الإنابة الناقصة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫جامعة طرابلس‬

‫ّ‬
‫كلية القانون‬
‫ّ‬
‫مكتب الدراسات العليا ‪ /‬قسم القانون اخلاص‬

‫حبث بعنوان‪:‬‬

‫ّ‬
‫اإلنـابة النـاقصـة‬

‫إعداد‪:‬‬
‫حممد أمحد األمحر‬

‫رقم القيد‪2181420 :‬‬

‫‪2019‬‬
‫الـمحتويـــات‬

‫مقدّمة‪1..................................................................................‬‬

‫مبحث تمهيدي‪ :‬المالمح العا ّمة لإلنابة الناقصة‪.‬‬


‫المطلب األو ّل‪ :‬التعريف بماهيّـة اإلنابة الناقصة‪3.....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تمييز اإلنابة الناقصة عن غيرها من األنظمة المشابهة‪4................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬دور اإلنابة النّاقصة كأدا ٍة للـوفاء والضمان‪6.........................‬‬

‫المبحث األ ّول‪ :‬شروط انعقاد اإلنابة الناقصة‪.‬‬


‫المطلب األول‪ :‬التراضي‪8..............................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المح ّل‪9.................................................................‬‬
‫سبـب‪9................................................................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬ال ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار اإلنابة الناقصة‪.‬‬


‫األول‪ :‬العالقة بين ال ُمنيب وال ُمناب لديه‪10....................................‬‬
‫المطلب ّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العالقة بين ال ُمنيب والمناب‪10.........................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬العالقة بين ال ُمناب لـديه والمناب‪11...................................‬‬

‫خاتمة‪12..................................................................................‬‬
‫المصادر والـمراجع‪13...................................................................‬‬
‫ّ‬
‫مقدمة‬

‫من المسلّم به القول أنّه إذا ُولد االلتزام صحيحا ً من أحد مصادره الخمس‪ ،‬ترتّبت عليهه‬
‫أحكامه‪ ،‬وأه ّمها وجوب تنفيذ ههذ االلتهزام الهذ يهتم فهي الاالهب األعهم طوعها ً واختيهارا ً مهن‬
‫جانب المدين استجابةً لعنصر المديونيّة ‪ ،‬أو رهبةً من عنصر المسؤوليّة‪ ،‬أو دفعها ً بهواز ٍ‬
‫(‪)1‬‬

‫ي‪.‬‬ ‫ي أو بباع ٍ‬
‫ث أخالق ّ‬ ‫دين ّ‬
‫وألن األصل في الوفاء أن يكون من المدين الذ التهزم بهه‪ ،‬ومهل ذلهن ّ‬
‫فهلن للمهدين أن ينقهل‬
‫مدين آخر ليتولّى بدالً عنه أو معه الوفاء بهذا االلتزام‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التزاما ً شخصيا ً في ذمته إلى‬
‫كرسهها‬‫لم ي ُكن هذا األمر مسهلّما ً بهه قهديما ً الصهطدامه بالنزعهة الشخصهيّة لاللتهزام التهي ّ‬
‫الرومهان‪ ،‬وسهار عليههها مهن جهاء بعههدهم‪ ،‬فشخصهيّة الههدانن والمهدين علهى حسههب قهولهم هههي‬ ‫ّ‬
‫األسههاس وال ُمرتكههز الههذ تقههوم عليه له العالقههة القانونيّههة‪ ،‬فههلذا انتقههل االلتههزام عههن أحههدهم فههال‬
‫يستقي ُم بقا ٌء للعالقة القانونيّة وال مصير لها إال االنحالل‪.‬‬
‫صةً مهل إباحهة الشهريعة اإلسهالميّة النتقهال االلتهزام‬ ‫خفّت حدّة هذه النزعة فيما بعد‪ ،‬وخا ّ‬
‫بالدّين من ذ ّمته إلى ذ ّمة أخهر بايهة الوصهول إلهى انقضهاء االلتهزام‪ ،‬قهال ‪( ‬مطه ُل الانه ّ‬
‫ي‬
‫شخصهيّة بهاألفول ليسهطل‬ ‫ظلم‪ ،‬وإذا أُحيل أحهدكم علهى ملهيءٍ فليتبهل)(‪ ،)2‬فبهدأ نجهم النزعهة ال ّ‬
‫صهههةً مهههل النهضهههة االقتصهههاديّة‬
‫نجهههم النزعهههة االقتصهههاديّة التهههي تُعنهههى بقيمهههة االلتهههزام‪ ،‬وخا ّ‬
‫سهادس عشهر‪ ،‬ومها اسهتتبل ذلهن مهن ضهرورة‬ ‫واالجتماعيّة التي شهدتها أوروبا منذ القرن ال ّ‬
‫سر سير المعامالت المدنيّة والتّجاريّة حينها‪.‬‬ ‫التفكير الج ّد في نقل الديون أو الحقوق بما يي ّ‬
‫وإذا كان األصل في انقضهاء االلتهزام ههو الوفهاء كمها ذكرنها‪ ،‬فقهد ينقضهي أيضها ً بمها يُعهادل‬
‫الوفههاء‪ ،‬بتقههديم المههدين لداننههه شخصها ً ثالثها ً يتع ّهههد بوفههاء الهدّين للهدّانن وهههذه هههي اإلنابههة فههي‬
‫الوفاء‪ ،‬فالمدين هو ال ُمنيب‪ ،‬والدانن هو ال ُمناب لديه‪ ،‬والشخص الثالث هو ال ُمناب(‪.)3‬‬
‫األول‬
‫المشر الليبي اإلنابة في الوفاء في ثالث مواد (‪ )348-347-346‬ضمن القسهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نظم‬
‫األول‪ ،‬جهاعالً منهها سهببا ً مهن أسهباب انقضهاء‬
‫للقانون المدني في الباب الخامس من الكتهاب ّ‬
‫االلتزام بما يعادل الوفاء‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد علي األزهر ‪ ،‬النظريّة العامة لاللتزام ‪ -‬أحكام االلتزام‪ ،-‬ج‪ ،2‬بنااز ‪:‬دار الكتب الوطنية‪ ،2005،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -2‬الراو أبوهريرة عبد الرحمن الدوسي‪،‬في‪ :‬الحافظ أبي القاسم الطبراني‪ ،‬المعجم األوسط‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬ط‪،4‬ج‪،8‬‬
‫‪ ،1987‬ص ‪.262‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الموجز في النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬بيروت‪ :‬منشورات محمد الداية‪،‬المجمل الفقهي العربي‬
‫اإلسالمي‪ ،‬د‪،‬ت‪ ،‬ص‪.604‬‬

‫‪1‬‬
‫األول فههههو اإلنابهههة الكاملهههة ويقهههوم فيهههها ال ُمنهههاب‬
‫ولههههذه اإلنابهههة مظههههرين مختلفهههين‪ ،‬أ ّمههها ّ‬
‫(األجنبي)(*)‪ ،‬بلبراء ذ ّمة ال ُمنيب (المدين األصلي) من الدّين اتجاه الهدانن‪ ،‬وعلهى ذلهن فههي‬
‫تتض ّمن تجديدا ً للدّين بتايير المدين‪ ،‬أ ّما المظهر الثاني فهو اإلنابة الناقصة والتي يقهوم فيهها‬
‫مهدين‬
‫ٍ‬ ‫التزام ال ُمناب (األجنبي)(*) إلهى جانهب ال ُمنيهب‪ ،‬فيُصهبح للمنهاب لديهه مهدينان بهدالً مهن‬
‫واحد(‪.)1‬‬

‫سنسلّط الضوء في ههذا البحهث علهى اإلنابهة الناقصهة باعتبارهها أداة ً مي ّ‬


‫سهرة ً النقضهاء‬
‫االلتزام‪ ،‬وضمانةً مهن الضهمانات الشخصهيّة المسهتقلّة‪ ،‬بهدءا ً بمفههوم اإلنابهة الناقصهة وبيهان‬
‫دورها في الوفاء والضمان‪ ،‬موضّحا ً الحدود الفاصلة التي تميزها عن غيرهها مهن األنظمهة‬
‫والتصرفات المشابهة لها‪ ،‬مستعرضا ً للشروط التي تنعقد بها‪ ،‬واآلثار التي تترتّب عنها‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬ج‪ ،3‬القاهرة‪ :‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،1958 ،‬ص‪.858‬‬
‫* يُسمى المناب بالشخص األجنبي‪ ،‬ليس ألنّه أجنبي عن اإلنابة في الوفاء‪ ،‬فهو طرف من أطراف اإلنابة‪ ،‬وإنّما هو أجنبي عن‬
‫العالقة األصليّة بين المدين األصلي والدّانن‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ّ‬
‫مبحث متهيدي‪ :‬املالمح العامة لإلنابة الناقصة‬

‫سههنتناول فههي هههذ المبحههث التعريههف بماهيّههة اإلنابههة النّاقصههة (المطلههب ّ‬


‫األول)‪ ،‬ثهههم‬
‫هنتطرق لتمييههز اإلنابههة الناقصههة عههن غيرههها مههن األنظمههة المشههابهة (المطلههب الثههاني)‪ ،‬ثههم‬
‫سه ّ‬
‫سنستعرض دور اإلنابة الناقصة كأداةٍ للوفاء والضمان (المطلب الثالث)‪.‬‬

‫املطلب األولّ‪ :‬التعريف مباهيّة اإلنابة الناقصة‪.‬‬

‫اإلنابة الناقصة نظام قانوني تقليد في نظريّة االلتهزام‪ُ ،‬‬


‫ش ّهرعت كوسهيل ٍة للوفهاء‪ ،‬ثه ّم مها‬
‫ضمان‪.‬‬‫لبث أن اتّسل نطاقها إلى أداة ً لل ّ‬
‫فعرفهها‬
‫تعدّدت اآلراء الفقهيّة والخيارات التشريعيّة‪ ،‬في تحديد مفهوم اإلنابة الناقصة‪ّ ،‬‬
‫الفقيه عبد الرزاق السنهور بـ "اإلنابة التي ال تُبهرأ ذ ّمهة المنيهب‪ ،‬وإنّمها تضه ّم ذ ّمهة المنهاب‬
‫مدين واحد(‪.)1‬‬
‫ٍ‬ ‫إلى ال ُمنيب‪ ،‬فيكون للمناب لديه مدينان بدالً من‬
‫عرفها بأنّها " اإلنابة التي تقوم على تعدّد المدينين الذ يرجل الهدانن علهى أيههم‬
‫وهنّان من ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫يشاء"‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وعرفت كذلن بأنّها " قيام االلتزام الجديد إلى االلتزام القديم"‬
‫ّ‬
‫صياغة فههي متفقهة مهن‬‫ويتّضح من هذه التعريفات أنّها وإن كانت مختلفة في طريقة ال ّ‬
‫أن اإلنابة النّاقصة تتحقّق عندما يتّفَ ُق بين طرفيها على‬
‫حيث المضمون‪ ،‬حيث أجمعت على ّ‬
‫ض ّم ذ ّمة ال ُمناب إلى ذ ّمة المنيب ألداء الدين للمناب لديه‪ ،‬وسميت قاصرة أو ناقصة إذ ههي‬
‫فلن اإلنابة القاصرة تفترض وجهود ثالثهة‬‫لم تُبرئ ذ ّمة المنيب نحو المناب لديه(‪ ،)4‬وبالتالي ّ‬
‫أطراف‪:‬‬
‫ّأوالً‪ :‬المنيب‪ ،‬وهو المدين األصهلي الهذ يُنيهب الشهخص األجنبهي ليفهي الهدّين للهدّانن‪ ،‬وههو‬
‫الشخص المركز ّ في اإلنابة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ال ُمناب لديه‪ ،‬وهو الدانن الذ يُناب الشخص األجنبي للوفاء له‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال ُمناب‪ ،‬وهو الشخص األجنبي الذ يُنيبه المدين ليفي الدين إلى الدّانن(‪.)5‬‬
‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬ج‪ ،3‬المجلد ‪،2‬ط‪ ،2‬تنقيح محمد الفقي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،1984 ،‬ص‪1007‬‬
‫‪ -2‬قاسم محمد‪ ،‬الوجيز في نظرية االلتزام‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،1994 ،‬ص‪.251‬‬
‫‪ -3‬لشهب نادية ليلى‪ ،‬انقضاء االلتزام باإلنابة‪ ،‬رسالة ماجستير (غيرمنشورة)‪ ،‬الجزانر‪ :‬جامعة الجزانر‪ ،2016 ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ -4‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.858‬‬
‫‪ -5‬المرجل نفسه‪ ،‬ص‪.857‬‬

‫‪3‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬التمييز بني اإلنابة الناقصة وغريها من األنظمة املُشابهة‪.‬‬

‫علههى اله ّهرغم م ّمهها تحتويههه اإلنابههة الناقصههة مههن خصههانص ومميّههزات تجعههل منههها آليّهةً‬
‫مسههتقلّة بههذاتها‪ ،‬فلنههه لههيس مههن ال ّ‬
‫سهههل فههي بعههض األحيههان التّفرقههة بينههها وبههين غيرههها مههن‬
‫األنظمة المشابهة ‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬اإلنابة الناقصة والدعوى ال ُمباشرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعرف الهدعو المباشهرة بأنّهها الهدعو التهي يباشهرها الهدانن باسهمه مهن مهدين مدينهه‪،‬‬
‫بحيث يستأثر الدانن بفضلها بالحق الذ لمدينه في ذ ّمة مدين مدينه‪.‬‬
‫وتشههترن اإلنابههة الناقصههة مههل الهدّعو ال ُمباشههرة بأنهمهها تؤدّيههان إلههى تسهههيل ضههمان الوفههاء‬
‫بااللتزام‪ ،‬فوفقا ً لهما يكتسب ال ُمناب لديه (الدانن)‪ ،‬حقا ً ُمباشرا ً قلبل ال ُمناب الذ يكون غالبها ً‬
‫(‪)1‬‬
‫مدينا ً لل ُمنيب‪.‬‬
‫وعلههى اله ّهرغم مههن هههذا التشههابه إالّ ّ‬
‫أن ُهنههان اختالفها ً جوهريّها ً بههين كههال النظههامين‪ ،‬فالهدّعو‬
‫نص في القانون(‪ ،)2‬وهذا على عكس اإلنابة التي تكون وفقا ً‬ ‫المباشرة ال تكون إالّ بنا ًء على ٍ‬
‫لالتّفاق القانم بين أطرافها‪.‬‬
‫كما أن في الدّعو المباشرة يحق لمهدين المهدين أن يهدفل فهي مواجههة الهدّانن بالهدفو التهي‬
‫يحق له الدّفل بها في مواجهة المدين األصلي(‪ ،)3‬وهذا على العكس من اإلنابة الناقصة التي‬ ‫ّ‬
‫هق فيههها لل ُمنههاب الهدّفل فههي مواجهههة ال ُمنههاب لديههه بالهدّفو التههي يحه ّ‬
‫هق لههه الهدّفل بههها فههي‬ ‫ال يحه ّ‬
‫(‪)4‬‬
‫ألن التزامه تجاه المنيب لديه التزام مستق ّل عن التزامه تجاه المنيب‪.‬‬ ‫مواجهة المنيب‪ّ ،‬‬

‫ثانياً‪ :‬اإلنابة النّاقصة واالشتراط لمصلحة الغير‪.‬‬


‫نهص عليهه القهانون المهدني‬‫ّ‬ ‫يُعتبر االشتراط لمصهلحة الايهر اسهتثناء علهى نسهبيّة العقهد‪،‬‬
‫اللّيبههي فههي المههواد (‪ ،)158،157،156‬وهههو عبههارة عههن عقههد بههين شخصههين يُههدعى ّ‬
‫األول‬
‫ي عهن ههذا‬
‫شخص ثالث أجنبه ّ‬ ‫ٍ‬ ‫المشترط الذ يشترط على الثاني وهو المتع ّهد أن يلتزم نحو‬
‫حق مباشر يستطيل المطالبة به‪،‬‬ ‫التعاقد ويسمى المنتفل أو المستفيد‪ ،‬فينشأ بذلن لهذا األخير ٌ‬
‫(‪)5‬‬
‫كما يجب أن يكون للمشترط مصلحةً في هذا االشتراط ماديّة كانت أم أدبيّة‪.‬‬

‫‪ -1‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الجامعة الجديدة للنضر‪ ،2006 ،‬ص‪.76‬‬
‫‪ -2‬محمد علي األزهر ‪ ،‬النظريّة العامة لاللتزام ‪ -‬أحكام االلتزام‪ ،-‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ -3‬المرجل نفسه‪.79 ،‬‬
‫‪ -4‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬أحكام االلتزام واإلثبات‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ :‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،2009 ،‬ص‪.418‬‬
‫‪ -5‬محمد علي األزهر ‪ ،‬النظريّة العامة لاللتزام ‪ -‬مصادرااللتزام‪ ،-‬ج‪ ،1‬ط‪ ،2‬طرابلس‪ :‬منشورات الجامعة المفتوحة‪،1993 ،‬ص‪.201‬‬

‫‪4‬‬
‫هلن اإلنابههة الناقصههة تختلههف عههن االشههتراط لمصههلحة الايههر مههن حيههث الشههروط‪،‬‬ ‫عليههه فه ّ‬
‫فاإلنابههة تتطلههب توافههق إرادت هي المنههاب والمنيههب ولتنفّههذ الب ه ّد مههن قبههول ال ُمنههاب لديههه‪ ،‬فحه ّ‬
‫هق‬
‫ال ُمناب لديه في مواجهة ال ُمناب ال ينشهأ إالّ عنهد قبهول المنهاب لديهه‪ ،‬وههذا علهى العكهس مهن‬
‫االشههتراط لمصههلحة الايههر بحيههث ينشههأ للمنتفههل وفقها ً لتعبيههر المههادة ‪( 156‬حقها ً ُمباشههراً) فههي‬
‫مواجهة المتع ّهد منذ الوقت الذ يت ّم فيه االتّفاق بين المشترط والمتع ّهد‪.‬‬
‫ومن حيث اآلثار يعتبر حق ال ُمناب لديه في مواجهة ال ُمناب ُمسهتقالّ تمامها ً عهن العالقهة بهين‬
‫فحهق المنتفهل فهي مواجههة‬ ‫ّ‬ ‫ال ُمنيب وال ُمناب وهذا على العكس من االشتراط لمصلحة الايهر‪،‬‬
‫المتع ّهد يعتمد أساسا ً على العالقهة بهين المشهترط والمتع ّههد‪ ،‬وبالتهالي فلنّهه وفقها ً لهنص الفقهرة‬
‫ّ‬
‫يحههق للمتع ّهههد أن يههدفل فههي مواجهههة المنتفههل بالههدفو‬ ‫الثانيههة مههن المههادة ‪ 156‬مههدني فلنّههه‬
‫المستمدّة من العالقة بينه وبين المشترط(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬اإلنابة الناقصة والكفالة‪.‬‬
‫يتجلّى الفارق الجوهر بين الكفالة واإلنابهة الناقصهة‪ ،‬فهي اله ّدور الهذ يمثلهه كه ٌل مهن‬
‫الكفيههل وال ُمنههاب‪ ،‬فالكفيههل يلتههزم بههدفل ديههن شههخص آخههر وهههو المههدين األصههلي‪ ،‬إذا لههم يقههم‬
‫فلن التزامه يكون احتياطيا ً‪ ،‬وهذا على العكس تماما ً م ّما‬ ‫األخير بأداء هذا االلتزام‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫جهردا ً عهن التهزام‬
‫يقوم بهه ال ُمنهاب فهي اإلنابهة الناقصهة بحيهث يلتهزم التزامها ً أصهليا ً مسهتقالً ُم ّ‬
‫( ‪)2‬‬
‫المدين المنيب في مواجهة ال ُمناب لديه (الدانن)‪.‬‬
‫أن ال يُسمح لل ُمناب أن يدفل في مواجهة ال ُمناب لديه بالدّفو التي كان لهُ أن‬ ‫وينتج عن ذلن ّ‬
‫يههدفل بههها فههي مواجههة المنيههب فههالتزام المنيههب التههزام أصههلي كمهها رأينهها‪ ،‬علههى عكههس األمههر‬
‫بالنسبة للكفيل حيث يترتّب على اعتبار التزام الكفيل احتياطياً‪ ،‬أن الكفيهل باسهتطاعته الهدفل‬
‫(‪)3‬‬
‫بالدفو التي للمدين قلبل الدانن‪.‬‬
‫أن أحكام الكفالة في القانون المدني الليبي تُجيز كفالة المدين باير علمهه ورغهم‬‫عالوة ً على ّ‬
‫معارضته‪ ،‬في حين ّ‬
‫أن المدين في اإلنابة هو مهن يبهادر إلنشهانها وتهت ّم بسهعي ٍ منهه‪ ،‬ويظههر‬
‫ذلن من نص المادة ‪ 346‬مدني بأنّه "تتم اإلنابة إذا حصهل المهدين علهى رضهاء الهدانن" أ‬
‫تراض بين الطرفين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الب ّد من‬

‫‪ -1‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪ -2‬ريم عدنان الشنطي‪ ،‬اإلنابة في الوفاء (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة ماجستير (غير منشورة)‪ ،‬نابلس‪ :‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،2007 ،‬ص‪.110‬‬
‫‪ -3‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬التأمينات الشخصيّة والعينيّة‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬منشأة المعارف‪ ،1996 ،‬ص‪.30‬‬

‫‪5‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬دور اإلنابة الناقصة كأدا ٍة للوفاء والضمان‪.‬‬

‫والتنهو فهي الوسهانل واألدوات‬‫ّ‬ ‫للتطور‬


‫ّ‬ ‫أن فكرة الضمان فكرة حيّة‪ ،‬وقابلة‬ ‫انطالقا ً من ّ‬
‫ال ُمسههتعملة فههي سههبيل تحقيههق الوظيفههة المبتاههاة مههن وراء هههذا الضههمان‪ ،‬لههذلن فه ّ‬
‫هلن التطه ّهور‬
‫االقتصههاد اسههتتبل تعههاظم حاجههة الههداننين للمزيههد مههن الضههمانات لتعههويض مهها قههد يعتههر‬
‫صهةً فهي ظه ّل عهدم كفايهة فكهرة النّظهام العهام التهي‬
‫بعضهم مهن تهر ّد ٍد فهي مهنح االنتمهان‪ ،‬وخا ّ‬
‫تُساو بين جميل الداننين في استيفاء حقوقهم‪.‬‬
‫فالرغبههة فههي تقويههة الضههمان أصههبحت ضههرورة ً عصههريّةً ُمل ّحههة‪ ،‬ومههن هنهها يبههرز دور‬
‫ّ‬
‫اإلنابة الناقصة في اعتبارها أداة ً ميسرة ً للوفاء‪ ،‬وفعّالةً للضمان‪ .‬علي له فلننا سهنعالج فهي ههذا‬
‫المطلب دور اإلنابة الناقصة في إطار المعامالت باعتبارها أداة ً وفاءٍ وضمان‪.‬‬
‫اوال‪ :‬اإلنابة الناقصة أداة وفاء‪.‬‬
‫ّ‬
‫نظم القانون المدني الليبي اإلنابة بشكل عام‪ ،‬واإلنابة الناقصة بشكل خاص في الفصهل‬ ‫ّ‬
‫أن موقهل الهنص القهانوني‬ ‫المعنون بانقضاء االلتزام بما يُعهادل الوفهاء‪ ،‬وال يخفهى علهى أحهد ّ‬
‫المشهر منهه‪ ،‬م ّمها يعنهي ّ‬
‫أن اإلنابهة‬ ‫ّ‬ ‫يلعب دورا ً في تفسيره‪ ،‬وتحديد مجهال انطباقهه ومقصهد‬
‫تلعب دورا ً في انقضاء االلتزام‪.‬‬
‫يصف فقههاء القهانون الفرنسهي اإلنابهة الناقصهة بأنّهها وسهيلة وفهاء تُنهتج أثهر الضهمان‪ ،‬فههي‬
‫تسههاعد علههى تفههاد اإلطالههة فههي اجههراءات الوفههاء(‪ .)1‬كمهها أنّههها تههوفّر عمليههات متعهدّدة لنقههل‬
‫األمههوال‪ ،‬ولهههذا أُطلههق عليههها الههبعض كمبيالههة مدنيّههة‪ ،‬ومثههال ذلههن أن ينيههب البههانل مدينههه‬
‫المشههتر بههدفل الههثمن لداننههه‪ ،‬أ دانههن البههانل; فاإلنابههة هنهها تختصههر الطريههق فههي عمليههات‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫التبر من قلبل ال ُمناب‪ ،‬أو قد يكون‬
‫ّ‬ ‫إضافةً إلى أنّها قد تكون هبة غير ُمباشرة إن كانت بنيّة‬
‫القصد منها إقراض ال ُمنيب‪ ،‬وتقل اإلنابة الناقصة أيضا ً فهي خطابهات االعتمهاد التهي يقهدّمها‬
‫(‪)2‬‬
‫مصرف من المصارف لعمالنه من السيّاح‪.‬‬

‫‪ -1‬لشهب نادية ليلى‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪81‬‬


‫‪ -2‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬التأمينات الشخصيّة ‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬منشأة المعارف‪ ،2000 ،‬ص‪.182‬‬

‫‪6‬‬
‫ثانياً‪ :‬اإلنابة أداة ضمان‪.‬‬
‫يُدرج فقهاء القانون المدني اإلنابة الناقصة ضمن التأمينات الشخصيّة المستقلّة(‪ ،)1‬حيث‬
‫مدين واحه ٍد لهه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫تتجلّى وظيفة اإلنابة الناقصة كأداة ضمان في وجود مدينين للدانن بدالً من‬
‫ويحه ّ‬
‫هق لل هدّانن مطالبههة أ ٍ منهمهها دون أن يتقيّههد بترتيههب مع هيّن‪ ،‬ودون أن يكههون أل ٍ منهمهها‬
‫الدفل بالتجريد‪ ،‬وبالتهالي فهلن اسهتقالل التهزام المنيهب عهن ال ُمنهاب فهي مواجههة ال ُمنهاب لديهه‬
‫يستتبل عدم احقيّة ال ُمناب في التمسن بالدفو التي يحق له التمسن بها في مواجهة المنيب‪.‬‬
‫وترجههل اسههتقالليّة اإلنابههة الناقصههة كضههمان إلههى ّ‬
‫أن الضههامن يلتههزم بصههفة مسههتقلة عههن‬
‫التههزام المههدين األصههلي‪ ،‬فتفقههد هههذه الضههمانة صههفة التبعيّ هة لتكتسههي ص هفة االسههتقالليّة; ّ‬
‫ألن‬
‫التبعيّة ليست عنصرا ً أساسيا ً في الضمان الشخصي‪ ،‬والهي من جهوهره‪ ،‬عهالوة ً علهى أنّهها‬
‫شخصيّة(‪.)2‬‬‫ليست من النّظام العام عندما يتعلّق األمر بالضمانات ال ّ‬

‫اس هتُخدمت اإلنابههة الناقصههة كوسههيل ٍة للضههمان فههي التشههريعات الحديثههة مههن أمثلههة ذلههن‪،‬‬
‫القههانون الفرنسههي الخههاص بالمقاولههة مههن البههاطن الصههادر سههنة ‪ ،1975‬حيههث فههرض هههذا‬
‫القانون على المقاول األصلي أن يعطي للمقاول من الباطن ضمانا ً وسمح لهُ أن تح ّل اإلنابة‬
‫الناقصة لرب العمل في مواجهة المقاول من الباطن محه ّل الكفالهة البنكيّهة‪ ،‬كمها اتّسهل نطهاق‬
‫اإلنابة الناقصة كأداةٍ للضهمان فهي مجهال التجهارة الدّوليهة‪ ،‬وفهي نطهاق بنهاء وتشهايل حقهول‬
‫(‪)3‬‬
‫البترول حول العالم‪.‬‬

‫‪ -1‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬التأمينات الشخصيّة ‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.169‬‬


‫‪ -2‬لشهب نادية ليلى‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ -3‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬التأمينات الشخصيّة ‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.184‬‬

‫‪7‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املبحث األول‪ :‬شروط انعقاد اإلنابة الناقصة‪.‬‬

‫تع ّد اإلنابة الناقصة آليّة قانونيّة تستند علهى العقهد فهي تكوينهها‪ ،‬فتخضهل للقواعهد العا ّمهة‬
‫صهرفات القانونيّهة تحتهاج إلهى شهروطٍ لتنشهأ بشهك ٍل‬ ‫التي تُطبّق على العقود‪ ،‬وكايرها من الت ّ ّ‬
‫نقهانص‬
‫ٍ‬ ‫صحيح تستطيل مهن خاللهه أن تفهي بهالارض الهذ ُوجهدت مهن أجلهه بعيهدا ً عهن أ‬
‫هراض‬ ‫تُههدّدها بههالزوال‪ ،‬عليههه فلنّنهها سنسههتعرض تتاليها ً شههروط تكههوين اإلنابههة الناقصههة مههن ته ٍ‬
‫ومح ٍل وسبب‪.‬‬

‫املطلب األوّل‪ :‬التّراضي‪.‬‬

‫تنعقههد اإلنابههة النّاقصههة برضههاء الطههرفين وهمهها المنيههب (المههدين األصههلي) وال ُمنههاب‬
‫(المدين الجديد) ويُنفّذ هذا االتّفهاق برضهاء ال ُمنهاب لديهه‪ ،‬وههذا مها عبّهرت عنهه المهادّة ‪346‬‬
‫بشهخص يلتهزم بوفهاء الهدين‬
‫ٍ‬ ‫مدني‪ ،‬بقولها " تت ّم اإلنابة إذا حصهل المهدين علهى رضها الهدانن‬
‫مكان المدين" وسنتناول فيما يلي وجود التراضي لكه ّل طهرفٍ مهن أطهراف اإلنابهة الناقصهة‬
‫على حد ‪:‬‬
‫ّ‬
‫أن‬ ‫نهص المهادة ‪ 346‬مهدني‪ ،‬يهر‬ ‫ّ‬ ‫إن المهتمعّن فهي‬ ‫أوالً‪ :‬رضاء المنيب (المهدين األصهلي)‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫المنيههب يأخههذ دور ال ّ‬
‫شههخص ال ُمبههادر فههي عمليّههة اله ّهربط بههين األطههراف لههذلن يُعتبههر رضههاؤهُ‬
‫مهدين جديهد والحصهول علهى رضهاه ليتح ّمههل‬ ‫ٍ‬ ‫ظهاهراً‪ ،‬فههو مهن تقهل عليهه مه ّمهة البحههث عهن‬
‫االلتزام بدفل الدّين معهه‪ ،‬ويهت ّم االتّفهاق فهي ههذه المرحلهة دون تهد ّخل المنهاب لديهه (الهدّانن)‪،‬‬
‫فبعههد ذلههن يقههوم ال ُمنيههب بعههرض هههذ المههدين علههى داننههه مهن أجههل الحصههول علههى قبولههه هههو‬
‫مدين جديهد ههي فهي حهد ذاتهها مظههر أو داللهة‬ ‫ٍ‬ ‫فلن عمليّة بحث المدين عن‬ ‫اآلخر‪ .‬وبالتالي ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫على رضاه‪.‬‬
‫أن الشهخص ال‬ ‫ثانيا‪ :‬رضاء ال ُمناب (المدين الجديد)‪ :‬تنطلق االلتزامهات التعاقديّهة مهن مبهدأ ّ‬
‫يلتزم إالّ بمحض إرادته‪ ،‬ورضا المناب في اإلنابة الناقصة يكتسي أهميّةً ُكبر ; ألنّهه يُن لشهأ‬
‫في ذمته التزاما ً جديداً‪ ،‬فال تنعقد اإلنابة الناقصة إالّ بقبول اإليجاب الصادر إليه من ال ُمنيب‬
‫(في أغلهب األحهوال)‪ ،‬وتسهر علهى رضها ال ُمنهاب القواعهد العا ّمهة فهي التعبيهر عهن اإلرادة‬
‫فيُمكن أن يكون صريحا ً كما يُمكن أن يكون ضمنيّاً‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬رضاء ال ُمناب لديه (الدّانن)‪ :‬تنبل ضرورة قبول المنهاب لديهه مهن العالقهات األساسهيّة‬
‫ألن ال ُمنهاب لديهه سهيدخل فهي عالقهة جديهدة ومباشهرة مهل شهخص‬ ‫بين أطراف هذه العمليّة; ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫آخر‪ ،‬تُن لشأ له حقا ً وتعطيه أفضليّةً إضافيّة الستيفاء حقّه في عالقته مل ال ُمنيب‪.‬‬
‫‪ -1‬لشهب نادية ليلى‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -2‬المرجل نفسه‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪8‬‬
‫(*)‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬احملل‪.‬‬

‫ّ‬
‫أن‬ ‫يتمثّل مح ّل اإلنابة النّاقصة في ذات الدّين الذ لل ُمناب لديهه فهي ذ ّمهة ال ُمنيهب(‪ ،)1‬أ‬
‫التههزام المنههاب يكههون فههي حههدود التههزام ال ُمنيههب تجههاه ال ُمنههاب لديههه‪ ،‬سههواء كههان أداء شههيءٍ أو‬
‫القيام بعمل أو االمتنا عن عمل شيءٍ ما‪ ،‬ولكن ما يُالحظ أنّه وإن كهان المحه ّل واحهدا ً ّ‬
‫فهلن‬
‫مصههدر التههزام ك ه ٍّل منهمهها ُمختلههف‪ ،‬فههالتزام ال ُمنيههب مصههدره العالقههة األصههليّة التههي تربطههه‬
‫(‪)2‬‬
‫بال ُمناب لديه‪ ،‬أ ّما مصدر التزام ال ُمناب فهو عقد اإلنابة‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬السّبب‪.‬‬

‫الركن الثالث الذ ال تنعقد اإلنابة الناقصة بدونه‪ ،‬فههي كايرهها مهن العقهود‬ ‫يُع ّد السبب ّ‬
‫المشر المدني بمقتضاها في المهادة ‪ 136‬منهه أن يكهون‬ ‫ّ‬ ‫تخضل لنظريّة السبب التي أوجب‬
‫هذا السبب مشروعا ً وإالّ ُ‬
‫ع ّد العقد باطالً‪.‬‬
‫أن اإلنابة تفترض وجود ثالثة أطراف‪ ،‬مما يجعل كه ّل واحه ٍد مهنهم يسهعى إلدران‬ ‫وباعتبار ّ‬
‫غاي ٍة معيّنة من خالل إقدامه على هذا الت ّ ّ‬
‫صرف‪ ،‬فلذا كان لجوء ال ُمنيب إلى اإلنابة الناقصهة‬
‫سعي إلى البحث عن ذ ّم ٍة ماليّة تسانده في قضاء االلتزام الذ يُثقهل كاهلهه‪ّ ،‬‬
‫فهلن سهبب‬ ‫هو ال ّ‬
‫التبهر ‪ ،‬حيهث‬
‫ّ‬ ‫دين عليه لل ُمنيب أو بقصهد‬
‫التزام ال ُمناب في ارتضاءه اإلنابة قد يكون إليفاء ٍ‬
‫صت المادة ‪ 346‬على جواز ذلن بقولها "وال تقتضي اإلنابة أن تكون هنان مديونيّة سابقة‬ ‫ن ّ‬
‫ما بين المدين واألجنبي"‪.‬‬
‫المشهر فهي تكهريس اإلنابهة الناقصهة كلحهد صهور الضهمانات المسههتقلّة‬ ‫ّ‬ ‫وإمعانها ً مهن‬
‫نهص فهي المهادة ‪ 348‬مهن القهانون المهدني علهى تجريهد‬ ‫ّ‬ ‫التي تساهم في اسهتقرار المعهامالت‬
‫التزام ال ُمناب قلبل المناب لديهه مهن سهببه‪ ،‬فيكهون التهزام ال ُمنهاب قلبهل المنهاب لديهه صهحيحاً‪،‬‬
‫حتى لوكان التزامه في مواجهة المنيب باطالً‪ ،‬أو كان خاضعا ً لدفلٍ من الدّفو ‪.‬‬

‫* توجب القواعد العامة في القانون المدني الليبي (م‪ )135-131‬أن يكون مح ّل االلتزام موجودا ً أو قابالً للوجود‪ ،‬ومعيّنا ً أو قابالً‬
‫للتعيين‪ ،‬كما يشترط أن يكون مشروعاَ‪.‬‬
‫‪ -1‬ريم عننان الشنطي‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.884‬‬

‫‪9‬‬
‫ّ‬
‫املبحث الثاني‪ :‬آثار اإلنابة الناقصة‪.‬‬

‫رأينا فيما سبق ّ‬


‫أن اإلنابة الناقصهة تهؤ ّد إلهى بقهاء االلتهزام القهديم إلهى جانهب االلتهزام‬
‫الجديد‪ ،‬عليه سنتناول اآلثار القانونيّة التي ترتبها اإلنابة النّاقصة في إطار العالقات الهثالث‬
‫بين أطرافها‪.‬‬
‫األول‪ :‬العالقة بين ال ُمنيبب وال ُمنباب لديب ‪ :‬يبقهى ال ُمنيهب فهي اإلنابهة النّاقصهة مهدينا ً‬
‫المطلب ّ‬
‫الرجهو علهى‬ ‫ّ‬
‫يحهق لل ُمنهاب لديهه ّ‬ ‫لل ُمناب لديه‪ ،‬وال تبرأ ذمتهُ استنادا ً لإلنابة الناقصة‪ ،‬وعليه‬
‫الرجهو علهى ال ُمنهاب‪ ،‬دون أن‬ ‫المنيب بالدّين األصلي ومها يكفلُهه مهن تأمينهات‪ ،‬كمها ّ‬
‫يخولهه ّ‬
‫يسههتطيل أحههدهما الهدّفل بالتّجريههد(‪ ،)1‬ومههن هنهها تظهههر وظيفههة الضههمان التههي توفرههها اإلنابههة‬
‫النّاقصة لل ُمناب لديه من خالل بقاء االلتزام القديم إلى جانب االلتزام الجديد‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العالقة بين ال ُمنيب والمنباب‪ :‬فهي العالقهة بهين المنيهب والمنهاب إذا لهم تكهن‬
‫هنان مديونيّة سابقة بينهما‪ ،‬وقام المناب بالوفاء للمناب لديهه قبهل أن يوفيهه المهدين األصهلي‬
‫كان لل ُمناب الرجو على المنيب بدعو الوكالة أو الفضالة أو اإلثراء بال سهبب‪ ،‬ههذا مهالم‬
‫(‪)2‬‬
‫متبرعاً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يكن‬
‫أ ّما إذا كانت هنان عالقة مديونيّة بين المناب والمنيب وقصهد المنهاب تجديهد ههذا الهدّين‬
‫عن طريق التزامه نحو ال ُمناب لديه‪ ،‬فينقضي التزامه نحو المنيهب فهي مقابهل االلتهزام الهذ‬
‫نشأ فهي ذ ّمتهه للمنهاب لديهه‪ ،‬وهنها يكهون التجديهد بتاييهر الهدّانن‪ ،‬فهلذا مها وفهى ال ُمنهاب الهدّين‬
‫للمناب لديه لم يرجل على ال ُمنيب بشيء‪.‬‬
‫وقد ال يقصد ال ُمناب تجديد دينه قلبل المنيب‪ ،‬فيبقى هذا الدّين قانما ً في ذ ّمته‪ .‬فلذا قام المناب‬
‫الرجو على المنيب‪.‬‬‫بالوفاء للمناب لديه كان له حق ّ‬
‫المطلببب الثالببث‪ :‬العالقببة بببين ال ُمنبباب لديب والمنبباب‪ :‬يُعه ّد إنشههاء هههذه العالقههة هههو الاههرض‬
‫األكثر جوهريّة في اإلنابة الناقصة ويترتّب على ذلن أن يكون ال ُمنهاب مهدينا ً جديهدا ً لل ُمنهاب‬
‫الرجو علهى أ ٍ منهمها دون أن‬ ‫لديه‪ ،‬فيكون إذا ً لل ُمناب لديه مدينان‪ ،‬ويستطيل المناب لديه ّ‬
‫(‪) 3‬‬
‫برنت ذ ّمة االثنين معاً‪.‬‬
‫ب معيّن‪ ،‬فلذا وفى أحدهما بالدّين ل‬ ‫يلتزم بترتي ٍ‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.868‬‬
‫شطر من فقهاء القانون الفرنسي أنه على المناب لديه أن يقوم أوال بالرجو على المناب فهو من أصبحت له صفة المدين الرنيسي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫* ير‬
‫‪ -2‬أنور طلبة‪ ،‬المطول في شرح القانون المدني‪،‬ج‪،5‬اإلسكندرية‪ :‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬ص‪.368‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.869‬‬

‫‪10‬‬
‫هدين منهمهها مصههدر مسههتق ّل للهدّين عههن‬ ‫ويُالحههظ أنّههه إذا كههان لل ُمنههاب لديههه مههدينان فه ّ‬
‫هلن لكه ّل مه ٍ‬
‫اآلخر‪ ،‬فمصهدر ديهن المنيهب ههو مصهدر االلتهزام األصهلي‪ ،‬ومصهدر ديهن المنهاب ههو عقهد‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلنابة‪.‬‬
‫مجهر ٌد ال يتهأثّر بالهدّين الهذ‬
‫ّ‬ ‫والدّين الذ أنشأته اإلنابة في ذ ّمة ال ُمناب لل ُمناب لديه هو ديهن‬
‫في ذ ّمة ال ُمناب للمنيب‪ ،‬فلذا كان الدّين في ذ ّمة المناب للمنيب باطل أو انقضى فال أثر لذلن‬
‫على الدّين الذ في ذ ّمة المناب للمناب لديه‪.‬‬
‫وإذا وفى المنهاب اله ّدين للمنهاب لديهه وكهان التزامهه نحهو المنيهب بهاطالً‪ ،‬أو انقضهى فيرجهل‬
‫على المنيب بدعو الوكالة أو الفضالة أو اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫وإذا كان الدّين الذ للمناب لديه على المنيب ال يتأثّر بالدّين الذ للمنيب على المناب‪ ،‬فلنّه‬
‫على النّقيض من ذلن يتأثّر الدين الهذ لل ُمنهاب لديهه علهى المنهاب إذ ّ‬
‫أن محه ّل الهدينين محه ُل‬
‫واحد(*)‪ ،‬فالدّفو التي يٌمكن أن يدفل بها أحدهما يدفل بها اآلخر‪ ،‬فالدّينان متّصهالن أحهدهما‬
‫(‪)3‬‬
‫برنت ذ ّمة اآلخر‪.‬‬‫باآلخر أوثق اتّصال فلذا أوفى أحدهما ل‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.870‬‬
‫‪ -2‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪.68-64‬‬
‫* انظر عكس هذا الرأ لألستاذ عبد الحي حجاز ‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬ج‪ ،2‬د‪،‬ن‪،1954 ،‬ص‪ ،257‬بقوله ال يجوز للمناب أن يحت ّج‬
‫في مواجهة المناب لديه‪ ،‬سواء بالدفو المستمدة من عالقته بالمنيب أو المستمدة من عالقة المنيب بالمناب لديه‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬مرجل سبق ذكره‪ ،‬ص‪872‬‬

‫‪11‬‬
‫خـاتـمـة‬

‫يتّضههح مههن هههذه الدّراسههة ّ‬


‫أن اإلنابههة الناقصههة نظههام مسههتق ّل بذاتههه‪ ،‬لههه فلسههفته القانونيّههة‬
‫صة ‪،‬وبه يتميّز عن غيره من األنظمة حيث تنعقد برضا المنيب والمناب وتنفّذ برضها‬ ‫الخا ّ‬
‫المناب لديه‪ ،‬وبها يت ّم ض ّم ذ ّمهة المنهاب لل ُمنيهب مهن أجهل الوفهاء للمنهاب لديهه‪ ،‬فههي بهذلن ال‬
‫تؤ ّد إلى إبراء ذ ّمة المنيب تجاه المناب لديه‪ ،‬ولذلن نُعتت بالناقصة‪.‬‬
‫أن اإلنابههة النّاقصههة تعتبههر أداة وفههاءٍ مختصههرة‪،‬‬‫وتتجلّهى الفانههدة العمليّههة كمهها رأينهها فههي ّ‬
‫ووسههيلةً مههن وسههانل تههدعيم الضههمان لل هدّانن‪ ،‬فهههي ضههمانة تضههاف إلههى الضههمانات المقدّمههة‬
‫ويحهق لهه أن يطالهب أيها ً منهمها‬
‫ّ‬ ‫مهدين واحهد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫للدّانن‪ ،‬فوفقا ً لها يُصبح للدّانن مدينان بدالً مهن‬
‫ب معهيّن‪ ،‬ودون أن يكهون أل ٍ منهمها الهدّفل‬ ‫بأداء االلتزام دون أن يتقيّد في مطالبتهمها بترتيه ٍ‬
‫بالتجريههد‪ ،‬ومههن هنها تتجسههد األهميههة الكبههر التههي تحققههها اإلنابههة الناقصههة‪ ،‬وعليههه تنطههو‬
‫المشر إلى تسليط الضوء عليها والعمل على تنظيمها بشك ٍل أكثهر تفصهيالً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ضرورة دعوة‬
‫ب مهن أسهباب انقضهاء االلتهزام بمها‬ ‫بل وإخراجها من عباءة الدّور التقليد المنهاط بهها كسهب ٍ‬
‫يُعادل الوفاء‪ ،‬إلى دورها األكبر واألحدث كضمانة من الضمانات الشخصهيّة المسهتقلّة التهي‬
‫سهخت حتهى فهي قواعهد التجهارة الدّوليّهة‬ ‫صةً بعد أن تر ّ‬ ‫تكفل للدّانن الحصول على حقّه‪ .‬وخا ّ‬
‫وتمويل المشاريل االستثماريّة العمالقة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الـمصادر والـمراجع‬
‫ّ ً‬
‫أوال‪ :‬املصادر‪.‬‬
‫‪ -1‬الحافظ أبي القاسم الطبراني‪ ،‬المعجم األوسط‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬ط‪،4‬ج‪.1987،8‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬املراجع‪.‬‬
‫أ‪ -‬الكتب‪.‬‬
‫‪ -1‬أنور طلبة‪ ،‬المطول في شرح القانون المدني‪،‬ج‪،5‬اإلسكندرية‪:‬المكتب الجامعي الحديث‪.‬‬
‫‪ -2‬سمير عبد السهيد تنهاغو‪ ،‬أحكهام االلتهزام واإلثبهات‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلسهكندرية‪ :‬مكتبهة الوفهاء القانونيهة‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ -3‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬التأمينات الشخصيّة والعينيّة‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬منشأة المعارف‪.1996 ،‬‬
‫‪ -4‬عبد الهرزاق أحمهد السهنهور ‪ ،‬المهوجز فهي النظريهة العامهة لاللتزامهات‪ ،‬بيهروت‪ :‬منشهورات‬
‫محمد الداية‪،‬المجمل الفقهي العربي اإلسالمي‪ ،‬د‪،‬ت‪.‬‬
‫‪ -5‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬ج‪ ،3‬القاهرة‪ :‬مكتبهة النهضهة‬
‫المصرية‪.1958 ،‬‬
‫‪ -6‬عبد الرزاق أحمد السنهور ‪ ،‬الوسيط في شهرح القهانون المهدني‪ ،‬ج‪ ،3‬المجلهد ‪،2‬ط‪ ،2‬تنقهيح‬
‫محمد الفقي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪.1984 ،‬‬
‫‪ -7‬قاسم محمد‪ ،‬الوجيز في نظرية االلتزام‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪.1994 ،‬‬
‫‪ -8‬محمهههد علهههي األزههههر ‪ ،‬النظريّهههة العامهههة لاللتهههزام (مصهههادرااللتزام)‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،2‬طهههرابلس‪:‬‬
‫منشورات الجامعة المفتوحة‪.1993 ،‬‬
‫‪ -9‬محمههد علههي األزهههر ‪ ،‬النظريّههة العامههة لاللتههزام (أحكههام االلتههزام)‪ ،‬ج‪ ،2‬بناههاز ‪ :‬دار الكتههب‬
‫الوطنية‪.2005،‬‬
‫‪ -10‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬التأمينات الشخصيّة ‪ ،‬اإلسكندرية‪ :‬منشأة المعارف‪.2000 ،‬‬
‫‪ -11‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬الضمانات غيهر المسهماة فهي القهانون الخهاص‪ ،‬اإلسهكندرية‪ :‬دار الجامعهة‬
‫الجديدة للنضر‪.2006 ،‬‬
‫ب‪ -‬الرسائل اجلامعيّة‪.‬‬

‫‪ -1‬ريههههم عههههدنان الشههههنطي‪ ،‬اإلنابههههة فههههي الوفههههاء (دراسههههة مقارنههههة)‪ ،‬رسههههالة ماجسههههتير‬
‫(غير منشورة)‪ ،‬نابلس‪ :‬جامعة النجاح الوطنية‪.2007 ،‬‬
‫‪ -2‬لشهب نادية ليلى‪ ،‬انقضاء االلتهزام باإلنابهة‪ ،‬رسهالة ماجسهتير (غيرمنشهورة)‪ ،‬الجزانهر‪:‬‬
‫جامعة الجزانر‪.2016 ،‬‬

‫‪13‬‬

You might also like