Professional Documents
Culture Documents
أربعون دليلا على بطلان عقيدة توارث الخطيئة وعقيدة صلب المسيح
أربعون دليلا على بطلان عقيدة توارث الخطيئة وعقيدة صلب المسيح
www.saaid.net/kutob
*************
*************
*************
تأليف :ماجد بن سليمان
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم على مجيع األنبياء واملرسلني ،أما بعد:
فإن املسيحيني االصصار) 1يعتقدون أن خطيئة أبيهم آدم ملا أكل من الشجرة مل يغفرها اهلل له ،وأن
تلك اخلطيئة انتقلت إىل بصيه على مر القرون والعصور وتوارثوها مصه ،ويعتقدون أن املسيح عيسى ابن
ـخـلِّـصا هلم من تلك اخلطيئة ،و َّ
أن من مل يؤمن به ِ
مرمي َرضي بصلبه على الصليب وقتله عليه ليكون ُم َ
ـخـلِّـص فإن اخلطيئة ستكون لصيقةً به ،وأنه سيلقى اهلل يوم القيامة هبا ،وستكون عاقبته الدخول يف
ك ُـم َ
الصار حبسب اعتقادهم.
وهذا البحث املختصر يصاقش هاتني العقيدتني اعقيدة توار اخلطيئة ،وعقيدة للب املسيح ليكون
فاديا وخملصا من وجوه عدة ،حيث أن كثريا من املثقفني واملثقفات يشعرون بالشك واحلرية وعدم
االقتصاع هباتني العقيدتني ،وال جيدون عصد رجال الدين إجابة شافية ،بل رمبا ذهبوا ليسألوهنم عصها
فيجدون التهديد من طرح مثل هذه األسئلة ،فال جيدون أمامهم بُدًّا من اإلميان هبا بدافع التقليد
قمت هبذا البحث لِـ ـيُـ ـ ـ َج ـ ـلِّـ ـي األمر ويوضحه
للمجتمع أو بدافع اخلوف من رجال الكصيسة ،فلهذا ُ
بأسلوب علمي هادئ ،معتمدا على نصوص التوراة واإلجنيل ،وكذلك على املصطق العقلي الذي يتفق
عليه البشر كلهم.
.1إنه من املتفق عليه بني مجيع العقالء أنه ليس للصاس ذنب أصال في أكل أبيهم آدم من الشجرة،
فإهنم مل يَأمروا أباهم بذلك ومل يُشاركوه يف األكل ،وبصاء عليه فلو أن اهلل سيؤاخذ البشر بذنب
1الصصار) هم املعروفون اآلن باملسيحيني ،وهم أتباع املسيح عيسى ابن مرمي ،ووجه تسميتهم هبذه التسمية «نصار)» هو تصالرهم فيما بيصهم.
وقيل إهنم ُس ـ ُّـمـوا بذلك تبعا للحواريني الذين ولفوا أنفسهم بذلك ،كما قال عيسى عليه السالم :من أنصاري إىل اهلل قال ال ـ ـحواريون حنن
أنصار اهلل.
وقيل إهنم ُسـ ـ ُّـمـوا بذلك من أجل أهنم نزلوا أرضا يقال هلا «نالرة» بفلسطني.
وعلى كل حال فكلمة «نصار)» أللها من الصصرة ،وهي لفة مدح وثصاء.
2
حق
فبأي ٍّ
أبيهم لكان ظاملا – حاشاه من ذلك ،-ألهنم مل يتسببوا يف ذلك اخلطأ ألالِّ ،
يتحملون ذنبا مل يفعلوه ؟
َّ
العليا ،ومن ذلك أن اهلل نَـ َّـزَه نفسه عن الظلم كما
ومن املعلوم أن اهلل له األمساء احلسىن والصفات ُ
قال اهلل تعاىل:
يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعل ـ ــتُه بيصكم ُم َ
1
ـح ـ َّـرما فال تظالَـموا.
.2وبناء عليه فإن تحميل اإلنسان ذنب غيره يُـ ـعـ ـتـ ـب ــر من القبائح التي يتـ ــرفَّع عنها البشر،
يليق وصف رب البشر (وهو اهلل) بذلك ،فلو أن أحدا من الصاس َح َّـمـل شخصا آخر فكيف ُ
ُّه العـ ـُت ـ ـ ـبِـر ذلك ظلما ،ألن األول مل يكن متسببا يف خطأِ جدِّهِِّ ،
فبأي ِ
تبِعات خطأ ارتكبه جد ُ
ـحمل تبِعاته ،كيف وهو مل يكن موجودا على سطح األرض ملا ارتكب جده ذلك اخلطأ، حق يُ َّ
ٍّ
حق يتحمل ذنبه؟!
فبأي ٍّ
الس ـ ـفه والظلم ،فكيف يليق ولف اهلل بذلك،
فإذا كانت مؤاخذة اإلنسان بذنب غريه يعترب من َّ
الذي هو أعدل العادلني وأحكم احلاكمني وأرحم الرامحني ،وهو العليم اخلبري سبحانه وتعاىل؟!
.3يقال أيضا :طاملا أن الذي فـَ ـ ـ َع ـ ـل اخلطيئة هو آدم ،فلماذا مل ُُي ِّملهُ اهلل مهمة تكفري اخلطيئة،
املسيح عِوضا عصه ؟
َ ـح ِّـملها
ويُ َ
أين املصطق والعدل يف هذا؟
لِ َـم لَـم يُصلب آدم بدل املسيح يف حيصه وانتهى املوضوع؟ هذا هو مقتضى العقل والعدل
واإلنصاف.
واجلواب :ال ميكن أن يفعل اهلل هذا ألال ألنه عادل رحيم حكيم ،يضع األمور مواضعها.
.4كذلك فإن من مقتضى املصطق والعدل واإلنصاف أن تكون كفارة الذنب متكافئة مع الذنب ،أيًّا
كان ذلك الذنب ،وهذا مبدأ متفق عليه بني العقالء ،فلو أن إنسانًا ق ــطع إشارة مرور – مثال -
لكانت الك ـ ـ ــفارة دفع مبلغ مايل معني ،أو حبس ملدة وجيزة.
3
أما أن تكون عقوبة املخطئ دفع كل ما ميلك أو حبسه مد) احلياة فهذا ال يُِقُّرُه قانون إلـٰهي وال
بشري.
إذا تقرر هذا فهل من العدل والرمحة والتكافؤ بني الذنب وبني الكفارة أن تكون كفارة أكل آدم
من الشجرة أن يُصلب املسيح ويتعذب ويُهان ويُبصق يف وجهه ويوضع الشوك على رأسه؟
هذا القدر من العقوبة يرتفع عصه أقسى البشر ،فكيف يصح نسبته إىل رب البشر؟
هذا مع اعتقادنا حنن املسلمني أن املسيح مل يصلب ومل يقتل ألال ،بل رفعه اهلل إليه يف السماء ملا
هم اليهود بقتله ،وإمنا ذكرنا ذلك تَـصَ ُّـزال ألجل التوضيح.
َّ
يقال كذلك :هل من العدل والرمحة والتكافؤ بني الذنب وكفارته أن يتحمل باليني البشر ذنب
أبيهم األبعد اآدم مصذ بدأ اخلليقة إىل يوم القيامة؟
هذا املبدأ ليس من الرمحة يف شيء ،وليس من العدل يف شيء أبدا ،وحاشا اهلل أن يوقِ َعهُ على
البشر.
.7كذلك فإن إيقاع الذنوب على األطفال الـ ُّـرضَّع يعترب من الغلظة والقساوة اليت ال تليق بالبشر،
وتعترب من اجلرائم البشرية يف قانون البشر ،فكيف يليق نسبة هذا إىل شريعة املسيح ،اليت تلقاها من
رب البشر وهو اهلل؟
خري من اهلل وأرحم مصه؟! تعاىل اهلل عن ذلك.
أم أن البشر ٌ
.6الذنب – بطبيعته – شيء اكتسبه اإلنسان مبا عملت يداه ،ألنه فـ ـَ ــعل شيئا كان مـصهيا عن فعله،
أو ترك شيئا كان مأمورا بفعله ،وليس اكتساب الذنب ُيصل بالوراثة!
.2لو كان اكتساب الذنوب يصتقل بالوراثة ،فلماذا مل تتوار البشرية إال هذا الذنب؟
فآباؤنا وأجدادنا على مر العصور والقرون إىل يومصا هذا يفعلون الذنوب ،فلماذا هذا الذنب
بالذات هو الذي توارثته البشرية كلهم دون غريه من الذنوب؟!
.8لو كانت عقيدة اخلطيئة حقيقة فعال لكان يكفي المسيح أن يدعو اهلل أن يُـك ِّـفر عن البشر
هذه الخطيئة وينتهي األمر.
فلماذا مل ُيصل ذلك ،السيما والصصار) يعتقدون أن املسيح ابن الرب؟
لو كانت عقيدة توار اخلطيئة تصص على أن عيسى سيطلب من اهلل سبحانه وتعالى ويدعوه
ألن يغفر للصاس ذنبهم الذي ت ـ ـ ـوارثوه اعلى افرتاض حصول توار الـ ــخطيئة ؛ لكان هذا التصرف
4
مقبوال ،فإن دعاء الصاس لبعضهم أمر مطلوب ،فهذا يدعو اهلل أن يسامح هذا ويغفر له ذنوبه،
دخل ذاك اجلصة ،وهكذا ،أما أن وهذا يدعو اهلل أن يوفق هذا يف االمتحان ،وهذا يدعو اهلل أن ي ِ
ُ
يقتل اإلنسان نفسه ليغفر اهلل للصاس فهذا تصرف ال عالقة له باملغفرة ،وما الذي ُيبه اهلل يف هذا
التصرف وجيعله سببا للمغفرة؟!
.9يقال أيضا :ملاذا مل يغفر املسيح هذه اخلطيئة بصفسه ليصهي املوضوع؟ السيما واملسيحيون يعتقدون
بأنه هو الرب.
اقتل، ِ
ملاذا تطلبت مغفرة اخلطيئة إذالل املسيح لصفسه هذا اإلذالل البَ ــشع الذي ال تتقبله البهائم ٌ
للشوك على رأسه .احاشا املسيح أن ُيصل لهِ ووضع وللب على اخلشبةِ، وبصق على الوجه،
ٌ ٌ ٌ
ذلك .
إن كون املسيح مل يغفر اخلطيئة يلزم مصه أنه ليس هو الرب ،أو أن اخلطيئة خرافة وليست حقيقة،
أو أن كليهما غري لحيح ،ال املسيح رب ،وال اخلطيئة حقيقية ،وهذا هو احلق؛ فاملسيح بشر
رسول ،واخلطيئة غفرها اهلل آلدم يف حيصها ملا طلب من ربه املغفرة.
.11الصصار) يؤمصون بأن اهلل له لفتان عظيمتان ومها الرحـمة والعدل ،وهذا اعتقاد لحيح ال غبار
العلى.
عليه ،ألن اهلل له األمساء احلسىن والصفات ُ
ولكصهم يطبقون لفة العدل تطبيقا غري لحيح ،فهم يعتقدون أن حتقيق العدل اإللـٰهي ُيصل بأن
تُعاقب مجيع ذرية آدم وذريته على خطيئته األوىل اليت ارتكبها آدم نفسه وطُـ ـ ِرد بسببها من اجلصة،
وهي األكل من الشجرة ،هذا هو اعتقادهم وهذا هو فَهمهم ملقتضى العدالة الربانية.
وهذا االعتقاد غري لحيح ،فإن العدل مبفهومه اللغوي ال ُيصل بتوريث البشر ذنبا مل يعملوه
إطالقا ،أين العدل يف هذا؟
مث إن هذا الفعل ال تصح نسبته ألحد من البشر ملا فيه من مغالطات فكيف تصح نسبته لرب
البشر؟!
ليس هذا فحسب ،بل الصصار) يعتقدون أيضاً أن للب املسيح تتحقق به العدالة اإللـٰهية يف
العقاب!
أما الرحمة اإللـٰهية فيعتقدون أهنا ال تتحقق إال عن طريق تكفري ذنوب البشر بفضل املسيح ملا
للب نفسه وعرضها للموت واإلهانة الفظيعة -بزعمهم. َ
أين الرحمة في هذا باهلل عليكم؟!
5
التطبيق الصحيح ملبدأ الرمحة يكون برمحة اجلميع ،املسيح وغريه من البشر ،وليس بأن يغفر للبشر
على حساب كرامة املسيح!
هذا االعتقاد يتصاقض قلبا وقالبا مع اعـ ـ ـتقاد أنه اهلل رحيم عادل حكيم ،يقدر على العفو ،وُيب
العفو ،ويرحم عباده ،وُيب جناهتم.
فأي طائفة من الصصار) هي املستحقة لتكفري هذه .11لو افرتضصا أن عقيدة توار اخلطيئة لواب؛ ُّ
اخلطيئة؟ هل هي طائفة الكاثوليك أم األرثوذكس أم الربوتستانت أم ال َـموا ِرنة 1أم ماذا؟!
من املعلوم قطعا أن كل طائفة تصظر إىل األخر) على أهنا طائفة ضالة ،ورمبا تعتربها كافرة خارجة
فم ن األوىل من أتباع هذه الفرق بتكفري اخلطيئة عصه حىت
عن دين املسيح ألال ،فإذا كان هذا حقا َ
ـح َح مساره من اآلن؟
ـص ِّ
يُ َ
.12إنصا لو افرتضصا – مجرد افتراض – أن خطيئة أبيصا آدم مل يغفرها اهلل ،وأن ـ ــها انتقلت عرب األجــيال
وتوارثها الصاس ،وأن على كل إنسان أن يُطهر نفسه مصها؛ فإن عدل اهلل يقتضي أن يقوم كل فرد
بصفسهِ ،وال يعتمد على غريه ،سواء كان ذلك الغري هو املسيح
الذنب ِ مبهمة التخلص من ذلك َّ
عيسى ابن مرمي أو غريه ،فإن اهلل شرع األديان لكي يعمل الصاس ِ
بأنفسهم ويقوموا بالعالقة املباشرة
بيصهم وبني خالقهم ورازقهم وهو اهلل ،أما أن يعمل عصهم غريهم بالصيابة عصهم فإن اهلل مل يشرع
ذلك ،ألهنم إن فعلوا ذلك فلن حتصل العبودية مصهم هلل خالقهم ورازقهم.
1بدأت نشأة طائفة املوارنة يف سصة 681م ملا جاء بطريرك أنطاكية وهو ايوحصا مارون بعقيدة جديدة لتفسري طبيعة املسيح
بزعمه ،قال فيها إن املسيح له طبيعتا ن ومشيئة واحدة ،نظرا اللتقاء الطبيعتني يف أقصوم واحد ،فعارضته كصيسة
القسطصطيصية والكصيسة الكاثوليكية ،وعقدوا جممعا حضره حوايل مئتني ومثانني أسقفا ،وقرروا أن املسيح له طبيعتان
ومشيئتان ،وطردوا ولعصوا البطريرك مارون ،فانفصلت كصيسة أنطاكية ،وتعرض مارون لالضطهاد ،فلجأ إىل جبل
لبصان ،ومسوا أتباعه اال َـموارنة ،وهي طائفة باقية إىل اآلن.
6
األدلة النقلية ال ُـمثبتة لبطالن عقيدة توارث الخطيئة
.13إ نك لو قرأت األناجيل األربعة والرسائل الثالثة والعشرين امللحقة هبا من أوهلا إىل آخرها لوجدت
أهنا خالية متاما من نص واضح وصريح ال ُيتمل التأويل أن الصاس توارثوا خطيئة أبيهم آدم وأن
اهلل مل يغفرها له يف حيصها.
.14بل على العكس من ذلك ،فإن املراجع اإلجنيلية الـمتوافرة بيد الصصار) بعهديه القدمي واجلديد تدل
على أن اإلنسان ُياسب على ذنبه فحسب ،وال يتعدَّ) الذنب لاحب الذنب إىل غريه ،ال أبصائه
وال غريهم ،فبصاء على ذلك فذنب أبيصا آدم مل يصتقل ألبصائه ،فبطلت بذلك عقيدة توار اخلطيئة.
ففي سفر حزقيال ا: 21- 19/18
«وأنتم تقولون :ملاذا ال ُيمل االبن من إمث األب ؟ أما االبن فقد فعل حقا وعدالَ .حـ ـ ِف َظ مجيع
فرائضي وعمل هبا فحياة ُييا.
الصفس اليت ختطئ هي متوت .االبن ال يحمل من إثم األب ،واألب ال يحمل من إثم االبن .بِ ـُّر
البار عليه يكون ،و َش ـ ـُّر الشرير عليه يكون».
«ال يُقتل اآلباء عن األوالد ،وال يُقتل األوالد عن اآلباء ،كل إنسان خبطيئته يقتل».
.17ومن أدلة بطالن عقيدة توار اخلطيئة أن هذه العقيدة لو كانت حقيقية لدل على ذلك األنبياء
الذين جاءوا قبل المسيح وقبل موسى ،مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وغريهم من
ـخـلِّص لتتخلصوا من
أنبياء بين إسرائيل وغريهم ،ولقالوا ألقوامهم :آمصوا باملسيح أنه هو الفادي وال ُـم َ
اخلطيئة وال تذهبوا إىل اجلحيم ،بيصما الواقع أن هذا غري مذكور عصهم إطالقا ،ولو كانت هذه
العقيدة حقيقية لبيصوها للصاس ،ألنه من املعلوم أن وظيفة األنبياء هي إرشاد أقوامهم لما فيه خير
لهم ،فإن األنبياء مـرسلون من عصد اهلل ،ووظيفتهم هي بيان طريق الصجاة من الصار ألقوامهم
ليجتصبوه ،وبيان طريق الولول للجصة ليسلكوه ،وال جيوز هلم إخفاء عقيدة اخلطيئة – لو كانت
حقيقية – إطالقا ،السيما واجلهل هبا سبب للهالك األبدي السرمدي يف نار جهصم ،وإال فما
اهلدف من إرساهلم؟
وهصا يأيت سؤال َح ـ ـيَّـ ـَر القساوسة املخدوعني هبذه العقيدة كثريا وهو :ما هو وضع الصاس الذين
عاشوا قبل املسيح على مد) قرون كثرية؟
7
هم ما آمصوا باملسيح بأنه ُمـخلِّصهم من اخلطيئة ألهنم كانوا قبله ،فكيف سيتطهرون إذن من
اخلطيئة املزعومة؟
أم أن كل من جاء قبل المسيح سيذهبون للجحيم ،أم ما هو مصيرهم بالضبط؟
.16كذلك ،فلو كانت اخلطيئة األوىل ُمتَوارثة فعال عرب القرون ،فلِماذا تأخر الرب يف إرسال املسيح
خملصا كل تلك املدة؟!
لو كانت عقيدة اخلطيئة حقيقية ألرسل اهلل املسيح فورا بعد آدم ،أو خالل وقت آدم ،ليتحرر
فلما مل ي ُكن ذلك
الصاس مصها ،وال يتوارثوها ،هذا هو مقتضى لفة الرمحة اليت يتصف هبا الربَّ ،
تبني أن هذه العقيدة ومهية ،ليس هلا ألل أبدا.
هذا جاء إلى يسوع ليال وقال له :يا ُمعـ ـلِّم ،نعلم أنك قد أتيت من اهلل ُمعـ ـلِّما ،ألن ليس أحد
يقدر أن يعمل هذه اآليات التي أنت تعمل إن لم يكن اهلل معه.
فقول رئيس اليهود للمسيح :ايا ُمعـ ـلِّم ،نعلم أنك قد أتيت من اهلل ُمعـ ـلِّما) ،فهصا تقرير أن
املسيح أرسله اهلل إىل اليهود رسوال ومعلما ،ألن الرسول يُعلِّم الصاس الذين أرسل إليهم ما أرسله اهلل
به من العلم ،ومن املعلوم أن املسيح قد علَّم الصاس اإلجنيل ،ودهلم على اخلري.
ولم يقل رئيس اليهود للمسيح إنه جاء فاديا ،أو ُمـخـلِّـصا ،أو إنه ابن اهلل ،أو إنه هو اهلل ،وال
غير ذلك من األقوال السائدة بين جماهير المسيحيين.
واملسيح أقَـ َّـر هذا اليهودي على كالمه ،ومل يقل له إنك خمطئ يف كالمك ،ولو كان هذا اليهودي
ولحح كالمه ،ألن هذه وظيفته َك ُـم َـع ـلِّم ،وهي أن يُِقَّره على
خمطئا يف كالمه العرتض عليه املسيح َّ
الصواب ،ويصلح له اخلطأ ،وإال مل يكن معلما على احلقيقة.
.18أيها القارئ الكرمي :قد بيـن اهلل يف عدة مواضع من كتابه املقدس احملفوظ وهو االقرآن الكرمي كل
إنسان ُيمل حسصاته وسيئاته ،فإذا كان يوم القيامة تـُجاز) كل نفس مبا كسبت.
8
هتن بعمله يوم القيامة ،إن فعل
قال اهلل تعاىل ﴿كل نفس مبا كسبت رهيصة﴾ ،يعين كل إنسان مر ٌ
خريا جازاه اهلل خريا ،وإن فعل شرا جازاه اهلل شرا وعقوبة ،وال يؤاخذ اهلل أحدا بذنب غريه ،وهذا هو
مقتضى العدل واإلنصاف.
وقال اهلل تعاىل ال يكلف اهلل نفسا إال وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
وقال اهلل تعاىل فمن يعمل مثقال ذرة خريا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
س إَّال عل ْيـها وال تزُر
ب ُكلُّ نـ ْف ٍب ُك ِّل َش ْيء وال تكْس ُ وقال تعاىل قُ ْل أَغَْيـَر اللَّهِ أَبْغِي َربًّا َوُه َو َر ُّ
وازرة و ْزر أُ ْخر ٰى ُمثَّ إِ َ ٰىل َربِّ ُكم َّم ْرِج ُع ُك ْم فـَيُـَصبِّئُ ُكم ِمبَا ُك ُصت ْم فِيهِ َ ْختتَلِ ُفون.
ض َّل فَإَِّمنَا ي ِ ِ ِ
ضلُّ َعلَْيـ َها وال تزُر وازرة و ْزر أُ ْخرى َ وقال تعاىل م ِن ْاهتَ َد ٰ) فَإَِّمنَا يَـ ْهتَدي لصَـ ْف ِسهِ َوَمن َ
ث َر ُسوال. ني َح َّ ٰىت نَـْبـ َع َ َوَما ُكصَّا ُم َع ِّذبِ َ
نفس إمث نفس أخر) ،وال ِو ُزر هو اإلمث ،بل كل ِ
ومعىن قوله ال تزُر وازرٌة وزر أخر) أي :ال تتحمل ٌ
نفس تتحمل ما فعلته من إمث.
.19كذلك فقد علَّمصا اهلل أن نطلب مصه املغفرة إذا حنن أذنبصا ،ووعدنا باملغفرة إن كصا لادقني يف
ذلك ،كل هذا لتحقيق العبودية له سبحانه وتعاىل ،وليكون االتصال بيصصا وبيصه مباشرا ،ومل يطلب
اهلل من نبيه عيسى إطالقا قتل نفسه لتكفري خطايا الصاس ،فهذا االعتقاد يتصاىف مع لفات اهلل
سبحانه وتعاىل االرحيم ،الغفور ،التواب ،احلكيم ،العادل .
اد َّ ِ ِ ِ
َسَرفُوا َعلَى ين أ ْي الذ َ قال اهلل تعاىل يف القرآن يف حث الصاس على التوبة من الذنوب قُ ْل يَا عبَ َ
الرِحيم * َوأَنِيبُوا إِ َىل الذنُ َ ِ ِ أَن ُف ِس ِهم َال تَـ ْقصَطُوا ِمن َّر ْمحَةِ اللَّهِ إِ َّن اللَّهَ يَـ ْغ ِفر ُّ
وب َمج ًيعا إنَّهُ ُه َو الْغَ ُف ُ
ور َّ ُ ْ
َح َس َن َما أُن ِزَل إِلَْي ُكم ِّمن ِ ِ ربِّ ُكم وأ ِ
صصُرون * َواتَّبِ ُعوا أ ْ اب ُمثَّ َال تُ َ َسل ُموا لَهُ من قـَْب ِل أَن يَأْتيَ ُك ُم الْ َع َذ ُ َ ْ َ ْ
ِ
طت
س يَا َح ْسَرتَا َعلَى َما فَـَّر ُ ول نَـ ْف ٌ َنت ْم َال تَ ْش ُعُرون * أَن تَـ ُق َ َّربِّ ُكم ِّمن قَـْب ِل أَن يَأْتيَ ُك ُم الْ َع َذ ُ
اب بَـ ْغَتةً َوأ ُ
صت ِم َن الْ ُمت َِّقني * أ َْو تَـ ُق َ
ول َن اللَّهَ َه َد ِاِن لَ ُك ُول لَْو أ َّ اخ ِرين * أ َْو تَـ ُق َ الس ِصت لَ ِم َن َّ ِيف ج ِ ِ
صب اللَّه َوإِن ُك ُ َ
ت ِهبَا ك آيَ ِايت فَ َك َّذبْ َ َن ِيل َكَّرًة فَأَ ُكو َن ِم َن الْ ُم ْح ِسصِني * بَـلَ ٰى قَ ْد َجاءَتْ َ اب لَْو أ َّ ني تَـَر) الْ َع َذ َحَ
ِ
س ِيف ِ َّ ِ ِ ِ ِ واستَ ْكبـرت وُك ِ
ين َك َذبُوا َعلَى اللَّه ُو ُج ُ
وه ُهم ُّم ْس َوَّدةٌ أَلَْي َ صت م َن الْ َكاف ِرين * َويَـ ْوَم الْقيَ َامة تـََر) الذ َ َ ْ َْ َ َ َ
ِ
السوءُ َوَال ُه ْم َُْيَزنُون. ين اتـَّ َق ْوا ِمبََف َازهتِ ْم َال َميَ ُّس ُه ُم ُّ َّ ِ
َّم َمثْـ ًو) لِّلْ ُمَت َكِِّربين * َويُـصَ ِّجي اللَّهُ الذ ََج َهص َ
وقال اهلل تعاىل يف ولف املؤمصني والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اهلل فاستغفروا
لذنوهبم ومن يغفر الذنوب إال اهلل ومل يُصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة
من رهبم وجصات جتري من حتتها األهنار ونِ ْـعـم أجر العاملني.
9
شرب مخر ،أو غري ذلك ،وأحس بالذنب ورغب يف
فإذا ارتكب اإلنسان ذنبا اسرقة ،كذبا ،زناَ ،
التوبة ف ـ ـ ــما عليه إال أن يطلب من اهلل الـمغفرة ويكون لادقا يف ذلك ،بأن يعزم على عدم العودة،
ويكون نادما على ارتكاب الذنب ،ويُقلِع عن الذنب ،فإذا حتققت هذه الشروط الثالثة فإن اهلل
سيبدِّل سيئاته إىل ح ـ ــسصات ،ألن اهلل رحيم بعباده ،يفرح بإقباهلم عـ ـ ـ ـ ــليه ،وُيب
سيفرح بتوبته ،بل ُ
أن يغفر هلم ،ولو كانت ذنوهبم مثل اجلبال ،قال اهلل يف القرآن واهلل يريد أن يتوب عليكم ،وقال
وع ِـمل َع ِـمال لاحلا فأولئك يُبدل اهلل سيئاهتم حسصاهتم وكان اهلل غفورا
إال من تاب وآمن َ
رحيما.
البشر من طبيعته اخلطأ، بشر مثلصا ،و ُ بشر مثلصا ،وأمصا حواء ٌ
.21واحلق الذي ال شك فيه أن أبانا آدم ٌ
فلما أخطآ وأكال من الشجرة اليت هنامها اهلل عن األكل مصها؛ استغفرا رب ـ ـ ـ ـهما وتابا إىل اهلل فغ ـ ـفر
اهلل لـهما وانتهى الموضوع ،ومل تبق اخلطيئة يف ذمتهما ،فضال عن انتقاهلا إىل ذريتهما عرب
األجيال والقرون مث موت املسيح على الصليب ليحصل تكفري اخلطيئة ،واملصاحلة بني اهلل وبني
خلقه كما يقولون ،هذا كله من حتريف بولس يف دين املسيح ،1وليس هلل حاجة يف هذا ،والذي
تقرره شريعة اإلسالم هو ما تقدمِ ،من أن اهلل غفر آلدم وحواء وانتهى املوضوع يف حيصه ،وليس
هصاك ذنب مورو ،وليس هصاك عداء بني اهلل وبني خلقه بسبب هذه اخلطيئة.
فصل مختصر مفيد في بيان قصة أبينا آدم لما أكل من الشجرة ثم مغفرة اهلل لذلك الذنب،
كما وردت في القرآن الكريم
جل ثصاؤه أبانا آدم وزوجته أمصا حواء عن أكل مثار شجرة بعيصها من أشجار اجلصة ،دون
هنى اهلل َّ
سائر أشجارها ،فأغوامها الشيطان باألكل مصها ،فأخطآ فأكال مصها ،ألن البشر بطبيعتهم غري
معصومني عن الوقوع يف اخلطأ ،مث تابا وطلبا من اهلل املغفرة فغفر اهلل هلما ذنبهما ،ألن اهلل رحيم
بعباده ،يق ـ ـ ـ ـ ـبل توبة من أخطأ مصهم مث تاب ،فإنه يعلم مصهم طبيعة اخلطأ ألنه خلقهم غري
معصومني ،فمحا اهلل عصهم ذنبهم ،وانتهى األمر حبمد اهلل.
َنت
اس ُك ْن أ َ آد ُم ْ وقد جاء ذكر قصتهما يف مواضع من القرآن الكرمي ،قال اهلل تعاىل ﴿وقـُلْصَا يَا َ
َّجَرَة فَـتَ ُكونَا ِم َن الظَّالِ ِمني * فَأ ََزَّهلَُما
ث شْئتُ َما َوَال تَـ ْقَربَا هذه الش َ
اجلصَّةَ وُك َال ِمْصـها ر َغ ًدا حي ُ ِ
َ َ َْ ك َْ َ َوَزْو ُج َ
ض ُك ْم لِبَـ ْعض َع ُد ٌّو َولَ ُك ْم ِيف ْاأل َْر ِ ِ ِ
ض ُم ْستَـ َقٌّر َخَر َج ُه َما ِمَّا َكانَا فيهِ َوقـُ ْلصَا ْاهبِطُوا بَـ ْع ُ
الشَّْيطَا ُن َعْصـ َها فَأ ْ
1سيأيت يف نقطة رقم ِ 22ذكـ ُـر تفصيل مفيد يف دور بولس يف إدخال هذه العقيدة – عقيدة اخلطيئة األوىل – يف دين املسيح
بعد رفعه إىل السماء.
11
الرِحيم * قُـ ْلصَا ْاهبِطُوا ِمْصـ َها ِ اع إىل حني * فَـتَـلَ َّقى ِ ِ ِ
اب َعلَْيه إِنَّهُ ُه َو التَّـ َّو ُ
اب َّ آد ُم من َّربِّه َكل َمات فَـتَ َ
َ َوَمتَ ٌ
ين َك َفُروا َّ ِ مج ًيعا فَإِ َّما يَأْتِيَـصَّ ُكم ِّم ِّين ُه ًد) فَ َمن تَبِ َع ُه َداي فََال َخ ْو ٌ ِ َِ
ف َعلَْيه ْم َوَال ُه ْم َُْيَزنُون * َوالذ َ َ
1
اب الصَّا ِر ُه ْم فِ َيها َخالِ ُدون﴾.
َل َح ُ َوَك َّذبُوا بِآيَاتِصَا أُولَٰئِ َ
كأ ْ
اس ُك ْن آد ُم ْ وقد جاء ذكر قصة أكل آدم وحواء من الشجرة يف سورة األعراف ،قال تعاىل ﴿ َويَا َ
ِِ ِ اجلصَّةَ فَ ُك َال ِمن حي ُ ِ
س َّجَرَة فَـتَ ُكونَا م َن الظَّالمني * فَـ َو ْس َو َ ث شْئتُ َما َوَال تَـ ْقَربَا هذه الش َ ْ َْ ك َْ َنت َوَزْو ُج َ أ َ
َّجَرةِ إَِّالال َما نـَ َها ُك َما َربُّ ُك َما َع ْن هذه الش َ ي َعْصـ ُه َما ِمن َس ْوآهتِِ َما َوقَ َ ي َهلَُما َما ُووِر َ
ِ ِ
َهلَُما الشَّْيطَا ُن ليُْبد َ
َّال ِحني * فَ َدَّال ُمهَا بِغُُرور فَـلَ َّما امسَهما إِ ِِّن لَ ُكما لَ ِمن الص ِ ني أَو تَ ُكونَا ِمن ْ ِ ِ
َ َ اخلَالدين * َوقَ َ ُ َ َ أَن تَ ُكونَا َملَ َك ْ ِ ْ
ت َهلما سوآتـُهما وطَِف َقا ََيْ ِ
ان َعلَْي ِه َما ِمن َوَرِق ا ْجلَصَّةِ َونَ َ
اد ُامهَا َربـُّ ُه َما أَ َملْ أَنْـ َه ُك َما ص َف ِ
َّجَرةَ بَ َد ْ َُ َ ْ ُ َ َ ذَاقَا الش َ
َّجَرةِ َوأَقُل لَّ ُك َما إِ َّن الشَّْيطَا َن لَ ُك َما َع ُد ٌّو ُّمبِني * قَ َاال َربَّـصَا ظَلَ ْمصَا أَن ُف َسصَا َوإِن َّملْ تَـ ْغ ِف ْر ِ
َعن تلْ ُك َما الش َ
ض ُم ْستَـ َقٌّر َوَمتَاعٌ ض ُك ْم لِبَـ ْعض َع ُد ٌّو َولَ ُك ْم ِيف ْاأل َْر ِ ال ْاهبِطُوا بَـ ْع ُ اس ِرين * قَ َ اخلَ ِ
لَصَا َوتـَ ْر َمحْصَا لَصَ ُكونَ َّن ِم َن ْ
2
ال فِ َيها َحتْيَـ ْو َن َوفِ َيها متَُوتُو َن َوِمْصـ َها ُختَْر ُجون﴾. إِ َىل ِحني * قَ َ
جل ثصاؤه أبانا آدم وزوجته حواء عن أكل مثار شجرة ُم َـع ـيَّـصَــة من أشجار اجلصة ،اهلل أعلم
هنى اهلل َّ
ما هي تلك الشجرة ،فإن اهلل مل يضع لعباده دليال على حتديد نوع تلك الشجرة ،ومل يذكر ذلك
يف القرآن ،ومل يذكر ذلك الص ي محمد اللى اهلل عليه وسلم يف أحاديثه.
11
وقد قيل إهنا شجرة البُـ ـ ْر ،وقيل كانت شجرة العصب ،وقيل إهنا شجرة التني ،وعلى كل حال فالعلم
بصوع تلك الشجرة ال يرتتب عليه عمل وفائدة ،واجلهل به ال يضر ،ولو كان يف العلم به خري ألخرب
اهلل به.
ك َولَِزْوِج َ
ك فَالَ عبده آدم من إغواء الشيطان فقال ﴿فـَ ُقلْصَا يا آدم إِ ّن َه َذا َع ُد ّو لّ َ
وقد َّ
حذر اهلل
اجلَصّةِ فَـتَ ْش َق َى﴾ ،أي إنك إن استمعت إىل الشيطان وأكلت من الشجرة فسيكون
َُيْ ِر َجصّ ُك َما ِم َن ْ
عقاب ذلك اخلرو من اجلصة ،مث تتعرض للشقاء ،بالكدح والعمل يف األرض بدال أن تكون
ُم ــصَـ ـ َّـع ـ ــما يف اجلصة.
ولكن الشيطان حسد آدم على هذه الصعمة ،فأغواه وزوجته ،ووسوس هلما وزيَّن هلما األكل من
حرم اهلل علهما األكل مصها ،وأقسم هلما أنه نالح هلما يف مشورته عليهما ،وهو الشجرة اليت َّ
كاذب يف ذلك ،وِما قاله هلما ليمكر بِـ ِهما :إمنا هناكما ربكما عن األكل من مثار هذه الشجرة
من أجل أن ال تكونا ملَ َكني ،ومن أجل أن ال تكونا خال َدين يف احلياة ،فانطلت عليهما ِخدعة
إبليس لعصه اهلل ،فأكال مصها ،فغضب اهلل عليهما ،وقال هلما أمل أهنكما عن األكل من تلك
الشجرة ،وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو ُمبني ،أي ظاهر العداوة؟
فصزع اهلل عصهما لباسهما ،لباس أهل اجلصة ،عقوبة هلما على تلك اخلطيئة ،فراحا يغطيان عورتيهما
ان َعلَْي ِه َما ِمن َوَرِق ْ
اجلَصّة﴾ ،أي :فأخذا يصزعان من ورق بأوراق اجلصة كما قال تعاىل ﴿وطَِف َقا ََيْ ِ
ص َف ِ
َ
أشجار اجلصة ويلصقانه على أنفسهما ليسرتا ما انكشف من عورتيهما.
ندما عظيما ،وقاال :ربصا ظلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمصا أنفسصا باألكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل من ِ ِ
فلما علم آدم وحواء بأهنما أخطآ ندما ً
الشجرة ،وإن مل تغفر لصا وترمحصا لصكونن من اخلاسرين ،أي ِمـ َّمن أضاعوا حظَّهم يف دنياهم
وأُخراهم ،فاستغفرا اهلل ،أي طلبا مصه املغفرة وقبول التوبة ،فأهلمهما اهلل قول كلمات فيها دعاء
وتذلل واستغفار فقاالها ،قال اهلل تعاىل ﴿ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب
الرحيم﴾ ،والكلمات هي ﴿ ربصا ظلمصا أنفسصا وإن مل تغفر لصا وترمحصا لصكونن من اخلاسرين﴾ ،فلما
12
قاالها تاب اهلل عليهما وغفر ذنبهما ،كما قال تعاىل ﴿مث اجتباه ربه فتاب عليه وهد)﴾ ،ألن اهلل
تعاىل رحيم بعباده ،يقبل توبة من أقبل عليه طالبا املغفرة والعفو ،كما قال تعاىل عن نفسه ﴿وهو
الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون﴾.
مث بعد ذلك أهبط اهلل آدم وحواء من اجلصة إىل هذه األرض اليت نعيش عليها ،ليستقر آدم وذريته
يف األرض إىل أن تصقضي آجال الصاس ،مث يبعثهم اهلل يوم القيامة وُياسبهم ،فمن اختار طريق
اإلميان كان مصريه إىل اجلصة ،ومن أعرض عن اإلميان كان من أهل الصار عياذا باهلل ،قال اهلل تعاىل
ال فِ َيها َْحتيَـ ْو َن
اع إِ َىل ِحني * قَ َ ض ُك ْم لِبَـ ْعض َع ُد ٌّو َولَ ُك ْم ِيف ْاأل َْر ِ
ض ُم ْستَـ َقٌّر َوَمتَ ٌ ال ْاهبِطُوا بَـ ْع ُ ﴿قَ َ
َوفِ َيها متَُوتُو َن َوِمْصـ َها ُختَْر ُجون﴾.
.21وللفائدة العلمية ،ف هصاك مزيد تفصيل يف إثبات أن مبدأ توار اخلطيئة األوىل ليس إال خرافة،
جيدها القارئ الكرمي والقارئة الكرمية يف الرابطني التاليني:
http://www.gospeltruth.net/OS100bibleverses.htm
https://www.christiancourier.com/articles/276-original-sin-and-a-
misapplied-passage
13
.22سر المسألة – خداع بولس للناس ،وهو العامل التاريخي
وهصا قد يأيت سائل مثقف ،أو سائلة مثقفة ،فيسأالن سؤاال مصطقيا فيقوالن:
إذا كانت املصادر اإلجنيلية املعالرة تقرر أنه ليس مثة خطيئة متوارثةِ ،
فمن أين دخلت عليصا هذه
العقيدة؟
أحد مسألة اخلالص؟
وبصاء على ماذا يعلمصا القساوسة ويؤكدون لصا يف كل يوم َ
ما هو عمدهتم يف هذه األقوال والعقائد البعيدة كل البعد عما هو مذكور يف العهد القدمي واجلديد
من الصصوص اليت تقرر خالف ما يقررونه يف الكصائس ،فضال عن كوهنم ميصعون املثقفني واملثقفات
من جمرد السؤال عصها فضال عن االعرتاض؟!
اجلواب هو ما سصع ِرضه يف الصفحات القليلة القادمة بإجياز عن مصدر عقيدة اخلطيئة من األلف
إىل الياء
مقدمة
إن التاريخ يبني أن عقيدة أن ااملسيح ابن اهلل مل تُعرف بني أتباع املسيح إال بعد رفعه إىل السماء ،والذي
أدخلها رجل يهودي امسه شاول ،عُِرف الحقا باسم بولس الرسول ،اويُلفظ أحيانا :بولص ،ابتدع هذه العقيدة
وعقائد أخر) وأدخلها مجيعا يف املسيحية األللية الصحيحة ،فصار الصصار) ااملسيحيون ال يَـ ـ ْـتـ ــبعون يف
احلقيقة والواقع دين املسيح اليسوع الذي جاء به من عصد اهلل ،بل يتبعون الدين احملرف الذي ابتدعه بولس.
وبولس يف األلل رجل يهودي كما أسلفصا ،ظهر على مسرح األحدا بعد رفع املسيح حبوايل ثال إىل مخس
سصوات ،فانقلب فجأة ودون مقدمات من َع ُدٍّو جمرم ومتطرف يف عداوته ضد يسوع ورسالته وأتباعه ،إىل رسول
موحى إليه ِمن قَِـب ِـل اهلل ومن قِـَبل يسوع أيضا ،ف ّادعى مخسة أمور:
األول :أنه رسول ُمـ ـ َع ـ ـَّيـ ـ ـن من قِبل يسوع.
14
األول :هدم دين املسيح من الداخل ،بتحريفه وتشويهه وحتويله إىل دين آخر خمتلف متاما يف جوه ِرهِ عن دين
املسيح.
جعله متوافقا مع مبادئهم الوثصية. الثاني :استمالة الوثصيني الرومان إىل الدين اجلديد الذي َّ
لممه هلم ،بأن َ
ولكي ُيقق بولس هدفه بسهولة ويتجصب املواجهة مع أتباع املسيح ،دخل بولس يف دين املسيح ايف الظاهر ،
وحبه يف الظاهر ،ويف الباطن وكان ذلك مصه نفاقا وخداعا ألتباع املسيح احلقيقيني ،بأن كان يُظهر اتِّ ـ ـ َ
ـباع املسيح َّ
كان َيفي الكفر به وبدعوته ،وبعبارة أخر) فقد كان بولس مصاف ًقا ،جعل نفاقه ستارا يتسرت به ،ونقطة بداية
يصطلق مصها إىل عملية ختريب واسعة الصطاق يف رسالة ودين يسوع املسيح.
ومن اإليجاز ننتقل إلى التفصيل لفهم دور بولس في تحريف رسالة المسيح ،وبيان ذلك يتضح في ستة
نقاط نسردها على سبيل اإليجاز ثم نتكلم على كل واحدة بالتفصيل
النقطة الثانية :بولس يدَّعي أنه رسول مُـعـيَّن من عند المسيح ،وينقلب انقالبا مفاجئا من عدو شرس
للمسيح ودعوته إلى نبي موحى إليه من المسيح نفسه!
النقطة الثالثة :دعوى بولس أن المسيح ابن الرب( ،تعالى اهلل عن أن يتخذ ولدا)
النقطة الرابعة :دعوى بولس أن المسيح هو الرب( ،تعالى اهلل عن ذلك)
النقطة الخامسة :دعوى بولس أن خطيئة أبيهم آدم باقية ،وأن البشر توارثوها ،وأن اهلل أرسل ابنه
المسيح (فاديا) لـ ـ ـيُـ ـخلصهم من خطيئة أبيهم آدم ،بأن يموت مقتوال مصلوبا ،وبذلك يرضى الرب
وتـتـم المصالحة بينه وبين البشر
النقطة السادسة :إثبات كذب بولس في دعواه أن المسيح أرسله وغيرها من الدعاوى
التفصيل
مقدمة :كان الصاس يف فلسطني يصظرون للمسيح ابن مرمي قبل أن يبدأ يف دعوته على أنه إنسان مثلهم ،وملا بدأ
دعوته لقومه اليهود انقسموا إىل قسمني:
األولٌ :
قوم لدقوه وآمصوا برسالته واتبعوه ،وأنه ن ي بشر مرسل من اهلل سبحانه وتعاىل إليهم
15
وهصا قد يسأل سائل فيقول :ملاذا يكره اليهود املسيح؟
فاجلواب :إن دعوة املسيح وتعاليمه السمحة تتصاقض مع طبائع اليهود املادية الشرهة ،وقلوهبم القاسية املتكربة
املتحجرة ،فلما جاءهم اهتموه بأنه مدَّع للصبوة ،وكفروا باآليات الدالة على نبوته ،وقالوا إهنا تتم مبساعدة
الشياطني.
وبعد رفع املسيح إىل السماء بسصوات قليلة جاء بولس اليهودي ،املتطبع بطبائع اليهود من رأسه إىل أمخص
فادعى أن املسيح إلـٰه وأنه ابن اهلل ،فتبعه من تبعه على هذا االعتقاد ،فصشأ قسم ثالث يضاف إىل
ق َدميهَّ ،
القسمني اآلنف ذكرمها.
سرد النصوص ال ُـمـثبتة لعداوة بولس للمسيح ودينه وأتباعه
جاء عصه يف «أعمال الرسل» «:»3/8
«وأما شاول فكان يسطو على الكنيسة ،وهو يدخل البيوت وجير رجاال ونساء ويسلمهم إلى
السجن».
« فإنكم مسعتم بسرييت قبال يف الديانة اليهودية ،أِن كصت أضطهد كنيسة اهلل بإفراط وأُتـ ـلفها».
« فأنا ارتأيت يف نفسي أنه يصبغي أن ألصع أمورا كثرية مضادة السم يسوع الناصري.
ويف كل اجملامع كصت أعاقبهم مرارا كثيرة ،وأضطرهم إىل التجديف .2وإذ أَفـ ـ ـ َرط َحـ ـ ـَص ـ ـقي عليهم كصت
أطردهم إلى المدن التي في الخارج».
«أما شاول فكان مل يزل ينفث تهددا وقتال على تالميذ الرب ،فتقدم إىل رئيس الكهصة
وطلب مصه رسائل إىل دمشق ،إىل اجلماعات ،حىت إذا وجد أناسا من الطريق ،رجاال أو نساء،
يسوقهم موثقين إلى أورشليم
ويف ذهابه حد أنه اقرتب إىل دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء
16
فسقط على األرض ومسع لوتا قائال له :شاول ،شاول ملاذا تضطهدِن
فقال :من أنت يا سيد؟ فقال الرب :أنا يسوع الذي أنت تضطهده .لعب عليك أن ترفس مصاخس
فقال وهو مرتعد ومتحري :يا رب ،ماذا تريد أن أ فعل؟ فقال له الرب :قم وادخل املديصة فيقال لك ماذا
يصبغي أن تفعل».
النقطة الثانية :بولس يكذب على الناس ،ويدَّعي أنه رسول ُمـعـيَّن من عند المسيح نفسه ،وينقلب
انقالبا مفاجئا من عدو شرس للمسيح ودعوته إلى نبي موحى إليه من المسيح نفسه!
«وملا كصت ذاهبا يف ذلك إىل دمشق بسلطان وولية من رؤساء الكهصة
رأيت يف نصف الصهار يف الطريق ،أيها امللِك ،نورا من السماء أفضلُ من ملعان الشمس ،قد أبرق حويل
وحول الذاهبني معي.
فلما سقطصا مجيعصا على األرض مسعت لوتا يكلمين ويقول باللغة العربانية :شاول ،1شاول ،ملاذا
تضطهدِن؟ لعُب عليك أن ترفس مصاخس
فقلت أنا :من أنت يا سيد؟ فقال :أنا يسوع الذي أنت تضطهده .
مصقذا إياك من الشعب ومن األمم الذين أنا اآلن أرسلك إليهم
لتفتح عيوهنم كي يرجعوا من ظلمات إىل نور ،ومن سلطان الشيطان إىل اهلل ،حىت يصالوا باإلميان يب
غفران اخلطايا ونصيبا مع املقدسني».
انتهى كالمه.
التعليق:
ما هو مكتوب يف هذا الصص ليس إال دعو) َّادعاها بولس لصفسه ،ليس عليها إثبات ،وكل إنسان مبقدوره أن
يدَّعيها ،وسيتبني كذبه فيما قال قريبا.
«بولس ،رسول ال من الصاس وال بإنسان ،بل بيسوع المسيح واهلل اآلب الذي أقامه من األموات.
« 1شاول» هو اسم «بولس» األللي ،وقد تسمى بعد ذلك باسم «بولس».
17
وأُ َعـ ـِّرفكم أيها اإلخوة اإلنجيل الذي بُـ ـ ِّشـ ـ ُ
رت به ،أنه ليس حبسب إنسان
ألِن مل أَْق ـ ـَبله من عصد إنسان وال علِمته .بل بإعالن يسوع المسيح» .
وقال كما يف «أعمال الرسل» ا 21/22أن اهلل قال له« :اذهب ،فإني سأرسلك إلى األمم بعيدا» .
النتيجة
كانت نتيجة دعو) بولس أنه رسول من عصد املسيح وأن املسيح أوحى إليه إجنيال أنه استحوذ على كل
وحل محله يف نظر الصاس ،كما أنه َسحب البساط من حتت تالميذ املسيح احلقيقيني لالحيات املسيحَّ ،
حل محل
الذين تلقوا عن املسيح ،ألنه لار يف مصزلة أعلى مصهم ،إذ َّادعى أنه رسول ،وبطبيعة احلال فإنه َّ
املسيح يف نظرهم ،ولار عصده سلطات تشريعية وتصفيذية كاملة ليضع ما شاء من العقائد ،وميحو ما شاء
كما ُيلو له ،والصاس لدقته يف كذبه ،تعاىل اهلل عن إفك هذا األفَّ ـ ــاك عُـلُ ـ َّـوا كبريا.
وحجم دعو) بولس أن املسيح أوحى له إجنيال يتضح من حجم رسائله امللحقة باألناجيل األربعة ،واليت
اختذها املسيحيون ديصا ،فإن عدد الرسائل امللحقة باألناجيل ثالثا وعشرين ،يوجد مصها أربعة عشر رسالة
مصسوبة إليه ،أي ما يعادل %61من تلك الرسائل هي من وضع بولس!
تعليق على ما تقدم من النصوص التي تقرر انتقال بولس المفاجئ من العداوة للمسيح ودينه وأتباعه إلى
رسول موحى إليه من قــبـل المسيح
عدو إىل
قال الشيخ متويل يوسف شل ي عن بولس :وهصا جيد القارئ فجوة ،وذلك أن بولس انتقل فجأة من ٍّ
صدِّر ملا أبغضه. ِ
ن ي ،ومن ُمبغض إىل ُم َ
فهل اهلل َيتار أنبياءه من األشرار أو اخلصوم لديصه؟
وهل ميكن – من الصاحية الصفسية – أن يصتقل رجل من حالة عداوة شيء إىل حالة اإلميان به طفرة واحدة،
فضال عن أن يكون أحد أعمدة وأسس العقيدة اليت كان يكفر هبا ويقتل ألحاهبا ويزرع الفزع يف قلوب
معتصقيها؟1
وقال الشيخ محمد أبو زهرة – رمحه اهلل -مستشهدا مبا تقدم:
إن ذلك الرجل الذي كاد للمسيحية هذا الكيد ،وآذ) أهلها ذلك اإليذاء ،قد انتقل إىل املسيحية فجأة من
له2. غري مقدمات تقدمت ذلك االنتقال ،وال متهيدات ُم ِّهدت
18
النقطة الثالثة :دعوى بولس أن المسيح ابن اهلل( ،تعالى اهلل عن أن يتخذ ولدا)
جاء يف أعمال الرسل ا 21-21/9عن بولس« :وللوقت جعل يُكـ ـ ـِّرز يف اجملامع باملسيح :أن هذا هو ابن
اهلل.
فبُهت مجيع الذين كانوا يسمعون وقالوا :أليس هذا هو الذي أهلك يف أورشليم الذين يَ ْدعُون هبذا االسم؟
وقد جاء إىل هصا هلذا ليسوقهم موثقني إىل رؤساء الكهصة؟!»
النقطة الرابعة :دعوى بولس أن المسيح هو الرب( ،تعالى اهلل عن ذلك)
جاء يف كالم بولس أن املسيح هو الرب ،قال يف رسالته إىل أهل رومية ا: 9/11
«وليس ذلك فقط ،بل نفتخر أيضا باهلل ،بربنا يسوع المسيح ،الذي نِلصا به اآلن املصاحلة».
«ألنك إن اعرتفت بفمك بالرب يسوع ،وآمصت بقلبك أن اهلل أقامه من األموات ،خلصت».
فماذا كانت النتيجة من تقرير بولس لهاتين العقيدتين بين بني إسرائيل؟
بصاء على هاتني العقيدتني اللَّـ ـ ـ ـ ــتني ب ـ ـثَّـ ــهما بولس يف بين إسرائيل اعقيدة أن املسيح هو الرب وابن الرب فقد
لار عصد املسيحيني إلـٰهان اثصان؛ اآلب واالبن ،فصاروا يتوجهون إىل املسيح بالدعاء ،ويعبدونه ،بعد أن كانوا
يعبدون اهلل وحده ،وبهذا التحريف دخل الشرك بثوب جديد في بني إسرائيل بغطاء ديني ،وسار هذا
بيصهم بشكل غير رسمي وغير ملزم ،واستمر الوضع هكذا بني مؤيد ومعارض ،حىت مت فرض وتثبيت عقيدة
تأليه املسيح وبـُـصُـ َّـوتـِ ِـه هلل بعد ثالثة قرون يف جممع نيقية سصة 327م ،أي بعد رفع املسيح حبوايل 311سصة،
فصار الشخص املسيحي عصدما يقول :اهلل ،الرب ،أو :يا إلـٰهي ،فإنه يعين املسيح عيسى ابن مرمي.
النقطة الخامسة :دعوى بولس أن خطيئة أبيهم آدم باقية ،وأن البشر توارثوها ،وأن اهلل أرسل ابنه
المسيح (فاديا) لـ ـ ـيُـ ـخلصهم من خطيئة أبيهم آدم ،بأن يموت مقتوال مصلوبا ،وبذلك يرضى الرب
وتـتـم المصالحة بينه وبين البشر
تفصيل
مل ِ
يكتف اليهودي بولس مبا تقدم من حتريف يف رسالة املسيح عيسى ابن مرمي الصافية ،واملتمثلة بدعو) أن
املسيح ابن اهلل وأن املسيح أوحى إليه إجنيال ،بل أضاف عليها أمرا آخر ،تطور فيما بعد حىت لار أحد
وسـ ِّميت فيما بعد باسم
احملاور والعقائد املهمة اليت تدور عليها الديانة اجلديدة اليت اخرتعها ابولس ُ
ااملسيحية ،فقد اخرتع بولس من خمالفة آدم وحواء ألمر رهبما وأكلِهما من الشجرة اليت هنامها عن األكل
19
مصها ،اخرتع من ذلك عقيدةً جديدة اشتُهرت باسم «اخلطيئة» أو «املعصية األوىل» ،حيث َّادعى بولس أن
تلك اخلطيئة اليت ارتكبها آدم كبرية جدا ،وأ ن اهلل مل يغفرها آلدم وحواء ،وأنه ال ميكن ألي عدد من احليوانات
اليت تُذبح كقرابني لكي تُـ َكــفِّر عصها ،وأن البشر توارثوا هذه اخلطيئة مصذ عشرات القرون ،قرنا بعد قرن ،فال
يولد طفل إال وهو حامل هلذا الذنب ،وأن السبيل الوحيد لتكفري هذا الذنب هو أن اهلل أرسل ابصه الوحيد
يسوع اعيسى إىل األرض هبيئة بشرية لــيُ ـقــتَل على الصليب ،ليكون هو األضحية حبسب زعمه ،ليُ َكفِّر عن
البشر تلك اخلطيئة ،فمن آمن باملسيح أنه ابن اهلل وأن اهلل أرسله ليُ َكـ ــفِّر عن البشر ذلك الذنب فإن املسيح
ومن تبِعاته ،ومن مل يؤمن فسيبقى مرهونا بذنبه وتكون عاقبته الصار. سيخ ـ ـ ــلِّصه من هذا الذنب ِ
ُ
فرا هذا املبدأ على أجيال الصصار) ،ظانني أهنم فعال توارثوا تلك اخلطيئة ،وأن طريق اخلالص من هذا الذنب
ال يكون إال باعتقاد أن اليسوع هو ال ُـم َخـ ــلِّص ،وأن اليسوع لن َيلص أحدا حىت يعبده ويتوجه إليه بالدعاء،
ـخـ ِّـلص والفادي من تلك اخلطيئة. ويعتقد أنه ابن اهلل وأنه هو ال ُـم َ
واملسيحيون يعتقدون ذلك فعال بالرغم من أهنم ال ذنب هلم يف هذا التوار املزعوم ،وبالرغم من أن آدم قد
تاب ألال من ذنبه فَ ـ ـ َـغـ ـ ـَفـ ـ َـر اهلل له وانتهى موضوع اخلطيئة يف حيصه قبل قرون غابرة ،ولم ي ـ ــعُـ ــد للذنب
وجود!
قال الباحث املتخصص األستاذ عبد الوهاب بن لاحل الشايع حفظه اهلل:
قتل اليهود للمسيح على الصليب فقد جعل بولس من تلك احلادثة إحد) «بصاء على ما عُ ِرف وشاع من ِ
ـشـ ـ ِّـكلها بتؤدة على أنقاض ديانة ورسالة املسيح عليه السالم، أهم العقائد يف الديانة اليت أخذ يـُ ــصشئها ويـُ ـ َ
مرتكزا على العقيدتني السابقتني اللتني أنشأمها اعقيدة اخلطيئة أو املعصية األوىل ،وعقيدة تأليه املسيح وبـُـصُـ َّـوتـِ ِـه
هلل .
حيث زعم بولس أن من لفات اهلل سبحانه وتعاىل العدل والرحمة ،فبمقتضى عدله كان عليه أن يعاقب
البشرية كلها على تلك اخلطيئة واملعصية األوىل اليت توارثوها عن أبويهم آدم وحواء ،ومبقتضى رحمته كان عليه
أن يغفر للبشرية تلك اخلطيئة .وملا كانت تلك اخلطيئة أو املعصية كبرية جدا وال ميكن ألي أضحية من
األغصام أو األبقار أو غريها من احليوانات مهما بلغ عددها أن تُـ ـ َكـ ــفِّر عصها فلم تكن هصاك وسيلة أو سبيل
أمام اهلل اسبحانه وتعاىل عما يقولون لتكفري تلك اخلطيئة عن البشرية واجلمع بني عدله ورمحته ومصاحلته مع
البشرية إال أن يرسل اهلل اتعاىل عما يقولون ابصه الوحيد يسوع – عيسى ابن مرمي عليه السالم – الذي جتسد
هبيئة بشرية ونزل إىل األرض لكي يُهان ويعذب ويقتل على الصليب وهو راض ،ليكون هو األضحية أو
كل من يؤمن بأن يسوع هو ابن اهلل الوحيد ،وأنه قُـتِل على الصليب
ـخلِّص َّ
الفادي أو املخلص الذي يَفدي ويُ َ
ليفديهم بصفسه من تلك اخلطيئة ،ويصاحلهم مع أبيه اهلل – سبحانه وتعاىل عما يصفون – الذي كان غضبانا
عليهم.
21
وأنه بعد أن ُدفِن ملدة ثالثة أيام بلياليها قام من املوت وقام لتالميذه وغريهم ،وبعد أربعني يوما ُرفِع إىل السماء
وجلس على ميني اهلل ،وإنه سيعود لألرض مرة ثانية ليُحاسب األحياء واألموات.
وهذا هو التكييف أو التعليل الذي اعتمد عليه بولس لتأليه املسيح عيسى ابن مرمي عليه السالم ،وقدَّمه إىل
الوثصيني األوربيني وغريهم من شعوب اإلمرباطورية الرومانية ال كرسول من اهلل اسبحانه وتعاىل إىل بين
إسرائيل ،وإنما كابن هلل نزل إلى األرض لكي يُهان ويُقتل على الصليب لكي يفديهم بصفسه ويصقذهم من
غضب أبيه اإللـٰه لكي يغفر هلم خطية أبيهم آدم وأمهم حواء اليت توارثوها مصهما فيما عُ ِرف عصدهم باسم
اخلطيئة أو املعصية األوىل.
وهبذه العقائد الوثصية ازدادت أعداد الوثصيني األوربيني وغريهم الداخلني إىل هذه الديانة اجلديدة القريبة من
»1 . أفهامهم ومعتقداهتم وما اعتادوا عليه ،واليت ستعرف فيما بعد باسم ااملسيحية
مقتطفات تثبت أن تقرير الخطيئة األولى وعقيدة الفداء إنما هو من كالم بولس
الذي قدمه اهلل كفارة باإليمان بدمه ،إلظهار بره ،من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال اهلل» .
«ولكن اهلل بـ ـ ـَّي ـ ـن محبته لنا ،ألنه ونحن بعد خطاةٍ مات المسيح ألجلنا.
ألنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع اهلل بموت ابنه ،فباألولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص
بحياته.
وليس ذلك فقط ،بل نفتخر أيضا باهلل ،بربنا يسوع المسيح ،الذي نلنا به اآلن المصالحة» .
1
ص 113 – 112من كتاب« :تاريخ الصصرانية – مدخل لصشأهتا ومراحل تطورها عرب التاريخ» ،املؤلف :عبد الوهاب بن لاحل
الشايع.
21
« ألنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع ،وآمنت بقلبك أن اهلل أقامه من األموات ،خلصت».
وقال كما في رسالة بولس الرسول األولى إلى أهل كورنثوس (:)2-3/12
« فإنني سلمت إليكم في األول ما قبلته أنا أيضا :أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب
وأنه ُدف ـ ـ ـن ،وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» .
«ولكن لما جاء تمام الزمان ،أرسل اهلل ابنه وقد ُولــد من امرأة ليحرر بالفداء أولئك الخاضعين
للشريعة» .
«المسيح افتدانا من لعنة الناموس ،إذ صار لعنة ألجلنا ،ألنه مكتوب :ملعون كل من عُ ـ ـلِّق على
خشبة» .
تعليق :تبني ِما سبق من كالم بولس أنه هو واضع هذه العقيدة ،عقيدة اخلطيئة ،وأهنا ليست من عصد اهلل ،ولو
أهنا كانت ِمن عصد اهلل لقررها املسيح نفسه ،ألنه رسول من عصد اهلل ،يبني للصاس أمور ديصهم.
فإذا تبني أهنا عقيدة خمرتعة من عصد بولس فإنه يبطل بذلك ما بعدها ،وهي عقيدة التحرر من اخلطيئة ،بكون
املسيح كان فاديا وخملصا للصاس من تلك اخلطيئة املزعومة.
كما تبطل بذلك عقيدة للب املسيح اليت جاء هبا بولس ،ويبقى احلق الذي قررته األناجيل مث القرآن بأن اهلل
ـسهُ أذ).
رفع املسيح إىل السماء دون أن يَ َـمـ َّ
مث تأمل أيها القارئ الكرمي بـُ ــغض بولس للتوراة ،كيف أنه ولف الصاموس االذي هو التوراة بأنه لعص ًة.
وانظر أيضا إىل ولفه للمسيح بأنه لعصة ،وذلك يف قوله الار لعصة ألجلصا !
مث بعد ذلك يقول هذا اخلبيث خمادعا للصاس أن املسيح أوحى إليه ،وأنه ن ي أرسله املسيح إىل الصاس.
مث انظر إىل املسيحيني كيف يُصدقونه ويـُ َعظِّمونه فيما َّادعاه لصفسه بأنه رسول!
وخالصة القول:
إن التاريخ يثبت أن عقيدة أن ااملسيح ابن اهلل مل تُعرف بني أتباع املسيح إال بعد رفعه إىل السماء ،والذي
أدخلها هو اليهودي شاول ،والذي عُ ِرف الحقا باسم بولس الرسول ،اويُلفظ أحيانا :بولص ،ابتدع هذه
العقيدة وعقائد أخر) وأدخلها مجيعا يف املسيحية األللية الصحيحة ،فصار الصصار) ااملسيحيون ال يَـ ـْتـ ــبعون
يف احلقيقة والواقع دين املسيح اليسوع الذي جاء به من عصد اهلل ،بل يتبعون الدين احملرف الذي ابتدعه بولس.
22
وبولس يف األلل رجل يهودي كما أسلفصا ،ظهر على مسرح األحدا بعد رفع املسيح حبوايل ثال إىل مخس
سصوات ،فانقلب فجأة ودون مقدمات من َع ُدٍّو جمرم ومتطرف يف عداوته ضد يسوع ورسالته وأتباعه ،إىل رسول
موحى إليه ِمن قَِـب ِـل اهلل ومن قَِـبل يسوع أيضا ،ف ّادعى مخسة أمور:
األول :أنه رسول ُمـ ـ َع ـ ـَّيـ ـ ـن من قِبل يسوع.
األول :هدم دين املسيح من الداخل ،بتحريفه وتشويهه وحتويله إىل دين آخر خمتلف متاما يف جوه ِرهِ عن دين
املسيح.
جعله متوافقا مع مبادئهم الوثصية. الثاني :استمالة الوثصيني الرومان إىل الدين اجلديد الذي َّ
لممه هلم ،بأن َ
ولكي ُيقق بولس هدفه بسهولة ويتجصب املواجهة مع أتباع املسيح ،دخل بولس يف دين املسيح ايف الظاهر ،
وحبه يف الظاهر ،ويف الباطن وكان ذلك مصه نفاقا وخداعا ألتباع املسيح احلقيقيني ،بأن كان يُظهر اتِّ ـ ـ َ
ـباع املسيح َّ
كان َيفي الكفر به وبدعوته ،وبعبارة أخر) فقد كان بولس مصاف ًقا ،جعل نفاقه ستارا يتسرت به ،ونقطة بداية
يصطلق مصها إىل عملية ختريب واسعة الصطاق يف رسالة ودين يسوع املسيح.
**********************************************
23
خاتمة
تبني لصا يف هذا البحث بطالن عقيدة توار اخلطيئة املصسوبة إىل أبيصا آدم إىل مجيع بصيه من عشرات القرون،
تلك العقيدة اخلرافية اليت يعتقدها مجاهري الصصار) ااملسيحيني يف طول العامل وعرضه ،واليت تصص على أن مجيع
اخلليقة تستحق العقوبة على ذنب أبيصا آدم مع كوهنا مل تفعله.
كما تبني لصا أن هذا الظن واالعتقاد ال يصح نسبته للبشر العاديني مثـ ـ ـ ـ ـلي ومثل القارئ الكرمي ،فمن باب أوىل
فإنه ال تصح نسبته إىل اهلل الرحيم العادل ،ألن اهلل له لفات الكمال.
كما تبني لصا أنه ال تصح نسبة هذه العقيدة إىل شريعة عيسى ابن مرمي اليت جاء هبا ،فاإلجنيل الذي جاء به
عيسى ابن مرمي ولفه اهلل بأن فيه هد) ونورا ،وجاء هلداية أمة بين إسرائيل ،فرسالة عيسى األللية هي للهداية
واإلرشاد.
كما تبني لصا أن بولس ومن تبعه من القساوسة أدخلوا يف دين املسيح عقائد ليست مصه ،كعقيدة أن املسيح ابن
اهلل ،وأنه هو الرب ،كما أدخل فيه عقيدة توار ذنب آدم ،وأن اهلل مل يغفره له ،وأوهم الصاس أن املسيح مات
مقتوال على الصليب ،وأن اهلل مل يرفعه ،وأنه مات من أجل تكفري خطيئة أبيصا آدمَ ،فتـ ـ َـرك الصاس عبادة اهلل ،اليت
هي جوهر دين املسيح وغريه من األنبياء ،وعبدوا املسيح ألهنم لاروا يعتقدون أنه هو اهلل ،وأنه ابن اهلل ،فصار
مستحقا للعبادة يف نظرهم ،فبهذا تغري دين املسيح رأسا على عقب ،ومل يبق مصه إال ال ُـمسميات فقط.
وِِما رسخ هذه العقائد يف أوربا إقرار جممع نيقية هلا والذي عُِقد يف عام 327م ،فقد دعا إمرباطور الرومان آنذاك
-قسطصطني -لعقد هذا اجملمع الذي حضره جمٌّ غفري من البطاركة ورجال الدين الصصار) ،وذلك بعد حصول
خالفات بيصهم يف هذه األمور العقائدية ،فمصهم من قال بقول بولس ،ومصهم من أنكره ،فجمعهم قسطصطني
وحسم اخلالف بيصهم بإقرار ما قرره بولس من عقائد قبل ثال قرون ،مع أن القساوسة الذين يصكرون هذا القول
هم أكثر يف العدد مخس مرات من القائلني به ،ولكن لكون قسطصطني رجل وثين ،يؤمن بصزول آهلة من السماء،
فقد مال إىل قول من قال إن اهلل أنزل املسيح من السماء على أنه ابصه الوحيد ،وفرض هذا املعتقد بالقوة بني
اليهود وبني املسيحيني حىت يوحد قلوب الصاس وتوجهاهتم ،مع أنه مل يكن مسيحيا يف ذاك الوقت!
فالقصد يف إمضاء آراء بولس كان سياسيا حبتا ،وهذا هو سر املسألة كلها.
ومن املعلوم أن الصصار) ميثلون جزءا ليس باهلني من ِملكته فلهذا دعا قسطصطني لعقد هذا اجملمع لتوحيد اجلبهة
الداخلية.
24
همسة في آذان العقالء والمثقفين
نـحن بشر ،نصدفع إىل اخلطأ بطبيعتصا البشرية ،مث تعرتيصا حاالت الصدم ،وقد تتطور إىل العزمية على اإلقالع ،ولكن
اإلنسان بطبيعته البشرية ال يلبث كثرياً حىت تصازعه نفسه إىل اخلطأ ،رمبا يقاوم ويقاوم كثرياً ،يقاوم الشيطان
ونفسه ،ولكن يف الصهاية رمبا يصتصر على نفسه وال يقع يف الذنب واخلطأ ،ورمبا يسقط فيقع يف ارتكاب الذنب،
واإلسالم كدين رباِن يـَُق ـ ـ ِّدر هذه الطبيعة اإلنسانية ويعرتف هبا ،ألنه دين متوافق مع طبيعة البشر اليت متيل إىل
اخلري والشر ،فإذا ارتكب اإلنسان ذنباً فإنه مطالب بالتوبة ،يف أي وقت ويف أي مكان وألي عدد من املرات،
وإذا فعل خرياً فإنه مطالب باالستمرار ،قال اهلل يف كتابه إن اهلل ُيب التوابني وُيب املتطهرين.
وهذه هي رسالة األنبياء كلهم بال استثصاء انوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغريهم ،كلهم يأمرون بالتوبة
واإلقالع من الذنوب.
فاخلالص احلقيقي من الذنوب والصجاة احلقيقية من الصار ال تكون بسفك دم إنسان آخر ،بل تكون بأن يُصلِح
اإلنسان ما بيصه وبني ربه ،باإلميان الصحيح الذي أرشد إليه القرآن وبالعمل الصاحل ،فبِ ِهما يصال اإلنسان رمحة اهلل
ومغفرته وثوابه وجصته ،وهذا هو القول الذي ترتاح إليه الصفس ،ويطمئن إليه العقل ،وهو الذي أرشدت إليه
األنبياء قاطبة ،وليس هذا مبستغرب عليهم ،ألنه جاؤوا برساالهتم من مصدر واحد ،وهو اهلل وحده ال شريك له.
25
حوار علمي هادئ مع عقيدة صلب المسيح
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم على مجيع األنبياء واملرسلني ،أما بعد:
.1فإنه حبسب اعتقاد الصصار) ااملسيحيني فإن املسيح ابن اهلل ،وهذا االعتقاد فيه تصاقض مع عقيدة
أن ُك َّل أب يُ ِـحب ابصه ،ومن املعلوم أيضا أن َّ
كل أب يرحم ابنه ويدافع الصلب ،فإنه من املعلوم َّ
َّ
عنه إذا ألابه ضر ،وبصاء على هذا فلو كان املسيح ابن اهلل حقا فإن اهلل لن يقبل بأن حتصل مغفرة
بصلب ابصه وقتله وتعريضه ألعـ ـ ــظم اإلهانة ،كالبصق على وجهه ووضع الشوك علىِ ذنوب الصاس
رأسه ،هذا مستحيل ،ألن إهانة االبن تعود على األب أيضا ،هذا على افرتاض لحة هذه
العقيدة.
فتبني من هذا أن هـٰذين االعتقادين متصاقضا ن ،فال ميكن أن يكون املسيح ابن اهلل مث جيعل اهلل
تكفري خطايا الصاس مرهونا بأذية ابصه وإهانته ،فإما أن يكون املسيح ليس ابصا هلل ،وإما أن تكون
عقيدة الصلب خرافية مل حتد ألال ،وإما أن تكون العقيدتان كالمها خرافيتني.
ضحي
.2إن الشخص العادي إذا تعرض ابصه ملثل هذه اإلهانة الفظيعة فإنه ستقوم قائمته ،ورمبا يُ ِّ
حبياته إلنقاذ ابصه ،فكيف مل ُيصل هذا ِمن اهلل وهو القوي ،الذي خلق الكون كله ،وتدبري الكون
بيده ،بأن يأمر بسحق كل املتآمرين على املسيح؟
لـِ َـم لَــم يأمر اهلل املالئكة أن تدفع عن املسيح هذا الشر؟ السيما واملسيحيون يعتقدون أن املسيح
ابن اهلل؟
طبعا حنن نقول هذا على افرتاض أن قصة الصلب وقعت فعال وأهنا ليست خرافية!
.3لو افرتضصا أن عقيدة اخلطيئة وقعت فعال ،وأن الصاس توارثوا فعال خطية أبيهم آدم؛ أمل جيد الرب
ااهلل وسيلة لتكفريها إال هذه الطريقة القاسية وال ُـمـهيصة ،بأن يُصلب املسيح االذي يقول
املسيحيون إنه ابصه ويُقتل ويُهان أمام الصاس ،مث تصشر هذه اإلهانة يف كتب التاريخ على مر
القرون؟
26
هذا على افرتاض لحة هاتني العقيدتني ،عقيدة اخلطيئة األوىل ،وعقيدة للب املسيح.
.7لو كان املسيح ربا فمن الذي كان يدبر أمور الكون يف األيام الثالثة اليت حصل فيها للبه مث موته
– على افرتاض لحة قصة للبه مث موته؟!
لرب هذا الكون ليبقى فيه ثالثة أيام بعد للبه وقتله ،محاطا بالرتاب من
أي قرب اتسع ِّ
.6ويا عجبا! ُّ
مجيع اجلوانب؟
كيف يتسع القرب الصغري الضيق األرجاء لرب العاملني؟
يس ـ ُـعـ ــهُ قرب ضيق ،مث ُييطه الرتاب من مجيع
من املعلوم أن اهلل أكرب من كل شيء ،فكيف َ
اجلهات؟! كيف؟
رب هلذا الكون مث يولف بأنه مات وانتقل إىل قرب
كيف يستقيم يف العقل أن يولف املسيح بأنه ٌّ
ضيق األرجاء؟
إن الذي يعتقد هذا االعتقاد فإنه يف احلقيقة يصاقض نفسه!
.2إن املصادر اإلجنيلية نفسها تُقرر بطالن دفن الرب يف قرب ،امع اعتقادنا القطعي أن املسيح ليس
ربا ،بل هو بشر رسول مثلصا ،ففي أعمال الرسل ا: 49-48/2
الع ــلِ ُّي اوهو الرب ال يسكن يف هياكل مصصوعات األيدي ،كما يقول الص ي.
«لكن َ
السماء كرسي يل ،واألرض موطئ لقدمي ،أي بيت تبصون يل؟»
.8إن القول بأن املسي ح رب أو ابن الرب يتصاقض مع القول بأنه مات مصلوبا ،ألن الموت صفةُ
ٍ
نقص عظيمة ال تليق بمن كان ربا ،بل تليق بالبشر.
ـعززا ُمـ َكـرما ،ومحاه
طبعا حنن نقول هذا مع اعتقادنا اجلازم بأن املسيح بشر رسول ،رفعه اهلل إليه ُم َّ
من الصلب والقتل واإلهانة ،وسصبني هذا بشيء من التفصيل يف ثصايا هذا البحث املتواضع إن شاء
اهلل.
27
.9رب العاملني ااهلل غفور رحيم ،يغفر للصاس ذنوهبم إذا تابوا مهما َعظُ َمت تلك الذنوب ،بل إنه
يغفر ألناس مل يتوبوا ،وهو غين عن أن يُـ َع ِّذب نبيا عظيما ويعرضه للقتل واإلهانة والصلب احبسب
اعتقاد من يعتقد ذلك لتحصل املغفرة لقوم آخرين مل يروا املسيح وال آدم وليس هلم ذنب أو
مشاركة يف ذنب أبيهم آدم ألال.
.11إن املصطق العقلي يؤكد أن عقيدة حترير الصاس من اخلطيئة عن طريق للب املسيح ليست لحيحة،
ألهنا تتضمن معاقبة شخص على خطأ شخص آخر ،وهذا ليس من العدل وال الرمحة يف شيء،
وال ميكن أن تكون من تعاليم الرب ،الرحيم خبلقه.
ومن أقرب األمثلة على هذه العقيدة أن يقوم رجل خبلع أحد أسصانه لكي َيفف أمل األسصان الذي
ألاب أحد أبصائ ه ،فإذا كان هذا الفعل ليس من العقل يف شيء ،فكذلك عقيدة التحرر من
اخلطيئة ليست من العقل يف شيء ،إذ ال يليق باهلل تعاىل أن يرسل اهلل املسيح ليموت مصلوبا
مقتوال ،ألن هذا يتصاىف مع لفيت العدل والرمحةِ ،ما يدل على أن هذه العقيدة خرافية ومن لصع
البشر ،ومل يُـقُِّرها الرب إطالقا ،يؤكد هذا أهنا مل ترد يف األناجيل ،بل هي من تعاليم اليهودي بولس
الذي انقلب فجأة من عدو لدود للمسيح وتعاليمه وتالميذه إىل رجل ادَّعى أنه ن ي بعد رفع
املسيح بسصوات ،وسيأيت توضيح ذلك قريبا إن شاء اهلل.
.11كذلك فإن من مقتضى املصطق والعدل واإلنصاف أن تكون كفارة الذنب متكافئة مع الذنب ،أيًّا
كان ذلك الذنب ،وهذا مبدأ متفق عليه بني العقالء ،فلو أن إنسانا قـ ــطع إشارة مرور – مثال -
لكانت الك ـ ـ ــفارة دفع مبلغ مايل معني ،أو حبس ملدة وجيزة.
أما أن تكون عقوبة املخطئ دفع كل ما ميلك أو حبسه مد) احلياة فهذا ال يُِقُّرُه قانون إلـٰهي وال
بشري.
إذا تقرر هذا فهل من العدل والرمحة والتكافؤ بني الذنب وبني الكفارة أن تكون كفارة أكل آدم
من الشجرة أن يُصلب املسيح ويتعذب ويُهان ويُبصق يف وجهه ويوضع الشوك على رأسه؟
هذا الفعل يرتفع عصه أقسى البشر ،فكيف يصح نسبته إىل رب البشر؟
هم
هذا مع اعتقادنا كمسلمني أن املسيح مل يصلب ومل يقتل ،بل رفعه اهلل إليه يف السماء ملا َّ
اليهود بقتله ،وإمنا ذكرنا ذلك تَـصَ ُّـزال ألجل التوضيح.
يقال كذلك :هل من العدل والرمحة والتكافؤ بني الذنب وكفارته أن يتحمل باليني البشر ذنب
أبيهم األبعد اآدم مصذ بدأ اخلليقة إىل يوم القيامة؟
28
هذا املبدأ ليس من الرمحة يف شيء ،وليس من العدل يف شيء أبدا ،وحاشا اهلل أن يوقِ َعهُ على
الصاس.
.12ومن العجيب عصد املسيحيني أهنم أبغضوا اليهود ألهنم قتلوا املسيح – حبسب اعتقادهم ،-
واستمر هذا البغض لقرون عديدة بعد رفع املسيح ،مع أن ال ُـمـتوقع أال يكون ذلك البغض ،ألن
ـح ـ ـبَّـ ــبا إليهم لكونه كان سببا لتخليصهم من الذنب األللي
قتل املسيح وللبه يصبغي أن يكون ُم َ
الذي يعتقدونه.
29
األدلة النقلية ال ُـمث ـ ـب ـ ـتة لبطالن عقيدة صلب المسيح
.13قصة الصلب تتصاقض مع ما هو مقرر يف املصادر املسيحية ،فإن العهد القدمي يصص على أن
املصلوب ملعون ،فهل يليق اللعن بِ ــصَـ ـب ٍّـي عظيم مثل املسيح؟
مث كيف يصح بالعقول املستقيمة والضمائر احلية أن يكون املسيح ملعونا مع كوهنم يعتقدون أنه
ربا؟!
جاء يف التوراة يف سفر التثصية ا: 23-22 :21
وعلِّق على خشبة ،فال تثبت جثته على «وإذا كان على إنسان خطيـئة حقها الموت ف ُقـ ـتل ُ
المـ ـ ـعلَّق ملعون من اهلل .فال تُـ ـن ـ ـ ِّجس أرضك التي
الخشبة ،بل تدفنه في ذلك اليوم .ألن ُ
يعطيك الرب إلـٰهك نصيبا».
وبصاء على هذا؛ فلو لح أن املصلوب ملعو ٌن لبطلت قطعا عقيدة أن املسيح قد تعرض للصلب،
ألنه ال يستقيم أن يكون املسيح مصلوبا ملعونا.
.14ومن العجيب أن املسيحيني يقرؤون يف التوراة أن ال ُـم َـع ـلَّق مل ـعو ٌن من اهلل ،مث هم جيعلون الصليب
شعار ديصهم ويُعظمونه تعظيما كبريا ،وُيلِفون به ،يف حني أن العقل والعاطفة تقتضيان أن ُُيِّرقوا
ومعبودهم ،وأُهني ب عليه إلـٰ ُههم الصليب حيث وجدوه ،وي َك ِّسروه ويض ِّمخوه بالصجاسة ،ألنه ِ
ُ لـل َ
ُ َُ ُ
ِ
ُخ ـ ِز َ
ي. عليه وفُضح وأ ْ
.17إن قصة قتل املسيح وللبه تُصاقض اإلجنيل نفسه ،ففي إجنيل الوقا 42-41/22أن المسيح لم
يكن راضيا عن أن يقتل ،وكان حريصا على الصجاة من القتل ،فإذا كان األمر كذلك فكيف يصح
أن يقال إنه نزل فاديا وخملصا؟
ـس ـلَّـ َـم نفسه لليهود بكل رضا لتتحقق عقيدة تكفري اخلطيئة والصلب
لو كان املسيح فاديا وخملصا لَ َ
اليت تصص عليها املسيحية املعالرة ،ولَ َـما حاول الفرار مصهم واالستخفاء مع أمه يف اجلليل وغريها.
اقرأ معي أيها املثقف وأيتها املثقفة هذا الصص من إجنيل لوقا الذي يبني حرص املسيح على الصجاة
من القتل:
«وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى قائال :يا أبتاه ،إن شئت أن تُجيز
عني هذه الكأس .1ولكن لتكن ال إرادتي بل إرادتك».
1تُـجـيز الكأس ،أي تتجاوز بكأس املوت عين ،فال أتعذب وال أُقتل.
31
ويوجد مثل هذا الصص يف إجنيل مرقص ا 36- 37/14وكذلك مىت ا. 39/26
.16مث فكر معي أيها القارئ يف الصص السابق ،أيهما أقرب لرمحة اهلل ولطفه ،أن يستجيب اهلل دعاء
املسيح فيتجاوز به كأس املوت ،أم يُسلِ َمه ألعدائه ليُهيصوه ويقتلوه ويُريقوا دمه؟!
ـخ ـلِّص ،ال املسيح وال
.12كذلك ،فقد جاء يف سفر أشعياء أن اهلل هو ال ُـم َخ ـ ـلِّ ــص ،وليس غريه ُم َ
غريه:
«أنا أنا الرب ،وليس غيري ُمـ ـ ــخ ـ ـلِّ ــص».
فإذا مل يكن املسيح خملصا فقد بطلت هذه العقائد الثال ؛ عقيدة اخلطيئة األوىل ،وعقيدة التحرر
مصها وعقيدة الصلب.
فتأمل أيها القارئ الكرمي وأيتها القارئة الكرمية قوله ايُرفع العريس ،ومل يقل ايُقتل أو ايصلب ،وال غري
وللِب. ِ
ذلك من العبارات اليت اعتمدت عليها املسيحية املعالرة يف عقيدة أن املسيح قُتل ُ
وهذا متوافق أيضا مع ما يف يوحصا ا : 14/3وكما رفع موسى احلية يف الربية هكذا يصبغي أن يُرفع ابن
اإلنسان.
كما جاء يف إجنيل يوحصا أن املسيح أخرب قومه بطريق اإلشارة أن اهلل سريفعه ،وأنه لن يقتل ولن يصلب،
ففي إجنيل يوحصا ا: 36 – 32 / 2
«سمع الفريسيون 1الجمع يتناجون بهذا من نحوه ،فأرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة خداما
ليُمسكوه
1الفريسيون هم طائفة من غالة اليهود املتعصبني واملتشددين باملظاهر اخلارجية للورع والتدين ،ومصها التقيد حبرفية الشريعة أو الصاموس مثل
31
فقال لهم يسوع :أنا معكم زمانا يسيرا بعد ،ثم أمضي إلى الذي أرسلني
فقال اليهود فيما بينهم :إلى أين هذا ُم ـ ـ ْزم ـ ـع 1أن يذهب حتى ال نجده نحن؟ لعله ُم ـ ـ ْزم ـ ـع أن
يذهب إلى شتات اليونانيين ويعلم اليونانيين
ما هذا القول الذي قال( :ستطلبونني وال تجدونني ،وحيث أكون أنا ال تقدرون أنتم أن تأتوا؟)»
فقول املسيح اأمضي إلى الذي أرسلني وقوله بعدها استطلبونني وال تجدونني ،وحيث أكون أنا ال
تقدرون أنتم أن تأتوا داللة لرُية على أن املسيح سريفعه اهلل إىل السماء ولن يبقى على األرض ،وبصاء
2
عليهِ فإن الشخص الذي للبوه وقتلوه ليس هو املسيح قطعا.
كذلك فلو كان املسيح هو املقتول لكان موجودا ،ولكان مكانه معروفا أمامهم قد وللوا إليه ،واليهود
سيكونون قد طلبوه ووجدوه وللبوه وقتلوه – على زعم من يقول ذلك – فكيف يستقيم هذا مع قول
املسيح استطلبونني وال تجدونني ،وحيث أكون أنا ال تقدرون أنتم أن تأتوا .
واملسيح لادق فيما يقول ،لن يكذب على الصاس ،ألن الكذب لفة رديئة ،حاشا األنبياء أن يتصفوا
هبا.
وبعبارة أخر) فكالم املسيح ال يتحقق إال بواحدة من اثصتني ،إما أن َيرب املسيح خبرب كاذب ،وهو أهنم
يطلبونه وال جيدونه ،مث تتبني احلقيقة يف أهنم طلبوه ووجدوه ،وهذا مستحيل ألن املسيح مل ولن يكذب.
أو يكون املسيح لادقا ،فطلبوه ومل جيدوه ،وهذا ال يتحقق إال برفعه إىل السماء ،وحلول شخص آخر
مكانه يشبه املسيح ،فقتله اليهود ظصا مصهم أنه هو املسيح.
وهذه اجلرأة ليست مستغربة عليهم ،فقتل األنبياء وال ُـمصلِحني هو دأهبم.
االمتصاع عن أداء أي عمل يوم السبت ،أو خمالطة غري اليهود ،إذ يُعتربون جنِسني ،وقد آذوا املسيح عليه السالم .نقال من «تاريخ الصصرانية،
مدخل لصشأهتا ومراحل تطورها عرب التاريخ» ،ص ،79املؤلف :عبد الوهاب بن لاحل الشايع ،ط .1
عازم. ِ 1
ُمـزمـ ٌـع أي ٌ
2فائدة :يف قول املسيح اأمضي إلى الذي أرسلني دليل لريح على أنه رسول من عصد اهلل ،وليس ابن اهلل كما يُقال.
32
وهذا القول هو احلق الذي ال ِمرية فيه ،وهو الذي لدَّقه القرآن ،كالم اهلل احملفوظ ،قال اهلل يف القرآن
اختَـلَ ُفوا فِيهِ لَِفي َش ٍّ
ك ِّمْصهُ َما َهلُم بِهِ ِم ْن عِلْم إَِّال اتـِّبَاعَ ين ْ
ِ َّ ِ وما قَـتَـلُوه وما للَب ٰ ِ
وه َولَكن ُشبِّهَ َهلُ ْم َوإ َّن الذ َ
ََ ُ ََ َ ُ ُ
وه يَِقيصًا * بل رفعه اهلل إليه وكان اهلل عزيزا حكيما. الظَّ ِّن َوَما قـَتَـلُ ُ
شخص آخر ،وأما املسيح فرفعه اهلل إليه
ٌ فاحلالل من هذا كله أن املسيح ليس هو املقتول ،بل املقتول
يف السماء ،يف معجزة عظيمة ،وكرامة رفيعة ،مل حتصل لص ي قبله ،فأعزه اهلل وخذل أعداءه.
كما جاء يف إجنيل يوحصا ا 31 :16أن املسيح قال ألتباعه قبل رفعِهِ أن اهلل معه ،وأنه لن .19
يُ ْس ـ ـ ــلِ َم ـ ـهُ ألعدائه الذين يريدون قتله ،وأنه هبذا سيكون قد انتصر عليهم ،وأنه سيغلب العامل ،وهذا
الصص يثبت أن اهلل أوحى إليه عن طريق ال َـمـلَـك جربيل أن اهلل سيصجيه مصهم ،كما أن هذا الصص يصسف
الصلب من أساسها ،ويثبت عقيدة الرفع إىل السماء دون أن ميسوه بأذ) ،وإال فكيف يكون قد
عقيدة َّ
غلب العامل مع كونه مغلوبا مصلوبا على خشبة؟ هذا ال يستقيم مع هذا!
وهذه هي العقيدة الصحيحة اليت قررها القرآن الحقا.
وهصا فائدة لطيفة جدا ،وهي أن املسيح كان حريصا على الصجاة من القتلِ ،ما يدل على أنه مل يكن
فاديا وال خملصا ،إذ لو كان كذلك ألسَل َم نفسه لليهود لتتحقق عقيدة تكفري اخلطيئة والصلب اليت تصص
عليها املسيحية املعالرة ،ولَ َـما حاول الفرار مصهم واالستخفاء مع أمه يف اجلليل وغريها.
الدليل القرآني ال ُـمث ـ ـب ت ألن المسيح لم يقتل ولم يصلب ،بل رفعه اهلل إليه في السماء
.21احلق الذي ال شك فيه أن املسيح مل يُصلب ومل يقتل ،بل رفعه اهلل إليه كما هو ،ومحاه من
اإلهانة ،وهذا هو القول الذي قاله اهلل سبحانه وتعاىل يف القرآن ،وهو خالق اخللق والعليم بشؤوهنم .قال
اهلل يف القرآن وما قتلوه وما للبوه ولكن ُش ـ ـ ـبِّـ َـه هلم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك مصه وما قتلوه يقيصا
* بل رفعه اهلل إليه وكان اهلل عزيزا حكيما.
33
فمن الذي قال ذلك؟
فاجلواب سهل جدا ،وهو أن الذي قال ذلك هو الشخص املصلوب الذي ألقى اهلل عليه شبه املسيح،
فأخذوه وللبوه وقتلوه ودفصوه ،وليس هو املسيح نفسه ،كما قال اهلل يف القرآن وما قتلوه وما للبوه
ولكن ُش ـبِّـهَ هلم وما قتلوه يقيصا * بل رفعه اهلل إليه وكان اهلل عزيزا حكيما.
34
خالصة وخاتمة
تبني ِما سبق أن عقيدة للب املسيح ال تصح يف العقول وال يف املصطق ،وخمالفة للمصادر اإلجنيلية،
ـج ِّـرد ملعرفة احلق لو فكر يف قرارة نفسه باستقاللية تفكري وترك تقليد اجملتمع
والشخص املسيحي ال ُـمـتَ َ
جانبا فإنه لن يقبل هذا.
كذلك فلو أن الشخص املسيحي قرأ القرآن االكتاب ال ـ ـمقدس يف دين اإلسالم لتبيصت له احلقيقة،
فإن اهلل رحيم بعباده ،مل يرتكهم هكذا بدون داللة وإرشاد ،فإمنا ملا حترف دين املسيح بعد رفعه إىل
السماء أرسل نبيه محمدا ،وأنزل عليه القرآن ليكون كتاب هداية وإرشاد للصاس كلهم ،وبني فيه أن
املسيح مل يُصلب ومل يقتل ومل يُـ َه ن ،بل رفعه اهلل إليه قبل أن ميسه األذ) ،نعم ،رفعه اهلل إليه يف معجزة
مساوية ربانية مل حتصل لص ي قبله ،ومحى نبيه العظيم من اإلهانة والقتل ،وهذا هو املوافق للعقل ،والالئق
بقدر املسيح ومكانته ،بأن يرسله اهلل إىل بين إسرائيل مث ُيميه من اإلهانة واألذ) حبوله وقوته ،ألنه قوي
غالب ،فاحلمد هلل على نعمة القرآن ،ونعمة وضوح احلق والولول إليه.
35
مت الكتاب حبمد اهلل ،وقد مت فيه إثبات ستة أمور؛
ـخـلِّصا الخامس :أن اهلل بعث املسيح نبيا ومعلما ،وليس فاديا ُ
وم َ
السادس :أن اهلل رفع املسيح إليه يف السماء قبل أن ميسه أدىن أذ)
******
******
ويف اخلتام ،ندعو اهلل فصقول :اللهم اجعلصا مفاتيح للخري ،مغاليق للشر ،وللى اهلل على أنبياءه محمد
وعيسى وموسى ،وسائر أنبيائه ،وسلَّم ً
تسليما كثريا.
تم الكتاب بحمد اهلل ،نفع اهلل به قارئه وكاتبه وناشره ،والحمد هلل رب العالمين
majed.alrassi@gmail.com
00966505906761
36
مراجع علمية لمن أراد االستزادة والفائدة – وهي منشورة في موقع:
«الدين الواضح»
www.saaid.net/The-clear-religion
.5املكانة العظيمة ملرمي العذراء وابنها النيب العظيم املسيح عيسى ابن مرمي يف دين اإلسالم
.8التغيريات والتطورات التدرجيية اليت حدثت لرسالة يسوع بعد رفعه على مدى عدة قرون
.10أربعون دليال على بطالن عقيدة «توارث اخلطيئة» وعقيدة «صلب املسيح»
***