Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 88

‫إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪)51( ‬‬

‫اجلهاد باب اجلنة‬


‫‪ .................................................................... 2‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عنوان الكتاب‪ :‬اجلهاد ابب اجلنة‬


‫أمحد احلسن‬ ‫املؤلف‪:‬‬
‫شركة جنمة الصباح‬ ‫الناشر‪:‬‬
‫الثالثة (‪2014‬م – ‪1435‬هـ)‬ ‫الطبعة‪:‬‬
‫‪ 1000‬نسخة‬ ‫العدد‪:‬‬
‫رقم اإليداع‪ 2254 :‬لسنة ‪2010‬‬

‫وكالء شركة نجمة الصباح‬


‫لبنان‬
‫مكتبة نجمة الصباح‪ /‬جنوب لبنان‪ /‬صور‪ /‬برج الشمالي‪ /‬مفرق المؤسسة‬
‫‪Tel.: 0096170621437 / 009617346015‬‬
‫‪lebanon@najmatalsabah.com‬‬
‫أمريكا‬ ‫جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة‬

‫‪Straight Path Library 24142‬‬ ‫لشركة نجمة الصباح المحدودة‬


‫‪B. Warren Street. Dearborn Heights. Michigan. 48127 USA‬‬ ‫العراق‪ /‬بغداد‪ /‬هاتف ‪+9647815643684‬‬
‫‪Tel. (313)914-3397 / (313)919-1977,‬‬ ‫‪contact@najmatalsabah.com‬‬
‫‪E-mail: usa@najmatalsabah.com‬‬
‫السويد‬
‫‪Byggmästargatan 3. 80324 Gävle. Sweden‬‬
‫‪Tel.: +46737297728 , E-mail: sweden@najmatalsabah.com‬‬
‫لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن‬
‫أستراليا‬ ‫يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي‪:‬‬
‫‪Antwerp Street, Auburn, NSW 2144. Australia 15‬‬ ‫‪www.almahdyoon.org‬‬
‫‪Tel.:+61406009043 , E-mail: australia@najmatalsabah.com‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪3 ..................................................................................‬‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫ً‬
‫وصىل اهلل ىلع حممد وآهل الطاهرين األئمة واملهديني وسلم تسليما كثريا‬

‫الكاتب في سطور‬

‫السيد أمحد احلسن ‪ ..‬هو أمحد بن إمس اعيل بن صاحل بن حسني بن سلمان بن حممد بن احلسن بن علي بن حممد‬
‫ابن علي بن موسى بن جعفر بن حممد بن علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب عليهم الصالة والسالم‪.‬‬
‫هو وصي ورسول اإلمام املهدي حممد بن احلسن ‪ ‬إىل الناس كافة‪ ،‬اليماين املوعود عند الشيعة‪ ،‬واملهدي الذي‬
‫يف آخر الزمان على وفق الفهم السين للمهدي‪ ،‬واملعزي ألنبياء اهلل ورسله الذي وعد به‬ ‫بشر بوالدته رسول اهلل‬
‫نيب اهلل عيسى ‪ ‬كما ورد يف اإلجنيل‪ ،‬واملنقذ الذي وعد إبرساله نيب اهلل إيليا ‪ ‬عند اليهود‪.‬‬
‫انطلق بدعوته اإلهلية الكربى عام ‪1999‬م يف العراق عاصمة دولة العدل اإلهلي‪ ،‬ومنه انتشرت إىل العامل كله‪ ،‬جاء‬
‫املذكور‬ ‫الناس حمتجاً عليهم مبا احتج به أنبياء اهلل ورسله على أقوامهم‪ ،‬النص (الذي متثله وصية جده رسول اهلل‬
‫فيها ابمسه ومنزلته وعشرات النصوص الثابتة عند املسلمني والنصارى واليهود)‪ ،‬والعلم الذي به حتدى كبار علماء‬
‫األداين والطوائف كلها‪ ،‬وراية البيعة هلل والدعوة إىل حاكمية اهلل‪ ،‬إضافة إىل أتييد اهلل سبحانه له ابمللكوت عرب مئات‬
‫الرؤى الصادقة ابألنبياء واألوصياء اليت تشهد له‪.‬‬
‫وكان قد خط بيمنه جمموعة من الكتب اليت حتوي جوانب كبرية من املعرفة اإلهلية اليت بدأ ببثها إىل الناس كان‬
‫منها‪ :‬كتاب التوحيد‪ ،‬واملتشاهبات‪ ،‬واضاءات من دعوات املرسلني‪ ،‬ورحلة موسى إىل جممع البحرين‪ ،‬والنبوة اخلامتة‪،‬‬
‫والعجل‪ ،‬واجلهاد ابب اجلنة‪ ،‬وحاكمية اهلل ال حاكمية الناس‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫أما هدف دعوته فهو اهلدف من دعوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وحممد صلوات اهلل عليهم أمجعني‪ ،‬أن ينتشر‬
‫التوحيد على كل بقعة يف هذه األرض هدف األنبياء واألوصياء هو هدفه‪ ،‬وبيان التوراة واإلجنيل والقرآن وما اختلف‬
‫فيه ‪ ..‬أن متتلئ األرض قسطاً وعدالً كما ملئت ظلماً وجوراً‪ ,‬أن يشبع اجلياع وال يبقى الفقراء يف العراء‪ ,‬أن يفرح‬
‫األ يتام بعد حزهنم الطويل وجتد األرامل ما يسد حاجتها املادية بعز وكرامة‪ ،‬أن ‪ ...‬وأن ‪ ،...‬أن يطبق أهم ما يف‬
‫الشريعة العدل والرمحة والصدق‪.‬‬
‫وقد التحق بركب هذه الدعوة املباركة الكثري من املؤمنني املنتشرين على مناطق كثرية من العامل ‪ ..‬للمزيد يرجى‬
‫‪www.almehdyoon.org‬‬ ‫مراجعة املوقع الرمسي ألنصار اإلمام املهدي ‪:‬‬

‫أو بزايرة الصفحة الشخصية للسيد أمحد احلسن على موقع الفيسبوك‪:‬‬
‫‪www.facebook.com/Ahmed.Alhasan.10313‬‬
‫(أمحد احلسن)‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪5 ..................................................................................‬‬

‫﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِ ْن‬

‫قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ‬

‫آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَال إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيب﴾ (البقرة‪.)214 :‬‬

‫ب‬
‫﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ويَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ويَتُو َ‬

‫عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيم حَكِيـم * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ‬

‫وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْالً عَظِيماً﴾ (النساء‪.)27 - 26 :‬‬
‫اإلهــــــداء‬

‫إىل من خَطَّوا حبهم هلل بدمائهم‪..‬‬

‫إىل من خَطَّوا شهادة ( ال إله إالّ اهلل ) بدمائهم‪..‬‬

‫إىل من عرَّفوا أهل األرض وضاعة هذه الدنيا وخسَّتها‪..‬‬

‫إىل كل من لبّى دعوات األنبياء واملرسلني واألئمة‬

‫وهاجر إىل اهلل شهيداً صابراً حمتسب ًا‪..‬‬

‫أيها السادة األبرار‪..‬‬

‫تقبلوا هذه البضاعة املزجاة مين أنا اجلاهل املسكني وإن مل أكن أهالً لذلك‬
‫‪ .................................................................... 8‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪9 ..................................................................................‬‬

‫وصل اللهم على حممد وآل حممد األئمة واملهديني وسلم‬


‫‪‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪َّ ،‬‬
‫تسليماً‪.‬‬
‫اجلن إلقاء الشبهات حول األنبياء واألوصياء الذين ال‬‫دائماً حياول شياطني اإلنس و ّ‬
‫يؤمنون هبم وبنبوهتم ورساالهتم من هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬ومن هذه الشبهات هي شبهة‬
‫القسوة والش ّدة والقتال ومحل السيف بوجه من خيالفهم ‪.‬‬
‫وكأ ّن الرسول ال يكون رسوالً إالّ إذا جاء كما جاء شبيه عيسى ‪ ‬يسلّم نفسه‬
‫بكل هدوء إىل جالديه الذين ختلو قلوهبم من أي رمحة‪ ،‬مث يُقطّع جسمه إرابً ويُصلب‬
‫ويُقتل دون أي مقاومة‪ ،‬هكذا يريدون أعداء هللا وجند الشيطان من اإلنس واجلن أن‬
‫يُقتل كل الرسل لتخلوا الساحة هلم‪ ،‬فالرسول إذا قاوم جالديه أو دافع عن نفسه وعن‬
‫رسالة السماء حبمل السيف واجلهاد والقتال ال يكون رسوالً‪.‬‬
‫‪ .................................................................... 10‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪)1‬‬
‫بقوة نشر هذه العقيدة الفاسدة لكي ال ينصر الناس (امل َعّزي)‬ ‫ّ‬ ‫هم اليوم حياولون‬
‫ُ‬
‫لرسل هللا سبحانه‪ ،‬الذي أييت حامالً سيف غضب اجلبار سبحانه وتعاىل على أهل‬
‫األرض الذين ملؤوها ظلماً وجوراً وفساداً‪.‬‬
‫وشيعتهم‪ ،‬وعن‬ ‫ويف هذه األسطر القليلة سأحاول الدفاع عن أنبياء هللا ورسله‬
‫ح ّقهم الثابت يف الدفاع عن دين هللا سبحانه وتعاىل برفع السيف بوجه الطواغيت‬
‫ختلو ساحة املواجهة من أي موضع للكلمة الطيبة‪ ،‬وسأحاول‬ ‫وأشياعهم بعد أن َ‬
‫االقتصار على ما أجد أ ّن الضرورة حتتّم مناقشته للوقوف على احلقيقة‪ ،‬وابلتايل أن يوفق‬
‫اإلنسان إلتباع احلق وإرضاء هللا سبحانه‪ ،‬واحلمد هلل وحده‪.‬‬

‫املذنب املقصر‬
‫أمحد احلسن‬
‫‪ / 15‬ذو الحجة ‪ 1427 /‬هـ‪ .‬ق‬

‫‪ -1‬يشير ‪ ‬إلى المع ّزي الذي أخبر بمجيئه عيسى ‪ ‬بقوله‪( :‬وأ ّما اآلن فأنا ماضي للذي أرسلني‪،‬‬
‫وليس أحد منكم يسألني أين تمضي‪ ،‬ولكن ألني قلت لكم هذا قد مأل الحزن قلوبكم‪ .‬لكن أقول لكم الحق أنه‬
‫خير لكم أن انطلق؛ ألنه إن لم انطلق ال يأتيكم المع ّزي‪ ،‬ولكن إن ذهبت أُرسله إليكم‪ ،‬ومتى جاء ذاك يبكت‬
‫العالم على خطيئة‪ ،‬وعلى بر‪ ،‬وعلى دينونة‪.‬‬
‫أ ّما على خطيئة‪ :‬فـ (ألنهم ال يؤمنون بي)‪ ،‬وأ ّما على بر‪ :‬فـ (ألني ذاهب إلى أبي وال ترونني أيضاً)‪ ،‬وأ ّما‬
‫على دينونة‪ :‬فـ (ألن رئيس هذا العالم) قد دين‪.‬‬
‫إن لي أمور كثيرة أيضا ً ألقول لكم‪ ،‬ولكن ال تستطيعون أن تحتملوا اآلن‪ ،‬وأ ّما متى جاء ذاك (روح الحق)‬ ‫ّ‬
‫فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ ألنه ال يتكلم من نفسه‪ ،‬بل كل ما يسمع يتكلم به) إنجيل يوحنا ‪ /‬اإلصحاح‬
‫السادس عشر‪.‬‬
‫وال ُمع ّزي هو قائم آل محمد ‪ ‬رسول عيسى ‪ ‬للنصارى‪ ،‬وشبيهه المصلوب‪ .‬وليتضح األمر أكثر‬
‫راجع‪( :‬رسالة الهداية)‪ ،‬و (وصي ورسول اإلمام المهدي في التوراة واإلنجيل والقرآن)‪ ،‬وغيرها من‬
‫إصدارات أنصار اإلمام المهدي ‪.‬‬
‫اجلهاد ينقسم إىل‪ :‬جهاد األرواح وجهاد األجساد‪ ،‬أو اجلهاد األكرب واجلهاد‬
‫األصغر(‪.)1‬‬
‫ومبا أ ّن النتيجة األوىل للجهاد األكرب هي إتباع خليفة هللا يف أرضه واالنصياع‬
‫ألوامره‪ ،‬أي السجود له كما سجدت املالئكة آلدم ‪ ،‬ومبا أ ّن خليفة هللا يف أرضه‬
‫هو اجلنة احلقيقية‪ ،‬بل إ ّن اجلنان امللكوتية ُخلقت من أنوارهم (‪ ،)2‬فإنّه يكون اجلهاد‬
‫األكرب ‪ -‬واحلال هذه ‪ -‬ابب اجلنة؛ ألنّه الباب املوصل إىل معرفة خليفة هللا يف أرضه‬
‫وإتباعه‪ ،‬وخليفة هللا هو ابب معرفة هللا سبحانه وتعاىل (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬روى الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد هللا ‪‬‬
‫أن النبي (صلى هللا عليه وآله) بعث بسرية فلما رجعوا‪ ،‬قال‪ :‬مرحبا ً بقوم قضوا الجهاد األصغر وبقي‬
‫الجهاد األكبر‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬وما الجهاد األكبر؟ قال‪ :‬جهاد النفس) الكافي‪ :‬ج‪ 5‬ص‪.12‬‬
‫‪ -2‬عن جابر بن عبد هللا‪ ،‬قال‪ :‬قلت لرسول هللا(صلى هللا عليه وآله)‪ :‬أول شيء خلق هللا تعالى ما هو ؟‬
‫فقال‪ :‬نور نبيك يا جابر خلقه هللا ثم خلق منه كل خير ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء هللا ثم جعله‬
‫أقساماً‪ ،‬فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم‪ ،‬وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم‪ ،‬وأقام القسم‬
‫الرابع في مقام الحب ما شاء هللا‪ ،‬ثم جعله أقساما فخلق القلم من قسم ‪ ،‬واللوح من قسم والجنة من قسم‪.‬‬
‫وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء هللا ثم جعله أجراء فخلق المالئكة من جزء والشمس من جزء‬
‫والقمر والكواكب من جزء‪ ،‬وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء هللا‪ ،‬ثم جعله أجزاء فخلق العقل من‬
‫جزء والعلم والحلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء‪ ،‬وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء هللا‪،‬‬
‫ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة فخلق هللا‬
‫من كل قطرة روح نبي ورسول‪ ،‬ثم تنفست أرواح األنبياء فخلق هللا من أنفاسها أرواح األولياء والشهداء‬
‫والصالحين ) بحار األنوار‪ :‬ج‪ 25‬ص‪.21‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬عن أبي عبد هللا ‪( :‬أبى هللا أن يجرى األشياء إال باألسباب فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب‬
‫شرحا ً وجعل لكل شرح مفتاحا ً وجعل لكل مفتاح علما ً وجعل لكل علم بابا ً ناطقا ً من عرفه عرف هللا ومن‬
‫أنكره أنكر هللا ذلك رسول هللا ونحن) بصائر الدرجات‪ :‬ص‪.26‬‬
‫وعن عبد الرحمن بن كثير‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا عبد هللا ‪ ‬يقول‪( :‬نحن والة أمر هللا وخزنة علم هللا وعيبة‬
‫وحى هللا وأهل دين هللا وعلينا نزل كتاب هللا وبنا عبد هللا ولوالنا ما عرف هللا و نحن ورثة نبي هللا‬
‫وعترته) بصائر الدرجات‪ :‬ص‪.81‬‬
‫وعن بريد العجلي‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا جعفر ‪ ‬يقول‪( :‬بنا عبد هللا‪ ،‬وبنا عرف هللا‪ ،‬وبنا وحد هللا تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬ومحمد حجاب هللا تبارك وتعالى) الكافي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،145‬وغيرها من الروايات التي تبين تلك‬
‫الحقيقة التي سطّرها ‪.‬‬
‫‪ .................................................................... 12‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫أي عوض سوى‬ ‫ّأما اجلهاد األصغر؛ فإنّه بذل املال والنفس يف سبيل هللا دون إرادة ّ‬
‫رضا هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬واجلود ابلنفس ما بعده جود‪ ،‬فكيف ال يكون اجلهاد األصغر‬
‫ابابً من أبواب اجلنة‪ ،‬بل وأوسع أبواب اجلنة بعد أن كان سعياً من اإلنسان ليشهد أن‬
‫(ال إله إالّ هللا) بدمه‪.‬‬
‫قلب اإلنسان بني إصبعني من أصابع الرمحن (‪)1‬؛ الشيطان إصبع وامللك إصبع‪ ،‬أو‬
‫الظلمة إصبع والنور إصبع‪ ،‬أو اجلهل إصبع والعقل إصبع‪.‬‬
‫والقلب بني هذين اإلصبعني‪ ،‬فجهاد النفس هو السعي مع امللك والنور والعقل إىل‬
‫هللا‪ ،‬ونبذ الشيطان والظلمة واجلهل‪.‬‬
‫ومبا أ ّن هدف الشيطان وغرضه هو أن يردي اإلنسان يف هاوية اجلحيم‪ ،‬وأن جيعله يف‬
‫مواجهة خمزية مع رب العاملني عندما يعصي اخلالق الرؤوف الرحيم الكرمي‪ ،‬وليحقق هذا‬
‫الغرض البد له من أسلحة يستعني هبا على تنفيذ ما يريد‪.‬‬
‫كل حبسبه‪،‬‬
‫القوة‪ ،‬و ٌ‬
‫وهذه األسلحة تتدرج من الظهور إىل اخلفاء‪ ،‬ومن الضعف إىل ّ‬
‫ٍّّ‬
‫فلكل صنف سالحه املالئم إلضالله‪.‬‬
‫ليتسّن ملن يريد أن جياهد ابجلهاد‬
‫ومن ابب (اعرف عدوك) أتعرض هلذه األسلحة؛ ّ‬
‫األكرب معرفة عدوه‪ ،‬وابلتايل إنقاذ نفسه من النار‪ ،‬وحتصني نفسه والتدرع مبا هو مالئم؛‬
‫أل ّن ال يكون هدفاً سهل املنال للشيطان (لعنه هللا)‪.‬‬
‫والبد من معرفة أوالً ‪ -‬وقبل كل شيء ‪ -‬أ ّن دوافع اإلنسان للغواية مركبة ومشتبكة‬
‫مع بعضها‪ ،‬والشيطان (لعنه هللا) يستخدم من هذه الرتكيبة املعقدة ما يناسب كل إنسان‬
‫إلضالله؛ حيث إ ّن اإلنسان يعيش يف هذا العامل اجلسماين وممتحن هبذا العامل اجلسماين‬
‫يف هذا الوقت ويف هذه احلياة الدنيا‪ ،‬فنفس اإلنسان وحميطها مها مدار البحث حول‬

‫‪ -1‬عن النبي (صلى هللا عليه وآله)‪ ( :‬قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن ) عوالي اللئالي‪:‬ج‪1‬‬
‫ص‪.48‬‬
‫‪ .................................................................... 14‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫أسلحة الشيطان‪ ،‬فمن النفس ومن حميطها يتسلح الشيطان (لعنه هللا) إلغواء اإلنسان‬
‫ولريديه يف هاوية اجلحيم‪ ،‬وحميط اإلنسان هو العامل اجلسماين أو الدنيا‪.‬‬
‫فالبحث إذن يدور حول الدنيا والنفس اإلنسانية من جهة‪ ،‬وحول النفس اإلنسانية‬
‫من جهة أخرى؛ أل ّن السالح ّإما‪:‬‬
‫أن يكون مركباً من العامل اجلسماين والنفس اإلنسانية‪ ،‬كالسكني واجلسم الذي تغرس‬
‫فيه وكمثال الزاين والزانية‪ ،‬فالشيطان يستخدم املرأة أو الرجل وأيضاً حيتاج إىل الضعف‬
‫اجلنسي يف نفس هذا اإلنسان الذي يريد إغواءه وإردائه يف اهلاوية‪ .‬فبالنسبة لرجل عصى‬
‫هللا ابلزان متثّل املرأة السكني اليت طعنه هبا الشيطان‪ّ ،‬أما ضعفه اجلنسي فقد مثّل املكان‬
‫الذي الذي طعنه به الشيطان‪.‬‬
‫أن يكون السالح من داخل النفس اإلنسانية‪ ،‬فتكون السكني وموضع الطعن واحد‬
‫وهي النفس‪ ،‬فال يوجد شيء من العامل اجلسماين‪ ،‬ومثاله العجب‪.‬‬
‫فنحتاج إذن إىل معرفة السكني (الدنيا)‪ ،‬واجلسم الذي تغرس فيه (النفس)‪ ،‬والسكني‬
‫النفسية (وهي سكني وسالح يؤخذ من النفس ويغرس يف النفس)‪ ،‬وعندها إذا وفقنا‬
‫سنعرف أسلحة الشيطان بشكل تفصيلي بعد أن عرفناها بشكل مبسط‪ ،‬وحنن حنتاج‬
‫إىل كال املعرفتني البسيطة (أي كون النفس والدنيا مها سالح الشيطان)‪ ،‬والتفصيلية اليت‬
‫أتركها؛ ألهنا تتفرع من هذا اإلمجال‪.‬‬
‫وال أبس من إلقاء نظرة على الدنيا والنفس اإلنسانية من حيث إهنا سالح للشيطان‪.‬‬
‫‪ -1‬السكني (الدنيا)‪:‬‬
‫والعامل اجلسماين احمليط ابإلنسان ينقسم إىل‪ :‬مجادات ونبااتت وحيواانت‪ ،‬وبقية‬
‫الناس غريه‪ ،‬وعالقة اإلنسان معها إما مالئمة أو منافاة‪ ،‬فتجده ‪ -‬مثالً ‪ -‬حيب متلّك‬
‫األرض والذهب والفضة والزرع واحليواانت وقضاء شهوته مع اجلنس املقابل له‪ُ ﴿ ،‬زيِّ َن‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪15 ..................................................................................‬‬

‫ض ِّة‬
‫ب َوال ِّْف َّ‬
‫الذ َه ِّ‬ ‫النِّس ِّاء والْبنِّني والْ َقن ِّ‬
‫اط ِّري ال ُْم َق ْنطََرِّة ِّم َن َّ‬ ‫ات ِّم َن‬ ‫الش َهو ِّ‬ ‫لِّلن ِّ‬
‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ب َّ َ‬ ‫َّاس ُح ُّ‬
‫اهللُ ِّع ْن َدهُ ُح ْس ُن‬ ‫ك َمتَاعُ ا ْحلَيَ ِّاة ُّ‬
‫الدنْـيَا َو َّ‬ ‫ث َذلِّ َ‬ ‫وا ْحلر ِّ‬
‫َ َْ‬ ‫اخلَْي ِّل ال ُْم َس َّوَم ِّة َو ْاألَنْـ َع ِّام‬
‫َو ْ‬
‫آب﴾(‪.)1‬‬ ‫ال َْم ِّ‬
‫التعرض للضرر كالقتل يف ساحة املعركة‪ ،‬وهو من نتائج اجلهاد احملتملة‪:‬‬ ‫ويكره ّ‬
‫ال َو ُه َو ُك ْرهٌ لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن تَ ْك َرُهوا َش ْيئاً َو ُه َو َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ‬ ‫ِّ‬
‫﴿ ُكت َ‬
‫َو َع َسى أَ ْن ُِّحتبُّوا َش ْيئاً َو ُه َو َش ٌّر لَ ُك ْم َو َّ‬
‫اهللُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنْـتُ ْم ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)2‬‬
‫ضرة ال جتتمع معها يف قلب إنسان أبداً‬ ‫والبد من بيان أ ّن الدنيا ابلنسبة لآلخرة ّ‬
‫(‪ ،)3‬فهما يف اجتاهني متقابلني إذا التفت اإلنسان إىل إحدامها أعطى ظهره لالُخرى‪ ،‬وال‬
‫ميكن إلنسان أن جيمع الدنيا واآلخرة يف عينه أو قلبه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫الدنْـيَا نُـ ْؤتِِّّه‬
‫ث ُّ‬‫ث ْاْل ِّخ َرِّة نَ ِّز ْد لَهُ ِّيف َح ْرثِِّّه َوَم ْن َكا َن يُ ِّري ُد َح ْر َ‬ ‫﴿ َم ْن َكا َن يُ ِّري ُد َح ْر َ‬
‫صيب﴾(‪.)4‬‬ ‫ِّم ْنـ َها وما لَهُ ِّيف ْاْل ِّخرِّة ِّمن نَ ِّ‬
‫َ ْ‬ ‫ََ‬
‫ِّ‬
‫اجلَةَ َع َّجلْنَا لَهُ فِّ َيها َما نَ َشاءُ ل َم ْن نُ ِّري ُد ُُثَّ َج َعلْنَا لَهُ‬ ‫وقال تعاىل‪﴿ :‬من َكا َن ي ِّري ُد الْع ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫اد ْاْل ِّخ َرَة َو َس َعى َهلَا َس ْعيَـ َها َو ُه َو ُم ْؤِّم ٌن‬ ‫الها َم ْذ ُموماً َم ْد ُحوراً ‪َ ‬وَم ْن أ ََر َ‬ ‫ص َ‬ ‫َّم يَ ْ‬‫َج َهن َ‬
‫ك َكا َن َس ْعيُـ ُه ْم َم ْش ُكوراً﴾(‪.)5‬‬ ‫فَأُولَئِّ َ‬
‫ومن هذه الرتكيبة اجلسمانية احمليطة ابإلنسان ونفس اإلنسان ‪ -‬وابخلصوص الثغرات‬
‫ونقاط الضعف املوجودة فيها ‪ -‬يكون سالح الشيطان (لعنه هللا)‪.‬‬

‫‪ -1‬آل عمران ‪.14 :‬‬


‫‪ -2‬البقرة‪.216 :‬‬
‫‪ -3‬قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ‪ّ :‬‬
‫(إن الدنيا واآلخرة عدوان متفاوتان وسبيالن مختلفان‪،‬‬
‫فمن أحب الدنيا وتوالها أبغض اآلخرة وعاداها‪ .‬وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما‪ ،‬كلما قرب‬
‫من واحد بعد من اآلخر‪ ،‬وهما بعد ضرتان) نهج البالغة بشرح محمد عبده‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.23‬‬
‫‪ -4‬الشورى‪.20 :‬‬
‫‪ -5‬االسراء‪.19 – 18 :‬‬
‫‪ .................................................................... 16‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪ - 2‬النفس‪:‬‬
‫ُس البالء وبيت الداء‪ ،‬فلو مل تكن فيها الثغرات املالئمة ملا يف الدنيا من‬‫وهي أ ّ‬
‫شهوات‪ ،‬ولو مل تكن فيها علة العلل وهي (األان) ملا كان للشيطان على اإلنسان سبيل‪،‬‬
‫يصح ابن آدم‪ ،‬وبدائها ميرض‪ ،‬ومبوهتا ميوت‪.‬‬
‫فبصحتها ّ‬
‫والشيطان (لعنه هللا) ّإما يستخدم ما فيها وهو األان لطعنها‪ ،‬فيكون سالح الشيطان‬
‫وإما أ ّن الشيطان (لعنه هللا) يستخدم ما يف الدنيا ليطعن النفس يف‬
‫منها والطعن فيها‪ّ ،‬‬
‫ثغراهتا‪.‬‬
‫واآلن عرفنا سالح الشيطان وترّكبه من النفس وحميطها‪ ،‬وهبذا نعرف معّن أن يكون‬
‫جهاد النفس هو اجلهاد األكرب؛ أل ّن حتصني النفس يف هذه املعركة يؤدي إىل النصر‬
‫على الشيطان وهزميته وكسر سالحه‪.‬‬
‫ّأما تفصيل أسلحة الظلمة واجلهل والشيطان فأتركه هلذه اجلوهرة من جواهر آل حممد‬
‫اليت بيّنت جنود اجلهل وجنود العقل؛ ليتحلّى املؤمن جبنود العقل بعد أن يتخلّى‬
‫ويتحصن ابهلل من أسلحة الشيطان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عن جنود اجلهل فيتم عقله‪،‬‬
‫روى الشيخ الكليين يف (الكايف) عن ع ّدة من أصحابنا‪ ،‬عن أمحد بن حممد‪ ،‬عن‬
‫علي بن حديد‪ ،‬عن مساعة بن مهران‪ ،‬قال‪ :‬كنت عند أيب عبد هللا ‪ ‬وعنده مجاعة‬
‫من مواليه فجرى ذكر العقل واجلهل‪ ،‬فقال أبو عبد هللا ‪( :‬اعرفوا العقل وجنده‬
‫واجلهل وجنده هتتدوا‪ ،‬قال مساعة‪ :‬فقلت‪ :‬جعلت فداك ال نعرف إالّ ما عرفتنا‪ ،‬فقال‬
‫أبو عبد هللا ‪ :‬إن هللا ‪ ‬خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيني عن ميني العرش‬
‫من نوره‪ ،‬فقال له‪ :‬أدبر فأدبر‪ُ ،‬ث قال له‪ :‬أقبل فأقبل‪ ،‬فقال هللا تبارك وتعاىل‪ :‬خلقتك‬
‫خلقاً عظيماً وكرمتك على مجيع خلقي‪ ،‬قال‪ُ :‬ث خلق اجلهل من البحر األجاج ظلمانياً‬
‫فقال له‪ :‬أدبر فأدبر‪ُ ،‬ث قال له‪ :‬أقبل فلم يقبل فقال له‪ :‬استكربت فلعنه‪ُ ،‬ث جعل‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪17 ..................................................................................‬‬

‫للعقل مخسة وسبعني جنداً فلما رأى اجلهل ما أكرم هللا به العقل وما أعطاه أضمر له‬
‫العداوة فقال اجلهل‪ :‬اي رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأان ضده وال قوة يل‬
‫به فأعطين من اجلند مثل ما أعطيته‪ ،‬فقال‪ :‬نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك‬
‫من رمحيت‪ ،‬قال قد رضيت فأعطاه مخسة وسبعني جنداً‪.‬‬
‫فكان مما أعطى العقل من اخلمسة والسبعني اجلند‪ :‬اخلري وهو وزير العقل وجعل‬
‫ضده الشر وهو وزير اجلهل‪ ،‬واالميان وضده الكفر‪ ،‬والتصديق وضده اجلحود‪ ،‬والرجاء‬
‫وضده القنوط‪ ،‬والعدل وضده اجلور‪ ،‬والرضا وضده السخط والشكر وضده الكفران‪،‬‬
‫والطمع وضده اليأس‪ ،‬والتوكل وضده احلرص‪ ،‬والرأفة وضدها القسوة‪ ،‬والرمحة وضدها‬
‫الغضب والعلم وضده اجلهل‪ ،‬والفهم وضده احلمق‪ ،‬والعفة وضدها التهتك‪ ،‬والزهد‬
‫وضده الرغبـة‪ ،‬والرفق وضده اخلرق‪ ،‬والرهبة وضدها اجلرأة‪ ،‬والتواضع وضده الكرب‪،‬‬
‫والتؤدة وضدها التسرع‪ ،‬واحللم وضدها السفه‪ ،‬والصمت وضده اهلذر‪ ،‬واالستسالم‬
‫وضده االستكبار‪ ،‬والتسليم وضده الشك والصرب وضده اجلزع‪ ،‬والصفح وضده‬
‫االنتقام‪ ،‬والغىن وضده الفقر‪ ،‬والتذكر وضده السهو‪ ،‬واحلفظ وضده النسيان‪ ،‬والتعطف‬
‫وضده القطيعة‪ ،‬والقنوع وضده احلرص‪ ،‬واملؤاساة وضدها املنع‪ ،‬واملودة وضدها العداوة‬
‫والوفاء وضده الغدر‪ ،‬والطاعة وضدها املعصية‪ ،‬واخلضوع وضده التطاول والسالمة‬
‫وضدها البالء‪ ،‬واحلب وضده البغض‪ ،‬والصدق وضده الكذب‪ ،‬واحلق وضده الباطل‪،‬‬
‫واألمانة وضدها اخليانة‪ ،‬واإلخالص وضده الشوب‪ ،‬والشهامة وضدها البالدة‪ ،‬والفهم‬
‫وضده الغباوة‪ ،‬واملعرفة وضدها اإلنكار واملداراة وضدها املكاشفة‪ ،‬وسالمة الغيب‬
‫وضدها املماكرة‪ ،‬والكتمان وضده اإلفشاء‪ ،‬والصالة وضدها اإلضاعة‪ ،‬والصوم وضده‬
‫اإلفطار‪ ،‬واجلهاد وضده النكول‪ ،‬واحلج (أي الوالية) وضده نبذ امليثاق‪ ،‬وصون احلديث‬
‫وضده النميمة‪ ،‬وبر الوالدين وضده العقوق‪ ،‬واحلقيقة وضدها الرايء‪ ،‬واملعروف وضده‬
‫‪ .................................................................... 18‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫املنكر‪ ،‬والسرت وضده التربج‪ ،‬والتقية وضدها اإلذاعة‪ ،‬واإلنصاف وضده احلمية‪،‬‬
‫والتهيئة وضدها البغي‪ ،‬والنظافة وضدها القذر‪ ،‬واحلياء وضدها اخللع‪ ،‬والقصد وضده‬
‫العدوان‪ ،‬والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة‪ ،‬والربكة وضدها احملق‪،‬‬
‫والعافية وضدها البالء‪ ،‬والقوام وضده املكاثرة‪ ،‬واحلكمة وضدها اهلواء‪ ،‬والوقار وضده‬
‫اخلفة‪ ،‬والسعادة وضدها الشقاوة‪ ،‬والتوبة وضدها اإلصرار واالستغفار وضده االغرتار‪،‬‬
‫واحملافظة وضدها التهاون‪ ،‬والدعاء وضده االستنكاف‪ ،‬والنشاط وضده الكسل‪،‬‬
‫والفرح وضده احلزن‪ ،‬واأللفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل‪.‬‬
‫فال جتتمع هذه اخلصال كلها من أجناد العقل إال يف نيب أو وصي نيب‪ ،‬أو مؤمن قد‬
‫امتحن هللا قلبه لإلميان‪ ،‬وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم ال خيلو من أن يكون‬
‫فيه بعض هذه اجلنود حىت يستكمل‪ ،‬وينقي من جنود اجلهل فعند ذلك يكون يف‬
‫الدرجة العليا مع األنبياء واألوصياء (أي إذا متّ عقله كان من أهل السماء السابعة‪ ،‬وهي‬
‫مساء العقل)‪ ،‬وإمنا يدرك ذلك مبعرفة العقل وجنوده‪ ،‬ومبجانبة اجلهل وجنوده‪ ،‬وفقنا هللا‬
‫وإايكم لطاعته ومرضاته) (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،20‬كتاب العقل والجهل‪ ،‬ح‪.14‬‬


‫أهم أهداف اجلهاد هو إخراج الناس من عبودية األرض والعباد واألان إىل عبودية هللا‬
‫الواحد القهار واالعرتاف حباكميته سبحانه وتعاىل على صعيدي التشريع والتنفيذ‬
‫اجملتمعني يف خليفة هللا يف أرضه‪ ،‬واملعركة اجلهادية األوىل دارت ضمن نطاق هذا القانون‬
‫اإلهلي (خالفة هللا يف أرضه) وهو القانون األول والذي تدور حوله قبول الطاعة أو‬
‫عدمها‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ض َخلِّي َفةً قَالُوا أ ََجتْ َع ُل فِّ َيها َم ْن يُـ ْف ِّس ُد‬ ‫ك لِّلْمالئِّ َك ِّة إِِّّين ج ِّ‬
‫اع ٌل ِّيف ْاأل َْر ِّ‬ ‫﴿ َوإِّ ْذ قَ َ‬
‫َ‬ ‫ال َربُّ َ َ‬
‫ال إِِّّين أَ ْعلَ ُم َما ال‬ ‫ك قَ َ‬ ‫س لَ َ‬ ‫الدماء وََْنن نُسبِّح ِِّبم ِّد َك ونُـ َق ِّ‬
‫د‬ ‫ك ِّ‬ ‫ُ‬ ‫فِّيها ويس ِّ‬
‫ف‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫استَ ْكبَـ َر‬ ‫َمجعو َن ‪ ‬إَِّّال إِّبلِّ‬ ‫ُّ‬ ‫تَـ ْعلَمو َن﴾(‪ ،)1‬ويف النتيجة ﴿فَسج َد الْمالئِّ‬
‫يس ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ُ‬‫ة‬‫ك‬‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين﴾(‪.)2‬‬ ‫َوَكا َن م َن الْ َكاف ِّر َ‬
‫انتصر املالئكة يف هذه املعركة وخسر إبليس لعنه هللا وكان اجلهاد فيها من الطراز‬
‫األول وهو جهاد النفس أو كما مساه رسول هللا (اجلهاد األكرب)‪ ،‬والبد أن يبدأ اجملاهد‬
‫ابجلهاد األكرب مث ينتقل إىل األصغر بل اجلهاد األصغر أحد أهم أجزاء اجلهاد األكرب‪.‬‬
‫ولعل بعضهم توهم أ ّن اجلهاد األصغر مقدم من حديث رسول هللا عندما استقبل‬
‫اجملاهدين العائدين من أرض املعركة فرحب هبم على أهنم قوم قضوا اجلهاد األصغر وبقي‬
‫عليهم اجلهاد األكرب أي جهاد النفس‪ ،‬ولكن احلقيقة اليت كان يريد أن يبينها رسول هللا‬
‫يف حديثه هي أ ّن جهاد األجساد (اجلهاد األصغر) رمبا ينقضي‪ّ ،‬أما جهاد األرواح‬
‫(اجلهاد األكرب) فال ينقضي ما دام اإلنسان يف هذه احلياة الدنيا‪ ،‬كما أ ّن جهاد‬

‫‪ -1‬البقرة ‪.30 :‬‬


‫‪ -2‬ص‪.74 – 73 :‬‬
‫‪ .................................................................... 20‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫األجساد ما هو إالّ استجابة جلهاد األرواح‪ ،‬حيث إ ّن األجساد اتبعة لألرواح مستجيبة‬
‫إلرادهتا‪ ،‬فلم يكن أولئك العائدون إالّ قوماً خاضوا يف غمار اجلهاد األكرب مث انتقلوا إىل‬
‫اجلهاد األصغر مث عادوا فذكرهم رسول هللا أهنم ما داموا يف هذه احلياة الدنيا فعليهم أن‬
‫جياهدوا أنفسهم لئال يقعوا فيما وقع فيه إبليس لعنه هللا فينكرون خليفة هللا يف أرضه‪،‬‬
‫فتكون النتيجة هي اخلسران املبني‪.‬‬
‫ين ِّم ْن‬ ‫َّ ِّ‬
‫َّاس أَ ْن يُـ ْتـ َرُكوا أَ ْن يَـ ُقولُوا َ‬
‫آمنَّا َو ُه ْم ال يُـ ْفتَـنُو َن ‪َ ‬ولََق ْد فَـتَـنَّا الذ َ‬ ‫ب الن ُ‬
‫﴿أ ِّ‬
‫َحس َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫قَـبلِّ ِّهم فَـلَيـعلَم َّن َّ َّ ِّ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫ص َدقُوا َولَيَـ ْعلَ َم َّن الْ َكاذبِّ َ‬
‫ين َ‬
‫اهللُ الذ َ‬ ‫ْ ْ َْ َ‬
‫وابلفعل فقد أنكر كثري منهم خليفة هللا يف أرضه (علي بن أيب طالب ‪ )‬وفشلوا‬
‫يف معركة اجلهاد األكرب‪ ،‬فلم ينفعهم اجلهاد األصغر أو قل قتال األجساد‪.‬‬
‫فعلى اإلنسان أن حيذر فتنة هللا وجياهد نفسه ويتابع خليفة هللا يف أرضه وإالّ فالنار‪،‬‬
‫فال جهاد إالّ حتت راية ويل هللا وخليفته يف أرضه‪ ،‬ومن يدعي أنّه جياهد ويطلب‬
‫يتعجل قتلة الدنيا قبل قتلة اآلخرة‪.‬‬ ‫الشهادة حتت راية غري راية خليفة هللا يف أرضه فهو ّ‬
‫عن أابن بن تغلب‪ ،‬قال‪ :‬كان أبو عبد هللا ‪ ‬إذا ذكر هؤالء الذين يقتلون يف‬
‫الثغور يقول‪( :‬ويلهم ما يصنعون هبذا ؟! يتعجلون قتلة الدنيا وقتلة اْلخرة‪ ،‬وهللا ما‬
‫الشهيد إال شيعتنا وإن ماتوا على فرشهم) (‪.)2‬‬
‫إذن‪ ،‬فالبد لإلنسان أن خيوض معركة اجلهاد األكرب أوالً ويعرف ويل هللا وخليفته يف‬
‫أرضه مث خيوض معركة اجلهاد األصغر حتت رايته وليكون جهاده مرضياً عند هللا وطاعة‬
‫فإما أن يكون قتاله ألجل األرض‬ ‫له سبحانه وإالّ فسيكون كالبهيمة بل أضل سبيالً‪ّ ،‬‬
‫فإ ّن امللحد يقاتل ألجل أرضه كاحليوان ألجل وكره‪ ،‬أو أنّه يقاتل ألجل عقيدة ال‬
‫يتبني له أ ّن العلماء‬
‫يفقهها مقلداً العلماء غري العاملني مث بعد موته وبعد أن جير إىل النار ّ‬
‫‪ -1‬العنكبوت‪.3 – 2 :‬‬
‫‪ -2‬المحاسن‪ :‬ج‪ 1‬ص ‪ ،164‬تفسير نور الثقلين ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪. 245‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪21 ..................................................................................‬‬

‫أو اإلمام املهدي‬ ‫غري العاملني قادوه حملاربة موسى ‪ ‬أو عيسى ‪ ‬أو حممد‬
‫‪.‬‬

‫وأمري املؤمنني ‪ ‬قال‪( :‬اجلهاد ابب من أبواب اجلنة فتحه هللا خلاصة‬
‫أوليائه)(‪ ،)1‬أي إ ّن األولياء هم اجملاهدون احلقيقيون‪ ،‬ال أ ّن كل من يقاتل فهو جماهد‬
‫وهو ويل من أولياء هللا كما يفهم بعضهم‪ ،‬فاألولياء هم الذين جاهدوا أنفسهم وخاضوا‬
‫يف غمار اجلهاد األكرب واتبعوا ويل هللا وخليفته يف أرضه فكانوا بذلك أولياء هللا حقاً‬
‫ومستحقني ألن يكون اجلهاد ابابً فتحه هللا هلم‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ ،4‬نهج البالغة بشرح محمد عبده‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.67‬‬
‫اجلهاد يف األديان اإلهلية‪:‬‬
‫اجلهاد أو القتال إلعالء كلمة هللا ونشر التوحيد والدين الذي يرضاه هللا سبحانه‬
‫وتعاىل قضية قررها هللا سبحانه‪ ،‬وحث عليها املؤمنني وأوجبها عليهم وواعد من جاهد‬
‫وتوعد من أعرض عن اجلهاد ابلنار‪.‬‬ ‫يف سبيله اجلنة ّ‬
‫هم محلة كلمة هللا سبحانه وهم محلة راية اجلهاد والقتال يف‬ ‫واألنبياء واملرسلون‬
‫بني يديك تص ّفحه يف التوراة‬ ‫سبيل هللا سبحانه‪ ،‬وهذا اتريخ األنبياء واملرسلني‬
‫ويتأهب لدخول األرض املقدسة‪،‬‬ ‫واإلجنيل والقرآن لتجد موسى ‪ ‬حيمل سيفه ّ‬
‫ويوشع بن نون ‪ ‬حيمل سيفه ويدخل األرض املقدسة‪ ،‬وداوود ‪ ‬يقضي أايمه يف‬
‫القتال إلعالء كلمة هللا ونشر التوحيد‪﴿ :‬فَـهزموهم ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫آَتهُ‬ ‫وت َو َ‬‫اهلل َوقَـتَ َل َد ُاو ُد َجالُ َ‬ ‫َ َُ ُ ْ‬
‫ت‬ ‫ض ُهم بِّبـ ْعض لََفس َد ِّ‬ ‫ْك وا ْحلِّ ْكمةَ وعلَّمه ِّممَّا ي َشاء ولَوال دفْع َِّّ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫َّاس بَـ ْع َ ْ َ‬ ‫اهلل الن َ‬ ‫اهللُ ال ُْمل َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ َ ْ َ ُ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫ضل َعلَى ال َْعالَ ِّم َ‬ ‫اهللَ ذُو فَ ْ‬‫ض َولَ ِّك َّن َّ‬
‫ْاأل َْر ُ‬
‫ِّ‬
‫اب﴾(‪.)2‬‬ ‫اصِّ ْرب َعلَى َما يَـ ُقولُو َن َواذْ ُك ْر َع ْب َد َان َد ُاو َد َذا ْاألَيْد إِّنَّهُ أ ََّو ٌ‬ ‫وقال تعاىل‪ْ ﴿ :‬‬
‫وسليمان ‪ ‬خيلفه ليبين هيكل العبادة بيد ويقاتل يف سبيل إعالء كلمة هللا ابليد‬
‫َّاس عُلِّ ْمنَا َم ْن ِّط َق الطَّ ِّْري‬
‫ال َاي أَيُّـ َها الن ُ‬ ‫ث ُسلَْي َما ُن َد ُاو َد َوقَ َ‬ ‫األخرى‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وَوِّر َ‬
‫ني﴾(‪.)3‬‬ ‫ض ُل ال ُْمبِّ ُ‬ ‫َوأُوتِّينَا ِّم ْن ُك ِّل َش ْيء إِّ َّن َه َذا َهلَُو الْ َف ْ‬

‫‪ -1‬البقرة‪.251 :‬‬
‫‪ -2‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ -3‬النمل‪.16 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪23 ..................................................................................‬‬

‫آَت ُك ْم بَ ْل أَنْـتُ ْم‬ ‫اهللُ َخ ْيـ ٌر ِّممَّا َ‬ ‫ال أَ ُمتِّ ُّدونَ ِّن ِّمبَال فَ َما َ‬
‫آَتِّينَ َّ‬ ‫اء ُسلَْي َما َن قَ َ‬
‫﴿فَـلَ َّما َج َ‬
‫َّه ْم ِّم ْنـ َها‬ ‫ِّ‬
‫َّه ْم ِِّبُنُود ال قبَ َل َهلُ ْم ِّهبَا َولَنُ ْخ ِّر َجنـ ُ‬
‫ِّ‬
‫ِّهبَديَّتِّ ُك ْم تَـ ْف َر ُحو َن ‪ْ ‬ارِّج ْع إِّلَْي ِّه ْم فَـلَنَأْتِّيَـنـ ُ‬
‫أ َِّذلَّـةً وهم ص ِّ‬
‫اغ ُرو َن﴾(‪.)1‬‬ ‫َُْ َ‬
‫والتوراة حافلة مبعارك داوود وسليمان (عليهما السالم)‪.‬‬
‫مث إ ّن عيسى ‪ ‬يقول ألتباعه‪( :‬من أراد أن يتبعين فليحمل خشبته على‬
‫ظهره)‪ ،‬أي إنه يدعو للثورة على الظلم والفساد وأيمر أتباعه ابجلهاد والقتال يف سبيل‬
‫هللا‪ ،‬فاخلشبة يف ذلك الزمان نظري الكفن عندان اليوم‪ ،‬أي كأنه يقول ألتباعه من أراد أن‬
‫يتبعين فليحمل كفنه معه‪.‬‬
‫ّأما الرسول حممد فقد قضى جل أايمه يف املدينة املنورة بعد اهلجرة يف اجلهاد‬
‫والقتال يف سبيل هللا‪ ،‬وقضى أايمه يف مكة جياهد ويقاتل ابلكلمة واحلجة هو ومن آمن‬
‫معه حىت عُذبوا وأُذوا وقتل منهم من قتل فذهب إىل ربّه شاهداً وشهيداً‪.‬‬
‫حجة ما بعدها حجة‪ ،‬وأمر هللا سبحانه‬ ‫وال شك أ ّن سرية األنبياء واملرسلني‬
‫وتعاىل ابجلهاد والقتال يف سبيله إلعالء كلمته سبحانه وتعاىل والذي جاء به األنبياء‬
‫واملرسلون حجة ما بعدها حجة‪ ،‬فلم يبق للمتخلّف عن أمر هللا سبحانه وتعاىل عذر وال‬
‫عاذر‪ ،‬ومل يبق ملن ينكر أمر هللا سبحانه وتعاىل إالّ أن يقال عنه أنه كافر‪ ،‬فبأي حديث‬
‫بعد هللا وآايته وسرية أنبيائه ورسله تؤمنون‪.‬‬
‫والنصوص على اجلهاد والقتال يف سبيل هللا يف التوراة املوجودة حالياً اليت يعرتف هبا‬
‫اليهود والنصارى كثرية ج ّداً ال يسعها هذا البيان املختصر‪ ،‬ولكن ال أبس إبيراد نص‬
‫نعرج على أول من توسع يف اجلهاد‬ ‫منها لرتتب فائدة على إيراده‪ ،‬ولعل األفضل أن ّ‬

‫‪ -1‬النمل‪.37 – 36 :‬‬
‫‪ .................................................................... 24‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫والقتال يف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا سبحانه وتعاىل بعد نيب هللا موسى بن عمران‬
‫‪ ‬الذي جاء ابلتوراة وهو يوشع بن نون ‪ ‬وصي موسى ‪.‬‬
‫جاء يف التوراة (العهد القدمي ‪ /‬سفر يشوع‪ :‬ص ‪ :) 357 - 354‬اإلصحاح‬
‫العاشر‪:‬‬
‫((‪ )34‬مث اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من خليش إىل عجلون فنزلوا عليها وحاربوها‬
‫(‪ )35‬وأخذوها يف ذلك اليوم وضربوها حبد السيف وحرم كل نفس هبا يف ذلك اليوم‬
‫حسب كل ما فعل بلخيش (‪ )36‬مث صعد يشوع ومجيع إسرائيل معه من عجلون إىل‬
‫حربون وحاربوها (‪ )37‬وأخذوها وضربوها حبد السيف مع ملكها وكل مدهنا وكل نفس‬
‫هبا‪.‬مل يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس هبا (‪ )38‬مث رجع يشوع‬
‫وكل إسرائيل معه إىل دبري وحارهبا (‪ )39‬وأخذها مع ملكها وكل مدهنا وضربوها حبد‬
‫السيف وحرمـوا كل نفس هبا‪.‬مل يبق شارداً‪ ،‬كما فعل حبربون كذلك فعل بدبري وملكها‬
‫وكما فعل بلبنة وملكها (‪ )40‬فضرب يشوع كل أرض اجلبل واجلنوب والسهل والسفوح‬
‫وكل ملوكها‪ .‬مل يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل (‪ )41‬فضرهبم‬
‫يشوع من قادش برنيع إىل غزة ومجيع أرض جوشن إىل جبعون (‪ )42‬وأخذ يشوع مجيع‬
‫أولئك امللوك وأرضهم دفعة واحدة ألن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل (‪ )43‬مث‬
‫رجع يشوع ومجيع إسرائيل معه إىل احمللة إىل اجللجال)‪.‬‬
‫األصحاح احلادي عشر‪ )1(( :‬فلما مسع ايبني ملك حاصور أرسل إىل يوابب ملك‬
‫مادون وإىل ملك مشرون وإىل ملك أكشاف (‪ )2‬وإىل امللوك الذين إىل الشمال يف‬
‫اجلبل ويف العربة جنويب كنروت ويف السهل ويف مرتفعات دور غرابً (‪ )3‬الكنعانيني يف‬
‫الشرق والغرب واألموريني واحلثيني والفرزيني واليبوسيني يف اجلبل واحلويني حتت حرمون‬
‫يف أرض املصفاة (‪ )4‬فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعبا غفريا كالرمل الذي على‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪25 ..................................................................................‬‬

‫شاطئ البحر يف الكثرة خبيل ومركبات كثرية جداً (‪ )5‬فاجتمع مجيع هؤالء امللوك مبيعاد‬
‫وجاءوا ونزلوا معا على مياه مريوم لكي حياربوا إسرائيل (‪ )6‬فقال الرب ليشوع ال ختفهم‬
‫ألين غدا يف مثل هذا الوقت أدفعهم مجيعا قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وحترق‬
‫مركباهتم ابلنار (‪ )7‬فجاء يشوع ومجيع رجال احلرب معه عليهم عند مياه مريوم بغتة‬
‫وسقطوا عليهم (‪ )8‬فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إىل صيدون العظيمة‬
‫وإىل مسرفوت مامي وإىل بقعة مصفاة شرقا‪ .‬فضربوهم حىت مل يبق هلم شارد (‪ )9‬ففعل‬
‫يشوع هبم كما قال له الرب‪ .‬عرقب خيلهم وأحرق مركباهتم ابلنار (‪ )10‬مث رجع يشوع‬
‫يف ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها ابلسيف‪ .‬ألن حاصور كانت قبال رأس‬
‫مجيع تلك املمالك (‪ )11‬وضربوا كل نفس هبا حبد السيف‪ ،‬حرموهم ومل تبق نسمة‪،‬‬
‫وأحرق حاصور ابلنار (‪ )12‬فأخذ يشوع كل مدن أولئك امللوك ومجيع ملوكها وضرهبم‬
‫حبد السيف‪ .‬حرمهم كما أمر موسى عبد الرب (‪ )13‬غري أن املدن القائمة على تالهلا‬
‫مل حيرقها إسرائيل ما عدا حاصور وحدها أحرقها يشوع (‪ )14‬وكل غنيمة تلك املدن‬
‫والبهائم هنبها بنو إسرائيل ألنفسهم‪ .‬و ّأما الرجال فضربوهم مجيعاً حبد السيف حىت‬
‫أابدوهم‪ .‬مل يبقوا نسمة (‪ )15‬كما أمر الرب موسى عبده هكذا أمر موسى يشوع‬
‫وهكذا فعل يشوع‪ .‬مل يهمل شيئاً من كل ما أمر به الرب موسى (‪ )16‬فأخذ يشوع كل‬
‫تلك األرض اجلبل وكل اجلنوب وكل أرض جوشن والسهل والعربة وجبل إسرائيل وسهله‬
‫(‪ )17‬من اجلبل األقرع الصاعد إىل سعري إىل بعل جاد يف بقعة لبنان حتت جبل‬
‫حرمون‪ ،‬وأخذ مجيع ملوكها وضرهبم وقتلهم (‪ )18‬فعمل يشوع حرابً مع أولئك امللوك‬
‫أايماً كثرية (‪ )19‬مل تكن مدينة صاحلت بين إسرائيل إال احلويني سكان جبعون بل‬
‫أخذوا اجلميع ابحلرب (‪ )20‬ألنه كان من قبل الرب أن يشدد قلوهبم حىت يالقوا‬
‫إسرائيل للمحاربة فيحرموا فال تكون عليهم رأفة بل يبادون كما أمر الرب موسى (‪)21‬‬
‫‪ .................................................................... 26‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وجاء يشوع يف ذلك الوقت وقرض العناقيني من اجلبل من حربون ومن دبري ومن عناب‬
‫ومن مجيع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل‪ .‬حرمهم يشوع مع مدهنم (‪ )22‬فلم يتبق‬
‫عناقيون يف أرض بين إسرائيل لكن بقوا يف غزة وجت وأشدود (‪ )23‬فأخذ يشوع كل‬
‫األرض حسب كل ما كلم به الرب موسى وأعطاها يشوع ملكا إلسرائيل حسب فرقهم‬
‫وأسباطهم‪ ،‬واسرتاحت األرض من احلرب)‪.‬‬
‫هذه صورة جلانب من األايم اليت قضاها يوشع بن نون ‪ ‬يف اجلهاد والقتال‬
‫إلعالء كلمة هللا ونشر دين هللا والتوحيد على هذه االرض‪ .‬وحيسن اإللتفات إىل ع ّدة‬
‫جوانب فيما خيص جهاد يوشع ومن معه لرتتب فائدة على معرفتها هي‪:‬‬
‫‪ -1‬إ ّن الذين كانوا مع يوشع بن نون ‪ ‬هم ذراري بين إسرائيل الذين عربوا مع‬
‫موسى البحر‪ ،‬فأولئك ماتوا يف التيه الذي عاقبهم هللا به لتمردهم على أمر هللا ابجلهاد‬
‫ِّ‬
‫ب‬‫وسى إِّ َّان لَ ْن نَ ْد ُخلَ َها أَبَداً َما َد ُاموا ف َيها فَا ْذ َه ْ‬
‫والقتال يف سبيله حيث ﴿قَالُوا َاي ُم َ‬
‫ك فَـ َقاتِّال إِّ َّان هاهنا قَ ِّ‬
‫اع ُدو َن﴾(‪.)1‬‬ ‫أَنْ َ‬
‫ت َوَربُّ َ‬
‫َ َُ‬
‫والتيه كان عقوبة إصالحية‪ ،‬كانت نتيجتها هؤالء األبناء الصاحلني الذين جاهدوا مع‬
‫يوشع ‪ ‬وصي موسى ‪ ‬ودخلوا األرض املقدسة‪.‬‬
‫‪ -2‬إ ّن عدد الذين عربوا مع موسى ‪ ‬من مصر أكرب بكثري من الذين قاتلوا مع‬
‫يوشع‪ ،‬فالكثرة مل تنفع ملا كانت قلوب القوم مليئة حبب الدنيا‪ ،‬والقلّة مل تضر ملا‬
‫كانت قلوب القوم مليئة حبب هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫‪ -3‬الذين كانوا مع يوشع ‪ ‬أقل بكثري من اجليوش اجلرارة اليت واجهوها‪ ،‬بل‬
‫كاف لفتح كل تلك البالد اليت فتحوها‪ ،‬ولكن هللا‬ ‫وابحلساب املادي عددهم غري ٍّ‬

‫‪ -1‬المائدة‪.24 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪27 ..................................................................................‬‬

‫َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬


‫اهلل َو َّ‬
‫اهللُ َم َع‬ ‫َ‬ ‫نصرهم ابلرعب‪َ ﴿ :‬ك ْم ِّم ْن فِّئَة قَلِّيلَة غَلَبَ ْ‬
‫ت فِّئَةً‬
‫َّ ِّ‬
‫الصاب ِّر َ‬
‫ين﴾(‪.)1‬‬
‫‪ -4‬قلّة العدد والع ّدة وضعف اإلمكاانت املادية كلها كانت ترافق يوشع بن نون‬
‫‪ ،‬ولكنه واملؤمنني ملا تسلّحوا ابإلميان والصرب وقوة التحمل للمصاعب والتوكل على‬
‫هللا‪ ،‬وملا نصرهم هللا أبن قذف الرعب يف قلوب عدوهم متكنوا من خوض كل تلك‬
‫املعارك على كثرهتا وانتصروا بقوة هللا‪ ،‬ونشروا كلمة هللا والتوحيد يف األرض املقدسة‪،‬‬
‫فاإلميان والعقيدة هو أقوى سالح وبه يعقد نصر املؤمنني‪.‬‬
‫‪ -5‬إ ّن يوشعاً ‪ ‬كان خليفة هللا يف زمانه وكانت طاعته طاعة هللا ومعصيته‬
‫معصية هللا‪ ،‬فالذين أطاعوه أطاعوا هللا والذين قاتلوا معه قاتلوا مع هللا‪ ،‬فكانوا يف ذلك‬
‫الزمان شعب هللا ومحلة كلمة هللا ألهل األرض فتنزلت عليهم الرمحة والسكينة والنصر‬
‫والربكة‪.‬‬
‫والنتيجة فإ ّن أنبياء هللا ورسله جاهدوا وقاتلوا يف سبيل إعالء كلمة هللا وأطاعوا أمر‬
‫هللا الذي شرع اجلهاد وأوجبه‪ ،‬ومل تثنهم قلَّة الناصر هلم وضعف اإلمكاانت ومل تردعهم‬
‫كثرة عدوهم وضخامة ع ّدته عن اجلهاد‪ ،‬كما أهنم دعوا إىل هللا ابحلكمة واملوعظة احلسنة‬
‫وجادلوا الذين كفروا ابليت هي أحسن‪ ،‬فلما مل تنفع مع الكفار حجة اللسان قارع أنبياء‬
‫هللا أعداء هللا ابلسنان ونصرهم هللا وأيدهم مبالئكته‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -1‬البقرة‪.249 :‬‬
‫لإلجابة على هذا السؤال جيب بيان أ ّن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا على نوعني‪:‬‬
‫األول‪ :‬هجومي‪ ،‬والثاين‪ :‬دفاعي‪ .‬وسيتبني اجلواب من خالل البحث فيهما‪،‬‬
‫وسأعرض لكل منهما وأبني أسباب كل منهما‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اجلهاد اهلجومي‬


‫وهذا اجلهاد هو فرض واجب على األمة املؤمنـة اليت حتمل راية خليفـة هللا يف أرضه يف‬
‫زماهنم‪ ،‬ويتمثل مبهامجة وقتال كل األمم واألقوام اليت ال تعرتف بدين احلق وخليفة هللا يف‬
‫أرضه يف ذلك الزمان حىت يذعنوا لكلمة ال إله إالّ هللا ودين احلق املرضي عند هللا‪،‬‬
‫ويسلموا زمام أمورهم خلليفة هللا يف أرضه يف زماهنم‪ ،‬وقد قام به كثري من أنبياء هللا ورسله‬
‫وذكرته الكتب السماوية وكتب التاريخ بشكل ال لبس فيه‪ ،‬فقد قاتل قتاالً هجومياً لنشر‬
‫التوحيد وإعالء كلمة ال إله إالّ هللا يوشع بن نون ‪ ‬وداوود ‪ ‬وسليمان ‪‬‬
‫وحممد وعلي ‪ ‬وهم أنبياء هللا ورسله وعملهم حجة دامغة‪ ،‬وقاتلوا أبمر هللا‬
‫سبحانه وتعاىل فال سبيل إلنكار هذا العمل ووصفه أبنّه جهل أو ختلف أو عصبية أو‬
‫طائفية أو مذهبية وحتت مسميات الثقافة واحلضارة واحلرية‪ ،‬على أين سآيت على مناقشة‬
‫هذه احلضارة والثقافة واحلرية إن شاء هللا‪.‬‬
‫وهلذا اجلهاد شروط وقيود رمبا مل تكن اثبتة تفصيالً يف كل األداين ويف كل األزمان‪،‬‬
‫ورمبا تبدلّت يف نفس الدين الواحد بني فرتة وأخرى حبسب األوامر اليت أييت هبا األنبياء‬
‫والرسل من هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬ولكنها إمجاالً اثبتة‪.‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪29 ..................................................................................‬‬

‫ولعل أهم الشروط اليت يعدها الناس ذات أمهية كربى‪ ،‬ورمبا يتخذها بعضهم عذراً‬
‫لتخلفه عن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا هي الع ّدة والعدد‪ ،‬ورمبا يتخذ بعضهم الفرقة أو‬
‫قلة الوعي يف اجملتمع اإلمياين عذراً للتخلف عن اجلهاد‪ ،‬وكال هذين األمرين داخالن يف‬
‫الع ّدة والعدد‪ ،‬وسأعرض هلذه األمور الثالثة‪:‬‬

‫‪ ‬العدة والعدد‪:‬‬
‫كاف‬‫ال شك أ ّن هذا شرط لكل مواجهة قتالية فإذا مل تكن هناك ع ّدة وعدد ٍّ‬
‫للمواجهة العسكرية فستكون هذه املواجهة صعبة ورمبا غري ممكنة‪ ،‬ولكن يبقى أ ّن شروط‬
‫املواجهة اهلجومية حبسب املعادلة العسكرية احلديثة تتطلب أن يكون عدد املهامجني‬
‫ضعف عدد املدافعني‪ ،‬وطبعاً كلما رجحت ع ّدة املهامجني القتالية أمكن تقليل هذه‬
‫النسبة لصاحل املهامجني‪ ،‬هذا حبسب القياسات املادية البحتة‪.‬‬
‫ّأما ابلنسبة للمؤمنني فاألمر أيخذ منحّن آخر واملعادلة العسكرية لدى املؤمنني‬
‫ني أَلَ ْن يَ ْك ِّفيَ ُك ْم أَ ْن ُميِّ َّد ُك ْم‬ ‫ول لِّل ِّ‬
‫ْم ْؤمنِّ َ‬
‫يدخل فيها الغيب ألهنم يؤمنون ابلغيب ﴿إِّ ْذ تَـ ُق ُ ُ‬
‫صِّربُوا َوتَـتَّـ ُقوا َو ََيْتُوُك ْم ِّم ْن فَـ ْوِّرِّه ْم‬ ‫ربُّ ُكم بِّثالثَِّة آالف ِّمن الْمالئِّ َك ِّة منـزلِّ‬
‫ني ‪ ‬بَـلَى إِّ ْن تَ ْ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫َه َذا ميُْد ْد ُك ْم َربُّ ُك ْم ِِّبَ ْم َسة آالف م َن ال َْمالئِّ َكةُ ُم َس ِّوم َ‬
‫ولدى املؤمنني سالح عظيم ال ميلكه اجلانب اآلخر هو الدعاء‪ ،‬واالستغاثة ابهلل‬
‫اب لَ ُك ْم أَِّين ُممِّ ُّد ُك ْم ِِّبَلْف ِّم َن ال َْمالئِّ َك ِّة‬ ‫استَ َج َ‬
‫ِّ‬
‫القوي العزيز‪﴿ :‬إِّ ْذ تَ ْستَغيثُو َن َربَّ ُك ْم فَ ْ‬
‫ني﴾(‪ ،)2‬وهللا الذي يستغيث به ويؤمن به املؤمنون خالق القلوب وبيده القلوب‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ُم ْردف َ‬
‫فهو الذي ميلؤها ّقوة وثبااتً وهو الذي جيعلها خاوية خليَّة إالّ من الرعب واالنكسار‪:‬‬

‫‪ -1‬آل عمران‪.125 – 124 :‬‬


‫‪ -2‬األنفال‪.9 :‬‬
‫‪ .................................................................... 30‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫آمنُوا َسأُل ِّْقي ِّيف قُـلُ ِّ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫﴿إِّ ْذ ي ِّ‬
‫وب‬ ‫ك إِّ َىل ال َْمالئ َكة أَِّين َم َع ُك ْم فَـثَـبتُوا الذ َ‬
‫ين َ‬ ‫وحي َربُّ َ‬ ‫ُ‬
‫ض ِّربُوا ِّم ْنـ ُه ْم ُك َّل بَـنَان﴾(‪.)1‬‬ ‫ض ِّربوا فَـو َق ْاألَ ْعنَ ِّ‬
‫اق َوا ْ‬ ‫ب فَا ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫الر‬
‫ُّ‬ ‫وا‬‫ر‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫َ ُ‬‫ك‬
‫َ‬ ‫ين‬ ‫الَّ ِّ‬
‫ذ‬
‫ولذلك فإ ّن املعادلة العسكرية للمواجهة تنقلب رأساً على عقب هنا‪ ،‬فيكفي للهجوم‬
‫أن يكون عدد املهامجني نصف عدد املدافعني الكفار‪ ،‬بل يف بداية اإلسالم كان يكفي‬
‫أن يكون عدد املهامجني املؤمنني عُشر عدد املدافعني‪:‬‬
‫صابُِّرو َن يَـ ْغلِّبُوا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ني َعلَى ال ِّْقتَ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ال إِّ ْن يَ ُك ْن م ْن ُك ْم ع ْش ُرو َن َ‬ ‫ض ال ُْم ْؤمنِّ َ‬‫َّيب َح ِّر ِّ‬
‫﴿ َاي أَيُّـ َها النِّ ُّ‬
‫ِّ َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّمائَـتَـ ْ ِّ‬
‫ن ‪‬‬
‫ني َوإِّ ْن يَ ُك ْن م ْن ُك ْم مائَةٌ يَـغْلبُوا أَلْفاً م َن الذ َ‬
‫ين َك َف ُروا ِِّبَنَّـ ُه ْم قَـ ْوٌم ال يَـ ْف َق ُهو َ‬
‫صابَِّرةٌ يَـ ْغلِّبُوا‬ ‫ضعفاً فَِّإ ْن ي ُكن ِّم ْن ُكم ِّ‬ ‫اهلل َع ْن ُكم و َعلِّم أ َّ ِّ‬ ‫ْاْل َن َخ َّف َ‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ئ‬
‫َ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َن في ُك ْم َ ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ف َُّ‬
‫ين﴾(‪.)2‬‬ ‫اهللُ َم َع َّ ِّ‬
‫الصاب ِّر َ‬
‫ني ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫اهلل َو َّ‬ ‫ني َوإِّ ْن يَ ُك ْن ِّم ْن ُك ْم أَل ٌ‬
‫ْف يَـ ْغلِّبُوا أَلْ َف ْ ِّ‬ ‫ِّمائَـتَـ ْ ِّ‬
‫وهللا سبحانه وتعاىل ميد املؤمنني ابملالئكة‪ ،‬ويقذف يف قلوب أعدائهم الرعب حىت‬
‫قبل أن يدعوه ويستغيثوا به سبحانه؛ ألهنم خرجوا يف سبيله وابتغاء مرضاته ونصراً لدينه‬
‫وأنبيائه ورسله‪ ،‬وهو أوىل أن ينصر دينه وأنبياءه ورسله‪ ،‬وإمنا ابتلى اخللق بطاعتهم‬
‫ونصرهتم ليعلم من يطيعه وينصره ابلغيب‪:‬‬
‫َّاس ِّابل ِّْق ْس ِّط‬ ‫ال‬ ‫وم‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬‫ْكتاب وال ِّْميزا َن لِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫﴿لََق ْد أ َْر َسلْنَا ُر ُسلَنَا ابلْبَـينَات َوأَنْـ َزلْنَا َم َع ُه ُم ال َ َ َ َ َ َ ُ‬
‫ن‬
‫ب إِّ َّن‬
‫ص ُرهُ َوُر ُسلَهُ ِّابلْغَْي ِّ‬ ‫َّاس َولِّيَـ ْعلَ َم َّ‬
‫اهللُ َم ْن يَـ ْن ُ‬ ‫ْس َش ِّدي ٌد َوَمنَافِّ ُع لِّلن ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫َوأَنْـ َزلْنَا ا ْحلَدي َد فيه َِب ٌ‬
‫ي َع ِّز ٌيز﴾(‪.)3‬‬ ‫اهللَ قَ ِّو ٌّ‬
‫َّ‬
‫ب﴾ الثبات واملالئكة وأيضاً الرعب يف قلوب‬ ‫ص ُرهُ َوُر ُسلَهُ ِّابلْغَْي ِّ‬
‫وهكذا يرافق ﴿ َم ْن يَـ ْن ُ‬
‫الذين كفروا‪ ،‬وكلها أسلحة غيبية يؤمن هبا املؤمنون وتدركها بصائرهم‪:‬‬
‫وب‬‫آمنُوا َسأُل ِّْقي ِّيف قُـلُ ِّ‬ ‫ين‬ ‫ك إِّ َىل الْمالئِّ َك ِّة أَِّين مع ُكم فَـثَـبِّتُوا الَّ ِّ‬
‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ب‬
‫ُّ‬‫ر‬ ‫ي‬ ‫﴿إِّ ْذ ي ِّ‬
‫وح‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ض ِّربُوا ِّم ْنـ ُه ْم ُك َّل بَـنَان﴾(‪.)1‬‬ ‫اق َوا ْ‬ ‫ض ِّربوا فَـو َق ْاألَ ْعنَ ِّ‬
‫ب فَا ْ ُ ْ‬ ‫الر ْع َ‬
‫ين َك َف ُروا ُّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫ال ذ َ‬
‫‪ -1‬األنفال‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬األنفال‪.66 – 65 :‬‬
‫‪ -3‬الحديد‪.25 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪31 ..................................................................................‬‬

‫هلل َما َملْ يُـنَـ ِّز ْل بِّ ِّه ُس ْلطَاانً‬ ‫الر ْعب ِّمبَا أَ ْشرُكوا ِّاب َِّّ‬
‫ُّ‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ين‬ ‫وب الَّ ِّ‬
‫ذ‬ ‫ِّ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ـ‬
‫ُ‬ ‫ق‬ ‫يف‬‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫﴿سنُـل ِّ‬
‫ْق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫ني﴾(‪.)2‬‬ ‫س َمثْـ َوى الظَّال ِّم َ‬ ‫اهم الن ِّ‬
‫َّار َوب ْئ َ‬
‫َوَمأ َْو ُ ُ ُ‬
‫وهبِّ ُم‬
‫ف ِّيف قُـلُ ِّ‬ ‫اب ِّمن صي ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫﴿وأَنْـز َل الَّ ِّذين ظَاهر ِّ‬
‫اص ِّيه ْم َوقَ َذ َ‬ ‫وه ْم م ْن أ َْه ِّل الْكتَ ِّ ْ َ َ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ب فَ ِّريقاً تَـ ْقتُـلُو َن َو َأت ِّْس ُرو َن فَ ِّريقاً﴾(‪.)3‬‬ ‫الر ْع َ‬
‫ُّ‬
‫اب ِّم ْن ِّد َاي ِّرِّه ْم ِّأل ََّو ِّل ا ْحلَ ْش ِّر َما‬ ‫﴿هو الَّ ِّذي أَ ْخرج الَّ ِّذين َك َفروا ِّمن أ َْه ِّل ال ِّ‬
‫ْكتَ ِّ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬
‫ث َملْ‬ ‫اهللُ ِّم ْن َح ْي ُ‬
‫اهلل فَأ َََت ُه ُم َّ‬ ‫ظَنـ ْنـتم أَ ْن َخيْرجوا وظَنُّوا أَنَّـهم مانِّعتـهم حصونُـهم ِّمن َِّّ‬
‫ُ ْ َ َُ ُ ْ ُ ُ ُ ْ َ‬ ‫ُُ َ‬ ‫َ ُْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ََْيتَ ِّسبُوا َوقَ َذ َ‬
‫ب ُخيْ ِّربُو َن بُـيُوتَـ ُه ْم ِِّبَيْد ِّيه ْم َوأَيْدي ال ُْم ْؤمنِّ َ‬
‫ني فَا ْعتَِّربُوا َاي‬ ‫وهبِّ ُم ُّ‬
‫الر ْع َ‬
‫ف ِّيف قُـلُ ِّ‬
‫ار﴾(‪.)4‬‬ ‫ص ِّ‬
‫ُويل ْاألَبْ َ‬ ‫أ ِّ‬
‫وكما قدمت فإ ّن عدد وع ّدة املؤمنني الذين قاتلوا مع يوشع بن نون كانت أقل بكثري‬
‫من الشعوب الكافرة اليت واجهوها‪ ،‬وكذلك احلال ابلنسبة لطالوت واجلماعة املؤمنة‬
‫الذين معه‪ ،‬بل إ ّن يف قصة طالوت ومجاعته آية من هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬فداود الشاب‬
‫وأصغر القوم سنّاً والذي ختلو يده من السالح ‪ -‬فلم يكن معه إالّ مقالع وأحجار ‪-‬‬
‫حيقق الضربة القاضية على جيش جالوت ويقتل جالوت ويكون السبب الرئيسي يف‬
‫هزمية جيش جالوت‪:‬‬
‫وت﴾(‪.)5‬‬ ‫﴿فَـهزموهم ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫اهلل َوقَـتَ َل َد ُاو ُد َجالُ َ‬ ‫َ َُ ُ ْ‬
‫مل تكن يف هذه القصة فقط الفئة املؤمنة القليلة العدد الضعيفة الع ّدة غلبت الفئة‬
‫الكافرة الكثرية العدد القوية الع ّدة‪ ،‬بل إ ّن أضعف عدد وأقل ع ّدة ‪ -‬داود ‪‬‬
‫وأحجاره ‪ -‬حققت النصر يف هذه املعركة‪ ،‬مل يكن أحد من الناس حىت املؤمنون حيسب‬

‫‪ -1‬األنفال‪.12 :‬‬
‫‪ -2‬آل عمران‪.151 :‬‬
‫‪ -3‬األحزاب‪.26 :‬‬
‫‪ -4‬الحشر‪.2 :‬‬
‫‪ -5‬البقرة‪.251 :‬‬
‫‪ .................................................................... 32‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫لداود ‪ -‬صغري السن ‪ -‬وأحجاره حساابً يف هذه املعركة لكن هللا تكلم بداود وأبحجار‬
‫داود‪ ،‬أراد هللا أن يقول هبذه اآلية أن ال ّقوة إالّ ابهلل‪.‬‬
‫روي عن أيب عبد هللا ‪ ‬أنه قال‪( :‬القليل الذين مل يشربوا ومل يغرتفوا ثالث مائة‬
‫وثالثة عشر رجالً‪ ،‬فلما جاوزوا النهر ونظروا إىل جنود جالوت قال الذين شربوا‬
‫ود ِّه﴾‪ ،‬وقال الذين مل يشربوا‪َ ﴿ :‬ربَّنا أَفْ ِّر ْ‬
‫غ َعلَْينا‬ ‫وت وجنُ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫منه‪﴿ :‬ال طاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبالُ َ َ ُ‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ر‬ ‫ت أَقْدامنا وانْصران َعلَى الْ َقوِّم الْكافِّ‬ ‫ص ْرباً َوثَـبِّ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫َ‬
‫فجاء داود ‪ ‬حىت وقف ِبذاء جالوت‪ ،‬وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه‬
‫التاج وفيه ايقوت يلمع نوره وجنوده بني يديه‪ ،‬فأخذ داود من تلك األحجار حجراً‬
‫فرمى به يف ميمنة جالوت‪ ،‬فمر يف اهلواء و وقع عليهم فاهنزموا‪ ،‬وأخذ حجراً آخر‬
‫فرمى به يف ميسرة جالوت فوقع عليهم فاهنزموا‪ ،‬ورمى جالوت ِبجر اثلث فصك‬
‫وه ْم‬
‫الياقوتة يف جبهته ووصل إىل دماغه ووقع إىل األرض ميتاً فهو قوله‪﴿ :‬فَـ َه َزُم ُ‬
‫ْك َوا ْحلِّ ْك َمةَ﴾) (‪.)1‬‬ ‫وت َوآَتهُ َّ‬
‫اهللُ ال ُْمل َ‬ ‫داو ُد جالُ َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ـ‬‫َ‬‫ق‬‫و‬ ‫ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫اهلل‬
‫َ َ ُ‬‫َ‬
‫فينبغي أن أتخذ معادلة الع ّدة والعدد منحّن آخر إذا كان القتال يف سبيل هللا فيكون‬
‫النظر إليها حمدوداً‪ ،‬ال إهنا متثل عائقاً دائماً عن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا‪ ،‬فاملطلوب‬
‫استَطَ ْعتُ ْم ِّم ْن‬ ‫ِّ‬
‫أعدوا هلم ما استطعتم والباقي على هللا سبحانه وتعاىل‪َ ﴿ :‬وأَع ُّدوا َهلُ ْم َما ْ‬
‫آخ ِّرين ِّمن ُد ِّ‬
‫وهنِّ ْم ال تَـ ْعلَ ُمونَـ ُه ُم‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬‫و‬‫َّ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫اخلَي ِّل تُـرِّهبو َن بِّ ِّه ع ُد َّو َِّّ‬
‫اهلل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬‫قُـ َّوة وِّمن ِّراب ِّ‬
‫ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ف إِّلَْي ُك ْم َوأَنْـتُ ْم ال تُظْلَ ُمو َن﴾(‪.)2‬‬ ‫يل َِّّ‬
‫اهلل يُـ َو َّ‬ ‫اهللُ يَـ ْعلَ ُم ُه ْم َوَما تُـ ْن ِّف ُقوا ِّم ْن َش ْيء ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫َّ‬
‫ت فِّئَةً َكثِّ َريًة‬ ‫وآمنوا وتيقنوا أنه ما النصر إال من عند هللا‪َ ﴿ :‬ك ْم ِّم ْن فِّئَة قَلِّيلَة غَلَبَ ْ‬
‫اهللُ َم َع َّ ِّ‬ ‫ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫ين﴾(‪.)3‬‬ ‫الصاب ِّر َ‬ ‫اهلل َو َّ‬

‫‪ -1‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪. 83‬‬


‫‪ -2‬األنفال‪.60 :‬‬
‫‪ -3‬البقرة‪.249 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪33 ..................................................................................‬‬

‫يبني أحقية الرسل وأتباعهم وذلك عندما يكونون قلّة‬ ‫فيأىب هللا سبحانه وتعاىل إالّ أن ّ‬
‫مستضعفة فينصرهم هللا على عدوه وعدوهم مع أهنم كثرة متعالية مستكربة‪.‬‬
‫جيرد دينه والدعوة إليه من أي مغرايت دنيوية أو‬‫وهكذا دائماً فإ ّن هللا سبحانه وتعاىل ّ‬
‫سلطوية ليدخل يف دينه وجياهد يف سبيله من يدخل وجياهد‪ ،‬وهو ال يريد إالّ هللا ووجه‬
‫وحفت النار ابلشهوات‪ ،‬فدين هللا احلق ال ُحيف‬ ‫هللا‪ ،‬هكذا دائماً ُحفت اجلنة ابملكاره ُ‬
‫ابلشهوات بل ابملكاره فالتفتوا اي أويل األلباب‪.‬‬
‫وحفت النار ابلشهوات) (‪.)1‬‬
‫قال رسول هللا ‪ُ ( :‬حفت اجلنة ابملكاره‪ُ ،‬‬
‫وقال رسول هللا ‪( :‬احلق ثقيل مر‪ ،‬والباطل خفيف حلو) (‪.)2‬‬
‫‪ ‬الوحدة‪:‬‬
‫الوحدة ضرورية ألي جمتمع قتايل وإالّ فإ ّن الفرقة يف اجملتمع القتايل نتيجتها اهلزمية ال‬
‫اصِّربُوا إِّ َّن َّ‬ ‫حمالة ﴿وأ ِّ‬
‫اهللَ َم َع‬ ‫ب ِّرَيُ ُك ْم َو ْ‬‫اهللَ َوَر ُسـولَهُ َوال تَـنَ َازعُوا فَـتَـ ْف َشلُوا َوتَ ْذ َه َ‬ ‫َطيعُوا َّ‬ ‫َ‬
‫َّ ِّ‬
‫ين﴾(‪ ،)3‬وخصوصاً إذا كانت املواجهة مع عدو متفوق ابلع ّدة والعدد‪ ،‬ولكن‬ ‫الصـاب ِّر َ‬
‫هذه الوحدة مل تتحقق فيما مضى‪ ،‬فلم يكن بنو إسرائيل مع موسى أو مع يوشع أو‬
‫داوود وسليمان متحدين‪ ،‬بل يوجد كثري وكثري جداً من املنافقني الذين ال يسلم موسى‬
‫نفسه ‪ ‬من ألسنتهم فضالً عن غريه‪:‬‬
‫اهلل إِّلَْي ُك ْم فَـلَ َّما‬ ‫وسى لَِّق ْوِّم ِّه َاي قَـ ْوِّم ِّملَ تُـ ْؤذُونَِّين َوقَ ْد تَـ ْعلَ ُمو َن أَِّين َر ُس ُ‬
‫ول َِّّ‬
‫ال ُم َ‬ ‫﴿ َوإِّ ْذ قَ َ‬
‫ني﴾(‪.)4‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اهللُ قُـلُوبَـ ُه ْم َو َّ‬
‫غ َّ‬
‫اهللُ ال يَـ ْهدي الْ َق ْوَم الْ َفاسق َ‬ ‫َزاغُوا أ ََزا َ‬
‫ومع ذلك مل يتوا َن هؤالء األنبياء عن اجلهاد والقتال يف سبيل هللا‪ ،‬وكان املسلمون مع‬
‫اض عن هذا وهذا ينافق على هذا‪ ،‬وهم‬ ‫رسول هللا غري متحدين بل هذا غري ر ٍّ‬

‫‪ -1‬مستدرك سفينة البحار‪ :‬ج‪ 6‬ص‪.94‬‬


‫‪ -2‬مستدرك سفينة البحار‪ :‬ج‪ 6‬ص‪.94‬‬
‫‪ -3‬األنفال‪.46 :‬‬
‫‪ -4‬الصف‪.5 :‬‬
‫‪ .................................................................... 34‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫يقاتلون مع رسول هللا حىت ورد عن اإلمام الصادق ‪ ‬يف قراءة هذه اآلية هكذا‪:‬‬
‫اهم َج َهنَّم وبِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّيب ج ِّ‬
‫اه ِّد الْ ُك َّفار ابلْمنَافِّ ِّ‬
‫س‬‫َ‬ ‫ئ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْو‬
‫َ‬ ‫أ‬‫م‬‫َ‬‫و‬‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ظ‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫ا‬‫و‬‫َ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫﴿ َاي أَيُّـ َها النِّ ُّ َ‬
‫اب ُمنَافِّ ُقو َن َوِّم ْن أ َْه ِّل ال َْم ِّدينَ ِّة َم َر ُدوا‬ ‫صري﴾‪ ،‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وِّممَّ ْن َح ْولَ ُك ْم ِّم َن ْاألَ ْعر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫ال َْم ُ‬
‫ني ُُثَّ يُـ َردُّو َن إِّ َىل َع َذاب‬ ‫اق ال تَـ ْعلَ ُم ُه ْم ََْن ُن نَـ ْعلَ ُم ُه ْم َسنُـ َع ِّذبُـ ُه ْم َم َّرتَـ ْ ِّ‬‫َعلَى النِّ َف ِّ‬
‫َع ِّظيم﴾(‪.)1‬‬
‫ومع علي بن أيب طالب ‪ ‬أمر الفرقة والتشتت أبني من الشمس‪ ،‬حىت محلوه‬
‫ردد هذا املعّن‪( :‬عجبت من اجتماع هؤالء‬
‫ومرات ّ‬
‫‪ ‬آالماً مألت كبده قيحاً‪ّ ،‬‬
‫القوم على ابطلهم وتفرقكم عن حقكم)(‪ ،)2‬وقال ‪ ‬عندما ضربه بن ملجم لعنه‬
‫هللا‪( :‬فزت ورب الكعبة)‪ ،‬ومل يكن فقط فوزاً برضا هللا سبحانه وتعاىل واجلنة‪ ،‬بل أيضاً‬
‫وجرعوه الغصص‬ ‫كان فوزاً ابخلالص من أولئك القوم الذين كانوا ي ّدعون أهنم شيعة ّ‬
‫نتيجة اختالفهم وتشتت آرائهم وعدم توحدهم على كلمة إمامهم‪.‬‬
‫فالنتيجة الوحدة بشكل كامل غري متحصلة يف املاضي‪ ،‬فاملطلوب إذاً وحدة جمموعة‬
‫معتد هبا والتفافهم حول احلق على أن تكون هلذه اجملموعة الع ّدة والعدد للجهاد والقتال‬
‫يف سبيل هللا‪ ،‬ولو ابنضمام مجاعة من املنافقني فيما بعد‪ ،‬أي الذين دخلوا يف اإلسالم‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َسلَ ْمنَا‬
‫آمنَّا قُ ْل َملْ تُـ ْؤمنُوا َولَك ْن قُولُوا أ ْ‬ ‫ومل يدخل اإلميان يف قلوهبم ﴿قَالَت ْاألَ ْع َر ُ‬
‫اب َ‬

‫‪ -1‬التوبة‪.101 :‬‬
‫‪ -2‬عن أمير المؤمنين ‪( :‬فيا عجبا ً وهللا يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤالء القوم على باطلهم‬
‫وتفرقكم عن حقكم فقبحا ً لكم وترحا ً حين صرتم غرضا يرمى يغار عليكم وال تغيرون‪ .‬وتغزون وال‬
‫تغزون‪ .‬ويعصى هللا وترضون فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا يسبخ‬
‫عنا الحر وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القر أمهلنا ينسلخ عنا البرد‪ ،‬كل هذا فرارا‬
‫من الحر والقر فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فإذا أنتم وهللا من السيف أفر‪ .‬يا أشباه الرجال وال رجال‪.‬‬
‫حلوم األطفال‪ .‬وعقول ربات الحجال‪ .‬لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم‪ .‬معرفة وهللا جرت ندما وأعقبت‬
‫سدما قاتلكم هللا لقد مألتم قلبي قيحا‪ .‬وشحنتم صدري غيظا‪ .‬وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا‪ .‬وأفسدتم‬
‫على رأيي بالعصيان والخذالن حتى لقد قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن ال علم له‬
‫بالحرب هلل أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراسا ً وأقدم فيها مقاما مني‪ ،‬لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين‬
‫‪ ،‬وها أنا ذا قد ذرفت على الستين‪ .‬ولكن ال رأي لمن ال يطاع) نهج البالغة بشرح محمد عبده‪ :‬ج‪1‬‬
‫ص‪.69‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪35 ..................................................................................‬‬

‫اهللَ َوَر ُسولَهُ ال يَلِّ ْت ُك ْم ِّم ْن أَ ْع َمالِّ ُك ْم َش ْيئاً‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫َولَ َّما يَ ْد ُخ ِّل ْاألميَا ُن ِّيف قُـلُوبِّ ُك ْم َوإِّ ْن تُط ُ‬
‫يعوا َّ‬
‫اهلل غَ ُف ِّ‬
‫يم﴾(‪.)1‬‬ ‫ور َرح ٌ‬ ‫إِّ َّن ََّ ٌ‬
‫‪ ‬اجملتمع اإلمياين الواعي لفكرة الثورة اإلهلية‪:‬‬
‫أي أن ال يكون يف اجملتمع عدد من املنافقني كبري حبيث يؤثر على اجملتمع اإلمياين‬
‫أتثرياً يؤدي به إىل االحنراف الكامل‪ ،‬خصوصاً يف أوقات االلتحام القتايل يف اجلهاد‬
‫إلعالء كلمة هللا‪ ،‬أو أن يكون هناك عدد من املؤمنني الواعني لفكر الثورة اإلسالمية‬
‫مهيمنون على اجملتمع اإلمياين املت ّقبِل هلم وذلك بطرح احلق بشكل رصني وتعريف اجملتمع‬
‫اإلمياين ابحلق وأهله‪ ،‬وبذلك تتحجم خطورة النفاق ابلوعي للحق وأهله من قبل كثريين‬
‫يف اجملتمع اإلمياين‪ ،‬فال حيصل االحنراف الكامل بسبب النفاق وأهله‪ ،‬وطبعاً هذا غري‬
‫متحقق مع وجود الفرقة ومع هيمنة أهل الباطل وقلّة أهل احلق‪.‬‬
‫يل﴾(‪.)2‬‬ ‫قال تعاىل‪﴿ :‬وما آمن معه إَِّّال قَلِّ‬
‫ٌ‬ ‫ََ َ َ ََُ‬
‫ور﴾(‪.)3‬‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الش‬ ‫ي‬ ‫﴿وقَلِّيل ِّمن ِّعب ِّ‬
‫اد‬
‫ُ‬ ‫َ ٌ ْ َ َ‬
‫يل َما ُه ْم﴾(‪.)4‬‬ ‫﴿إَِّّال الَّ ِّذين آمنوا و َع ِّملُوا َّ ِّ ِّ ِّ‬
‫الصاحلَات َوقَل ٌ‬ ‫َ َُ َ‬
‫ك ا ْحلَ ُّق َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ‬
‫َّاس ال‬ ‫ك ِّم ْن َربِّ َ‬ ‫وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬والَّ ِّذي أُنْ ِّز َل إِّلَْي َ‬
‫يُـ ْؤِّمنُو َن﴾(‪.)5‬‬
‫َّاس ال يُـ ْؤِّمنُو َن﴾(‪.)6‬‬‫ك َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ‬ ‫ك ِّيف ِّم ْريَة ِّم ْنهُ إِّنَّهُ ا ْحلَ ُّق ِّم ْن َربِّ َ‬
‫﴿فَال تَ ُ‬
‫ولكنّه يتحقق بفضل هللا مع استمرار اجلهاد والقتال إلعالء كلمة هللا‪ ،‬ورمبا يتحقق‬
‫بعد ذلك وبعد م ّدة ليست ابلقليلة كما هو احلال مع اإلمام علي ‪ ‬واإلمام احلسني‬

‫‪ -1‬الحجرات‪.14 :‬‬
‫‪ -2‬هود‪.40 :‬‬
‫‪ -3‬سبأ‪.13 :‬‬
‫‪ -4‬ص‪.24 :‬‬
‫‪ -5‬الرعد‪.1 :‬‬
‫‪ -6‬هود‪.17 :‬‬
‫‪ .................................................................... 36‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪ ،‬فقلة وعي اجملتمع لفكرة الثورة اإلهلية ال يكون مانعاً للجهاد والقتال إلعالء كلمة‬
‫هللا‪ ،‬ولكنه يكون عائقاً وعقبة تزول مع الوقت‪ ،‬بل إ ّن فيه امتحاانً للمؤمنني وحلاهلم‬
‫ومدى يقينهم ورسوخ إمياهنم ابلقتال إلعالء كلمة هللا مع ويل هللا وخليفته يف أرضه أو‬
‫من ينصبه هو ‪ ‬للقيام هبذا األمر‪.‬‬
‫فالوقوف عكس التيار ليس ابألمر اليسري ولكنه حال مجيع األنبياء واملرسلني ومن‬
‫اتبعهم من املؤمنني‪ ،‬فلم يستقبل قوم نبياً ابألحضان كما هو بني يف القرآن والكتب‬
‫السماوية‪ ،‬ومل ينهض معه قومه للقتال وإعالء كلمة هللا ولكن آمن معه قليل‪ ،‬ونصره‬
‫ين َك َف ُروا ِّم ْن قَـ ْوِّم ِّه َما‬ ‫َّ ِّ‬
‫ال ال َْم ََلُ الذ َ‬ ‫قليل‪ ،‬أو كما يعرب عنهم العلماء غري العاملني‪﴿ :‬فَـ َق َ‬
‫الرأْ ِّي َوَما نَـ َرى لَ ُك ْم‬ ‫ي َّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ين ُه ْم أ ََراذلُنَا َابد َ‬
‫َّ ِّ‬
‫ك إَِّّال الذ َ‬ ‫اك اتَّـبَـ َع َ‬ ‫اك إَِّّال بَ َشراً ِّمثْـلَنَا َوَما نَـ َر َ‬ ‫نَـ َر َ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫ِّ‬
‫ضل بَ ْل نَظُنُّ ُك ْم َكاذبِّ َ‬ ‫َعلَْيـنَا ِّم ْن فَ ْ‬
‫فمع طالوت ‪ ‬يعرب النهر فقط (‪ )313‬رجالً‪ ،‬وهم أيضاً الع ّدة اليت مع رسول هللا‬
‫ال‬‫ود قَ َ‬ ‫وت ِّاب ْجلنُ ِّ‬
‫ص َل طَالُ ُ ُ‬ ‫يف بدر‪ ،‬وهم أصحاب القائم أيضاً‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬فَـلَ َّما فَ َ‬
‫س ِّم ِّين َوَم ْن َملْ يَط َْع ْمهُ فَِّإنَّهُ ِّم ِّين إَِّّال َم ِّن‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫اهلل مبـتلِّي ُكم بِّنـهر فَمن َش ِّرب ِّ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫إِّ َّن ََّ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫َّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫آمنُوا َم َعهُ قَالُوا‬ ‫ين َ‬ ‫ف غُ ْرفَةً بيَده فَ َش ِّربُوا م ْنهُ إَِّّال قَليالً م ْنـ ُه ْم فَـلَ َّما َج َاوَزهُ ُه َو َوالذ َ‬ ‫ا ْغتَـ َر َ‬
‫اهلل َك ْم ِّم ْن فِّئَة قَلِّيلَة‬ ‫ال الَّ ِّذين يظُنُّو َن أَنَّـهم مالقُو َِّّ‬
‫ُْ ُ‬ ‫ََ‬ ‫ود ِّه قَ َ‬‫وت وجنُ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبَالُ َ َ ُ‬
‫ود ِّه قَالُوا َربَّـنَا‬‫وت وجنُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اهللُ َم َع َّ ِّ‬ ‫ت فِّئَةً َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫ين ‪َ ‬ولَ َّما بَـ َرُزوا جلَالُ َ َ ُ‬ ‫الصاب ِّر َ‬ ‫اهلل َو َّ‬ ‫َ‬ ‫غَلَبَ ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين﴾(‪.)2‬‬ ‫ص ْرَان َعلَى الْ َق ْوم الْ َكاف ِّر َ‬ ‫ت أَقْ َد َامنَا َوانْ ُ‬ ‫ص ْرباً َوثَـبِّ ْ‬ ‫غ َعلَْيـنَا َ‬ ‫أَفْ ِّر ْ‬

‫ثانياً‪ :‬اجلهاد الدفاعي‬


‫وهو قتال املؤمنني ودفاعهم عن األرض اليت يدين أهلها بدين احلق عندما يهاجم‬
‫هذه األرض الكفار أو املشركون‪ ،‬ومجيع األداين اإلهلية جتيز اجلهاد الدفاعي بل وتوجبه‬
‫‪ -1‬هود‪.27 :‬‬
‫‪ -2‬البقرة‪.250 – 249 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪37 ..................................................................................‬‬

‫على املؤمنني‪ ،‬بل هو مسألة فطرية وغريزية حىت لدى احليواانت فهي تدافع عن‬
‫أعشاشها وأوكارها وجحورها‪.‬‬
‫وال خيتلف الناس يف جواز القتال دفاعاً عن األرض‪ ،‬وحىت القوانني العلمانية يف األمم‬
‫املتحدة اآلن تعترب مقاومة احملتلني من قبل أهل البلد األصليني مشروعة‪ .‬والعجب كل‬
‫العجب أ ّن أئمة الضاللة يف هذا الزمان اضطروان للدفاع عن هذا احلق الذي شرعه هللا‬
‫ووافق الفطرة والغريزة وأقره مجيع الناس‪ ،‬ولكنهم خونة خانوا هللا سبحانه وتعاىل ورضوا‬
‫ابحلياة الدنيا واطمأنوا هبا واشرتوا احلياة الدنيا ورضا أمريكا والغرب املادي بسخط هللا‪،‬‬
‫َّص َارى َح َّىت تَـتَّبِّ َع ِّملَّتَـ ُه ْم قُ ْل إِّ َّن ُه َدى‬
‫ود َوال الن َ‬
‫ك الْيَـ ُه ُ‬
‫ضى َع ْن َ‬ ‫قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ ْن تَـ ْر َ‬
‫اهلل ِّم ْن‬
‫ك ِّمن َِّّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ْم‬ ‫ل‬ ‫ت أ َْهواء ُهم بـ ْع َد الَّ ِّذي جاء َك ِّمن ال ِّ‬
‫ْع‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ـ‬‫َ‬‫ب‬ ‫َّ‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ِّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َِّّ‬
‫اهلل ُهو ا ْهلَُدى ولَئِّ‬
‫صري﴾(‪.)1‬‬ ‫وِّيل وال نَ ِّ‬
‫َ َ‬
‫ويف مكارم األخالق من مجلة وصااي رسول هللا البن مسعود‪( :‬ايبن مسعود‬
‫اإلسالم بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوىب للغرابء‪ ،‬فمن أدرك ذلك الزمان ممن‬
‫يظهر من أعقابكم فال يسلم عليهم يف انديهم‪ ،‬وال تشيع جنائزهم‪ ،‬وال يعود‬
‫مرضاهم فإهنم يستسنون بسنتكم ويظهرون بدعواكم وخيالفون أفعالكم فيموتون‬
‫على غري ملتكم‪ ،‬أولئك ليسوا مين ولست منهم‪.‬‬
‫إىل أن يقول‪ :‬ايبن مسعود َييت على الناس زمان الصابر فيه على دينه مثل‬
‫القابض بكفه اجلمرة فإن كان يف ذلك الزمان ذئباً وإال أكلته الذائب‪.‬‬
‫ايبن مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة اال إهنم أشرار خلق هللا‪ ،‬وكذلك‬
‫أتباعهم ومن َيتيهم وَيخذ منهم وَيبهم وجيالسهم ويشاورهم أشرار خلق هللا‬
‫يدخلهم انر جهنم صم بكم عمي فهم ال يرجعون‪ ،‬وَنشرهم يوم القيامة على‬

‫‪ -1‬البقرة‪.120 :‬‬
‫‪ .................................................................... 38‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم كلما خبت زدانهم سعرياً‪ ،‬كلما نضجت‬
‫جلودهم بدلناهم جلوداً غريها ليذوقوا العذاب‪ ،‬إذا القوا فيها مسعوا هلا شهيقاً وهي‬
‫تفور تكاد متيز من الغيظ كلما أرادوا أن خيرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقيل هلم‬
‫ذوقوا عذاب احلريق‪ ،‬هلم فيها زفري وهم فيها ال يسمعون‪.‬‬
‫ايبن مسعود‪ ،‬يدعون أهنم على ديين وسنيت ومنهاجي وشرايعي إهنم مين براء وأان‬
‫منهم برئ‪.‬‬
‫ايبن مسعود‪ ،‬ال جتالسوهم يف املالء‪ ،‬وال تبايعوهم يف األسواق‪ ،‬وال هتدوهم إىل‬
‫الدنْـيا وِّزينـتـها نُـو ِّ‬
‫ف‬ ‫الطريق‪ ،‬وال تسقوهم املاء‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬من َكا َن يُ ِّري ُد ا ْحلَيَا َة ُّ َ َ َ َ َ َ‬
‫سو َن﴾(‪ ،)1‬يقول هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬من َكا َن يُ ِّري ُد‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ا‬‫يه‬ ‫إِّلَي ِّهم أَ ْعما َهلم فِّيها وهم فِّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ ُْ َ َ ُ ْ‬
‫الدنْـيَا نُؤتِِّّه ِّم ْنـ َها َوَما لَهُ ِّيف ْاْل ِّخ َرِّة‬
‫ث ُّ‬‫ث ْاْل ِّخ َرِّة نَ ِّز ْد لَهُ ِّيف َح ْرثِِّّه َوَمن َكا َن يُ ِّري ُد َح ْر َ‬ ‫َح ْر َ‬
‫صيب﴾(‪.)2‬‬ ‫ِّمن نَّ ِّ‬
‫ايبن مسعود‪ ،‬وما أكثر ما تلقى أميت منهم العداوة والبغضاء واجلدال أولئك‬
‫أذالء هذه األمة يف دنياهم‪ ،‬والذي بعثين ابحلق ليخسفن هللا هبم وميسخهم قردة‬
‫وخنازير‪.‬‬
‫قال‪ :‬فبكى رسول هللا وبكينا لبكائه وقلنا‪ :‬اي رسول هللا‪ :‬ما يبكيك؟ فقال‪ :‬رمحة‬
‫ت َوأ ُِّخ ُذوا ِّمن َّم َكان‬
‫لَلشقياء‪ ،‬يقول هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ ْو تَـ َرى إِّ ْذ فَ ِّزعُوا فَ َال فَـ ْو َ‬
‫قَ ِّريب﴾(‪ ،)3‬يعين العلماء والفقهاء‪.)4( )...‬‬
‫فهذا حال فقهاء آخر الزمان على لسان رسول هللا‪ ،‬فال حجة ملن يتبعهم وهم‬
‫يعطلون فريضة اجلهاد الدفاعي‪.‬‬

‫‪ -1‬هود‪. 15 :‬‬
‫‪ -2‬الشورى‪.20 :‬‬
‫‪ -3‬سبأ‪.51 :‬‬
‫‪ -4‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 12‬ص‪ ،327‬إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.131‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪39 ..................................................................................‬‬

‫ويبقى التساؤل إذا كان الدفاع عن األرض والوطن الذي يستوطنه اإلنسان هو موافق‬
‫ت‬‫ين َحنِّيفاً فِّط َْر َ‬ ‫ك لِّ ِّ‬
‫لد ِّ‬ ‫للفطرة‪ ،‬والفطرة هي فطرة هللا اليت فطر الناس عليها ﴿فَأَقِّ ْم َو ْج َه َ‬
‫ين الْ َقيِّ ُم َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ‬
‫َّاس ال‬ ‫اهلل الَِّّيت فَطَر النَّاس علَيـها ال تَـب ِّديل ِّخلَل ِّْق َِّّ‬
‫اهلل َذلِّ َ ِّ‬ ‫َِّّ‬
‫ك الد ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪ ،)1‬وهي احلق‪ ،‬فهل يكون دفاع أهل الشرك والكفر وقتاهلم لويل هللا وخليفته‬
‫يف أرضه إذا هاجم املؤمنون أرضهم حقاً ؟!‬
‫واجلواب‪ :‬إ ّن حب األرض والوطن من الفطـرة اجلسمانية أي الغرائز‪ ،‬وعلى اإلنسان‬
‫أن يوجهها ابالجتاه الصحيح وإالّ فإهنا ستكون وابالً عليه‪ ،‬فيجب أن حيب اإلنسان‬
‫لبلده اخلري والصالح والعدل ال أن حيب له الشر والفساد والظلم‪ ،‬ومن املؤكد أ ّن خليفة‬
‫هللا يف أرضه يريد نشر كلمة ال إله إالّ هللا يف كل األرض‪ ،‬ويريد ألهل األرض اخلري‬
‫والصالح والعدل‪ ،‬فهو يريد أن ميأل األرض قسطاً وعدالً‪ ،‬فيكون حب األرض والوطن‬
‫والدفاع عن البلد هو الوقوف مع ويل هللا وخليفته يف أرضه‪ ،‬وتسهيل دخوله إىل األرض‬
‫والوطن لينشر اخلري والصالح والعدل ودين احلق‪ ،‬فالذي يقاتل ويل هللا وخليفته يف أرضه‬
‫ال يريد ألرضه ووطنه اخلري والصالح‪ ،‬بل يريد أن يبقى الظلم والفساد واجلور على‬
‫األرض بتسلط أهل الباطل على هذه األرض وبقاء دولة الطاغوت‪.‬‬
‫جواب السؤال‪:‬‬
‫تبني جواب السؤال اجلهاد ملاذا ؟‬ ‫وأظن أنّه مما مضى ّ‬
‫ين َك َف ُروا‬ ‫يل َِّّ َّ ِّ‬
‫آمنُوا يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫اهلل َوالذ َ‬ ‫ين َ‬ ‫وهو إعالء كلمة هللا‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬الذ َ‬
‫ان َكا َن‬ ‫الش ْيطَ ِّ‬ ‫الش ْيطَ ِّ‬
‫ان إِّ َّن َك ْي َد َّ‬ ‫اء َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يـ َقاتِّلُو َن ِّيف سبِّ ِّ َّ ِّ‬
‫يل الطاغُوت فَـ َقاتلُوا أ َْوليَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ض ِّعيفاً﴾(‪.)2‬‬ ‫َ‬

‫‪ -1‬الروم‪.30 :‬‬
‫‪ -2‬النساء‪.76 :‬‬
‫‪ .................................................................... 40‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫َن َهلُ ُم ا ْجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫ني أَنْـ ُف َس ُه ْم َوأ َْم َوا َهلُ ْم ِِّب َّ‬ ‫اهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ‬ ‫وقال تعاىل‪﴿ :‬إِّ َّن َّ‬
‫آن َوَم ْن أ َْو ََف‬ ‫يل والْ ُقر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫جن‬‫ْ‬ ‫اهلل فَـيـ ْقتُـلُو َن ويـ ْقتَـلُو َن و ْعداً َعلَْي ِّه حقاً ِّيف التـَّور ِّاة و ِّْ‬
‫األ‬ ‫يل َِّّ‬‫ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يم﴾(‪.)1‬‬ ‫ِّ‬ ‫استَـ ْب ِّش ُروا بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُ ْم بِّ ِّه َو َذلِّ َ‬ ‫بِّع ْه ِّد ِّه ِّمن َِّّ‬
‫ك ُه َو الْ َف ْوُز ال َْعظ ُ‬ ‫اهلل فَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إذن‪ ،‬فاجلهاد إلعالء كلمة هللا وليس ألجل مصلحة شخصية أو غنيمة أو مصلحة‬
‫وطنية أو قومية‪ ،‬فالدين اإلهلي فوق كل هذه االعتبارات وعبادة هللا وطاعته هي اليت‬
‫جتمع املؤمنني بصرف النظر عن االنتماء القبلي والوطين والقومي اليت ترجع كلها إىل‬
‫حقيقة واحدة هي األان وحب النفس‪.‬‬
‫فاجلهاد سواء اهلجومي أم الدفاعي جيب أن يكون إلعالء كلمة هللا ال للدفاع عن‬
‫الوطن أو األرض لئال تكون للمؤمن أي مصلحة شخصية يف هذا اجلهاد إالّ إعالء كلمة‬
‫هللا لكي تبّن احلضارة اإلهلية والثقافة اإلهلية واحلرية اإلهلية‪ ،‬وهي مجيعها مناقضة متاماً‬
‫للحضارة والثقافة واحلرية اليت يرفعها شعاراً العامل املادي اليوم‪ ،‬حيث إ ّن ما يرفع اليوم هو‬
‫راية الشيطان ليس إالّ اليت يسعى جند الشيطان من اإلنس واجلن بكل ما يستطيعون‬
‫ابلقوة والطمع جبلي الدجال (جبل‬ ‫إلرسائها على هذه األرض‪ ،‬وإلقناع أهل األرض ّ‬
‫النار وجبل الطعام)(‪ )2‬أهنا ما يالئمهم‪.‬‬
‫‪ -1‬التوبة‪.111 :‬‬
‫‪ -2‬يشير ‪ ‬إلى قصة الدجال الذي يدخل العراق من جبل السنام الواقع بين البصرة والكويت ومعه جبل‬
‫من نار وجبل من طعام‪ ،‬فقد سأل األصبغ بن نباته أمير المؤمنين قائالً‪( :‬يا أمير المؤمنين من الدجال؟‬
‫إن الدجال صائد بن الصيد‪ ،‬فالشقي من صدقه‪ .‬والسعيد من كذبه ‪ ،‬يخرج من بلدة يقال لها‬ ‫فقال‪ :‬أال ّ‬
‫إصفهان‪ ،‬من قرية تعرف باليهودية‪ ،‬عينه اليمنى ممسوحة‪ ،‬والعين األخرى في جبهته تضئ كأنها كوكب‬
‫الصبح‪ ،‬فيها علقة كأنها ممزوجة بالدم‪ ،‬بين عينيه مكتوب كافر‪ ،‬يقرؤه كل كاتب وأمي‪ ،‬يخوض البحار‬
‫وتسير معه الشمس‪ ،‬بين يديه جبل من دخان‪ ،‬وخلفه جبل أبيض يري الناس أنه طعام‪ ،‬يخرج حين يخرج‬
‫في قحط شديد تحته حمار أقمر‪ ،‬خطوة حماره ميل‪ ،‬تطوي له األرض منهالً منهالً‪ ،‬ال يمر بماء إالّ غار‬
‫إلى يوم القيامة‪ ،‬ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن واإلنس والشياطين يقول‪ :‬إلي‬
‫أوليائي؛ أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى ‪ ،‬أنا ربكم األعلى‪ .‬وكذب عدو هللا‪ ،‬إنه أعور يطعم الطعام‪،‬‬
‫ويمشي في األسواق‪ ،‬وإن ربكم ع ّز وجل ليس بأعور‪ ،‬وال يطعم وال يمشي وال يزول‪ .‬تعالى هللا عن ذلك‬
‫علواً كبيراً‪ .‬أال وإن أكثر أتباعه يومئ ٍذ أوالد الزنا ‪ ،‬وأصحاب الطيالسة الخضر ‪ ،‬يقتله هللا عز وجل‬
‫بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق لثالث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يصلي المسيح‬
‫عيسى بن مريم عليهما السالم خلفه أال ّ‬
‫إن بعد ذلك الطامة الكبرى‪ .‬قلنا‪ :‬وما ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال‪:‬‬
‫خروج دابة (من) األرض من عند الصفا ‪ ،‬معها خاتم سليمان بن داود‪ ،‬وعصى موسى عليهم السالم‪،‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪41 ..................................................................................‬‬

‫واحلقيقة أ ّن جند الشيطان قد أعلنوا احلرب على جند هللا وعلى الثقافة اإلهلية واليت‬
‫ويقررون أ ّن حكم‬ ‫ترتكز على وجود خليفة هلل يف أرضه‪ ،‬فهم حبسب دميقراطيتهم يرون ّ‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬وعيسى ‪ ‬وإيليا ‪ ‬يساوي حكم صدام (لعنه هللا)؛ ألهنا‬
‫مجيعاً يف نظرهم دكتاتورية‪ ،‬فال سبيل إلقامة حاكمية هللا إالّ توعية اجملتمع اإلهلي مث‬
‫القوة‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما أهنم ‪ -‬أي جند الشيطان ‪ -‬أقاموا حاكمية الناس (الدميقراطية) ونقضوا حاكمية‬
‫هلل َوال ِّابلْيَـ ْوِّم ْاْل ِّخ ِّر َوال َُيَ ِّرُمو َن َما‬
‫هللا ابخلداع والقوة‪﴿ :‬قَاتِّلُوا الَّ ِّذين ال يـ ْؤِّمنو َن ِّاب َِّّ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫اب َح َّىت يُـ ْعطُوا ا ْجلِّْزيَةَ َع ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين أُوتُوا الْكتَ َ‬ ‫ين ا ْحلَ ِّق م َن الذ َ‬ ‫َح َّرَم َّ‬
‫اهللُ َوَر ُسولُهُ َوال يَدينُو َن د َ‬
‫يد وهم ص ِّ‬
‫اغ ُرو َن﴾(‪.)1‬‬ ‫َ َُْ َ‬
‫***‬

‫يضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه‪ :‬هذا مؤمن حقاً‪ ،‬ويضعه على وجه كل كافر فينكتب هذا كافر‬
‫حقاً‪ ،‬حتى إن المؤمن لينادي‪ :‬الويل لك يا كافر‪ّ ،‬‬
‫وإن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن‪ ،‬وددت أني اليوم‬
‫كنت مثلك فأفوز فوزاً عظيما ً ‪ )...‬كمال الدين‪ :‬ص‪.526‬‬
‫‪ -1‬التوبة‪.29 :‬‬
‫الدعوة إىل هللا سبحانه وتعاىل وإىل دينه احلق وإىل طاعة خليفة هللا يف أرضه تبدأ‬
‫ابلكلمة‪.‬‬
‫اد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ِّه َي‬‫ك ِّاب ْحلِّ ْكم ِّة والْمو ِّعظَ ِّة ا ْحلسنَ ِّة وج ِّ‬ ‫يل َربِّ َ‬‫قال تعاىل‪﴿ :‬ا ْدعُ إِّ َىل َسبِّ ِّ‬
‫ََ ََ‬ ‫َ َ َْ‬
‫ض َّل َعن سبِّيلِّ ِّه وهو أَ ْعلَم ِّابلْم ْهتَ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َح َس ُن إِّ َّن َربَّ َ‬
‫ين﴾(‪.)1‬‬ ‫ك ُه َو أَ ْعلَ ُم مبَ ْن َ ْ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫د‬ ‫أْ‬
‫ب بِّ ِّكتَ ِّايب َه َذا فَأَل ِّْق ْه إِّلَْي ِّه ْم ُُثَّ تَـ َو َّل َع ْنـ ُه ْم فَانْظُْر‬ ‫وسليمان ‪ ‬بدأ ابلكلمة‪﴿ :‬ا ْذ َه ْ‬
‫َما َذا يَـ ْرِّجعُو َن﴾(‪.)2‬‬
‫رميٌ ‪‬‬ ‫اب َك ِّ‬ ‫ت اي أَيُّـها الْم ََلُ إِِّّين أُل ِّْقي إِّ ََّ ِّ‬
‫يل كتَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫وكان كتاابً كرمياً وحكيماً ورحيماً‪﴿ :‬قَالَ ْ َ َ َ‬
‫الرِّح ِّيم﴾(‪ ،)3‬أي إنه موسوم ابلرمحة‪.‬‬ ‫الر ْمحَ ِّن َّ‬
‫هلل َّ‬‫إِّنَّه ِّمن سلَيما َن وإِّنَّه بِّس ِّم ا َِّّ‬
‫ُ ْ ُ َْ َ ُ ْ‬
‫ك ِّاب ْحلِّ ْك َم ِّة َوال َْم ْو ِّعظَ ِّة‬‫يل َربِّ َ‬ ‫مث تنتقل إىل اجملادلة ابليت هي أحسن‪﴿ :‬ا ْدعُ إِّ َىل َسبِّ ِّ‬
‫ض َّل َع ْن َسبِّيلِّ ِّه َو ُه َو أَ ْعلَ ُم‬ ‫ك ُه َو أَ ْعلَ ُم ِّمبَ ْن َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ا ْحلَ َسنَة َو َجاد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن إِّ َّن َربَّ َ‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫ِّابلْم ْهتَ ِّ‬
‫د‬
‫ُ َ‬
‫ني َوا ْغلُ ْظ َعلَْي ِّه ْم‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫مث تنتقل إىل القول الغليظ‪﴿ :‬اي أَيُّـها النِّ ُّ ِّ ِّ‬
‫َّيب َجاهد الْ ُك َّف َار َوال ُْمنَافق َ‬ ‫َ َ‬
‫صريُ﴾(‪.)4‬‬ ‫اهم ج َهنَّم وبِّْئس الْم ِّ‬
‫َوَمأ َْو ُ ْ َ ُ َ َ َ‬

‫‪ -1‬النحل‪.125 :‬‬
‫‪ -2‬النمل‪.28 :‬‬
‫‪ -3‬النمل‪.30 – 29 :‬‬
‫‪ -4‬التوبة‪ ،73 :‬التحريم ‪.9 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪43 ..................................................................................‬‬

‫َّه ْم ِِّبُنُود ال قِّبَ َل َهلُ ْم ِّهبَا‬


‫وهذا ما فعله سليمان آخر األمر‪ْ ﴿ :‬ارِّج ْع إِّلَْي ِّه ْم فَـلَنَأْتِّيَـنـ ُ‬
‫ولَن ْخ ِّرجنـَّهم ِّم ْنـها أ َِّذلَّةً وهم ص ِّ‬
‫اغ ُرو َن﴾(‪.)1‬‬ ‫َُْ َ‬ ‫َُ َ ُْ َ‬
‫فإذا مل تنفع الكلمة كان السيف هو الفيصل بني احلق والباطل إلعالء كلمة هللا‬
‫وإظهار طاعته يف أرضه‪ ،‬فاالنتقال للسيف أمر حتمي إذا مل تنفع الكلمة‪ ،‬بل هو واجب‬
‫يف كل األداين اإلهلية؛ وهلذا رفع أنبياء هللا ورسله السيف وجاهدوا وقاتلوا يف سبيل هللا‬
‫إلعالء كلمة هللا‪ ،‬فاالنتقال إىل السيف مباشرًة عجلة‪ ،‬وهلك املستعجلون‪ ،‬وترك‬
‫االنتقال إىل السيف بعد متام الكلمة ختاذل‪ ،‬وهلك املتخاذلون‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -1‬النمل‪.37 :‬‬
‫قصة طالوت‪:‬‬
‫مجاعة طالوت هم مجاعة مؤمنة من بين إسرائيل حبسوا أنفسهم على أمر هللا سبحانه‬
‫يفرج‬
‫وتعاىل‪ ،‬وحاشا هلل سبحانه وتعاىل أن يرتك من حبسوا أنفسهم على أمره دون أن ّ‬
‫عنهم‪ ،‬فلم يقبلوا حاكمية الناس واالنتخاابت الختيار ملك هلم‪ ،‬بل طلبوا من هللا‬
‫سبحانه وتعاىل أن يعيـّن هلم ملكاً؛ ألهنم مؤمنون حباكمية هللا سبحانه وتعاىل وال يرضون‬
‫ائيل ِّم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابلبديل الشيطاين عنها‪ ،‬وهو حاكمية الناس‪﴿ :‬أَ َملْ تَـ َر إ َىل ال َْمَل م ْن بَِّين إ ْسر َ‬
‫ال َه ْل َع َس ْيـتُ ْم إِّ ْن‬ ‫يل َِّّ‬
‫اهلل قَ َ‬ ‫ث لَنَا َم ِّلكاً نُـ َقاتِّ ْل ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫وسى إِّ ْذ قَالُوا لِّنَِّيب َهلُ ُم ابْـ َع ْ‬ ‫ِّ‬
‫بَـ ْعد ُم َ‬
‫اهلل َوقَ ْد أُ ْخ ِّر ْجنَا ِّم ْن‬
‫يل َِّّ‬ ‫ال أ ََّال تُـ َقاتِّلُوا قَالُوا َوَما لَنَا أ ََّال نُـ َقاتِّ َل ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ُكت َ‬
‫ال تَـولَّوا إَِّّال قَلِّيالً ِّم ْنـهم و َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يم‬
‫اهللُ َعل ٌ‬ ‫ُْ َ‬ ‫ب َعلَْي ِّه ُم الْقتَ ُ َ ْ‬ ‫د َاي ِّرَان َوأَبْـنَائنَا فَـلَ َّما ُكت َ‬
‫ِّ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫ِّابلظَّال ِّم َ‬
‫ولكن هل ختلو مجاعة مؤمنة من املنافقني ؟ وهكذا اعرتض املنافقون على أمر هللا‬
‫ََّن يَ ُكو ُن‬ ‫وت َملِّكاً قَالُوا أ َّ‬ ‫ث لَ ُك ْم طَالُ َ‬ ‫ال َهلُ ْم نَبِّيُّـ ُه ْم إِّ َّن َّ‬
‫اهللَ قَ ْد بَـ َع َ‬ ‫سبحانه وتعاىل‪َ ﴿ :‬وقَ َ‬
‫اصطََفاهُ‬ ‫اهللَ ْ‬ ‫ال إِّ َّن َّ‬
‫ال قَ َ‬ ‫ت َس َعةً ِّمن الْم ِّ‬ ‫ْك ِّم ْنهُ َوَملْ يُـ ْؤ َ‬‫ْك َعلَْيـنَا وََْنن أَح ُّق ِّابلْمل ِّ‬
‫َ ُ َ‬ ‫لَهُ ال ُْمل ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫اهلل و ِّ‬ ‫ادهُ بَ ْسطَةً ِّيف ال ِّْعل ِّْم َوا ْجلِّ ْس ِّم َو َّ‬
‫اس ٌع‬ ‫اهللُ يُـ ْؤِّيت ُم ْل َكهُ َم ْن يَ َشاءُ َو َُّ َ‬ ‫َعلَْي ُك ْم َوَز َ‬
‫يم﴾(‪.)2‬‬ ‫ِّ‬
‫َعل ٌ‬
‫والنتيجة سار طالوت ابجملاهدين ليقاتلوا يف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا‪:‬‬

‫‪ -1‬البقرة‪.246 :‬‬
‫‪ -2‬البقرة‪.247 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪45 ..................................................................................‬‬

‫س‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫اهلل مبـتلِّي ُكم بِّنـهر فَمن َش ِّرب ِّ‬
‫م‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫ال إِّ َّ‬‫ق‬ ‫وت ِّاب ْجلنُ ِّ‬
‫ود‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َل طَالُ ُ ُ‬ ‫﴿فَـلَ َّما فَ َ‬
‫ف غُ ْرفَةً بِّيَ ِّد ِّه فَ َش ِّربُوا ِّم ْنهُ إَِّّال قَلِّيالً ِّم ْنـ ُه ْم‬ ‫ِّم ِّين َوَم ْن َملْ يَط َْع ْمهُ فَِّإنَّهُ ِّم ِّين إَِّّال َم ِّن ا ْغتَـ َر َ‬
‫ين‬ ‫ود ِّه قَ َ َّ ِّ‬ ‫وت وجنُ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫ال الذ َ‬ ‫آمنُوا َم َعهُ قَالُوا ال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبَالُ َ َ ُ‬ ‫ين َ‬ ‫فَـلَ َّما َج َاوَزهُ ُه َو َوالذ َ‬
‫اهللُ َم َع‬ ‫ت فِّئَةً َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫اهلل َو َّ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ة‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫اهلل َكم ِّمن فِّئَة قَلِّ‬ ‫يظُنُّو َن أَنَّـهم مالقُو َِّّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ‬
‫َّ ِّ‬
‫ين﴾(‪.)1‬‬ ‫الصاب ِّر َ‬
‫وجاء االمتحان اإلهلي ليميز الطيب من اخلبيث‪ ،‬وليبني فضل أهل الفضل من هذه‬
‫اهلل مبـتلِّي ُكم بِّنـهر فَمن َش ِّرب ِّم ْنه فَـلَي ِّ‬ ‫ِّ َّ‬
‫س م ِّين َوَم ْن َملْ يَط َْع ْمهُ‬
‫اجلماعة املؤمنة‪ ..﴿ :‬إن ََّ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ‬
‫ف غُ ْرفَةً بِّيَ ِّد ِّه‪.﴾..‬‬‫فَِّإنَّهُ ِّم ِّين إَِّّال َم ِّن ا ْغتَـ َر َ‬
‫مل تكن مسألة عطش وشرب ماء‪ ،‬بل كانت مسألة إميان هذه اجلماعة ابهلل وبويل هللا‬
‫وخليفته يف أرضه والتسليم له وطاعته‪ ،‬ومسألة اليقني بنصر هللا وبفتح هللا للمؤمنني به‬
‫وخبليفته يف أرضه‪ ،‬فظهرت تلك الفئات يف ساحة املعركة‪ ،‬فئة استيقنت أمر هللا فال يبايل‬
‫ال الَّ ِّذين يظُنُّو َن أَنَّـهم مالقُو َِّّ‬
‫اهلل‬ ‫أفرادها إن وقعوا على املوت أو وقع املوت عليهم‪﴿ :‬قَ َ‬
‫ُْ ُ‬ ‫ََ‬
‫ين﴾‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ر‬ ‫الصابِّ‬
‫َّ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫َّ‬
‫اهلل‬ ‫و‬ ‫ت فِّئَةً َكثِّريًة ِّإبِّ ْذ ِّن َِّّ‬
‫اهلل‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ة‬‫ل‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫َكم ِّمن فِّئَة قَلِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫وفئة ارجتفت أقدامهم ملا رأوا ضخامة جيش جالوت ولكنهم حاربوا هذه النكسة يف‬
‫نفوسهم‪.‬‬
‫ّأما الفئة الثالثة فقد خسروا املعركة يف نفوسهم ومل جيدوا إالّ اهلزمية يتحدثون عنها؛‬
‫ود ِّه﴾‪.‬‬
‫وت وجنُ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ألهنم مهزومون من الداخل‪﴿ :‬قَالُوا ال طَاقَةَ لَنَا الْيَـ ْوَم ِبَالُ َ َ ُ‬
‫***‬

‫‪ -1‬البقرة‪.249 :‬‬
‫يف مكة كان رسول هللا وأصحابه جياهدون ابلكلمة واملوعظة احلسنة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ك ِّاب ْحلِّ ْك َمة َوال َْم ْوعظَة ا ْحلَ َسنَة َو َجاد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ه َي أ ْ‬
‫َح َس ُن إِّ َّن‬ ‫يل َربِّ َ‬ ‫﴿ا ْدعُ إِّ َىل َسبِّ ِّ‬
‫ض َّل َعن سبِّيلِّ ِّه وهو أَ ْعلَم ِّابلْم ْهتَ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين﴾(‪.)1‬‬ ‫ك ُه َو أَ ْعلَ ُم مبَ ْن َ ْ َ َ ُ َ ُ ُ َ‬
‫د‬ ‫َربَّ َ‬
‫فلما واجههم أهل مكة ابألذى والسجن والتعذيب بدأوا يهاجرون من مكة أوالً إىل‬
‫احلبشة‪ ،‬مث إىل املدينة املنورة يثرب بعدما لقي ما لقي رسول هللا يف مكة والطائف‪.‬‬
‫ويف املدينة بدأ رسول هللا يعد الع ّدة للجهاد وإلعالء كلمة هللا سبحانه‪ ،‬وكانت‬
‫اهللُ إِّ ْح َدى الطَّائَِّفتَـ ْ ِّ‬
‫ني أَنَّـ َها لَ ُك ْم َوتَـ َودُّو َن‬ ‫معركة بدر الكربى‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِّ ْذ يَ ِّع ُد ُك ُم َّ‬
‫اهللُ أَ ْن َُِّي َّق ا ْحلَ َّق بِّ َكلِّ َماتِِّّه َويَـ ْقطَ َع َدابَِّر‬ ‫الش ْوَك ِّة تَ ُكو ُن لَ ُك ْم َويُ ِّري ُد َّ‬
‫ات َّ‬ ‫َن غَْيـر َذ ِّ‬
‫أ َّ َ‬
‫ين﴾(‪.)2‬‬ ‫ر‬‫ِّ‬ ‫الْ َكافِّ‬
‫َ‬
‫وكان هلذا النصر أثر عظيم يف نفوس املسلمني‪ ،‬فلم يكن نصراً عسكرايً فحسب بل‬
‫كان آية من آايت هللا‪ ،‬وملسوا فيه يد الغيب اإلهلي وهي توقع اهلزمية يف صفوف مشركي‬
‫مكة‪.‬‬
‫مث جاءت معركة أحد وفيها ما فيها‪ ،‬هزمية للمسلمني كان سببها الدنيا وزخرفها ملا‬
‫طلب مجاعة من املسلمني الغنائم وتركوا مواقعهم‪ ،‬وفيها كسرت رابعية رسول هللا‬

‫‪ -1‬النحل‪.125 :‬‬
‫‪ -2‬األنفال‪.7 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪47 ..................................................................................‬‬

‫وتركه املسلمون يف ساحة املعركة وفروا إال قلة منهم وقوه أبنفسهم‪ ،‬وفيها نصر من هللا‬
‫للمسلمني ملا قذف يف قلوب املشركني الرعب بعد أن قرروا استئصال املسلمني‪ ،‬حيث‬
‫مسع املشركون أن رسول هللا واملسلمني قرروا مواجهتهم مستميتني‪ ،‬فانكسرت شوكة‬
‫املشركني‪ ،‬وامتألت قلوهبم رعباً وعادوا خائبني‪.‬‬
‫مث كانت معركة اخلندق وفيها برز اإلسالم كله للكفر كله‪ ،‬ملا قتل أمري املؤمنني علي‬
‫‪ ‬عمرو بن ود العامري‪ ،‬وفيها جنود هللا سبحانه وتعاىل من املالئكة هم الذين‬
‫يوقعون اهلزمية يف صفوف املشركني بعد أن أوقعوا الوهن يف نفوسهم ملا ملؤوها رعباً‪ ،‬قال‬
‫اءتْ ُك ْم ُجنُو ٌد فَأ َْر َسلْنَا‬ ‫ج‬ ‫ذ‬‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫إ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬اي أَيُّـها الَّ ِّذين آمنوا اذْ ُكروا نِّعمةَ َِّّ‬
‫اهلل‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫اهلل ِّمبَا تَـ ْعملُو َن ب ِّ‬
‫صرياً﴾(‪.)1‬‬ ‫َ َ‬ ‫َعلَْي ِّه ْم ِّرَياً َو ُجنُوداً َملْ تَـ َرْو َها َوَكا َن َُّ‬
‫ّأما معركة حنني فهي خري دليل على أن الكثرة ال تغين شيئاً‪ ،‬إمنا النصر من عند هللا‪،‬‬
‫فسبحانه وتعاىل نصر املؤمنني يف بدر وهم قلة ومل تغن كثرهتم عنهم شيئاً يف حنني حىت‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫أيدهم هللا بنصره‪ُُ ﴿ .‬ثَّ أَنْـز َل َّ ِّ‬
‫ني َوأَنْـ َز َل ُجنُوداً َملْ‬ ‫اهللُ َسكينَـتَهُ َعلَى َر ُسوله َو َعلَى ال ُْم ْؤمنِّ َ‬ ‫َ‬
‫ين﴾(‪.)2‬‬ ‫ِّ‬
‫ر‬ ‫ك جزاء الْ َكافِّ‬ ‫َ‬ ‫تَـروها و َع َّذب الَّ ِّذين َك َفروا و َذلِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َْ َ َ َ‬
‫ال َو ُه َو ُك ْرهٌ لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن تَ ْك َرُهوا َش ْيئاً‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ‬ ‫ِّ‬
‫والنتيجة قال تعاىل‪ُ ﴿ :‬كت َ‬
‫اهللُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنْـتُ ْم ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)3‬‬ ‫َو ُه َو َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْن ُِّحتبُّوا َش ْيئاً َو ُه َو َش ٌّر لَ ُك ْم َو َّ‬
‫هذا أمر من هللا سبحانه وتعاىل ابجلهاد اهلجومي والدفاعي‪ ،‬فكما قال تعاىل‪َ ﴿ :‬اي‬
‫ين ِّم ْن قَـ ْبلِّ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫َّ ِّ‬
‫ب َعلَى الذ َ‬
‫ِّ‬
‫ام َك َما ُكت َ‬
‫ِّ‬
‫ب َعلَْي ُك ُم الصيَ ُ‬
‫ِّ‬
‫آمنُوا ُكت َ‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِّ‬
‫أَيُّـ َها الذ َ‬
‫ال‪.﴾..‬‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ‬‫َ‬
‫تَـتَّـ ُقو َن﴾(‪ ،)4‬قال أيضاً‪ُ ﴿ :‬كتِّ‬

‫‪ -1‬األحزاب‪.9 :‬‬
‫‪ -2‬التوبة‪.26 :‬‬
‫‪ -3‬البقرة‪.216 :‬‬
‫‪ -4‬البقرة‪.183 :‬‬
‫‪ .................................................................... 48‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وكما أن املسلمني جيب عليهم الصيام إذا حضر وقته ومتت شروطه‪ ،‬وجيب عليهم‬
‫احلج إذا حضر وقته ومتت شروطه‪ ،‬وإالّ فإ ّن املتخلف عن أداء الصيام واحلج وهو‬
‫مستطيع يعاقب بنار جهنم وساءت مصرياً‪ ،‬كذلك فإن اجلهاد إذا حضر وقته ومتت‬
‫شروطه وجب‪ ،‬ومن يتخلف عنه فإنه كتارك الصالة والصوم واحلج فتكون عاقبته إىل‬
‫جهنم وساءت مصرياً‪.‬‬
‫ويبقى أ ّن اجلهاد كتب وهو كره لكم فليس هيناً أن يبيع اإلنسان نفسه؛ ولذا كان‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني أَنْـ ُف َس ُه ْم‬ ‫اهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ‬ ‫هذا البيع هلل سبحانه وكان الثمن اجلنة‪﴿ :‬إِ َّن َّ‬
‫اهلل فَـيَـ ْقتُـلُو َن َويُـ ْقتَـلُو َن َو ْعداً َعلَْي ِّه َحقاً ِّيف‬ ‫يل َِّّ‬‫َن َهلُ ُم ا ْجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫َوأ َْم َوا َهلُ ْم ِِّب َّ‬
‫استَـ ْب ِّش ُروا بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُ ْم بِّ ِّه‬ ‫آن ومن أَو ََف بِّع ْه ِّد ِّه ِّمن َِّّ‬ ‫ِّ‬ ‫التـَّور ِّاة و ِّْ‬
‫األ ِّْجن ِّ‬
‫اهلل فَ ْ‬ ‫َ‬ ‫يل َوالْ ُق ْر َ َ ْ ْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫يم﴾(‪.)1‬‬ ‫ظ‬ ‫ك هو الْ َفوُز الْع ِّ‬ ‫َ‬ ‫و َذلِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فسبحان الذي جعل اجلهاد امتحاانً مييز به اخلبيث من الطيب‪ ،‬والصاحل من الطاحل‬
‫ين‬ ‫والصادق من الكاذب‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬أَم ح ِّسبـتُم أَ ْن تَ ْد ُخلُوا ا ْجلنَّةَ ولَ َّما يـعلَ ِّم َّ َّ ِّ‬
‫اهللُ الذ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ َ ْ ْ‬
‫ين﴾(‪ ،)2‬وكذلك ﴿أ َْم َح ِّس ْبـتُ ْم أَ ْن تُـ ْتـ َرُكوا َولَ َّما يَـ ْعلَ ِّم َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الصابِّ‬ ‫جاه ُدوا ِّ‬
‫اهللُ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ْ‬
‫ْ َ َ‬‫ـ‬
‫َ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫م‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ََ‬
‫يجةً َو َّ‬ ‫اهلل وال رسولِّ ِّه وال الْم ْؤِّمنِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫اهللُ‬ ‫ني َول َ‬ ‫اه ُدوا م ْن ُك ْم َوَملْ يَـتَّخ ُذوا م ْن ُدون َّ َ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ين َج َ‬ ‫ال ذ َ‬
‫َخبِّريٌ ِّمبَا تَـ ْع َملُو َن﴾(‪.)3‬‬
‫ويف النهاية جيب أن يعلم املؤمنون أن النتيجة احلتمية للجهاد هي النصر على النفس‬
‫والشيطان وزخرف الدنيا واهلوى وخروج من الظلمات اىل النور‪ ،‬وهي نتيجة عظيمة‬
‫وكافية سواء رافقها النصر املادي يف ساحة املعركة أم ال‪.‬‬

‫‪ -1‬التوبة‪.111 :‬‬
‫‪ -2‬آل عمران‪.142 :‬‬
‫‪ -3‬التوبة‪.16 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪49 ..................................................................................‬‬

‫الدنْـيَا ِّاب ْْل ِّخ َرِّة َوَم ْن يُـ َقاتِّ ْل ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫يل‬ ‫ين يَ ْش ُرو َن ا ْحلَيَا َة ُّ‬ ‫يل َِّّ َّ ِّ‬
‫اهلل الذ َ‬ ‫﴿فَـ ْليُـ َقاتِّ ْل ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫َجراً َع ِّظيماً﴾(‪.)1‬‬ ‫اهلل فَـيـ ْقتَل أَو يـ ْغلِّب فَسو َ ِّ‬ ‫َِّّ‬
‫ف نُـ ْؤتِّيه أ ْ‬ ‫ْ َ ْ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وتبقى هناك تساؤالت تنتظر اإلجابة أو زايدة توضيح‪:‬‬
‫‪ -‬فمع من يكون اجلهاد الذي يريده هللا ؟‬
‫‪ -‬وكيف يعرف صاحب اجلهاد املرضي عند هللا ؟‬
‫‪ -‬وما عالقة احلضارة املادية ابجلهاد ؟‬
‫‪ -‬وما عالقة احلضارة االخالقية ابجلهاد ؟‬
‫‪ -‬وما عالقة احلضارة االخالقية ابحلضارة املادية ؟‬
‫‪ -‬وما عالقة احلضارة املادية ابلتكامل الروحي لإلنسان ؟‬
‫***‬

‫‪ -1‬النساء‪.74 :‬‬
‫تبني ‪ -‬أمر مشروع‪ ،‬بل هو واجب يف‬ ‫اجلهاد إلعالء كلمة هللا سبحانه وتعاىل ‪ -‬كما ّ‬
‫كل األداين اإلهلية اليت عرفها أهل األرض‪ ،‬ولكن يبقى أن هناك من حياول خلط احلق‬
‫ابلباطل ليخرج مبسخ مشوه يسميه اجلهاد إلعالء كلمة هللا؛ ولذا فمن الضروري أن‬
‫يقف كل إنسان عاقل حيرتم عقله على حدود كلمة هللا العليا اليت يريد سبحانه وتعاىل‬
‫إقرارها على هذه األرض‪ ،‬ولكي ال يكون ضمن طوابري املستحمرين (املقلدين) التابعني‬
‫محلُوا التـ َّْوَرا َة ُُثَّ َملْ‬ ‫للعلماء غري العاملني (احلمري) كما يسميهم تعاىل‪﴿ :‬مثَل الَّ ِّذين ُِّ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اهللُ ال‬ ‫اهلل َو َّ‬ ‫َس َفاراً بِّْئس مثَل الْ َقوِّم الَّ ِّذين َك َّذبوا ِِّب ِّ‬
‫ايت َِّّ‬
‫ار ََْي ِّم ُل أ ْ‬‫وها َك َمثَ ِّل ا ْحلِّ َم ِّ‬‫ََْي ِّملُ َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ ْ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني﴾ الجمعة‪.5 :‬‬ ‫يَـ ْهدي الْ َق ْوَم الظَّال ِّم َ‬
‫وحنن املسلمون لدينا القرآن وأحاديث الرسول حممد وآله األطهار ‪ ‬فيكون‬
‫وبني‬ ‫مث مل حيملوها مثلهم كمثل احلمار‪ّ ،‬‬ ‫املسلمون الذين محلوا القرآن وأحاديثهم‬
‫عال ومسموع من قبل‬ ‫تعاىل يف القرآن الكرمي أ ّن صوت العلماء غري العاملني (احلمري) ٍّ‬
‫َصو ِّ‬
‫ات‬ ‫املقلدين (املستحمرين) ولكنه يف نفس الوقت منكر وقبيح ﴿إِّ َّن أَنْ َك َر ْاأل ْ َ‬
‫ري﴾ لقمان‪.19 :‬‬ ‫ت ا ْحلَ ِّم ِّ‬‫ص ْو ُ‬‫لَ َ‬
‫أبداً يف كل جمتمع بعث فيه نيب أو وصي كان من حياربه هم العلماء غري العاملني‬
‫ويتبعهم املقلدون دومنا تدبر أو تفكر بل استهزاء وسخرية وهتجم ويوم القيامة‪﴿ :‬تَـبَـ َّرأَ‬
‫اب﴾ البقرة‪.166 :‬‬ ‫ب‬ ‫َس‬‫األ‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ت ِّهبِّ‬
‫ْ‬ ‫ع‬‫َّ‬
‫ط‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬ ‫ت‬‫و‬ ‫اب‬‫ذ‬‫َ‬ ‫ْع‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫َو‬
‫أ‬‫ر‬ ‫و‬ ‫وا‬ ‫ع‬‫ـ‬ ‫ب‬ ‫َّ‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫ذ‬‫الَّ ِّذين اتُّبِّعوا ِّمن الَّ ِّ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ َ َ ُ ََ ُ َ َ َ َ‬
‫على كل حال ليس هذا حبثاً عقائدايً إلثبات صاحب احلق ولكين أردت لفت انتباه‬
‫كل من استحمره علماء الضاللة سواء كانوا مسلمني أو مسيح أو يهود إىل أن هللا‬
‫س إَِّّال‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ت ا ْجلِّ َّن و ِّْ‬
‫األ‬ ‫سبحانه وتعاىل خلق اإلنسان ليكون عبداً له سبحانه‪َ ﴿ :‬وَما َخلَ ْق ُ‬
‫َ َ‬
‫ون﴾ الذاريات‪ ،56 :‬ال ليكون عبداً لعلماء الضاللة غري العاملني‪َّ ﴿ :‬اَّتَ ُذوا‬ ‫لِّيـ ْعب ُد ِّ‬
‫َُ‬
‫اهلل﴾ التوبة‪.31 :‬‬ ‫ون َِّّ‬‫َحبارُهم ورْهبانَـ ُهم أَرابابً ِّمن ُد ِّ‬
‫أ ْ َ َ ْ َ ُ َ ْ َْ ْ‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪51 ..................................................................................‬‬

‫للمالئكة‪﴿ :‬إِِّّين ج ِّ‬


‫اع ٌل ِّيف ْاأل َْر ِّ‬
‫ض‬ ‫ِ‬ ‫أول ما خلق هللا سبحانه وتعاىل اإلنسان قال‬
‫َ‬
‫َخلِّي َفةً﴾(‪ .)1‬وهذا اخلليفة األول يف هذه األرض هو نيب هللا آدم ‪.‬‬
‫ومل تنقطع هذه اخلالفة فيما مضى وال تنقطع إىل يوم القيامة‪ ،‬وكما انقسم املالئكة‬
‫ليتكرر كل‬
‫إىل مقر هبذه اخلالفة ومنكر جاحد كافر بكلمة هللا كذلك عاد األمر األول ّ‬
‫مرة على هذه األرض لينقسم الناس على هذه األرض إىل قسمني‪ ،‬قسم اتبع املنكر‬ ‫ّ‬
‫املقرين األوائل (املالئكة) لألمر األول‪ ،‬هذه هي‬
‫األول (إبليس) لألمر األول‪ ،‬وقسم اتبع ّ‬
‫كلمة هللا العليا اليت تتكرر يف كل زمان فينقسم الناس إىل مقر هبا ومنكر هلا‪.‬‬
‫أقره كان من املوحدين ومن أنكره كان من‬ ‫خليفة هللا يف أرضه هو كلمة هللا فمن ّ‬
‫املشركني‪ ،‬هكذا وببساطة وبدون أي تعقيد‪ .‬ففي كل زمان يوجد موسى وعيسى وحممد‬
‫واحلسني ‪ ،‬بل كل األنبياء واألوصياء متمثلون يف شخص خليفة هللا يف أرضه‪ ،‬فمن‬
‫أنكر خليفة هللا يف أرضه فهو منكر ملوسى ‪ ‬وإن ادعى أنه يهودي‪ ،‬ومنكر لعيسى‬
‫وإن ادعى أنه مسيحي‪ ،‬ومنكر حملمد وإن ادعى أنه مسلم‪ ،‬ومنكر للحسني وإن ادعى‬
‫أنه من شيعة احلسني بن علي ‪ ،‬وهكذا يكون اجلهاد إلعالء وإظهار أمر خليفة هللا‬
‫يف أرضه؛ ألنه كلمة هللا وخليفة هللا الذي عينه هللا سبحانه وتعاىل‪ .‬وأل ّن التوحيد يكون‬
‫مبعرفته فبهم يعرف هللا فمن عرف خلفاء هللا عرف هللا ومن أنكرهم أنكر هللا ومن‬
‫جهلهم جهل هللا سبحانه وتعاىل؛ ألهنم أمساء هللا احلسّن ووجه هللا ويد هللا سبحانه‬
‫وتعاىل‪.‬‬

‫‪ -1‬البقرة‪.30 :‬‬
‫أهم طريق ملعرفة خليفة هللا يف أرضه هو‪:‬‬
‫الطريق األول‪ :‬الذي عرفت به املالئكة آدم ‪ ‬وهو النص‪ ،‬فقد نص هللا سبحانه‬
‫اع ٌل ِّيف‬ ‫ك لِّلْمالئِّ َك ِّة إِِّّين ج ِّ‬ ‫وتعاىل على آدم ‪ ،‬وإنه خليفته يف أرضه‪َ ﴿ :‬وإِّ ْذ قَ َ‬
‫َ‬ ‫ال َربُّ َ َ‬
‫اء َوََْن ُن نُ َسبِّ ُح ِِّبَ ْم ِّد َك‬ ‫ض َخلِّي َفةً قَالُوا أ ََجتْعل فِّيها من يـ ْف ِّس ُد فِّيها ويس ِّف ُ ِّ‬ ‫ْاأل َْر ِّ‬
‫ك الد َم َ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫َُ َ َْ ُ‬
‫ال إِِّّين أَ ْعلَ ُم َما ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)1‬‬
‫ك قَ َ‬
‫س لَ َ‬ ‫ِّ‬
‫َونُـ َقد ُ‬
‫وبعد آدم ‪ ‬كان أيضاً النص هو الطريق ملعرفة خليفة هللا يف أرضه‪ ،‬ولكن هذه‬
‫املرة النص اإلهلي يعرف عن طريق اخلليفة السابق‪ ،‬فهو ينص بوصية ألمته على اخلليفة‬ ‫ّ‬
‫الذي بعده أبمر هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬فليس هو الذي يعني الذي بعده‪ ،‬بل هللا سبحانه‬
‫وتعاىل هو الذي يعني خليفته يف أرضه يف كل زمان‪ ،‬فقط يكون دور اخلليفة السابق هو‬
‫إيصال هذا النص اإلهلي ابلوصية؛ ولذا مسي خلفاء هللا يف أرضه من األنبياء واملرسلني‬
‫ابألوصياء؛ أل ّن السابق يوصي ابلالحق وال يوجد نيب من األنبياء أو األئمة إالّ‬
‫نص عليه الذي قبله‪ ،‬فإبراهيم ‪ ‬وإسحاق ويعقوب عليهما السالم واألنبياء من‬ ‫وقد ّ‬
‫أوصوا بعيسى‬ ‫نصوا على موسى وأوصوا به وموسى واألنبياء‬ ‫بين إسرائيل ‪ّ ‬‬
‫واملهديني‬ ‫‪ ،‬وعيسى أوصى مبحمد ‪ ،‬وحممد أوصى بعلي ‪ ‬واألئمة‬
‫من ولده‪ ،‬فال يوجد فراغ ليمأله غريهم ‪ .‬ولكن األمم احنرفت عنهم فظهر فيها‬
‫وضرورة إتباعهم‬ ‫علماء عاملون يرشدون الناس إىل الرجوع إىل طريق األوصياء‬

‫‪ -1‬البقرة‪.30 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪53 ..................................................................................‬‬

‫‪،‬‬ ‫واألخذ عنهم فقط‪ ،‬وظهر أيضاً علماء غري عاملني حياولون تقمص دور األوصياء‬
‫كما تقمصها ابن أيب قحافة‪.‬‬
‫قال أمري املؤمنني ‪( :‬أما وهللا لقد تقمصها ابن أيب قحافة وإنه ليعلم أن حملي‬
‫منها حمل القطب من الرحى‪ ،‬ينحدر عين السيل وال يرقى إيل الطري‪ ،‬فسدلت دوهنا ثوابً‬
‫وطويت عنها كشحاً‪ ،‬وطفقت أرتئي بني أن أصول بيد جذاء أو أصرب على طخية‬
‫عمياء‪ ،‬يهرم فيها الكبري ويشيب فيها الصغري‪ ،‬ويكدح فيها مؤمن حىت يلقى ربه‪ ،‬فرأيت‬
‫أن الصرب على هاَت أحجى‪ ،‬فصربت ويف العني قذى ويف احللق شجا‪ ،‬أرى تراثي هنباً‪)...‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ّأما الطريق الثاين ملعرفة خليفة هللا يف أرضه فهو‪ :‬سالح األنبياء واألوصياء وهو العلم‬
‫واحلكمة‪ ،‬وهذا يُعرف من كالمهم ومعاجلتهم للمشاكل واألمور الواقعة‪.‬‬
‫ليتبني حكمتهم وعلمهم ‪ ،‬وبه احتج‬ ‫يتجرد عن اهلوى واألان ّ‬ ‫والبد لإلنسان أن ّ‬
‫ض ُه ْم َعلَى ال َْمالئِّ َك ِّة فَـ َق َ‬
‫ال‬ ‫اء ُكلَّ َها ُُثَّ َع َر َ‬
‫َمسَ َ‬ ‫هللا سبحانه على املالئكة‪َ ﴿ :‬و َعلَّ َم َ‬
‫آد َم ْاأل ْ‬
‫َمس ِّاء ه ُؤ ِّ‬
‫الء إِّ ْن ُك ْنـتُم ِّ ِّ‬
‫ني﴾(‪ .)2‬فهو خري دليل على خليفة هللا يف أرضه‪.‬‬ ‫صادق َ‬ ‫ْ َ‬ ‫أَنْبِّئُ ِّوين ِِّب َْ َ‬
‫ّأما الطريق الثالث ملعرفة خليفة هللا يف أرضه فهو‪ :‬الراية (البيعة هلل) أو امللك هلل‬
‫وحي‬ ‫ت فِّ ِّيه ِّمن ر ِّ‬ ‫وطالب به هللا سبحانه خلليفته األول آدم ‪﴿ .‬فَِّإ َذا َس َّويْـتُهُ َونَـ َف ْخ ُ‬
‫ْ ُ‬
‫ين﴾(‪ .)3‬أي أطيعوه وأمتروا أبمره ألنه خليفيت‪.‬‬ ‫ِّ ِّ‬
‫فَـ َقعُوا لَهُ َساجد َ‬
‫ْك ِّممَّ ْن‬
‫ْك َم ْن تَ َشاءُ َوتَـ ْن ِّزعُ ال ُْمل َ‬ ‫ك الْمل ِّ‬
‫ْك تُـ ْؤِّيت ال ُْمل َ‬ ‫ِّ‬
‫وقال تعاىل‪﴿ :‬قُ ِّل اللَّ ُه َّم َمال َ ُ‬
‫تَ َشاءُ﴾(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬نهج البالغة بشرح محمد عبده‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،30‬الخطبة الشقشقية‪.‬‬


‫‪ -2‬البقرة‪.31 :‬‬
‫‪ -3‬الحجر ‪.29 :‬‬
‫‪ -4‬آل عمران‪.26 :‬‬
‫‪ .................................................................... 54‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ك يـوِّم ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫ين﴾(‪.)1‬‬ ‫ِّ ِّ‬
‫وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬مال َ ْ‬
‫ويف تلبية احلج‪( :‬امللك لك ال شريك لك)‪.‬‬
‫فهم ال يداهنون أحداً على حساب هذه احلقيقة وإن كانوا يـُتّهمون بسبب محلها‪،‬‬
‫فقدمياً قالوا عن عيسى ‪ :‬إنه طامع مبلك بين إسرائيل الذي ضيعه العلماء غري‬
‫العاملني مبداهنتهم الرومان‪ ،‬وقيل عن دعوة حممد ‪( :‬أنه ال جنة وال انر ولكنه‬
‫امللك)(‪ ،)2‬أي إ ّن حممداً جاء ليطلب امللك له ولولده‪ ،‬وقيل عن علي ‪( :‬إنه‬
‫حريص على امللك) مع أهنم يسمعونه يقول‪( :‬ما لِّعلي وملك ال يبقى)‪ ،‬ويرون زهده‬
‫وإعراضه عن الدنيا وزخرفها‪ ،‬وهذا حال عيسى الذي ال خيفى وحال حممد ‪.‬‬
‫واألنبياء واألوصياء ال حيسبون الهتام الناس أي حساب كما هو حال العلماء غري‬
‫العاملني الذين يطلبون رضا الناس بسخط اخلالق؛ ولذا فالناس يتبعون العلماء غري‬
‫العاملني وحياربون األنبياء واألوصياء الذين يطالبون حباكمية هللا يف أرضه سواء على‬
‫مستوى التشريع أو التنفيذ أي (الدستور واحلاكم)‪ ،‬فالبد أن يكون الدستور إهلياً واحلاكم‬
‫معيناً من قبل هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬وهذا ال يناسب أكثر الناس الذين يتبعون الشهوات‬
‫ويرغبون بعافية الدنيا على حساب عافية اآلخرة‪.‬‬
‫وقد أخربان العليم اخلبري حبال األكثرية مبا ال مزيد عليه‪:‬‬
‫وك َع ْن َسبِّ ِّ‬
‫ضلُّ َ‬ ‫ض ي ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اهلل﴾(‪.)3‬‬
‫يل َّ‬ ‫﴿ َوإِّ ْن تُط ْع أَ ْكثَـ َر َم ْن ِّيف ْاألَ ْر ِّ ُ‬
‫َّاس ال يُـ ْؤِّمنُو َن﴾(‪.)4‬‬‫﴿ َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َر الن ِّ‬
‫َّاس ولَو حرص َ ِّ‬
‫ني﴾(‪.)5‬‬‫ت ِّمبُْؤمنِّ َ‬ ‫﴿ َوَما أَ ْكثَـ ُر الن ِّ َ ْ َ َ ْ‬
‫‪ -1‬الفاتحة‪.4 :‬‬
‫‪ -2‬يقول أبو سفيان‪ :‬يا بني أمية‪ ،‬تلقفوها تلقف الكرة‪ ،‬فوالذي يحلف به أبو سفيان‪ ،‬ما من عذاب وال‬
‫حساب‪ ،‬وال جنة وال نار‪ ،‬وال بعث وال قيامة ! شرح نهج البالغة البن أبي الحديد‪ :‬ج‪ 9‬ص‪.53‬‬
‫‪ -3‬األنعام‪.116 :‬‬
‫‪ -4‬هود‪.17 :‬‬
‫‪ -5‬يوسف‪.103 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪55 ..................................................................................‬‬

‫ِّ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫ض َّل قَـ ْبـلَ ُه ْم أَ ْكثَـ ُر ْاألَ َّول َ‬ ‫﴿ َولََق ْد َ‬
‫اُهَا إَِّّال ِّاب ْحلَ ِّق َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َرُه ْم ال يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)2‬‬ ‫﴿ َما َخلَ ْقنَ ُ‬
‫هلل بَ ْل أَ ْكثَـ ُرُه ْم ال يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)3‬‬ ‫﴿قُ ِّل ا ْحلم ُد َِِّّّ‬
‫َْ‬
‫هلل بَ ْل أَ ْكثَـ ُرُه ْم ال يَـ ْع ِّقلُو َن﴾(‪.)4‬‬ ‫﴿قُ ِّل ا ْحلم ُد َِِّّّ‬
‫َْ‬
‫ضنا أَوَمل ُمنَ ِّكن َهلم حرماً ِّ‬
‫آمناً ُْجي ََب إِّلَْي ِّه‬ ‫ِّ‬ ‫ك نُـت َخطَّ ْ ِّ‬
‫ف م ْن أ َْر َ َ ْ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫﴿ َوقَالُوا إِّ ْن نَـتَّبِّ ِّع ا ْهلَُدى َم َع َ َ‬
‫ات ُك ِّل َش ْيء ِّرْزقاً ِّم ْن لَ ُد َّان َولَ ِّك َّن أَ ْكثَـ َرُه ْم ال يَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)5‬‬ ‫ََثََر ُ‬
‫وال حيتاج الناس إىل أكثر من هذه اآلليات الثالث ملعرفة خليفة هللا يف أرضه‬
‫فاجتماعها ال يكون إالّ يف خليفة هللا يف أرضه‪ ،‬ولكنهم انقسموا كما انقسم املأل األول‬
‫الذي امتحنه هللا فآمن املالئكة وسجدوا‪ ،‬وكفر إبليس واستكرب ومل يرض أن يكون بينه‬
‫وبني هللا واسطة (خليفة هللا يف أرضه)‪ ،‬وهذه اآلليات الثالث حجة اتمة من هللا سبحانه‬
‫للداللة على خليفته يف أرضه‪.‬‬
‫ومع ذلك فإ ّن هللا سبحانه وتعاىل ‪ -‬ولرمحته الواسعة ‪ -‬أيّد األنبياء واألوصياء آبايت‬
‫كثرية منها املعجزات والرؤى اليت يراها املؤمنون وغريها مما لست بصدد استقصائه أو‬
‫مناقشته‪ ،‬فراجع ما كتبه اإلخوة أنصار اإلمام املهدي ‪ ‬حفظهم هللا ووفقهم لكل‬
‫خري يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ولكن فقط سأانقش جزئية يف املعجزات اليت أُؤيّد هبا األنبياء ألمهيتها وغفلة الناس‬
‫عنـها وهي‪ :‬مسألة اللبس يف املعجزة واهلدف منه‪.‬‬

‫‪ -1‬الصافات‪.71 :‬‬
‫‪ -2‬الدخان‪.39 :‬‬
‫‪ -3‬لقمان‪.25 :‬‬
‫‪ -4‬العنكبوت‪.63 :‬‬
‫‪ -5‬القصص‪.57 :‬‬
‫‪ .................................................................... 56‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫فالناس يعرفون أ ّن من معجزات موسى ‪ ‬العصا اليت حتولت أفعى‪ ،‬وقد كانت يف‬
‫زمن انتشر فيه السحر‪ ،‬ومن معجزات عيسى ‪ ‬شفاء املرضى يف زمن انتشر فيه‬
‫الطب‪ ،‬ومن معجزات حممد القرآن يف زمن انتشرت فيه البالغة‪ ،‬وهنا يعلل من‬
‫جيهل احلقيقة سبب مشاهبة املعجزة ملا انتشر يف ذلك الزمان أنه فقط لتتفوق على‬
‫السحرة واألطباء والبلغاء ويثبت اإلعجاز‪ ،‬ولكن احلقيقة اخلافية على الناس مع أهنا‬
‫مذكورة يف القرآن هي أ ّن املعجزة املادية جاءت كذلك للّبس على من ال يعرفون إالّ‬
‫املادة‪ ،‬فاهلل سبحانه ال يرضى أن يكون اإلميان مادايً بل البد أن يكون إمياانً ابلغيب‪:‬‬
‫اه ْم يُـ ْن ِّف ُقو َن﴾(‪.)1‬‬ ‫ب وي ِّقيمو َن َّ ِّ‬ ‫﴿الَّ ِّذ ِّ‬
‫الصال َة َوممَّا َرَزقْـنَ ُ‬ ‫ين يُـ ْؤمنُو َن ِّابلْغَْي ِّ َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫الر ْمحَن ِّابلْغَي ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كرمي﴾(‪.)2‬‬ ‫َج َر ِّ‬ ‫ب فَـبَش ْرهُ ِّمبَ ْغف َرة َوأ ْ‬ ‫﴿إِّ َّمنَا تُـ ْنذ ُر َم ِّن اتَّـبَ َع الذ ْك َر َو َخش َي َّ َ ْ‬
‫اء بَِّقلْب ُمنِّيب﴾(‪.)3‬‬ ‫ب َو َج َ‬ ‫﴿ َم ْن َخ ِّش َي َّ‬
‫الر ْمحَ َن ِّابلْغَْي ِّ‬
‫َّاس ِّابل ِّْق ْس ِّط‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫وم‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬‫ْكتاب وال ِّْميزا َن لِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫﴿لََق ْد أ َْر َسلْنَا ُر ُسلَنَا ِّابلْبَـيِّنَات َوأَنْـ َزلْنَا َم َع ُه ُم ال َ َ َ َ َ‬
‫ب إِّ َّن‬‫ص ُرهُ َوُر ُسلَهُ ِّابلْغَْي ِّ‬ ‫َّاس َولِّيَـ ْعلَ َم َّ‬
‫اهللُ َم ْن يَـ ْن ُ‬ ‫ْس َش ِّدي ٌد َوَمنَافِّ ُع لِّلن ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫َوأَنْـ َزلْنَا ا ْحلَدي َد فيه َِب ٌ‬
‫ي َع ِّزي ٌـز﴾(‪.)4‬‬
‫اهللَ قَ ِّو ٌّ‬
‫َّ‬
‫فاإلميان ابلغيب هو املطلوب والذي يريده هللا سبحانه‪ ،‬واملعجزة اليت يُرسلها سبحانه‬
‫البد أن تُبقي شيئاً لإلميان ابلغيب‪ ،‬وهلذا يكون فيها شيء من اللبس؛ وهلذا كانت يف‬
‫كثري من األحيان مشاهبة ملا انتشر يف زمان إرساهلا ﴿ َولَ ْو َج َعلْنَاهُ َملَكاً َجلََعلْنَاهُ َر ُجالً‬
‫ِّ‬
‫سو َن﴾(‪.)5‬‬ ‫َولَلَبَ ْسنَا َعلَْي ِّه ْم َما يَـ ْلب ُ‬
‫وهلذا ُوجد أهل املادة والذين ال يعرفون إالّ املادة يف التشابه عذراً لسقطتهم‪:‬‬

‫‪ -1‬البقرة‪.3 :‬‬
‫‪ -2‬يس‪.11 :‬‬
‫‪ -3‬ق‪.33 :‬‬
‫‪ -4‬الحديد‪.25 :‬‬
‫‪ -5‬األنعام‪.9 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪57 ..................................................................................‬‬

‫وسى أ ََوَملْ يَ ْك ُف ُروا ِّمبَا‬ ‫ُويتَ ِّمثْ َل َما أ ِّ‬


‫ُويتَ ُم َ‬ ‫اء ُه ُم ا ْحلَ ُّق ِّم ْن ِّع ْن ِّد َان قَالُوا لَ ْوال أ ِّ‬
‫﴿فَـلَ َّما َج َ‬
‫اه َرا َوقَالُوا إِّ َّان بِّ ُكل َكافِّ ُرو َن﴾(‪.)1‬‬ ‫ُويت موسى ِّمن قَـ ْبل قَالُوا ِّس ْحر ِّ‬
‫ان تَظَ َ‬ ‫َ‬ ‫أ ِّ َ ُ َ ْ ُ‬
‫اه َرا﴾ و ﴿إِّ َّان بِّ ُكل َكافِّ ُرو َن﴾‪ ،‬وقال‬ ‫ان تَظَ َ‬ ‫فالتشابه أمسى عذراً هلم ليقولوا ﴿ ِّس ْحر ِّ‬
‫َ‬
‫أمري املؤمنني ‪ ‬وهو يصف أحد املنافقني‪..( :‬جعل الشبهات عاذراً لسقطاته) (‪.)2‬‬
‫ّأما إذا كانت املعجزة قاهرة وال تشابه فيها فعندها ال يبقى لإلميان ابلغيب أي‬
‫مساحة ويكون األمر عندها إجلاء لإلميان وقهراً عليه‪ ،‬وهذا ال يكون إمياانً وال يكون‬
‫ِّ ِّ‬
‫إسالماً بل إستسالم وهو غري مرضي وال يريده هللا وال يقبله ﴿ َو َج َاوْزَان ببَ ِّين إ ْسر َ‬
‫ائيل‬
‫ت أَنَّهُ ال‬ ‫آم ْن ُ‬
‫ال َ‬ ‫ودهُ بَـ ْغياً َو َع ْدواً َح َّىت إِّ َذا أَ ْد َرَكهُ الْغَ َر ُق قَ َ‬ ‫الْبَ ْح َر فَأَتْـبَـ َع ُه ْم فِّ ْر َع ْو ُن َو ُجنُ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ت بِّ ِّه بَـنُو إِّ‬ ‫إِّلَهَ إَِّّال الَّ ِّ‬
‫ني﴾(‪ ،)3‬ففرعون يؤمن ويسلم أو‬ ‫ائيل َوأ ََان م َن ال ُْم ْسل ِّم َ‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫آم‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫قل يستسلم وقبل أن ميوت ولكن هللا ال يرضى وال يقبل هذا اإلميان وهذا اإلسالم وجييبه‬
‫ين﴾(‪.)4‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ت قَـبل وُك ْن َ ِّ‬
‫ت م َن ال ُْم ْفسد َ‬ ‫ص ْي َ ْ ُ َ‬ ‫آْل َن َوقَ ْد َع َ‬ ‫هللا سبحانه هبذا اجلواب ﴿ ْ‬
‫هذا ألنه إميان جاء بسبب معجزة قاهرة ال جمال ملن ال يعرفون إالّ هذا العامل املادي‬
‫إىل أتويلها أو إدخال الشبهة على من آمن هبا‪ ،‬وهبذا مل يبق جمال للغيب الذي يريد هللا‬
‫اإلميان به ومن خالله‪ ،‬فعند هذا احلد ال يُقبل اإلميان؛ ألنه يكون إجلاء وقهراً وليس‬
‫ت َربِّ َ‬ ‫ض آاي ِّ‬ ‫إمياانً ﴿ َه ْل يَـ ْنظُُرو َن إَِّّال أَ ْن َأتْتِّيَـ ُه ُم ال َْمالئِّ َكةُ أ َْو ََيِّْيتَ َربُّ َ‬
‫ك‬ ‫ك أ َْو ََيِّْيتَ بَـ ْع ُ َ‬
‫ت ِّيف‬ ‫ت ِّم ْن قَـ ْب ُل أ َْو َك َسبَ ْ‬ ‫ك ال يَـ ْنـ َف ُع نَـ ْفساً إِّميَانُـ َها َملْ تَ ُك ْن َ‬
‫آمنَ ْ‬ ‫ت َربِّ َ‬ ‫ض آاي ِّ‬
‫يَـ ْوَم ََيِّْيت بَـ ْع ُ َ‬

‫‪ -1‬القصص‪.48 :‬‬
‫‪ -2‬قال أمير المؤمنين ‪ :‬لعمار بن ياسر ‪ -‬وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كالما ً ‪( : -‬دعه يا عمار‬
‫فإنه لم يأخذ من الدين إالّ ما قاربه من الدنيا ‪ ،‬وعلى عمد لبس على نفسه ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته)‬
‫نهج البالغة بشرح محمد عبده‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.95‬‬
‫‪ -3‬يونس‪.90 :‬‬
‫‪ -4‬يونس‪.91 :‬‬
‫‪ .................................................................... 58‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ين َك َف ُروا‬ ‫إِّميَ ِّاهنَا َخ ْرياً قُ ِّل انْـتَ ِّظروا إِّ َّان م ْنـتَ ِّظرو َن﴾(‪﴿ ،)1‬قُل يـوم الْ َف ْت ِّح ال يـ ْنـ َفع الَّ ِّ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫إِّميَانُـ ُه ْم َوال ُه ْم يُـ ْنظَُرو َن﴾(‪.)2‬‬
‫ولو كان هللا يريد إجلاء وقهر الناس على اإلميان ألرسل مع أنبيائه معجزات قاهرة ال‬
‫َحالم بَ ِّل افْـتَـ َراهُ بَ ْل ُه َو‬ ‫اث أ ْ‬‫ضغَ ُ‬ ‫اه َرا﴾ أو ﴿أَ ْ‬ ‫ان تَظَ َ‬ ‫جمال معها ألحد أن يقول ﴿ ِّس ْحر ِّ‬
‫َ‬
‫َش ِّ‬
‫اع ٌر فَـلْيَأْتِّنَا ِِّبيَة َك َما أ ُْر ِّس َل ْاأل ََّولُو َن﴾(‪.)3‬‬
‫ض ُكلُّ ُهم َِّ‬ ‫ك َْل َم َن َم ْن ِّيف ْاأل َْر ِّ‬
‫ت تُ ْك ِّرهُ الن َ‬
‫َّاس‬ ‫مجيعاً أَفَأَنْ َ‬ ‫ْ‬ ‫اء َربُّ َ‬
‫قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَ ْو َش َ‬
‫ِّ‬
‫ني﴾(‪،)4‬‬ ‫َح َّىت يَ ُكونُوا ُم ْؤمنِّ َ‬
‫ت أَ ْن تَـ ْبـتَ ِّغ َي نَـ َفقاً ِّيف‬
‫استَطَ ْع َ‬ ‫ِّ‬
‫اض ُه ْم فَِّإن ْ‬ ‫ك إِّ ْع َر ُ‬‫وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِّ ْن َكا َن َكبُـ َر َعلَْي َ‬
‫ض أَو سلَّماً ِّيف َّ ِّ ِّ‬
‫اهللُ َجلَ َم َع ُه ْم َعلَى ا ْهلَُدى فَال تَ ُكونَ َّن‬ ‫اء َّ‬‫الس َماء فَـتَأْتيَـ ُه ْم ِِّبيَة َولَ ْو َش َ‬ ‫ْاأل َْر ِّ ْ ُ‬
‫ني﴾(‪.)5‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫م َن ا ْجلَاهل َ‬
‫فاحلمد هلل الذي رضي ابإلميان ابلغيب وجعل اإلميان ابلغيب ومن خالل الغيب ومل‬
‫يرض ابإلميان ابملادة ومل جيعله ابملادة ومن خالل املادة ليتميز أهل القلوب احلية والبصائر‬
‫النافذة من عمي البصائر وخمتومي القلوب‪.‬‬
‫واحلق أنّه وإن بقي الكثري ليناقش يف هذا املوضوع ولكين أكتفي ابلقليل وبفتح‬
‫الباب‪ ،‬وأترك الباقي للمؤمنني ليتوسعوا فيه وأعود إىل أصل املوضوع فأقول‪ :‬مما تقدم‬
‫تبني أ ّن اجلهاد مع خليفة هللا يف أرضه وأبمره هو احلق وما سواه زخرف ابطل‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬األنعام‪.158 :‬‬
‫‪ -2‬السجدة‪.29 :‬‬
‫‪ -3‬األنبياء‪.5 :‬‬
‫‪ -4‬يونس‪.99 :‬‬
‫‪ -5‬األنعام‪.35 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪59 ..................................................................................‬‬

‫عن أابن بن تغلب قال‪ :‬كان أبو عبد هللا ‪ ‬إذا ذكر هؤالء الذين يقتلون يف‬
‫الثغور يقول‪( :‬ويلهم ما يصنعون هبذا يتعجلون قتلة يف الدنيا وقتلة يف اْلخرة‪ ،‬وهللا‬
‫ما الشهداء إال شيعتنا وإن ماتوا على فراشهم) (‪.)1‬‬
‫***‬

‫‪ -1‬المحاسن‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.164‬‬


‫س إَِّّال‬ ‫ِّ‬ ‫اإلنسان خلق ليعرف هللا سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬وما َخلَ ْق ُ ِّ‬
‫ت ا ْجل َّن َو ْاألنْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫لِّيَـ ْعبُ ُدو ِن﴾(‪ ،)1‬أي ليعرفون‪.‬‬
‫تقرب صاحبها إىل هللا‪ ،‬وابلتايل تزيده معرفة‬ ‫فنحن نعبد لنعرف‪ ،‬وال خري يف عبادة ال ّ‬
‫ابهلل سبحانه وتعاىل‪ ،‬أي إ ّن اإلنسان خلق للكمال الروحي واالرتقاء إىل أعلى مراتب‬
‫هذا الكمال املمكن لإلنسان‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فاملهم واملنظور هو الروح ال اجلسد املتعلق هبذا العامل املادي اجلسماين واإلنسان‬
‫يكون خليفة هللا سبحانه وتعاىل هبذا املعّن‪ ،‬أي إذا تكامل روحياً حىت يصبح صورة هللا‬
‫سبحانه وتعاىل يف خلقه فيكون خليفته حقاً‪.‬‬
‫ويوجد من حياول جعل اإلنسان خليفة هللا فقط على األجسام والطني مع أن هللا مل‬
‫ينظر إىل األجسام منذ خلقها كما ورد عن رسول هللا ‪ ،‬وحياول هؤالء اجلهلة جعل‬
‫هدف اإلنسان املرجو بل والغرض من خلقه هو حتقيق التقدم املادي اجلسماين‪ ،‬بينما‬
‫القرآن َّبني لنا العالقة بني التقدم املادي اجلسماين والتكامل الروحي هكذا ﴿ َك َّال إِّ َّن‬
‫ِّ‬
‫داع إىل‬ ‫ْاألنْ َسا َن لَيَطْغَى ‪ ‬أَ ْن َرآهُ ْ‬
‫استَـ ْغ َّن﴾(‪ ،)2‬أي إ ّن الغّن املادي والتقدم املادي ٍّ‬
‫طغيان اإلنسان واحنطاطه الروحي‪ ،‬وهذا منظور اليوم يف حياة البشرية على هذه األرض‪،‬‬
‫فاألرض مل تعرف فساداً وإفساداً وظلماً وطغياانً كما هو حاصل اليوم‪.‬‬

‫‪ -1‬الذاريات‪.56 :‬‬
‫‪ -2‬العلق‪.7 – 6 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪61 ..................................................................................‬‬

‫ورمبا ينتفض بعض الناس الذين أنسوا هذا العامل املادي حيث إهنم يرون الكمال يف‬
‫التقدم املادي‪ ،‬مع أهنم لو التفتوا لوجدوا هذا العامل املادي اجلسماين يسري إىل الزوال‪ ،‬بل‬
‫هو يف زوال مستمر‪ ،‬فكل يوم ميوت أُانس وحييا آخرون‪ ،‬بل سيأيت يوم ميوت فيه اجلميع‬
‫وال حييا أحد مكاهنم ﴿ ُك ُّل َم ْن َعلَْيـ َها فَان﴾(‪.)1‬‬
‫الدنْـيَا َك َماء‬ ‫والتقدم املادي الكبري اليوم يشري إىل قرب هذا الزوال‪﴿ :‬إِّ َّمنَا َمثَ ُل ا ْحلَيَ ِّاة ُّ‬
‫ام َح َّىت إِّ َذا‬ ‫ع‬ ‫ـ‬‫ْ‬‫ن‬‫َ‬‫األ‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫س‬ ‫َّا‬
‫ن‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ك‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َي‬ ‫ا‬‫َّ‬
‫مم‬‫ض ِّ‬‫ِّ‬ ‫َر‬‫األ‬
‫ْ‬ ‫ات‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ـ‬‫َ‬‫ن‬ ‫ط بِّ ِّ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫السم ِّ‬
‫اء‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫أَنْـزلْناه ِّ‬
‫م‬
‫ُ َ َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ت وظَ َّن أ َْهلُها أَنَّـهم قَ ِّ‬ ‫َخ َذ ِّ‬
‫اد ُرو َن َعلَْيـ َها أ َََت َها أ َْم ُرَان لَْيالً أ َْو‬ ‫َ ُْ‬ ‫ض ُز ْخ ُرفَـ َها َو َّازيَّـنَ ْ َ‬ ‫ت ْاأل َْر ُ‬ ‫أَ‬
‫ايت لَِّق ْوم‬ ‫صل ْاْل ِّ‬
‫ُ‬
‫ك نُـ َف ِّ‬ ‫َ‬ ‫س َك َذلِّ‬ ‫صيداً َكأَ ْن َملْ تَـ ْغ َن ِّاب ْأل َْم ِّ‬ ‫اها ح ِّ‬
‫نَـ َهاراً فَ َج َعلْنَ َ َ‬
‫يَـتَـ َف َّك ُرو َن﴾(‪.)2‬‬
‫ّأما األرواح فهي ابقية ومصريها اخللود يف اجلنة أو النار‪ ،‬يف النعيم أو اجلحيم‪.‬‬
‫فيجب أن يلتفت اإلنسان إىل أنه جاء إىل هذا العامل املادي اجلسماين ليخوض‬
‫االمتحان ال ليبقى أو ليخلد فيه‪ ،‬بل إ ّن هذا العامل املادي اجلسماين كله مصريه إىل‬
‫الزوال والفناء‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬هللا حيث املؤمنني على حتقيق التقدم املادي اجلسماين ليتحقق هلم الغّن عن‬
‫استَطَ ْعتُ ْم ِّم ْن قُـ َّوة َوِّم ْن ِّرَاب ِّط‬ ‫ِّ‬
‫الكافرين واملنعة والعزة لصد احملاربني‪َ ﴿ :‬وأَع ُّدوا َهلُ ْم َما ْ‬
‫وهنِّ ْم ال تَـ ْعلَ ُمونَـ ُه ُم َّ‬ ‫آخ ِّرين ِّمن ُد ِّ‬ ‫اخلَي ِّل تُـرِّهبو َن بِّ ِّه ع ُد َّو َِّّ‬
‫اهللُ يَـ ْعلَ ُم ُه ْم َوَما‬ ‫اهلل َو َع ُد َّوُك ْم َو َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْْ ْ ُ‬
‫ف إِّلَْي ُك ْم َوأَنْـتُ ْم ال تُظْلَ ُمو َن﴾(‪.)3‬‬ ‫يل َِّّ‬
‫اهلل يُـ َو َّ‬ ‫تُـ ْن ِّف ُقوا ِّم ْن َش ْيء ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫ولكن جيب أن يكون هذا التقدم املادي انبعاً ومرافقاً إلميان حقيقي ومسرية تكامل‬
‫صاداً هلم عن ذكر هللا واالنصياع ألمر هللا‬ ‫روحي مستمرة للمؤمنني؛ لكي ال يكون ّ‬
‫‪ -1‬الرحمن‪.26 :‬‬
‫‪ -2‬يونس‪.24 :‬‬
‫‪ -3‬األنفال‪.60 :‬‬
‫‪ .................................................................... 62‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫َن أ َْه َل‬ ‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬بل هو إذا كان كذلك فسريافقه توفيق إهلي عظيم‪َ ﴿ :‬ولَ ْو أ َّ‬
‫الس َم ِّاء َو ْاأل َْر ِّ‬
‫ض َولَ ِّك ْن َك َّذبُوا فَأ َ‬
‫َخ ْذ َان ُه ْم‬ ‫آمنُوا َواتَّـ َق ْوا لََفتَ ْحنَا َعلَْي ِّه ْم بَـ َرَكات ِّم َن َّ‬
‫الْ ُق َرى َ‬
‫ِّمبَا َكانُوا يَ ْك ِّسبُو َن﴾(‪.)1‬‬
‫فاهلل سبحانه وتعاىل عندما يذيق من يرجو إمياهنم وتقواهم نقصاً يف الثمرات والربكات‬
‫داع للتوجه إىل‬ ‫يرمحهم هبذا؛ ألنه يدفعهم إىل اإلميان والتقوى حيث إ ّن الضعف والفقر ٍّ‬
‫هللا‪.‬‬
‫يف احلديث القدسي‪( :‬اي ابن عمران إذا رأيت الغىن مقبالً فقل ذنب عجلت‬
‫عقوبته‪ ،‬وإذا رأيت الفقر مقبالً فقل مرحباً بشعار الصاحلني) (‪.)2‬‬
‫ّأما إذا آمن أهل األرض واتقوا هللا فماذا يفعل هللا بعذاهبم‪ ،‬وأي نفع له سبحانه يف‬
‫آمنُوا َواتَّـ َق ْوا‬ ‫نقص مثراهتم وبركة أرضهم وأعماهلم‪ ،‬بل هو وعدهم‪﴿ :‬لَ ْو أ َّ‬
‫َن أ َْه َل الْ ُق َرى َ‬
‫الس َم ِّاء َو ْاأل َْر ِّ‬
‫ض﴾(‪.)3‬‬ ‫لََفتَ ْحنَا َعلَْي ِّه ْم بَـ َرَكات ِّم َن َّ‬
‫إذن‪ ،‬جيب أن يكون سعي وحركة اإلنسان جتاه التكامل الروحي واإلميان احلقيقي‪.‬‬
‫ّأما التقدم املادي اجلسماين فأيضاً يسعى له اإلنسان من منظار التكامل الروحي‪ ،‬أي‬
‫أن يكون السعي للتقدم املادي طاعة هلل ولتحقيق إرادة هللا على هذه األرض من نشر‬
‫التوحيد والرمحة والعدل‪.‬‬
‫ّأما تق ّدم الكفار املادي فال يظن املؤمنون أنه توفيق إهلي أو خري هلم‪ ،‬بل هو شر هلم‬
‫َب‬
‫التكرب على إرادة هللا سبحانه وتعاىل‪َ ﴿ :‬وال ََْي َس َ َّ‬
‫ألنه سبب لتماديهم يف الطغيان و ّ‬

‫‪ -1‬األعراف‪.96 :‬‬
‫‪ -2‬انظر الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.263‬‬
‫‪ -3‬األعراف‪.96 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪63 ..................................................................................‬‬

‫ادوا إِّ َْثاً َوَهلُ ْم َع َذ ٌ‬


‫اب‬ ‫ين َك َف ُروا أَ َّمنَا منُْلِّي َهلُ ْم َخ ْيـ ٌر ِّألَنْـ ُف ِّس ِّه ْم إِّ َّمنَا منُْلِّي َهلُ ْم لِّيَـ ْز َد ُ‬ ‫َّ ِّ‬
‫ال ذ َ‬
‫ني﴾(‪.)1‬‬ ‫ُم ِّه ٌ‬
‫وتكون الدنيا وزخرفها سبباً لسكرهم وابتعادهم عن هللا‪﴿ :‬لَ َع ْم ُر َك إِّنَّـ ُه ْم لَِّفي َس ْك َرِّهتِّ ْم‬
‫يَـ ْع َم ُهو َن﴾(‪.)2‬‬
‫فأي خسارة أعظم من أن يكون اإلنسان عدواً هللا ؟! وأي مكسب أخبس من الدنيا‬
‫وزخرفها ﴿ولَوال أَ ْن ي ُكو َن النَّاس أ َُّمةً و ِّ‬
‫اح َد ًة َجلعلْنَا لِّمن ي ْك ُفر ِّاب َّلر ْمحَ ِّن لِّبـي ِّ‬
‫وهتِّ ْم ُس ُقفاً‬ ‫ُُ‬ ‫ََ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِّج َعلَْيـ َها يَظ َْه ُرو َن﴾(‪.)3‬‬
‫ار‬ ‫ع‬ ‫م‬‫و‬ ‫ة‬‫ض‬‫َّ‬ ‫ِّمن فِّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫***‬

‫‪ -1‬آل عمران‪.118 :‬‬


‫‪ -2‬الحجر‪.72 :‬‬
‫‪ -3‬الزخرف‪.33 :‬‬
‫احلقيقة أنه يوجد خلط كبري لدى أكثر الناس بني التق ّدم املادي والتق ّدم األخالقي‬
‫لإلنسان فيجعلون كل متق ّدم مادايً متق ّدماً أخالقياً‪ ،‬وذلك من خالل خلط احلضارة‬
‫املادية ابحلضارة األخالقية وجعلهما واحداً لكل أمة‪.‬‬
‫وأتباعهم ممن‬ ‫وهذا ميزان ابطل وقياس ابطل‪ ،‬وإالّ لكان األنبياء واألوصياء‬
‫خلت أيديهم من قليل وكثري زخرف هذه الدنيا وحضارهتا املادية وسلطاهنا الزائل هم‬
‫األحط أخالقياً وحاشاهم‪ ،‬ولكان فرعون ومنرود وأشباههم ممن بنوا األهرامات واألبراج‬
‫والقصور واملدن الزاخرة هم أصحاب األخالق والفكر النري املتقدم وأىن هلم ذلك‪ .‬وأيضاً‬
‫وخمرب احلضارات املادية ابلعقوابت واملثالت سبحانه عما‬ ‫لكان املتهم األول هو هادم ّ‬
‫يشركون‪.‬‬
‫بل وهللا ما عرفوا أمرهم فاتعظوا مبا كان فيمن سبقهم‪.‬‬
‫واحلقيقة أ ّن التق ّدم احلضاري األخالقي هو مشروع األنبياء وهو ما جاءوا به من هللا‬
‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬وكل ما موجود لدى اإلنسانية من أخالق كرمية ما هو إالّ رشحات من‬
‫وسيد األنبياء واملرسلني‬ ‫تلك األخالق اإلهلية اليت جاء هبا األنبياء واألوصياء‬
‫‪( :‬إمنا بعثت‬ ‫حصر بعثه للناس أبنه ليتمم األخالق اإلهلية قال‬ ‫وخامتهم حممد‬
‫ألمتم مكارم األخالق)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬مكارم األخالق‪ :‬ص‪.8‬‬


‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪65 ..................................................................................‬‬

‫فاحلق أ ّن أصل ومعدن األخالق الكرمية هي تعاليم األنبياء ‪ ،‬واألخالق هي‬


‫مقياس التقدم احلقيقي لألمم وال قيمة لتقدم مادي (حضارة مادية) مهما كان كبرياً إذا‬
‫مل يرافقه تقدم أخالقي (حضارة أخالقية)‪ ،‬ومع وضوح هذه احلقيقة وبساطتها مل يتبينها‬
‫أكثر الناس‪.‬‬
‫وكانت النتيجة املنكوسة اليت حتصلت لدى كثري من الناس من املقدمات الفاسدة‬
‫هي أن احلروب اليت ختوضها أمريكا ‪ -‬املتقدمة مادايً وابلتايل ال نقاش يف تقدمها‬
‫األخالقي! ‪ -‬حق‪ ،‬ألهنا هتدف إلزالة الظلم والطغيان وإرساء الدميقراطية وحاكمية‬
‫الناس واحلرية‪ ،‬فمن يقف بوجه أمريكا أو القانون الذي وضعته أمريكا وتريد إرساءه على‬
‫هذه األرض يكون ظاملاً وطاغياً‪ ،‬وهكذا انقلبت املوازين‪.‬‬
‫مث إ ّن اخللط املوجود يف الساحة العاملية اليوم ساعد على عدم وضوح الرؤية وتشويش‬
‫األفكار‪ ،‬وأصبح طالب احلق أندر من الكربيت األمحر‪.‬‬
‫وجه الناس ألنفسهم هذا السؤال‪( :‬من يضع القانون وينصب احلاكم هللا أم‬ ‫ورمبا لو ّ‬
‫النّاس؟) التّضحت الرؤية لديهم ولعادت لديهم أمريكا ودميقراطيتها وحريتها صنماً يعبد‬
‫من دون هللا حاهلا حال الطواغيت الذين أزالتهم يف أفغانستان والعراق‪ ،‬فأمريكا مسخ‬
‫شيطاين متاماً كما أ ّن صداماً وابن الدن (لعنهم هللا) وأتباعهم مسوخ شيطانية؛ ألهنم‬
‫مجيعاً (أمريكا‪ ،‬صدام‪ ،‬ابن الدن وأشباههم) مل ينصبهم هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬كما أهنم ال‬
‫يعرفون القانون اإلهلي وال يريدون إرسائه كما يدعي بعضهم ليخدع الناس ابسم الدين‬
‫وهو ال يفقه من الدين شيئاً‪.‬‬
‫ومن البديهي يف الدايانت الثالث أ ّن القانون يضعه هللا واحلاكم ينصبه هللا‪،‬‬
‫والنصوص الدالة على ذلك كثرية يف التوراة واإلجنيل والقرآن‪ ،‬وببساطة فإ ّن القانون يف‬
‫هذا الزمان‪ :‬هو القرآن واإلجنيل والتوراة‪ ،‬واحلاكم‪ :‬هو املهدي وعيسى وإيليا ‪.‬‬
‫‪ .................................................................... 66‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫والكتب السماوية كلها واحد أنزل من واحد‪ ،‬واألنبياء واألئمة كلهم واحد أرسل من‬
‫واحد‪.‬‬
‫أقول‪ :‬لو سأل الناس أنفسهم هذا السؤال وأجابوا هبذا اجلواب ّ‬
‫البني الجتمعت‬
‫كلمتهم على التوحيد ولعبدوا هللا سبحانه وتعاىل وأقروا خليفته يف أرضه وقانونه سبحانه‪،‬‬
‫وال يوجد موحد حقيقي لكل أهل األرض إالّ القانون اإلهلي واحلاكم اإلهلي‪ ،‬ومها‬
‫يوحدان أهل األرض على احلق والعدل والرمحة‪.‬‬
‫فالبد للمؤمنني من اجلهاد إلرساء القانون اإلهلي واحلاكم اإلهلي خليفة هللا يف أرضه‬
‫لتمتلئ األرض قسطاً وعدالً وأخالقاً كرمية وحضارة أخالقية كما هي اليوم مليئة ابلظلم‬
‫والفساد‪.‬‬
‫بل إ ّن احلاصل هو أ ّن جند الشيطان لعنه هللا يقاتلون إلرساء حاكمية الشيطان‬
‫وخلق الشيطان‪ ،‬فلماذا ال يقاتل جند هللا إلرساء حاكمية هللا سبحانه وتعاىل واألخالق‬
‫اإلهلية‪ ،‬واحلال أ ّن قتاهلم وجهادهم هو دفاع عن احلضارة األخالقية لألنبياء واملرسلني‬
‫يف مقابل هجوم يشنه الشيطان وجنده أصحاب احلضارة املادية حملق األخالق‬
‫اإلهلية‪.‬‬
‫وإما أن تقاتل مع‬‫وتقر حاكميته‪ّ ،‬‬ ‫فإما أن تنصر هللا ّ‬‫واحلقيقة أنه ال يوجد حياد ّ‬
‫الشيطان وعن حاكميته لعنه هللا‪ ،‬والساكت شيطان أخرس‪ ،‬فالذين مع هللا مع هللا‬
‫والذين مع الشيطان مع الشيطان والذين على التل كما يسمون أنفسهم شياطني خرس‪.‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪67 ..................................................................................‬‬

‫اهلدف والغرض من اجلهاد يف الدين اإلهلي احلق والذي قام به األنبياء واألوصياء‬
‫هو هداية الناس إىل احلق وإتباع احلق‪ ،‬فليس غرض األنبياء هو قتل الناس أايً كان‬
‫هؤالء الناس؛ أل ّن األنبياء يعملون مبا يريده هللا سبحانه ولو كان هللا يريد هالكهم وقتلهم‬
‫ملا خلقهم‪ ،‬بل سبحانه وتعاىل خلقهم ليعبدوه ويدخلوا اجلنة‪.‬‬
‫فاجلهاد يف نفسه ليس غرضاً وال هدفاً للدين اإلهلي احلق‪ ،‬بل هو وسيلة إليصال‬
‫احلق إىل الناس‪ ،‬وجند أ ّن أهم شروط اجلهاد اليت ال يصح من دوهنا هو دعوة الناس إىل‬
‫احلق واملبالغة يف دعوهتم وإيصال احلق هلم ابلبالغ املبني التام‪.‬‬
‫ولذا فإ ّن الصحيح عندما جتد من يقول لك هذه بالدي مفتوحة لك تعالوا وبلغوا‬
‫وحتركوا مشاالً وجنوابً وشرقاً وغرابً وادعوا الناس أقول أ ّن الصحيح عندها أن ال‬ ‫دعوتكم ّ‬
‫ترفع السيف بوجهه‪ ،‬بل تذهب لتدعوا إىل احلق وترفع القلم بدالً عن السيف‪ ،‬قال‬
‫يم﴾(‪.)1‬‬ ‫الس ِّميع الْعلِّ‬
‫َّ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِّ‬
‫إ‬ ‫لسل ِّْم فَاجنح َهلا وتَـوَّكل علَى َِّّ‬
‫اهلل‬ ‫َّ‬ ‫تعاىل‪﴿ :‬وإِّ ْن جنحوا لِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ ُ‬
‫والرسول حممد دعا كسرى وقيصر للحق ودين هللا سبحانه ومل حيمل السيف‬
‫بوجههم أوالً‪ ،‬بل إ ّن الروم هم من ابدروا حلمل السيف بوجه الرسول حممد ‪.‬‬
‫وجيب أن نلتفت اىل أ ّن الدين والعقيدة ال ميكن أن تنتشر ابلسيف كما ال تقتل‬
‫عقيدة ابلسيف؛ ولذا فإ ّن منهج مجيع األداين اإلهلية ومنها خامتها اإلسالم يف الدعوة‬
‫إىل هللا هو احلوار والتذكري‪ ،‬بل إ ّن وجود الكتب السماوية التوراة واإلجنيل والقرآن خري‬
‫دليل على ذلك؛ ألهنا كتب تفيض حكمة وحواراً ودعوة إىل هللا‪ ،‬وليست سيوفاً تقطر‬
‫دماً‪.‬‬

‫‪ -1‬األنفال‪.61 :‬‬
‫‪ .................................................................... 68‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫إذن فالنتيجة اليت جيب أن نعرفها كمؤمنني أ ّن اهلدف من اجلهاد هو فتح األبواب‬
‫املغلقة للوصول للناس وإيصال احلق هلم وهدايتهم‪ ،‬وليس اهلدف من اجلهاد قتل الناس‪،‬‬
‫فإذا أمكن أن نصل إىل الناس ونوصل احلق هلم وهنديهم إىل صراط هللا املستقيم دومنا‬
‫قتال وإراقة دماء جيب أن نسلك هذا الطريق؛ أل ّن أقل ما فيه احلفاظ على حياة‬
‫املؤمنني‪.‬‬
‫والبد أن يهيئ كل مؤمن ومؤمنة نفسه للدعوة إىل احلق ودين هللا والبد أن يعمل كل‬
‫ما يف وسعه ليتعلم ويعلم ويدعو إىل احلق ودين هللا كما البد أن يتهيأ للجهاد‪ ،‬فاملؤمن‬
‫جيب أن حيمل القلم بيد والسيف ابليد األخرى‪.‬‬
‫واحلق أقول لكم إ ّن كثريين يبحثون عن احلق وكثريين سيتبعون احلق إن شاء هللا حىت‬
‫يف الغرب ويف أمريكا نفسها‪ ،‬فيجب أن مند أيدينا النتشاهلم من حفر الشيطان اليت‬
‫يرتعون فيها‪ ،‬فأصحاب الدين اإلهلي احلق يسعون هلداية الناس وختليصهم من شباك‬
‫الشيطان وإنقاذهم من النار ودفعهم إىل اجلنة وأبداً ال جتدهم يريدون قتل الناس أو أهنم‬
‫خيتارون القتال‪ ،‬بل هو حالة يضطرون إليها‪ ،‬وإذا أمكن دفعها مع حتقيق مصلحة الدين‬
‫ونشر تعاليم هللا سبحانه البد من السعي إىل دفعها كما فعل رسول هللا مع املشركني يف‬
‫احلديبية وكما فعل موسى ‪ ‬من قبل مع فرعون وقومه يف مصر؛ وهلذا فإ ّن ما يطرح‬
‫مسمى حوار احلضارات هو أمر مقبول عندان إذا كانوا يطرحونه ليمارسوه‬ ‫عاملياً وحتت ّ‬
‫فعالً وحقاً ولكن لنا اختيار آخر لالسم‪ ،‬وهو البحث عن احلضارة لتكون النتيجة هي‬
‫توحد الناس وجتمع كلمتهم على خمافة هللا‬ ‫الوصول إىل احلضارة اإلهلية احلقيقية اليت ّ‬
‫سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪69 ..................................................................................‬‬

‫اخرتت هذا العنوان يف مقابل العنوان املطروح عاملياً وهو حوار احلضارات‪ ،‬واحلقيقة‬
‫تبني أنه ال توجد أكثر من حضارة حقيقية لتتصارع أو تتحاور‪ ،‬فاحلضارة‬ ‫أنه مما تق ّدم ّ‬
‫احلقيقية هي احلضارة الروحية واألخالقية املبنيّة على ما جاء به األنبياء واألوصياء‬
‫وهي واحدة‪﴿ :‬إِّ َّن ه ِّذ ِّه أ َُّمت ُكم أ َُّمةً و ِّ‬
‫اح َدةً وأ ََان ربُّ ُكم فَا ْعب ُد ِّ‬
‫ون﴾(‪.)1‬‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫وهي ليست حكراً على قوم دون آخرين‪ ،‬بل إ ّن هذه احلضارة الروحية األخالقية‬
‫موجودة وبنسب متفاوتة هنا وهناك على هذه األرض‪ ،‬كما أ ّن نقيضها موجود يف نفس‬
‫املكان املوجودة فيه ولدى نفس القوم الذين حيملون بعضها ويعملون به‪.‬‬
‫إذن فأهل األرض حباجة للبحث عن احلضارة الروحية واألخالقية اإلهلية‪ ،‬فاحلوار‬
‫وعما حيمله الطرف املقابل له من احلضارة الروحية‬ ‫عما حيمله كل طرف ّ‬ ‫يكون للبحث ّ‬
‫واألخالقية‪ ،‬وأيضاً عن مدى احنراف كل طرف ومدى احنراف الطرف املقابل عنها ﴿قُ ْل‬
‫ضالل‬ ‫دى أ َْو ِّيف َ‬ ‫ه‬ ‫ى‬‫َ‬‫ل‬‫ع‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫اي‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫إ‬ ‫َو‬‫أ‬ ‫َّ‬
‫ان‬ ‫ِّ‬
‫إ‬‫و‬ ‫َّ‬
‫اهلل‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ض‬ ‫َر‬‫األ‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫السماو ِّ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫من يـرُزقُ ُكم ِّ‬
‫م‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َْ ْ َ َ َ َ‬
‫ُمبِّني﴾(‪.)2‬‬
‫وإذا كان البحث موضوعياً وبعيداً عن التعصب األعمى ستكون النتيجة هي الوصول‬
‫إىل احلضارة اإلهلية احل ّقة‪ ،‬وابلتايل معرفة صاحب احلق اإلهلي واالعرتاف حب ّقه عندها‬
‫يتوحد أهل األرض على طاعة هللا احلقة والصراط املستقيم الذي يريده هللا‪.‬‬

‫‪ -1‬األنبياء‪.92 :‬‬
‫‪ -2‬سـبأ‪.24 :‬‬
‫‪ .................................................................... 70‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وجيب أن يعرف من يبحث عن احلضارة أوالً أ ّن احلضارة احلقيقية اليت يبحث عنها‬
‫تنسب إىل األخالق والروح أو ميكن أن نقول الدين اإلهلي والقيم األخالقية وال تنسب‬
‫تبني هذا مما تق ّدم ‪ -‬فيمكن أن نقول احلضارة اإلسالمية‬
‫إىل األرض أو القومية ‪ -‬ورمبا ّ‬
‫واحلضارة املسيحية واحلضارة اليهودية وال ميكن أن نقول احلضارة العربية أو األمريكية أو‬
‫الرومانية‪.‬كما أ ّن احلضارة اإلسالمية احلقيقية واحلضارة املسيحية احلقيقية واحلضارة‬
‫اليهودية احلقيقية هي املبنية على ما جاء به حممد وعيسى ‪ ‬وموسى ‪‬‬
‫وأوصياؤهم وليست ما جاء به أو قام به من حكم املسلمني أو املسيحني أو اليهود‬
‫وال ما وصى به العلماء غري العاملني وهذه كلها واحدة وهي احلضارة اإلهلية احلقة اليت‬
‫ضيّعت وغُيّبت ملصلحة احلكام الطواغيت والعلماء غري العاملني‪.‬‬ ‫ُ‬
‫صى بِّ ِّه نُوحاً َوالَّ ِّذي أ َْو َح ْيـنَا إِّلَْي َ‬
‫ك َوَما‬ ‫ين َما َو َّ‬ ‫ع لَ ُكم ِّمن ِّ‬
‫الد ِّ‬ ‫قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ش َر َ ْ َ‬
‫ين َوال تَـتَـ َف َّرقُوا فِّ ِّيه َكبُـ َر َعلَى‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫صيـنا بِّ ِّه إِّبـر ِّاهيم وموسى و ِّ‬
‫يموا الد َ‬ ‫يسى أَ ْن أَق ُ‬ ‫ع‬
‫َْ َ َُ َ َ َ‬ ‫َو َّ ْ َ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وه ْم إِّلَْي ِّه َّ‬ ‫ِّ‬
‫يب﴾(‪.)1‬‬ ‫اهللُ َْجيتَِّيب إِّلَْيه َم ْن يَ َشاءُ َويَـ ْهدي إِّلَْيه َم ْن يُن ُ‬ ‫ال ُْم ْش ِّرك َ‬
‫ني َما تَ ْدعُ ُ‬
‫وأيضاً على ضوء ما تق ّدم ستكون هنالك نتيجة حتمية جيب أن ال نغفلها أو نتغافل‬
‫عنها مع أولئك الطواغيت أو العلماء غري العاملني الذين ال يريدون مساع الكلمة الطيبة‬
‫وال يريدون البحث مبوضوعية عن احلضارة اإلهلية احلقيقية‪ ،‬وأيضاً يريدون تشويه احلضارة‬
‫اإلهلية احلقيقية ونشر مسخ شيطاين على هذه األرض وإضالل الناس وحرف الناس‬
‫ليكونوا أتباعاً إلبليس (لعنه هللا) يف امتناعه عن السجود آلدم ‪ ‬خليفة هللا يف أرضه‪،‬‬
‫أقول إ ّن النتيجة احلتمية مع أولئك هي الصدام الذي ال مفر منه وال سبيل لتجنبه؛ ألنه‬
‫يكون عندها الطريق الوحيد لنشر احلضارة اإلهليّـة على هذه األرض‪ ،‬وهذا ما قام به‬
‫تبني مما تق ّدم يف هذا الكتاب‪.‬‬ ‫أنبياء هللا ورسله كما ّ‬

‫‪ -1‬الشورى ‪.13 :‬‬


‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪71 ..................................................................................‬‬

‫فالنتيجة أ ّن احلوار ال يكون بني احلضارات‪ ،‬بل هو بني بين آدم للبحث عن احلضارة‬
‫اإلهلية احلقيقية‪ ،‬وكذلك الصدام ال يكون بني احلضارات بل بني احلضارة اإلهلية احلقيقية‬
‫ونقيضها أو قل بني النور والظلمة كما ميكن أن يكون الصدام بني الظلمات بعضها مع‬
‫بعض‪.‬‬
‫فليس كل من يصدم ابلظلمة هو النور بل رمبا كان ظلمة أيضاً‪ ،‬ولكن كل من‬
‫يصطدم ابلنور هو ظلمة؛ لذا فالبد أن نبحث ونعرف النور وبه نعرف الظلمات‪.‬‬
‫***‬
‫اجلهاد جيب أن يكون هلل ويف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا‪ ،‬فاملنظور هو هللا سبحانه‬
‫وتعاىل وإرادته‪ ،‬وهكذا مجاعة تقاتل يف سبيل هللا وإلعالء كلمة هللا سبحانه سيكون هللا‬
‫معها وفيها وسيكون قتاهلم قتال هللا ومن يقاتلهم يقاتل هللا‪.‬‬
‫عمن يؤجره غري هللا‬ ‫ّأما من يقاتل ألجل األرض أو اللسان (القومية) فليبحث ّ‬
‫سبحانه وتعاىل؛ أل ّن هللا يعطي األجر ملن يقاتل يف سبيله سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫يتوهم بعض من أنسوا األسباب املادية أن هكذا مشروع جهادي خيايل أو‬ ‫ورمبا ّ‬
‫مثايل غري قابل للتطبيق يف الساحة العاملية ولو طبقناه فلن حيقق نتائج لقلة الناصر وكثرة‬
‫العدو‪ .‬ولكن من حيسب وحيتسب هللا لن يرى إالّ هللا ورضاه سبحانه وتعاىل دومنا اعتبار‬
‫للمعادالت السياسية واالقتصادية والعسكرية القائمة على الساحة العاملية اليوم‪ ،‬وهكذا‬
‫كان األنبياء فلم يكن جيش طالوت كفؤاً جليش جالوت مادايً‪ ،‬ومل يكن مع موسى‬
‫‪ ‬ما يواجه به آلة فرعون العسكرية الضخمة إالّ هللا سبحانه وتعاىل وهو أكرب من‬
‫كل شيء‪ ،‬ولكن عند الذين آمنوا إمياانً حقيقياً به وبقدرته سبحانه وتعاىل‪ ،‬وال مكان‬
‫للمداهنة واملماألة؛ أل ّن هدفهم ليس النصر املادي‬ ‫يف ساحات األنبياء واألوصياء‬
‫س‬ ‫َح َّ‬ ‫كما يتوهم كثري من الناس‪ ،‬بل هدفهم هو نصرة هللا سبحانه وتعاىل‪﴿ :‬فَـلَ َّما أ َ‬
‫اهلل آمنَّا ِّاب َِّّ‬
‫ال ا ْحلو ِّاريُّو َن ََْنن أَنْص ِّ‬ ‫اري إِّ َىل َِّّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّعيسى ِّ‬
‫هلل‬ ‫ار َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫اهلل‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ف‬
‫ْ‬
‫ُ َ‬‫ك‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َوا ْش َه ْد ِِّب ََّان ُم ْسلِّ ُمو َن﴾(‪.)1‬‬
‫داهنوا الظاملني أو املنافقني أو جاملوا بعض الكافرين ليحققوا نصراً‬ ‫فال جندهم‬
‫مادايً بل العكس من ذلك متاماً‪ ،‬فعبد هللا بن عباس يرى أ ّن املصلحة املادية لتستقيم‬

‫‪ -1‬آل عمران‪.52 :‬‬


‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪73 ..................................................................................‬‬

‫خالفة أمري املؤمنني علي بن أيب طالب ‪ ‬هو مبداهنة معاوية (لعنه هللا) ولو ألايم‬
‫قليلة مث استدعاءه إىل املدينة املنورة وعزله من والية الشام وهبذا تستقيم األمور لعلي‬
‫‪ ،‬ورمبا كل من حيسب وحيتسب املادة يرى أن رأي ابن عباس حكيم وهو حيقق‬
‫مصلحة كربى لإلسالم‪ّ ،‬أما علي ‪ ‬فال يداهن معاوية ساعة واحدة ويقر عزله يف‬
‫احلال؛ أل ّن هللا ال يرضى إقرار ظامل على ظلمه ولو حلظة واحدة ورمبا خسر علي ‪‬‬
‫الشام هبذا املوقف احلازم ولكنه ربح هللا سبحانه وتعاىل ورضاه‪.‬‬
‫وكذلك احلسني ‪ ‬فلو أخر ثورته اإلهلية الكربى ثالث سنوات‪ ،‬أي حىت موت‬
‫يزيد بن معاوية لعنه هللا الستقامت األمور للحسني ‪ ‬ولتحقق له النصر املادي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني ‪‬‬ ‫ولكنه اختار هللا سبحانه وتعاىل ومل يداهن الظاملني والفاسقني‪﴿ :‬فَال تُط ِّع ال ُْم َكذبِّ َ‬
‫َودُّوا لَ ْو تُ ْد ِّه ُن فَـيُ ْد ِّهنُو َن﴾(‪.)1‬‬
‫واملعادلة اليوم هي نفس املعادلة تدهن فيدهنون‪ ،‬ترضى عن أمريكا فرتضى عنك‬
‫أمريكا‪ ،‬متدح مشروع أمريكا فتمدحك أمريكا‪ ،‬وكذلك ترضى عن هللا فريضى عنك هللا‬
‫ومتدح مشروع هللا فيمدحك هللا‪ ،‬فأخرت ما تريد أن متدح يف املأل األمريكي ويف األمم‬
‫املتحدة األمريكية ورمبا يتفضلون عليك جبائزة نوبل للسالم‪ ،‬أو أن متدح يف املأل األعلى‬
‫عند هللا سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -1‬القلم ‪.9 – 8 :‬‬


‫‪ .................................................................... 74‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪75 ..................................................................................‬‬

‫هذه أربعون حديثاً يف اجلهاد أرويها لتكون ذخري يوم أقف بني يدي رب رحيم‪،‬‬
‫ولعلها تكون عربة ملعترب وذكرى ملدكر فيلتفت إليها من يدعون أهنم يتبعون حممداً‬
‫وجعلوا بينهم وبني اجلهاد سداً‪:‬‬
‫‪( :‬محلة القرآن عرفاء أهل اجلنة واجملاهدون يف سبيل هللا‬ ‫‪ -1‬قال رسول هللا‬
‫قوادها والرسل سادة أهل اجلنة) (‪.)1‬‬
‫‪( :‬دعا موسى وأمن هارون (عليهما السالم)‪ ،‬وأمنت املالئكة فقال‬ ‫‪ -2‬وقال‬
‫هللا ‪ :‬استقيما فقد أجيبت دعوتكما ومن غزا يف سبيل هللا ‪ ‬استجيبت له‪،‬‬
‫كما استجيبت هلما إىل يوم القيامة) (‪.)2‬‬
‫‪( :‬إن أِبل الناس من ِبل ابلسالم‪ ،‬وأجود الناس من جاد بنفسه‬ ‫‪ -3‬وقال‬
‫وماله يف سبيل هللا تعاىل) (‪.)3‬‬
‫‪ -4‬وقال ‪( :‬من ختم له ِبهاد يف سبيل هللا ولو قدر فواق انقة دخل اجلنة) (‪.)4‬‬
‫‪ -5‬وقال ‪( :‬إن فوق كل بر بر حىت يقتل الرجل شهيداً يف سبيل هللا) (‪.)5‬‬
‫لرجل‪( :‬جاهد يف سبيل هللا‪ ،‬فإنك إن تقتل كنت حياً عند هللا ترزق‪،‬‬ ‫‪ -6‬وقال‬
‫وإن مت فقد وقع أجرك على هللا‪ ،‬وإن رجعت خرجت من الذنوب إىل هللا) (‪.)6‬‬

‫‪ -1‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪،343‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.7‬‬


‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،510‬وسائل الشيعة طبعة آل البيت‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.128‬‬
‫‪ -3‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،8‬النوادر للراوندي‪ :‬ص‪.138‬‬
‫‪ -4‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،8‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.103‬‬
‫‪ -5‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،348‬دعائم اإلسالم‪:‬ج‪ 1‬ص‪.343‬‬
‫‪ -6‬أمالي الصدوق‪ :‬ص‪ ،547‬وسائل الشيعة طبعة آل البيت‪ :‬ج‪ 15‬ص‪.20‬‬
‫‪ .................................................................... 76‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪( :‬إن الغزاة إذا ُهوا ابلغزو كتب هللا هلم براءة من النار‪ ،‬فإذا جتهزوا‬ ‫‪ -7‬وقال‬
‫لغزوهم ابهى هللا تعاىل هبم املالئكة‪ ،‬فإذا ودعهم أهلوهم بكت عليهم احليطان والبيوت‪،‬‬
‫وخيرجون من ذنوهبم كما َّترج احلية من سلخها‪ ،‬ويوكل هللا ‪ ‬بكل رجل منهم أربعني‬
‫ألف ملك‪َ ،‬يفظونه من بني يديه ومن خلفه وعن ميينه وعن مشاله‪ ،‬وال يعملون حسنة إال‬
‫ضعفت له‪ ،‬ويكتب له كل يوم عبادة ألف رجل يعبدون هللا ألف سنة‪ ،‬كل سنة ثالَثائة‬
‫وستون يوماً‪ ،‬اليوم مثل عمر الدنيا‪ ،‬وإذا صاروا ِبضرة عدوهم انقطع علم أهل الدنيا‬
‫عن ثواب هللا إايهم‪ ،‬وإذا برزوا لعدوهم واشرعت األسنة وفوقت السهام وتقدم الرجل‬
‫إىل الرجل‪ ،‬حفتهم املالئكة ِبجنحتهم ويدعون هللا تعاىل هلم ابلنصر والتثبيت‪ ،‬واندى‬
‫مناد‪ :‬اجلنة حتت ظالل السيوف‪ ،‬فتكون الطعنة والضربة أهون على الشهيد من شرب‬
‫املاء البارد يف اليوم الصائف‪ ،‬وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو بضربة‪ ،‬مل يصل إىل‬
‫األرض حىت يبعث هللا ‪ ‬زوجته من احلور العني فتبشره مبا أعد هللا ‪ ‬له من الكرامة‪،‬‬
‫فإذا وصل إىل األرض تقول له‪ :‬مرحباً ابلروح الطيبة اليت خرجت من البدن الطيب‪،‬‬
‫أبشر فإن لك ما ال عني رأت وال أذن مسعت وال خطر على قلب بشر‪ ،‬ويقول هللا ‪:‬‬
‫أان خليفته يف أهلـه‪ ،‬ومن أرضاهم فقد أرضاين‪ ،‬ومن أسخطهم فقد أسخطين‪ ،‬وجيعل هللا‬
‫روحه يف حواصل طري خضر تسرح يف اجلنة حيث تشاء‪ ،‬أتكل من َثارها‪ ،‬وأتوي إىل‬
‫قناديل من ذهب معلقه ابلعرش‪ ،‬ويعطى الرجل منهم سبعني غرفه من غرف الفردوس‪،‬‬
‫سلوك كل غرفة ما بني صنعاء والشام‪ ،‬ميَل نورها ما بني اخلافقني‪ ،‬يف كل غرفة سبعون‬
‫ابابً‪ ،‬على كل ابب ستور مسبلة‪ ،‬يف كل غرفة سبعون خيمة‪ ،‬يف كل خيمة سبعون سريراً‬
‫من ذهب قوائمها الدر والزبرجد‪ ،‬مرصوصة بقضبان الزمرد‪ ،‬على كل سرير أربعون‬
‫فراشاً‪ ،‬غلظ كل فراش أربعون ذراعاً‪ ،‬على كل فراش سبعون زوجاً من احلور العني عرابً‬
‫أتراابً‪ ،‬فقال الشاب‪ :‬اي أمري املؤمنني أخربين عن الرتبة ما هي ؟ قال‪ :‬هي الزوجة الرضية‬
‫املرضية الشهية‪ ،‬هلا سبعون ألف وصيف وسبعون ألف وصيفة‪ ،‬صفر احللى‪ ،‬بيض‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪77 ..................................................................................‬‬

‫الوجوه‪ ،‬عليهم تيـجان اللؤلؤ‪ ،‬على رقاهبم املناديل‪ِ ،‬بيديهم األكوبة واألابريق‪ ،‬وإذا كان‬
‫يوم القيامة خيرج من قربه شاهراً سيفه تشخب أوداجه دماً‪ ،‬اللون لون الدم والرائحة‬
‫رائحة املسك‪َ ،‬يضر يف عرصة القيامة‪ ،‬فو الذي نفسي بيده لو كان األنبياء على‬
‫طريقهم لرتجلوا هلم مما يرون من هبائهم‪ ،‬حىت َيتوا على موائد من اجلوهر فيقعدون عليها‬
‫ويشفع الرجل منهم يف سبعني ألفاً من أهل بيته وجريته‪ ،‬حىت إن اجلارين خيتصمان أيهما‬
‫أقرب‪ ،‬فيقعدون معي ومع إبراهيم ‪ ‬على مائدة اخللد‪ ،‬فينظرون إىل هللا تعاىل يف كل‬
‫بكرة وعشية) (‪.)1‬‬
‫‪ -8‬وقال ‪( :‬كل حسنات بين آدم حتصيها املالئكة إال حسنات اجملاهدين‪ ،‬فإهنم‬
‫يعجزون عن علم ثواهبا) (‪.)2‬‬
‫‪( :‬طوىب ملن أكثر ذكر هللا يف اجلهاد‪ ،‬فإن له بكل كلمة سبعني ألف‬ ‫‪ -9‬وقال‬
‫حسنة‪ ،‬كل حسنة عشرة أضعاف‪ ،‬مع ما له عند هللا من املزيد‪ ،‬قالوا‪ :‬اي رسول هللا‪،‬‬
‫والنفقة يف سبيل هللا على قدر ذلك للضعفاء‪ ،‬قال‪ :‬نعم) (‪.)3‬‬
‫‪( :‬مثل اجملاهدين يف سبيل هللا‪ ،‬كمثل القائم القانت‪ ،‬ال يزال يف‬ ‫‪ -10‬وقال‬
‫صومه وصالته حىت يرجع إىل أهله) (‪.)4‬‬
‫‪( :‬إذا خرج الغازي من عتبة اببه‪ ،‬بعث هللا ملكاً بصحيفة‬ ‫‪ -11‬وقال رسول هللا‬
‫سيئاته فطمس سيئاته) (‪.)5‬‬
‫‪ -12‬وقال ‪( :‬ال جيتمع غبار يف سبيل هللا ودخان يف جهنم) (‪.)6‬‬

‫‪ -1‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،10‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 97‬ص‪.12‬‬


‫‪ -2‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،13‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.8‬‬
‫‪ -3‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،13‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.140‬‬
‫‪ -4‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،13‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.8‬‬
‫‪ -5‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،13‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.8‬‬
‫‪ -6‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،8‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 15‬ص‪.225‬‬
‫‪ .................................................................... 78‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪ -13‬وقال ‪( :‬السيوف مفاتيح اجلنة) (‪.)1‬‬


‫‪( :‬ما من أحد يدخل اجلنة فيتمىن أن خيرج منها إال الشهيد‪ ،‬فإنه‬ ‫‪ -14‬وقال‬
‫يتمىن أن يرجع فيقتل عشر مرات مما يرى من كرامة هللا) (‪.)2‬‬
‫رجالً يدعو ويقول‪ :‬اللهم إين أسألك خري ما تسأل‪ ،‬فاعطين افضل ما‬ ‫‪ -15‬ورأى‬
‫تعطي‪ ،‬فقال ‪( :‬إن استجيب لك أهريق دمك يف سبيل هللا) (‪.)3‬‬
‫‪ -16‬وقال ‪( :‬إن يل حرفتني اثنتني‪ :‬الفقر‪ ،‬واجلهاد) (‪.)4‬‬
‫‪ -17‬وقال ‪( :‬غدوة أو روحة يف سبيل هللا خري من الدنيا وما فيها) (‪.)5‬‬
‫‪ -18‬وقال رسول هللا ‪( :‬سياحة أميت اجلهاد) (‪.)6‬‬
‫‪ -19‬وقال ‪( :‬إن هللا يدفع مبن جياهد عمن ال جياهد) (‪.)7‬‬
‫‪ -20‬وقال جعفر الصادق ‪( :‬ابنفاق املهج يصل العبد إىل بر حبيبه وقربه)(‪.)8‬‬
‫‪ -21‬وقال أمري املؤمنني علي‪( :‬اجلهاد فرض على مجيع املسلمني لقول‬
‫ال﴾(‪ ،)9‬فإن قامت ابجلهاد طائفة من املسلمني‪ ،‬وسع‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ‬ ‫ِّ‬
‫هللا‪ُ ﴿:‬كت َ‬
‫سائرهم التخلف عنه‪ ،‬ما مل َيتج الذين يلون اجلهاد إىل املدد‪ ،‬فإن احتاجوا لزم‬
‫اجلميع أن ميدوا حىت يكتفوا‪ ،‬قال هللا ‪َ ﴿ :‬وَما َكا َن ال ُْم ْؤِّمنُو َن لِّيَ ِّنف ُرواْ َكآفَّةً﴾(‪،)10‬‬

‫‪ -1‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،13‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.8‬‬


‫‪ -2‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،13‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.17‬‬
‫‪ -3‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،14‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.15‬‬
‫‪ -4‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،14‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.15‬‬
‫‪ -5‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،14‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.15‬‬
‫‪ -6‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،14‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.15‬‬
‫‪ -7‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،14‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.15‬‬
‫‪ -8‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،14‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.16‬‬
‫‪ -9‬البقرة‪. 216 :‬‬
‫‪ -10‬التوبة‪. 122 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪79 ..................................................................................‬‬

‫وإن أدهم أمر َيتاج فيه إىل مجاعتهم نفروا كلهم‪ ،‬قال هللا ‪﴿:‬انْ ِّف ُرواْ ِّخ َفافاً َوثَِّقاالً‬
‫اهلل﴾(‪.)2())1‬‬‫يل ِّ‬ ‫اه ُدواْ ِِّب َْم َوالِّ ُك ْم َوأَن ُف ِّس ُك ْم ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫وج ِّ‬
‫ََ‬
‫‪ -22‬وقال جعفر الصادق ‪ ‬يف قول هللا‪﴿ :‬انْ ِّف ُرواْ ِّخ َفافاً َوثَِّقاالً﴾‪ ،‬قال‪( :‬شباانً‬
‫وشيوخاً) (‪.)3‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني أَن ُف َس ُه ْم‬ ‫وسئل الصادق ‪ ‬عن قول هللا ‪﴿ :‬إِّ َّن اهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ‬ ‫‪ُ -23‬‬
‫اهلل فَـيَـ ْقتُـلُو َن َويُـ ْقتَـلُو َن َو ْعداً َعلَْي ِّه َحقاً ِّيف‬ ‫يل ِّ‬ ‫َن َهلُ ُم اجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫َوأ َْم َوا َهلُم ِِّب َّ‬
‫استَـ ْب ِّش ُرواْ بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُم بِّ ِّه‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫التـ َّْوَر ِّاة َو ِّ‬
‫يل َوالْ ُق ْرآن َوَم ْن أ َْو ََف بِّ َع ْهده م َن اهلل فَ ْ‬ ‫اإل ِّجن ِّ‬
‫يم﴾(‪ ،)4‬أهذا لكل من جاهد يف سبيل هللا أم لقوم دون قوم ؟‬ ‫ِّ‬ ‫َو َذلِّ َ‬
‫ك ُه َو الْ َف ْوُز ال َْعظ ُ‬
‫فقال أبو عبد هللا جعفر بن حممد (عليهما السالم)‪( :‬إنه ملا نزلت هذه االية على‬
‫رسول هللا ‪ ،‬سأله بعض أصحابه عن هذا فلم جيبه‪ ،‬فأنزل هللا بعقب ذلك‪:‬‬
‫وف‬ ‫اجدو َن ِّ‬
‫اْلمرو َن ِّابلْمعر ِّ‬ ‫الس ِّ‬
‫َّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫الراكِّ‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫السائِّ‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫د‬‫ُ‬ ‫﴿التَّائِّبو َن الْعابِّ ُدو َن ا ْحل ِّ‬
‫ام‬
‫َ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني﴾(‪.)5‬‬‫َّاهو َن َع ِّن ال ُْمن َك ِّر َوا ْحلَافظُو َن حلُ ُدود اهلل َوبَش ِّر ال ُْم ْؤمنِّ َ‬
‫َوالن ُ‬
‫فأابن هللا ‪ ‬هبذا صفة املؤمنني الذين اشرتى منهم أنفسهم (وأمواهلم)‪ ،‬فمن‬
‫أراد اجلنة فليجاهد يف سبيل هللا على هذه الشرائط‪ ،‬وإال فهو من مجلة من قال‬
‫رسول هللا ‪ :‬ينصر هللا هذا الدين ِبقوام ال خالق هلم) (‪.)6‬‬
‫‪ -24‬وقال ‪( :‬أصل اإلسالم الصالة وفرعه الزكاة وذروة سنامه اجلهاد يف سبيل‬
‫هللا)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬التوبة‪. 41 :‬‬
‫‪ -2‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،341‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.14‬‬
‫‪ -3‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،15‬تفسير مجمع البيان‪ :‬ج‪ 5‬ص‪.59‬‬
‫‪ -4‬التوبة‪. 111 :‬‬
‫‪ -5‬التوبة‪. 112 :‬‬
‫‪ -6‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،341‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.15‬‬
‫‪ .................................................................... 80‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪ -25‬وقال ‪( :‬جاهدوا يف سبيل هللا ِبيدكم‪ ،‬فإن مل تقدروا فجاهدوا ِبلسنتكم‪،‬‬


‫فإن مل تقدروا فجاهدوا بقلوبكم) (‪.)2‬‬
‫‪ -26‬وقال ‪( :‬عليكم ابجلهاد يف سبيل هللا مع كل إمام عادل‪ ،‬فإن اجلهاد يف‬
‫سبيل هللا ابب من أبواب اجلنة) (‪.)3‬‬
‫‪( :‬ما من قطرة أحب إىل هللا تعاىل من قطرة دم يف سبيل‬ ‫‪ -27‬وقال رسول هللا‬
‫هللا‪ ،‬أو قطرة دمع يف جوف الليل من خشية هللا) (‪.)4‬‬
‫‪ -28‬وقال ‪( :‬كل مؤمن من أميت صديق وشهيد‪ ،‬ويكرم هللا هبذا السيف من‬
‫الص ِّدي ُقو َن َو ُّ‬
‫ك ُهم ِّ‬‫ِّ ِّ ِّ ِّ ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫الش َه َداء‬ ‫آمنُوا اب َّهلل َوُر ُسله أ ُْولَئ َ ُ‬
‫ين َ‬
‫شاء من خلقه‪ ،‬مث تال‪َ ﴿:‬والذ َ‬
‫ِّعن َد َرِّهبِّ ْم﴾(‪.)6())5‬‬
‫‪ -29‬وقال جعفر بن حممد ‪( :‬كل عني ساهره يوم القيامة إال ثالث عيون‪ :‬عني‬
‫سهرت يف سبيل هللا‪ ،‬وعني غضت عن حمارم هللا‪ ،‬وعني بكت من خشية هللا) (‪.)7‬‬
‫‪ -30‬وقال رسول هللا ‪ ( :‬من رابط يف سبيل هللا يوماً وليلة‪ ،‬كان يعدل صيام شهر‬
‫رمضان وقيامه ال يفطر وال ينفتل عن صالة إال حلاجة) (‪.)8‬‬
‫‪ -31‬وقال رسول هللا ‪( :‬خري الناس رجل حبس نفسه يف سبيل هللا‪ ،‬جياهد أعداءه‬
‫يلتمس املوت أو القتل يف مصافه) (‪.)9‬‬

‫‪ -1‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،342‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.15‬‬


‫‪ -2‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،343‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.16‬‬
‫‪ -3‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،343‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.16‬‬
‫‪ -4‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،343‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.16‬‬
‫‪ -5‬الحديد‪.19 :‬‬
‫‪ -6‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،343‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.16‬‬
‫‪ -7‬دعائم اإلسالم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،343‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.17‬‬
‫‪ -8‬عوالي اللئالي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،103‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.28‬‬
‫‪ -9‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،17‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.17‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪81 ..................................................................................‬‬

‫‪( :‬مقام أحدكم يوماً يف سبيل هللا‪ ،‬أفضل من صالة يف بيته‬ ‫‪ -32‬وقال رسول هللا‬
‫سبعني عاماً‪ ،‬ويوم يف سبيل هللا‪ ،‬خري من ألف يوم فيما سواه) (‪.)1‬‬
‫‪( :‬يرفع هللا اجملاهد يف سبيله على غريه مائة درجة يف اجلنة‪،‬‬ ‫‪ -33‬وقال رسول هللا‬
‫ما بني كل درجتني كما بني السماء واألرض) (‪.)2‬‬
‫‪ -34‬وقال رسول هللا ‪( :‬اجملاهدون يف سبيل هللا قواد أهل اجلنة) (‪.)3‬‬
‫‪( :‬ما من قطرة أحب إىل هللا ‪ ‬من قطرتني‪ :‬قطرة دم يف‬ ‫‪ -35‬وقال رسول هللا‬
‫سبيل هللا‪ ،‬وقطرة دمعة يف سواد الليل‪ ،‬ال يريد هبما العبد إال هللا ‪.)4( )‬‬
‫‪( :‬أال وإن اجلهاد ابب من أبواب اجلنة‪ ،‬فتحه هللا‬ ‫‪ -36‬وقال رسول هللا‬
‫ألوليائه)(‪.)5‬‬
‫‪( :‬من جهز غازايً بسلك أو إبرة‪ ،‬غفر هللا له ما تقدم من‬ ‫‪ -37‬وقال رسول هللا‬
‫ذنبه وما أتخر) (‪.)6‬‬
‫‪ -38‬وقال ‪( :‬من أعان غازايً بدرهم‪ ،‬فله مثل أجر سبعني دراً من درر اجلنة‬
‫وايقوهتا‪ ،‬ليست منها حبة إال وهي أفضل من الدنيا) (‪.)7‬‬
‫‪( :‬رابط يوم يف سبيل هللا خري من قيام شهر وصيامه‪ ،‬ومن‬ ‫‪ -39‬وقال رسول هللا‬
‫مات مرابطاً يف سبيل هللا كان له أجر جماهد إىل يوم القيامة) (‪.)8‬‬

‫‪ -1‬شرح األخبار‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،327‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.18‬‬


‫‪ -2‬شرح األخبار‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،327‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.18‬‬
‫‪ -3‬شرح األخبار‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،327‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.18‬‬
‫‪ -4‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ 18‬ح‪.12314‬‬
‫‪ -5‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.21‬‬
‫‪ -6‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،24‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.22‬‬
‫‪ -7‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 11‬ص‪ ،24‬جامع أحاديث الشيعة‪ :‬ج‪ 13‬ص‪.22‬‬
‫‪ -8‬عوالي اللئالي‪:‬ج‪ 1‬ص‪ ،87‬مستدرك الوسائل‪:‬ج‪ 11‬ص‪.28‬‬
‫‪ .................................................................... 82‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪ -40‬وقال رسول هللا ‪(:‬من لزم الرابط مل يرتك من اخلري مطلباً ومل يرتك من الشر‬
‫مهرابً)(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬مستدرك الوسائل‪:‬ج‪ 11‬ص‪ ،28‬جامع أحاديث الشيعة‪:‬ج‪ 13‬ص‪.27‬‬


‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪83 ..................................................................................‬‬

‫استغفر هللا ورسوله وأعتذر إىل املؤمنني عن التعليق على اآلايت لضيق الوقت‬
‫الذي هو أوالً وآخراً بسبب تقصريي والكرام يلتمسون العذر للمقصرين‪ ،‬فأرجو أن ال‬
‫ينساين املؤمنون من الدعاء واالستغفار يل عند رب رحيم‪ ،‬وأترك للمؤمنني تدبر معانيها‬
‫واالرتواء من احلكمة اإلهلية اليت وردت فيها‪.‬‬
‫ني﴾(‪.)173‬‬ ‫ين َع ِّن ال َْعالَ ِّم َ‬ ‫اه ُد لِّنَـ ْف ِّس ِّه إِّ َّن َّ‬
‫اهللَ لَغَِّ ٌّ‬ ‫‪﴿ -1‬ومن جاه َد فَِّإ َّمنَا ُجي ِّ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ َ َ‬
‫يل َِّّ‬ ‫ُويل الضَّرِّر والْمج ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اهلل‬ ‫اه ُدو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ني غَْيـ ُر أ ِّ‬ ‫‪﴿ -2‬ال يَ ْستَ ِّوي الْ َقاع ُدو َن م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِِّّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِِّّ‬
‫ين َد َر َجةً َوُكالً‬ ‫ين ِِّب َْم َواهل ْم َوأَنْـ ُفس ِّه ْم َعلَى الْ َقاعد َ‬ ‫اهللُ ال ُْم َجاهد َ‬ ‫َّل َّ‬ ‫ِب َْم َواهل ْم َوأَنْـ ُفسه ْم فَض َ‬
‫َجراً َع ِّظيماً﴾(‪.)174‬‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫َّل َّ‬ ‫َو َع َد َّ‬
‫ين أ ْ‬ ‫ين َعلَى الْ َقاعد َ‬ ‫اهللُ ال ُْم َجاهد َ‬ ‫اهللُ ا ْحلُ ْس َىن َوفَض َ‬
‫اه ِّدين ِّم ْن ُكم و َّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين َونَـ ْبـلُ َو أَ ْخبَ َارُك ْم﴾(‪.)175‬‬ ‫الصاب ِّر َ‬ ‫‪َ ﴿ -3‬ولَنَـ ْبـلُ َونَّ ُك ْم َح َّىت نَـ ْعلَ َم ال ُْم َج َ ْ َ‬
‫اه ُدوا ِّم ْن ُك ْم َويَـ ْعلَ َم‬ ‫ين َج َ‬
‫‪﴿ -4‬أَم ح ِّسبـتُم أَ ْن تَ ْد ُخلُوا ا ْجلنَّةَ ولَ َّما يـعلَ ِّم َّ َّ ِّ‬
‫اهللُ الذ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ َ ْ ْ‬
‫َّ ِّ‬
‫ين﴾(‪.)176‬‬ ‫الصاب ِّر َ‬
‫ون‬‫َّخ ُذوا ِّمن ُد ِّ‬ ‫اهلل الَّ ِّذين جاه ُدوا ِّم ْن ُكم وَمل يـت ِّ‬
‫‪﴿ -5‬أ َْم َحس ْبـتُ ْم أَ ْن تُـ ْتـ َرُكوا َولَ َّما يَـ ْعلَ ِّم َُّ َ َ َ‬
‫ِّ‬
‫ْ‬ ‫ْ ََْ‬
‫اهللُ َخبِّريٌ ِّمبَا تَـ ْع َملُو َن﴾(‪.)177‬‬ ‫يجةً َو َّ‬ ‫اهلل وال رسولِّ ِّه وال الْم ْؤِّمنِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني َول َ‬ ‫َّ َ َ ُ َ ُ َ‬

‫‪ -173‬العنكبوت‪.6 :‬‬
‫‪ -174‬النساء‪.95 :‬‬
‫‪ -175‬محمد‪.31 :‬‬
‫‪ -176‬آل عمران‪.142 :‬‬
‫‪ -177‬التوبة‪.16 :‬‬
‫‪ .................................................................... 84‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ات‬
‫اخلَْيـ َر ُ‬ ‫ك َهلُ ُم ْ‬ ‫اه ُدوا ِِّب َْم َو ِّاهلِّ ْم َوأَنْـ ُف ِّس ِّه ْم َوأُولَئِّ َ‬ ‫آمنُوا َم َعهُ َج َ‬ ‫ين َ‬
‫الرس ُ َّ ِّ‬
‫ول َوالذ َ‬ ‫‪﴿ -6‬لَك ِّن َّ ُ‬
‫ِّ‬
‫ك ُه ُم ال ُْم ْفلِّ ُحو َن﴾(‪.)178‬‬ ‫َوأُولَئِّ َ‬
‫ك ِّم ْن‬ ‫صبَـ ُروا إِّ َّن َربَّ َ‬ ‫اه ُدوا َو َ‬
‫ِّ‬
‫اج ُروا م ْن بَـ ْعد َما فُتِّنُوا ُُثَّ َج َ‬
‫ِّ‬
‫ين َه َ‬
‫‪ُُ ﴿ -7‬ثَّ إِّ َّن ربَّ َ ِّ ِّ‬
‫ك للَّذ َ‬ ‫َ‬
‫يم﴾(‪.)179‬‬ ‫بـع ِّدها لَغَ ُف ِّ‬
‫ور َرح ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ َ‬
‫اهللُ َوَر ُسولُهُ‬ ‫هلل َوال ِّابلْيَـ ْوِّم ْاْل ِّخ ِّر َوال َُيَ ِّرُمو َن َما َح َّرَم َّ‬ ‫‪﴿ -8‬قَاتِّلُوا الَّ ِّذين ال يـ ْؤِّمنو َن ِّاب َِّّ‬
‫َ ُ ُ‬
‫اب َح َّىت يُـ ْعطُوا ا ْجلِّ ْزيَةَ َع ْن يَد َو ُه ْم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين أُوتُوا الْكتَ َ‬ ‫ين ا ْحلَِّق م َن الذ َ‬ ‫َوال يَدينُو َن د َ‬
‫اغ ُرو َن﴾(‪.)180‬‬ ‫ص ِّ‬
‫َ‬
‫ار َولْيَ ِّج ُدوا فِّي ُك ْم ِّغ ْلظَةً‬ ‫ين يَـلُونَ ُك ْم ِّم َن الْ ُك َّف ِّ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬
‫آمنُوا قَاتلُوا الذ َ‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِّ‬
‫‪َ ﴿ -9‬اي أَيُّـ َها الذ َ‬
‫ني﴾(‪.)181‬‬ ‫ِّ‬ ‫َن َّ‬ ‫َوا ْعلَ ُموا أ َّ‬
‫اهللَ َم َع ال ُْمتَّق َ‬
‫هلل والْيـوِّم ْاْل ِّخ ِّر أَ ْن ُجي ِّ‬
‫اه ُدوا ِِّب َْم َو ِّاهلِّ ْم َوأَنْـ ُف ِّس ِّه ْم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪﴿ -10‬ال يستَأ ِّْذنُ َ َّ ِّ‬
‫َ‬ ‫ين يُـ ْؤمنُو َن ِّاب َّ َ َ ْ‬ ‫ك الذ َ‬ ‫َْ‬
‫ِّ‬ ‫و َّ ِّ‬
‫ني﴾(‪.)182‬‬ ‫يم ِّابل ُْمتَّق َ‬ ‫اهللُ َعل ٌ‬ ‫َ‬
‫اه ُدوا ِِّب َْم َو ِّاهلِّ ْم‬ ‫اهلل وَك ِّرهوا أَ ْن ُجي ِّ‬ ‫الف رس ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫َ‬ ‫ول َّ َ ُ‬ ‫ح ال ُْم َخلَّ ُفو َن ِّمبَْق َعده ْم خ َ َ ُ‬ ‫‪﴿ -11‬فَ ِّر َ‬
‫ِّ‬ ‫يل َِّّ‬ ‫َوأَنْـ ُف ِّس ِّه ْم ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫َّم أَ َش ُّد َحراً لَ ْو َكانُوا‬ ‫اهلل َوقَالُوا ال تَـ ْنف ُروا ِّيف ا ْحلَ ِّر قُ ْل َان ُر َج َهن َ‬
‫يَـ ْف َق ُهو َن﴾(‪.)183‬‬
‫اهللُ بَِّق ْوم َُِّيبُّـ ُه ْم‬ ‫ف ََيِّْيت َّ‬ ‫س ْو َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫‪﴿ -12‬اي أَيُّـها الَّ ِّذين آمنُوا من يـرتَ َّد ِّم ْن ُكم َعن ِّدينِّ ِّ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َْ‬ ‫َ َ‬
‫اهلل َوال َخيَافُو َن لَ ْوَمةَ‬ ‫يل َِّّ‬
‫اه ُدو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫َع َّزة َعلَى الْ َكافِّ ِّرين ُجي ِّ‬ ‫وَُِّيبُّونَه أ َِّذلَّة علَى الْم ْؤِّمنِّني أ ِّ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫يم﴾(‪.)184‬‬ ‫اسع َعلِّ‬ ‫اهلل و ِّ‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫اء‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫يه‬ ‫ضل َِّّ‬
‫اهلل يـ ْؤتِّ ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫الئِّم ذَلِّ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪ -178‬التوبة‪.88 :‬‬
‫‪ -179‬النحل‪.110 :‬‬
‫‪ -180‬التوبة‪.29 :‬‬
‫‪ -181‬التوبة‪.123 :‬‬
‫‪ -182‬التوبة‪.44 :‬‬
‫‪ -183‬التوبة‪.81 :‬‬
‫‪ -184‬المائدة‪.54 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪85 ..................................................................................‬‬

‫وت‬‫يل الطَّاغُ ِّ‬ ‫ين َك َف ُروا يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫يل َِّّ َّ ِّ‬ ‫آمنُوا يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫َّ ِّ‬
‫اهلل َوالذ َ‬ ‫ين َ‬ ‫‪﴿ -13‬الذ َ‬
‫ض ِّعيفاً﴾(‪.)185‬‬ ‫ان َكا َن َ‬ ‫الش ْيطَ ِّ‬
‫ان إِّ َّن َك ْي َد َّ‬ ‫الش ْيطَ ِّ‬‫فَـ َقاتِّلُوا أ َْولِّيَاءَ َّ‬
‫َن َهلُ ُم ا ْجلَنَّةَ يُـ َقاتِّلُو َن ِّيف َسبِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يل‬ ‫س ُه ْم َوأ َْم َوا َهلُ ْم ِِّب َّ‬ ‫ني أَنْـ ُف َ‬‫اهللَ ا ْشتَـ َرى م َن ال ُْم ْؤمنِّ َ‬ ‫‪﴿ -14‬إِّ َّن َّ‬
‫آن َوَم ْن أ َْو ََف بِّ َع ْه ِّدهِّ ِّم َن‬ ‫يل والْ ُقر ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اهلل فَـيَـ ْقتُـلُو َن َويُـ ْقتَـلُو َن َو ْعداً َعلَْيه َحقاً ِّيف التـ َّْوَراة َو ْاأل ِّْجن ِّ َ ْ‬
‫َِّّ‬
‫ِّ‬ ‫استَـ ْب ِّش ُروا بِّبَـ ْي ِّع ُك ُم الَّ ِّذي َابيَـ ْعتُ ْم بِّ ِّه َوذَلِّ َ‬ ‫َِّّ‬
‫يم﴾(‪.)186‬‬ ‫ك ُه َو الْ َف ْوُز ال َْعظ ُ‬ ‫اهلل فَ ْ‬
‫ص ِّرِّه ْم لََق ِّد ٌير﴾(‪.)187‬‬ ‫اهللَ َعلَى نَ ْ‬ ‫ين يُـ َقاتَـلُو َن ِِّبَنَّـ ُه ْم ظُلِّ ُموا َوإِّ َّن َّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬
‫‪﴿ -15‬أُذ َن للَّذ َ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اهلل َُِّي ُّ َّ ِّ‬
‫وص﴾(‪.)188‬‬ ‫ص ٌ‬ ‫صفاً َكأَنَّـ ُه ْم بُـ ْنـيَا ٌن َم ْر ُ‬ ‫ين يُـ َقاتلُو َن ِّيف َسبِّيله َ‬ ‫ب الذ َ‬ ‫‪﴿ -16‬إِّ َّن ََّ‬
‫سى أَ ْن تَ ْك َرُهوا َش ْيئاً َو ُه َو َخ ْيـ ٌر لَ ُك ْم‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ل‬ ‫ه‬
‫ٌ‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ال‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫‪ُ ﴿ -17‬كتِّب َعلَي ُكم ال ِّ‬
‫ْق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫اهللُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنْـتُ ْم ال تَـ ْعلَ ُمو َن﴾(‪.)189‬‬ ‫سى أَ ْن ُِّحتبُّوا َش ْيئاً َو ُه َو َش ٌّر لَ ُك ْم َو َّ‬ ‫َو َع َ‬
‫ث لَنَا‬ ‫وسى إِّ ْذ قَالُوا لِّنَِّيب َهلُ ُم ابْـ َع ْ‬ ‫ِّ‬ ‫‪﴿ -18‬أََمل تَـر إِّ َىل الْم َِّل ِّمن ب ِّين إِّسر ِّ‬
‫ائيل م ْن بَـ ْعد ُم َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ال أ ََّال تُـ َقاتِّلُوا قَالُوا َوَما لَنَا‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ال ِّْقتَ ُ‬ ‫ال َهل َعس ْيـتُم إِّ ْن ُكتِّ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫يل َِّّ‬
‫اهلل‬ ‫ِّ‬ ‫َملِّكاً نُـ َقاتِّل ِّيف َسبِّ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ب َعلَْي ِّه ُم ال ِّْقتَ ُ‬
‫ال تَـ َولَّ ْوا إَِّّال‬ ‫اهلل وقَ ْد أُ ْخ ِّر ْجنَا ِّمن ِّداي ِّرَان وأَبْـنَائِّنَا فَـلَ َّما ُكتِّ‬ ‫يل َِّّ‬ ‫أ ََّال نُـ َقاتِّ َل ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫قَلِّيالً ِّم ْنـهم و َّ ِّ‬
‫ني﴾(‪.)190‬‬ ‫يم ِّابلظَّال ِّم َ‬ ‫اهللُ َعل ٌ‬ ‫ُْ َ‬
‫ِّ‬ ‫الصال َة َوآتُوا َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪﴿ -19‬أََمل تَـر إِّ َىل الَّ ِّذ ِّ‬
‫ب‬ ‫الزَكا َة فَـلَ َّما ُكت َ‬ ‫يموا َّ‬ ‫يل َهلُ ْم ُك ُّفوا أَيْديَ ُك ْم َوأَق ُ‬ ‫ين ق َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِّ‬ ‫شو َن النَّاس َك َخ ْشي ِّة َِّّ‬ ‫ِّ‬ ‫َعلَْي ِّه ُم ال ِّْقتَ ُ‬
‫اهلل أ َْو أَ َش َّد َخ ْشيَةً َوقَالُوا َربَّـنَا ملَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال إِّ َذا فَ ِّري ٌق م ْنـ ُه ْم َخيْ َ ْ‬
‫يل َو ْاْل ِّخ َرةُ َخ ْيـ ٌر لِّ َم ِّن‬ ‫ال لَوال أَخَّرتَـنَا إِّ َىل أَجل قَ ِّريب قُل متاعُ ُّ ِّ‬
‫الدنْـيَا قَل ٌ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِّ‬
‫ت َعلَْيـنَا الْقتَ َ ْ‬ ‫َكتَـ ْب َ‬
‫اتَّـ َقى َوال تُظْلَ ُمو َن فَتِّيالً﴾(‪.)191‬‬

‫‪ -185‬النساء‪.76 :‬‬
‫‪ -186‬التوبة‪.111 :‬‬
‫‪ -187‬الحج‪.39 :‬‬
‫‪ -188‬الصف‪.4 :‬‬
‫‪ -189‬البقرة‪.216 :‬‬
‫‪ -190‬البقرة‪.246 :‬‬
‫‪ -191‬النساء‪.77 :‬‬
‫‪ .................................................................... 86‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫صابِّ ُرو َن‬


‫َ‬ ‫ال إِّ ْن يَ ُك ْن ِّم ْن ُك ْم ِّع ْش ُرو َن‬ ‫ني َعلَى ال ِّْقتَ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ض ال ُْم ْؤمنِّ َ‬ ‫َّيب َح ِّر ِّ‬
‫‪َ ﴿ -20‬اي أَيُّـ َها النِّ ُّ‬
‫ِّ َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يَـغْلِّبُوا ِّمائَـتَـ ْ ِّ‬
‫قَـ ْوٌم ال‬ ‫ني َوإِّ ْن يَ ُك ْن م ْن ُك ْم مائَةٌ يَـغْلبُوا أَلْفاً م َن الذ َ‬
‫ين َك َف ُروا ِِّبَنَّـ ُه ْم‬
‫يَـ ْف َق ُهو َن﴾(‪.)192‬‬
‫يها‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ورةٌ فَِّإ َذا أُنْ ِّزلَ ْ‬ ‫آمنُوا لَ ْوال نُـ ِّزلَ ْ‬ ‫‪﴿ -21‬ويـ ُق ُ َّ ِّ‬
‫ورةٌ ُْحم َك َمةٌ َوذُك َر ف َ‬ ‫ت ُس َ‬ ‫ت ُس َ‬ ‫ين َ‬ ‫ول الذ َ‬ ‫ََ‬
‫ك نَظَر الْمغْ ِّش ِّي َعلَْي ِّه ِّمن الْمو ِّ‬ ‫ت الَّ ِّذين ِّيف قُـلُ ِّ‬
‫وهبِّ ْم َم َر ٌ‬ ‫ال ِّْقتَ ُ‬
‫ت فَأ َْوَىل‬ ‫َ َْ‬ ‫ض يَـ ْنظُُرو َن إِّلَْي َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َرأَيْ َ‬
‫َهلُ ْم﴾(‪.)193‬‬
‫اهللَ لَ َكا َن َخ ْرياً َهلُ ْم﴾(‪.)194‬‬ ‫ص َدقُوا َّ‬ ‫وف فَِّإ َذا َع َزَم ْاألَ ْم ُر فَـلَ ْو َ‬ ‫اعةٌ َوقَـ ْو ٌل َم ْع ُر ٌ‬
‫‪﴿ -22‬طَ َ‬
‫اه ْد ُه ْم بِّ ِّه ِّج َهاداً َكبِّرياً﴾(‪.)195‬‬ ‫‪﴿ -23‬فَال تُ ِّط ِّع الْ َكافِّ ِّرين وج ِّ‬
‫َ ََ‬
‫َّخ ُذوا َع ُد ِّوي َو َع ُد َّوُك ْم أ َْولِّيَاءَ تُـ ْل ُقو َن إِّلَْي ِّه ْم ِّابل َْم َودَّةِّ َوقَ ْد‬ ‫‪﴿ -24‬اي أَيُّـها الَّ ِّذين آمنُوا ال تَـت ِّ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫هلل َربِّ ُك ْم إِّ ْن ُك ْنـتُ ْم َخ َر ْجتُ ْم‬‫ول وإِّ َّاي ُكم أَ ْن تُـ ْؤِّمنوا ِّاب َِّّ‬ ‫َك َف ُروا ِّمبَا َجاءَ ُك ْم ِّم َن ا ْحلَِّق ُخيْ ِّر ُجو َن َّ‬
‫ُ‬ ‫الر ُس َ َ ْ‬
‫ض ِّايت تُ ِّس ُّرو َن إِّلَْي ِّه ْم ِّابل َْم َودَّةِّ َوأ ََان أَ ْعلَ ُم ِّمبَا أَ ْخ َف ْيـتُ ْم َوَما أَ ْعلَْنـتُ ْم‬
‫ِّج َهاداً ِّيف َسبِّيلِّي َوابْتِّغَاءَ َم ْر َ‬
‫يل﴾(‪.)196‬‬ ‫السبِّ ِّ‬
‫ض َّل َس َواءَ َّ‬ ‫َوَم ْن يَـ ْف َعلْهُ ِّم ْن ُك ْم فَـ َق ْد َ‬
‫***‬

‫‪ -192‬األنفال‪.65 :‬‬
‫‪ -193‬محمد‪.20 :‬‬
‫‪ -194‬محمد‪.21 :‬‬
‫‪ -195‬الفرقان‪.52 :‬‬
‫‪ -196‬الممتحنة‪.1 :‬‬
‫اجلهـاد بـاب اجلنــة ‪87 ..................................................................................‬‬

‫الفهرس‬
‫‪ .................................................................... 88‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

You might also like