪ ،‬أروي لكن اسطورة قدٌمة قد ٌعرفها البعض منكم ‪ .‬ذات ٌوم ‪ ،‬حلت كارثة بقرٌة صؽٌرة فطلب من القروٌٌن ان ٌساهم كل‬
‫واحد منهم بقدر معٌن لتعوٌض الخسابر ‪ .‬وكان ٌعٌش فً هذه القرٌة رجل فقٌر اتفق السكان على أال ٌطلبوا منه المساهمة ‪ .‬ولكن الرجل الفقٌر ابى‬
‫ذلك وقال لهم إن اإلهانة سوؾ تلحق به ‪ ،‬وقدم لهم الشًء الوحٌد الذي ٌملكه وهو وعاء من النحاس ‪ .‬والفقٌر فً هذه القمة هو العراق ‪ .‬ولكننا لن‬
‫نخل بواجباتنا ‪ .‬سوؾ نمنح اِلردن ‪ 50‬ملٌون دوالر ومنظمة التحرٌر ‪ 25‬ملٌونا ‪ .‬ونحن نرٌد من وراء ذلك ممارسة الضؽط االخالقً والمعنوي‬
‫على كل من تسول له نفسه عدم المشاركة ‪ .‬وانتم تعرفون التضحٌات التً قدمناها سنوات فً حٌن ال ٌحترم اآلخرون االتفاقات المعقودة ‪.‬‬
‫وهنا توجه صدام حسٌن بحدٌثه إلى جابر الصباح أمٌر الكوٌت الجالس على بعد امتار منه ‪ ،‬وكان النفور ٌطؽى على شعور الواحد منهما تجاه اآلخر‬
‫‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫" ٌقضً تقسٌم اوبٌك للحصص أن ال تتعد حصة الكوٌت ‪ 1 , 5‬ملٌون برمٌل ٌومٌا ً ‪ .‬ولكنها تستخرج باستمرار ‪ 2 , 1‬ملٌون برمٌل ونحن هم‬
‫الذٌن ٌعانون من هذا ‪ .‬إننا نرٌد العودة إلى الوضع االقتصادي الذي كان سابدا فً عام ‪ 1980‬قبل الحرب مع إٌران ‪ .‬وفً الوقت الراهن نحن‬
‫بحاجة ماسة إلى عشرة ملٌارات دوالر باإلضافة إلى الؽاء ‪ 30‬ملٌار دوالر من الدٌون التً منحتنا إٌاها الكوٌت واإلمارات العربٌة المتحدة والعربٌة‬
‫السعودٌة أثناء الحرب ‪ .‬والحقٌقة أٌها االخوة العرب ‪ ،‬أننا نعٌش فً فترة أخر من النزاع … " ثم تؽٌرت نبرته وقال ‪:‬‬
‫" إن الحرب ال تعنً الدبابات والمدفعٌة والسفن فقط ‪ .‬فقد تؤخذ أشكاالً أخر أقل ظهورا وأكثر عدوانا مثل زٌادة انتاج البترول واستخدام التخرٌب‬
‫والضؽوطات الستعباد أمة " ‪.‬‬
‫قٌلت هذه الكلمات اِلخٌرة وسط صمت ثقٌل خٌم على الحضور ‪ ،‬فتدخل الملك حسٌن وقال ‪ٌ " :‬نبؽً أال ٌحصل شًء ٌضر باقتصاد العراق " ‪.‬‬

‫‪518‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ثم جاء دور من جر اتهامهم وعلى رأسهم الملك فهد والشٌخ جابر أمٌر الكوٌت ‪ .‬لكنهما قاال كالما مبهما ال اثر فٌه للتشجٌع أو الوعد بالمساعدة ‪.‬‬
‫ومما اثار عجب الحضور هو هدوء الشٌخ جابر وعدم مباالته شبه التامة ‪ .‬بل ان موقفه وموقؾ وفده الذي انضم إلٌه بعد قلٌل كانا ٌنمان عما هو‬
‫اقرب إلى االحتقار لمركز العراق ومطالبه ‪.‬‬
‫لقد تضاعؾ انتاج اِلوبٌك ثالث منذ الحرب اإلٌرانٌة العراقٌة وفً كل مرة بضؽط من الكوٌتٌٌن الذٌن كانوا ٌنكرون أمام ممثلً العراق أي دور لهم‬
‫فً ذلك ‪ .‬وكان الكوٌتٌون ٌحبون أن ٌصفوا بالدهم بسوٌسرا الشرق اِلوسط متناسٌن بؤن العراق كان ٌصؾ بالدهم بؤنهم " دولة انشبت من ببر‬
‫بترول ‪ " .‬ونسوا أٌضا محاولة ؼزو بالدهم عام ‪ 1973‬عندما اجتاحت العراق شمال الكوٌت قبل ان ٌجبروا على التراجع بضؽط من العالم العربً‬
‫‪ .‬هذا فً حٌن ان المسإولٌن العراقٌٌن ٌنفذون سٌاساتهم باالشارة دابما إلى خمسة آالؾ سنة من التارٌخ المجٌد الذي تحٌط به هالة من الرومانطٌقٌة‬
‫‪.‬‬
‫على ان الكوٌتٌٌن كانوا رجال اعمال مهرة ٌعٌشون فً الحاضر وٌركزون اهتمامهم فً استثماراتهم الهابلة فً العالم ‪ .‬وكانوا ٌعتقدون بؤن ذلك هو‬
‫اقصى ما ٌمكن ان تبلؽه تهدٌدات العراق ‪ ،‬وانه ٌتجاوزها لسبب واحد واضح وهو انه لم ٌسبق لدولة عربٌة ان اجتاحت أخر ‪ .‬وٌمكن تلخٌص‬
‫موقفهم بدقة بمثل تشتم منه رابحة الموت وهو " إن العالم الذي ٌفقد ذاكرته ال بد وان ٌصبح عالما بال مستقبل " ‪.‬‬
‫وفً اعقاب خطاب صدام حسٌن شهدت ؼرؾ القصر ودهالٌزه مناقشات طوٌلة جعلت كل شخص من رإساء الدول والوزراء والدبلوماسٌٌن‬
‫المستشارٌن ٌر بوضوح شٌبا واحدا وهو ان النظام العراقً وزعٌمه ٌمران فً فترة صعبة ‪ .‬لكن بعضهم فقط تنبؤ بؤن الحل الوحٌد أمام صدام هو‬
‫االستٌالء على الكوٌت ‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫الذبب والحمل‬
‫مضت اِلسابٌع اِلولى التً تلت ‪ 30‬ماٌو فً هدوء ٌدعو إلى االستؽراب ‪ .‬فبدا وكؤن العواطؾ والمناورات قد فقدت زخمها ‪.‬‬
‫ففً أواسط شهر حزٌران قام أوروبً له مقام رفٌع بزٌارة لواسنطن أتٌح له خاللها أن ٌتحدث عن المسؤلة العراقٌة مع عدد من اِلمٌركٌٌن ‪ .‬وقال‬
‫فٌما بعد " إنه ٌكن هناك عندبذ من ٌعتبر العراق مصدرا للتهدٌد ‪ ،‬وان الجمٌع كانوا ٌنظرون إلٌه بوصفه بالدرجة اِلولى سوقا للمنتوجات اِلمٌركٌة‬
‫وواحداً من اِلقطار القلٌلة التً تفضل التكنولوجٌا اِلمٌركٌة على منافستها الٌابانٌة "‪.‬‬
‫وفً نهاٌة حزٌران قام سعدون حمادي نابب ربٌس الوزراء العراقً بجولة فً بلدان الخلٌ ‪ .‬وكان حمادي انٌق المظهر مهذبا وشٌعٌا ورعا‪،‬‬
‫واقتصادٌا درس فً الجامعة اِلمٌركٌة ببٌروت ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة وسكنسن ‪ .‬وقام بزٌارته لبلدان الخلٌ قبل شهر واحد من‬
‫اجتماع اِلوبٌك الهام الذي استهدؾ اقناع زعماء الخلٌ بالقبول بانتاج كمٌات اقل من النفط والتقٌد بذلك من اجل رفع سعره إلى مستواه العالً‬
‫السابق ‪ .‬وفً ‪ 25‬حزٌران وصل إلى الرٌاض حٌث حث الملك فهد على تؤٌٌد موقؾ العراق وذلك ِلن السعودٌة كانت فً موقع ٌمكنها من العمل‬
‫على تطبٌق هذه االستراتٌجٌة‪.‬‬
‫وكان ابن سعود ‪ ،‬مإسس المملكة العربٌة السعودٌة قد اعترؾ فً عام ‪ 1930‬أنه " فقٌر إلى حد ال ٌملك معه حجرا ٌركن رأسه إلٌه ‪ .‬وبعد ذلك‬
‫بسنتٌن كان المورد الوحٌد للمملكة التً أسسها بتوحٌد القبابل البدوٌة هً رسوم الح ‪ .‬وكانت هذه تنخفض فً بعض السنوات بشكل ٌجر الدولة إلى‬
‫حافة االفالس ‪ .‬ودفعته الحاجة الملحة إلى مناشدة شركات النفط الكبر وأكثرها برٌطانٌة الستؽالل نفط بالده وقال لرجل أعمال برٌطانً ‪ " :‬سوؾ‬
‫أمنحهم كل االمتٌازات التً ٌرٌدونها مقابل ملٌون دوالر ‪ " .‬وبالرؼم من أن هذا المبلػ كان قلٌال لدرجة ال تصدق فإن مناشدته لم تجتذب أحداً ‪ .‬فقد‬
‫كان البترول متوافراً بكمٌات كبٌرة وخصوصا من شركة النفط العراقٌة ‪ ،‬مما دفع شركات النفط الكبر إلى االتفاق على شًء واحد وهو أنه ال بد‬
‫من إبقاء نفط السعودٌة فً اِلرض إذا أرٌد تجنب زٌادة الفابض من النفط ‪ .‬وعلٌه فإنه لم ٌكن فً شبه الجزٌرة العربٌة شًء سٌاسً أو اقتصادي‬
‫ٌثٌر االهتمام ‪.‬‬
‫وفً ؼضون خمسٌن سنة دار الزمن دورته وأصبحت السعودٌة قطبا ً بترولٌا ٌستطٌع بموارده الضخمة انتاج من ثمانٌة إلى عشرة مالٌٌن برمٌل فً‬
‫الٌوم ‪ .‬ولم ٌعد من الممكن اتخاذ أي قرار بشؤن السٌاسة البترولٌة بدون السعودٌة ‪ .‬على أن الملك فهد لٌس بالشخص الذي ٌتخذ قرارات سرٌعة أو‬
‫جذرٌة ‪ .‬فمملكته ملٌبة بؤصحاب الثروات الخاصة التً تبلػ ‪ 150‬بلٌون دوالر كسبوها بسهولة وسرعة تنعكسان فً السٌاسات السعودٌة اإلقلٌمٌة‬
‫التً ٌشوبها الحذر وأحٌانا التردد‪.‬‬

‫‪519‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫والملك فهد كؽالبٌة افراد اِلسرة الملكٌة ٌعتبر الكوٌتٌٌن شعبا متؽطرسا ٌنتهز كل فرصة لالدعاء بؤنه أقدر على التكٌؾ من جٌرانه السعودٌٌن وأكثر‬
‫تؤثرا بالحٌاة الحدٌثة ‪ .‬وفً حٌن أن السعودٌٌن كانوا منذ انشاء بالدهم ٌعتبرونها مسجدا كبٌرا وٌتجهون بؤنظارهم إلى مكة فإن الكوٌتٌٌن ركزوا‬
‫أنظارهم فً الؽرب ‪ .‬وعلٌه فإن عالبم القلق فً الكوٌت لم تكن تزع الملك فهد ‪ ،‬لكنه كان ٌعلم أن تهدٌدات صدام حسٌن قد تسقط فً النهاٌة جمٌع‬
‫الملكٌات فً المنطقة ‪.‬‬
‫استقبل الملك فهد المبعوث العراقً سعدون حمادي فً قصره واجتمع به مدة طوٌلة واستمع إلى مطالبه بانتباه ‪ .‬وانفرجت شفتا الملك البدٌن ذي‬
‫اللحٌة القصٌرة والعٌنٌن المتعبتٌن ( كعٌون ؼالبٌة أفراد أسرته الذٌن ٌعانون من مرض وراثً ) عن ابتسامة لطٌفة وحبذ فكرة دعوة اِلوبٌك إلى‬
‫اجتماع خاص إلرساء نظام ثابت بٌن اِلقطار المنتجة للنفط ‪ .‬ولكنه أضاؾ على الفور وباللهجة الودٌة الهادبة ذاتها أنه ال حاجة لالستعجال ‪ .‬وٌمكن‬
‫لوزراء الدول النفطٌة بحث المسؤلة عندما ٌجتمعون فً جنٌؾ فً الشهر التالً ‪ .‬وحتى ذلك الحٌن من اِلفضل ترك اِلمور على حالها ‪.‬‬
‫وكان الملك بطٌبا فً كالمه وعمله إلى حد أن الوقت لدٌه قد ٌطول إلى ما النهاٌة ‪ .‬أما العراقٌون فكان الشًء الذي ٌنقصهم هو الوقت ‪ ,‬وعلٌه فكان‬
‫من الصعب علٌهم قبول رد الملك‪.‬‬
‫وذ ّكر سعدون حمادي الملك والشٌخ زاٌد بالبالٌٌن العشرة التً طلبها صدام حسٌن ‪ .‬لكنهما تهربا من الدخول فً صلب الموضوع ‪ .‬وعندما توقؾ‬
‫فً الكوٌت طلب الشًء ذاته من اِلمٌر جابر فؤجابه هذا بقوله ‪ " :‬لكن هذان ؼٌر معقول ‪ .‬فلٌس لدٌنا ذلك المبلػ من المال ‪.‬‬
‫‪100‬‬ ‫وكان حمّادي خالل النقاش ٌحمل صفحتٌن مطبوعتٌن على اآللة الكاتبة فٌهما قابمة مفصلة باِلموال الكوٌتٌة المستثمرة فً العالم والبالؽة‬
‫بلٌون دوالر ‪ .‬وعندما اطلع اِلمٌر على ما فٌها اقترح أن ٌدفع مبلػ خمسمابة ملٌون دوالر ثالث سنوات كصدقة على العراق ‪ ،‬وقال ‪ " :‬دعونا‬
‫نتحدث أوال عن الحدود ‪ .‬وعندما نوقع االتفاق نتحدث عن اِلمور اِلخر " ‪.‬‬
‫ولم ٌكد سعدون حمادي ٌصل إلى بؽداد حتى بلؽه أن وزٌر النفط فً الكوٌت صرح بؤن بالده سوؾ تواصل إنتاج كمٌة النفط االضافٌة حتى أكتوبر‬
‫‪ .‬وأد هذا التصرٌح ورفض السعودٌة الدعوة إلى عقد اجتماع خاص لألوبٌك إلى اقناع صدام حسٌن بؤن هناك كما قال ِلحد زمالبه " محاولة‬
‫لتركٌع العراق"‪.‬‬
‫وفً ‪ 16‬تموز وصل طارق عزٌز وزٌر الخارجٌة العراقٌة إلى تونس للمشاركة فً اجتماع القمة الذي دعت إلٌه جامعة الدول العربٌة ‪ .‬وطارق‬
‫عزٌز فً الستٌن من عمره وله شاربان كثٌفان ونظارتان سمٌكتان ‪ .‬وهو من المسٌحٌٌن القالبل الذٌن احتلوا مراكز عالٌة فً الجهاز الحاكم ‪.‬‬
‫(واسمه الحقٌقً ٌوحنا ) ‪ .‬وهو دمث الطباع وٌستطٌع تبلٌػ الرسابل العدابٌة بلباقة وتهذٌب ‪ .‬وإذ كان سفٌر صدام الذي ٌنقل أفكاره إلى مختلؾ‬
‫الجهات فً العالم فقد مثل العراق أكثر المفاوضات دقة سواء فً المحادثات مع اِلقطار اِلوروبٌة إلعادة جدولة الدٌون أو فً الضؽط من أجل‬
‫الحصول على قروض أخر لشراء اِلسلحة ‪ .‬وكان فً هذا كله ٌعبر عن أفكار صدام ورؼباته بحماسة شدٌدة ومهارة ‪ ،‬وأحٌانا بقسوة ‪.‬‬
‫وكان الهدؾ من اجتماع القمة هو الحصول على تؤٌٌد الدول العربٌة لمنظمة التحرٌر ‪ .‬فبعد أن حمل عرفات منظمة التحرٌر على اتخاذ موقؾ أكثر‬
‫اعتداالً من إسرابٌل وٌقضً باالعتراؾ بها والدخول فً حوار مع الوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة ‪ ،‬اخذ ٌشعر مرة أخر بالعُزلة ‪ .‬وكانت الوالٌات‬
‫المتحدة قد أوقفت المحادثات مع المنظمة رداً على هجوم قام به أبو العباس فً ‪ 30‬ماٌو على الشاطا اإلسرابٌلً ‪ .‬وأبو العباس هذا هو الذي سبق له‬
‫‪ 1985‬خطؾ السفٌنة اإلٌطالٌة " أكٌل لورو " ‪ .‬ومع هذا فإنه ظل عضوا فً المجلس الوطنً‬ ‫أن قام بنشاطات مشابهة عندما دبر فً عام‬
‫الفلسطٌنً ‪ .‬فؤصرت الوالٌات المتحدة على أن ٌقوم عرفات بطرده وشجب هجومه ‪ ،‬ولكنه لم ٌفعل ‪.‬‬
‫ومما أؼضب عرفات عدم حضور دول عربٌة كثٌرة االجتماع المقرر فً ذلك الٌوم لكن حضور طارق عزٌز لم ٌكن مفاجبا ‪ .‬فربٌسه صدام كان قد‬
‫لعب دوراً مهما فً إقناع عرفات بتبنً االعتدال والدخول فً محادثات مع الوالٌات المتحدة‪ .‬وهاجم عرفات فً خطابه بعض الدول التً لم تشارك‬
‫فً االجتماع وخصوصا السعودٌة ومصر ‪ .‬وختم خطابه بقوله ‪:‬‬
‫" إن القضٌة خطٌرة ولكن كثرة من الدول العربٌة ال تكترث لها ‪ .‬تر ما الذي تفعله؟ هل تقوم بتحدٌد أسعار البطاطا"‪.‬‬
‫قال عرفات هذا وخرج من القاعة وانتهى االجتماع ‪ .‬فذهب طارق عزٌز إلى اِلمٌن العام لجامعة الدول العربٌة الشاذلً القلٌبً وقال له ‪ " :‬لقد‬
‫أحضرت معً مذكرة مهمة ٌنبؽً توزٌعها على اِلعضاء ‪ .‬وال بد من االجتماع فً صباح الؽد " فوافقه القلٌبً والتقى وهو خارج بمروان القاسم‬
‫ممثل اِلردن فؤخبره عن المذكرة وقال ‪:‬‬
‫" نحن مقتنعون بؤن بعض الدول تتآمر بالفعل علٌنا ‪ .‬ولكن اود أن أقول لك بؤن بالدي لن تركع وأن نساءنا لن ٌجبرن على التحول إلى حومات وأن‬
‫اوالدنا لن … ٌحرموا من الطعام " ‪.‬‬
‫وصدم مروان القاسم ‪ ،‬وقال لعزٌز ‪ " :‬حاذر أن تقع فً الشرك الذي نصب لك " ‪ .‬ولم ٌقل عزٌز شٌبا وخرج ‪.‬‬

‫‪520‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً صباح ‪ٌ 17‬ولٌو حضر طارق عزٌز إلى مكتب أمانة الجامعة ومعه سفٌر العراق إلى تونس ‪ ،‬وقدم المذكرة للقلٌبً الدبلوماسً التونسً المتزن‬
‫الذي ٌبدو كمفكر خجول ‪ .‬وجاءت المذكرة صدمة له ِلنها كانت فً حقٌقتها اعالن حرب حقٌقٌة على الكوٌت ‪ .‬فالشكو فٌها لم تقتصر على تجاوز‬
‫الحد فً انتاج النفط بل تجاوزت ذلك إلى اتهام الكوٌت بإقامة نقاط عسكرٌة على اِلراضً العراقٌة وسرقة ما ٌساوي ‪ 4‬و ‪ 2‬بلٌون دوالر من النفط‬
‫الذي تستخرجه من حقل الرمٌلة العراقً ‪ .‬واتهمت المذكرة الكوٌت واإلمارات العربٌة صراحة بؤنهما ضالعان فً " مإامرة صهٌونٌة استعمارٌة‬
‫على اِلمة العربٌة " ‪.‬‬
‫وقرر القلٌبً أن ٌحاول الترٌث فً توزٌع المذكرة ‪ .‬وقال لعزٌز بؤنه فً حاجة إلى ‪ 24‬ساعة ٌجري خاللها مشاورات مع الكوٌت والسعودٌة قبل أن‬
‫ٌقوم بتوزٌعها ‪ .‬وأضاؾ أنه ٌرؼب فً أن ٌتحدث إلى صدام ‪ .‬فقال عزٌز ‪ " :‬لٌس باستطاعتك التحدث إلٌه اآلن ِلنه فً طرٌقه إلى القاء خطاب‬
‫سوؾ ٌشتمل على بعض التهدٌدات الموجودة فً المذكرة ‪ .‬ولم ٌعلم بذلك إال فً وقت الحق من ذلك الٌوم ‪ .‬والواقع أن طارق عزٌز لم ٌكن هناك‬
‫للمفاوضة ‪ ،‬بل لتنفٌذ أوامر صارمة من صدام ‪ .‬فانتهى االجتماع ‪.‬‬
‫وبعد أن خرج عزٌز قام على الفور بإرسال نسخة من المذكرة للسفارة الكوٌتٌة بتونس ‪ .‬وبعد ذلك بساعة اتصل السفٌر الكوٌتً بالقلٌبً وسؤله عما‬
‫إذا كان سٌوزع المذكرة ‪ .‬فاجابه القلٌبً بؤنه لٌس أمامه خٌار آخر ‪ .‬وطلب من السفٌر أن ٌبلػ ذلك إلى وزٌر الخارجٌة الكوٌتً الشٌخ صباح وأنه‬
‫ٌود أن ٌتحدث مع أمٌر الكوٌت وولً العهد ‪.‬‬
‫وعندما تسلم الشٌخ صباح المذكرة أصابه ـ كما ٌقول شاهد عٌان ـ ذهول شدٌد فالعراقٌون ٌتهمونه بؤنه عمٌل ٌتقاضى أمواال من اِلمٌركٌٌن ‪ .‬فقرر‬
‫أن ٌلؽً جمٌع مواعٌده ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫منذ أواخر شهر ماٌو أخذ العاملون فً أسواق هونػ كونػ وسنؽافورة المالٌة ٌحسون بتحركات ؼٌر عادٌة ‪ .‬فمكتب االستثمارات الكوٌتٌة بلندن وهو‬
‫هٌبة مقرها لندن وتدٌر استثمارات الكوٌت العالمٌة الضخمة كان قد أخذ ٌبٌع بعض ممتلكاته الكبر بال سبب ظاهر ‪ .‬ولم تكد تمضً بضعه أٌام‬
‫على اجتماع تونس الذي ابتدأ فً ‪ٌ 19‬ولٌو بدأ المكتب عملٌة تصفٌة كاملة الستثماراته اآلسٌوٌة وتحوٌلها إلى سٌولة نقدٌة ‪ .‬وكان رجال اِلعمال‬
‫الكوٌتٌون ٌتصرفون بسرعة وبكثٌر من الحكمة لكً ال تتسرب أخبار أعمالهم فتحدث ما ٌشبه االنهٌار فً اِلسواق التً تحتل اِلموال الكوٌتٌة فٌها‬
‫موقعا مهما ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وفً ‪ٌ 17‬ولٌو وبٌنما كان طارق عزٌز مجتمعا مع الشاذلً القلٌبً كان ٌجري االحتفال بالعٌد السنوي للثورة العراقٌة ‪ .‬واعتلى صدام حسٌن‬
‫المنصة وحوله أعضاء مجلس قٌادة الثورة بزٌهم العسكري ‪ .‬وجرت العادة كلما ظهر الربٌس أمام الجمهور أن ٌضرب حصار شبه كامل على بؽداد‬
‫‪ .‬لكن تدابٌر اِلمن فً ذلك الٌوم كانت أشد من أي وقت مضى ‪ .‬قال صدام فً خطابه الذي أذٌع فٌما بعد ‪:‬‬
‫" ٌعود الفضل إلى اسلحتنا الجدٌدة فً أن االمبرٌالٌٌن لن ٌستطٌعوا بعد اآلن شن هجوم عسكري علٌنا ‪ .‬ولهذا اختاروا شن حرب عصابات‬
‫اقتصادٌة بمساعدة عمالبهم من زعماء دول الخلٌ ‪ .‬فسٌاستهم التً ترمً إلى االبقاء على أسعار البترول المنخفضة خنجر مسموم مؽروز فً ظهر‬
‫العراق " ‪.‬‬
‫‪ 18‬تموز اجتمعت‬ ‫وفً ذلك الٌوم نفسه بدأت طالبع القوات العسكرٌة العراقٌة بالتحرك باتجاه الحدود الكوٌتٌة ‪ .‬وفً وقت متؤخر من بعد ظهر‬
‫الوزارة وبدا التوتر على وجوه الوزراء وهم ٌخرجون من سٌارات اللٌموزٌن والشمس تنحدر نحو المؽٌب ‪ .‬فالتهدٌد كان هناك ‪ ،‬وال ٌبعد سو‬
‫بضعة أمٌال ‪ ،‬وتمثل فً دبابات ت ‪ 62‬التً كانت فً طرٌقها إلى بالدهم ‪ .‬ولكن بالرؼم من شعورهم بالخطر كان أكثرهم ٌفضل أن ال ٌصدق بؤن‬
‫وقت االنقاذ قد فات ‪.‬‬
‫كان آخر من وصل هو اِلمٌر جابر ٌرافقه ولً العهد وربٌس الوزراء الشٌخ سعد العبد ّللا الصباح ‪ .‬وكان اِلمٌر قد عاد لتوه من السعودٌة حٌث‬
‫عرض الملك وساطته ‪ .‬فتداول فً اِلمر مع ربٌس وزرابه قبل االجتماع ‪ .‬ورأ كل منهما أن العراق قد ٌهاجم الكوٌت لكنهما اعتقدا أن العملٌة‬
‫ستنحصر فً المنطقة الحدودٌة المتنازع علٌها ‪ .‬وعلٌه فإنه لم ٌخطر ببالهما أن الكوٌت مجرد فاصلة على وجه الزوال ‪.‬‬
‫كان الؽرض من اجتماع الوزارة االتفاق على صٌؽة الرد على مذكرة طارق عزٌز التً اتهم فٌها الكوٌت بسرقة ما قٌمته ‪ 2 , 4‬بلٌون دوالر من‬
‫النفط العراقً ‪ .‬لكن الكلمات التً ألقٌت لم تكشؾ عن القلق والفوضى الكبٌرٌن اللذٌن كان كل منهم ٌشعر بهما ‪ .‬كان أول المتكلمٌن هو الشٌخ علً‬
‫خلٌفة الصباح وزٌر النفط السابق ووزٌر المالٌة الحالً المؽامر الذي ٌتصرؾ كرجال البنوك الؽربٌٌن وٌتمتع باالحترام فً اِلوساط المالٌة الدولٌة‬
‫‪ .‬قال ‪:‬‬

‫‪521‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" أعتقد أن العراق ٌحاول إنقاذ اقتصاده وٌحمل دول الخلٌ مسإولٌة فشله ‪ .‬لكن ٌنبؽً أن ال نخدع انفسنا ‪ .‬فالعراق لن ٌتؽٌر حتى بعد اجتماع‬
‫اِلوبٌك فً جنٌؾ ‪ .‬وسوؾ ٌتواصل التصعٌد"‪.‬‬
‫وهز عدد من الوزراء رإوسهم عالمة على موافقتهم على ما قاله ‪ .‬لكنه تقدم باقتراح أقل واقعٌة فاقترح أن ٌصدر الحل عن مجلس التعاون الخلٌجً‬
‫‪ ،‬وهو هٌبة دفاعٌة تضم الكوٌت واإلمارات العربٌة المتحدة وعُمان وقطر والبحرٌن والسعودٌة ـ أي جمٌع الدول التً وصفها العراق بؤنها اعداء له‬
‫‪.‬‬
‫وأصر بعض الوزراء كالوزٌر المسإول عن البرلمان والوزٌر المسإول عن شإون الوزارة على أن الؽرض الوحٌد للتهدٌدات العراقٌة هو " ابتزاز‬
‫المال بل ابتزاز الكثٌر منه من الكوٌت ‪ ".‬حتى ان أحدهم أضاؾ ٌقول ‪ " :‬علٌنا أن نحتفظ بهدوبنا ‪ " .‬وذهب سلٌمان المطوع وزٌر التخطٌط إلى حد‬
‫القول بؤن المذكرة " عالمة ضعؾ من السهل الرد علٌها " ‪.‬‬
‫على أن هذه اآلراء ال تمثل وجهة نظر اِلؼلبٌة الذٌن عبر عن رأٌهم وزٌر الدفاع عندما قال ‪ :‬إنه ال ٌكفً أن نرفض اتهامات العراق بقولنا إن‬
‫العراقٌٌن حشدوا قواتهم على الحدود ‪ .‬فكان ما ٌنبؽً معرفته ـ كما قال اِلمٌر ـ هو مد جدٌة التهدٌد العراقً ‪ .‬وقال الشٌخ صباح اِلحمد الصباح‬
‫وزٌر الشإون الخارجٌة الذي أذهلته مذكرة طارق عزٌز وما جاء فٌها من اتها مات " إن العراق قد ٌهاجم الكوٌت وإن الوضع على الحدود متفجر ‪،‬‬
‫وإننا نجري محادثات مكثفة مع إخواننا فً مجلس التعاون الخلٌجً " ‪.‬‬
‫كلمة واحدة كانت على كل لسان ‪ :‬المفاوضة ‪ .‬كانت اِلمل اِلخٌر لتفادي الكارثة ‪ .‬لكنهم نسوا االجتماعات الكثٌرة بٌن مبعوثً العراق والكوٌت‬
‫ورفض الكوٌتٌٌن من حٌن إلى آخر ولكن بكل حزم مطالب العراقٌٌن ‪ .‬وعلى أي حال فإن ولً العهد قال ‪:‬‬
‫" أعتقد أن العراقٌٌن قد ٌقومون بعمل عسكري ولكن العملٌة سوؾ تنحصر فً الحدود فً منطقتً الرتقة وأم قصر " ‪.‬‬
‫وعندما أشرؾ االجتماع على نهاٌته كان الحاضرون قد شعروا باالطمبنان ولم ُتلفت نظرهم كثٌراً أهم كلمات قٌلت فً االجتماع وهً كلمات وزٌر‬
‫الدفاع الذي قال ‪:‬‬
‫" لٌست المذكرة العراقٌة سو البداٌة ‪ .‬فالِل وحده ٌعلم إلى أي حد سوؾ ٌذهبون ‪ .‬فمسؤلة أسعار النفط ال تخرج عن كونها حجة ‪ .‬فالواقع أن العراق‬
‫هو الذبب ونحن الحمل " ‪.‬‬
‫وعندما تحول المجتمعون إلى مناقشة الجوانب االقتصادٌة اختلطت علٌهم اِلمور فهل كان علٌهم أن ٌستجٌبوا لطلب العراق عشرة بالٌٌن دوالر‬
‫وإلؽاء جمٌع الدٌون ؟‬
‫لم ٌتخذوا قرارا بشؤن هذا الموضوع بالرؼم من أن الوضع لم ٌكن ٌحتمل التؤجٌل ‪ .‬وعهد إلى الشٌخ صباح اِلحمد بالدعوة إلى اجتماع طارئ‬
‫لمجلس التعاون الخلٌجً وذلك للدعوة إلى جامعة الدول العربٌة ‪ .‬لكن لم تتخذ أٌة إجراءات عسكرٌة ‪.‬‬
‫وفٌما كان االجتماع منعقداً تلقى الشاذلً القلٌبً فً تونس رسالة تبلؽه أن الحكومة الكوٌتٌة سترسل إلٌه طابرة سوٌسرٌة خاصة لتنقله إلى الكوٌت‬
‫لالجتماع بزعمابها ‪ .‬وحال وصوله إلى الكوٌت دعً إلى القصر لمقابلة اِلمٌر ‪ .‬وأبلؽه اِلمٌر أنه فوجا تماما بمذكرة طارق عزٌز التً كانت قد‬
‫قدمت له بتونس قبل أٌام ‪ .‬ثم قال ‪:‬‬
‫" ما هً المشكلة ؟ إن المذكرة قاسٌة ‪ ،‬وال صحة لما ورد فٌها ‪ .‬لقد قدمنا لصدام حسٌن الكثٌر من المال والنفط خالل الحرب مع إٌران " ‪.‬‬
‫وفٌما بعد قال أحد رجال اِلمٌر للقلٌبً بؤن الكوٌت قدمت إلى العراق خاللها ‪ 17‬بلٌون دوالر وكانت تزوده ب ‪ 300 , 000‬برمٌل من النفط ٌومٌا‬
‫‪ .‬وقٌل له أٌضا إن هذه المعلومات لم تنشر من قبل خوفا من ؼضب إٌران وخلق المشكالت ‪ .‬وعند نهاٌة االجتماع قال اِلمٌر للقلٌبً ‪ " :‬حاول أن‬
‫تحل المشكلة ‪ .‬نحن على استعداد لحل المشكلة بطرٌق الحوار " ‪.‬‬
‫وقرر القلٌبً أن ٌقوم بزٌارة بؽداد ‪ .‬لكن بٌنما كان ٌهم بمؽادرة الفندق علم أن اِلمٌر سعود الفٌصل وزٌر الخارجٌة السعودٌة فً طرٌقه إلى‬
‫العاصمة العراقٌة ‪ .‬فقرر أن ٌبقى فً الكوٌت ثقة منه بؤن اِلمٌر سعود الفٌصل سوؾ ٌتوقؾ فً الكوٌت وٌخبره بما جر فً اجتماعاته مع صدام‬
‫حسٌن ‪.‬‬
‫لكن الذي لم ٌُطلع الكوٌتٌون القلٌبً علٌه هو شًء آخر كانوا ٌفكرون فٌه ‪ .‬فمن المرجح أنهم كانوا ٌعتقدون بؤن الورقة اِلخٌرة فً أٌدٌهم هً دعم‬
‫الوالٌات المتحدة لهم ‪ .‬ذلك انهم اوال لم ٌنسوا أن اِلمٌركٌٌن سمحوا لهم خالل الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة أن ٌرفعوا اِلعالم اِلمٌركٌة على ناقالتهم ‪.‬‬
‫وأن ذلك كان بمثابة دلٌل على وقوفها إلى جانبهم ‪ .‬وهناك وثٌقة ؼرٌبة مإرخة فً ‪ 22‬نوفمبر ‪ٌ 1989‬دعً العراقٌون أنهم عثروا علٌها فً وزارة‬
‫الخارجٌة الكوٌتٌة فً أعقاب استٌالبهم على الكوٌت ‪ .‬لكن بٌتر اٌرنست الناطق باسم وكالة االستخبارات المركزٌة ( السً آي إي ) أصدر فً ‪30‬‬
‫تشرٌن أول ‪ 1990‬تصرٌحا وصؾ فٌه الوثٌقة بؤنها مزورة ‪ .‬لكنه اعترؾ فً تصرٌحه بؤن الشٌخ الصباح نابب مدٌر أمن الدولة الكوٌتٌة قام فً‬

‫‪522‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫نوفمبر ‪ 1989‬ـ كما تقول الوثٌقة ـ بزٌارة للقاضً ولٌم وبستر مدٌر الوكالة ‪ .‬على أن الحكومة العراقٌة واصلت القول بؤن الوثٌقة صحٌحة ‪ .‬ومهما‬
‫ٌكن من أمر صحتها فإنها وثٌقة طرٌفة ‪.‬‬
‫إن هذه الوثٌقة عبارة عن مذكرة قٌل إن فهد أحمد الفهد مدٌر أمن الدولة الكوٌتٌة أرسلها إلى وزٌر الداخلٌة وتقول الفقرة الخامسة منها ‪:‬‬
‫" إتفقنا مع الجانب اِلمٌركً على أهمٌة االستفادة من اِلوضاع االقتصادٌة المتدهورة فً العراق لممارسة الضؽط على الحكومة العراقٌة لرسم‬
‫الحدود المشتركة ‪ .‬وقد أطلعتنا وكالة االستخبارات المركزٌة على وجهة نظرها حول الوسابل المناسبة للضؽط قابلة بؤنه ال بد من إرساء التعاون‬
‫بٌننا على نطاق واسع بشرط أن ٌجري تنسٌق النشاط على المستوٌات العلٌا " ‪.‬‬
‫وٌشٌر مدٌر أمن الدولة أٌضا أنه قام بزٌارة لوانشطن استؽرقت ستة أٌام ‪ 12 ( .‬ـ ‪ 18‬نوفمبر ) وعقد خاللها عدة اجتماعات سرٌة للؽاٌة مع كبار‬
‫المسإولٌن فً وكالة االستخبارات المركزٌة الذٌن عبروا عن عدم رضاهم عن أداء الحرس اِلمٌري المكلؾ بحماٌة اِلمٌر ‪ .‬وكان اِلمٌر قد‬
‫‪ 123‬شخصا تختارهم السلطات الكوٌتٌة لكً ٌقوموا بعد ذلك‬ ‫تعرض لمحاوالت الؼتٌاله ‪ .‬وتقول المذكرة بان الوكالة أٌدت استعدادها لتدرٌب‬
‫بحماٌة اِلمٌر وولً العهد ‪.‬‬
‫تر هل تجاوز الكوٌتٌون الحد ِلنهم كانوا على ٌقٌن من أن واشنطن لن تتخلى عنهم ؟ كان زعماإهم واثقٌن من الدعم اِلمٌركً منذ زمن طوٌل‬
‫وخصوصا ً منذ عام ‪ 1987‬أي منذ أواسط فترة الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة عندما رفعت اِلعالم اِلمٌركٌة على ناقالتهم لحماتٌها ‪.‬‬
‫وفً ذلك الوقت تماما ً أعلن البرلمان العراقً قراره الذي اتخذ باإلجماع برباسة صدام حسٌن مد الحٌاة ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫فً ‪ 24‬تموز وصلت أخبار إلى مقر وكالة االستخبارات المركزٌة ( السً آي إي ) مفادها أن فرقتٌن عراقٌتٌن ؼادرتا قواهما للتمركز على الحدود‬
‫الكوٌتٌة ‪.‬‬
‫وفً صباح ذلك الٌوم وصل حسنً مبارك إلى بؽداد فً مهمة وساطة ‪ .‬ولم ٌكن اختٌار الجامعة العربٌة له اِلفضل نظرا للشكوك المتبادلة بٌن‬
‫صدام حسٌن وبٌنه ‪ .‬ومهما ٌكن من أمر فإن صدام حسٌن قال له ‪:‬‬
‫" لن استخدم القوة … لن استخدمها قبل استنفاد جمٌع اإلمكانات عبر المفاوضات ‪ .‬لكن ٌا أخ مبارك ال تقل هذا للكوٌتٌٌن ِلنه لن ٌزٌدهم إال ؼروراً‬
‫"‪.‬‬
‫وفً اعقاب هذا مباشرة ؼادر مبارك العراق إلى الكوٌت حٌث أبلػ بعض ما سمعه إلى اِلمٌر ‪ .‬قال له ‪ " :‬ال تقلق ٌا صاحب السمو فقد سمعت من‬
‫صدام نفسه أنه لن ٌرسل قوات وأنه ال ٌعتزم مهاجمة الكوٌت ‪ ".‬وهكذا فإنه لم ٌضؾ إلى ذلك عبارة " قبل إستنفاد جمٌع االمكانات عبر المفاوضات‬
‫" ‪ .‬ونقل مبارك العبارات المجتزأة ذاتها لواشنطن ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وفً ‪ 25‬تموز استدعى صدام ابرٌل ؼالسبً السفٌرة اِلمٌركٌة ‪ .‬ولما كانت قد أبلؽت بموعد المقابلة قبل ذلك بساعة فقط فإنه لم ٌكن لدٌها الوقت‬
‫الكافً إلبالغ وزارة الخارجٌة بواشنطن والتزود بتعلٌماتها ‪ .‬وأدخلت السفٌرة على الربٌس العراقً فً الساعة الواحدة بعد الظهر ‪ .‬وبدا علٌها‬
‫التوتر وهً تهم بإجراء مقابلتها الخاصة اِلولى معه ‪ .‬وجاء الحدٌث الذي جر بٌنهما مفاجبا وحتى مزعجا ‪ .‬واستطاعت شبكة " إي بً سً "‬
‫الحصول على تسجٌل للحدٌث الذي ٌعتبر وثٌقة كبر بالنظر إلى ما ٌشتمل علٌه من دالالت بعضها ؼٌر عفوي ولكن تستحق أن نوردها *‬
‫حضر المقابلة طارق عزٌز ‪ .‬واستهلها صدام بالترحٌب بؽالسبً ودعاها إلى الجلوس قابال ‪ " :‬لقد استدعٌتك إلجراء حوار سٌاسً شامل معك ‪،‬‬
‫وفٌه رسالة موجهة إلى بوش " ‪ .‬قال صدام ‪:‬‬
‫" تعلمٌن انه لم ٌكن هناك عالقات بٌننا وبٌن الوالٌات المتحدة إلى عام ‪ . 1984‬كما أنك تعرفٌن الظروؾ واِلسباب التً أدت إلى قطع العالقات ‪.‬‬
‫على أن قرار استبناؾ العالقات اتخذ عام ‪ 1980‬أي خالل الشهرٌن اللذٌن سبقا حربنا مع إٌران ‪.‬‬
‫" وعندما بدأت الحرب ولتجنب أي سوء تفسٌر أجّ لنا إقامة العالقات على أمل أن تنتهً الحرب فً الحال ‪.‬‬
‫" فلما تبٌن أن الحرب ستطول ‪ ،‬وللتؤكٌد على أننا دولة ؼٌر منحازة ‪ ،‬كان من المهم أن نعٌد إقامة عالقاتنا بالوالٌات المتحدة ‪ .‬وكان هذا فً عام‬
‫‪. 1984‬‬
‫" ومن الطبٌعً القول بؤن الوالٌات المتحدة لٌست كبرٌطانٌا مثال ‪ .‬ذات العالقات التارٌخٌة مع الشرق اِلوسط ‪ ،‬بما فٌه العراق ‪ .‬ثم إنه لم تكن هناك‬
‫عالقات بٌن العراق والوالٌات المتحدة بٌن عامً ‪ 1967‬و ‪ . 1984‬وٌمكن للمرء أن ٌستنت أنه من الصعب على الوالٌات المتحدة أن تتوصل إلى‬

‫‪523‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫تفاهم تام مع العراق حول كثرة من اِلمور ‪ .‬على أنه عندما جر استبناؾ العالقات كنا نؤمل فً تفهم أفضل وفً تعاون أفضل ِلننا أٌضا ال نفهم‬
‫خلفٌات كثرة من القرارات اِلمٌركٌة‪.‬‬
‫" وتعامل أحدنا مع اآلخر خالل الحرب وعلى مستوٌات مختلفة أهمها مستو وزٌري الخارجٌة ‪ .‬وكنا نؤمل فً تفاهم مشترك أفضل وفً فرصة‬
‫أكبر للتعاون وذلك لفابدة شعبٌنا وباقً اِلمم العربٌة ‪ .‬لكن هذه العالقات أصٌبت بشروخ ‪ .‬ووقع اِلسوأ منها فً عام ‪ 1986‬وبعد سنتٌن فقط من‬
‫إرساء تلك العالقات خالل ما ٌعرؾ " بإٌران ؼٌت " التً وقعت سنة احتالل إٌران لشبه جزٌرة الفاو ‪.‬‬
‫" ومن الطبٌعً القول بؤن قدم العالقات وتعقد المصالح المتبادلة قد ٌمتصان اِلخطاء ‪ .‬لكن عندما تكون المصالح محدودة والعالقات حدٌثة العهد فإن‬
‫التفاهم ٌصبح سطحٌا وقد تإدي اِلخطاء إلى نتاب سلبٌة ‪ .‬وقد ٌحدث أحٌانا أن ٌكون تؤثٌر الخطؤ اكثر خطورة من الخطؤ ذاته ‪.‬‬
‫" وبالرؼم من ذلك فإننا قبلنا اعتذار الربٌس اِلمٌركً عبر موفده عن " إٌران ؼٌت " وأزلنا جمٌع الشوابب ‪ .‬وٌنبؽً علٌنا أن ال نستعٌد الماضً إال‬
‫عندما ال تكون اِلخطاء الماضٌة ولٌدة والصدفة‪.‬‬
‫" وتزاٌدت شكوكنا بعد تحرٌر الفاو ‪ .‬فقد أخذت وسابل اإلعالم اِلمٌركٌة تدس أنفها فً سٌاسة بالدنا ‪ .‬ودفعتنا الشكوك إلى التساإل عما إذ كانت‬
‫نتٌجة الحرب وتحرٌرنا لبالدنا قد أقلقا الوالٌات المتحدة ‪.‬‬
‫" وكان من الواضح لنا أن تحرٌرنا لبالدنا لم ٌرُق لبعض الجهات فً الوالٌات المتحدة ‪ .‬ولٌست أشٌر بهذا إلى الربٌس اِلمٌركً نفسه بل إلى جهات‬
‫معٌنة على صلة بدوابر االستخبارات ووزارة الخارجٌة باستثناء وزٌر الخارجٌة ‪ .‬وبدأت بعض الجهات تعد دراسات بعنوان " من سٌخلؾ صدام‬
‫حسٌن ؟ " وأخذت تتصل بدول الخلٌ وتثٌر مخاوفها من العراق وتقنعها بعدم تقدٌم المساعدات االقتصادٌة له ‪ .‬ولدٌنا شواهد على نشاطها هذا‪.‬‬
‫" لقد خرج العراق من الحرب وعلٌه دٌن قدره ‪ 40‬ملٌار دوالر ‪ .‬وال ٌشمل هذا المبلػ المساعدات التً قدمتها الدول العربٌة ‪ .‬ومما ٌذكر أن بٌنها‬
‫دول ال تعتبر المساعدات دٌنا مع أنها تعلم كما تعلمون أنتم أنه لوال العراق لما كانت لدٌها تلك المبالػ ‪ ،‬ولما كان مصٌر المنطقة على النحو الذي‬
‫نراه ‪.‬‬
‫"وبدأنا نواجه سٌاسة تخفٌض أسعار النفط ‪ .‬ثم رأٌنا الوالٌات المتحدة التً تتحدث دابما عن الدٌمقراطٌة ال تعٌر وجهة نظر ؼٌرها أي اهتمام ‪ .‬ثم‬
‫بدأ اإلعالم الرسمً اِلمٌركً حملته على صدام حسٌن ‪ .‬واعتقدت الوالٌات المتحدة أن الوضع فً العراق كالوضع فً بولندا ورومانٌا‬
‫وتشٌكوسلوفاكٌا ‪ .‬لقد أثارت هذه الحملة قلقنا ولكننا لم نبادر إلى الرد ِلننا كنا نؤمل أن تتاح الفرصة لصانعً القرار فً أمٌركا للوقوؾ على الحقابق‬
‫ومعرفة ما إذا كان للحملة اإلعالمٌة أي تؤثٌر شعب العراق ‪ .‬كنا نؤمل فً أن تبادر السلطات اِلمٌركٌة إلى اتخاذ القرار الصحٌح بشؤن عالقاتها مع‬
‫العراق ‪ .‬فالعالقات الجٌدة تساعد على تجاوز الخالفات ‪.‬‬
‫" لكن عندما تقضً السٌاسة المرسومة بتخفٌض سعر النفط بدون سبب تجاري معقول ‪ ،‬فإن ذلك ٌعنً شن حرب أخر على العراق ‪ .‬فالحرب‬
‫العسكرٌة تقتل الناس بإسالة دمابهم ‪ ،‬والحرب االقتصادٌة تدمر إنسانٌتهم بحرمانهم من فرصة التمتع بمستو حٌاتً البق ‪ .‬وإننا كما تعلمون نزفنا‬
‫انهاراً من الدم فً الحرب التً دامت ثمانً سنوات لكننا لم نفقد إنسانٌتنا ‪ .‬وللعراقٌٌن الحق فً العٌش بكرامة وال نسمح ِلحد بؤن ٌنال من كرامتهم‬
‫أو من حقهم فً االستمتاع بمستو حٌاتً عال ‪.‬‬
‫" لقد كانت الكوٌت واإلمارات على رأس واضعً هذه السٌاسة التً استهدفت النٌل من مكانة العراق وحرمان شعبها من المستوٌات الحٌاتٌة العالٌة ‪.‬‬
‫وأنتم تعلمون أن عالقاتنا مع اإلمارات والكوٌت كانت قبل ذلك جٌدة ‪ .‬وفوق هذا كله وبٌنما كنا ؼارقٌن فً الحرب أخذت الكوٌت تتسع على حساب‬
‫أرضنا "‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وهنا أخذ صدام ٌشٌر بوضوح إلى الكوٌت بوصفها هدفه الربٌسً ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" قد تقولون بؤن هذا مجرد دعاٌة ‪ .‬لكننً الفت نظركم إلى الوثٌقة التً تحدد خط الدورٌات العسكرٌة الذي ٌشكل الحدود التً صدقت علٌها جامعة‬
‫الدول العربٌة عام ‪ . 1961‬لقد نصت الوثٌقة على أنه ال ٌجوز اختراقها ‪.‬‬
‫" اذهبً وشاهدي بنفسك ما ٌجري ‪ .‬سترٌن دورٌات الحدود والمزارع والمنشآت النفطٌة الكوٌتٌة قابمة فً أقرب نقطة من الحدود وذلك إلثبات أن‬
‫تلك اِلراضً كوٌتٌة ‪.‬‬
‫" ومنذ عام ‪ 1961‬والحكومة الكوٌتٌة مستقرة ‪ ،‬فً حٌن أن الحكومة العراقٌة تعرضت لتعدٌات كثٌرة ‪ .‬وحتى بعد عام ‪( 1968‬الذي استولً فٌه‬
‫البعث على الحكم ) وطٌلة عش سنوات كنا ؼارقٌن فً مشكالتنا مثل مشكلة ال ُكرد فً الشمال ومشكلة حرب أكتوبر وؼٌرهما ‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" إننا نعتقد أنه ٌنبؽً على الوالٌات المتحدة أن تفهم أن الشعب الذي ٌعٌش فً رخاء وأمن اقتصادي ٌمكنه أن ٌتوصل إلى تفاهم معها حول المصالح‬
‫المشتركة المشروعة لكن الشعب الجابع والمحروم اقتصادٌا ال ٌستطٌع ذلك ‪.‬‬
‫" إننا ال نقبل تهدٌدا من أحد ِلننا ال نهدد أحداً ‪ .‬ونقول بوضوح بؤننا نؤمل فً أن ال تكثر الوالٌات المتحدة من اِلوهام وأن تسعى إلى كسب‬
‫اِلصدقاء ال إلى زٌادة أعدابها ‪.‬‬
‫" لقد قرأت تصرٌحات أمٌركٌة عدٌدة عن أصدقابها فً المنطقة ‪ .‬وبالطبع من حق الجمٌع ان ٌختاروا أصدقاءهم وال اعتراض لدٌنا على ذلك ‪.‬‬
‫ولكنكم تعرفون جٌداً انكم لستم الذٌن حمٌتم هإالء االصدقاء خالل الحرب مع إٌران ‪ .‬وأستطٌع التؤكٌد لكم أنه لو اكتسح اإلٌرانٌون المنطقة لما كان‬
‫فً استطاعة القوات اِلمٌركٌة وقفهم إال باستخدام اِلسلحة النووٌة ‪.‬‬
‫" ما اقوله ال ٌهدؾ إلى التقلٌل من شؤنكم وانما انا آخذ بعٌن االعتبار العوامل الجؽرافٌة وطبٌعة المجتمع اِلمٌركً التً ترفض التضحٌة بؤكثر من‬
‫عشرة آالؾ قتٌل فً المعركة الواحدة ‪.‬‬
‫" تعلمون أن إٌران قبلت بوقؾ اطالق النار ‪ .‬ولكن لم ٌحصل ذلك بسبب قصؾ الوالٌات المتحدة لمنشؤة نفطٌة إٌرانٌة واحدة ‪ ،‬وانما حصل بعد‬
‫تحرٌر الفاو ‪ .‬أهكذا ٌكافؤ العراق ِلنه ساهم فً تامٌن استقرار المنطقة وقام بحماٌتها من م ِّد ال مثٌل له ؟‬
‫" ثم ماذا تعنً أمٌركا عندما تقول اآلن بؤنها ستحمً أصدقاءها ؟ لٌس لذلك معنى سو التحامل على العراق ‪.‬‬
‫" أقول لكم بوضوح إننا سوؾ نحصل على كل حق من الحقوق الواردة فً المذكرة ‪ .‬وقد ال ٌحدث هذا اآلن أو خالل شهر أو بعد سنة لكننا‬
‫سنحصل علٌها كلها ‪ .‬لسنا بالشعب الذي ٌتخلى عن حقوقه ‪ .‬فلٌس هناك حق تارٌخً أو حاجة تبرر قٌام اإلمارات والكوٌت بحرماننا من حقوقنا ‪.‬‬
‫وإذا كانت هاتان الدولتان فً حاجة إلى ذلك فنحن أحوج منهما إلٌه‪.‬‬
‫" ٌنبؽً أن ٌكون لد الوالٌات المتحدة تفهم أفضل للوضع ‪ .‬وعلٌها أن تذكر اولبك الذٌن ترٌد أن تقٌم معهم عالقات وأن تقول من هم أعداإها ‪.‬‬
‫وعلٌها أن ال تعتبر أحدا عدوا ال لسبب إال ِلنه ٌختلؾ معها فً الرأي حول النزاع العربً اإلسرابٌلً ‪.‬‬
‫" إننا نفهم بوضوح قول أمٌركا بؤنها ترٌد تؤمٌن تدفق سهل للنفط ‪ .‬ونفهم أمٌركا عندما تقول بؤنها تسعى إلى صداقة دول المنطقة ‪ ،‬وترؼب فً‬
‫تعزٌز المصالح المشتركة ‪ .‬لكن ما ال نفهمه هو أن تقوم أمٌركا بتشجٌع بعض الجهات على الحاق الضرر بمصالح العراق‪.‬‬
‫" إن الوالٌات المتحدة ترٌد أن تضمن تدفق النفط ‪ .‬هذا مفهوم ‪ .‬لكن ٌنبؽً علٌها أن ال تستخدم أسالٌب ثم تنكرها ‪ .‬إن ذلك من قبٌل لًّ العضالت‬
‫والضؽط ‪ .‬فإذا استخدمتم الضؽط فسوؾ نستخدم الضؽط والقوة ‪.‬‬

‫" إننا نعلم أنه باستطاعتكم إلحاق الضرر بنا حتى ولو لم نهددكم ‪ .‬لكن باستطاعتنا أٌضا أن نلحق الضرر بكم ففً وسع كل شخص أن ٌسبب ضررا‬
‫ٌتناسب مع قوته وحجمه ‪ .‬لٌس باستطاعتنا أن نزحؾ على بالدكم لكن باستطاعة اِلفراد من العرب الوصول إلٌكم ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وهنا ضرب صدام حسٌن بالمجامالت الدبلوماسٌة عرض الحابط وأخذ ٌهدد الوالٌات المتحدة بموجة من الهجمات االرهابٌة ‪ .‬ولكً ٌجعل اِلمور‬
‫أكثر وضوحا قال ‪:‬‬
‫" فً استطاعتكم المجًء إلى العراق ومعكم الصوارٌخ والطابرات لكن ال تدفعونا إلى الحد الذي ال نعود عنده نهتم بما ٌحدث ‪ .‬وعندما نشعر بؤنكم‬
‫ترٌدون جرح كرامتنا وحرمان العراق من فرصة تحقٌق مستو حٌاتً أفضل فإننا لن نؤبه لشًء وسٌكون خٌارنا الموت ‪ .‬ولن نخاؾ عندبذ إذا‬
‫أطلقتم مبة قذٌفة مقابل كل قذٌفة من قذابفنا ‪ .‬فالحٌاة بال كرامة ال قٌمة لها ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وكان هذا تهدٌداً للربٌس بوش بؤن صدام حسٌن مستعد لمحاربة أمٌركا بالرؼم من أنه كان ٌعلم أنه ٌرجح أن ٌخسر المعركة ‪ .‬وأضاؾ ٌقول ‪:‬‬
‫" لٌس من المعقول أن ًٌطلب من الشعب العراقً نزؾ أنهار من الدم خالل االعوام الثمانٌة الماضٌة ثم ٌُقال له ‪ :‬علٌك اآلن أن تقبل بعدوان الكوٌت‬
‫واإلمارات العربٌة والوالٌات المتحدة وإسرابٌل ‪ .‬نحن ال نضع جمٌع هذه البلدان فً سلة واحدة ‪ .‬ومما ٌإذٌنا وٌزعجنا أن تكون هناك خالفات بٌننا‬
‫وبٌن الكوٌت واإلمارات ‪ .‬لكن ٌنبؽً أن ٌكون الحل فً اإلطار العربً وعبر العالقات الثنابٌة المباشرة ‪ .‬نحن ال نضع الوالٌات المتحدة أٌضا فً‬
‫خانة اِلعداء ‪ .‬نحن نضعها فً الموقع الذي نرٌده الصدقابنا ونبذل الجهد كً تكون فً عداد أصدقابها ‪ .‬ولكن تصرٌحاتكم المتكررة فً العام‬
‫الماضً تظهر جلٌا ان أمٌركا ال تعتبرنا اصدقاء لها ‪ ،‬حسنا ‪ ،‬فهم أحرار فٌما ٌفعلون ‪.‬‬

‫‪525‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" وعندما نبحث نحن عن الصداقة فإننا نطلب الشرؾ والحربة وحق االختٌار ‪ .‬وكما نرٌد التعامل مع ؼٌرنا على مستوانا ‪ ،‬نتعامل مع اآلخرٌن على‬
‫مستواهم ‪ .‬نحن نؤخذ مصالحنا ومصالح اآلخرٌن بعٌن االعتبار ونطلب من الؽٌر مقابلتنا بالمثل ‪ .‬ماذا ٌعنً استدعاء وزٌر الدفاع الصهٌونً ‪ ،‬هذه‬
‫اِلٌام ‪ ،‬إلى الوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة ؟ وما هو معنى التصرٌحات النارٌة إلسرابٌل مإخراً ؟ وماذا ٌعنً تكاثر الحدٌث عن الحرب إلى درجة ال‬
‫مثٌل لها ؟ " ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫ٌبدو واضحا أن الربٌس صدام كان ال ٌزال ٌعانً من صدمة ضرب مفاعل اوزٌراك النووي ‪ .‬فلم ٌتردد عن اإلفصاح عن مخاوفه من هجوم‬
‫إسرابٌلً وشٌك وربما بمساعدة الوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة وقال ‪:‬‬
‫" نحن ال نرٌد الحرب ِلننا نعرؾ ما تعنٌه ‪ .‬لكن ال تدفعونا إلى اعتبارها الحل الوحٌد للعٌش فً كرامة وعلى مستو حٌاتً البق ‪.‬‬
‫" نحن نعلم أن الوالٌات المتحدة اِلمٌركٌة تمتلك السالح النووي ‪ .‬ولكننا مصممون على العٌش بكرامة أو الموت حتى آخر فرد فٌنا‪ .‬وال نعتقد أنه‬
‫ٌوجد شخص واحد فً العالم ال ٌفهم ما أعنٌه ‪ .‬نحن ال نطلب منكم حل مشاكلنا ‪ .‬لقد قلت إن المشاكل العربٌة تحل بٌن العرب وإنما المطلوب منكم‬
‫عدم تشجٌع أحد على فعل ال ٌقو على تحمل عواقبه ‪ .‬وال أعتقد بؤن صداقة العراق تإذي أحدا ‪ .‬وفً رأًٌ أن الربٌس بوش لم ٌقترؾ أخطاء مع‬
‫العرب ‪ ،‬مع اعتقادي بخطؤ تجمٌد الحوار مع منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة ‪ .‬وٌبدو أنه اتخذ هذا القرار لتهدبة اللوبً الصهٌونً أو أنه كان جزءا من‬
‫استراتٌجٌة ترمً إلى استٌعاب الؽضب الصهٌونً قبل إعادة الحوار من جدٌد مع منظمة التحرٌر ‪ .‬وأتمنى ان ٌكون االستنتاج الثانً هو الصابب ‪.‬‬
‫على أننا سنظل نعتبره قرارا خاطبا ‪ .‬تر متى سٌؤتً الوقت الذي تمتدحون العرب فٌه مرة واحدة مقابل كل ثالثة تصرٌحات تصدرونها إلرضاء‬
‫الصهٌونٌة ‪ .‬ومتى ستسعى البشرٌة إلى حل أمٌركً ٌقٌم التوازن بٌن حقوق مبتً ملٌون من البشر وبٌن حقوق ثالثة مالٌٌن ٌهودي ‪.‬‬
‫" نحن ننشد الصداقة ولكننا ال نجري وراء أحد من أجلها ‪ ,‬وكذلك فإننا نرفض العدوان المسلح أٌا كان مصدره ‪ .‬وإذا جوبهنا بالعدوان فإننا سنقاوم ‪.‬‬
‫وهذا حقنا سواء أجاء العدوان من أمٌركا أم من اإلمارات أو الكوٌت أو إسرابٌل ‪ .‬لكننً ال أضع هذه الدول على مستو واحد ‪ .‬فإسرابٌل اؼتصبت‬
‫اِلرض العربٌة بمساعدة الوالٌات المتحدة ‪ .‬ثم ان الكوٌت واإلمارات ال تإٌدان إسرابٌل ‪ ,‬وعلى أي حال فإنهما تظالن عربٌتٌن ‪ .‬لكن عندما‬
‫تحاوالن إضعاؾ العراق فإنهما انما تساعدان بذلك اِلعداء وللعراق الحق عندبذ فً الدفاع عن نفسه " ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وهنا ولكً ٌزٌد من كالمه أعاد إلى الذاكرة حدثٌن سابقٌن من شؤنهما أن ٌساعدا الوالٌات المتحدة على التفكٌر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫" التقٌت فً عام ‪ 1974‬بإدرٌس ابن الزعٌم الكردي الراحل المال مصطفى البرازانً ‪ .‬وجلس عندبذ على الكنبة ذاتها التً تجلسٌن علٌها اآلن ‪.‬‬
‫جاء عندبذ لٌطلب منً تؤجٌل تطبٌق الحكم الذاتً فً كردستان العراقٌة الذي اتفق علٌه فً ‪ 11‬مارس ‪ . 1970‬وكان جوابً له ‪ " :‬إننا مصممون‬
‫ُ‬
‫أحسست بؤن لدٌه نواٌا عدوانٌة قلت له ‪ " :‬بلػ تحٌاتً ِلبٌك وقل له بؤن‬ ‫على الوفاء بالتزاماتنا ‪ .‬وعلٌكم انتم أٌضا أن تلتزموا باالتفاق ‪ " .‬وعندما‬
‫صدام حسٌن ٌقول ما ٌلً ‪ " .‬ثم أطلعته على مٌزان القو مدعما باإلحصابٌات تماما كما فعلت مع اإلٌرانٌٌن فً رسابلً المفتوحة لهم خالل الحرب‬
‫وختمت حدٌثً معه بتلخٌص العواقب بجملة واحدة وهً " إذا حاربنا فإننا سننتصر " أتعرفٌن لماذا ؟ شرحت له جمٌع اِلسباب بما فٌها السبب‬
‫السٌاسً ‪ .‬فال ُكرد ( فً عام ‪ ) 1974‬كانوا ٌعلقون اآلمال على خالفاتنا مع شاه إٌران ‪ .‬وكان سبب النزاع مع إٌران هو مطالبها فً شط العرب ‪.‬‬
‫ولم نكن على استعداد للقٌام بتنازالت ‪ .‬لكن لو أجبرنا على االختٌار بٌن‬
‫نصؾ شط العرب وبٌن العراق كله فإننا نتنازل عن شط العرب للحفاظ على العراق كما نرٌده ‪.‬‬
‫" ونحن نؤمل أن ال تدفعوا اِلحداث إلى الحد الذي نجد فٌه أنفسنا مضطرٌن إلى تذكر االختٌار الذي اضطررنا له فً عالقاتنا مع إٌران ‪ .‬وبعد‬
‫‪ . ) 1975‬وتوفً البرازانً ودفن خارج العراق وخسر‬ ‫اجتماعنا مع ابن البرازانً تنازلنا عن نصؾ شط العرب ( بموجب اتفاق الجزابر عام‬
‫الحرب ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫ثم توجه صدام بحدٌثه إلى السفٌرة وقال ‪:‬‬
‫" نؤمل فً أن ال ندفع إلى هذا ‪ .‬فكل ما ٌقؾ فً طرٌق عالقاتنا مع إٌران هو شط العرب ‪ .‬فإذا كان علٌنا أن نختار بٌن شط العرب والعٌش بكرامة‬
‫فإننا سنفاوض معتمدٌن على الحكمة التً أظهرناها عام ‪ . 1975‬وكما أن البرازانً أضاع الفرصة التارٌخٌة فسوؾ ٌضٌع اآلخرون فرصتهم ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وختم صدام هذا السرد التارٌخً بقوله بدون مجاملة ‪:‬‬

‫‪526‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" وفٌما ٌختص بالربٌس بوش آمل أن ٌقرأ هذا بنفسه وأن ال ٌترك فً أٌدي إحد عصابات وزارة الخارجٌة التً استثنً منها وزٌر الخارجٌة‬
‫وكٌلً ِلننً أعرفه وتبادلت الرأي معه ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وأخٌرا استطاعت ؼالسبً أن تجٌب فقالت ‪:‬‬
‫" أشكرك أٌها السٌد الربٌس ‪ ،‬إنه ٌسر أي دبلوماسً أن ٌجتمع بك وٌتحدث معك ‪ .‬إننً أفهم رسالتك بوضوح ‪ .‬لقد درسنا التارٌخ وعلمونا أن نقول‬
‫‪ " :‬الحرٌة أو الموت " ‪.‬‬
‫" أعتقد انك تعلم جٌداً أننا شعب كانت لنا تجربتنا مع المستعمرٌن ‪.‬‬
‫" ٌا سٌدي الربٌس ‪ ،‬ذكرت خالل هذا االجتماع أشٌاء كثٌرة ال أستطٌع التعلٌق علٌها نٌابة عن حكومتً ‪ .‬لكن إذا سمحت فسوؾ أعلق على نقطتٌن ‪.‬‬
‫لقد تحدثت عن الصداقة ‪ ،‬وأعتقد أنه اتضح من الرسابل التً بعثها ربٌسنا أنه بمناسبة الٌوم الوطنً ٌإكد …‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وهنا قاطعها الربٌس قابال‪ " :‬لقد كان لطٌفا وظفرت كلماته بتقدٌرنا واحترمنا ‪ " .‬فقالت ؼالسبً ‪ " :‬كما تعلمون فإنه طلب من االدارة اِلمٌركٌة‬
‫رفض اقتراح تطبٌق العقوبات التجارٌة ‪ ".‬فقال صدام وهو ٌبتسم ‪ " :‬لم بعد فً أمٌركا ما ٌمكننا شراإه سو القمح ‪ .‬فكلما أردنا شراء شًء آخر‬
‫قالوا لنا إن بٌعه محظور علٌهم ‪ .‬وأخشى أن تقولوا لً ٌوما ‪ " :‬إنكم ستصنعون البارود من القمح " ‪ .‬وهنا سارعت ؼالسبً إلى طمؤنته بقولها ‪:‬‬
‫لدي تعلٌمات مباشرة من الربٌس اِلمٌركً تقضً بالسعً إلى إقامة عالقات أفضل مع العراق ‪ " .‬وهنا تساءل صدام حسٌن ‪ " :‬لكن كٌؾ ؟ ونحن‬
‫أٌضا راؼبون فً ذلك لكن اِلمور تجري على نحو ٌناقض رؼبتنا ‪ " .‬فؤجابت ؼالسبً بقولها ‪:‬‬
‫" كلما واصلنا المحادثات كلما قل احتمال حدوث ذلك ‪ .‬فمثال أشرتم إلى قضٌة المقال الذي نشرته وكالة اإلعالم اِلمٌركٌة ‪ .‬لقد كان اِلمر محزنا‬
‫وقد م لكم اعتذار رسمً بشؤنه " ‪.‬‬
‫وهنا مال صدام نحوها بطرٌقة ساحرة وقال ‪ " :‬كان موقفكم كرٌما ‪ .‬ونحن عرب ٌكفٌنا أن ٌقول لنا أحدهم ‪ ( :‬آسؾ ‪ .‬لقد أخطؤت) وتعود اِلمور‬
‫إلى مجارٌها ‪ .‬لكن الحملة اإلعالمٌة استمرت وحفلت بكثرة من القصص ‪ .‬ولو كانت هذه القصص صحٌحة لما أؼضبت أحدا ‪ .‬لكن ما نستخلصه‬
‫من استمرارها هو أن هناك تصمٌم على ( إفساد عالقاتنا ) ‪ .‬ووافقت ؼالسبً على ما قاله ومضت تقول ‪:‬‬
‫" لقد شاهدت بنفسً برنام دٌان سواٌر على قناة ( أي بً سً ) وما حدث فٌه رديء وٌفتقر إلى الموضوعٌة ‪ .‬إنه صورة حقٌقٌة لما ٌحدث فً‬
‫االعالم اِلمٌركً حتى السٌاسٌن اِلمٌركٌٌن أنفسهم ‪ .‬تلك هً أسالٌب اإلعالم الؽربً ‪ .‬وٌسرنً انكم تضمّون صوتكم إلى أصوات الدبلوماسٌٌن‬
‫الذٌن ٌواجهون وسابل اإلعالم بشجاعة ‪ .‬إن ظهوركم ولو لدقابق قلٌلة فً وسابل االعالم ٌساعد على فهم الشعب اِلمٌركً للعراق ‪ ،‬وٌعزز التفاهم‬
‫المتبادل ولو كان الربٌس اِلمٌركً ٌملك رقابة على االعالم لكان عمله أسهل ‪.‬‬
‫" إن الربٌس بوش ٌا سٌدي ال ٌرٌد إقامة عالقات أفضل وأعمق معكم فحسب ‪ ،‬بل وإسهامكم فً السالم والرخاء فً الشرق اِلوسط ‪ .‬والربٌس‬
‫بوش رجل ذكً ‪ .‬ولن ٌقوم بإعالن حرب اقتصادٌة على العراق ‪.‬‬
‫" ما تقوله صحٌح ‪ .‬وأنت مصٌب فً قولك إننا ال نرٌد أسعارا أعلى للنفط ‪ .‬لكننً اطلب منك أن تنظر فً إمكان عدم تقاضً أسعار باهظة للنفط "‬
‫‪.‬‬
‫فقال الربٌس صدام بلهجة ودٌة ‪:‬‬
‫" نحن ال نرٌد أسعارا عالٌة جدا ‪ .‬ودعٌنً أذكرك بؤننً فً عام ‪ 1974‬أوحٌت لطارق عزٌز بفكرة المقال الذي كتبه منتقدا سٌاسة االبقاء على‬
‫أسعار النفط المرتفعة ‪ .‬وكان أول مقال عربً ٌعبر عن ذلك الرأي " ‪.‬‬
‫وتدخل طارق عزٌز ِلول مرة وقال ‪ " :‬إن سٌاستنا فً منظمة اِلوبٌك تعارض فً القفز المفاجا لألسعار " ‪ .‬فقال الربٌس ‪:‬‬
‫" إن ‪ 25‬دوالر للبرمٌل لٌس بالسعر المرتفع " ‪ .‬فقالت السفٌرة ‪:‬‬
‫" لدٌنا كثرة من اِلمٌركٌٌن الذٌن ٌرٌدون سعرا أعلى ِلنهم من المناطق التً تنت النفط " ‪ .‬وكان هذا هو الضوء اِلخضر الثانً الذي جعل صدام‬
‫حسٌن ٌعتقد أن السفٌرة ‪ ،‬ومن خاللها الربٌس بوش ‪ٌ ،‬وافقان على طلبه رفع اِلسعار ‪ .‬فقال صدام ‪:‬‬
‫(( كان السعر فً إحد المراحل ‪ 12‬دوالرا للبرمٌل الواحد ‪ .‬وتخفٌض المٌزانٌة العراقٌة بمقدار ‪ 6‬ـ ‪ 7‬كارثة )) فؤجابت السفٌرة ‪:‬‬
‫(( أعتقد أننً أفهم هذا ‪ .‬لقد عشت هنا سنوات ‪ .‬وأنا معجبة بجهودكم الخارقة لبناء بالدكم ‪ .‬أعرؾ أنكم بحاجة إلى االموال ‪ .‬إننا نفهم ذلك ‪ .‬ورأٌنا‬
‫هو أنه ٌنبؽً إتاحة الفرصة لكم العادة بناء بالدكم ‪ .‬لكن لٌس لنا رأي فً نزاعات العرب فٌما بٌنهم مثل نزاعكم مع الكوٌت حول الحدود‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" لقد كنت فً السفارة اِلمٌركٌة بالكوٌت فً أواخر الستٌنات ‪ .‬وكانت تعلٌماتً تقضً بعدم إبداء الرأي فً هذه القضٌة التً ال شؤن لنا فٌها ‪ .‬لقد‬
‫أصدر جٌمس بٌكر أمرا إلى الناطق الرسمً للتؤكٌد على ذلك ‪ .‬إننا نؤمل فً أن تحلوا القضٌة بالوسابل المناسبة عبر القلٌبً أو الربٌس مبارك ‪.‬‬
‫وكل ما نرجوه هو حلول سرٌعة لهذه القضاٌا " ‪.‬‬
‫( وهذا ضوء أخضر آخر فٌما ٌتعلق بالخالفات حول الحدود مع الكوٌت ) ‪.‬‬
‫وأضافت ؼالسبً ‪:‬‬
‫" هل لً ٌاسٌادة الربٌس أن أتحدث عن صورة هذا كله فً أذهاننا ؟‬
‫" فً تقدٌري ـ بعد خمس وعشرٌن سنة من الخدمة فً هذه المنطقة ـ أنه ٌنبؽً أن تظفر أهدافكم بتؤٌٌد اخوانكم العرب ‪ .‬وأنا اآلن أتحدث عن النفط ‪.‬‬
‫لكنك ٌا سٌادة الربٌس خضت حربا مرٌرة مإلمة ‪ .‬وأقول بصراحة إننً اآلن ال أر سو قواتكم المحتشدة فً الجنوب ‪ .‬وذلك فً االحوال العادٌة‬
‫لٌس من شؤننا ‪ .‬لكن عندما ٌحدث هذا فً إطار ما قلته فً عٌدكم الوطنً ‪ ،‬وعندما نقرأ التفصٌالت الواردة فً رسالتٌن من اإلمارات والكوٌت هً‬
‫بعد التحلٌل الدقٌق بمثابة عدوان عسكري على العراق ـ عندما نقرأ هذا ال بد وأن ٌساورنا القلق ‪ .‬ولهذا السبب تلقٌت تعلٌمات تطلب منً أن أسؤلكم‬
‫بروح من الصداقة ال بروح من المواجهة عن نواٌاكم ‪.‬‬
‫" إننً فً هذا ال أعدو وصؾ قلق حكومتً ‪ .‬وال أعنً أن الوضع سهل لكن قلقنا مجرد قلق " ‪.‬‬
‫فقال الربٌس صدام ‪:‬‬
‫" نحن ال نطلب من الناس أن ال ٌشعروا بالقلق عندما ٌكون السالم على المحك ‪ .‬فذلك شعور إنسانً نبٌل نشعر جمٌعا به ‪ .‬ومن الطبٌعً أنكم‬
‫بوصفكم قوة كبر أن تشعروا بذلك ‪ .‬لكن ما نطلبه هو أن ال تعبروا عن قلقكم على نحو ٌمكن أن ٌحمل المعتدي على االعتقاد بؤن عدوانه ٌظفر‬
‫بالتؤٌٌد ‪.‬‬

‫" نرٌد التوصل إلى حل ٌضمن لنا حقوقنا وال ٌحرم اآلخرٌن من حقوقهم ‪ .‬وفً الوقت ذاته نرٌد من اآلخرٌن أن ٌعلموا أن لصبرنا حدودا فٌما ٌتعلق‬
‫بؤعمالهم التً تضر بحلٌب أطفالنا ومعاشات اِلرامل اللواتً فقدن أزواجهن خالل الحرب ‪ ،‬ومعاشات الٌتامى الذٌن فقدوا والدٌهم ‪.‬‬
‫" نحن كدولة لنا الحق فً االزدهار ‪ .‬لقد أضعنا فرصا كثٌرة بسبب الحرب ‪ ،‬وعلى اآلخرٌن أن ٌقدروا دورنا فً حماٌتهم ‪ .‬وحتى هذا العراقً (‬
‫وأشار صدام إلى المترجم ) ٌشعر بالمرارة كسابر العراقٌٌن ‪ .‬لسنا معتدٌن وال نقبل العدوان ‪ .‬لقد ارسلنا مبعوثٌن ورسابل مكتوبة ‪ .‬وفعلنا كل ما‬
‫بوسعنا عمله فطلبنا من خادم الحرمٌن الشرٌفٌن الملك فهد أن ٌعقد مإتمر رباعٌة ‪ .‬لكن الملك اقترح اجتماعا لوزراء البترول ‪ .‬وقبلنا ‪ .‬وجر‬
‫االجتماع فً جدة كما تعلمٌن ‪ .‬وتوصل المجتمعون إلى قرارات ال تعبر عما اردناه ‪ .‬ومع ذلك قبلناها ‪.‬‬
‫" وبعد االجتماع بٌومٌن فقط أصدر وزٌر النفط الكوٌتً تصرٌحا ٌناقض االتفاق ‪ .‬وبحثنا المسؤلة خالل قمة بؽداد ‪ .‬وأخبرت الملوك والرإساء بؤن‬
‫بٌن اخواننا من ٌشنون علٌنا حربا اقتصادٌة وأن بعض الحروب ال تستخدم فٌها اِلسلحة وأننا نعتبر هذا النوع من الحرب عمال عسكرٌا موجها‬
‫ضدنا ‪ .‬فإذا ضعفت قدرة جٌشنا ‪ ،‬وإذا عادت إٌران إلى الحرب فإنها قد تحقق اِلهداؾ التً عجزت عن تحقٌقها فً الماضً ‪ .‬ثم إن ضعؾ قدراتنا‬
‫الدفاعٌة قد ٌشجع إسرابٌل على مهاجمتنا ‪ .‬قلت هذا أمام الملك والرإساء العرب ولم أذكر اسمً اإلمارات والكوٌت ِلنهما كانا فً ضٌافتنا‪.‬‬
‫" وكنت قبل ذلك قد أرسلت مبعوثٌن لتذكٌرهم بؤن حربنا ضد إٌران اشتملت على الدفاع عنهم ‪ .‬وعلٌه فإنه ٌنبؽً علٌهم أن ال ٌعتبروا اِلموال التً‬
‫قدموها لنا دٌونا ‪ .‬لقد فعلنا أكثر مما كانت الوالٌات المتحدة ستفعله مع من ٌهاجم مصالحها ‪.‬‬
‫" وتحدثت عن هذه المسؤلة مع عدد من الدول العربٌة اِلخر وشرحت الوضع ِلخً الملك فهد عدة مرات عبر المبعوثٌن والهاتؾ ‪ .‬وتحدثت مع‬
‫أخً الملك حسٌن ومع الشٌخ زاٌد بعد مإتمر القمة ‪ .‬ورافقت الشٌخ زاٌد إلى الطابرة عندما كان فً الموصل ‪ ،‬فقال لً ‪ " :‬انتظر حتى أصل إلى‬
‫بالدي " ‪ .‬لكن ما حدث بعد وصوله هو صدور تصرٌحات فً ؼاٌة السوء ال عنه وانما عن وزٌر نفطه‪.‬‬
‫" وبعد اتفاق جدة بلؽنا أنهم ٌتحدثون عن االلتزام باالتفاق لمدة شهرٌن فقط ٌقومون بعدها بتؽٌٌر سٌاستهم ‪ .‬واآلن قولً لنا ‪ :‬ماذا كان سٌفعل الربٌس‬
‫اِلمٌركً لو وجد نفسه فً موقؾ كهذا ‪ .‬لقد ذكرت أنه كان من الصعب على أن اتحدث عن هذه القضاٌا علنا ‪ .‬لكن علٌنا أن نخبر الشعب العراقً‬
‫الذي ٌواجه المصاعب االقتصادٌة عن المسإول عن ذلك ‪".‬‬
‫وإزاء هذه الكلمات القاسٌة فضلت ؼالسبً تؽٌٌر الموضوع فقالت ‪ " :‬لقد قضٌت أربعة أٌام فً مصر ‪ " .‬فقال صدام ‪:‬‬
‫" الشعب المصري لطٌؾ وطٌب وعرٌق ‪ .‬وٌفترض فً دول النفط أن تساعده لكنهم لإماء إلى حد ال ٌتصوره المرء ‪ .‬ومن المإلم االعتراؾ بذلك ‪.‬‬
‫والعرب ٌكرهون بعضهم بسبب جشعهم ‪ " .‬فقالت السفٌرة ‪:‬‬

‫‪528‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" إنك تساعدنا ٌا سٌدي الربٌس لو شرحت لنا تقدٌرك للجهود التً بذلها إخوانك العرب وما حققته " ‪ .‬فقال الربٌس "‬
‫" فٌما ٌتعلق بهذا الموضوع اتفقنا مع الربٌس مبارك على قٌام ربٌس وزراء الكوٌت باالجتماع مع نابب ربٌس مجلس قٌادة الثورة فً السعودٌة ِلن‬
‫السعودٌٌن بادروا إلى االتصال بنا بفضل جهود الربٌس مبارك ‪ .‬وقد اتصل مبارك بً قبل قلٌل وأبلؽنً موافقة الكوٌتٌٌن على االقتراح ‪ " .‬فقالت‬
‫السفٌرة بارتٌاح " تهانٌنا ! "‬
‫فواصل صدام كالمه قابال ‪:‬‬
‫" سوؾ ٌعقد اجتماع بروتوكولً فً السعودٌة ‪ ،‬ثم ٌنتقل المجتمعون إلى بؽداد إلجراء مناقشات أعمق بٌن الكوٌت والعراق مباشرة ‪ .‬ونؤمل فً أن‬
‫ٌتؽلب بعد النظر والحرص على المصالح الحقٌقٌة على جشع الكوٌتٌٌن ‪ " .‬فسؤلته السفٌرة ‪ " :‬هل لً أن أسؤلك متى تتوقع أن ٌصل الشٌخ سعد إلى‬
‫بؽداد ؟ " فؤجاب الربٌس ‪:‬‬
‫" أعتقد أنه سٌصل ٌوم السبت أو االثنٌن على أبعد تقدٌر ( ‪ 28‬أو ‪ ) 30‬تموز وقد أبلؽت اِلخ مبارك أن االتفاق سٌتم فً بؽداد ٌوم السبت أو االحد‬
‫‪ .‬وأنت تعرفٌن أن زٌارات مبارك كانت دابما تبشر بالخٌر " فقالت السفٌرة "‬
‫" هذه أخبار جٌدة ‪ ،‬تهانٌنا " وهنا توقؾ صدام حسٌن عن اللعب بؤوراقه وقال ‪:‬‬
‫" ابلؽنً أخً مبارك أنهم ( الكوٌتٌٌن ) فً خوؾ شدٌد ‪ .‬وقالوا إن القوات العسكرٌة على بعد عشرٌن كٌلو مترا فقط من خط الجامعة العربٌة (‬
‫الحدود ) ‪ .‬فقلت للربٌس المصري إنه بؽض النظر عمن هناك وسواء ‪ ،‬أكانوا من البولٌس أم حرس الحدود أم الجٌش ‪ ،‬وبؽض النظر عن عددهم‬
‫وعما ٌفعلونه ٌمكنك أن تطمبن الكوٌتٌٌن وأن تعدهم بالنٌابة عنا بؤننا لن نفعل شٌبا إلى أن نجتمع بهم ‪ .‬فإذا وجدنا عندما نجتمع بهم أن هناك أمال فلن‬
‫ٌحدث شٌبا ‪ .‬ولكن إذا تعذر التوصل إلى حل فسٌكون من الطبٌعً أن ال ٌقبل العراق بالموت حتى ولو كانت الحكمة فوق كل شًء وهذه أخبار جٌدة‬
‫" فقال طارق عزٌز ‪ :‬هذا للصحافة وحدها ‪".‬‬
‫على أن كل ما بقً فً ذهن ؼالسبً من المقابلة هو هذه الخاتمة المتفابلة ونسٌت التهدٌدات واالنذارات التً أطلقها صدام حسٌن خالل حدٌثه ‪.‬‬
‫واستؤذنت السفٌرة بعد أن طمؤنت الربٌس العراقً مرة أخر إلى أن رسالته ستصل إلى الشخص الموجهة إلٌه ‪ .‬قالت ‪:‬‬
‫" أعتزم الذهاب إلى الوالٌات المتحدة ٌوم االثنٌن القادم ( ‪ 30‬تموز ) ‪ .‬وآمل أن اجتمع مع الربٌس بوش فً واشنطن خالل االسبوع القادم ‪ .‬وقد‬
‫خطر ببالً أن أإجل سفري بسبب المصاعب التً تواجهنا ‪ .‬وعلٌه فإننً سؤسافر ٌوم االثنٌن ‪".‬‬
‫وأخٌرا تبادلت هً وصدام التحٌات والتمنٌات ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫أمضى الشاذلً القلٌبً ‪ 48‬ساعة فً الكوٌت بانتظار وصول وزٌر الخارجٌة السعودي إلبالؼه ما جر فً اجتماعاته ببؽداد لكنه تركها وهو ٌشعر‬
‫باإلحباط ِلن الوزٌر لم ٌظهر ‪ .‬وعندما انتهت مقابلة ؼالسبً للربٌس صدام توجه طارق عزٌز بعد أن حضر المقابلة إلى فندق الرشٌد لتناول الؽداء‬
‫مع القلٌبً الذي كان قد وصل إلى بؽداد فً ذلك الٌوم ‪ .‬وفٌما كان عزٌز ٌنفث دخان سٌجاره وٌشرب كؤسا من الوٌسكً واصل التصلب الذي أظهره‬
‫فً ‪ 17‬تموز عندما سلمه المذكرة‪.‬‬
‫تحدث عزٌز عن المإامرات التً ضد العراق وقال بؤن الوالٌات المتحدة ضالعة فٌها ‪ .‬وقال ‪ " :‬إن عدالة موقؾ العراق شًء مإكد " ‪ ،‬وأضاؾ‬
‫بؤن على االسرة الحاكمة فً الكوٌت أن ترحل وأنهم ٌسرقون النفط وٌحاولون تدمٌر الشعب العراقً ‪.‬‬
‫كان القلٌبً قد سمع حسنً مبارك ٌقول للكوٌتٌٌن واِلمٌركٌٌن بؤن صدام حسٌن قال له لن ٌكون هناك عزو للكوٌت ‪ .‬فسؤل القلٌبً طارق عزٌز ‪" :‬‬
‫ماذا قال صدام حسٌن لمبارك ؟ "‬
‫‪ٌ 31‬ولٌو مع‬ ‫أجابه عزٌز وهو ٌنفث دخان سٌجاره ‪ " :‬ال أعرؾ ما الذي قاله له ‪ .‬لكن ما أعرفه هو أن كل شًء ٌعتمد على اجتماع جدة فً‬
‫الكوٌتٌٌن ‪ .‬فكل شًء ٌتوقؾ علٌه ‪" .‬‬
‫وفً مساء ذلك الٌوم توجه القلٌبً إلى الكوٌت البالغ اِلمٌر ‪.‬‬
‫فً ‪ 26‬تموز وهو الٌوم الذي اكتشفت فٌه المخابرات احتشاد أكثر من ‪ 30, 000‬جندي عراقً على حدود الكوٌت قام القلٌبً بإبالغ أمٌر الكوٌت‬
‫وولً العهد ووزٌر الخارجٌة الكوٌتٌٌن ما جر فً اجتماعه ببؽداد ‪ .‬فساور القلق الزعماء الكوٌتٌٌن ولكنهم ظلوا مقتنعٌن بؤن الؽزو لن ٌقع ‪ .‬وذكر‬
‫القلٌبً اجتماع القمة بجدة فً ‪ٌ 31‬ولٌو ‪ .‬فقٌل له بؤن السعودٌٌن والمصرٌٌن سوؾ ٌعملون على انجاحه ‪.‬‬
‫لكن ما لم ٌعرفه القلٌبً خالل وجوده فً هذه االجتماعات هو أن اِلمٌر تلقى فً الٌوم ذاته رسالة هامة من الملك فهد ٌرحب هذا فٌها بحضوره إلى‬
‫جدة فً ‪ٌ 31‬ولٌو للمشاركة فً مإتمر جدة ‪ .‬وجاء فٌها ‪:‬‬

‫‪529‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" فً الوقت الذي اتطلع فٌه إلى هذا االجتماع اِلخوي أود أن أقول بؤننً على ٌقٌن تام من أن حكمتكم وبعد نظركم سوؾ ٌحققان أهدافنا بمشٌبة ّللا‬
‫وٌرسخان الحب والتفاهم بٌن الدولتٌن الشقٌقتٌن ‪".‬‬
‫ومن الواضح أن الملك قصد التؤكٌد لألمٌر على أهمٌة توصله فً مإتمر الكوٌت إلى اتفاق مع العراق ‪ .‬لكن اِلمٌر كان قد قرر عدم حضور‬
‫المإتمر مما أؼضب صدام حسٌن فٌما بعد ‪ .‬ودون مالحظة على رسالة الملك فهد إلٌه ٌطلب فٌها من أخٌه الشٌخ سعد ولً العهد أن ٌمثله فً ذلك‬
‫المإتمر ‪ .‬وورد فً المالحظة قوله ‪:‬‬
‫" ٌنبؽً أن نحضر االجتماع وفقا للشروط السابقة ‪ .‬ومن المهم أن ال ننسى مصالحنا ‪ ،‬وعلٌه فال تؤبه لما قد ٌقوله لك السعودٌون والكوٌتٌون عن‬
‫اِلخوة والحفاظ على التضامن العربً فلكل طرؾ مصالح علٌه أن ٌرعاها ‪ .‬إن السعودٌٌن ٌرٌدون إضعافنا واستؽالل تنازالتنا للعراقٌٌن وذلك لكً‬
‫نقدم لهم تنازالت فً المنطقة المنزوعة السالح ‪ .‬أما العراقٌون فٌرٌدون تعوٌض خسابر الحرب من مواردنا ‪ .‬ولن نستجٌب لمطالب أي منهما …‬
‫وذلك أٌضا هو موقؾ أصدقابنا فً مصر وواشنطن ولندن ‪ .‬ونتمنى لك حظا سعٌدا ‪".‬‬
‫وبعث اِلمٌر برسالة إلى الملك فهد ٌشكره فٌها على دعوته وٌبلؽه بؤن أخاه سٌمثله وٌبدو فٌها فً ؼاٌة التفاإل بقوله ‪:‬‬
‫" دعنً اشكرك وأثنً على مجهودك اِلخوي وحكمتك وبعد نظرك ‪ .‬ونحن على ٌقٌن من اجتماعنا برعاٌتكم ودعمكم سوؾ ٌإدي بمشٌبة ّللا إلى‬
‫النتاب المرجوة والى التخلص من المصاعب والى المتبادلة والحب للجمٌع ‪" .‬‬
‫وكانت الرسالتان والمالحظة لولً العهد مإشرات هامة على أن قمة جدة لن تنجح ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وفً ‪ 27‬تموز ارسلت وكالة المخابرات المركزٌة اِلبٌض صورا جوٌة لحشود متزاٌدة من الرجال والتعاد ‪ .‬فبادرت واشنطن إلى تحذٌر الكوٌت‬
‫ومصر والسعودٌة ‪ .‬لكن ردود هذه الدول على التحذٌر أجمعت على استبعاد فكرة الؽزو وتحدثت عن " ابتزاز عراقً " للحصول على جزٌرتٌن‬
‫كوٌتٌتٌن فً الخلٌ وعلى حقل نفط متنازع علٌه ‪ .‬وشاركتهم الرأي وزارة الخارجٌة اِلمٌركٌة ومجلس اِلمن القومً ‪.‬‬
‫وفً ‪ٌ 18‬ولٌو أخذت تقارٌر وكالة االستخبارات المركزٌة تبدو أكثر دقة وتنذر بالمزٌد من الخطر ‪ .‬إذ ذكرت أن الربٌس العراقً أنشؤ خطوط إمداد‬
‫واسعة لقواته العسكرٌة المتمركزة على الحدود ‪ ،‬كما أشارت بوجه خاص إلى العدد الكبٌر من الشاحنات الذي ٌوفر الدعم اللوجستً ‪ .‬وكان ولٌم‬
‫وبستر مدٌر الوكالة مقتنعا بؤن مثل ذلك الدعم اللوجستً ضروري إذا كان الؽرض من العملٌة مجرد الترهٌب ‪.‬‬
‫وأخذت وكالة االستخبارات تتلقى معلومات جدٌدة فً كل ساعة تقرٌبا ‪ .‬وكان مصدر اكثر هذه المعلومات هو من وكالة اِلمن القومً ‪.‬‬
‫كانت هذه الوكالة التً تفوق وكالة االستخبارات كثٌرا فً حجمها ومٌزانٌتها أكبر وأحدث مركز للمعلومات فً العالم ‪ .‬وهً تقوم فً " فورت مٌد "‬
‫بالقرب من واشنطن وتتؤلؾ ‪ ،‬كالدماغ البشري ‪ ،‬من منطقتٌن ‪ :‬منطقة الٌمٌن المسماة " كارٌبون " ومنطقة الٌسار " لودستون " ‪ .‬وكانت لدٌها‬
‫أجهزة كومبٌوتر ضخمة قادرة على استٌعاب ‪ 200‬ملٌون كلمة فً الثانٌة أي ما ٌعادل ‪ 2500‬من الكتب التً ٌحوي كل واحد منها ‪ 300‬صفحة ‪.‬‬
‫وبفضل مراكز التنصت التابعة لها والموزعة فً أرجاء العالم وأقمار تجسسها ‪ ،‬كانت قادرة على التقاط اِلحادٌث السرٌّة وعلى تحدٌد تحركات‬
‫الفرق العسكرٌة ‪ ،‬مهما صؽرت ‪ ،‬فً كل نقطة من اِلرض ‪ .‬وهً بفضل محللٌها ورٌاضٌٌها ومترجمً رموزها ‪ ،‬وكلهم من أفضل الجامعٌٌن‬
‫اِلمٌركٌٌن ‪ ،‬تستطٌع حتى معرفة دقابق حدٌث ٌجري فً ؼرفة مقفلة وذلك بقٌاس الكترونً لذبذبات زجاج النوافذ بواسطة أشعة ؼٌر مربٌة ‪.‬‬
‫فً ‪ 28‬تموز نفسه ‪ ،‬قابل ٌاسر عرفات صدام حسٌن الذي طلب منه الذهاب إلى الكوٌت وقال له‪" :‬تحدث مع اِلمٌر وأبلؽه أنه إذا دفع عشرة‬
‫ملٌارات دوالر مقابل استثماره حقل الرمٌلة النفطً على الحدود‪ ،‬فسوؾ اسحب بعض قواتً"‪.‬‬
‫ولم ٌقل حقل صدام حسٌن لعرفات بؤنه ال ٌعتزم ؼزو الكوٌت ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وفً ‪ 29‬تموز وصل ربٌس منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة إلى الكوٌت ‪ .‬واضطر إلى انتظار ساعات طوٌلة قبل مقابلته اِلمٌر ‪ .‬وما أن بدأ عرفات‬
‫بعرض االقتراح العراقً حتى قاطعه اِلمٌر جابر بفظاظة ‪ " :‬ال أرٌد النقاش فً هذا الموضوع ‪ .‬فخالل ثمانٌة وأربعٌن ساعة سؤكون فً طرٌقً‬
‫إلى جدة لعقد قمة مع العراق ولنتكلم بدال من ذلك عن الهجرة الٌهودٌة السوفٌٌتٌة إلى إسرابٌل "‪.‬‬
‫كان االحتقار والجفاء ٌطؽٌان على لهجة االمٌر ‪ .‬وبالرؼم من المهانة التً شعر بها عرفات فإنه لم ٌستطع أن ٌقول شٌبا ‪ .‬فالكوٌت كانت الممّول‬
‫الربٌسً لمنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة ‪.‬‬
‫وعند نهاٌة االجتماع حاول عرفات العودة إلى االقتراح العراقً ولكن االمٌر قاطعه من جدٌد ‪ " :‬قلت لك بوضوح ‪ ،‬ال أرٌد الخوض فً الموضوع‬
‫"‪.‬‬

‫‪530‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫"علٌكم دفع مبلػ عشرة مالٌٌن دوالر ‪ .‬فالعراقٌون خطرون ‪ .‬وأنت تعلم أننً أنا من الكوٌت وعشت فٌها عدة سنوات ‪ .‬حاولوا أن تحلوا المشكلة ‪" .‬‬
‫فؤجاب اِلمٌر سعد ‪ " :‬أنا ذاهب إلى جدة ‪ " .‬فقال عرفات ‪:‬‬
‫" ال تذهب خالً الوفاض ‪ .‬اقترح حالً ‪ " .‬فؤتى اِلمٌر بحركة تدل على الضجر وقال ‪ " :‬القرار اِلخٌر لألسؾ لٌس بؤٌدٌنا " ‪ .‬وكان من الواضح‬
‫أنه فً ؼاٌة القلق بسبب تطور اِلحداث على ذلك النحو ‪ .‬فسؤله عرفات ‪ " :‬هل أنتم مستعدون لمجابهة عسكرٌة " ‪ .‬فهز سعد رأسه وقال ‪:‬‬
‫" ال لسنا أقوٌاء كالعراق ‪ .‬ونحن ال ننوي القتال " ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وبحلول ‪ 30‬تموز صار بمقدور وكالة االستخبارات المركزٌة تكوٌن صورة تقدٌرٌة واضحة للحشود العراقٌة قرب الحدود الكوٌتٌة ‪100 , 000 :‬‬
‫( مبة ألؾ ) جندي عراقً بٌنهم قوات النخبة التابعة للحرس الجمهوري ‪ 300 ،‬دبابة و ‪ 300‬مدفع ثقٌل ‪ .‬وكانت واشنطن ال تزال تلتزم الصمت ‪.‬‬
‫ولم ٌقطع حبل الصمت إال عندما دخل جون كٌلً فً الٌوم التالً مبنى الكابٌتول لٌدلً بشهادته أمام لجنة الشرق اِلوسط الفرعٌة التابعة لمجلس‬
‫النواب ‪ .‬وبعد أن أدلى بها أجاب بهدوء على اِلسبلة التً وجهت إلٌه وخصوصا أسبلة النابب لً هاملتون الذي قال ‪:‬‬
‫" ورد فً الصحؾ تصرٌح لوزٌر الدفاع رٌتشارد تشٌنً ٌقول فٌه إن الوالٌات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن الكوٌت إذا هوجمت ‪ .‬فهل هذا هو ما‬
‫صرح به ؟ هل ٌتفضل السٌد كٌلً بتوضٌح هذا اِلمر ؟ " فرد كٌلً بقوله ‪:‬‬
‫" ال أعرؾ التصرٌح الذي تشٌر إلٌه ‪ .‬ولكننً واثق من موقؾ الحكومة من هذه القضٌة ‪ .‬لٌست هناك معاهدة بٌننا وبٌن دول الخلٌ ‪ .‬هذا واضح ‪.‬‬
‫ونحن ندعم استقالل وأمن جمٌع الدول الصدٌقة فً المنطقة ‪ .‬ولنا قوات بحرٌة فً المنطقة منذ عهد ادارة ترومان وذلك ِلن استقرارها ٌخدم‬
‫مصالحنا ‪ .‬ونحن ندعو إلى حل سلمً لجمٌع النزاعات ونعتقد بوجوب احترام سٌادة كل دولة فً الخلٌ " ‪ .‬فقال لً هاملتون ‪:‬‬
‫" وماذا سٌكون موقفنا من استخدام القوات اِلمٌركٌة إذا تجاوز العراق مثال الحدود الكوٌتٌة ؟ فرد كٌلً بقوله ‪:‬‬
‫" هذا سإال افتراضً ال أستطٌع التعرض له ‪ .‬واكتفً بالقول بؤن هذا سٌكون موضع اهتمامنا الشدٌد ولكنً ال أستطٌع الخوض فً مٌادٌن‬
‫االفتراض " ‪ .‬فسؤله لً هاملتون ‪:‬‬
‫" لكن إذا حدث شًء من هذا فهل ٌكون موقفنا صحٌحا إذا قلنا بؤنه ال توجد معاهدة أو التزام ٌوجب استخدام القوات اِلمٌركٌة ؟ " فؤجاب كٌلً ‪:‬‬
‫" هذا صحٌح تماما " ‪.‬‬
‫وأذاعت محطة االذاعة البرٌطانٌة (بً بً سً) تصرٌحات كٌلً وسُمعت فً بؽداد ‪ .‬وعلٌه ففً هذا الوقت الحرج وعندما السلم والحرب فً‬
‫المٌزان أرسل كٌلً إشارة إلى صدام ٌمكن اعتبارها تعهدا بعدم تدخل الوالٌات المتحدة ‪.‬‬
‫وال ٌوجد فً تارٌخ الدبلوماسٌة اِلمٌركٌة الحدٌث سو خطؤ واحد فً الحسابات مثل هذا وذلك عندما قال دٌن أتشٌسون وزٌر الخارجٌة للكونجرس‬
‫عام ‪ 1950‬بؤن " كورٌا الجنوبٌة لٌست فً مجال الدفاع اِلمٌركً ‪ " .‬وفً اعقاب ذلك قامت كروٌا الشمالٌة بؽزو كورٌا الجنوبٌة ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫وفً الٌوم ذاته ؼادر ثالثة من المسإولٌن العراقٌٌن بؽداد إلى جدة لالجتماع بالوفد الكوٌتً ومواصلة المفاوضات ‪ .‬وكان هذا االجتماع آخر خٌط‬
‫رفٌع ٌربط العالم " بمنطق السلم " وكان هذا الخٌط على وشك االنقطاع ‪ .‬وقبل موعد االجتماع بثالث ساعات فقط أعلن أمٌر الكوٌت بؤنه لن‬
‫ٌحضره وأن ولً العهد سوؾ ٌمثله فٌه ‪.‬‬
‫وكان لهذا النبؤ وقع " اإلهانة القاتلة " على صدام حسٌن ‪ ،‬وقرر هو اآلخر عدم الذهاب إلى جدة وإرسال عزت إبراهٌم الرجل الثانً فً حزب‬
‫البعث ‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫(( إنها البداٌة فقط ))‬
‫كان مإتمر جدة حدثا مضطربا مؤساوٌا أد إلى الحرب ِلنه لم ٌكن بمقدور أحد أن ٌتجنبها ‪ .‬كما أنه لم ٌكن لد أحد رؼبة فً ذلك ‪.‬‬
‫واجتمع الوفدان فً ؼرفة بمركز المإتمرات الحدٌث فً العاصمة السعودٌة فً الساعة السادسة من مساء ‪ 31‬تموز ‪.‬‬
‫وضم الوفد الكوٌتً الشٌخ سعد ولً العهد وربٌس الوزراء ووزٌر العدل الذي كان قد أظهر حكمة وبعد نظر فً خطابه فً اجتماع مجلس الوزراء‬
‫قبل ذلك بثالثة عشر ٌوما ‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وضم الوفد العراقً باالضافة إلى عزت ابراهٌم ـ نابب ربٌس مجلس قٌادة الثورة والرجل الثانً فً حزب البعث ـ سعدون حمادي ربٌس الوزراء ‪،‬‬
‫وعلً حسن المجٌد ابن عم صدام حسٌن الذي سوؾ ٌُعٌن بعد ذلك بؤسابٌع قلٌلة حاكما للكوٌت ‪.‬‬
‫وبقً الكوٌتٌون والعراقٌون فً جدة حتى الٌوم التالً أي اِلول من أؼسطس ‪ ،‬لكن المفاوضات الحقٌقٌة لم تدم على أكثر تقدٌر أكثر من ساعة‬
‫ونصؾ من السادسة إلى السابعة والنصؾ من مساء الٌوم اِلول ورفعت الجلسة بعد ذلك وذهب المشاركون إلى الجامع للصالة ‪.‬‬
‫وحٌا اِلمٌر عبد ّللا ولً العهد السعودي الوفدٌن لكن لم ٌكد ٌبدأ االجتماع حتى ؼادر القاعة ‪.‬‬
‫***‬
‫بدأ العراقٌون بالكالم فتال عزت ابراهٌم بٌانا ً مُعدا كرر فٌه االتهامات العراقٌة للكوٌت واحدا تلو اآلخر ‪ .‬لكن بٌانه خال من أي اتهام محدد ‪ .‬وقرأه‬
‫ببطء وعناٌة شدٌدة وبدون أن ٌزٌد علٌه كلمة واحدة ‪ .‬وجاءت لؽته ؼرٌبة تتخللها التعابٌر الدٌنٌة ‪ .‬وقال أحد الكوٌتٌٌن ممن حضروا االجتماع ‪" :‬‬
‫لقد ولد لدٌنا شعورا ؼرٌبا ‪ .‬ان علٌه مسحة من التزمت بدا معها وكؤنه موعظة فً أحد الجوامع‪" .‬‬
‫أحدثت هذه المقدمة فً البداٌة ارتباطا لد الكوٌتٌٌن ‪ .‬لكن ما لبث الشٌخ سعد ولً العهد أن أخذ ٌفند بهدوء المظالم العراقٌة واحدة بعد أخر ‪.‬‬
‫وبالرؼم من أن الجو لم ٌكن قد توتر كثٌراً فان احتمال فشل المإتمر بدا واضحا للجانبٌن‪.‬‬
‫قال سعدون حمادي ‪ " :‬إن هذا االجتماع الذي علقنا علٌه اآلمال الكبٌرة تكشؾ عن خٌبة أمل شدٌدة ‪ .‬لقد اعتبرناه فرصتنا اِلخٌرة ‪ ،‬وتوقعنا أن‬
‫ٌحمل لنا الكوٌتٌون مشروع حل ‪ .‬كنا على اتصال بهم وشرحنا لهم كل شًء بوضوح ‪ .‬ولكن لم ٌكن لدٌهم أي شًء ملموس ٌعرضونه ‪ .‬ولم ٌخرج‬
‫ما كان لدٌهم من حج ٌدافعون بها عن أنفسهم وادعاءات ببطالن اتهاماتنا لهم " ‪.‬‬
‫وقال الشٌخ سعد ولً العهد الكوٌتً ‪ " :‬دار النقاش حول البترول ‪ .‬وقال العراقٌون أٌضا بؤن الكوٌتٌٌن بدأوا بوضع قوات من الشرطة داخل‬
‫اِلراضً العراقٌة‪ ،‬وأن الكوٌت قد ؼٌرت سٌاستها وأن سٌاستها الجدٌدة تعرض مستقبل االمارة للخطر وردت على جمٌع المالحظات واِلسبلة‬
‫بطرٌقة مباشرة " ‪.‬‬
‫فً إحد مراحل االجتماع انتقل المفاوضان الربٌسان إلى ؼرفة جانبٌة وتحدثا لمدة ‪ 10‬دقابق ‪ .‬ثم سؤل عزت ابراهٌم ‪ ،‬ربٌس الوفد العراقً االمٌر‬
‫سعد ‪ " :‬ما رأٌكم بدعوة أعضاء الوفدٌن كً ٌسمعوا ما عندكم ؟ " فوافق ربٌس الوفد الكوٌتً ‪ .‬وقد بدا الجو ؼٌر العدابً السابد متناقضا مع‬
‫خطورة المواضٌع المطروحة ‪.‬‬
‫بدأ الجو بالتوتر عند طرح اِلمور المالٌة ‪ .‬وبالرؼم من نفً الفرٌقٌن ‪ ،‬فإن اِلمور المالٌة كانت موضع نقاش حاد طوٌل ‪.‬‬
‫طلب عزت ابراهٌم مبلػ ‪ 10‬ملٌارات دوالر ‪ ،‬وعلى شكل قرض إن استحال تقدٌمها كهبة ‪ .‬وبعد أخذ ورد وافق ولً العهد على تقدٌم قرض بمبلػ‬
‫تسعة بالٌٌن دوالر ‪ .‬وأحسّ العراقٌون بؤن المقصود من إنقاص المبلػ ملٌاراً واحدا هو محاولة مقصودة إلذاللهم ‪ ،‬فؤجابه عزت ابراهٌم بقوله ‪ " :‬ال‬
‫لست مخوال من قبل الربٌس صدام حسٌن بقبول أقل من ‪ 10‬بالٌٌن دوالر " ‪.‬‬
‫وبعد رفع الجلسة فً السابعة والنصؾ وتؤدٌة الصالة ‪ ،‬عاد الوفد الكوٌتً إلى الفندق بانتظار حفل العشاء الذي ٌقٌمه الملك فهد ‪.‬‬
‫ٌقول عبد ّللا بشارة أمٌن سر مجلس التعاون الخلٌجً الذي حضر المناقشات ‪ " :‬اقترحنا على ولً العهد السعودي تقدٌم اقتراح ٌتفق بموجبه‬
‫الطرفان على النقاط االربع التالٌة ‪ :‬وقؾ جمٌع الدعاٌات العدابٌة فً وسابل االعالم وخاصة العراقٌة ؛ وانسحاب القوات المرابطة على الحدود بٌن‬
‫البلدٌن ‪ ،‬ثم ‪ ،‬وهذا هو اِلهم سٌاسٌا ‪ ،‬اعتماد إجراءات كفٌلة بزرع الثقة المتبادلة بٌن البلدٌن بواسطة الحوار والزٌارات … الخ‪ ،‬وأخٌرا التوصل‬
‫إلى اتفاق حول االجتماع المقبل"‪.‬‬
‫وهكذا تقرر مواصلة المفاوضات فً بؽداد ‪ ،‬اِلمر الذي رسّخ اعتقاد الكوٌتٌٌن بؤن العراقٌٌن لن ٌنفذوا أٌا من تهدٌداتهم ‪ .‬والواقع أننا إذا أخذنا بعٌن‬
‫االعتبار خطورة الوضع والقلق الدولً المتزاٌد وجدنا أن النقاط اِلربع التً وافق الوفد الكوٌتً ال تخلو من مسحة خٌالٌة ‪.‬‬
‫وكانت ردود فعل أسواق النفط العالمٌة على الحشود العراقٌة على الحدود الكوٌتٌة قد بدأت تظهر ‪ .‬ففً ذلك الٌوم الذي كان الوفدان ٌستعدان فٌه‬
‫لمؽادرة القصر الملكً السعودي حٌث كان الملك فهد فً انتظارهم ‪ ،‬ارتفع سعر برمٌل النفط ‪ 45‬سنتا وبلػ سعر نفط برنت حوالً عشرٌن دوالراً‪.‬‬
‫بدأ تقدٌم العشاء فً التاسعة والنصؾ ‪ .‬وحضر الملك فهد ومعه الملك حسٌن الذي كان قد وصل قبل بضع ساعات ‪ .‬وجلس الملك وعلى ٌمٌنه ولً‬
‫العهد الكوٌتً وعلى شماله عزت ابراهٌم ‪ .‬وأحٌط الملك فهد قبل جلوسه إلى المابدة علما بمجر المفاوضات وخصوصا برفض الكوٌتٌٌن رفع مبلػ‬
‫القرض من تسعة إلى عشرة بالٌٌن دوالر ‪ .‬وساد المكان جو ثقٌل حاول الملك فهد جهده أن ٌخفؾ من وطؤته بالحدٌث عن مباه تربٌة الخٌول‬
‫اِلصٌلة وتوالدها ‪ .‬لكن تبادل الحدٌث انقطع ‪ .‬وظل الملك ٌتحدث وكؤنه ٌتحدث مع نفسه ـ إذ الذ العراقٌون بالصمت وخٌم على الكوٌتٌٌن جو من‬

‫‪532‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الكآبة وتشتت الفكر ـ وكان الفرٌقان ٌحاوالن إخفاء شعورهما بخٌبة اِلمل بالرؼم من أن أحد المفاوضٌن الكوٌتٌٌن ادعى فٌما بعد بؤن العراقٌٌن‬
‫كانوا فً قرارة نفوسهم مسرورٌن ـ قال ‪ " :‬كانوا على وشك االنتهاء من اجتماع انتهى إلى الجمود ‪ .‬وهذا بالضبط ما كانوا ٌرٌدونه " ‪.‬‬
‫وقبٌل انتهاء المؤدبة التفت الملك فهد إلى ضٌوفه وعلى شفتٌه ابتسامة عرٌضة وأعلن أن السعودٌة ستدفع البلٌون دوالر المختلؾ علٌه ـ " كهدٌة من‬
‫بالدي للعراق وبدون أٌة شروط " ‪.‬‬
‫فشكره العراقٌون بحرارة ‪ .‬وبعد قلٌل انسحب إلى داخل القصر ‪ .‬وال بد أنه ظن أن مبادرته كافٌة لتنفٌس االحتقان لد الوفدٌن ‪ .‬وكان هذا أٌضا‬
‫تقدٌر الملك حسٌن الذي نهض أٌضا وترك الكوٌتٌٌن والعراقٌٌن وحدهم ‪.‬‬
‫فقال الشٌخ سعد لعزت ابراهٌم ‪ " :‬قبل أن نضع التفاصٌل المتعلقة بالقرض علٌنا أن نطرح للبحث مسؤلة أخر ‪ .‬علٌنا أن نرسم بالضبط الحدود بٌن‬
‫البلدٌن ـ وٌمكننا أن نقوم بذلك اآلن وفً هذا االجتماع ‪ .‬ومن ثم ٌكون المبلػ بٌن أٌدٌكم " ‪ .‬فاستولى الؽضب على عزت ابراهٌم واتهم الكوٌتٌٌن‬
‫بسوء النٌة وسؤل ولً العهد الكوٌتً ‪ " :‬لماذا لم تطرحوا مسؤلة الحدود فً بداٌة االجتماع ؟ " ‪.‬‬
‫وجاء جواب ولً العهد الكوٌتً ؼرٌبا‪ .‬قال ‪ " :‬لم تكن لدٌنا أوامر من اِلمٌر بمعالجة هذه القضٌة عند بدء االجتماع "‪.‬‬
‫فاشتدت حدة النقاش وقال ولً العهد الكوٌتً بؤن الكوٌت تلقت تؤكٌدات من الحكومة البرٌطانٌة بؤن العراق لن ٌهاجم ‪ .‬وال رٌب فً أن عبارته هذه‬
‫كانت مإسفة واستفزازٌة ـ وقال له عزت ابراهٌم ‪ " :‬إننا نعرؾ تماما كٌؾ نحصل على المال الذي نحتاج إلٌه منكم ومن السعودٌٌن "‪.‬‬
‫وعندما قال هذا كان هو وسعد ٌقفان أحدهما قبالة اآلخر وهو ٌصٌح ؼاضبا ‪ .‬فؤجابه سعد ‪ " :‬ال تهددنا ‪ .‬فالكوٌت لها أصدقاء أقوٌاء جداً ( ومن‬
‫المإكد أنه كان ٌقصد الوالٌات المتحدة وبرٌطانٌا ) ‪ .‬ولدٌنا حلفاء أٌضا ‪ .‬وسوؾ تضطرون إلى تسدٌد ما علٌكم من دٌون لنا " ‪.‬‬
‫كانت هذه التهدٌدات آخر ما صدر عن الطرفٌن ‪ .‬وافترق الوفدان بدون أن ٌتبادال التحٌات الرسمٌة وعادا إلى فندقٌهما ‪ .‬وكانت الساعة قد تجاوزت‬
‫الواحدة والنصؾ بعد منتصؾ اللٌل والملك فهد ؼارق فً النوم ‪.‬‬
‫وفً العاشرة من صباح اِلول من أؼسطس وبٌنما كان سعدون حمادي فً ؼرفته بالفندق تلقى مكالمة هاتفٌة من وزٌر خارجٌة الكوٌت الذي اقترح‬
‫إصدار بٌان مشترك ‪ ،‬وذكر النقاط التً ٌر أن ٌشتمل علٌها ‪ .‬وأصؽى حمادي باهتمام ‪ .‬وفوجا بعبارة وردت فٌها وتشٌر إلى " إحراز تقدم "‬
‫فقال بؤن علٌه أن ٌتصل بربٌس وفده ‪.‬‬
‫وذهب سعدون إلى ؼرفة عزت ابراهٌم وأبلؽه االقتراح الكوٌتً ‪ .‬فقال عزت ابراهٌم ‪ " :‬هذا لٌس صحٌحا ‪ .‬لم نستطع تسوٌة شًء ‪ .‬ال نستطٌع أن‬
‫نفعل ذلك " ‪.‬‬
‫واتصل حمادي بالوزٌر الكوٌتً وأبلؽه بؤن لكل وفد أن ٌصدر بٌانه وٌصرح للصحافة بما ٌشاء ‪.‬‬
‫وؼادر الوفد الكوٌتً جدة فً الساعة الرابعة بعد الظهر ‪ .‬وحال وصوله إلى الكوٌت توجه ولً العهد إلى مكتب اِلمٌر بقصر بٌان الذي شٌد عام‬
‫‪ 1986‬لٌكون مقراً للمإتمرات ‪ .‬وكان خالل رحلة العودة ٌبدو قلقا وقال العضاء الوفد ‪ " :‬إننً أر فً االفق شبح الكارثة " ‪.‬‬
‫* * *‬
‫فً صباح اِلول من أؼسطس أٌضا كان الشاذلً القلٌبً فً القاهرة ‪ .‬وكان قد وصل إلٌها قبل ذلك بٌومٌن للمشاركة فً مإتمر إسالمً ٌهدؾ إلى‬
‫العودة إلى وحدة الصؾ العربً ‪ .‬وعندما أفاق فً صباح ذلك الٌوم قرأ فً أخبار الصباح أن قمة جدة لم تسفر عن أي اتفاق ‪ .‬وكان قبل ذلك على‬
‫ٌقٌن بؤن االجتماع سٌسفر عن التوصل إلى اتفاق ‪ .‬فؤقلقته اِلخبار الواردة من السعودٌة ‪ .‬فرفع سماعة التلفون واتصل بالشٌخ صباح وزٌر الخارجٌة‬
‫الكوٌتٌة ‪ .‬فهدأ الشٌخ صباح مخاوفه وقال له بؤن اجتماع جدة لم ٌكن سو اجتماع بروتوكولً وأنه سٌكون هناك فً الرابع من أؼسطس اجتماع‬
‫آخر ببؽداد حٌث ـ كما أضاؾ ـ سٌجري التوصل إلى حل ‪ .‬وأعاد القلٌبً السماعة إلى مكانها وهو ٌشعر بتفاهة ما سمعه ‪ .‬فؤجر مكالمة ثانٌة مع‬
‫اِلمٌر عبد ّللا بالسعودٌة ‪ ،‬وسؤله عما جر فً الٌوم السابق ‪ .‬وجاء الجواب صرٌحا ‪ " :‬كان أصدقاإنا العراقٌون كالكوٌتٌٌن فً ؼاٌة التشدد ‪ .‬وما‬
‫هذا سو البداٌة ‪ .‬فلننتظر ما سٌجري فً بؽداد " ‪.‬‬
‫* * *‬
‫وؼادر العراقٌون السعودٌة بدون حتى وداع مضٌفهم ‪ .‬تركوا جدة قبل الظهر ‪ .‬وبعد أن توقفوا قلٌال فً المدٌنة المنورة ( ِلن سعدون حمادي كان‬
‫شٌعٌا تقٌا ) واصلوا رحلتهم ‪ ،‬فوصلوا بؽداد فً الرابعة بعد الظهر ‪ .‬وتوجه عزت ابراهٌم على الفور لالجتماع بصدام حسٌن الذي كان ٌنتظره‬
‫بفارغ الصبر وأطلعه على أسباب فشل االجتماع بالتفصٌل ‪ .‬فاستدعى صدام حسٌن أعضاء مجلس قٌادة الثورة ‪ .‬وقبل مرور نصؾ ساعة كان قد‬
‫اتخذ قرار ؼزو الكوٌت فً تلك اللٌلة ‪.‬‬
‫** *‬

‫‪533‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 45‬مٌال عن الكوٌت عن وقوع‬ ‫وفً الٌوم ذاته ارتفع سعر البترول ‪ 60‬سنتا ولم ٌسمع فً العبدلً نقطة الحدود الوحٌدة بٌن البلدٌن والتً تبعد‬
‫حوادث ‪ .‬وواصلت السٌارات مرورها بشكل عادي ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً اسرابٌل شاعت قصة مسلٌة عن خبٌر خطوط طلب منه أن ٌفحص خط صدام حسٌن لكن بدون أن ٌعرؾ أنه خطه ‪ .‬فقال بعد فحصه ‪ " :‬إن‬
‫كاتب هذا بحاجة إلى مساعدة طبٌة نفسانٌة " ‪ .‬وحتى هذا الوقت لم ٌبد القلق على االسرابٌلٌٌن ولم ٌبدأوا بالتعببة ‪ .‬ففً ذلك الٌوم ذاته تزوج المٌجر‬
‫جنرال أمنون شاهاك ربٌس المخابرات العسكرٌة ‪ .‬وفً حفل االستقبال الذي أقٌم سؤله الصحفٌون عما إذا كانت البالد معرضة للؽزو العراقً ‪.‬‬
‫فاعتبر السإال مسلٌا وأجاب بالنفً ‪ .‬وبعد ذلك ببضع ساعات ذهب لقضاء شهر العسل ‪.‬‬
‫***‬
‫وصل جٌمس بٌكر إلى اركوتسك ( فً قلب سٌبرٌا ) الساعة السابعة مساء ( حسب التوقٌت المحلً ) إلجراء محادثات مع نظٌره السوفٌٌتً ادوارد‬
‫شٌفارنادزه ‪ .‬ولم ٌخطر ببال أي منهما أن هذه المدٌنة اللطٌفة ذات الشوارع العرٌضة واِلبنٌة الداكنة ستشهد أول اختبار حقٌقً للعالقة اِلمٌركٌة‬
‫السوفٌٌتٌة الجدٌدة ‪.‬‬
‫فقد صرح جورج بوش ومٌخابٌل ؼورباتشوؾ فً كثرة من المناسبات أن " عهدا جدٌدا قد بدأ " ‪ .‬ولم ٌخطر ببالهما أنها ستبدأ بهذه الطرٌقة‬
‫المؤساوٌة ‪ .‬وكانت أخبار ما ٌجري فً الخلٌ تصل إلى بٌكر على خط خاص ٌصله بواشنطن ‪ .‬فؤخذ ٌشعر بؤن اِلمور تتخذ منحى خطٌراً ‪.‬‬
‫التقى بٌكر بشٌفارنادزه على عشاء خاص ‪ .‬ومنذ أصبح شٌفارنادزه ذو الشعر اِلبٌض واالبتسامة العرٌضة وزٌراً للخارجٌة قبل ذلك بخمس سنوات‬
‫‪ ) KGB‬ووزٌرا‬ ‫أثبت أنه مفاوض رابع ‪ .‬هذا بالرؼم من أنه لم ٌجر إعداده لهذا المنصب ‪ .‬إذ سبق له أن كان ضابطا فً المخابرات الروسٌة (‬
‫للداخلٌة وزعٌم جمهورٌة جورجٌا حٌث حكم بطرٌقة قمعٌة ‪ .‬وجلس االثنان فً المقعد الخلفً لسٌارة زٌل التً اخترقت شوارع اركوتسك واإلعالم‬
‫اِلمٌركٌة ترفرؾ فً وجه الرٌاح الباردة ‪.‬‬
‫أخذت االحداث تتوالً بسرعة ‪ ،‬وبدأت الوالٌات المتحدة تنفض عن نفسها ؼبار الخمول وتولً تطور االحداث اهتماما شدٌداً ‪ .‬وعقد اجتماع فً‬
‫وزارة الخارجٌة لمدٌري مختلؾ الوكاالت المعنٌة ففشل مإتمر جدة وحجم الحشود العراقٌة على الحدود أقنع المسإولٌن اِلمٌركٌٌن بان هدؾ صدام‬
‫لٌس مجرد الضؽط على الكوٌت ‪ .‬وتلقى المجتمعون معلومات من وكالة المخابرات المركزٌة مفادها أن ؼزو الكوٌت صار وشٌك الوقوع ‪.‬‬
‫وفً البنتاؼون عقد الجنرال كولن باول ربٌس اِلركان اجتماعا مؽلقا مع كبار العسكرٌٌن فً ؼرفة مجاورة لمقر القٌادة العسكرٌة ‪ .‬وكانت الؽرفة‬
‫هً ؼرفة المإتمرات المعروفة باسم ( المصفحة ) هً صومعة نظام الدفاع اِلمٌركً المحصنة ضد أي محاولة للتنصت‪.‬‬
‫حتى ‪ 30‬تموز لم ٌكن البنتاؼون ٌعتبر الؽزو العراقً أمرا محتمل الوقوع ‪ .‬فقد ذهب المحللون بؤن العراق ٌفتقر إلى أربع أمور أساسٌة وهً ‪ :‬نظام‬
‫لالتصاالت ‪ ،‬ومدفعٌة ‪ ،‬وذخٌرة ووسابل لوجستٌة ضرورٌة لدعم الهجوم ‪ .‬وبالرؼم من توافر هذه العناصر فً اِلول من أؼسطس فإنه لم ٌتنبؤ أحد‬
‫بالؽزو ‪ .‬والواقع أن أحد الحاضرٌن ـ وهو الجنرال نورامان شوارز كوؾ ـ عاد إلى مقره فً فلورٌدا ‪.‬‬
‫وفً تلك اِلثناء دعا مضر بدران ربٌس الوزراء اِلردنً إلى عقد جلسة مؽلقة للبرلمان وسبق لمضر أن رافق الملك حسٌن فً رحالته إلى‬
‫العواصم العربٌة للوساطة ‪ .‬وكان قبل ذلك بٌومٌن قد زار بؽداد والكوٌت بالتعوٌض عن خفض أسعار البترول ‪ .‬وهو ال ٌرٌد الؽاء دٌونه فقط ‪ .‬إنه‬
‫ٌصر على تجاوز الكوٌت واإلمارات الحد فً االنتاج عمال أسوأ من الحرب مع إٌران " ‪.‬‬
‫وواصل عرضه لمواقؾ العراقٌٌن لمدة ثالث ساعات ‪ .‬وقال أحد الحاضرٌن فٌما بعد ‪ " :‬كان من الواضح أنه ٌعرؾ بؤن الؽزو سٌقع فً الساعات‬
‫القلٌلة المقبلة وأنه أراد أن ٌهٌبنا لذلك " ‪.‬‬
‫ومن المصادفات الؽربٌة أن المخابرات العسكرٌة اإلسرابٌلٌة علمت بؤن الؽزو وشٌك الوقوع من مصادر أردنٌة بعد ظهر الٌوم ذاته ‪ .‬وعمال‬
‫باالتفاقات القابمة منذ عدة سنوات قامت فً الحال باخطار المركز المحلً لوكالة المخابرات المركزٌة اِلمٌركٌة ‪.‬‬
‫كانت الساعة تشٌر إلى السادسة والنصؾ مساء فً واشنطن عندما خرج رٌتشارد هاس المدٌر اِلعلى لشإون الشرق اِلوسط فً مجلس اِلمن‬
‫القومً من االجماع بوزارة الخارجٌة وعاد إلى البٌت اِلبٌض لالجتماع مع ربٌسه الجنرال برنت سكوكورفت ‪ .‬وهناك قدم تقرٌرا مفصال عن‬
‫مختلؾ بٌانات ووجهات نظر الذي حضروا االجتماع ‪ .‬وتبٌن شًء واحد وهو أنه لٌس هناك إجماع على أن العراق هو مجرد عرض للعضالت‬
‫إلجبار الكوٌت على تقدٌم تنازالت فً المفاوضات ‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبعد نصؾ ساعة ؼادر سكوكروفت وهاس مكاتب مجلس اِلمن القومً بالدور اِلرضً وصعدا لالجتماع ببوش فً مسكنه بالدور اِلول من‬
‫المبنى الربٌسً ‪ .‬وبٌنما كان ثالثتهم ٌناقشون نتاب االجتماع ودالالته رن جرس التلفون وعندما رفع سكوكروفت السماعة سمع صوت روبرت‬
‫كٌمٌت سكوكروفت أنه تلقى معلومات لم تتؤكد بعد عن وقوع أول إطالق نار بالكوٌت ‪.‬‬
‫كان كٌمٌت قد اتصل قبل ذلك بوقت قصٌر ببٌكر فً اركوتسك حٌث كانت الساعة تشٌر إلى السابعة من صباح الثانً من أؼسطس ‪ .‬وبما أن خط‬
‫التلفون لم ٌكن مؤمونا ً بسبب امكان التنصت إلٌه كان علٌه أن ٌنقل معلومات محدودة بعبارة ؼامضة ‪ .‬لكن بٌكر فهم فحو الرسالة ‪ :‬جمٌع الدالبل‬
‫تشٌر إلى أن الؽزو أصبح وشٌكا ‪.‬‬
‫وبعد ذلك بنصؾ ساعة إجتمع بشٌفارنادزه للمرة الثانٌة وأبلؽه ما سمعه من واشنطن ‪ .‬قال بٌكر ‪ " :‬إن مخابراتنا تقول بؤن القوات العراقٌة المحتشدة‬
‫على الحدود الكوٌتٌة تتلقى االمدادات باستمرار ‪ .‬ومن المتوقع وقوع الؽزو ‪ .‬نؤمل كبح جماح العراقٌٌن " ‪.‬‬
‫كان وزٌر الخارجٌة صدٌقا لجورج بوش ‪ .‬وكان كالهما نموذجا صادقا للمجتمع الراقً فً الساحل الشرقً وله القدرة على التعبٌر عن الوقابع‬
‫الدرامٌة باسلوب ال أثر فٌه لالنفعال ‪ .‬وتحدث بٌكر عن اِلمر مع شٌفارنادزه الذي صار ٌكن له االحترام بكلمات محسوبة كما لو كان ٌتحدث إلى‬
‫زمٌل له من أٌام الدراسة ببرنستون ‪.‬‬
‫واستمع شٌفارنادزه إلى بٌكر بمزٌ من عدم التصدٌق واالحراج ‪ .‬وأجابه بؤن الزعماء السوفٌٌت ٌعرفون صدام حسٌن منذ زمن طوٌل وأضاؾ‬
‫وهو ٌبتسم ‪ " :‬إنه ٌتعامل معنا ‪ .‬وأنا أثق فٌه ‪ .‬وال أعتقد أنه ٌعتزم ؼزو الكوٌت " ‪.‬‬
‫وفً أعقاب ذلك مباشرة عقدا مإتمرا صحفٌا وهما ال ٌعرفان أن ؼزو الكوٌت قد وقع بالفعل ‪.‬‬
‫كانت الساعة تشٌر إلى التاسعة عندما تلقى الربٌس بوش وزمٌاله معلومات اكثر تفصٌال من دوابر المخابرات تإكد أبعاد الؽزو ‪ .‬إذ لم ٌكتؾ صدام‬
‫باحتالل الحدود بل تجاوز إلى اجتٌاح البالد ‪.‬‬
‫* * *‬
‫فً مدٌنة الكوٌت استٌقظ ولً العهد فً الساعة الواحدة والنصؾ صباحا ( العاشرة والنصؾ مساء بتوقٌت ؼرٌنتش ‪ ،‬والسادسة والنصؾ مساء‬
‫بواشنطن) عندما تلقى مكالمة مقلقة من وزٌر الدفاع الذي كان ٌتكلم من مركز القٌادة العسكرٌة ٌقول فٌها بؤن صدام ٌرٌد االستٌالء على آبار النفط‬
‫القرٌبة من الحدود وربما أٌضا على جزٌرتً بوبٌان ووربة عند مدخل الخلٌ اللتٌن كان ٌطمح إلى الحصول علٌهما منذ سنوات ‪.‬‬
‫اتصل ولً العهد سعد على الفور بعدد من افراد االسرة الحاكمة ‪ .‬وكان الذهول قد سٌطر علٌهم جمٌعا ‪ .‬وازدادت حدته عندما أخذت اِلنباء ترد‬
‫بالتدرٌ عن تحرك مبات الدبابات الثقٌلة السوفٌٌتٌة الصنع من طراز ت ‪ 62‬إلى الكوٌت ‪ .‬وكانت على بعد ‪ 35‬مٌال من العاصمة ترافقها شاحنات‬
‫تحمل مبات الجنود والعربات المساندة الملٌبة بالبترول والماء ‪.‬‬
‫* * *‬
‫أذاع رادٌو بؽداد بٌانا أعلن فٌه أن " جماعة كانت تحاول قلب الحكومة الكوٌتٌة " ‪.‬‬
‫وقبل مضً وقت طوٌل أصدر مجلس قٌادة الثورة بٌانا ٌقول إن المحاولة نجحت وإن " الثوار الشباب ٌطلبون المساعدة من العراق ‪ .‬وردا على نداء‬
‫الحكومة المإقتة الجدٌدة فً الكوٌت قرر العراق تلبٌة طلبهم للمساعدة " ‪ .‬وأضاؾ البٌان بشكل محدد ‪ " :‬لقد دعا العراق إلى منع كل إمكان للتدخل‬
‫اِلجنبً فً شإون الكوٌت وفً مصٌر الثورة " ‪ .‬وأدانت إذاعة بؽداد آل الصباح وقالت " إنهم خونة وعمالء للصهٌونٌة "‪.‬‬
‫وتم بسرعة تحٌٌد القاعدتٌن الجوٌتٌن الربٌسٌتٌن فً الكوٌت ‪ .‬فاحتلت وحدات المظلٌٌن قاعدة أحمد الجابر قرب المطار بدون أٌة مقاومة ‪.‬‬
‫وقصفت قاعدة علً السالم قرب الحدود السعودٌة قصفا ثقٌال قبل نزول المروحٌات المحملة بالجنود ‪.‬‬
‫وبعد الؽزو مباشرة هبطت طابرة تابعة للخطوط الجوٌة البرٌطانٌة وهً فً رحلتها رقم ‪ 149‬إلى كواال المبور فً مطار الكوٌت الذي ٌبعد ثمانٌة‬
‫أمٌال عن العاصمة ‪ .‬وكانت الطابرة من طراز بوٌنػ ‪ 747‬وعلى متنها ‪ 367‬راكبا وطاقم ٌتؤلؾ من ثمانٌة عشر شخصا ‪ .‬وبعد هبوطها على‬
‫المدرج فً الساعة الثانٌة صباحا ببضع دقابق أخذت الطابرات العراقٌة تقصؾ المطار بٌنما كان طابور مدرع ٌتجه إلٌه ‪ .‬فوقع المسافرون فً الفخ‬
‫وصار من الممكن تحوٌلهم إلى رهابن ‪.‬‬
‫ولم ٌبد الجٌش الكوٌتً المإلؾ من ‪ 25000‬جندي سو مقاومة ضبٌلة آللة الحرب العراقٌة ‪.‬‬
‫* * *‬
‫فً الرابعة صباحا تبٌن لولً العهد وباقً أسرة آل الصباح أنه ال أمل فً وقؾ الحرب ‪ .‬وكانوا على اتصال دابم بواسطة التلفون بالسفارة اِلمٌركٌة‬
‫‪ .‬وعندما عُلم بؤن طالبع القوات أصبحت على بعد بضعة أمٌال من العاصمة قرر اِلمٌر وأقرب أفراد أسرته إلٌه مؽادرة قصر دسمان المسوّ ر حٌث‬

‫‪535‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان ٌعٌش عدد من أفراد اِلسرة الحاكمة ‪ .‬وأخذ أفراد الحرس اِلمٌري مواقعهم حول القصر ‪ .‬لكن لم ٌكن لد أي منهم أمل فً الدفاع بشكل فعال‬
‫ضد النٌران العراقٌة ‪ .‬وأخذ الخوؾ ٌحل محل الذعر ‪ .‬وصارت تتلو اِلوامر أوامر مضادة ‪ :‬فهل كان علٌهم مؽادرة القصر فً الحال أو االنتظار ؟‬
‫وهل كان علٌهم االتصال بإحد القاعدتٌن الجوٌتٌن العسكرٌة إلعداد طابرة ؟ وكان اِلمٌر قد فقد ثقته بالقوات الجوٌة ‪ ،‬فقال بؤنه ٌحتمل أن ٌكون‬
‫العراقٌون قد حٌدوها‪.‬‬
‫ربما كان آل الصباح عندبذ ٌعٌشون فً ؼرؾ القصر التً تتألِل أضواإها اللحظات اِلخٌرة من عهد امارة دامت قرنٌن ونصؾ قرن من الزمن ‪.‬‬
‫فبفضل الذهب اِلسود والدخل القومً الذي ال ٌقل عن عشرٌن بلٌون من الدوالرات كانت الكوٌت قد أصبحت أؼنى دولة فً العالم ‪ .‬لكن النفط الذي‬
‫عاد علٌها بالثروة طٌلة سنوات أصبح سبب سقوطها ‪ .‬ففً حٌن أن الجمٌع كانوا ٌحسدونها ‪ ،‬فإن المسإولٌن فٌها فقدوا القدرة على الرإٌة ‪ ،‬والرؼبة‬
‫فً التوصل إلى حلول وسط ‪ .‬ولم ٌدركوا أنهم كانوا فرٌسة سهلة تنتظر من ٌنقض علٌها ‪ .‬وكان صدام حسٌن بالمرصاد ‪.‬‬
‫وأرعب صوت القذابؾ من فً القصر ‪ .‬وأخذ تبادل نٌران اِلسلحة اِلتوماتٌكٌة ٌقترب ‪ .‬والحت أعمدة الدخان المتصاعدة ‪ .‬وتعرضت المبانً‬
‫والمستودعات إلصابات مباشرة ‪ .‬ولم ٌعد لد آل الصباح أدنى شك فٌما ٌحدث ‪ :‬لقد كان قصر دسمان أحد اِلهداؾ وربما الهدؾ اِلول الذي حدده‬
‫صدام لقواته ‪ .‬إذ كان ٌدرك أن االستٌالء على الكوٌت لن ٌتم بدون إزالة المسإولٌن عن امارة تافهة ‪.‬‬
‫وانهمك الخدم فً تحمٌل عدد من السٌارات المتوقفة عند مدخل القصر ‪ .‬وفً الساعة ‪ 4 :45‬صباحا انطلق آل الصباح ربما آلخر مرة مسرعٌن‬
‫بسٌارات اللٌموزٌن عبر الحدابق الرابعة المحٌطة بالقصر ‪ .‬وشق الموكب طرٌقه عبر الشوارع المهجورة إال من بعض الوحدات المدرعة المتجهة‬
‫إلى جبهة القتال الزاحفة علٌهم ‪.‬‬
‫كانت جمٌع التفصٌالت قد وضعت وأجرٌت آخر مكالمة تلفونٌة قبل االنطالق مباشرة ‪ .‬فتوقفت السٌارات أمام باب السفارة اِلمٌركٌة حٌث كان‬
‫السفٌر بانتظارهم فحٌا اِلمٌر وحاشٌته ‪ .‬وكانت بانتظارهم على بعد خطوات مروحٌة أمٌركٌة متؤهبة لالنطالق ‪ .‬ولما لم ٌكن فٌها متسع للجمٌع فقد‬
‫‪ 30‬مٌال فقط‬ ‫استقلها اِلمٌر وولً العهد وعدد من افراد الحاشٌة ‪ ،‬وتوجه اِلخرون بالسٌارات جنوبا إلى السعودٌة ‪ .‬وكانت الحدود على بعد‬
‫والطرق إلٌها ال تزال آمنة ‪ .‬وعندما أقلعت الطابرة باِلمٌر الذي كان قد أضناه ما مرّ به وٌشعر باالنهاك ‪ ،‬ألصق وجهه بزجاج إحد النوافذ وأخذ‬
‫ٌراقب طوابٌر الجنود العراقٌٌن وهً تدخل ضواحً عاصمته ‪.‬‬
‫وبسبب الفارق فً التوقٌت فإن الٌابان كانت أول دولة صناعٌة ومالٌة كبر تعرؾ تفاصٌل االجتٌاح ‪ .‬فبٌنما كانت الوالٌات المتحدة تستعد للنوم‬
‫وأوروبا ؼارقة فٌه ‪ ،‬أخذت الٌابان تتابع اِلحداث ساعة فساعة ‪ .‬فبالنسبة للٌابان التً تستورد ‪ % 80‬من حاجاتها النفطٌة من الخلٌ بسبب عدم‬
‫توافر المواد الخام فٌها ‪ ،‬اعتبرت ما ٌجري من أحداث مؤساوٌة أمرا فً ؼاٌة الخطورة ‪ .‬وفً االسواق حٌث تجري عملٌات بٌع النفط وشراإه‬
‫ارتفقت أسعاره كثٌرا ‪ ،‬وسرت آثار ذلك إلى االسواق المالٌة فً الشرق االقصى كما تسري النار فً الهشٌم ‪ .‬ولم ٌلبث ذلك أن انعكس فً الثانً من‬
‫أؼسطس على العالم كله‪.‬‬
‫كان الملك حسٌن نابما فً قصره وسط عمان رن الهاتؾ الموضوع إلى جانب سرٌره ‪ .‬فنظر إلى المنبه وهو شبه نابم فوجده ٌشٌر إلى السادسة‬
‫صباحا ‪ .‬وكان وزراإه والمقربون إلٌه قد تلقوا منذ زمن طوٌل تعلٌمات صارمة بؤن ال ٌزعجوه أو ٌوقظوه بالتلفون إال فً حاالت الطوارئ ‪.‬‬
‫كان صوت المتحدث على الطرؾ اآلخر ٌطؽى علٌه االنفعال إلى حد أن الملك لم ٌعرؾ للوهلة اِلولى صاحبه الذي كان ٌصرخ ‪ " :‬هل سمعت ؟‬
‫هل سمعت ؟ " فؤدرك الملك حسٌن أن المتحدث هو الملك فهد ‪ .‬وكان هذا ٌتحدث إلٌه من جدة فؤضاؾ ‪ " :‬لقد ؼزوا الكوٌت وال ٌبعد الكوٌتٌون‬
‫سو بضعة أمٌال عن العاصمة ‪ .‬علٌك أن تتصل بصدام حسٌن وأن تطلب منه أن ٌنسحب إلى منطقة الحدود المتنازع علٌها " ‪.‬‬
‫حاول الملك حسٌن تهدبة الملك فهد الذي قد حاول جاهداً االتصال بصدام حسٌن ‪ .‬فوعد الملك بالتدخل فً الحال ‪.‬‬
‫***‬
‫عندما نشبت الحرب كان الشاذلً القلٌبً ؼارقا فً النوم بالقاهرة فلم ٌستطع حتى ان ٌسمع جرس التلفون عندما بدأ ٌدق فً جناحه حوالً الساعة‬
‫الرابعة والنصؾ صباحا ‪ .‬وحدث عندبذ بالضبط أن عاد مساعده شوقً المرزوق من حفلة فوجد التلفون ٌرن أٌضا فً ؼرفته ‪ .‬وكان المتحدث عبد‬
‫الرحمن العوضً وزٌر الصحة الكوٌتً الذي قال ‪ " :‬أحاول االتصال بالقلٌبً ولكنه ال ٌجٌب‪ .‬أرجو أن توقظه " ‪ .‬فسؤله المرزوق ‪ " :‬وهل اِلمر‬
‫خطٌر؟ فقال العوضً ‪ " :‬اجل وخطٌر جداً " ‪.‬‬
‫وعندبذ أسرع المرزوق إلى جناح القلٌبً وأٌقظه ووصله بالعوضً ‪ .‬فؤبلؽه هذا خٌر الؽزو ‪ .‬فقاطعه القلٌبً ‪ " :‬ال بد أن ٌكون ذلك لالستٌالء على‬
‫المناطق الحدودٌة فقط " فقال العوضً ‪ " :‬لقد اجتاح الكوٌت بؤسرها ‪ .‬ونحن بحاجة إلى عقد اجتماع فً الحال لوزراء خارجٌة الدول اِلعضاء‬
‫بالجامعة العربٌة " ‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ووضع القلٌبً السماعة والتفت إلى المرزوق وقال ‪ " :‬إنه ٌبالػ‪ ،‬إنه ٌحاول إخافتنا ‪ " .‬فعلق المرزوق على ذلك بقوله إنه ٌصدق العوضً ‪ .‬على‬
‫أنهما عندما فتحا الرادٌو بعد ذلك لم ٌسمعا شٌبا عن الموضوع ‪.‬‬
‫وحوالً السادسة والنصؾ صباحا استطاع القلٌبً أخٌرا أن ٌتصل باِلمٌر فٌصل وزٌر الخارجٌة السعودٌة ‪ .‬فقال اِلمٌر ‪ٌ " :‬ا لها من كارثة ‪ .‬انهم‬
‫ٌستولون على البالد ‪ ،‬وال رٌب على البالد برمتها " ‪ .‬وعندبذ صدق القلٌبً خبر وقوع الكارثة ‪ .‬فاتصل تلفونٌا بمروان القاسم وزٌر الخارجٌة‬
‫اِلردنٌة الذي كان قد ؼادر القاهرة فً اللٌلة السابقة ‪ ،‬وطلب منه إبالغ الخبر للملك حسٌن ‪ .‬وعندبذ قرر مروان القاسم أن ٌخالؾ القواعد وٌتصل‬
‫بالقصر بالتلفون بالرؼم من عدم وثوقه من الطرٌقة التً سٌُستقبل بها اتصاله ‪ .‬ففوجا بؤن لد الملك علم بذلك ‪.‬‬
‫وفً السادسة والنصؾ حاول الملك االتصال ببؽداد ‪ .‬وكانت لدٌه عدة أرقام توصله عادة بصدام حسٌن ‪ .‬فطلبها كلها ولكنه لم ٌوفق فً االتصال به‬
‫‪ .‬ولم ٌستطع االتصال إال بطارق عزٌز وزٌر الخارجٌة ‪.‬‬
‫***‬
‫لم ٌعلم صدام شٌبا عن محاوالت الملك االتصال به ‪ .‬فقد كان مرابطا فً الحصن المنٌع الذي بناه قرب بؽداد ‪ .‬وكان ٌتوسط أعضاء مجلس قٌادة‬
‫الثورة وكبار ضباط الجٌش وهو ٌتابع تقدم قواته داخل الكوٌت ‪ .‬وبحلول الساعة السادسة والنصؾ كان الؽزو قد نجح ‪ ،‬وسٌطرة قواته فعلٌا على‬
‫البالد بؤسرها ‪ ،‬وبدأت بالقضاء على جٌوب المقاومة فً العاصمة ‪ .‬ولم ٌستطع صدام أن ٌخفً سروره وهو ٌستمع إلى ما تورده االذاعات عن‬
‫أخبار الجبهة ‪ .‬فالدولة التً استولى علٌها كانت صندوقا بداخله كنوز خٌالٌة ‪ .‬هذا باإلضافة إلى أنها كانت فً نظره جزءا ال ٌتجزأ من االراضً‬
‫العراقٌة ‪ .‬لكن ٌرجح أنه لم ٌدرك أنه بإصالحه الخطؤ الذي اقترفته الدول االستعمارٌة كان ٌتحد باقً العالم ‪.‬‬
‫***‬
‫فً واشنطن كانت الساعة تشٌر إلى الحادٌة عشرة والنصؾ من مساء اِلول من أؼسطس ‪ .‬وفً حوال التاسعة من ذلك المساء توجه رٌتشارد هاس‬
‫وبرنت سكوكروفت مباشرة بعد اجتماعهما بجورج بوش إلى قاعة المإتمرات فً الدول اِلرضً ‪ .‬كانت تحٌط بها عدة ؼرؾ على جدرانها خرابط‬
‫ضخمة لمختلؾ المناطق قً العالم ‪ .‬وكانت المعلومات التً ترد إلى البٌت اِلبٌض كل صباح من دوابر المخابرات تنقل على تلك الخرابط ‪ .‬وكانت‬
‫القاعة مجهزة بالكمبٌوترات االكثر تطورا والتً تمكن من فً القاعة من االتصال فورا بؤي بقعة على وجه اِلرض ‪.‬‬
‫وأقٌم فً الحال فٌدٌو لالتصاالت بٌن البٌت اِلبٌض ووزارة الدفاع ( البنتاؼون ) ووزارة الخارجٌة ووكالة المخابرات المركزٌة ومقر رإساء‬
‫االركان ‪.‬‬
‫وكان المشاركون فً االجتماع إلى جانب سكوكروفت وهاس ‪ ،‬جون روبسون وكٌل وزٌر المالٌة ‪ ،‬وروبرت كٌمٌت نٌابة عن جٌمس بٌكر ‪ ،‬وولٌم‬
‫وبستر مدٌر وكالة المخابرات المركزٌة ‪ ،‬وناببه دٌك كٌر ‪ ،‬واِلمٌرال دٌؾ جٌرمٌه نابب ربٌس اِلركان ‪ ،‬وبول ولوفثر وكٌل وزٌر الدفاع ‪.‬‬
‫كان باستطاعة هإالء جمٌعا وكل منهم فً مكتبه أن ٌتحدثوا وأن ٌتبادلوا وٌقارنوا المعلومات بواسطة فٌدٌو االتصال ‪ .‬وسرعان ما أكدوا من وقوع‬
‫الؽزو ونطاقه ‪ .‬وقام برنت سكوكروفت بتنسٌق مختلؾ اآلراء والمعلومات مما أسبػ على االجتماع ما ٌتمٌز به من وكان سكوكروفت ٌؽادر القاعة‬
‫بانتظام لالتصال بجورج بوش الذي كان قد بقً فً مسكنه ‪ .‬وفً الساعة الحادٌة عشرة اتصل به للمرة اِلخٌرة قبل أن ٌذهب للنوم ‪.‬‬
‫اتفق المشاركون على اتخاذ عدة إجراءات منها عقد اجتماع طارئ لمجلس اِلمن القومً فً الثامنة من صباح الٌوم التالً ‪ .‬وتقرر تجمٌد جمٌع‬
‫اِلرصدة العراقٌة والكوٌتٌة قبل أن ٌضع الؽزاة أٌدٌهم علٌها ‪ .‬ولكن تنفٌذ القرار كان ٌستدعً عملٌة تنسٌق فورٌة على نطاق العالم كله ‪.‬‬
‫وكانت السلطات الكوٌتٌة قد جرت منذ عدة سنوات على تخصٌص ‪ % 10‬من دخول النفط من أجل قضٌتٌن ‪ :‬إحداهما وٌا لسخرٌة القدر وقدرها ‪2‬‬
‫‪ %‬لتقدٌم قروض للعراق خالل الحرب مع إٌران ‪ ،‬أما الـ ‪ % 8‬الباقٌة فكانت تحول إلى " صندوق االجٌال المقبلة " الذي ٌدٌره مكتب االستثمارات‬
‫الكوٌتٌة ‪ ،‬وهو شركة قابضة عمالقة مركزها لندن ‪.‬‬
‫وحسب التقدٌرات كانت القٌمة الكلٌة لالستثمارات التً ٌدٌرها مكتب االستثمارات تبلػ مبة إلى مبة وعشرٌن بلٌون دوالر ‪ .‬وكان نصٌب الوالٌات‬
‫‪ 25‬و ‪ 30‬بلٌون دوالر فً أمٌركا فً اِلسهم وسندات الخزٌنة‬ ‫المتحدة ‪ % 10‬من جمٌع تلك االستثمارات ‪ .‬إذ كانت الكوٌت قد استثمرت بٌن‬
‫والعقارات ‪ .‬وكانت الكوٌت المستثمر اِلكبر فً اسبانٌا حٌث كان الكوٌتٌون أعضاء فً مجالس عدد من الشركات الكبر وفً بعض المٌادٌن‬
‫الحساسة كالصحافة والدفاع والمركبات الهٌدروـ كربونٌة ‪ .‬ولعب مكتب لندن لالستثمارات دورا حٌوٌا فً الحٌاة االقتصادٌة ومجال اِلعمال‬
‫‪ % 22‬من أسهم شركة "‬ ‫ببرٌطانٌا ‪ .‬فقد كان بحٌازته عدد كبٌر من اِلسهم وخاصة أسهم شبكات البنوك والفنادق ‪ .‬ومضى وقت كان بحٌازته‬
‫برٌتش بترولٌوم " فاضطر إلى تخفٌضها إلى ‪ % 9 , 9‬بسبب ؼضب الحكومة البرٌطانٌة وموقفها العدابً ‪ .‬وفً ألمانٌا كان مكتب االستثمارات‬
‫مساهما فً كثرة من الشركات الكبر مثل دملر ـ بنز وهوست ‪ .‬وكانت الكوٌت أٌضا أكبر مستثمر أجنبً فً الٌابان وذلك فً سندات الخزٌنة‬

‫‪537‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واالسواق المالٌة ‪ .‬وٌمكن القول بؤن المكتب تمكن هو وفروعه من اختراق اِلقطار الرأسمالٌة الربٌسة بما فٌها جنوب افرٌقٌا فً ؼضون بضع‬
‫ساعات ؼٌر صدام مٌزان القو ‪ .‬فباستٌالبه على آبار النفط الكوٌتٌة صار ٌسٌطر على أكثر من خمس ما ٌنتجه العالم من النفط ‪ .‬وعالوة على ذلك‬
‫كانت االستثمارات الكوٌتٌة كفٌلة بتزوٌد صدام بموارد مالٌة ضخمة لطموحاته العسكرٌة ‪ ،‬وبوسابل إضافٌة لممارسة الضؽط على االقتصاد فً‬
‫الؽرب ‪.‬‬
‫***‬
‫ولمواجهة هذا الخطر تحرك المسإولون اِلمٌركٌون بسرعة ‪ .‬فجر اٌقاظ عدد من المسإولٌن الذٌن ٌعٌشون فً واشنطن وضواحٌها فً منتصؾ‬
‫اللٌل واستدعوا إلى البٌتاِلبٌض‪ .‬وكان جمٌعهم من المحامٌن الذٌن ٌعملون فً وزارة العدل ‪ .‬ولم ٌكن أحد مهم ٌعلم تماما وهو ٌتقدم نحو ضباط‬
‫اِلمن على باب البٌت لماذا استدعً ‪ .‬وفً ؼضون دقابق عرفوا أن المطلوب منهم هو القٌام بؤقصى سرعة ممكنة بإعداد وثٌقة قانونٌة ٌوقعها‬
‫الربٌس وتجٌز تجمٌد جمٌع اِلرصدة العراقٌة والكوٌتٌة على أراضً الوالٌات المتحدة ‪ .‬وكانت هذه خطوة معادٌة لبؽداد تهدؾ إلى حماٌة مصالح‬
‫الحكومة الكوٌتٌة التً أصبحت اآلن فً المنفى ‪.‬‬
‫وبٌنما كان المحامون منكبٌن على عملهم أخذ روبسون وكٌل وزٌر المالٌة ٌتصل بالتلفون بحكام البنوك المركزٌة فً العواصم اِلوروبٌة واآلسٌوٌة ‪.‬‬
‫وعلم ؼالبٌتهم بالؽزو عندما فاجؤهم روبسون باالتصال بهم فً مثل ذلك الوقت المبكر من صباح الٌوم ‪ .‬روبسون ٌطلب منهم اتخاذ إجراءات مماثلة‬
‫بؤسرع ما ٌمكن لتجمٌد جمٌع اِلرصدة قبل أن تؤخذ بؽداد بزمام المبادرة عبر الوسطاء الذٌن ٌهٌمنون على الكوٌت ‪.‬‬
‫وأوقظ جورج بوش فً الساعة ‪ 4 : 45‬صباحا بعد أن تم إعداد الوثٌقة ‪ .‬فوقعها وبذلك أصبحت اِلرصدة مجمدة بالفعل ‪ .‬وقام مكتب الصحافة‬
‫بالبٌتاِلبٌضبصٌاؼة بٌان ٌعلن ذلك‪.‬‬
‫وبٌنما كان بوش ٌوقع الوثابق التفت إلى الجنرال برنت سكوكروفت ربٌس مجلس اِلمن الذي جمع الحضور وقال ‪ " :‬تؤكد من قٌام وزارة الخارجٌة‬
‫باالتصال بالدول العربٌة لضمان قٌامها بإدانة ؼزو العراق للكوٌت " فقال سكوكروفت بانه سٌقوم بذلك على الفور‪.‬‬
‫***‬
‫اتسع الوقت خالل الجلسة التً عقدت فً ؼرفة المإتمرات واستؽرقت اللٌل كله التخاذ قرار بشؤن خطوة أخر ‪ .‬إذ كان وقت الدهشة ـ النه لم ٌكن‬
‫أحد ٌعتقد بؤن صدام حسٌن سوؾ ٌنفذ تهدٌداته ـ قد مضى ‪ ،‬وأخذ الحاضرون فً الؽرفة والمتصلون بها بالفٌدٌو ٌضعون أسس الرد‪.‬‬
‫ولم ٌكن الخٌار العسكري قد طرح للمناقشة ‪ .‬لكن الخٌارات الدبلوماسٌة كانت أوضح ‪ .‬فجر االتصال باِلمٌر وزمالبه الذٌن لجؤوا إلى السعودٌة‬
‫بمجرد وصولهم إلى جدة ‪ .‬وعمل المسإولون اِلمٌركٌون معهم على دعوة مجلس اِلمن الدولً لجلسة طاربة ‪.‬‬
‫وشهد مقر اِلمم المتحدة بمنهاتن نشاطا ؼٌر عادي لم ٌعهد فً مثل تلك الساعة المبكرة ‪ .‬فؤخذت السٌارات تفد تباعا وهً تحمل السفراء والوفود ‪.‬‬
‫وفً الساعة الرابعة صباحا اتخذ أول قرار بشؤن اِلزمة العراقٌة وهو القرار رقم ‪ 660‬الذي دعا العراق إلى االنسحاب من الكوٌت بال شروط ‪،‬‬
‫وإلى اعادة اِلمور إلى ما كانت علٌه قبل الؽزو‪ .‬ولم ٌمتنع عن التصوٌت سو الٌمن ‪ ،‬فً حٌن أن الصٌن وحتى كوبا صوتتا إلى جانب االتحاد‬
‫السوفٌٌتً وفرنسا وبرٌطانٌا ‪ .‬ورد سفٌر العراق إلى اِلمم المتحدة بؤن حكومته استجابت لنداء من " الثوار الكوٌتٌٌن الشبان " من أجل المساعدة ‪.‬‬
‫ودعا القرار العراق والكوٌت إلى " البدء فً الحال بإجراء مفاوضات مكثفة لحل خالفاتهما " ‪ .‬ورحب بؤٌة جهود أخر تبذل فً هذا السبٌل‬
‫وخصوصا من قبل جامعة الدول العربٌة ‪.‬‬
‫***‬
‫فً واشنطن لم ٌكن أمام سكوكروفت وهاس وؼٌرهم ممن شارك فً االجتماع الماراثونً الذي استمر من التاسعة مساء إلى الخامسة صباحا سو‬
‫ثالث ساعات للعودة إلى بٌوتهم واالستحمام وتؽٌٌر مالبسهم ‪ .‬فقد كان علٌهم حضور اجتماع مجلس اِلمن القومً مع بوش فً الثامنة من صباح‬
‫الٌوم التالً ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً اركوتسك وعند تمام العاشرة والنصؾ صباحا ( أي التاسعة والنصؾ من مساء الٌوم الفابت فً واشنطن ) توجه وزٌرا الخارجٌة اِلمٌركً‬
‫والسوفٌٌتً بعد مإتمرهما الصحفً إلى المطار ‪ ،‬لٌعود السوفٌٌتً إلى موسكو ولٌتابع نظٌره اِلمٌركً رحلته إلى اوالن باتور عاصمة منؽولٌا ‪ .‬أما‬
‫دنٌس روس زمٌل بٌكر فقد رافق شٌفارنادزة إلى موسكو‪.‬‬

‫‪538‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وتلقى بٌكر خالل رحلته اتصاال من واشنطن عبر الخط الخاص وجر إبالؼه أخبار الؽزو بالتفصٌل ‪ .‬وفٌما كانت طابرته ال تزال فً طرٌقها إلى‬
‫منؽولٌا ‪ ،‬وهً دولة حدودٌة ٌبلػ عدد سكانها ملٌونٌن وتفصل بٌن االتحاد السوفٌٌت والصٌن بعٌدا عن الجنون والذعر اللذٌن على باقً العالم ـ ذهب‬
‫إلى مإخرة الطابرة حٌث كان ٌجلس الصحفٌون وأخبرهم عما حدث ‪.‬‬
‫وبعد ذلك بساعة هبطت طابرة شٌفارنادزة فً موسكو ‪ .‬وكان ال ٌزال ٌجهل ما حدث ‪ .‬فلم ٌكد ٌخرج من الطابرة حتى اندفع نحوه صحفً ٌعمل‬
‫بوكالة تاس وسؤله ‪:‬‬
‫" ما تعلٌقك على الؽزو ؟ " ‪ .‬وفوجا وقال ‪ " :‬أي ؼزو ؟ " ‪ .‬فقال الصحفً " ؼزو العراق للكوٌت " ‪.‬‬
‫وارتبك شٌفارنادزه ورفض اإلجابة على اِلسبلة بقوله ‪ " :‬لم تصلنً اِلخبار ‪ ،‬وأنا ذاهب للتشاور مع المستشارٌن " ثم التفت فجؤة إلى زمٌله‬
‫سٌرجً تراسنكو وقال بؽضب ‪ " :‬جد فً الحال ما ٌحدث " ‪.‬‬
‫أما روس فتوجه مباشرة إلى سفارة الوالٌات المتحدة واتصل ببٌكر واقترح إصدار بٌان مشترك سوفٌٌتً ـ أمٌركً ‪ ،‬ال ٌدٌن الؽزو فقط بل ٌدعو إلى‬
‫عمل مشترك ضد العراق ‪ .‬ووافق بٌكر ‪ ،‬واتصل بجورج بوش للحصول على موافقته ‪ .‬فرأ الربٌس أن الفكرة ثاقبة وأعطاه الضوء اِلخضر ‪ .‬ثم‬
‫اتصل بٌكر بروس فً موسكو وقال ‪ " :‬حضر نص البٌان ولكن احرص على أن ٌكون جٌدا " ‪.‬‬
‫واتفق على أن ٌختصر بٌكر زٌارته لمنؽولٌا وأن ٌتوجه إلى موسكو العالن البٌان المشترط مع شٌفارنادزه ‪ .‬وعهد إلى روس بالتفاوض مع‬
‫السوفٌٌت حول ذلك ‪ .‬فتحدث روس مع تراسنكو وقال له بؤن مثل ذلك البٌان سوؾ ٌقنع الدول العربٌة اِلخر بعدم الوقوؾ إلى جانب العرق ‪،‬‬
‫وٌحبط آمال صدام فً استؽالل التنافس بٌن الدول العظمى كما كان الحال فً الماضً ‪ .‬وتردد تراسنكو فً البداٌة ولكنه بعد أن استشار شٌفارنادزة‬
‫سٌؤتً إلى موسكو خصٌصا لقراءته " ‪.‬‬
‫كان أبو اٌاد‪ ،‬الرجل الثانً فً منظمة التحرٌر والمسإول خصوصا ً عن شإون اِلمن والمخابرات‪ ،‬نابما ً فً الفٌال التً ٌسكن بها فً ضواحً‬
‫تونس‪ .‬وكانت زوجته التً تعٌش عادة فً الكوٌتن قد وصلت قبل وقت قصٌر ‪ .‬وأٌقظتهما مكالمة تلفونٌة من أفراد أسرتهما فً العاصمة الكوٌتٌة‪.‬‬
‫وعلما منهم بؤن القتال كان ٌجري ؼٌر بعٌد من بٌتهم ‪ .‬وقت متؤخر من اللٌل فً بٌته بمنطقة صامد‪ .‬وكان عرفات على علم بما ٌجري ‪ .‬إذ كان‬
‫أفراد أسرته الذٌن ٌعٌشون فً الكوٌت قد زودوه بؤخبار الؽزو‪ .‬فقررا زٌارة عدد من العواصم العربٌة فً الٌوم التالً ‪.‬‬

‫الفصل السادس‬
‫(( هل نؽادر الكوٌت ؟ ))‬
‫كانت الساعة قد جاوزت منتصؾ اللٌل حٌن تلقى دوؼالس هٌرد وزٌر الخارجٌة مكالمة تلفونٌة من السفارة البرٌطانٌة بالكوٌت تبلؽه بؤمر الؽزو ‪.‬‬
‫فدون التفصٌالت ثم اجتاز دهالٌز الوزارة الخالٌة لٌتصل عبر خط خاص بدابرة فً رقم ‪ 10‬شارع داوننػ تعمل أربعا وعشرٌن ساعة فً جمع‬
‫المعلومات ‪ .‬وجر االتصال فً الحال بما رؼرٌت تاتشر ربٌسة الوزراء التً كانت قد وصلت لتوها إلى آسبن بكولورادو حٌث كانت ستشارك فً‬
‫الٌوم التالً مع جورج بوش فً اعمال مإتمر ‪ .‬وكانت الساعة عندبذ تشٌر إلى السابعة مساء فً آسبن ‪ ،‬وبسبب فارق الوقت ‪ ،‬فً اِلول من‬
‫أؼسطس ‪.‬‬
‫***‬
‫فً هذا الوقت كان ربٌس الوزراء الٌابانً كاٌفو ٌقضً إجازة مدّتها خمسة أٌام فً ؼوما ‪ ،‬وهً منطقة جبلٌة تبعد مبة كٌلو متر إلى الشمال من‬
‫طوكٌو ‪ .‬وقام مسإولون بوزارة الخارجٌة بإبالؼه بؤخبار الؽزو بعد وقوعه بساعة واحدة ‪ .‬فكان رد فعله اِلول قوله ‪ٌ " :‬ا له من أمر مإسؾ " ‪.‬‬
‫***‬
‫وذهلت السفٌرة إبرٌل ؼالسبً التً كانت قد خرجت من مقابلتها لصدام قبل بضعة أٌام وهً مطمبنة كل االطمبنان عندما علمت فً الثانً من‬
‫أؼسطس بوقوع الؽزو من التلفزٌون وهً بؽرفتها بؤحد فنادق لندن ‪ .‬وكانت عندبذ تقٌم فٌه مع أمها ‪ .‬أما كلبها الذي تركته وراءها ببؽداد فكان سٌتم‬
‫ترحٌله على أولى الطابرات التً كانت س ُتجلً النساء ‪.‬‬
‫***‬
‫وكان مستشار ألمانٌا هٌلموت كول ٌقٌم فً فٌال على شاطا بحٌرة فً سانت جلجن بالنمسا اعتاد أن ٌستؤجرها سنة لقضاء عطلة الصٌؾ ‪ .‬وفً‬
‫التاسعة صباحا اتصل به مساعده الشخصً إدوارد أكرمان من بون لٌطلعه على اِلخبار ‪ .‬ولم تصله أٌة رسالة من أي زعٌم سٌاسً ؼربً إال بعد‬
‫ذلك بثالثة أٌام عندما اتصل به بوش إلبالؼه أنه قرر إرسال قوات عسكرٌة إلى السعودٌة ‪.‬‬

‫‪539‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫***‬
‫وأصٌب أهل الكوٌت بالذعر ‪ .‬وحاول كثرة من السكان الهرب إلى السعودٌة ‪ ،‬لكن الطرق كانت قد قطعت وصارت تخضع لسٌطرة القوات العراقٌة‬
‫‪ .‬وأوقفت اِلسر الهاربة عند الحواجز وأخرجت بالقوة من السٌارات وانتزعت الهواتؾ الالسلكٌة التً كانت شابعة بالكوٌت من السٌارات وذلك‬
‫للحٌلولة دون استخدامها فً نقل المعلومات عن مواقع القوات العراقٌة ‪.‬‬
‫‪ 300‬دبابة تقوم فٌها بؤعمال الدورٌة ‪ .‬وكانت النار مشتعلة ببعض عربات النقل ‪ ،‬وطلقات‬ ‫كانت المروحٌات تحلق فوق المدٌنة ‪ ،‬بٌنما كانت‬
‫المورتر واِلسلحة االتوماتٌكٌة تسمع فً السوق المالً وقرب قصر االمٌر الذي كان محاطا بخمسٌن دبابة ثقٌلة ‪ .‬وفً هذا القتال الذي كان االعنؾ‬
‫خالل االجتٌاح كله قتل الشٌخ فهد أصؽر إخوة االمٌر وربٌس اللجنة االولمبٌة الكوٌتٌة ‪ .‬وكان قد بقً فً الكوٌت ‪ .‬وقامت زوارق السواحل الكوٌتٌة‬
‫المزودة بالقذابؾ بتدمٌر بضع آلٌات عراقٌة ‪ .‬إال أنه لم تكن هناك سو بضعة جٌوب مقاومة للجٌش العراقً ‪ .‬ولم ٌكد ٌنتصؾ بعد الظهر حتى‬
‫كان إطالق النار قد توقؾ ‪ .‬وقتل أكثر من مبتً كوٌتً ‪.‬‬
‫لقد حقق صدام حلمه خالل بضع ساعات ‪ .‬فصار ٌسٌطر على ‪ % 20‬من احتٌاطً العالم من النفط وعلى مبة كٌلو متر من السواحل المطلة على‬
‫الخلٌ ‪.‬‬
‫***‬
‫واكتشؾ العالم العربً الذي كان ٌسٌطر علٌه الذهول مد تصمٌم صدام حسٌن ‪ .‬فلم تعد أٌة دولة مجاورة للعراق تشعر باالمان ‪ .‬ولم ٌقتصر هذا‬
‫الشعور على اِلردن وحده بل شمل العدو سورٌا والسعودٌة الثرٌة الضعٌفة التً كانت عندبذ فً الواجهة ‪ .‬وكان لد صدام الوسابل العسكرٌة‬
‫التً تمكنه من اجتٌاح المزٌد من اِلراضً ‪ .‬وصدرت رسالة عن إذاعة سرٌة بضواحً الكوٌت تقول ‪ " :‬أٌها العرب ‪ .‬لقد اعتدي على دم الكوٌت‬
‫وشرفها ‪ .‬فهبوا لٌنجدتها ‪ " .‬وأضاؾ المتحدث وهو ٌبكً ‪ " :‬إن االطفال والنساء والشٌوخ ٌستؽٌثون بكم " ‪.‬‬
‫لكن العالم العربً الذي خٌم علٌه الصمت لم ٌحرك ساكنا ‪ .‬ولم ٌكن السبب الربٌسً فً ذلك الخوؾ بل االضطراب والفوضى اللذٌن سادا على أثر‬
‫االجتٌاح ‪.‬‬
‫على أن الملك حسٌن بدأ منذ الثانً من أؼسطس ٌبذل جهودا مكثفة للحٌلولة دون التصعٌد‪.‬‬
‫***‬
‫بعد أن أجر الملك حسٌن مكالمته اِلولى مع صدام حسٌن بسبع ساعات تقرٌبا وفً الواحدة بعد الظهر اتصل صدام بالملك ‪ .‬ولم ٌكن هناك أثر‬
‫للتوتر أو التصلب فً حدٌثه ‪ .‬قال ‪ " :‬كان علٌنا أن ندخل الكوٌت وهً اآلن تحت سٌطرتً التامة ‪ .‬لقد حملونا على القٌام بذلك ‪ .‬على أننً ملتزم‬
‫باالنسحاب من الكوٌت ‪ .‬وسٌبدأ االنسحاب فً ؼضون أٌام قلٌلة لكنه سٌستؽرق عدة أسابٌع ‪ .‬أرجوك أن تفعل ما بوسعك إلقناع العرب بؤن اإلدانات‬
‫والتهدٌدات ال تإثر علٌنا ‪ .‬فقد ٌنتهً اِلمر بؤن تصبح الكوٌت جزءا من العراق ‪ .‬ومن المهم أن ال ٌوفروا ؼطاء للتدخل الخارجً " ‪ .‬فقال الملك‬
‫بؤن اجتماعهما أمر ضروري ‪ .‬واتفقا على أن ٌطٌر الملك إلى بؽداد ذلك المساء أو فً الصباح الباكر ‪.‬‬
‫وعلى أثر الحدٌث تؤكد اعتقاد الملك بؤنه من الممكن التوصل إلى تسوٌة سرٌعة فً إطار عربً ‪ .‬فقام على الفور باالتصال بالتلفون بالربٌس‬
‫المصري الذي كان سٌؽادر القاهرة إلى االسكندرٌة وأطلعه على حدٌثه مع صدام وعلى اعتزامه الدعوة إلى قمة مصؽرة فً القاهرة أو الرٌاض‬
‫صباح الرابع من آب ‪ .‬وأصر الملك أنه حتى ذلك الحٌن ٌنبؽً تجنب التصرٌحات المعادٌة للعراق كً ال تعرقل القمة ‪ .‬فقال حسنً مبارك ‪" :‬‬
‫سوؾ أإٌد اقتراحك " ‪ .‬واتفقا على أن ٌعرج الملك على االسكندرٌة وهو فً طرٌقه إلى العراق وذلك لمناقشة الخطط بمزٌد من التفصٌل ‪ .‬وقٌل أن‬
‫ٌختم الملك مكالمته اقترح على مبارك أن ٌتحدث مع صدام ‪ .‬فقال ‪ " :‬صدام ! ال ‪ .‬لقد خٌب أملً فٌه " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً التاسعة صباحا بدأ وزراء الدول العربٌة بالتجمع فً القاهرة فً قاعدة بفندق سمٌرامٌس ‪ .‬وكان الشاذلً قد أصبح مقتنعا بضرورة االجتماع‬
‫بوزٌر خارجٌة مصر الذي انتدب له رجلٌن لمساعدته على االتصال بالوزراء ‪ .‬واتصل القلٌبً أٌضا بوكٌل الخارجٌة العراقً الذي كان ٌمثل بالده‬
‫فً المإتمر اإلسالمً ‪ .‬وأخبره عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربٌة المزمع عقده فً التاسعة ‪ .‬فاحت الوكٌل العراقً قابال ‪ " :‬لماذا االجتماع‬
‫بمثل هذه السرعة ؟ لماذا ال ننتظر إلى أن تقرر حكومتً ما ستفعله ؟ " إال أن القلٌبً رفض قابال بؤن االجتماع ضروري جدا ‪ .‬وأبطؤ الوزراء فً‬
‫الوصول ولم تبدأ الجلسة فعلٌا حتى الساعة ‪ 12 : 15‬بعد الظهر ‪.‬‬
‫وعندما افتتحت الجلسة فً جو من االضطراب والفوضى كانت قد مضت على بدء الؽزو عشر ساعات تمت خاللها سٌطرة الجٌش العراقً على‬
‫الكوٌت ‪.‬‬

‫‪540‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وربس فاروق القدومً مدٌر الدابرة السٌاسٌة بمنظمة التحرٌر الجلسة وذلك بموجب النظام الدوري الذي ٌقضً بؤن ٌترأس كل جلسة وزٌر مختلؾ‬
‫‪.‬‬
‫وطالب الوفد الكوٌتً بتطبٌق معاهدة الدفاع العربً على الفور للدفاع عن الدولة المشاركة التً تعرضت للهجوم ‪ .‬لكن الوزراء الحاضرٌن باستثناء‬
‫وزٌر اإلمارات آثروا االنتظار والترقب ‪.‬‬
‫وألقى وزٌر الخارجٌة السورٌة فاروق الشرع خطابا مثٌرا للدهشة صرح فٌه بؤن عالقات بالده مع الكوٌت سٌبة ( وذلك أٌضا بسبب عدم دفع المال‬
‫) ولكن عالقاتها مع العراق آخذة فً التحسن ‪ .‬ومع هذا ـ كما قال ـ " فإن سورٌا تلتزم بمٌثاق جامعة الدول العربٌة الذي ٌعتبر ؼزو دولة عربٌة‬
‫ِلخر عمال ؼٌر قانونً " ‪.‬‬
‫وألقى اِلمٌر فٌصل ـ وزٌر الخارجٌة السعودٌة ـ أٌضا خطابا مثٌرا للدهشة ‪ .‬إذ تحدث عن العالقات الخاصة بٌن بالده وبٌن العراق ‪ ،‬وأضاؾ أن‬
‫هناك صداقة بٌن الملك فهد وصدام حسٌن ‪ .‬ثم قال " إن السعودٌة ال توافق على ؼزو الكوٌت ‪ ،‬لكننا مقتنعون بؤن صدام حسٌن سوؾ ٌنسحب " ‪.‬‬
‫كان الشاذلً القلٌبً قد اقنع وكٌل الخارجٌة العراقً بحضور االجتماع ‪ ،‬لكن هذا رفض اإلجابة على االسبلة التً وجهها وزراء الخارجٌة إلٌه بقوله‬
‫‪ " :‬لست مخوال بالتحدث ‪ .‬علٌكم أن تنتظروا وصول وفدنا " ‪ .‬وأعلن أن الوفد سٌكون برباسة سعدون حمادي نابب ربٌس الوزراء الذي سٌصل فً‬
‫أوابل المساء ‪ ،‬وأضاؾ بؤن الوفد سٌكون كبٌرا ‪ .‬ورفعت الجلسة فً الساعة الثانٌة بعد الظهر بعد أن اتفق الحاضرون على العودة إلى االجتماع فً‬
‫السادسة مساء ‪ .‬وكان الجمٌع ٌتطلعون بلهفة إلى الرسالة التً كانوا جمٌعا متؤكدٌن من أن حمادي سٌحملها ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً الثامنة من صباح الثانً من أؼسطس ‪ ،‬وبٌنما كان وزراء الخارجٌة العرب ٌؽادرون قاعة االجتماع بالقاهرة دخل جورج بوش ؼرفة‬
‫المإتمرات المجاورة للمكتب البٌضاوي بالبٌتاِلبٌض‪ .‬وكان جمٌع الذٌن دعوا لالجتماع قد جلسوا على مقاعدهم حول الطاولة الضخمة التً كانت‬
‫تحتل الحٌز اِلكبر من الؽرفة ‪.‬‬
‫وضم االجتماع ‪ :‬نابب الربٌس دان كوٌل ؛ سكرتٌر البٌت اِلبٌض جون سنونو ؛ وزٌر الخزانة نٌكوالس برادي ؛ وزٌر العدل رٌتشارد ثورنبورغ‬
‫وزٌر الدفاع رٌتشارد تشٌنً ؛ مدٌر المخابرات المركزٌة ولٌم وبستر ؛ ربٌس االركان كولن باول ؛ الجنرال شوارزكوؾ ربٌس القٌادة العامة‬
‫اِلمٌركٌة ( سنتكوم ) الذي سٌتولى قٌادة القوات اِلمٌركٌة المرسلة إلى الخلٌ فٌما بعد؛ والجنرال سكوكروفت ومساعده هاس وروبرت كٌمٌت ‪.‬‬
‫وحضر االجتماع كبار رجال إدارة بوش لمواجهة أخطر أزمة منذ تولٌهم مناصبهم ‪ .‬وسمح للصحفٌٌن بدخول الؽرفة لمدة بضع دقابق لٌستمعوا إلى‬
‫أول تصرٌح لبوش عن اِلزمة ‪ .‬قال بوش ‪:‬‬
‫" دعونً أقول لكم إن الوالٌات المتحدة تدٌن بشدة الؽزو وتدعو إلى االنسحاب الفوري فال مكان لهذا النوع من العدوان الوحشً فً عالم الٌوم " ‪.‬‬
‫ثم أؼلقت اِلبواب لٌبدأ االجتماع السري الذي استؽرق اكثر من ساعة ‪.‬‬
‫وتركزت المناقشة فً موضوع العقوبات الدبلوماسٌة واالقتصادٌة التً ستتخذ ضد العراق ‪ .‬وعند بداٌة االجتماع التفت ربٌس موظفً‬
‫البٌتاِلبٌضجون سنونو ـ وهو رجل ممتلا الجسم ومعروؾ بحبه إلصدار اِلوامر ـ إلى رٌتشارد تشٌنً وزٌر الدفاع واقترح " إرسال طابرات بً‪2‬‬
‫( ( ) ‪ B 2‬التً تستطٌع االفالت من شاشات الرادار ) لقصؾ العراق " ‪ .‬لكن الحاضرٌن لم ٌكونوا ٌعرفون مد جدٌته ‪.‬‬
‫وبدا على تشٌنً الحرج ‪ .‬وقال بعد لحظة صمت ‪ " :‬لٌس لدٌنا سو طابرة واحدة من ذلك الطراز ‪ .‬أما الطابرات الباقٌة قلم تختبر إلى حد ٌسمح‬
‫باعتبارها صالحة للقتال " ‪.‬‬
‫والواقع أن إدارة بوش وجدت نفسها بمواجهة مشكلة من النوع االستراتٌجً ‪ :‬فمنذ عشر سنوات لم ٌؽب التدخل العسكري فً الخلٌ عن االحتماالت‬
‫الواردة فً ذهن االدارة اِلمٌركٌة ‪ .‬وعلى أثر سقوط شاه إٌران عام ‪ 1979‬أنشؤ جٌمً كارتر قوة تدخل سرٌعة لحماٌة حقول النفط ‪.‬‬
‫ووضعت عندبذ خطة سرٌة تحمل الرقم ‪ 90‬ـ ‪ . 1002‬ولكن فات واضعٌها أن ٌؤخذوا أمرٌن بعٌن االعتبار وهما الجتٌاح العراقً وضٌاع الكوٌت‬
‫‪ .‬إذ لم تستهدؾ الخطة سو مواجهة االتحاد السوفٌٌتً ‪ .‬وعهد بتنفٌذها للسنتكوم ـ أي القٌادة العسكرٌة التً أنشبت عام ‪ . 1983‬لكن بالرؼم من‬
‫صرؾ ‪ 2000‬ملٌار دوالر خالل السنوات الثمانٌة الماضٌة على تحدٌث القوات اِلمٌركٌة قد دربت على القتال فً مٌادٌن عملٌات مثل أوروبا أو‬
‫كورٌا ولكن لٌس للقتال فً الصحراء ‪ٌ .‬ضاؾ إلى ذلك أن البنتاؼون أخذ على حٌن ؼرة ولم ٌكن مستعدا ‪ .‬فقد كان قد أمضى عدة أشهر فً‬
‫االستعداد لـ " عملٌة القضٌة العادلة " التً أدت إلى ارسال قوات إلى بنما للقبض على الجنرال نورٌٌجا ‪ .‬وعلٌه فقد كان عندبذ كما قال أحد‬
‫الحاضرٌن فٌما بعد " قد عاد إلى نقطة االبتداء " ‪.‬‬

‫‪541‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫واصبح ذلك واضحا عندما سؤل جورج بوش عن القوات الجاهزة ‪ .‬إذ كان الجواب ‪ " :‬هناك ‪ 25000‬من الفرقة ‪ 82‬المحمولة جوا والمتمركزة فً‬
‫" فورت براغ " بكارولٌنا الشمالٌة ٌمكن إرسالهم فً الحال ‪ .‬أما إرسال أعداد أكبر فسوؾ ٌستؽرق أربعة أسابٌع على االقل ‪ .‬وحتى عندبذ لن ٌكون‬
‫مٌزان القو فً صالح اِلمٌركٌٌن بالنظر إلى أنه كان لد صدام حسٌن ملٌون جندي و ‪ 5500‬دبابة وكما قال أحد القادة العسكرٌٌن ممن حضروا‬
‫االجتماع فإنه لم ٌكن هناك " خٌار عسكري مرض ‪ .‬فلٌس لدٌنا جنود فً المٌدان " والواقع أنه بالرؼم من الجهود المتواصلة التً بذلتها واشنطن ‪،‬‬
‫فإن السعودٌة كانت دابما ترفض فكرة وجود قواعد عسكرٌة أمٌركٌة على أرضها ‪.‬‬
‫كانت الساعة تشٌر إلى التاسعة صباحا عندما أمر بوش بؤن تعرض علٌه جمٌع الخٌارات العسكرٌة الممكنة فً مقره الصٌفً بكامب دٌفد قبل ٌوم‬
‫السبت الموافق فً الرابع من أؼسطس ‪ .‬ونوقش كذلك احتمال إرسال روبرت تشٌنً وزٌر الدفاع إلى السعودٌة لكن لم ٌجر التوصل إلى قرار محدد‬
‫بهذا الشؤن ‪.‬‬
‫فً التاسعة والربع صباحا خرج بوش من االجتماع وذهب إلى مكتبة البٌضاوي لدرس بضعة ملفات ‪ .‬ثم توجه بسرعة إلى حدٌقة البٌت اِلبٌض‬
‫الجنوبٌة ‪ .‬وكانت فً انتظاره هناك مروحٌة نقلته إلى قاعدة أندروز حٌث كانت طابرة بوٌنػ الرباسٌة التابعة للقوات الجوٌة على أهبة االنطالق ‪.‬‬
‫فاستقلها الربٌس إلى آسبن إللقاء خطاب حول شإون الدفاع ‪ .‬وكان الربٌس قد فكر بإلؽابه بالرؼم من أن موعده حدّد قبل أشهر وذلك بسبب اِلزمة‬
‫المتفاقمة ‪ .‬لكنه قرر فً آخر لحظة التقٌد بالموعد ِلنه كان ٌرٌد االجتماع بمارؼرٌت تاتشر ربٌسة وزراء برٌطانٌا ‪ .‬وقد قدر لها أن تإثر كثٌرا‬
‫على بوش ‪ .‬وخالل الرحلة قام بوش بمساعدة برنت سكوكروفت بتعدٌل نص الخطاب بحٌث ربط بٌن أزمة الخلٌ وحاجة الوالٌات المتحدة إلى‬
‫الحفاظ على وسابل دفاع مالبمة‪.‬‬
‫***‬
‫قبل ذلك بنصؾ ساعة وصل الملك حسٌن بطابرته الخاصة إلى االسكندرٌة ‪ .‬وكانت الساعة بمصر تشٌر إلى الرابعة بعد الظهر ‪ .‬وبدأ محادثاته مع‬
‫الربٌس مبارك بالتذكٌر باعتقاده الثابت بؤنه ٌمكن حل المشكلة وبؤنه ٌمكن إقناع صدام حسٌن بالخروج من الكوٌت شرط عدم إدانة الجامعة العربٌة‬
‫له ‪ .‬وأوضح أنه ٌنبؽً عدم إصدار تصرٌحات تهاجم العراق قبل القمة المقرر انعقادها فً الرابع من أؼسطس ‪ .‬فوافق مبارك على ذلك‪.‬‬
‫وفً أثناء محادثاتهما رأٌا أنه من المهم االتصال بالربٌس بوش ‪ .‬فاتصال به عبر البٌتاِلبٌضوهو على علو ‪ 37 , 000‬قدم وبٌنما كان فً الطرٌق‬
‫بٌن واشنطن وآسبن بكولورادو ‪ .‬وكان صوته مسموعا ‪ .‬فؤطلعه الملك على حدٌثه مع صدام حسٌن وعلى اعتزامه التوجه إلى بؽداد ‪ .‬وقال بؤن‬
‫التوصل فورا إلى حل عربً أمر أساسً ‪ .‬وحث الربٌس بوش على عدم خالل الساعات الثمانً واالربعٌن التالٌة إلفساح المجال له لوضع مشروع‬
‫حل ‪ .‬وأضاؾ الملك " ٌمكننا تسوٌة اِلزمة ٌا جورج ‪ .‬باستطاعتنا معالجتها ‪ .‬وما نحتاج إلٌه هو بعض الوقت " ‪ .‬فقال بوش ‪ " :‬الوقت امامك ‪.‬‬
‫واالمر متروك لك " ‪.‬‬
‫كان أمام الؽرفة التً ٌتحدث فٌها الملك ومبارك شرفة تطل على البحر ‪ ،‬وأمامهما االسكندرٌة الوادعة التً توحً بالسالم والتفاإم ‪ .‬وبدا أن توقؾ‬
‫الملك فٌها أقنعه تماما بؤن النزاع الكوٌتً العراقً كان نتٌجة خطؤ فً الحسابات ولن ٌلبث أن ٌطوٌه النسٌان ‪ .‬وبالرؼم من شكوك مبارك فإنه‬
‫تظاهر باالقتناع أو حاول االقتناع بالشًء ذاته ‪.‬‬
‫***‬
‫فً الخامسة مساء افتتح الكنٌست االسرابٌلً بالقدس جلسة طاربة خصصها للعراق ‪.‬وكان موشى أرٌنز وزٌر الدفاع اإلسرابٌلً قد استقبل ‪ ،‬قبل ذلك‬
‫بقلٌل السفٌر االمٌركً وعرض تزوٌد الوالٌات المتحدة بكل المساعدات التً تطلبها من المخابرات اإلسرابٌلٌة ‪.‬‬
‫والواقع أن الؽزو العراقً كشؾ عددا من مواطن الضعؾ لد إسرابٌل ‪ .‬فلم تكن هناك " تؽطٌة كافٌة " للعراق من قبل االستخبارات اإلسرابٌلٌة‬
‫التً كانت تواجه مشكلة تجنٌد العمالء وعدم وجود أقمار صناعٌة للتجسس لدٌها فً تلك المنطقة ‪.‬‬
‫فمنذ عام ‪ 1981‬واِلمٌركٌون ٌرفضون تزوٌد اسرابٌل بؤٌة صور فوتوؼرافٌة أو معلومات ٌحصون علٌها بواسطة أقمار التجسس الصناعٌة خارج‬
‫منطقة تمتد ‪ 30‬مٌال من حدود اسرابٌل ‪ .‬إذ اعتبرت واشنطن قد اتخذت هذه المسافة " حزاما أمنٌا كافٌا لتجنب جمٌع االخطار المباشرة " ‪ .‬وكانت‬
‫واشنطن قد اتخذت ذلك االجراء فً أعقاب الؽارة اإلسرابٌلٌة على المفاعل الذري العراقً أوزٌراك ‪.‬‬
‫وكانت الوزارة اإلسرابٌلٌة قد عقدت فً الثامنة والنصؾ من صباح ذلك الٌوم اجتماعا خٌم علٌه جو من التوتر ‪ .‬إذ انتقد بعض الوزراء وبٌنهم‬
‫شارون نقاط الضعؾ التً أشرنا إلٌها بشدة ؛ واحتدم النقاش حول بٌان قدمه البرٌؽادٌر ـ جنرال دانً روتشٌلد نابب ربٌس المخابرات العسكرٌة (‬
‫ِلن الربٌس كان ٌقضً شهر العسل ) ‪ .‬إذ شعر ؼالبٌة المسإولٌن اإلسرابٌلٌٌن بؤنها فوجبت تماما بتوقٌت الؽزو ونطاقه ‪.‬‬
‫***‬

‫‪542‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بٌنما كانت حاملة الطابرات اندبندانس مع السفن المواكبة لها فً طرٌقها إلى الخلٌ لتنضم إلى طراد ومدمرة وخمس بوارج أعلنت شركة لوٌدز‬
‫البرٌطانٌة للتؤمٌن بؤنها أدخلت تعرفة فورٌة للتؤمٌن على جمٌع السفن فً تلك المنطقة وارتفع سعر برمٌل النفط من بحر الشمال إلى ‪ 24‬دوالرا ‪.‬‬
‫***‬
‫وقبل أن ٌؽادر الملك حسٌن عمان حاول عبثا االتصال بالملك فهد ‪ .‬فؤمر مروان القاسم وزٌر الخارجٌة بترتٌب لقاء له مع الملك فهد والسفر إلى‬
‫جدة ‪ .‬وبعد أن قام الوزٌر بمحاوالت عدة لذلك الؽرض وانتظر طوٌال تلقى رسالة من السعودٌة تقول ‪ " :‬ال تحضر " ‪.‬‬
‫وكان حسنً مبارك أحسن حظا ‪ .‬ففً السادسة مساء وقبل ان ٌؽادر الملك حسٌن عمان إلى بؽداد اتصل به وطلب منه ان ٌتصل تلفونٌا بعدد من‬
‫الزعماء العرب وبٌنهم الملك فهد وأن ٌطلب منهم ان ٌترٌثوا وأن ال ٌناصروا طرفا على آخر خالل الساعات الثمانً واالربعٌن التالٌة ‪ .‬واتصل‬
‫مبارك بالفعل بالملك فهد الذي وافق على ذلك ‪.‬‬
‫وفً تلك االثناء كان وزراء الخارجٌة العرب مجتمعٌن فً فندق سمٌرامٌس بانتظار وصول الوفد العراقً ‪ .‬لكنه تؤخر كثٌرا ‪ .‬واستولى الؽضب‬
‫الشدٌد على مندوبً دول الخلٌ ِلن باقً المندوبٌن وبٌنهم مندوب سورٌا عدوة العراق رفضوا إدانة الؽزو ‪ .‬وانتظر الحاضرون وصول الوفد‬
‫العراقً ثالث ساعات ونصؾ فً جو من التوتر المتزاٌد ‪ .‬وأخٌرا وفً التاسعة والنصؾ مساء دخل سعدون حمادي القاعة واتجه إلى المنصة ‪.‬‬
‫وعندما تؤهب إللقاء بٌانه توقع الحضور ان ٌشتمل على خطة سالم ‪ .‬لكنهم لم ٌلبثوا ان شعروا بخٌبة امل مرٌرة إذ استهل بٌانه بقوله ‪ " :‬ال مفاوضة‬
‫حول الوضع فً الكوٌت وأخذ على مد نصؾ ساعة ٌكرر الحج العراقٌة المؤلوفة ‪ .‬وقال ان بعض الدول العربٌة والوالٌات المتحدة دبرت‬
‫مإامرات اقتصادٌة على العراق بإبقاء اسعار النفط منخفضة وذلك لمنع العراق من استعادة عافٌته االقتصادٌة التً انزلت بها الحرب العراقٌة‬
‫اإلٌرانٌة افدح االضرار ‪ .‬وخال بٌانه من االشارة إلى أي تنازل ‪ .‬وشدد على ان العراق هو الذي منع إٌران من اجتٌاح المنطقة ‪ ،‬وانه طوال سنً‬
‫الحرب " شكل العراق ترسا لحماٌة دول الخلٌ ‪ .‬لكن بالرؼم من تلك الحماٌة فان هذه الدول رفضت منحنا المساعدة المالٌة التً نحن فً اشد‬
‫الحاجة الٌها " ‪.‬‬
‫وعندما عاد حمادي إلى مقعده خٌم الذهول على الحضور ‪ .‬إذ بدا ان بؽداد تؽلق الباب امام كل التسوٌات ‪ .‬وفجؤة ازدادت ازمة الكوٌت تعقٌدا ‪ .‬وحل‬
‫التشاإم الشدٌد محل التفاإل السابق ‪.‬‬
‫وعندما رفعت الجلسة إلى التاسعة من صباح الٌوم التالً لم ٌعد لد الحاضرٌن أي شك حول مصٌر الجلسات القادمة ‪ .‬وعلٌه فان االمل الوحٌد فً‬
‫حل عربً صار معلقا على اجتماع صدام حسٌن والملك اِلردنً ‪.‬‬
‫***‬
‫بقً الملك حسٌن فً االسكندرٌة حتى وقت متؤخر من المساء على امل ان ٌستطٌع التوقؾ فً السعودٌة لالجتماع بالملك فهد قبل ان ٌتوجه بطابرته‬
‫إلى بؽداد ‪ .‬اال انه عندما علم ان الملك فهد لن ٌجتمع به عاد إلى عمان ‪ .‬بعد ان نام بضع ساعات توجه إلى بؽداد فً وقت مبكر من صباح الثالث‬
‫من أؼسطس ‪ .‬لكنه قبل ان ٌبدأ رحلته اتصل بالتلفون مرة اخر بالربٌس مبارك وسؤله ‪ " :‬هل تسٌر االمور على ما ٌرام ؟ " فؤجابه مبارك بؤنه‬
‫ٌرجح ان ال تحضر الكوٌت القمة المصؽرة ‪ ،‬ولهذا فانها سوؾ تقتصر على مصر والسعودي واِلردن والٌمن والعراق ‪.‬‬
‫***‬
‫قبٌل هبوط طابرة بوش فً آسبن اتصل ببٌكر الذي كان ٌستعد لمؽادرة منؽولٌا وقال له ‪ " :‬جٌم ‪ٌ ،‬نبؽً ان ٌظهر البٌان المشترك مستو عالٌا جدا‬
‫من التعاون بٌن االتحاد السوفٌٌتً وبٌننا ‪ ،‬واال فلن تكون هناك فابدة فً ذهابك إلى موسكو ‪.‬‬
‫وفور وصول بوش إلى آسبن اجتمع ـ وذلك للمرة اِلولى ـ مع مارؼرٌت تاتشر وصافحته وهً تحمل كعادتها حقٌبتها تحت ابطها ‪ .‬قالت ‪ " :‬علٌك‬
‫ان تعرؾ ٌا جورج انه لن ٌتوقؾ " ‪ .‬وكان هذا ٌثٌر مخاوؾ متزاٌدة لد بوش ‪ .‬وبٌنما كان المإتمر حول الدفاع منعقدا على بعد ٌاردات اتصل‬
‫بوش تلفونٌا بالربٌس الٌمنً علً عبد ّللا صالح الذي كان واحدا من حلفاء صدام القالبل ‪ .‬وكانت جبال كولورادو القرٌبة الشامخة تسبػ على‬
‫المناسبة جوا شبٌها بجو الدروس الصٌفٌة فً احد الجامعات ‪.‬‬
‫وبعد ان ألقى بوش خطابه اتصل بمقر الملك فهد بالسعودٌة وكرر له التؤكٌد على عزم الوالٌات المتحدة الدفاع عن المملكة ‪ .‬فشكره الملك كثٌرا ‪.‬‬
‫لكن قلق بوش أحرجه بدال من ادخال السرور على نفسه ‪ .‬وكان الملك خجوال ضعٌؾ الصحة ‪ .‬وبدا عندبذ فً وضع ال ٌحسد علٌه ‪ .‬إذ حدث ما‬
‫كان ٌخشاه فؤصبحت بالده فً خط المواجهة ‪ .‬وكانت مملكته منذ انشابها قبل ثالثة وستٌن عاما واحة استقرار لكن ؼزو الكوٌت كان ـ كما قال ـ "‬
‫مؤساة " ‪ .‬إذ اصبح امٌرها وافراد اسرته ضٌوفا علٌه ‪ .‬وبذلك ٌكون التارٌخ قد اكمل دورته بطرٌقة ؼرٌبة ‪ .‬ففً عام ‪ 1902‬ـ أي قبل ذلك بثمان‬
‫سنة ـ وجد مإسس المملكة المشرد ابن سعود ملجؤ لد آل الصباح فً الكوٌت ‪.‬‬

‫‪543‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وقبل عودة بوش إلى نٌوٌورك عقد اجتماعا مؽلقا مع مارؼرٌت تاتشر فً شالٌه فخمة بمساكن كاتو ٌملكها سفٌر الوالٌات المتحدة فً برٌطانٌا ‪.‬‬
‫فنصحت تاتشر الربٌس اِلمٌركً بإظهار أكثر حزم ممكن وتجنٌد العالم كله برعاٌة اِلمم المتحدة ‪ .‬ولم تطرح الخٌارات العسكرٌة للنقاش لكن ـ كما‬
‫قال شاهد عٌان ـ " قالت فً صدام حسٌن ما قاله أنتونً اٌدن خالل أزمة السوٌس فً جمال عبد الناصر فقارنه بهتلر " ‪.‬‬
‫وبحلول الساعة الرابعة بعد الظهر وعندما أقلعت الطابرة الرباسٌة من آسبن إلى واشنطن كانت وزارة الدفاع اِلمٌركٌة قد اتخذت عددا معٌنا من‬
‫االجراءات ‪ .‬فاستدعً على عجل طواقم طابرات الشحن سً ‪ 141‬العمالقة ‪ .‬وألؽٌت جمٌع االجازات وصد أمر لجمٌع الطٌارٌن بالعودة إلى‬
‫قواعدهم خالل ثالث ساعات ‪ .‬واعترت هإالء الدهشة وهم ٌودعون أسرهم وأصدقاءهم بطرٌة مفاجبة ‪ .‬فقد كانوا ال ٌعرفون سبب استدعابهم ‪ .‬ولم‬
‫ٌكد ٌحل المساء حتى كانوا فً الجو فوق االطلنطً ‪ .‬ونقلت طواقم عشرٌن طابرة من طراز سً ‪ 141‬إلى القاعدة اِلمٌركٌة " راٌن مٌن " بؤلمانٌا‬
‫الؽربٌة ‪ .‬ونقل ‪ 26‬طاقما إلى طورٌجون فً إسبانٌا ‪ .‬وشكل هإالء أول حلقات الجسر الجوي الضخم الذي سٌقام مع السعودٌة خالل اِلٌام القلٌلة‬
‫التالٌة ‪.‬‬
‫وقُطع حفل كبٌر راقص فً أحد المعسكرات فجؤة عندما أعلن أحد الضباط بؤنه على جمٌع الحاضرٌن أن ٌستؤنفوا عملهم فً الحال ‪ .‬ولم تقدم لهم أٌة‬
‫اٌضاحات ‪ .‬ولم ٌعد أحد منهم بعد ذلك ‪ .‬وكان هإالء ٌنتمون إلى وحدات العملٌات الخاصة وٌقومون بالمهمات الخطرة مثل ؼارات الكوماندوز‬
‫والرد على أخذ رهابن ‪ .‬وكانوا سٌرسلون فً تلك اللٌلة ذاتها إلى الشرق اِلوسط ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً الثامنة من صباح الثالث من أؼسطس بالقاهرة جر ابالغ المشاركٌن فً اجتماع الجامعة العربٌة المقرر فً التاسعة صباحا أنه أجل إلى‬
‫السادسة مساء ‪ .‬إذ لم ٌكن باإلمكان قول شًء أو اتخاذ قرار قبل معرفة ما ٌتمخض عنه اجتماع الملك حسٌن بالزعٌم العراقً ‪ .‬وكانت العٌون فً‬
‫العالم العربً كله شاخصة إلى بؽداد ‪.‬‬
‫وأذٌعت من الكوٌت المحتلة استؽاثة ٌابسة جاء فٌها ‪ " :‬ماذا حدث لالتفاقات المعقودة بٌن الدول العربٌة ‪ ،‬واالتفاقات بٌن دول الخلٌ ‪ ،‬واالتفاقات‬
‫بٌن الدول اإلسالمٌة ‪ٌ .‬ا اخوة اللؽة والدم والعروبة واإلسالم ان الكوٌت تناشدكم المساعدة "‪.‬‬
‫وخرج الكوٌتٌون الذٌن ابقتهم الحرب فً القاهرة إلى الشوارع والدموع فً اعٌنهم ‪ .‬وقال ضابط مصري الحدهم ‪ " :‬ان هذا الوضع عار على العالم‬
‫العربً ‪ .‬اننا نجلس هنا ونتفرج وكؤنه لم ٌحدث شًء " ‪.‬‬
‫ومن ٌقرأ الصحؾ من العرب لم ٌصدق ما ٌر ‪ .‬إذ لم تقم صحٌفة واحدة بادانة الؽزو العراقً للكوٌت ‪ .‬فقد كان محررو الصحؾ قد تلقوا أوامر‬
‫مشددة بالوقوؾ على الحٌاد ‪ .‬وكانت الصحؾ الوحٌدة التً أٌدت صدام حسٌن علنا هً صحؾ اِلردن ‪.‬‬
‫***‬
‫فً التاسعة والنصؾ صباحا وصل الملك حسٌن إلى بؽداد واستقبله صدام على الفور فً القصر الرباسً ‪ .‬واستؽرق االجتماع عدة ساعات لكنه‬
‫انتهى بالتوصل إلى اتفاق ‪ .‬وطرح الملك خاللها اسبلة محددة على الزعٌم العراقً ‪ " :‬هل تعتزم حضور القمة المصؽرة ؼدا ؟ " فهز صدام رأسه‬
‫موافقا وقال ‪ " :‬سؤكون هناك " ‪ .‬وسؤله ‪ " :‬هل ستخرج من الكوٌت ؟ " فؤجاب " نعم إذا جر حل خالفاتً مع تلك االمارة " ‪ .‬وأضاؾ فً أواخر‬
‫المقابلة ‪ " :‬ال ارٌد ان ٌحضر القمة أحد من آل الصباح ‪ .‬أفضل التفاوض على اتفاق مع الملك فهد ‪ .‬فقد كانت لً دابما عالقات أفضل معه " ‪.‬‬
‫وترك صدام لد زابره انطباعا بؤنه زعٌم طٌب مستعد لتقدٌم تنازالت كبر وكانت لحظة ؼضبه الوحٌدة عندما ذكر الملك تهدٌدات الجامعة‬
‫العربٌة بالتندٌد بالؽزو ‪ .‬قال ‪ٌ " :‬نبؽً ان نزٌل الؽشاوة عن أعٌننا ‪ .‬إذا سارت االمور فً ذلك االتجاه فسوؾ أقول بان الكوٌت جزء من العراق‬
‫وسؤضمها إلى بالدي " ‪ .‬ثم مال على الملك وخفض صوته كما لو كان ٌرٌد االدالء بسر وقال ‪ " :‬على أي حال فاننً وقعت معاهدة عدم اعتداء مع‬
‫السعودٌة "‪.‬‬
‫وقبل ان ٌفترق الزعٌمان تعانقا بحرارة وخرج الملك متفابال ومقتنعا بؤنه استطاع معالجة االزمة ‪ .‬وبعد بضع ساعات أصدر صدام بٌانا أعلن فٌه أنه‬
‫سٌبدأ بسحب قواته من الكوٌت ٌوم االحد الموافق فً الخامس من أؼسطس ولكن ال مجال لعودة االسرة المالكة ‪.‬‬
‫***‬
‫وفٌما كان الملك حسٌن ٌهم بالعودة إلى عمان ‪ ،‬كان ٌاسر عرفات قد وصل إلى طرابلس الؽرب قادما من تونس ‪ .‬وكان ٌعتزم زٌارة مصر والعراق‬
‫والسعودٌة فً مهمة توسط مشابهة ‪ .‬إذ كان عدد الفلسطٌنٌٌن المقٌمٌن فً الكوٌت كبٌرا وٌحتلون مناصب مهمة وٌتبرعون بجزء كبٌر من مٌزانٌة‬
‫منظمة التحرٌر ‪.‬‬

‫‪544‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً طرابلس الؽرب وجد عرفات القذافً فً ؼاٌة التؤثر بسبب الؽزو ‪ .‬وقال باصرار ‪ " :‬أبو عمار ‪ ،‬ال بد من التوصل إلى حل سلمً ‪ .‬ولدي حل‬
‫ٌقوم على نقطتٌن ‪ ".‬ثم سحب ورقة عن الطاولة التً كانت أمامه ‪ .‬واستمع إلٌه عرفات بتفهم وانتباه ‪ .‬وكانت العالقات بٌن القذافً والفلسطٌنٌٌن منذ‬
‫سنوات كثٌرة معقدة وأحٌانا ؼامضة ‪ .‬وواصل القذافً كالمه فقال ‪ " :‬أوال على العراق ان ٌنسحب إلى المنطقة المتنازع علٌها ‪ .‬وٌعود بعد ذلك‬
‫شخص من االسرة الكوٌتٌة الحاكمة ؼٌر االمٌر إلى الكوٌت ‪ .‬وٌمكن للشعب بعد ذلك انتخاب حاكمه "‪ .‬على ان النقطة الثانٌة لم تكن واقعٌة ‪ .‬لكن‬
‫عرفات لم ٌعلق بشًء ‪.‬‬
‫فً ذلك الٌوم ـ وهو الثالث من أؼسطس ـ أخذ زمام السٌطرة على االزمة ٌفلت تدرٌجا من اٌدي العرب ‪.‬‬
‫***‬
‫فً البٌت اِلبٌض افتتح بوش فً وقت متؤخر من بعد الظهر اجتماعا لمجلس االمن القومً ‪ .‬وحضر االجتماع رٌتشارد تشٌنً وزٌر الدفاع ‪،‬‬
‫وبرنت سكوكروفت ربٌس مجلس االمن القومً وناببه رٌتشارد هاس ‪ ،‬وربٌس هٌبة االركان المشتركة كولن باول ‪.‬‬
‫وأكد الجنرال باول للربٌس ان جمٌع الخٌارات العسكرٌة ٌجري درسها وانها ستقدم له فً الٌوم التالً حسب الخطة ‪ .‬وكان باول فً الخامسة‬
‫والثالثٌن من عمره ‪ .‬وسبق له ان حارب فً فٌتنام وشارك فً خمس ازمات بما فٌها ؼزو بنما ونزول قوات المارٌنز فً لٌبٌرٌا الجالء االمٌركٌٌن‬
‫منها ‪ .‬واعتاد ان ٌقول " لٌس هناك استخدام شرعً للقوة " ‪ .‬وكانت هذه وجهة نظر لم ٌجد بوش بدا من الموافقة علٌها ‪.‬‬
‫وكان لد اعضاء هذه الهٌبة التنفٌذٌة عدد من القطع التً تحل أحجٌة الخلٌ بما فٌها دعم هٌبة اِلمم المتحدة وحلؾ شمال االطلسً ‪ .‬وما كانوا‬
‫بحاجة إلٌه هو عدد من الخٌارات العسكرٌة ودعم العالم العربً ‪.‬‬
‫وعندما سؤل بوش باول عن المخاطر التً ستتعرض لها طالبع القوات اِلمٌركٌة التً ترسل إلى المٌدان أجاب باول بال تردد ‪ " :‬ان المخاطر كبٌرة‬
‫جدا ‪ .‬فسوؾ تتعرض قواتنا لهجمات العراقٌٌن ‪ .‬فإذا قررت أخٌرا ٌا سٌدي الربٌس ان تزج بالقوات اِلمٌركٌة فً المعركة فانه ٌنبؽً علٌنا ان‬
‫نرسل اكبر عدد ممكن منها وبؤسرع ما ٌمكن ‪ .‬اختر الهدؾ ركز علٌه وحاول أن تسحقه " ‪ .‬فهز بوش رأسه ولم ٌعلق بشًء ‪.‬‬
‫وانتهى االجتماع بعد ساعتٌن ‪ .‬وفً حٌن ان المجتمعٌن تفرقوا الخذ قسط من الراحة اتصل بوش مرة أخر بالملك فهد وحاول ان ٌقنعه بان‬
‫المعلومات المتوافرة لدٌه تدل على ان الزعٌم العراقً سوؾ ٌزحؾ على السعودٌة ‪ .‬فقال الملك فهد معترضا بؤنه ال ٌزال واثقا من نجاح الجهود‬
‫التً ٌبذلها الملك حسٌن للتوصل إلى تسوٌة عن طرٌق المفاوضات والقناع الربٌس العراقً باالنسحاب ‪ .‬وذكر بوش بؤن القمة العربٌة المصؽرة‬
‫ستعقد فً الٌوم التالً أي الرابع من أؼسطس ‪.‬‬
‫فقال بوش ‪ " :‬لكن إذا ساء الوضع ٌا صاحب الجاللة فهل تقبل مساعدات أمٌركٌة ؟ " ‪ .‬فلم ٌجب الملك ‪ .‬وطال الصمت إلى حد أن بوش اعتقد بؤن‬
‫الملك لم ٌسمع السإال بسبب عطل طرأ بخط التلفون فكرر السإال ‪ .‬وأخٌرا أجاب الملك على نحو ٌدل على االستسالم ‪ " :‬أجل سنقبلها " ‪.‬‬
‫‪ ..‬وهناك عامل آخر فً أزمة الخلٌ أثار ؼضب بوش وهو أنه اتبع أسلوبا مضلال ‪ .‬إذ كان منذ زمن طوٌل ٌعول على اهمٌة العالقات الشخصٌة‬
‫بٌن الزعماء ‪ .‬ووصفه واحد من أقرب زمالبه إلٌه بقوله انه " ٌتبع نوعا من الدبلوماسٌة الشخصٌة " ‪ ،‬وخصوصا اإلكثار من المكالمات التلفونٌة‬
‫ؼٌر الرسمٌة مع رإساء الدول ‪ .‬وٌقول صدٌق له ‪ٌ " :‬حب جورج ان ٌُعرؾ بـ " جورج العزٌز " وان ٌحبه الجمٌع بسبب دؾء مشاعره " ‪ .‬لكن‬
‫بالرؼم من أنه بالنسبة إلى الكوٌت تلقى تقارٌر محددة تنذر بالخطر الشدٌد من وكاالت المخابرات فإنه ظل حتى آخر ساعة ٌعتقد أن العراق لن تقوم‬
‫بالؽزو لسبب بسٌط وهو ان اثنٌن من الزعماء الذٌن كان ٌثق بهم وهما الملك حسٌن والربٌس المصري حسنً مبارك كانا ٌإكدان له ذلك باستمرار ‪.‬‬
‫وكان ٌعتمد علٌهما كمصدر للمعلومات أكثر مما ٌعتقد على التقارٌر السرٌة وصور االقمار الصناعٌة التً كانت تصل إلى مكتبه كل ساعة ‪.‬‬
‫‪ . 1973‬ففً كال الحالٌن كانت جمٌع‬ ‫والواقع ان ادارة بوش اقترفت الخطؤ فً الحكم الذي وقع فٌه االسرابٌلٌون قبل نشوب حرب أكتوبر‬
‫المعلومات الضرورٌة لتوضٌح الموقؾ ‪ .‬لكن الذي شوه المعلومات االفتراض الخاطا بؤن العراق ‪ ،‬كمصر عام ‪ ، 1973‬لن ٌقوم بالهجوم ‪.‬‬
‫***‬
‫كان هناك شخص فً ناحٌة أخر من واشنطن سٌلعب دورا هاما فً تصلب الموقؾ االمٌركً وهو جون كٌلً ‪ .‬ففً الثامنة من ذلك الصباح كان‬
‫فً مكتبه ‪ .‬وبدا علٌه االنزعاج النه كان ٌحاول عبثا االتصال بالسفٌر المصري فً واشنطن ‪ .‬فلم ٌكن احد ٌعرؾ مكانه واخٌرا وبعد نصؾ ساعة‬
‫اكتشؾ انه هو والقابم باِلعمال فً القاهرة ‪ .‬فبعث على الفور برسالة تلفونٌة إلى وزٌر الخارجٌة المصري ‪ .‬وكانت عنٌفة اللهجة إلى حد ال ٌحتمل‬
‫معه أن ٌكون قد أرسلها بدون ضوء أخضر من رإسابه ‪ .‬قال فً رسالته ‪:‬‬
‫" لقد قام الؽرب بواجبه ؛ لكن الدول العربٌة ال تفعل شٌبا ‪ .‬لقد باعت الوالٌات المتحدة أسلحة كثٌرة لألقطار العربٌة وخصوصا لمصر ‪ .‬وإذا لم‬
‫تتحرك وتتخذ موقفا حازما من قضٌة الكوٌت علٌها أن تتؤكد من أنها لن تستطٌع االعتماد من اآلن فصاعدا على الوالٌات المتحدة " ‪.‬‬

‫‪545‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وتنفً وزارة الخارجٌة اِلمٌركٌة ان هذه المكالمة جرت فً ذلك الٌوم ‪ .‬لكن مصدرا مصرٌا رفٌع المستو وموثوقا به ٌصر على أنه اطلع على‬
‫تلك الرسالة ‪ .‬واِلمر الؽامض هو ما إذا كانت وزارة الخارجٌة االمٌركٌة قد احٌطت علما بتفاصٌل الحدٌث بٌن الربٌس بوش والملك حسٌن عندما‬
‫وافق بوش على عدم االتصال بالدول العربٌة خالل الثمانً واِلربعٌن ساعة التالٌة ‪ .‬فإن لم تكن على علم بذلك فانه من المنطق ان ٌكون بوش قد‬
‫أمر برنت سكوكروفت فً الساعة الخامسة من صباح الثانً من أؼسطس أن ٌطلب منها أن تضؽط على الدول العربٌة لكً تدٌن ؼزو صدام‬
‫للكوٌت ‪.‬‬
‫***‬
‫واستولت الدهشة على المسإولٌن المصرٌٌن ولكن الملك حسٌن هبط بطابرته فً عمان وهو ال ٌعلم شٌبا عن ذلك ‪ .‬وكانت الساعة عندبذ فً عمان‬
‫تشٌر إلى الثانٌة بعد الظهر ‪.‬‬
‫وعندما نزل الملك من الطابرة أُبلػ أن وزٌر خارجٌته مروان القاسم ٌرٌد أن ٌتحدث معه فً أمر ملح ‪ .‬وعندما رفع سماعة التلفون قال للوزٌر ‪" :‬‬
‫لدي أخبار جٌدة جدا ‪ .‬لقد أخبرنً صدام حسٌن بؤنه سٌنسحب من الكوٌت " ‪.‬‬
‫وقبل أن ٌدخل الملك فً تفاصٌل محادثاته مع صدام قاطعه الوزٌر بقوله ‪ " :‬إنك لم تسمع ! فقد أصدرت وزارة الخارجٌة المصرٌة بٌانا تدٌن فٌه‬
‫الؽزو العراقً للكوٌت " ‪ .‬وكان هذا صدمة للملك حسٌن الذي قال ‪ " :‬إن هذا ٌهدم كل شًء ‪ ،‬وربما وسع نطاق النزاع "‪.‬‬
‫وأسرع الملك فً العودة إلى القصر حٌث حاول االتصال بالربٌس مبارك ‪ .‬ووجد صعوبة فً الوصول إلٌه ‪ .‬وعندما تم له ذلك أخبره عن اتفاقه مع‬
‫صدام على انسحابه من الكوٌت وحضوره القمة المصؽرة ‪ .‬وسؤله ‪ " :‬لماذا أصدرتم ذلك البٌان ؟ لقد اتفقنا على أن ال نفعل شٌبا من ذلك حتى تجتمع‬
‫القمة المصؽرة " ‪.‬‬
‫وبدا االضطراب على مبارك وقال ‪ " :‬لقد تعرضت لضؽط هابل من وسابل االعالم ومن الشعب ‪ .‬إن عقلً ال ٌشتؽل ‪ ،‬فصرخ الملك ‪ " :‬حسنا‬
‫اتصل بً عندما ٌعود إلى العمل "‪.‬‬
‫وفٌما بعد رو هذا مبارك بطرٌقة مختلفة جدا فقال‪ " :‬سؤلت الملك حسٌن ‪ :‬هل وعد صدام حسٌن باالنسحاب من تلقاء نفسه ؟ فؤجابنً الملك ‪ " :‬ال‬
‫ولكنه قال بؤنه سٌفعل ذلك إذا جر التوصل إلى حل فً القمة المصؽرة وخصوصا إذا حصل على تنازالت كوٌتٌة بوساطة السعودٌٌن " ‪ .‬وعندما‬
‫سبل مبارك عما إذا كان صدام قد التزم باالنسحاب أجاب بالنفً ‪.‬‬
‫وٌدعً مبارك أن حدٌثه مع الملك أقنعه بؤنه طالما أن صدام حسٌن لم ٌقدم أي ضمانة بؤنه سٌنسحب حتى ولو جر التوصل إلى اتفاق فً القمة‬
‫المصؽرة فإنه ال مبرر الجتماع هذه القمة‪.‬‬
‫***‬
‫وأخبرنا مسإولون عراقٌون من ذوي االطالع أن الربٌس العراقً وافق خالل محادثاته مع الملك على الذهاب إلى جدة فً السابع من أؼسطس‬
‫لحضور قمة مصؽرة وأنه سٌجري مفاوضات مع الملك فهد وأنه فً حال نجاحها سٌنسحب من الكوٌت ‪.‬‬
‫وقبٌل نشوب الحرب وبٌنما كان صدام حسٌن مجتمعا مع دي كوٌار أمٌن عام اِلمم المتحدة أعاد التؤكٌد على قراره االنسحاب من الكوٌت فً‬
‫الخامس من أؼسطس إذا نجحت القمة المصؽرة التً تقرر اجتماعها بجدة فً الرابع من الشهر ذاته ‪ .‬وقد تؤكدنا من مراجع رفٌعة المستو فً‬
‫العاصمة اِلردنٌة بان صدام حسٌن أبلػ الملك بالفعل بؤنه على استعداد لالنسحاب من الكوٌت وأن الملك حسٌن أبلػ ذلك إلى الربٌس المصري ‪.‬‬
‫وٌدل هذا على انه عندما أخبر مبارك عرفات بؤن الملك حسٌن أبلػ ذلك إلى ربٌس المصري ‪ .‬وٌدل هذا على انه عندما أخبر مبارك عرفات بؤن‬
‫الملك حسٌن ابلؽه أن صدام حسٌن لم ٌوافق على االنسحاب من الكوٌت لم ٌقل الحقٌقة ‪.‬‬
‫***‬
‫فً موسكو اخذ دنٌس روس نابب بٌكر ٌفقد صبره ‪ .‬وكان فً تلك اِلثناء ٌقٌم فً مقر السفٌر اِلمٌركً وٌعمل بصعوبة بالؽة على التوصل إلى‬
‫اتفاق حول التؽٌٌرات التً سٌتم إدخالها على البٌان المشترك الذي سٌصدره بٌكر وشٌفارنادزه ‪ .‬وكان مشروع البٌان الذي أحضره تراسنكو معه‬
‫ؼٌر صالح وٌتسم إلى حد كبٌر بالؽموض واالعتدال ‪ .‬فقال لتراسنكو ‪ " :‬ال بد من إعادة كتابته ‪ .‬إذ ٌنبؽً أن ٌكون أقو من ذلك " ‪ .‬فخرج‬
‫تراسنكو وعاد بعد ثالث ساعات ومعه نص جدٌد ؼٌر مرض أٌضا ‪ .‬فعندما أطلع روس علٌه قال‪:‬‬
‫" إنك تعرؾ ما الذي سٌحدث إذا اعتمدنا هذا النص‪ .‬اننا لن نوصل الرسالة المطلوبة إلى صدام حسٌن‪ .‬فهو لن ٌجد فً هذا النص ما ٌدل على‬
‫اتحادنا وتصمٌمنا فؤجابه تراستكون اننا نواجه مقاومة لذلك ‪ .‬فخبراء الشإون العربٌة فً وزارتنا ٌعارضون فكرة التخلً عن شرٌك ثابت كالعراق "‬
‫‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وخرج تراسنكو مرة أخر وعاد بعد بضع ساعات وعلى وجهه عالبم الٌنجاح ‪ .‬فلم ٌكن أمامهما وقت ٌضٌعانه ‪ .‬فطابرة بٌكر كانت على وشك‬
‫الهبوط ‪ .‬فركب الرجالن سٌارة لٌموزٌن واتجها إلى المطار بؤقصى سرعة ممكنة ‪ .‬وعندما قرأ روس النص وجده مرضٌا ‪ .‬والحظ أن فٌه فقرة‬
‫تدعو إلى حظر مشترك على بٌع االسلحة فحذفت ‪ .‬وقال لتراسنكو ‪ " :‬إنه ال قٌمة لها " ‪ .‬فعلق زمٌله السوفٌٌتً بقوله ‪ٌ " :‬مكن لوزٌر خارجٌتكم أن‬
‫ٌبحث ذلك مع زمٌله شٌفارنادزه ‪.‬‬
‫ووصال أثناء هبوط الطابرة ‪ .‬وكان شٌفارنادزه بانتظاره على المدرجات ‪ .‬وتصافح الوزٌران ‪ .‬فقال شٌفارنادزه وعلى شفتٌه ابتسامة تنم عن‬
‫االحراج ‪ " :‬كنت مخطبا ٌا جٌم عندما أبلؽتك أنه لن ٌكون هناك ؼزو " ‪ .‬ثم توجها ومعهما روس وتراسنكو فً الحال إلى ؼرفة علٌها حراسة‬
‫مشددة‪.‬‬
‫استهل بٌكر الحدٌث بقوله ‪ٌ " :‬نبؽً أن ٌكون واضحا لصدام حسٌن وباقً العالم أننا متضامنان فً هذا " ‪ .‬فوافقه شٌفارنادزه الذي كان ٌمٌل إلى‬
‫االسهاب ولكن بدون حماسة كبٌرة ‪ .‬وبعد أن استمع إلى ما لد بٌكر قال‪ " :‬نحن نصر على أن االتحاد السوفٌٌتً لن ٌقبل قٌامكم بؤي شكل من‬
‫أشكال دبلوماسٌة المدفع " ‪.‬‬
‫وحاول بٌكر طمؤنته فقال ‪ " :‬لن تتخذ الوالٌات المتحدة إجراء من طرؾ واحد إال إذا تعرض مواطنوها للخطر " ‪.‬‬
‫وصل إلى جدة فً وقت مبكر من مساء ذلك الٌوم ‪ ،‬عزت ابراهٌم ‪ ،‬الشخصٌة الثانٌة فً العراق ‪ ،‬إلجراء محادثات مع الملك فهد ‪ .‬وفً الوقت‬
‫نفسه أظهرت صور اِلقمار الصناعٌة أن وحدات من الحرس الجمهوري العراقً وصلت إلى الحدود المشتركة بٌن الكوٌت والسعودٌة ‪.‬‬
‫فً عمان ‪ ،‬كان الملك حسٌن محطما وٌشعر بالمهانة والٌؤس ‪ ،‬فقد اعتبر الملك البٌان الذي ٌدٌن الؽزو مإامرة واسعة مدبرة من بعض الدول العربٌة‬
‫لعرقلة جهوده ولتخرٌب القمة المصؽرة المرتقبة لٌوم الؽد ‪.‬‬
‫بقً الملك الذي اعتاد الكفاح والعمل عدة ساعات وحٌدا فً قصره ‪ .‬وكان الزابر الوحٌد الذي سمح باستقباله هو شقٌقه اِلمٌر حسن ‪ .‬وقال له‬
‫بصوت حزٌن ‪ " :‬كان ٌنبؽً على العرب أن ٌثبتوا قدرتهم على حل اِلزمة بؤنفسهم ـ لقد كان علٌنا أن ال نفشل ‪ .‬واآلن علٌنا أن نتوقع اِلسوأ "‪.‬‬
‫وتوقؾ رنٌن الهاتؾ فً القصر الذي كاد أن ٌكون خالٌا ‪ .‬فلم ٌتصل أي من الزعماء العرب بالقصر ‪ .‬وفً تلك الساعات التً انعزل فٌها وأخذ ٌشك‬
‫فً كل شًء وحتى فً نفسه خطر بباله أن ٌتنازل عن العرش ‪.‬‬
‫وكان باستطاعته سماع الضجة فً المدٌنة ‪ .‬إذ كانت المدٌنة مسرحا للمظاهرات المإٌدة لصدام حسٌن والتً كانت تهتؾ باسمه إلى جانب اسم صدام‬
‫‪ .‬وكان المتظاهرون وؼالبٌتهم من الفلسطٌنٌٌن ٌعلنون عن حقدهم على دول الخلٌ ‪ " ،‬فالكوٌت " فً نظرهم لٌست قطرا ‪ ،‬ولٌست شعبا ولٌست‬
‫عاصمة ولٌست حتى بلدة ‪ .‬فهً ببر نفط وسط الصحراء ‪ .‬فالدول الخلٌجٌة المتعجرفة ترفض منح الجنسٌة للعرب الذٌن ٌعملون فٌها والذٌن خدموها‬
‫بإخالص مدة طوٌلة ‪ .‬وٌنبؽً على صدام أن ٌؽزو السعودٌة أٌضا " ‪.‬‬
‫كانت مظاهرات التؤٌٌد هذه فً نظر الملك حسٌن " نصراً مراً " ‪ .‬وعندما أسدل الظالم ستاره على التالل المحٌطة بعمان كان لدٌه إحساس بالفرقة‬
‫التً كانت ستمزق العالم العربً ‪.‬‬
‫وفً تلك اِلثناء ‪ ،‬كان مجلس الجامعة العربٌة بالقاهرة ٌنهً الهدنة التً طلبها الملك إلفساح المجال له للتوسط ‪ .‬وتبنى وزراء الخارجٌة العرب‬
‫قرارا ٌدٌن العراق وٌدعو إلى انسحاب قواته إلى الحدود دون شرط ‪ .‬ورفض سبعة من اِلعضاء البالػ عددهم واحدا وعشرٌن أن ٌصوتوا إلى‬
‫جانب القرار ‪ .‬وهم باإلضافة إلى الممثل العراقً وزراء اِلردن ولٌبٌا والٌمن والسودان وجٌبوتً ومنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة ‪ .‬وكان الوزٌر اللٌبً‬
‫قد انسحب من القاعة قبٌل التصوٌت‪.‬‬
‫وكان المندوبون العرب على علم بالضؽط اِلمٌركً الذي تعرض له حسنً مبارك طوال الٌوم بوسابل مثل الرسالة التلفونٌة التً بعثها جون كٌلً ‪.‬‬
‫وكانت مصر بعد إسرابٌل هً المستفٌد اِلكبر من المساعدة اِلمٌركٌة المالٌة فً المنطقة وتبلػ نحو بلٌونً دوالر ‪.‬‬
‫وبالرؼم من أن القرار دعا إلى عقد قمة عربٌة " لبحث العدوان والبحث عن وسابل للتوصل إلى حل دابم " ‪ ،‬فان اِلمل فً التوصل إلى تسوٌة‬
‫فورٌة كان قد تالشى ‪ .‬وكان صدام حسٌن كما قال الملك حسٌن قد أعلن عن استعداده لالنسحاب من الكوٌت إذا انعقدت القمة العربٌة المصؽرة ولكن‬
‫على شرط أن ال تقوم الجامعة العربٌة بإدانة الؽزو ‪ .‬على أن القمة المصؽرة التً كان من المتفق علٌه انعقادها فً الرابع من أؼسطس قد ألؽٌت ‪.‬‬
‫وما قٌل للعالم عندبذ هو أن القرار الذي اتخذته الجامعة العربٌة فً ذلك المساء ٌدعو الدول العربٌة إلى عدم إنزال قواتها على اِلراضً العربٌة ‪.‬‬
‫وصوتت إلى جانب القرار كل من السعودٌة ومصر وسورٌا ‪ .‬إال أن الوالٌات المتحدة ؼٌرت موقفها خالل اِلسبوع التالً ‪.‬‬
‫الفصل السابع‬
‫(( لن أؼزو السعودٌة ))‬

‫‪547‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اسشارت التقارٌر الواردة صبٌحة الرابع من آب إلى أنَّ الوحدات العراقٌة دخلت " المنطقة المحاٌدة " بٌن الكوٌت والمملكة العربٌة السعودٌة‬
‫وتمركزت على بعد نصؾ كٌلو متر من الحدود السعودٌة ‪ .‬وفً " فورت مٌد " حٌث مقر وكالة اِلمن الوطنٌة أظهرت الصور التً تلتقطها أقمار‬
‫التجسس الصناعٌة التً باتت تصور كل كٌلو متر من منطقة اِلزمة ‪ ،‬أنّ مبة ألؾ جندي من نخبة الوحدات العراقٌة قد حُشدت قرب الحدود وكانت‬
‫هذه الوحدات تنتمً إلى الفٌلق الثالث والحرس الجمهوري الذي ٌإمّن الحماٌة الشخصٌة لصدام حسٌن ‪ .‬وكان هذا الفٌلق ٌضم ‪ 8‬فرق تتؤلؾ كل‬
‫منها من ‪ 30‬إلى ‪ 33‬لواء ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتلقى المسإولون الربٌسٌون فً االدارة االمٌركٌة دراسة سرٌة فٌها تقٌٌم لما تمثله هذه القوات من أخطار ‪:‬‬
‫" ٌتطلب الؽزو العراقً للسعودٌة عملٌة عسكرٌة تفوق بكثٌر اتساعا وعمقا تلك التً قامت بها القوات البرٌة العراقٌة ‪ .‬وتشمل اِلهداؾ الربٌسٌة‬
‫لهذا الؽزو المرافا والمطارات القرٌبة من الظهران الواقعة على بعد ثالث مابة كٌلو متر من الحدود الكوٌتٌة ‪ ،‬على أن ٌكون الهدؾ التالً الرٌاض‬
‫عاصمة المملكة السعودٌة ‪ .‬ففً هذه المنطقة جمٌع اِلهداؾ االقتصادٌة الحٌوٌة التً تإدي االستٌالء علٌها إلى إؼالق الخلٌ على السعودٌٌن ‪ ،‬والى‬
‫إعاقة اإلمدادات اِلمٌركٌة " ‪.‬‬
‫ثم تعرض الدراسة لمختلؾ الهجمات التً قد ٌقوم بها الحرس الجمهوري على االراضً السعودٌة وتختم ذلك بمقارنة تارٌخٌة ؼٌر متوقعة ‪:‬‬
‫" قد تشكل سمعة الحرس الجمهوري الممتازة نقطة ضعؾ خطٌرة ‪ .‬فتدمٌرها أو إلحاق هزٌمة خطٌرة بها ‪ ،‬قد ٌصٌب باقً وحدات الجٌش بصدمة‬
‫معنوٌة هابلة تإدي إلى تسرٌع تفككه وانهٌاره ‪ .‬فلٌس من المستبعد أن تكون ردة فعل القوات العراقٌة مشابهة لتلك التً صدرت عن جحافل الجٌش‬
‫الفرنسً الكبر فً واترلو عندما بلؽها نبؤ انسحاب حرس نابلٌون القدٌم ‪ .‬فقد أحدثت صرخة " الحرس ٌتقهقر " ذعرا ع َّم الجٌش الفرنسً بؤكمله‬
‫وأد إلى انهٌاره الفوري " ‪.‬‬
‫وفً كامب دٌفد المقر الصٌفً للرإساء القابع فً جبال " كاتوكتٌن " ‪ ،‬انعقد االجتماع الثانً الذي دعا إلٌه جورج بوش فً أقل من أربع وعشرٌن‬
‫ساعة ‪ .‬وقد بدأ كالذي سبقه فً الساعة الثامنة صباحا ‪ ،‬وحضره إلى جانب برنت سكوكروفت ورٌتشارد هاس والجنرال كولن باول ‪ ،‬الذي كانوا‬
‫‪ ) CIA‬ولٌام‬ ‫هناك فً الٌوم السابق ‪ ،‬ربٌس موظفً البٌتاِلبٌضجون سنونو ووزٌر المالٌة نٌقوالس برادي ومدٌر وكالة المخابرات اِلمٌركٌة (‬
‫وبستر إضافة إلى وزٌر الخارجٌة جٌمس بٌكر الذي كان قد عاد من موسكو فً مساء الٌوم السابق ‪ .‬وجلس المجتمعون حول طاولة من خشب‬
‫البلوط فً الشالٌه الخشبٌة بعد أن كان أكثرهم قد خلعوا مالبسهم الرسمٌة وارتدوا مالبس عادٌة كما لو كانوا قد جاإوا لقضاء عطلة نهاٌة اِلسبوع ‪.‬‬
‫والواقع أنهم كانوا وسط أزمة متفاقمة‪.‬‬
‫واستهل االجتماع عدد من الخبراء العسكرٌٌن المدعوٌن إلى االجتماع بتقدٌم تقرٌر حول " الوضع كما هو على اِلرض وما ٌمكننا علمه " ‪.‬‬
‫واثٌر احتمال القٌام بنشاطات سرٌة تهدؾ إلى زعزعة استقرار النظام العراقً أو التخلص من صدام حسٌن ؼٌر أنه لم تجر مناقشة خطط محددة ‪.‬‬
‫وبعد أن أكمل العسكرٌون عرضهم وخرجوا من القاعة طلب جورج بوش من المجتمعٌن التعلٌق ‪ .‬ودار النقاش كله حول الخٌارات العسكرٌة ‪.‬‬
‫وكان واضحا أن انتشارا عسكرٌا أمٌركٌا فً الخلٌ ال ٌمكن أن ٌتم عملٌا دون دعم ومساندة الدول العربٌة وخاصة المملكة العربٌة السعودٌة ‪ .‬إال‬
‫أن الرٌاض لم تكن مستعدة إلعطاء الضوء اِلخضر ‪ ،‬وذلك لسببٌن ‪ :‬أولهما أن السعودٌٌن كانوا ال ٌزالون متمسكٌن باحتمال تسوٌة عربٌة ‪،‬‬
‫وثانٌهما أن فكرة وجود قوات أمٌركٌة أثارت لدٌهم قلقا عمٌقا ‪.‬‬
‫هذا وقد حملت آخر اِلنباء عن الوحدات العراقٌة التً تحتشد على الحدود مع السعودٌة ما ٌدعو إلى المزٌد من القلق وشكلت فوق كل شًء الورقة‬
‫الحاسمة فً المفاوضات مع الملك فهد ‪ .‬وعبر بوش عن ذلك بوضوح ‪ .‬فمنذ بداٌة اِلزمة لم ٌخؾ تبرمه بسبب بطء االستجابة الدولٌة ‪ .‬كما عبر‬
‫عن ؼضبه بسبب القمع الذي كان ٌمارسه العراقٌون فً الكوٌت ‪.‬‬
‫وعندما بدأ كولن باول بالكالم استقر بوش فً مقعده وعلى وجهه عالمات االهتمام وٌداه متشابكتان وأصابعه تالمس أنفه ‪ .‬إذ كان ٌرٌد أن ٌستمع‬
‫إلى الخٌار العسكري ‪.‬‬
‫***‬
‫منذ الثانً من أؼسطس والجنرال نورمان شوارزكوؾ المعروؾ بالدب بسبب ضخامة جثته ال ٌنام سو بضع ساعات كل لٌلة ‪ ،‬وٌدخن أكثر من‬
‫العادة ‪ ،‬وٌكاد ال ٌفارق مقره فً قاعدة ماكدل الجوٌة بفلورٌدا ‪ .‬وكان من قدامى العبً كرة القدم المعروؾ فً وست بوٌنت بحبه للحٌاة الهنٌبة ‪،‬‬
‫وربٌسا ً للقٌادة المركزٌة ( السنتكوم ) ‪ .‬وكان استراتٌجٌو وزارة الدفاع قد قسموا العالم إلى مناطق وعهدوا بالمسإولٌة عن كل قسم إلى جهة معٌنة ‪.‬‬
‫واعتبر السنتكوم مسإوال عن منطقة مساحتها ‪ 15‬ملٌون مٌل مربع وتمتد من كٌنٌا إلى باكستان ‪ .‬وعلٌه فإن هذا الجنرال الضخم المرح كان مسإوال‬
‫عن منطقة تحتوي على سبعٌن بالمابة من احتٌاطً النفط فً العالم ‪.‬‬

‫‪548‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومنذ بداٌة االزمة كان شوارزكوؾ ٌعمل بالتنسٌق مع رإساء اِلركان وكولن باول ‪ .‬وعهد إلٌه بتحقٌق الهدؾ التالً ‪ :‬تعدٌل الخطة السرٌة‬
‫المشهورة رقم ‪ 90‬ـ ‪ 1002‬التً وضعتها إدارة كارتر للتدخل فً الخلٌ بحٌث تشكل دفاعا هابال عن السعودٌة ‪.‬‬
‫وواجهت " الدب " وزمالء مشكالت عدٌدة أكثر خطورة منها عدم وجود قواعد على اِلرض السعودٌة والحرارة المرتفعة فً الصحراء التً تجعل‬
‫القتال صعبا للؽاٌة ‪ .‬وكان بٌن أسباب القلق اِلخر احتمال استخدام العراق لألسلحة الكٌماوٌة وسقوط طالبع القوات اِلمٌركٌة التً كانت نسبٌا فً‬
‫حاجة إلى حماٌة قبل وصول الدبابات واِلسلحة الثقٌلة ‪.‬‬
‫ُ‬
‫من المرجح أن التدخل فً منطقة الخلٌ كان أصعب تحد تواجهه السلطات اِلمٌركٌة منذ حرب فٌتنام ‪ .‬وفً اِلسبوع اِلخٌر من ٌولٌو أجري‬
‫تدرٌب أطلق علٌه " علم الحرب ‪ " 90‬الختٌار قدرة قادة الجٌش على االتصال فٌما بٌنهم من مسافات طوٌلة ‪ .‬وكانت العملٌة موجهة إلى الشرق‬
‫اِلوسط ‪ .‬ولكن بالرؼم من التوتر المتزاٌد فإنه لم تجر االشارة إلى العراق والكوٌت والسعودٌة ‪ .‬ولتفادي إثارة الحساسٌات اظهر باول لباقة خارقة‬
‫عندما طلب تقطٌع الخرابط وتعدٌلها بحٌث ال ٌظهر أي تشابه بٌنها وبٌن بلدان المنطقة ‪.‬‬
‫وفً قاعدة ماكدٌل وفً البنتاؼون (وزارة الحربٌة) كانت الكمبٌوترات الضخمة تعمل طٌلة أربع وعشرٌن ساعة فً استٌعاب المعلومات الجدٌدة ‪.‬‬
‫‪ ( TPFD‬أي قوة االنتشار فً المرحلة الزمنٌة ( * ) وٌشتمل على‬ ‫وكان ٌجري العمل ببرنام ضخم له اسم كاللؽز وٌرمز إلٌه بالحروؾ‬
‫معلومات مفصلة عن القوات واالعتدة التً ٌجب ارسالها ‪ ،‬ووسابل نقلها ‪ ،‬وانظمة االتصاالت لتنسٌق العملٌة ‪ ،‬وكل ما تحتاجه فً صحار‬
‫السعودٌة من دفاعات جوٌة ومٌاه للشرب ومبان الخ ‪.‬‬
‫وكان شوارزكوؾ وباول من قدامى المحاربٌن فً فٌتنام ‪ ،‬الذٌن ٌتخذون جمٌع االحتٌاطات عند استخدام القوة ‪ .‬وكانا مقتنعٌن بؤن نجاح العملٌة‬
‫العسكرٌة رهن بتنفٌذها على نطاق واسع واستخدامها كافة الوسابل وبدعمها بتصمٌم ال ٌتزعزع لد السٌاسٌٌن ‪.‬‬
‫وكان فً مكتب ربٌس هٌبة اِلركان البحة معلقة فً مكان بارز وتشتمل على قابمة بـ " قواعد كولن باول " الثالث عشرة وإحداها ‪ " :‬اختر بعناٌة‬
‫ما ترٌده فتحصل علٌه " ‪.‬‬
‫***‬
‫وعندما بدأ باول فً كامب دٌفد ذلك الصباح بإلقاء بٌانه أمام بوش وأعضاء االدارة ‪ ،‬كان علٌه أن جمٌع المعلومات التً زوده بها شوارزكوؾ ‪ .‬قال‬
‫‪:‬‬
‫" سٌدي الربٌس ‪ ،‬قال باول ‪ ،‬إذا قررت القٌام بعملٌة عسكرٌة ‪ ،‬ال بد من إدخال قواتنا بكثافة وصورة مالبمة ‪ .‬فمن الواضح أنَّ صدام حسٌن ال‬
‫ٌبحث عن مواجهة مع الوالٌات المتحدة ‪ .‬إ َّنه شرس ولكنه لٌس مجنونا ‪ .‬وهو ٌعلم أنه سٌخسر أي حرب ٌخوضها على نطاق واسع مع الوالٌات‬
‫المتحدة ‪ .‬وفً حال حصول تدخل عسكري ال بد من إرسال فوري لقوات مناسبة إلى العربٌة السعودٌة وذلك الظهار تصمٌمنا الواضح على الدفاع‬
‫عن المملكة ‪ .‬وال بد أٌضا من أن ٌكون االنتشار واسعا بحٌث ٌفهم صدام حسٌن أن الهجوم على العربٌة السعودٌة هو هجوم على اِلمٌركٌٌن ‪ .‬كما‬
‫أن الخطة ‪ 1002‬ـ ‪ 90‬ال بد من أن تسمح بالسٌطرة الجوٌة والبحرٌة وإرسال افواج المشاة بعدد ٌكفً ال للردع فقط بل للقتال ‪ .‬فما من أمة جنت‬
‫ربحا من نزاع ٌطول " ‪.‬‬
‫‪ 90‬ـ ‪1002‬‬ ‫كان كالم باول من النوع الذي ٌرٌد بوش سماعه ‪ .‬فبعد أن استمع إلى تعلٌقات اآلخرٌن قرر إعطاء الضوء اِلخضر لتنفٌذ الخطة‬
‫وإلرسال أضخم اسطول منذ حرب فٌتنام الطوؾ اآلخر من العالم ‪ " .‬لقد تحول الربٌس " كما قال شاهد عٌان " إلى صقر حقٌقً " على أنه ترك‬
‫التفاصٌل لباول ‪ .‬وكانت طالبع القوات ـ بموجب ذلك ـ ستؽادر فً اوابل اِلسبوع التالً ‪ .‬وحتى ذلك الحٌن كانت الخطة ستبقى سرٌة من الدرجة‬
‫اِلولى ‪.‬‬
‫كان ال بد أٌضا من تذلٌل عقبة أخٌرة وهً الحصول على موافقة المملكة السعودٌة ‪ .‬فطلب بوش من تشٌنً وزٌر الدفاع التؤهب للسفر فً الٌوم‬
‫التالً إلى جدة ؛ واقترح برنت سكوكروفت أن ٌرافقه روبرت ؼٌتس الرجل الثانً فً مجلس اِلمن القومً الذي شؽل سابقا منصب مساعد مدٌر‬
‫وكالة المخابرات المركزٌة ‪ .‬وتقرر أن ٌرافقهما الجنرال شوارزكوؾ ‪.‬‬
‫وانتهى االجتماع فً العاشرة والنصؾ صباحا ‪ .‬وتقرر عقد اجتماع أخٌر فً البٌت اِلبٌض بعد ظهر الٌوم التالً ‪.‬‬
‫***‬
‫فً هذه االثناء كان ٌاسر عرفات مجتمعا مع مبارك ‪ .‬وكان مبارك متوترا ‪ ،‬وظل ٌقول بؽضب ‪ " :‬على العراق أن ٌنسحب " ‪ ،‬وأشار إلى اتصاله‬
‫بالملك حسٌن الذي كان قد عاد من بؽداد ‪ .‬وبدا وكؤنه ٌحاول تبرٌر موقفه بؽض النظر عن النتاب فقال ‪:‬‬

‫‪549‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" سؤلته ( الملك حسٌن ) عما إذا كان قد بحث مع صدام مسؤلة انسحابه من الكوٌت فؤجاب بالنفً ‪ .‬وأضاؾ بؤن كل ما بحثاه هو عقد القمة المصؽرة‬
‫التً كنا سنحضرها أنا وهو والملك فهد وصدام الذي أعرب عن موافقته على حضورها ‪ .‬فقلت بؤننً لن احضر ما دام صدام لم ٌعد باالنسحاب ‪.‬‬
‫كانت كلمات مبارك هذه تناقض كلمات الملك حسٌن الذي صرح بؤن الربٌس العراقً أبلؽه بؤنه سوؾ ٌنسحب إذا تم التوصل إلى اتفاق فً اجتماع‬
‫القمة المصؽرة ‪.‬‬
‫وبدا مبارك خالل المحادثات مُحرجا ِلنه لم ٌكن هناك فً العالم العربً من ٌجهل انه تعرض لضؽط هابل من الوالٌات المتحدة ‪ .‬وفً أثناء‬
‫المحادثات أسر لعرفات بؤن العراق سٌكون هدفا لعملٌة عسكرٌة بٌن ‪ 12‬و ‪ 18‬أؼسطس ‪ .‬وفوجا ٌاسر عرفات بذلك ولكنه لم ٌسؤل مبارك عن‬
‫مصدر معلوماته ‪ .‬وفً ختام محادثاتهما قال ٌاسر عرفات ‪ " :‬علٌك ان تذهب إلى السعودٌة والعراق ‪ ".‬فرد علٌه مبارك بفظاظة ‪ " :‬اذهب انت أوال‬
‫؟ " ‪ .‬وأضاؾ بعد شًء من التفكٌر ‪ " :‬أجل ‪ ،‬اذهب واعرؾ ما إذا كان مستعدا لالنسحاب ‪ .‬فإذا كان كذلك فسؤذهب أنا أٌضا " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً الثامنة مساء كان الملك فهد ٌتحدث مع مساعدٌه المقربٌن فً حدابق مقره بجدة عندما توجه إلٌه احد رجاله وقال ‪ٌ " :‬ا صاحب الجاللة إن‬
‫الربٌس على التلفون ‪ " .‬وكان بوش ٌتحدث من كامب دٌفد حٌث كانت الساعة تشٌر إلى الوحدة بعد الظهر ‪ .‬وكانت الكلمات اِلولى التً قالها لفهد‬
‫هً كلمات مارؼرٌت تاتشر قبل ذلك بٌومٌن ‪ .‬قال " ٌا صاحب الجاللة إنك تعلم أنه ( أي صدام ) لن ٌتوقؾ " ‪.‬‬
‫ثم أطلع بوش الملك على المعلومات التً تلقاها عن الحشود العراقٌة على الحدود السعودٌة ‪ .‬فاستولى االضطراب والقلق على الملك وأظهر استجابة‬
‫اكبر لمقترحاته ‪ .‬وٌقول احد الموظفٌن فً البٌت اِلبٌض ‪ " :‬حتى ذلك الوقت كان الخوؾ ٌشل الحرب " ‪ ،‬وهذا الخوؾ هو الذي شكل الورقة‬
‫الرابحة فً استرتٌجٌة بوش إزاء السعودٌة ‪.‬‬

‫وطالت المحادثات بٌن بوش والملك ‪ .‬وكان من الواضح أنه ال ٌمكن للجٌش السعودي الذي ٌتؤلؾ من ‪ 65 , 000‬جندي أن ٌتصد للقوة العراقٌة‬
‫الضاربة ‪ .‬فالحشود العراقٌة على الحدود ـ كما قال بوش ـ كانت من الوحدات العراقٌة المختارة ‪ ( .‬لكن تبٌن فٌما بعد أن هذا لم ٌكن صحٌحا )‬
‫وأضاؾ بوش أن الدفاع عن المملكة أمر أساسً وأنه باستطاعة واشنطن تقدٌم دعم عسكري هابل ‪ .‬واقترح بوش على الملك إرسال وزٌر الدفاع‬
‫اِلمٌركً حامال " رزمة من تقارٌر المخابرات التً تثبت أن الؽزو العراقً ٌنطوي على خطر حقٌقً والمرفقة بخطط محددة النتشار القوات‬
‫اِلمٌركٌة فً أراضٌكم " ‪.‬‬
‫ووافق فهد على استقبال تشٌنً لكنه طلب إمهاله أربعا وعشرٌن ساعة أخر لٌفكر خاللها فً أمر القبول بالتواجد اِلمٌركً العسكري ‪.‬‬
‫***‬
‫خرج بوش من اتصاله مع فهد اكثر ثقة ‪ .‬وقضى اكثر ما تبقى من ٌومه فً المكالمات الهاتفٌة مع كبار زمالبه ورإساء الدول اِلجنبٌة وال سٌما‬
‫بالربٌس التركً أوزال ‪.‬‬
‫فقد كانت تركٌا من أعضاء حلؾ شمال اِلطلسً وٌمر فٌها ٌومٌا ‪ 1 , 6‬ملٌون برمٌل من النفط ‪ ،‬أي نصؾ جمٌع صادرات العراق النفطٌة ‪ ،‬وذلك‬
‫عبر خط من اِلنابٌب طوله ‪ 750‬مٌال وٌصل بٌن آبار النفط بكركوك ومٌناء بومرطالق على شاطا المتوسط ‪ .‬وكانت اِلزمة قد وضعت الزعماء‬
‫اِلتراك فً موقؾ حرج ‪ .‬إذ كان تصدٌر النفط ٌعود علٌهم بمبلػ ‪ 300‬ملٌون دوالر فً السنة هذا فضال عن أن العراق كان ٌزود تركٌا بثلثً‬
‫حاجاتها من الطاقة ‪ .‬وبالرؼم من أن الصحافة التركٌة أجمعت على ادانة الؽزو فقد كان المسإولون فٌما بٌنهم اكثر تحفظا ‪ .‬إذ كانت أٌة بادرة منهم‬
‫ستكلفهم ؼالٌا ‪ .‬وأوضح بوش ِلوزال ان العمل الدولً ضد العراق ٌعتمد إلى حد كبٌر على قطع صادراته من النفط ‪ .‬وأضاؾ أنه طلب الشًء ذاته‬
‫من السعودٌٌن ‪ ،‬وأنه حصل على موافقتهم ‪.‬‬
‫جمٌع اِلمور العسكرٌة قبل أن ٌبحث هذه القضٌة مع الرٌاض ‪.‬‬ ‫على أن تؤكٌد بوش هذا كان سابقا ِلوانه ‪ .‬إذ كان ٌفضل االنتظار حتى تسوّ‬
‫فالسعودٌة كانت القطر الذي ٌمر به النصؾ اآلخر من صادرات العراق النفطٌة ‪.‬‬
‫كان أوزال الرجل البدٌن ذو الوجه المستدٌر والنظارات مناورا حاذقا ‪ .‬ورأ من الحكمة أن ٌترٌث لٌر كٌؾ سٌتطور الوضع ‪ .‬صحٌح أنه أكد‬
‫لبوش دعمه له ‪ ،‬ولكن لم ٌلزم نفسه بشًء محدد ‪ ،‬ولم ٌذكر له أنه كان سٌستقبل مبعوثا لصدام حسٌن فً الٌوم التالً ـ وفً اعقاب هذه المكالمة مع‬
‫بوش اتصل اوزال بعدو العراق اللدود الربٌس اإلٌرانً رفسنجانً ‪ .‬وفً الٌوم ذاته كشفت معلومات من مصادر رسمٌة بطهران أن صدام حسٌن‬
‫اتصل قبل اسبوعٌن برفسنجانً من أجل التفاوض حول حٌاد إٌران إذا قام بؽزو الكوٌت‪.‬‬
‫***‬

‫‪550‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً عمان صدرت عن الملك حسٌن كلمات قدر لها أن تزٌد من عزلته عن ؼالبٌة اِلقطار العربٌة وعن حلفابه اِلمٌركٌٌن ‪ .‬فبعد أن انتقد مواقؾ‬
‫دول المنطقة وإدانتها للعراق أضاؾ قوله ‪ " :‬إن صدام حسٌن رجل وطنً " ‪.‬‬
‫***‬
‫ألقى ٌاسر عرفات بصدام حسٌن ٌوم اِلحد الخامس من أؼسطس ‪ .‬فادعى صدام بؤنه " صدم " عندما علم بالؽاء القمة المصؽرة ‪ ،‬وسؤل عرفات ‪" :‬‬
‫من هو برأٌك الذي أفسد اِلمر ؟ " ‪.‬‬
‫عكست مواقؾ صدام وبٌاناته فً ذلك الٌوم مزٌجا ؼرٌبا من المرارة والتصمٌم ‪ .‬وأسهب فً تبرٌره لؽزو الكوٌت وأعرب عن خٌبة أمله فً ردود‬
‫الفعل العربٌة ‪ .‬والحظ عرفات أن معنوٌاته لم تتزعزع على اإلطالق ‪ .‬إذ كان هادبا وٌتصؾ بالحٌوٌة ‪ .‬ولم ٌخل كالمه من الدعابة ‪ .‬وقال لعرفات‬
‫‪ " :‬ال بد من حل سٌاسً " ‪ .‬وعلق عرفات بقوله ‪ " :‬إننً متفق معك تماما " ‪ .‬وبعد لحظات من الصمت أضاؾ صدام ‪ " :‬إذهب إلى السعودٌٌن‬
‫وقل لهم إننً مستعد للحوار " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً الٌوم ذاته تلقى رجل أعمال فلسطٌنً بارز مكالمة تلفونٌة عاجلة من بؽداد ‪ .‬وكان المتحدث نزار حمدون نابب وزٌر الخارجٌة الذي قال ‪" :‬‬
‫علٌك أن تحضر إلى بؽداد بؤقصى سرعة ممكنة ‪ .‬إن اِلمر خطٌر " ‪ .‬ولم ٌكن الفلسطٌنً متحمسا للذهاب إلى العاصمة العراقٌة لكنه قال بؤنه‬
‫سٌتصل به ‪ .‬وفً الٌوم التالً اتصل حمدون ثانٌة ‪ .‬وعندما علم رجل اِلعمال الفلسطٌنً من المحادثة بؤن عرفات سٌذهب إلى فٌٌنا فً السابع من‬
‫أؼسطس للمشاركة فً تشٌٌع جنازة المستشار النمساوي السابق بروتو كراٌسكً ‪ ،‬قال لحمدون بؤنه سٌذهب إلى فٌٌنا واقترح علٌه أن ٌبعث بما‬
‫ٌرٌده لعرفات لٌبلؽه به ‪.‬‬
‫وفً السابع من الشهر التقى رجل االعمال بعرفات الذي سلمه رسالة من صدام حسٌن لٌنقلها إلى الربٌس بوش ‪ .‬وكان لهذا الفلسطٌنً معارؾ فً‬
‫البٌت اِلبٌض ‪ .‬وأكدت الرسالة على أن صدام حسٌن كان على استعداد لالنسحاب من الكوٌت ولكن بعد أن ٌسوي أموره أوال مع الكوٌتٌٌن ‪.‬‬
‫فاتصل رجل االعمال الفلسطٌنً بجون سنونو ربٌس موظفً البٌت اِلبٌض وأبؽله أنه سٌبعث له الرسالة فقال سنونو ‪:‬‬
‫" حسنا ولكن ال أرٌد أن ٌعرؾ أحد أن الرسالة أُبلؽت ؟ " ‪ ،‬ووصلت الرسالة إلى واشنطن ولكن لم ٌصدر رد علٌها ‪.‬‬
‫***‬
‫فً ٌوم اِلحد ذاك عقدت لجنة وزارة الدفاع اإلسرابٌلٌة اجتماعا سرٌا بالقدس ‪ .‬وكان شامٌر معكر المزاج ‪ .‬ذلك أن " العالقة الخاصة " بٌن بالده‬
‫وواشنطن بلؽت أدنى مستو لها ‪ .‬وقال شامٌر ِلحد زمالبه ‪ " :‬لقد اتصل بوش بالتلفون بجمٌع حلفابه وبكل زعٌم فً المنطقة فٌما عدا زعماء لٌبٌا‬
‫والعراق وإٌران ومنظمة التحرٌر … واسرابٌل " ‪.‬‬
‫كان موقؾ إدارة بوش مصدر قلق للزعماء االسرابٌلٌٌن ‪ .‬إذ صار من الواضح لهم أن االمٌركٌٌن ٌرٌدون استبعاد اسرابٌل واجبارها على التزام‬
‫الهدوئ لكً ال تهدد الحلؾ العربً المناهض للعراق الذي كان ٌجري إنشاإه ‪ .‬وضربت واشنطن عرض الحابط بجمٌع عروض القدس للتعاون مع‬
‫اِلمٌركٌٌن وخصوصا فً مجال المخابرات ‪.‬‬
‫وخٌم على الجلسة السرٌة جو كبٌب ‪ .‬وقال موشً ارٌنز وزٌر الدفاع ‪ " :‬علٌنا أن نحتفظ بحقنا فً التدخل إذا تؽٌر الوضع الجؽرافً االستراتٌجً‬
‫فً الشرق اِلوسط تؽٌرا جذرٌا أو إذا تعرض اِلردن للؽزو " ‪.‬‬
‫كان بٌن الحاضرٌن الجنرال دان شومرون الذي قاد بنجاح الؽارة على انتٌبً ورإساء دوابر المخابرات ‪ .‬ولم ٌكن بٌنهم من ٌعتقد بؤن السعودٌة‬
‫ستتعرض للؽزو ‪ .‬وقال احدهم ‪ " :‬إن حجم ردود الفعل الدولٌة تجعل وقوعه أمرا ؼٌر محتمل " ‪ .‬لكن من الناحٌة اِلخر اعتبر قٌام العراق بحشد‬
‫قواته على حدود اِلردن امرا محتمال جدا ‪ .‬إذ كانت بعض الصوارٌخ العراقٌة فً طرٌقها إلى حدود االردن وٌمكن لها أن تصل القدس أو تل أبٌب‬
‫فً ؼضون أربع دقابق ‪ .‬وقال شامٌر ‪ " :‬علٌنا أن نزٌد من نشاط مخابراتنا فً جمع المعلومات ‪ .‬وٌنبؽً أن نحصل على معلومات من أعلى‬
‫المستوٌات لمعرفة ما ٌحدث عندما ٌحدث ال بعد ذلك بٌوم " ‪.‬‬
‫وكان المقصود باالستهزاء رإساء دوابر المخابرات ‪ .‬فمنذ الثانً من أؼسطس كثر الكالم على تقصٌر المخابرات اإلسرابٌلٌة وخصوصا فً‬
‫الصحافة ‪ .‬ولهذا أمعن الحاضرون فً تحلٌل حركات صدام حسٌن ـ وتمخض تحلٌلهم عن تشابه عجٌب بٌن ما ٌحدث وما حدث فً عام ‪. 1980‬‬
‫ففً عام ‪ 1980‬وعشٌة الهجوم اإلٌرانً على جزٌرة الفاو ـ وهو الهجوم الذي مثل بداٌة الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة ـ ذهب صدام حسٌن لتفقد قواته‬
‫التً كانت فً جبهة بعٌدة وذلك إلحداث انطباع بؤن الهجوم سٌقع على منطقة مختلفة ‪ .‬وبعد ذلك بعشر سنوات قام بدعوة الملحقٌن العسكرٌٌن‬
‫اِلجانب فً بؽداد إلى الحدود مع الكوٌت لمشاهدة فرقتٌه المرابطتٌن هناك ‪ .‬وبهذا حول العراقٌون اِلنظار عن الهدؾ بطرٌقة رابعة ‪ .‬فمن كان‬

‫‪551‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ٌصدق بؤن بلدا ٌدعو خبراء أجانب لمشاهدة قواته وهً تتؤهب للؽزو ؟ وفور عودة الملحقٌن العسكرٌٌن إلى بؽداد وبٌنما كانت السفارات الؽربٌة‬
‫والعربٌة تبرق إلى عواصمها مطمبنة وداعٌة إلى التفاإل ‪ ،‬أصدر صدام أوامره إلى قواته الربٌسٌة بالزحؾ على الكوٌت ‪.‬‬
‫شًء واحد أصبح واضحا وهو انه ٌفتقر بشكل مإلم إلى قمر صناعً عسكري قادر على رصد حركات القوات المعادٌة عن بعد ‪ .‬فكان ال بد من‬
‫اللجوء إلى اِلمٌركٌٌن من أجل مساعدتهم فورا فً تحقٌق ذلك ‪.‬‬
‫وبعد هذا االجتماع عقد دٌفد لٌفً وزٌر الخارجٌة جلسة مؽلقة مع شامٌر وموشً أرٌنز ‪ .‬وكان لٌفً سٌؽادر البالد إلى واشنطن فً الٌوم التالً‬
‫وعلٌه فقد كان ذلك هو الوقت المناسب لوضع تفاصٌل الموضوعات التً سٌجري بحثها بصورتها النهابٌة ‪ .‬وجاءت الرحلة فً أوانها تماما ِلنها‬
‫تتٌح الفرصة لجس النبض بالنسبة للنواٌا اِلمٌركٌة تجاه أزمة الخلٌ ‪ .‬ولكن بعد بضع ساعات استولى الفزع على شامٌر عندما علم بؤن جٌمس بٌكر‬
‫ـ وزٌر الخارجٌة اِلمٌركٌة ـ اجل لٌفً شهرا ‪.‬‬
‫***‬
‫فً وقت متؤخر من بعد الظهر هبطت الطوافة التً عاد بها بوش من كامب دٌفد على العشب أمام البٌت اِلبٌض ‪ .‬ونزل منها وهو ٌقرأ عبارة على‬
‫قصاصة من الورق ناوله إٌاها رٌتشارد هاس الذي كان إلى جانبه ‪ ،‬وتقول ‪ " :‬إن اوزال على التلفون " ‪ ،‬وأخذ بعض الصحفٌٌن الذٌن كانوا بالقرب‬
‫من الطابرة ٌسؤلونه ‪ .‬فتقدم إلٌهم بشًء من العصبٌة وقال‪ " :‬إن احتالل الكوٌت لن ٌدوم "‪.‬‬
‫وبالرؼم من أن الذي كان ٌنتظر التحدث معه حلٌؾ ذو شؤن فإنه قضى عشرٌن دقٌقة وهو ٌرد على أسبلة الصحفٌٌن ‪ .‬وعندما قال بوش " لقد ظفرنا‬
‫بدعم العالم العربً " ‪ ،‬وجه إلٌه أحد الصحفٌٌن سإاال أخرجه عن طوره ‪ .‬وكان سإاله ‪ " :‬كٌؾ تقول ذلك وكل صحٌفة تحمل صورة لصدام حسٌن‬
‫مع ملك اِلردن على صفحتها اِلولى ؟ " فجاء رد بوش فظا ‪ .‬قال ‪ " :‬أستطٌع القراءة ‪ .‬فما هو سإالك ؟ " ‪.‬‬
‫وعاد بوش إلى المكتب البٌضاوي حٌث كانت بانتظاره رسابل تؤٌٌد من جمٌع أنحاء البالد ‪ .‬وكان بعضها فً ؼاٌة االٌجاز مثل " علٌك به " و " "‬
‫أطح به " ‪ .‬علق أحد مساعدٌه علٌها بقوله ‪ " :‬لقد أخذ ٌنفد صبر البالد " ‪.‬‬
‫وقبل ذلك بقلٌل ؼادر تشٌنً وزٌر الدفاع البالد إلى السعودٌة ومصر ‪ .‬واعتبر اجتماعه مع الملك فهد حاسما ‪ .‬وقال أحد موظفً البٌت اِلبٌض فً‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫" إن القضٌة كما نطرحها أمام السعودي محددة تماما " ‪ .‬نقول له ‪ :‬اسمع ‪ ،‬أمامك شخص كذب علٌك قبل إقدامه على ما فعله بخمسة أٌام ‪ .‬ولٌس‬
‫هناك اآلن ما ٌدعوك إلى تصدٌقه ‪ .‬فؤنت أدر بالمثل القابل ‪ " :‬ال ٌلدغ الشخص من جُحر مرتٌن " ‪.‬‬
‫ولمسإول أمٌركً كبٌر تصرٌح ؼٌر رسمً ٌلقً أضواء على االهداؾ اِلمٌركٌة ٌقول ‪ " :‬إن احتالل الكوٌت ال ٌشكل فً حد ذاته تهدٌدا للمصالح‬
‫‪ % 20‬من احتٌاطً العالم من النفط وٌسٌطر على‬ ‫اِلمٌركٌة ‪ .‬فالتهدٌد الحقٌقً ٌكمن فً القوة التً ٌحصل علٌها العراق عندما ٌضع ٌده على‬
‫منظمة اِلوبٌك وٌبسط هٌمنته على الشرق اِلوسط ‪ ،‬وٌهدد إسرابٌل وٌسعى إلى الحصول على القنبلة الذرٌة "‪.‬‬
‫بحلول المساء كان بوش قد ضرب المثل فً النشاط ‪ :‬ففً ؼضون أربعة أٌام أجر ثالثا وعشرٌن مكالمة تلفونٌة مع أثنً عشر من زعماء العالم ‪،‬‬
‫وأحٌانا بمعدل مكالمة كل ساعتٌن ‪ .‬واآلن وقبل أن ٌعود إلى جناحه الخاص تحدث بالتلفون مع كولن باول وعهد إلٌه بالبدء بتجمٌع كل القوات التً‬
‫ٌمكن إرسالها إلى السعودٌة ‪ .‬وبعد ذلك بقلٌل عقد اجتماعا أخٌرا مع جٌمس بٌكر وبرنت سكوكروفت لبحث العقبة اِلخٌرة المتبقٌة وهً رد فعل‬
‫االتحاد السوفٌٌتً ‪.‬‬
‫كان بوش قد اعتزم اصدار االشارة النهابٌة النطالق القوات مساء االثنٌن بعد اجتماع تشٌنً بالملك فهد ‪ ،‬بحٌث تؽادر طالبعها صباح الثالثاء ‪ ،‬لكنه‬
‫آثر االنتظار إلى ٌوم االربعاء لٌعلن ذلك‪.‬‬
‫اتفق الثالثة على أن مواجهة االتحاد السوفٌٌتً باِلمر الواقع سٌكون كارثة ‪ .‬فإذا انتقد ؼورباتشوؾ نشر القوات عالنٌة فان جمٌع الجهود التً تبذل‬
‫إلقناع اِلمم المتحدة بالموافقة على العقوبات ستتعرض للفشل ‪ .‬وكان التصوٌت سٌجري فً االمم المتحدة بعد ظهر الٌوم التالً ‪ .‬فاقترح‬
‫سكوكروفت االستفادة من " الوقت القصٌر ولكن الكافً " لطمؤنة موسكو وإطالعها على النواٌا اِلمٌركٌة ‪ .‬وقال سكوكروفت ‪ٌ " :‬مكننا استخدام دقة‬
‫الوضع لتقوٌة العالقات اِلمٌركٌة السوفٌتٌة بشكل أسرع " ‪ .‬وتقرر أن ٌستؽل بٌكر الفرق فً التوقٌت فٌتصل بشٌفارنادزه من موسكو فً وقت‬
‫متؤخر من ذلك المساء ‪.‬‬
‫***‬
‫وبحكم كون باول وبٌكر وسكوكروفت دابما فً الواجهة خالل إدارة االزمة فقد شكل ثالثتهم فً واقع االمر وزارة حربٌة ‪ .‬على أنهم كانوا ذوي‬
‫طباع مختلفة ‪.‬‬

‫‪552‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كان باول ـ كما ٌقول احد أصدقابه بمثل " الحلم الحقٌقً رجال االعمال " ‪ ،‬والتجسٌد الحً للحلم اِلمٌركً ‪ .‬فهو ابن مهاجر من جاماٌكا ونشؤ فً‬
‫هارلم وجنوب البرونكس ( أي المنطقة بٌن هارلم ولونػ آبلند ) ‪ .‬ولم ٌكن طالبا نجٌبا ‪ .‬ففً المدرسة االبتدابٌة وضع فً قسم التالمٌذ " البلداء "‬
‫على ان هذا كله تؽٌر فً الجٌش ‪ .‬فقد برز فً حرب فٌتنام ونال احد عشر مٌدالٌة ‪ .‬ولفت بتشدده فً أمر " التهدٌد السوفٌٌتً " نظر رجال رٌؽن ‪.‬‬
‫فدخل البٌت اِلبٌض ولم ٌجد صعوبة فً االنتقال إلى عهد بوش ‪ .‬وعندما عٌن جنراال اربع نجوم وربٌسا لهٌبة اِلركان المشتركة أكد بشًء من‬
‫التحدي ‪ " :‬لقد شققت طرٌقً فً سلم الجٌش من دون أن ألعب البرٌدج والؽولؾ والتنس " ‪.‬‬
‫وكان جٌمس بٌكر ـ الثالث الذي ٌحمل هذا االسم كما ٌحلو له أن ٌقول ـ قد ورث كؤعز أصدقابه بوش ثروة كبٌرة ‪ .‬ودرس بٌكر بجامعة برنستون‬
‫بٌنما درس بوش بجامعة بٌل وقد أتاحت لبٌكر ثروة أسرته التً تكونت من ممارسة المحاماة فً هٌوستن ان ٌشق طرٌقه بنجاح فً مٌدان االعمال‬
‫الحرة والسٌاسة ‪ .‬وإذ تولى رباسة هٌبة الموظفٌن بالبٌت االبٌض فً عهد رٌؽن ثم وزارة المال فقد كان رفٌقا دابما لبوش فً حفالت العشاء ‪،‬‬
‫وعطل نهاٌة اِلسبوع ‪ ،‬ورحالت صٌد السمك ‪ .‬وبالرؼم من أنه كان مثل بوش متحفظا فً كالمه‪ ،‬فانه كان فً أكثر االحٌان اكثر جزما وٌنفعل‬
‫على نحو ؼٌر متوقع ‪.‬‬
‫أما سكوكروفت الذي بلػ الخامسة والستٌن من العمر فهو وسط بٌن بوش وبٌكر ‪ .‬كان حاد الذكاء ٌؽلب علٌه الصمت ‪ .‬وسبق له أن كان جنراال فً‬
‫سالح الجو ‪ ،‬وعُرؾ بـ " الجندي المفكر " وكان شدٌد الوالء لبوش ‪ .‬وشهد فً عهود مختلؾ الرإساء ما ٌحدث من تنافس بٌن ربٌس مجلس اِلمن‬
‫القومً ـ وهو منصبه الحالً ـ وبٌن وزٌر الخارجٌة ‪ ،‬ورأ كٌؾ كان وزٌر الخارجٌة ٌخرج فً الؽالب منتصرا ‪ .‬وربما كان هذا ما ٌدفعه إلى عدم‬
‫التعالً على بٌكر المتعطش اكثر منه إلى اثارة اهتمام وسابل االعالم به ‪ .‬ولكنه ـ أي سكوكروفت ـ صاحب نفوذ كبٌر ودهاء ربما ورثه عن مرشده‬
‫وربٌسه السابق هنري كٌسنجر ‪ .‬ومنذ بداٌة اِلزمة لم ٌفارق الربٌس بوش ‪ .‬وكان بعد له بٌاناته وخطبه ‪ ،‬وٌحلل تقارٌر المخابرات بالتفصٌل ‪،‬‬
‫وٌوازن بٌن منافع القرار ومضاره ‪.‬‬
‫***‬
‫فً السادس من أؼسطس كان شٌفارنادزه ٌقضً عطلة تمتد بضعة أٌام فً بٌته الصٌفً فً القرم ‪ .‬وكان وحده فٌه ٌتمتع بالراحة عندما رن التلفون‬
‫وعلى طرفه اآلخر زمٌل له فً موسكو أبلؽه أن وزٌر الخارجٌة اِلمٌركٌة ٌرٌد أن ٌتحدث معه ‪.‬‬
‫قال بٌكر بصوت ٌنم عن سروره ‪ " :‬شٌؾ ‪ ،‬كٌؾ تجد عطلتك ؟ هل الجو جمٌل ؟ " لكن لم ٌلبث ان ؼٌر لهجته وقال ‪ " :‬سوؾ نرسل قواتنا إلى‬
‫الخلٌ " وأضاؾ على الفور ‪ " :‬وذلك بطلب من السعودٌة " ‪ .‬ومضى بعد ذلك ٌتحدث على آخر تقارٌر المخابرات حول الحشد المتواصل للقوات‬
‫العراقٌة فً الكوٌت وعلى الحدود السعودٌة حٌث احتشد اكثر من مبة ألؾ جندي ‪ .‬وأضاؾ ‪ " :‬نإكد لكم اننا ال نحاول االستفادة من الوضع لنزٌد‬
‫من نفوذنا فً المنطقة " ‪ .‬فقال شٌفارنادزه ‪ " :‬ماذا تقصد بهذا ؟ هل ترٌد استشارتنا أم إبالؼنا ؟ " ‪ ،‬وكان صوت شٌفارنادزه ٌتصؾ بالبرود ‪ .‬فقال‬
‫بٌكر محرجا ‪ " :‬إننا نعلمكم ِلننً ال أعتقد أنه شًء ٌمكن أن نقوم به معا ‪ .‬لكن هل ترٌدون أن تفكروا فً اِلمر ؟ لست مخوال باقتراح مشاركتكم‬
‫لنا‪ .‬فهل تتعاونون بإرسال قوات بحرٌة أو برٌة ؟ "‪.‬‬
‫كان بٌكر قد طرح هذه الفكرة أمام السعودٌٌن فً الٌوم السابق فلم ٌعترضوا على التواجد السوفٌٌتً ‪ .‬فلم ٌقل شٌفارنادزه شٌبا ـ وعندبذ طرح بٌكر‬
‫سإاله بطرٌقة أخر ‪ " :‬لماذا ال نعمل فً إطار اللجنة العسكرٌة باِلمم المحتدة ؟ " وكان السوفٌٌت ٌحاولون منذ سنوات اٌقاظ تلك اللجنة من سباتها‬
‫‪.‬‬
‫قام بٌكر على الفور بإبالغ مضمون الحدٌث لبوش وأظهر حماسة كبٌرة لفكرة إشراك السوفٌٌت فً أزمة الخلٌ ‪ .‬فؤعرب بوش عن اهتمامه واتصل‬
‫على الفور بكولن باول الذي لم ٌكن لدٌه اعتراض على المبادرة ‪.‬‬
‫فعاد بٌكر إلى االتصال بشٌفارنادزه ‪ .‬قال ‪ " :‬ال ٌر الربٌس بوش عقبة أمام تواجد بحري أو بري سوفٌٌتً فً تلك المنطقة ‪ .‬فقال شٌفارنادزه‬
‫بمزٌد من التحفظ ‪ " :‬حسنا ‪ .‬إذا كان الربٌس بوش مهتما فعال باِلمر فسوؾ ابحثه مع الربٌس ؼورباتشوؾ " ‪.‬‬
‫كانت هذا تقدم كبٌر جدا ‪ِ .‬لن هناك أوال البالغ المشترك الذي سنصدره فً موسكو والذي ٌتخلى فٌه السوفٌٌت عن أحد حلفابهم وٌدٌنونه ‪ .‬نحن‬
‫اآلن نقترح حلٌهم أن ٌشاركوا سٌاسٌا وعسكرٌا فً الخلٌ " ‪.‬‬

‫لكن لم تكد تتسرب أخبار هذا االقتراح إلى خارج الحلقة الضٌقة التً تضم زمالء بٌكر المقربٌن حتى واجهت وزارة الخارجٌة عاصفة أشبه بالثورة‬
‫‪ .‬فمنذ عشرات السنٌن كان هدؾ السٌاسة اِلمٌركٌة إبعاد االتحاد السوفٌٌتً عن الشرق اِلوسط ‪ .‬فجاءت مبادرة بٌكر خروجا على هذه العقٌدة ‪.‬‬
‫فانهالت على مكتبه المذكرات التً ٌشٌع فٌها القلق أو الؽضب من مختلؾ دوابر وزارة الخارجٌة ‪ .‬ووجد موظفوها حلٌفا ؼٌر متوقع وهو‬

‫‪553‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ؼورباتشوؾ ‪ .‬الذي لم ٌظهر امتنانه لالقتراح ‪ .‬فالمصاعب الداخلٌة التً كان علٌه أن ٌواجهها والذكر المرة لؽزو افؽانستان شجعت زعماء‬
‫الكرملٌن على اتباع سٌاسة الحذر والترقب‪.‬‬
‫قال بٌكر لشٌفارنادزه بعد بضعة أٌام ‪ " :‬هذا العرض رمز لحسن النٌة " ‪ .‬فقال هذا باقتضاب ‪ " :‬شكرا لكم ‪ .‬لقد أدركنا ذلك " ‪.‬‬
‫***‬
‫قبٌل ظهر الٌوم ذاته عاد عرفات إلى القاهرة حٌث انضم إلٌه أبو إٌاد الرجل الثانً فً منظمة التحرٌر ‪ ،‬واستقبلهما مبارك ‪ .‬فؤطلعه عرفات على ما‬
‫دار بٌنه وبٌن صدام خالل مقابلتهما فً الٌوم السابق ‪ .‬قال ‪ " :‬إنه فعال مستعد للتفاوض " ‪ .‬وأضاؾ أنه ٌخشى اكثر من أي وقت مضى حدوث‬
‫مواجهة عسكرٌة ‪ .‬ونبه أبو إٌاد إلى امكان تدخل اسرابٌل ‪ .‬وبدا ان مبارك كان ٌشعر بعداء متزاٌد للعراق وأنه ٌعارض القٌام بؤٌة تسوٌة ‪ .‬أما الذي‬
‫أد إلى اتخاذه هذا الموقؾ الجدٌد المتصلب فهو الحملة السٌاسٌة واالعالمٌة العنٌفة فً الوالٌات المتحدة ‪ .‬فاعتزم عرفات وأبو اٌاد أن ٌذهبا إلى‬
‫السعودٌة وهً البلد الوحٌد الذي كان ال ٌزال قادرا على التفاوض معه حول التسوٌة‪.‬‬
‫***‬
‫فً جدة كان رٌتشارد تشٌنً ٌضع اللمسات االخٌرة على االتفاق الذي جر التوصل إلٌه مع الملك فهد ‪ .‬والواقع أنه كان قد أصبح مفاوضا أكثر منه‬
‫رسوال فً االزمة القابمة ‪ .‬وكان ٌمثل الخٌار الثانً لد بوش للحلول فً منصب وزٌر الخارجٌة الذي ٌعتبر من المناصب الربٌسٌة ‪ .‬واقترح‬
‫ترشٌحه وأٌده برنت سكوكروفت ‪ .‬وكان تشٌنً ٌعانً من مرض فً القلب ‪ .‬وعندما اجتمع به سكوكروفت لبحث امكان ترشٌحه كان السإال الذي‬
‫طرحه علٌه بال مجاملة ‪ " :‬دٌك كٌؾ صحتك ؟ " ‪.‬‬
‫كان قد جر التمهٌد إلى حد كبٌر لمحادثات بوش التلفونٌة مع الملك بحضور الجنرال شوارزكوؾ وروبرت ؼٌتس ‪ ،‬وأخو الملك ووزٌر الدفاع‬
‫اِلمٌر سلطان الذي كان قد قطع رحلة استجمام فً مراكش ؛ وعبد ّللا بن عبد العزٌز ولً العهد ؛ ونابب ربٌس الوزراء وربٌس الحرس من البدو ‪.‬‬
‫وكان عبد ّللا طوال الوقت اكثر شكا فً االمٌركٌٌن من فهد ‪ .‬وعلٌه فقد كان هو الذي ٌنبؽً اقناعه ‪ .‬لكنه درس بعناٌة تقارٌر المخابرات االمٌركٌة‬
‫السرٌة والصور الفوتوؼرافٌة التً التقطتها االقمار الصناعٌة والتً تشٌر بالتفصٌل إلى الحشود العراقٌة فً الكوٌت وعلى الحدود السعودٌة وتحدث‬
‫مطوال مع شوارزكوؾ وتشٌنً عن المواقع التً ٌمكن تمركز القوات االمٌركٌة علٌها ‪ .‬وقال له تشٌنً ‪ " :‬هذا كل ما نستطٌع تقدٌمه لكم " ‪ .‬فقال‬
‫فهد أخٌرا ‪:‬‬
‫" حسنا ‪ ،‬سؤقبل ذلك كله " ‪.‬‬
‫وكان السعودٌون قد اشترطوا مسبقا وقبل أن ٌعربوا عن موافقتهم النهابٌة ‪ .‬أنه " مما ال ٌقبل الجدل أنه لن ٌجري إنشاء قواعد عسكرٌة دابمة على‬
‫أرضنا " ‪ .‬وكان اِلمٌركٌون قد توقعوا هذا فاقترحوا بروتوكوال سرٌا ‪ :‬انسحاب القوات االمٌركٌة من االراضً السعودٌة حالما تسمح االحداث بذلك‬
‫ولكن اقامة قواعد دابمة ومساكن للقوات االمٌركٌة والقوات المتعددة الجنسٌات فً إمارة البحرٌن وداخل الكوٌت ‪.‬‬
‫لقد عوّ ل االمٌركٌون على عدم رضى الزعماء السعودٌٌن ‪ .‬إذ كانت هناك اوال مشكلة الملك فهد الذي كان ٌتزاٌد عجزه عن االقدام على أي عمل ‪.‬‬
‫وٌقول احد المقربٌن منه والمطلعون على االمور ‪ " :‬ال تكاد تظهر المشكلة حتى ٌهرب الملك منها " ‪ .‬واخذ ٌطٌل اعتكافه فً قصره وٌتجنب‬
‫مستشاره ورجال اسرته ‪ .‬ثم ان الزعماء السعودٌٌن كانوا ٌدركون مواطن ضعفهم ‪ :‬إذ كانوا قد اشتروا خالل السنوات القلٌلة الماضٌة ما قٌمته‪150‬‬
‫بلٌون دوالر من االسلحة المتطورة ومع هذا فقد كانوا ٌعترفون بؤنهم ال ٌستطٌعون صد عدوان جٌش قوي كجٌش العراق علٌهم ‪ .‬كما أن السعودٌة‬
‫كانت تستخدم دخلها الهابل البالػ خمسٌن بلٌون دوالر فً السنة فً محاولة عقد التحالفات االقلٌمٌة وتحٌٌد اولبك الذٌن قد ٌصبحوا أعداء لهم ‪ .‬على‬
‫أن أزمة الخلٌ كشفت عن نواحً قصور هذه االستراتٌجٌة ‪.‬‬
‫***‬
‫عندما افتتحت المحادثات فً جدة بٌن االمٌركٌٌن والسعودٌٌن كان صدام حسٌن ٌستقبل جوزؾ ولسون القابم باالعمال االمٌركً فً جدة ‪ .‬وبدا علٌه‬
‫االرتٌاح وهو ٌحًٌ الدبلوماسً االمٌركً وبادره بقوله ‪ " :‬ما هً االخبار السٌاسٌة والدبلوماسٌة ؟ " ‪ .‬فالتفت ولسون لوزٌر االعالم العراقً الذي‬
‫حضر المقابلة وقال ‪ " :‬لد وزٌرك من االخبار التً ٌتلقاها من محطة سً أن أن(‪ ) CNN‬ما ٌفوق ما عندي " ‪ .‬فقال صدام ‪:‬‬
‫" طلبت منك ان تدرس التطورات التً تحدث بعد مقابلتً لسفٌرتكم ‪ .‬فقد تلت ذلك مفاوضاتنا الفاشلة مع حكومة الكوٌت السابقة ‪ .‬لكن ما حدث قد‬
‫حدث " ‪ .‬فقال ولسن ‪ " :‬لقد أخبرنً وزٌركم من قبل " ‪.‬‬
‫***‬
‫واصل صدام كالمه للدبلوماسً االمٌركً قابال ‪:‬‬

‫‪554‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫العربً ‪ ،‬أوروبا ‪ ،‬أو فً أمٌركا االتٌنٌة ٌكون‬ ‫" إنً مطلع على تفاصٌل الموقؾ االمٌركً ‪ .‬نحن نعلم جٌدا انه حٌن ٌحدث أي شًء فً العالم‬
‫للوالٌات المتحدة موقفها دابما ‪ .‬وال ٌفاجبنا ان ٌدٌن االمٌركٌون عمال من هذا النوع الخاصة أنهم لٌسوا طرفا فٌه ‪ .‬ولكن على الوالٌات المتحدة ان‬
‫تحرص على أن ال تتبع النصابح السٌبة ‪ ،‬إذ قد تجد نفسها فً وضع محرج ‪.‬‬
‫" إننً متؤكد من أنكم اطلعتم على الرسابل التً وجهناها إلى اٌران خالل الحرب ‪ ،‬رسابل تقٌم الوضع فً الحاضر والمستقبل ‪ .‬وبما ان هذه‬
‫الرسابل كانت فً ؼاٌة الصراحة ‪ ،‬اعتقد اإلٌرانٌون أنها لعبة تكتٌكٌة من طرفنا ‪ .‬ولكننا كنا نقول لهم ما نعتقده ِلننا كنا نرٌد السالم وِلن الحرب ال‬
‫تفرحنا ‪ .‬ولكن تعرفون النتاب ‪ :‬فلو أخذ اإلٌرانٌون باالعتبار ما كنا نقوله لهم لما نشبت الحرب ‪.‬‬
‫" أرٌد أن أتحدث عن العالقات بٌن العراق والوالٌات المتحدة فً ضوء التطورات وعما سٌحدث إذا ارتكبت الوالٌات المتحدة أي خطؤ ‪ .‬وفً البدء‬
‫سؤتناول ثالث نقاط ذات صلة بالوضع الراهن‪:‬‬
‫"كانت الكوٌت دولة بال حدود حقٌقٌة‪ .‬وقبل عام ‪ 1961‬لم تكن دولة ‪ .‬فما الذي حصل فً عام ‪ 1961‬؟‬
‫"عندما عٌَّن عبد الكرٌم قاسم حاكما ً على الكوٌت‪ ،‬تابعا ً لمحافظة البصرة‪ ،‬كان العراقٌون ٌعلمون‪ ،‬وكذلك عبد الكرٌم قاسم نفسه‪ ،‬أن الكوٌت تشكل‬
‫جزءا من العراق ‪ .‬كانت الكوٌت اذن حتى ذلك الحٌن دولة بدون حدود‪ ،‬وال ٌمكننا بالتالً أن نحكم على دخول القوات العراقٌة فً إطار العالقات‬
‫بٌن دول العالم العربً‪.‬‬
‫"وأنتم تعلمون أنه كانت لنا منذ ‪ 1975‬عالقات ممتازة مع السعودٌة‪ ،‬وأن هذه العالقات كانت تتطور بصورة جٌدة قبل الثانً من آب ‪ .‬فحتى تارٌخ‬
‫الثانً من آب كانت تسود فٌما بٌننا عالقات ثقة وتعاون فعلٌة‪ .‬وأٌا كانت السٌاسة اِلمٌركٌة فاننا لم نر فً عالقتنا الجٌدة بالسعودٌة ما ٌضر‬
‫بالمصالح االمرٌكٌة ‪ .‬واذا صح هذا فإن العالقة الحسنة بٌن العراق والسعودٌة لم تضر الوالٌات المتحدة ولٌس هذا فحسب ‪ ،‬بل انها كانت عامل‬
‫استقرار فً المنطقة ‪ .‬اذن فؤي تدخل فً العالقات بٌن العراق والسعودٌة ال ٌمكن إال أن ٌزعزع االستقرار فً المنطقة وأن ٌلحق الضرر بالمصالح‬
‫اِلمرٌكٌة ‪.‬‬
‫" إننا ال نفهم ما تقصدونه عندما تصرحون بؤنكم تتخوفون من نواٌا العراق تجاه السعودٌة وأنه بعد الكوٌت سٌجًء دور السعودٌة ‪ .‬هناك شًء آخر‬
‫ال نفهمه أٌضا ‪ :‬فإذا كنتم تستبقون االمور وتدفعون بالسعودٌة إلى عمل ما ضد العراق ‪ ،‬فانكم تجبروننا على الرد وبذلك ٌكون عملكم من قبٌل‬
‫االستفزاز ‪.‬‬
‫" وكما تعلمون فاننا أول من اقترح عقد معاهدة أمنٌة مع السعودٌة تقضً بعدم التدخل فً الشإون الداخلٌة لكل من البلدٌن وعدم اللجوء إلى القوة ‪,‬‬
‫ووقعنا االتفاق ‪ .‬واقترحنا االتفاق ذاته مع الكوٌت التً رفضته ربما بناء على نصٌحة دولة أجنبٌة قد تكون برٌطانٌا‪.‬‬
‫" وتعلمون أٌضا ان االتفاق أزع بعض االوساط الؽربٌة التً أخذت تسخر منه مقارنة إٌاه بالمعاهدات بٌن انجلترا وفرنسا ( كمعاهدة ساٌكس ـ‬
‫بٌكو التً نصت على اقتسامهما للشرق االوسط )‪ .‬ونحمد ّللا على أن الكوٌت لم توقعه‪.‬‬
‫" كنت سعٌدا جدا عندما قررنا دعم الجماعة الثورٌة فً الكوٌت ِلنه لٌس هناك اتفاق بٌننا وبٌنها ‪ .‬فلو كان هناك مثل هذا االتفاق لما استطعنا ذلك ‪.‬‬
‫" لقد ساعدتنا السعودٌة ودعمتنا خالل الحرب مع إٌران ‪ .‬وبادرت إلى تمكٌننا من استخدام خط أنابٌب ( لتصدٌر النفط عبرها ) ‪ .‬بل إنهم قدموا لنا‬
‫مساعدات مالٌة ال قروضا ‪.‬‬
‫" فإذا كنتم قلقٌن فعال على السعودٌة فإنه ال أساس لقلقكم ‪ .‬أما إذا كتنم تتظاهرون بذلك إلثارة قلق السعودٌٌن فذلك شًء آخر ‪ .‬وسنقول الشًء ذاته‬
‫إلخواننا السعودٌٌن ‪ ،‬ونحن على استعداد لتقدٌم الضمانات التً ٌرٌدونها إلزالة قلقهم ‪ .‬ونحن فوق ذلك نشعر بؤن من واجبنا إذا كان هناك خطر‬
‫خارجً أن نحمً السعودٌة ‪ .‬أما عالقتنا بالعالم العربً فقد نتفق الٌوم ونختلؾ فً الٌوم التالً ‪ .‬وحتى اآلن لم تواجهنا مشكلة فً ذلك ‪.‬‬
‫" والنقطة الثالثة التً أرٌد أن اتحدث عنها هً الشابعات التً تقول بؤن صدام حسٌن تعهد لبعض الدول العربٌة بؤن ال ٌستخدم القوة ضد الكوٌت‬
‫مهما كانت الظروؾ ‪ .‬كما علمنا أٌضا بطرٌقة أو بؤخر أن بعض المسإولٌن العرب أبلؽوا شٌبا كهذا لألمٌركٌٌن ‪ .‬وأود أن اإكد هنا انه ٌنبؽً على‬
‫اِلمٌركٌٌن أن ال ٌؤخذوا بهذا ‪ .‬ذلك أنً لم اتعهد بذلك ِلي عربً ‪ .‬وما حدث هو أن بعض الزعماء العرب تحدثوا معً عن حشد القوات على‬
‫الحدود الكوٌتٌة وقالوا إن القلق والخوؾ استولٌا على الكوٌتٌٌن ‪ .‬فقلت لهم إننً وعدت أن ال أقوم بؤي عمل عسكري قبل االجتماع المتفق علٌه بجدة‬
‫‪ .‬هذا هو ما حدث ‪ .‬إذ لم أقم بؤي عمل عسكري قبل االجتماع ‪ .‬وكنا ننتظر عودة نابب الربٌس ( العراقً ) التخاذ قرار ‪.‬‬
‫" هناك من ٌتحدث عن السرعة التً تمت بها العملٌة ‪ ،‬وٌقصدون بذلك أن النٌة كانت مبٌتة للؽزو قبل االجتماع ‪ .‬لقد خطر ببالنا قبل االجتماع أن‬
‫نقوم بذلك بسبب الحركة الوطنٌة فً الكوٌت لكنه لم ٌكن الخٌار اِلول أمامنا ‪ .‬كنا نبذل المزٌد من الجهد للتؤكٌد على حقوقنا من خالل المفاوضات ‪.‬‬
‫فنحن عرب ‪ ،‬وكان من الطبٌعً أن تكون لنا عالقات مع المعارضة الكوٌتٌة كعالقات الكوٌتٌٌن بالمعارضة العراقٌة ‪.‬‬

‫‪555‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" عندما باتت مصالحنا االساسٌة مهددة وبعد أن استهلكت جمٌع السبل اضطررنا إلى اللجوء إلى القوة ‪ .‬والسإال الذي ٌطرح اآلن على الربٌس‬
‫والقادة اِلمٌركٌٌن هو التالً ‪ :‬ما الذي ٌتهدد المصالح اِلمٌركٌة فً الكوٌت أو فً ؼٌر الكوٌت ؟ ‪.‬‬
‫" إنكم تعلمون أنكم كنتم تشترون نفط العراق منذ تولٌت الحكم ‪ .‬وبالرؼم من أن عالقاتنا كان فً تلك االثناء مقطوعة ‪ ،‬وأنكم صرتم تشترون المزٌد‬
‫منه بعد استبناؾ العالقات عام ‪ . 1984‬وكنتم حٌن قررتم مقاطعة النفط العراقً تشترون ثلث نفطنا ‪ .‬وقراركم هذا قرار سٌاسً ال فنً ‪ .‬إذ نعلم أن‬
‫ما ٌخدم مصالحكم هو التجارة واستمرار حصولكم على النفط ‪ .‬إذاً ما الذي ٌخٌفكم ؟ ما الذي ٌجعلكم تبحثون الخٌارات العسكرٌة التً ستنتهً حتما‬
‫بالفشل ‪.‬‬
‫" أنتم دولة كبر ونحن نعلم أن باستطاعتكم أن تلحقوا بنا الضرر كما قلت سابقا لسفٌرتكم ‪ .‬ولكن إذا ما حصل ذلك ستخسرون كل المنطقة ولن‬
‫تتمكنوا من تركٌعنا حتى وإن استخدمتم كل ما تملكون من أسلحة ‪ٌ .‬مكنكم أن تدمروا مراكز أبحاثنا التكنولوجٌة واقتصادنا ونفطنا ‪ .‬ولكن بقدر ما‬
‫تدمرون تصبح اِلشٌاء صعبة بالنسبة لكم ‪ .‬ثم أننا لن نتردد فً ضرب مصالحكم فً المنطقة كما هجمنا على الكوٌت عندما تآمر هذا اِلخٌر ضدنا ‪.‬‬
‫ال تضعونا فً مثل هذا الموقؾ ‪ .‬فعندما نر حٌاتنا مهددة نهدد اآلخرٌن ‪ .‬إننا نعرؾ انكم قوة عظمى قادرة على إلحاق اِلذ والدمار ‪ ،‬ولكن ال‬
‫أحد ؼٌر ّللا ٌستطٌع تدمٌر اإلنسان ‪.‬‬
‫" لماذا ترٌدون ان تكونوا أعداء لنا ؟ لقد ارتكبتم ما ٌكفً من أخطاء بإضعاؾ حلفابكم فً المنطقة الذٌن فقدوا أي اعتبار بنظر شعوبهم ‪ .‬وفً رأٌنا‬
‫أنكم تحسنون رعاٌة مصالحكم عبر نظام وطنً واقعً ال عبر السعودٌٌن ‪ .‬إنكم تتحدثون عن العراق المعتدي ‪ .‬فإذا كان هو المعتدي فً حربه ضد‬
‫إٌران فلماذا حافظتم على عالقاتكم معه ؟ إنكم تتحدثون عن تصرٌح الثانً من إبرٌل ‪ .‬إننا لم نصدر مثل ذلك التصرٌح قبل وخالل وبعد الحرب مع‬
‫إٌران ‪.‬‬
‫" فما الذي جعلنً إذن أصدر ذلك التصرٌح ؟ أصدرته ِلن بعض اِلوساط الؽربٌة واِلمٌركٌة كانت تحث اسرابٌل على مهاجمتنا وذلك لوضع حد‬
‫للعدوان ‪ .‬إننا نإمن بؤنه خدم السالم ‪ .‬كانت اسرابٌل ستهاجمنا لو لزمنا الصمت ‪ ،‬وكنا بالطبع سنرد على الهجوم ‪ .‬وتذكرون أننا خالل الحرب مع‬
‫إٌران تعرضنا للقصؾ المتواصل ‪ ،‬وأننا عندما حصلنا على الصوارٌخ لم نبدأ باستخدامها بل بالتهدٌد بذلك ‪ .‬فلو أن إٌران أخذت بنصابحنا لما‬
‫استخدمناها ‪ .‬ونحمد ّللا على أن إسرابٌل استمعت إلٌنا ‪ .‬فهل خدم ذلك قضٌة السالم ؟ ٌمكن للعراق أن ٌصمد ضد الصوارٌخ أكثر من إسرابٌل ‪.‬‬
‫" ‪ ,‬أخٌرا فانه إذا كان الربٌس االمٌركً ٌرٌد مواصلة اتباع سٌاسته فً المنطقة والحفاظ على بمصالحه ‪ ،‬اللهم إال إذا كان وراء تصعٌد التوتر‬
‫ؼرض أخر ‪ .‬وعلى أي حال فإننا نسعى إلى االستقرار والسالم ولن نذعن ِلحد ‪ .‬إننا نكره المجاعة والجوع ‪ .‬وقد سبق لشعبنا أن عانى من الجوع‬
‫آالؾ السنٌن ‪ .‬ولن نعود به إلى ذلك ‪ .‬إننا نتطلع بشرؾ إلى مستقبل إنسانً ٌحفل ببناء ٌحفل ببناء وتطوٌر عالقات طٌبة مع الوالٌات المتحدة ‪ ،‬هذا‬
‫إذا أرادت ذلك ‪ .‬تلك هً رسالتً الجدٌدة إلى الربٌس بوش " ‪.‬‬
‫***‬
‫واخٌرا استطاع ولسون أن ٌجٌب فقال ‪:‬‬
‫" شكرا ٌا سٌادة الربٌس ‪ .‬سؤنقل ما قلتموه إلى حكومتً ‪ ،‬وسؤبلػ رسالتكم فورا بالتلفون كما أنً سؤرسلها مسجلة على الورق ‪ .‬وكما قلتم بحق فان‬
‫الوضع بهدد ال العالقات اِلمٌركٌة العراقٌة فحسب ‪ ،‬بل االستقرار فً المنطقة والعالم " فسؤله الربٌس العراقً ‪ " :‬ولماذ ٌهدد العالم بالخطر؟ "‬
‫فؤجاب ‪ " :‬ما أعرفه هو أن القلق واالضطراب ٌسودان اِلسواق العالمٌة " ‪ .‬فسارع الربٌس إلى القول ‪:‬‬
‫‪ 21‬دوالرا ‪ .‬وعندما تقاطعون خمسة‬ ‫" كان ذلك خطؤ منكم ‪ .‬قبلنا بخمسة وعشرٌن دوالر للبرمٌل ‪ ،‬ولوال مقاطعتكم لوصل سعر البرمٌل إلى‬
‫مالٌٌن برمٌل مرة واحدة فان ذلك ٌإدي إلى عدم االستقرار ‪ .‬ونعتقد بؤن الذي سٌستفٌدون من ذلك هم تجار النفط ال الشعب اِلمٌركً " ‪ .‬قال‬
‫ولسون ‪:‬‬
‫" أشعر أننً ضربت على وتر حساس ‪ .‬فالحقٌقة هً أننً أردت أن أقول بؤنه ٌبدو لً فً هذه االٌام الصعبة أنه من المهم أن نواصل الحوار بٌننا‬
‫لكً نتالفى اِلخطاء‪ .‬فبهذه الطرٌقة وحدها نستطٌع إزالة التوتر وبرودة العواطؾ ‪ .‬ولهذا فاننً أرحب بهذه المناسبة لنقل الرسالة ؛ لكن أود تسجٌل‬
‫مالحظتٌن قبل أن اعود إلى ما تفضلتم به ـ وسوؾ أحمل الٌكم والى وزرابكم جواب الربٌس بوش‪ .‬أوال ذكرتم فً القسم اِلول من رسالتكم أن‬
‫الكوٌت جزء من العراق"‪.‬‬
‫فقال الربٌس ‪:‬‬
‫" هذا هو تارٌخنا ‪ .‬وعندما نقول ذلك فإننا نقوله لنإكد للجمٌع بؤن الكوٌت ٌجب أن تؤخذه بعٌن االعتبار ال أن تحتال علٌه ‪ .‬هذا هو جوهر العالقة‬
‫بٌن العراق والكوٌت ‪ ،‬وٌختلؾ اِلمر بالنسبة لمصر أو السعودٌة " ‪ .‬فقال ولسون ‪ٌ " :‬همنً أن أفهم طبٌعة العالقة " ‪ .‬وشرح صدام ذلك فقال‪:‬‬

‫‪556‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" إن الذي ٌحدد هذه العالقة شعبا البلدٌن ال أنا وال اِلمٌركٌون أو السوفٌٌت وؼٌرهم ‪ .‬وٌنبؽً أن تقوم هذه العالقات على اِلخوة واالحترام المتبادل‬
‫"‪.‬‬
‫فسؤله ولسون ‪ " :‬وهل كان هذا ٌنقض العالقة بٌن العراق والكوٌت ؟ " ‪ .‬فؤجابه صدام بقوله ‪ " :‬أجل وخصوصا فً الشهر الماضً ‪ .‬لقد ركضت‬
‫وراء جابر فً محاولة منً لتحدٌد الحدود فقال ‪ :‬دع اآلخرٌن ٌفعلون ذلك ؟ لدٌنا ما ٌثبت قولنا ‪ .‬ولهذا استؽربنا قوله ‪ ،‬ووجدنا بعد ذلك أنه كان‬
‫ٌتآمر علٌنا " ‪.‬‬
‫قال ولسون ‪ " :‬اشكركم ‪ .‬وسؤنقل اآلن إلى مالحظتً الثانً ‪ .‬تحدثت عن عالقاتكم اِلخوٌة مع السعودٌة وذكرتم اتفاق عدم االعتداء علٌها ‪ .‬أود أن‬
‫أبلؽكم قلق حكومتً حول نواٌاكم الحالٌة ‪ .‬وأشعر أنكم فعلتم ذلك بوجه عام ولكن اسمحوا لً ‪ " . . .‬وهنا قاطعه الربٌس العراقً بقوله ‪:‬‬
‫" وما الذي ٌبدد قلقكم ؟ " فقال ولسون ‪ " :‬ال ادري ‪ .‬وسوؾ أسؤل ربٌسنا ‪ .‬أعلم أنك شخص صرٌح ومستقٌم ‪ ،‬ولكن أرجو أن نتفق على أنه نظرا‬
‫لألحوال السابدة اآلن حٌث لم ٌحصل أي عمل عسكري من قبل الوالٌات المتحدة أو السعودٌة فانك تتعهد بؤنك ال تنوي اتخاذ أي عمل عسكري ضد‬
‫السعودٌة " ‪ .‬فكان جواب صدام ‪:‬‬
‫" ٌمكنكم أن تبلؽوا تعهدي إلى السعودٌٌن والى كل العالم ‪ .‬فنحن ال نعتدي على من ال ٌعتدي علٌنا ‪ ،‬وال نإذي من ال ٌإذٌنا ‪ .‬ومن ٌسعى إلى‬
‫صداقتنا ٌجدنا أشد تحمسا لمصادقته ‪ .‬وبالنسبة للسعودٌة فان الفكرة لم تخطر ببالً ‪ .‬فصداقتنا قوٌة ‪ .‬وإذا كنت تعرؾ شٌبا ال نعرفه فؤود أن تطلعنً‬
‫علٌه ‪ .‬فمن الطبٌعً ومما ال ٌزعجنا أن ٌستقبل الملك فهد حاكم الكوٌت السابق الشٌخ جابر ‪ .‬ولن ٌساورنا القلق إال إذا سمح له بالعمل ضد العراق‬
‫من بالده ‪ .‬وبالمناسبة أبلػ تحٌاتً للربٌس بوش وأطلب منه أن ٌسلّم بؤن أسرة جابر ومن حوله قد انتهوا وأصبحوا جزءا من التارٌخ‪.‬‬
‫" من اِلمور المشروعة أن ٌهتم كل شخص بمصالحه الخاصة ‪ .‬ونود أن نعرؾ تماما ما هً مصالحكم المشروعة لكً نضمن لكم سالمتها ‪ .‬وأود‬
‫أن تعلموا أن استقبالً لكم لٌس حركة تكتٌكٌة ‪ .‬وبرهنت على ذلك باستقبالً لكم بعد المقاطعة ‪ .‬ولست أسعى إلى إلؽابها ‪ .‬وال أسعى اآلن حتى إلى‬
‫موافقة الوالٌات المتحدة على ما فعلناه ‪.‬‬
‫" فالذي أود معرفته هو المصالح المشروعة للوالٌات المتحدة ‪ .‬كما أود أن أنصحها بان ال تقدم على خطوات جرٌبة ال تستطٌع التراجع عنها " ‪.‬‬
‫فقال ولسون ‪:‬‬
‫" سؤعلم حكومتً بذلك ‪ .‬لقد أتٌت إلى هنا وفً ذهنً أفكار ثالث تقلق حكومتً ‪ .‬أوال ‪ ،‬طبٌعة اإلجتٌاح ‪ .‬وتعرفون تماما موقؾ حكومتً من ذلك ‪.‬‬
‫ثانٌا ‪ ،‬نواٌاكم مستقبال تجاه السعودٌة وهذا ما أجبتم علٌه ‪ .‬وأخٌرا ‪ ،‬أمن الرعاٌا اِلمٌركٌٌن وخصوصا السماح لمواطنٌن اِلمٌركٌٌن بالرحٌل ‪.‬‬
‫وكما تعلمون فإن اِلمٌركٌٌن حساسون جدا فٌما ٌختص بفقد حرٌة التنقل ‪ .‬وهذا ٌنطبق أٌضا على اِلمٌركٌٌن فً الكوٌت حتى لو سلمنا بحدوث‬
‫االنسحاب ( وربما كان ٌشٌر بذلك إلى االنسحاب الجزبً الزابؾ الذي أعلن عنه فً أعقاب الؽزو ) ‪.‬‬
‫فسؤله صدام ‪:‬‬
‫" كٌؾ ٌمكنكم اإلدعاء بؤنه لم ٌحصل انسحاب ‪ ،‬ثم الحدٌث عن شًء مختلؾ ؟ " فقال ولسون ‪:‬‬
‫" شاهدت ثالث قوافل تؽادر البصرة وأعلمت واشنطن باِلمر "‪ .‬قال صدام ‪:‬‬
‫" لقد استؽرق دخول قواتنا إلى الكوٌت ثالثة أٌام وال ٌمكنها أن تنسحب فً ٌوم واحد ‪ .‬وال بد لهذا االنسحاب أن ٌستند إلى اتفاق دولً ‪ ،‬ولن نسمح‬
‫بوقوع الكوٌت فً أٌدي قوة اخر ‪ .‬وإذا تزاٌدت التهدٌدات ضد الكوٌت فاننا سنرسل افواجا أخر ‪ .‬وطبٌعة هذه التعزٌزات مرتبطة بطبٌعة‬
‫التهدٌدات ‪ .‬وعندما ٌزول التهدٌد تنسحب قواتنا ‪ .‬نحن ال نرٌد أن تتحول الكوٌت إلى لبنان آخر ‪ .‬وال اعتقد أنه من مصلحة أحد أن ٌنسحب الجٌش‬
‫العراقً بسرعة تاركا الكوٌت مسرحا للقوات المتناحرة ‪ .‬لقد أخذت الحكومة المإقتة بنصٌحتنا لها بتشكٌل مٌلٌشٌات منفصلة ‪ .‬وكنا نصحناها أٌضا‬
‫بؤن تصبح مكتفٌة ذاتٌا وأن تعتمد على الجٌش الشعبً ‪ .‬أما بالنسبة لألمٌركٌٌن فً الكوٌت والعراق فإن السفر محظور على العراقٌٌن واِلجانب فً‬
‫كال البلدٌن ‪ .‬ومصادركم على علم بؤن جٌشنا عامل اِلجانب بطرٌقة رتٌبة ‪ .‬وقد سمحت حكومة الكوٌت فً بالؼها بالسفر إلى العراق إذا توافرت‬
‫السالمة " ‪ .‬فسؤله ولسون ‪:‬‬
‫" هل لً أن أطلب منكم مباشرة أن تعلمونً متى ستسمحون للرعاٌا اِلمٌركٌٌن المقٌمٌن والزوار منهم بمؽادرة البالد ؟ " ‪ .‬فسؤله صدام ‪:‬‬
‫" هل تسؤل عما إذا كان سٌسمح لجمٌع اِلجانب بذلك ؟ " فقال ولسون ‪ " :‬ال أسمح لنفسً بالكالم نٌابة عن اآلخرٌن " ‪ .‬فقال الربٌس ‪ " :‬اردت أن‬
‫أوضح أن هذا التقٌٌد ال ٌنطبق على اِلمٌركٌٌن وحدهم ‪ .‬وسوؾ نبلؽكم عن ذلك فً حٌنه " ‪ .‬فسؤله ولسون ‪ " :‬أرجو أن تسمحوا لً بؤن أطلب منكم‬
‫دراسة هذه المسؤلة بؤسرع ما ٌمكن ِلنها قضٌة عاطفٌة جدا وحسّاسة بالنسبة لحكومتنا وشعبنا " ‪ .‬فقال الربٌس ‪ " :‬نفهم ذلك ؛ ونفهم أٌضا جانبه‬
‫اإلنسانً " ‪.‬‬

‫‪557‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وواصل ولسون كالمه فقال ‪ " :‬أخٌرا أود أن أضٌؾ شٌبٌن ‪ .‬لقد أشرتم إلى حسن تصرؾ القوات العراقٌة وهذا ما أكده لً وزٌركم وناببه ‪ ،‬وأعتقد‬
‫أنه شًء منتظر ‪ .‬لكن أود لفت انتباهكم إلى أمر مهم وهو أن الجنود العراقٌٌن اقتحموا فً اللٌلة الفابتة بٌت المستشار بالسفارة اِلمٌركٌة فً الكوٌت‬
‫‪ .‬وهذا ٌناقض السٌاسة التً شرحتموها ‪ .‬وأضٌؾ إلى ذلك أن ما فعلوه هو انتهاك للحصانة الدبلوماسٌة ‪ .‬وما كنت ِلذكر هذا لوال أنكم أثرتم هذه‬
‫المسؤلة " ‪ .‬فقال صدام ‪:‬‬
‫" اجتمعت باِلمس مع بعض ضباطنا وحدثونً عن بعض اآلسٌوٌٌن والسعودٌٌن وؼٌرهم ممن ٌخلّون باِلمن ‪ .‬وعلى أي حال فإذا كان الجٌش‬
‫العراقً قد فعل فإننا سنعترؾ به ‪ ،‬وسنإكد لكم أنه عمل خاطا وأننا سنقوم بمعاقبتهم ‪ .‬فهذا التصرؾ ٌتعارض مع سٌاستنا " ‪ .‬فقال ولسون ‪:‬‬
‫" نقطة أخٌرة ‪ .‬فً هذه اِلٌام الصعبة وخصوصا بالنسبة لسالمة المواطنٌن اِلمٌركٌٌن ‪ " .. .‬وهنا قاطعه صدام قابال ‪ " :‬هل تعتزمون مهاجمتنا ؟‬
‫أمن أجل هذا ترٌدون ترحٌل مواطنٌكم ؟ " فؤجاب ولسون ‪ " :‬كال ‪ .‬ولكن من واجبً أن اوفر لهم حرٌة اتخاذ قرار بذلك ‪ .‬فؤنا شخصٌا سؤبقى ‪،‬‬
‫وأحب الحٌاة هنا‪ .‬وأود أن أضٌؾ أنه خالل اِلزمة كانت أبوابها تظل مفتوحة لً ولزمالبً من الساعة الثامنة صباحا إلى الخامسة مساء ‪ .‬كما انً‬
‫اعبر لكم عن تقدٌري لرؼبتكم فً مقابلتً وعن رؼبتً فً االطمبنان على مصٌر مواطنٌنا فً الكوٌت " ‪ .‬فقال صدام ‪ " :‬كن مطمبنا " ‪.‬‬
‫وعندبذ قال ولسون ‪ " :‬أود أإكد لكم إخالصً لمهنتً ‪ .‬فالحوار عصب حٌاة الدبلوماسٌٌن وحال السٌاسة " ‪ .‬فقال صدام ‪ " :‬من الطبٌعً أن‬
‫تطمبننً إلى حسن نواٌا زمالبكم ؛ لكن علٌك أن تتعهد لً بنقل رسالتً إلى الربٌس بوش " ‪ .‬فقال ولسون ‪ " :‬حدث أخٌرا أن التقٌت فً أفرٌقٌا بؤحد‬
‫ارإساء اإلفرٌقٌٌن فطلبت منه أن ٌعود إلى وقابع اجتماعنا ‪ .‬ولو عدت إلى محادثاتً معكم لوجدت أننً شكرتك كثٌرا " ‪.‬‬
‫فً العاشرة مساء بجدة ‪ ،‬اتصل رٌتشادر تشٌنً بالبٌت اِلبٌض عبر الخطوط الخاصة بفندقه ‪ .‬وكانت الساعة الثالثة بعد الظهر فً واشنطن ‪ .‬فؤطلع‬
‫الوزٌر ربٌسه على الضوء اِلخضر السعودي الذي اقترن بشرط وهو أن على الوالٌات المتحدة إرجاء االعالن عن ذلك حتى وصول طالبع القوات‬
‫‪ .‬ثم اتصل تشٌنً بكولن باول ‪ .‬وفً الرابعة بعد الظهر أصدر الربٌس اِلمر النهابً بانتشار القوات اِلمٌركٌة ‪ .‬وفً حدٌثه مع باول أسند إلى هذه‬
‫القوات أهدافا ثالثة وهً ‪:‬‬
‫ردع العراق عن أي اعتداء ‪ ،‬والدفاع عن العربٌة السعودٌة ودعم قدرات شبه الجزٌرة العربٌة ‪ .‬وتلقى كبار الضباط تعلٌمات بؤن ٌظلوا مستعدٌن‬
‫لمهام أخر ‪ ،‬ولكن لم ٌتطرق إلى ذكر شًء حول هجوم محتمل ٌهدؾ إلى إرؼام العراق على االنسحاب من الكوٌت ‪.‬‬
‫‪ 1989‬استؽرق اتخاذ‬ ‫وبعد ساعة أقلع سرب من المقاتالت من طراز ؾ ‪ 15‬باتجاه السعودٌة ‪ .‬وبذلك بدأت عملٌة درع الصحراء وفً دٌسمبر‬
‫قرار من قبل بوش لؽزو بنما تسع عشرة ساعة ‪ .‬واستؽرق اتخاذ فرار بالرد على ؼزو الكوٌت ‪ 115‬ساعة ‪.‬‬
‫***‬
‫توقفت مارؼرٌت تاتشر فً طرٌق عودتها من كولورادو بواشنطن ‪ .‬فاستقبلها بوش الذي كان قد اجتمع قبل ذلك بقلٌل مع اِلمٌن العام لحلؾ شمال‬
‫اِلطلسً مانفرد وورز‪ .‬وفً تلك اِلثناء وصلت نتاب التصوٌت فً مجلس اِلمن على القرار ‪ 661‬الذي نال ثالثة عشر صوتا وامتنع اثنان عن‬
‫التصوٌت وهما كوبا والٌمن ‪ .‬وقد حبذ القرار مقاطعة العراق تجارٌا ومالٌا وعسكرٌا‪.‬‬
‫بعد ذلك بقلٌل أبحرت حاملة الطابرات سراتوؼا والبارجة وسكونسن إلى الخلٌخ ‪ .‬وأخذت الوالٌات المتحدة ترسل اإلمدادات لدعم وجودهم البحري‬
‫فً المنطقة تمهٌدا لحصار عسكري ٌهدؾ إلى دعم قرار اِلمم المتحدة ‪ .‬وسؤل بوش تاتشر كثٌرا عن سٌر الحرب بجزر فولكلند والصعوبات التً‬
‫كان علٌها مواجهتها ‪.‬‬
‫وفً الٌوم ذاته تلقى البٌت اِلبٌض أول برقٌة مختصرة عن المحادثات بٌن صدام والقابم باالعمال اِلمٌركً ببؽداد وذلك قبل أن ٌتلقى النص كامال ‪.‬‬
‫وعندما تم فك رموزه لم ٌثر الكثٌر من الحماسة ‪ .‬صحٌح أن صدام صرح بؤنه لم تكن لدٌه أٌة نٌة لؽزو السعودٌة ‪ ،‬لكن الشك كان ٌكتنؾ تصرٌحه‬
‫‪ .‬وقال أحد مساعدي بوش ‪ " :‬من الصعب تصدٌق شًء مما ٌقوله ‪ .‬فما أكثر الضمانات التً قدمها قبل ؼزوه للكوٌت "‪.‬‬
‫***‬
‫كان مجلس اِلمن مجتمعا للموافقة على القرار ( ‪ ) 661‬الذي ٌفرض عقوبات على العراق ‪ .‬لكن حدث ما ولد االنطباع بؤنه فً حٌن أن البٌت‬
‫اِلبٌض ٌرفض ما قاله ولسون عن صدام حسٌن فإنه مستعد التخاذ موقؾ أكثر اعتداال منه ‪ .‬ذلك أنه عندما الحظ السفٌر توماس بٌكرنػ عالمات‬
‫االكتباب بادٌة على وجه السفٌر اِلردنً عبد ّللا صالح ذهب إلٌه وقال ‪ " :‬تشجع ‪ ،‬وقل لعمان أن تتصل ببؽداد وتحصل منها على جواب ‪ .‬إذ لم‬
‫ٌنقطع اِلمل بعد " ‪ .‬ثم أملى علٌه خمس نقاط (لٌرسلها إلى بؽداد ) ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ٌجب أن ٌكون هناك انسحاب معلن وبٌان ٌشتمل على جدول زمنً ٌقول مثال ‪ :‬فً ٌوم اِلربعاء سنفعل كذا ‪ .‬لكن ال ضرورة للقٌام بهذا (‬
‫االنسحاب ) فً ٌوم ولٌلة ‪.‬‬

‫‪558‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪ 2‬ـ ال ضرورة للقلق حول عودة اِلمٌر وأسرته ‪ .‬إذ ٌمكن االهتمام بذلك فٌما بعد ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إننا نعتقد بؤن موقفكم من القضاٌا المعلقة بٌنكم وبٌن الكوٌت جدٌر باالهتمام ‪ .‬وفً حٌن أننا ال نناصر فرٌقا على آخر فاننا سنقوم بما هو‬
‫ضروري للقٌام بما ٌتطلبه الموقؾ من توسط وؼٌره‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ إننا نعترؾ بحاجتكم إلى منفذ على الخلٌ ‪ ،‬ونتعاطؾ مع قضٌة وصولكم إلى جزٌرتً وربة وبوبٌان ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ نقترح الدعوة علنا إلى استفتاء ٌتٌح للمواطنٌن الكوٌتٌٌن أن ٌقرروا مصٌرهم ‪.‬‬
‫وفً تلك اللٌلة بعث السفٌر اِلردنً الرسالة ‪ .‬وفً وقت مبكر من صباح الٌوم التالً أٌقظه زٌد بن شاكر وزٌر البالط وقال له ‪ " :‬لكن هل الرسالة‬
‫من صنع بٌكرنػ أن هً بالون اختبار من اإلدارة ؟ "‪.‬‬
‫فاتصل عبد ّللا صالح ببٌكرنػ لمعرفة ما إذا كانت تلك هً مقترحات اإلدارة ‪ .‬فؤجاب بٌكرنػ ‪ " :‬ال اعرؾ تماما ؼٌر أنً على ٌقٌن من انها أقرب‬
‫ما تكون إلى التعبٌر عن موقؾ االدارة " ‪.‬‬
‫وعلى اِلثر اتصل بٌكرنػ ببٌكر وزٌر الخارجٌة الذي قال بؤنه سٌعود إلى االتصال به ‪ .‬واتصل بالفعل بعد خمس دقابق وقال ‪ٌ " :‬مكننا تحما هذا ‪:‬‬
‫وعلى االثر قام بٌكرنػ بتبلٌػ ذلك إلى السفٌر اِلردنً ‪ .‬وكان من المنتظر أن ٌجري على الفور نقل الرسالة إلى بؽداد ‪ .‬لكن لٌس هناك ما ٌإكد نقلها‬
‫‪.‬‬

‫الفصل الثامن‬
‫(( سطر كتب على الرمال ))‬
‫عندما نزل ٌاسر عرفات وأبو إٌاد فً مطار جدة فً السابعة من صباح ‪ 7‬أؼسطس كانوا مثل باقً الناس فً العالم ال ٌعرفون شٌبا عن االتفاق‬
‫الذي تم بٌن الزعماء السعودٌٌن وواشنطن وعن عملٌة درع الصحراء الوشٌكة الوقوع ‪.‬‬
‫كان اللٌل فً آخره فً القواعد اِلمٌركٌة على ساحل الوالٌات المتحدة الشرقً ‪ ،‬حٌث كانت طالبع القوات { المتجهة إلى الخلٌ } ‪ .‬لكن لم تظهر‬
‫أٌة عالمات على وجود نشاط ؼٌر عادي‪.‬‬
‫عندما وصل الزعٌمان الفلسطٌنٌان قصر الملك فهد وجدا الجو المخٌم علٌه محٌرا‪ .‬لقد اعتادا أن ٌجداه ؼارقا فً صمت ٌدعو إلى الخمول ‪ .‬أما‬
‫عندبذ فكان خلٌة تع بالنشاط ‪ .‬كانت ارتال السٌارات تشاهد فً طرٌقها إلى القصر حاملة أركان الحكم ‪ ،‬بٌنما كان مسإولون آخرون ٌروحون‬
‫وٌجٌبون فً دهالٌز القصر وهم ٌحملون الملفات ‪.‬‬
‫وظل عرفات وأبو إٌاد ٌنتظران إلى ان وصل رسول من الملك وأبلؽهما ان الملك لن ٌستطٌع استقبالهما قبل الٌوم التالً ‪ .‬فقال عرفات مشٌرا إلى‬
‫الحركة ؼٌر العادٌة ‪ " :‬ما الذي أثاركم على هذا النحو ؟ " ‪.‬‬
‫فتردد رسول الملك قلٌال ثم أجاب بقوله ‪ " :‬لقد وصل وزٌر الدفاع اِلمٌركً أمس على رأس وفد ‪ .‬وهو اآلن ٌواصل محادثاته مع الملك " ‪.‬‬
‫فؤقلقت هذه اِلخبار عرفات ‪ .‬ولم ٌكن أبو إٌاد المسإول عن دوابر اِلمن والمخابرات بالمنظمة قد علم مسبقا بالزٌارة ‪ .‬وعلٌه فإنهما أخذا ٌفكران فً‬
‫وضع جدول لزٌارتهما ‪.‬‬
‫وقبل ان ٌقررا زٌارة السعودٌة لالجتماع بالملك فهد كانا ٌعتزمان الذهاب إلى فٌٌنا لالشتراك فً تشٌٌع جنازة المستشار السابق ٌورنو كراٌسكً‬
‫الذي كان ٌدافع عن الفلسطٌنٌٌن ‪ .‬لكن لم بعد بإمكانهما القٌام بالرحلة لعدم وجود طابرة تقلهما إلٌها ‪ .‬وعبّرا عن خٌبة أملهما لرسول الملك الذي‬
‫أبلؽهما نبؤ تؤجٌل اجتماعهما مع الملك ‪ ،‬فاستمع الٌهما باهتمام وبعد أن ؼاب حوالً عشرٌن دقٌقة عاد منفرج االسارٌر وقال ‪ " :‬لقد تم ترتٌب‬
‫سفركما ‪ .‬أمر الملك بتخصٌص طابرة لكما ‪ .‬وهً اآلن جاهزة لنقلكما إلى فٌٌنا واعادتكما إلى جدة " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً القدس أد تشٌٌع جنازتً شابٌن اسرابٌلٌٌن كانا قد قتال‪ ،‬إلى أعمال عنؾ ضد العرب‪.‬‬
‫وفً مقر المخابرات العسكرٌة كان هناك أمران ٌشؽالن الخبراء ‪ .‬فالعراقٌون بؽزوهم الكوٌت استولوا من الكوٌتٌٌن على أعتدة عسكرٌة متطورة‬
‫أكثرها من صنع أمٌركً وشبٌه باالسلحة الموجودة لد القوات اإلسرابٌلة ‪ .‬وباالضافة إلى هذا كشفت " المصادر " أن المخابرات العراقٌة السرٌة‬
‫تلقت وهً تعد للؽزو معلومات كثٌرة من مخابرات منظمة التحرٌر ‪ .‬وهذه بدورها حصلت علٌها من الفلسطٌنٌٌن الذٌن ٌحتلون مناصب مهمة فً‬
‫الكوٌت ‪ .‬وفً تلك االثناء كانت طابرات ؾ ‪ 15‬وؾ ‪ 16‬تقلع من الوالٌات المتحدة إلى السعودٌة بٌنما كان أربعة آالؾ رجل من الفرقة المحمولة‬
‫جوا ٌتؤهبون لمؽادرة البالد‪.‬‬

‫‪559‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبدأت اآلثار اِلولى لضؽوط واشنطن السٌاسٌة هً اِلخر بالظهور ‪ .‬فقد أؼلق السعودٌون خط اِلنابٌب الذي ٌنقل النفط العراقً إلى البحر‬
‫اِلحمر ‪ ،‬ومنعت تركٌا نقل النفط عبر أراضٌها إلى شواطبها على البحر اِلبٌض المتوسط ‪.‬‬
‫وكما قال أحد السٌاسٌٌن اِلوروبٌٌن فانه كان هناك أسلوبان لمعالجة المشكلة وهما " المواجهة والخنق " واختار بوش اللعب بالوراقتٌن فً الحال ‪.‬‬
‫لكن كان كالهما ٌتطلب درجة كبٌرة من التنسٌق والتعاون الدولٌٌن لٌكون فعاال‪.‬‬
‫وفً داخل الدابرة المؽلقة لزمالء بوش من أصحاب االطالع دار نقاش مثٌر حول أفضل وقت العالن حشد القوات فً الخلٌ ‪ .‬ورأ أكثرهم أن‬
‫ٌعلن عن ذلك بالتلفزٌون مساء الثالثاء " قبل ان تنشر الصحافة أخبار العملٌة " ‪ .‬أما بوش الذي ال ٌشعر باالرتٌاح عندما ٌظهر على شاشة التلفزٌون‬
‫فقد تمسك باعتقاده الذي ٌشوبه الؽموض وهو أن االعالن ٌجب أن " ٌجري فً اللحظة المناسبة سٌاسٌا وعسكرٌا " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً تلك االثناء أكد صدام حسٌن عبر التلفزٌون أن احتالل الكوٌت " أنهى التجزبة االستعمارٌة " التً كانت تفصل اِلكثرٌة افقٌرة عن اِلقلٌة الؽنٌة‬
‫‪.‬‬
‫***‬
‫عاد عرفات وأبو إٌاد من فٌٌنا لٌلة الثامن من أؼسطس واستقبلهما الملك فهد فً الصباح ‪ ،‬وحضر المقابلة اِلمٌر عبد ّللا ولً العهد ‪ .‬وكانت طالبع‬
‫القوات االمٌركٌة قد بدأت فً الوصول ‪.‬‬
‫وكان عرفات قد أصبح على مر السنٌن خبٌرا فً فن البقاء ‪ .‬فبعد أن تولى دور الوسٌط الذي تخلى عنه الملك حسٌن بسبب خٌبة أمله ‪ ،‬اعتقد انه‬
‫ٌستطٌع تعزٌز مكانة المنظمة ال بٌن رإساء الدول العربٌة فقط بل فً الؽرب ‪ .‬وكان قد رفض أن ٌدٌن ؼزو الكوٌت واعتبر ذلك ورقة مرور‬
‫رابحة تمكنه من البقاء على اتصال بصدام حسٌن لكن موقفه لم ٌكن مصدر قوة له ‪ .‬فالواقع أنه أضعؾ مركزه ‪.‬‬
‫وكان حافظ اِلسد ٌحتقره ‪ ،‬ومبارك ال ٌثق فٌه ‪ ،‬ودول الخلٌ تشجب موقفه ‪ .‬والسعودٌة وحدها التً كانت مموله الربٌسً وقفت موقفا معتدال من‬
‫المنظمة ‪.‬‬
‫وقبل وصول عرفات وأبو إٌاد إلى الرٌاض كانا قد فكرا فً االنعكاسات المالٌة المحتملة لألزمة على المنظمة ‪ .‬وكان بعض مستشاري المنظمة‬
‫الموثوق بهم قد نطقوا بكلمة " إفالس " فإذا فقد الفلسطٌنٌون البالػ عددهم ‪ 400 , 000‬أعمالهم فً الكوٌت وإذا تراجعت الدول عن تعهداتها المالٌة‬
‫فان المنظمة ستجد نفسها بال موارد تذكر ‪.‬‬
‫وكان عرفات قد طلب وضع خطة تؤخذ بعٌن االعتبار تخفٌض ‪ % 35‬من المٌزانٌة السنوٌة التً تبلػ بلٌون دوالر ‪ .‬وجاء إلى جدة ال للمفاوضة‬
‫فقط بل ولطلب المال ‪.‬‬
‫وفاجؤ الملك المتزن عادة ضٌفه ـ عرفات وأبو إٌاد ـ بهجومه العنٌؾ على آل الصباح الذٌن لجؤوا إلى بالده ‪ .‬قال ؼاضبا ‪ " :‬لدي انتقادات كثٌرة لهم‬
‫‪ .‬إنهم لم ٌسددوا دٌونهم ‪ .‬إنهم ٌتحملون القسط االكبر من المسإولٌة عن نشوء اِلزمة " ‪.‬‬
‫ثم بحث الملك مع الزعٌمٌن الفلسطٌنٌٌن خطة انسحاب من الكوٌت ٌمكن تقدٌمها لصدام حسٌن ‪ ،‬وتسمح للعراقٌٌن باالنسحاب إلى المنطقة المتنازع‬
‫علٌها حٌث آبار النفط ‪ .‬وتمكنهم من البقاء فً الجزٌرتٌن اللتٌن توفران لهم منفذا على الخلٌ ‪ .‬فسؤله أحد الفلسطٌنٌٌن ‪ " :‬هل جاللتكم على استعداد‬
‫لالجتماع بالزعٌم العراقً ؟ " فنظر الملك إلى ولً العهد اِلمٌر عبد ّللا وأجاب ‪:‬‬
‫" نعم إذا التزم بهذه الشروط " ‪ .‬ووافق الملك كذلك على تقدٌم مال للعراق ‪ .‬وكان طوال المقابلة ٌتحدث عن صدام حسٌن بطرٌقة سلمٌة جدا ‪.‬‬
‫وتحولت وجهة الحدٌث على نحو لم ٌسرّ الفلسطٌنٌٌن عندما أثٌرت مسؤلة تموٌل المنظمة ‪ .‬إذ استولى الؽضب على اِلمٌر عبد ّللا الذي كان أقل‬
‫مجاملة من الملك وقال ‪:‬‬
‫" ٌبدو أنكم اٌها الفلسطٌنٌون ال تعرفون شٌبا عما ٌفعله الكوٌتٌون من أجلكم ‪ .‬إنكم لم تقدموا لهم شٌبا فً مقابل ثقتهم بكم ومساعدتهم لكم ‪" .‬‬
‫وأخذت حدة النقاش تتصاعد فؤمر الملك الجمٌع بالهدوء ‪.‬‬
‫***‬
‫فً الرابعة صباحا خرج بوش من جناحه بالبٌت اِلبٌض وتوجه إلى قاعة المإتمرات حٌث قام مع برنت سكوكروفت باإلشراؾ على مؽادرة القوات‬
‫اِلمٌركٌة ‪ .‬وفً السادسة صباحا عاد إلى المكتب البٌضاوي ‪ .‬ورأ فً طرٌقه صحفٌا ملحقا بالبٌت اِلبٌض فطلت منه أن ٌستمع باستمرار للرادٌو‬
‫‪ .‬وفً التاسعة التقى بالصحفٌٌن فً مكتبه وأعلن عن العملٌة ‪ .‬وعندما انتصؾ النهار عقد مإتمرا صحفٌا صرح فٌه أنه " جر رسم خط على‬
‫الرمل " ‪.‬‬

‫‪560‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً التاسعة قام بمهمة ٌكرهها وهً الظهور على شاشة التلفزٌون لمخاطبة اِلمة ‪ .‬وبدا علٌه التجهم والتوتر وقال ‪ٌ " :‬ؤتً وقت فً حٌاة اِلمة‬
‫ندعى فٌه ِلن نكتشؾ من نحن وبماذا نإمن ‪ .‬والٌوم وبوصفً ربٌسكم أطلب منكم دعمكم للقرار الذي اتخذته والذي ٌسمح لنا بؤن نقؾ بثبات إلى‬
‫جانب الحق ‪ ،‬وأن ندٌن الباطل " ‪ .‬وأوضح فً خطابه أن مهمة القوات االمٌركٌة دفاعٌة تماما ‪ .‬وقال ان لها أربعة أهداؾ ‪ :‬انسحاب العراق الفوري‬
‫ؼٌر المشروط من الكوٌت ؛ وإعادة الحكومة الشرعٌة إلى اإلمارة ؛ والحفاظ على أمن منطقة الخلٌ ‪ ،‬وخصوصا احتٌاطً النفط ؛ وحماٌة‬
‫االمٌركٌٌن ‪.‬‬
‫***‬
‫لم ٌكد الربٌس بوش ٌلقً خطابه حتى أصدر مجلس قٌادة الثورة فً العراق بٌانا ٌعلن " ضم الكوٌت " ووصؾ ذلك بؤنه " وحدة أبدٌة " ‪.‬‬
‫وفً السعودٌة وؼٌر بعٌد عن الظهران حٌث مقر اِلرامكو بدأت طالبع القوات اِلمٌركٌة باالنتشار ‪ .‬وذكرت مصادر البنتاؼون أن ‪500 , 000‬‬
‫جندي سوؾ ٌؤخذون مواقعهم قبل نهاٌة الشهر ‪.‬‬
‫وكان العالم العربً ٌقوم بآخر محاولة ٌابسة لتسوٌة االزمة وكان مبارك منذ الٌوم السابق ٌتصل بزعماء المنطقة لعقد مإتمر فً القاهرة فً العاشر‬
‫من أؼسطس ‪.‬‬
‫***‬
‫فً تلك االثناء كانت الحكومة فً بؽداد تقوم بالخطوات االزمة لقطع ما تبقى من عالقات بٌنها وبٌن العالم الخارجً ‪ .‬ففً التاسع من أؼسطس وبعد‬
‫إعالن ضم الكوٌت بؤربع وعشرٌن ساعة قرر العراق إؼالق حدوده وإبقاء جمٌع االجانب على أراضٌها " ِلسباب أمنٌة " اِلمر الذي كان سٌحول‬
‫ثالثة مالٌٌن شخص إلى رهابن ‪.‬‬
‫كما أعلن العراق بؤنه على جمٌع السفارات اِلجنبٌة فً الكوٌت ان تؽلق أبوابها فً ؼضون أربع وعشرٌن ساعة ‪ .‬لكن الصحافة اِلجنبٌة عوملت‬
‫معاملة خاصة ‪ .‬فمنح الصحفٌون حرٌة الدخول والخروج ‪ .‬وأحسنت بؽداد بصورة خاصة معاملة شبكات التلفزٌون اِلمٌركٌة ‪.‬‬
‫وعلق المسإولون العراقٌون على الحصار واالجراءات العسكرٌة ضدهم بقولهم ‪ " :‬نستطٌع العٌش بدون بٌبسً (كوال) وبدون كومبٌوترات‬
‫ماكنتوش وبدون وٌسكً " ‪ .‬لكنهم لم ٌذكروا أن العراق كان معانً من نقص فً الحبوب وأنهم كانوا ٌستوردون ثالثة أرباع ما ٌستهلكونه من القمح‬
‫وكمٌات كبٌرة من اِلرز والسكر واللحم ‪ .‬والواقع أن العراق كان قد قام بتخزٌن حاجٌاته بسبب توقعهم حدوث اِلزمة ‪.‬‬
‫وفجؤة اختفى صدام حسٌن بصورة ؼرٌبة من البالد التً أعاد تشكٌلها ‪ .‬كانت صورته فً كل مكان ‪ :‬فً الشوارع وعلى جوانب التماثٌل والبناٌات‬
‫العامة ‪ .‬وكان قد أوجد حقابق جدٌدة ‪ ،‬وأعاد صٌاؼة ؼٌرها على طرٌقته ‪ .‬وأقام فً بؽداد صرحا شبٌها بقوس النصر البارٌسً أسماه " سواعد‬
‫النصر " وطوله نحو ثالثٌن قدما وعلى شكل سٌفٌن متقاطعٌن ٌحملهما ذراعان ضخمان من البرونز ‪ .‬وكان تصمٌمه ٌمثل الشعار الذي اتخذه صدام‬
‫والذي ٌرمز إلى انتصار العراق على إٌران ـ وهو االنتصار الذي لم ٌحدث ‪ .‬لكن الشعب العراقً لم ٌحت على ذلك بسبب ٌقظة البولٌس السري ‪.‬‬
‫وكما قال أحد الدبلوماسٌٌن فانه لم تكن تصل إلى البالد " سو لقطات من حقابق العالم الخارجً " ‪ .‬إذ كان صدام قد كون البالد على صورته هو ‪.‬‬
‫فصارت مثله تجهل ما ٌجري فً الخارج وتنعم بعزلتها ‪.‬‬
‫ومرت أٌام فً الشطر اِلول من أؼسطس لم ٌشاهد أحد خاللها الربٌس العراقً ‪ .‬وكانت الدفاعات ضد الطٌران قد عززت حول القصر الرباسً ‪.‬‬
‫لكنه لم ٌكن ٌتواجد هناك إال نادرا ‪ .‬ولما كان ٌخشى القصؾ ومحاوالت االؼتٌال فقد صار ٌمٌل إلى تؽٌٌر مكان إقامته كل ست ساعات وٌقضً‬
‫أكثر وقته فً حصنه ‪ .‬وكان منذ زمن طوٌل قد اعتاد أن ٌتصرؾ بال ؼاٌة سو البقاء على قٌد الحٌاة ‪ .‬أما اآلن فقد كان كما ٌعرؾ تماما ٌقوم‬
‫بؤخطر لعبة خالل حكمه ‪.‬‬
‫كان قد أحرق كل الجسور ‪ .‬وفً هذه الفترة التً تعرض فٌها لإلدانة دولٌا فان الزوار اِلجانب صاروا ٌتحاشون الذهاب إلى بؽداد ‪ .‬ولم ٌشذ عن‬
‫ذلك سو ٌاسر عرفات وأبو إٌاد اللذٌن كان ٌسعٌان إلى التسوٌة ‪.‬‬
‫***‬
‫خرج صدام من مخببه لمقابلتهما ‪ .‬ولم ٌبد علٌه شًء من القلق أو الدهشة بسبب الحملة الشعواء التً ُ‬
‫شنت علٌه ‪ .‬وكانت اِلمور قد ازدادت تعقٌدا‬
‫بعد االجتماع اِلخٌر بٌن صدام وعرفات ‪ .‬وكان قد جر إعالن ضم الكوٌت وأخذت القوات اِلمٌركٌة تصل إلى السعودٌة ‪ .‬وقدر الجتماعهم هذا‬
‫أن ٌدوم ثالث ساعات ‪.‬‬

‫‪561‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫حاول عرفات وأبو إٌاد إقناعه بحضور قمة القاهرة فً الٌوم التالً ‪ .‬فرفض ذلك إذ كان أمٌر الكوٌت ٌعتزم حضورها ‪ .‬وبالرؼم من جمٌع‬
‫محاوالتهما فانه لم ٌؽٌر موقفه ‪ .‬وقال لهما بؽضب ‪ " :‬لقد زالت االمارة وممثلوها من الوجود " ‪ .‬وكانت تلك اللحظة الوحٌدة التً خرج فٌها عن‬
‫طوره‪.‬‬
‫فاقترح الزعٌمان الفلسطٌنٌان خطة أخر تقضً بؤن ٌسافر عرفات إلى القاهرة وٌقنع زعماء اِلقطار الربٌسٌة الخمسة بزٌارة بؽداد إلجراء‬
‫مفاوضات ‪ ،‬على أن تتوقؾ القمة إلى أن ٌعودوا ‪ .‬لكنهما كانا ٌدركان أن اقتراحهما فٌه مجازفة كبٌرة ومعقد إلى حد ٌتعذر معه نجاحه إال إذا‬
‫استطاعا اقناع رإساء تلك االقطار الخمسة حال وصولهم إلى القاهرة ‪ .‬ووافق صدام على االقتراح ‪.‬‬
‫وعندما انتهى الجانب الدبلوماسً الصرؾ من االجتماع استبقاهما صدام لٌتحدث إلٌهما ‪ .‬وتكلم بهدوء وحزم عن الحرٌق الضخم الذي كان‬
‫باستطاعته إشعاله فً المنطقة ‪ .‬ولم ٌعمد إلى التبجح ‪ ،‬بل كان واضحا ودقٌقا وكؤنه خبٌر فً القنابل ٌعد قنبلة للتفجٌر وٌختار وقت تفجٌرها ‪.‬‬
‫ثم تحدث صدام عن احتمال نشوب الحرب بٌنه وبٌن الوالٌات المتحدة فقال ‪ " :‬من الواضح أنه حالما أهاجم سوؾ أهاجم اسرابٌل ‪ .‬فتدخل إسرابٌل‬
‫فً النزاع سوؾ ٌؽٌر موقؾ كل شخص فً العالم العربً ‪ ،‬وسوؾ ٌعتبر العدوان على العراق مإامرة أمٌركٌة صهٌونٌة ‪ .‬وسوؾ ٌقوم عدد من‬
‫الدول التً تدعم الوالٌات المتحدة اآلن وخصوصا مصر وسورٌا بتؽٌٌر موقفها عندما تر أن إسرابٌل تشارك فً الحرب ‪".‬‬
‫ثم أوضح صدام ذلك فٌما بعد بقوله ‪ " :‬إننً أقوم بتعزٌز البنٌة العسكرٌة التحتٌة فً الكوٌت ‪ .‬سٌكون هناك أربعة خطوط دفاعٌة إثنان منهما للدفاع‬
‫عن مدٌنة الكوٌت ‪ .‬وسوؾ تضطر القوات اِلجنبٌة إلى اختراقها إذا أرادت استعادة المدٌنة ‪ .‬وحتى لو تحقق للوالٌات المتحدة التفوق فً الجو فان‬
‫قواتً ستلحق خسابر جسٌمة بالقوات المهاجمة " ‪.‬‬
‫وكان الجانب الثالث من خطته ٌتعلق بالسعودٌة " حٌث تشكل فرٌق من العراقٌٌن والسعودٌٌن مستعد لشن هجمات إرهابٌة على القوات اِلمٌركٌة‬
‫المتمركزة على اِلراضً السعودٌة " ‪.‬‬
‫وختم صدام حدٌثه بقوله ‪ " :‬إذا نشبت الحرب فسوؾ ٌقع القتال فً السعودٌة ‪ .‬وفً السنوات الخمس الماضٌة تم تهرٌب عشرات اِلسلحة التشٌكٌة‬
‫والبولندٌة عبر الحدود من الٌمن ‪ .‬وهً اآلن بؤٌدي القبابل المعادٌة لألسرة السعودٌة الحاكمة " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً أنقرة على بعد بضع مبات من اِلمٌال وجد الربٌس التركً أوزال نفسه فً وضع صعب ‪ .‬وكان إلى جانبه جٌمس بٌكر وزٌر الخارجٌة‬
‫اِلمٌركٌة ‪ .‬فشكره بٌكر على إؼالقه خط اِلنابٌب الذي كان ٌنقل النفط العراقً وأضاؾ ‪ " :‬على أن هذا لٌس الؽرض الربٌسً الجتماعنا …" وأخذ‬
‫أورزال ٌشعر بالقلق وهو ٌصؽً إلٌه باهتمام ‪ .‬فقال بٌكر ‪ " :‬المهم هو التفكٌر فً كٌفٌة استخدام قواعدكم العسكرٌة وبؤٌة شروط " ‪.‬‬
‫‪. 1923‬‬ ‫وجاء جواب أوزال مشحونا بالعبارات العامة الؽامضة ‪ .‬قال ‪ " :‬لقد كانت لتركٌا عالقات وثٌقة بالؽرب منذ أن أعلنت الجمهورٌة عام‬
‫ولكن كانت لنا أٌضا عالقة تارٌخٌة تقلٌدٌة مع العالم العربً واإلسالمً " ‪ .‬فقال بٌكر ‪ :‬هذا صحٌح ‪ .‬إن اِلزمة الحالٌة تبرز اِلهمٌة االستراتجٌة‬
‫لبالدكم ودورها فً حلؾ شمالً اِلطلسً ‪ .‬ولهذا نرٌد أن نعرؾ إذا كنا نستطٌع استخدام قواعدكم ‪ " .‬فسؤله أوزال ‪ " :‬بؤي إطار ٌا حضرة الوزٌر‬
‫؟ " أجاب بٌكر ‪ " :‬لعل أعنفها طبعا هو القٌام بهجوم على العراق "‪.‬‬
‫وعلت شفتً أوزال ابتسامة ٌشوبها االحراج وقال ‪ " :‬تلك نقطة حساسة ‪ .‬ان باستطاعة قواتكم استخدام قواعدنا فً اطار مناورات حلؾ شمال‬
‫االطلسً لكن االحتمال الذي تتحدث عنه …" وهنا قاطعه بٌكر وقال ‪ " :‬ال بد من عرض أي خطوة أوال على حكومتكم لنٌل موافقتها ‪ " .‬فقال‬
‫أوزال ‪ " :‬أعتقد أنه باستطاعتنا االتفاق علً ما ٌلً وهو أننا سنلبً طلبكم إذا أصبح العمل العسكري …" فقاطعه بٌكر وقال ‪" :‬ضرورٌا " وعندبذ‬
‫هز أوزال رأسه وقال ‪ " :‬ال ‪ ،‬اننً أفضل كلمة " ال ٌمكن تجنبه ‪".‬‬
‫فوافق بٌكر على ذلك ‪ .‬ثم تطرق الحدٌث إلى احتمال مشاركة تركٌا فً القوة المتعددة الجنسٌات التً كانت قد أخذت مواقعها للدفاع عن السعودٌة ‪.‬‬
‫ولم ٌبد الحماس على وجه أوزال الذي كان قد انضم إلٌه وزٌر خارجٌته ‪ .‬فقال ‪ " :‬إنه احتمال ٌنبؽً دراسته ‪ " .‬فقال بٌكر ‪:‬‬
‫" على أي حال تلك مسؤلة ٌنبؽً تسوٌتها بٌن تركٌا والمملكة العربٌة السعودٌة ‪ ،‬ال بٌن تركٌا والوالٌات المتحدة "‪.‬‬
‫" على أي حال تلك مسالة ٌنبؽً تسوٌتها بٌن تركٌا والمملكة العربٌة السعودٌة ‪ ،‬ال بٌن تركٌا والوالٌات المتحدة " ‪.‬‬
‫وبعد ذلك بوقت قصٌر طرح الزعٌمان التركٌان مسالة تضحٌاتهم المالٌة التً تنطوي علٌها العقوبات ضد العراق ‪ .‬وعندما سؤلهما بٌكر عن حجمها‬
‫قاال بؤنها ستبلػ ‪ 6‬بالٌٌن دوالر ‪ .‬وفوعد الوزٌر اِلمٌركً بتقدٌم مساعدات أمٌركٌة وقال‪ " :‬إن الحكومة الكوٌتٌة فً المنفى تعرض المساعدة‬
‫للتخفٌؾ من الخسابر التً ستلحق بتركٌا ‪".‬‬
‫***‬

‫‪562‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً عمان كان الملك حسٌن ٌتؤهب للسفر إلى القاهرة لحضور مإتمر القمة الذي كان سٌنعقد فً الٌوم التالً ‪.‬واختار للرحلة طابرة ملكٌة أردنٌة من‬
‫طراز " إرباص " اسمها " بؽداد " ورفض اقتراح مساعدٌه طمس االسم ‪ .‬وكان ٌؤمل أن ٌقترح على المإتمر إنشاء لجنة تحكٌم تضم رإساء الدول‬
‫العربٌة وأن ٌطلب من الدول الخلٌجٌة ان تدعم عرٌضة تطالب بالتخفٌؾ من التواجد العسكري اِلمٌركً فً المنطقة ‪.‬‬
‫***‬
‫كانت القمة فً نظر الوالٌات المتحدة االمٌركٌة حدثا بالػ االهمٌة ‪ .‬إذ كانت االدارة االمٌركٌة تامل فً أن تصوت ؼالبٌة الدول االعضاء فً هٌبة‬
‫االمم المتحدة إلى جانب ارسال افواج من القوة المتعددة الجنسٌات ‪.‬‬
‫وفً السابع من أؼسطس توقؾ تشٌنً وهو فً طرٌق عودته من السعودٌة فً القاهرة حٌث طلب من الربٌس حسنً مبارك ان ٌرسل قوات مصرٌة‬
‫إلى السعودٌة ‪ .‬ونفى مبارك فٌما بعد حقٌقة ما حدث ‪ ،‬وهو انه وافق " على شرط ان توافق الدول العربٌة االخر " ولم تكد طابرة البوٌنػ التً تقل‬
‫تشٌنً تقلع من مطار القاهرة وتحلق فوق المتوسط حتى وصلته رسالة من بوش تقول ‪ " :‬دك ‪ ،‬أود ان تذهب إلى المؽرب لمقابلة الملك الحسن " ‪.‬‬
‫وكان طلب بوش هذا ؼٌر متوقع إلى حد أنه تعٌن ارسال خرٌطة السفر إلى الرباط فورا بالفاكس لمالحً الطابرة ‪ .‬ولم تتمخض مقابلة الملك الحسن‬
‫عن شًء مجد ‪ .‬إذ رفض الملك ارسال قوات مؽربٌة ‪ .‬وعندما علم مبارك بذلك تراجع هو بدوره عن موافقته ‪.‬‬
‫وأظهرت االنظمة العربٌة إذ ذاك انها ضعٌفة ال تصمد للهزات ‪ ،‬وانها اكثر مٌال إلى التسوٌة منها إلى اتخاذ مواقؾ ثابتة ‪ ,‬وتمٌزت القمم العربٌة فً‬
‫الماضً بالنفور من اتخاذ اٌة قرارات بشؤن المسابل المطروحة للبحث ‪ .‬وفً هذه المرة وقفت وظهورها إلى الحابط عاجزة عن إخفاء مراوؼتها ‪.‬‬
‫***‬
‫واستمرت المواجهة فً الٌوم التالً ‪ .‬وبٌنما كان مبارك واِلسد الحلٌفان خالل المإتمر ٌتؤهبان للسفر إلى االسكندرٌة دعٌا القذافً لمرافقتهما ‪ .‬وما‬
‫ان ابتعدوا عن اآلخرٌن حتى اشار مبارك بؤصبعه نحو القذافً مهددا وقال واِلسد ٌنظر بال مباالة ‪ " :‬كٌؾ توافق على احتالل الكوٌت ؟ كن حذرا ‪.‬‬
‫إذا واصلت السٌر فً ذلك االتجاه فسوؾ احتل بالدك ؼدا ولن ٌحرك احد ساكنا " ‪.‬‬
‫***‬
‫كان للقرار العربً بتشكٌل قوات طوارئ دولٌة موازٌة للقوات االمٌركٌة هدفان متناقضان وهما اضاء االمٌركٌٌن كما اراد البعض ومنع التدخل‬
‫الؽربً فً المنطقة ‪ .‬وكان مبارك قد اشار ضمنا خالل القمة إلى عدم الثقة النفوذ االجنبً عندما قال ‪ " :‬خٌارنا واضح ‪ :‬عمل عربً للحفاظ على‬
‫مصالحنا أو تدخل أجنبً ال سلطان وال سٌطرة لنا علٌه ‪" .‬‬
‫وكان الزعماء العرب الذٌن اقترعوا لصالح ارسال القوات ٌخشون رد فعل الرأي العام فً بالدهم ‪ .‬إذ كانوا ٌدركون انه من واجب الدول اإلسالمٌة‬
‫معاقبة من ٌسمح للكفار بالقتال على ارضه النه ٌعتبر مرتداً ‪.‬‬
‫الواقع ان الجمٌع كانوا ٌعرفون الحقٌقة وهً أن المواجهة الوشٌكة هً فً االساس مبارزة بٌن العراق والوالٌات المتحدة ‪ ،‬وان الدول العربٌة تلعب‬
‫دوراً ثانوٌا ‪.‬‬
‫وكان صدام حسٌن ٌعرؾ ذلك تماما ‪ .‬فبٌنما كانت تجري االحداث العاصفة فً القاهرة أذاع صدام خطابا بالتلفزٌون قرأه شخص ٌشبهه ودعا فٌه‬
‫إلى " الجهاد ضد الوالٌات المتحدة والزعماء العرب الفاسدٌن " وقال بؤن وصول القوات اِلمٌركٌة ٌدنس مكة {المكرمة} مسقط رأس الرسول ‪.‬‬
‫***‬
‫فً واشنطن فسرت وكالة المخابرات المركزٌة (السً آي إي) ما أذاعه صدام بؤنه دعوة لإلطاحة بنظام الملك فهد ‪ .‬وتحدث مدٌر الوكالة ولٌم‬
‫وبستر فً هذا الشؤن مع الربٌس بوش الذي كان قد وصل قبٌل ذلك وبعد الظهر إلى مقره فً كٌنبنكبورت بوالٌة ماٌن حٌث كان ٌعتزم قضاء عطلة‬
‫تمتد بضعة اٌام ‪ .‬وكان القلق ٌساور وبستر بشؤن أمر آخر ‪ .‬ففً ذلك الٌوم نفسه تظاهر اآلالؾ فً الشوارع عمان تؤٌٌدا لصدام وذلك بتحرٌض من‬
‫اإلخوان المسلمٌن ‪ .‬وكان قد تطوع أكثر من ‪ 40 . 000‬أردنً للقتال مع القوات العراقٌة‪ .‬وعلى أي حال فمخاطر االنفجار كانت تتزاٌد باستمرار‪.‬‬
‫وكان محللو وكالة السً آي إي منكبٌن بعناٌة على تحلٌل نقاط ضعؾ عدد من االمم المتحالفة ‪ .‬وكان ابرزها نقاط ضعؾ اِلردن بالرؼم من أن‬
‫الملك حسٌن كان ـ كما قال أحد الخبراء ـ " قد ؼٌر جلده ملٌون مرة من أجل البقاء " فلم ٌسبق أن كان عرشه مهددا إلى ذلك الحد ‪ .‬فالحصار‬
‫االقتصادي على العراق الذي تعهد باحترامه سوؾ ٌلحق خسابر كبٌرة بدخل بالده ال قبل له بها ‪ .‬وإذا قرر صدام حسٌن أن ٌهاجم إسرابٌل فان‬
‫اِلردن سٌكون فً الواجهة ‪.‬‬

‫‪563‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ولم تكن مصر فً وضع أفضل ‪ .‬إذ كان مبارك قد صرح بما ٌلً ‪ " :‬عندما كذب صدام حسٌن على شعر ‪ 40‬ملٌون مصري بؤنهم أهنٌوا " ‪ .‬فلم‬
‫ٌكن ٌاستطاعته أن ٌنكر أن ‪ 1 , 5‬ملٌون مصري ٌعملون فً العراق وأن ‪ 150 , 000‬ؼٌرهم ٌعملون فً الكوٌت ‪ .‬فإذا طرد هإالء جمٌعا فان‬
‫الوضع الحرج لالقتصاد المصري سٌزداد سوءاً ‪.‬‬

‫ولم ٌظهر الخبراء حماسة كبٌرة لمشاركة سورٌا التً كان ٌصفها اِلمٌركٌون قبل ذلك بوقت قصٌر بؤنها " دولة إرهابٌة " ‪ .‬وصرح أحدهم " بؤن‬
‫اِلسد سٌحاول أن ٌؤخذ منا ما ٌستطٌع أخذه "‪ .‬وستبرهن مسؤلة لنبان على صدق قوله ‪.‬‬
‫***‬
‫جر حدٌث بوش مع وبستر فً صالون فاقع اِللوان بسٌط اِلثاث فً بٌت بوش بكنبنكبورت ‪ .‬والبٌت مبنً من الخشب وٌقع قرب البحر وملعب‬
‫ؼولؾ ‪ .‬وكان منذ سنوات ركن الراحة واالنزواء المفضل لد بوش وأسرته ‪ ،‬وبناه جد بوش الذي كان العب بولو معروؾ ‪.‬‬
‫تناول وبستر فً حدٌثه المملكة السعودٌة التً لم ٌسبق لها أن كانت فً مثل ذلك الؽنى والتعرض للخطر فً وقت ذاته ‪ .‬كان ارتفاع أسعار النفط‬
‫سٌمكنها من مضاعفة دخلها منه بحٌث ٌصل إلى ‪ 95‬بلٌون دوالر خالل السنة التالٌة ‪ .‬على أن الجانب المقلق هو النقد الذي ٌتعرض له الملك فهد‬
‫داخل نطاق اِلسرة المالكة بسبب الضوء اِلخضر الذي أعطاه لألمٌركٌٌن ‪ .‬إذ كانت خطب بعض اِلبمة فً المساجد ٌوم الجمعة بمكة والمدٌنة قد‬
‫سجلت على أشرطة وصارت توزع ‪ .‬وكانت تشتمل على " نقد شدٌد لألسرة الحاكمة " ‪ .‬ففً حرب الكالم كان العراقٌون ٌركزون على تواجد‬
‫اِلمٌركٌٌن الذي سٌإدي إلى " خفالت الجنس والخمرة " ‪.‬‬
‫وبعد هذا الحدٌث بٌنهما اتصل بوش بالبنتاؼون وتحدث مع تشٌنً وباول ‪ ،‬وقرروا زٌادة عدد " قوات الخاصة " التً سترسل إلى الخلٌ ‪ .‬وكانت‬
‫تتؤلؾ من عدة مبات من وحدات " سٌل ‪ " Seal‬البحرٌة وقوة التدخل " الدلتا ‪ " Delta‬الملحقة بالقوات البرٌة ‪ ،‬ومهمتها حماٌة آبار النفط من‬
‫الهجمات االرهابٌة واالستعداد الدابم للقٌام بعملٌات إلنقاذ الرهابن ‪ ،‬ولو ان كلمة رهابن لم تذكر ‪ .‬وتقرر كذلك أن ٌعهد لعدد من الوحدات بحراسة‬
‫كبار أفراد اِلسرة السعودٌة المالكة ‪.‬‬
‫***‬
‫على اِلرض كان اللفتنانت ـ جنرال تشارلز هورنز ٌقوم بتنسٌق وصول القوات المحمولة جواً ‪ .‬وكان من المنتظر أن تكون مبتا طابرة مقاتلة قد‬
‫أخذت مواقعها فً القواعد السعودٌة باالضافة إلى مبة طابرة مساندة قبل نهاٌة اِلسبوع ‪ .‬كما كانت هناك خمسون طابرة من طراز ب ـ ‪ 52‬تنتظر‬
‫على جزٌرة دٌٌؽو ؼارسٌا لكً " تفرش بساطا من القنابل " ـ كما قال أحد الضباط ـ على اِلهداؾ العسكرٌة العراقٌة ‪ ،‬ووضعت ‪ 14‬طابرة ؾ ـ‬
‫‪ 600‬وذلك لمواجهة ‪ 500‬طابرة عراقٌة منها مبة من‬ ‫‪ 111‬فً القواعد بتركٌا ‪ .‬وكان مجموع الطابرات التً كان البنتاؼون ٌتوقع وصولها‬
‫طابرات المٌ ‪ 23‬والٌمراج ؾ ـ ‪ 1‬س كانت تعتبر مصدر تهدٌد حقٌقً ‪.‬‬
‫وكان الجنرال نورمان شوارزكوؾ ٌشرؾ من مقره بالرٌاض على كل جوانب العملٌة ‪ .‬وكان لقابد القوات اِلمٌركٌة هذا الذي لقب بـ " دب‬
‫الصحراء " بالقٌاس إلى رومل على اتصال مباشر بكولن باول فً واشنطن ‪ .‬وكانا ٌتحدثان مرة كل ٌومٌن ‪ .‬وٌقول شوارزكوؾ ‪ " :‬إن لقواتنا على‬
‫اِلرض قدرات دفاعٌة وهجومٌة " ‪.‬‬
‫كان البنااؼون قد أقام ما ٌمكن اعتباره جسراً جوٌا مع السعودٌة وأخذت تهبط طابرة عمالقة من طراز سً ـ ‪ 141‬فً السعودٌة كل خمس دقابق ‪.‬‬
‫وقدرت المواد التً كان ٌجري ارسالها بؤكثر من ‪ 450 , 000‬طن تشمل إلى جانب اِلعتدة العسكرٌة جباال من الصنادٌق التً تحتوي على سلع‬
‫مختلفة تشمل ‪ 168 , 000‬جهازا واقٌا من اِلسلحة الكٌماوٌة و ‪ 150 , 000‬قارورة من السوابل الواقٌة‪ ،‬حرارة الشمس ‪ .‬ولم ٌكن فً الجٌش من‬
‫ٌعلم أن هذا الجهد الهابل سٌنتهً بوجود ‪ 250 , 000‬جندي فً صحار السعودٌة إال باول وشوارزكوؾ واقرب الزمالء إلٌهما ‪ .‬ولم ٌحدث منذ‬
‫حرب فٌتنام أن نشرت الوالٌات المتحدة مثل هذه القوات أو قدمت مثل هذا العرض للقدرات العسكرٌة‪.‬‬
‫***‬
‫وبٌنما كانت القوات اِلمٌركٌة تؽادر البالد إلى السعودٌة كان بوش ٌقوم كل صباح ٌلعب جولة ؼولؾ فً الملعب المجاور لمقره فً بكنبنكبورت ‪.‬‬
‫وكان ٌوقؾ اللعب من وقت آلخر لٌتحدث بالتلفون مع زمالبه فً واشنطن أو مع زعٌم فً جهة من العالم ‪ .‬وكان احد مساعدٌه ٌقؾ دابما إلى جانبه‬
‫ٌحمل التلفون المتحرك الذي ٌمكنه من االتصال باي بقعة فً العالم ‪ .‬ومنذ اندالع االزمة كان بوش قد أخذ ٌنفض عن نفسه صفة التردد التً وُ صم‬
‫بها ‪ .‬وبدا اآلن كشرٌؾ حازم ٌؤمر االسرابٌلٌٌن بالهدوء والتكتم ‪ ،‬وٌطلب من الٌابانٌٌن أن ٌلتزموا بالقٌام باكثر من االسهام المالً ‪ ،‬وٌوضح‬
‫للصٌنٌٌن والسوفٌٌت أن الفرصة سانحة لكً ٌصبحوا جزءا من المجتمع الدولً ‪ ،‬وٌظفر بتؤٌٌد حلفابه اِلوروبٌٌن وؼالبٌة اِلقطار العربٌة ‪.‬‬

‫‪564‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫كانت شخصٌة بوش أكثر تعقٌدا مما بدت علٌه فً بداٌة اِلمر فباالضافة إلى أنه من اِلسر العرٌقة على الساحل الشرقً ومن محبً الموسٌقى‬
‫الكالسٌكٌة‪ ،‬ومن المهذبٌن فً تصرفاتهم ‪ ،‬كان عصامٌا وجمع ثروته من العمل بنفط تكساس ‪ .‬لقد كان من " وحوش المال " ال ٌرحم فً التعامل‬
‫ومن المتٌمٌن بالموسٌقى الفولكلورٌة ‪.‬‬
‫وٌجد المرء فً " دبلوماسٌته التلفونٌة " ومحادثاته التً ال تنتهً مع زعماء العالم أمثلة أخر على هذه الثنابٌة {فً شخصٌته} ‪ .‬إذ كان من ناحٌة‬
‫ٌنتقد الملك حسٌن بشدة بسبب موقفه الؽامض وتؤٌٌده المقنع لبؽداد ‪ .‬وقام الملك المعجب بصراحة بوش بتذكٌره بؤنه كان دابما حلٌفا مخلصا للوالٌات‬
‫المتحدة ‪ .‬وعرض علٌه القدوم إلى الوالٌات المتحدة لالجتماع به فً ؼضون أٌام بعد ان ٌكون قد ذهب إلى بؽداد لالجتماع بصدام ‪.‬‬
‫وكان الملك ٌؤمل ان ٌقدم صدام بعض التنازالت ‪ .‬فكان جواب بوش القاطع " انً أشك فً ذلك"‪.‬‬
‫ومن ناحٌة أخر نجد أن بوش ظل ساهرا حتى الثانٌة والنصؾ بعد منتصؾ اللٌل لٌتحدث إلى مٌتران الذي كان ببارٌس ‪ .‬فقد خشً بوش ان‬
‫ٌوقظه الن الساعة ببارٌس كانت عندبذ تشٌر إلى الثامنة والنصؾ صباحا ‪.‬‬
‫***‬
‫خالل لعبة االنتظار التً كانت تجري فً الصحراء اجرٌت دراسة مفصلة لجوانب القوة والضعؾ فً الجٌش العراقً ‪ .‬وكان فً نظر الخبراء‬
‫اِلمٌركٌٌن كجٌش حلؾ وارسو تقرٌبا ‪ ،‬الن ؼالبٌة اعتدته كات سوفٌٌتٌة ‪ ،‬والنه درب على ؼرار الجٌش االحمر ‪ .‬وكان ٌشن هجماته بدبابات‬
‫سوفٌٌتٌة من طراز ت ـ ‪ 72‬و ت ‪ ، 62‬وٌمهد لها بنٌران المدافع من عٌار ‪ 122‬ملم و ‪ 152‬ملم ‪ .‬أما دفاعه الجوي فكانت تقوم به بطارٌات‬
‫محمولة لصوارٌخ سام وأجهزة رادار مضادة للطٌران من طراز ‪ . ZSU 23‬ولم ٌكن هناك وجود ٌذكر لألسطول ‪ .‬وكان عدد من الدبابات‬
‫العراقٌة من طراز قدٌم ‪ .‬ولم تكن قوته الجوٌة مجهزة فً الؽالب بالتقنٌة التً تمكنها من القتال بفعالٌة ‪.‬‬
‫ؼٌر أن الحرب البرٌة التً تستهدؾ فً االساس استرجاع الكوٌت كانت تنطوي على المجازفة بؤرواح الكثٌرٌن ‪ .‬وقام البنتاؼون ورإساء اِلركان‬
‫بناء على طلب بوش بوضع تقدٌر للخسابر المحتملة ‪ .‬وذهبت هذه التقدٌرات التً لم تكن قد قدمت بعد إلٌه إلى ان عدد القتلى سٌتراوح بٌن عشرٌن‬
‫وثالثٌن ألؾ قتٌل ‪ ،‬والى ان عشرة آالؾ منهم سوؾ ٌسقطون فً اِلٌام اِلولى للقتال ـ وهو ثمن بشري وسٌاسً ضخم ‪.‬‬
‫وكانت االدارة االمٌركٌة تامل أن ٌحمل حجم القوات وفعالٌة الحصار صدام حسٌن على تؽٌٌر لهجته ‪ .‬ذلك أن العراق لم ٌعد قادرا على تصدٌر‬
‫نفطه الذي ٌشكل المصدر الوحٌد لدخله وعلى استٌراد شًء بما فً ذلك الخبر ‪.‬‬
‫ولتقدٌر أثر العقوبات قامت وكالت المخابرات المركزٌة ووكاالت المخابرات االخر بتنسٌق عملٌات جمع المعلومات ‪ .‬وكان العنصر اِلول هو‬
‫الصور الفوتوؼرافٌة التً تلتقطها اِلقمار الصناعٌة والتً تظهر بدقة جمٌع الحركات المدنٌة والعسكرٌة وتطورات الوضع فً المٌدان‪ .‬وكانت‬
‫مسإولٌة هذا تقع على عاتق وكالة اِلمن القومٌة ‪ .‬كانت لهذه الوكالة أٌضا محطات تنصت سرٌة جدا فً تركٌا تستطٌع أن تلتقط ؼالبٌة المكالمات‬
‫التلفونٌة التً تجري فً العراق وأن تنقل تفاصٌلها على الفور إلى الوالٌات المتحدة حٌث ٌقوم المترجمون واللؽوٌون بتقٌٌمها استنادا إلى الكلمات‬
‫المستخدمة ‪ ،‬ونبرة الصوت ‪ ،‬ومعنوٌات السكان ‪ ،‬والتذمر المحتمل ‪ ،‬وأولى عالبم الضابقة االقتصادٌة ‪ .‬وتم وضع برنام كمبٌوتر فً مقر وكالة‬
‫المخابرات المركزٌة بالنجلً لتؽذٌته بجمٌع المعطٌات المتوافرة حتى أشٌاء مثل زٌادة أجور التاكسً التً قد تكشؾ عن ارتفاع فً تكالٌؾ العٌش‬
‫وأسعار الوقود وربما صعوبة الحصول على قطع ؼٌار ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً الوقت ذات بدأ تنفٌذ عملٌات " حرب العصابات النفسانٌة " التً جر تنسٌقها فً إطار لجنة من وكالء الدوابر الربٌسٌة مثل روبرت ؼٌتس‬
‫نابب مدٌر مجلس اِلمن القومً ‪ ،‬الذي سبق له ان كان الرجل الثانً فً الوكالة المخابرات المركزٌة ‪ .‬وكان أحد اِلهداؾ التصدي للدعاٌة العراقٌة‬
‫‪ .‬وقال أحد المشاركٌن فً هذا النشاط ‪ " :‬كلنا نذكر فٌتنام حٌث خسرنا الحرب سٌاسٌا ‪" .‬‬
‫وفً تلك اِلثناء كان صوت أمٌركا ٌذٌع للعراق أربعا وعشرٌن ساعة فً الٌوم بالرؼم من اعتراض عقبة واحدة وهً عدم وجود مذٌعٌن باللهجة‬
‫العراقٌة ‪ .‬وكان اختصاصٌون من الفرٌق الرابع للعملٌات النفسانٌة المتمركز فً " فورت براغ " بكارولٌنا الشمالٌة ٌتؤهبون لمؽادرة البالد إلى‬
‫السعودٌة للقٌام بتخرٌب إعالمً ٌحطم معنوٌات القوات العراقٌة المحتشدة على الجانب اآلخر من الحدود مثل حملها على االعتقاد بؤن آبار الماء فً‬
‫الصحراء مسمومة ‪.‬‬
‫وجرت ممارسة ضؽط نفسانً قوي على العراق للتؤكٌد على تصمٌم اِلمٌركٌٌن ‪ .‬وكانت تعرض صور الجنود وهم ٌتدربون على تفتٌش البٌوت بٌتا‬
‫بٌتا ً وذلك تمهٌدا الستعادتهم مدٌنة الكوٌت ‪.‬‬

‫‪565‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان فرٌق روبرت ؼٌتس قد أعد قابمة سرٌة جدا فٌها " كل ما ٌجب وما ال ٌجب عمله " وموجهة لجمٌع المسإولٌن المدنٌٌن والعسكرٌٌن‬
‫المشاركٌن مباشرة باِلزمة ‪ .‬وكانت تشتمل على منه للسلوك ‪ ،‬فتصؾ مثال البٌانات العامة التً ٌنبؽً إصدارها وتلك التً ٌنبؽً تجنبها ‪.‬‬
‫واقترؾ الجنرال دوؼان ربٌس القوة الجوٌة خطؤ فاحشا ‪ .‬ففً إحد المقابالت صرح للصحفٌٌن بؤن هناك خطة لقصؾ بؽداد ‪ ،‬وأن إسرابٌل سوؾ‬
‫تساعد القوة الجوٌة على اختٌار أهدافها ‪ .‬فطرده بوش على الفور ‪ ،‬وذلك ِلن تصرٌحه سبب الكثٌر من اإلحراج ‪ .‬إذ كان قد تجاهل أحد بنود " ما‬
‫ٌجب وما ال ٌجب عمله " الذي ٌقضً بعدم ذكر أي شكل من أشكال التعاون مع إسرابٌل‪.‬‬
‫***‬
‫فً القدس ساور القلق االسرابٌلٌٌن ‪ .‬إذ كانوا قد تلقوا معلومات من دوابر االستخبارات مفادها أنه سٌقع هجوم جوي على المفاعل النووي فً دٌمونا‬
‫بصحراء النقب ‪ .‬واخذ التهدٌد على محمل الجد ‪ ،‬ونقلت صوارٌخ هوك من الحدود اِلردنٌة إلى المفاعل النووي لتقوٌة الدفاع القابم ‪ .‬وجر بحث‬
‫احتمال الجالء عن البلدة القرٌبة ‪.‬‬
‫وفً ‪ 12‬أؼسطس اقترح صدام فً خطاب بثه الرادٌو والتلفزٌون تسوٌة شاملة للشرق اِلوسط ‪ ،‬جاء فٌها أنه ال ٌمكن بحث االنسحاب من الكوٌت‬
‫بدون مناقشة الوجود السوري فً لبنان ‪ ،‬والوجود للقوات اإلسرابٌلً فً اِلراضً المحتلة ‪ .‬ودعا فً الواقع إلى " االنسحاب الفوري ؼٌر المشروط‬
‫للقوات اإلسرابٌلٌة " ‪ .‬ورد بوش على ذلك فورا بالدعوة إلى " االنسحاب الفوري ؼٌر المشروط للقوات التً تحتل الكوٌت ‪" .‬‬
‫على أن الرد اِلمٌركً لم ٌطمبن شامٌر ربٌس وزراء اسرابٌل كثٌرا ‪ .‬فقد كان ٌر أن صدام " ٌحاول إضعاؾ التحالؾ ضده " ‪ .‬وفً الصفة‬
‫الؽربٌة وؼزة رحب الفلسطٌنٌون بحماسة بتصرٌح الزعٌم العراقً ‪ .‬وخصصت الوزارة اإلسرابٌلٌة أكثر اجتماعها االسبوعً ٌوم اِلحد لبحث أزمة‬
‫الخلٌ ‪ .‬وتحدث فٌه مطوال كل من موشً أرٌنز وزٌر الدفاع ‪ ،‬ودان شامٌرون ربٌس اِلركان ‪ ،‬وأمون شاهاك ربٌس المخابرات العسكرٌة ‪.‬‬
‫***‬
‫وصل الملك حسٌن إلى بؽداد ٌوم االثنٌن الموافق فً الثالث عشر من أؼسطس ‪ .‬وكان من المقرر ان ٌؽادرها بعد ٌومٌن إلى واشنطن على أمل أن‬
‫ٌجتمع ببوش ومعه رسالة من صدام أو مشروع خطة للسالم ‪ .‬والظاهر أنه كان ال ٌزال ٌعتقد بالحل ولو أن ذلك كان مخالفا لكل منطق ‪ .‬فالوالٌات‬
‫المتحدة وؼالبٌة الدول االعضاء فً الجامعة العربٌة ـ وذلك منذ قمة القاهرة ـ كانت تقؾ ضد الفكرة ‪ .‬وكانت بالده قد أخذت تؽرق فً المصاعب‬
‫االقتصادٌة ‪ ،‬وفقدت الرٌاض وواشنطن ثقتهما به ‪ .‬وأقدمت عدة أقطار عربٌة على طرد اِلردنٌٌن المقٌمٌن فٌها ‪ .‬وعلم الملك أن السعودٌة ـ الشرٌك‬
‫التجاري اِلكبر والثالث لألردن ـ على وشك أن توقؾ شراء البضابع اِلردنٌة ‪.‬‬
‫واعترؾ الملك حسٌن بؤن كل ٌوم ٌمر ٌقرب بالده من الحرب ‪ ،‬وأن الذٌن ٌدعون ان الحل العربً سقط نهابٌا ٌنسون انه ظل ممكنا خالل االسبوع‬
‫اِلول من اِلزمة والى أن وقؾ اِلمٌركٌون فً وجهه ‪.‬‬
‫وكان الملك ٌدرك أٌضا أن علٌه مواجهة عداء الشٌوخ والنواب فً الكونجرس اِلمٌركً ؛ فؤعد رسالة ٌشرح فٌها موقفه ‪ ،‬وبعث بنسخة منها لكل‬
‫منهم ‪.‬‬
‫وعندما خرج من اجتماعه بصدام حسٌن كان متجهما ولم ٌفه بكلمة واحدة ‪ .‬وكشؾ اِلمٌر حسن أخوه عن أن االجتماع كان فاشال ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً الرابع عشر من أؼسطس قطع جورج بوش عطلته لوقت قصٌر عاد فٌه إلى واشنطن ‪ .‬وكان قد تم انتشار ستٌن ألؾ جندي وبحار وطٌار فً‬
‫السعودٌة باالضافة إلى خمسٌن ألؾ آخرٌن كان من المتوقع وصولهم إلٌها فً اِلٌام القلٌلة القادمة ‪ .‬وقدر البنتاؼون تكالٌؾ عملٌة درع الصحراء‬
‫بعشرة مالٌٌن دوالر فً الٌوم ‪.‬‬
‫‪ 120 , 000‬من جنود االحتٌاط لمدة‬ ‫وفً صباح الخامس عشر من أؼسطس التقى بوش بزعماء الكونجرس ‪ .‬وكان القانون ٌخوله سلطة دعوة‬
‫‪ٌ 180‬وما ‪ .‬دون حاجة إلى موافقة الكونجرس ‪ .‬لقد كان ٌحاول الحفاظ على اجماع فً الداخل شبٌه باالجتماع الذي حققه على الصعٌد الدولً ‪ .‬لكن‬
‫كما قال بعض مستشارٌه " كان الحصول على موافقة اِلمم المتحدة أسهل من الحصول على موافقة الكونجرس " ‪ .‬وقال أحدهم ‪ " :‬لقد وعدناهم‬
‫فعال باستشارتهم فً حال اللجوء إلى الحرب ‪ .‬وبمعنى آخر أننا كنا سنتصل بهم بالتلفون بعد إسقاط الدفعة اِلولى من القنابل " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً ذلك الٌوم جر االعالن عن مبادرة صدام حسٌن ‪ .‬ففً كتاب منه إلى الربٌس رفسنجانً عرض السالم على البالد التً كانت حتى ذلك الوقت‬
‫عدوه اللدود ‪ .‬وصرح أنه سٌتخلى عن مطالبه فً منطقة الحدود وأعلن انه ابتداء من ‪ 17‬أؼسطس سٌجري سحب القوات العراقٌة المرابطة هناك‬
‫وارسالها إلى الكوٌت وحدود السعودٌة ‪ .‬وأخٌرا وافق صدام على إطالق سراح ‪ 19000‬أسٌر إٌرانً ‪.‬‬

‫‪566‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وهكذا فان الزعٌم العراقً محا بسطور قلٌلة ذكر مبات اآلالؾ من القتلى العراقٌٌن وذكر أشد صراع دموي منذ الحرب العالمة الثانٌة ‪ .‬فبرهن‬
‫بذلك على مهارته كرجل مناور ‪.‬‬
‫وكان من السهل تفسٌر االنسحاب العراقً من شط العرب ‪ .‬فبفضل ضم الكوٌت صار للعراق منفذ واسع على الخلٌ ‪.‬‬
‫والواقع أن كلمة " ضم " لٌست االنسب ‪ .‬فما حدث هو دم للكوٌت فً العراق الكبٌر‪ .‬وقد تساءلت أجهزة االستخبارات الؽربٌة كثٌرا عن الهوٌة‬
‫الصحٌحة للكولونٌل علً الذي قٌل بانه زعٌم جماعة من " الثوار الشبان " الذٌن استولوا مإقتا على السلطة فً مدٌنة الكوٌت ‪ .‬فتبٌن أنه ال وجود‬
‫للكولونٌل علً فً الجٌش الكوٌتً ‪ .‬وكشؾ المزٌد من التحري أنه ابن عم صدام حسٌن وسمه علً حسن الماجد ‪.‬‬
‫وباالضافة إلى االربعمابة وثالثٌن ألؾ جندي الذٌن انتشروا فً المنطقة ومعهم ‪ 7500‬عربة مصفحة تم ارسال سبعة آالؾ بولٌس سري إلى مدٌنة‬
‫الكوٌت ‪ .‬وكان هدفهم سحق حركات المقاومة الناشبة ‪ .‬وقسمت العاصمة إلى مناطق تخللتها نقاط تفتٌش كثٌرة ‪ .‬وجر تفتٌش البٌوت وكان نصٌب‬
‫كل من وجدت معه منشورات أو صحؾ صادرة عن المقاومة اإلعدام الفوري ‪ .‬وجر التدقٌق فً سجالت البنوك لمعرفة المسإولٌن والموظفٌن‬
‫الذٌن كانوا ٌتلقون شٌكات من دوابر حكومٌة ‪ .‬وحولت المدارس ومراكز البولٌس إلى مراكز لالستجواب والتحقٌق ‪.‬‬
‫وأعٌد رسم الخرابط العراقٌة التً أصبحت الكوٌت تشكل فٌها المحافظة التاسعة عشرة ‪ .‬وأطلق على مدٌنة الكوٌت اسم كاظمة ‪ .‬ووضعت على‬
‫السٌارات لوحات عراقٌة ‪ .‬وعلقت صور صدام ونصبت تماثٌله فً الشوارع والمٌادٌن ‪ .‬وعلٌه وكما قال زمٌل للزعٌم العراقً ‪ " :‬ضاعت الكوٌت‬
‫فً خضم التارٌخ واختفت من الجؽرافٌا " ‪.‬‬
‫وكان العراقٌون قد استولوا على ثروات الكوٌت ‪ .‬وبٌنما ظفرت قوات االحتالل بشًء منها فان الزعماء نهبوا على نطاق واسع ‪ .‬فخسر تاجر‬
‫سٌارات واحد ‪ 14 , 000‬سٌارة شٌفرولٌه وأولدزموبٌل جدٌدة فً ؼضون بضع ساعات ‪ ،‬وأرسلت جمٌعا إلى بؽداد وصار زمالء عدد من‬
‫الوزراء ٌترددون على اإلمارة السابقة ال لؽرض سو تكدٌس السلع الكمالٌة ‪.‬‬
‫ؼٌر أن الزعٌم العراقً لم ٌستطع وضع ٌده على ودابع الكوٌتٌٌن الهابلة ِلنها جمدت فً الساعات اِلولى التً أعقبت الؽزو ‪ .‬لكن استطاعت قوافل‬
‫عراقٌة خاصة نقل ما ٌوازي ثالثة بالدٌٌن دوالر من العمالت اِلجنبٌة وبلٌون دوالر من الذهب الذي سرق من البنك المركزي والعدٌد من‬
‫المإسسات المالٌة فً البالد ‪.‬‬
‫وفً ‪ 16‬أؼسطس هدد صدام حسٌن باحتجاز اِلمٌركٌٌٌن والبرٌطانٌٌن المقٌمٌن فً الكوٌت ‪ ،‬وأمرهم بالتجمع فً أحد الفنادق ‪ .‬هدد أٌضا باعادة‬
‫اِلمٌركٌٌن " فً النعوش " ‪.‬‬
‫***‬
‫فً ذلك الصباح وصل الملك حسٌن إلى كٌنبنكبورت لالجتماع ببوش ‪ .‬وبدا أن صداقته مع الربٌس اِلمٌركً آخذة فً التدهور وذلك الن صورته‬
‫كحلٌؾ لصدام حسٌن كانت آخذة فً االنتشار ‪ .‬وأشارت الصحافة إلى أنه ٌحمل معه رسالة من الربٌس العراقً ‪ .‬لكن هذا لم ٌكن صحٌحا ‪ .‬فؤحد‬
‫االشٌاء التً كان ٌرٌد أن ٌقوم بها هو إطالع بوش على المحاوالت الضخمة التً قام بها خالل االٌام القلٌلة االولى لحل االزمة ‪.‬و أوضح للربٌس‬
‫أن الزعٌم العراقً كان على استعداد لالنسحاب من الكوٌت ولكنه أصبح بعد ذلك أكثر تصلبا بسبب انتشار القوات االمٌركٌة وؼٌرها على االراضً‬
‫السعودٌة ‪ .‬فقال بوش ‪ " :‬نحن هناك لحماٌة السعودٌة من العدوان ال أكثر ‪ .‬وسننسحب عندما ٌطلبون ذلك " ‪ .‬وبالرؼم من أنهما لم ٌتوصال إلى‬
‫اتفاق فان الملك ترك االجتماع متفابال بعض الشًء ِلن بوش كان فً موقؾ دفاعً فقط وِلن الحل الدبلوماسً كان ال ٌزال ممكنا ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً الٌوم التالً أعلنت الحكومة العراقٌة أن الؽربٌٌن الذٌن تسٌطر علٌهم سوؾ ٌنقلون إلى مواقع استراتٌجٌة مدنٌة وعسكرٌة وأنهم سٌبقون هناك‬
‫ما دام التهدٌد قابما ‪ .‬فطلب مجلس اِلمن من السكرتٌر العام بٌرٌز دي كوٌار أن ٌعمل على إطالق سراح جمٌع اِلجانب‪ .‬وفً تلك االثناء كانت‬
‫ثالثون فرقة عراقٌة تؽادر الحدود اإلٌرانٌة لتنضم إلى القوات العراقٌة فً الكوٌت البالػ عددها ‪ 150 , 000‬جندي ‪.‬‬
‫وفً ‪ 17‬أؼسطس ؼادر جٌمس بٌكر واشنطن لقضاء عطلة لمدة بضعة أٌام فً مزرعته بوٌومٌنػ ‪ .‬وكان ال ٌزال على اتصال بادوارد شٌفارنادزه‬
‫بموسكو ‪ .‬وبناء على اقتراح من بوش طلب بٌكر من شٌفارنادزه تؤٌٌد قرار ٌصدر عن هٌبة االمم المتحدة ٌجٌز استخدام القوة لفرض الحصار ‪.‬‬
‫وبذلك بدأت لعبة الخداع ‪ .‬فبٌنما كان السوفٌٌت ٌجرجرون أقدامهم النهم ال ٌزالون ٌعتقدون بامكان التوصل إلى حل بالتفاوض ‪ ،‬كان االمٌركٌون فً‬
‫سباق مع الوقت‪.‬‬

‫‪567‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفً ‪ 20‬أؼسطس وصل سعدون حمادي نابب ربٌس الوزراء إلى موسكو واستقبله المسإولون السوفٌٌت الذي طالبوه بانسحاب ؼٌر مشروط من‬
‫الكوٌت وإخالء سبٌل جمٌع االجانب ‪ .‬فعاد حمادي فً الٌوم التالً إلى بؽداد ‪ .‬واتصل شٌفارنادزه على الفور ببٌكر وقال ‪ " :‬انتظروا ‪ 48‬ساعة قبل‬
‫أن تطرحوا قرارا فً االمم المتحدة للتصوٌت علٌه ‪ .‬فقد ٌنجح نابب ربٌس الوزراء باقناع صدام حسٌن " ‪ .‬فسؤله بٌكر ‪:‬‬
‫" وهل إذا فشل ستقفون إلى جانبنا فً ؼضون ٌومٌن ؟ " فاجابه نظٌره السوفٌٌتً ‪:‬‬
‫" سؤعلمك بذلك بؤقرب وقت ممكن " ‪.‬‬
‫وبعد ظهر الٌوم التالً اتصل شٌفارنادزه ببٌكر وقال بؤنه ٌحتاج إلى المزٌد من الوقت ‪ .‬فلما ساله بٌكر كم من الوقت ٌحتاج قال ‪ " :‬خمسة أٌام ـ إلى‬
‫‪ 27‬أؼسطس ‪ .‬فصمت بٌكر برهة وقال ‪ٌ " :‬بدو هذا طوٌال جدا ‪ .‬علًّ أن ابحث االمر مع الربٌس " ‪.‬‬
‫واتصل بٌكر ببوش ‪ .‬وكان هذا قد عاد من بٌته فً ماٌن وسافر إلى بلطٌمور إللقاء خطاب أمام جمعٌة المحاربٌن القدامى ‪ .‬وفً الخطاب وصؾ‬
‫‪ 1980‬دالالت‬ ‫للمرة االولى االجانب المحتجزٌن فً الكوٌت بؤنهم " رهابن " ‪ .‬وكانت هذه الكلمة قد اكتسبت منذ أزمة الرهابن فً طهران عام‬
‫عاطفٌة وسٌاسٌة كبٌرة فً الوالٌات المتحدة ‪ .‬وبدا بوش متضاٌقا بسبب مماطلة السوفٌٌت وطلب من بٌكر الحصول على مهلة أقصر وعاود بٌكر‬
‫االتصال بموسكو وقال لشٌفارنادزه ‪ " :‬من الصعب علٌنا قبول طلبكم ‪ .‬فنحن نتعرض لضؽط كبٌر وخصوصا من البنتاؼون الذي ٌطلب السماح‬
‫باستخدام القوة لفرض الحصار بدون انتظار دعم االمم المتحدة ‪.‬‬
‫فتنهد شٌفارنادزه وقال ‪ " :‬أعرؾ {ذلك} ‪ .‬فلدٌنا المشكلة ذاتها مع قواتنا المسلحة التً ٌعتقد افرادها اننا نقترؾ خطؤ بدعمكم ‪ .‬وٌقولون ان لكم هذفا‬
‫واحدا وهو التواجد العسكري الدابم فً الشرق االوسط ‪ .‬لكن لنعد إلى مسؤلة االمم المتحدة ‪ ،‬فماذا تقترحون ؟ " أجاب بٌكر ‪ " :‬أن ٌتخذ القرار فً‬
‫‪ 24‬أؼسطس " ‪ .‬فقال شٌفارنادزه ‪ " :‬حسنا " ‪ .‬وهنا قال بٌكر ‪ " :‬ولكننا سنظفر بتؤٌٌدكم ‪ .‬ألٌس كذلك ؟ "‬
‫‪ 23‬أؼسطس ـ حضر القابم باالعمال السوفٌٌتً سٌرجً شنفٌركوؾ إلى وزارة‬ ‫فجاء جواب شٌفارنادزه ؼامضا ‪ .‬ومع هذا ففً الٌوم التالً ـ‬
‫الخارجٌة بوشنطن ‪ .‬وكانت حكومته قد كلفته أن ٌقوم كداللة على حسن النٌة بتسلٌم االمٌركٌٌن النص الكامل لرسالة بعث بها ؼورباتشوؾ إلى‬
‫صدام حسٌن وطلب منه فٌها االنسحاب من الكوٌت وإخالء سبٌل جمٌع االجانب وأضاؾ فٌها قوله ‪ " :‬لقد أجلنا التصوٌت فً مجلس االمن قدر ما‬
‫استطعنا ‪ .‬إننا نطلب منك الرد قبل مساء الجمعة الموافق فً ‪ 24‬أؼسطس على أبعد تقدٌر " ‪.‬‬
‫وحال وصول جواب العراقٌٌن اتصل شٌفارنادزه بنظٌره االمٌركً ‪ .‬فساله بٌكر ‪ " :‬ماذا ٌقولون ؟ " وبدا أن شٌفارنادزه أصٌب بالفزع لد قراءته‬
‫الجواب العراقً وقال ‪ " :‬إنه ال ٌستحق حتى الرد ‪ .‬وعلى أي حال فانه ال ٌرضٌنا على االطالق ‪ٌ .‬مكنكم الذهاب إلى االمم المتحدة وسوؾ‬
‫نإٌدكم"‪.‬‬
‫وبعد بضع دقابق صدرت االوامر لتوماس بٌكرنػ ربٌس الوفد االمٌركً فً االمم المتحدة إلبقاء الجلسة منعقدة حتى ٌجري اتخاذ القرار ‪ .‬وفً‬
‫الساعة الرابعة من صباح السبت الموافق فً ‪ 25‬أؼسطس صدر القرار ‪ 665‬الذي ٌسمح باستخدام القوة فً تنفٌذ الحصار بثالثة عشر صوتا مقابل‬
‫ال شًء ‪ .‬وامتنعت كوبا والٌمن عن التصوٌت ‪.‬‬
‫***‬
‫وفً ‪ 27‬أؼسطس ؼادر جٌسً جاكسون مطار كندي بنٌوٌورك على متن طابرة تابعة للخطوط اِلردنٌة ‪ .‬وكان هذا المرشح السابق للرباسة قد‬
‫ابتدع أسلوبا سٌظل حدٌث الناس طٌلة أشهر ‪ :‬إذ قام برحلة إلى بؽداد ‪ ،‬واجتمع مع صدام ‪ ،‬واستمع إلى مظالمه ‪ ،‬ثم عاد بعدد من الرهابن ‪ .‬وكان‬
‫أول من فعل ذلك المستشار النمساوي كورت فالدهاٌم الذي انتهز الفرصة السارة لرفع الحجر الدولً المفروض علٌه بسبب ماضٌه الذي ٌثٌر الجدل‬
‫‪.‬‬
‫واكتسبت رحلة جاكسون المزٌد من اِلهمٌة ِلنه كان شخصٌة مرموقة فً الوالٌات المتحدة والنه صار ٌنظر إلى االزمة على أنها مبارزة بٌن بوش‬
‫وصدام حسٌن ‪ .‬ثم إن جاكسون طار إلى بؽداد وبرفقته فرٌق تلفزٌونً ؛ وكان هدفه إجراء مقابلة مع صدام حسٌن ‪ .‬على أن المنحى الذي اتخذته‬
‫رحلته كشؾ عن الطرٌقة التً كانت بؽداد ستستؽل فٌها مثل هذه الزٌارة ‪.‬‬
‫‪ 1 ,5‬ملٌون فً العراق و ‪ 150 , 000‬فً الكوٌت ) وٌلٌهم‬ ‫كان فً العراق والكوٌت ثالثة مالٌٌن من اِلجانب أكثرهم من المصرٌٌن (‬
‫الفلسطٌنٌون ( ‪ 300 , 000‬فً العراق و ‪ 170 , 000‬فً الكوٌت ) وٌلً هإالء الهنود والفلٌبٌنٌون ـ لكن عمال العالم الثالث هإالء كانوا فً‬
‫سوق المساومات أقل أهمٌة بكثٌر من اِلمٌركٌٌن ( ‪ 2500‬فً الكوٌت و ‪ 500‬فً العراق ) ومن البرٌطانٌٌن ( ‪ 4000‬فً العراق و ‪ 500‬فً‬
‫الكوٌت ) ومن الجنسٌات اِلوروبٌة اِلخر ‪.‬‬

‫‪568‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وبعد وصول جاكسون ووفده بوقت قصٌر اجتمع طارق عزٌز معهم لمدة ثالثة ساعات ونصؾ شرح لهم خالها بعناٌة موقؾ بالده والخلفٌة‬
‫التارٌخٌة لألزمة ‪ .‬وذهب حتى إلى حد القول ‪ " :‬لقد أظهر الربٌس صدام حسٌن عدة مرات خالل المفاوضات أنه كان أكثر صبرا واعتداال منً …‬
‫فبعد قمة جدة { فً ‪ٌ 31‬ولٌو عشٌة الؽزو } دفعنا عناد الكوٌت إلى حافة الٌؤس ‪ .‬إذ لم نكن نستطٌع أن ندفع ثمن ما نستورده من الؽذاء ‪ .‬كانت هناك‬
‫حملة حقٌقٌة تستهدؾ تجوٌعنا ‪ .‬وحتى الملك فهد لم ٌقلقه أن ٌسمع بجوعنا ‪ .‬فاستنتجنا أن هناك مإامرة تستهدؾ تدمٌر العراق ‪ .‬ولم ٌكن بإمكان‬
‫الكوٌت أن تحٌك المإامرة بدون دعم من دولة عظمى ‪ .‬وتبٌن لنا أن هدؾ المإامرة هو التسبب فً انهٌار اقتصادي ٌتبعه انهٌار سٌاسً وتؽٌٌر‬
‫النظام " ‪.‬‬
‫وعندما انهى طارق عزٌز شرحه ساله صحفً من مرافقً جاكسون ‪ " :‬كٌؾ تؤمل العراق فً التعاطؾ معها بٌنما ال ٌزال االمٌركٌون ٌذكرون‬
‫كٌؾ رأوا المدنٌٌن ال ُكرد ٌختنقون بالؽاز عام ‪ 1988‬وكٌؾ شنق صحفً برٌطانً خالل هذا العام ؟ " ‪.‬‬
‫وفوجا طارق عزٌز بذلك ‪ .‬فصمت لحظة ثم قال بصوت منخفض ‪ " :‬أعترؾ أنها مشكلة " ‪.‬‬
‫فً ذلك المساء ظفر جاكسون بمقابلة خاصة مع صدام حسٌن ‪ .‬وخالل الحدٌث تناوال استشهاد المسٌح ‪ .‬فاعتبر صدام نفسه كالمسٌح ضحٌة للتحامل‬
‫واالتهامات الباطلة ـ واعترؾ بؤنه هو الذي امر باحتجاز االجانب لكنه اعتبر ذلك " ضمانة للسالم " وقال بؤن " الحصار الحالً لمنع الطعام‬
‫والدواء أسوأ من أخذ رهابن " ‪ .‬وكان من الواضح أن الزعٌم العراقً كان ٌشعر بمرارة نحو الوالٌات المتحدة ‪ .‬شعر باالهانة بسبب عدم استجابتها‬
‫لعروضه ‪.‬‬
‫قال صدام لجاكسون بشًء من التواضع ‪ " :‬بعد اجتماعً مع سفٌرتكم فً ‪ٌ 25‬ولٌو لم تقم السلطات اِلمٌركٌة حتى بطلب نسخة رسمٌة عن وقابع‬
‫االجتماع ‪ .‬ان بالدكم تعاملنً بعجرفة كما تعامل الدول االستعمارٌة مستعمراتها " ‪.‬‬
‫وفً الٌوم التالً تمكن جاكسون بعد زٌارة قصٌرة للكوٌت من مقابلة صدام مرة أخر ‪ .‬وِلسباب أمنٌة طلب المحٌطون بصدام أن ٌقوم بالتصوٌر‬
‫مصورو التلفزٌون العراقً وبؤجهزته ‪ .‬وفً نهاٌة المقابلة سؤله جاكسون ان كان مستعدا للقٌام ببادرة حسن نٌة " تخدم أؼراض السالم " فٌطلق على‬
‫الفور سراح الرهابن ‪ .‬فرد علٌه صدام بؽضب قابال‪:‬‬
‫" لقد شرحت موقفً بالنسبة لذلك الموضوع بوضوح فً مقابالت كثٌرة مع الصحفٌٌن ‪ .‬ولٌس عندي ما أضٌفه " ‪ .‬ثم هب واقفا ولكن بلحظة واحدة‬
‫تؽٌر موقفه وتؽٌرت مالمحه ‪ ،‬فتالشى الؽضب وحلت محله ابتسامة عرٌضة ومصافحة حارة مع جاكسون جمٌلة وتبادل إنسانً عمٌق لآلراء ‪.‬‬
‫وتكرٌما لمشاهدٌنا اِلمٌركٌٌن ٌمكنكم ان تصطحبوا معكم النساء واِلطفال الذي سؤسمح لهم بمؽادرة البالد وكذلك المرضى اِلربعة ‪ .‬وٌمكنك السفر‬
‫إلى الوالٌات المتحدة على طابرة عراقٌة " ‪.‬‬
‫***‬
‫وبٌنما كان جاكسون ٌستعد لمؽادرة بؽداد عاد دٌفد إفري المدٌر العام لوزارة الدفاع االسرابٌلً إلى تل ابٌب ‪ .‬وكان قد أرسل على عجل إلى‬
‫واشنطن إلجراء محادثات سرٌة مع كبار المسإولٌن فً البنتاؼون ‪ .‬إذ كان القلق ٌساور الحكومة اإلسرابٌلٌة حول الخطط االمٌركٌة لبٌع اسلحة‬
‫للسعودٌة وخصوصا ‪ 24‬طابرة ؾ ـ ‪ 15‬سً إس ) (‪ F15 CS‬و ‪ 150‬دبابة و ‪ 200‬صاروخ ستٌنؽر مضاد للدبابات ‪ .‬وقدر االسرابٌلٌون هذه‬
‫الصفقة ب ‪ 2 , 5‬بلٌون دوالر ‪ .‬وحمل افري معه طلبا للسماح السرابٌل بالحصول فورا على كمٌة اكبر من االعتدة العسكرٌة وخصوصا طابرات‬
‫ؾ ـ ‪ 16‬س وصوارٌخ أب شً وتاو ‪ ،‬وبالحصول كذلك على مجمل المساعدات المقررة السرابٌل بقٌمة ‪ 1 , 8‬بلٌون دوالر فً بداٌة السنة المالٌة‬
‫وبدفعة واحدة { ال بالتقسٌط } ‪ .‬وعاد إفري ومعه وعد بان تقوم الوالٌات المتحدة ببٌع ما قٌمته بلٌون دوالر من االسلحة المتطورة السرابٌل ‪.‬‬
‫وفً الٌوم نفسه تلقت الحكومة اإلسرابٌلٌة رسالة من ؼورباتشوؾ نقلها روالن دوما وزٌر الخارجٌة الفرنسٌة الذي كان قد اجتمع معه ‪ .‬وعبرت‬
‫موسكو فً الرسالة عن تخوفها من أن تقوم بؽداد بهجوم على اسرابٌل ‪.‬‬
‫***‬
‫لم تكن ازمة الخلٌ فً نظر ؼورباتشوؾ فرصة رابعة الظهار اعتداله وشعوره بالمسإولٌة للعالم وذلك بالعمل جنبا إلى جنب مع واشنطن فحسب ‪،‬‬
‫وانما كانت أٌضا صداعا فً الرأس وربما شركا منصوبا ‪ .‬كان علٌه أن ٌصمد لهجمات عدد من مراكز القو صاحبة النفوذ وخصوصا داخل‬
‫الجٌش ‪ ،‬وبعض أقسام المخابرات ( كً جً بً ) وفً وزارة الخارجٌة التً كان ال ٌزال لها عالقات وثٌقة ببؽداد ‪ .‬كانوا جمٌعا " ٌشعرون بالقلق‬
‫بسبب تواطبه مع االستراتٌجٌة االمٌركٌة " ‪ .‬وفً الثالث من أؼسطس كرر التؤكٌد على اعتقاده بان ما أقدمت علٌه الوالٌات المتحدة " ٌتفق مع‬
‫مٌثاق االمم المتحدة " ‪ .‬ورد المعترضون علٌه باالشارة إلى ان واشنطن كانت تقوم بانشاء نظام امنً جماعً فً الخلٌ من شؤنه أن ٌإدي إلى‬
‫تواجد عسكري أمٌركً دابم فً المنطقة ‪ .‬وكان من المحتمل أن ٌضعه هذا االعتراض فً موقؾ صعب ‪.‬‬

‫‪569‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ومما أؼضب ؼورباتشوؾ أٌضا أن الكرملٌن لم ٌكن ٌعلم شٌبا عن خطط العراق ‪ .‬وٌوم الؽزو استدعى إلى مكتبه وزٌر الدفاع المارشال دٌمتري‬
‫بازوؾ الذي كان من المحافظٌن المتشددٌن ‪ .‬ولكن حدٌثهما لم ٌكن ودٌا ‪.‬‬
‫وأظهرت التحرٌات أن المخابرات العسكرٌة السوفٌتٌة أبلؽت باستعداد العراق للؽزو قبل وقوعه بؤسبوعٌن ‪ .‬وكان لهذه المخابرات ‪ ،‬من تتصل بهم‬
‫داخل العراق مثل الخبراء العسكرٌٌن والمسإولٌن ذوي الصلة الوثٌقة بالزعٌم العراقً ‪ .‬وبرر زعماء المخابرات صمتهم بؤنهم ظنوا أن المعلومات‬
‫التً حصلوا علٌها مبالػ فٌها ‪ .‬هذا باإلضافة إلى أنه كان بٌد العراقٌٌن ما ٌساومون علٌه ‪ :‬كان لدٌهم عدد محاط بالسرٌة من العسكرٌٌن السوفٌٌت‬
‫الذٌن كانوا ال ٌزالون ببؽداد ‪ .‬فؤوضحت هذه الموسكو أنه قد تتعثر عودتهم إذا افشت " االسرار العسكرٌة " للوالٌات المتحدة ‪.‬‬
‫واشتبه أشد المتشككٌن من المحللٌن الؽربٌٌن فً أن ؼورباتشوؾ كان ٌمارس لعبة مزدوجة ‪ .‬فبدا أنه من ناحٌة ٌلعب بالورقة الدبلوماسٌة فٌشارك‬
‫المجتمع الدولً ؼضبه؛ ومن ناحٌة أخر ٌواصل سراً تقدٌم المساعدات العسكرٌة للنظام العراقً حلٌفه منذ عشرٌن عاما ‪ .‬ومهما تكن الحقٌقة فانه‬
‫بات واضحا أن هذه الشكوك تضعؾ مصداقٌته ‪.‬‬
‫وفً صباح الخامس من أٌلول ظهر فً برنام " فرمٌا " على شاشة التلفزٌون وقدم وصفا كامال عن وقابع ذلك الٌوم والزابرٌن الذٌن استقبلهم ‪ .‬ولم‬
‫ٌذكر اجتماعه مع طارق عزٌز الذي كان قد قام برحلة قصٌرة إلى موسكو قابل خاللها ؼورباتشوؾ بناء على طلبه ‪ .‬وعندما خرج عزٌز من‬
‫المقابلة التً وصفت بؤنها " صرٌحة " ـ أي " صعبة " حسب اللؽة السوفٌتٌة الرسمٌة الدارجة ـ صرح وهو ٌبتسم ‪ " :‬أقول بال تردد إن االتحاد‬
‫السوفٌٌتً ال ٌزال صدٌقا " ‪ .‬وربما قصد بالصراحة الظاهرة لعبارته هذه احراج خروتشوؾ قبل اجتماع القمة مع بوش فً هلسنكً بثالثة أٌام ‪.‬‬
‫وكان ادوارد شٌفارنادزه قد صرح فً الٌوم السابق أن المجتمع الدولً ال ٌمكن ان ٌقبل الدول المعتدٌة واالنظمة التً تماس القرصنة ‪.‬‬
‫***‬
‫لم ٌكن االتحاد السوفٌٌتً البلد الوحٌد الذي ٌشتبه فً أنه ٌقوم بلعبة مزدوجة ‪ .‬ففً االسابٌع التالٌة سوؾ تتساءل عدة مراجع رسمٌة عن الموقؾ‬
‫الفرنسً الحقٌقً ‪ .‬إذ كان هناك من ٌصفه بانه " موضع شك " أو " ؼامض ‪ . :‬فهل فاوضت فرنسا العراق إلطالق سراح الرهابن ؟ فقد كان لفرنسا‬
‫مبعوثون فً تونس وعمان لهم عالقات ممٌزة مع الزعماء العرب ودوابر االستخبارات ‪ .‬وٌحتمل ان كان هإالء على اتصال مباشر بالمسإولٌن‬
‫العراقٌٌن ‪ .‬وكان االسمان اللذان ٌتردد ذكرهما كلود تشٌسون وفٌلٌب روندو المختص بالشإون العربٌة فً المخابرات الفرنسٌة ‪ .‬وسبق لوالد رونرو‬
‫أن ساعد قبل سنوات كثٌرة على إنشاء مخابرات مماثلة فً سورٌا ‪ .‬تر ما هو الثمن الذي دفعته فرنسا ؟ من المإكد انه تجاوز مجرد االنسحاب‬
‫الرمزي لخمسة آالؾ جندي فرنسً فً السعودٌة مسافة ثالثٌن مٌال أو التخلً عن السفارة الفرنسٌة فً الكوٌت بحجة نقص المٌاه ‪.‬‬
‫لكن بقً لؽز آخر أكثر أهمٌة وهو ما إذا كان ال ٌزال هناك مواطنون فرنسٌون فً العراق ‪ .‬إذ قٌل ان التقنٌٌن المدنٌٌن وربما أٌضا العسكرٌٌن الذٌن‬
‫كانوا ٌقومون ببؽداد قبل الؽزو بصٌانة االعتدة العسكرٌة الفرنسٌة كانوا ال ٌزالون ٌعملون بعد تحرٌر الرهابن ‪ ،‬االمر الذي كان انتهاكا لقرارات‬
‫االمم المتحدة ‪.‬‬
‫وفً الثامن من سبتمبر ‪ ،‬وقبل وصول الربٌس اِلمٌركً ونظٌره السوفٌٌتً إلى العاصمة الفنلندٌة ببضع ساعات ‪ ،‬وجه صدام حسٌن بالتلفزٌون‬
‫تحذٌرا من التدخل االجنبً فً العالم العربً ‪ .‬وكان لقوله هذا ٌنطوي على عداء ودهاء وٌشٌر ضمنا إلى ان موسكو بتؤٌٌدها الموقؾ االمٌركً‬
‫تخسر نفوذها بالتدرٌ وتحول دورها إلى دور ثانوي ‪.‬‬
‫وفً التاسع من سبتمبر توصل بوش وؼورباتشوؾ إلى اتفاق ‪ .‬وبعد أن نجح ؼورباتشوؾ فً اقناع الربٌس االمٌر كً بانه لن ٌقدم دعما عسكرٌا‬
‫للعراق حصل على الضوء االخضر لالبقاء على صالته مع العراق ‪ .‬وعهد إلى واحد من أقرب زمالبه وهو ٌفجٌنً برٌماكوؾ بمتابعة المسالة ‪.‬‬
‫وفً مقابل ذلك خول ؼورباتشوؾ بوش مواصلة االستعدادات العسكرٌة ‪ .‬وأصدرا بٌانا مشتركا أكدا فٌه على الرؼبة فً التوصل إلى حل سلمً‬
‫لألزمة ‪ .‬وجاء فٌه أٌضا انه " إذا فشلت جمٌع الخطوات الحالٌة ‪ ،‬فاننا مستعدون للنظر فً اتخاذ اجراءات أخر طبقا لمٌثاق االمم المتحدة " ‪.‬‬
‫***‬
‫كان العامل الخفً ال ٌزال صد تصمٌم صدام حسٌن ـ لكن هناك ما ٌشٌر بعض الشًء إلى حقٌقته فً المحادثات السرٌة بٌنه وبٌن زعٌمً منظمة‬
‫التحرٌر ـ عرفات وأبو إٌاد ـ فً آخر أؼسطس ‪.‬‬
‫وجده الزعٌمان الفلسطٌنٌان " فً منتهى االسترخاء " ‪ .‬قال لهما بهدوء ‪ " :‬اآلن وقد اتخذت أزمة الخلٌخ مثل تلك االبعاد فهل ٌمكننً أن أقصرها‬
‫على المطالبة بجزٌرتٌن وبضعة آبار من النفط خصوصا بعد أن أنسحبت من شط العرب؟ ذلك ال ٌكفً ‪ .‬إذا قلت للشعب العراق بؤننً انسحب الننً‬
‫توصلت إلى تسوٌة قضٌة فً اهمٌة القضٌة الفلسطٌنٌة فسوؾ ٌفهمون ذلك ‪ .‬والواقع أنه أسوأ من خسارة الحرب ‪ .‬لم ٌسبق لً أن ذكرت أننً‬
‫مستعد لالنسحاب ‪ .‬لماذا ؟ ِلننً أعتقد أن الجنود العراقٌٌن سٌفقدون معنوٌاتهم إذا شعروا بؤننً مقتنع { بضرورة } االنسحاب " ‪.‬‬

‫‪570‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ثم أضاؾ صدام ‪ " :‬إذا تقدمت باقتراح للسالم فانه ٌنبؽً ان أكون الطرؾ الذي ٌقدم التنازالت ‪ .‬لكن إذا قدمه اآلخرون فاننً سؤحصل على تنازالت‬
‫"‪.‬‬
‫وناقش ثالثتهم احتمال وقوع الحرب ‪ .‬وتناوله صدام باتزان وشجاعة ‪ .‬قال ‪ " :‬إننً على ٌقٌن من أن االمٌركٌٌن متفوقون من الناحٌة التكنولوجٌة‬
‫وخصوصا فً الجو ‪ ،‬ولكن أعتقد بؤنهم ال ٌستطٌعون تحٌٌد سو جزء من القوات العراقٌة ‪ ،‬وأن المعركة الحاسمة ستجري على اِلرض"‪.‬‬
‫ووصؾ صدام بالتفصٌل طبٌعة ونطاق مختلؾ انواع الهجمات التً ُتشن علٌه‪ ،‬وبدا أنه ٌحسب حساب كل شا‪ ،‬الخسابر المحتملة‪ ،‬وسبل االنتقام ‪،‬‬
‫واشار عرفات إلى ذلك فٌما بعد بقوله "لقد أذهلنً بهدوءه وانا استمع إلٌه" وأخبره عرفات بانه هناك معلومات موثوق بها تشٌر إلى وجود مإامرة‬
‫تستهدؾ القضاء علٌه ‪ .‬فانفجر صدام ضاحكا وقال ‪ " :‬هل تحاول أن تخوفنً لكً استسلم ؟ ما هذه النكتة ؟ " ‪.‬‬
‫***‬
‫اجتمع مبعوث ؼورباتشوؾ الخاص بصدام عدة مرات ‪ .‬وفً احداها ـ وكان ذلك فً أكتوبر ـ بلؽت دهشة برٌماكوؾ وضٌقه بتصلب الربٌس حدا‬
‫تخلى معه عن اللؽة الدبلوماسٌة التً كان حتى تلك اللحظة ٌستخدمها وقال ‪:‬‬
‫" سٌدي الربٌس إذا أصررت { على موقفك } فان االمٌركٌٌن سٌشنون الحرب علٌك ولن نتدخل لمنعهم " ‪ .‬فقال صدام بال مباالة ‪ " :‬أعرؾ ذلك " ‪.‬‬
‫فما كان من برٌماكوؾ إال أن قال ‪ " :‬لكنك ستخسر " ‪ .‬فنظر إلٌه صدام طوٌال ثم قال بهدوء ‪ " :‬ربما " ‪.‬‬

‫الفصل التاسع‬
‫العد العكسً للحرب‬
‫عندما انتصؾ اكتوبر كان من الواضح أن االزمة ستطول بعض الوقت ‪ ،‬وان حلها ٌزداد تعقٌدا ٌوما بعد ٌوم ‪ ،‬واصبح الشرق االوسط مسرحا‬
‫الحداث ماساوٌة ‪.‬‬
‫وركزت الصحؾ فً صفحاتها االولى كما ركزت االذاعات والتلفزٌونات على المشكالت الجدٌدة ‪ :‬مقتل واحد وعشرٌن فلسطٌنٌا فً القدس فً ‪8‬‬
‫أكتوبر ‪ ،‬وقٌام القوات السورٌة فً ‪ 13‬من الشهر ذاته باالطاحة بالزعٌم العسكري المسٌحً مٌشٌل عون فً لبنان ‪.‬‬
‫وفً الثانً عشر من أؼسطس ـ أي بعد ؼزو الكوٌت بعشرة اٌام صرح صدام حسٌن بؤنه ال ٌمكن حل االزمة اال فً اطار النزاعات االخر فً‬
‫الشرق االوسط ‪ :‬االحتالل االسرابٌلً للضفة الؽربٌة وؼزة وهضبة الجوالن وجنوب لبنان ‪ .‬وردت حكومتا الوالٌات المتحدة واسرابٌل على ذلك‬
‫بانه " دعاٌة رخٌصة ‪" .‬‬
‫وبٌنما كانت االزمة آخذة فً االشتداد اصدرت بعض الدول الؽربٌة تصرٌحات تربط فً الظاهر بٌن هذه القضاٌا الشرق أوسطٌة ‪ .‬فالربٌس الفرنسً‬
‫مٌتران أعلن فً خطاب له فً االمم المتحدة فً ‪ 24‬سبتمبر ان صدام حسٌن صرح بانه سوؾ ٌنسحب من الكوٌت ‪ ،‬وأن أبواب التفاوض مفتوحة ‪.‬‬
‫وقال دوؼالس هٌرد وزٌر خارجٌة برٌطانٌا ان االولوٌة ستكون للقضٌة الفلسطٌنٌة عندما ٌتم حل أزمة الخلٌ ‪.‬‬
‫كانت االحداث الدامٌة التً وقعت فً القدس فً الثامن من أكتوبر بمثابة هدٌة لصدام حسٌن ‪ .‬إذ ركزت أنظار العالم فً القضٌة الفلسطٌنٌة ‪،‬‬
‫ووضعت اسرابٌل فً موقؾ بالػ الحساسٌة ‪ .‬فبادرت اسرابٌل إلى القول بان منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة احكمت تدبٌر ذلك الحراج اسرابٌل ‪ ،‬بل‬
‫ذهب بعض الناطقٌن االسرابٌلٌٌن إلى حد القول بانه ربما كان العراق وراء جهود المنظمة فً هذا السبٌل ‪ .‬على انه كانت للفلسطٌنٌٌن وجهة نظر‬
‫أخر ‪ .‬فاتهموا االسرابٌلٌٌن بالقٌام بالمجزرة فً محاولة لمنع المتطرفٌن االسرابٌلٌٌن من " جماعة المإمنٌن فً الهٌكل " من الزحؾ على المسجد‬
‫‪ .‬فكانوا قد نادوا بضرورة هدمه وتحوٌله إلى كنٌست ‪ .‬ومن الواضح أن البولٌس االسرابٌلً منع المتطرفٌن من االقتراب من المسجد وان‬
‫الفلسطٌنٌٌن أخذوا ٌقذفون الحجارة على آالؾ المصلٌن الٌهود امام حابط المبكى ‪ .‬لكن كان من الواضح أٌضا أن الجنود االسرابٌلٌٌن أطلقوا النار‬
‫على الفلسطٌنٌٌن بعد فرار الٌهود من الحجارة وابتعادهم عن الخطر ‪.‬‬
‫وهاجمت بعض الجماعات االسرابٌلٌة حكومتها بسبب الطرٌقة التً عالجت بها المظاهرة ‪ .‬واتهمت جماعة " بتسٌلم " المستقلة التً ترصد االعمال‬
‫االسرابٌلٌة فً االراضً المحتلة القوات االسرابٌلٌة باطالق النار دون تمٌٌز على المتظاهرٌن والمتفرجٌن ورجال االسعاؾ ‪ .‬وورد فً تقرٌر‬
‫للجماعة ٌشجب ما حدث وٌقع فً أربع وثالثٌن صفحة قولها ‪ " :‬واستمر إطالق النار حتى بعد أن اخذ المتظاهرون ٌتفرقون فً كل اتجاه وبعد ان‬
‫هرب كثرة منهم وحتى بعد ان وصلت سٌارات االسعاؾ والفرق الطبٌة "‪.‬‬
‫خلق هذا الحدث مشكلة كبٌرة للحكومة االمٌركٌة التً كانت لها منذ سنوات طوٌلة عالقات وثٌقة مع اسرابٌل ‪ .‬فخالل مناقشات امتدت خمسة اٌام فً‬
‫مجلس االمن حاولت التوصل إلى صٌؽة قرار ٌحمل أقل ما ٌمكن من االدانة السرابٌل ‪ .‬لكن بعد أن حصلت على دعم ؼالبٌة الحكومات العربٌة فً‬

‫‪571‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ازمة الخلٌ ‪ ،‬لم تعد فً وضع ٌمكنها من استخدام حق الفٌتو ضد القرار ‪ .‬وفً االٌام التً تلت احداث القدس كان فً مقدور المرء أن ٌالحظ ان‬
‫الهجوم فً البالد العربٌة على منظمة التحرٌر بسبب تاٌٌدها لصدام حسٌن قد تحول مإقتا إلى هجوم على اسرابٌل ‪ .‬وبرز هذا بوضوح فً مصر‬
‫حٌث كان مبارك قد اصبح مناصرا قوٌا لموقؾ الوالٌات المتحدة من صدام ‪.‬‬
‫وعندما تبنت االمم المتحدة اخٌرا قرارها ‪ ،‬لم ٌشتمل هذا القرار فقط على انتقاد اسرابٌل بسبب الطرٌقة التً عالجت فٌها (مظاهرات) الفلسطٌنٌٌن ‪،‬‬
‫بل وعلى الطلب من االمم المتحدة ارسال وفد إلى اسرابٌل للتحقٌق فً االحداث ‪ .‬فردت حكومة شامٌر على ذلك بؽضب وهاجمت الوالٌات المتحدة‬
‫بسبب موقفها ‪ ،‬ورفضت رفضا قاطعا فكرة الوفد قابلة بانه باستطاعة أفراده ان ٌزوروا اسرابٌل كسابحٌن ‪ .‬وقارن جٌمس بٌكر بٌن رد الفعل‬
‫االسرابٌلً تجاه قرار االمم المتحدة برد فعل صدام حسٌن تجاه تلك الهٌبة الدولٌة ‪ ،‬مما زاد التوتر بٌن الوالٌات المتحدة واسرابٌل ‪ .‬وكانت الوالٌات‬
‫المتحدة تحرص كل الحرص على أن تتحاشى حدوث ذلك ‪ .‬فمنذ بداٌة االزمة نصحت الوالٌات المتحدة اسرابٌل ان تعمد إلى الهدوء ‪ ،‬النها لم تكن‬
‫تعتبر ازمة الخلٌ مإامرة امٌركٌة صهٌونٌة ‪ .‬وكان هذا هو ما فهمه صدام حسٌن وما ٌفسر لماذا أعلن صدام فً عدد من المناسبات انه إذا قامت‬
‫الوالٌات المتحدة والقوات العسكرٌة االخر فً السعودٌة بمهاجمة العراق فانه سٌقوم على الفور بمهاجة اسرابٌل بالصوارٌخ ‪ .‬وكان ٌامل من وراء‬
‫هذا تورٌط اسرابٌل فً الحرب ودق اسفٌن فً تؤٌٌد الدول العربٌة للهجوم على بالده ‪.‬‬
‫قامت اسرابٌل بتشكٌل لجنة تحقٌق حول حمام الدم بالقدس برباسة مدٌر الموساد السابق زفً زامٌر ‪ .‬وجر االستماع الول شهادة فً الجلسة‬
‫المؽلقة ٌوم االحد فً الرابع عشرة من اكتوبر وبعد مضً اثنً عشر ٌوما أعلن تقرٌر زامٌر ان القوات االسرابٌلٌة برٌبة من قتل الفلسطٌنٌٌن البالػ‬
‫عددهم واحدا وعشرٌن ‪.‬‬
‫وٌحتمل ان ٌكون الؽضب على الوالٌات المتحدة هو الذي حفز االسرابٌلٌٌن إلى اتخاذ قرار آخر كفٌل بالحاق المزٌد من الضرر بالعالقات مع‬
‫الوالٌات المتحدة ‪ .‬إذ اعلن وزٌر االسكان عن وجود خطط لبناء مساكن فً القدس الشرقٌة للٌهود المهاجرٌن من االتحاد السوفٌٌتً ‪ .‬وكان‬
‫االمٌركٌون قد قدموا قرضا مضمونا باربعمبة ملٌون دوالر السرابٌل الٌواء المهاجرٌن السوفٌٌت لكن بشرط ان ال ٌخصص أي جزء منه لبناء‬
‫مساكن فً االراضً المحتلة ‪ .‬وقال شارون ان القدس الشرقٌة لٌست منطقة محتلة بل هً جزء من القدس عاصمة اسرابٌل ‪ ،‬وهو شًء رفضت‬
‫قبوله كل دولة فً العالم ‪.‬‬
‫***‬
‫جر أٌضا الربط بٌن القرار السوري باستخدام القوة لالطاحة بالجنرال عون بلبنان وبٌن أزمة الخلٌ ‪ .‬فبعد أن ظلت الوالٌات المتحدة سنوات تدٌن‬
‫سورٌا بوصفها دولة ارهابٌة ‪ ،‬فانها اصبحت حلٌفة لها فً ازمة الخلٌ ‪ .‬وكان من دواعً سرور الربٌس اِلسد الذي كان على الدوام ٌكن الكراهٌة‬
‫لصدام ان ٌنضم إلى قوة عالمٌة تعتزم طرد صدام من الكوٌت ‪ ،‬وربما من السلطة أٌضا ‪ .‬وكان جٌمس بٌكر قد عقد اجتماعا مع الربٌس اِلسد‬
‫‪ 103‬لطابرة بان أمٌركان التً انفجرت فوق لوكٌربً‬ ‫تعرض لبعض النقد فً الوالٌات المتحدة ‪ ،‬وأثار بوجه خاص سخط أسر ضحاٌا الرحلة‬
‫باسكتلندا ‪ .‬فلم ٌكن بوسعهم أن ٌصدقوا انه من الممكن لمسإول امٌركً كبٌر أن ٌزور بالدا لعبت دورا فً الهجوم االرهابً ‪.‬‬
‫لكن الربٌس اِلسد كان قد أصبح عندبذ فً وضع ال ؼبار علٌه فً نظر الوالٌات المتحدة ‪ .‬إذ كان قد أرسل قوات سورٌة إلى السعودٌة واالمارات‬
‫وأٌد بقوة موقؾ الوالٌات المتحدة وهٌبة االمم من العراق ‪ .‬وكشؾ مصدر سوري عالً المستو انه احاط بقواته القسم المسٌحً الذي ٌسٌطر علٌه‬
‫الجنرال عون فً بٌرات ‪ ،‬تلقى الضو االخضر من البٌت االبٌض للمضً قدما واالطاحة بعون‪.‬‬
‫وعندما وجد عون نفسه محاصرا بالقوات السورٌة ناشد االسرابٌلٌٌن ان ٌقوموا بمساعدته ‪ .‬وهذا ما اكده أوري لوبرانً منسق العملٌات االسرابٌلٌة‬
‫فً لبنان الذي أكد أن التحالؾ السوري االمٌركً فً الخلٌ سهل على السورٌٌن استخدام القوة لالطاحة بعون ‪ .‬قال " ال رٌب عندي فً ان صار‬
‫لد السورٌٌن الحرٌة فً استخدام القوة داخل لبنان طالما أنهم حلفاء لالمٌركٌٌن " ‪.‬‬
‫وبعد معركة قصٌرة ولكن دامٌة هرب الجنرال عون من القصر الرباسً إلى السفارة الفرنسٌة ‪ .‬وال ٌزال فٌها ‪ .‬ومنذ ذلك الوقت رفضت الحكومة‬
‫اللبنانٌة الجدٌدة برباسة الهراوي طلبا تقدمت به الحكومة الفرنسٌة للسماح له بمؽادرة لبنان إلى فرنسا ‪ .‬وتصر على محاكمته بتهمة الفساد ‪.‬‬
‫لم ٌثر التدخل السوري فً بٌروت الشرقٌة أي انتقاد رسمً فً الوالٌات المتحدة أو فً ؼٌرها من الدول الكبر ‪ .‬وبدال من ذلك ‪ ،‬جر تصوٌره‬
‫باعتباره محاولة كرٌمة العادة توحٌد لبنان ‪ .‬ولٌس من شك فً أن اعادة توحٌد دولة انتهكت حرمتها امر فً ؼاٌة االهمٌة ‪ ،‬لكن من الصعب تفسٌر‬
‫االتفسٌر االحتالل السوري للبنان خالل السنوات الكثٌرة القادمة على انه مختلؾ ‪.‬‬
‫لكن إذا كان نجاح سورٌا فً الحصول على الضوء اِلخضر قد جاء نتٌجة النضمامها للتحالؾ فانه كان ذلك بعض النتاب االٌجابٌة ‪ .‬فالواقع ان‬
‫الذي دفع سورٌا إلى االنضمام للتحالؾ لم ٌكن مجرد عالقاتها السٌبة مع العراق منذ وقت طوٌل ‪ .‬إذ كانت تشعر بالعزلة عن عدد من الدول العربٌة‬

‫‪572‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المهمة وخصوصا مع مصر والسعودٌة ‪ .‬إذ لم ٌكن لسورٌة أٌة مشاركة فً مجلس التعاون العربً الذي تشكل عام ‪ 1989‬وال فً مجلس التعاون‬
‫الخلٌجً‪ ،‬ولكن بانضمامها إلى التحالؾ ضد العراق كسرت الحواجز واصبحت مشاركة لدول عربٌة مهمة ‪ .‬ثم ان السورٌٌن أدركوا ما ٌجري فً‬
‫الكتلة الشرقٌة واالتحاد السوفٌٌتً اللذان كانا ٌدعمان نظام اِلسد ‪ .‬إذ كان ؼارقٌن فً المشكالت االقتصادٌة إلى حد أٌقن معه السورٌون بؤن‬
‫المساعدات االقتصادٌة والعسكرٌة سوؾ تتوقؾ ‪ .‬وعلٌه كان من المهم اٌجاد حلٌؾ قوي آخر ‪ ،‬فكان الوالٌات المتحدة ‪.‬‬
‫لكن بالرؼم من هذه االٌجابٌات فقد كان فً سورٌا شعور متزاٌد باإلحباط بالنسبة لقضاٌا أخر ‪ ،‬وأولها أن الوالٌات المتحدة خصصت ‪ 700‬ملٌون‬
‫دوالر إلسرابٌل لمساعدتها على تحسٌن نظامها الدفاعً ضد الصوارٌخ ‪.‬‬
‫فؤدان السورٌون هذا القرار بشدة ِلنه كما قالوا محاولة من الوالٌات المتحدة لربط أزمة الخلٌ بالنزاع العربً اإلسرابٌلً ‪ .‬كما أن السورٌٌن‬
‫أصٌبوا بخٌبة أمل عندما رأوا المساعدات المالٌة التً كانت تحصل علٌها أقطار مثل مصر من الؽرب ‪ .‬وكانت الوالٌات المتحدة قد ألؽت دٌنا لها‬
‫على مصر بمبلػ ‪ 7‬بالٌٌن دوالر وكذلك فعلت دول الخلٌ بدٌنها البالػ ‪ 5‬بالٌٌن دوالر نقدا ‪ .‬كما أن سورٌا كانت ال تزال تعانً من العقوبات‬
‫االقتصادٌة التً فرضتها الوالٌات المتحدة وبرٌطانٌا وؼٌر قادرة فً الوقت ذاته على الحصول على المساعدات المالٌة التً تمكنها من حل‬
‫المشكالت االساسٌة لالقتصاد السوري ‪.‬‬
‫ومما أؼضب السورٌٌن أٌضا العالقات الدبلوماسٌة ‪ .‬فبرٌطانٌا التً أعادت عالقاتها الدبلوماسٌة مع إٌران ‪ ،‬رفضت إعادتها مع سورٌا ‪ .‬وكانت‬
‫عالقاتها ببرطانٌا قد قطعت على أثر حادث الهنداوي عام ‪ 1986‬عندما وجدت قنبلة على إحد طابرات العال بمطار هٌثرو ‪ ،‬وحملت برٌطانٌا‬
‫سورٌا المسإولٌة عن تلك العملٌة اإلرهابٌة ‪.‬‬
‫وأصرت ربٌسة الوزراء مارؼرٌت تاتشر على هذا الموقؾ بالرؼم من السٌاسة السورٌة الجدٌدة التً تجلت فً الدفاع عن التحالؾ ضد العراق ‪.‬‬
‫وبقٌت هذه المشكلة دون حل إلى أن خرجت تاتشر عن الوزارة فً نوفمبر ‪ .‬فبعد ذلك بؤربع وعشرٌن ساعة اعادت برٌطانٌا عالقاتها مع سورٌا ‪.‬‬
‫وكان السورٌون ٌواجهون مشكلة أخر ‪ .‬فبالرؼم من أنهم كانوا ٌكرهون العراق فانه كان سٌتحالؾ معهم فً حال نشوب الحرب مع اسرابٌل ‪.‬‬
‫وهكذا فانهم اعلنوا بوضوح ان قواتهم موجودة فً السعودٌة للدفاع عنها ال لمهاجة العراق وأنهم ال ٌسعون إلى حرب مع العراق بل إلى حل سلمً ‪.‬‬
‫أجل كانوا ٌرٌدون حال سلمٌا ال ٌضعؾ قوة العراق ‪ .‬لكن هذا الموقؾ تؽٌر كلٌا فٌما بعد عندما اندلعت الحرب ‪ ،‬فقبلت بهدوه تدمٌر العراق وأٌدت‬
‫فكرة اإلطاحة بصدام حسٌن ‪.‬‬
‫***‬
‫طرأت أحداث أخر مهمة أثرت فً أزمة الخلٌ ‪ .‬ففً ‪ 18‬نوفمبر ـ أي بعد الؽزو بثالثة أشهر ـ اجتمع ببارٌس ِلول مرة منذ الحرب الباردة‬
‫رإساء ورإساء وزارات ‪ 34‬دولة تضم دوال من أوروبا الشرقٌة والؽربٌة باالضافة إلى كندا والوالٌات المتحدة ( ضمن إطار منظمة ‪. ) CSCE‬‬
‫وفً تلك اِلثناء وصلت رسالة مستعجلة من بؽداد تعلن أن صدام حسٌن سٌبدأ فً عٌد المٌالد بإطالق سراح جمٌع الرهابن ‪ .‬على ان الرسالة لم‬
‫تفاجا أحدا ‪ .‬فمنذ بداٌة االزمة وصدام حسٌن ٌحاول استؽالل قضٌة الرهابن فً محاولة منه إلضعاؾ تؤٌٌد الرأي العام الدولً ِلي هجوم عسكري‬
‫على بالده ‪ .‬ومهما ٌكن من أمر فان إعالن صدام استقبل باستخفاؾ من قبل الوالٌات المتحدة بوصفها مجرد دعاٌة عراقٌة أخر ‪ .‬وفً صباح الٌوم‬
‫التالً ‪ ،‬وبعد أن تناول بوش الفطور مع مارؼرٌت تاتشر ‪ ،‬شجب القرار العراقً باإلفراج عن الرهابن على دفعات ‪ ،‬وقال بؤنه إذا أراد صدام حال‬
‫سلمٌا فعلٌه ان ٌفعل بالكوٌت ما فعله بإٌران ‪ .‬وهذا ٌعنً " أن علٌه أن ٌتراجع تراجعا كامال ‪ .‬فلن تطلق رصاصة واحدة ؼضبا إذا فعل ما ٌفترض‬
‫فٌه عمله وهو التقٌد تقٌدا كامال بقرارت االمم المتحدة " ‪.‬‬
‫عند بدء اجتماع الدول اِلربع والثالثٌن ‪ .‬كان من الواضح أن أزمة الخلٌ تتزاٌد تعقٌدا ‪ .‬فطوال شهور كنا نسمع عن مختلؾ الخٌارات لحل اِلزمة‬
‫‪, 000‬‬ ‫ـ المفاوضات السلمٌة ‪ ،‬وانسحاب طوعً للقوات العراقٌة من الكوٌت ‪ ،‬والحل العربً ‪ ،‬والحرب ‪ .‬وبعد أن قام الربٌس اِلمٌركً بنشر‬
‫‪200 , 000‬‬ ‫‪ 200‬من الجنود كخطوة أولٌة ‪ ،‬أعلن فً أوابل نوفمبر أنه سٌرسل تعزٌزات للوجود العسكري فً السعودٌة تتؤلؾ على اِلقل من‬
‫جندي ‪ .‬وفً هذه صار من الواضح لد متتبعً اِلزمة أنه طرأ تؽٌر أساسً على الموقؾ اِلمٌركً ‪ .‬إذ تحولت الوالٌات المتحدة إلى دولة مهاجمة‬
‫‪ ،‬وبالتالً أخذ احتمال وقوع الحرب ٌتحول إلى حقٌقة ‪ .‬وذهب عدد من الخبراء إلى أن نشر القوات ٌعنً أن الحرب ستقع بٌن منتصؾ وآخر ٌناٌر‬
‫أو أوابل فبراٌر ‪ .‬واعتقد آخرون نشرها قد ٌكون خدعة لتؽطٌة هجوم مبكر على الكوٌت‬
‫***‬
‫لم ٌحضر جورج بوش وسكرتٌر الدولة جٌمس بٌكر إلى بارٌس فقط بهدؾ المشاركة فً المإتمر ‪ ،‬بل أٌضا وأساسا من أجل إقناع فرنسا واالتحاد‬
‫السوفٌٌتً بالحاجة إلى قرار جدٌد تصدره االمم المتحدة ٌجٌز استخدام القوة العسكرٌة ضد العراق ‪ .‬بعد أن اجتمع بٌكر ووزٌر الخارجٌة الفرنسٌة‬

‫‪573‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫روالن دوما أشاع مساعدو بٌكر بان فرنسا وافقت على دعم هذا القرار ‪ .‬وأشٌع الشًء ذاته على أثر عشاء ضم بوش ومٌتران ‪ .‬فسارع اِللٌزٌه إلى‬
‫القول بؤن أي اتفاق بهذا الشؤن لم ٌتم ‪ ،‬وبؤن فرنسا إذا كانت تقبل " من حٌث المبدأ " فانها ال تدعم أي قرار لم ٌناقش فً مجلس االمن ‪ .‬وحدد‬
‫مٌتران موقفه النهابً فً مإتمر صحفً عقده بعد انتهاء اجتماع بارٌس ‪ ،‬معلنا فٌه ان قرارا جدٌدا سوؾ ٌتم تبنٌه خالل ثالثة أسابٌع وٌجٌز‬
‫استخدام القوة ‪.‬‬
‫وجر الشً ذاته مع السوفٌٌت ‪ .‬فقد عقد بٌكر ثالثة اجتماعات مع ادوارد شٌفارنادزه ؛ واجتمع بوش كذلك بؽورباتشوؾ ‪ .‬وعرؾ أوال أن‬
‫السوفٌٌت ؼٌر متحمسٌن لصدور قرار عن االمم المتحدة ٌإٌد استخدام القوة ‪ .‬وأعلن الناطق الرسمً السوفٌٌتً فً عدة مناسبات ‪ ،‬بان موقؾ بالده‬
‫هو " الصبر " ‪.‬‬
‫ولكن قبل مؽادرة ؼورباتشوؾ لبارٌس ‪ ،‬ظهر على شاشة التلفزٌون الفرنسً وحمل على العراق وعلى صدام حسٌن قال ‪ " :‬الوضع شدٌد الخطورة‬
‫‪ٌ .‬جب علٌنا ان نتحرك ‪ ،‬ونظهر حزمنا وتصمٌمنا ‪ .‬ونشعر بالحاجة إلى قٌام مجلس االمن دون تؤخٌر باالجتماع ومناقشة الوضع واتخاذ قرار" ‪.‬‬
‫وخاب أمل الذٌن قالوا باحتمال التوصل إلى حل عربً ‪ .‬وفً أوابل نوفمبر دعا الملك الحسن الثانً إلى عقد قمة عربٌة لحل أزمة الخلٌ ‪ .‬ولكن فً‬
‫حٌن أن العراق سارع إلى تؤٌٌد اقتراحه فان الدول العربٌة الربٌسٌة مثل مصر وسورٌا والسعودٌة بادرت على الفور إلى رفضه ‪.‬‬
‫وخاب كذلك اِلمل فً حل دبلوماسً ‪ .‬فالوسٌط السوفٌٌتً ٌفجٌنً برٌماكوؾ الذي قام بجولة مكوكٌة على االقطار العربٌة بما فٌها العراق بهدؾ‬
‫التوصل إلى حل سلمً ‪ ،‬تحدث عن القٌام بتنازالت للعراق ‪ .‬لكن الوالٌات المتحدة لم تكن على استعداد لقبول شًء من هذا ‪ .‬والواقع أن بوش كان‬
‫قد وضع نفسه فً موقؾ كان من الصعب تؽٌٌره ومن المستحٌل التفاوض حوله ‪ .‬إذ قال انه ال ٌمكن إجراء محادثات مع العراق إال بعد انسحاب‬
‫العراق من الكوٌت وعودة اِلسرة الحاكمة واالفراج عن جمٌع الرهابن من اِلجانب ‪ .‬وكان صدام قد أشار فً كثرة من المقابالت بؤنه لن ٌقبل ذلك ‪.‬‬
‫وعندما كنت ببؽداد فً أوابل سبتمبر أبلؽتنً وزارة الخارجٌة العراقٌة ان صدام حسٌن ٌرؼب فً مناظرة تلفزٌونٌة مع بوش ‪ .‬ونقلت رؼبته إلى‬
‫البٌت اِلبٌض فكان الجواب قاطعا بالنفً ‪ .‬وفً مقابلة لبٌتر جنكز المراسل الربٌسً لشبكة " إي بً سً " مع صدام ببؽداد شدد هذا على استعداده‬
‫للتفاوض مع الوالٌات المتحدة والسعودٌة ولكن بدون " شروط مسبقة " وكان معنى ذلك أنه لن ٌنسحب من الكوٌت قبل التوصل إلى حل تفاوضً ‪.‬‬
‫لكن بالرؼم من كل الحدٌث عن الحاجة إلى حل دبلوماسً فانه بات فً حكم المستحٌل ‪.‬‬
‫أما وقت تعذر انسحاب صدام بدون شروط ‪ ،‬وتعثر الحل العربً والحل التفاوضً فلم ٌبق هناك إال خٌار واحد وهو الحرب ‪.‬‬
‫وفً ‪ 29‬نوفمبر تبنى مجلس االمن القرار ‪ 678‬الذي أٌد بوضوح ذلك الخٌار ‪ .‬وا ُّتخد القرار باثنً عشر صوتا مقابل اثنٌن عارضاه وهما الٌمن‬
‫وكوبا وامتنعت الصٌن عن التصوٌت ‪ .‬وخولت الفقرة الربٌسٌة من القرار " الدول اِلعضاء بالتعاون مع حكومة الكوٌت " ال ستخدام " جمٌع‬
‫الوسابل الضرورٌة " لتنفٌذ القرار رقم ‪ 160‬الذي دعا إلى انسحاب العراق انسحابا تاما من الكوٌت ‪ .‬وحدد تارٌخ االنسحاب بموجب القرار‪" 678‬‬
‫فً أو قبل " الخامس عشر من ٌناٌر ‪ . 1991‬كما دعا القرار إلى إعادة " السلم واِلمن الدولٌٌن إلى المنطقة " ‪ .‬وهذه هً الكلمات الربٌسٌة التً‬
‫استندت إلٌها الدول الؽربٌة فٌما بعد لتبرٌر تجاوز تحرٌر الكوٌت إلى ؼزو العراق ‪ .‬وهكذا بدأ العد العكسً نحو الحرب‪.‬‬

‫الفصل العاشر‬
‫وتمر اِلٌام‬
‫عندما صدر قرار االمم المتحدة رقم ‪ 678‬فً ‪ 29‬نوفمبر ‪ 1990‬صار من الواضح أن الحرب قد اصبحت خٌارا جدٌا فً ازمة الخلٌ ‪ .‬ولو ان‬
‫الوالٌات المتحدة ودول التحالؾ االخر كانت تشعر بؤن الحل التفاوضً ال ٌزال ممكنا ‪ ،‬ولو أن بعض الخبراء لم ٌكونوا ٌرٌدون حال تفاوضٌا لما‬
‫اتخذ القرار ‪ .‬واعتقد كثرة من الزعماء السٌاسٌٌن فً العالم أن تحدٌد تارٌخ النسحاب صدام حسٌن من الكوٌت كان إشارة إلى أن الوالٌات المتحدة‬
‫تخلت عن خطتها االصلٌة التً ترمً إلى االنتظار حتى تبدأ العقوبات التً أقرتها هٌبة االمم فً التؤثٌر على الشعب العراقً ‪ .‬واصبح من الواضح‬
‫ان العقوبات تتطلب وقتا أطول من الوقت الذي تنبؤ به المسإولون فً بادئ اِلمر ‪.‬‬
‫لكن الوالٌات المتحدة واجهت عددا من المشكالت الصعبة ‪ .‬فبانتظار تؤثٌر العقوبات كان ال بد لها من أن تترك قواتها على االراضً السعودٌة لمدة‬
‫طوٌلة ‪ ،‬اِلمر الذي سٌإثر على دعم مالً هام من اقطار كالسعودٌة والكوٌت والٌابان ‪.‬‬
‫وكانت هنالك أٌضا مشكلة دٌنٌة ‪ .‬فكان رمضان سٌبدأ فً منتصؾ آذار االمر الذي ٌإثر كثٌرا على االطراؾ العربٌة المشاركة فً الحالؾ‬
‫وخصوصا على السعودٌة ومصر وسورٌا ‪ .‬وكان سٌلً ذلك فٌما بعد موسم الح الذي ٌفد فٌه كل سنة مالٌٌن من المسلمٌن على االراضً المقدسة‬
‫‪ .‬ولم ٌكن من المستبعد إذا بقٌت القوات االجنبٌة حتى ذلك الحٌن فً السعودٌة أن ٌقوم الحجاج بثورة علٌها ‪.‬‬

‫‪574‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وأخٌر كانت هنالك مشكلة الطقس‪ .‬فبعد انقضاء شهر مارس تشتد الحرارة فً منطقة الكوٌت والسعودٌة إلى حد ال ٌطاق ‪ .‬وكان ٌخشى أن ٌكون‬
‫لذلك تؤثٌر ضار على االعتدة العسكرٌة االمٌركٌة وعلى القوات التً لم تعتد حٌاة الصحراء ‪ .‬وهكذا فان الخبراء فً الحكومة االمٌركٌة قرروا انه ال‬
‫مفر من اٌجاد حل قبل منتصؾ آذار ‪.‬‬
‫***‬
‫فً ‪ 30‬نوفمبر ـ أي بعد صدور قرر االمم المتحدة رقم ‪ 678‬بٌوم واحد ـ اعلن بوش بذكاء عن خطة سالم إلقناع العالم بان الحرب لم تكن حتمٌة ـ‬
‫فاقترح ان ٌجتمع بوزٌر خارجٌة العراقٌة طارق عزٌز وان ٌوفد وزٌر خارجٌته بٌكر لالجتماع بصدام حسٌن ‪ .‬ورحب العالم باالقتراح بوصفه دلٌال‬
‫واضحا على ان الربٌس بوش كان ال ٌزال ٌسعى إلى حل دبلوماسً لالزمة ‪.‬‬
‫وصلت إلى تونس فً وقت متؤخر من بعد ظهر ذلك الٌوم ‪ .‬وفً صباح الٌوم التالً اجتمعت مع أبو إٌاد الرجل الثانً فً منظمة التحرٌر ‪ .‬وقد‬
‫عرفته منذ سنوات طوٌلة ‪ .‬وكان قد قضى شطرا من حٌاته فً الكوٌت حٌث كانت ال تزال تعٌش أسرته بما فٌها زوجته ‪ .‬وكان فً أوابل السبعٌنات‬
‫‪ . 1972‬على انه‬ ‫‪ ،‬الرأس المدبر للعملٌات " االرهابٌة " وهو الذي نظم الهجوم على الرٌاضٌٌن اإلسرابٌلٌٌن فً االلعاب االولمبٌة بمٌونٌخ عام‬
‫اقتنع منذ أوابل الثمانٌنات بان االرهاب لٌس أسلوبا لحل القضٌة الفلسطٌنٌة واتخذ موقفا اكثر اعتداال ‪ .‬ولعب دورا اساسٌا فً حمل المنظمة على‬
‫التخلً عن االرهاب ‪ ،‬واالعتراؾ بوجود اسرابٌل ‪ ،‬وفتح حوار مع الوالٌات المتحدة ‪ .‬لقد كان ٌد عرفات الٌمنى ومن الذٌن دفعوه إلى االعتدال ‪.‬‬
‫بدأ أبو إٌاد ٌخبرنً عما حدث فً مقر منظمة التحرٌر عندما علم المسإولون فٌها باقتراح بوش ‪ .‬بادر عرفات إلى عقد اجتماع بكبار قادتها‬
‫الموجودٌن بتونس ‪ .‬وبعد نقاش استمر عدة ساعات كتبوا مذكرة سرٌة لصدام حسٌن نقلتها إلٌه السفارة السفارة العراقٌة بتونس ‪ .‬واشتملت المذكرة‬
‫على ثالث نقاط ربٌسٌة ‪ :‬اِلولى قبول اقتراح بوش الذي ٌحتمل ان ٌكون آخر فرصة للتوصل إلى حل سلمً لالزمة ‪ .‬والثانٌة التخلص من جمٌع‬
‫الرهابن االجانب قبل الاجتماع بٌن طارق عزٌز وبوش ‪ ،‬الن ذلك ٌسهل امكان التوصل إلى حل دبلوماسً ‪ .‬والثالثة االستعداد لالنسحاب من‬
‫الكوٌت مع عدم نسٌان الصفقة السرٌة مع الملك فهد التً تقضً باحتفاظه بمناطق الحدود المتنازع علٌها منذ وقت طوٌل بٌن العراق والكوٌت ‪.‬‬
‫وأخبرنً أبو إٌاد أن عرفات كان فً طرٌقه إلى عمان لالجتماع مع الملك حسٌن قبل الذهاب إلى بؽداد لمقابلة صدام حسٌن ‪ .‬وأضاؾ أنه سٌسافر‬
‫فً الٌوم التالً إلى الٌمن لمحاولة الحصول على تؤٌٌد زعمابها للخطة التً تقترحها المنظمة على صدام ‪.‬‬
‫وسالته إذا كان سٌجتمع مع الزعٌم العراقً فً العاصمة العراقٌة كما كان ٌفعل دابما ‪ ،‬ففاجانً بجوابه ‪ " :‬لن أذهب إلى بؽداد مرة أخر ‪ .‬ولن‬
‫اجتمع بصدام حسٌن مرة أخر " ‪ .‬فلما سؤلته عن سبب اتخاذه هذا القرار كشؾ النقاب عن خبر مثٌر ‪.‬‬
‫فً ‪ 16‬نوفمبر اجتمع هو وعرفات مع صدام حسٌن ‪ .‬وفً ذلك االجتماع حدث مشادة عنٌفة بٌنه وبٌن الزعٌم العراقً ‪ .‬قال له ‪ " :‬إنك ال تساعد‬
‫القضٌة الفلسطٌنٌة كما تدعً ‪ .‬إنك تدمرها ‪ .‬إنك تقضً على آالؾ الفلسطٌنٌٌن فً الكوٌت ‪ .‬إنك تدمر أسرتً ‪ .‬لقد فقد جمٌعهم وظابفهم‬
‫وٌتضورون جوعا " ‪ .‬وقال أبو إٌاد أٌضا انه انتقد بشدة دعم صدام لنشاط أبو نضال االرهابً ‪ .‬وكان أبو نضال ـ وهو واحد من أخطر االرهابٌٌن‬
‫فً العالم ـ قد انفصل عن المنظمة فً أوابل السبعٌنات ؛ ثم ما لبث أن أنشؤ منظمة خاصة به وهً فتح المجلس الثوري وحكم بالموت على أبو إٌاد ‪.‬‬
‫وكان أبو إٌام ٌعلم انه منذ ان أنشؤ ابو نضال منظمته تورط فً اكثر من محاولة الؼتٌاله هو وؼٌره من زعماء منظمة التحرٌر ‪ .‬فؤثارت كلمات ابو‬
‫إٌاد ؼضب صدام حسٌن الذي طرده من مكتبه ‪ .‬كما أثارت ؼضب عرفات الذي تمكن مع هذا من إخراجه من العراق سالما ‪.‬‬

‫كانت تلك آخر مرة قابلت فٌها أبو إٌاد ‪ .‬ففً لٌل الخامس عشر من ٌناٌر ـ أي قبل نشوب حرب الخلٌ بٌومٌن ـ اؼتٌل فً تونس هو وهاٌل عبد‬
‫الحمٌد المعروؾ بؤبً الهول ‪ .‬وكانت المنظمة قد اقترفت خطؤ أمنٌا ماساوٌا عندما سمحت للقاتل حمزة أبو زٌد الذي تظاهر باالنشقاق عن أبو‬
‫نضال بان ٌكون حارس أبو الهول ‪ .‬ومع أن التحقٌق فً االؼتٌال ال ٌزال جارٌا ‪ ،‬فان هناك ما ٌشٌر إلى أن منظمة أبو نضال هً التً دبرت‬
‫العملٌة ‪ .‬لكن لٌس من الواضح ما إذا كان االؼتٌال قرارا مستقال اتخذته المنظمة أم أنه قرار جهة أخر ‪.‬‬
‫***‬
‫فً الرابع من دٌسمبر اجتمع عرفات والملك حسٌن ونابب الربٌس الٌمنً لمدة أربع ساعات مع صدام حسٌن فً بؽداد للعمل على تنفٌذ توصٌاتهم ‪.‬‬
‫وبعد ذلك بؤربع وعشرٌن ساعة ـ أي فً ‪ 6‬دٌسمبر ـ أعلن صدام االفراج الفوري عن جمٌع الرهابن االجانب ‪ .‬لكن لما كان قد أعلن سابقا أنه سوؾ‬
‫ٌسمح لهم جمٌعا بمؽادرة البالد فً عٌد المٌالد فقد شك البعض فً البداٌة بصدقه ‪ .‬لكن وضح فً االٌام التالٌة ان جمٌع الرهابن قد أطلق سراحهم ‪،‬‬
‫وبذلك حلت عقدة من عقد أزمة الخلٌ ‪.‬‬
‫***‬

‫‪575‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫أما على الجبهة الدبلوماسٌة فلم ٌبد أثر للتقدم بالرؼم من كثرة النشاط ‪ .‬فؤوال وقبل كل شًء لم ٌظهر ما إذا كانت الوالٌات المتحدة والعراق قد اتفقتا‬
‫على موعد ذهاب طارق عزٌز إلى واشنطن وبٌكر إلى بؽداد ‪ .‬وتحمل الوالٌات المتحدة العراق مسإولٌة ذلك ‪ .‬فقال االمٌركٌون انهم اقترحوا خمسة‬
‫عشر من تارٌخا وان صدام لم ٌقبل اٌا منها ‪ .‬وكان صدام قد عرض االجتماع ببٌكر فً الثانً عشر من ٌناٌر ولكن الوالٌات المتحدة اعتبرت‬
‫التارٌخ قرٌبا جدا من ‪ٌ 15‬ناٌر الذي حدد لالنسحاب من الكوٌت ‪ .‬أما العراقٌون فقد رأوا فً ذلك إشارة إلى ان الوالٌات المتحدة ال ترٌد اجراء اٌة‬
‫محادثات حقٌقٌة معهم ‪ .‬وقالوا إنه ال تفرض التوارٌخ على أي قطر عربً ‪ ،‬بل ٌنبؽً التفاوض علٌها ‪ .‬وأضافوا أن الوالٌات المتحدة ال ترؼب فً‬
‫المفاوضة حتى على تارٌخ االجتماع‪.‬‬
‫وعلمت من مصدر عراقً أن كل ما كان اِلمر ٌستدعٌه إلجراء محادثات بٌن طارق عزٌز وبوش ‪ ،‬وبٌن بٌكر وصدام هو أن ٌرفع بوش سماعة‬
‫التفلون وٌطلب صدام لمناقشة القضٌة معه‪ .‬هكذا كان ٌفكر صدام ‪ .‬فمنذ بداٌة االزمة شعر الزعٌم العراقً ان الطرٌق الوحٌد للتوصل إلى حل‬
‫تفاوضً لالزمة هو اجراء محادثات مباشرة مع شخصٌن وهما الملك فهد والربٌس بوش‪.‬‬
‫وعلى أي حال فانه لم ٌجر التوصل إلى حل بشان اقتراح الربٌس بوش وأخٌرا لم ٌتم االتفاق إال على اتصال امٌركً عراقً واحد بٌن بٌكر وعزٌز‬
‫فً التاسع من ٌناٌر‪ .‬لكن كان ال بد من التمهٌد لالجتماع بنشاط دبلوماسً واسع ‪.‬‬
‫***‬
‫فً ‪ 12‬دٌسمبر أطلق الشاذلً بن جدٌد الربٌس الجزابري مبادرة سالم فً اجتماع له مع صدام فً بؽداد ‪ .‬وكان تدخل الجزابر فً العملٌة فً نظر‬
‫الذٌن ٌفهمون المفاوضات الشرق أوسطٌة ‪ ،‬أمرا على جانب كبٌر من االهمٌة ‪ .‬فمنذ سنوات طوٌلة كانت الجزابر تلعب دورا اٌجابٌا فً معالجة‬
‫ازمات المنطقة ‪ .‬ولعل ابرز نشاطاتها فً هذا المٌدان ما قامت به فً أواخر ‪ 1980‬وأوابل ‪ 1981‬عندما نجحت فً وضع حد لماساة الرهابن فً‬
‫إٌران ‪ .‬وبفضل الجزابر أطلق سراح الرهابن فً الٌوم الذي جر فٌه تنصٌب رونالد رٌؽن ربٌسا للوالٌات المتحدة وهو ‪ٌ 20‬ناٌر ‪. 1981‬‬
‫على ان جهود بن جدٌد إلجراء مفاوضات لم تلبث أن بلؽت حابطا مسدودا ‪ .‬فالسعودٌة رفضت استقباله بحجة ان المفاوضات ؼٌر ممكنة قبل‬
‫انسحاب صدام من الكوٌت ‪ .‬وأبلؽت الوالٌات المتحدة الجزابر انه ٌنبؽً ان ال ٌقوم بن جدٌد بزٌارة واشنطن ‪ .‬إذ ٌكفً ان ٌتصل تلفونٌا بالربٌس‬
‫بوش ‪.‬‬
‫***‬
‫فً ‪ 18‬دٌسمبر ازدادت االمور تعقٌدا ‪ .‬فالوالٌات المتحدة والعراق لم تكونا قد توصلتا إلى اتفاق على تارٌخ االجتماع بٌن طارق عزٌز وبوش ‪.‬‬
‫وكان طارق عزٌز قد بعث برسالة إلى الجماعة اِلوروبٌة ٌقول فٌها انه على استعداد لالجتماع بوزراء الخارجٌة اِلوروبٌٌن ‪ .‬لكن ما حدث فً ذلك‬
‫الٌوم ان وزراء خارجٌة السوق اِلوروبٌٌة رفضوا االجتماع به ِلنهم ال ٌرٌدون ان ٌولدوا انطباعا بان هناك انشقاقا فً الحلؾ المناهض للعراق ‪.‬‬
‫وقدر لقرار وزراء الخارجٌة هذا أن تكون له نتاب هامة ‪ .‬ففً االٌام التً سبقت ‪ٌ 15‬ناٌر المحدد لالنسحاب شهد العالم فورة من النشاط الدبلوماسً‬
‫‪ .‬فقد ؼٌر وزراء خارجٌة الجماعة اِلوروبٌة رأٌهم وقرروا انه من المهم لهم أن ٌجتمعوا بعزٌز ‪ .‬لكن عزٌز رفض عدة مرات ِلنه كان ال ٌزال‬
‫ؼاضبا بسبب قرار ‪ 18‬دٌسمبر فً بروكسل ‪.‬‬
‫وبعد ذلك بٌومٌن أي فً ‪ 20‬دٌسمبر شهد االتحاد السوفٌٌتً حدثا درامٌا أظهر ان االزمة التً كانت تواجه العالم لٌست فً الشرق االوسط وحده بل‬
‫وفً االتحاد السوفٌٌتً إذ استقال شٌفارنادزه بعد أن اتهم مٌخابٌل ؼورباتشوؾ بالسٌر نحو الدكتاتورٌة ‪ .‬وجاءت استقالته خسارة لبٌكر بوجه خاص‬
‫‪ ،‬النه أنشؤ مع شٌفارنادزه أفضل عالقة نشؤت بٌن وزٌر خارجٌة أمٌركً ونظٌره فً االتحاد السوفٌٌتً ‪ .‬كما ان استقالته كانت مإشرا على ان‬
‫بعض الزعماء المتصلبٌن فً االتحاد السوفٌٌتً بدأوا ٌشككون فً قرار ؼورباتشوؾ باالنضمام إلى الوالٌات المتحدة فً الحلؾ المناهض للعراق ‪،‬‬
‫الن العراق كان حلٌفا لالتحاد السوفٌٌتً منذ زمن طوٌل واكبر مستورد لالسلحة السوفٌٌتٌة ‪.‬‬
‫***‬
‫ومرت االٌام واحدا بعد اآلخر إلى ان بدأ عام ‪. 1991‬‬
‫كان أول ٌناٌر ٌوم عطلة ‪ .‬لكن الثانً منه شهد موجة من المحاوالت الدبلوماسٌة ‪ .‬فوزٌر خارجٌة لوكسمبرغ جاك بوه الذي كان قد أصبح فً الٌوم‬
‫السابق ربٌسا للجماعة اِلوروبٌة دعا إلى اجتماع لوزراء خارجٌتها ٌوم الجمعة فً الرابع من ٌناٌر ‪ .‬وقال إنه ٌتوقع أن ٌوفده وزراء الخارٌجة إلى‬
‫بؽداد إلجراء محادثات مع طارق عزٌز ‪.‬‬

‫‪576‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان الملك حسٌن فً طرٌقه إلى أوروبا إلجراء محادثات فً لندن وروما وبارٌس وبون ولوكسمبرغ ‪ .‬ولم ٌكن قد توقؾ عن السعً إلى إٌجاد حل‬
‫دبلوماسً منذ قام بجهد خارق خالل السنوات الثمانً واِلربعٌن التً أعقبت االزمة ‪ .‬وقال أن الجزابر وٌوؼوسالفٌا اللتٌن تمثالن دول عدم االنحٌاز‬
‫ال تزاالن تشاركان فً عملٌة السالم ‪.‬‬
‫وبٌنما كانت تبذل هذه الجهود كان الربٌس بوش ٌخبر الشعب اِلمٌركً فً مقابلة له مع الصحفً البرٌطانً دٌفد فروست أن استعادة الكوٌت هً‬
‫أكبر تحد أخالقً منذ الحرب العالمٌة الثانٌة ‪ .‬وعندما سبل عما سٌحدث إذا نشب القتال فً الخلٌ قال إنه ٌؤمل أن ٌنتهً فً ؼضون بضعة أٌام‪.‬‬
‫وفً الٌوم التالً ـ ‪ٌ 3‬ناٌر ـ وبعد أن خاب أمل بوش فً االتفاق على تارٌخً االجتماعٌن فً واشنطن وبؽداد عرض على العراق فرصة أخٌرة‬
‫إلجراء محادثات بٌن بٌكر وعزٌز فً السابع والثامن والتاسع من ٌناٌر ‪ .‬لكنه قال بؤن االجتماع لن ٌشتمل على مفاوضات أو تسوٌة أو إنقاذ لماء‬
‫الوجه أو مكافآت على العدوان ‪ .‬ومن المإكد أن مثل هذا البٌان لم ٌكن من النوع الذي ٌوحً بان أجتماعهما سٌحل االزمة ‪.‬‬
‫وبعد ٌومٌن قبل العراقٌون االقتراح وقالوا بؤن عزٌز سٌجتمع مع بٌكر فً جنٌؾ فً التاسع من ٌناٌر ‪ .‬وحٌث انه لم ٌكن قد بقً سو ستة أٌام على‬
‫التارٌخ المحدد لالنسحاب وهو ‪ٌ 15‬ناٌر فإنه كان من المنتظر أن ٌكون حدث جنٌؾ حاسما ‪.‬‬

‫الفصل الحادي عشر‬


‫(( اترك سٌارتك فً الكاراج هذه اللٌلة ))‬
‫وصل جٌمس بٌكر وزٌر الخارجٌة اِلمٌركٌة وطارق عزٌز وزٌر الخارجٌة العراقٌة إلى جنٌؾ فً المساء ‪ .‬وكان اجتماعهما سٌبدأ فً صباح الٌوم‬
‫التالً فً فندق االنتركونتٌننتال ‪ .‬وكانت وسابل المباشر اِلول وربما اِلخٌر على مستو عال بٌن الوالٌات المتحدة والعراق منذ ؼزو الكوٌت فً‬
‫‪ 2‬أؼسطس ‪ . 1990‬وتنبؤ ؼالبٌة الخبراء أن االجتماع لن ٌكون للتفاوض بل لكً ٌطلع كل من الطرفٌن الطرؾ اآلخر على موقفه الذي ٌتمسك به‪.‬‬
‫وعندما بدأ االجتماع فً صباح الٌوم التالً بٌن الوزٌرٌن اللذٌن كان كل منهما محاطا بالوفد المرافق له ‪ ،‬سُمح لرجال الصحافة بدخول القاعة‬
‫لمشاهدة وتصوٌر ما ٌجري بجلسة االفتتاح ‪ .‬وبالرؼم من أن الوزٌرٌن انحنٌا على الطاولة وتصافحا فإنهما لم ٌبتسما‪ .‬وخرجت الصحافة من‬
‫التصوٌر مقتنعة بصحة ما توقعته وهو أن االجتماع سٌنتهً بالفشل‪.‬‬
‫لكن سرعان ما فوجا الجمٌع بؤن االجتماع طال اكثر مما كان منتظرا ‪ .‬وساعة بعد ساعة أخذ ٌبدو كما لو أن بٌكر وعزٌز كانا بالفعل ٌحاوالن‬
‫التوصل إلى حل ‪ .‬وتوقفت المحادثات عدة مرات ولمدة ساعة للؽداء ‪ ،‬لكنها استمرت ‪ .‬وأعلن خبٌر فً شإون الشرق اِلوسط على شاشة التلفزٌون‬
‫البرٌطانً أنه علم من مصارد داخلٌة بؤنه جر إبرام صفقة تسإوي إلى نهاٌة سلمٌة لألزمة ‪.‬‬
‫وأخذ ٌتزاد تفاإل الصحفٌٌن الذٌن كانوا ٌنقلون وقابع االجتماع ‪ .‬وكان الصحفٌون مقتنعٌن بؤن بٌكر كان ٌتصل ببوش خالل فترات الراحة التً‬
‫تخللت االجتماع ‪ ،‬وأنه بالرؼم من أن عزٌز لم ٌكن ٌتصل بصدام فإن هذا كان قد زوده بطابفة من المقترحات ‪ .‬وانتهى االجتماع بعد ست ساعات‬
‫من المناقشات ‪ .‬وانتظر الصحفٌون أن ٌخرج بٌكر وٌطلعهم على ما جر فً مإتمره الصحفً ‪.‬‬
‫على أن العبارات التً استهل بها بٌكر بٌانه بردت كل أمل فً احتمال التوصل إلى حل سلمً ‪ .‬قال بٌكر ‪:‬‬
‫" سٌداتً سادتً ‪ .‬قبل قلٌل بعثت للربٌس بوش تقرٌرا عن اجتماعنا الٌوم ‪ .‬اخبرته أن الوزٌر عزٌز وأنا أكملنا محادثات جدٌة مطولة فً محاولة‬
‫الٌجاد حل سٌاسً الزمة الخلٌ ‪ .‬لقد أجتمعت مع الوزٌر عزٌز الٌوم ولكن كما سبق لنا أن بٌنا ال للتفاوض على ما جر قبل قرار مجلس اِلمن‬
‫بل لالتصال المباشر معه مستمعا ومتحدثا ‪ .‬وهذا ما فعله كل منا ‪ .‬أما الرسالة التً نقلتها إلٌه من الربٌس بوش والشركاء فمفادها أنه ٌنبؽً على‬
‫العراق أن ٌستجٌب إلرادة المجتمع الدولً وأن ٌنسحب سلمٌا من الكوٌت وإال طرد منها بالقوة ‪.‬‬
‫" وٌإسفنً سٌداتً سادتً أننً لم أسمع الٌوم خالل الساعات الست ما ٌوحً بؤي مرونة فً مسؤلة التقٌد بقرار مجلس اِلمن الدولً " ‪.‬‬
‫***‬
‫كانت الرسالة واضحة ‪ :‬لقد فشل االجتماع ‪.‬‬
‫وصرح بٌكر بؤن عزٌز رفض قبول رسالة قدمها إلٌه لٌنقلها إلى صدام ‪ .‬ذلك أن عزٌز أعادها إلٌه بعد قراءتها ‪ .‬وقال عزٌز فً مإتمر صحفً‬
‫عقده بعد ذلك إن " لهجة الرسالة لٌست تلك التً ٌنبؽً استخدامها فً المراسلة بٌن رإساء الدول " ‪.‬‬
‫واآلن وقد تعذر االتصال بٌن رإساء الدولتٌن اتضح لً سبب فشل االجتماع ـ فطارق عزٌز لم ٌحمل معه إلى جنٌؾ أٌة مقترحات ـ لقد جاء لتحقٌق‬
‫هدؾ واحد وهو إقناع الوالٌات المتحدة بسحب توقٌت االنسحاب فً ‪ٌ 15‬ناٌر الذي وافقت علٌه هٌبة االمم ـ فلم ٌكن صدام من النوع الذي ٌقبل‬

‫‪577‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بالمواعٌد النهابٌة المحددة ‪ .‬لقد كان ٌعتبرها نوعا من التهدٌد‪ ،‬كما أنه لم ٌبعث بعزٌز إلى جنٌؾ ٌظهر استعداد العراق إلجراء محادثات حول الحل‬
‫السلمً بل للحدٌث عن التارٌخ النهابً لالنسحاب ‪ .‬وهذا ما لم ٌكن بٌكر على استعداد لقبوله ‪.‬‬
‫وكان فً جناح عزٌز خالل اجتماع هذا مع بٌكر وزٌر خارجٌة الجزابر السٌد أحمد الؽزالً ‪ ،‬ومدٌر الدابرة السٌاسٌة بمنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة‬
‫فاروق القدومً ‪ .‬وخالل فترة الؽداء التً أعقبت ثالث ساعات من المحادثات دخل عزٌز إلى جناحه وقال للؽزالً والقدومً ‪ " :‬لن نحرز أي تقدم‬
‫فً هذه الحادثات ‪ .‬فهم ٌوفضون مناقشة موضوع التارٌخ المحدد لالنسحاب { ‪ٌ 15‬ناٌر } ‪ .‬كما أنهم لٌسوا على استعداد لحذفه ‪ .‬ولن نفاوضهم حتى‬
‫ٌفعلوا ذلك " ‪.‬‬
‫***‬
‫كان صدام قد علم بان الكونجرس اِلمٌركً صوت فً الٌوم السابق مإٌدا خطة الربٌس ال ستخدام عمل عسكري لتحرٌر الكوٌت ‪ .‬لكن الذي حٌرّ ه‬
‫هً اِلخبار التً وردته من الوالٌات عن معارضة عدد كبٌر من الشٌوخ والنواب اِلمٌركٌٌن ‪ ،‬اِلمر الذي أوحى له بانقسام الرأي اِلمٌركً حول‬
‫اِلزمة ‪ .‬وبذلك أظهر عجره عن فهم العقلٌة اِلمٌركٌة ‪ :‬فحالما تنشب الحرب ٌقؾ الشعب اِلمٌركً وراء الربٌس بال معارضة أو بشًء قلٌل منها ‪.‬‬
‫***‬
‫عندما وصل بٌرٌز دي كوٌار إلى بؽداد فً وقت متاخر من مساء ‪ٌ 11‬ناٌر إلى بؽداد علم بؤن علٌه أن ٌنتظر ‪ 48‬ساعة قبل أن ٌتسنى له االجتماع‬
‫بصدام حسٌن ‪ .‬لكنه أجتمع مع طارق عزٌز ‪ .‬وفً مساء ‪ٌ 13‬ناٌر استقبله صدام ‪.‬‬
‫فً أوبل فبراٌر ‪ 1991‬نشرت الحكومة العراقٌة ما وصفته بؤنه تسجٌل لوقابع االجتماع ‪ .‬ولم ٌشك أحد فً صحة ما جاء فٌه ‪ .‬كان دقٌقا مثل‬
‫تسجٌل وقابع اجتماعات صدام مع ؼالسبً ‪ ،‬سفٌرة الوالٌات المتحدة وجو ولسون القابم باِلعمال ‪ .‬وقد حصلت على هذه التسجٌالت خالل زٌارتً‬
‫لبؽداد فً فً سبتمبر ‪ . 1990‬ومن المهم أن نفهم ماذا حدث فً تلك اللٌلة ـ قبل الموعد المحدد لالنسحاب وهو ‪ٌ 15‬ناٌر ‪.‬‬
‫استهل دي كوٌار االجتماع بقوله لصدام ‪:‬‬
‫" سٌدي الربٌس ‪ .‬أود أن أقول بؤننً قدمت إلى العراق بدون أن أكلؾ باي مهمة ‪ .‬فلم ٌعهد إلًّ أحد بؤي شًء من ذلك القبٌل ‪ .‬ولم ٌكلفنً مجلس‬
‫اِلمن أو اِلمم المتحدة بالقٌام بؤي شًء ‪ .‬لكن ما شجعنً على القٌام بهذه الرحلة لٌسوا رإساء الدول والحكومات وحدهم بل والبابا ومواطنون‬
‫عادٌون طلبوا منً أن استخدم مركزي وخصوصا نفوذه اِلدبً للعمل على إقرار السالم فً المنطقة ‪.‬‬
‫" وقد تقاجؤ ٌا سٌادة الربٌس إذ عملت أن بٌن الذٌن تمنوا لً الٌنجاح فً مهمتً ربٌس الوالٌات المتحدة الذي اجتمعت وتحدثت معه أربع مرات ٌوم‬
‫السبت الفابت ‪ .‬لكن أود أن أإكد لك بؤننً ال أحمل أٌة رسالة وأننً لست رسوال من قبل أحد ‪ .‬فؤنا أمثل نفسً فحسب ‪.‬‬
‫" قبل مجٌبً إلى العراق بؤسبوع اجتمعت مع الربٌس بوش ِلبلؽه أننً قررت االجتماع معك ‪ .‬ذلك أننً أردت قبل مجٌبً أن استمع إلٌه وأنه أتؤكد‬
‫من رؼبته فً التوصل إلى حل سلمً لألزمة ‪ .‬وال أستطٌع أن أقدم أي ضمانة بشؤن ما ٌضمره ‪ .‬لكنه قال لً عندما علم باعتزامً االجتماع معك‬
‫إنه ٌشعر برؼبة ملحة فً التوصل إلى حل سلمً لألزمة ‪.‬‬
‫" لقد قمت بعدد من المبادرات بٌنها مباردة مهمة وبناءة وهً قرارك باالفراج عن االجانب ‪ ،‬فبذلك أزلت عقبة فً طرٌق التخفٌؾ من التوتر فً‬
‫المنطقة ‪ .‬على أن مبادرة ‪ 12‬أؼسطس { وذلك عندما صرح صدام حسٌن بؤنه على استعداد لالنسحاب من الكوٌت كجزء من حل عربً أوسع بما‬
‫فً ذلك النزاع الفلسطٌنً اإلسرابٌلً } لم تفهم تماما ‪ .‬لكنها تظهر بشكل أو بآخر فً إطار قرارات مجلس اِلمن التً أشارت بالتحدٌد إلى جامعة‬
‫الدول العربٌة ومشاركتها فً أي حل ‪ .‬فعلى ذلك اِلساس ٌمكن عمل شًء ‪ .‬وكما سبق لً أن أخبرت وزٌر خارجٌتكم فإنكم قد قمتم بعمل شًء ‪.‬‬
‫وأر أنكم عملتم الكثٌر فً سبٌل القضٌة الفلسطٌنٌة وها أنتم قد وضعتم مصٌر الشعب الفلسطٌنً على جدول اِلعمال ‪.‬ونظرا ِلنً من أصل‬
‫إسبانً فإننً أشعر بؤننً قرٌب من العالم العربً والشعب الفلسطٌنً " ‪.‬‬
‫وقال دي كوٌار إنه خالل اجتماعه فً جنٌؾ مع وزراء خارجٌة دول السوق اِلوروبٌة وهو فً طرٌقه إلى بؽداد قال له الوزراء بؤنهم ٌرٌدون‬
‫معالجة القضٌة الفلسطٌنٌة ‪ .‬ثم واصل كالمه لصدام فقال‪:‬‬
‫وحتى عندما راٌت بوش ٌوم السبت اعترؾ بالحاجة الملحة معالجة أزمة فلسطٌن وقال إنه لم ٌنس البٌان الذي ألقاه فً الجمعٌة العامة فً اِلول من‬
‫أكتوبر وإنه قد تسنح الفرص لجمٌع الدول الٌجاد حل للمشكلة التً تفرق بٌن العرب واإلسرابٌلٌٌن ‪.‬‬
‫على أن دي كوٌار بعد ذلك نقطة تنطوي على نقد فقال إنه ال ٌمكن حل أٌة قضٌة بما فً ذلك قضٌة فلسطٌن إذا لم ٌنسحب صدام من الكوٌت ‪ .‬ثم‬
‫قال ‪:‬‬

‫‪578‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫" أعرؾ شجاعتكم وكرمكم ‪ .‬فقد تابعت أخبار الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة والمبادرات التً قمتم بتقدٌمها إلنهاء الحرب ‪ .‬وآمل أن تتقدموا بالروح‬
‫ذاتها بشًء ٌضع حدا للنزاع الحالً ‪ .‬ولعمل ذلك علٌنا بالطبع أن نجد طرٌقة للتقٌد بقرارات اِلمم المتحدة وخصوصا رقم ‪ 660‬ورقم ‪… 675‬‬
‫هناك شًء قاله بوش وسجلته على قصاصة ورق وهو ‪ " :‬إن الوالٌات المتحدة ستهاجم العراق أو قواته المسلحة إذا لم ٌتم االنسحاب من الكوٌت‬
‫ولم تعد اِلمور فٌها إلى ما كانت علٌه فً الثانً من أؼسطس ‪ .‬إن الوالٌات المتحدة ال ترؼب فً أن تبقً قواتها البرٌة فً المنطقة ؛ وسوؾ تدعم‬
‫المفاوضات بٌن اِلطراؾ المعٌنة وسوؾ أقبل أي قرار تتخذه " ‪.‬‬
‫وعندما أنهى دي كوٌار كالمه سؤله صدام حسٌن ‪ " :‬هل تشرب قهوة سوداء {مرة} ؟ إن هذا النوع من القهوة ال ٌساعد على النوم خالل اللٌل " ‪.‬‬
‫فؤجابه دي كوٌار ‪:‬‬
‫" إنً أسافر كثٌرا ‪ .‬وأنا رجل متقدم فً السن ‪ ،‬ولكننً قوي بالنسبة لسنً ‪ .‬إن الرأس هو الذي ٌتحكم بكل شًء " ‪.‬‬
‫***‬

‫ثم أخذ الزعٌم العراقً ٌبسط آراءه فقال ‪:‬‬


‫" أحببت أن تؤتً ِلنك تعاملت معنا فً الماضً وتعرؾ طرٌقة تفكٌرنا ‪ .‬وقد كنت أخشى أن تؤتً من زاوٌة مختلفة ِلنك آت فً ظروؾ ٌدعو فٌها‬
‫اِلقوٌاء إلى استخدام السالح ضدنا بؤسرع وقت ممكن ‪ " .‬ولهذا فانك إذا لم تقدم لهم ما ٌرٌدونه فقد ٌتخذون من زٌارتك حجة لشن الحرب ‪ .‬وبٌنما‬
‫كنت اصؽً إلٌك تبٌن لً أنك أثرت عدة نقاط إٌجابٌة ‪ .‬وأنا متفق معك على أنه بالنسبة لموضوع معقد على هذا النحو فانه ال ٌنتظر التوصل إلى‬
‫الحلول فً اجتماع واحد ‪ .‬إنه ٌنبؽً مناقشة هذه اِلمور بطرٌقة شاملة وبعمق " ‪.‬‬
‫***‬
‫وقضى الزعٌم العراقً ربع الساعة التالً فً مناقشة الوضع الذي نشؤ خالل الحرب العراقٌة اإلٌرانٌة ‪ .‬ثم انتقل إلى مسؤلة الكوٌت فقال ‪:‬‬
‫***‬
‫" ما الذي أوصل اِلمور منذ الثانً من أؼسطس إلى الحد الذي وصلت إلٌه ؟ إنه التهدٌد الذي شعرنا به ؟ كانت الكوٌت قد أصبحت قاعدة فً ٌد‬
‫الوالٌات المتحدة للتآمر علٌنا … إننا لم نضم الكوٌت أو نوحد بٌنها وبٌن العراق فً الحال بالرؼم من أن حكام الكوٌت ـ كما تعلم ـ فروا فً الٌوم‬
‫اِلول ذاته … وافقنا على عقد مإتمر قمة فً السعودٌة تحضره الدول الخمس ‪ :‬العراق ‪ ،‬الٌمن ‪ ،‬اِلردن ‪ ،‬السعوودٌة ومصر ‪ .‬أردنا أن نناقش كل‬
‫هذه التعقٌدات مع العالم العربً لنحلها‪.‬‬
‫" وماذا حدث ؟ بدال من أن ٌعقد مإتمر القمة قامت السعودٌة ومصر بإلؽابه ‪ ،‬واتفقتا مع الوالٌات المتحدة على نشر قواتها على أرض السعودٌة ‪.‬‬
‫هكذا أضعنا فرصة التوصل إلى حل عربً ‪ ،‬وواصل اِلمٌركٌون نشر القوات بدون قرار من مجلس اِلمن ‪.‬‬
‫" وبالرؼم من أن قرار نشر القوات اِلمٌركٌة فً السعودٌة كان قد اتخذ فاننا تصرفنا على نحو بناء حٌال قرار مجلس اِلمن رقم‪ . 660‬صحٌح أننا‬
‫لم نعترؾ بالقرار إال أننا تحركنا فً إطاره ‪ .‬وهكذا فاننا أعلنا بوضوح أننا سنسحب قواتنا فً الرابع من أؼسطس ‪ .‬وبالفعل قمنا بسحب بعض قواتنا‬
‫‪ .‬وأعتقد أننا سحبنا لواء بكامله ‪ ،‬بالرؼم من أن قواتنا المتواجدة هناك عندبذ لم تكن بحجمها الحالً ‪ .‬لكن عندما استمر التصعٌد اِلمٌركً ‪،‬‬
‫واستمرت القوات اِلمٌركٌة فً الوصول بؤعداد متزاٌدة ‪ ،‬أوقفنا سحب قوانتا ‪ .‬وكما قلت ‪ ،‬فاننا أعلنا الوحدة ‪ ،‬وأبلؽنا الشعب ‪ ،‬والجٌش فً العراق‬
‫أن الكوٌت اصبحت جزءا من بالدهم وأن علٌهم أن ٌقاتلوا من أجلها حتى الموت ‪{ .‬وكان صدام ٌشٌر إلى إعالنه فً الثامن من أؼسطس أن العراق‬
‫قامت بضم الكوٌت ‪. " } .‬‬
‫***‬
‫ثم تناول صدام القضٌة الفلسطٌنٌة فانتقد الوالٌات المتحدة لمعارضتها عقد مإتمر دولً لبحث المشكلة " وذلك لكً ال ٌكون عقده بمثابة انتصار‬
‫سٌاسً لصدام حسٌن … ما الذي ٌقولونه اآلن ؟ فلٌنسحب العراق من الكوٌت ثم نعقد مإتمرا دولٌا لمناقشة القضاٌا ‪ .‬وهذا وعد ؼٌر صادق إنه‬
‫مجرد احتمال " ‪.‬‬
‫وتبٌن من مجر الحدٌث أن الزعٌم العراقً لم ٌكن مستعدا لالنسحاب من الكوٌت إال فً إطار حل أشمل ‪ .‬قال ‪ " :‬إن العراقٌٌن لن ٌفروا من‬
‫الموت ‪ .‬وسوؾ ٌحشر بوش ٌوما بعد ٌوم فً الزاوٌة ؛ وسوؾ ٌضطر إلى اللجوء إلى السالح ِلن الذي ٌشؽل نفسه فً توفٌر متطلبات استخدام‬
‫اِلسلحة ال ٌمكن أن ٌركز على التفكٌر فً إٌجاد بدابل لذلك " ‪.‬‬

‫‪579‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وكان الجزء اِلخٌر من محادثات الزعٌمٌن فً ؼاٌة اِلهمٌة ‪ ،‬إذ قال اِلمٌن العام دي كوٌار بكل وضوح ‪ " :‬إذا كنت قد فهمتك تماما فان موقفك من‬
‫الكوٌت ال ٌمكن الرجوع عنه ‪ .‬وفً هذه الحالة ال ٌمكننا العمل بمبدأ الصفقة " ‪ .‬فقال صدام ‪:‬‬
‫" لم أقل ذلك ـ لقد قلت ما قلته ـ إذا وجدت أن اِلمٌركٌٌن ٌسعون إلى اٌجاد مخرج من اِلزمة ‪ ،‬وأنهم ٌبحثون عن طرٌقة ال تعود علٌهم بالخسارة‬
‫ولكنها فً الوقت ذاته ال تحقق لهم بالضرورة كل ما ٌرٌدون ‪ ،‬فانه من الممكن وضع مخطط لهذا الؽرض ؛ وٌمكن للعرب أن ٌبحثوا عن حل على‬
‫أساسه " ‪.‬‬
‫فشكر دي كوٌار الزعٌم العراقً على ضٌافته والوقت الذي خصصه له ‪ .‬وقال صدام " أتمنى لك الٌنجاح " وقال دي كوٌار ‪ٌ " :‬نبؽً علٌنا أن نفكر‬
‫فً إخواننا الفلسطٌنٌٌن " ‪ .‬فاجاب صدام ‪ " :‬إنهم ٌذبحون ٌومٌا اِلطفال والنساء " ‪.‬‬
‫***‬
‫عاد دي كوٌار إلى نٌوٌورك قبٌل ظهر ‪ٌ 14‬ناٌر بعد أن توقؾ فً بارٌس لرإٌة الربٌس مٌتران ‪ .‬وخرج من اجتماعه مع مٌتران مكتببا ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫" من المإسؾ أننً فً نهاٌة رحلتً ال أجد سببا ٌدعو إلى التفاإل ‪ .‬وال ٌوجد كذلك سبب ٌجعلنً أكثر أمال ‪ .‬أنا دبلوماسً ولكننً أٌضا نزٌه‬
‫ومستقٌم ‪ ،‬وال أستطٌع أن أخفً أننً لم احرز تقدما ببؽداد " ‪.‬‬
‫لم ٌكن بقً على الموعد النهابً ‪ٌ 15‬ناٌر سو ست وثالثٌن ساعة ؛ وٌوافق ذلك منتصؾ اللٌل فً واشنطن ‪ .‬وكان الفرنسٌون ٌتحدثون عن آخر‬
‫جهود للسالم ‪ .‬وأشار روالن دوما إلى أنه على استعداد للذهاب إلى بؽداد ‪.‬‬
‫ثم حل ‪ٌ 15‬ناٌر ‪ .‬وفً الساعات اِلولى من صباحه اؼتٌل أبو أٌاد فً تونس ‪ .‬وكان دوما ال ٌزال ٌفكر فً السفر ولكنه قال بؤنه لن ٌسافر حتى‬
‫ٌتلقى رسالة من العراق تقول بؤنه على استعداد لالنسحاب من الكوٌت ‪ .‬وكان عرفات ٌبذل جهودا ٌابسة لالتصال بالزعماء العرب فً محاولة منه‬
‫إلحراز أي تقدم نحو السالم ‪.‬‬
‫وحل الموعد فً منتصؾ اللٌل والعراق ال ٌزال متشبثا بالكوٌت ‪ .‬ومن الواضح أن الزعٌم العراقً كان ٌنتظر نشوب الحرب ‪.‬‬
‫***‬
‫فً صباح ‪ٌ 16‬ناٌر توجهت مبكرا إلى مكتبً ‪ .‬وكان ٌخامرنً شعور بؤن شٌبا ما سٌحدث ‪ .‬وفً الرابعة بعد الظهر دق جرس التلفون وكان‬
‫المتحدث مصدري العسكري اِلول الذي أثق به كل الثقة ‪ .‬قال ‪ٌ " :‬فضل أن تضع سٌارتك فً الكاراج هذه اللٌلة " ‪ .‬قال هذا وأقفل الخط ‪ .‬على أن‬
‫رسالته كانت واضحة ‪ .‬كان سٌقع الهجوم على العراق فً تلك اللٌلة ‪.‬‬
‫فً الحادٌة عشرة والنصؾ لٌال بتوقٌت لندن بدأت القنابل فً السقوط على بؽداد ‪ .‬وبذلك بدأت حرب الخلٌ ‪.‬‬
‫‪-------------‬‬
‫الخاتمة‬
‫فً الثانً عشرة والنصؾ من صباح ‪ 28‬فبراٌر رن جرس التلفون الذي كان بجوار سرٌري وقٌل لً أن أذهب فً الحال إلى مكتبً ِلن الربٌس‬
‫بوش كان سٌخاطب الشعب اِلمٌركً فً الثانٌة صباحا ‪ .‬وكانت تلك هً اللٌلة الرابعة على التوالً منذ أن بدأت الحرب البرٌة التً أهب فٌها من‬
‫الفراش وأحلق ذقنً وارتدي مالبسً على عجل وأتجه إلى مكتبً ‪ .‬وعندما دخلت المكتب وجدت بعض اِلخبار التً تشٌر إلى أن الربٌس اِلمٌركً‬
‫سٌعلن نهاٌة الحرب ‪ .‬وفً الثانٌة صباحا أعلن وقؾ إطالق النار المإقت وأن الؽارات الجوٌة على العراق توقفت وأن الحرب البرٌة ستتوقؾ عند‬
‫منتصؾ اللٌل بتوقٌت واشنطن والثامنة صباحا بتوقٌت بؽداد ‪ .‬وبهذا تكون الحرب قد استمرت ستة أسابٌع وأربع ساعات بٌنما استمرت اِلزمة ستة‬
‫أشهر وستة وعشرٌن ٌوما ‪.‬‬
‫سؤترك للمحللٌن العسكرٌٌن أمر تقٌٌم الحرب ‪ .‬وقد ٌمضً بعض الوقت قبل أن ٌتمكنوا من فك رموز الرسابل التً ارسلت إلى الصحافة فً‬
‫واشنطن والسعودٌة وإسرابٌل والعراق ‪ ،‬ومعرفة تفاصٌل ما حدث بالفعل ‪ .‬لكن هناك اشٌاء واضحة ‪ .‬لقد سحقت قدرات العراق العسكرٌة ‪،‬‬
‫ودمرت بنٌاتها التحتٌة ‪ .‬وعلٌه فسوؾ ٌمر جٌل من الزمن على اِلقل إلعادة البناء ‪ .‬وكذلك فان القوات العراقٌة أنزلت خرابا خطٌرا فً الكوٌت ‪.‬‬
‫إذ دمرت أقسام من المدٌنة واشعلت النار فً آبار النفط وعذب بعض المواطنٌن وقتل ؼٌرهم ‪ .‬لكن ربما كان اِلهم من هذا بكثٌر هو الطرٌقة التً‬
‫هزت بها الحرب العالم العربً وقسمته على نفسه ‪.‬‬
‫إن اِلمة العربٌة سرٌعة العطب ‪ .‬وقد أحدثت كل أزمة شهدتها المنطقة تؽٌرات درامٌة فٌها ‪ .‬فخلق إسرابٌل فً عام ‪ 1948‬اعتبر هزٌمة عربٌة‬
‫كبر ‪ .‬وفً السنوات الخمس التالٌة سقط زعماء ثالث دول ‪ ،‬وهً مصر وسورٌا والعراق ‪ .‬وخالل حرب السوٌس سمحت العراق التً كانت ال‬
‫تزال تخضع للحكم الملكً لبرٌطانٌا باستخدام مطاراتها لمهاجمة مصر بالطابرات المقاتلة ‪ .‬وبعد سنتٌن أطٌح باِلسرة الحاكمة وأد االنتصار‬

‫‪580‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المذهل إلسرابٌل فً حرب اِلٌام الستة إلى قٌام منظمة التحرٌر بنشاط " إرهابً " واسع ‪ .‬وأد الؽزو اإلسرابٌلً للبنان عام ‪ 1982‬إلى قٌام حزب‬
‫ّللا الذي تدعمه إٌران ‪ .‬وبعد ذلك بخمس سنوات ابتدأت االنتفاضة فً اِلراضً المحتلة ‪.‬‬
‫وشهدت السنوات الخمس واِلربعون منذ نهاٌة الحرب العالمٌة الثانٌة ‪ 81‬انقالبا فً أربع عشرة دولة عربٌة نجح منها أربعة وعشرون ‪ .‬وكان‬
‫القطران اللذان شهدا اكثرها هما العراق وسورٌا ‪ .‬إذ شهد ‪ 32‬محاولة نجح منها ‪ . 14‬واِلقطار العربٌة تخضع للحكم الملكً أو الجمهوري ‪ ،‬لكن‬
‫ال ٌتمتع أي منها بحكم دٌمقراطً ‪ .‬صحٌح أن فً بعضها " برلمانات " أو " جمعٌات وطنٌة " أو " مجالس شعبٌة " ‪ ،‬لكن هذه لٌست سو‬
‫مإسسات هزٌلة أنشبت إلضفاء هالة من الشرعٌة على النخب الحاكمة ‪ .‬وإن عجز الحكومات الؽربٌة التً تحالفت فً حرب الخلٌ عن الضؽط‬
‫على هذه اِلقطار لتبنً نظم دٌمقراطٌة سوؾ ٌإدي إلى تفاقم اِلخطار التً نجمت عن الحرب ‪ .‬كما أن عجز الدول الؽربٌة عن حل القضاٌا العربٌة‬
‫اِلساسٌة مثل النزاع العربً اإلسرابٌلً سوؾ ٌزٌد من تلك اِلخطار‪.‬‬
‫قام الخبراء بإعداد قابمة بؤسماء الرابحٌن وأخر بؤسماء الخاسرٌن فً العالم العربً ‪ .‬وتضم اِلولى إٌران ‪ ،‬وتركٌا ‪ ،‬ومصر وسورٌا والسعودٌة ‪.‬‬
‫وتضم الثانٌة اِلردن والٌمن ومنظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة وٌضٌؾ الخبراء أن اِلشخاص الرابحٌن هم الربٌس التركً أوزال ‪ ،‬والربٌس المصري‬
‫مبارك ‪ ،‬والربٌس السوري حافظ اِلسد ‪ .‬والخاسران فً نظرهم هم الملك حسٌن وٌاسر عرفات ‪ .‬والحقٌقة هً أن الذٌن وصفوا بالرابحٌن ٌواجهون‬
‫معارضة علنٌة أو سرٌة فً بالدهم ‪ ،‬فً حٌن أن الملك حسٌن ٌتمتع بشعبٌة كبٌرة ‪ ،‬وأن ٌاسر عرفات ال ٌزال المسٌطر على المنظمة ‪ .‬وعلٌه فعلى‬
‫المرء أن ال ٌفاجؤ خالل السنوات القلٌلة القادمة إذا خسر أحد الرابحٌن وظل الخاسرون فً أوج قوتهم وشعبٌتهم ‪.‬‬

‫لقد تحدث الربٌس بوش عن خلق نظام عالمً جدٌد ‪ .‬لكن هذا لٌس باِلمر السهل ‪ .‬فقد فقدت أمٌركا الكثٌر من شعبٌتها فً بعض اِلقطار العربٌة ‪.‬‬
‫وكذلك فإن العالقات اِلمٌركٌة السوفٌتٌة قد أصبحت سرٌعة العطب بعد وقت ؼٌر طوٌل من انتهاء الحرب الباردة ‪.‬‬
‫وأصابت حرب الخلٌ اندفاع الجماعة اِلوروبٌة نحو مزٌد من الوحدة السٌاسة والنقدٌة بؤضرار بالؽة ‪ .‬وعلٌنا أن ال ننسى أن الحرب أدت إلى‬
‫انتفاضات فً كثرة من اِلقطار اآلسٌوٌة‪.‬‬
‫من الصعب أن ٌحاول المرء فٌما تصفه الوالٌات المتحدة بالنصر الدرامً ‪ .‬لكن السالم فً ؼاٌة التعقٌد ‪ ،‬وخصوصا فً الشرق اِلوسط ‪ .‬لقد تمت‬
‫هزٌمة العراق بسرعة ‪ .‬لكن لٌس من السهل التوصل إلى سالم طوٌل اِلمد ‪.‬‬
‫‪-----------------------‬‬
‫الوثابق‬
‫الملحق اِلول‬
‫رسالة‬
‫نابب ربٌس الوزراء ‪ ،‬وزٌر الخارجٌة العراقً‬
‫إلى اِلمٌن العام لجامعة الدول العربٌة‬
‫بتارٌخ ‪ٌ 15‬ولٌو (تموز) ‪1990‬‬
‫سٌادة اِلخ الشاذلً القلٌبً‬
‫اِلمٌن العام لجامعة الدول العربٌة‬
‫تحٌة أخوٌة …‬
‫فً بداٌة هذه الرسالة البد من التذكٌر بالمبادئ التً ٌإمن بها العراق والتً طبقها بكل أمانة وحرص فً عالقاته العربٌة ‪.‬‬
‫إن العراق ٌإمن بؤن العرب فً كل أقطارهم أمة واحدة ‪ ..‬وٌفترض أن ٌعم خٌرهم الجمٌع وأن ٌستفٌدوا منه ‪ ،‬وإذا ما أصاب أحدهم ضرر أو أسى‬
‫فؤن هذا الضرر واِلسى ٌلحق بهم جمٌعا وأن العراق ٌنظر إلى ثروات اِلمة على أساس هذه المبادئ ‪ ..‬وقد تصرؾ فً ثروته منطلقا من هذه‬
‫المبادئ ‪.‬‬
‫كما ٌإمن العراق ‪ ..‬بؤنه برؼم ما أصاب اِلمة العربٌة فً العهد العثمانً وبعده تحت ظل االستعمار الؽربً من شتى الوان التقسٌم والهوان‬
‫واالضطهاد ومحاولة فسخ الشخصٌة القومٌة ‪ ،‬فان مقومات وحدة اِلمة العربٌة ما تزال حٌة وقوٌة ‪ ..‬وأن الوطن العربً برؼم انقسامه إلى دول هو‬
‫وطن واحد وأن أي شبر من هذا الوطن هنا أو هناك فً أرض هذا القطر أو ذاك ٌنبؽً المشترك ‪ ،‬كما ٌنبؽً تجنب الوقوع فً مهاوي النظرة‬

‫‪581‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الضٌقة واِلنانٌة فً التعامل مع المصالح والحقوق لهذا القطر أو ذاك ‪ .‬إن مصالح اِلمة العربٌة العلٌا‪ ..‬والحسابات االستراتٌجٌة العلٌا لألمن القومً‬
‫العربً ٌجب أن تكون حاضرة دابما كما ٌجب أن تكون المعٌار اِلول فً التعامل فً كل هذه المسابل بٌن اِلقطار العربٌة ‪.‬‬
‫على أساس هذه المبادئ القومٌة واِلخوٌة المخلصة والصادقة تعامل العراق مع الكوٌت رؼم ما هو معروؾ من حقابق الماضً والحاضر بالنسبة‬
‫للكوٌت والعراق ‪ .‬والذي دعانا إلى كتابة هذه الرسالة ‪ ..‬اننا مع عمٌق اِلسؾ بتنا نواجه اآلن من جانب حكومة الكوٌت حالة تخرج عن إطار‬
‫المفاهٌم القومٌة التً ذكرنا ‪ ..‬بل تتناقض معها وتهددها فً الصمٌم ‪ ..‬وتتناقض مع أبسط مقومات العالقات بٌن اِلقطار العربٌة ‪ ..‬إن المسإولٌن‬
‫فً حكومة الكوٌت وبرؼم مواقفنا اِلخوٌة الصادقة فً التعامل معهم فً جمٌع القضاٌا ‪ ،‬وبرؼم حرصنا على مواصلة الحوار اِلخوي معهم فً كل‬
‫وِلوقات قد سعوا وبؤسلوب مخطط ومدبر ومتواصل إلى استمرت ثمان سنوات والتً أكد كل العرب المخلصٌن قادة ومفكرٌن ومواطنٌن ‪ ،‬ومنهم‬
‫رإساء دول الخلٌ بؤن العراق كان ٌدافع خاللها عن سٌادة اِلمة العربٌة كلها وخاصة دول الخلٌ ومنها بل وبصورة خاصة الكوٌت ‪ .‬كما سلكت‬
‫حكومة الكوٌت هذه السٌاسة التً تتعمد إضعاؾ العراق فً الوقت الذي ٌواجه فٌه العراق حملة امبرٌالٌة صهٌونٌة شرسة بسبب مواقفه القومٌة فً‬
‫الدفاع عن الحق العربً‪ ،‬تدفعها إلى ذلك مع اِلسؾ دوافع أنانٌة ونظرة ضٌقة وأهداؾ لم ٌعد ممكنا النظر إلٌها إال على أنها مرٌبة وخطٌرة ‪ .‬وفً‬
‫هذا الشؤن هنالك صفحتان ربٌسٌتان ‪:‬‬
‫اِلولى ‪ :‬من المعروؾ أنه منذ عهد االستعمار والتقسٌمات التً فرضها على اِلمة العربٌة هنالك موضوع معلق بٌن العراق والكوٌت بشؤن تحدٌد‬
‫الحدود ‪ ..‬ولم تفلح االتصاالت التً جرت خالل الستٌنات والسبعٌنات فً الوصول الذي حل بٌن الطرفٌن لهذا الموضوع حتى قٌام الحرب بٌن‬
‫العراق وإٌران ‪ ..‬وفً أثناء سنوات الحرب الطوٌلة بصورة خاصة وفً الوقت الذي كان فٌه أبناء العراق النشامى ٌسفحون دمهم الؽالً فً الجبهات‬
‫دفاعا عن اِلرض العربٌة ومنها أرض الكوٌت وعن السٌادة والكرامة العربٌة ومنها كرامة الكوٌت ‪ ،‬استؽلت حكومة الكوٌت انشؽال العراق كما‬
‫استؽلت مبادبه القومٌة اِلصٌلة ونهجه النبٌل فً التعامل مع اِلشقاء وفً القضاٌا القومٌة لكً تنفذ مخططا فً تجمٌد وتٌرة الزحؾ التدرٌجً‬
‫والمبرم باتجاه أرض العراق فصارت تقٌم المنشآت العسكرٌة والمخافر والمنشآت النفطٌة والمزارع على أرض العراق وقد سكتنا على كل ذلك‬
‫واكتفٌنا بالتلمٌح واإلشارات علها تكفً فً إطار مفاهٌم اِلخوة التً كنا نعتقد أن الجمٌع ٌإمنون بها‪ .‬ولكن تلك اإلجراءات استمرت وبؤسالٌب ماكرة‬
‫وإصرار ٌإكد التعمّد والتخطٌط‪.‬‬
‫وبعد تحرٌر الفاو ‪ ،‬بادرنا ـ فً أثناء مإتمر قمة الجزابر عام ‪ 1988‬ـ إلى إبالغ الجانب الكوٌتً برؼبتنا الصادقة فً حل هذا الموضوع فً إطار‬
‫عالقات اإلخوة والمصلحة القومٌة العلٌا ولكننا وجدنا أنفسنا أمام حالة تثٌر االستؽراب الشدٌد ‪ ..‬فبرؼم أن المنطق ٌفترض أن ٌفرح السإولون‬
‫الكوٌتٌون لهذه المبادرة اِلخوٌة الكرٌمة من جانبنا وأن ٌعملوا النجاز هذا الموضوع بسرعة ‪ ،‬الحظنا التردد والتباطوء المتعمدٌن من جانبهم فً‬
‫مواصلة المباحثات واالتصاالت وإثارة تعقٌدات مصطنعة مع االستمرار فً التجاوز وإقامة المنشآت البترولٌة والعسكرٌة والمخافر والمزارع على‬
‫اِلراضً العراقٌة وقد صبرنا على هذه التصرفات بدواعً الحكمة والحلم ‪.‬‬
‫وكان استعدادنا لمزٌد من العمل كبٌراً لوال انتقال اِلمور إلى مستو خطٌر لم ٌعد ممكنا السكوت علٌه وهو ما سنتناوله فً الصفحة الثانٌة واِلكثر‬
‫خطورة من الموضوع ‪.‬‬
‫إن العراق ٌحتفظ بسجل كامل لهذا الموضوع ٌوضح بالوثابق والحٌثٌات كل التجاوزات التً قامت بها حكومة الكوٌت ‪.‬‬
‫الثانٌة ‪ :‬بدأت حكومة الكوٌت ومنذ عدة أشهر ‪ ،‬وبالتحدٌد منذ أن رفع العراق صوته عالٌا ٌدعو بقوة إلى استعادة حقوق العرب فً فلسطٌن وٌنبه‬
‫إلى مخاطر الوجود اِلمٌركً فً الخلٌ ‪ ،‬بدأت بانتهاج سٌاسة ظالمة القصد منها هو إٌذاء اِلمة العربٌة وإٌذاء العراق خاصة ‪.‬‬
‫وفً هذا الجانب اشتركت حكومة اإلمارت العربٌة المتحدة مع حكومة الكوٌت ‪ .‬فقد نفذت حكومتا الكوٌت واإلمارات عملٌة مدبرة إلؼراق سوق‬
‫النفط بمزٌد من االنتاج خارج حصتهما المقررة فً اِلوبك بمبررات واهٌة ال تستند إلى أي أساس من المنطق أو العدالة أو االنصاؾ ‪ ..‬وبذرابع لم‬
‫ٌشاركهما فٌها أي من اِلشقاء من الدول المنتجة ‪ ..‬وقد أدت هذه السٌاسة المدبرة إلى تدهور أسعار النفط تدهورا خطٌرا ‪ ..‬فبعد التدهور الذي حصل‬
‫‪ 28 ، 29 ، 24‬دوالرا للبرمٌل الواحد ‪ ،‬أدت تصرفات حكومتً الكوٌت‬ ‫قبل سنوات فً السعر ‪ ،‬من المعدالت العالٌة التً كان قد بلؽها وهً‬
‫‪ 18‬دوالرا للبرمٌل إلى ما بٌن ‪ 11‬ـ ‪ 12‬دوالرا‬ ‫واإلمارات إلى انهٌار سعر الحد اِلدنى المتواضع الذي تم االتفاق علٌه فً اِلوبك أخٌرا وهو‬
‫للبرمٌل ‪ .‬وبعملٌة حسابٌة بسٌطة ٌمكننا أن نقدر مقدار الخسابر الباهظة التً لحقت بالدول العربٌة المنتجة للنفط ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬إن معدل انتاج الدول العربٌة من النفط هو ‪ 14‬ملٌون برمٌل فً الٌوم وأن تدهور اِلسعار فً الفترة الواقعة بٌن ‪ 1981‬ـ ‪ 1990‬قد أد إلى‬
‫خسارة الدول العربٌة بحدود ‪ 500‬ملٌار دوالر ‪ ،‬كانت حصة العراق منها خسارة ‪ 89‬ملٌار دوالر ‪ .‬ولو أن العرب جمٌعا لم ٌخسروا هذه المبالػ‬

‫‪582‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الهابلة ووفرنا نصفها للتنمٌة القومٌة ولمساعدة البلدان العربٌة الفقٌرة لحققنا تقدما هابال فً التنمٌة القومٌة وأسعدنا الفقراء من أبناء أمتنا ‪ ..‬ولكان‬
‫وضع اِلمة أقو وأكثر رفاها وتقدما مما هو علٌه اآلن ‪.‬‬
‫‪ 1987‬ـ ‪1990‬‬ ‫إذا اعتمدنا الحد لألسعار كما قررته اِلوبك عام ‪ 1987‬وهو ‪ 18‬دوالرا للبرمٌل ‪ ،‬فان خسارة الدول العربٌة خالل الفترة من‬
‫بسبب تدهور هذا السعر تبلػ حوالً ‪ 25‬ملٌار دوالر ‪.‬‬
‫ثانٌا ‪ :‬أن نقص كل دوالر من سعر النفط ٌإدي إلى إلحاق خسارة بالعراق تبلػ ملٌار دوالر سنوٌا ‪ .‬ومن المعروؾ ان السعر قد انخفض هذه السنة‬
‫عدة دوالرات عن سعر ‪ 18‬بسبب سٌاسة حكومتً الكوٌت واإلمارات ‪ ،‬مما ٌعنً خسارة العراق لعدّة ملٌارات من دخلة لهذه السنة فً الوقت الذي‬
‫ٌعانً فٌه العراق من ضابقة مالٌة بسبب تكالٌؾ الدفاع الشرعً عن أرضه وأمنه ومقدساته وعن أرض العرب وأمنهم ومقدساتهم طٌلة ملحمة‬
‫الثمان سنوات ‪ .‬إن هذه الخسابر الجسٌمة من جراء تدهور اسعار النفط لم تصب الدول العربٌة المنتجة للنفط وحدها ‪ ..‬وانما اصابت بنتابجها الدول‬
‫الشقٌقة اِلخر التً كانت تتلقى المعونات من اخواتها الدول العربٌة المنتجة للنفط ‪ ..‬فقلّت امكانات الدعم بل توقفت فً بعض الحاالت كما‬
‫تدهورت أٌضا أوضاع مإسسات العمل العربً المشترك وعانت اِلزمات وهً اآلن فً اصعب الظروؾ ‪ ،‬لهذا السبب أو التخاذ ذلك ذرٌعة لتقلٌل‬
‫أو اٌقاؾ المساعدات والدعم لمإسسات العمل العربً المشترك ‪.‬‬
‫وقد أضافت حكومة الكوٌت إلى هذه االساءات المتعمدة إساءة اخر مستهدفة اإلضرار بالعراق بالذات ‪ .‬فقد نصبت منذ عام ‪ 1980‬وخاصة فً‬
‫ظروؾ الحرب منشآت نفطٌة على الجزء الجنوبً من حقل الرمٌلة العراقً وصارت تسحب النفط منه ‪ .‬وٌتضح من ذلك انها كانت تؽرق السوق‬
‫العالمً بالنفط الذي كان جزءا منه هو النفط الذي تسرقه من حقل الرمٌلة العراقً وبهذا تلحق الصرر المتعمد بالعراق مرتٌن ‪ ..‬مرة باضعاؾ‬
‫اقتصاده وهو احوج ما ٌكون فٌه إلى العوابد ومرة اخر بسرقة ثروته ‪ .‬وتبلػ قٌمة النفط الذي سحبته حكومة الكوٌت من حقل الرمٌلة فقط بهذه‬
‫الطرٌقة المنافٌة لعالقات اِلخوة وفقا لالسعار المتحققة بٌن ‪ 1980‬ـ ‪ 1990‬ـ (‪ ) 400‬ملٌون دوالر ‪.‬‬

‫واننا نسجل امام جامعة الدول العربٌة وامام الدول العربٌة كلها حق العراق فً استعادة المبالػ المسروقة من ثروته وحق العراق فً مطالبة المعنٌٌن‬
‫باصالح التجاوز والضرر الذي وقع علٌه ‪.‬‬
‫لقد سبق ان شرحنا مخاطر سٌاسة حكومتً الكوٌت واالمارات ِلخوتنا فً الدول العربٌة المنتجة ومنهم الكوٌت واالمارات مرات عدٌدة ‪ ..‬وشكونا‬
‫‪ ..‬وحذرنا ‪ ..‬وفً قمة بؽداد تحدث السٌد الربٌس صدام حسٌن حول هذه المسؤلة أمام الملوك والرإساء واِلمراء وبحضور المعنٌٌن بصراحة‬
‫وبروح أخوٌة (ونرفق طٌا نص حدٌث سٌادته حول الموضوع فً مإتمر قمة بؽداد ) ‪ .‬وكنا نتصور وخاصة بعد االجواء اِلخوٌة االٌجابٌة التً‬
‫تحققت فً قمة بؽداد ان حكومتً الكوٌت واالمارات سترعوٌان عن النه ولكن الحقٌقة المإلمة هً أن كل ما قمنا به من مساع ثنابٌة ومن‬
‫اتصاالت مع دول شقٌقة لتلعب دورا اٌجابٌا فً ثنً حكومتً الكوٌت واالمارات عن هذا النه وبرؼم حدٌث السٌد الربٌس صدام حسٌن فً قمة‬
‫بؽداد فقد تعمّدت هاتان الحكومتان مواصلة هذه السٌاسة واستمرتا فٌها بل ان بعض المسإولٌن فٌهما اطلقوا تصرٌحات وقحة عندما ألمحنا إلى هذه‬
‫الحقابق وشكونا منها ‪ .‬لذلك لم ٌبق هناك أي مجال الستبعاد االستنتاج بان ما فعلته حكومتا الكوٌت واالمارات فً هذا الشؤن انما هو سٌاسة مدبرة‬
‫تستهدؾ اهدافا خفٌة ‪ .‬ومع ادراكنا بؤن هذه السٌاسة التً أدت إلى انهٌار اسعار النفط تضر فً المحصلة النهابٌة باقتصاد هذٌن البلدٌن نفسٌهما ‪..‬‬
‫فلم ٌبق امامنا ؼٌر ان نستنت بان من تعمد هذه السٌاسة بصورة مباشرة ومكشوفة أو من آزرها أو دفع الٌها ‪ ،‬انما ٌنفذ جزءا من المخطط االمبرٌالً‬
‫ـ الصهٌونً ضد العراق وضد اِلمة العربٌة خاصة فً التوقٌت الذي جاءت فٌه وهو ظروؾ التهدٌد الخطٌر من جانب اسرابٌل واالمبرٌالٌة الذي‬
‫ٌتعرض إلٌه الوطن العربً عامة والعراق خاصة ‪ ،‬إذ كٌؾ ٌمكن لنا ان نواجه هذا التهدٌد الخطٌر ونحافظ على التوازن فً القوة الذي حققه العراق‬
‫بؤؼلى التكالٌؾ وهو الذي عانى ما عانى من الخسابر فً اثناء الحرب مع انهٌار مورد العراق اِلساسً وموارد الدول العربٌة المصدرة للنفط وهً‬
‫العراق ‪ ،‬السعودٌة ‪ ،‬قطر ‪ ،‬عمان ‪ ،‬الٌمن ‪ ،‬مصر ‪ ،‬سورٌة ‪ ،‬الجزابر ولٌبٌا ؟ !‬
‫هذا فضال عما تإدي إلٌه هذه السٌاسة المرٌبة من اضعاؾ قدرة هذه الدول العربٌة على مواجهة المشاكل االقتصادٌة واالجتماعٌة الخطٌرة التً‬
‫تعانً منها وهً مشكالت ذات طبٌعة مصٌرٌة ‪ ..‬فإلى أي مصٌر ترٌد حكومتا الكوٌت واالمارات ان تجرا االمة العربٌة ؟ ! ‪ ..‬فً هذا الظرؾ‬
‫الصعب الدقٌق والخطر ؟ ! ‪ ..‬وسٌاسات من وأهداؾ من ترٌدان إرضاءهما ؟ !‪.‬‬
‫إ ّنا ‪ ..‬وبعد أن أوضحنا هذه االمور لكل االش ّقاء وبعد أن طلبنا مباشرة من هاتٌن الحكومتٌن الكؾ عن هذه السٌاسة الظالمة والمدمرة وشرحنا لهما ما‬
‫نتعرض إلٌه من أضرار كبٌرة ‪ ..‬قبل قمة بؽداد وفً اثناء القمة ‪ ..‬وبعدها ‪ ..‬وأرسلنا المبعوثٌن وكتبنا الرسابل ‪ ..‬لذلك فإننا ندٌن ما فعلته حكومتا‬
‫الكوٌت واالمارات بالعدوان المباشر على العراق فضال عن عدوانهما على االمة العربٌة ‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اما بالنسبة لحكومة الكوٌت فان اعتداءها على العراق هو اعتداء مزدوج فمن ناحٌة تعتدي علٌه وعلى حقوقه بالتجاوز على أراضٌنا وحقولنا النفطٌة‬
‫وسرقة ثورتنا الوطنٌة ‪ ..‬وإن مثل هذا التصرؾ هو بمثابة عدوان عسكري ‪.‬‬

‫ومن ناحٌة اخر تتعمد حكومة الكوٌت تحقٌق انهٌار فً االقتصاد العراقً فً هذه المرحلة التً ٌتعرض فٌها إلى التهدٌد االمبرٌالً الصهٌونً‬
‫الشرس وهو عدوان ال ٌقل فً تاثٌره عن العدوان العسكري ‪.‬‬
‫اننا إذ نعرض هذه الحقابق المإلمة امام االشقاء العرب فاننا نامل ان ٌرفع االشقاء صوتهم عالٌا لوضع حد لهذا العدوان المتعمد المدبر ولكً‬
‫ٌنصحوا المنحرفٌن للعودة إلى السلوك السوي الذي ٌؤخذ باالعتبار المصلحة القومٌة المشتركة ومتطلبات اِلمن القومً المشترك‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬وبمناسبة الحدٌث عن المصالح القومٌة العلٌا وارتباط الثروة العربٌة بمصٌر االمة العربٌة نطرح مقترحا كالتالً ‪.‬‬
‫ـ لو تضامنت كل الدول العربٌة المنتجة وؼٌر المنتجة تضامنا سٌاسٌا متٌنا واتفقت على العمل على رفع سعر النفط إلى ما ٌزٌد عن ‪ 25‬دوالرا ثم‬
‫اقامت صندوقا للمعونة والتنمٌة العربٌة على ؼرار ما تفق علٌه فً قمة عمان على ان ٌمول هذا الصندوق بدوالر عن كل برمٌل نفط تبٌعه الدول‬
‫العربٌة المنتجة باكثر من سعر ‪ 25‬دوالرا فان المبلػ الذي سٌتحقق لهذا الصندوق هو ‪ 5‬ملٌارات دوالر سنوٌا فً نفس الوقت الذي تتحقق فٌه‬
‫زٌادات كبٌرة فً مداخٌل الدول المصدرة للنفط ‪ِ ،‬لن التضامن العربً الجماعً الذي ٌفترضه هذا السعر المنصؾ ٌزٌد من مدخوالتها المالٌة‬
‫وٌحمٌها من المحاوالت العدابٌة التً تستهدؾ إضعاؾ القوة العربٌة من خالل إضعاؾ مواردها من الثروة البترولٌة ‪.‬‬
‫وٌمكننا ان نتصور كٌؾ ان مبلؽا ثابتا كهذا سٌعزز اِلمن القومً العربً وٌوفر امكانات نمو لكل الدول العربٌة وٌمكنها من مواجهة الضابقة‬
‫االقتصادٌة الخانقة التً تعانً منها اؼلب دولنا‪.‬‬
‫ان العراق ٌطرح هذا المقترح للدراسة الجادة وقد ٌكون مإتمر القمة العربً القادم فً القاهرة مناسبة لبحث هذا المقترح واقراره ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬ولماسبة الحدٌث عن هذه الحقابق المإلمة نر من الضروري ان نوضح اللبس الذي ربما ٌكون موجودا لد بعض االشقاء حول موضوع‬
‫(المساعدات) التً قدمتها الكوٌت واالمارات للعراق اثناء الحرب ‪.‬‬
‫لقد اجمع العرب المخلصون فً كل الوطن العربً على ان الحرب التً اضطر العراق إلى خوضها لم تكن للدفاع عن سٌادته فحسب وإنما كانت‬
‫دفاعا عن البوابة الشرقٌة ‪.‬‬
‫اننا نضع هذه الحقابق المإلمة أمام ضمٌر كل عربً شرٌؾ وفً المقدمة منهم شعب الكوٌت الشقٌق لكً ٌقدروا اِللم والضرر واِلذ الذي أصابنا‬
‫وٌصٌبنا ‪.‬‬
‫أرجوا سٌادة االمٌن العام توزٌع هذه الرسالة على الدول العربٌة ‪..‬‬
‫مع اطٌب التحٌات والتمنٌات ‪.‬‬

‫طارق عزٌز‬
‫نابب ربٌس الوزراء‬
‫وزٌر خارجٌة الجمهورٌة العراقٌة‬
‫بؽداد فً ‪ / 23‬ذي الحجة ‪ 1410 /‬هـ‬
‫الموافق ‪ / 15‬تموز ‪ 1990‬م‬

‫‪584‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪--------------‬‬
‫الملحق الثانً‬
‫ـ رسالة من وزٌر خارجٌة العراق إلى اِلمٌن العام لألمم المتحدة ‪ 24 ،‬أكتوبر ‪1990‬‬
‫أرسل لكم نسخة من الرسالة المإرخة فً ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1989‬والتً بعث بها مدٌر عام مدٌرٌة اِلمن إلى وزٌر الداخلٌة فً حكومة الكوٌت السابقة ‪.‬‬
‫إن هذه الوثٌقة الخطٌرة تبرهن على وجود مإامرة بٌن تلك الحكومة وحكومة الوالٌات المتحدة لزعزعة استقرار الوضع فً العراق ‪.‬‬
‫سبق أن ذكرت هذه المإامرة فً رسالة مإرخة فً ‪ 4‬أٌلول ‪ 1990‬وجهتها إلى رإساء الخارجٌة فً العالم ‪ ،‬وشرحت فٌها الخلقٌة التارٌخٌة لمكابد‬
‫الزعماء الكوٌتٌٌن للعراق‪.‬‬
‫ال مفر لنا إذن من االستنتاج بؤن زعماء النظام السابق فً الكوٌت أرادوا المضً فً مإامراتهم حتى ٌتحطم اقتصاد العراق وٌتزعزع استقرار‬
‫نظامه السٌاسً ‪ .‬ومن المستحٌل االعتقاد بؤن نظاما كالنظام الذي كان قابما فً الكوٌت ٌمكن أن ٌدبر مثل تلك المإامرة ذات اِلهداؾ الكبٌرة بدون‬
‫دعم وحماٌة دولة كبر ‪.‬‬
‫وضمنت الرسالة أٌضا المالحظات التالٌة ‪:‬‬
‫" ٌتبٌن من سردي التاٌخً ووصفً للحوادث أن الخالؾ لم ٌكن مجرد خالؾ على المسابل االقتصادٌة أو مسابل الحدود ‪ .‬فقد سبق أن نشؤت بٌننا‬
‫خالفات من ذلك القبٌل خالل السنوات العشرٌن الماضٌة ‪ ،‬ولكننا حاولنا أن نحافظ على أفضل العالقات الممكنة مع زعماء الكوٌت السابقٌن بالرؼم‬
‫من سلوكهم الخسٌس وموقفهم الحقٌر من العراق ‪ .‬وحقٌقة اِلمر أن هناك مإامرة منظمة تعمد زعماء الكوٌت السابقون االشتراك فٌها بدعم من‬
‫الوالٌات المتحدة وذلك استقرار االقتصاد العراقً وهدم القدرات الدفاعٌة ضد مطامع إسرابٌل االستعمارٌة واعتداءاتها على العالم العربً ‪ .‬ولتحقٌق‬
‫ذلك كان ال بد من هدم النظام السٌاسً فً العراق وتقوٌة هٌمنة الوالٌات المتحدة على المنطقة وخصوصا على موارده النفطٌة ‪ .‬والواقع كما صرح‬
‫الربٌس صدام حسٌن فً قمة بؽداد وكما أشرت فً رسالتً إلى اِلمٌن العام للوالٌات المتحدة هو أن ذلك بمثابة حرب ضد العراق " ‪.‬‬
‫إن هذه الرسالة تبٌن بوضوح ودون لبس أن وكالة المخابرات المركزٌة اِلمٌركٌة ودوابر مخابرات حكومة الكوٌت السابقة تعاونت على التآمر على‬
‫أمن العراق القومً وسالمة أراضٌه واقتصاده القومً ‪.‬‬
‫أكون ممتنا إذا تكرمت بتوزٌع هذه الرسالة والنص المرافق بوصفهما من الوثابق الرسمٌة لألمم المتحدة ‪.‬‬
‫طارق عزٌز‬
‫وزٌر خارجٌة العراق‬
‫بؽداد ‪ 24‬أكتوبر ‪1990‬‬

‫الملحق الثالث‬
‫سري جداً وخاص‬
‫رسالة من العمٌد فهد أحمد إلى صاحب السمو الشٌخ سالم الصباح السالم الصباح (بال تارٌخ)‬
‫سمو وزٌر الداخلٌة الشٌخ سالم الصباح السالم الصباح‬
‫‪( 22‬أكتوبر) تشرٌن اِلول ‪ ، 1989‬قمت بٌن ‪ 12‬و ‪( 18‬نوفمبر) تشرٌن الثانً‬ ‫بعد لقابنا المشترك وتنفنٌذا ِلوامر سموكم الصادرة بتارٌخ‬
‫‪ ، 1989‬بزٌارة مقر وكالة اإلستخبارات فً الوالٌات المتحدة ‪ ،‬بصحبة الكولونٌل اسحق عبد الهادي شدَّاد ‪ ،‬مدٌر المباحث فً محافظة اِلحمدي ‪.‬‬
‫وقد شدد الجانب اِلمٌركً أن تبقى الزٌارة سرٌة جداً ‪ ،‬إلى حٌن حل مشكلة حساسٌة أشقابنا فً مجلس التعاون الخلٌجً من جهة وفً كل من إٌران‬
‫والعراق من جهة ثانٌة ‪.‬‬
‫وفً هذه الرسالة أضع بٌن ٌدي سموكم ‪ ،‬النقاط الربٌسٌة التً اتفقنا علٌها مع القاضً ولٌم وبستر ‪ ،‬مدٌر وكالة اإلستخبارات اِلمٌركٌة ‪ ،‬وذلك‬
‫خالل لقابً الخاص معه ٌوم الثالثاء فً ‪( 14‬نوفمبر) تشرٌن الثانً ‪. 1989‬‬
‫‪ 1‬ـ إن الوالٌات المتحدة ‪ ،‬مستعدة لتدرٌب أشخاص ‪ ،‬نختارهم نحن ‪ ،‬لحماٌة سمو اِلمٌر وسمو الشٌخ سعد العبد ّللا السالم الصباح ‪ .‬إن اإلعداد‬
‫والتدرٌب سوؾ ٌكونان فً مقر وكالة اإلستخبارات اِلمٌركٌة نفسه ‪ ،‬هذا مع العلم أن العدد النهابً لهإالء اِلشخاص هو ‪ 123‬شخصا ً‪.‬‬
‫وقد اتفقنا أن تناط ببعضهم مهمات خاصة مرتبطة مباشرة بالعابلة الملكٌة ‪ ،‬هذه المهمات ٌحددها سمو اِلمٌر ولً العهد ‪.‬‬

‫‪585‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وحول هذا الموضوع أفادنا الجانب اِلمٌركً ‪ ،‬أنهم ؼٌر راضٌن عن كفاءة وقدرات قوات الحرس الملكً اثناء الهجوم الذي تعرض له سمّو اِلمٌر‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وقد اتفقنا مع الجانب اِلمٌركً على أن تتم زٌارات متبادلة على كل المستوٌات بٌن مدٌرٌة اِلمن الوطنً ووكالة اإلستخبارات المركزٌة ‪.‬‬
‫وأن ٌتم تبادل معلومات حول تسلح كل من إٌران والعراق ‪ ،‬وحول البنى اإلجتماعٌة والسٌاسٌة لكلٌهما ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ وقد طلبنا بإلحاح مساعدة خبراء الوكالة ‪ ،‬إلعادة تكوٌن بنٌة مدٌرٌة اِلمن الوطنً ‪ ،‬بعد لقابنا معهم ‪ ،‬حٌث أصبحت هذه القضٌة من اِللوٌات‬
‫الملحة خصوصا بعد اِلوامر التً أصدرها سمّو اِلمٌر ‪.‬‬
‫إننا ننتظر خبراتهم للشروع فً وضع استراتٌجٌة جدٌدة تتناسب مع الوضع الداخلً فً البالد ومع التؽٌرات فً منطقة الخلٌ ‪ ،‬وذلك عن طرٌق‬
‫تركٌب نظام معلوماتً وآلً فً مدٌرٌة اِلمن الوطنً ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وكما طلبنا نحن ‪ ،‬فقد أعلمنا الجانب اِلمٌركً ‪ ،‬أنه مستعد لتبادل المعلومات ‪ ،‬حول نشاطات المجموعات الشٌعٌة المتطرفة داخل البالد‪ ،‬وفً‬
‫بعض دول مجلس التعاون الخلٌجً‪.‬‬
‫وقد قام السٌد وبستر بتهنبتنا على اإلحتٌاطات التً اتخذناها ضد الحركات المدعومة من إٌران ‪ ،‬وأعلمنا أن الوكالة مستعدة لعمل مشترك معنا ‪ ،‬ال‬
‫ستبعاد كل عوامل التوتر فً منطقة الخلٌ ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ وقد اتفقنا مع الجانب اِلمٌركً ‪ ،‬على أنه من المهم اإلستفادة من تدهور الوضع اإلقتصادي فً العراق‪ ،‬حتى نجبر حكومة هذا البلد على الموافقة‬
‫على رسم حدودنا المشتركة ‪ .‬وقد عرضت وكالة اإلستخبارات اِلمٌركٌة وسابل الضؽط التً تراها مالبمة ‪ .‬مع التشدٌد على أنه ٌجب أن ٌقوم بٌننا‬
‫تعاون واسع فً هذا الحقل ‪ ،‬بشرط أن ٌتم التنسٌق على أعلى المستوٌات‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ ٌر الجانب اِلمٌركً ‪ ،‬أن تكون عالقاتنا بإٌران على الشكل التالً ‪ :‬من جهة بجب أن نسعى لتالفً أي اتصال مباشر معهم ‪ .‬وبخالؾ ذلك من‬
‫جهة ثانٌة ‪ٌ ،‬جب أن نمارس علٌهم كل الضؽط اإلقتصادي الممكن ‪ ،‬بنفس الوقت الذي ٌجب ان نستمر فٌه بدعم تحالفهم مع سورٌا ‪.‬‬
‫وقد حدد االتفاق مع الجانب اِلمٌركً‪ ،‬أنه على الكوٌت تالفً أي تصرٌح علنً ضد إٌران ‪ ،‬وبالمقابل تقلٌص دورها ونشاطها فً اإلجتماعات‬
‫العربٌة المختلفة ‪.‬‬
‫‪7‬ـ لقد اتفقنا مع الجانب اِلمٌركً‪ ،‬أنه من المهم جداً محاربة المخدرات داخل الكوٌت ‪ ،‬وذلك بعد أن أخبرنا خبراء مكتب المخدرات فً الوكالة ‪ ،‬أن‬
‫جزءا كبٌرا من الرأسمال الكوٌتً‪ٌُ ،‬ستعمل لتشجٌع تجارة المخدرات فً باكستان وإٌران ‪ .‬وأن نموّ هذه التجارة له انعكاسات كارثٌة على مستقبل‬
‫الكوٌت ‪.‬‬
‫لقد وضع الجانب اِلمٌركً بتصرفنا خطا هاتفٌا خاصا ‪ ،‬لتشجٌع التبادل السرٌع لألفكار والمعلومات التً تتطلب اتصاالت مكتوبة ‪.‬‬
‫إن رقم خط الهاتؾ الخاص العابد للسٌد ولٌم وبٌستر هو التالً ‪ 5241 :‬ـ ‪.)202( 659‬‬
‫إننً انتظر توجٌهات سمّوكم ‪ .‬وابعث لسمّوكم بؤفضل التحٌات ‪.‬‬
‫العمٌد فهد أحمد الفهد‬
‫مدٌر عام مدٌرٌة اِلمن الوطنً‬
‫‪---------------------------‬‬
‫* قام السٌد عادل دروٌش بترجمة ما دار بٌنهما إلى العربٌة ‪.‬‬
‫* ‪Time Phase Force Deployment‬‬
‫‪------------------------------------------------------‬‬
‫ٌقول الشاعر ظافر محمد ناجً فً قصٌدته التً تحت عنوان شوق الؽرٌب المنشورة فً جرٌدة الؽرباء العدد االول فً مربع ‪ 8‬داخلً ‪ ،‬معسكر‬
‫اٌواء الالجبٌن فً االرطاوٌة‪:‬‬
‫ماشاهدت عٌنً سواكِ والروح لم تعرؾ هو ً إالكِ‬ ‫‪.1‬‬
‫واذا بقلبً بعد طول سكٌنة ٌسقً عروقً دافقـًا بهواك‬ ‫‪.2‬‬
‫عٌد ‪ ..‬وقد عرؾ المسا ُء قدومه لمّا اباحت نورها عٌناكِ‬ ‫‪.3‬‬
‫عٌد ‪ ..‬وانً لٌست اشعره اذا لم ترتجؾ فً راحتً ٌداكِ‬ ‫‪.4‬‬
‫كم جاء قبال والفإاد هما ب ِه والٌوم ٌؤتً والفإاد معاكِ‬ ‫‪.5‬‬

‫‪586‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ت على ور ِد مشاعري فتعطرت اوراقها بشذاكِ‬


‫افهل مرر ِ‬ ‫‪.6‬‬
‫وكؤنما بزغ النهار معاتبًا لما وهبت الفجر كل سناكِ‬ ‫‪.7‬‬
‫وانا احبك فارحمً قلبً اذا خرق السكون منادًٌا رحماك‬ ‫‪.8‬‬
‫ت لٌال ابرقَ فٌه الٌنجوم بمؤلق فتاكِ‬
‫وكسوت بالخصوال ِ‬ ‫‪.9‬‬
‫ت صمت هواجسً بصداك‬
‫ت مرسم الخٌال بخاطري ومأل ِ‬
‫‪ .10‬وملك ِ‬
‫‪ .11‬ولتؽفري لً اننً فً لٌل ٍة مَنـٌّ ُ‬
‫ْت جفنً فً الدجا بلقاكِ‬
‫‪ .12‬ان تجحدي فً الؽرام فإننً آلٌت ان افنى فداء هواك‬
‫‪ .13‬واجٌز نفسً ان ابوحها النثى انؽامً بقفر سماك‬
‫‪ .14‬ار اشجانً مساءًا عابقا وازهارً ا جردت من االشواكِ‬
‫‪ .15‬واالٌك با ٍد حمّلت افنانه بالشهب باالقمار باالفالكِ‬
‫‪ .16‬وانا ارقرق صفحة الماء الذي ٌروي المروج ‪ ..‬وانت ما ابهاكِ‬
‫ت من الورود وتتنعمٌن بخضرة اآلراكِ‬
‫‪ .17‬تتزٌنٌن بما جمع ِ‬
‫‪ .18‬تتحدثٌن وكل مابً صاؼ ٌر او تسؤلٌن فؤقول ٌابشراك‬
‫‪ .19‬صو ٌر تروادنً ولٌقلب اذا انكرت ِه ٌمسً بؽٌر حراكِ‬
‫‪ .20‬خلدت ِه فً الحب الموت وال بجفاء ِه ٌادمٌتً ٌنساكِ‬
‫ُ‬
‫ادركت بعدكِ أن ذا الطٌر الذي ٌلقى الؽروب مؽردا هو باكِ‬ ‫‪.21‬‬
‫‪ .22‬ان تحضرٌنً فً البعاد ستلتقً نفسًا اصبّرها ‪ ..‬وانه شاكِ‬
‫‪ .23‬ال شًء اال ؼربتً وحدي وتخاصمً وتناقضً وعراكِ‬
‫‪ .24‬حزن ٌفٌض دمعة مؤسورة بجوانحً وترقبٌ لخطاكِ‬
‫‪ .25‬ال تتركٌنً ٌاحبٌبتً وادركً معنى ابتهاج العٌن حٌن تراكِ‬
‫ْ‬
‫ورقت نجومه سؤسؤل الظلماء عن لقٌاكِ‬ ‫‪ .26‬فإذا اتى لٌ ٌل‬
‫‪ .27‬واذا ذا خبؤ وه الحٌاة فإن لً روح تردد ‪ ..‬اننً اهواكِ‬
‫‪----------------------‬‬
‫بسم ّللا الرحمن الرحٌم‬
‫دعاء أبً حمزة ّ‬
‫الثمالً‬
‫فً المصباح عن أبً حمزة ّ‬
‫الثمالً (رحمه ّللا) قال ‪:‬‬
‫كان زٌن العابدٌن (علٌه السالم) ٌصلًّ عامّة اللٌّل فً شهر رمضان فاذا كان فً السّحر دعا بهذا الدّعاء ‪:‬‬
‫اِلهً ال ُت َإ ِّدبْنً بِ ُعقُو َبتِكَ‪َ ،‬وال َتمْ ُكرْ بً فً حٌلَتِكَ‪ ،‬مِنْ اٌَْنَ لًَِ ْال َخ ٌْ ُر ٌا رَ بِّ َوال ٌُوجَ ُد إالّ مِنْ عِ ْندِكَ‪َ ،‬ومِنْ اٌَْنَ لًَِ الٌنجاةُ َوال ُتسْ َتطا ُع إالّ بِكَ‪ ،‬الَ الَّذي‬
‫اَحْ سَ نَ اسْ َت ْؽنى عَ نْ عَ ْونِكَ َورَ حْ َمتِكَ‪َ ،‬والَ الَّذي اَسا َء َواجْ َترَ أَ عَ لٌَْكَ َولَ ْم ٌُرْ ضِ كَ َخرَ جَ عَ نْ قُدْ رَ تِكَ‪ٌ ،‬ا رَ بِّ ٌا رَ بِّ ٌا رَ بِّ ح ّتى ٌنقطع ال ّنفس‪ِ .‬بكَ عَ رَ ْف ُتكَ‬
‫َواَ ْنتَ دَ لَ ْل َتنً عَ لٌَْكَ َودَ عَ ْو َتنً ِالٌَْكَ‪َ ،‬ولَ ْوال اَ ْنتَ لَ ْم اَدْ ِر ما اَ ْنتَ ‪ ،‬اَ ْلحَ مْ ُد لِلِ الَّذي اَدْ عوُ هُ َفٌُجٌبُنً َواِنْ ُك ْنتَ بَطٌـبا ً حٌنَ ٌَدْ عوُ نً‪َ ،‬واَ ْلحَ مْ ُد لِلِ الَّذي اَسْ ؤَلُ ُه‬
‫ت‪ ،‬لِسِ رِّ ي ِبؽَ ٌ ِْر َشفٌع َف ٌَ ْقضى لً حاجَ تً‪،‬‬ ‫ت لِحاجَ تً‪َ ،‬واَ ْخلُو ِب ِه حَ ٌ ُ‬
‫ْث شِ ْب ُ‬ ‫ت بَخٌالً حٌنَ ٌَسْ َت ْق ِرضُنً‪َ ،‬و ْالحَ مْ ُد لِلِ الَّذي اُنادٌ ِه ُكلَّما شِ ْب ُ‬ ‫َفٌُعْ طٌنً َواِنْ ُك ْن ُ‬
‫ت ؼَ ٌْرَ هُ الَ َ ْخلَؾَ رَ جابً‪َ ،‬و ْالحَ مْ ُد لِلِ‬ ‫جبْ لً دُعابً‪َ ،‬و ْالحَ مْ ُد لِلِ الَّذي ال اَرْ جُو ؼَ ٌْرَ هُ َولَ ْو رَ جَ ْو ُ‬ ‫اَ ْلحَ مْ ُد لِلِ الَّذي ال اَدْ عُو ؼَ ٌْرَ هُ َولَ ْو دَ عَ ْو ُ‬
‫ت ؼَ ٌْرَ هُ لَ ْم ٌَسْ َت ِ‬
‫اس َفٌُهٌ ُنونً‪َ ،‬و ْالحَ مْ ُد لِلِ الَّذي َتحَ بَّبَ ِالَىَّ َوه َُو ؼَ نًٌِّ عَ ّنً‪َ ،‬و ْالحَ مْ ُد لِلِ الَّذي ٌَحْ لُ ُم عَ ّنً حَ ّتى َكا َ ّنً ال َذ ْنبَ‬ ‫الَّذي َو َكلَنً ِالَ ٌْ ِه َفا َ ْكرَ مَنً َولَ ْم ٌَك ِْلنً ِالَى ال ّن ِ‬
‫ال ِ سْ تِعا َن َة ِب َفضْ لِكَ لِمَنْ اَ َّملَكَ‬‫ب ِالٌَْكَ ُم ْشرَ عَ ًة‪َ ،‬ومَنا ِه َل الرَّ جا ِء ِالٌَْكَ ُم ْترَ عَ ًة‪َ ،‬وا ْ‬‫ج ُد ُس ُب َل ْالمَطالِ ِ‬
‫لً‪َ ،‬فرَ بًّ اَحْ َم ُد َشًٌْء عِ ْندي‪َ ،‬واَحَ ُّق ِبحَ مْ دي‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ِا ّنً اَ ِ‬
‫ّارخٌنَ َم ْف ُتوحَ ًة‪َ ،‬واَعْ لَ ُم اَ َّنكَ لِلرّ اجً بِم َْوضِ ِع اِجابَة‪َ ،‬ولِلمَلهُوفٌنَ بِمَرْ صَ ِد اِؼاثة‪َ ،‬واَنَّ فًِ اللهْؾِ اِلى جُودِكَ َوالرِّ ضا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مُباحَ ًة‪َ ،‬واَبْوابَ الدُّعا ِء ِالٌَْكَ لِلص ِ‬
‫جبُ عَ نْ َخ ْلقِكَ إالّ اَنْ َتحْ ُج َب ُه ُم‬‫ح َل ِالٌَْكَ َقرٌبُ ْالمَسا َفةِ‪َ ،‬واَ َّنكَ ال َتحْ َت ِ‬ ‫ِب َقضابِكَ عِ َوضا ً مِنْ َم ْن ِع ْالباِخلٌنَ ‪َ ،‬و َم ْن ُدوحَ ًة عَ مّا فً اٌَْدي ْالمُسْ َتؤثِرٌنَ ‪َ ،‬واَنَّ الِرا ِ‬
‫ال‬ ‫ّ‬
‫ت بِكَ اسْ تِؽاثتً‪َ ،‬وبِدُعابِكَ َت َوسُّلً مِنْ ؼَ ٌ ِْر اِسْ تِحْ قاق الِسْ تِماعِ كَ ِمنً‪َ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫ْت ِالٌَْكَ بِحاجَ تً‪َ ،‬وجَ عَ ْل ُ‬ ‫ت ِالٌَْكَ بِ َطلِبَتً‪َ ،‬و َت َوجَّ ه ُ‬‫ال َ عما ُل دُو َنكَ‪َ ،‬وقَدْ َقصَ دْ ُ‬‫ا ْ‬
‫ٌمان ِب َت ْوحٌدِكَ‪َ ،‬وٌَقٌنً ِبمَعْ ِر َفتِكَ ِم ّنً اَنْ ال رَ بَّ لً ؼَ ٌْرُكَ‪َ ،‬وال‬
‫ال ِ‬ ‫اسْ تٌجاب لِعَ ْف ِوكَ عَ ّنً‪َ ،‬ب ْل لِثِ َقتً ِب َكرَ مِكَ‪َ ،‬و ُس ُكونً اِلى صِ دْ ِق َوعْ دِكَ‪َ ،‬ولَجَ ابً ِالَى ا ْ‬

‫‪587‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫اِلـ َه إالّ اَ ْنتَ َوحْ دَ كَ ال َشرٌكَ لَكَ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم اَ ْنتَ ْالقابِ ُل َو َق ْولُكَ حَ ٌّق‪َ ،‬و َوعْ ُدكَ صِ دْ ٌق ( َواسْ ؤَالوُ ّللاَ مِنْ َفضْ لِ ِه اِنَ ّللاَ كانَ بِ ُك ْم رَ حٌما ً)‪َ ،‬ولٌَْسَ مِنْ صِ فاتِكَ ٌا‬
‫ت عَ لى اَهْ ِل مَمْ لَ َكتِكَ‪َ ،‬و ْالعابِ ُد عَ لٌَ ِْه ْم بِ َتحَ ُّن ِن رَ أ َفتِكَ‪ ،‬اِلهً رَ َّب ٌْ َتنً فً نِعَ مِكَ َواِحْ سانِكَ‬
‫ُّإال َو َتمْ َنعَ ْالعَ طِ ٌَّ َة‪َ ،‬واَ ْنتَ ْال َم ّنانُ بِ ْالعَ طِ ٌّا ِ‬
‫سَ ٌّدي اِنْ َتؤمُرَ بِالس ِ‬
‫الخِرَ ِة اِلى عَ ْف ِو ِه َو َكرَ ِمهِ‪ ،‬مَعْ ِر َفتً ٌا م َْواليَ دَ لٌلً‬ ‫ضلِ ِه َونِعَ ِمهِ‪َ ،‬واَشارَ لً فًِ ا ْ‬
‫صَؽٌراً‪َ ،‬و َنوَّ هْ تَ ِباِسْ مً َكبٌراً‪َ ،‬فٌا مَنْ رَ بّانً فًِ ال ُّد ْنٌا ِباِحْ سا ِن ِه َو َت َف ُّ‬
‫عَ لٌَْكَ‪َ ،‬و ُحبًّ لَكَ َشفٌعً ِالٌَْكَ‪َ ،‬واَ َنا واث ٌِق مِنْ دَ لٌلً بِدَاللَتِكَ‪َ ،‬وساكِنٌ مِنْ َشفٌعً اِلى َشفاعَ تِكَ‪ ،‬اَدْ عُوكَ ٌا سَ ٌِّدي بِلِسان قَدْ اَ ْخرَ سَ ُه َذ ْن ُبهُ‪ ،‬رَ بِّ اُناجٌكَ‬
‫ت‪َ ،‬فاِنْ عَ َف ْوتَ َف َخ ٌْ ُر راحِم‪،‬‬ ‫ْت َكرَ مَكَ َطمِعْ ُ‬
‫ت‪َ ،‬واِذا رَ اٌَ ُ‬‫ْت م َْواليَ ُذ ُنوبً َف ِزعْ ُ‬
‫جٌا ً خابِفاً‪ ،‬اِذا رَ اٌَ ُ‬ ‫ِب َق ْلب قَدْ اَ ْو َب َق ُه جُرْ ُمهُ‪ ،‬اَدْ عوُ كَ ٌا رَ بِّ راهِبا ً راعِباً‪ ،‬را ِ‬
‫َواِنْ عَ َّذبْتَ فَؽَ ٌْ ُر ظالِم‪ ،‬حُجَّتً ٌا َّللاُ فً جُرْ أَتً عَ لى مَسْ ؤلَتِكَ‪ ،‬مَعَ ِاتٌانً ما َتكرَ هُ‪ ،‬جُو ُدكَ َو َكرَ مُكَ‪َ ،‬و ُعدَّتً فً شِ دَّتً مَعَ قِل ِة حَ ٌابً رَ أ َف ُتكَ َورَ حْ َم ُتكَ‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ظ َم ٌا سَ ٌِّدي اَمَلً‪َ ،‬وسا َء‬ ‫ْن ُم ْنٌَتً‪َ ،‬فحَ ِّق ْق رَ جابً‪َ ،‬واَسْ مِعْ دُعابً ٌا َخٌْرَ مَنْ دَ عاهُ داع‪َ ،‬واَ ْفضَ َل مَنْ رَ جاهُ راج‪ ،‬عَ ُ‬ ‫ْن َو َذٌ ِ‬
‫ت اَنْ ال َتخٌبَ َبٌْنَ َذٌ ِ‬ ‫َوقَدْ رَ جَ ْو ُ‬
‫ج ُّل عَ نْ مُجازا ِة ْالم ُْذنِبٌنَ ‪َ ،‬وح ِْلمَكَ ٌ َْك ُب ُر عَ نْ مُكافا ِة ْال ُم َقصِّرٌنَ ‪َ ،‬واَ َنا‬‫دار اَمَلً‪َ ،‬وال ُتإاخ ِْذنً بِؤَسْ َو ِء عَ مَلً‪َ ،‬فاِنَّ َكرَ مَكَ ٌَ ِ‬ ‫عَ مَلً‪َ ،‬فاَعْ طِ نً مِنْ عَ ْف ِوكَ بِ ِم ْق ِ‬
‫ص ْف ِح عَ مَّنْ اَحْ سَ نَ ِبكَ َظ ّناً‪َ ،‬وما اَ َنا ٌا رَ بِّ َوما َخ َطري‪َ ،‬هبْنً ِب َفضْ لِكَ‪َ ،‬و َتصَ د َّْق عَ لًََّ‬ ‫هاربٌ ِم ْنكَ ِالٌَْكَ‪ُ ،‬م َت َنجِّ ٌز ما َوعَ دْ تَ مِنَ ال َّ‬ ‫ٌ‬
‫ٌا سَ ٌِّدي عابِذ ِب َفضْ لِكَ‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫خفت تعْ جٌ َل ال ُعقو َب ِة الجْ تن ْبتهُ‪ ،‬ال‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫بِعَ ْف ِوكَ اَيْ رَ بِّ جَ للنً بِسَ ت ِركَ‪َ ،‬واعْ ؾُ عَ نْ ت ْوبٌخً بِكرَ ِم َوجْ ِهكَ‪ ،‬فل ِو اطلعَ الٌ َْو َم عَ لى ذنبً ؼَ ٌْرُكَ ما فعَ لتهُ‪َ ،‬ول ْو ِ‬
‫الذ ُنوبِ‪ ،‬عَ الّ ُم‬ ‫ال َ ْكرَ مٌنَ ‪ ،‬سَ ّتا ُر ْال ُعٌُوبِ‪ ،‬ؼَ ّفا ُر ُّ‬ ‫ُطلِعٌنَ ‪َ ،‬ب ْل الِ َ َّنكَ ٌا رَ بِّ َخ ٌْ ُر السّاتِرٌنَ ‪َ ،‬واَحْ َك ُم ْالحاكِمٌنَ ‪َ ،‬واَ ْكرَ ُم ا ْ‬ ‫الِ َ َّنكَ اَهْ َونُ ال ّناظِ رٌنَ َواَ َخؾُّ ْالم َّ‬

‫ب بِ َكرَ مِكَ‪َ ،‬و ُت َإ ِّخ ُر ْال ُعقُو َب َة بِح ِْلمِكَ‪َ ،‬فلَكَ ْالحَ مْ ُد عَ لى ح ِْلمِكَ بَعْ دَ عِ ْلمِكَ‪َ ،‬وعَ لى عَ ْف ِوكَ بَعْ دَ قُدْ رَ تِكَ‪َ ،‬وٌَحْ ِملُنً َوٌُجَ رَّ ُبنً عَ لى مَعْ صِ ٌَتِكَ‬ ‫ْال ُؽٌُوبِ‪َ ،‬تسْ ُت ُر َّ‬
‫الذ ْن ِ‬
‫ظٌم عَ ْف ِوكَ‪ٌ ،‬ا حَ لٌ ُم ٌا َكرٌ ُم‪ٌ ،‬ا‬ ‫ُّ‬
‫ح ِْلمُكَ عَ ّنً‪َ ،‬و ٌَدْ عُونً اِلى قِلَّ ِة ْالحَ ٌا ِء سِ ْترُكَ عَ لًََّ ‪َ ،‬وٌُسْ ِرعُنً ِالَى ال َّت َوث ِ‬
‫َحارمِكَ مَعْ ِر َفتً بِسِ عَ ِة رَ حْ َمتِكَ‪َ ،‬وعَ ِ‬
‫ب عَ لى م ِ‬
‫ٌ‬
‫ْنَ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬ ‫رٌبُ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ج‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫ْنَ رَ ُكَ‬ ‫ٌ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ُ‪،‬‬
‫ل‬ ‫لٌ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫وُ‬
‫ْنَ عَ كَ جَ‬‫ْ‬
‫ف‬ ‫ٌ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ل‬ ‫مٌ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫س‬
‫ِ ْنَ ِ َ ُكَ جَ‬ ‫ٌ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬‫حسان‬ ‫ال ِ‬‫قاب َل ال َّت ْوبِ‪ٌ ،‬ا عَ ظٌ َم ْالمَنِّ ‪ٌ ،‬ا َقدٌ َم ا ْ‬
‫الذ ْنبِ‪ٌ ،‬ا ِ‬ ‫حَ ًُّ ٌا َقٌُّو ُم‪ٌ ،‬ا ؼافِرَ َّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ؼٌِاثكَ السَّرٌعُ‪ ،‬اٌَْنَ رَ حْ َمتِكَ الواسِ عَ ةِ‪ ،‬اٌَْنَ عَ طاٌاكَ الفاضِ لَة‪ ،‬اٌَْنَ مَوا ِهبُكَ الهَنٌ َبة‪ ،‬اٌَْنَ صَنابِعُكَ ال َّسنِ ٌَّة‪ ،‬اٌَْنَ َفضْ لكَ العَ ظٌ ُم‪ ،‬اٌَْنَ َم ُّنكَ الجَ سٌ ُم‪ ،‬اٌَْنَ‬ ‫ُ‬
‫قابكَ عَ لى‬ ‫ت اَ َّت ِك ُل فًِ الٌنجا ِة مِنْ عِ ِ‬ ‫اِحْ سا ُنكَ ْال َقدٌ ُم‪ ،‬اٌَْنَ َكرَ مُكَ ٌا َكرٌ ُم‪ِ ،‬ب ِه َفاسْ َت ْنق ِْذنً‪َ ،‬و ِبرَ حْ َمتِكَ َف َخلِّصْ نً‪ٌ ،‬ا مُحْ سِ نُ ٌا مُجْ ِملُ‪ٌ ،‬ا ُم ْن ِع ُم ٌا ُم ْفضِ لُ‪َ ،‬لسْ ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ب َكرَ ماً‪َ ،‬فما نَدْ ري ما َنشكرُ‪ ،‬اَجَ مٌ َل ما َتنشرُ‪ ،‬اَ ْم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫سان نِعَماً‪َ ،‬و َتعْ فُو عَ ِن َّ‬
‫الذ ْن ِ‬ ‫ال ِ حْ ِ‬ ‫اَعْ مالِنا‪َ ،‬ب ْل بِ َفضْ لِكَ عَ لٌَْنا‪ ،‬الِ َ َّنكَ اَهْ َل ال َّت ْقو َواَهْ َل ْالم َْؽفِرَ ِة ُت ْبدِئُ بِا ْ‬
‫الذ ِبكَ َوا ْن َق َطعَ ِالٌَْكَ‪ ،‬اَ ْنتَ‬
‫ْن مَنْ َ‬
‫َقبٌحَ ما َتسْ ُترُ‪ ،‬اَ ْم عَ ظٌ َم ما اَ ْبلٌَْتَ َواَ ْولٌَْتَ ‪ ،‬اَ ْم َكثٌرَ ما ِم ْن ُه َنجَّ ٌْتَ َوعا َفٌْتَ ‪ٌ ،‬ا حَ بٌبَ مَنْ َتحَ بَّبَ ِالٌَْكَ‪َ ،‬وٌا قُرَّ َة عَ ٌ ِ‬
‫مٌل ما عِ ْندَ كَ‪َ ،‬واَيُّ جَ هْل ٌا رَ بِّ ال ٌَسَ ُع ُه جُودُكَ‪ ،‬اَ ْو اَيُّ َزمان اَ ْط َو ُل مِنْ اَناتِكَ‪َ ،‬وما‬
‫بٌح ما عِ ْندَنا بِجَ ِ‬‫جاوز ٌا رَ بِّ عَ نْ َق ِ‬
‫ا ْل ُ محْ سِ نُ َو َنحْ نُ ْالمُسٌإنَ َف َت َ ْ‬
‫َضٌق عَ لَى ْالم ُْذنِبٌنَ ما َوسِ عَ ُه ْم مِنْ رَ حْ َمتِكَ‪ٌ ،‬ا واسِ عَ ْالم َْؽفِرَ ةِ‪ٌ ،‬ا باسِ َط‬
‫ُ‬ ‫ب نِعَ مِكَ‪َ ،‬و َكٌْؾَ َنسْ َت ْكثِ ُر اَعْ ماالً ُن ِ‬
‫قاب ُل ِبها َكرَ مَكَ‪َ ،‬ب ْل َكٌْؾَ ٌ‬ ‫قَدْ ُر اَعْ مالِنا فً جَ ْن ِ‬
‫ت عَ نْ َت َملُّقِكَ‪ ،‬لِمَا ا ْن َتهى ِالَىَّ مِنَ ْالمَعْ ِر َف ِة بِجُودِكَ َو َك ِرمَك‪َ ،‬واَ ْنتَ ْالفاعِ ُل‬
‫ت مِنْ بابِكَ‪َ ،‬وال َك َف ْف ُ‬ ‫ْالٌَدَ ٌ ِ‬
‫ْن بِالرَّ حْ َمةِ‪َ ،‬ف َو عِ َّزتِكَ ٌا سَ ٌِّدي‪ ،‬لَ ْو َنهَرْ َتنً ما ب َِرحْ ُ‬
‫ناز ُع فً م ُْلكِكَ‪َ ،‬وال ُتشارَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ك فً اَمْ ِركَ‪،‬‬ ‫لِما َتشا ُء ُتعَ ذبُ مَنْ َتشا ُء بِما َتشا ُء َكٌْؾَ َتشاءُ‪َ ،‬و َترْ حَ ُم مَنْ َتشا ُء بِما َتشا ُء َكٌْؾَ َتشاءُ‪ ،‬ال ُتسْ ؤ ُل عَ نْ فِعْ لِكَ‪َ ،‬وال ُت ِ‬
‫الذ ِبكَ‪َ ،‬واسْ َتجارَ‬ ‫ال َ مْ رُ‪َ ،‬تبارَ كَ ّللاُ رَ بُّ ْالعا َلمٌنَ ‪ٌ ،‬ا رَ بِّ هذا مَقا ُم مَنْ َ‬ ‫بٌركَ‪ ،‬لَكَ ْال َخ ْل ُق َوا ْ‬ ‫َوال ُتضا ُّد فً ح ُْكمِكَ‪َ ،‬وال ٌَعْ َت ِرضُ عَ لٌَْكَ اَحَ ٌد فً تَدْ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ؾ ُ وكَ‪َ ،‬وال ٌَ ْنقُصُ َفضْ لُكَ‪َ ،‬وال َتقِ ُّل رَ حْ َم ُتكَ‪َ ،‬وقَدْ َت َوث ْقنا ِم ْنكَ بِال َّ‬ ‫بِ َكرَ مِكَ‪َ ،‬واَلِؾَ اِحْ سا َنكَ َونِعَ مَكَ َواَ ْنتَ ْالجَ وا ُد الَّذي ال ٌ‬
‫دٌم‪َ ،‬وال َفضْ ِل‬ ‫ص ْف ِح ال َق ِ‬ ‫َضٌق عَ ْ‬‫ُ‬
‫ظ ُنو َننا‪ ،‬اَ ْو ُت َخٌِّبْ آمالَنا‪َ ،‬كالّ ٌا َكرٌ ُم‪َ ،‬فلٌَْسَ هذا َظ ُّننا ِبكَ‪َ ،‬وال هذا فٌكَ َط َمعُنا ٌا رَ بِّ اِنَّ لَنا فٌكَ اَ َمالً‬ ‫ْالعَ ظٌم‪َ ،‬والرَّ حْ َم ِة ْالواسِ عَ ةِ‪ ،‬اَ َف َتراكَ ٌا رَ بِّ ُت ْخلِؾُ ُ‬
‫ِ‬
‫َطوٌالً َكثٌراً‪ ،‬اِنَّ لَنا فٌكَ رَ جا ًء عَ ظٌماً‪ ،‬عَ صَ ٌْناكَ َو َنحْ نُ َنرْ جُو اَنْ َتسْ ُترَ عَ لٌَْنا‪َ ،‬ودَ عَ ْوناكَ َو َنحْ نُ َنرْ جُو اَنْ َتسْ َتجٌبَ لَنا‪َ ،‬فحَ ِّق ْق رَ جاءَنا م َْوالنا‪َ ،‬فقَدْ عَ لِمْنا‬
‫جبٌنَ لِرَ حْ َمتِكَ‪َ ،‬فا َ ْنتَ اَهْ ٌل اَنْ َتجُودَ عَ لٌَْنا َوعَ لَى ْالم ُْذنِبٌنَ ِب َفضْ ِل‬ ‫جبُ ِباَعْ مالِنا‪َ ،‬ولكِنْ عِ ْلمُكَ فٌنا َوعِ ْلمُنا ِبا َ َّنكَ ال َتصْ ِرفُنا عَ ْنكَ َواِنْ ُك ّنا ؼَ ٌْرَ مُسْ َت ْو ِ‬ ‫ما َنسْ َت ْو ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وركَ اهْ َتدَ ٌْنا‪َ ،‬وبِ َفضْ لِكَ اسْ َت ْؽ َنٌْنا‪َ ،‬وبِنِعْ َمتِكَ اَصْ بَحْ نا َواَمْ سَ ٌْنا‪ ،‬ذنوبَنا َبٌْنَ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سَعَ تِكَ‪َ ،‬فامْ ننْ عَ لٌْنا بِما اَنتَ اَهْ لهُ‪َ ،‬وجُدْ عَ لٌْنا َف ِانا مُحْ تاجُونَ اِلى َن ٌْلِكَ‪ٌ ،‬ا ؼَ فا ُر بِن ِ‬
‫ك َكرٌ ٌم‬ ‫شرنا ِالٌَْكَ صاعِ ٌد‪َ ،‬ولَ ْم ٌ ََز ْل َوال ٌَزا ُل َملَ ٌ‬ ‫نازلٌ‪َ ،‬و ُّ‬ ‫ْنا‬‫ٌ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُكَ‬ ‫ٌَدَ ٌْكَ َنسْ َت ْؽفِرُكَ الّل ُه َّم ِم ْنها َو َن ُتوبُ ِالٌَْكَ‪َ ،‬ت َتحَ بَّبُ ِالٌَْنا ِبال ِّنعَ م َو ُنعارضُكَ ِب ُّ‬
‫الذ ُنوبِ‪َ ،‬خ ٌْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َل عَ لٌَْنا بِآالبِكَ‪َ ،‬ف ُسبْحا َنكَ ما اَحْ لَمَكَ َواَعْ َظمَكَ َواَ ْكرَ مَكَ ُم ْبدِبا ً َومُعٌداً‪َ ،‬ت َق َّدسَ تْ‬ ‫ٌَؤتٌكَ عَ ّنا بِعَ مَل َقبٌح‪َ ،‬فال ٌَمْ َنعُكَ ذلِكَ مِنْ اَنْ َتح َ‬
‫ُوطنا بِنِعَ مِكَ‪َ ،‬و َت َت َف َّ‬
‫قاٌسَنً ِبفِعْ لً َو َخطٌـ َبتً‪َ ،‬ف ْالعَ ْف َو ْالعَ ْف َو ْالعَ ْف َو‪ ،‬سَ ٌِّدي سَ ٌِّدي‬
‫اَسْ ماإكَ َوجَ َّل َثناإُ كَ‪َ ،‬و َك ُر َم صَنابِعُكَ َوفِعالُكَ‪ ،‬اَ ْنتَ اِلهً اَ ْوسَ ُع َفضْ الً‪َ ،‬واَعْ َظ ُم ح ِْلما ً مِنْ اَنْ ُت ِ‬
‫جرْ نا مِنْ عَ ذابِكَ‪َ ،‬وارْ ُز ْقنا مِنْ مَواهِبِكَ‪َ ،‬واَن ِع ْم عَ لٌْنا م ف لِكَ‪َ ،‬و زقنا حَ َّ َبٌتِكَ‪َ ،‬و ِزٌارَ ة قب ِْر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ارْ‬ ‫ضْ‬ ‫َ‬ ‫ِنْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫سَ ٌِّدي‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ا ْشؽَ ْلنا بِذ ِْك ِركَ‪َ ،‬واَعِ ْذنا مِنْ سَ َخطِ كَ‪َ ،‬واَ ِ‬
‫َنبٌِِّكَ صَ لَوا ُتكَ َورَ حْ َم ُتكَ َوم َْؽفِرَ ُتكَ َو ِرضْ وا ُنكَ عَ لَ ٌْ ِه َوعَ لى اَهْ ِل َب ٌْتِ ِه ِا َّنكَ َقرٌبٌ مُجٌبٌ ‪َ ،‬وارْ ُز ْقنا عَ َمالً بِطاعَ تِكَ‪َ ،‬و َت َو َّفنا عَ لى ِملَّتِكَ‪َ ،‬و ُس َّن ِة َنبٌِِّكَ صَ لَّى ّللاُ‬
‫اؼفِرْ ل ِْلم ُْإمِنٌنَ َو ْالم ُْإمِنا ِ‬
‫ت‬ ‫ت ُؼ ْفراناً‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ْ‬‫حسان اِحْ سانا ً َو ِبال َّسٌِّبا ِ‬
‫ِ‬ ‫اؼفِرْ لً َولِوالِدَ يَّ َوارْ حَ مْ هُما َكما رَ بٌَّانً صَؽٌراً‪ ،‬اِجْ ِزهما ِبا ْ‬
‫ال ِ‬ ‫عَ لَ ٌْ ِه َوآلِهِ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ْ‬
‫بٌرنا‪ ،‬حُرِّنا َومَمْ لُوكِنا‪،‬‬ ‫صَؽٌرنا َو َك ِ‬
‫ِ‬ ‫اؼفِرْ لِحَ ٌِّنا َو َم ٌِّتِنا‪َ ،‬وشا ِهدِنا َوؼابِبِنا‪َ ،‬ذ َك ِرنا َوا ُ ْنثانا‪،‬‬ ‫ت اَللّـ ُه َّم ْ‬‫ال َ مواِت‪َ ،‬وتابِعْ َب ٌْ َننا َو َب ٌْ َن ُه ْم بِ ْال َخٌْرا ِ‬ ‫ال َ حٌا ِء ِم ْن ُه ْم َوا ْ‬ ‫ا ْ‬
‫اختِ ْم لً ِب َخٌْر‪َ ،‬و ْاكفِنً ما اَ َهمَّنً مِنْ اَمْ ِر ُد ْنٌايَ‬ ‫آل مُحَ مَّد‪َ ،‬و ْ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َّد‬
‫م‬ ‫م‬
‫ُحَ‬ ‫لى‬ ‫عَ‬ ‫ل‬
‫ِّ‬ ‫صَ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ـ‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬‫ً‬ ‫ا‬‫ُبٌن‬‫م‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫ران‬ ‫سْ‬ ‫ُ‬
‫خ‬ ‫ُوا‬ ‫ر‬ ‫سِ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ً‬ ‫ا‬ ‫َعٌد‬ ‫ب‬ ‫ً‬ ‫ال‬‫ال‬ ‫ضَ‬ ‫وا‬‫ُّ‬ ‫ل‬ ‫ضَ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫لِل‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ب‬
‫ِ‬ ‫ونَ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫عا‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫بَ‬ ‫ذ‬‫َك َ‬
‫َوآخِرَ تً َوال ُتسَ لِّ ْط عَ لًََّ مَنْ ال ٌَرْ حَ مُنً‪َ ،‬واجْ عَ ْل عَ لًََّ ِم ْنكَ واقٌِ ًَة باقٌِ ًَة‪َ ،‬وال َتسْ لُبْنً صالِحَ ما اَ ْنعَمْ تَ بِ ِه عَ لًََّ ‪َ ،‬وارْ ُز ْقنً مِنْ َفضْ لِكَ ِر ْزقا ً واسِ عا ً حَ الالً‬
‫رام فً عامِنا هذا َوفً ُك ِّل عام‪َ ،‬و ِزٌارَ َة َقب ِْر َن ِبٌِّكَ‬ ‫ْ‬
‫ح ْفظِ كَ‪َ ،‬و ْاكالَنً ِبكِال َبتِكَ‪َ ،‬وارْ ُز ْقنً حَ َّ َب ٌْتِكَ الحَ ِ‬ ‫َطٌِّباً‪ ،‬اَللّـ ُه َّم احْ رُسْ نً ِبحَ راسَ تِكَ‪َ ،‬واحْ َف ْظنً ِب ِ‬

‫‪588‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫شرٌ َفةِ‪َ ،‬و ْالمَواقِؾِ ْال َكرٌ َمةِ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ُتبْ عَ لًََّ حَ ّتى ال اَعْ صِ ٌَكَ‪َ ،‬واَ ْل ِهمْ نًَِ ْال َخٌْرَ َو ْالعَ َم َل بِهِ‪،‬‬ ‫ال َ بِ َّم ِة عَ لٌَ ِْه ُم السَّال ُم‪َ ،‬وال ُت ْخلِنً ٌا رَ بِّ مِنْ ت ِْلكَ ْالمَشا ِه ِد ال َّ‬ ‫َوا ْ‬
‫ت لِلصَّال ِة َبٌْنَ ٌَدَ ٌْكَ َوناجَ ٌْ ُتكَ اَ ْل َقٌْتَ عَ لًََّ ُنعاسا ً اِذا اَ َنا‬
‫َّؤت َوقُمْ ُ‬
‫َّؤت َو َتعَ ب ُ‬ ‫هار ما اَ ْب َق ٌْ َتنً ٌا رَ بَّ ْالعالَمٌنَ ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ِا ّنً ُكلَّما قُ ْل ُ‬
‫ت قَدْ َت َهٌ ُ‬ ‫َو َخ ْش ٌَ َتكَ بِاللٌَّ ِْل َوال َّن ِ‬
‫ت َقدَمً‪،‬‬ ‫ت لً َبلٌِ ٌَّة اَزالَ ْ‬ ‫ِس ال َّتوّ ابٌنَ مَجْ لِسً‪ ،‬عَ رَ ضَ ْ‬ ‫ت سَ رٌرَ تً‪َ ،‬و َقرُبَ مِنْ مَجال ِ‬ ‫ت قَدْ صَ َلحَ ْ‬ ‫ْت‪ ،‬مالً ُكلَّما ُق ْل ُ‬ ‫ْت‪َ ،‬وسَ لَ ْب َتنً مُناجاتِكَ اِذا اَ َنا ناجَ ٌ ُ‬ ‫صَ لٌَّ ُ‬
‫خ ّفا ً بِحَ ِّقكَ َفا َ ْقصَ ٌْ َتنً‪ ،‬اَ ْو لَعَ لَّكَ رَ اَ ٌْ َتنً مُعْ ِرضا ً‬ ‫خدْ َمتِكَ َنحَّ ٌْ َتنً اَ ْو لَعَ لَّكَ رَ اَ ٌْ َتنً مُسْ َت ِ‬ ‫خدْ َمتِكَ سَ ٌِّدي لَعَ لَّكَ عَ نْ بابِكَ َطرَ دْ َتنً‪َ ،‬وعَ نْ ِ‬ ‫ت َبٌْنً َو َبٌْنَ ِ‬ ‫َوحالَ ْ‬
‫ِس ْال ُعلَما ِء‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َجا‬ ‫م‬ ‫ِنْ‬ ‫م‬ ‫نً‬‫ت‬‫َ‬ ‫َدْ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫كَ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫عَ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫نً‪،‬‬‫ت‬‫َ‬ ‫مْ‬ ‫رَ‬ ‫حَ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ِكَ‬ ‫ب‬ ‫ما‬ ‫عْ‬‫ن‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ِر‬
‫ك‬ ‫شا‬ ‫ٌ‬
‫ْرَ‬ ‫ؼَ‬ ‫نً‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫رَ‬ ‫كَ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫عَ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫نً‪،‬‬‫ت‬‫َ‬ ‫ضْ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫رَ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ذ‬
‫ِبٌنَ‬ ‫كا‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫َقام‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫فً‬ ‫نً‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫دْ‬ ‫جَ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫كَ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫عَ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫نً‪،‬‬‫ت‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫عَ ْنكَ َف‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِس البَطالٌنَ َف َبٌْنً َو َب ٌْ َن ُه ْم َخل ٌْ َتنً‪ ،‬اَ ْو لَعَ لكَ لَ ْم ُتحِبَّ اَنْ َتسْ مَعَ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َف َخ َذ ْل َتنً‪ ،‬اَ ْو لَعَ لكَ رَ اَ ٌْ َتنً فِى الؽافِلٌنَ َفمِنْ رَ حْ َمتِكَ آٌَسْ َتنً‪ ،‬اَ ْو لَعَ لكَ رَ اَ ٌْ َتنً آلؾَ مَجال ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫جاز ٌْ َتنً‪َ ،‬فاِنْ عَ َف ْوتَ ٌا رَ بِّ َفطالما عَ َف ْوتَ عَ ِن ْالم ُْذنِبٌنَ َقبْلً‪ ،‬الِ َ نَّ‬
‫َ‬ ‫دُعابً َفباعَ دْ َتنً‪ ،‬اَ ْو لَعَ لَّكَ ِبجُرْ مً َوجَ رٌرَ تً كا َف ٌْ َتنً‪ ،‬اَ ْو لَعَ لَّكَ ِبقِلَّ ِة حَ ٌابً ِم ْنكَ‬
‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صف ِح عَ مَّنْ اَحْ سَ نَ بِكَ ظنا‪ ،‬اِلهً اَنتَ اَ ْوسَ ُع‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت ْال ُم َقصِّرٌنَ ‪َ ،‬واَ َنا عابِذ بِ َفضْ لِكَ‪ِ ،‬‬
‫هاربٌ ِم ْنكَ ِالٌَْكَ‪ُ ،‬متنجِّ ز ما َوعَ دْ تَ مِنَ ال َّ‬ ‫ج ُّل عَ نْ مُكافا ِ‬ ‫َكرَ مَكَ اَيْ رَ بِّ ٌَ ِ‬
‫قاٌسَنً ِبعَ مَلً اَ ْو اَنْ َتسْ َت ِزلَّنً ِب َخطٌ َبتً‪َ ،‬وما اَ َنا ٌا سَ ٌِّدي َوما َخ َطري‪َ ،‬هبْنً ِب َفضْ لِكَ سَ ٌِّدي‪َ ،‬و َتصَ د َّْق عَ لًََّ ِبعَ ْف ِوكَ‪،‬‬ ‫َفضْ الً‪َ ،‬واَعْ َظ ُم ح ِْلما ً مِنْ اَنْ ُت ِ‬
‫َوجَ لِّ ْلنً بِسَ ْت ِركَ‪َ ،‬واعْ ؾُ عَ نْ َت ْوبٌخً بِكرَ ِم َوجْ ِهكَ‪ ،‬سَ ٌِّدي انا الصَّؽٌ ُر الذي رَ َّب ٌْتهُ‪َ ،‬وانا الجا ِه ُل الذي عَ لمْ تهُ‪َ ،‬وانا الضّا ُّل الذي هَدَ ٌْتهُ‪َ ،‬وانا ال َوضٌ ُع‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جاٌ ُع الَّذي اَ ْشبَعْ َتهُ‪َ ،‬و ْالعَ ْطشانُ الَّذي اَرْ َو ٌْ َتهُ‪َ ،‬و ْالعاري الَّذي َكسَ ْو َتهُ‪َ ،‬و ْال َفقٌ ُر الَّذي اَ ْؼ َن ٌْ َتهُ‪َ ،‬والضَّعٌؾُ الَّذي‬
‫الَّذي رَ َفعْ َتهُ‪َ ،‬واَ َنا ْالخابِؾُ الَّذي آ َم ْن َتهُ‪َ ،‬و ْال ِ‬
‫َ‬ ‫رْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫رْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الذلٌ ُل الَّذي اَعْ َز ْز َتهُ‪َ ،‬والسَّقٌ ُم الَّذي شفٌتهُ‪َ ،‬والسّابِ ُل الذي ا طٌتهُ‪َ ،‬والمُذنِبُ الذي سَ ت تهُ‪َ ،‬والخاطِ اُ الذي اقلتهُ‪َ ،‬وانا القلٌ ُل الذي كث تهُ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عْ‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َقوَّ ٌْ َتهُ‪َ ،‬و َّ‬
‫ُظمى‪ ،‬اَ َنا‬ ‫الطرٌ ُد الَّذي َآو ٌْ َتهُ‪ ،‬اَ َنا ٌا رَ بِّ الَّذي لَ ْم اَسْ َتحْ ٌِكَ فِى ْال َخال ِء‪َ ،‬ولَ ْم اُراقِبْكَ فِى ْالمَال ِء‪ ،‬اَ َنا صاحِبُ الدَّواهًِ ْالع ْ‬ ‫َو ْالمُسْ َتضْ عَ ؾُ الَّذي َنصَ رْ َتهُ‪َ ،‬واَ َنا َّ‬
‫ت ِالٌَْها اَسْ عى‪ ،‬اَ َنا‬ ‫ت ِبها َخرَ جْ ُ‬ ‫شرْ ُ‬ ‫ْت عَ لى مَعاصِ ى ْالجَ ِ‬
‫لٌل الرُّ شا‪ ،‬اَ َنا الَّذي حٌنَ ُب ِّ‬ ‫ْت جَ بّارَ السَّما ِء‪ ،‬اَ َنا الَّذي اَعْ َطٌ ُ‬ ‫الَّذي عَ لى سَ ٌِّ ِد ِه اجْ َتر ‪ ،‬اَ َنا الَّذي عَ صَ ٌ ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْت‪َ ،‬فبِحِلمِكَ اَمْ هَل َتنً َوبِسِ ْت ِركَ‬ ‫ْ‬
‫ْت‪َ ،‬واَسْ َقط َتنً مِنْ عَ ٌْنِكَ َفما بالٌَ ُ‬
‫ت بِالمَعاصً َف َتعَ َّدٌ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْت‪َ ،‬وعَ مِل ُ‬ ‫الَّذي اَمْ ه َْل َتنً َفما ارْ عَ َوٌ ُ‬
‫ْت‪َ ،‬وسَ َترْ تَ عَ لًََّ َفمَا اسْ َتحْ ٌٌَ ُ‬
‫ح ٌد‪َ ،‬وال ِباَمْ ِركَ‬ ‫ت ْالمَعاصً جَ َّن ْب َتنً حَ ّتى َكا َ َّنكَ اسْ َتحْ ٌَ ٌْ َتنً‪ ،‬اِلهً لَ ْم اَعْ صِ كَ حٌنَ عَ صَ ٌْ ُتكَ َواَ َنا ِب ُرب ِ‬
‫ُوب ٌَّتِكَ جا ِ‬ ‫سَ َترْ َتنً حَ ّتى َكا َ َّنكَ اَ ْؼ َف ْل َتنً‪َ ،‬ومِنْ ُعقُوبا ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت لً َنفسً‪َ ،‬وؼَ لبَنً هَوايَ ‪َ ،‬واَعا َننً عَ لٌْها شِ ق َوتً‪َ ،‬وؼَ رَّنً سِ ترُكَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت َوسَ وَّ ل ْ‬ ‫ٌ‬
‫هاونٌ ‪ ،‬لكِنْ َخطٌ َبة عَ رَ ضَ ْ‬ ‫مُسْ َتخِؾٌّ ‪َ ،‬وال لِ ُعقُو َبتِكَ ُم َتعَ رِّ ضٌّ ‪َ ،‬وال ل َِوعٌدِكَ ُم َت ِ‬
‫ذابكَ مَنْ ٌَسْ َت ْنق ُِذنً‪َ ،‬ومِنْ اٌَْدي ْال ُخصَما ِء ؼَ داً مِنْ ٌ َُخلِّصُنً‪َ ،‬و ِبحَ ب ِْل مَنْ اَ َّتصِ ُل اِنْ اَ ْنتَ‬ ‫النَ مِنْ عَ ِ‬‫ْالمُرْ خى عَ لَىَّ ‪َ ،‬فقَدْ عَ صَ ٌْ ُتكَ َوخالَ ْف ُتكَ ِبجَ هْدي‪َ ،‬فا ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َق َطعْ تَ حَ ْبلَكَ عَ ّنً‪َ ،‬فواسَ ْواَتا عَ لى ما اَحْ صى كِتابُكَ مِنْ عَ َملًَِ الذي ل ْوال ما ارْ جُو مِنْ كرَ مِكَ َوسَعَ ِة رَ حْ َمتِكَ َونهٌِْكَ ِاٌّايَ عَ ِن القنوطِ لقنطت عِ ندَما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ال ُ مًَِّّ ْالقُرَ شِ ًَّ‬ ‫الم اَ َت َو َّس ُل ِالٌَْكَ‪َ ،‬و ِبحُرْ َم ِة ْالقُرْ ِ‬
‫آن اَعْ َت ِم ُد ِالٌَْكَ‪َ ،‬و ِب ُحبًَِّ ال َّن ِبًَّ ا ْ‬ ‫اَ َت َذ َّكرُها‪ٌ ،‬ا َخٌْرَ مَنْ دَ عاهُ داع‪َ ،‬واَ ْفضَ َل مَنْ رَ جاهُ راج‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ِب ِذ َّم ِة ا ْ‬
‫ال ِ سْ ِ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِش اسْ تٌناسَ اٌمانً‪َ ،‬وال تجْ عَ ْل ثوابً ثوابَ مَنْ عَ بَدَ سِ واكَ‪ ،‬فاِنَّ ق ْوما آ َمنوا‬ ‫الز ْل َف َة لَدَ ٌْكَ‪َ ،‬فال ُتوح ِ‬ ‫ْالهاشِ مًَِّ ْالعَ رَ بًَِّ ال ِّتهامًَِّ ْال َم ِّكًَّ ْالمَدَ نًَِّ اَرْ جُو ُّ‬
‫ُورنا‪َ ،‬وال ُت ِز ْغ قُلُوبَنا بَعْ دَ‬ ‫صد ِ‬ ‫ِّت رَ جاءَكَ فً ُ‬ ‫بِا َ ْلسِ َنت ِِه ْم لٌَِحْ قِ ُنوا بِ ِه دِما َء ُه ْم َفا َدْ رَ ُكوا ما اَ َّملُوا‪ََ ،‬وإ ّنا آَمّنا بِكَ بِا َ ْلسِ َنتِنا َوقُلُوبِنا لِ َتعْ فُ َو عَ ّنا‪َ ،‬فا َدْ ِر ْكنا ما اَم َّْلنا‪َ ،‬و َثب ْ‬
‫ت عَ نْ َت َملُّقِكَ لِما ا ُ ْل ِه َم َق ْلبً مِنَ ْالمَعْ ِر َف ِة‬ ‫بابكَ‪َ ،‬وال َك َف ْف ُ‬‫ت مِنْ ِ‬ ‫ا ِْذ هَدَ ٌْ َتنا‪َ ،‬وهَبْ لَنا مِنْ لَ ُد ْنكَ رَ حْ م ًَة ِا َّنكَ اَ ْنتَ ْال َوهّابُ ‪َ ،‬ف َوعِ َّزتِكَ لَ ِو ا ْن َتهَرْ َتنً ما ب َِرحْ ُ‬
‫ال َ صْ فادِ‪َ ،‬و َم َنعْ َتنً سَ ٌْبَكَ مِنْ‬ ‫وق إالّ اِلى خالِقِهِ‪ ،‬اِلهً لَ ْو َقرَ ْن َتنً بِا ْ‬ ‫مخلُ ُ‬
‫جاُ ا ْل َ ْ‬ ‫بِ َكرَ مِكَ َوسَعَ ِة رَ حْ َمتِكَ‪ ،‬اِلى مَنْ ٌ َْذهَبُ ْالعَ ْب ُد إالّ اِلى م َْوالهُ‪َ ،‬واِلى مَنْ ٌ َْل َت ِ‬
‫ت َتؤمٌلً‬ ‫ت رَ جابً ِم ْنكَ َوما صَ رَ ْف ُ‬ ‫ْرار‪ ،‬ما َق َطعْ ُ‬ ‫ال َ ب ِ‬ ‫ار‪َ ،‬وح ُْلتَ َبٌْنً َو َبٌْنَ ا ْ‬ ‫ضاٌحً ُعٌُونَ ْالعِبادِ‪َ ،‬واَمَرْ تَ بً ِالَى ال ّن ِ‬ ‫ال َ ْشهادِ‪َ ،‬ودَ َل ْلتَ عَ لى َف ِ‬‫ْن ا ْ‬‫َبٌ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫دار ال ُّدنٌا‪ ،‬سَ ٌِّدي اَخ ِرجْ حُبَّ ال ُّدنٌا مِنْ َقلبً‪َ ،‬واجْ مَعْ َبٌْنً َو َبٌْنَ‬ ‫ْ‬ ‫ل ِْلعَ ف ِو عَ نكَ‪َ ،‬وال َخرَ جَ ُحبُّكَ مِنْ َقلبً‪ ،‬اَ َنا ال اَنسى اٌَا ِدٌَكَ عِ ندي‪َ ،‬وسِ ترَ كَ عَ لًََّ فً ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْت‬‫خٌَرَ تِكَ مِنْ َخ ْلقِكَ َوخا َت ِم ال َّن ِبٌٌّنَ مُحَ مَّد صَ لَّى ّللاُ عَ لَ ٌْ ِه َوآلِهِ‪َ ،‬وا ْنقُ ْلنً اِلى دَ رَ جَ ِة الَّ ْتو َب ِة ِالٌَْكَ‪َ ،‬واَعِ ّنً ِب ْالبُكا ِء عَ لى َن ْفسً‪َ ،‬فقَدْ اَ ْف َنٌ ُ‬
‫ْالمُصْ َطفى َوآلِ ِه ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت عَ لى مِث ِل حالً اِلى َقبْري‪ ،‬ل ْم ا َمهِّدْ هُ لِرَ قدَتً‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ت َمن ِزلة االٌِسٌنَ مِنْ َخٌْري‪َ ،‬فمَنْ ٌَكونُ اَسْ َوأ حاال ِمنً إنْ اَ َنا نقِل ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫مال عُمْ ري‪َ ،‬وقَدْ َن َزل ُ‬ ‫ال ِ‬‫بِال َّتسْ وٌؾِ َوا ْ‬
‫َولَ ْم اَ ْف ُر ْش ُه ِب ْالعَ م َِل الصّال ِِح لِضَ جْ عَتً‪َ ،‬ومالً ال اَبْكً َوال اَدْ ري اِلى ما ٌَ ُكونُ مَصٌري‪َ ،‬واَر َن ْفسً ُتخا ِدعُنً‪َ ،‬واٌَّامً ُتخاتِلُنً‪َ ،‬وقَدْ َخ َف َق ْ‬
‫ت عِ ْندَ رَ أسً‬
‫ُإال ُم ْن َكر َو َنكٌر ِاٌّايَ ‪ ،‬اَبْكً لِ ُخرُوجً مِنْ‬ ‫ِضٌق لَحَ دي‪ ،‬اَبْكً لِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫روج َن ْفسً‪ ،‬اَبْكً ل ُِظ ْل َم ِة َقبْري‪ ،‬اَبْكً ل‬
‫ِ‬ ‫اَجْ نِحَ ُة ْالم َْوتِ‪َ ،‬فمالً ال اَبْكً اَبْكً‪ ،‬لِ ُخ ُ‬
‫ظ ُر مَرَّ ًة عَ نْ ٌَمٌنً َوا ُ ْخر عَ نْ شِ مالً‪ِ ،‬ا ِذ ْال َخالب ِِق فً َشؤن ؼَ ٌ ِْر َشؤنً (لِ ُك ِّل امْ ِرئ ِم ْن ُه ْم ٌ َْو َمبِذ َشؤنٌ‬ ‫َقبْري عُرْ ٌانا ً َذلٌالً حا ِمالً ثِ ْقلً عَ لى َظهْري‪ ،‬اَ ْن ُ‬
‫ح َك ٌة مُسْ َتبْشِ رَ ةٌ * َووُ جوُ هٌ ٌ َْو َمبِذ عَ لٌَْها ؼَ بَرَ ةٌ * َترْ َهقُها َق َترَ ةٌ) َو ِذلَّ ٌة‪ ،‬سَ ٌِّدي عَ لٌَْكَ مُعَ وَّ لً َومُعْ َتمَدي َورَ جابً َو َت َو ُّكلً‪،‬‬
‫ٌ ُْؽنٌ ِه * وُ جوُ هٌ ٌ َْو َمبِذ مُسْ فِرَ ةٌ * ضا ِ‬
‫شرْ كِ َق ْلبً‪َ ،‬ولَكَ ْالحَ مْ ُد عَ لى بَسْ طِ لِسانً‪،‬‬‫َوبِرَ حْ َمتِكَ َتعَ لُّقً‪ُ ،‬تصٌبُ بِرَ حْ َمتِكَ مَنْ َتشا ُء َو َتهْدي بِ َكرا َمتِكَ مَنْ ُتحِبُّ ‪َ ،‬فلَكَ ْالحَ مْ ُد عَ لى ما َن َّقٌْتَ مِنَ ال ِّ‬
‫ش ْك ِركَ‪َ ،‬وما قَدْ ُر عَ مَلً فً جَ ْن ِ‬
‫ب نِعَ مِكَ َواِحْ سانِكَ‪،‬‬ ‫هذا ْالكا ِّل اَ ْش ُكرُكَ‪ ،‬اَ ْم ِبؽا ٌَ ِة ُجهْدي فً عَ مَلً اُرْ ضٌكَ‪َ ،‬وما قَدْ ُر لِسانً ٌا رَ بِّ فً جَ ْن ِ‬
‫ب ُ‬ ‫اَ َف ِبلِسانً َ‬
‫ت‬‫ش ْكرَ كَ َقبِ َل عَ مَلً‪ ،‬سَ ٌِّدي ِالٌَْكَ رَ ْؼبَتً‪َ ،‬و ِالٌَْكَ رَ هْ بَتً‪َ ،‬و ِالٌَْكَ َتؤمٌلً‪َ ،‬وقَدْ سا َقنً ِالٌَْكَ اَمَلً‪َ ،‬وعَ لٌَْكَ ٌا واحِدي عَ َك َف ْ‬ ‫َ‬
‫اِلهً اِنَّ جُودَ كَ بَسَ ط اَمَلً‪َ ،‬و ُ‬
‫ت رَ هْ بَتً‪ٌ ،‬ا م َْواليَ‬ ‫ْت ِبٌَدي‪َ ،‬و ِبحَ ب ِْل طاعَ تِكَ مَدَ دْ ُ‬ ‫ت رَ ْؼبَتً‪َ ،‬ولَكَ خالِصُ رَ جابً َو َخ ْوفً‪َ ،‬و ِبكَ أَنِسَ ْ‬
‫ت مَحَ بَّتً‪َ ،‬و ِا َلٌْكَ اَ ْل َقٌ ُ‬ ‫ِهمَّتً‪َ ،‬وفٌـما عِ ْندَ كَ ا ْنبَسَ َط ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بِذ ِْك ِركَ عاشَ َق ْلبً‪َ ،‬وبِمُناجاتِكَ بَرَّ دْ ُ‬
‫وم طاعَ تِكَ‪،‬‬ ‫ت اَل َم ال َخ ْوؾِ عَ نً‪َ ،‬فٌا م َْواليَ َوٌا م َُإمَّلً َوٌا ُمن َتهى س ُْإلً َفرِّ ْق َبٌْنً َو َبٌْنَ ذنبًَِ المان ِِع لً مِنْ لز ِ‬
‫ال َ مْ ُر لَكَ‪َ ،‬وحْ دَ كَ ال َشرٌكَ لَكَ َو ْال َخ ْل ُق ُكلُّ ُه ْم‬ ‫َف ِا َّنما اَسْ اَلُكَ لِ َقدٌم الرَّ جا ِء فٌكَ‪َ ،‬وعَ ظٌم َّ‬
‫الطمَع ِم ْنكَ‪ ،‬الَّذي اَ ْوجَ ْب َت ُه عَ لى َن ْفسِ كَ مِنَ الرَّ أ َف ِة َوالرَّ حْ َمةِ‪َ ،‬فا ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪589‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫ت حُجَّتً َو َك َّل عَ نْ جَ وابِكَ لِسانً‪َ ،‬وطاشَ عِ ْندَ سُإالِكَ‬ ‫عٌِالُكَ َوفً َقبْضَ تِكَ‪َ ،‬و ُك ُّل َشًٌْ خاضِ ٌع لَكَ َتبارَ ْكتَ ٌا رَ بَّ ْالعالَمٌنَ ‪ ،‬اِلهً ارْ حَ مْنً ا َِذا ا ْن َق َطعَ ْ‬
‫َّت فا َقتً‪َ ،‬وال َت ُردَّنً لِجَ هْلً‪َ ،‬وال َتمْ َنعْ نً لِقِلَّ ِة صَ بْري‪ ،‬اَعْ طِ نً لِ َف ْقري َوارْ حَ مْنً لِضَعْ فً‪ ،‬سَ ٌِّدي عَ لٌَْكَ‬
‫ِاٌّايَ لُبًّ‪َ ،‬فٌا عَ ظٌ َم رَ جابً ال ُت َخ ٌِّبْنً ا َِذا ا ْش َتد ْ‬
‫مُعْ َتمَدي َومُعَ وَّ لً َورَ جابً َو َت َو ُّكلً‪َ ،‬و ِبرَ حْ َمتِكَ َتعَ لُّقً‪َ ،‬و ِب َفنابِكَ اَح ُّ‬
‫ُط رَ حْ لً‪َ ،‬و ِبجُودِكَ اَ ْقصِ ُد َطلِبَتً‪َ ،‬و ِب َكرَ مِكَ اَيْ رَ بِّ اسْ َت ْف ِت ُح دُعابً‪َ ،‬و َلدَ ٌْكَ اَرْ جُو‬
‫ار َواَ ْنتَ‬‫فا َقتً‪َ ،‬وبِؽِناكَ اَجْ ُب ُر عَ ٌْلَتً‪َ ،‬و َتحْ تَ ظِ ِّل عَ ْف ِوكَ قٌِامً‪َ ،‬واِلى جُودِكَ َو َكرَ مِكَ اَرْ َف ُع بَصَ ري‪َ ،‬واِلى مَعْ رُوفِكَ اُدٌ ُم َن َظري‪َ ،‬فال ُتحْ ِر ْقنً بِال ّن ِ‬
‫ِّ‬
‫هاو ٌَ َة َف ِا َّنكَ قُرَّ ةُ عَ ٌْنً‪ٌ ،‬ا سَ ٌِّدي ال ُت َكذبْ َظ ّنً ِباِحْ سانِكَ َومَعْ رُوفِكَ َف ِا َّنكَ ثِ َقتً‪َ ،‬وال َتحْ ِرمْنً َثوابَكَ َف ِا َّنكَ ْال ِ‬
‫عارؾُ ِب َف ْقري‪،‬‬ ‫ى ْال ِ‬
‫م َْوضِ ُع اَمَلً‪َ ،‬وال ُتسْ ِك ِّن ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت االعْ تِراؾَ ِالٌَْكَ بِذنبً َوسابِ َل عِ لَلً‪ ،‬اِلهً اِنْ عَ َف ْوتَ َفمَنْ اَ ْولى ِمنكَ بِالعَ ف ِو‪َ ،‬واِنْ عَ ذبْتَ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اِلهً اِنْ كانَ قَدْ دَنا اَجَ لً َولَ ْم ٌُ َقرِّ بْنً ِمنكَ عَ مَلً َفقَدْ جَ عَ ل ُ‬
‫ب َبٌْنَ ٌَدَ ٌْكَ‬‫ت ل ِْلحِسا ِ‬
‫ت ُكرْ بَتً‪َ ،‬وفًِ ْال َقب ِْر َوحْ دَتً‪َ ،‬وفًِ اللَّحْ ِد َوحْ َشتً‪َ ،‬واِذا ُنشِ رْ ُ‬
‫َفمَنْ اَعْ دَ ُل ِم ْنكَ فًِ ْالح ُْك ِم‪ ،‬ارْ حَ ْم فً ه ِذ ِه ال ُّد ْنٌا ُؼرْ بَتً‪َ ،‬وعِ ْندَ ْالم َْو ِ‬
‫ض ْل عَ لًََّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حبَّتً‪َ ،‬وتف َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِراش تقلبُنً اٌَْدي اَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الدَ ِمٌٌّنَ مِنْ عَ مَلً‪َ ،‬واَ ِد ْم لً ما بِ ِه سَ ترْ تنً‪َ ،‬وارْ حَ مْنً صَ رٌعا عَ لى الف ِ‬ ‫اؼفِرْ لً ما َخفًَِ عَ لَى ا ْ‬ ‫ُذ َّل م َْوقِفً‪َ ،‬و ْ‬
‫ت ِبكَ َوحٌداً فً‬ ‫ال َ ْق ِربا ُء اَ ْطراؾَ جَ ِ َ‬
‫نازتً‪َ ،‬وجُدْ عَ َلًَّ َم ْنقُوالً قَدْ َن َز ْل ُ‬ ‫ناو َل ا ْ‬ ‫مَمْ دُوداً عَ لَى ْالم ُْؽ َتسَ ِل ٌُ َقلِّبُنً صالِ ُح جٌرَ تً‪َ ،‬و َتحَ َّننْ عَ لًََّ مَحْ موُ ً‬
‫ال قَدْ َت َ‬
‫ت ْالجَ دٌ ِد ُؼرْ بَتً‪ ،‬حَ ّتى ال اَسْ َتاْنِسَ بِؽَ ٌ ِْركَ‪ٌ ،‬ا سَ ٌِّدي اِنْ َوكلتنً اِلى نفسً َهلكت‪ ،‬سَ ٌِّدي فبِمَنْ اسْ تؽٌث اِنْ ل ْم تقِلنً‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُح ْفرَ تً‪َ ،‬وارْ حَ ْم فً ذلِكَ ْال َب ٌْ ِ‬
‫س ُكرْ بَتً سَ ٌِّدي مَنْ لً َومَنْ ٌَرْ حَ مُنً اِنْ لَ ْم َترْ حَ مْنً‪َ ،‬و َفضْ َل مَنْ‬ ‫جاُ اِنْ لَ ْم ُت َن ِّف ْ‬ ‫ت عِنا ٌَ َتكَ فً ضَ جْ عَتً‪َ ،‬واِلى مَنْ اَ ْل َت ِ‬ ‫عَ َثرْ تً‪َ ،‬فاِلى مَنْ اَ ْف َز ُع اِنْ َفقَدْ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِنْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫رْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ب اِذا انقضى اجَ لً‪ ،‬سَ ٌِّدي ال تعَ ذبْنً َوانا ا جُوكَ‪ ،‬اِلهً حَ قق رَ جابً‪َ ،‬وآم خوفً‪ ،‬فاِنَّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫َن الفِرا ُر مِنَ الذنو ِ‬ ‫ت َفضْ لَكَ ٌ َْو َم فا َقتً‪َ ،‬واِلى م ِ‬ ‫ا ُ َإ ِّم ُل اِنْ عَ دِمْ ُ‬
‫ّ‬
‫اؼفِرْ لً َواَ ْلبِسْ نً مِنْ َن َظ ِركَ َث ْوبا ً ٌُؽَ طً عَ لًََّ‬ ‫َك ْثرَ َة ُذ ُنوبً ال اَرْ جُو فٌها إالّ عَ ْفوُ كَ‪ ،‬سَ ٌِّدي اَ َنا اَسْ اَلُكَ ما ال اَسْ َتح ُِّق َواَ ْنتَ اَهْ ُل ال َّت ْقو َواَهْ ُل ْالم َْؽفِرَ ةِ‪َ ،‬ف ْ‬
‫ال َّت ِبعاتِ‪َ ،‬و َت ْؽفِرُها لً َوال اُطالَبُ ِبها‪ِ ،‬ا َّنكَ ُذو مَنٍّ َقدٌم‪َ ،‬وصَ ْفح عَ ظٌم‪َ ،‬و َتجاوُ ز َكرٌم‪ ،‬اِلهً اَ ْنتَ الَّذي ُتفٌضُ سَ ٌْبَكَ عَ لى مَنْ ال ٌَسْ ؤَلُكَ َوعَ لَى ْالجاحِدٌنَ‬
‫ال َ مْ رَ ِالٌَْكَ‪َ ،‬تبارَ ْكتَ َو َتعالٌَْتَ ٌا رَ بَّ ْالعالَمٌنَ ‪ ،‬سَ ٌِّدي عَ ْب ُدكَ بِبابِكَ أقا َم ْت ُه ْال َخصاصَ ُة َبٌْنَ‬ ‫بِ ُربُوبِ ٌَّتِكَ‪َ ،‬ف َكٌْؾَ سَ ٌِّدي بِمَنْ سَؤَلَكَ َواَ ٌْ َقنَ اَنَّ ْال َخ ْلقَ لَكَ‪َ ،‬وا ْ‬
‫هذا الدُّعا ِء َواَنا اَرْ جُو اَنْ ال َت ُردَّنً‪ ،‬مَعْ ِر َف ًة ِم ّنً‬ ‫ت ِب َ‬ ‫رٌم عَ ّنً‪َ ،‬واَ ْق َب ْل ِم ّنً ما اَقُولُ‪َ ،‬فقَدْ دَ عَ ْو ُ‬ ‫ْ‬
‫ٌَدَ ٌْكَ ٌَ ْقرَ ُع بابَ اِحْ سانِكَ ِبدُعابِهِ‪َ ،‬فال ُتعْ ِرضْ ِب َوجْ ِهكَ ال َك ِ‬
‫بِرَ أ َفتِكَ َورَ حْ َمتِكَ‪ ،‬اِلهً اَ ْنتَ الَّذي ال ٌُحْ فٌكَ سابِلٌ‪َ ،‬وال ٌَ ْنقُصُكَ نابِلٌ‪ ،‬اَ ْنتَ َكما َتقُو ُل َو َف ْوقَ ما َنقُولُ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ِا ّنً اَسْ اَلُكَ صَ بْراً جَ مٌالً‪َ ،‬و َفرَ جا ً َقرٌبا‪ً،‬‬
‫ت ِم ْن ُه َوما لَ ْم اَعْ لَ ْم‪ ،‬اَسْ اَلُكَ اللّ ُه َّم مِنْ َخٌ ِْر ما سَؤَلَكَ ِم ْن ُه عِبا ُدكَ الصّالِحُونَ ‪ٌ ،‬ا َخٌْرَ مَنْ‬ ‫َو َقوالً صادِقاً‪َ ،‬واَجْ راً عَ ظٌماً‪ ،‬اَسْ اَلُكَ ٌا رَ بِّ مِنَ ْال َخٌ ِْر ُكلِّ ِه ما عَ لِمْ ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُسبِلَ‪َ ،‬واَجْ َودَ مَنْ اَعْ طى‪ ،‬اَعْ طِ نً س ُْإلً فً َن ْفسً َواَهْ لً َووالِديَّ َو َولدي َواهْ ِل حُزانتً َواِخوانً فٌكَ‪َ ،‬وارْ ؼِ دْ عَ ٌْشً‪َ ،‬واظ ِهرْ ُمرُوَّ تً‪َ ،‬واصْ لِحْ جَ مٌعَ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُور‪َ ،‬واَسْ ب َِػ ْال َكرا َمةِ‪َ ،‬واَ َت ِّم‬
‫اَحْ والً‪َ ،‬واجْ عَ ْلنً ِممَّنْ اَ َط ْلتَ عُمْ رَ هُ‪َ ،‬وحَ َّس ْنتَ عَ َم َلهُ‪َ ،‬واَ ْتمَمْ تَ عَ لَ ٌْ ِه نِعْ َم َتكَ‪َ ،‬ورَ ضٌتَ عَ ْن ُه َواَحْ ٌَ ٌْ َت ُه حَ ٌا ًة َط ٌِّب ًَة فً اَدْ َو ِم ال ُّسر ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْش‪ِ ،‬ا َّنكَ َت ْفعَ ُل ما َتشا ُء َوال َت ْفعَ ُل ما ٌَشا ُء ؼَ ٌْرُكَ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ُخصَّنً ِم ْنكَ بِخا َّ‬ ‫ْالعَ ٌ ِ‬
‫ص ِة ذ ِْك ِركَ‪َ ،‬وال َتجْ عَ ْل َشٌْبا ً ِممّا اَ َت َقرَّ بُ بِ ِه فً آنا ِء اللٌ ِْل َواطراؾِ الن ِ‬
‫هار‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ال َ هْ ِل َو ْال ِ‬
‫مال‬ ‫ْن فًِ ا ْ‬ ‫ال َ مْ نَ فًِ ْال َو َط ِن‪َ ،‬وقُرَّ َة ْالعَ ٌ ِ‬ ‫َطراً‪َ ،‬واجْ عَ ْلنً لَكَ مِنَ ْالخاشِ عٌنَ ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم أعْ طِ نِى السِّعَ َة فًِ الرِّ ْز ِق‪َ ،‬وا ْ‬ ‫ِرٌا ًء َوال سُمْعَ ًة َوال اَ َشراً َوال ب َ‬
‫ٌّن‪َ ،‬واسْ َتعْ م ِْلنً ِبطاعَ تِكَ َوطاعَ ِة رَ سُولِكَ مُحَ مَّد صَ لَّى ّللاُ عَ َل ٌْ ِه‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫ِى‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َّال‬
‫س‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫ِ َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬ ‫َدَ‬
‫ب‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ًِ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫وَّ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬
‫ِ ِ َ‬ ‫سْ‬ ‫ج‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ِى‬ ‫ف‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ِّحَّ‬‫ص‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫دي‪،‬‬ ‫َو ْال َولَدِ‪َ ،‬و ْالمُقا َم فً نِعَ مِكَ عِ ْن‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َوآلِ ِه اَبَداً مَا اسْ َتعْ مَرَ ْتنً‪َ ،‬واجْ عَ لنً مِنْ اَ ْو َف ِر عِبادِكَ عِ ْندَ كَ َنصٌبا ً فً ُك ِّل َخٌْر اَ ْن َزل َت ُه َو ُت ْن ِزلُ ُه فً َشه ِْر رَ مَضانَ فً لَ ٌْلَ ِة القَدْ ِر‪َ ،‬وما اَ ْنتَ ُم ْن ِزلُ ُه فً ُك ِّل‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫شرُها‪َ ،‬وعافٌَِة ُت ْل ِبسُها‪َ ،‬و َبلٌَِّة تَدْ َفعُها‪َ ،‬وحَ سَنات َت َت َق َّبلُها‪َ ،‬وسَ ٌِّبات َت َت َ‬
‫رام فً عامِنا هذا َوفً ُك ِّل عام‪،‬‬ ‫جاو ُز عَ ْنها‪َ ،‬وارْ ُز ْقنً حَ َّ َب ٌْتِكَ الحَ ِ‬ ‫سَ َنة مِنْ رَ حْ مَة َت ْن ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ض عَ ِّنًَ ال َّدٌْنَ َوالظالماتِ‪ ،‬حَ ّتى ال اَ َتاَذ بِ َشً ِمنهُ‪َ ،‬و ُخذ عَ ّنً‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫ؾ عَ ّنً ٌا سَ ٌِّدي اال َ سْ واءَ‪َ ،‬واق ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َوارْ ُز ْقنً ِر ْزقا ً واسِ عا ً مِنْ َفضْ لِكَ الواسِ ِع‪َ ،‬واصْ ِر ْ‬
‫ْصار اَعْ دابً َو ُحسّادي َو ْالباؼٌنَ عَ لًََّ ‪َ ،‬وا ْنصُرْ نً عَ لٌَ ِْه ْم‪َ ،‬واَقِرَّ عَ ٌْنً َو َفرِّ حْ َق ْلبً‪َ ،‬واجْ عَ ْل لً مِنْ َهمًّ َو َكرْ بً َفرَ جا ً َوم َْخرَ جاً‪َ ،‬واجْ عَ ْل مَنْ‬ ‫ماع َواَب ِ‬ ‫ِباَسْ ِ‬
‫ّ‬ ‫ب كلها‪َ ،‬واَ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْطان‪َ ،‬و َشرَّ السُّل ِ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫مٌع َخلقِكَ َتحْ تَ َقدَ مًََّ ‪َ ،‬واكفِنً َشرَّ الشٌ ِ‬ ‫ْ‬
‫جرْ نً مِنَ الن ِ‬
‫ار‬ ‫ت عَ مَلً‪َ ،‬وطهِّرْ نً مِنَ الذنو ِ‬ ‫طان‪َ ،‬وسَ ٌِّبا ِ‬ ‫اَرادَنً بِسُوء مِنْ جَ ِ‬
‫ٌار‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ِرٌنَ‬ ‫ا‬ ‫الطٌِّبٌنَ ّ‬
‫الط‬ ‫ال َ بْرار َّ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫آ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َّد‬
‫م‬ ‫ُحَ‬‫م‬ ‫ِحٌنَ‬ ‫ل‬ ‫ّا‬
‫ص‬ ‫ال‬ ‫ِكَ‬ ‫ب‬‫ٌِا‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫نً‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ِكَ‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ضْ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ب‬
‫ِ ِ‬ ‫عٌن‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ُور‬ ‫ح‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫م‬
‫ِنَ‬ ‫نً‬ ‫جْ‬ ‫وِّ‬ ‫َ‬
‫ز‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ِكَ‪،‬‬ ‫ت‬‫م‬‫َ‬ ‫حْ‬ ‫رَ‬ ‫ِبعَ ْف ِوكَ‪َ ،‬واَدْ خ ِْلنِى ْالجَ َّن َة ِ‬
‫ب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫صَ لَوا ُتكَ عَ لٌَ ِْه ْم َوعَ لى اَجْ سا ِد ِه ْم َوارْ واح ِِه ْم َورَ حْ َمة ّللاِ َوبَرَ كات ُه‪ .‬اِلهً َوسَ ٌِّدي َوعِ زتِكَ َوجَ اللِكَ لبِنْ طال َبتنً بِذنوبً ال ُ طالِ َبنكَ بِعَ ف ِوكَ‪َ ،‬ولبِنْ طال َبتنً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ار ِب ُحبًّ لَكَ‪ ،‬اِلهً َوسَ ٌِّدي اِنْ ُك ْنتَ ال َت ْؽفِ ُر إالّ الِ َ ْولٌِابِكَ َواَهْ ِل طاعَ تِكَ َفاِلى مَنْ‬ ‫ِبلُ ْإمً الَ ُ طالِ َب َّنكَ ِب َكرَ مِكَ‪َ ،‬ولَبِنْ اَدْ َخ ْل َتنِى ال ّنارَ الَ ُ ْخ ِبرَ نَّ اَهْ َل ال ّن ِ‬
‫ؽٌث ْالمُسْ ٌإُ نَ اِلهً اِنْ اَدْ َخ ْل َتنِى ال ّنارَ َففً ذلِكَ ُسرُو ُر عَ دُوِّ كَ‪َ ،‬واِنْ اَدْ َخ ْل َتنِى ْالجَ َّن َة َففً‬ ‫ٌَ ْف َز ُع ْالم ُْذنِبُونَ ‪َ ،‬واِنْ ُك ْنتَ ال ُت ْك ِر ُم إالّ اَهْ َل ْال َوفا ِء بِكَ َفبِمَنْ ٌَسْ َت ُ‬
‫ُور عَ دُوِّ كَ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ِا ّنً اَسْ اَلُكَ اَنْ َتمْ الَ َ َق ْلبً ُح ّبا ً لَكَ‪َ ،‬و َخ ْشٌ ًَة ِم ْنكَ‪َ ،‬و َتصْ دٌقا ً‬
‫ذلِكَ ُسرُو ُر َنبٌِِّكَ‪َ ،‬واَ َنا َوّللاِ اَعْ لَ ُم اَنَّ ُسرُورَ َنبٌِِّكَ اَحَ بُّ ِالٌَْكَ مِنْ ُسر ِ‬
‫رام حَ بِّبْ ِا َلىَّ لِقاءِكَ َواَحْ ِببْ لِقابً‪َ ،‬واجْ عَ ْل لً فً لِقابِكَ الرّ احَ َة َو ْال َفرَ جَ َو ْال َكرا َم َة‪،‬‬ ‫ِتابكَ‪َ ،‬واٌمانا ً ِبكَ‪َ ،‬و َفرَ قا ً ِم ْنكَ‪َ ،‬و َش ْوقا ً ِالٌَْكَ‪ٌ ،‬ا َذا ْالجَ ِ‬
‫الل َوا ْ‬
‫ال ِ ْك ِ‬ ‫ِبك ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ح ْقنً بِصالِح مِنْ مَضى‪َ ،‬واجْ عَ لنً مِنْ صالِح مَنْ بَقً َو ُخذ بً سَبٌ َل الصّالِحٌنَ ‪َ ،‬واَعِ ّنً عَ لى َن ْفسً بِما ُتعٌنُ بِ ِه الصّالِحٌنَ عَ لى اَ ْنفُسِ ِه ْم‪َ ،‬و ْ‬
‫اختِ ْم‬ ‫ْ‬
‫اَللّـ ُه َّم اَل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عَ مَلً ِباَحْ سَ نِهِ‪َ ،‬واجْ عَ ْل َثوابً ِم ْن ُه ْالجَ َّن َة ِبرَ حْ َمتِكَ‪َ ،‬واَعِ ّنً عَ لى صال ِِح ما اَعْ َط ٌْ َتنً‪َ ،‬و َث ِّب ْتنً ٌا رَ بِّ ‪َ ،‬وال َت ُردَّنً فً سُوء اسْ َت ْن َق ْذ َتنً ِم ْن ُه ٌا رَ بِّ ْالعالَمٌنَ ‪،‬‬
‫ْعَثنً اِذا ب ْ‬
‫َعَث َتنً عَ لَ ٌْ ِه َواَب ِْر ءْ َق ْلبً مِنَ الرٌِّا ِء‬ ‫اَللّـ ُه َّم ِا ّنً اَسْ اَلُكَ اٌمانا ً ال اَجَ َل لَ ُه ُدونَ لِقابِكَ‪ ،‬اَحْ ٌِنً ما اَحْ ٌَ ٌْ َتنً عَ لَ ٌْ ِه َو َت َو َّفنً اِذا َت َو َّف ٌْ َتنً عَ لَ ٌْهِ‪َ ،‬واب ْ‬

‫ك َوالسُّمْعَ ِة فً دٌنِكَ‪ ،‬حَ ّتى ٌَ ُكونَ عَ مَلً خالِصا ً لَكَ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم اَعْ طِ نً بَصٌرَ ًة فً دٌنِكَ‪َ ،‬و َفهْما ً فً ح ُْكمِكَ‪َ ،‬وفِ ْقها ً فً عِ ْلمِكَ‪َ ،‬و ِك ْفلٌَ ِ‬
‫ْن مِنْ رَ حْ َمتِكَ‪،‬‬ ‫ش ِّ‬ ‫َوال َّ‬

‫‪590‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وركَ‪َ ،‬واجْ عَ ْل رَ ْؼبَتً فٌـما عِ ْندَ كَ‪َ ،‬و َت َو َّفنً فً سَبٌلِكَ‪َ ،‬وعَ لى ِملَّ َة رَ سُولِكَ صَ لَّى ّللاُ عَ لَ ٌْ ِه َوآلِهِ‪ ،‬اَللّـ ُه َّم‬ ‫َو َورَ عا ً ٌَحْ ُج ُزنً عَ نْ مَعاصٌكَ‪َ ،‬و َبٌِّضْ َوجْ هً بِ ُن ِ‬
‫َطنَ ‪َ ،‬واَع ُ‬
‫ُوذ‬ ‫ِش ما َظهَرَ ِم ْنها َوما ب َ‬ ‫ْن َو ْالب ُْخ ِل َو ْالؽَ ْفلَ ِة َو ْال َقسْ َو ِة َو ْالمَسْ َك َن ِة َو ْال َف ْق ِر َو ْالفا َق ِة َو ُك ِّل َبلٌَِّة‪َ ،‬و ْال َفواح ِ‬
‫ُوذ بِكَ مِنَ ْال َكسَ ِل َو ْال َف َش ِل َو ْال َه ِّم َو ْال ُجب ِ‬ ‫ِا ّنً اَع ُ‬
‫مٌع ما‬ ‫لى‬ ‫و‬ ‫مالً‬ ‫و‬ ‫دٌنً‬ ‫و‬ ‫سً‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫لى‬ ‫بِّ‬ ‫ٌا‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫ُوذ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫ال‬ ‫َل‬‫م‬ ‫و‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ُسْ‬‫ٌ‬ ‫ال‬ ‫ُعاء‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫ُ‪،‬‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ْ‬
‫َخ‬ ‫ٌ‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫و‬ ‫ُ‪،‬‬‫ع‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫ٌ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫َط‬ ‫ب‬‫و‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ال‬ ‫س‬ ‫ف‬‫ْ‬ ‫ِبكَ مِنْ َن‬
‫َ عَ جَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِكَ رَ عَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ عَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ج ُد مِنْ دُونِكَ مُل َتحَ داً‪َ ،‬فال َتجْ عَ ْل َن ْفسً فً َشً مِنْ عَ ذابِكَ‪َ ،‬وال‬ ‫ْ‬
‫ْطان الرَّ جٌ َم ِا َّنكَ اَ ْنتَ السَّمٌ ُع العَ لٌ ُم‪ ،‬اَللّـ ُه َّم ِا َّن ُه ال ٌُجٌرُنً ِم ْنكَ اَحَ ٌد َوال اَ ِ‬ ‫شٌ ِ‬ ‫رَ َز ْق َتنً مِنَ ال َّ‬
‫ُط ِو ْزري‪َ ،‬وال َت ْذ ُكرْ نً ِب َخطٌ َبتً‪َ ،‬واجْ عَ ْل َثوابَ مَجْ لِسً َو َثوابَ‬ ‫َت ُردَّنً ِب َهلَ َكة َوال َت ُردَّنً ِبعَ ذاب اَلٌم‪ ،‬اَللّـ ُه َّم َت َق َّب ْل ِم ّنً َواَعْ ِل ذ ِْكري‪َ ،‬وارْ َفعْ دَ رَ جَ تً‪َ ،‬وح َّ‬
‫َم ْنطِ قً َو َثوابَ دُعابً ِرضاكَ َو ْالجَ َّن َة‪َ ،‬واَعْ طِ نً ٌا رَ بِّ جَ مٌعَ ما سَ ا َ ْل ُتكَ‪َ ،‬و ِزدْ نً مِنْ َفضْ لِكَ‪ِ ،‬ا ّنً ِالٌَْكَ راؼِ بٌ ٌا رَ بَّ العالَمٌنَ ‪ ،‬اَللـ ُه َّم ِا َّنكَ اَن َزلتَ فً‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ج ْب ُتكَ سابِالً َفال َت ُردَّنً إالّ‬ ‫ال عَ نْ اَب ِ‬
‫ْوابنا َوقَدْ ِ‬ ‫ِتابكَ اَنْ َنعْ فُ َو عَ مَّنْ َظلَمْنا‪َ ،‬وقَدْ َظلَمَنا اَ ْنفُسَنا َفاعْ ؾُ عَ ّنا َف ِا َّنكَ اَ ْولى ِبذلِكَ ِم ّنا‪َ ،‬واَمَرْ َتنا اَنْ ال َن ُر َّد سابِ ً‬
‫ك ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ار‪ٌ ،‬ا َمفزعً عِ ندَ كرْ بَتً‪َ ،‬وٌا ؼَ ْوثً عِ ندَ شِ دَّتً‪ِ ،‬الٌْكَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سان اِلى ما َملكت اٌَْماننا َونحْ نُ اَ ِرقاإكَ فاَعْ تِق ِرقابَنا مِنَ الن ِ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫بِ َقضا ِء حاجَ تً‪َ ،‬واَمَرْ تنا بِاال ِ حْ ِ‬
‫َ‬
‫ثٌر ِا ْق َب ْل ِم ِّنى ْالٌَسٌرَ‬ ‫وذ ِبسِ واكَ َوال اَ ْطلُبُ ْال َفرَ جَ إالّ ِم ْنكَ‪َ ،‬فا َ ْ‬ ‫ت‪ ،‬ال اَلُ ُ‬ ‫ت َولُ ْذ ُ‬ ‫ت َو ِبكَ اسْ َت ْ‬
‫ال َ سٌرَ ‪َ ،‬وٌَعْ فُو عَ ِن ْال َك ِ‬
‫كا ْ‬ ‫ؼِثنً َو َفرِّ جْ عَ ّنٌك ٌا مَنْ ٌَفُ ُّ‬ ‫ؽَث ُ‬ ‫َف ِزعْ ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َواعْ ؾُ عَ نى الكثٌرَ ِانكَ انتَ الرَّ حٌ ُم الؽَ فورُ‪ ،‬اللـ ُه َّم ِانً اسْ الكَ اٌمانا تباشِ ُر بِ ِه قلبً َوٌَقٌنا حَ تى اعْ ل ُم ان ُه لنْ ٌُصٌبَنً ما كتبْتَ لً َورَ ضِّنً مِنَ العَ ٌ ِ‬
‫ْش‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫ِبما َقسَمْ تَ لً ٌا اَرْ حَ َم الرّ احِمٌنَ ‪.‬‬
‫‪---------------------‬‬
‫وثائق مصورة‬

‫جنكٌز خان ٌعقد اول اجتماع له من اجل توحٌد الصٌن الكبر‬ ‫جنكٌز خان ٌتقدم بجٌشه على العاصمة الصٌنٌة‬
‫واالعداد للهجوم على العاصمة الصٌنٌة‬

‫جنكٌز خان ٌتقدم بجٌشه على العاصمة الصٌنٌة‬ ‫قابد العاصمة المحاصرة بجٌش جٌش جنكٌزخان والذي قتل نفسه‬
‫عندما شاهد ان جٌشه ٌنهار وابواب العاصمة الصنٌة تتكسر امام‬
‫جٌش جنكٌز خان‬

‫جنكٌز خان ٌتقدم بجٌشه على العاصمة الصٌنٌة‬ ‫جنكٌز خان ٌتقدم بجٌشه على العاصمة الصٌنٌة‬

‫‪591‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫جنكٌز خان ٌحاصر بجٌشه العاصمة الصٌنٌة بكٌن‬ ‫سور العاصمة الصٌنٌة ٌتعرض لهجوم كاسح بعد ان طال الحصار‬
‫وبدأت ساعة الصفر للهجوم على المدٌنة‬

‫الباحث الٌابانً ٌروي تفاصٌل هجوم جٌش المؽولً بقٌادة‬ ‫جٌش هوالكو ٌقتحم العاصمة الصٌنٌة وٌحتلها‬
‫جنكٌزخان على الٌابان ومحاولة عبور البحر‬

‫سور العاصمة الصٌنٌة ٌتعرض لهجوم كاسح بعد ان طال الحصار‬ ‫نموذج للسفن التً استعملها الجٌش الصٌنً فً الهجوم على الٌابان‬
‫وبدأت ساعة الصفر للهجوم على المدٌنة‬ ‫التً وجدت ؼارقة فً بحر الٌابان‬

‫نموذج من االختام التً استعملها الجٌش الصٌنً التً عثر علٌها‬ ‫المنطقة التً هاجمت منها سفن الجٌش الصٌنً فً الهجوم على‬
‫الباحث الٌابانً فً السفن الصنٌة الؽارقة فً بحر الٌابان‬ ‫الٌابان حٌث وجدت ؼارقة فً بحر الٌابان‬

‫‪592‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫المنطقة التً هاجمت منها سفن الجٌش الصٌنً فً الهجوم على‬ ‫المساحة التً ؼطتها امبراطورٌة الصٌن على ٌد الجٌش المؽولً‬
‫الٌابان حٌث وجدت ؼارقة فً بحر الٌابان‬ ‫والممتدة من الٌابان الى اوربا الوسطى (دولة الرومان) ‪ ،‬كما ظهر‬
‫فً فلم وثابقً عرض على قناة االستكشاؾ (دسكفري) الكندٌة ‪،‬‬
‫والتً اخذنا منه الصور المرفقة حول الموضوع‬

‫الدولة الخوارزمٌة فً اٌران التً هاجمها هوالكوا ثم دخل الى‬ ‫القٌادة العراقٌة تجتمع استعدادا للحرب‬
‫بؽداد‬
‫صور لمظاهرات فً بؽداد ضد الحرب واالستعدادات لمواجهة الحرب من جمٌع االطراؾ‬

‫‪593‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الحفٌرة التً وجد فٌها صدام مختبؤ بعد ان سقط حكمه وهرب وتم‬ ‫صدام بعد اخراجة من حفرته على ٌد االمرٌكان ثم ٌقاد الى‬
‫العثور علٌه بعد اشهر معدودات‬ ‫المحكاحمة وٌصدر علٌه حكم االعدام بعد ذلك ‪.‬‬

‫‪594‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الرسالة المنسوبة الى ابن الدن وهو ٌتوعد امرٌكا بالهجوم علٌها ـ ظهرت على صفحات السً ان ان كوثٌقة ادانة ـ ثم انتشرت على‬
‫االنترنت فً حٌنها‬

‫‪595‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪596‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪597‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫وفاء بن الدن ـ ابنة شقٌقة اسامة بن الدن مؽنٌة البوب فً امرٌكا‬ ‫اسامة بن الدن امام االمة السنٌة وقابد قوات منظمة القاعدة والمتهم‬
‫االول بالتشكالت االرهابٌة فً افؽانستان والعالم‬

‫‪598‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫و بن الدن وعمرة ‪ 14‬سنة فً السوٌد مع اخوته‬

‫الملك فهد ٌرتدي الصلٌب ‪ ،‬بعد توقٌعه معاهدة البٌعة لبرٌطانٌا بالوالء والطاعة من اجل البدأ بؤعماله كملك للسعودٌة‬
‫‪http://www.kingfahdbinabdulaziz.com/jpghi/f147.jpg‬‬

‫‪599‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫الملؾ الشخصً المصوّ ر‬

‫مع االخ سٌد رحٌم واالخ علً فً االرطاوٌة‬

‫‪600‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫على منصة الماء وتظهر بها الثقوب التً نؤخذ منها الماء عندما ٌبدا ارسال الماء من الخزانات لساعة واحدة فً الٌوم فً االرطاوٌة‬

‫فً الخٌمة التً اسكن فٌها فً االرطاوٌة مع االخوة وانا فً الجانب االٌسر جالس على فراشً‬

‫‪601‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫فً نفس الخٌمة مع االخ علً واالخ صبٌح فً المنصؾ‬

‫‪602‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫صورة اخر فً نفس الخٌمة مع االخ علً وصبٌح‬

‫انا اتوسط االخ صبٌح على الٌمٌن واالخ علً فً مسجد المربع فً االرطاوٌة‬

‫‪603‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫بعض المصورات فً رفحاء‬

‫‪604‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪605‬‬
‫بؽداد من هوالكو الى بوش ـــ السوٌلمان‬

‫‪606‬‬

You might also like