Professional Documents
Culture Documents
الجهاد باب الجنة
الجهاد باب الجنة
الكاتب في سطور
السيد أمحد احلسن ..هو أمحد بن إمس اعيل بن صاحل بن حسني بن سلمان بن حممد بن احلسن بن علي بن حممد
ابن علي بن موسى بن جعفر بن حممد بن علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب عليهم الصالة والسالم.
هو وصي ورسول اإلمام املهدي حممد بن احلسن إىل الناس كافة ،اليماين املوعود عند الشيعة ،واملهدي الذي
يف آخر الزمان على وفق الفهم السين للمهدي ،واملعزي ألنبياء اهلل ورسله الذي وعد به بشر بوالدته رسول اهلل
نيب اهلل عيسى كما ورد يف اإلجنيل ،واملنقذ الذي وعد إبرساله نيب اهلل إيليا عند اليهود.
انطلق بدعوته اإلهلية الكربى عام 1999م يف العراق عاصمة دولة العدل اإلهلي ،ومنه انتشرت إىل العامل كله ،جاء
املذكور الناس حمتجاً عليهم مبا احتج به أنبياء اهلل ورسله على أقوامهم ،النص (الذي متثله وصية جده رسول اهلل
فيها ابمسه ومنزلته وعشرات النصوص الثابتة عند املسلمني والنصارى واليهود) ،والعلم الذي به حتدى كبار علماء
األداين والطوائف كلها ،وراية البيعة هلل والدعوة إىل حاكمية اهلل ،إضافة إىل أتييد اهلل سبحانه له ابمللكوت عرب مئات
الرؤى الصادقة ابألنبياء واألوصياء اليت تشهد له.
وكان قد خط بيمنه جمموعة من الكتب اليت حتوي جوانب كبرية من املعرفة اإلهلية اليت بدأ ببثها إىل الناس كان
منها :كتاب التوحيد ،واملتشاهبات ،واضاءات من دعوات املرسلني ،ورحلة موسى إىل جممع البحرين ،والنبوة اخلامتة،
والعجل ،واجلهاد ابب اجلنة ،وحاكمية اهلل ال حاكمية الناس ،وغريها.
أما هدف دعوته فهو اهلدف من دعوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد صلوات اهلل عليهم أمجعني ،أن ينتشر
التوحيد على كل بقعة يف هذه األرض هدف األنبياء واألوصياء هو هدفه ،وبيان التوراة واإلجنيل والقرآن وما اختلف
فيه ..أن متتلئ األرض قسطاً وعدالً كما ملئت ظلماً وجوراً ,أن يشبع اجلياع وال يبقى الفقراء يف العراء ,أن يفرح
األ يتام بعد حزهنم الطويل وجتد األرامل ما يسد حاجتها املادية بعز وكرامة ،أن ...وأن ،...أن يطبق أهم ما يف
الشريعة العدل والرمحة والصدق.
وقد التحق بركب هذه الدعوة املباركة الكثري من املؤمنني املنتشرين على مناطق كثرية من العامل ..للمزيد يرجى
www.almehdyoon.org مراجعة املوقع الرمسي ألنصار اإلمام املهدي :
أو بزايرة الصفحة الشخصية للسيد أمحد احلسن على موقع الفيسبوك:
www.facebook.com/Ahmed.Alhasan.10313
(أمحد احلسن)
اجلهـاد بـاب اجلنــة 5 ..................................................................................
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِ ْن
آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَال إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيب﴾ (البقرة.)214 :
ب
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ويَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ويَتُو َ
وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْالً عَظِيماً﴾ (النساء.)27 - 26 :
اإلهــــــداء
تقبلوا هذه البضاعة املزجاة مين أنا اجلاهل املسكني وإن مل أكن أهالً لذلك
.................................................................... 8إصدارات أنصار اإلمام املهدي
اجلهـاد بـاب اجلنــة 9 ..................................................................................
()1
بقوة نشر هذه العقيدة الفاسدة لكي ال ينصر الناس (امل َعّزي) ّ هم اليوم حياولون
ُ
لرسل هللا سبحانه ،الذي أييت حامالً سيف غضب اجلبار سبحانه وتعاىل على أهل
األرض الذين ملؤوها ظلماً وجوراً وفساداً.
وشيعتهم ،وعن ويف هذه األسطر القليلة سأحاول الدفاع عن أنبياء هللا ورسله
ح ّقهم الثابت يف الدفاع عن دين هللا سبحانه وتعاىل برفع السيف بوجه الطواغيت
ختلو ساحة املواجهة من أي موضع للكلمة الطيبة ،وسأحاول وأشياعهم بعد أن َ
االقتصار على ما أجد أ ّن الضرورة حتتّم مناقشته للوقوف على احلقيقة ،وابلتايل أن يوفق
اإلنسان إلتباع احلق وإرضاء هللا سبحانه ،واحلمد هلل وحده.
املذنب املقصر
أمحد احلسن
/ 15ذو الحجة 1427 /هـ .ق
-1يشير إلى المع ّزي الذي أخبر بمجيئه عيسى بقوله( :وأ ّما اآلن فأنا ماضي للذي أرسلني،
وليس أحد منكم يسألني أين تمضي ،ولكن ألني قلت لكم هذا قد مأل الحزن قلوبكم .لكن أقول لكم الحق أنه
خير لكم أن انطلق؛ ألنه إن لم انطلق ال يأتيكم المع ّزي ،ولكن إن ذهبت أُرسله إليكم ،ومتى جاء ذاك يبكت
العالم على خطيئة ،وعلى بر ،وعلى دينونة.
أ ّما على خطيئة :فـ (ألنهم ال يؤمنون بي) ،وأ ّما على بر :فـ (ألني ذاهب إلى أبي وال ترونني أيضاً) ،وأ ّما
على دينونة :فـ (ألن رئيس هذا العالم) قد دين.
إن لي أمور كثيرة أيضا ً ألقول لكم ،ولكن ال تستطيعون أن تحتملوا اآلن ،وأ ّما متى جاء ذاك (روح الحق) ّ
فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ ألنه ال يتكلم من نفسه ،بل كل ما يسمع يتكلم به) إنجيل يوحنا /اإلصحاح
السادس عشر.
وال ُمع ّزي هو قائم آل محمد رسول عيسى للنصارى ،وشبيهه المصلوب .وليتضح األمر أكثر
راجع( :رسالة الهداية) ،و (وصي ورسول اإلمام المهدي في التوراة واإلنجيل والقرآن) ،وغيرها من
إصدارات أنصار اإلمام المهدي .
اجلهاد ينقسم إىل :جهاد األرواح وجهاد األجساد ،أو اجلهاد األكرب واجلهاد
األصغر(.)1
ومبا أ ّن النتيجة األوىل للجهاد األكرب هي إتباع خليفة هللا يف أرضه واالنصياع
ألوامره ،أي السجود له كما سجدت املالئكة آلدم ،ومبا أ ّن خليفة هللا يف أرضه
هو اجلنة احلقيقية ،بل إ ّن اجلنان امللكوتية ُخلقت من أنوارهم ( ،)2فإنّه يكون اجلهاد
األكرب -واحلال هذه -ابب اجلنة؛ ألنّه الباب املوصل إىل معرفة خليفة هللا يف أرضه
وإتباعه ،وخليفة هللا هو ابب معرفة هللا سبحانه وتعاىل (.)3
-1روى الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني ،عن أبي عبد هللا
أن النبي (صلى هللا عليه وآله) بعث بسرية فلما رجعوا ،قال :مرحبا ً بقوم قضوا الجهاد األصغر وبقي
الجهاد األكبر ،قيل :يا رسول هللا ،وما الجهاد األكبر؟ قال :جهاد النفس) الكافي :ج 5ص.12
-2عن جابر بن عبد هللا ،قال :قلت لرسول هللا(صلى هللا عليه وآله) :أول شيء خلق هللا تعالى ما هو ؟
فقال :نور نبيك يا جابر خلقه هللا ثم خلق منه كل خير ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء هللا ثم جعله
أقساماً ،فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم ،وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم ،وأقام القسم
الرابع في مقام الحب ما شاء هللا ،ثم جعله أقساما فخلق القلم من قسم ،واللوح من قسم والجنة من قسم.
وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء هللا ثم جعله أجراء فخلق المالئكة من جزء والشمس من جزء
والقمر والكواكب من جزء ،وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء هللا ،ثم جعله أجزاء فخلق العقل من
جزء والعلم والحلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء ،وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء هللا،
ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة فخلق هللا
من كل قطرة روح نبي ورسول ،ثم تنفست أرواح األنبياء فخلق هللا من أنفاسها أرواح األولياء والشهداء
والصالحين ) بحار األنوار :ج 25ص.21
ً
-3عن أبي عبد هللا ( :أبى هللا أن يجرى األشياء إال باألسباب فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب
شرحا ً وجعل لكل شرح مفتاحا ً وجعل لكل مفتاح علما ً وجعل لكل علم بابا ً ناطقا ً من عرفه عرف هللا ومن
أنكره أنكر هللا ذلك رسول هللا ونحن) بصائر الدرجات :ص.26
وعن عبد الرحمن بن كثير ،قال :سمعت أبا عبد هللا يقول( :نحن والة أمر هللا وخزنة علم هللا وعيبة
وحى هللا وأهل دين هللا وعلينا نزل كتاب هللا وبنا عبد هللا ولوالنا ما عرف هللا و نحن ورثة نبي هللا
وعترته) بصائر الدرجات :ص.81
وعن بريد العجلي ،قال :سمعت أبا جعفر يقول( :بنا عبد هللا ،وبنا عرف هللا ،وبنا وحد هللا تبارك
وتعالى ،ومحمد حجاب هللا تبارك وتعالى) الكافي :ج 1ص ،145وغيرها من الروايات التي تبين تلك
الحقيقة التي سطّرها .
.................................................................... 12إصدارات أنصار اإلمام املهدي
أي عوض سوى ّأما اجلهاد األصغر؛ فإنّه بذل املال والنفس يف سبيل هللا دون إرادة ّ
رضا هللا سبحانه وتعاىل ،واجلود ابلنفس ما بعده جود ،فكيف ال يكون اجلهاد األصغر
ابابً من أبواب اجلنة ،بل وأوسع أبواب اجلنة بعد أن كان سعياً من اإلنسان ليشهد أن
(ال إله إالّ هللا) بدمه.
قلب اإلنسان بني إصبعني من أصابع الرمحن ()1؛ الشيطان إصبع وامللك إصبع ،أو
الظلمة إصبع والنور إصبع ،أو اجلهل إصبع والعقل إصبع.
والقلب بني هذين اإلصبعني ،فجهاد النفس هو السعي مع امللك والنور والعقل إىل
هللا ،ونبذ الشيطان والظلمة واجلهل.
ومبا أ ّن هدف الشيطان وغرضه هو أن يردي اإلنسان يف هاوية اجلحيم ،وأن جيعله يف
مواجهة خمزية مع رب العاملني عندما يعصي اخلالق الرؤوف الرحيم الكرمي ،وليحقق هذا
الغرض البد له من أسلحة يستعني هبا على تنفيذ ما يريد.
كل حبسبه،
القوة ،و ٌ
وهذه األسلحة تتدرج من الظهور إىل اخلفاء ،ومن الضعف إىل ّ
ٍّّ
فلكل صنف سالحه املالئم إلضالله.
ليتسّن ملن يريد أن جياهد ابجلهاد
ومن ابب (اعرف عدوك) أتعرض هلذه األسلحة؛ ّ
األكرب معرفة عدوه ،وابلتايل إنقاذ نفسه من النار ،وحتصني نفسه والتدرع مبا هو مالئم؛
أل ّن ال يكون هدفاً سهل املنال للشيطان (لعنه هللا).
والبد من معرفة أوالً -وقبل كل شيء -أ ّن دوافع اإلنسان للغواية مركبة ومشتبكة
مع بعضها ،والشيطان (لعنه هللا) يستخدم من هذه الرتكيبة املعقدة ما يناسب كل إنسان
إلضالله؛ حيث إ ّن اإلنسان يعيش يف هذا العامل اجلسماين وممتحن هبذا العامل اجلسماين
يف هذا الوقت ويف هذه احلياة الدنيا ،فنفس اإلنسان وحميطها مها مدار البحث حول
-1عن النبي (صلى هللا عليه وآله) ( :قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن ) عوالي اللئالي:ج1
ص.48
.................................................................... 14إصدارات أنصار اإلمام املهدي
أسلحة الشيطان ،فمن النفس ومن حميطها يتسلح الشيطان (لعنه هللا) إلغواء اإلنسان
ولريديه يف هاوية اجلحيم ،وحميط اإلنسان هو العامل اجلسماين أو الدنيا.
فالبحث إذن يدور حول الدنيا والنفس اإلنسانية من جهة ،وحول النفس اإلنسانية
من جهة أخرى؛ أل ّن السالح ّإما:
أن يكون مركباً من العامل اجلسماين والنفس اإلنسانية ،كالسكني واجلسم الذي تغرس
فيه وكمثال الزاين والزانية ،فالشيطان يستخدم املرأة أو الرجل وأيضاً حيتاج إىل الضعف
اجلنسي يف نفس هذا اإلنسان الذي يريد إغواءه وإردائه يف اهلاوية .فبالنسبة لرجل عصى
هللا ابلزان متثّل املرأة السكني اليت طعنه هبا الشيطانّ ،أما ضعفه اجلنسي فقد مثّل املكان
الذي الذي طعنه به الشيطان.
أن يكون السالح من داخل النفس اإلنسانية ،فتكون السكني وموضع الطعن واحد
وهي النفس ،فال يوجد شيء من العامل اجلسماين ،ومثاله العجب.
فنحتاج إذن إىل معرفة السكني (الدنيا) ،واجلسم الذي تغرس فيه (النفس) ،والسكني
النفسية (وهي سكني وسالح يؤخذ من النفس ويغرس يف النفس) ،وعندها إذا وفقنا
سنعرف أسلحة الشيطان بشكل تفصيلي بعد أن عرفناها بشكل مبسط ،وحنن حنتاج
إىل كال املعرفتني البسيطة (أي كون النفس والدنيا مها سالح الشيطان) ،والتفصيلية اليت
أتركها؛ ألهنا تتفرع من هذا اإلمجال.
وال أبس من إلقاء نظرة على الدنيا والنفس اإلنسانية من حيث إهنا سالح للشيطان.
-1السكني (الدنيا):
والعامل اجلسماين احمليط ابإلنسان ينقسم إىل :مجادات ونبااتت وحيواانت ،وبقية
الناس غريه ،وعالقة اإلنسان معها إما مالئمة أو منافاة ،فتجده -مثالً -حيب متلّك
األرض والذهب والفضة والزرع واحليواانت وقضاء شهوته مع اجلنس املقابل لهُ ﴿ ،زيِّ َن
اجلهـاد بـاب اجلنــة 15 ..................................................................................
ض ِّة
ب َوال ِّْف َّ
الذ َه ِّ النِّس ِّاء والْبنِّني والْ َقن ِّ
اط ِّري ال ُْم َق ْنطََرِّة ِّم َن َّ ات ِّم َن الش َهو ِّ لِّلن ِّ
َ َ َ َ َ َ ب َّ َ َّاس ُح ُّ
اهللُ ِّع ْن َدهُ ُح ْس ُن ك َمتَاعُ ا ْحلَيَ ِّاة ُّ
الدنْـيَا َو َّ ث َذلِّ َ وا ْحلر ِّ
َ َْ اخلَْي ِّل ال ُْم َس َّوَم ِّة َو ْاألَنْـ َع ِّام
َو ْ
آب﴾(.)1 ال َْم ِّ
التعرض للضرر كالقتل يف ساحة املعركة ،وهو من نتائج اجلهاد احملتملة: ويكره ّ
ال َو ُه َو ُك ْرهٌ لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن تَ ْك َرُهوا َش ْيئاً َو ُه َو َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ ِّ
﴿ ُكت َ
َو َع َسى أَ ْن ُِّحتبُّوا َش ْيئاً َو ُه َو َش ٌّر لَ ُك ْم َو َّ
اهللُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنْـتُ ْم ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)2
ضرة ال جتتمع معها يف قلب إنسان أبداً والبد من بيان أ ّن الدنيا ابلنسبة لآلخرة ّ
( ،)3فهما يف اجتاهني متقابلني إذا التفت اإلنسان إىل إحدامها أعطى ظهره لالُخرى ،وال
ميكن إلنسان أن جيمع الدنيا واآلخرة يف عينه أو قلبه ،قال تعاىل:
الدنْـيَا نُـ ْؤتِِّّه
ث ُّث ْاْل ِّخ َرِّة نَ ِّز ْد لَهُ ِّيف َح ْرثِِّّه َوَم ْن َكا َن يُ ِّري ُد َح ْر َ ﴿ َم ْن َكا َن يُ ِّري ُد َح ْر َ
صيب﴾(.)4 ِّم ْنـ َها وما لَهُ ِّيف ْاْل ِّخرِّة ِّمن نَ ِّ
َ ْ ََ
ِّ
اجلَةَ َع َّجلْنَا لَهُ فِّ َيها َما نَ َشاءُ ل َم ْن نُ ِّري ُد ُُثَّ َج َعلْنَا لَهُ وقال تعاىل﴿ :من َكا َن ي ِّري ُد الْع ِّ
َ ُ َْ
اد ْاْل ِّخ َرَة َو َس َعى َهلَا َس ْعيَـ َها َو ُه َو ُم ْؤِّم ٌن الها َم ْذ ُموماً َم ْد ُحوراً َ وَم ْن أ ََر َ ص َ َّم يَ َْج َهن َ
ك َكا َن َس ْعيُـ ُه ْم َم ْش ُكوراً﴾(.)5 فَأُولَئِّ َ
ومن هذه الرتكيبة اجلسمانية احمليطة ابإلنسان ونفس اإلنسان -وابخلصوص الثغرات
ونقاط الضعف املوجودة فيها -يكون سالح الشيطان (لعنه هللا).
- 2النفس:
ُس البالء وبيت الداء ،فلو مل تكن فيها الثغرات املالئمة ملا يف الدنيا منوهي أ ّ
شهوات ،ولو مل تكن فيها علة العلل وهي (األان) ملا كان للشيطان على اإلنسان سبيل،
يصح ابن آدم ،وبدائها ميرض ،ومبوهتا ميوت.
فبصحتها ّ
والشيطان (لعنه هللا) ّإما يستخدم ما فيها وهو األان لطعنها ،فيكون سالح الشيطان
وإما أ ّن الشيطان (لعنه هللا) يستخدم ما يف الدنيا ليطعن النفس يف
منها والطعن فيهاّ ،
ثغراهتا.
واآلن عرفنا سالح الشيطان وترّكبه من النفس وحميطها ،وهبذا نعرف معّن أن يكون
جهاد النفس هو اجلهاد األكرب؛ أل ّن حتصني النفس يف هذه املعركة يؤدي إىل النصر
على الشيطان وهزميته وكسر سالحه.
ّأما تفصيل أسلحة الظلمة واجلهل والشيطان فأتركه هلذه اجلوهرة من جواهر آل حممد
اليت بيّنت جنود اجلهل وجنود العقل؛ ليتحلّى املؤمن جبنود العقل بعد أن يتخلّى
ويتحصن ابهلل من أسلحة الشيطان.
ّ عن جنود اجلهل فيتم عقله،
روى الشيخ الكليين يف (الكايف) عن ع ّدة من أصحابنا ،عن أمحد بن حممد ،عن
علي بن حديد ،عن مساعة بن مهران ،قال :كنت عند أيب عبد هللا وعنده مجاعة
من مواليه فجرى ذكر العقل واجلهل ،فقال أبو عبد هللا ( :اعرفوا العقل وجنده
واجلهل وجنده هتتدوا ،قال مساعة :فقلت :جعلت فداك ال نعرف إالّ ما عرفتنا ،فقال
أبو عبد هللا :إن هللا خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيني عن ميني العرش
من نوره ،فقال له :أدبر فأدبرُ ،ث قال له :أقبل فأقبل ،فقال هللا تبارك وتعاىل :خلقتك
خلقاً عظيماً وكرمتك على مجيع خلقي ،قالُ :ث خلق اجلهل من البحر األجاج ظلمانياً
فقال له :أدبر فأدبرُ ،ث قال له :أقبل فلم يقبل فقال له :استكربت فلعنهُ ،ث جعل
اجلهـاد بـاب اجلنــة 17 ..................................................................................
للعقل مخسة وسبعني جنداً فلما رأى اجلهل ما أكرم هللا به العقل وما أعطاه أضمر له
العداوة فقال اجلهل :اي رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأان ضده وال قوة يل
به فأعطين من اجلند مثل ما أعطيته ،فقال :نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك
من رمحيت ،قال قد رضيت فأعطاه مخسة وسبعني جنداً.
فكان مما أعطى العقل من اخلمسة والسبعني اجلند :اخلري وهو وزير العقل وجعل
ضده الشر وهو وزير اجلهل ،واالميان وضده الكفر ،والتصديق وضده اجلحود ،والرجاء
وضده القنوط ،والعدل وضده اجلور ،والرضا وضده السخط والشكر وضده الكفران،
والطمع وضده اليأس ،والتوكل وضده احلرص ،والرأفة وضدها القسوة ،والرمحة وضدها
الغضب والعلم وضده اجلهل ،والفهم وضده احلمق ،والعفة وضدها التهتك ،والزهد
وضده الرغبـة ،والرفق وضده اخلرق ،والرهبة وضدها اجلرأة ،والتواضع وضده الكرب،
والتؤدة وضدها التسرع ،واحللم وضدها السفه ،والصمت وضده اهلذر ،واالستسالم
وضده االستكبار ،والتسليم وضده الشك والصرب وضده اجلزع ،والصفح وضده
االنتقام ،والغىن وضده الفقر ،والتذكر وضده السهو ،واحلفظ وضده النسيان ،والتعطف
وضده القطيعة ،والقنوع وضده احلرص ،واملؤاساة وضدها املنع ،واملودة وضدها العداوة
والوفاء وضده الغدر ،والطاعة وضدها املعصية ،واخلضوع وضده التطاول والسالمة
وضدها البالء ،واحلب وضده البغض ،والصدق وضده الكذب ،واحلق وضده الباطل،
واألمانة وضدها اخليانة ،واإلخالص وضده الشوب ،والشهامة وضدها البالدة ،والفهم
وضده الغباوة ،واملعرفة وضدها اإلنكار واملداراة وضدها املكاشفة ،وسالمة الغيب
وضدها املماكرة ،والكتمان وضده اإلفشاء ،والصالة وضدها اإلضاعة ،والصوم وضده
اإلفطار ،واجلهاد وضده النكول ،واحلج (أي الوالية) وضده نبذ امليثاق ،وصون احلديث
وضده النميمة ،وبر الوالدين وضده العقوق ،واحلقيقة وضدها الرايء ،واملعروف وضده
.................................................................... 18إصدارات أنصار اإلمام املهدي
املنكر ،والسرت وضده التربج ،والتقية وضدها اإلذاعة ،واإلنصاف وضده احلمية،
والتهيئة وضدها البغي ،والنظافة وضدها القذر ،واحلياء وضدها اخللع ،والقصد وضده
العدوان ،والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة ،والربكة وضدها احملق،
والعافية وضدها البالء ،والقوام وضده املكاثرة ،واحلكمة وضدها اهلواء ،والوقار وضده
اخلفة ،والسعادة وضدها الشقاوة ،والتوبة وضدها اإلصرار واالستغفار وضده االغرتار،
واحملافظة وضدها التهاون ،والدعاء وضده االستنكاف ،والنشاط وضده الكسل،
والفرح وضده احلزن ،واأللفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل.
فال جتتمع هذه اخلصال كلها من أجناد العقل إال يف نيب أو وصي نيب ،أو مؤمن قد
امتحن هللا قلبه لإلميان ،وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم ال خيلو من أن يكون
فيه بعض هذه اجلنود حىت يستكمل ،وينقي من جنود اجلهل فعند ذلك يكون يف
الدرجة العليا مع األنبياء واألوصياء (أي إذا متّ عقله كان من أهل السماء السابعة ،وهي
مساء العقل) ،وإمنا يدرك ذلك مبعرفة العقل وجنوده ،ومبجانبة اجلهل وجنوده ،وفقنا هللا
وإايكم لطاعته ومرضاته) (.)1
األجساد ما هو إالّ استجابة جلهاد األرواح ،حيث إ ّن األجساد اتبعة لألرواح مستجيبة
إلرادهتا ،فلم يكن أولئك العائدون إالّ قوماً خاضوا يف غمار اجلهاد األكرب مث انتقلوا إىل
اجلهاد األصغر مث عادوا فذكرهم رسول هللا أهنم ما داموا يف هذه احلياة الدنيا فعليهم أن
جياهدوا أنفسهم لئال يقعوا فيما وقع فيه إبليس لعنه هللا فينكرون خليفة هللا يف أرضه،
فتكون النتيجة هي اخلسران املبني.
ين ِّم ْن َّ ِّ
َّاس أَ ْن يُـ ْتـ َرُكوا أَ ْن يَـ ُقولُوا َ
آمنَّا َو ُه ْم ال يُـ ْفتَـنُو َن َ ولََق ْد فَـتَـنَّا الذ َ ب الن ُ
﴿أ ِّ
َحس َ َ
ِّ قَـبلِّ ِّهم فَـلَيـعلَم َّن َّ َّ ِّ
ني﴾(.)1 ص َدقُوا َولَيَـ ْعلَ َم َّن الْ َكاذبِّ َ
ين َ
اهللُ الذ َ ْ ْ َْ َ
وابلفعل فقد أنكر كثري منهم خليفة هللا يف أرضه (علي بن أيب طالب )وفشلوا
يف معركة اجلهاد األكرب ،فلم ينفعهم اجلهاد األصغر أو قل قتال األجساد.
فعلى اإلنسان أن حيذر فتنة هللا وجياهد نفسه ويتابع خليفة هللا يف أرضه وإالّ فالنار،
فال جهاد إالّ حتت راية ويل هللا وخليفته يف أرضه ،ومن يدعي أنّه جياهد ويطلب
يتعجل قتلة الدنيا قبل قتلة اآلخرة. الشهادة حتت راية غري راية خليفة هللا يف أرضه فهو ّ
عن أابن بن تغلب ،قال :كان أبو عبد هللا إذا ذكر هؤالء الذين يقتلون يف
الثغور يقول( :ويلهم ما يصنعون هبذا ؟! يتعجلون قتلة الدنيا وقتلة اْلخرة ،وهللا ما
الشهيد إال شيعتنا وإن ماتوا على فرشهم) (.)2
إذن ،فالبد لإلنسان أن خيوض معركة اجلهاد األكرب أوالً ويعرف ويل هللا وخليفته يف
أرضه مث خيوض معركة اجلهاد األصغر حتت رايته وليكون جهاده مرضياً عند هللا وطاعة
فإما أن يكون قتاله ألجل األرض له سبحانه وإالّ فسيكون كالبهيمة بل أضل سبيالًّ ،
فإ ّن امللحد يقاتل ألجل أرضه كاحليوان ألجل وكره ،أو أنّه يقاتل ألجل عقيدة ال
يتبني له أ ّن العلماء
يفقهها مقلداً العلماء غري العاملني مث بعد موته وبعد أن جير إىل النار ّ
-1العنكبوت.3 – 2 :
-2المحاسن :ج 1ص ،164تفسير نور الثقلين :ج 5ص. 245
اجلهـاد بـاب اجلنــة 21 ..................................................................................
أو اإلمام املهدي غري العاملني قادوه حملاربة موسى أو عيسى أو حممد
.
وأمري املؤمنني قال( :اجلهاد ابب من أبواب اجلنة فتحه هللا خلاصة
أوليائه)( ،)1أي إ ّن األولياء هم اجملاهدون احلقيقيون ،ال أ ّن كل من يقاتل فهو جماهد
وهو ويل من أولياء هللا كما يفهم بعضهم ،فاألولياء هم الذين جاهدوا أنفسهم وخاضوا
يف غمار اجلهاد األكرب واتبعوا ويل هللا وخليفته يف أرضه فكانوا بذلك أولياء هللا حقاً
ومستحقني ألن يكون اجلهاد ابابً فتحه هللا هلم.
***
-1الكافي :ج 5ص ،4نهج البالغة بشرح محمد عبده :ج 1ص.67
اجلهاد يف األديان اإلهلية:
اجلهاد أو القتال إلعالء كلمة هللا ونشر التوحيد والدين الذي يرضاه هللا سبحانه
وتعاىل قضية قررها هللا سبحانه ،وحث عليها املؤمنني وأوجبها عليهم وواعد من جاهد
وتوعد من أعرض عن اجلهاد ابلنار. يف سبيله اجلنة ّ
هم محلة كلمة هللا سبحانه وهم محلة راية اجلهاد والقتال يف واألنبياء واملرسلون
بني يديك تص ّفحه يف التوراة سبيل هللا سبحانه ،وهذا اتريخ األنبياء واملرسلني
ويتأهب لدخول األرض املقدسة، واإلجنيل والقرآن لتجد موسى حيمل سيفه ّ
ويوشع بن نون حيمل سيفه ويدخل األرض املقدسة ،وداوود يقضي أايمه يف
القتال إلعالء كلمة هللا ونشر التوحيد﴿ :فَـهزموهم ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
آَتهُ وت َو َاهلل َوقَـتَ َل َد ُاو ُد َجالُ َ َ َُ ُ ْ
ت ض ُهم بِّبـ ْعض لََفس َد ِّ ْك وا ْحلِّ ْكمةَ وعلَّمه ِّممَّا ي َشاء ولَوال دفْع َِّّ َّ
َ َّاس بَـ ْع َ ْ َ اهلل الن َ اهللُ ال ُْمل َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ ْ َ ُ
ني﴾(.)1 ضل َعلَى ال َْعالَ ِّم َ اهللَ ذُو فَ ْض َولَ ِّك َّن َّ
ْاأل َْر ُ
ِّ
اب﴾(.)2 اصِّ ْرب َعلَى َما يَـ ُقولُو َن َواذْ ُك ْر َع ْب َد َان َد ُاو َد َذا ْاألَيْد إِّنَّهُ أ ََّو ٌ وقال تعاىلْ ﴿ :
وسليمان خيلفه ليبين هيكل العبادة بيد ويقاتل يف سبيل إعالء كلمة هللا ابليد
َّاس عُلِّ ْمنَا َم ْن ِّط َق الطَّ ِّْري
ال َاي أَيُّـ َها الن ُ ث ُسلَْي َما ُن َد ُاو َد َوقَ َ األخرى ،قال تعاىلَ ﴿ :وَوِّر َ
ني﴾(.)3 ض ُل ال ُْمبِّ ُ َوأُوتِّينَا ِّم ْن ُك ِّل َش ْيء إِّ َّن َه َذا َهلَُو الْ َف ْ
-1البقرة.251 :
-2ص.17 :
-3النمل.16 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 23 ..................................................................................
آَت ُك ْم بَ ْل أَنْـتُ ْم اهللُ َخ ْيـ ٌر ِّممَّا َ ال أَ ُمتِّ ُّدونَ ِّن ِّمبَال فَ َما َ
آَتِّينَ َّ اء ُسلَْي َما َن قَ َ
﴿فَـلَ َّما َج َ
َّه ْم ِّم ْنـ َها ِّ
َّه ْم ِِّبُنُود ال قبَ َل َهلُ ْم ِّهبَا َولَنُ ْخ ِّر َجنـ ُ
ِّ
ِّهبَديَّتِّ ُك ْم تَـ ْف َر ُحو َن ْ ارِّج ْع إِّلَْي ِّه ْم فَـلَنَأْتِّيَـنـ ُ
أ َِّذلَّـةً وهم ص ِّ
اغ ُرو َن﴾(.)1 َُْ َ
والتوراة حافلة مبعارك داوود وسليمان (عليهما السالم).
مث إ ّن عيسى يقول ألتباعه( :من أراد أن يتبعين فليحمل خشبته على
ظهره) ،أي إنه يدعو للثورة على الظلم والفساد وأيمر أتباعه ابجلهاد والقتال يف سبيل
هللا ،فاخلشبة يف ذلك الزمان نظري الكفن عندان اليوم ،أي كأنه يقول ألتباعه من أراد أن
يتبعين فليحمل كفنه معه.
ّأما الرسول حممد فقد قضى جل أايمه يف املدينة املنورة بعد اهلجرة يف اجلهاد
والقتال يف سبيل هللا ،وقضى أايمه يف مكة جياهد ويقاتل ابلكلمة واحلجة هو ومن آمن
معه حىت عُذبوا وأُذوا وقتل منهم من قتل فذهب إىل ربّه شاهداً وشهيداً.
حجة ما بعدها حجة ،وأمر هللا سبحانه وال شك أ ّن سرية األنبياء واملرسلني
وتعاىل ابجلهاد والقتال يف سبيله إلعالء كلمته سبحانه وتعاىل والذي جاء به األنبياء
واملرسلون حجة ما بعدها حجة ،فلم يبق للمتخلّف عن أمر هللا سبحانه وتعاىل عذر وال
عاذر ،ومل يبق ملن ينكر أمر هللا سبحانه وتعاىل إالّ أن يقال عنه أنه كافر ،فبأي حديث
بعد هللا وآايته وسرية أنبيائه ورسله تؤمنون.
والنصوص على اجلهاد والقتال يف سبيل هللا يف التوراة املوجودة حالياً اليت يعرتف هبا
اليهود والنصارى كثرية ج ّداً ال يسعها هذا البيان املختصر ،ولكن ال أبس إبيراد نص
نعرج على أول من توسع يف اجلهاد منها لرتتب فائدة على إيراده ،ولعل األفضل أن ّ
-1النمل.37 – 36 :
.................................................................... 24إصدارات أنصار اإلمام املهدي
والقتال يف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا سبحانه وتعاىل بعد نيب هللا موسى بن عمران
الذي جاء ابلتوراة وهو يوشع بن نون وصي موسى .
جاء يف التوراة (العهد القدمي /سفر يشوع :ص :) 357 - 354اإلصحاح
العاشر:
(( )34مث اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من خليش إىل عجلون فنزلوا عليها وحاربوها
( )35وأخذوها يف ذلك اليوم وضربوها حبد السيف وحرم كل نفس هبا يف ذلك اليوم
حسب كل ما فعل بلخيش ( )36مث صعد يشوع ومجيع إسرائيل معه من عجلون إىل
حربون وحاربوها ( )37وأخذوها وضربوها حبد السيف مع ملكها وكل مدهنا وكل نفس
هبا.مل يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس هبا ( )38مث رجع يشوع
وكل إسرائيل معه إىل دبري وحارهبا ( )39وأخذها مع ملكها وكل مدهنا وضربوها حبد
السيف وحرمـوا كل نفس هبا.مل يبق شارداً ،كما فعل حبربون كذلك فعل بدبري وملكها
وكما فعل بلبنة وملكها ( )40فضرب يشوع كل أرض اجلبل واجلنوب والسهل والسفوح
وكل ملوكها .مل يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل ( )41فضرهبم
يشوع من قادش برنيع إىل غزة ومجيع أرض جوشن إىل جبعون ( )42وأخذ يشوع مجيع
أولئك امللوك وأرضهم دفعة واحدة ألن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل ( )43مث
رجع يشوع ومجيع إسرائيل معه إىل احمللة إىل اجللجال).
األصحاح احلادي عشر )1(( :فلما مسع ايبني ملك حاصور أرسل إىل يوابب ملك
مادون وإىل ملك مشرون وإىل ملك أكشاف ( )2وإىل امللوك الذين إىل الشمال يف
اجلبل ويف العربة جنويب كنروت ويف السهل ويف مرتفعات دور غرابً ( )3الكنعانيني يف
الشرق والغرب واألموريني واحلثيني والفرزيني واليبوسيني يف اجلبل واحلويني حتت حرمون
يف أرض املصفاة ( )4فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعبا غفريا كالرمل الذي على
اجلهـاد بـاب اجلنــة 25 ..................................................................................
شاطئ البحر يف الكثرة خبيل ومركبات كثرية جداً ( )5فاجتمع مجيع هؤالء امللوك مبيعاد
وجاءوا ونزلوا معا على مياه مريوم لكي حياربوا إسرائيل ( )6فقال الرب ليشوع ال ختفهم
ألين غدا يف مثل هذا الوقت أدفعهم مجيعا قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وحترق
مركباهتم ابلنار ( )7فجاء يشوع ومجيع رجال احلرب معه عليهم عند مياه مريوم بغتة
وسقطوا عليهم ( )8فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إىل صيدون العظيمة
وإىل مسرفوت مامي وإىل بقعة مصفاة شرقا .فضربوهم حىت مل يبق هلم شارد ( )9ففعل
يشوع هبم كما قال له الرب .عرقب خيلهم وأحرق مركباهتم ابلنار ( )10مث رجع يشوع
يف ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها ابلسيف .ألن حاصور كانت قبال رأس
مجيع تلك املمالك ( )11وضربوا كل نفس هبا حبد السيف ،حرموهم ومل تبق نسمة،
وأحرق حاصور ابلنار ( )12فأخذ يشوع كل مدن أولئك امللوك ومجيع ملوكها وضرهبم
حبد السيف .حرمهم كما أمر موسى عبد الرب ( )13غري أن املدن القائمة على تالهلا
مل حيرقها إسرائيل ما عدا حاصور وحدها أحرقها يشوع ( )14وكل غنيمة تلك املدن
والبهائم هنبها بنو إسرائيل ألنفسهم .و ّأما الرجال فضربوهم مجيعاً حبد السيف حىت
أابدوهم .مل يبقوا نسمة ( )15كما أمر الرب موسى عبده هكذا أمر موسى يشوع
وهكذا فعل يشوع .مل يهمل شيئاً من كل ما أمر به الرب موسى ( )16فأخذ يشوع كل
تلك األرض اجلبل وكل اجلنوب وكل أرض جوشن والسهل والعربة وجبل إسرائيل وسهله
( )17من اجلبل األقرع الصاعد إىل سعري إىل بعل جاد يف بقعة لبنان حتت جبل
حرمون ،وأخذ مجيع ملوكها وضرهبم وقتلهم ( )18فعمل يشوع حرابً مع أولئك امللوك
أايماً كثرية ( )19مل تكن مدينة صاحلت بين إسرائيل إال احلويني سكان جبعون بل
أخذوا اجلميع ابحلرب ( )20ألنه كان من قبل الرب أن يشدد قلوهبم حىت يالقوا
إسرائيل للمحاربة فيحرموا فال تكون عليهم رأفة بل يبادون كما أمر الرب موسى ()21
.................................................................... 26إصدارات أنصار اإلمام املهدي
وجاء يشوع يف ذلك الوقت وقرض العناقيني من اجلبل من حربون ومن دبري ومن عناب
ومن مجيع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل .حرمهم يشوع مع مدهنم ( )22فلم يتبق
عناقيون يف أرض بين إسرائيل لكن بقوا يف غزة وجت وأشدود ( )23فأخذ يشوع كل
األرض حسب كل ما كلم به الرب موسى وأعطاها يشوع ملكا إلسرائيل حسب فرقهم
وأسباطهم ،واسرتاحت األرض من احلرب).
هذه صورة جلانب من األايم اليت قضاها يوشع بن نون يف اجلهاد والقتال
إلعالء كلمة هللا ونشر دين هللا والتوحيد على هذه االرض .وحيسن اإللتفات إىل ع ّدة
جوانب فيما خيص جهاد يوشع ومن معه لرتتب فائدة على معرفتها هي:
-1إ ّن الذين كانوا مع يوشع بن نون هم ذراري بين إسرائيل الذين عربوا مع
موسى البحر ،فأولئك ماتوا يف التيه الذي عاقبهم هللا به لتمردهم على أمر هللا ابجلهاد
ِّ
بوسى إِّ َّان لَ ْن نَ ْد ُخلَ َها أَبَداً َما َد ُاموا ف َيها فَا ْذ َه ْ
والقتال يف سبيله حيث ﴿قَالُوا َاي ُم َ
ك فَـ َقاتِّال إِّ َّان هاهنا قَ ِّ
اع ُدو َن﴾(.)1 أَنْ َ
ت َوَربُّ َ
َ َُ
والتيه كان عقوبة إصالحية ،كانت نتيجتها هؤالء األبناء الصاحلني الذين جاهدوا مع
يوشع وصي موسى ودخلوا األرض املقدسة.
-2إ ّن عدد الذين عربوا مع موسى من مصر أكرب بكثري من الذين قاتلوا مع
يوشع ،فالكثرة مل تنفع ملا كانت قلوب القوم مليئة حبب الدنيا ،والقلّة مل تضر ملا
كانت قلوب القوم مليئة حبب هللا سبحانه وتعاىل.
-3الذين كانوا مع يوشع أقل بكثري من اجليوش اجلرارة اليت واجهوها ،بل
كاف لفتح كل تلك البالد اليت فتحوها ،ولكن هللا وابحلساب املادي عددهم غري ٍّ
-1المائدة.24 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 27 ..................................................................................
-1البقرة.249 :
لإلجابة على هذا السؤال جيب بيان أ ّن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا على نوعني:
األول :هجومي ،والثاين :دفاعي .وسيتبني اجلواب من خالل البحث فيهما،
وسأعرض لكل منهما وأبني أسباب كل منهما:
ولعل أهم الشروط اليت يعدها الناس ذات أمهية كربى ،ورمبا يتخذها بعضهم عذراً
لتخلفه عن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا هي الع ّدة والعدد ،ورمبا يتخذ بعضهم الفرقة أو
قلة الوعي يف اجملتمع اإلمياين عذراً للتخلف عن اجلهاد ،وكال هذين األمرين داخالن يف
الع ّدة والعدد ،وسأعرض هلذه األمور الثالثة:
العدة والعدد:
كافال شك أ ّن هذا شرط لكل مواجهة قتالية فإذا مل تكن هناك ع ّدة وعدد ٍّ
للمواجهة العسكرية فستكون هذه املواجهة صعبة ورمبا غري ممكنة ،ولكن يبقى أ ّن شروط
املواجهة اهلجومية حبسب املعادلة العسكرية احلديثة تتطلب أن يكون عدد املهامجني
ضعف عدد املدافعني ،وطبعاً كلما رجحت ع ّدة املهامجني القتالية أمكن تقليل هذه
النسبة لصاحل املهامجني ،هذا حبسب القياسات املادية البحتة.
ّأما ابلنسبة للمؤمنني فاألمر أيخذ منحّن آخر واملعادلة العسكرية لدى املؤمنني
ني أَلَ ْن يَ ْك ِّفيَ ُك ْم أَ ْن ُميِّ َّد ُك ْم ول لِّل ِّ
ْم ْؤمنِّ َ
يدخل فيها الغيب ألهنم يؤمنون ابلغيب ﴿إِّ ْذ تَـ ُق ُ ُ
صِّربُوا َوتَـتَّـ ُقوا َو ََيْتُوُك ْم ِّم ْن فَـ ْوِّرِّه ْم ربُّ ُكم بِّثالثَِّة آالف ِّمن الْمالئِّ َك ِّة منـزلِّ
ني بَـلَى إِّ ْن تَ ْ ُْ َ َ َ َ َ ْ َ
ِّ ِّ ِّ ِّ
ني﴾(.)1 َه َذا ميُْد ْد ُك ْم َربُّ ُك ْم ِِّبَ ْم َسة آالف م َن ال َْمالئِّ َكةُ ُم َس ِّوم َ
ولدى املؤمنني سالح عظيم ال ميلكه اجلانب اآلخر هو الدعاء ،واالستغاثة ابهلل
اب لَ ُك ْم أَِّين ُممِّ ُّد ُك ْم ِِّبَلْف ِّم َن ال َْمالئِّ َك ِّة استَ َج َ
ِّ
القوي العزيز﴿ :إِّ ْذ تَ ْستَغيثُو َن َربَّ ُك ْم فَ ْ
ني﴾( ،)2وهللا الذي يستغيث به ويؤمن به املؤمنون خالق القلوب وبيده القلوب ِّ ِّ
ُم ْردف َ
فهو الذي ميلؤها ّقوة وثبااتً وهو الذي جيعلها خاوية خليَّة إالّ من الرعب واالنكسار:
آمنُوا َسأُل ِّْقي ِّيف قُـلُ ِّ ِّ َّ ِّ ِّ ِّ ﴿إِّ ْذ ي ِّ
وب ك إِّ َىل ال َْمالئ َكة أَِّين َم َع ُك ْم فَـثَـبتُوا الذ َ
ين َ وحي َربُّ َ ُ
ض ِّربُوا ِّم ْنـ ُه ْم ُك َّل بَـنَان﴾(.)1 ض ِّربوا فَـو َق ْاألَ ْعنَ ِّ
اق َوا ْ ب فَا ْ ُ ْ َ عْ الر
ُّ وار ف
َ
َ ُك
َ ين الَّ ِّ
ذ
ولذلك فإ ّن املعادلة العسكرية للمواجهة تنقلب رأساً على عقب هنا ،فيكفي للهجوم
أن يكون عدد املهامجني نصف عدد املدافعني الكفار ،بل يف بداية اإلسالم كان يكفي
أن يكون عدد املهامجني املؤمنني عُشر عدد املدافعني:
صابُِّرو َن يَـ ْغلِّبُوا ِّ ِّ ني َعلَى ال ِّْقتَ ِّ ِّ
ال إِّ ْن يَ ُك ْن م ْن ُك ْم ع ْش ُرو َن َ ض ال ُْم ْؤمنِّ ََّيب َح ِّر ِّ
﴿ َاي أَيُّـ َها النِّ ُّ
ِّ َّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّمائَـتَـ ْ ِّ
ن
ني َوإِّ ْن يَ ُك ْن م ْن ُك ْم مائَةٌ يَـغْلبُوا أَلْفاً م َن الذ َ
ين َك َف ُروا ِِّبَنَّـ ُه ْم قَـ ْوٌم ال يَـ ْف َق ُهو َ
صابَِّرةٌ يَـ ْغلِّبُوا ضعفاً فَِّإ ْن ي ُكن ِّم ْن ُكم ِّ اهلل َع ْن ُكم و َعلِّم أ َّ ِّ ْاْل َن َخ َّف َ
َ ة
ٌ ئ
َ ام ْ َ ْ َن في ُك ْم َ ْ ْ َ َ ف َُّ
ين﴾(.)2 اهللُ َم َع َّ ِّ
الصاب ِّر َ
ني ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
اهلل َو َّ ني َوإِّ ْن يَ ُك ْن ِّم ْن ُك ْم أَل ٌ
ْف يَـ ْغلِّبُوا أَلْ َف ْ ِّ ِّمائَـتَـ ْ ِّ
وهللا سبحانه وتعاىل ميد املؤمنني ابملالئكة ،ويقذف يف قلوب أعدائهم الرعب حىت
قبل أن يدعوه ويستغيثوا به سبحانه؛ ألهنم خرجوا يف سبيله وابتغاء مرضاته ونصراً لدينه
وأنبيائه ورسله ،وهو أوىل أن ينصر دينه وأنبياءه ورسله ،وإمنا ابتلى اخللق بطاعتهم
ونصرهتم ليعلم من يطيعه وينصره ابلغيب:
َّاس ِّابل ِّْق ْس ِّط ال وم ق
ُ ـ يْكتاب وال ِّْميزا َن لِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
﴿لََق ْد أ َْر َسلْنَا ُر ُسلَنَا ابلْبَـينَات َوأَنْـ َزلْنَا َم َع ُه ُم ال َ َ َ َ َ َ ُ
ن
ب إِّ َّن
ص ُرهُ َوُر ُسلَهُ ِّابلْغَْي ِّ َّاس َولِّيَـ ْعلَ َم َّ
اهللُ َم ْن يَـ ْن ُ ْس َش ِّدي ٌد َوَمنَافِّ ُع لِّلن ِّ ِّ ِّ ِّ
َوأَنْـ َزلْنَا ا ْحلَدي َد فيه َِب ٌ
ي َع ِّز ٌيز﴾(.)3 اهللَ قَ ِّو ٌّ
َّ
ب﴾ الثبات واملالئكة وأيضاً الرعب يف قلوب ص ُرهُ َوُر ُسلَهُ ِّابلْغَْي ِّ
وهكذا يرافق ﴿ َم ْن يَـ ْن ُ
الذين كفروا ،وكلها أسلحة غيبية يؤمن هبا املؤمنون وتدركها بصائرهم:
وبآمنُوا َسأُل ِّْقي ِّيف قُـلُ ِّ ين ك إِّ َىل الْمالئِّ َك ِّة أَِّين مع ُكم فَـثَـبِّتُوا الَّ ِّ
ذ َ ب
ُّر ي ﴿إِّ ْذ ي ِّ
وح
َ َ َ ْ َ َ َ ُ
ض ِّربُوا ِّم ْنـ ُه ْم ُك َّل بَـنَان﴾(.)1 اق َوا ْ ض ِّربوا فَـو َق ْاألَ ْعنَ ِّ
ب فَا ْ ُ ْ الر ْع َ
ين َك َف ُروا ُّ َّ ِّ
ال ذ َ
-1األنفال.12 :
-2األنفال.66 – 65 :
-3الحديد.25 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 31 ..................................................................................
هلل َما َملْ يُـنَـ ِّز ْل بِّ ِّه ُس ْلطَاانً الر ْعب ِّمبَا أَ ْشرُكوا ِّاب َِّّ
ُّ وا ر ف
َ كَ ين وب الَّ ِّ
ذ ِّ ل
ُ ـ
ُ ق يفِّ ي ﴿سنُـل ِّ
ْق
َ َ َ ُ َ
ِّ
ني﴾(.)2 س َمثْـ َوى الظَّال ِّم َ اهم الن ِّ
َّار َوب ْئ َ
َوَمأ َْو ُ ُ ُ
وهبِّ ُم
ف ِّيف قُـلُ ِّ اب ِّمن صي ِّ ِّ ﴿وأَنْـز َل الَّ ِّذين ظَاهر ِّ
اص ِّيه ْم َوقَ َذ َ وه ْم م ْن أ َْه ِّل الْكتَ ِّ ْ َ َ َ َُ ُ َ َ
ب فَ ِّريقاً تَـ ْقتُـلُو َن َو َأت ِّْس ُرو َن فَ ِّريقاً﴾(.)3 الر ْع َ
ُّ
اب ِّم ْن ِّد َاي ِّرِّه ْم ِّأل ََّو ِّل ا ْحلَ ْش ِّر َما ﴿هو الَّ ِّذي أَ ْخرج الَّ ِّذين َك َفروا ِّمن أ َْه ِّل ال ِّ
ْكتَ ِّ َ ُ ْ ََ َُ
ث َملْ اهللُ ِّم ْن َح ْي ُ
اهلل فَأ َََت ُه ُم َّ ظَنـ ْنـتم أَ ْن َخيْرجوا وظَنُّوا أَنَّـهم مانِّعتـهم حصونُـهم ِّمن َِّّ
ُ ْ َ َُ ُ ْ ُ ُ ُ ْ َ ُُ َ َ ُْ
ِّ ِّ ِّ ََْيتَ ِّسبُوا َوقَ َذ َ
ب ُخيْ ِّربُو َن بُـيُوتَـ ُه ْم ِِّبَيْد ِّيه ْم َوأَيْدي ال ُْم ْؤمنِّ َ
ني فَا ْعتَِّربُوا َاي وهبِّ ُم ُّ
الر ْع َ
ف ِّيف قُـلُ ِّ
ار﴾(.)4 ص ِّ
ُويل ْاألَبْ َ أ ِّ
وكما قدمت فإ ّن عدد وع ّدة املؤمنني الذين قاتلوا مع يوشع بن نون كانت أقل بكثري
من الشعوب الكافرة اليت واجهوها ،وكذلك احلال ابلنسبة لطالوت واجلماعة املؤمنة
الذين معه ،بل إ ّن يف قصة طالوت ومجاعته آية من هللا سبحانه وتعاىل ،فداود الشاب
وأصغر القوم سنّاً والذي ختلو يده من السالح -فلم يكن معه إالّ مقالع وأحجار -
حيقق الضربة القاضية على جيش جالوت ويقتل جالوت ويكون السبب الرئيسي يف
هزمية جيش جالوت:
وت﴾(.)5 ﴿فَـهزموهم ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
اهلل َوقَـتَ َل َد ُاو ُد َجالُ َ َ َُ ُ ْ
مل تكن يف هذه القصة فقط الفئة املؤمنة القليلة العدد الضعيفة الع ّدة غلبت الفئة
الكافرة الكثرية العدد القوية الع ّدة ،بل إ ّن أضعف عدد وأقل ع ّدة -داود
وأحجاره -حققت النصر يف هذه املعركة ،مل يكن أحد من الناس حىت املؤمنون حيسب
-1األنفال.12 :
-2آل عمران.151 :
-3األحزاب.26 :
-4الحشر.2 :
-5البقرة.251 :
.................................................................... 32إصدارات أنصار اإلمام املهدي
لداود -صغري السن -وأحجاره حساابً يف هذه املعركة لكن هللا تكلم بداود وأبحجار
داود ،أراد هللا أن يقول هبذه اآلية أن ال ّقوة إالّ ابهلل.
روي عن أيب عبد هللا أنه قال( :القليل الذين مل يشربوا ومل يغرتفوا ثالث مائة
وثالثة عشر رجالً ،فلما جاوزوا النهر ونظروا إىل جنود جالوت قال الذين شربوا
ود ِّه﴾ ،وقال الذين مل يشربواَ ﴿ :ربَّنا أَفْ ِّر ْ
غ َعلَْينا وت وجنُ ِّ ِّ
منه﴿ :ال طاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبالُ َ َ ُ
ين﴾. ِّ
ر ت أَقْدامنا وانْصران َعلَى الْ َقوِّم الْكافِّ ص ْرباً َوثَـبِّ ْ
َ ْ َ َ ُْ َ
فجاء داود حىت وقف ِبذاء جالوت ،وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه
التاج وفيه ايقوت يلمع نوره وجنوده بني يديه ،فأخذ داود من تلك األحجار حجراً
فرمى به يف ميمنة جالوت ،فمر يف اهلواء و وقع عليهم فاهنزموا ،وأخذ حجراً آخر
فرمى به يف ميسرة جالوت فوقع عليهم فاهنزموا ،ورمى جالوت ِبجر اثلث فصك
وه ْم
الياقوتة يف جبهته ووصل إىل دماغه ووقع إىل األرض ميتاً فهو قوله﴿ :فَـ َه َزُم ُ
ْك َوا ْحلِّ ْك َمةَ﴾) (.)1 وت َوآَتهُ َّ
اهللُ ال ُْمل َ داو ُد جالُ َ ل ت ـَقو ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
اهلل
َ َ َُ
فينبغي أن أتخذ معادلة الع ّدة والعدد منحّن آخر إذا كان القتال يف سبيل هللا فيكون
النظر إليها حمدوداً ،ال إهنا متثل عائقاً دائماً عن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا ،فاملطلوب
استَطَ ْعتُ ْم ِّم ْن ِّ
أعدوا هلم ما استطعتم والباقي على هللا سبحانه وتعاىلَ ﴿ :وأَع ُّدوا َهلُ ْم َما ْ
آخ ِّرين ِّمن ُد ِّ
وهنِّ ْم ال تَـ ْعلَ ُمونَـ ُه ُم َ و م ك
ُوَّ د
ُ ع
َ و اخلَي ِّل تُـرِّهبو َن بِّ ِّه ع ُد َّو َِّّ
اهلل َ ْ طقُـ َّوة وِّمن ِّراب ِّ
ْ َ َ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ
ف إِّلَْي ُك ْم َوأَنْـتُ ْم ال تُظْلَ ُمو َن﴾(.)2 يل َِّّ
اهلل يُـ َو َّ اهللُ يَـ ْعلَ ُم ُه ْم َوَما تُـ ْن ِّف ُقوا ِّم ْن َش ْيء ِّيف َسبِّ ِّ
َّ
ت فِّئَةً َكثِّ َريًة وآمنوا وتيقنوا أنه ما النصر إال من عند هللاَ ﴿ :ك ْم ِّم ْن فِّئَة قَلِّيلَة غَلَبَ ْ
اهللُ َم َع َّ ِّ ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
ين﴾(.)3 الصاب ِّر َ اهلل َو َّ
يبني أحقية الرسل وأتباعهم وذلك عندما يكونون قلّة فيأىب هللا سبحانه وتعاىل إالّ أن ّ
مستضعفة فينصرهم هللا على عدوه وعدوهم مع أهنم كثرة متعالية مستكربة.
جيرد دينه والدعوة إليه من أي مغرايت دنيوية أووهكذا دائماً فإ ّن هللا سبحانه وتعاىل ّ
سلطوية ليدخل يف دينه وجياهد يف سبيله من يدخل وجياهد ،وهو ال يريد إالّ هللا ووجه
وحفت النار ابلشهوات ،فدين هللا احلق ال ُحيف هللا ،هكذا دائماً ُحفت اجلنة ابملكاره ُ
ابلشهوات بل ابملكاره فالتفتوا اي أويل األلباب.
وحفت النار ابلشهوات) (.)1
قال رسول هللا ُ ( :حفت اجلنة ابملكارهُ ،
وقال رسول هللا ( :احلق ثقيل مر ،والباطل خفيف حلو) (.)2
الوحدة:
الوحدة ضرورية ألي جمتمع قتايل وإالّ فإ ّن الفرقة يف اجملتمع القتايل نتيجتها اهلزمية ال
اصِّربُوا إِّ َّن َّ حمالة ﴿وأ ِّ
اهللَ َم َع ب ِّرَيُ ُك ْم َو ْاهللَ َوَر ُسـولَهُ َوال تَـنَ َازعُوا فَـتَـ ْف َشلُوا َوتَ ْذ َه َ َطيعُوا َّ َ
َّ ِّ
ين﴾( ،)3وخصوصاً إذا كانت املواجهة مع عدو متفوق ابلع ّدة والعدد ،ولكن الصـاب ِّر َ
هذه الوحدة مل تتحقق فيما مضى ،فلم يكن بنو إسرائيل مع موسى أو مع يوشع أو
داوود وسليمان متحدين ،بل يوجد كثري وكثري جداً من املنافقني الذين ال يسلم موسى
نفسه من ألسنتهم فضالً عن غريه:
اهلل إِّلَْي ُك ْم فَـلَ َّما وسى لَِّق ْوِّم ِّه َاي قَـ ْوِّم ِّملَ تُـ ْؤذُونَِّين َوقَ ْد تَـ ْعلَ ُمو َن أَِّين َر ُس ُ
ول َِّّ
ال ُم َ ﴿ َوإِّ ْذ قَ َ
ني﴾(.)4 ِّ ِّ ِّ اهللُ قُـلُوبَـ ُه ْم َو َّ
غ َّ
اهللُ ال يَـ ْهدي الْ َق ْوَم الْ َفاسق َ َزاغُوا أ ََزا َ
ومع ذلك مل يتوا َن هؤالء األنبياء عن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا ،وكان املسلمون مع
اض عن هذا وهذا ينافق على هذا ،وهم رسول هللا غري متحدين بل هذا غري ر ٍّ
يقاتلون مع رسول هللا حىت ورد عن اإلمام الصادق يف قراءة هذه اآلية هكذا:
اهم َج َهنَّم وبِّ ِّ َّيب ج ِّ
اه ِّد الْ ُك َّفار ابلْمنَافِّ ِّ
سَ ئ
ْ َ ُ ْ ُ ْو
َ أمَوَ م
ْ ه ي
ْ ل
َ ع
َ ظْ ل
ُ غ
ْ اوَ ني
َ ق ُ َ ﴿ َاي أَيُّـ َها النِّ ُّ َ
اب ُمنَافِّ ُقو َن َوِّم ْن أ َْه ِّل ال َْم ِّدينَ ِّة َم َر ُدوا صري﴾ ،وقال تعاىلَ ﴿ :وِّممَّ ْن َح ْولَ ُك ْم ِّم َن ْاألَ ْعر ِّ ِّ
َ ال َْم ُ
ني ُُثَّ يُـ َردُّو َن إِّ َىل َع َذاب اق ال تَـ ْعلَ ُم ُه ْم ََْن ُن نَـ ْعلَ ُم ُه ْم َسنُـ َع ِّذبُـ ُه ْم َم َّرتَـ ْ َِّعلَى النِّ َف ِّ
َع ِّظيم﴾(.)1
ومع علي بن أيب طالب أمر الفرقة والتشتت أبني من الشمس ،حىت محلوه
ردد هذا املعّن( :عجبت من اجتماع هؤالء
ومرات ّ
آالماً مألت كبده قيحاًّ ،
القوم على ابطلهم وتفرقكم عن حقكم)( ،)2وقال عندما ضربه بن ملجم لعنه
هللا( :فزت ورب الكعبة) ،ومل يكن فقط فوزاً برضا هللا سبحانه وتعاىل واجلنة ،بل أيضاً
وجرعوه الغصص كان فوزاً ابخلالص من أولئك القوم الذين كانوا ي ّدعون أهنم شيعة ّ
نتيجة اختالفهم وتشتت آرائهم وعدم توحدهم على كلمة إمامهم.
فالنتيجة الوحدة بشكل كامل غري متحصلة يف املاضي ،فاملطلوب إذاً وحدة جمموعة
معتد هبا والتفافهم حول احلق على أن تكون هلذه اجملموعة الع ّدة والعدد للجهاد والقتال
يف سبيل هللا ،ولو ابنضمام مجاعة من املنافقني فيما بعد ،أي الذين دخلوا يف اإلسالم
ِّ ِّ ِّ
َسلَ ْمنَا
آمنَّا قُ ْل َملْ تُـ ْؤمنُوا َولَك ْن قُولُوا أ ْ ومل يدخل اإلميان يف قلوهبم ﴿قَالَت ْاألَ ْع َر ُ
اب َ
-1التوبة.101 :
-2عن أمير المؤمنين ( :فيا عجبا ً وهللا يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤالء القوم على باطلهم
وتفرقكم عن حقكم فقبحا ً لكم وترحا ً حين صرتم غرضا يرمى يغار عليكم وال تغيرون .وتغزون وال
تغزون .ويعصى هللا وترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا يسبخ
عنا الحر وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القر أمهلنا ينسلخ عنا البرد ،كل هذا فرارا
من الحر والقر فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فإذا أنتم وهللا من السيف أفر .يا أشباه الرجال وال رجال.
حلوم األطفال .وعقول ربات الحجال .لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم .معرفة وهللا جرت ندما وأعقبت
سدما قاتلكم هللا لقد مألتم قلبي قيحا .وشحنتم صدري غيظا .وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا .وأفسدتم
على رأيي بالعصيان والخذالن حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن ال علم له
بالحرب هلل أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا ً وأقدم فيها مقاما مني ،لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين
،وها أنا ذا قد ذرفت على الستين .ولكن ال رأي لمن ال يطاع) نهج البالغة بشرح محمد عبده :ج1
ص.69
اجلهـاد بـاب اجلنــة 35 ..................................................................................
-1الحجرات.14 :
-2هود.40 :
-3سبأ.13 :
-4ص.24 :
-5الرعد.1 :
-6هود.17 :
.................................................................... 36إصدارات أنصار اإلمام املهدي
،فقلة وعي اجملتمع لفكرة الثورة اإلهلية ال يكون مانعاً للجهاد والقتال إلعالء كلمة
هللا ،ولكنه يكون عائقاً وعقبة تزول مع الوقت ،بل إ ّن فيه امتحاانً للمؤمنني وحلاهلم
ومدى يقينهم ورسوخ إمياهنم ابلقتال إلعالء كلمة هللا مع ويل هللا وخليفته يف أرضه أو
من ينصبه هو للقيام هبذا األمر.
فالوقوف عكس التيار ليس ابألمر اليسري ولكنه حال مجيع األنبياء واملرسلني ومن
اتبعهم من املؤمنني ،فلم يستقبل قوم نبياً ابألحضان كما هو بني يف القرآن والكتب
السماوية ،ومل ينهض معه قومه للقتال وإعالء كلمة هللا ولكن آمن معه قليل ،ونصره
ين َك َف ُروا ِّم ْن قَـ ْوِّم ِّه َما َّ ِّ
ال ال َْم ََلُ الذ َ قليل ،أو كما يعرب عنهم العلماء غري العاملني﴿ :فَـ َق َ
الرأْ ِّي َوَما نَـ َرى لَ ُك ْم ي َّ ِّ ِّ
ين ُه ْم أ ََراذلُنَا َابد َ
َّ ِّ
ك إَِّّال الذ َ اك اتَّـبَـ َع َ اك إَِّّال بَ َشراً ِّمثْـلَنَا َوَما نَـ َر َ نَـ َر َ
ني﴾(.)1 ِّ
ضل بَ ْل نَظُنُّ ُك ْم َكاذبِّ َ َعلَْيـنَا ِّم ْن فَ ْ
فمع طالوت يعرب النهر فقط ( )313رجالً ،وهم أيضاً الع ّدة اليت مع رسول هللا
الود قَ َ وت ِّاب ْجلنُ ِّ
ص َل طَالُ ُ ُ يف بدر ،وهم أصحاب القائم أيضاً ،قال تعاىل﴿ :فَـلَ َّما فَ َ
س ِّم ِّين َوَم ْن َملْ يَط َْع ْمهُ فَِّإنَّهُ ِّم ِّين إَِّّال َم ِّن َ ي
ْ ل
َ ـ
َف ه
ُ ن
ْ اهلل مبـتلِّي ُكم بِّنـهر فَمن َش ِّرب ِّ
م َ إِّ َّن ََّ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ
َّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
آمنُوا َم َعهُ قَالُوا ين َ ف غُ ْرفَةً بيَده فَ َش ِّربُوا م ْنهُ إَِّّال قَليالً م ْنـ ُه ْم فَـلَ َّما َج َاوَزهُ ُه َو َوالذ َ ا ْغتَـ َر َ
اهلل َك ْم ِّم ْن فِّئَة قَلِّيلَة ال الَّ ِّذين يظُنُّو َن أَنَّـهم مالقُو َِّّ
ُْ ُ ََ ود ِّه قَ َوت وجنُ ِّ ِّ
ال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبَالُ َ َ ُ
ود ِّه قَالُوا َربَّـنَاوت وجنُ ِّ ِّ اهللُ َم َع َّ ِّ ت فِّئَةً َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
ين َ ولَ َّما بَـ َرُزوا جلَالُ َ َ ُ الصاب ِّر َ اهلل َو َّ َ غَلَبَ ْ
ِّ ِّ
ين﴾(.)2 ص ْرَان َعلَى الْ َق ْوم الْ َكاف ِّر َ ت أَقْ َد َامنَا َوانْ ُ ص ْرباً َوثَـبِّ ْ غ َعلَْيـنَا َ أَفْ ِّر ْ
على املؤمنني ،بل هو مسألة فطرية وغريزية حىت لدى احليواانت فهي تدافع عن
أعشاشها وأوكارها وجحورها.
وال خيتلف الناس يف جواز القتال دفاعاً عن األرض ،وحىت القوانني العلمانية يف األمم
املتحدة اآلن تعترب مقاومة احملتلني من قبل أهل البلد األصليني مشروعة .والعجب كل
العجب أ ّن أئمة الضاللة يف هذا الزمان اضطروان للدفاع عن هذا احلق الذي شرعه هللا
ووافق الفطرة والغريزة وأقره مجيع الناس ،ولكنهم خونة خانوا هللا سبحانه وتعاىل ورضوا
ابحلياة الدنيا واطمأنوا هبا واشرتوا احلياة الدنيا ورضا أمريكا والغرب املادي بسخط هللا،
َّص َارى َح َّىت تَـتَّبِّ َع ِّملَّتَـ ُه ْم قُ ْل إِّ َّن ُه َدى
ود َوال الن َ
ك الْيَـ ُه ُ
ضى َع ْن َ قال تعاىلَ ﴿ :ولَ ْن تَـ ْر َ
اهلل ِّم ْن
ك ِّمن َِّّ
َ َ ل
َ ا مَ ِّ
ْم ل ت أ َْهواء ُهم بـ ْع َد الَّ ِّذي جاء َك ِّمن ال ِّ
ْع َ َ َ َ ْ ََ َ ع
ْ ـَب َّ
ـ ت ا ِّ
ن َ َ
َِّّ
اهلل ُهو ا ْهلَُدى ولَئِّ
صري﴾(.)1 وِّيل وال نَ ِّ
َ َ
ويف مكارم األخالق من مجلة وصااي رسول هللا البن مسعود( :ايبن مسعود
اإلسالم بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوىب للغرابء ،فمن أدرك ذلك الزمان ممن
يظهر من أعقابكم فال يسلم عليهم يف انديهم ،وال تشيع جنائزهم ،وال يعود
مرضاهم فإهنم يستسنون بسنتكم ويظهرون بدعواكم وخيالفون أفعالكم فيموتون
على غري ملتكم ،أولئك ليسوا مين ولست منهم.
إىل أن يقول :ايبن مسعود َييت على الناس زمان الصابر فيه على دينه مثل
القابض بكفه اجلمرة فإن كان يف ذلك الزمان ذئباً وإال أكلته الذائب.
ايبن مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة اال إهنم أشرار خلق هللا ،وكذلك
أتباعهم ومن َيتيهم وَيخذ منهم وَيبهم وجيالسهم ويشاورهم أشرار خلق هللا
يدخلهم انر جهنم صم بكم عمي فهم ال يرجعون ،وَنشرهم يوم القيامة على
-1البقرة.120 :
.................................................................... 38إصدارات أنصار اإلمام املهدي
وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم كلما خبت زدانهم سعرياً ،كلما نضجت
جلودهم بدلناهم جلوداً غريها ليذوقوا العذاب ،إذا القوا فيها مسعوا هلا شهيقاً وهي
تفور تكاد متيز من الغيظ كلما أرادوا أن خيرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقيل هلم
ذوقوا عذاب احلريق ،هلم فيها زفري وهم فيها ال يسمعون.
ايبن مسعود ،يدعون أهنم على ديين وسنيت ومنهاجي وشرايعي إهنم مين براء وأان
منهم برئ.
ايبن مسعود ،ال جتالسوهم يف املالء ،وال تبايعوهم يف األسواق ،وال هتدوهم إىل
الدنْـيا وِّزينـتـها نُـو ِّ
ف الطريق ،وال تسقوهم املاء ،قال هللا تعاىلَ ﴿ :من َكا َن يُ ِّري ُد ا ْحلَيَا َة ُّ َ َ َ َ َ َ
سو َن﴾( ،)1يقول هللا تعاىلَ ﴿ :من َكا َن يُ ِّري ُد خ
َ ب ـ ي ال
َ ايه إِّلَي ِّهم أَ ْعما َهلم فِّيها وهم فِّ
ُ ُ ْ َ ْ ْ َ ُْ َ َ ُ ْ
الدنْـيَا نُؤتِِّّه ِّم ْنـ َها َوَما لَهُ ِّيف ْاْل ِّخ َرِّة
ث ُّث ْاْل ِّخ َرِّة نَ ِّز ْد لَهُ ِّيف َح ْرثِِّّه َوَمن َكا َن يُ ِّري ُد َح ْر َ َح ْر َ
صيب﴾(.)2 ِّمن نَّ ِّ
ايبن مسعود ،وما أكثر ما تلقى أميت منهم العداوة والبغضاء واجلدال أولئك
أذالء هذه األمة يف دنياهم ،والذي بعثين ابحلق ليخسفن هللا هبم وميسخهم قردة
وخنازير.
قال :فبكى رسول هللا وبكينا لبكائه وقلنا :اي رسول هللا :ما يبكيك؟ فقال :رمحة
ت َوأ ُِّخ ُذوا ِّمن َّم َكان
لَلشقياء ،يقول هللا تعاىلَ ﴿ :ولَ ْو تَـ َرى إِّ ْذ فَ ِّزعُوا فَ َال فَـ ْو َ
قَ ِّريب﴾( ،)3يعين العلماء والفقهاء.)4( )...
فهذا حال فقهاء آخر الزمان على لسان رسول هللا ،فال حجة ملن يتبعهم وهم
يعطلون فريضة اجلهاد الدفاعي.
-1هود. 15 :
-2الشورى.20 :
-3سبأ.51 :
-4مستدرك الوسائل :ج 12ص ،327إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب :ج 2ص.131
اجلهـاد بـاب اجلنــة 39 ..................................................................................
ويبقى التساؤل إذا كان الدفاع عن األرض والوطن الذي يستوطنه اإلنسان هو موافق
تين َحنِّيفاً فِّط َْر َ ك لِّ ِّ
لد ِّ للفطرة ،والفطرة هي فطرة هللا اليت فطر الناس عليها ﴿فَأَقِّ ْم َو ْج َه َ
ين الْ َقيِّ ُم َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ
َّاس ال اهلل الَِّّيت فَطَر النَّاس علَيـها ال تَـب ِّديل ِّخلَل ِّْق َِّّ
اهلل َذلِّ َ ِّ َِّّ
ك الد ُ َ ْ َ ْ َ َ َ
يَـ ْعلَ ُمو َن﴾( ،)1وهي احلق ،فهل يكون دفاع أهل الشرك والكفر وقتاهلم لويل هللا وخليفته
يف أرضه إذا هاجم املؤمنون أرضهم حقاً ؟!
واجلواب :إ ّن حب األرض والوطن من الفطـرة اجلسمانية أي الغرائز ،وعلى اإلنسان
أن يوجهها ابالجتاه الصحيح وإالّ فإهنا ستكون وابالً عليه ،فيجب أن حيب اإلنسان
لبلده اخلري والصالح والعدل ال أن حيب له الشر والفساد والظلم ،ومن املؤكد أ ّن خليفة
هللا يف أرضه يريد نشر كلمة ال إله إالّ هللا يف كل األرض ،ويريد ألهل األرض اخلري
والصالح والعدل ،فهو يريد أن ميأل األرض قسطاً وعدالً ،فيكون حب األرض والوطن
والدفاع عن البلد هو الوقوف مع ويل هللا وخليفته يف أرضه ،وتسهيل دخوله إىل األرض
والوطن لينشر اخلري والصالح والعدل ودين احلق ،فالذي يقاتل ويل هللا وخليفته يف أرضه
ال يريد ألرضه ووطنه اخلري والصالح ،بل يريد أن يبقى الظلم والفساد واجلور على
األرض بتسلط أهل الباطل على هذه األرض وبقاء دولة الطاغوت.
جواب السؤال:
تبني جواب السؤال اجلهاد ملاذا ؟ وأظن أنّه مما مضى ّ
ين َك َف ُروا يل َِّّ َّ ِّ
آمنُوا يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ َّ ِّ
اهلل َوالذ َ ين َ وهو إعالء كلمة هللا ،قال تعاىل﴿ :الذ َ
ان َكا َن الش ْيطَ ِّ الش ْيطَ ِّ
ان إِّ َّن َك ْي َد َّ اء َّ ِّ ِّ يـ َقاتِّلُو َن ِّيف سبِّ ِّ َّ ِّ
يل الطاغُوت فَـ َقاتلُوا أ َْوليَ َ َ ُ
ض ِّعيفاً﴾(.)2 َ
-1الروم.30 :
-2النساء.76 :
.................................................................... 40إصدارات أنصار اإلمام املهدي
واحلقيقة أ ّن جند الشيطان قد أعلنوا احلرب على جند هللا وعلى الثقافة اإلهلية واليت
ويقررون أ ّن حكم ترتكز على وجود خليفة هلل يف أرضه ،فهم حبسب دميقراطيتهم يرون ّ
اإلمام املهدي وعيسى وإيليا يساوي حكم صدام (لعنه هللا)؛ ألهنا
مجيعاً يف نظرهم دكتاتورية ،فال سبيل إلقامة حاكمية هللا إالّ توعية اجملتمع اإلهلي مث
القوة.
ّ
كما أهنم -أي جند الشيطان -أقاموا حاكمية الناس (الدميقراطية) ونقضوا حاكمية
هلل َوال ِّابلْيَـ ْوِّم ْاْل ِّخ ِّر َوال َُيَ ِّرُمو َن َما
هللا ابخلداع والقوة﴿ :قَاتِّلُوا الَّ ِّذين ال يـ ْؤِّمنو َن ِّاب َِّّ
َ ُ ُ ّ
اب َح َّىت يُـ ْعطُوا ا ْجلِّْزيَةَ َع ْن ِّ ِّ َّ ِّ ِّ ِّ
ين أُوتُوا الْكتَ َ ين ا ْحلَ ِّق م َن الذ َ َح َّرَم َّ
اهللُ َوَر ُسولُهُ َوال يَدينُو َن د َ
يد وهم ص ِّ
اغ ُرو َن﴾(.)1 َ َُْ َ
***
يضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه :هذا مؤمن حقاً ،ويضعه على وجه كل كافر فينكتب هذا كافر
حقاً ،حتى إن المؤمن لينادي :الويل لك يا كافرّ ،
وإن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن ،وددت أني اليوم
كنت مثلك فأفوز فوزاً عظيما ً )...كمال الدين :ص.526
-1التوبة.29 :
الدعوة إىل هللا سبحانه وتعاىل وإىل دينه احلق وإىل طاعة خليفة هللا يف أرضه تبدأ
ابلكلمة.
اد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ِّه َيك ِّاب ْحلِّ ْكم ِّة والْمو ِّعظَ ِّة ا ْحلسنَ ِّة وج ِّ يل َربِّ َقال تعاىل﴿ :ا ْدعُ إِّ َىل َسبِّ ِّ
ََ ََ َ َ َْ
ض َّل َعن سبِّيلِّ ِّه وهو أَ ْعلَم ِّابلْم ْهتَ ِّ ِّ َح َس ُن إِّ َّن َربَّ َ
ين﴾(.)1 ك ُه َو أَ ْعلَ ُم مبَ ْن َ ْ َ َ ُ َ ُ ُ َ
د أْ
ب بِّ ِّكتَ ِّايب َه َذا فَأَل ِّْق ْه إِّلَْي ِّه ْم ُُثَّ تَـ َو َّل َع ْنـ ُه ْم فَانْظُْر وسليمان بدأ ابلكلمة﴿ :ا ْذ َه ْ
َما َذا يَـ ْرِّجعُو َن﴾(.)2
رميٌ اب َك ِّ ت اي أَيُّـها الْم ََلُ إِِّّين أُل ِّْقي إِّ ََّ ِّ
يل كتَ ٌ َ وكان كتاابً كرمياً وحكيماً ورحيماً﴿ :قَالَ ْ َ َ َ
الرِّح ِّيم﴾( ،)3أي إنه موسوم ابلرمحة. الر ْمحَ ِّن َّ
هلل َّإِّنَّه ِّمن سلَيما َن وإِّنَّه بِّس ِّم ا َِّّ
ُ ْ ُ َْ َ ُ ْ
ك ِّاب ْحلِّ ْك َم ِّة َوال َْم ْو ِّعظَ ِّةيل َربِّ َ مث تنتقل إىل اجملادلة ابليت هي أحسن﴿ :ا ْدعُ إِّ َىل َسبِّ ِّ
ض َّل َع ْن َسبِّيلِّ ِّه َو ُه َو أَ ْعلَ ُم ك ُه َو أَ ْعلَ ُم ِّمبَ ْن َ ِّ ِّ ِّ
ا ْحلَ َسنَة َو َجاد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ه َي أ ْ
َح َس ُن إِّ َّن َربَّ َ
ين﴾. ِّابلْم ْهتَ ِّ
د
ُ َ
ني َوا ْغلُ ْظ َعلَْي ِّه ْم ِّ ِّ مث تنتقل إىل القول الغليظ﴿ :اي أَيُّـها النِّ ُّ ِّ ِّ
َّيب َجاهد الْ ُك َّف َار َوال ُْمنَافق َ َ َ
صريُ﴾(.)4 اهم ج َهنَّم وبِّْئس الْم ِّ
َوَمأ َْو ُ ْ َ ُ َ َ َ
-1النحل.125 :
-2النمل.28 :
-3النمل.30 – 29 :
-4التوبة ،73 :التحريم .9 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 43 ..................................................................................
-1النمل.37 :
قصة طالوت:
مجاعة طالوت هم مجاعة مؤمنة من بين إسرائيل حبسوا أنفسهم على أمر هللا سبحانه
يفرج
وتعاىل ،وحاشا هلل سبحانه وتعاىل أن يرتك من حبسوا أنفسهم على أمره دون أن ّ
عنهم ،فلم يقبلوا حاكمية الناس واالنتخاابت الختيار ملك هلم ،بل طلبوا من هللا
سبحانه وتعاىل أن يعيـّن هلم ملكاً؛ ألهنم مؤمنون حباكمية هللا سبحانه وتعاىل وال يرضون
ائيل ِّم ْن ِّ ِّ ِّ ِّ
ابلبديل الشيطاين عنها ،وهو حاكمية الناس﴿ :أَ َملْ تَـ َر إ َىل ال َْمَل م ْن بَِّين إ ْسر َ
ال َه ْل َع َس ْيـتُ ْم إِّ ْن يل َِّّ
اهلل قَ َ ث لَنَا َم ِّلكاً نُـ َقاتِّ ْل ِّيف َسبِّ ِّ وسى إِّ ْذ قَالُوا لِّنَِّيب َهلُ ُم ابْـ َع ْ ِّ
بَـ ْعد ُم َ
اهلل َوقَ ْد أُ ْخ ِّر ْجنَا ِّم ْن
يل َِّّ ال أ ََّال تُـ َقاتِّلُوا قَالُوا َوَما لَنَا أ ََّال نُـ َقاتِّ َل ِّيف َسبِّ ِّ ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ ِّ
ُكت َ
ال تَـولَّوا إَِّّال قَلِّيالً ِّم ْنـهم و َّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
يم
اهللُ َعل ٌ ُْ َ ب َعلَْي ِّه ُم الْقتَ ُ َ ْ د َاي ِّرَان َوأَبْـنَائنَا فَـلَ َّما ُكت َ
ِّ
ني﴾(.)1 ِّابلظَّال ِّم َ
ولكن هل ختلو مجاعة مؤمنة من املنافقني ؟ وهكذا اعرتض املنافقون على أمر هللا
ََّن يَ ُكو ُن وت َملِّكاً قَالُوا أ َّ ث لَ ُك ْم طَالُ َ ال َهلُ ْم نَبِّيُّـ ُه ْم إِّ َّن َّ
اهللَ قَ ْد بَـ َع َ سبحانه وتعاىلَ ﴿ :وقَ َ
اصطََفاهُ اهللَ ْ ال إِّ َّن َّ
ال قَ َ ت َس َعةً ِّمن الْم ِّ ْك ِّم ْنهُ َوَملْ يُـ ْؤ َْك َعلَْيـنَا وََْنن أَح ُّق ِّابلْمل ِّ
َ ُ َ لَهُ ال ُْمل ُ
َ َ ُ
اهلل و ِّ ادهُ بَ ْسطَةً ِّيف ال ِّْعل ِّْم َوا ْجلِّ ْس ِّم َو َّ
اس ٌع اهللُ يُـ ْؤِّيت ُم ْل َكهُ َم ْن يَ َشاءُ َو َُّ َ َعلَْي ُك ْم َوَز َ
يم﴾(.)2 ِّ
َعل ٌ
والنتيجة سار طالوت ابجملاهدين ليقاتلوا يف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا:
-1البقرة.246 :
-2البقرة.247 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 45 ..................................................................................
س ي ل ـ ف ه ن اهلل مبـتلِّي ُكم بِّنـهر فَمن َش ِّرب ِّ
م َّ نال إِّ َّق وت ِّاب ْجلنُ ِّ
ود
َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ َ َ َ ص َل طَالُ ُ ُ ﴿فَـلَ َّما فَ َ
ف غُ ْرفَةً بِّيَ ِّد ِّه فَ َش ِّربُوا ِّم ْنهُ إَِّّال قَلِّيالً ِّم ْنـ ُه ْم ِّم ِّين َوَم ْن َملْ يَط َْع ْمهُ فَِّإنَّهُ ِّم ِّين إَِّّال َم ِّن ا ْغتَـ َر َ
ين ود ِّه قَ َ َّ ِّ وت وجنُ ِّ ِّ َّ ِّ
ال الذ َ آمنُوا َم َعهُ قَالُوا ال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبَالُ َ َ ُ ين َ فَـلَ َّما َج َاوَزهُ ُه َو َوالذ َ
اهللُ َم َع ت فِّئَةً َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
اهلل َو َّ ْ ب ل
َ غ
َ ة ل
َ ي اهلل َكم ِّمن فِّئَة قَلِّ يظُنُّو َن أَنَّـهم مالقُو َِّّ
َ َ ْ ْ ُْ ُ َ
َّ ِّ
ين﴾(.)1 الصاب ِّر َ
وجاء االمتحان اإلهلي ليميز الطيب من اخلبيث ،وليبني فضل أهل الفضل من هذه
اهلل مبـتلِّي ُكم بِّنـهر فَمن َش ِّرب ِّم ْنه فَـلَي ِّ ِّ َّ
س م ِّين َوَم ْن َملْ يَط َْع ْمهُ
اجلماعة املؤمنة ..﴿ :إن ََّ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ
ف غُ ْرفَةً بِّيَ ِّد ِّه.﴾..فَِّإنَّهُ ِّم ِّين إَِّّال َم ِّن ا ْغتَـ َر َ
مل تكن مسألة عطش وشرب ماء ،بل كانت مسألة إميان هذه اجلماعة ابهلل وبويل هللا
وخليفته يف أرضه والتسليم له وطاعته ،ومسألة اليقني بنصر هللا وبفتح هللا للمؤمنني به
وخبليفته يف أرضه ،فظهرت تلك الفئات يف ساحة املعركة ،فئة استيقنت أمر هللا فال يبايل
ال الَّ ِّذين يظُنُّو َن أَنَّـهم مالقُو َِّّ
اهلل أفرادها إن وقعوا على املوت أو وقع املوت عليهم﴿ :قَ َ
ُْ ُ ََ
ين﴾. ِّ
ر الصابِّ
َّ ع م َّ
اهلل و ت فِّئَةً َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ
اهلل ْ ب ل
َ غ
َ ةل
َ ي َكم ِّمن فِّئَة قَلِّ
َ َ َ ُ َ َ َ ْ ْ
وفئة ارجتفت أقدامهم ملا رأوا ضخامة جيش جالوت ولكنهم حاربوا هذه النكسة يف
نفوسهم.
ّأما الفئة الثالثة فقد خسروا املعركة يف نفوسهم ومل جيدوا إالّ اهلزمية يتحدثون عنها؛
ود ِّه﴾.
وت وجنُ ِّ ِّ
ألهنم مهزومون من الداخل﴿ :قَالُوا ال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبَالُ َ َ ُ
***
-1البقرة.249 :
يف مكة كان رسول هللا وأصحابه جياهدون ابلكلمة واملوعظة احلسنة.
ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
ك ِّاب ْحلِّ ْك َمة َوال َْم ْوعظَة ا ْحلَ َسنَة َو َجاد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ه َي أ ْ
َح َس ُن إِّ َّن يل َربِّ َ ﴿ا ْدعُ إِّ َىل َسبِّ ِّ
ض َّل َعن سبِّيلِّ ِّه وهو أَ ْعلَم ِّابلْم ْهتَ ِّ ِّ
ين﴾(.)1 ك ُه َو أَ ْعلَ ُم مبَ ْن َ ْ َ َ ُ َ ُ ُ َ
د َربَّ َ
فلما واجههم أهل مكة ابألذى والسجن والتعذيب بدأوا يهاجرون من مكة أوالً إىل
احلبشة ،مث إىل املدينة املنورة يثرب بعدما لقي ما لقي رسول هللا يف مكة والطائف.
ويف املدينة بدأ رسول هللا يعد الع ّدة للجهاد وإلعالء كلمة هللا سبحانه ،وكانت
اهللُ إِّ ْح َدى الطَّائَِّفتَـ ْ ِّ
ني أَنَّـ َها لَ ُك ْم َوتَـ َودُّو َن معركة بدر الكربى ،قال تعاىلَ ﴿ :وإِّ ْذ يَ ِّع ُد ُك ُم َّ
اهللُ أَ ْن َُِّي َّق ا ْحلَ َّق بِّ َكلِّ َماتِِّّه َويَـ ْقطَ َع َدابَِّر الش ْوَك ِّة تَ ُكو ُن لَ ُك ْم َويُ ِّري ُد َّ
ات َّ َن غَْيـر َذ ِّ
أ َّ َ
ين﴾(.)2 رِّ الْ َكافِّ
َ
وكان هلذا النصر أثر عظيم يف نفوس املسلمني ،فلم يكن نصراً عسكرايً فحسب بل
كان آية من آايت هللا ،وملسوا فيه يد الغيب اإلهلي وهي توقع اهلزمية يف صفوف مشركي
مكة.
مث جاءت معركة أحد وفيها ما فيها ،هزمية للمسلمني كان سببها الدنيا وزخرفها ملا
طلب مجاعة من املسلمني الغنائم وتركوا مواقعهم ،وفيها كسرت رابعية رسول هللا
-1النحل.125 :
-2األنفال.7 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 47 ..................................................................................
وتركه املسلمون يف ساحة املعركة وفروا إال قلة منهم وقوه أبنفسهم ،وفيها نصر من هللا
للمسلمني ملا قذف يف قلوب املشركني الرعب بعد أن قرروا استئصال املسلمني ،حيث
مسع املشركون أن رسول هللا واملسلمني قرروا مواجهتهم مستميتني ،فانكسرت شوكة
املشركني ،وامتألت قلوهبم رعباً وعادوا خائبني.
مث كانت معركة اخلندق وفيها برز اإلسالم كله للكفر كله ،ملا قتل أمري املؤمنني علي
عمرو بن ود العامري ،وفيها جنود هللا سبحانه وتعاىل من املالئكة هم الذين
يوقعون اهلزمية يف صفوف املشركني بعد أن أوقعوا الوهن يف نفوسهم ملا ملؤوها رعباً ،قال
اءتْ ُك ْم ُجنُو ٌد فَأ َْر َسلْنَا ج ذْ ِّ
إ م ك
ُ ي ل
َ ع تعاىل﴿ :اي أَيُّـها الَّ ِّذين آمنوا اذْ ُكروا نِّعمةَ َِّّ
اهلل
ََ ْ ْ َ ُ َْ َ َُ َ َ
اهلل ِّمبَا تَـ ْعملُو َن ب ِّ
صرياً﴾(.)1 َ َ َعلَْي ِّه ْم ِّرَياً َو ُجنُوداً َملْ تَـ َرْو َها َوَكا َن َُّ
ّأما معركة حنني فهي خري دليل على أن الكثرة ال تغين شيئاً ،إمنا النصر من عند هللا،
فسبحانه وتعاىل نصر املؤمنني يف بدر وهم قلة ومل تغن كثرهتم عنهم شيئاً يف حنني حىت
ِّ ِّ ِّ أيدهم هللا بنصرهُُ ﴿ .ثَّ أَنْـز َل َّ ِّ
ني َوأَنْـ َز َل ُجنُوداً َملْ اهللُ َسكينَـتَهُ َعلَى َر ُسوله َو َعلَى ال ُْم ْؤمنِّ َ َ
ين﴾(.)2 ِّ
ر ك جزاء الْ َكافِّ َ تَـروها و َع َّذب الَّ ِّذين َك َفروا و َذلِّ
َ ُ َ َ َ ُ َ َْ َ َ َ
ال َو ُه َو ُك ْرهٌ لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن تَ ْك َرُهوا َش ْيئاً ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ ِّ
والنتيجة قال تعاىلُ ﴿ :كت َ
اهللُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنْـتُ ْم ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)3 َو ُه َو َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن ُِّحتبُّوا َش ْيئاً َو ُه َو َش ٌّر لَ ُك ْم َو َّ
هذا أمر من هللا سبحانه وتعاىل ابجلهاد اهلجومي والدفاعي ،فكما قال تعاىلَ ﴿ :اي
ين ِّم ْن قَـ ْبلِّ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم َّ ِّ
ب َعلَى الذ َ
ِّ
ام َك َما ُكت َ
ِّ
ب َعلَْي ُك ُم الصيَ ُ
ِّ
آمنُوا ُكت َ ين َ
َّ ِّ
أَيُّـ َها الذ َ
ال.﴾.. ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ َُ
تَـتَّـ ُقو َن﴾( ،)4قال أيضاًُ ﴿ :كتِّ
-1األحزاب.9 :
-2التوبة.26 :
-3البقرة.216 :
-4البقرة.183 :
.................................................................... 48إصدارات أنصار اإلمام املهدي
وكما أن املسلمني جيب عليهم الصيام إذا حضر وقته ومتت شروطه ،وجيب عليهم
احلج إذا حضر وقته ومتت شروطه ،وإالّ فإ ّن املتخلف عن أداء الصيام واحلج وهو
مستطيع يعاقب بنار جهنم وساءت مصرياً ،كذلك فإن اجلهاد إذا حضر وقته ومتت
شروطه وجب ،ومن يتخلف عنه فإنه كتارك الصالة والصوم واحلج فتكون عاقبته إىل
جهنم وساءت مصرياً.
ويبقى أ ّن اجلهاد كتب وهو كره لكم فليس هيناً أن يبيع اإلنسان نفسه؛ ولذا كان
ِّ ِّ
ني أَنْـ ُف َس ُه ْم اهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ هذا البيع هلل سبحانه وكان الثمن اجلنة﴿ :إِ َّن َّ
اهلل فَـيَـ ْقتُـلُو َن َويُـ ْقتَـلُو َن َو ْعداً َعلَْي ِّه َحقاً ِّيف يل ََِّّن َهلُ ُم ا ْجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ َوأ َْم َوا َهلُ ْم ِِّب َّ
استَـ ْب ِّش ُروا بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُ ْم بِّ ِّه آن ومن أَو ََف بِّع ْه ِّد ِّه ِّمن َِّّ ِّ التـَّور ِّاة و ِّْ
األ ِّْجن ِّ
اهلل فَ ْ َ يل َوالْ ُق ْر َ َ ْ ْ َ َْ َ
يم﴾(.)1 ظ ك هو الْ َفوُز الْع ِّ َ و َذلِّ
ُ َ ْ َ ُ َ
فسبحان الذي جعل اجلهاد امتحاانً مييز به اخلبيث من الطيب ،والصاحل من الطاحل
ين والصادق من الكاذب ،قال تعاىل﴿ :أَم ح ِّسبـتُم أَ ْن تَ ْد ُخلُوا ا ْجلنَّةَ ولَ َّما يـعلَ ِّم َّ َّ ِّ
اهللُ الذ َ َ َ َْ ْ َ ْ ْ
ين﴾( ،)2وكذلك ﴿أ َْم َح ِّس ْبـتُ ْم أَ ْن تُـ ْتـ َرُكوا َولَ َّما يَـ ْعلَ ِّم َّ ِّ الصابِّ جاه ُدوا ِّ
اهللُ َ ر َّ م ل
َ ع
ْ
ْ َ َـ
َ يو مكُ ن
ْ م ََ
يجةً َو َّ اهلل وال رسولِّ ِّه وال الْم ْؤِّمنِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ َّ ِّ
اهللُ ني َول َ اه ُدوا م ْن ُك ْم َوَملْ يَـتَّخ ُذوا م ْن ُدون َّ َ َ ُ َ ُ َ ين َج َ ال ذ َ
َخبِّريٌ ِّمبَا تَـ ْع َملُو َن﴾(.)3
ويف النهاية جيب أن يعلم املؤمنون أن النتيجة احلتمية للجهاد هي النصر على النفس
والشيطان وزخرف الدنيا واهلوى وخروج من الظلمات اىل النور ،وهي نتيجة عظيمة
وكافية سواء رافقها النصر املادي يف ساحة املعركة أم ال.
-1التوبة.111 :
-2آل عمران.142 :
-3التوبة.16 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 49 ..................................................................................
الدنْـيَا ِّاب ْْل ِّخ َرِّة َوَم ْن يُـ َقاتِّ ْل ِّيف َسبِّ ِّ
يل ين يَ ْش ُرو َن ا ْحلَيَا َة ُّ يل َِّّ َّ ِّ
اهلل الذ َ ﴿فَـ ْليُـ َقاتِّ ْل ِّيف َسبِّ ِّ
َجراً َع ِّظيماً﴾(.)1 اهلل فَـيـ ْقتَل أَو يـ ْغلِّب فَسو َ ِّ َِّّ
ف نُـ ْؤتِّيه أ ْ ْ َ ْ َْ ْ ُ
وتبقى هناك تساؤالت تنتظر اإلجابة أو زايدة توضيح:
-فمع من يكون اجلهاد الذي يريده هللا ؟
-وكيف يعرف صاحب اجلهاد املرضي عند هللا ؟
-وما عالقة احلضارة املادية ابجلهاد ؟
-وما عالقة احلضارة االخالقية ابجلهاد ؟
-وما عالقة احلضارة االخالقية ابحلضارة املادية ؟
-وما عالقة احلضارة املادية ابلتكامل الروحي لإلنسان ؟
***
-1النساء.74 :
تبني -أمر مشروع ،بل هو واجب يف اجلهاد إلعالء كلمة هللا سبحانه وتعاىل -كما ّ
كل األداين اإلهلية اليت عرفها أهل األرض ،ولكن يبقى أن هناك من حياول خلط احلق
ابلباطل ليخرج مبسخ مشوه يسميه اجلهاد إلعالء كلمة هللا؛ ولذا فمن الضروري أن
يقف كل إنسان عاقل حيرتم عقله على حدود كلمة هللا العليا اليت يريد سبحانه وتعاىل
إقرارها على هذه األرض ،ولكي ال يكون ضمن طوابري املستحمرين (املقلدين) التابعني
محلُوا التـ َّْوَرا َة ُُثَّ َملْ للعلماء غري العاملني (احلمري) كما يسميهم تعاىل﴿ :مثَل الَّ ِّذين ُِّ
َ َ ُ
اهللُ ال اهلل َو َّ َس َفاراً بِّْئس مثَل الْ َقوِّم الَّ ِّذين َك َّذبوا ِِّب ِّ
ايت َِّّ
ار ََْي ِّم ُل أ ْوها َك َمثَ ِّل ا ْحلِّ َم ََِّْي ِّملُ َ
َ ُ َ َ ُ ْ
ِّ ِّ
ني﴾ الجمعة.5 : يَـ ْهدي الْ َق ْوَم الظَّال ِّم َ
وحنن املسلمون لدينا القرآن وأحاديث الرسول حممد وآله األطهار فيكون
وبني مث مل حيملوها مثلهم كمثل احلمارّ ، املسلمون الذين محلوا القرآن وأحاديثهم
عال ومسموع من قبل تعاىل يف القرآن الكرمي أ ّن صوت العلماء غري العاملني (احلمري) ٍّ
َصو ِّ
ات املقلدين (املستحمرين) ولكنه يف نفس الوقت منكر وقبيح ﴿إِّ َّن أَنْ َك َر ْاأل ْ َ
ري﴾ لقمان.19 : ت ا ْحلَ ِّم ِّص ْو ُلَ َ
أبداً يف كل جمتمع بعث فيه نيب أو وصي كان من حياربه هم العلماء غري العاملني
ويتبعهم املقلدون دومنا تدبر أو تفكر بل استهزاء وسخرية وهتجم ويوم القيامة﴿ :تَـبَـ َّرأَ
اب﴾ البقرة.166 : ب َساأل
ْ مت ِّهبِّ
ْ عَّ
ط ق
َ ـ
َ تو ابذَ ْع
ل ا اَو
أر و وا عـ ب َّ
ـ ت ا ين ذالَّ ِّذين اتُّبِّعوا ِّمن الَّ ِّ
ُ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ ُ ََ ُ َ َ َ َ
على كل حال ليس هذا حبثاً عقائدايً إلثبات صاحب احلق ولكين أردت لفت انتباه
كل من استحمره علماء الضاللة سواء كانوا مسلمني أو مسيح أو يهود إىل أن هللا
س إَِّّال ن
ْ ت ا ْجلِّ َّن و ِّْ
األ سبحانه وتعاىل خلق اإلنسان ليكون عبداً له سبحانهَ ﴿ :وَما َخلَ ْق ُ
َ َ
ون﴾ الذاريات ،56 :ال ليكون عبداً لعلماء الضاللة غري العاملنيَّ ﴿ :اَّتَ ُذوا لِّيـ ْعب ُد ِّ
َُ
اهلل﴾ التوبة.31 : ون ََِّّحبارُهم ورْهبانَـ ُهم أَرابابً ِّمن ُد ِّ
أ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ َْ ْ
اجلهـاد بـاب اجلنــة 51 ..................................................................................
-1البقرة.30 :
أهم طريق ملعرفة خليفة هللا يف أرضه هو:
الطريق األول :الذي عرفت به املالئكة آدم وهو النص ،فقد نص هللا سبحانه
اع ٌل ِّيف ك لِّلْمالئِّ َك ِّة إِِّّين ج ِّ وتعاىل على آدم ،وإنه خليفته يف أرضهَ ﴿ :وإِّ ْذ قَ َ
َ ال َربُّ َ َ
اء َوََْن ُن نُ َسبِّ ُح ِِّبَ ْم ِّد َك ض َخلِّي َفةً قَالُوا أ ََجتْعل فِّيها من يـ ْف ِّس ُد فِّيها ويس ِّف ُ ِّ ْاأل َْر ِّ
ك الد َم َ َ ََ ْ َُ َ َْ ُ
ال إِِّّين أَ ْعلَ ُم َما ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)1
ك قَ َ
س لَ َ ِّ
َونُـ َقد ُ
وبعد آدم كان أيضاً النص هو الطريق ملعرفة خليفة هللا يف أرضه ،ولكن هذه
املرة النص اإلهلي يعرف عن طريق اخلليفة السابق ،فهو ينص بوصية ألمته على اخلليفة ّ
الذي بعده أبمر هللا سبحانه وتعاىل ،فليس هو الذي يعني الذي بعده ،بل هللا سبحانه
وتعاىل هو الذي يعني خليفته يف أرضه يف كل زمان ،فقط يكون دور اخلليفة السابق هو
إيصال هذا النص اإلهلي ابلوصية؛ ولذا مسي خلفاء هللا يف أرضه من األنبياء واملرسلني
ابألوصياء؛ أل ّن السابق يوصي ابلالحق وال يوجد نيب من األنبياء أو األئمة إالّ
نص عليه الذي قبله ،فإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهما السالم واألنبياء من وقد ّ
أوصوا بعيسى نصوا على موسى وأوصوا به وموسى واألنبياء بين إسرائيل ّ
واملهديني ،وعيسى أوصى مبحمد ،وحممد أوصى بعلي واألئمة
من ولده ،فال يوجد فراغ ليمأله غريهم .ولكن األمم احنرفت عنهم فظهر فيها
وضرورة إتباعهم علماء عاملون يرشدون الناس إىل الرجوع إىل طريق األوصياء
-1البقرة.30 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 53 ..................................................................................
، واألخذ عنهم فقط ،وظهر أيضاً علماء غري عاملني حياولون تقمص دور األوصياء
كما تقمصها ابن أيب قحافة.
قال أمري املؤمنني ( :أما وهللا لقد تقمصها ابن أيب قحافة وإنه ليعلم أن حملي
منها حمل القطب من الرحى ،ينحدر عين السيل وال يرقى إيل الطري ،فسدلت دوهنا ثوابً
وطويت عنها كشحاً ،وطفقت أرتئي بني أن أصول بيد جذاء أو أصرب على طخية
عمياء ،يهرم فيها الكبري ويشيب فيها الصغري ،ويكدح فيها مؤمن حىت يلقى ربه ،فرأيت
أن الصرب على هاَت أحجى ،فصربت ويف العني قذى ويف احللق شجا ،أرى تراثي هنباً)...
(.)1
ّأما الطريق الثاين ملعرفة خليفة هللا يف أرضه فهو :سالح األنبياء واألوصياء وهو العلم
واحلكمة ،وهذا يُعرف من كالمهم ومعاجلتهم للمشاكل واألمور الواقعة.
ليتبني حكمتهم وعلمهم ،وبه احتج يتجرد عن اهلوى واألان ّ والبد لإلنسان أن ّ
ض ُه ْم َعلَى ال َْمالئِّ َك ِّة فَـ َق َ
ال اء ُكلَّ َها ُُثَّ َع َر َ
َمسَ َ هللا سبحانه على املالئكةَ ﴿ :و َعلَّ َم َ
آد َم ْاأل ْ
َمس ِّاء ه ُؤ ِّ
الء إِّ ْن ُك ْنـتُم ِّ ِّ
ني﴾( .)2فهو خري دليل على خليفة هللا يف أرضه. صادق َ ْ َ أَنْبِّئُ ِّوين ِِّب َْ َ
ّأما الطريق الثالث ملعرفة خليفة هللا يف أرضه فهو :الراية (البيعة هلل) أو امللك هلل
وحي ت فِّ ِّيه ِّمن ر ِّ وطالب به هللا سبحانه خلليفته األول آدم ﴿ .فَِّإ َذا َس َّويْـتُهُ َونَـ َف ْخ ُ
ْ ُ
ين﴾( .)3أي أطيعوه وأمتروا أبمره ألنه خليفيت. ِّ ِّ
فَـ َقعُوا لَهُ َساجد َ
ْك ِّممَّ ْن
ْك َم ْن تَ َشاءُ َوتَـ ْن ِّزعُ ال ُْمل َ ك الْمل ِّ
ْك تُـ ْؤِّيت ال ُْمل َ ِّ
وقال تعاىل﴿ :قُ ِّل اللَّ ُه َّم َمال َ ُ
تَ َشاءُ﴾(.)4
ك يـوِّم ِّ
الد ِّ
ين﴾(.)1 ِّ ِّ
وقال تعاىلَ ﴿ :مال َ ْ
ويف تلبية احلج( :امللك لك ال شريك لك).
فهم ال يداهنون أحداً على حساب هذه احلقيقة وإن كانوا يـُتّهمون بسبب محلها،
فقدمياً قالوا عن عيسى :إنه طامع مبلك بين إسرائيل الذي ضيعه العلماء غري
العاملني مبداهنتهم الرومان ،وقيل عن دعوة حممد ( :أنه ال جنة وال انر ولكنه
امللك)( ،)2أي إ ّن حممداً جاء ليطلب امللك له ولولده ،وقيل عن علي ( :إنه
حريص على امللك) مع أهنم يسمعونه يقول( :ما لِّعلي وملك ال يبقى) ،ويرون زهده
وإعراضه عن الدنيا وزخرفها ،وهذا حال عيسى الذي ال خيفى وحال حممد .
واألنبياء واألوصياء ال حيسبون الهتام الناس أي حساب كما هو حال العلماء غري
العاملني الذين يطلبون رضا الناس بسخط اخلالق؛ ولذا فالناس يتبعون العلماء غري
العاملني وحياربون األنبياء واألوصياء الذين يطالبون حباكمية هللا يف أرضه سواء على
مستوى التشريع أو التنفيذ أي (الدستور واحلاكم) ،فالبد أن يكون الدستور إهلياً واحلاكم
معيناً من قبل هللا سبحانه وتعاىل ،وهذا ال يناسب أكثر الناس الذين يتبعون الشهوات
ويرغبون بعافية الدنيا على حساب عافية اآلخرة.
وقد أخربان العليم اخلبري حبال األكثرية مبا ال مزيد عليه:
وك َع ْن َسبِّ ِّ
ضلُّ َ ض ي ِّ ِّ
اهلل﴾(.)3
يل َّ ﴿ َوإِّ ْن تُط ْع أَ ْكثَـ َر َم ْن ِّيف ْاألَ ْر ِّ ُ
َّاس ال يُـ ْؤِّمنُو َن﴾(.)4﴿ َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ
َّاس ولَو حرص َ ِّ
ني﴾(.)5ت ِّمبُْؤمنِّ َ ﴿ َوَما أَ ْكثَـ ُر الن ِّ َ ْ َ َ ْ
-1الفاتحة.4 :
-2يقول أبو سفيان :يا بني أمية ،تلقفوها تلقف الكرة ،فوالذي يحلف به أبو سفيان ،ما من عذاب وال
حساب ،وال جنة وال نار ،وال بعث وال قيامة ! شرح نهج البالغة البن أبي الحديد :ج 9ص.53
-3األنعام.116 :
-4هود.17 :
-5يوسف.103 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 55 ..................................................................................
ِّ
ني﴾(.)1 ض َّل قَـ ْبـلَ ُه ْم أَ ْكثَـ ُر ْاألَ َّول َ ﴿ َولََق ْد َ
اُهَا إَِّّال ِّاب ْحلَ ِّق َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َرُه ْم ال يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)2 ﴿ َما َخلَ ْقنَ ُ
هلل بَ ْل أَ ْكثَـ ُرُه ْم ال يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)3 ﴿قُ ِّل ا ْحلم ُد َِِّّّ
َْ
هلل بَ ْل أَ ْكثَـ ُرُه ْم ال يَـ ْع ِّقلُو َن﴾(.)4 ﴿قُ ِّل ا ْحلم ُد َِِّّّ
َْ
ضنا أَوَمل ُمنَ ِّكن َهلم حرماً ِّ
آمناً ُْجي ََب إِّلَْي ِّه ِّ ك نُـت َخطَّ ْ ِّ
ف م ْن أ َْر َ َ ْ ْ ُ ْ َ َ ﴿ َوقَالُوا إِّ ْن نَـتَّبِّ ِّع ا ْهلَُدى َم َع َ َ
ات ُك ِّل َش ْيء ِّرْزقاً ِّم ْن لَ ُد َّان َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َرُه ْم ال يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)5 ََثََر ُ
وال حيتاج الناس إىل أكثر من هذه اآلليات الثالث ملعرفة خليفة هللا يف أرضه
فاجتماعها ال يكون إالّ يف خليفة هللا يف أرضه ،ولكنهم انقسموا كما انقسم املأل األول
الذي امتحنه هللا فآمن املالئكة وسجدوا ،وكفر إبليس واستكرب ومل يرض أن يكون بينه
وبني هللا واسطة (خليفة هللا يف أرضه) ،وهذه اآلليات الثالث حجة اتمة من هللا سبحانه
للداللة على خليفته يف أرضه.
ومع ذلك فإ ّن هللا سبحانه وتعاىل -ولرمحته الواسعة -أيّد األنبياء واألوصياء آبايت
كثرية منها املعجزات والرؤى اليت يراها املؤمنون وغريها مما لست بصدد استقصائه أو
مناقشته ،فراجع ما كتبه اإلخوة أنصار اإلمام املهدي حفظهم هللا ووفقهم لكل
خري يف الدنيا واآلخرة.
ولكن فقط سأانقش جزئية يف املعجزات اليت أُؤيّد هبا األنبياء ألمهيتها وغفلة الناس
عنـها وهي :مسألة اللبس يف املعجزة واهلدف منه.
-1الصافات.71 :
-2الدخان.39 :
-3لقمان.25 :
-4العنكبوت.63 :
-5القصص.57 :
.................................................................... 56إصدارات أنصار اإلمام املهدي
فالناس يعرفون أ ّن من معجزات موسى العصا اليت حتولت أفعى ،وقد كانت يف
زمن انتشر فيه السحر ،ومن معجزات عيسى شفاء املرضى يف زمن انتشر فيه
الطب ،ومن معجزات حممد القرآن يف زمن انتشرت فيه البالغة ،وهنا يعلل من
جيهل احلقيقة سبب مشاهبة املعجزة ملا انتشر يف ذلك الزمان أنه فقط لتتفوق على
السحرة واألطباء والبلغاء ويثبت اإلعجاز ،ولكن احلقيقة اخلافية على الناس مع أهنا
مذكورة يف القرآن هي أ ّن املعجزة املادية جاءت كذلك للّبس على من ال يعرفون إالّ
املادة ،فاهلل سبحانه ال يرضى أن يكون اإلميان مادايً بل البد أن يكون إمياانً ابلغيب:
اه ْم يُـ ْن ِّف ُقو َن﴾(.)1 ب وي ِّقيمو َن َّ ِّ ﴿الَّ ِّذ ِّ
الصال َة َوممَّا َرَزقْـنَ ُ ين يُـ ْؤمنُو َن ِّابلْغَْي ِّ َ ُ ُ َ
ِّ الر ْمحَن ِّابلْغَي ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
كرمي﴾(.)2 َج َر ِّ ب فَـبَش ْرهُ ِّمبَ ْغف َرة َوأ ْ ﴿إِّ َّمنَا تُـ ْنذ ُر َم ِّن اتَّـبَ َع الذ ْك َر َو َخش َي َّ َ ْ
اء بَِّقلْب ُمنِّيب﴾(.)3 ب َو َج َ ﴿ َم ْن َخ ِّش َي َّ
الر ْمحَ َن ِّابلْغَْي ِّ
َّاس ِّابل ِّْق ْس ِّط
ُ ن ال وم
َ ق
ُ ـ يْكتاب وال ِّْميزا َن لِّ ِّ ِّ
﴿لََق ْد أ َْر َسلْنَا ُر ُسلَنَا ِّابلْبَـيِّنَات َوأَنْـ َزلْنَا َم َع ُه ُم ال َ َ َ َ َ
ب إِّ َّنص ُرهُ َوُر ُسلَهُ ِّابلْغَْي ِّ َّاس َولِّيَـ ْعلَ َم َّ
اهللُ َم ْن يَـ ْن ُ ْس َش ِّدي ٌد َوَمنَافِّ ُع لِّلن ِّ ِّ ِّ ِّ
َوأَنْـ َزلْنَا ا ْحلَدي َد فيه َِب ٌ
ي َع ِّزي ٌـز﴾(.)4
اهللَ قَ ِّو ٌّ
َّ
فاإلميان ابلغيب هو املطلوب والذي يريده هللا سبحانه ،واملعجزة اليت يُرسلها سبحانه
البد أن تُبقي شيئاً لإلميان ابلغيب ،وهلذا يكون فيها شيء من اللبس؛ وهلذا كانت يف
كثري من األحيان مشاهبة ملا انتشر يف زمان إرساهلا ﴿ َولَ ْو َج َعلْنَاهُ َملَكاً َجلََعلْنَاهُ َر ُجالً
ِّ
سو َن﴾(.)5 َولَلَبَ ْسنَا َعلَْي ِّه ْم َما يَـ ْلب ُ
وهلذا ُوجد أهل املادة والذين ال يعرفون إالّ املادة يف التشابه عذراً لسقطتهم:
-1البقرة.3 :
-2يس.11 :
-3ق.33 :
-4الحديد.25 :
-5األنعام.9 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 57 ..................................................................................
-1القصص.48 :
-2قال أمير المؤمنين :لعمار بن ياسر -وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كالما ً ( : -دعه يا عمار
فإنه لم يأخذ من الدين إالّ ما قاربه من الدنيا ،وعلى عمد لبس على نفسه ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته)
نهج البالغة بشرح محمد عبده :ج 4ص.95
-3يونس.90 :
-4يونس.91 :
.................................................................... 58إصدارات أنصار اإلمام املهدي
ين َك َف ُروا إِّميَ ِّاهنَا َخ ْرياً قُ ِّل انْـتَ ِّظروا إِّ َّان م ْنـتَ ِّظرو َن﴾(﴿ ،)1قُل يـوم الْ َف ْت ِّح ال يـ ْنـ َفع الَّ ِّ
ذ
َ َ ُ ْ َْ َ ُ ُ ُ
إِّميَانُـ ُه ْم َوال ُه ْم يُـ ْنظَُرو َن﴾(.)2
ولو كان هللا يريد إجلاء وقهر الناس على اإلميان ألرسل مع أنبيائه معجزات قاهرة ال
َحالم بَ ِّل افْـتَـ َراهُ بَ ْل ُه َو اث أ ْضغَ ُ اه َرا﴾ أو ﴿أَ ْ ان تَظَ َ جمال معها ألحد أن يقول ﴿ ِّس ْحر ِّ
َ
َش ِّ
اع ٌر فَـلْيَأْتِّنَا ِِّبيَة َك َما أ ُْر ِّس َل ْاأل ََّولُو َن﴾(.)3
ض ُكلُّ ُهم َِّ ك َْل َم َن َم ْن ِّيف ْاأل َْر ِّ
ت تُ ْك ِّرهُ الن َ
َّاس مجيعاً أَفَأَنْ َ ْ اء َربُّ َ
قال تعاىلَ ﴿ :ولَ ْو َش َ
ِّ
ني﴾(،)4 َح َّىت يَ ُكونُوا ُم ْؤمنِّ َ
ت أَ ْن تَـ ْبـتَ ِّغ َي نَـ َفقاً ِّيف
استَطَ ْع َ ِّ
اض ُه ْم فَِّإن ْ ك إِّ ْع َر ُوقال تعاىلَ ﴿ :وإِّ ْن َكا َن َكبُـ َر َعلَْي َ
ض أَو سلَّماً ِّيف َّ ِّ ِّ
اهللُ َجلَ َم َع ُه ْم َعلَى ا ْهلَُدى فَال تَ ُكونَ َّن اء َّالس َماء فَـتَأْتيَـ ُه ْم ِِّبيَة َولَ ْو َش َ ْاأل َْر ِّ ْ ُ
ني﴾(.)5 ِّ ِّ ِّ
م َن ا ْجلَاهل َ
فاحلمد هلل الذي رضي ابإلميان ابلغيب وجعل اإلميان ابلغيب ومن خالل الغيب ومل
يرض ابإلميان ابملادة ومل جيعله ابملادة ومن خالل املادة ليتميز أهل القلوب احلية والبصائر
النافذة من عمي البصائر وخمتومي القلوب.
واحلق أنّه وإن بقي الكثري ليناقش يف هذا املوضوع ولكين أكتفي ابلقليل وبفتح
الباب ،وأترك الباقي للمؤمنني ليتوسعوا فيه وأعود إىل أصل املوضوع فأقول :مما تقدم
تبني أ ّن اجلهاد مع خليفة هللا يف أرضه وأبمره هو احلق وما سواه زخرف ابطل.
ّ
-1األنعام.158 :
-2السجدة.29 :
-3األنبياء.5 :
-4يونس.99 :
-5األنعام.35 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 59 ..................................................................................
عن أابن بن تغلب قال :كان أبو عبد هللا إذا ذكر هؤالء الذين يقتلون يف
الثغور يقول( :ويلهم ما يصنعون هبذا يتعجلون قتلة يف الدنيا وقتلة يف اْلخرة ،وهللا
ما الشهداء إال شيعتنا وإن ماتوا على فراشهم) (.)1
***
-1الذاريات.56 :
-2العلق.7 – 6 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 61 ..................................................................................
ورمبا ينتفض بعض الناس الذين أنسوا هذا العامل املادي حيث إهنم يرون الكمال يف
التقدم املادي ،مع أهنم لو التفتوا لوجدوا هذا العامل املادي اجلسماين يسري إىل الزوال ،بل
هو يف زوال مستمر ،فكل يوم ميوت أُانس وحييا آخرون ،بل سيأيت يوم ميوت فيه اجلميع
وال حييا أحد مكاهنم ﴿ ُك ُّل َم ْن َعلَْيـ َها فَان﴾(.)1
الدنْـيَا َك َماء والتقدم املادي الكبري اليوم يشري إىل قرب هذا الزوال﴿ :إِّ َّمنَا َمثَ ُل ا ْحلَيَ ِّاة ُّ
ام َح َّىت إِّ َذا ع ـْنَاأل
ْ و س َّا
ن ال ل كُ ْ
َي اَّ
ممض ِِّّ َراأل
ْ ات
ُ ب ـَن ط بِّ ِّ
ه َ ل
َ ـ ت خ
ْ ا َف السم ِّ
اء َّ ن أَنْـزلْناه ِّ
م
ُ َ َُ َ ُ ْ َ َ َ ََ ُ َ
ت وظَ َّن أ َْهلُها أَنَّـهم قَ ِّ َخ َذ ِّ
اد ُرو َن َعلَْيـ َها أ َََت َها أ َْم ُرَان لَْيالً أ َْو َ ُْ ض ُز ْخ ُرفَـ َها َو َّازيَّـنَ ْ َ ت ْاأل َْر ُ أَ
ايت لَِّق ْوم صل ْاْل ِّ
ُ
ك نُـ َف ِّ َ س َك َذلِّ صيداً َكأَ ْن َملْ تَـ ْغ َن ِّاب ْأل َْم ِّ اها ح ِّ
نَـ َهاراً فَ َج َعلْنَ َ َ
يَـتَـ َف َّك ُرو َن﴾(.)2
ّأما األرواح فهي ابقية ومصريها اخللود يف اجلنة أو النار ،يف النعيم أو اجلحيم.
فيجب أن يلتفت اإلنسان إىل أنه جاء إىل هذا العامل املادي اجلسماين ليخوض
االمتحان ال ليبقى أو ليخلد فيه ،بل إ ّن هذا العامل املادي اجلسماين كله مصريه إىل
الزوال والفناء.
نعم ،هللا حيث املؤمنني على حتقيق التقدم املادي اجلسماين ليتحقق هلم الغّن عن
استَطَ ْعتُ ْم ِّم ْن قُـ َّوة َوِّم ْن ِّرَاب ِّط ِّ
الكافرين واملنعة والعزة لصد احملاربنيَ ﴿ :وأَع ُّدوا َهلُ ْم َما ْ
وهنِّ ْم ال تَـ ْعلَ ُمونَـ ُه ُم َّ آخ ِّرين ِّمن ُد ِّ اخلَي ِّل تُـرِّهبو َن بِّ ِّه ع ُد َّو َِّّ
اهللُ يَـ ْعلَ ُم ُه ْم َوَما اهلل َو َع ُد َّوُك ْم َو َ َ ْ َ ْْ ْ ُ
ف إِّلَْي ُك ْم َوأَنْـتُ ْم ال تُظْلَ ُمو َن﴾(.)3 يل َِّّ
اهلل يُـ َو َّ تُـ ْن ِّف ُقوا ِّم ْن َش ْيء ِّيف َسبِّ ِّ
ولكن جيب أن يكون هذا التقدم املادي انبعاً ومرافقاً إلميان حقيقي ومسرية تكامل
صاداً هلم عن ذكر هللا واالنصياع ألمر هللا روحي مستمرة للمؤمنني؛ لكي ال يكون ّ
-1الرحمن.26 :
-2يونس.24 :
-3األنفال.60 :
.................................................................... 62إصدارات أنصار اإلمام املهدي
َن أ َْه َل سبحانه وتعاىل ،بل هو إذا كان كذلك فسريافقه توفيق إهلي عظيمَ ﴿ :ولَ ْو أ َّ
الس َم ِّاء َو ْاأل َْر ِّ
ض َولَ ِّك ْن َك َّذبُوا فَأ َ
َخ ْذ َان ُه ْم آمنُوا َواتَّـ َق ْوا لََفتَ ْحنَا َعلَْي ِّه ْم بَـ َرَكات ِّم َن َّ
الْ ُق َرى َ
ِّمبَا َكانُوا يَ ْك ِّسبُو َن﴾(.)1
فاهلل سبحانه وتعاىل عندما يذيق من يرجو إمياهنم وتقواهم نقصاً يف الثمرات والربكات
داع للتوجه إىل يرمحهم هبذا؛ ألنه يدفعهم إىل اإلميان والتقوى حيث إ ّن الضعف والفقر ٍّ
هللا.
يف احلديث القدسي( :اي ابن عمران إذا رأيت الغىن مقبالً فقل ذنب عجلت
عقوبته ،وإذا رأيت الفقر مقبالً فقل مرحباً بشعار الصاحلني) (.)2
ّأما إذا آمن أهل األرض واتقوا هللا فماذا يفعل هللا بعذاهبم ،وأي نفع له سبحانه يف
آمنُوا َواتَّـ َق ْوا نقص مثراهتم وبركة أرضهم وأعماهلم ،بل هو وعدهم﴿ :لَ ْو أ َّ
َن أ َْه َل الْ ُق َرى َ
الس َم ِّاء َو ْاأل َْر ِّ
ض﴾(.)3 لََفتَ ْحنَا َعلَْي ِّه ْم بَـ َرَكات ِّم َن َّ
إذن ،جيب أن يكون سعي وحركة اإلنسان جتاه التكامل الروحي واإلميان احلقيقي.
ّأما التقدم املادي اجلسماين فأيضاً يسعى له اإلنسان من منظار التكامل الروحي ،أي
أن يكون السعي للتقدم املادي طاعة هلل ولتحقيق إرادة هللا على هذه األرض من نشر
التوحيد والرمحة والعدل.
ّأما تق ّدم الكفار املادي فال يظن املؤمنون أنه توفيق إهلي أو خري هلم ،بل هو شر هلم
َب
التكرب على إرادة هللا سبحانه وتعاىلَ ﴿ :وال ََْي َس َ َّ
ألنه سبب لتماديهم يف الطغيان و ّ
-1األعراف.96 :
-2انظر الكافي :ج 2ص.263
-3األعراف.96 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 63 ..................................................................................
والكتب السماوية كلها واحد أنزل من واحد ،واألنبياء واألئمة كلهم واحد أرسل من
واحد.
أقول :لو سأل الناس أنفسهم هذا السؤال وأجابوا هبذا اجلواب ّ
البني الجتمعت
كلمتهم على التوحيد ولعبدوا هللا سبحانه وتعاىل وأقروا خليفته يف أرضه وقانونه سبحانه،
وال يوجد موحد حقيقي لكل أهل األرض إالّ القانون اإلهلي واحلاكم اإلهلي ،ومها
يوحدان أهل األرض على احلق والعدل والرمحة.
فالبد للمؤمنني من اجلهاد إلرساء القانون اإلهلي واحلاكم اإلهلي خليفة هللا يف أرضه
لتمتلئ األرض قسطاً وعدالً وأخالقاً كرمية وحضارة أخالقية كما هي اليوم مليئة ابلظلم
والفساد.
بل إ ّن احلاصل هو أ ّن جند الشيطان لعنه هللا يقاتلون إلرساء حاكمية الشيطان
وخلق الشيطان ،فلماذا ال يقاتل جند هللا إلرساء حاكمية هللا سبحانه وتعاىل واألخالق
اإلهلية ،واحلال أ ّن قتاهلم وجهادهم هو دفاع عن احلضارة األخالقية لألنبياء واملرسلني
يف مقابل هجوم يشنه الشيطان وجنده أصحاب احلضارة املادية حملق األخالق
اإلهلية.
وإما أن تقاتل معوتقر حاكميتهّ ، فإما أن تنصر هللا ّواحلقيقة أنه ال يوجد حياد ّ
الشيطان وعن حاكميته لعنه هللا ،والساكت شيطان أخرس ،فالذين مع هللا مع هللا
والذين مع الشيطان مع الشيطان والذين على التل كما يسمون أنفسهم شياطني خرس.
اجلهـاد بـاب اجلنــة 67 ..................................................................................
اهلدف والغرض من اجلهاد يف الدين اإلهلي احلق والذي قام به األنبياء واألوصياء
هو هداية الناس إىل احلق وإتباع احلق ،فليس غرض األنبياء هو قتل الناس أايً كان
هؤالء الناس؛ أل ّن األنبياء يعملون مبا يريده هللا سبحانه ولو كان هللا يريد هالكهم وقتلهم
ملا خلقهم ،بل سبحانه وتعاىل خلقهم ليعبدوه ويدخلوا اجلنة.
فاجلهاد يف نفسه ليس غرضاً وال هدفاً للدين اإلهلي احلق ،بل هو وسيلة إليصال
احلق إىل الناس ،وجند أ ّن أهم شروط اجلهاد اليت ال يصح من دوهنا هو دعوة الناس إىل
احلق واملبالغة يف دعوهتم وإيصال احلق هلم ابلبالغ املبني التام.
ولذا فإ ّن الصحيح عندما جتد من يقول لك هذه بالدي مفتوحة لك تعالوا وبلغوا
وحتركوا مشاالً وجنوابً وشرقاً وغرابً وادعوا الناس أقول أ ّن الصحيح عندها أن ال دعوتكم ّ
ترفع السيف بوجهه ،بل تذهب لتدعوا إىل احلق وترفع القلم بدالً عن السيف ،قال
يم﴾(.)1 الس ِّميع الْعلِّ
َّ و ه ه َّ
ن ِّ
إ لسل ِّْم فَاجنح َهلا وتَـوَّكل علَى َِّّ
اهلل َّ تعاىل﴿ :وإِّ ْن جنحوا لِّ
ُ َ ُ َ ُ ُ َ ََ ْ َ ْ َ ْ َ ََ ُ
والرسول حممد دعا كسرى وقيصر للحق ودين هللا سبحانه ومل حيمل السيف
بوجههم أوالً ،بل إ ّن الروم هم من ابدروا حلمل السيف بوجه الرسول حممد .
وجيب أن نلتفت اىل أ ّن الدين والعقيدة ال ميكن أن تنتشر ابلسيف كما ال تقتل
عقيدة ابلسيف؛ ولذا فإ ّن منهج مجيع األداين اإلهلية ومنها خامتها اإلسالم يف الدعوة
إىل هللا هو احلوار والتذكري ،بل إ ّن وجود الكتب السماوية التوراة واإلجنيل والقرآن خري
دليل على ذلك؛ ألهنا كتب تفيض حكمة وحواراً ودعوة إىل هللا ،وليست سيوفاً تقطر
دماً.
-1األنفال.61 :
.................................................................... 68إصدارات أنصار اإلمام املهدي
إذن فالنتيجة اليت جيب أن نعرفها كمؤمنني أ ّن اهلدف من اجلهاد هو فتح األبواب
املغلقة للوصول للناس وإيصال احلق هلم وهدايتهم ،وليس اهلدف من اجلهاد قتل الناس،
فإذا أمكن أن نصل إىل الناس ونوصل احلق هلم وهنديهم إىل صراط هللا املستقيم دومنا
قتال وإراقة دماء جيب أن نسلك هذا الطريق؛ أل ّن أقل ما فيه احلفاظ على حياة
املؤمنني.
والبد أن يهيئ كل مؤمن ومؤمنة نفسه للدعوة إىل احلق ودين هللا والبد أن يعمل كل
ما يف وسعه ليتعلم ويعلم ويدعو إىل احلق ودين هللا كما البد أن يتهيأ للجهاد ،فاملؤمن
جيب أن حيمل القلم بيد والسيف ابليد األخرى.
واحلق أقول لكم إ ّن كثريين يبحثون عن احلق وكثريين سيتبعون احلق إن شاء هللا حىت
يف الغرب ويف أمريكا نفسها ،فيجب أن مند أيدينا النتشاهلم من حفر الشيطان اليت
يرتعون فيها ،فأصحاب الدين اإلهلي احلق يسعون هلداية الناس وختليصهم من شباك
الشيطان وإنقاذهم من النار ودفعهم إىل اجلنة وأبداً ال جتدهم يريدون قتل الناس أو أهنم
خيتارون القتال ،بل هو حالة يضطرون إليها ،وإذا أمكن دفعها مع حتقيق مصلحة الدين
ونشر تعاليم هللا سبحانه البد من السعي إىل دفعها كما فعل رسول هللا مع املشركني يف
احلديبية وكما فعل موسى من قبل مع فرعون وقومه يف مصر؛ وهلذا فإ ّن ما يطرح
مسمى حوار احلضارات هو أمر مقبول عندان إذا كانوا يطرحونه ليمارسوه عاملياً وحتت ّ
فعالً وحقاً ولكن لنا اختيار آخر لالسم ،وهو البحث عن احلضارة لتكون النتيجة هي
توحد الناس وجتمع كلمتهم على خمافة هللا الوصول إىل احلضارة اإلهلية احلقيقية اليت ّ
سبحانه وتعاىل.
اجلهـاد بـاب اجلنــة 69 ..................................................................................
اخرتت هذا العنوان يف مقابل العنوان املطروح عاملياً وهو حوار احلضارات ،واحلقيقة
تبني أنه ال توجد أكثر من حضارة حقيقية لتتصارع أو تتحاور ،فاحلضارة أنه مما تق ّدم ّ
احلقيقية هي احلضارة الروحية واألخالقية املبنيّة على ما جاء به األنبياء واألوصياء
وهي واحدة﴿ :إِّ َّن ه ِّذ ِّه أ َُّمت ُكم أ َُّمةً و ِّ
اح َدةً وأ ََان ربُّ ُكم فَا ْعب ُد ِّ
ون﴾(.)1 َ َ ْ ُ ُ ْ َ َ
وهي ليست حكراً على قوم دون آخرين ،بل إ ّن هذه احلضارة الروحية األخالقية
موجودة وبنسب متفاوتة هنا وهناك على هذه األرض ،كما أ ّن نقيضها موجود يف نفس
املكان املوجودة فيه ولدى نفس القوم الذين حيملون بعضها ويعملون به.
إذن فأهل األرض حباجة للبحث عن احلضارة الروحية واألخالقية اإلهلية ،فاحلوار
وعما حيمله الطرف املقابل له من احلضارة الروحية عما حيمله كل طرف ّ يكون للبحث ّ
واألخالقية ،وأيضاً عن مدى احنراف كل طرف ومدى احنراف الطرف املقابل عنها ﴿قُ ْل
ضالل دى أ َْو ِّيف َ ه ىَلع ل
َ م ك
ُ اي
َّ ِّ
إ َوأ َّ
ان ِّ
إو َّ
اهلل ِّ
ل ق
ُ ِّ
ض َراأل
ْ و السماو ِّ
ات َّ ن من يـرُزقُ ُكم ِّ
م
ً ُ َ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ َْ ْ َ َ َ َ
ُمبِّني﴾(.)2
وإذا كان البحث موضوعياً وبعيداً عن التعصب األعمى ستكون النتيجة هي الوصول
إىل احلضارة اإلهلية احل ّقة ،وابلتايل معرفة صاحب احلق اإلهلي واالعرتاف حب ّقه عندها
يتوحد أهل األرض على طاعة هللا احلقة والصراط املستقيم الذي يريده هللا.
-1األنبياء.92 :
-2سـبأ.24 :
.................................................................... 70إصدارات أنصار اإلمام املهدي
وجيب أن يعرف من يبحث عن احلضارة أوالً أ ّن احلضارة احلقيقية اليت يبحث عنها
تنسب إىل األخالق والروح أو ميكن أن نقول الدين اإلهلي والقيم األخالقية وال تنسب
تبني هذا مما تق ّدم -فيمكن أن نقول احلضارة اإلسالمية
إىل األرض أو القومية -ورمبا ّ
واحلضارة املسيحية واحلضارة اليهودية وال ميكن أن نقول احلضارة العربية أو األمريكية أو
الرومانية.كما أ ّن احلضارة اإلسالمية احلقيقية واحلضارة املسيحية احلقيقية واحلضارة
اليهودية احلقيقية هي املبنية على ما جاء به حممد وعيسى وموسى
وأوصياؤهم وليست ما جاء به أو قام به من حكم املسلمني أو املسيحني أو اليهود
وال ما وصى به العلماء غري العاملني وهذه كلها واحدة وهي احلضارة اإلهلية احلقة اليت
ضيّعت وغُيّبت ملصلحة احلكام الطواغيت والعلماء غري العاملني. ُ
صى بِّ ِّه نُوحاً َوالَّ ِّذي أ َْو َح ْيـنَا إِّلَْي َ
ك َوَما ين َما َو َّ ع لَ ُكم ِّمن ِّ
الد ِّ قال تعاىلَ ﴿ :ش َر َ ْ َ
ين َوال تَـتَـ َف َّرقُوا فِّ ِّيه َكبُـ َر َعلَى ِّ ِّ صيـنا بِّ ِّه إِّبـر ِّاهيم وموسى و ِّ
يموا الد َ يسى أَ ْن أَق ُ ع
َْ َ َُ َ َ َ َو َّ ْ َ
ِّ ِّ ِّ ِّ وه ْم إِّلَْي ِّه َّ ِّ
يب﴾(.)1 اهللُ َْجيتَِّيب إِّلَْيه َم ْن يَ َشاءُ َويَـ ْهدي إِّلَْيه َم ْن يُن ُ ال ُْم ْش ِّرك َ
ني َما تَ ْدعُ ُ
وأيضاً على ضوء ما تق ّدم ستكون هنالك نتيجة حتمية جيب أن ال نغفلها أو نتغافل
عنها مع أولئك الطواغيت أو العلماء غري العاملني الذين ال يريدون مساع الكلمة الطيبة
وال يريدون البحث مبوضوعية عن احلضارة اإلهلية احلقيقية ،وأيضاً يريدون تشويه احلضارة
اإلهلية احلقيقية ونشر مسخ شيطاين على هذه األرض وإضالل الناس وحرف الناس
ليكونوا أتباعاً إلبليس (لعنه هللا) يف امتناعه عن السجود آلدم خليفة هللا يف أرضه،
أقول إ ّن النتيجة احلتمية مع أولئك هي الصدام الذي ال مفر منه وال سبيل لتجنبه؛ ألنه
يكون عندها الطريق الوحيد لنشر احلضارة اإلهليّـة على هذه األرض ،وهذا ما قام به
تبني مما تق ّدم يف هذا الكتاب. أنبياء هللا ورسله كما ّ
فالنتيجة أ ّن احلوار ال يكون بني احلضارات ،بل هو بني بين آدم للبحث عن احلضارة
اإلهلية احلقيقية ،وكذلك الصدام ال يكون بني احلضارات بل بني احلضارة اإلهلية احلقيقية
ونقيضها أو قل بني النور والظلمة كما ميكن أن يكون الصدام بني الظلمات بعضها مع
بعض.
فليس كل من يصدم ابلظلمة هو النور بل رمبا كان ظلمة أيضاً ،ولكن كل من
يصطدم ابلنور هو ظلمة؛ لذا فالبد أن نبحث ونعرف النور وبه نعرف الظلمات.
***
اجلهاد جيب أن يكون هلل ويف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا ،فاملنظور هو هللا سبحانه
وتعاىل وإرادته ،وهكذا مجاعة تقاتل يف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا سبحانه سيكون هللا
معها وفيها وسيكون قتاهلم قتال هللا ومن يقاتلهم يقاتل هللا.
عمن يؤجره غري هللا ّأما من يقاتل ألجل األرض أو اللسان (القومية) فليبحث ّ
سبحانه وتعاىل؛ أل ّن هللا يعطي األجر ملن يقاتل يف سبيله سبحانه وتعاىل.
يتوهم بعض من أنسوا األسباب املادية أن هكذا مشروع جهادي خيايل أو ورمبا ّ
مثايل غري قابل للتطبيق يف الساحة العاملية ولو طبقناه فلن حيقق نتائج لقلة الناصر وكثرة
العدو .ولكن من حيسب وحيتسب هللا لن يرى إالّ هللا ورضاه سبحانه وتعاىل دومنا اعتبار
للمعادالت السياسية واالقتصادية والعسكرية القائمة على الساحة العاملية اليوم ،وهكذا
كان األنبياء فلم يكن جيش طالوت كفؤاً جليش جالوت مادايً ،ومل يكن مع موسى
ما يواجه به آلة فرعون العسكرية الضخمة إالّ هللا سبحانه وتعاىل وهو أكرب من
كل شيء ،ولكن عند الذين آمنوا إمياانً حقيقياً به وبقدرته سبحانه وتعاىل ،وال مكان
للمداهنة واملماألة؛ أل ّن هدفهم ليس النصر املادي يف ساحات األنبياء واألوصياء
س َح َّ كما يتوهم كثري من الناس ،بل هدفهم هو نصرة هللا سبحانه وتعاىل﴿ :فَـلَ َّما أ َ
اهلل آمنَّا ِّاب َِّّ
ال ا ْحلو ِّاريُّو َن ََْنن أَنْص ِّ اري إِّ َىل َِّّ
ِّ ِّعيسى ِّ
هلل ار َّ َ ُ َ ُ ََ َ ق
َ اهلل ص
َ ن
ْ َ
أ ن
ْ م
َ ال
َ ق
َ ر ف
ْ
ُ َك
ُ ْ
ل ا م ه
ُ ـ نْ م َ
َوا ْش َه ْد ِِّب ََّان ُم ْسلِّ ُمو َن﴾(.)1
داهنوا الظاملني أو املنافقني أو جاملوا بعض الكافرين ليحققوا نصراً فال جندهم
مادايً بل العكس من ذلك متاماً ،فعبد هللا بن عباس يرى أ ّن املصلحة املادية لتستقيم
خالفة أمري املؤمنني علي بن أيب طالب هو مبداهنة معاوية (لعنه هللا) ولو ألايم
قليلة مث استدعاءه إىل املدينة املنورة وعزله من والية الشام وهبذا تستقيم األمور لعلي
،ورمبا كل من حيسب وحيتسب املادة يرى أن رأي ابن عباس حكيم وهو حيقق
مصلحة كربى لإلسالمّ ،أما علي فال يداهن معاوية ساعة واحدة ويقر عزله يف
احلال؛ أل ّن هللا ال يرضى إقرار ظامل على ظلمه ولو حلظة واحدة ورمبا خسر علي
الشام هبذا املوقف احلازم ولكنه ربح هللا سبحانه وتعاىل ورضاه.
وكذلك احلسني فلو أخر ثورته اإلهلية الكربى ثالث سنوات ،أي حىت موت
يزيد بن معاوية لعنه هللا الستقامت األمور للحسني ولتحقق له النصر املادي،
ِّ ِّ
ني ولكنه اختار هللا سبحانه وتعاىل ومل يداهن الظاملني والفاسقني﴿ :فَال تُط ِّع ال ُْم َكذبِّ َ
َودُّوا لَ ْو تُ ْد ِّه ُن فَـيُ ْد ِّهنُو َن﴾(.)1
واملعادلة اليوم هي نفس املعادلة تدهن فيدهنون ،ترضى عن أمريكا فرتضى عنك
أمريكا ،متدح مشروع أمريكا فتمدحك أمريكا ،وكذلك ترضى عن هللا فريضى عنك هللا
ومتدح مشروع هللا فيمدحك هللا ،فأخرت ما تريد أن متدح يف املأل األمريكي ويف األمم
املتحدة األمريكية ورمبا يتفضلون عليك جبائزة نوبل للسالم ،أو أن متدح يف املأل األعلى
عند هللا سبحانه وتعاىل.
***
هذه أربعون حديثاً يف اجلهاد أرويها لتكون ذخري يوم أقف بني يدي رب رحيم،
ولعلها تكون عربة ملعترب وذكرى ملدكر فيلتفت إليها من يدعون أهنم يتبعون حممداً
وجعلوا بينهم وبني اجلهاد سداً:
( :محلة القرآن عرفاء أهل اجلنة واجملاهدون يف سبيل هللا -1قال رسول هللا
قوادها والرسل سادة أهل اجلنة) (.)1
( :دعا موسى وأمن هارون (عليهما السالم) ،وأمنت املالئكة فقال -2وقال
هللا :استقيما فقد أجيبت دعوتكما ومن غزا يف سبيل هللا استجيبت له،
كما استجيبت هلما إىل يوم القيامة) (.)2
( :إن أِبل الناس من ِبل ابلسالم ،وأجود الناس من جاد بنفسه -3وقال
وماله يف سبيل هللا تعاىل) (.)3
-4وقال ( :من ختم له ِبهاد يف سبيل هللا ولو قدر فواق انقة دخل اجلنة) (.)4
-5وقال ( :إن فوق كل بر بر حىت يقتل الرجل شهيداً يف سبيل هللا) (.)5
لرجل( :جاهد يف سبيل هللا ،فإنك إن تقتل كنت حياً عند هللا ترزق، -6وقال
وإن مت فقد وقع أجرك على هللا ،وإن رجعت خرجت من الذنوب إىل هللا) (.)6
( :إن الغزاة إذا ُهوا ابلغزو كتب هللا هلم براءة من النار ،فإذا جتهزوا -7وقال
لغزوهم ابهى هللا تعاىل هبم املالئكة ،فإذا ودعهم أهلوهم بكت عليهم احليطان والبيوت،
وخيرجون من ذنوهبم كما َّترج احلية من سلخها ،ويوكل هللا بكل رجل منهم أربعني
ألف ملكَ ،يفظونه من بني يديه ومن خلفه وعن ميينه وعن مشاله ،وال يعملون حسنة إال
ضعفت له ،ويكتب له كل يوم عبادة ألف رجل يعبدون هللا ألف سنة ،كل سنة ثالَثائة
وستون يوماً ،اليوم مثل عمر الدنيا ،وإذا صاروا ِبضرة عدوهم انقطع علم أهل الدنيا
عن ثواب هللا إايهم ،وإذا برزوا لعدوهم واشرعت األسنة وفوقت السهام وتقدم الرجل
إىل الرجل ،حفتهم املالئكة ِبجنحتهم ويدعون هللا تعاىل هلم ابلنصر والتثبيت ،واندى
مناد :اجلنة حتت ظالل السيوف ،فتكون الطعنة والضربة أهون على الشهيد من شرب
املاء البارد يف اليوم الصائف ،وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو بضربة ،مل يصل إىل
األرض حىت يبعث هللا زوجته من احلور العني فتبشره مبا أعد هللا له من الكرامة،
فإذا وصل إىل األرض تقول له :مرحباً ابلروح الطيبة اليت خرجت من البدن الطيب،
أبشر فإن لك ما ال عني رأت وال أذن مسعت وال خطر على قلب بشر ،ويقول هللا :
أان خليفته يف أهلـه ،ومن أرضاهم فقد أرضاين ،ومن أسخطهم فقد أسخطين ،وجيعل هللا
روحه يف حواصل طري خضر تسرح يف اجلنة حيث تشاء ،أتكل من َثارها ،وأتوي إىل
قناديل من ذهب معلقه ابلعرش ،ويعطى الرجل منهم سبعني غرفه من غرف الفردوس،
سلوك كل غرفة ما بني صنعاء والشام ،ميَل نورها ما بني اخلافقني ،يف كل غرفة سبعون
ابابً ،على كل ابب ستور مسبلة ،يف كل غرفة سبعون خيمة ،يف كل خيمة سبعون سريراً
من ذهب قوائمها الدر والزبرجد ،مرصوصة بقضبان الزمرد ،على كل سرير أربعون
فراشاً ،غلظ كل فراش أربعون ذراعاً ،على كل فراش سبعون زوجاً من احلور العني عرابً
أتراابً ،فقال الشاب :اي أمري املؤمنني أخربين عن الرتبة ما هي ؟ قال :هي الزوجة الرضية
املرضية الشهية ،هلا سبعون ألف وصيف وسبعون ألف وصيفة ،صفر احللى ،بيض
اجلهـاد بـاب اجلنــة 77 ..................................................................................
الوجوه ،عليهم تيـجان اللؤلؤ ،على رقاهبم املناديلِ ،بيديهم األكوبة واألابريق ،وإذا كان
يوم القيامة خيرج من قربه شاهراً سيفه تشخب أوداجه دماً ،اللون لون الدم والرائحة
رائحة املسكَ ،يضر يف عرصة القيامة ،فو الذي نفسي بيده لو كان األنبياء على
طريقهم لرتجلوا هلم مما يرون من هبائهم ،حىت َيتوا على موائد من اجلوهر فيقعدون عليها
ويشفع الرجل منهم يف سبعني ألفاً من أهل بيته وجريته ،حىت إن اجلارين خيتصمان أيهما
أقرب ،فيقعدون معي ومع إبراهيم على مائدة اخللد ،فينظرون إىل هللا تعاىل يف كل
بكرة وعشية) (.)1
-8وقال ( :كل حسنات بين آدم حتصيها املالئكة إال حسنات اجملاهدين ،فإهنم
يعجزون عن علم ثواهبا) (.)2
( :طوىب ملن أكثر ذكر هللا يف اجلهاد ،فإن له بكل كلمة سبعني ألف -9وقال
حسنة ،كل حسنة عشرة أضعاف ،مع ما له عند هللا من املزيد ،قالوا :اي رسول هللا،
والنفقة يف سبيل هللا على قدر ذلك للضعفاء ،قال :نعم) (.)3
( :مثل اجملاهدين يف سبيل هللا ،كمثل القائم القانت ،ال يزال يف -10وقال
صومه وصالته حىت يرجع إىل أهله) (.)4
( :إذا خرج الغازي من عتبة اببه ،بعث هللا ملكاً بصحيفة -11وقال رسول هللا
سيئاته فطمس سيئاته) (.)5
-12وقال ( :ال جيتمع غبار يف سبيل هللا ودخان يف جهنم) (.)6
وإن أدهم أمر َيتاج فيه إىل مجاعتهم نفروا كلهم ،قال هللا ﴿:انْ ِّف ُرواْ ِّخ َفافاً َوثَِّقاالً
اهلل﴾(.)2())1يل ِّ اه ُدواْ ِِّب َْم َوالِّ ُك ْم َوأَن ُف ِّس ُك ْم ِّيف َسبِّ ِّ
وج ِّ
ََ
-22وقال جعفر الصادق يف قول هللا﴿ :انْ ِّف ُرواْ ِّخ َفافاً َوثَِّقاالً﴾ ،قال( :شباانً
وشيوخاً) (.)3
ِّ ِّ
ني أَن ُف َس ُه ْم وسئل الصادق عن قول هللا ﴿ :إِّ َّن اهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ ُ -23
اهلل فَـيَـ ْقتُـلُو َن َويُـ ْقتَـلُو َن َو ْعداً َعلَْي ِّه َحقاً ِّيف يل ِّ َن َهلُ ُم اجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ َوأ َْم َوا َهلُم ِِّب َّ
استَـ ْب ِّش ُرواْ بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُم بِّ ِّه ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ التـ َّْوَر ِّاة َو ِّ
يل َوالْ ُق ْرآن َوَم ْن أ َْو ََف بِّ َع ْهده م َن اهلل فَ ْ اإل ِّجن ِّ
يم﴾( ،)4أهذا لكل من جاهد يف سبيل هللا أم لقوم دون قوم ؟ ِّ َو َذلِّ َ
ك ُه َو الْ َف ْوُز ال َْعظ ُ
فقال أبو عبد هللا جعفر بن حممد (عليهما السالم)( :إنه ملا نزلت هذه االية على
رسول هللا ،سأله بعض أصحابه عن هذا فلم جيبه ،فأنزل هللا بعقب ذلك:
وف اجدو َن ِّ
اْلمرو َن ِّابلْمعر ِّ الس ِّ
َّ نَ و ع الراكِّ
َّ ن
َ و ح السائِّ
َّ ن
َ ودُ ﴿التَّائِّبو َن الْعابِّ ُدو َن ا ْحل ِّ
ام
َ ُْ ُ ُ ُ َ َ ُ
ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
ني﴾(.)5َّاهو َن َع ِّن ال ُْمن َك ِّر َوا ْحلَافظُو َن حلُ ُدود اهلل َوبَش ِّر ال ُْم ْؤمنِّ َ
َوالن ُ
فأابن هللا هبذا صفة املؤمنني الذين اشرتى منهم أنفسهم (وأمواهلم) ،فمن
أراد اجلنة فليجاهد يف سبيل هللا على هذه الشرائط ،وإال فهو من مجلة من قال
رسول هللا :ينصر هللا هذا الدين ِبقوام ال خالق هلم) (.)6
-24وقال ( :أصل اإلسالم الصالة وفرعه الزكاة وذروة سنامه اجلهاد يف سبيل
هللا)(.)1
-1التوبة. 41 :
-2دعائم اإلسالم :ج 1ص ،341مستدرك الوسائل :ج 11ص.14
-3مستدرك الوسائل :ج 11ص ،15تفسير مجمع البيان :ج 5ص.59
-4التوبة. 111 :
-5التوبة. 112 :
-6دعائم اإلسالم :ج 1ص ،341مستدرك الوسائل :ج 11ص.15
.................................................................... 80إصدارات أنصار اإلمام املهدي
( :مقام أحدكم يوماً يف سبيل هللا ،أفضل من صالة يف بيته -32وقال رسول هللا
سبعني عاماً ،ويوم يف سبيل هللا ،خري من ألف يوم فيما سواه) (.)1
( :يرفع هللا اجملاهد يف سبيله على غريه مائة درجة يف اجلنة، -33وقال رسول هللا
ما بني كل درجتني كما بني السماء واألرض) (.)2
-34وقال رسول هللا ( :اجملاهدون يف سبيل هللا قواد أهل اجلنة) (.)3
( :ما من قطرة أحب إىل هللا من قطرتني :قطرة دم يف -35وقال رسول هللا
سبيل هللا ،وقطرة دمعة يف سواد الليل ،ال يريد هبما العبد إال هللا .)4( )
( :أال وإن اجلهاد ابب من أبواب اجلنة ،فتحه هللا -36وقال رسول هللا
ألوليائه)(.)5
( :من جهز غازايً بسلك أو إبرة ،غفر هللا له ما تقدم من -37وقال رسول هللا
ذنبه وما أتخر) (.)6
-38وقال ( :من أعان غازايً بدرهم ،فله مثل أجر سبعني دراً من درر اجلنة
وايقوهتا ،ليست منها حبة إال وهي أفضل من الدنيا) (.)7
( :رابط يوم يف سبيل هللا خري من قيام شهر وصيامه ،ومن -39وقال رسول هللا
مات مرابطاً يف سبيل هللا كان له أجر جماهد إىل يوم القيامة) (.)8
-40وقال رسول هللا (:من لزم الرابط مل يرتك من اخلري مطلباً ومل يرتك من الشر
مهرابً)(.)1
استغفر هللا ورسوله وأعتذر إىل املؤمنني عن التعليق على اآلايت لضيق الوقت
الذي هو أوالً وآخراً بسبب تقصريي والكرام يلتمسون العذر للمقصرين ،فأرجو أن ال
ينساين املؤمنون من الدعاء واالستغفار يل عند رب رحيم ،وأترك للمؤمنني تدبر معانيها
واالرتواء من احلكمة اإلهلية اليت وردت فيها.
ني﴾(.)173 ين َع ِّن ال َْعالَ ِّم َ اه ُد لِّنَـ ْف ِّس ِّه إِّ َّن َّ
اهللَ لَغَِّ ٌّ ﴿ -1ومن جاه َد فَِّإ َّمنَا ُجي ِّ
َ ََ ْ َ َ
يل َِّّ ُويل الضَّرِّر والْمج ِّ ِّ ِّ ِّ
اهلل اه ُدو َن ِّيف َسبِّ ِّ َ َ َُ ني غَْيـ ُر أ ِّ ﴿ -2ال يَ ْستَ ِّوي الْ َقاع ُدو َن م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ
ِّ ِّ ِّ ِِّّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ ِِّّ
ين َد َر َجةً َوُكالً ين ِِّب َْم َواهل ْم َوأَنْـ ُفس ِّه ْم َعلَى الْ َقاعد َ اهللُ ال ُْم َجاهد َ َّل َّ ِب َْم َواهل ْم َوأَنْـ ُفسه ْم فَض َ
َجراً َع ِّظيماً﴾(.)174 ِّ ِّ ِّ ِّ َّل َّ َو َع َد َّ
ين أ ْ ين َعلَى الْ َقاعد َ اهللُ ال ُْم َجاهد َ اهللُ ا ْحلُ ْس َىن َوفَض َ
اه ِّدين ِّم ْن ُكم و َّ ِّ ِّ
ين َونَـ ْبـلُ َو أَ ْخبَ َارُك ْم﴾(.)175 الصاب ِّر َ َ ﴿ -3ولَنَـ ْبـلُ َونَّ ُك ْم َح َّىت نَـ ْعلَ َم ال ُْم َج َ ْ َ
اه ُدوا ِّم ْن ُك ْم َويَـ ْعلَ َم ين َج َ
﴿ -4أَم ح ِّسبـتُم أَ ْن تَ ْد ُخلُوا ا ْجلنَّةَ ولَ َّما يـعلَ ِّم َّ َّ ِّ
اهللُ الذ َ َ َ َْ ْ َ ْ ْ
َّ ِّ
ين﴾(.)176 الصاب ِّر َ
ونَّخ ُذوا ِّمن ُد ِّ اهلل الَّ ِّذين جاه ُدوا ِّم ْن ُكم وَمل يـت ِّ
﴿ -5أ َْم َحس ْبـتُ ْم أَ ْن تُـ ْتـ َرُكوا َولَ َّما يَـ ْعلَ ِّم َُّ َ َ َ
ِّ
ْ ْ ََْ
اهللُ َخبِّريٌ ِّمبَا تَـ ْع َملُو َن﴾(.)177 يجةً َو َّ اهلل وال رسولِّ ِّه وال الْم ْؤِّمنِّ ِّ ِّ
ني َول َ َّ َ َ ُ َ ُ َ
-173العنكبوت.6 :
-174النساء.95 :
-175محمد.31 :
-176آل عمران.142 :
-177التوبة.16 :
.................................................................... 84إصدارات أنصار اإلمام املهدي
ات
اخلَْيـ َر ُ ك َهلُ ُم ْ اه ُدوا ِِّب َْم َو ِّاهلِّ ْم َوأَنْـ ُف ِّس ِّه ْم َوأُولَئِّ َ آمنُوا َم َعهُ َج َ ين َ
الرس ُ َّ ِّ
ول َوالذ َ ﴿ -6لَك ِّن َّ ُ
ِّ
ك ُه ُم ال ُْم ْفلِّ ُحو َن﴾(.)178 َوأُولَئِّ َ
ك ِّم ْن صبَـ ُروا إِّ َّن َربَّ َ اه ُدوا َو َ
ِّ
اج ُروا م ْن بَـ ْعد َما فُتِّنُوا ُُثَّ َج َ
ِّ
ين َه َ
ُُ ﴿ -7ثَّ إِّ َّن ربَّ َ ِّ ِّ
ك للَّذ َ َ
يم﴾(.)179 بـع ِّدها لَغَ ُف ِّ
ور َرح ٌ ٌ َْ َ
اهللُ َوَر ُسولُهُ هلل َوال ِّابلْيَـ ْوِّم ْاْل ِّخ ِّر َوال َُيَ ِّرُمو َن َما َح َّرَم َّ ﴿ -8قَاتِّلُوا الَّ ِّذين ال يـ ْؤِّمنو َن ِّاب َِّّ
َ ُ ُ
اب َح َّىت يُـ ْعطُوا ا ْجلِّ ْزيَةَ َع ْن يَد َو ُه ْم ِّ ِّ َّ ِّ ِّ ِّ
ين أُوتُوا الْكتَ َ ين ا ْحلَِّق م َن الذ َ َوال يَدينُو َن د َ
اغ ُرو َن﴾(.)180 ص ِّ
َ
ار َولْيَ ِّج ُدوا فِّي ُك ْم ِّغ ْلظَةً ين يَـلُونَ ُك ْم ِّم َن الْ ُك َّف ِّ ِّ َّ ِّ
آمنُوا قَاتلُوا الذ َ ين َ
َّ ِّ
َ ﴿ -9اي أَيُّـ َها الذ َ
ني﴾(.)181 ِّ َن َّ َوا ْعلَ ُموا أ َّ
اهللَ َم َع ال ُْمتَّق َ
هلل والْيـوِّم ْاْل ِّخ ِّر أَ ْن ُجي ِّ
اه ُدوا ِِّب َْم َو ِّاهلِّ ْم َوأَنْـ ُف ِّس ِّه ْم ِّ ِّ ﴿ -10ال يستَأ ِّْذنُ َ َّ ِّ
َ ين يُـ ْؤمنُو َن ِّاب َّ َ َ ْ ك الذ َ َْ
ِّ و َّ ِّ
ني﴾(.)182 يم ِّابل ُْمتَّق َ اهللُ َعل ٌ َ
اه ُدوا ِِّب َْم َو ِّاهلِّ ْم اهلل وَك ِّرهوا أَ ْن ُجي ِّ الف رس ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ
َ ول َّ َ ُ ح ال ُْم َخلَّ ُفو َن ِّمبَْق َعده ْم خ َ َ ُ ﴿ -11فَ ِّر َ
ِّ يل َِّّ َوأَنْـ ُف ِّس ِّه ْم ِّيف َسبِّ ِّ
َّم أَ َش ُّد َحراً لَ ْو َكانُوا اهلل َوقَالُوا ال تَـ ْنف ُروا ِّيف ا ْحلَ ِّر قُ ْل َان ُر َج َهن َ
يَـ ْف َق ُهو َن﴾(.)183
اهللُ بَِّق ْوم َُِّيبُّـ ُه ْم ف ََيِّْيت َّ س ْو َ ف
َ ﴿ -12اي أَيُّـها الَّ ِّذين آمنُوا من يـرتَ َّد ِّم ْن ُكم َعن ِّدينِّ ِّ
ه
َ ْ ْ َ َ َ ْ َْ َ َ
اهلل َوال َخيَافُو َن لَ ْوَمةَ يل َِّّ
اه ُدو َن ِّيف َسبِّ ِّ َع َّزة َعلَى الْ َكافِّ ِّرين ُجي ِّ وَُِّيبُّونَه أ َِّذلَّة علَى الْم ْؤِّمنِّني أ ِّ
َ َ ُ َ َ َ ُ
يم﴾(.)184 اسع َعلِّ اهلل و ِّ َّ و اء شَ ي ن م يه ضل َِّّ
اهلل يـ ْؤتِّ ِّ ْ َف ك َ الئِّم ذَلِّ
ٌ ٌ َُ َ ُ َ ْ َ ُ ُ
-178التوبة.88 :
-179النحل.110 :
-180التوبة.29 :
-181التوبة.123 :
-182التوبة.44 :
-183التوبة.81 :
-184المائدة.54 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 85 ..................................................................................
وتيل الطَّاغُ ِّ ين َك َف ُروا يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ يل َِّّ َّ ِّ آمنُوا يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ َّ ِّ
اهلل َوالذ َ ين َ ﴿ -13الذ َ
ض ِّعيفاً﴾(.)185 ان َكا َن َ الش ْيطَ ِّ
ان إِّ َّن َك ْي َد َّ الش ْيطَ ِّفَـ َقاتِّلُوا أ َْولِّيَاءَ َّ
َن َهلُ ُم ا ْجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ ِّ ِّ
يل س ُه ْم َوأ َْم َوا َهلُ ْم ِِّب َّ ني أَنْـ ُف َاهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ ﴿ -14إِّ َّن َّ
آن َوَم ْن أ َْو ََف بِّ َع ْه ِّدهِّ ِّم َن يل والْ ُقر ِّ ِّ ِّ ِّ
اهلل فَـيَـ ْقتُـلُو َن َويُـ ْقتَـلُو َن َو ْعداً َعلَْيه َحقاً ِّيف التـ َّْوَراة َو ْاأل ِّْجن ِّ َ ْ
َِّّ
ِّ استَـ ْب ِّش ُروا بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُ ْم بِّ ِّه َوذَلِّ َ َِّّ
يم﴾(.)186 ك ُه َو الْ َف ْوُز ال َْعظ ُ اهلل فَ ْ
ص ِّرِّه ْم لََق ِّد ٌير﴾(.)187 اهللَ َعلَى نَ ْ ين يُـ َقاتَـلُو َن ِِّبَنَّـ ُه ْم ظُلِّ ُموا َوإِّ َّن َّ ِّ ِّ ِّ
﴿ -15أُذ َن للَّذ َ
ِّ ِّ ِّ اهلل َُِّي ُّ َّ ِّ
وص﴾(.)188 ص ٌ صفاً َكأَنَّـ ُه ْم بُـ ْنـيَا ٌن َم ْر ُ ين يُـ َقاتلُو َن ِّيف َسبِّيله َ ب الذ َ ﴿ -16إِّ َّن ََّ
سى أَ ْن تَ ْك َرُهوا َش ْيئاً َو ُه َو َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم ع
َ و م ك
ُ َل ه
ٌ ر ك
ُ و ه و ال
ُ ت
َ ُ ﴿ -17كتِّب َعلَي ُكم ال ِّ
ْق
َ َ ْ ْ َ ُ َ َ ْ ُ
اهللُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنْـتُ ْم ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(.)189 سى أَ ْن ُِّحتبُّوا َش ْيئاً َو ُه َو َش ٌّر لَ ُك ْم َو َّ َو َع َ
ث لَنَا وسى إِّ ْذ قَالُوا لِّنَِّيب َهلُ ُم ابْـ َع ْ ِّ ﴿ -18أََمل تَـر إِّ َىل الْم َِّل ِّمن ب ِّين إِّسر ِّ
ائيل م ْن بَـ ْعد ُم َ َ ْ َ ْ َ ْ َ
ال أ ََّال تُـ َقاتِّلُوا قَالُوا َوَما لَنَا ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ ال َهل َعس ْيـتُم إِّ ْن ُكتِّ َ ق
َ يل َِّّ
اهلل ِّ َملِّكاً نُـ َقاتِّل ِّيف َسبِّ
َ ْ َ ْ ْ
ب َعلَْي ِّه ُم ال ِّْقتَ ُ
ال تَـ َولَّ ْوا إَِّّال اهلل وقَ ْد أُ ْخ ِّر ْجنَا ِّمن ِّداي ِّرَان وأَبْـنَائِّنَا فَـلَ َّما ُكتِّ يل َِّّ أ ََّال نُـ َقاتِّ َل ِّيف َسبِّ ِّ
َ َ َ ْ َ
ِّ قَلِّيالً ِّم ْنـهم و َّ ِّ
ني﴾(.)190 يم ِّابلظَّال ِّم َ اهللُ َعل ٌ ُْ َ
ِّ الصال َة َوآتُوا َّ ِّ ِّ ﴿ -19أََمل تَـر إِّ َىل الَّ ِّذ ِّ
ب الزَكا َة فَـلَ َّما ُكت َ يموا َّ يل َهلُ ْم ُك ُّفوا أَيْديَ ُك ْم َوأَق ُ ين ق َ َ ْ َ
ِّ شو َن النَّاس َك َخ ْشي ِّة َِّّ ِّ َعلَْي ِّه ُم ال ِّْقتَ ُ
اهلل أ َْو أَ َش َّد َخ ْشيَةً َوقَالُوا َربَّـنَا ملَ َ َ ال إِّ َذا فَ ِّري ٌق م ْنـ ُه ْم َخيْ َ ْ
يل َو ْاْل ِّخ َرةُ َخ ْيـ ٌر لِّ َم ِّن ال لَوال أَخَّرتَـنَا إِّ َىل أَجل قَ ِّريب قُل متاعُ ُّ ِّ
الدنْـيَا قَل ٌ ْ ََ َ ْ
ِّ
ت َعلَْيـنَا الْقتَ َ ْ َكتَـ ْب َ
اتَّـ َقى َوال تُظْلَ ُمو َن فَتِّيالً﴾(.)191
-185النساء.76 :
-186التوبة.111 :
-187الحج.39 :
-188الصف.4 :
-189البقرة.216 :
-190البقرة.246 :
-191النساء.77 :
.................................................................... 86إصدارات أنصار اإلمام املهدي
-192األنفال.65 :
-193محمد.20 :
-194محمد.21 :
-195الفرقان.52 :
-196الممتحنة.1 :
اجلهـاد بـاب اجلنــة 87 ..................................................................................
الفهرس
.................................................................... 88إصدارات أنصار اإلمام املهدي