Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 16

‫رسالة أهل السنة والجماعة في حديث الموتى وأشراط الساعة وبيان مفهوم أهل السنة والجماعة‬

‫تأليف‬
‫العالمة الشيخ محمد هاشم أشعري الرئيس األكبر لجمعية نهضة العلماء‬
‫عفا هللا عنه وعن جميع المسلمين‬
‫آمين‬

‫مقدمة وتمهيد<‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ُظ ِه َرهُ َعلَى الد ِ‬
‫ِّين‬ ‫ق لِي ْ‬ ‫حمدا وتمجيدا لمن قال في كتابه المبين ‪ ،‬وهو أصدق القائلين (هُ َو الَّ ِذي أَرْ َس َل َرسُولَهُ بِ ْالهُدَى َو ِدي ِن ْال َح ِّ‬
‫ق ْال َح ِدي ِ‬
‫ث‬ ‫ُكلِّ ِه َولَوْ َك ِرهَ ْال ُم ْش ِر ُكونَ ) ‪ ،‬صالة وتسليما على سيدنا وشفيعنا ووسيلتنا إلى ربنا محمد القائل ‪( :‬أَ َّما بَ ْع ُد فَإ ِ َّن أَ َ‬
‫ص َد َ‬
‫ُ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ضاللة ‪،‬‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ‪َ ،‬و َش َّر األ ُم ِ‬
‫ور ُمحْ َدثَاتُهَا ‪َ ،‬و ُك َّل ُمحْ َدثَ ٍة بِ ْد َعةٌ ‪َ ،‬و ُك َّل بِ ْد َع ٍة َ‬ ‫ِكتَابُ هَّللا ِ ‪َ ،‬و َخ ْي ُر ْالهَ ْد ِ‬
‫ي هَ ْد ُ‬
‫ي ُم َح َّم ٍد َ‬
‫ار ) وعلى آله وأصحابه وأتباعه ‪ ،‬صالة وسالما دائمين متالزمين ما اختلف الليل والنهار‪.‬‬ ‫ضاللَ ٍة فِي النَّ ِ‬ ‫َو ُك َّل َ‬
‫وبعد ‪ ،‬فهذا كتاب جليل يحتوي على مقاصد مفيدة ومباحث عديدة ‪ ،‬تنفع المسلمين المحتاجين إلى تحقيق العقائد الدينية< ‪،‬‬
‫وإلى اإلجتماع بالفرقة الناجية الذين هم أهل السنة والجماعة ‪ ،‬رد فيه مؤلفه على ضالالت المبتدعين الكاذبين ‪ ،‬وصرح فيه‬
‫شبهات الملحدين الضالين‪.‬‬
‫فهو إِذاً حجة وبرهان ‪ ،‬وتوضيح وبيان ‪ ،‬فيه للمسلمين عزة وكرامة ‪ ،‬ولهم فيه نجاة وسالمة ‪ ،‬إذ حقق فيه مؤلفه العقائد‬
‫الصحيحة على طريقة أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫ومعشر المسلمين اليوم أشد حاجة إلى ذلك ‪ ،‬وقد اختلط فيهم األفاضل باألراذل ‪ ،‬والتبس عليهم الحق بالباطل ‪ ،‬وتصدر‬
‫للفتوى كل جاهل ‪ ،‬ممن يقصر إدراكه عن فهم كتاب هللا تعالى وسنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فجاء الكتاب‬
‫باإليضاح والتدقيق ‪ ،‬بعيدا عن التلبيس والتزويق ‪ ،‬ليبتعدوا عن مواقع الجهل والضالل ‪ ،‬ويكونوا موفقين في األقوال‬
‫واألفعال‪.‬‬
‫وكيف ال ‪ ،‬وقد كان مؤلفه العالمة الشيخ محمد هاشم أشعري رحمه هللا تعالى من أكابر علماء إندونيسيا ومن مؤسسى‬
‫جمعية نهضة العلماء ‪ ،‬وهي جمعية معروفة بقوة تمسكهم بسنة خاتم النبيين< وشدة اعتمادهم على خطة أسالفهم الصالحين‪.‬‬
‫فجزى هللا تعالى مؤلفه خيرا كثيرا ‪ ،‬وغفر له وألصوله وفروعه إنه كان غفارا ‪ ،‬ونفع به وبعلومه المسلمين ‪ ،‬وجعل عمله‬
‫من إحياء سنة سيد المرسلين‪ .‬هذا ‪ ،‬وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫تبوئيرنج ‪ 1 ،‬رجب ‪1418‬‬

‫كتبه سبط المؤلف‬


‫محمد عصام حاذق‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل شكرا على نواله ‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد وآله ‪ .‬وبعد ‪ ،‬فهذا كتاب أودعت فيه شيئا من حديث الموتى‬
‫وأشراط الساعة ‪ ،‬وشيئا من الكالم على بيان السنة والبدعة ‪ ،‬وشيئا من األحاديث بقصد النصيحة ‪ ،‬وإلى هللا الكريم أمد‬
‫أكف اإلبتهال ‪ ،‬أن ينفع به نفسي وأمثالي من الجهال ‪ ،‬وأن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم ‪ ،‬إنه جواد رؤوف رحيم ‪.‬‬
‫وهذا أوان الشروع في المقصود ‪ ،‬بعون الملك المعبود‪.‬‬

‫(فصل) في بيان السنة والبدعة‬


‫السنة بالضم والتشديد كما قال أبو البقاء في كلياته ‪ :‬لغة الطريقة ولو غير مرضية ‪ .‬وشرعا اسم للطريقة المرضية‬
‫المسلوكة في الدين سلكها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أو غيره ممن هو علم في الدين كالصحابة رضي هللا عنهم لقوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم ( َعلَ ْي ُك ْم بِ ُسنَّتِي َو ُسنَّ ِة ْال ُخلَفَا ِء الرَّا ِش ِد ْينَ ِم ْن بَ ْع ِدي) ‪ .‬وعرفا ما واظب عليه مقتدي نبيا كان أو وليا ‪.‬‬
‫والسني منسوب إلى السنة حذفت التاء للنسبة‪.‬‬
‫والبدعة كما قال الشيخ زروق في عدة المريد ‪ :‬شرعا إحداث أمر في الدين يشبه أن يكون منه وليس منه سواء كان‬
‫َث فِي أَ ْم ِرنَا هَ َذا َما لَي َ‬
‫ْس ِم ْنهُ فَهُ َو َر ٌّد)‪ ،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‬ ‫بالصورة أو بالحقيقة لقوله صلى هللا عليه وسلم ( َم ْن أَحْ د َ‬
‫( َو ُك َّل ُمحْ َدثَ ٍة بِ ْد َعةٌ)‪ .‬وقد بين العلماء رحمهم هللا أن المعنى في الحديثين المذكورين راجع لتغيير الحكم باعتقاد ما ليس بقربة‬
‫قربة ال مطلق اإلحداث ‪ ،‬إذ قد تناولته الشريعة بأصولها فيكون راجعا إليها أو بفروعها فيكون مقيسا عليها‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وموازينه ثالثة ‪:‬‬
‫(األول) أن ينظر في األمر المحدث ‪ ،‬فإن شهد له معظم الشريعة وأصلها فليس ببدعة ‪ ،‬وإن كان مما يأبى ذلك بكل وجه‬
‫فهو باطل وضالل ‪ ،‬وإن كان مما تراجعت فيه األدلة وتناولته الشبهة واستوت فيه الوجوه اعتبرت وجوهه ‪ ،‬فما ترجح من‬
‫ذلك رجعت إليه‪.‬‬
‫(الميزان الثاني) اعتبار قواعد األئمة وسلف األمة العاملين بطريق السنة ‪ ،‬فما خالفها بكل وجه فال عبرة به ‪ ،‬وما وافق‬
‫أصولهم فهو حق وإن اختلفوا فيه فرعا وأصال ‪ ،‬فكل يتبع أصله ودليله ‪ ،‬وقد وقع من قواعدهم أن ما عمل به السلف وتبعهم‬
‫الخلف ال يصح أن يكون بدعة وال مذموما ‪ ،‬وما تركوه بكل وجه واضح ال يصح أن يكون سنة وال محمودا ‪ ،‬وما أثبتوا‬
‫أصله ولم يرد عنهم فعله فقال مالك بدعة ألنهم لم يتركوه إال ألمر عندهم فيه‪ .‬وقال الشافعي ليس ببدعة و إن لم يعمل به‬
‫السلف ألن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام بهم في الوقت أو لما هو أفضل منه ‪ ،‬واألحكام مأخوذة من الشارع وقد أثبته‪.‬‬
‫واختلفوا أيضا فيما لم يرد له من السنة معارض وال شبهة ‪ ،‬فقال مالك بدعة ‪ ،‬وقال الشافعي ليس ببدعة ‪ ،‬واستند لحديث‬
‫( َما تَ َر ْكتُهُ لَ ُك ْم فَهُ َو َع ْف ٌو ) ‪ ،‬قال وعلى هذا اختالفهم في ضرب اإلدارة والذكر بالجهر والجمع والدعاء ‪ ،‬إذ ورد في الحديث‬
‫الترغيب فيه ولم يرد عن السلف فعله‪ .‬ثم كل قائل ال يكون مبتدعا عند القائل بمقابله لحكمه بما أداه اجتهاده الذي ال يجوز‬
‫تعديه ‪ ،‬وال يصح له القول ببطالن مقابله لقيام شبهته ‪ ،‬ولو قيل بذلك ألدى إلى تبديع األمة كلها ‪ ،‬وقد عرف أن حكم هللا‬
‫تعالى في مجتهد الفروع ما أداه إليه اجتهاده ‪ ،‬سواء قلنا المصيب واحد أو متعدد< ‪ ،‬وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫صلِّي َحتَّى نَأْتِيَهَا َوقَا َل‬
‫ضهُ ْم اَل نُ َ‬ ‫ضهُ ْم ْال َعصْ َر فِي الطَّ ِر ِ‬
‫يق فَقَ َ‬
‫ال بَ ْع ُ‬ ‫صلِّيَ َّن أَ َح ٌد ْال َعصْ َر إِاَّل فِي بَنِي قُ َر ْيظَةَ فَأ َ ْد َر َ‬
‫ك بَ ْع ُ‬ ‫(اَل يُ َ‬
‫ف َوا ِحدًا ِم ْنهُ ْم) ‪ ،‬فدل ذلك على صحة العمل‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم فَلَ ْم يُ َعنِّ ْ‬ ‫ي‬ ‫ب‬‫َّ‬ ‫ن‬‫ل‬‫ل‬
‫ِ َ ِ ِ ِ ِّ َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ا‬‫َّ‬
‫ْ ِ ِ ِ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ُر‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬‫ِّ‬ ‫ل‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫لْ‬ ‫بَ ْع ُ‬
‫ضهُ ْ َ‬
‫ب‬ ‫م‬
‫بما فهم من الشارع إذا لم يكن عن هوى‪.‬‬
‫(الميزان الثالث) ميزان التمييز بشواهد األحكام وهو تفصيلي ينقسم إلى أقسام الشريعة الستتة ‪ ،‬أعني الوجوب والندب‬
‫والتحريم والكراهة وخالف األولى واإلباحة ‪ ،‬فكل ما انحاز ألصل بوجه صحيح واضح ال بعد فيه الحق به ‪ ،‬وما ال فهو‬
‫بدعة ‪ .‬وعلى هذا الميزان جرى كثير من المحققين واعتبرها من حيث اللغة للتقريب ‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬وأقسامها ثالثة ‪ ،‬البدع الصريحة ‪ ،‬وهي ما أثبتت من غير أصل شرعي في مقابلة ما ثبت شرعا من واجب أو سنة‬
‫أو مندوب أو غيره فأماتت سنة أو أبطلت حقا ‪ ،‬وهذه شر البدع ‪ ،‬وإن كان لها ألف مستند من األصول أو الفروع فا عبرة‬
‫به ‪ .‬الثاني البدع اإلضافية ‪ ،‬وهي التي ألمر او سلم منه لم تصح المنازعة في كونه سنة أو غير بدعة بال خالف أو على‬
‫خالف مما تقدم‪ .‬الثالث البدع الخالفية ‪ ،‬وهي المبنية على أصلين يتجاذبها كل منهما ‪ ،‬فمن قال بهذا قال ‪ :‬بدعة ‪ ،‬زمن قال‬
‫بمقابله قال ‪ :‬سنة ‪ ،‬كما تقدم في ضرب اإلدارة وذكر الجماعة‪.‬‬
‫آوى‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫َث َح َدثا أوْ َ‬ ‫َ‬
‫وقال العالمة محمد ولي الدين الشبشيري في شرح األربعين النووية على قوله صلى هللا عليه وسلم ( َم ْن أحْ د َ‬
‫ُمحْ ِدثًا فَ َعلَ ْي ِه لَ ْعنَةُ هَّللا ِ ) ‪ .‬ودخل في الحديث العقود الفاسدة ‪ ،‬والحكم مع الجهل والجور ونحن ذلك مما ال يوافق الشرع ‪.‬‬
‫وخرج عنه ما ال يخرج عن دليل الشرع ‪ ،‬كالمسائل اإلجتهادية التي ليس بينها وبين أدلتها رابط إال ظن المجتهد ‪ ،‬وكتابة‬
‫المصحف وتحرير المذاهب وكتب النحو والحساب ‪ ،‬ولذا قسم ابن عبد السالم الحوادث إلى األحكام الخمسة ‪ ،‬فقال ‪ :‬البدعة‬
‫فعل ما لم يعهد في عصر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم واجبة كتعلم النحو وغريب الكتاب والسنة مما يتوقف فهم الشريعة‬
‫عليه ‪ ،‬ومحرمة كمذهب القدرية والجبرية والمجسمة ‪ ،‬ومندوبة كإحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر‬
‫األول ‪ ،‬ومكروهة كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف ‪ ،‬ومباحة كالمصافحة عقب صالة الصبح والعصر والتوسع في‬
‫المأكل والمشرب والملبس وغير ذلك‪.‬‬
‫وإذا عرفت ما ذكر تعلم أن ما قيل ‪ :‬إنه بدعة كاتخاذ السبحة ‪ ،‬والتلفظ بالنية ‪ ،‬والتهليل عند التصدق عن الميت مع عدم‬
‫المانع عنه ‪ ،‬وزيارة القبور ‪ ،‬ونحو ذلك ليس ببدعة ‪ ،‬وإن ما أحدث من أخذ أموال الناس باألسواق الليلة ‪ ،‬واللعب بالكورة‬
‫وغير ذلك من شر البدع‪.‬‬

‫فصل‬
‫في بيان تمسك أهل جاوى بمذهب أهل السنة والجماعة‪،‬‬
‫وبيان ابتداء ظهور البدع وانتشارها في أرض جاوى‪ ،‬وبيان أنواع المبتدعين< الموجودين في هذا الزمان‪.‬‬
‫قد كان مسلموا األقطار الجاوية في األزمان السالفة الخالية متفقى اآلراء والمذهب‪ ،‬متحدى المأخذ والمشرب‪ ،‬فكلهم في‬
‫الفقه على المذهب النفيس مذهب اإلمام محمد بن إدريس‪ ،‬وفي أصول الدين على مذهب اإلمام أبي الحسن األشعري‪ ،‬وفي‬
‫التصوف على مذهب اإلمام الغزالي واإلمام أبي الحسن الشاذلي رضي هللا عنهم أجمعين‪.‬‬
‫ثم إنه حدث في عام ألف وثالثمائة وثالثين أحزاب متنوعة‪ ،‬وآراء متدافعة‪ ،‬وأقوال متضاربة‪ ،‬ورجال متجاذبة‪ .‬فمنهم‬
‫سلفيون قائمون على ما عليه أسالفهم من التمذهب بالمذهب المعين والتمسك بالكتب المعتبرة المتداولة‪ ،‬ومحبة أهل البيت‬
‫واألولياء والصالحين‪ ،‬والتبرك بهم أحياء وأمواتا‪ ،‬وزيارة القبور‪ ،‬وتلقين الميت‪ ،‬والصدقة عنه‪ ،‬واعتقاد الشفاعة ونفع‬
‫الدعاء والتوسل وغير ذلك‪.‬‬
‫ومنهم فرقة يتبعون رأي محمد عبده ورشيد رضا‪ ،‬ويأخذون من بدعة محمد بن عبد الوهاب النجدي‪ ،‬وأحمد بن تيمية‬
‫وتلميذيه ابن اقيم وابن عبد الهادى‪ ،‬فحرموا ما أجمع المسلمون على ندبه‪ ،‬وهو السفر لزيارة قبر رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ،‬والفوهم فيما ذكر وغيره‪ .‬قال ابن تيمية< في فتاويه‪ :‬وإذا سافر العتقاده أنها أي زيارة قبر النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫طاعة كان ذلك محرما بإجماع المسلمين فصار التحريم من األمور المقطوع به‪ .‬قال العالمة الشيخ محمد بخيت الحنفي‬
‫المطيعي في رسالته المسماة “تطهير الفؤاد من دنس اإلعتقاد”‪ :‬وهذا الفريق قد ابتلي المسلمون بكثير منهم سلفا وخلفا‪،‬‬
‫فكانوا وصمة وثلمة في المسلمين وعضوا فاسدا يجب قطعه حتى ال يعدى الباقي‪ ،‬فهو كالمجذوم يجب الفرار منه‪ ،‬فإنهم‬
‫فريق يلعبون بدينهم‪ ،‬يذمون العلماء سلفا وخلفا‪ ،‬ويقولون إنهم غير معصومين فال ينبغي تقليدهم‪ ،‬ال فرق في ذلك بين‬
‫األحياء واألموات‪ ،‬ويطعنون عليهم ويلقون الشبهات‪ ،‬ويذرونها في عيون بصائر الضعفاء لتعمى أبصارهم عن عيوب‬
‫هؤالء‪ ،‬يقصدون بذلك إلقاء العداوة والبغضاء بحلولهم الجو ويسعون في األرض فسادا‪ ،‬يقولون على هللا الكذب وهم‬
‫يعلمون‪ ،‬يزعمون أنهم قائمون باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬حاضون الناس على اتباع الشرع واجتناب البدع‪ ،‬وهللا‬
‫يشهد أنهم لكاذبون‪ .‬قلت‪ :‬ولعل وجهه أنهم من أهل البدع واألهواء‪ .‬قال القاضي عياض في الشفا‪ :‬وكان معظم فسادهم على‬
‫الدين وقد يدخل في أمور الدنيا بما يلقون بين المسلمين من العداوة الدينية التي تسرى لدنياهم‪ .‬قال العالمة مال على القارى‬
‫ضا َء‬ ‫في شرحه‪ :‬وقد حرم هللا تعالى الخمر والميسر لهذه العلة كما قال تعالى {إِنَّ َما ي ُِري ُد ال َّش ْيطَانُ أَ ْن يُوقِ َع بَ ْينَ ُك ُم ْال َعدَا َوةَ َو ْالبَ ْغ َ‬
‫فِي ْال َخ ْم ِر َو ْال َم ْي ِس ِر }‪.‬‬
‫ومنهم رافضيون يسبون سيدنا أبا يكر وعمر رضي هللا عنهما ويكرهون الصحابة رضي هللا عنهم ويبالغون هوى‬
‫سيدنا علي وأهل بيته رضوان هللا عليهم‪ .‬قال السيد محمد في شرح القاموس‪ :‬وبعضهم يرتقي إلى الكفر والزندقة أعاذنا هللا‬
‫والمسلمين منها‪ .‬قال القاضي عياض في الشفا‪ :‬عن عبد هللا بن مغفّل رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسو ُل هّللا ِ صلى هللا عليه‬
‫ضهُ ْم‬‫وسلم‪{ :‬هّللا َ هّللا َ في أَصْ َحابِي هّللا َ هّللا َ في أَصْ َحابِي‪ ،‬ال تَتّ ِخذوهُ ْم َغ َرضا ً بَ ْع ِدي‪ ،‬فَ َم ْن أَ َحبّهُ ْم فَبِ ُحبّي أَ َحبّهُ ْم‪َ ،‬و َم ْن أَ ْب َغ َ‬
‫ك أَ ْن يَأْ ُخ َذه}‪ ،‬وقال رسو ُل هّللا ِ صلى هللا‬ ‫ضهُ ْم‪َ ،‬و َم ْن آ َذاهُ ْم فَقَ ْد آ َذانِي‪َ ،‬و َم ْن آ َذانِي فَقَ ْد آ َذى هّللا َ‪َ ،‬و َم ْن آ َذى هّللا َ يُوْ ِش ُ‬ ‫ضي أَ ْب َغ َ‬ ‫فَبِبُ ْغ ِ‬
‫صرْ فا ً والَ َع ْدالً}‪،‬‬ ‫َاس أَجْ َم ِع ْينَ ‪ ،‬الَ يَ ْقبَ ُل هللاُ ِم ْنهُ َ‬‫عليه وسلم‪{ :‬الَ تَ ُسبُّوا أَصْ َحابِي‪ ،‬فَ َم ْن َسبَّهُ ْم فَ َعلَ ْي ِه لَ ْعنَةُ هللاِ َوال َمالَئِ َك ِة َوالن ِ‬
‫صلوّا َعلَ ْي ِه ْم‪َ ،‬والَ‬ ‫وقال صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬الَ تَ ُسبُّوا أَصْ َحابِي‪ ،‬فإنهُ يَ ِج ْى ُء قَوْ ٌم فِ ْي آ ِخ ِر الزَ َما ِن يَ ُسبُّوْ نَ أصْ َحابِ ْي‪ ،‬فال ت َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫صلَوّا َم َعهُ ْم‪َ ،‬والَ تنا ِكحُوْ هُ ْم‪َ ،‬والَ تُ َجالِسُوْ هُ ْم‪َ ،‬وإِ ْن َم ِرضُوْ ا فَالَ تَعُوْ ُدوْ هُم }‪ ،‬وعنه صلى هللا عليه وسلم‪َ { :‬م ْن َسبَّ أصْ َحابِ ْي‬ ‫تُ َ‬
‫فَاضْ ِربُوْ ه}‪ ،‬وقد أعلم النبي صلى هللا عليه وسلم أن سبهم وأذاهم يؤذيه‪ ،‬وآذى النبي صلى هللا عليه وسلم حرام‪ ،‬فقال‪{ :‬الَ‬
‫تُ ْؤ ُذوْ ني فِ ْي أَصْ َحابِ ْي‪َ ،‬و َم ْن آ َذاهُ ْم فَقَ ْد آ َذانِ ْي}‪ ،‬وقال‪{ :‬ال تؤذوني في عائشة}‪ ،‬وقال في فاطمة رضي هللا عنها‪{ :‬بضعة‬
‫مني‪ ،‬يؤذيني ما آذاها}‪.‬‬
‫ومنهم إباحيون يقولون‪ :‬إن العبد إذا بلغ غاية لبمحبة وصفا قلبه من الغفلة‪ ،‬واختار اإليمان على الكفر والكفران سقط‬
‫عنه األمر والنهي‪ ،‬وال يدخله هللا النار بارتكاب الكبائر‪ .‬وبعضهم يقول‪ :‬إنه تسقط عنه العبادات الظاهرة وتكون عبادته‬
‫التفكر وتحسين األخالق الباطنة‪ .‬قال السيد محمد في شرح اإلحياء‪ :‬وهذا كفر وزندقة وضاللة‪ ،‬ولكن اإلباحيون موجودون‬
‫من قديم الزمان‪ ،‬جهال ضالل ليس لهم رأس يعلم العلم الشرعي كما ينبغي‪.‬‬
‫ومنهم من قال بتنلسخ األرواح وانتقالها أبد اآلباد في األشخاص تخرج من بدن اآلخر من جنسه أو غيره‪ .‬وزعم هؤالء‬
‫أن تعذيبها وتنعيمها فيها بحسب زكائها وخبثها‪ .‬قال الشهاب الخفاجي في شرحه على الشفا‪ :‬وقد كفرهم أهل الشرع لما فيه‬
‫من تكذيب هللا ورسوله وكتبه‪.‬‬
‫ومنهم من قال بالحلول واإلتحاد‪ ،‬وهم جهلة المتصوفة‪ ،‬يقولون‪ :‬إنه تعالى الوجود المطلق‪ ،‬وإن غيره ال يتصف‬
‫بالوجود أصال‪ ،‬حتى إذا قالوا‪ :‬اإلنسان موجود‪ ،‬فمعناه أن له تعلقا بالوجود المطلق‪ ،‬وهو هللا تعالى‪ .‬قال العالمة األمير في‬
‫حاشية عبد السالم‪ :‬وهو كفر صريح‪ ،‬وال حلول وال اتحاد‪ ،‬فإن وقع من أكابر األولياء ما يوهم ذلك أوّل بما يناسبه كما يقع‬
‫منهم في وحدة الوجود‪ ،‬كقول بعضهم‪“ :‬ما في الجبة إال هللا”‪ ،‬أراد أن ما في الجبة‪ ،‬بل والكون كله ال وجود له إال باهلل‪.‬‬
‫وقال في لواقح األنوار‪ :‬من كمال العرفان شهود عبد و ربّ ‪ ،‬وكل عارف نفى شهود العبد في وقت ما فليس هو بعارف‪،‬‬
‫وإنما هو في ذلك الوقت صاحب حال‪ ،‬وصاحب الحال سكران ال تحقيق عنده‪ ،‬فظهر مما ذكر أن المراد بوحدة الوجود‬
‫واإلتحاد في مذهب القوم ليس على الظاهر المتوهم‪ .‬وإذا كانت عبدة األوثان يقولون‪“ :‬ما نعبدهم إال ليقرّبونا إلى هللا‬
‫ُز ْلفَى”‪ ،‬ولم يقولوا‪“ :‬هم هللا”‪ ،‬كيف يظن ذلك بالعارفين‪ ،‬وإنما المراد قول العارف‪:‬‬
‫وعلمك أن كل األمر أمري >< هو المعنى المسمى باتحاد‬
‫وال بد عند كل مسلم من حظ في هذا المقام وإن تفاوتوا‪ .‬وإنما أطلت الكالم على هذه الطائفة ألن ضررهم على المسلمين‬
‫أكثر من ضرر جميع الكفرة والميتدعين‪ <،‬فإن كثيرا من الناس يعظمونهم ويسمعون كالمهم مع جهلهم بأساليب الكالم‬
‫العربي‪ .‬وقد روى األصمعي عن الخليل عن أبي عمرو بن العالء أنه قال‪ :‬أكثر من تزندق بالعراق لجهلهم بالعربية‪ ،‬وهم‬
‫باعتقادهم الحلول واإلتحاد كفرة‪.‬‬
‫قال القاضي العياض في الشفاء‪ :‬إن كل مقالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية أو عبادة غير هللا أو مع هللا فهي كفر‪،‬‬
‫كمقالة الدهرية والنصارى والمجوسي والذين أشركوا بعبادة األوثان أو المالئكة أو الشياطين أو الشمس أو النجوم أو النار‬
‫أو أح ٍد غير هللا‪ .‬وكذلك أصحاب الحلول والتناسخ‪ ،‬وكذلك من اعترف بإلهية هللا ووحدلنيته ولكنه اعتقد أنه غير ح ّي أو غير‬
‫قديم أو أنه محدث أو مص ّو ر أو ادعى له ولدا أو صاحبة أو أنه متولد من شيئ أو كائن عنه أو أن معه في األزل شيئا قديما‬
‫غيره أو أن ثَ َّم صانعا للعالَم سواه أو مدبرا غيره‪ ،‬فذلك كله كفر بإجماع المسلمين‪ .‬وكذلك من ادعى مجالسة هللا تعالى‬
‫والعروج إليه ومكالمته أو حلوله في أحد األشخاص‪ ،‬كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى‪ .‬وكذلك نقطع على كفر‬
‫من قال بقدم العالم أو بقائه أو قال بتناسخ األرواح وانتقالها أبد اآلباد في األشخاص وتعذيبخا وتنعيمها بحسب زكائها‬
‫وخبثها‪ .‬وكذلك من اعترف باإللهية والوحدانية ولكنه جحد النبوة من أصلها عموما أو نبوة نبينا خصوصا أو أحدا من‬
‫األنبياء الذين نص هللا عليهم بعد علمه بذلك فهو كافر بال ريب‪ .‬وكذلك من قال‪ :‬إن نبينا ليس الذي كان بمكة والحجاز‪.‬‬
‫وكذلك من ادعى نبوة أحد مع نبينا صلى هللا عليه وسلم أو بعده أو من ادعى النبوة لنفسه‪ .‬وكذلك من ادعى من غالة‬
‫المتصوفة أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة‪ .‬قال في األنوار‪ :‬ويقطع بتكفير كل قائل قوال يتوصل به إلى تضليل األمة وتكفير‬
‫الصحابة‪ ،‬وكل فاعل فعال ال يصدر إال من كافر كالسجود للصليب أو النار‪ ،‬أو المشي إلى الكنائس مع أهلها بزيهم من‬
‫الزنانير وغيرها‪ .‬وكذا من أنكر مكة أو الكعبة أو المسجد الحرام إن كان ممن يظن به علم ذلك وممن خالط المسلمين‪.‬‬

‫فصل‬
‫في بيان خطة السلف الصالح‪ ،‬وبيان المراد بالسواد األعظم‬
‫في هذا الحين‪ ،‬وبيان أهمية اإلعتماد بأحد المذاهب األربعة‬
‫إذا فهمت ما ذكر علمت أن الحق مع السلفيين الذين كانوا على خطة السلف الصالح‪ ،‬فإنهم السواد األعظم‪ ،‬وهم‬
‫الموافقون علماء الحرمين الشريفين وعلماء األزهر الشريف الذين هم قدوة رهط أهل الحق وفيهم علماء ال يمكن استقصاء‬
‫جميعهم من انتشارهم في األقطار واآلفاق كما ال يمكن إحصاء نجوم السماء‪ .‬وقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬إن‬
‫هللا تعالى ال يجمع أمتي على ضاللة‪ ،‬ويد هللا على الجماعة‪ ،‬من ش َّذ ش َّذ إلى النار} رواه الترمذي‪ .‬زاد ابن ماجه‪{ :‬فإ َذا َوقَ َع‬
‫اإل ْختِالَفَ فَ َعلَ ْيكَ بِال َّس َوا ِد األَ ْعظَم} مع الحق وأهله‪ .‬وفي الجامع الصغير‪{ :‬إن هللا تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على‬ ‫ِ‬
‫ضاللة}‪.‬‬
‫وأكثرهم أهل المذاهب األربعة‪ ،‬فكان اإلمام البخاري شافعيا‪ ،‬أخذ عن الحميدي والزعفراني والكرابيسي‪ .‬وكذلك ابن‬
‫خزيمة والنسائي‪ .‬وكان اإلمام الجنيد ثوريا‪ ،‬والشبلي مالكيا‪ ،‬والمحاسبي شافعيا‪ ،‬والجريري حنفيا‪ ،‬والجيالني حنبليا‪،‬‬
‫والشاذلي مالكيا‪ ،‬فالتقيد بمذهب معين أجمع للحقيقة‪ ،‬وأقرب للتبصر‪ ،‬وأدعى للتحقيق‪ ،‬وأسهل تناوال‪ .‬وعلى هذا درج‬
‫األسالف الصالحون‪ ،‬والشيوخ الماضون رضوان هللا تعالى عليهم أجمعين‪.‬‬
‫فنحن نحض إخواننا عوام المسلمين] على [أن يتقوا هللا حق تقاته‪ ،‬وأن ال يموتوا إال وهم مسلمون‪ ،‬وأن يصلحوا ذات‬
‫البين منهم‪ ،‬وأن يصلو األرحام‪ ،‬وأن يحسنوا إلى الجيران واألقارب واإلخوان‪ ،‬وأن يعرفوا حق األكابر‪ ،‬وأن يرحموا‬
‫الضعفاء واألصاغر‪ .‬وننهاهم عن التدابر والتباغض والتقاطع والتحاسد واإلفتراق والتلون في الدين‪ ،‬ونحثهم] على [أن‬
‫يكونوا إخوانا‪ ،‬وعلى الخير أعوانا‪ ،‬وأن يعتصموا بحبل هللا جميعا‪ ،‬وأن ال يتفرقوا‪ ،‬وأن يتبعوا الكتاب والسنة وما كان عليه‬
‫علماء األمة كاإلمام أبي حنيفة ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل رضي هللا تعالى عنهن أجمعين‪ ،‬فهم الذين قد انعقد‬
‫اإلجماع على امتناع الخروج عن مذاهبهم‪ ،‬وأن يعرضوا عما أحدث من الجمعية المخالفة لما عليه األسالف الصالحون‪،‬‬
‫ار}‪ ،‬وأن يكونوا مع الجماعة التي على طريقة األسالف‬ ‫فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ { :‬م ْن َش َّذ َش َّذ إِل َى النَّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫س أ َم َرنِي هللا بِ ِهن‪ :‬ال ّس ْم ِع َوالطا َع ِة َوال ِجهَاد َوال ِهجْ َر ِة‬ ‫َ‬ ‫{وأَنَا آ ُم ُرك ْم بِ َخ ْم ٍ‬
‫ُ‬ ‫الصالحين‪ ،‬فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪َ :‬‬
‫ق ْال َج َما َعةَ قِ ْي َد ِشب ٍْر‪ ،‬فَقَ ْد َخلَ َع ِر ْبقَةَ ا ِإل ْسالَ ِم ِم ْن ُعنُقِ ِه}‪ ،‬وقال عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪:‬‬ ‫َو ْال َج َما َع ِة‪ ،‬فَإ ِ ّن َم ْن فَا َر َ‬
‫االثنَي ِ<ْن أَ ْب َعدُ‪َ .‬و َم ْن أَ َرا َد بُحْ بُوبَةَ ْال َجنّ ِة فَ ْليَ ْلزَ ِم ْال َجما َعةَ}‪.‬‬
‫{ َعلَ ْي ُك ْم بِ ْال َجما َع ِة‪َ ،‬وإِيّا ُك ْم َو ْالفُرْ قَةَ‪ ،‬فَإ ِ ّن ال ّش ْيطَانَ َم َع ْال َوا ِح ِد َوهُ َو َم َع ْ‬
‫فصل‬
‫في بيان وجوب التقليد لمن ليس له أهلية اإلجتهاد‬
‫يجب عند جمهور العلماء المحققين على كل من ليس له أهلية اإلجتهاد المطلق‪ ،‬وإن كان قد حصل بعض العلوم‬
‫المعتبرة في اإلجتهاد تقلي ُد قول المجتهدين واألخذ بفتواهم ليخرج عن عهدة التكليف بتقليد أيهم شاء لقوله تعالى‪{ :‬فَاسْأَلوا‬
‫أَ ْه َل ال ِّذ ْك ِر إِ ْن ُك ْنتُ ْم ال تَ ْعلَ ُمونَ }‪ ،‬فأوجب السؤال على من لم يعلم ذلك‪ ،‬وذلك تقليد لعالم‪ ،‬وهو عام لكل المخاطبين‪ ،‬ويجب أن‬
‫يكون عاما في السؤال عن كل ما ال يعلم لإلجماع على أن العامة لم تزل في زمن الصحابة والتابعين وكل حدوث المخالفين‬
‫يستفتون المجتهدين< و يتبعونهم في األحكام الشرعية والعلماء‪ ،‬فإنهم يبادرون إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر‬
‫الدليل‪ ،‬وال ينهونهم عن ذلك من غير نكير‪ ،‬فكان إجماعا على اتباع العامى للمجتهد‪ <،‬وألن فهم العامى من الكتاب والسنة‬
‫ساقط عن حيز اإلعتبار‪ ،‬إن لم يوافق أفهام علماء أهل الحق األكابر األخيار‪ ،‬فإن كل مبتدع< وضال يفهم أحكامه الباطلة من‬
‫الكتاب والسنة ويأخذ منهما والحال أنه ال يغنى من الحق شيئا‪.‬‬
‫وال يجب على العامى إلتزام مذهب في كل حادثة‪ ،‬ولو التزم مذهبا معينا كمذهب الشافعي رحمه هللا تعالى ال يجب عليه‬
‫اإلستمرار‪ ،‬بل يجوز له اإلنتقال إلى غير مذهبه‪ .‬والعامى الذي لم يكن له نظر واستدالل ولم يقرأ كتابا في فروع المذهب‬
‫إذا قال‪ :‬أنا شافعي‪ ،‬لم يعتبر هذا كذلك بمجرد القول‪ ،‬وقيل‪ :‬إذا التزم العامي مذهبا معينا يلزمه اإلستمرار عليه ألنه إعتقد‬
‫أن المذهب الذي انتسب إليه هو الحق‪ ،‬فعليه الوفاء بموجب اعتقاده‪ .‬وللمقلد تقليد غير إمامه في حادثة‪ ،‬فله أن يقلد إماما في‬
‫صالة الظهر مثال ويقلد إماما آخر في صالو العصر‪ .‬والتقليد بعد العمل جائز‪ ،‬فلو صلى شافعي ظن صحة صالته على‬
‫مذهبه ثم تبين بطالنها في مذهبه وصحتها على مذهب غيره فله تقليده ويكتفي بتلك الصالة‪.‬‬

‫فصل‬
‫في لزوم االحتياط في أخذ الدين وأخذ العلم واإلنذار‬
‫عن فتنة أهل البدع والمنافقين واألئمة المضلين‬
‫يلزم اإلختياط في أخذ العلم‪ ،‬فال يأخذ عن غير أهله‪ .‬روي ابن عساكر عن اإلمام مالك رضي هللا عنه‪{ :‬التحمل العلم‬
‫عن أهل البدع‪ <،‬وال تحمله عمن لم يعرف بالطلب‪ ،‬وال عمن يكذب في حديث الناس وإن كان ال يكذب في حديث رسول هّللا‬
‫ين‪ ،‬فَا ْنظُرُوا َع ّم ْن تَأْ ُخ ُذونَ ِدينَ ُك ْم}‪ .‬وروى الديلمي عن ابن‬
‫صلى هّللا عليه وسلم}‪ .‬وروى ابن سيرين رحمه هللا‪{ :‬هَ َذا ْال ِع ْل َم ِد ٌ‬
‫عمر رضي هللا عنهما مرفوعا‪{ :‬العلم دين‪ ،‬والصالة دين‪ ،‬فانظروا عمن تأخذون هذا العلم‪ ،‬وكيف تصلون هذه الصالة‪،‬‬
‫فإنكم تسألون يوم القيامة}‪ ،‬فال ترووه إال عمن تحققت أهليته‪ ،‬بأن يكون من العدول الثقات المتقنين‪ .‬وروى مسلم في‬
‫صحيحه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪َ { :‬سيَ ُكونُ فِي آ ِخ ِر أُ ّمتِي أُنَاسٌ ي َُح ّدثُونَ ُك ْم َما لَ ْم تَ ْس َمعُوا أَ ْنتُ ْم َوالَ آبَا ُؤ ُك ْم‪ ،‬فَإِيّاك ْمُ‬
‫آخ ِر‬ ‫َوإِيّاهُم}‪ .‬وفي صحيح مسلم أيضا أن أبا هريرة رضي هللا عنه يقول‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬يَ ُكونُ فِي ِ‬
‫ضلّونَ ُك ْم َوالَ يَ ْفتِنُونَ ُكم}‪ .‬وفي‬ ‫ث بِ َما لَ ْم تَ ْس َمعُوا أَ ْنتُ ْم َوالَ آبَا ُؤ ُك ْم‪ ،‬فَإِيّا ُك ْم َوإِيّاهُ ْم‪ ،‬الَ يُ ِ‬ ‫ال ّز َما ِن َدجّالُونَ َك ّذابُونَ ‪ ،‬يَأْتُونَ ُك ْم ِمنَ األَ َحا ِدي ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫صحيح مسلم أيضا عن عمرو بن العاص رضي هللا عنه قال‪{ :‬إِ ّن فِي البَحْ ِر َشيَا ِطينَ َم ْسجُونَةً أوْ ثَقَهَا ُسلَ ْي َمانُ بنُ دَا ُودَ‪.‬‬
‫اس قُرْ آنا}‪ .‬قال النووي رحمه هللا تعالى‪ :‬معناه أن تقرأ شيئا ليس بقرآن وتقول إنه قرآن‬ ‫ك أَ ْن ت َْخ ُر َج فَتَ ْق َرأَ َعلَى النّ ِ‬ ‫ُوش ُ‬
‫ي ِ‬
‫لتغربه عوام الناس‪ .‬وروى الطبراني عن أبي الدرداء رضي هللا عنه‪{ :‬إن أخوف ما أخاف على أمتي األئمة المضلون}‪.‬‬
‫وروى اإلمام أحمد عن عمر رضي هللا عنه‪{ :‬إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان}‪ .‬قال المناوي رحمه‬
‫هللا تعالى‪ :‬أي كثير علم اللسان جاهل القلب والعمل‪ ،‬اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذا هيبة وأبهة يتعزز‪ ،‬يدعو الناس إلى هّللا‬
‫تعالى ويفر هو منه‪ .‬وروى الطبراني عن علي رضي هللا عنه‪{ :‬إني ال أتخوف على أمتي مؤمنا وال مشركا‪ ،‬فأما المؤمن‬
‫فيحجزه إيمانه‪ ،‬وأما المشرك فيقمعه كفره‪ ،‬ولكن أتخوف عليكم منافقا عالم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون}‪.‬‬
‫وعن زياد بن حدير رحمه هللا تعالى قال‪ :‬قال لي عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪{ :‬هل تعرف ما يهدم اإلسالم؟ قلت‪ :‬ال‪،‬‬
‫قال‪ :‬يهدمه< زلة العالم‪ ،‬وجدال المنافق بالكتاب‪ ،‬وحكم األئمة المضلين}‪.‬‬
‫(فصل) في ذكر األحاديث واآلثار الواردات في رفع العلم ونزول الجهل وإنذار النبي صلى هللا عليه وسلم صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وإعالمه بأن اآلخر شر‪ ،‬وأن أمته ستتبع المحدثات من األمور والبدع واألهواء ‪ ،‬وأن الدين إنما يبقى عند‬
‫خاصة من الناس‪.‬‬
‫قال ابن حجر العسقالني رحمه هللا تعالى في فتح الباري‪{ :‬يقبض هللا العلماء‪ ،‬ويقبض العلم معهم‪ ،‬فتنشأ أحداث ينزو‬
‫بعضهم على بعض نزو العير على العير‪ ،‬ويكون الشيخ فيهم مستضعفا}‪.‬‬
‫وروى أبو أمامة رضي هللا عنه لما كان حجة الوداع قام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على جمل آدم فقال‪{ :‬يا أيها‬
‫الناس خذوا من العلم قبل أن يقبض‪ ،‬وقبل أن يرفع من األرض‪ ،‬أال إن ذهاب العلم ذهاب حملته‪ .‬فسأله أعرابي فقال‪ :‬يا‬
‫رسول هللا كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف‪ ،‬وقد تعلمنا ما فيها وعلمناها أبناءنا ونساءنا وخدمنا‪ ،‬فرفع إليه‬
‫رأسه وهو مغضب‪ ،‬فقال‪ :‬وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف ولم يتعلقوا منها بحرف فيما جاءهم به‬
‫أنبياؤهم}‪.‬‬
‫وقال ابن مسعود رضي هللا عنه قال‪{ :‬ال يزال الناس مشتملين بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم وأكابرهم‪ ،‬فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم وتفرقت أهواؤهم هلكوا}‪.‬‬
‫وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪{ :‬التقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً‬
‫بشبر وذراعا ً بذراع‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول هللا كفارس والروم؟ قال‪ :‬ومن الناس إال هم}‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه‪ ،‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪{ :‬لتتبعن َسنَنَ من كان قبلكم‪ ،‬شبراً بشبر‬
‫وذراعا ً بذراع‪ ،‬حتى لو دخلوا في جحر ضب تبعتموهم‪ .‬قلنا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬اليهود والنصارى؟ قال‪ :‬فمن}‪.‬‬
‫وروى الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬إن أول هذه األمة خيارهم‪ ،‬و‬
‫آخرها شرارهم‪ ،‬مختلفين متفرقين‪ ،‬فمن كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فلتأته منيته وهو يأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى‬
‫إليه}‪.‬‬
‫وعن هشام بن عروة رحمه هللا تعالى أنه سمع أباه يقول‪{ :‬لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى حدث فيهم المولدون‬
‫أبناء سبايا األمم‪ ،‬فأحدثوا فيهم القول بالرأي‪ ،‬وأضلوا بني إسرائيل‪ .‬قال‪ :‬وكان أبي يقول‪ :‬السنن السنن فإن السنن قوام‬
‫الدين}‬
‫وروى ابن وهب عن ابن شهاب الزهري رحمه هللا تعالى قال‪{ :‬إن اليهود والنصارى إنما انسلخوا من العلم الذي كان‬
‫بأيديهم حين استقلوا الرأي وأخذوا فيه}‪.‬‬
‫ي‬ ‫ْت النَّبِ َّ‬ ‫{ح َّج َعلَ ْينَا َع ْب ُد هَّللا ِ بْنُ َع ْم ٍرو فَ َس ِم ْعتُهُ يَقُو ُل َس ِمع ُ‬ ‫وروى البخاري في صحيحه عن عروة رضي اللع عنه قال‪َ :‬‬
‫ْض ْال ُعلَ َما ِء بِ ِع ْل ِم ِه ْم‪،‬‬ ‫ع ْال ِع ْل َم بَ ْع َد أَ ْن أَ ْعطَاهُ ُموهُ ا ْنتِ َزاعًا‪َ ،‬ولَ ِك ْن يَ ْنت َِز ُعهُ ِم ْنهُ ْم َم َع قَب ِ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يَقُو ُل ِإ َّن هَّللا َ الَ يَ ْن ِز ُ‬
‫َ‬
‫صلى ُ َعلَ ْي ِه‬‫هَّللا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ت بِ ِه عَائِ َشةَ رضي هللا عنها زَ وْ َج النبِ ِّي َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫ضلونَ ‪ ،‬فَ َح َّدث ُ‬ ‫ُّ‬
‫ُضلونَ َويَ ِ‬ ‫فَيَ ْبقَى نَاسٌ ُجهَّا ٌل يُ ْستَ ْفتَوْ نَ فَيُ ْفتُونَ بِ َر ْأيِ ِه ْم فَي ِ‬
‫ت لِي ِم ْنهُ الَّ ِذي َح َّد ْثتَنِي َع ْنهُ‪ ،‬فَ ِج ْئتُهُ‬ ‫ت يَا ا ْبنَ أُ ْختِي ا ْنطَلِ ْق ِإلَى َع ْب ِد هَّللا ِ فَا ْست َْثبِ ْ‬ ‫َو َسلَّ َم‪ ،‬ثُ َّم إِ َّن َع ْب َد هَّللا ِ ْبنَ َع ْم ٍرو َح َّج بَ ْعدُ‪ ،‬فَقَالَ ْ‬
‫هَّللا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْت عَائِ َشةَ فَأخبَرْ تهَا‪ ،‬فَقَالت َو ِ لقَ ْد َحفِظ َع ْب ُد ِ بْنُ َع ْم ٍرو}‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فَ َسأ َ ْلتُهُ‪ ،‬فَ َح َّدثَنِي بِ ِه َكنَحْ ِو َما َح َّدثَنِي‪ ،‬فَأَتَي ُ‬
‫وفي فتح الباري عن مسروق عن ابن مسعود رضي هللا عنه قال‪{ :‬ال يأتي عليكم زمان إال وهو أشر مما كان قبله‪ ،‬أما‬
‫إني ال أعيّن أميرا خيرا من أمير‪ ،‬وال عاما خيرا من عام‪ ،‬ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون ثم ال تجدون منهم خلفا‪ ،‬ثم‬
‫يجيئ قوم يفتون في األمور برأيهم فيثلمون اإلسالم ويهدمونه}‪.‬‬
‫فصل‬
‫في بيان إثم من دعا إلى ضاللة أو سن سنة سيئة‬
‫ضلُّونَهُ ْم}‪.‬‬ ‫ار الَّ ِذينَ يُ ِ‬ ‫قال هللا سبحانه وتعالى‪{ :‬لِيَحْ ِملُوا أَوْ َزا َرهُ ْم َكا ِملَةً يَوْ َم ْالقِيَا َم ِة َو ِم ْن أَوْ زَ ِ‬
‫ى‬‫وأخرج أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هّللا صلى هّللا عليه وسلم‪َ { :‬م ْن دَعا إلى هُد ً‬
‫اإل ْث ِم ِم ْث ُل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫آثام َم ْن‬ ‫ضاللَ ٍة َكانَ َعلَ ْي ِه ِمنَ ِ‬ ‫ُور ِه ْم َشيئا‪َ .‬و َم ْن دَعا إلى َ‬ ‫ُور َم ْن تَبِ َعهُ ال يَ ْنقُصُ ذلك ِم ْن أج ِ‬ ‫كانَ لَهُ ِمنَ األجْ ِر ِم ْث ُل أج ِ‬
‫تَبِ َعهُ ال يَ ْنقُصُ ذلكَ ِم ْن آثا ِم ِه ْم َشيْئاً}‪.‬‬
‫وأخرج مسلم من رواية عبد الرحمن بن هالل عن جرير بن عبد هللا البجلي رضي هللا عنه في حديث طويل‪ ،‬قال فيه‪:‬‬
‫فَقَا َل َرسُو ُل هّللا ِ صلى هللا عليه وسلم‪َ { :‬م ْن َس ّن فِي ا ِإل ْسالَ ِم ُسنّةً َح َسنَةً‪ ،‬فَلَهُ أَجْ ُرهَا‪َ ،‬وأَجْ ُر َم ْن َع ِم َل بِهَا بَ ْع َدهُ ِم ْن َغي ِْر أَ ْن‬
‫ُور ِه ْم َش ْيئًا‪َ .‬و َم ْن َس ّن فِي ا ِإل ْسالَ ِم ُسنّةً َسيّئَةً‪َ ،‬كانَ َعلَ ْي ِه ِو ْز ُرهَا َو ِو ْز ُر َم ْن َع ِم َل بِهَا ِم ْن بَ ْع ِد ِه‪ِ .‬م ْن َغي ِْر أَ ْن يَ ْنقُ َ‬ ‫ُ‬ ‫يَ ْنقُ َ‬
‫ص‬ ‫ص ِم ْن أج ِ‬
‫ار ِه ْم َشيئًا}‪.‬‬‫ِم ْن أَوْ زَ ِ‬
‫قال مجاهد رحمه هللا تعالى في تفسير اآلية المذكورة‪ :‬حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم‪ ،‬وال يخفف ذلك عمن‬
‫أطاعهم [من العذاب] شيئا‪.‬‬
‫وروى الترمذي عن عمرو بن عوف رضي هللا عنه أَ ّن النب ّي صلى هللا عليه وسلم قا َل‪َ { :‬م ْن أَحْ يَا ُسنّةً ِم ْن ُسنّتِي قَ ْد‬
‫ك ِم ْن أَج ِ‬
‫ُور ِه ْم َشيْئاً‪َ ،‬و َم ْن ا ْبتَ َد َع بِ ْد َعةَ َ‬
‫ضالَلَ ٍة الَ‬ ‫ص َذلِ َ‬‫من َع ِم َل بِهَا ِم ْن َغي ِْر أَ ْن يُ ْنقِ َ‬
‫َت بَ ْع ِدي َكانَ لَهُ ِمنَ األَجْ ِر ِم ْث ُل ْ‬ ‫أُ ِميت ْ‬
‫اس َشيْئاً}‪.‬‬ ‫ترضى هللا َو َرسُولُهُ َكانَ َعلَ ْي ِه ِم ْث ُل آثَ ِام َم ْن َع ِم َل بِهَا الَ ي ْنقِصُ َذلِكَ ِم ْن أَوْ َزار النّ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ك بِ ُسنتِ ْي ِعن َد ف َساِد‬ ‫وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي هّللا عنه قال‪ :‬قال رسول هّللا صلى هّللا عليه وسلم‪{ :‬ال ُمتَ َم ِّس ُ‬
‫أُ َّمتِ ْي لَهُ أَجْ ُر ِمائَ ِة َش ِه ْي ٍد}‪.‬‬

‫فصل‬
‫في بيان افتراق أمة محمد صلى هللا عليه وسلم‬
‫على ثالث وسبعين فرقة‪ ،‬وبيان أصول الفرق الضالة وبيان الفرقة‬
‫الناجية وهم أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫ْ‬
‫روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪{ :‬افتَ َرقَ ِ‬
‫ت‬
‫ت أُ ّمتِي علَى ثَالَ ٍ‬
‫ث َو َسب ِْعينَ فِرْ قَةً‪،‬‬ ‫صا َرى َعلَى اثِ ْنتَ ْي ِن َو َس ْب ِعينَ فِرْ قَةً‪َ ،‬وتَفَ ّرقَ ِ‬ ‫ْاليَهُو ُد َعلَى إحْ دَى َو َس ْب ِعينَ فِرْ قَةً‪َ ،‬وتَفَ ّرقَ ِ‬
‫ت النّ َ‬
‫كلها في النار إال واحدة‪ ،‬قالوا‪ :‬ومن هم يا رسول هللا؟ قال‪ :‬هم الذي أنا عليه وأصحابي}‪.‬‬
‫قال الشهاب الخفاجي رحمه هللا تعالى في نسيم الرياض‪ :‬والفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة‪ .‬وفي حاشية الشنواني‬
‫على مختصر ابن أبي جمرة‪ :‬هم أبو الحسن األشعري وجماعته أهل السنة وأئمة العلماء‪ ،‬ألن هللا تعالى جعلهم حجة على‬
‫خلقه‪ ،‬وإليهم تفزع العامة في دينهم‪ ،‬وهم المعنيون بقوله صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬إن هللا ال يجمع أمتي على ضاللة}‪.‬‬
‫قال اإلمام أبو منصور بن طاهر التميمي في شرح هذا الحديث‪ :‬قد علم أصحاب هذه المقاالت أنه صلى هللا عليه وسلم‬
‫لم يرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحالل والحرام‪ ،‬وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في‬
‫أصول التوحيد‪ ،‬وفي تقدير الخير والشر‪ ،‬وفي شروط النبوة والرسالة‪ ،‬وفي مواالة الصحابة وما جرى مجرى هذه‬
‫األبواب‪ ،‬ألن المختلفين فيها قد كفر بعضهم بعضا بخالف النوع األول‪ ،‬فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير وال تفسيق للمخالف‬
‫فيه‪ ،‬فيرجع تأويل الحديث في افتراق األمة إلى هذا النوع من اإلختالف‪.‬‬
‫وقد حدث في آخر أيام الصحابة خالف القدرية من معبد الجهني وأتباعه‪ ،‬وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة كعبد هللا‬
‫بن عمر وجابر وأنس ونحوهم رضي هللا عنهم أجمعين‪ .‬ثم حدث الخالف بعد ذلك شيئا شيئا إلى أن تكاملت الفرق الضالة‬
‫اثنين وسبعين فرقة‪ ،‬والثالثة والسبعون هم أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهم الفرق الناجية‪ .‬فإن قيل‪ :‬هذه الفرق معروفة؟‬
‫فالجواب‪ :‬إنا نعرف اإلفتراق وأصول الفرق‪ ،‬وأن كل طائفة من الفرق انقسمت إلى فرق وإن لم نحط بأسماء تلك الفرق‬
‫ومذاهبها‪.‬‬
‫وأصول الفرق الحرورية‪ ،‬والقدرية‪ ،‬والجهمية‪ ،‬والمرجئة‪ ،‬والرافضة‪ ،‬والجبرية‪ .‬وقد قال بعض أهل العلم رحمهم هللا‬
‫تعالى‪ :‬أصول الفرق الضالة هذه الست‪ ،‬وقد انقسمت كل فرقة منها اثنتي عشرة فرقة فصارت إلى اثنتين وسبعين فرقة‪ .‬قال‬
‫ابن رسالن رحمه هللا تعالى‪ :‬قيل إن تفصيلها عشرون‪ ،‬منهم روافض‪ ،‬وعشرون منهم خوارج‪ ،‬وعشرون قدرية‪ ،‬وسبعة‬
‫مرجئة‪ ،‬وفرقة نجارية‪ ،‬وهم أكثر من عشر فرق ولكن يعدون واحدة‪ ،‬وفرقة حرورية‪ ،‬وفرقة جهمية‪ ،‬وثالث فرق كرامية‪،‬‬
‫فهذه اثنتان وسبعون فرقة‪.‬‬
‫فصل‬
‫في ذكر أمارات اقتراب الساعة‬
‫ان الصّابِ ُر‬ ‫اس زَ َم ٌ‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ى‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫أ‬‫َ‬ ‫ي‬‫{‬ ‫وسلم‪:‬‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫صلى‬ ‫قوله‬ ‫وهو‬ ‫الدين‪،‬‬ ‫على‬ ‫والمعاون‬ ‫المساعد‬ ‫وهي كثيرة‪ ،‬منها عدم‬
‫ض َعلَى ْال َج ْمر}‪ .‬رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫َعلَى ِدينِ ِه كالقَابِ ِ‬
‫ومنها‪{ :‬يكون في آخر الزمان عباد جهال وقراء فسقة}‪ .‬رواه أبو نعيم في الحلية والحاكم في المستدرك عن أنس‬
‫رضي هللا عنه أيضا‪.‬‬
‫ومنها {الَ تَقُو ُم السّاعةُ َحتّى يَتَبَاهَى النّاسُ في ال َم َسا ِجد}‪ .‬رواه اإلمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن أنس‬
‫رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {قطيعة الرحم‪ ،‬وتخوين األمين وائتمان الخائن} رواه الطبراني في األوسط عن أنس بن مالك رضي هللا عنه‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ومنها {انتفاخ األهلة‪ ،‬وأن يرى الهالل قبال [بفتحتين أي ساعة ما يطلع] فيقال‪ :‬لليلتين}‪ .‬رواه الطبراني عن ابن مسعود‬
‫رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {يذهب الصالحون األول فاألول‪ ،‬وتبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر}‪ .‬رواه اإلمام أحمد والبخاري‪.‬‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية‪ ،‬والورع تصنعا}‪ .‬رواه أبو نعيم في الحلية‪.‬‬
‫ومنها {أن يكون الولد غيظا والمطر قيظا وتفيض األيام فيضا}‪ .‬رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها‪ ،‬وكان زعيم القوم أرذلهم‪ ،‬وساد القبيلة فاسقهم}‪ .‬رواه الطبراني‬
‫عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه‪ ،‬والترمذي عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {أن تزخرف المحاريب‪ ،‬وأن تخرب القلوب} رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {فشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة‪ ،‬وقطع األرحام‪ ،‬وفشو القلم‪ ،‬وظهور الشهادات بالزور}‪.‬‬
‫رواه اإلمام أحمد والبخاري عن ابن مسعود رضي هللا عنه ‪ .‬وفشو التجارة كناية عن كثرة الكتبة وقبة العلماء‪ ،‬يعني يكتفون‬
‫بتعلم الخط ليخالطوا الحكام‪.‬‬
‫ومنها {أن يتخذ األمانة مغنماً‪ ،‬والصدقة مغرماً‪ ،‬ويتعلم العلم لغير دين}‪ .‬رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي هللا عنه‬
‫اج ِد} رواه الترمذي‬ ‫ات في الم َس ِ‬ ‫ت األَصْ َو ُ‬ ‫صد ْيقَهُ َو أَقصى أَبَاهُ‪ ،‬وارْ تَفَ َع ْ‬ ‫ق أُ َّمهُ‪َ ،‬وأ ْدنَى َ‬ ‫ومنها {إ َذا أطا َع الر ُج ُل ا ْم َراَتَهُ َو َع َّ‬
‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه أيضا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت الخ ُمور ُ‪َ ،‬ول َعنَ آ ِخ ُر هَ ِذ ِه األ ّم ِة أ ّولهَا} رواه الترمذي عن أبي هريرة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫از ‪َ ،‬وش ِربَ ِ‬ ‫فُ‬ ‫ظهَ َر ْ‬
‫ت القَ ْين ُ‬ ‫ومنها {إذاَ َ‬
‫َات َوال َم َع ِ‬
‫رضي هللا عنه أيضا‪.‬‬
‫ومنها {إن أيام الدجال سنين خداعة‪ ،‬يكذب فيها الصادق‪ ،‬ويصدق فيها الكاذب‪ ،‬ويخون فيها األمين‪ ،‬ويؤتمن فيها الخائن‪،‬‬
‫ويتكلم فيها الرويبضة‪ .‬قيل‪ :‬وما الرويبضة؟ قال‪ :‬الرجل التافه يتكلم في أمر العامة}‪ .‬رواه اإلما أحمد والبزار عن أنس بن‬
‫مالك رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى تروا أمورا عظاما لم تحدثوا بها أنفسكم‪ ،‬يتفاقم شأنها في أنفسكم‪ ،‬وتسألون هل كان نبيكم‬
‫ذكر لكم منها ذكرا‪ ،‬وحتى تروا الجبال تزول عن أماكنها} رواه اإلمام أحمد والطبراني عن سمرة بن جندب رضي هللا‬
‫عنه‪.‬‬
‫ومنها {إِ َذا ُو ِّس َد اأْل َ ْم ُر إِلَى َغي ِْر أَ ْهلِ ِه فَا ْنت َِظروْ السَّاعَة}‪ .‬رواه البخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ب ه َذا ْالقَب ِْر} رواه‬ ‫صاح ِ‬‫ت َم َكانَ َ‬ ‫ول‪ :‬يَالَ ْيتَنِي ُك ْن ُ‬ ‫ومنها {الَ ت َْذهَبُ ال ُّد ْنيَا َحتَّى يَ ُم َّر ال َّر ُج ُل َعلَى ْالقَب ِْر‪ ،‬فَيَتَ َم َّر َغ َعلَ ْي ِه َويَقُ َ‬
‫مسلم عن أبي هريرة أيضا‪.‬‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد البهائم في الطرق} رواه الطبراني عن ابن عمر رضي هللا عنهما‪.‬‬
‫ومنها {الَ تفنى هذه األمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من يقول‪ :‬لو واريناها‬
‫وراء هذا الحائط} رواه أبو يعلى عن أبي هريرة‪.‬‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهارا تنكح [أي تجامع] وسط الطريق‪ ،‬ال ينكر ذلك‪ ،‬فيكون أمثلهم يومئذ الذي‬
‫يقول‪ :‬لو نحيتها عن الطريق قليال‪ ،‬فذلك فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم} رواه الحاكم أبو عبد هللا عن أبي هريرة رضي هللا‬
‫عنه‪.‬‬
‫ومنها ما روى الطبراني عن أبي أمامة رضي هللا عنه {وحتى تمر المرأة على القوم‪ ،‬فيقوم أحدهم‪ ،‬فيرفع بذيلها كما‬
‫يرفع ذنب النعجة‪ ،‬فيقول بعضهم‪ :‬أال واريتها وراء الحائط‪ ،‬فهو يومئذ فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم}‪.‬‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى تناكر القلوب‪ ،‬وتختلف األقاويل‪ ،‬ويختلف اإلخوان من األب واألم في الدين} رواه الديلمي‬
‫عن حذيفة رضي هللا عنه‬
‫ومنها {ال تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد قناطر‪ ،‬فال يسجد هلل فيها ‪ ،‬وحتى يبعث الغالم الشيخ بريدا بين األفقين‪،‬‬
‫وحتى يبلغ التاجر بين األفقين فال يجد ربحا} رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي هللا عنه‪ .‬وهو كناية عن عدم الرغبة في‬
‫الصالة‪ ،‬وعدم توقير الصغير الكبي َر‪ ،‬وعدم البركة في التجارة لغلبة الكذب والغش على التجار‪.‬‬
‫ومنها {يأتي على الناس زمان همتهم بطونهم‪ ،‬وشرفهم متاعهم‪ ،‬وقبلتهم نساؤهم‪ ،‬ودينهم دراهمهم ودنانيرهم‪ ،‬أولئك‬
‫شر الخليق ال خالق لهم عند هللا}‪.‬‬
‫ومنها {ال تذهب األيام والليالي حتى يخلق القرآن في صدور أقوام من هذه األمة كما يخلق الثياب‪ ،‬ويكون ما سواه‬
‫أعجب لهم‪ ،‬ويكون أمرهم طمعا كله‪ ،‬ال يخالطه خوف‪ ،‬إن قصر في حق هللا تعالى منته نفسه األماني‪ ،‬وإن تجاوز إلى ما‬
‫نهى هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬أرجو أن يتجاوز هللا عني}‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ص َدقة‪َ .‬ويَ ْبقى ط َوائِف‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‪َ .‬وال َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫صيَا ٌم َوال صالة َوال ن ُس ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب‪َ .‬حتى اليُد َري َما ِ‬ ‫َّ‬ ‫ومنها {يَ ْدرُسُ ا ِإل ْسالَ ُم َك َما يَ ْدرُسُ َو ْش ُي الثَّوْ َ‬
‫اس‪ ،‬ال َّش ْي ُخ ْال َكبِي ُر َو ْال َعجُو ُز الكبيرة‪َ .‬و يَقُولُونَ ‪ :‬أ ْد َر ْكنَا آبَا َءنَا َعلَى ه ِذ ِه ال َكلِ َم ِة‪ :‬الَ إِلهَ إِالَّ هللاُ‪ .‬فَنَحْ نُ نَقُولُهَا} رواه ابن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِمنَ النَّ ِ‬
‫ماجه عن حذيفة بن اليمان رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ض الَ إِلهَ إال هللا}‬ ‫ِ‬ ‫رْ‬ ‫َ‬ ‫األ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ومنها {الَ تَقُوْ ُم ال َسا َعةُ َحتَّى الَ يُقَا َل فِ‬
‫ومنها {الَ تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل‪ ،‬ويخون األمين‪ ،‬ويؤتمن الخائن‪ ،‬وتهلك الوعول‪ ،‬ويظهر التحوت‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وما التحوت؟ وما الوعول؟ قال‪ :‬الوعول‪ :‬وجوه الناس وأشرافهم‪ ،‬والتحوت‪ :‬الذين‬
‫كانوا تحت أقدام الناس}‪ .‬رواه الطبراني عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {الَ تقوم الساعة حتى تخرج سبعون كذابا‪ ،‬قلت‪ :‬وما آيتهم؟ قال‪ :‬يأتونكم بسنة لم تكونوا عليها‪ ،‬يغيرون بها‬
‫سنتكم‪ ،‬فإذا رأيتموهم فاجتنبوهم}‪ .‬رواه البخاري عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنها‪.‬‬
‫ومنها {إذا ظهر القول‪ ،‬وخزن العمل‪ ،‬وائتلفت األلسن‪ ،‬واختلفت القلوب‪ ،‬وقطع كل ذي رحم رحمه‪ ،‬فعند< ذلك “لعنهم‬
‫هللا فأصمهم وأعمى أبصارهم” }‪ .‬رواه اإلمام أحمد وعبد بن حميد عن سلمان الفارسي رضي هللا عنه‪.‬‬
‫ومنها {إذا الناس أظهروا العلم‪ ،‬وضيعوا العمل‪ ،‬وتحابوا باأللسن‪ ،‬وتباغضوا بالقلوب‪ ،‬وتقاطعوا في األرحام‪ ،‬لعنهم هللا‬
‫عند ذلك “فأصمهم وأعمى أبصارهم”}‪ .‬رواه ابن أبي الدنيا عن الحسن رضي هللا عنه‬
‫قال البيهقي وغيرهم رحمهم هللا تعالى‪ :‬األمارات منها صغار‪ ،‬وقد مضى أكثرها‪ .‬ومنها كبار ستأتي‪.‬‬
‫ولنختم األحاديث المذكورات بما رواه مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي هللا عنه قال‪{ :‬اطّلَ َع النّبِ ّي‬
‫صلى هللا عليه وسلم َعلَ ْينَا َونَحْ نُ نَتَ َذا َكرُ‪ .‬فَقَا َل‪َ “ :‬ما تَ َذا َكرُونَ ؟”‪ ،‬قَالُوا‪ :‬ن َْذ ُك ُر السّا َعةَ‪ .‬قَا َل‪“ :‬إِنّهَا لَ ْن تَقُو َم َحتّ َى ت ََروْ نَ قَ ْبلَهَا‬
‫س ِم ْن َم ْغ ِربِهَا‪َ ،‬ونُ ُزو َل ِعي َس َى اب ِْن َمرْ يَ َم صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬ ‫ت”‪ .‬فَ َذ َك َر ال ّد َخانَ ‪َ ،‬وال ّدجّا َل‪َ ،‬وال ّدابّةَ‪َ ،‬وطُلُو َع ال ّش ْم ِ‬ ‫َع ْش َر آيَا ٍ‬
‫ْ‬
‫ب‪َ .‬وآ ِخ ُر ذلِكَ نَا ٌر تَخ ُر ُج ِمنَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْف بِ َج ِزي َر ِة ال َع َر ِ‬ ‫ب‪َ ،‬وخَ س ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْف بِال َمغ ِر ِ‬ ‫ق‪َ ،‬و َخس ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْف بِال َمش ِر ِ‬ ‫ُوف‪َ :‬خس ٌ‬ ‫َويَأْجُو َج َو َمأجُو َج‪َ ،‬وثالَثةَ خس ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اس إِلَ َى َمحْ َش ِر ِه ْم}‪.‬‬ ‫َط ُر ُد النّ َ‬‫ْاليَ َم ِن‪ ،‬ت ْ‬
‫أما الدخان فقد ذكر العالمة الخازن في تفسيره فقال‪ :‬قال حذيفة رضي هللا عنه يا رسول هللا ما الدخان؟ فتال هذه اآلية‪:‬‬
‫ين}‪ ،‬يمأل ما بين المشرق والمغرب‪ ،‬يمكث أربعين يوما وليلة‪ .‬أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة‬ ‫{ يَوْ َم تَأْتِي ال َّس َما ُء بِ ُد َخا ٍن ُمبِ ٍ‬
‫الزكام‪ ،‬وأما الكافر فهو كالسكران‪ ،‬يخرج من منخريه وأذنيه ودبره‪.‬‬
‫ق أَ ْكبَ ُر ِمنَ‬ ‫خَل ٌ‬ ‫ق آ َد َم إِلَ َى قِيَ ِام السّا َع ِة ْ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫خَ‬ ‫نَ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫{‬ ‫قال‪:‬‬ ‫وأما الدجال ففي صحيح مسلم عن هشام بن عروة رضي هللا عنه‬
‫ال ّد ّج ال}‪ ،‬أكبر فتنة‪ .‬وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي هللا عنهما‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم ذكر الدجال‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫{أَنَّهُ أَ ْع َو ُر ْال َع ْي ِن ْاليُ ْمن ََى‪َ ،‬كأ َ ّن َع ْينَهُ ِعنَبَةٌ طَافِيَة}‪ .‬وفيهما عن أنس رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ْس بِأ َ ْع َو َر‪َ .‬م ْكتُوبٌ بَ ْينَ َع ْينِ ْي ِه كافر}‪.‬‬ ‫اب‪ .‬أَالَ ِإنّهُ أَ ْع َورُ‪َ ،‬وإِ ّن َربّ ُك ْم لَي َ‬ ‫{ َما ِم ْن نَبِ ّي إِالّ َوقَ ْد أَ ْن َذ َر أُ ّمتَهُ األَ ْع َو َر ْال َك ّذ َ‬
‫وروى البغوي رحمه هللا تعالى بسنده عن أسماء بنت يزيد األنصارية رضي هللا عنها‪{ :‬أن من أكبر فتنته أنه يأتى‬
‫األعرابي فيقول‪ :‬أريت إن أحييت إبلك‪ ،‬ألست تعلم أني ربك؟‪ ،‬فيقول‪ :‬بلى‪ ،‬فيتمثل له الشيطان نحو إبله كأحسن ما تكون‬
‫ضروعا وأعظمه أسنمة‪ .‬ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول‪ :‬أرأيت إن أحييت أخاك وأباك‪ ،‬ألست تعلم أني ربك؟‬
‫فيقول‪ :‬بلى‪ ،‬فيتمثل له الشيطان نحو أخيه و أبيه}‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صلى ُ َعل ْي ِه َو َسل َم عَن ال َّدجَّا ِل َما َسألتهُ‪َ ،‬وإِنهُ قا َل‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫هَّللا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وعن المغيرة بن شعبة رضي هللا عنه قال‪َ { :‬ما َسأ َل أ َح ٌد َرسُوْ َل هللاِ َ‬
‫ت إنَّهُ ْم يَقُولُونَ ‪ :‬إِ َّن َم َعهُ َجبَ َل ُخب ٍْز َونَهَ َر َما ٍء‪ .‬قَا َل هُ َو أَ ْه َونُ َعلَى هَّللا ِ ِم ْن َذلِك}‪ .‬وروى الترمذي عن أبي‬ ‫لِي‪َ :‬ما يَضُرُّ كَ ؟ قُ ْل ُ‬
‫ق‪ ،‬يُقَا ُل لهَا ُخرا َسانَ ‪،‬‬ ‫ض ال َم ْش ِر ِ‬ ‫بكر الصديق رضي هللا عنه قال‪ :‬حدثنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬ال ّدجّا ُل يخ ُر ُج بِأَرْ ٍ‬
‫ط َرقُةَ<َُ}‪ .‬وعن أنس رضي هللا عنه قال‪ :‬قا َل َرسُو َل هّللا ِ صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬يَ ْتبَ ُع‬ ‫ان ال ُم ْ‬ ‫ي ْتبَ ُعهُ أَ ْق َوا ٌم كأ َ ّن ُوجُوهَهُ ْم ال َم َج ّ‬
‫ال ّدجّا َل‪ِ ،‬م ْن يَهُو ِد أَصْ بَهَانَ ‪َ ،‬س ْبعُونَ أَلفاً‪َ ،‬علَ ْي ِه ُم الطّيَالِ َسةُ}‪.‬‬
‫قال اإلمام النووي رحمه هللا تعالى‪ :‬قال القاضي عياض‪ :‬هذه األحاديث التي وردت في قصة الدجال حجة لمذهب أهل‬
‫الحق في صحة وجوده‪ ،‬وأنه شخص بعينه< ابتلى هللا به عباده فأقدره على أشياء من المقدورات من إحياء الميت الذي يقتله‪،‬‬
‫ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه‪ ،‬وجنته وناره‪ ،‬واتباع كنوز األرض له‪ ،‬وأمره السماء أن تمطر فتمطر‪ ،‬واألرض‬
‫أن تنبت فتنبت‪ ،‬فيقع كل ذلك بقدرة هللا تعالى ومشيئته‪ ،‬ثم يعجزه هللا تعالى بعد ذلك‪ ،‬فال يقدر على قتل ذلك الرجل وال‬
‫غيره‪ ،‬ويبطل أمره‪ ،‬ويقتله عيسى بن مريم عليه السالم‪ ،‬ويثبت هللا الذين آمنوا بالقول الثابت‪ ،‬هذا مذهب أهل السنة وجميع‬
‫المحدثين< والفقهاء‪ ،‬خالفا ً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة‪.‬‬
‫وأما الدابة فقد ذكر العالمة الخازن في تفسيره بإسناد الثعلبي عن حذيفة بن اليمان رضي هللا عنه‪ ،‬ذكر رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم الدابة‪ ،‬قلت يا رسول هللا‪ ،‬من أين تخرج؟ {قال‪ :‬من أعظم المساجد حرمة على هللا‪ ،‬فبينما عيسى يطوف‬
‫بالبيت ومعه المسلمون‪ ،‬إذ تضطرب األرض‪ ،‬وينشق الصفا مما يلي المسعى‪ ،‬وتخرج الدابة من الصفا‪ ،‬أول ما يخرج منها‬
‫رأسها ملمعة ذات وبر وريش‪ ،‬لم يدركها طالب‪ ،‬ولن يفوتها هارب‪ ،‬تسم الناس مؤمنا وكافرا‪ ،‬أما المؤمن فتترك وجهه كأنه‬
‫كوكب دري‪ ،‬وتكتب بين عينيه مؤمن‪ ،‬وأما الكفار فتنكت بين عينيه نكتة سوداء‪ ،‬وتكتب بين عينيه كافر}‪ .‬وعن عبد هللا بن‬
‫عمر رضي هللا عنه قال‪{ :‬تخرج الدابة من شعب جياد‪ ،‬فيمس رأسها السحاب‪ ،‬ورجالها في األرض}‪.‬‬
‫ال لي النبي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫قال‪:‬‬ ‫عنه‬ ‫وأما طلوع الشمس من مغربها ففي كتاب بدء الخلق من صحيح البخاري عن أبي ذر رضي هللا‬
‫ت‪ :‬هَّللا ُ َو َرسُولُهُ أَ ْعلَ ُم‪ ،‬قَا َل‪ :‬فَإِنَّهَا ت َْذهَبُ َحتى تِ ْس ُج َد تَحْ تَ‬
‫َّ‬ ‫ت ال َّش ْمسُ ‪{ :‬تَ ْد ِري أَ ْينَ ت َْذهَبُ ؟ قُ ْل ُ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ِح ْينَ َغ َربَ ْ‬‫َ‬
‫َطلُ ُع ِم ْن‬ ‫ت‪ ،‬فَت ْ‬ ‫ْث ِج ْئ ِ‬ ‫ْ‬
‫ك أَ ْن تَ ْس ُج َد فَالَ يُ ْقبَ َل منها‪َ ،‬وتَ ْستَأ ِذنُ فَالَ ي ُْؤ َذنُ لَهَا‪ ،‬ارْ ِج ِعي ِم ْن َحي ُ‬ ‫ش‪ ،‬فتَ ْستَأْ ِذنُ فَي ُْؤ َذنُ لَهَا‪َ ،‬ويُوْ ِش ُ‬ ‫رْ‬
‫ال َ ِ‬ ‫ع‬
‫يز ال َعلِ ِيم}‪ .‬قال في فتح الباري‪ :‬يحتمل أن يكون‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ك تَق ِدي ُر ال َع ِز ِ‬‫ْ‬ ‫َم ْغ ِربِهَا‪ .‬فذلك قوله تعالى‪َ { :‬والش ْمسُ تَجْ ِري لِ ُم ْستَقرٍّ لهَا ذلِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من المالئكة‪ ،‬أو تسجد بصورة الحال‪ ،‬فيكون عبارة عن الزيادة في االنقياد‬
‫والخضوع في ذلك الحين‪ .‬وقال النووي رحمه هللا تعالى‪ :‬وأما سجود الشمس فهو تمييز وإدراك يخلقه هللا تعالى فيها‪ .‬وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬
‫وأما نزول عيسى عليه السالم وخروج يأجوج ومأجوج ففي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان رضي هللا عنه قال‪:‬‬
‫ض فِي ِه َو َرفّ َع َحتّ َى ظَنَنّاهُ فِي طَائِفَ ِة النّ ْخ ِل‪ .‬فَلَ ّما رُحْ نَا إِلَ ْي ِه ع ََرفَ‬ ‫{ َذ َك َر َرسُو ُل هّللا ِ صلى هللا عليه وسلم ال ّدجّا َل َذاتَ َغدَا ٍة‪ ،‬فَ َخفّ َ‬
‫طائِفَ ِة النّ ْخ ِل‪ ،‬فَقَا َل‪:‬‬ ‫ك فِينَا‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬ما َشأْنُ ُك ْم؟‪ ،‬قُ ْلنَا‪ :‬يَا َرسُو َل هّللا ِ َذكَرْ تَ ال ّدجّا َل غَدا ٍة‪ ،‬فَ َخفّضْ تَ فِي ِه َو َرفّعْتَ َحتّ َى ظَنَنّاهُ فِي َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫ْت فِي ُك ْم‪ ،‬فَا ْم ُر ٌؤ َح ِجي ُج نَ ْف ِسه ِ‪َ ،‬وهّللا ُ‬ ‫َغ ْي ُر ال ّدجّا ِل أَ ْخ َوفُنِي َعلَ ْي ُك ْم‪ ،‬إِ ْن يَ ْخرُجْ ‪َ ،‬وأَنَا فِي ُك ْم‪ ،‬فَأَنَا َح ِجي ُجهُ دُونَ ُك ْم‪َ ،‬وإِ ّن يَ ْخرُجْ ‪َ ،‬ولَس ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ى ب ِْن قَطَ ٍن‪ ،‬فَ َم ْن أ ْد َر َكهُ ِمنك ْم فَليَق َرأ َعل ْي ِه‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خَ لِيفَتِي َعلَ َى ُك ّل ُم ْسلِ ٍم‪ .‬إِنّهُ شَابّ قَطَطٌ‪َ ،‬ع ْينُهُ عنبة طَافِئَةٌ‪َ ،‬كأَنّي أُ َشبّهُهُ بِ َع ْب ِد ْال ُع ّز َ‬
‫َاث ِش َماالً‪ .‬يَا ِعبَا َد هّللا ِ فَ ْاثبُتُوا‪ ،‬قُ ْلنَا‪ :‬يَا َرسُو َل هّللا ِ َو َما‬ ‫اث يَ ِمينا ً َوع َ‬ ‫اق‪ ،‬فَ َع َ‬ ‫َار ٌج خَ لّةً بَ ْينَ ال ّش ِام َو ْال ِع َر ِ‬ ‫ْف‪ ،‬إِنّهُ خ ِ‬ ‫ُور ِة ْال َكه ِ‬ ‫فَ َواتِ َح س َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫هّللا‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ال‪ :‬أرْ بَعُونَ يَوْ ما‪ .‬يَوْ ٌم َك َسنَ ٍة‪َ ،‬ويَوْ ٌم َك َشه ٍْر‪َ ،‬ويَوْ ٌم َك ُج ُم َع ٍة‪َ .‬و َسائِ ُر أيّا ِم ِه َكأيّا ِمك ْم‪ ،‬قلنَا‪ :‬يَا َرسُو َل ِ فذلِكَ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ض؟ ق َ‬ ‫َ‬ ‫لَ ْبثُهُ فِي األَرْ ِ‬
‫ال‪َ :‬كال َغ ْي ِ‬
‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ض؟ ق َ َ‬ ‫َ‬
‫صالَةُ يَوْ ٍم؟ قَا َل‪ :‬الَ‪ ،‬ا ْق ُدرُوا لَهُ قَ ْد َرهُ‪ ،‬قُلنَا‪ :‬يَا َرسُو َل ِ َو َما ِإ ْس َرا ُعهُ فِي األرْ ِ‬ ‫هّللا‬ ‫ْ‬ ‫ْاليَوْ ُم الّ ِذي َك َسنَ ٍة‪ ،‬أتَ ْكفِينَا فِي ِه َ‬ ‫َ‬
‫ت‪ ،‬فَتَرُو ُح‬ ‫ض فَتُ ْنبِ ُ‬ ‫ا ْستَ ْدبَ َر ْتهُ الرّيحُ‪ ،‬فَيَأْتِي َعلَ َى ْالقَوْ ِم فَيَ ْدعُوهُ ْم‪ ،‬فَي ُْؤ ِمنُونَ بِ ِه َويَ ْستَ ِجيبُونَ لَهُ‪ ،‬فَيَأْ ُم ُر ال ّس َما َء فَتُ ْم ِطرُ‪َ ،‬واألَرْ َ‬
‫اص َر‪ ،‬ثُ ّم يَأْتِي ْالقَوْ َم‪ ،‬فَيَ ْدعُوهُ ْم فَيَ ُر ّدونَ َعلَ ْي ِه قَوْ لَهُ‪،‬‬ ‫ضرُوعاً‪َ ،‬وأَ َم ّدهُ خَ َو ِ‬ ‫َت ُذراً‪َ ،‬وأَ ْسبَ َغهُ ُ‬ ‫ط َو َل َما َكان ْ‬ ‫ار َحتُهُ ْم‪ ،‬أَ ْ‬ ‫َعلَ ْي ِه ْم َس ِ‬
‫ك‪ .‬فَتَ ْتبَ ُعهُ‬ ‫ِ‬ ‫وزَ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫خَر‬
‫َ ِ ِ ِْ ْ ٌ ِ ْ َ ِ ِْ ََُ ِ َِِ َ‬ ‫ال‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ْس‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ح‬
‫ِ ُونَ ُ ْ ِ ِينَ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ُصْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ص ِرفُ َ ْ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫فَيَ ْن َ‬
‫ْ‬
‫ض‪ ،‬ث ّم يَ ْدعُوهُ فَيُقبِ ُل‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ْف فَيَقطَ ُعهُ َج ِزلَتَي ِْن َر ْميَةَ ال َغ َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ب النّحْ ِل‪ ،‬ث ّم يَ ْدعُو َر ُجالً ُم ْمتَلِئا َشبَابا‪ ،‬فَيَضْ ِربُهُ بِال ّسي ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُكنُو ُزهَا َكيَ َعا ِسي ِ‬
‫ْضا ِء شَرْ قِ ّي ِد َم ْشقَ‪.‬‬ ‫َ َِ َ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ز‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫السالم‪،‬‬ ‫عليه‬ ‫م‬
‫َ ََ‬ ‫ي‬ ‫رْ‬ ‫م‬ ‫نَ‬ ‫ْ‬
‫ب‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ُ َ ِ َ‬‫ي‬‫س‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫هّللا‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ب‬
‫َ َ َ ِ ِ ََ‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫إ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫َويَتَهَلّ ُل َوجْ هُهُ ويَ َ‬
‫ضْ‬
‫ان َكالل ْؤل ِؤ‪ ،‬فَالَ يَ ِح ّل لِ َكافِ ٍر‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ضعا َكف ْي ِه َعل َى أجْ نِ َح ِة َمل َك ْينِن‪ ،‬إِذا طأطأ َرأ َسهُ قَط َر‪َ ،‬وإِذا َرفَ َعهُ ت ََح ّد َر ِمنهُ ُج َم ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بَ ْينَ َم ْهرُو َدتَ ْي ِن‪َ .‬وا ِ‬
‫ب لُدَ‪ ،‬فَيَ ْقتُلُهُ‪ ،‬ثُ ّم يَأْتِي ِعي َسى ا ْبنَ َمرْ يَ َم إلى‬ ‫ا‬
‫َ َ ِ َِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ط‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُ‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫رْ‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫ْث‬ ‫ي‬ ‫ح‬
‫َ ِ َ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ن‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫س‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫اتَ‬ ‫يَ ِج ُد ِري َح نَفَ ِس ِه إِالّ َم‬
‫ك إِذ أوْ َح َى ُ إِل َى ِعي َس َى عليه‬ ‫َ‬ ‫هّللا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ص َمهُ ُم هّللا ُ ِمنهُ‪ ،‬فيَ ْم َس ُح ع َْن ُوجُو ِه ِه ْم َويُ َح ّدثهُ ْم بِ َد َر َجاتِ ِه ْم فِي ال َجن ِة‪ ،‬فبَ ْينَ َما هُ َو َكذلِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قَوْ ٍم قَ ْد َع َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ُوج ِم ْن ُك ّل َح َد ٍ‬
‫ب‬ ‫ث هّللا ُ يَأجُو َج َو َمأج َ‬ ‫ور‪َ .‬ويَ ْب َع ُ‬ ‫ت ِعبَاداً لِي‪ ،‬الَ يَدَا ِن ألَ َح ٍد بِقِتالِ ِه ْم‪ ،‬فَ َحر ّْز ِعبَا ِدي ِإلَ َى الطّ ِ‬ ‫السالم‪ :‬إِنّي قَ ْد أَ ْخ َرجْ ُ‬
‫هّللا‬
‫ص ُر نَبِ ّي ِ‬ ‫يَ ْن ِسلُونَ ‪ .‬فَيَ ُم ّر أَ َوائِلُهُ ْم َعل َى بُ َح ْي َر ِة طبَ ِريّة‪ ،‬فيَش َربُونَ َما فِيهَا‪َ ،‬ويَ ُم ّر آ ِخ ُره ْم فيَقولونَ ‪ :‬لقد كانَ بِهَا َم ّرة َما ٌء‪َ ،‬ويُحْ َ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َار ألَ َح ِد ُك ُم ْاليَوْ َم‪ ،‬فَيَرْ غَبُ نَبِ ّي هّللا ِ ِعي َس َى‬ ‫ْ‬
‫ِعي َس َى عليه السالم َوأَصْ َحابُهُ َحتّ َى يَ ُكونَ َرأسُ الثّوْ ِر ألَ َح ِد ِه ْم خَ يْراً ِم ْن ِمائَ ٍة ِدين ٍ‬
‫اح َد ٍة‪ ،‬ثُ ّم يَ ْهبِطُ نَبِ ّي هّللا ِ ِعي َس َى عليه السالم‬ ‫س َو ِ‬ ‫ت نَ ْف ٍ‬ ‫َوأَصْ َحابُهُ فَيُرْ ِس ُل هّللا ُ َعلَ ْي ِه ُم النّ َغفَ فِي ِرقَابِ ِه ْم‪ ،‬فَيُصْ بِحُونَ فَرْ َس َى َك َموْ ِ‬
‫ض َع ِشب ٍْر إِالّ َمألَهُ زَ هَ ُمهُ ْم َونَ ْتنُهُ ْم‪ ،‬فَيَرْ غَبُ نَبِ ّي ِ ِعي َس َى عليه السالم‬
‫هّللا‬ ‫ض َموْ ِ‬ ‫ض‪ ،‬فَالَ يَ ِج ُدونَ فِي األَرْ ِ‬ ‫َوأَصْ َحابُهُ إِلَى األَرْ ِ‬
‫ْت‬ ‫ْث َشا َء هّللا ُ‪ ،‬ثُ ّم يُرْ ِس ُل هّللا ُ َمطَراً الَ يَ ُك ّن ِم ْنهُ بَي ُ‬ ‫َط َر ُحهُ ْم َحي ُ‬ ‫ت‪ ،‬فَتَحْ ِملُهُ ْم فَت ْ‬ ‫َاق ْالب ُْخ ِ‬ ‫َوأَصْ َحابُهُ إِلَ َى هّللا ِ‪ ،‬فَيُرْ ِس ُل هّللا ُ طَيْراً َكأ َ ْعن ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َر َوالَ َوبَ ٍر‪ ،‬فَيَ ْغ ِس ُل األَرْ َ‬
‫صابَة ِمنَ‬ ‫ُ‬
‫ك‪َ ،‬و ُر ّدي بَ َر َكت َِك‪ ،‬فَيَوْ َمئِ ٍ<ذ تَأك ُل ال ِع َ‬ ‫ض‪ :‬أنبِتِي ثَ َم َرتَ ِ‬ ‫ض َحتّ َى يَ ْت ُر َكهَا َكالزلَفَ ِة‪ ،‬ث ّم يُقَا ُل لِألرْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫َمد ٍ‬
‫اس‪َ ،‬واللّ ْق َحةَ ِمنَ ْالبَقَ ِر لَتَ ْكفِي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫نَ‬ ‫م‬
‫ِ َ ِ‬ ‫م‬ ‫َا‬ ‫ئ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ك‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫إل‬ ‫ا‬ ‫نَ‬ ‫م‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ح‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ّ‬ ‫الل‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ْ‬
‫س‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫ِِ ِ َ َ َ َ ِ‬ ‫ار‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫حْ‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ونَ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ظ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫س‬ ‫ْ‬
‫ال ّر ّ ِ َ َ ِ‬
‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ن‬‫ا‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫هّللا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫اط ِه ْم‪،‬‬ ‫ث ُ ِريحا طيّبَة‪ ،‬فَتَأخذهُ ْم تَحْ تَ آبَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ك إِذ بَ َع َ‬ ‫َ‬
‫اس‪ ،‬فَبَ ْينَ َما هُ ْم َكذلِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اس َواللق َحةَ ِمنَ ال َغن َِم لتَكفِي الفَ ِخذ ِمنَ الن ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْالقَبِيلَةَ ِمنَ النّ ِ‬
‫ُج ْال ُح ُم ِر‪ ،‬فَ َعلَ ْي ِه ْم تَقُو ُم السّا َعةُ}‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬يَتَهَا َرجُونَ فِيهَا تَهَار َ‬ ‫فَتَ ْقبِضُ رُو َح ُك ّل ُم ْؤ ِم ٍن َو ُك ّل ُم ْسلِ ٍم‪َ ،‬ويَ ْبقَ َى ِش َرا ُر النّ ِ‬
‫وأما النار الخارجة من اليمن فهي الحاشرة للناس كما صرح به في الحديث‪ .‬قال العلماء‪ :‬وأنواع الحشر أربعة‪ ،‬اثنان‬
‫في الدنيا‪ ،‬أحدهما إجالؤه عليه الصالة والسالم اليهود من المدينة إلى الشام‪ ،‬وثانيهما سوق النار قرب الساعة إلى المحشر‬
‫الناس وغيرهم من كل حي قبل النفخة األولى‪ ،‬وهؤالء الناس أحياء الكفار‪ .‬وأما المؤمن فيموتون قبل ذلك بريح لينة‪ .‬واثنان‬
‫في اآلخرة‪ ،‬أحدهما جمعهم إلى الموقف بعد إحيائهم‪ ،‬والثاني صرفهم من الموقف إلى الجنة أو النار‪.‬‬

‫فصل‬
‫في ذكر حديث الموتى في السماع والكالم‪ ،‬ومعرفته بمن يغسله ومن يحمله ومن يكفنه ومن يدليه في قبره‪ ،‬واإلدراك‬
‫والحياة وعود الروح إلى الجسد‪.‬‬
‫ال‪:‬‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫هللا‬ ‫صلى‬ ‫النبي‬ ‫عن‬ ‫عنه‬ ‫هللا‬ ‫رضي‬ ‫أنس‬ ‫عن‬ ‫صحيحه‬ ‫في‬ ‫البخاري‬ ‫رروى‬ ‫أما السماع والكالم فقد‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ان فأق َعدَاهُ فيَقوالَ ِن لهُ‪َ :‬ما كنتَ تَقو ُل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫َب َعنهُ أصْ َحابُهُ َحتى إنهُ يَ ْس َم ُع قرْ َع نِ َعالِ ِه ْم أتَاهُ َمل َك ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ض َع فِي قَب ِْر ِه َوت ُول َي َوذه َ‬ ‫ْ‬
‫{ال َع ْب ُد إِ َذا ُو ِ‬
‫ك هَّللا ُ بِ ِه َم ْق َعدًا ِم ْن ْال َجنَّ ِة‪ .‬قَ َ‬
‫ال‬ ‫ار أَ ْب َدلَ َ‬
‫فِي هَ َذا ال َّر ُج ِل ُم َح َّم ٍد؟‪ ،‬فَيَقُولُ‪ :‬أَ ْشهَ ُد أَنَّهُ َع ْب ُد هَّللا ِ َو َرسُولُهُ‪ ،‬فَيُقَا ُل ا ْنظُرْ إِلَى َم ْق َع ِدكَ ِم ْن النَّ ِ‬
‫ت أَقُو ُل َما يَقو ُل الناسُ ‪ ،‬فيُقا ُل ال َد َريْتَ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ق فَيَقُو ُل الَ أَ ْد ِري ُك ْن ُ‬ ‫صلَّى هَّللا ُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‪ :‬فَرآهُ َما َج ِميعًا‪َ .‬وأَ َّما ْال َكافِ ُر أَوْ ْال ُمنَافِ ُ‬‫النَّبِ ُّي َ‬
‫َّ‬
‫صي َْحةً يَ ْس َم ُعهَا َم ْن يَلِي ِه ِإالَّ الثقَلَي ِْن}‪.‬‬ ‫صي ُح َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َوالَ تَلَيْتَ ‪ ،‬ثُ َّم يُضْ َربُ بِ ِمط َرقَ ٍة ِم ْن َح ِدي ٍ<د بَ ْينَ أ ُذنَ ْي ِه‪ <،‬فَيَ ِ‬
‫ت ْال َجنَازَ ةُ‬ ‫ض َع ْ‬ ‫َ‬
‫وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪{ :‬إِذا ُو ِ‬
‫ت‪ :‬يَا َو ْيلَهَا أَ ْينَ ت َْذهَبُونَ بِهَا‪،‬‬ ‫صالِ َح ٍة قَالَ ْ‬ ‫َت َغ ْي َر َ‬ ‫ت‪ :‬قَ ِّد ُمونِي‪َ ،‬وإِ ْن َكان ْ‬ ‫صالِ َحةً قَالَ ْ‬ ‫َت َ‬‫َواحْ تَ َملَهَا الرِّ َجا ُل َعلَى أَ ْعنَاقِ ِه ْم‪ ،‬فَإ ِ ْن َكان ْ‬
‫ص ِعقَ}‪ .‬وروى البخاري أيضا عن الليث بن سعد‪ ،‬فذكر بمثله‪ ،‬وقال‪{ :‬قَالَ ْ‬
‫ت‬ ‫صوْ تَهَا ُكلُّ َش ْي ٍء إِالَّ اإْل ِ ْن َسانَ ‪َ ،‬ولَوْ َس ِم َعهُ َ‬ ‫يَ ْس َم ُع َ‬
‫ص ِعقَ}‪.‬‬ ‫ْ‬
‫أل ْهلِهَا‪ :‬يَا َو ْيلَهَا‪ ،‬وقال‪َ :‬ولَوْ َس ِم َع اإلن َسانُ لَ َ‬
‫وروى الطبراني في األوسط عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪{ :‬إن الميت‬
‫ْرفُ من يغسله ويحمله و يكفنه ومن يدليه في حفرته}‪ ،‬وكان سعيد بن جبير رضي هللا عنه يقول‪{ :‬إن األموات لتأتيهم‬ ‫يَع ِ‬
‫أخبار األحياء؟‪ ،‬فما من أحد له حميم} أي قريب {إال ويأتيه خبر أقاربه‪ ،‬فإن كان خيرا سر به وفرح‪ ،‬وإن كان شرا عبس‬
‫له وحزن}‪ .‬وكان ابن منبه رحمه هللا تعالى يقول‪{ :‬إن هللا تعالى بنى دارا في السماء السابعة‪ ،‬يقال لها البيضاء‪ ،‬تجمع فيها‬
‫أرواح المؤمنين‪ <،‬فإذا مات الميت من أهل الدنيا تلقته األرواح فيسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله إذا قدم من‬
‫سفر عليهم} رواه أبو نعيم في الحلية‪.‬‬
‫وأما اإلدراك والحياة وعود الروح إلى الجسد فقد ورد عن البراء بن عازب رضي هللا عنه حديث طويل جامع ألحكام‬
‫الموتى‪ ،‬وفيه التصريح بعود الروح إلى الجسد‪ .‬قال البراء‪َ { :‬خ َرجْ نَا مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في جنازة رجل من‬
‫األنصار‪ ،‬فانتهينا إلى القبر‪ ،‬ولما يلحد‪ ،‬فجلس رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وجلسنا حوله – كأنما على رؤوسنا الطير –‬
‫فجعل يرفع بصره وينظر إلى السماء‪ ،‬ويخفض بصره وينظر إلى األرض‪ ،‬ثم قال‪“ :‬أعوذ باهلل من عذاب القبر”‪ ،‬قالها‬
‫مرارا‪ ،‬ثم قال‪“ :‬إن العبد المؤمن إذا كان في قبل من اآلخرة وانقطاع من الدنيا جاءه ملك‪ ،‬فجلس عند رأسه‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫“أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى مغفرة من هللا ورضوان”‪ ،‬فتخرج نفسه وتسيل كما تسيل قطرالسقاء‪ ،‬وتنزل المالئكة‬
‫من الجنة‪ ،‬بيض الوجوه‪ ،‬كأن وجوههم الشمس‪ ،‬معهم أكفان من أكفان الجنة‪ ،‬وحنوط من حنوطها‪ ،‬فيجلسون منه مد‬
‫البصر‪ ،‬فإذا قبضها الملك لم يدعوها في يده طرفة عين‪ ،‬فذلك قوله تعالى عز وجل‪ ” :‬تَ َوفَّ ْتهُ ُر ُسلُنَا َوهُ ْم ال يُفَرِّ طُونَ ”‪ .‬قال‪:‬‬
‫فتخرج نفسه كأطيب ريح وجدت‪ ،‬فتعرج به المالئكة‪ ،‬فال يأتون على جند}‪ .‬وفي رواية‪{ :‬فال يزالون يمرون باألمم السابقة‬
‫والقرون الخالية كأمثال الجراد المنتشر بين السماء واألرض إال قالوا‪ :‬ما هذه الروح؟‪ ،‬فيقال‪ :‬فالن بأحب أسمائه حتى‬
‫ينتهوا به إلى باب السماء الدنيا‪ ،‬فتفتح له‪ ،‬ويشيعه من كل سماء مقربوها‪ ،‬حتى ينتهي إلى السماء السابعة‪ ،‬فقول‪ :‬اكتبوا‬
‫ك َما ِعلِّيُّونَ ‪ِ .‬كتَابٌ َمرْ قُو ٌم‪ .‬يَ ْشهَ ُدهُ ْال ُمقَ َّربُونَ ”‪ ،‬فيكتب كتابه في عليين‪ ،‬ثم يقال‪ :‬ردوه إلى‬ ‫كتابه في عليين‪َ “ ،‬و َما أَ ْد َرا َ‬
‫األرض‪ ،‬فإني وعدتهم إني منها خلقناهم‪ ،‬وفيها نعيدهم‪ <،‬ومنها نخرجهم تارة أخرى‪ ،‬فترد إلى األرض‪ ،‬وتعاد روحه إلى‬
‫ك؟ فَيَقُوْ لُ‪َ :‬ربِّ َي هللاُ‪ ،‬و ِد ْي ْني ِ‬
‫اإلسْال ُم‪،‬‬ ‫ك؟‪َ ،‬و َما ِد ْينُ َ‬ ‫جسده‪ ،‬فيأتيه ملكان شديدا اإلنتهار‪ ،‬فينتهرانه< ويجلسانه‪ ،‬فيقوالن‪َ :‬م ْن َربُّ َ‬
‫ت ِم ْن‬‫ث فِ ْي ُك ْم؟‪ ،‬فَيَقُوْ لُ‪ :‬ه َُو َرسُوْ ُل هللاِ‪ .‬فَيَقوْ الَ ِن‪َ :‬و َما يُ ْد ِر ْيكَ ؟ فَيَقوْ لُ‪َ :‬جا َءنَا بِالبَيِّنَا ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فَيَقُوْ الَ ِن‪ :‬فَ َما تَقُوْ ُل فِ ْي هَ َذا ال َر ُج ِل الَّ ِذيْ بُ ِع َ‬
‫ت فِي ْال َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي اآْل ِخ َر ِة”‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ِّت هَّللا ُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا بِ ْالقَوْ ِل الثَّابِ ِ‬
‫ك قَوْ لهُ تَ َعالى‪“ :‬يُثَب ُ‬
‫ال‪َ :‬و َذلِ َ‬‫ت}‪ .‬قَ َ‬ ‫ص َّد ْق ُ‬ ‫َربِّنَا فآ َم ْن ُ‬
‫ت بِ ِه َو َ‬
‫ق َع ْب ِديْ ‪ .‬فالبسوه من الجنة‪ ،‬ويفرش منها‪ ،‬ويرى منزله ويفسح له مد بصره‪ ،‬ويمثل له‬ ‫ص َد َ‬ ‫َ‬
‫{ويُنَا ِدى ُمنَا ٍد ِمنَ ال َس َما ِء‪ :‬ق ْد َ‬ ‫َ‬
‫عمله في صورة رجل حسن الوجه‪ ،‬طيب الريح حسن الثياب‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر بما أعد هللا عز وجل لك‪ ،‬أبشر برضوان من هللا‬
‫وجنات فيها نعيم مقيم‪ ،‬فيقول‪ :‬ب ّش رك هللا بخير‪ ،‬من أنت؟ فوجهك الوجه الذي جاءنا بخير‪ ،‬فيقول‪ :‬هذا يومك الذي كنت‬
‫توعد‪ ،‬واألمر الذي كنت توعد‪ ،‬وأنا عملك الصالح‪ ،‬فوهللا ما علمتك إال كنت سريعا في طاعة هللا‪ ،‬بطيئا عن معصية هللا‪،‬‬
‫فجزاك هللا خيرا‪ .‬فيقول‪ :‬يا رب أقم الساعة كي أرجع إلى أهلي ومالي‪ .‬قال‪ :‬وإن كان فاجرا‪ ،‬فإذا كان في قبل من اآلخرة‬
‫وانقطاع من الدنيا جاءه ملك‪ ،‬فجلس عند رأسه‪ ،‬فيقول‪ :‬اخرجي أيتها النفس الخبيثة‪ <،‬أبشري بسخط هللا وغضبه‪.‬فتنزل‬
‫مالئكة سود الوجوه‪ ،‬معهم مسوح‪ ،‬فإذا قيضها الملك قاموا فلم يدعوها في يده طرفة عين‪ .‬قال‪ :‬فتفرق في جسده‪ ،‬فيسخرجها‬
‫تقطع معها العروق والعصب‪ ،‬كالسفود الكبير الشعب في الصوف المبلول‪ ،‬فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن ريح وجدت‪ ،‬فال‬
‫تمر على جند بين السماء واألرض إال قالوا‪ :‬ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون‪ :‬هذا فالن بأسوأ أسمائه حتى ينتهوا به إلى‬
‫السماء الدنيا‪ ،‬فال يفتح له‪ ،‬فيقول‪ :‬ردوه إلى األرض‪ ،‬إني وعدتهم أني منها خلقناهم‪ ،‬وفيها نعيدهم‪ ،‬ومنها نخرجهم تارة‬
‫أخرى‪ .‬قال‪ :‬فيرمي به من السماء‪ ،‬قال‪ :‬فتال هذه اآلية‪“ :‬ومن يشرك باهلل فكأنما خر من السماء” اآلية‪ .‬ويعاد إلى األرض‪،‬‬
‫وتعاد فيه روحه‪ ،‬ويأتيه ملكان شديدا اإلنتهار فينتهرانه ويجلسانه‪ ،‬فيقول‪ :‬من ربك؟ وما دينك؟‪ <،‬قال‪ :‬ال أدري‪ ،‬سمعت‬
‫الناس يقولون ذلك‪ ،‬فيقول‪ :‬ال دريتَ ‪ ،‬فيضيق قبره حتى تختلف أضالعه‪ ،‬ويمثل له عمله في صورة رجل‪ ،‬قبيح الوجه‬
‫ومنتن الريح‪ ،‬قبيح الثياب‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر بعذاب من هللا وسخطه‪ ،‬فيقول‪ :‬من أنت؟ ف َوجْ هُكَ ال َوجْ هُ الذي جاء بالشر‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا‬
‫عملك الخبيث‪ ،‬وهللا ما علمتك إال كنت بطيئا عن طاعة هللا‪ ،‬سريعا إلى معصية هللا‪ ،‬فيقبض له ملك أصم أبكم معه مرزبة لو‬
‫ضربت بها جبل صار ترابا أو رميما‪ ،‬فيضربه ضربة يسمعها الخالئق إال الثقلين‪ ،‬ثم تعاد فيه الروح‪ ،‬فيضربه ضربة‬
‫أخرى}‪ .‬وهذا الحديث أخرجه جماعة من األئمة في مسانيدهم‪ ،‬منهم اإلمام أحمد‪.‬‬
‫وقال إمام الحرمين والفقيه أبو بكر بن العربي واإلمام سيف الدين اآلمدي‪ :‬اتفق سلف األمة قبل ظهور المخالف‪،‬‬
‫وأكثرهم بعد ظهوره على إثبات إحياء الموتى في قبورهم‪ ،‬ومسألة الملكين لهم‪ ،‬وإثبات عذاب القبر للمجرمين والكافرين‪،‬‬
‫وقوله تعالى‪َ { :‬وأَحْ يَ ْيتَنَا ْاثنَتَي ِْن } أي حياة المسألة في القبر وحياة الحشر‪ ،‬ألنهما حياتان عرفوا هللا بهما‪ ،‬والحياة األولى في‬
‫الدنيا لم يعرفوا هللا بها‪.‬‬
‫ثم اعلم أن ما تضمنه هذا الحديث‪ ،‬من ملك الموت ومنكر ونكير وغيرهم ومنازل اآلخرة من األمور المتشابهات‬
‫وصفا‪ ،‬ال طريق ألحد في إدراك شيء من أوصافها بالعقل‪ ،‬فيكون العبد به مبتلى بنفس اإلعتقاد ال غير‪ ،‬وأن أهل السنة‬
‫اتفقوا على أن األموات ينتفعون من سعي األحياء بأمرين‪ :‬أحدهما ما تسبب إليه الميت في حياته‪ ،‬والثاني دعاء المسلمين و‬
‫استغفارهم له والصدقة والحج عنه‪ .‬واختلفوا في العبادات البدنية كالصوم والصالة وقراءة القرآن والذكر‪ ،‬فذهب جمهور‬
‫السلف إلى وصولها‪ ،‬وذهب أهل البدع إلى عدم وصول شيء البتة‪ ،‬ال الدعاء وال غيره‪ .‬وقوله مردود بالكتاب والسنة‪ ،‬و‬
‫ْس ِلإْل ِ ْن َسا ِن إِاَّل َما َس َعى} مدفوع بأنه سبحانه وتعالى لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره‪ ،‬وإنما‬ ‫استدالله بقوله تعالى‪َ { :‬وأَ ْن لَي َ‬
‫نفى ملك غير سعيه‪ .‬و أما سعي غيره فهو ملك لساعيه‪ ،‬فإن شاء أن يبذله لغيره‪ ،‬و إن شاء أن يبقيه لنفسه‪ ،‬وهو سبحانه‬
‫وتعالى لم يقل إنه ال ينتفع إال بما سعى‪.‬‬
‫وهذا آخر الكتاب‪ .‬وهللا أعلم بالصواب‪ ،‬وإليه المرجع و المآب‪ ،‬وهو حسبي ونعم الوكيل‪ ،‬والحول وال قوة إال باهلل العلي‬
‫العظيم‪ .‬وصلى هللا على سيدنا محمد و على آله وأصحابه والتابعين وتابع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪ .‬والحمد هلل‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫ب اأْل َئِ َّم ِة اأْل َرْ بَ َع ِة‬
‫ِر َسالَةٌ فِ ْي تَأ َ ُّك ِد اأْل َ ْخ ِذ بِ َم َذا ِه ِ‬
‫من ال ّر ِح ِيم‬ ‫بِس ِْم هللاِ الرَّحْ ِ‬

‫اض َع ْنهَا ُكلِّهَا َم ْف َس َدةً َكبِ ْي َرةً‪َ .‬ونَحْ نُ نُبَيِّنُ َذلِكَ بِ ُوجُوْ ٍه‬ ‫ب اأْل َرْ بَ َع ِة َمصْ لَ َحةً َع ِظ ْي َمةً َوفِي اإْل ِ ْع َر ِ‬ ‫اِ ْعلَ ْم أَ َّن فِي اأْل َ ْخ ِذ بِهَ ِذ ِه ْال َم َذا ِه ِ‬
‫ْرفَ ِة ال َّش ِر ْي َع ِة‬ ‫ف فِ ْي َمع ِ‬ ‫ت َعلَى أَ ْن يَ ْعتَ ِم ُدوْ ا َعلَى ال َّسلَ ِ‬ ‫أَ َح ُدهَا أَ َّن اأْل ُ َّمةَ اِجْ تَ َم َع ْ‬
‫ص َحابَ ِة َوتُبَّ ُع التَّابِ ِع ْينَ اِ ْعتَ َم ُدوْ ا َعلَى التَّابِ ِع ْينَ َوهَ َك َذا فِ ْي ُك ِّل طَبَقَ ٍة اِ ْعتَ َم َد ْال ُعلَ َما ُء َعلَى َم ْن‬ ‫ك َعلَى ال َّ‬ ‫فَالتَّابِعُوْ نَ اِ ْعتَ َم ُدوْ ا فِ ْي َذلِ َ‬
‫قَ ْبلَهُ ْم‬
‫ك أِل َ َّن ال َّش ِر ْي َعةَ اَل تُع َْرفُ إِاَّل بِالنَّ ْق ِل َواإْل ِ ْستِ ْنبَا ِط‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ْن‬ ‫س‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ُلُّ‬ ‫د‬ ‫َو ْال َع َ‬
‫ي‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ق‬
‫صا ِل‬ ‫َوالنَّ ْق ُل اَل يَ ْستَقِ ْي ُم إِ بِأ ْن تَأ ُخ َذ ُكلُّ طَبَقَ ٍة َع َّم ْن قَ ْبلَهَا بِا ِ تِّ َ‬
‫إْل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّل‬
‫ق اإْل ِ جْ َما َع َويَ ْبنِ ْي َعلَ ْيهَا َويَ ْستَ ِعيْنُ فِ ْي َذلِكَ بِ َم ْن‬ ‫ب ْال ُمتَقَ ِّد ِم ْينَ لِئَاَّل يَ ْخ ُر َج ع َْن أَ ْق َوالِ ِه ْم فَيَ ْخ ِر ُ‬ ‫ْرفَ َم َذا ِه َ‬ ‫َواَل بُ َّد فِي اإْل ِ ْستِ ْنبَا ِط أَ ْن يَع ِ‬
‫َسبَقَهُ‬
‫ْر َو ْال ِحدَا َد ِة َوالتِّ َجا َر ِة َوالصِّ يَا َغ ِة لَ ْم تَتَيَسَّرْ أِل َ َح ٍد إِاَّل بِ ُماَل َز َم ِة أَ ْهلِهَا‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫بِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ِ َ‬ ‫و‬ ‫حْ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ِ َ‬ ‫ف‬ ‫َّرْ‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫َا‬ ‫ع‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫ص‬
‫ِّ‬ ‫ال‬ ‫أِل َ َّن َ ِ َ‬
‫ع‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َو َغ ْي ُر َذلِكَ نَا ِد ٌر بَ ِع ْي ٌ<د ل ْم يَق ْع َوإِ ْن َكانَ َجائِزا فِي ال َعق ِل‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْح أَوْ ُم َد َّونَةً فِ ْي‬ ‫ص ِحي ِ‬ ‫ف فَاَل بُ َّد ِم ْن أَ ْن تَ ُكوْ نَ أَ ْق َوالُهُ ْم اَلَّتِ ْي يُ ْعتَ َم ُد َعلَ ْيهَا َمرْ ِويَّةً بِاإْل ِ ْسنَا ِد ال َّ‬ ‫او ْي ِل ال َّسلَ ِ‬ ‫َوإِ َذا تَ َعيَّنَ اإْل ِ ْعتِ َما ُد َعلَى أَقَ ِ‬
‫ب َم ْشهُوْ َر ٍة‬ ‫ُكتُ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َوأَ ْن تَ ُكوْ نَ َم ْخ ُدوْ َمةً بِأ ْن يُبَيَّنَ الرَّا ِج ُح ِم ْن ُمحْ تَ َماَل تِهَا َويُ َخص َ‬ ‫َ‬
‫ض ِع َويُقَيَّ َد ُمطلَقُهَا فِ ْي بَع ِ‬
‫ْض‬ ‫ْض ال َم َوا ِ‬ ‫َّص ُع ُموْ ُمهَا فِ ْي بَع ِ‬
‫ص َّح ااْل ِ ْعتِ َما ُد َعلَ ْيهَا‬ ‫اض ِع َويُجْ َم َع ْال ُم ْختَلَفُ ِم ْنهَا َويُبَي َ<َّن ِعلَ ُل أَحْ َكا ِمهَا َوإِاَّل لَ ْم يَ ِ‬ ‫ْال َم َو ِ‬
‫َ‬
‫َب ا ِ َما ِميَّ ِة َوال َّز ْي ِديَّ ِ<ة َوهُ ْم أ ْه ُل‬ ‫إْل‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أْل‬ ‫ْ‬
‫ْس َمذهَبٌ فِ ْي هَ ِذ ِه ا ْز ِمنَ ِة ال ُمتَأ ِّخ َر ِة بِهَ ِذ ِه الصِّ فَ ِة إِاَّل هَ ِذ ِه ال َم َذا ِهبُ ا رْ بَ َعة اَللهُ َّم إِاَّل َمذه َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أْل‬ ‫ْ‬ ‫َولَي َ‬
‫او ْيلِ ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ِ َِ َ‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ع‬ ‫اْل‬ ‫ا‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫ْالبِ ْد َع ِ َ ُوْ‬
‫ج‬ ‫ي‬ ‫اَل‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫أْل‬ ‫اَّل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫صلى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسل َم اِتبِعُوا الس ََّوا َد ا ْعظ َم‪َ ...‬ولَ َّما اند ََر َست اَل َم َذا ِهبُ ال ِحقة إِ هَ ِذ ِه ا رْ بَ َعةَ َكانَ اتِّبَا ُعهَا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أْل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َوثَانِ ْيهَا قَا َل َرسُوْ ُل هللاِ َ‬
‫اِتِّبَاعًا لِل َّس َوا ِد اأْل َ ْعظَ ِم َو ْال ُخرُوْ ُج َع ْنهَا ُخرُوْ جًا َع ِن ال َّس َوا ِد اأْل َ ْعظَ ِم‬
‫ضا ِة ْال َج َو َر ِة‬ ‫ال ُعلَ َما ِء السُّوْ ِء ِمنَ ْالقُ َ‬ ‫َات لَ ْم يَج ُْز أَ ْن يُ ْعتَ َم َد َعلَى أَ ْق َو ِ‬ ‫ت اأْل َ َمان ُ‬ ‫ضيِّ َع ِ‬ ‫َوثَالِثُهَا أَ َّن ال َّز َمانَ لَ َّما طَا َل َوبَ ُع َد ْال َع ْه ُد َو ُ‬
‫ص ِر ْيحًا أَوْ‬ ‫ق َوال ِّديَانَ ِة َواأْل َ َمانَ ِة إِ َّما َ‬ ‫ف بِالصِّ ْد ِ‬ ‫ْض َم ْن اِ ْشتَهَ َر ِمنَ ال َّسلَ ِ‬ ‫َو ْال ُم ْفتِ ْينَ التَّابِ ِع ْينَ أِل َ ْه َوائِ ِه ْم َحتَّى يَ ْن ِسبُوْ ا َما يَقُوْ لُوْ نَ إِلَى بَع ِ‬
‫َداَل لَةً َو ِح ْف ِظ قَوْ لِ ِه فِ ْي َذلِكَ َواَل َعلَى قَوْ ِل َم ْن اَل نَ ْد ِريْ هَلْ َج َم َع ُشرُوْ طَ اإْل ِ جْ تِهَا ِد أَوْ اَل‬
‫ب َوال ُّسنَّ ِة‬ ‫ف َع َسى أَ ْن يَصْ ُدقُوْ ا فِ ْي ت َْخ ِري َْجاتِ ِه ْم َعلَى أَ ْق َوالِ ِه ْم َوا ْستِ ْنبَا ِط ِه ْم ِمنَ ْال ِكتَا ِ‬ ‫ب ال َّسلَ ِ‬ ‫فَإ ِ َذا َرأَ ْينَا ْال ُعلَ َما َء ْال ُم َحقِّقَ ْينَ فِ ْي َم َذا ِه ِ‬
‫ك فَهَ ْيهَاتَ‬ ‫َوأَ َّما إِ َذا لَ ْم ن ََر ِم ْنهُ ْم َذلِ َ‬
‫ب َوابْنُ َم ْسعُوْ ٍد‬ ‫ق بِال ِكتَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ال يَ ْه ِد ُم اإْل ِ ْساَل َم ِجدَا ُل ال ُمنَافِ ِ‬ ‫ْث قَ َ‬ ‫ض َي هللاُ َع ْنهُ َحي ُ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫َوهَ َذا ْال َم ْعنَى الَّ ِذيْ أَ َشا َر إِلَ ْي ِه ُع َم ُر بْنُ الخَ طا ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ضى‬ ‫ْث قَا َل َم ْن َكانَ ُمتَّبِعًا فَ ْليَتَّبِ ْع َم ْن َم َ‬ ‫َحي ُ‬
‫اح َد ٍة‬ ‫َ‬
‫ضرْ بٌ ِمنَ ا ِ جْ تِهَا ِد َولَوْ فِ ْي َمسْألَ ٍة َو ِ‬ ‫اْل‬ ‫ال اَلتَّقلِ ْي ُد َح َرا ٌم إِلَى آ ِخ ِر ْه إنَّ َما يَتِ ُّم فِ ْي َم ْن لَهُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َب اِلَ ْي ِه ابْنُ َح ْز ٍم َحيْث قَ َ‬ ‫فَ َما َذه َ‬
‫خ إِ َّما بِأ َ ْن يَتَتَبَّ َع‬ ‫ٍ‬ ‫ُوْ‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ب‬
‫َ َِ‬ ‫ْس‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬
‫َن‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫ه‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫ِ َ َ َ َ َ ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هللا‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ِ َّ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ًا‬‫ر‬ ‫ُوْ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫َوفِ ْي َم ْن َ َ‬
‫ظ‬
‫َ‬
‫ق فِي ال َمسْأل ِة فَاَل يَ ِج ُد لهَا نَ ْس ًخا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف َوال ُم َوافِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْث َوأق َوا َل ال ُم َخالِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اأْل َ َحا ِدي َ‬
‫س أَوْ اِ ْستِ ْنبَا ٍط أَوْ نَحْ ِو َذلِكَ‬ ‫أَوْ بِأ َ ْن يَ َرى َج ّمًا َغفِ ْيرًا ِمنَ ْال ُمتَبَ ِّح ِر ْينَ فِي ْال ِع ْل ِم يَ ْذهَبُوْ نَ إِلَ ْي ِه َويَ َرى ْال ُم َخالِفَ لَهُ اَل يَحْ تَجُّ اِاَّل بِقِيَا ٍ‬
‫ق َجلِ ٌّي‬ ‫ق خَ فِ ٌّي أَوْ ُح ْم ٌ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم إِاَّل نِفَا ٌ‬ ‫ث النَّبِ ِّي َ‬ ‫ب لِ ُم َخالَفَ ِة َح ِد ْي ِ‬ ‫فَ ِح ْينَئِ ٍ<ذ اَل َسبَ َ‬
‫ب اأْل َئِ َّم ِة اأْل َرْ بَ َع ِة َواَل يَجُوْ ُز لَهُ‬ ‫ب ُم َعيَّ ٍن ِم ْن َم َذا ِه ِ‬ ‫ق ِم ْن اِ ْلتِ َز ِام التَّ ْقلِ ْي ِد لِ َم ْذهَ ٍ‬ ‫طل َ ِ‬ ‫ف َغي ِْر ْال ُمجْ تَ ِه ِ<د ْال ُم ْ‬ ‫َوا ْعلَ ْم أَنَّهُ اَل بُ َّد لِ ْل ُم َكلَّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ث لِقوْ لِ ِه تَ َعالى َولوْ َردوْ هُ إِلى ال َّرسُوْ ِل َوإِلى أولِي ا ْم ِر ِمنهُ ْم ل َعلِ َمهُ ال ِذ ْينَ يَ ْستَنبِطوْ نَ ِمنهُ ْم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أْل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َواأْل َ َحا ِد ْي ِ‬ ‫ااْل ِ ْستِدْاَل ُل بِاآْل يَا ِ‬
‫َو َم ْعلُوْ ٌم أَ َّن الَّ ِذ ْينَ يَ ْستَ ْنبِطوْ نَهُ هُ ُم ال ِذ ْينَ تَأهَّلُوْ ا لِاْل ِ جْ تِهَا ِد ُدوْ نَ َغي ِْر ِه ْم َك َما هُ َو َم ْبسُوْ ط فِ ْي َم َحلِّ ِه‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫أَ َّما ْال ُمجْ تَ ِه ُد فَيَحْ ُر ُم َعلَ ْي ِه التَّ ْقلِ ْي ُد فِ ْي َما هُ َو ُمجْ تَ ِه ٌ<د فِ ْي ِه لِتَ َم ُّكنِ ِه ِمنَ ااْل ِ جْ تِهَا ِد الَّ ِذيْ هُ َو أَصْ ُل التَّ ْقلِ ْي ِد لَ ِك ِن ْال ُمجْ تَ ِه ُد ْال ُم ْستَقِلُّ بِ ُوجُوْ ِد‬
‫ح َر ِح َمهُ هللاُ تَ َعالَى‬ ‫صاَل ِ‬ ‫ضا ِء َم ْفقُوْ ٌد ِم ْن نَحْ ِو ِستِّ ِمائَ ِة َسنَ ٍة َك َما قَالَهُ ابْنُ ال َّ‬ ‫ال َّش َرائِ ِط الَّتِ ْي َذ َك َرهَا اأْل َصْ َحابُ فِ ْي أَ َوائِ ِل ْالقَ َ‬
‫ق أِل َ َّن النَّ َ‬ ‫ض أَيْ بُلُوْ غ َد َر َج ِة ااْل ِ جْ تِهَا ِد ْال ُم ْ‬
‫اس ُكلَّهُ ْم بُلَدَا ُء‬ ‫طل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس اَل إِ ْث َم َعلَ ْي ِه ْم اَآْل نَ بِتَ ْع ِط ْي ِل هَ َذا ْالفَرْ ِ‬ ‫اح ٍد إِ َّن النَّ َ‬ ‫َحتَّى قَا َل َغ ْي ُر َو ِ‬
‫ْ‬
‫ب ال ُعلوْ ِم اَل يُتَ َو َّجهُ إِلَى البَلِ ْي ِد‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بِالنِّ ْسبَ ِة إِلَ ْيهَا َوفَرْ ضُ ال ِكفَايَ ِة فِ ْي طلَ ِ‬ ‫ْ‬
‫ق ْب ِن َراهَ َو ْي ِه‬ ‫ْحا َ‬ ‫س‬ ‫إ‬
‫َ ِ َِ َ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫س‬‫ُّ‬ ‫ال‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ًا‬ ‫ض‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ُوْ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫َ ِ َ ِ َ‬ ‫بُ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ذ‬ ‫م‬ ‫ء‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫نَ‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ع‬‫َ‬
‫ََ ِ َ ِ َ َ ٍ ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫لْ‬ ‫ب‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫رْ‬‫َ‬ ‫أْل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ص َرةٌ ِ‬
‫ف‬ ‫ت ْال َم َذا ِهبُ ْال َم ْتبُوْ َعةُ ُم ْن َح ِ‬ ‫َولَ ْي َس ِ‬
‫َودَا ُو َد الظا ِه ِريِّ َوا وْ َزا ِع ِّي‬ ‫َ‬ ‫أْل‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ك بِ َعد َِم الثِّقَ ِة بِنِ ْسبَتِهَا إِلَى أَرْ بَابِهَا‬ ‫ص َّر َح َج ْم ٌع ِم ْن أَصْ َحابِنَا بِأَنَّهُ اَل يَجُوْ ُز تَ ْقلِ ْي ُد َغي ِْر اأْل َئِ َّم ِة اأْل َرْ بَ َع ِة ‪َ ،‬وعَلَّلُوْ ا َذلِ َ‬ ‫َو َم َع َذلِكَ فَقَ ْد َ‬
‫ْف َوالتَ ْب ِد ْي ِ<ل‬ ‫لِ َعد َِم اأْل َ َسانِ ْي ِد ْال َمانِ َع ِة ِمنَ التحْ ِري ِ‬
‫َّ‬
‫ُت فَأ ِمنَ أ ْهلُهَا ِم ْن ُكلِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال َوبَيَا ِن َما ثَبَتَ ع َْن قَائِلِ ِه َو َمالَ ْم يَثب ْ‬ ‫ب اأْل َرْ بَ َع ِة فَإ ِ َّن أَئِ َّمتَهَا بَ َذلُوْ ا أ ْنفُ َسهُ ْم فِ ْي تَحْ ِري ِْر اأْل ْق َو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف ْال َم َذا ِه ِ‬ ‫بِ ِخاَل ِ‬
‫ْف ‪،‬‬ ‫ض ِعي ِ‬ ‫َّح ْي َح ِمنَ ال َّ‬ ‫ْف َو َعلِ ُموا الص ِ‬ ‫تَ ْغيِي ٍْر َوتَحْ ِري ٍ‬
‫َ‬
‫ت اَلثقَةُ بِ َمذهَبِ ِ<ه لِ َعد َِم ا ْعتِنَا ِء أصْ َحابِ ِه‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫َولِ َذا قَا َل َغ ْي ُر َوا ِح ٍد فِي اإْل ِ َم ِام َز ْي ِد ْب ِن َعلِ ٍّي إِنَّهُ ِإ َما ٌم َجلِ ْي ُل القَ ْد ِر عَالِي الذ ْك ِر َو ِإنَّ َما ارْ تَفَ َع ْ‬
‫بِاأْل َ َسانِ ْي ِد فَلَ ْم ي ُْؤ َم ْن َعلَى َم ْذهَبِ ِه التَّحْ ِريْفُ َوالتَّ ْب ِد ْي ُل َونِ ْسبَةُ َمالَ ْم يَقُ ْلهُ إِلَ ْي ِه‬
‫َر ْيفا بِ َحيْث اَل يَحْ تَا ُج‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ف ا ِ ْساَل ٍم ع ِ‬ ‫إْل‬ ‫ط َوائِ ِ‬ ‫ار إِ َما ُم ُك ٍّل ِم ْنهُ ْم لِطَائِفَ ٍة ِم ْن َ‬ ‫ص َ‬ ‫فَ ْال َم َذا ِهبُ اأْل َرْ بَ َعةُ ِه َي ْال َم ْشهُوْ َرةُ اآْل نَ ْال ُمتَّبَ َعةُ ‪َ ،‬وقَ ْد َ‬
‫ْر ْيفًا‬ ‫ك تَع ِ‬ ‫السَّائِ ُل ع َْن َذلِ َ‬
‫َوهللاُ أَ ْعلَ ُم‬
‫رسالة في العقائد‬
‫ويليها‬
‫رسالة في التصوف‬

‫كاكارع دينيع< الفقير إليه تعالى‬


‫محمد هاشم بن محمد أشعري‬
‫تبوئيرنج جومبانج‬
‫***‬

‫قد صحّحها ‪:‬‬

‫القاهرة يوم الخميس‪ 26 ،‬شوال ‪1356‬هـ‬


‫‪ 30‬ديسمبر ‪1937‬م‬

‫رسالة في العقائد‬

‫فونيكا فرتيالنيفون إعكع نامي إسالم لن إيمان ميتوروت كتراعن سكيع كتاب‪ 2‬كع سمفون ديفون أصح اكن معكاه تياعكع‬
‫عالم‪.2‬‬
‫(إيـمان) اعكع نامي ايمان فونيكا فرجادوسيفون مانه دوماتع كنجع نبي محمد صلى هللا عليه وسلم إعدالم سوماداياني‬
‫براعكع ديفون داتعاكن سكيع عرسانيفون كوستي هللا تعالى سكيع فركاويس أكاما بوعسا معتقد كادوس سوجي نيفون‬
‫كوستي هللا لن سأسامينيفون توين بوعسا عمل ظاهر كادوس واجب ايفون صالة كاعسل وقت لن سأسامينيفون سرتا نرامي‬
‫لن رضى ديني عوجافاكن شهادة كاليه فونيكا دادوس شرط أصح يفون إيمان‪ .‬لن يمان فونيكا أعكاداهي ركن ننم‪:‬‬
‫نومر (‪ )1‬فرجادوس وجود إيفون كوستي هللا تعالى ناموع ستوعكال تور حق تتف بوتن أيواه ‪. 2‬‬
‫نومر (‪ )2‬فرجادوس وجود إيفون مالئكة‪.‬‬
‫نومر (‪ )3‬فرجادوس داتع سداياني كتاب اعكع كفاريعاكن داتع فارا نبي لن فارا أوتوسان عليهم الصالة والسالم‪.‬‬
‫نومر (‪ )4‬فرجادوس داتع فارا نبي لن فارا أوتوسان تور بوتن ماوي بنتين<‪2‬اكن إع سداياني عليهم الصالة والسالم‪.‬‬
‫نومر (‪ )5‬فرجادوس داتع دنتن أخر دنتن قيامة‪.‬‬
‫نومر (‪ )6‬فرجادوس داتع فسطين ساهي توين أوون سكيع كوستي هللا‪.‬‬

‫(إسـالم) اعكع نامي اسالم فونيكا فاسراه ميتوروت مانوت داتع فينتن‪ 2‬ففرينتاهاكن لن فينتن‪ 2‬ججكاهان‪.‬لن إسالم فونيكا‬
‫اعكاداهي ركن كاعسال‪:‬‬
‫نومر (‪ )1‬عوجافاكن شهادة كاليه سرتا معرتوس معنا نيفون‪.‬‬
‫نومر (‪ )2‬جومنعاكن عالمفاهي صالة اعكع كاعسال وقت كااليان فينتن‪ 2‬ركن لن شرط إعدالم سابن‪ 2‬دينتن‪<.‬‬
‫نومر (‪ )3‬صيام ستوعكال ووالن إعكع سمفورنا سكيع ووالن رمضان نيفون سابن‪ 2‬تاهون‪ .‬صيام فونيكا يكاه فينتن‪2‬‬
‫فركاويس إعكع بطالكن صيام أويت سكيع مداليفون فجر صادق دوموكي سوروف إيفون سوريا‪.‬‬
‫نومر (‪ )4‬ماريعاكن زكاة تومراف تياع كع سمفون كواجيبان زكاة ديفون فاريعاكن داتع تياع كع كيعيع تامفي زكاة‪.‬‬
‫نومر (‪ )5‬ميعكاه حج داتع بيت هللا إع مكة تومراف تياع كع كيات بدن نيفون لن أرتا نيفون‪.‬‬

‫(إسالم لن إيمان) فونيكا كداه كمفال بوتن كيعيع< فيساه‪ ,‬دادوس فوندي‪ 2‬إسالم كع بوتن كسارعان إيمان فونيكا إسالم مردود‬
‫(كاتوالء)‪ ,‬فوندي‪ 2‬إيمان كع بوتن كاإيريع إسالم قونيكا بوتن أمان سكيع كروساكان ‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫(فركيموت) داتع سديريك عوام المسلمين ميتوروت كترعان سكيع كتاب "نتائج األفكار القدسية" كيتا سدايا تياع إسالم‬
‫إعكع عوفادوس سالمتيع بدن إعدالم دنيا توين أخرة مناوي بدي مكورو سامفون عانتوس ميتوروت داتع كورو إعكع بوتن‬
‫فرصفة سكاوان فونيكا‪:‬‬
‫نومر (‪ ) 1‬كورو واهو كداه يومرافي صفة واجب محال وناع تومراف داتع كوستي هللا تعالى لن داتع فارا أوتوساني‬
‫كوستي هللا ساها يومرافي دليل‪ 2‬إيفون فينداه إعكع بوعسا عقل توين سمعي سوفادوس ساكد عيجالي داتع كماماعانيفون‬
‫مريد مناوي كداتعان مماع توين شبهة‪.‬‬
‫نومر (‪ )2‬معتقد إيفون كورو واهو كداه سامي معتقديفون أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫نومر (‪ )3‬كداه يومرافي فينتن‪ 2‬حكم إيفون كوستي هللا تعالى اعكع كومانتوع داتع بدان ظاهر كادوس سوجي سكيع نجس‬
‫أتوي حدث لن سأفيتوروت إيفون لن إعكع كومانتوع دانع باطن كادوس شكر لن توكل لن سأفنوعكاالنيفون‪ ,‬لن كداه‬
‫يومرافي داتع لمبوت‪ 2‬إيفون فانجابيا تومراف تياع إعكع سامي عمل كادوس رياء عجب لن سأسامينيفون‪.‬‬
‫نومر (‪ )4‬كداه عالمفاهي قينتن‪ 2‬حكم إيفون كوستي هللا اعكع سامفون ديفون سومرافي لن بوتن عالمفاهي ججكاهان إعكع‬
‫ناجاتاكن داتع كعادالن‪ ,‬كرانتن كورو فونيكا كيعيع ديفون نوت كداه صفة عدل‪ .‬مناوي تياعكع سدييا دادوس كورو أناعيع‬
‫بوتن كاعكينان فركاويس سكاوان كع سامفون كاسبت واهو فونيكا تياع بوتن كيعيع< ديفون أالف كورو‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫ووس كاكاراع دينيع< الفقير إليه تعالى‬


‫محمد هاشم بن محمد أشعري‬
‫تبوئيرنج‬
‫جومبانج‬

‫تمت رسالة في العقائد‪ ,‬ويليها رسالة في التصوف‬

‫رسالة في التصوف‬

‫فونيكا فرتيالنيفون اعكع نامي معرفة لن شريعة لن طريقة لن حقيقة ميتوروت كتراعان سكيع كتاب "شرح رسالة قشيرية"‬
‫كاراعانيفون الشيخ قاضي القضاة أبو يحيى زكريا األنصاري رحمه هللا تعالى‪,‬‬
‫(معرفة) اعكع نامي معرفة فونيكا‪ :‬مانتف إيفون ماناه دوماتع وجود إيفون كوستي هللا سارانا فرصفة كاليان سدايا نيفون‬
‫كاسمفورنان تور ماها سوجي تكسيفون تبيه سكيع سوماداياني كاكيراعان كلوان النتاران قينتن‪ 2‬دليل لن فرتاندا اعكع‬
‫عقلي لن سكيع قرآن لن سكيع دليل حديث اعكع ديفون تامفي سكيع كوستي كنجع نبي محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫(شريعة) اعكع نامي شريعة فونيكا‪ :‬يومرافي فينتن‪ 2‬حكم إيفون أكامي إسالم واجب لن حرام لن سنة لن مكروه لن وناع‬
‫لن صحيح لن بطل‪ ,‬سرتا عالمفاهي ففرينتاهانيفون كادوس صالة كاعسال وقت لن سأسامينيفون ‪,‬لن نبيهي ججكاهانيفون‬
‫كادوس زنا لن سأسامينيفون‪.‬‬
‫(طريقة) اعكع نامي طريقة فونيكا‪ :‬عالفاهي شريعة كالوان فعاتي‪ ,2‬تكسيفون باهوركصا عالمفاهي سدايا ففرينتاهان سنة‬
‫نبيهي ججكاهان سناجان مكروه‪ ,‬سرتا نبيهي باراع شبهة تكسيفون براع كع بوتن تراع حاللي توين حرامي‪.‬‬
‫(حقيقة) اعكع نامي حقيقة فونيكا‪ :‬فمانداعيفون مانه داتع كفعرانان إيفون كوستي هللا تعالى اعدالم سوماداياني كع موجود‬
‫سألينتوني كوستي هللا كلوان سكينتن نيعالي مانه إيفون اعكينيفون جومنعي كوستي هللا داتع سومادياني مخلوق كلوان‬
‫موجوداكن لن نتفاكن كادوس مقام إحسان كع كسبات وونتن حديث "أَ ْن تَ ْعبُ َد هللاَ َكأَنَّ َ‬
‫ك ت ََراهُ" أرتوسيفون‪ :‬أرف يمباه سيرا‬
‫إع كوستي هللا كايا‪ 2‬ستوعوني سيرا ايكو نيعالي سيرا إع كوستي هللا تعالى‪,‬‬
‫ووندينيع شريعة فونيكا ظاهري حقيقة‪ ,‬حقيقة فونيكا باطني شريعة‪ ,‬دادوس شريعة لن حقيقة فونيكا كداه كمفال بوتن كيعيع‬
‫فيساه‪ .2‬فوندي‪ 2‬شريعة اعكع بوتن ديفون تانداني كلوان حقيقة فونيكا شريعة بوتن كترامي معكاه كوستي هللا تعالى‪ .‬فوندي‬
‫‪ 2‬حقيقة اعكع بوتن ديفون سارعي كلوان شريعة فونيكا حقيقة بجات بوتن وونتن فائدهيفون أويت حقيقة فونيكا مينوعكا‬
‫ريس‪.‬‬
‫شريعة فونيكا مينوعكا جعكراعانيفون كرييا‪ .‬حقيقة فونيكا سكيع كترتمتوهانيفون كاهوطا باطن‪ .‬شريعة فونيكا فندامالنيفون‬
‫كاهوطا ظاهر‪ .‬دادوس تياع كع بوتن كاداه حقيقة إعكيه بوتن كاداه شريعة‪ .‬تياع كع بوتن كاداه شريعة إعكيه بوتن كاداه‬
‫حقيقة‪.‬‬
‫فعوجاف كيتا ناليكا ماهوس فاتحة "إِيَّاكَ نَ ْعبُ ُد"< أرتوسيفون‪ :‬إع توان فيامباك يا هللا فعران يمباه كوال‪ .‬فونيكا باهوركصا‬
‫داتع شريعة سباب تاسيه عروماهوس كاداه عبادة‪.‬‬
‫فعوجاف كتا " َو ِإيَّاكَ نَ ْستَ ِعيْنُ " أرتوسيفون‪ :‬لن إع توان فيامباك يا هللا يوون فيتولوع كوال‪ .‬فونيكا إقرار نتفاكن كلوان حقيقة‬
‫سباب عروماهوس بوتن واكت منافا‪ 2‬يين بوتن أعسال فيتولوعانيفون كوستي هللا تعالى‪ .‬وهللا أعلم بالصواب‬
‫الرسالة التوحيدية‬
‫تأليف الفقير إليه تعالى ‪:‬‬
‫محمد هاشم أشعري‬
‫الساكن في حارة تبوئيرنج‬
‫‪ 10‬صفر الخير ‪ 1364‬هـ‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫الحمد هلل الذي هدانا لمعرفته‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد المبعوث برحمته وحكمته وعلى آله الطاهرين وصحبه‬
‫الميامين‪.‬‬
‫أما بعد‪ <،‬فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬فيجب على كل مكلف األخذ بها‪ .‬وهي أن يعتقد اعتقادا جازما أن هللا تعالى إله‬
‫واحد منزه عن الشريك والمعين والصحابة والولد‪.‬‬
‫واجب الوجود بذاته‪ ،‬بال افتتاح لوجوده‪ .‬وال نهاية لقائه‪ ،‬مستغن عن كل ما سواه‪ ،‬ومفتقر إليه كل ما عداه‪.‬‬
‫قائم بنفسه ليس بجوهر متحيز فيحتاج إلى مكان‪ ،‬وال بعرض فيستحيل عليه القاء‪ ،‬وال بجسم فيكون له الجهة والتقاء‪.‬‬
‫مقدس عن الجهات واألقطار‪ .‬مرئي للمؤمنين بالقلوب في الدنيا وفي األخرة باألبصار‪.‬‬
‫استوى على العرش كما قال‪ ،‬وعلى المعنى الذي أراد كما أن العرش وما حواه به استوى‪ .‬له األخرة واألولى ال يؤده حفظ‬
‫المخلوقات‪.‬‬
‫وهو موجود بعلمه في جميع الجهات‪ .‬مقدس عن قبل وبعد‪ ،‬فإن ذلك من صفات الزمان الذي أبدعه‪ .‬فهو سبحانه وتعالى ال‬
‫يحده زمان‪ ،‬وال يقله مكان‪ .‬بل كان وال مكان وال زمان‪ .‬وهو اآلن على ما عليه كان‪.‬‬
‫السموات واألرض ومن فيهن من خلقه‪ ،‬خلق اللوح والقلم وأجراه كاتبا بعلمه في خلقه‪ .‬فال يتحرك وال يسكن ساكن إال‬
‫بإذنه‪ ،‬أوجد الكل من غير حاجة إليه‪ ،‬وال موجب أوجب ذلك عليه‪ ،‬إال أن علمه قد سبق فلذلك خلق من خلق‪.‬‬
‫لم تتقلق قدرته إال بما أراد‪ .‬كما أنه لم يرد إال ما علم‪ .‬أحاط كل شيء علما‪ ،‬وأحصى كل شيء عددا‪ <،‬يعلم السر وأخفى‪،‬‬
‫يعلم كل األشياء قبل وجودها ثم أوجدها على حدما علمها‪.‬‬
‫مريد لجميع الكائنات في األرضين والسموات‪ ،‬فما في الوجود شيء طاعة أو عصيان‪ ،‬ربح أو خسران‪ ،‬حياة أو موت‪ ،‬فقر‬
‫أو غني‪ ،‬حركة حركة أو سكون إال وهو مراد له تعالى‪.‬‬
‫ال معقب لحكمه وال راد ألمره‪ ،‬يؤتي الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء‪ .‬أخرج العالم فريقين سعيد‬
‫وشقي‪ .‬وأوجد لهم منزلتين جنة وسعير‪ .‬فقال هؤالء للجنة وال أبالي‪ ،‬وهؤالء للنار وال أبالي‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫لم يتصرف في ملك غيره‪ ،‬فال ينسب إليه ظلم وال حيف‪ .‬وال يتوجه إليه سؤال بـ ‪ -‬لم ؟ أو – كيف ؟ (اَل يُسْأ ُل َع َّما يَف َع ُل‬
‫َوهُ ْم يُسْأَلُونَ ) األنبياء ‪23 :‬‬
‫يسمع دبيب النملة على الصخرة الصماء‪ ،‬ويبصر السواد في الليلة الظلماء‪ ،‬متلكم ال عن صمت تقدم‪ ،‬بكالم قديم أزلي منزه‬
‫عن الحروف واألصوات وعن جميع اآلت النطق‪.‬‬
‫كما أن سمعه تعالى من غير صماخ وال أذن‪ .‬وبصره من غير حدقة وال أجفان‪ .‬وعلمه من غير نظر وال برهان‪ .‬وحياته‬
‫من غير نفس حدث من مزاج األبدان‪.‬‬
‫فهو سبحانه وتعالى متصف بكل كمال‪ ،‬ومنزه عن كل نقص‪ .‬فال يشبه شيئا من الحوادث بل كل ما خطر ببالك‪ ،‬فاهلل بخالف‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وكذلك يجب على كل مكلف أن يعتقد أن هلل تعالى أنبياء ورسال مبشرين ومنذرين‪ .‬وأن سيدنا محمدا صلى هللا عليه وسلم‬
‫رسول هللا وخاتم النبيين< والمرسلين‪ ،‬بعث إلى الخلق أجمعين‪.‬‬
‫وكذلك يجب أن يعتقد أن ما جاء به النبي صلى هللا عليه وسلم من عند هللا تعالى حق‪ ،‬وأن الموت حق‪ ،‬وأن سؤال القبر‬
‫حق‪ ،‬ونعيمه وعذابه حق‪ ،‬وأن الساعة آتية ال ريب فيها‪ ،‬وأن هللا يبعث من في القبور‪ ،‬وأن العرض على هللا تعالى حق‪،‬‬
‫وأن الصراط حق‪ ،‬وأن الجنة والنار حق‪ ،‬وأن فريقا في الجنة وفريقا في السعير‪ ،‬وأن شفاعة األنبياء والمالئكة والشهداء‬
‫وصالحي المؤمنين حق‪ ،‬وأن كل ما جاء به األنبياء عن هللا تعالى حق‪ .‬فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة‪ .‬وهي "بحمد‬
‫هللا"عقيدتنا إلى قيام الساعة‪ .‬أسأل هللا تعلى أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي اآلخرة‪ .‬وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه‬
‫الكريم في الدار الفاخرة‪.‬‬

‫سداينيفون فوجي فونيكا ككوعانيفون كوستي هللا‪ ،‬اعكع سمفون مريعي فتده كيطا سدايا‪ ،‬كعكي عوو نيعالي كوستي هللا‪،‬‬
‫رحمة لن سالميفون موكي كفريعكن داتع كانجع نبي محمد اعكع ديفون اوتوس كوستي هللا سرانا رحمة لن حكمتيفون‪ ،‬لن‬
‫موكي‪-‬موكي رحمة سالم فونيكا كفريعاكن اوكي داتع كووالواركنيفون اعكع سوجي‪-‬سوجي لن فرا صحابتيفون اعكع‬
‫امبراكتي‪.‬‬
‫سسمفونيفون اعكع كسبت‪ ،‬اعكع ككراع فونيكا عقيدة (كفرجدوسن) ايفون أهل السنة والجماعة‪ ،‬سبن‪-‬سبن تياع مكلف كداه‬
‫ججفعان داتع عقيدة قونيكا‪ ،‬اعكع فونيكا ‪ :‬كداه فرجدوس اعكع منتف سائستو‪ ،‬بيليه كوستي هللا فعيران اعكع نموع‬
‫ستوعكل‪ ،‬بوتن وونتن اعكع متولوعي‪ ،‬بوتن كاكوعان كروا لن بوتن كاكوهن فوترا‪.‬‬
‫كوستي هللا فونيكا وجود دنيع ذاتيفون فيمبك‪ <،‬كدادوسانيفون بوتن ععكي ويويتن لن بوتن ععكي وكسان‪ ،‬كوستي هللا فونيكا‬
‫بوتن حاجة داتع فونفا‪-‬فونفا‪ .‬كوسوك واعسوليفون فونفا‪-‬فونفا سلينتونيفون كوستي هللا سمي حاجة داتع كوستي هللا‪.‬‬
‫كوستي هللا فونيكا جومنع فيمبك‪ ،‬وجوديفون بوتن سكيع جنيسع براع لمات اعكع بتاه داتع فعكينان‪ ،‬لن وجوديفن بوتن‬
‫سكيع جنسيفون وورنين اعكع بوتن ساكد كصفتن لعكع‪ ،‬وجوديفون كوستي هللا بوتن اروفي براع واداك اعكع بتاه داتع‬
‫اراه‪-‬اراه لن انجر‪-‬انجر‪.‬‬
‫‪Sedayanipun puji punika kagunganipun Gusti Allah, ingkang sampun maringi pitedah‬‬

You might also like