Professional Documents
Culture Documents
بحث قضاء الإداري 10
بحث قضاء الإداري 10
الرحیم
تعتبر منظومة حقوق اإلنسان والحریات العامة من أهم الموضوعات التي تجد العنایة واإلهتمام في العصر الحدیث من قبل المفكرین
وفقهاء القانون والمنظمات الوطنیة والدولیة المهتمة بحقوق اإلنسان بعد قرون طغت فیها األنظمة اإلستبدادیة أو الكهنوتیة وهمشت
.حقوق األفراد والجماعات ووصلت في بعض الحاالت إلى إستعباد البشر وإلغاء كرامتهم اإلنسانیة
بعد الثورة الفرنسیة بدأت كثیر من الدول االهتمام بالقیم اإلنسانیة والمدنیة وتعلي من شأن المواطنة المتساویة وحقوق وحریات
األفراد والجماعات وأخذت دساتیر الدول التأكید على هذه القیم اإلنسانیة وتأمر بمراعاتها في القوانین واألنظمة وتصونها وال تسمح
.بالتجاوز علیها
وعلى الرغم من أن حمایة الحریات العامة أصبحت جزءا ً من المنظومة التشریعیة في الدولة الحدیثة إال أن هذه المنظومات
التشریعیة في حاالت الطوارئ االستثنائیة التي قد تعصف بالدولة سمحت بتقیید هذه الحریات والحقوق لمواجهة الظروف الطارئة
.التي تهدد األمن الوطني للدولة والمجتمع باعتبار أن مصلحة الدولة واألمة مقدّمة على مصلحة األفراد والجماعات
مشكلة البحث
إن أهمیة البحث في موضوع الحریات العامة في ظل قانون الدفاع تكمن في حساسیة موضوع الحقوق والحریات العامة
وتعلقهابالكرامة اإلنسانیة التي یجب صیانتها في الظروف الطبیعیة والطارئة أیضاً .وللبحث في هذا الموضوع أیضا ً أهمیة خاصة
من ناحیةثانیة بسبب طول الفترة الزمنیة التي رزح األردن واألردنیون خاللها تحت وطأة حالة الطوارئ سیئة الصیت لدى غالبیة
األردنیین
آن معاإًن قلة الدراسات التي
.وهذا یستدعي تسلیط الضوء على هذه التجربة الطویلة وتقییمها من الناحیة القانونیة والواقعیة في ٍ
تعرضت لهذا الموضوع بشكل مفصل وتقییم التجربة القانونیة والواقعیة لحالة الطوارئ في المملكة األردنیةالهاشمیة تعطي أهمیة
إضافیة لهذا البحث ،وربما یفتح الطریق لمزید من دراسات مع ّمقة لهذا الموضوع الحساس لبیان مدى مالءمةالتنظیم القانوني لحالة
الطوارئ في الدستور وقانون الدفاع وتقییم سلوك السلطة التنفیذیة أثناء العمل بهذا القانون ومدى التزامها.بالمشروعیة االستثنائیة
التي ُمنحت لها بموجب الدستور وقانون الدفاع
:-وسنجري البحث وفق الخطة التالیة
خطة البحث
– المبحث األول :مفهوم حالة الطوارئ
األول المبحث
المطلب األول
مفهوم
حالة.الطوارئ
إن أوضاع أي دولة في العالم ال یمكن أن تستمر بشكل اعتیادي كل الوقت ،فطبیعة الحیاة أن ت ّمر بها أوقات استثنائیة طارئة تعكر
صفو الرتابة اإلعتیادیة مثل التعرض العتداء خارجي أو تهدید جدّي به أو كوارث طبیعیة أو أزمات داخلیة تهدد األمن واإلستقرار
.للدولة والشعب
وهذه الحالة الطارئة إذا حدثت تستلزم من السلطة القائمة في الدولة القیام بمسؤولیاتها القانونیة واألدبیة بالتصدي للحالة الطارئة
ومعالجتها واحتوائها والتخلص من آثارها بما تمتلكه من سلطة بموجب القوانین واألنظمة الساریة في الدولة ،ولكن غالبا ً ما تكون
ّ
یمكن السلطة من القیام بواجباتها بالسرعة والكفاءة الالزمة وفق القوانین الحاالت الطارئة واالستثنائیة من الجسامة والخطورة بما ال
واألنظمة اإلعتیادیة والتي تحدد صالحیات السلطة التنفیذیة وتقیدها لمنع تغولها على باقي السلطات في الدولة ولمنعها من التجاوز
.على الحقوق األساسیة والحریات العامة لألفراد والهیئات والجماعات سواءا ً كانت سیاسیة أو اجتماعیة أو اقتصادیة وألن مصلحة
الدولة واألمة مقد ّمة على مصالح األفراد والهیئات خصوصا ً في الظروف الطارئة واإلستثنائیة التي تهدد كیان الدولةوالمجتمع
یمكن الدولة من التعامل مع الظروف الطارئة ویخول حكومة الدولة مناتخاذ ّ بأفراده وهیئاته فكان ال بد من إیجاد نظام قانوني
اإلجراءات والتدابیر الالزمة لمواجهة حالة الطوارئ دون التقید بأحكام القوانین واألنظمة العادیة أي باللجوء إلى
منظومةقانونیة استثنائیة تعطیها من الصالحیات ما یمكنها من التصدي ومواجهة الظروف اإلستثنائیة وهي ما اصطلح فقهاء القانون
على .تسمیتها بحالة الطوارئإن الفقه القانوني لم یجمع على تعریف موحّد لحالة الطوارئ إال أن فقهاء القانون یتفقون على عناصر
التشخیص القانوني لهذه الحالةفي تعریفاتهم المختلفة ،فقد عرف األستاذ ابراهیم الشربیني حالة الطوارئ بأنها ) مجموعة من تدابیر
استثنائیة الغرض منهاالمحافظة على سالمة البالد عند احتمال وقوع اعتداء مسلح علیها أو خطر قیام االضطرابات أو الثورات
الداخلیة فیها بواسطة إنشاءنظام إداري یجري تطبیقه في البالد كلها أو بعضها ویكون قوامه بوجه خاصة بتركیز مباشر السلطات
لتحقیق استقرار األمن باوجز
) .الوسائل وأقواها
وعرف الدكتور زكریا محفوظ حالة الطوارئ بأنها ) نظام قانوني یتقرر بمقتضى قوانین دستوریة عاجلة لحمایة المصالح الوطنیةوال
صر عنها األداة الحكومیة الشرعیة وینتهي بانتهاء
یلجأ إلیه إال بصفة استثنائیة ومؤقتة لمواجهة الظروف الطارئة التي تق ُ
) .مسوغاته
إن نظام الطوارئ هو نظام قانوني یجیزه دستور الدولة كلما قامت أسبابه ومبرراته وأهمها تعرض الدولة لخطر یهدد أمنها
وسالمتها وذلك لمواجهة هذا الخطر بتدابیر استثنائیة حددها قانون الطوار ئ
ویمكننا أن نخلص إلى أن حالة الطوارئ هي ظرف استثنائي یهدد أمن وسالمة الدولة تجیز للسلطة التنفیذیة بموجب الدستور فرض
.نظام قانوني بشكل مؤقت یسمو على القوانین واألنظمة العادیة إلى حین زوال مسوغات فرض هذا النظام
:-وقد اتجهت الدساتیر من ناحیة كیفیة التنظیم القانوني لحالة الطوارئ باتجاهین
أوالً :التنظیم القانوني المعاصر لحدوث حالة الطوارئ
ویعرف هذا اإلتجاه باإلتجاه اإلنكلیزي حیث ال یكون لدى الدولة قانون طوارئ یسبق حدوث حالة الطوارئ االستثنائیة ویتم فرضه
وإعالنه من قبل حكومة الدولة وإنما تقوم الحكومة باللجوء إلى البرلمان الستصدار قانون للطوارئ یحدد مسوغاته وحدود تطبیقه
من حیث الزمان والمكان وصالحیات السلطة التنفیذیة االستثنائیة بموجب هذا القانون ،وحجة مؤیدي هذا اإلتجاه تتمثل في عدم
إطالق ید الحكومة في تقدیر فرض حالة الطوارئ دون الرجوع للبرلمان ومنع السلطة التنفیذیة من تجاوز حدود مواجهة حالة
الطوارئ واإلستبداد بالحكم وتهمیش المعارضة وتحجیم الحریات أو قیام نوع من أنواع الدكتاتوریة ،ومن ناحیة ثانیة فإن حالة
الطوارئ ال یمكن التنبؤ بها مسبقا ً من حیث حجمها وخطورتها ومداها بشكل واضح وبالتالي ال یمكن اإلعداد المسبق لمواجهة حالة
طوارئ مستقبلیة بشكل فعاّل
وقد بقیت المملكة المتحدة على رأس الدول التي تأخذ بهذا اإلتجاه بعدم وجود قانون طوارئ جاهز للتطبیق عند حدوث حالة طوارئ
إلى عام 1920م حیث صدر أول قانون دائم ینظم حالة الطوارئ حیث اكتشف اإلنجلیز بعد التجربة وبحكم خوض الدولة للحرب
العالمیة األولى ومواجهة ظروف بالغة الخطورة أنه من األفضل لمواجهة صعوبات الظروف الطارئة وجود قانون مسبق دائم یعطي
.الحكومة صالحیات واسعة في حال حدوث أزمات خطرة واستثنائی ة ثانیاً :التنظیم القانوني السابق لحالة الطوارئ
ویعبر الفقهاء عن هذا اإلتجاه باإلتجاه الفرنسي ویذهب إلى ضرورة وجود قانون سابق على حدوث حالة الطوارئ ووقوع الظرف
اإلستثنائي ویسمى قانون الطوارئ ،وحجة هذا اإلتجاه أن وجود قانون طوارئ دائم وجاهز للتطبیق عند حدوث الظرف اإلستثنائي
یمكن الدولة مباشرة ً من التصدي للحالة الطارئة دون تأخیر ومن ناحیة ثانیة ویضمن عدم خروج السلطة التنفیذیة عن نطاق القواعد
ّ
المشروعیة حتى في األوقات اإلستثنائیة الطارئة ،ومن الدول التي أخذت بهذا االتجاه وأوجدت في نظامها القانوني قانون للطوارئ
.فرنسا ومصر وسوریا واألردن والتي أطلقت علیه اسم قانون الدفاع
إن أول قانون للطوارئ في المملكة األردنیة الهاشمیة هو قانون الدفاع عن شرق األردن لسنة 1935م وصدر بموجب المادة
)(19من القانون األساسي لسنة 1928م وبقي هذا القانون ساریا ً في المملكة إلى حین الغائه وح َل مكانه قانون الدفاع رقم 13
لسنة1992م والذي صدر بموجب المادة) (124من الدستور األردني لسنة 1952م وهو القانون الذي سنقوم بدراسته في هذا
البحث
:-من خالل البنود التالیة
أوالً :المبررات لإلعالن عن العمل بقانون الدفاع
نص قانون الدفاع في المادة /2أ منه على األسباب والمبررات إلعالن العمل بالقانون ویعتبر كل سبب منها حالة طارئة بمفردها إذ ا
:-تحققت فإنها تشكل خطرا ً حقیقیا ً یهدد األمن الوطني أو السالمة العامة وهي
1-وقوع حرب
2-أو قیام حالة تهدد بوقوعهاأو حدوث اضطرابات -3أو فتنة داخلیة مسلحة -4أو كوارث عامة -5أو
انتشار آفة أو وباء - 6
ثالث ا ً :نطاق العمل بقانون الدفاع من حیث المكان والزمان أ -من حیث المكان :لقد أجاز قانون الدفاع في المادة) /2أ(
منه إعالن العمل بالقانون في جمیع أنحاء المملكة أو في منطقة منها
.وترك تحدید الصالحیة المكانیة للسلطة التنفیذیة بناءا ً على واقع الحال والظرف االستثنائي وطبیعت ه
ب -من حیث الزمان :یبدأ العمل بقانون الدفاع من تاریخ اإلعالن عن ذلك وفق ظاهر النص القانوني إذ ال یتصور أن یبدأ سریانه
بتاریخ سابق على حالة الطوارئ أو بتاریخ الحق ُمستقبالً ،إذ أن مبرر صدور اإلعالن هو وقوع حالة الطوارئ ووجوب اتخاذ.
تدابیر وإجراءات فوریة لمواجهة الظروف الطارئ ة
إال أن كال الدستور والقانون لم یحددا زمنا ً إلنتهاء العمل بقانون الدفاع ولم یلزم أي منهما السلطة التنفیذیة بتحدید مدة محددة لسریان
العمل بقانون الدفاع ولم یلزما الحكومة بعرض أو إعالم مجلس األمة بأسباب ومبررات هذا اإلجراء ،ولم یعطِ الدستور أو القانون
مجلس النواب الحق بتحدید مدة سریان العمل بقانون الدفاع مثلما هو الحال في التشریعات الفرنسیة والمصریة .وبذلك فإن مدة العمل
بقانون الدفاع متروك أمر تحدیدها لتقدیر السلطة التنفیذ یة مهما طالت هذه المدة وهذا أمر یعیب التنظیم القانوني لحالة الطوارئ في
األردن ،حیث یصبح قانون الدفاع وصالحیات الحكومة بموجبه سیفا ً مسلطا ً على القوى السیاسیة واإلجتماعیة و األفراد وحریاتهم
لمدة غیر محددة ،والتجربة السابقة خیر دلیل على ما نقول إذ بقیت البالد ترزح تحت وطأة قانون حالة الطوارئ منذ عام 1939م
.بموجب قانون الدفاع لسنة 1935ولغایة إلغائه في العام 1992م بصدور قانون الدفاع رقم 13لسنة 1992م لقد نصت الفقرة ج
من المادة) ( 2من قانون الدفاع على كیفیة وقف العمل بقانون الدفاع وهي بذات الكیفیة التي أعلن عن العمل به أي بإرادة ملكیة
تصدر بنا ًء على قرار من مجلس الوزراء ویفترض عقالً ومنطقا ً أن یكون ذلك فور انتهاء مسوغات ومبررات
.إعالن العمل بهذا القانون ابتداء ا ً
رابع ا ً :السلطة المختصة في حالة
الطوارئ وصالحیتها
بموجب المادة) /3أ( من قانون الطوارئ فقد أسندت صالحیة تطبیق القانون برئیس الوزراء بموجب أوامر خطیة وبموجب المادة )
(4 :-منه حدد القانون صالحیات رئیس الوزراء بما یلي
-وضع القیود على حریة األشخاص في حال االجتماع واإلنتقال واإلقامة وإلقاء القبض على المشتبه بهم أو الخطرین أ
على األمن
.الوطني والنظام العام واعتقالهم
.ب -تكلیف أي شخص بالقیام بأي عمل أو أداء خدمة ضمن قدر ب
. -ج -تفتیش األشخاص واألماكن والمركبات دون التقید بأحكام أي قانون آخر واألمر باستعمال القوة المناسبة في حال ج
المماد -وضع الید على األموال المنقولة وغیر المنقولة وتأجیل الوفاء بالدیون وااللتزامات المستحقة
….هـ -منع أو حصر أو تقیید أو استیراد المواد أوتصدیرها أو نقلها من مكان إلى آخر وتحدید التعامل بها
و… -و -اإلستیالء أي أرض أو بناء أو طریق أو مصدر من مصادر المیاه والط
ز . -ز -إخالء بعض األماكن أو عزلها وفرض منع التجول ف
ح -تحدید مواعید فتح المحالت العامة وإغالقها كلها أو بعضها
-تنظیم وسائل النقل والمواصالت وتحدیدها بین المناطق المختلفة وإغالق أي طریق أو ممر أو مجرى میاه أو تغییر اتجاهه ط
ومنع .حركة السیر علیه أو تنظیمها
ي… -ي -منع أخذ صور أو عمل تصامیم أو خرائط ألي مكان أي شيء ب
ك -مراقبة الرسائل والصحف والمطبوعات والنشرات والرسومات وجمیع وسائل التعبیر والدعایة واإلعالن قبل نشرها وضبطها
ومصادرتها وتعطیلها وإغالق أماكن إعدادها
ل … -ل -إلغاء رخص األسلحة الناریة والذخائر والمفرقعات والمواد القابلة لإلنف م. -م -منع صنع أجهزة اإلتصال أو بیعها
أو شرائها أو صیانتها واألمر بتسلیمها وضب ومن هذه الصالحیات یتبین أن سلطة رئیس الوزراء في حالة الطوارئ سلطة
واسعة جدا ً تتناول جمیع مناحي الحیاة السیاسیة واإلجتماعیة والخاصة لألفراد والهیئات وفي حال تجاوز حدود معالجة حالة
الطوارئ التي یجب أن تقدر بقدرها فإنها هذه الصالحیات تشكل اعتداء صارخا ً على الحریات األساسیة والعامة وحقوق
اإلنسان وسیفا ً مسلطا ً على القوى السیاسیة واالجتماعیة .في الدولة
ولرئیس الوزراء أیضا ً بموجب الفقرة ج من المادة ) (3من القانون تفویض جمیع صالحیاته أو بعضها لمن یراه أهالً للقیام بذلك،
وإن عبارة )لمن یراه أهالً بذلك( عبارة مطلقة وغیر منضبطة وغیر مشروطة إذ إنها ال تحصر امكانیة تفویض الصالحیات لموظفي
.الدولة مدنین أو عسكریین وهذا اإلطالق في التفویض القانوني لرئیس الوزراء یجافي المنطق القانون ي
.خامس ا ً :المحكمة المختصة بنظر مخالفة أحكام قانون الدفاع حدد قانون الدفاع في المادة) (6منه اختصاص محكمة البدایة
بالنظر في الجرائم التي ترتكب خالفا ً ألحكام الدفاع واألوامر الصادرة بمقتضاه ،وفي المادة ) (7حدد القانون ماهي الجرائم المرتكبة
بالمشرع األردني الذي جعل النظر بمخالفات قانون الدفاع من
ّ خالفا ً ألحكام القانون والعقوبات التي تترتب علیها .وهنا تجب اإلشادة
اختصاص المحاكم المدنیة بعكس كثیر من الدول التي جعلتها من اختصاص محاكم إستثنائیة أو عسكریة إال ان قانون الدفاع لم یبین
فیما إذا كانت قرارات محكمة البدایة خاضعة للطعن إستئنافا ً أو .تمییزا ً أم ال ،األمر الذي یجعلنا نرى أن هذه األحكام لیست قطعیة
وبالتالي تخضع للطعن بالطرق العادیة وفق األصول الجزائی ة
:-ومن المشهور والمتفق علیه أن الحریات العامة وحقوق اإلنسان تقسم إلى أنواع عدیدة أهمها
1-الحقوق المدنیة وعلى رأسها حق اإلنسان في الحیاة فال یجوز إزهاق روحه وحرمانه من الحیاة إال وفق القانون الذي یراعي
المصلحة العامة ،وحق اإلنسان في حریته الشخصیة فال یجوز حجزه أو حبسه إال وفق القانون وال یجوز التعرض لسالمته
الشخصیة أو إیذاءه أو تعذیبه أیضا ً ولإلنسان حریة الرأي والتعبیر شفاهة أو كتابة وحریة الصحافة جزء من هذه الحریة
وكذلك حقه …في اللجوء الى القضاء والمحاكمة العادلة إضافة الى حریة االجتماع وتكوین الجمعیات األهلیة إلخ
2-الحقوق السیاسیة ومن أهمها الحق في المشاركة في إدارة الحیاة العامة ومنها حق اإلنتخاب والترشح للمجالس التمثیلیة والحق
في
.تشكیل مؤسسات المجتمع المدني ومنها الجمعیات واألحزاب السیاسیة
. 3-الحقوق االقتصادیة منها حق العمل وواجب الدولة في توفیر فرص العمل لألفراد وحریة التجارة وحق التملك األموااللحقوق
االجتماعیة وأهمها حق الضمان االجتماعي الذي یجب أن توفره الدولة لألفراد وحق الرعایة الصحیة بما یحفظ كرامتهم - 4
.
.الحقوق الثقافیة وأهمها حق التعلیم والفنون اإلبداعیة والتعبیر عن الفكر واألدب اإلنساني -5
وقد اهتم الدستور األردني بكل هذه الحقوق والحریات العامة وذكر العدید من هذه الحریات والحقوق للمواطن األردني في المواد) 5
( 23-من الدستور واعتبر أن الحریة الشخصیة مصونة وأن كل اعتداء على الحقوق والحریات العامة وحریة الحیاة الخاصة
.لألردنیین جریمة یعاقب علیها القانون
جزءٍ یسیر من تجاوز السلطات المختصة على الحقوق األساسیة إن السوابق القضائیة لمحكمتي التمییز والعدل العلیا تطلعنا على ٍ
والحریات العامة أثناء العمل بقانون الدفاع وأنظمته المختلفة ،ولإلستدالل على ما ذهبنا إلیه نذكر فیما یلي بعض المبادئ والسوابق -
:القضائی ة
مبدأ رقم) (95سنة 1980محكمة العدل العلیا -7إن المادة الرابعة من قانون الدفاع التي صدر نظام الدفاع رقم) (2لسنة
1939استنادا إلیها ال تجیز حجز حریة األشخاص (2-
.أو ربطهم بكفالة حسن سلوك إال إذا صدرت عنهم أفعال تمت بصلة للدفاع عن المملكة وسالمتها العامة
ان الفعل المسند للمستدعي وهو اإلهمال المسبب لوقوع حریق وهو جرم عادي ال یخل بالدفاع عن المملكة بالمعنى المقصود -3
) .من المادة) 9مكررة( من نظام الدفاع رقم) (2لسنة 1939
مبدأ) (146سنة 1981محكمة العدل العلیا -8
إن قضاء محكمة العدل العلیا هو قضاء إلغاء ،والمقصود من دعوى اإللغاء هو فحص مشروعیة القرار المطعون فیه ،وال (2-
تتذرع اإلدارة بأن القرار قد نفذ لتحول دون حق صاحب المصلحة في اإللتجاء إلى المحكمة ال یوجد أي نص في
.یجوز أن ّ
قانون الدفاع واألنظمة الصادرة بمقتضاه ما یجیز لإلدارة منح رخص مؤقتة أو دائمة لألفراد بتیسیر .) -3باصات
یمارس نائب رئیس الوزراء كافة صالحیات واختصاصات رئیس الوزراء في غیابه بما في ذلك صالحیاته كحاكم عسكري عام(1-
.وفي حالة رغبة رئیس الوزراء إناطة صالحیاته كوزیر للدفاع بنائبه فإنه یصدر إرادة ملكیة بذلك
استقر االجتهاد على أن حكم المادة 20من تعلیمات اإلدارة العرفیة لسنة 1967والتي تقضي بمنع محكمة العدل العلیا من-2
رؤیة الطعن بالقرارات اإلداریة سواء كانت صادرة لغایات الدفاع عن المملكة أو لغیر ذلك هو حكم غیر دستوري وال یعمل به إال
) إذا كان القرار بذلك قد صدر لتحقیق األغراض المنصوص علیها في الفقرة الثانیة من المادة 125من الدستور
كما تجاوزت الحكومات المتعاقبة حدود حالة الطوارئ فلجأت إلى استخدام صالحیاتها بموجب قانون الدفاع الستصدار أنظمة دفاع
تستند إلى قانون الدفاع لسنة 1935تنظم شؤون الدولة االعتیادیة وكان بإمكانها تنظیمها من خالل الوسائل التشریعیة العادیة،
خالل مدة العمل بقانون الدفاع أصدرت الحكومات األردنیة عشرات االنظمة التي تستند إلى قانون الدفاع معظمها ال تتعلق باألمن :-
الوطني أو السالمة العامة ومنها على سبیل المثال
– .نظام رقم) (37لسنة) (1964نظام الرسوم التعداد على المواشي
– .نظام رقم) (30لسنة) (1964نظام مواصفات الطحین لألسواق المحلیة
– .نظام رقم) (145لسنة) (1966نظام تقیید السفر للخارج
– .نظام رقم) (18لسنة) (1966نظام رسوم االستیرا د
– .نظام رقم) (105لسنة) (1971نظام معدل لنظام مكتب التموین ومراقبة األسعار
– .نظام رقم) (12لسنة) (1979نظام مراقبة وتحدید أسعار قطع ولوازم السیارا ت
– .نظام رقم) (27لسنة) (1986نظام تیسیر استثمارات المواطنین العرب
– .نظام رقم) (24لسنة) (1959نظام مراقبة أعمال شركات التأمین
– .نظام رقم) (4لسنة) (1956نظام تأمیم الكتب المدرسیة
– .نظام رقم) (2لسنة) (1954نظام مكتب الحبو ب
– .نظام رقم) (2لسنة) (1942نظام رخص السوق المطلب الثالث :ضمانات الحریات العامة في ظل قانون الدفاع
قلنا سابقا ً أن دول العالم المعاصرة أخذت باإلهتمام وصیانة الحریات وحقوق اإلنسان فأكدت على هذه الحقوق بنصوص واضحة في
دساتیرها الوطنیة واهتمت مؤسساتها الدستوریة برعایتها وأنشأت منظمات دولیة تعنى بالحفاظ على حقوق اإلنسان ومراقبتها بل إن
كثیر من هذه المنظمات لدیها صالحیات تلقي اتصاالت وشكاوى من أفراد خاضعین ألي ودولة عضو فیها حول انتهاكات لحقتهم من
.جانب حكومة هذه الدولة
إال أن الضمانات مهما كان نوعها أو مصدرها تبقى ضمانات نسبیة أي أنها تساعد وتساند ولكنها غیر كافیة وحدها وال یمكن أن
.تتوصل بذاتها إلى حمایة ناجحة للحریة
ثانیاً :ضمانة البرلمان إن وجود برلمان یمثل إرادة الشعب تمثیالً حقیقیا ً هو من أهم الضمانات اللتزام الدولة بواجباتها العامة ومنها
حفظ ورعایة الحریات العامة ،فدور البرلمان التشریعي والرقابي مهم جدا ً في ترسیخ الحریات العامة ومحاسبة الحكومات عن أي
إساءة أو تقصیر أو
.تجاوز للحریات العامة سوا ًء في األوضاع العادیة أو في ظل حالة الطوارئ والعمل بقانون الدفاع
ثالثاً :ضمانة الرأي العام إن الشعب بأفراده ومؤسساته المدنیة وأحزابه من أكبر الضمانات لإللتزام بالحریات العامة إذا امتلك
الوعي الكافي للمط البة بحقوقه الدستوریة وحریات أفراده وجماعاته بما تمتلكه من وسائل صحفیة وإعالمیة تستطیع تسلیط الضوء
على انتهاكات حقوق اإلنسان واالنتقاص من الحریات العامة ،كما أنه قد أصبح من حقوق الشعب وأفراده وجماعاته بحكم الدستور
والمواثیق الدولیة االعتصام والتظاهر للمطالبة باحترام الحریات والحقوق الدستوریة وهذه من الوسائل التي تخشاها الحكومات
وتحسب لها ألف حساب خشیةً من
.تفاقمها إلى ما یشبه الثورات الشعبی
ة رابعا :ضمانة الرقابة القضائیة
إن واجب الجهاز القضائي سواءا ً المدني منه والدستوري واإلداري هو تطبیق الدستور والقانون واألنظمة وحفظ الحقوق لألفراد
والجماعات وعلى رأس هذه الحقوق الحریات العامة وحقوق اإلنسان وعلى الجهاز القضائي عدم الخضوع للسلطة السیاسیة وأهوائها
سواءا ً في األوقات اإلعتیادیة أو في ظل حالة الطوارئ فالقضاء والقضاة یجب أن ال یخضعوا إال للقانون ومقتضیات العدالة وقد
رأینا سابقا ً في هذه الدراسة كیف تعرض القضاء اإلداري والمدني لقرارات السلطة الصادرة بموجب قانون الدفاع وأنظمته وتعلیمات
اإلدارة العرفیة بالفحص الدقیق لتمییز ما صدر منها موافقا ً لمقتضیات األمن والدفاع عن المملكة وما كان منها مخالفا ً أو متجاوز ا ً
.لغایات األمن العام والسالمة العامة والدفاع عن الدولة وهذا موقف یحمد للقضاء األردني ویستدعي الثناء
خامساً :ضمانة الهیئات والمنظمات الدولیة لحقوق اإلنسان
وقد تعرضا ً سابقا ً الهتمام المنظمات الدولیة الحكومیة وغیر الحكومیة بحقوق اإلنسان ورعایة كرامته اإلنسانیة وقد تزایدت أعداد
هذه المنظمات بشكل كبیر والتي تسعى لإللزام الحكومات باإلعالنات العالمیة والعهود والمواثیق الدولیة التي تحرص على رعایة
وصیانة حقوق اإلنسان في زمن السلم والحرب ولعل أهم ما تحقق في هذا المجال هو إیجاد أجهزة دولیة ذات صالحیات محددة
لحمایة حقوق اإلنسان وحریاته وتمكین األفراد والجماعات من تقدیم الشكوى ضد دولهم عند إهدار هذه الحقوق والعمل بمبدأ
الرقابة
.الدولیة والضمان الجماعي لهذه الحقوق
الخاتمة
من خالل هذه الدراسة تبین لنا مدى أهمیة اإلعتناء بالحریات العامة وحقوق اإلنسان وتوفیر ضمانات كافیة لعدم انتهاكها أو
مصادرتها أو االنتقاص منها سواءا ً في األوضاع العادیة أو في حالة الطوارئ والعمل بقانون الدفاع وتبین لنا من خالل التجربة
الطویلة لتطبیق قانون الدفاع لسنة 1935واألنظمة واألوامر الصادرة بموجبه أن السلطات المختصة كانت تتجاوز الغایة التي
وجدت من أجله وهي حفظ األمن والسالمة العامة والدفاع عن المملكة إلى مستوى فرض سلطتها وهیمنتها على األفراد والجماعات
وعلى كافة مناحي الحیاة السیاسیة واإلقتصادیة واإلجتماعیة والثقافیة ولو على حساب الحریات العامة والحقوق األساسیة بما یشكل.
حالة إساءة استعمال السلطة واالنحراف بها عن القانون
إن التشریعات التي یعمل بها في حالة الطوارئ وعلى رأسها قانون الدفاع وأنظمته هي تشریعات قانونیة تقتضیها المصلحة العامة
للدولة واألمة وعلى السلطة المختصة أن تدرك أن الصالحیات الممنوحة لها والتدابیر التي تتخذها یجب أن تلتزم بمبدأ المشروعیة ال
.أن تعتبرها صالحیات مطلقة خارج نطاق المشروعی ة
ونرى أنه ال بد من مراجعة قانون الدفاع رقم 13لسنة 1992بحیث یتم تقلیص صالحیات رئیس الوزراء وحصرها بما هو الزم.
وضروري فعالً لحفظ األمن والسالمة العامة والدفاع عن الدولة ونرى أنه البد من النص في الدستور وفي قانون الدفاع بشكل واضح
وصریح على استمرار صالحیات المحاكم المختصة بالنظر في الطعون المقدمة لها والمتعلقة بقانون الدفاع وأنظمته المختلفة للتأكد
من عدم انحراف السلطة في تدابیرها وقرارتها عن الغایة التي وجد القانون من أجلها وهي حفظ األمن والسالمة العامة والدفاع عن
المملكة والتأكد من عدم وجود أي انحراف في السلطة یؤدي إلى االعتداء أو اإلنتقاص من الحریات العامة وحقوق اإلنسان دون أي
دواعي أمنیة الزمة وضروریة انتهى بحمد اﷲ
:قائمة المراجع