Professional Documents
Culture Documents
فقه المعاملات SBSM2043
فقه المعاملات SBSM2043
فقه المعاملات SBSM2043
فقه المعامالت
جمعه ورتّبه
محمد روفيذال ابراهيم
محاضر كلية الشريعة والقانون
قسم الشريعة
الكلية الجامعية اإلسالمية العالمية بسالنجور
الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على رسول الله ،أشهد أن ال
إله إالّ الله وأشهد أن محمدًا رسول الله عليها نحيا وعليها نموت وعليها
نلقى الله وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أنعم الله عز وجل على عباده بنعم كثيرة وكان منها البيع والشراء لتنعم
بما أحله الله لها مما ليس بضرورة وال حاجة.وقد جاء في فضل البيع
فقه المعامالت 1
المبرور وكسبه ما روى رفاعة بن رافع – رضي الله عنه -أن النبي
صلى الله عليه وسلم سئل :أي الكسب أطيب ؟ قال (عمل الرجل بيده
وكل بيع مبرور) رواه البزار وصححه الحاكم .
وال بد أن يوافق هذا البيع شرع الله ليكون مبرورا ً وهذا الحديث يعتبر
من جوامع كلمه عليه الصالة والسالم حيث أن مسائل البيع والشراء
بتعدد مشاربها وفروعها داخلة تحت هذين الصنفين إما عم ٌل باليد أو ما
كان سوى ذلك شريطة أن يكون البيع فيه مشتمالً على البر .
وما هذا الدرس إال محاولةً للوقوف على أهم موضوعات المعامالت
وهذه مذكرة َبسيطة كتبتها حول هذا الدرس تخدم بإذن الله تعالى هذا
الدرس مدة هذه الفترة الدراسية (الفترة الثانية لعام )1010/1029
Contents
الدرس األول :مقدمات في فقه المعامالت 5 ........... ................................
الدرس الثاني :المال فى فقه المعامالت 11 ............. ................................
الدرس الثالث :الملكية فى فقه المعامالت 14 .......... ................................
الدرس الرابع :الملك التام و الملك الناقص 21 ........................................
الدرس الخامس :العقد 23 ................................ ................................
العقد لغة 23 ................. ................................ ................................
1
فقه المعامالت 1
3
فقه المعامالت 1
.1تعريف الفقه
الفقه لغة الفهم مطلقا ،سواء ما ظهر أو خفي .وهذا ظاهر عبارة
القاموس والمصباح المنير .واستدلوا على ذلك بقوله تعالى -حكاية عن
ْب َما نَ ْفقَهُ َكثِيراً ِّم َّما تَقُو ُل) (هود )92:وقوله قوم شعيب (قَالُوا يَا ُ
ش َعي ُ
س ِبّ ُح ِب َح ْم ِد ِه َولَ ِكن الَّ تَ ْفقَ ُهونَ تَ ْس ِبي َح ُه ْم)
َيءٍ ِإالَّ يُ َ
تعالى (َو ِإن ِّمن ش ْ
(اإلسراء )44:فاآليتان تدالن على نفي الفهم مطلقا .وذهب بعض
العلماء إلى أن الفقه لغة هو فهم الشيء الدقيق ،يقال :فقهت كالمك ،أي
ما يرمي إليه من أغراض وأسرار.
5
فقه المعامالت 1
( )1الموسوعة الفقهية ،21/2البحر المحيط ،44/2شرح التلويح على التوضيح ،21 – 24/2
البحر الرائق شرح كنز الدقائق .1 - 4/2
( )2حاشية ابن عابدين .99/2
( )3المبسوط 214/21إعالم الموقعين ،410/2الفتاوى الكبرى،10 - 91/4الفروع البن
مفلح ،419/4كشف األسرار ،459/4القواعد البن رجب ،440التقرير والتحبير - 291/1
،299اإلنصاف ،40/1شرح مختصر خليل 10/9
6
فقه المعامالت 1
من القرآن الكريم قول الله تعالى(يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا أَ ْوفُوا ِب ْالعُقُو ِد)
المائدةَ ( 2:وأَ ْوفُوا ِب ْال َع ْه ِد ِإ َّن ْال َع ْهدَ َكانَ َم ْسؤُوال) -اإلسراء - 44:أي كل
العهود التي تجرى بين الناس مما لم يمنعه الشارع.
طعُونَ َما أَ َم َر ضونَ َع ْهدَ اللّ ِه ِمن بَ ْع ِد ِميثَاقِ ِه َويَ ْق َوقوله تعالى ( َوالَّذِينَ يَنقُ ُ
سو ُء ض أ ُ ْولَئِ َك لَ ُه ُم اللَّ ْعنَةُ َولَ ُه ْم ُ
ص َل َويُ ْف ِسدُونَ فِي األ َ ْر ِالله بِ ِه أَن يُو َ
الدَّار) ِِ البقرة.19:
طا واستدلوا له من السنة بقول النبي ﷺ (المسلمون على شروطهم إال شر ً
حرم حالالً أو أحل حرا ًما) 4
صا ،ومن كانت فيه خصلةوقوله ﷺ (أربع من كن فيه كان منافقًا خال ً
منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها :إذا حدث كذب ،وإذا وعد
أخلف ،وإذا عاهد غدر ،وإذا خاصم فجر) 5
إن العقود من باب األفعال العادية ،واألصل فيها عدم التحريم وقد كان
األوس والخزرج يحرمون على الرجل إتيان امرأته في فرجها إذا كانت
ضا كانت قريش تحرم مجبية( ،أي إتيانها في القبل من الخلف) ،وأي ً
السعي بين الصفا والمروة… إلى غير ذلك من األفعال التي أنكرها الله
على أهل الجاهلية ،ولو لم يفعلوها لما لحقهم اإلنكار.
يقول ابن تيمية :إذا حرمنا العقود والشروط بين الناس في معامالتهم
محرمين ما لم يحرمه الله ،بخالف العقود
ِّ العادية بغير دليل شرعي كنا
التي تتضمن شرع دين لم يأذن به الله؛ فإن الله حرم من الدين ما لم
يأذن به؛ فال تشرع عبادة إال بشرع الله ،وال تحرم عبادة إال بتحريم
الله ،والعقود والمعامالت من العادات التي يفعلها المسلم والكافر ،وإن
( ) 4البخاري في باب :أجر السمسرة كتاب اإلجارة ،والدارقطني في كتاب البيوع.
( )5البخاري في كتاب اإليم ان ,باب :عالمات المنافق ،ومسلم كتاب اإليمان باب خصال المنافق.
7
فقه المعامالت 1
كان فيهما قربة من وجه آخر؛ فليست من العبادات التي يفتقر فيها إلى
شرع كالعتق والصدقة 6
( )6القواعد النورانية لشيخ اإلسالم أحمد بن عبد الحليم ص .102ط2499 2هـ دار المعرفة.
بيروت تحقيق محمد حامد الفقي ،وينظر بحث اإليجار المنتهي بالتمليك للدكتور سعود بن
عبد الله الفنسيان ص .29 ،21مجلة البحوث الفقهية ،العدد الثامن واألربعون ،السنة الثانية
عشرة .1002 - 2412
( )7القواعد النورانية 211اإليجار المنتهي بالتمليك للدكتور سعود بن عبد الله الفنسيان ص .21
( )8المبسوط للسرخسي ،241/9وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 251/4وتبيين الحقائق شرح
كنز الدقائق ، 91/1وأسنى المطالب في شرح روض الطالب لزكريا األنصاري 11/1
والغرر البهية في شرح البهجة لزكريا األنصاري 445/1المطبعة الميمنية وتحفة المحتاج في
8
فقه المعامالت 1
أشار اإلمام النووي -رحمه الله -في المجموع لهذه المسألة ،فقال( :قال
المتولي :لو قال وهبت لك هذا بألف ،أو هذا لك بألف ،أو هذا لك هبة
بألف فقبل ..هل ينعقد هذا العقد؟ فيه خالف مبني على قاعدة أن االعتبار
في العقود بظواهرها أم بمعانيها؟ وفيه وجهان:
أحدهما :االعتبار بظواهرها؛ ألن هذه الصيغ موضوعة إلفادة المعاني،
وتفهيم المراد منها عند إطالقها فال تترك ظواهرها ،ولهذا لو استعمل
لفظ الطالق وأراد به الظهار أو عكسه تعلق باللفظ دون المعنى ،وألن
اعتبار المعنى يؤدي إلى ترك اللفظ ،وألنا أجمعنا على ألفاظ اللغة فال
يعدل بها عما وضعت له في اللغة ،فيطلق اللفظ لغة على ما وضع له،
فكذا ألفاظ العقود ،وألن العقود تفسر باقتران شرط مفسر؛ ففسادها
بتغيير مقتضاها أولى.
والرأي الثاني :أن االعتبار بمعانيها؛ ألن األصل في األمر الوجوب،
حملُه عليه حملناه على االستحباب ،وأصل النهي التحريم ،فإذا
فإذا تعذر ْ
حملُه عليه حملناه على كراهة التنزيه ،وكذا هنا إذا تعذر حمل تعذر ْ
اللفظ على مقتضاه يحمل على معناه ،ولهذا لو باعه بعشرة دراهم ،وفي
البلد نقود أحدها غالب حملناه على الغالب طلبًا للصحة.
الضابط الثالث :الشروط وأثرها على العقود
11
فقه المعامالت 1
.1المال
يطلق المال في اللغة على كل ما تَملَّكه اإلنسان من األشياء.
وفي االصطالح :اختلف الفقهاء في تعريف المال وعرفه الزركشي من
الشافعية بأنه :ما كان منتفعا ً به ،أي مستعداً ألن يُنتفع به .وحكى
السيوطي عن الشافعي أنه قال :ال يقع اسم المال إال على ما له قيمة يُباع
بها ،وتلزم ُمت ِلفه ،وإن قلت ،وما ال يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه
ذلك .وقال الحنابلة :المال شرعا ً ما يباح نفعه مطلقاً ،أي في كل
األحوال ،أو يُباح اقتناؤه بال حاجة(.)11
.4يرى جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة أن المنافع
أموال بذات ،ألن األعيان ال تقصد لذاتها بل لمنافعها وعلى ذلك أعراف
الناس ومعامالتهم .وألن الشرع قد حكم بكون المنفعة ماال عندما جعلها
مقابلة بالمال في عقد اإلجارة ،وهو من عقود المعاوضات المالية ،وكذا
عندما أجاز جعلها مهرا في عقد النكاح ،وألن في عدم اعتبارها أمواال
تضييعا لحقوق الناس وإغراء للظلمة في االعتداء على منافع األعيان
التي يملكها غيرهم ،وفي ذلك من الفساد والجور ما يناقض مقاصد
الشريعة وعدالتها .وقال الشربيني الخطيب :المنافع ليست أمواال على
( )12ينظر التاج واإلكليل لمختصر خليل ،410/1منح الجليل شرح مختصر خليل ،495/9
أسنى المطالب ،249/1مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج ،5/4دقائق أولي النهى
،111/2كشاف القناع عن متن اإلقناع .494/4
14
فقه المعامالت 1
تعريفها بأنها حيازة ،ألن اإلنسان قد يملك وال يحوز كالمغصوب منه،
وقد يحوز وال يملك كالغاصب .ويمكن تعريف الملكية بأنها صلة بين
اإلنسان وبين الشيء (اختصاصه به) مكنه من االنتفاع به (استعماالً
واستغالالً) و التصرف فيه ،وتمنع غيره من هذا التصرف.
ولفظ الملك يطلق ويراد به الشيء المملوك ،أو يطلق ويراد به القدرة
على التصرف بالمملوك ،و الحق بهذا التصرف.
أ -أسباب التملك ( الوجوه الطبيعية للمعاش )
أسباب التملك منها ما هو ممنوع ،ومنها ما هو مباح .فأما األسباب
الممن وعة فنذكر منها :الربا ،االحتكار،الغرر،القمار،الرشوة،السرقة،
الغصب ،الغش ،مهر البغي ،حلوان الكاهن ،ثمن الخمر و الخنـزير
وسائر المحرمات التي تلتمس في كتب الحالل و الحرام(اإلباحة و
الحظر) ،وفي كتب الفقه .وسنتكلم عن بعض هذه المحرمات في مواضع
أخرى من هذا الكتاب .أما حكم المال المحوز من طرق الحرام ،فال يحل
ص َرفَهُ
لحائزه ،بل يجب عليه البحث عن أصحابه ليرده إليهم،فإن تعذر َ
على الفقراء أو في المصالح العامة.
أسباب التملك المباحة فهي:
أ .والدة المملوك ،مثل ثمر الشجر ،ونتاج الحيوان
إحراز المباح،كالشجر ،والحطب ،و الصيد ،واالرض المحياة، ب.
وغنائم لحربيين
اإلرث ت.
الدية،أو التعويض عن التلف ( ضمان التلف )؛ ث.
15
فقه المعامالت 1
14رواه الشيخان
15رواه مسلم وغيره
17
فقه المعامالت 1
واحد أن ينتفع بهذه المرافق على وجه ليس فيه ضرر لآلخرين ،فالناس
شرع (سواء ) ،فمن سبق إلى مباح فهو أولى به ،فإن قعد في مكان فيها َ
مباح ( سوق ،مسجد ،طريق ) فهو أحق به ما لم يتركه ،لكن ال يجوز
أن يتنازل عنه بعوض وال بغير عوض (بم ّنة) ،ألنه ليس ملكا ً له.
وعلى الدولة أن تمنع التعدي و الضرر ،و أن تصلح بين ب-
المنتفعين عند الخصومة أو التشاجر أوالنـزاع .ويجوز للدولة أن تتدخل
في تنظيم االنتفاع بالمرافق ،مثل تحديد أمكنة في الشوارع أو الرحاب
للباعة ( مقاعد أسواق ) ،ويجوز أن تقطعها لهم إقطاع إرفاق ال تمليك،
فما هو ملك عام ال يملك ملكا ً خاصا ً ألحد.
الح َمى ( العام ) وهو ما يخصص من األرض المباحة لمصلحة ِ ج-
عامة ،مثل رعي خيل الجهاد ،و مثل رعي سوائم الصدقة إلى أن
تصرف في مصارفها وتوزع على مستحقيها ،وقد أجاز عمر بن
الخطاب رضي الله عنه الرعي فيها للفقراء دون األغنياء .فالجامع إذن
للمرافق العامة والحمى العام أنهما ملك عام ال يجوز التصرف به لفرد
وال لدولة وإن كانت المرافق العامة ينتفع بها كل الناس ،والحمى العام ال
ينتفع به كل الناس ،بل هو مخصوص لحيوانات الجهاد وحيوانات
الصدقة .ولعل عمر بن الخطاب سمح لفقراء المسلمين بالرعي فيه ،ألن
حيوانات الصدقة حق للفقراء ،فصار الحمى بهذا المعنى مخصصا ً
ضه لمصلحة الفقراء.بع ُ
د -األوقاف :ويدخل فيها ما هو وقف لجماعة المسلمين ،كاألراضي التي
فتحت عنوة ،ولم توزع على الغانمين .كما يدخل فيها ما هو وقف على
جماعة معينة منهم كالفقراء
ه -ملكية الدولة ( ملكية بيت المال )
19
فقه المعامالت 1
بيت المال يعني بيوت أموال الدولة ،سواء كانت هذه األموال منقولة (
كالنقود و العروض ) أو غير منقولة ( كاألراضي ) ،وسواء كانت هذه
األموال جمادات أو حيوانات .ولذلك يجب أال يفهم من بيت المال أنه
مجرد صندوق أو خزانة توضع فيها النقود و ما شابهها .إن بيت المال
يمتد مفهومه ليشمل أراضي الدولة و مخازن حبوب الدولة ومخازن
األسلحة و أنابيب المياه و النفط و ما إلى ذلك .فبيت المال أشبه إذن
بالذمة المالية منه بالصندوق ،فله موجودات (أصول ) وعليه مطاليب
(خصوم ) ،وهو أشبه بالشخصية المعنوية منه بالمكان الحسي ،وأشبه
بالسجل منه بالصندوق .ولعل هذا ما يعنيه الماوردي بقوله )بيت المال
عبارة عن الجهة ال عن المكان).
وبيوت المال ثالثة تختلف باختالف مصارف المال:
أ .بيت مال الزكاة :ومصارفه معروفة محددة في سورة التوبة اآلية.10:
بيت مال المصالح :وموارده الفيء والخراج و خمس الغنيمة، ب.
ومصارفه في الرواتب و األجور و األرزاق ،وفي الثغور وبناء
المساجد و القناطر و الجسور و الطرق ،و في الفقراء و المساكين لدعم
بيت مال الزكاة عند الحاجة.
بيت مال الضوائع :و موارده من اللقطات و التركات التي ال ت.
وارث لها ،ومن ديات القتلى الذين ال أولياء لهم ،ومصارفه اللقطاء
الفقراء ،والفقراء الذين ال أولياء لهم ،يكفن منها موتاهم ،وتعقل منها
جنايتهم.
20
فقه المعامالت 1
21
فقه المعامالت 1
الملك التام :هو ملك ذات الشيء (رقبته) ومنفعته معاً ،بحيث يثبت
للمالك جميع الحقوق المشروعة.
خصائصه
.2إ نه ملك مطلق دائم ال يتقيد بزمان محدود ما دام الشيء محل الملك
قائما ً
.1ال يقبل اإلسقاط ،فلو غصب شخص عينا ً مملوكة آلخر ،فقال المالك
المغصوب منه :أسقطت ملكي ،فال تسقط ملكيته ويبقى الشيء ملكا ً له،
.4يقبل النقل وطريق النقل إما العقد الناقل للملكية كالبيع ،أو الميراث أو
الوصية
.4يمنح صاحبه الصالحيات التامة وحرية االستعمال واالستثمار
والتصرف فيما يملك كما يشاء
.5إذا أتلف المالك ما يملكه ال ضمان عليه؛ إذ ال يتصور مالك وضامن
في شخص واحد
الملك الناقص هو ملك العين وحدها ،أو المنفعة وحدها .ويسمى ملك
المنفعة حق االنتفاع.
أ اإلعارة.
ب اإلجارة.
ج الوقف.
د الوصية.
ه اإلباحة وهي اإلذن باستهالك الشيء أو باستعماله ،كاإلذن بتناول
الطعام أو الثمار.
.4ملك المنفعة العيني أو حق االرتفاق :حق االرتفاق :هو حق مقرر
على عقار لمنفعة عقار آخر ،مملوك لغير مالك العقار األول:
أ حق ال ّ
شِرب
ب حق المجرى
ج حق المسيل
د حق المرور
ه حق الجوار
و حق العلو أي الحق الطابقي أو حق العلو.
هو الجمع بين أطراف الشيء وتقويتها ،يقال :عقد طرفي الحبل إذا
وصل أحدهما باآلخر بعقدة تمسكها فأحكم وصلها .ويطلق على الضمان
والعهد يقال :عاقدته على كذ ا إذا عاهدته عليه .ويطل على الوجوب
23
فقه المعامالت 1
يقال :عقد البيع إذا أوجبه ،وجميع هذه المعاني تدور حول معنى الربط
والشد(.)17
وقد اتفق أئمة اللغة على أن إطالق العقد على األجسام (أي اإلطالق
الحسي) يعد إطالقا ً حقيقاً ،وإطالقه على المعاني (أي المعنوي) فللعلماء
فيه قوالن :األول :أنه إطالق حقيقي والثاني أنه إطالق مجازي.18
العقد في االصطالح الفقهي
له معنيان
.2ما يعقده العاقد على أمر يفعله هو كاليمين على المستقبل وسمي عقدا ً
ألن الحالف ألزم نفسه الوفاء بما حلف عليه من الفعل أو الترك ،وكذلك
العهد واألمانة ألن معطيها قد ألزم نفسه الوفاء بها وكذلك النذور وما
جرى مجرى ذلك.
.1ما يعقد على غيره فعله على وجه إلزامه إياه وكل واحد من طرفي
العقد ألزم نفسه الوفاء به لذاك سمى البيع والنكاح وسائر عقود
المعاوضات عقوداً ألن كل واحد من طرفي العقد ألزم نفسه الوفاء (. )19
الفقهاء عندما يعرفون العقد يقتصرون على المعنى الذي يقترن في
اإليجاب بالقبول وال يذكرون العقد بإرادة الموجب وحده ولكن يالحظ
أيضا ً أن هذه التعريفات جاءت تخص عقودا ً بإرادتين كالبيع واإلجارة..
إلخ ولذلك فإنهم – في الوقت نفسه – عندما ما يذكرون التصرفات التي
القبول عند جمهور الفقهاء ،وفي قول ضمني لمالك( )23أن الوصية تنعقد
بالموت (أي موت الموصي) ويحكم بذلك قبل قبول الموصى له .وتعتبر
الهبة من عقود اإلرادة المنفردة عند بعض فقهاء الحنفية وهم شيخ
اإلسالم خواهر زادة والكاساني والبابرتي( .)24والجعالة هي من عقود
()25
اإلرادة المنفردة في الحقيقة ،وهي تؤول إلى اللزوم عند الحنابلة
ألنها ال تكون إال معلقة على شرط وهو قيام المجعول له بالعمل
المطلوب ،فإذا تحقق هذا الشرط التزم الجاعل بموجب إرادته المنفردة
بأداء الجعل للعامل وقد يقال هنا إن الجعالة قد تمت بالقبول الضمني
()26
للعامل بقيامه بالعمل المطلوب
أقسام العقود
سم بعض الفقهاء من حيث
للعقود أقسام متعددة باعتبارات مختلفة .ق ّ
طبيعتها إلى عدة أقسام.
.1عقود المعاوضات
ويشمل عقد البيع بأنواعه:
أ -المقايضة
سلم
ال ّ ب-
صرف ال ّ ج-
د -عقد اإلجارة
( )23منح الجليل على مختصر خليل للشيخ عليش ج 4ص ،141ومالك يرى أن القبول شرط في
صحة الوصية ومعنى ذلك أنها تنعقد بإرادة الموصي وحدها ولكن ال تتم إال إذا رضي
الموصى له منعا ً للمنة.
( )24بدائع الصنائع للكاساني ج 1ص .255
( )25المغنى البن قدامة ج 4ص .414
( )26المدخل للفقه اإلسالمي للدكتور سالم مدكور ص .591
26
فقه المعامالت 1
ه -االستصناع
صلح
و -ال ّ
ز-النّكاح
الخلع ح-
المضاربة ط-
المزارعة ،المساقاة وال ّ
شركة ونحوها ي-
.2عقود التّ ّ
برعات
ويشمل
أ -عقد الهبة
العاريّة و الوديعة ب-
الوكالة ج-
د -الكفالة بغير أمر المدين
الرهن
هّ -
و -الوصيّة ونحوها.
عقود التّ ّ
برع يُغتفر فيها الغرر والجهالة اليسيرة ؛ ألنّها مبنيّة على اليسر
والتّوسعة وألنّه ال عوض فيها.
تبرعا ً في االبتداء لكنّها معاوضة في االنتهاء 050110
عقود تعتبر ّ
متبرع عند اإلقراض لكنّه عند رجوعه
ّ فإن المقرض .2عقد القرض ّ
على المقترض بمثل ما أخذ يئول إلى المعاوضة.
27
فقه المعامالت 1
28
فقه المعامالت 1
ال يضمنه إالّ إذا تلف بسبب تقصيره في حفظه ،كعقد اإليداع،
والعاريّة ،وال ّ
شركة بأنواعها ،والوكالة ،والوصاية.
ومناط التّمييز -بوجه عا ّم -بين عقود الضّمان ،وبين عقود األمانة،
يدور مع المعاوضة :فكلّما كان في العقد معاوضة ،كان عقد ضمان،
وكلّما كان القصد من العقد غير المعاوضة ،كان العقد عقد أمانة
كالحفظ ونحوه.
.4عقود التوثيقات
التوثيقات يقصد بها الوسائل التي يستوفى منها الحق كالضمان ،والكفالة
والرهن أو يستوفى بها كالشهادة والكتابة ونحوها.
أهمية عقود التوثيقات
أ -حماية حقوق الناس ،وإغالق أبواب الحيل ،وسد ذرائع المنازعات
وقطع أسباب الخصوما
في عقود التوثيق ،ما يبعث روح الطمأنينة لدى المتعاملين ب-
على حقوقهم ،ويدفع الريبة والشك بينهم
عقد التوثيق ي عتبر تأمينا لحق الدائن ،فيما لو عجز المدين عن ج-
السداد ،أو ماطل فإنه يمكن للدائن استيفاء حقه من الرهن بشروط ذلك ،
أو الرجوع على الضامن أو الكفيل
أنواع عقود التوثيقات
الضمان أو االلتزام :ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون في ب-
التزام الحقوق المستحقة ،حاال أو مآال.
الكفالة :ضم ذمة الكفيل إلى ذمة األصيل في المطالبة بنفس أو ج-
دين أو عين أو عمل ،وهذا التعريف لفقهاء األحناف .وعند غيرهم من
االئمة يعرفونها :بأنها ضم الذمتين في المطالبة والدين.
د -الحوالة وهي عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى أخرى للحاجة إليها
فكثيرا ما يكون المدين مماطال ،يؤذي دائنيه بتسويفه ،أو بمشاغباته
وضيق ذات يده
ومن صور الحوالة ما يسمى بالسفتجة وهي عبارة عن ورقة تكتب
للمقرض في بلد ليستوفي نظير قرضه في بلد آخر من وكيل المقترض،
أو من مدينه في ذاك البلد اتقاء لخطر الطريق المحتمل.
30
فقه المعامالت 1
الشريف ،أو كتب الفقه التي تهتم باألدلة ،وفيها كثير من آيات القرآن،
ضا أن ال
وكثير من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم واشترطوا أي ً
يكون المشتري حربيًّا في بيع آالت الحرب.
ً
عاقال أو لم يشترطوا لالنعقاد أن يكون العاقد بال ًغا ،اكتفوا بأن يكون
ً
مميزا ،المهم لالنعقاد هو وجود التمييز أو مجرد العقل الفطري البسيط.
ومعنى أن يكون متعددًا يعني :عندهم حتى ينعقد العقد ال بد أن يكون له
طرفان بائع ومشتري معنى هذا :أن اإلنسان ال يجوز أن يبيع لنفسه،
وال أن يشتري لنفسه ،يعني :ال يكون هو البائع والمشتري في نفس
الوقت ،وإن كان غيرهم من الفقهاء لهم في كالم وتفصيل أن من
ً
ووكيال في عقد آخر ،يعني: ً
أصيال في عقد الممكن أن يكون اإلنسان
أصيال فيشتري ،فيشتري شيئًا من األشياء التي هو موكل ببيعها.ً يكون
.1الصيغة :التي هي اإليجاب والقبول اللذان يعبران عن اإلرادة الخفية
لكل من طرفي العقد.
سماعها ،يعني :يكون فيها تلفظ بحيث إن أطراف العقد يسمعونها ،كل
منهم يسمع كالم اآلخر .وتوافق اإليجاب والقبول :اإليجاب والقبول
يكونان متوافقين على شيء واحدً ،
فمثال لو قال :بعتك هذه السيارة بمئة
ألف ،وقال :وافقت على شراء هذا البيت بمئة ألف ،ال يتم العقد؛ ألن
أحدهم يتكلم عن السيارة واآلخر يتكلم عن البيت ،ال بد من توافق
اإليجاب والقبول.
اتحاد مجلس العقد يعني :يكون اإليجاب والقبول في مجلس واحد ،أما
عرض على المشتري قال له :بعتك كذا ،فسكت َمن عليه لو أن البائع َ
القبول ،فقام البائع من مجلسه فغير المجلس ،انتهى .ال بد من إيجاب
31
فقه المعامالت 1
ضا ال يفصل بين اإليجاب والقبول شيء يشعر وقبول جديدين وأي ً
بانصراف َمن له القبول عن هذا القبول ،فإذا عاد احتاج ذلك إلى إيجاب
جديد.
أن يقصد كل من المتعاقدين معنى اللفظ الذي ينطق به ،وأن يصر
البادئ على ما أتى به ،وأن ال يكون الفصل بين لفظي اإليجاب
والقبول ،وأن ال يتخلل بين اإليجاب والقبول كالم أجنبي عن العقد ،وأن
ال يغير الموجب كال َمه ،وأن يسمع كل منهما الصيغة ،وأن يتوافق
اإليجاب والقبول تما ًما ،وأن ال يعلق الصيغة بشيء ال يقتضيه العقد،
وأن ال يكون العقد مؤقتًا.
وعند الجمهور يختلف اإليجاب عن القبول اإليجاب عند الجمهور :هو
ما يصدر من مالك السلعة ويريد أن يملكها لآلخر -المملك -أما القبول
فهو صادر عمن ينتقل إليه الملك ،فيسمى كالمه ً
قبوال.
.4المعقود عليه والمعقود عليه هو الشيء المطلوب.
مقدورا على تسليمه ،مملوكًا للعاقد
ً طاهرا ،منتفعًا به شرعًا،
ً أن يكون
وقدرا وصفةً وأن يكون ً
ماال، ً أو له عليه والية ،معلو ًما للعاقدين ،عينًا
وهو ما يباح االنتفاع به شر ًعا مطلقًا في غير حاج ٍة والضرورةٍ؛ ألن
ما يحتاج إليه لحاجة أو ضرورة يباح كالميتة ،لكننا نريد أن ال يكون
مبا ًحا لحاجة أو ضرورة.
ماال معقودًا عليه ،السلعة التي تباع ال بد أن تكونوأن يكون المبيع ً
ماال وأن يكون حين التعاقد ،يعني :أثتاء التعاقد يكون الشيء المعقود
عليه موجودًا أما لو كان معدو ًما فال ينعقد العقد عندهم.
32
فقه المعامالت 1
وأن يكون مقدور التسليم ،يعني :في اإلمكان تسليمه للمشتري ،أما إذا
كان شيئًا هاربًا أو شيئًا ليس في ُمكنة البائع أن يسلمه؛ ألنه ال يملكه ،أو
ال سلطان له عليه ،إذًا فال ينعقد العقد.
وأن ال يكون مؤقتًا ،يعني :ال يكون العقد مؤقتًا بمدة ،وإال لم يكن عقدًا،
وأن يكون للبيع فائدة ،وأن يخلو من الشرط المفسد ،يعني :ال يكون في
عقد البيع شرط مفسد.
.4الثمن
ضا؛ ألن البيع مبادلة مال بمال ،فالمبيع ً
ماال فكذلك أن يكون ً
ماال أي ً
الثمن يكون ً
ماال بمعنى شيء له منفعة يمكن ادخاره لوقت الحاجة.
وأن يكون طاه ًرا ،وأن يكون منتف ًعا به ،وأن يكون معلو ًما للعاقدين،
مقدورا على تسليمه .معنى هذا :أنهم ال يجيزون أن يكون أيً وأن يكون
سا ،ثمنًا أو مثمنًا ،ال يجوز بيع أي شيء نجس ،كالدم والخنزير وما نج ً
إلى ذلك من النجاسات.
وأن يكون منتف ًعا به ،أن يكون له منفعة مشروعة ،لكن األشياء التي
ليس فيها منافع بل فيها مضار كالسموم ً
مثال ،أو فيها منافع لكن منافع
غير شرعية ،كأدوات اللهو ً
مثال ،وأن يكون معلو ًما للعاقدين ،يعني :كل
مقدورا
ً من البائع والمشتري يعلم السلعة ويعلم ثمنها تما ًما ،وأن يكون
قادرا على تسليم السلعة ،والمشتري ً على تسليمه ،يعني :البائع يكون
قادرا على تسليم الثمن.
يكون ً
33
فقه المعامالت 1
الغلط /الخطأ
ق د يقع الشخص في خطأ ما يدفعه الى التوقيع على عقد دون علم منه
بهذا الخطأ او دون علم المتعاقد اآلخر ،عندها يجوز ابطال العقد استنادا
الى عدم معرفة الطرفين أو أحد االطراف بهذا الخطأ اما اذا تمسك
الشخص بخطئه واراد استمرار التعاقد فللشخص اآلخر ان يتم العقد
بشكل ال يضره وان يمشي مع حقيقة ما اعتقده واخطاء الحساب وزالت
القلم ال تؤثر على العقد.
اإلكراه
الغير على أن يفعل ما ال يرضاه ،وال يختار مباشرته ،لو ِ اإلكراه هو حمل
ترك ونفسه وينقسم إلى:
لجئ أو الكامل :وهو الذي ال يبقى للشخص معه قدرة وال .2اإلكراه ال ُم ِ
اختيار؛ وذلك بأن يهدِّده بما يضر بالنفس أو بعض ٍو من البدن ،وحكمه
أن يعدم الرضا ويفسد االختيار.
.1اإلكراه غير الملجئ أو الناقص :وهو التهديد بما ال يضر النفس أو
العضو؛ كالت خويف بالحبس أو القيد أو الضرب الذي ال يتلف ،وحكمه
أنه يعدم الرضا ،وال يفسد االختيار.
.4أضاف الحنفية نو ًعا ثالثًا ،وهو اإلكراه األدبي :وهو الذي يعدم تمام
الرضا وال يعدم االختيار؛ كالتهديد بحبس أحد األصول أو الفروع أو
الحواشي ،وحكمه أنه إكراه شرعي استحسانًا ال قيا ً
سا.
34
فقه المعامالت 1
35
فقه المعامالت 1
فالغرر مبناه على الجهالة ،وهذه الجهالة إما أن تكون في المبيع أو في
الثمن.
الجهالة في المبيع قد تكون:
.2بعدم العلم بالمبيع نفسه ،كأن يقول :بعتك ما في هذا الصندوق بمائة
ريال وهو ال يعلم ما بداخله.
.1أو بعدم العلم بصفاته ،كأن يبيعه سيارة بعشرة آالف ريال،
والمشتري لم يرها وال يعرف صفاتها
.4أو بعدم العلم بمقداره ،كأن يقول :بعتك بعض هذه األرض بألف
ريال.
.4أو بعدم تملك البائع له ،كأن يبيعه بيتا ً وهو ال يملكها.
.5أو بعدم قدرة البائع على تسليمه ،كأن يبيعه ساعته المفقودة.
والجهالة في الثمن قد تكون:
27المصباح المنيرص414
28القواعد النورانية البن تيمية ص241
36
فقه المعامالت 1
.2بعدم العلم به ،كأن يقول :بعتك السيارة بالثمن الذي تراه ،ويفترقا من
غير تحديد.
.1أو بترديده ،كأن يقول :خذ هذه السيارة نقداً بمائة ألف و نسيئةً بمائة
وعشرين ألف ،فيأخذها ويفترقا بدون تحديد أي الثمنين.
.4أو بعدم العلم باألجل ،كأن يقول:بعتك الجوال بألف ريال تسددها متى
ما تمكنت من ذلك.
العالقة بين الغرر والقمار
القمار كالغرر عقد مبناه على الجهالة ،متردد بين الغنم والغرم ،والفرق
بينهما أن القمار يكون في األلعاب والمسابقات بينما الغرر يكون في
المبايعات .يقال :باع غرراً ،ولعب قماراً.
فمن القمار :أن يلعب اثنان أو أكثر ويضع كل منهم ماالً على أن من فاز
فإنه يأخذ هذا المال .ومنه أيضا ً الرهان بين اثنين أو أكثر على أنه إذا
فاز الفريق الفالني أو الفرس الفالني أو حصل كذا وكذا فعلي ذبيحة أو
كذا من المال ،وإن حصل العكس فعليك كذا.
37
فقه المعامالت 1
38
فقه المعامالت 1
الغبن
29رواه بن ماجة والدار قطني وصححه األلباني في إرواء الغليل حديث رقم ( ) 191
30رواه أبو داود وصححه األلباني في صحيح الجامع حديث رقم ( ) 9111
39
فقه المعامالت 1
41
فقه المعامالت 1
بيع الفضولي
إذا باع اإلنسان ملك غيره بغير إذنه فهذا يسمى بيع الفضولي أو اشيترى
لغيره بغير إذنيه فيسيمى شيراء الفضيولي ،كيأن يعليم أن صياحبه يرغيب
في بيع سيارته مثالً ،ثم إن صاحبه غياب فجياء شيخص يبحيث عين مثيل
هذه السيارة ،فباعها له بخمسيين ألفيا ً ،ورضيي صياحب السييارة ،فهيذا
يسمى عند الفقهاء ( بيع الفضولي ) .
هيذا البييع ال يجييوز فيي مييذهب الشيافعية فييي الجدييد والحنابليية فيي رواييية
وأبي ثور وابن المنذر ألنه قد باع ميا ال يمليك وقيد قيال النبيي صيلى الليه
عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه عندما أخبيره أنيه يبييع الشييء
وليس عنده ثم يمضي فيشتريه ويسلمه ( ال تبع ما ليس عندك ) أي ميا ال
تملك ،وألنه باعه ما ال يقدر على تسليمه الحتمال عدم رضا المالك .
ويجوز إذا أجياز الماليك وهيو ميذهب ماليك والشيافعي فيي القيديم وروايية
عن أحمد.
بيع المعاطاة
هو بيع ولكن دون تلفظ باإليجاب أو القبول ،مثال :واحد يذهب إلى
الكتاب
َ المكتبة فيجد الكتاب مكتوبًا عليه الثمن ،فينقد البائع الثمنَ ويأخذ
دون أن يتكلم أحدهما ،أو يدفع ثمن تذكرة القطار ويأخذ التذكرة ويركب
القطار ،وهذا اسمه بيع المعاطاة ،هل هذا يجوز أو ال يجوز؟
42
فقه المعامالت 1
فيه خالف بين أهل العلم ،فجمهور الفقهاء :على أن هذا البيع -بيع
المعاطاة -جائز إذا كانت هناك قرائن تدل على حصول الرضا وليس
من الضروري التلفظ ،فكما قلت :إنسان وزن خمسة كيلو موز أو أربعة
تفاح ومكتوب ثم ن الكيلو كذا ،ونقد البائع الثمن وأخذ الفاكهة ،هذا بيع
جائز عند جمهور الفقهاء ،رغم أن البائع والمشتري لم يتلف َ
ظا بلفظٍ
واحدٍ ،واستدل الجمهور على هذا بأن الناس يتبايعون في أسواقهم على
المعاطاة في كل عصر ،ولم ينقل إنكاره عن أحد ،فكان هذا إجما ًعا
سكوتيًّا ،والقرينة -يعني :الموقف الحالي -كافية جدًّا في الداللة على
الرضا.
وقال الشافعية :يشترط أن يقع العقد باأللفاظ الصريحة أو الكنائية
وقبوال ،فال يصح عندهم بيع المعاطاة في أي شيء ،سواء أكان ً إيجا ًبا
صا ،ودليلهم على هذا أن النبي -صلى الله حقيرا أو رخي ً
ً سا أو
المبيع نفي ً
تراض) رواه البيهقي وابن ماجه، ٍ عليه وسلم -قال (إنما البيع عن
وصححه ابن حبان .والرضا أمر خفي ،فاعتُبِ َر ما يدل عليه من اللفظ
صا عند إثبات الشهود؛ ألن الله تعالى يقول( َوأَ ْش ِهدُوا) وإذا كان خصو ً
س َيشهدُون فعلى ماذا يشهدون إذا كانوا لم يسمعوا شيئًا؟ فالشهود الشهود َ
ال يشهدون إال على ما سمعوه من اللفظ ،فقولهَ ) :وأَ ْش ِهدُوا ِإذَا تَ َبا َي ْعت ُ ْم)
يتضمن أن البيع ال يتم اال بِنا ًء على لفظ يسمعه هؤالء الشهود،
ويشهدون عليه.
ولكن جماعة من الشافعية كاإلمام النووي والمتولي وغيرهما ،ذهبوا
إلى جوازه فيما يجوز عرفًا والنبي -عليه الصالة والسالم -وأصحاب
كثيرا ما كانو يتبايعون ،فلم يصل إلينا أن أحدَهم كان يقول في كل
النبي ً
صفقة يشتريها :بعت واآلخر يقول :اشتريت ،لم يرد هذا بالتفصيل .و
يرجع في ذلك يعني :في تفسير الرضا إلى العرف ،مثل كل األلفاظ
43
فقه المعامالت 1
وبيييع العيينيية هييو أن يبيييع سييلعة بييثمن معلييوم إلييى أجييل ثييم يشييتريها ميين
المشتري بأقل ليبقى الكثير في ذمته.
فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم -عن هذه الصورة؛ ألنها ربا،
وإن كان في صورة بيع وشراء .ذلك أن اإلنسان المحتاج إلى النقود
يشتري سلعة بثمن معين إلى أجل ،ثم يبيعها ممن اشتراها منه بثمن
حال أقل فيكون الفرق هو فائدة المبلغ الذي أخذه عاجال .وهذا البيع
حرام ويقع باطال عند بعض الفقهاء .فقد روي عن ابن عمر أن النبي -
صلى الله عليه وسلم -قال( :إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ،وتبايعوا
بالعينة ،واتبعوا أذناب البقر ،وتركوا الجهاد في سبيل الله ،أنزل الله
بهم بالء فال يرفعه حتى يراجعوا دينهم)
بيع العرايا
يعرى ،تقول :عريت النخلة تعرى :إذا ي َالعرايا مأخوذة من الفعل َع ِر َ
فردَت عن حكم غيرها من النخل ،واالسم منها عرية ،والجمع عرايا، أُ ِ
ً
رجال محتا ًجا؛ فيجعل له ثمرها عا ًما، وهي النخلة يعريها صاحبها
صا في أيام الجدب العرب كان عندهم عادات وأعراف طيبة ،خصو ً
والقحط؛ يقوم أثرياؤهم وأغنياؤهم بمنح فقرائهم ما يعرف بالمنيحة،
44
فقه المعامالت 1
يعني :يعطيه ناقته أو بقرته ،أو جاموسته ،أو شاته منيحة ،يحلب لبنها
طوال العام دون أن يملك األصل .كذلك هذه المنيحة بالنسبة للنخل
صا آخر نخلةً ليأخذ ثمارها
شخص شخ ً
ٌ تسمى عرية ،فيهب أو يعطي
طوال عام دون أن يملكه رقبتها .
عرف اإلمام الشافعي العرية :بأنها بيع الرطب على النخل بتمر في
األرض يعني :شخص يريد أن يشتري الرطب ،وهو على النخل ويدفع
تمرا ،والتمر على األرض ،أو يشتري عنبًا في الشجر ،ويدفع
الثمن ً
الثمن زبيبًا ،وذلك فيما دون خمسة أوسق بشرط التقابل ،أو التقابض
في الحال .
الدليل على مشروعية العرية
الواقع أن النبي -صلى الله عليه وسلم -في البداية نهى عن بيع التمر
بالتمر وسأل هل إذا جف الرطب ينقص فلما أُخبر بأنه ينقص منع ذلك،
ثم استثنى العرايا.
عن رافع بن خديج ،وسهل بن أبي حثمة (أن النبي -صلى الله عليه
وسلم -نهى عن المزابنة بيع الثمر بالتمر -ثمر يعني الرطب -إال
أصحاب العرايا؛ فإنه قد أذن لهم ) رواه أحمد والبخاري والترمذي،
وزاد فيه وعن بيع العنب بالزبيب ،وعن كل ثمر بخرصه .لقد صح أن
النبي -صلى الله عليه وسلم -استثنى العرايا أو العرية يعني خصها
بحكم مخالف لهذا العموم
ٍ
صورة العرية
45
فقه المعامالت 1
أن يبيع الرجل ثمر حائطه -يعني الرطب -بعد بدو صالحه ويستثني
البائع منه نخالت معلومة يبقيها لنفسه ،أو عياله ،وهي التي عفي له عن
خرصها في الصدقة وسميت عرايا؛ ألنها أعريت عن أن تخرص في
الصدقة؛ فرخص ألهل الحاجة الذين ال نقد لهم ،وعندهم فضول من
تمر قوتهم أن يبتاعوا بذلك التمر من رطب تلك النخالت بخرصها .
بيع المساومة
وهو البيع الذي ال يظهر فيه البائع رأس ماله.
بيع المزايدة
بأن يعرض البائع سلعته في السوق ويتزايد المشترون فيها ،فتباع لمن
يدفع الثمن األكثر.
بيوع األمانات
وهي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال ،أو أزيد ،أو أنقص .وسميت
بيوع األمانة ،ألنه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال ،وهي ثالثة
أنواع:
أ .بيع المرابحة ،وهو البيع الذي يحدد فيه الثمن بزيادة على رأس المال.
بيع التولية ،وهو البيع الذي يحدد فيه رأس المال نفسه ثمنا بال ب.
ربح وال خسارة.
بيع الوضيعة ،أو الحطيطة ،أو النقيصة :وهو بيع يحدد فيه ت.
الثمن بنقص عن رأس المال ،أي بخسارة.
46
فقه المعامالت 1
48
فقه المعامالت 1
األصييح ألنييه قصيير فييي االغتييرار ،وعيين مالييك رواييية أن البيييع باطييل،
وجعل النهي عنه مقتضيا للفساد.
فخالصته هذا البيع :أن يزيد في السلعة من ال يريد شيراءها ،وهيذا البييع
حرام؛ ألن فيه تغريرا بالمشتري وخداعا له.
خامساً :بيعتان في بيعة
عن أبي هريرة قال (نهى رسول الله ﷺ عن بيعتيين فيي بيعية) 31والعميل
على هذا عند أهل العلم ،وقد فسر بعض أهل العلم قالوا :بيعتين في بيعة
أن يقول :أبيعك هذا الثوب بنقد بعشرة وبنسيئة بعشرين وال يفارقيه عليى
أحد البيعين ،فإذا فارقه على أحدهما فيال بيأس إذا كانيت العقيدة عليى أحيد
منهما ،قال الشافعي :ومن معنى نهي النبي -صلى الليه علييه وسيلم -عين
بيعتين في بيعية أن يقيول أبيعيك داري هيذه بكيذا عليى أن تبيعنيي غالميك
بكذا فإذا وجب ليي غالميك وجبيت ليك داري وهيذا يفيارق عين بييع بغيير
ثمن معلوم وال يدري كل واحد منهما على ما وقعت عليه صفقته.
إذن صفة بيع البيعتين فيي بيعية :أن يقيول :بعتيك هيذا عليى أن تبيعنيي أو
تشتري مني هذا ،أو بعتيك هيذه السيلعة بعشيرة حالية ،أو عشيرين مؤجلية
ويتفرقييا قبييل تعيييين أحييدهما ،وهييذا البيييع غييير صييحيح؛ ألن البيييع معلييق
بشرط في األول ولعدم استقرار الثمن في الثاني.
سادساً :بيع الحاضر للبادي
فعن عبد الله بن عم ر رضي الله عنهما قال :نهى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم -أن يبيع حاضر لبادرواه البخاري .وعن ابن عباس قال :نهى
رسول الله -صيلى الليه علييه وسيلم -أن تتلقيى الركبيان وأن يبييع حاضير
لباد .فقييل البين عبياس :ميا قوليه حاضير لبياد؟ قيال :ال يكين ليه سمسيارا.
والسمسار هو الذي يبي ع السلعة بأغلى من سيعر يومهيا .وفيي روايية( :ال
يبع حاضر لباد دعيوا النياس ييرزق الليه بعضيهم مين بعيض) .وفيي رواة
عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال( :ال يبييع حاضير لبياد وإن
كييان أخيياه أو أبيياه) .والمييراد بالحاضيير سيياكن الحضيير ،والبييادي سيياكن
الباديييية ..قيييال النيييووي" :هيييذه األحادييييث تتضيييمن تحيييريم بييييع الحاضييير
للبادي ،وبه قال الشافعي واألكثرون .قال أصحابنا" :والمراد بيه أن يقيدم
غرييب مين البادييية أو مين بلييد آخير بمتياع تعييم الحاجية إليييه ليبيعيه بسييعر
يوميه ،فيقييول ليه البلييدي :اتركييه عنيدي ألبيعييه علييى التيدريج بييأعلى .قييال
أصحابنا :وإنما يحرم بهذه الشروط وبشرط أن يكيون عالميا بيالنهي ،فليو
لم يعلم النهي أو كان المتاع مما ال يحتاج في البلد وال يؤثر فيه لقلية ذليك
المجلييوب لييم يحييرم ولييو خييالف وبيياع الحاضيير للبييادي صييح البيييع مييع
التحريم .هذا مذهبنا وبه قيال جماعية مين المالكيية وغييرهم .وقيال بعيض
المالكية :يفسخ البيع ما لم يفت.
سابعاً :بيع الرجل على بيع أخيه
عن عبد الله بن عمر رضي الليه عنهميا أن رسيول الليه-صيلى الليه علييه
وسلم -قال( :ال يبيع بعضكم على بيع أخيه) رواه البخاري.
مثالييه أن يقييول لميين اشييترى شيييئا فييي مييدة الخيييار :افسييخ هييذا البيييع وأنييا
أبيعك مثله بأرخص من ثمنه أو أجود منه بثمنه ،ونحو ذلك ،وهذا حرام.
50
فقه المعامالت 1
ويحييرم أيضييا الشييراء علييى شييراء أخيييه وهييو أن يقييول للبييائع فييي مييدة
الخيار :افسخ هذا البيع وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن ونحو هذا..
ثامناً :بيع السلعة قبل قبضها
باع إنسان سيارة آلخير قبيل أن يتملكهيا ويحوزهيا؛ ليم يصيح البييع سيواء
باعها عليه ن قدًا أم ألجل ،وسواء كيان اليربح نسيبة مين ثمين شيراء البيائع
قدرا معينًا ،وسواء دفع دفعة من اليثمن أم ليم ييدفع شييئًا؛ ألنيه
كالثلث ،أم ً
باعها قبل قبضها ،بل قبل تملكها ،وأما إذا اتفق معه على أن يبيعها علييه
بعد أن يمتلكها ويحوزها فيجوز؛ ألنه وعد بالشراء ال عقد شراء ،ولهميا
أن يتعاقدا بعد ذلك وفاء بالوعد ،ويجوز أن يبيعها على غيره ،كما يجوز
لآلخر أن يشتري غير هذه السيارة.
بيع حبل الحبلة
وهو أن يبيعه نتاج ما في بطن الناقة أي حمل الحمل ،أو أن يتبايعا سلعة
على أن يكون تسليم الثمن بعد أن تلد الناقة ثم يلد مافي بطنها ،فهنا
الجهالة في األجل.
بيع الثمار قبل أن يبدو صالحها
بيع الثمار قبل أن يبدو صالحها ممنوع ألنه ال يؤمن تلف الثمار قبل أن
يقطعها المشتري أما إذا تلونت بأن احمرت أو اصفرت فيجوز بيعها.
بيع المضامين والمالقيح
51
فقه المعامالت 1
تعريف الخيار
الخيار بالكسر خالف األشرار ،وهو أيضا ً االسم من االختيار -وخيره
بين الشيئين أي فوض إليه الخيار ·
في االصطالح فهي عندهم :أن يكون ألحد العاقدين -أو لكليهما -الحق
في اختيار أحد األمرين -إما إمضاء العقد وتنفيذه ،وإما فسخه ورفعه
من أساسه ·
وهذه الخيارات منها ماورد به نص خاص -كخيار الشرط وخيار
الرؤية -ومنها ما ثبت بمقتضى القواعد العامة -كخيار العيب والتدليس
-ومنها ماثبت بالقياس -كخيار النقد وخيار التعيين ·
ولذلك نجد الفقهاء لم يتفقوا إال على بعضها فقط ،والباقي كان مجاالً
الختالف االجتهادات
خـيـار الشـرط
هو أن يكون ألحد العاقدين -أولهما معا ً -أو لمن ينيبه كل منهما الحق
في إجازة العقد أو فسخه باشتراط ذلك في العقد -ولذلك سمي خيار
الشرط فإذا قال البائع للمشتري مثالً :بعت لك هذه الدار بمائتي الف
ريال ،على أنني بالخيار أو على أنك بالخيار -مدة ثالثة أيام -وقبل
المشتري ،كان للبائع الحق في فسخ العقد في هذه المدة -وكذلك
المشتري -فإذا مضت المدة من غير أن يعلن البائع أو المشتري رأيه
52
فقه المعامالت 1
53
فقه المعامالت 1
خيار الرؤية
خيار الرؤية حق يثبت بمقتضاه للعاقد أن يفسخ العقد بوقت اليتغير فيه ·
إذا كان سبب هذا الخيار هو عدم رؤية محل العقد عند التعاقد فيكون
موضعه التعاقد على شيء غائب –
العقد على الشيء الغائب
وقد اختلف الفقهاء على صحة العقد على الشيء الغائب ·
فالشافعي -في مذهبه الجديد -يرى أن العقد على الغائب اليصح ،ومن
ثم اليكون لهذا الخيار موضع عنده في العقود الصحيحة ،مستدالً بأن
بيع الغائب بالوصف فيه غرر ،والغرر منهي عنه
والحنفية يقولون بمشروعية هذا الخيار ،مستدلين بمارواه الطحاوي
والبيهقي ،أن عثمان بن عفان باع لطلحة بن عبدالله أرضا ً بالبصرة ،
ي
لم يرها واحد منهما -ولما قيل لكل منهما إنك قد غبنت ،قال :إل َّ
الخيار ،ثم حكما جبير بن مطعم بينهما فحكم بالخيار لطلحة ،وكان ذلك
بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد ،فكان إجماعا ً سكوتيا ً ظاهراً .
والمالكية يصححون بيع الغائب في إحدى صورتين :
.2إذا وصف بما يبين جنسه ونوعه
.1إذا لم يوصف ولكنه اشترط الخيار عند رؤيته -فإذا لم يوجد وصف
وال اشتراط اليصح بيع الغائب · وعلى هذا فهم اليعترفون بخيار الرؤية
.
والحنابلة يصححون بيع الغائب بشرطين :
.2أن يكون المبيع من األشياء التي يصح فيها السلم -وهي األشياء التي
يمكن تعيينها بالوصف
.1أن يصفه بالصفات التي تضبطه وهي األوصاف التي يترتب على
ذكرها أو عدمه -اختالف في الثمن غالبا ً ·
54
فقه المعامالت 1
فإذا باع غائبا ً -من غير وصف بعينه -كان البيع غير صحيح -وإذا
باع الموصوف جاز له رده إذا لم يجده على الصفة التي عينها أو وجد
به عيبا ً
خيار العيب
هو أن يكون للمتملك الحق في إمضاء العقد أو فسخه -إذا وجد عيبا ً في
العقد المعين بالتعيين لم يطلع عليه عند التعاقد . محل
فسببه إذن ظهور عيب كان موجوداً بمحل العقد قبل أن ينتقل إلى يد
المتملك ،ولم يظهر منه ما يدل على رضاه به ،وإنما ثبت له هذا الحق
في تلك الحالة النعدام رضاه بالعقد حيث كان يبغي السالمة في المعقود
عليه ليكون انتفاعه به انتفاعا ً تاما ً ،فلما فاتت سالمته بوجود العيب ،
أثبت الشارع له حرية اإلبقاء على العقد أو إلغائه ،وإن شاء تمسك بحقه
كامالً وأزال عن نفسه هذا االلتزام مالم يوجد مانع يمنع من ذلك ،وإن
شاء تغاضى عما يصيبه من ضرر ،وأبقى العقد كما كان ·
خيار المجلس
صور هذا الخيار
أن يقع البيع جائزاً ،في فترة المجلس ،ويكون لكل من المتعاقدين
الخيار ،فإذا تفرقا لزم العقد والخيار ألحدهما ·
يقول بهذا الخيار الشافعية والحنابلة ،وعندهم أن أيًا من المتعاقدين
يكون له خيار الرجوع مادام مجلس العقد قائما ً لم ينفض ،فإذا انفض
المجلس بطل الخيار ،أ ي أن خيار المجلس يثبت عندهم ،في الفترة ما
بين صدور القول ،وانصراف المتعاقدين أو أحدهما عن مجلس العقد ،
55
فقه المعامالت 1
56
فقه المعامالت 1
س ِّمي س َل ًما لتسليم رأس المال في المجلس ،وسلفًا لتقديمه ،وهما لغتان،
ُ
سلَم لغة أهل الحجاز ،و "السلف" لغة أهل العراق. ف :ال َّ
ً
عاجال، س َلم اصطال ًحا :هو عق ٌد على موصوفٍ في الذ َّمة ببد ٍل يعطى ال َّ
عوض موصوفٍ في الذ َّمة إلى أج ٍل ،أو ٍ حاضر فيٍ عوض
ٍ أو أنه تسليم
مقبوض بمجلس العقد.ٍ بثمن
ٍ هو عقدٌ على موصوفٍ بذ َّم ٍة مؤ َّج ٍل
صورة بيع السلم
أن يأتي عثمان إلى أحمد الذي يعمل في الزراعة ،فيقول له عثمان:
أُعطيك هذا المبلغ من المال نقداً حاالً على أن تُعطيني مقابله ُ
طنّا ً من
األرز في هذا الموضع في موسم الحصاد القادم ،فيَ ْقبل أحمد العرض من
عثمان ،ويستلم الثمن منه في نفس المجلس ،ويس ِلّمه القمح في الموسم
المتَّفق عليه ،وفي المكان الذي حدداه له ،وبالقدر والوصف الذي ت ّم
االتفاق عليه بينهما.
أركان بيع السلم
ركن واح ٌد فقط هو صيغة العقد التي ينعقد بها ٌ سلم
عند الحنفية لبيع ال َّ
البيع ،ويُعبَّر عنها باإليجاب والقبول.
ذهب الجمهور إلى أن أركان السلم ثالثة:
.2العاقدان :وهما ال ُمس ِلّم ( المشتري) ويسمى رب السلم ،وال ُمسلَّم إليه
(البائع
57
فقه المعامالت 1
.1المعقود عليه (المحل) :المسلَّم (فيه المبيع) ،ورأس مال السلم (الثمن
.4الصيغة اإليجاب ويصدر من ال ُمس ِلّم (المشتري) ،والقبول ويصدر
من ال ُمسلَّم إليه (البائع).
أركان الصيغة في عقد بيع السلم
58
فقه المعامالت 1
59
فقه المعامالت 1
أن عقد السلم يجب أن يكون داخالً فيه اشتراط يرى جمهور الفقهاء ّ
األجل ،وقال علماء الشافعية :يجوز أن يكون عقد السلم حاالً
.1أن يكون جنس المسلم فيه موجوداً في األسواق بنوعه وصفته في
وقت حلول أجل التسليم
.9أن يكون أجل تسليمه معلوماً ،فإذا كان األجل ُمطلقا ً لم يص ّح البيع؛
لما فيه من الجهالة المؤدّية للمنازعة.
شروط العقد
يجب أن يكون باتّا ً يعني أن يخلو من خيار الشرط وهذا عند الجمهور-
الحنفية والشافعية والحنابلة. -
يرى اإلمام مالك أنّه يجوز اشتراط الخيار في بيع السلم مدة ال تزيد
على ثالثة أيام؛ ألنّها قليلة وذلك ال يؤثّر في عقد السلم الذي في العادة
اشتراط األجل.
.2االستصناع
االستصناع في اصطالح الفقهاء أن يطلب إنسان من آخر شيئا لم يصنع
بعد ليصنع له طبق مواصفات محددة بمواد من عند الصانع ،مقابل
عوض مالي.
سلَم والبيع بالمعنى الخاص .أما شبهه
االستصناع شبيه باإلجارة ،وبال َّ
باإلجارة فألن العمل فيه جزء من المعقود عليه ،وأما شبهه بالبيع من
حيث أن الصانع يقدّم المواد من عنده مقابل عوض.
تعريف الفقهاء المتقدم له يوضح أنه عقد مغاير لهذه العقود .
60
فقه المعامالت 1
61
فقه المعامالت 1
.3بيع الصرف
عرفه جمهور الفقهاء :بأنه بيع الثمن بالثمن من جنسه أو من غير َّ
جنسه ،بيع الثمن بالثمن من جنسه :كبيع الذهب بالذهب ،أو الفضة
بالفضة ،أو بغير جنسه ،يعني :كبيع الذهب بالفضة ،أو الفضة بالذهب.
والمراد بالثمنية ما خلق لذلك الغرض ،يعني يكون ثمنًا لألشياء ،وهو
الذهب والفضة ،فيدخل فيه:
.2المصوغ يعني المصنوع على شكل معين من الصياغة مثل القرط،
والسوار ،وما إلى ذلك
.1التبر يعني الذهب الذي على شكل حبيبات أو جزئيات أو سبائك غير
مصنعة
صنعت منه النقود يصنع عن طريق .4المصكوك يعني الذهب إذا ُ
الصك ،وهي حديدة عليها نقش معين يطبع على ذهب ،فيصير عملةً
معينةً أو على الفضة أي ً
ضا.
هذا تعريف الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة.
والحديث عن بيع الصرف يستلزم الكالم عن الربا مقدما.
معنى الربا في لغة العرب ،الزيادة ،ومنه الربوة أي :المكان المرتفع.
بتعاريف مختلفة تب ًعا
َ عرفه الفقهاء
أما الربا في اصطالح الفقهاء فقد َّ
الختالفهم في علته ،إال أنها -يعني :هذه التعريفات -تدور حول معنى
واحد وهو الزيادة بال عوض.
62
فقه المعامالت 1
عرفه الشافعية :بأنه عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في
تأخير في البدلين ،أو أحدهما.
ٍ معيار الشرع حالة العقد ،أو مع
فالعوض المخصوص عندهم يُقصد به النقد والمطعوم ،بناء على أن
العلة -في الربا عندهم -إما الثمنية في األثمان ،وإما الطعم في
ً
مكيال المطعومات ،وعلى هذا فال ربا عندهم في غير ذلك حتى ولو كان
أو موزونًا .وقولهم :غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد ،هذا
شرط في عقد خاص بربا الفضل؛ ألنه -يعني :ربا الفضل -زيادة مال ُ
البيع زيادةً على المعيار الشرعي ،وال يتصور ذلك إال فيما اتحد جنسه،
كالذهب بالذهب ،أو الفضة بالفضة ،أو القمح بالقمح..إلخ .إذ التفاضل
في مختلفي الجنس ال يعد ربًا ما دام يدًا بيدٍ.
وقد أشار الشافعية إلى ذلك في تعريفهم؛ إذ إن "أل" في قولهم:
"التماثل" للعهد؛ أي :هذا التماثل المعروف وهو معروف شر ًعا ،وذلك
ال يكون إال في متحدي الجنس.
ويصدق هذا التعريف بثالث صور:
.2بأن يكون مجهو َل التماثل ،ال نعرف أن هذا القدر مماثل لهذا القدر.
.1أو معلوم التفاضل ،نعرف أن أحد العوضين أزيد من اآلخر.
.4أو معلوم التماثل لكن في غير معيار الشرع .كقنطار بُر بقنطار بُر.
أنواع الربا
الربا أنواع ،فقد اتفق فقهاء المذاهب على أن الربا يقع على نوعين:
63
فقه المعامالت 1
النوع األول :يسمي ربا النسيئة على وزن "فعيلة" ،والنسيئة في اللغة
معناها األجل والتأخير ،ومنه قوله تعالى( :إِنَّ َما النَّسِي ُء ِز َيادَة ٌ فِي ْال ُك ْف ِر)
التوبة ،49 :النسيء يعني تأخير بعض الشهور عن بعض ،حتى يتيح
العرب ألنفسهم فرصةً للسالم ،أو فرصةً للحرب ،وهكذا ،وهذا يسمى
مثال ،حتى يستمر تأخيرا ،كتأخير شهر صفر عن موعده ً ً نسيئًا؛ يعني:
في الحرب ،أو تأخير شهر محرم عن موعده ،أو تقديم هذا الشهر على
هذا الشهر ،هذا نوع من العبث ويسمى نسيئًا؛ لما فيه من التأخير .ومنه
قول النبي -صلى الله عليه وسلم ( َمن أراد أن يُنسأ له في عمره ،ويبارك
له في رزقه ،فليصل رحمه) معنى (ينسأ له في عمره) يعني :يمد له في
هذا العمر .ويقال :ربا النساء ،فتح النون المد؛ يعني :الربا الذي فيه نوع
من التأجيل.
هذا النوع من الربا مجمع على تحريمه من السلف والخلف؛ ألنه من
الربا الذي ال شك فيه ،وهو ربا الجاهلية الموضوع؛ يعني :الذي أبطله
رسول الله -صلى الله عليه وسلم -في خطبة الوداع ،فقد كانوا يتبايعون
إلى أجل مسمى؛ يعني :واحد يشتري من اآلخر سلعةً ويسدد ثمنها بعد 5
أو 1شهور ،فإذا حل األجل ،قال لصاحبه :أتقضي أم تُربي؟ فإن قال له:
أربي ،يقول له إذًا :أزيدك على األجل ،وأزيدك في المقابل ،وهو الفائدة
الربوية.
ربا الفضل
الفضل في اللغة :يعني الزيادة ،والفاضل :هو الشيء الباقي الزائد عن
وعرفه الفقهاء :بأنه البيع مع زيادة أحد العوضين عن َّ الحاجة،
ً
اآلخر؛مثال يبيع ذهبًا بذهب ،ولكن أحد العوضين أزيد من اآلخر ،أي:
64
فقه المعامالت 1
65
فقه المعامالت 1
66
فقه المعامالت 1
67
فقه المعامالت 1
اتفق المعللون الذين يأخذون بالقياس على أن علة الذهب والفضة واحدة،
وأن علة األعيان األربعة األخرى واحدة ،ثم اختلفوا بعد ذلك في علة كل
صل بها اإلمام النووي في مجموعه قرابةَ واحد منها على مذاهبَ ،و َ
عشرة مذاهب.
الشافعية ذهبوا إلى أن العلة في الذهب والفضة جنسية األثمان غال ًبا،
جنس
َ يعني :النبي -عليه الصالة والسالم -ذكر الذهب والفضة وهو يريد
األثمان ،فأي شيء يتخذه الناس أثمانًا فهو ينطبق عليه هذا الوصف
فيكون علة ،ويراد بذلك كونهما جنس األثمان أو جوهرها -أي :أعالها-
وربما عبر الشافعية عن العلة بكونها قيم المتلفات ،يعني :النبي -ﷺ ذكر
الذهب والفضة؛ ألنها قيم المتلفات أو قيم األشياء ،يعني :المعيار الذي
نزن به األشياء ،ندخر فيه األثمان ،يعني :ما نجد فيه من تعويضات،
وغرامات ،ومهور ،وأروش الجنايات ...إلخ ،كله يكون بالذهب
والفضة.
وهذه العلة عندهم مقصورة على الذهب والفضة ال تتعداهما ،يعني:
كانوا ال يتصورون أنه من الممكن أن يخترع الناس أشياء يعتبرونها
أثمانًا ويتعاملون بها ،وتكون قيم لألشياء من غير الذهب والفضة ،فهي
علة لكنها علة قاصرة ،يعني :هذا يضعف من قولهم :أنه ما دامت علة ال
بد من أن صفات العلة تكون متعدية ،فكيف تكون علة وقاصرة في نفس
الوقت؟ وهذا أضعف من شأنهم .أما غير الذهب والفضة فالعلة فيها أنها
طعام.
الشافعية يرون بناء على هذا ال ربا فيما سوى الذهب والفضة من
الموزونات ،كالحديد والنحاس والرصاص ،والقطن والكتان والصوف،
وهي خالفًا للحنفية -كما سيأتي بيانه -فيجوز بيع بعضها لبعض
68
فقه المعامالت 1
عنها (مكثنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -زمنًا ما لنا طعام إال
األسودان ،التمر والماء) ،فسمت الماء طعا ًما .وباآلية والحديث استدل
الشافعية على جريان الربا في الماء ،كما صححه إمام الحرمين
والرافعي والجمهور؛ لكونه من المطعومات.
لكن إذا (اختلفت هذه األجناس) كأن ِبعتم الذهب بالفضة أو الفضة
بالذهب (فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ) يعني :ال يُشترط التماثل وإنما
يُشترط فقط القبض في الحال.
ً
(مثال بمث ٍل) المراد بها المماثلة والمراد بالمماثلة المذكورة في الحديث
يعني :التساوي في القدر ال في الصورة ،القدر حسب تقدير الشرع ،إذا
كان شيئًا يوزن يكون ذلك بالوزن ،أو إذا كان يقدر بأي نوع من أنواع
ومعياره هو القدر ال الصورة،
ُ التقدير الذي أقره الشرع ،فالتماثل ميزانُه
ال يهم الشكل ،المهم التماث ُل في القدر.
شروط صحة عقد الصرف
الشرط األول :التقابض في المجلس ،في المجلس أي :قبل تفرق
المتعاقدين بأجسادهما ،وتسا َمح المالكية في األجل اليسير ،ال بأس أن
يكون هناك فاصل قصير ريثما يقوم أحدهما فيحضر المال ،أو أن يعده،
لكن ذلك كله ينبغي أن يكون قبل تفرق المجلس ،وقبل إنهاء هذا
المجلس .ويحل اآلن القبض الحكمي ،مثل استالم الشيك ونحوه ،محل
القبض الحقيقي؛ رفعًا للحرج
والشرط الثانى :خلو العقد من خيار الشرط ،يعني :ممنوع في عقد
الصرف أن يدخله خيار الشرط ،يعني :يقول :وافقت بشرط -م ً
ثال -أن
أستشير محامي ،أو بشرط أن أراجع ولدي أو أوالدي ،أو أبي أو أخي،
ممنوع دخول خيار الشرط؛ ألن خيار الشرط يمنع الملك.
الشرط الثالث :خلو العقد من اشتراط األجل ،يعني ال يقل :أعطني مدةً
سأشتري هذا بعد أسبوع أو بعد ثالثة أيام أو بعد شهر؛ ألن األجل يفوت
القبض.
71
فقه المعامالت 1
الشرط الرابع :التماثل ،يعني :كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم
ً
(مثال بمثل ،سوا ًء بسواء) وهو شرط في بيع أحد النقدين بجنسه ذهب
بذهب ،أو فضة بفضه ،ال بد من التساوي ،لكن إذا اختلف جنس كل
منهما عن اآلخر ،كأن باع ذهبًا بفضة أو باع فضةً بذهب ،فال يُشترط
التماثل بل يصح التفاضل.
والمراد بالتساوي في العلم وفي واقع األمر ،يعني :ال بد أن يعلم ك ٌّل من
المتعاقدين بهذا التماثل ،يعني :في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة
بنفس الجنس ،ألن الجهل بالتساوي يساوي التفاضل ،وهو ممنوع أو
ضا ال
الواقع أن البدلين متساويان لكن ليس عند المتعاقدين علم بذلك ،أي ً
يجوز؛ ألن الجهل بالتساوي يساوي العلم بالتفاضل.
أنواع الصرف
النوع األول :هو بيع أحد النقدين بجنسه ،الذهب بالذهب أو الفضة
بالفضة ،وهذا النوع من الصرف اتفق الفقها ُء فيه على أن بيع أحد
النقدين بجنسه ممنوع فيه التفاضل ،وممنوع فيه كذلك النساء ،يعني:
ممنوع الزيادة وممنوع التأجيل.
النوع الثاني :بيع أحد النقدين باآلخر ،يعني اختالف في الجنس بين
الثمن والمثمن،في هذا النوع كبيع أحد النقدين باآلخر كالذهب بالفضة أو
الفضة بالذهب .هذا النوع يجوز فيه التفاضل ،الممنوع فيه هو النسيئة،
التأجيل ،لكن ليس من الضرورة أن يكونَا متساويين.
النوع الثالث :بيع النقد بالنقد ومع أحدهما أو كليهما شيء آخر .يعني:
سنبيع نقدًا بنقد ،ذه ًبا بفضة ً
مثال ،أو ذهبًا بذهب ،أو فضة بفضة ،لكن
مع أحد النقدين شيء من العرض -يعني :من العروض -كأن يكون مع
72
فقه المعامالت 1
أحدهما ً -
مثال -مد بعجوة ،منديل ،كتاب ،قلم ،ذهب وقلم بذهب دينار،
ومد عجوة بدينار ،هل يجوز هذا؟ أو درهم ومنديل بدرهمين ،هل يجوز
هذا على أساس أن الدرهم اآلخر هو ثمن المنديل ،أو أن ذلك ال يجوز؟
فإذا اختلفت األجناس كأن بعنا ذهبًا بفضة أو فضة بذهب ومع أحدهما
شيء ،فيجوز التفاضل والجزاف ،فيلزم التقابض كبيع مد ودرهم ،هذا
في المجلس ،يعني :يجوز التفاضل ويجوز الجزاف ،ويلزم التقابض في
المجلس ،أما إذا كان النقد بنقد من جنسه ذهب بذهب ،أو فضة بفضة،
ومع أحدهما شيء كبيع مد ودرهم بدرهمين ،ففي ذلك خالف بين
الفقهاء.
بيع درهم و ُم َّد عجو ٍة بدرهمين
ذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم الجواز ،هذا ال يجوز أن نبيع دره ًما
وكتا ًبا بدرهمين ،أو دره ًما و ُم َّد عجو ٍة بدرهمين .واستدلوا بما رواه
فُضالة بن عبيد ،أحد أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم -ورضوان
الله عليهم أجمعين -هو حكى عن نفسه :أنه أتى رسو َل الله -صلى الله
عليه وسلم -يوم فتح خيبر بقالدة -ب ِعقد -فيه خرز ،يعني :العقد من
الذهب لكن فيه خرز وذهب ،الخرزات كل مجموعة قطع من الذهب،
خرز وذهب ،وخرز وذهب ،وهكذا ،أتى به النبي -صلى الله عليه
وسلم -ليبيعه ويضم الثمن إلى الغنيمة ،فأمر رسول الله -صلى الله عليه
وسلم -بالذهب الذي في القالدة فَنُزع ،يعني :قال :اخلع هذا الذهب ،انزع
هذا الذهب وحده ،فَنُزع .ثم قال -صلى الله عليه وسلم(-الذهب بالذهب -
بوزن) رواه مسلم.
ٍ يبيع ذهبًا بذهب -وزنًا
73
فقه المعامالت 1
الشافعية والحنابلة يرفضون هذه المسألةَ التي يقول عنها العلماء :أنها
مسالة درهم و ُمد عجوة بدرهم.
أما الحنفية فقد ذهبوا إلى الجواز ،أجازوا مسألة مد عجوة يعني :نقد
ومعه عرض بنقد من جنسه ،الحنفية أجازوا هذا بشرط زيادة النقد
المفرد على النقد المضموم إليه ،يعني :نحن عندنا ذهب مفرد أو فضة
مفردة ،يشترط فيه أن يكون أزيدَ عن المضموم إليه ،يعني :عن الذهب
اآلخر الذي معه العجوة ومعه الكتاب أو الفضة التي معها العجوة ومعها
أكثر
َ الكتاب أو معها الثوب أو معها منديل وما إلى ذلك يكون المفرد
يعني :يشيرون إلى أن هذه الزيادة مقابل ال َع َرض الموجود في العوض
اآلخر أو البدل اآلخر.
أما إذا تساويَا وكان المفرد أقل بطل البيع؛ ألن فيه زيادة في أحد
العوضين ،بطل البيع؛ لتحقق التفاضل المحرم الذي نَهى عنه النبي -
صلى الله عليه وسلم.-
بيع الشيء المطلي بالذهب أو الفضة
َّ
المحلى -يعني :بيع الشيء المطلي أما المالكية فاألصل عندهم في بيع
بالذهب أو الفضة ،أو المزين بالذهب أو الفضة -أن هذا ممنوع ،إال في
بعض األشياء ،بعض األشياء رخصوا فيها وذلك في المصحف أو
السيف .فاألشياء التي أجازوا تحليتها وتزيينها بالذهب أو بالفضة يجوز
فيها ذلك ،يعني :يجوز بيع المحلى فيها بذهب أو فضة بذهب أو فضة،
حتى لو كان في أحدهما زيادة.
74
فقه المعامالت 1
أجرا ،من باب قتل :أجر ،يأ ُجر، اإلجارة لغةً اإلثابة يقال آجره الله ً
يأجر ،وآجره لغة ثالثة ،واألجرة الكراء، ومن باب ضرب :أجرِ ،
وجمعه أجور ،إذًا فاإلجارة في اللغة تعني :اإلثابة ،آجره الله :أثابه
واصطال ًحا :عقد على المنافع بعوض
واإلجارة في األصل جائزة مباحة ألنها -كما سيأتي في الكالم عن
حكمة مشروعيتها -تحقق مصالح الناس ،ولو افترضنا أن الشرع
الشريف لم ي ِبحها ،لوقع الناس في كثير من الحرج ،فاألصل فيها
الجواز أو اإلباحة ،ودليل مشروعيتها الكتاب والسنة واإلجماع.
75
فقه المعامالت 1
عليه وسلم -وأبو بكر )...إلى آخر الحديث ،وفيه فوائد في مقدمتها
مشروعية اإلجارة .
والحكمة من مشروعي ِة اإلجارة أنها تُل ِبّي حاجة الناس ،فما كل إنسان
ج إلىعنده في ملكه ،وفي حوزته كل ما يحتاج إليه ،بل اإلنسان يحتا ُ
سهُ بإعطاء اإلنسانالغير ال تسم ُح نف ُ
ُ كثيرا فيما ال يملكه ،وهذا
ً غيره
بدون مقابل؛ فهو يحتاج إلى المنفعة مني ،وأنا
ِ هذه المنفعة التي يملكها
احتاج إلى المنفعة منه ،فكان توسيط النقود للوصول إلى التعاون على
البر والتقوى .
أركان اإلجارة وشروط صحتها
.2العاقدان -المؤجر والمستأجر .
أجيرا مشتر ًكا يعمل
ً .1العين المؤجرة ،أو اإلنسان األجير سواء أكان
أجيرا
ً للناس جمي ًعا ،كالحائك ،والنجار ،والحداد ،وما إلى ذلك ،أو كان
مثال الذي يطبخ لك صا كالخادم الذي يخدم في بيتك ،أو الطباخ ً خا ًّ
الطعام في بيتك لك وحدك..الخ فهذا اسمه "األجير الخاص ".
.4سواء كانت العين المؤجرة منفعة يحصل عليها اإلنسان من شيء
كمنفعة الركوب للسيارة أو السكنى بالنسبة للدار ً
مثال ،أو كانت إنسانًا
صا .
أجيرا عا ًّما أو خا ًّ
ينتفع اإلنسان بخدماته ً -
.4المنفعة التي يحصل عليها المستأجر ،ويملكها المؤجر .
.5األجرة أو العوض ،أو المقابل الذي يدفعه المستأجر للمؤجر .
وإن كان شيئًا من األشياء؛ كالدور والعقارات والسيارات ونحوها؛
ً
فمثال :ينبغي تحديد الغرض من هذه وجب تحديد المنفعة المبتغاة منه،
المنفعة ،وأن تكون تلك المنفعة ح ً
الال ال حرا ًما ،فال يجوز تأجير أي
77
فقه المعامالت 1
شيء لتحصيل منفعة بالنسبة له ،وهي منفعة حرمها الشارعً ،
مثال
الزنا ،النبي -عليه الصالة والسالم -حرم األجر فيه وسماه (مهر البغي)
فورد في الصحيح :أن النبي -صلى الله عليه وسلم (نهى عن ثمن
الكلم ،وحلوان الكاهن) أي :ما يعطاه مقابل البشارة ،أو الكالم الذي يتنبأ
ضا( ،ومهر البغي) أي أجر الزنا ،فالله -سبحانه وتعالى- به ،حرام أي ً
ض َاء ِإ ْن أَ َر ْدنَ تَ َح ُّ
صنًا ِلتَ ْبتَغُوا َع َر َ يقول(و َال ت ُ ْك ِرهُوا فَتَيَاتِ ُك ْم َعلَى ْال ِبغ ِ َ
ور َر ِحي ٌم( النور: ْال َح َياةِ الدُّ ْن َيا َو َم ْن يُك ِر ُّه َّن فَإِ َّن اللهَ ِم ْن َب ْع ِد ِإك َرا ِه ِه َّن َغفُ ٌ
ْ َّ ْ
44
فالمنفعة المحرمة ال يجوز اإليجار عليها ،ومثال ذلك القتل :أن
صا ثالثًا مقابل مبلغ معين؛
صا آخر ليقتل له شخ ً
يستأجر شخص شخ ً
ضا ال
أجْر النائحة التي تنوح على الميت ،هذا أي ً
فهذا ال يجوز ،أو ُ
يجوز .
باإلجمال كل المنافع المحرمة ال يجوز دفع األجرة في مقابلها ،وال
يجوز االتفاق والتعاقد عليها ،إنما اإلجارة تكون على منفعة ،هذه
المنفعة حالل ،أحلها الشرع مثل ً
مثال السكنى في الدار ،أو االنتقال
من مكان إلى مكان ،أو إجارة الشخص لخياطة الثوب أو البناء -بناء
مثال -أو زراعة أرض ،أو األرض نفسها تؤجر أو حيوان يؤجر، دار ً
كل هذا جائز؛ ألن المنفعة هنا حالل .
ويشترط أال تكون هذه المنفعة واجبة على المستأجر ،يعني :ال يجوز
مثال أن اإلنسان يطلب أجرة على صالة العصر أو صالة الظهر، ً
يصلي الظهر ً
مثال ،ويطلب األجرة على هذا فال يجوز ،كما ال يجوز
صا ليصلي عنه فيقول له :صلي عني ،أو صم عني مقابلأن يؤجر شخ ً
أجر معين فال يجوز هذا ،وكل األمور التي ال تجوز فيها النيابة
78
فقه المعامالت 1
79
فقه المعامالت 1
اإلجارة واقعة على منفعة عين معينة ،أو شخص معين ،مثل أجرتك
هذه الدار المعينة بكذا ،أو يقول لشخص أجرتك نفسي بكذا أو يقول
مدير شركة الخدمات مثالً أجرتك هذا الشخص المشاهد لعمل كذا بكذا.
واإلجارة الواقعة على منفعة عين موصوفة في الذمة مثل أن يقول
الرجل أجرتك سيارة مواصفاتها كذا وكذا بكذا ،على منفعة شخص غير
معين أي موصوف في الذمة.
.2الرهن
تعريف الرهن
الرهن في اللغة العربية معناه :الثبوت والدوام ،وقد يطلق الرهن ويراد
به ما يلزم عنه من الحبس والمنع؛ كقوله تعالى في سورة المدثر ( ُك ُّل
اب ْاليَ ِم ِ
ين) المدثر41 :و .49 ت َرهِينَةٌ ِإ َّال أَ ْ
ص َح َ نَ ْف ٍس بِ َما َك َ
سبَ ْ
وأما الرهن في االصطالح :فهو جعل عين لها قيمة مالية شرعًا وثيقة
بدين بحيث يمكن أخذ الدين أو أخذ بعضه من تلك العين.
مثال :إذا أنا اقترضت منك مبلغًا ليكن خمسين ألف جنيه ً
مثال وأنت
أردت أن تستوثق لدينك عندي فطلبت رهنًا فرهنت عندك سيارتي ً
مثال
تساوي مائة ألف أو رهنت عندك داري التي تساوي هذا المبلغ فهذا
التعريف ينطبق على هذا المثل تما ًما ،فأنا جعلت عينًا مالية وهي
السيارة أو الدار وثيقة؛ يعني لتوثيق وتأكيد ثبوت الدين في ذمتي حتى
تطمئن تما ًما إلى أنني سأرد إليك دينك ،بحيث يمكن أخذ الدين؛ يعني إذا
أنا عجزت عن سداد هذا الدين أنت يمكنك أن تبيع هذه السيارة أو هذه
الدار وتستوفي منها حقك كله أو بعضه ،وكذلك ً
مثال لو أنا اشتريت منك
80
فقه المعامالت 1
مثال بثمن مؤجل وأردت أن تستوثق من سدادي لهذا الثمن طلبت شيئًا ً
رهنًا ،فأعطيتك شيئًا يسمى عي ًنا؛ يعني شيء له قيمة مالية وهي في
العادة تكون أكثر من ثمن المؤجل؛ يعني وثيقة تستوثق بها في استردادك
لهذا الثمن.
حكم الرهن
حكم الرهن الجواز؛بعض الناس ال يطلبون ره ًنا وبعض الناس يطلبون
رهنًا ،مثله في ذلك مثل البيع والسلم ،وقد شرعه الله -سبحانه وتعالى-
تلبية لحاجة الناس وحف ً
ظا ألموالهم؛ ألنه قد يكون اإلنسان في حاجة إلى
القرض ،ولكن المقرض يحب أن يستوثق لماله -وهذا حقه ،فيأبى أن
يقرض إال بعد أن يستوثق من ت مكنه من استرداده لهذا الدين في الوقت
الذي يحتاج إليه فيه ،وكذلك في البيوع؛ اشترى شيء وثمن مؤجل وهو
البائع لم يأخذ الثمن ويريد أن يستوثق فيطلب رهنًا حتى إذا عجز المدين
باع العين المرهونة واستوفى منها حقه.
والرهن بهذا المعنى مشروع جائز وثابت بالكتاب والسنة وباإلجماع:
سفَ ٍر َو َل ْم(و ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َعلَى َأما الكتاب فإن الله تعالى قال في سورة البقرة َ
ضا فَ ْليُ َؤ ِدّ الَّذِي اؤْ ت ُ ِمنَ ضةٌ َفإِ ْن أَ ِمنَ َب ْع ُ
ض ُك ْم بَ ْع ً َان َم ْقبُو َ
ت َِجدُوا َكاتِبًا فَ ِره ٌ
ق اللَّهَ َربَّهُ) -البقرة114 : أَ َمانَتَهُ َو ْليَتَّ ِ
قال ابن العربي :اختلف الناس في هذه اآلية على قولين؛ فمنهم من حملها
سفَ ٍر) ،لم يجوز الرهن إال في السفر؛ وهو على ظاهرها ( َوإِ ْن ُك ْنت ُ ْم َعلَى َ
قول مجاهد من علماء التابعين؛ لكن كافة العلماء على رد ذلك القول،
وأن الرهن ليس من الضروري أن يكون الراهن والمرتهن في سفر،
إذًا لماذا ذكر القرآن الكريم لفظ السفر فقال ( َو ِإ ْن ُك ْنت ُ ْم َعلَى َ
سفَ ٍر)؟ ذكر
81
فقه المعامالت 1
السفر هنا؛ ألنه هو الحالة الغالبة التي ال يكون الكاتب فيها موجودًا،
لكن في الحضر في اإلقامة يكون الكاتب موجودًا فال نحتاج إلى رهن
أحيانًا ،أو في غالب األحايين ،ممكن كتابة صك ً
بدال من الرهن ،لكن في
صا في البيئات التي تنتشر فيها
كثيرا ما ال نجد الكاتب خصو ً ً السفر
األمية.
و المراد به غالب األحوال والدليل على ذلك أن الرهن يجوز في السفر
ويجوز في الحضر ،وليس من شرطه أن يكون في السفر؛ وأن ذكر
السفر في اآلية إنما ذكر ألنه الغالب" :أن النبي -صلى الله عليه وسلم-
ابتاع في الحضر ورهن ولم يكتبه" ،وهذا الفقه صحيح؛ وذلك ألن
الكاتب إنما يعدم في السفر غالبًا؛ فأما في الحضر فال يكون ذلك بحال،
إن لم تجد هذا الكاتب وجدت غيره ،لكن لماذا قلنا :إن الرهن جائز ولم
نقل إن الرهن واجب أو فرض الزم مع أن الله تعالى يقول (فَ ِره ٌ
َان
ضةٌ) كلمة رهان تفيد األمر؛ أي فارهنوا عينًا مقبوضة ،الدليل على َم ْقبُو َ
أن هذا األسلوب ليس المراد منه األمر أن الله -سبحانه وتعالى -ذكر في
ضا فَ ْليُ َؤ ِدّ الَّذِي اؤْ ت ُ ِمنَ أَ َمانَتَهُ نفس السياق قوله تعالى (فَإِ ْن أَ ِمنَ بَ ْع ُ
ض ُك ْم بَ ْع ً
ضا ،لكن أصال إذا أمن بعضكم بع ً ً ق اللَّهَ َربَّهُ) يعني ال داعي للرهن َو ْل َيتَّ ِ
الرهن يكون عند افتقاد هذا األمن والرغبة في التوثيق ،فالله -سبحانه
وتعالى -لم يوجب الرهن ضربة الزب؛ يعني ال بد منه ،بل جعله وسيلة
من وسائل االستيثاق ،وهناك من الوسائل األخرى ما قد يغني عنه
كالكتابة أو الضمان أو الكفالة ...إلخ.
ويدل على مشروعية الرهن من السنة :ما رواه البخاري في صحيحه
بسنده عن السيدة عائشة -رضي الله عنها -قالت (إن النبي ﷺرهن
شعيرا
ً درعه عند يهودي -يقال له :أبو الشحم -على ثالثين صا ًعا من
ألهله)؛ أي لزوجاته.
82
فقه المعامالت 1
وفيه فائدة أنه رهن عند يهودي داللة على جواز معاملة أهل الكتاب
من النصارى ،نعاملهم فيما أباح ديننا المعاملة فيه من البيع والرهن
والسلم وما إلى ذلك...
فقد أجمع علماء المسلمين على مشروعية الرهن ،وإن اختلفوا في جوازه
في الحضر وقصره على السفر -كما سبق أن ذكرنا من نصوص ابن
ضا رأي الظاهرية الذين يرفضون العربي المالكي ،رحمه الله -وهو أي ً
ً
عمال بظاهر اآلية الكريمة، الرهن في الحضر ويقصرونه على السفر
وحملوا الحديث على أنه -صلى الله عليه وسلم -فعل ما فعل في الحضر
طا ،والصحيح قول الجمهور وفعل النبي -صلى الله عليه وليس شر ً
وسلم -دليل الجواز ،وليس كما فهم الظاهرية :أن النبي -عليه الصالة
والسالم؛ يعني فعل الرهن في الحضر مع أنه غير مستحب ,فعل النبي
ضا على االستحباب سواء في الحضر أو السفر. يدل أي ً
أركان الرهن
الرهن يتكون من عدة أركان :فالراهن ،والمرتهن ،والمرهون،
وا لمرهون به ،والصيغة التي يتم بها العقد.
.2المرهون وهو العين التي ستكون وثيقة أن يكون مما يجوز بيعه
شرعًا حتى يتمكن المرتهن من بيعه عند يأسه من سداد الراهن ،ولذلك
ال يجوز رهن الدين نفسه؛ ألن الدين ال يجوز بيعه شر ًعا ،وال رهن
المنفعة؛ ألن المنفعة ال يجوز بيعها ،المنفعة تستأجر ،تعار ،ويجوز
رهن جزء مشاع من الملكية ممكن إنسان يرهن نصف عقار أو ثلث دار
على المشاع أو ربع سيارة على المشاع ،ما عدا األرض المزروعة فإنه
يجوز بيعها وال يجوز رهنها وهي مزروعة.
83
فقه المعامالت 1
.1المرهون به فيشترط فيه أن يكون دينًا؛ ألن الله -سبحانه وتعالى -
ذكر الرهن في مجال المداينة في آية المداينة ،والديْن الذي يرهن ما
يقابله هو الدين الثابت المعلوم للعاقدين ،الثابت المستقر لكن إذا كان
الدين لم يثبت بعد كنفقة الزوجة في الغد أو في الشهر القادم ،وال بد أن
وال ال نعرفيكون معلو ًما للعاقديْن -الراهن والمرتهن -لكن إذا كان مجه ً
ً
مجهوال ألحدهما معلو ًما لآلخر؛ فال يجوز هذا ،وال قدره؛ حتى ولو كان
في الدين الذي لم يثبت بعد ،هو في طريقه إلى الثبات إن تم ،لكنه لم
صامثال لو أن شخ ًضا الرهن به أو الرهن فيه؛ ً يثبت بعد ،ال يجوز أي ً
مثال وقال :من يرد إلي ضالتي؛ ضاع له شيء سيارة أو جمل أو بقرة ً
فله كذا من المال ،هنا ال يجوز الرهن في هذا الدين ،فهو دين في ذمة
فعال لكنه ال يثبت إال بالحصول على المنفعة إتمام العمل ورد الجاعل ً
الضالة وهكذا .
.4العاقدان وهما الراهن والمرتهن فيشترط فيهما أهلية التبرع بمعنى
أنهما يكونان بالغين عاقلين لهما حرية التصرف ،وأن يكون مختارين،
أما الصغير والمحجور عليه والمكره ال يجوز أن يكون راهنًا أو مرتهنًا
إال أن الصغير يجوز إذا رأى وليه أن له مصلحة في أن يكون راهنًا أو
أن يكون مرتهنًا .
.4الصيغة التي يتم بها العقد فهي تتم بأي كالم أو أي كتابة أو أي وسيلة
يفهم منها حدوث معنى الرهن ،فهذه هي الصيغة فهي تتم بأي شيء
يشعر بالرهن ،وال يشترط فيها إال شرط واحد وهو أال تشتمل هذه
الصيغة على ما يتناقض مع مقتضى العقد؛ ً
مثال :لو اتفقنا أنا وأنت
أرهن عندك شيء مقابل دين علي ،وأقول لك :بشرط أال تتصرف في
هذا الرهن وال تبيعه عندما أعجز عن السداد ،هذا يخالف مقتضى العقد .
84
فقه المعامالت 1
فمقتضى العقد هو التوثيق حتى إذا عجز الراهن تصرف المرتهن في
هذه العين وأخذ حقه أو جزءا منه؛ ألن من غير المعقول أن ينتظر
المرتهن إلى األبد ،ال بد أن يأتي عليه وقت إذا لم يحصل على حقه؛ فإن
من حقه أن يبيع هذه العين ويستوفي منها حقه أو بعضه .
منفعة المرهون
منفعة األرض ،ومنفعة الدار ،ومنفعة السيارة ...كل هذه األمور إنما هي
للراهن ،و ال يجوز للمرتهن التصرف في هذه العين التي تحت نظره
وقد تكون تحت يد المرتهن لالستيفاء منها عند الحاجة.
ورد عن النبي -عليه الصالة والسالم -قال (لبن الدر إذا كان مرهو ًنا
لمن يركبه بنفقته) وفي رواية أخرى عند اإلمام أحمد (الرهن يركب
بنفقته ولبن الدر يشرب بنفقته)؛ يعني:
أ -من ينفق على الدابة من حقه أن يركبها ومن حقه أن يأخذ لبنها،
وعلى الذي يركب ويشرب النفقات ،هذا رأي،
وفهم اإلمام أحمد وإسحاق أن للمرتهن حق االنتفاع بالرهن إذا ب-
قام بمصلحته ولو لم يأذن له المالك،
والجمهور قالوا ليس للمرتهن أن ينتفع بشيء من الرهن ج-
ومنفعته ونفقاته على الراهن وتفصيل رأيهم كاآلتي:
.2المالكية قالوا كل منافع الرهن إنما هي للراهن يعني للمدين ما لم
يشترط المرتهن ذلك فإن اشترطها قال له :أسلفك أو أقرضك أو أبيع لك
هذه السلعة بثمن مؤجل بشرط أن ترهن عندي ،فإن اشترطها فهي له
بشرط أن يكون الدين بسبب البيع ال بسبب القرض؛ ألن المنفعة بسبب
ً
عمال بالقاعدة الفقهية القائلة :كل قرض جر نف ًعا فهو ربا؛ القرض ربا
85
فقه المعامالت 1
يعني جر نفعًا للمقرض وهي قاعدة صحيحة ،وأن يشترط المرتهن ذلك
وأن يتفقا على مدة للمنفعة ال مطلقًا ،يقول ً
مثال :أبيع لك هذا الثوب بكذا
نسيئة بشرط أن تعطيني سيارتك أركبها يومين ،ثالثة ،أسبوع ...يجوز
هذا عند المالكية.
.1الشافعية إنهم يرون أن المنفعة كلها للراهن بشرط أال يتصرف في
ظا على مصلحة المرتهن ،وتصرف الرهن تصرفًا ينقص قيمته؛ حفا ً
الراهن يكون بعد إذن المرتهن ،أما المرتهن فال ينتفع بشيء من الرهن،
ونفقات الرهن على الراهن وإن انتفع المرتهن بشيء منه خصم من
الدين ،وإن اشترط أن تكون المنفعة للمرتهن فسد العقد.
فالشافعية هنا متشددون ،ولكن قولهم هذا واضح وفي غاية الدقة ،فمنفعة
العين المرهونة إنما هي للراهن ،وكل ما فيه أنهم اشترطوا أال يتصرف
الراهن في العين المرهونة بطريقة تقلل من قيمتها فهم حافظوا على حق
المرتهن وحافظوا في نفس الوقت على حق الراهن ،وشددوا لدرجة أنهم
قالوا :إنه إذا اشترط ذلك فسد العقد ،ولم يقولوا :الشرط باطل ً
مثال.
.4أما الحنفية فإنهم ال يجيزون انتفاع الراهن بالرهن إال بعد إذن
المرتهن ،أما المرتهن فال ينتفع بشيء من الرهن إال بإذن الراهن،
ضا جر نف ًعاوبشرط أال يشترط عليه ذلك في العقد ،فإن اشترطه كان قر ً
وهو ربا ،وهم يقصدون بعدم اشتراطه؛ أي عدم ذكره في العقد.
.4أما الحنابلة فقد فرقوا بين أن يكون الرهن مركوبًا أو محلوبًا أو
غير ذلك مما ال يحلب وال يركب ،فإن كان مركوبًا مركوبًا كالفرس ً
مثال
مثال ،وما ال يحلب مثال كالبقرة أو مركوبًا ومحلوبًا كالناقة ً
أو محلوبًا ً
مثال أو الدار أو الحائط حديقة يعني ،فإن كان وال يركب هذا كاألرض ً
من النوع األول جاز للمرتهن االنتفاع به في ذلك بالعدل ،وأما غير
المركوب والمحلوب فيجوز االنتفاع من جانب المرتهن بشرط إذن
86
فقه المعامالت 1
الراهن ،وبشرط أال يكون الرهن في مقابل القرض ،بل يكون مقابل
البيع كالمالكية ،وانتفاع الراهن بالرهن جائز بإذن المرتهن؛ ألنه يتعلق
به حقه؛ أي حقه في االستيفاء.
ويجوز للمرتهن شراء الرهن بثمن السوق وهو ثمن المثل فإذا أراد
مثال أن يشتري العقار المرهون أو يشتري بستان مرهون أو يشتري ً
األرض المرهونة؛ فإذا أراد المرتهن أن يشتريها فعليه أن يعلم قيمتها
في السوق؛ فيأخذها بسعر السوق ،أما أن يضغط على الراهن ويأخذ منه
الرهن أو العين المرهوننة بثمن بخس؛ فهذا حرام شر ًعا.
اغالق الرهن
قال النبي ﷺ (ال يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه
غرمه) ال يغلق؛ معنى ال إغالق ال يضيع عليه وال يمنع من التصرف
32
فيه ،بل له فوائده وثماره وعليه نفقاته وما يغرم فيه.
فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم -بهذا الحديث ما كان عليه الجاهلية
يعني :أن يستولي المرتهن على العين المرهونة وهي في الغالب األعم
يكون ثمنها وتكون قيمتها أغلى من الدين وأعلى من الدين فتضيع على
صاحبها؛ لكن الشريعة اإلسالمية جاءت بالعدل كله وبالرحمة كلها
فأنصفت الراهن وأنصفت المرتهن ،المرتهن حقه هو الدين حقه استرداد
فجعلت العين وثيقة حتى يطمئن قلبه ،وحتى إذا عجز الراهن ممكن أن
تباع يبيعها الراهن ويسدد منها الثمن ،أو يبيعها حتى المرتهن بإذن من
32رواه م عاوية بن عبد الله بن جعفر قد ذكره وأخرجه الدارقطني في (سننه) وقال :حديث حسن
متصل ،وقال ابن حجر في (بلوغ المرام شرح أحاديث األحكام) :رجاله ثقات؛ يعني سند هذا
ضا صحيح. الحديث صحيح ،ومعناه أي ً
87
فقه المعامالت 1
القاضي ويأخذ حقه ويرد الباقي إلى الراهن؛ ألنه حقه ،فهذه شريعة
عادلة أنصفت الراهن وأنصفت المرتهن ،فاحتفظت للمرتهن بحقه في
سداد الدين وطمأنته ،والنبي -صلى الله عليه وسلم -قال(من أخذ أموال
الناس يريد أداءها أدى الله عنه ،ومن أخذ أموال الناس يريد إتالفها أتلفه
الله -سبحانه وتعالى).
حكم يد المرتهن
إنها يد أمانة؛ فإن المرتهن إذا تلفت هذه العين دون تع ٍدّ منه وال تقصير
سا
ال شيء عليه ،لكن إذا تلفت بتعديه أو بتقصير منه فإنه يضمن ،فقيا ً
على الوديعة ،لكن إذا قلنا :إنها يد ضمان فهو مسئول عنها فإذا تلفت أو
ضاعت أو استهلكت؛ فإنه يضمن في كل األحوال.
إذا ت لف الرهن في يد المرتهن الراجح أنه ال يضمن إال بالتعدي؛ أي
اإلهمال ،واإلهمال أو عدم اإلهمال إذا اختلف فيه ينبغي أن يكون إثباته
بالبينات ،وال يفك الرهن حتى يدفع الدين لصاحبه ...هذا حقه ،فإن ظل
الرهن في يد المرتهن حتى يقضى الدين كله؛ فهذا حقه ،فإذا تلفت العين
المرهونة وكانت بدون إهمال من المرتهن فال شيء عليه؛ ألنها هلكت
أو تلفت في يد الراهن ،أما إذا تلفت بتعديه فإنه يضمن ثمنها عند
الرهن أو عند التلف ،يضمن ثمنها عند التلف؛ ألن هذا هو الثمن العدل
في هذه الحالة
.3الوديعة
تعريف الوديعة
88
فقه المعامالت 1
وإذا كانت الوديعة عقدا جائزا مباحا من حيث ذاته للفاعل والقابل ،فربما
يكون حكمه الوجوب في بعض األحيان نقل الحطاب عن ابن عرفة قوله
(وقد يعرض وجوبها كخائفٍ فَ ْقدَها لموجب هالكه أو فقده إن لم يودعها
صبه)36.مع وجود قابل لها يقدر على حفظها ،وحرمتها كمودعِ شيءٍ َغ َ
وكذلك إن لم يكن هناك من يقدر على حفظها إال شخص بعينه ،وال
حفظ لها إال به يجب أيضا37.
مواهييب الجليييل ( ، )152/5الوسيييط فييي المييذهب ،الغزالييي ،وعليييه حواشييي دار السييالم ، ()38
القيياهرة ،مصيير ،الطبعيية األولييى 2429 ،هييـ ( ، )500/4الحيياوي ( ، )151/1روضيية
الطييالبين ،أبييو زكريييا يحيييى النييووي ،دار الكتييب العلمييية ،بيييروت ،لبنييان (، )119/5
المغني ,ابن قدامية ,دار عيالم الكتيب ,الريياض ,الطبعيه الثالثية 2429هيـ( ، )151/9منتهيى
اإلرادات ( ، )151/1كشييـاف القنييياع عييين ميييتن اإلقنييياع ،البهيييوتي ،دار الكتيييب العلميييية ،
بيروت ،لبنان ،الطبعة األولى 2421 ،هـ (.)104/4
(ويطلق الجائز في مقابلة الالزم ،فالالزم ميا ال يقبيل الفسيخ أو ميا ال يمكين إبطاليه والجيائز
عكسه) المنثور في القواعد ،بدر الدين الزركشي (. )404/1
كشاف القناع (. )104/4 ()39
سورة النساء ،اآلية (. )51 ()40
المغني (. )151/9 ()41
90
فقه المعامالت 1
استيداعه ا ،كما تعين الشهادة على الشاهد إذا لم يوجد من يتحملها سواه
،وكما يلزم اإلنسان خالص نفس يقدر على إحيائها إذا لم يوجد غيره ،
ألن حرمة المال كحرمة النفس والحالة الثالثة أن يكون أمينا ً عليها
وقادراً على حفظها ،وقد يوجد غيره من األمناء عليها ،فهذا مندوب
42
إليه ،وإن لم تجب عليه) .
وقال النووي (قال أصحابنا لو تعين عليه قبول وديعة فلم يقبلها ،وتلفت
43
فهو عاص ،وال ضمان ؛ ألنه لم يلتزم الحفظ) .
وقال في نهاية المحتاج (ولهما) يعني للمالك (االستردادو) للوديع (الرد
كل وقت) من الجانبين ،نعم يحرم الرد حيث وجب القبول ويكون
44
خالف األولى حيث ندب ولم يرضه المالك" .
ومتى طالب صاحب الوديعة بوديعته من أودعها عنده وجب على
المودع لديه أن يردها لصاحبها؛ لقول الله تعالى (فَإِ ْن أ َ ِمنَ بَ ْع ُ
ض ُك ْم
ق الله َربَّهُ) البقرة 114 :وقوله (ِ َّن بَ ْعضا ً فَ ْليُ َؤ ِدّ الَّذِي اؤْ ت ُ ِمنَ أ َ َمانَتَهُ َو ْليَتَّ ِ
ت ِإلَى أ َ ْه ِل َها) النساء 51 :وعن أبي هريرة الله يَأ ْ ُم ُر ُك ْم أَ ْن ت ُ َؤدُّوا األ َ َمانَا ِ
( )42الحاوي ( ، ) 151/1نهاية المحتاج إلى شيرح المنهياج ،شيمس اليدين محميد الرمليي الشيهير
بالشافعي الصغير ،ومعه :حاشيية نيور اليدين الشبراملسيي وحاشيية أحميد بين عبيد اليرازق
المعييروف بييالمغربي الرشيييدي ،شييركة مكتبيية ومطبعيية مصييطفى البييابي الحلبييي بمصيير ،
الطبعة األخيرة 2411 ،هـ ، )222/1( .بداية المجتهد ونهاية المقتصيد ،محميد بين أحميد
بن رشد الحفيد ،مكتبة ابن تيمية ،القاهرة ،مصر ،الطبعة األولى 2425 ،هـ )219/4( .
،مواهب الجليل ( ، )152/5التاج واإلكليل (. )111/5
( )43روضة الطالبين (. )424/5
( )44نهاية المحتاج (. )225/1
91
فقه المعامالت 1
قال :قال رسول الله ﷺ (أ ِدّ األمانة إلى من ائتمنك ،وال تخن من
خانك)45.
ضمانها
الوديعة ال يضمنها من أودعت عنده إال إذا فرط في حفظها أو تعدى عليها،
وال يصح أن يضمنها مع غير تقصير أو تعدٍّ؛ ألن ذلك سيحمل الناس على
االمتناع عن قبول الودائع ،وفي هذا من تعطيل مصالح الناس ما ال يخفى،
قال الجصاص (وال خالف بين الفقهاء في نفي ضمان الوديعة إذا لم يتعد
فيه المودع)46.
والوديعة ال تودع وال تعار وال تؤاجر وال ترهن ،وإن فعل ـ أي المودَع
لديه ـ شيئا منها ضمن 47 .وإن مات الرجل وعنده وديعة ،فإن عرفت
بأعيانها :فأربابها أحق بها من الغرماء؛ ألن حق الغرماء بعد موت
المدين يتعلق بماله دون مال سائر الناس ،وكما كانوا أحق بها في حياة
المدين فكذلك بعد موته 48 .وإن حدث هناك خالف حولها أو قيمتِها
وغير ذلك فالقول قول المودع مع يمينه؛ ألنه قد ثبت له اليد49.
( )45رواه أبو داود :كتاب اإلجارة ،باب :في الرجل يأخذ حقه من تحت يده ،والترمذي)2114( :
وقال حسن غريب ،وفي سنده مقال.
( )46أحكام القرآن.194/1 :
( )47الفتاوى الهندية.441/4 :
( )48المبسوط.219/22 :
( )49الفتاوى الكبرى.411/5 :
92
فقه المعامالت 1
القرض :هو المال الذي يعطيه المقرض للمقترض ليرد مثله إليه عند
قدرته عليه ،وهو في أصل اللغة :القطع.
وسمي المال الذي يأخذه المقترض بالقرض؛ ألن المقرض يقطعه قطعة
من ماله.
وعقد القرض عقد تمليك فال يتم إال ممن يجوز له التصرف ،وال يتحقق
إال باإليجاب والقبول كعقد البيع والهبة .وينعقد بلفظ القرض والسلف،
وبكل لفظ يؤدي إلى معناه.وعند المالكية أن الملك يثبت بالعقد ولو لم
يقبض المال .ويجوز للمقترض أن يرد مثله أو عينه ،سواء أكان مثليا ً
أم غير مثلي ،ما لم يتغير بزيادة أو نقص ،فإن تغير وجب رد المثل.
مشروعيته
وهو قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه ،لما فيه من الرفق بالناس،
والرحمة بهم ،وتيسير أمورهم ،وتفريج كربهم.
93
فقه المعامالت 1
وإذا كان اإلسالم ندب إليه وحبب فيه بالنسبة للمقترض فإنه أباحه
للمقترض ،ولم يجعله من باب المسألة المكروهة ألنه يأخذ المال لينتفع
به في قضاء حوائجه ،ثم يرد مثله.
الترادف بين القرض والسلف وال ّد ْين
إن القرض والسلف كلمتان مترادفتان؛ فكما أن القرض يرد فيه
المقرض؛ فكذلك السلف .أما الدَّيْن فهو عا ٌّم؛ ِ المقترض بدل ما أخذ من
سلَم ،وبيع األعيان إلى أجل ،فهو حيث إنه يطلق على القرض ،وال َّ
عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقداً ،واآلخر نسيئة ،فإن
العين عند العرب ما كان حاضراً والدَّيْن ما كان غائباً.
فضله
روى أبو هرييرة أن النبيي -صيلى الليه علييه وسيلم -قيال( :مين نفيس عين
مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الليه عنيه كربية مين كيرب ييوم القيامية،
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا واآلخرة ،ومن ستر مسلما
ستره الله في الدنيا واآلخرة ،والله في عون العبد ما كان العبد فيي عيون
أخييه) 4.وعين ابين مسيعود رضيي الليه عنيه أن النبيي -صيلى الليه علييه
وسلم -قال( :ما مين مسيلم يقيرض مسيلما ً قرضيا ً ميرتين إال كيان كصيدقة
مرة).
وقال رسول الله ﷺ (دخل رجل الجنة فرأى عليى بابهيا مكتوبياً :الصيدقة
بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر)
هيذا كليه لمييا فيي القيرض ميين الرفيق بالمحتياجين والرحميية بهيم وتفييريج
كربهم.
94
فقه المعامالت 1
95
فقه المعامالت 1
أن يييرد المقتييرض للمقييرض إال مييا أقرضييه منييه أو مثلييه عم يالً بالقاعييدة
الفقهية القائلة" :كل قرض جر نفعا ً فهو ربا".
والحرمة مقيدة هنا بما كان نفع القرض مشروطا ً أو متعارفدا ً عليده ،فيإن
لييم يكيين مشييروطا ً وال متعارف يا ً عليييه ،كانييت الزيييادة جييائزة ودليييل ذلييك
حديث أبيي رافيع قيال :اسيتلف رسيول الليه مين رجيل بكيراً فجاءتيه إبيل
الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكراً ،فقلت :لم أجد في اإلبل إال جميالً
خياراً رباعياً ،فقال النبي( :أعطه إياه فإن خيركم أحسنكم قضاء).
ومن رحمة الله بخلقه أن حرم عليهم كيل ميا مين شيأنه أن يضيرهم ،وليو
نظرنييا إلييى القييرآن الكييريم والسيينة النبوييية لوجييدنا أن الربييا المحييرم فييي
عصير النييزول كيان فييي القيرض :وهيو الييذي سيماه القييرآن ربيا فهييو تلييك
الزيادة المشروطة في القروض والديون؛ ألن هذه المعاملة هي ما يرجع
إليه لفظ الربا في ذلك العصر.
وقد كانيت معاملية شيائعة ومعروفية بيينهم ،قيال الجصياص" :الربيا اليذي
كانت العرب تعرفه وتفعله ،إنما كان قرض الدراهم والدنانير إليى أجيل،
بزيادة على قدر ما استقرض ،على ما يتراضون به ..هذا كان المتعارف
المشهور بينهم" ثم قال" :ولم يكن تعاملهم بالربا إال على هذا الوجه الذي
ذكرنا ،من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل ،مع شرط الزيادة".
متعارفا ً في
َ وقال الرازي" :أما ربا النسيئة فهو األمر الذي كان مشهوراً
الجاهلية؛ وذلك أنهم كانوا يدفعون الميال عليى أن يأخيذوا كيل شيهر قيدراً
معينياً ،ويكييون رأس الميال باقيياً ،ثيم إذا حي ّل اليدين طييالبوا الميدين بييرأس
المال ،فإن تعذر عليه األداء زادوا في الحق واألجل؛ فهذا هو الربا الذي
كانوا في الجاهلية يتعاملون به".
96
فقه المعامالت 1
فينفهم مميا تقيدم أن الربيا المتعاميل بيه فيي عصير النيزول ،واليذي جيياءت
اآليات القرآنية بتحريمه كان على القرض ،وهو نوعان:
النيييوع األول :هيييو تليييك الزيدددادة التدددي تشدددترط فدددي أول العقدددد فدددي عقدددد
القرض ،وهي المشهورة بهذا االسم كما سبق.
النوع الثاني :هو الزيادة الثانية أو المكدررة ،فدي ديدن البيدع ،وهيو اليذي
يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى ،فإذا حل األجيل وليم يكين عنيد صياحبه
قضيياء زاده وأ ّخيير عنييه ،وهييو مييا يسييمى البيييع اآلجييل ،وإن كييان ذلييك ال
يعني أنهم ال يزيدون في ثمن البيع على قيمته نقداً.
صور للقرض الذي يدر منفعة:
أ .أن يقرض ألفين أو ثالث على بيعه داره ،أو عليى أن ييرد علييه أجيود
منه أو أكثر منه.
أن يقرضه ماالً على أن يسعى له أو لوالده أو قريبيه فيي عميل ب.
أو وظيفة.
أن يقرضه ماالً على أن يؤجره بيتا ً أو دكانا ً أو غير ذلك. ت.
إلى غير ذلك من الصور الشائعة بيين النياس ،والنبيي ﷺ نهيى عين سيلف
وبيع.
وروي عن ابن كعب وابن مسعود وابين عبياس رضيي الليه عينهم جميعيا ً
أنهيم نهييوا عين قييرض جيير منفعية؛ ألن القييرض عقييد إرفياق وقربيية ،فييإذا
شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه ،فيجيب عليى المسيلم أن ينتبيه ليذلك
ويحذر منه ويخلص النية في القرض وفي غيره مين األعميال الصيالحة،
فييإن القييرض ليييس القصييد منييه النميياء الحسييي ،وإنمييا القصييد منييه النميياء
97
فقه المعامالت 1
ا لمعنيييوي ،وهيييو التقيييرب إليييى الليييه عيييز وجيييل ،بيييدفع حاجييية المحتييياج،
واسترجاع رأس المال ،فإذا كان هذا القصد في القرض ،فيإن الليه تعيالى
ينزل في المال البركة والنماء والطيب.
.2العاريّة
تعريفها:
العاريّية – بتشييديد الييياء أفصييح ميين تخفيفهيا – وهييي فييي اللغيية :اسييم لمييا
يعطيه الرجل لغير ه لينتفع به ثم ييرده علييه ،كميا تطليق عليى العقيد اليذي
يتضمن هذا .مشتقة من التعاور وهو التداول وانتقال الشئ من يد الى يد.
وهي في االصيطالح الشيرعي :إباحية االنتفياع بميا يحيل االنتفياع بيه ميع
بقاء عينه.
فعقددد العاريَّددة يتضددمن اباحددة االنتفدداع للمسددتعير ،فهييو ال يملييك المنفعيية
وانما يباح له ان ينتفع بالعين ،أي الشئ المسيتعار عليى ميا سييأتي ،وليذا
ال يملك ان يؤجر العين المستعارة ألحد ،كما ال يملك ان يعيرها لغيره.
وإنما تص ّح اعارة ما يح ّل االنتفاع به ،فيال تصي ّح اعيارة خنزيير او آالت
لهو ،كما ال تصيح اعيارة مصيحف لحيائض ونفسياء ،ألنيه ال يجيوز لهميا
سه والقراءة فيه.
م ّ
واإلعددارة تكددون فددي األعيددان التددي ال تسددتهلك باالسددتعمال ،فييإذا كانييت
تستهلك باالستعمال – كالصابون مثال – فال تصح اعارتها.
اإلعيييارة مشيييروعة ،وقيييد د ّل عليييى مشيييروعيتها نصيييوص مييين الكتييياب
والسنّة ،وانعقد على ذلك اإلجماع.
98
فقه المعامالت 1
قوله تعالى :فوييل للمصيلّين .اليذين هيم عين صيالتهم سياهون .اليذين هيم
يراؤون ويمنعون الماعون )الماعون.(1-4 :
فقييد ذكيير اللييه تعييالى ان منييع الميياعون ميين صييفات المكييذب بيييوم الييدين
والمهدَّد بالويل – وهو العذاب والهالك – يوم القيامة ،فد ّل ذليك عليى ّ
ان
بييذل المييياعون اميير مشيييروع ومطلييوب .وجمهيييور المفسييرين عليييى ان
ا لمراد بالماعون ما يستعيره الجيران بعضهم من بعيض ،كاليدلو واإلبيرة
وال ِق ْدر ونحو ذلك ،ويلحق به كل ما في معناه.
ميا رواه انييس رضيى اللييه عنييه ،ان النبيي صييلى اللييه علييه وسييلم اسييتعار
فرس يا ً ميين ابييي طلحيية فركبييه( .اخرجييه البخيياري فييي الهبيية ،بيياب :ميين
استعار من الناس الفرس ،رقم .1414 :ومسلم في الفضائل ،بياب :فيي
شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب ،رقم)1409 :
وما رواه جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال :سيمعت النبيي صيلى الليه
عرهيا( .اخرجيه مسيلم
عليه وسلم يقولَ " :من كانت له ارض فليهبها أو ليُ ْ
في البيوع ،باب :كراء األرض ،رقم.)2541:
ومييا د ّل عليييه القييرآن والسينّة ميين مشييروعية اإلعييارة عاميية :انعقييد عليييه
اجماع علماء المسلمين في كل العصور.
حكمة مشروعيتها:
إن حكمة التشريع في العاريّة هي تحقيق التعاون الذي نددب اللده تعدالى
المسددلمين اليدده اذ قييال( :وتعيياونوا علييى البيير والتقييوى وال تعيياونوا علييى
اإلثم والعدوان) (المائدة . )1 :
99
فقه المعامالت 1
قاع قرقر :ارض مستوية .ت طؤه :تدوسه .الظلف :ما يكون في نهاية القدم من البقر والغنم 50
ونحوها ،جماء :ال قرن لها .اطراق فحلها :اعارة الذكر منها لينزو على اناثها .منيحتها:
المنيحة هي الشاة او البقرة او الناقة ،يعطيها مالكها لغيره لينتفع بلبنها ونحوه زمانا ،ثم يردها
لمالكها
100
فقه المعامالت 1
ومن الواجب اعارة ما فيه حفظ ميال محتيرم ايضيا ،كإعيارة سي ّكين ليذبح
حيييوان مييأكول اللحييم يخشييى موتييه اذا لييم يييذبح ،ألن عييدم ذبحييه إضيياعة
مال ،وهو منهي عنه شرعا.وقد تكون العاريَّة محرمة ،كإعارة آلية قاتلية
لمن غلب على ظنه انه سيقتل بها ،وكإعارة مصحف لحيائض او نفسياء
كما علمت ،وقد تكون مكروهة ،كما لو كان فيها مساعدة على مكروه.
أحكام تتعلق بالعاريَّة
أ .حدود االنتفاع بالعين المستعارة:
للمستعير ان ينتفع بالعين المستعارة ضمن الحدود التي أذن فيهيا الماليك،
لرضاه بهذا ،وليس له ان ينت فع بغير ما اذن به ،ألنه ليم ييرض بيذلك ،اال
اذا كيييان اقيييل تيييأثيرا عليييى العيييين مييين اليييذي اذن بيييه ،فيييإن اطليييق االذن
باالنتفاع ،بأن اعاره مطلقا دون التقييد بوجه من وجوه االنتفياع ،كيان ليه
ان ينتفع من العين بما ينتفيع بهيا عيادة ،وان نهياه عين االنتفياع بوجيه مين
الوجوه امتنع عليه ذ لك الوجه ،ولو كان اقل تأثيرا على العين ،وذلك كله
ألن المعير مالك للمنفعة ومتبرع بها ،فله تحديد وجيه االنتفياع بميا شياء،
وعليه:
)aفلو اعاره ارضا لينتفع بها ،جاز له ان يبني فيها وأن يغرس شجراً أو
يزرع زرعا ،ألنه اطلق اإلذن باالنتفاع ،فلو قال :اعرتك هيذه األرض،
دون ان يقول لتنتفع بها ،فالصحيح ان اإلعارة غير صحيحة.
)bوان أعاره للبناء او الغراس جاز له ان يزرع ،ألن الزرع اقل ضررا
من الغراس او البناء ،فرضاه باألشد دليل رضاه باألقل ،اال ان نهياه عين
ذلك فليس له فعله.
)cوإن أعياره للييزرع فلييس لييه ان يبنيي او يغييرس ،ألن البنياء والغييراس
كل منهما اكثر ضررا على األرض مين اليزرع ،ورضياه باألقيل ال ييدل
على رضاه باألشد.
101
فقه المعامالت 1
)dوان اعيياره للزراعيية مطلقييا زرع مييا شيياء ،فييإن اعيياره لزراعيية نييوع
معييين كييان لييه زرعييه وزرع مييا هييو مثلييه او اقييل منييه تييأثيرا ،وليييس لييه
زراعة ما هو اشد منه ضررا على األرض.
وهكذا القول في كل عين مستعارة:
فلو استعار سيارة للركوب فليس له ان يستعملها لحمل األمتعة مثال ،وان
استعارها لحمل امتعة خفيفة – كخشب مثال ونحوه – فليس ليه ان يحميل
فيها اشياء ثقيلة كحديد او اسمنت ونحو ذلك.
وللمستعير ان يستوفي المنفعة او بمن ينوب منابيه – كوكيليه ميثال – ألن
االنتفيياع ي عييود عليييه ويرجييع اليييه ،شييريطة ان يكييون مثلييه او دونييه فييي
اسييتيفاء المنفعيية ميين حيييث التييأثير علييى العييين المسييتعارة ،فلييو اسييتعار
دراجيية وأراد ان يركييب عليهييا أجيييره أو وكيلييه للقيييام بعملييه لمصييلحته ،
كان له ذلك ،اال اذا كان يزيد عنه في وزنه وثقله ،وهكذا.
102
فقه المعامالت 1
عاريَّيية مضييمونة" (اخرجييه ابييو داود فييي البيييوع واإلجييارات ،بيياب :فييي
تضمين العارية ،رقم.)4511 :
ويضمن المستعير العيين المسيتعارة بقيمتهيا ييوم تلفهيا ،اذا تلفيت وذهبيت
يي منهييا او نقييص ميين قيمتهييا بسييبب
وليو بآفيية سييماوية ،وال يضييمن مييا بَ ِل َ
االستعمال المأذون فيه ،فإذا استعملها في غيير ميا أذن ليه بيه ،فنقصيت ،
فإنه يضمن.
وكييذلك يضييمن مييا نقييص منهييا بسييبب االسييتعمال ان اسييتعملها فيمييا ال
تسييتعمل فيييه عييادة ،كييأن اسييتعمل الييدار او النجييارة ،او اسييتعمل اوعييية
الطعام لنقل الرمل او الحجارة.
ويضمنها ايضا اذا استعملها بعد رجوع ال ُمعير باالعارة وطلبه ردّ العين
المستعارة ،حتى ولو استعملها فيما هو مألوف في استعمالها ،او ميا اذن
له المعير سياب قا باسيتعمالها فييه ،ألنيه اسيتعمال غيير ميأذون فييه ،وكيذلك
الحال لو كانت العارية مؤقتة واستعملها بعد انتهاء المدة.
شرط الضمان فيما ال ضمان فيه ،وعدم الضمان فيما فيه الضمان :علمنا
أنيه ال ضيمان فيميا تليف او نقييص مين عيين العاريية باالسيتعمال المييأذون
فيه ،وكذلك تضمن العار ية اذا تلفت بغير االستعمال المأذون فييه مطلقيا،
فلو شرط في العقد خالف هذا كان الشرط الغيا ال يلزم الوفاء به ،ويبقى
عقد العارية صحيحا كما ليو يشيرط فييه هيذا الشيرط ،وقييل :تفسيد اإلعيارة
أيضا.
نفقة المستعار ومؤونة رده: ت.
إذا كان للمستعار نفقة – كما لو كيان دابية فتحتياج اليى عليف ،او مسيكنا
فيحتاج الى ترميم – فهذه النفقة على مالك العين ،سواء أكان المعيير هيو
103
فقه المعامالت 1
المالييك للعييين أم المسييتأجر لهييا ،ألن النفقيية تبييع للملييك ،واإلعييارة تبييرع
بالمنفعة من مالكها لينتفع بها المستعير ،فال يجب عليه في مقابلها شئ.
فييييإذا انتهييييت االعييييارة او فسييييخت ،ووجييييب علييييى المسييييتعير رد العييييين
المستعارة الى المعيير ،وكيان لردهيا علييه مؤونية ونفقية ،كيأجرة دابية او
سيارة نقل مثال ،كان ذلك على المسيتعير ،ألن اليرد واجيب علييه ،إذ انيه
قبض العين لمنفعة نفسيه ،وميا ال ييتم الواجيب إال بيه فهيو واجيب ،واليرد
الواجب عليه ال يتم اال بالنفقة ،فهي واجبة عليه.
تحصيل غيرها ،كالصحراء مثال ،ففي هذه األحوال ال يلزم المستعير رد
العين المستعارة ،وله ان يستمر باالنتفاع بها حتى يتمكن من ردهيا بغيير
ضرر ،ولكن يلزمه في هذا وامثاله اجرة المثل من حين الطلب الى حين
الرد.
.3الدين
تعتبر االستدانة من أهم المعامالت الشائعة بين الناس لحاجة
الناس دوما للمال الذي يعتبر عصب الحياة .الدين في الفقه اإلسالمي هو
مـا يثبت في الذمة سـواء أكان نقدا أم غيره. 51لقد أقر اإلسالم التعامل
بالدين وقد تبث ذلك في نصوص الكتاب و السنة و إجماع علماء األمة و
المعقول.
وردت في شأن الدَّيْن أطول آية في القرآن الكريم ،وذلك ألهمية
موضوع الدَّين ،قال الله تعالى( يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا إِذَا تَدَايَ ْنتُ ْم بِدَي ٍْن إِلَى
أَ َج ٍل ُم َ
س ًّمى فَا ْكتُبُوهُ ) البقرة .111
سداد الدين
لحقوق اآلخرين في اإلسالم أهمية بالغة و اهتمام كبير كونها مبنية
على َّالمشاحة لذلك أوجبت الشريعة على المسلمين تسديد ديونهم بل
واعتبرت مطل المدين القادر على الوفاء ظلم يستحق صاحبه العقوبة.
(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )
51نزيه ،كمال حماد :قضايا فقهية معاصرة في المال و االقتصاد ط/2412 2ـ1002م ،دار القلم
،دمشق ،الدار الشامية بيروت ،ص .220
105
فقه المعامالت 1
ووجه االستدالل من اآلية ظاهر فكلمة "العقود" لفظ عام يستغرق كل
عقد فأمر الـلـه سبحانه بالوفاء بالعقود ،يعني َّبذلك عقود الدين وهي ما
عقده المرء على نفسه ،من بيع وشراء وإجارة وكراء وكذلك ما عقده
عل ى نفسه لـلـه من الطاعات ،كالحج والصيام واالعتكاف والقيام والنذر
وما أشبه ذلك.
مطل المدين
من ضمن ما نهت عنه الشريعة اإلسالمية وحذرت منه مسألة مطل
المدين و مطل المدين في اإلصطالح منع قضاء ما استحق أداؤه.52
مطل المدين المعسر الذي ال يجد وفاء لدينه ،فإنه يمهل حتى يوسر،
ويترك بطلب الرزق وال يحل مطالبته أو مضايقته؛ ألن الـلـه سبحانه
وهذا الميسرة وقت إلى إنظاره أوجب
مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة و كذلك
مطل المدين الغني الذي منعه العذر عن الوفاء كغيبة ماله وعدم وجوده
بين يديه وقته بغير تعمده.
الدَّين بالدين
الدَّين بالدين هو مثل أن يأخذ الرجل من غريمه في دين له عليه سكنى
دار مثالً ،بحجة أن ذلك من باب الدين بالدين لذلك من الفقهاء من ال
يجيز أن يأخذ الرجل من غريمه في دين له عليه تمراً قد بدا صالحه وال
سكنى دار وال جارية تتواضع ،ويراه من باب الدين بالدين وذلك ألنهم
اختلفوا هل هذا يدخل في الدَّين بالدين .وكان أشهب يجيز ذلك ويقول:
53
ليس هذا من باب الدين بالدين
المقاصة
المقاصة هي اختالف الجنس بأن كان لرجل في ذمة رجل ذهب
ولآلخر عليه دراهم فتقاصا بأن كان لرجل في ذمة رجل ذهب ولآلخر
عليه دراهم فاصطرفا بما في ذمتهما .الدين بالدين ليس كله محظوراً،
فالحظر ال يشمل الساقط بالساقط حيث إنه ال يبقى على هذا دَين ،وال
على هذا دين ،فهو جائز مثل أن يكون لهذا على هذا دراهم ،ولهذا على
54
هذا دنانير ،فيقول :بعت هذا بهذا ،وتبرأ الذمتان.
من الفقهاء من يرى عدم صحة هذه المعاملة بحجة أنها بيع دين بدين
وبهذا قال الليث والشافعي .ومنهم من يرى صحة هذه المعاملة .وجوزه
55
مالك وأبو حنيفة
المقاصة ال تتطلب تسليم الدين يداً بيد ،فإذا كان لشخص دين على آخر،
ولآلخر دين على األول فهنا تجري المقاصة ،بمعنى :الدين بالدين.
الديون الناشئة عن المعامالت المالية
المداينة تشمل جميع المداينات التي بين الناس:
53بداية المجتهد :كتاب البيوع الفصل الثالث :في الفرق بين ما يباع من الطعام مكيالً وجزافاً،
ج ،1ص.249
54تفسير آيات أشكلت البن تيمية :ص.140 – 149
55المغني البن قدامة :دار عالم الكتب للطباعة ،الرياض ،ج ،1ص.201
107
فقه المعامالت 1
اشتريت من شخص سلعة بمائة درهم مثالً إلى أجل وقبضتَها ،فإنناَ إذا
نقول :له عليك دين (بقيمة مائة درهم) .وإذا اقترض منك شخص مائة
ضها ،فإننا نقول :لك عليه دين (مائة درهم).
درهم وق َب َ
ومن هذا نعلم أن السلعة التي يشتريها اإلنسان ويقبضها يرافقها دين،
أي :يصبح المشتري القابض مديناً ،كما أن النقود التي يقترضها
ويقبضها يرافقها دين ،أي :يصبح المقترض مديناً.
تعريف الشركة
108
فقه المعامالت 1
مشروعية الشركة
وروى ابن ماجة وأبو داود والحاكم وصححه ..أن السائب بن أبي
السائب قال للنبي ﷺ (كنت شريكي في الجاهلية؛ فكنت خير شريك ال
تداريني وال تماريني) ولفظ ابن ماجة (كنت شريكي ،ونعم الشريك؛
كنت ال تداري وال تماري)()60
( )59أحكام القرآن للجصاص ،451 -452/2أحكام القرآن البن العربي -404 ،125 -124/2
.404
( )60سنن أبي داود كتاب األدب ,باب :في كراهية المراء ،)4141(110/4ابن ماجة كتاب
التجارات ,باب :في الشركة والمقايضة .)1119(911/1
110
فقه المعامالت 1
أركـان الشركـة
اإليجاب والقبول باإلجماع ،وليس لهما ألفاظ مخصوصة بل كل ما دل
على الشركة يعتبر إيجابًا وقبوال؛ كأن يقول شخص آلخر :شاركتك في
كذا ،فيقول اآلخر :قبلت .أو أعطيتك ألف دينار مقابل ألف دينار منك
شركة أو للمتاجرة م ًعا ،فقبل اآلخر ..انعقدت الشركة .ورأى الحنابلة
والشافعية والمالكية أن أركان الشركة أربعة :اإليجاب والقبول
والعاقدان والمحل ،والمحل يشمل المال والعمل ،ونص الشافعية على
سا ،ونفي ابن رشد أن يكون العمل ركنًا خا ً
صا.. اعتبار العمل ركنا خام ً
بل هو تابع للمال فال يعتبر بنفسه . 61
والشركة تجوز باألثمان المطلقة التي ال تتعين بالتعيين كالنقدين من
الذهب "الدنانير" والفضة "الدراهم" ،وكل نقد مصكوك ،ويدخل فيها
األوراق المالية التي تحل محل الذهب والفضة كالجنيهات والدنانير
والرياالت والروبية والمارك والدوالر وغيرها؛ مما يتعامل بها الناس،
ويتم الصرف فيها.
وتجوز عند المالكية واألوزاعي وابن أبي ليلى بغير النقدية كعروض
التجارة مكيال كان أو موزونا أو عدديًا متقاربا أو غير متقارب .،وعند
الشافعية والشيعة الجعفرية أنها تجوز في المثليات من العروض كالبر
والشعير والحديد ،وال تصح في القيميات ،ومنع األحناف الشركة
بالعروض وإنما تقوم بالنقدين ،وتكون الشركة فيهما أو ببيع أحدهما
نصف عروضه بنصف عروض اآلخر ،إذا كانت قيمتاهما على السواء،
وتنعقد الشركة على قيمتهما.62
وتجوز الشركة بالعمل؛ أي بتقديم ِخ ْدمات معينة من أعمال الشركة،
سواء أكانت مستقلةً كما في شركة الوجوه وشركة األعمال ،أو من
جانب واحد كما في شركة المضاربة ،أو تاب ًعا للمال كما في شركة
العنان . 63
الحكمة من مشروعية الشركة في اإلسالم
تتوخى الشريعة من وراء إقرار مشروعية الشركة مجموعة من
األهداف أهمها :التعاون بين الناس وبيان أنه أساس كل خير يقول تعالى
( وتعاونوا على البر والتقوى ) -المائدة 1
.2تحقيق الربح للمشتركين .
.1القيام بالمشروعات الضخمة نتيجة جمع أموال كثيرة من شخصين
أوكثر.
.4التنمية اإلقتصادية للدولة اإلسالمية .
.4تنبيه الناس على أن البركة مع الجماعة.
62بدائع الصنائع
( )63بدائع الصنائع ،59/1فتوحات الوهاب ،491/4تحفة الحبيب ،211/4الفواكه الدواني
،212/1رد المحتار ،199 - 191/4المغني ، 209/9اإلنصاف ،409/5تبيين الحقائق
،424/4الجوهرة النيرة ،115/2شرح حدود ابن عرفة ،111– 112الغرر البهية- 211/4
،219حاشيتا قليوبي وعميرة ،421/1شرح مختصر خليل ،41– 49/1حاشية الدسوقي
،441/4الشركات في ضوء اإلسالم ص ،24 - 24مشكلة االستثمار في البنوك اإلسالمية
وكيف عالجها اإلسالم د .محمد صالح محمد الصاوي ،259– 254العقود المسماة د .وهبة
الزحيلي ص .211 - 214
112
فقه المعامالت 1
.5التنبيه الى إمكانية التكامل بين المال والخبرة والعمل للتكافل وتحقيق
التقدم .
.1الحيلولة دون كنز األموال ألن أصحاب األموال القليلة أو أصحاب
الخبرات المحدودة يمكنهم شراء أسهم الشركات الكبرى والمساهمة فيها
وذلك باستثمار أموالهم واإلستفادة من ربحها .
أهم أنواع شركة العقد عند فقهاء اإلسالم
أهم أنواع شركة العقد عند فقهاء اإلسالم هي:
.2شركة األموال .
.1شركة األعمال أو األبدان
.4شركة الوجوه أو الذمم.
وهذه األنواع الثالثة يتفرع كل منها الى شركة عنان وشركة مفاوضة.
.4شركة المضاربة.
.1شركة األموال
هي أن يشترك اثنان أو اكثر في مال على أن يتجرا فيه ويكون الربح
بينهما بنسبة معلومة أما الخسارة فتكون على حسب رأس المال.
وقد شرعت شركة األموال لتنمية األموال كما يقول الكاساني ،وتنقسم
شركة األموال عند الفقهاء الى قسمين هما شركة العنان وشركة
المفاوضة:
.2شركة العنان
113
فقه المعامالت 1
قال السبكي (المشهور أنها مأخوذة من عنان الدابة وهو ما تقاد به كأن
كل واحد من الشريكين أخذ بعنان صاحبه ال يطلقه يتصرف حيث شاء )
64
115
فقه المعامالت 1
116
فقه المعامالت 1
– 1شركة اختيار :وهي التي تنشأ بفعل الشريكين ،كشراء اثنين شيئا،
أو هبته لهما ،أو اإليصاء به إليهما؛ فيصير الشيء مشتركا بينهما شركة
ملك.
- 9شركة الجبر :وهي عبارة عن أن يشتري شخص سلعة بحضرة
تاجر اعتاد التجارة في هذه السلعة ،ولم يخطر أحدًا بأنه يريد أن
يشتريها لنفسه خاصة ،ولم يتكلم في ذلك؛ فإن له الحق في أن يشترك
فيها مع من اشتراها ،ويجبر من اشتراها على الشركة مع ذلك
التاجر(.)65
ذهب الشافعية والظاهرية إلى أنه ال يصح من أنواع الشركة إال شركة
العنان والمضاربة .وال يرون وجها لشركة المفاوضة والوجوه
والصنائع ،خالفا للشيعة الزيدية؛ فإنهم يقولون بجواز شركة
المضاربة)66(.
( )65حاشية العدوي ،104/1المدونة ،594/4التاج واإلكليل ،10/9شرح مختصر خليل 41/1
– 49حاشية العدوي .104/1
( )66األم ،141– 141/1 ،141/4أسنى المطالب ،155 – 154/1شرح البهجة- 211/4
،219تحفة المحتاج ،114/5المحلى ،424– 421/1الشركات في ضوء اإلسالم ص
, 15 - 11الشركات في الفقه اإلسالمي د .عبد الفتاح محمد أبو العينين ص ،25 - 20مشكلة
االستثمار في البنوك اإلسالمية وكيف عالجها اإلسالم د .محمد صالح محمد الصاوي 244
– ،245العقود المسماة .290 - 212
117
فقه المعامالت 1
شروط الشركة
( )67الشركات في ضوء اإلسالم ،ص .21 - 24والحديث رواه أبو داود في كتاب البيوع وينظر
أيضا الوسيط للدكتور عبد الرزاق السنهوري ،112/5والمدخل الفقهي العام للزرقا .511/2
118
فقه المعامالت 1
أ .أن يكون كل من العاقدين أهال للوكالة؛ ألن كل واحد منهما قد أذن
لصاحبه ف ي التصرف في رأس مال الشركة ،وفي تقبل األعمال ،وفي
استجالب السلع وبيعها .والشركة تتضمن معنى الوكالة ،جاء في كتاب
الهداية )وشرطه -أي عقد الشركة -أن يكون التصرف المعقود عليه
قابال للوكالة؛ ليكون ما يستفاد بالتصرف مشتر ًكا بينهما؛ فيتحقق حكمه
المطلوب منه ،وهو االشتراك في الربح؛ إذ لو لم يكن كل منهما وكيال
عن صاحبه في النصف وأصيال في النصف اآلخر ما كان المستفاد
مشتر ًكا((.)68
أن يكون الربح معلوم القدر؛ فإن كان مجهوال تفسد الشركة؛ ب.
ألن الربح هو المقصود ،وجهالته تفسد عقد الشركة ،والجهالة المقيدة
هي التي تفضي إلى النز اع .أما الجهالة اليسيرة فال تعتبر ،وال مانع من
أن يكون جز ًءا شائ ًعا في الجملة كالثلث والربع ،وال يجوز تحديده بمبلغ
معين كعشرة دنانير الحتمال أال يحصل من الربح إال المبلغ الذي حدد
ألحدهما؛ فال تتحقق الشركة(.)69
حاضرا عند مباشرة أعمال الشركة كالبيع ً أن يكون المال ت.
والشراء؛ فال تصح الشركة بمال غائب أو دين في الذمة؛ ألن المقصود
من الشركة الربح ،وال يتم ذلك إال بالتصرف ،وال يتحقق التصرف بمال
غائب أو دين(.)70
( )68العناية شرح الهداية ،291 ،255/1فتح القدير ،255/1تبيين الحقائق .424/4
( )69بدائع الصنائع ،59/1الفتاوى الهندية ،401/1مواهب الجليل ،242/5شرح مختصر
خليل ،45/1فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك ألبي عبد الله محمد بن
أحمد المشهور بالشيخ عليش (2199هـ 2111 -م)241/1.دار المعرفة.
( )70البحر الرائق ،211/5الموسوعة الفقهية .50/11
119
فقه المعامالت 1
أن يُعلم رأس المال وقت العقد -عند غير األحناف -؛ إذ ال ث.
يجوز أن يكون رأس المال مجهوال وال جزافًا؛ ألنه ال بد من الرجوع
عند المفاصلة ،وال يمكن مع الجهل (.)71
وصلى الله على نبينا محمد