Professional Documents
Culture Documents
قضايا فقهية معاصرة ج1 الشيخ سعد الخثلان
قضايا فقهية معاصرة ج1 الشيخ سعد الخثلان
قضايا فقهية معاصرة ج1 الشيخ سعد الخثلان
وقد كان سلفنا الصالح يرتحلون في سبيل طلب العلم ،ويوجد معنا مجموعة من الخوة من حضروا ممن أتوا من
خارج مدينة الدمام ،بعضهم أتى من الرياض ألجل حضور هذه الدورة فجزاهم الله ً
خيرا ،وهذا يذكرنا بفعل السلف
الصالح الذين كانوا يرتحلون في سبيل طلب العلم ،فنسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الدروس وأن يبارك فيها.
--------------------------------------------------
أيها الخوة كنا قد بدأنا في الحديث عن النوازل وقسمناها إلى ثالثة أقسام:
-۲وقسم بالمعامالت.
أما النوازل في العبادات فسبق أن تحدثنا عنها العام الماض ي ،ومن فاته ش يء يمكن أن يرجع للتسجيل.
3جزء من حديث أخرجه الترمذي ( ،)0033وأحمد ( )4727واللفظ له .وأخرجه البخاري ( ،)0736ومسلم ( )2062باختلاف يسير من حديث أبي هريرة.
2
ُ ً
كذلك المعامالت أيضا سبق أن خصص لها دورة ،لكن ليس بعنوان النوازل و إنما بعنوان (معامالت مالية معاصرة)
ً
وهي أيضا مسجلة.
أيضا ،وهو ما سنتحدث عنه إن شاء اللهوبقي القسم الثالث واألخيروهو :النوازل في غيرالعبادات وفي غيرالمعامالت ً
ً ً
في هذه الدورة وسيكون الحديث إن شاء الله تعالى أوال :مقدمة عن أهمية العناية بفقه النوازل ،و أيضا حقيقة
النوازل والمناهج المعاصرة في النظرفيها ،وكيف يكون الحكم على النازلة ،ومزالق النظرفي النوازل ،وبعد هذه
ً
المقدمة نبدأ في الحديث عن أبرز النوازل في غيرالعبادات ،و أيضا في غيرالمعامالت ،ومما سنذكره إن شاء الله
الكالم عن :التصويرالفوتوغرافي ،ورفع أجهزة النعاش ،وموت الدماغ ،ويرتبط به نقل األعضاء ،ورفع أجهزة
النعاش عن الميؤوس من شفائه ،واألطعمة واألشربة المشتملة على نسبة يسيرة من الكحول ،واللحوم المستوردة،
والحقوق المعنوية ،والتسبيح بالمسبحة اللكترونية ،وجوزة الطيب والزعفران ،وزراعة الشعر.
ثم ننتقل بعد ذلك للكالم عن النوازل في فقه األسرة :التلقيح الصناعي ،وإسقاط الجنين المشوه ،وما يسمى بزواج
المسيار ،وزواج األصدقاء،والزواج العرفي ،والزواج بنية الطالق ،واختيارجنس الجنين ،والبصمة الور اثية ،ونفقة
الزوجة العاملة.
ً
و أيضا نوازل أخرى :توريث المتسبب في حادث سيارة من مورثه ،استخدام البنج في قطع يد السارق،إعادة اليد
المقطوعة لصاحبها ،القصاص في الكسور والجراح والشجاج ،سرقة الحقوق المعنوية.
وربما إذا اتسع الوقت ً
أيضا ننتقل للحديث عن نوازل أخرى ،لكن هذه هي النوازل المفترض أننا نتكلم عنها في هذه
الدورة إن شاء الله تعالى.
1هذا القدر رواه أحمد في مسنده ( )٢٦١/ ٥بلفظ[ :تركنا رسول الله ﷺ وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما].
2سورة المائدة آية (.)٣
0
الصالة والزكاة والصيام والمعامالت واألطعمة واألشربة ،فهذا يبين لنا أهمية هذين العلمين مع العناية أيضا بالعلوم
ً
األخرى خاصة ما كان متعلقا بكالم الله وكالم رسوله ﷺ.
وعندما نتكلم عن الفقه نجد أن بعض طلبة العلم يركزعلى ضبط كالم العلماء المتقدمين ،وهذا في حد ذاته ش يء
حسن لكنه ُيغفل معرفة أحكام المسائل المستجدة والنوازل ،فإذا ُسئل عن مسألة جديدة أو عن نازلة قال :والله ما
عندي فيها علم.
هذا يعتبر قصور لدى طالب العلم ،فال بد أن يكون هنالك توازن في طلب العلم ،وأن يكون هناك عناية بكالم العلماء
المتقدمين ،وأن يتوفرلدى طالب العلم الحد األدنى لمعرفة هذه النوازل والقضايا المستجدة .ومثل هذه الدورات
تحقق الحد األدنى لمعرفة حكم هذه النوازل ،ولكنها ال تغني طالب العلم عن التوسع ،وأن يستزيد ً
علما في معرفة
أحكامها ،لكنها تعطي مفاتيح ،وتحقق الحد األدنى في معرفة أحكامها وتصورها.
--------------------------------------------------
ومعنى النوازل اصطالحا :الوقائع الجديدة التي لم يسبق فيها نص وال اجتهاد.
وقولنا (الوقائع) يعني :كل ما يقع للناس من مسائل وقضايا ُيحتاج لبيان الحكم الشرعي فيها سواء أكانت في العبادات
أو في غيرها.
وقولنا (الجديدة) :يخرج بها المسائل القديمة التي تكلم عنها العلماء السابقون.
قولنا في التعريف (التي لم يسبق فيها نص أو اجتهاد) :هذا قيد يخرج به المسائل المنصوص عليها ،أو المسائل التي
سبق فيها اجتهاد أو فتيا من العلماء السابقين.
هنا هي مسألة قديمة لكن طرأ عليها ما يستدعي إعادة النظرفيها ،وإعادة النظر فيها يكون بمقتض ى النصوص،
بمقتض ى األصول والقواعد الشرعية ونحو ذلك.
ً
فمثال قضية الشعيرنعرف أن مقصود الشارع من زكاة الفطرهو :إعطاء الفقراء ما يكون قوتا لهم يستغنون به عن
السؤال يوم العيد ،وهذا ال يحققه إخراج الشعيرفي وقتنا الحاضر.
وهذا المصطلح -مصطلح النوازل -كان بعض العلماء يستخدمونه؛ الحافظ ابن عبد البرفي كتابه [جامع بيان العلم
وفضله] قال" :باب اجتهاد الرأي على األصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة".1
قال النووي في شرحه على مسلم" :فيه اجتهاد األئمة في النوازل وردها إلى األصول".2
ابن القيم أيضا في [إعالم الموقعين] يقول" :قد كان أصحاب النبي ﷺ يجتهدون في النوازل".3
ابن الرشد "الجد" توفى سنة 025هـ له كتاب بعنوان[ :نوازل ابن رشد] ،وبعضهم يسميه [فتاوى ابن رشد] أو [أجوبة
ابن رشد] ،فهذا المصطلح مصطلح قديم ومعروف.
ً
وعندما ننظرلكيفية تعامل الصحابة رض ي الله عنهم مع النوازل ،طبعا في عهد النبي عليه الصالة والسالم كان النبي
ﷺ هو المرجع للصحابة ،هو المرجع للناس ،لكن بعد وفاة النبي ﷺ حصلت قضايا ونوازل جديدة فكيف تعامل
الصحابة مع هذه النوازل وهذه القضايا؟
أقول :إن الصحابة رض ي الله عنهم كانوا إذا نزلت بهم النازلة يجتمع علماؤهم ويتشاورون ويتباحثون فيها ،ثم يخرجون
ً
عن رأي ،وهذا ما يسمى بـ(االجتهاد الجماعي) ،وأذكرلهذا مثاال[ :قصة عمررض ي الله عنه لما خرج إلى الشام ،حتى إذا
ُ ُ
كان بالطريق أخبربأن الطاعون قد وقع بأرض الشام ومعه جيش ،هو اآلن أمام نازلة ،هو يسيربجيشه إلى الشام أخبر
بأن الطاعون قد وقع بأرض الشام ،فما الذي فعله عمر؟
ً
جمع الصحابة ،بدأ أوال بالمهاجرين واستشارهم وأخبرهم بأن الوباء قد وقع بأرض الشام فما رأيكم؟ هل نرجع أو
نستمر؟ فاختلفوا ،قال بعضهم" :نرجع" ،وقال بعضهم" :ال ،بل نحن قد خرجنا ألمرفال نرجع" ،ومنهم من قال" :معك
بقية أصحاب النبي ﷺ ونرى أن ال تقدم بهم على هذا الوباء" ،فاختلفوا فقال عمر" :ارتفعوا عني" .ثم دعا األنصار
فاستشارهم فاختلفوا كما اختلف المهاجرون .ثم دعا من كان من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعاهم ،فلم
يختلفوا في أن يرجع عمر ،وأن ال يقدم بالناس على هذا الوباء ،فلما رآهم عمرقد أجمعوا ولم يختلفوا نادى في الناس
ً
بالرجوع ،قال أبو عبيدة" :يا أميرالمؤمنين أفرارا من قدرالله" ،قال" :لو قالها غيرك يا أبا عبيدة!! نحن نفرمن قدر
عمربإمكانه أن يقرر من نفسه ،هو أميرالمؤمنين ،وأحد العشرة المبشرين بالجنة ،وأحد الخلفاء الراشدين ،لكن لم
ً ً
يكن يفعل هذا عمر ،وليس هذا من هدي الصحابة؛ ألن من هديهم التشاور ،والنسان يبقى بشرا ضعيفا قد يذهل
عن أبسط األشياء ،ولذلك ال بد من التشاور والتباحث والسؤال ،فجمع عمرالصحابة ثالث مرات وهو يجتمع معهم
حتى فتح الله عليهم وخلصوا إلى رأي تبين لهم فيما بعد أن هذا الرأي هو الصواب ،وكما يقول بعض السلف :ما
تشاور قوم إال وفقهم الله للصواب { َو َأ ْم ُر ُه ْم ُش َ
ورى َب ْي َن ُه ْم}.2
فمثل هذه القضايا والنوازل التي تهم األمة وتهم عموم الناس ينبغي أن ال ينفرد فيها ٌ
عالم برأي ،و إنما يكون هناك
ً
(اجتهاد جماعي) ،وهذا هو منهج الصحابة رض ي الله عنهم ،و أيضا هو منهج التابعين من بعدهم ،وفي القرون الماضية
ً
أيضا كان أهل العلم يجتمعون ويتشاورون في النوازل ،وفي وقتنا الحاضر-أيضا األمة ال تزال بخير -هناك عناية كبيرة
ُ
بفقه النوازل والقضايا والمسائل المستجدة ،وقد أصبح هناك مؤسسات علمية ترعى االجتهاد الجماعي وتعنى
بدراسة النوازل والقضايا المستجدة ومن أبرزها :املجامع الفقهية.
َ
وهناك عدة مجامع ،من أبرز هذه املجامع[ :امل ْجمع الفقهي السالمي برابطة العالم السالمي] ،وهو من أقدمها ،وله
ً ً
قرابة 50عاما ،وينعقد كل سنتين تقريبا ،كان يرأسه الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ،ثم بعد ذلك سماحة
شيخنا عبد العزيزبن باز ،ثم سماحة المفتي اآلن الشيخ عبدالعزيزآل الشيخ ،ويضم نخبة من فقهاء العالم
السالمي ،واستكتب بعض املختصين فإذا كانت القضية اقتصادية يستكتب اقتصادي ،وإذا كانت طبية يستكتب
طبيب ،وإذا كانت فلكية يستكتب فلكي ،وهكذا ،ثم يعرض املختصون ما لديهم ،ويستكتب باحثون من طلبة العلم،
ويحصل نقاش مستفيض في تلك القضايا والنوازل ،ثم الرؤية بعد ذلك بأن الموضوع قد نضج وقد أخذ حقه من
البحث ومن المناقشة يصدرقرار ،وإن رؤي أنه لم يستكمل البحث والمناقشة يؤجل لمزيد من الدراسة .و أيضا
ن
اللهِ بْ ِ
ن عَبْدِ َ 1أخرجه البخاري ( )٥٢١٥كتاب الْب ،باب ما يذكر في الْاعون ،وعند مسلم باب الْاعون والْيرة والكهانة ونحوها ( ،)١١٢٥ولفظ البخاري( :عَ ْ
َن الوَبَا َء قَ ْد َوقَ َع بِأَ ْرضِ ن الجَرَاحِ َوَأصْحَا ُبهُ ،فَأَخْبَرُوهُ أ َ عبَيْ َد َة بْ ُ
س ْرغَ لَقِ َيهُ أُمَرَا ُء ال َأجْنَادِ ،أَبُو ُ
ن ِب َ
ج ِإلَى الشَ ْأمِ ،حَتَى إِذَا كَا َ اللهُ عَ ْنهُ ،خَرَ َب َرضِيَ َ ن الخََْا ِ َن عُمَ َر بْ َس :أ َ عَبَا ٍ
جتَ لِأَمْرٍ ،وَلاَ نَرَى أَنْ َن ال َوبَا َء قَدْ وَ َق َع بِالشَأْمِ ،فَاخْ َتلَفُوا ،فَقَالَ بَ ْعضُهُ ْم :قَ ْد خَرَ ْ
س َتشَا َر ُهمَْ ،وأَخْبَرَ ُهمْ أ ََولِينَ ،فَدَعَا ُهمْ فَا ْ
ن الأ َ ل عُمَرُ :ا ْدعُ لِي المُهَاجِرِي َ س :فَقَا َ
ن عَبَا ٍ الشَأْ ِم .قَالَ ابْ ُ
عوْتُ ُهمْ
علَى هَذَا ال َوبَاءِ ،فَقَا َل :ارْتَفِعُوا عَنِي ،ثُمَ قَا َل :ادْعُوا لِي الَأ ْنصَارَ ،فَدَ َ ن تُقْدِمَ ُه ْم َاللهِ ﷺ ،وَلاَ نَرَى أَ ْ ب َرسُو ِل َ صحَا ُ ك بَق َِي ُة النَاسِ َوأَ ْ ل بَ ْعضُهُ ْم :مَعَ َتَرْجِ َع عَنْهَُ ،وقَا َ
ن مُهَاجِرَ ِة الفَتْحِ ،فَدَعَوْتُهُمْ ،فََل ْم يَخْتَِلفْ ش مِ ْ
خةِ قُرَ ْي ٍ
ن َمشْيَ َن كَانَ هَا ُهنَا مِ ْ ختِلَافِهِمْ ،فَقَا َل:ارْتَفِعُوا عَنِي ،ثُمَ قَا َل :ا ْدعُ لِي مَ ْ ل المُهَاجِرِينَ ،وَاخْ َتلَفُوا كَا ْ سلَكُوا سَبِي َ فَاسْ َتشَا َر ُهمَْ ،ف َ
ن الجَرَاحَِ :أفِرَارًا علَ ْي ِه .قَالَ أَبُو عُ َبيْدَةَ بْ ُ
علَى ظَهْرٍ فََأصْ ِبحُوا َ ح َ س :إِنِي مُصَبِ ٌ علَى هَذَا ال َوبَاءِ ،فَنَادَى عُمَرُ فِي النَا ِ س وَلَا تُقْدِمَ ُه ْم َ ج َع بِالنَا ِن تَرْ ِ علَ ْي ِه رَجُلاَنِ ،فَقَالُوا :نَرَى أَ ْ مِنْ ُه ْم َ
خرَى جَدْبَةٌ، خصِبَةٌ ،وَالأُ ْ ت وَادِيًا َل ُه عُدْوَتَانِ ،إِحْدَاهُمَا َ ْ ْل َهبَ َ ِر مِنْ قَدَرِ اللَ ِه ِإلَى َقدَرِ اللَهِ ،أَ َرأَ ْيتَ لَ ْو كَانَ لَكَ إِ ِب ٌل عُمَرُ :لَ ْو غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْ َدةَ؟ نَ َعمْ نَف ُاللهِ؟ فَقَا َ
مِنْ قَدَرِ َ
ِن عِنْدِي فِي هَذَا ن مُتَغَيِبًا فِي بَ ْعضِ حَاجَتِ ِه -فَقَالَ :إ َ ف -وَكَا َ ن عَوْ ٍ ن بْ ُ
ت الجَدْبَ َة رَعَيْتَهَا بِقَدَ ِر اللَهِ؟ قَالَ:فَجَا َء عَبْدُ الرَحْمَ ِ ن رَعَ ْي َ اللهَِ ،وإِ ْ
ص َب َة رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ َ
ت الخَ ْ ن رَعَ ْي َ َألَ ْيسَ إِ ْ
ُم ا ْنصَرَفَ). الل َه عُمَ ُر ث َ
علَيْهَِ ،وإِذَا َوقَ َع بِأَ ْرضٍ َوأَ ْنُت ْم بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِ ْنهُ" قَالَ :فَحَمِ َد َ اللهِ ﷺ يَقُولُ" :إِذَا سَمِعْ ُت ْم ِبهِ بِأَ ْرضٍ فَلَا تَقْدَمُوا َ ل َ ت َرسُو َ علْمًا ،سَمِ ْع ُ ِ
وهناك مجامع فقهية أخرى لكن أكثرها محلية مثلَ [ :مجمع الفقه] في السودان[ ،مجمع الفقه] في الهند وغيرها.
وهناك بعض الهيئات العلمية التي أيضا لها عناية باالجتهاد الجماعي ومنها[ :هيئة كبارالعلماء] في المملكة ،وتنعقد
بجميع أعضائها كل ستة أشهر ،وغالب ما يعرض عليها من النوازل والقضايا المستجدة في الغالب.
وهناك أيضا دور الفتاء في دول العالم السالمي ،والهيئات الشرعية في المصارف فيما يتعلق بالمعامالت المالية،
ً ً
والرسائل العلمية أيضا لها عناية بفقه النوازل ،فمثال عندنا في كلية الشريعة :قسم الفقه في كلية الشريعة بالرياض،
عندنا مشروع النوازل في جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى القرار ،جميع أبواب الفقه ،كلها في رسائل علمية ،هذه
كلها ُعنيت بهذا الفقه ،وهو فقه النوازل.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------
عندما ننظرللمناهج المعاصرة عند النظرفي النوازل نجد أن هناك ثالثة مناهج:
-أن معظم ما يفتي به التحريم ،كل ش يء حرام حرام ،ويشدد ويضيق على الناس.
ً -
أيضا من أبرز معالمه المبالغة في سد الذرائع ،والمبالغة في االحتياط عند كل خالف. و
--------------------------------------------------
4
كل ُيحسنه ،فمن السهل أن تقول" :حرام" وتنتهي ،في أية مسألة جديدة تقول" :ال يجوز" وتنهي المسألة، والتشديد ٌ
الرخص عن الثقات" ،1والنسان إذا كل ُيحسنه ،إنما العلم ُ علما ،العلم كما يقول سفيان" :التشديد ٌولكن هذا ليس ً
مسألة إن كان يعلم أجاب ،وإن كان ال يعلم فيقول :الله أعلم ،أو يقول :ال أعلم ،وال يجوز له أن يقول "حرام"
ٍ ُسئل عن
ً
نفسيا ،هذا غيرصحيح، وهوال يعلم ،بعض الناس يرى أنه إذا قال "حرام" يعني أنه خرج من العهدة ،وبعضهم ربما يرتاح
تحريم الحالل مثل تحليل الحرام أوأشد ألنه على األقل تحليل الحرام هومع األصل وهوالبراءة األصلية ،2تحليل الحرام
على األقل إذا قال هو حالل هو على البراءة األصلية ،لكن إذا قال حرام نقل المكلف عن البراءة األصلية.
مما أباح الله لهم ،اقرأ سورة المائدة وسورة األنعام ،تجد أن الله عز وقد أنكر الله تعالى على المشركين تحريم كثير َّ
ٍ
ْ َ ْ ْ ْ َ َ َ
وجل أنكرعلى المشركين تحريم كثيرمما أباح الله للناس ،كما قال سبحانه{ :ث َمان َية أز َواج م َن َّ
الضأن اثن ْين َوم َن ال َم ْعز ٍ
َ َ ْ َ ْ ْ ُُْ ْ َ ْ ُ ْ َّ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ُ
ام األنث َي ْين نبئوني بعل ٍم إن كنتم صادقين ( )١٤١ومن البل
َ ْ اثنين قل آلذكرين حرم أم األنثيين أما اشتملت عليه أرح
ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َّ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ْ َ َّ ُ َّ َ
صاك ُم الل ُه ب َهذا اثنين ومن البقراثنين قل آلذكرين حرم أم األنثيين أما اشتملت عليه أرحام األنثيين أم كنتم شهداء إذ و
َّ َ َْ َّ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ ْ َ َ َ َ َّ َ ً ُ َّ َّ َ َ ْ
اس بغ ْير عل ٍم إ َّن الله ال َي ْهدي الق ْو َم الظالمين} ،3انظر التشديد في هذه فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الن
َ َّ َ َۡ َ َ َۡ َ ُۡ َ ُ ۤ َّ َ
المسألة{ ،ق ۡل َءالذك َرۡین َح َّر َم أم ٱألنث َی ۡين} ،إنكارعلى املحرمين بغيرعلم ولهذا قال{ :ف َم ۡن أظل ُم م َّمن ٱفت َر ٰى َعلى ٱلله كذ ًبا
ُ َّ َّ َ َ ۡ
اس بغ ۡيرعل ٍم} ،فالتحريم بغيرعلم هذا ال يجوز. لیضل ٱلن
َ َ َ َ َّ
أيضا ذكرالله تعالى في سورة المائدة و أنكرعلى من حرم الحاللَ { :ما َج َع َل الل ُه م ْن َبح َير ٍة َوال َسائ َب ٍة َوال َوصيل ٍة َوال َح ٍام ً
و
َّ ْ َ َّ َّ َ َ ُ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ َّ َ َ َ ْ َ َ َو َلك َّن الذ َ
َّ
ين كف ُروا َيفت ُرون َعلى الله الكذ َب َوأكث ُر ُه ْم ال َي ْعقلون}{ ،4ق ْل َم ْن َح َّر َم زينة الله التي أخ َر َج لع َباده َوالطي َبات
َ ْز َ َ ْ َ َّ َّ َ َ ْ َّ َ َ ُ َ ْ َ ٌ َ َ َ َ َ ٌ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ َ 5
ين َيفت ُرون من الر ق} { ،وال تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حالل وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذ
َ َ َّ ْ َ َ ْ
َعلى الله الكذ َب ال ُيفل ُحون} 6واآليات في هذا كثيرة ،يكفي أن تقرأ سورة المائدة وسورة األنعام ففيها النكارالشديد على
من حرم بغيرعلم.
هذا المنهج يسلكه بعض الخوة في زعمهم أن هذا هو الورع ،وأن هذا هو االحتياط ،وأن هذا يمنع الناس من التحلل،
ً
هذا غير صحيح ،المسألة مسألة حالل وحرام ،ال يجوز لك أن تخوض فيها وأن تتكلم فيها بغير علم ،إذا هذا المنهج
منهج غيرسديد ،ويقابله:
ُل أَحَدٍ).
حسُِن ُه ك ُ
التشْدِي ُد فَيُ ْ
ن ثِقَ ٍة ،فَأَمَا َ
ص ُة مِ ْ
خ َ
الر ْ
ذكر الحافظ ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله ما جاء عن سفيان الثوري رحمه الله ( :إِنَمَا الْ ِع ْل ُم عِنْدَنَا ُ 1
2المقصود بالبراءة الأصلية هي أن الأصل في الأشياء التي لم يرد فيها نص بالتحريم أنها مباحة شرعًا ،حتى تثبت حرمتها.
*الفراط في العمل بالمصلحة ولو عارضت النصوص :الناس لهم مصلحة في هذا الش يء،لكن يوجد نص يمنع من هذا،
فيقولوا ال تحولوا بين الناس وبين مصالحهم.
*ومن أبرز مالمح هذا المنهج :تتبع الرخص والتلفيق بين المذاهب ،والمبالغة في األخذ بالحيل الفقهية ،والبحث عن
اآلراء الشاذة و إبرازها وتبنيها.
ً فهذا المنهج ً
أيضا منهج خطير ،ال يقل خطورة عن المنهج األول ،وبعض الناس يريد أن ُيخضع الشريعة للو اقع،
ُ ُ ُ
فيجعل الشريعة تجيز ما هو و اقع ،وهذا خطأ ،والواجب أن نخضع الو اقع لشريعة الله ،هذا هو الواجب :أن يخضع
ا
حالًل أحللناه ،وما كان حرام َّ
حرمناه .وال نتأثر بضغط الواقع ،ونحاول أن نبحث عن الواقع لشريعة الله عز وجل؛ فما كان
المخارج والحيل وتمييع النصوص؛ ألجل مسايرة الواقع.
فينبغي ًإذا أن ُيعظم طالب العلم الدليل ويجعل الو اقع ً
تبعا للدليل.
ً
إذا هذان المنهجان خاطئان غيرسديدين.
شددت فيه الشريعة ُ
فيشدد فيه، المنهج الثالث :منهج االعتدال المبني على الدليل ،فال تشديد وال تساهل إال فيما َّ
لكن كسمة عامة "االعتدال" ،مع النظرلألصول والقواعد الشرعية ،والنظر في مقاصد الشريعة.
قال الشاطبي رحمه الله" :المفتي البالغ ذروة الدرجة هوالذي َيحمل الناس على الوسط المعهود فيما يليق بالجمهور،
فال يذهب بهم مذهب الشدة ،وال يميل بهم إلى طرف االنحالل ،والدليل لصحة هذا أن هذا هو الصراط المستقيم ،فإن
الصراط المستقيم وسط بين الطرفين ،وهوالصراط المستقيم الذي جاءت به الشريعة...الخ 2"..والشاطبي رحمه الله
له كالم جيد في هذه القضية.
ولكن منهج االعتدال قلنا هو المنهج الصحيح ،وهو المنهج الصواب .لكن ليس دائ ًما الوسط هو الصواب ،فقد يكون
الصواب هو التشديد في بعض القضايا ،وقد يكون الصواب هو التسامح في بعض القضايا.
0يشير الشيخ حفظه الله إلى كلام الشاطبي في كتابه الموافقات ،القسم الخامس ،كتاب الاجتهاد حيث قال :المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يَحمِل الناس على الوسط
المعهود فيما يليق بالجمهور ،فلا يذهب بهم مذهب الشدة ،ولا يميل إلى طرف الانحلال.
2المصدر السابق.
2
ً ً
فإذا المعول عليه هوالدليل من الكتاب والسنة ،فما َّ
شددت فيه النصوص ُيشدد فيه ،وما جعلت النصوص فيه سعة
ً
ُيتسامح فيه ،فمثال:
المعامالت المالية البعيدة عن الربا :األصل فيها الحل والباحة فال ُيشدد فيها ،لكن دائرة الربا هذه َّ
يشدد فيها ألن
الشريعة َّ
شددت فيها.
ُ عمليات التجميل :الشريعة َّ
شددت فيها -التي فيها تغيير لخلق الله -فلعنت الواصلة والموصولة ،والواشمة
والمستوشمة ،والنامصة والمتنمصة ،مع أنها قد يظنها بعض الناس مسألة سهلة ،النمص مجرد ترقيق الحاجب؛ لكن
المسألة فيها لعن ،فهذا يدل على التشديد في هذه القضية فال بد من التشديد فيها.
ً ًإذا الصواب هو االعتدال المبني على الدليل ،فما َّ
شددت فيه الشريعة ُي َّ
شدد فيه ،وما جعلت فيه سعة ُيتسامح فيه،
هذا هو المنهج الحق وهو منهج الراسخين في العلم فال تشديد وال تساهل.
--------------------------------------------------
ابن القيم رحمه الله يقول" :2ال يتمكن المفتي وال الحاكم بالحق إال بنوعين من الفهم :الفهم األول :فهم الو اقع والفقه
فيه .الفهم الثاني :فهم حكم الله ورسوله في هذا الو اقع .ثم يطبق أحدهما على اآلخر".
ً
إذا ال بد من هذين الفهمين ،الفهم األول الذي عبرعنه ابن القيم بـ(فهم الو اقع) هوالتصور الصحيح للمسألة والنازلة،
وهذا له أثركبير ،وهذه هي الشكالية الكبيرة في الوقت الحاضرعند النظرفي النوازل ،تجد بعض الناس عنده علم غزير
ً
قاصرا ،فال يفهم النازلة الفهم الصحيح ،وال يتصورها التصور الدقيق. لكن المشكلة عندما ينظرللنازلة يكون تصوره
ً
ولهذا ينبغي عند النظر في النوازل االستعانة باملختصين ،فقد تكون المسألة مثال معقدة فتكون مسألة اقتصادية
فيستعان باالقتصادي ،وقد تكون طبية فيستعان باألطباء ،وقد تكون متعلقة بعلوم أخرى فيستعان بأهل التخصص
جدا ،وفهمفي تلك العلوم ،فأكبرما يكون الخطأ في الحكم على النوازل من جهة الخطأ في التصور؛ ولذلك التصور مهم ً
ً اقع المسألة مهم ً
جدا .ستأتينا أول مسألة بعد قليل مثال: و
--------------------------------------------------
1ونص هذه القاعدة عند العلماء هي كالآتي " :الحكم على الشيء فرع عن تصوره " ذكرها ابن النجار الفتوحي الحنبلي في شرح الكوكب المنير ،ووردت بنص" :
الحكم على الشيء فرع تصوره " في كتاب التقرير والتحبير" لابن المؤقت الحنفي ،كما جاءت بلفظ ":الحكم على الشيء فرع على تصوره" مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام
ابن تيمية .
ثم بعد التصور الكامل والفهم الكامل للنازلة ينتقل لتطبيق الحكم على النازلة ،وهذا التطبيق تطبيق مهم فال بد من
أن يكون هناك رسوخ في العلم وفهم صحيح ألمور الشريعة ألجل تطبيق ذلك الحكم على النازلة.
ً
والمسائل والقضايا الجديدة ينبغي عدم االستعجال في الحكم عليها ألنه أحيانا أول ما تكون المسألة جديدة ترد إلينا
ً ً
وهي غيرمكتملة التصور والتصوير ،ثم بعد ذلك تتضح المسألة مع مرورالزمن شيئا فشيئا ،ثم تتضح أمور لواتضحت
لمن استعجل في الفتيا فيها من أول مرة لربما كان له رأي آخر.
مثاال( :األوراق النقدية) أول ما خرجت كان هناك فتاوى لبعض كبارأهل العلم فيها أنها ليست ً ً
نقدا ،لكن أضرب لهذا
مع مرورالوقت اتضح أمرها أكثر ،ثم اتضح أكثر ،ثم استقررأي العلماء المعاصرين فيها على أنها نقد قائم بذاته.
يأتي في الوقت الحاضرمن يأخذ رأي عالم من العلماء الذين ذكروا ً
حكما في أول أمرها قبل اكتمال التصور فيها ويحتج
به ويقول :أنها كذا وكذا ،فأقول :عند القضايا والمسائل المستجدة ينبغي عدم االستعجال في الحكم عليها حتى يكتمل
التصور.
ً ً
أضرب مثاال من الو اقع المعاصراآلن ،يعني مسألة جديدة :العمالت الرقمية (بتكوين) 1مثالُ ،سئلت باألمس أكثر من
ً
سؤال عن حكمها ،حقيقة هي حتى اآلن تصورها غيرمكتمل ،ألن فيها غموض ،وفيها أمور غيرواضحة لنا ،وال ندري مثال
منشأها ،ومصدرها ،ومن الذي أنشأها؟ ومن الذي أصدرها؟ وما هي الجهة التي تبنتها؟ وما هي مرجعيتها؟ وما سبب
التذبذب الكبيرفيها؟! تذبذب ثمانية عشرألف دوالرإلى ثمانية آالف!! تذبذب كبير!! ما سبب هذا التذبذب؟! هذا سؤال
كبير ،كل هذه األسئلة األجوبة عنها غيرواضحة؛ ولذلك ال نستطيع أن نحكم عليها اآلن ،لكن ممكن على سبيل النصيحة
ً
ُيقال للناس ال تستعجلوا في التعامل بها ،مثال كثيرمن الدول حذرت من التعامل بها ،ومنها مؤسسة النقد عندنا هنا في
ً
تحذيرا من التعامل بها ،أما الحكم الشرعي فيحتاج إلى اكتمال التصور ،و أنا عندي أن المملكة أصدرت قبل فترة
التصور لها اآلن غيرمكتمل ،وفيها غموض ،وليست واضحة ً
تماما ،ولذلك حتى بعض طلبة العلم املختصين بالمعامالت
تماما ،هناك غموض في هذه العمالت ،ولوأيضا عندهم نفس األمر ،ذكروا أن تصورها لديهم غيرواضح ً والمهتمين بها ً
ً
قيل للناس مثال بالجوازو اكتتبوا ربما يكون في هذا تغريربهم مع هذا التذبذب الكبير ،ولو قيل بعدم الجوازما ندري في
المستقبل ربما تكتسح العالم وتصبح هي العمالت التي يعتمد عليها الناس ،فينبغي هنا التثبت والتريث حتى تتضح أكثر.
--------------------------------------------------
( 1هي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها) ويكيبيديا.
11
هناك مزالق عند دراسة النوازل يقع فيها بعض الناس ،ومن هذه المزالق:
ً
تفكيك النازلة وتقسيمها إلى أجزاء :وهذا التفكيك قد يتسبب في الخطأ في الحكم على النازلة ،وأضرب لهذا مثاال
بـ(التورق المنظم) ،عندما يأتي إنسان للمصرف ويقول" :أ يد ً
نقدا أريد سيولة" ،يقول (المصرف)" :نبيع عليك س ً
لعا ر
بثمن مؤجل ،ثم توكلنا في بيعها على طرف ثالث".
فهناك من يأتي ويفكك هذه المسألة ،يقول" :البيع بالمؤجل هذا يجوز ،الوكالة تجوز" ،فينظر للبيع على أنه مسألة
مستقلة ،والوكالة على أنها مسألة مستقلة ،لكن في الحقيقة هذا العميل أتى للبنك بمجرد أنه وقع على الشراء ،ثم وقع
نقدية.
ٍ سيولة
ٍ على الوكالة ثبت في ذمته دين ،وحصل ما أراد من
أيضا التأثربضغط الو اقع :وهذا أشرت إليه قبل قليل ،وهذا في الحقيقة إشكالية كبيرة لدى بعض طلبة ومن المزالق ً
العلم :التأثربضغط الو اقع ،ينبغي أن ال يكون هناك تأثربالو اقع عند النظرفي النوازل ،و إنما يحرص طالب العلم على
التجرد .صحيح أن تصحيح معامالت الناس مطلوب ما أمكن ،لكن ال يكون هذا بلي أعناق النصوص وتمييع النصوص
ُ
الشريعة الو َ ُ
اقع ،و إنما الواجب هو إخضاع الو اقع للشريعة. ألجل أن تساير
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
12
قضية أخرى من النوازل وهي:
القسم األول :أن تكون نسبة الكحول كثيرة بحيث يحصل السكارلمن تناول هذا المطعوم أو المشروب ،فهذا محرم
بالجماع ،وهذا خمرواستعماله أو شربه من كبائرالذنوب.
القسم الثاني:أن تكون نسبة الكحول قليلة ال ُتسكر لكن كثيرها يسكر ،فهذه ً
أيضا محرمة؛ لقول النبي ﷺ:
ُ َ
كثير ُه ،فقليل ُه حرام] ، 2وهي محرمة عند جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة ،خالف الحنفية
أسك َر ُ [ما
الذين حصروا ذلك في عصيرالعنب ،وقالوا :غيرعصيرالعنب يجوز تناول القليل الذي ال يسكر ،والصواب :ما عليه
الجمهور من أن القليل الذي يسكر كثيره -أن هذا القليل -حرام سواء كان من عصيرالعنب أو من غيره؛ ألن الخمرهو:
الع ْق َل] ،3كما قال عمربن الخطاب رض ي الله عنه وغيره ،فالقول بالتفريق بين عصيرالعنب وغيره قول
خام َر َ
كل [ما َ
ضعيف.
ً
إذا القسم الثاني :أن تكون نسبة الكحول قليلة ال تسكرلكن كثيرها يسكرفهي محرمة.
القسم الثالث :وهي المقصودة هنا بهذا البحث أن تكون نسبة الكحول يسيرة ً
جدا ،وكثيرها ال يسكر ،وهي ما تسمى
بـ(مستهلكة) ،وهذه توجد اآلن في كثيرمن المطعومات والمشروباتٌ ،
كثيرمن المعلبات ال تخلو من نسبة كحول يسيرة،
وكثيرمن العصائرال تخلو من هذه النسبة حتى األلبان اآلن التي تحفظ لمدة طويلة ال تخلو من هذه النسبة ،واألدوية
-معظم األدوية -ال تخلو من هذه النسبة؛ ألن الصناعة الحديثة تفضل الكحول اليثيلي يعتبرونها أفضل مذيب
ً ً
أيضا يساعد في الحفظ ،ويفضلونه على غيره ،فأصبحت إذا هذه الكحول بالنسب اليسيرة موجودة اآلن في و اقعنا و
المعاصرفي معظم المطعومات ،ومعظم المشروبات.
ما حكمها؟
نقول :هذه ال حرج فيها ،وعلى مقتض ى كالم العلماء المتقدمين :إنه ال حرج فيها بالجماع.
3أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ( ،)٥٥٤٢وفيه[ :قا َم عُمَرُ علَى المِ ْنبَرِ ،فقالَ :أمَا بَعْدُ ،نَزَلَ تَحْرِي ُم الخَمْرِ وهي مِن خَ ْمسَةٍ:
ْ ِة والشَعِيرِ ،والخَمْ ُر ما خامَرَ العَقْلَ].
ل والحِنْ َ
سِب والتَمْرِ والعَ َ
العِ َن ِ
10
ً
إجماعا في مسألة شبيهه بهذه المسألة ويسميها بعض العلماء-هذه المسألة -بـ(نظرية نقل ابن تيمية1رحمه الله
االستهالك) ،يقولون :ألن هذه الكحول هي نسبة يسيرة ً
جدا فهي كالمستهلكة ،كالنجاسة اليسيرة إذا وقعت في ماء
كثير ،لو بال إنسان في البحرهل ينجس البحر؟ لو بال في بركة كبيرة هل تنجس البركة؟ فالنجاسة اليسيرة في الماء
الكثيرهي مستهلكة ال أثرلها ،هكذا نسبة الكحول اليسيرة ً
جدا ليس لها أثر ،وتكون مستهلكة في هذا المطعوم أو
المشروب.
ُ َ
كثير ُه ،فقليل ُه حرام] 2نقول :صحيح ،ونحن نلتزم بهذا ،ولكن هذه ال
أسك َر ُ فإن قال قائل :أليس النبي ﷺ قال[ :ما
يسكر كثيرها ،مهما أكثرالنسان منها ال يحصل له السكار ،فلو أنك أخذت عصير برتقال الموجود اآلن الذي يباع في
البقاالت مهما أكثرت من شرب البرتقال ال يحصل السكار ،فكثيرها ال يسكرفهي نسبة مستهلكة ،ال حرج فيها ،هذا هو
الذي عليه عامة أهل العلم ،ولم أقف على أحد من كبارأهل العلم المعتبرين أنه منع من هذه المسألة ،فتكاد تكون
محل إجماع بين جميع العلماء.
لكن نقول هذه المسألة؛ ألن بعض الناس عندما يقرأ مكونات بعض المطعومات أو المشروبات مثال يجد أن فيها
نسبة كحول فربما يثيرإشكالية على الناس :كيف تتناولون هذا الش يء وفيه نسبة كحول ،نقول ما دامت أنها نسبة
مستهلكة يسيرة جدا فهذه معفو عنها ،وال حرج فيها.
شراب الشعيرالذي يسمى عندنا بالبيرة -مع أن األفضل عدم تسميته بالبيرة -ألن البيرة ترجمة غيرجيدة ،ترجمة لكلمة
الخمرونحوها فاألحسن نسميه "شراب الشعير" ،شراب الشعيرالموجود اآلن بالمملكة هذه نسبة الكحول ً
أيضا يسيرة
جدا تصل إلى فاصلة صفرخمسة ) 5.50 ( :هل الورع ترك شربها؟ ،ال ،ليس الورع ترك شربها ،إذا كنت ستتورع بترك
شربها تورع أيضا بترك شرب عصير البرتقال الذي نسبة الكحول فيه أكثر من شراب الشعير ،عصير البرتقال فاصلة
صفرثمانية )5.50( :بينما شراب الشعيرفاصلة صفرخمسة ،) 5.50 ( :كما أفاد بذلك مختصون بهيئة الغذاء والدواء.
هذه كلها نسب مستهلكة ما دامت النسبة أقل من %1فهي من النسب اليسيرة المستهلكة ،وعندنا -ولله الحمد -هنا
في المملكة العربية السعودية هيئة الغذاء والدواء عندها الرقابة الصارمة على جميع المطعومات والمشروبات التي
تدخل ،ال يسمحون بدخول أي مطعوم أو مشروب فيه نسبة كحول قليلة فضال عن أن تكون كثيرة ،لكن النسب
جدا فاصلة صفر خمسة ،) 5.50 ( :فاصلة صفر المستهلكة عندهم فتوى بأنه ال حرج فيها ،كما ذكرت النسب يسيرة ً
ثمانية )5.50( :أقل من نصف - %1أقل من فاصلة خمسة صفربالمئة ( ، ) %5.05فهي ولله الحمد تخضع لمعايير
صارمة في هذا.
1قال شيخ الإسلام " :لو وقع خمر في م اء واستحالت ثم شربها شارب لم يكن شاربا للخمر ،ولم يجب عليه حد الخمر؛ إذ لم يبق شيء من طعمها ولونها وريحها".
المستدرك على مجموع الفتاوى (.)12 /0
2أخرجه أبو داود ( ،)0061والترمذي ( ،)1605وابن ماجه ( ،)0020وأحمد ( )17430من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.
17
هذه نسبة الكحول اليسيرة تدخل في كل ش يء ،في معظم األشياءً ،
طبعا في العطورات تكون النسبة فيها مرتفعة ،حتى
دهن العود.
دهن العود فيه نسبة يسيرة ً
أيضا؛ ألن الصناعة الحديثة أدخلت الكحول اليثيلي في معظم المصنوعات؛ ألنهم
يعتبرونها أفضل ما عندنا ،لكن مع هذا التقريرالذي ذكرت يرتفع الحرج والحمد لله.
(اللحوم المستوردة)
اللحوم المستوردة يمكن تقسيمها إلى قسمين:
أما إذا كانت اللحوم من بالد هي أهل كتاب مثل :البرازيل أو فرنسا ،فالدواجن التي تستورد لنا من البرازيل أو من
فرنسا أو من غيرها من البالد التي هي من أهل الكتاب ،هل تحل أم ال؟
َُ ين ُأ ُوتوا ْالك َت َ
اب ح ٌّل لك ْم األصل هو حل ذبيحة الكتابي :وهو اليهودي أو النصراني ،كما قال الله تعالىَ { :و َط َع ُ
ام َّالذ َ
َ َ َ ُ ُ ْ ٌّ َ
ل ل ُه ْم} ،1قال ابن عباس :الطعام هو الذبائح2. وطعامكم ح
وعلى هذا جمهور المفسرين ،أن المقصود بالطعام هو الذبائح ،لكن الشكالية في هذه الذبائح واللحوم المستوردة
هو ما أثيرمن أنهم يقومون بـ(الصعق) ،يعني يقومون بذبحها عن طريق الصعق.
وهذه قضية أثيرت من قديم ،من أكثرمن أربعين ً
عاما وهي تثارهذه المسألة ،واألقوال متضاربة ،هناك من يقول:
إنهم بالفعل يذبحون بطريق الصعق ،وهناك لجان ذهبت ورأوا أنهم ال يذبحونها بطريق الصعق ،ولكن الذين يقولون
أنها تذبح بطريق الصعق يقولون :إن أصحاب تلك المصانع إذا علموا بقدوم لجان للمر اقبة والنظروكذا ،يغيرون
ويفعلون كما يريد المسلمون ،يعني ال يذبحونها بالصعق ،لكن ما إن تذهب هذه اللجان وتغادرإال ويعودون كما كانوا،
فالحقيقة اآلراء فيها متضاربة ،وما دام اآلراء فيها متضاربة نبقى على األصل وهو الحل ،ومما يدل لهذا حديث عائشة
َ َ ُ ْ َّ َ َّ ُْ َ َ َ َّ َّ َ َّ َ
اس َم الله عليه ْأم ال] ،فقال لهم إن ق ْو ًما َيأتوننا بالل ْحم ال ن ْدري أذكروا أن ق ْو ًما قالوا :يا رسول الله رض ي الله عنها[ :
ُ ُ
النبي ﷺ[ :سموا أنت ْم َوكلوا] 3رواه البخاري.
فإن قال قائل :إن بعض هؤالء النصارى الموجودين في تلك البلدان هم يتسمون بالنصارى لكنهم أشبه بالمالحدة ،ال
يأتون الكنيسة ،وال يأتون بالعبادات عند النصارى ،نقول إن االنحراف العقدي عند النصارى من قديم ،وقت نزول
َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ َّ َّ َ َ ُ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ 3
الل َه ُه َو ْال َمس ُ
يح ْاب ُن القرآن ،فالله تعالى يقول{ :لقد كفرالذين قالوا إن الله ثالث ثالث ٍة} { ،لقد كفرالذين قالوا إن
َم ْرَي َم} .4والله تعالى ذكرلنا انحر افاتهم ،وأحل لنا ذبائحهم ،فما دام أنها أمة يهودية أو نصرانية فاألصل هو حل
ذبائحهم ،هذا هو األصل ،وال نستطيع أن نحرم هذه الذبائح المستوردة من أهل الكتاب إال بأمرواضح فنبقى على
األصل وهو حل ذبائح أهل الكتاب.
هذا من جهة الحكم ،ومن جهة ً
أيضا الفتيا للناس ،وأما من جهة الورع ال شك أن الورع أال تؤكل ،ويقتصرالنسان
على الذبائح والدواجن املحلية التي يطمئن على أنها ذبحت بالطريقة الشرعية ،لكن هذا مقام الورع ،ومقام تبيين
الحكم ش يء ،ومقام الورع ش يء آخر.
فبعض أهل الخيروالصالح يتورعون من باب التورع ولكن يقول :ال أحرمها على الناس ولكن أنا في خاصة نفس ي
أتورع ،فال آكل إال الذبائح املحلية التي أطمئن أنها ذبحت بالطريقة الشرعية ،هذا مقام جيد ،مقام الورع مقام عال،
لكن من حيث الحكم ال نستطيع أن نحكم بالتحريم ،وليس عندنا ش يء ظاهروواضح للجزم بتحريم هذه الذبائح،
وهناك اآلن جهود ً -
حاليا -تقوم بها هيئة الغذاء والدواء أيضا للتحقق من هذه المسألة أكثر ،و أنا كنت مع مسؤولين
في هيئة الغذاء والدواء األسبوع الماض ي أيضا لهذا الموضوع ونرجو إن شاء الله تعالى التحقق من هذا الموضوع،
هذا فيما يتعلق بهذه النازلة.
1سبق تخريجه.
2صاغ أهل العلم قاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة " استخلاصا من أدلة الشرع ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" اعلم أن الأصل في جميع الأعيان الموجودة على اختلاف أصنافها وتباين أوصافها أن تكون حلالا مْلقا للآدميين ،وأن تكون طاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ومباشرتها
،ومماستها ،وهذه كلمة جامعة ،ومقالة عامة ،وقضية فاضلة عظيمة المنفعة ،واسعة البركة ،يفزع إليها حملة الشريعة ،فيما لا يحصى من الأعمال ،وحوادث الناس
،وقد دل عليها أدلة عشرة -مما حضرني ذكره من الشريعة – وهي :كتاب الله ،وسنة رسوله ،واتباع سبيل المؤمنين المنظومة في قوله تعالى ( :أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الأمر منكم ) وقوله ( :إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ،ثم مسالك القياس ،والاعتبار ،ومناهج الرأي ،والاستبصار" .
مجموع الفتاوى (.)505 / 21
(الحقوق المعنوية)
ننتقل بعد ذلك لنازلة أخرى وهي :الحقوق المعنوية ،والمراد بهذه الحقوق :هي حقوق على ش يء غيرمادي ،كحق
ً
المؤلف ،والعالمة التجارية ،ونحو ذلك .فالحقوق المعنوية إذا حقوق ترد على ش يء غيرمادي:
-سواء كان ً
نتاجا ً
ذهنيا :كحق المؤلف ،وحق املخترع ،وحق إنتاج البرامج الحاسوبية.
-أو كان ثمرة لنشاط يجلب له العمالء :كحق التاجرفي االسم التجاري ،والعالمة التجارية .هذه تسمى الحقوق
المعنوية.
ً ً
ولم تبرز هذه الحقوق إال في الوقت الحاضر ،فمثال "حق التأليف" ما كان معروفا في العصور الماضية ،فقد كان
المؤلف يؤلف الكتاب َوي َو ُد أن غيره استنسخه ألجل نشرالعلم ،ولم تكن المطابع موجودة ،و إنما كانت الكتب
ُ
تستنسخ ،فكان المؤلف يفرح أن الناس يستنسخون كتابه ،حتى ينتشرالكتاب وحتى يستفيد منه الناس ،ولم تكن
هذه الحقوق موجودة.
لكن لما ظهرت المطابع ،ظهرت فكرة حقوق المؤلف عند الغرب ،ثم انتقلت للمسلمين.
واختلف العلماء في النظر لهذه الحقوق ،فمن العلماء المعاصرين من يرى أن هذه الحقوق غيرمحترمة ،ويقول أن
المسلمين كانوا على مدارالعصور الماضية ما كانت هذه عندهم الحقوق محترمة ،وكان العلماء ينقل بعضهم من
بعض ،وينسخ بعضهم كتب بعض ،ولم تكن هذه الحقوق محترمة ،وممن ُ
اشتهرعنه هذا الرأي الشيخ صالح
الحصين ،1وبعض العلماء المعاصرين.
يقابل ذلك ر ٌ
أي بأن هذه الحقوق محترمة ومصانة ،وال يجوز التعدي عليها بأية صورة ،حتى في مجال االنتفاع
الشخص ي واالستخدام الشخص ي؛ ألنه حتى في االنتفاع الشخص ي يرون أن هذا تعدي على حق إنسان ،فيكون هذا
َ
كتاب ُمؤلف ،فعندما تستفيد منه و أنت لم تشترهذا الكتاب تكون قد تعديت على حقه ،وهذا الكتاب هو ثمرة فكره
ً
وجهده وتأليفه ،ومن لوازم هذا القول :أنه ال يجوز مطلقا االستفادة من البرامج الحاسوبية التي فيها مؤلفات ،ومنها
1هو الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين التميمي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وعضو هيئة كبار العلماء في السعودية ،توفى رحمه الله في
جمادى الآخرة 1707هـ.
14
المكتبة الشاملة ،وغيرها ،فإن كل هذه البرامج الحاسوبية لن يستفاد منها ،فالمكتبة الشاملة فيها آالف الكتب
حقوق للمؤلفين ،فنقول :كيف تستفيد منها وال تدري عن رأي المؤلف هل هو ر ٍ
اض بأن تستفيد منها أم ال؟ فكأنك
تعديت على حقه.
القول الثالث :قو ٌل وسط بين القولين ،وهو أن ما كان لالستعمال ولالستخدام الشخص ي ،فإنه يجوز ،وما كان على
سبيل المتاجرة فإنه ال يجوز.
وهذا القول من أبرز من ذهب إليه شيخنا عبد العزيز بن باز ،والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهم الله تعالى -وهو
األقرب في هذه المسألة ،إذا كان على سبيل المتاجرة فالتعدي ظاهرعلى هذه الحقوق ،فإن هذه ال شك أنها في
ً
الوقت الحاضرقد أصبحت حقوقا لها قيمة ولها ثمن.
واملجامع الفقهية ،والهيئات العلمية ،أقرت بأن هذه الحقوق المعنوية حقو ٌق محترمة ،مصانة ً
شرعا ،وإن كانت في
ً
الزمن السابق ليست كذلك ،لكنها مع التطور والصناعة الحديثة ،أصبحت هذه الحقوق حقوقا لها قيمة مادية في
ً ُعرف الناس ،وربما تكون قيمتها المادية كبيرة ً
جدا قد تصل اآلالف أو الماليين ،خاصة فيما يتعلق بالعالمات
التجارية ونحو ذلك.
فالقول المستقرعند أكثرالعلماء المعاصرين أنها حقو ٌق محترمة مصانة ً
شرعا ،وأما الفادة منها فإذا كانت على
تعد على هذه الحقوق ،أما إذا كانت على سبيل االستعمال الشخص ي ،فالسبيل المتاجرة فال تجوز؛ ألن هذا فيه ٍ
بأس بذلك؛ ألنه على سبيل االستعمال الشخص ي يجب بذل العلم ،وال يجوز كتمه ،ولو أن أحدهم طلب منك ً
كتابا
أنت مؤلف له ،وقال :أريد أن أستفيد منه ،وعندك عدة نسخ ،وهو بحاجة لهذا الكتاب ،يلزمك أن تبذله ،وليس لك
نار].1 من بلجام القيامة تم ُه ُألج َم َ
يوم أن تكتم العلمَ [ ،من ُسئ َل عن علم َف َك َ
ٍ ٍ ٍ
ََ
والعارية تجب مع غناء المالك وحاجة المستعيرعلى القول الراجح ،كما اختارابن تيمية ،و ابن القيم ،وجميع
ََ َْ ُ َ ْ َ ُ َ
اعون} ،2ومن منع الماعون :منع العارية. املحققين من أهل العلم ،والله تعالى ذم من يمنع الماعون {ويمنعون الم
ٌ ً
محتاج إليه. مستغن عنه ،وأخوه
ٍ والمنع :أي النسان يمنع أخاه المسلم شيئا هو
فإذا كان على سبيل االستخدام الشخص ي فالذي يظهرأن هذا ال بأس به ،و أننا ال نعظم شأن هذه الحقوق التي لم
ً ً
تعظيما فوق قدرها ،و إنما نمنع من المتاجرة بها وأن يأتي إنسان تكن أصال معروفة في العصور الماضية ،ال نعطيها
يتاجر بهذه الحقوق التي هي نتاج غيره ،لكن على سبيل االستخدام الشخص ي ال بأس .لو أردت أن تستخدم المكتبة
الشاملة ،وتستفيد من الكتب الموجودة فيها فال بأس ،أو أردت أن تستخدم البرامج الحاسوبية وتستفيد من الكتب
التي فيها ال حرج ،هذا هو القول األظهروالله أعلم.
1أخرجه أبو داود ( ،)0056والترمذي ( ،)2072وابن ماجه ( ،)200وأحمد ( )4541باختلاف يسير ،والْبراني في ((المعجم الأوسط)) ( )0022واللفظ له.
--------------------------------------------------
عندما تقول :سبحان الله ،سبحان الله ،سبحان الله ،كم تأخذ من الوقت مائة مرة؟! تكسب ألف حسنة ،وهذا يدل
يا إخواني على أن أبواب الخيركثيرة ومتيسرة .إذا قلت سبحان الله مائة مرة ،احسب كم تأخذ من الوقت؟ ال تزيد
ُ
على خمس دقائق ،تحصل ألف حسنة أو ُيحط عنك ألف خطيئة ،هذا فضل الله ،وفضل الله يؤتيه من يشاء .ولهذا
َ َ َ ُ َّ َ ُ
يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة] ،3فينبغي أن يكثرالمسلم من
روي عن أبي هريرة -رض ي الله عنه -أنه[ :كان يسبح كل ٍ
التسبيح ،ومن ذكرالله عزوجل.
على مرالعصور ُوجدت وسائل تعين على ضبط عدد التسبيح ،ومن ذلك المسبحة ،وتطورت في وقتنا الحاضر
ً
سواء كانت عبرأجهزة الجوال مثال ،مجرد أنك تضغط على هذا البرنامج ُيخرج لك رقم
ً وأصبحت مسبحة إلكترونية،
واحد ،اثنين ،ثالثة ،أو كان عن طريق خاتم التسبيح بأن تضغط عليهُ ،
فيخرج لك الرقم ،أو بغيرذلك من الوسائل،
فما حكم هذه الوسائل؟
ً
أوال هذا ُيرجعنا إلى الكالم عن حكم استخدام المسبحة في التسبيح.
ل مِن
حسَ َنةٍ؟ َفسََأَلهُ سَائِ ٌ
ف َ
ن يَ ْكسِبَ ،كُلَ يَو ٍم َألْ َ
2صحيح مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص ( ،)١٦٥٤ولفظه عند مسلم[ :كنَا عِنْ َد رَسولِ اللهِ ﷺ ،فَقالَ :أَيَعْجِزُ أَحَدُكُ ْم أَ ْ
خِْي َئةٍ].
َط عنْه َألْفُ َ
حسَنَةٍ ،أَ ْو يُح ُ
ف َ
ب له َألْ ُ
ح مِ َئةَ َتسْبِيحَةٍ ،فيُكْتَ ُ
حسَ َنةٍ؟ قا َل ُ :يسَبِ ُ
ف َ
سبُ أَحَ ُدنَا َألْ َ
ف يَكْ ِ
جَلسَائِهِ :كي َ
ُ
وقد تتبعت وتتبع بعض الخوة كالم أهل العلم المتقدمين ،لم نجد من قال بتحريم ذلك.
ً ً ً وأما أثرابن مسعود رض ي الله عنه( :أنه رأى ً
ناسا يقولون :سبحوا ألفا ،هللوا ألفا ،سبحوا مئة ،فأنكرعليهم وقال:
إنكارعليهم ،على طريقة التعبد وليس النكار على محمد ً
علما) ،1فهذا ٌ ٍ لقد أتيتم ببدعة ظلما ،وقد فقتم أصحاب
مجرد عد التسبيح ،إنكارفي الطريقة التي استخدموها؛ ألنهم اجتمعوا وأصبحوا يسبحون بطريقة معينة ،سبحوا
مئة ،هللوا مئة...وكذا ،لكن ليس هذا فيه تصريح أن ابن مسعود أنكرعد التسبيح.
وقد ورد في بعض اآلثارالتسبيح بالنوى والحص ى ونحو ذلك ،وأي فرق بين حبات خرز المسبحة ،وبين التسبيح بالنوى
والحص ى؟!
ُ
ويقال أن أول من قال ببدعية تسبيح المسبحة هو رشيد رضا ،2وكذلك في الوقت الحاضر األلباني 3وبكر أبو زيد4
ً
جميعا. رحمهم الله تعالى
تقريبا رسالة عندنا في كلية الشريعة بعنوان "اآلراء المعاصرة التي ُحكم عليها بالشذوذ"،
و أنا ناقشت قبل شهر ً
وصاحب الرسالة ذكرهذه المسألة ،وتتبع كالم المتقدمين ،ولم يجد ً
أحدا من العلماء المتقدمين قال ببدعية
استخدام المسبحة ،وأنها فقط ُوجدت عند بعض العلماء المعاصرين.
والصواب هو ما عليه عامة أهل العلم ،من أن التسبيح بالمسبحة أنه جائزوال بأس به ،وبأي صورة من صور
ً
سواء كانت من حبات الخرز ،أو كانت بعداد التسبيح ،أو كانت بالمسبحة اللكترونية ،أو بأية وسيلة، المسبحة،
ً َ
وهذه وسائل ،ال ُيتعبد لله عزوجل بهذه الوسائل ،لكن هي ملجرد ضبط العدد ،مثال بعض الناس إذا كان في السيارة
يقول :أنني إذا عددت بالصبع أخطئ في الرقم ،لكن عندي العداد مباشرة و أنا في السيارة ألمس هذا البرنامج ،أي:
"برنامج عداد التسبيح" ،فأخرج لي رقم واحد ،اثنان ،ثالثة ،أيسرلي من أن أستخدم أصابعي .بل إن بعضهم يقول :إن
هذه المسبحة تشجعني على التسبيح ،كلما رأيتها سبحت ،وربما لو لم تكن موجودة أذهل أو أنس ى ،فهذا يقول :أنه ال
َو َم
سجِدِ فََأتَاهُ ْم َوقَ ْد ك َحصَى فِي الْمَ ْ ن بِالْ َ َن أُنَاسًا بِالْكُو َف ِة يُسَبِحُو َ ُدثَ أ َ 1البدع لابن وضاح ،باب ما يكون بدعة ( )٢٦ولفظه( :عَنْ َيسَارٍ أَبِي الْحَكَ ِم أن عبد الله بن مسعود ح ِ
علْمًا).
ب مُحَمَ ٍد ﷺ ِ ضلْ ُتمْ َأصْحَا َ
ظلْمًا أَ ْو َق ْد َف َ
ع ًة ُ
ن الْ َمسْجِدَِ ،ويَقُولُ " :لَقَدْ أَحْدَ ْثتُ ْم بِدْ َ
خرَجَ ُه ْم مِ َ
حصَى حَتَى أَ ْ
حصِبُ ُهمْ بِالْ َ
ل يَ ْ
حصًى قَالََ :فَلمْ يَزَ ْ
ل مِنْ ُه ْم بَيْنَ يَدَ ْي ِه كَوْ َم َة َ
كُلُ رَجُ ٍ
من العلماء بالحديث والأدب والتاريخ والتفسير ،وهو صاحب مجلة المنار ،فتواه في استخدام المسبحة ذكرها في مجلة المنار (المجلد ،15ج ،11ص .)625 ،627 2
3هو الإمام والمحدث محمد ناصر الدين الألباني ويعد من علماء الحديث ذوي الشهرة في العصر الحديث ،له الكثير من الكتب والمصنفات في علم الحديث وغيره
وأشهرها السلسلة الصحيحة والسلسلة الضعيفة وصحيح وضعيف الجامع وصفة صلاة النبي ﷺ .وقد ذكر العلامة الألباني هذه المسألة في السلسلة الضعيفة ( )113/1عند
تخريجه لحديث (نعم المذكر السبحة) وعدد أمورا لبْلان هذا الحديث عنده.
4أحد كبار علماء الدين المعاصرين في السعودية تولى عضوية المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابْة العالم الإسلامي ،وعضوية مجلس القضاء السعودي ،وعضوية هيئة
كبار العلماء السعودية واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ،وقال ببدعيتها في رسالة له بعنوان (السبحة تاريخها وحكمه).
23
بأس بها ،وكما ذكرت عن عامة العلماء المتقدمين أنهم لم ُينقل عنهم فيما وقفت عليه ،أن ً
أحدا منهم قال بكراهيتها،
ً
فضال عن بدعيتها.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
أما في الوقت الحاضر-مع تقدم الطب -يمكن إيقاف النزيف من غيرحاجة إلى غمسها في زيت مغلي ،فبعد ما تقطع
اليد مباشرة يتولى الطبيب تضميدها وإعطاء هذا الذي قطعت يده ً
موادا ليقاف النزيف.
لكن المسألة التي بين أيدينا ليست محل خالف ،هذه محل إجماع أنه يجوز للطبيب أن يعطي هذا الذي قطعت يده
ً
موادا ليقاف النزيف ،وال يتعين الغمس في الزيت المغلي.
لكن المسألة األخرى التي بين أيدينا هي استخدام البنج عند قطع يد السارق بحيث ال يحس باأللم ،هل هذا يجوز أو
ال يجوز؟
فمنهم من يرى أنه ال يجوز استخدام البنج ،ويقولون إن إيالم السارق أمرمطلوب ،واستدلوا بقول الله عز وجل:
ََ ً َّ ََ ً َ َ َّ ُ َ َّ َ ُ َ ْ َ َ
السارقة فاقط ُعوا أ ْيد َي ُه َما َج َز ًاء ب َما ك َس َبا نكاال م َن الله} ،قالوا :فقوله {نكاال} تدل لذلك ،وإن النكال هو:{والسارق و
العقوبة.
والقول الثاني :أنه يجوز استخدام البنج عند قطع يد السارق ،وإلى هذا القول ذهبت هيئة كبارالعلماء في المملكة
العربية السعودية باألغلبية ،1واستدل أصحاب هذا القول بأن مقصود الشارع هو قطع اليد ،وأن إيالم السارق في
ً
مقصودا ،و إنما مقصود الشارع أن تقطع يده ،وأن تبقى يده معلقة فيراها الناس فينزجروا عن السرقة القطع ليس
ويرتدعوا عنها.
َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َّ
الله َو َّ
الر ُسول}.2 وإذا أردنا الترجيح بين القولين نعود لآلية ،الله تعالى يقول{ :فإن تنازعتم في ش ي ٍء فردوه إلى
َ َّ ُ َ َّ َ ُ َ ْ َ َ
السارقة فاقط ُعوا أ ْيد َي ُه َما} ،3فدلت اآلية على أن العقوبة في القطع ،ولم يقل (فآذوهمايقول الله تعالى{ :والسارق و
َ ْ َ
بالقطع) أو أنه طلب إيالمهما بالقطع إنما قال{ :فاقط ُعوا} وهذا يدل على أن مقصود الشارع هو مجرد القطع ولهذا
َّ ََ ً َ
قالَ { :ج َز ًاء ب َما ك َس َبا نكاال م َن الله} ،والنكال هو :العقوبة لكن العقوبة وردت بالقطع فقط.
وهذا القول الثاني هو الراجح -والله أعلم -أنه يجوز استخدام البنج في قطع يد السارق ،وأن إيالم السارق ليس
ُ ً
مقصودا ،و إنما المقصود قطع يده ،وإذا قطعت يد السارق مع استخدام البنج فيصدق عليها أنها قطعت ،والله
َ ْ َ َ
تعالى يقول{ :فاقط ُعوا أ ْيد َي ُه َما}.
وهذه تشبه ما ذكرنا من غمس يد السارق في الزيت المغلي ،ما دام أنه بالمكان إيقاف النزيف من غير غمسه في الزيت
فال حاجة لغمسه في الزيت ،هكذا أيضا في الوقت الحاضرما دام بالمكان قطع يده من غيرإيالم عن طريق استخدام
البنج ،فما المانع من هذا؟
ً
فإذا القول الراجح أنه يجوز استخدام البنج ،وأن هذا ال بأس به ،وهذا هو الذي عليه العمل ،وصدربه قرارهيئة كبار
العلماء.
وإن كان اآلن القطع في السرقة قد قل في الوقت الحاضرمع كثرة السرقات ،والشكالية -حقيقة -هي إشكالية قضائية
بحتة ،وذلك ُلقبول رجوع ُ
المقر؛ ألن السرقات ً
غالبا ال تثبت بشهادة شهود ،والسارق عندما يسرق لن يسرق وأحد
1صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم ( )121بتاريخ 1712 - 13 - 24هـ بشأن استعمال المخدر في القصاص ،وفيه :قرر المجلس بالأكثرية جواز استعمال المخدر
"البنج" عند القصاص فيما دون النفس ،إذا وافق صاحب الحق وهو " المجني عليه"3
ولذلك السارق ُيقبض عليهُ ،ويقرويعترف ،وربما ُحكم عليه ،ثم يتراجع ُويقبل رجوعه ،لذلك هذا هو السبب الرئيس ي
ُ ُ ُ لقلة القطع في السرقةُ ( :قبول رجوع ُ
المقر) ،ولو أنه أخذ بالقول اآلخروهو عدم قبوله إال إذا كان هناك شبهة أو قرينة
ُ
تدل على أنه أكره أو نحو ذلك فهنا ال حرج ،أما أن ُيقبض عليه والقرائن تقوم وتدل على سرقته ،ربما كان هناك
وصدق اعتر افه ،ثم يتراجع بعد ذلك ،فلماذابصمات ،وربما كان هناك صور ،وربما كان من أرباب السوابق ،واعترف ُ
ُ ُ
ُيقبل تراجعه؟! فإذا لم ُيقبل تراجعه أقيم هذا الحد ،لكن إذا قبل التراجع فإنه سيقل إقامة هذا الحد ،كما ترون أن
هذا هو الو اقع.
طبعا بالنسبة الستخدام البنج في قطع يد السارق إنما هو في (حد السرقة) ،أما في (القصاص) ال يستخدم البنج إال
وحكم بالقصاص بقطع يد الجاني ،فال يجوز شخصا اعتدى على آخر فقطع يدهُ ،
ً إذا أذن املجني عليه ،فلو أن
ً
استخدام البنج إال إذا أذن املجني عليه بذلك ،ألن اليالم في القصاص مقصود ،والمماثلة مقصودة ،فإذا استخدام
البنج الذي قلنا أنه يجوز إنما هو في حد السرقة ،فقط القطع ،أما في القصاص فال يجوز إال إذا أذن املجني عليه في
استخدامه.
--------------------------------------------------
ص -أَ ْولَى
النصُو ُ علَ ْيهِ ُ
ت َ
ط الْعُقُو َب ِة بِالتَوْبَ ِة -كَمَا دََل ْ ب فَِإسْقَا ُ َر غَيْرَ تَائِ ٍ َر تَا ِئبًا وَمَنْ َأق َ
ن مَنْ َأق َ
ق َبيْ َ
1مجموع الفتاوى( )٣١/ ٢٦لشيخ الإسلام ابن تيمية ،وجاء فيه( :بَلْ فَرْ ٌ
الرجُوعَ لَمَا قَا َم حَدٌ بِِإقْرَارِ فَإِذَا َلمْ تُقْبَلْ التَ ْو َب ُة بَعْ َد الِْإقْرَا ِر مَ َع أَنَ ُه قَ ْد يَكُونُ صَا ِدقًا فَالرُجُوعُ
علَى نَ ْفسِهِ؛ َولَ ْو قَبِ َل ُ
ن الِْإقْرَارِ؛ وَالْإِ ْقرَا ُر شَهَادَ ٌة مِ ْن ُه َ
ع عَ ْ
ن إسْقَاطِهَ ا بِالرُجُو ِ مِ ْ
الَذِي ُهوَ فِي ِه كَا ِذبٌ أَ ْولَى.).
20
نرجع إلى السؤال الذي طرحناه في المسألة السابقة:
ً
مقصودا آخر؟ هل مقصود الشارع قطع اليد وأن تبقى اليد مقطوعة أو أن له
نعم هذا هو مقصود الشارع من القطع أن تبقى يد السارق مقطوعة ،بحيث يراها الناس فيرتدعوا عن السرقة ،وعلى
هذا فال يجوز إعادة اليد المقطوعة ليد صاحبها ،فهذا يتنافى مع مقصود الشارع من القطع ،وإذا قطعت يد السارق،
وبقيت مقطوعة ورآها الناس فإنهم يرتدعون عن السرقة ويخافون.
شرعا ،وقد صدر ً
أيضا في هذا قرار لهيئة كبارالعلماء 1بأنه ال يجوز إعادة اليد المقطوعة لصاحبها وهذا أمرمقصود ً
إذا قطعت في السرقة.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1صدر في قرار لمجلس هيئة كبار العلماء القرار رقم 100في 1730 /0 /14هـ ،والمؤيد بالأمر السامي رقم 7/1452/2في 1734 /13/ 26هـ أنه لا يجوز إعادة
اليد المقْوعة في حد إلى صاحبها.
2كتاب [زاد المستقنع في اختصار المقنع] متن في الفقه مختصر جدا ،على مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
[ 4زاد المستقنع اختصار المقنع] ،كتاب الجنايات ،باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس.
27
ألنه ال يمكن االستيفاء من غيرحيفٕ ،اذا قلنا للمجني عليه اكسريد الجاني ،كيف يكسره؟ ال يستطيع إال بزيادة أونقص
ٔ
فال ُيؤمن من الحيف؛ فلذلك يقولون :انه ال ُيستوفى القصاص في هذه الحالة ُويعدل عنه ٕالى الدية.
ٔ
ولهذا يشترطون في القصاص :بان يكون القطع من مفصل له حد مثل مفصل الكف ،فلوكسريده من الذراع ،أوكسرها
من العضد ،يقولون :ال ُيستوفى القصاص.
ٔ واذا أتينا إلى الشجاج ً
أيضا والجراح فنفس الحكم عندهم ،انه في الجراح ُيقتص في كل جرح ينتهي إلى عظم ٕ
الموض َحة) ،والموضحة هي :الشجة التي تصل ٕالى العظم.
كـ( ُ
وال ُيقتص في غير ذلك من الشجاج .فعند العرب أنواع من الشجاج :الحارصة والبازلة والباضعة والمتالحمة
ٔ
والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة ،فعندهم ان هذه الشجاج ال ُيستوفى منها ٕاال في الموضحة فقط؛ ألن
الموضحة يمكن استيفاء القصاص من غيرحيف ،وهكذا أيضا بالنسبة للجروح.
ٔ ٔ
ومن يقرا في كتب الفقه يجد هذا الشرط وهو :انه ُيشترط الستيفاء القصاص ٕامكان االستيفاء من غير حيف ،ويتفرع
ٔ ٔ ٔ ٔ
عن هذا الشرط انه يجوز القصاص في امور ،وال يجوز في امور اخرى؛ لعدم ٕامكانية االستيفاء من غيرحيف.
ٔ
ومع تقدم الطب في الوقت الحاضر ينبغي ان ُيعاد النظر فيما ذكره الفقهاء السابقون ،وهذه وظيفة الفقهاء
المعاصرين.
ٔ ٔ ٔ ٔ ٔ
فال ياتي ٕانسان او قاض ي ويقرا الزاد ،او يقرا كتب الحنابلة ويطبق الموجود فيها بالنسبة للقصاص ،لماذا؟ ألن الفقهاء
ٔ
السابقين معذورون ،ذكروا هذه األمور بحسب ما توصل إليه الطب في زمنهم ،انه ال يمكن االستيفاء من غير حيف .في
ٔ ٔ ُ
وقتنا الحاضر يمكن استيفاء القصاص من غير حيف في جميع ما ذكر بدقة كبيرة سواء في :األطراف ،او في الشجاج ،او
ٔ ٔ
في الجروح ،او غيرها ،ولذلك ينبغي ان ُيعاد النظرفي هذه األحكام.
ٓ
فمثال ٕانسان اعتدى على اخر فكسر يده من الذراع ف ُيمكن القصاص من الجاني بكسر يده من الذراع من غير حيف
فينظر بالسنتمترات موضع الكسرُ ،ويحدد موضع الكسر عند الجاني ُويفعل به
عن طريق الطبيبُ ،يجرى له عملية ُ
مثل ما فعل باملجني عليه تماما.
ُ ُ
وهذا ممكن في الوقت الحاضربدقة كبيرة ،ومثل ذلك ما ذكرمن الشجاج ،وما ذكرمن الجروح ،فكثيرمن القضايا التي
ٔ
كان الفقهاء السابقون يمنعون من القصاص فيها لعدم ٕامكانية القصاص من غير حيف يمكن في وقتنا الحاضر ان
ُيستوفى القصاص فيها مع األمن من الحيف؛ ولذلك ينبغي أن ُيعاد النظرفيها.
ٕوان شاء الله تعالى في شرح "دليل الطالب" 1سأذكر هذه المسائل ،وإن شاء الله قسم العبادات ً
تقريبا انتهى وفي طور
ٔ
المراجعة وسيخرج قريبا .و ايضا القسم الثاني غيرالعبادات سيخرج إن شاء الله في مدة ال تزيد عن سنة من اآلن ٕباذن
1متن في الفقه الحنبلي اختصره الشيخ مرعي الكرمي من كتاب " منتهى الإرادات في جمع المقنع والتنقيح وزيادات " للعلامة تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي
المصري الشهير بابن النجار.
25
ٔ ٔ متنا ًً ٔ
فقهيا بحيث اذكر فيه ابرز الله تعالى .و ايضا ربما ٕان شاء الله بعد االنتهاء من شرح الدليل 1في النية أن أصنف
ٔ
المسائل التي ذكرها الفقهاء السابقون ،و ابرز النوازل والمسائل المعاصرة؛ بحيث تكون كلها في متن واحد ،فمثال
ٔ
(الغسيل الكلوي) هل يفطرالصائم ام ال؟ في سطرواحد ،الغسيل الكلوي الدموي ،و(الغسيل الكلوي البروتوني) مثال
ٔ ٔ ٔ ٔ ٔ
انه يفطر الصائم .بحيث من يقرا هذا المتن او من يحفظه يستطيع ان يضبط ابرز المسائل التي ذكرها الفقهاء
ٔ ٔ
السابقون ،و ابرز النوازل والمسائل المستجدة ،ومن ضمنها ايضا هذه المسائل المتعلقة بالجنايات.
ٔ
فبعض المسائل التي ذكرها الفقهاء المتقدمون ينبغي للفقهاء المعاصرين ان يعيدوا النظرفيها بحسب المستجدات،
ُ ُ ََ ٔ ً
السلم في القدور؛ ألن القدور عندهم تصنع يدويا ،وفي من ذلك مثال في أبواب المعامالت عندما ذكرالفقهاء انه ال يجوز
ُ
الوقت الحاضر أصبحت تصنع آليا ،فأصبحت يمكن التماثل في صناعة القدور بدقة كبيرة ،اسم الشركة والرقم،
ويعطيك أي قدر تريد ،فهنا ما ذكره الفقهاء السابقون من عدم جواز السلم في القدور في السابق ،في الوقت الحاضر
تغيرالحكم ،نقول يجوز السلم في القدور ألن العلة التي ذكرها الفقهاء السابقون انتفت في الوقت الحاضر ،و[الحكم
يدور مع علته وجودا وعدما].
ٔ
المسالة ً ٔ
أيضا هي مسائل كثيرة فإذن تقدم الطب مثال ،وتقدم الصناعة ،له اثرفي تقريربعض األحكام الشرعية .فهذه
ً
وليست مسألة واحدة ،مسائل كثيرة في كتاب الجنايات ،كان الفقهاء السابقون يمنعون من القصاص فيها خوفا من
الحيف ،وفي وقتنا الحاضر نقول بالقصاص فيها ألجل األمن من الحيف.
الناس يسمونه سرقة ،لكن السرقة ال بد أن تستوفي الشروط ،شروط القطع لكي ُيحكم بالقطع.
ٔ
ال يهمنا -الحقيقة -المصطلح ،هل يسمى سرقة او ليس بسرقة ،لكن المهم اآلن هل الشروط اآلن منطبقة عليها؟
ٔ
الو اقع ان الشروط غيرمنطبقة وغيرمكتملة ،لماذا؟
ٔ
ألن السرقة من غير حرز ،ومن شروط القطع في السرقة ان تكون من حرز ،اآلن الكتاب عندك ،والبحث عندك،
ٔ ٔ
لكن هذا استنسخه ووضع اسمه مكان اسمك ،فاين الحرز الذي سرق منه هذا الكتاب او هذا البحث؟ السرقة
ٔ
اآلن من غيرحرز ،هذا امر.
--------------------------------------------------
(التصوير الفوتوغرافي)
ً ُ
التصويرالفوتوغرافي أول ما ظهرأطلق عليه (تصوير) ،و(صورة) ،وكان كثيرمن العلماء يشدد فيه أخذا من
ََ ً َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ
صو ُرون]( ،1ولعن النصوص التي شددت في شأن التصوير ،بل إن النبي ﷺ قال[ :أشد الناس عذابا يوم القيامة الم
َ َ ُ ُ ْ َ َ َ َ ْ َّ ُ َ ْ َ َ 3
خ ْلقي]4 ُ
ينف َخ فيها الر َ ً َ الله المصور)[ ،2من َّ
بنافخ] [ ،ومن أظلم ممن ذهب يخلق ك ٍ وليس وح أن ف صور صورة كل
َ ْ
[ ُيضاهون خلق الله].5
فالعلماء أمام هذه النصوص التي شددت في التصويركانوا ً
قديما -كان ً
كثيرا منهم -يشدد في هذه القضية ،لكن مع
مرورالوقت أصبحت قضية التصويرمن جهة التصور تتضح أكثرفأكثر ،فحصل في ذلك اختالف كثيرفي التوجه .فقد
كان توجه أكثرالعلماء السابقين هو التحريم ،أما بالنسبة ألكثرالعلماء المعاصرين هو الجواز ،وال يقال أن الناس
قديما يحرمون واآلن حللوا ،هذا غيرصحيح ،و إنما هذا سار ً
تبعا لظروف النظرلهذه النازلة. كانوا ً
ً
إذا هذه النازلة نريد اآلن أن نعرف التصور الصحيح للتصوير ،هل هو بالفعل تصويرأو ليس بتصوير؟
ما يسمى بالتصويرالفوتوغرافي ،ومثله التصويرالتلفزيوني هو يعتمد على عكس الصورة الحقيقية كما خلق الله
تعالى ،لكنها تعالج بحكم التقنية الحديثة معالجة سريعة ،تجعل الصورة الفوتوغر افية تثبت ،والصورة التلفزيونية
ن
نبي ﷺ عن ثَمَ ِ
عبْدًا حَجَامًاَ ،فسََألْ ُتهُ فَقالَ :نَهَى ال ُ
2جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي جحيفة ( ،)١٠٤٦ولفظ البخاريَ [ :رأَ ْيتُ أبِي اشْتَرَى َ
َورَ].
نَالمُص ِّ
ن الوَاشِ َم ِة والمَ ْوشُو َمةِ ،وآكِ ِل الرِبَا ومُو ِكِلهِ ،ولَعَ َ
ن الدَمِ ،ونَهَى عَ ِ
ب وثَمَ ِ
ال َك ْل ِ
ح
ن يَنْفُخَ فِيهَا الرُو َ
الدنْيَا كُلِفَ أَ ْ
3أخرجه ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( ،)٣٢٠/ ١٥وأخرجه البخاري ( ،)5200ومسلم ( ،)١٢٢٠ولفظ مسلم[ :مَن صَوَرَ صُورَةً في ُ
خ.].
س بنَافِ ٍ
يَومَ القِيَا َمةِ ،وَلي َ
ولذلك فكرة التصويرالفوتوغرافي هي نفسها فكرة التصويرالتلفزيوني ،ال فرق ،ومن فرق بينهما فليس عنده فهم
صحيح لهذه القضية أو تصور دقيق لها .الفكرة واحدة ،فالفكرة تعتمد على عكس الصورة الحقيقية كما خلق الله
عزوجل ،وليس إنشاء شكال جديدا.
أرأيت صورتك في المرآة ،ما هي صورتك فيها؟ هل هي شكل جديد أم أنها صورتك الحقيقية المنعكسة؟
هي في الحقيقة صورتك كما خلقك الله ،لكن انعكست لك ،فرأيت صورتك في المرآة.
ً
أيضا الماء عندما تنظرإليه وتظهرصورتك فيه هل هي شكل جديد لك أم أنها صورتك الحقيقية؟
وعلى ذلك فإن التصويرالفوتوغرافي والتلفزيوني هو في الحقيقة عكس للصورة كما خلق الله عزوجل ،وليس صورة
بالمعنى الشرعي ،ولهذا فالوصف الدقيق أن يقال أنه( :عكس) ،وليس صورة ،وقد كان الناس عندنا هنا في المملكة
عكسا) ،ويقول :أنا أريد أن أذهب أعكس ،وعندي عكس ،ويسمونقديما كانوا يسمون الصورة ( ً
العربية السعودية ً
الصور عكوس ،أنا أذكرأن الناس ً
قديما كانوا يسمونها عكس ،الحقيقة أن هذا هو الوصف الدقيق لها :أنها عكس
وليست صورة ،وعلى هذا فالذي يظهرأنها ال تدخل في الصور املحرمة؛ ألنها هي انعكاس لصورة حقيقية.
ومما يدل على ذلك أن علة النهي عن التصوير :لماذا نهت الشريعة عن التصويروورد فيها هذا التشديد لماذا؟ ما هي
علة النهي عن التصوير؟
العلة املجمع عليها والمنصوص عليها :المضاهاة لخلق الله ،ومما يدل على ذلك النصوص ،بعض النصوص السابقة
َ ْ ُْ َ َْ َ َْ
صرحت بهذا ،قال تعالىَ [ :و َمن أظل ُم م َّم ْن ذ َه َب َيخل ُق كخلقي]ُ [ ،1يضاهون خلق الله].2
فعلة النهي عن التصويرهي المضاهاة واملحاكاة لخلق الله عزوجل ،وهذا غيرمنطبق على الصور الفوتوغر افية
والتلفزيونية ،فليس فيها محاكاة لخلق الله ،وليس فيها مضاهاة لخلق الله.
الجواب :أن العبرة بالحقيقة وليست العبرة بالتسمية ،أرأيت لو سمى بعض الناس الخمربغيراسمها ،لو سموها
روحيا ،أو أي اسم ،هل هذا ينقل الحكم من التحريم أ ًبدا؟
ً ً
مشروبا
خمرا ،أو أي اسم أخريبقى ً
خمرا ،العبرة بالحقيقة. هي خمر ً
سواء سميتها ً
سواء سماه الناس صورة أو ً
عكسا ،أي اسم آخرالعبرة بحقيقته :هل ً هكذا ً
أيضا نقول :هذا العمل العبرة بحقيقته،
تنطبق عليه علة النهي عن التصوير؟
الجواب :أنها ال تنطبق ،ثم ً
أيضا كما ترون اآلن معظم األمة و اقع في هذا ،ال أقول هذا من باب التأثر بضغط الو اقع،
لكن نقول هذا من باب بيان خطورة الحكم في هذه المسألة بالتحريم.
أقول :معظم األمة فال يقل عن ٪٠٩و اقع في هذا في الصور ،في الجوال ،أو أنه يصور بالجوال ،أو حتى بالكاميرا ،ترون
في هذه الدورة اآلن ،الكاميرا أمامنا اآلن.
ً
يعني ال يقل عن ،٪٠٩والتصويرمن كبائرالذنوب ،وفاعل ذلك يعتبرفاسقا ،فال نجرؤ على تفسيق معظم األمة إال
بدليل واضح كالشمس؛ ألن هذا فيه جرأة عظيمة ،فلو قلت أن هذا من التصوير املحرم معنى ذلك أنك حكمت على
ً
أيضا حكمت على أن معظم األمة ال تدخل بيوتها المالئكة .لو كان عندنا الشريحة األعظم من المسلمين بالفسق ،و
ش يء واضح في هذا ال يهمنا وال نتأثربضغط الو اقع ،لكن ال يوجد ش يء واضح بل الواضح خالفه ،فال نجرؤ على الجزم
بأن هذا من التصويراملحرم الذي شددت فيه الشريعة إال بأمرواضح كالشمس؛ ألننا إذا نظرنا إلى مآالت هذه
المسألة نجد أنها مآالت كبيرة وخطيرة ،فهذا يستدعي أن من أراد أن يحكم عليها بالتحريم وأنها من الصور املحرمة
يجب أن يستحضرهذا المعنى ،و أنه يفسق أكثرالمسلمين ،ويحكم أن المالئكة ال تدخل بيوت معظم المسلمين.
تنظيرا آخريقولون :أنها محرمة لكن نجيزما كان فيه مصلحة. ً وهناك بعض العلماء سمعت لهم
ً
وعندي أن هذا الطرح غير صحيح وغيرموفق ،إذا كانت محرمة ال نجيزمنها ش يء إطالقا؛ ألن النصوص شددت فيها:
ُْ َ َْ َ َْ
(لعن الله المصورين)َ [ ،1و َمن أظل ُم م َّم ْن ذ َه َب َيخل ُق كخلقي] ،2الشريعة شددت فيها.
ََ ً َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ
صو ُرون] ،3كيف نجيزمنها ما تدعو إليه المصلحة؟ [أشد الناس عذابا يوم القيامة الم
ن ال ُمصَوِرِينَ].
1أصله الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه ( )٥٣٨٢وفيه[ :ولَعَ َ
2سبق تخريجه.
3أخرجه البخاري ( ،)5253ومسلم ( )2132واللفظ له.
03
هذا الطرح طرح غيرصحيح ،فإما أن نقول :أنها ال تدخل في التصويرواملحرم ،أو نقول أنها تدخل ونمنع ،ال نجيزمنها
ش يء.
لكن هناك ً
أيضا طرح آخرأنه يجازمنها ما تدعو إليه الضرورة ،لكن أنا أعتبرالطرح بأنه يجوز ما تدعو إليه المصلحة
أنه طرح غيرسديد وغيرصحيح ،ومخالف للنصوص والقواعد.
ً
أيضا من األطروحات في هذه النازلة الطرح بإجازة التصويرالتلفزيوني ،ومنع التصويرالفوتوغرافي ،هذا الطرح و
مبني على تصور غيردقيق لحقيقة التصوير .فكرة التصويرالتلفزيوني هي نفسها فكرة التصويرالفوتوغرافي إال أن
هذه مسرعة ،وهذه مثبتة ،فهذه من األخطاء في هذه النازلة.
وكما ترون أن جميع األخطاء ترجع للخطأ في التصور ،هذا يبين لنا أهمية تصور النازلة ،والذي يظهر-والله أعلم -في
أيضا نضع ضوابط.هذا النا لة هو القول بالجواز ،لكن ً
ز
إذا قلنا الجوازال نفتح الباب على مصراعيه ،لكن إنما نضع ضوابط:
الضابط األول :أال تكون الصورة صورة لنساء إال عند الضرورة؛ ألن صورة المرأة قد تقع في يد رجل أجنبي فينظر
لها ،وال يجوز للرجل األجنبي أن ينظرللمرأة األجنبية.
الضابط الثاني :أال تعلق هذه الصور ألن تعليقها ذريعة لتعظيمها ،وقد يفض ي هذا للوقوع في الشرك ،وال يقول قائل
نحن اآلن في عصرالتقنية والعصرالحديث ،كيف يقع الناس في الشرك؟
أقول :قد أخبرالنبي ﷺ بإنه (لن تقوم الساعة حتى تعبد الالت والعزى ،ولن تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء
ً
دوس عند ذي خلصة) 1فسيرجع الناس لعبادة األصنام في آخرالزمان ،فما دام أن األمركذلك إذا ال بد من سد جميع
الذرائع الموصلة للشرك ،وأول ما وقع الشرك في قوم نوح كان بسبب تعظيم الصور ،لكن الصور هي النصب التي
وضعوها ،وضعوا ً
نصبا .القصة المشهورة( :أنه كان هناك ناس صالحون معروفون بالقوة في العبادة فماتوا في وقت
ً ً
شديدا ،فأتى إليهم الشيطان فقال صوروهم ،وليس المقصود بالتصويرالتصوير متقارب ،فحزن عليهم القوم حزنا
المعروف اآلن ،المقصود بالتصويرأن يضعوا لهم ً
نصبا ،مجرد نصب ،قال :حتى إذا رأيتموها تذكرتم عبادتهم
فنشطتم في العبادة ،انظرإلى مداخل الشيطان ،فلم يقل :صورها ألجل كذا ،أتى بهم من طريق بعيد "حتى تنشطوا في
العبادة" ،فاستحسنوا هذه الفكرة ،فوضعوا هذه النصب والتماثيل ألولئك الصالحين ،لما انقرض هذا الجيل و أتى
1رواه الذهبي في تاريخ الإسلام ( ،)٥٥٢/ ٢٠وقال عنه منكر ونصه( :لا تقومُ السَاع ُة حتَى تُعبَ َد اللاتَ والعزَى قالَ أبو هريرةَ كأنِي أنظرُ إلى نساءِ دوسٍ
ن بألياتِهنَ على صن ٍم يقالُ لَ ُه ذو الخلصة). يصَْفِف َ
ل رَسوله بالهُدَى ودِينِ اللهُ{ :هو الذي أ ْرسَ َ ن أنْزَلَ َ ت لأَظُنُ حِي َ ن كُنْ ُ
ت والْعُزَى فَقُلتُ :يا رَسولَ اللهِ ،إ ْ ل والنَها ُر حتَى تُعْ َب َد اللا ُب اللَيْ ُ
وفي صحيح مسلم ([ :)١٥٠٢لا يَ ْذهَ ُ
ُل مَن في َق ْل ِب ِه مِثْقالُ
ن مِن ذلكَ ما شا َء اللَهُ ،ثُمَ يَبْ َعثُ ا َلل ُه رِيحًا طَيِ َبةً ،فَتَوَفَى ك َ سيَكو ُ
ك تامًا قا َل إنَه َ
ن كُِل ِه ولو كَرِ َه ال ُمشْرِكُونَ} [الصف ]2 :أنَ ذل َ الحَقِ لِيُظْهِرَ ُه علَى الدِي ِ
ن إلى دِينِ آبائِهِ ْم.]. ل مِن إيمانٍ ،فَيَبْقَى مَن لا خَيْ َر فِيهِ ،فَيَرْجِعُو َ ح ََب ِة خَرْدَ ٍ
01
الجيل الذي بعده قالوا :إن آباءنا ما وضعوا هذه النصب والتماثيل إال لعبادتها فعبدوها من دون الله ،فوقع الشرك
في بني آدم1).
ً
إذا تعليق ما كان معظما هذا ال يجوز ،تعليق الصور ال يجوز ،ألنه ذريعة لتعظيمها ،التعظيم الذي قد يفض ي إلى
الشرك ،هذا هو الضابط الثاني.
الضابط الثالث :أال تكون الصور ألموات؛ ألن الغالب على األحياء تعظيم األموات ،وألن صور األموات قد تفض ي أ ً
يضا
المي ُت ُي َع َّذ ُب ب ُب َكاء َ
الحي عليه] 2فكيف لوقوع الشرك ،وألن الميت قد يتأذى ويتعذب بتناقل وتداول صورته ،إذا كان [ َ
أيضا هذا نوع من التعدي على الميت ،هذا أفض ى إلى ربه ،وال يرض ى بأن تتداول صورته بهذه ً
بتناقل صورته؟! و
الطريقة.
أيضا هذا قد يكون فيه منافاة لكمال الصبرالواجب عند المصيبة ،قد يكون فيه نوع من الجزع ،فإذن تكون ثم ً
الصور بهذه الضوابط الثالثة :الضابط األول :أال تكون الصور لنساء إال عند الضرورة ،والضابط الثاني :أال تعلق
هذه الصور ،والضابط الثالث :أال تكون صورا ألموات.
ً
إذا قلنا أن التصويرالتلفزيوني والفوتوغرافي يدخل في دائرة الصور الجائزة ،على ذلك مثال :تصويرالدورة بهذه
أيضا في الجوال والصور في الجوالً ،
أيضا ال تمنع دخول الكاميرا ال حرج فيها إن شاء الله على هذا التقرير .والتصوير ً
المالئكة والحمد لله ،إذا ما هي الصور املحرمة التي وردت النصوص في التشديد فيها ،وأن أشد الناس عذابا يوم
القيامة المصورون وغيرها من النصوص؟ ما هي الصور املحرمة؟
الصحيح أن رسومات ذوات األرواح محرمة ،ومما يدل لذلك (قصة السترالذي وضعته عائشة رض ي الله عنها لما
دخل عليها النبي ﷺ وعندها سترفيه رسومات ،فغضب النبي عليه الصالة والسالم وقال:
ن الَتي كَا َنتْ في قَ ْومِ نُوحٍ في 1أصل قصة وقوع الشرك في قوم نوح ما رواه البخاري في صحيحه ( ،)٨٥١٠من حديث ابن عباس رضي الله عنهما[ :صَا َرتِ الأوْثَا ُ
ق فَكَا َنتْ لِهَمْدَانَ ،وأَمَا َنسْرٌ
عنْ َد سَ َبإٍ ،وأَمَا يَعُو ُ
ف بالجَ ْوفِِ ،
ع كَا َنتْ لِهُذَ ْيلٍ ،وأَمَا يَغُوثُ فَكَا َنتْ لِمُرَادٍ ،ثُمَ لِبَنِي غَُْ ْي ٍ ود كَا َنتْ لِكَ ْلبٍ بدَوْ َمةِ الجَنْدَلِ ،وأَمَا سُوَا ٌ ب بَعْدُ أمَا ٌ العَ َر ِ
ن إلى قَوْمِ ِهمْ ،أنِ ا ْنصِبُوا إلى مَجَاِلسِ ِهمُ الَتي كَانُوا يَجِْلسُونَ أ ْنصَابًا وسَمُوهَا ن مِن قَ ْومِ نُوحٍَ ،فلَمَا َهلَكُوا أ ْوحَى الشَ ْيَْا ُ ت ِلحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الكَلَاعِ ،أسْمَا ُء رِجَالٍ صَاِلحِي َ فَكَا َن ْ
ت]. ك وتَنَسَخَ ال ِع ْل ُم عُبِ َد ْبَأسْمَائِهِمْ ،فَفَ َعلُواَ ،فَل ْم تُعْ َبدْ ،حتَى إذَا َهَلكَ أُولَئِ َ
02
ََ ً َ َ َ َ ُ َ َ َ َ َّ
صو ُرون] 1وأمر بهتك السترفصنع منه وسادة أو وسادتين) ،2الرسومات فيها[أشد الناس عذابا يوم القيامة الم
محاكاة لخلق الله ،ولهذا تجد أن الرسام لو رسم صورة إنسان يتعجب الناس منه؟ كيف هذه الرسمة كأنها صورة
حقيقية؟ ففيها محاكاة لخلق الله عزوجل ولهذا نقول :إن هذا الرسومات من الصور املحرمة ،وتمنع دخول المالئكة،
ً
وينبغي النكارفيها ،وهذه مع األسف يتساهل فيها بعض الناس ،يرسمون ذوات األرواح ،وأحيانا تكون على وسائل
التواصل االجتماعي ً
أيضا ،ينبغي التنبه والتنبيه لها ،أنها ال تجوز ،ما دامت ذوات أرواح؛ ألن علة النهي عن التصوير
منطبقة عليها ً
تماما ،و أنا ذكرت هذا لحدى القنوات املحافظة ،هم ال تظهرعندهم صور نساء ،وليس عندهم
موسيقى لكن يتساهلون -باجتهاد من بعض العاملين -في بعض البرامج ،تكون هناك رسومات لذوات األرواح ،فقلت
إذا كانت الفئة المستهدفة من الكبارال تجوز ،أما إذا كانت رسومات للصغارمثل :الرسومات المتحركة للصغارفهذي
يتسامح فيها ألن الصغاريجوز لهم من الصور ما ال يجوز للكبار.
و(قصة عائشة رض ي الله عنها لما مربها النبي ﷺ كانت صغيرة في أول أمرها وكان عندها صورة فرس له جناحان
فقال عليه الصالة والسالم :ما هذا؟ ،قالت :هذا فرس ،قال :هل للفرس جناحان؟ قالت :أما علمت أن خيل سليمان
لها جناحان؟ فضحك النبي ﷺ3).
وألن الصورة بيد الطفل كالممتهنة ،فبالنسبة لألطفال قد يتسامح في حقهم ،أما الكبار فال.
فإذا كانت الفئة المستهدفة بالرسومات الكبارهذه ال تجوز ،وتمنع من دخول المالئكة ،وهذه من القضايا التي
يتساهل بها كثيرمن الناس ،إذن نحصرالصور املحرمة فيما انطبقت عليه علة النهي عن التصويروهي المضاهاة
لخلق الله ،هذا هو الضابط ،هذا حاصل كالم أهل العلم في هذه النازلة.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
2يشير الشيخ حفظه الله إلى حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه البخاري ( )5257واللفظ له ،ومسلم ( ،)2134وجاء فيه[ :قَ ِد َم رَسولُ الَل ِه ﷺ مِن سَ َفرٍ ،وق ْد
ن،]. اللهِ قاَلتْ :فَجَ َعلْنَا ُه ِوسَادَ ًة أ ْو ِوسَادَتَيْ ِ
ن ُيضَاهُونَ بخَ ْلقِ َ س عَذَابًا يَو َم القِيَا َم ِة الَذِي َ
ت بقِرَامٍ لي علَى سَهْ َو ٍة لي فِيهَا تَمَاثِيلَُ ،فلَمَا رَآ ُه رَسولُ ا َلل ِه ﷺ هَتَ َكهُ وقالَ :أشَدُ النَا ِ سَتَ ْر ُ
س عَذَابًا إن مِن أشَدِ النَا ِ ل النبيُ ﷺَ : ُم َتنَاوَلَ السِتْرَ فَهَ َت َكهُ ،وقاَلتْ :قا َ ت قِرَا ٌم فيه صُوَرٌَ ،ف َتلَوَنَ وجْ ُههُ ث َ
علَيَ النبيُ ﷺ وفي البَ ْي ِ ل َ وفي رواية أخرى للبخاري ([ :)٦٢٠٥دَخَ َ
ن هذِه الصُوَرَ]. ن ُيصَوِرُو َ يَومَ القِيَا َم ِة الَذِي َ
3يشير حفظه الله إلى حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه أبو داود ( ،)7202والنسائي في ((الكبرى)) ( ،)030/5وابن حبان ( )145/10باختلاف يسير ،ونصه:
ن من رقاعٍ ،فقالَ :ما هذا الَذي أرى وسَْهُنَ؟ قال :فرسٌ ،قالَ :وما هذا الَذي عليهِ؟ الل ِه ﷺ رأى عندَها بناتِ لعبٍ ،ورأى بينَهُنَ فرسًا َلهُ جَناحا ِ ل َ أن رسو َ [ َ
ت نواجذَهُ]. ك حتَى ب َد ْ أن لسَُليْمانَ خَيلًا لَها أجنحةٌ ،قالت :فضحِ َ س ل ُه جَناحانِ؟ قالت :أما علِمتَ َ قالت :جَناحانِ .قال :فر ٌ
00
(موت الدماغ)
ً
تعقيدا ،ومما يدل على هذا :أنها تكاد تكون المسألة (موت الدماغ) :في الحقيقة هي من أشكل النوازل ،وأكثرها
الوحيدة التي اختلفت فيها املجامع الفقهية ،وهذه القضية قضية (موت الدماغ) حضرت فيها أربع أو خمس مؤتمرات
ً ُ َ
غموضا ،فهي مسألة معقدة -الحقيقة -ومشكلة، حضرفيها تزداد المسألة عندي تجمع أطباء وفقهاء ،وفي كل مرة أ
ُ
وسأبين لكم وجه الشكال فيها.
ً
أوال :ما معنى موت الدماغ؟
موت الدماغ معناه :توقف الدماغ عن العمل؛ وذلك بتعطل الدماغ عن القيام بوظائفه الحقيقية ،فيحصل موت
الدماغ ،وعند األطباء تفاصيل في حقيقة موت الدماغ.
ًّ
دماغيا وال تزال عليه األجهزة المنفسة ،وأجهزة والذي يهمنا أنه إذا حكم األطباء على هذا المريض بأنه قد مات
ً ًّ
دماغيا ،فهل يعتبرهذا موتا بالمعنى الشرعي أو القلب ،وبقية األجهزة ال تزال عليه ،لكن قد حكم األطباء بأنه قد مات
ال يعتبر؟
ويترتب على هذا أننا إذا قلنا :أنه (موت) بالمعنى الشرعي :فيجوز نقل أعضائه ،وإذا قلنا أنه (ليس موت) بالمعنى
الشرعي :ال يجوز نقل أعضائه.
ًّ
دماغيا -حتى اآلن ،-الميت وفاة طبيعية ال يمكن نقل أعضائه ،إال في حالة ونقل األعضاء ال يمكن إال من الميت
ًّ ً
طبيعيا ثم مباشرة نقلت أعضاؤه في نفس اللحظة ،إال أن بعض األطباء استثنى القرنية يقول: واحدة :لو مات موتا
يمكن أن تنقل خالل ثالثين دقيقة من الوفاة الطبيعية ،وبعدها غيريمكن.
أي :أن أعضاء النسان تتلف بالوفاة الطبيعية ال يمكن نقلها،
ً
إذا موت الدماغ هو المصدرالوحيد لنقل األعضاء ،وهذه هي المشكلة.
ً ًّ ً
دماغيا ميتا بالمعنى الشرعي :يجوز نقل أعضائه ،وإذا قلنا :أنه ليس ميتا بالمعنى الشرعي :ال فإذا قلنا بأن الميت
يجوز نقل األعضاء.
ًّ ً
دماغيا ميتا بالمعنى الشرعي أم ال هو :الخالف في تعريف الموت. وسبب الخالف في كون الميت
سبحان الله!! الموت تكاد تكون الحقيقة التي يجمع عليها بنو آدم ،لكن مع ذلك هم مختلفون في تعريفه.
ما معنى الموت؟
ً ً
صحيحا بالمعنى الشرعي. كثيرمن األطباء يعرف الموت بأنه :أن ال عودة إلى الحياة ،ولكن هذا التعريف ليس تعريفا
تعريف الموت بالمعنى الشرعي هو :مفارقة الروح البدن.
دماغيا هو ميت ،لكن يقصدون بذلك التعريف الطبي للموت، ًّ ولذلك نجد أن ً
كثيرا من األطباء يقولون :أن الميت
بمعنى :أن ال عودة إلى الحياة ،ولكن عندما نقول أن هذا التعريف غيرصحيح وأن الموت هو :مفارقة الروح البدن،
ها هنا يتوقفون ...يقولون :ال ندري عن الروح.
ً
وهناك اتجاهان للفقهاء المعاصرين في اعتبارموت الدماغ موتا بالمعنى الشرعي:
07
دماغيا أنه ميت بالمعنى الشرعي ،وإلى هذا ذهب مجمع الفقه السالمي الدولي بمنظمة ًّ هناك اتجاه يرى أن :الميت
واحدا من مليارأن إنسان ُحكم عليه بأنه قد مات التعاون السالمي ،1قالوا :ألنه ال يمكن أن يعود للحياة ،وال نجد وال ً
ًّ ً
دماغيا ورجع للحياة وعاش. موتا
ًّ ُ
دماغيا ثم عاشوا. اعترض عليهم وقيل بأنه :وجد حاالت ألناس قد ماتوا
ًّ شخ ََّ
دماغيا قد أخطأ ،وإال لو صهم بأنه ميت فأجابوا عن ذلك ،قالوا :إن هؤالء عندهم خطأ في التشخيص ،الذي
دماغيا ،ولم يكن هناك خطأ في التشخيص ال يمكن أن يعودوا للحياة. ًّ كانوا ميتين
ً
ونسمع قصص وحكايات وربما أن بعضكم عنده قصص من هذا يقول :أنا سمعت أو رأيت بأن فالنا ُحكم عليه بأنه
ًّ ً ًّ
دماغيا ثم عاش دماغيا وشافاه الله تعالى وها هو يعيش بين الناس ،فال نستطيع أن نجزم بأنه بالفعل كان ميتا ميت
إال إذا تأكدنا من صحة التشخيص؛ ألن المشكلة اآلن هي الخطأ في التشخيص ،هكذا أجابوا.
ويقول أصحاب هذا االتجاه :إن حياة هذا النسان حياة نباتية ،بل قال بعضهم -وهذا سمعته في أحد المؤتمرات-
قال :لو أتينا بإنسان وقطعنا رأسه ووضعنا عليه هذه األجهزة الستمرقلبه ينبض واستمرت جميع أعضائه في الحياة.
مع أنه مخلوع الرأس ،فيقولون :هذه الحياة نباتية وليست حياة بالمعنى الشرعي .هذه وجهة أصحاب هذا االتجاه.
ً
يقابله االتجاه اآلخريقولون :إن موت الدماغ ليس موتا بالمعنى الشرعي ،وهذا ما ذهب إليه املجمع الفقهي السالمي
برابطة العالم السالمي.2
يقولون :ألن مقومات الحياة موجودة فيه ،فعندما تقاس حرارته نجد أنها ( )١٣درجة ،ونجد أنه يتنفس ،ولو قسنا
الضغط عنده نجد أنه طبيعي ،ويتبول ويتغوط ،كيف نقول :إن هذا ميت؟! فمقومات الحياة موجودة عنده.
والحقيقة أن هذه القضية مشكلة؛ إذا قلنا :إنه موت بالمعنى الشرعي :ال يجوز نقل األعضاء الذي فيه مصالح
ً
جال له اآلن ما يقارب ثالثين ً
عاما يعيش على كبد عظيمة ،هناك أناس يعيشون اآلن على أعضاء غيرهم ،أنا أعرف ر
دماغيا ،عاش ثالثين سنة اآلن ،وغيرهم ،ففيها مصالح عظيمة ،إذا قلنا :بأن الميتًّ مزروعة ،يعني :منقولة من ميت
ً ًّ
دماغيا ليس ميتا بالمعنى الشرعي ال يجوز نقل األعضاء،
دماغيا أنه موت بالمعنى الشرعي يترتب على هذا :أنه يجوز أن تقسم تركته ،ويجوز أن تتزوج ًّ إذا قلنا ً
أيضا بأن الميت
زوجته بعد انقضاء العدة.
ًّ
دماغيا أنه ميت بالمعنى الشرعي، وأذكرفي أحد اللقاءات العلمية كان هناك أحد المشائخ َّ
تبنى القول بأن الميت
ُ ًّ
دماغيا هل تقبل بأن تقسم تركته ،وتزوج امرأته بعد فطرحت عليه هذا السؤال ،قلت :لو كان أخوك هو الميت
انقضاء العدة؟ فسكت ،ثم قال :نعم ألتزم بهذا.
عمليا ربما اختلف هذا الرأي ،لكن هذا الزم قوي حقيقة .و أنا متوقف حقيقة في هذه ً
طبعا هو التزام نظري ،لكن ربما ًّ
المسألة؛ ألنها مشكلة ،وسبب الشكال فيها الحقيقة ولماذا لم تحسم على مرالسنين ،وعلى كثرة اللقاءات العلمية
والمؤتمرات والبحث؟ فقد أثريت بالبحث ،لكن مع ذلك لم تحسم ،ما هو السبب؟
1قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ( ))٥/ ٣(٢٢المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 10-6صفر 1734هـ ،الموافق 10 – 11
تشرين الأول (أكتوبر) 1260م.
2قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابْة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في مكة المكرمة ( ١٤ -١٨صفر ٢٨٠٤هـ) الموافق ( ١٢ – ٢٢أكتوبر
٢٥٤٢م).
05
السبب :ألن الموت بالمعنى الشرعي هو :مفارقة الروح البدن ،والروح ليست من عالم المادة هي من عالم آخر ،من
ًّ
دماغيا أو أنها غيرموجودة ،وال يمكن من عالم ال يستطيع البشرمعرفته ،فال ندري هل الروح اآلن موجودة في الميت
خالل المعامل الطبية ،واألجهزة والتقنية الحديثة أن نعرف هل الروح موجودة أو غيرموجودة ،ألن الروح ال تخضع
ْ ْ َّ َ ً ُ ُ َ ََ ْ َُ َ
ون َك َعن الروح ُقل الر ُ
وح م ْن أ ْمر َربي َو َما أوتيتم م َن العلم إال قليال} 1فهذا هو السبب. لعالم المادة{ .ويسأل
سبب الشكال :تعلق الموضوع بالروح ،الروح ال ندري عنها نحن البشر ،وال نعرف حقيقتها ،من عالم آخر ،من أمر
ربي ،ولذلك حقيقة المسألة مشكلة.
عملياُ ،
وعقد هذا لقاء عن عالمات مفارقة الروح البدن وتطبيقها ًّ مقترحا على وزارة الصحة بأن تعقد ً ً طرحت
المؤتمرواللقاء في الرياض ،ولكن لم نجد عالمة واحدة نستطيع أن نقطع بها الحقيقة ،حتى كل ما ذكره الفقهاء محل
ظن :كبرودة األعضاء ،وما ذكروه من ارتخاء العضالت ليست عالمات قاطعة على مفارقة الروح البدن ،ما وجدنا وال
عالمة واحدة تدل داللة قاطعة على مفارقة الروح البدن ،كل العالمات التي تتبعناها ما وجدنا فيها وال عالمة واحدة،
فالمسألة مشكلة.
ً
طرح أحد المشائخ في أحد اللقاءات قال :لماذا ال نقول بتبعيض األحكام؟ فنقول :هو ليس موتا بالمعنى الشرعي،
ونجيزفي الوقت نفسه نقل األعضاء؟ هذا طرح له وجاهته ،لكن يرد عليه إشكاالت :إذا قلنا موت بالمعنى الشرعي:
كيف نجيزنقل األعضاء؟ ألنه إذا قلنا :موت بالمعنى الشرعي معنى ذلك :أن أعضاءه ستؤخذ وهو حي ،يعني يقصب
وهو حي ،تؤخذ رئته وهو حيُ ،يؤخذ كبده وهو حي ،هذا مشكل ،هذا هو الشكال في المسألة.
أيضا هو متوقف فيها؛ ألن الشكال فيها أنا متوقف في هذه المسألة كما كان شيخنا عبد العزيزبن باز حمه الله ً
ر و
أيضا أكبر ،وما دام أن المسألة خالفية ،الحمد لله هذا الخالف يجعل فيها سعة. كبير ،واألمور المترتبة عليها ً
لكن ال بد لطالب العلم أن يتصور المسألة ،ويتصور الشكال فيها ،واألمور المترتبة عليها .ولعلي أكتفي بهذا القدرفي
الحديث عن هذه النازلة وإال فالكالم عنها أطول مما ذكرت.
--------------------------------------------------
(رفع أجهزة النعاش عن الميؤوس من شفائه)
ننتقل لمسألة أخرى هي قريبة من هذه المسألة وهو مسألة :رفع أجهزة النعاش عن الميؤوس من شفائه.
ً
أوال :هل التداوي واجب؟ ألن وضع أجهزة النعاش هي نوع من المداواة.
ً التداوي هل هو واجب؟ التداوي ليس ً
واجبا ،قال المام ابن تيمية رحمه الله" :ال أعلم سالفا أوجب التداوي" .2لو
أراد النسان أال يتداوى ال يأثم ،إال إذا قطع أنه سيهلك لو لم َ
يتداو ،فيكون هذا من باب إلقاء النفس بالتهلكة ،لكن
إذا كان دواء ظني قد يشفى وقد ال يشفى ال يلزمه أن يتداوى.
ولذلك تجد بعض كبارالسن مثال يرفض الدواء :ينبغي عدم إجباره ما دام عقله معه ،وقد جاء في صحيح البخاري
وغيره[ :أن النبي ﷺ في مرض موته أرادوا أن يعطوه ً
لدودا "يعني :نوع من أنواع الدواء يوضع في الفم" فأشارإليهم أن:
00
ال] .1كان في شدة المرض ،فتشاوروا -يعني عائشة ومن حولها -قالوا هو ال يريد من كراهية المريض للدواء ،نريد أن
نعطيه الدواء .مثلما يكون عندك قريب مريض تقول :أريد أن أغصبه على الدواء ،أو أجبره على الدواء .فقالوا :من
باب كراهية المريض للدواء .وهو عليه الصالة والسالم يشيرإليهم أن ال ...أن ال ،فأعطوه هذا الدواء اللدود ،فلما
أفاق عليه الصالة والسالم أمربأن يقتص من جميع من اشترك في إعطائه هذا الدواء ،وقال :يدخل اللدود في فم
ً ُ
جميعا .وهذا -الحقيقة -درس عملي من النبي عليه الصالة الجميع ،إال العباس فإنه لم يشهدكم .وبالفعل اقتص منهم
والسالم :بأن النسان ُحر ،إذا قال :ال أريد الدواء ،ال تجبره على الدواء ،فالنسان أهم ش يء أن يكون عقله معه ،إذا
كان عقله معه هو صاحب القرار ،هو يقول لك :ال أريد هذا لماذا تجبره؟
جميعا إال العباس ،والقصة في صحيح البخاري. ً فأمرالنبي عليه الصالة والسالم أن يقتص منهم
ًإذا :التداوي ليس ً
واجبا.
ً
إنقاذا لحياته ،فهنا يعني يكون ً
واجبا ألجل ووضع هذه األجهزة إذا كان على إنسان غيرميؤوس منه :ال شك أن فيها
ٌ َ ََ ًّ ً ً
دماغيا ،أو معه مرض قطع األطباء بأن الله أجرى ميؤوسا من شفائه ،إما ميتا النقاذ .لكن إذا كان هذا المريض
ً ً ً
وأمورا كثيرة ،فهنا :هل يجب بقاء هذه األجهزة، السنن أن هذا ال يشفى ،وهذه األجهزة تستنفذ ماال ووقتا من األطباء
أو يجوز رفع هذه األجهزة عن هذا الميؤوس من شفائه؟
هناك اتجاهان للعلماء المعاصرين:
ُ
من أهل العلم من قال :أن تبقى هذه األجهزة ،ولكن أثيرعلى هذا اعتراض:
إذا بقيت من يتحمل تكلفة هذه األجهزة؟ وهي مكلفة ،وبعض دول العالم السالمي دول ليست غنية حتى يقوم بها
أيضا حتى بيت المال يعجزعنها ،حتى في الدول الغنية بما ً
أيضا يكون في هذا نفقات كثيرة وأموال بيت المال ،وربما ً
ر
عظيمة تستنفذ ،وربما أن أقارب هذا المتوفى أيضا يعجزون عن التكلفة المالية ،فمن يقوم بها؟
االتجاه الثاني هو :جوازرفع أجهزة النعاش عن الميؤوس من شفائه بشرط القطع من قبل ثالثة أطباء فأكثربأنه
ميؤوس من شفائه.
ً
أيضا :اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء برئاسة وإلى هذا ذهب املجمع الفقهي برابطة العالم السالمي ،2و
شيخنا عبد العزيزبن باز رحمه الله.3
ً
وهذا القول هو األظهر :أنه إذا قطع األطباء بأنه ميؤوس من شفائه فيجوز رفع األجهزة عنه؛ ألن التداوي أصال ليس
ً ً
واجبا ،وليس هناك إنقاذ لحياته حتى يقال إن هذه األجهزة تنقذ حياته ،هو ميؤوس من شفائه أصال.
فبقاء هذه األجهزة عليه ليس له كبيرفائدة ،ثم ً
أيضا أنه يترتب على ذلك أموال عظيمة تستنفذ.
كان هناك سؤال على اللجنة الدائمة :أن هناك رجل من إفريقيا ُوضعت له هذه األجهزة ،و أنه يكلف المستشفى
شهريا 11ألف ريال! فمن يتحمل هذه التكلفة؟ًّ
1يشير الشيخ حفظه الله إلى حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في البخاري ( ،)٦٤٤٦ومسلم ( )١١٢٣ولفظ مسلم[ :لَدَ ْدنَا رَسولَ الل ِه ﷺ في
ق قا َل :لا يَبْقَى أَحَ ٌد مِنكُم إلَا لُدَ ،غَيْ ُر العَبَاسِ ،فإنَه لَ ْم َيشْهَدْكُ ْم.].
ضهِ ،فأشَا َر أَنْ لا َتلُدُونِي ،فَ ُقلْنَا :كَرَاهي َة المَرِيضِ لِلدَوَاءَِ ،فلَمَا َأفَا َ
مَ َر ِ
2قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابْة العالم الإسلامي في دورته الثانية والعشـرين المنعقدة بمـكة المكرمة ،في المـدة من 27-21رجب 1700هـ التي يوافقها -13
10مايو 2315م نظر في( :حكم إيقاف العلاج عن المريض الميؤوس من برئه).
04
فاالتجاه الثاني هو األقرب :أن رفع األجهزة يجوز في هذه الحال.
ً
وهذا في الحقيقة ليس قتال له؛ و إنما إبعاد لوسيلة كان ُيعتقد أنها وسيلة إنقاذ ثم تبين أنها ليست وسيلة إنقاذ.
فليس في هذه األجهزة إنقاذ لحياته؛ ألنه ميؤوس من شفائه ،وهم لم يتعمدوا أن يقتلوه ،و إنما هذه الوسيلة التي
كانوا يستخدمونها لنقاذه قيل أنها :ليس لها فائدة في النقاذ ،فرفعوا هذه الوسيلة ،فهذا هو األظهر .لكن ال يستعجل
في هذا .و إنما ال بد أن يقطع بذلك ثالثة أطباء فأكثربأنه ميؤوس من شفائه.
--------------------------------------------------
06
ُ
قديمة جديدة ،أما كونها قديمة فقد ذكرها بعض العلماء السابقين ،وسأبين
ٍ مسألة
ٍ افتتح هذا املجلس بالكالم عن
وجه اعتبارها نازلة.
ً
مسألة (جوزة الطيب والزعفران) ،أوال :جوزة الطيب والزعفران هي مما يستخدم كمحسنات لبعض المطعومات
ُ ُ
يستخدمه الطباخون ،وتستخدم كذلك والمشروبات ،فجوزة الطيب :هي نبات يستخدم في تحسين الطبخ ،و أكثرمن
ً
أيضا في التوابل فتضاف لبعض التوابل وبعض البهارات ،والزعفران :معروف ُيستخدم في القهوة أو في الشاي أو في
النعناع ونحوه.
ابن حجرالهيثمي المكي 1له كتاب اسمه( :الزواجرعن اقتراف الكبائر) هو ٌ
كتاب مشهور .سأقرأ كالم ابن حجر -ليس
المسكرالطاهر ،كالحشيشة واألفيونأكل ُ
ابن حجرالعسقالني 2إنما الهيثمي -قال( :الكبيرة السبعون بعد المئةُ :
والشيكران ،وكالعنبري والزعفران وجوزة الطيب ،هذه كلها ُمسكرة) ،3هذا من كالم ابن حجرالهيثمي.
والحشيشة واأليفون هذه من املخدرات المعروفة ،والشيكران هو البنج ،وقال( :كما صرح به النووي في بعضها،
فهنا أفاد ابن حجر َّ
بأن هذه كلها من ُ
المسكرات ،واعتبرها من الكبائر. ُ
وغيره في باقيها)ُ ،
ْ صاحب [عون المعبود]َ 4
تعقب ابن حجرالهيثمي في هذا ،وقال( :إن جوزة الطيب ليس فيها ُسكر ،و إنما فيها تفت ٌير
زرع بأرضنا) هناك فيأيضا الزعفران قال( :إنه ُي ُ
قطعا) ،وكذلك ً المسكرات ً وبعض التخدير ،وليست من جنس ُ
ٌ
المسكرات بالغة عظيمة ،فإنه عد العنبروالزعفران من ُ المسكرات فيه ُم
الهند ،وقال( :إن قول ابن حجرأنه من ُ
ُ
ط االعتبار ،ولم ُ وجعل استعمالها من الكبائركالخمر ،وهذا ٌ
كالم ٌ
يثبت قط من األئمة القدماء من العلماء باطل وساق
سكرمفر ًدا؟ هل حصلت له التجربة كرهما ،فمن أين قال العالمة القرش ي -يقصد ابن حجر -إن الزعفران ُي ُ بالنبات ُس ُ
ُ َ
مفردا؟ كال ،بل ثبت بالتجربة أنه ال ُيسكرإال مع الشراب ،وقد سألت غيرمرة من أدركنا من األطباء
على أنه ُيسكر ً
ُ
الحذاق أصحاب التجربة والعلم والفهم كلهم اتفقوا على أنه ال يسكر) ....5إلى أخرما ذكر.
ُ
فصاحب [عون المعبود] تعقب ابن حجرالهيثمي في هذا ،ونريد اآلن تحقيق القول في هذه المسألة.
َّ
اآلن أصبح الزعفران وجوزة الطيب ترد إلينا ُمصنعة وتستخدم مع األطعمة واألشربة ،أما جوزة الطيب فالذي يظهر
ْ
التفتير ،ولذلك عندنا في المملكة هي ممنوعة من دخول أن استخدام كميات كبيرة منها أنها قد تؤدي لإلسكارأو
1عالم من علماء المسلمين ،وفقيه من كبار فقهاء الشافعية المتأخرين ،توفي رحمه الله عام ٥٢٣هـ.
2هو شيخ الإسلام ،علَم الأعلام ،أمير المؤمنين في الحديث ،حافظ العصر :شهاب الدين أبو الفضل ،أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد ،الكناني الشافعي
المصري المولد والوفاة ،الحافظ الإمام المعروف بابن حجر العسقلاني ،توفي رحمه الله عام ٤٥١هـ.
[ 4عون المعبود شرح سنن أبي داود] هو أحد كتب الحديث ،ألفه الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي توفي رحمه الله عام ٢٣١٥هـ.
[ 5عون المعبود شرح سنن أبي داود] للعظيم آبادي (جـ )١١٨/ ٥كتاب الأشربة.
02
َّ ْ
المملكة إال في التوابل بنسب معينة ،لكن لو استخدمت بكميات كبيرة فإنها قد تؤدي ربما ليس لإلسكارو إنما للتفتير
ٌ
المصحوب بالنشوة ،وهي كما ذكرت ممنوعة عندنا في المملكة إال في التوابل فقط. والتخدير ،لكنها ال تصل لإلسكار
َُ وأما الزعفران فالذي يظهر ً
أيضا أنه عند التحقيق :أنه ال يدخل في ُ
المفترات إذا استخدم المسكرات ،ولكنه من
بكميات كبيرة ،أما إذا استخدم بكمية يسيرة لصالح القهوة أو الشاي ونحوه؛ الذي يظهرأنه ال حرج فيه وال ُيعتبرمن
َُ
المفترات ،و أنا أحببت أن ألفت النظرلهذه المسألة ،ألن بعض طلبة العلم ال يتنبه لها ،ور أيت فتاوى في بعض
المو اقع في الشبكة العنكبوتية ،رأيت فتوى بتحريم الزعفران من أحد المشايخ من إحدى دول الخليج بتحريم
َُ الزعفران ونقل كالم ابن حجر 1وقال :أنه ُيعتبرمن ُ
المفترات ولذلك المسكرات ،والو اقع أنه من المنبهات القوية ومن
ُ
لو تناولت الزعفران في الليل تالحظ أنه في الغالب ُيصيب النسان بأرق ،يرى تلك الليلة أنه لم يأته النوم ،عندما
َُ جدا ،وربما ً
يبحث يجد أن السبب هو الزعفران ،فهو منبه قوي ً
المفترات لكنها ال يصل لإلسكار، أيضا يدخل في
والنسبة المستخدمة عندنا هنا يعني في الزعفران في القهوة والشاي ونحوه؛ نسبة يسيرة وقليلة ،لكن لو استخدم
أيضا إذا استخدم بنسب كبيرة وهو ُمضر ً َّ
التفتيروربما إلى التخدير ً
أيضا بالصحة. بنسب كبيرة فهذا قد يؤدي إلى
هذا هو الحاصل في هذه المسألة ،وال بد أن يكون عند طالب العلم تصور عن هذه المسائل ،ألن بعض طلبة العلم
ُ
لما طرحت هذه المسائل ما كان عنده أدنى تصور عن هذا قال :أول مرة أسمع عنها ،فال بد يكون عندك تصور عما
قيل وما ُيقال عنها ،فهذه كلها هناك من منعها كابن حجرالهيثمي وجماعة والصواب أنها هي إذا استخدمت بكميات
ُ
يسيرة أنه ال حرج فيها ،إنما تمنع إذا استخدمت بكميات كبيرة.
ُ ُ
وهناك رسالة أشرفت عليها طبعت اآلن في كتاب عنوانها" :النوازل في األشربة" ،2وتعرض وتكلم عن هذه المسألة
ُ ً الباحث ً
كالما مفصال ،وخلص إلى هذه النتيجة؛ أن استخدامها بكميات يسيرة ال حرج فيه ،وأن الممنوع
استخدامها بكميات كبيرة.
--------------------------------------------------
(زراعة الشعر)
ُ ً ُ ننتقل بعد ذلك ً
أيضا لنازلة أخرى وهي زراعة الشعر ،زراعة الشعر كنت قد كتبت فيه بحثا ثم ط َّور فخرج في هذا
ُ ً ُ َّ
أيضا صورت هذه الكتاب- 3خرج هذا العام -وإال أصله بحث ُمحكم واستعرضت فيه -يعني اآلراء حول هذه النازلة -و
النازلة كما أفاد املختصون ،ومن أراد التوسع في بحثها فليرجع لهذا الكتاب ،ويقع في ثالث وستين صفحة ،لكن نأخذ
خالصة ما فيه.
73
ً
أوال :تكلمت عن حقيقة وصل الشعر ،وأن العلماء اتفقوا على تحريم وصل الشعرفي الجملة ،وقد جاء في ذلك حديث
ً ََ ُ َ ََ َّ َ
والم ْست ْوصلة] ،1بل جاء ما هو أشد وهو (أن امرأة َّزوجت ابنتها فمرضت فتساقط ابن عمر[ :ل َع َن الل ُه الواصلة
ُ ُ
شعرها ،فجاءت للنبي ﷺ ،فقالت :يا رسول الله إني أنكحت ابنتي فاشتكت ،يعني :مرضت ،فتساقط شعرها) ،وفي
ٌ َ ً رو اية( :إن لي ابنة ُعريسا -تعنيَّ :
مرق شعرها ،أفأص ُل شعرها؟ فقال النبي ﷺ:فت َّ تزوجت حديثا -أصابتها حصبة، ٍ
َْ َ َ َ ْ َ َ [ َل َع َن الله َ
ُ َّ
الواصلة َوال ُم ْست ْوصلة]) ،2حتى في هذه الحالة لم يأذن لها النبي عليه الصالة والسالم ،وهذا يدل على شدة
األمر.
ُ ُ
واختلف العلماء في علة النهي عن الوصل ،وقد ذكرت األقوال في هذا الكتاب ،ثم ر َّجحت القول بأن العلة هي
شعر ،وقال :يا أهل المدينة أين علماؤكم؟، ُ َّ
المنصوص عليها في [حديث معاوية لما قدم المدينة وأخرج كبة من ٍ
ْ
وسم ُاه الزور]3هذا في صحيح مسلم.
سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن هذاَّ ،
سم ُاه الزور) فيه إشارة لعلة النهي عن الوصل وهو التزوير ،الزور :من التزوير ،فمعنى ذلك أن الوصل إنما
وقولهَّ ( :
ُحرم ألجل ما فيه من التزوير ،والتدليس ،والغش ،والخداع ،ونحوه ،هذا هو القول الراجح.
وجه َ َ
وعلى ذلك إذا وصلت المرأة شعرها بشعرآدمي فإنه محرم ،أما إذا وصلت شعرها بشعرغيرآدمي؛ فإن كان على ٍ
ً ُ
شعرا أم صوفا أم َو َب ًرا أم
الناظرألول َوهلة أنه غيرطبيعي فإنه جائز سواء أكان ً
ُ ال يشبه الشعرالطبيعي بحيث ُيدرك
ُ
بحيث إن الناظر ُ
حرم، طبيعيا فإنه َي ُ
ًّ يظنه ً
شعرا قرامل ،أما إذا كان الموصول بشعرالمرأة ُيشب ُه الشعرالطبيعي
وبرأو شعر صناعي أو غيرذلك.
بصوف أو ٍ
ٍ بشعرأو
ٍ سواء أكان
ُ
ثم بعد ذلك تكلمت عن حكم زراعة الشعر ،والفرق بينها وبين الوصل ،وأن زراعة الشعرتجري لمن يعاني من الصلع
وسقوط شعرالرأس والحاجبين واألهداب واللحية والشارب و ُربما مناطق أخرى من الجسم.
وفكرة الزراعة تقوم على أخذ شريحة من جلدة فروة الرأس الذي يحتوي على ٍ
شعروزرعها في المكان الخالي.
ُ ُ ُ
هو أخذ من جسم النسان من مكان ونقل ُه لمكان آخر ،هذا معنى زراعة الشعروحقيقتها ،ونقلت عن املختصين كيف
تكون زراعة الشعر ،لكن هذه هي ُ
فكرتها ،آراء العلماء فيها اختلفوا على قولين:
القول األول :جواززراعة الشعر ،ومن أبرز من قال به من العلماء المعاصرين الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
ثم أتى لألقرع قال :أي ش ٍيء أحب إليك؟ قال :أن يذهب عني هذا القرع ،فمسح عليه فذهب عنه القرع ،قال :أي المال
ُ ً
واد من البقر.
أحب إليك؟ قال :البقر ،فأعطاه بقرة فنتجت وحتى أصبح عنده ٍ
فأ ُُ ثم ذهب لألعمى ،قال :أي ش ٍيء أحب إليك؟ قال :أن َي ُر َّد الله َّ
بصرالناس ،فمسح عليه فأبصر ،قال :أي إلي بصري،
ً ُ ً
واد من الغنم.
المال أحب إليك؟ قال :الغنم ،فأعطاه شاة فأيضا نتجت حتى أصبح عنده ٍ
َ ً َّ
فهؤالء بدل الله أحوالهم ،ذهبت عنهم هذه العاهات ،ورزقهم الله أمواال عظيمة ،ثم إن هذا الملك أتى لكل ٍ
واحد
جل فقير ،وقد انقطعت بي حبال السفر ،وال منهم على هيئته األولى ،أتى لألبرص على هيئة أبرص فقير ،وقال :إنني ر ٌ
ُ بالغ لي إال بالله ثم بك ،أسألك بالذي أذهب عنك البرص ،وأغناك بهذه البل أن ُتعطيني ً
بعيرا ً
واحدا أتبلغ به في
سفري ،قال :الحقوق كثيرة ،يعني :المتطلبات والنفقات كثيرة ما أستطيع ،قال :ألم تكن كذا؟ بدأ ُيذك ُره ،ألم تكن
كاذبا َّ
كابرا عن كابر-جحد نعمة الله -قال :إن كنت ً ثت هذا المال ً ر ُ ً
فصيرك الله إلى فقيرا فأغناك الله؟ قال :ال ،إنما و
ما كنت.
فرد عليه األقرع بمثل ما ر َّد األبرص ،فدعا عليه قال :إن كنت ً
كاذبا ثم ذهب لألقرع فقال مثل ما قال لألبرصَّ ،
َّ
فصيرك الله إلى ما كنت.
ُ ُ
وكنت ً ُ
كنت أعمى َّ
فرد الله َّ
فقيرا فأغناني الله ،فخذ من أموالي ما شئت ودع علي بصري، ثم ذهب لألعمى ،فقال :قد
َ ُ
إلي مما تترك ،فقال :أمسك عليك مالك ،و إنما أنا مل ٌك بعثني الله تعالى لكم ،وقد
تأخذه أحب َّ منها ما شئت ،فوالله ما
َ
وسخط على صاحبيك1]. رض َي الله عنك
هذه قصة عظيمة يا إخوانَّ ،
قصها النبي عليه الصالة والسالم ألجل أن نأخذ العبرة وأن النسان ال يزدري الفقراء
َّ
والمساكين ،وأن يعطف عليهم ،وأن يتذكرن َعم الله عليه ،وأال يجحد نعمة الله عليه.
نظرإليه نظرة ازدراء واحتقار ،هذا ال يجوز ،هذا أخوك المسلم َ َ ُ
ابتلي بالفقر فينبغي أن بعض الناس إذا رأى الفقيري
تسعى لمساعدته بقدرما تستطيع ،وبعض الناس يعني من قلة التوفيق أنه يبخل ويأمرالناس بالبخل ،ال هو الذي
يعطيه ،وال يترك الناس يعطونه فيقول للناس" :ال تعطونه هذا شحات ،هذا كذاب ،هذا كذا هذا كذا" ،وهو غير
ولهذا كانوا يقولون عن المام أحمد :ال نرى الفقراء في مجلس أعزمنهم من مجلس المام أحمد.
ويحترمهمُ ،
ويدعوهم ُ وكان شيخنا عبد العزيزبن بازرحمه الله ال يرض ى بأن ُيهان في مجلسه فقير ،كان ُيعزهم ُويكرمهم
معه للغداء.
عطي ً
شعرا الملك على األقرعُ ،وأ َ َ
الشاهد من هذه القصة :أن هذا الرجل األقرع طلب أن يذهب عنه القرع ،فمسح
ً ً
حسناَّ ،
محرما لما فدل ذلك على أن السعي في إزالة هذا العيب واستنبات الشعرالحسن أنه ال بأس به ،إذ لو كان
ٌ َ
استدالل قوي. فعله الملك ،وهذا كما ترون
التجمل ُ َّ
والحسن ،و إنما هو من ثم إن األصل الباحة ،وزرع الشعرليس من باب التغييرلخلق الله ،أو طلب ٍ
مزيد من
باب رد ما خلق الله عزوجل وإزالة العيب ،وما كان كذلك فإن قواعد الشرع ال تمنع منه.
َّ ُ ثم إن الصلع والقرع ُيعتبران ً
عيبا في النسان يجد من أصيب به األلم النفس ي .وقد دلت األدلة على جوازالعالج
والتداوي وإزالة العيوب التي تقع لإلنسان.
وأما من قال بالمنع من زراعة الشعر ،فقالوا :إن هذا يدخل في الوصل املحرم ،والقول الراجح :هو القول بجواز
زراعة الشعرلقوة أدلته ،وأما ما ذكره املخالفون من دخول ذلك في الوصل فهذا غيرصحيح ،وذلك للفروق الكثيرة
ُ
المضاف ضاف إلى الشعرش ٌيء آخرغيرالشعراألول ،وهذا ُ بين الوصل وزراعة الشعر ،فمن الفروق :أنه في الوصل ُي
المضاف هو الشعرنفسه مع جزء من الجلد يحوي ُبصيالت شعرا أو غيره ،بينما في زراعة الشعرفإن ُ
إما أن يكون ً
نقل من مؤخرالرأس إلى َّ
مقدمه أو إلى المواضع التي ُير ُاد فيها زراعة الشعر، الشعر ،غاية ما في األمرأن الشعر ُي ُ
وذكرت في هذا الكتاب ستة فروق بين الوصل والشعر فمن أ اد ً ُ
مزيدا من التوسع في بحث هذه المسألة فليرجع إليها. ر
والخالصة أن القول الراجح هو :جواززراعة الشعر ،و أنه ال حرج في ذلك إن شاء الله.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(التلقيح الصناعي)
ننتقل بعد ذلك للنوازل في فقه األسرة :ومن النوازل في فقه األسرة (التلقيح الصناعي) أو ما يسمى بـ(طفل األنبوب).
70
إن بعض الناس قد ال ُيرزق بذرية ،ويريد النجاب عن طريق التلقيح الصناعي ،أو ما يسمى بأطفال األنابيب ،فما حكم
ذلك؟
َ َ
الجواب :النسان بحاجة إلى الولد ،والولد من النعم العظيمة ،ولذلك زكريا عليه السالم دعا الله تعالى فقال{ :رب ال
َت َذ ْرني َف ْر ًدا َو َأ ْن َت َخ ْي ُر ْال َوارث َين}ُ 1
وجبل النسان على محبة الولد ،وهذه الحاجة لها اعتبارها.
و أيضا من األساليب أن يؤخذ الحيوان المنوي والبويضة وتلقح خارج الرحم بعد ذلك ،ثم يتم إدخالها إلى رحم المرأة
بعد ذلك بالطريقة الطبية ،هذه ً
أيضا جائزة؛ ألنها تدور ما بين بويضة المرأة والحيوان المنوي للزوج.
َ
أما إذا كان ذلك خ َر َج عن نطاق الزوجين ،كما في بعض البالد غيرالسالمية ،فإن هذا محرم وال يجوز بإجماع العلماء.
فإن في البلدان غيرالسالمية إذا كان العقم من الزوج يؤخذ حيوان منوي من غيرالزوج وتلقح به هذه المرأة وهي
زوجته ،وهذا ال يجوز ،وهذا هو معنى الزنا .لماذا حرم الزنا؟ ألنه يحقق اختالط األنساب ،وهذا هو معنى الزنا هذا
محرم ً
قطعا.
إذن التلقيح الصناعي إذا كان في دائرة الزوجين ال بأس به مع أخذ االحتياطات الكبيرة بضمان ذلك الضمانات
الكافية ،وأن هذا إنما يدور في دائرة الزوج والزوجة فقط.
ً
أسلوبا لمن لم يرزق بذرية أنه يلجأ أقره املجمع الفقهي السالمي في رابطة العالم السالمي ،وبذلك يكون هذا هذا ما َّ
لهذا األسلوب الطبي ،وقد نجح مع كثيرمن األشخاص.
هناك أناس لم يرزقوا بذرية ولجأوا إلى طفل األنابيب ورزقهم الله تعالى بذرية وهم يعيشون عيشة مستقرة والحمد
لله ،هذا من نعم الله تعالى على الناس والشريعة السالمية لم تمنع ما كان فيه مصالح وال يترتب عليه ضرر ما دام أنه
في محيط الزوجين فال بأس به.
--------------------------------------------------
الحكم الشرعي الختيارجنس الجنين :هذا ُبحث في مجمع الفقه السالمي ور ابطة العالم السالمي ،إذا كان بالطرق
الطبيعية فال بأس مثل (النظام الغذائي) -ال ندري عن صحة هذا ،-لكن بعض العامة يتناقلون أن مأكوالت معينة إذا
ً
أكلها الزوج أو الزوجة فأنها تتسبب في أن تنجب الذكور مثال ،وكــ(الغسول المهبلي ،أو الغسول الكيميائي) أن المرأة
ًّ
تأخذ دشا من غسول يكون فيه أحماض أو يكون فيه أشياء حمضية وتغسل فرجها قبل الجماع فإن حملت تحمل
بذكر ،هذا قيل والله أعلم بصحته.
أيضا بتوقيت الجماع بـ(تحري وقت الباضة) ،فإن كان قبل أو بعد يأتي ذكرأو أنثى هذا عند بعض الناس فيها تجارب، ً
وهذه األصل فيها الجواز.
ولكن المسألة المهمة هي التدخل الطبي الختيارجنس الجنين بحيث يتدخل األطباء في الكروموسومات ،ويتدخلون
ما بين البويضة والحيوان المنوي ،بحيث يكون الجنس الذي يرغبون فيه ،والغالب هو الرغبة في الذكور أكثرمن
املجمع الفقهي منع من التدخل الطبي الختيارجنس الجنين إال في حالة الضرورة العالجية في األمراض الور اثية.
ً
-أقرأ عليكم قراراملجمع الفقهي أوال ثم نعلق عليه:-
ً
(أوال :يجوز اختيارجنس الجنين بالطرق الطبيعية كالنظام الغذائي ،والغسول الكيميائي ،وتوقيت الجماع بتحري
وقت الباضة لكونها أسباب مباحة ال محذور فيها.
ثانيا :ال يجوز أي تدخل طبي الختيارجنس الجنين إال في حالة الضرورة العالجية في األمراض الور اثية التي تصيب ً
الذكور دون الناث أو بالعكس ،فيجوز حينئذ التدخل بالضوابط الشرعية المقررة على أن يكون ذلك بقرارمن
تقريرا ًّ
ً ُ
طبيا بإجماع يؤكد أن حالة لجنة طبية مختصة ال يقل عدد أعضائها عن ثالثة من األطباء العدول ،تقدم
المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبي حتى ال يصاب الجنين بالمرض الور اثي ،ومن ثم يعرض التقريرعلى
جهات االختصاص جهة االفتاء املختصة لصدار ما ترى1).
إذن فقط أجازالتدخل الطبي الختيارجنس الجنين في حاالت الضرورة العالجية ،وحاالت الضرورة العالجية هي
الحاالت التي إذا كان النجاب فيها للذكور فإنه تصيبه أمراض ور اثية ،وإذا كان الناث ال يصيب أو العكس ،إذا كان
ذكورا ال يصاب ،حاالت معروفة ًّ إناثا يصاب النسل بأمراض ور اثية وإن كان ً ً
طبيا فقالوا :هنا يجوز. النجاب
مثال أتى هذا الزوج وقال :إني إذا رزقت بإناث يصبن بأمراض ور اثية ،وإذا رزقت بذكور ال يصابون بأمراض ور اثية،
تالف لهذه األمراض الور اثية. فيجوز التدخل لجعل نسله من الذكور أو العكس ،ألن هذه حاالت ضرورة ،وفيها ٍ
ً
أما اختيارجنس الجنين ألجل التشهي ،هذا ال يجوز؛ ألن فيه تدخال في خلق الله عزوجل ،وفيه إخالل بالتركيبة
السكانية التي وضعها الله تعالى لمصلحة البشر ،فإن أي مجتمع ال بد أن يكون فيه ذكور و إناث ،فإذا سمح للناس
بالتدخل في اختيارجنس الجنين ربما اتجه الناس في هذا املجتمع إلى اختيارجنس الجنين ،ربما اتجه الناس في هذا
املجتمع إلى اختيارالذكور فقط ،فيحصل في هذا من المفاسد ما ال يخفى ،ولذلك رأينا بعض هذه المفاسد في الدول
ذات الكثافة السكانية لما اتجه الناس لجهاض الناث والبقاء على الذكور ،أصبح الذكور أكثرمن الناث ،فحصل في
ذلك اختالل في التركيبة السكانية وترتب على ذلك مفاسد.
ً
إذا اختيارجنس الجنين إنما يجوز فقط في الحاالت العالجية في األمراض الور اثية فقط وال يجوز في غيره.
--------------------------------------------------
َّ
المشوه) (إسقاط الجنين
َّ
المشوه. ننتقل بعد ذلك ً
أيضا إلى نازلة من النوازل المتعلقة بفقه األسرة وهي :إسقاط الجنين
1نص قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابْة العالم الإسلامي في دورته التاسعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 22ـ/24شوال1726/هـ التي يوافقها
0ـ/6نوفمبر2334/م.
70
ُ ً
أوال :الجنين يبدأ في التخلق في بطن أمه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم تنفخ فيه الروح ،ونفخ الروح إنما يكون في طور
ض َغ ٍة ُم َخ َّل َق ٍة َو َغ ْير ُم َخ َّل َق ٍة} 1يعني بعد مرورمئة وعشرين ً
يوما يوما ،ولهذا قال الله تعالىُ { :م ْ المضغة ،بعد مرور(ً )125
ُ
بعد طور المضغة نطفة ثم علقة ثم مضغة ،ثم تنفخ فيه الروح بعد طور المضغة وقد وضح هذا النبي ﷺ:
ذلكُ ،ث َّم َيكو ُن في ذلك ُم ْ
ض َغ ًة م ْث َل َ
ذلك]2 إن َأ َح َد ُك ْم ُي ْج َم ُع َخ ْل ُق ُه في َب ْطن ُأمه َأ ْ َبع َين َي ْو ًماُ ،ث َّم َيكو ُن في ذلك َع َل َق ًة م ْث َل َ
[ َّ
ر
ً
وح] ،3إذا نفخ الروح الم َلك َُف َي ْن ُف ُخ فيه الر َ
يوماُ [ ،ث َّم ُي ْر َس ُل َ
كم أصبحت؟ أربعين وأربعين وأربعين كم؟ مائة وعشرون ً
يوما [ َو ُي ْؤ َم ُرب َأ ْ َبع َكل َمات :ب َك ْتب ر ْزقهَ ،و َأ َجلهَ ،و َع َملهَ ،و َشق ٌّيَ ،أ ْو َسع ٌ
يد]4 بعد مئة وعشرين ً
ٍ ر
سبحان الله! رزق النسان مكتوب وهو في بطن أمه ،أول ما بدأ الرزق (بكتب رزقه) ،لن يأتيك من الرزق إال ما كتب
ُ
الله لك ،الحقيقة أن هذه المعاني إن استقرت لدى المسلم تورث الطمأنينة وتزيل عنه القلق والتوتر ،الرزق
ً
أسبابا ،لكن مكتوب و أنت في بطن أمك ،ال يزيد الرزق حرص حريص ولكن أنت مأمور فقط بفعل أسباب لكونها
اطمئن لن يأتيك من الرزق إال ما كتب الله لك ،وهكذا األجل[ ،بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد].
ًإذا نفخ الروح ذكرنا أنه بعد مئة وعشرين ً
يوما.
َّ
المشوه في طور األربعين فهنا ال حرج في السقاط ألي َّ
المشوه ،فهنا إذا كان الجنين تأتي لنا مسألة إسقاط الجنين
ً
سبب ،وعند الحنابلة يجوز السقاط مطلقا حتى بدون سبب ،وإن كان األولى أال يكون السقاط إال بسبب ،ألن هذا
نطفة وليس بإنسان ما فيه روح إنه إذا كان يجوز العزل فكذلك ً
أيضا بعد أن تصل النطفة إلى الرحم. و
أيضا لم تنفخ فيه الروح ،لكن السقاط أشد منه في األربعين إال يوما فهو ً أما إذا كان ما بين األربعين ومئة وعشرين ً
مشو ًه ،وعمره أقل من مئة وعشرين ً
يوما ،فهنا ال بأس لوجود حاجة أو مصلحة ،إذا أخبراألطباء بأن الجنين سيكون َّ
ً
بإسقاطه ألنك في الحقيقة لم تقتل إنسانا إنما أسقطت نطفة أو علقة أو مضغة وال يترتب على هذا أي ش يء آخر.
يوما فأكثر ،هنا نفخت فيه الروح وأخبراألطباء بأن هذا الجنين سيكون الشكال إذا بلغ عمرالحمل مئة وعشرين ً
َ
مشو ًها لو ُولد فهل يجوز إسقاطه أو ال يجوز؟ َّ
ً
الجواب :إذا نفخت فيه الروح فقد أصبح إنسانا؛ ألن النسان مكون من جسد وروح ،وإسقاطه بعد مئة وعشرين
َّ
المشوه إذا بلغ عمرالحمل مئة يوما هو في الحقيقة قتل لنفس معصومة ،وعلى هذا فال يجوز إسقاط الجنين ً
وعشرين ً
يوما فأكثر.
مشو ًها ،كم
مشو ًها ،الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقه وهو متكفل برزقه ،وربما أنه ال يخرج َّ وأما القول بأنه سيخرج َّ
مشو ًها أن الله يعوضه بأمور
مشو ًها ،وربما إذا خرج َّ مشو ًها ولم يخرج َّ من الحاالت التي قرر األطباء بأنه سيخرج َّ
ُ ْ َ ُ َ َّ ُ َ ُ هل ُت ْن َ ً
بض َعفائك ْم].5 ص ُرون َوترزقون إال سببا لرزق الوالدين ،و[ ْ أخرى قد تكون
مشوهة ،دعها لخالقها حتى وإن كانت لكن ال يجوز االعتداء على النفس المعصومة وقتلها بحجة أنها ستكون َّ
نفسا معصومة سواء كان يوما ال يجوز السقاط ،والذي ُيسقط ويأمربالسقاط قد قتل ً مشوهة ،فبعد مئة وعشرين ً َّ
ممرضا أو حتى الوالدان اللذان يأمران بالسقاط مشتركان في جريمة القتل. ً طبيبا أوً
(زواج المسيار)
76
مسألة أخرى وهي ما يسمى بزواج المسيار ،وهذا المصطلح معروف ،زواج المسيار :هذا المصطلح معروف في دول
الخليج ،لكن في غيردول الخليج ال يعرفونه ،في دول الشام ومصر والمغرب العربي وبقية الدول ال يعرفون زواج
المسيار ،هو موجود عند دول الخليج ،وإن كان الفقهاء قد يبحثون مسائل شبيهة به مثل :نكاح النهاريات والليليات،
ً
هذا موجود ،رجل يتزوج امرأة تعمل خارج منزلها ،وترجع إلى زوجها نها ًرا ،أو العكس مثال.
وزواج ما يسمى بزواج المسيارهو نكاح مكتمل األركان والشروط ،ونكاح بـ(ولي وشاهدين و إيجاب وقبول)؛ مكتمل
ُ ُ
األركان والشروط ،لكن يتفاهم الزوج مع الزوجة على أن تسقط عنه بعض حقوقها ،فتسقط عنه النفقة ،وتسقط
ً
عنه مثال المبيت ،وربما يتفاهم معها على تأخيرالنجاب.
1وقد صدر قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابْة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشــرة المنعقــدة بمكة المكرمة في الفترة من 1724/0/17-13هـ الذي
يــوافقه 2330/7/12-6م بشأن( :عقود النكاح المستحدثة) ،ونص القرار:
[يؤكد المجمع أن عقود الزواج المستحدثة وإن اختلفت أسماؤها ،وأوصافها ،وصورها ،لا بد أن تخضع لقواعد الشريعة المقررة وضوابْها ،من توافر الأركان،
والشروط ،وانتفاء الموانع.
وقد أحدث الناس في عصرنا الحاضر بعض تلك العقود المبينة أحكامها فيما يأتي:
-1إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة وال َقسْم أو بعض منها ،وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار.
ويتناول ذلك أيضًا إبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها ،ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها أو في أي مكان آخر ،حيث لا يتوافر سكن لهما ولا نفقة.
هذان العقدان وأمثالهما صحيحان إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه وخلوه من الموانع ،ولكن ذلك خلاف الأولى.
-2الزواج المؤقت بالإنجاب وهو عقد مكتمل الأركان والشروط إلا أن أحد العاقدين يشترط في العقد أنه إذا أنجبت المرأة فلا نكاح بينهما ،أو أن يْلقها.
وهذا الزواج فاسد لوجود معنى المتعة فيه؛ لأن التوقيت بمدة معلومة كشهر أو مجهولة كالإنجاب يصيره متعة ،ونكاح المتعة مجمع على تحريمه.
-0الزواج بنية الْلاق وهو زواج توافرت فيه أركان النكاح وشروطه وأضمر الزوج في نفسه طلاق المرأة بعد مدة معلومة كعشرة أيام ،أو مجهولة ؛ كتعليق الزواج
على إتمام دراسته أو تحقيق الغرض الذي قدم من أجله.
وهذا النوع من النكاح على الرغم من أن جماعة من العلماء أجازوه ،إلا أن المجمع يرى منعه؛ لاشتماله على الغش والتدليس .إذ لو علمت المرأة أو وليها بذلك لم يقبلا
هذا العقد .ولأنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة وأضرار جسيمة تسيء إلى سمعة المسلمين].
72
ويحقق مصلحة للزوج من جهة ً
أيضا إعفافه وأن له زوجة يتردد عليها من غيرأن تشترط عليه المبيت ،ففيه مصلحة
للطرفين.
فإذا حصل التراض ي فال مانع ،وأما قول بعض الناس أن زواج المسياريجعل المرأة كالسلعة الممتهنة التي يتزوج بها
الرجل ألجل المتعة ،وأن هذا ال يليق ،وفيه امتهان لكرامة المرأة فنقول :نحن نشترط رضا المرأة ،هذا الكالم إنما
ُ ً
صحيحا لو أن المرأة أجبرت عليه ،لكن يشترط رضا المرأة ،فإذا رضيت المرأة بهذا هل تكون لكم وصاية على يكون
المرأة؟ وأن هذا الزواج ال يصح لها؟!! فهي قد رضيت به ،ظروفها ال تساعدها في أن تقبل بالزواج المعتاد ،ظروفها
تجعلها ال تقبل إال بهذا النوع من الزواج ،كما ذكرنا أرملة أو مطلقة عندها أوالدها تريد أن تبقى لتربية أوالدها ،وتقبل
بزوج يتردد عليها من وقت آلخر ،هي ترض ى بهذا ،فليس فيه امتهان لكرامة المرأة ،إنما االمتهان لكرامة المرأة لو أن
ُ
المرأة أجبرت على ذلك ،لكن أول شرط رضا المرأة بهذا الزواج ،فإذا حصل :التراض ي من الزوجين ،وحصلت
الشروط ،وحصلت األركان والشروط فما المانع من هذا الزواج! هو جائز ً
شرعا.
مناف
لكن هناك بعض الشروط التي ال تصح منها :شرط عدم النجاب ،هذا الشرط غيرصحيح حتى لو كتب ،ألنه ٍ
أيضا شرطلمقتض ى عقد النكاح ،لكنه ال يؤثرعلى صحة النكاح ،لكن الشرط نفسه غير صحيح .وشرط عدم النفقة ً
ً ُ
مناف لمقتض ى عقد النكاح .وهذه يمكن أن ال تجعل شروطا و إنما تكون بالتفاهم بين الزوجين ،لكنغيرصحيح ألنه ٍ
ً
ال تجعل شروطا .ألنها شروط غيرصحيحة ،لكن تكون بالتفاهم:
يتفاهم الزوج مع الزوجة يقول :أرغب في تأخيرالنجاب أو ال أريد النجاب في هذا الوقت ،أوال أريد أن تعفيني من
ً
النفقة ونحو ذلك .إذا كان بالتفاهم بين الزوجين ال حرج ،لكن أن يجعل شرطا فهذا الشرط غير صحيح ،لكنه ال يؤثر
على صحة عقد النكاح.
والضجة التي أثيرت في بعض الصحف أثيرت من جهة أن بعض الناس صوروا هذا النكاح بغيرصورته الحقيقية،
قالوا إن فيه امتهان لكرامة المرأة ،وفيه إرضاء لمتع الزوج وغرائزه ،لكن هذا إنما يكون لو كانت المرأة مجبرة ،نحن
اآلن نشترط رضا المرأة ،فال حرج فيه من الناحية الشرعية.
الشكال الحقيقة في تسميته بـ"المسيار" ،وحتى املجمع في قراره ما سماه بالمسيار ،لكن الناس هم الذين تعارفوا على
تسميته بالمسيار ،وبعض الر افضة ،يقولون :عندكم أنتم يا أهل السنة ش يء يشبه نكاح المتعة عندنا وهو زواج
المسيار ،هذا غير صحيح ،نكاح المتعة محرم ونكاح المتعة :أن يتمتع الرجل بالمرأة مدة معينة ثم يطلقها ،هذا ال
يجوز ،واستقرإجماع أهل السنة والجماعة على تحريمه .أما نكاح المسيارهو نكاح بولي وشاهدين و إيجاب وقبول
ً
نكاح مكتمل األركان والشروط ومؤبد -ليس مؤقتا ،-فهناك فرق بينه وبين نكاح المتعة.
هناك ما يسمى بنكاح األصدقاء ،وهو شبيه بزواج المسيارلكن على الطريقة األوروبية ،هو زواج مسيارعلى الطريقة
ً
األوروبية ،تعرفون أنه في أوروبا تكاليف المعيشة باهظة واليجارعندهم مرتفع والشاب ال يستطيع أن يوفرمسكنا
للزوجة ،فيتعرف هذا الشاب على فتاة ،هو مسلم وهي مسلمة ،ويقولون بدل ما تبقى هذه العالقة محرمة ،يعقد
53
الزوج على هذه المرأة بعقد مكتمل األركان والشروط :ولي وشاهدين ومهرو إيجاب وقبول ،لكن ال يكون للزوجة
مسكن ،ويكون غيرملزم بالمبيت و إنما يأخذها كالصديق ،يأخذها معه للفندق ،للمطعم ،ألي مكان وترجع لبيت
أهلها ،فهو كزواج المسيار لكن بالطريقة األوروبية.
فهذا الزواج ً
أيضا نقول فيه كما قلنا في نكاح المسيار :أي أنه ال بأس به من الناحية الشرعية ،وإن كان من الناحية
االجتماعية قد يكون غيرالئق لدى بعض الناس ،لكنه من الناحية الشرعية ما دام مكتمل األركان والشروط فال بأس
به ،وبدل ما تكون عالقة بين هذا الشاب والشابة عالقة غيرشرعية ُت َّ
حول إلى عالقة شرعية ،بدل ما يمش ي معها
ويذهب معها كصديق يذهب معها كزوج ،وهذا يحتاج له المسلمون في أوروبا ،وفي بعض البلدان التي فيها أقليات
إسالمية.
--------------------------------------------------
فمن أهل العلم من أجازه ،و ابن قدامة في [المغني] نسبه ألكثرأهل العلم ،1ومن أبرز من أجازه من العلماء
المعاصرين سماحة شيخنا عبد العزيزبن بازرحمه الله ،2وقالوا إنه مكتمل األركان والشروط ،النية غيرمؤثرة،
وروجع الشيخ عبد العزيز في هذه المسألة مرا ًرا وقال :إن الرجل قد يتزوج بنية الطالق ،ثم يرغب في المرأة فال يطلقها.
والقول الثاني :أنه ال يجوز ،وهذا هو الذي أقره املجمع الفقهي السالمي ،3وأظن الشيخ محمد بن عثيمين رجحه
ً حمه الله ً
أيضا ،وجمع من أهل العلم .وجد أصحاب هذا القول أن فيه غشا ،ووجه الغش :أن هذه المرأة لو علمت ر
بأن هذا الزوج سيطلقها أو علم بذلك وليها لم يرضوا ،فإن أي عاقل يعلم بأن الزوج يتزوج موليته وهو سيطلقها بعد
مدة ال يرض ى بذلك ،فإن علم ورض ي فقد أصبح نكاح متعة ،وهذا يحصل في بعض البلدان ،يعرفون بأن الزوج
سيتزوج شهرا ثم يطلقها ،هذا اآلن تحول إلى نكاح متعة بهذا العرف والموجود ،فنقول :ال يخلو :إما أن تعلم الزوجة
3قرارات المجمع الفقهي الإسلامي برابْة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشــرة المنعقــدة بمكة المكرمة في الفترة من 1724/0/17-13هـ الذي يــوافقه -6
2330/7/12م بشأن( :عقود النكاح المستحدثة).
51
ووليها بأنه سيطلقها أو ال ،فإن علمت أنه سيطلق فإن هذا أصبح نكاح متعة ومحرم ،وإن لم تعلم بأنه سيطلق فإن
ً
هذا يعتبرغشا.
كان الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 1يقول :لوال الغش لقلت بالجواز ،وهو كذلك ليس فيه إشكالية إال الغش.
ثم إن هذا النوع من النكاح قد ُأس يء استخدامه ،فبعض الناس يذهب إلى بعض الدول الفقيرة ويتزوج ً
عددا من
النساء ،يتزوج ويطلق ،يتزوج ويطلق ،بل ذكرأحد المشايخ في أثناء مناقشة هذا الموضوع في املجمع الفقهي يقول:
ً
إن رجال في سنة واحدة تزوج ثالثين امرأة ،حتى العدد يمكن اآلن ما يضبطه ثالثين امرأة ،لو حسبتها على أيام السنة ما
تأتي ،لكنهم يتساهلون في مسألة العدة فقد أس يء استخدامه.
أيضا من فقهاء املجمع يقول :كنت أجيزه ،فذهبت إلى إحدى البلدان واستقبلني أناس في المطار وأحد المشايخ ً
وقالوا :ماذا تريد؟ هذا اللون أحمريعني زنا ،وهذا أخضرزواج دائم ،وهذا لون أصفرزواج بنية الطالق ،يقول:
فأصبح عبث ،يقول :فتراجعت عن قولي بجوازالنكاح بنية الطالق ،وأصبحت أفتي بعدم جوازه ،ألنه أس يء
استخدامه.
والذين أجازوه من الفقهاء السابقين مثل الشيخ ابن بازرحمه الله؛ أجازوه لرجل ذهب لبلد غربة ،مثل :إنسان ذهب
لتجارة أو لدراسة ويبقى سنين ويريد أن يعف نفسه ،فنقول :إن هذه المرأة إذا بقيت معه سنين ربما يرغب فيها ،هذه
وجهتهم.
ولم يجيزوا الزواج بهذا العبث الذي نسمع به اآلن :يذهب إنسان لبالد فقيرة ويتزوج ً
عددا من النساء ،يتزوج ويطلق،
يتزوج ويطلق ،مثل هذا أشبه بالعبث ،هذا ال يجوز.
ولذلك فنقول :القول الراجح أن النكاح بنية الطالق أنه ال يجوز ألجل ما فيه من الغش.
--------------------------------------------------
س :الشركة املختصة في صناعة العطور لها طريقة تتميزبها ،هل يجوز للشركة أن تكشف عن هذا الطريقة ،وتصنع
مثل هذه العطور باسم يشبه اسم العطرالذي قامت به الشركة األولى؟
ج :على كل حال فإن الشركة األولى ليس لها الحق أن تمنع غيرها كونها ابتكرت هذا الش يء ،واستطاعت الشركة
الثانية أن تعرف هذا السروتقوم بتصنيع مثله فيظهرأن األصل في هذا الباحة إال إذا كان هناك تسجيل عالمة
تجارية لحقوق اختراع ،فتحترم وفق األنظمة في هذا.
1فتاوى نور على الدرب الشريط رقم ،١٢٠من موقع الشيخ رحمه الله.
52
س :هل الرجل يذكرالله جل وعال أثناء ما بين الرجل وأهله ،وإن كان في دورة المياه هل يذكرالله في قلبه؟
َ ََْ َّ َ َ ان ََّ ُ َّ َ ْ َ َّ ْ َ َ ْ َّ
وجنب الش ْيطان ما َرزقتنا]1هذا هو الذكرالوارد ،وأما بسم الله ،اللهم جنبنا الشيط ج :الذكرالوارد هو أن يقول[ :
الذكرفي دورات المياه فال يذكرالله تعالى إال في قلبه فقط.
س :إذا كان الرجل لديه بنات كثر ،هل يجوز له تحديد الجنس؟
ج:ال يجوز إال في الطرق العالجية فقط ،حتى وإن رزق ببنات فإن النسان ال يدري أين يكون الخير؟ كم من بنت خير
ً
حجابا له من النار.2 من عشرات الرجال ،ثم ً
أيضا ورد الفضل في حق من رزق ببنات وصبرعليهن ،وأنهن يكن
س :طبيب في كلية الفنون التطبيقية أجبره أستاذه على رسم صورة من الفن وفيها بعض الصلبان ،فما حكم فعل
هذا الطالب؟ عند الرفض يتم رسوب الطالب.
ج :األصل أن هذا ال يجوز إذا كان فيه صور ذوات أرواح ،أما إذا كان صورة فيها صليب وستمسح ،وهو مضطرلهذا
ويخش ى من الرسوب فأرجو أن ال يكون في هذا بأس إن شاء الله.
س :ما حكم استئجاررحم امرأة ونقل بويضة ملقحة إلى رحم امر ٍأة أخرى لتحمل بالنيابة عن األم؟
ج :هذا ال يجوز ،هذا موجود عند الغرب ،لم أذكرهذه المسألة لوضوحها؛ ألن الحكم الشرعي و ٌ
اضح فيها .فكيف
يجعل ماء رجل في رحم امرأة أجنبية! ،هذا هو الزنا ،هذا ال يجوز.
ال يجوز هذا العمل ،إنما الذي أجازه فقهاء العصر :إذا كان عند الرجل زوجتان وأراد أن ينقل بويضة امرأة إلى رحم
زوجته الثانية ،ورضيت بذلك الزوجتان ،وكان التلقيح من مائه ،هذا ال بأس به ،لكن من األم اآلن؟ األم لهذا الجنين
من هي؟ هل هي صاحبة البويضة أو التي حملت به؟
هذي عرضت لي المسألة قبل مدة .الحقيقة المسألة مشكلةُ ،أم هذا الطفل من هي؟
نعم؟ هل هي صاحبة البويضة؟ أم التي حملت به تسعة أشهر؟!!!
أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (.)٣١٢٢ 1
ت َفصَبَرَ عليهِنَ؛ كُنَ ل ُه حِجابًا مِنَ النارِ) الذي أخرجه البخاري ( ،)1716ومسلم
ي بِشي ٍء مِنَ البَنا ِ
2يشير الشيخ إلى حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها( :مَنِ ابْتُِل َ
( ،)2022والترمذي ( )1210واللفظ له ،وأحمد (.)27355
50
---------------------------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------
الحمد لله رب العالمين ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه و اتبع سنته إلى يوم
الدين .أما بعد:
فنواصل الحديث عن النوازل ،وال زلنا في النوازل في فقه األسرة.
--------------------------------------------------
ُ
)تجميد النطف(
هناك ما يسمى بتجميد النطف ،وتجميد النطف معناه :أن الحيوان المنوي يجمد تحت درجة برودة عالية تصل إلى
( )١٨٩درجة تحت الصفر ،وقد تصل إلى ( )٤٩٩أو أكثر ،وهذا التجميد يحفظ خصائص الحيوان المنوي.
يحتاج إلى تجميد النطف من الذين ُيبتلون بأمراض مستعصية ،مثل من يبتلى بالسرطان -عافانا الله و إياكم -وهو ال
شابا ،ويرغب في تجميد نطفه؛ ألنه إذا استخدم الكيماوي فإنه يصبح غيرقادرعلى النجاب؛ ألن الحيوانات يزال ًّ
ُ
المنوية لديه تموت ،فيريد قبل أن يستخدم الكيماوي في عالج السرطان يريد أن تجمد نطفه ،ثم تنقل بعد ذلك إلى
زوجته ،ويرزق بذرية من مائه هو.
طبعا إذا كان بين غيرالزوجين فإنه ال يجوز ،هذا محرم بالجماع ،وال إشكال في تحريمه ،لكن ً
أيضا إذا هذا الموضوع ً
ً
كان بين الزوجين من غيرحاجة فإنه ال يجوز؛ لما يترتب عليه من محاذيرشرعية من خشية اختالط األنساب ،و أيضا
من كشف العورات وغيرذلك.
مستعص ،ويريد تجميد نطفه ألنه عند العالج قد ٍ لكن إذا قامت الحاجة لهذا األمرمثل ما ذكرت :إنسان ابتلي بمرض
يؤثرهذا العالج على النجاب لديه.
ً
بنكا ًّ
خاصا بي ،وينقل لزوجتي ،وأرزق بذلك بذرية ،فال أحرم من الذرية. فيقول :أنا أريد أن أجعل لي
خش اختالط األنساب ،أو خاصا بالزوج والزوجة ،ولم ُي َ
الذي يظهرأن هذا األمرإذا تم تحت رقابة صارمة ،وكان ًّ
انتقال هذا المني أو الماء إلى غيرالزوجة ،أنه ال حرج فيه إن شاء الله؛ ألنه أخذ من مائه ولقح به زوجته ،كما قلنا في
طفل األنابيب ،وقد عرضت وزارة الصحة على هيئة كبارالعلماء أن تجعل هذا لدينا في المملكة ،ولكن كثيرمن
المشايخ في الهيئة تحفظوا على هذا الموضوع ،وقالوا :نخش ى أن يترتب عليه بعض األمور ،ولذلك لم ُيقر.
لكنه موجود بكثرة في الغرب ،فمن حيث الحكم الشرعي الذي يظهر :أنه إذا كان تحت رقابة صارمة ،ولم يتطرق إليه
ُ
الشك وال بنسبة ( ،)%١وأن هذه الحيوانات المنوية ستنقل للزوجة مباشرة فإن هذا ال حرج فيه إن شاء الله؛ ألن
ُ
هذا النسان اآلن ابتلي بهذا المرض ،فلماذا نجمع عليه مصيبتين؟ المرض ،والحرمان من الذرية ،وبالمكان أن تحقن
57
زوجته من مائه ،ولكن مع التشديد في الصرامة في حفظ هذا الماء ،يفترض أن يكون هذا تحت رعاية مؤسسات
موثوقة ،أو رعاية دول ونحو ذلك ،حتى ال يكون هناك مجال الختالط األنساب ونحو هذا.
--------------------------------------------------
)البصمة الور اثية(
ننتقل لنازلة أخرى وهي البصمة الور اثية :البصمة الور اثية وتسمى :بالحمض النووي ،ومعناها -معنى هذه البصمة-
هي البنية الجينية ،والجينات هي :المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينهُ ،ويرمزللمادة المورثة الموجودة في
الخاليا ب ـ( ،)DNAبعضهم ُيسميها ال ( ،)DNAبعضهم يسميها بالبصمة الور اثية ،بعضهم يسميها بالحمض النووي،
لمسمى واحد ،فتعني المادة المورثة الموجودة في خاليا جميع الكائنات الحية. َّ كلها أسماء
وهذه الجينات أو المورثات الحية هي األحماض األمينية الموجودة لدى كل إنسان ،فإنه في داخل النواة التي تستقرفي
خلية النسان يوجد فيها ( )٤١من الصبغات التي تسمى :بالكروموسومات ،وهذه الكروموسومات تتكون من المادة
الور اثية التي تسمى بالحمض النووي ،وكل واحد من هذه الكروموسومات يحتوي على عدد كبيرمن الجينات
الور اثية ،وقد تبلغ في الخلية الواحدة مائة ألف ( )١٩٩.٩٩٩مورث جيني أو أكثر ،وهذه المورثات الجينية هي التي
تتحكم في صفات النسان والطريقة التي يعمل بها.
ً ً
و أثبت الطب الحديث أن كل إنسان يمتلك جينوما خاصا به دونما سواه ،ال يمكن أن يتشابه مع غيره كبصمات
ً
األصابع ،بحيث ال تتطابق الصفات الجينية بين شخص وآخرأبدا.
ً
ولهذا جرى إطالق عبارة (بصمة ور اثية) للداللة على تثبيت هوية الشخص أخذا من عينة الحمض النووي الذي
يحمله النسان عن أبيه وأمه ،فإن كل شخص يحمل في خليته الجينية ( )٤١من صبغات الكروموسومات ،يرث
ً
كروموسوما من أمه. ً
كروموسوما من أبيه و ()٤١ نصفها ()٤١
فمجموعهما )٤١ + ٤١( :ينتج كروموسومات خاصة به ال تتطابق مع كروموسومات أبيه وال مع كروموسومات أمه.
وقد أصبح ُيستفاد من هذه البصمة في الوقت الحاضرُ ،يستفاد منها في مجاالت عديدة كما في إثبات النسب ،ونتيجة
ُ ُ
إثبات النسب فيها قطعية أو شبه قطعية ،فيمكن إذا أخذ الحمض النووي من شخص ،وأخذ من أبيه ُيعرف بشكل
ً
قاطع هل هو أبوه فعال أم ال!.
ً
ُويستفاد منها في الجرائم الجنائية التي تحتاج لتحديد الهوية ،فإذا وجد مثال شخص في جريمة وأريد معرفة هويته
ً
ُيؤخذ الحمض النوويُ ،ويعرف هل هو فالن فعال أم ال؟!.
ً
وكذلك ُيستفاد منها أيضا عند اشتباه المواليد في المستشفيات وغيرها ،وعند االختالف في دعوى النسب ،فأصبحت
هذه البصمة ُيستفاد منها في أمور كثيرة.
فنحن اآلن أمام هذا الو اقع فما أثرهذه البصمة في األحكام الشرعية؟
ً
أوال :من جهة إثبات النسب فيمكن أن ُيستفاد منها عند التنازع ،لكن ال يعتمد عليها في نفي النسب.
الطريق الوحيد لنفي النسب هو "اللعان" ،وما عاداه ال يعتمد عليه حتى الحمض النووي ،لماذا؟
ألن هذه كلها تبقى قرائن ،وألن الشبه الذي يكاد يصل لدرجة القطع في عهد النبي عليه الصالة والسالم لم يعتبره،
فإنه في قصة [هالل بن أمية لما العن امرأته قال النبي ﷺ" :أبصروها فإن جاءت به كذا وكذا وكذا فهو لشريك ابن
55
مطابقا للوصف الذي ذكره النبي عليه الصالة والسالم ً ً
تماما] ،1لكن هل ألحقها سحماء الذي ُرم َي بالزنا" ،فأتت به
ُ َّ ً
النبي عليه الصالة والسالم به؟ أبدا .قال" :هو لك يا هالل إال أن تالعن" ،فالعن هالل ونفى النسب.
لما ذكرالنبي عليه الصالة والسالم هذه الصفات (خدلج الساقين...إلى آخرما ذكر) هذه قريبة من القطع ،انظروا!
فإن أتت به كذا وكذا وكذا فهو لهالل ،فأتت به على الوصف المذكور لكن النبي ﷺ لم يعتبرذلك ،إنما جعل المعتبر
في نفي النسب هو (اللعان).
فإذا شك رجل في نسب ولده من ابن أو بنت ،ثم أجرى الحمض النووي ،وقال :هذا ليس مني ،فنقولُ :ينسب لك ،وإذا
أيضا فيه معنى آخروهو أنه يلعن نفسه أربع مرات ،يعني هذا أ دت أن ينفى عنك العن ،ال بد من اللعان؛ ألن اللعان ً
ر
ليس باألمرالهين ،يشهد بالله أربع مرات إنه لمن الصادقين ،والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ،هذا
ليس باألمرالهين لن يقدم عليه إال وهو متحقق في الغالب من ص ْدق نفسه.
ً
إذا الطريق الوحيد لنفي النسب هو اللعان ،ليس هناك طريق آخر ،فال يعتمد على البصمة الور اثية في (نفي
النسب).
أما في حالة (إثبات النسب) فيمكن أن ُيعتمد عليه في ذلك ،ومن ذلك:
جرى الحمض النووي ،فمن أثبت الحمض في َ حاالت التنازع على مجهول النسب ،فإذا تنازع اثنان في نسب مولود ُ
النووي أنه ابنه ُي َ
لحق به.
ً
وفي حالة اشتباه المواليد في المستشفيات أيضا ُيعتمد على الحمض النووي في إثبات النسب هنا ،وفي حال
ضياع األطفال واختالطهم ،وتعذرمعرفة أهلهم فيمكن أن ُيستفاد من الحمض النووي في إثبات النسب ال في
نفيه.
وينبغي أن يكون استعمال الحمض النووي في الحاالت الضيقة :إما في الجرائم الجنائية ،أو في حاالت إثبات النسب
خاصة في حاالت االشتباه ،لكن ال يتوسع في ذلك ،وأن يحاط بقدركبيرمن السرية ومن الصرامة.
صدرعندنا في المملكة تنظيم من مجلس الوزراء بأنه ال تقوم مستشفيات بإثبات الحمض النووي إال بأمر قضائي أو
من الجهات األمنية عندما تحتاج إلى ذلك؛ ألن بعض الناس عندهم وسوسة ،يشك في أوالده ،هل هم أوالدي أم ال؟ أنا
أذهب وأجرب أعمل لهم حمض نووي ،ثم يتسبب في مشاكل ،ربما أن المرأة مجرد أن يذهب بهم لجراء حمض نووي
َّ
تطلب الطالق منه ،ويتسبب هذا في مشاكل ،فال ُي َمكن من ذلك إال إذا وجد سبب يستدعي كأن تزني امراته ويريد أن
يتثبت هل هذا الحمل من الزنا أو ليس من الزنا ،فإن كان من الزنا العن ،وإن كان من غيرالزنا لم يالعن ،فيستفاد
منه في هذا ،ألن بعض الناس قد ُيبتلى بمثل هذا ،فيقول إذا حملت من الزنا فأريد أن أالعنها وإن لم تحمل من الزنا
َ َ َ
فلن أالعن ،ويبقى له القرارهل ُيطلق أو ال ُيطلق ،إن تابت فاألمرله ُيطلق أم ال.
ْ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ
أما إن لم تتب فيجب عليه الطالق﴿ ،الخبيثات للخبيثين َوالخبيثون للخبيثات﴾.2
ً
إذا نخلص من هذا إلى )أن البصمة الور اثية يمكن أن يستفاد منها في إثبات النسب وال يعتمد عليها في نفيه).
علْمًا ،فَقالَ:
أن عِ ْندَ ُه منه ِ
ن مَالِكٍَ ،وأَنَا أُرَى َ سبَ ت َأنَ َ
1يشير الشيخ حفظه الله إلى الحديث الذي أخرجه مسلم ( ،)1720والنسائي ( ،)0706ولفظ مسلم[ :سََأ ْل ُ
ل رَسولُ اللهِ ﷺ :أَ ْبصِرُوهَا ،فإنْ سلَامِ ،قالَ :فلاعَنَهَا ،فَقا َ ُمهِ ،وَكانَ أَوَ َل رَجُ ٍل لَاعَنَ في الإ ْ
ن مَالِكٍ لِأ ِ
ن سَحْمَاءَ ،وَكانَ أَخَا البَرَا ِء ب ِ ف امْ َرأَ َتهُ بشَرِيكِ ا ْب ِ
ن أُمَيَ َة قَذَ َ
إنَ ِهلَا َل ب َ
ت أنَهَا جَا َءتْ به أَكْحَ َل جَعْدًا حَ ْمشَ سحْمَاءَ ،قالََ :فأُنْ ِب ْئ ُ
ش السَا َقيْنِ فَهو ِلشَرِيكِ ابْنِ َ
ت به أَكْحَلَ جَعْدًا حَ ْم َ ن جَا َء ْ ن فَهو لِ ِهلَا ِل بنِ أُم ََيةَ ،وإ ْ ض سَ ِبًْا َقضِيءَ العَيْ َنيْ ِجَا َءتْ به َأبْيَ َ
السَا َقيْنِ].
2سورة النور الآية (.)20
50
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
من المعلوم أن الزوجة تجب لها النفقة على زوجها ،لكن هل نفقة الزوجة الموظفة على زوجها مثل نفقة الزوجة غير
الموظفة؟ هل للوظيفة أو للعمل أثرفي إسقاط أو تخفيف النفقة أم ال؟.
هذه المسألة حقيقة تعتبرمن النوازل ،لماذا تعتبرمن النوازل؟ ألن العمل بالنسبة للمرأة ،العمل في الوظائف لم يكن
ٌ
موجود عليها اآلن .األصل في المرأة أنها تقر في بيتها ،وهي مكفولة ومأمور بالنفاق عليها ً
موجودا بهذه الصورة التي هي
من قبل زوجها إن كانت متزوجة ،أو من قبل والدها ،أو من قبل أخيها إن لم يكن لها زوج وال أب ،فهي مكفولة النفقة.
لكن كما ترون اآلن أن و اقع المرأة في الوقت الحاضر اختلف عن و اقع المرأة من قبل ،وأصبح كثير من النساء من
الموظفات ومن العامالت. .
ً ً
وإذا تزوج الرجل امرأة موظفة ،كيف تكون نفقتها؟
أوال :نقول النفقة إنما وجبت ًً
شرعا بسبب عقد الزوجية مقابل تمكين الزوجة للزوج من االستمتاع بها ،فهي مقابل
االستمتاع بها.
والمرأة العاملة يتحقق االستمتاع بها لكنه ال يتحقق التمكين التام ،فجزء من وقتها هي خارج المنزل ،تكون خارج المنزل
ً
مثال ست أو ثمان ساعات أو أكثرأو أقل ،فال يتحقق التمكين من االستمتاع بها إال بعضه ،ال يتحقق التمكين التام و إنما
بعضه ،وعلى ذلك فهذا يؤثرعلى النفقة ،فتنقص نفقة المرأة العاملة في مقابل نقص التمكين التام للزوج.
ثم إن ً
أيضا المرأة العاملة تحتاج من الكسوة وما يتبعها ما ال تحتاج المرأة غيرالعاملة ،ألن المرأة العاملة قد تريد أن
ً ً ً
جديدا ،وهذا بخالف المرأة جديدا أمام زميالتها ،هي تذهب كل يوم لمكان العمل ،فهي قد تريد أن تلبس شيئا تلبس
غير العاملة المستقرة في بيتها ،فحوائج المرأة العاملة أكثر من غير العاملة ،وعلى هذا فالذي يظهر -والله أعلم -أن
المرأة العاملة يجب لها النفقة ،لكن نفقتها أقل من نفقة المرأة غيرالعاملة ،نفقتها أقل.
ُ َ ً ُ
فلو قدر أن هذه المرأة مثال إذا كانت غير عاملة نفقتها كذا ،إذا أراد أن ُينفق على المرأة العاملة ،فإنها تقدر بأقل من
نفقة المرأة غيرالعاملة.
54
المرأة غير العاملة هي ممكنة لزوجها التمكين التام طيلة الوقت ،المرأة العاملة ليست ممكنة لزوجها التمكين التام،
جزء من الوقت ست أو ثماني ساعات أو أكثر أو أقل تكون في مكان العمل وال تكون في المنزل ،وهذا له ٌ
أثر في إنقاص
النفقة ،وليس في إسقاطها و إنما في إنقاص النفقة.
فهذا ًإذا نقول :إن عمل المرأة له ٌ
أثرفي إنقاص النفقة ،وليس في إسقاطها ،هذا الذي يظهر-والله أعلم -في هذه المسألة.
--------------------------------------------------
والقتل عند الفقهاء ،سواء كان قتل عمد ،أو قتل شبه عمد ،أو قتل خطأ ،على خالف بينهم ،في القتل الخطأ ،هل القتل
الخطأ من موانع الرث أم ال؟
1متن الرحبية في علم الفرائض الأبيات ( ،)٢٢- ٢٦من تأليف أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الرحبي الشافعي المعروف بابن المتقنة المتوفى 544هـ.
الذي يهمنا هنا في هذه المسألة هوحوادث السيارات ،إذا تسبب الوارث في قتل مورثه عن طريق حادث سيارة ،ولم يكن
ذلك بطريق العمد ،وال شبه العمد ،و إنما بطريق الخطأ ،كأن يكون ركب معه في السيارة والده ،ثم وقع له حادث على
ً
الطريق ،وقرر المرورأن على هذا االبن نسبة من الخطأ ،عليه مثال خمسين في المائة ،فهنا قد تسبب هذا االبن في وفاة
أبيه .فعلى مذهب الحنابلة والشافعية ،أن هذا االبن ُيحرم من الميراث.
لكن هذا االبن قد يكون هو االبن البار بهذا األب ،قد يكون لهذا الرجل ابنان ،أحدهما ٌ
عاق فيه ،ال يمتثل ألوامر أبيه
ُ ً َّ ٌ
مرة ،ثم قدر أن
وال يطيعه وال يبر به ،واآلخر ابن بار صالح ،كلما طلب أبوه منه شيئا لبى طلبه ،فأركبه في السيارة ذات ٍ
وقع له حادث سيارة ،فمات األب.
فعلى هذا القول ُيحرم هذا االبن البارمن الميراث ،ويرث هذا االبن العاق.
هذا مما يبين رجحان القول بأن القاتل الخطأ يرث من مورثه ما لم تقم بينة أو قرينة على أنه أراد تعجل الميراث ،وعلى
هذا ففي مثالنا السابق في الحوادث المرورية التي تسبب فيها بعض الناس في وفاة مورثيهم ،نقول على القول الراجح
أنهم ال ُيحرمون من الميراث ،و إنما يرثون منهم.
ً
فهذا االبن الذي أركب والده ،صحيح أنه تسبب في حادث سيارة ،إما بالسرعة ،أو لكونه مثال لم ينتبه ،أو لضعف
التركيز ،أو لمكالمة جوال ،أو لغير ذلك ،فوقع هذا الحادث فتسبب في وفاة والده ،لكنه لم يتعمد ،فكيف ُيحرم من
الميراث؟!
ُ
ثم إن الحادث الذي أصاب والده يمكن أن يصيبه هو ،وهذا ما يبين على أنه لم يتعمد؛ السيارة أصيبت بحادث ،يمكن
أن ُيصاب السائق ،ويمكن أن ُيصاب الراكب.
وعلى هذا فالقول الراجح ،أن هذا الوارث ال ُيحرم من مورثه ،ما دام أن القتل بطريق الخطأ ،إال إذا قامت البينة أو
القرينة على أنه قصد تعجل الميراث.
وهذه المسألة ُعرضت على هيئة كبارالعلماء و أقرت الهيئة باألغلبية 2أن القاتل في حوادث السيارات ال ُيحرم من مال
مورثه ،ما لم تقم قرينة تدل على أنه تعجل الميراث ،لكنه باألغلبية ليس بالجماع ،فهناك بعض المشايخ على مذهب
1سبق تخريجه.
2صدرت فتوى قضائية وقرار رقم ( )١٢٢بتاريخ ٢٨١٣ /٦ /٢١هـ من مجلس هيئة كبار العلماء في دورته االسابعة والخمسين والتي انعقدت في مدينة الْائف ،في
موضوع [حكم توريث المتسبب في موت مورثه في حوادث السيارات] برئاسة فضيلة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ،وجاء فيها" :استكمل
المجلس دراسة هذا الموضوع بعد اطلاعه على البحوث المعدة فيه ،وعلى مرئيات القضاة واختلافهم في المسألة ،وتصنيف آراء القضاة الذين وردت إجاباتهم ثم جرت
52
ً
الحنابلة ،وأن القتل الخطأ يمنع من الميراث مطلقا ،واألظهر -والله أعلم -أنه ال يمنع ما لم تقم القرينة على أنه تعجل
ذلك.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
سؤال :رفع المام من السجدة الثانية ولم يكبر ،ولم يرفع بعض المصلين من السجود إال عند سماع تكبيرة الركوع من
المام ،وفاتهم قراءة الفاتحة وبعضهم فاته الركوع ً
أيضا ،هل يجبرعنه المام أم يأتي بركعة ثانيةً ،
علما بإن المام سجد
السهو؟
الجواب :أما بالنسبة لمن فاته الركوع فقد فاته ركن ،فال بد أن يأتي بالركوع وما بعده وإال بطلت تلك الركعة ولزمه أن
ً ً
يأتي بركعة أخرى بدال عنها ،وأما من فاته قراءة الفاتحة فقراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم ليست ركنا و إنما هي واجبة
فقط ،وهذا الوجوب يسقط في حاالت :يسقط في حالة المسبوق ،ويسقط في حالة السهو ،وفي حالة النسيان ،وفي مثل
هذه الحالة يسقط ال يضر ،فإذا كان مجرد فاتته الفاتحة ال يضر ،ويتحملها المام عنه؛ ألن المام يتحمل عن المأموم
واجبات الصالة ،لكن إذا فاته ركن هنا ال بد أن يأتي بهذا الركن ،وال يكفي سجود السهو لإلمام في آخرالصالة.
--------------------------------------------------
الجواب :تقويم األسنان إنما يكون عند وجود عيب في األسنان ،ولذلك لو ذهب إنسان لطبيب األسنان وأسنانه ليست
ً
بحاجة إلى تقويم ،مستقيمة أصال تجد أن الطبيب يعتذرمنه ،يقول له :أسنانك سليمة ال تحتاج تقويم ،إنما التي تحتاج
إلى تقويم التي بها عيب.
والقاعدة أن ما كان من باب إزالة العيب فهو جائز وال يعتبر من التغيير لخلق الله عز وجل ،ولهذا [لعن النبي ﷺ
الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله] ،1وتأمل قوله[ :للحسن] ،وهذا
ُ
يدل على أنه إذا كان ليس للحسن و إنما لزالة عيب فإنه ال بأس به ،ولهذا عرفجة بن أسعد [عندما قطع أنفه أمره النبي
مداولات ومناقشات ،رأى المجلس بعدها بالأكثرية توريث المتسبب في الحادث من مورثه ،ما لم تقم تهمة بتعجله موت مورثه ،وتقدير ذلك راجع للقاضي .وبالله التوفيق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه".
حسْنِ،
ت ِللْ ُ
ت وال ُمسْتَ ْوشِماتِ ،والمُتَنَمِصاتِ ،والمُتَفَلِجا ِ
1يشير الشيخ حفظه الله إلى حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ،ولفظ البخاري( :لَعَنَ اللَ ُه الواشِما ِ
ق اللَ ِه تَعالَى).
خلْ َ
ت َ
المُغَيِرا ِ
03
ً ً
ﷺ أن يتخذ أنفا من فضة فأنتن ،فأمره أن يتخذ أنفا من ذهب]1؛ ألن هذا من باب إزالة العيب ،والذي يظهر -والله
ً
أعلم -أن تقويم األسنان أنه ال بأس به مطلقا ،هناك بعض العلماء المعاصرين من فرق بين ما إذا كان المقصود به
التجمل أو إزالة عيب ،وهذا عندي غير ظاهر؛ ألن أصل التقويم كله لزالة العيب ،ثم هو مجرد شد لألسنان ،فال يقال
فيه ً
تغييرا لخلق الله عز وجل؛ ألن إذا كان ليس فيه عيب فال يحتاج تقويم.
--------------------------------------------------
سؤال :ماتت امرأة عن أخ وأخت ألم ،و أبناء أخ ألب( ،إذا كان المقصود من السؤال أخ ألم وأخت ألم و أبناء أخ ألب) إذا
كان هكذا ،ألن األخ لم يبي ن لنا األخ هو ألم أو ألب أو شقيق ،لكن الذي يظهر :أنه يقصد من السؤال (أخ ألم وأخت ألم،
و أبناء أخ ألب).
الجواب :فاألخ ألم واألخت ألم يرثان الثلث؛ ألن المسألة كاللة؛ والكاللة هي :التي ليس فيها وارث ،و من ليس له ولد وال
والد ذكر ،فاألخ ألم واألخت ألم يرثان الثلث ،والباقي ألبناء األخ ألب.
--------------------------------------------------
سؤال :الحقوق المعنوية هل هي أوسع مما قلتم مثل :اعتداء اللفظ ،والقذف يدخل في الحقوق المعنوية؟
الجواب :ال ،ليست هذه المقصودة .هذا األخ السائل يقصد التعويض عن الضرر المعنوي ،وهذه ليست هي
المقصودة في البحث.
الحقوق المعنوية هي التي ذكرناها مثل :حقوق المؤلف ،مثل حق العالمة التجارية ،االسم التجاري ،هذه هي الحقوق
المعنوية ،لكن يقصد األخ االعتداء اللفظي ،والقذف -يقصد التعويض عن الضرر المعنوي -وهذا موجود بكثرة في
الغرب ،فعندهم يقول :أن األلم النفس ي هذا ال بد يكون له تعويض ،فإنسان قذف آخرفيحد ثمن الجلدة ،لكن يقول:
شرعا التعويض عن الضررتعويضا عن الضرر المعنوي الذي لحق بي ،نقول :هذا غير معتبر ً ً أنا أريد غير الحد ،أريد
المعنوي غير معتبر ،و إنما المعتبر التعويض عن الضرر الحس ي ،أو الضرر الحس ي الذي ترتب على الضرر المعنوي،
ً
أما مجرد أضرار معنوية تقدر عند الغرب باآلآلف ،وأحيانا بأرقام كبيرة هذه فيها عدم عدالة ،و لذلك يذكر في قصص
ً
نسانا ،هذه كلها غير معتبرة ،و المعتبر ً
شرعا هو التعويض عن فيها غرابة في تعويضات كبيرة ألجل أذى نفس ي لحق إ
الضرر الحس ي ،أو الضرر الحس ي الذي ترتب على الضرر المعنوي.
--------------------------------------------------
ب في الجاهليةِ قال
1أخرجه الترمذي ( ،)1443والنسائي ( )5102واللفظ له ،وأحمد ( ،)23267من حديث عرفجة بن أسعد أنه( :أصيب أنفُه يو َم الكُلا ِ
لنبي ﷺ أن يتخذه من ذهبٍ).
ن عليه فأمره ا ُ
فاتخذ أنفًا من فض ٍة فأنت َ
01
سؤال :هل الرجل عامل بنفس وقت عمل المرأة أي يكونا نفس الوقت خارج المنزل ،مع العلم بعد عودتها لم تقصر في
حق زوجها ،فهل تنقص نفقتها؟
الجواب :األصل كما ذكرنا أن نفقة المرأة هي مقابل التمكين ،فإذا كانت المرأة هي موجودة في البيت طيلة الوقت ليست
كالمرأة الموجودة جزء من الوقت بغض النظر عن وجود الزوج ،وجود الزوج هنا غير مؤثر؛ ألن هذا مقابل التمكين
فقط فالذي يظهرأن وجود الزوج أو عدم وجوده أنه غير مؤثربهذه المسألة.
--------------------------------------------------
سؤال :ما حكم أخذ السمسرة على التوفيق بين البائع والمشتري في عقود المقاوالت؟
الجواب :ال بأس به ،هذا من قديم الزمان ،حتى في عهد النبي عليه الصالة والسالم ،الذي يتوسط بين البائع والمشتري
و يأخذ مقابل ذلك بما يسمى السمسرة هذا جائز و ال بأس به.
--------------------------------------------------
ً
سؤال :في زمن تسارع النوازل والفتن وتواليها السريع ال سيما أن عملية الفرز والتمحيص ومعرفة أحكامها سيأخذ وقتا
كبيرا -كما أشرتم ،-فما هي النصيحة العامة؟ ً
ً
الجواب :صحيح ما ذكره األخ الكريم ،فعال إشكالية أن النوازل كثيرة ومتسارعة ،لكن أحسب أن مثل هذه الدورات
تحقق لطالب العلم أن يعرف الحد األدنى ألحكام هذه النوازل ،يعني اآلن في هذه الدورة أخذنا كم نازلة ،أصبح لدى كل
أيضا إذا ضممت لذلك الدورتين الماضيتين أصبح عنده تصور الحد األدنى عن كل ً
واحد منكم تصور عن كل نازلة ،و
قضية في معظم أبواب الفقه ،فمثل هذه الدورات تحقق هذا الجانب ،وإال كما ذكراألخ الكريم.
ً ويمكن ً
أيضا أن تعقد دورات في النوازل من حين ألخر ،يمكن بعد سنوات -مثال -تعقد أيضا دورة في النوازل وتذكر
النوازل المستجدة األخرى فيها ،لكن من أفضل الطرق لتصور هذه النوازل مثل هذه الدورات؛ ألنها تعطي طالب العلم
تصورا ،وتثير لديه إشكاالت ،وتعطيه الحد األدنى لمعرفة وتصور هذه النوازل وهذه المسائل المستجدة ،أنتم اآلن ً
ً
تصورا عن واحدة من هذه النوازل سيستفيد منها طيلة حياته، استمعتم لعرض عدد من النوازل كل واحد منكم أخذ
لكن من المهم ً
أيضا أن تستذكروا ما أخذتموه في هذه الدورة مرة أخرى؛ ألن االستماع مرة واحدة قد ال يكفي ،يمكن
ً ً
ذلك لمن كتب أن يراجع ما كتب ،أو عن طريق التسجيل ،والخوان سجلوا اآلن الدورة صوتا وصورة ،يمكن أن تراجع
مرة أخرى حتى تستقرفي الذهن أكثر ،فمثل هذه الدورات تعطي الحد األدنى في هذه القضايا وهذه المسائل.
--------------------------------------------------
الجواب :شحن الجوال في المسجد يترتب عليه استهالك كمية يسيرة من الكهرباء من بيت مال المسلمين ،ألن المساجد
اآلن في المملكة كلها على بيت المال ،في بعض الدول قد يكون ليس على بيت المال بل على بعض املحسنين ،حتى عندنا
02
في المملكة مساجد لكنها قليلة يتولى المالك كل ما يتعلق بالمسجد ،لكن سأتكلم عن األعم األغلب وأن ذلك من بيت
مال المسلمين ،هل ُيتسامح في هذا االستخدام؟ إذا نظرنا إلى النصوص الشرعية نجد أنها تتسامح في الش يء اليسير،
ً ً
ومن ذلك قول النبي ﷺ" :إذا دخل أحدكم بستانا فلينادي ثالثا يا راعي البستان فإن أجابه و إال فليأكل ،و إذا مر على
ً
ماشية فلينادي يا راعي البل ثالثا فإن أجابه وإال شرب" ،1هذا الحديث عند أصحاب السنن له شواهد وطرق متعددة
ً
وهوبمجموعها ثابت ،وأخذ به فقهاء الحنابلة وهوالمذهب عندهم ،وقالوا :إنه يجوز لمن وجد بستانا غيرمحاط بسور
أن يأكل من ثمرالبستان ،ويستحب له أن ينادي راعي البستان ،فإن أتى و إال أكل ،لكن ليس له أن يحمل في جيبه [غير
ً ً
أيضا لو وجد إبال فيستحب أن ينادي راعي البل ،وله أن يحلب وال حرج عليه ،أخذ بظاهر متخذ خبنة] يأكل فقط .و
ْ َ َ ُ
حل َب َّن َ
ماشية َ
أح ٍد بغير إذنه]،2 أح ٌد هذا الحديث فقهاء الحنابلة ،ومنع من هذا الجمهور واستدلوا بقول النبي ﷺ[ :ال ي
صحيح فيحمل على من أتى لبستان ليس عليه حائط وأراد أن يأكل منه ،أو ٌ ولكن ما دام أن حديث "يا راعي البستان"3
ً
لماشية ليس لها راع وأراد أن يشرب من لبنها من غير أن يحمل شيئا معه ،وأما حديث:
ْ
أح ٍد بغير إذنه] ،4يكون في غيرهذه الحال. أح ٌد ماشي َة َ ُ
َحل َب َّن َ [ال
ْ َ َ ُ
حل َب َّن َ
أح ٍد بغير إذنه].5 ماشية َ أح ٌد فيكون حديث "يا راعي البستان" خاص بعموم [ :ال ي
المذاهب األخرى -الحنفية والمالكية والشافعية -على عدم الجواز ،والحنابلة على أن هذا جائز ،واألظهر هو مذهب
ً
صحيحا فنعمل بجميع األحاديث ،وال نعمل بأحاديث الحنابلة في هذه المسألة؛ ألن الحديث -كما قلنا -صحيح ،ومادام
ونترك أحاديث أخرى ،والشافعي رحمه الله قال( :إن صح حديث "يا راعي البستان" أخذت به) لكنه شكك بصحته،
لكن له شواهد وطرق متعددة ،والذي يظهربجميع طرقه وشواهده أنه صحيح.
الشاهد من هذه القصة :أنه إذا جاز لإلنسان أن يشرب من ماشية أحد بغير إذنه إذا نادى :يا صاحب البستان ،فما
أصال ،فهو من باب أولى أنه يجوز ،ثم ًً بالك بشحن جوال ،وهو ً
أيضا أيضا من بيت مال المسلمين الذي له حق فيه
ُ
اللقطة في الش يء اليسيرالذي ال تلتفت له أوساط همة الناس يجوز أخذه كالسوط والعصا والمبالغ اليسيرة مثال :ريال،
ريالين ،خمسة رياالت إذا وجدتها في الطريق يجوز أن تأخذها ،فإذا كان هذا في األمالك الخاصة ومع ذلك يجوز لكونها
أشياء يسيرة ،فما بالك إذا كان من بيت مال المسلمين والنسان له ٌ
حق فيه ،فهو أولى بالجواز ،وعلى هذا التقريرالذي
أيضا مر افق المسجد كلها وضعت يظهر -والله أعلم -أنه يجوز شحن الجوال في المسجد ،وأن هذا ال حرج فيه ،ثم إن ً
أيضا شحن الهاتفلخدمة المصلين ،فهذه الكهرباء تض يء لخدمة المصلين ،وهذه المياه والمكيفات ،ومن ذلك ً
الجوال خاصة للمعتكفين ،الذي يظهرأن هذا يعتبرمن خدمة المصلين ،وأن هذا ال حرج فيه ،ثم ً
أيضا أن هذا في عرف
الناس من الش يء الذي يتسامح فيه ،لو ذهبت ألي إنسان اآلن حتى لو كان ً
فقيرا وقلت :اشحن الجوال لي ،هل سيمتنع؟
ن
1يشير الشيخ إلى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي أخرجه ابن ماجه ( ،)2033وأحمد ( ،)11375واللفظ عند أحمد[ :إذا أتَى أحَدُكم حائًْا ،فأَرادَ أ ْ
ن أَجابَه ،وإلَا
ب الإب ِل -أو يا راعيَ الإب ِل -فإ ْ
ب مِن ألبانِها ،فلْيُنا ِد :يا صاح َ
ن يش َر َ
يأكُلَ ،فلْيُنا ِد :يا صاحبَ الحائطِ ،ثلاثًا ،فإنْ أَجابَه ،وإلَا فلْيأكُلْ ،وإذا مرَ أحَدُكم بإبلٍ ،فأَراد أ ْ
فلْيش َربْ].
2صحيح أبي داود ( ،)١٦١٣ولفظ البخاري ([ :)١٨٣٥إلا بإذنه].
3المقصود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي أخرجه ابن ماجه ( ،)2033وأحمد ( )11375السابق.
4المصدر السابق.
5المصدر السابق.
00
ً ً ال ،لن يمتنع ،حتى و إن كان ً
فقيرا ،وإن كان مثال عامال ،إن كان أي إنسان تقول له :اشحن لي هذا الجوال ال يمتنع ،ألن
هذا من األشياء اليسيرة التي تعارف الناس على التسامح فيها ،وعلى هذا فالذي يظهرأن هذا ال حرج فيه.
--------------------------------------------------
الجواب :ال يجوز ذلك ،ال بد من إذن الزوج ،فإذا كان ال يجوز لها أن تصوم وزوجها حاضرإال بإذنه ،فما بالك بأن تعمل
موظفة.
--------------------------------------------------
سؤال :هل يجب على الزوجة العاملة أن تنفق على زوجها املحتاج؟ سواء كان احتياجه قبل الزواج أو بعده.
الجواب :ال يجب ،إنما النفقة تجب على الزوج ،وال تجب على الزوجة ولو كانت موظفة وزوجها فقير .انظر للذين
يطالبون بحقوق المرأة ويقولون أن المرأة مظلومة ،نقول :حتى في هذه الصورة المرأة اآلن موظفة وغنية والزوج فقير
ومع ذلك ال نلزمها بأن تنفق على الزوج ،فأي ظلم للمرأة؟! ،بل المرأة أعطيت حقها وزيادة ،فالمرأة غيرمطالبة بالنفقة
على الزوج .لكن من المروءة وحسن العشرة أنها إذا كانت غنية وزوجها فقير أنها تعطيه من مالها ،لكن هذا على سبيل
االستحباب وليس على سبيل الوجوب.
--------------------------------------------------
سؤال :ما حدود والية الرجل على المرأة ،لكثرة الخلط في هذه المسألة؟
الجواب :والية الرجل على المرأة لها عدة صور ،لكن ما المقصود بوالية الرجل على المرأة؟
هل المقصود بوالية الرجل على المرأة في النكاح؟ ،نعم الرجل ولي على المرأة في النكاح ،وال يجوز للمرأة أن تتزوج
بنفسها بغيرإذن وليها( ،و أيما امرأة نكحت نفسها بغيرإذن وليها فنكاحها باطل).
ووالية المرأة في مالها :ليس للرجل والية على المرأة في مالها ،فالمرأة حرة في مالها ،حتى الزوج ليس على والية للمرأة في
مالها ،وال األب ليس له والية في مال ابنته وال األخ ،فإذا كان المقصود الوالية في المال فليس له والية عليها.
وإذا كان المقصود والية الزوج على زوجته ،فنعم الزوج قوام على المرأة مسؤول عنها وهو ولي أمرها وهو الولي لها،
َ َ َ َّ َ َّ ُ َ ْ َ
ض ُه ْم َع َل ٰى َب ْ َ ُ َ َّ ُ َ َ َ
ض} ،1ألن الحياة الزوجية هي ٍ ع ع ب ه الل ل ض ف ام ب اءس الن ى ل والله سبحانه وتعالى يقول{ :الرجال قوامون ع
شركة بين زوج وزوجة ،والشركة ال بد لها من مدير ورئيس ،وإال تضطرب األمور ،فحسمت الشريعة هذه المسألة
وجعلت الزوج هو المديرلهذه الشركة وهو الرئيس لها ،فالزوج يعتبر ًّ
وليا للزوجة ،ويلزمها أن تطيعه في ذلك.
والية األب على ابنته :نعم ،األب ولي البنته ،هو الذي يزوجها وهو المسؤول عنها ،ويمنعها من األمور املحرمة.
--------------------------------------------------
الجواب :النفقة المرجع فيها للعرف ،والناس يعرفون النفقة أن يوفر الزوج لزوجته الطعام والشراب والكسوة
والسكن ،هذا هو المطلوب من الزوج تجاه الزوجة.
--------------------------------------------------
سؤال :هل تكون النفقة عند الحاجة؟ أم تكون بصورة ثابتة بأن تكون شهرية أو أسبوعية؟
الجواب :بحسب ما تكون فيه المصلحة ،إما أن تكون عند الحاجة أو تكون أسبوعية أو شهرية أو بحسب ما يرى الزوج
ُ والزوجة أن فيه مصلحة ،ليس هناك طريقة واحدة محددة ً
شرعا ،المقصود كفاية المرأة وأوالدها بالنفقة .لو قدرأن
الزوج ال ينفق على الزوجة وأوالدها أو أنه ُيقتر عليهم في النفقة فيجوز للمرأة أن تأخذ من مال زوجها بغير علمه وبغير
إذنه ما يكفيها وأوالدها بالمعروف ،والدليل لهذا ما جاء في الصحيحين أن امرأة أبي سفيان أتت النبي ﷺ فقالت :يا
رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ال يعطيني ما يكفيني وولدي ،فقال لها النبي ﷺ( :خذي ما يكفيك وولدك
بالمعروف) ،فأذن لها النبي ﷺ أن تأخذ من زوجها بغيرإذنه وبغيرعلمه لكن بالمعروف ،تأخذ بقدرما يكفيها في األمور
األساسية لكن ال تزيد على ذلك في األمور الكمالية غيراألساسية ،مثال إذا زوجها ال ينفق عليهم أو أنه مقترفي النفقة لها
أن تفتح محفظته وتأخذ بعض ما في املحفظة من مال ألجل أن تنفق على نفسها وعلى أوالدها ،هذا جائز ً
شرعا لكن ال
تتوسع في ذلك إنما يكون ذلك بالمعروف.
--------------------------------------------------
سؤال :هل خدمة المرأة لزوجها واجبة ً
شرعا أم أنها مستحبة؟
ُ
الجواب :هذه األسئلة بدأت اآلن تثارفي هذا الوقت الذي نعيشه اآلن ،هل المرأة يجب عليها خدمة زوجها أم ال ،مع أن
المسألة من قديم وهي مذكورة في كتب الفقه ،وهي مسألة خالفية بين العلماء هل المرأة يجب عليها أن تخدم في بيت
ً
زوجها أو أنها غيرمطالبة أصال بالخدمة والزوج هو الذي يأتي بمن يخدم ومن يطبخ وغيرذلك ،القول الراجح في هذه
وعرف املجتمع يرى أن خدمة المرأة لزوجها أنها من المسألة أن المرجع في ذلك إلى العرف ،فإذا كان ُعرف الناس ُ
المعاشرة بالمعروف فيلزمها ذلك ،وهذا هو ُ
العرف المستقرفي املجتمعات السالمية أن قيام المرأة ببيت الزوج من
الطبخ والغسل والخدمة ونحو ذلك أنها من المعاشرة بالمعروف ،وعليه فيلزمها ذلك ،وليس من المعاشرة
05
بالمعروف أن المرأة تبقى في بيت الزوج وتهمل بيتها فال تطبخ وال تنظف وال تصلح أي ش يء في البيت ،هذه عتبرعند
الناس أنها زوجة مقصرة ومهملة ،لكن قال الفقهاء إذا كان الزوجة ُيخدم مثلها فيلزم الزوج أن يأتي لها بخادم ،فإذا
كانت في بيت أهلها عندهم خدم وهم من طبقة ُيخدم مثلها فهنا ُيلزم الزوج بأن يأتي لها بخادمة .أما إذا كانت ممن ال
ُيخدم مثلها وهي في بيت أهلها ال يوجد عندهم خدم فال يلزم الزوج أن يأتي لها بخادم وتكون هي ال ُملزمة بالطبخ
والغسل وتنظيف المنزل ونحو ذلك.
--------------------------------------------------
سؤال :هل للزوج أن يفرض على الزوجة العاملة أن تشاركه بالنفقة على المنزل وأوالدهما مقابل مو افقته على عملها
كموظفة؟
الجواب :نعم ،إذا لم تشترط عليه بذلك عند العقد فله ذلك ،أما إذا اشترطت عليه ذلك في العقد فليس له ذلك،
ُ
وهذه فائدة الشرط ،إذا كان في العقد شرط على الزوج أن تعمل الزوجة موظفة ،فحين إذن تعمل الزوجة وليس له
التدخل فيها ،أما إذا لم يشترط عليه ذلك ثم بعد الزواج أرادت أن تعمل موظفة اشترط عليها أن تشاركه في النفقة في
المنزل فله ذلك ألن الزوجة ستقتطع ً
جزءا من وقتها للعمل خارج المنزل.
--------------------------------------------------
سؤال :إذا قامت القرينة أو البينة على أن الوارث تعجل الميراث ،هل هذا قتل خطأ أم أنه انتقل إلى العمد أو شبه
العمد؟
ً
الجواب :العمد أو شبه العمد هذه تحتاج إلى بينة،لكن أحيانا تكون البينة غيرمكتملة ،ويوجد قرائن ال تصل إلى
درجة البينة على إنه قد تعجل الميراث فيمكن أن تأتي هنا مسألة تبعيض األحكام ،فال يقتص منه لكن ُيحرم من
الميراث.
--------------------------------------------------
الجواب :إذا استطاعت الزوجة الثانية أن تثبت زواجه بها فلها حق في الميراث ألنها هي زوجته ،وزواجها صحيح
مكتمل األركان والشروط.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مكتوبا على ألواح وعلى كرب النخل ونحوها ،ثم تطور األمرفي عهد عثمان رض ي الله عنه ،فأصبح ُيكتب كله على
ً كان
ُ
ألواح بطريقة أفضل ،ثم تطور األمرفنقط المصحف ،ثم تطورت الصنعة فأصبح ُيكتب على الورق ُويطبع ،ثم تطور
األمرفي وقتنا الحاضرفأصبح هذا المصحف المطبوع ُيصور في الجوال ،العبرة بقراءة القارئ ،وليس العبرة بكونه
يقرأ المصحف من على لوح ،أو من على مصحف ورقي ،أو على مصحف الجوال ،ال يختلف الحكم وال يختلف األجر،
األجرهو نفس األجر ،المهم قراءتك للقرآن ،قرأته عن حفظ عن ظهرقلب ،أو قرأته من لوح،أو قرأته في مصحف
من ورق مطبوع ،أو قرأته من جوال ،األجرواحد ال يختلف ،وأما كون بعض الناس ينكرعلى من يقرأ القرآن في
ً
الجوال ،فهذا لجهله ،وبعض الناس إذا ألف شيئا أنكرما سواه ،بل إنني أقول أن وجود المصحف في الجوال هو من
نعم الله علينا في هذا الزمان ،ألن المصحف معك في كل وقت ،تستطيع أن تفتح المصحف في أي مكان وتقرأ ،هذه
نعمة من الله عزوجل ،فيختارالنسان ما هو األنسب له ،وما هو األريح له ،بعض الناس يرتاح للقراءة من المصحف
المطبوع الورقي ،بعض الناس يرتاح للقراءة من المصحف الموجود في الجوال ،ال حرج في هذا ،وال حرج في هذا،
واألجرواحد ،أما من يعتقد أن القراءة من المصحف في الجوال أقل من القراءة في المصحف المطبوع على الورق
المنكرالذي ينكرالقراءة من الجوال هذا هو الذي فهذا غيرصحيح ،األجرواحد ال يختلف ،فأقول ُينكرعلى ُ
المنكرُ ،
ً
ينبغي النكارعليه ،أما الذي يقرأ من الجوال فهو على صواب ،ويختارالنسان ما هو األنسب له ،واألكثر راحة له.
--------------------------------------------------
ً
سبوعيا إلى األحساء يوم السبت ويرجعون الخميس إلى الدمام، سؤال :ما حكم طالب الجامعات الذين يسافرون أ
يوميا ،والسؤال :هل يترخصون برخص السفروالجمع والقصرباعتبارأنهم مسافرون؟ يتبضعون ً
ً ً
الجواب :أوال ،كم المسافة ما بين الدمام إلى األحساء؟ المهم أنها أكثرمن مائة كيلو ،إذا هي مسافة سفر ،في الطريق
هم مسافرون ،لهم أن يترخصوا بجميع رخص السفر في الطريق.
أما في إقامتهم في الدمام هم عند أهلهم فليسوا مسافرين ،و إقامتهم في األحساء هناك في الجامعة هل يعتبرون
مسافرين أم ال؟
للعرف ،هل هم في ُعرف الناس يعتبرون مسافرين ،أو ليسوا مسافرين؟ هذه مسألة ترجع ُ
ً إذا أردنا أن يتضح ُ
العرف ،نسأل سؤاال عن الفطرفي نهاررمضان ،لو أفطروا في نهاررمضان أمام مجمع من الناس،
هل الناس ينكرون عليهم ،أو يعذرونهم ويقولون أنكم مسافرون؟
04
في الو اقع أنهم ينكرون ،لو قال مسافر ،كيف تكون مسافر! أنتم مقيمون اآلن هنا تدرسون،أنتم لستم مسافرين،
وهذا يدل على أنهم في العرف ليسوا مسافرين ،وعلى هذا فهم كصاحب القامتين ،ال يترخصون برخص السفرهنا في
الدمام وال في األحساء ،إنما يترخصون في الطريق ،كصاحب الزوجتين الذي له زوجة في بلد وزوجة في بلد ،لو كان
الشخص له زوجة في الدمام ،وزوجة في األحساء ،ال يترخص في الدمام وال في األحساء ،و إنما في الطريق فقط ،هكذا
ً
أيضا بالنسبة لهؤالء الطالب.
--------------------------------------------------
ٌ سؤال :شخص عليه ٌ
دين ،وهو مبلغ كبير ،وأراد أن ُيجمعه ليسدده للدائن ،هذا المبلغ بلغ النصاب ،وحال عليه
الحول ،فهل تجب عليه الزكاة؟
ٌ
وواجب سداده ،فال تجب الزكاة في هذا المال ٌ
مستحق في ذمته، الجواب :ما دام أن هذا الشخص مدين ،والدين
ً
املجمع ،ألن هذا المال في الحقيقة ليس مستحقا للمدين ،إنما مستحق للدائن ،هو مستحق للدائن ،هو ُيجمعه له،
ً
والزكاة إنما وجبت على سبيل المواساة ،ولذلك الدين له أثرفي إسقاط الزكاة ،لو كان عندك مثال مائة ألف ريال،
ٌ
مستحق للدائنين في الحقيقة. وعليك دين مقداره مائة ألف ريال ،فليس عليك زكاة ،ألن هذا المبلغ الذي لك هو
--------------------------------------------------
سؤال :لي كفيل خالف مكتب العمل في تصفية الخدمة الوظيفية هل يحق لي أن أشتكي وآخذ مستحقاتي كاملةً ،
علما
ً
مضطرا؟ بأني َوقعت على عقد معه مستحقات ناقصة ،لكنني كنت
الجواب :نعم ،لك الحق في هذا ،ما دام أنه قد أكرهك على التوقيع و أنت غيرمقتنع بذلك ،فلك الحق بأن تطالب
حق لك.بالمستحقات التي تراها أنها ٌ
--------------------------------------------------
سؤال :هل ُيشترط الوضوء عند مس شاشة الهاتف المنقول الذي فيه المصحف؟
ً
مفتوحا، الجواب :ال ُيشترط الوضوء عند مس شاشة الهاتف المنقول الذي فيه المصحف ،ولو كان المصحف
وذلك ألمور:
األمراألول :أن المكتوب في المصحف اللكتروني هو في الحقيقة مجرد ذبذبات كهربائية تجتمع بطريقة معينة حتي
ُ
تكون صورة المصحف ،وبعضها تكون هي صورة المصحف نفسها ،رأيت لو أن مصحف ُوضعت صورته في المرآة،
هل يجوز أال تلمس المرآة التي فيها صورة المصحف؟! يجوز ،هكذا ً
أيضا ،لو افترضنا أن هذا هو المصحف نفسه
الموجود في الجوال هو مثل المصحف الورقي ،وأن الصنعة تطورت ،أقول لو افترضنا هذا الفرض ،فيجوز ً
أيضا
مسه ،لماذا؟
06
ألن الهاتف الجوال له شاشتان ،شاشة داخلية ،وشاشة خارجية ،فالشاشة الخارجية هي بمثابة الحائل ،فكأنك
تمس المصحف من وراء حائل ،فعلى جميع التقديرات نقول :يجوز مس المصحف عبرشاشة الهاتف المنقول ،وال
ُ
تشترط الطهارة لذلك.
--------------------------------------------------
سؤال :ما حكم سكن الشغالة في البيت؟ وهل تعتبرمن املحارم ؟ وكذلك السائق الخاص؟
الجواب :السائق ينبغي أن يكون سكنه خارج المنزل ،وال يكون داخل المنزل ،ألن وجوده داخل المنزل يسبب فتنة
عظيمة ،فتنة من السائق وبه ،فيكون سكنه خارج المنزل ،وأما الخادمة ،ال حرج أن تكون داخل المنزل ،لكن تكون
بعيدا عن الفتنة ،وهي امر ٌأة أجنبية ُ
فيتعامل معها كما ُيتعامل مع سائرالنساء األجنبيات ،ليست من في مكان آمنً ،
املحارم.
--------------------------------------------------
--------------------------------------------------
الجواب :على التفصيل ذكرنا ،إذا كانت صورة فوتوغر افية ال بأس ،إذا كانت رسومات لذوات أرواح فإنها ال تجوز ،إال
إذا كانت ً
صورا ألعضاء ،صورة ليد ،لعين ،لرجل ،لوجه ،هذه ال بأس بها.
--------------------------------------------------
سؤال :بالنسبة للعطور التي تحتوي على نسبة من الكحول معلوم أن من شربها فإنه ُيسكر ،هل يجوز التعطربها؟
طبعا شرب ما يؤدي إلى السكارهذا محرم بالجماع ،حتى ولو كان ً
عطرا ،لو كان أي ش يء ،على أن العطور الجوابً :
فيها ُسمية كبيرة ،فشربها يؤدي للوفاة كما ذكرأهل االختصاص ،وإن كان فيها الكحول الميثيلي وهو مادة ُسمية،
ً ُ
أنواعا من وهذه تؤدي للوفاة ،وهذا حصل في بعض مناطق المملكة ،وأعلن عنه في الصحف ،عن أناس شربوا
العطور وحصلت لهم الوفاة.
02
لكن السؤال هو عن التعطربها ،التعطر بها ال شك أن فيها نسبة من الكحول ،وهذا يرجع لمسألة خالفية ،وهي مسألة
هل الخمرنجسة أم طاهرة؟ والجمهور على نجاستها ،والقول الثاني أنها طاهرة ،وهو قول ربيعة ،واختاره الشيخ ابن
عثيمين ،وهو قو ٌل راجح ،ألنه ليس هناك دليل ظاهريدل على النجاسة ،وأما اآلية فالمقصود بالنجاسة النجاسة
ً المعنوية ،بدليل أن الله َ
أيضا مما يدل لذلك أن الصحابة أر اقوها لما قرن معها الميسرواألنصاب واألزالم ،و
ُحرمت ،ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة ،وعلى ذلك فال بأس بالتعطربهذه العطور ،ال حرج في ذلك إن شاء
الله.
--------------------------------------------------
سؤال :هل يصلح االستدالل لجوازالبنج للقطع ،وأن العلة القطع ال اليالم ،بحديث "وليحد أحدكم شفرته وليرح
ذبيحته" ووجه الداللة أنه مع كون الذبح جائزأو مستحب قد يجب ،وأن الشرع حث على إراحة الدابة ،وعدم الجمع
بين القتل واأللم قبل (أتريد أن تميتها موتتين) ،من باب أولى النسان لكرامته ،وإن جازقطع يده للسرقة ،فال ُيجمع له
بين ألم فقد اليد لبقية عمره ،وألم القطع؟
ٌ
الجواب :نعم ،هذا االستنباط استنباط جيد ،وهذا األخ الكريم ،ما شاء الله عنده َملكة وقدرة عالية على االستنباط،
ٌ
مستقبل مشرق. فله إن شاء الله
--------------------------------------------------
الجواب :القاعدة أن ما كان من باب إزالة العيب فهو جائز ،فإذا كان هذا ش يء زائد عن الخلقة المعتادة ،فال حرج.
--------------------------------------------------
القسم الثاني :شعور يستحب إزالتها ،كشعرالعانة ،والبط ،والشارب ،يستحب حفه.
ُ ٌ
مسكوت عنها ،كشعرالصدر ،والساقين ،واليدين ،وهذه ال بأس بها ،تلحق بالجائز. والقسم الثالث :شعور
--------------------------------------------------
43
سؤال :هل نبض الجنين يدل على نفخ الروح؟ ومن سقط بعد النبض هل ُيكفنُ ،ويدفن قبل أن يكمل مائة وعشرين
ً
يوما؟
الجواب :نبض الجنين ال يدل على نفخ الروح ،ويقولون نبض الجنين حتى لو في األربعين يبدأ النبض ،وال يدل على نفخ
الروح ،بل حتى التخليق ال يدل على نفخ الروح ،التخليق يبدأ بعد ثمانين ً
يوما ،وال يدل على نفخ الروح ،نفخ الروح ال
ُيعرف إال عن طريق الوحي ،ال ُيعرف عن طريق الطب ،ألن الروح من أمرالله عزوجل ،ليست من عالم المادة وال
ً يعرفها البشر ،وقد أخبرالنبي ﷺ بأن نفخ الروح يكون بعد مائة وعشرين ً
يوما ،فإذا النبض والحركة والتخليق ،كل
يوما ،هذا ليس بإنسان ،هذا نطفة أو هذه ال تدل على نفخ الروح .ولو من سقط إذا سقط الجنين قبل مائة وعشرين ً
علقة أو مضغة ،فليس له حرمة ،إنما ُيتخلص منه بالطريقة المناسبة ،لكن إذا كان بعد مائة وعشرين ً
يوما فإنه
إنسان ُيغسل ُويكفن ُويصلى عليه ُويدفن في مقابرالمسلمين ُويدعى له بالرحمة ولوالديه بالشفاعة ،هل ُيدعى له
ً
أصال ما عليه ذنوب ،وألن ً
فيدعىأيضا أطفال المسلمين في الجنة بالجماعُ ، بالمغفرة؟ ال ُيدعى له بالمغفرة ألنه هو
ً
شفيعا لهما. بالرحمةُ ،ويدعى لوالديه بأن يكون
--------------------------------------------------
يوما من التدخل بقدرالله؟ وإذا لم يكن هناك تدخل نفخ سؤال :تقول السائلة أال يكون إجهاض الجنين قبل أربعين ً
ً
الروح فيه وأصبح إنسانا؟
ً يوما هو ٌ
الجواب :النسان مكون من جسد وروح ،قبل مائة وعشرين ً
جسد بال روح ،ال يسمى إنسانا ،هو ال زال نطفة،
ً ً
أو علقة ،أو مضغة ،ولكن السقاط من غير سبب مكروه ،ولهذا جاء في صحيح مسلم أن النبي ﷺ ُسئل عن العزل،
وأدا ،وذلك إذا كان لغيرحاجة فهو مكروه ،أما إذا كان لحاجة فال بأس به ،مثل ما قال( :ذاك ُ
الوأد الخفي) ،فسماه ً
ً ُ ُ ً ُ
ذكرفي الجنين المشوه ،أو مثال امرأة اغتصبت وحملت بالكراه ،وأسقط ما في بطنها مثال وهي ال زالت في األربعين هذا
ً
يوما ،فقول السائلة في السؤال أن هذا إنسانا إال بعد مائة وعشرين ً يعتبرحاجة ،أو غيرذلك من األسباب ،فال ُيسمى
تدخل في خلق الله ،هذا غيرصحيح ،ألنه ليس إنسان إال بعد نفخ الروح فيه.
--------------------------------------------------
ً
سؤال :امرأة سقط منها جنين عمره أربعة أشهرميتا فألقته في دورة المياه ،ماذا عليها أن تفعل؟
ُ
الجواب :إذا كان هذا قد نفخت فيه الروح فتكون قد أخطأت ،ألن الواجب تغسيله وتكفينه والصالة عليه ودفنه ،أما
ُ
إذا كان لم تنفخ فيه الروح ،فليس عليها ش يء ،وهي قالت أربعة أشهر ،ال ندري كم عمرالجنين باأليام وهل الموت كان
قبل أربعة أشهر؟ إن كان قبل أربعة أشهرمات ثم سقط فليس عليها ش يء ،وبكل حال اآلن األمرانتهى ،فهي ألقته
و انتهى ،وعليها التوبة إلى الله عزوجل ،ألنه هي فقط أخطأت في كونها لم تقم بحقوق هذا الطفل من التغسيل
ُ
والتكفين والصالة عليه والدفن في مقابرالمسلمين ،على تقديرأنه نفخت فيه الروح ،فعليها فقط التوبة إلى الله عز
وجل ،وليس عليها ش ٌيء آخرغيرهذا.
41
--------------------------------------------------
ٌ
ومعلوم أنهم ال سؤال :إسقاط الجنين أمرمعروف عند الفقهاء وكانوا يمنعون السقاط بعد مائة وعشرين ً
يوما،
تقريبا ،أال ُيكتفى بذلك؟
يضبطونها بدقة ،بل يعملون بغالب الظن ،ويحسبونه من أيام التبويض ً
ُ
الجواب :بحسب المكان ،يعني اتقوا الله ما استطعتم ،لكن ُيجتهد في هذا ،لكن المدة تحتسب من حين التلقيح،
ً ُ ُ
ُويمكن للمرأة أن تساعد في هذا ،من حين انقطاع الدورة عندها ،تقدرمتى كان التلقيح مثال ،وتحسب المدة بما يغلب
على الظن في هذا ،لكن أقول مع تقدم الطب في الوقت الحاضر ،أال يمكن إيجاد وسيلة طبية متقدمة يمكن معها
ُ
حساب عمرالحمل بدقة؟ ،أتوقع أن هذا ممكن ،ممكن لو اهتم األطباء المسلمون بهذا يمكن أن ُيوجدوا ،وإال ما ذكر
في السؤال صحيح ،أنه ما دام ال توجد وسيلة طبية متقدمة ُيعمل بغلبة الظن بحساب المرأة ،وبحساب الذي أشرنا
إليه ،لكن أقول أن األطباء المسلمين يمكن أن ُيوجدوا وسيلة طبية متقدمة يمكن معها حساب عمرالحمل بدقة على
الطريقة الشرعية.
--------------------------------------------------
سؤال :زنى بامرأة وأسقطت وال ُيعلم عمرالسقاط ،فهل عليه ش يء وهو جاهل؟
أوال ،عليه التوبة إلى الله سبحانه و تعالى من هذا العمل ،فإن الزنا من كبائرالذنوب ،الله تعالى يقولَ : ً
﴿وال الجواب:
َّ
﴿وال َ ساء َسبيال﴾[السراء ]١٤ :ومن تاب ،تاب الله عليه ،كما قال سبحانهَ : ً ً َ
كان فاحشة َو ََّ ُ َ َت َ
ذين ال قرُبوا الزنا إنه
ُ َ َ
ضاعف ل ُه ثامايي لق َأ ً
فعل ذل َك َي َالحق َوال َيزنو َن َو َمن َي َ َ َ َ َّ ً َ َ َ َ ُ َ َّ َ َّ َ َّ َ َّ
الل ُه إال ب َ َيدعون مع الله إلها آخروال يقتلون النفس التي حرم
َ
نات َوكان َ َ َّ ُ َ َ ً َُ َ َُ َ ً هانايإال َمن َ َ َ َ َ ُ ً ُ
يامة َو َيخلد فيه م ذاب َي َ َ
تاب و َآمن وعم َل ع َمال صالحا فأولئك يبد ُل الله سيئاتهم حس ٍ وم الق َ الع ُ
حيما﴾[الفرقان]٣٩-١٨ : الل ُه َغ ً
فورا َر ً َّ
--------------------------------------------------
سؤال :ماذا عن ماء الزوج وبويضة الزوجة في رحم أجنبية ،وهو موجود بما يسمى ب "تأجيراألرحام"؟
42
الجواب :هذا ال يجوز ،تؤخذ البويضة من امرأة توضع في رحم امرأة أجنبية ،هذا ال يجوز ،إنما الذي يجوز لو كانت هي
ُ
الزوجة األخرى للرجل ،فأخذ من بويضة هذه الزوجة ُووضعت في زوجته األخرى من مائه هو ،ال بأس به ،وقد طرحنا
تساؤ ٌل ،أيهما األم؟ هل األم األولى أو الثانية؟ األم التي حملت به وولدته؟ أم األم صاحبة البويضة؟!
--------------------------------------------------
الجواب :نعم ،يجوز الزواج ببنت خال أمك ،بنت خالك ،أو بنت خال أمك ،أو بنت خال أبيك ،هذه يجوز أن تتزوج
بها.
40
صفحة () 2 الدرس األول ()1
صفحة () 7 الدرس الثاني ()2
صفحة () 12 الدرس الثالث ()1
صفحة () 17 الدرس الرابع ()5
صفحة () 21 الدرس الخامس () 0
صفحة () 25 الدرس السادس () 6
صفحة () 20 الدرس السابع () 7
صفحة () 11 الدرس الثامن () 0
صفحة ()10 الدرس التاسع () 9
صفحة ()51 الدرس العاشر() 15
صفحة ()50 الدرس الحادي عشر() 11
صفحة () 54 الدرس الثاني عشر() 12
صفحة () 57 الدرس الثالث عشر() 11
صفحة () 60 الدرس الرابع عشر() 15
صفحة () 66 الدرس الخامس عشر()10
47