Professional Documents
Culture Documents
لباس الرجال في عصر النبوة
لباس الرجال في عصر النبوة
12
كلمة شكر وتقدير
12
اإلهداء
إلى اليد الطاهرة التي أزالت من أمامنا األشواك ورسمت المستقبل بخطوط
األمان.
إلى أبي المتوفى ،إلى النور الذي انار لي درب النجاح أبي ويا من علمتني
الصمود مهما تبدلت الظروف
إلى عبد العزيز فارح األستاذ Cالمشرف الدي اعانني على إنجاز ّهدا البحث
إلى كل من آمن باهلل ربا وباإلسالم دينا وبمحمد صلى هللا عليه وسلم نبيا ورسوال
نصيرة مروك
12
باسم هللا الرحمان الرحيم
مقدمة
إن الحمد هللا نحمده ونستعين به ،ونستغفره ونعوذ به تعالى من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا ،من يهده هللا فال مض َّل له ،ومن يضلله فال هادي له ،وأشهد أن ال
إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أنَّ محمد ًا عبده ورسوله ،الذي جاء بالهدى
ودين الحق ً ،وبشيرا ونذير ًا بين يدي الساعة ،فمن يطع هللا فقد اهتدى ،ومن
يعصه فقد ض َّل ضالالً بعيد ًا.
أما بعد:
فقد كان من أهم ما بعث به خاتم النبيين ،إتمام مكارم األخالق وترسيخ محاسن
العادات بين األفراد والشعوب ،فكان بحق رحمة للعالمين .والتستر بالثياب،
التعري أمر مركوز في طبع اإلنسان وفطرته ،وال يرضى بالتعري ِ والحياء من
وكشف السوءة أمام الناس إال من َف َقد الحياء؛ من أجل ذلك فرض اإلسالم على
المسلم أن يستر عورته عن أعين الناس ،وتمييز ًا له عن البهائم .قال هللا تعالى (يَا
َ
ى بَ ِني آ َد َم َق ْد أنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ
اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ التَّ ْقوَ ٰ
َات اللَّ ِه لَ َعلَّ ُه ْ:م يَ َّذ َّكرُونَ ) سورة األعراف اآلية 26 ٰ َذ ِلكَ خَ يْرٌ ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ آي ِ
فاللباس من النعم الكبرى التي امتن اهللا بها على عباده وكرمهم بها ،لما فيه من
حفظ الجسم ،وستر العورة ،إن اإلسالم يهدف إلى إقامة مجتمع عفيف نظيف ،ال
تهاج فيه الشهوات ،وال تعربد فيه الغرائر ،ولذلك نهى عن كشف العورات بصورة
عامة ،وأولى المرأة عناية خاصة ،فاتخذ تدابير الوقاية لحماية شرفها ،وصون
كرامتها ،ويريد اإلسالم من المرأة أن تكون عفيف ًة طاهر ًة ظاهر ًا وباطن ًا.
وال يوجد في العالم اليوم نظام اجتماعي يحدد ويعين عورات الرجال والنساء سوى
نظام الشريعة في اإلسالم الذي بين حدود الكشف والستر على وجه العناية
واالهتمام.
والمالبس لها عالقتها بالشخصية والخلق ،وهي عالقة جذرية أساسية ،وال سبيل
إلى إنكارها ،فالمالبس هي التي تعطي الشخصية طابعها ،ومالبس البيت في
12
اإلسالم غير مالبس الشارع ،ومالبس الرجال غير مالبس النساء ،وبطبيعة الحال
الفرق بينهما جد شاسع الختالف طبيعة الرجال عن النساء.
سنحاول مناقشة موضوعنا وهو اللباس في عصر النبوة عبر تقسيمه الى ثالثة
فصول بحيث جاء تصميمه كاالتي :
المطلب الثالث :ألوان ثيابه صلى هللا عليه وسلم وحكمه فيها
المطلب الثالث :اإلسبال.
12
المطلب الرابع :لبس الخاتم.
خاتمة
12
الفصل األول :لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم
تعريف اللباس لغة واصطالحا:
اللباس ،و اللبوس ،و الملبس :ما يلبس على الجسد و يستره و الجمع ،البسة و
َ
لبس .قال تعالى { يَا بَ ِني آ َد َCم َق ْد أنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ
اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ
َات اللَّ ِه َل َعلَّ ُه ْم يَ َّذ َّك ُرونَ }1.ويطلق اللباس في اللغة على التَّ ْقوَ ٰى ٰ َذ ِلكَ خَ يْرٌ ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ آي ِC
2
كل ما يغطي االنسان عن قبيح.
قال ابن فارس " : 3الالم ،والباء ،والسين :أصل صحيح واحد يدل على مخالطة و
مداخلة ،ومن ذلك :لبست الثوب ألبسه ،وهو االصل ،ومنه تفرعت الفروع ...
4
واللبوس :كل ما يلبس من ثياب و درع "
وقد ورد استعمال كلمة اللباس في لغة العرب التي نزل بها القران الكريم على
معان عدة منها :
الستر :كقولك لبس الثوب اذا استتر به ،قال هللا تعالى وتبارك ( :وَ يَ ْلبَسُونَ
س َتبْرَ ٍق)5وهذا المعنى هو اصل كلمه اللبس في اللغة ،اذ س ْند ٍ
ُس وَ ِإ ْ ِثيَابًا خُضْ رً ا ِمنْ ُ
معنى اللبس :ستر الشيء ثم استعير ذلك للمعاني األخرى .
ما يلبس وتغطى به العورة والجسد :قال هللا تعالى (يَا بَ ِني آ َد َم َق ْد َأنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم
ى ٰ َذ ِلكَ خَ ْي ٌر ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ آي ِ
َات اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ التَّ ْقوَ ٰ ِلبَاسًا يُوَ ِ
6
اللَّ ِه َل َعلَّ ُه ْ:م يَ َّذ َّكرُونَ )
الغشاء وكل ما يغطي االنسان عن قبيح :ولهذا المعنى جعل هللا سبحانه
الزوج لباسا لزوجته من حيث انه يغطيها ويمنعها ويصدها عن تعاطي كل قبيح قال
7
عز شانه ( ُهنَّ ِلبَاسٌ َل ُك ْم وَ َأ ْنتُ ْم ِلبَاسٌ لَ ُهنَّ )
12
التقوى وااليمان والحياء ،ومن ذلك قول الحق سبحانه (يَا بَ ِني آ َد َم َق ْد َأنزَ ْلنَا
ى ٰ َذ ِلكَ خَ ْي ٌر ۚ ٰ َذ ِلكَ ِمنْ
اري سَوْ آ ِت ُك ْم وَ ِريشًا ۖ وَ ِلبَاسُ التَّ ْقوَ ٰ عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ
َات اللَّ ِه لَ َعلَّ ُه ْ:م يَ َّذ َّكرُونَ )
آي ِ
الدرع و السالح قال سبحانه وتعالى عن النبي داود عليه السالم (وَ عَ لَّمْ نَا ُه صَ ْن َع َة
8
س ُك ْم ۖ َف َهلْ َأنتُ ْم َ
شا ِكرُونَ ) ص َن ُكم مِّن ب َْأ ِ لَب ٍ
ُوس لَّ ُك ْم ِلت ُْح ِ
التخليط و اإللتباس و اإلشتباه ,ومن هذا المعنى قول هللا تعالى ( :وَ لَوْ
س َنا عَ َلي ِْهم مَّا يَ ْل ِبسُونَ 10 ) وقال تعالى جاًل وَ َل َلبَ ْج َع ْل َنا ُه رَ ُج َع ْل َنا ُه َم َل ًكا لَّ َ
َ
حقَّ وَ َأ ْنتُ ْم تَ ْعلَمُونَ ) 11وقوله (الَّ ِذينَ ل وَ تَ ْكتُمُوا ا ْل َ ق ِبا ْلب ِ
َاط ِ ح َّ (وَ اَل تَ ْل ِبسُوا ا ْل َ
آ َمنُوا وَ لَ ْ:م يَ ْل ِبسُوا ِإيمَانَ ُهم ِبظ ُ ْل ٍم ُأو ٰلَ ِئكَ لَ ُه ُم اأْل َمْ نُ وَ ُ
هم ُّم ْهتَدُونَ .12 )
13
هنَّ ِلبَاسٌ لَ ُك ْم وَ َأ ْنتُ ْم ِلبَاسٌ لَ ُهنَّ )
المرأة ؛ قال الحق سبحانه ُ ( ,
والعرب تسمي المراة لباس و ازرارا ،فيقول احدهم :لبست امراة ،اي تمتعت
بها زمانا ،و لبست فالنة عمري ،اي كانت معي شبابي كله .
12
ثانيا :تعريف اللباس في االصطالح
استعمل الفقهاء والمحدثون اللباس اصطالحا بمعناه الحقيقي في لغة العرب ،الذي
يدل على ان اللباس هو كل ما وارى به االنسان عورته ،وستر به جسده ،و دفع
به حر الصيف ،و برد الشتاء ،و هذا واضح من تتبع عبارات الفقهاء في مدونات
15
الفقه المختلفة.
و أهل العلم -رحمهم هللا -وان لم ينص على تعريف اصطالحي للباس ،إال
انهم تكلموا بالتفصيل عن أحكامه وأنواعه وما يحل منه وما يحرم وما يستحب وما
يكره ،وال يكاد يخلو كتاب فقيه او محدث من فصل او باب او كتاب كامل يعقد
لبيان أحكام Cاللباس في الشرع مستدلين على ذلك بما ثبت عن النبي صلى هللا عليه
وسلم من نصوص الوحي الشريف التي تبين أحكام اللباس في شريعة االسالم
16
الخاتمة الخالدة .
وهذا يدل على أنهم استعملوا هذه الكلمة بمعناها الحقيقي اللغوي ،إال انهم قصروا
هذا المعنى على نوع خاص من اللباس تنطبق عليه أحكام Cالشريعة الحنيفة ،شرعا
ببيان أحكامه وأنواعه من حيث الجواز والمنع ،ذلك أن معنى اللباس في اللغة عام
يطلق على كل ما يلبس على الجسد ،وتستر به العورة ،واالعضاء ويتزين به ،
والمصطلحات الشرعية يجب ان تصاغ وفق محترزات وقيود وضوابط شرعية ،
قصدها الشارع الحكيم مما يجعل معنى اللباس في الشرع يخالف معناه في اللغة
في بعض الجوانب المهمة.
ويكمن بعد هذا كله أن نعرف اللباس في اإلصطالح بأنه "ما يواري به
االنسان جسده ،ويستر به سوءته ،ويتزين به ويتحمل بين الناس ،مما اباحه له
الشارع الحكيم سبحانه ،ولم يتعارض مع آداب االسالم وأوامره ونواهيه.
12
المبحث األول :لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم
المطلب :األول :تعريف صفة لباس رسول صلى هللا عليه وسلم
قال العالمة ابن القيم :وكان هديه في لبسه لما يلبسه ،أنفع شيء للبدن ،فإنه لم يكن
يطيل أكمامه ويوسعها ،بل كان كم قميصه إلى الرسغ ،ال تجاوز اليد ،فتشق على
البسها ،وتمنعه خفة الحركة والبطش ،وال تقصر عن هذه فتبرز للحر والبرد،
وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين ،لم يتجاوز الكعبين ،فيؤذي Cالماشي
ويؤوده ،ويجعله كالمقيد ،ولم يقصر عن عضلة ساقه فتنكشف فيتأذى Cبالحر
والبرد .ولم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذي الرأس حملها ويضعفه ،ويجعله عرضة
للضعف واآلفات Cكما يشاهد من حال أصحابها C،وال بالصغيرة التي تقصر عن
وقاية الرأس من الحر والبرد ،بل وسط بين ذلك.17
12
َفوَ َج ْدتُ ُه َجا ِلسًا مع َأصْ َح ِاب ِCه ي َُح ِِّّCدثُ ُه ْم ،وَ َق ْد عَ صَّبَ بَطْنَ ُه ب ِعصَ ابَ ٍة ،قا َل
ْض َأصْ َح ِاب ِه ِل َم عَ صَّبَ رَ سو ُل شكُّ علَى َح َج ٍرَ ،فقُلتُ ِلبَع ِ أُسَا َم ُة :وَ َأ َنا َأ ُ
سلَّ َم بَطْنَهُ؟ َفقالواِ :منَ ُ هللا صَ لَّى اللَّ ُه عليه وَ َ
20 19
وع).الج ِ ِ
العمامة :وهي من ألبسة الرأس المعروفة عند العرب ،وكانت تُسمى o
َ
أحاديث كثيرة ،وكان النبي -عليه تيجان العرب ،وجاء ِذك ُرها في
الصالة والسالم -يلبسها ِبطريقة خاص ٍة به؛ بحيث كان يلفُّها ويترك
منها جزء ًا يرخيه بين كتفيه ،ولبس العمائم يكون على أكثر من
طريقة وليس بطريق ٍة واحدة ،وقد تكون العمامة عصابة ،وال يكون
خاص ،فقد Cيكون الثوب والرداء عمامة ،وقد لبس النبي
ٍ نسيج
ٍ من
-عليه الصالة والسالم -العمائم الحرقانيّة أي السوداء ،والحوتكية،
وال ِقطريّة 21،وجاء في وصف لبْس النبي -عليه الصالة والسالم-
ي صَ لَّى اللَّ ُه عليه وسلَّ َم دَخَ َل يَو َم َف ْت ِح َم َّك َة ،وَ عليه
للعمائم( :أنَّ النب َّ
23 22
ِعمَا َم ٌة سَوْ دَا ُء)
اإلزار :وهو ُكل ما يستُر اإلنسان ،ويُطلق على ما يُحيط بالجزء السفلي من
خاص به ،وجاء ِذكرٍ نسيج
ٍ بدن اإلنسان ،ويستُر عورته ،وال يكون من
اإلزار في أحاديث كثيرة ،كقول النبي -عليه الصالة والسالم( :-ما َأ ْ
س َف َل
َّار) 24،وذكر الصحابة أن النبي -عليه الصالةار َف ِفي الن ِ ِمنَ ال َكعْ بَي ِ
ْن ِمنَ اإلزَ ِ
البس ًا اإلزار 25وفي أحاديث Cاالعتكاف Cأن النبي
والسالم -كان يخرُج إليهم ِ
-عليه الصالة والسالم -كان يش ُد ِمئزره ،وكان يُطلق لفظ اإلزار في
19
رواه مسلم ،في صحيح مسلم ،عن أنس بن مالك ،الصفحة أو الرقم ،2040 :صحيح.
20محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة .27-26بتصرّ ف.
21محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة .31-28بتصرّ ف.
رواه مسلم ،في صحيح مسلم ،عن جابر بن عبد هللا ،الصفحة أو الرقم ،1358 :صحيح. 22
23رواه مسلم ،في صحيح مسلم ،عن جابر بن عبد هللا ،الصفحة أو الرقم ،1358 :صحيح.
24رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن أبو هريرة ،الصفحة أو الرقم ،5787 :صحيح.
25محمد بن فارس الجميل ( ،)1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)،
الكويت :كلية اآلداب -جامعة الكويت ،صفحة .47-40بتص ّرف.
12
العُصور اإلسالميّة األولى على الثوب بشك ٍل عام ،ثُ ّم أصبح يُطلق على
26
الغطاء الكبير والواسع.
البُرد :وهو الثوب الذي يكون فيه ُخطوط ،وجمعه أبراد أو بُ ُرد ،ويكون على
عدة ألوان كاألخضر ،ورأى بعض الصحابة النبي -عليه الصالة والسالم-
لبس بُردان أخضران ،ورآه بعض الصحابة يخطُب ِب ِمنى البس ًا بُرد ًا
27
أحمر.
البُرْ دة :وهي لباسٌ يتلحف به اإلنسان ،وصنعت عائشة -رضي هللا عنها-
بُردة سوداء للنبي -عليه الصالة والسالم -فلبسها ،وأُهدي إليه بُردة من
امرأة ،فقبلها منها28،وكان له بُردان أخضران ،وتُسمى الحبرة ،وهي البُرود
التي فيها ُحمرة29،وكانت البُردة تُستعمل في العصر الجاهليّ ،وتُتخذ عباءة
في النهار ،و ِلحاف ًا في الليل ،ومن أشهر بُرد النبي -عليه الصالة والسالم-
البُردة التي أهداها لكعب بن زُ هير مُكافأ ًة له على قصيدته Cالتي مدحه بها،
واشتراها منه مُعاوية ،وبقيت عند ال ُخلفاء العباسيين إلى أن احتل المغول
بغداد ،وأمر هوالكو بإحرا ِقها ،وقيل :أنها لم تُحرق ،وكانت تُلبس في
30
المواكب.
26رجب عبد الجواد إبراهيم ( ،)2002المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى) ،القاهرة :دار اآلفاق
العربية ،صفحة ،31جزء .1بتص ّرف
27محمد بن فارس الجميل ( ،)1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)،
الكويت :كلية اآلداب -جامعة الكويت ،صفحة .53-49بتص ّرف.
28محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة .54بتصرّ ف.
29محمد يونس Gبن عبد الستار ( 1424هـ ) ،لباس الرسول والصحابة والصحابيات رضي هللا عنهم أجمعين (الطبعة األولى) ،مكة
المكرمة :مطابع الوحيد ،صفحة .23بتصرّ ف
30رجب عبد الجواد إبراهيم ( ،) 2002المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى) ،القاهرة :دار اآلفاق العربية ،صفحة -52
،53جزء .1بتصرّ ف.
12
الجبَّة :وهي من اللباس المُفصل ،ويُشبه في وقتنا الحاضر الفروة ،ولها
ُ
أكمام طويلة ،تكون عاد ًة مفتوحة من األمام وتُلبس فوق القفطان وهو الرداء
الطويل ،وتُبطن في الفرو ،وكانت في مكة تُلبس فوق الجسم ،وتُصنع من
ال ِقماش الخفيف ،والحرير 31.وهي عبار ٌة عن لباس كامل ،ال يحتا ُج اإلنسان
للبس شي ٍء آخر معها ،وروي أن النبي -عليه الصالة والسالم -صلى
البس ًا ُجبته ،وليس عليه غي ُرها ،وكان النبي -عليه الصالة
بالصحابة وكان ِ
والسالم -يكره ِجباب السُندس أي الحرير ،و ِجباب الديباج الذي تكون
أطرافه من الحرير ،ومن أنواع ال ِجباب السيجان التي لها أزرار من حرير،
وجاء رجل إلى النبي -عليه الصالة والسالم -البس ًا ُجبة سيجان ،فأخذه
ِبمجامع ثوبه ،وقال له :هذه لباس من ال يعقل 32،ولبس النبي -عليه الصالة
33
والسالم -ال ُجبة في السفر ،وكانت ضيقة الكمين،
وورد لبس النبي -عليه الصالة والسالم -لها ،كما في قول المُغيرة بن
هللا عليه وسلَّ َم في َ
س َف ٍر، ِي صَ لَّى ُشُعبة -رضي هللا عنهُ ( :-كنْتُ مع النب ِّّ C
َفقالَ :يا ُم ِغيرَ ُة خُ ِذ اإلدَاوَ َة ،فأخَ ْذتُ َهاَ ،فا ْنط َ َل َق رَ سو ُل اللَّ ِه صَ لَّى ُ
هللا عليه
35 34
ش ْأ ِميَّ ٌة)،
اجتَهُ ،وعليه ُجبَّ ٌة َ وسلَّ َم حتَّى تَوَ ارَ ى عَ ِِّنّCيَ ،ف َقضَ ى َح َ
الحبرة :وهي نو ٌع ِمن اللباس اليمنيّ ،وهو ما كان مُخطط ًا ،وكانت اللباس
ِي
ب إلى النب ِّّ Cأحبُّ ال ِِّثّCيَا ِ
المُفضل للنبي -عليه الصالة والسالم ،-لقوله( :كانَ َ
س َها ال ِحبَرَ َة) 36،وهي عبارة عن زين ًة تكون هللا عليه وسلَّ َم أنْ يَ ْلبَ َ
صَ لَّى ُ
ال ِحق ًا بالباس ،وليست لباس ًا بعينها ،وروي أن النبي -عليه الصالة والسالم-
31رجب عبد الجواد إبراهيم ( ،) 2002المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى) ،القاهرة :دار اآلفاق العربية ،صفحة -105
،106جزء .1بتصرّ ف.
32محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت:
كلية اآلداب -جامعة الكويت ،صفحة 72-69
33أ ب ت ث محمد يونس بن عبد الستار ( 1424هـ ) ،لباس الرسول والصحابة والصحابيات رضي هللا عنهم أجمعين
(الطبعة األولى) ،مكة المكرمة :مطابع الوحيد ،صفحة .21بتصرّ ف.
34رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن المغيرة بن شعبة ،الصفحة أو الرقم ،363 :صحيح.
35رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن المغيرة بن شعبة ،الصفحة أو الرقم ،363 :صحيح.
36رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن أنس بن مالك ،الصفحة أو الرقم ،5813 :صحيح.
12
ُكفّن في ثوبين وبُرد وحبرة ،وقيل :أنه س ُّج ّ
ي ببرد وحبرة 37،وسُميت
بالحبرة؛ ألنها تكون مُحبرة و ُمزينة ،وكانت من أشرف أثواب العرب،
وتكون من القطن المنسوج ،وغير مفصلة على الجسم ،وتكونُ عاد ًة باللون
األخضر.
ورآه بعض الصحابة الكرام ِب ُحل ٍة يمانيّة ،ورأى عُ مر بن الخطاب -رضي هللا
عنهُ -حل ًة سيراء تُباع عند المسجد ،فأشار على النبي -عليه الصالة والسالم-
ِبشرا ِئها ليستقبل بها الوفود ،فقال له :أنَّها لباس من ال خالق له في اآلخرة،
وصالح أهل نجران على ألفي ُحلة ،وكان النبي -عليه الصالة والسالم -يُهدي
39
الحلل ،كالنّجاشيّ.
بعض المُلوك من ُ
الخَ ِميصَ ة :وهي لباسٌ أسود اللون ،على شكل مُربع ،وله علمان ،وإن لم
ي ُكن مُعلم ًا فال يُسمى خميصة ،وورد عن عائشة -رضي هللا عنها -لبس
هللا عليه وسلَّ َم
ي صَ لَّى ُ النبي -عليه الصالة والسالم -لها ،بقولها( :أنَّ النب َّ
ش َغلَ ْت ِني َأعْ اَل ُم ه ِذه ،ا ْذ َهبُوا ب َها إلى َأ ِبي
صَ لَّى في خَ ِميصَ ٍة َل َها َأعْ اَل ٌمَ ،فقالََ :
37محمد بن فارس الجميل ( ،)1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)،
الكويت :كلية اآلداب -جامعة الكويت ،صفحة .77-75بتصرّف
38رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن البراء بن عازب ،الصفحة أو الرقم ،5848 :صحيح.
39محمد بن فارس الجميل ( ،)1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)،
الكويت :كلية اآلداب -جامعة الكويت ،صفحة 81-77
12
وأتُو ِني َبأ ْن ِب َجا ِنيَّ ٍة)40C،ورآه بعض الصحابة وهو يستسقي وعليه خميص ٍة
َج ْه ٍم ْ
سوداء 41،وجاء عن أنس -رضي هللا عنه -لما بعثته أُ ّم سليم إلى النبي
-عليه الصالة والسالم -ليرى ُغالمها ،فحنكه ،وكان البس ًا خميص ًة ُحريثية.
الرداء :وهو ما يُلبس فوق الثياب كالعباءة ،ويُغطي ال ُجزء األعلى من
الجسم 42،ويدُل على لبس النبي -عليه الصالة والسالم -له قول عائشة
-رضي هللا عنها( :-رَ َأ ْيتُ رَ سو َل ِ
هللا صَ لَّى اللَّ ُه عليه وسلَّ َم يَ ْ
ستُرُ ِني
بردَا ِئ ِه) 43C،ومن األردية التي لبسها أيض ًا ،الرداء النجرانيّ ،ورآه أنس ِ
-رضي هللا عنه -وهو يلبسُه ،والرداء الحضرميّ ،وال ُكرديّ ،وكان يخرُج
به النبي -عليه الصالة والسالم -عند صالته لالستسقاء ،وعند اإلحرام
بالحج أو العُمرة 44،وكان طول ِردائه -عليه الصالة والسالم -ستة أذ ُرع في
ضه ذراعين وشبر.
ي أربعة أذ ُرع وشبر ،وعر ُ
ثالثة وشبر ،وإزاره العُمان ّ
السراويل :وهو لباس يغطي الجزء األسفل من الجسم ،ويحرُ م لبسه
لل ُمحرم ،وروي عن النبي -عليه الصالة والسالم -شراءه للسراويل45،كما
46
روي عنه لبسه له ،ولبس الصحابة له بإذنه.
ال َّ
شمْ لة :وهي اللباس الذي كان العرب يشتملون به في الليل عند النوم،
وجمعُها ِشمال ،وهي إزار من الصوف أو الشعر ،ورأى الصحابة النبي
-عليه الصالة والسالم -يُصلي وعليه شملة وعقدها Cعليه ،ومر ًة تبع جنازة
40رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن عائشة أم المؤمنين ،الصفحة أو الرقم ،752 :صحيح.
41محمد يونس بن عبد الستار ( ،)1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة)،
القاهرة :دار اآلفاق العربية ،صفحة .85-82
42رجب عبد الجواد إبراهيم ( ،)2002المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى) ،القاهرة :دار اآلفاق
العربية ،صفحة 194
43رواه مسلم ،في صحيح مسلم ،عن عائشة أم المؤمنين ،الصفحة أو الرقم892 :
44محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة 92-89
45محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة .96-94
46محمد يونس Gبن عبد الستار ( 1424هـ ) ،لباس الرسول والصحابة والصحابيات رضي هللا عنهم أجمعين (الطبعة األولى) ،مكة
المكرمة :مطابع الوحيد ،صفحة 22
محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة .98-97
12
وكان عليه شملتان ،وأهدت إليه امرأة شملة ،فقبلها منها 47،وإذا كانت
الشملة مُخططة فتُسمى نمرة ،وجمعُها ِنمار؛ ألنها تُشبه ال ِنمر في ألوانها
غالب ًا ،وهي األسود واألبيض ،ولبسها النبي -عليه الصالة والسالم -قبل
اإلسالم ،عندما كان يبني الكعبة مع ُقريش بعد هدمها ،وتُعد من اللباس
48
س ُه الفُقراء.
المتواضع ،والذي يلب ُ
ال َقبَاء :وهي كلم ٌة فارسيّة ،وتعني الثوب المفتوح من األمام ،يُلبس فوق
الثياب ،ويُربط ِب ِحزام ،وتُلبس فوقها ُجبَّة ،وقال الدوزيّ :أنها ثوبٌ ،طويل،
مقفل من األمام بأزرار ،و ُمقور من عند الرقبة ،ويكون ضيق األكمام ،وعند
المماليك يُستخدم كالبُرنس أو العباءة عند النساء49،وسُمي قباء؛ الجتماع
أطرافه ،يُلبس في السفر والحرب؛ لسهولة الحركة فيه ،ورأى بعض
الصحابة النبي -عليه الصالة والسالم -البس ًا قباء من الديباج أُهدي إليه،
وكان النبي -عليه الصالة والسالم -ال يُحب لبسه؛ كونه يُع ُّد من لباس
المُترفين المُنعَّمين 50،وم َّما ورد في لبس النبي -عليه الصالة والسالم-
هللا عليه وسلَّ َم س َم رَ سو ُل اللَّ ِه صَ لَّى ُ للقباء ،حديث المسور بن مخرمةَ ( :ق َ
َأ ْق ِبيَ ًة ،ولَ ْم يُعْ ِط مَخْ رَ َم َة منها شيئًاَ ،فقا َل مَخْ رَ َم ُة :يا بُنَيَّ ،ا ْنط َ ِل ْق بنَا إلى
هللا عليه وسلَّ َمَ ،فا ْنطَلَقْتُ معهَُ ،فقالَ :ادْخُ ْلَ ،فا ْد ُع ُه ِلي، رَ سو ِل اللَّ ِه صَ لَّى ُ
قالََ :فدَعَ وْ تُ ُه لهَ ،فخَ رَ َج إلَ ْي ِه وعليه َقبَا ٌء منهاَ ،فقالَ :خَ ب َْأ َنا هذا َلكَ ،قالََ :ف َنظَرَ
ي مَخْ رَ َم ُة). إلَ ْي ِهَ ،فقالَ :رَ ِ
51
ض َ
ال َقميص :وهو ثوب مخيط ِب ُكمَّين غير مُفرج ،يُلبس تحت الثياب ،ويكون من
القُطن أو ال ِك تان ،أو الصوف ،وهو من أحب الثياب إليه ،لحديث زوجته أُ ُم
ِي صلَّى اللَّ ُه علي ِه وسلَّ َم سلمة -رضي هللا عنها( :-كانَ أحبَّ ال ِِّثّCيا ِ
ب إلى النَّب ِّّ C
47
48محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة .127-125
49رجب عبد الجواد إبراهيم ( ،) 2002المعجم العربي ألسماء المالبس (الطبعة األولى) ،القاهرة :دار اآلفاق العربية ،صفحة -378
،379
50محمد بن فارس الجميل ( ،) 1994اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم (الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب-
جامعة الكويت ،صفحة 106-105
51
رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن المسور بن مخرمة ،الصفحة أو الرقم ،2599 :صحيح.
12
ال َقميصُ ) 52،ورآه بعض الصحابة وهو يُصلي الجنازة وعليه قميصان،
وفي معركة بدر أهدى إليه عمه العباس قميص ًا من عبد هللا بن أُبي53،وكان
ُك ّم قميص النبي -عليه الصالة والسالم -إلى رُسغه.
المُالءة أوال ِم ْلحفة :ال ُمالءة بالضم تعني الملحفة ،وبالضم والمد تعني اإلزار
والريطة ،وهي الملحفة التي ال يكون لها شقين ،والملحفة هي المالءة إذا
ُضع لها بطانة54،وتكون فوق بقية اللباس ،وذكرت قليلة بنت
ُح ِشيت أو و ِ
مخرمة رؤيتها للنبي -عليه الصالة والسالم -وعليه مالءتين من الزعفران،
صعود النبي -عليه الصالة والسالم -على المنبر وعليه
وذكر ابن عباس ُ
55
ملحفة فوق كتفيه.
ال ِكساء :وهو اس ٌم ِل ُكل ما يُلبس ويصنع من ال ِقماش لتغطية األشياء ،وليس
مُختص ًا باإلنسان فقط ،فقد يكون للكعبة ،أو للفرس ،أو لإلبل وغيرها،
وكغطاء السرير ،والمقعد وغيره ،وشاهد أنس بن مالك -رضي هللا عنه-
النبي -عليه الصالة والسالم -مُتزر ًا ِبال ِكساء ،وصلى ِبال ِكساء ،وكان يتقي
به حر األرض وبردها ،56ومن أنواع ال ِكساء ما يُسمى بالعباءة ،وتكون من
الصوف ،مفتوحة من األمام ،وتُلبس فوق الثياب ،وذكر لبس النبي -عليه
هللا صَ لَّى اللَّ ُه
س ِني رَ سو ُل ِ الصالة والسالم -لها حديث يزيد بن شريك( :فأ ْلبَ َ
ت عليه يُصَ ِِّلّCي ِفي َهاَ ،فلَ ْم َأزَ ْل نَا ِئمًا حتَّى
عليه وسلَّ َم ِمن َفضْ ِل عَ بَا َء ٍة َكانَ ْ
57
َأصْ ب َْحتُ َ ،فلَمَّا َأصْ ب َْحتُ قالَُ :ق ْم يا نَوْ مَانُ )
12
يقول المناوي في تعليل حب النبي صلى هللا عليه وسلم القميص :كانت نفسه تميل
إلى لبسه يعني :القميص .أكثر من غيره من نحو رداء أو إزار؛ ألنه أستر منهما
وأيسر الحتياجهما إلى حل وعقد بخالفه ،فهو أحبها إليه لبسًا ،والحبرة أحبها إليه
ردا ًء ،فال تدافع بين حديثيهما ،أو ذاك أحب المخيط ،وذا أحب غيره ،ويلوح من
ذلك أن لبسه له أكثر .وكان ال يختلج في ذهني خالفه ،حتى رأيت الحافظ العراقي
ي لما مات ما ُ
قال في حديث إلباس المصطفى صلى هللا عليه وسلم قميصه البن أبَ ّ ٍ
نصه :وفيه لبسه -عليه الصالة والسالم -للقميص ،وإن كان األغلب من عادته
وعادة سائر العرب لبس اإلزار والرداء .ولم أقف له على سلف في جزمه بهذه
األغلبية بالنسبة لخصوص المصطفى صلى هللا عليه وآله وسلم ،وفوق كل ذي
علم عليم ،وال يلزم من كون ذلك أغلب للعرب كونه أغلب له؛ ألن أحواله وشؤونه
كانت منوطة بما يؤمر به ،وبما كان دأب آبائه وإخوانه من األنبياء والمرسلين فيما
لم يوح إليه بشيء ،ال بشعار العرب وزيهم ،على أن أغلبية لبس اإلزار والرداء ال
ينافي أغلبية لبس القميص ،وال مانع من لبس الثالثة غالبًا معًا ،فتدبر.58
وما كان هذا الحب لذلك النوع من الثياب إال لكونه أستر للعورة ،وأكمل في الزينة.
وكان هذا القميص من قطن ،وكان قصير الطول ،قصير الكمَّين ،يصل إلى الرسغ.
كما لبس صلى هللا عليه وسلم السروال؛ لقول سويد بن قيس :جلبت أنا ومخرمة
العبدي ب ًّزا 59من هجر 60،فأتانا النبي صلى هللا عليه وسلم فاشترى منا رجل
61
سراويل ووزان يزن باألجر ،فقال للوزان" :زن وأرجح.
وقد اختلف العلماء في لبس النبي صلى هللا عليه وسلم السراويل ،فجزم بعضهم
بأنه لم يلبسها ،واستأنسوا في رأيهم هذا بما جزم به النووي في كتابه تهذيب
األسماء واللغات ،أثناء ترجمته لسيدنا عثمان بن عفان رضي هللا عنه ،بأنه لم
يلبسها في جاهلية وال إسالم إال يوم قتله؛ خشية أن تنكشف عورته أو تُرى .وقد
ورد حديث سنده ضعيف أن النبي صلى هللا عليه وسلم اشترى سراويل بأربعة
دراهم ،قال أبو هريرة :فأردت حملها فمنعني ،وقال" :صاحب الشيء أحق بحمله".
قلت :يا رسول هللا ،وإنك لتلبس السراويل؟ قال" :نعم ،بالليل والنهار" .وإذا ص َّح
58فيض القدير 82 /5
ونحوها.
ِ ب
ت من الثيا ِ 59البز :الثيابُ أو مَتا ُع البي ِ
60هجر :اسم بلد معروف في البحرين
61رواه أحمد ،وأصحاب السنن.
12
أن النبي صلى هللا عليه وسلم اشترى السراويل ،فهل اشتراؤه إياها ليلبسها هو أم
لغيره؟ ذكر ابن القيم في زاد المعاد أن الظاهر من شرائه إياها أنه كان ليلبسها،
وقد ذهب بعض العلماء إلى ما ارتأه ابن القيم ،وخالفه آخرون محتجين بجوابه
صلى هللا عليه وسلم للرجل المحرم ،الذي سأله عما يلبس أثناء اإلحرام ،فنهاه عن
لبس السراويل والعمائم والبرانس والخفاف؛ مما يدل على أن النبي صلى هللا عليه
وسلم كان ال يلبسها ،كما أن بعض الصحابة كانوا يلبسونها ،ونهوا عن لبسها عند
اإلحرام.
وإذا كان قد ثبت في الحديث الصحيح أنه صلى هللا عليه وسلم قد اشتراها قبل
الهجرة ،فإنه لم ينه أحدًا عن لبسها؛ إذ إن بعض أهل المدينة كانوا يلبسونها ،إال
أنه نهى عن لبسها في اإلحرام.
جاء في غذاء األلباب :اختلف العلماء هل لبس السراويل نبينا محمد صلى هللا عليه
رُوي عن إبراهيم وموسى عليهما السالم
وسلم أم ال؟ قال في اآلداب Cالكبرى :قد ِ
أنهما لبساه ولبسه النبي صلى هللا عليه وسلم .ورُ ِوي عن غير واحد من الصحابة
ي أنه أمر به.
كسلمان ،وعن عل ّ ٍ
وذكر اإلمام الحافظ ابن الجوزي أن النجاشي كتب إلى رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم :إني قد زوجتك امرأة من قومك وهي على دينك؛ أم حبيبة بنت أبي سفيان،
وأهديت لك هدية جامعة؛ قميصً ا وسراويل وعطا ًفا وخفين ساذجين .فتوضأ النبي
صلى هللا عليه وسلم ومسح عليهما .قال سليمان بن داود أحد رواة الحديث :قلت
62
للهيثم بن عدي :ما العطاف؟ قال :الطيلسان
كان النبي صلى هللا عليه وسلم يرتدي أحسن الثياب وأعدلها وأجملها ،في غير
مخيلة وال سرف ،فلبس البرود اليمانية والقميص وكان أحب الثياب إليه ،وكذلك
الحبرة؛ فعن أم سلمة رضي هللا عنها قالت :وكان أحب الثياب إلى رسول صلى
هللا عليه وسلم القميص 63وعن قتادة قال :قلنا ألنس بن مالك :أي الثياب كان أحب
64
أو أعجب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قال :ال ِحبَرة.
12
وأخرج الترمذي عن سويد بن قيس قال :جلبت أنا ومخرمة العبدي ب ًّزا من هجر،
فجاءنا النبي صلى هللا عليه وسلم فساومنا بسراويل ،وعندي و َّزان يزن باألجر،
فقال النبي صلى هللا عليه وسلم للوزانِ " :زنْ وأرجح".
وقال أبو هريرة :دخلت يو ًما السوق مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فجلس
إلى البزازين ،فاشترى سراويل بأربعة دراهم ..الحديث ،وفيه :قلت :يا رسول هللا،
وإنك لتلبس السراويل؟ قال" :نعم ،وبالليل والنهار ،وفي السفر والحضر؛ فإني
65
أُمرت بالتستر ،فلم أجد شيئًا أستر منه .
قال صاحب غذاء األلباب :قال في الهدي :اشترى صلى هللا عليه وسلم السراويل،
والظاهر إنما اشتراه ليلبسه.
ثم قال :ورُ ِوي في حديث أنه لبس السراويل ،وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه.
قلت :وميل اإلمام المحقق في الهدي إلى أنه صلى هللا عليه وسلم لبسها ،وكذا
الحافظ ابن حجر في الفتح ،وقال جماعة من العلماء :لم يلبسها عليه الصالة
والسالم ،وال يلزم من شرائه لها لبسها .وقاله المناوي في شرح الجامع الصغير،
66
وهللا أعلم.
ولبس النبي صلى هللا عليه وسلم أيضً ا الرداء واإلزار لقول أبي بردة :أخرجت
إلينا عائشة رضي هللا عنها كسا ًء وإزارً ا غليظًا ،فقالت :قبض روح رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم في هذين 67.وورد في لفظ مسلم عن أبي بردة :دخلت على
عائشة ،فأخرجت إلينا إزارً ا غليظًا مما يصنع باليمن ،وكساء من التي يسمونها
الملبدة .قال :فأقسمت Cباهلل إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ُقبض في هذين
الثوبين.
كما لبس النبي صلى هللا عليه وسلم الجبة والقباء،ولبس العمامة ،وأرخى
الذؤابة،ولبس النعل والخف،فقد كان له خفان أسودان غير منقوشين قد أهداهما إليه
12
النجاشي ،فقدُ Cر ِوي عن ابن بريدة عن أبيه أن النجاشي أهدى للنبي صلى هللا عليه
وسلم خفين أسودين ساذجين ،فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما 68.ولبس
الخميصة المعلمة والساذجة ،فعن عروة عن عائشة :أن النبي صلى هللا عليه وسلم
صلَّى في خميصة لها أعالم ،وقال" :شغلتني أعالم هذه ،فاذهبوا Cبها إلى أبي جهم
وائتوني بأنبجانية" 69.ولبس ثوبًا أسود ،ولبس الفروة المكفوفة بالسندس .ولبس
ال ِمرْ ط ،وهو كساء من خ ٍّز أو صوف أو كتان ،وقيل :هو الثوب األخضر .وقيل :هو
كساء يؤتزر به .وقيل :كساء صوف ومربع سداه شعر ،فعن عائشة قالت :خرج
إلينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحلمن شعر
أسود.70
كما لبس أيضً ا حلة حمراء ،فعن البراء رضي هللا عنه قال :كان رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم مربوعً ا ،بعيد ما بين المنكبين ،له شعر بلغ شحمة أذنيه C،رأيته في
حلة حمراء لم أرَ شيئًا قط أحسن منه 71.وفي رواية :ما رأيت أجمل من رسول هللا
مترجالً في حلة حمراء 72.وفي رواية ألبي داود عن أبي
ِّ صلى هللا عليه وسلم
جحيفة قال :أتيت النبي صلى هللا عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم،
فخرج بالل فأذن ،فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا .قال :ثم خرج رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم وعليه حلة حمراء برود يمانية قطري.
والحلة ال تطلق إال اسمًا للثوبين معًا؛ اإلزار والرداء ،وقد كانت هذه الحلة الحمراء
-كما يقول ابن القيم عبارة عن :بردين يمانيين ،منسوجين بخطوط حمر مع األسود
كسائر البرود اليمنية ،وهي معروفة بهذا االسم باعتبار ما فيها من الخطوط
الحمر.73
ولبس صلى هللا عليه وسلم ثوبين مصبوغين بالزعفران ،كما يتبين من رواية
الحاكم عن إسماعيل بن عبد هللا بن جعفر ،عن أبيه رضي هللا عنه قال :رأيت
رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي ،وقال األلباني :حسن. 68
69متفق عليه.
70رواه مسلم.
71متفق عليه
72رواه ابن ماجه ،وقال األلباني :صحيح
73زاد المعاد.130 /1 ،
12
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران؛ رداء
وعمامة.74
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية :كان صلى هللا عليه وسلم يلبس القميص والعمامة،
ويلبس اإلزار والرداء ،ويلبس الجبة والفروج أو الفرجية ،وكان يلبس من القطن
والصوف وغير ذلك ،لبس في السفر جبة صوف ،وكان يلبس مما يجلب من اليمن
وغيرها ،وغالب ذلك مصنوع من القطن ،وكانوا يلبسون من قباطي مصر ،وهي
منسوجة من الكتان .فسنته في ذلك تقتضي أن يلبس الرجل ويطعم مما يسره هللا
75
ببلده من الطعام واللباس؛ وهذا يتنوع بتنوع األمصار.
ولم يكن له صلى هللا عليه وسلم ثياب خاصة أو أنواع معينة من الثياب ،بل
إنه صلى هللا عليه وسلم لبس أنواعً ا متعددة وكثيرة من الثياب ،من الكتان تارة،
ومن الصوف تارة ،ومن القطن تارة ،فيلبس ما يجده أمامه ،وما تيسر له .وإذا أتاه
وفد ،ارتدى له أحسن الثياب وأجمل الحلل ،وأمر أصحابه Cأن يقتدوا Cبه ،فعن
أبي سعيد الخدري :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا استجد ثوبًا سماه
باسمه -عمامة أو قميصً ا أو ردا ًء -ثم يقول" :اللهم لك الحمد كما كسوتنيه ،أسألك
خير ما صنع له ،وأعوذ من شره وشر ما صنع له".76
يقول ابن القيم في زاد المعاد في صفة قميصه صلى هللا عليه وسلم :وكان كمه إلى
الرسغ ،ولبس الجبة والفروج وهو شبه القباء والفرجية ،ولبس القباء أيضً ا ،ولبس
في السفر جبة ضيقة الكمين ،ولبس اإلزار والرداء .قال الواقدي :كان رداؤه وبرده
طول ستة أذرع في ثالثة وشبر ،وإزاره من نسج عمان ،طول أربعة أذرع وشبر
في عرض ذراعين وشبر.
وكان صلى هللا عليه وسلم يحب من الثياب ما كان لونه أبيض ،وقال في ذلك:
"البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم ،وكفنوا فيها موتاكم" 77.وعلة ذلك
أن هذا اللون من أحسن األلوان وأفضلها؛ ألنه أمارة الصفاء ،ودليل النقاء ،كما أنه
74رواه الحاكم في المستدرك.
75مجموع الفتاوى.311 /22 ،
76رواه الترمذي في الشمائل ،وأبو داود.
رواه أبو داود والترمذي. 77
12
مبهج للنفس ،وأجلى للبصر ،كما أنه كان لباس المالئكة المقاتلين مع المسلمين يوم
أحد.
ولم يتسخ لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ثوب ،فلم يكن الوسخ يصيب ثوبه؛ من
تراب أو غبار أو عرق أو رائحة كريهة ،فكيف يتسخ ثوب اشتمل على أطهر بدن
وأشرف جسد؟! كما أن الذباب Cلم يكن يمس ثيابه أو يقع عليها.
المطلب :الثالث :الوان ثيابه الرسول صلى هللا عليه وسلم وحكمه فيها
لبس النبي -عليه الصالة والسالم -من الثياب األخضر ،واألسود ،وما كان مُخطَّط ًا
باألبيض واألسود ،واألصفر ما لم ي ُكن مُعصفر ًا أو مُزعفر ًا ،واألبيض ،وكان من
َياض
يحث الصحابة الكرام على لبسه ،بقوله( :عليكم بالب ِ ُّ أحب األلوان إليه ،وكان
ب ،ف ْلي ْلبَسْ ها أحيا ُؤك ْم ،وك ِِّّCفنُوا فيها مَوتا ُك ْم ،فإنَّها خيرُ ِث ِ
يابك ْم) 78C،فيكون من ال ِِّثّCيا ِ
لبس األبيض من السُنة ،ولبس غيره من األلوان من باب المُباحات C،واختلفوا في
لبس اللون األحمر ،فقال بعضهم :بالكراهة ،وأباحه البعض اآلخر ،للحديثَ ( :فخَ رَ َج
ي صَ لَّى اللَّ ُه عليه وسلَّ َم عليه ُحلَّ ٌة َحمْ رَ اءُ) 79،ونهى عن لبس المُزعفر
النب ُّ
80
والمُعصفر وهو الذي استُخ ِدم العصفر أو الزعفران بصبغه.
ولبس حلة حمراء ،والحلة إزار ورداء ،وال تكون الحلة إال اسما للثوبين معا،
وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتا ال يخالطها غيره ،وإنما الحلة الحمراء :بردان
يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع األسود ،كسائر البرود اليمنية ،وهي معروفة
بهذا االسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر ،وإال فاألحمر البحت منهي عنه أشد
النهي ففي "صحيح البخاري " أن النبي صلى هللا عليه وسلم ( «نهى عن المياثر
الحمر» ) وفي "سنن أبي داود " عن عبد هللا بن عمرو أن النبي صلى هللا عليه
وسلم رأى عليه ريطة مضرجة بالعصفر فقال« ( :ما هذه الريطة التي عليك؟
فعرفت ما كره ،فأتيت Cأهلي وهم يسجرون تنورا لهم فقذفتها فيه ،ثم أتيته من الغد
رواه األلباني ،في صحيح الجامع ،عن سمرة بن جندب ،الصفحة أو الرقم4062 : 78
79رواه مسلم ،في صحيح مسلم ،عن وهب بن عبدهللا السوائي Gأبو جحيفة ،الصفحة أو الرقم:
،503
80محمد صالح المنجد ( 29ذو القعدة )1(" ،)1399آداب اللباس"
12
فقال " :يا عبد هللا ما فعلت الريطة؟ " فأخبرته ،فقال :هال كسوتها بعض أهلك
فإنه ال بأس بها للنساء» )
وفي "صحيح مسلم " عنه أيضا ،قال «رأى النبي صلى هللا عليه وسلم علي ثوبين
معصفرين .فقال( :إن هذه من لباس الكفار فال تلبسها» ) وفي "صحيحه" أيضا عن
علي رضي هللا عنه قال« ( :نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن لباس المعصفر»
) .ومعلوم أن ذلك إنما يصبغ صبغا أحمر.
وفي بعض السنن «أنهم كانوا مع النبي صلى هللا عليه وسلم في سفر فرأى على
رواحيلهم أكسية فيها خطوط حمراء فقال " :أال أرى هذه الحمرة قد علتكم فقمنا
سراعا لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حتى نفر بعض إبلنا ،فأخذنا األكسية
فنزعناها عنها» .رواه أبو داود.
وفي جواز لبس األحمر من الثياب والجوخ وغيرها نظر .وأما كراهته ،فشديدة
جدا ،فكيف يظن بالنبي صلى هللا عليه وسلم أنه لبس األحمر القاني ،كال لقد أعاذه
هللا منه ،وإنما وقعت الشبهة من لفظ الحلة الحمراء ،وهللا أعلم.
ولبس الخميصة المعلمة والساذجة ،ولبس ثوبا أسود ،ولبس الفروة المكفوفة
بالسندس.
وروى اإلمام أحمد ،وأبو داود بإسنادهما عن أنس بن مالك «أن ملك الروم أهدىC
للنبي صلى هللا عليه وسلم مستقة من سندس ،فلبسها ،فكأني أنظر إلى يديه
تذبذبان» .قال األصمعي :المساتق :فراء طوال األكمام .قال الخطابي :يشبه أن
81
تكون هذه المستقة مكففة بالسندس ،ألن نفس الفروة ال تكون سندسا.
ال شك أن ما لبسه رسول هللا صلى هللا عليه و سلم من الثياب ،قد لبسها أصحابه
رضي هللا عنهم اتباعا Cله صلى هللا عليه و سلم و كيف ال وقد كانوا اشد اتباعا له
صلى هللا عليه و سلم في شؤون الحياة كلها ،فلذلك جعل هللا ايمان أصحاب Cالنبي
صلى هللا عليه و سلم ،مثال و ميزانا لألخرين الى يوم الدين
81زاد المعاد في هدي خير العباد البن قيم الجوزية (المتوفى751 :هـ) الناشر :مؤسسة الرسالة ،بيروت -مكتبة
المنار اإلسالمية ،الكويت الطبعة :السابعة والعشرون 1415 ,هـ 1994/م ص 131
12
قال القرطبي(:الخطاب لمحمد صلى هللا عليه و سلم و أمته ،والمعنى :فإن آمنوا
82
مثل ايمانكم ،و صدقوا مثل تصديقكم Cفقد اهتدوا).
هذا و نذكر بعض األحاديث المتعلقة بلباس اصحاب الرسول صلى هللا عليه و
سلم:
فعن عبد هللا بن بريدة ان اباه رضي هللا عنه حدثه قال :رأيت رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم يخطب فاقبل حسن و حسين عليهما قميصان احمران يعثران و
يقومان ،فنزل النبي صلى هللا عليه و سلم فأخدهما فوضعهما في حجره فقال :
83
(انما اموالكم و أوالدكم Cفتنة ) رأيت هذين فلم أصبر ) ثم اخد في خطبته )
وعن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال :كساني النبي صلى هللا عليه و سام
85
حلة سيراء 84فخرجت فيها فرأيت العضب في وجهه فشققتها بين نسائي
و عن عكرمة أنه رأى ابن عباس رضي هللا عنهم يأتزر فيضع حاشية إزاره من
مقدمة على ظهر قدميه ،و يرفع من مؤخره ،قلت لم تأتزر هذه اإلزرة ؟ قال :
86
رأيت رسول هللا صلى هللا و عليه و سلم يتأزرها )
وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال " :لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما
منهم رجل عليه رداء إما ازار و إما كساء قد ربطوا في أعناقهم ،فمنها ما يبلغ
نصف الساقين ،ومنها ما يبلغ الكعبين ،فيجمعه بيده كراهية أن ترى
87
عورته ) .
12
الفصل الثاني :لباس النساء في عصر النبوة
صحابيّات
المبحث األول :لباس ال َّ
صت عليه اآلية صحابيّات رضوان هللا عليهنّ جميعًا كان تطبيق ًا لما ن ّ لباس ال َّ
ي ُقلْ ألزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين الكريمة قال تعالى( ":يا أيها النّب ّ
88
عليهنّ من جالبيبهنّ ذلك أدنى أنْ يُعرفنّ فال يؤذين وكان هللا غفورً ا رحيمًا")
فدّلت هذه اآلية دالل ًة قاطع ًة على أنّ لباس الصّ حابيّات الذي أُمرنّ به والتزمنّ به له
صفات ،وهو أنْ يكون عريضً ا واسعًا ،طوياًل يُغطّي القدمَين ،ال يشفّ وال
ٍ عدّة
ملفت لألنظار ،مع تجنّب
ٍ لون
يصف ما تحته من المالبس أو الجسد ،وال يكون ذا ٍ
الِزينة على ال ِِّلّCباس التي تلفت النَّظر إلى ما ترتديه المرأة.
وضع ِّّC
كما كان يمتاز لباسهنّ رضي هللا عنهنّ بأنّه منسد ٌل على منطقة النَّحر -الصَّدر-
وال َّذقن ،كما أنّه لباسٌ مخصّصٌ للنساء في ألوانه وتفصيله بعيدًا عن ألوان ثياب
الِرجال وتفصيالتهم.
ِّّC
ضل للمرأة المسلمة ارتداء ال ِِّلّCباس ذي اللّون األسود ،تفضيالً وليس شرطًا
يُف ّ
مُلزمًا ،فهو ال يصفُ ما تحته وال يُلفت أنظار ال ِِّّCرجال لها.
ضمن لباس الصَّ حابيّات Cال ِخمار ،وهو ما تضعه المرأة فوق رأسها لتغطية
ومن ِ
ك ،أمّا رأسها ورقبتها ،ويكون منسداًل حتى وسطها ،وفضفاضً ا من ُق ٍ
ماش سمي ٍ
بالنسبة إلى تغطية الوجه ففيه جد ٌل كبيرٌ ،فهناك من العلماء من أوجبه ،وفري ٌق آخر
أق ّر باستحبابه .وذلك الحال بالنسبة الرتداء ال ِِّنّCقاب -وهو تغطية الوجه مع ترك ش ٍٍّّCق
فيه للعينيّن -فمن العلماء من أوجبه ،ومنهم من قال هو مستحبٌّ ،ومنهم من قال إنّ
للمرأة ترك ال ِِّنّCقاب Cفي حال أمنت على نفسها من الفتنة وال ّ
ضرر من ال ِِّّCرجال
المحيطين بها.
12
وقد ذ َك ر شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه هللا -أن النساء في عهد النبي صلى هللا
عليه وسلم كنَّ يلبسْ نَ القمُص الالتي َت ِ
صل إلى الكعبين في القدمين ،وإلى الكفَّين
في اليدَين.89
ِمن هذا المُنطَلق قال ابن قدامة -رحمه هللا :-قال األثرم :سألتُ أبا عبدهللا عن
رجل يَنظُر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه؟ فقال :هذا القرآن ﴿ :وَ اَل يُ ْب ِدينَ
ِزينَتَ ُهنَّ ﴾ إال لكذا وكذا ،قلت :فينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها؟ قال :ال ،ما
90
يُع ِجبني ،ثم قال :أنا أكرَ ُه أن يَنظُر من أمه وأخته إلى مثل هذا.
وقال ابن حزم -رحمه هللا :-صحَّ عن إبراهيم أال ينظر ِمن ذات المحرَ م إال إلى
ما فوق الصدر ،وكره الساقين.
اح َأنْ احا َفلَيْسَ عَ لَي ِْهنَّ ُجنَ ٌ اع ُد ِمنَ ال ِنّسَا ِء الاَّل ِتي اَل يَرْ ُجونَ ِن َك ً قال تعالى ﴿ :وَ ا ْل َقوَ ِ
س ِمي ٌع عَ ِلي ٌم﴾ ات ِب ِزينَ ٍة وَ َأنْ يَسْ تَ ْع ِف ْفنَ خَ ْي ٌر َل ُهنَّ وَ اللَّ ُه َ
يَضَ عْ نَ ِثيَابَ ُهنَّ َغيْرَ ُمتَب َِرّ َج ٍ
[النور ،]60 :وقال تعالىَ ﴿ :فاَل تَخْ ضَ ْعنَ ِبا ْل َقوْ ِل َفيَطْمَعَ الَّ ِذي ِفي َق ْل ِب ِه مَرَ ضٌ ﴾
[األحزاب ،]32 :وقال تعالى ﴿ :وَ اَل يَضْ ِربْنَ ِب َأرْ ُج ِل ِهنَّ ِليُ ْع َل َم مَا يُخْ ِفينَ ِمنْ ِزي َن ِت ِهنَّ ﴾
[النور...]31 :إلى غير ذلك من اآليات.C
إن المتأ ِّمل لهذه اآليات Cبعيدًا عن المؤ ِثّرات الخارجية يجد مقاصد Cكلية جامعة،
ويقف على حصانة منيعة و ِحراسة محكمة لحدود العالقة بين الجنسَين ،ال يتصور
ُبرز أعضاءها Cالساحرة الجميلة،معها إطال ًقا Cالسماح لشابَّة حسناء وضيئة أن ت ِ
وتتمشَّى بين محارمها ونسائها كاشفة ما فوق سُرتها وتحت ركبتها أيعقل هذا يا
عباد هللا! في شريعة جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد؟!
قال تعالىَ ﴿ :ذ ِلكَ َأ ْدنَى َأنْ يُعْ رَ ْفنَ َفاَل ي ُْؤ َذيْنَ [ ﴾ األحزاب ،]59 :وقال تعالى:
َ
﴿ يَا بَ ِني آ َد َCم َق ْد أ ْنزَ ْلنَا عَ لَ ْي ُك ْم ِلبَاسًا يُوَ ِ
اري سَوْ آ ِت ُك ْم﴾
91
12
وجه الداللة من اآليتين:
إن هللا -جل وعال -جعل كون نساء المؤمنين يُعر ْفنَ باللباس الفارق أمرً ا
مقصودًا ،ف ِلباس المرأة يُقصَ د منه ما يلي:
إذا تقرَّ ر هذا فالمالبس النسائية القصيرة والشفافة والضيقة تَخلو ِمن روح هذه
المقاصد Cالشرعية.
قال تعالى ﴿ :وَ اَل تَبَ َّر ْجنَ تَبَرُّ َج ا ْل َجا ِه ِليَّ ِة اأْل ُولَى[ ﴾ األحزاب.]33:
إن هللا -جل وعال -نهى نساءنا عن تبرُّ ج الجاهلية األولى ،فدلت اآلية بمنطوقها
سنَ القصير أو الشفاف أو الض ِيّق؛ ألن المرأة على أنه يَحرُ م على المؤمنات أن يلب ْ
فيها متب ِّرجة شرعً ا وعر ًفا ولغ ًة ،واآلية عامة لم تُف ِّرق بين أن يكون التب ُّرج عند
قريب أو بعيد ،فمَن ح َمل اآلية على البعيد دون القريب فقد تأولها على غير تأويلها،
والتخصيص يَحتاج إلى دليل ممَّن جاءنا باإلسالم واإليمان واإلحسان ،وال دلي َل
هنا.
هذا ،وال ريب في تحريم مُشابهة الجاهليات في هيئتهنَّ وهديهن وز ِيّهن ،وهذه
الثياب المَحظورة سمة لهنَّ ؛ فعن ابن عمر -رضي هللا عنهما -قال :قال رسول
92
هللا صلى هللا عليه وسلم(( :مَن تشبَّه بقوم فهو ِمنهم)).
92حسن؛ للكالم في عبدالرحمن بن ثابت ،وله شواهد؛ انظر :نصب الراية ( )347 - 346 :4وطريق آخر
جميعها ال تخلو من مقال ،وقد أخرج الحديث أحمد ( )50 :2وأبو داود ( )4031وابن أبي شيبة (المصنف:
)575: 4والبيهقي (الشعب )75 :2 :والطحاوي (مشكل )88 :1 :وغيرهم ،قال ابن تيمية( Gاالقتضاء:1 :
:)241 - 240هذا إسناد جيد ،وقد احت َّج اإلمام أحمد وغيره بهذا الحديث اهـ ،وصحح إسناده العراقي؛ تخريج
اإلحياء ،)797( :وانظر ،)3639( :وصحَّ حه ابن حبان (بلوغ ،)1499 :وابن حجر (الفتح،)274 :10 :
12
وقال علي -رضي هللا عنه " :-مَن تزيَّا بز ِّ
ي قوم فهو منهم".
عن عبدهللا بن مسعود رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال:
93
خرجت استَ ْ
شرَ فها الشيطان)). َ ((المرأة عَ ورة ،فإذاC
وعن ابن عمر رضي هللا عنهما عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال:
94
((المرأة عَ ورة)).
إنه على وجازته صريح في كون المرأة عورة ،هذا قول مَن أُعطي جوامع ال َك ِلم،
فال يَ ِح ُّل لنا أن نر َّد على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قوله ونقول :إن ما فوق
السرة وتحت الركبة ليس بعورة ،إال أن يكون معَنا منه دليل يص ُّح االح ِتجاج به،
وال دليل هنا.
وقد أخرج سعيد بن منصور والبَيهقي في سننه وابن المُن ِذر عن عمر بن الخطاب
رضي هللا عنه أنه ك َتب إلى أبي عبيدة أما بعد؛ فإنه بل َغني أن نساء المسلمين
يَدخ ْلنَ الحمَّامات مع نساء أهل الشرك ،فإنه ال يح ُّل المرأة تؤمن باهلل واليوم اآلخر
أن يَنظُر إلى عورتها إال أهل ملَّتها ،95فس َّمى بدن المرأة عورة؛ ألن ما بين السرة
والرُّ كبة ال يَ ِح ُّل ألحد غير الزوج أن ينظر إليه.
والبهوتي (الروض :ص ،)145واأللباني (اإلرواء ،)2384 :وح َّسنه السيوطي في الجامع الصغير (الفيض:
،)104 :6وقال الذهبي (السير :)509 :15 :إسناده صالح ،وقال الهيثمي (مجمع :)267 :5 :رواه الطبراني،
وقال (مجمع :)49 :6 :رواه أحمد ،وفيه عبدالرحمن بن ثابتَّ ،
وثقه ابن المديني وغيره ،وضعَّفه أحمد وغيره،
وبقية رجاله ثقات اهـ ،وذكر المناوي في الفيض َمن ض َّعفه ،وحسن إسناده في (التيسير )410 :2 :من حديث
حذيفة ،وقال ابن حجر (الفتح :)98 :6وله شاهد مُر َسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة ،وقال الصنعاني في
خرجه عن الضعف. سبل السالم :له شواهد ُت ِ
93صحيح :الترمذي ( )1173وغيره ،قال الترمذي :حسن صحيح غريب ،وصحَّ حه ابن خزيمة وابن حبان،
وقال ابن قدامة (المغني :)491 :9 :حديث حسن ،وقال ابن رجب (فتح الباري :)52 :8 :إسناده كلهم ثقات،
قال الدارقطني (العلل :)315 - 314 :5 :ر ْفعُه صحيح من حديث قتادة ،وقال الهيثمي (مجمع :)2116 :رواه
الطبراني في الكبير ،ورجاله َّ
موثقون
94قال الهيثمي "مجمع الزوائد" ( :)7671رواه الطبراني في األوسط ،ورجاله رجال الصحيح
95
السيوطي :الدر المنثور (.)183 :6
12
وعن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال :ك ُّل شيء ِمن المرأة عورة
حتى ظفرها ،96وروي ِمث ُل ذلك عن اإلمام أحمد ،97وهو قول مالك.
خرجت ِمن
َ وقال اإلمام أحمد -على ما ن َقله أبو طالب " :-ظُفر المرأة عورة ،فإذا
ي أن تجعل بي ِتها فال ت ُِبن منها شيئًا وال خفَّها ،فإن الخفَّ ي ِ
َصف القدَم C،وأحبُّ إل َّ
زرا عند ي ِدها ،حتى ال يَبين منها شيء". لك ِّمها ًّ
فثبَت بهذا الحديث وما في معناه :أن األصل في المرأة أن كل شيء منها عورة،
فال يح ُّل إخراج شيء ِمن هذا العموم حتى يقوم دليل صَ حيح صريح على إخراجه،
ف َمن قال :إن ما فوق السرَّ ة وتحت الركبة ليس بعورة عند النساء والمَحارم ،قيل له:
أين الدليل على ذلك؟ وال دلي َل هنا.
وثمَّة ِمن ِجهة النظر على طريقة الفقهاء ما يؤيد أن ما ال يظ َهر غالبًا عورة ،وهو
أنه ال يلزم المرأة كشفُه في اإلحرام ،وال يَجوز لها إظهاره في الصالة ،وال يش ُّق
ست ُره ،وال تدعو الحاجة إلى ترك تغطي ِته ،ويُوارى عادة.
عن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال:
((عَ ورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل ،وعورة المرأة على
98
المرأة كعَورة المرأة على الرجل)).
وجوب تَستُّر المرأة مع المرأة ،وأنه ال يَجوز لها أن تتهاوَ ن فتَتكشَّف ب ُح َّجة أنها
الحديث على أن المرأة يجب عليها أن تستُرَ عند المرأة ما ُ عند امرأة ،وقد د َّل
يُغطَّى عادة في بيتها؛ ألن المرأة ال يَجوز لها أن تتعرَّ ى عند محرمها مُكتفي ًة بس ِ
َتر
ما بين السرة والركبة.
12
عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم((" :مَن
جرَّ ثوبه ُخيالء لم ينظر هللا إليه يوم القيامة)) C،فقالت أ ُّم سلَمة :فكيف يص َنع النساء
بذيولهنَّ ؟ قال(( :يُرخين ِشبرً ا)) فقالت :إ ًذا تَ ِ
نكشف أقدامهنَّ ،قال(( :فيُرخينه ذراعً ا
ال يَزدن عليه)) ، 99وفي حديث عائشة رضي هللا عنها(( :إ ًذا تَخ ُرج سوقهنَّ ))، 100
ورواه أحمد ولفظه" :إن نساء النبي صلى هللا عليه وسلم سألنه عن ال َّذيل ،فقال:
((اجعلنه ِشبرً ا)) ،فق ْلن :إن شبرً ا ال يستر من عورة ،فقال(( :اجعلنه ذراعً ا)).
إن النبي صلى هللا عليه وسلم أقر نساءه على قولهنَّ :إن ِشبرً ا ال يستر من عورة،
وعَ م ُل كثير من الفتيات اليوم -هداهنَّ هللا -مُناقض لعمل الصحابيات Cتمامًا ،وذلك
أنهنَّ يَخرجن للحفالت والسهرات وقصور األفراح بالمالبس المحظورة؛
كالقصيرة ،والشفافة ،والض ِيّقة ،ويستفاد من عمل الصحابيات رضي هللا عنهنَّ في
جر ذيولهنَّ ذراعً ا أن المتعين على المرأة إذا خرجت من بيتها أن تست ِترَ سترً ا
شامالً ال فتنة فيه.
إذا تقرَّ ر هذا فإن من المخالفات ما تفعله بعض الفتيات؛ حيث يلبسْنَ الثياب
القصيرة التي تبلغ الركب َتين ،وتلبس تحته السراويل الطويلة الضيقة المح ّ ِجمة
99صحيح :عبدالرزاق (المصنف ،)19984 :ومن طريقه الترمذي ( )1731النسائي (الصغرى)5336 :
(الكبرى )9735 :من طريق نافع ،عن ابن عمر ،وللنسائي ( )5337عن نافع ،عن أم سلمة.
وقال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح ،وصحَّ ح إسناده الساعاتي (الفتح الرباني،)296 - 295 :17 :
وأخرجه مالك (الموطأ ،)915 :2 :وأبو داود ( ،)4117والنسائي ( ،)5338وأبو يعلى ( ،)6855وابن حبان
(اإلحسان )5451 :من طريق نافع ،عن صفية بنت أبي عبيد ،عن أم سلمة ،والنسائي ( ،)5339وابن ماجه (
)3580من طريق نافع عن سليمان بن يسار ،عن أم سلمة
100ضعيف؛ لضعف أبي المهزم؛ أخرجه أحمد (الفتح الرباني )296 :17 :ابن ماجه ( ،)3583وأعلَّه
البوصيري (مصباح الزجاجة ،)1252 :والساعاتي في الفتح بأبي المهزم.
101أحمد ( )2:90والنسائي (الكبرى ) 9733 :من طرق عن مطرف ،عن زيد العمي ،عن أبي الصديق الناجي ،عن ابن عمر ،وعند
النسائي عن ابن عمر عن عمر ،وقال الهيثمي (مجمع الزوائد :)8542 :رواه البزار ،وفيه زيد بن الحواري العمي ،وقد وثق،
وضعَّفه أكثر األئمة
12
ُظهر حجم الساق ،وهذا
لسوقهن وأقدامهنَّ ؛ ألنَّ هذا وإن ستر لون البشرة إال أنه ي ِ
يُنافي ملبوس المُحتشمات وعمل المسلمات قرنًا بعد قرن.
وقد نقل ابن تيميَّة حديث أم سلمة ،ثم ذ َكر أن هذا ليس معينًا للستر ،فلو لبست
المرأة خ ًّفا واسعًا صلبًا كالموق ،وتدلَّى فوقه الجلباب بحيث ال يظ َهر حجم القدم،
102
صالً للمقصود.لكان هذا مُح ِ ّ
أن يغطي اللباس عورة المرأة :وهي كامل جسمها عدا اليدين والوجه،
ويشار إلى أنّ هناك بعض المذاهب التي اختلفت في وجوب الستر ،إال أنّها
اتفقت على ضرورة الستر وذلك تجنّب ًا لحدوث الفتنة والفساد في حال
الكشف عنها.
أال يكون مزين ًا :فالزينة الموجودة على المالبس تجذب أنظار الرجال إلى
المرأة ،حيث قال هللا تعالى(:وَ اَل يُ ْب ِدينَ ِزي َن َت ُهنَّ ) ، 104ولكن في نفس الوقت
ال ومرتب ًا.
يجب أن يكون جمي ً
أن يكون ساتر ًا للجسم :بمعنى أن ال يكون شفاف ًا C،حيث إن المالبس
الشفافة تزيد من فتنة المرأة ،وتجعلها أكثر لفت ًا للرجال ،وقد وصف رسول
َّار لَ ْم
ل الن ِان ِمنْ َأ ْه ِ
"ص ْن َف ِ
هللا صلى هللا عليه وسلم ذلك في قولهِ ( :
سيَاط ٌ َ
كأ ْذنَا ِ
ب البَ َق ِر يَضْ ِربُونَ ِب َها النَّاسَ ، همَاَ :قوْ ٌم َم َع ُه ْم َِأرَ ُ
س ُهنَّ َ ارياتٌ ُم ِميالَتٌ مَا ِئالَتٌ رُؤو ُ
كأس ِن َم ِة كاسيَاتٌ عَ ِ ِ وَ ِنسَا ٌء
12
يح َها
يح َها ،وَ ِإنَّ ِر َ الجنّ َة وَ الَ يَ ِ
جدْنَ ِر َ َ ت المَا ِئلَ ِة الَ يَ ْدخُلنَ
البُخْ ِ
105
َسيرَ ِة َك َذا وَ َك َذا)ليوج ُد ِمنْ م ِ
َ
أن يكون اللباس فضفاض ًا وتسهل فيه الحركة :وليس ضيّق ًا ،حيث
إن الثياب الضيقة من شأنها تفصيل الجسم ،وإظهار حجم أعضائه ومفاتنه
التي تثير شهوة الرجال ،وقد تؤدّي إلى حدوث الفتن وارتكاب المعاصي.
أن يكون عديم الرائحة :وذلك يعني أن ال يكون لباس المرأة مطيب ًا بالعطر
أو بالبخور ،وذلك ألنها ستكون مثل الزانية ،وذلك بنا ًء على قوله عليه
ريحها فهي زاني ٌة
قوم ليجدوا َ
السالم( :أيما امرأ ٍة استعطرت فمرت على ٍ
106
عين زاني ٌة) .
ٍ وك ُّل
أن ال يشبه مالبس الرجال :وذلك ألن الدين اإلسالمي ينهى عن تشبه
النساء بالرجال ،أو الرجال بالنساء ،فقد ورد عن رسول هللا عليه الصالة
والسالم أنه قال( :ليس منا من تشبَّه بالرجا ِل من ال ِِّنّCسا ِء ،و ال من تشبَّه
الِرجا ِل).107
بالنسا ِء من ِّّC
أن ال يكون مثل مالبس نساء غير المسلمين :حيث منع رسول هللا
المسلمين بالتشبه باألقوام Cاألخرى من غير المسلمين ،فقد قال عليه السالم:
108
(ومن تشبه بقوم فهو منهم) .
أن يكون محتشم ًا :وذلك يعني أن ال يكون الهدف من اللباس االشتهار
بين الناس ،والتفاخر أو الخيالء فيما بينهم ،وذلك لما فيه من فتن ٍة ومعصية.
وهذه الشروط دلت عليها نصوص الكتاب والسنة كما سبق بيان بعض هذه األدلة،
فوجب على المسلمة أن تلتزمها في لباسها إذا خرجت من بيتها ,وال تختص تلك
بلباس دون آخر ،فينطبق ذلك على العباءة العمانية أو السعودية أو القطرية أو غير
ذلك ،أما إذا خالفت العباءة هذه الشروط ،بأن كانت مطرزة تطريزً ا يضفي جمااًل ،
105
رواه مسلم ،كتاب اللباس والزينة ،باب النساء الكاسيات العاريات المائالت المميالت (.)5704
106رواه النسائي ،كتاب الزينة ،باب ما يكره للنساء من الطيب ( ،)5126وصححه األلباني في صحيح الجامع
برقم (.)323
107رواه أحمد ( ،)19985وصححه األلباني في صحيح الجامع برقم (.)5433
108رواه أحمد ( ،)5667وأبو داود ،كتاب اللباس ،باب في لبس الشهرة ،رقم ( )4031عن ابن عمر ،بإِسنا ٍد
قال فيه ابنُ تيمية" :وهذا إِسناد جيد ،فإن ابن أبي شيبة ،وأبا النضر ،وحسان بن عطية ثقات مشاهير أجالء
من رجال الصحيحين ،وهم أجل ُّ من أن يحتاج أن ُيقال :هم من رجال الصحيحين" .انظر :االقتضاء( ،ص:
.)82
12
أو ذات ألوان ملفتة ،أو مبخرة أو تصف -لضيقها -حجم أعضاء جسمها ،أو على
109
نحو عباءة الرجل فال يجوز لبسها.
12
اما الفتنة التي یدرؤها اللباس فالمقصود بها :إثارة الشهوة نحو غیـر
الزوجــة ،أو وقــوع الفاحــشة ،وأقــل الفتنــة تحــرك القلــب علــى وجــه
113
یــشوش الخاطر .
ومــن مقاصــد الــشریعة فــي فــرض الحجــاب :صــیانة النــساء مــن أذىC
الفاسقین فالمرأة المؤمنـة تتـأذى مـن نظـر األجانـب إلیهـا ،وتعـرض المتـسكعین
لهــا ،وتــشعر أن فــي ذلــك خدشــا لحیائهــا وزعزعــة لعفافهــا ؛ ولهــذا
وجــب اتباع ضوابط اللباس الشرعي للمرأة وفـي هـذا یقـول اهللا جـل وعـلى (یَآ
ک َأ ْد َنى
ک وَ ِنسَآ ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنینَ یُ ْد ِنینَ عَ لَی ِْهنَّ ِمن َجالَ ِب ِیب ِهنَّ َذ ِل َ َأیُّ َها الن َِّب ُّ
ى ُقل ِّ
ِالّCزْ وَ ا ِج َ
ک وَ بَ َنا ِت َ
َأن یُعْرَ ْفنَ َفاَل ی ُْؤ َذیْنَ وَ َکانَ اللَّ ُه َغفُور ًا رَّ ِحیم ًا ). 114
113ینظر في ھذه المعاني :رد المختار المعروف بحاشیة بن عابدین Gص 270
114سورة األحزاب اآلية 59
12
المــرأة ،والمـرأة تلـبس لبـسة الرجـل" 115قـال الـشوكاني " :والحـدیث
یـدل علـى تحـریم تــشبه النــساء بالرجــال ،والرجــال بالنــساء ؛ ألن
116
اللعــن ال یكــون إال علــى فعــل محرم.
المقصد السادس :تقوية الحياء
ان المحافظـة علـى فطـرة اهللا التـي فطر االنسان علیها ،حیث فطره علـى
الحیـاء ؛ ألن حاله مبنـي علـى الـستر ،فالغاية هنا هي تقویـة الحیـاء الـذي هـو
شـعور اإلنـسان بالخجل أمام اهللا تعالى حینما یمیل إلـى منكـر ،وهـذا الـشعور
هـو الـذي یجعـل ٕ اإلنسان یكف عن الفحشاء والمنكر ،وان ارتكب سیئة بدافع
جبلته الحیوانیة حز في نفسه هذا الحیاء ،ونغص علیه عیـشه ٕ ،واذا فقـد اإلنـسان
الحیـاء فإنـه ال یــشعر بغــضاضة مــن اقتــراف المعــصیة ،ویــصیر عنــده
اســتعداد لفعــل المنكــرات ؛ مــصداقا Cلقــول النبــي صلى هللا عليه وسلم " ذا
117
لــم تــستح فاصــنع مــا شــئت"
والـسلوك الرفیـع ویكـسب المـرأة االحتـرام والتقـدیر مـن النـاس ،ویبعـد عنهـا
ى ُقل ِّ
ِالّCزْ وَ ا ِج َ
ک وَ بَنَا ِت َ
ک أذى الفاســق .قال تعالى في سورة األحزاب ( یَآ َأیُّ َها الن َِّب ُّ
ک َأ ْدنَى َأن یُعْ رَ ْفنَ َفاَل ی ُْؤ َذیْنَ وَ َکانَ وَ ِنسَآ ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنینَ یُ ْد ِنینَ عَ لَی ِْهنَّ ِمن َجالَ ِب ِیب ِهنَّ َذ ِل َ
اللَّ ُه َغفُور ًا رَّ ِحیم ًا) .
ففـي هـذه اآلیـة یحـوط اهللا المـرأة المؤمنـة بهالـة مـن الـصون والكرامـة ،وأن
تكــون فــي إطــار مــن اإلجــالل واإلكبــار .فــأمر نبیــه بــأن یلــزم نــساء
المـؤمنین أن یـدینین علـیهن مـن جالبیـبهن ـ والجلبـاب الثـوب الواسـع ـ أي أن
یــستترن بثیــابهن الواســعة ؛ لیعــرفن بالحــصانة والتقــوى والعفــاف ،فــال
12
یــؤذین بأعمــال ســافلة دنیئــة ،وال تــنغص حیــاتهن بنظــرات وقحــة جریئــة ،
118
وال توجــه إلیهن أقوال مهینة بذیئة .
من مقاصد الشريعة االحتشام حرصا على االستقرار النفسي عنـد المـرأة وعنــد
الرجـل علــى حــد سـواء وذلــك أن االحتــشام یجعـل المــرأة ال تلهــث
مــضطربة فــي إبــراز مفاتنهــا للرجــال واثبــات محاســنها للنــساء ،وانمــا
تــستر جمالهـا وتبدیـه لمـن جـاز لـه شـرعا أن یـراه ،واالحتـشام یـساعد المـرأة
الدمیمـة علـى سـتر دمامتهـا ،فـال تخجـل مـن قبحهـا وبالنـسبة للرجـال فـإن
االحتـشام یجعـل نفوسـهم تهـدأ وترضـى بمـا لـدیهم مـن زوجـات ،بینمـا التبـرج
یجعلهـم ینظـرون إلـى محاسـن النـساء وحینئـذ یوازنـون فـي أذهـانهم بـین نـسائهم
120
واألخریات ،وهذا یجعل زوج الدمیمة بتحـسر عنـدما یـرى محاسـن غیرهـا
12
أمــرت الــشریعة بااالحتــشام ؛ تطهیــرا للمجتمــع مــن مظــاهر التهتك وجعل
المجتمع نظیفا من المظاهر والهیجانات Cالحیوانیة یقـول سـید قطـب ـ رحمـه اهللا ـ
:إن اإلسـالم یهـدف إلـى إقامـة مجتمـع نظیــف ،ال تهــاج فیــه الــشهوات فــي
كــل لحظــة وال تــستثار ،فعملیــات االســتثارة المــستمرة تنتهــي إلــى ســعار
شــهواني ال ینطفــئ وال یرتــوي والنظــرة الخائنة والحركة المثیرة والزینة
المتبرجة والجسم العاري ،والطریـق المـأمون هـو تقلیـل هـذه المثیـرات ،بحیـث
یبقـى هـذا المیـل فـي حـدوده الطبیعیـة ثـم یلبـي تلبیـة طبیعیـة ،وهـذا هو المنهج
الذي یختاره اإلسالم مع تهذیب الطبع ،وتشغیل الطاقة البـشریة بهمـوم أخرى في
121
الحیاة غیر تلبیة دافع اللحم والدم
فرض هللا تعالى الحجاب على المرأة وكرّ مها به وجعله وقار ًا وحافظ ًا لها،
وحجاب المرأة هو الدّليل على عفّتها وحياءها وكرامتها وقد فرضه هللا تعالى على
أمّهات المؤمنين رضي هللا عنهنّ أجمعين وعلى سائر نساء أصحاب Cالرّ سول
ي ُقل أِّل َزْ وَ ا ِجكَ ونساء المؤمنين ،وقد نزل في القرآن الكريم قوله تعالى{ :يَا َأيُّ َها الن َِّب ُّ
وَ بَنَا ِتكَ وَ ِنسَا ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنينَ يُ ْد ِنينَ عَ لَي ِْهنَّ ِمن َجاَل ِب ِيب ِهنَّ ۚ ٰ َذ ِلكَ َأ ْدنَىٰ َأن يُ ْعرَ ْفنَ َفاَل ي ُْؤ َذيْنَ ۗ
122
وَ َكانَ اللَّ ُه َغ ُفورً ا رَّ ِحيمًا}
فواجبٌ على المرأة أن تستر جسدها كامالً بما ال يصف تفاصيل الجسد أو يشفّ
فيظهر الجسد من تحته ،وقد اختلف العلماء فيما إذا كان الحجاب للمرأة يشمل
مختلف فمنهم من قال أنّه
ٍ تغطية الوجه والكفّين أم ال وذهب ك ٌّل منهم إلى قو ٍل
فرضٌ عليها تغطية وجهها وكفّيها ومنهم من قال أنّه من غير الواجب تغطيتهما
وأنّ الوجه والكفّين ليسا بعور ٍة يجب تغطيتهما إاّل إن كان في كشفهما فتن ٌة فيجب
ذلك ، تبيانا لهذا االمر :
121سید قطب في ظالل القرآن ،ص2511
122سورة األحزاب ,اآلية 59
12
المذهب الحنفي:
ي في هذه المسألة أنّ ك ّل جسد المرأة عور ًة وجب سترهقال علماء المذهب الشّافع ّ
وتغطيته بما في ذلك الوجه والكفّين وال يجوز أن تكشفهما إاّل لضرور ٍة وفي ذلك
حفظ ًا وصون ًا لها
قال ابن نجيم" : 123وفي فتاوى قاضي خان :ودلت المسألة على أنها ال تكشف
وجهها لألجانب من غير ضرورة وهو يدل على أن هذا اإلرخاء ،عند اإلمكان ،
ووجود األجانب : Cواجب عليها .إن كان المراد ال يحل أن تكشف" انتهى.
وقال ابن عابدين في "حاشية البحر" " :قال في النهر ... :وقول الفتاوى :ال
تكشف أي ال يحل" .و قال " :واعلم أنه ال مالزمة بين كونه ليس بعورة ،وجواز
النظر إليه ،فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة ،مع انتفاء العورة .124ولذا حرم
النظر إلى وجهها ووجه األمر ،إذا شك في الشهوة ؛ وال عورة ,كذا في شرح
المنية.
قال مشايخنا :تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة".
وقال " :وفي المنتقى :تمنع الشابة عن كشف وجهها ،لئال يؤدي إلى الفتنة125 .وفي
زماننا :المنع واجب ،بل فرض ،لغلبة الفساد .
وعن عائشة رضي هللا تعالى عنها :جميع بدن الحرة عورة ،إال إحدى عينيها
فحسب ؛ الندفاع Cالضرورة. " 126
قال ابن عابدين في حاشيته " :والمعنى :تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال
وجهها فتقع الفتنة؛ ألنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة" انتهى.
12
المذهب المالكي :
قال الدردير في الشرح الصغير (" :و ) عورة الحرة ( مع رجل أجنبي) منها ،أي
ليس بمحرم لها :جميع البدن ( ،غير الوجه والكفين ) .
وأما هما [ الوجه والكفان] :فليسا بعورة .وإن وجب عليها سترهما ؛ لخوف
فتنة . ".
ونقل الصاوي في حاشيته عليه ،عن ابن مرزوق :أن مشهور المذهب وجوب
ستر وجهها ويديها.و (" :قوله :كستر وجه الحرة ويديها ) ؛ أي :فإنه يجب ،إذا
خيف الفتنة بكشفها".128
وقال أبو بكر ابن العربي رحمه هللا " :والمرأة كلها عورة؛ بدنها ،وصوتها ،فال
يجوز كشف ذلك إال لضرورة أو لحاجة ،كالشهادة عليها ،أو داء يكون ببدنها ،أو
129
سؤالها عما يعن ويعرض عندها" "
قال إمام الحرمين الجويني رحمه هللا ... " :اتفاق Cالمسلمين :على منع النساء من
130
التبرج والسفور وترك التنقب"
وقال ابن حجر" :قوله ( :وإنما حرم نظرهما إلخ ) :أي الوجه والكفين من الحرة ،
131
ولو بال شهوة .
قال الزيادي في شرح المحرر بعد كالم :وعرف بهذا التقرير أن لها ثالث
عورات:
وعورة بالنسبة لنظر األجانب Cإليها ،جميع بدنها حتى الوجه والكفين على
المعتمد.وعورة في الخلوة ،وعند المحارم :كعورة الرجل.ويزاد رابعة :هي عورة
12
المسلمة بالنسبة لنظر الكافرة ،غير سيدتها ومحرمها ،وهي ما ال يبدو عند المهنة
".
وقال السيوطي" :المرأة في العورة لها أحوال :حالة مع الزوج ,وال عورة بينهما ,
وفي الفرج وجه .وحالة مع األجانب , Cوعورتها :كل البدن ,حتى الوجه والكفين
في األصح .وحالة مع المحارم والنساء ,وعورتها :ما بين السرة والركبة .وحالة
في الصالة ,وعورتها :كل البدن ,إال الوجه والكفين".132
وف (" :سئل ) :هل يجب على المرأة ستر وجهها خارج الصالة بحضرة األجانب
،أو ال ،كما تقتضيه عبارة اإلرشاد والروض ،ونقل القاضي عياض اتفاقC
العلماء عليه ؟
( فأجاب ) بأنه :يجب عليها ستر وجهها بحضرة األجنبي ،كما صححه في
المنهاج ،وقوة كالم الشرح الصغير تقتضي رجحانه ,وعلله باتفاق Cالمسلمين على
منع النساء من الخروج سافرات ،ونقال في الروضة وأصلها هذا االتفاق ،
133
وأقراه .
وقال البلقيني :الترجيح بقوة المدرك ،والفتوى على ما في المنهاج ،وجزم به في
تدريبه .وقال األذرعي :بل الظاهر أنه اختيار الجمهور.وال اعتماد على ما حمل
134
عليه بعضهم االتفاق Cالمذكور في كالم الشيخين".
أما عورتها خارج الصالة بالنسبة لنظر األجنبي إليها :فهي جميع بدنها ،حتى
الوجه والكفين ,ولو عند أمن الفتنة ,ولو رقيقة ،فيحرم على األجنبي أن ينظر إلى
شيء من بدنها "..و"وللحرة أربع عورات ,فعند األجانب :جميع البدن ,وعند
المحارم والخلوة :ما بين السرة والركبة ,وعند النساء الكافرات :ما ال يبدو عند
المهنة ,وفي الصالة :ما ذكره الشارح ،وهو أن عورتها في الصالة غير الوجه
135
والكفين" .
12
قال عبد القادر بن عمر الشيباني ابن أبي تغلب في "( " :والحرة البالغة كلها عورة
في الصالة) ،حتى ظفرها وشعرها ( ،إال وجهها).والوجه والكفان من الحرة
البالغة :عورة خارج الصالة باعتبار النظر ،كبقية بدنها" .136
وقال البهوتي (" :وهما ) أي :الكفان ( والوجه ) ،من الحرة البالغة ( :عورة
خارجها ) ،أي :الصالة ( ،باعتبار النظر ,كبقية بدنها ) ؛ لما تقدم من قوله صلى
هللا عليه وسلم المرأة عورة.137
وقال ايضا : " :كلها عورة في الصالة إال وجهها .أي :وأما خارجها :فكلها
عورة ،حتى وجهها ،بالنسبة إلى الرجل والخنثى"..138
ولهذا قال مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ" :وبالجملة فقد اتفقت مذاهب
الفقهاء ،وجمهور األمَّة على أنَّه ال يجوز لل ِنّساء الشوابّ كشف الوجوه واألكفّ
بين األجانب ،ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى [:وَ ا ْل َقوَ ِ
اع ُد ِمنَ ال ِنّسَآ ِء ] "
139
أن يغطي جميع البدن ،وأن يكون ساتر ًا بشكل كامل وتام ،وذلك وفق ًا لقول هللا
ي ُقلْ أِل َزْ وَ ا ِجكَ وَ بَنَا ِتكَ وَ ِنسَا ِء ا ْلم ُْؤ ِم ِنينَ يُ ْد ِنينَ عَ لَي ِْهنَّ ِمنْ
تعالى( :يَا َأيُّ َها الن َِّب ُّ
َجاَل ِب ِيب ِهنَّ َذ ِلكَ َأ ْدنَى َأنْ يُعْرَ ْفنَ َفاَل ي ُْؤ َذيْنَ وَ َكانَ اللَّ ُه َغ ُفورً ا رَ ِحيمًا) ،140والمقصود
بالجلباب اللباس الذي يستر جميع البدن ما عدا الوجه والكفيين ،باإلضافة Cإلى اتفاق
جميع علماء الدين على اعتبار القدمين عورة يجب سترها ،كما ال يجب أن يكون
قصير ًا يظهر أي جزء من الساقيين.
136عبد القادر بن عمر الشيباني ابن أبي تغلب نيل المآرب شرح دليل الطالب" ()1/125
137البهوتي في "كشاف القناع") 1/316( G
138البهوتي في "شرح المنتهى" ()1/167
139المرأة المسلمة" ص 202
12
فضفاض ًا Cوغير ضيق
من الضروري أن يكون لباس المرأة المسلمة فضفاض ًا Cوساتر ًا للعورة ،ليمنع
النظر إليها والتفتن بها ،ونظر ًا ألن اللباس الضيق يثير الشهوات والفتنة ،يجب أن
يكون اللباس فضفاض ًا ليمنع إظهار أعضاء الجسم وحجمها ،وال يصف البدن ،كما
يمنع لباس السروال الضيق تحت الفساتين القصيرة ألن ذلك يعتبر مثير ًا
141
للشهوات.
(صنفان
ِ وهذا أكثر ما نهى عنه الرسول الكريم ،حيث قال صلى هللا عليه وسلم،
البقر يضربون بها الناسَ .ونسا ٌءِ النار لم أرَ هما ،قو ٌم معهم سياط ٌ كأذنا ِ
ب ِ من أه ِل
البخت المائل ِة ،ال يدخ ْلنَ الجن َة
ِ كاسياتٌ عارياتٌ مميالتٌ مائالتٌ .رؤوسُهنَّ كأس ِن َم ِة
ريحها ليوجد من مسير ِة كذا وكذا)، 142والمقصود بالكاسياتC ريحها ،وإن َ َ وال يجدْنَ
العاريات هن النساء ذوات الثياب الرقيقة لدرجة أنها تظهر ما تخفي تحتها،
واللباس الذي يغطي بعض البدن ويكشف بعضه.
ال يجب أن يكون الهدف من لبس هذه المالبس الشهرة بين الناس ،وذلك لقول
الرسول صلى هللا علي وسلم( ،من لبس ثوبَ شهر ٍة ألبسَه ُ
هللا يو َم القيام ِة ثوبًا
مثلَه ثم تلهبُ فيه النارُ وفي ٍ
لفظ ثوبَ مذلَّ ٍة) 143،فاإلسالم لم ينه النساء عن لبس
اللباس الحسن والمناسب ،وإنما حرم لباس ما يعتبر دعوة للشهرة واالشتهار.
141محمد بن إبراهيم بن عبد هللا التويجري ،موسوعة الفقه اإلسالمي ،صفحة .185بتصرّ ف.
142ابن تيميةالمستدرك على مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد ابن تيمية5/82
143أخرجه أبو داود ( ،)4029والنسائي في ((السنن الكبرى)) ( ،)9560وابن ماجه ( ،)3607وأحمد ( )5664واللفظ له
12
عورتها.قال صلى هللا عليه وسلم { لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ،
144
والمتشبهات من النساء بالرجال)
َ
أنيق الملبَس ،حسنَ الهيئة ،بعيدًا عما يؤذي أعين الناس ينبغي للمسلم أن يكونَ
طاغ ،كما ينبغي له أن يهت َّم بباطنه
ٍ مسرف وال
ٍ الذين يُخالطهم ويعيش بينهم ،غيرَ
علم وأدب ،في غير شقاوة ينعم.
كما يعتني بظاهره ،ويكون أخا ٍ
12
149
والرّ يش :هو الجمال؛ أي :ما تتجمَّلون به من ال ِثّياب.
ِ ،148
قال القرطبي رحمه هللا« :ليس ُك ُّل ما تهواه النَّفس يُ َذ ُّم ،وليس ك ُّل ما يُتَزَ يَّن به
للنَّاس يُكره ،وإنَّما يُنهى عن ذلك إذا كان الشَّرع قد َن َهى عنه ،أو على وجه ِ
الرّ ياء
في باب ال ِ ّدين ،فإنَّ اإلنسان يُ ِحبُّ أن يُرى جمياًل ،وذلك حظ ٌّ للنَّفس ال يُالم فيه،
س ِّوي عمامته ،ويلبس بطان َة الثَّو ِ
ب ولهذا يُس َِرّ ح شعرَ ه ،وينظر في المرآة ،ويُ َ
150
الخشن َة إلى الدَّاخل ،وظاهرته الحسنة إلى الخارج
وإذا كانت الشَّريعة الغرَّ اء قد أباحت لك ٍ ّل من الرَّ جل والمرأة التَّ ُّزين وال سيَّما في
ال ِلّباس ،فإنَّها Cقد راعت في ذلك أالَّ تكون اإلباحة على إطالقها ،وإنَّما قيَّدتها بقيود،
منها :تحريم بعض أنواع ال ِلّباس على ك ٍ ّل من الرَّ جل والمرأة تعبُّدًا هلل تعالى؛ فاهلل
تعالى يتعبَّد عباده بما يشاء ،وإنَّ المتأ ِّمل حكمة التَّشريع اإلسالمي يجد أنَّ هللا
تعالى تعبَّد عبادَه في ك ِ ّل مناحي الحياة بالتَّحريم أو باإلباحة أو باالستحباب Cأو
بالوجوب ،وهذا األمر فيه فائدة عظيمة لعباده ،حيث يضمن لهم الثَّواب العظيم من
أمور من السَّهل أن يفعلها بغير
ٍ هللا تعالى على امتثال أوامره واجتناب مناهيه في
مشقَّة أو كلفة؛ فهو رحم ٌة بهم من قب ُل ومن بعدُ .كما راعت الشَّريعة اإلسالميَّة
جوانب االختالف Cبين الرَّ جل والمرأة فجاء التَّكليف بما يتناسب مع ك ٍ ّل منهما كما
سبق و ان راينا الشروط والضوابط الواجب توفرها في لباس المسلمين في
الفصلين السابقين .
ضعفاء والفقراءوراعت الشَّريعة -أيضً ا -التَّفاوت Cبين النَّاس ،فحفظت قلوب ال ُّ
من االنكسار بسبب التَّفاوت بينهم وبين غيرهم من األغنياء ،وهذه كلُّها مقاصد
سامية عملت الشَّريعة على تحقيقها من خالل اختالف أحكام ال ِلّباس بين ال َّرجل
والمرأة.
الزّ ينة الخفيَّة ،بمعنى :أنَّها إذا تزيَّنت تُخفي زينتها عن ال ِّرجال
ولباس المرأة فيه ِ
الزّ ينة الظَّاهرة ،ولذا أوجد اإلسالم فر ًقا بين
األجانب .بعكس لباس ال َّرجل ففيه ِ
[ 148األعراف]26 :
149انظر :تفسير البغوي (.)155 /2
150الجامع ألحكام القرآن ()197 /7
12
لباس ال َّرجل ولباس المرأة ،سواء كان فيما يتَّصل بالمادَّة المنسوجة التي يجوز
لبسها ،أو ال يجوز ،أو كان الفرق متَّصاًل بمواصفات الملبوس تبعًا لجنس الالَّبس،
وسيكون الحديث عن المادَّة المنسوجة التي يصحُّ لبسها ،أو ال يصحُّ ،لكال الجنسين
وفي هذا البحث أربع مطالب:
والرَّ جل مُطالب بزين ٍة معتدلة ال مبالغة فيها؛ حتَّى يكون أهاًل لتحمُّل المشا ِّق،
إضاف ًة أنَّ لبسه فيه تشبُّه بالكفَّار ،فهو من لباسهم في الدُّنيا ،عالوة على ذلك ،فإنَّ
األحاديث Cص َّرحت بنهي الرَّ جل عن لبسه .لذا ذهب األئمَّة األربعة وأتباعهم إلى
تحريم الحرير الخالص على ال َّرجل ،152 بل حكى النَّووي وابنُ قدامة وغيرُ هما
َ
اإلجماع على ذلك.153
152انظر :شرح معاني اآلثار ()250 /4؛ الهداية شرح البداية ()17 /10؛ حاشية ابن عابدين ()351 /6؛ بدائع
الصنائع ()131 /5؛ عارضة األحوذي ()222 /7؛ حاشية العدوي ()412 /2؛ مغني المحتاج ()306 /1؛ الفروع (/1
)348؛ اإلنصاف ()475 /1؛ األحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص)83؛ اإلحكام يما يختلف فيه الرجال والنساء
من األحكام ()292 /1؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصالة والمناسك (ص.)119
153انظر :المهذب ()435 /4؛ المجموع ()438 /4؛ المغني (.)588 /1
12
األدلَّة:
ما جاء عن أبي موسى رضي هللا عنه أنَّ رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم
اث أُ َّم ِتي َ
الح ِريرَ وَ ال َّذ َهبَ ،وَ َح َّر َم ُه عَ لَى إلنَ ِ
أح َّل ِ قال« :إنَّ َ
هللا عزّ وجل َ
ُذ ُك ِ
ور َها.154
ي صلّى هللا
ب رضي هللا عنهما ،قال« :نَ َهانَا الن َِّب ُّ بن عاز ٍ ما جاء عن البرا ِء ِ
156
عليه وسلّم عَ نْ َ
سب ٍْع -وَ َذ َكرَ منها :الحرير.
ما جاء عن حذيفة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلّى هللا عليه
َاجِ ،هي لَ ُه ْم ِفي ال ُّد ْنيَا ،وَ لَ ُك ْم ِفي وسلّم« :ال َّذ َهبُ وَ ال ِف َّ
ض ُة ،وَ َ
الح ِري ُر وال ِ ّديب ُ
اآل ِخرَ ِة.157
«إنَّمَا يَ ْلبَسُ َ
الح ِريرَ ِفي لفظ آخر عن ُعمَرَ رضي هللا عنه مرفوعً اِ : وفي ٍ
ال ُّد ْنيَا مَنْ الَ خَ الَ َق لَ ُه ِفي اآل ِخرَ ِة» .159وجه الدَّاللة من هذه األحاديث C:أنَّ
155رواه ابن ماجه( ،)1189 /2( ،ح .)3595وص َّححه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (( ،)197 /3ح.)2912
12
الحرير -بأنواعه -محرَّ م على الرَّ جل ،وجائز للمرأة ،وهذا الوعيد الشَّديد
محرَّم شدي ِد الحرمة.
ٍ ال يكون إالَّ في
أالَّ يزيد عرضُ ه عن أربع أصابع ،كرقعة في الثَّوب ،أو تطريز ،أو في أطراف
الثَّوب ،ونحو ذلك.
12
لبس الحرير» . 164وجاء في «المغني ،والشَّرح الكبير»« :وال نعلم في تحريم لُبس
165
ذلك على ال ِّرجال اختال ًفا إالَّ لعارض مرض .قال ابن عبد الب ِّر :هذا إجماع»
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين ،الرَّ اجح منهما :أنَّه ال يجوز افتراش
الرَّ جل الحرير ،وهو مذهب الجمهور ،منهم :المالكيَّة والشَّافعية والحنابلة ،وقال به
166
أبو يوسف ومحمد من الحنفيَّة.
األدلَّة:
استد َّل أهل العلم على تحريم افتراش الحرير للرَّ جل ،بما جاء عنْ ُح َذ ْي َف َة رضي
ض ِة،
ب وَ ال ِف َّ ي صلّى هللا عليه وسلّم َأنْ نَ ْ
شرَ بَ ِفي آ ِنيَ ِة ال َّذ َه ِ هللا عنه قال« :نَ َهانَا الن َِّب ُّ
َاج ،وَ َأنْ نَ ْج ِلسَ عَ َل ْي ِه» .167قال ابن حجر ير وَ ال ِ ّديب ِ
الح ِر ِ
ْس َ َ
وَ أنْ نَأ ُك َل ِفي َها ،وَ عَ نْ لُب ِ
رحمه هللا« :وهي ُح َّجة قويَّة لمن قال بمنع الجلوس على الحرير ،وهو قول
الجمهور ،خال ًفا البن الماجشون ،والكوف ِيّين ،وبعض الشَّافعية.
169 168
االستدالل بالمعقول:
يقال أيضً ا :إنَّ سبب تحريم اللُّبس موجو ٌد في االفتراش170 ؛ ألنَّه إنْ ُع ِلّل تحريم
اللُّبس بالسَّرَ ف ،فهو في االفتراش أولى .وإنْ عُ ِلّ َل بال ُخيَالء ،فهو في االفتراش
أشدُّ ،وإنْ كان في اللُّبس تشبُّ ًها بال ِنّساء ،فكذلك االفتراش ،وقد َح َّرم الشَّرع على
الرَّ جل لبس ما زاد على أربع أصابع من الحرير ،فكيف يُجيز االفتراش الذي يصل
إلى عدَّة أمتار؟!
12
رابعًا :حكم إلباس الصَّ بي الحرير:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثالثة أقوال ،ال َّراجح منها :أنَّه ال يجوز
صبي ما زاد على أربع أصابع من الحرير ،واإلث ُم على مَنْ يُلبسه ال عليه؛ إلباس ال َّ
ألنَّه ليس من أهل التَّحريم ،وهو قول الحنفيَّة ،وَ وَ ْج ٌه للشَّافعية ،وأص ُّح ال ِّروايتين
171
عند الحنابلة.
األدلَّة:
صبيانُ داخلون فيه ال يخرجون إالَّ بدليل ،وال دلي َل على ذلك.
ال ُّذكورة ،وال ِ ّ
ي تَمْ رَ ًة ِمنْ تَمْ ِر عن أبي هريرة رضي هللا عنه قالَ :أخَ َذ َ
الحسَنُ بْنُ عَ ِل ّ ٍ
هللا صلّى هللا عليه وسلّمِ « :ك ْخ الصَّ َد َق ِةَ ،ف َج َعلَ َها ِفي ِفي ِهَ ،ف َقا َل رَ سُو ُل ِ
ت َأنَّا الَ نَأ ُك ُل الصَّ َد َق َة؟».175وجه الدَّاللة :أنَّ
ِك ْخ ،174 ارْ ِم ِب َهاَ ،أمَا عَ ِلمْ َ
ال َّزكاة لمَّا ُح ِّرمت على أهل البيت شمل التَّحريم الصَّ غير والكبير ،فكذا
الحرير هنا يحرم على ذكور األُمَّة ،سواء كانوا صغارً ا أم كبارً ا ،إالَّ ما
استُثني منه ،وقد مضى ِذكره.
12
من صفات Cأهل التَّأنيث» ، 178وفيه تعوي ٌد له على طاعة هللا تعالى بامتثال
أوامره واجتناب مناهيه ،فينشأ على ذلك.
لو قال قائل :إنَّ ِلباس الحرير من أعد ِل ال ِلّباس وأو َفقه للبدن ،فلماذا َح َّرمته الشَّريع ُة
الرّ جال ،وقد أباحت الط َّ ِيّبات ،وحرَّ مت الخبائث ،والحري ُر َ -ق ْ
طعًا - الكاملة على ِ
ليس خبيثًا؟ َذ َكرَ أه ُل العلم ِع َّد َة ِح َك ٍم في سبب هذا التَّحريم ،منها:
أنَّ الشَّريعة ح َّرمته؛ لتصبرَ النُّفوسُ عنه ،وتتر َكه هلل تعالى ،وال سيَّما ولها
عوَ ضٌ عنه بغيره ،فهو داخ ٌل في عموم االبتالء واالمتحان ،ومَنْ تركه في
الدُّنيا من ال ِّرجال كان له زينة في الجنَّة جزا ًء وفا ًقا.
أنَّ الحرير خُ ِل َق -في األصل -لل ِنّساء ،كال ِحلية بال َّذهبَ ،ف َحرُ م على
الرّ جال؛ لما فيه من مفسدة تشبُّه ال ِّرجال بال ِنّساء.
ِ
َحرُ َم؛ لما يورثه من ال َفخْ ر وال ُخيَالء والع ُْجب.
َحرُ َم؛ لما يورثه بمالمسته للبدن من األنوثة والتَّخَ نُّثِ ،
وض ُّد الشَّهامة
والرُّ جولة؛ فإنَّ لُ ْبسَه يُكسب القلبَ صف ًة من صفات Cاإلناث C،ولهذا ال تكاد
تج ُد مَنْ يَ ْلبَسُه -في األع ِ ّم األغلب -إالَّ وعلى شمائله من التَّخَ نُّث والتَّأنُّث،
والرَّ خاوة ما ال يخفى.179
هللا -تبارك وتعالى -عَ ِل َم ِقلَّة صبر ال ِنّساء عن التَّزيُّن ،فلطف ِب ِهنَّ في أنَّ َ
180
إباحته؛ وألنَّ تزيُّ َن ُهنَّ -غالبًا -إنَّما هو لألزواج.
ت فهي ِح َك ٌم معقولة ،وإالَّ فالحكمة ك ُّل الحكمة في اتَّباع شرع هللا تعالى، صح ْ
َّ فإنْ
واالنقياد Cله بالطَّاعة ،كما قال تعالى ﴿ :وَ مَا َكانَ ِلم ُْؤ ِم ٍن وَ الَ م ُْؤ ِمنَ ٍة ِإ َذاَ Cقضَ ى اللَّ ُه
ْص اللَّ َه وَ رَ سُولَ ُه َف َق ْد ضَ َّل وَ رَ سُولُ ُه َأمْ رً ا َأنْ يَ ُكونَ َل ُه ْم ا ْل ِخيَرَ ُة ِمنْ َأمْ ِر ِه ْم وَ مَنْ يَع ِ
181
ضَ اًل اًل م ُِبينًا﴾
12
المطلب :الثاني :لبس الحرير للمرأة:
أواًل ُ :حكم لبس الحرير للمرأة :يجوز للمرأة لبس الحرير بأنواعه ،182 وقد وقع
اإلجماع على ذلك ،وصرَّ ح به عدد من أهل العلم ،منهم :النَّووي ،وابن قدامة،
183
وغيرهما.
األدلَّة:
ي صلّى هللا عليه وسلّم -في الحرير وال َّذهب« :إنَّ ما تقدَّم من قول النَّب ّ ِ
إلنَا ِث ِه ْم. َه َذين َحرَ ا ٌم عَ لَى ُذ ُك ُ
ور أ َّم ِتيِ ،ح ٌّل ِ ِ ِ
َ ُ
ي صلّى هللا عليه ي رضي هللا عنه؛ أنَّ أ َك ْي ِدرَ دُوْ َم َة أ ْهدَى ِإلَى الن َِّب ّ ِ عن عل ّ ٍ
186 185
اط ِم. ش ِّق ْق ُه خُ مُرً ا بَيْنَ ال َفوَ ِ
184
يرَ ،ف َأعْ طَا ُه عَ ِليًّاَ ،ف َقالََ « : وسلّم ثَوْ بَ َح ِر ٍ
هللا صلّى هللا عليه َت ِلرَ سُو ِل ِ ي رضي هللا عنه قال :أُ ْه ِدي ْC وما جاء عن عل ّ ٍ
َث ِب َها ِإلَيََّ ،فلَ ِبسْ تُ َهاَ ،فعَرَ ْفتُ ال َغضَ بَ ِفي وَ ْج ِه ِه. وسلّم ُحلَّ ُة ِسيَرَ ا َءَ 187 فبَع َ
س َهاِ ،إنَّمَا بَ َع ْثتُ ِب َها ِإلَيْكَ ِلتُ َ
ش ِّق َق َها ُخمُرً ا بَيْنَ َث ِب َها ِإلَيْكَ ِلتَ ْلبَ َ َف َقالَ« :إ ِنّي َل ْم َأ ْبع ْ
ال ِنّسَا ِء .188قال النووي رحمه هللا« :فيه دلي ٌل لجواز لبس ال ِنّساء الحرير،
189
وهو م ُْج َم ٌع عليه اليوم.
182انظر :شرح معاني اآلثار ()249 /4؛ الهداية شرح البداية ()17 /10؛ بدائع الصنائع)130 /5( C؛ مواهب
الجليل ()504 /1؛ القوانين الفقهية (ص)377؛ المهذب ()440 /4؛ مغني المحتاج ()306 /1؛ الفروع (/1
)348؛ اإلنصاف ()475 /1؛ األحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص)83؛ اإلحكام فيما يختلف فيه
الرجال والنساء من األحكام ()323 /1؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصالة والمناسك (ص.)119
183المجموع ()442 /4؛ صحيح مسلم بشرح النووي ()32 /6؛ المغني (.)588 /1
( 184خُ مُرً ا) :جمع خمار ،وهو ما يوضع على رأس المرأة .انظر :صحيح مسلم بشرح النووي (.)41 /14
ثالث .فاطم ُة بنتُ رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم ،وفاطم ُة ٌ ( 185ال َفوَ اطِ م) :قال الهرو ُّ
ي واألزهريُّ ،والجمهورُ :إنَّهن
ي ،وفاطم ُة بنتُ حمز َة بن عبد
ب رضي هللا عنه ،وهي أوَّ ل هاشميَّ ٍة وُ لدت لهاشم ّ ٍ ي بن أبي طال ٍبنتُ أس ٍد -وهي أ ُّم عل ّ ِ
المطلب رضي هللا عنه .انظر :صحيح مسلم بشرح النووي (.)51-50 /14
186رواه مسلم( ،)1645 /3( ،ح.)2071
(حلَّ ُة سِ يرَ اءَ) :ضُ ِبطَت ال ُحلَّ ُة هنا بغير تنوين على اإلضافة ،وبالتَّنوين على أنَّ سِ يرَ ا َء صف ٌة ،وهما وجهان مشهوران،
ُ 187
والمح ّقِقون ومتقنو العربيَّة يختارون اإلضافة .قال سيبويه« :لم تأت ِفعَالء صف ًة ،وأكثر المح ّدِثين يُن ِّونون» .وهي برو ٌد
الحلَّة ال تكون إالَّ ثوبين،
ش ِبّهت خطوطها بالسُّتور .قال أهل اللُّغةُ :
يُخالطها حرير ،وهي مضَ لَّعة بالحرير ،قالوا :كأنَّما ُ
وتكن غالبًا إزارً ا وردا ًء .انظر :صحيح مسلم بشرح النووي (.)38-37 /14
12
«أمَرَ نَا رَ سُو ُل ِ
هللا ب رضي هللا عنهما قالَ : وما جاء عن البراء بن عاز ٍ
سب ٍْع ...وَ نَ َهانَا عَ نْ خَ وَ ا ِتي َمَ ،أوْ عَ نْ صلّى هللا عليه وسلّم ِب َ
سب ٍْع ،وَ نَ َهانَا عَ نْ َ
ي ،191وَ عَ نْ ض ِة ،وَ عَ ِن ال َميَا ِث ِر ،190 وَ عَ ِن ال َق ِ ّ
س ِّ ب بال ِف َّشرْ ٍ َتخَ ت ٍُّم بال َّذ َه ِ
ب ،وَ عَ نْ ُ
َاج .194193وجه الدَّاللة :جواز لبس اإلسْ تَبْرَ ِق ، وَ ال َّد ْيب ِ لُب ِ
192
ير ،وَ ِ الح ِر ِْس َ
الرّ جال ،ولذا قال النووي رحمه الحرير بأنواعه لل ِنّساء ،وتحريمه على ِ
ي -وهو نو ٌع من هللا« :وأمَّا ُلبس الحرير واإلستبرق وال ِ ّديباج وال َق ِ ّ
س ِّ
الحرير -فكلُّه حرام على ِ
الرّ جال ...وأمَّا ال ِنّساء فيباح لهنَّ لبس الحرير،
195
وجميع أنواعه»
ألهل العلم في هذه المسألة قوالن ،ال َّراجح منهما :أنَّ افتراش الحرير جائز لل ِنّساء،
196
وهو مذهب الجمهور ،منهم :الحنفيَّة والمالكيَّة ،وأكثر الشَّافعية والحنابلة.
( 190ال َميَا ِثر) :جَ مْ ُع ِم ْئثَرة C،وهو ِوطا ٌء كانت ال ِنّساء يَضَ ْعنَه ألزواجهنَّ على السُّروج ،وكان من مراكب العجم،
صغير تُتَّخذ من حرير ،تُحشى بقطن أو صوف ،يجعلها ال َّراكب على البعير تحته وقيل :هي شيء كالفراش ال َّ
فوق الرَّ حل .انظر :صحيح Cمسلم بشرح النووي (.)33 /14
ُضلَّعة بالحرير ُتعمل بال َقس -بفتح القاف -وهو
( 191ال َقسِّي) :بفتح القاف وكسر السِّين المهملة المشدَّدة ،وهي ثيابٌ م َ
موضع من بالد مصر ،وهو قرية على ساحل البحر ،قريبة من تنيس .انظر :صحيح مسلم بشرح النووي (34 /14
(اإلس َت ْب َرق) :هو غليظ الدِّ يباج.
ْ 192
193رواه البخاري( ،)1089 /4( ،ح)5649؛ ومسلم ،واللفظ له( ،)1635 /3( ،ح.)2066
( 194ال َّد ْي َباج) :بفتح ال َّدال وكسرها ،جمعه ديابيج ،وهو عَجميٌّ مُعرَّ ب ،وهي ِّ
الثياب الم َّتخذة من اإلبريسم .انظر :صحيح
مسلم بشرح النووي (.)34 /14
195انظر :صحيح مسلم بشرح النووي (.)32 /14
196انظر :الهداية شرح البداية ()18 /10؛ عارضة األحوذي ()223 /7؛ مواهب الجليل ()504 /1؛ المجموع (/4
)442؛ مغني المحتاج ()306 /1؛ نهاية المحتاج ()377 /2؛ الفروع ()348 /1؛ اإلحكام فيما يختلف فيه الرجال
والنساء من األحكام (.)325 /1
12
المطلب الثالث :اإلسبال:
أواًل :حكم إسبال الرَّ جل :طول ثوب الرجل أو إزاره ،له خمس حاالت:
سنَّة.
الحال األولى :نصف السَّاقين ،وحكمها :االستحباب؛ ألنَّه الموافق لل ُّ
ودليلها:
ي رضي هللا عنه قال :قال رسو ُل هللا صلّى هللا -ما جاء عن أبي سعي ٍد الخُدر ِّ
َّاق »...الحديث.197 س ِل ِم ِإ َلى ِنصْ ِ
ف الس ِ عليه وسلّمِ :
«إزْ رَ ُة ال ُم ْ
-ما جاء عن ُحذيفة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم:
199
ْن وَ العَضَ لَ ِة »...الحديث. ار ِإلَى َأ ْنصَ ِC
اف السَّا َقي ِ اإلزَ ِ
ضعُ ِ
«مَوْ ِ
الحال الثَّانية :
ودليلها:
ي رضي هللا عنه مرفوعً ا« :إزْ رَ ُة المُسْ ِل ِم ِإلَى -ما تقدَّم من حديث أبي سعي ٍد الخدر ِّ
200
ْن »...الحديث. اح ِ -فيما بَ ْي َن ُه وَ بَيْنَ ال َك ْعبَي َِّاق ،والَ َحرَ َج -أوْ الَ ُج َن َ
ف الس ِ
ِنصْ ِ
200رواه أبو داود (( ،)59 /4ح .)4093وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (( ،)518 /2ح)4093
201رواه ابن ماجه (( ،)1183 /2ح .)3573وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (( ،)191 /3ح)2891
12
حكمها:
اإلزار على الكعبين ،و ُ
ِ الحال الثَّالثة :وَ ضْ عُ
التَّحريم.
هللا صلّى هللا عليه وسلّم ودليلها :عن ُح َذ ْي َف َة رضي هللا عنه؛ َقالََ :أخَ َذ رَ سُو ُل ِ
س َفلََ ،ف ِإنْ َأبَي َ
ْت؛ ْت َف َأ ْ
ار؛ َف ِإنْ َأبَي َ
اإلزَ ِ
ضعُ ِ ِبعَضَ لَ ِة سَا ِقي َ -أوْ سَا ِق ِه -فقالَ « :ه َذا مَوْ ِ
ار في ال َك ْعبَي ِ
ْن.202 َفالَ َحقَّ ِل ِ
إلزَ ِ
ودليلها:
ي صلّى هللا عليه وسلّم قال« :مَا -ما جاء عن أبي ُهريرة رضي هللا عنه؛ عن النَّب ّ ِ
َ
َّار» .قال ابن حجر رحمه هللا في شرحه ار َف ِفي الن ِ
اإلزَ ِ أسْ َف َل ِمنَ ال َك ْعبَي ِ
ْن ِمنَ ِ
للحديث« :أي :ما دون الكعبين ،من َقد َِم صاحب اإلزار المُسبل ،فهو في النَّار،
عقوب ًة له على فعله.203
ش ْعبَ َة رضي هللا عنه قال :قال رسو ُل هللا صلّى هللا عليه -ما جاء عن المُغيرَ ة بن ُ
ال يُ ِحبُّ ال ُمس ِْبلينَ .204 ُسْب ْل؛ َف ِإنَّ ُ
هللا َ س ْه ِل! َ
ال ت ِ وسلّم« :يَا ُ
س ْفيَانَ ب ِ
ْن َ
ي صلّى هللا عليه سلَي ٍْم رضي هللا عنه؛ َأنَّ النَّب َّ ْن ُي َج ِاب ِر ب ِ -ما جاء عن ِأبي ُجرَ ٍّ
ار؛ َف ِإنَّ َها ِمنَ ال َم ِخيل ِة ،وَ ِإنَّ َ
هللا الَ يُ ِحبُّ اإلزَ ِ وسلّم َأوْ صَ ا ُه ِبقولهِ ...« :إيَّاكَ وَ ِإ ْ
سبَا َل ِ
ا ْل َم ِخيلَ َة »...الحديث.205
وحكمها:
يجرَّه خيالءُ ،
الحال الخامسة :أن ُ
202رواه الترمذي (( ،)247 /4ح .)1783وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن الترمذي» (( ،)290 /2ح)1783
12
أنَّه األش ُّد تحريمًا ،وفيه الوعيد األعظم.
ودليلها:
-ما جاء عن أبي هريرة رضي هللا عنه؛ أنَّ رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم قال:
206
هللا يَوْ َم ال ِقيَا َم ِة ِإلَى مَنْ َجرَّ ِإزَ ارَ ُه بَطَرً ا.
«الَ يَ ْنظُرُ ُ
حديث آخَ رَ عن ابن عُ مَرَ رضي هللا عنهما مرفوعً ا« :بَ ْينَا رَ ُج ٌل يَ ُج ُّر ِإزَ ارَ ُه، ٍ -وفي
208
ِإ ْذ خُ ِسفَ ِب ِهَ ،ف ُهوَ يَتَ َج ْل َج ُلِ إلَى يَوْ ِم ال ِقيَا َم ِة.
سنَّة.
-1يُستحبُّ للرَّ جل أن يكون إزاره إلى نصف السَّاق ،وهو الموافق لل ُّ
-4ما كان أسفل من الكعبين ،فهو شديد الحرمة ،وفيه وعيد شديد.
-5إذاُ Cج َّر اإلزارُ خُ يالءَ ،فهو التَّحريم األشدُّ ،وفيه الوعي ُد األعظم.
ل المرأة:
حكم إسبا ِ
ثانيًاُ :
الدَّليل:
12
عن ابن ُعمَرَ رضي هللا عنهما ،قال :قال رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم« :مَنْ
سلَم َةَ :ف َكيْفَ يَصْ َن ْعنَ ت أُ ُّم َ
هللا ِإلَ ْي ِه يَوْ َم ال ِقيَا َم ِة»َ ،ف َقالَ ْ
َجرَّ ثَوْ بَ ُه ُخيَالَءَ؛ لَ ْم يَ ْنظ ُ ِر ُ
التِ :إ ًذا Cتَ ْن َك ِشفُ َأ ْقدَا ُم ُهنَّ ؟ َقالَ:
ال ِنّسا ُء ِب ُذيُو ِل ِهنَّ ؟ َقالَ« :يُرْ ِخينَ ِشبْرً ا» َ ،ف َق ْ
ال ي َِزدْنَ عَ لَ ْي ِه» .209وجه الدَّاللة :فيه جواز اإلسبال لل ِنّساء ،وفيه « َفيُرْ ِخينَ ُه ِذرَ اعً ا؛ َ
استثنا ٌء لهنَّ من الوعيد الوارد في ح ِّق المُسبل .قال ابن حجر رحمه هللا:
«والحاصل أنَّ لل ِّرجال حالين :حال استحباب ،وهو أن يقتصر باإلزار على نصف
السَّاق ،وحال جواز ،وهو إلى الكعبين.
وكذلك لل ِنّساء حاالن :حال استحباب ،وهو ما يزيد على ما هو جائز لل ِّرجال بقدر
210
شبر ،وحال جواز ،بقدر ذراع. ال ِ ّ
خاتم من
ٍ ضة ،ويحرم عليه ا ِتّخا ُذ
تقدَّم الحديث عن جواز ا ِتّخاذ ال َّرجل خاتمًا من ف َّ
موضع من أصابع اليد يوضع الخاتم؟ فيقال :إنَّ وضع الخاتم في ٍ ذهب .لكن في أ ِّ
ي
األصابع له حاالن:
209رواه الترمذي (( ،)223 /4ح .)1831وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن الترمذي» (( ،)271 /2ح.)1731
210فتح الباري (.)259 /10
211صحيح مسلم بشرح النووي (.)62 /14
212صحيح مسلم بشرح النووي (.)62 /14
12
الحال األولى :استحباب وضعه في ال ِخ ْن ِ
ص ِر من اليد اليمنى أو اليسرى،
وفيه عدَّة أحاديث ،منها:
ص ِر ،يقول النَّووي رحمه هللا« :والحكمة في كونه وعن الحكمة من وضعه في ال ِخ ْن ِ
ص ِر :أنَّه أبع ُد من االمتهان فيما يُتعاطى باليد؛ لكونه طر ًفا؛ وألنَّه ال يشغل
في ال ِخ ْن ِ
اليد عمَّا تتناوله من أشغالها ،بخالف غير ال ِخ ْن ِ
صر.214
هللا صلّى هللا عليه -2عن ثابت أنَّهم سألوا َأنَسًا رضي هللا عنه عَ نْ خَ اتَ ِم رَ سُو ِل ِ
ض ٍة ،وَ رَ َفعَ ِإصْ بَ َع ُه اليُسْرَ ى وسلّم ،فقالَ « :ك َأ ِنّي َأ ْنظُرُ ِإلَى وَ ِب ِ
يص خَ اتَ ِم ِهِ منْ ِف َّ
ِبال ِخ ْن ِ
215
ص ِر.
ي صلّى هللا عليه وسلّم َكانَ يَتَخَ تَّ ُم ِفي ي رضي هللا عنهَ :
«أنَّ الن َِّب َّ -عن عل ّ ٍ
216
يَ ِمي ِن ِه.
قال النَّووي رحمه هللا« :أجمعوا :على جواز التَّختُّم في اليمين .وعلى جوازه في
اليسار ،وال كراه َة في واح ٍد منهما .واختلفوا :أيَّتُهما أفضل ،فتختَّم كثيرون من
213رواه مسلم( ،)1659 /3( ،ح.)2095
214صحيح مسلم بشرح النووي (.)71 /14
215رواه مسلم( ،)443 /1( ،ح.)640
216رواه أبو داود .)4226 /4( ،)91 /4( ،وصحَّ حه األلباني في «صحيح سنن أبي داود» (( ،)551 /2ح)4221
217التمهيد (.)109 /17
12
السَّلف في اليمين ،وكثيرون في اليسار ،واستحب مالكٌ اليسار ،و َك ِره اليمين ،وفي
وجهان ألصحابنا :الصَّ حي ُح أنَّ اليمين أفضلُ؛ ألنَّه زين ٌة ،واليمين أشرف،
مذهبنا ْ
218
وأحقُّ بال ِّزينة ،واإلكرام»
وقال ابن حجر رحمه هللا« :ويظهر لي أنَّ ذلك يختلف باختالف القصد ،فإنْ كان
اللُّبس للتَّزيُّن به فاليمين أفضل ،وإنْ كان للتَّختُّم به فاليسار أولى؛ ألنَّه كالمُودَع
فيها ،ويحصل تناوله منها باليمين ،وكذا وضعه فيها ،ويتر َّجح التَّختُّم في اليمين
مطلقًا؛ ألنَّ اليسار آل ُة االستنجاءَ ،فيُصان الخاتم إذا كان في اليمين ،عن أن تُصيبه
ويترجح التَّختُّم في اليسار بما أشرت إليه من التَّناول.
َّ النَّجاسة،
ت طائف ٌة إلى استواء األمرين ،وجمعوا بذلك بين مختلف األحاديث C،وإلى ذلك
وجنَ َح ْ
َ
أشار أبو داود حيث ترجم «باب :التَّختُّم في اليمين واليسار» ث َّم أوْ رَ َد األحاديث Cمع
َ
اإلجماع على الجواز ،ث َّم قال: ي وغير ُه
اختالفها في ذلك بغير ترجيح ،ونقل النوو ُّ
وال كراه َة فيه -يعني عند الشَّافعية -وإنَّما االختالف في األفضل.219
هللا صلّى هللا عليه وسلّم َأنْ َأتَخَ تَّ َم ي رضي هللا عنه ،قال« :نَ َها ِني رَ سُو ُل ِ -عن عل ّ ٍ
ِفي ِإصْ بَ ِعي َه ِذ ِه َأوْ َه ِذ ِهَ .قالََ :ف َأوْ م ََأ ِإلَى ال ُو ْ
سطَى وَ الَّ ِتي تَ ِلي َها» .220قال النَّووي
رحمه هللا« :ويُكره للرَّ جل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث ،وهي
كراهة تنزيه.221
12
ي رضي هللا عنه قال« :نَ َها ِني -وجاء التَّصريح بذكر الوسطى والسَّبابة :عن عل ّ ٍ
هللا صلّى هللا عليه وسلّم) َأنْ َأضَ عَ الخَ ا َت َم ِفي َه ِذ ِهَ ،أوْ ِفي َه ِذ ِه ِلل َّ
سبَّابَ ِة (أي :رَ سُول ِ
وَ الوُ سْ طَى.222
الخالصة:
وخالصة ما دَّلت عليه هذه األحاديث ،في (لبس الخاتم لل َّرجل) ما يلي:
-1استحباب وضعه في ال ِخ ْن ِ
صر من اليد اليمنى أو اليسرى.
سبَّابة) والوسطى.
-2النَّهي عن وضعه في المُوَ ِّحدة (ال َّ
-3أمَّا البُ ْنصُ ر َف َمسكوتٌ عنه ،فيبقى على أصل اإلباحة ،وهللا أعلم.
سبَّابة والوسطى خاصٌّ إصبع ،والنَّهي الوارد في ال َّ ٍ المرأ ُة يُباح لها التَّختُّم في ك ِ ّل
َ
اإلجماع بقوله: بال َّرجل دون المرأة ،وهو مح ُّل إجماع .وقد حكى النَّووي رحمه هللا
صر ،وأمَّا المرأ ُة فإنَّها سنَّة َجعْ ُل خاتَ ِم الرَّ ج ِل في ال ِخ ْن ِ
«أجمع المسلمون :على أنَّ ال ُّ
223
تتَّ ِخ ُذ خواتي َم في أصابع
خاتمة
12
بعد عون هللا و توفيقه ،أرجو أن أكون قد استكملت في هذا البحث ،بيان
اللباس في عصر النبوة ( أنواع وأحكام) عبر التعريف بمفهوم اللباس لغة و
شرعا ،وتبيان صفة و كيفية لباس رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ،واتباع
صحابته رضوان هللا عليهم في طريقة و الوان لباسه .
كما تناولنا شروط و مقاصد و أحكام Cالشريعة في لباس المرأة المسلمة مبرزين
نماذج من مجموعة من الصحابيات رضي هللا عنهن
وفي األخير قمنا بتبيان أحكام Cالزينة في لباس المسلمين .
المراجع
12
القرآن الكريم .1
احكام لباس المرأة وزينتها في الفقه اإلسالمي ابن دقيق العيد ،تقي الدين .2
أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري ،المعروف بابن دقيق
العيد شيخ مصطفى ومدثر سندس ،ط1426 ،1 ،هـ 2005 -م ،بيروت:
مؤسسة الرسالة
أحكام القران ،الجصاص ،أحمد بن علي الرازي :دار إحياء التراث العربي، .3
بيروت ،لبنان ،ج 1980 ،3م
إعالم الموقعين عن رب العالمين محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم .4
الجوزية أبو عبد هللا ، :تحقيق :محمد عبد السالم إبراهيم ،بيروت ،دار
الكتب العلمية1991 ،
أضواء البيان ،الشنقيطي :عالم الكتب ،بيروت ،دار عالم الفوائد، .5
1426هـ،،
اإلحكام في أصول األحكام علي بن أحمد بن حزم ، :دار الحديث ،القاهرة .6
– مصر ،ط ، 1ج3،1404هـ.
االنتفاع بأجزاء اآلدمي في الفقه اإلسالمي ،عصمت هللا عناية هللا :طبع .7
مكتبة جراغا سالم ،باكستان ،ط(1414 )1هـ.
اإلنصاف Cفي معرفة الراجح من الخالف عالء الدين علي بن سليمان .8
المرداوي الحنبلي ، :تحقيق :عبد هللا بن عبد المحسن التركي ،وهو مطبوع
مع المقنع والشرح الكبير ،توزيع وزارة الشئون اإلسالمية بالمملكة العربية
السعودية ،طبع سنة 1419هـ.،
بهجة النفوس ،محمد بن عبد هللا بان أبي حمزة :انظر :تحقيق :أبو مازن .9
مصطفى بن السيد بن أبو ليلة ،المكتبة الوقفية.،2019 ،
تفسير سورة النور ،ابن تيمية تحقيق :عبد العلي عبد الحميد حامد ،الدار .10
السلفية ،بومباي.1987 ،
:تفسير القرآن العظيم الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير ،تحقيق سامي بن .11
محمد السالمة ،نشر دار طيبة ،ط(1428 )4هـ.،
12
ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البالغة،طاهر .12
أحمد الزاوي :بيروت ،دار الفكر ،د.ت.،
تفسير ابن عباس ومروياته من الكتاب والسنة عبد العزيز بن عبد هللا .13
الحميدي ، :جامعة أم القرى2008 ،
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق Cفخر الدين الزيلعي ،دار المعرفة .14
للطباعة.،
تفسير القرطبي .القرطبي ، ،بيروت ،دار الفكر.،1998 ، .15
تفسير آيات األحكام محمد علي السايس ، :تحقيق :ناجي سويدان ،المكتبة .16
العصرية للطباعة والنشر2002 ،
تفسير سورة النور المودودي ، ،الدار السعودية للنشر 1405هـ .17
تفسير القرطبي أبو عمر يوسف القرطبي ، :بيروت ،دار إحياء التراث .18
العربي ،د.ت.
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان :عبد الرحمن بن ناصر .19
السعدي ،القاهرة ،دار السالم للنشر والتوزيع.2000 ،
جامع البيان عن تأويل القرآن جعفر محمد بن جرير الطبري ، :ضبط .20
وتعليق محمود شاكر الحرستاني ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت،
.2001
الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة،عبد هللا صالح .21
الفوزان :دار التدمرية ،الرياض ،ط(1429 ،)2ه.
حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة محمد بن ناصر الدين األلباني، : .22
القاهرة ،دار السالم ،د.ت.
حراسة الفضيلة بكر بن عبد هللا أبو زيد ، :دار العاصمة2005، .23
رسالة الحجاب محمد العثيمين ، :مكتبة المعارف ،د.ت. .24
رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) ويليه قرة عيون األخيار .25
وتقريرات الرافعي المؤلف :محمد أمين بن عمر عابدين المحقق :عادل
أحمد عبد الموجود -علي محمد معوض عالم الكتب
رسالة تبحث في مسائل الحجاب والسفور ،عبد العزيز بن عبد هللا بن باز: .26
المكتبة الوقفية.2009 ،
12
زينة المرأة المسلمة عبد هللا بن صالح الفوزان :المسلمة ،بريدة ،المملكة .27
العربية السعودية1418 ،هـ
سنن أبي داود أبو داود ،سليمان بن األشعث السجستاني ، ،بيروت :دار .28
إحياء التراث العربي ،د.ت
:سنن النسائي أحمد بن شعيب النسائي ،رقمه عبد الفتاح أبو غدة ،دار .29
البشائر اإلسالمية ،بيروت1409 ،هـ
السنن الكبرى ،البيهقي ،أبو بكر أحمد بن الحسين :ط ،3 ،تحقيق :محمد عبد .30
القادر عطا ،بيروت :دار الكتب العلمية1424 ،هـ 2003 -م.،
سنن الترمذي الترمذي ،محمد بن عيسى بن سَوْ رة بن موسى بن الضحاك، .31
الترمذي ،أبو عيسى الجامع الكبير ، -المحقق :بشار عواد معروف ،دار
الغرب اإلسالمي ،بيروت1998 ،م.
سنن الترمذي محمد بن عيسى الترمذي ، :ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، .32
طبع دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1408هـ..
الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك مع حاشية .33
الصاوي أبو البركات أحمد بن محمد بن أحمد الدردير ،وأحمد بن محمد
الصاوي ،تحقيق :مصطفى كمال وصفي ،مطبعة عيسى البابي ،د.ت
صحيح البخاري ،محمد بن إسماعيل البخاري ، :تحقيق :مصطفى ديب .34
البغا ،دمش ،دار اليمامة.،
صحيح مسلم بشرح النووي محيي الدين أبي زكريا يحيى النووي، : .35
المطبعة المصرية بالقاهرة ،ط(1347 ،)1هـ.،
صحيح مسلم مسلم بن الحجاج النيسابوري ، :ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، .36
دار إحياء التراث1385 ،هـ
عارضة األحوذي بشرح صحيح الترمذي ،أبو بكر بن العربي المالكي، : .37
تحقيق :جمال مرعشلي ،بيروت ،دار الكتب العلمية ،1997 ،ج.7
عون المعبود على شرح سنن أبي داود،شرف الحق العظيم آبادي أبو عبد .38
الرحمن :دار ابن حزم ،د.ت،
معجم مقاييس اللغة (ت :هارون)المؤلف :أحمد بن فارس بن زكريا أبو .39
الحسي المحقق :عبد السالم هارون دار الفكر
12
فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ابن حجر ،أحمد بن علي بن حجر أبو .40
الفضل العسقالني الشافعي ،رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه :محمد فؤاد عبد
الباقي ،قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه :محب الدين الخطيب،
عليه تعليقات العالمة :عبد العزيز بن عبد هللا بن باز ،ط ،بدون 1379هـ،
بيروت :دار المعرفة،
.
فتاوى المرأة ،محمد بن إبراهيم بن باز ،ومحمد العثيمين وعبد هللا الجبرين، .41
وعبد هللا بن حميد بن فوزان :الرياض ،مكتبة دار ابن طبرية.1995 ،
فلسفة المرأة في الشريعة اإلسالمية والعقائد األخرى عبد الباري محمد .42
داود( .:ط .)1اإلسكندرية :مكتبة ومطبعة اإلشعاع الفنية.2003 ،
.43
القوانين الفقهية محمد بن أحمد بن جزي الكلبي :دار القلم ،بيروت ،د.ت. .44
قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية،فؤاد Cبن عبد الكريم العبد الكريم ج،1 .45
ط ،2الرياض ،مركز باحثات Cلدراسات المرأة.2011 ،
القاموس المحيط .،الفيروز آبادي C،مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب .46
تحقيق :مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة ،بإشراف :محمد نعيم
العرقسُوسي ،ط1426 ،8 ،هـ 2005 -م بيروت :مؤسسة الرسالة للطباعة
الكشاف الزمخشري ، :دار المعرفة ،بيروت ،د.ت ،ج.3 .47
اللباس في عصر الرسول عليه الصالة والسالم ،محمد بن فارس الجميل .48
(الطبعة الرابعة عشرة) ،الكويت :كلية اآلداب -جامعة الكويت،
لباس الرسول والصحابة والصحابيات Cرضي هللا عنهم أجمعين محمد .49
يونس بن عبد الستار (الطبعة األولى) ،مكة المكرمة :مطابع الوحيد،
اللباس والزينة في الشريعة اإلسالمية محمد عبد العزيز عمرو ، :رسالة .50
دكتوراه منشورة ،المكتبة الوقفية1985 ،
مالبس النبي وسالحه ودوابه تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن .51
تيمية الطبعة األولى أضواء السلف
مجموع شرح المهذب .أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي ، :تحقيق: .52
محمد نجيب المطيعي ،مكتبة اإلرشاد جدة.
12
.، .53
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير أحمد بن محمد الفيومي ، :المكتبة .54
العلمية ،بيروت.
مسند اإلمام أحمد ،اإلمام أحمد بن حنبل الشيباني :طبع بإشراف عبد هللا .55
عبد المحسن التركي ،وتحقيق شعيب األرنؤوط ،طبع مؤسسة الرسالة في
بيروت1421 ،هـ.
المعجم الصغير سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي ،أبو .56
القاسم الطبراني ، :تحقيق :محمد شكور محمود الحاج أمرير ،المكتب
اإلسالمي ،بيروت،1985 ،
مجموع الفتاوى ،شيخ اإلسالم ابن تيمية :مجموع الفتاوى ،جمع وترتيب .57
عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ،طبع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف
الشريف ،بإشراف وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف Cوالدعوة واإلرشاد
بالمملكة1415 ،هـ.،
الموطأ .مالك بن أنس ، :صححه وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي ،دار .58
إحياء الكتب1370 ،هـ.،
المرأة وحقوقها في اإلسالم مبشر الطرازي الحسيني ، :دار الكتب .59
العلمية ،بيروت ،لبنان1984 ،م.
مجلة الشريعة والدراسات اإلسالمية .جامعة الكويت – السنة الرابعة عدد .60
.9
مجلة مجمع الفقه اإلسالمي التابع لمنظمة المؤتمر اإلسالمي ،طبع منظمة .61
المؤتمر اإلسالمي في جدة 1408هـ (ع4ج.)1
المرأة بين الفقه والقانون مصطفى السباعي( ، :ط ،2011 ،)8عمان ،دار .62
الوراق.
. .63
المغني موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن قدامة المقدسي ، :تحقيق :عبد هللا .64
بن عبد المحسن التركي ،وعبد الفتاح الحلو ،دار هجر ،ط(1406 ،)1هـ.،
معاني الحجاب في (المرأة المسلمة) ،وهبي سليمان غاوجي :دار القلم، .65
دمشق ،د.ت.
12
النهاية في غريب الحديث واألثر اإلمام مبارك بن محمد بن محمد بن عبد .66
الكريم ابن عبد الواحد الشيباني ,أبو السعادات ,مجد الدين ابن األثير,
الجزري الشافعي ، :المكتبة اإلسالمية ،الرياض.
نيل األوطار شرح منتقى األخبار ،محمد بن علي الشوكاني :تحقيق :طه عبد .67
الرءوف سعد ،مكتبة الكليات األزهرية ،القاهرة1398 ،هـ.،
واقع بعض حقوق المرأة من خالل "الجندر" "دراسة تحليلية من منظور .68
التربية اإلسالمية" ،عالية محمد محمد تراب الخياط :مجلة التربية ،كلية
التربية ،جامعة األزهر ،العدد ،162الجزء الثاني ،أبريل.2015 ،
الفهرس
4 المقدمة
10 المطلب االول :صفة لباس الرسول صلى هللا عليه وسلم
12
19 المطلب الثاني :كيفية Cلباس الرسول صلى هللا عليه وسلم
25 المطلب الثالث :ألوان ثيابه صلى هللا عليه وسلم وحكمه فيها
69 خاتمة
70 المراجع
12