Professional Documents
Culture Documents
مقالة فلسفية حول الأنظمة الاقتصادية
مقالة فلسفية حول الأنظمة الاقتصادية
الموقف األول :يرى بعض الفالس((فة والمفك((رين وعلى رأس((هم دع((اة الم((ذهب الف((ردي ":آدم سميث " و "
ستيوارت ميل " أن النظام االقتصادي األمثل واألفضل لكافة الش((عوب ه((و النظ((ام "الليبرالي الرأس مالي"،
فهو يحقق العدالة في المجتمع؛ ألنه يمنح األفراد الحرية المطلقة( في ممارسة كل األنش((طة االقتص((ادية ،تع((ود
الجذور الفلسفية للرأسمالية حسب عالم االجتماع "ماكس فيبر" إلى عاملين "فلسفة التنوير" ال((تي دافعت
جدت العمل والحرية ، ,ولقد ظهر النظام الرأسمالي في خضم
عن حرية الفكر والتصرف ،والبروتستانتية التي م ّ
التغيرات االجتماعية التي أحدثها انتقال المجتمع األوربي من مجتم((ع إقطاعي إلى مجتم((ع رأس مالي بفع((ل
الثورة الصناعية في انجلترا التي أحدثت تغ((يرا ج((ذريا على البني((ة االقتص((ادية و االجتماعي((ة للمجتم((ع األوروبي ،
ومن أهم المبادئ التي يقوم عليها النظام الرأس((مالي إيمان((ه ب((الفرد ،وتتب((ع مصلحته في ممارس((ة أي نش((اط
اقتصادي يرغب فيه ،لذلك رفع النظام الرأسمالي شعار " دعه يعمل اتركه يمر "وأقر الملكية الفردية ،التي
ب التمل ّك،وقد واعتبرها "جون لوك" من الحقوق الطبيعية لإلنسان وامت((داد لغريزت((ه ،وق((ال عنه((ا
تشبع غريزة ح ّ
قق
"ج ون س تيوارت ميل" {الملكي ة الخاص ة تقلي د ق ديم اتّبع ه الن اس ،وينبغي إتباع ه ألن ه يح ّ
منفعتهم} ،كما أن المنافسة االقتص ادية ش((كلت محرك((ا أساس((يا لآلل((ة االقتص((ادية ودافع((ا قوي((ا لتحس((ين
المنتوج " الجودة " ويؤدي هذا حتما إلى الرخاء االقتصادي " انخفاض األسعار " ،ومن بين المب(ادئ األساس(ية
أيض((ا للرأس((مالية عدم تدخل الدول ة في النش اط االقتص ادي ويتمث((ل دوره((ا فق((ط في حماي((ة األش((خاص
والدفاع عن مصالحهم كم(ا أن الس((عر ال تح(دده الدول((ة ب(ل يخض((ع لق((انون الع((رض والطلب وبالت((الي ينبغي على
الدولة أن ال تعيق النشاط الطبيعي لالقتصاد ،وهنا يظهر مبدأ [التنافس الحرّ] الذي هو في نظ((رهم ض((روري
لخلق حركية في الفكر واإلبداع ،وإلغ((اء التن((افس يض((عف االقتص((اد ،ق((ال عن((ه "باستيا" {إلغ اء التن افس الح رّ
. معناه إلغاء العقل والفكر واإلنسان }.
النقد :رغم النجاح الكبير الذي حققه النظ(ام الرأس(مالي وقدرت((ه على النف((وذ في اقتص(ادات معظم دول الع(الم
خاصة الغربية وما رافقه من تطور تكنول((وجي م(ذهل ،إال أن ال((ثروة ورؤوس األم((وال في االقتص(اد اللي((برالي الح((ر
تتركز في يد األقلية فقط دون األغلبية ،وهذا م((ا أدى إلى تقس((يم المجتم((ع إلى طبق((تين (:طبقة غنية مالك((ة
للثروة ووسائل اإلنتاج وطبقة أخ رى فق يرة تعم((ل وال تكس((ب ،ف((الغني في النظ((ام الرأس((مالي ي((زداد غ((نى
والفقير يزداد فقرا ،وبذلك اتسعت اله وة بين الطبق((تين باإلض((افة إلى األزم ات والمش اكل ال((تي تع((رض له((ا
النظام الرأسمالي في تاريخه مثل " أزمة الكساد الكبير سنة ، 1929وأزمة الرهن العقاري س نة 2008
" ،وقد أدى أيضا إلى نشوب حروب ومشاكل بين الدول عبر عنها الفيلسوف " جوريس " بمقولته الشهيرة ( إن
. الرأسمالية تحمل الحروب مثلما يحمل السحاب المطر ).
الموقف الثاني :وعلى أنقاض النظ((ام الرأس((مالي ظه((ر نظ((ام اقتص((ادي آخ((ر حم((ل مب((ادئ جدي((دة تمث((ل في
النظام االشتراكي الذي يرى مؤسسوه وعلى رأسهم الفيلسوف األلماني " كارل ماركس " أن ه((ذا النظ((ام
ه((و ال((ذي يكف((ل تحقيق العدالة في المجتمع ويقض ي على الطبقية ال((تي أنتجه((ا النظ((ام الرأس((مالي ،
ويقوم النظام االشتراكي على عدة أسس ومبادئ أهمها الملكية الجماعية لوسائل اإلنتاج ،على اعتبار أنها
تساوي بين أفراد المجتمع فال يشعر احد منهم بالظلم ،ك((ذلك ي((رفض ه((ذا النظ((ام استغالل اإلنس ان ألخي ه
اإلنسان ،كم((ا دع((ا العم((ال إلى التوحد وذل((ك في مقول((ة " ماركس " الش((هيرة ( يا عم ال الع الم اتح دوا
( ويقول أيضا ( إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها ) ،ومن منظ((ري ه((ذا النظ((ام أيض((ا الفيلس((وف
األلماني " فردريك انجلز "الذي أعجب بكتاب كارل ماركس " رأس المال " وسار في نفس خط(اه ،كم(ا يؤك(د
هذا النظام أيضا على ضرورة تدخل الدولة في كل النشاطات االقتصادية والتحكم فيها ،وذلك عن طريق
ما يسمى بعملية التخطيط المسبق لسير االقتصاد من طرف الدولة ،لقد سعى النظام االشتراكي إلى تحقيق
المساواة االقتصادية واالجتماعية بين األفراد ومحو كل إشكال التمييز والتفرقة االجتماعية ،ولقد نجح هذا النظام
في التحقق على أرض الواقع بعد الثورة البلشفية التي قامت في روسيا سنة " " 1917و ال((تي قض((ت على
النظام الرأسمالي وأسست لعهد جديد بظه((ور االش((تراكية وتوس((عها في كث((ير من دول الع((الم إلى غاي((ة نهاي((ة
. الح(((((((((((((((((((((((((((رب الب(((((((((((((((((((((((((((اردة :
النق د :رغم أن االش((تراكية تعت((بر تاريخي((ا عن وعي اإلنس((انية ،ونض((الها ال((دائم من أج((ل الع((دل والمس((اواة
تخ(ل هي األخ(رى من العي(وب والس(لبيات ولع(ل أهم ه(ذه الس(لبيات
ُ ومحاربتها التفاوت واالس(تغالل إال أنه(ا لم
تمثل في قمعه للحرية الفردية التي تعتبر شيئا مقدسا لإلنسان وكذلك أدى تطبيقه إلى االتكال على الدولة
في كل شيء ،والى المشاكل اإلداري((ة ممثل((ة في البيروقراطية وك((ذا غياب المب ادرة الفردية ،وأدت أيض((ا
إلى ركود وجمود اقتصادي كبير وواضح لدى الدول االشتراكية ،ولعل أهم دليل على فش((ل االش((تراكية ه((و
انهيارها السريع في معظم الدول التي تبنت هذا النظام ،وأفضل مثال على ذلك انهيار المعس كر الش يوعي
. ممثال في االتحاد السوفياتي أمام المعسكر اللي((برالي ;
التركيب :إن كل من النظامين الس((ابقين لم يخ((ل من العي((وب والمش((اكل رغم تف((وق الرأس((مالية ال((تي الزالت
تعاني من األزمات من حين آلخر ،إال أن النظام االقتصادي اإلسالمي؛ أو بتعبير أفض((ل الممارس((ة االقتص((ادية
في اإلسالم تضمن لحد كبير تحقيق العدالة االجتماعية واالقتصادية ،كما تضمن الرفاهية ،إذ إن اإلسالم يقبل
شكلين من الملكية ،الملكي((ة الفردي((ة الخاص((ة والملكي((ة الجماعي((ة ،وهي أيض((ا تجم((ع بين السياسة والدين
واالقتصاد ،وهي به((ذا تمج((د الف رد والجماعة في آن واح((د ،وتكف((ل مص((لحتهما مع((ا ،كم((ا بينت الممارس((ة
االقتصادية في اإلسالم الشروط األخالقية التي ينبغي أن تقوم عليها الحي((اة االقتص((ادية في المجتم((ع ،وه((ذا
الجانب لم يراعه كال النظامين السابقين ،فرفضت كل أشكال الغش والربا واالحتكار والتبذير ،حيث منعت النظ((رة
اإلس((المية لالقتص((اد االس((تبداد والتعس((ف في اس((تخدام الم((ال ،س((واء ك((ان خاص((ا ،أو عام((ا ،وق((د ع((رفت ه((ذه
الممارسة االقتصادية اهتماما كبيرا من علماء االقتصاد السيما بعد األزمة المالية العالمية " 2009 ( / 2008وذل((ك
من اجل الوصول إلى معان اقتصادية متكاملة تقوم على أسس أخالقية .