Professional Documents
Culture Documents
5921 14024 1 SM
5921 14024 1 SM
5921 14024 1 SM
ﻣﻠﺧـص
ﺗﺄﺛر اﻟﺷﻌر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺣدﻳث واﻟﻣﻌﺎﺻر ﺑﻛﺛﻳر ﻣن ﻓﻧﻳﺎت اﻟﺷﻌر اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ،واﺳﺗطﺎع ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﺷﻌراء اﻟﻌرب دﺧوﻝ اﻟﺣداﺛﺔ
اﻟﺷﻌرﻳﺔ ﺑوﻋﻲ ٕواﺗﻘﺎن ،وﻗد ﻣﺛﱠﻝ ﻣﺣﻣود دروﻳش ﻫذﻩ اﻟﺣداﺛﺔ ،ورﺑﻣﺎ ﺗﺑﻧﺎﻫﺎ.
وﻗد ﻣﺛّﻝ ﻋﻧﺻر اﻟﺣوار ﺑﺎﺑﺎً أﺳﺎﺳﻳﺎً ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣداﺛﺔ ،ﺣﻳن اﺳﺗطﺎع ﻣﺣﻣود دروﻳش أن ﻳﻧﺗﺑﻪ إﻟﻰ أﺷﻛﺎﻝ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻧﻪ ﻫﻲ :اﻟﺣوار
اﻟﻣﺑﺎﺷر ،وﺗﻌدد اﻷﺻوات ،واﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ )اﻟﻣوﻧوﻟوج( ،ﻟﺑﻧﺎء إﻳﻘﺎع ﻓﻧﻲ ﺟﻣﻳﻝ رﺑط ﺑﺎﻟﻣراد اﻟرؤﻳوي ﻟﻠﺷﺎﻋر ،وﻛذﻟك اﻟﺣﺎﻝ ﻓﻲ
ﻣﻘدرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎت اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ اﻟداﺧﻠﻳﺔ.
وﻗد اﻧﺗﺑﻪ اﻟﺷﺎﻋر إﻟﻰ اﻟﻔرق اﻟﺣﺳﺎس ﺑﻳن اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ وﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ واﻟﻣﻧﺎﺟﺎة ،اﻷﻣر اﻟذي ﺳﺎﻋدﻩ ﻓﻲ ﺗرﺟﻣﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت
اﻟﻔﻧﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ إﻟﻰ واﻗﻊ ﺷﻌري ﻣﺗﻣﻳز ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻳدي اﻟﻔن واﻟرؤﻳﺔ.
2014 ﻋﻤﺎدة اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ /اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷردﻧﻴﺔ .ﲨﻴﻊ اﳊﻘﻮق ﳏﻔﻮﻇﺔ. - 22 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،واﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ ،وﻳﻘﺳم ﻛﻝ ﻣﻧﻬﻣﺎ إﻟﻰ :ﻣﺑﺎﺷر وﻏﻳر ﻧﺳﺑﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺗﻛﻠم ﺑﺻورة ﺣﺻرﻳﺔ؛ إﻧﻪ ﻧﺗﺎج ﺗﻔﺎﻋﻝ ﺑﻳن
ﻣﺑﺎﺷر. اﻟﻣﺗﺣﺎورﻳن").(4
أﻣﺎ اﻟﺣوار اﻟﻣﺑﺎﺷر :ﻓﻬو ﺣوار ﻳﺗﺻف "ﺑﺎﻟواﻗﻌﻳﺔ واﻟﻣﺑﺎﺷرة، وﻳرى ﺑﺎﺧﺗﻳن أن اﻟﺧطﺎب ﻫو ﺳﻳﻧﺎرﻳو ﺣدث ﻣﺣدد ،ﺑﺣﻳث
وﻟﻠﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻷﺳﻠوب ﺻﻳﻐﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،إذ ﺗﺳﺗﻌﻣﻝ ﺿﻣﻳر ﻳﻌﻣﻝ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﺎم ﻟﻠﺧطﺎب ﻋﻠﻰ "إﻋﺎدة إﻧﺗﺎج ﻫذا اﻟﺣدث
اﻟﻣﺗﻛﻠم )أﻧﺎ( ﻟﻠﺗﻌﺑﻳر ﻋن ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﺿﻼً ﻋن اﺳﺗﺧدام ﺻﻳﻐﺔ اﻟﻣؤﻟف ﻣن ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﻳن اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﻳن").(5
اﻟﻣﺿﺎرع ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻼم اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﺿر وﻗﺗﻬﺎ، وﻳﺧﻠص ﺑﺎﺧﺗﻳن إﻟﻰ ﺣد اﻋﺗﺑﺎر أن "اﻟﺗوﺟﻳﻪ اﻟﺣواري ﻫو
ﻓـ)اﻟﻛﻼم ﻣﺧﺎطﺑﺔ أو ﺣوا اًر ﻻ ﻳﻣﻛن أن ﻳﻛون إﻻ ﻓﻲ زﻣن ﺑوﺿوح ظﺎﻫرة ﻣﺷﺧﺻﺔ ﻟﻛﻝ ﺧطﺎب ،وﻫو اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ﻟﻛﻝ
ﺣﺎﺿر ﻳﺳﺗوﺟب ﺻﻳﻐﺔ اﻟﻣﺿﺎرع ﻟﻪ ،وﻫو ﻳدﻝ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺧطﺎب ﺣﻲ ،ﻳﻔﺎﺟﺊ اﻟﺧطﺎب ﺧطﺎب اﻵﺧر ﺑﻛﻝ اﻟطرق اﻟﺗﻲ
ﻳﻧطق ﺑﺻوﺗﻪ").(15 ﺗﻘود إﻟﻰ ﻏﺎﻳﺗﻪ ،وﻻ ﻳﺳﺗطﻳﻊ ﺷﻳﺋﺎً ﺳوى اﻟدﺧوﻝ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻋﻝ
أﻣﺎ ﻏﻳر اﻟﻣﺑﺎﺷر :ﻓﻬو ﺣوار"ﻣﻧﻘوﻝ ،إذ ﻳﺑﻧﻲ اﻟﺷﺎﻋر وﺣﻲ").(6
ﺣﺎد ّ
وظﻳﻔﺔ ﻧﻘﻝ اﻟﺻوت اﻟﻣﺣﺎور ﺑطرﻳﻘﺗﻪ اﻟﻔﻧﻳﺔ" .ﻟﻛن اﻟﺣوار أﻣﺎ ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺗﻧﺎص ﻋﻧد ﻛرﻳﺳﺗﻳﻔﺎ ،ﻓﻘد اﻧﺑﺛق ﻣن ﺗوﺟﻳﻬﺎت
اﻟداﺧﻠﻲ )اﻟﻣوﻧوﻟوج(" :أﺣﺎدي اﻹرﺳﺎﻝ ﺗُﻌﺑر ﻓﻳﻬﺎ ﺷﺧﺻﻳﺔ ﺑﺎﺧﺗﻳن اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ؛ ﺣﻳث رأت ﻛرﻳﺳﺗﻳﻔﺎ أن اﻟﺗﻧﺎص ﻫو "اﻟﺗﻔﺎﻋﻝ
ق ،و ٍ
اﺣد، واﺣدة ﻋن ﺣرﻛﺔ وﻋﻳﻬﺎ اﻟداﺧﻠﻲ ،ﻓﻲ ﺣﺿور ﻣﺗﻠ ٍ اﻟﻧﺻﻲ ﻓﻲ ﻧص ﺑﻌﻳﻧﻪ") (7وأن "ﻛﻝ ﻧص ﻳﺗﺷﻛﻝ ﻣن ﺗرﻛﻳﺑﺔ
)(16
ﻣﺗﻌدد ،ﺣﻘﻳﻘﻲ أو وﻫﻣﻲ ،ﺻﺎﻣت ﻏﻳر ﻣﺷﺎرك ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ . ٍ ﻓﺳﻳﻔﺳﺎﺋﻳﺔ ﻣن اﻻﺳﺗﺷﻬﺎدات ،وﻛﻝ ﻧص ﻫـو اﻣﺗﺻﺎص أو
ﺗﺣوﻳﻝ ﻟﻧﺻـوص أﺧـرى") ،(8وﻋرﻓﻪ ﻣﺣﻣد ﻣﻔﺗﺎح ﺑﺄﻧﻪ" :ﺗﻌﺎﻧق
أوﻻً :ﺣوارﻳﺔ اﻷﺻوات اﻟﻣﺗﻌددة ﻧﺻوص ﻣﻊ ﻧص ﺣدث ﺑﻛﻳﻔﻳﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ").(9
اﻟﻘﺻﻳدة اﻟدروﻳﺷﻳﺔ ﻗﺻﻳدة ﻣﺗﻌددة اﻹﺷﻌﺎﻋﺎت؛ وﺑﻧﺎؤﻫﺎ أﻣﺎ اﻟﺣوار اﻟدراﻣﻲ ،ﻓﻬو ﺣدﻳث ﻓﻧﻲ "ﻳﻧﺗﻣﻲ ﺑﻛﻠﻳﺗﻪ إﻟﻰ ﻋﺎﻟم
اﻟﻬﻳﻛﻠﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﺗﻌدد اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﻔﻧﻳﺔ؛ ذﻟك أن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺷﺎﻋر اﻟﻔن ،وﻻ ﻳﺟوز اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻳﻪ ﺑﻣﻘﺎﻳﻳس اﻟﺣدﻳث اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة
وﻋﻣق ﺗﺟرﺑﺗﻪ اﻟﺷﻌرﻳﺔ ﺟﻌﻠﺗﻪ ﻳوظف ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﻔﻧﻳﺔ: اﻟﻳوﻣﻳﺔ") ،(10وﻫو "ﻻ ﻳﻛﺳب ﺻﻔﺔ اﻟدراﻣﻳﺔ إذا ﻛﺎن ﻳﻔﺗﻘر إﻟﻰ
ﻛﺎﻷﺳطورة ،واﻟرﻣز ،واﻟﺣوار ،واﻟﺗﻧﺎص ،واﻟﺳرد ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻬدف أو اﻷﺛر اﻟﻛﻠﻲ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻪ ﻟﻳس ﻓﻳﻪ وﺣدة ﻋﺎطﻔﻳﺔ أو
اﻟﺑﻳﺎن واﻟﺑدﻳﻊ ﻟﺗﺷﻛﻳﻝ ﺻورة ﻓﻧﻳﺔ ﺗﺷﺎﺑﻛﻳﺔ ذات ﻋﻼﺋق ﻣﺗﻌددة. ﻓﻛرﻳﺔ ﺗﺣﻛم اﻟﺻراع اﻟذي ﻳﺻورﻩ ذﻟك اﻟﺣوار ،ﻻ ﻷﻧﻪ ﻳﻔﺗﻘر
وﻗد ﻛﺎن اﻟﺣوار ﺟزءاً أﺳﺎﺳﻳﺎً ﻓﻲ ﺗرﻛﻳﺑﺗﻬﺎ اﻟﻔﻧﻳﺔ ﻣﻧذ اﻟﺑداﻳﺎت، إﻟﻰ اﻟﺟدﻳﺔ أو اﻟﺻراع ،وﻣﺛﻝ ذﻟك ﻣﺎ ﻳﺟري ﺑﻳن ﺻدﻳﻘﻳن ﻣن
ﻏﻳر أن ﻣﻼﻣﺣﻪ اﻟﻔﻧﻳﺔ ﺑدأت ﺗﺗﺷﻛﻝ وﻓق رؤﻳﺔ ﻓﻧﻳﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺣوار ﻓﻲ اﻟﻣﻘﻬﻰ أو ﻗطﺎر أو طﺎﺋرة ﻳﺗﺟﺎذﺑﺎن أطراف اﻟﺣدﻳث
أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷﺧﻳرة ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻝ دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﺟزءاً ﻣن ﻓﻲ ﻣواﺿﻳﻊ ﺷﺗﻰ ،ﻓﻬﻣﺎ ﻳﻧﺗﻘﻼن ﻣـن ﻣوﺿوع إﻟﻰ آﺧر دون
اﻹﺿﺎﻓﺎت اﻟﻣﺗوﺧﺎة ﻓﻲ اﻟدرس اﻟﻧﻘدي. راﺑط وﻛﻳﻔﻣـﺎ اﺗﻔق ﻓﻬـو ﻣﺟـرد ﺗﻣﺿﻳﺔ وﻗت ﻟﻳس إﻻ").(11
ﻟﻛن اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺻﻳدة اﻟدروﻳﺷﻳﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻋﻣﻼً وﻗد ظﻝ اﻟﺣوار ﻣرﻫوﻧﺎً ﺑﺎﻟﻔن اﻟﻣﺳرﺣﻲ إﻟﻰ أن ﺟﺎءت
ﻣﺳﺗﻘﻼً ﺣﻣﻝ ﺑﺻﻣﺎت ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣﻠﻪ اﻟﺷﻌرﻳﺔٕ ،وان ﺑدا ذﻟك اﻟﻧظرﻳﺎت اﻟﻧﻘدﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ،واﺗﺳﻊ ﻧطﺎق اﻟﺳرد ،وﻣﻔﻬوم
أﻛﺛر وﺿوﺣﺎً ﻓﻲ ﺑﻌض أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷﺧﻳرة " ﻟﻣﺎذا ﺗرﻛت اﻟﺣﺻﺎن اﻟﺧطﺎب ،واﻟﺗﻧﺎص؛ ﻓﺄﺻﺑﺢ اﻟﺣوار ﻣﺎدة أﺳﺎﺳﻳﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﻠﺑﻧﻰ
وﺣﻳداً"؟ و"ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺻﺎر" و"ﻛزﻫر اﻟﻠوز أو أﺑﻌد" ذﻟك أن دروﻳش اﻟﺳردﻳﺔ ،ﺑﻝ إن )اﻟﺳﻳﻣﻳﺎﺋﻳﺔ() (12وﺳﻌت ﻣن ﻣﻔﻬوم اﻟﺣوار،
ﻛﺎن ﻳﺣرص – داﺋﻣﺎً -ﻋﻠﻰ أن ﻳﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ وﺳط ﺗﺣﻔظ وﺟﻌﻠﺗﻪ ﻳدﺧﻝ ﺿﻣن داﺋرة اﻟﻣﻧطوق ،أو ﺿﻣن داﺋرة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن
ﻟﻠﺷﺎﻋرﻳﺔ أﻟﻘﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺗوﻏﻝ ﻓﻲ اﻧزﻻﻗﺎت اﻟﺗﺟرﻳب اﻟﺿﺎﺋﻌﺔ، اﻟﻣؤﻟف واﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ،ﻣﺳﺗﻔﻳدة – ﺑذﻟك – ﻣن ﻋﻠـم اﻟﻠﺳﺎﻧﻳﺎت
ﻓﻣﺣﻣود دروﻳش ﻛﺎن ﻓﻲ ﻛﻝ ﻣﺎ ﻛﺗب ﻳﻠﺗزم اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻌرﻩ، اﻟﺣدﻳث اﻟذي "ﺟﻣﻊ ﺑﻳن اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ ﻛﻔﻌﻝ واﻟﺑﺣث ﻓﻳﻬﺎ
وﻫروﺑﻪ ﻣﻬﻧﺎ أﺣﻳﺎﻧﺎً ،أو وﻗوﻓﻪ ﺑﻳن اﻹﻳﻘﺎع واﻟﻧﺛر ﻟﻳس وﻗوف ﻛﻠﻌب ،أي ﺑﻳن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺣﻘﻘﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﻔﻌﻠﻲ واﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻣﺣﺎﻳد ،ﻓﻬو ﻻ ﻳﺧرج ﻣن اﻹﻳﻘﺎع ،وﻻ ﻳدﺧﻝ ﻓﻲ اﻟﻧﺛرٕ ،واﻧﻣﺎ اﻟﻣﺣﻘﻘﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟوﻫﻣﻲ").(13
ﻳﻘف ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﻫﻠﻪ ﻻﺳﺗﺧراج ﻛﻝ ﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﻣن ﻣﺛﻳرات وارﺗﺑﺎط اﻟﺣوار ﺑﺎﻟدراﻣﺎ ﻳﺟﻌﻠﻪ ﻣن أﻫم ﻟوازم اﻟﻣﺳرح ،ﻓﺑدوﻧﻪ
ﺗﻐري اﻟﺷﻌر ﺑﺎﻟﻣﻐﺎﻣرة وﺑﺎﻟﺑﺣث اﻟداﺋم ﻋن اﻟﺟدﻳد") .(17ﺑﻝ إن ﻻ وﺟود ﻷدب ﻣﺳرﺣﻲ ،ﻓﻬو أداة ﻟﺗﻘدﻳم ﺣدث دراﻣﻲ ﻳﺻور
اﻹﻳﻘﺎع ﻫو ﻣن ﻳﺧﺗﺎر دروﻳش ﻛﻣﺎ ﺗﻘوﻝ اﻟﻘﺻﻳدة ):(18 ﺻراﻋﺎً ﺑﻳن إرادﺗﻳن ﺗﺣﺎوﻝ ﻛﻝ ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻛﺳر اﻷﺧرى .ﻳﻘوﻝ
ق ﺑﻲ
ﻳﺧﺗﺎرﻧﻲ اﻹﻳﻘﺎعَُ ،ﻳ ْﺷ َر ُ
" ُ راﺷﻳﻝ ﻛروﺛرس ﻋن اﻟﺣوار" :إﻧﻪ ذﻟك اﻟﺷﻲء اﻟﺳﺣري اﻟذي ﻳﻌد
ِ
وﻟﺳت ﻋﺎزﻓَﻪُ
ُ أﻧﺎ َر ْﺟﻊُ اﻟﻛﻣﺎن، ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟزﻫرة اﻟﻣﺗﻔﺗﺣﺔ ﻟﻛﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ ﻣن ﻋﻧﺎﺻر").(14
أﻧﺎ ﻓﻲ ﺣﺿرة اﻟذﻛرى وﻳﻣﻛن ﺗﻘﺳﻳم اﻟﺣوار اﻟدراﻣﻲ إﻟﻰ ﻗﺳﻣﻳن ﻋﺎﻣﻳن :اﻟﺣوار
- 23 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر ...
اﻟﻘﺻﻳدة اﻟدروﻳﺷﻳﺔ دون أن ﻳﺷﻳر إﻟﻰ ذﻟك اﻟﻧﻣط اﻟﻣﻠﺣﻣﻲ، ﺗﻧطق ﺑﻲ
ُ ﺻدى اﻷﺷﻳﺎء
اﻟذي ﻳﻧﺗظم ﻓﻳﻪ اﻟﺣوار واﻟﻘص واﻟﺗداﻋﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣوﻝ ﻣن ﻓﺄﻧطق"....
ُ
ﺧﻼﻝ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺑﻧﺎﺋﻳﺔ ﺗراﻛﻣﻳﺔ ﺗﻣﺛﻝ اﻟﻧزﻋﺔ اﻟدراﻣﻳﺔ ﻣرﻛ اًز أﺳﺎﺳﻳﺎً ٕواذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ ﺗﺷد اﻟﻧﺳـق اﻟﺗﻌﺑﻳري إﻟﻰ اﻷﻧﺎ
ﻟﻪ ،وﺗدور اﻷﺣداث ﺣوﻝ ﻣﺣورﻳن أﺳﺎﺳﻳﻳن ﺗﺷﻛﻝ اﻟذات واﺣداً )اﻟذات( ،وﺗﻘﻠﻝ ﻣن اﻟﻣوﺿوﻋﻳﺔ – اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻌدد اﻷﺻوات
ﻣﻧﻬﻣﺎ ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﺷﻛﻝ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻛوﻧﻲ اﻵﺧر اﻟﻣﺗﻌدد ،ﻓﻳﻣﺎ ﺗﻘوم – ﻓﺈن اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺣواري اﻟواﺳﻊ – اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﺗﻠﻔظ – ﻻ
ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺳرد واﻟﺣوار واﻹﻳﻘﺎع ﺑﺗﺷﻛﻳﻝ ﻟون اﻷداء اﻟﺷﻌري؛ ﻳﺧرﺟﻬﺎ ﺗﻣﺎﻣﺎً ﻣن اﻟﺣوارﻳﺔ؛ ذﻟك أن أي ﻧص ﺷﻌري ﺳﻳﻔﺗرض
ﺣﻳث ﻳﻣﺛﻝ اﺷﺗﺑﺎك اﻟﻐﻧﺎﺋﻲ ﻣﻊ اﻟدراﻣﻲ ﺗﻛﺛﻳﻔﺎً ﻧوﻋﻳﺎً ﻳﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﻗﺎرﺋﺎ ﻳﺣﺎورﻩ ،وﻟﻳﺳت اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ ﻋﻳﺑﺎً ﺷﻌرﻳﺎً ،وﻻ اﻟﺣوارﻳﺔ ﺑدﻳﻼً
ﺗﺷﻛﻳﻝ ﻋﻣﻠﻳﺎت اﺳﺗدﻋﺎء ﻣﺗﻼﺣﻘﺔ ﺗﺗداﺧﻝ ﻓﻳﻬﺎ ﺳﻳﺎﻗﺎت زﻣﺎﻧﻳﺔ ﻓﻧﻳﺎً ﻋﻧﻬﺎ ،ﻟﻛﻧﻪ اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻣﻌﻣﺎري واﻟرؤﻳﺔ اﻹﺑداﻋﻳﺔ ،ﺣﻳﻧﻣﺎ ﻳﺗﺟﻠﻰ
وﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﻣﺗﻌددة. أﺣدﻫﻣﺎ أو ﻛﻼﻫﻣﺎ؛ ﻓﻳﻧطق اﻟﻧص ﺑﺟﻣﺎﻝ ﺻﺎﺣﺑﻪ وروﻋﺔ
وﻣن ﻫﻧﺎ؛ ﻓﺈن اﻹﻳﻘﺎع اﻟذي اﺧﺗﺎرﻩ دروﻳش ﻓﻲ أوﻟﻰ ﻗﺻﺎﺋد راﺳﻣﻪ.
"ﻻ ﺗﻌﺗذر ﻋﻣﺎ ﻓﻌﻠت" ﻟن ﻳﺑﻘﻳﻪ ﻓرداً ﺑﻝ ﺳﻳﺳﻠﻣﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟم اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ وﻟﻌﻝ ﻫذا اﻟﺗﺟدﻳد اﻟﺻﻌب ﻫو ﻣﺎ ﺗورط ﺑﻪ دروﻳش ﺣﻳن
أو ﻟﻠﻌﺎﻟم اﻟﻛوﻧﻲ؛ ﻟﻳﺻﻐﻲ ﻟﻠﺣﺟر ،وﻳﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﻫدﻳﻝ ﺣﻣﺎﻣﺔ "أدﻫش اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ ﺑﻣﺎ ﻟم ﻳﺄﻟﻔﻪ ﻣن ﺑﻧﻳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻠﻐوﻳﺔ واﻟﺻور
ﺑﻳﺿﺎء؛ ﻓﺗﺷﻬق ﺑﻪ):(21 اﻟﻔﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘدم ﻟﻠﻘﺎرئ ﺑﻌداً ﺟدﻳداً ﻟﻠﻣﺄﻟوف ،وﻣذاﻗﺎً ﺟدﻳداً
اﺳﺗﻣﻌت إﻟﻰ
ُ ِ
ﻟﻠﺣﺟر أﺻﻐﻳت
ُ " ُﻛﻠﱠﻣﺎ وﻣﻌﻧﻰ ﺟدﻳداً ،ﻣﺗﺧذاً ﻣن ﺗﻌدد اﻷﺻوات وﺗداﺧﻠﻬﺎ وﺗﻌدد
ﻫدﻳﻝ ﻳ ٍ
ﺑﻳﺿﺎء
َ ﻣﺎﻣﺔ ِ َ اﻟﺷﺧوص وﺗﻌدد اﻟﻣراﺣﻝ وﺗداﺧﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺿﻣـن ﺗﻌﻣﻳق اﻟﺻوت
ﺗﺷﻬَق ﺑﻲ: اﻟﻣﻠﺣﻣﻲ وﺗﻌﻣﻳق اﻟرﻣز ،وﺗرﻛﻳب ﺑﻧﻳﺔ ﻣﺗﻔوﻗﺔ ﻓﻲ دﻧﻳﺎ اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ
ﱡﻐرى، ُﺧﺗُ َك اﻟﺻ ْ أﺧﻲ ! أﻧﺎ أ ْ اﻟﻣﻠﺣﻣﻳﺔ").(19
ﻓﺄَذرف ﺑﺎﺳﻣﻬﺎ َدﻣﻊ اﻟﻛﻼمِ إن اﻟﻣزاوﺟﺔ ﺑﻳن اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ واﻟدراﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺳق اﻟﺗﻌﺑﻳري ﻟﻠﺑﻧﺎء
َْ
ﻟﺧ ِت
اﻟزْﻧ َز ْ
ع ّ ت ﺟ ْذ َ ﺻ ْر ُ ﱠ
و ُﻛﻠﻣﺎ أ َْﺑ َ اﻟﺷﻌري ﺗﻌد ﺣداﺛﺔ ﺷﻌرﻳﺔ اﺳﺗطﺎﻋت أن ﺗﻠﻐﻲ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﺑﻳن
ِ
اﻟﻐﻣﺎم، ﻋﻠﻰ اﻟطرﻳق إﻟﻰ اﻟذاﺗﻲ واﻟﻣوﺿوﻋﻲ؛ ﺣﻳث أﺻﺑﺢ اﻟﻣوﺿوع "ﻫو اﻟﺣرﻛﺔ
ﻗﻠب اﻷُﱢمﺳﻣﻌت ِ ُ اﻟداﺧﻠﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺳم اﻟذات وﺗﻌﻳد ﺗوﺣﻳدﻫﺎ ،إذ ﻳﻠﺟﺄ اﻟﺷﺎﻋر إﻟﻰ
ﻳﺧﻔق ﺑﻲ:ُ اﻟﺣوار اﻟﻣﻧﻛر ﻟﻸطراف اﻟذي ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻛﻝ ﺗداﻋﻳﺎت داﺧﻠﻳﺔ
ﱠ
أﻧﺎ اﻣرأة ُﻣطﻠﻘﺔٌ ﺗﻘﺳم اﻟذات ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻳﺿﻳن ﻣﺗﺣﺎورﻳن").(20
ﻓﺄﻟﻌن ﺑﺎﺳﻣﻬﺎ زﻳر اﻟظﻼمِ إن ﻫذا اﻻﺧﺗراق ﻟﻠﺳﻳﺎق اﻟﻠﻐوي اﻟﺗﻘﻠﻳدي ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻔﺟر
َ
ﺷﺎﻫدت ﻣرآةً ﻋﻠﻰ ٍ
ﻗﻣر ُ و ُﻛﻠﱠﻣﺎ اﻟطﺎﻗﺎت اﻹﻳﺣﺎﺋﻳﺔ ﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ ﻣدﻫﺎ اﻟدﻻﻟﻲ اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻫﻲ ،وﻳﻌﻳد
اﻟﺣب ﺷﻳطﺎﻧﺎً ّ أﻳت
ر ُ ﺑرﻣﺟﺔ اﻹﻳﻘﺎع ﻓﻲ ﺗﺟﻠﻳﺎت اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ وﻓق رؤﻳﺔ ﺣداﺛﻳﺔ ﺗﻧﺄى
ق ﺑﻲ: ِ
ُﻳ َﺣ ْﻣﻠ ُ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ﻋن رﺗﺎﺑﺔ اﻹﻳﻘﺎع اﻟﻣﺗﺷﻛﻝ ﻣن اﻟﻧﻣط اﻟﺗﻘﻠﻳدي اﻟﻘﺎﺋم
ﻟت ﻣوﺟوداً أﻧﺎ ﻣﺎز ُ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻳﺔ واﻟﺗﻘرﻳرﻳﺔ واﻟﻣﺑﺎﺷرة.
وﻟﻛن ﻟن ﺗﻌود ﻛﻣﺎ ﺗرﻛﺗُك وﻣن ﻫﻧﺎ ،ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻹﻳﻘﺎﻋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺳم ﻣﻌﺎﻟم اﻟﻐﻧﺎﺋﻳﺔ ﻓﻲ
أﻋود
ﻟن ﺗﻌود ،وﻟن َ ﻗﺻﺎﺋد دروﻳش ذات اﻟﻣﻠﻣﺢ اﻟروﻣﺎﻧﺳﻲ ﺗﻌـد ﻣدﺧﻼً ﻫﺎﻣﺎً ﻣن
ﻓﻳﻛﻣ ُﻝ اﻹﻳﻘﺎعُ َد ْوَرﺗَﻪُ ﻣداﺧـﻝ اﻟﺣوار ،وﺧﺻوﺻﺎً ﻋﻧـد اﻟﺣدﻳث ﻋن ﺣوار اﻟذات
ق ﺑﻲ.... وﻳﺷر ُ
َ "اﻟﻣﻧوﻟوج" ،وﻟذا ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﺧﺎﺻﻳﺔ ﻟم ﺗﻔﺎرق دروﻳش ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻪ
إذاً ﻫﻧﺎك ﺛﻼﺛﺔ أﺻوات ﺣوارﻳﺔ ،ﺗﻌﺑر اﻟﻧص ﻣﺑﺣرةً ﻟﺗﺷﻛﻳﻝ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ﻟﻛﻧﻬﺎ ﺗطورت ﺗطو اًر ﻣﻠﺣوظﺎً ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻟﻪ اﻷﺧﻳرة ،ﻧﻘﻠﻬﺎ
ﻫذﻩ اﻹﻳﻘﺎﻋﻳﺔ :ﺻوت اﻟﻳﻣﺎﻣﺔ ،وﺻوت اﻷم ،وﺻوت اﻟﺣب " ﻣن اﻟذات اﻟﺻﺎرﺧﺔ ﻓﻲ "ﺳﺟﻝ أﻧﺎ ﻋرﺑﻲ" إﻟﻰ ذات ﻣﺗﺄﻣﻠﺔ ﻓﻲ
ﻟﻛﻧﻬﺎ أﺻوات ﺗﺷﺗﺑك ﻣﻊ ﺻوت اﻟﺷﺎﻋر ﻟﺗوﻗظ ﻓﻳﻪ ﻋﺎﻟﻣﻪ "ﻟﻣﺎذا ﺗرﻛت اﻟﺣﺻﺎن وﺣﻳداً؟" أو "اﻟﺟدارﻳﺔ" أو "ﺳرﻳر اﻟﻐرﻳﺑﺔ"،
اﻟوﺟودي اﻟذي ﻳﺑﺣث ﻋﻧﻪ ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﺟﺎءت ﻫذﻩ اﻷﺻوات ﻓﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟذات اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ ﻋن ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺳﻳﺟد اﻟﺑﺎﺣث ﺣوار اﻟﻧﻔس
ﺻدى ﻣن ﺑﻌﻳد ،اﺳﺗدﻋﺎﻫﺎ اﻟﺷﺎﻋر ،دون أن ﻳﺧﺿﻌﻬﺎ ﻟﻠﺣوار اﻟﻣﻌﻣق ،واﻟﺣوار اﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟﻣﺷﺗﺑك ﻣﻊ ﻣﻔردات اﻟﻛون اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ
اﻟﺛﻧﺎﺋﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ وﺣدة اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن").(22 ﻟﻔﺿﺎء اﻟﺷﺎﻋر وﻓﺿﺎء ﻗﺻﺎﺋدﻩ ،وﺗﺟﻠﻳﺎت اﻟﻣوﻧوﻟوج وﺗﻳﺎر
ﻟﻛن ﺗداﺧﻝ ﺻوت اﻟﺷﺎﻋر ﻣﻊ ﺻوت أﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺻﻳدة اﻟوﻋﻲ.
اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ " ﻓﻲ ﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺣﻛوم ﺑﺎﻹﻋدام" ﻳﺟﻌﻝ اﻟﺣوارﻳﺔ أﻗرب إﻟﻰ وﻻ ﻳﺳﺗطﻳﻊ اﻟﺑﺎﺣث أن ﻳﻐﺎدر ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺗطور اﻟﺑﻧﺎﺋﻲ ﻟﻬﻳﻛﻠﻳﺔ
- 24 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
َﻧت أ ِ
َﻧت "ﻻأ ِ ﺗﻘﻧﻳﺔ اﻻﺳﺗرﺟﺎع ،وﻛﺄن ﺻوت اﻷم ﻣﻧﺑﻪ ﻳرﺗد ﻣن ﺑﻌﻳد ﻟﻳﺗداﺧﻝ
اﻟدﻳﺎر "....
ُ ﻫﻲ
اﻟدﻳﺎر َُ وﻻ ﻣﻊ ﺻوﺗﻪ اﻟداﺧﻠﻲ "اﻟﻣوﻧوﻟوج"):(23
ﻫذا اﻟﺗﺷﺎﺑك اﻟﺻوﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻘﻧﻳﺔ اﻟﺗﻧﺎص ﻳﺟﻌﻝ اﻟﺣوار اﻟﺑدﻳﻝ
َ "ﻳﺎ وﻟدي! ﺳﺄﻋطﻳك
ﻳﻛﺗﺳب ﻗﻳﻣﺔ إﺿﺎﻓﻳﺔ ،ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﺷﻛﻝ اﻟﻛﻼﺳﻳﻛـﻲ ﻟﻠﺣوار اﻟدراﻣﻲ ﻓﺈﻧﻧﻲ ُﺣْﺑﻠﻰ"...
اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟﻘﺎﺋـم ﻋﻠـﻰ ﺛﻧﺎﺋﻳﺔ اﻟﺗﻘﺎﺑﻝ اﻟﺻوﺗـﻲ ،وﺗﻧطﻠق – ﺑﻌﻳداً– و ُﻛ ﱡﻝ ﻗﺻﻳدة ُﺣ ُﻠم:
إﻟﻰ ﺗﺟﻠﻳﺎت اﻟﺻراع؛ وﻣن ﻫﻧﺎ ،ﻻ ﺑد ﻣن اﺳﺗﺣﺿﺎر اﻟﺑﻌد ﺑﺄن ﻟﻲ ﺣﻠﻣﺎً" ت ّ " َﺣِﻠ ْﻣ ُ
اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣوار ﻟﻠﻛﺷف ﻋن ﻣﻼﺑﺳﺎت ﻫذا اﻟﺗﺷظﻲ اﻟذي ﺳﻳﺣﻣﻠﻧﻲ وأﺣﻣﻠُﻪُ
وﻟد ﻫذﻩ اﻟﻐرﺑﺔ ﻓﺄﺣﺎﻝ إﻟﻰ ﺣﻘوﻝ ﺛﻘﺎﻓﻳﺔ وﻣﻌرﻓﻳﺔ وﻓﻠﺳﻔﻳﺔ "ﺗﺗﻔق اﻷﺧﻳر
َ إﻟﻰ أن أﻛﺗب اﻟﺳطر
ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺻدﻳﺔ اﻟراﻫﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻣﺳﺔ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟوﺟودﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻧﺗﻬﻲ ﻋﻠﻰ رﺧﺎم ِ
اﻟﻘﺑر
إﻟﻳﻬﺎ اﻟﺷﺎﻋر ﻓﻲ طواﻓﻪ اﻟطوﻳﻝ ،ﻫذا اﻟطواف اﻟذي ﻳﻘﺗرب ﻣن ت ...ﻟﻛﻲ أطﻳر" " ﻧِ ْﻣ ُ
أﺟواء رﺣﻠﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺧﻠود اﻟﺗﻲ ﻛﺎﺑدﻫﺎ ﻛﻠﻛﺎﻣش ﺑﺣﺛﺎً ﻋن ﺗﺗداﺧﻝ ﻫذﻩ اﻷﺻوات اﻟﻣﺳﺗدﻋﺎة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣن ﺑﻌﻳد ﻣﻊ
اﻟﻧﺑﺗﺔ اﻟﻧﺎدرة") ،(28وﻣن ﻫﻧﺎ؛ ﻓﺈن اﻻﺳﺗﻔﻬﺎم واﻟﺗﻌﺟب ﻳﺳﺗﺣﺿران ﺻوت اﻟذات اﻟدروﻳﺷﻳﺔ ﻟﻳﺑرز ﺣوار اﻟذات ،وﺗﺗﺟﻠﻰ أﺳﺋﻠﺔ
–ﻫﻧﺎ– ﻟﻳﺗﺷﻛﻝ ﻓﻲ ﻓﺿﺎﺋﻬﻣﺎ ﺣوار اﻟذات ،ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻋن أﺑﻌﺎد اﻟوﺟود ،وﻫذا ﺳﻣت ﻳﻛﺎد ﻳطّرد ﻓﻲ اﻟﻘﺻﺎﺋد اﻟدروﻳﺷﻳﺔ اﻷﺧﻳرة؛
اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻧﻔﺳﻳﺔ وﻋﻣق اﻟﺻراع اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻧﻔﻰ):(29 ﺣﻳث ﺗﺗﻌدد اﻟﺿﻣﺎﺋر ،وﺗﻧﺣﻝ اﻟذوات ﻓﻲ ﺻراع ﻣﻘﻠق ﻳﺣﻠق
"أً ﱠﻣﺎ أَﻧت ﻋﺎﻟﻳﺎً ﻓﻲ ﺳﻣﺎء اﻟﻣطﻠق):(24
كﻓﺎﻟﻣرآةُ ﻗد َﺧ َذﻟَﺗْ َ ﻠت ﻣﺧﺎطﺑﺎً ﻧﻔﺳﻲ ي؟ ُﻗ ُ "ﻣﺎ اﻷﺑد ﱡ
أﻧت ﺗﻘو ُﻝ:ت َ ت ...وﻟَ ْﺳ َ ْأﻧ َ وﻳﺎ ﺿﻳﻔﻲ ....أأﻧت أﻧﺎ ﻛﻣﺎ ﻛﻧﺎ؟
)أَﻳن ﺗرﻛت وﺟﻬﻲ؟( ﻫذا اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺗﺣوﻝ إﻟﻰ "دﻳﺎﻟوج"
ﺗﺑﺣث ﻋن ﺷﻌورك ﺧﺎرج اﻷﺷﻳﺎءِ ُ ﺛم ﺧﺎرﺟﻲ ﺑﻌد أن ﺗﻧﺣﻝ اﻟذات إﻟﻰ ذاﺗﻳن "أﻧﺎ/أﻧت").(25
ِ
ﻘﻬﻘﻪُ... ٍ ٍ
ﺑﻳن ﺳﻌﺎدة ﺗﺑﻛﻲ ٕوا ْﺣَﺑﺎط ُﻳ ْ "ﻗﻠت ﻳﺎ ﻫذا :أﻧﺎ ﻫو أﻧت"
ﻫﻝ وﺟدت اﻵن ﻧﻔﺳك؟ إن ﻫذﻩ اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺻوﺗﻳﺔ داﺧﻝ اﻟﺧطﺎب اﻟﺷﻌري ﻓﻲ
ﻗﻝ ﻟﻧﻔﺳكُ :ﻋ ْدت وﺣدي ﻧﺎﻗﺻﺎً اﻟﻧص ﺗﻧﻬض ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﺻوت اﻟﺧﻔﻲ اﻟﻘﺎدم ﻣن ﺑﻌﻳد
ﻗَ َﻣ َرْﻳ ِن ﻳﻌﻳد ﺗﺷﻛﻳﻝ اﻟﻠﺣظﺔ ﻓﻲ "اﻟﻼﻣﻛﺎن" و"اﻟﻼزﻣﺎن" ،ﻟﻳﺗﺟدد اﻟﻣطﻠق
اﻟدﻳﺎر ﻫﻲ اﻟدﻳﺎر!" َ ﱠ
ﻟﻛن ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻳﻝ رؤﻳﺔ ذات ُﺑﻌد ﻓﻠﺳﻔﻲ؛ ﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ ﻓﻬم اﻟﺣﻛﻣﺔ
وﻣن اﻟﺗﺟﻠﻳﺎت اﻟﻠطﻳﻔﺔ ﻟﻠﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ ذﻟك اﻟﺗﻌﺎﻧق اﻟﻌﻔوي اﻟﻣﺗوﻟدة ﻣن دﻻﻟﺔ اﻟﺧطﺎب اﻟﻛﻠﻲ "ﻟﻲ ﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺣﻛوم ﺑﺎﻹﻋدام،
ﺑﻳن اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺳردﻳﺔ واﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ ،ﻟﺗﺷﻛﻳﻝ اﻟﺣدث اﻟدراﻣﻲ ﻛﻣﺎ ﻓﺎﻟدﻻﻟﺔ اﻟﻼﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺟﻬد اﻟﻣﺣدث واﻟﻣﺗﺻور ﻓﻲ
ﻓﻲ ﻗﺻﻳدة "اﻟﺳروة اﻧﻛﺳرت"؛ ﺣﻳث ﻳﻧﺗﻘﻝ اﻟﺳرد اﻧﺗﻘﺎﻻً ﻟطﻳﻔﺎً ﺗﻌددﻳﺗﻪ ﻟﻠﺻوت ،ﻓﻬو ﻗﺎﺑﻝ ﻟﻠﺗﺻور واﻟﺗﻌدد واﻻﻓﺗراض داﺧﻝ
ﻣن ﺷﻛﻠﻪ اﻟﺣﻛﺎﺋﻲ إﻟﻰ اﻷﺳﻠوب اﻟﺣواري ﻟﻳﺣﺻﻝ اﻹدﻫﺎش ﻣن ﻣﻧﻌطف زﻣﻧﻲ ﻳﺷﻛﻝ ﻓﺿﺎءﻩ اﻟﺻوت ،واﻟزﻣن ﻳﺗﺷﻛﻝ ﻣن
ﺧﻼﻝ ﻛﺳر أﻓق اﻟﺗوﻗﻊٕ ،وادﺧﺎﻝ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻼﻣﺗوﻗﻊ، ﺗﺻورات وﺗﻔرﻋﺎت ﻓﻲ ﻻ ﻧﻬـﺎﺋﻲ ﻣﺗﻣﺎﺳك ﻓﻲ ﻟﺣظﺗـﻪ وﻋواﻟﻣﻪ
ﻟﺗﺷﻛﻳﻝ ﺣﺑﻛﺔ ﻓﻧﻳﺔ ﻳﺗﻛﺊ ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻟﻧص ،ﻣﻧﻔﻠﺗﺎً ﻣن رﺗﺎﺑﺗﻪ، اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ وﻟﺣظﺔ ﺗﻔرﻋﻪ وﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻘﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺧﺿم ﻣن اﻟﺗﺻورات
وﻣﻧﻔﺗﺣﺎً ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺔ ﺷﻌرﻳﺔ ﻣﺗدﻓﻘﺔ ،ﺗﻌﺗورﻫﺎ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﺳﺎﻟﻳب اﻟﻣﺷروطﺔ ،وﻓﻲ أﺣداث ﻳرﺳﻣﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻣﺗﻧﺎﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻐر
اﻟﻣﻛﺛﻔﺔ ،ﻛﺎﻟﺳرد ،واﻟﺣوار ،واﻟﻧﻔﻲ ،واﻷﻣر ،واﻟﺗﻌﻠﻳﻝ ،إﺿﺎﻓﺔ وﻫـو ﺟﻌﻝ ﻫذﻩ اﻟﻌواﻟم ﻻ ﻧﻬﺎﺋﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﺻﺎﺋص واﻟﺗﺻورات
إﻟﻰ اﻹﻳﺣﺎء ،واﻟﻐﻣوض ،واﻟرﻣز ،واﻹﺣﺎﻟﺔ ،واﻟﺗﻛﺛﻳف ،ﺣﻳث اﻟﺧﻔﻳﺔ").(26
ﻳﺟد ﻗﺎرئ اﻟﻧص ﻟوﺣﺔ ﺳردﻳﺔ ذات ُﺑﻌد رﻣزي ﻓﻲ اﻟﺳطور وأﺣﻳﺎﻧﺎً ﻳﺷﺗﺑك اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ ﻣﻊ ﺗﻧﺎص أدﺑﻲ ﻟطﻳف
اﻷوﻟﻰ ،ﻟﻛن ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻧزاح اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺷﻌرﻳﺔ ،وﻳﺗﺣوﻝ اﻟﺳرد ﻳﻧﻘﻝ اﻟﺻوت اﻟداﺧﻠﻲ إﻟﻰ رؤﻳﺔ ﻓﻠﺳﻔﻳﺔ ﺗﺗﺟﺎذﺑﻬﺎ ﻋدة أﺻوات:
اﻟﻣﺷﻬدي إﻟﻰ ﺻورة وﺻﻔﻳﺔ ﺗﻣﻬد ﻟﺣوار ﻣﻔﺎﺟﺊ ﺑﻳن وذﻟك ﻣن ﻣﺛﻝ ﻗوﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﺻﻳدة " إن ﻋدت وﺣدك"):(27
اﻣرأﺗﻳن):(30 ك ُﻗ ْﻝ ﻟﻧﻔﺳك ت َو ْﺣ َد َ
"إن ُﻋ ْد َ
ﻛﻣﺋذﻧﺔ ،وﻧﺎﻣت ﻓﻲ ٍ اﻟﺳروةُ اﻧﻛﺳرت ﻏﻳﱠر اﻟﻣﻧﻔﻰ ﻣﻼﻣﺣﻪ....
اء ،داﻛﻧﺔً ﱢ ِ ﱡ
اﻟطرﻳق ﻋﻠﻰ ﺗَﻘَﺷف ظﻠﻬﺎ ،ﺧﺿر َ ﻳﻔﺟﻊ أَﺑو ﺗ ﱠﻣﺎم ﻗَْﺑﻠَ َك
ْ أﻟم
ﺣد ﺑﺳوء َﻣ ّرت ب أَ ٌﺻْ ِ
ﻛﻣﺎ ﻫ َﻲ ﻟم ُﻳ َ ﻧﻔﺳﻪُ:
ﺣﻳن ﻗﺎﺑﻝ َ
- 25 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر ...
وﺗطوﻳر اﻟﺣدث ،ورﺳم ﻣﻌﺎﻟم اﻟﺻراع ،وﺑﻧﺎء اﻟﺣﺑﻛﺔ اﻟﻔﻧﻳﺔ؛ ﻓﺈن اﻟﻐﺑﺎر
ُ بﺑﺎت ُﻣ ْﺳ ِرَﻋﺔً ﻋﻠﻰ أﻏﺻﺎﻧﻬﺎ َﻫ ﱠ اﻟﻌ َر ُ
َ
ظﺎﻫرة ﺗﻌدد اﻷﺻوات ﺗُﻌد واﺣدة ﻣن اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺣدﻳﺛﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﻛﺳرت ،ﱢ
وﻟﻛن" ْ ﻋﻠﻰ اﻟزﺟﺎج ...اﻟﺳروةُ
دﺧﻠت ﺑﻧﻳﺔ اﻟرواﻳﺔ واﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘﺻﻳرة واﻟﺷﻌر اﻟﻣﻌﺎﺻر ،وﻋﺑرت ﻳﻣﺛﻝ ﺣرف اﻻﺳﺗدراك "ﻟﻛن" ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻣﻘطﻊ اﻟﺳﺎﺑق ﺑداﻳﺔ
ﻋن دﻳﻣﻘراطﻳﺔ اﻟﺳرد ﻣن ﺧﻼﻝ إﺳﻧﺎد ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻟﻌدد ﻣن اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺳردﻳﺔ ،وﻋﺗﺑﺔ اﻟﺗﺷﻛﻳﻝ اﻟﻬﻧدﺳﻲ ﻟﻠﺑﻧﻳﺔ
اﻟﺷﺧوص ،ﺑﺣﻳث ﻳﻘوم ﻛﻝ ﺻوت ﺑﺗﻘدﻳم وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻣﻧﺗﻘﺎة اﻟﺣوارﻳﺔ؛ ﻓﺑﻳن اﻧﻛﺳﺎر اﻟﺳروة ﻛﻣﺋذﻧﺔ وﺗﺑﺎدﻝ طﺎﺋرﻳن ﻣﺣﻠﻘﻳن
ﺑوﻋﻲ ﻣن اﻟﻛﺎﺗب أو اﻟﺷﺎﻋر ،وﺗﻘدم ﻋﻠﻰ ﺷﻛﻝ وﺟﺑﺔ ﺣوارﻳﺔ، ﺑﻌض اﻟرﻣوز ﺗﻘف اﻣرأة ﻟﺗﺣﺎور ﺟﺎرﺗﻬﺎ):(31
ﻓﻲ ﻣﺷﻬدﻳﺔ وﺻﻔﻳﺔ ﺗﺣدد ﻓﻳﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟم اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن؛ وﻟﻌﻝ ﺷﺎﻫ ْد ِت ﻋﺎﺻﻔﺔً؟ وﻗﺎﻟت اﻣرأةٌ ﻟﺟﺎرﺗﻬﺎ :ﺗَُرىَ ،
ﻗﺻﻳدة" ﻻ ﺷﻲء ﻳﻌﺟﺑﻧﻲ "ﻣن دﻳوان" ﻻ ﺗﻌﺗذر ﻋﻣﺎ ﻓﻌﻠت" ﺟراﻓﺔً ...واﻟﺳروةُ ﻓﻘﺎﻟت :ﻻ ،وﻻ ﱠ
ﺗﺻﻠﺢ ﻣﺛﺎﻻً ﻟﻬذﻩ اﻟﺗﻘﻧﻳﺔ؛ ﺣﻳث ﺟﻣﻊ اﻟﺷﺎﻋر ﻋدة أﺻوات اﻟﺣطﺎم:
اﻧﻛﺳرت .وﻗﺎﻝ اﻟﻌﺎﺑرون ﻋﻠﻰ ُ ْ
ﻻﺳﺗﻧطﺎق دﻻﻟﺔ اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺗﻲ ﻳﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟﻌﻧوان "ﻻ ﺷﻲء ﻳﻌﺟﺑﻧﻲ"؛ ﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺣوارﻳﺎت أو
ﻓﻌﻧد إدﺧﺎﻝ ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ﻣﻌﻣﻝ اﻟﺗﺄوﻳﻝ اﻟﺳﻳﻣﻳﺎﺋﻲ ،ﺗﺑدأ اﻟﺣوارﻳﺔ اﻷﺻوات اﻟﻌﺎﺑرة إﻟﻰ ذاﻛرة اﻟﺷﺎﻋر ﻟﺗﻌﻳد رﺳم اﻟﺳروة ﻣرة
ﺗﻧﺣﻝ وﻓق رؤﻳﺔ ﻓﻧﻳﺔ ،ﻣن ﺧﻼﻝ ﻛﺷف دﻻﻻت اﻷﺻوات أﺧرى ،وﻛﺄن ﻫذا اﻟﺣوار اﻟدراﻣﻲ ﻳﻣﺛﻝ ﺻورة ﺻدى اﻟﺣدث
اﻟﻣﻔﺳرة ﻟﻬذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة ،ﺗﻠك اﻷﺻوات اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻝ وﺟﻬﺎت ﻧظر وأﺛرﻩ ،وﻳﻛﺷف ﻋن اﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺗﺻوﻳرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘﺗﻬﺎ اﻟﺑﻧﻳﺔ
ﻣﺗﻌددة ،ﻳﺣﻣﻠﻬﺎ اﻟﺧطﺎب اﻟﺷﻌري ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ رؤى ﺗﺧﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﺳردﻳﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻧﻛﺳﺎر اﻟﺳروة ،وﻣﺎ ﻳﺳﺗدﻋﻳﻪ ﻫذا اﻻﻧﻛﺳﺎر
ﺛﻧﺎﻳﺎﻫﺎ ﻣﺎ أرادﻩ اﻟﺷﺎﻋر اﻟﻣﻣﺳك ﺑزﻣﺎم اﻟﺳرد ،ﺛم ﻳﺑﺛﻬﺎ ﻣن ﻣن ﻗﻳم دﻻﻟﻳﺔ رﻣزﻳﺔ؛ ذﻟك أن اﻟﺳروة ﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ دﻻﻟﺗﻬﺎ ُﺑﻌداً
ﺧﻼﻝ ﻣﻧظوﻣﺔ ﻗﻳم ﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺔ ﺗﺷﻛﻝ وﺟﻬﺔ ﻧظر ﺟﻣﻌﻳﺔ ﺗﺧﻔﻲ ﻧﻔﺳﻳﺎً ،ورﺑﻣﺎ ﺳﻳﺎﺳﻳﺎً ،ﺑﻝ إن اﻟﺷﺎﻋر ﺻ ﱠدر ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﻳدة ﺑﻌﺑﺎرة
دﻛﺗﺎﺗورﻳﺔ اﻟذات اﻟﻣﻧظرة. ﻧﺛرﻳﺔ ﻛﺷﻔت اﻟﻐطﺎء ﻋن اﻟداﻝ اﻟﻣﺣﺗﻣﻝ "ﻻﻧﻛﺳﺎر اﻟﺳروة" وذﻟك
إن ﻋﺑﺎرة "ﻻ ﺷﻲء ﻳﻌﺟﺑﻧﻲ" اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻌﻧوان ﺣﻳن ﻗﺎﻝ" :اﻟﺳروة ﺷﺟن اﻟﺷﺟرة ،وﻟﻳس اﻟﺷﺟرة ،وﻻ ظﻝ ﻟﻬﺎ
ﺗﻔﺗرض ﺻوﺗﺎً واﺣداً ،ﻳﻣﺛﻝ وﺟﻬﺔ اﻟﻧظر اﻟﻛﻠﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر ﻋن ﻷﻧﻬﺎ ظﻝ اﻟﺷﺟرة").(32
ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺷﺎﻋر ورؤﻳﺗﻪ ،ﻟﻛن إﺷراك ﻋدة أﺻوات ﻓﻲ ﺣوارﻳﺔ وﻣن ﻫﻧﺎ ﻓﺈن ﺗﻧﺎوﻝ اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﻳدة ﻳﻔﺗﺢ
ﺗﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ﻳﺟﻌﻝ ﻫذﻩ اﻟﻌﺑﺎرة رؤﻳﺔ ﺟﻣﻌﻳﺔ ﺗﺣﻣﻝ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﻳﺎﻫﺎ رﻣزﻳﺔ ﺑﺎب ﺛﻧﺎﺋﻳﺔ اﻟرؤﻳﺔ واﻟﺗﺷﻛﻳﻝ ﻟﻳﺟﻳب ﻋن ﺳؤاﻝ ﺟوﻫري ﻓﻲ
ذات ُﺑﻌد ﺳﻳﺎﺳﻲ ﻣﺣض):(34 وظﻳﻔﺔ اﻷدب ،وﻫذا اﻟﺳؤاﻝ ﻳﺗﺷﻛﻝ ﻋﻠـﻰ ﻫﻳﺋﺔ اﻓﺗراﺿﻳﺔ ﺗﻘوﻝ:
)ﻻ ﺷﻲء ﻳﻌﺟﺑﻧﻲ( ﻟﻣﺎذا اﺧﺗﺎر دروﻳش ﻫذا اﻟﻧﺳق اﻟﺗﻌﺑﻳري ﺑﺎﻟذات؟ ﻟﻣﺎذا ﺗداﺧﻝ
ﻣﺳﺎﻓر ﻓﻲ اﻟﺑﺎص – ﻻ اﻟرادﻳو
ٌ ﻳﻘوﻝ اﻟﺳرد اﻟﺣﻛﺎﺋﻲ ﻣﻊ اﻷﺳﻠوب اﻟﺣواري ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﻳدة؟ ﻣﺎ اﻟذي
ف اﻟﺻﺑﺎح ،وﻻ اﻟﻘﻼعُ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻼﻝ ﺻ ُﺣ ُ
وﻻ ُ ﻗدﻣﻪ ﻛﻝ أﺳﻠوب ﻟﻶﺧر؟ وﻣﺎ اﻟذي ﻗدﻣﻪ اﻷﺳﻠوﺑﺎن ﻟﻠﻧص.
أُرﻳد أن أﺑﻛﻲ إن اﻟﺷﺟن اﻟذي ﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ اﻧﻛﺳﺎر اﻟﺳروة ﻫو ذاﺗﻪ اﻟذي
ﻫذا ﻫو اﻟﺻوت اﻷوﻝ اﻟذي ﻳﻘدﻣﻪ دروﻳش ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺣﻳﺎة ﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺗﺻوﻳرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن اﻟطﻔﻝ
اﻟﻣﺿﻳﺋﺔ ﻟﻔك )ﺷﻳﻔرة( اﻟرﻣوز اﻟﺧﻔﻳﺔ ﻓﻲ دﻻﻻت اﻟﻌﺑﺎرة واﻟطﻔﻠﺔ ،واﻟﺟﺎرﺗﻳن ،ودروﻳش اﻟذي ﻗﺎﻝ ﻟﻧﻔﺳﻪ" :ﻻ ُﻏﻣوض وﻻ
اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ،ﻧظرة ﺗﺷﺎؤﻣﻳﺔ ،ﻣﺛﻘﻠﺔ ﺑﺳوداوﻳﺔ ﺗﺻﻝ ﺣدﻫﺎ اﻟﻌﻠوي ﻓﻲ إن اﻟﺳروة ِ
اﻷﻣر :ﱠ اﻧﻛﺳرت ،وﻫذا ُﻛ ُﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ ْ ﺿوح ،اﻟﺳروة ُو ُ
)(33
آﺧر ﻋﺑﺎرة ﻟﻬﺎ "أرﻳد أن أﺑﻛﻲ" .أﻣﺎ اﻟﺻوت اﻟﺛﺎﻧﻲ – ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻧﻛﺳرت" ﻫو اﻟذي ﺳﻳﻌﻳد ﺑﻧﺎء اﻟﺳروة ﻓﻲ ذاﻛرة اﻟﻣﺟﺎورﻳن : ْ
اﻟﺣوارﻳﺔ – ﻓﻬو ﺻوت ﻗرﻳب إﻟﻰ ﺻوت اﻟﻣﺳﺎﻓر وﻫو ﺻوت ﻛﻧت أَرﺳﻣﻬﺎ ﺑﻼ ﺧطﺄ، "وﻗﺎﻝ طﻔ ٌﻝُ :
اﻟﺳﺎﺋق ،وﻫو ﺻوت ﻗرﻳب ﻣن ﺻوت ﺻﺎﺣﺑﻪ ،ﻳؤﻛد دﻻﻟﺔ ﻓﺈن ﻗواﻣﻬﺎ َﺳ ْﻬ ٌﻝ .وﻗﺎﻟت طﻔﻠﺔٌ :إن ﱠ
اﻟﻌﺑﺎرة اﻷم ،وﻳﻛﺷف ﻋن ﺷﻌور ﺟﻣﻌﻲ ﻓﻲ ﻧظرﺗﻪ ﻟﻠﺣﻳﺎة):(35 اﻟﺳﻣﺎء اﻟﻳوم ﻧﺎﻗﺻﺔٌ ﻷن اﻟﺳروةُ اﻧﻛﺳرت َ
اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﻣﺣطﱠ ِﺔ،
َ ِ
اﻧﺗظر ﺋق:
"ﻳﻘوﻝ اﻟﺳﺎ ُ اﻟﺳﻣﺎء اﻟﻳوم ﻛﺎﻣﻠﺔٌ َ ﱠ
وﻟﻛن : ﻓﺗﻰ
وﻗﺎﻝ ً
و ْاﺑ ِك وﺣدك ﻣﺎ اﺳﺗطﻌت" ت أَﻧﺎاﻧﻛﺳرت .وُﻗْﻠ ُ
ْ ﻷن اﻟﺳروةَ
ﻓﻬو ٕوان رﻓض اﻟﺑﻛﺎء إﻻ أﻧﻪ ﺗرك ﺻﺎﺣﺑﻪ وﺣﻳداً ،وﻛﺷف ﺿو َح،ﻣوض وﻻ ُو ُ ﻟﻧﻔﺳﻲ :ﻻ ُﻏ َ
ﻋن ﺳوداوﻳﺔ أﺧرى ﻓﻲ ﻧظرة اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎن ،وﻫﻲ ﻧظرة ﱡ
اﻧﻛﺳرت ،وﻫذا ُﻛﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ ْ اﻟﺳروة
ﻻ ﺗﺑﺷر ﺑﻔﺄﻝ ﺣﺳن ،وﻻ ﺗﺣﻔظ ﻟﻠﺣﻳﺎة ﺗوازﻧﻬﺎ ﺑﻳن اﻟﻔرح واﻟﺗرح، اﻧﻛﺳرت" إن اﻟﺳروة ِ
ْ اﻷﻣرّ :
ﺑﻝ ﺗﺻب ﻓﻲ ذات اﻟﻧﻔق اﻷﺳود اﻟذي ﺟﻌﻠﻪ دروﻳش إطﺎ اًر ﻋﺎﻣﺎً ٕواذا ﻛﺎن اﻟﺣوار اﻟدراﻣﻲ ﻗد ﻣﺛﻝ ﻋﻧﺻ اًر ﺑﺎر اًز ﻣن ﻋﻧﺎﺻر
ﻟﻠﻘﺻﻳدة ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻌﻧوان اﻟﻛﻠﻲ. اﻟدراﻣﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺣرﻛﺔ اﻟﺷﺧوص ﻋﻠﻰ ﺧﺷﺑﺔ اﻟﻣﺳرح
- 26 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
- 27 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر ...
- 28 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
- 29 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر ...
اﻟﺣوار اﻟذي ﺗﺷﻛﻝ ﻣن )أﻧﺎ اﻟﻬدﻫد وواو اﻟﺟﻣﻊ( ﻧﻘﻝ اﻟﻧص إﻟﻰ ﺟﺳدي زﻫرة زﻫرة
ﻋﺎﻟم اﻟﻧص اﻟﺷﻌري اﻟﻘدﻳم وطﻘوس اﻟﺟوﻗﺔ؛ ﻓﻘد اﺳﺗﻔﺎد اﻟﺷﺎﻋر وﻣن ﻫﻧﺎ ،ﻓﺈن ﻫذا اﻟﺣوار ﻳﻛﺷف ﻋن ﺧﻔﺎﻳﺎ دﻻﻟﻳﺔ أراد
ﻣن ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺑوح اﻟدروﻳﺷﻲ أن ﻳﺳﺗﺧرﺟﻬﺎ ،ﻓﺎﺣﺗﺎﻝ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا
ﺳﻳﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻪ اﻟﺻوﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺟوﻗﺔ ،ﻣن اﻟﻣﺳرح ﻻ ّ اﻟﺗﻧﺎص ،ﻓﺄﺧرج ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن ﺟﻣﻳﻝ ﻣﺎ ﻟم ﻳﺳﺗطﻊ ﻗوﻟﻪ ﻣﺑﺎﺷرة،
ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﺗﻣﺎزج ﺑﻳن اﻟﻔرد /اﻟﻬدﻫد ﻣن ﺟﻬﺔ و"اﻟﻧﺣن" ﻣن وﻣﻊ أن اﻟﻧص اﻟدروﻳﺷﻲ ﻟم ﻳﻐﻔﻝ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺣﺳﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻪ
ﺟﻬﺔ أﺧرى أﻋطﻰ اﻟﺷﺎﻋر اﻟﺻوت اﻟﺟﻣﻌﻲ وظﻳﻔﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻊ اﻟﻣرأة؛ ٕوان ﻛﺎن ذﻟك اﻟﺣﺳﻲ ﻗد اﻛﺗﻧﻔﻪ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻐﻣوض
ﺧﻠق ﺣرﻛﻳﺔ اﻟﻧص وﺟذب إﻧﺻﺎت اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣﺷدود ﻟﻠﻔرد اﻟذي ﻳﺳﺗدﻋﻲ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺄوﻳﻼت ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﺻﻳدﺗﻪ "ﺷﺗﺎء رﻳﺗﺎ"
و"اﻟﻧﺣن" " ﻣﻊ أن "ﻧﺎ" اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻟﺷﻌري ﺗﻔﺿﺢ ﻣن دﻳوان "أﺣد ﻋﺷر ﻛوﻛﺑﺎً" ،ﻳﻘوﻝ دروﻳش):(53
دﻻﻟﺔ اﻟﻧص ،ﻣن ﺧﻼﻝ اﻧﺗﻣﺎﺋﻳﺔ دروﻳش ﻟﻧون اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﺑﺣر ﺧﻠف اﻟﺑﺎب ،واﻟﺻﺣراء ﺧﻠف اﻟﺑﺣر
واﺣداً ﻣن اﻟﻌرب /اﻟﻔﻠﺳطﻳﻧﻳﻳن؛ إﻻ أن ﺟدﻟﻳـﺔ اﻟﺣوار ﺑﻳن ﻗﺑﻠﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺗﻲ ﻗﺎﻟت
اﻟﻬدﻫد )اﻟرﻣز( واﻟﻣﺧﺎطﺑﻳن )اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ( ﺗدﺧﻝ اﻟﻧص ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﻠت :ﻳﺎ رﻳﺗﺎ أأرﺣ ُﻝ ﻣن ﺟدﻳدُﻗ َ
داﺋرة اﻟرﻣزﻳﺔ ،ﺑﻝ إن اﻟﺧطﺎب ﻛﻠﻪ ﻳﺗطور دﻻﻟﻳﺎً ﺑﻌد أن ﻳدﺧﻝ ﻋﻧب وذاﻛرةٌ ،وﺗﺗرﻛﻧﻲ اﻟﻔﺻوﻝ ﻣﺎ دام ﻟﻲ ٌ
اﻟﻧص إﻟﻰ أﺳطورة طﺎﺋر اﻟﻔﻳﻧﻳق "اﺣﺗرﻗوا" ﻟﻳزداد ﻏﻣوﺿﺎً ،وﻫﻧﺎ ﺑﻳن اﻹﺷﺎرة واﻟﻌﺑﺎرة ﻫﺎﺟﺳﺎً؟
ﺗﺗﺟﻠﻰ اﻟرؤﻳﺔ اﻟدروﻳﺷﻳﺔ ﻟﺗﻛﺷف ﻋن إﺳﺗراﺗﻳﺟﻳﺔ اﻟﺣوار اﻟﻘﺎﺋم ﻣﺎذا ﺗﻘوﻝ؟
ﻋﻠﻰ ﻧﺳف اﻟداﻝ اﻟزﻣﻧﻲ ٕوادﺧﺎﻝ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺟﻣﻌﻳﺔ ﻓﻲ داﺋرة أﻗﻠد ﻓﺎرﺳﺎً ﻓﻲ أُﻏﻧﻳﺔ "
ﻻ ﺷﻲء ﻳﺎ رﻳﺗﺎُ ،
اﻟﺗﺣوﻝ واﻟدوران ﺿﻣن ﻓﻠﺳﻔﺔ دروﻳش اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣرﺋﻲ ﺣوﻝ ﻫذا اﻟﻐﻣوض ﻳﺗﺷﻛﻝ ﻣن ﺧﻼﻝ وﻗوع اﻟﺣوار ﺑﻌد ﺣﺎﻟﺔ
اﻟذات؛ ﺣﻳث وردت ﻛﻠﻣﺔ )ﻣراﻳﺎ( ﻓﻲ ﺑداﻳﺔ اﻟﻧص؛ ﻟﺗﻛﺷف ﻋن اﻟﺗﻣرﺋﻲ) (54اﻟﺗﻲ ﺗﻧطوي ﻋﻠﻳﻪ ﻋﺑﺎرة "اﻟﺑﺣر ﺧﻠف اﻟﺑﺎب،
اﻟرؤﻳﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻧﻬض ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻟﺣوار اﻟدراﻣﻲ):(58 واﻟﺻﺣراء ﺧﻠف اﻟﺑﺣر" ،وﻣﺎ "ﺑﻳن ﺣدود اﻟﺗﻳﻪ ،ﻳﺗردد دروﻳش
اﻟﻘﺻﻳدة
ْ رب ﻣن أرض ﻧﺟﻣﺗﻧﺎ اﻟﺑﻌﻳدة َﺑ ْﻌ ُد ﺗﺄﺧ ُذﻧﺎ ﻟم َﻧ ْﻘﺗَ ْ )أو ﺻوت دروﻳش( ﻓﻲ ﻣﻧﺢ ﻗﺑﻠﺔ ﻟرﻳﺗﺎ ،وذﻟك ﺧوﻓﺎً ﻣن اﻟﺗورط
ﻋﺑﺎءةَ اﻷْﻓق اﻟﺟدﻳدةْ، زﻝ ﻟﻠﻔﺿﺎء ِ ِ ِ
ﻣن ُﺧ ْرِم إ ْﺑ َرﺗﻧﺎ ﻟَﻧ ْﻐ َ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﻳدة ﻣن اﻟرﺣﻳﻝ واﻟﺳﻔر ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﺗﻳﻪ واﻟدوران ،أو
َ
اﻟﺳﻧوﻧو
ُ ت ﺳﻧﺎﺑﻠُﻧﺎ ﻋن اﻷﺳوار واﻧﺑﺛق َﺳرى ،وﻟو ﻗَﻔَ َز ْ أْ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟﻠﻐﺔ )اﻹﺷﺎرة واﻟﻌﺑﺎرة( ،ﺣﻳث اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺷﺎﻫد اﻟوﺣﻳد
ﻧﻛون
ُ ﻳد وﻣﺎ ﻧﺣب وﻣﺎ ﻧر ُ ِ
ﻣن ﻗَْﻳدﻧﺎ اﻟﻣﻛﺳور ،أﺳرى ﻣﺎ ﱡ اﻟﺣﺎﻓظ ﻟﻬوﻳﺔ ﻣن ﻳﺗورط ﻓﻲ ﺗﺟرﺑﺔ اﻟرﺣﻳﻝ واﻟﺳﻔر).(55
ﻳدﻩ ِ ﱠ
ﻟﻛن ﻓﻳﻧﺎ ُﻫ ْد ُﻫداً ُﻳﻣﻠﻲ ﻋﻠﻰ زﻳﺗوﻧﺔ اﻟﻣﻧﻔﻰ ﺑر ْ وﻣن طرق اﻟﺣوار اﻟﻠطﻳﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻘدﻣﻬﺎ دروﻳش ﺿﻣن ﻓﻌﺎﻟﻳﺔ
ﻋﺎدت إﻟﻳﻧﺎ ﻣن رﺳﺎﺋﻠﻧﺎ رﺳﺎﺋﻠُﻧﺎ ،ﻟﻧﻛﺗب ﻣن ﺟدﻳد ْ اﻟﺧطﺎب؛ ذﻟك اﻟﺣوار اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ رﻣزﻳﺔ ﻣوﻏﻠﺔ ﻓﻲ ﻏﻣوﺿﻬﺎ،
ٍ
َﻣطﺎر ﻣن َزْﻫر ﺑداﺋ ﱠﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﺧر اﻟﺑﻌﻳد ﺗﻛﺗب اﻷ ُ ُ ﻣﺎ ﺣﻳث ﺗﺗوارى ﺧﻠف ﻣﻧطق اﻟﺗﻧﺎص اﻟدﻳﻧﻲ أو اﻷﺳطوري ﻛﻣﺎ ﻓﻲ
وﻳﺳﺎﻓر اﻟﺳﱠﻔَ ُر – اﻟﺻدى ﻣﱠﻧﺎ إﻟﻳﻧﺎ ﻟم ﻧﻛن َﺣَﺑﻘﺎً – ُ ﻗﺻﻳدة "اﻟﻬدﻫد" ﻣن دﻳوان "أرى ﻣﺎ أرﻳد"؛ ﺣﻳث ﺑﻧﻳت اﻟﻘﺻﻳدة
ِﻟَﻧ ْر ِﺟ َﻊ ﻓﻲ اﻟرﺑﻳﻊ إﻟﻰ ﻧواﻓذﻧﺎ اﻟﺻﻐﻳرة ﻟم ﻧﻛن ورﻗﺎً – ﻋﻠﻰ آﻟﻳﺎت اﻟﺗﻔﻛﻳر اﻷرﺳطﻳﺔ اﻟﺛﻼث )اﻟﺧطﺎﺑﺔ واﻟﺟدﻝ
ﻳﺎح إﻟﻰ ﺳواﺣﻠﻧﺎ ﻫﻧﺎ وﻫﻧﺎك ﺧطﱢ و ٌ
اﺿﺢ ﻟﺗﺄﺧذﻧﺎ اﻟر ُ وﻧﺎن ﺟﺎﺳم – اﻟﻣﺗﺷﻛﻠﺔ واﻟﻣﻧطق( – ﻛﻣﺎ ﻳرى اﻟﺑﺎﺣث ﻣﺣﻣد ّ
ﻣوﺗﺎﻧﺎ ﻣراﻳﺎ؟" ِ
ﻟﻠﺗﻳﻪ ﻛم ﺳﻧﺔٌ ﺳﻧرﻓﻊ ﻟﻠﻐﻣوض اﻟﻌذب ْ ﻋﻠﻰ أﺳس اﻟﺣوارﻳﺔ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ ﺑﻳن اﻟواﺣد واﻟﻣﺟﻣوع اﻟﻠذﻳن
ﻳﺗﻔﻘﺎن وﻳﺧﺗﻠﻔﺎن ﺑﻳن ﺣﻳن وآﺧر").(56
ﺛﺎﻟﺛﺎً :اﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ ﻳﻘوﻝ دروﻳش):(57
ﱠ
ﻻ ﺑد ﻟﻛﻝ ﺗﺟرﺑﺔ ﺷﻌرﻳﺔ ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻣن دﻓق ﺷﻌري وﻗﺎد اﻟﻧﺑﺎت
ُ أﻧﺎ ُﻫ ْد ُﻫ ٌد – ﻗﺎﻝ اﻟدﻟﻳﻝ – ﺳﺄﻫﺗدي إﻟﻰ اﻟﻧﺑﻊ إن ﱠ
ﺟف
ﻳﺳﺗﻧطق اﻟذات ،وﻳﻛﺷف ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎت اﻟﻧﻔس ،وﻳﻐوص ﻋﻣﻳﻘﺎً ﻟﺳﻧﺎ طﻳو اًر .ﻗﺎﻝ :ﻟن ﺗﺻﻠوا إﻟﻳﻪ ،اﻟ ُﻛ ﱡﻝ ﻟَ ْﻪ
ﻗﻠﻧﺎ ﻟﻪْ :
ﻓﻲ ﺧﻠﺟﺎت اﻟروح ،وأﺣﻼﻣﻬﺎ ،وﺗﻘﻠﺑﺎت اﻟﺣﻳﺎة اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻟ ُﻛ ﱡﻝ ﻓﻳﻪَ ،و ْﻫ َو ﻓﻲ اﻟ ُﻛﻝ ،اُﺑﺣﺛوا ﻋﻧﻪ ﻟﻛﻲ ﺗﺟدوﻩُ ﻓﻳﻪ ،ﻓَ ْﻬ َو
ﱢ
وﺻراﻋﺎﺗﻬﺎ؛ ﺑﻐﻳﺔ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ رؤﻳﺔ ﻓﻧﻳﺔ واﺿﺣﺔ ،ﺗﺣﻣﻝ رﺳﺎﻟﺔ ِ
ﻓﻳﻪ
اﻷدب ،وﺗﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﺎﻟم اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ ﺑﺻدق وﺷﻔﺎﻓﻳﺔ، ﻗﻠﻧﺎ ﻟﻪ :ﻟﺳﻧﺎ طﻳو اًر ﻛﻲ ﻧطﻳر ،ﻓﻘﺎﻝ :أﺟﻧﺣﺗﻲ زﻣﺎﻧﻲ
دون ﺗﻣﻠق أو ﺻﻧﻌﺔ؛ ﺑﺷرط أن ﺗﻧﺻﻬر ﻓﻲ ﺑوﺗﻘﺔ اﻟﺷﻛﻝ، واﻟﻌﺷق ﻧﺎر اﻟﻌﺷق ،ﻓﺎﺣﺗرﻗوا ﻟﺗﻠﻘوا ﻋﻧﻛم ﺟﺳد اﻟﻣﻛﺎن
وﺗﻠﺗﺣم ﻣﻌﻪ اﻟﺗﺣﺎم اﻟروح ﺑﺎﻟﺟﺳد ،ﻟﻳوﻟد اﻹﺑداع اﻟﺧﺎﻟد ﻣن ﻗﻠﻧﺎ ﻟﻪ :ﻫﻝ ﻋدت ﻣن ﺳﺑﺄ ﻟﺗﺄﺧذﻧﺎ إﻟﻰ ﺳﺑﺄ ﺟدﻳدة؟
ﺧﻼﻝ ﺛﻧﺎﺋﻳﺔ اﻟرؤﻳﺔ واﻟﺗﺷﻛﻳﻝ. ﺗﻛﺷف ﻋﺑﺎرة "ﻗﺎﻝ اﻟدﻟﻳﻝ" ﻋن اﻟداﻝ اﻟرﻣزي ﻟﻛﻠﻣﺔ "ﻫدﻫد"،
وﻳﻌد )اﻟﻣﻧوﻟوج( واﺣداً ﻣن ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﻘﺻﻳدة اﻟﺣدﻳﺛﺔ اﻟﺗﻲ وﻧون اﻟﺟﻣﻊ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ "ﻗﻠﻧﺎ" ﺗﺷﻳر إﻟﻰ اﻟﻣﺧﺎطب اﻟﻣﻔﺗرض ،ﻟﻛن
- 30 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
اﻟﻣﺣﺗوى اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻟﻠﺷﺧﺻﻳﺎت واﻟﻌﻣﻠﻳﺎت اﻟﻧﻔﺳﻳﺔ ﻟدﻳﻬﺎ .وﻫو ﺑﻬذا ﻟﻌﺑت دو اًر ﺑﺎر اًز ﻓﻲ ﺗﺣﻘﻳق ﻫذﻩ اﻟﻐﺎﻳﺔ؛ ﻓﻬو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ "ﻗﺻﻳدة
اﻟﻣﻧطﻠق ﻟﺻﻳق اﻟﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧزﻋﺔ اﻟروﻣﻧﺳﻳﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎﺟﺎة ﺗﻠﻘﻳﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﻣﺎﻋﻧﺎ ﺷﺧﺻﻳﺔ أﺧرى ،ﻏﻳر اﻟﻛﺎﺗب ﻧﻔﺳﻪ ،ﻟﻛﻧﻧﺎ
" وﻫﻲ أﺣد أﺷﻛﺎﻝ اﻟﻣوﻧوﻟوج. ﻧﺗﻌرف ﺻوﺗﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻠك اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﺣد ﻣﻊ اﻟﻛﺎﺗب،
ﻓﻔﻲ اﻟﻠﺣظﺎت اﻟﺗراﺟﻳدﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺑﻠﻎ اﻟﺗوﺗر اﻟﻌﺎطﻔﻲ ﻓﻳﻬﺎ وﻳﺗوﺣد ﻣﻌﻬﺎ ،ﻣﺟﺳدة ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻣوﻗف اﻟدراﻣﻲ").(59
درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻳﺔ" ،ﻳﺗﺟﻠﻰ اﻟﻣﻧوﻟوج ﻟﻛﺷف ﻣﻌﺎﻟم ﻫذا اﻟﺗوﺗر ،ﺣﻳث وﻻ ﺷك أن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ ﻓﻲ )اﻟﻣوﻧوﻟوج( ﺗﻠﻌب
ﺗﺻﻝ ﺗﻣوﺟﺎت اﻟﻧﻔس –أﺣﻳﺎﻧﺎً– إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻬذﻳﺎن").(64 دورﻫﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻝ اﻟﺟو اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﺻﻳدة ﻣن واﻗﻌﻪ اﻟﺧطﺎﺑﻲ إﻟﻰ واﻗﻊ
وﻗد ﻟﺧﺻت اﻟدﻛﺗورة ﻣﻬﺎ ﺣﺳن ﻗﺻراوي وظﻳﻔﺔ )اﻟﻣﻧوﻟوج( أﻛﺛر ﻣوﺿوﻋﻳﺔ ودراﻣﻳﺔ ،ﻓﺎﻟﺻوت اﻟواﺣد اﻟﻣﻧوﻟوﺟﻲ ﺳﻳﺗوﺟﻪ
ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ ﻓﻲ ﻧﻘطﺗﻳن ،ﻫﻣﺎ: ﻣن اﻟداﺧﻝ إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج ﻟﻳﻛﺷف ﻋن ﺧﻠﺟﺎت اﻟﻧﻔس ﻛﻣﺎ ﺗﻔﺗرض
-1اﻟﻐوص ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻟداﺧﻠﻲ ﻟﻠﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ زﻣﻧﻳﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗﻘﻧﻳﺔ.
ﻣﻌﻳﻧﺔ ،ﺣﻳث ﻳوﻗف اﻟﻣﻧوﻟوج ﺣرﻛﺔ اﻟزﻣن اﻟﺧﺎرﺟﻲ ،ﻟﻳطﻔو وﺗﺑدو أﻫﻣﻳﺔ اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟدراﻣﻲ – ﻓﻲ اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ – ﻣن
اﻟﻌﺎﻟم اﻟداﺧﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻟﺳرد. ﺧﻼﻝ ﻗدرﺗﻪ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺷف "ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ،وﻣﺷﺎﻋرﻫﺎ
-2اﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ إﺑطﺎء زﻣن اﻟﺳرد ﻧﺗﻳﺟﺔ ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺄﻣﻝ اﻟﻧﻔﺳﻲ، اﻟداﺧﻠﻳﺔ ،ﻓﺿﻼً ﻋن اﺳﺗﺧداﻣﻪ ﻓﻲ ﺗﻐﻳﻳر إﻳﻘﺎع اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ،
وﺗوﺳﻳﻊ زﻣن اﻟﺧطﺎب) (65وﻳﻣﻛن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻧوﻋﻳن ﻣن وﺗﺻﻌﻳد اﻟﺣدث اﻟدراﻣﻲ").(60
أﻧواع اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ :اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻣﺑﺎﺷـر ،وﻫو: أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺻﻳدة اﻟدراﻣﻳﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻣﻧوﻟوج ﺳﻳﺗﺧذ دو اًر آﺧر؛
"ذﻟك اﻟﻧﻣط ﻣن اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ اﻟذي ﻳﻣﺛﻠﻪ ﻋدم اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻓﻬو اﻧﺣراف ﺗﻌﺑﻳري ﻳﺗﻳﺢ ﻟﻠﺷﺎﻋر أن ﻳﻌﺑر ﻋن أﻓﻛﺎرﻩ اﻟداﺧﻠﻳﺔ
ﺑﺎﻟﻣؤﻟف ،وﻋدم اﻓﺗراض أن ﻫﻧﺎك ﺳﺎﻣﻌﺎً") (66واﻟﻣﻧوﻟوج وﻋواطﻔﻪ ﺑطرﻳﻘﺔ ﻏﻳر ﻣﺑﺎﺷرة ،ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﺛﻳف واﻟﺗرﻛﻳب
ﻏﻳر اﻟﻣﺑﺎﺷر ،ﻫو ذﻟك اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟذي ﻳﻌطﻲ اﻟﻘﺎرئ واﻟﻣﺟﺎﺑﻬﺔ اﻟﺻوﺗﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ؛ ﻓﺎﻟﻣوﻧوﻟوج ﻳﺗﻳﺢ ﻟﻠﻣﺗﻠﻘﻲ أن
إﺣﺳﺎﺳﺎً ﺑوﺟود اﻟﻣؤﻟف اﻟﻣﺳﺗﻣر .أي أﻧﻪ "ﻫو ذﻟك اﻟﻧﻣط ﻳﺳﻣﻊ اﻟﺻوت اﻟﺧﻔﻲ اﻟذي ﻳدور ﻓﻲ أﻋﻣﺎق اﻟﺷﺎﻋر ،وﻫذا ﻧوع
ﻣن اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟذي ﻳﻘدم ﻓﻳﻪ اﻟﻣؤﻟف اﻟواﺳﻊ اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺎدة ﻣن اﻟﺗﺟﺳﻳد أو اﻟﺗﺟرﻳد ،ﻓﻛﺄﻧﻧﺎ ﻣﻊ ذات ﻏﻳر ذات اﻟﺷﺎﻋر
ﻏﻳر اﻟﻣﺗﻛﻠم ﺑﻬﺎ ،وﻳﻘدﻣﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﻟو أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﺄﺗﻲ ﻣن وﻋﻲ ﺗﺣﺎورﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﺻوت اﻟﺣواري ،وﻛﺄن اﻷﻓﻛﺎر ﻗد
ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣﺎ ،ﻫذا ﻣﻊ اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺈرﺷﺎد اﻟﻘﺎرئ ﻟﻳﺟد طرﻳﻘﻪ ﺗﻠﺑﺳت ﺛوب ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣﻔﺗﻌﻠﺔ ﻟﺗﻌﻠن ﻋن ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﺑوح ﻣﻘﺻود
ﺧﻼﻝ ﺗﻠك اﻟﻣﺎدة ،وذﻟك ﻋن طرﻳق اﻟﻣﺎدة ،وﻋن طرﻳق ﻓﻧﻳﺎً.
اﻟﺗﻌﻠﻳق واﻟوﺻف ،وﻫو ﻳﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ وﻗد اﺳﺗﻌﺎرت اﻟﻘﺻﻳدة اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﻓن اﻟﻣﻧوﻟوج ﻣن اﻟرواﻳﺔ
اﻟﻣﺑﺎﺷر أﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ أن اﻟﻣؤﻟف ﻳﺗدﺧﻝ ﻓﻳﻪ ﺑﻳن ذﻫن اﻟﺣدﻳﺛﺔ ،ﻣﺗﺄﺛرة – ﻓﻲ ذﻟك – ﺑﺷﻛﻝ واﺿﺢ ﺑﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ اﻟذي
اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ واﻟﻘﺎرئ واﻟﻣؤﻟف ﻓﻳﻪ دﻟﻳﻝ ﺣﺎﺿر ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﺑﺗدﻋﻪ ﺟﻳﻣس ﺟوﻳس) ،(61إذ ﻋﻣدت اﻟرواﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ إﻟﻰ ﻛﺳر
ﻳﻘوم ﺑﺈرﺷﺎد اﻟﻘﺎرئ ،وﻫذا اﻟﻣﻧوﻟوج ﻳﻛﺗﺳب اﻟﺻﻔﺔ اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ رﺗﺎﺑﺔ اﻟزﻣن اﻟﺳردي ،واﻟﺗوﻗف ﻣﻊ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ ﻟﺣظﺎت ﺗﺄﻣﻠﻳﺔ
ﻟﻠﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ ﻣن أن ﻣﺎ ﻳﻘدﻣﻪ ﻳﻧﺑﻊ ﻣن اﻟوﻋﻲ ﻣﺑﺎﺷرة، ﺗﻛﺷف ﻋن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻓﻳﻬﺎ .وﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ﻻ ﻳﻌد ﻣرادﻓﺎً
أي أﻧﻪ ﻳﻘدﻣﻪ ﻓﻲ ﺛوب ﻟﻐﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ". ﻟﻠﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ؛ ذﻟك ﻷﻧﻪ ﻟم ﻳﻛن ﻣﺻطﻠﺣﺎً ﺗﻛﻧﻳﻛﻳﺎًٕ " ،واﻧﻣﺎ
وﻣﻬﻣﺎ ﻳﻛن ﻣن أﻣر؛ ﻓﺈن اﻟﺗداﺧﻝ واﻟﺗﺷﺎﺑك ﺑﻳن ﻫذﻩ ﻳﺷﻳر ﻫذا اﻟﺗﻳﺎر إﻟﻰ ﺗﻠك اﻟرواﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑﺳﻣﺎت ﺗﺑدأ ﻣن
اﻟﺗﻛﻧﻳﻛﺎت اﻟﺛﻼث ﻳﺟﻌﻝ ﻓك اﻻرﺗﺑﺎط ﺑﻳﻧﻬﺎ ﺻﻌﺑﺎً ﺟداً ،واﻟﺗﻌﺎﻣﻝ اﻟوﻋﻲ اﻟذاﺗﻲ اﻟﻣدرك ،وﺗﺗﻧﺎوﻝ ﺧﻔﺎﻳﺎ اﻟﻧﻔس ،ﻣﻊ أن ﻫذا
ﻣﻌﻬﺎ – ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﺗﺻﻧﻳف اﻟﺛﻼﺛﻲ – ﻣرﺑﻛﺎ ،ﻓطﺎﻟﻣﺎ اﻟﻣﺻطﻠﺢ )ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ( "ﻗد اﺳﺗﺧدم – أﺣﻳﺎﻧﺎً -ﻓﻲ اﻟﻧﻘد
ﺗداﺧﻠت اﻟﻣﻧﺎﺟﺎة ﻣﻊ اﻟﻣﻧوﻟوج أو ﻣﻊ اﻟوﺻف ،ﻟذا ﺳﻳﻧﻬض اﻟﺣدﻳث ﻟﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﻐرض").(62
اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﺗﻧﺎوﻝ ﺻوت اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟداﺧﻠﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﻧوﻟوﺟﺎً وﻗد ﺧﻠط ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟﻧﻘﺎد ﺑﻳن اﻟﻣﻧوﻟوج وﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ،وﻫو
دون إﺧﺿﺎﻋﻪ ﻟﻠﺗﺻﻧﻳف اﻟﺳﺎﻟف. ﺧﻠط ﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻋﺗﺑﺎر ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ﺗﻛﻧﻳﻛﺎً ﻻ ﻣﻧﻬﺟﺎً ،ﻟﻛن
ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ أﺧرى ،ﻻ ﺑد ﻣن أﺧذ اﻻﻋﺗﺑﺎر – ﻋﻧد ﺗﻧﺎوﻝ )روﺑرت ﻫﻣﻔري( ﻋدﻩ "ﻣﺻطﻠﺣﺎً ﺑﻼﻏﻳﺎً ﻳﺷﻳر ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﻧﺎﺳب
اﻟﻣوﻧوﻟوج ﻓﻲ اﻟﻘﺻﻳدة – واﻻﻧﺗﺑﺎﻩ إﻟﻰ طﺑﻳﻌﺔ ﺑﻧﻳﺗﻬﺎ اﻟﻬﻳﻛﻠﻳﺔ؛ إﻟﻰ ﺗﻛﻧﻳك أدﺑﻲ ،وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺣدﻳد أﻛﺛر
ذﻟك أن اﻟطﺑﻳﻌـﺔ اﻟﺳردﻳﺔ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗﺷﻛـﻝ ﻫذﻩ اﻟﺗﻘﻧﻳﺔ دﻗﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺷدﻳدة إﻟﻰ ﻣزﻳد ﻣـن اﻟﺿﺑط ﻓﻲ
ﺑﺄرﻳﺣﻳﺔ ،ﺑﻳد أن اﻟﺷﻌر اﻟﺣدﻳث – ٕوان ﺗطور ﺗطو اًر ﻣﻠﺣوظﺎً اﻟﺗطﺑﻳـق ،ﻫذا إذا ﻛﺎن ﻳراد ﻟﻪ أن ﻳﺻﺑﺢ ﻣﺻطﻠﺣﺎً ﻧﻘدﻳﺎً
ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺳردﻳﺔ – ﺳﻳﺑﻘﻰ ﻣﺳﻛوﻧﺎً ﺑﺧﺎﺻﻳﺔ اﻹﻳﻘﺎع، ﻣﻔﻳداً").(63
واﻟﺗﻧﻐﻳم ،واﻹﻳﺣﺎء ،واﻟرﻣز ،واﻟﺗﺻوﻳرٕ .واذا ﻛﺎﻧت اﻟرواﻳﺔ ﻗد إذاً ﻓﺎﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ ﺗﻛﻧﻳك ﻗﺻﺻﻲ ﻳﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﻳم
- 31 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر ...
اﻋﺗذرت ﻟﻧﻔﺳﻲ :ﻧﺳﻳﺗُك ﻓﺎﺧرجُ و ﻋرﻓت ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ؛ ﻓﺈن ﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﻌر
ﻓﻠم أﺳﺗطﻊ وﻣﺷﻳت إﻟﻰ ﻏرﻓﺔ اﻟﻧوم ﻟﻳس ﻣﻠزﻣﺎً؛ وﻣن ﻫﻧﺎ ،ﻓﺈن ﺗﻧﺎوﻝ اﻟﻣﻧوﻟوج وﻏﻳرﻩ ﻣن اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت
ﻓﺎﻧدﻓﻊ اﻟﺣﻠم ﻧﺣوي وﻋﺎﻧﻘﻧﻲ ﺳﺎﺋﻼً: ﺳﻳﻘﻊ ﺿﻣن ﺗﻛﻧﻳﻛﺎت ﻣﺗﻌددة ﻳﻔرﺿﻬﺎ اﻟﺑﻧﺎء اﻟﻔﻧﻲ ﻟﻠﻘﺻﻳدة.
ﻓﺎﻟﻣوت
ُ ﺗﻐﻳرت،
ُ ﺗﻐﻳرت؟ ﻗﻠت
َ ﻫﻝ وﻣن ﻫﻧﺎ – أﻳﺿﺎً – ﻓﺈن ﺗﻧﺎوﻝ اﻟﻣﻧوﻟوج ﻓﻲ اﻟﻘﺻﻳدة اﻟدروﻳﺷﻳﺔ
دﻫس ﺳﻳﺎرةٍ
ِ ﻓﻲ اﻟﺑﻳت أﻓﺿ ُﻝ ﻣن ﻳﺳﺗدﻋﻲ ﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟدراﻣﻳﺔ واﻟﺣدث اﻟدراﻣﻲ ﻣﻌﺎً ،أي
ﻓﻲ اﻟطرﻳق إﻟﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺧﺎﻟﻳﺔ اﻟﻌودة إﻟﻰ ﻣوﺿوع رﺳم اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺗرﻛﻳز ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻣﻬﺎ
إذاً ،ﻫﻧﺎ ﻗﺻﺔ ﻗﺻﻳرة ﻣﻛﺗﻣﻠﺔ اﻟﻌﻧﺎﺻر ،ﺗﺷﻛﻝ اﻟﺣدث ﻣن اﻟﻧﻔﺳﻲ؛ أي أن اﻟﻧص اﻟﺷﻌـري ﺳﻳﺳﺗﺟﻳب ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻘص ،وﻟﻌﻝ
ﺧﻝ اﻟﻌﻣﻠﻳﺔ اﻟﺳردﻳﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺗﺎﺑﻊ زﻣﻧﻲ ﺗﺷﻛﻠﻪ اﻷﻓﻌﺎﻝ دﻳوان دروﻳش "ﻛزﻫر اﻟﻠوز أو أﺑﻌد" ﻗد اﺳﺗﺟﺎب ﻟﻬذا اﻟﺗداﺧﻝ
اﻟﻣﺗﻼﺣﻘﺔ" :رﺟﻌت ،ﺿﻐطت ،ﺗذﻛرت ،دﺧﻠﻧﺎ ،ﻧظرت، اﻟﻧوﻋﻲ ﺑﻳن اﻟﺷﻌر واﻟﻧﺛر .وﻟو أﻧك ﺗﺗﺑﻌت اﻟدﻳوان ﻣن أوﻟﻪ إﻟﻰ
وﺻرﺧت ،واﻧﻛﺳرت ،وﻗﻠت ،وﻣﺷﻳت ،ﻓﺎﻧدﻓﻊ "واﻟﺷﺧوص" أﻧﺎ، آﺧرﻩ ﻟوﺟدت ﻓﻳﻪ ﻣن ﻫذا وذاك؛ أي أن اﻟﻧص اﺳﺗﺟﺎب ﻟﻌﺑﺎرة
اﻟﻣﺿﻳف" ﺛم اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣوارﻳﺔ اﻟداﺧﻠﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ ﺻوت اﻟﺗوﺣﻳدي ﻓﻲ "اﻹﻣﺗﺎع واﻟﻣؤاﻧﺳﺔ" أﺣﺳن اﻟﻛﻼم ﻣﺎ ﻗﺎﻣت ﺻورﺗﻪ
دروﻳش. ﺑﻳن ﻧظم ﻛﺄﻧﻪ ﻧﺛر ،وﻧﺛر ﻛﺄﻧﻪ ﻧظم(67)"...؛ ﻟﻳﺗﺷﻛﻝ اﻟﻧص ﻋﺑر
ﻫذﻩ اﻟﺳردﻳﺔ اﻟﻣﻐرﻗﺔ ﻓﻲ اﻧﺣﻳﺎزﻫﺎ ﻟﻠﻧﺛر أﺛﺑﺗت ﺟدﻳﺔ اﻟرﻏﺑﺔ ﺛﻧﺎﺋﻳﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ واﻟﻧﺛرﻳﺔ.
ﻟدى دروﻳش ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗﺻﻳدة ﻧﺛرﻳﺔ ﻻ ﺗﺗﺣرر ﻣن اﻹﻳﻘﺎع ،ﻟﻛﻧﻬﺎ ﺟﻌﻠت ﻫذﻩ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﻧص ﻳﻘﺗرب – أﺣﻳﺎﻧﺎً– ﻣن ﺑﻧﻳﺔ
ﺗﻛﻣﻝ ﻧﺻﺎب اﻟﺧطﺎب اﻟﺳردي ﻣن ﺧﻼﻝ وﺣدة اﻟﻣوﺿوع اﻟﻘﺻﺔ اﻟﻘﺻﻳرة ،وﺗﺗﺷﻛﻝ اﻷﺣداث وﻓق رؤﻳﺔ ﺳردﻳﺔ ،ﻳﻧﻣو ﻣﻌﻬﺎ
اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻣن أوﻟﻪ إﻟﻰ آﺧرﻩ ﻋﻠﻰ طرﻳﻘﺔ اﻟﻘص. اﻟﺣدث ﻧﻣواً دراﻣﺎﺗﻳﻛﻳﺎً ،ﻟﻳﺻﻝ إﻟﻰ ذروﺗﻪ ،ﺛم ﺗﻧﻔرج اﻟﻘﺻﺔ ﻋن
وﺗﺄﺗﻲ ﺗﻘﻧﻳﺔ اﻻﺳﺗرﺟﺎع – ﻹﻋﺎدة ﺗﺷﻛﻳﻝ اﻟذات اﻷوﻟﻰ ﺣﻝ ﺟدﻟﻲ ﻳﻧﺎﺳب طﺑﻳﻌﺔ اﻟرؤﻳﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﻳﺔ ،ﻟﻛن ﺷﻳﺋﺎً
ﻟﻠﺷﺎﻋر ﻣن ﺧﻼﻝ ﺣوار داﺧﻠﻲ ﻣﻊ اﻟﺻورة – ﻓﻲ ﻗﺻﻳدة "ﻓﻲ آﺧر ﺗﻌﺎﻧق ﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﺑﻧﻳﺔ اﻟﺳردﻳﺔ ،ﻳﻣﻛن ﺗﻠﻣس ﻣﻌﺎﻟﻣﻪ ﻣن
ﺑﻳت أﻣﻲ" ﻣن دﻳوان "ﻻ ﺗﻌﺗذر ﻋﻣﺎ ﻓﻌﻠت"؛ ﺣﻳث ﻳﻧﻔﺗﺢ اﻟﻧص ﺧﻼﻝ اﻟﻧظر إﻟﻰ ﺻوت اﻟﻧص؛ اﻟﺻـوت اﻟدروﻳﺷـﻲ اﻟﻣﺣـﺎور
ﻋﻠﻰ ﻣﺷﻬد ﻣﻛﺎﻧﻲ ﺗﺻوري ﻳﺣﻣﻝ ﻓﻲ ﺛﻧﺎﻳﺎﻩ ذاﺋﻘﺔ زﻣﻧﻳﺔ ﻣﻌﺗﻘﺔ ﻟذاﺗﻪ )اﻟﻣوﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ():(68
ﺑﻌﺑق اﻟﻣﺎﺿﻲ):(72 ﺿﻐطت ﻋﻠﻰ
ُ ﺣت :رﺟﻌت ﻛﻣﺎ ﻟو ﻓر ُ
"ﻓﻲ ﺑﻳت أﻣﻲ ﺻورﺗﻲ ﺗرﻧو إﻟﻲ اﻧﺗظرت"....
ُ ٍ
ﺟرس اﻟﺑﺎب أﻛﺛر ﻣن ﻣرة ،و
وﻻ ﺗﻛف ﻋن اﻟﺳؤاﻝ: ﻫذا اﻟﻣﻘطﻊ ﺳردي ﺑﺎﻣﺗﻳﺎز ،ﻣن ﺧﻼﻝ ﺑﻧﻳﺔ اﻟﺣدث ،وﺗﺗﺎﺑﻊ
أأﻧت ،ﻳﺎ ﺿﻳﻔﻲ ،أﻧﺎ؟" اﻟزﻣن ،ﻟﻛن ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﻳرﺗد اﻟﺻوت إﻟﻰ اﻟذات ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ):(69
وﻣﻊ أن اﻟﺷﺎﻋر اﺣﺗﺎﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻧص ﻣن ﺧﻼﻝ ﻋﻣﻠﻳﺔ اﻟﺗﺟرﻳد أﺣد ﻳﻔﺗﺢ اﻟﺑﺎب ،ﻻ ﺗﺄﺧرت :ﻻ ٌ
ُ "ﻟﻌﻠﻲ
ﻓﺟﻌﻝ اﻟﺻورة آﺧر ﻳﺣﺎورﻩ ،ﻟﻛن ﺻوت اﻟﺻورة ﺳﻳﻧدﻣﺞ ﻣﻊ اﻟﻣﻣر
ﱢ ﻧﺄﻣﺔُ ﻓﻲ
ﺻوت اﻟﺷﺎﻋر ﻟﻳﺑدأ اﻟﻣوﻧوﻟوج ﻓﻲ رﺳم ﻣﻌﺎﻟم اﻟﺧطﺎب ﺛم ﻳﻌود اﻟﺻوت اﻟﺧﺎرﺟﻲ أي ﺻوت اﻟﺳﺎرد وﻫو ﺻوت
اﻟﺷﻌري"):(73 دروﻳش ﻧﻔﺳﻪ ﻟﻳﻛﻣﻝ ﻣﺳﻳرة اﻟﺳرد):(70
ﻛﻧت ﻓﻲ اﻟﻌﺷرﻳن ﻋن ﻋﻣري، "ﻫﻝ َ ﻓﺎﻋﺗذرت ﻟﻧﻔﺳﻲ :ﻧﺳﻳﺗُك
ً ﺗذﻛرت أن ﻣﻔﺎﺗﻳﺢ ﺑﻳﺗﻲ ﻣﻌﻲ، ُ "
ﺑﻼ ﻧظﺎرة طﺑﻳﺔ ﻓﺎدﺧﻝ"
وﺑﻼ ﺣﻘﺎﺋب ﻛﺎن ﺛﻘب ﻓﻲ ﺟدار اﻟﺳور ﻳﻛﻔﻲ ﻟﻛن – ﻫﻧﺎ – ﻓﻲ "ﻧﺳﻳﺗك ﻓﺎدﺧﻝ" ارﺗداد آﺧر ﻟﻠﻣﻧوﻟوج ،أي
ﻛﻲ ﺗﻌﻠﻣك اﻟﻧﺟوم ﻫواﻳﺔ اﻟﺗﺣدﻳق أن اﻟﻧص ﺗﺗﺷﺎﺑك ﻓﻳﻪ ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺳرد ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺎﻗب
ﻓﻲ اﻷﺑدي.... اﻷﺻوات ،واﻟﻣراوﺣﺔ ﺑﻳن اﻟﺳرد واﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ):(71
ﻣﺎ اﻷﺑدي؟ ﻗﻠت ﻣﺧﺎطﺑﺎً ﻧﻔﺳﻲ" دﺧﻠﻧﺎ ....أﻧﺎ اﻟﺿﻳف ﻓﻲ ﻣﻧزﻟﻲ واﻟﻣﺿﻳف
ﻛﻧت" وﺿﻣﻳرﻩ اﻟﻣﺳﺗﺗر "أﻧت" اﻟﻣﺧﺎطب اﻟذي ﺗﻣﺛﻠﻪ ﻓﺎﻟﻔﻌﻝ " َ ﻧظرت إﻟﻰ ﻛﻝ ﻣﺣﺗوﻳﺎت اﻟﻔراغ ،ﻓﻠم َأر ُ
"اﻟﺻورة" ﻋﻠﻰ اﻟﺟدار ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺗﺣوﻝ إﻟﻰ دروﻳش ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﻟﻲ أﺛ اًر ،رﺑﻣﺎ ...ﻟم أﻛن ﻫﻬﻧﺎ ﻟم
"ﻋﻣري" ﻣن ﺧﻼﻝ إﺿﺎﻓﺔ اﻻﺳم إﻟﻰ ﻳﺎء اﻟﻣﺗﻛﻠم ،ﻣﻣﺎ ﻳﻌﻧﻲ أن ﻓﻔﻛرت :أﻳن
ُ أﺟد ﺷﺑﻬﺎً ﻓﻲ اﻟﻣراﻳﺎ
دروﻳش ﻗد اﻋﺗرف ﺑﺎﻧﺗﻣﺎء اﻟﺻورة إﻟﻳﻪ ٕواﻻ ﻟﻘﺎﻝ "ﻋﻣرك". وﺻرﺧت ﻷوﻗظ ﻧﻔﺳﻲ ﻣن اﻟﻬذﻳﺎن، ُ أﻧﺎ،
ﺑﻝ إن ﻋﻧوان اﻟدﻳوان ﻧﻔﺳﻪ ﻳﻣﺛﻝ ﺣوا اًر داﺧﻠﻳﺎً ﻋﺑرت ﻋﻧﻪ ٍ
اﻧﻛﺳرت ﻛﺻوت ﺗدﺣرج ُ ﻓﻠم أﺳﺗطﻊ ...و
اﻟﻘﺻﻳدة اﻟﺳﺎدﺳﺔ ﻓﻲ اﻟدﻳوان ،اﻟﺗﻲ ﺣﻣﻠت ﻧﻔس اﻻﺳم "ﻻ ﺗﻌﺗذر ﻓوق اﻟﺑﻼط وﻗﻠت :ﻟﻣﺎذا رﺟﻌت إذاً؟
- 32 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
وﻫﻝ ﻗرأت اﻟﻣﺳرﺣﻳﺔ ﻗﺑﻝ ﻫذا اﻟﻌرض، ﻋﻣﺎ ﻓﻌﻠت"؛ ﺗﻘوﻝ اﻟﻘﺻﻳدة):(74
أم ﻓرﺿت ﻋﻠﻲ؟ ﻻ ﺗﻌﺗذر ﻋﻣﺎ ﻓﻌﻠت – أﻗوﻝ ﻓﻲ
ٕواذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺻوت اﻟﺣواري ﻗد ﻛﺷف ﻋن ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺳري أﻗوﻝ ﻵﺧري اﻟﺷﺧﺻﻲ"
ﺗﺻوﻳرﻳﺔ ﺷﻛﻠت ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﻏرﺑﺔ اﻟذات ،وﺑررت ﻟﻠﻣﻧطق ﻟﻛن ،ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ ﺑﺗدﺧﻝ ﻣن دروﻳش،
اﻟﺷﻌري ﺳؤاﻝ اﻟﺣﻳرة ،وﻛﺎﻧت اﻟﻧﺑرة اﻟﺻوﺗﻳﺔ ﺣﺎدة وﻣرﺗﻔﻌﺔ إﻟﻰ ﻓﺑﻌد أن ﻳﺟرد ﻣن ﻧﻔﺳﻪ آﺧرﻩ ﻳﻌﻠﻣﻪ ﻣﻧطق اﻟﻘوﻝ ،وﻳﻠﻘﻧﻪ ﻛﻠﻣﺎت
اﻟﺣد اﻟذي ﻳﻘرب اﻟﻣﻘطﻊ ﻣن اﻟﺻراخ اﻟﻣﺟﻠﺟﻝ ﻋﻛﺳت ﺻداﻩ اﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ ،وﻫذا ﻳﻘﻠﻝ ﻣن دراﻣﺗﻳﻛﻳﺔ اﻟﺣوار ،وﻳﺟﻌﻠﻪ ﻧﺻﺎً
ﻣراﻳﺎ اﻟذات اﻟﻣﺗﻌددة؛ ﻓﺈن اﻟﺻوت اﻟﺧﺎﻓت ﻓﻲ اﻟﺟدارﻳﺔ داﺧﻝ ﻧص ،وذﻟك ﻣن ﻣﺛﻝ ﻗوﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﺻﻳدة "إن ﻋدت
ﺳﻳﻛﺷف ﻋن اﻟﺑﻌد اﻟﺗﺄﻣﻠﻲ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺧﻠود ،وﻳﻣﻧﺢ وﺣدك"):(75
ﻫذﻩ اﻟذات ﻗوة ﻣﺻﻳرﻳﺔ اﺳﺗﻌداداً ﻟﻣﺟﺎﺑﻬﺔ ﻓﺎﺻﻠﺔ):(78 إن ﻋدت وﺣدك ﻗﻝ ﻟﻧﻔﺳك:
"أﻧﺎ ﻣن ﻳﺣدث ﻧﻔﺳﻪ: ﻏﻳر اﻟﻣﻧﻔﻰ ﻣﻼﻣﺣﻪ"
ﻣن أﺻﻐر اﻷﺷﻳﺎء ﺗوﻟد أﻛﺑر اﻷﻓﻛﺎر .......
واﻹﻳﻘﺎع ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﻣن اﻟﻛﻠﻣﺎت، " ﻫﻝ وﺟدت اﻵن ﻧﻔﺳك؟
ﺑﻝ وﺣدة اﻟﺟﺳدﻳن ﻗﻝ ﻟﻧﻔﺳك :ﻋدت وﺣدي ﻧﺎﻗﺻﺎ
ﻓﻲ ﻟﻳﻝ طوﻳﻝ" ﻗﻣرﻳن،
ِ
وﻫﻛذا "ﻳﺧرج ﻣﺣﻣود اﻟﺻراع ﻣن داﺋرة اﻟﻌرق أو اﻟﻌﻧﺻر ﻟﻛن اﻟدﻳﺎر ﻫﻲ اﻟدﻳﺎر!"
)(79
إﻟﻰ داﺋرة اﻟﻧﻣط اﻟﻔﻛر" أﻣﺎ ﻓﻲ "اﻟﺟدارﻳﺔ" ﻓﺈن ﺣوار اﻟذات ﻳﺄﺧذ ﺑﻌدﻩ اﻷﻗﺻﻰ ﻣن
اﻟﺧﺎﺗﻣــــﺔ ﺧﻼﻝ ﺗﻌﺎﻧﻘﻪ ﻣﻊ اﻟﺻراع اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺧﻠود،
ﻓﺗﻐﻳب اﻟذات ﻓﻲ اﻵﺧر ،اﻟذات اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺗوزع ﻓﻲ ذوات ﻣﺗﻌددة/
اﺳﺗطﺎع اﻟﺷﺎﻋر ﻣﺣﻣود دروﻳش أن ﻳﺳﺗﻔﻳد ﻣن اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻹﻧﺳﺎن /اﻟﺟﺳد /اﻟطﻳﻧﻲ /اﻟﺷﺎﻋر /دروﻳش اﻟﻣﺎﺿﻲ /اﻟﺣﺎﺿر/
اﻟﻔﻧﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﺷﻌر ،وﻛﺎن اﻟﺣوار أﺣد ﻫذﻩ ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﻣوت ،ﻟﻛن ﺣﺷد اﻟذوات ﺑﻬذﻩ اﻟﻛﺛﺎﻓﺔ – ﻫﻧﺎ – وﻏﻳﺎب
اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت ،ﻓﺎﺳﺗﺧدﻣﻪ دروﻳش ﺑﺷﻛﻝ ﻓﻧﻲ واع أﺿﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﺷﻌرﻩ اﻟذات اﻟﻣرﻛزﻳﺔ ﻳدﻟﻝ ﻋﻠﻰ ﺣﺟم اﻟﺻراع اﻟداﺧﻠﻲ؛ وﻣن ﻫﻧﺎ،
ﻟوﻧﺎً ﻣن اﻟﺣداﺛﺔ واﻟﺟﻣﺎﻟﻳﺎت اﻟﻔﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ اﻧﻌﻛﺳت ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﺈن اﻟﻣﻧوﻟوج اﻟداﺧﻠﻲ ﻫو ﻣن ﺳﻳﻛﺷف ﺣﺟم ذﻟك اﻟﺻراع،
طرﺣﻪ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ. واﻟﻘﻠق اﻷﺧﻳر ﻓﻲ ﺻراع اﻟﺟﺳد ﻣﻊ اﻟﻣوت ،واﻟذات اﻟﺷﺎﻋرة ﻣﻊ
وﻗد ﻣﻬد اﻟﺑﺣث ﻟﻬذا اﻟﻌﻧﺻر ﺑﺷﻛﻝ ﻧظري ﻟﻔﺗﺢ اﻟﺣدﻳث اﻟﻬﺎﻟﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ.
اﻟﺗطﺑﻳﻘﻲ ﻓﻲ ﺷﻌر دروﻳش وﻣدى اﺳﺗﻔﺎدة اﻟﺷﺎﻋر ﻣن ﻫذﻩ إذاً إﻧﻪ اﻟوﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب اﻟﻘﻳﺎﻣﺔ ،ﻣﺛﻘﻝ ﺑﺎﻟﺗﺎرﻳﺦ ،ﺑﺎﻟﻌواطف،
اﻟﻧظرﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺧص اﻟﺣوار ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣوار ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﻐﻳﺑﻲ ،إﻧﻬﺎ رﺣﻠﺔ ﻛﺷف روﺣﻲ ﻟﻣﺎ وراء اﻟﻣوت ،إﻧﻪ
اﻟدراﻣﻲ. اﻟﺣدﻳث اﻟﺧﺎﻓت ،ﺳرد اﻟﺣﻛﺎﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻛﺗب ﻓﻳﻣﺎ ﺑﻌد):(76
وﺑﻌد ذﻟك ﺣﺎوﻝ اﻟﺑﺣث أن ﻳﺣدد ﻣﺳﺎرات اﻟﺣوار وطراﺋﻘﻪ " وﻛﺄﻧﻧﻲ ﻗد ﻣت ﻗﺑﻝ اﻵن...
ﻓﺳﻣﻰ ﺣوار اﻷﺻوات اﻟﻣﺗﻌددة أوﻻً ،ووﺿﺢ – ﻣن ﻟدى اﻟﺷﺎﻋرّ ، أﻋرف ﻫذﻩ اﻟرؤﻳﺔ ،وأﻋرف أﻧﻧﻲ
ﺧﻼﻝ اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﺗطﺑﻳﻘﻳﺔ – ﻛﻳﻔﻳﺔ ﺗوﺟﻳﻪ اﻟﺷﺎﻋر ﻟﺗداﺧﻝ اﻷﺻوات أﻣﺿﻲ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﺳت أﻋرف
داﺧﻝ اﻟﻧص اﻟﺷﻌري ﻟﺗﺷﻛﻳﻝ ﺑﻧﻳﺔ إﻳﻘﺎﻋﻳﺔ ﻧﺎﺟﺣﺔ ﻓﻲ رﺑط اﻟﻔن ﻣﺎ زﻟت ﺣﻳﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ ،وأﻋرف
ﺑﺎﻟﻣﺿﻣون ،ﺛم ﺗوﻗف اﻟﺑﺣث ﻣﻊ اﻷﺳﻠوب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺣوار وﻫو ﻣﺎ أرﻳد.
أﺳﻠوب اﻟﺣوار اﻟﻣﺑﺎﺷر ) ،(Dialogueوﺣﺎوﻝ ﺗﺑﻳﻳن ﻣﻘدرة اﻟﺷﺎﻋر ﻳﺗﺷﻛﻝ اﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺟدارﻳﺔ – ﻏﺎﻟﺑﺎً – ﻣن ﺧﻼﻝ
اﻟﻔﻧﻳﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﻧﻣط ﻣن اﻟﺣوار ،واﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﻪ ﻓﻲ ﺗﻘﻧﻳﺗﻳن ﺗﻣﺛﻼن ظﺎﻫرة ﺷﻌرﻳﺔ ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﻧﺻوص دروﻳش اﻷﺧﻳرة
ﺗوﺟﻳﻪ اﻟﺷﺧﺻﻳﺎت اﻟﺷﻌرﻳﺔ ﻧﺣو ﻣرادﻫﺎ. وﻫﻣﺎ :ظﺎﻫرة "اﻟﻣراﻳﺎ" ،و"اﻟﺿﻣﺎﺋر اﻟﻣﺗﻌددة"):(77
أﻣﺎ اﻷﺳﻠوب اﻟﺛﺎﻟث ،ﻓﻬو اﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ )(Monologue "أﻓﻳض ﻋن ﺣﺎﺟﺎﺗﻲ ﻣﻔردﺗﻲ
اﻟذي اﺳﺗطﺎع دروﻳش ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻛﺷف ﻋن ﻣﻛﻧوﻧﺎت واﻧظر ﻧﺣو ﻧﻔﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻣراﻳﺎ:
اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ اﻟداﺧﻠﻳﺔ ،ﻣﻧﺗﺑﻬﺎً إﻟﻰ اﻟﻔرق اﻟﺣﺳﺎس ﺑﻳن ﻫﻝ أﻧﺎ ﻫو؟
اﻟﺣوار اﻟداﺧﻠﻲ وﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ،ﺣﺗﻰ ﺑدا واﺿﺣﺎً أن ﻟﻐﺗﻪ اﻟﺷﻌرﻳﺔ ﻫﻝ أؤدي ﺟﻳدا دوري ﻓﻲ اﻟﻔﺻﻝ
– ﻫﻧﺎ – ﻟﻌﺑت دو اًر ﻓﻲ ﻧﻘﻝ اﻟﺟو اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﺻﻳدة ﻣن واﻗﻌﻪ اﻷﺧﻳـ ـ ــر؟
- 33 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر ...
اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻳﻛﺷف اﻟﺣﺟب ،وﻳﻐوص ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎق ،وﻛذﻟك اﻟﺣﺎﻝ اﻟﺧطﺎﺑﻲ إﻟﻰ واﻗﻊ أﻛﺛر ﻣوﺿوﻋﻳﺔ ودراﻣﻳﺔ.
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻧﺎﺟﺎة. وﻗد اﻋﺗﻣد – ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص– ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﺛﻳف واﻟﺗرﻛﻳب
وﻗد ﺣﺎوﻝ اﻟﺑﺣث ﺗوﺿﻳﺢ اﻟﻧزﻋﺔ اﻟدروﻳﺷﻳﺔ إﻟﻰ ﺑﻧﺎء ﻫﻳﻛﻠﻳﺔ واﻟﻣوﺿوﻋﻳﺔ واﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺻوﺗﻳﺔ ،ﻣﺎ أﺗﺎح ﻟﻠﻘﺎرئ أو اﻟﺳﺎﻣﻊ أن
ﻓﻧﻳﺔ ﺗﻧﺄى ﻋن اﻟﺗﻘرﻳري اﻟﻣﺑﺎﺷر ،وﺗﻧﺣو ﻧﺣو اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻳﺳﻣﻊ اﻟﺻوت اﻟﺧﻔﻲ اﻟذي ﻳدور ﻓﻲ أﻋﻣﺎق اﻟﺷﺎﻋر ﺣﺗﻰ
اﻟﻔﺎﻋﻝ دراﻣﻳﺎً ،وﺗﻛﻣن أﻫﻣﻳﺔ ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﻓﻲ ﻗدرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ف ﻋﺎﻟمأﺻﺑﺢ ﺷﻛﻼً ﻣن أﺷﻛﺎﻝ اﻟﺗﺟﺳﻳد أو اﻟﺗﺟرﻳد َﻛ َﺷ َ
اﻻﻧﺗﻘﺎﻝ ﺑﺎﻟﻧص ﻣن ذاﺗﻳﺔ ﻣﻐرﻗﺔ ﻓﻲ ﻏﻧﺎﺋﻳﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣوﺿوﻋﻳﺔ اﻟﻼوﻋﻲ اﻟﺧﻔﻲ أﻣﺎم اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ.
ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣوﻝ ﻣن دﻛﺗﺎﺗورﻳﺔ اﻟﻣؤﻟف إﻟﻰ دﻳﻣوﻗراطﻳﺔ وأﺧﻳ اًر اﺳﺗطﺎع دروﻳش أن ﻳﻧﺗﺑﻪ إﻟﻰ ﺗﻛﻧﻳﻛﺎت ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ
اﻟﻧص. ﺑﺎﻟﺣوار وذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟوﺻف اﻟذي ﻳﻘوم ﺑﻪ اﻟﺳﺎرد ﻛﻠﻲ
- 34 -
دراﺳﺎت ،اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ،اﻟﻣﺟﻠّد ،41اﻟﻌدد 2014 ،1
اﻟﻣوﻧوﻟوج ﺑﻳن اﻟدراﻣﺎ واﻟﺷﻌر ،ص.19 )(60 ﻣﺣﻣود دروﻳش ،ﺗﻠك ﺻورﺗﻬﺎ وﻫذا اﻧﺗﺣﺎر اﻟﻌﺎﺷق ،اﻷﻋﻣﺎﻝ )(44
روﺑرت ﻫﻣﻔري ،ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ،ص .15 )(61 اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،اﻟﺟزء اﻷوﻝ ،ص ،556اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﻌﺎﺷرة.
ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ،ص.22 )(62 اﻟرواﺷدة ،إﺷﻛﺎﻟﻳﺔ اﻟﺗﻠﻘﻲ واﻟﺗﺄوﻳﻝ ،ص.144 )(45
ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ،ص.43 )(63 ﻓرﺣﺎت ،اﻟﻣﻧوﻟوج ﺑﻳن اﻟدراﻣﺎ واﻟﺷﻌر ،ص.114 )(46
اﻟﻣﻧوﻟوج ﺑﻳن اﻟدراﻣﺎ واﻟﺷﻌر ،ص.20 )(64 اﻟﺷﻳﺦ ،ﺳرﻳر اﻟﻐرﻳﺑﺔ ،ﻗراءة ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻼت اﻟﺑﻧﻳﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ ﻧزوى، )(47
اﻟﻘﺻراوي ،اﻟزﻣن ﻓﻲ اﻟراوﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ص.245 )(65 ع .22
ﺗﻳﺎر اﻟوﻋﻲ ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﺣدﻳث ،ص.44 )(66 ﻧﻔﺳﻪ. )(48
اﻧظر :اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ج.169 ،2 )(67 اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ج ،2ص .106 )(49
ﻧﻔﺳﻪ ،ص.213 )(68 اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ج ،2ص.107 )(50
ﻧﻔﺳﻪ ،ص.213 )(69 ﻧﻔﺳﻪ ،ص.122 )(51
اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ص.213 )(70 اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ص.123 )(52
ﻧﻔﺳﻪ ،ص.213 )(71 ﻣﺣﻣود دروﻳش ،اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻷوﻟﻰ ) ،(3ص.335 )(53
اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ) ،(1ص.27 )(72 ﻳﻌرف اﻟدﻛﺗور ﻋﻠﻲ اﻟﺷرع اﻟﻣراﻳﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ "اﻟرؤﻳﺔ اﻟﺷﻌرﻳﺔ )(54
ﻧﻔﺳﻪ ،ص .27 )(73 ﻟﻠوﺟود اﻟﻣﺗﺣوﻝ ،أو ﻫﻲ رؤﻳﺔ اﻟﺷﺎﻋر ﻟﻬذا اﻟوﺟود اﻟﻣﺗﺣوﻝ،
اﻧظر :اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ص .27 )(74 اﻟﺷرع ،ﻣﺣﻣود دروﻳش ،ﺷﺎﻋر اﻟﻣراﻳﺎ اﻟﻣﺗﺣوﻟﺔ ،ص.17
اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،ص.36 )(75 اﻟﺷرع ،ﻣﺣﻣود دروﻳش ،ﺷﺎﻋر اﻟﻣراﻳﺎ اﻟﻣﺗﺣوﻟﺔ ،ص.12 )(55
ﻧﻔﺳﻪ ،ص.444 )(76 ﺳﻳﻣﻳﺎﺋﻳﺔ اﻟﻬدﻫد ،ﻗراءة ﻓﻲ ﺷﻌر ﻣﺣﻣود دروﻳش، )(56
ﻧﻔﺳﻪ ،ص .456 )(77 .http://www.alnoor.se/article.asp?id=83398
اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ. )(78 اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻷوﻟﻰ ) ،(3ص.258 )(57
اﻟﺧﻼﻳﻠﺔ ،ﻗراءة ﻓﻲ دﻳوان ﻣﺣﻣود دروﻳش )ﻟﻣﺎذا ﺗرﻛت )(79 اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻷوﻟﻰ ) ،(3ص . 249 )(58
اﻟﺣﺻﺎن وﺣﻳداً( ،ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘرى ،ﻋدد ،1ص.265 اﻟﻣوﻧوﻟوج ﺑﻳن اﻟدراﻣﺎ واﻟﺷﻌر ،ص.22 )(59
اﻟﺷرع ،ﻋﻠﻲ ،2002 ،ﻣﺣﻣود دروﻳش ﺷﺎﻋر اﻟﻣراﻳﺎ اﻟﻣﺗﺣوﻟﺔ ،و ازرة اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،اﻷردن.
اﻟﺷﻧطﻲ ،ﻣﺣﻣد ﺻﺎﻟﺢ ،1986 ،ﺧﺻوﺻﻳﺔ اﻟرؤﻳﺔ واﻟﺗﺷﻛﻳﻝ ﻓﻲ أﺣﻣد ،ﻫﺑﺔ ﻋﺑد اﻟﻣﻌز ،2009 ،ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺧطﺎب ،ﻣرﻛز اﻟﻧور.
ﺷﻌر ﻣﺣﻣود دروﻳش ،ﻣﺟﻠﺔ ﻓﺻوﻝ ،ع.1 ﺗﻳدروف ،ﺗزﻓﺗﻳﺎن ،ﻣﻳﺧﺎﺋﻳﻝ ﺑﺎﺧﺗﻳن ،اﻟﻣﺑدأ اﻟﺣواري ،ت :ﻓﺧري ﺻﺎﻟﺢ،
اﻟﺷﻳﺦ ،ﺧﻠﻳﻝ ،2000 ،ﺳرﻳر اﻟﻐرﻳﺑﺔ :ﻗراءة ﻓﻲ ﺗﺷﻛﻼت اﻟﺑﻧﻳﺔ ،ﻣﺟﻠﺔ ،1996اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر ،ﺑﻳروت ،ط.2
ﻧزوى ،ﻋدد ،22إﺑرﻳﻝ. ﺟﺎﺳم ،ﻣﺣﻣد وﻧﺎن ،ﺳﻳﻣﺎﺋﻳﺔ اﻟﻬدﻫد ،ﻗراءة ﻓﻲ ﺷﻌر ﻣﺣﻣود دروﻳش،
ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ،ﻣﺣﻣود ،1997 ،اﻟﺣوار ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻟﻣﺳرﺣﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ .http://www.alnoor.se/article.asp?id=83398
اﻟﻣوﻗف اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ،ع.10 ﺣﻣودة ،ﻋﺑد اﻟﻌزﻳز ،1998 ،اﻟﺑﻧﺎء اﻟدراﻣﻲ ،اﻟﻬﻳﺋﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
اﻟﻌﻳد ،ﻳﻣﻧﻰ ،1990 ،ﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺳرد اﻟرواﺋﻲ ،دار اﻟﻔﺎراﺑﻲ ،ﺑﻳروت. ﻟﻠﻛﺗﺎب.
ﻓرﺣﺎت ،أﺳﺎﻣﺔ ،اﻟﻣﻧوﻟوج ﺑﻳن اﻟدراﻣﺎ واﻟﺷﻌر ،اﻟﻬﻳﺋﺔ اﻟﻣﺻرﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺧﻼﻳﻠﺔ ،ﻣﺣﻣد ﺧﻠﻳﻝ ،2009 ،ﻗراءة ﻓﻲ دﻳوان ﻣﺣﻣود دروﻳش )ﻟﻣﺎذا
ﻟﻠﻛﺗﺎب ،د .ت. ﺗرﻛت اﻟﺣﺻﺎن وﺣﻳداً( ،ﻣﺟﻠﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘرى ،ﻋدد .1
ﻗﺻراوي ،ﻣﻬﺎ ﺣﺳن ،2004 ،اﻟزﻣن ﻓﻲ اﻟرواﻳﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻼ إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﻧص اﻟﺷﻌري، داﻏر ،ﺷرﺑﻝ ،1997 ،اﻟﺗﻧﺎص ﺳﺑﻳ ً
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر ،ﺑﻳروت. ﻣﺟﻠﺔ ﻓﺻوﻝ ،م ،16اﻟﻘﺎﻫرة.
اﻟﻘﻳم ،ﻋﻠﻲ ،2008 ،ﻣﺣﻣود دروﻳش ﺳﺟﻝ أﻧﺎ ﻋرﺑﻲ ،دﻣﺷق. دروﻳش ،ﻣﺣﻣود ،2009 ،اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺟدﻳدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،رﻳﺎض اﻟرﻳس
ﻛوزﻳﻧوف ،ف .ف :ﺣوﻝ دراﺳﺔ اﻟﻛﻼم اﻟﻔﻧﻲ ،ت :ﺟﻣﻳﻝ اﻟﺗﻛرﻳﺗﻲ، ﻟﻠﻛﺗب واﻟﻧﺷر.
،1982ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ع ،11ﺑﻐداد. رﺿﺎ ،ﺣﺳﻳن راﻣز ،1972 ،اﻟدراﻣﺎ ﺑﻳن اﻟﻧظرﻳﺔ واﻟﺗطﺑﻳق ،ﺑﻳروت.
اﻟﻣﺳﺎوي ،ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،2007 ،اﻟﻣوت ﻣن ﻣﻧظور اﻟذات ،ﻣﺟﻠﺔ ﻋﺎﻟم اﻟرواﺷدة ،ﺳﺎﻣﺢ ،2001 ،إﺷﻛﺎﻟﻳﺔ اﻟﺗﻠﻘﻲ واﻟﺗﺄوﻳﻝ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣؤﺗﺔ.
اﻟﻔﻛر ،ﻣﺟﻠد ،35ﻋدد .4 اﻟزﻋﺑﻲ ،أﺣﻣد ،2000 ،اﻟﺗﻧﺎص ﻧظرﻳﺎً وﺗطﺑﻳﻘﻳﺎً ،ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻣون
ﻣﻧﺎف ،ﻋﻼء ﻫﺎﺷم ،2007 ،اﻟظﺎﻫرة اﻟﺻوﺗﻳﺔ اﻟﺧﻔﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﻌر ﻋﻣﺎن ،ط.2
ﻟﻠﻧﺷرّ ،
دروﻳش ،اﻟﺣوار اﻟﻣﺗﻣدن ،ﻋدد .2069 زﻳﺗوﻧﻲ ،ﻟطﻳف ،2002 ،ﻣﻌﺟم ﻣﺻطﻠﺣﺎت ﻧﻘد اﻟرواﻳﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺎر،
ﻣﻛدوﻧﻳﻝ ،دﻳﺎن ،ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ ﻧظرﻳﺎت اﻟﺧطﺎب ،ت :ﻋز اﻟدﻳن ﻟﺑﻧﺎن.
- 35 -
ﻋﻳﺳﻰ ﻗوﻳدر اﻟﻌﺑﺎدي ... أﻧﻣﺎط اﻟﺣوار ﻓﻲ ﺷﻌر
Issa Al-Abbadi*
ABSTRACT
Modern and contemporary Arabic poetry has been influenced by the techniques of world poetry. Many Arab
poets have followed poetic modernism consciously and mastered it. Mahmoud Darweish represents this
modernism and adopted it in this poetry. Dialogue has been a main characteristic of modern Arabic poetry.
Mahmoud Darweish was able to adopt three forms of dialogue, multiple voices and monologue to maintain
beautiful rhyme that reflects his vision and his ability to unleash the inner poetic self.
This poet detected the important difference between internal monologue and the stream of consciousness
which in turn aided in translating these modern poetic techniques into unique poetry at the level of art and
vision.
Keywords: Mahmoud Darweish, Poetry, Dialogue.
________________________________________________
*Faculty of Arts, Al-Hussein bin Talal University, Ma’an, Jordan. Received on 6/11/2012 and Accepted for Publication
on 16/4/2013.
- 36 -