Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 68

‫شعبة الدراسات‬

‫اإلسالمية‪ :‬مسار قرآن‬


‫وحديث‬

‫اللباس في عصر النبوة أنواع وأحكام‬

‫بحث لنيل شهادة االجازة في الدراسات االسالمية‬

‫‪:‬من إعداد الطالبة‬


‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬
‫نصيرة مروك ‪1704694‬‬ ‫عبد العزيز فارح‬

‫السنة الدراسية ‪2021-2020‬‬

‫‪12‬‬
‫كلمة شكر وتقدير‬

‫أتقدم بالشكر الجزيل لألستاذ الفاضل الدكتور‪:‬‬

‫عبد العزيز فارح‬


‫على ما أسداه من توجيهات قيمة كانت عونا وسندا في‬
‫بلورة هذا البحث المتواضع‪ ،‬فله كامل الشكر وجزيل‬
‫االمتنان‪ ،‬وأسأل هللا له مزيدا من الصحة والعافية‪.‬‬
‫آمين‬

‫‪12‬‬
‫اإلهداء‬

‫إلى أمي الحبيبة التي ليس في الحياة نور أبهج من وجهها‬

‫إلى اليد الطاهرة التي أزالت من أمامنا األشواك ورسمت المستقبل بخطوط‬
‫األمان‪.‬‬

‫إلى أبي المتوفى‪ ،‬إلى النور الذي انار لي درب النجاح أبي ويا من علمتني‬
‫الصمود مهما تبدلت الظروف‬

‫إلى عبد العزيز فارح األستاذ‪ C‬المشرف الدي اعانني على إنجاز ّهدا البحث‬

‫أطال هللا عمره‬

‫إلى كل أساتذتي األفاضل بشعبة الدراسات اإلسالمية‬

‫إلى إخواني وأخص بالذكر أختي شيماء‬

‫إلى كل من آمن باهلل ربا وباإلسالم دينا وبمحمد صلى هللا عليه وسلم نبيا ورسوال‬

‫نصيرة مروك‬

‫‪12‬‬
‫باسم هللا الرحمان الرحيم‬

‫مقدمة‬

‫إن الحمد هللا نحمده ونستعين به‪ ،‬ونستغفره ونعوذ به تعالى من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مض َّل له‪ ،‬ومن يضلله فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال‬
‫إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أنَّ محمد ًا عبده ورسوله‪ ،‬الذي جاء بالهدى‬
‫ودين الحق‪ ً ،‬وبشيرا ونذير ًا بين يدي الساعة‪ ،‬فمن يطع هللا فقد اهتدى‪ ،‬ومن‬
‫يعصه فقد ض َّل ضالالً بعيد ًا‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فقد كان من أهم ما بعث به خاتم النبيين‪ ،‬إتمام مكارم األخالق وترسيخ محاسن‬
‫العادات بين األفراد والشعوب‪ ،‬فكان بحق رحمة للعالمين‪ .‬والتستر بالثياب‪،‬‬
‫التعري أمر مركوز في طبع اإلنسان وفطرته‪ ،‬وال يرضى بالتعري‬ ‫ِ‬ ‫والحياء من‬
‫وكشف السوءة أمام الناس إال من َف َقد الحياء؛ من أجل ذلك فرض اإلسالم على‬
‫المسلم أن يستر عورته عن أعين الناس‪ ،‬وتمييز ًا له عن البهائم‪ .‬قال هللا تعالى (يَا‬
‫َ‬
‫ى‬ ‫بَ ِني آ َد َم َق ْد أنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ‬
‫اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ التَّ ْقوَ ٰ‬
‫َات اللَّ ِه لَ َعلَّ ُه ْ‪:‬م يَ َّذ َّكرُونَ ) سورة األعراف اآلية ‪26‬‬ ‫ٰ َذ ِلكَ خَ يْرٌ ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ آي ِ‬

‫فاللباس من النعم الكبرى التي امتن اهللا بها على عباده وكرمهم بها‪ ،‬لما فيه من‬
‫حفظ الجسم‪ ،‬وستر العورة‪ ،‬إن اإلسالم يهدف إلى إقامة مجتمع عفيف نظيف‪ ،‬ال‬
‫تهاج فيه الشهوات‪ ،‬وال تعربد فيه الغرائر‪ ،‬ولذلك نهى عن كشف العورات بصورة‬
‫عامة‪ ،‬وأولى المرأة عناية خاصة‪ ،‬فاتخذ تدابير الوقاية لحماية شرفها‪ ،‬وصون‬
‫كرامتها‪ ،‬ويريد اإلسالم من المرأة أن تكون عفيف ًة طاهر ًة ظاهر ًا وباطن ًا‪.‬‬

‫وال يوجد في العالم اليوم نظام اجتماعي يحدد ويعين عورات الرجال والنساء سوى‬
‫نظام الشريعة في اإلسالم الذي بين حدود الكشف والستر على وجه العناية‬
‫واالهتمام‪.‬‬

‫والمالبس لها عالقتها بالشخصية والخلق‪ ،‬وهي عالقة جذرية أساسية‪ ،‬وال سبيل‬
‫إلى إنكارها‪ ،‬فالمالبس هي التي تعطي الشخصية طابعها‪ ،‬ومالبس البيت في‬

‫‪12‬‬
‫اإلسالم غير مالبس الشارع‪ ،‬ومالبس الرجال غير مالبس النساء‪ ،‬وبطبيعة الحال‬
‫الفرق بينهما جد شاسع الختالف طبيعة الرجال عن النساء‪.‬‬

‫سنحاول مناقشة موضوعنا وهو اللباس في عصر النبوة عبر تقسيمه الى ثالثة‬
‫فصول بحيث جاء تصميمه كاالتي ‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪‬‬

‫تعريف لمفهوم اللباس لغة و اصطالحا‪C‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫المطلب االول ‪:‬صفة لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫المطلب الثاني ‪:‬كيفية لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫المطلب الثالث ‪:‬ألوان ثيابه صلى هللا عليه وسلم وحكمه فيها‬

‫المبحث الثاني ‪:‬لباس الصحابة رضى هللا عنهم‬

‫الفصل الثاني ‪:‬لباس النساء في عصر النبوة‬ ‫‪‬‬

‫المطلب االول ‪:‬لباس الصحابيات‪C‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬الشروط الواجبة توافرها في لباس المرآة‬

‫المطلب الثالث ‪:‬مقاصد الشريعة في شروط لباس المرآة‬

‫المطلب الرابع ‪:‬كشف وجه المرآة في المذاهب األربعة‬

‫المطلب الخامس ‪:‬حكم الشرع في لباس المرآة‬

‫الفصل الثالث‪ :‬األحكام العام للباس والزينة في االسالم‬

‫المطلب األول‪ :‬لبس الحرير لل َّرجل‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬لبس الحرير للمرأة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلسبال‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬لبس الخاتم‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول‪ :‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫تعريف اللباس لغة واصطالحا‪:‬‬

‫اللباس ‪ ،‬و اللبوس ‪ ،‬و الملبس ‪ :‬ما يلبس على الجسد و يستره و الجمع ‪ ،‬البسة و‬
‫َ‬
‫لبس ‪.‬قال تعالى {‪ ‬يَا بَ ِني آ َد َ‪C‬م َق ْد أنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ‬
‫اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ‬
‫َات اللَّ ِه َل َعلَّ ُه ْم يَ َّذ َّك ُرونَ }‪1.‬ويطلق اللباس في اللغة على‬ ‫التَّ ْقوَ ٰى ٰ َذ ِلكَ خَ يْرٌ ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ آي ِ‪C‬‬
‫‪2‬‬
‫كل ما يغطي االنسان عن قبيح‪.‬‬

‫قال ابن فارس‪ " : 3‬الالم ‪ ،‬والباء ‪ ،‬والسين ‪:‬أصل صحيح واحد يدل على مخالطة و‬
‫مداخلة ‪ ،‬ومن ذلك ‪ :‬لبست الثوب ألبسه ‪ ،‬وهو االصل ‪ ،‬ومنه تفرعت الفروع ‪...‬‬
‫‪4‬‬
‫واللبوس ‪ :‬كل ما يلبس من ثياب و درع "‬

‫وقد ورد استعمال كلمة اللباس في لغة العرب التي نزل بها القران الكريم على‬
‫معان عدة منها ‪:‬‬

‫الستر ‪ :‬كقولك لبس الثوب اذا استتر به ‪ ،‬قال هللا تعالى وتبارك ‪ ( :‬وَ يَ ْلبَسُونَ‬
‫س َتبْرَ ٍق)‪5‬وهذا المعنى هو اصل كلمه اللبس في اللغة ‪ ،‬اذ‬ ‫س ْند ٍ‬
‫ُس وَ ِإ ْ‬ ‫ِثيَابًا خُضْ رً ا ِمنْ ُ‬
‫معنى اللبس ‪ :‬ستر الشيء ثم استعير ذلك للمعاني األخرى ‪.‬‬

‫ما يلبس وتغطى به العورة والجسد‪ :‬قال هللا تعالى (يَا بَ ِني آ َد َم َق ْد َأنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم‬
‫ى ٰ َذ ِلكَ خَ ْي ٌر ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ آي ِ‬
‫َات‬ ‫اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ التَّ ْقوَ ٰ‬ ‫ِلبَاسًا يُوَ ِ‬
‫‪6‬‬
‫اللَّ ِه َل َعلَّ ُه ْ‪:‬م يَ َّذ َّكرُونَ )‬

‫الغشاء وكل ما يغطي االنسان عن قبيح ‪ :‬ولهذا المعنى جعل هللا سبحانه‬
‫الزوج لباسا لزوجته من حيث انه يغطيها ويمنعها ويصدها عن تعاطي كل قبيح قال‬
‫‪7‬‬
‫عز شانه ( ُهنَّ ِلبَاسٌ َل ُك ْم وَ َأ ْنتُ ْم ِلبَاسٌ لَ ُهنَّ )‬

‫‪ 1‬سورة األعراف اآلية ‪26‬‬


‫‪ 2‬انظر لسان العرب ج ‪ 12‬ص ‪223‬‬
‫‪ 3‬هو الحسين احمد ابن فارس ابن زكريا الرازي المالكي كان راسا في االدب‪  ‬بصيرا في اللغة والحديث والفقه توفي‬
‫بالري شماال ايران سنه ‪395‬‬
‫‪ 4‬مجمع مقاييس اللغة ج‪ 5‬ص ‪320‬‬
‫‪ 5‬سورة الكهف اآلية ‪31‬‬
‫‪ 6‬سورة األعراف اآلية ‪26‬‬
‫‪ 7‬سورة البقرة اآلية ‪187‬‬

‫‪12‬‬
‫التقوى وااليمان والحياء ‪ ،‬ومن ذلك قول الحق سبحانه (يَا بَ ِني آ َد َم َق ْد َأنزَ ْلنَا‬
‫ى ٰ َذ ِلكَ خَ ْي ٌر ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ‬
‫اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ التَّ ْقوَ ٰ‬ ‫عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ‬
‫َات اللَّ ِه لَ َعلَّ ُه ْ‪:‬م يَ َّذ َّكرُونَ )‬
‫آي ِ‬

‫الدرع و السالح قال سبحانه وتعالى عن النبي داود عليه السالم (وَ عَ لَّمْ نَا ُه صَ ْن َع َة‬
‫‪8‬‬
‫س ُك ْم ۖ َف َهلْ َأنتُ ْم َ‬
‫شا ِكرُونَ )‬ ‫ص َن ُكم مِّن ب َْأ ِ‬ ‫لَب ٍ‬
‫ُوس لَّ ُك ْم ِلت ُْح ِ‬

‫هللا مثَال قري ًة‬


‫ُ‬ ‫الجوع والخوف ومن ذلك قول الرحيم الرحمن سبحانه (وضَ ربَ‬
‫هللا َفأذا َقها‬ ‫ل مكان ف َك َفرت َ‬
‫بأ ْنع ُِم ِ‬ ‫كانَت آ ِمنَ ًة مُطم ِئن ًة ي َْأ ِتيها ِرز ُقها ِمن ك ِّ‬
‫ٍ‬
‫وف ِبما كانوا يَصنَعون‪.9) ‬‬
‫الجوع والخَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫هللا ِلباسَ‬

‫التخليط و اإللتباس و اإلشتباه ‪ ,‬ومن هذا المعنى قول هللا تعالى ‪( :‬وَ لَوْ‬
‫س َنا عَ َلي ِْهم مَّا يَ ْل ِبسُونَ ‪ 10 ) ‬وقال تعالى‬ ‫جاًل وَ َل َلبَ ْ‬‫ج َع ْل َنا ُه رَ ُ‬‫ج َع ْل َنا ُه َم َل ًكا لَّ َ‬
‫َ‬
‫حقَّ وَ َأ ْنتُ ْم تَ ْعلَمُونَ )‪ 11‬وقوله (الَّ ِذينَ‬ ‫ل وَ تَ ْكتُمُوا ا ْل َ‬ ‫ق ِبا ْلب ِ‬
‫َاط ِ‬ ‫ح َّ‬ ‫(وَ اَل تَ ْل ِبسُوا ا ْل َ‬
‫آ َمنُوا وَ لَ ْ‪:‬م يَ ْل ِبسُوا ِإيمَانَ ُهم ِبظ ُ ْل ٍم ُأو ٰلَ ِئكَ لَ ُه ُم اأْل َمْ نُ وَ ُ‬
‫هم ُّم ْهتَدُونَ ‪.12 ) ‬‬
‫‪13‬‬
‫هنَّ ِلبَاسٌ لَ ُك ْم وَ َأ ْنتُ ْم ِلبَاسٌ لَ ُهنَّ )‬
‫المرأة ؛ قال الحق سبحانه ‪ُ ( ,‬‬

‫والعرب تسمي المراة لباس و ازرارا ‪ ،‬فيقول احدهم ‪ :‬لبست امراة ‪ ،‬اي تمتعت‬
‫بها زمانا ‪ ،‬و لبست فالنة عمري ‪ ،‬اي كانت معي شبابي كله ‪.‬‬

‫السكن و الظالم و الغشاوة ‪ ،‬ومن هذا المعنى قول جل جالله ‪:‬‬


‫‪14‬‬
‫ل النَّ َهارَ نُ ُ‬
‫شورً ا‪) ‬‬ ‫ج َع َ‬
‫سبَاتًا وَ َ‬ ‫ل لَ ُك ُم اللَّ ْي َ‬
‫ل ِلبَاسًا وَ النَّوْ َم ُ‬ ‫ه َ‪:‬و الَّ ِذي َ‬
‫ج َع َ‬ ‫(وَ ُ‬

‫‪ 8‬سورة األنبياء اآلية ‪80‬‬


‫‪ 9‬سورة النحل اآلية ‪112‬‬
‫‪ 10‬سورة االنعام اآلية ‪9‬‬
‫‪ 11‬سورة البقرة اآلية ‪42‬‬
‫‪ 12‬سورة االنعام اآلية ‪82‬‬
‫‪ 13‬سورة البقرة اآلية ‪187‬‬
‫‪ 14‬سورة الفرقان اآلية ‪47‬‬

‫‪12‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعريف اللباس في االصطالح‬

‫استعمل الفقهاء والمحدثون اللباس اصطالحا بمعناه الحقيقي في لغة العرب ‪ ،‬الذي‬
‫يدل على ان اللباس هو كل ما وارى به االنسان عورته‪ ،‬وستر به جسده ‪ ،‬و دفع‬
‫به حر الصيف ‪ ،‬و برد الشتاء ‪ ،‬و هذا واضح من تتبع عبارات الفقهاء في مدونات‬
‫‪15‬‬
‫الفقه المختلفة‪.‬‬

‫‪ ‬و أهل العلم‪ -‬رحمهم هللا‪ -‬وان لم ينص على تعريف اصطالحي للباس ‪ ،‬إال‬
‫انهم تكلموا بالتفصيل عن أحكامه وأنواعه وما يحل منه وما يحرم وما يستحب وما‬
‫يكره ‪ ،‬وال يكاد يخلو كتاب فقيه او محدث من فصل او باب او كتاب كامل يعقد‬
‫لبيان أحكام‪ C‬اللباس في الشرع مستدلين على ذلك بما ثبت عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم من نصوص الوحي الشريف التي تبين أحكام اللباس في شريعة االسالم‬
‫‪16‬‬
‫الخاتمة الخالدة ‪.‬‬

‫‪ ‬وهذا يدل على أنهم استعملوا هذه الكلمة بمعناها الحقيقي اللغوي ‪،‬إال انهم قصروا‬
‫هذا المعنى على نوع خاص من اللباس تنطبق عليه أحكام‪ C‬الشريعة الحنيفة ‪ ،‬شرعا‬
‫ببيان أحكامه وأنواعه من حيث الجواز والمنع ‪ ،‬ذلك أن معنى اللباس في اللغة عام‬
‫يطلق على كل ما يلبس على الجسد ‪ ،‬وتستر به العورة ‪،‬واالعضاء ويتزين به ‪،‬‬

‫والمصطلحات الشرعية يجب ان تصاغ وفق محترزات وقيود وضوابط شرعية ‪،‬‬
‫قصدها الشارع الحكيم مما يجعل معنى اللباس في الشرع يخالف معناه في اللغة‬
‫في بعض الجوانب المهمة‪.‬‬

‫‪ ‬ويكمن بعد هذا كله أن نعرف اللباس في اإلصطالح بأنه "ما يواري به‬
‫االنسان جسده‪ ،‬ويستر به سوءته ‪ ،‬ويتزين به ويتحمل بين الناس ‪ ،‬مما اباحه له‬
‫الشارع الحكيم سبحانه ‪ ،‬ولم يتعارض مع آداب االسالم وأوامره ونواهيه‪.‬‬

‫‪ 15‬انظر على سبيل المثال رد المختار على الدر المختار ص ‪404‬‬


‫‪ 16‬انظر رسالة الدكتنوراه لباس الرجل احكامه و ضوابطه محمد بن عشري الغامدي ص ‪ 48‬ط‪ 2‬دار طيبة‬
‫الخضراء‬

‫‪12‬‬
‫المبحث األول‪ :‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫المطلب‪ :‬األول ‪ :‬تعريف صفة لباس رسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫قال العالمة ابن القيم‪  :‬وكان هديه في لبسه لما يلبسه‪ ،‬أنفع شيء للبدن‪ ،‬فإنه لم يكن‬
‫يطيل أكمامه ويوسعها‪ ،‬بل كان كم قميصه إلى الرسغ‪ ،‬ال تجاوز اليد‪ ،‬فتشق على‬
‫البسها‪ ،‬وتمنعه خفة الحركة والبطش‪ ،‬وال تقصر عن هذه فتبرز للحر والبرد‪،‬‬
‫وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين‪ ،‬لم يتجاوز الكعبين‪ ،‬فيؤذي‪ C‬الماشي‬
‫ويؤوده‪ ،‬ويجعله كالمقيد‪ ،‬ولم يقصر عن عضلة ساقه فتنكشف فيتأذى‪ C‬بالحر‬
‫والبرد‪ .‬ولم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذي الرأس حملها ويضعفه‪ ،‬ويجعله عرضة‬
‫للضعف واآلفات‪ C‬كما يشاهد من حال أصحابها‪ C،‬وال بالصغيرة التي تقصر عن‬
‫وقاية الرأس من الحر والبرد‪ ،‬بل وسط بين ذلك‪.17‬‬

‫وتفصيل ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫لباس الرأس‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫العصابة‪ :‬وهي ُكل ما استدار بغيره‪ ،‬فيُقال‪ :‬عصب رأسه‪ ،‬أي شده‪،‬‬ ‫‪o‬‬
‫وما يُ َ‬
‫ش ُّد به فهو العصابة‪ ،‬وفي آخر حياة النبي ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ -‬لبس العصابة‪ ،‬يصف ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬ذلك‬
‫س‬‫هللا عليه وسلَّ َم ال ِم ْنبَرَ ‪ ،‬وكانَ آ ِخرَ م َْج ِل ٍ‬ ‫ي صَ لَّى ُ‬ ‫بقوله‪( :‬صَ ِع َد النب ُّ‬
‫‪18‬‬
‫س ُه ُمتَ َع ِِّط‪ّC‬فًا ِم ْل َح َف ًة علَى َم ْن ِكبَ ْي ِه‪ ،‬ق ْد عَ صَ بَ رَ ْأ َ‬
‫س ُه ب ِعصَ ابَ ٍة د ِ‬
‫َس َم ٍة)‪،‬‬ ‫َجلَ َ‬
‫ولما كان يبعث السرايا في أيام‪ C‬البرد يأ ُم ُرهم بالمسح على عصا ِئ ِب ِهم‪،‬‬
‫وقد توضع العصابة على البطن أيض ًا‪ C،‬وكان النبي ‪-‬عليه الصالة‬
‫والسالم‪ -‬يضعها على بطنه من الجوع‪ ،‬لحديث أنس بن مالك‬
‫سلَّ َم يَوْ مًا‬
‫هللا صَ لَّى اللَّ ُه عليه وَ َ‬
‫‪-‬رضي هللا عنه‪ِ ( :-‬ج ْئتُ رَ سو َل ِ‬

‫‪ 17‬زاد المعاد في هدي خير العباد ‪ ‬ابن قيم الجوزية‪.217 /4‬‬


‫‪ 18‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن عبدهللا بن عباس ‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،927 :‬صحيح‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫َفوَ َج ْدتُ ُه َجا ِلسًا مع َأصْ َح ِاب ِ‪C‬ه ي َُح ِّّ‪ِC‬دثُ ُه ْم‪ ،‬وَ َق ْد عَ صَّبَ بَطْنَ ُه ب ِعصَ ابَ ٍة‪ ،‬قا َل‬
‫ْض َأصْ َح ِاب ِه ِل َم عَ صَّبَ رَ سو ُل‬ ‫شكُّ علَى َح َج ٍر‪َ ،‬فقُلتُ ِلبَع ِ‬ ‫أُسَا َم ُة‪ :‬وَ َأ َنا َأ ُ‬
‫سلَّ َم بَطْنَهُ؟ َفقالوا‪ِ :‬منَ ُ‬ ‫هللا صَ لَّى اللَّ ُه عليه وَ َ‬
‫‪20 19‬‬
‫وع)‪.‬‬‫الج ِ‬ ‫ِ‬

‫العمامة‪ :‬وهي من ألبسة الرأس المعروفة عند العرب‪ ،‬وكانت تُسمى‬ ‫‪o‬‬
‫َ‬
‫أحاديث كثيرة‪ ،‬وكان النبي ‪-‬عليه‬ ‫تيجان العرب‪ ،‬وجاء ِذك ُرها في‬
‫الصالة والسالم‪ -‬يلبسها ِبطريقة خاص ٍة به؛ بحيث كان يلفُّها ويترك‬
‫منها جزء ًا يرخيه بين كتفيه‪ ،‬ولبس العمائم يكون على أكثر من‬
‫طريقة وليس بطريق ٍة واحدة‪ ،‬وقد تكون العمامة عصابة‪ ،‬وال يكون‬
‫خاص‪ ،‬فقد‪ C‬يكون الثوب والرداء عمامة‪ ،‬وقد لبس النبي‬
‫ٍ‬ ‫نسيج‬
‫ٍ‬ ‫من‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬العمائم الحرقانيّة أي السوداء‪ ،‬والحوتكية‪،‬‬
‫وال ِقطريّة‪ 21،‬وجاء في وصف لبْس النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫ي صَ لَّى اللَّ ُه عليه وسلَّ َم دَخَ َل يَو َم َف ْت ِح َم َّك َة‪ ،‬وَ عليه‬
‫للعمائم‪( :‬أنَّ النب َّ‬
‫‪23 22‬‬
‫ِعمَا َم ٌة سَوْ دَا ُء)‬

‫اإلزار‪ :‬وهو ُكل ما يستُر اإلنسان‪ ،‬ويُطلق على ما يُحيط بالجزء السفلي من‬ ‫‪‬‬
‫خاص به‪ ،‬وجاء ِذكر‬‫ٍ‬ ‫نسيج‬
‫ٍ‬ ‫بدن اإلنسان‪ ،‬ويستُر عورته‪ ،‬وال يكون من‬
‫اإلزار في أحاديث كثيرة‪ ،‬كقول النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪( :-‬ما َأ ْ‬
‫س َف َل‬
‫َّار)‪ 24،‬وذكر الصحابة أن النبي ‪-‬عليه الصالة‬‫ار َف ِفي الن ِ‬ ‫ِمنَ ال َكعْ بَي ِ‬
‫ْن ِمنَ اإلزَ ِ‬
‫البس ًا اإلزار‪ 25‬وفي أحاديث‪ C‬االعتكاف‪ C‬أن النبي‬
‫والسالم‪ -‬كان يخرُج إليهم ِ‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬كان يش ُد ِمئزره‪ ،‬وكان يُطلق لفظ اإلزار في‬
‫‪19‬‬
‫رواه مسلم‪ ،‬في صحيح مسلم‪ ،‬عن أنس بن مالك‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،2040 :‬صحيح‪.‬‬

‫‪ 20‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪ .27-26‬بتصرّ ف‪.‬‬

‫‪ 21‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪ .31-28‬بتصرّ ف‪.‬‬

‫رواه مسلم‪ ،‬في صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر بن عبد هللا‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،1358 :‬صحيح‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ 23‬رواه مسلم‪ ،‬في صحيح مسلم‪ ،‬عن جابر بن عبد هللا‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،1358 :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 24‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن أبو هريرة ‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،5787 :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 25‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،)1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪،‬‬
‫الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪ .47-40‬بتص ّرف‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫العُصور اإلسالميّة األولى على الثوب بشك ٍل عام‪ ،‬ثُ ّم أصبح يُطلق على‬
‫‪26‬‬
‫الغطاء الكبير والواسع‪.‬‬

‫البُرد‪ :‬وهو الثوب الذي يكون فيه ُخطوط‪ ،‬وجمعه أبراد أو بُ ُرد‪ ،‬ويكون على‬ ‫‪‬‬
‫عدة ألوان كاألخضر‪ ،‬ورأى بعض الصحابة النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫لبس بُردان أخضران‪ ،‬ورآه بعض الصحابة يخطُب ِب ِمنى البس ًا بُرد ًا‬
‫‪27‬‬
‫أحمر‪.‬‬

‫البُرْ دة‪ :‬وهي لباسٌ يتلحف به اإلنسان‪ ،‬وصنعت عائشة ‪-‬رضي هللا عنها‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫بُردة سوداء للنبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬فلبسها‪ ،‬وأُهدي إليه بُردة من‬
‫امرأة‪ ،‬فقبلها منها‪28،‬وكان له بُردان أخضران‪ ،‬وتُسمى الحبرة‪ ،‬وهي البُرود‬
‫التي فيها ُحمرة‪29،‬وكانت البُردة تُستعمل في العصر الجاهليّ‪ ،‬وتُتخذ عباءة‬
‫في النهار‪ ،‬و ِلحاف ًا في الليل‪ ،‬ومن أشهر بُرد النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫البُردة التي أهداها لكعب بن زُ هير مُكافأ ًة له على قصيدته‪ C‬التي مدحه بها‪،‬‬
‫واشتراها منه مُعاوية‪ ،‬وبقيت عند ال ُخلفاء العباسيين إلى أن احتل المغول‬
‫بغداد‪ ،‬وأمر هوالكو بإحرا ِقها‪ ،‬وقيل‪ :‬أنها لم تُحرق‪ ،‬وكانت تُلبس في‬
‫‪30‬‬
‫المواكب‪.‬‬

‫‪ 26‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،)2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق‬
‫العربية‪ ،‬صفحة ‪ ،31‬جزء ‪ .1‬بتص ّرف‬
‫‪ 27‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،)1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪،‬‬
‫الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪ .53-49‬بتص ّرف‪.‬‬
‫‪ 28‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪ .54‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪ 29‬محمد يونس‪ G‬بن عبد الستار (‪ 1424‬هـ )‪ ،‬لباس الرسول والصحابة والصحابيات رضي هللا عنهم أجمعين (الطبعة األولى)‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪ :‬مطابع الوحيد‪ ،‬صفحة ‪ .23‬بتصرّ ف‬

‫‪ 30‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،) 2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬صفحة ‪-52‬‬
‫‪ ،53‬جزء ‪ .1‬بتصرّ ف‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الجبَّة‪ :‬وهي من اللباس المُفصل‪ ،‬ويُشبه في وقتنا الحاضر الفروة‪ ،‬ولها‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫أكمام طويلة‪ ،‬تكون عاد ًة مفتوحة من األمام وتُلبس فوق القفطان وهو الرداء‬
‫الطويل‪ ،‬وتُبطن في الفرو‪ ،‬وكانت في مكة تُلبس فوق الجسم‪ ،‬وتُصنع من‬
‫ال ِقماش الخفيف‪ ،‬والحرير‪ 31.‬وهي عبار ٌة عن لباس كامل‪ ،‬ال يحتا ُج اإلنسان‬
‫للبس شي ٍء آخر معها‪ ،‬وروي أن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬صلى‬
‫البس ًا ُجبته‪ ،‬وليس عليه غي ُرها‪ ،‬وكان النبي ‪-‬عليه الصالة‬
‫بالصحابة وكان ِ‬
‫والسالم‪ -‬يكره ِجباب السُندس أي الحرير‪ ،‬و ِجباب الديباج الذي تكون‬
‫أطرافه من الحرير‪ ،‬ومن أنواع ال ِجباب السيجان التي لها أزرار من حرير‪،‬‬
‫وجاء رجل إلى النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬البس ًا ُجبة سيجان‪ ،‬فأخذه‬
‫ِبمجامع ثوبه‪ ،‬وقال له‪ :‬هذه لباس من ال يعقل‪ 32،‬ولبس النبي ‪-‬عليه الصالة‬
‫‪33‬‬
‫والسالم‪ -‬ال ُجبة في السفر‪ ،‬وكانت ضيقة الكمين‪،‬‬

‫وورد لبس النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لها‪ ،‬كما في قول المُغيرة بن‬ ‫‪‬‬
‫هللا عليه وسلَّ َم في َ‬
‫س َف ٍر‪،‬‬ ‫ِي صَ لَّى ُ‬‫شُعبة ‪-‬رضي هللا عنه‪ُ ( :-‬كنْتُ مع النب ّ‪ِّ C‬‬
‫َفقالَ‪ :‬يا ُم ِغيرَ ُة خُ ِذ اإلدَاوَ َة‪ ،‬فأخَ ْذتُ َها‪َ ،‬فا ْنط َ َل َق رَ سو ُل اللَّ ِه صَ لَّى ُ‬
‫هللا عليه‬
‫‪35 34‬‬
‫ش ْأ ِميَّ ٌة)‪،‬‬
‫اجتَهُ‪ ،‬وعليه ُجبَّ ٌة َ‬ ‫وسلَّ َم حتَّى تَوَ ارَ ى عَ ِِّن‪ّC‬ي‪َ ،‬ف َقضَ ى َح َ‬

‫الحبرة‪ :‬وهي نو ٌع ِمن اللباس اليمنيّ‪ ،‬وهو ما كان مُخطط ًا‪ ،‬وكانت اللباس‬ ‫‪‬‬
‫ِي‬
‫ب إلى النب ّ‪ِّ C‬‬‫أحبُّ ال ِِّثّ‪C‬يَا ِ‬
‫المُفضل للنبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ ،-‬لقوله‪( :‬كانَ َ‬
‫س َها ال ِحبَرَ َة)‪ 36،‬وهي عبارة عن زين ًة تكون‬ ‫هللا عليه وسلَّ َم أنْ يَ ْلبَ َ‬
‫صَ لَّى ُ‬
‫ال ِحق ًا بالباس‪ ،‬وليست لباس ًا بعينها‪ ،‬وروي أن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬

‫‪ 31‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،) 2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬صفحة ‪-105‬‬
‫‪ ،106‬جزء ‪ .1‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪ 32‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪:‬‬
‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪72-69‬‬
‫‪ 33‬أ ب ت ث محمد يونس بن عبد الستار (‪ 1424‬هـ )‪ ،‬لباس الرسول والصحابة والصحابيات رضي هللا عنهم أجمعين‬
‫(الطبعة األولى)‪ ،‬مكة المكرمة‪ :‬مطابع الوحيد‪ ،‬صفحة ‪ .21‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪ 34‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن المغيرة بن شعبة‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،363 :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 35‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن المغيرة بن شعبة‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،363 :‬صحيح‪.‬‬

‫‪ 36‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن أنس بن مالك‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،5813 :‬صحيح‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ُكفّن في ثوبين وبُرد وحبرة‪ ،‬وقيل‪ :‬أنه س ُّج ّ‬
‫ي ببرد وحبرة‪ 37،‬وسُميت‬
‫بالحبرة؛ ألنها تكون مُحبرة و ُمزينة‪ ،‬وكانت من أشرف أثواب العرب‪،‬‬
‫وتكون من القطن المنسوج‪ ،‬وغير مفصلة على الجسم‪ ،‬وتكونُ عاد ًة باللون‬
‫األخضر‪.‬‬

‫ورداء‪ ،‬وتُكون اسم ًا للثوبين مع ًا‪ ،‬وكان النبي‬


‫إزار ِ‬
‫ٍ‬ ‫الحلَّة‪ :‬وهي عبارة عن‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬يلبس ُحل ًة حمراء‪،‬وصنعت له عائشة ‪-‬رضي هللا‬
‫عنها‪ -‬له ُحل ًة فلبسها‪ ،‬ولما عرق ووجد فيها رائحة الصوف تركها‪ ،‬وقال‬
‫هللا عليه وسلَّ َم‬
‫ي صَ لَّى ُ‬
‫عنه البراء بن عازب ‪-‬رضي هللا عنه‪( :-‬كانَ النب ُّ‬
‫مَرْ بُوعً ا‪ ،‬وق ْد رَ َأ ْيتُ ُه في ُحلَّ ٍة َحمْ راءَ‪ ،‬ما رَ َأ ْيتُ شيئًا ْ‬
‫‪38‬‬
‫أحسَنَ منه)‪،‬‬

‫ورآه بعض الصحابة الكرام ِب ُحل ٍة يمانيّة‪ ،‬ورأى عُ مر بن الخطاب ‪-‬رضي هللا‬
‫عنه‪ُ -‬حل ًة سيراء تُباع عند المسجد‪ ،‬فأشار على النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫ِبشرا ِئها ليستقبل بها الوفود‪ ،‬فقال له‪ :‬أنَّها لباس من ال خالق له في اآلخرة‪،‬‬
‫وصالح أهل نجران على ألفي ُحلة‪ ،‬وكان النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬يُهدي‬
‫‪39‬‬
‫الحلل‪ ،‬كالنّجاشيّ‪.‬‬
‫بعض المُلوك من ُ‬

‫الخَ ِميصَ ة‪ :‬وهي لباسٌ أسود اللون‪ ،‬على شكل مُربع‪ ،‬وله علمان‪ ،‬وإن لم‬ ‫‪‬‬
‫ي ُكن مُعلم ًا فال يُسمى خميصة‪ ،‬وورد عن عائشة ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬لبس‬
‫هللا عليه وسلَّ َم‬
‫ي صَ لَّى ُ‬ ‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬لها‪ ،‬بقولها‪( :‬أنَّ النب َّ‬
‫ش َغلَ ْت ِني َأعْ اَل ُم ه ِذه‪ ،‬ا ْذ َهبُوا ب َها إلى َأ ِبي‬
‫صَ لَّى في خَ ِميصَ ٍة َل َها َأعْ اَل ٌم‪َ ،‬فقالَ‪َ :‬‬
‫‪ 37‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،)1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪،‬‬
‫الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪ .77-75‬بتصرّف‬
‫‪ 38‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن البراء بن عازب‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،5848 :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 39‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،)1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪،‬‬
‫الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪81-77‬‬

‫‪12‬‬
‫وأتُو ِني َبأ ْن ِب َجا ِنيَّ ٍة)‪40C،‬ورآه بعض الصحابة وهو يستسقي وعليه خميص ٍة‬
‫َج ْه ٍم ْ‬
‫سوداء‪ 41،‬وجاء عن أنس ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬لما بعثته أُ ّم سليم إلى النبي‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ليرى ُغالمها‪ ،‬فحنكه‪ ،‬وكان البس ًا خميص ًة ُحريثية‪.‬‬

‫الرداء‪ :‬وهو ما يُلبس فوق الثياب كالعباءة‪ ،‬ويُغطي ال ُجزء األعلى من‬ ‫‪‬‬
‫الجسم‪ 42،‬ويدُل على لبس النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬له قول عائشة‬
‫‪-‬رضي هللا عنها‪( :-‬رَ َأ ْيتُ رَ سو َل ِ‬
‫هللا صَ لَّى اللَّ ُه عليه وسلَّ َم يَ ْ‬
‫ستُرُ ِني‬
‫بردَا ِئ ِه)‪ 43C،‬ومن األردية التي لبسها أيض ًا‪ ،‬الرداء النجرانيّ‪ ،‬ورآه أنس‬ ‫ِ‬
‫‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وهو يلبسُه‪ ،‬والرداء الحضرميّ‪ ،‬وال ُكرديّ‪ ،‬وكان يخرُج‬
‫به النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬عند صالته لالستسقاء‪ ،‬وعند اإلحرام‬
‫بالحج أو العُمرة‪ 44،‬وكان طول ِردائه ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ستة أذ ُرع في‬
‫ضه ذراعين وشبر‪.‬‬
‫ي أربعة أذ ُرع وشبر‪ ،‬وعر ُ‬
‫ثالثة وشبر‪ ،‬وإزاره العُمان ّ‬

‫السراويل‪ :‬وهو لباس يغطي الجزء األسفل من الجسم‪ ،‬ويحرُ م لبسه‬ ‫‪‬‬
‫لل ُمحرم‪ ،‬وروي عن النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬شراءه للسراويل‪45،‬كما‬
‫‪46‬‬
‫روي عنه لبسه له‪ ،‬ولبس الصحابة له بإذنه‪.‬‬

‫ال َّ‬
‫شمْ لة‪ :‬وهي اللباس الذي كان العرب يشتملون به في الليل عند النوم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وجمعُها ِشمال‪ ،‬وهي إزار من الصوف أو الشعر‪ ،‬ورأى الصحابة النبي‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬يُصلي وعليه شملة وعقدها‪ C‬عليه‪ ،‬ومر ًة تبع جنازة‬

‫‪ 40‬رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن عائشة أم المؤمنين‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،752 :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 41‬محمد يونس بن عبد الستار (‪ ،)1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬صفحة ‪.85-82‬‬
‫‪ 42‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،)2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق‬
‫العربية‪ ،‬صفحة ‪194‬‬
‫‪ 43‬رواه مسلم‪ ،‬في صحيح مسلم‪ ،‬عن عائشة أم المؤمنين‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪892 :‬‬
‫‪ 44‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪92-89‬‬
‫‪ 45‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪.96-94‬‬
‫‪ 46‬محمد يونس‪ G‬بن عبد الستار (‪ 1424‬هـ )‪ ،‬لباس الرسول والصحابة والصحابيات رضي هللا عنهم أجمعين (الطبعة األولى)‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪ :‬مطابع الوحيد‪ ،‬صفحة ‪22‬‬
‫محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪.98-97‬‬

‫‪12‬‬
‫وكان عليه شملتان‪ ،‬وأهدت إليه امرأة شملة‪ ،‬فقبلها منها‪ 47،‬وإذا كانت‬
‫الشملة مُخططة فتُسمى نمرة‪ ،‬وجمعُها ِنمار؛ ألنها تُشبه ال ِنمر في ألوانها‬
‫غالب ًا‪ ،‬وهي األسود واألبيض‪ ،‬ولبسها النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬قبل‬
‫اإلسالم‪ ،‬عندما كان يبني الكعبة مع ُقريش بعد هدمها‪ ،‬وتُعد من اللباس‬
‫‪48‬‬
‫س ُه الفُقراء‪.‬‬
‫المتواضع‪ ،‬والذي يلب ُ‬

‫ال َقبَاء‪ :‬وهي كلم ٌة فارسيّة‪ ،‬وتعني الثوب المفتوح من األمام‪ ،‬يُلبس فوق‬ ‫‪‬‬
‫الثياب‪ ،‬ويُربط ِب ِحزام‪ ،‬وتُلبس فوقها ُجبَّة‪ ،‬وقال الدوزيّ‪ :‬أنها ثوبٌ ‪ ،‬طويل‪،‬‬
‫مقفل من األمام بأزرار‪ ،‬و ُمقور من عند الرقبة‪ ،‬ويكون ضيق األكمام‪ ،‬وعند‬
‫المماليك يُستخدم كالبُرنس أو العباءة عند النساء‪49،‬وسُمي قباء؛ الجتماع‬
‫أطرافه‪ ،‬يُلبس في السفر والحرب؛ لسهولة الحركة فيه‪ ،‬ورأى بعض‬
‫الصحابة النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬البس ًا قباء من الديباج أُهدي إليه‪،‬‬
‫وكان النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬ال يُحب لبسه؛ كونه يُع ُّد من لباس‬
‫المُترفين المُنعَّمين‪ 50،‬وم َّما ورد في لبس النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪-‬‬
‫هللا عليه وسلَّ َم‬ ‫س َم رَ سو ُل اللَّ ِه صَ لَّى ُ‬ ‫للقباء‪ ،‬حديث المسور بن مخرمة‪َ ( :‬ق َ‬
‫َأ ْق ِبيَ ًة‪ ،‬ولَ ْم يُعْ ِط مَخْ رَ َم َة منها شيئًا‪َ ،‬فقا َل مَخْ رَ َم ُة‪ :‬يا بُنَيَّ‪ ،‬ا ْنط َ ِل ْق بنَا إلى‬
‫هللا عليه وسلَّ َم‪َ ،‬فا ْنطَلَقْتُ معهُ‪َ ،‬فقالَ‪ :‬ادْخُ ْل‪َ ،‬فا ْد ُع ُه ِلي‪،‬‬ ‫رَ سو ِل اللَّ ِه صَ لَّى ُ‬
‫قالَ‪َ :‬فدَعَ وْ تُ ُه له‪َ ،‬فخَ رَ َج إلَ ْي ِه وعليه َقبَا ٌء منها‪َ ،‬فقالَ‪ :‬خَ ب َْأ َنا هذا َلكَ ‪ ،‬قالَ‪َ :‬ف َنظَرَ‬
‫ي مَخْ رَ َم ُة)‪.‬‬ ‫إلَ ْي ِه‪َ ،‬فقالَ‪ :‬رَ ِ‬
‫‪51‬‬
‫ض َ‬

‫ال َقميص‪ :‬وهو ثوب مخيط ِب ُكمَّين غير مُفرج‪ ،‬يُلبس تحت الثياب‪ ،‬ويكون من‬ ‫‪‬‬
‫القُطن أو ال ِك تان‪ ،‬أو الصوف‪ ،‬وهو من أحب الثياب إليه‪ ،‬لحديث زوجته أُ ُم‬
‫ِي صلَّى اللَّ ُه علي ِه وسلَّ َم‬ ‫سلمة ‪-‬رضي هللا عنها‪( :-‬كانَ أحبَّ ال ِِّثّ‪C‬يا ِ‬
‫ب إلى النَّب ّ‪ِّ C‬‬

‫‪47‬‬

‫‪ 48‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪.127-125‬‬
‫‪ 49‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،) 2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬صفحة ‪-378‬‬
‫‪،379‬‬
‫‪ 50‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪106-105‬‬
‫‪51‬‬
‫رواه البخاري‪ ،‬في صحيح البخاري‪ ،‬عن المسور بن مخرمة‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،2599 :‬صحيح‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ال َقميصُ )‪ 52،‬ورآه بعض الصحابة وهو يُصلي الجنازة وعليه قميصان‪،‬‬
‫وفي معركة بدر أهدى إليه عمه العباس قميص ًا من عبد هللا بن أُبي‪53،‬وكان‬
‫ُك ّم قميص النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬إلى رُسغه‪.‬‬

‫المُالءة أوال ِم ْلحفة‪ :‬ال ُمالءة بالضم تعني الملحفة‪ ،‬وبالضم والمد تعني اإلزار‬ ‫‪‬‬
‫والريطة‪ ،‬وهي الملحفة التي ال يكون لها شقين‪ ،‬والملحفة هي المالءة إذا‬
‫ُضع لها بطانة‪54،‬وتكون فوق بقية اللباس‪ ،‬وذكرت قليلة بنت‬
‫ُح ِشيت أو و ِ‬
‫مخرمة رؤيتها للنبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬وعليه مالءتين من الزعفران‪،‬‬
‫صعود النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬على المنبر وعليه‬
‫وذكر ابن عباس ُ‬
‫‪55‬‬
‫ملحفة فوق كتفيه‪.‬‬

‫ال ِكساء‪ :‬وهو اس ٌم ِل ُكل ما يُلبس ويصنع من ال ِقماش لتغطية األشياء‪ ،‬وليس‬ ‫‪‬‬
‫مُختص ًا باإلنسان فقط‪ ،‬فقد يكون للكعبة‪ ،‬أو للفرس‪ ،‬أو لإلبل وغيرها‪،‬‬
‫وكغطاء السرير‪ ،‬والمقعد وغيره‪ ،‬وشاهد أنس بن مالك ‪-‬رضي هللا عنه‪-‬‬
‫النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬مُتزر ًا ِبال ِكساء‪ ،‬وصلى ِبال ِكساء‪ ،‬وكان يتقي‬
‫به حر األرض وبردها‪ ،56‬ومن أنواع ال ِكساء ما يُسمى بالعباءة‪ ،‬وتكون من‬
‫الصوف‪ ،‬مفتوحة من األمام‪ ،‬وتُلبس فوق الثياب‪ ،‬وذكر لبس النبي ‪-‬عليه‬
‫هللا صَ لَّى اللَّ ُه‬
‫س ِني رَ سو ُل ِ‬ ‫الصالة والسالم‪ -‬لها حديث يزيد بن شريك‪( :‬فأ ْلبَ َ‬
‫ت عليه يُصَ ِِّل‪ّC‬ي ِفي َها‪َ ،‬فلَ ْم َأزَ ْل نَا ِئمًا حتَّى‬
‫عليه وسلَّ َم ِمن َفضْ ِل عَ بَا َء ٍة َكانَ ْ‬
‫‪57‬‬
‫َأصْ ب َْحتُ ‪َ ،‬فلَمَّا َأصْ ب َْحتُ قالَ‪ُ :‬ق ْم يا نَوْ مَانُ )‬

‫المطلب‪ :‬الثاني ‪ :‬كيفية لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬


‫‪ 52‬رواه األلباني‪ ،‬في صحيح الترمذي‪ ،‬عن أم سلمة أم المؤمنين‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪ ،1762 :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 53‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪112-110‬‬
‫‪ 54‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،) 2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬صفحة ‪452‬‬
‫‪ 55‬محمد بن فارس الجميل (‪ ،) 1994‬اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪-‬‬
‫جامعة الكويت‪ ،‬صفحة ‪122-120‬‬
‫‪ 56‬رجب عبد الجواد إبراهيم (‪ ،) 2002‬المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى)‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار اآلفاق العربية‪ ،‬صفحة ‪425‬‬
‫‪ 57‬واه مسلم‪ ،‬في صحيح مسلم‪ ،‬عن يزيد بن شريك التيمي‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪،1788 :‬‬

‫‪12‬‬
‫يقول المناوي في تعليل حب النبي صلى هللا عليه وسلم القميص‪ :‬كانت نفسه تميل‬
‫إلى لبسه يعني‪ :‬القميص‪ .‬أكثر من غيره من نحو رداء أو إزار؛ ألنه أستر منهما‬
‫وأيسر الحتياجهما إلى حل وعقد بخالفه‪ ،‬فهو أحبها إليه لبسًا‪ ،‬والحبرة أحبها إليه‬
‫ردا ًء ‪ ،‬فال تدافع بين حديثيهما‪ ،‬أو ذاك أحب المخيط‪ ،‬وذا أحب غيره‪ ،‬ويلوح من‬
‫ذلك أن لبسه له أكثر‪ .‬وكان ال يختلج في ذهني خالفه‪ ،‬حتى رأيت الحافظ العراقي‬
‫ي لما مات ما‬ ‫ُ‬
‫قال في حديث إلباس المصطفى صلى هللا عليه وسلم قميصه البن أبَ ّ ٍ‬
‫نصه‪ :‬وفيه لبسه ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬للقميص‪ ،‬وإن كان األغلب من عادته‬
‫وعادة سائر العرب لبس اإلزار والرداء‪ .‬ولم أقف له على سلف في جزمه بهذه‬
‫األغلبية بالنسبة لخصوص المصطفى صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬وفوق كل ذي‬
‫علم عليم‪ ،‬وال يلزم من كون ذلك أغلب للعرب كونه أغلب له؛ ألن أحواله وشؤونه‬
‫كانت منوطة بما يؤمر به‪ ،‬وبما كان دأب آبائه وإخوانه من األنبياء والمرسلين فيما‬
‫لم يوح إليه بشيء‪ ،‬ال بشعار العرب وزيهم‪ ،‬على أن أغلبية لبس اإلزار والرداء ال‬
‫ينافي أغلبية لبس القميص‪ ،‬وال مانع من لبس الثالثة غالبًا معًا‪ ،‬فتدبر‪.58 ‬‬

‫وما كان هذا الحب لذلك النوع من الثياب إال لكونه أستر للعورة‪ ،‬وأكمل في الزينة‪.‬‬
‫وكان هذا القميص من قطن‪ ،‬وكان قصير الطول‪ ،‬قصير الكمَّين‪ ،‬يصل إلى الرسغ‪.‬‬

‫كما لبس صلى هللا عليه وسلم السروال؛ لقول سويد بن قيس‪ :‬جلبت أنا ومخرمة‬
‫العبدي ب ًّزا‪ 59‬من هجر‪ 60،‬فأتانا النبي صلى هللا عليه وسلم فاشترى منا رجل‬
‫‪61‬‬
‫سراويل ووزان يزن باألجر‪ ،‬فقال للوزان‪" :‬زن وأرجح‪.‬‬

‫وقد اختلف العلماء في لبس النبي صلى هللا عليه وسلم السراويل‪ ،‬فجزم بعضهم‬
‫بأنه لم يلبسها‪ ،‬واستأنسوا في رأيهم هذا بما جزم به النووي في كتابه تهذيب‬
‫األسماء واللغات‪ ،‬أثناء ترجمته لسيدنا عثمان بن عفان رضي هللا عنه‪ ،‬بأنه لم‬
‫يلبسها في جاهلية وال إسالم إال يوم قتله؛ خشية أن تنكشف عورته أو تُرى‪ .‬وقد‬
‫ورد حديث سنده ضعيف أن النبي صلى هللا عليه وسلم اشترى سراويل بأربعة‬
‫دراهم‪ ،‬قال أبو هريرة‪ :‬فأردت حملها فمنعني‪ ،‬وقال‪" :‬صاحب الشيء أحق بحمله"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬وإنك لتلبس السراويل؟ قال‪" :‬نعم‪ ،‬بالليل والنهار"‪ .‬وإذا ص َّح‬
‫‪  58‬فيض القدير ‪82 /5‬‬
‫ونحوها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ت من الثيا ِ‬‫‪ 59‬البز‪ :‬الثيابُ أو مَتا ُع البي ِ‬
‫‪ 60‬هجر‪ :‬اسم بلد معروف في البحرين‬
‫‪  61‬رواه أحمد‪ ،‬وأصحاب السنن‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫أن النبي صلى هللا عليه وسلم اشترى السراويل‪ ،‬فهل اشتراؤه إياها ليلبسها هو أم‬
‫لغيره؟ ذكر ابن القيم في زاد المعاد أن الظاهر من شرائه إياها أنه كان ليلبسها‪،‬‬
‫وقد ذهب بعض العلماء إلى ما ارتأه ابن القيم‪ ،‬وخالفه آخرون محتجين بجوابه‬
‫صلى هللا عليه وسلم للرجل المحرم‪ ،‬الذي سأله عما يلبس أثناء اإلحرام‪ ،‬فنهاه عن‬
‫لبس السراويل والعمائم والبرانس والخفاف؛ مما يدل على أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم كان ال يلبسها‪ ،‬كما أن بعض الصحابة كانوا يلبسونها‪ ،‬ونهوا عن لبسها عند‬
‫اإلحرام‪.‬‬

‫وإذا كان قد ثبت في الحديث الصحيح أنه صلى هللا عليه وسلم قد اشتراها قبل‬
‫الهجرة‪ ،‬فإنه لم ينه أحدًا عن لبسها؛ إذ إن بعض أهل المدينة كانوا يلبسونها‪ ،‬إال‬
‫أنه نهى عن لبسها في اإلحرام‪.‬‬

‫جاء في غذاء األلباب‪ :‬اختلف العلماء هل لبس السراويل نبينا محمد صلى هللا عليه‬
‫رُوي عن إبراهيم وموسى عليهما السالم‬
‫وسلم أم ال؟ قال في اآلداب‪ C‬الكبرى‪ :‬قد ِ‬
‫أنهما لبساه ولبسه النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ورُ ِوي عن غير واحد من الصحابة‬
‫ي أنه أمر به‪.‬‬
‫كسلمان‪ ،‬وعن عل ّ ٍ‬
‫وذكر اإلمام الحافظ ابن الجوزي أن النجاشي كتب إلى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ :‬إني قد زوجتك امرأة من قومك وهي على دينك؛ أم حبيبة بنت أبي سفيان‪،‬‬
‫وأهديت لك هدية جامعة؛ قميصً ا وسراويل وعطا ًفا وخفين ساذجين‪ .‬فتوضأ النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ومسح عليهما‪ .‬قال سليمان بن داود أحد رواة الحديث‪ :‬قلت‬
‫‪62‬‬
‫للهيثم بن عدي‪ :‬ما العطاف؟ قال‪ :‬الطيلسان‪ ‬‬

‫كان النبي صلى هللا‪ ‬عليه‪ ‬وسلم يرتدي أحسن الثياب وأعدلها وأجملها‪ ،‬في غير‬
‫مخيلة وال سرف‪ ،‬فلبس البرود اليمانية‪ ‬والقميص‪ ‬وكان أحب الثياب إليه‪ ،‬وكذلك‬
‫الحبرة؛ فعن أم سلمة رضي هللا عنها قالت‪ :‬وكان أحب الثياب إلى رسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم القميص ‪63‬وعن قتادة قال‪ :‬قلنا ألنس بن مالك‪ :‬أي الثياب كان أحب‬
‫‪64‬‬
‫أو أعجب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قال‪ :‬ال ِحبَرة‪. ‬‬

‫‪  62‬كتاب تحفة األحوذي عبد الرحمن المباركفوري ص‪187‬‬


‫‪ 63‬رواه أبو داود والترمذي‪ ،‬وقال األلباني‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪ 64‬رواه مسلم‪ .‬وال ِح َب َرة‪ :‬ثياب من كتان أو قطن محبرة‪ ،‬أي‪ :‬مزينة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وأخرج الترمذي عن سويد بن قيس قال‪ :‬جلبت أنا ومخرمة العبدي ب ًّزا من هجر‪،‬‬
‫فجاءنا النبي صلى هللا عليه وسلم فساومنا بسراويل‪ ،‬وعندي و َّزان يزن باألجر‪،‬‬
‫فقال النبي صلى هللا عليه وسلم للوزان‪ِ " :‬زنْ وأرجح"‪.‬‬

‫وقال أبو هريرة‪ :‬دخلت يو ًما السوق مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فجلس‬
‫إلى البزازين‪ ،‬فاشترى سراويل بأربعة دراهم‪ ..‬الحديث‪ ،‬وفيه‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا‪،‬‬
‫وإنك لتلبس السراويل؟ قال‪" :‬نعم‪ ،‬وبالليل والنهار‪ ،‬وفي السفر والحضر؛ فإني‬
‫‪65‬‬
‫أُمرت بالتستر‪ ،‬فلم أجد شيئًا أستر منه ‪.‬‬

‫قال صاحب غذاء األلباب‪ :‬قال في الهدي‪ :‬اشترى صلى هللا عليه وسلم السراويل‪،‬‬
‫والظاهر إنما اشتراه ليلبسه‪.‬‬

‫ثم قال‪ :‬ورُ ِوي في حديث أنه لبس السراويل‪ ،‬وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وميل اإلمام المحقق في الهدي إلى أنه صلى هللا عليه وسلم لبسها‪ ،‬وكذا‬
‫الحافظ ابن حجر في الفتح‪ ،‬وقال جماعة من العلماء‪ :‬لم يلبسها عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬وال يلزم من شرائه لها لبسها‪ .‬وقاله المناوي في شرح الجامع الصغير‪،‬‬
‫‪66‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫ولبس النبي صلى هللا عليه وسلم أيضً ا الرداء‪ ‬واإلزار‪ ‬لقول أبي بردة‪ :‬أخرجت‬
‫إلينا عائشة رضي هللا عنها كسا ًء وإزارً ا غليظًا‪ ،‬فقالت‪ :‬قبض روح رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم في هذين‪ 67.‬وورد في لفظ مسلم عن أبي بردة‪ :‬دخلت على‬
‫عائشة‪ ،‬فأخرجت إلينا إزارً ا غليظًا مما يصنع باليمن‪ ،‬وكساء من التي يسمونها‬
‫الملبدة‪ .‬قال‪ :‬فأقسمت‪ C‬باهلل إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ُقبض في هذين‬
‫الثوبين‪.‬‬

‫كما لبس النبي صلى هللا عليه وسلم الجبة‪ ‬والقباء‪،‬ولبس العمامة‪ ،‬وأرخى‬
‫الذؤابة‪،‬ولبس النعل والخف‪،‬فقد كان له خفان أسودان غير منقوشين قد أهداهما إليه‬

‫رواه الطبراني في المعجم األوسط‪ .‬ص‪255‬‬ ‫‪65‬‬

‫غذاء األلباب شرح منظومة اآلداب ‪201 /1‬‬ ‫‪66‬‬

‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪12‬‬
‫النجاشي‪ ،‬فقد‪ُ C‬ر ِوي عن ابن بريدة عن أبيه أن النجاشي أهدى للنبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم خفين أسودين ساذجين‪ ،‬فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما‪ 68.‬ولبس‬
‫الخميصة‪  ‬المعلمة والساذجة‪ ،‬فعن عروة عن عائشة‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫صلَّى في خميصة لها أعالم‪ ،‬وقال‪" :‬شغلتني أعالم هذه‪ ،‬فاذهبوا‪ C‬بها إلى أبي جهم‬
‫وائتوني بأنبجانية"‪ 69.‬ولبس ثوبًا أسود‪ ،‬ولبس الفروة المكفوفة بالسندس‪ .‬ولبس‬
‫ال ِمرْ ط‪ ،‬وهو كساء من خ ٍّز أو صوف أو كتان‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الثوب األخضر‪ .‬وقيل‪ :‬هو‬
‫كساء يؤتزر به‪ .‬وقيل‪ :‬كساء صوف ومربع سداه شعر‪ ،‬فعن عائشة قالت‪ :‬خرج‬
‫إلينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحلمن شعر‬
‫أسود‪.70 ‬‬

‫كما لبس أيضً ا حلة حمراء‪ ،‬فعن البراء رضي هللا عنه قال‪ :‬كان رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم مربوعً ا‪ ،‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬له شعر بلغ شحمة أذنيه‪ C،‬رأيته في‬
‫حلة حمراء لم أرَ شيئًا قط أحسن منه‪ 71.‬وفي رواية‪ :‬ما رأيت أجمل من رسول هللا‬
‫مترجالً في حلة حمراء‪ 72.‬وفي رواية ألبي داود عن أبي‬
‫ِّ‬ ‫صلى هللا عليه وسلم‬
‫جحيفة قال‪ :‬أتيت النبي صلى هللا عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم‪،‬‬
‫فخرج بالل فأذن‪ ،‬فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا‪ .‬قال‪ :‬ثم خرج رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم وعليه حلة حمراء برود يمانية قطري‪.‬‬

‫والحلة ال تطلق إال اسمًا للثوبين معًا؛ اإلزار والرداء‪ ،‬وقد كانت هذه الحلة الحمراء‬
‫‪ -‬كما يقول ابن القيم عبارة عن‪ :‬بردين يمانيين‪ ،‬منسوجين بخطوط حمر مع األسود‬
‫كسائر البرود اليمنية‪ ،‬وهي معروفة بهذا االسم باعتبار ما فيها من الخطوط‬
‫الحمر‪.73 ‬‬

‫ولبس صلى هللا عليه وسلم ثوبين مصبوغين بالزعفران‪ ،‬كما يتبين من رواية‬
‫الحاكم عن إسماعيل بن عبد هللا بن جعفر‪ ،‬عن أبيه رضي هللا عنه قال‪ :‬رأيت‬

‫رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي‪ ،‬وقال األلباني‪ :‬حسن‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪ 69‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪ 70‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ 71‬متفق عليه‬
‫‪ 72‬رواه ابن ماجه‪ ،‬وقال األلباني‪ :‬صحيح‬
‫‪ 73‬زاد المعاد‪.130 /1 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران؛ رداء‬
‫وعمامة‪.74 ‬‬

‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬كان صلى هللا عليه وسلم يلبس القميص والعمامة‪،‬‬
‫ويلبس اإلزار والرداء‪ ،‬ويلبس الجبة والفروج أو الفرجية‪ ،‬وكان يلبس من القطن‬
‫والصوف وغير ذلك‪ ،‬لبس في السفر جبة صوف‪ ،‬وكان يلبس مما يجلب من اليمن‬
‫وغيرها‪ ،‬وغالب ذلك مصنوع من القطن‪ ،‬وكانوا يلبسون من قباطي مصر‪ ،‬وهي‬
‫منسوجة من الكتان‪ .‬فسنته في ذلك تقتضي أن يلبس الرجل ويطعم مما يسره هللا‬
‫‪75‬‬
‫ببلده من الطعام واللباس؛ وهذا يتنوع بتنوع األمصار‪. ‬‬

‫ولم يكن له‪ ‬صلى هللا عليه وسلم‪ ‬ثياب خاصة أو أنواع معينة من الثياب‪ ،‬بل‬
‫إنه‪ ‬صلى هللا عليه وسلم‪ ‬لبس أنواعً ا متعددة وكثيرة من الثياب‪ ،‬من الكتان تارة‪،‬‬
‫ومن الصوف تارة‪ ،‬ومن القطن تارة‪ ،‬فيلبس ما يجده أمامه‪ ،‬وما تيسر له‪ .‬وإذا أتاه‬
‫وفد‪ ،‬ارتدى له أحسن الثياب وأجمل الحلل‪ ،‬وأمر أصحابه‪ C‬أن يقتدوا‪ C‬به‪ ،‬فعن‬
‫أبي‪  ‬سعيد الخدري‪ :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا استجد ثوبًا سماه‬
‫باسمه ‪ -‬عمامة أو قميصً ا أو ردا ًء ‪ -‬ثم يقول‪" :‬اللهم لك الحمد كما كسوتنيه‪ ،‬أسألك‬
‫خير ما صنع له‪ ،‬وأعوذ من شره وشر ما صنع له"‪.76 ‬‬

‫يقول ابن القيم في زاد المعاد في صفة قميصه صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وكان كمه إلى‬
‫الرسغ‪ ،‬ولبس الجبة والفروج وهو شبه القباء والفرجية‪ ،‬ولبس القباء أيضً ا‪ ،‬ولبس‬
‫في السفر جبة ضيقة الكمين‪ ،‬ولبس اإلزار والرداء‪ .‬قال الواقدي‪ :‬كان رداؤه وبرده‬
‫طول ستة أذرع في ثالثة وشبر‪ ،‬وإزاره من نسج عمان‪ ،‬طول أربعة أذرع وشبر‬
‫في عرض ذراعين وشبر‪.‬‬

‫وكان صلى هللا عليه وسلم يحب من الثياب ما كان لونه أبيض‪ ،‬وقال في ذلك‪:‬‬
‫"البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم‪ ،‬وكفنوا فيها موتاكم"‪ 77.‬وعلة ذلك‬
‫أن هذا اللون من أحسن األلوان وأفضلها؛ ألنه أمارة الصفاء‪ ،‬ودليل النقاء‪ ،‬كما أنه‬
‫‪ 74‬رواه الحاكم في المستدرك‪.‬‬
‫‪  75‬مجموع الفتاوى‪.311 /22 ،‬‬
‫‪ 76‬رواه الترمذي في الشمائل‪ ،‬وأبو داود‪.‬‬
‫رواه أبو داود والترمذي‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪12‬‬
‫مبهج للنفس‪ ،‬وأجلى للبصر‪ ،‬كما أنه كان لباس المالئكة المقاتلين مع المسلمين يوم‬
‫أحد‪.‬‬

‫ولم يتسخ لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثوب‪ ،‬فلم يكن الوسخ يصيب ثوبه؛ من‬
‫تراب أو غبار أو عرق أو رائحة كريهة‪ ،‬فكيف يتسخ ثوب اشتمل على أطهر بدن‬
‫وأشرف جسد؟! كما أن الذباب‪ C‬لم يكن يمس ثيابه أو يقع عليها‪.‬‬

‫المطلب‪ :‬الثالث ‪:‬الوان ثيابه الرسول صلى هللا عليه وسلم وحكمه فيها‬

‫لبس النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬من الثياب األخضر‪ ،‬واألسود‪ ،‬وما كان مُخطَّط ًا‬
‫باألبيض واألسود‪ ،‬واألصفر ما لم ي ُكن مُعصفر ًا أو مُزعفر ًا‪ ،‬واألبيض‪ ،‬وكان من‬
‫َياض‬
‫يحث الصحابة الكرام على لبسه‪ ،‬بقوله‪( :‬عليكم بالب ِ‬ ‫ُّ‬ ‫أحب األلوان إليه‪ ،‬وكان‬
‫ب ‪ ،‬ف ْلي ْلبَسْ ها أحيا ُؤك ْم ‪ ،‬وك ِّّ‪ِC‬فنُوا فيها مَوتا ُك ْم ‪ ،‬فإنَّها خيرُ ِث ِ‬
‫يابك ْم)‪ 78C،‬فيكون‬ ‫من ال ِِّث‪ّC‬يا ِ‬
‫لبس األبيض من السُنة‪ ،‬ولبس غيره من األلوان من باب المُباحات‪ C،‬واختلفوا في‬
‫لبس اللون األحمر‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬بالكراهة‪ ،‬وأباحه البعض اآلخر‪ ،‬للحديث‪َ ( :‬فخَ رَ َج‬
‫ي صَ لَّى اللَّ ُه عليه وسلَّ َم عليه ُحلَّ ٌة َحمْ رَ اءُ)‪ 79،‬ونهى عن لبس المُزعفر‬
‫النب ُّ‬
‫‪80‬‬
‫والمُعصفر وهو الذي استُخ ِدم العصفر أو الزعفران بصبغه‪.‬‬

‫ولبس حلة حمراء‪ ،‬والحلة إزار ورداء‪ ،‬وال تكون الحلة إال اسما للثوبين معا‪،‬‬
‫وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتا ال يخالطها غيره‪ ،‬وإنما الحلة الحمراء‪ :‬بردان‬
‫يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع األسود‪ ،‬كسائر البرود اليمنية‪ ،‬وهي معروفة‬
‫بهذا االسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر‪ ،‬وإال فاألحمر البحت منهي عنه أشد‬
‫النهي ففي "صحيح البخاري " أن النبي صلى هللا عليه وسلم ( «نهى عن المياثر‬
‫الحمر» ) وفي "سنن أبي داود " عن عبد هللا بن عمرو أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم رأى عليه ريطة مضرجة بالعصفر فقال‪« ( :‬ما هذه الريطة التي عليك؟‬
‫فعرفت ما كره‪ ،‬فأتيت‪ C‬أهلي وهم يسجرون تنورا لهم فقذفتها فيه‪ ،‬ثم أتيته من الغد‬

‫رواه األلباني‪ ،‬في صحيح الجامع‪ ،‬عن سمرة بن جندب‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪4062 :‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ 79‬رواه مسلم‪ ،‬في صحيح مسلم‪ ،‬عن وهب بن عبدهللا السوائي‪ G‬أبو جحيفة‪ ،‬الصفحة أو الرقم‪:‬‬
‫‪،503‬‬
‫‪ 80‬محمد صالح المنجد (‪ 29‬ذو القعدة ‪ )1(" ،)1399‬آداب اللباس"‬

‫‪12‬‬
‫فقال‪ " :‬يا عبد هللا ما فعلت الريطة؟ " فأخبرته‪ ،‬فقال‪ :‬هال كسوتها بعض أهلك‬
‫فإنه ال بأس بها للنساء» )‬

‫وفي "صحيح مسلم " عنه أيضا‪ ،‬قال «رأى النبي صلى هللا عليه وسلم علي ثوبين‬
‫معصفرين‪ .‬فقال‪( :‬إن هذه من لباس الكفار فال تلبسها» ) وفي "صحيحه" أيضا عن‬
‫علي رضي هللا عنه قال‪« ( :‬نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن لباس المعصفر»‬
‫) ‪ .‬ومعلوم أن ذلك إنما يصبغ صبغا أحمر‪.‬‬

‫وفي بعض السنن «أنهم كانوا مع النبي صلى هللا عليه وسلم في سفر فرأى على‬
‫رواحيلهم أكسية فيها خطوط حمراء فقال‪ " :‬أال أرى هذه الحمرة قد علتكم فقمنا‬
‫سراعا لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى نفر بعض إبلنا‪ ،‬فأخذنا األكسية‬
‫فنزعناها عنها» ‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬

‫وفي جواز لبس األحمر من الثياب والجوخ وغيرها نظر‪ .‬وأما كراهته‪ ،‬فشديدة‬
‫جدا‪ ،‬فكيف يظن بالنبي صلى هللا عليه وسلم أنه لبس األحمر القاني‪ ،‬كال لقد أعاذه‬
‫هللا منه‪ ،‬وإنما وقعت الشبهة من لفظ الحلة الحمراء‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ولبس الخميصة المعلمة والساذجة‪ ،‬ولبس ثوبا أسود‪ ،‬ولبس الفروة المكفوفة‬
‫بالسندس‪.‬‬

‫وروى اإلمام أحمد‪ ،‬وأبو داود بإسنادهما عن أنس بن مالك «أن ملك الروم أهدى‪C‬‬
‫للنبي صلى هللا عليه وسلم مستقة من سندس‪ ،‬فلبسها‪ ،‬فكأني أنظر إلى يديه‬
‫تذبذبان» ‪ .‬قال األصمعي‪ :‬المساتق‪ :‬فراء طوال األكمام‪ .‬قال الخطابي‪ :‬يشبه أن‬
‫‪81‬‬
‫تكون هذه المستقة مكففة بالسندس‪ ،‬ألن نفس الفروة ال تكون سندسا‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬لباس الصحابة رضي هللا عنهم‬

‫ال شك أن ما لبسه رسول هللا صلى هللا عليه و سلم من الثياب ‪ ،‬قد لبسها أصحابه‬
‫رضي هللا عنهم اتباعا‪ C‬له صلى هللا عليه و سلم و كيف ال وقد كانوا اشد اتباعا له‬
‫صلى هللا عليه و سلم في شؤون الحياة كلها ‪ ،‬فلذلك جعل هللا ايمان أصحاب‪ C‬النبي‬
‫صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬مثال و ميزانا لألخرين الى يوم الدين‬

‫‪ 81‬زاد المعاد في هدي خير العباد البن قيم الجوزية (المتوفى‪751 :‬هـ) الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ‪ -‬مكتبة‬
‫المنار اإلسالمية‪ ،‬الكويت الطبعة‪ :‬السابعة والعشرون ‪1415 ,‬هـ ‪1994/‬م ص ‪131‬‬

‫‪12‬‬
‫قال القرطبي‪(:‬الخطاب لمحمد صلى هللا عليه و سلم و أمته ‪ ،‬والمعنى ‪ :‬فإن آمنوا‬
‫‪82‬‬
‫مثل ايمانكم ‪ ،‬و صدقوا مثل تصديقكم‪ C‬فقد اهتدوا)‪.‬‬

‫هذا و نذكر بعض األحاديث المتعلقة بلباس اصحاب الرسول صلى هللا عليه و‬
‫سلم‪:‬‬

‫فعن عبد هللا بن بريدة ان اباه رضي هللا عنه حدثه قال ‪ :‬رأيت رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم يخطب فاقبل حسن و حسين عليهما قميصان احمران يعثران و‬
‫يقومان ‪،‬فنزل النبي صلى هللا عليه و سلم فأخدهما فوضعهما في حجره فقال ‪:‬‬
‫‪83‬‬
‫(انما اموالكم و أوالدكم‪ C‬فتنة ) رأيت هذين فلم أصبر ) ثم اخد في خطبته )‬

‫وعن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال ‪ :‬كساني النبي صلى هللا عليه و سام‬
‫‪85‬‬
‫حلة سيراء‪ 84‬فخرجت فيها فرأيت العضب في وجهه فشققتها بين نسائي‬

‫و عن عكرمة أنه رأى ابن عباس رضي هللا عنهم يأتزر فيضع حاشية إزاره من‬
‫مقدمة على ظهر قدميه ‪ ،‬و يرفع من مؤخره ‪ ،‬قلت لم تأتزر هذه اإلزرة ؟ قال ‪:‬‬
‫‪86‬‬
‫رأيت رسول هللا صلى هللا و عليه و سلم يتأزرها )‬

‫وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال ‪" :‬لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما‬
‫منهم رجل عليه رداء إما ازار و إما كساء قد ربطوا في أعناقهم ‪ ،‬فمنها ما يبلغ‬
‫نصف الساقين ‪ ،‬ومنها ما يبلغ الكعبين ‪ ،‬فيجمعه بيده كراهية أن ترى‬
‫‪87‬‬
‫عورته ) ‪.‬‬

‫‪ 82‬القرطبي في تفسيره ‪96/1 :‬‬


‫‪ 83‬ابن ماجة لباس باب االحمر للرجل ح ‪3200‬‬
‫‪ 84‬سيراء ثياب فيها خطوط من الخرير و القز‬
‫‪ 85‬مسلم ج الباس ح ‪19‬‬
‫‪ 86‬ابو داود ‪-‬لباس رقم ‪3573‬‬
‫‪ 87‬بخاري الصالة رقم ‪423‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬لباس النساء في عصر النبوة‬
‫صحابيّات‬
‫المبحث األول ‪ :‬لباس ال َّ‬

‫صت عليه اآلية‬ ‫صحابيّات رضوان هللا عليهنّ جميعًا كان تطبيق ًا لما ن ّ‬ ‫لباس ال َّ‬
‫ي ُقلْ ألزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين‬ ‫الكريمة قال تعالى‪( ":‬يا أيها النّب ّ‬
‫‪88‬‬
‫عليهنّ من جالبيبهنّ ذلك أدنى أنْ يُعرفنّ فال يؤذين وكان هللا غفورً ا رحيمًا")‬
‫فدّلت هذه اآلية دالل ًة قاطع ًة على أنّ لباس الصّ حابيّات الذي أُمرنّ به والتزمنّ به له‬
‫صفات‪ ،‬وهو أنْ يكون عريضً ا واسعًا‪ ،‬طوياًل يُغطّي القدمَين‪ ،‬ال يشفّ وال‬
‫ٍ‬ ‫عدّة‬
‫ملفت لألنظار‪ ،‬مع تجنّب‬
‫ٍ‬ ‫لون‬
‫يصف ما تحته من المالبس أو الجسد‪ ،‬وال يكون ذا ٍ‬
‫الِزينة على ال ِِّل‪ّC‬باس التي تلفت النَّظر إلى ما ترتديه المرأة‪.‬‬
‫وضع ِّّ‪C‬‬

‫كما كان يمتاز لباسهنّ رضي هللا عنهنّ بأنّه منسد ٌل على منطقة النَّحر‪ -‬الصَّدر‪-‬‬
‫وال َّذقن‪ ،‬كما أنّه لباسٌ مخصّصٌ للنساء في ألوانه وتفصيله بعيدًا عن ألوان ثياب‬
‫الِرجال وتفصيالتهم‪.‬‬
‫ِّّ‪C‬‬

‫ضل للمرأة المسلمة ارتداء ال ِِّل‪ّC‬باس ذي اللّون األسود‪ ،‬تفضيالً وليس شرطًا‬
‫يُف ّ‬
‫مُلزمًا‪ ،‬فهو ال يصفُ ما تحته وال يُلفت أنظار ال ِّّ‪ِC‬رجال لها‪.‬‬

‫ضمن لباس الصَّ حابيّات‪ C‬ال ِخمار‪ ،‬وهو ما تضعه المرأة فوق رأسها لتغطية‬
‫ومن ِ‬
‫ك‪ ،‬أمّا‬ ‫رأسها ورقبتها‪ ،‬ويكون منسداًل حتى وسطها‪ ،‬وفضفاضً ا من ُق ٍ‬
‫ماش سمي ٍ‬
‫بالنسبة إلى تغطية الوجه ففيه جد ٌل كبيرٌ ‪ ،‬فهناك من العلماء من أوجبه‪ ،‬وفري ٌق آخر‬
‫أق ّر باستحبابه‪ .‬وذلك الحال بالنسبة الرتداء ال ِِّنّ‪C‬قاب‪ -‬وهو تغطية الوجه مع ترك ش ٍّّ‪ٍC‬ق‬
‫فيه للعينيّن‪ -‬فمن العلماء من أوجبه‪ ،‬ومنهم من قال هو مستحبٌّ ‪ ،‬ومنهم من قال إنّ‬
‫للمرأة ترك ال ِِّنّ‪C‬قاب‪ C‬في حال أمنت على نفسها من الفتنة وال ّ‬
‫ضرر من ال ِّّ‪ِC‬رجال‬
‫المحيطين بها‪.‬‬

‫‪ 88‬سورة األحزاب اآلية ‪33‬‬

‫‪12‬‬
‫وقد ذ َك ر شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬أن النساء في عهد النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم كنَّ يلبسْ نَ القمُص الالتي َت ِ‬
‫صل إلى الكعبين في القدمين‪ ،‬وإلى الكفَّين‬
‫في اليدَين‪.89‬‬

‫‪ ‬‬

‫ِمن هذا المُنطَلق قال ابن قدامة ‪ -‬رحمه هللا ‪ :-‬قال األثرم‪ :‬سألتُ أبا عبدهللا عن‬
‫رجل يَنظُر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه؟ فقال‪ :‬هذا القرآن‪ ﴿ :‬وَ اَل يُ ْب ِدينَ‬
‫ِزينَتَ ُهنَّ ‪ ﴾ ‬إال لكذا وكذا‪ ،‬قلت‪ :‬فينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬ما‬
‫‪90‬‬
‫يُع ِجبني‪ ،‬ثم قال‪ :‬أنا أكرَ ُه أن يَنظُر من أمه وأخته إلى مثل هذا‪.‬‬

‫وقال ابن حزم ‪ -‬رحمه هللا ‪ :-‬صحَّ عن إبراهيم أال ينظر ِمن ذات المحرَ م إال إلى‬
‫ما فوق الصدر‪ ،‬وكره الساقين‪.‬‬

‫اح َأنْ‬ ‫احا َفلَيْسَ عَ لَي ِْهنَّ ُجنَ ٌ‬ ‫اع ُد ِمنَ ال ِنّسَا ِء الاَّل ِتي اَل يَرْ ُجونَ ِن َك ً‬ ‫‪ ‬قال تعالى‪ ﴿ :‬وَ ا ْل َقوَ ِ‬
‫س ِمي ٌع عَ ِلي ٌم‪﴾ ‬‬ ‫ات ِب ِزينَ ٍة وَ َأنْ يَسْ تَ ْع ِف ْفنَ خَ ْي ٌر َل ُهنَّ وَ اللَّ ُه َ‬
‫يَضَ عْ نَ ِثيَابَ ُهنَّ َغيْرَ ُمتَب َِرّ َج ٍ‬
‫[النور‪ ،]60 :‬وقال تعالى‪َ  ﴿ :‬فاَل تَخْ ضَ ْعنَ ِبا ْل َقوْ ِل َفيَطْمَعَ الَّ ِذي ِفي َق ْل ِب ِه مَرَ ضٌ ‪﴾ ‬‬
‫[األحزاب‪ ،]32 :‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬وَ اَل يَضْ ِربْنَ ِب َأرْ ُج ِل ِهنَّ ِليُ ْع َل َم مَا يُخْ ِفينَ ِمنْ ِزي َن ِت ِهنَّ ‪﴾ ‬‬
‫[النور‪...]31 :‬إلى غير ذلك من اآليات‪.C‬‬

‫وجه الداللة من اآليات‪:‬‬

‫إن المتأ ِّمل لهذه اآليات‪ C‬بعيدًا عن المؤ ِثّرات الخارجية يجد مقاصد‪ C‬كلية جامعة‪،‬‬
‫ويقف على حصانة منيعة و ِحراسة محكمة لحدود العالقة بين الجنسَين‪ ،‬ال يتصور‬
‫ُبرز أعضاءها‪ C‬الساحرة الجميلة‪،‬‬‫معها إطال ًقا‪ C‬السماح لشابَّة حسناء وضيئة أن ت ِ‬
‫وتتمشَّى بين محارمها ونسائها كاشفة ما فوق سُرتها وتحت ركبتها أيعقل هذا يا‬
‫عباد هللا! في شريعة جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد؟!‬

‫قال تعالى‪َ  ﴿ :‬ذ ِلكَ َأ ْدنَى َأنْ يُعْ رَ ْفنَ َفاَل ي ُْؤ َذيْنَ ‪[ ﴾ ‬األحزاب‪ ،]59 :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫َ‬
‫﴿‪ ‬يَا بَ ِني آ َد َ‪C‬م َق ْد أ ْنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ‬
‫اري سَوْ آ ِت ُك ْم‪﴾ ‬‬
‫‪91‬‬

‫‪ 89‬ابن عثيمين‪ :‬فتاوى‪ C‬أركان اإلسالم (ص‪.)294 :‬‬


‫‪  90‬ابن حزم‪ :‬المحلى‪.32 :10‬‬
‫‪ 91‬سورة األعراف اآلية ‪26‬‬

‫‪12‬‬
‫وجه الداللة من اآليتين‪:‬‬

‫إن هللا ‪ -‬جل وعال ‪ -‬جعل كون نساء المؤمنين يُعر ْفنَ ‪ ‬باللباس‪ ‬الفارق أمرً ا‬
‫مقصودًا‪ ،‬ف ِلباس المرأة‪ ‬يُقصَ د منه ما يلي‪:‬‬

‫•‪ ‬االس ِتتار واالح ِتشام‪.‬‬

‫•‪ ‬إظهار‪ ‬الفرْ ق‪ ‬بين ال ِنّساء والرجال‪.‬‬

‫•‪ ‬إظهار ال َفرْ ق بين المُس ِلمات والكافرات‪.C‬‬

‫•‪ ‬إظهار ال َفرق بين العفيفات والعا ِهرات‪.‬‬

‫إذا تقرَّ ر هذا فالمالبس النسائية القصيرة والشفافة والضيقة تَخلو ِمن روح هذه‬
‫المقاصد‪ C‬الشرعية‪.‬‬

‫قال تعالى‪ ﴿ :‬وَ اَل تَبَ َّر ْجنَ تَبَرُّ َج ا ْل َجا ِه ِليَّ ِة اأْل ُولَى‪[ ﴾ ‬األحزاب‪.]33:‬‬ ‫‪‬‬

‫وجه الداللة من اآلية‪:‬‬


‫ْ‬

‫إن هللا ‪ -‬جل وعال ‪ -‬نهى نساءنا عن تبرُّ ج الجاهلية األولى‪ ،‬فدلت اآلية بمنطوقها‬
‫سنَ القصير أو الشفاف أو الض ِيّق؛ ألن المرأة‬ ‫على أنه يَحرُ م على المؤمنات أن يلب ْ‬
‫فيها متب ِّرجة شرعً ا وعر ًفا ولغ ًة‪ ،‬واآلية عامة لم تُف ِّرق بين أن يكون التب ُّرج عند‬
‫قريب أو بعيد‪ ،‬فمَن ح َمل اآلية على البعيد دون القريب فقد تأولها على غير تأويلها‪،‬‬
‫والتخصيص يَحتاج إلى دليل ممَّن جاءنا باإلسالم واإليمان واإلحسان‪ ،‬وال دلي َل‬
‫هنا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫هذا‪ ،‬وال ريب في تحريم مُشابهة الجاهليات في هيئتهنَّ وهديهن وز ِيّهن‪ ،‬وهذه‬
‫الثياب المَحظورة سمة لهنَّ ؛ فعن ابن عمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫‪92‬‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬مَن تشبَّه بقوم فهو ِمنهم))‪.‬‬
‫‪ 92‬حسن؛ للكالم في عبدالرحمن بن ثابت‪ ،‬وله شواهد؛ انظر‪ :‬نصب الراية (‪ )347 - 346 :4‬وطريق آخر‬
‫جميعها ال تخلو من مقال‪ ،‬وقد أخرج الحديث أحمد (‪ )50 :2‬وأبو داود (‪ )4031‬وابن أبي شيبة (المصنف‪:‬‬
‫‪ )575: 4‬والبيهقي (الشعب‪ )75 :2 :‬والطحاوي (مشكل‪ )88 :1 :‬وغيرهم‪ ،‬قال ابن تيمية‪( G‬االقتضاء‪:1 :‬‬
‫‪ :)241 - 240‬هذا إسناد جيد‪ ،‬وقد احت َّج اإلمام أحمد وغيره بهذا الحديث اهـ‪ ،‬وصحح إسناده العراقي؛ تخريج‬
‫اإلحياء‪ ،)797( :‬وانظر‪ ،)3639( :‬وصحَّ حه ابن حبان (بلوغ‪ ،)1499 :‬وابن حجر (الفتح‪،)274 :10 :‬‬

‫‪12‬‬
‫وقال علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪" :-‬مَن تزيَّا بز ِّ‬
‫ي قوم فهو منهم"‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عن عبدهللا بن مسعود رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫‪93‬‬
‫خرجت استَ ْ‬
‫شرَ فها الشيطان))‪.‬‬ ‫َ‬ ‫((المرأة عَ ورة‪ ،‬فإذا‪C‬‬

‫وعن ابن عمر رضي هللا عنهما عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫‪94‬‬
‫((المرأة عَ ورة))‪.‬‬

‫وجه الدَّاللة من الحديث‪:‬‬


‫ْ‬

‫إنه على وجازته صريح في كون المرأة عورة‪ ،‬هذا قول مَن أُعطي جوامع ال َك ِلم‪،‬‬
‫فال يَ ِح ُّل لنا أن نر َّد على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قوله ونقول‪ :‬إن ما فوق‬
‫السرة وتحت الركبة ليس بعورة‪ ،‬إال أن يكون معَنا منه دليل يص ُّح االح ِتجاج به‪،‬‬
‫وال دليل هنا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وقد أخرج سعيد بن منصور والبَيهقي في سننه وابن المُن ِذر عن عمر بن الخطاب‬
‫رضي هللا عنه أنه ك َتب إلى أبي عبيدة أما بعد؛ فإنه بل َغني أن نساء المسلمين‬
‫يَدخ ْلنَ الحمَّامات مع نساء أهل الشرك‪ ،‬فإنه ال يح ُّل المرأة تؤمن باهلل واليوم اآلخر‬
‫أن يَنظُر إلى عورتها إال أهل ملَّتها‪ ،95‬فس َّمى بدن المرأة عورة؛ ألن ما بين السرة‬
‫والرُّ كبة ال يَ ِح ُّل ألحد غير الزوج أن ينظر إليه‪.‬‬

‫والبهوتي (الروض‪ :‬ص ‪ ،)145‬واأللباني (اإلرواء‪ ،)2384 :‬وح َّسنه السيوطي في الجامع الصغير (الفيض‪:‬‬
‫‪ ،)104 :6‬وقال الذهبي (السير‪ :)509 :15 :‬إسناده صالح‪ ،‬وقال الهيثمي (مجمع‪ :)267 :5 :‬رواه الطبراني‪،‬‬
‫وقال (مجمع‪ :)49 :6 :‬رواه أحمد‪ ،‬وفيه عبدالرحمن بن ثابت‪َّ ،‬‬
‫وثقه ابن المديني وغيره‪ ،‬وضعَّفه أحمد وغيره‪،‬‬
‫وبقية رجاله ثقات اهـ‪ ،‬وذكر المناوي في الفيض َمن ض َّعفه‪ ،‬وحسن إسناده في (التيسير‪ )410 :2 :‬من حديث‬
‫حذيفة‪ ،‬وقال ابن حجر (الفتح ‪ :)98 :6‬وله شاهد مُر َسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة‪ ،‬وقال الصنعاني في‬
‫خرجه عن الضعف‪.‬‬ ‫سبل السالم‪ :‬له شواهد ُت ِ‬
‫‪ 93‬صحيح‪ :‬الترمذي (‪ )1173‬وغيره‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح غريب‪ ،‬وصحَّ حه ابن خزيمة وابن حبان‪،‬‬
‫وقال ابن قدامة (المغني‪ :)491 :9 :‬حديث حسن‪ ،‬وقال ابن رجب (فتح الباري‪ :)52 :8 :‬إسناده كلهم ثقات‪،‬‬
‫قال الدارقطني (العلل‪ :)315 - 314 :5 :‬ر ْفعُه صحيح من حديث قتادة‪ ،‬وقال الهيثمي (مجمع‪ :)2116 :‬رواه‬
‫الطبراني في الكبير‪ ،‬ورجاله َّ‬
‫موثقون‬
‫‪ 94‬قال الهيثمي "مجمع الزوائد" (‪ :)7671‬رواه الطبراني في األوسط‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح‬
‫‪95‬‬
‫السيوطي‪ :‬الدر المنثور (‪.)183 :6‬‬

‫‪12‬‬
‫وعن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال‪ :‬ك ُّل شيء ِمن المرأة عورة‬
‫حتى ظفرها‪ ،96‬وروي ِمث ُل ذلك عن اإلمام أحمد‪ ،97‬وهو قول مالك‪.‬‬

‫خرجت ِمن‬
‫َ‬ ‫وقال اإلمام أحمد ‪ -‬على ما ن َقله أبو طالب ‪" :-‬ظُفر المرأة عورة‪ ،‬فإذا‬
‫ي أن تجعل‬ ‫بي ِتها فال ت ُِبن منها شيئًا وال خفَّها‪ ،‬فإن الخفَّ ي ِ‬
‫َصف القدَم‪ C،‬وأحبُّ إل َّ‬
‫زرا عند ي ِدها‪ ،‬حتى ال يَبين منها شيء"‪.‬‬ ‫لك ِّمها ًّ‬

‫فثبَت بهذا الحديث وما في معناه‪ :‬أن األصل في المرأة أن كل شيء منها عورة‪،‬‬
‫فال يح ُّل إخراج شيء ِمن هذا العموم حتى يقوم دليل صَ حيح صريح على إخراجه‪،‬‬
‫ف َمن قال‪ :‬إن ما فوق السرَّ ة وتحت الركبة ليس بعورة عند النساء والمَحارم‪ ،‬قيل له‪:‬‬
‫أين الدليل على ذلك؟ وال دلي َل هنا‪.‬‬

‫وثمَّة ِمن ِجهة النظر على طريقة الفقهاء ما يؤيد أن ما ال يظ َهر غالبًا عورة‪ ،‬وهو‬
‫أنه ال يلزم المرأة كشفُه في اإلحرام‪ ،‬وال يَجوز لها إظهاره في الصالة‪ ،‬وال يش ُّق‬
‫ست ُره‪ ،‬وال تدعو الحاجة إلى ترك تغطي ِته‪ ،‬ويُوارى عادة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫عن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫((عَ ورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل‪ ،‬وعورة المرأة على‬
‫‪98‬‬
‫المرأة كعَورة المرأة على الرجل))‪.‬‬

‫وجه الداللة من الحديث‪:‬‬


‫ْ‬

‫وجوب تَستُّر المرأة مع المرأة‪ ،‬وأنه ال يَجوز لها أن تتهاوَ ن فتَتكشَّف ب ُح َّجة أنها‬
‫الحديث على أن المرأة يجب عليها أن تستُرَ عند المرأة ما‬ ‫ُ‬ ‫عند امرأة‪ ،‬وقد د َّل‬
‫يُغطَّى عادة في بيتها؛ ألن المرأة ال يَجوز لها أن تتعرَّ ى عند محرمها مُكتفي ًة بس ِ‬
‫َتر‬
‫ما بين السرة والركبة‪.‬‬

‫‪ 96‬مصنف ابن أبي شيبة (‪.)18008‬‬


‫‪ 97‬ابن تيمية‪ :‬الفتاوى (‪.)115 :22‬‬
‫‪ 98‬ضعيف ؛ لضعف إبراهيم بن علي الرافعي‪ ،‬قال البخاري‪ :‬فيه نظر‪ ،‬وقال ابن عدي‪ :‬هو وسط‪ ،‬وأخرج‬
‫الحديث الحاكم "المستدرك" (‪ ،)180 :4‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح اإلسناد‪ ،‬قال الذهبي‪ :‬الرافعي ضعَّفوه‪ ،‬ورمز‬
‫له السيوطي في الجامع الصغير (الفيض‪ )5642 :‬بعالمة الحسن‬

‫‪12‬‬
‫‪  ‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪((" :‬مَن‬
‫جرَّ ثوبه ُخيالء لم ينظر هللا إليه يوم القيامة))‪ C،‬فقالت أ ُّم سلَمة‪ :‬فكيف يص َنع النساء‬
‫بذيولهنَّ ؟ قال‪(( :‬يُرخين ِشبرً ا)) فقالت‪ :‬إ ًذا تَ ِ‬
‫نكشف أقدامهنَّ ‪ ،‬قال‪(( :‬فيُرخينه ذراعً ا‬
‫ال يَزدن عليه))‪ ، 99‬وفي حديث عائشة رضي هللا عنها‪(( :‬إ ًذا تَخ ُرج سوقهنَّ ))‪، 100‬‬
‫ورواه أحمد ولفظه‪" :‬إن نساء النبي صلى هللا عليه وسلم سألنه عن ال َّذيل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫((اجعلنه ِشبرً ا))‪ ،‬فق ْلن‪ :‬إن شبرً ا ال يستر من عورة‪ ،‬فقال‪(( :‬اجعلنه ذراعً ا))‪.‬‬

‫((شبرً ا))‪ ،‬فقلن‪ :‬شبر قليل‪ ،‬تخ ُرج‬


‫وللبزار من حديث عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ِ :‬‬
‫منه العورة‪ ،‬قال‪(( :‬فذراعً ا))‪ ،‬ق ْلن‪ :‬تبدو أقدام ُهنَّ ‪ ،‬قال‪(( :‬ذراعً ا ال يزدْن على‬
‫‪101‬‬
‫ذلك))‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وجه الداللة من الحديث‪:‬‬

‫إن النبي صلى هللا عليه وسلم أقر نساءه على قولهنَّ ‪ :‬إن ِشبرً ا ال يستر من عورة‪،‬‬
‫وعَ م ُل كثير من الفتيات اليوم ‪ -‬هداهنَّ هللا ‪ -‬مُناقض لعمل الصحابيات‪ C‬تمامًا‪ ،‬وذلك‬
‫أنهنَّ يَخرجن للحفالت والسهرات وقصور األفراح بالمالبس المحظورة؛‬
‫كالقصيرة‪ ،‬والشفافة‪ ،‬والض ِيّقة‪ ،‬ويستفاد من عمل الصحابيات رضي هللا عنهنَّ في‬
‫جر ذيولهنَّ ذراعً ا أن المتعين على المرأة إذا خرجت من بيتها أن تست ِترَ سترً ا‬
‫شامالً ال فتنة فيه‪.‬‬

‫إذا تقرَّ ر هذا فإن من المخالفات ما تفعله بعض الفتيات؛ حيث يلبسْنَ الثياب‬
‫القصيرة التي تبلغ الركب َتين‪ ،‬وتلبس تحته السراويل الطويلة الضيقة المح ّ ِجمة‬

‫‪ 99‬صحيح‪ :‬عبدالرزاق (المصنف‪ ،)19984 :‬ومن طريقه الترمذي (‪ )1731‬النسائي (الصغرى‪)5336 :‬‬
‫(الكبرى‪ )9735 :‬من طريق نافع‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬وللنسائي (‪ )5337‬عن نافع‪ ،‬عن أم سلمة‪.‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وصحَّ ح إسناده الساعاتي (الفتح الرباني‪،)296 - 295 :17 :‬‬
‫وأخرجه مالك (الموطأ‪ ،)915 :2 :‬وأبو داود (‪ ،)4117‬والنسائي (‪ ،)5338‬وأبو يعلى (‪ ،)6855‬وابن حبان‬
‫(اإلحسان‪ )5451 :‬من طريق نافع‪ ،‬عن صفية بنت أبي عبيد‪ ،‬عن أم سلمة‪ ،‬والنسائي (‪ ،)5339‬وابن ماجه (‬
‫‪ )3580‬من طريق نافع عن سليمان بن يسار‪ ،‬عن أم سلمة‬
‫‪ 100‬ضعيف؛ لضعف أبي المهزم؛ أخرجه أحمد (الفتح الرباني‪ )296 :17 :‬ابن ماجه (‪ ،)3583‬وأعلَّه‬
‫البوصيري (مصباح الزجاجة‪ ،)1252 :‬والساعاتي في الفتح بأبي المهزم‪.‬‬

‫‪ 101‬أحمد (‪ )2:90‬والنسائي (الكبرى‪ ) 9733 :‬من طرق عن مطرف‪ ،‬عن زيد العمي‪ ،‬عن أبي الصديق الناجي‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬وعند‬
‫النسائي عن ابن عمر عن عمر‪ ،‬وقال الهيثمي (مجمع الزوائد‪ :)8542 :‬رواه البزار‪ ،‬وفيه زيد بن الحواري العمي‪ ،‬وقد وثق‪،‬‬
‫وضعَّفه أكثر األئمة‬

‫‪12‬‬
‫ُظهر حجم الساق‪ ،‬وهذا‬
‫لسوقهن وأقدامهنَّ ؛ ألنَّ هذا وإن ستر لون البشرة إال أنه ي ِ‬
‫يُنافي‪ ‬ملبوس المُحتشمات‪ ‬وعمل المسلمات قرنًا بعد قرن‪.‬‬

‫وقد نقل ابن تيميَّة حديث أم سلمة‪ ،‬ثم ذ َكر أن هذا ليس معينًا للستر‪ ،‬فلو لبست‬
‫المرأة خ ًّفا واسعًا صلبًا كالموق‪ ،‬وتدلَّى فوقه الجلباب بحيث ال يظ َهر حجم القدم‪،‬‬
‫‪102‬‬
‫صالً للمقصود‪.‬‬‫لكان هذا مُح ِ ّ‬

‫وثمَّة تو ُّجس أن تكون‪ ‬لبسة النساء‪ ‬لهذه المالبس المحظورة من جنس الخُيالء‬


‫فحس ُر الثياب في حق‬
‫المنهي عنه؛ ألن جرَّ الثياب في حق الرجال من المخيلة‪َ ،‬‬
‫النساء ال يُستبعد أن يكون من المخيلة التي ال يُحبها هللا‪ ،‬وكثيرً ا ما يختال ضعيفات‪C‬‬
‫اإليمان ناقصات العقول بمثل هذه المالبس‪ ،‬ويُباهين به ليراه الناس‪ ،‬نعوذ باهلل من‬
‫ان ِتكاس ال ِفطَر‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الشروط‪ :‬الواجبة توفرها في لباس المرأة‬

‫من شروط لباس المرأة المسلمة‪: 103‬‬

‫أن يغطي اللباس عورة المرأة‪ :‬وهي كامل جسمها عدا اليدين والوجه‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ويشار إلى أنّ هناك بعض المذاهب التي اختلفت في وجوب الستر‪ ،‬إال أنّها‬
‫اتفقت على ضرورة الستر وذلك تجنّب ًا لحدوث الفتنة والفساد في حال‬
‫الكشف عنها‪.‬‬
‫أال يكون مزين ًا ‪ :‬فالزينة الموجودة على المالبس تجذب أنظار الرجال إلى‬ ‫‪‬‬
‫المرأة‪ ،‬حيث قال هللا تعالى‪(:‬وَ اَل يُ ْب ِدينَ ِزي َن َت ُهنَّ )‪ ، 104‬ولكن في نفس الوقت‬
‫ال ومرتب ًا‪.‬‬
‫يجب أن يكون جمي ً‬
‫أن يكون ساتر ًا للجسم‪ :‬بمعنى أن ال يكون شفاف ًا‪ C،‬حيث إن المالبس‬ ‫‪‬‬
‫الشفافة تزيد من فتنة المرأة‪ ،‬وتجعلها أكثر لفت ًا للرجال‪ ،‬وقد وصف رسول‬
‫َّار لَ ْم‬
‫ل الن ِ‬‫ان ِمنْ َأ ْه ِ‬
‫"ص ْن َف ِ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ذلك في قوله‪ِ ( :‬‬
‫سيَاط ٌ َ‬
‫كأ ْذنَا ِ‬
‫ب البَ َق ِر يَضْ ِربُونَ ِب َها النَّاسَ ‪،‬‬ ‫همَا‪َ :‬قوْ ٌم َم َع ُه ْم ِ‬‫َأرَ ُ‬
‫س ُهنَّ َ‬ ‫ارياتٌ ُم ِميالَتٌ مَا ِئالَتٌ رُؤو ُ‬
‫كأس ِن َم ِة‬ ‫كاسيَاتٌ عَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَ ِنسَا ٌء‬

‫‪  102‬انظر‪ :‬الفتاوى‪.148 :22 C‬‬


‫‪ 103‬كتاب الفقه الميسر ‪ -‬الشروط الواجب توفرها في لباس المرأة ‪ -‬ص‪ - 94‬المكتبة الشاملة الحديثة‬
‫‪ 104‬سورة النور اآلية ‪31‬‬

‫‪12‬‬
‫يح َها‬
‫يح َها‪ ،‬وَ ِإنَّ ِر َ‬ ‫الجنّ َة وَ الَ يَ ِ‬
‫جدْنَ ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ت المَا ِئلَ ِة الَ يَ ْدخُلنَ‬
‫البُخْ ِ‬
‫‪105‬‬
‫َسيرَ ِة َك َذا وَ َك َذا)‬‫ليوج ُد ِمنْ م ِ‬
‫َ‬
‫أن يكون اللباس فضفاض ًا وتسهل فيه الحركة‪ :‬وليس ضيّق ًا‪ ،‬حيث‬ ‫‪‬‬
‫إن الثياب الضيقة من شأنها تفصيل الجسم‪ ،‬وإظهار حجم أعضائه ومفاتنه‬
‫التي تثير شهوة الرجال‪ ،‬وقد تؤدّي إلى حدوث الفتن وارتكاب المعاصي‪.‬‬
‫أن يكون عديم الرائحة‪ :‬وذلك يعني أن ال يكون لباس المرأة مطيب ًا بالعطر‬
‫أو بالبخور‪ ،‬وذلك ألنها ستكون مثل الزانية‪ ،‬وذلك بنا ًء على قوله عليه‬
‫ريحها فهي زاني ٌة‬
‫قوم ليجدوا َ‬
‫السالم‪( :‬أيما امرأ ٍة استعطرت فمرت على ٍ‬
‫‪106‬‬
‫عين زاني ٌة) ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وك ُّل‬
‫أن ال يشبه مالبس الرجال‪ :‬وذلك ألن الدين اإلسالمي ينهى عن تشبه‬ ‫‪‬‬
‫النساء بالرجال‪ ،‬أو الرجال بالنساء‪ ،‬فقد ورد عن رسول هللا عليه الصالة‬
‫والسالم أنه قال‪( :‬ليس منا من تشبَّه بالرجا ِل من ال ِِّنّ‪C‬سا ِء ‪ ،‬و ال من تشبَّه‬
‫الِرجا ِل)‪.107‬‬
‫بالنسا ِء من ِّّ‪C‬‬
‫أن ال يكون مثل مالبس نساء غير المسلمين‪ :‬حيث منع رسول هللا‬ ‫‪‬‬
‫المسلمين بالتشبه باألقوام‪ C‬األخرى من غير المسلمين‪ ،‬فقد قال عليه السالم‪:‬‬
‫‪108‬‬
‫(ومن تشبه بقوم فهو منهم) ‪.‬‬
‫أن يكون محتشم ًا‪ :‬وذلك يعني أن ال يكون الهدف من اللباس االشتهار‬ ‫‪‬‬
‫بين الناس‪ ،‬والتفاخر أو الخيالء فيما بينهم‪ ،‬وذلك لما فيه من فتن ٍة ومعصية‪.‬‬

‫وهذه الشروط دلت عليها نصوص الكتاب والسنة كما سبق بيان بعض هذه األدلة‪،‬‬
‫فوجب على المسلمة أن تلتزمها في لباسها إذا خرجت من بيتها‪ ,‬وال تختص تلك‬
‫بلباس دون آخر‪ ،‬فينطبق ذلك على العباءة العمانية أو السعودية أو القطرية أو غير‬
‫ذلك‪ ،‬أما إذا خالفت العباءة هذه الشروط‪ ،‬بأن كانت مطرزة تطريزً ا يضفي جمااًل ‪،‬‬
‫‪105‬‬
‫رواه مسلم‪ ،‬كتاب اللباس والزينة‪ ،‬باب النساء الكاسيات العاريات المائالت المميالت (‪.)5704‬‬
‫‪ 106‬رواه النسائي‪ ،‬كتاب الزينة‪ ،‬باب ما يكره للنساء من الطيب (‪ ،)5126‬وصححه األلباني في صحيح الجامع‬
‫برقم (‪.)323‬‬
‫‪ 107‬رواه أحمد (‪ ،)19985‬وصححه األلباني في صحيح الجامع برقم (‪.)5433‬‬
‫‪ 108‬رواه أحمد (‪ ،)5667‬وأبو داود‪ ،‬كتاب اللباس‪ ،‬باب في لبس الشهرة‪ ،‬رقم (‪ )4031‬عن ابن عمر‪ ،‬بإِسنا ٍد‬
‫قال فيه ابنُ تيمية‪" :‬وهذا إِسناد جيد‪ ،‬فإن ابن أبي شيبة‪ ،‬وأبا النضر‪ ،‬وحسان بن عطية ثقات مشاهير أجالء‬
‫من رجال الصحيحين‪ ،‬وهم أجل ُّ من أن يحتاج أن ُيقال‪ :‬هم من رجال الصحيحين"‪ .‬انظر‪ :‬االقتضاء‪( ،‬ص‪:‬‬
‫‪.)82‬‬

‫‪12‬‬
‫أو ذات ألوان ملفتة‪ ،‬أو مبخرة أو تصف ‪-‬لضيقها‪ -‬حجم أعضاء جسمها‪ ،‬أو على‬
‫‪109‬‬
‫نحو عباءة الرجل فال يجوز لبسها‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬مقاصد الشريعة‪ :‬في شروط لباس المرأة‬

‫المقصد االول ‪ :‬تدبير وقائي‬ ‫‪‬‬


‫‪ :‬أمرت الشريعة باالحتشام‪ C‬والحجاب صـیانة مـن الوقـوع فـي الفاحـشة أو‬
‫مـا یقـرب إلیهـا أو یحـرك الـشهوة لـذلك فـإن التحـذیر مـن الزنـا لـم یكـن‬
‫مقـصورا على الزنا فحسب بل التحذیر مما یدعو الزنا أو یقرب إلیه ‪ ،‬قال‬
‫الِز َنا ِإنَّ ُه َكانَ َفا ِح َ‬
‫ش ًة وَ سَا َء س َِبياًل )‪ 110‬لم یقتصر نهي‬ ‫تعالى (وَ اَل َت ْقرَ بُوا ِّّ‪C‬‬
‫الشارع عن الفاحشة في إتیانهـا ذاتهـا وانمـا نهـى عـن مجـرد االقتـراب‬
‫منهـا ؛ ألن االقتـراب منهـا قـد یجـر إلیهـا ‪ ،‬لهـذا یجـب االبتعـاد عن كل ما‬
‫یقرب إلى الفاحشة أو یقود إلیها من مغریات‪ 111‬كما یجب االلتزام بآداب‪C‬‬
‫العفاف‪ C‬واالحتشام‪ ، C‬حتى ینجو اإلنـسان مـن الزلـل ‪ ،‬فالـشهوة ال تـصح إال‬
‫إذا أوقظــت وال تنتبــه إال إذا دعیــت ‪ ،‬فاالحتــشام یعتبــر تــدبیر وقــائي‬
‫مــن العادات والمغريات غیر الطبیعیة التي تؤدي إلى الفوضى الجنسیة‪.‬‬
‫المقصد الثاني ‪ :‬درء الفتنة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تعـــددت معـــاني الفتنـــة فـــي اللغـــة ‪ ،‬فمـــن معـــاني الفتنـــة‬
‫االبـــتالء ‪ ،‬واالمتحـان ‪ ،‬واالختبـار ‪ ،‬والمحنـة ‪ ،‬والكفـر ‪ ،‬واخـتالف‬
‫النـاس بـاآلراء ‪ ،‬وفـتن الرجــل بــالمرأة إذا ولهتــه وأحبهــا والفتنــة‬
‫إعجابــك بالــشيء ‪ ً ،‬فتنــه یفتنــه فتنــا وفتونا ‪ ،‬فهو فاتن ‪ ،‬وفتن إلى‬
‫النساء فتونا وفتن إلیهن ‪ :‬أراد الفجور بهن‪.112‬‬

‫‪ 109‬كتاب الفقه الميسر ‪ -‬لبس السالسل وأساور الفضة للرجال ص‪95‬‬


‫‪ 110‬سورة اإلسراء‪ ،‬آية‪32 :‬‬
‫‪ 111‬محجبات‪ G‬لماذا ‪ ،‬تألیف عكاشة عبد المن ان الطیبي ‪ ،‬طبعة مكتبة الت راث اإلسالمي ‪ ،‬ص‪19‬‬
‫‪ 112‬ینظر في ھذه لمعاني ‪ :‬لسان العرب ‪ ،‬مادة " فتن " ‪ ،‬ومختار الصحاح ‪ ،‬مادة " فتن " والمعجم الوسیط ‪،‬‬
‫مادة " فتن " ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫اما الفتنة التي یدرؤها اللباس فالمقصود بها ‪ :‬إثارة الشهوة نحو غیـر‬
‫الزوجــة ‪ ،‬أو وقــوع الفاحــشة ‪ ،‬وأقــل الفتنــة تحــرك القلــب علــى وجــه‬
‫‪113‬‬
‫یــشوش الخاطر ‪.‬‬

‫المقصد الثالث ‪ :‬دفع األذى ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ومــن مقاصــد الــشریعة فــي فــرض الحجــاب ‪ :‬صــیانة النــساء مــن أذى‪C‬‬
‫الفاسقین فالمرأة المؤمنـة تتـأذى مـن نظـر األجانـب إلیهـا ‪ ،‬وتعـرض المتـسكعین‬
‫لهــا ‪ ،‬وتــشعر أن فــي ذلــك خدشــا لحیائهــا وزعزعــة لعفافهــا ؛ ولهــذا‬
‫وجــب اتباع ضوابط اللباس الشرعي للمرأة وفـي هـذا یقـول اهللا جـل وعـلى (یَآ‬
‫ک َأ ْد َنى‬
‫ک وَ ِنسَآ ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنینَ یُ ْد ِنینَ عَ لَی ِْهنَّ ِمن َجالَ ِب ِیب ِهنَّ َذ ِل َ‬ ‫َأیُّ َها الن َِّب ُّ‬
‫ى ُقل ِّ‬
‫ِال‪ّC‬زْ وَ ا ِج َ‬
‫ک وَ بَ َنا ِت َ‬
‫َأن یُعْرَ ْفنَ َفاَل ی ُْؤ َذیْنَ وَ َکانَ اللَّ ُه َغفُور ًا رَّ ِحیم ًا )‪. 114‬‬

‫المقصد الرابع ‪ :‬المحافظة على طهارة القلب ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫أمـرت الــشریعة بالحجــاب واالحتــشام محافظـة علــى طهــارة القلــب‬
‫مــن الخــواطر الــشیطانیة ‪ ،‬والهــواجس النفــسانیة التــي تــأتي مــن‬
‫خــالل النظــر إلــى المتبرجــات ‪ ،‬وبهــذا فــإن مــن مقاصــد الــشریعة‬
‫فــي اللباس مــا یترتــب من طهارة قلوب الرجال وقلوب النساء من غوائل‬
‫الفتن التي یأتي بهـا السفور واالختالط ‪.‬‬
‫المقصد الخامس ‪ :‬تمييز لباس المرأة عن لباس الرجل ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫من اجل المحافظـة علـى سـنن اهللا فـي الخلـق ‪ ،‬وتأكیـدا لهـذا المبـدأ فقـد‬
‫حـرم اإلسـالم تـشبه المـرأة بالرجـل كمـا حـرم تشبه الرجل بـالمرأة ‪ ،‬لمـا‬
‫فـي ذلـك مـن العبـث بـسنن اهللا ‪ ،‬فلقـد خلـق اهللا الرجـل والمـرأة وجعـل‬
‫لكـل منهمـا طبیعـة خاصـة ینفـرد بهـا عـن اآلخـر ‪ ،‬لینجـذب نحـو صاحبه‬
‫ویـأنس بـه ‪ ،‬فیبقـى الجـنس البـشري ‪ ،‬ویعمـر الكـون غیـر أن تـشبه كـل‬
‫منهما باآلخر یعتبر خروجا علـى نـاموس الحیـاة ‪ ً ،‬وتمـردا علـى مـا‬
‫فطرهمـا اهللا تعــالى علیــه فتــضطرب لــدیهما المفــاهیم الــسویة ‪ ،‬فعــن‬
‫أبــي هریــرة ‪ ‬قــال ‪ " :‬لعــن رســول اهللا ‪ ‬الرجــل یلــبس لبــسة‬

‫‪ 113‬ینظر في ھذه المعاني ‪ :‬رد المختار المعروف بحاشیة بن عابدین‪ G‬ص ‪270‬‬
‫‪ 114‬سورة األحزاب اآلية ‪59‬‬

‫‪12‬‬
‫المــرأة ‪ ،‬والمـرأة تلـبس لبـسة الرجـل"‪ 115‬قـال الـشوكاني ‪ " :‬والحـدیث‬
‫یـدل علـى تحـریم تــشبه النــساء بالرجــال ‪ ،‬والرجــال بالنــساء ؛ ألن‬
‫‪116‬‬
‫اللعــن ال یكــون إال علــى فعــل محرم‪.‬‬
‫المقصد السادس ‪ :‬تقوية الحياء‬ ‫‪‬‬

‫ان المحافظـة علـى فطـرة اهللا التـي فطر االنسان علیها ‪ ،‬حیث فطره علـى‬
‫الحیـاء ؛ ألن حاله مبنـي علـى الـستر ‪،‬فالغاية هنا هي تقویـة الحیـاء الـذي هـو‬
‫شـعور اإلنـسان بالخجل أمام اهللا تعالى حینما یمیل إلـى منكـر ‪ ،‬وهـذا الـشعور‬
‫هـو الـذي یجعـل ٕ اإلنسان یكف عن الفحشاء والمنكر ‪ ،‬وان ارتكب سیئة بدافع‬
‫جبلته الحیوانیة حز في نفسه هذا الحیاء ‪ ،‬ونغص علیه عیـشه ‪ٕ ،‬واذا فقـد اإلنـسان‬
‫الحیـاء فإنـه ال یــشعر بغــضاضة مــن اقتــراف المعــصیة ‪ ،‬ویــصیر عنــده‬
‫اســتعداد لفعــل المنكــرات ؛ مــصداقا‪ C‬لقــول النبــي صلى هللا عليه وسلم " ذا‬
‫‪117‬‬
‫لــم تــستح فاصــنع مــا شــئت"‬

‫المقصد السابع ‪ :‬المحافظة على الكرامة ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ومــن مقاصــد الــشریعة المحافظــة علــى كرامــة المـرأة ‪ ،‬وذلـك أن الحجـاب‬


‫واالحتـشام یجعـل االنسان يبـدو بـشكل یتـسم بالعفـاف‬

‫والـسلوك الرفیـع ویكـسب المـرأة االحتـرام والتقـدیر مـن النـاس ‪ ،‬ویبعـد عنهـا‬
‫ى ُقل ِّ‬
‫ِال‪ّC‬زْ وَ ا ِج َ‬
‫ک وَ بَنَا ِت َ‬
‫ک‬ ‫أذى الفاســق ‪.‬قال تعالى في سورة األحزاب ( یَآ َأیُّ َها الن َِّب ُّ‬
‫ک َأ ْدنَى َأن یُعْ رَ ْفنَ َفاَل ی ُْؤ َذیْنَ وَ َکانَ‬ ‫وَ ِنسَآ ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنینَ یُ ْد ِنینَ عَ لَی ِْهنَّ ِمن َجالَ ِب ِیب ِهنَّ َذ ِل َ‬
‫اللَّ ُه َغفُور ًا رَّ ِحیم ًا) ‪.‬‬

‫ففـي هـذه اآلیـة یحـوط اهللا المـرأة المؤمنـة بهالـة مـن الـصون والكرامـة ‪ ،‬وأن‬
‫تكــون فــي إطــار مــن اإلجــالل واإلكبــار ‪ .‬فــأمر نبیــه بــأن یلــزم نــساء‬
‫المـؤمنین أن یـدینین علـیهن مـن جالبیـبهن ـ والجلبـاب الثـوب الواسـع ـ أي أن‬
‫یــستترن بثیــابهن الواســعة ؛ لیعــرفن بالحــصانة والتقــوى والعفــاف ‪ ،‬فــال‬

‫‪ 115‬رواه أحمد ج‪ 2‬ص ‪325‬‬


‫‪ 116‬الشوكاني ‪ ،‬نیل األوطار ص ‪118‬‬
‫‪ 117‬البخاري في كتاب أحادیث األنبیاء رقم الحديث ‪3484‬‬

‫‪12‬‬
‫یــؤذین بأعمــال ســافلة دنیئــة ‪ ،‬وال تــنغص حیــاتهن بنظــرات وقحــة جریئــة ‪،‬‬
‫‪118‬‬
‫وال توجــه إلیهن أقوال مهینة بذیئة ‪.‬‬

‫المقصد الثامن ‪ :‬االرتقاء بالمرأة عن االبتذال الجاهلي ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ومن مقاصد الشریعة فاالرتقاء بالمرأة عن االبتذال الـذي كانـت علیـه‬
‫المـرأة فـي الجاهلیـة ‪ ،‬فقـد أمـرت الـشریعة بالحجـاب ارتقـاء بـالمرأة عما‬
‫كان علیه الوضع في الجاهلیة من تبرج وتعرض لإلثـارة وتحلـل شـائن فـي‬
‫ً صــلة النــساء بالرجــال ‪ ً ،‬وحیــث كــان االخــتالط بــین الرجــال‬
‫والنــساء شــائعا ‪ ،‬و ً ً ً كانــت المــرأة ترتــدي ثوبــا بــسیطا مفتوحــا‬
‫مــن الــصدر ‪ ،‬یتــصف باالتــساع ‪ ،‬وكانت تعني بإظهار محاسنها‬
‫للرجال ‪ ،‬وتخرج متبرجة ‪ ،‬وتمشي متغنجة أمـام الرجال فقد‪ C‬قال تعالى‬
‫(وَ َقرْ نَ‬
‫صاَل َة‪ ‬وَ آ ِتينَ ‪ ‬ال َّز َكا َة‪ ‬وَ َأ‬
‫َرَّجنَ ‪ ‬تَبَرُّ َج‪ ‬ا ْل َجا ِه ِليَّ ِة‪ ‬اأْل ُولَىٰ ۖ‪  ‬وَ َأ ِقمْ نَ ‪ ‬ال َّ‬
‫ِفي‪ ‬بُيُو ِت ُكنَّ ‪ ‬وَ اَل ‪ ‬تَب ْ‬
‫ِطعْ نَ ‪ ‬اللَّ َه‪ ‬وَ رَ سُولَ ُهۚ‪ ‬‬
‫ْت‪ ‬وَ يُط َ ِّهرَ ُك ْم‪ ‬تَطْ ِهيرً ا)‬ ‫ِإنَّمَا‪ ‬ي ُِري ُد‪ ‬اللَّ ُه‪ِ  ‬ليُ ْذ ِهبَ ‪ ‬عَ ْن ُك ُم‪ ‬ال ِّر ْجسَ ‪َ  ‬أ ْه َل‪ ‬ا ْلبَي ِ‬
‫‪119‬‬

‫المقاصد التاسع ‪ :‬االستقرار النفسي ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫من مقاصد الشريعة االحتشام حرصا على االستقرار النفسي عنـد المـرأة وعنــد‬
‫الرجـل علــى حــد سـواء وذلــك أن االحتــشام یجعـل المــرأة ال تلهــث‬
‫مــضطربة فــي إبــراز مفاتنهــا للرجــال واثبــات محاســنها للنــساء‪ ،‬وانمــا‬
‫تــستر جمالهـا وتبدیـه لمـن جـاز لـه شـرعا أن یـراه ‪ ،‬واالحتـشام یـساعد المـرأة‬
‫الدمیمـة علـى سـتر دمامتهـا ‪ ،‬فـال تخجـل مـن قبحهـا وبالنـسبة للرجـال فـإن‬
‫االحتـشام یجعـل نفوسـهم تهـدأ وترضـى بمـا لـدیهم مـن زوجـات ‪ ،‬بینمـا التبـرج‬
‫یجعلهـم ینظـرون إلـى محاسـن النـساء وحینئـذ یوازنـون فـي أذهـانهم بـین نـسائهم‬
‫‪120‬‬
‫واألخریات ‪ ،‬وهذا یجعل زوج الدمیمة بتحـسر عنـدما یـرى محاسـن غیرهـا‬

‫المقصد العاشر ‪ :‬تطهير المجتمع ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 118‬البھي الخولي ‪ ،‬اإلسالم وقضایا المرأة المعاصرة ‪ ،‬ص‪123‬‬


‫‪ 119‬سورة األحزاب اآلية ‪33‬‬
‫‪ 120‬عبد المنان الطیبي ‪ ،‬محجبات لماذا ‪ ،‬صص‪56‬‬

‫‪12‬‬
‫أمــرت الــشریعة بااالحتــشام ؛ تطهیــرا للمجتمــع مــن مظــاهر التهتك وجعل‬
‫المجتمع نظیفا من المظاهر والهیجانات‪ C‬الحیوانیة یقـول سـید قطـب ـ رحمـه اهللا ـ‬
‫‪ :‬إن اإلسـالم یهـدف إلـى إقامـة مجتمـع نظیــف ‪ ،‬ال تهــاج فیــه الــشهوات فــي‬
‫كــل لحظــة وال تــستثار‪ ،‬فعملیــات االســتثارة المــستمرة تنتهــي إلــى ســعار‬
‫شــهواني ال ینطفــئ وال یرتــوي والنظــرة الخائنة والحركة المثیرة والزینة‬
‫المتبرجة والجسم العاري‪ ،‬والطریـق المـأمون هـو تقلیـل هـذه المثیـرات ‪ ،‬بحیـث‬
‫یبقـى هـذا المیـل فـي حـدوده الطبیعیـة ثـم یلبـي تلبیـة طبیعیـة ‪ ،‬وهـذا هو المنهج‬
‫الذي یختاره اإلسالم مع تهذیب الطبع ‪ ،‬وتشغیل الطاقة البـشریة بهمـوم أخرى في‬
‫‪121‬‬
‫الحیاة غیر تلبیة دافع اللحم والدم‬

‫المبحث الرابع ‪:‬كشف وجه المرأة في المذاهب األربعة‬

‫فرض هللا تعالى الحجاب على المرأة وكرّ مها به وجعله وقار ًا وحافظ ًا لها‪،‬‬
‫وحجاب المرأة هو الدّليل على عفّتها وحياءها وكرامتها وقد فرضه هللا تعالى على‬
‫أمّهات المؤمنين رضي هللا عنهنّ أجمعين وعلى سائر نساء أصحاب‪ C‬الرّ سول‬
‫ي ُقل أِّل َزْ وَ ا ِجكَ‬ ‫ونساء المؤمنين‪ ،‬وقد نزل في‪ ‬القرآن الكريم‪ ‬قوله تعالى‪{ :‬يَا َأيُّ َها الن َِّب ُّ‬
‫وَ بَنَا ِتكَ وَ ِنسَا ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنينَ يُ ْد ِنينَ عَ لَي ِْهنَّ ِمن َجاَل ِب ِيب ِهنَّ ۚ ٰ َذ ِلكَ َأ ْدنَىٰ َأن يُ ْعرَ ْفنَ َفاَل ي ُْؤ َذيْنَ ۗ‬
‫‪122‬‬
‫وَ َكانَ اللَّ ُه َغ ُفورً ا رَّ ِحيمًا}‬

‫فواجبٌ على المرأة أن تستر جسدها كامالً بما ال يصف تفاصيل الجسد أو يشفّ‬
‫فيظهر الجسد من تحته‪ ،‬وقد اختلف العلماء فيما إذا كان الحجاب للمرأة يشمل‬
‫مختلف فمنهم من قال أنّه‬
‫ٍ‬ ‫تغطية الوجه والكفّين أم ال وذهب ك ٌّل منهم إلى قو ٍل‬
‫فرضٌ عليها تغطية وجهها وكفّيها ومنهم من قال ‪ ‬أنّه من غير الواجب تغطيتهما‬
‫وأنّ الوجه والكفّين ليسا بعور ٍة يجب تغطيتهما إاّل إن كان في كشفهما فتن ٌة فيجب‬
‫ذلك‪ ، ‬تبيانا لهذا االمر ‪:‬‬
‫‪ 121‬سید قطب في ظالل القرآن ‪ ،‬ص‪2511‬‬
‫‪ 122‬سورة األحزاب ‪ ,‬اآلية ‪59‬‬

‫‪12‬‬
‫المذهب الحنفي‪:‬‬

‫ي في هذه المسألة أنّ ك ّل جسد المرأة عور ًة وجب ستره‬‫قال علماء المذهب الشّافع ّ‬
‫وتغطيته بما في ذلك الوجه والكفّين وال يجوز أن تكشفهما إاّل لضرور ٍة وفي ذلك‬
‫حفظ ًا وصون ًا لها‬

‫قال ابن نجيم‪" : 123‬وفي فتاوى قاضي خان ‪ :‬ودلت المسألة على أنها ال تكشف‬
‫وجهها لألجانب من غير ضرورة وهو يدل على أن هذا اإلرخاء ‪ ،‬عند اإلمكان ‪،‬‬
‫ووجود األجانب‪ : C‬واجب عليها ‪ .‬إن كان المراد ال يحل أن تكشف" انتهى‪.‬‬

‫‪  ‬وقال ابن عابدين في "حاشية البحر" ‪" :‬قال في النهر ‪ ... :‬وقول الفتاوى‪ :‬ال‬
‫تكشف أي ال يحل"‪ .‬و قال‪ " :‬واعلم أنه ال مالزمة بين كونه ليس بعورة ‪ ،‬وجواز‬
‫النظر إليه‪ ،‬فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة ‪ ،‬مع انتفاء العورة ‪.124‬ولذا حرم‬
‫النظر إلى وجهها ووجه األمر ‪ ،‬إذا شك في الشهوة ؛ وال عورة ‪ ,‬كذا في شرح‬
‫المنية‪.‬‬

‫قال مشايخنا‪ :‬تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة"‪.‬‬

‫وقال ‪" :‬وفي المنتقى‪ :‬تمنع الشابة عن كشف وجهها ‪ ،‬لئال يؤدي إلى الفتنة‪125 .‬وفي‬
‫زماننا ‪ :‬المنع واجب ‪ ،‬بل فرض ‪ ،‬لغلبة الفساد ‪.‬‬

‫وعن عائشة رضي هللا تعالى عنها ‪ :‬جميع بدن الحرة عورة ‪ ،‬إال إحدى عينيها‬
‫فحسب ؛ الندفاع‪ C‬الضرورة‪. " 126‬‬

‫قال ابن عابدين في حاشيته ‪" :‬والمعنى‪ :‬تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال‬
‫وجهها فتقع الفتنة؛ ألنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة" انتهى‪.‬‬

‫وقال السهارنفور ُّ‬


‫ي رحمه هللا‪" :‬ويد ُّل على تقييد كشف الوجه بالحاجة‪ :‬اتفاق‪C‬‬
‫المسلمين على منع ال ِنّساء أن يخرجن سافرات الوجوه‪ ،‬السيما عند كثرة الفساد‬
‫‪127‬‬
‫وظهوره"‬

‫‪ 123‬ابن نجيم في "البحر الرائق"‪)2/381( G‬‬


‫‪" 124‬البحر الرائق" (‪:)1/284‬‬
‫‪ 125‬مجمع األنهر"(‪)1/81G‬‬
‫‪ 126‬الدر المختار" (‪:)1/406‬‬
‫‪ 127‬بذل المجهود شرح سنن أبي داود" (‪.)431 /16‬‬

‫‪12‬‬
‫المذهب المالكي ‪:‬‬

‫قال الدردير في الشرح الصغير ‪ (" :‬و ) عورة الحرة ( مع رجل أجنبي) منها ‪ ،‬أي‬
‫ليس بمحرم لها ‪ :‬جميع البدن ‪ ( ،‬غير الوجه والكفين ) ‪.‬‬

‫وأما هما [ الوجه والكفان] ‪ :‬فليسا بعورة ‪ .‬وإن وجب عليها سترهما ؛ لخوف‬
‫فتنة ‪. ".‬‬

‫ونقل الصاوي في حاشيته عليه ‪ ،‬عن ابن مرزوق ‪ :‬أن مشهور المذهب وجوب‬
‫ستر وجهها ويديها‪.‬و‪ (" :‬قوله ‪ :‬كستر وجه الحرة ويديها ) ؛ أي ‪ :‬فإنه يجب ‪ ،‬إذا‬
‫خيف الفتنة بكشفها"‪.128‬‬

‫وقال أبو بكر ابن العربي رحمه هللا ‪" :‬والمرأة كلها عورة؛ بدنها ‪ ،‬وصوتها‪ ،‬فال‬
‫يجوز كشف ذلك إال لضرورة أو لحاجة‪ ،‬كالشهادة عليها‪ ،‬أو داء يكون ببدنها‪ ،‬أو‬
‫‪129‬‬
‫سؤالها عما يعن ويعرض عندها" "‬

‫المذهب الشافعي ‪:‬‬

‫قال إمام الحرمين الجويني رحمه هللا‪ ... " :‬اتفاق‪ C‬المسلمين ‪ :‬على منع النساء من‬
‫‪130‬‬
‫التبرج والسفور وترك التنقب"‬

‫وقال ابن حجر‪" :‬قوله ‪ ( :‬وإنما حرم نظرهما إلخ ) ‪ :‬أي الوجه والكفين من الحرة ‪،‬‬
‫‪131‬‬
‫ولو بال شهوة ‪.‬‬

‫قال الزيادي في شرح المحرر بعد كالم ‪ :‬وعرف بهذا التقرير أن لها ثالث‬
‫عورات‪:‬‬

‫عورة في الصالة وهو ما تقدم‪.‬‬

‫وعورة بالنسبة لنظر األجانب‪ C‬إليها ‪ ،‬جميع بدنها حتى الوجه والكفين على‬
‫المعتمد‪.‬وعورة في الخلوة ‪ ،‬وعند المحارم ‪ :‬كعورة الرجل‪.‬ويزاد رابعة‪ :‬هي عورة‬

‫‪" 128‬حاشية الدسوقي" (‪)1/214‬‬


‫‪ 129‬أحكام القرآن" (‪ .)616 /3‬ومثله للقرطبي في تفسيره‪.)227 /14( G‬‬
‫‪ 130‬نهاية المطلب" (‪.)31 /12‬‬
‫‪ 131‬ابن حجر في "تحفة المحتاج" (‪)2/112‬‬

‫‪12‬‬
‫المسلمة بالنسبة لنظر الكافرة ‪ ،‬غير سيدتها ومحرمها‪ ،‬وهي ما ال يبدو عند المهنة‬
‫"‪.‬‬

‫وقال السيوطي‪" :‬المرأة في العورة لها أحوال ‪:‬حالة مع الزوج ‪ ,‬وال عورة بينهما ‪,‬‬
‫وفي الفرج وجه ‪.‬وحالة مع األجانب‪ , C‬وعورتها ‪ :‬كل البدن ‪ ,‬حتى الوجه والكفين‬
‫في األصح ‪.‬وحالة مع المحارم والنساء ‪ ,‬وعورتها ‪ :‬ما بين السرة والركبة ‪.‬وحالة‬
‫في الصالة ‪ ,‬وعورتها ‪ :‬كل البدن ‪ ,‬إال الوجه والكفين"‪.132‬‬

‫وف‪ (" :‬سئل ) ‪ :‬هل يجب على المرأة ستر وجهها خارج الصالة بحضرة األجانب‬
‫‪ ،‬أو ال ‪ ،‬كما تقتضيه عبارة اإلرشاد والروض ‪ ،‬ونقل القاضي عياض اتفاق‪C‬‬
‫العلماء عليه ؟‬

‫( فأجاب ) بأنه ‪ :‬يجب عليها ستر وجهها بحضرة األجنبي ‪ ،‬كما صححه في‬
‫المنهاج ‪ ،‬وقوة كالم الشرح الصغير تقتضي رجحانه‪ ,‬وعلله باتفاق‪ C‬المسلمين على‬
‫منع النساء من الخروج سافرات‪ ،‬ونقال في الروضة وأصلها هذا االتفاق ‪،‬‬
‫‪133‬‬
‫وأقراه ‪.‬‬

‫وقال البلقيني‪ :‬الترجيح بقوة المدرك ‪ ،‬والفتوى على ما في المنهاج ‪ ،‬وجزم به في‬
‫تدريبه ‪ .‬وقال األذرعي‪ :‬بل الظاهر أنه اختيار الجمهور‪.‬وال اعتماد على ما حمل‬
‫‪134‬‬
‫عليه بعضهم االتفاق‪ C‬المذكور في كالم الشيخين"‪.‬‬

‫أما عورتها خارج الصالة بالنسبة لنظر األجنبي إليها ‪ :‬فهي جميع بدنها ‪ ،‬حتى‬
‫الوجه والكفين ‪ ,‬ولو عند أمن الفتنة ‪ ,‬ولو رقيقة‪ ،‬فيحرم على األجنبي أن ينظر إلى‬
‫شيء من بدنها ‪ "..‬و"وللحرة أربع عورات ‪ ,‬فعند األجانب ‪ :‬جميع البدن ‪ ,‬وعند‬
‫المحارم والخلوة ‪ :‬ما بين السرة والركبة ‪ ,‬وعند النساء الكافرات ‪ :‬ما ال يبدو عند‬
‫المهنة ‪ ,‬وفي الصالة ‪ :‬ما ذكره الشارح‪ ،‬وهو أن عورتها في الصالة غير الوجه‬
‫‪135‬‬
‫والكفين" ‪.‬‬

‫المذهب الحنبلي ‪:‬‬

‫‪ 132‬السيوطي في "األشباه والنظائر"‪( G‬ص ‪240‬‬


‫‪ 133‬وفي "فتاوى الرملي" (‪)3/169‬‬
‫‪ 134‬وفي "حاشية البجيرمي على الخطيب" (‪1/451‬‬
‫‪ 135‬في "حاشية البجيرمي على المنهج"‪:)1/235( G‬‬

‫‪12‬‬
‫قال عبد القادر بن عمر الشيباني ابن أبي تغلب في "‪( " :‬والحرة البالغة كلها عورة‬
‫في الصالة) ‪ ،‬حتى ظفرها وشعرها ‪( ،‬إال وجهها)‪.‬والوجه والكفان من الحرة‬
‫البالغة ‪ :‬عورة خارج الصالة باعتبار النظر ‪ ،‬كبقية بدنها" ‪.136‬‬

‫وقال البهوتي‪ (" :‬وهما ) أي ‪ :‬الكفان ( والوجه ) ‪ ،‬من الحرة البالغة ‪ ( :‬عورة‬
‫خارجها ) ‪ ،‬أي ‪ :‬الصالة ‪ ( ،‬باعتبار النظر ‪ ,‬كبقية بدنها ) ؛ لما تقدم من قوله صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪  ‬المرأة عورة‪.137  ‬‬

‫وقال ايضا‪ : " :‬كلها عورة في الصالة إال وجهها‪ .‬أي ‪ :‬وأما خارجها ‪ :‬فكلها‬
‫عورة ‪ ،‬حتى وجهها ‪ ،‬بالنسبة إلى الرجل والخنثى"‪..138‬‬

‫ولهذا قال مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ‪" :‬وبالجملة فقد اتفقت مذاهب‬
‫الفقهاء‪ ،‬وجمهور األمَّة على أنَّه ال يجوز لل ِنّساء الشوابّ كشف الوجوه واألكفّ‬
‫بين األجانب‪ ،‬ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى ‪[:‬وَ ا ْل َقوَ ِ‬
‫اع ُد ِمنَ ال ِنّسَآ ِء ] "‬
‫‪139‬‬

‫المبحث الخامس ‪ :‬حكم الشرع في لباس المرأة‬

‫من بين احكام الشرع في لباس المرأة نجد ‪:‬‬

‫تغطية جميع البدن‬

‫أن يغطي جميع البدن‪ ،‬وأن يكون ساتر ًا بشكل كامل وتام‪ ،‬وذلك وفق ًا لقول هللا‬
‫ي ُقلْ أِل َزْ وَ ا ِجكَ وَ بَنَا ِتكَ وَ ِنسَا ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنينَ يُ ْد ِنينَ عَ لَي ِْهنَّ ِمنْ‬
‫تعالى‪( :‬يَا َأيُّ َها الن َِّب ُّ‬
‫َجاَل ِب ِيب ِهنَّ َذ ِلكَ َأ ْدنَى َأنْ يُعْرَ ْفنَ َفاَل ي ُْؤ َذيْنَ وَ َكانَ اللَّ ُه َغ ُفورً ا رَ ِحيمًا) ‪ ،140‬والمقصود‬
‫بالجلباب اللباس الذي يستر جميع البدن ما عدا الوجه والكفيين‪ ،‬باإلضافة‪ C‬إلى اتفاق‬
‫جميع علماء الدين على اعتبار القدمين عورة يجب سترها‪ ،‬كما ال يجب أن يكون‬
‫قصير ًا يظهر أي جزء من الساقيين‪.‬‬

‫‪ 136‬عبد القادر بن عمر الشيباني ابن أبي تغلب نيل المآرب شرح دليل الطالب" (‪)1/125‬‬
‫‪ 137‬البهوتي في "كشاف القناع"‪) 1/316( G‬‬
‫‪ 138‬البهوتي في "شرح المنتهى" (‪)1/167‬‬
‫‪ 139‬المرأة المسلمة" ص ‪202‬‬

‫‪ 140‬سورة األحزاب اآلية ‪59:‬‬

‫‪12‬‬
‫فضفاض ًا‪ C‬وغير ضيق‬

‫من الضروري أن يكون لباس المرأة المسلمة فضفاض ًا‪ C‬وساتر ًا للعورة‪ ،‬ليمنع‬
‫النظر إليها والتفتن بها‪ ،‬ونظر ًا ألن اللباس الضيق يثير الشهوات والفتنة‪ ،‬يجب أن‬
‫يكون اللباس فضفاض ًا ليمنع إظهار أعضاء الجسم وحجمها‪ ،‬وال يصف البدن‪ ،‬كما‬
‫يمنع لباس السروال الضيق تحت الفساتين القصيرة ألن ذلك يعتبر مثير ًا‬
‫‪141‬‬
‫للشهوات‪.‬‬

‫ثخين ًا وليس رقيق ًا أو شفاف ًا‪C‬‬

‫(صنفان‬
‫ِ‬ ‫وهذا أكثر ما نهى عنه الرسول الكريم‪ ،‬حيث قال صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫البقر يضربون بها الناسَ ‪ .‬ونسا ٌء‬‫ِ‬ ‫النار لم أرَ هما‪ ،‬قو ٌم معهم سياط ٌ كأذنا ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫من أه ِل‬
‫البخت المائل ِة‪ ،‬ال يدخ ْلنَ الجن َة‬
‫ِ‬ ‫كاسياتٌ عارياتٌ مميالتٌ مائالتٌ ‪ .‬رؤوسُهنَّ كأس ِن َم ِة‬
‫ريحها ليوجد من مسير ِة كذا وكذا)‪، 142‬والمقصود بالكاسيات‪C‬‬ ‫ريحها‪ ،‬وإن َ‬ ‫َ‬ ‫وال يجدْنَ‬
‫العاريات هن النساء ذوات الثياب الرقيقة لدرجة أنها تظهر ما تخفي تحتها‪،‬‬
‫واللباس الذي يغطي بعض البدن ويكشف بعضه‪.‬‬

‫ال يكون لباس شهرة‬

‫ال يجب أن يكون الهدف من لبس هذه المالبس الشهرة بين الناس‪ ،‬وذلك لقول‬
‫الرسول صلى هللا علي وسلم‪( ،‬من لبس ثوبَ شهر ٍة ألبسَه ُ‬
‫هللا يو َم القيام ِة ثوبًا‬
‫مثلَه ثم تلهبُ فيه النارُ وفي ٍ‬
‫لفظ ثوبَ مذلَّ ٍة) ‪ 143،‬فاإلسالم لم ينه النساء عن لبس‬
‫اللباس الحسن والمناسب‪ ،‬وإنما حرم لباس ما يعتبر دعوة للشهرة واالشتهار‪.‬‬

‫لعن‬ ‫ال يشبه مالبس الرجال أو لباس الكافرات‪C‬‬


‫الرسول صلى هللا عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء‪ ،‬والمتشبهات بالرجال‬
‫من النساء‪ ،‬ولهذا نهى عن لبس المرأة لمالبس الرجل‪ ،‬أو أن تتشبه به‪ ،‬فللرجال‬
‫مالبس خاصة‪ ،‬كما أن للنساء مالبس خاصة‪ ،‬فال يجوز الخلط بينهما‪ ،‬كما ال يجوز‬
‫للمسلمة لبس مالبس الكافرات الذي يال يلبي ضوابط اللبس الشرعي ويظهر‬

‫‪ 141‬محمد بن إبراهيم بن عبد هللا التويجري ‪ ،‬موسوعة الفقه اإلسالمي ‪ ،‬صفحة ‪ .185‬بتصرّ ف‪.‬‬
‫‪   142‬ابن تيميةالمستدرك على مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد ابن تيمية‪5/82‬‬

‫‪ 143‬أخرجه أبو داود (‪ ،)4029‬والنسائي في ((السنن الكبرى)) (‪ ،)9560‬وابن ماجه (‪ ،)3607‬وأحمد (‪ )5664‬واللفظ له‬

‫‪12‬‬
‫عورتها‪.‬قال صلى هللا عليه وسلم {‪ ‬لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ‪،‬‬
‫‪144‬‬
‫والمتشبهات من النساء بالرجال‪) ‬‬

‫ال‬ ‫أال تفوح منه رائحة العطر أو البخور‬


‫يجوز للمرأة المسلمة أن تخرج وهي متطيبة‪ ،‬وتفوح منها رائحة العطر أو حتى‬
‫رائحة بخور‪ ،‬بحيث يلفت األنظار إليها‪ ،‬وتثير شهوات الرجال‪ ،‬كما ال يجوز وضع‬
‫الكريمات ذات الروائح الفواحة على اليدين والقدمين‪ .‬وذلك بنا ًء على قوله عليه‬
‫عين‬
‫ٍ‬ ‫ريحها فهي زاني ٌة وك ُّل‬
‫قوم ليجدوا َ‬
‫السالم‪( :‬أيما امرأ ٍة استعطرت فمرت على ٍ‬
‫زاني ٌة)‪.145‬‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬األحكام العامة للباس والزينة في اإلسالم‬

‫المبحث األول اللباس والزينة في اإلسالم‬

‫َ‬
‫أنيق الملبَس‪ ،‬حسنَ الهيئة‪ ،‬بعيدًا عما يؤذي أعين الناس‬ ‫ينبغي للمسلم أن يكونَ‬
‫طاغ‪ ،‬كما ينبغي له أن يهت َّم بباطنه‬
‫ٍ‬ ‫مسرف وال‬
‫ٍ‬ ‫الذين يُخالطهم ويعيش بينهم‪ ،‬غيرَ‬
‫علم وأدب‪ ،‬في غير شقاوة ينعم‪.‬‬
‫كما يعتني بظاهره‪ ،‬ويكون أخا ٍ‬

‫سرف‪ ،‬والتجمُّل في غير صناع ٍة‬


‫ٍ‬ ‫فاألناقة‪ - C‬كما يَقول االمام الغزالي ‪ -‬في غير‬
‫وتزويق‪ ،‬وإحسان الشكل بعد إحسان الموضوع ‪ِ -‬من تعاليم اإلسالم‪ ،‬الذي ينشُد‬‫ٍ‬
‫‪146‬‬
‫لبنيه علو المنزل ِة‪ ،‬وجمال الهيئة‬
‫اشرَ بُوا وَ الَ تُس ِْر ُفوا ِإنَّ ُه‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬يَا بَ ِني آ َد َ‪C‬م ُخ ُذوا ِزينَتَ ُك ْم ِع ْن َد ُك ِ ّل مَسْ ِج ٍد وَ ُكلُوا وَ ْ‬
‫ُسْر ِفينَ ‪ُ  * ‬ق ْل مَنْ َح َّر َم ِزينَ َة اللَّ ِه الَّ ِتي َأخْ رَ َج ِل ِعبَا ِد ِه وَ الط َّ ِيّب ِ‬
‫َات ِمنْ‬ ‫الَ يُ ِحبُّ ا ْلم ِ‬
‫َ‬
‫اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا‪﴾ ‬‬ ‫الرّ زْ ِق‪ ، ﴾ ‬وقال تعالى‪ ﴿ :‬يَا بَ ِني آ َد َ‪C‬م َق ْد أنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ‬
‫‪147‬‬
‫ِ‬
‫‪  144‬صحيح البخاري ‪5885 ‬‬
‫‪  145‬األلباني ‪ ‬صحيح الترغيب ص ‪2019‬‬
‫‪ 146‬خُ لق المسلم؛ لمحمد الغزالي (ص ‪ ،)157‬دار القلم‪.‬‬
‫‪[ 147‬األعراف‪32-31 :‬‬

‫‪12‬‬
‫‪149‬‬
‫والرّ يش‪ :‬هو الجمال؛ أي‪ :‬ما تتجمَّلون به من ال ِثّياب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪،148‬‬

‫قال القرطبي رحمه هللا‪« :‬ليس ُك ُّل ما تهواه النَّفس يُ َذ ُّم‪ ،‬وليس ك ُّل ما يُتَزَ يَّن به‬
‫للنَّاس يُكره‪ ،‬وإنَّما يُنهى عن ذلك إذا كان الشَّرع قد َن َهى عنه‪ ،‬أو على وجه ِ‬
‫الرّ ياء‬
‫في باب ال ِ ّدين‪ ،‬فإنَّ اإلنسان يُ ِحبُّ أن يُرى جمياًل ‪ ،‬وذلك حظ ٌّ للنَّفس ال يُالم فيه‪،‬‬
‫س ِّوي عمامته‪ ،‬ويلبس بطان َة الثَّو ِ‬
‫ب‬ ‫ولهذا يُس َِرّ ح شعرَ ه‪ ،‬وينظر في المرآة‪ ،‬ويُ َ‬
‫‪150‬‬
‫الخشن َة إلى الدَّاخل‪ ،‬وظاهرته الحسنة إلى الخارج‬
‫وإذا كانت الشَّريعة الغرَّ اء قد أباحت لك ٍ ّل من الرَّ جل والمرأة التَّ ُّزين وال سيَّما في‬
‫ال ِلّباس‪ ،‬فإنَّها‪ C‬قد راعت في ذلك أالَّ تكون اإلباحة على إطالقها‪ ،‬وإنَّما قيَّدتها بقيود‪،‬‬
‫منها‪ :‬تحريم بعض أنواع ال ِلّباس على ك ٍ ّل من الرَّ جل والمرأة تعبُّدًا هلل تعالى؛ فاهلل‬
‫تعالى يتعبَّد عباده بما يشاء‪ ،‬وإنَّ المتأ ِّمل حكمة التَّشريع اإلسالمي يجد أنَّ هللا‬
‫تعالى تعبَّد عبادَه في ك ِ ّل مناحي الحياة بالتَّحريم أو باإلباحة أو باالستحباب‪ C‬أو‬
‫بالوجوب‪ ،‬وهذا األمر فيه فائدة عظيمة لعباده‪ ،‬حيث يضمن لهم الثَّواب العظيم من‬
‫أمور من السَّهل أن يفعلها بغير‬
‫ٍ‬ ‫هللا تعالى على امتثال أوامره واجتناب مناهيه في‬
‫مشقَّة أو كلفة؛ فهو رحم ٌة بهم من قب ُل ومن بعدُ‪ .‬كما راعت الشَّريعة اإلسالميَّة‬
‫جوانب االختالف‪ C‬بين الرَّ جل والمرأة فجاء التَّكليف بما يتناسب مع ك ٍ ّل منهما كما‬
‫سبق و ان راينا الشروط والضوابط الواجب توفرها في لباس المسلمين في‬
‫الفصلين السابقين ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ضعفاء والفقراء‬‫وراعت الشَّريعة ‪ -‬أيضً ا ‪ -‬التَّفاوت‪ C‬بين النَّاس‪ ،‬فحفظت قلوب ال ُّ‬
‫من االنكسار بسبب التَّفاوت بينهم وبين غيرهم من األغنياء‪ ،‬وهذه كلُّها مقاصد‬
‫سامية عملت الشَّريعة على تحقيقها من خالل اختالف أحكام ال ِلّباس بين ال َّرجل‬
‫والمرأة‪.‬‬

‫الزّ ينة الخفيَّة‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنَّها إذا تزيَّنت تُخفي زينتها عن ال ِّرجال‬
‫ولباس المرأة فيه ِ‬
‫الزّ ينة الظَّاهرة‪ ،‬ولذا أوجد اإلسالم فر ًقا بين‬
‫األجانب‪ .‬بعكس لباس ال َّرجل ففيه ِ‬
‫‪[ 148‬األعراف‪]26 :‬‬
‫‪  149‬انظر‪ :‬تفسير البغوي (‪.)155 /2‬‬
‫‪ 150‬الجامع ألحكام القرآن (‪)197 /7‬‬

‫‪12‬‬
‫لباس ال َّرجل ولباس المرأة‪ ،‬سواء كان فيما يتَّصل بالمادَّة المنسوجة التي يجوز‬
‫لبسها‪ ،‬أو ال يجوز‪ ،‬أو كان الفرق متَّصاًل بمواصفات الملبوس تبعًا لجنس الالَّبس‪،‬‬
‫وسيكون الحديث عن المادَّة المنسوجة التي يصحُّ لبسها‪ ،‬أو ال يصحُّ ‪ ،‬لكال الجنسين‬
‫وفي هذا البحث أربع مطالب‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬لبس الحرير للرجل‬

‫المطلب الثاني ‪:‬لبس الحرير للمرأة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلسبال‪ . .‬المطلب الرابع‪ :‬لبس الخاتم‪.‬‬

‫المطلب‪ :‬األول ‪ :‬لبس الحرير‪ 151‬للرَّجل‪:‬‬

‫واًل ‪ :‬حكم ليس الحرير للرجل‪ :‬الحرير من أه ِ ّم ما يلبس ِ‬


‫للزّ ينة‪ ،‬وهو شعار النُّعومة‬
‫وال ِلّين‪ ،‬والمبالغ ُة في ِ‬
‫الزّ ينة والتَّنعُّم ليس من صفات ال َّرجل‪ ،‬إنَّما هو من صفات‬
‫المرأة‪ ،‬وقد نهى الشَّرع عن تشبُّه ال َّرجل بالمرأة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫والرَّ جل مُطالب بزين ٍة معتدلة ال مبالغة فيها؛ حتَّى يكون أهاًل لتحمُّل المشا ِّق‪،‬‬
‫إضاف ًة أنَّ لبسه فيه تشبُّه بالكفَّار‪ ،‬فهو من لباسهم في الدُّنيا‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإنَّ‬
‫األحاديث‪ C‬ص َّرحت بنهي الرَّ جل عن لبسه‪ .‬لذا ذهب األئمَّة األربعة وأتباعهم إلى‬
‫تحريم الحرير الخالص على ال َّرجل‪ ،152 ‬بل حكى النَّووي وابنُ قدامة وغيرُ هما‬
‫َ‬
‫اإلجماع على ذلك‪.153 ‬‬

‫س ّمِي حريرً ا؛ لخلوصه‪ .‬يُقال لك ِ ّل‬


‫ي معرَّ ب ‪ -‬هو‪ :‬ثياب تُصنع من الق ِّز‪ ،‬و ُ‬
‫س ْم ‪ -‬أعجم ٌّ‬
‫‪ 151‬الحرير‪ :‬هو ثياب من إبري َ‬
‫خالص‪ :‬مُحرَّ ر‪ ،‬وحرَّ رت الشَّيء‪ :‬خلَّصته من االختالط بغيره‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة‪( :‬حرر) (‪ ،)117 /4‬ومادة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫(برسم) (‪ ،)46 /12‬ومادة‪( :‬قزز) (‪.)394 /5‬‬

‫‪ 152‬انظر‪ :‬شرح معاني اآلثار (‪)250 /4‬؛ الهداية شرح البداية (‪)17 /10‬؛ حاشية ابن عابدين (‪)351 /6‬؛ بدائع‬
‫الصنائع (‪)131 /5‬؛ عارضة األحوذي (‪)222 /7‬؛ حاشية العدوي (‪)412 /2‬؛ مغني المحتاج (‪)306 /1‬؛ الفروع (‪/1‬‬
‫‪)348‬؛ اإلنصاف (‪)475 /1‬؛ األحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص‪)83‬؛ اإلحكام يما يختلف فيه الرجال والنساء‬
‫من األحكام (‪)292 /1‬؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصالة والمناسك (ص‪.)119‬‬

‫‪ 153‬انظر‪ :‬المهذب (‪)435 /4‬؛ المجموع (‪)438 /4‬؛ المغني (‪.)588 /1‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬‬

‫األدلَّة‪:‬‬

‫ما جاء عن أبي موسى رضي هللا عنه أنَّ رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم‬ ‫‪‬‬
‫اث أُ َّم ِتي َ‬
‫الح ِريرَ وَ ال َّذ َهبَ ‪ ،‬وَ َح َّر َم ُه عَ لَى‬ ‫إلنَ ِ‬
‫أح َّل ِ‬ ‫قال‪« :‬إنَّ َ‬
‫هللا عزّ وجل َ‬
‫ُذ ُك ِ‬
‫ور َها‪.154‬‬

‫ب رضي هللا عنه قال‪َ :‬أخَ َذ رَ سُو ُل ِ‬


‫هللا صلّى‬ ‫ي بن أبي طال ٍ‬ ‫‪ ‬ما جاء عن عل ّ ِ‬ ‫‪‬‬
‫هللا عليه وسلّم حريرً ا بشماله‪ ،‬وذهبًا بيمينه‪ ،‬ث َّم رَ َفعَ بهما يديه‪ ،‬فقال‪« :‬إنَّ‬
‫إلنَا ِث ِه ْم‪.155‬‬ ‫َه َذين َحرَ ا ٌم عَ لَى ُذ ُك ُ‬
‫ور أ َّم ِتي‪ِ ،‬ح ٌّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ي صلّى هللا‬
‫ب رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪« :‬نَ َهانَا الن َِّب ُّ‬ ‫بن عاز ٍ‬ ‫‪ ‬ما جاء عن البرا ِء ِ‬ ‫‪‬‬
‫‪156‬‬
‫عليه وسلّم عَ نْ َ‬
‫سب ٍْع ‪ -‬وَ َذ َكرَ منها‪ :‬الحرير‪.‬‬

‫ما جاء عن حذيفة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلّى هللا عليه‬ ‫‪‬‬
‫َاج‪ِ ،‬هي لَ ُه ْم ِفي ال ُّد ْنيَا‪ ،‬وَ لَ ُك ْم ِفي‬ ‫وسلّم‪« :‬ال َّذ َهبُ وَ ال ِف َّ‬
‫ض ُة‪ ،‬وَ َ‬
‫الح ِري ُر وال ِ ّديب ُ‬
‫اآل ِخرَ ِة‪.157‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم‪« :‬مَنْ‬


‫ما جاء عن عُ مَرَ رضي هللا عنه قال‪ :‬قال النَّب ُّ‬ ‫‪‬‬
‫الح ِريرَ ِفي ال ُّد ْنيَا َل ْم يَ ْلبَسْ ُه ِفي اآل ِخرَ ِة‪.158‬‬
‫َل ِبسَ َ‬

‫«إنَّمَا يَ ْلبَسُ َ‬
‫الح ِريرَ ِفي‬ ‫لفظ آخر عن ُعمَرَ رضي هللا عنه مرفوعً ا‪ِ :‬‬ ‫‪ ‬وفي ٍ‬ ‫‪‬‬
‫ال ُّد ْنيَا مَنْ الَ خَ الَ َق لَ ُه ِفي اآل ِخرَ ِة»‪ .159‬وجه الدَّاللة من هذه األحاديث‪ C:‬أنَّ‬

‫وصححه األلباني في «صحيح سنن النسائي» (‪( ،)400 /3‬ح‪)5280‬‬


‫َّ‬ ‫‪ 154‬رواه النسائي (‪( ،)190 /8‬ح‪،)5265‬‬

‫‪ 155‬رواه ابن ماجه‪( ،)1189 /2( ،‬ح‪ .)3595‬وص َّححه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (‪( ،)197 /3‬ح‪.)2912‬‬

‫‪ 156‬رواه البخاري‪( ،)1867 /4( ،‬ح‪.)5863‬‬


‫‪ 157‬رواه البخاري‪( ،)1859 /4( ،‬ح‪.)5831‬‬
‫‪ 158‬رواه البخاري‪( ،)1860 /4( ،‬ح‪.)5834‬‬
‫‪  159‬رواه البخاري‪( ،)1860 /4( ،‬ح‪.)5835‬‬

‫‪12‬‬
‫الحرير ‪ -‬بأنواعه ‪ -‬محرَّ م على الرَّ جل‪ ،‬وجائز للمرأة‪ ،‬وهذا الوعيد الشَّديد‬
‫محرَّم شدي ِد الحرمة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ال يكون إالَّ في‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬حكم لبس الحرير للمرض‪ :‬والحاجة‪ :‬‬

‫ب ‪ -‬لُبْسَ ما فيه أعالم‪ ،‬ال‬


‫جوَّز األئمَّة الثَّالثة‪ ،‬واإلمام مالك ‪ -‬في رواية ابن حبي ٍ‬
‫تزيد على أربع أصابع فما دونهم؛ للحاجة‪ .160 ‬وبنا ًء على ذلك يجوز للرَّ جل‬
‫استعمال الحرير في حالين‪:‬‬

‫الحال األولى‪ :‬إذا كان قلياًل بشرط‪:‬‬

‫أالَّ يزيد عرضُ ه عن أربع أصابع‪ ،‬كرقعة في الثَّوب‪ ،‬أو تطريز‪ ،‬أو في أطراف‬
‫الثَّوب‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫بالج ِابيَ ِة َف َقالَ‪:‬‬


‫َ‬ ‫ب رضي هللا عنه خَ طَبَ‬ ‫بن َغ َفلَ َة؛ َأنَّ عُ مَرَ بنَ الخَ طَّا ِ‬‫♦‪ ‬عن سُوَ ْي ِد ِ‬
‫ْن‪َ ،‬أوْ‬ ‫ضعَ ِإصْ بَ َعي ِ‬‫ير‪ ،‬إالَّ مَوْ ِ‬
‫الح ِر ِ‬
‫ْس َ‬‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم عَ نْ لُب ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫«نَ َهى نَ ِب ُّ‬
‫ث‪َ ،‬أوْ َأرْ ب ٍَع‪.161‬‬ ‫ثَالَ ٍ‬
‫يجانَ ‪َ :‬‬
‫«أنَّ‬ ‫ي‪َ :‬أتَانَا ِكتَابُ ُعمَرَ ‪ ،‬وَ نَ ْحنُ مَعَ ُع ْتبَ َة بن َفرْ َق ٍد ِب َأ ْذرَ ِب َ‬ ‫♦‪ ‬عن عُ ْثمَانَ النَّ ْه ِد ِّ‬
‫شارَ ِب ِإصْ بَ َع ْي ِه اللَّتي ِ‬
‫ْن‬ ‫ير إالَّ َه َك َذا‪ ،‬وَ َأ َ‬
‫الح ِر ِ‬‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم نَ َهى عَ ِن َ‬ ‫رَ سُو َل ِ‬
‫‪162‬‬
‫اإل ْب َها َم‪َ C،‬قالَ‪ِ :‬فيمَا عَ ِلمْ نَا َأنَّ ُه يَعْ ِني األَعْ ال َم‪.‬‬ ‫تَ ِلي ِ‬
‫َان ِ‬
‫‪ ‬‬

‫ض المرض؛ كاألمراض الجلديَّة‪ :‬ونحوها‪.‬‬


‫لعار ِ‬
‫الحال الثانية‪ِ  :‬‬
‫ي صلّى هللا عليه وسلّم ِلل ُّزبَي ِْر وَ عَ ْب ِد‬
‫أنس رضي هللا عنه قال‪« :‬رَ خَّصَ الن َِّب ُّ‬‫♦‪ ‬عن ٍ‬
‫ير‪ ،‬ل ِح َّك ٍة ِب ِهمَا»‪ .163‬قال ابن حجر رحمه هللا‪« :‬قال الطَّبري‪:‬‬ ‫الحر ِ‬
‫ِ‬ ‫َن ِفي لُب ِ‬
‫ْس‬ ‫الرَّ ْحم ِ‬
‫فيه دالل ٌة على أنَّ النَّهي عن لبس الحرير‪ ،‬ال يدخل فيه مَنْ كانت به علَّة‪ ،‬يُخ ِّففها‬

‫‪ 160‬انظر الفصل االول‬


‫‪  161‬رواه مسلم‪( ،)1643 /3( ،‬ح‪.)2069‬‬
‫‪ 162‬رواه البخاري‪( ،)1859 /4( ،‬ح‪.)5828‬‬
‫‪ 163‬رواه البخاري‪( ،)1861 /4( ،‬ح‪.)5839‬‬

‫‪12‬‬
‫لبس الحرير»‪ . 164‬وجاء في «المغني‪ ،‬والشَّرح الكبير»‪« :‬وال نعلم في تحريم لُبس‬
‫‪165‬‬
‫ذلك على ال ِّرجال اختال ًفا إالَّ لعارض مرض‪ .‬قال ابن عبد الب ِّر‪ :‬هذا إجماع»‬

‫ثالثًا‪ :‬حكم افتراش الرَّ جل الحرير‪ :‬‬

‫اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين‪ ،‬الرَّ اجح منهما‪ :‬أنَّه ال يجوز افتراش‬
‫الرَّ جل الحرير‪ ،‬وهو مذهب الجمهور‪ ،‬منهم‪ :‬المالكيَّة والشَّافعية والحنابلة‪ ،‬وقال به‬
‫‪166‬‬
‫أبو يوسف ومحمد من الحنفيَّة‪. ‬‬

‫األدلَّة‪:‬‬

‫‪ ‬استد َّل أهل العلم على تحريم افتراش الحرير للرَّ جل‪ ،‬بما جاء عنْ ُح َذ ْي َف َة رضي‬
‫ض ِة‪،‬‬
‫ب وَ ال ِف َّ‬ ‫ي صلّى هللا عليه وسلّم َأنْ نَ ْ‬
‫شرَ بَ ِفي آ ِنيَ ِة ال َّذ َه ِ‬ ‫هللا عنه قال‪« :‬نَ َهانَا الن َِّب ُّ‬
‫َاج‪ ،‬وَ َأنْ نَ ْج ِلسَ عَ َل ْي ِه»‪ .167‬قال ابن حجر‬ ‫ير وَ ال ِ ّديب ِ‬
‫الح ِر ِ‬
‫ْس َ‬ ‫َ‬
‫وَ أنْ نَأ ُك َل ِفي َها‪ ،‬وَ عَ نْ لُب ِ‬
‫رحمه هللا‪« :‬وهي ُح َّجة قويَّة لمن قال بمنع الجلوس على الحرير‪ ،‬وهو قول‬
‫الجمهور‪ ،‬خال ًفا البن الماجشون‪ ،‬والكوف ِيّين‪ ،‬وبعض الشَّافعية‪.  ‬‬
‫‪169 168‬‬

‫االستدالل بالمعقول‪:‬‬

‫‪ ‬يقال أيضً ا‪ :‬إنَّ سبب تحريم اللُّبس موجو ٌد في االفتراش‪170 ‬؛ ألنَّه إنْ ُع ِلّل تحريم‬
‫اللُّبس بالسَّرَ ف‪ ،‬فهو في االفتراش أولى‪ .‬وإنْ عُ ِلّ َل بال ُخيَالء‪ ،‬فهو في االفتراش‬
‫أشدُّ‪ ،‬وإنْ كان في اللُّبس تشبُّ ًها بال ِنّساء‪ ،‬فكذلك االفتراش‪ ،‬وقد َح َّرم الشَّرع على‬
‫الرَّ جل لبس ما زاد على أربع أصابع من الحرير‪ ،‬فكيف يُجيز االفتراش الذي يصل‬
‫إلى عدَّة أمتار؟!‬

‫‪ 164‬فتح الباري (‪.)29 /10‬‬


‫‪ 165‬لمغني والشرح الكبير (‪.)626 /1‬‬
‫‪ 166‬انظر‪ :‬الفتاوى الهندية (‪)331 /5‬؛ البحر الرائق (‪)189 /8‬؛ الخرشي على خليل (‪)252 /1‬؛ مواهب الجليل (‪/11‬‬
‫‪)505‬؛ مغني المحتاج (‪)306 /1‬؛ نهاية المحتاج (‪)373 /2‬؛ الفروع (‪)348 /1‬؛ اإلنصاف (‪)475 /1‬؛ اإلحكام فيما‬
‫يختلف فيه الرجال والنساء من األحكام (‪)295 /1‬؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصالة والمناسك (ص‪)124‬‬
‫‪ 167‬رواه البخاري‪( ،)1861 /4( ،‬ح‪)5837‬‬
‫مذهب اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬وابن الماجشون من المالكيَّة‪ ،‬قالوا‪ :‬بجواز افتراش ال َّرجل الحرير‪ ،‬وهو قول مرجوح‪.‬‬ ‫‪168‬‬

‫‪ 169‬فتح الباري (‪.)292 /10‬‬


‫‪ 170‬انظر‪ :‬المجموع (‪.)435 /4‬‬

‫‪12‬‬
‫رابعًا‪ :‬حكم إلباس الصَّ بي الحرير‪:‬‬

‫‪ ‬اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثالثة أقوال‪ ،‬ال َّراجح منها‪ :‬أنَّه ال يجوز‬
‫صبي ما زاد على أربع أصابع من الحرير‪ ،‬واإلث ُم على مَنْ يُلبسه ال عليه؛‬ ‫إلباس ال َّ‬
‫ألنَّه ليس من أهل التَّحريم‪ ،‬وهو قول الحنفيَّة‪ ،‬وَ وَ ْج ٌه للشَّافعية‪ ،‬وأص ُّح ال ِّروايتين‬
‫‪171‬‬
‫عند الحنابلة‪. ‬‬

‫األدلَّة‪:‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في الحرير وال َّذهب‪ِ :‬‬


‫«إنَّ‬ ‫ما تقدَّم من قول النَّب ّ ِ‬ ‫‪‬‬
‫ي صلّى‬ ‫إل َنا ِث ِه ْم‪ .172‬وجه الدَّاللة‪ :‬أنَّ النَّب َّ‬ ‫َه َذين َحرَ ا ٌم عَ لَى ُذ ُك ُ‬
‫ور أ َّم ِتي‪ِ ،‬ح ٌّل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا عليه وسلّم أدار الحكم على ال ّذكورة‪ .  ‬فالتَّحريم جاء عامًا بلفظ‬
‫‪173‬‬

‫صبيانُ داخلون فيه ال يخرجون إالَّ بدليل‪ ،‬وال دلي َل على ذلك‪.‬‬
‫ال ُّذكورة‪ ،‬وال ِ ّ‬

‫‪ ‬‬

‫ي تَمْ رَ ًة ِمنْ تَمْ ِر‬ ‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪َ :‬أخَ َذ َ‬
‫الحسَنُ بْنُ عَ ِل ّ ٍ‬ ‫‪‬‬
‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم‪ِ « :‬ك ْخ‬ ‫الصَّ َد َق ِة‪َ ،‬ف َج َعلَ َها ِفي ِفي ِه‪َ ،‬ف َقا َل رَ سُو ُل ِ‬
‫ت َأنَّا الَ نَأ ُك ُل الصَّ َد َق َة؟»‪.175‬وجه الدَّاللة‪ :‬أنَّ‬
‫ِك ْخ‪ ،174 ‬ارْ ِم ِب َها‪َ ،‬أمَا عَ ِلمْ َ‬
‫ال َّزكاة لمَّا ُح ِّرمت على أهل البيت شمل التَّحريم الصَّ غير والكبير‪ ،‬فكذا‬
‫الحرير هنا يحرم على ذكور األُمَّة‪ ،‬سواء كانوا صغارً ا أم كبارً ا‪ ،‬إالَّ ما‬
‫استُثني منه‪ ،‬وقد مضى ِذكره‪.‬‬

‫جابر رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪ُ « :‬كنَّا نَ ْن ِز ُع ُه‪  ‬عَ ِن ال ِغ ْلم ِ‬


‫‪176‬‬
‫َان‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬ما جاء عن‬ ‫‪‬‬
‫صبي‪ ،‬يقول‬ ‫اري»‪ .177‬وعن ِحكمة تحريم الحرير على ال َّ‬ ‫وَ َن ْترُ ُك ُه عَ َلى َ‬
‫الجوَ ِ‬
‫صبيَّ؛ لما ينشأ عليه‬ ‫ي أن يُ ْل ِبسَه ال َّ‬ ‫ابن ال ِّقيم رحمه هللا‪« :‬يحرم على الول ّ ِ‬
‫‪ 171‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع (‪)131 /5‬؛ الفتاوى الهندية (‪)331 /5‬؛ مغني المحتاج (‪)306 /1‬؛ نهاية المحتاج (‪)376 /1‬؛‬
‫المغني (‪)591 /1‬؛ اإلنصاف (‪)480 /1‬؛ اإلحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من األحكام (‪.)319 /1‬‬
‫‪ 172‬رواه ابن ماجه‪( ،)1189 /2( ،‬ح‪ .)3595‬وص َّححه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (‪( ،)197 /3‬ح‪.)2912‬‬
‫‪ 173‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع (‪)131 /5‬؛ المجموع (‪)435 /4‬؛ المغني (‪.)591 /1‬‬
‫وارم به‪ .‬قال الدَّاودي‪« :‬هي عجميَّة مُعرَّ بة‪ ،‬بمعنى‪G:‬‬
‫ِ‬ ‫‪( 174‬ك ِْخ ك ِْخ )‪ :‬كلمة يُزجر بها الصِّبيان عن المستقذرات‪ ،‬فيقال له‪ :‬كخ؛ أي‪ :‬اتركه‬
‫بئس»‪ .‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪)355 /3‬؛ صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)175 /7‬‬
‫‪ 175‬رواه البخاري‪( ،)943 /2( ،‬ح‪)3070‬؛ ومسلم‪ ،‬واللَّفظ له‪.)1069( ،)751 /2( ،‬‬
‫‪ 176‬قال ابن عبد البر رحمه هللا‪« :‬يعني‪ :‬الحرير»‪ .‬انظر‪ :‬التمهيد‪.)259 /14( G‬‬
‫‪ 177‬رواه أبو داود‪( ،)50 /4( ،‬ح‪)4059‬؛ وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (‪( ،)510 /2‬ح‪.)4059‬‬

‫‪12‬‬
‫من صفات‪ C‬أهل التَّأنيث»‪ ، 178‬وفيه تعوي ٌد له على طاعة هللا تعالى بامتثال‬
‫أوامره واجتناب مناهيه‪ ،‬فينشأ على ذلك‪.‬‬

‫خامسًا‪ :‬الحكمة من تحريم الحرير على ال ُّذكور‪ :‬‬

‫لو قال قائل‪ :‬إنَّ ِلباس الحرير من أعد ِل ال ِلّباس وأو َفقه للبدن‪ ،‬فلماذا َح َّرمته الشَّريع ُة‬
‫الرّ جال‪ ،‬وقد أباحت الط َّ ِيّبات‪ ،‬وحرَّ مت الخبائث‪ ،‬والحري ُر ‪َ -‬ق ْ‬
‫طعًا ‪-‬‬ ‫الكاملة على ِ‬
‫ليس خبيثًا؟ َذ َكرَ أه ُل العلم ِع َّد َة ِح َك ٍم في سبب هذا التَّحريم‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أنَّ الشَّريعة ح َّرمته؛ لتصبرَ النُّفوسُ عنه‪ ،‬وتتر َكه هلل تعالى‪ ،‬وال سيَّما ولها‬ ‫‪‬‬
‫عوَ ضٌ عنه بغيره‪ ،‬فهو داخ ٌل في عموم االبتالء واالمتحان‪ ،‬ومَنْ تركه في‬
‫الدُّنيا من ال ِّرجال كان له زينة في الجنَّة جزا ًء وفا ًقا‪.‬‬
‫أنَّ الحرير خُ ِل َق ‪ -‬في األصل ‪ -‬لل ِنّساء‪ ،‬كال ِحلية بال َّذهب‪َ ،‬ف َحرُ م على‬ ‫‪‬‬
‫الرّ جال؛ لما فيه من مفسدة تشبُّه ال ِّرجال بال ِنّساء‪.‬‬
‫ِ‬
‫َحرُ َم؛ لما يورثه من ال َفخْ ر وال ُخيَالء والع ُْجب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫َحرُ َم؛ لما يورثه بمالمسته للبدن من األنوثة والتَّخَ نُّث‪ِ ،‬‬
‫وض ُّد الشَّهامة‬ ‫‪‬‬
‫والرُّ جولة؛ فإنَّ لُ ْبسَه يُكسب القلبَ صف ًة من صفات‪ C‬اإلناث‪ C،‬ولهذا ال تكاد‬
‫تج ُد مَنْ يَ ْلبَسُه ‪ -‬في األع ِ ّم األغلب ‪ -‬إالَّ وعلى شمائله من التَّخَ نُّث والتَّأنُّث‪،‬‬
‫والرَّ خاوة ما ال يخفى‪.179 ‬‬
‫هللا ‪ -‬تبارك وتعالى ‪ -‬عَ ِل َم ِقلَّة صبر ال ِنّساء عن التَّزيُّن‪ ،‬فلطف ِب ِهنَّ في‬ ‫أنَّ َ‬ ‫‪‬‬
‫‪180‬‬
‫إباحته؛ وألنَّ تزيُّ َن ُهنَّ ‪ -‬غالبًا ‪ -‬إنَّما هو لألزواج‪. ‬‬

‫ت فهي ِح َك ٌم معقولة‪ ،‬وإالَّ فالحكمة ك ُّل الحكمة في اتَّباع شرع هللا تعالى‪،‬‬ ‫صح ْ‬
‫َّ‬ ‫فإنْ‬
‫واالنقياد‪ C‬له بالطَّاعة‪ ،‬كما قال تعالى‪ ﴿ :‬وَ مَا َكانَ ِلم ُْؤ ِم ٍن وَ الَ م ُْؤ ِمنَ ٍة ِإ َذا‪َ C‬قضَ ى اللَّ ُه‬
‫ْص اللَّ َه وَ رَ سُولَ ُه َف َق ْد ضَ َّل‬ ‫وَ رَ سُولُ ُه َأمْ رً ا َأنْ يَ ُكونَ َل ُه ْم ا ْل ِخيَرَ ُة ِمنْ َأمْ ِر ِه ْم وَ مَنْ يَع ِ‬
‫‪181‬‬
‫ضَ اًل اًل م ُِبينًا‪﴾ ‬‬

‫‪  178‬زاد المعاد (‪.)80 /4‬‬


‫‪ 179‬انظر‪ :‬المصدر نفسه (‪)80-79 /4‬‬
‫‪ 180‬انظر‪ :‬فتح الباري (‪)296 /10‬؛ فيض القدير (‪)572 /3‬‬
‫‪ 181‬األحزاب‪.]36 :‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب‪ :‬الثاني ‪ :‬لبس الحرير للمرأة‪:‬‬

‫أواًل ‪ُ :‬حكم لبس الحرير للمرأة‪ :‬يجوز للمرأة لبس الحرير بأنواعه‪ ،182 ‬وقد وقع‬
‫اإلجماع على ذلك‪ ،‬وصرَّ ح به عدد من أهل العلم‪ ،‬منهم‪ :‬النَّووي‪ ،‬وابن قدامة‪،‬‬
‫‪183‬‬
‫وغيرهما‪. ‬‬

‫األدلَّة‪:‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في الحرير وال َّذهب‪« :‬إنَّ‬ ‫ما تقدَّم من قول النَّب ّ ِ‬ ‫‪‬‬
‫إلنَا ِث ِه ْم‪.‬‬ ‫َه َذين َحرَ ا ٌم عَ لَى ُذ ُك ُ‬
‫ور أ َّم ِتي‪ِ ،‬ح ٌّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي صلّى هللا عليه‬ ‫ي رضي هللا عنه؛ أنَّ أ َك ْي ِدرَ دُوْ َم َة أ ْهدَى ِإلَى الن َِّب ّ ِ‬ ‫عن عل ّ ٍ‬ ‫‪‬‬
‫‪186 185‬‬
‫اط ِم‪.  ‬‬ ‫ش ِّق ْق ُه خُ مُرً ا‪   ‬بَيْنَ ال َفوَ ِ‬
‫‪184‬‬
‫ير‪َ ،‬ف َأعْ طَا ُه عَ ِليًّا‪َ ،‬ف َقالَ‪َ « :‬‬ ‫وسلّم ثَوْ بَ َح ِر ٍ‬
‫هللا صلّى هللا عليه‬ ‫َت ِلرَ سُو ِل ِ‬ ‫ي رضي هللا عنه قال‪ :‬أُ ْه ِدي ْ‪C‬‬ ‫وما جاء عن عل ّ ٍ‬ ‫‪‬‬
‫َث ِب َها ِإلَيَّ‪َ ،‬فلَ ِبسْ تُ َها‪َ ،‬فعَرَ ْفتُ ال َغضَ بَ ِفي وَ ْج ِه ِه‪.‬‬ ‫وسلّم ُحلَّ ُة ِسيَرَ ا َء‪َ  187 ‬فبَع َ‬
‫س َها‪ِ ،‬إنَّمَا بَ َع ْثتُ ِب َها ِإلَيْكَ ِلتُ َ‬
‫ش ِّق َق َها ُخمُرً ا بَيْنَ‬ ‫َث ِب َها ِإلَيْكَ ِلتَ ْلبَ َ‬ ‫َف َقالَ‪« :‬إ ِنّي َل ْم َأ ْبع ْ‬
‫ال ِنّسَا ِء‪ .188‬قال النووي رحمه هللا‪« :‬فيه دلي ٌل لجواز لبس ال ِنّساء الحرير‪،‬‬
‫‪189‬‬
‫وهو م ُْج َم ٌع عليه اليوم‪.‬‬
‫‪ 182‬انظر‪ :‬شرح معاني اآلثار (‪)249 /4‬؛ الهداية شرح البداية (‪)17 /10‬؛ بدائع الصنائع‪)130 /5( C‬؛ مواهب‬
‫الجليل (‪)504 /1‬؛ القوانين الفقهية (ص‪)377‬؛ المهذب (‪)440 /4‬؛ مغني المحتاج (‪)306 /1‬؛ الفروع (‪/1‬‬
‫‪)348‬؛ اإلنصاف (‪)475 /1‬؛ األحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص‪)83‬؛ اإلحكام فيما يختلف فيه‬
‫الرجال والنساء من األحكام (‪)323 /1‬؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصالة والمناسك (ص‪.)119‬‬
‫‪ 183‬المجموع (‪)442 /4‬؛ صحيح مسلم بشرح النووي (‪)32 /6‬؛ المغني (‪.)588 /1‬‬
‫‪( 184‬خُ مُرً ا)‪ :‬جمع خمار‪ ،‬وهو ما يوضع على رأس المرأة‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)41 /14‬‬
‫ثالث‪ .‬فاطم ُة بنتُ رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم‪ ،‬وفاطم ُة‬ ‫ٌ‬ ‫‪( 185‬ال َفوَ اطِ م)‪ :‬قال الهرو ُّ‬
‫ي واألزهريُّ‪ ،‬والجمهورُ ‪ :‬إنَّهن‬
‫ي‪ ،‬وفاطم ُة بنتُ حمز َة بن عبد‬
‫ب رضي هللا عنه‪ ،‬وهي أوَّ ل هاشميَّ ٍة وُ لدت لهاشم ّ ٍ‬ ‫ي بن أبي طال ٍ‬‫بنتُ أس ٍد ‪ -‬وهي أ ُّم عل ّ ِ‬
‫المطلب رضي هللا عنه‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)51-50 /14‬‬
‫‪  186‬رواه مسلم‪( ،)1645 /3( ،‬ح‪.)2071‬‬
‫(حلَّ ُة سِ يرَ اءَ)‪ :‬ضُ ِبطَت ال ُحلَّ ُة هنا بغير تنوين على اإلضافة‪ ،‬وبالتَّنوين على أنَّ سِ يرَ ا َء صف ٌة‪ ،‬وهما وجهان مشهوران‪،‬‬
‫‪ُ 187‬‬
‫والمح ّقِقون ومتقنو العربيَّة يختارون اإلضافة‪ .‬قال سيبويه‪« :‬لم تأت ِفعَالء صف ًة‪ ،‬وأكثر المح ّدِثين يُن ِّونون»‪ .‬وهي برو ٌد‬
‫الحلَّة ال تكون إالَّ ثوبين‪،‬‬
‫ش ِبّهت خطوطها بالسُّتور‪ .‬قال أهل اللُّغة‪ُ :‬‬
‫يُخالطها حرير‪ ،‬وهي مضَ لَّعة بالحرير‪ ،‬قالوا‪ :‬كأنَّما ُ‬
‫وتكن غالبًا إزارً ا وردا ًء‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)38-37 /14‬‬

‫‪ 188‬رواه مسلم‪( ،)1644 /3( ،‬ح‪.)2071‬‬


‫‪  189‬انظر‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)41 /14‬‬

‫‪12‬‬
‫«أمَرَ نَا رَ سُو ُل ِ‬
‫هللا‬ ‫ب رضي هللا عنهما قال‪َ :‬‬ ‫وما جاء عن البراء بن عاز ٍ‬ ‫‪‬‬
‫سب ٍْع‪ ...‬وَ نَ َهانَا عَ نْ خَ وَ ا ِتي َم‪َ ،‬أوْ عَ نْ‬ ‫صلّى هللا عليه وسلّم ِب َ‬
‫سب ٍْع‪ ،‬وَ نَ َهانَا عَ نْ َ‬
‫ي‪ ،191‬وَ عَ نْ‬ ‫ض ِة‪ ،‬وَ عَ ِن ال َميَا ِث ِر‪ ،190 ‬وَ عَ ِن ال َق ِ ّ‬
‫س ِّ‬ ‫ب بال ِف َّ‬‫شرْ ٍ‬ ‫َتخَ ت ٍُّم بال َّذ َه ِ‬
‫ب‪ ،‬وَ عَ نْ ُ‬
‫َاج‪ .194193‬وجه الدَّاللة‪ :‬جواز لبس‬ ‫اإلسْ تَبْرَ ِق‪ ،  ‬وَ ال َّد ْيب ِ‬ ‫لُب ِ‬
‫‪192‬‬
‫ير‪ ،‬وَ ِ‬ ‫الح ِر ِ‬‫ْس َ‬
‫الرّ جال‪ ،‬ولذا قال النووي رحمه‬ ‫الحرير بأنواعه لل ِنّساء‪ ،‬وتحريمه على ِ‬
‫ي ‪ -‬وهو نو ٌع من‬ ‫هللا‪« :‬وأمَّا ُلبس الحرير واإلستبرق وال ِ ّديباج وال َق ِ ّ‬
‫س ِّ‬
‫الحرير ‪ -‬فكلُّه حرام على ِ‬
‫الرّ جال‪ ...‬وأمَّا ال ِنّساء فيباح لهنَّ لبس الحرير‪،‬‬
‫‪195‬‬
‫وجميع أنواعه»‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا ‪:‬حكم افتراش الحرير للمرأة‪:‬‬

‫‪ ‬ألهل العلم في هذه المسألة قوالن‪ ،‬ال َّراجح منهما‪ :‬أنَّ افتراش الحرير جائز لل ِنّساء‪،‬‬
‫‪196‬‬
‫وهو مذهب الجمهور‪ ،‬منهم‪ :‬الحنفيَّة والمالكيَّة‪ ،‬وأكثر الشَّافعية والحنابلة‪. ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم ‪ -‬في الحرير وال َّذهب‪ِ :‬‬


‫«إنَّ‬ ‫الدَّليل‪ :‬ما تقدَّم من قول النَّب ّ ِ‬
‫إل َنا ِث ِه ْم»‪ .‬وجه الدَّاللة‪ :‬فيه تصريح ِبح ِ ّل الحرير‬ ‫َه َذين َحرَ ا ٌم عَ لَى ُذ ُك ُ‬
‫ور أ َّم ِتي‪ِ ،‬ح ٌّل ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفريق بين اللُّبس واالفتراش‪ ،‬ولم يأت دليل يُح ِّرم افتراش‬ ‫ٍ‬ ‫لل ِنّساء مطلقًا‪ ،‬من دون‬
‫الحرير على ال ِنّساء‪ ،‬واألصل في ذلك اإلباحة‪ ،‬حتَّى يرد دليل مانع‪ ،‬وال يوجد البتَّة‪.‬‬

‫‪( 190‬ال َميَا ِثر)‪ :‬جَ مْ ُع ِم ْئثَرة‪ C،‬وهو ِوطا ٌء كانت ال ِنّساء يَضَ ْعنَه ألزواجهنَّ على السُّروج‪ ،‬وكان من مراكب العجم‪،‬‬
‫صغير تُتَّخذ من حرير‪ ،‬تُحشى بقطن أو صوف‪ ،‬يجعلها ال َّراكب على البعير تحته‬ ‫وقيل‪ :‬هي شيء كالفراش ال َّ‬
‫فوق الرَّ حل‪ .‬انظر‪ :‬صحيح‪ C‬مسلم بشرح النووي (‪.)33 /14‬‬
‫ُضلَّعة بالحرير ُتعمل بال َقس ‪ -‬بفتح القاف ‪ -‬وهو‬
‫‪( 191‬ال َقسِّي)‪ :‬بفتح القاف وكسر السِّين المهملة المشدَّدة‪ ،‬وهي ثيابٌ م َ‬
‫موضع من بالد مصر‪ ،‬وهو قرية على ساحل البحر‪ ،‬قريبة من تنيس‪ .‬انظر‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪34 /14‬‬
‫(اإلس َت ْب َرق)‪ :‬هو غليظ الدِّ يباج‪.‬‬
‫ْ‬ ‫‪192‬‬

‫‪ 193‬رواه البخاري‪( ،)1089 /4( ،‬ح‪)5649‬؛ ومسلم‪ ،‬واللفظ له‪( ،)1635 /3( ،‬ح‪.)2066‬‬
‫‪( 194‬ال َّد ْي َباج)‪ :‬بفتح ال َّدال وكسرها‪ ،‬جمعه ديابيج‪ ،‬وهو عَجميٌّ مُعرَّ ب‪ ،‬وهي ِّ‬
‫الثياب الم َّتخذة من اإلبريسم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح‬
‫مسلم بشرح النووي (‪.)34 /14‬‬
‫‪ 195‬انظر‪ :‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)32 /14‬‬
‫‪ 196‬انظر‪ :‬الهداية شرح البداية (‪)18 /10‬؛ عارضة األحوذي (‪)223 /7‬؛ مواهب الجليل (‪)504 /1‬؛ المجموع (‪/4‬‬
‫‪)442‬؛ مغني المحتاج (‪)306 /1‬؛ نهاية المحتاج (‪)377 /2‬؛ الفروع (‪)348 /1‬؛ اإلحكام فيما يختلف فيه الرجال‬
‫والنساء من األحكام (‪.)325 /1‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اإلسبال‪:‬‬

‫أواًل ‪ :‬حكم إسبال الرَّ جل‪ :‬طول ثوب الرجل أو إزاره‪ ،‬له خمس حاالت‪:‬‬

‫سنَّة‪.‬‬
‫الحال األولى‪ :‬نصف السَّاقين‪ ،‬وحكمها‪ :‬االستحباب؛ ألنَّه الموافق لل ُّ‬

‫ودليلها‪:‬‬

‫ي رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسو ُل هللا صلّى هللا‬ ‫‪ -‬ما جاء عن أبي سعي ٍد الخُدر ِّ‬
‫َّاق‪ »...‬الحديث‪.197 ‬‬ ‫س ِل ِم ِإ َلى ِنصْ ِ‬
‫ف الس ِ‬ ‫عليه وسلّم‪ِ :‬‬
‫«إزْ رَ ُة ال ُم ْ‬

‫«إزْ رَ ُة الم ُْؤ ِم ِن ِإلَى‬


‫لفظ آخَ رَ من حديث أبي سعي ٍد رضي هللا عنه مرفوعً ا‪ِ :‬‬ ‫‪ -‬وفي ٍ‬
‫َأ ْنصَ ِ‬
‫اف سَا َق ْي ِه‪ »...‬الحديث‪. ‬‬
‫‪198‬‬

‫‪ -‬ما جاء عن ُحذيفة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم‪:‬‬
‫‪199‬‬
‫ْن وَ العَضَ لَ ِة‪ »...‬الحديث‪. ‬‬ ‫ار ِإلَى َأ ْنصَ ِ‪C‬‬
‫اف السَّا َقي ِ‬ ‫اإلزَ ِ‬
‫ضعُ ِ‬
‫«مَوْ ِ‬

‫الحال الثَّانية‪ :‬‬

‫ما دون نصف السَّاق إلى الكعبين‪ ، ‬وحكمها‪ :‬الجواز‪.‬‬

‫ودليلها‪:‬‬

‫ي رضي هللا عنه مرفوعً ا‪« :‬إزْ رَ ُة المُسْ ِل ِم ِإلَى‬ ‫‪ -‬ما تقدَّم من حديث أبي سعي ٍد الخدر ِّ‬
‫‪200‬‬
‫ْن‪ »...‬الحديث‪. ‬‬ ‫اح ‪ِ -‬فيما بَ ْي َن ُه وَ بَيْنَ ال َك ْعبَي ِ‬‫َّاق‪ ،‬والَ َحرَ َج ‪ -‬أوْ الَ ُج َن َ‬
‫ف الس ِ‬
‫ِنصْ ِ‬

‫«إزْ ر ُة الم ُْؤ ِم ِن ِإلَى‬


‫‪ -‬وفي لفظ آخَ رَ من حديث أبي سعي ٍد رضي هللا عنه مرفوعً ا‪ِ :‬‬
‫اح عَ لَ ْي ِه مَا بيْن ُه وَ بَيْنَ ال َك ْعبَي ِ‬ ‫َأ ْنصَ ِ‬
‫اف سَا َق ْي ِه‪ ،‬الَ ُج َن َ‬
‫‪201‬‬
‫ْن‪ »...‬الحديث‪. ‬‬

‫ار ِإلَى َأ ْنصَ ِ‬


‫اف‬ ‫اإلزَ ِ‬ ‫‪ -‬ما تقدَّم من حديث ُح َذي َف َة رضي هللا عنه مرفوعً ا‪« :‬مَوْ ِ‬
‫ض ُع ِ‬
‫َّاق‪ »...‬الحديث‪. ‬‬ ‫ْت؛ َفأسْ َفلَ‪َ ،‬ف ِإنْ َأبَي َ‬
‫ْت َف ِمنْ وَ رَ ا ِء الس ِ‬ ‫ْن وَ العَضَ لَ ِة‪َ ،‬ف ِإنْ َأبَي َ‬
‫السَّا َقي ِ‬
‫‪ 197‬رواه أبو داود (‪( ،)59 /4‬ح‪ .)4093‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (‪( ،)518 /2‬ح‪)4093‬‬
‫‪ 198‬رواه ابن ماجه (‪( ،)1183 /2‬ح‪ .)3573‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (‪( ،)191 /3‬ح‪.)2891‬‬
‫‪ 199‬رواه النسائي (‪( ،)206 /8‬ح‪ .)5329‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن النسائي» (‪( ،)417 /3‬ح‪)5344‬‬

‫‪ 200‬رواه أبو داود (‪( ،)59 /4‬ح‪ .)4093‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (‪( ،)518 /2‬ح‪)4093‬‬
‫‪ 201‬رواه ابن ماجه (‪( ،)1183 /2‬ح‪ .)3573‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (‪( ،)191 /3‬ح‪)2891‬‬

‫‪12‬‬
‫حكمها‪:‬‬
‫اإلزار على الكعبين‪ ،‬و ُ‬
‫ِ‬ ‫الحال الثَّالثة‪ :‬وَ ضْ عُ‬

‫التَّحريم‪.‬‬

‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم‬ ‫ودليلها‪ :‬عن ُح َذ ْي َف َة رضي هللا عنه؛ َقالَ‪َ :‬أخَ َذ رَ سُو ُل ِ‬
‫س َفلَ‪َ ،‬ف ِإنْ َأبَي َ‬
‫ْت؛‬ ‫ْت َف َأ ْ‬
‫ار؛ َف ِإنْ َأبَي َ‬
‫اإلزَ ِ‬
‫ضعُ ِ‬ ‫ِبعَضَ لَ ِة سَا ِقي ‪َ -‬أوْ سَا ِق ِه ‪ -‬فقال‪َ « :‬ه َذا مَوْ ِ‬
‫ار في ال َك ْعبَي ِ‬
‫ْن‪.202‬‬ ‫َفالَ َحقَّ ِل ِ‬
‫إلزَ ِ‬
‫‪ ‬‬

‫الحال ال َّرابعة‪ :‬ما أسفل من الكعبين‪ ،‬وحكمها‪:‬‬

‫أنَّه أش ُّد حرمة من الكعبين‪ ،‬وفيه وعيد شديد‪.‬‬

‫ودليلها‪:‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم قال‪« :‬مَا‬ ‫‪ -‬ما جاء عن أبي ُهريرة رضي هللا عنه؛ عن النَّب ّ ِ‬
‫َ‬
‫َّار»‪ .‬قال ابن حجر رحمه هللا في شرحه‬ ‫ار َف ِفي الن ِ‬
‫اإلزَ ِ‬ ‫أسْ َف َل ِمنَ ال َك ْعبَي ِ‬
‫ْن ِمنَ ِ‬
‫للحديث‪« :‬أي‪ :‬ما دون الكعبين‪ ،‬من َقد َِم صاحب اإلزار المُسبل‪ ،‬فهو في النَّار‪،‬‬
‫عقوب ًة له على فعله‪.203‬‬

‫ش ْعبَ َة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسو ُل هللا صلّى هللا عليه‬ ‫‪ -‬ما جاء عن المُغيرَ ة بن ُ‬
‫ال يُ ِحبُّ ال ُمس ِْبلينَ ‪.204‬‬ ‫ُسْب ْل؛ َف ِإنَّ ُ‬
‫هللا َ‬ ‫س ْه ِل! َ‬
‫ال ت ِ‬ ‫وسلّم‪« :‬يَا ُ‬
‫س ْفيَانَ ب ِ‬
‫ْن َ‬

‫ي صلّى هللا عليه‬ ‫سلَي ٍْم رضي هللا عنه؛ َأنَّ النَّب َّ‬ ‫ْن ُ‬‫ي َج ِاب ِر ب ِ‬ ‫‪ -‬ما جاء عن ِأبي ُجرَ ٍّ‬
‫ار؛ َف ِإنَّ َها ِمنَ ال َم ِخيل ِة‪ ،‬وَ ِإنَّ َ‬
‫هللا الَ يُ ِحبُّ‬ ‫اإلزَ ِ‬ ‫وسلّم َأوْ صَ ا ُه ِبقوله‪ِ ...« :‬إيَّاكَ وَ ِإ ْ‬
‫سبَا َل ِ‬
‫ا ْل َم ِخيلَ َة‪ »...‬الحديث‪.205‬‬

‫‪ ‬‬

‫وحكمها‪:‬‬
‫يجرَّه خيالء‪ُ ،‬‬
‫الحال الخامسة‪ :‬أن ُ‬

‫‪ 202‬رواه الترمذي (‪( ،)247 /4‬ح‪ .)1783‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن الترمذي» (‪( ،)290 /2‬ح‪)1783‬‬

‫‪  203‬فتح الباري (‪.)257 /10‬‬


‫‪ 204‬رواه ابن ماجه (‪( ،)1183 /2‬ح‪ .)3574‬وح َّسنه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه»‪( ،)192 /3( ،‬ح‪.)2892‬‬
‫‪ 205‬رواه أبو داود (‪( ،)56 /4‬ح‪ .)4084‬وصحَّ حه النووي في «رياض الصالحين» (ص‪( ،)166‬ح‪)796‬؛ واأللباني في «صحيح‬
‫سنن أبي داود» (‪)4804( ،)516 /2‬‬

‫‪12‬‬
‫أنَّه األش ُّد تحريمًا‪ ،‬وفيه الوعيد األعظم‪.‬‬

‫ودليلها‪:‬‬

‫‪ -‬ما جاء عن أبي هريرة رضي هللا عنه؛ أنَّ رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم قال‪:‬‬
‫‪206‬‬
‫هللا‪  ‬يَوْ َم ال ِقيَا َم ِة ِإلَى مَنْ َجرَّ ِإزَ ارَ ُه بَطَرً ا‪. ‬‬
‫«الَ يَ ْنظُرُ ُ‬

‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم قال‪:‬‬


‫‪ -‬ما جاء عن ابن ُعمَرَ رضي هللا عنهما؛ أنَّ رسو َل ِ‬
‫‪207‬‬
‫هللا ِإلَى مَنْ َج َّر ثَوْ بَ ُه خُ يَالَ َء‪. ‬‬
‫«الَ يَ ْنظُرُ ُ‬

‫حديث آخَ رَ عن ابن عُ مَرَ رضي هللا عنهما مرفوعً ا‪« :‬بَ ْينَا رَ ُج ٌل يَ ُج ُّر ِإزَ ارَ ُه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -‬وفي‬
‫‪208‬‬
‫ِإ ْذ خُ ِسفَ ِب ِه‪َ ،‬ف ُهوَ يَتَ َج ْل َج ُل‪ِ  ‬إلَى يَوْ ِم ال ِقيَا َم ِة‪.‬‬

‫الخالصة‪ :‬وخالصة ما دلَّت عليه هذه األحاديث ما يلي‪:‬‬

‫سنَّة‪.‬‬
‫‪ -1‬يُستحبُّ للرَّ جل أن يكون إزاره إلى نصف السَّاق‪ ،‬وهو الموافق لل ُّ‬

‫‪ -2‬ما دون نصف السَّاق إلى الكعبين‪ ،‬جائز بال كراهة‪.‬‬

‫‪ -3‬ما كان على الكعبين‪ ،‬فهو مُحرَّم‪.‬‬

‫‪  -4‬ما كان أسفل من الكعبين‪ ،‬فهو شديد الحرمة‪ ،‬وفيه وعيد شديد‪.‬‬

‫‪ -5‬إذا‪ُ C‬ج َّر اإلزارُ خُ يالءَ‪ ،‬فهو التَّحريم األشدُّ‪ ،‬وفيه الوعي ُد األعظم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ل المرأة‪:‬‬
‫حكم إسبا ِ‬
‫ثانيًا‪ُ :‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم َأ ِذنَ لهنَّ في‬


‫‪ ‬يجوز للمرأة اإلسبا ُل بعكس ال َّرجل؛ ألنَّ النَّب َّ‬
‫إرخاء أثوابهن ذراعً ا؛ من أجل تغطية القدمين‪ ،‬وهي بذلك تُخالف الرَّ جل‪.‬‬

‫الدَّليل‪:‬‬

‫‪ 206‬رواه البخاري‪( ،)1848 /4( ،‬ح‪.)5788‬‬


‫‪ 207‬رواه مسلم‪( ،)1651 /3( ،‬ح‪.)2085‬‬
‫‪ 208‬رواه البخاري‪( ،)1848 /4( ،‬ح‪.)5790‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬عن ابن ُعمَرَ رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم‪« :‬مَنْ‬
‫سلَم َة‪َ :‬ف َكيْفَ يَصْ َن ْعنَ‬ ‫ت أُ ُّم َ‬
‫هللا ِإلَ ْي ِه يَوْ َم ال ِقيَا َم ِة»‪َ ،‬ف َقالَ ْ‬
‫َجرَّ ثَوْ بَ ُه ُخيَالَءَ؛ لَ ْم يَ ْنظ ُ ِر ُ‬
‫الت‪ِ :‬إ ًذا‪ C‬تَ ْن َك ِشفُ َأ ْقدَا ُم ُهنَّ ؟ َقالَ‪:‬‬
‫ال ِنّسا ُء ِب ُذيُو ِل ِهنَّ ؟ َقالَ‪« :‬يُرْ ِخينَ ِشبْرً ا» ‪َ ،‬ف َق ْ‬
‫ال ي َِزدْنَ عَ لَ ْي ِه»‪ .209‬وجه الدَّاللة‪ :‬فيه جواز اإلسبال لل ِنّساء‪ ،‬وفيه‬ ‫« َفيُرْ ِخينَ ُه ِذرَ اعً ا؛ َ‬
‫استثنا ٌء لهنَّ من الوعيد الوارد في ح ِّق المُسبل‪ .‬قال ابن حجر رحمه هللا‪:‬‬
‫«والحاصل أنَّ لل ِّرجال حالين‪ :‬حال استحباب‪ ،‬وهو أن يقتصر باإلزار على نصف‬
‫السَّاق‪ ،‬وحال جواز‪ ،‬وهو إلى الكعبين‪.‬‬

‫وكذلك لل ِنّساء حاالن‪ :‬حال استحباب‪ ،‬وهو ما يزيد على ما هو جائز لل ِّرجال بقدر‬
‫‪210‬‬
‫شبر‪ ،‬وحال جواز‪ ،‬بقدر ذراع‪.‬‬ ‫ال ِ ّ‬

‫دليل اإلجماع‪:‬‬ ‫‪o‬‬


‫َ‬
‫اإلجماع على جواز اإلسبال لل ِنّساء‪ .‬منهم‬ ‫‪ ‬ذكر غير واح ٍد من أهل العلم‬
‫النَّووي رحمه هللا قائاًل ‪« :‬وأجمع العلماءُ‪ :‬على جواز اإلسبال لل ِنّساء‪ ،‬وقد‬
‫ي صلّى هللا عليه وسلّم اإلذنُ لهنَّ ‪ ،‬في إرخاء ذيولهنَّ‬
‫صحَّ عن النَّب ّ ِ‬
‫ذراعً ا»‪ .211‬ونَ َقل ابن حجر رحمه هللا عن القاضي عياض رحمه هللا‬
‫الرّ جال من اإلسبال دون ال ِنّساء‪ . ‬ونقل الشَّوكاني رحمه‬ ‫َ‬
‫اإلجماع‪ :‬على منع ِ‬
‫إجماع المسلمين‪ :‬على جواز اإلسبال‬ ‫َ‬ ‫هللا عن ابن رسالن رحمه هللا‬
‫لل ِنّساء‪ .212 ‬واإلسبال في ح ِّق المرأة فيه صيانة لها من أن تنكشف أقدامُها‪،‬‬
‫وفيه مبالغة في السَّتر الذي أراده هللا تعالى لها‪.‬‬

‫المطلب‪ :‬الرابع ‪ :‬لبس الخاتم‪:‬‬

‫أواًل ‪ :‬موضع الخاتم للرَّجل‪:‬‬

‫خاتم من‬
‫ٍ‬ ‫ضة‪ ،‬ويحرم عليه ا ِتّخا ُذ‬
‫‪ ‬تقدَّم الحديث عن جواز ا ِتّخاذ ال َّرجل خاتمًا من ف َّ‬
‫موضع من أصابع اليد يوضع الخاتم؟ فيقال‪ :‬إنَّ وضع الخاتم في‬ ‫ٍ‬ ‫ذهب‪ .‬لكن في أ ِّ‬
‫ي‬
‫األصابع له حاالن‪:‬‬

‫‪ 209‬رواه الترمذي (‪( ،)223 /4‬ح‪ .)1831‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن الترمذي» (‪( ،)271 /2‬ح‪.)1731‬‬
‫‪  210‬فتح الباري (‪.)259 /10‬‬
‫‪  211‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)62 /14‬‬
‫‪  212‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)62 /14‬‬

‫‪12‬‬
‫الحال األولى‪ :‬استحباب وضعه في ال ِخ ْن ِ‬
‫ص ِر من اليد اليمنى أو اليسرى‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وفيه عدَّة أحاديث‪ ،‬منها‪:‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم ِفي َه ِذ ِه‪،‬‬


‫أنس رضي هللا عنه قال‪َ « :‬كانَ خَ ا ِت ُم الن َِّب ّ ِ‬ ‫‪ -‬عن ٍ‬
‫وَ َأ َ‬
‫شارَ ِإلَى ال ِخ ْن ِ‬
‫ص ِر ِمنْ يَ ِد ِه اليُسْرَ ى‪.213‬‬

‫‪ ‬‬

‫ص ِر‪ ،‬يقول النَّووي رحمه هللا‪« :‬والحكمة في كونه‬ ‫وعن الحكمة من وضعه في ال ِخ ْن ِ‬
‫ص ِر‪ :‬أنَّه أبع ُد من االمتهان فيما يُتعاطى باليد؛ لكونه طر ًفا؛ وألنَّه ال يشغل‬
‫في ال ِخ ْن ِ‬
‫اليد عمَّا تتناوله من أشغالها‪ ،‬بخالف غير ال ِخ ْن ِ‬
‫صر‪.214‬‬

‫‪ ‬‬

‫هللا صلّى هللا عليه‬ ‫‪ -2‬عن ثابت أنَّهم سألوا َأنَسًا رضي هللا عنه عَ نْ خَ اتَ ِم رَ سُو ِل ِ‬
‫ض ٍة‪ ،‬وَ رَ َفعَ ِإصْ بَ َع ُه اليُسْرَ ى‬ ‫وسلّم‪ ،‬فقال‪َ « :‬ك َأ ِنّي َأ ْنظُرُ ِإلَى وَ ِب ِ‬
‫يص خَ اتَ ِم ِه‪ِ   ‬منْ ِف َّ‬
‫ِبال ِخ ْن ِ‬
‫‪215‬‬
‫ص ِر‪.‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم َكانَ يَتَخَ تَّ ُم ِفي‬ ‫ي رضي هللا عنه‪َ :‬‬
‫«أنَّ الن َِّب َّ‬ ‫‪-‬عن عل ّ ٍ‬
‫‪216‬‬
‫يَ ِمي ِن ِه‪. ‬‬

‫ي صلّى هللا عليه وسلّم وَ ضَ عَ‬


‫والمتأ ِّمل في مجموع هذه األحاديث‪ C‬يُالحظ‪ :‬أنَّ النَّب َّ‬
‫الخاتم في اليمنى أحيانًا‪ ،‬وأحيانًا وَ ضَ عَه في اليسرى‪ .‬ولذا اختلف أهل العلم في‬
‫طريق الجمع بينهما‪ ،‬ولع َّل أقرب المسالك‪ :‬جواز وضع الخاتم في اليد اليمنى أو‬
‫البرّ رحمه هللا بقوله‪« :‬وأمَّا التَّختُّم في اليمين وفي‬ ‫اليسرى‪ .‬وهو ما ق َّرره ابن عبد ِ‬
‫أصحابه‬
‫ِ‬ ‫ي صلّى هللا عليه وسلّم‪ ،‬وعن‬ ‫فت في ذلك اآلثار عن النَّب ّ ِ‬‫اليسار‪ :‬فاخْ تَلَ ْ‬
‫‪217‬‬
‫بعده‪ ،‬وذلك محمو ٌل عند أهل العلم على اإلباحة»‬

‫قال النَّووي رحمه هللا‪« :‬أجمعوا‪ :‬على جواز التَّختُّم في اليمين‪ .‬وعلى جوازه في‬
‫اليسار‪ ،‬وال كراه َة في واح ٍد منهما‪ .‬واختلفوا‪ :‬أيَّتُهما أفضل‪ ،‬فتختَّم كثيرون من‬
‫‪ 213‬رواه مسلم‪( ،)1659 /3( ،‬ح‪.)2095‬‬
‫‪  214‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)71 /14‬‬
‫‪  215‬رواه مسلم‪( ،)443 /1( ،‬ح‪.)640‬‬
‫‪ 216‬رواه أبو داود‪ .)4226 /4( ،)91 /4( ،‬وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (‪( ،)551 /2‬ح‪)4221‬‬
‫‪ 217‬التمهيد (‪.)109 /17‬‬

‫‪12‬‬
‫السَّلف في اليمين‪ ،‬وكثيرون في اليسار‪ ،‬واستحب مالكٌ اليسار‪ ،‬و َك ِره اليمين‪ ،‬وفي‬
‫وجهان ألصحابنا‪ :‬الصَّ حي ُح أنَّ اليمين أفضلُ؛ ألنَّه زين ٌة‪ ،‬واليمين أشرف‪،‬‬
‫مذهبنا ْ‬
‫‪218‬‬
‫وأحقُّ بال ِّزينة‪ ،‬واإلكرام»‬

‫‪ ‬‬

‫وقال ابن حجر رحمه هللا‪« :‬ويظهر لي أنَّ ذلك يختلف باختالف القصد‪ ،‬فإنْ كان‬
‫اللُّبس للتَّزيُّن به فاليمين أفضل‪ ،‬وإنْ كان للتَّختُّم به فاليسار أولى؛ ألنَّه كالمُودَع‬
‫فيها‪ ،‬ويحصل تناوله منها باليمين‪ ،‬وكذا وضعه فيها‪ ،‬ويتر َّجح التَّختُّم في اليمين‬
‫مطلقًا؛ ألنَّ اليسار آل ُة االستنجاء‪َ ،‬فيُصان الخاتم إذا كان في اليمين‪ ،‬عن أن تُصيبه‬
‫ويترجح التَّختُّم في اليسار بما أشرت إليه من التَّناول‪.‬‬
‫َّ‬ ‫النَّجاسة‪،‬‬

‫ت طائف ٌة إلى استواء األمرين‪ ،‬وجمعوا بذلك بين مختلف األحاديث‪ C،‬وإلى ذلك‬
‫وجنَ َح ْ‬
‫َ‬
‫أشار أبو داود حيث ترجم «باب‪ :‬التَّختُّم في اليمين واليسار» ث َّم أوْ رَ َد األحاديث‪ C‬مع‬
‫َ‬
‫اإلجماع على الجواز‪ ،‬ث َّم قال‪:‬‬ ‫ي وغير ُه‬
‫اختالفها في ذلك بغير ترجيح‪ ،‬ونقل النوو ُّ‬
‫وال كراه َة فيه ‪ -‬يعني عند الشَّافعية ‪ -‬وإنَّما االختالف في األفضل‪.219‬‬

‫سبَّابة) والوسطى‪،‬‬ ‫الحال الثَّانية‪ :‬النَّهي عن وضع الخاتم في المُوَ ِّ‬


‫حدة (ال َّ‬
‫وفيه عدَّة أحاديث‪ ،‬منها‪:‬‬

‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم َأنْ َأتَخَ تَّ َم‬ ‫ي رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪« :‬نَ َها ِني رَ سُو ُل ِ‬ ‫‪ -‬عن عل ّ ٍ‬
‫ِفي ِإصْ بَ ِعي َه ِذ ِه َأوْ َه ِذ ِه‪َ .‬قالَ‪َ :‬ف َأوْ م ََأ ِإلَى ال ُو ْ‬
‫سطَى وَ الَّ ِتي تَ ِلي َها»‪ .220‬قال النَّووي‬
‫رحمه هللا‪« :‬ويُكره للرَّ جل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث‪ ،‬وهي‬
‫كراهة تنزيه‪.221‬‬

‫‪ 218‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)73-72 /14‬‬


‫‪ 219‬فتح الباري (‪)327 /10‬‬
‫‪ 220‬رواه مسلم‪( ،)1659 /3( ،‬ح‪)2078‬‬
‫‪ 221‬صحيح مسلم بشرح النووي (‪.)71 /14‬‬

‫‪12‬‬
‫ي رضي هللا عنه قال‪« :‬نَ َها ِني‬ ‫‪-‬وجاء التَّصريح بذكر الوسطى والسَّبابة‪ :‬عن عل ّ ٍ‬
‫هللا صلّى هللا عليه وسلّم) َأنْ َأضَ عَ الخَ ا َت َم ِفي َه ِذ ِه‪َ ،‬أوْ ِفي َه ِذ ِه ِلل َّ‬
‫سبَّابَ ِة‬ ‫(أي‪ :‬رَ سُول ِ‬
‫وَ الوُ سْ طَى‪.222‬‬

‫‪ ‬‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫وخالصة ما دَّلت عليه هذه األحاديث‪ ،‬في (لبس الخاتم لل َّرجل) ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬استحباب وضعه في ال ِخ ْن ِ‬
‫صر من اليد اليمنى أو اليسرى‪.‬‬

‫سبَّابة) والوسطى‪.‬‬
‫‪ -2‬النَّهي عن وضعه في المُوَ ِّحدة (ال َّ‬

‫‪ -3‬أمَّا البُ ْنصُ ر َف َمسكوتٌ عنه‪ ،‬فيبقى على أصل اإلباحة‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬موضع الخاتم للمرأة‪:‬‬

‫سبَّابة والوسطى خاصٌّ‬ ‫إصبع‪ ،‬والنَّهي الوارد في ال َّ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬المرأ ُة يُباح لها التَّختُّم في ك ِ ّل‬
‫َ‬
‫اإلجماع بقوله‪:‬‬ ‫بال َّرجل دون المرأة‪ ،‬وهو مح ُّل إجماع‪ .‬وقد حكى النَّووي رحمه هللا‬
‫صر‪ ،‬وأمَّا المرأ ُة فإنَّها‬ ‫سنَّة َجعْ ُل خاتَ ِم الرَّ ج ِل في ال ِخ ْن ِ‬
‫«أجمع المسلمون‪ :‬على أنَّ ال ُّ‬
‫‪223‬‬
‫تتَّ ِخ ُذ خواتي َم في أصابع‬

‫خاتمة‬

‫وصححه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (‪( ،)551 /2‬ح‪.)4225‬‬


‫َّ‬ ‫‪ 222‬رواه أبو داود (‪( ،)90 /4‬ح‪)4225‬؛‬

‫‪ 223‬المصدر السابق‪ ،‬والصفحة نفسها‬

‫‪12‬‬
‫بعد عون هللا و توفيقه ‪ ،‬أرجو أن أكون قد استكملت في هذا البحث ‪ ،‬بيان‬
‫اللباس في عصر النبوة ( أنواع وأحكام) عبر التعريف بمفهوم اللباس لغة و‬
‫شرعا ‪ ،‬وتبيان صفة و كيفية لباس رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ‪ ،‬واتباع‬
‫صحابته رضوان هللا عليهم في طريقة و الوان لباسه ‪.‬‬

‫كما تناولنا شروط و مقاصد و أحكام‪ C‬الشريعة في لباس المرأة المسلمة مبرزين‬
‫نماذج من مجموعة من الصحابيات رضي هللا عنهن‬
‫وفي األخير قمنا بتبيان أحكام‪ C‬الزينة في لباس المسلمين ‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪12‬‬
‫القرآن الكريم‬ ‫‪.1‬‬
‫احكام لباس المرأة وزينتها في الفقه اإلسالمي ابن دقيق العيد‪ ،‬تقي الدين‬ ‫‪.2‬‬
‫أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري‪ ،‬المعروف بابن دقيق‬
‫العيد شيخ مصطفى ومدثر سندس‪ ،‬ط‪1426 ،1 ،‬هـ ‪2005 -‬م‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‬
‫أحكام القران‪ ،‬الجصاص‪ ،‬أحمد بن علي الرازي‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج ‪1980 ،3‬م‬
‫إعالم الموقعين عن رب العالمين محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم‬ ‫‪.4‬‬
‫الجوزية أبو عبد هللا‪ ، :‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم إبراهيم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪1991 ،‬‬
‫أضواء البيان‪ ،‬الشنقيطي‪ :‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار عالم الفوائد‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪1426‬هـ‪،،‬‬
‫اإلحكام في أصول األحكام علي بن أحمد بن حزم‪ ، :‬دار الحديث ‪ ،‬القاهرة‬ ‫‪.6‬‬
‫– مصر ‪ ،‬ط‪ ، 1‬ج‪3،1404‬هـ‪.‬‬
‫االنتفاع بأجزاء اآلدمي في الفقه اإلسالمي‪ ،‬عصمت هللا عناية هللا‪ :‬طبع‬ ‫‪.7‬‬
‫مكتبة جراغا سالم‪ ،‬باكستان‪ ،‬ط(‪1414 )1‬هـ‪.‬‬
‫اإلنصاف‪ C‬في معرفة الراجح من الخالف عالء الدين علي بن سليمان‬ ‫‪.8‬‬
‫المرداوي الحنبلي‪ ، :‬تحقيق‪ :‬عبد هللا بن عبد المحسن التركي‪ ،‬وهو مطبوع‬
‫مع المقنع والشرح الكبير‪ ،‬توزيع وزارة الشئون اإلسالمية بالمملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬طبع سنة ‪1419‬هـ‪.،‬‬
‫بهجة النفوس‪ ،‬محمد بن عبد هللا بان أبي حمزة‪ :‬انظر‪ :‬تحقيق‪ :‬أبو مازن‬ ‫‪.9‬‬
‫مصطفى بن السيد بن أبو ليلة‪ ،‬المكتبة الوقفية‪.،2019 ،‬‬
‫تفسير سورة النور‪ ،‬ابن تيمية تحقيق‪ :‬عبد العلي عبد الحميد حامد‪ ،‬الدار‬ ‫‪.10‬‬
‫السلفية‪ ،‬بومباي‪.1987 ،‬‬
‫‪ :‬تفسير القرآن العظيم الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير‪ ،‬تحقيق سامي بن‬ ‫‪.11‬‬
‫محمد السالمة‪ ،‬نشر دار طيبة‪ ،‬ط(‪1428 )4‬هـ‪.،‬‬

‫‪12‬‬
‫ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البالغة‪،‬طاهر‬ ‫‪.12‬‬
‫أحمد الزاوي‪ :‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪.،‬‬
‫تفسير ابن عباس ومروياته من الكتاب والسنة عبد العزيز بن عبد هللا‬ ‫‪.13‬‬
‫الحميدي‪ ، :‬جامعة أم القرى‪2008 ،‬‬
‫تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق‪ C‬فخر الدين الزيلعي ‪ ،‬دار المعرفة‬ ‫‪.14‬‬
‫للطباعة‪.،‬‬
‫تفسير القرطبي‪ .‬القرطبي‪ ، ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪.،1998 ،‬‬ ‫‪.15‬‬
‫تفسير آيات األحكام محمد علي السايس‪ ، :‬تحقيق‪ :‬ناجي سويدان‪ ،‬المكتبة‬ ‫‪.16‬‬
‫العصرية للطباعة والنشر‪2002 ،‬‬
‫تفسير سورة النور المودودي‪ ، ،‬الدار السعودية للنشر ‪1405‬هـ‬ ‫‪.17‬‬
‫تفسير القرطبي أبو عمر يوسف القرطبي‪ ، :‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث‬ ‫‪.18‬‬
‫العربي‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان‪ :‬عبد الرحمن بن ناصر‬ ‫‪.19‬‬
‫السعدي ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار السالم للنشر والتوزيع‪.2000 ،‬‬
‫جامع البيان عن تأويل القرآن جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ، :‬ضبط‬ ‫‪.20‬‬
‫وتعليق محمود شاكر الحرستاني‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪.2001‬‬
‫الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة‪،‬عبد هللا صالح‬ ‫‪.21‬‬
‫الفوزان‪ :‬دار التدمرية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط(‪1429 ،)2‬ه‪.‬‬
‫حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة محمد بن ناصر الدين األلباني‪، :‬‬ ‫‪.22‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دار السالم‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫حراسة الفضيلة بكر بن عبد هللا أبو زيد‪ ، :‬دار العاصمة‪2005،‬‬ ‫‪.23‬‬
‫رسالة الحجاب محمد العثيمين‪ ، :‬مكتبة المعارف‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪.24‬‬
‫رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) ويليه قرة عيون األخيار‬ ‫‪.25‬‬
‫وتقريرات الرافعي المؤلف‪ :‬محمد أمين بن عمر عابدين المحقق‪ :‬عادل‬
‫أحمد عبد الموجود ‪ -‬علي محمد معوض عالم الكتب‬
‫رسالة تبحث في مسائل الحجاب والسفور‪ ،‬عبد العزيز بن عبد هللا بن باز‪:‬‬ ‫‪.26‬‬
‫المكتبة الوقفية‪.2009 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫زينة المرأة المسلمة عبد هللا بن صالح الفوزان‪ :‬المسلمة‪ ،‬بريدة‪ ،‬المملكة‬ ‫‪.27‬‬
‫العربية السعودية‪1418 ،‬هـ‬
‫سنن أبي داود أبو داود‪ ،‬سليمان بن األشعث السجستاني‪ ، ،‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫‪.28‬‬
‫إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ت‬
‫‪ :‬سنن النسائي أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬رقمه عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬دار‬ ‫‪.29‬‬
‫البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪1409 ،‬هـ‬
‫السنن الكبرى‪ ،‬البيهقي‪ ،‬أبو بكر أحمد بن الحسين‪ :‬ط‪ ،3 ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد‬ ‫‪.30‬‬
‫القادر عطا‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1424 ،‬هـ ‪ 2003 -‬م‪.،‬‬
‫سنن الترمذي الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى بن سَوْ رة بن موسى بن الضحاك‪،‬‬ ‫‪.31‬‬
‫الترمذي‪ ،‬أبو عيسى الجامع الكبير ‪ ، -‬المحقق‪ :‬بشار عواد معروف‪ ،‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬
‫سنن الترمذي محمد بن عيسى الترمذي‪ ، :‬ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬ ‫‪.32‬‬
‫طبع دار الكتب العلمية في بيروت سنة ‪1408‬هـ‪..‬‬
‫الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك مع حاشية‬ ‫‪.33‬‬
‫الصاوي أبو البركات أحمد بن محمد بن أحمد الدردير‪ ،‬وأحمد بن محمد‬
‫الصاوي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مصطفى كمال وصفي‪ ،‬مطبعة عيسى البابي‪ ،‬د‪.‬ت‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ ، :‬تحقيق‪ :‬مصطفى ديب‬ ‫‪.34‬‬
‫البغا‪ ،‬دمش‪ ،‬دار اليمامة‪.،‬‬
‫صحيح مسلم بشرح النووي محيي الدين أبي زكريا يحيى النووي‪، :‬‬ ‫‪.35‬‬
‫المطبعة المصرية بالقاهرة‪ ،‬ط(‪1347 ،)1‬هـ‪.،‬‬
‫صحيح مسلم مسلم بن الحجاج النيسابوري‪ ، :‬ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬ ‫‪.36‬‬
‫دار إحياء التراث‪1385 ،‬هـ‬
‫عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي‪ ،‬أبو بكر بن العربي المالكي‪، :‬‬ ‫‪.37‬‬
‫تحقيق‪ :‬جمال مرعشلي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،1997 ،‬ج‪.7‬‬
‫عون المعبود على شرح سنن أبي داود‪،‬شرف الحق العظيم آبادي أبو عبد‬ ‫‪.38‬‬
‫الرحمن‪ :‬دار ابن حزم‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫معجم مقاييس اللغة (ت‪ :‬هارون)المؤلف‪ :‬أحمد بن فارس بن زكريا أبو‬ ‫‪.39‬‬
‫الحسي المحقق‪ :‬عبد السالم هارون دار الفكر‬

‫‪12‬‬
‫فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر أبو‬ ‫‪.40‬‬
‫الفضل العسقالني الشافعي‪ ،‬رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه‪ :‬محمد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪ ،‬قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه‪ :‬محب الدين الخطيب‪،‬‬
‫عليه تعليقات العالمة‪ :‬عبد العزيز بن عبد هللا بن باز‪ ،‬ط‪ ،‬بدون ‪1379‬هـ‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار المعرفة‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫فتاوى المرأة‪ ،‬محمد بن إبراهيم بن باز‪ ،‬ومحمد العثيمين وعبد هللا الجبرين‪،‬‬ ‫‪.41‬‬
‫وعبد هللا بن حميد بن فوزان‪ :‬الرياض‪ ،‬مكتبة دار ابن طبرية‪.1995 ،‬‬
‫فلسفة المرأة في الشريعة اإلسالمية والعقائد األخرى عبد الباري محمد‬ ‫‪.42‬‬
‫داود‪( .:‬ط‪ .)1‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة ومطبعة اإلشعاع الفنية‪.2003 ،‬‬
‫‪.43‬‬
‫القوانين الفقهية محمد بن أحمد بن جزي الكلبي‪ :‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪.44‬‬
‫قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية‪،‬فؤاد‪ C‬بن عبد الكريم العبد الكريم ج‪،1‬‬ ‫‪.45‬‬
‫ط‪ ،2‬الرياض‪ ،‬مركز باحثات‪ C‬لدراسات المرأة‪.2011 ،‬‬
‫القاموس المحيط ‪ .،‬الفيروز آبادي‪ C،‬مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب‬ ‫‪.46‬‬
‫تحقيق‪ :‬مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة‪ ،‬بإشراف‪ :‬محمد نعيم‬
‫العرقسُوسي‪ ،‬ط‪1426 ،8 ،‬هـ ‪2005 -‬م بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة للطباعة‬
‫الكشاف الزمخشري‪ ، :‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ج‪.3‬‬ ‫‪.47‬‬
‫اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم ‪ ،‬محمد بن فارس الجميل‬ ‫‪.48‬‬
‫(الطبعة الرابعة عشرة)‪ ،‬الكويت‪ :‬كلية اآلداب‪ -‬جامعة الكويت‪،‬‬
‫لباس الرسول والصحابة والصحابيات‪ C‬رضي هللا عنهم أجمعين محمد‬ ‫‪.49‬‬
‫يونس بن عبد الستار (الطبعة األولى)‪ ،‬مكة المكرمة‪ :‬مطابع الوحيد‪،‬‬
‫اللباس والزينة في الشريعة اإلسالمية محمد عبد العزيز عمرو‪ ، :‬رسالة‬ ‫‪.50‬‬
‫دكتوراه منشورة‪ ،‬المكتبة الوقفية‪1985 ،‬‬
‫مالبس النبي وسالحه ودوابه تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن‬ ‫‪.51‬‬
‫تيمية الطبعة األولى أضواء السلف‬
‫مجموع شرح المهذب‪ .‬أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي‪ ، :‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪.52‬‬
‫محمد نجيب المطيعي‪ ،‬مكتبة اإلرشاد جدة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪.،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫المصباح المنير في غريب الشرح الكبير أحمد بن محمد الفيومي‪ ، :‬المكتبة‬ ‫‪.54‬‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫مسند اإلمام أحمد‪ ،‬اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني‪ :‬طبع بإشراف عبد هللا‬ ‫‪.55‬‬
‫عبد المحسن التركي‪ ،‬وتحقيق شعيب األرنؤوط‪ ،‬طبع مؤسسة الرسالة في‬
‫بيروت‪1421 ،‬هـ‪.‬‬
‫المعجم الصغير سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي‪ ،‬أبو‬ ‫‪.56‬‬
‫القاسم الطبراني‪ ، :‬تحقيق‪ :‬محمد شكور محمود الحاج أمرير‪ ،‬المكتب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪،1985 ،‬‬
‫مجموع الفتاوى‪ ،‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى‪ ،‬جمع وترتيب‬ ‫‪.57‬‬
‫عبد الرحمن بن محمد بن قاسم‪ ،‬طبع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف‬
‫الشريف‪ ،‬بإشراف وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف‪ C‬والدعوة واإلرشاد‬
‫بالمملكة‪1415 ،‬هـ‪.،‬‬
‫الموطأ ‪.‬مالك بن أنس‪ ، :‬صححه وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار‬ ‫‪.58‬‬
‫إحياء الكتب‪1370 ،‬هـ‪.،‬‬
‫المرأة وحقوقها في اإلسالم مبشر الطرازي الحسيني‪ ، :‬دار الكتب‬ ‫‪.59‬‬
‫العلمية ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1984 ،‬م‪.‬‬
‫مجلة الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ .‬جامعة الكويت – السنة الرابعة عدد‬ ‫‪.60‬‬
‫‪.9‬‬
‫مجلة مجمع الفقه اإلسالمي التابع لمنظمة المؤتمر اإلسالمي‪ ،‬طبع منظمة‬ ‫‪.61‬‬
‫المؤتمر اإلسالمي في جدة ‪1408‬هـ (ع‪4‬ج‪.)1‬‬
‫المرأة بين الفقه والقانون مصطفى السباعي‪( ، :‬ط‪ ،2011 ،)8‬عمان‪ ،‬دار‬ ‫‪.62‬‬
‫الوراق‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪.63‬‬
‫المغني موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي‪ ، :‬تحقيق‪ :‬عبد هللا‬ ‫‪.64‬‬
‫بن عبد المحسن التركي‪ ،‬وعبد الفتاح الحلو‪ ،‬دار هجر‪ ،‬ط(‪1406 ،)1‬هـ‪.،‬‬
‫معاني الحجاب في (المرأة المسلمة)‪ ،‬وهبي سليمان غاوجي‪ :‬دار القلم‪،‬‬ ‫‪.65‬‬
‫دمشق‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫النهاية في غريب الحديث واألثر اإلمام مبارك بن محمد بن محمد بن عبد‬ ‫‪.66‬‬
‫الكريم ابن عبد الواحد الشيباني‪ ,‬أبو السعادات‪ ,‬مجد الدين ابن األثير‪,‬‬
‫الجزري الشافعي‪ ، :‬المكتبة اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫نيل األوطار شرح منتقى األخبار‪ ،‬محمد بن علي الشوكاني‪ :‬تحقيق‪ :‬طه عبد‬ ‫‪.67‬‬
‫الرءوف سعد‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬القاهرة‪1398 ،‬هـ‪.،‬‬
‫واقع بعض حقوق المرأة من خالل "الجندر" "دراسة تحليلية من منظور‬ ‫‪.68‬‬
‫التربية اإلسالمية"‪ ،‬عالية محمد محمد تراب الخياط‪ :‬مجلة التربية‪ ،‬كلية‬
‫التربية‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬العدد ‪ ،162‬الجزء الثاني‪ ،‬أبريل‪.2015 ،‬‬

‫الفهرس‬

‫‪4‬‬ ‫المقدمة‬

‫‪7‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪7‬‬ ‫تعريف لمفهوم اللباس لغة و اصطالحا‬

‫‪10‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪10‬‬ ‫المطلب االول ‪:‬صفة لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪12‬‬
‫‪19‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬كيفية‪ C‬لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪25‬‬ ‫المطلب الثالث ‪:‬ألوان ثيابه صلى هللا عليه وسلم وحكمه فيها‬

‫‪27‬‬ ‫المبحث الرابع ‪:‬لباس الصحابة رضى هللا عنهم‬

‫‪29‬‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬لباس النساء في عصر النبوة‬

‫‪29‬‬ ‫المطلب االول ‪:‬لباس الصحابيات‬

‫‪36‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬الشروط الواجبة توافرها في لباس المرآة‬

‫‪38‬‬ ‫المطلب الثالث ‪:‬مقاصد الشريعة في شروط لباس المرآة‬

‫‪43‬‬ ‫المطلب الرابع ‪:‬كشف وجه المرآة في المذاهب األربعة‬

‫‪47‬‬ ‫المطلب الخامس ‪:‬حكم الشرع في لباس المرآة‬

‫‪49‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬األحكام العامة للباس والزينة في االسالم‬

‫‪52‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬لبس الحرير لل َّرجل‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬لبس الحرير للمرأة‪.‬‬

‫‪61‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬اإلسبال‪.‬‬

‫‪65‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬لبس الخاتم‪.‬‬

‫‪69‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪70‬‬ ‫المراجع‬

‫‪12‬‬

You might also like