Professional Documents
Culture Documents
النظام القانوني للتحكيم في منازعات عقود الاستثمارات الأجنبية
النظام القانوني للتحكيم في منازعات عقود الاستثمارات الأجنبية
ّ
كلية القانون
ّ
مكتب الدراسات العليا /قسم القانون اخلاص
حبث بعنوان:
إعداد:
حممد أمحد األمحر
2019
الـمحتويـــات
مقدّمة1.....................................................................................
مبحث التمهيدي
األول :ماهية عقود االستثمارات األجنبيّة3.......................................
المطلب ّ
المطلب الثاني :التّعريف بمفهوم التّحكيم في عقود االستثمـارات األجنبيّة5...............
المطلب الثالث :مبررات اللّجوء إلى التحكيم في منازعات االستثمارات األجنبية5.......
خاتمة20...................................................................................
المصـادر والـمراجع21....................................................................
ّ
مقدمة
بأمر حديث العهد ،بل يعوود إلوى لفض المنازعات ليس ٍ ّ إن اللجوء إلى التحكيم كوسيل ٍة ّ
أن اهتمام المجتمع الدّولي بتنظيم التحكيم في أزمن ٍة ضارب ٍة في القدم ،قدم اإلنسان نفسه ،إالّ ّ
العالقوات االقتصوواديّة الدوليّووة قوود توأ ّخر إلووى مووا بعوود الحورب العالميّووة األولووى ،حينمووا ت ّوجووت
جهود عصبة األمم بالوصول إلى صياغة اتفاقيّة شروط التّحكيم سنة .1923
ول ّم وا كانووت ال ودّول ا خووذل فووي النّمووو تفتقوور إلووى الخبوورات والكفوواءات العاليووة ور وس
األموال التي تستلزمها خطط التنمية االقتصاديّة ،فقد أحوجها ذلك للتّعاقد مع طورفٍ أجنبوي
(مسوتثمر يووفّر هوذل الخبورات والكفواءات ،م ّموا اسوتتبع ذلوك ضورورل انتهوان سياسوات موون
شأنها تحفيز وتشجيع االستثمارات األجنبية ،وذلك بتوفير المناخ المناسوب الوذي تتحقوق فيوه
أوجه الضمان المختلفة ضد المخاطر السياسيّة واالقتصاديّة.
أن شوورط التّحكوويم الووذي يرمووي إلووى تسوووية المنازعووات التووي تثووور أو التووي وك فيووه ّ
وم ّمووا الشو ّ
يمكوون أن تثوووور بمناسوووبة تنفيووذ عقوووود االسوووتثمار ،يحتوو ّل مكانوووةا مه ّموووةا وبووارزل فوووي مجوووال
أن االستثمارات األجنبيّة تمثّل عصوبا ا رييسويا ا القتصوادات الودّول وخصوصوا ا ضمانات ،إذ ّ ال ّ
سوعي لجوذب وتشوجيع هوذل االسوتثمارات النّامية منها ،ومن ث ّم كوان مون الطبيعوي أن يأخوذ ال ّ
مح ّل اهتمام هذل الدّول وهدفا ا تدور حوله ج ّل سياساتها.
والورييس فوي تسووية المنازعوات النّاجموة ّ سوخت أهميّوة التّحكويم ،وتأ ّكود دورل الفاعول وقد تر ّ
كثير من الدّول ،كما أبرمت عن عقود االستثمار األجنبيّة ،بعد صدور قوانين االستثمار في ٍ
ضووت علووى تضوومين هووذل فووي شووأنه العديوود موون االتفاقيّووات والبروتوكوووالت الدّوليّووة التووي ح ّ
القوووانين مجموعووة موون المزايووا والضوومانات الكفيلووة بتشووجيع وجووذب المسووتثمرين األجانووب،
وأنشووأت الكثيوور موون مراكووز التحكوويم الدّايمووة ذات الطووابع الودّولي ،إالّ ّ
أن هووذل المزايووا وتلووك
مجرد وعو ٍد من جانب الدّولة وآموا ٍل مون جانوب المسوتثمر ،فوي غيواب ّ الضمانات قد تصبح
وسيلة فعّالة كالتّحكيم.
وانطالقوووا ا مووون أهميّوووة االسوووتثمار األجنبوووي فوووي تحقيوووق التّنميوووة االقتصووواديّة فوووي ليبيوووا
وتخوف المستثمر األجنبي من خوض غموار االسوتثمار بسوبب ّ خصوصا ا في الوقت الراهن
المشاكل األمنيّة ،لذلك آثرنا جعل إشكاليّة البحث ترتكز على فكرل المصالح المتضاربة بين
1
أن المسووتثمر عووادل ا مووا يحوورا علووى ضوومان
المسووتثمر والدّولووة المضوويفة لالسووتثمار ،حيووث ّ
حقوقه الواردل في عقد االستثمار ،وبالمقابل تحرا الدّول المضيفة على صون سيادتها.
عليه سنحاول تسليط الضوء على أهميّة التّحكويم فوي الموايموة بوين هواتين المصولحتين
باعتبارل البديل النّاجح للقضاء العادي في حسم منازعات االستثمار ،مسوتهلّين ذلوك بمبحوث
تمهيدي يتض ّمن التعريف بماهيّة عقوود االسوتثمارات األجنبيّوة ،وبيوان مفهووم التّحكويم فيهوا،
ونتطرق فوويومبووررات اللجوووء إلوى التحكوويم فووي المنازعووات الناشووية عوون هووذل العقووود ،ثو ّم سو ّ
األول إلى االتفاق على التّحكيم في عقوود االسوتثمارات األجنبيّوة مبينوين صوور هوذا المبحث ّ
االتفواق وموا يترتوب علوى هوذا االتفواق مون آثوار ،ثوم ننتقول فوي المبحوث الثواني للحوديث عوون
سير في عمليّة التّحكيم من حيوث شوروط اختيوار المح ّكوم وطورق تعيينوه والقوانون الواجوب ال ّ
التّطبيوق عنود التحكويم فوي المنازعوات الناشوية عون هوذل العقوود ،ثوم سنسوتعرض ختاموا ا آثووار
التّحكيم في عقود االستثمارات األجنبيّة من حيث صدور الحكم التّحكيمي وتنفيذل.
2
مبحث متهيدي
سنتناول في هذا المبحث الت ّعريف بماهية عقود االستثمارات األجنبيّة (المطلب ّ
األول ،ثوم
سنتطرق التّعريف بمفهوم التّحكيم في عقود االسوتثمارات األجنبيّوة (المطلوب الثواني ،ومون
ّ
ث ّم نبيّن مبررات اللّجوء إلى التحكيم في منازعات االستثمارات األجنبية (المطلب الثالث .
االستثمار لغةا ،مصدر استثمر يستثمر وأثمر الشو أي أتوى نتيجتوه ،وثمور مالوه (بضو ّم
الميم كثر ،ويقال استثمر ماله أي استخدمه في االنتان(. 1
ي يع ّد عمليّةا مر ّكبة من عناصر اقتصاديّة وأخرى قانونيّوة ،فقود ّ
وألن االستثمار األجنب ّ
حظي باهتمام كو ٍل مون علمواء االقتصواد وفقهواء القوانون علوى حو ٍد سوواء تعريفوا ا وبيانواا ،كول
حسب منطلقاته وغاياته ،فقد عرف شطر من علماء االقتصاد االستثمار األجنبي بأنّه قيوام
المستثمر األجنبي بتحويل كميّة من الموارد الماليّوة والتكنولوجيّوة والخبورل الفنيّوة فوي جميوع
المجاالت إلى الدّول المضيفة (. 2
كما ذهب فريق آخور إلوى تعريفوه لالسوتثمار بأنّوه عبوارل عون انتقوال ر وس األمووال بوين
بلدان بقصد توظيفها في عمليّات اقتصاديّة مختلفة (. 3
أ ّما على صعيد المفهوم القانوني فقود ع ّورف االسوتثمار األجنبوي فقهوا ا علوى أنوه انتقوال
ر وس األموال من الخارن إلى الدّولة المضيفة بقصد تحقيق ربح المستثمر األجنبي ،وبموا
يكفل زيادل اإلنتان والتنمية في الدول المضيفة (. 4
صال لالسوتثمار فوي قوانون رقوم 9لسونة 2010بشوأن شرع الليبي تعريفا ا مف ّ
لم يذكر الم ّ
تشووجيع االسووتثمار ،علووى عكووس بعووض القوووانين المقارنووة ،فقوود ورد فووي المووادل األولووى موون
القانون رقم 8لسنة 2001بشأن تنظيم االستثمار األجنبي في دولة الكويوت ّ
بوأن االسوتثمار
األجنبي هو توظيف رأس المال األجنبي في نشاط مر ّخا له طبقا ا ألحكام هذا القانون .
-1ابن منظور ،معجم لسان العرب ،المجلد األول ،بيروت :دار بيروت للطباعة ،1965 ،ا.173
-2عبد السالم أبوقحف ،اقتصاديات االستثمار العربية الحديثة،ط ،1991 ،3ا.21
-3محمد علي جاسم ،القواعد األساسيّة في االقتصاد الدولي ،ط ،2بغداد :بيت الحكمة،1967 ،ا.63
-4أبو العال علي النمر ،نظرل انتقاديّة للنيابة التشريعيّة المصريّة في مجال االستثمار ،القاهرل :دار النهضة العربية،2003 ،ا.8
3
أن عقود االستثمارات األجنبيّوة هوي تلوك العقوود التوي تبرمهوا الدولوة عليه يمكن القول ّ
المضيفة لالستثمار ومع طرف آخر أجنبوي طبيعيوا ا أم معنويواا ،خاصوا ا كوان أم عامواا ،والتوي
موون شووأنها أن توونهض بعمليّووة التنميووة االقتصوواديّة للدولووة المضوويفة لالسووتثمار وتحقووق عوايوود
مجزية للمستثمر األجنبي (. 1
يستخلا مما سبق ّ
أن عقود االستثمار األجنبي تتميّز بالخصايا التالية:
-1أن عقووود االسووتثمار األجنبووي عقووود دوليّووة :ذلووك ّ
أن أطووراف هووذا العقوود هووو المسووتثمر
األجنبي والدّولة المضيفة لالستثمار ،حيث ينتمي كل منهموا إلوى نظوام قوانوني مختلوف عون
ا خر.
ّ -2
إن الباعث مون إبورام هوذل العقوود هوو تحقيوق التنميوة االقتصواديّة للدّولوة المضويفة ،فهوي
الوربح فقوط ،بول تبورم هوذل
ليست كبقيّة العقود والعالقوات االقتصواديّة التوي تسوتهدف تحقيوق ّ
(2
العقود في إطار الخطط االقتصاديّة التي تخدم الجانب التنموي للدّولة المضيفة.
-3تخضوووع عقوووود االسوووتثمار الووودّولي فوووي إبرامهوووا لنظوووام التّفووواوض واالتّفووواق بوووين الدّولوووة
والمستثمر األجنبي ،وذلك على عكس إبرام الدولة للعقود اإلداريّة كالمناقصات وغيرها.
-4توصف هذل العقود بأنّها طويلة األمد ،ألنّها تتض ّمن عدّل عمليّات وليست عمليّة واحودل،
فيرافق هذا العقد إقامة منشآت وتجهيزات دايمة تبقى مملوكة للطورف األجنبوي طووال فتورل
(3
التّعاقد.
تتحرر هذل العقود مون سولطان القووانين الدّاخليّوة للبلود المضويف ،وتعتمود الكفايوة الذاتيّوة
ّ -5
لهذا العقد أو تدويله ليخضع لقواعد التّجارل الدّوليّوة ،أو يتّفوق علوى اللّجووء إلوى التّحكويم فوي
(4
المنازعات النّاشية عنه.
-6يتمتّوع الطوورف األجنبوي فووي هووذل العقوود ،بحقوووق غيور مألوفووة ،لهووا طوابع شووبه سياسووي،
ّ (5
كحريته في االستيراد والتّصدير ،واإلعفاء من جزءٍ من الضرايب أو كلها.
-1عمر هاشم صدقة ،ضمانات االستثمارات األجنبية في القانون الدولي ،رسالة ماجستير ،مصر :جامعة أسيوط ،2006 ،ا14
-2مرجع سابق ،ا.19
-3ف اد محمد أبوطالب ،التحكيم الدولي في منازعات االستثمار األجنبية وفقا ا ألحكام القانون الدولي العام ،اإلسكندرية :دار الفكر
الجامعي،2010 ،ا.116
-4بشار محمد األسعد ،عقود االستثمار في العالقات الدولية الخاصة ،رسالة دكتورال ،القاهرل :جامعة عين شمس،2004 ،ا.67
-5ف اد محمد أبو طالب ،مرجع سبق ذكرل ،ا.116
4
املطلب الثاني :التّعريف مبفهوم التّحكيم يف عقود االستثمارات األجنبيّة.
لقوود أملووت الضوورورات االقتصوواديّة والصووناعيّة أحكامهووا فووي الت ّعووامالت بووين الدّولووة
واألطووراف األجنبيّووة عنه وا ،وأصووبحت المفوواهيم المحليّووة مصوودر قلووق لتوودفّق االسووتثمارات
األجنبيّووة ،وانسوويابيّة حركتهووا فووي شوورايين العووالم الووذي أصووبح أش و ّد اتّصوواالا وأوثووق ارتباط وا ا
ألن القضواءوأكثر قرباا ،فلم يعد للقضاء الوطني قودرل للتّصودي للمنازعوات النّاجموة عنهواّ ،
الوطني مقيّد بالقواعد الجامدل المحليّة التوي تختلوف مون دولوة إلوى أخورى اختالفوا ا مون شوأنه
عرقلة االستثمارات األجنبيّة عند النزاع.
أن التحكيم هو عرض نزاعٍ معيّن على مح ّك ٍم من األغيار يفصول فوي ذلوك النّوزاع وبما ّ
مجردا ا من التّحايل قاطعا ا لدابر الخصومة ،عليوه ّ
فوّن التحكويم ّ بقرار ناييا ا عن شبهة المماألل
ٍ
في عقود االستثمار األجنبي وفقا ا لفقهاء القانون هي اتّفاق األطراف المتعاقدل على استبعاد
ي دول و ٍة أخوورى فووي ح و ّل النووزاع القووايم ،أو المحتموول
قضوواء الدّولووة المضوويفة لالسووتثمار أو أ ّ
منظمات ذات خبرل في مجال العالقة االستثماريّة فوي حو ّل ذلوك أشخاا أو ّ ٍ بينهما واختيار
(1
النّزاع ،على أن يتمتّع قرارهم بصفة اإللزام.
ي هوم ذاتهوم أطوراف هوذل العقوود أي فّن أطوراف التّحكويم فوي عقوود االسوتثمار األجنبو ّ
عليه ّ
الطرف الوطني والطرف األجنبي ،ويتمثّل الطرف الوطني عوادل ا إ ّموا فوي الدّولوة ذاتهوا عون
طريق الحكومة ،أو إحودى الشوركات أو الم سسوات أو الهييوات التّابعوة لهوا ،إذ تبورم الدّولوة
في سعيها إلى تحقيوق تنميتهوا االقتصواديّة العديود مون العقوود الالزموة لوذلك موع المسوتثمرين
األجانووب بحسووب حاجتهووا لتنفيووذ خططهووا االقتصوواديّة( . 2أ ّمووا الطوورف ا خوور فهووو المسووتثمر
االجنبي الذي قد يكون شخصا ا طبيعيا ا أو معنوياا ،كيانا ا مو ّحدا ا أو عوددا ا مون الكيانوات الذاتيّوة
صناعي.
التي تشترك في النشاط التجاري أو ال ّ
إن الدّور الهام الذي يقوم به التحكيم فوي الفصول فوي المنازعوات التوي يمكون أن تثيرهوا ّ
أن التّحكوويم هووو القضوواء
عقووود االسووتثمار األجنبووي ،إلووى درج و ٍة ذهبووت بووالبعض إلووى القووول ّ
الطبيعي في هذا المجال ،إذ يفضّل األطراف في هوذل العقوود اللّجووء إلوى التحكويم فوي حسوم
منازعوواتهم ،ولع و ّل موور ّد تفضوويل األطووراف اللجوووء إلووى التّحكوويم فووي منازعووات االسووتثمار
األجنبي يرجع لألسباب التالية:
5
سرعة في اإلجراءات :تت ّم إجراءات التّحكيم بالبساطة وعدم التعقيد مقارنةا بوّجراءات -1ال ّ
القضووواء العوووادي ،وذلوووك موووا يووودفع األطوووراف التفكيووور فوووي التّحكووويم كخيوووار ريووويس لفو ّ
ووض
المنازعات.
-2السريّة :درجت العادل عدم نشور قورارات التّحكويم وذلوك علوى عكوس األحكوام القضواييّة
وّن أطووراف النّووزاع فووي عقووود االسووتثمار األجنبووي
سووبب فو ّ
التووي تلتووزم بمبوودأ العلنيّووة ،ولهووذا ال ّ
ألن النشر يتنافى مع الطبيعة السريّة ألعمالهم ،لوذلك ي ثرون التّحكيم على القضاء العادي; ّ
(1
أن أحكام التّحكيم ال يجوز نشرها ،إالّ بموافقة المحتكمين والمح ّكمين. فّن األصل ّ ّ
أن القاضووي فووي محوواكم الدّولووة قوود يكووون فقيه وا ا بارع وا ا ص ي :بمووا ّ
-3التحكيييم اءيياء ّمتخ ّ
وألن التّحكويم يسوتند فوي األسواس ّ وقاضيا ا كف اا ،ولكنّه قليل الخبرل بش ون التّجوارل الدّوليّوة،
إلووى إرادل الطوورفين ،فيقوووم الطرفووان باختيووار موون يسووند إلوويهم مه ّمووة التّحكوويم ،ومموون تتوووافر
(2
لديهم المعرفة بنوعيّة الت ّعامل التّجاري.
ت متعدّدل ،وتتطلّب الدراية
أن منازعات االستثمار األجنبي قد تتطلّب إلماما ا بلغا ٍ
إضافةا إلى ّ
ت قد تكون غايبةا عن القاضي في المحاكم القضاييّة 3(،فيكون ت ومصطلحا ٍ بأعراف وعادا ٍ
فض النزاع الداير بين األطراف. اللّجوء إلى مح ّك ٍم أو وهيية تحكيم ،أجدى وأعدل في ّ
سك المستثمر األجنبي بشرط التّحكيم :يحرا المسوتثمر األجنبوي فوي الغالوب األعو ّم -4تم ّ
على إدران شرط التّحكيم في عقود االستثمار لعدم الثّقة بنزاهة محاكم الدّولوة المضويفة ّ
ألن
موقفها قد يكون غير محايدا ا تجال النّزاع 4(،أو خوفا ا من استعمال نفوذهوا للتوأثير فوي عدالوة
القضاء الوطني ،فضالا ع ّما يبعثه التّحكيم مون طمأنينوة لودى المسوتثمر األجنبوي حيوث تمثول
الدّولة على قدم المساوال مع المتعاقد األجنبي أمام مجلس التّحكيم ،ويكوون نظور النّوزاع فوي
ي عن بلد االستثمار. الغالب األعم ببل ٍد أجنب ّ
6
ّ ّ ّ
املبحث األول :االتفاق على التحكيم يف عقود االستثمارات األجنبية.
إن إتمووام عمليّووة التّحكوويم وتحقيووق غرضووها الوورييس بسوورعة الفصوول فووي المنازعووات
ّ
االستثماريّة يتطلّب باألساس االتفاق على الت ّحكويم بصوورلٍ تجعلوه مسوتوفيا ا لجميوع الشوروط
األول صوور اتّفواق
سم هوذا المبحوث إلوى مطلبوين ،سونتناول فوي المطلوب ّ القانونيّة ،عليه سنق ّ
سنتطرق في المطلب الثاني إلى ا ثار المترتبة على هذا االتفاق.ّ التّحكيم ، ،ث ّم
ّ
إن اتفاق التحكيم في منازعوات االسوتثمار األجنبوي قود يكوون فوي صوورل بنو ٍد فوي العقود
األصلي وهو ما يس ّمى بشرط التّحكيم ،كما قد يكون بصودد نوزاع معويّن وقوع فعوالا وهوو موا
سم هذا المطلب إلى فرعين. يس ّمى بمشارطة التّحكيم ،عليه سنق ّ
أوال :شرط التحكيم في منازعات االستثمار األجنبي.
ّ
يقصد بشرط التّحكيم هو ذلك الشرط الذي يرد ضمن عقد االسوتثمار المبورم بوين الدّولوة
المضوويفة لالسووتثمار والمسووتثمر األجنبووي ،والووذي يتع ّهوود األطووراف بمقتضووال -قبوول نشوووء
النّووزاع -بوواللّجوء إلووى التّحكوويم لتسوووية مووا قوود يثووور بيوونهم موون منازعووات مسووتقبالا بشووأن هووذا
(1
العقد.
وقوود يتّفووق األطووراف فووي هووذا الشوورط علووى إحالووة كافّووة المنازعووات التووي تنشووب بيوونهم إلووى
ونا بواللّجوء إلوى التّحكويم فيموا يتعلّوق
التّحكيم ،وهو ما يعورف بشورط التّحكويم العوام ،وقود ي ّ
بمسايل أو مسأل ٍة محدّدل ،ويطلق على التّحكيم في هذل الحالة شرط التّحكيم الخاا.
النا الذي يقضي بتع ّهد األطوراف المتعاقودل بّحالوة موا يحتمول ّ -1شرط التّحكيم العام :هو
ي نقطة في المعاهدل دون استثناء ،فتخضع ك ّل الخالفوات أن يثور بينهم من خالفات بشأن أ ّ
(2
ي إلى التّحكيم.الناشية عن عقد االستثمار األجنب ّ
الونا الوذي يقضوي بتع ّهود األطوراف المتعاقودل علوى اللّجووء
ّ -2شرط التّحكيم الخاا :هوو
إلى التّحكيم فيما يثور بينهم من خالفات مستقبليّة بخصوا مسألة أو مسايل محدّدل حصرا ا
فقط.
-1غسان علي علي ،االستثمارات األجنبية ودور التحكيم في تسوية المنازعات التي قد تثور بصددها ،رسالة دكتورال ،القاهرل :حقوق عين
شمس ،2004 ،ا287
-2ف اد محمد أبوطالب ،مرجع سبق ذكرل ،ا.276
7
ص وا ا فقوود أوصووى مجمووع القووانون
ونظوورا ا ألهميّووة شوورط التّحكوويم سووواء كووان عام وا ا أو خا ّ
أن مون المرغووب فيوه لصوالح التّطوور الدّولي في دورته التّاسوعة واألربعوين سونة ّ ،1959
االقتصووادي العووالمي أن تحتوووي االتفاقووات االقتصوواديّة المتعلّقووة بمشووروعات التّنميووة التووي
سسووات الدّوليّووة ،أن تحتوووى علووى شوورط ّ
المنظمووات والم ّ تعقوودها ال ودّول فيمووا بينهووا ،أو مووع
التّحكيم; لتسوية ما قد يثور من خالفات بشأنها.
ثانيا :مشارطة التّحكيم في منازعات االستثمار األجنبي.
ق خاا يبرمه األطراف بعد قيام النّزاع وبمقتضال يت ّم تتجلّى مشارطة التّحكيم في اتّفا ٍ
تحديد موضوع النّزاع ،وأسماء المح ّكمين ومكوان وإجوراءات التّحكويم ،وقود يحودّدون كوذلك
(1
القانون الذي يطبقه المح ّكمون.
أن مشووارطة التّحكوويم هووي إتّفوواق الحووق علووى قيووام النّووزاع ،تكووون فووي اتّفوواق
إذا يمكوون القووول ّ
ويم مسووبق اتفووق عليووه قبوول نشوووء منفصوول عوون العقوود األصوولي ،وقوود يعقوود تنفيووذا ا لشوورط تحكو ٍ
النّووزاع ،وهنووا تكووون وظيفووة وثيقووة التّحكوويم أو مشووارطة التّحكوويم اسووتكمال جميووع إجووراءات
(2
التّحكيم ،والمسايل المتعلّقة به كتحديد هيية التّحكيم وتعيين النزاع وغير ذلك.
إن من أه ّم ا ثار التي تنتج عن اتفاق التّحكيم أيا ا كانت صورته سوواء أكوان فوي صوورل ّ
شوورط وارد فووي العقوود األصوولي ،أم صووورل اتّفوواق تحكوويم مسووتق ّل ،أثووران جوهريّووان أحوودهما
إيجابي ويتمثّل في التزام األطراف بعرض النّزاع أو المنازعوات التوي تنشوأ أو مون الممكون
أن تنشأ بينهم على التّحكيم وتولّي المح ّكمين سلطة الفصل فيهوا ،وا خور سولبي ويتمثّول فوي
امتنوواع ه و الء األطووراف ع ون عوورض هووذل المنازعووات علووى القضوواء الوووطني ،ومنووع هووذا
القضاء من الفصل فيها .كما ينتج عن اتفاق التّحكيم أثر ثالث ال يق ّل أهميّة عن سابقيه وهو
التنازل الضمني عن الحصانة للدّولة القضاييّة للدولة المضيفة لالستثمار.
ال ّمحكّمين بالفصل في النّزاع. أوالً :اختصا
ّ
يترتّووب علووى اتّفوواق التّحكوويم فووي عقووود االسووتثمارات األجنبيّووة التووزام األطووراف بعوورض
النّزاع الذي نشوأ بيونهم علوى المح ّكوم أو المح ّكموين الوذين تو ّم اختيوارهم للفصول فيوه ،ويطلوق
أن المح ّكووم يخو ّ
وتا علووى هووذا األثوور مبوودأ (االختصوواا باالختصوواا والووذي يقصوود منووه ّ
بتحديد اختصاصه ونظر المنازعات المتعلّقة به ،فهو الذي ّ
يقورر موا إذا كوان اتّفواق التّحكويم
(3
ي جهة أخرى. صحيحا ا أو غير صحيح ،ويكون له السلطة في الفصل في المنازعة قبل أ ّ
-1غسان علي علي ،مرجع سبق ذكرل ،ا.309
-2ف اد محمد أبوطالب ،مرجع سبق ذكرل ،ا.286
-3عمر هاشم صدقة ،مرجع سبق ذكرل ،ا.78
8
أقرت العديد من االتفاقيات مبدأ اختصاا المح ّكم بالفصل في النزاع من ذلوك موا ورد وقد ّ
نا المادّل األولى من اتفاقيّة واشنطن لتسووية منازعوات االسوتثمار لسونة ،1965علوى في ّ
(1
أنّه تع ّد هيية التّحكيم هوي القاضوي فوي اختصاصوها ،وهوو ذات موا ن ّ
صوت عليوه الموادل
(2
الخامسة من االتفاقيّة األوروبيّة للتحكيم التجاري لسنة .1961
القءاء الوطني. ثانيا ً عدم اختصا
من ا ثار المه ّمة التوي تترتّوب علوى ات ّفواق التّحكويم هوو سولب النوزاع مون واليوة القضواء
الوطني ،ونقله إلى والية المح ّكمين ،ويحدث اتفاق التّحكيم هذا األثر سوا اء أكان في صوورل
شرط أم مشارطة تحكيم ،ويع ّد هذا األثر أمرا ا بديهيا ا فمن أجل ضمان تطبيق واحترام اتّفاق
التّحكيم ،فّنّه من الضروري أن يقابل األثر اإليجوابي المتمثّول فوي اختصواا هييوة التّحكويم
أثرا ا سلبياا ،وهو عدم اختصاا المحاكم القضاييّة بالفصل في النّوزاع الوذي اتّفوق األطوراف
(3
على إخضاعه للتّحكيم.
ورد هووذا الشوورط فووي عدي و ٍد موون االتفاقيّووات الدوليّووة أبرزهووا اتفاقيّووة نيويووورك لتنفيووذ أحكووام
صوت فوي الموادل الثانيوة منهوا علوى أنّوه علوى محكموة التّحكيم األجنبيّوة لسونة ،1958التوي ن ّ
الدّولة المتعاقدل المطروح عليها نزاع بصدد مسوألة أبورم األطوراف بشوأنها اتّفواق تحكويم أن
تحيل الخصوم بنا اء على طلب أحدهم إلى التّحكيم ( 4وبذات األمر حكمت الفقرل الثالثة مون
المادل السادسة من االتفاقيّة األوروبيّة للتّحكيم التّجاري الدّولي لسنة .1961
ثالثاً :التّنازل الءمني عن الحصانة القءائيّة للدولة المءيفة لالستثمار.
تع و ّد الحصووانة القضوواييّة لل ودّول موون المبوواد المسو ّ
وتقرل فووي القووانون ال ودّولي التووي تمنووع
إخضاع المنازعات التي تكون فيها دولة ما طرفا ا لغير قضاء هذل الدّولة ،وبالتالي ّ
فّن هوذل
عوول عليهوا المسوتثمر األجنبوي فوي تعاقودل موع القاعدل تصطدم مع أحد أه ّم الضمانات التوي ّ
سووك بحصووانتها القضوواييّة ،األموور الووذي حوودى بأغلووب الدّولووة المضوويفة التووي تسووتطيع أن تتم ّ
الدّول إلى تقرير مبدأ الحصانة القضاييّة المقيّدل ،والتي تعني قصر الحصانة القضاييّة علوى
بعووض األنشووطة التووي تمارسووها الدّولووة ،واسووتبعادها موون نطوواق األنشووطة التجاريّووة ،وذلووك
أن لجـوء الدّول ألسلـوب التّحكيم يعـ ّد تنازالا ضمنيا ا عن بموجـب قـاعدل قانونيّـة مقتـضاها ّ
-1اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات االستثمار ،1965مأخودل من :الموقع االلكتروني للمعهد العربي األمريكي للتحكيم التجاري الدولي،
WWW.AIFICA.COM
- -2االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري ،1961مأخودل من :الموقع االلكتروني لجامعة بابل العراقية WWW.UOBABYLON.EDU.IQ ،
-3مصطفى محمد جمال ،عكاشة عبد العال ،التحكيم في العالقات الدولية الخاصة ،اإلسكندرية :منشأل المعارف.508 ،1988 ،
-4اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم األجنبيّة ،مأخوذل من :الموقع االلكتروني للجنة األمم المتحدل لقانون التجارل الدولية،
.WWW.UNCITRAL.0RG
9
(1
كرست العديد من االتفاقيّات هوذل القاعودل فوي صولب نصوصوها حصانتها القضاييّة ،وقد ّ
موون ذلووك مووثالا نووا المووادل ( 46موون اتفاقيّووة واشوونطن لتسوووية منازعووات االسووتثمار لسوونة
أن رضا األطراف باللّجوء إلى التّحكيم في إطار هذل االتفاقيّوة يعو ّد ،1965التي ورد فيها ّ
ي طريق آخر لتسوية المنازعة ،ويترتّب على ذلك اسوتحالة بمثابة تنازل عن اللّجوء إلى أ ّ
االعتراض على اختصاا هيية التّحكيم باالستناد للحصانة القضاييّة.
سنتناول في هذا المبحث شروط اختيار المحكم وطرق تعيينه في هذا النوع من المنازعوات
ونتطرق إلووى القواعوود القانونيّووة الواجبووة التطبيووق علووى التّحك ويم فووي
األول ،ثووم سو ّ
(المطلووب ّ
المنازعات االستثماريّة (المطلب الثاني .
غالبوا ا موا يكوون أسواس التحكويم فوي عقوود االسوتثمار األجنبوي هوو رغبوة أطوراف العالقوة
شوخا أموين حوريا علوى عالقتوه بوالطرفين ،لوه خبورل ٍ االستثماريّة وضوع النّوزاع فوي يود
وقادر على ح ّل النزاع بالطريقة التي تحقّق العدالوة بموا
ٍ ومعرفة ودراية بالعقد المبرم بينهما
يتناسب مع طبيعة هذل العقود ،عليه فّننا سنتناول في هوذا المطلوب شوروط اختيوار المح ّكوم،
وطرق تعيينه.
أوال :شروط اختيار المحكّم والهيئات التحكيميّة في عقود االستثمارات األجنبيّة(*).
ّ
نصووا
ٍ تحرا معظوم القووانين واالتفاقيّوات الدوليّوة المتعلّقوة باالسوتثمار علوى تشوريع
المخوتا بالفصول فوي النّوزاع االسوتثماري،
ّ تبيّن فيها الشروط الواجب توافرها فوي المح ّكوم
وفيما يلي أبرز هذل الشروط:
-1أن يكووون المح ّكووم فووي عقووود االسووتثمار األجنبووي شخص وا ا طبيعيواا :يشووترط فووي المح ّكووم
ويقرر على ضوء ما يحيط يه مون ّ ويحس ويف ّكر
ّ االستثماري أن يكون شخصا ا طبيعيا ا يرى
ظووواهر وحقووايق ،فكمووا ال يتصو ّوور أن يكووون القاضووي شخص وا ا معنوي واا ،فّنّووه ال يتصو ّوور أن
ّ
الحق يكون المح ّكم كذلك ،ألنهما يقومان بمه ّمة واحـدل هي الفصل في النّزاع وبيـان وجـه
10
(1
ي.
شخا معنو ّ
ٍ يتصور أن تأتي الحقيقة على لسان
ّ بحكم يكون عنوانا ا للحقيقة ،وال
ٍ فيه
أ ّما عند االتّفاق على كون المح ّكوم شخصوا ا معنويوا ا كالهييوات والمراكوز التحكيميّوة ،ففوي
شووخا علووى اإلشووراف التّنظيمووي واإلداري علووى عمليّووة هووذل الحالووة تقتصوور مه ّمووة هووذا ال ّ
نا قانون المرافعوات التّحكيم ،التي يتوالّها أشخاا طبيعيّون في مجال االستثمار ،وبهذا ّ
شوخا الفرنسي في مادته 1451التي جاء فيها أنّه ال يمكن أن تعهد مه ّموة التّحكويم إالّ لل ّ
الطبيعي ،وإذا عيّن العقد التّحكيمي شخصا ا معنوياا ،فوّن هوذا األخيور ال يتمتّوع إالّ بصوالحيّة
تنظيم التّحكيم ،وإلى ذات المعنى سار قانون التحكيم التونسي في مادته العاشرل ،واالتفاقيّوة
األوروبيّة للتحكيم التجاري الدولي .1961
إن الطبيعة القضواييّة -2أن يكون المح ّكم في عقود االستثمارات األجنبيّة محايدا ا و مستقالاّ :
ت واسووعة للفصوول فووي جميووع المسووايل لعموول المح ّكووم فووي مجووال االسووتثمار وتمتّعووه بسوولطا ٍ
القانونيّوة والواقعيّووة التوي يثيرهووا النووزاع ،وحريتوه الكبيوورل فووي تسويير اإلجووراءات التّحكيميّوة
صووفات الواجووب توافرهووا فووي القاضووي وأولهووا فيووه ،تحوت ّم ضوورورل أن تتوووافر فووي المح ّكووم ال ّ
الحياديّووة واالسووتقالل عوون أطووراف النووزاع ،فووال يكووون المح ّكووم مرتبط وا ا بأحوودهم ،أو بأحوود
مستشاريهم أو بأحد المح ّكمين ا خرين في هيية التحكيم بروابط اجتماعيّة أو عالقات عم ٍل
(2
من شأنها أن تجعله صاحب مصلح ٍة في حكم التحكيم المنتظر إصدارل.
صووت المووادل ( 18موون قووانون التّحكوويم المصووري علووى اشووتراط أن يكووون المح ّكووم
وبووذلك ن ّ
محايدا ا مستقالا وإالّ وجب إبطال الحكم التّحكيموي ،وذات األمور فوي الموادّل ( 57مون قوانون
التحكيم التونسي.
-3أن يكون عدد المح ّكمين فرديا ا :توجب معظم التشريعات أن يكون عدد المح ّكموين فرديوا ا
وذلك لتالفي الحالة التي قد ينتهي إليها التّحكيم بواختالف المح ّكموين فيموا بيونهم مون دون أن
(3
قرار واحد ،األمر الذي ي دّي إلى عدم حسم النّزاع.ٍ يصلوا إلى
نا قانون المرافعات الليبي على ذلك في الباب الرابع المتعلق بقواعد الت ّحكيم العامة، ّ
حيث جاء في المادّل 747منه أنّه إذا تعدّد المح ّكموون وجوب فوي جميوع األحووال أن يكوون
صت المادّل 1453من قانون المرافعات الفرنسي ،والمادّل عددهم وترا ا ،وإلى ذات األمر ن ّ
15من قانون التّحكيم المصري النافذ ،والموادل الثانيوة مون الملحوق التوابع لالتفاقيّوة المو ّحودل
(4
الستثمار ر وس األموال العربيّة.
-1عمر هاشم صدقة ،مرجع سبق ذكرل ،ا.94
-2عكاشة عبد العال ،المفترضات والشروط الذاتيّة في المحكم،ط ،1دمشق المكتبة القانونية ،2003 ،ا.62
-3نبيل إسماعيل عمر ،التحكيم في المواد المدنية والتجارية ،القاهرل ،دار النهضة العربية ،2004 ،ا.95
-4االتفاقية الموحدل الستثمار ر وس األموال العربية ،مأخوذل من :الموقع االلكتروني للبوابة القانونية القطريةWWW.ALMEEZAN.QA ،
11
صا المح ّكم في مجال االستثمار :من البديهي القول بوجوب تحقّق هوذا الشورط فوي -4تخ ّ
أن عقود االستثمارات األجنبيّة وموا تتضومنه مون معوامالت ماليّوة كبيورل تحتوان المح ّكم ذلك ّ
(1
إلى خبرل ودراية بالمشاكل الفنيّة بالغة التّعقيد.
شرط إالّ أن أغلب قوانين االسوتثمار لوم تشور إليوه بشوك ٍل صوريح ،أ ّموا رغم أهميّة هذا ال ّ
االتفاقيات الدّوليّة المتعلّقة باالسوتثمار فقود تنبّهوت لهوذا الشورط وأدرجتوه فوي نصوصوها مون
ذلووك مووثالا نووا المووادّل ( 14موون اتفاقيّووة واشوونطن لتسوووية منازعووات االسووتثمار يكووون
األشووخاا المعني وون للخدمووة فووي الهييووة علووى قوودر كبيوور موون األخووالق ،وأن يكووون معترف وا ا
بكفاءتهم في مجال القانون والتجارل والصناعة والمال ( 2وأشوارت أيضوا ا إلوى ذات المعنوى
المووادل ( 35موون اتفاقيّووة تسوووية منازعووات االسووتثمار بووين الوودّول المضوويفة لالسووتثمارات
العربيّة.
يت ّم اختيار المح ّكم في عقود االستثمارات األجنبيّة من خالل اتفاق أطراف النّزاع ،فوّذا
لووم يووتم ّكن األطووراف موون ذلووك يووت ّم اللّجوووء إلووى طريقووة أخوورى الختيووارل وذلووك عوون طريووق
صة بالفصل في النزاع ،أو عن طريق ّ
منظموات التحكويم الدايموة .وفيموا يلوي المحكمة المخت ّ
بيان بشيء من التفصيل لك ٍل منهم.
-1اختيييار المحكّييم عيين طريييا أطييرا النّييزاع :األصوول فووي اختيووار المح ّكووم فووي عقووود
االستثمار األجنبي ،هو اختيارل بوساطة األطراف الذين أرادوا باتّفاقهم علوى التّحكويم إبعواد
أشخاا مون اختيوارهم يحووزون ٍ النزاع من متناول القضاء العادي ،وإسناد الفصل فيه إلى
ثقتهم لما لهم من خيرلٍ ودراية بالنّشاط االستثماري وخصوصيّاته.
وموون غيوور المتصو ّوور أن يفوورض علووى األطووراف مح ّكمووين رغم وا ا عوونهم ،وإالّ فووال يفتوورق
(3
التحكيم عن قضاء الدّولة ،ولما ف ّكروا أصالا في اللّجوء إلى التّحكيم.
يمكن مالحظة هذا ال ّ
شورط فوي العديود مون القووانين الداخليّوة واالتفاقيّوات الدّوليّوة ،كاالتفاقيّوة
األوروبيّة للتّحكيم التّجاري لسنة ،1961التي تركت في المادل الرابعة منها الحريّة الكاملة
12
التّفوواق األطووراف لتعيووين المح ّكمووين أو لتحديوود طريقووة تعييوونهم ،وبووذات األموور أخووذت المووادل
الثانية من االتفاقيّة الموحدل الستثمار ر وس األموال العربية .1974
-2اختيييار المح ّكييم بواسييطة المحيياكم الوطنيّيية :طبق وا ا للقواعوود العا ّمووة للتّحكوويم فووي قووانون
صوت علوى أنّوه إذا تخلّوف الخصوم المودعو عون القيوام المرافعات اللّيبويّ ،
فوّن الموادّل 746ن ّ
األول أن يطلوب مون المحكموة بتعيين المحكمين خوالل عشورين يوموا ا مون إعالنوه ،فللطورف ّ
صة بالحكم في أصل الدّعوى تعيين مح ّكمين ،وأخذ بهذا االتّجال أيضا ا قانون التّحكويم المخت ّ
المصري في مادته السابعة عشر ،وبالتالي فّنّه في حوال عودم اتفواق األطوراف علوى تعيوين
مح ّكم وإذا لم يكن التّحكيم منعقدا ا أمام مراكز التّحكيم في مجال االستثمار عنديو ٍذ يوت ّم تعيينوه
بواسطة المحاكم القضاييّة.
-3اختيييار المح ّكمييين ميين ابييل المراكييز التّحكيميّيية :إذا كانووت مراكووز التحكوويم قوود سوومحت
لألطراف بحريّة اختيار المحكمينّ ،
فّن هذا االختيار قد يرت ّد إليها إذا لوم يقوم بوه األطوراف،
صر أحدهم في ذلك. كأن تعذّر عليهم االتفاق على ذلك أو أهمل أو ق ّ
صت اتفاقيّوة واشونطن لتسووية منازعوات االسوتثمار 1961بأنّوه إذا كوان التّحكويم منعقودا اون ّ
أمام مركز تسوية منازعات االستثمار بواشنطن يتعيّن علوى ريويس المجلوس اإلداري القيوام
بتعيين المح ّكمين إذا لم يعينهم األطراف بأنفسهم.
أن بعض االتفاقيوات كموا فوي االتفاقيّوة المو ّحودل السوتثمار ر وس األمووال العربيّوة في حين ّ
،1950واتفاقيّة تسوية منازعات االستثمار بين الدول العربيّة المضيفة ّ ،1974
فّن األمين
العام لالتفاقيّة يقوم بذات الدّور الذي يقوم به المجلوس االداري فوي اتفاقيّوة واشونطن لتسووية
(*
منازعات االستثمار.
أن هوذل الطريقوة مون طورق اختيوار المح ّكموين فوي االسوتثمار األجنبوي
الشك فيه ّ
ّ وم ّما
صوين فوي الفصول فوي المنازعوات االسوتثماريّة ،كموات دّي إلى اختيار محكموين أكفواء ومخت ّ
(2
صر هدفه في تعطيل التّحكيم وش ّل فاعليته.
تفوت على الطرف المهمل ،أو المق ّ انّها ّ
(* انظر المادل 2من الملحق التابع لالتفاقية الموحدل الستثمار ر وس األموال العربية لسنة ،1950والمادل 14من اتفاقية تسوية منازعات
االستثمار بين الدول العربية والدول المضيفة لسنة .1974
-2عمر هاشم صدقة ،مرجع سبق ذكرل ،ا.113
13
املطلب الثاني :القواعد القانونيّة الواجبة التطبيق على التّحكيم.
تع ّد مسألة تحديد القانون ،أو القواعد التي تحكم موضوع النوزاع المحكوم فيوه مون أولوى
المسايل الجوهريّة التي تواجه المح ّكم عندما يتصدّى للفصول فوي موضووع النّوزاع تحكيمواا،
ي عووادل يقطووع دابوور الخصووومة بووين أطووراف
بغيووة الوصووول إلووى ح و ٍل نوواجح وحكو ٍوم تحكيم و ّ
النّزاع.
وإذا كان األصل في إجراءات التّقاضي هو خضوعها لقوانون القاضويّ ،
فوّن األمور مختلوف
أن األصول هوو خضووعها لقوانون إرادل األطوراف (أوال وموا خوال تماما ا بالنسبة للتّحكويم إذ ّ
يقوررل المح ّكوم (ثانيوا ا أو لقوانون التّجوارل
حالة عودم االتفواق ،فّنّوه يصوار إلوى القوانون الوذي ّ
الدّوليّة (ثالثا ا .
في عقود االستثمارات األجنبيّة. أوال :خءوع المحكّم لقانون إرادة األطرا
ّ
أن ألطووراف عقووود االسووتثمارات األجنبيّووة الحووق فووي تعيووين أو تحديوودموون المسوولّم بووهّ ،
القانون الذي يحكم العقد مثار المنازعة ،سواء كان هذا القانون هو القوانون الودّاخلي إلحودى
ي ،أو قواعد مستمدّل من اتفاقيّة دولية ،وتنبوع هوذل الحريّوة منظمة تحكيم دول ّ الدّول أم قواعد ّ
من طبيعة التّحكيم ذاته باعتبارل قضا اء اتفاقيا ا يقيّمه طرفا النزاع باتّفاقهما 1(،موادام أن ذلوك
ال يصطدم بالقواعد ا مورل فوي الونّظم القانونيّوة ذات الشوأن 2(.وهوو الونهج الوذي سوار عليوه
قانون المرافعات الفرنسي ،إذ نصت المادّل 1496منه على أنّه يفصل المح ّكوم فوي النوزاع
وفق وا ا للقواعوود القانونيّووة التووي اختارهووا األط وراف ،وإلووى ذات االتّجووال سووار قووانون التّحكوويم
المصري النافذ في مادته ( 39على أنّه تطبّق هيية التّحكيم على موضوع النزاع القواعود
التي يتّفق عليها الطرفان .
أن كثيوورا ا مووا تحوورا ال ودّول علووى اختيووار قانونهووا ال ودّاخلي للتّطبيووق علووى
تجوودر اإلشووارل ّ
المنازعات الناشية بينها وبوين المسوتثمرين األجانوب ،وإن كوان المسوتثمر األجنبوي غالبوا ا موا
يتم ّكن من التّخلّا من هذا القانون من خالل ما يفرضه من تحفّظاتٍ ،كوأن يشوترط تطبيوق
(3
قواعد القانون الدّولي على النزاع ،الداير بينهما.
14
ثانياً :حريّة المحكّم في اختيار القانون الواجب التّطبيا.
قوانون معويّن
ٍ قد يصعب علوى األطوراف فوي عقوود االسوتثمارات األجنبيّوة االتّفواق علوى
قوانون مون اختيوارل ،أو قود يوأتي عقود ٍ نظرا ا لرغبة ك ّل طرفٍ فوي تطبيوق قانونوه الووطن ّ
ي أو
وا القووانون الواجووب التّطبيووق سووهوا ا موون المتفوواوض أو ي صووامتا ا فيمووا يخو ّاالسووتثمار األجنب و ّ
رغب وةا موونهم تجنّووب إعاقووة تنفيووذ االتفوواق بوواالختالف علووى مسووأل ٍة قوود تبوودو آنووذاك نظريّ وةا أو
احتماليّة السيما إذا كان بينهم تعامالت سابقة.
إن أبرز الحلول المقترحة في هذل الحاالت ،هي ترك الحريّة التّامة للمح ّكوم فوي اختيوار ّ
القانون الواجب التطبيق ،وهو األسولوب األكثور اتّباعوا ا فوي التحكويم ،وقود أخوذت بوه محكموة
أن اتّباع هذا األسلوب يضمن المرونة التي تسومح للمح ّكموين أن التّحكيم األوروبيّة ،وال ّ
شك ّ
يأخذوا في اعتبارهم الظروف المحيطة بالنّزاع وفقا ا لكو ّل حالو ٍة علوى حودى ،كوأن ي خوذ فوي
(1
االعتبار جنسيّة األطراف ،وصفتهم ومراكزهم القانونيّة.
نا الموادّل 39وإلى هذا سارت العديد من التشريعات القانونيّة ومن ذلك مثالا ،ما ورد في ّ
من قانون التّحكيم المصري التي جاء فيها أنّه إذا لم يتّفوق الطرفوان علوى القواعود القانونيّوة
واجبة التّطبيق على موضوع النّوزاع طبقوت هييوة التّحكويم لقواعود الموضووعيّة فوي القوانون
الوذي تورى أنّوه األكثوور اتّصواالا بوالنزاع ،وهووو ذات الونّا الووارد فووي الموادل 36مون قووانون
التّحكيم األردني أيضاا.
-3تطبيا المحكّم لقانون التّجارة الدّوليّة.
قوود يجوود المح ّكووم فووي عقووود االسووتثمارات األجنبيّووة نفسووه مضووطرا ا إلووى حو ّل النّووزاع علووى
ضووء قواعوود موون خلووق عوادات وأعووراف التجووارل الدّوليّووة ،وذلوك لقصووور القوووانين الوطنيّووة
واخوووتالف مفاهيمهوووا اختالفوووا ا مووون شوووأنه أن يعيوووق تقووودّم التّجوووارل الدوليّوووة بصوووورلٍ عا ّموووة
صوووة ،إذ أنّهوووا تتميّوووز بعووودم اتّسووواع مباديهوووا ،أو مسوووتوىي بصوووورلٍ خا ّ واالسوووتثمار األجنبووو ّ
(2
قواعدها ،إالّ بقدر ما يتطابق مع العالقات الداخليّة.
تتجلّى قواعد التّجارل الدّوليّة في مجموعوة مون المبواد والونّظم القانونيّوة المسوتقال مون
ك ّل المصادر ،والتي غذّت تدريجيا ا ،والزالت تغذّي الهياكل القانونيّوة الخا ّ
صوة بالمتعواملين
في مجال التّجارل الدّوليّة.
-1محمد منصور سالمة ،دور التحكيم التجاري في تسوية منازعات االستثمار األجنبي( ،رسالة ماجستير غير منشورل ،طرابلس :األكاديمية
الليبية ،2017 ،ا.142
-2أبو زيد رضوان ،مرجع سبق ذكرل ،ا.166
-3عمر هاشم صدقة ،مرجع سبق ذكرل ،ا.122
15
وبالرجوع إلى التشريعات القانونيّة نالحظ أن قانون المرافعات الفرنسي قد نا فوي مادتوه
رقم ( 149على ضرورل مراعات قواعد التجوارل الدوليوة عنود الفصول فوي النوزاع ،وعلوى
ذات النّهج سار قانون التّحكيم المصري في الفقرل الثالثة من المادل ( 39التوي نصوت علوى
وجووب أن تراعوي هييووة التحكويم عنوود الفصول فوي النووزاع ،شوروط حوول النوزاع ،واألعووراف
التجاريّة في نوع المعاملة.
ولووم تغفوول االتفاقيّووات الدوليّووة المتعلّقووة باالسووتثمار عوون هووذا األموور أيضواا ،ومنهووا اتفاقيّووة
صت فوي مادتهوا رقوم ( 42علوى تطبيوق مبواد واشنطن لتسوية منازعات االستثمار ،فقد ن ّ
قانون التّجارل الدّوليّة ،إذا لم يتّفق األطراف على قانون يحكم النزاع بينهما.
ّ ّ
املبحث الثالث :آثار التحكيم يف عقود االستثمارات األجنبية.
إن من أهوم ا ثوار التوي تترتوب بعود اكتموال االجوراءات التّحكيميّوة ،هوي صودور الحكوم ّ
ي فووي المنازعووة المعروضووة التّحكيمووي الووذي يفصوول بشووك ٍل قوواطع ،علووى نح و ٍو كل و ّ
ي أو جزيو ّ
ق ال نفواذ لوه ،فوّذا صودر الحكوم التحكيموي وجوب (المطلب األول ،وألنّه ال ينفع تكلّم في ح ٍ
على المحكوم ضدّل تنفيذل سوا اء أكوان ذلوك طواعيوةا أو جبورا ا عون طريوق القضواء (المطلوب
الثاني .
بانتهوواء النّظوور فووي العمليّووة التحكيميّووة تصوول إجووراءات التّحكوويم فووي عقووود االسووتثمارات
األجنبيّووة إلووى نهايتهووا وغايتهووا المرجو ّوول منهووا ،وهووي إصوودار الحكووم التحكيمووي الفاصوول فووي
صادر عن المح ّكم الوذي يفصول بشوك ٍل قطعو ّ
ي النزاع ،ويقصد بالحكم التحكيمي هو القرار ال ّ
ي في المنازعة المعروضة عليوه ،سووا اء تعلّوق هوذا القورار بموضووع ي أو جزي ّ على نح ٍو كل ّ
المنازعوووة ذاتهوووا ،أو باالختصووواا ،أو بمسوووأل ٍة تتصووول بوووّجراءا ٍ
ت أدّت إلوووى الحكوووم بّنهووواء
(1
الخصومة.
ويترتّب على صدور هذا الحكم التّحكيمي االستثماري اسوتنفاذ واليوة المح ّكموين فوي الفصول
فووي النّووزاع مح و ّل الحكووم ،الووذي يكتسووب حجيّووة األموور المقضووي بووه 2(،فترفووع يوود المحكمووين
االستثماريين عن العمليّة التحكيميّة وبصف ٍة قطعيّة بحيث ال يجوز لهم العودل ثانيةا إلى
-1حفيظة السيد الحداد ،الموجز في النظرية العامة للتحكيم ،بيروت :منشورات الحلبي الحقوقية ،2007 ،ا.299
-2فوزي محمد سامي ،مرجع سبق ذكرل ،ا.357
16
نظرها حتى لو تبيّن لهم عدم عدالوة أو عودم صو ّحة موا حكمووا بوه ،وذلوك لسوقوط حقّهوم فوي
مورتين حرصوا ا علوى
الفصل فيما قضوا فيه من قبل ،إذ ال يمكن الفصل بالموضووع الواحود ّ
منع تضارب األحكام ،وتحقيقا ا لالستقرار المنشوود ،وتودعيما ا لثقوة المتحواكمين فوي األحكوام
(1
التحكيميّة االستثماريّة.
تخوتا بتفسوير الحكوم
ّ فوّن يجووز للمح ّكوم أو الهييوة مصودرل الحكوم التّحكيموي أن ومع ذلوك ّ
الووذي أصوودرته إذا كووان مشوووبا ا بووالغموض أو اإلبهووام ،ويع و ّد الحكووم التفسوويري جووزءا ا متمم وا ا
للحكم األصلي من كافّة الوجول ويخضع لما يخضع له هذا الحكم.
صوت علوى المشرع الفرنسي في المادّل 1475من قوانون المرافعوات التوي ن ّّ وهذا ما أخذ به
أن صدور الحكوم التّحكيموي مون شوأنه أن يرفوع يود المح ّكموين عون النوزاع ،و لكون للمح ّكوم ّ
سهو الذي وقع فيه ،وإكماله في حال أغفل النظر صالحيّة تفسيرل أو تصحيح األخطاء أو ال ّ
في أحود الطلبوات ،وهوو وذات االتجوال الوذي ذهوب إليوه قوانون التّحكويم المصوري ،والقوانون
النّموذجي الصادر عن لجنة األمم المتحدل للقانون التجاري الدّولي لسنة .1985
هذا ويكتسب حكم التّحكويم فوي عقوود االسوتثمارات األجنبيّوة حجيّوة الشويء المقضوي بوه
بعود صوويرورته نهاييوا ا باسووتنفاذ طورق الطعوون عليووه أو فوووات ميعادهوا 2(،فيحو ّ
وق لموون صوودر
الحكم لصالحه أن يسعى لإلفادل به ويشرع في تنفيذل وهو ما سنتناوله في المطلب التالي.
موون البووديهي القووول أنّووه بعوود صوودور الحكووم التّحكيمووي فووي عقووود االسووتثمارات األجنبو ّ
ي
يمكن للطرف الذي حكم عليه أن ينفذل طواعيةا واختياراا ،فينتهي الحكم عند هذا الحد ،وهوو
مايس ّمى بالتنفيذ االختياري ،أو قود يمتنوع عون التنفيوذ فيصوبح المحكووم لوه بحاجو ٍة لالسوتعانة
قول التّنفيذ ليمكن إكرال المحكوم عليه على ذلك وهوذا هوو بالسلطة القضاييّة; إلعطاء الحكم ّ
التّنفيذ اإلجباري.
يحت و ّل التنفيووذ االختيوواري ألحكووام التّحكوويم فووي عقووود االسووتثمارات األجنبيّووة المرتبووة األولووى
صوةا ّ
أن امتثوال أن رفض التنفيذ االختياري أمر نوادر الحودوث ،وخا ّ بصدد تنفيذ األحكام ،إذ ّ
الطوورف الخاسوور للحكووم الصووادر ضودّل يقووود إلووى اسووتمرار العالقووات الوديّووة بووين األطووراف
ي موون أهووداف لجووويهم إلووى قضوواء ي وجوووهر ّ ويودفعها قوودما ا نحووو األمووام ،وهووو هوودف أساس و ّ
(3
التّحكيم بدالا من القضاء الوطني.
-1عبد الحميد األحدب ،موسوعة التحكيم ،التحكيم التجاري الدولي ،ن ،2ط ،2بيروت :منشورات الحلبي الحقوقية ،2008 ،ا .483
-2فوزي محمد سامي ،مرجع سبق ذكرل ،ا.385
-3عمر هاشم صدقة ،مرجع سبق ذكرل ،ا.159
17
إالّ ّ
أن األمر أحيانا ا ال يخلو من تع ّمد الطرف الخاسر للمماطلة والموداورل و التلكوأ فوي تنفيوذ
تقورر
الرابح للجوء إلى القضاء الوطني للدّولة التي ر الحكم التّحكيمي ،و هو ما يدفع الطرف ّ
تنفيذ الحكم فيها طالبا ا أمر تنفيذ أو تأييد للحكم يلزم الطرف الخاسر كما كان حكما ا قضايياا.
صووويغة التنفيذيّوووة لتنفيوووذ الحكوووم
تحووورا المحووواكم الوطنيّوووة التوووي يطلوووب منهوووا وضوووع ال ّ
التّحكيمي االستثماري الصادر عن المح ّكم أو الهيية التّحكيميّة على التأ ّكد من تحقق شوروط
أن هوذل الشوروط تختلوف مون معيّنة في الحكم قبل أن توأذن بتنفيوذل علوى المحكووم عليوه ،إالّ ّ
دولوة إلووى أخوورى ،فقوود أجووازت بعووض الودّول تنفيووذ أحكووام الت ّحكوويم األجنبيّووة ،ولكوون بوصووفها
أحكاما ا قضاييّة أجنبيّة ،لهذا فّن تنفيذها يوت ّم وفوق شوروط تنفيوذ األحكوام القضواييّة األجنبيّوة،
أن أحكووام المح ّكمووين وا فووي مادتووة رقووم ( 408علووى ّ كقووانون المرافعووات الليبووي الووذي نو ّ
ي يجوز األمر بتنفيوذها ،إذا كانوت نهاييّوة وقابلوة للتّنفيوذ فوي البلود الوذي صادرل في بل ٍد أجنب ّال ّ
صدرت فيه ،وذلك مع مراعال القواعد المبيّنوة فوي الموواد السوابقة ،وإلوى ذات األمور ذهوب
قانون التّحكيم المصري ،بينما لم تتطرق قوانين أخرى لهذا المسألة ،مما دفع بالقضاء في
ي ،وهوو موا قوام بوه القضواء هذل الدول إلى المساوال بين الحكوم التّحكيموي والووطني واألجنبو ّ
الفرنسي فعالا.
المشرع الليبوي أخوذ فوي قوانون المرافعوات بنظوام األمور بالتنفيوذ الوذي ّ تجدر اإلشارل إلى ّ
أن
والقول التّنفيذيّووة فووي إقلوويم الدولووة إالّ بعوود شووموله موون
أن الحكووم األجنبووي ال يتمتّووع بو ّ مقتضووال ّ
وا علووى ذلووك صووراحةا فووي المووادّل 405قووايالا ّ
أن ،
المحوواكم الوطنيّووة بوواألمر بالتّنفيووذ وقوود نو ّ
المقررل في
ّ ي يجوز األمر بتنفيذها بالشروط نفسها صادرل في بل ٍد أجنب ّ األحكام واألوامر ال ّ
قانون ذلك البلد لتنفيذ األحكام واألوامر الليبيّوة فيوه ،مموا يعنوي أن هوذل الموادل قود رسوخت
يخا تنفيذ األحكام في ليبيا. ّ مبدأ المعاملة بالمثل فيما
صووت المووادّل ( 407موون ذات القووانون علووى جملو ٍة موون الشووروط التووي ال يجوووز األموور
كمووا ن ّ
بالتنفيذ إالّ بعد التّحقق منها ،وفي ما يلي بيان لها:
18
قول الشيء المقضي وفقا ا لذلك القوانونّ .
وأن صة وفقا ا لقانون البلد الذي صدر فيه وحاز ّ
مخت ّ
الخصوم قد كلّفوا بالحضور ومثّلوا تمثيالا صحيحا ا .
19
خـامتـة
20
الـمصادر والـمراجع
ّ
أوال :الـمصادر.
-1ابن منظور ،معجم لسان العرب ،المجلد األول ،بيروت :دار بيروت للطباعة.1965 ،
ً
ثانيا :الـمراجع.
أ -الكتب
-1أبو العال علي النمر ،نظرل انتقاديّة للنيابة التشريعيّة المصريّة في مجال االستثمار ،القاهرل:
دار النهضة العربية.2003 ،
-2أبو زيد رضوان ،األسس العامة للتحكيم التجاري ،اإلسكندرية :منشأل المعارف.1981 ،
-3حفيظة السيد الحداد ،الموجز في النظرية العامة للتحكيم ،بيروت :منشورات الحلبي
الحقوقية.2007 ،
-4عبد الحميد األحدب ،موسوعة التحكيم ،التحكيم التجاري الدولي ،ن ،2ط ،2بيروت:
منشورات الحلبي الحقوقية.2008 ،
-5عبد السالم أبو قحف ،اقتصاديات االستثمار العربية الحديثة،ط.1991 ،3
-6عكاشة عبد العال ،المفترضات والشروط الذاتيّة في المحكم،دمشق المكتبة القانونية.2003 ،
-7غسان المعموري ،عقد االستثمار األجنبي للعقار ،بيروت :منشورات زين الحقوقية.2015 ،
-8فوزي محمد سامي ،التحكيم التجاري الدولي ،عمان :دار الثقافة للنشر والتوزيع.2006 ،
-9ف اد محمد أبوطالب ،التحكيم الدولي في منازعات االستثمار األجنبية وفقا ا ألحكام القانون
الدولي العام ،اإلسكندرية :دار الفكر الجامعي.2010 ،
-10محمد علي جاسم ،القواعد األساسيّة في االقتصاد الدولي ،ط ،2بغداد :بيت الحكمة،
.1967
-11مصطفى محمد جمال ،عكاشة عبد العال ،التحكيم في العالقات الدولية الخاصة،
اإلسكندرية :منشأل المعارف.1988 ،
-12نبيل إسماعيل عمر ،التحكيم في المواد المدنية والتجارية ،القاهرل ،دار النهضة العربية،
.2004
21
-3غسان علي علي ،االستثمارات األجنبية ودور التحكيم في تسوية المنازعات التي قد تثور
بصددها ،رسالة دكتورال ،القاهرل :حقوق عين شمس.2004 ،
-4محمد منصور سالمة ،دور التحكيم التجاري في تسوية منازعات االستثمار األجنبي( ،رسالة
ماجستير غير منشورل ،طرابلس :األكاديمية الليبية.2017 ،
-5ياسين علي النجار ،المركز القانوني للمحكم (رسالة ماجستير ،غزل :جامعة األزهر.2013 ،
22