Professional Documents
Culture Documents
الفضاء المسرحي
الفضاء المسرحي
ما يميز النص المسرحي ( أو المسرح بشكل العام ) خاصيتين -1 :الشخصيات ( التي يلعبها -
ممثلون) -2الفضاء المسرحي ( .المكان الذي يخلق عالقة ذات ثالث أبعاد بين الممثلين
والجمهور .والفضاء.
الممارسة المسرحية هي خاصة بالتعامل معها كصناعة يعني هي ليست كاإللقاء أو روي -
الحكاية (الممارسة المسرحية هي المرحلة التي تحول النص إلى العرض) هي التي تخلق
خصوصية التعامل مع النص المسرحي , .حيث أن هذه الخصوصية لن تصل للمشاهد ,أو لن
يحقق النص ما يريده فعالً إذا لم يكن هناك فضاء أو مكان يتم فيه العالقة الجسدية بين
الشخصيات التي تمثل فعالً خصوصية النص المسرحي , .علما ً أنه يمكن أخذ شخصية من النص
وتقرأ مغامرات بشكل روائي ولكن ال يمكن أن يصل النص لما يريد بدون الفضاء .
وكون المسرح هو نشاط إنساني فالفضاء هو مكان هذا النشاط ,هذا المكان الذي يرتبط. -
ً
بالفضاء المرجعي للناس ( من ثقافات وخبرات ومرجعيات الناس ) إما بتقليد واقعهم .تماما أو
االبتعاد عنه ( األسلبة مثالً) بمعنى آخر الفضاء المسرحي هو صورة من الفضاء الواقعي .أو
مسودة عكسية له.
مثالً :إما بالواقعية تماما كمسرح ستانسالفسكي أو األسلبة كمسرح باربا
ً -
النص المسرحي هو النص األدبي الوحيد الذي ال يمكن للقارئ فيه أن يقرأه قراءة تعاقبية ( ألن -
المسرح دائما ً تكتشف فيه أشيا ًء جديدة ) ألنه ال يستوعب إال بكثافة العالمات "المتزامنة" يعني
العالمات الموجودة بالفضاء والتي عمليا ً تأخذ حيزاً كبيراً من الفضاء ,وهذه العالمات ال يمكن
أن تصل للقارئ عبر النص مهما كانت عملية خلق الفضاء بالنص جيدة ومهما كانت القراءة
المسرحية المكانية ممتازة ,بمعنى آخر الفضاء الكتابي دائما ً مسطح.
وهكذا نرى أن النص المسرحي دائما ً فقير بوصف الفضاء ,نراه بمناطق خاصة بالنص ونادرة -
وهي اإلرشادات التي هي ليست لخيال القارئ بقدر ما تكون خطوة أولى لإلخراج الفضائي.
وموضوعة الفضاء هي الموضوعة التي تسبب الفصل بين النص والعرض ,الفضاء وطريقة -
تشكيله (السينوغرافيا .كاملة) وهو المكان الذي يخلق الثغرات في النص المسرحي , .الذي ينقص
ً
حقيقة. النص المسرحي
المكان المسرحي :
النص والمكان المسرحي :
-الفضاء مرتبط بالنص حيث أن الفضاء المادي هو المرجع للنص المسرحي ,رغم أنه نادراً
وصفه بالنص ولكن ال يمكن قراءة النص أن تتم بدونه لنوضح:
-1الفضاء المسرحي مكان مسرحي .يجب بناؤه وبدونه ال يجد النص مكانا ً وال صيغة ملموسة
لوجوده.
-2أهم ما في الفضائية هي العناصر .التي تسمح ببناء المكان المسرحي والتي تستقى من
اإلرشادات المسرحية ,علما ً إن اإلشادات تعطينا.:
هذه اإلشارات تسمح للمخرج أو للقارئ العادي أن يبني المكان الذي يتم فيه الحدث ولكن وضع -
هذا المكان يكون مختلف تماما ً عن المكان الروائي ,مثالً رواية البؤساء ( يمكن تخيل شوارع
باريس لدرجة تشعر وكأنك تمشي في هذه الشوارع) ,ولكن الوضع في المسرح مختلف فمثالً
مسرحية طقوس اإلشارات والتحوالت لسعد هللا ونوس تتكلم عن دمشق في ظل االحتالل
العثماني ولكنها ال تحيل للمكان الدمشقي وكأنها تمشي بتلك الشوارع ال إنما المكان التي تحيل
إليه هو مكان استثنائي خشبة المسرح الذي يبنى عليها دمشق وهي مرجعها مدينة دمشق .بتلك
الحقبة ,وهنا اللعب بالممارسة المسرحية التي تجعل الفضاء هو موضع للمحاكاة ذاتها حيث أنه
يتحقق بوصفه صورة لشيء ما في العالم تتكون من العناصر النصية نفسها ,صورة ماذا؟ هذا
ما سنراه...
تؤدي العالمة المسرحية وظيفتها .بشكل بالغ التعقيد ،فمثلها مثل أي عالمة تتكون العالمة -2
المسرحية من دال ومدلول ،وهي تشمل النص ومدلوله ،كما أن لها مرجعين -1 :المرجع R
وهو مرجع النص -2 ،المرجع R -وهو مرجع العالم وخشبة المسرح والعالم المرجعي المبني
داخل منطقة التمثيل .فإذا انطلقنا من النص واعتبرنا أن النص يبني على خشبة المسرح مرجعه
الخاص به ،فيصبح الفضاء المسرحي هو فضاء النص المرجعي .فقط .أمّا إذا انطلقنا من
العرض فسيكون لدينا المرجعين معاً ،وهما مرجع النص ومرجع الخشبة ،ويصبح للعالمة
المسرحية مرجعين وليس واحداً فقط ،ويصبح العالم المسرحي .ذا الخاصية المكانية وسيط .بين
مرجع التاريخ (مرجع النص) وبين مرجع العرض ،وهكذا تتأكد الوظيفة التاريخية للمسرح
(اإليديولوجية) ،فعندما كتب راسين "فيدرا" ،فإن النص يحمل مرجع تاريخي قديم.
(األسطورة) ،أما العرض في زمن راسين فيحمل مرجع عصر لويس الرابع عشر ،فبهذه
الحالة يحمل العرض مرجعين تاريخيين ويضاف إليهما في زمن آخر ،مثل زماننا ،مرجع ثالث
هو مرجع العرض اليوم .إذاً يستدعي الفضاء المسرحي المعروض عدة مجاالت مرجعية يقيم
بينها سلسلة من العالقات المعقدة.
ومن هذا نستنتج أن المسرح يبني فضاء ليس فقط ذا بنية ،وإنما فضاء تصبح فيه البنيات دالة، -
عالم مكاني تصبح فيه الصدفة ذات معنى مفهوم ،فكل شيء مبرر.
يعرّ ف ديريدا المسرح بوصفه "فوضى .منظمة" ،فإذا وافقنا على هذا التعريف يمكننا أن نقول -
بأن المسرح خالل بنائه لمرجعه المكاني -المكون من مجموعة من العالمات المتفرقة غير
المنتظمة التي ال تملك تأثير علينا وغير مفهومة بالنسبة لنا – يحوّ ل العالمات المتفرقة إلى نسق
من العالمات يسهل إدراكها وفهمها ،فمهمة المسرح األساسية تقوم على عكس داللة العالم التي
يقرؤها وينظمها المتفرج ليفهم داللة العالم الخارجي ،فهو يرى فضاء منظم يجعله يفهم فضاء
العالم الخارجي .الفوضوي والمبعثر .غير المنتظم.
إن مهمة الباحث السيميولوجي( .والمؤلف الدرامي) في مجال المسرح هي إيجاد عناصر ذات -
خاصية مكانية ،أو قابلة إلكتساب هذه الخاصية ،داخل النص لكي تقوم بعملية الوساطة بين
النص والعرض.
الفضاء المسرحي وصيغ تناوله :
-الفضاء المسرحي حقيقة معقدة بنيت بشكل مستقل ،تحاكي (أيقونة) حقائق غير مسرحية
وتحاكي أيضا ً النص المسرحي .الفضاء المسرحي .موضوع إدراك المتفرجين ،ومن هنا تظهر.
ثالثة قيم ممكنة لتناول الفضاء :
-1إنطالقا ً من النص :يقام الفضاء المسرحي على النص المسرحي أو بمساعدته.
-2إنطالقا ً من المسرح :يقام الفضاء المسرحي بمساعدة المكان المسرحي الذي يسبق في
وجوده وجود الفعل المسرحي.
-3إنطالقا ً من الجمهور :إعتماداً على إدراك الجمهور للفضاء المسرحي ،وعالقته بهذه
"المنطقة الخاصة" من العالم.
ولكن إن مادة التعبير .في السينما كمل قال بها هيلمسيليف .هي مادة متسقة (صورة على فيلم -
خام) األمر الذي يزيد األمر تعقيداً.
إضافة لمشكلة حذف المعلومات الخاصة بالمسرح ،حيث ينتج المسرح – وخاصة في مجال -
بناء المكان المسرحي وبالتالي .الفضاء المسرحي – عدداً من المعلومات ال نلتفت إليها رغم
إدراكنا لها تمام اإلدراك ،والمثال الكالسيكي .على ذلك هو األوبرا ،حيث أننا ال ندرك شكل
المغنية السمينة بوصفه شكالً هائالً ،وعندما نشاهد عمالً مسرحياً .فاشالً فإن العالمات الطفيلية
تطغى علينا ،مثل الضوضاء – التي يشار إليها في مجال االتصال بإسم "بروي" – لكن ما
نعتبره طفيليا ً في نوع ما من الفضاء المسرحي .قد يناسب نوعا ً آخر من الفضاء ،مثل إيماءات
المهرج على الخشبة اإليطالية ،وفي .المقابل قد تبدو وفرة األشياء على خشبة دائرية نوعا ً من
الطفيلية.