Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫ماستر البالغة و الخطاب‬

‫الفصل الثالث‬
‫وحدة‪ :‬تحليل الخطاب السينمائي‬

‫الزمن ـ ـ السينما‪ ،‬مقاربة جيل دولوز‪.‬‬

‫إنجاز‪:‬‬ ‫تحت إشراف ‪:‬‬


‫ـ طارق العاملي‬ ‫د‪ .‬حمادي كيروم‬
‫ـ مود صار‬

‫الموسم الجامعي‪:‬‬
‫‪2016/2017‬‬

‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الزمن ـ ـ السينما‪ ،‬رؤية جيل دولوز‬
‫‪ 0‬ـ ـ مدخل ‪.‬‬
‫بنى جيل دولوز نظريته في السينما بناء على مفاهيم برغسون في اإلدراك والذاكرة‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫وت سيس ا على تش ييدات هوس رل و م يرلو بون تي الفينومينولوجي ة بخص وص مس لة‬
‫اإلدراك البصري للعالم ‪ .‬لذلك ال بد من تمثل هذه الس ياقات المعرفية لفهم الفلسفة‬
‫الجمالية لدى دولوز حول الزمن في السينما‪.‬‬
‫أل‬
‫تشكل هذه الصياغة المكثفة تمثيال هم المفاهيم التي تنظم كتاب دولوز "‬
‫الصورة ـ ـ الزمن" ‪. 1 l’image-temps‬‬
‫‪1‬ـ ـ الصورة ـ ـ السيميائيات ـ ـ القابل للتلفظ ‪. énonçable‬‬
‫أ‬
‫تتميز الصورة السينمائية‪ ،‬وفقا لتصور دولوز‪ ،‬بوصفها مادة دالة‪ ،‬اختالفية‪ ،‬و نها‬
‫ليس ت م ادة لس انية‪ ،‬وإنم ا س يميائية‪ ،‬جمالي ة‪ ،‬وتداولي ة‪ .‬الص ورة في الس ينما ليست‬
‫تلفظا‪ ،‬وال ملفوظات‪ ،‬ولكنها قابلة للتلفظ ‪. énonçable‬‬
‫أ‬
‫تبعا لذلك يعتبر دولوز ن السينما تندرج ضمن اللسانيات إذا كانت لغة ‪ ،‬منتجة‬
‫أ‬
‫عبر تلفظات تحكمها مبادئ العالقة والقانون والضرورة‪ .‬من جهة خرى‪ ،‬يدرج دولوز‬
‫أ‬
‫السينما ضمن السيميولوجيا اذا كانت لغة تنتج ملفوظات يحكمها مبد القابلية للتلفظ‬
‫‪.énonçabilité‬‬
‫أ أ‬
‫ويعتبر ‪ ،‬يضا‪ ،‬ن السينما تندرج ضمن السيميائيات‪ ،‬وخاصة البورسية‪ ،‬بوصفها‬
‫نس قا من العالم ات والص ور المس تقلة عن اللغ ة‪ ،‬وتنتج في اط ار قاب ل للتلف ظ‬
‫‪. énonçable‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Gille deleuze . cinéma2 : l’image-temps . éditions minuit . paris . 1985 .‬‬

‫‪2‬‬
‫من جهة اخرى ينظر بازوليني الى الس ينما بوصفها لغة ‪ ،‬وذلك حين تصبح مقدمة‬
‫أ‬
‫لتمفص ل ثن ائي ‪ :‬اللقط ة مع ادل للم ونيم ‪،‬و الس ينيم مع ادل للف ونيم ؛ ف ش ياء الواق ع‬
‫أل‬
‫تصبح وح دات للص ورة ‪ .‬تص بح حقيق ة تتكلم بواس طة ه ذه ا ش ياء ‪ .‬إن الس ينما به ذا‬
‫أل‬
‫المعنى ال تتوقف عن السعي لكي تصبح لغة ل شياء ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ الصورة ـ ـ الذكرى ‪. image - souvenir‬‬
‫ينظر برغسون إلى اإلدراك بصفته نوعين من التعرف ‪:‬‬
‫آل‬
‫‪ .‬التعرف ا لي‪ ،‬وهو اجراء حسي ـ ـ حركي‪ ،‬ويضمن استمرارية ‪continuité‬‬
‫اإلدراك‪ .‬ويعتبره دولوز مسؤوال عن إنتاج الصورة ـ الحركة‪.‬‬
‫‪ .‬التعرف المنتبه ‪ ، attentive‬وينظم اإلدراك بطريقة تمكن من إنتاج‬
‫الصورة ـ ـ الزمن‪.‬‬
‫آل‬ ‫أ‬
‫ال ت تي الص ور ال ذكرى إال بش كل عرض ي وث انوي في التع رف ا لي‪ ،‬مقاب ل ذل ك‬
‫أ‬
‫تشكل ساسا هاما في التعرف المنتبه ‪ ،‬والذي يتشكل من هذه الصور الذكرى ‪.‬‬
‫ويعتمد التعرف المنتبه على" الذاكرة المنتبهة" والتي تقود الحكاية؛ فتعطيها جوهرها‬
‫الخاص بها ‪ .‬فهي صوت يتكلم‪ .‬يتكلم بهمس ويحيل إلى ما هو ماض‪.‬‬
‫وإذا ك انت الص ورة ال ذكرى منظم ة بواس طة الحاض ر والماض ي‪ ،‬من خالل بحثه ا‬
‫التلق ائي عن ذك رى خالص ة حيثم ا وج دت‪ ،‬ف ان الص ورة الحرك ة تش تغل فق ط على‬
‫مستوى الحاضر‪.‬‬
‫أ‬ ‫آ أ‬ ‫أ‬
‫يعتبر دولوز ن الفالش باك ‪ flash back‬لية ساسية إلنتاج الصورة ـــ الذكرى ‪ ،‬و نه‬
‫أ‬
‫يشكل دارة مغلقة تذهب من الحاضر إلى الماضي‪ ،‬ثم تعيدنا اإلى الحاضر‪ ،‬و نه رغم‬
‫هذه الدارة الزمنية المشكلة فإن الفالش باك ضمان لتطور السرد الخطي ‪.‬‬
‫ووفق ا لـ ـــ‪ mankievich‬ف إن الفالش ب اك يس تعمل لتوظي ف بعض التكس يرات‬
‫والتفريعات التي تجعل من الفالش باك إجراءا ضروريا ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ الصورة ـ ـ الحاضر ـ الماضي ـ ـ المستقبل ‪.‬‬
‫أ‬
‫ما هو محط تساؤل تبعا لجيل دولوز‪ ،‬فيما يخص مس لة تخصيص الزمن في السينما‬
‫أ‬
‫بالحاض ر دون الماض ي و المس تقبل‪ ،‬ه و بداه ة اعتب ار الحاض ر زمن ا وحي دا للص ورة‬
‫‪3‬‬
‫السينمائية ‪ ،‬وذلك بوساطة الصورة الحركة ـ ـ الحاضر ‪ .‬لكن هل هي بديهية خاطئة ؟‬
‫نط رح ه ذا الس ؤال العتب ارين اث نين ‪ :‬من جه ة ال يوج د حاض ر مس تقل عن سلس لة‬
‫أ‬
‫الماض ي ‪ ..‬الحاض ر‪ ..‬المس تقبل؛ فال يوج د حاض ر ال يمكن تقليص ه إلى م اض‪ ،‬و‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫مستقبل ال يت سس على حاضر قابل للمجيء‪ .‬كما ن كل حاضر يتعايش مع الماضي‬
‫والمستقبل بالضرورة‪.‬‬
‫أ‬
‫يج در بالس ينما ن تس توعب ه ذا الماض ي والمس تقبل المتعايش ين بواس طة الص ورة‬
‫أ‬
‫الحاضر‪ ،‬وذلك من خالل تصوير ما هو قبلي وما هو بعدي؛ فيمكن مثال ن ندرج‬
‫أ‬
‫داخ ل الفيلم م ا ه و قب ل الفيلم وم ا ه و بع د الفيلم‪ ،‬وذل ك من ج ل الخ روج من قن اة‬
‫أل‬
‫ا زمنة الحاضرة‪.‬‬
‫أل‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ويضيف دولوز ن" الصورة في الحاضر " هي حد المسلمات ا كثر هدما لفهم السينما‪،‬‬
‫أ‬
‫و نه‪ ،‬تبعا‪ ،‬لجون لوك غودار‪ ،‬فإن هذا " الحاضر في السينما " غير موجود البتة إال‬
‫أل‬
‫في ا فالم السيئة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ الصورة ـ ـ البلور ‪. image - cristal‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تبدو فكار ومفاهيم دولوز‪ ،‬الواردة في كتابه‪ ،‬متناثرة ومنفصلة‪ ،‬لكننا نعتقد ن‬
‫الصورةـ ـ البلور تشكل حقال مفهوميا جامعا لهذه المفاهيم التي تبدو منفصلة في الظاهر‪.‬‬
‫تعتبر دراسة الصورة ـــ الزمن في الفيلم‪ ،‬من طرف جيل دولوز‪ ،‬دراسة للجماليات‬
‫أ‬ ‫أ أل‬
‫الفيلمية‪ ،‬و ل ثر الجمالي ‪ :‬كيف يمكن لالستراتيجية الصورية ـــ البلورية ن تحدث كل‬
‫أل‬
‫هذا ا ثر الجمالي‪ ،‬في الموضوع الفني‪ ،‬بالنسبة لبعض المشاهدين؟‬
‫أ‬
‫لفهم مس لة الصورةـــ البل ور‪ ،cristal image-2‬وهي المفه وم المرك زي في الط رح‬
‫أ‬
‫التصوري لدي جيل دولوز‪ ،‬مكن لنا رصد ما يلي‪:‬‬
‫أ‬
‫ـ ـ تسعى الصورة إلى ن تمتد في حركة ‪ mouvement‬ثم تتبلور ‪ cristaliser‬بعد ذلك‬
‫في ص ورة ذات وجهين‪ ،‬فعلي ة وافتراض ية‪ .‬وهي تحدي دا م ا س ماه دول وز ‪ :‬الص ورة ـ ـ‬

‫‪ 2‬ركزنا على الصورة ــــ البلور ‪ image-cristal‬نظرا لكونهاـ األكثر تأسيسا لباقي انواع الصور‪ .‬وأنه بدون فهم صلب للبنية القاعدية‬
‫والوظيفية للصورةـــ البلور فإن مفهوم الصورة ـــ الزمن‪ ، image-temps‬أو الصورة المباشرة للزمن ‪ ، image- temps- indirect‬يبقى‬
‫قابال للفهم بشكل جزئي‪،‬أو ال يفهم البتة‪ .‬فهي عامل أساسي لتحديد الزمن االصلي‪ " ،‬الظاهر"‪ ،‬في الفيلم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الزمن‪ .‬وتتضمن الصورة الفعلية الصورة اإلفتراضية‪ ،‬بشكل تبدو معه الصورة ـــ البلور‬
‫أ‬
‫كازدواجية و انعكاس‪.‬‬
‫ـــ تش كل الص ور البص رية الس معية الخالص ة ص ورة فعلي ة ‪ ،‬لكن ع وض اإلمت داد في‬
‫الحركة تتسلسل في صورة افتراضية وتشكل معها دارة ‪. circuit‬‬
‫ـــ إن التمي يز بين ال ذات والموض وع‪ ،‬الص ورة ـــ البل ور‪ ،‬العالم ات الكرونولوجية‬
‫أ‬
‫‪، chronosigns‬الفعلي واإلفتراض ي‪ ،‬ال واقعي والمتخي ل‪ ،‬اإلنعكاس ات‪ ...‬كله ا ش ياء‬
‫أل‬
‫العالمات الكرونولوجية‬ ‫تعبر عن الخصائص التي تنظم الزمن ا صلي في الفيلم‪.‬‬
‫هي ص ور مباش رة لل زمن‪ .‬للش كل الحقيقي لل زمن‪ .‬إن االهتم ام بمفه وم العالم ات‬
‫أ‬ ‫أ أل‬
‫الكرونولوجي ة يع ني ن ا م ر ال يتعل ق بع دم قابلي ة ال واقعي‪ ،‬و المتخي ل‪ ،‬للتع رف‪،‬‬
‫أ أ أل‬
‫ويعني يضا ن ا مر ال يتعلق بعدم قابلية الفعلي واالفتراضي للتعرف‪ .‬ما يهم ‪،‬فقط‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫هو ن مفهوم العالمات الكرونولوجية معطى ساسي في فهم الصورة ـ الزمن‪ .‬إنه يبحث‬
‫أل‬
‫عن ا شياء اإلضافية‪.‬‬
‫ـ ـ ال تعتبر الصورة البلور شيائ جديدا‪،‬يختلف كليا عن عالمة بصرية ‪ . opsing‬وكذلك‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫العالمة الكرونولوجية ال تعتبر شيائ جديدا يضا ‪ ،‬و شيائ مختلفا عن الصورة ـ البلور‪ .‬ما‬
‫ن راه في الص ورة ـــ ال زمن المباش رة في العالم ات الكرونولوجي ة ه و مج رد تعقي د‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫لالنعكاسات ‪ ،‬و حركات بين اإلدراك والذاكرة كثر منها مجرد ت مالت‪.‬‬
‫ـ حين يتكلم دولوز عن العالمات البصرية للصور المباشرة في الزمن ‪ ،‬فإنه ينتقل من‬
‫أ‬ ‫أل‬
‫" مجال ال واقعي والمتخي ل" إلى " الواقع ا ك ثر إنذارا للصحيح والخط "‪ ،‬لكنه يمنح‬
‫قيمة كبرى للواقع والمتخيل اللذين يكمالن دارتهما ‪circuit .‬‬
‫ـ ـ هذا " الواقعي والمتخيل "و "عدم القابلية للتعرف‪ "  indiscernabilité‬مفاهيم تحيل‬
‫أل‬
‫إلى الخصائص ا ساسية للصورة البلور ـ ـــ حيث تتجسد عدم القابلية للتعرف بالنسبة‬
‫أ أ‬
‫للواقعي والمتخيل ‪ ،‬كما هو الش ن‪ ،‬يضا‪ ،‬بالنسبة للفعلي واإلفتراضي ـ ـــ كما تبقي على‬
‫أل‬
‫الخص ائص ا ساس ية للص ور المباش رة في ال زمن‪ ،‬متض منة لتنوع ات الص ورة ـــ ال زمن‬
‫المباشرة في العالمات الكرونولوجية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أ‬
‫إن ع دم قابلي ة التع رف على الص حيح والخط في العالم ات الكرونولوجي ة ينب ع بص فة‬
‫أل‬
‫مباش رة من الخص ائص ا ساس ية للص ورة ـــ البل ور‪ .‬تبع ا ل ذلك تك ون االنعكاس ات‬
‫‪ reflections‬التي تصف خصائص الصورة ـــ البلور هي العماد الذي يشكل العالمات‬
‫الكرونولوجية‪.‬‬
‫أ‬
‫ـ ـ ـ االنعكاسات ‪ :‬توظف االنعكاسات‪ ،‬من خالل عدة نماط‪ ،‬لخلق استراتيجيات صورية‬
‫أ‬ ‫أل‬
‫بلوري ة‪ ،‬كم ا تس تعمل لتمثي ل الش كل ا ص لي لل زمن‪ .‬ن ت رى الع الم في ش كل زمن ه‬
‫أ‬ ‫أل‬
‫ا صلي هو ن " ترى العالم بوصفه توالدا لالنعكاسات ‪." reflections‬‬
‫آ‬
‫وقد شبه دولوز إجراء االنعكاس بفعل النظر إلى المر ة‪.‬‬
‫أ‬
‫ويمكن التمثيل لمس لة االنعكاس برؤية البطل ذاته في بركة مائية ‪ :‬سوف يالحظ‬
‫أ‬
‫انعك اس ذات ه على س طح م اء البح يرة‪ .‬هن ا س نكون بص دد مظه رين ساس يين للبط ل‪:‬‬
‫البطل "الفعلي "‪ ،‬ثم "البطل االفتراضي"‪ ،‬وذلك حين نرى انعكاسه في ماء البحيرة‪.‬‬
‫ـ ـ االنعكاس يمكن ان يتخذ موقفا وسطا بين الذاكرة االفتراضية وبين اإلدراك الفعلي‪.‬‬
‫آل‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ـ ـ الفعلي واالفتراضي يكمل بعضهما البعض‪ ،‬و يمكن ن نميز حدهما انطالقا من ا خر‬
‫أ‬
‫‪ .‬كما ن إمكانية التعرف ‪ discernabilité‬على الصورة االفتراضية تكون ممكنة انطالقا‬
‫أ أ أ‬
‫من الصورة الفعلية‪ ،‬والعكس ممكن يضا ‪ :‬ي ن نتعرف على الصورة الفعلية انطالقا‬
‫من الصورة االفتراضية‪.‬‬
‫آ‬
‫ـ ـ في نموذج مماثل ‪ :‬انعكاس صورة البطل في المر ة ‪ :‬يمكن التمييز بشكل جلي بين‬
‫أ‬ ‫أل‬
‫الص ورتين الفعلي ة واالفتراض ية حين تتل و إح دى الص ور الص ورة ا خ رى‪ ،‬و حين‬
‫تتناوبان على الظهور‪.‬‬
‫ـ ـ هذا االنعكاس يمثل بواسطة اإلستراتيجيات الشكلية العضوية ‪ ،organiques‬والتي‬
‫أل‬ ‫أ‬
‫يمكن ن تعت بر تم ثيال إلع ادة التع رف ا ول‪ automatique recognition‬ل دى‬
‫برغسون‪.‬‬
‫أ‬
‫ـ ـ يمكن فهم مس لة اإلستراتيجيات الشكليةالعضوية من خالل النظر إلى إدراك الزمن‬
‫في الفيلم السينمائي بوصفه كرونولوجيا خطية‪ .‬الحاضر يتلو الماضي ‪ ،‬والمستقبل يتلو‬

‫‪6‬‬
‫أ أ‬
‫الحاضر‪ .‬هنا في هذه الحالة الفعلي يتلو االفتراضي‪ ،‬و ن االفتراضي يتلو الفعلي بصفة‬
‫خطية‪.‬‬
‫ـ ـ الذاكرة اإلفتراضية تصبح ذاكرة فعلية في الحاضر حيث ترجع إلى الذاكرة االفتراضية‬
‫أ‬
‫من جديد‪ ،‬تم تعود لتصير ذاكرة فعلية مرة خرى‪.‬‬
‫أل‬ ‫أ‬
‫ـــ يمكن ن تفهم س يرورة التح رك من اإلدراك ا ولي إلى ال ذاكرة االفتراض ية بوص فها‬
‫أ‬ ‫آل‬ ‫أ‬
‫دارة ‪ ،circuit‬حيث يتل و ح دهما ا خ ر‪ ،‬من خالل الفعلي واالفتراض ي‪ ،‬بشكل ك ثر‬
‫أ أ‬
‫وضوحا و قل تحديدا‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ـ ـ يمكننا ن نعرف ما هو فعلي وما هو افتراضي في فالم الصورة ـ ـ الحركة‪.‬‬
‫أل‬
‫ـ ـ الرؤية ا ولى للصورة انعكاس إلى الذاكرة‪ ،‬ثم انعكاس من الذاكرة إلى اإلدراك‪.‬‬
‫ـــ في التع رف المنتب ه ‪ :‬الص ورة الفعلي ة تنعكس إلى ال ذاكرة‪ ،‬حيث تنعكس وراء‬
‫الشيء ‪ ،‬تماما كما هو عليه الحال في التعرف المنتبه‪ .‬لكن في حالة التعرف المنتبه‬
‫تمتد السيرورة في ذهاب دائري بالموضوع الفعلي المنعكس نحو الذاكرة االفتراضية‪.‬‬
‫أ‬
‫كما ن الذاكرة االفتراضية تنعكس ناحية الموضوع الفعلي‪.‬‬
‫ـــ تبع ا لجي ل دول وز‪،‬يك ون ال زمن في الفيلم ال ذي تتجس د فيه اس تراتيجيات المونتاج‬
‫أل‬ ‫أ‬
‫البل وري ـــ و ص ورة ا فالم ال تي تحق ق نم ط الص ورة ـــ ال زمن ‪ image-temps‬زمن ا ذو‬
‫مرجعية برغسونية‪; .‬في هذه الحالة الزمنية يشكل الماضي والحاضر والمستقبل حاالت‬
‫متبادل ة ‪ ،mutuals‬ومتص ادفة ‪ .‬الماض ي ‪ ،‬هن ا ‪ ،‬متجس د فق ط بوص فه ذاك رة‪،‬‬
‫أ‬
‫والذاكرات المتدخلة يضا يمكن اعتبارها انعكاسات‪ .‬فقط الوصول إلى الذاكرة يمكن‬
‫أ‬
‫ن يفتح باب اإلنعكاس‪.‬‬
‫ـــ بهذه الطريقة‪ ،‬فإن الشكل االصلي للزمن وسيرورة التعرف المنتبه يتعالقان بشكل‬
‫مغلق‪.‬‬
‫أل‬
‫ـ ـ الحاضر واالدراك ا ولي فعليان‪ ،‬بينما الماضي‪ ،‬بوصفه ذاكرة‪ ،‬يكون افتراضيا‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫ـــ وفقا لما جاء عاله‪ ،‬يمكننا ن نستنثج ن الحاضر يكون فعليا‪ ،‬بينما الماضي يكون‬
‫آل‬ ‫أ‬
‫افتراض يا‪ ،‬مع ا في نفس ال وقت‪ .‬ح دهما يم يز ا خ ر‪ ،‬لكن ه ذا التمي يز ال يمكن من‬
‫التعرف عليهما‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أ‬
‫إن ك ل مش اهدة ولي ة للص ورة الفعلي ة‪ ،‬اس تنادا إلى دول وز‪ ،‬تك ون مزدوج ة بش كل‬
‫أ‬
‫مباش ر‪ .‬كم ا نه ا تص بح ذاك رة افتراض ية‪ .‬وفي نفس ال وقت تفتح في ه ال ذاكرات‬
‫أ‬
‫اإلفتراضية‪ ،‬ثم تتحين في الصورة بشكل تلقائي‪ .‬كل صورة تمتلك‪ ،‬ذن‪ ،‬مظهرين‪،‬‬
‫هم ا اإلثن ان غ ير ق ابالن للتع رف‪ ،‬وذل ك بالنس بة لك ل ص ورة على ح دة ‪ :‬ج انب فعلي‬
‫أ‬ ‫أل‬
‫وجانب افتراضي‪ .‬في كل لحظة راهنة على ا قل‪ ،‬حيث ال يمكننا ن نحدد انها صورة‬
‫أ‬
‫فعلية و افتراضية‪.‬‬
‫أ‬
‫واس تنادا إلى طروح ات برغس ون‪ ،‬نش ئ دول وز مفه وم ال دارة ‪ . circuit‬تك ون ه ذه‬
‫ال دارة ص غيرة ج دا بحيث تك ون غ ير قابل ة للتع رف‪ ،‬لكن انطب اع الص ورة يمكن ان‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يعطى في ي ة لحظ ة على ش كل ومض ة مفاجئ ة ‪ ، flash‬كم ا يمكن ن يك ون م اثال في‬
‫كامل الصورة‪.‬‬
‫أ‬ ‫آ‬ ‫أ‬
‫و ق د ع بر دول وز عن مب د "ع دم القابلي ة للتع رف" بواس طة مفه وم خ ر ه و ‪ " :‬مب د‬
‫أ‬
‫الاليقين"‪ ،‬ويع ني ه ذا نن ا بص دد" ال يقيني ة الص ورة ـــ البل ور " بس بب تبادليته ا‪ ،‬او‬
‫أ‬
‫ازدواجيتها ‪ .‬كما ن انعدام القابلية للتعرف ينتج بسبب صغر الدارات ‪ circuits‬التي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تنتظم في اطارالصورة ـ ـ الزمن‪ .‬ومن هنا ي تي تبلور الصورة و الصورة ـ البلور‪.‬‬
‫آ‬
‫تنتج الصورة ـــ البلور عن تعدد االنعكاسات‪ ،‬او من خالل مر ة متعددة الواجهات‪.‬‬
‫ومن هنا يفهم طرح الواجهات المتعددة للبلور‪ .‬كما ان هذه الصور الناتجة عن تعدد‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫الواجهات البلورية‪ ،‬يمكن ن تكون سمعية و بصرية و هما معا‪ ،‬وتشكل كلها الصورة‬
‫ـ البلور‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ليس من الضروري ن تكون الصورة الفعلية و الصورة االفتراضية مشتملة في نفس‬
‫آل‬ ‫أ‬
‫اللقط ة و في نفس المقط ع‪ ،‬فك ل منهم ا يمكن يظه ر بش كل منفص ل عن ا خ ر في‬
‫الترتيب الفيلمي ‪.‬‬
‫أ‬
‫ـــ يق دم دول وز‪ ،‬يض ا‪ ،‬ثنائي ة " الش فاف ‪ /‬المعتم " ‪ ، limpide / opaque‬بوص فها‬
‫وظائف تدخل في تحديد ماهية صورة تنتقل من صورة افتراض ية إلى ص ورة فعلية‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫حيث يمكن ن تكون معتمة و شفافة‪ ،‬و تنتقل من صورة فعلية إلى صورة افتراضية‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يمكن ن تكون كثر شفافية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يصف دولوز "الشفاف" ب نه واضح‪ ،‬ناقل‪ ،‬ظاهر‪ ،‬مضيئ‪ ،‬بيض‪ ،‬مشيد‪ ،‬مرئي‪ .‬كما‬
‫أ‬ ‫أل‬ ‫أ‬
‫يمكن للمعتم ن يمتل ك خاص يات المظلم‪ ،‬ال داكن‪ ،‬المبهم‪ ،‬ا س ود‪ ،‬المه دم‪ ،‬و‬
‫الالمرئي‪.‬‬
‫أ‬
‫و يمكن ن نعت بر ال ذاكرات ‪mémories‬ممتلك ة لع دة مس تويات مختلف ة من‬
‫أ‬
‫الش فافية‪ ،‬و يمكن ن تك ون محرف ة‪ .‬وه ذا م ا مكن دول وز من الق ول بوج ود خاص ية‬
‫أ‬
‫معين ة لالنعك اس ( وال ذاكرة يض ا)‪ ،‬وذل ك بس بب امتالكهم ا مس تويات مختلف ة من‬
‫أ‬
‫الشفافية الفعلية ( الوضوح) و العتمة االفتراضية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ الصورة ـ ـ الفكر ـ ـ المقولة ‪. catégorie‬‬
‫يكمن المش كل ل دى غ ودار ح ول العالق ة بين الص ور‪ ،‬وليس ح ول المعرف ة ال تي‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫تق دمها ه ذه الص ور ‪ .‬وليس المش كل يض ا فيم ا إذا فلح الفيلم م لم يفلح في ت دي ة‬
‫أل‬
‫مس توياته ‪ ،‬فالس ؤال ا هم ه و معرف ة كيفي ة اش تغال الفيلم ‪ :‬كي ف ق ال ؟ ه ذه هي‬
‫القضية‪.‬‬
‫أ‬
‫لذلك يعتقد غودار ن ماهية الفيلم الجوهرية تشيد انطالقا من متتاليات الصور التي‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تكونه‪ ،‬و ن هذه المتتواليات هي المسؤولة عن تشكيل الخطاب الغير مباشر ‪ .‬و الرؤية‬
‫أ‬
‫الغير مباشرة للفيلم السينمائي‪ .‬وهي متواليات ناتجة ساسا عن تعدد المونتاج‪ ،‬وفقا‬
‫العتبار غودار‪.‬‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫ولكي ي بين ذل ك‪ ،‬درج غ ودار مفه وم المق والت ‪ ،catégories‬واعت بر نه ا ليس ت‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫إج راءا و ج دوال إو إلص اقا ‪ ،collage‬بق در م ا هي منهج لت س يس المتتالي ات ‪،séries‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫و ن ك ل متتالي ة تحكمه ا مقول ة خاص ة‪ ،‬و ن العم ل الف ني ال يتوق ف عن ت س يس‬
‫أ‬
‫المتواليات ـ ـ المقوالت ‪ ،‬والناتجة ساسا عن فنية المونتاج‪.‬‬
‫ويفترض غودار وجود عالقة قوية‪ ،‬غير مباشرة‪ ،‬بين المقوالت‪ ،‬فهي ليست اشتقاقا‬
‫من بعض ها البعض و لكن الحاج ة و الض رورة هي م ا تعل ل إنت اج ن وع المتوالي ة‬
‫وجوهرها‪ ،‬وبالتالي ترابطها مع باقي المتواليات‪.‬‬
‫أ‬
‫المقوالت ليست جوبة نهائية‪ ،‬لكنها مق والت تنتج التفك ير في الصورة ذاتها بإنتاج‬
‫وظائف إشكالية واقتراحية‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ أ‬ ‫أ‬
‫هذه المقوالت يمكن ن تكون كلمات و شياء‪ ،‬و فعال‪ ،‬و شخصيات‪ .‬كما يمكن ن‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫تتخ ذ ع دة ش كال‪ ،‬برزه ا م ا ه و نفس ي‪ :‬التخي ل‪ ،‬ال ذاكرة‪ ،‬المنس ي‪ ،‬الخ وف‪، ...‬‬
‫أ‬ ‫أ أل‬
‫ويض يف دول وز ن ا ش كال ذاته ا يمكن ن تش كل وظيف ة للمق والت‪ ،‬وليس وظيف ة‬
‫أ‬
‫للشعور فقط‪ ،‬و ن كل تقنيات الفيلم تشكل مقولة بذاتها ‪.‬‬
‫ووفقا لدولوز فإن السينما توقفت عن السردية مع غودار‪ ،‬واتخذت منحى الرومانسية ‪،‬‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫كما نها ‪ ،‬مع غودار ‪ ،‬عطت للسينما القوى الخاصة بالرواية ‪ ،‬ومن تم يعتقد دولوز ن‬
‫السينما المعاصرة تشكل مرحلة انهيار للخطاطة الحسية ـ ـ الحركية‪sensori – moteur‬‬
‫أ‬
‫‪ ،schéma‬لكنه يشير في نفس الوقت إلى ن هذا ال يعني انتفاءا تاما لهذه الخطاطة من‬
‫حقل اإلبداع الفني السينمائي‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like