Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

/ ‫ تاريخ النشرعلى املوقع‬،2017‫ فيفري‬22‫ تاريخ القبول‬،2017 ‫ فيفري‬07 ‫ تاريخ التحكيم‬2017‫ جانفي‬12:‫تاريخ اإلستقبال‬

‫تطبيق العقوبة األشد في حالة تعدد الجرائم‬


‫بوغاغة إبراهيم‬
‫طالب دكتوراه‬
01 ‫جامعة الجزائر‬

:‫امللخص‬
‫يعتبر مبدأ العقوبة األشد أو عقوبة الجريمة ذات الوصف األشد من املبادئ الجنائية الرائدة املنتهجة في السياسات الجنائية‬
‫املختصة بالحكم‬ ‫ بقصد تفادي الحكم واللجوء إلى تنفيـذ عدة عقوبات سالبة للحرية تأمـرالجهات القضائية‬،‫الحديثة‬
‫وهي تقترن وجودا وعدما بتعدد الجرائم بصورتيه‬،‫جزاء عن جرائم مرتكبة في حالـة التعدد‬،‫بها مهما كان عدد الجرائم وخطورتـها‬
. ‫الصوري والحقيقي‬
ّ ‫وقد تبناها املشرع الجزائري بشكل صريح في نصوصقانون العقوبات والقوانين‬
‫املكملة له عندما أخذ بنظامالعقوبة الواحدة في‬
ّ ‫حالة‬
ّ ‫ علما أن العقوبة األشد على نوعين العقوبة األشد املنطوق بها قضاء والعقوبة األشد‬. ‫تعدد الجرائم‬
.‫املقررة قانونا‬
: ‫الكلمات املفتاحية‬
. ‫ التعدد الصوري – التعددالحقيقي‬- ‫العقوبةاألشد‬- ‫ جريمة الوصف األشد‬-‫الجريمة‬
Résumé
Le principe de la peine la plus forte ou
la sanctionde l’infractionayant la description la plusgraveest parmi les principespénaux les plus importants, qui
sont adoptés par les politiques criminellesrécentes ,afin d’éviter de statuer et exécuter plusieurs peines priva-
tives deliberté, nonobstant le nombre d’infractions et leurs gravité ,comme sanction pour les infractionscom-
mises dans une situation de concours , Il est a noter que la peine est intimement auconcoursd ’infractionsidéal
ou réel. 
Ce principe a été adopté parle législateur algériend’une manière explicite au niveau des textes du code pénal
et les loiscomplémentaires, quand il a mis en place le régime de peine unique en matière du concours d’infrac-
tions .notant qu’il existe deux typesde la peine la plus forte, la peine la plus forte émanant des juridictions
compétentes et lapeine la plusforteédictée par la loi .
Mots Clés :infraction-l’infraction la plus grave -la peine la plusforte-le concours idéal - le concours réel.
‫مقدمة‬

90
‫تثير كثرة التجريمات املنصوص عليها في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة املكملة لهمسألة في غاية األهمية ‪،‬يصطلح‬
‫عليها تعدد الجرائم ‪.‬والتي قد تجعل من املحتمل أن يخضع الفعل اإلجرامي الواحد الذي يرتكبه الشخص ألكثر من وصف‬
‫جزائي‪،‬والذي يشكل في هذه الحالة تعددا صوريا في الجرائم‪،‬يجب أن يوصف بالوصف األشد من بينها ‪ .‬كما أنه قد يرتكب‬
‫الشخص عدة جرائم مستقلة عن بعضها البعض ‪،‬قبل أن يحكم عليه نهائيا في واحدة منها‪،‬والذي يكون في هذه الحالة تعددا‬
‫حقيقيا‪،‬يترتب عليه الحكم بعقوبة الجريمة األشد ‪.‬‬
‫فاملقصود بتعدد الجرائم أن يرتكب الشخص أو ينسب إليه أكثر من جريمة واحدة سواء كان ذلك بسبب فعل واحد‬ ‫ ‬
‫أو أفعال متعددة ‪ ،‬والتعدد حسب ما أجمع عليه الفقه والقضاء صورتان ‪ :‬تعدد صوري نا�شئ عن فعل واحد و تعدد حقيقي‬
‫نا�شئ عن عدة أفعال إجرامية(‪.)1‬‬
‫لقد تناوله املشرع الجزائري وبين أحكامه في املواد من ‪ 32‬إلى ‪ 38‬من قانون العقوبات ‪ ،‬حيث نص على التعدد الصوري في املادة‬
‫‪ 32‬من هذا القانون ‪ ،‬أما التعدد الحقيقي فقد عرفه وحدد أحكامه في املواد من ‪ 33‬إلى ‪ 38‬من القانون نفسه‪.‬‬
‫إن تطبيق العقوبة األشد يطرح إشكالية اختيارها في حالة التعدد الصوري ‪،‬حيث يجب اختيارالوصف األشد من بين األوصاف‬
‫املنطبقة على الفعل ّ‬
‫املجرم ‪.‬كما تطرح من جانب آخر إشكالية اختيار العقوبة األشد في حالة التعدد الحقيقي للجرائم ‪،‬أين‬
‫يجب في هذه الحالة تطبيق عقوبة الجريمة األشد من بين كل الجرائم املرتكبة‪ ،‬إما بإعمال تقنية دمج العقوبات أو إعمال‬
‫أسلوب الضم لهذه العقوبات ‪ ،‬فإلى أي مدى جاء تطابق العمل القضائي مع النصوص التشريعية في هذا املجال ؟‬
‫أوال –تطبيق العقوبة األشد في التعدد الصوري‬
‫تتحقق هذهالصورة من تعددالجرائم فيالحاالت التي يرتكب فيها الجاني أو ينسب إليه فعال واحدا ال غير( وهي الحالة‬ ‫ ‬
‫األكثر شيوعا) قد تترتب عليه أكثر من نتيجة إجرامية(‪ ،)2‬فينطبق على هذا الفعل أكثر من نص قانوني و يقبل عدة أوصاف‬
‫‪،‬ويخضع من حيث الجزاء ألكثرمن نص سواء في القانون العام أو الخاص(‪ ،)3‬ويطلق عليه التعدد الصوري ألن فصل الجرائم ال‬
‫يحدث إال في التصور وعند تحليل اآلثار التي ّأدى إليها الفعل اإلجرامي‪ ،‬وهو الفعل الذي يتحقق به اعتداء على حقوق متعددة‬
‫يحميها القانون(‪.)4‬‬
‫والتعدد الصوري كما عرفه الفقه الفرن�سي هو»ارتكاب فعل واحد تتحقق به مخالفة عدة أحكام قانونية»(‪.)5‬إذ يقوم على‬
‫عنصرين أساسيين هما وحدة الفعل وتعدد األوصاف الجرمية املنطبقة أو التكييفات أو النتائج القانونية املتولدة عن الفعل‬
‫اإلجرامي (‪.)6‬‬
‫أ ‪ -‬شروط قيام التعدد الصوري للجرائم‬
‫يجدالتعدد الصوري للجرائم سنده القانوني في املادة ‪ 32‬من قانون العقوبات التي تنص على « يجب أن يوصف الفعل الواحد‬
‫الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف األشد من بينها «ومن ثمة فإن شروط قيام التعدد الصوري للجرائم تنحصرفي عنصرين‬
‫أساسيين يتمثل األول في ارتكاب الشخص الجاني لفعل واحد‪ ،‬والثاني في خضوع الفعل اإلجرامي لعدة أوصاف أو تكييفات‬
‫قانونية‪ .‬فإذا تخلف أحد هذين الشرطين فإن حالة التعدد الصوري ال تكون متوافرة وعليه إذا تعددت األفعال الجرمية فسوف‬

‫‪91‬‬
‫تتعدد معها األوصاف القانونية ونكون بصدد تعدد حقيقي للجرائم‪ .‬وإذا كان الفعل الواحد ولم يتعدد الوصف القانوني فهذا‬
‫يعني أننا بصدد جريمة واحدة‪ ،‬وال يكون هناك أي تعدد بين الجرائم‪ ،‬فالعبرة في التعدد الصوري تكون بالوصف ال بالسلوك‬
‫كما هو الحال في التعدد الحقيقي(‪.)7‬‬
‫‪ -1‬ارتـكاب الشخـص لفـعل واحـد‬
‫يمثل هذا الشرط الضابط األسا�سي الذي من خالله يمكننا أن نميز التعدد الصوري عن التعدد الحقيقي‪ ،‬لكن‬ ‫ ‬
‫بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد أنه لم يورد أي نص يوضح متى نكون بصدد فعل واحد ومتى نكون بصدد أفعال متعددة‬
‫‪ ،‬وقد أوجد الفقه والقضاء دون نص صريح في القانون العديد من املعايير التي يستخلص منها وحدة الفعل‪ ،‬كمعيارالركن‬
‫الشرعي ومعيارالنشاط املادي ‪ ،‬ومنهم من يأخذ بمعيارالواقعة لوحدها في تحديد وحدة النشاط ‪ .‬ولقد كرس القضاء الفرن�سي‬
‫الفكرة التي بمقتضاها ال يكون الفعل واحدا إال إذا كان السلوك املادي واحدا والحالة النفسية واحدة مع اشتراط وحدة القيمة‬
‫أو املصلحة االجتماعية املحمية بالنص الجنائي‪،‬ومن أهم تطبيقاتها ما ق�ضى به القرارالصادر بتاريخ ‪ )8(15-06-1965‬وهو ما‬
‫يعتبرميال نحو تضييق مفهوم التعدد الصوري ‪.‬‬
‫‪-2‬خضـوع الفعـل لعـدة أوصـاف قانونيـة‬
‫ويتحقق هذا الشرط عندما يكون فعاللجاني مخالفا ألكثر من نص جزائي‪ ،‬مما ّ‬
‫ينجر عليه تعدد األوصاف القانونية‬ ‫ ‬
‫املنطبقة على ذلك الفعل‪.‬إذ يمثل هذا الشرط جوهر التعدد الصوري للجرائم‪ ،‬فإذا انتفى عنصر تعدد األوصاف القانونية‬
‫بأن كان للفعل وصف جرمي واحد‪ ،‬فال تقوم سوى جريمة واحدة وال يكون هناك تعدد للجرائم‪ ،‬وعليه يقت�ضي لقيام التعدد‬
‫لعدة أوصاف قانونية‪ ،‬والوصف هو التكييف القانوني املستخلص من نص‬ ‫الصوري للجرائم أن يرتكب فعال واحدا‪ ،‬ويخضع َّ‬

‫التجريم عن طريق املطابقة بين الواقعة ونص التجريم ‪ ،‬فهو ال يتعدى كونه حكم القانون في الواقعة‪ ،‬أي أنه ترجمة للوقائع‬
‫بلغة القانون وبالتالي فهو ال يتعلق بالواقعة إنما بالنصوص القانونية فقط‪ ،‬فهو نتيجةلعملية املطابقة بين البنيان القانوني‬
‫للجريمة وبنيانها الواقعي(‪.)9‬‬
‫قد يحدث أن يحتمل الفعل املنسوب للجاني وصفين أو أكثروردت كلها في قانون العقوبات‪ ،‬وقد يحدث أيضا أن يحتمل الفعل‬
‫وصفين أو أكثروردت في قوانين خاصة‪،‬و بناء عليه يتضح لنا أن للتعدد الصوري للجرائم مجموعة من الصور تختلف باختالف‬
‫النصوص الجزائية املنطبقة على الفعل‪ ،‬أي أن خضوع نفس الفعل لعدة أوصاف قانونية يتحقق بإحدى الطريقتين‪ ،‬إما أن‬
‫ينطبق على الفعل الواحد عدة نصوص قانونية مختلفة أو أن يصيب الفعل الواحد نصا واحدا عدة مرات‪.‬‬
‫‪ -2-1‬مخالفـة عـدة نصـوص قانونيـة‬
‫وهي الصورة التي تكون فيها النصوص القانونية املنطبقة على الفعل متباينة‪ ،‬كما هو الحال في جرائم االغتصاب في أماكن‬
‫عمومية ‪ ،‬فإن هذا الفعل يصيب نصين مختلفين‪ :‬أولهما النص املتعلق باالغتصاب (املادة ‪ 336‬من قانون العقوبات)‪ ،‬والثاني‬
‫ً ً‬
‫الفعل العلني املخل بالحياء (املادة ‪ 333‬من نفس القانون)‪.‬أو كمن يطلق عيارا ناريا واحدا يؤدي إلى قتل شخص (املادة ‪254‬من‬
‫قانون العقوبات)و إصابة آخربجروح (املادة ‪264‬من نفس القانون)‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫إن النصوص القانونية القابلة للتطبيق تكون عنوان الجرائم متعددة‪ ،‬قد تكون كلها عمدية وقد تكون كلها غير عمدية‪ ،‬وقد‬
‫يكون بعضها عمديا والبعض اآلخر غير عمدي‪،‬كما قد تكون هذه الجرائم من درجة واحدةأو درجات مختلفة (مخالفات‪ ،‬جنح‬
‫و جنايات)‪.‬‬
‫‪-2-2‬مخالفـة النـص عـدة مـرات‬
‫مرات‪ ،‬وتتحقق هذه ّ‬
‫الصورة بإحدى الكيفيتين‪:‬إماأن يرتكب الجاني‬ ‫عدة َّ‬ ‫في مثل هذه الحالة يتم مخالفة ّ‬
‫النص الجزائي الواحد َّ‬
‫ً ً‬
‫ناريا فيقتل َّ‬ ‫ً‬
‫واحدا يسفر عنه ّ‬ ‫ً‬
‫عدة أشخاص أو يسرق أشياء مملوكة لشخصين من‬ ‫عدة نتائج متماثلة‪ ،‬كمن يطلق عيارا‬ ‫فعال‬
‫نفس املنزل‪.‬و إما أن يقوم الجاني بعدة أفعال متالحقة في نشاط واحد على مجني عليه واحد‪ ،‬بحيث تكون هذه األفعال من نوع‬
‫واحد‪ ،‬كمن يضرب شخص عدة ضربات‪ ،‬أو كمن يقتل آخر بعدة أعيرة نارية أو عدة طعنات ‪ ،‬فاألفعال متعددة ومتتابعة على‬
‫مجني عليه واحد‪ ،‬والنتيجة واحدة تبعا لذلك‪ ،‬وبالتالي فالجريمة واحدة‪.‬‬
‫ب‪-‬الوصف األشد كأثرلقيام التعدد الصوري للجرائم‬
‫بين املشرع الجزائري في املادة ‪ 32‬من قانون العقوبات‪،‬األثرالجزائي عند قيام حالة تعدد الجرائم تعددا صوريا ‪،‬حيث نص على‬
‫أنه» يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف األشد من بينها «‪.‬‬
‫ويبدو أن املراد هنا من ظاهر النص هي عقوبة الوصف أو التكييف األشد والذي يهتدي إليه القا�ضي بإتباع معايير مختلفة‬
‫نستعرضها على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪-1‬كيفية تحديد العقوبة األشد‬
‫توقيع عقوبة الوصف األشد (‪)’ la peine de l infraction la plus grave‬هو جوهرهذا النظام ‪ ،‬فهي عملية قانونية تخضع لعدة‬
‫ّ‬
‫األق�صى(تحدد على أساس سلم العقوبات )(‪ ، )11‬والتي يمكن‬ ‫معايير ترتكز على طبيعة الجريمة ومدة العقوبة ونوعها ّ‬
‫وحدها‬
‫االهتداء إليها بإجراء مقاربة بين النصوص التجريمية التي يمكن أن تطبق على الفعل الواحد‪،‬ثم يختار الجريمة األشد التي‬
‫يستخلصها بإتباع مجموعة من الخطوات على النحو األتي ‪:‬‬
‫_ يتم النظر أوال إلى األوصاف املتعددة‪ ،‬فهناك حسب التقسيم الثالثي للجرائم الجنايات‪ ،‬الجنحو املخالفات‪،‬فعقوبة الجناية‬
‫تعتبرأشد من عقوبة الجنحة‪،‬كما تعتبرالعقوبة في مواد الجنح أشد من عقوبة املخالفة ‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذا اتحدت األوصاف‪ ،‬بمعنى أنها كانت جنايات‪ ،‬أو جنح أو مخالفات‪ ،‬فيجب النظر إلى نوع العقوبةففي الجنايات يعتبر‬
‫اإلعدام أشد من السجن املؤبد‪ ،‬و هذا األخيرأشد من السجن املؤقت‪ .‬أما في الجنح و املخالفات فيعتبرالحبس أشد من الغرامة‬
‫مهما بلغت قيمة هذه األخيرة(‪ ،)12‬فإذا وجد نصان أحدهما يقرر عقوبة الحبس فقط و اآلخريخيرالقا�ضي بين الحبس و الغرامة‬
‫فإن النص األول هو األشد‪.‬‬
‫‪ -‬أما إذااتحدت عقوبة األوصاف في الدرجة و النوع‪ ،‬يلجأ القا�ضي إلى مقارنة مدة و قيمة هذه العقوباتفلو كانت كلها حبس مثال‬
‫فاملدة األطول هي العقوبة األشد‪ ،‬و إذا كانت العقوبات كلها غرامة‪ ،‬فإن الوصف الذي يقرر املبلغ األكبر هو األشد‪ ،‬والجريمة‬
‫تحدد على أساسها املحكمة املختصة بنظر الدعوى والتي تكون‬ ‫ذات الوصف األشد وبالتبعية ذات العقوبة األشد هي التي ّ‬

‫‪93‬‬
‫املحكمة املختصة بنظرفي أشد أوصاف الفعل ألنها هي التي تستطيع النطق بالعقوبة ّ‬
‫املقررة لهذا الوصف ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا‪،‬أن مسألة اختيار الوصف األشد إذا كانت العقوبات املقررة من حيث النوع واحدة مع اختالفها من حيث‬
‫الحدين األدنى و األقصىتصعب أحيانا‪ ،‬كأن تكون على سبيل املثال عقوبة الوصف األول هي الحبس من ستة أشهر إلى خمس‬
‫سنوات و تكون عقوبة الوصف الثاني الحبس من سنة إلى ثالث سنوات‪،‬فالراجح في الفقه و القضاء الفرنسيين أن العبرة‬
‫تكون دائما بالحد األق�صى‪ ،‬ألنه يمثل آخر ما قد يخشاه املتهم من تشديد العقاب الذي يوقع عليه بصرف النظر عن الحدين‬
‫األدنيين(‪.)13‬و قد سار القضاء الجزائري على هذا النهج ‪ ،‬حيث جاء في أحد قرارات املحكمة العليا ‪« :‬في حالة ما إذا وجد القا�ضي‬
‫نفسه أمام نصين يعاقبان على الفعل نفسه‪ ،‬فعليه أن يحتكم بشأن تعيين القانون األصلح للمتهم إلى الحد األق�صى للعقوبة في‬
‫النصين بغض النظرعن حدهما األدنى «(‪.)14‬‬
‫إن املقارنة بين العقوبات املختلفة بحسب درجتها و طبيعتها و مدتها تجري بين العقوبات األصلية و ال عبرة بالعقوبات التكميلية‬
‫املقترنة بها‪.‬كما أن للقا�ضي الجزائي مطلق السلطة في تقديرالعقوبة األشد بين حديها األقصىواألدنى‪ ،‬فهوغيرملزم بتوقيع الحد‬
‫األق�صى للعقوبة األشد‪ ،‬بل وله أن ينزل العقوبة عن الحد األدنى(‪ )15‬طبقا للمادة ‪ 53‬من قانونالعقوبات ‪.‬‬
‫هذا من جهة ‪،‬ومن جهة أخرى قد تثارمسألة عدم العقاب على أحد األوصاف في التعدد الصوري للجرائم بسبب اقترانه بأحد‬
‫األعذار املعفية أو لصدور قانون بالعفو عنه‪ ،‬ففي مثل هذه الحاالت يمكن أن يكون اإلعفاء منصبا على الوصف األخف‪ ،‬و‬
‫عندئذ ال يؤثر على الوصف األشد ‪،‬و من ثم يسأل الشخص عن الجريمة األشد‪.‬أما إذا كان اإلعفاء عن الوصف األشد‪ ،‬فإنه‬
‫يؤثرعلى الفعل بجميع نتائجه و ال يجوز معاقبة الفاعل عن الوصف األخف‪ ،‬فهو داخل في الوصف األشد الذي شمله القانون‬
‫باإلعفاء‪ .‬إال أن هناك من الفقهاء من يرى أن ذلك ال يقت�ضي الحكم بالبراءة بل توقع عليه عقوبة الجريمة األخف التي تليها‬
‫في الشدة‪ ،‬بحجة أن الجريمة األشد ال تجب الجريمة األخف‪ ،‬بل تجعلها غير فاعلة فقط‪ ،‬و بالتالي فإن الجاني ال يفلت من‬
‫العقاب(‪.)16‬‬
‫‪-2‬آثارالحكم بعقوبة الوصف األشد‬
‫إذا كان القا�ضي ملزم بأن يختار الوصف األشد عند قيام حالة التعدد الصوري للجرائم و يحكم بعقوبة هذا الوصففإن ذلك‬
‫يترتب عليهآثارا قانونية إجرائية و أخرى موضوعية تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 2-1‬عدم معاقبة الشخص عن نفس الفعل مرة أخرى‬
‫إذا صدر حكم في جريمة ما سواء بالبراءة أو باإلدانة‪ ،‬فإن الطعن في هذا الحكم يكون طبقا لألوضاع التي رتبها القانون‪ ،‬و ال‬
‫يعاد النظر في النزاع مرة أخرى‪ ،‬و هذا ما يعرف بقوة ال�شيء املق�ضي به ويعد ذلك دفع متعلق بالنظام العام و تنظره املحكمة‬
‫من تلقاء نفسها(‪ ،)17‬فالحكم الحائز لقوة ال�شيء املق�ضي يرتب أثرا سلبيا يتمثل في انقضاء الدعوى العمومية‪ ،‬أي عدم إمكان‬
‫تحريكها مرة أخرى و لو تحت وصف آخرو هو ما ّ‬
‫جسدته املادة ‪ 06‬من قانون اإلجراءات الجزائية ‪.‬‬
‫إنلمبدأ حجية ال�شيء املق�ضي به صلة وثيقة بقواعد التعدد الصوري‪ ،‬و يتطلب النظر فيه من قبل القضاءبفحص جميع‬
‫األوصاف ‪ ،‬وأن الحكم الصادر بشأنها يعتبر فاصال فيها جميعا و مستخلصا نتائجها القانونية ‪ ،‬و إن ثبت أنه أغفل أحد هذه‬

‫‪94‬‬
‫األوصاف‪ ،‬و يعني ذلك أن حجية الحكم تمتد إلى جميع األوصاف أيضا‪.‬و ال يثيرتطبيقه أية صعوبة إذا فصل الحكم في الوصف‬
‫األشد للفعل‪ ،‬و ق�ضى بالعقوبة املقررة له‪ ،‬ثم تبين أنه يحتمل وصفا أخف‪ ،‬كما لو تمت إدانة املتهم عن جريمة االغتصاب طبقا‬
‫للمادة ‪ 336‬قانون العقوبات ثم اتضح أنه ارتكب فعله في عالنية طبقا للمادة ‪ 333‬من نفس القانون ‪ ،‬فال تجوز متابعته بعد‬
‫ذلك من أجل الفعل العلني املخل بالحياء ‪ ،‬إذ العقوبة املقررة من أجل الوصف األشد هي وحدها التي يتعين الحكم بها‪ ،‬فال‬
‫يكون محال للمتابعة من أجل وصف لم يحكم بالعقوبة املقررة من أجله‪.‬‬
‫كما يطبق هذا املبدأ في الوضع العك�سي‪ ،‬أي إذا فصل الحكم في الوصف األخف ثم حازقوة ال�شيء املق�ضي به ‪ ،‬فال يجوز متابعة‬
‫املتهم من أجل الوصف األشد ‪ ،‬إذ تحول دون ذلك قاعدة وحدة املتابعة(‪ )18‬كما ال يجوز إعادة محاكمة شخص قد برئ قانونا‬
‫و اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى و لو صيغت بتكييف مغايرو ذلك عمال باملادة ‪ 311‬من قانون اإلجراءات الجزائية الواردة في‬
‫ّ‬
‫املخصص لألحكام الصادرة عن محاكم الجنايات‪ ،‬والتي تقابلها املادة ‪ 368‬من قانون اإلجراءات الجزائية الفرن�سي ‪ ،‬و‬ ‫القسم‬
‫قد كرس القضاء الجزائري املبدأ الذي تضمنته هذه املادة في أحد قرارات املجلس األعلى حيث جاء فيه أنه ‪ »:‬ال يمكن أن يدان‬
‫املتهم مرتين عن فعل واحد»(‪.)19‬‬
‫كما يجمع غالبية الفقهاء على إمكان توسيع نطاق املادة ‪ 311-2‬من قانون اإلجراءات الجزائية ليشمل محاكم الجنح واملخالفات‪،‬‬
‫مستندين على أنه من غير املنطقي إعطاء معنى لقوة ال�شيء املق�ضي به انطالقا أو بالنظر إلى نوع الجهات القضائية(‪.)20‬فرغم‬
‫سكوت املشرع فقد أخذ القضاء الجزائري بما قال به الراجح في الفقه‪ ،‬ومؤسسا اجتهاداته على نص املادة ‪ 311‬املذكورة أعاله‪،‬‬
‫ليمنع املتابعة الجديدة تحت تكييف آخراستنادا لقوة ال�شيء املق�ضي بهحيث جاء فيها «إذا أعفي املتهم من العقاب أو برئ أفرج‬
‫عنه في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر دون اإلخالل بتطبيق أي تدبير أمن مناسب تقرره املحكمة‪.‬وال يجوز أن يعاد أخذ‬
‫شخص قد برئ قانونا أو اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى ولو صيغت بتكييف مختلف»‪.‬‬
‫‪2-2‬الخطأ في تحديد العقوبة األشد ونظرية العقوبة املبررة‬
‫ً‬
‫األصل أنه إذا أخطأ الحكم املطعون فيه بالنقض في تطبيق نصوص قانون العقوبات أو في تأويله تأويال صحيحاتتصدى له‬
‫املحكمة العليا ‪،‬كاعتبارالواقعة جنحة بعد الجناية أو جناية بعد الجنحة يقت�ضي بحسب الوضع العادي لألمور تغييرا للعقوبة‬
‫املحكوم بها إذا لم تكن العقوبة املحكوم بها تتفق قانونا مع عقوبة التكييف الجديد‪.‬إال أنه قد يحدث أن تق�ضي املحكمة بعقوبة‬
‫الجنحة في واقعة تكييفها جناية لسبب أو آلخر وتق�ضي بعقوبة الجنحة مثال بسبب تطبيق الظروف ّ‬
‫املخففة حسب املادة ‪53‬‬
‫من قانون العقوبات‪ ،‬فحتى ولو سلمنا بوقوع خطأ فيالحكم في تكييف الواقعة بأنها جناية و ليست جنحة‪ ،‬فهنا يقال بانتفاء‬
‫مصلحة املتهم من الطعن‪.‬‬
‫وقد اعتنق املشرع الجزائري هذه النظرية في املادة ‪ 502‬من قانون اإلجراءات الجزائية إذ نص على أنه‪« :‬ال يتخذ الخطأ في القانون‬
‫املستشهد به لتدعيم اإلدانة بابا للنقض متى كان النص الواجب تطبيقه فعال يقرر العقوبة نفسها»‪.‬و تستندهذهالنظرية‬
‫أساسا إلى شرط املصلحة في الطعن أو قاعدة (حيث ال مصلحة فال دعوى)‪ ،‬كما أعتبرها البعض استثناء من قاعدة أن كل خطأ‬
‫في القانون يفتح بابا للنقض‪ ،‬حيث يشترط لتطبيقها شرطين أساسين (‪:)21‬‬

‫‪95‬‬
‫‪-‬أال يكون الحكم صادرا بالبراءة ‪ ،‬ومقت�ضى ذلك أن يكون الحكم املطعون فيه قد ق�ضى باإلدانة‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪-‬أن تكون العقوبة املق�ضي بها تدخل في نطاق العقوبة املنصوص عليها في القانون للتهمة بعد استبعاد ما شاب الحكم من‬ ‫ ‬

‫خطأ في القانون‪.‬‬
‫و كثيرا ما يلجأالقضاء لتطبيق هذه النظرية من أجل تقييد عدد الطعون بالنقض السيما عند الخطأ في تكييف الفعل و في‬
‫تحديد العقوبة األشد(‪)22‬في حالة التعدد الصوري‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬تطبيق العقوبة األشد في التعدد الحقيقي‬
‫يتوافر التعدد الحقيقي أو املادي بين الجرائم إذا ّ‬
‫تعدد السلوك املرتكب من نفس الشخص وترتب عن ذلك تعددا في النتائج‬
‫اإلجرامية املتحققة ‪ ،‬قبل الحكم عليه نهائيا من أجل واحدة منها (‪ ،)23‬فالعبرة في التعدد الحقيقي كما جاء في احد قرارات‬
‫املحكمة العليا هي‪ »:‬بعدم وجودحكم نهائي بات يفصل بين الوقائع موضوع املحاكمات «(‪. )24‬ويجدالتعدد الحقيقي للجرائم‬
‫سنده القانوني في املادة ‪ 33‬من قانون العقوبات التي جاء فيها ‪»:‬يعتبر تعددا في الجرائم أن ترتكب في وقت واحد أو في أوقات‬
‫متعددة عدة جرائم ال يفصل بينها حكمنهائي‪».‬ومن هنا نبحث في شروط قيام التعدد الحقيقي ثم نتعرض ألثر هذا التعدد على‬
‫العقوبات واختيارالعقوبة األشد ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬شـروط قيام التعـدد الحقيقـي‬
‫يقوم التعدد الحقيقي للجرائم على ضرورة إتحاد شروط أو أركان ‪ ،‬منها ما يتعلق بتعدد األفعال الجنائية املرتكبة وفاعلها ‪،‬‬
‫وكذا عدم صدور حكم نهائي بات في أي جريمة من الجرائم التي ارتكبها الجاني(‪)25‬بحيث إذا تخلف أحدهما فال مجال لقيام حالة‬
‫التعدد الحقيقي للجرائم ‪ .‬‬
‫‪ 1-‬ارتكاب نفـس الفاعل (‪ )26‬لعـدة جرائـم ‬
‫يقصد بهذا الشرط أن حالة تعدد الجرائم ال تتحقق إال إذا ثبت قيام شخص واحد بارتكاب ّ‬
‫عدة جرائم( وحدة الفاعل)‪ ،‬و يعد‬
‫هذا الشرط الفيصل بين نوعي تعدد الجرائم‪ ،‬فإذا كان التعدد الصوري يشترط لقيامه ارتكاب جريمة واحدة‪ ،‬فعلى عكسه‬
‫ً‬
‫يقت�ضي التعدد الحقيقي أن يأتي الجاني عدة جرائم‪ ،‬سواء كانت من نوع واحد أو من أنواع مختلفة تماما كأن يرتكب عدة‬
‫سرقات من عدة أشخاص ومن أماكن مختلفة وفي أوقات مختلفة‪ ،‬أو يرتكب سرقة ثم قتل ثم تزويرثم حرق وهكذا ‪ ،‬فالقانون‬
‫ال يعيرأي اعتبارلظرفي الزمان واملكان(‪.)27‬‬
‫إن ما يهم في التعدد الحقيقي هو أن تكون هذه الجرائم مستقلة عن بعضها البعض من حيث تكوينها القانوني(‪،)28‬‬ ‫ ‬
‫ّ‬
‫التعدد الحقيقي هو باالستقالل املطلق بينها وال تتحد ال‬ ‫فوقوع جريمتين على األقل يكفيلقيام تعدد جرائم‪ ،‬وعليه فالعبرة في‬
‫ً‬
‫كليا وال جزئيا في الفعل التنفيذي‪ ،‬وإال أصبحنا في وضع التعدد الصوري للجرائم‪ ،‬وال يهم ما إذا كانت هذه الجرائم عمدية أم‬
‫غيرعمدية إيجابية أم سلبية أو مزيج فيما بينها ‪.‬‬
‫كما ال أثرلزمان ارتكاب الجرائم املتعددة في قيام حالة التعدد الحقيقي للجرائم ‪ ،‬حيث ال يشترط لقيامها أن يتم ارتكابها بصورة‬
‫متعاقبة‪ ،‬إذ يمكن أن تقع هذه الجرائم في وقت واحد أوفي أوقات متقاربة أومتباعدة‪،‬ذلك أن املهم في األمرهوأن ال يكون ارتكاب‬

‫‪96‬‬
‫هذه الجرائم املتعددة من أجل تحقيق نتيجة إجرامية واحدة‪ ،‬ألن وحدة هذه األخيرة هي التي تجعل من األفعال املتعددة جريمة‬
‫واحدة‪ ،‬فإذا طعن الجاني شخصا بسكين عدة طعنات من أجل إزهاق روحه فإنه ال يكون مرتكبا سوى لجريمة واحدة على‬
‫الرغم من تعدد سلوكه اإلجرامي (‪.)29‬‬
‫‪ -2‬عـدم صدور حكـم نهائـي في إحـدى الجـرائم ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واعتد في تعريفه للتعدد الحقيقي للجرائم‬ ‫اتخذ املشرع الجزائري من هذا الشرط مناطا لقيامالتعدد الحقيقيللجرائم‪ ،‬بل‬
‫على فكرة الحكم النهائي‪ )30(،‬فجعل من عدم صيرورة الحكم الصادر في الجريمة األولى نهائيا(‪)31‬قبل إقدام الجاني على ارتكاب‬
‫جريمته الثانية شرطا أساسيا لقيام حالة التعدد الحقيقي للجرائم(‪ )32‬وبالتالي يشترط القانون في الحكم الذي يمنع قيام التعدد‬
‫الحقيقي للجرائم أن يكون حكما قضائيا صادرا بعقوبة في جريمة وأن يصير باتا (‪ ،)33‬وهذا هو الذي يميز حالة التعدد الحقيقي‬
‫للجرائم عن غيره من الحاالت املشابهة خاصة حالة العود ‪ ،‬ألن العائد ارتكب الجريمة الجديدة بعد أن حكم عليه نهائيا من‬
‫أجل الجريمة األولى ‪ ،‬في حين أن املتهم في حالة التعدد الحقيقي لم تقع محاكمته من قبل ولم يتلق اإلنذارالقضائي ‪.‬‬
‫ب‪-‬أثرالتعدد الحقيقي للجرائم على العقوبات‬
‫قد يرتكب الجاني عدة أفعال إجرامية يشكل كل فعل منها جريمة قائمة بذاتها من حيث التجريم و الجزاء‪،‬دون أن يصدر في‬
‫إحداها حكم بات ‪،‬وهذه هي حالة التعدد الحقيقي للجرائم التي نص عليها املشرع الجزائري في املادة ‪ 33‬من قانون العقوبات‬
‫‪.‬حيث تجدر اإلشارة هنا إلى أن مفهوم العقوبة األشد املشار إليها في الفقرة األولى من املادة ‪ 35‬من نفس القانون يختلف عما‬
‫جاءت به الفقرة الثانية من نفس املادةففي الفقرة األولى يعني العقوبة األشد املحكوم بها على املتهم وعادة ما تكون أطول مدة‪،‬‬
‫بغض النظر عن طبيعة العقوبات املراد دمجها ‪ ،‬بخالف الفقرة الثانية التي تتعلق بالعقوبة األشد املقررة قانونا للجريمة‬
‫املرتكبة(‪.)34‬‬
‫اختلفت التشريعات الجنائية في األخذ بنظام معين لحل مشكلة العقوبة في حالة التعدد الحقيقي للجرائم و ذلك باختالف‬
‫نظرتها للشخص املرتكب لعدة جرائم‪ ،‬فقد تطبق على الجاني في هذه الحالة عدة عقوبات بقدرعدد الجرائم املرتكبة ‪ ،‬و هو ما‬
‫يعرف بنظام الجمع املادي للعقوبات‪.‬و إما أن تكتفي بتوقيع إحدى العقوبات فقطوهي تلك املقررة ألشد الجرائم محل التعدد‪،‬‬
‫و هو ما يعرف بنظام عدم الجمع بين العقوبات الذي تبناه املشرع الجزائري ‪ ،‬كما قد تطبق على الجاني عقوبة واحدة هي املقررة‬
‫ألشد الجرائم ‪ ،‬و لكن مع تشديدها لدرجة معينة و هو ما يعرف بنظام الجمع القانوني للعقوبات ‪.‬‬
‫‪– 1‬الحكم بالعقوبة األشد كأثرلقيام التعدد الحقيقي للجرائم‬
‫تبنى املشرع الجزائري نظام العقوبة الواحدة في حالة تعدد الجرائم الحقيقي(‪)35‬واملقصود في هذا املقام هي العقوبة السالبة‬
‫للحرية ‪،‬غير أناملادة ‪ 35‬من قانون العقوبات تميز بين صدور عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد املحاكمات وبين حالتين‬
‫مختلفتين‪،‬هما حالة الدمج التلقائي للعقوبات املنصوص عليه في املادة ‪ 35‬الفقرة األولى‪،‬وحالة الضم الجوازي للعقوبات‬
‫املنصوص عليه في الفقرة الثانية من نفس املادة ‪.‬وهو ما تبناه املشرع الجزائري كقاعدة عامة ‪ ،‬أي نظام عدم تعدد العقوبات‬
‫السالبة للحرية في مواد الجنح والجنايات (‪)liberté de privatives peines des cumul-non‬أي دمج العقوبات‪confusion des‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ ، peines‬و كاستثناء في حاالت معينة ّ‬
‫كرس الجمع املادي بين العقوبات‪،‬إذ يكون هذا األخيرجوازياأحيانا وإلزاميا أحيانا أخرى‪.‬‬
‫‪-1-1‬قاعدة عدم جمع العقوبات واالكتفاء بالعقوبة األشد في حالة وحدة املتابعة‬
‫نص املشرع الجزائري في املادة ‪ 34‬من قانون العقوبات على أنه‪« :‬في حالة تعدد جنايات أو جنح محالة معا إلى محكمة واحدة‬
‫فإنه يق�ضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية و ال يجوز أن تتجاوز مدتها الحد األق�صى للعقوبة املقررة قانونا للجريمة األشد»‪.‬‬
‫ويتضح من خالل هذا النص أنه ‪،‬ينبغي أن تكون الجرائم املتعددة جنايات أو جنح ‪،‬و بالتالي تستبعد املخالفات و من ثم فإذا‬
‫تم التوصل إلى معرفة الجرائم املتعددة في وقت واحد فإن النيابة العامة تالحق الجاني مرة واحدة‪ ،‬و لكن على مختلف أوجه‬
‫االتهامات بقدرعدد الجرائم املرتكبة‪ ،‬ويستوي في ذلك أن ترتكب الجرائم بالتتالي والتتابع‪ ،‬و يتم اكتشافها و متابعة مرتكبها في‬
‫آن واحد‪ ،‬أو أن ترتكب الجرائم في آن واحد( وقت قريب) بحيث ال يمكن معاينة و متابعة األولى دون أن ترتكب األخرى (‪.)36‬‬
‫فإذا أحيل املتهم على املحكمة ‪ ،‬وجب على هذه األخيرة أن تتأكد من قيام التعدد الحقيقي للجرائم للقضاء بعقوبة واحدة‬
‫سالبة للحرية ‪،‬على أن ال تتجاوز مدتها الحد األق�صى املقرر للعقوبة املقررة قانونا للجريمة األشد‪ ،‬عمال باملادة ‪ 34‬من قانون‬
‫العقوبات‪،‬حيث يالحظ أن معاييرتحديد العقوبة األشد في هذه الحالة هي ذات املعايير التي تم التطرق لها عند دراسة العقوبة‬
‫املقررة للتعدد الصوري للجرائم‪.‬‬
‫‪ -1-2‬قاعدة عدم جمع العقوبات في حالة تعدد املتابعات واالكتفاء بتنفيذ العقوبة األشد‬
‫تبنى املشرع الجزائري مبدأ عدم جمع العقوبات السالبة للحرية ‪ ،‬حيث جاء في املادة ‪ 35/1‬من قانون العقوبات‪« :‬إذا صدرت‬
‫عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد املحاكمات فإن العقوبة األشد وحدها هي التي تنفذ»‪ .‬ويتضح من خالل قراءة هذهاملادة‬
‫أنه يشترط أن تكون العقوبات املحكوم بها سالبة للحريةو من طبيعة مختلفة(‪. )37‬و قد جاء في أحد قرارات املحكمة العليا ما يلي‪:‬‬
‫«إذا كانت العقوبات من طبيعة مختلفة بأن كانت إحداهما جنائية و األخرى جنحية فال يجوز لقضاة املوضوع أن يأمروا بضمها‬
‫جزئيا أو كليا و إال خرقوا أحكام املادة ‪ 35/2‬من قانون العقوبات و ترتب على ذلك البطالن»(‪. )38‬‬
‫يقصد بهذه الصورة أن يرتكب الجاني عدة جرائم في وضع تعدد ال يفصل بينها حكم نهائي ‪ ،‬تحال على جهة قضائية واحدة أو‬
‫عدة جهات قضائية إثرمتابعات منفصلة‪.‬ويستوي في ذلك أيضاأن يرتكب الجاني جريمة جديدة بينما هومحل عقوبة غيرنهائية‬
‫صدرت من أجل جريمة سابقة‪ ،‬أوأن يحاكم الجاني وتصدرضده عقوبة حتى ولولم تكن نهائية من أجل جريمة‪ ،‬ثم يكتشف أن‬
‫املحكوم عليه سبق له أن ارتكب قبلها جريمة أو عدة جرائم لم يحاكم عنها بعد‪.‬ففي حالة تعدد املحاكمات يتم النطق بالضرورة‬
‫وبصورة حتمية بعدة عقوبات باعتبار أنها مستقلة من حيث الزمن‪ ،‬و ال يعنيذلك تنفيذ كل العقوبات املحكوم بها‪ ،‬خاصة إذا‬
‫كانت سالبة للحرية‪ ،‬لذلك ينص القانون كقاعدة عامة على ضرورة تنفيذ أشدها‪.‬‬
‫و يؤول تنفيذ العقوبة األشد إلى النيابة العامة باعتبارها املكلفة بتنفيذ العقوبات‪ ،‬حيث جاء في أحد قرارات املحكمة العليا‬
‫ما يلي‪« :‬من املقرر قانونا عند صدور عدة أحكام سالبة للحرية على نفس الشخص بسبب تعدد املحاكمات فإن العقوبة‬
‫األشد هي التي تنفذ و على النيابة العامة املكلفة أن تنفذ العقوبة األشد»(‪ ،)39‬في حين أوكلت هذه املهمة في القانون الفرن�سي‬
‫لقا�ضي تطبيق العقوبات(‪.)40‬فاملؤسسات العقابية ال تطبق مبدأ أو تدابير جب العقوبات بصفة آلية ( قانونية )‪،‬بل تنفذ فقط‬

‫‪98‬‬
‫مستخرجات األحكام أو القرارات النهائية املختلفة املرسلة إليها من جهة النيابة ‪ ،‬دون إثارة مسألة جب العقوبات ‪،‬كون ذلك يعد‬
‫اختصاص أصيل للنيابة العامة طبقا للمادة ‪10‬من القانون ‪ 05/04‬املتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة اإلدماج االجتماعي‬
‫للمحبوسين(‪.)41‬‬
‫فالجهة املختصة بتقريردمج العقوبات هي الجهة القضائية التي صدرت عنها آخرعقوبة سالبة للحريةطبقا للمادة ‪ 14‬من قانون‬
‫ّ‬
‫تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين ‪،‬حيث تبث في األمر بناء على طلب النائب العام أو وكيل الجمهورية أو‬
‫قا�ضي تطبيق العقوبات أو املحكوم عليه أو محاميه‪ ،‬و في حالة عدم تقديم الطلب من ممثلي النيابة العامة‪ ،‬يتعين إرساله إلى‬
‫النائب العام أو وكيل الجمهورية لإلطالع و تقديم التماساته املكتوبة في غضون ثمانية أيام‪.‬‬
‫و يعني تنفيذ العقوبة األشد أن هذه األخيرة تمتص و تجب العقوبة األخف‪ ،‬لذلك يطلق على قاعدة عدم جمع العقوبات في هذا‬
‫الصدد بقاعدة االمتصاص أو الجب(‪،)42‬أي تغطية العقوبة األشد للعقوبات األخرى بشكل يجعل العقوبة األشد هي وحدها‬
‫ّ‬
‫املنفذة‪ ،‬بمعنى أن جب العقوبات يعد تنفيذا صوريا للعقوبة أو للعقوبات األخف ‪.‬إال أن تنفيذ هذه العقوبة ال يمحي األحكام‬
‫الصادرة بالعقوبات األقل شدة‪ ،‬إذ يقتصر تأثيرها على قوة التنفيذ فتعتبر العقوبات األقل شدة و كأنها قد نفذت فعال بعد‬
‫تنفيذ العقوبة األشد‪ ،‬فيبقى لها تأثيرها كسابقة في العود و هذا ما استقرعليه قضاء محكمة النقض الفرنسية(‪.)43‬‬
‫و املالحظ على املستوى العملي أنه قد تطرأ حاالت وتعترض بعض الصعوبات وذلك نتيجة للظروف القانونية التي من شأنها أن‬
‫تحول دون تنفيذ هذه العقوبة كما هو الحال في حالة العفو عن العقوبة وحالة تطبيق العقوبة األشد مع وقف التنفيذ وحالة‬
‫تقادم العقوبة األشد‪.‬‬
‫ففي حالة العفوعن العقوبة والذي يعني ّ‬
‫تكرم من رئيس الجمهورية بإنهاء تنفيذ العقوبة املقررة على الجاني بموجب حكم نهائي‬
‫بات ‪ ،‬إنهاء كليا أو جزئيا أو استبدالها بعقوبة أخف(‪.)44‬فنتيجة لصدور عفو من رئيس الجمهورية قد تصبح العقوبة األشد التي‬
‫تم النطق بها في عدة محاكمات هي األقل شدة‪ ،‬فهل ينفذ املحكوم عليه العقوبة التالية لها من حيث الشدة؟ لم يضع املشرع‬
‫الجزائري نصا لهذه املسألة بخالف املشرع الفرن�سي الذي تصدي للمسألة من خالل املادة ‪ 132/6‬من قانون العقوبات الفرن�سي‬
‫حيث قضت محكمة النقض الفرنسية بأن العقوبة األشد من حيث املبدأ ال تفقد طابعها املاص بموجب ظرف العفو على‬
‫أساس أن اإلعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريق العفو يقوم مقام تنفيذها الكلي أو الجزئيو قد انتقد الفقه الفرن�سي هذا‬
‫املبدأ باعتباره مناف للعدالة‪ ،‬األمرالذي دفع باملشرع الفرن�سي إلى التدخل بموجب املادة املذكورة أعاله مكرسا مبدأ مفاده أنه‬
‫عندما تطرأ حالة العفو ينبغي لتطبيق قاعدة جب العقوبات مراعاة العقوبة األصلية بعد العفو‪ ،‬و بذلك أزاح االجتهاد القضائي‬
‫الذي كانت تسيرعليه محكمة النقض‪.‬‬
‫كما قد تثور صعوبة في حالة الحكم على املتهم بعقوبة أشد (الحبس مع وقف التنفيذ)‪ ،‬ثم الحكم بعقوبة نافذةعن جريمة‬
‫أخرى أخف تصح لدمج عقوبة الحبس املوقوفة التنفيذ ‪ ،‬ففي مثل هذه الحالة أي عندما تكون العقوبة الثانية األخف نافذة‬
‫فإنه يجب أن تنفذ على الرغم من دمج عقوبتها في العقوبة األشد املحكوم بوقف تنفيذها‪ ،‬ألنه بالرجوع إلى التدرج في العقوبات‬
‫نجد أن األصل هو العقوبة النافذة‪ ،‬فسنة نافذة تعتبر عقوبة أشد بالنسبة لثالث سنوات حبس مع وقف التنفيذ‪ ،‬وهو األمر‬

‫‪99‬‬
‫أشارإليه القانون الفرن�سي صراحة في املادة ‪ 5 / 132‬من قانون العقوبات ‪.‬‬
‫أما في حالة تقادم العقوبة األشد‪ ،‬فإن مصيرالعقوبة أو العقوبات األخف التي تم دمجها في العقوبة األشد يكون التقادم ‪ ،‬فقد‬
‫اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن التقادم يعد تنفيذا للعقوبة‪ ،‬وبالتالي فإن العقوبة األخف التي تم دمجها في العقوبة األشد‬
‫التي تقادمت ال تنفذ على املحكوم عليه‪ ،‬و لو أنها لم تتقادم‪.‬‬
‫‪-2‬االستثناء من مبدأ عدم جمع العقوبات‬
‫إن قاعدة عدم جمع العقوبات( دمج العقوبات) ليست قاعدة مطلقة‪ ،‬فقد نص املشرع الجزائري على جمع العقوبات في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬بصفة وجوبية ‪ ،‬و بصفة جوازية أحيانا أخرى‪،‬كما قد تثارمسألة العقوبات ذات الطبيعة الواحدة ‪.‬‬
‫‪ -2-1‬الجمع الوجوبي للعقوبات‬
‫خالفا للجنايات والجنح نص املشرع في املادة ‪ 38‬من قانون العقوبات على إلزامية جمع العقوبات في مواد املخالفات حيث جاء‬
‫فيها ‪»:‬ضم العقوبات في مواد املخالفات وجوبي»‪ ،‬وتنصرف أحكام هذه القاعدة إلى الحبس والغرامة‪ ،‬ومعناها أن تجمع كل‬
‫العقوبات املحكوم بها ‪.‬هذا و قد ينص القانون في بعض األحيان على ضرورة جمع العقوبات بنصوص خاصة‪ ،‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة لجريمة الهروب املنصوص عليها في املادة ‪ 189‬من قانون العقوبات التي تنص على ‪« :‬العقوبة التي يقضيبها تنفيذا‬
‫ألحكام املادة ‪ 188‬ضد املحبوس الذي هرب أو شرع في الهروب تضم إلى أية عقوبة مؤقتة سالبة للحرية محكوم بها عن الجريمة‬
‫التي أدت إلى القبض عليه و حبسه و ذلك استثناء من املادة ‪ ،»35‬وهو ما كرسه قضاء املحكمة العليا حيث جاء في أحد القرارات‬
‫‪»:‬يعرض قرارهم للنقض قضاة املوضوع الذين صرحوا بعقوبة الهروب على حدة دون ضمها(جمعها) إلى العقوبة األصلية‬ ‫(‪ّ )45‬‬

‫املحكوم بها على الجريمة التي أدت إلى حبس املتهم»‪.‬‬


‫‪ -2-2‬الجمع الجوازي للعقوبات‬
‫يخول القانون للقا�ضي سلطة تقرير جمع العقوبات من عدمه‪ ،‬حيث نص في املادة ‪ 35/2‬من قانون العقوبات على أنه‪« :‬إذا‬ ‫ّ‬

‫مسبب أن يأمر بضمها كلها أو بعضها في نطاق الحد‬‫كانت العقوبات املحكوم بها من طبيعة واحدة فإنه يجوز للقا�ضي بقرار ّ‬

‫األق�صى املقرر قانونا للجريمة األشد»‪.‬و من ثم فإن الجمع الجوازي للعقوبات طبقا لهذه املادة يشترط لتطبيقه صدور عدة‬
‫أحكام في إطارعدة محاكمات ‪ ،‬وأن تكون العقوبات املراد جمعها من طبيعة واحدة‪ ،‬و أال يتجاوز مجموع العقوبات نطاق الحد‬
‫األق�صى لعقوبة الجريمة األشد(‪.)46‬‬
‫‪-2-3‬العقوبة األشد والعقوبات ذات الطبيعة الواحدة‬
‫يالحظ حسب ما جاء في الفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 35‬من قانون العقوباتأن مجال تطبيقنظام جمع العقوبات جاء حصريا حيث‬
‫اشترط املشرع لذلك أن تكون العقوبات سالبة للحرية وأن تكون من طبيعة واحدة ‪ ،‬بحيث ال يمكن الجمع إال بين عقوبة الحبس‬
‫مع الحبس والسجن مع السجن ‪،‬وبالتالي ال يجوز ضم الحبس إلى السجن وال السجن إلى الحبس تحت طائلة النقض (‪ ،)47‬وعلى‬
‫أن يكون األمربجمع العقوبات أو ضمها بقرارمسبب تسبيبا خاصايخالف األصل(الدمج) تحت طائلة البطالن(‪.)48‬‬
‫و تنص املادة ‪ 37‬من قانون العقوبات عل جواز جمع العقوبات التبعية و تدابير األمن إذا تعلق األمر بجنايات أو جنح في حالة‬

‫‪100‬‬
‫تعدد حقيقي‪ ،‬على أن يكون تنفيذ تدابير األمن التي ال تسمح طبيعتها في آن واحد بالترتيب املنصوص عليه في قانون تنظيم‬
‫السجون و إعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين ‪.‬‬
‫و من ثم فقد خرج املشرع الجزائري عن القاعدة العامة املقررة بالنسبة للعقوبات األصلية حيث يطبق مبدأ عدم الجمع‪ ،‬و قرر‬
‫إمكان جمع العقوبات إذا كانت تبعية أو تدابيرأمن‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 36‬من نفس القانون على أنه‪« :‬تضم العقوبات املالية ما لم يقرر القا�ضي خالف ذلك بنص صريح»‪ .‬وقد ّبين‬
‫اجتهاد املحكمة العليا املقصود بعبارة (الضم) التي وردت في نص املادة أعاله على أن املراد منه هوجمع العقوبات املالية في‬
‫حالة تعدد املحاكمات وليس دمج العقوبات(‪. )49‬و هذا يعني أن القانون قد استثنى العقوبات املالية (كالغرامات املالية‪،‬الغرامات‬
‫الضريبيةوالجبائية ‪،‬الغرامات الجمركيةاملصاريف القضائية) من قاعدة عدم جمع العقوبات‪ ،‬و تبرير ذلك أنها تتعلق بحقوق‬
‫الغير و حقوق الخزينة العامة‪ ،‬على أن هذا الجمع الجوازي للعقوبات املالية يخضع للسلطة التقديرية للقا�ضي الذي يجوز له‬
‫بنص صريحأنيقررعدمجمعها(‪. )50‬‬
‫خاتم ــة ‪:‬‬
‫تضمنت الدراسة موضوعا من أهم موضوعات القانون الجنائي ‪ ،‬واملتمثل في األثراملوضوعي املترتب عن قيام حالة تعدد الجرائم‬
‫وهو تطبيق العقوبة األشدأو عقوبة الجريمة ذات الوصف األشد بحسب نوع التعدد القائم و عالج ما قد يثارمن مشكالت على‬
‫الصعيدين العقابي و اإلجرائي عند ارتكاب الجاني لجرائم في وضع التعدد بصورتيه الصوري والحقيقي‪.‬‬
‫و قد أظهرت الدراسة مدى األهمية التي يحظى بها تعدد الجرائم ‪،‬سواء كان صوريا أو حقيقيا في املجال الجزائي على املستويين‬
‫النظري و العملي‪.‬‬
‫فالعقوبة األشد بحسب نص القانون هي العقوبة األشد عادة من بين العقوبات ّ‬
‫املقررة للجرائم املرتكبة‪ ، ‬والتي تبنتها أغلب‬
‫عدة جرائم‪ ،‬وقد تكمن حكمة املشرع من وراء ذلك ‪،‬إما لكون تلك‬ ‫وقررتها ملن يرتكب ّ‬
‫التشريعات على غرارالتشريع الجزائري ‪ّ ،‬‬

‫الجرائم ناجمة عن فعل واحد ‪،‬أولوجود رابطة بينها‪ ‬وعدم تنفيذ العقوبات األخف مع العقوبة األشد ‪ ،‬وأن تنفيذ العقوبة األشد‬
‫يعني في ذات الوقت تنفيذا للعقوبات األخف ‪.‬‬
‫ويبدو أن ّ‬
‫تبني املشرع الجزائري تطبيق مبدأ العقوبة األشد كقاعدة عامة ‪،‬يعد إيمانا منه بتناسبه والسياسة الجنائية الحديثة‬
‫التي تأبى املغاالة في العقاب وتنتهج سياسة اإلصالح وإعادة اإلدماج االجتماعي‪.‬‬
‫املراجع والهوامش‬
‫‪-1‬عبد الحميد الشواربي ‪ ،‬أثرتعدد الجرائم في العقاب ‪،‬منشأة املعارف اإلسكندرية مصر ‪ ،‬د‪.‬ت ‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -2‬باسم شهاب ‪ ،‬تعدد الجرائم وآثاره اإلجرائية والعقابية _دراسة مقارنة _‪ ،‬بيرتي للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،. 2011‬ص ‪.45‬‬
‫‪-3‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيزفي القانون الجزائي العام‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دارهومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ 2011 ،10‬ص ‪. 268‬‬
‫‪-4‬خالد عبد العظيم أحمد‪ ،‬تعدد العقوبات وأثرها في تحقيق الردع‪ ،‬دارالفكرالجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر ‪ 2007‬ص‪.27‬‬
‫‪5- Stefani, Levasseur,Bouloc, Droit pénal général ,ed ,Dalloz,france  1997, P 489 .‬‬

‫‪101‬‬
‫‪-6‬عبد هللا سليمان ‪،‬شرح قانون العقوبات الجزائري ‪ -‬القسم العام ‪ -‬الجزء الثاني ‪ ،‬الجزاء الجنائي ديوان املطبوعات الجامعية‬
‫‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ، 2007 ،5‬ص ‪. 506‬‬
‫‪-7‬أحمد محمد بونة ‪ ،‬تعدد الجرائم وأثره في العقوبات‪ -‬في قانون العقوبات الليبي والقانون الجنائي املغربي‪ -‬دارالكتب القانونية‬
‫‪ ،‬مصر ‪ 2010 ،‬ص ‪. 98‬‬
‫‪ Des biolles- 8‬القراراملنشور في‪ :‬‬
‫‪Jean Pradel,A– varinard ,Les grands arrêts du droit pénal général ,Dalloz,France 05 éme édition, 2005.P248 .‬‬
‫‪-9‬أحمد حسين حسين الجداوي ‪ ،‬سلطة املحكمة في تعديل وتغيير التهمة الجنائية ‪،‬دار الجامعة الجديدة مصر ‪ ، 2010‬ص‬
‫ص ‪. 389 388 :‬‬
‫‪ -10‬علي جروة ‪ ،‬املوسوعة في اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬املجلد الثالث في املحاكمة ‪،‬د دن ‪ ،‬د س ن ‪،‬ص ‪. 807‬‬
‫‪ -11‬السعيد مصطفى السعيد ‪ ،‬األحكام العامة في قانون العقوبات ‪ ،‬ط‪ ، 1957، 3‬ص ص ‪. 740،749‬‬
‫‪ -12‬باسم شهاب‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.207‬‬
‫‪ -13‬رجب علي حسين‪ ،‬تنفيذ العقوبات السالبة للحرية‪ -‬دراسة مقارنة ‪ -‬دار املناهج للنشر والتوزيع عمان‪،‬األردن ط‪1،2011‬‬
‫‪.‬ص ‪.208‬‬
‫‪–14‬القرار الصادر بتاريخ ‪ 24‬ديسمبر ‪ 1981‬املشار إليه في ‪ :‬أحسن بوسقيعة‪ ،‬قانون العقوبات ‪ -‬في ضوء املمارسة القضائية‬
‫‪ -‬برتي للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2017،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -15‬عصام أحمد غريب ‪ ،‬تعدد الجرائم وأثره في املواد الجنائية _دراسة مقارنة _‪ ،‬دار املعارف للطباعة اإلسكندرية ‪ ،‬مصر‬
‫‪ ،2003‬ص ‪. 377‬‬
‫‪ -16‬فاملحكمة العليا رأت في أحد قراراتها أن قيام غرفة االتهام بإعادة تكييف فعل يقبل وصفين ‪ ،‬من وصفه األشد( جناية‬
‫االستيراد واملتاجرة بالذخيرة ) إلى وصف أخف ( جنحة استيراد البارود األجنبي) يعد خرقا للمادة ‪ 32‬من قانون العقوبات ‪ ،‬أنظر‬
‫القرارالصادربتاريخ ‪ 17-12-2009 :‬ملف رقم ‪ 630518‬مجلة املحكمة العليا ‪ ،‬عدد ‪ ، 2010 ، 1‬ص ‪. 279‬‬
‫‪17-G stèfani ,G Levasseur ,B bouloc, Procédure pénale, Dalloz,16 ème éd ,1996.p 816.‬‬
‫‪ -18‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬شرح قانون العقوبات _القسم العام _النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبة والتدبير‬
‫اإلحترازي ‪ ،‬دارالنهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ، 1989 ،6‬ص ص ‪.648 ، 647‬‬
‫‪-19‬قرار بتاريخ ‪ ، 20/05/1969‬مشار إليه في‪ :‬أحسن بوسقيعة ‪ ،‬قانون اإلجراءات الجزائية في ضوء املمارسة القضائية ‪،‬برتي‬
‫للنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪ 2017 ، 13‬ص ‪. 149‬‬
‫‪–20‬عصام أحمد غريب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪. 534،535‬‬
‫‪ -21‬رءوف عبيد ‪ ،‬ضوابط تسبيب األحكام الجنائية و أوامرالتصرف في التحقيق ‪ ،‬دارالفكرالعربي ‪ ، 1986‬ص ص ‪.589 588‬‬
‫‪ -22‬عصام أحمد غريب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.485‬‬

‫‪102‬‬
‫‪-23‬علي حسين الخلف‪ ،‬تعدد الجرائم وأثره في العقاب في القانون املقارن ‪،‬دارالفكرالعربي مصر‪ ،‬ط‪ ، 1954 1‬ص ‪ .28‬ومأمون‬
‫محمد سالمة ‪ ،‬قانون العقوبات‪ -‬القسم العام‪ ،-‬دارالفكرالعربي القاهرة‪ ،‬مصر ‪،‬ط‪ ،1990، 3‬ص ‪. 533‬‬
‫‪ -24‬قرارملف رقم ‪ 222057‬بتاريخ ‪ ، 27-07-1999‬مجلة املحكمة العليا ‪ ،‬عدد ‪ 1999 ، 1‬ص‪. 183‬‬
‫‪-25‬من خالل تناولنا ملواقف مختلف التشريعات من التعدد الحقيقي ملسنا تباينا في مواقفها بخصوص هذا الشرط ( عدم‬
‫صدور حكم نهائي) لقيام حالة التعدد الحقيق للجرائم ‪.‬‬
‫‪ -26‬لقد جاء تعريف الفاعل في توصيات املؤتمرالسابع لقانون العقوبات املنعقد في أثينا (اليونان ) سنة ‪ 1957‬بأنه ( من يحقق‬
‫سلوكه العناصر املادية والشخصية املكونة للجريمة ‪ ،‬وإذا كانت الجريمة جريمة امتناع يعد فاعال من يحمله القانون االلتزام‬
‫بإتيان الفعل )‪ ،‬أنظر ‪ :‬عصام أحمد غريب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 218‬‬
‫‪ -27‬قادري أعمر ‪ ،‬التعامل مع األفعال في القانون الجزائي العام ‪ ،‬دارهومة ‪ ،‬الجزائر ‪،‬ط‪ 2014 ، 2‬ص ‪.107‬‬
‫‪ -28‬فالتعدد الحقيقي للجرائم يتميزباالستقالل التكويني لألفعال التي تنتج منها الوقائع الضارة ‪ ،‬أنظر ‪ :‬الفونس ميخائيل حنا ‪،‬‬
‫تعدد الجرائم وأثره في العقوبات واإلجراءات ‪،‬رسالةللحصول على درجة الدكتوراه في الحقوق‪،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫‪، 1963 ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪ -29‬جمال الدين دلفوف ‪ ،‬مبدأ التناسبية في قانون العقوبات ‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة املاجستير في القانون الجنائي ‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ،‬كلية الحقوق‪ ، 2014 ،‬ص ص ‪. 60 ، 59‬‬
‫‪ -30‬فالحكم النهائي هوالذي ال يجوز الطعن فيه بطريق االستئناف في حين أنه يمكن أن يصدرغيابيا فيكون بالتالي قابل للطعن‬
‫فيه باملعارضة وقد تصدرغيرقابلة للطعن فيها باالستئناف كأحكام محاكم الجنايات ‪ ،‬القرارات الصادرة عن الغرف الجزائية‬
‫باملجلس ‪ ،‬أو أن املحكوم عليه قد فوت ميعاد الطعن دون أن يستأنف ‪ ،‬انظر ‪ :‬أمال عزرين ‪ ،‬إشكاالت التنفيذ في األحكام‬
‫الجنائية –دراسة مقارنة في القانون املصري والجزائري والفرن�سي – دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬مصر ‪ ، 2013،‬ص‬
‫‪. 56‬‬
‫‪ -31‬عصام أحمد غريب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 226‬و باسم شهاب مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪41 ،40‬‬
‫‪ -32‬الحكم البات هو الحكم الذي ال يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن سواء العادية (املعارضة واالستئناف) أو غير‬
‫العادية (الطعن بالنقض) إما ألنه بطبيعته غيرقابل للطعن فيه أو ألنه أصبح كذلك بسبب استنفاذ جميع طرق الطعن العادية‬
‫والغيرعادية أو مضت املواعيد الخاصة به دون طعن بحيث أصبح غيرقابل للتصحيح أو املراجعة أو اإللغاء ‪ ،‬فهو الحكم الذي‬
‫حازقوة األمراملق�ضي فيه ‪.‬‬
‫أنظر ‪ :‬عصام أحمد الهجي ‪ ،‬حجية الحكم الجنائي أمام القضاء املدني ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬اإلسكندرية مصر ‪،‬ط‪،2014 ،1‬‬
‫ص ‪ .56‬وأحمد يوسف الزهاورة ‪ ،‬حجية الحكم الجنائي أمام القضاء املدني ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ،‬ط‪ ، 2012 ،1‬ص‬
‫‪ 96‬وآمال عزرين ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 56‬‬
‫‪-33‬قرار ‪ ، 18-01-2006‬غرفة الجنح واملخالفات باملحكمة العليا ‪ ،‬مجلة قضائية ‪ ،‬عدد ‪ 2006، 02‬ص‪. 503‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -34‬قرارصادربتاريخ ‪16‬أفريل ‪ ، 2014‬ملف رقم ‪ ، 0913544‬مجلة املحكمة العليا ‪ ،‬عدد ‪ ، 2014 1‬ص ‪444‬‬
‫‪-35‬أحسن بوسقيعة ‪ ،‬الوجيزفي القانون الجنائي العام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪-36‬عبد هللا سليمان ‪،‬شرح قانون العقوبات الجزائري ‪ -‬القسم العام ‪ -‬الجزء الثاني ‪ ،‬الجزاء الجنائي ‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫الجامعية ‪،‬الجزائر ‪ ،‬ط‪ ، . 2007 ، 5‬ص ‪.510‬‬
‫‪ -37‬باعتبارأن الفقرة الثانية من املادة ‪ 35‬تنص على إمكانية جمع العقوبات إذا كانت من طبيعة واحدة‪.‬‬
‫‪ -38‬قراربتاريخ ‪ ، 22/10/1984‬مشارإليه في مؤلف األستاذ‪ :‬جياللي بغدادي ‪ ،‬االجتهاد القضائي في املواد الجزائية ‪،‬الجزء األول‬
‫‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال التربوية ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2002،‬ص ‪.302‬‬
‫‪-39‬قراربتاريخ ‪ ، 14/01/1996‬املجلة القضائية ‪ ،‬العدد ‪ ،1996 ، 2‬ص ‪.176‬‬
‫‪ -40‬أحسن بوسقيعة ‪،‬الوجيزفي شرح القانون الجزائي العام ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪-41‬جباري عبد املجيد‪ ،‬دراسات قانونية في املادة الجزائية على ضوء أهم التعديالت الجديدة ‪ ،‬دارهومة الجزائر ‪،‬ط‪2013 ، 2‬‬
‫‪ ،‬ص ص ‪. 198 ،197‬‬
‫‪ -42‬عصام أحمد غريب ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 572‬‬
‫‪177 °N B,1931 juin 19 Crim - 43‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ص ‪588،589‬‬
‫‪–44‬أنظراملادة ‪ 05‬من املرسوم الرئا�سي رقم ‪ 16-192‬املؤرخ في ‪ 03-07-2016‬املتضمن إجراءات عفوبمناسبة الذكرى ‪ 54‬لعيد‬
‫االستقالل والشبابج رعدد ‪ 41‬بتاريخ ‪.22-07-2016‬‬
‫‪ -45‬قراررقم ‪ 64400‬بتاريخ ‪ ، 05-06-1990‬املجلة القضائية ‪ ،‬عدد ‪ ، 03‬ص ‪. 205‬‬
‫‪ -46‬بخالف املشرع الفرن�سي الذي أصبح منذ التعديل الجديد لقانون العقوبات يأخذ بقاعدة جمع العقوبات إذا كانت من‬
‫طبيعة مختلفة و بقاعدة عدم الجمع عندما يتعلق األمر بعقوبات من طبيعة واحدة أنظر ‪:‬لحسين بن شيخ آث ملويا‪ ،‬املنتقى‬
‫في القضاء العقابي ‪ ،‬دارالخلدونية ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،2012 ، 1‬ص ‪. 258‬‬
‫‪-47‬وقد نقضت املحكمة العليا قرارق�ضى بضم عقوبات جنائية وعقوبات جنحية ‪ ،‬ملف ‪ 41029‬الغرف مجتمعة ‪1984_10_22‬‬
‫‪ ،‬جياللي البغدادي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.302‬‬
‫‪ -48‬لحسين بن شيخ آث ملويا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 248‬‬
‫‪ -49‬قرار غير منشور رقم ‪ 166255‬بتاريخ ‪ ، 27-12-1998‬مشار إليه في ‪ :‬أحسن بوسقيعة‪،‬قانون العقوبات في ضوء املمارسة‬
‫القضائية ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 21‬‬
‫‪ -50‬عبد هللا سليمان ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.513 ، 510‬‬

‫‪104‬‬

You might also like