Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 139

‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.

‬‬ ‫‪2‬‬

‫جامعة تونس ‪III‬‬


‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫بتونــس‬

‫مذكرة لإلحراز على شهادة الدراسات المعمقة‬

‫فـي قـانــون األعـمـال‬


‫إشراف األستاذ‬ ‫‪:‬أعدها وناقشها‪:‬‬
‫فاخر بن سالم‬ ‫وليـــد ســالم‬

‫‪ ‬اللجــــنــــــــة ‪‬‬
‫‪: .....................................‬الرئيـس‬
‫‪:.......................................‬األستــاذ‬
‫األستـاذ ‪ :‬فاخر بن سالــم‬

‫السنـــــــة الجـــــامعية‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2007 - 2008‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪ ‬الالشـشـ ـككـ ــرـر‬
‫‪‬‬

‫المؤطر‬
‫أستاذي المؤطر‬
‫إلى أستاذي‬
‫بالجميل إلى‬
‫والعرفان بالجميل‬
‫واالمتنان والعرفان‬
‫الشكر واالمتنان‬
‫عبارات الشكر‬
‫أسمى عبارات‬
‫أسمى‬

‫‪ ‬فاخر بن سالم ‪‬‬


‫بها وو‬
‫مدني بها‬
‫التي مدني‬
‫المعلومات التي‬
‫كل المعلومات‬
‫على كل‬
‫على‬

‫إنجاح‬
‫أجل إنجاح‬
‫من أجل‬
‫بذلها من‬
‫التي بذلها‬
‫القيمة التي‬
‫المجهودات القيمة‬
‫المجهودات‬

‫العمل‬
‫هذا العمل‬
‫هذا‬

‫‪‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬اإلهـ ــداء‬

‫الحياة‬ ‫إلى من أهدياني‬

‫و أبي أبقاهما الله ‪‬‬ ‫أمي‬ ‫‪‬‬


‫العمل‬ ‫هذا‬ ‫إنجاز‬ ‫في‬ ‫ساندني‬ ‫من‬ ‫إلى كل‬

‫و أخواتي‬ ‫إلى أخوتي‬

‫‪‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫الرحيم‬
‫الرحمان الرحيم‬
‫اهلل الرحمان‬
‫بسم اهلل‬
‫بسم‬

‫عليم ‪‬‬
‫‪‬‬ ‫علم عليم‬
‫ذي علم‬
‫كل ذي‬
‫وفوق كل‬
‫وفوق‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫العظيم‬
‫اهلل العظيم‬
‫صدق اهلل‬
‫صدق‬

‫يونس‬
‫سورة يونس‬
‫سورة‬
‫اآلية ‪76‬‬
‫‪76‬‬ ‫اآلية‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪ » ‬إني رأيت أنه ال يكتب إنسان كتابا‬


‫ف ي يوم ه إال قال ف ي غده‪ ،‬ل و غي ر هذا‬
‫لكان أحسن‪ ،‬ولو زيد هذا لكان يستحسن‪،‬‬
‫ول و قدم هذا لكان أفض ل‪ ،‬و ل و ترك‬
‫هذا لكان أجم ل‪ ،‬هذا م ن أعظ م الع بر‪ ،‬و‬
‫هو دليل على استيالء النقص على جملة‬
‫البشر « ‪.‬‬

‫العماد االصفهاني‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫المذكرة الال‬
‫الواردة في هذه المذكرة‬
‫األفكار الواردة‬
‫اآلراء وو األفكار‬
‫إن اآلراء‬
‫إن‬

‫الكلية في‬
‫تلزم الكلية‬
‫صاحبها وو الال تلزم‬
‫رأي صاحبها‬
‫عن رأي‬
‫إال عن‬
‫تعبر إال‬
‫تعبر‬

‫شيء‪.‬‬
‫شيء‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ ‬قــائمـة المختصــرات ‪‬‬


‫المختصرات باللغة العربية – ‪1‬‬
‫ج ‪ :‬جزء ‪-‬‬
‫ص ‪ :‬صفحة ‪-‬‬
‫م‪.‬ا‪.‬ع ‪ :‬مجلة االلتزامات و العقود ‪-‬‬
‫‪ .‬م‪.‬ج ‪ :‬المجلة الجنائية ‪-‬‬
‫‪ .‬م ش ‪ :‬مجلة الشغل ‪-‬‬
‫إ‪.‬إ‪.‬م ‪ :‬اتفاقية إطارية مشتركة ‪-‬‬
‫‪ .‬إ‪.‬ق ‪ :‬اتفاقية قطاعية ‪-‬‬
‫‪ .‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪ :‬مجلة المرافعات‪ D‬المدنية و التجارية ‪-‬‬
‫‪.‬ق‪ .‬ت ‪ .‬م ‪ :‬قرار تعقيبي مدني ‪-‬‬
‫‪.‬ن‪ .‬م ت " نشرية محكمة التعقيب ‪-‬‬

‫المختصرات باللغة الفرنسية – ‪2‬‬


‫‪- Bull : Bulletin‬‬
‫‪- Cass : Cassation.‬‬
‫‪- Chro : Chronique‬‬
‫‪-D‬‬ ‫‪: Dalloz‬‬
‫‪- Ed : Edition‬‬
‫‪- J.C.P‬‬ ‫‪: Juriscalasseur périodique‬‬
‫‪- L.G.D.J : Librairie générale de droit et de jurisprudence.‬‬
‫‪- Op‬‬ ‫‪: Opère citato‬‬
‫‪- Rev. Tu. Dr. Soc : Revue Tunisienne de droit social‬‬
‫‪-T‬‬ ‫‪: tome‬‬
‫‪- Th ‬‬ ‫‪: thèse‬‬
‫‪- C.T.F : Code de travail française.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪- B.I.T  : Bureau international de travail .‬‬

‫المق ــدم ــة‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 10‬‬

‫يعتبر العمل مصدر عيش وكرامة ووجود اإلنسان إذ لـــه اعتب‪DD‬ار ث‪DD‬ابت في حي‪DD‬اة ك‪DD‬ل ف‪DD‬رد‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ Adam Smith‬وه‪DD‬و من منظ‪DD‬ار علم‬ ‫فهو " مصدر قيمة اإلنسان ووسيلة لتحقيق وجوده " حسب‬
‫االجتماع " المصدر الوحيد للرباط االجتماعي " ‪ 2‬فال يمكن إلنسان البقاء دون ممارسة نشاط معين‬
‫يؤمن له دخال يمكن‪DD‬ه من العيش ل‪D‬ذاك ف‪DD‬إن كل م‪DD‬ا يه‪DD‬دد اس‪D‬تقرار‪ D‬العام‪DD‬ل في عملــه يعـــد خط‪DD‬را‬
‫اجتماعيا‪.‬‬
‫فالطرد من العمل يعتبر " شبحا مخيفا ال يزال يالحق العمال أينما كانوا ويبعث فيهم الح‪DD‬يرة‬
‫والقلق على المستقبل"‪ 3 .‬فالطرد يخلق مشكل اجتم‪D‬اعي فه‪D‬و يع‪D‬ني ض‪D‬ياع م‪D‬واطن ش‪D‬غل‪ .‬وبالت‪DD‬الي‬
‫فقدان مورد رزق‪ ،‬مما يزيد في تفاقم ظاهرة البطالة بشكل عام حيث يجد العامل المطرود نفس‪DD‬ه في‬
‫سوق الشغل من جديد إلى جانب عدد كبير من العاطلين عن العمل‪.‬‬
‫هذا الوضع االجتماعي المتردي الذي أفرزه‪ D‬الطرد جعل االستقرار في الشغل هاجسا جماعي‪DD‬ا‬
‫تنش‪DD‬ده الدول‪DD‬ة والعم‪DD‬ال على ح‪DD‬د الس‪DD‬واء فالعام‪DD‬ل ال يتحس‪DD‬ن م‪DD‬ردوده إال م‪DD‬تى ش‪DD‬عر باالطمئن‪DD‬ان‬
‫واالستقرار في العمل‪ ،‬وسياسة التشغيل في البالد تهدف عموما إلى الحد من ظاهرة البطالة خاص‪DD‬ة‬
‫في المؤسسات الخاصة‪.‬‬
‫فمشكلة المشاكل التي اعترض‪DD‬ت الس‪DD‬لطات والمش‪DD‬رع التونس‪DD‬ي من‪DD‬ذ االس‪DD‬تقالل إلى الي‪DD‬وم هي‬
‫مشكلة التشغيل مما جعل البعض يقول أن المشكل األساسي ال‪DD‬ذي واجهت‪DD‬ه ت‪DD‬ونس من‪DD‬ذ االس‪DD‬تقالل ال‬
‫يخص أوال وبال‪DD‬ذات تحس‪DD‬ين ظ‪DD‬روف العم‪DD‬ل‪ ،‬وإنم‪DD‬ا توف‪DD‬ير م‪DD‬واطن الش‪DD‬غل الكام‪DD‬ل والتقليص ق‪DD‬در‬
‫اإلمكان من ظاهرة الطرد ذلك أن السعي إلى توفير مواطن الش‪DD‬غل في ال‪DD‬وقت ال‪DD‬ذي يق‪DD‬ع في‪DD‬ه ط‪DD‬رد‬
‫‪4‬‬
‫أآلالف العملة من المؤسسات سنويا من شأنه أن يحكم على سياسة التشغيل بالفشل‪.‬‬
‫انطالقا من هذا الوضع برزت الحاجة‪ D‬فضال عن توفير مواطن الشغل إلى محاولة‪ D‬الحفاظ عليها‬
‫وعلى استمراريتها‪ ،‬وإليقاف هذا النزيف المتواصل داخل أهم شريحة في البناء المجتمعي وجـــدت‬
‫____________________________‬
‫‪Adam Smith : textes choisis, Paris, Dalloz -1950 p 207 et suivant -1‬‬
‫‪.Emile Durkheim, textes choisis, Paris, les ed de Minuit 1975, Tom1 P127 - 2‬‬
‫‪ - 3‬زكية الصافي " الطرد التعسفي " مكتب العمل العربي الحلقة الدراسية لتشريعات العمل في الجمهورية التونسية‪ ،‬تونس‬
‫من ‪ 19‬إلى ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1981‬ص ‪.211‬‬
‫‪ - 4‬حق الطرد بين السلطة اإلدارية والسلطة القضائية في القانون التونسي‪،‬منير معالج‪،‬مذكرة ختم الدروس الجامعية‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 11‬‬

‫معهد‪ D‬الشغل والدراسات االجتماعية بتونس ‪.1987‬‬


‫العديد من المساعي لتوفير القدر األدنى من الضمانات للطبقة الشغيلة وتفاوتت هذه المساعي إلى أن‬
‫ظهرت فكرة تقنين الروابط الشغلية وإيجاد ش‪DD‬ريعة بين العام‪DD‬ل والم‪DD‬ؤجر المتمثل‪DD‬ة أساس‪DD‬ا في العق‪DD‬د‬
‫الرابط بينهما قصد إيجاد نوع من التوازن بين مواقع األطراف‪ ،‬فعالقة الشغل ال‪DD‬تي تخض‪DD‬ع العام‪DD‬ل‬
‫لسلطة مؤجره منشؤها مبدئيا عق‪DD‬د ارتض‪DD‬اه الجانب‪DD‬ان وقب‪DD‬ل بمقتض‪D‬اه أح‪DD‬د الط‪D‬رفين ويس‪DD‬مى ع‪DD‬امال‬
‫بتقديم خدماته إما لمدة معينة‪ ،‬أو غير معينة‪ ،‬وإما إلنجاز‪ D‬عمل ما للط‪DD‬رف اآلخ‪DD‬ر ويس‪DD‬مى م‪DD‬ؤجرا‪،‬‬
‫وذلك تحت إدارة ورقابة هذا األخير وبمقابل أجر‪.1‬‬
‫وهكذا تتأسس سلطة المؤجر داخل المؤسسة على العقد التي يخول له ممارس‪DD‬ة س‪DD‬لطته على‬
‫العامل باعتبار رضي هذا األخير به وقبوله الخضوع لسلطة معاقده‪.‬‬
‫لكن رضاء العامل بالعقد ال يعني خضوعه المطلق لسلطة المؤجر ذلك أنه إذا ك‪DD‬ان من ج‪DD‬وهر عق‪DD‬د‬
‫الشغل تنفيذ العامل لعمله تحت إدارة ورقابة المؤجر‪ ،‬فإن من جوهر عق‪DD‬د الش‪DD‬غل ك‪DD‬ذلك أال تتج‪DD‬اوز‬
‫الرقابة واإلدارة نطاق تنفيذ عقد الشغل طبق‪DD‬ا لم‪DD‬ا وق‪DD‬ع االتف‪DD‬اق‪ D‬علي‪DD‬ه بين الط‪DD‬رفين‪ .‬وهن‪DD‬ا يبقى عق‪D‬د‬
‫الشغل المرجع األساسي في تحديد حقوق والتزامات المتعاقدين‪.‬‬
‫لكن في إطار تنفيذ هذا العقد فإن النزاعات بين المؤجر والعام‪DD‬ل ال تتوق‪DD‬ف نظ‪DD‬را لتع‪DD‬ارض‬
‫المص‪DD‬الح واختالف ال‪DD‬رؤى بين ش‪DD‬ريحة عمالي‪DD‬ة أقص‪DD‬ى أه‪DD‬دافها ه‪DD‬و الحص‪DD‬ول على مجموع‪DD‬ة من‬
‫الضمانات التي تكفل لها االستقرار في العمل‪ ،‬وبين مؤجر يسعى لتحقيق الربح وازده‪DD‬ار المؤسس‪DD‬ة‬
‫ويدافع عن حرية الطرد محتجا بمصلحة المؤسسة‪.‬‬
‫وتاريخيا فإن وجود قانون الشغل ذاته بما هو " جملة القواعد المنظمة للعالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية‬
‫‪2‬‬
‫الفردية و الجماعية التي تنشأ بين الم‪DD‬ؤجر و بين ال‪DD‬ذين يعمل‪DD‬ون تحت س‪DD‬لطتهم و رق‪DD‬ابتهم"‬
‫يرجع لهذه النزاعات التي أنتجها انخرام التوازن بين العالقات وما أفرزه من تج‪DD‬اوزات من ط‪DD‬رف‬
‫المؤجرين في استعمال حقهم في الطرد من العمل بموجب أو بدونه‪.‬‬
‫فقانون الشغل يعتبر مقارنة بغيره من القوانين قانونا حمائيا بالدرجة األولى‪ ،‬ارتبطت نشأته بظهور‬
‫الثورة الصناعية في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫________________________‬
‫‪ – 1‬الفصل ‪ ، 6‬جديد م ‪.‬ش ‪.‬‬
‫‪ – 2‬الط‪DD‬بيب الل‪DD‬ومي ‪ :‬عق‪D‬د الش‪D‬غل الف‪D‬ردي و القض‪D‬اء الش‪DD‬غلي من خالل مج‪D‬ل الش‪D‬غل و مجل‪D‬ة الش‪DD‬غل البح‪DD‬ري‪،‬‬
‫منشورات حيوني‪،1997،‬ص‪.3‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 12‬‬

‫ويعتبر فالس‪DD‬فة ه‪DD‬ذه الث‪DD‬ورة أن العالق‪DD‬ات االجتماعي‪DD‬ة تنش‪DD‬أ عن إرادات ح‪DD‬رة وبم‪DD‬ا أن عق‪DD‬د‬
‫الشغل أساسه الحرية التعاقدية‪ ،‬ف‪DD‬إن العالق‪DD‬ات الناش‪DD‬ئة عن‪DD‬ه س‪DD‬تكون حتم‪DD‬ا عادل‪DD‬ة‪ ،‬ولق‪DD‬د س‪DD‬اهم ه‪DD‬ذا‬
‫التصور إلى ح‪DD‬د كب‪DD‬ير في حماي‪DD‬ة أص‪DD‬حاب المؤسس‪DD‬ات‪ ،‬وت‪DD‬دعيم مص‪DD‬الحهم‪ ،‬ولكن ذل‪DD‬ك ك‪DD‬ان على‬
‫حساب تدهور أوضاع العملة‪ ،‬وتعمق الفوارق االجتماعية بين طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬حيث ظهرت‬
‫الشركات الضخمة التي تتحكم في المستهلكين وفي العم‪DD‬ال‪.‬وب‪DD‬ذلك ب‪DD‬دأت النظري‪DD‬ات االش‪DD‬تراكية في‬
‫البروز والتي عملت على تفكيك أواصل المذهب الفردي حيث اعتبرت أن غاية القانون هي تحقي‪DD‬ق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬ونادت بتدخل المش‪DD‬رع في العالق‪DD‬ات التعاقدي‪DD‬ة لحماي‪DD‬ة الط‪DD‬رف الض‪DD‬عيف وإقام‪DD‬ة‬
‫التوازن بين المتعاقدين حينما تؤدي الظروف االجتماعية إلى اختالله ألن العقد حسب ه‪DD‬ذه النظري‪DD‬ة‬
‫م‪DD‬ا ه‪D‬و إال نظ‪DD‬ام من النظم االجتماعي‪D‬ة‪ ،‬يه‪D‬دف إلى تحقي‪DD‬ق الت‪DD‬وازن بين المص‪D‬الح‪ ،‬قب‪DD‬ل تحقي‪DD‬ق م‪DD‬ا‬
‫‪1‬‬
‫لإلرادة من سلطان‪.‬‬
‫وهك‪DD‬ذا ب‪DD‬دأت النزع‪DD‬ة الحمائي‪DD‬ة لق‪DD‬انون الش‪DD‬غل في الظه‪DD‬ور وأخ‪DD‬ذت النظ‪DD‬رة للعام‪DD‬ل تتغ‪DD‬ير‬
‫تدريجيا‪.‬‬
‫ففي فرنسا ساهمت ثورات ‪ 1830‬و‪ 1848‬في إيجاد بعض القوانين ذات النزعة االجتماعية‬
‫حيث نتج عن ثورة جويلية ‪ 1830‬صدور أول قانون اجتماعي وهو قانون ‪ 22‬م‪DD‬ارس ‪ 1841‬ال‪DD‬ذي‬
‫حدد السن الدنيا للعمل بالمصانع بثماني سنوات‪ ،‬ومنع تشغيل األطفال ليال أو القيام بأعمال خطرة‪.‬‬
‫أم‪DD‬ا ث‪DD‬ورة ‪ 1848‬فق‪DD‬د عملت على تحقي‪DD‬ق برن‪DD‬امج اجتم‪DD‬اعي متج‪DD‬انس وذل‪DD‬ك تحت ت‪DD‬أثير الفك‪DD‬ر‬
‫االش‪D‬تراكي‪ ،‬حيث تم اإلعالن عن الح‪DD‬ق في العم‪DD‬ل وب‪D‬دأ تنفي‪D‬ذه بفتح ورش‪DD‬ات وطني‪DD‬ة ت‪D‬وفر الش‪DD‬غل‬
‫للعاطلين‪.‬وتم تحديد ساعات العم‪DD‬ل بعش‪DD‬ر س‪DD‬اعات في الي‪DD‬وم ثم تت‪DD‬الت الق‪DD‬وانين االجتماعي‪DD‬ة الهادف‪DD‬ة‬
‫باألساس إلى توفير الق‪DD‬در الالزم من الحماي‪DD‬ة للعام‪DD‬ل حيث تم االع‪DD‬تراف بحري‪DD‬ة تك‪DD‬وين الجمعي‪DD‬ات‬
‫وأصبح من المسموح للعمال التكت‪DD‬ل في إط‪DD‬ار نقاب‪DD‬ات ت‪DD‬دافع عن مص‪DD‬الحهم‪ ،‬ثم ج‪DD‬اءت ق‪DD‬وانين ‪27‬‬
‫ديسمبر ‪ 1890‬و‪ 19‬جويلية ‪ 1928‬التي اشترطت لطرد العامل توجي‪DD‬ه رس‪DD‬الة إعالم ب‪DD‬الطرد إلي‪DD‬ه‪،‬‬
‫ومكنت القاض‪DD‬ي من الحكم ب‪DD‬التعويض لفائ‪DD‬دة العام‪DD‬ل المط‪DD‬رود بص‪DD‬ورة تعس‪DD‬فية‪ .‬وفي س‪DD‬نة ‪1936‬‬
‫وص‪DD‬لت حكوم‪DD‬ة الجبه‪DD‬ة الش‪DD‬عبية إلى الحكم في فرنس‪DD‬ا وفتحت الب‪DD‬اب على مص‪DD‬راعيه لالتفاقي‪DD‬ات‬
‫المشتركة التي ساهمت بشكل كبير في التطور االجتماعي‪.‬‬

‫____________________________‬
‫‪.Nicole Catala  «  Droit du travail, l’entreprise » Dalloz, 1980, p 364-1‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 13‬‬

‫أما في تونس فقد كان لدخول الرأس المال األجنبي دورا فع‪DD‬اال في ظه‪DD‬ور التش‪DD‬ريع الش‪DD‬غلي‬
‫بنزعته الحمائية فهذا التشريع نشأ في بيئة اقتص‪DD‬ادية اس‪DD‬تعمارية أف‪DD‬رزت تجمع‪DD‬ات عمالي‪DD‬ة س‪DD‬اهمت‬
‫بدرجة كبيرة في بلورة قانون الشغل لذلك فإن الفكرة القائلة بأن نشأة وتط‪DD‬ور ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل مرتب‪DD‬ط‬
‫ارتباطا وثيقا بالتحركات‪ D‬العمالية إلجبار السلط على سن تشاريع لحماية حقوق العم‪DD‬ال له‪DD‬ا ص‪DD‬حتها‬
‫علي األقل تاريخيا في ميدان التشريع التونس‪DD‬ي للعم‪DD‬ل‪ 1،‬ففي ‪ 20‬أفري‪DD‬ل ‪ 1921‬ص‪DD‬در األم‪DD‬ر العلي‬
‫المحدد لكيفية منح وتوزي‪D‬ع الراح‪D‬ة‪ D‬األس‪D‬بوعية وح‪D‬دد س‪D‬اعات العم‪D‬ل الي‪D‬ومي بص‪D‬فة عام‪D‬ة بعش‪D‬رة‬
‫ساعات ثم توالى صدور العديد من التشريعات بصفة تدريجية وظرفية إلى ح‪D‬دود س‪D‬نة ‪ 1936‬ال‪D‬تي‬
‫مثلت منعرجا‪ D‬هاما في تتطور ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل نح‪DD‬و إقام‪DD‬ة عالق‪DD‬ات جماعي‪DD‬ة بين العم‪DD‬ال والم‪DD‬ؤجرين‬
‫تخفف كثيرا من مظ‪DD‬الم العالق‪DD‬ات المهني‪DD‬ة الفردي‪DD‬ة‪ ،‬وفي الحقيق‪D‬ة‪ D‬يرج‪DD‬ع ه‪DD‬ذا التط‪DD‬ور إلى األح‪DD‬داث‬
‫السياسية التي جدت بفرنسا في شهر جوان ‪ 1936‬وال‪DD‬تي أدت على الص‪DD‬عيد السياس‪DD‬ي إلى انتص‪DD‬اب‬
‫الجبهة الشعبية وإقامة حكومة اشتراكية أكثر حساسية لمشاكل العمال أم‪DD‬ا على الص‪DD‬عيد االجتم‪DD‬اعي‬
‫فقد شهدت هذه الفترة تحركات عمالية جبارة في كل القطاعات‪ D،‬كان من نتائجها صدور ثالثة أوامر‬
‫بتاريخ ‪ 7‬أوت ‪ 1936‬يتعلق األول بتحديد مدة العمل األسبوعي بأربعين ساعة وك‪DD‬رس الث‪DD‬اني ح‪DD‬ق‬
‫العامل في العطلة السنوية الخالصة‪ D‬األجر أما األمر الث‪DD‬الث فيع‪DD‬ترف للنقاب‪DD‬ات بحقه‪DD‬ا في المفاوض‪D‬ة‪D‬‬
‫الجماعية مع المؤجرين لتحديد ظروف العمل واألجور‪ ،‬وذلك بإبرام العقود المشتركة ‪.‬‬
‫و توالت بعد ذلك اإلصالحات ‪ 2‬بغية إقرار حماية أفضل لألجير ومع االستقالل تالحق‬
‫نسق تطور الحقوق التي تم تكريسها لفائدة األجراء فنصت توطئ‪DD‬ة الدس‪DD‬تور على الح‪DD‬ق في‬
‫العم‪DD‬ل و ك‪DD‬رس الفص‪DD‬ل الث‪DD‬امن من‪DD‬ه الح‪DD‬ق النق‪DD‬ابي كم‪DD‬ا تجلى الح‪DD‬رص على حماي‪DD‬ة‬
‫المس‪DD‬تخدمين في تحدي‪DD‬د مفه‪DD‬وم و محت‪DD‬وى التك‪DD‬وين المه‪DD‬ني و القواع‪DD‬د ال‪DD‬تي تنظم التعليم‬
‫الص‪DD‬ناعي و عق‪DD‬وده من ناحية‪ .3‬وتح‪DD‬وير ش‪DD‬روط دخ‪DD‬ول العم‪DD‬ال األج‪DD‬انب إلى ت‪DD‬ونس‪ 4‬وإيج‪DD‬اد‬
‫____________________________‬
‫‪ – 1‬المنجي طرشونة‪ :‬تاريخ قانون العمل في تونس م العمل والتنمية ‪ -‬السداسي األول ‪ 1987‬عدد ‪ 1‬ص ‪.135‬‬
‫‪ – 2‬على سبيل الذكر‪ :‬كرس أمر ‪ 14‬نوفمبر ‪ 1940‬مبدأ وجوب تفقد الطرد ألسباب اقتصادية من طرف مصالح التفقدية‬
‫‪ -‬وأقر أمر ‪ 21‬سبتمبر ‪ 1944‬تطبيق تشريع العمل على الصنائع الحرة‬
‫‪ -‬و نظم أمر ‪ 19‬جانفي ‪ 1950‬المسائل المتعلقة بتأسيس المجالس العرفية‬
‫‪ – 3‬أمر ‪ 12‬جانفي ‪. 1956‬‬
‫‪ – 4‬أمر ‪ 12‬نوفمبر ‪. 1956‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 14‬‬

‫التمثيل العمالي في المؤسسات ‪ 1‬من ناحية أخرى ‪...‬‬


‫وقد تواصل خضوع عالقات العم‪DD‬ل إلى أحك‪DD‬ام الع‪DD‬رف الج‪DD‬اري و بعض النص‪DD‬وص‬
‫المتفرقة وأحكام مجلة االلتزامات والعقود ( الباب الثاني من المقالة الثالثة للكتاب الثاني )‬
‫لكن هذه النصوص الخاصة اتسمت بالتشتت و التناقض أحيان‪DD‬ا ه‪DD‬ذا باإلض‪DD‬افة إلى أن م‪.‬إ‪.‬ع‬
‫لم تراعي الوض‪DD‬عية الخاص‪DD‬ة ب‪DD‬األجير باعتب‪DD‬اره الط‪DD‬رف الض‪DD‬عيف في العق‪DD‬د فانطالق‪DD‬ا من‬
‫نظرية العقد عاملت هذه المجلة‪ D‬األجير على قدم المساواة مع الم‪DD‬ؤجر باعتب‪DD‬ار وأن لكليهم‪DD‬ا‬
‫مطلق الحرية في التعاقد أو عدم التعاقد ‪.‬‬
‫وقد اتضح للمشرع أن هذه النصوص الخاصة‪ D‬من ناحية و م‪.‬إ‪.‬ع من ناحية أخ‪DD‬رى ال‬
‫‪2‬‬
‫لذلك عمل على إصدار مجلة الش‪DD‬غل‬ ‫تستجيب إلى تطور األوضاع االقتصادية واالجتماعية‬
‫و ذلك بمقتضى القانون عدد ‪ 27‬لسنة ‪ 1966‬المؤرخ في ‪ 30‬أفريل ‪ 1966‬لتكون جامعة‪ D‬لما‬
‫تفرق من نصوص و ضابطة للمبادئ األساسية التي تقوم عليها عالقات الشغل بين الشغالين‬
‫وأرباب العمل‪. 3‬‬
‫وقد تدعمت نزعة قانون الشغل الحمائي‪DD‬ة بص‪DD‬دور ه‪D‬ذه المجل‪DD‬ة ال‪DD‬تي ك‪DD‬انت بمثاب‪DD‬ة هدي‪DD‬ة‬
‫الشغالين في عيدهم ‪ 4‬خاصة وأن بروزها قد تزامن مع وجود الفلسفة االشتراكية ‪ 5‬التي ك‪DD‬انت‬
‫أكثر تفهما من القانون المدني لمشاكل العمال‪.‬‬
‫اهتمت هذه المجلة بتنظيم جميع جوانب العالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية من حيث قيامه‪DD‬ا‪ ،‬تنفي‪DD‬ذها وإنهائه‪DD‬ا‬
‫والتي تعكس أحكامها‪ D‬نزعة حمائية لفائدة األجير‪ ،‬بإقرارها العدي‪DD‬د من الض‪DD‬مانات والحق‪DD‬وق ك‪DD‬الحق‬
‫في الصحة واألجر والراحة السنوية الخالصة والحق في الراحة األسبوعية وفي التفاوض ‪...‬‬
‫وتتميز هذه المجلة بالطبيعة اآلمرة لقواع‪DD‬دها حيث لم تع‪DD‬د مج‪DD‬رد قواع‪DD‬د مكمل‪DD‬ة لإلرادة في‬
‫التعاقد وتزكية للقوة الملزمة للعقد‪.‬‬
‫_________________‬
‫‪ – 1‬أقر ق‪D‬انون ع‪D‬دد ‪ 31 – 60‬م‪D‬ؤرخ في ‪ 14‬ديس‪D‬مبر ‪ 1960‬التمثي‪D‬ل العم‪D‬الي في المؤسس‪D‬ات عن طري‪D‬ق لج‪D‬ان‬
‫المؤسسة والمنوبي العملة وأعطى لهذه الهياكل دور استشاري‪.‬‬
‫‪ - 2‬مداوالت مجلس األمة الرائد الرسمي عدد‪ 21 ،21‬نوفمبر ‪ ،1966‬ص ‪.254‬‬
‫‪ - 3‬مداوالت مجلس األمة ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.254‬‬
‫‪ - 4‬مداوالت مجلس األمة المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.267‬‬
‫‪.Ladhari (N), traité de droit du travail, Carthage , Bit Al hikma, 1991, p38 – 5‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 15‬‬

‫و لكن على إثر تغير النظام االقتصادي منذ السبعينات تمثل في " طــراز جديــد من عالقــات‬
‫اإلنتاج التبادل فيه جوهر والجدوى أساس والخوصصة أصل " ‪ 1‬وأمام ما ك‪DD‬ان ي‪DD‬وفره الق‪DD‬انون‬
‫الشغلي من حماية للعمال‪ .‬مثلت الميزة األساسية له‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير عموم‪DD‬ا‪ ،‬ن‪DD‬ادي الم‪DD‬ؤجرون بض‪DD‬رورة‬
‫إدخال مرونة على قواع‪D‬ده‪ ،‬معت‪D‬برين أن ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل هو المس‪DD‬ؤول عن األزم‪DD‬ات ال‪D‬تي أص‪DD‬بحت‬
‫تتخبط فيها المؤسسات االقتصادية اعتبارا لتكلفته الباهظة ونزعت‪DD‬ه الحمائي‪DD‬ة المفرط‪DD‬ة في كث‪DD‬ير من‬
‫األحيان‪ ، 2‬خصوصا وأن هذا القانون يمر بمرحلة حاس‪DD‬مة في تط‪DD‬وره " حيث يجابــه واقعــا‬
‫‪3‬‬
‫جديدا يتميز بتحوالت عميقة اقترنت بتحرير المبادالت وشدة المنافسة بين المؤسسات "‬
‫لجملة هذه االعتبارات دعا االتحاد التونسي للصناعة والتجارة و منذ سنة ‪ 1987‬إلى ض‪DD‬رورة‬
‫مراجعة‪ D‬م‪.‬ش ألنها لم تعد تواكب حسب رأيه االختي‪D‬ارات االقتص‪DD‬ادية للبالد ال‪D‬تي تق‪D‬وم أساس‪D‬ا على‬
‫تشجيع االستثمار وإعطاء األولوية للمبادرة الخاص‪D‬ة‪ D‬وه‪DD‬ذا ال يمكن أن يتحق‪DD‬ق إال بإدخ‪DD‬ال المرون‪DD‬ة‬
‫‪4‬‬
‫‪ ،‬إذ ال يمكن أن يتحم‪DD‬ل‬ ‫على الق‪DD‬وانين االجتماعي‪DD‬ة بص‪DD‬فة عام‪DD‬ة وق‪DD‬انون الش‪DD‬غل بص‪DD‬فة خاص‪DD‬ة‬
‫الم‪DD‬ؤجرون وح‪DD‬دهم مس‪DD‬ؤولية ال‪DD‬ترفيع في اإلنت‪DD‬اج ب‪DD‬ل يجب أن يقاس‪DD‬مهم في ذل‪DD‬ك جمي‪DD‬ع األط‪DD‬راف‬
‫المشاركة وخاصة العمال الذين ال يمكن إعط‪DD‬ائهم حماي‪DD‬ة مفرط‪DD‬ة وتم‪D‬تيعهم بحق‪D‬وق مب‪DD‬الغ فيه‪D‬ا من‬
‫شأنها أن تخل بمردودية العمل‪.‬‬
‫لجملة هذه األسباب ن‪DD‬ادى األع‪DD‬راف بض‪DD‬رورة إعط‪DD‬اء المؤسس‪DD‬ة حري‪DD‬ة االنت‪DD‬داب المباش‪DD‬ر‬
‫وتجاوز كل اإلجراءات اإلدارية باعتبار أن المؤسسة هي اإلطار األمثل لتقييم مدى مؤهالت طالب‬
‫الشغل مع حاجياتها الواقعية ‪ .5‬فالتوجهات االقتص‪D‬ادية الراهن‪D‬ة تتطلب تس‪D‬خير ك‪D‬ل العناص‪D‬ر لخل‪D‬ق‬
‫مواطن الشغل‪ ،‬وعلى هذا األساس فإن المؤسسة االقتصادية مطالبة باستغالل كل إمكانيات التشغيل‬
‫حتى الظرفية منها تماشيا مع سوق الشغل األم‪DD‬ر ال‪DD‬ذي يف‪DD‬رض تس‪DD‬هيل االنت‪DD‬داب عن طري‪DD‬ق عق‪DD‬ود‬
‫الشغل ألجل معين أما في خصوص دوائر الشغل فقد نــادى االتحـــاد التونسي للصناعة والتجـــارة‪D‬‬
‫_______________________‬
‫‪.‬علي المزغني وسليم اللغماني‪ ،‬مقاالت في الحداثة و القانون‪ ،‬دار الجنوب ‪،‬ص ‪1 – 14‬‬
‫‪ – 2‬المنجي طرشونة ‪ ،‬عقود التشغيل ‪ ،‬متلقى أنواع عقود التشغيل في القانون التونس‪D‬ي والق‪D‬انون المق‪D‬ارن‪ ،‬الجمعي‪D‬ة‬
‫التونسية لمتفقدي الشغل‪ ،‬تونس ‪.1993‬‬
‫‪ – 3‬محمد الناصر ‪ ،‬التشريع االجتماعي وامتحان العولمة‪ ،‬مجلة دراسات قانونية عدد ‪،1999 ،1998 ،6‬ص ‪.27‬‬
‫‪ – 4‬محمد الزمني‪ ،‬قانون الشغل و مرونة التشغيل‪ ،‬وزارة الشؤون االجتماعية‪ ،‬مركز التوثيق ‪. 1991‬‬
‫‪ - 5‬المنجي طرشونة ‪ " :‬عقود التشغيل " المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 16‬‬

‫بضرورة تحديد مفهوم الطرد التعسفي وتحديد قيمة غرامة الط‪DD‬رد بمع‪DD‬دل أج‪DD‬ر ش‪DD‬هر عن ك‪DD‬ل س‪DD‬نة‬
‫عمل فعلية كحد أقصى‪ .‬كما طالب المؤجرون بالتمديد في فترة التجرب‪DD‬ة لتص‪DD‬بح س‪DD‬نة قابل‪DD‬ة للتجدي‪DD‬د‬
‫معللين ذلك بإتاحة فرصة التكوين الناجع للعامل وتمكين المؤسسة في نفس الوقت من تقييم مؤهالته‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫فالمرونة حسب مطالب المؤجرين تتمثل في حرية وإمكانية االنت‪DD‬داب لم‪DD‬دة معين‪DD‬ة ومح‪DD‬ددة‪،‬‬
‫وتقيي‪DD‬د القض‪DD‬اء في تحدي‪DD‬د غرام‪DD‬ة الط‪DD‬رد التعس‪DD‬في وتأسيس‪DD‬ا على م‪DD‬ا تق‪DD‬دم ق‪DD‬امت الحكوم‪DD‬ة بإع‪DD‬داد‬
‫مشـروع متكامل يهدف إلى إدخ‪D‬ال تغ‪D‬يرات جذري‪D‬ة على مجل‪D‬ة الش‪D‬غل ولق‪D‬د مثلت في الحقيق‪D‬ة ه‪D‬ذه‬
‫التغيرات تراجعا عن النزعة الحمائية من طرف المشرع الذي أص‪DD‬بح يأخ‪DD‬ذ بعين االعتب‪DD‬ار مختل‪DD‬ف‬
‫مطالب المؤجرين وقد احتوى هذا المشروع على مرونة كبرى‪ ،‬خاص‪DD‬ة فيم‪DD‬ا يتعل‪DD‬ق ب‪DD‬إقرار وألول‬
‫مرة في تاريخ التشريع التونس‪D‬ي لعق‪D‬ود الش‪D‬غل بج‪D‬زء من ال‪D‬وقت‪ .‬كم‪D‬ا تع‪D‬رض المش‪D‬رع أيض‪D‬ا إلى‬
‫مسألة تنظيم سوق الشغل ومسألة األجور وغيرها من المواضيع األخرى إال أن هذا المشروع لم ير‬
‫النور ووقع تقسيمه إلى عدة أجزاء كان الجزء األول منه تنقيح ‪ 21‬فيفري ‪ ،11994‬الذي يعتبر أهم‬
‫تنقيح أدخل على مجلة الشغل من‪DD‬ذ ص‪DD‬دورها فق‪DD‬د ش‪DD‬مل ه‪DD‬ذا التنقيح ‪ 71‬فص‪DD‬ال وأض‪DD‬اف ‪ 16‬فص‪DD‬ال‬
‫جديدا‪.‬‬
‫أما الجزء الثاني من هذا المشروع فقد تم تجسيده بمقتضى القانون عدد ‪ 62‬لسنــــــة ‪1996‬‬
‫الم‪DD‬ؤرخ في ‪ 15‬جويلي‪DD‬ة ‪ 1996‬وب‪D‬ذلك أص‪DD‬بحت مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل مس‪DD‬ايرة لق‪DD‬وانين الش‪DD‬غل في البل‪DD‬دان‬
‫‪.2‬‬
‫المتقدمة‬
‫وفي الواق‪DD‬ع ف‪DD‬إن ه‪DD‬ذين التنقيحين يتن‪DD‬ازالن في إط‪DD‬ار س‪DD‬عي المش‪DD‬رع إلى إدراج ن‪DD‬وع من‬
‫المرونة التوفيقية‪ ،‬بين مصالح طرفي العالقة الش‪D‬غلية وذل‪DD‬ك بالمحافظ‪D‬ة‪ D‬على المكاس‪DD‬ب االجتماعي‪DD‬ة‬
‫للعمال باعتبارها مكاسب المجموعة الوطنية وبين تمكين المؤسسات االقتصادية من الظروف ال‪DD‬تي‬
‫تساعدها على النمو ومواجهة تح‪DD‬ديات المحي‪DD‬ط االقتص‪DD‬ادي‪ 3‬فه‪DD‬ذين التنقيحين وخاص‪DD‬ة الواق‪DD‬ع س‪D‬نة‬
‫‪ .1994‬جـــاءا مدعمين لالتجــــاه‪ D‬الجديد الذي يحاول تخفيف العبء على المؤسســـات االقتصادية‬
‫__________________________‬
‫‪ - 1‬القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ ،1994‬المؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪ ،1994‬الرائد الرسمي عدد‪ ،15‬بت‪DD‬اريخ ‪ 22‬فيف‪DD‬ري ‪،1994‬‬
‫ص ‪ 309‬إلى‪. 315‬‬
‫‪ -2‬الطيب اللومي ‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬المنجي طرشونة " القانون الجديد للطرد " أعمال ملتقى الجديد في تنقيح مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل تنظيم الجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية‬
‫للمحامين الشبان‪ ،‬تونس ‪ 29‬أفريل ‪ ،1994‬ص ‪.44‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 17‬‬

‫بتمكينها مــــن حرية أكثر مع محاولة‪ D‬عدم المساس بأصل المكاسب التي كــــانت ممنوحة للعمــال‪.‬‬
‫وتبعا لذلك فقد تم سد فراغات التشريع القديم خاصة في مجال إنهاء عقد الش‪DD‬غل ‪ ،‬بممارس‪DD‬ة‬
‫حق الطرد من طرف المؤجر‪ .‬وتعد مسألة الطرد من العمل من أهم المسائل التي اهتم به‪DD‬ا المش‪DD‬رع‬
‫بوصفها من المجاالت التي يصعب في نطاقه‪D‬ا تحقي‪D‬ق تواف‪D‬ق بين مص‪D‬لحة العام‪D‬ل في الحف‪D‬اظ‪ D‬على‬
‫موطن عمله ومصلحة المؤسسة في ضمان اس‪DD‬تمراريتها ل‪DD‬ذلك ك‪DD‬ان الط‪DD‬رد من العم‪DD‬ل من المس‪DD‬ائل‬
‫القانونية التي كانت محل اهتمام قانون الشغل الحديث نظرا لخطورته وتأثيره على الح‪DD‬ق في العم‪DD‬ل‬
‫ذلك أن عق‪D‬د الش‪D‬غل باعتب‪D‬اره من العق‪D‬ود الممت‪D‬دة التنفي‪D‬ذ يمكن أن يك‪D‬ون مح‪D‬ددا بم‪D‬دة اتفاقي‪D‬ة ينتهي‬
‫بحلولها العقد ‪ ،‬كما يمكن أن يكون غير محدد المدة وفق م‪DD‬ا ج‪DD‬اء بالفص‪DD‬ل ‪ 6/2‬جدي‪DD‬د من م ‪.‬ش لم‪DD‬ا‬
‫اقتضى أنه " يبرم عقد الشغل لمدة غير معينة أو لمدة معينة‪ ،‬ويمكن أن يتضمن عقد الشغل لمــدة‬
‫معينة تحديدا لفترة زمنية لتنفيذه أو تعيين للعمل الذي ينتهي العقد بإنجازه " وإن كان عقد الش‪DD‬غل‬
‫محدد المدة ال يطرح إشكاال كبيرا بخصوص تاريخ انتهائ‪DD‬ه فه‪D‬و ينتهي بانته‪D‬اء الم‪D‬دة المتف‪DD‬ق عليه‪DD‬ا‬
‫أو إتمام العمل المتفق عليه‪ 1‬فإن عقد الشغل غير محدد المدة يمتاز بخاصية قانونية تفرده عن غيره‬
‫من العقود فهو يحتوي على حق ممن‪DD‬وح لك‪DD‬ل من طرفي‪DD‬ه في إنهائ‪DD‬ه من ج‪DD‬انب واح‪DD‬د وذل‪DD‬ك بص‪DD‬فة‬
‫مستقلة عن األسباب األخرى إلنقضاءه‪ ،‬فإذا حصل اإلنهاء بمبادرة من األجير يعتبر ذلك استقالة‪.‬‬
‫أما إذا حصل اإلنهاء من جانب المؤجر فإنه يتخ‪DD‬ذ ش‪DD‬كل ط‪DD‬رد‪ ،‬ف‪DD‬الطرد إذا ه‪DD‬و " تص‪DD‬رف‬
‫قانوني من جانب واحد يعلن بموجبه المؤجر عن إرادت‪D‬ه الص‪D‬ريحة في إنه‪D‬اء العق‪D‬د ال‪D‬ذي‬
‫يربطه باألجير و المبرم لمدة غير مح‪DD‬ددة‪ ،‬و تك‪DD‬ون ه‪D‬ذه اإلرادة ص‪D‬ريحة‪ ،‬بم‪D‬وجب االل‪D‬تزام‬
‫الذي يفرض‪DD‬ه الق‪DD‬انون على الط‪DD‬رف ال‪DD‬ذي يب‪DD‬ادر بإنه‪DD‬اء العالق‪DD‬ة التعاقدي‪DD‬ة ب‪DD‬إعالم الط‪DD‬رف‬
‫‪2‬‬
‫اآلخر مسبقا خالل مدة معينة "‬
‫إذا وأمام خط‪DD‬ورة ه‪D‬ذه الممارس‪D‬ة ال‪D‬تي يتمت‪D‬ع بمقتض‪D‬اها الم‪D‬ؤجر بح‪D‬ق وض‪D‬ع ح‪DD‬د للعالق‪D‬ة‬
‫الشغلية وأمام سعي المشرع الدائم إلى توفير الحماية الالزمة لألجير وكذلك انتهاج سياسة مرن‪DD‬ة في‬
‫مجال الطرد من العمل تتجلى لنا األهمية النظرية والعملية لموضوع النزعة الحمائية لقانون الش‪DD‬غل‬
‫في مجال الطرد‪.‬‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬الفصل ‪ ،14‬جديد م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ – 2‬المنجي طرشونة " المفهوم القضائي للطرد التعسفي" مجلة القضاء والتشريع ديسمبر ‪ ،1993‬ص‪.45- 44‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 18‬‬

‫فعلى المستوى النظري سوف تكون لنا هذه الدراسة فرصة جيدة الستكشاف المكانة الجديدة‬
‫التي تحتلها النزعة الحمائية في مجال الطرد في ظل انتهاج قانون الشغل لسياسة المرونة التوفيقية‪.‬‬
‫أما عمليا فإن لهذا الموضوع مساس بالسلم االجتماعي واالقتصادي من خالل ما للطرد من‬
‫نتائج خطيرة على الوضعية االجتماعية لشريحة هامة في المجتمع وهي شريحة العمال‪.‬‬
‫و لنا أن نتساءل هنا في ظل انتهاج المشرع لسياسة توفيقية مرنة تراعي مص‪DD‬لحة ط‪DD‬رفي‬
‫العالقة الشغلية‪ ،‬أي مكانة أصبحت تحتلها النزعة الحمائية لق‪DD‬انون الش‪DD‬غل في مج‪DD‬ال الط‪DD‬رد‬
‫من العمل؟‬
‫ما يمكن مالحظته عموما في ه‪D‬ذا اإلط‪D‬ار أن ق‪D‬انون الش‪D‬غل ق‪D‬د س‪D‬عي إلى تط‪D‬وير‬
‫نزعته الحمائية في خصوص شروط وإجراءات الطرد ( الجزء األول ) ولكنه في المقابل‬
‫سجل تراجعا عن هذه الحماية على مستوى أثار الطرد ( الجزء الثاني )‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 19‬‬

‫‪ :‬الجزء األول‬

‫تطوير قانون الشغل لنزعته الحمائية في‬


‫خصوص شروط و إجراءات الطرد‬

‫باعتبار ما يتميز به قانون الشغل من نزعة حمائية تجاه األجير الطرف الضعيف في العالقة‬
‫الشغلية فقد سعى المشرع من خالل فرض شروط وإجراءات الطرد من العم‪DD‬ل ال فق‪DD‬ط إلى الحف‪DD‬اظ‬
‫على هذه الحماية بل ولمزيد تطويرها‪ ،‬وقد بدا هذا التوجه واضحا من خالل فرضه تدخل جملة من‬
‫الهياكل سواء داخل المؤسسة أو خارجها حماية األجير العادي ضد الطرد ( الفص‪DD‬ل األول) ونظ‪DD‬را‬
‫للوض‪DD‬عية الخاص‪DD‬ة ال‪DD‬تي يحتله‪DD‬ا األج‪DD‬ير ممث‪DD‬ل العمل‪DD‬ة‪ .‬وال‪DD‬تي تجعل‪DD‬ه عرض‪DD‬ة الختالف متواص‪DD‬ل‬
‫ومستمر مع ما يتخذه المؤجر من قرارات دفاعا عن حقوق بقية األجراء‪ ،‬فقد حاول المشرع تطوير‬
‫أشكال هذه الحماية وتعزيزها‪ ( .‬الفصل الثاني )‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 20‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬مظاهر تطور النزعة الحمائية الخاصة‬


‫باألجير العادي ضد الطرد‬

‫إن طبيعة عقد الشغل تفرض خضوع العامل لألوام‪DD‬ر ص‪DD‬احب العم‪DD‬ل لم‪DD‬ا له‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير من‬
‫سلطة واسعة النطاق تخول له ممارسة نفوذه التأديبي تجاه ك‪DD‬ل عام‪DD‬ل يخ‪DD‬الف تل‪DD‬ك األوام‪DD‬ر وينف‪DD‬رد‬
‫لذلك الم‪DD‬ؤجر بس‪DD‬لطة تس‪DD‬ليط عقوب‪DD‬ة الط‪DD‬رد وتقييم‪DD‬ه وإس‪DD‬ناده ألج‪DD‬ير‪ .‬إال أن ه‪DD‬ذه الس‪DD‬لطة التأديبي‪DD‬ة‬
‫الواسعة والمخولة للمؤجر ال يمكن أن تتسم ب‪DD‬اإلطالق ألن‪DD‬ه يخش‪DD‬ى أن يمي‪DD‬ل إلى إس‪DD‬اءة اس‪DD‬تعمالها‪،‬‬
‫لذلك سعى المش‪DD‬رع إلى احتواءه‪DD‬ا من خالل اإلبق‪DD‬اء على آلي‪DD‬ات الرقاب‪DD‬ة الس‪DD‬ابقة ( المبحث األول )‬
‫ولكن هذه الرقابة تبدو غير كافي‪DD‬ة للح‪DD‬د من س‪DD‬لطة الم‪DD‬ؤجر ل‪DD‬ذلك عم‪DD‬ل المش‪DD‬رع على تفعيله‪DD‬ا ع‪DD‬بر‬
‫تعزيز الرقابة الالحقة‪ (.‬المبحث الثاني )‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلبقاء على الرقابة السابقة‬


‫قد يلجأ المؤجر إلى طرد عملته وذلك باس‪DD‬تعمال س‪DD‬لطته التأديبي‪DD‬ة الواس‪DD‬عة (الفق‪DD‬رة األولى)‬
‫أو سلطته التسييرية استنادا إلى صعوبات اقتصادية وفنية يدعيها ( الفقرة‪ D‬الثانية )‪.‬‬
‫وفي كلتا الحالتين فإن قانون الشغل قد أخضع مختلف هذه السلطات إلى رقاب‪DD‬ة منظم‪DD‬ة ع‪DD‬بر‬
‫مجموعة من الهياكل اإلدارية داخل المؤسسة أو خارجها‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الرقابة ضد الطرد ألسباب تأديبية ‪.‬‬


‫تكمن أهمي‪DD‬ة الرقاب‪DD‬ة الس‪DD‬ابقة ض‪DD‬د الط‪DD‬رد الت‪DD‬أديبي في تل‪DD‬ك الرقاب‪DD‬ة ال‪DD‬تي تمارس‪DD‬ها اللجن‪DD‬ة‬
‫االستشارية للمؤسسة‪ ،‬ه‪D‬ذه اللجن‪DD‬ة تنتص‪DD‬ب كمجلس ت‪D‬أديب‪ 1،‬وتم‪DD‬ارس رقابته‪DD‬ا على س‪D‬لطة الط‪D‬رد‬
‫المخولة للمؤجر (أ) وتكامال مع هذه الرقابة فقد ت‪DD‬دخلت الدول‪DD‬ة بواس‪DD‬طة جه‪DD‬از تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل (ب)‬
‫والهدف من وراء ذلك التقليص من الطابع االنفرادي لقرار الطرد‪.‬‬

‫أ – مراقبة مجلس التأديب لسلطة الطرد لدى المؤجر ‪:‬‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 21‬‬

‫يعتبر مجلس التأديب الضمان الجوهري الذي أسسه القانون االتفاقي لفائدة العملة في القطاع‬
‫‪3‬‬
‫الخاص ‪ 2‬ويرى الفقية «‪ » Ollier ‬أن مجلس التأديب يمثل وسيلة لمراقبة تناسب العقوب‪DD‬ة والخط ‪D‬أ‪D‬‬
‫حيث أنه يقوم بدور هام في مراقبة الوقائع التي أثارها المؤجر والجزاء الذي سلطته عليها‪.‬‬
‫اقتضى الفصل ‪ 37‬من االتفاقي‪DD‬ة اإلطاري‪DD‬ة المش‪DD‬تركة أن‪DD‬ه " بالنس‪DD‬بة لعقوب‪DD‬ة الدرج‪DD‬ة الثاني‪DD‬ة‬
‫والتي من ضمنها عقوبـــة الطرد أو العزل فإن العامل يقدم جبرا ل‪DD‬دي لجن‪DD‬ة التع‪DD‬ديل ال‪DD‬تي تنتص‪DD‬ب‬
‫كمجلس تأديب يعطي رأيه في العقوبة المتعين أخذها ويتولى هــذا األخ‪DD‬ير إعالم العام‪DD‬ل بق‪DD‬راره"‪،‬‬
‫فإن كـــان المؤجر يس‪DD‬تطيع أن ينف‪DD‬رد باتخ‪DD‬اذ عقوب‪DD‬ة الدرج‪DD‬ة األولى ض‪D‬د العــامل‪ ،‬ف‪DD‬إن عـــرض‬
‫األجير على مجلس التأديب بالنسبة لعقوبة الدرجة الثاني‪DD‬ة واجب خصوص‪DD‬ا إذا تعل‪DD‬ق األم‪DD‬ر بعقوب‪DD‬ة‬
‫الطرد‪.‬‬
‫والفكرة التي ترتكز عليها إجبارية إحالة األجير على مجلس التأديب تتمح‪DD‬ور ح‪DD‬ول القاع‪DD‬دة‬
‫القائلة بأنه " ال يمكن للمؤجــر أن ينتصب خصما وحكمـــا في نفس الوقت" ‪ 4‬وهي القاعدة ال‪DD‬واردة‬
‫في القرار‪ D‬االستئنافي عدد ‪ 2548‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بتونس بتاريخ ‪ 28‬مارس ‪.1970‬‬

‫_______________________‬
‫‪ – 1‬أنظر الفصل ‪ ،160‬م‪.‬ش ‪.‬‬
‫‪ – 2‬رأي المنجي طرشونة أوردته فري‪DD‬دة العبي‪DD‬دي في م‪DD‬ذكرتها " الس‪D‬لطة التأديبي‪D‬ة‪ D‬للم‪DD‬ؤجر" م‪DD‬ذكرة لإلح‪D‬راز على ش‪D‬هادة‬
‫الدراسات المعمقة كلية الحقوق تونس ‪ ،1996 ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪Pierre Domonique Ollier « Réflexion sur le droit de se faire justice a soi même dans les – 3‬‬
‫‪.rapports de travail » droit social 1967, p 496‬‬
‫‪ –4‬فاخر بن سالم‪ :‬المراقبة القضائية لعمليات الطرد كوسيلة لحماية التشغيل‪ ،‬المجلة التونسية للقانون االجتماعي عدد ‪،7‬‬
‫‪ ،1986‬ص ‪.77‬‬

‫ويكتس‪DD‬ي ه‪DD‬ذا الق‪DD‬رار درج‪DD‬ة كب‪DD‬يرة من األهمي‪DD‬ة إذ ه‪DD‬و يج‪DD‬رد ص‪DD‬احب المؤسس‪DD‬ة من ح‪DD‬ق‬
‫االقتصاص لنفسه بنفسه ويحتم عليه عرض العامل على هيئ‪DD‬ة مختص‪DD‬ة واح‪DD‬ترام إج‪DD‬راءات تض‪DD‬من‬
‫حقوقه في الدفاع عن نفسه وكل طرد يقع تقري‪D‬ره من ط‪D‬رف الم‪D‬ؤجر مباش‪D‬رة يع‪D‬د بالت‪D‬الي تعس‪D‬فيا‪،‬‬
‫وهذا ما جاء بقرار صادر عن محكمة تونس االبتدائية تحت ع‪DD‬دد ‪ 5112‬بت‪DD‬اريخ ‪ 23‬ج‪DD‬وان ‪1976‬‬
‫"حيث أنه بقطع النظ‪D‬ر عن األخط‪DD‬اء المهني‪D‬ة المنس‪DD‬وبة للمس‪D‬تأنف علي‪DD‬ه فع‪D‬دم عرض‪DD‬ه على مجلس‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 22‬‬

‫التأديب يعتبر خرقا لإلجراءات األساسية التي جاء بها قانون الشغل‪ ،‬والضمانات التي سنت لص‪DD‬الح‬
‫‪1‬‬
‫العامل األمر الذي يضفي على الطرد المسلط على المستأنف عليه صبغة الطرد التعسفي "‬
‫وفيما يتعلق بتركيبة ه‪DD‬ذا المجلس‪ ،‬يمكن اإلش‪DD‬ارة إلى أنه‪DD‬ا ق‪DD‬د ش‪DD‬هدت تط‪DD‬ورا ملحوظ‪DD‬ا ففي‬
‫البدء أسندت مهمة التأديب إلى اللجنة االستشارية المتعادلة األطراف وقد ك‪DD‬انت ه‪DD‬ذه اللجن‪DD‬ة تتك‪DD‬ون‬
‫في ك‪DD‬ل مؤسس‪DD‬ة " يك‪DD‬ون ع‪DD‬دد المس‪D‬تخدمين به‪DD‬ا على األق‪DD‬ل عش‪DD‬رين‪ ،‬أم‪DD‬ا بالنس‪DD‬بة ألع‪DD‬راف ال‪DD‬ذين‬
‫يشغلون أقل من عشرين عامال ويوج‪DD‬دون في منطق‪DD‬ة واح‪DD‬دة فمن الممكن إم‪DD‬ا ت‪DD‬أليف لجن‪DD‬ة متعادل‪DD‬ة‬
‫األطراف اعتياديا أو االجتماع مباشرة مع نواب العملة وتقوم ه‪DD‬ذه االجتماعات مق‪DD‬ام لجن‪DD‬ة متعادل‪DD‬ة‬
‫‪2‬‬
‫األطراف‪.‬‬
‫ولق‪DD‬د اختل‪DD‬ف الوض‪DD‬ع بع‪DD‬د تنقيح فيف‪DD‬ري ‪ 1994‬إذ أص‪DD‬بحت اللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪DD‬ة‬
‫‪3‬‬
‫تضطلع بمهمة التأديب باإلضافة إلى وظائفها األخرى‪.‬‬
‫نص الفصل ‪ 157‬من م ش على أن هذه اللجنة تتواجد في كل مؤسسة تش‪DD‬غل أربعين ع‪DD‬امال‬
‫قارا على األقل‪ ،‬وتتركب " بالتناصف من ممثلين عن إدارة المؤسسة من بينهم رئيس المؤسســة‬
‫‪4‬‬
‫وممثلين عن العملة منتخبين من طرفهم "‬
‫وعندما تنظر اللجنة االستشارية للمؤسسة في المسائل المتعلق‪D‬ة بالت‪D‬أديب يتم تع‪D‬ديلها بكيفي‪D‬ة يقتص‪D‬ر‬
‫فيها الحضورعلى األعضاء الممثلين للقسم االنتخابي الذي ينتسب إليه العامل المعني باألمر وعلى‬
‫________________________‬
‫‪ - 1‬قرار صادر عن المحكمة االبتدائية‪ D‬بتونس‪ ،‬عدد ‪ ، 5112‬بتاريخ ‪ ،1976 D/ 06 D/ 23‬أورده فاخر بن س‪DD‬الم‪ ،‬المص‪DD‬در‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -‬في نفس السياق‪ ،‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ، 75968‬مؤرخ في‪ 10‬جانفي ‪ ( .2000‬انظر الملحق)‬
‫‪ - 2‬الفصل ‪ 39‬إ‪.‬إ‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬الفصل ‪ 157‬م ‪.‬ش‪ ،‬المنقح بقانون ‪ 21‬فيفري ‪.1994‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 158‬م‪ .‬ش‪ ،‬المنقح بقانون ‪ 21‬فيفري ‪.1994‬‬

‫عدد مساو من األعضاء الممثلين لإلدارة المؤسسة ‪.1‬‬


‫م‪DD‬ا يمكن مالحظت‪DD‬ه في ه‪DD‬ذا اإلط‪DD‬ار أن الع‪DD‬دد ال‪DD‬ذي اش‪DD‬ترطه المش‪DD‬رع لتك‪DD‬وين ه‪DD‬ذه اللجن‪DD‬ة‬
‫والمتمثل في أربعين عامال ال يأخذ بعين االعتبار خصوصية وحجم المؤسسات ال‪DD‬تي تك‪DD‬ون النس‪DD‬يج‬
‫االقتصادي في ت‪D‬ونس وه‪DD‬و م‪DD‬ا من ش‪DD‬أنه أن ي‪DD‬ؤدي إلى غيابه‪DD‬ا في المؤسس‪DD‬ات ال‪DD‬تي تض‪DD‬م أق‪DD‬ل من‬
‫النصاب القانوني‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك فإن بقاء المؤجر كرئيس لهذه اللجن‪DD‬ة من ش‪DD‬أنه أن ي‪DD‬ؤثر على‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 23‬‬

‫سير أعمالها خاصة وأن تداخالته "تك‪D‬ون دائم‪D‬ا بمثاب‪D‬ة الخط‪D‬اب‪ D‬األخالقي ال‪DD‬ذي ال يخل‪D‬و من لهج‪DD‬ة‬
‫التهديد ألنه يجعل مصلحة المؤسسة فوق كل اعتبار بما أنها تمثل مورد رزق كل األجراء الع‪DD‬املين‬
‫‪2‬‬
‫بها "‬
‫ولكن ومهما يكن فإن وجود هيكل حمائي داخ‪DD‬ل المؤسس‪DD‬ة من ش‪DD‬أنه أن ي‪DD‬وفر الق‪DD‬در الالزم‬
‫من الحماية للعامل ضد ادعاءات المؤجر‪ ،‬هذه الحماية تداعمت أكثر من خالل تنصيص الفصل ‪37‬‬
‫من إ‪.‬إ‪.‬م على ضرورة استدعاء العامل من طرف المؤجر للمثول أمام مجلس التأديب ثالثة أيام قبل‬
‫االنعقاد‪ .‬هذا وينبغي أن يتم استدعاء العامل بواسطة رسالة مضمونة الوص‪DD‬ول م‪DD‬ع اإلعالم ب‪DD‬البلوغ‬
‫وللعامل خالل الثالثة أيام المذكورة الح‪DD‬ق في اإلطالع على ملف‪DD‬ه وعلى التقري‪DD‬ر المق‪DD‬دم ض‪DD‬ده ومن‬
‫الواضح أن هذا اإلجراء يهدف أساسا إلى تمكين العامل من معرفة ما نسب إليــه من أفعال ومنطلقا‬
‫لممارسة حق الدفاع عن النفس ال‪DD‬ذي ال يك‪DD‬ون حقيقي‪DD‬ا إال إذا تمكن األج‪DD‬ير من اإلطالع على األدل‪DD‬ة‬
‫التي تدينه تجسيدا لمبدأ المواجهة الذي يعتبر من المبادئ اإلجرائية المستقرة في قانون المرافعات‪.‬‬
‫تب‪D‬دو إذا رغب‪D‬ة المش‪D‬رع واض‪D‬حة في توف‪D‬ير الق‪D‬در الالزم من الحماي‪D‬ة ألج‪D‬ير بواس‪D‬طة ه‪D‬ذا‬
‫المجلس‪ ،‬وما يؤكد ذلك هو أن قراراته تبقى ملزمة بالنسبة للمؤجر فمثال إذا " قرر مجلس‬
‫التأديب بغالبية األصوات إيقاف العامل عن العمل لم‪DD‬دة معين‪DD‬ة وعم‪DD‬د الم‪DD‬ؤجر إلى ط‪DD‬رده‬
‫نهائيا متجاوز قــرار المجلس الم‪DD‬ذكور ف‪DD‬إن الط‪DD‬رد يعت‪DD‬بر تعس‪DD‬فيا وبمـوجب ذل‪DD‬ك يس‪DD‬تحق‬
‫‪3‬‬
‫العامل ما يخوله قانون الشغل من منح و غرامات "‪.‬‬
‫هذه اإللزامية هي تعبير عن الرأي الغالب في موقف فقه القضاء حيث اعتبر أن‪DD‬ه‬
‫"و إن كان قرار مجلس التأديب استشاريا بالنسبة للمحكمة التي تتولى سلطة مراقبته فــإن‬
‫_________________________________‬
‫‪ –1‬الفصل الثالث من األمر عدد ‪ 30‬لسنة ‪ 1995‬مؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪ 1995‬المتعلق بتركيبة وسير عمل اللجنة االستش‪DD‬ارية‬
‫للمؤسسة وبطرق انتخاب نواب العملة وممارستهم لمهامهم ‪.‬‬
‫‪.Elleuch Sami : La faute cause de licenciement , mémoire en DEA FDSPT 1983, P90 – 2‬‬
‫‪ –3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 4399‬مؤرخ في ‪ 6‬جانفي‪ 1983‬النشرية ‪ 1984‬ج‪ ،2‬ص ‪.15‬‬
‫‪1‬‬
‫قراراته تعتبر ملزمة لرئيس المؤسسة " ‪.‬‬
‫نفس المبدأ وقع التنصيص عليه في بعض االتفاقيات القطاعية من ذلك مث‪DD‬ل الفص‪DD‬ل ‪ 26‬من‬
‫االتفاقية المشتركة للتأمين بمقولة أن " الرئيس المدير العام يبقى مرتبطا برأي مجلس التأديب ال‪DD‬ذي‬
‫يتخذ قراره بأغلبية أصوات أعضاءه "‪ .‬ولكن على مجموع االتفاقيات القطاعية ثالث منها فقط تق‪DD‬ر‬
‫‪2‬‬
‫صراحة سلطة القرار لمجلس التأديب وبالتالي يبقى القانون اإلتفاقي متأخرا‪ D‬عن فقه القضاء‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 24‬‬

‫ب – مساهمة تفقدية الشغل في الحد من الطرد الفردي‪.‬‬


‫يمثل وجود هيكل إداري يكون قريبا من األجير في حال‪DD‬ة تعرض‪DD‬ه للط‪DD‬رد من أهم‬
‫الض‪DD‬مانات الحمائي‪D‬ة ال‪D‬تي يمكن أن يوفره‪DD‬ا المش‪D‬رع لفائ‪DD‬دة ه‪D‬ذا األخ‪DD‬ير و في ه‪D‬ذا الس‪D‬ياق‬
‫يت‪DD‬نزل دور تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل ‪ .‬حيث يالح‪DD‬ظ ال‪DD‬دور اإليج‪DD‬ابي ال‪DD‬ذي يق‪DD‬وم ب‪DD‬ه ه‪DD‬ذا الجه‪DD‬از في‬
‫محاولة تج‪D‬نيب األج‪DD‬ير الط‪DD‬رد‪ .‬ف‪DD‬أعوان تفق‪D‬د الش‪DD‬غل مكلف‪D‬ون بالس‪DD‬هر على تط‪D‬بيق األحك‪D‬ام‬
‫‪3‬‬
‫القانونية والترتيبية والتعاقدية الضابطة لعالقات الشغل أو الناتجة عنها‪.‬‬
‫ويجد تدخل تفقدية الشغل في مجال الطرد مبرراته في اختالف مصلحة الطرفين‬
‫ال‪DD‬ذي ت‪DD‬ؤدي في غلب األحي‪DD‬ان إلى منازع‪DD‬ات و مص‪DD‬ادمات تتس‪DD‬بب في إلح‪DD‬اق الض‪DD‬رر‬
‫باألجير و قد يكون لها تأثير سلبي على األمن االجتماعي ككل‪.‬‬
‫و تاريخي‪DD‬ا فق‪DD‬د خض‪DD‬ع تعميم ت‪DD‬دخل تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل في مراقب‪DD‬ة عملي‪DD‬ات الط‪DD‬رد إلى‬
‫مراحل ففي البداية لجأت المحاكم إلى مكاتبتها السترشادها حول أسباب و ظ‪DD‬روف الط‪DD‬رد‬
‫‪4‬‬
‫التي تكون قد باشرتها في مرحلتها الصلحية قبل أن تعرض على القضاء‪.‬‬
‫وفيما بعد أقرت مبدأ ضرورة استشارة تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل قب‪DD‬ل ك‪DD‬ل عملي‪DD‬ة ط‪DD‬رد وذل‪DD‬ك انطالق‪DD‬ا‬
‫مــــن قرار تعقيبي مؤرخ في فيفري ‪ 5 1960،‬إال أن هدا القرار بقي شاذا إلى حدود سنـــة ‪1975‬‬
‫________________________________‬
‫‪ – 1‬قرار استئنافي مؤرخ في ‪ 25‬جوان ‪ ،1986‬أورده فاخر بن سالم‪ ،‬مصدر مذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،36835‬مؤرخ في ‪ 01‬فيفري ‪. 1993‬‬
‫‪ – 2‬فريدة العبيدي ‪ :‬السلطة التأديبية‪ D‬للم‪D‬ؤجر‪ .‬م‪D‬ذكرة لني‪D‬ل ش‪D‬هادة الدراس‪D‬ات المعمق‪D‬ة في الق‪D‬انون الخ‪D‬اص كلي‪D‬ة الحق‪D‬وق‬
‫و العلوم السياسية بتونس ‪ ،1996‬ص ‪. 150‬‬
‫‪ – 3‬انظر الفصل ‪ ،170‬جديد م‪.‬ش ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أصبحت هذه الطريق‪DD‬ة عرف‪DD‬ا متبع‪DD‬ا في بعض المح‪DD‬اكم مث‪DD‬ل م‪DD‬ا دأب على ذل‪DD‬ك المجلس الع‪DD‬رفي بص‪DD‬فاقس‪،‬‬
‫فاخر بن سالم‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ – 5‬فاخر بن سالم ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪1‬‬
‫تاريخ سلسلـة من القرارات تقر هدا المبدأ وتعممه على كل حاالت الطرد‪.‬‬
‫انطالقا من هذا التطور التاريخي صار تدخل متفق‪D‬د الش‪D‬غل للح‪D‬د من ط‪D‬رد األج‪D‬ير وتحقي‪D‬ق‬
‫الحماية الالزمة له نصا وممارسة‪ .‬فيتدخل ه‪D‬ذا األخ‪DD‬ير بم‪DD‬وجب ش‪D‬كاية ش‪DD‬فاهية أو كتابي‪DD‬ة تق‪D‬دم من‬
‫طرف العامل المعني باألمر‪ .‬تتض‪D‬من العدي‪D‬د من المعطي‪D‬ات الخاص‪D‬ة ب‪D‬األجير والم‪D‬ؤجر‪ 2‬وبمج‪D‬رد‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 25‬‬

‫تقديم الشكاية يجب على متفقد الشغل التثبت من هذه المعطيات وخاصة تلك المتعلقة بآج‪DD‬ال انقض‪DD‬اء‬
‫‪3‬‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫ثم يستدعى الم‪DD‬ؤجر للتأك‪DD‬د من ادع‪DD‬اءات العام‪DD‬ل ويباش‪DD‬ر بع‪DD‬د ذل‪DD‬ك المكافح‪DD‬ة بين الط‪DD‬رفين‬
‫ويتعين على متفقد الشغل أثناء هذه المكافح‪D‬ة‪ D‬أن يس‪DD‬تمع على ح‪DD‬دة إلى األط‪DD‬راف وتجنب المواجه‪DD‬ة‬
‫المباشرة التي يمكن أن تؤول في أغلب الحاالت إلى فشل المحاولة الصلحية‪ .‬وتمسك المؤجر بطرد‬
‫األجير وفي هذه الحالة يطلب متفق‪D‬د الش‪D‬غل من‪D‬ه دف‪D‬ع المنح وغرام‪D‬ات الط‪D‬رد ال‪D‬تي اقتض‪D‬تها مجل‪D‬ة‬
‫الشغل أو االتفاقية المشتركة القطاعية التي تخضع لها المؤسسة وإذا ما قبل الم‪DD‬ؤجر ه‪DD‬ذا الح‪DD‬ل وتم‬
‫التعويض الرضائي يحرر متفقد الشغل وصل إبراء ذمة ‪ 4‬يسلم نس‪DD‬خة لك‪DD‬ل ط‪DD‬رف ويحتف‪DD‬ظ بنس‪DD‬خة‬
‫ثالثة في ملف تفقدية الشغل ‪ 5‬وإذا ما رفض المؤجر تع‪DD‬ويض العام‪DD‬ل فإن‪DD‬ه يتعين على متفق‪DD‬د الش‪DD‬غل‬
‫إحالة‪ D‬الشكوى على دائرة الشغل وذلك بتعمير مطبوعة تتضمن معلومات ح‪DD‬ول األج‪DD‬ير م‪D‬ع طلب‪DD‬ات‬
‫‪6‬‬
‫ومالحظات متفقد الشغل‪.‬‬
‫هذه هي إذا الطريقة المتبعة في معالجة‪ D‬حاالت الطرد التي تع‪DD‬رض على تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل وهي‬
‫مستوحاة‪ D‬في الواقع من العادة والممارسة يلعب فيها متفقد الشغل الدور المح‪DD‬وري والحم‪DD‬ائي تتجس‪DD‬د‬
‫خاصة في محاولة إقناع المؤجر في العدول عن الطرد وإرجاع األجير إلى مركز عمله وفي أقصى‬
‫‪7‬‬
‫حاالتها الحفاظ على حقوقه‪ D‬من منح وغرامات ومحاولة تحصيلها بنفسه أو بواسطة القاضي الشغلي‬
‫_______________________________________‬
‫‪ – 1‬قرار استئنافي عرفي عدد ‪ 2767‬مؤرخ في ‪ 11‬ماي ‪.1975‬‬
‫‪ -‬انظر الحكم االستئنافي المؤرخ في ‪.17/10/1986‬‬
‫‪ – 2‬علي القويد ‪ :‬دور تفقدية الشغل في مجال الطرد من العمل‪ :‬فعاليات ملتقى ‪ 7-6‬أفريل ‪ ،2007‬الجمعية التونسية‬
‫لمتفقدي الشغل‪.‬‬
‫‪ – 3‬الفصلين ‪ 23‬و‪ 174‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ – 4‬انظر الملحق‪.‬‬
‫‪ - 5‬مكتب العمل العربي دليل تفتيش العمل في الدول العربية لسنة ‪.1996‬‬
‫‪ – 6‬انظر الملحق‪.‬‬
‫‪ – 7‬علي القويد ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الرقابة ضد الطرد ألسباب اقتصادية وفنية‬
‫في ذات السياق الهادف إلى الحد من نفوذ المؤجر وتوطيد نزعة قانون الشغل الحمائي‪DD‬ة‪ ،‬لم‬
‫يتوان المشرع على إحاطة الطرد لألسباب اقتصادية وفنية بضمانات إجرائية أخ‪DD‬ذت بعين االعتب‪DD‬ار‬
‫خطورة‪ D‬هذا الصنف من الطرد بوصفه ال يهدد عامل واحدا وإنما مجموعة بأكمله‪DD‬ا‪ ،‬كم‪DD‬ا أن‪DD‬ه يمث‪DD‬ل‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 26‬‬

‫مظهرا غير سليم للحياة االقتصادية واالجتماعي‪D‬ة بص‪D‬فة عام‪D‬ة ‪ 1‬له‪D‬ذا االعتب‪D‬ار خص المش‪D‬رع ه‪D‬ذا‬
‫النوع من الطرد‪ .‬بمراقبة مشددة تجسدها تفقدية الشغل في مرحلة أولى ( أ) ثم لرقاب‪DD‬ة لجن‪DD‬ة مراقب‪DD‬ة‬
‫الطرد في مرحلة ثانية ( ب)‬

‫أ‪ -‬تدخل تفقدية الشغل ‪.‬‬


‫لقد نظم المشرع بالفصل ‪ 21‬من م ‪.‬ش الطرد ألس‪DD‬باب اقتص‪DD‬ادية وفني‪DD‬ة ‪ ،‬وأس‪DD‬ند على إث‪DD‬ره‬
‫لتفقدية الشغل مهام موسعة من خالل هذا اإلج‪D‬راء فيتم الت‪D‬دخل على إث‪DD‬ر إعالمه‪D‬ا ب‪DD‬اعتزام الم‪D‬ؤجر‬
‫طرد أو إيقاف عن العمل مجموعة من األجراء ويكتسي هذا اإلعالم صبغة وجوبية تبين أهمية دور‬
‫تفقدية الشغل في هذه اإلجراءات‪ .2‬على أنه يبدو من المفيد التذكير في ه‪DD‬ذا اإلط‪DD‬ار إلى أن المش‪DD‬رع‬
‫حدد مجموعة من الشروط الواجب توفره‪DD‬ا ح‪DD‬تى يتمكن ه‪DD‬ذا الجه‪DD‬از‪ D‬اإلداري من إج‪DD‬راء المحاول‪D‬ة‪D‬‬
‫الصلحية والمساهمة في ترتيب اآلثار الناجمة‪ D‬عن ذلك‪ .‬وه‪DD‬ذه الش‪DD‬روط يمكن تص‪DD‬نيفها إلى ش‪DD‬روط‬
‫موضوعية وأخرى شكلية‪.‬‬
‫من الشروط الموضوعية لتدخل تفقدية الشغل أن يكون هناك طرد أو إيقاف عن العمل‬
‫واقع ألسباب اقتصادية وفنية‪ ،‬غير أن ه‪DD‬ذا الس‪DD‬بب االقتص‪DD‬ادي والف‪DD‬ني لم يكن ذا مفه‪DD‬وم موح‪DD‬د بين‬
‫الفقهاء‪ D‬ولكن مهما يكن من أمر فإن هذا الس‪D‬بب ال يمكن أن يتعل‪D‬ق بش‪D‬خص العام‪D‬ل كخط‪DD‬أ أو ع‪D‬دم‬
‫كفاءة مهنية‪. 3‬‬
‫وق‪DD‬د ع‪DD‬رف األس‪DD‬تاذ ‪ Savetier‬الظ‪DD‬روف االقتص‪DD‬ادية بكونه‪DD‬ا "كــل العوامــل االســتثنائية الفجائيــة‬
‫الخارجة عــن نطاق المؤسسة والتي تضطرها لتغيير وسائــل عملها وطرد عمالها‪ ،‬مثــل صعوبة‬
‫________________________________‬
‫‪ - 1‬الطيب اللومي ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ – 2‬قرار تعقيبي مدني‪ ،‬عدد ‪ ،12212 – 2001‬بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪، 2002‬غير منشور‪ ( .‬انظر الملحق)‬
‫– قرار تعقيبي مدني‪ ،‬عدد ‪ ،12213 – 2001‬بتاريخ ‪ 11‬جانفي ‪ ، 2002‬غير منشور ‪.‬‬
‫‪ – 3‬كوثر شقرون ‪ :‬تأثير العوامل االقتصادية على العالقات الشغلية‪ ،‬رسالة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون‬
‫الخاص ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،1996 – 1995 ،‬ص ‪. 85‬‬
‫‪1‬‬
‫التزود بالمواد األولية‪ ،‬وانخفاض نسبة التصدير للبضاعة المصنوعة"‬
‫وق‪DD‬د م‪DD‬يز األس‪DD‬تاذ ف‪DD‬اخر‪ D‬بن س‪DD‬الم بين الس‪DD‬بب االقتص‪DD‬ادي الظ‪DD‬رفي‪ D‬وهو الخ‪DD‬ارج‪ D‬عن إرادة‬
‫الم‪DD‬ؤجر وخ‪DD‬ارج عن نط‪DD‬اق المؤسس‪DD‬ة وال‪DD‬ذي يف‪DD‬رض تخفيض‪DD‬ا في حجم الي‪DD‬د العامل‪DD‬ة والس‪DD‬بب‬
‫االقتصادي الهيكلي والمتمثل في تغيير لتقنيات اإلنتاج كاآلالت والتجهيزات وفي إدارة العم‪DD‬ل أوفي‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 27‬‬

‫الهيكلة القانونية للمؤسسة ‪ 2‬وهو ما يعبر عنه كذلك بالسبب الفني الذي يشمل حذف أو تغي‪DD‬ير نش‪DD‬اط‬
‫بنشاط آخر أو تغيير المخططات‪ D‬أو التغيير في توزيع العمل بين مختل‪DD‬ف المراك‪DD‬ز أو ح‪DD‬ذف مرك‪DD‬ز‬
‫‪.3‬‬
‫شديد التكلفة‬
‫إضافة إلى السبب االقتصادي والفني فإن الطرد البد أن يش‪DD‬مل حس‪DD‬ب عب‪DD‬ارات الفص‪DD‬ل ‪21‬‬
‫من م‪.‬ش " البعض من عملته القـــارين أو كــــاملهم"‪ ،‬غير أنه بالتأمل في عبارات الفصل المذكور‬
‫نــالحظ أن المش‪DD‬رع ق‪D‬د اس‪D‬تعمل عب‪D‬ارة " البعض" دون أن ي‪D‬بين كـــم ع‪D‬دد العمــال ال‪D‬ذين يمكن‬
‫طردهم ؟‬
‫وقد تجاوز فقه القضاء هذه المسألة فوقع التركيز أساسا على التفرقة بين السبب االقتص‪DD‬ادي‬
‫‪4‬‬
‫وغير االقتصادي فطبق الطرد ألسباب اقتصادية حتى على حاالت الطرد الفردي‪.‬‬
‫غير أن الفصل ‪ 21‬من خالل صيغة الجم‪DD‬ع ال‪DD‬تي اس‪DD‬تعملها وبعب‪DD‬ارة‪ " D‬البعض" ال يمكن أن‬
‫يطبق إال على الطرد الجماعي‪ D‬وبالرجوع إلى الحلول التي تقترحها لجنة مراقبة الطرد نالح‪DD‬ظ أنه‪DD‬ا‬
‫تتحدث عن الصيغة الجماعية ‪ ،‬وليس عامال واحدا فمن الصعب تصور أن طرد عامال واحدا يمكن‬
‫‪5‬‬
‫أن يحل المشكلة االقتصادية التي تتعرض لها المؤسسة"‪.‬‬

‫____________________________‬
‫‪1 – Jean Savatier : RDS 1978, p. 297 – 298, cité Par Antoine – Jeammaud « la Notion de‬‬
‫‪licenciement Pour motif économique RDS, Mars 1981, p 278 ..‬‬
‫‪2 – Fakher Ben Salem : Le pouvoir de l’administration et contrôle judiciaire dans le droit de‬‬
‫‪licenciement  en Tunisie: thèse de doctorat d’Etat, Université des sciences sociales Toulouse‬‬
‫‪1981, p 345.‬‬
‫‪3 - Antoine Jeammaud : la Notion de licenciement pour motif économique RDS , Mars‬‬
‫‪1981, p 280.‬‬
‫‪ – 4‬قرار تعقيبي مدني‪ ،‬مؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ ،1975‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ .‬ج‪ .‬ا ‪ 1975،‬أوردته كوثر شقرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪-Fakher Ben Salem op. cité, p353. 5‬‬

‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الفرنسي قد حسم هذا األم‪DD‬ر واعت‪D‬بر أن الط‪D‬رد ألس‪D‬باب‬
‫اقتصادية ال يمكن أن يشمل أقل من ع‪DD‬املين ‪1‬كم‪DD‬ا نص الفص‪DD‬ل ‪ 21‬أن إج‪DD‬راءات الط‪DD‬رد ألسبــاب‬
‫اقتصادية ال تنطبق إال على العملة القارين‪ ،‬وقد نص‪DD‬ت الـ إ‪.‬إ‪.‬م على أن العمل‪DD‬ة الق‪DD‬ارين هم " ال‪DD‬ذين‬
‫يتم استخدامهم لمدة غير معينة‪ ،‬وال‪DD‬ذين هم غ‪DD‬ير منت‪DD‬دبين للقي‪DD‬ام بأش‪DD‬غال من حين لآلخر أو بأش‪DD‬غال‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 28‬‬

‫‪2‬‬
‫طارئة"‪ .‬إذن فالعامل‪ D‬القار هو الذي يمتد عقده لمدة غير معين‪DD‬ة‪ .‬فلم ينت‪DD‬دب للقي‪DD‬ام بأعم‪DD‬ال ظرفي‪DD‬ة‬
‫وإلى جانب هذه الشروط الموضوعية التي تقتضي تدخل متفقد الشغل في هذا الط‪DD‬رد هن‪DD‬اك ش‪DD‬روط‬
‫شكلية ال بد من توفرها ‪.‬‬
‫هذه الشروط الشكلية أوجبها الفصل ‪ 21‬من م‪.‬ش الذي اقتضى أن‪DD‬ه " على ك‪DD‬ل م‪D‬ؤجر يع‪DD‬تزم ط‪DD‬رد‬
‫أو إيقاف عن العمل ألسباب اقتص‪DD‬ادية أو فني‪DD‬ة البعض من عملت‪DD‬ه الق‪DD‬ارين أو ك‪DD‬املهم أن يعلم ب‪DD‬ذلك‬
‫مسبقا تفقدية الشغل المختصة ترابيا ‪ "...‬وإذا ش‪DD‬مل الط‪DD‬رد عم‪DD‬اال منتمين لف‪DD‬روع مؤسس‪DD‬ة متواج‪DD‬دة‬
‫‪3‬‬
‫بواليتين أو أكثر فإن هذا اإلعالم يوجه إلى اإلدارة العامة لتفقدية الشغل‪.‬‬
‫ولم يتض‪DD‬من ه‪DD‬ذا الفص‪DD‬ل تحدي‪DD‬دا لش‪DD‬كل ه‪DD‬ذا اإلعالم المس‪DD‬بق ه‪DD‬ل ه‪DD‬و برس‪DD‬الة مض‪DD‬مونة‬
‫الوصول مع اإلعالم بالبلوغ‪ ،‬أو بأي وسيلة أخرى؟‪D‬‬
‫في حقيقة األمر يمثل هذا اإلعالم المسبق نقطة انطالقة فعلية لتعهد متفق‪DD‬د الش‪DD‬غل في واقع‪DD‬ة‬
‫الطرد ألسباب اقتصادية وتجسيدا واقعيا لدوره الحمائي لفائدة األجير الطرف الض‪DD‬عيف في عالقت‪DD‬ه‬
‫مع المؤجر ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار تقوم تفقدية الشغل بزيارات ميدانية لمعاينة وضعية المؤسسة لجمع كل‬
‫المعلومات الضرورية وذلك مهما كان مصدرها سواء كان صاحب المؤسسة‪ ،‬أو أحد العم‪D‬ال ال‪D‬ذين‬
‫يعملون بالمؤسسة‪ ،‬وكل ذلك بغاية التحري والتأكد من جدية الصعوبات المثارة‪.‬‬
‫وتعتبر صالحية البحث المخولة لتفقدية الشغل والتي تضمنها الفصل ‪ 174‬من م‪.‬ش من‬
‫أهم الضمانات التي تهدف إلى تقدير مدى الصبغة الجدي‪DD‬ة للط‪DD‬رد وص‪DD‬حة األس‪DD‬باب المحتج به‪DD‬ا من‬
‫المؤجر للتقليص في عدد العمال‪ ،‬ذلك أن العديد من المؤجرين يستندون إلى أسباب اقتصادية وهمية‬

‫_____________________________‬
‫‪ – 1‬الفصل ‪ 4 321‬من م ‪.‬ش ‪.‬ف‪.‬‬
‫‪ – 2‬كوثر شقرون ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ – 3‬الفصل ‪ ، 2-21‬أضيفت هذه الفقرة بمقتضى القانون عدد ‪ 62‬المؤرخ في ‪ 15‬جويلية ‪.1996‬‬
‫لتبرير نوياهم في التخلص من بعض العمال غ‪DD‬ير المرغ‪DD‬وب فيهم مث‪DD‬ل العم‪DD‬ال ال‪DD‬ذين لهم توجه‪DD‬ات‬
‫نقابية أو سياسية تتعارض مع توجهات المؤجر‪.‬‬
‫وقد أثبتت التجرب‪DD‬ة أن البحث المعم‪DD‬ق من قب‪DD‬ل متفق‪D‬د الش‪DD‬غل كث‪D‬يرا م‪D‬ا ي‪D‬ؤدي ب‪D‬المؤجر إلى‬
‫‪1‬‬
‫سحب مطلبه في إعفاء عملته من الشغل واقتراح حلول أخرى غير الطرد‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 29‬‬

‫وتعد عملية البحث مرحل‪DD‬ة تمهيدي‪DD‬ة للمص‪DD‬الحة ال‪DD‬تي اعتبره‪DD‬ا الفص‪DD‬ل ‪ 21‬من م ش من اإلج‪DD‬راءات‬
‫الوجوبية حيث تتسع سلطة تفقدية الشغل إلى إجراء المصالحة‪ D‬بين طرفي العالقة الشغلية‬
‫فق‪DD‬د اقتض‪DD‬ى الفص‪DD‬ل ‪ 3 D-21‬جدي‪DD‬د من م‪ .‬ش‪ .‬إن القي‪DD‬ام بالمحاول‪DD‬ة الص‪DD‬لحية بين الط‪DD‬رفين‬
‫المعنيين يكون في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ تعهدها‪ ،‬وقد حاول المش‪DD‬رع عن‪DD‬د تنقيح‪DD‬ه‬
‫للفصل‪ 21‬م ش بمقتضى القانون عدد ‪ 62‬المؤرخ في‪ 15‬جويلية ‪ 1996‬تجاوز المش‪D‬اكل ال‪D‬تي ك‪DD‬ان‬
‫يثيره‪DD‬ا الفص‪DD‬ل ‪ 21‬ق‪DD‬ديم نتيج‪DD‬ة ع‪DD‬دم تحدي‪DD‬د آج‪DD‬ال للنظ‪DD‬ر في مط‪DD‬الب الط‪DD‬رد وال‪DD‬ذي أدى إلى ع‪DD‬دة‬
‫تجاوزات من طرف المؤجرون ‪ ،‬باعتبار أن هؤالء كثيرا ما يعمدون إلى الط‪DD‬رد دون اح‪DD‬ترام ه‪DD‬ذه‬
‫اإلجراءات الشكلية بدعوى عدم الرد على مطلبهم من قبل تفقديات الشغل‪.2‬‬
‫وكمثال على ذلك يمكن أن نذكر القرار الذي جاء في حيثياته " إذا أجاب صاحب العمل بأنه‬
‫أطرد عاملة لضائقة اقتصادية‪ ،‬وأنه احت‪DD‬اط قب‪DD‬ل الط‪DD‬رد ف‪DD‬أعلم تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل به‪DD‬ذه الض‪DD‬ائقة وطلب‬
‫التدخل إال أن هذه المؤسسة لم تحرك ساكنا رغم إعادة تنبهيها ثانية فليس للمحكمة أن تقض‪DD‬ي علي‪DD‬ه‬
‫من أجل الطرد " ‪. 3‬‬
‫والمالحظ في إطار المحاولة الصلحية التي تجريها تفقدية الشغل بين األطراف االجتماعية‬
‫وبالنظر إلى وضعية العمال المتعرضين للطرد ألسباب اقتصادية أو فنية هو عدم وجود نزاع ح‪DD‬تى‬
‫يقع التدخل فيه بالصلح فاألمر يتعلق بمعطيات موضوعية دفعت المؤجر إلى المطالب‪DD‬ة بتقليص الي‪DD‬د‬
‫‪4‬‬
‫العاملة‪ ،‬وهو ما دفع البعض إلى التشكيك في الجدوى من استعمال المشرع لعبارة محاولة‪ D‬صلحية‬
‫______________________‬
‫‪ -1‬سناء السويسي‪ :‬لحق في الشغل‪ ،‬مذكرة إلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخ‪DD‬اص ‪ ، 1999-1998‬ص‬
‫‪.74‬‬
‫‪ - 2‬كوثر شقرون ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،3314‬ص‪D‬ادر س‪D‬نة ‪ ،1972‬التش‪D‬ريع التونس‪D‬ي للش‪D‬غل ج‪D‬زء ‪ ،I‬مجل‪D‬ة الش‪D‬غل معل‪D‬ق عليه‪D‬ا دار‬
‫اسهامات في أدبيات المؤسسة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬تونس ‪ ،1994‬ص ‪.58‬‬
‫‪ - 4‬فتحي القالعي ‪ :‬المرون‪DD‬ة في ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل من خالل تنقيح مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل لس‪DD‬نة ‪،1994‬رس‪DD‬الة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة ختم‬
‫الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪،1994‬ص ‪. 145‬‬
‫في حين اعتبر البعض اآلخر ‪ 1‬أن الجلسة الصلحية التي فرض المشرع على متفقد الشغل القيام به‪DD‬ا‬
‫هي وليدة التناقض في المصالح بين الم‪DD‬ؤجر والعام‪DD‬ل فح‪DD‬تى إن لم يوج‪DD‬د خالف أو ن‪DD‬زاع ب‪DD‬المفهوم‬
‫الوارد بالفصل ‪ 376‬من م‪.‬ج فإنه يوجد خالف في مصالح األطراف ألن العمال يري‪DD‬دون المحافظ ‪D‬ة‪D‬‬
‫على مواطن شغلهم والمؤجر يريد المحافظة على استمرارية مؤسسته‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 30‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أنه يص‪DD‬عب أن تنجح تفقدي‪D‬ة الش‪D‬غل في إج‪D‬راء المحاول‪DD‬ة‬
‫الصلحية في كل الحاالت وذلك نظرا لظروف إجراء هذه المحاولة‪ D،‬فاألجل الممنوح لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل‬
‫إلجراء هذه المحاولة هو خمسة عشر يوما من تاريخ تعهدها ه‪DD‬و أج‪DD‬ل وج‪DD‬يز ج‪DD‬دا ق‪DD‬د يقض‪DD‬ي على‬
‫المحاولة‪ D‬الصلحية قبل حتى اتخاذها وينفي كل جدوى عن دورها ‪.‬‬
‫ولكن ومهما يكن من أمر فإن تأكيد المشرع على دعم نفوذ متفقد الشغل‪ ،‬ومساهمته الفعال‪DD‬ة‬
‫في الحد من هذا النوع من الطرد‪ ،‬لهو ترجم‪D‬ة حقيقي‪D‬ة عن التوج‪D‬ه الحم‪D‬ائي لق‪D‬انون الش‪D‬غل في ه‪D‬ذا‬
‫المجال توجه حمائي يتأكد من خالل تدخل لجنة مراقبة الطرد ومساهمتها في الحد منه‪.‬‬

‫ب ‪ -‬تدخل لجنة مراقبة الطرد ‪:‬‬


‫بفشل المحاولة‪ D‬الصلحية التي تجريها تفقدية الش‪DD‬غل بين الط‪DD‬رفين ينطل‪DD‬ق دور لجن‪DD‬ة مراقب‪DD‬ة‬
‫الط‪DD‬رد‪ ،‬وفـي الحقيق‪DD‬ة فـإن إق‪DD‬رار ت‪DD‬دخل ه‪DD‬ذه اللجن‪DD‬ة يرج‪DD‬ع لـرغبة المش‪DD‬رع إلى إيجـاد حلـول‬
‫لوضعيات استثنائية فرضتها الظروف االقتصادية ال‪DD‬تي تعيش‪DD‬ها المؤسس‪DD‬ة‪ ،‬والمحافظ‪DD‬ة على تواج‪DD‬د‬
‫العامل داخلها حتى في صورة األزمات‪.‬فينبغي أن تكون المؤسسة فضاء للتعايش مع ص‪DD‬احب رأس‬
‫المال والقوة العاملة‪ D‬بصفة تحقق السلم االجتماعية ويحافظ على استمرار العالقة الش‪DD‬غلية‪ 2،‬ويرج‪DD‬ع‬
‫إنشاء لجنة مراقبة الطرد إلى األمر المؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪ 3 1940‬وأبقى عليها الفصل ‪ 21‬جدي‪DD‬د‬
‫من م‪.‬ش‪ ..‬وينص الفصل ‪ 3-21‬جديد من م ش على وج‪DD‬ود لجن‪DD‬تين األولى هي اللجن‪DD‬ة الجهوي‪DD‬ة أم‪DD‬ا‬
‫الثانية فهي اللجنة المركزية فتتعهد هذه األخيرة في صورة انتم‪DD‬اء العم‪DD‬ال المعن‪DD‬يين ب‪DD‬الطرد لف‪DD‬روع‬
‫مؤسسة متواجدة بواليتين أو أكثر وتتك‪DD‬ون اللجن‪DD‬ة الجهوي‪DD‬ة من ممث‪DD‬ل عن المنظم‪DD‬ة النقابي‪DD‬ة للعم‪DD‬ال‬
‫األكثر تمثيل وممثل عن المنظمة المهنية للمؤجرين التي ينتمي إليها المؤجر المعني‪ ،‬ويرأس هــــذه‬
‫__________________________‬
‫‪ - 1‬منير الصويد ‪ :‬سلطة المؤجر‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ‪، 2000 – 99‬ص ‪. 145‬‬
‫‪ - 2‬كوثر شقرون ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ - 3‬هذا األمر يتعلق بتنظيم مراقبة الفصل عن العمل في المؤسسات الصناعية والتجارية وقد وقع إلغاءه بمقتضى‬
‫القانون عن الفصل ‪ ،27‬المؤرخ في ‪ 30‬أفريل ‪ ،1966‬المتعلق بإصدار م‪ .‬ش ‪.‬‬
‫اللجنة رئيس تفقدية الشغل المختصة ترابيا أما اللجنة المركزية فتتألف مـــن ممث‪DD‬ل عـــن المنظم‪DD‬ة‬
‫النقابية المركزية للعمـال وممثل عن المنظمة المهنية المركزي‪DD‬ة للم‪DD‬ؤجرين ويترأس‪DD‬ها الم‪DD‬دير الع‪DD‬ام‬
‫لتفقدية الشغل‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 31‬‬

‫تجتمع لجنة مراقبة الطرد بحضور كافة أعضاءها وفي صورة عدم توفر النصاب الق‪DD‬انوني‬
‫فإن االجتماعات الالحقة‪ D‬تتم مهما كان عدد الحاضرين‪ ،‬وذلك حسب ما نص عليه الفص‪DD‬ل ‪3 – 21‬‬
‫من م‪.‬ش‪ ،‬وعلى اللجنة المذكورة أن تبدي رأيه‪DD‬ا في مل‪DD‬ف الط‪DD‬رد في أج‪DD‬ل ال يتج‪DD‬اوز ‪ 15‬يوم‪DD‬ا من‬
‫تاريخ إحالة الملف عليها‪.‬‬
‫ولكن يبدو أن أجل خمسة عشر يوما قد ال يكون كافيا لتبحث اللجنة وبعمق‪ ،‬في حالة الط‪D‬رد‬
‫المعروضة عليها ولتعطي رأيا في ذلك يكون محيط بكل جوانب المسألة‪ ،‬وعلى هذا األس‪DD‬اس س‪DD‬مح‬
‫المشرع ألطراف باالتفاق على التمديد في هذا األجل وبمثل ه‪D‬ذه الطريق‪DD‬ة يس‪D‬مح لإلرادة األط‪DD‬راف‬
‫بأن تعبر عن وجودها وتعدل األجل الق‪D‬انوني حس‪D‬بما يتماش‪D‬ى ومص‪D‬الحها وذل‪D‬ك ح‪D‬تى يك‪D‬ون عم‪D‬ل‬
‫اللجن‪DD‬ة أك‪DD‬ثر نجاع‪DD‬ة وبالت‪DD‬الي يحق‪DD‬ق الغاي‪DD‬ة المرج‪DD‬وة من ت‪DD‬دخلها ومس‪DD‬اهمتها في الح‪DD‬د من الط‪DD‬رد‬
‫الجماعي‪.D‬‬
‫تتولى لجنة مراقبة الطرد دراسة مطلب الطرد المقدم من المؤجر للتأكد من جدية المبررات‬
‫المحتج به‪DD‬ا مس‪DD‬تعينة في ذل‪DD‬ك بمختل‪DD‬ف الوث‪DD‬ائق والمعلوم‪DD‬ات ال‪DD‬تي يس‪DD‬توجبها البحث وال‪DD‬تي يل‪DD‬تزم‬
‫المؤجر بتقديمها عند كل طلب ‪ 1‬وفي صورة تعمده لتقديم تصريح خ‪DD‬اطئ أو مخ‪DD‬الف للواق‪DD‬ع يجعل‪DD‬ه‬
‫عرضة للعقوبات المنصوص عليها بالفصول ‪ 234‬و‪ 236‬و‪ 237‬من م‪.‬ش وتتمثل الوض‪DD‬عية العام‪DD‬ة‬
‫للنشاط الذي تنتمي إليه المؤسسة والوضع الخ‪DD‬اص له‪DD‬ذه األخ‪DD‬يرة المرج‪DD‬ع األساس‪DD‬ي ال‪DD‬ذي يتم على‬
‫ضوئه النظر في مل‪DD‬ف الط‪DD‬رد أو اإليق‪DD‬اف عن العم‪DD‬ل‪ ،‬إذ يق‪DD‬ع الرج‪DD‬وع للوض‪DD‬عية الس‪DD‬ابقة والحالي‪DD‬ة‬
‫والمستقبلية للمؤسسة‪ ،‬والتركيز خاصة علي ما إذا كانت لها سوابق في الطرد‪ ،‬أو البطالة الجزئي‪DD‬ة‪،‬‬
‫وذل‪DD‬ك لتتمكن اللجن‪DD‬ة من تك‪DD‬وين قناع‪DD‬ة كافي‪DD‬ة ح‪DD‬ول الحال‪DD‬ة االقتص‪DD‬ادية الحقيقي‪DD‬ة للمؤسس‪DD‬ة‪ .‬مم‪DD‬ا‬
‫سيساعدها من إبداء رأيها بصورة موضوعية في مطلب الطرد وبناء على نتائج البحث تعم‪DD‬ل لجن‪DD‬ة‬
‫مراقبة الطرد على إيجــاد الحلول المالئمة التي من شأنها أن تضمن تفادي الطرد قـــــدر االمـــكان‬

‫___________________________‬
‫‪ – 1‬انظر الفصل ‪ 3 – 21‬جديد من م‪ .‬ش‪.‬‬

‫خاصة وأن‪D‬ه في ت‪D‬أمين مراك‪D‬ز عم‪D‬ل ق‪D‬ارة حماي‪D‬ة لح‪D‬ق العام‪D‬ل في العم‪D‬ل وحماي‪D‬ة ل‪D‬ه من البطال‪D‬ة‪.‬‬
‫من الواضح أن النزعة الحمائية قد هيمنت على توجهات قانون الشغل في مج‪DD‬ال رقاب‪DD‬ة ه‪DD‬ذا الط‪DD‬رد‬
‫الجماعي‪ ،‬وقد بدا ذل‪DD‬ك جلي‪DD‬ا من خالل المهم‪DD‬ة المناط‪DD‬ة بعه‪DD‬دة لجن‪DD‬ة مراقب‪DD‬ة الط‪DD‬رد إذ تت‪DD‬دخل ه‪DD‬ذه‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 32‬‬

‫األخيرة ال لإلذن بالطرد بمجرد فشل المحاولة الصلحية التي أقامته‪DD‬ا تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل ‪ ،‬وإنم‪DD‬ا تح‪DD‬اول‬
‫قدر اإلمكان التوفيق بين الطرفين عبر إيجاد الحلول التي من ش‪DD‬أنها حماي‪DD‬ة العم‪DD‬ال بتج‪DD‬نيبهم فق‪DD‬دان‬
‫موارد رزقهم وفي هذا اإلطار ‪ ،‬خول المشرع للجن‪DD‬ة مراقب‪DD‬ة الط‪DD‬رد‪ ،‬إمكاني‪DD‬ة رفض مطلب الط‪DD‬رد‬
‫في هذه الحالة‪ D‬فإن عليها أن تعلل ذلك كأن يتضح لها مثل أن ال‪DD‬دافع وراء طلب الط‪DD‬رد يكمن أساس‪DD‬ا‬
‫في اعتبارات ذاتية ال عالقة لها بوضعية المؤسسة‪.‬‬
‫وإزاء هذا الرفض يمكن للجنة أن تقترح على المؤجر عدة حلول بديلة ذات صبغة اقتصادية‬
‫واجتماعية‪ .‬تهدف باألساس إلى تجنب الطرد قدر اإلمكان حماية األجير من ضياع مورد رزقه‬
‫و ما يمثله ذلك من انعكاسات خطيرة‪ .‬خاصة وأن هذه الحلول المعروضة بالفصل ‪ 9 D-21‬م‪ .‬ش‬
‫ليست محددة وإنما وردت على سبيل الذكر والدليل على ذلك هو استعمال المشرع لعب‪DD‬ارة " تق‪DD‬ترح‬
‫بالخصوص" وهو ما يسمح باقتراح حلول أخرى على الطرفين تمكن من توفير أكثر حماية للعم‪DD‬ال‬
‫بما يسمح خاصة من إنقاذ مواطن الشغل واالستمرار في العمل‪.‬‬
‫أما إذا تأكد للجنة أن للجوء إلى الطرد أضحي ضرورة ال مناص عنها لتجاوز مختلف‬
‫الصعوبات التي تمر بها المؤسسة فإنها تقبل مطلب الطرد مع واجب مراع‪DD‬اة االختص‪DD‬اص والقيم‪DD‬ة‬
‫المهنية للعملة المعنيين باألمر أو األقدمية داخل المؤسسة والحالة‪ D‬العائلية لألجير م‪DD‬ع حف‪DD‬ظ حق‪DD‬ه في‬
‫اللجوء للمحاكم عند حدوث اختالف‪.‬‬
‫ولئن كان إلزامية تدخل لجنة مراقبة الطرد أمرا مسلما ب‪DD‬ه واقعا‪ 1‬ونص‪DD‬ا ف‪DD‬إن الس‪DD‬ؤال ال‪D‬ذي‬
‫يطرح في هذا اإلطار يتعلق بطبيعة هذا الت‪DD‬دخل وبعب‪DD‬ارة أخ‪DD‬رى طبيع‪DD‬ة ال‪DD‬رأي ال‪DD‬ذي تقترح‪D‬ه‪ D‬ه‪DD‬ذه‬
‫اللجنة‪ ،‬باعتبار أن المشرع قد أشار إلى كون لجنة مراقبة الطرد مطالبة بإبداء رأيها ‪ 2‬مما يفيد أنها‬
‫لن تحدد بنفسها مصير عقد الشغل فعليها فقط إبداء الرأي وال يمكنها إصدار قرار نه‪DD‬ائي وه‪DD‬و دور‬
‫في غاية البساطة ألن إبداء الرأي لن يؤثر حتما على قرار الطرد المتخذ من طرف المؤجر فلجنــة‬

‫__________________________‬
‫‪– 1‬قرار تعقيبي مدني‪ ،‬عدد ‪ ،16939 – 2007‬مؤرخ في ‪ 22‬ديسمبر ‪(. 2007‬انظر الملحق) ‪.‬‬
‫‪ – 2‬الفصل ‪ ،3 – 21‬فقرة ‪ 3‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫مراقبة الطرد تتولى التقدم ببعض المقترحات‪ D‬والتي مهما تنوعت فإنه‪DD‬ا لن تل‪DD‬زم إرادة ه‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير‪.‬‬
‫والدليل على ذلك ه‪D‬و أن المش‪D‬رع يلزمه‪D‬ا بت‪D‬برير رأيه‪D‬ا كلم‪D‬ا رفض‪D‬ت مط‪D‬الب الط‪D‬رد المقدم‪D‬ة من‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 33‬‬

‫طرف المؤجر ‪ ،‬إضافة إلى ذلك فإن المشرع يسمح بع‪D‬دم أخ‪D‬ذ رأي اللجن‪D‬ة وذل‪D‬ك في ص‪D‬ورة الق‪DD‬وة‬
‫القاهرة أو اتفاق الطرفين المعنيين‪.‬‬
‫إذن تبقى لجنة مراقبة الطرد هيك‪DD‬ل رقاب‪DD‬ة استش‪DD‬اري يب‪DD‬دي رأي‪DD‬ا يمكن اآلخ‪DD‬ذ ب‪DD‬ه كم‪DD‬ا يمكن‬
‫رفضه‪ ،‬ولكن ومهما يكن من أمر فإن مجرد إبقاء المشرع على هذا الهيكل يؤكد رغبة ه‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير‬
‫في حماية العامل خاصة إذا علمنا أنه في حالة‪ D‬عدم أخذ رأي هذه اللجنة من طرف المؤجر واللجوء‬
‫‪1‬‬
‫مباشرة إلى الطرد‪ ،‬يعتبر هذا األجراء تعسفيا‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار إحداث المشرع‪ ،‬بمقتضى قانون ‪ 17‬أفريل ‪ 1995‬المتعلق بإنقاذ المؤسسات‬
‫ال‪DD‬تي تم‪DD‬ر بص‪DD‬عوبات اقتص‪DD‬ادية وفني‪DD‬ة‪ ،‬لهيك‪DD‬ل إداري جدي‪DD‬د وه‪DD‬و لجن‪DD‬ة متابع‪DD‬ة المؤسس‪DD‬ة‬
‫‪2‬‬
‫دعما لعمل هذه اللجنة‪ ،‬ومحاولة لضمان استقرار‪ D‬األج‪DD‬ير بعمل‪DD‬ه‪ ،‬إذ يتم‪DD‬يز ت‪DD‬دخلها‬ ‫االقتصادية‬
‫‪3‬‬
‫حيث تقوم بإشعار رئيس المحكمة‪ D‬االبتدائية ببوادر‬ ‫بالطابع المبكر و الوقائي إلنقاذ المؤسسة‬
‫الصعوبات االقتص‪DD‬ادية‪ ،‬ويه‪DD‬دف ه‪DD‬ذا اإلش‪DD‬عار طب‪DD‬ق الفص‪DD‬ل األول من ق‪DD‬انون ‪ 1995‬إلى "‬
‫مساعدة المؤسسات التي تم‪DD‬ر بص‪DD‬عوبات اقتص‪DD‬ادية على مواص‪DD‬لة نش‪DD‬اطها والمحافظ‪DD‬ة على‬
‫مواطن الشغل فيها و الوفاء ب‪DD‬ديونها " ورغم أن ت‪DD‬دخل ه‪DD‬ذه اللجن‪DD‬ة يه‪DD‬دف أساس‪DD‬ا إلى إنق‪DD‬اذ‬
‫‪4‬‬
‫المؤسسة إال أنه في إنقاذها إنقاذا لمواطن الشغل داخلها‪.‬‬
‫لئن سعى المشرع من خالل اإلبقاء على اإلج‪DD‬راءات الس‪DD‬ابقة للط‪DD‬رد إلى حماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير من‬
‫هذه العقوبة إذا كانت في نطاق السلطة التأديبية للمؤجر أوفي نطاق الطرد ألسباب اقتص‪DD‬ادية وفني‪DD‬ة‬
‫إال أنه قام بتفعيلها برقابة الحقة‪ D‬ما انفكت تتطور وتتعزز‪ ( .‬المبحث الثاني )‪.‬‬
‫________________________________‬
‫‪ - 1‬انظر الفصل ‪ 12 – 21‬من م‪.‬ش مضاف بمقتضى تنقيح ‪ 15‬جويلية ‪. 1996‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 16605‬في ‪ 1‬ديسمبر ‪ ، 1986‬النشرية ص ‪.25‬‬
‫‪ -‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 13406‬في ‪ 6‬أكتوبر ‪ ، 1987‬النشرية ص ‪.32‬‬
‫‪ - 2‬الفصل الرابع من قانون عدد‪ 34D‬لسنة ‪.1995‬‬
‫‪ - 3‬قد يعتبر تدخل لجنة متابعة المؤسسة االقتصادية أهم من تدخل لجنة مراقبة الطرد ألن ت‪D‬دخلها أبك‪DD‬ر وأك‪DD‬ثر‬
‫وقاية من تدخل هذه األخيرة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سنية عوني ‪ :‬التوجهات الحديث‪DD‬ة لق‪DD‬انون الش‪DD‬غل التونس‪DD‬ي‪ ،‬م‪DD‬ذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون‬
‫الخاص ‪ ،‬كلية الحقوق تونس ‪ ،1997 – 1996‬ص ‪.127‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تعزيز الرقابة الالحقة‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 34‬‬

‫وعيا منه بخطورة إنهاء عقد الشغل باعتب‪DD‬اره يه‪DD‬دد األج‪DD‬ير بحرمان‪DD‬ه من م‪DD‬ورد رزق ق‪DD‬ار‪،‬‬
‫وقصد إضفاء المزيد من الفعالية على مستوى الرقابة الالحقة‪ D‬ضد الطرد تماشيا مع نزعته الحمائية‬
‫في هذا المجال فقد سعى المشرع من خالل التنقيحات المدخلة على مجلة الشغل إلى تضييق الخن‪DD‬اق‬
‫قدر اإلمكان في حرية اإلنهاء المتاحة للمؤجر وذلك خاصة من خالل رقابة تسبيب الط‪DD‬رد ( الفق‪DD‬رة‪D‬‬
‫األولى ) رقابة يلعب فيه‪DD‬ا فق‪D‬ه القض‪D‬اء ال‪DD‬دور المح‪DD‬وري في تك‪D‬ريس ج‪D‬دواها على الص‪DD‬عيد العملي‬
‫( القفرة الثانية ) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التعزيز التشريعي والفقهي ‪.‬‬


‫ينص الفصل ‪ 14‬ثالث‪DD‬ا م ش ‪ 1‬أن‪DD‬ه " يتعين على الم‪DD‬ؤجر ال‪DD‬ذي يع‪DD‬تزم ط‪DD‬رد عام‪DD‬ل أن ي‪DD‬بين‬
‫أسباب الطرد في رسالة اإلعالم بإنهاء العمل‪ .‬ويعتبر تعسفيا الطرد الواقع دون وج‪DD‬ود س‪D‬بب حقيقي‪D‬‬
‫وجدي ي‪DD‬برره أو دون اح‪DD‬ترام اإلج‪DD‬راءات القانوني‪DD‬ة أو الترتيبي‪DD‬ة أو التعاقدي‪DD‬ة " وبه‪DD‬ذا المع‪DD‬نى ف‪DD‬إن‬
‫المؤجر لم يعد بإمكانه طرد األجير من دون وجود سبب يبرره‪ ،‬كما أنه لم يعد للمؤجر اإلمكانية في‬
‫االعتماد على أي سبب مهما كان تافها لتبرير طرد األجير ‪ 2‬كما أن هذا األخير أصبح بإمكان‪DD‬ه اآلن‬
‫أن يعلم أن في ارتكابه ألي خطأ يتصف بالجدية والحقيقية فإنه سيكون عرضة للطرد وبالت‪DD‬الي أخ‪DD‬ذ‬
‫الحيطة والحذر حتى ال يمكن المؤجر من فرصة طرده‪.‬‬
‫ولكن المشرع لم يوضح مفه‪DD‬وم الس‪DD‬بب الحقيقي‪ D‬والج‪DD‬دي للط‪DD‬رد ‪ ،‬إالّ أنّ‪DD‬ه اعت‪DD‬بر ّ‬
‫أن الخط‪DD‬أ‬
‫الفادح يع ّد من األسباب الجدية والحقيقية وعليه ولمزيد التعم‪D‬ق في استكش‪D‬اف رقاب‪DD‬ة تس‪D‬بيب الط‪D‬رد‬
‫وما توفره من حماية لألجير‪ .‬سنتعرض في مرحلة أولى إلى دراسة مفهوم السبب الحقيقي والج‪DD‬دي‬
‫( أ ) ثم في مرحلة‪ D‬ثانية محاولة تطبيق هذا المفهوم على الخطإ الفادح (ب)‬

‫أ – مفهوم السبب الحقيقي والجدي ‪:‬‬


‫ّ‬
‫إن أهم مظاهر النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‪ ،‬إحاطة ح‪DD‬ق إنه‪DD‬اء‬
‫العالقة الشغلية ببعض الضمانات خاصة إذا علمنا أن حق اإلنهاء أصبح يتطلب ارتكازه على سبب‬
‫___________________________________‬
‫‪ – 1‬الفصل ‪ 14‬ثالثا م ش ‪ :‬بعد تنقيح ‪ 21‬فيفري ‪. 1994‬‬
‫‪ - 2‬المنجي طرشونة ‪ :‬المفهوم القضائي للطرد التعسفي‪ ،‬م‪.‬ق‪.‬ت عدد ‪.1993 ، 10‬‬

‫‪1‬‬
‫" ثابت يبيح الطرد"‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 35‬‬

‫فبعد أن أبقى المشرع على الرقابة السابقة للطرد حماية األجير نجده بعد تنقيح ‪ 1994‬يتب‪DD‬نى‬
‫نظرية " السبب الحقيقي‪ D‬والجدي" لتكون إطارا قائما بعدم التعسف في ممارس‪DD‬ة ح‪DD‬ق إنه‪DD‬اء العالق‪DD‬ة‬
‫الشغلية‪.‬‬
‫وفي الحقيقة إن نظرية السبب الحقيقي‪ D‬والجدي نظرية خاص‪D‬ة بق‪D‬انون الش‪DD‬غل وهي تختل‪DD‬ف‬
‫عن النظرية العامة للسبب في االلتزام ‪ ،‬فبينما تمثل نظرية السبب في االلتزام شرط جوهريا لتكوين‬
‫العقد ال إلنهائه أي " بالغرض المباشر ال‪DD‬ذي قص‪DD‬د المل‪DD‬تزم الوص‪DD‬ول إلي‪DD‬ه من وراء إلتزامه‪ 2‬يمث‪DD‬ل‬
‫السبب الحقيقي والجدي في قانون الشغل "واجبا قانونيا يهم تبرير الط‪DD‬رد من ط‪DD‬رف الم‪DD‬ؤجر ح‪DD‬تى‬
‫‪3‬‬
‫يدفع مسؤولية اإلنهاء الغير مشروع للعقد عنه "‬
‫ومن الواضح أن المشرع التونسي عند تبنيه هذه النظرية بعد تنقيح مجلة الشغل س‪DD‬نة ‪1994‬‬
‫كان متأثرا بالق‪DD‬انون الفرنس‪DD‬ي الص‪DD‬ادر في ‪ 13‬جويلي‪DD‬ة ‪ 1973‬وال‪DD‬ذي ج‪DD‬اء بنظري‪DD‬ة الس‪DD‬بب الحقيقي‪D‬‬
‫والجدي المبرر للطرد‪ .‬وعلى هذا األساس يمكن الق‪DD‬ول أن ح‪DD‬ق اإلنه‪DD‬اء في ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل التونس‪DD‬ي‬
‫أصبح " حقا مسببا" ‪ 4‬بل أن حق اإلنهاء ليس هو الذي أصبح مسببا بل إن فعل اإلنهاء هو المس‪DD‬بب‬
‫كما يقول ‪.G. Couturier 5‬‬
‫وهكذا اقترنت فكرة ضرورة " توفر السبب الحقيقي والجدي " ب‪DD‬التعويض ك‪DD‬أثر عن القط‪DD‬ع‬
‫التعسفي لعقد الشغل خالل منتص‪DD‬ف الق‪DD‬رن ‪ ،19‬بمناس‪DD‬بة األحك‪DD‬ام الص‪DD‬ادرة عن المح‪DD‬اكم الفرنس‪DD‬ية‬
‫بخصوص دعاوي القطع التعسفي لعقد الشغل من خالل الفصل ‪ 1780‬من المجل‪D‬ة المدني‪D‬ة الفرنس‪D‬ية‬
‫ويبدوا جليا تبلور هذا المفهوم ضمن تأطير حق إنه‪DD‬اء عق‪DD‬د الش‪DD‬غل في التش‪DD‬ريع التونس‪DD‬ي من خالل‬
‫الفصلين ‪ 14‬ثالثا و‪ 14‬رابعا من مجلة الشغل التونسية ‪.‬‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،7109‬بتاريخ ‪ 10‬جانفي ‪ ،1983‬النشرية ‪ ،1983‬الجزء ‪ ،II‬ص ‪.44‬‬
‫‪ – 2‬عبـد الرزاق السنهوري ‪ " :‬الوسيط في شـــرح القانون المدني الجديد"‪ ،‬دار النهضة العربية القاهــرة ‪ ،1952‬ص‬
‫‪.414 - 413‬‬
‫‪ – 3‬خيرة الشريف ونجالء الحليوي ‪ :‬مذكرة ختم الدروس المرحلة العليا‪ ،‬المدرسة القومية لإلدارة " اإلنهاء التعسفي لعقد‬
‫الشغل المحدد المدة " نوفمبر ‪ ،2000‬ص ‪.76‬‬
‫‪4 – Pélissier « Le nouveau droit de licenciement » 2éme éd, Sirey Paris 1980, p 234.‬‬
‫‪5- G. Couturier « droit du travail » tome1, les relations individuelles de travail, collection‬‬
‫‪droit fondamental, 2 éd. 1994.‬‬
‫لكن بالرغم من ذالك فقد ظل مفهوم السبب الحقيقي والجدي غامضا‪.‬إذ لم يرد تعريفا واضح‬
‫له سواء بالقانون الفرنسي أو بالقانون التونسي‪ ،‬وبالتالي يك‪DD‬ون للقض‪DD‬اء الس‪DD‬لطة التقديري‪DD‬ة الواس‪DD‬عة‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 36‬‬

‫للتدخل كلما دعت الضرورة محاولة البحث في جدية السبب المؤدي للط‪DD‬رد وحقيقت‪DD‬ه وعموم‪DD‬ا وإن‬
‫لم يعطي التشريع تعريفا واضحا للسبب الحقيقي‪ D‬والجدي فإنه اشترط ضرورة اقتران إنه‪D‬اء العالق‪D‬ة‬
‫‪1‬‬
‫الشغلية بسبب حقيقي وجدي كمبرر لإلنهاء‪ .‬فال بد من الجمع بين الصبغة الحقيقية والجدية للطرد‬
‫وعلى هذا األساس فإنه يمكن القول أن إنهاء العالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية من دون وج‪DD‬ود س‪DD‬بب حقيقي يتص‪DD‬ف‬
‫بالجدية يكون تعسفيا وبالت‪DD‬الي يمكن األج‪DD‬ير من ح‪DD‬ق طلب التع‪DD‬ويض عن ه‪DD‬ذا القط‪DD‬ع الغ‪DD‬ير م‪DD‬برر‬
‫للعالقة الشغلية‪.‬‬
‫والسؤال المطروح في هذا المستوى يتعلق بمفهوم السبب الحقيقي والجدي؟‬

‫‪ - 1‬مفهوم السبب الحقيقي ‪:‬‬


‫إن السبب الحقيقي هو سبب موضوعي ويجب أن يكون موجدا وصحيح‪.‬‬

‫* السبب الحقيقي يجب أن يكون موضوعيا ‪.‬‬


‫لقد حاول الفقه عموما في غياب تعري‪DD‬ف تش‪DD‬ريعي للس‪DD‬بب الحقيقي رص‪DD‬د أهم المالمح ال‪DD‬تي‬
‫يجب أن يتصف بها حتى يك‪DD‬ون دعام‪DD‬ة حمائي‪DD‬ة لفائ‪DD‬دة األج‪DD‬ير ض‪DD‬د تعس‪DD‬ف الم‪DD‬ؤجر‪ ،‬فق‪DD‬د ج‪DD‬اء في‬
‫مداوالت مجلس النواب الفرنسي المتعلقة بتنقيح ‪ 1973‬بخصوص الس‪DD‬بب الحقيقي " أن‪DD‬ه ه‪DD‬و ال‪DD‬ذي‬
‫‪2‬‬
‫يتسم بالموضوعية وال يترك مجاال ألهواء الشخصية‬
‫وبن‪D‬اء على م‪D‬ا تق‪D‬دم ف‪D‬إن موض‪D‬وعية الس‪D‬بب الحقيقي‪ D‬تع‪D‬ني ع‪D‬دم نس‪D‬بة اإلنه‪D‬اء إلى عوام‪D‬ل‬
‫شخصية أو أهواء متعلقة بذات المؤجر‪ ،‬وبالتالي يجب أن يكون هـــذا السبب مؤسسا على أفعـــــال‬
‫خارجية مجسدة وملموسة‪ .‬فمجرد الشك مثال ال يمثل سببا حقيقيا لإلنهاء عقد الش‪DD‬غل‪ ،‬كم‪DD‬ا أن س‪DD‬وء‬
‫سلوك األجير أو عدم انسجامه‪ D‬مع بقية زمالئه أو مـع مؤجره ال يمكن بــــــأي حال من األحوال أن‬
‫يكون سببا حقيقيا‪ ،‬إال إذا ما تجلى في شكل وقائع مادية ملموسة‪ ،‬ومعينة بذاتها‪ .‬فانعدام ثقة المؤجر‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬يتجلى ه‪DD‬ذا التالزم من خالل عب‪DD‬ارات الفص‪DD‬ل ‪ 14‬ثالث‪DD‬ا ال‪DD‬تي اس‪DD‬تعملت ح‪DD‬رف العط‪DD‬ف" و" وه‪DD‬و م‪DD‬ا يتأك‪DD‬د من خالل‬
‫الصياغة الفرنسية لنفس الفصل التي استعملت عبارة «‪» et ‬‬
‫‪Jaque Audinet. Débats assemble Nationale 23 Mai 1973, cité Par Sinay (H),des difficulté – 2‬‬
‫‪.d’ordre Probatoire de la loi 17 /07/73 Ros Avril 1978 , p22‬‬
‫في األجير مثل ال تكون من هذا المنطلق سببا حقيقي‪DD‬ا إال إذا م‪DD‬ا ارتك‪DD‬ز ذل‪DD‬ك على أســـــاس‬
‫موضوعي بحت يمكن إثباته بصفة عملية‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 37‬‬

‫* السبب الحقيقي يجب أن يكون موجودا‬


‫عرف األستاذ المنجي طرشونة صفة الوجود للسبب الحقيقي بأن ق‪DD‬ال " إن الس‪DD‬بب الحقيقي‪D‬‬
‫هو السبب الموجود والسبب الموجود هو السبب الفعلي والسبب الفعلي هو سبب موضوعي والسبب‬
‫الموضوعي هو سبب دقيق والسبب الدقيق هو السبب الذي يس‪DD‬هل تق‪DD‬ديره والتثبت من‪DD‬ه على أس‪DD‬اس‬
‫‪1‬‬
‫وقائع مادية ملموسة‪".‬‬
‫يكون الس‪DD‬بب موج‪DD‬ودا إذن لم‪DD‬ا تك‪DD‬ون الوق‪DD‬ائع ذاته‪DD‬ا موج‪DD‬ودة ومح‪DD‬ددة بص‪DD‬فة يتمكن معه‪DD‬ا‬
‫القاضي من معرفتها عند عرضها عليه أو عند قيام‪DD‬ه ب‪DD‬التحقيق والبحث واعتب‪DD‬ارا لم‪DD‬ا تق‪DD‬دم اش‪DD‬ترط‬
‫المشرع على المؤجر أن يبين أسباب الطرد في رسالة اإلعالم‪ ،‬وأعطى لقاضي الشغل سلطة التأكد‬
‫‪2‬‬
‫من صبغة الوجود الحقيقية لها‪.‬‬
‫أما الفقه‪ D‬الفرنسي فقد عبر بدوره عن هذه الفكرة‪ D‬بالعنصر المادي للس‪DD‬بب الحقيقي والمتمث‪DD‬ل‬
‫‪3‬‬
‫في " عمل مادي ملموس وقابل لإلثبات ومرتبط بتنفيذ عقد الشغل‪".‬‬
‫إضافة إلى كل ما تقدم بخصوص ضرورة وج‪DD‬ود الس‪DD‬بب الحقيقي‪ D‬فإن‪DD‬ه يجب أن يك‪DD‬ون ه‪DD‬ذا‬
‫السبب متوفرا زمن اإلنهاء وإال فإنه يصبح خاليا من الص‪DD‬فة الحقيقي‪DD‬ة ال‪DD‬تي ت‪DD‬برر الط‪DD‬رد‪ ،‬وبالت‪DD‬الي‬
‫يمكن القول أن غياب وجود السبب الحقيقي زمن اإلنهاء يعطي لإلنهاء صبغة التعس‪DD‬ف مم‪DD‬ا ي‪DD‬ترتب‬
‫‪4‬‬
‫عنه بالضرورة حق األجير في المطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫___________________________‬
‫‪ – 1‬المنجي طرشونة « القانون الجديد للطرد" الجديد في تنقيح مجلة الش‪DD‬غل‪ -‬الجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية للمح‪D‬امين الش‪DD‬بان‪ :‬أعم‪D‬ال‬
‫الندوة المنعقدة في ‪.1994 / 04 / 29‬‬
‫‪ - 2‬انظر ( ب) من الفقرة الثانية من هذا المبحث‪.‬‬
‫‪Encyclopédie Dalloz – Répertoire de droit de travail 2ème éd. T1 « contrat de travail, p – 3‬‬
‫‪.159. et suivant‬‬
‫‪Camerlynck ( GH). de la conception civiliste du droit contractuel de résiliation -‬‬
‫‪.unilatérale, a la notion statutaire du licenciement, JCP 1958, p1425‬‬
‫‪ - 4‬يراجع الحكم االبتدائي الصادر من دائرة الشغل بصفاقس عدد ‪ 3895‬بتاريخ ‪18‬جانفي ‪. 2005‬‬
‫‪.Cass . Soc 21 novembre 2000, Juris Data 2000, N°6951 -‬‬
‫* السبب الحقيقي يجب أن يكون صحيحا ‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 38‬‬

‫لكي يكون هذا السبب الحقيقي صحيحا يجب أن تكون الوقائع المعتمدة في اإلنهاء من طرف‬
‫المؤجر هي بدورها صحيحة‪ ،‬كأن يكون العامل مثال قد قام فعال باإلضرار بالمؤسسة التي يعمــــل‬
‫فيها باعتياده السرقة أو أن األزمة االقتصادية المحتج بها قد حصلت بصفة واقعية وفعلية‪.‬‬

‫‪ – 2‬مفهوم السبب الجدي‪:‬‬


‫أمام إمساك المشرع عن تعريف السبب الجدي قام الفقه بتعريفه بمقولة أن‪DD‬ه " يك‪DD‬ون الس‪DD‬بب‬
‫جديا عندما يتسم بقدر من الجسامة‪ ،‬تجعل من المستحيل مواصلة العمل بالمؤسسة‪ ،‬من دون ض‪DD‬رر‬
‫‪1‬‬
‫وتجعل الطرد ضروريا‪".‬‬
‫يمكن القول من خالل هذا التعريف أن السبب الجدي يجب أن تتوفر فيه بالض‪DD‬رورة معي‪DD‬ار‬
‫الخطورة‪ D‬الجسيمة على السير العادي للمؤسسة وعلى مصلحتها مما يجعل أم‪DD‬ر اإلنه‪DD‬اء وفي غي‪DD‬اب‬
‫هذه الخطورة‪ D‬الجسيمة إجراء تعسفيا‪ .‬وإن الخطر المقصود هنا ليس فق‪D‬ط الخط‪D‬ر الم‪D‬ادي الملم‪D‬وس‬
‫المنعكس على إنتاج المؤسسة بل كذلك على ما من شأنه التأثير السلبي على العالقات بين العملة في‬
‫ما بينهم وبين العملة ومؤجرهم والتي تتطلب قدرا من الثقة والتجانس‪.‬‬
‫وخالصة القول فقها أن الس‪DD‬بب الحقيقي والج‪DD‬دي يجب أن يك‪DD‬ون بالض‪DD‬رورة س‪DD‬بب موج‪DD‬ود‬
‫وكذلك صحيح وهو بذلك " ثابت في الزمان ألنه س‪DD‬بب موض‪DD‬وعي مس‪DD‬تقل عن حس‪DD‬ن أو س‪DD‬وء ني‪DD‬ة‬
‫الم‪DD‬ؤجر‪ 2،‬وعلى ه‪DD‬ذا األس‪DD‬اس يمكن اعتب‪DD‬ار نظري‪DD‬ة الس‪DD‬بب الحقيقي والج‪DD‬دي للط‪DD‬رد ال‪DD‬تي تبناه‪DD‬ا‬
‫المشرع كما أسلفنا القول من أهم الوسائل التشريعية الحمائية لفائدة األجير باعتبار أنها تحد من حق‬
‫المؤجر في إنهاء العالقة الشغلية على أن يكون من المفيد التذكير في هذا اإلطار أن السبب الجــدي‬
‫________________‬
‫‪Lyon- Caen (G), Pelissier (J) et Supiot (A), Droit du travail 17ème ed 1994 p.291‬‬ ‫‪–1‬‬
‫‪.et 292‬‬
‫‪Lyon- Caen et Bonetête :« La referme du licenciement à travers la loi du 13/ 07/1973 -‬‬
‫‪.» R.D.S‬‬
‫‪2- Bernard Fournier : « le motif réel est a la fois un motif existant et un motif exacte ne‬‬
‫‪varient pas dans le temps et un motif objectif c’est à dire indépendant à la bonne ou‬‬
‫‪mauvaise humeur de l’employeur ».‬‬
‫‪ -‬انظر كذلك عبد الحفيظ بالخضير " اإلنهاء التعسفي لعقد العمل ‪ ،‬دار الحداثة للطباعة و النشر و التوزيع ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ،1986‬ص ‪.165‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 39‬‬

‫والحقيقي المبرر للطرد ال يرتبط دائما بسلوك العامل المخطئ بل قد يك‪DD‬ون مرتبط‪DD‬ا بوض‪DD‬عيته مث‪DD‬ل‬
‫وصوله إلى سن التقاعد أو أن يفقد األج‪DD‬ير مؤهالت‪DD‬ه البدني‪DD‬ة أو العقلي‪DD‬ة على إث‪DD‬ر م‪DD‬رض أو ح‪DD‬ادث‬
‫فيصبح عاجز عن مباشرة أي عمل بالمؤسسة‪ .‬كم‪DD‬ا يمكن أن يك‪DD‬ون الس‪DD‬بب الم‪DD‬برر للط‪DD‬رد مرتبط‪DD‬ا‬
‫بوضعية المؤسسة حيث يكون للمؤجر طرد بعض أوكل عملته ألسباب اقتصادية أو فنية ‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى السبب الحقيقي والجدي الموجب للطرد الذي تبناه المشرع وعمل الفقه‪ D‬على‬
‫توضيح معالمه وضبط حدوده‪ ،‬والذي على األجير اجتن‪DD‬اب اقتراف‪DD‬ه ح‪DD‬تى ال يك‪DD‬ون عرض‪DD‬ة للط‪DD‬رد‬
‫ولمزيد توضيح الرأي أمام هذا األجير‪ ،‬قام المشرع‪ ،‬بإدراج الخطأ الفادح معت‪D‬برا إي‪D‬اه من األس‪D‬باب‬
‫الحقيقية والجدية المبررة للطرد وهك‪DD‬ذا أص‪DD‬بح ألج‪DD‬ير اإلمكاني‪DD‬ة األك‪DD‬بر لتفادي‪DD‬ه خاص‪DD‬ة بع‪DD‬د ض‪DD‬بط‬
‫المشرع لمجموعة من األخطاء الفادحة‪ ،‬والتي وإن جاءت على سبيل الذكر ال الحص‪DD‬ر‪ ،‬فإنه‪DD‬ا على‬
‫كل حال مكنت األجير من فرصة تجنب قدر اإلمكان الوقوع في إحدى هذه األخطاء‪.‬‬

‫ب ‪ -‬تطبيق مفهوم السبب الحقيقي والجدي على الخطأ الفادح‬


‫ورد الحديث عن الخطأ‪ D‬الفادح في مجلة الشغل صلب الفصلين ‪ 14‬جديد و‪ 14‬رابعا منها‪ ،‬إذ‬
‫عبر المشرع عــن لفظة " الهفوة الخطيرة " المستعملة فقها " بالخطأ الف‪DD‬ادح " بينم‪DD‬ا وردت لفظــة‬
‫" الهفوة الفادحة‪ " D‬باالتفاقية اإلطارية المشتركة‪.‬‬
‫لكن رغم تعداد الحاالت التي اعتبرها المش‪DD‬رع من قبي‪D‬ل الخط‪D‬أ‪ D‬الف‪DD‬ادح ص‪DD‬لب م‪.‬ش فإنن‪D‬ا ال‬
‫نجد تعريفا واضحا لهذا المفهوم‪ ،‬وانطالقا من غياب التعريف الدقيق للخطأ الف‪DD‬ادح ك‪DD‬ان للفق‪DD‬ه دورا‬
‫أساسيا‪ ،‬الذي اعتبره " األم‪DD‬ر ال‪DD‬ذي يجع‪DD‬ل االحتف‪DD‬اظ بالعالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية غ‪DD‬ير ممكن ح‪DD‬تى أثن‪DD‬اء م‪DD‬دة‬
‫‪1‬‬
‫اإلعالم بالطرد ويكون بطبيعته سببا شرعيا للطرد"‬
‫ومن خالل التعرض للفصل ‪ 14‬رابعا من م ‪.‬ش نالحظ أن المش‪DD‬رع ق‪DD‬د نق‪DD‬ل حرفي‪DD‬ا ح‪DD‬االت‬
‫الخطأ‪ D‬الفادح الواردة بالفصل ‪ 37‬من إ‪.‬إ‪.‬م‪ ،‬هذا الفصل كان يحتوي على ست ح‪DD‬االت فق‪DD‬ط " للهف‪DD‬وة‬
‫الفادحة"‪ D‬إال أنه بعد تنقيح االتفاقية اإلطاري‪D‬ة المش‪D‬تركة بمقتض‪DD‬ى الملح‪DD‬ق التع‪D‬ديلي الم‪D‬ؤرخ في ‪15‬‬
‫أكتوبر ‪ 1992‬وقعت إضافة خمس حاالت أخرى من ضمنها العمل والتقصير المتعم‪DD‬د ال‪DD‬ذي مــــن‬
‫شأنه أن يعرقل سير النشاط العادي للمؤسسة أو يلحق ضررا بمكاسبها‪ ،‬كذالك التخفيض في حجــم‬
‫_____________________‬
‫‪ -1‬الطيب اللومي ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬
‫‪ -‬يراجع كذلك ‪:‬‬
‫‪.Camerlynck : Droit du travail, T1, 1992, p460 -‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 40‬‬

‫اإلنتاج أو نوعيته الناتج من سوء استعداد ظاهر وكذلك إفشاء سر مهني من أسرار المؤسسة‪.‬‬
‫إن هذه الحاالت تحيلنا مباشرة إلى الحديث بأكثر تفصيل عن جملة األخط‪DD‬اء الفادح‪DD‬ة ال‪DD‬تي اعتم‪D‬دها‬
‫المشرع ‪.‬‬

‫* األفعال التي اعتبرها التشريع من قبيل الخطأ الفادح‪.‬‬


‫جاء الفصل ‪ 14‬رابعا جديد من م‪.‬ش ما يلي " ويمكن أن تعتبر بالخصوص الح‪DD‬االت التالي‪DD‬ة‬
‫أخطاء فادحة وذلك حسب الظروف التي وقع فيها ارتكابها ‪:‬‬
‫‪ –1‬العمل أو التقصير المتعم‪DD‬د ال‪DD‬ذي من ش‪DD‬أنه أن يعرق‪DD‬ل س‪DD‬ير النش‪DD‬اط الع‪DD‬ادي للمؤسس‪DD‬ة أو يلح‪DD‬ق‬
‫الضرر بمكاسبها ‪ :‬ولتعت‪DD‬بر ه‪D‬ذه الهف‪DD‬وة فادح‪DD‬ة وموجب‪DD‬ة للط‪DD‬رد وقص‪D‬د دعم حماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير وض‪DD‬ع‬
‫المشرع شرطين‪ ،‬وهما أن تكون الهفوة متعمدة من جهة وأن تعرقل سير النش‪DD‬اط الع‪DD‬ادي للمؤسس‪DD‬ة‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وما تجدر اإلشارة إليه هو أن ش‪DD‬رط التعم‪DD‬د لم يكن منصوص‪DD‬ا علي‪DD‬ه في المش‪DD‬روع‬
‫األصلي للتنقيح إذ تمت إضافة عبارة " المتعمد" إثر مداوالت مجلس النواب ‪ 1‬وهو ما من ش‪DD‬أنه أن‬
‫يجعل التقصير غير المتعمد وإن نتج عنه ضرر بالمؤسس‪DD‬ة ال يعت‪DD‬بر هف‪DD‬وة فادح‪DD‬ة طالم‪DD‬ا ت‪DD‬بين وأن‬
‫العامل قد قام بكل االحتياطيات الالزمة مع ذلك حص‪D‬ل الض‪D‬رر‪ ،2‬ومث‪D‬ل ه‪D‬ذا الص‪D‬نف من الهف‪D‬وات‬
‫الفادحة‪ D‬يبين االلتزامات المحمولة على كاهل األجير بمقتضى تعاقد للعمل مع المؤجر فالعامل ملزم‬
‫بعدم عرقلة السير العادي للمؤسسة ‪ ،‬وعدم إلحاق‪ D‬األضرار بها كما أنه من واجبه تنفيذ ما من ش‪DD‬أنه‬
‫تحقيق مصلحة المؤسسة‪.‬‬
‫‪ – 2‬التخفيض في حجم اإلنتاج أو نوعية الن‪DD‬اتج عن س‪DD‬وء اس‪DD‬تعداد ظ‪DD‬اهر‪ ،‬ه‪DD‬ذه الص‪DD‬ورة ال‪DD‬واردة‬
‫بمجلة الشغل وباالتفاقية اإلطارية كانت في الحقيق‪D‬ة‪ D‬قب‪DD‬ل تنقيح مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل س‪DD‬نة ‪ 1994‬من جمل‪DD‬ة‬
‫موضوع الفص‪DD‬ل ‪ 24‬الملغي منه‪DD‬ا وال‪DD‬ذي ينص على أن "الط‪DD‬رد الواق‪DD‬ع لهف‪DD‬وة خط‪DD‬يرة أو لض‪DD‬عف‬
‫مهني أو لقلة في اإلنتاج ناشئة عن سوء استعداد ظاهر" ال يخول المطالبة بالغرامة‪ ،‬إال أنه البد من‬
‫أخذ رأي لجنة التصنيف من قبل في صورة الضعف المهني أو قلة إنتاج الناش‪DD‬ئة عن س‪DD‬وء اس‪DD‬تعداد‬
‫ظاهر"‪ ،‬فكأن المشرع أراد من جهة حسم موضوع طبيعة هاذين الفعلين واعتبراهما من قبل الخطأ‪D‬‬
‫ومن جهة أخرى أراد إخضاع أمر تقدير مدى جديتهما إلعتبارهما موجبان للطرد للدائرة الشغليــة‬
‫__________________________‬
‫‪ – 1‬مداوالت مجلس النواب عدد‪ ،32‬جلسة يومي الثالثاء واالربعاء ‪ 9- 8‬فيفري ‪ ، 94‬ص ‪.95‬‬
‫‪.Cass . Soc 8 octobre 1987, liaisons sociales 1988, p 25 -‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 41‬‬

‫دون غيرها من الجهات اإلدارية التي كان ينبغي االلتجاء إليها وجوبا قبل االلتجاء للقضاء ‪.1‬‬
‫‪ -3‬عدم امتثال العامل للقواعد المتعلقة بحفظ الصحة والسالمة أثناء العم‪DD‬ل أو ع‪D‬دم اتخ‪DD‬اذه م‪DD‬ا يل‪DD‬زم‬
‫من التدابير لتحقيق سالمة العمل‪DD‬ة المس‪DD‬ؤول عنهم أو لص‪DD‬يانة األش‪DD‬ياء المناط‪DD‬ة بعهدت‪DD‬ه‪ .‬وق‪DD‬د أوجب‬
‫المشرع أن تكون تلك القواعد مكتوبة ومعلقة في مكان ظاهر‪.‬‬
‫‪ – 4‬االمتناع الغير المبرر عن تنفيذ األوامر المتعلقة بالعمل والصادرة بص‪DD‬فة قطعي‪DD‬ة عن الهيئ‪DD‬ات‬
‫المختصة بالمؤسسة‪" .‬ذلك أن العامل قد يدعى للقيام بعمل غير المسند له أساسا ومادام في إطار م‪DD‬ا‬
‫هو مخول للمؤجر دون المس بكرامة العامل وحقوقه فليس له‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير االمتن‪DD‬اع عن القي‪DD‬ام ب‪DD‬ذالك‬
‫العمل خاصة إذا كانت المؤسسة في خطر أو حالتها تستوجب القيام بمثل ذالك العمل وال خطر على‬
‫‪2‬‬
‫العامل في إنجازه‪."D‬‬
‫‪ – 5‬الحصول على منافع مادية وقب‪DD‬ول مزاي‪DD‬ا له‪DD‬ا عالق‪DD‬ة بس‪DD‬ير المؤسس‪DD‬ة أو على حس‪DD‬ابها‪ ،‬وذل‪DD‬ك‬
‫بطريقة غير مشروعة‪ .‬كأن يقوم العامل بإنجاز أعمال لفائدة الغ‪DD‬ير ويتقاض‪DD‬ى مقاب‪DD‬ل عليه‪DD‬ا‪ ،‬ويجب‬
‫أن تكون لهذه األعمال األثر السيئ على سير المؤسسة‪.‬‬
‫‪ – 6‬السرقة أو استعمال العامل لمص‪D‬لحته الخاص‪DD‬ة األم‪D‬وال أو القيم أو األش‪D‬ياء ال‪DD‬تي أؤتمن عليه‪D‬ا‬
‫بسبب مركز العمل الذي شغله‪ .‬والمالحظ بخصوص هذه الحالة أن فقه القض‪DD‬اء ق‪DD‬د توس‪DD‬ع في فهم‪DD‬ه‬
‫للخطأ‪ D‬الفادح إذ حتى ثبوت واقعة السرقة وحدها بدون ص‪D‬دور حكم ج‪D‬زائي ض‪D‬د العام‪D‬ل يعت‪D‬بر من‬
‫قبيل الخطأ الفادح الموجب للطرد ‪ 3‬فيكفي ثبوت توفر أركان الجريمة بوجه قطعي وك‪DD‬ذلك إس‪DD‬نادها‬
‫للعامل بأي وسيلة من وسائل اإلثبات حتى يتكون الخطأ الفادح‪.‬‬
‫‪ – 7‬تناول المشروبات الكحولية أثناء العمل وكذلك الحضور لمركز العمل بحال‪DD‬ة س‪DD‬كر واضح في‬
‫هذه الحالة‪ D‬يجب أن يكون السكر واضحا على معنى الفصل ‪ 317‬مـــن م‪.‬ج‪ ،‬أي واض‪D‬حا بش‪D‬كل ل‪D‬و‬
‫‪4‬‬
‫كان معه مرتكبه بالطريق العام لوقعت مؤاخذته جزائيا‪.‬‬
‫وفي الحقيقة إن المشرع علق حالة‪ D‬السكر على حصوله أثناء العم‪DD‬ل ولم يح‪DD‬دد المك‪DD‬ان ال‪DD‬ذي‬
‫وجد فيه العامل بحالة سكر‪ ،‬ومعنى ذالك أن العامل في وقت العمل المفروض فيـه أن يكـــون على‬
‫___________________________‬
‫‪ – 1‬الطيب اللومي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ – 2‬قرار تعقيبي مدني ع‪DD‬دد ‪ ،44480‬ص‪D‬ادر بت‪D‬اريخ ‪ 28‬نوفم‪DD‬بر ‪،1994‬غ‪DD‬ير منش‪DD‬ور‪ ،‬ذك‪D‬ره الطيب الل‪DD‬ومي في مرجع‪D‬ه‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ – 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،35017‬صادر بتاريخ ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،1992‬القسم المدني‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪ – 4‬الفصل ‪ 317‬من المجلة الجنائية‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 42‬‬

‫ذمة المؤسسة أينما وجد وفي حالة عادية ‪.1‬‬


‫‪ – 8‬الغياب عن العمل أوترك مركز العمل بصورة ثابتة وغ‪DD‬ير م‪DD‬بررة ودون ت‪DD‬رخيص س‪DD‬ابق من‬
‫المؤجر أو ممن ينوبه‪.‬‬
‫والمالحظ في هذا الصدد أن مسألة تقدير السبب المبرر للمغ‪DD‬ادرة أو الغي‪DD‬اب يرج‪DD‬ع للس‪DD‬لطة‬
‫التقديرية للقاضي في مدي اعتباره سببا وجيها من عدمه‪ .‬فمثال مغادرة العام‪DD‬ل لمرك‪DD‬ز عمل‪DD‬ه نظ‪DD‬را‬
‫لظروف طارئة كوفاة ابن أو والد أو وضع الزوجة لمولود يعد من قبيل الس‪DD‬بب الم‪DD‬برر للغي‪DD‬اب وال‬
‫يجوز اعتباره من هذا المنطلق خطأ فادح‪.‬‬
‫‪ -9‬قيام العامل أثناء عمله أو بمكان العم‪DD‬ل بأعم‪DD‬ال عن‪DD‬ف أو تهدي‪D‬د وقعت معانيته‪DD‬ا وذل‪DD‬ك ض‪D‬د ك‪D‬ل‬
‫شخص تابع أو غير تابع للمؤسسة‪ ،‬هذه األعمال يمكن إثباتها بجميع وسائل اإلثبات من ذلك تحري‪DD‬ر‬
‫محضر بحث من قبل أعوان األمن‪ ،‬والمالحظ أن التهديد يمكن أن يكون بالفعل أو بمجرد القول‪.‬‬
‫‪ -10‬إفشاء سر مه‪DD‬ني من أس‪DD‬رار المؤسس‪DD‬ة في غ‪DD‬ير الح‪DD‬االت المس‪DD‬موح به‪DD‬ا بالق‪DD‬انون ه‪DD‬ذه الحال‪DD‬ة‬
‫باإلضافة إلى اعتبارها من األخط‪DD‬اء الفادح‪DD‬ة من قب‪DD‬ل المش‪DD‬رع ك‪DD‬ذلك هي تخ‪DD‬ول للم‪DD‬ؤجر المطالب‪DD‬ة‬
‫بالتعويض‪ ،‬ذلك أن إفشاء السر المهني قد يؤدي حتى إلى المؤاخذة الجزائية ‪ 2‬في بعض المهن وذلك‬
‫العتبارات اقتصادية واجتماعية وأخالقية‪.‬‬
‫‪ – 11‬االمتناع بصورة ثابتة عن مد يد المساعدة في حال‪D‬ة خط‪D‬ر مح‪D‬دق بالمؤسس‪D‬ة أو باألش‪D‬خاص‬
‫المتواجدين بها‪ .‬ويشترط في هذه الحال‪D‬ة‪ D‬أن ال يك‪DD‬ون في قي‪DD‬ام العام‪DD‬ل بالمس‪DD‬اعدة خط‪DD‬ر يه‪DD‬دده دون‬
‫توقف على موقف المؤجر الذي يعبر عن مصالحة دون إيالء اعتبار ألخطار التي قد تلحق بالعام‪D‬ل‬
‫وتهدد صحته وحياته‪.‬‬
‫وهكذا وباستعراض جملة هذه األفعال التي اعتبرها التشريع من قبيل األخطاء الفادح أصبح‬
‫ومن‪DD‬ذ س‪DD‬نة ‪ 1994‬لألج‪DD‬ير أوف‪DD‬ر الض‪DD‬مانات لالس‪DD‬تقرار في عمل‪DD‬ه باعتب‪DD‬ار أن علم‪DD‬ه المس‪DD‬بق به‪DD‬ذه‬
‫األخطاء سيمكنه من محاولة تجنبها قدر اإلمكان وبالتالي التفويت على المؤجر إمكانية ط‪DD‬رده‪ ،‬ه‪DD‬ذه‬
‫الضمانات تعززت أكثر من خالل ما أصبح يلعبه القاض‪DD‬ي الش‪DD‬غلي من دور كب‪DD‬يرا في مراقب‪DD‬ة ه‪DD‬ذه‬
‫األخطاء المنسوب لألجير وهو دور يكرس بطريقة أو باألخرى النزعة الحمائية لق‪DD‬انون الش‪DD‬غل في‬
‫مجال الطرد من العمل ‪.‬‬
‫__________________________‬
‫‪ - 1‬الطيب اللومي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫‪ – 2‬الفصل ‪ 185‬من المجلة الجنائية‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 43‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التعزيز الفقه قضائي‬


‫لم يعرف قانون الشغل خطأ األجير‪ ،‬ولم يضع قائمة حصرية في األخطاء التي يبرر تس‪DD‬ليط‬
‫عقوب‪DD‬ة الط‪DD‬رد ض‪D‬ده‪ .‬وأم‪D‬ام غي‪D‬اب التعري‪D‬ف التش‪DD‬ريعي لعب فق‪DD‬ه القض‪DD‬اء دورا حاس‪DD‬ما في إرس‪DD‬اء‬
‫وتكريس مفهوم محدد للخطأ‪ D‬الف‪D‬ادح (أ) ه‪D‬ذا باإلض‪D‬افة إلى الس‪D‬لطة التحقيقي‪D‬ة الواس‪D‬عة ال‪D‬تي أص‪D‬بح‬
‫يتمتع بها القاضي للوقوف على جدية وحقيقة هذا الخطأ‪( D‬ب) ‪.‬‬

‫أ‪ -‬المفهوم القضائي للخطأ الفادح ‪.‬‬


‫رغم محاولة المشرع وبمقتضى تنقيح فيف‪D‬ري ‪ 1994‬لمجل‪D‬ة الش‪D‬غل مزي‪D‬د اإلحاط‪D‬ة‪ D‬بمفه‪D‬وم‬
‫الهفوة الفادحة عبر التعرض للبعض من حاالته وفي ضل غياب تعريف تشريعي في كل من م‪.‬ش‬
‫الشغل أوفي إ‪.‬إ‪.‬م مثلما وقعت اإلشارة إلى ذلك حاول فقه القضاء اإلحاطة‪ D‬بهذا المفه‪DD‬وم‪ 1‬لم‪DD‬ا ل‪DD‬ه من‬
‫أهمية في حماية العامل من الطرد التعسفي لعدم وجود سبب حقيقي‪ D‬وجدي يبرره وذلك ع‪DD‬بر تحدي‪DD‬د‬
‫شروطه ‪ 1‬وضبط معاييره ‪.2‬‬

‫‪ -1‬شروط الخطأ‪ D‬الفادح ‪:‬‬


‫إن الخطأ الفادح وحسب ما استقر عليه فقه القضاء يجب أن يكون أوال قد صدر عن العام‪DD‬ل‬
‫بصفة شخصية‪ ،‬باعتبار أن الطرد الرتكاب العامل لهفوة فادحة يؤدي لحرمان‪ D‬هذا األجير من عمله‬
‫ومن كل حق في الغرامات التعويضية لذلك ال يمكن أن نتصور أن عقوبة الطرد قد تسلط على غير‬
‫المرتكب للهفوة الفادحة‪ D،‬وفي ذلك تكريس واضح لمبدأ شخصية العقوب‪D‬ة‪ ،‬كم‪D‬ا أن‪D‬ه يع‪D‬د مظه‪D‬را من‬
‫مظاهر االختالف بين المسؤولية المدنية ال‪DD‬تي ق‪DD‬د تك‪DD‬ون مس‪DD‬ؤولية عن فع‪DD‬ل الغ‪DD‬ير وبين المس‪DD‬ؤولية‬
‫التأديبية التي ال يمكن أن تكون إال مسؤولية شخصية‪.‬‬
‫وباإلضافة لهذا الش‪DD‬رط األول المتعل‪DD‬ق بشخص‪DD‬ية الخط‪D‬أ‪ D‬الف‪DD‬ادح‪ ،‬ف‪DD‬إن ه‪DD‬ذا الخط‪DD‬أ يجب أن‬
‫يكون مرتكبا أثناء مدة تنفيذ عقد الشغل‪ .‬ويختلف األمر بحس‪DD‬ب ن‪DD‬وع العق‪DD‬د‪ ،‬ف‪DD‬إذا تعل‪DD‬ق األم‪DD‬ر بعق‪DD‬د‬
‫شغل مبرم لمدة غير محددة فإن العقد يظل قائما بالرغم من إعالم أحد الطرفين لآلخر بإنهاء العالقة‬
‫الشغلية إلى حين تمام األجل‪ ،‬وعليه فإذا ما ارتكب العامل خطأ فادح‪D‬ا‪ D‬أثن‪DD‬اء م‪D‬دة اإلعالم فإن‪DD‬ه يمكن‬
‫للمؤجر أن ينهي في الحين عقد الشغل فيحرم تبعا لذلك العامل من الغرامات‪ D‬الناتجة عن طرده ألن‬
‫___________________________‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 23033‬مؤرخ في ‪ 16‬جوان ‪ 2003‬ن م ت ‪.2003‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 44‬‬

‫الطرد يصبح هنا مبررا‪ ،‬هذا ويجب على المؤجر أن يمارس حقه في إنهاء عقد الشغل بسبب الهفوة‬
‫إلى حين انقضاء العقد فإنه ال يجوز له بعد ذالك االستناد إلى تلك الهفوة لحرمان العامل من حقه في‬
‫الغرامات التعويضية‪.1‬‬
‫وفي نفس السياق فإن الهفوة يجب أن تصدر مبدئيا بمكان العمل وفي أوقاته ذل‪DD‬ك أن العام‪DD‬ل‬
‫خالل هذه الفترة يكون تابعا لمؤجره وخاضعا لرقابت‪DD‬ه إال أن هن‪DD‬اك التزام‪DD‬ات يتحمله‪DD‬ا العام‪DD‬ل ول‪DD‬و‬
‫خارج‪ D‬أوقات العمل‪ .‬والتي لها تأثير على المؤسسة مثل االلتزام بعدم إفشاء السر المهني‪ ،‬وهنــــاك‬
‫تصرفات وإن أتاها العامل خارج‪ D‬المؤسسة وخارج‪ D‬أوقات العمل تعد من قبيل األخطاء الفادحة‪ D‬التي‬
‫تبرر طرده كتعاطي المخدرات و السرقة‪ ،‬وذلك يفسر بخصوصية عقد الشغل بوصفه عقد يتأثر في‬
‫‪2‬‬
‫تنفيذه بسلوك العامل‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس اعتبرت محكمة التعقيب أن " تخلف العامل مدة تزيد عن ثالثة أشهر‬
‫عن عمله وتركه لواجباته بموجب دخوله السجن في جريمة أخالقية يعد من‪DD‬ه هف‪DD‬وة خط‪DD‬يرة ت‪DD‬وجب‬
‫‪.3‬‬
‫الطرد "‬
‫إضافة للشرطين سابقي الذكر أضاف فقه القضاء شرط ثالث وهو أن يك‪DD‬ون ج‪DD‬زاء الم‪DD‬ؤجر‬
‫للعامل المرتكب للخطأ‪ D‬الفادح قريب‪D‬ا من ارتكاب‪D‬ه‪ ،‬باعتب‪D‬ار أن‪D‬ه ال يمكن للم‪D‬ؤجر أن يم‪D‬ارس س‪D‬لطته‬
‫التأديبية في كل وقت يشاء بل هو مقيد بآجال‪ .‬إذ أن عدم استعماله لحقه‪ D‬في الطرد بعد علمه ب‪DD‬الهفوة‬
‫بمدة زمنية طويلة يعد تنازال من‪D‬ه عن التمس‪D‬ك بتل‪D‬ك الهف‪D‬وة‪ .‬وق‪D‬د اعت‪D‬برت محكم‪D‬ة التعقيب في ه‪D‬ذا‬
‫االتجاه أن " الغلطات الفادحة التي ارتكبها العامل قبل شهر من ت‪DD‬اريخ قط‪DD‬ع العم‪DD‬ل وعف‪DD‬و الط‪DD‬اعن‬
‫عنها بعد إرتكابها لتلك األخطاء على فرض وجودها ف‪DD‬إن تمكين العام‪DD‬ل من مواص‪DD‬لة العم‪DD‬ل يمح‪DD‬و‬
‫آثار تلك األخطاء"‪.‬‬
‫وفي إقرار مثل هذا الشرط ح‪DD‬د من س‪DD‬لطة الم‪DD‬ؤجر التأديبي‪DD‬ة في الزم‪DD‬ان ح‪DD‬تى ال تبقى س‪DD‬يفا‬
‫يمكن أن يهدد به العامل في أي وقت يشاء وحتى ال يتمسك المؤجر بأخطاء قديمة لطرد العامل‪.‬‬

‫________________________‬
‫‪Martine Meunier Boffa «  Droit de travail et Protection sociale », éd. les cours de – 1‬‬
‫‪.droit 1998,  p67‬‬
‫‪ - 2‬حافظ العموري ‪ :‬إنهاء عقد الشغل‪ ،‬المجلة التونسية للقانون االجتماعي عدد ‪، 1995، 7‬ص ‪. 11‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،18288‬صادر بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1989‬ن م ت ‪.1989‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 45‬‬

‫‪ - 2‬معايير الخطأ الفادح ‪:‬‬


‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 14‬رابعا جديد من م‪ .‬ش وكذلك الفصل ‪ 37‬من إ‪.‬إ‪.‬م نج‪DD‬د أن المش‪DD‬رع‬
‫ينص على أن فداحة الهفوة يقع تقديرها بالنظر للظروف ال‪DD‬تي وق‪DD‬ع فيه‪DD‬ا ارتكابه‪DD‬ا ولن‪DD‬وع الوظي‪DD‬ف‬
‫الشاغل له العامل المرتكب للخطأ مع النظر لفداحة م‪DD‬ا ل‪DD‬ه من نت‪DD‬ائج‪ 1‬وتطبيق‪DD‬ا لم‪DD‬ا أتى ب‪DD‬ه المش‪DD‬رع‬
‫اعتمد فقه القض‪DD‬اء معي‪DD‬ارين اث‪D‬نين لتحدي‪D‬د مفه‪DD‬وم الخط‪D‬أ‪ D‬الف‪DD‬ادح‪ ،‬األول موض‪DD‬وعي والث‪DD‬اني ذاتي ‪.‬‬
‫وباالعتماد على المعي‪DD‬ار الموض‪DD‬وعي تختل‪DD‬ف أهمي‪DD‬ة الض‪DD‬رر حس‪DD‬ب طبيع‪DD‬ة االل‪DD‬تزام ال‪DD‬ذي تخل‪DD‬ف‬
‫األجير عن الوفاء به في نطاق شغله ذلك أن الضرر يقع تحديده حسب نتيجة وم‪DD‬دى عرقلت‪DD‬ه للس‪DD‬ير‬
‫العادي للمؤسسة ‪ 2‬ومثال ذلك ما أوجبه الفص‪DD‬ل ‪ 23‬من إ‪.‬إ‪.‬م " أن‪DD‬ه على األج‪DD‬ير ع‪DD‬دم التغيب ب‪DD‬دون‬
‫إذن مسبق من المؤجر وفي حالة التغيب المفاجئ‪ D‬على األجير اإلسراع بإعالم مؤجره بذلك‪.‬‬
‫وقــد أكد فق‪DD‬ه القض‪DD‬اء أن التغيب ب‪D‬دون ت‪DD‬رخيص مس‪DD‬بق يمث‪DD‬ل هف‪DD‬وة فادح‪DD‬ة ت‪DD‬برر الط‪DD‬رد‪.3‬‬
‫محكمة التعقيب تقدر غياب األجير عن العمل دون ترخيص مسبق وتكيفه خطأ فـــادح أو تنفي عن‪DD‬ه‬
‫هذه الصفة ‪ 4‬حسب الظروف والمالبسات التــي ارتكب فيها ه‪DD‬ذا الخط‪DD‬أ‪ .‬من ذل‪DD‬ك أن ت‪DD‬أخر العام‪DD‬ل‬
‫عن االلتح‪DD‬اق بعمل‪DD‬ه في ال‪DD‬وقت المح‪DD‬دد ب‪DD‬دون أن ينج‪DD‬ر عن‪DD‬ه إخالل بالس‪DD‬ير الع‪DD‬ادي للعم‪DD‬ل داخ‪DD‬ل‬
‫المؤسسة ال يمثل في جانبه هفوة فادحة ألن الض‪DD‬رر الحاص‪DD‬ل وق‪DD‬تي ويمكن للم‪DD‬ؤجر أن يج‪DD‬د الح‪DD‬ل‬
‫المالئم لتفاديه‪ ،‬بل أكثر من ذل‪DD‬ك اعت‪DD‬برت محكم‪DD‬ة التعقيب أن " غي‪DD‬اب العام‪DD‬ل غ‪DD‬ير الم‪DD‬برر ودون‬
‫ترخيص يعد هفوة فادحة تبرر الطرد‪ ،‬بيد أنه على الم‪DD‬ؤجر في ه‪DD‬ذه الحال‪DD‬ة اس‪DD‬تعمال اآللي‪DD‬ات ال‪DD‬تي‬
‫جاء بها القانون ومنها التنبيه على عامله بالرجوع إلى عمل‪DD‬ه وت‪DD‬برير تغيب‪DD‬ه‪ ،‬وعرض‪DD‬ه على مجلس‬
‫‪5‬‬
‫التأديب عند االقتضاء ‪"...‬‬
‫نستنتج من هذه الحيثية أن الغياب وإن كان يشكل خطأ‪ D‬فادحا يستوجب الطرد إال أن اللج‪DD‬وء‬
‫إلى هذا اإلجراء من دون احترام ترتيبات معينة يعد تعسفيا ‪.‬‬
‫_____________________________‬
‫‪ - 1‬سامي العش ورضا خماخم‪ " :‬الطرد التعسفي في القانون التونسي"‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع جوان ‪ ،1992‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 2‬محمد شوقي العبيدي‪ " :‬الطرد التعسفي في القانون التونسي"‪ ،‬مذكرة ختم دروس شهادة الدارس‪DD‬ات العلي‪DD‬ا المتخصص‪DD‬ة‪،‬‬
‫اختصاص نزاعات المؤسسة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ‪ ،2001 – 2000‬ص‪.11‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،6200‬مؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪ ،2001‬النشرية ‪ ، 2001‬جزء مدني‪ ،‬ص ‪.299‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،18529‬مؤرخ في ‪ 16‬أكتوبر‪ ،1989‬النشرية ‪ ، 1989‬ص ‪.388‬‬
‫‪ - 5‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،62628‬م‪DD‬ؤرخ في ‪ 10‬ج‪DD‬وان ‪ ،1999‬مجموع‪DD‬ة ق‪DD‬رارات ال‪DD‬دوائر المجتمع‪DD‬ة لمحكم‪DD‬ة التعقيب‬
‫‪ ،1999 – 1998‬ص ‪.107‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 46‬‬

‫وفي خصوص أعمال العنف المرتكبة داخل المؤسسة اعتبرت محكمة التعقيب أن هذه األعمال‬
‫يمكن أن تعتبر أخطاء فادحة وذلك حسب الظروف التي وقع فيها ارتكابها غير أن‪DD‬ه و" طالم ‪D‬ا‪ D‬ت‪DD‬بين‬
‫من أوراق القضية أن دفع المعقب ضده لرئيسة المباشر كان كرد فعل عن مبادرة هذا األخير بدفعه‬
‫له فإن ما انتهت إلي‪D‬ه محكم‪D‬ة الموض‪D‬وع من ع‪D‬دم اعتب‪DD‬ار ذل‪D‬ك هف‪D‬وة فادح‪D‬ة تع‪DD‬د في طريق‪D‬ه واقع‪D‬ا‬
‫‪1‬‬
‫وقانونا‪.‬‬
‫تبرز إذن أهمية الرقابة القض‪DD‬ائية كمظه‪DD‬ر من مظ‪DD‬اهر النزع‪DD‬ة الحمائي‪DD‬ة لق‪DD‬انون الش‪DD‬غل في‬
‫مجال الطرد من العمل من خالل الوقوف إلى جانب األجير كلما يتبين للقاضي‪ D‬أن الخط‪DD‬أ الم‪DD‬رتكب‬
‫من طرف هذا األخير ال يعد من قبيل الخطأ‪ D‬الفادح من ذلك أنه إذا كان األمر الصادر عن الرؤس‪DD‬اء‬
‫من شأنه أن يؤدي إلى تغيير أحد الشروط الجوهرية لعقد الشغل كقرار‪ D‬النقلة أو تغيير طبيعة العم‪DD‬ل‬
‫المسند لألجير فإنه في حالة رفض األجير لهذه التعديالت ال يعتبر مرتكب لخطأ‪ D‬وإنما ينسب الخط‪DD‬أ‬
‫إلى المؤجر الذي أخل بااللتزامات التعاقدية المتفق عليها بموجب عق‪D‬د الش‪DD‬غل‪ ،‬ويعت‪D‬بر ذل‪D‬ك بمثاب‪DD‬ة‬
‫‪3‬‬
‫الطرد التعسفي ما لم تكن مصلحة المؤسسة تفرض ذلك‪ 2‬وما لم ينجم عنه تنقيص في أجرة األجير‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول أنه في إطار المعيار الموضوعي الذي يعتمده القاضي لبلورة مفهوم‬
‫واضح للخطأ الفادح يأخذ هذا األخير في االعتبار مجموعة من العناصر من أهمه‪DD‬ا خط‪DD‬ورة‪ D‬الفعل‪DD‬ة‬
‫وأهمية الضرر هذا باإلضافة إلى انضباط العامل في عمله ومحافظته على ممتلكات المؤسسة‪.‬‬
‫وإذا كان هذا عن المعيار الموضوعي‪ ،‬فماذا اآلن عن المعيار الذاتي ؟‬
‫‪4‬‬
‫المعيار الذاتي "يرتبط بالوظيف الذي يشغله العامل وبأقدميته وبسلوكه خالل كامل حياته المهنية "‬
‫يتصل هذا المعيار خاصة بسلوك األجير ونية اإلضرار بالمؤسسة وفي هذا اإلطار نجد أن‬
‫القاضي في بحث متواصل عن حقيقة وعي األجير بنتيجة األفعال التي يقترفها‪ ،‬ف‪DD‬إذا م‪DD‬ا الح‪D‬ظ ه‪D‬ذا‬
‫األخير أن األجير قد اقترف عن وعي هذا الخطأ فإنه يكيفه بالخطأ الفادح أما إذا كان نتيجة اإلهمال‬
‫أو النسيان أو القصور وال ينم عن نية اإلضرار بالمؤجر فال مجال لذلك التكييف‪.‬‬

‫___________________________‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،634‬مؤرخ في ‪ 15‬مارس ‪ ،2004‬غير منشور ( انظر الملحق )‬
‫‪ – 2‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،15174‬مؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪ ،1986‬النشرية ‪ 1986‬ج ‪ ،1‬ص ‪.15‬‬
‫‪ – 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 11873‬مؤرخ في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 1983‬النشرية ‪ ، 1985‬ج ‪ 2‬ص ‪15‬‬

‫‪ – 4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 21241 -202‬مؤرخ في ‪ 24‬جانفي ‪ 2003‬غير منشور ‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 47‬‬

‫فهذا الخطأ يعتبر بسيطا وخفيفا بينما يتحول عند اعتياد تك‪DD‬راره إلى خط‪DD‬أ ف‪DD‬ادح م‪DD‬وجب للط‪DD‬رد ألن‬
‫" العود هو ظرف تشديد يجعل الهفوة البسيطة هفوة فادحة لتكرارها ولو بالتنوع "‪.1‬‬
‫أما ثب‪D‬وت الس‪DD‬رقة أو الخيان‪D‬ة أو العن‪D‬ف ‪ ،‬وب‪D‬الرغم من كونه‪DD‬ا تش‪D‬كل قرين‪DD‬ة على ت‪D‬وفر ني‪D‬ة‬
‫اإلضرار فإن ارتكابها تحت تأثير العنف أو بدافع رد الفعل عن االستفزاز‪ D‬الصادر عن رئيس العمل‬
‫ال يمنع من إمكانية إعمال ظروف التخفيف بخصوصها ‪.‬‬
‫فالمهم هو" تناسب العقاب المتخذ مع الخط‪DD‬أ المق‪DD‬ترف دون مبالغ‪DD‬ة فالعق‪DD‬اب‪ D‬يجب أن يك‪DD‬ون‬
‫‪2‬‬
‫على قدر الذنب ال أكثر وال أقل "‬
‫وباإلض‪DD‬افة إلى ذل‪DD‬ك يأخ‪DD‬ذ القاض‪DD‬ي بعين االعتب‪DD‬ار الظ‪DD‬روف الق‪DD‬اهرة واالض‪DD‬طرارية فق‪DD‬د‬
‫يضطر األجير مثال للتغيب عن العمل نظرا لظروف صحية خارجة عن إرادته تتطلب من‪DD‬ه عالج‪DD‬ا‬
‫متواصل‪ ،‬ففي مثل هذه الح‪DD‬االت " ال يعت‪D‬بر م‪DD‬رض األج‪D‬ير م‪D‬بررا لط‪D‬رده ذل‪D‬ك أن‪D‬ه من الظ‪D‬روف‬
‫‪3‬‬
‫القاهرة التي ال دخل لألجير في وقوعها "‬
‫نستنتج إذا من جملة هذه القرارات أن غياب المفهوم التشريعي للخطأ‪ D‬الفادح لم يمنع القضاء‬
‫الشغلي من وضع معايير واضحة‪ ،‬الهدف منه‪DD‬ا حماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير وذل‪DD‬ك من خالل التمي‪DD‬يز بين الخط‪DD‬أ‬
‫الفادح الذي يؤدي بالمؤجر لإلنهاء عقد الشغل والخط‪DD‬أ ال‪DD‬ذي ال يس‪DD‬توجب أك‪DD‬ثر من عق‪DD‬اب ت‪DD‬أديبي‪.‬‬
‫نزعة حمائية تشهد اليوم تعزيزا منقطع النظير من خالل م‪DD‬ا أص‪DD‬بح يتمت‪DD‬ع ب‪DD‬ه القاض‪DD‬ي الش‪DD‬غلي من‬
‫سلطات تحقيقية ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬تدعيم سلطة القاضي الشغلي التحقيقية‬


‫إن خصوص‪DD‬ية العالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية تج‪DD‬د أساس‪DD‬ها في حال‪DD‬ة الالت‪DD‬وازن في العالق‪DD‬ة بين العام‪DD‬ل‬
‫والمؤجر‪ ،‬لذا يصح القول بأن المشرع بتحميله لطرفي النزاع تق‪DD‬ديم عناص‪DD‬ر اإلثب‪DD‬ات لم يأخ‪DD‬ذ بعين‬
‫االعتبار وضعية العامل في العالقة الشغلية‪ ،‬وأراد أن يضعه على قدم المساواة مع المؤجر الط‪DD‬رف‬
‫القوي في هذه العالقة‪ ،‬مضيفا بذلك مرونة كبرى في خصوص مسألة اإلثبات‪ ،‬وإزاء هذه الوضعية‬
‫كـان من الضروري أن يتدخل المشـرع بمقتضى تنقيح ‪ 21‬فيفري ‪ 1994‬لتأكيـــد ضــرورة تدخـل‬
‫__________________________‬
‫‪ –1‬حكم مدني صادر عن دائرة العرف بالمحكمة االبتدائية‪ D‬بصفاقس عدد ‪ ،5366‬بتاريخ ‪ 20‬ماي‪،1982‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ – 2‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،7145‬مؤرخ في ‪ 8‬فيفري ‪ ، 1990‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ –3‬دائرة الشغل ‪ ،‬القضية عدد ‪ ، 348/ 4‬جلسة يوم ‪ 1‬جوان ‪.1999‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 48‬‬

‫القاضي الشغلي في عملية اإلثبات إلع‪DD‬ادة الت‪DD‬وازن المفق‪DD‬ود بين ط‪DD‬رفي العالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية‪ 1،‬بإض‪DD‬افة‬
‫الفصل ‪ 14‬خامسا م‪.‬ش وبات بذلك دور القاضي الشغلي دور مح‪DD‬وري في إثب‪DD‬ات الط‪DD‬رد‪ ،‬خاص‪DD‬ة‪،‬‬
‫وأن هذا األخير يمكنه القيام بوسائل التحقيق بنفسه (‪ )1‬وكذلك يمكن‪DD‬ه تكلي‪DD‬ف الغ‪DD‬ير بالقي‪DD‬ام بوس‪DD‬ائل‬
‫التحقيق (‪)2‬‬

‫‪ –1‬قيام القاضي الشغلي بوسائل التحقيق بنفسه ‪:‬‬


‫اقتضى الفصل ‪ 5 D / 14‬من م‪.‬ش المضاف بمقتضى تنقيح ‪ 21‬فيف‪DD‬ري ‪ 1994‬أن‪DD‬ه " يرج‪DD‬ع‬
‫للقاضي تقدير مدى وج‪DD‬ود الص‪DD‬بغة الحقيقي‪DD‬ة والجدي‪DD‬ة لألس‪DD‬باب الط‪DD‬رد وم‪DD‬دى اح‪DD‬ترام اإلج‪DD‬راءات‬
‫القانونية أو التعاقدية المتعلقة به وذلك بناء على عناص‪DD‬ر اإلثب‪DD‬ات المقدم‪DD‬ة إلي‪DD‬ه من ط‪DD‬رفي ال‪DD‬نزاع‪،‬‬
‫ويمكنه لهذا الغرض اإلذن بإجراء كل وسيلة تحقيق يراه‪DD‬ا الزم‪DD‬ة " ‪ 2‬إن المش‪DD‬رع بمقتض‪DD‬ى أحك‪DD‬ام‬
‫هذا الفصل قد حمل دورا هاما للقاضي‪ D‬على مستوى اإلثبات‪ ،‬وبذلك يكون قد تج‪D‬اوز النق‪DD‬اش الفقهي‬
‫والقضائي الذي ساد طويال حول مسألة حياد القاضي وهل يجب أن يكون إيجابي‪DD‬ا أم س‪DD‬لبيا‪ ،‬فأص‪DD‬بح‬
‫‪3‬‬
‫االتجاه الغالب س‪D‬واء في الفق‪D‬ه‪ D‬أو القض‪DD‬اء يق‪DD‬ر بض‪DD‬رورة إس‪DD‬ناد دور إيج‪DD‬ابي للقاض‪DD‬ي في ال‪DD‬نزاع‬
‫وبصفة خاصة إعطاء القاضي‪ D‬الشغلي دورا إيجابي في اإلثبات‪.‬‬
‫إن حرص المشرع على تحقيق المساواة بين أطراف ال‪DD‬نزاع الش‪DD‬غلي جعل‪DD‬ه يخ‪DD‬ول للقاض‪D‬ي‪D‬‬
‫سلطات واسعة للبحث والتقصي عن سبب الطرد ومدى توفر الص‪DD‬بغة الحقيقي‪DD‬ة والجدي‪DD‬ة له‪ .4‬وذل‪DD‬ك‬
‫استجابة لخصوصية النزاع الشغلي‪ ،‬ال‪DD‬ذي ال يتالءم والحي‪DD‬اد الس‪DD‬لبي للقاض‪DD‬ي‪ ،‬ذل‪DD‬ك أن ه‪DD‬ذا الحي‪DD‬اد‬
‫السلبي يؤدي غالبا إلى الحكم لصالح المؤجر نظرا إلمكانيات التي تتوفر لديه إلثبات خط‪D‬أ‪ D‬األج‪DD‬ير‪،‬‬
‫حيث يكون من اليسير علي‪D‬ه أن يلج‪DD‬أ إلى ش‪D‬هادة العم‪D‬ال أو إلى الوث‪D‬ائق ال‪D‬تي بحوزت‪D‬ه أو ح‪D‬تى إلى‬
‫ادعاء ارتكاب األجير لخطأ‪ D‬معين وت‪D‬بريره انطالق من الس‪D‬لطة التس‪D‬ييرية واإلداري‪D‬ة الواس‪D‬عة ال‪D‬تي‬
‫يتمتع بها‪.‬‬
‫___________________________‬
‫‪ – 1‬لقد اعتبر البعض أن هذا التنقيح قد غير طريقة وأسلوب اإلثبات في مادة الطرد ‪ ،‬يراجع في هذا اإلطار " محمد الهادي بن عبد هللا"‬
‫نزاعات الشغل و الضمان االجتماعي مجموعة إسهامات في أدبيات المؤسسة ‪ 2002 ،‬ص ‪. 18‬‬
‫‪ – 2‬بإضافة هذا الفصل يكون المشرع ق‪D‬د نحي نفس المنحى ال‪D‬ذي اخت‪D‬اره المش‪D‬رع الفرنس‪D‬ي بالفص‪D‬ل ‪ 3 -14 D-122‬من مجل‪D‬ة الش‪D‬غل‬
‫الفرنسية‬
‫‪ – 3‬عبد هللااألحمدي ‪ :‬القاضي واإلثبات في النزاع المدني‪ ،‬دار سراس ‪.1991‬‬
‫‪ – 4‬قرار تعقيبي مدني صادر عن الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عدد ‪ ،62628‬مؤرخ في ‪ 16‬جوان ‪،1999‬‬
‫ن ‪.‬م ‪.‬ت ‪ ،‬ص ‪. 107‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 49‬‬

‫وفي إط‪DD‬ار الح‪DD‬د من الالمس‪DD‬اواة االجتماعي‪DD‬ة بين األج‪DD‬ير والم‪DD‬ؤجر وس‪DD‬عيا من‪DD‬ه إلى توف‪DD‬ير‬
‫الحماية الالزمة للعامل مكن المشرع القاضي وبصريح عبارة النص من سلطات تحقيقية واسعة في‬
‫خصوص إثبات السبب الحقيقي والجدي للطرد‪ ،‬باعتبار أن القاضي‪ D‬الشغلي يمكنه القيـــام بوســـائل‬
‫التحقيق بنفسه ورغم أن تنقيح ‪ 21‬فيف‪DD‬ري ‪ 1994‬أعطى للقاض‪DD‬ي الش‪DD‬غلي س‪D‬لطات هام‪D‬ة في تق‪D‬ديره‬
‫للسبب الحقيقي والجدي‪ ،‬وذلك بتمكينه من إجراء كل وس‪DD‬يلة تحقي‪DD‬ق يراه‪DD‬ا الزم‪DD‬ة‪ .‬إال أن‪DD‬ه ال يمكن‬
‫القطع بأن هذه السلطة قد ظهرت مع هذا التنقيح باعتبار أن الفصل ‪ 209‬م‪.‬ش قد نص على أنه " إذا‬
‫تراءت لدائرة الشغل ضرورة إجراء بحث في القضية فإن هذا البحث يس‪DD‬تمر أم‪DD‬ام ال‪DD‬دائرة بالجلس‪DD‬ة‬
‫العادية أو بجلسة تعين بصفة خاصة "‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر فإن سلطة القاضي الشغلي التحقيقية أصبحت حقيقة‪ D‬ملموسة‪ ،‬ومما يدعم‬
‫ه‪DD‬ذا الق‪DD‬ول ه‪DD‬و تنص‪DD‬يص الفص‪DD‬ل ‪ 232‬م ش على أن‪DD‬ه " تنطب‪DD‬ق على دوائ‪DD‬ر الش‪DD‬غل أحك‪DD‬ام مجل‪DD‬ة‬
‫المرافعات‪ D‬المدنية والتجارية‪ D‬ما لم تخالف األحكام المنصوص عليها بهذا القانون " ‪.‬‬
‫انطالقا إذا من جملة هذه النصوص تتجلى لنا السلطة التحقيقية للقاضي الشغلي والتي تندرج‬
‫في إطار النظرة الحديثة التي يوليها المشرع خاصة االجتماعي‪DD‬ة ل‪DD‬دور القاض‪D‬ي‪ D‬في ال‪DD‬نزاع الش‪DD‬غلي‬
‫والذي أصبح مطالبا ب‪DD‬البحث عن الحقيق‪D‬ة‪ D‬وفي ه‪DD‬ذا اإلط‪DD‬ار يمكن له‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير أال يتقي‪DD‬د بم‪DD‬ا يقدم‪DD‬ه‬
‫المؤجر من أدلة إثبات في الحاالت التي تك‪DD‬ون فيه‪DD‬ا ه‪DD‬ذه األدل‪DD‬ة قاص‪DD‬رة عن إدراك الحقيق‪DD‬ة وإقام‪DD‬ة‬
‫الحجة‪ D‬على الواقعة المدعي بها‪ 1،‬فيعمل القاضي على توضيح الج‪DD‬وانب الغامض‪DD‬ة من تل‪DD‬ك األدل‪DD‬ة‪،‬‬
‫فيقرر مثال سماع شهادة بعض األط‪DD‬راف ويق‪D‬وم ب‪D‬ذلك الغ‪D‬رض باس‪D‬تدعائهم للحض‪D‬ور لدي‪D‬ه‪ ،‬وعن‪D‬د‬
‫سماع األطراف يمكن للقاضي أن يسمع كل ط‪DD‬رف على ح‪DD‬دة أو أن يس‪DD‬مع الط‪DD‬رفين مع‪DD‬ا ‪.‬ولكن إذا‬
‫سمع كل طرف على ح‪DD‬دة فإن‪DD‬ه يت‪DD‬وجب علي‪DD‬ه إعالم ك‪DD‬ل ط‪DD‬رف بتص‪DD‬ريحات الط‪DD‬رف اآلخ‪DD‬ر‪ .‬ه‪DD‬ذا‬
‫وللقاضي الش‪DD‬غلي مطل‪DD‬ق الحري‪DD‬ة في اس‪DD‬تخالص النت‪DD‬ائج من تص‪DD‬ريحات األط‪DD‬راف من حض‪DD‬ورهم‬
‫أو غيابهم خاصة‪ D‬وأن المؤجر غالبا ما يرسل نائبه إلى الجلسة الصلحية هذا وإذا رأى القاضي‪ D‬فائدة‬
‫في الحضور الشخصي لطرفي النزاع فإنه يؤجل حضور المؤجر إلى ت‪DD‬اريخ الح‪DD‬ق ‪ ،‬وفي ص‪DD‬ورة‬
‫تغيب المؤجر مجددا فإن القاضي الشغلي يواصل النظر في القضية ويستخلص النتائج من ذلك‪.‬‬
‫لكن الم‪D‬ؤجر ق‪D‬د ال يجيب في بعض األحي‪DD‬ان عن ال‪D‬دعوى أص‪DD‬ال ال بنفس‪D‬ه وال بواس‪D‬طة من‬
‫ينوبه وفي هذه الحالة‪ D‬اعتبرت محكمة التعقيب أنه " وحيث طالما لم تكلف المعقبة لدى دائرة الشغل‬
‫___________________________‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 50‬‬

‫‪– 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪، 17715 -2007‬مؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ ( . 2008‬انظر الملحق ) ‪.‬‬
‫من ينوب عنها بالجلسة الصلحية أو تجيب عن الدعوى أو تطلب إمهالها‪ D‬قصد إتمام ذلك رغم بل‪DD‬وغ‬
‫االستدعاء إليها بصورة قانونية‪ ،‬فإن سكوتها يعتبر إقرارا حكميا بما جاء بعريضة الدعوى طالما لم‬
‫تدلي لدى محكمة الحكم المنتقد بما يفيد القوة الق‪DD‬اهرة أو األم‪DD‬ر الط‪DD‬ارئ ال‪DD‬ذي أعاقه‪DD‬ا عن إناب‪DD‬ة من‬
‫يتولى اإلجابة عنها عن الدعوى أو إجراء المحاولة‪ D‬الص‪DD‬لحية في حقه ‪D‬ا‪ D‬طب‪DD‬ق الفص‪DD‬لين ‪ 282‬و‪283‬‬
‫‪1‬‬
‫م‪ .‬إ ‪.‬ع " ‪.‬‬
‫ويمكن للقاضي الش‪D‬غلي في إط‪D‬ار س‪D‬لطة التحقيقي‪D‬ة أن يتح‪D‬ول بنفس‪D‬ه إلى بعض المؤسس‪D‬ات‬
‫وأماكن العم‪DD‬ل وأن يط‪D‬الب الم‪DD‬ؤجر بم‪D‬ده ببعض الوث‪D‬ائق‪ .‬والغ‪DD‬رض من ك‪DD‬ل ه‪D‬ذا ه‪D‬و الكش‪DD‬ف عن‬
‫الحقيق‪D‬ة‪ ، D‬ومن وراءه‪DD‬ا حماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير الط‪DD‬رف الض‪DD‬عيف‪ ،‬وذل‪DD‬ك بتمكين‪DD‬ه من تفني‪DD‬د ك‪DD‬ل ادع‪DD‬اءات‬
‫المؤجر‪.2‬‬
‫إن قيام القاضي الشغلي بوسائل التحقيق بنفسه من شأنه أن يوضح له ما غمض حول حقيق‪DD‬ة‬
‫النزاع طبق الوسائل اإلثبات المقدمة له من المؤجر أومن األجير مم‪DD‬ا يرس‪DD‬خ قناعت‪DD‬ه بوج‪DD‬ود س‪DD‬بب‬
‫"‬ ‫حقيقي وجدي يبرر الطرد أو عدم وجود ذلك‪ 3‬وفي هذا اإلطار اعتبرت محكمة التعقيب أنه‬
‫وحيث أنـــه ال خالف من الط‪DD‬رفين بش‪DD‬أن انقط‪DD‬اع العالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية وتوق‪DD‬ف الم‪DD‬ؤجر عن خالص‬
‫العام‪DD‬ل‪ ،‬ف‪DD‬إن على األول إثب‪DD‬ات التخلي أي ع‪DD‬دم ل‪DD‬زوم تش‪DD‬غيل العام‪DD‬ل أو التع‪DD‬ويض ل‪DD‬ه عن الط‪DD‬رد‬
‫كتقديمه الستقالة كتابية صريحة أو غيابه ب‪D‬دون م‪DD‬برر أو ت‪DD‬رخيص س‪D‬ابق من‪DD‬ه والتنبي‪DD‬ه علي‪D‬ه ب‪D‬ذلك‬
‫أو بمطالبته في تنفيذ التزامه بالعمل بعد التنبيه عليه كما يجب قانون‪D‬ا وفي ص‪D‬ورة ع‪D‬دم تطبيق‪D‬ه ف‪D‬إن‬
‫‪4‬‬
‫الطرد يعتبر تعسفيا موجبا للتعويض "‪.‬‬

‫‪ – 2‬تكليف الغير بالقيام بوسائل التحقيق‪.‬‬


‫قد يجد القاضي الشغلي نفسه مجبرا على تكليف الغير بالقيام بوسائل التحقيق مثلم‪DD‬ا إقتض‪DD‬ى‬
‫ذلك الفصل ‪ 14‬خامسا "‪ ...‬ويمكنه لهذا الغرض اإلذن بإجراء كل وسيلة تحقيق يراها الزمة" وهنا‬
‫________________________________‬
‫‪ -1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،21855‬مؤرخ في ‪ 3‬مارس ‪ ،2008‬غير منشور‪ ( ،‬انظر الملحق)‪.‬‬
‫انظر كذلك قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،14306‬مؤرخ في ‪ 3‬جانفي ‪ ، 2007‬غير منشور‪.‬‬
‫‪.Jean Marc Béraud: Manuel de droit du travail et de droit social. Ed. litec 1991, p 95 - 2‬‬
‫‪ – 3‬الطاهر شمام‪ " :‬حدود تدخل القاضي في المادة الشغلية " ملتقى دائرة الشغل من خالل تنقيح مجلة الشغل‪،‬‬
‫المعهد األعلى للقضاء ‪ ،‬أيام ‪ 3‬و‪ 4‬جوان ‪ ، 1994‬ص ‪. 23‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 51‬‬

‫‪ – 4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،7317 – 2004‬مؤرخ في ‪ 10‬جانفي ‪. 2005‬‬


‫قد يلتجئ القاضي إلى أهل الخبرة لتقدير ما إذا كان هناك سبب مشروع للطرد خاص‪DD‬ة في المي‪DD‬ادين‬
‫التي ال يكون للقاضي الشغلي علم بهـــا ذلك أن فض النزاعات قد يتطلب التحقق‪ D‬مــــن معطيات ال‬
‫يمكن للقاضي‪ D‬أن يكشفها بنفسه‪ ،‬وعلى هذا األساس مكنه المشرع من االلتجاء إلى الخبراء وتكليفهم‬
‫بإعداد مأموريات معينة ‪. 1‬‬
‫كم‪DD‬ا يمكن للقاض‪DD‬ي الش‪DD‬غلي أن يلتجئ إلى الخ‪DD‬براء المحاس‪DD‬بين في ح‪DD‬االت الط‪DD‬رد ألس‪DD‬باب‬
‫اقتصادية وفنية باعتبار أن ثبوت الصعوبات االقتصادية أو الفني ‪D‬ة أم‪DD‬ر يتطلب لمعرفت‪DD‬ه التخص‪DD‬ص‬
‫في مجال المحاسبات وتأسيسا عليه فإن القاضي الشغلي يمكنه تكليف خب‪DD‬ير محاس‪DD‬ب لإلطالع على‬
‫الوضعية االقتصادية والمالية الحقيقية للمؤسسة وهل تبرر االستغناء عن بعض العملة أو كلهم‪.‬‬
‫إن لألعمال التحقيقية التي يقوم بها القاضي الشغلي كيفما اقتضاها الفصل ‪ 5 / 14‬من م‪ .‬ش‬
‫فائدة كبرى بالنسبة للعامل الذي يعجز غالبا عن تقديم مؤيدات مقنعة من شأنها تفنيد مزاعم مؤجره‬
‫وكأننا بالمشرع وبمقتضى تنقيح ‪ 21‬فيفري ‪ 1994‬وإن ح‪D‬رم العام‪D‬ل من قرني‪D‬ة التعس‪D‬ف في الط‪D‬رد‬
‫التي طالما تمتع بها ‪ 2‬فإنه حاول تدارك ضعف موقفه في نفي جدية سبب الط‪DD‬رد وذل‪DD‬ك بالتوس‪DD‬ع في‬
‫صالحيات القاضي التحقيقي‪D‬ة‪ ،‬إال أن ه‪D‬ذا الت‪D‬دخل التش‪DD‬ريعي الحم‪DD‬ائي لفائ‪DD‬دة األج‪D‬ير ك‪D‬ان منقوص‪DD‬ا‬
‫خاصة وأن المشرع لم يبين اإلجراءات التي يمكن أن يتخذها القاضي الشغلي كما لم ي‪DD‬بين الح‪DD‬االت‬
‫التي يمكن فيها االلتجاء لوسائل التحقيق‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر فإنه ال يمكن أن ننكر التوسع الذي أتى به الفصل ‪ 14‬خامسا في‬
‫صالحيات القاض‪DD‬ي الش‪DD‬غلي ‪ 3‬خاص‪D‬ة على مس‪D‬توى إثب‪D‬ات الط‪DD‬رد التعس‪D‬في‪ ،‬حيث أص‪D‬بح القاض‪DD‬ي‬
‫يضطلع بدور إيج‪D‬ابي‪ ،‬فأص‪D‬بح دوره في الم‪D‬ادة الش‪D‬غلية يق‪D‬ترب من دور قاض‪D‬ي التحقي‪D‬ق الج‪D‬زائي‬
‫باعتبار أنه يتدخل في مسألة اإلثبات بثقل أكبر متجاوزا بذلك نطاق دور القاضي‪ D‬المدني فاتحا ب‪D‬ذلك‬
‫الباب على مصرعيه للقاضي الشغلي الجتهاد في اعتماد وسيلة اإلثبات التي يراها لتقديرها إذا كان‬
‫الطرد الواقع للعامل هو من قبيل الطرد التعسفي أم ال وبذلك بات القاضي الشغلي يتص‪DD‬رف بحري‪DD‬ة‬
‫كاملة في البحث عن الحقيقة " التي يبحث عنها العامل والتي من شأنها أن تحف‪DD‬ظ حق‪DD‬ه ض‪DD‬د تعس‪DD‬ف‬
‫المؤجر في استعماله لحق الطرد من العمل" ‪.‬‬

‫_____________________________________‬
‫‪ – 1‬الفصل ‪ 232‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ – 2‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،30252‬مؤرخ في ‪ 30‬جويلية ‪ ،1991‬ن ‪.‬م ‪.‬ت لسنة ‪ ،1991‬ص‪.54‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 52‬‬

‫‪ – 3‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ، 21241‬مؤرخ في ‪ 24‬جانفي ‪ (. 2003‬انظر الملحق )‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬تطور حماية ممثلـ العملة ضد الطرد‪.‬‬

‫لتركيز بعض من التوازن في العالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية بين األج‪DD‬راء وم‪DD‬ؤجريهم ت‪DD‬ركت العالق‪DD‬ات‬
‫الفردية مكانها في عديد المجاالت للعالقات الجماعي‪DD‬ة بحيث تنظم األج‪DD‬راء في هياك‪DD‬ل تمثلهم داخ‪DD‬ل‬
‫وخارج‪ D‬المؤسسة للتفاوض مع المؤجرين ومن جهتهم تنظم هؤالء في هياكل تمثلهم تجنب التفاوض‬
‫منفردين مما قد يضعف مواقفهم‪ .‬ولقد نظم المشرع مسألة تنظيم العملة داخل المؤسسة في الفص‪DD‬ول‬
‫‪ 157‬إلى ‪ 169‬من م‪.‬ش ضمن الكتاب الثالث الذي يحمل عنوان " تمثيل العمل‪DD‬ة بالمؤسس‪DD‬ات" فنص‬
‫على إحداث هيكل استشاري يسمى " اللجنة االستشارية للمؤسسة"‪ ،‬فهي تتدخل فيم‪DD‬ا يخص تس‪DD‬يير‬
‫المؤسسة ووضعية العمال وهو نفس الدور الذي يقوم به نواب العملة في صورة غياب اللجنة ‪.‬‬
‫وتعت‪DD‬بر على ه‪DD‬ذا األس‪DD‬اس وض‪DD‬عية ممثلي العمل‪DD‬ة مزدوج‪DD‬ة فهم في نفس ال‪DD‬وقت يتبع‪DD‬ون‬
‫المؤجر ويخضعون لنفوذه ولكنهم كممثلين للعمال في حاجة‪ D‬إلى االستقاللية ليؤدوا مه‪DD‬امهم بنجاع‪DD‬ة‬
‫وفاعلية ولذلك فهم في حاجة إلى حماية خاصة‪ .‬ولهذه االعتبارات تدخل المشرع وأح‪DD‬اط ط‪DD‬رد أح‪DD‬د‬
‫أعضاء اللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪D‬ة ببعض الض‪D‬مانات ال‪D‬تي تأك‪D‬د من جدي‪D‬د نزع‪DD‬ة ق‪D‬انون الش‪DD‬غل‬
‫الحمائية في ه‪D‬ذا المج‪DD‬ال‪ ،‬هـذه الحماي‪D‬ة م‪D‬ا ف‪DD‬تئت تتط‪D‬ور خاص‪DD‬ة بع‪D‬د التنقيح الواس‪D‬ع ال‪D‬ذي أدخل‪D‬ه‬
‫المش‪DD‬رع على الفص‪DD‬ول ‪ 166‬إلى ‪ 169‬م‪.‬ش‪ ،‬بمقتض‪DD‬ى الق‪DD‬انون ع‪DD‬دد ‪ 19‬لس‪DD‬نة ‪ 2007‬الم‪DD‬ؤرخ في‬
‫‪ 2‬أفريل ‪ ( 1 2007‬المبحث الثاني )‬
‫وبالرغم من عدم اعتراف المش‪DD‬رع إلى ح‪DD‬د اآلن بالحض‪DD‬ور النق‪DD‬ابي داخ‪DD‬ل المؤسسة‪ 2‬إال أن‬
‫هذا لم يمنعه من توفير الضمانات الضرورية ضد تعسف المؤجر في استعمال حقه‪ D‬في طرد الن‪DD‬ائب‬
‫النقابي وذل‪DD‬ك خاص‪DD‬ة بالمص‪DD‬ادقة على اتفاقي‪DD‬ة العم‪DD‬ل الدولي‪DD‬ة رقم ‪ 135‬بش‪DD‬أن حماي‪DD‬ة ممثلي العمل‪DD‬ة‬
‫( المبحث األول)‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في ‪ 2‬أفريل ‪، 2007‬ص ‪ (.1060‬انظر الملحق)‬
‫‪ – 2‬يمكن تفسير ذلك إلى تبني المشرع لفلسفة ليبرالية كالسيكية كرسها القانون الفرنس‪DD‬ي الق‪DD‬ديم من‪DD‬ذ س‪DD‬نة ‪ 1884‬تعت‪DD‬بر أن‬
‫الحرية النقابية هي شكل خاص لحرية المجتمع و بالتالي يجب ممارستها خارج إطار المؤسسة التي تبقى هيكل إنتاج‪ ،‬وليس‬
‫مجال لممارسة الحريات العمومية‪.‬‬
‫يراجع في هذا االتجاه – ‪Jean Maurice Verdier : Le droit syndical dans l’entreprise 2ème Ed.‬‬
‫‪.Dalloz .Paris 1979‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 53‬‬

‫‪Nouri Mzid : La liberté syndicale en droit Tunisien : Thèse pour le doctorat d’Etat -‬‬
‫‪.Tunis 1995, p 215‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مظاهر تطور الوضعية الحمائية الخاصة بالنائب النقابي ‪.‬‬
‫قد يتعسف المؤجرون أو بعضهم عند ممارسة س‪DD‬لطاتهم التأديبي‪DD‬ة على بعض ممثلي العمل‪DD‬ة‬
‫الذين يعارضونهم الرأي عند تمثيلهم لحقوق منظوريهم‪ ،‬وسعيا من منظمة العمل الدولية إلى توف‪DD‬ير‬
‫‪1‬‬
‫تمنح‬ ‫الحماية الالزمة لهذه الشريحة العمالية‪ ،‬وضعت هذه األخيرة‪ ،‬اتفاقية دولية تحت ع‪DD‬دد ‪135‬‬
‫ممثلي العملة سواء كانوا نقابيين أو غير نق‪DD‬ابيين بعض الحماي‪DD‬ة وخاص‪DD‬ة ض‪DD‬د الط‪DD‬رد بوص‪DD‬فه قم‪DD‬ة‬
‫أشكال التعسف في العالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية‪ ،‬ومن‪DD‬ذ ص‪DD‬دور مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل س‪DD‬نة ‪ 1966‬نص‪DD‬ت على حماي‪DD‬ة‬
‫ممثلي العمل‪DD‬ة بالفص‪DD‬لين ‪ 166‬و‪ 167‬غ‪DD‬ير أن ه‪DD‬ذه الحماي‪DD‬ة اتس‪DD‬مت بالمحدودي‪DD‬ة من حيث المج‪DD‬ال‪D‬‬
‫الشخصي حيث أقصت النواب النقابيين وبالرغم من مراجعة‪ D‬هذين الفصلين ‪ 2‬إال أنهما حافظ‪DD‬ا على‬
‫هذه المحدودية مما دف‪DD‬ع بالمركزي‪DD‬ة النقابي‪DD‬ة للعم‪DD‬ال إلى المطالب‪DD‬ة بالمص‪DD‬ادقة على االتفاقي‪DD‬ة الدولي‪DD‬ة‬
‫للعمل السالفة الذكر لتجنب هذه النقائص وهو ما تم بالفعل وهذه المصادقة وبالرغم من أنه‪DD‬ا ج‪DD‬اءت‬
‫متأخرة‪ D‬في الزمان إال أنها تؤكد نزعة قانون الشغل الحمائية‪.‬‬
‫فكيف إذن كانت الوضعية الحمائية للنائب النقابي قبل المصادقة على هذه االتفاقية ؟ (الفقرة‪ D‬األولى)‬
‫وكيف أصبحت هذه الحماية بعد المصادقة على االتفاقي‪DD‬ة الم‪DD‬ذكور ومراجع‪DD‬ة مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل تأسيس‪DD‬ا‬
‫عليها ؟ ( الفقرة‪ D‬الثانية )‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الوضعية الحمائية للنائب النقابي قبل المصادقة على االتفاقية الدولية‬
‫رقم ‪.135‬‬
‫في ظل غياب األساس التشريعي لحماي‪DD‬ة الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي من تعس‪DD‬ف الم‪DD‬ؤجر في اس‪DD‬تعمال‬
‫حفه في الطرد كان لفقه القضاء الدور المحوري في هذه الحماية و كان ذلك بالعم‪DD‬ل على‬
‫توسيع نطاق تطبيق الفصل ‪ 166‬م‪.‬ش إال أن هذا االتجاه للفقه‪ D‬القضائي كان يشوبه العديد‬
‫من النق‪DD‬ائص ( أ ) ح‪DD‬اول الفق‪DD‬ه في مرحل ‪D‬ة‪ D‬الحق‪DD‬ة ت‪DD‬داركها ب‪DD‬اقتراح مجموع‪DD‬ة من الحلــول‬
‫البديلة (ب)‪.‬‬

‫__________________________‬
‫‪ – 1‬االتفاقية عدد ‪ ،135‬بشأن توفير الحماية والتسهيالت للمثلي العملة الصادرة سنة ‪.1971‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 54‬‬

‫‪ – 2‬وذلك بمقتضى التنقيح عدد‪ 29 D‬لسنة‪ 1994 ،‬المؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪.1994‬‬

‫أ‪ -‬دور فقه قضائي محدود‬


‫يعتبر تجاهل حماية النائب النقابي امتداد لع‪DD‬دم تق‪DD‬نين المش‪DD‬رع للحض‪DD‬ور النق‪DD‬ابي داخ‪DD‬ل‬
‫المؤسسة ‪ 1‬و لت‪DD‬دارك ه‪DD‬ذه الثغ‪DD‬رة القانوني‪DD‬ة توس‪DD‬ع فق‪DD‬ه القض‪DD‬اء التونس‪DD‬ي في مي‪DD‬دان مراقب‪DD‬ة‬
‫سلطة المؤجر التأديبية و اعتبارها تش‪DD‬مل الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي مس‪DD‬تغال في ذل‪DD‬ك عمومي‪DD‬ة عب‪DD‬ارة‬
‫نائب العملة التي وردت بالفص‪DD‬ل ‪ 166‬ق‪DD‬ديم م‪.‬ش وق‪DD‬د ب‪DD‬رز ه‪DD‬ذا التوج‪DD‬ه خصوص‪DD‬ا حينم‪DD‬ا‬
‫اعتبرت محكمة التعقيب في قرارها عدد ‪ 1672‬بتاريخ ‪ 02‬نوفمبر ‪ 1978‬أن النائب النقابي‬
‫يتمتع كـــأي أجير له صفة نائب العملة بالحماية القانونية التي اقتض‪DD‬اها الفص‪DD‬ل ‪ 166‬مــن‬
‫م ‪.‬ش ‪.2‬‬
‫ومنذ ذلك التاريخ تواترت األحك‪DD‬ام والق‪DD‬رارات‪ D‬المتبني‪DD‬ة له‪DD‬ذا االتج‪DD‬اه ال‪DD‬تي ح‪DD‬اولت تدعيم‪DD‬ه‬
‫بالقول أن الفصل ‪ 166‬من م‪.‬ش ينطبق على النائب النقابي " متى أثبت العامل المطرود أن م‪DD‬ؤجره‬
‫كان على علم تام بأنه ممثل نقابي للعملة " ‪.3‬‬
‫وبمراجع‪DD‬ة ق‪DD‬رارات محكم‪DD‬ة التعقيب الص‪DD‬ادرة قب‪DD‬ل س‪DD‬نة ‪ 2007‬نالح‪DD‬ظ أنه‪DD‬ا ظلت‬
‫متمس‪DD‬كة بتم‪DD‬تيع الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي بحماي‪DD‬ة خاص ‪D‬ة‪ 4 D‬وي‪DD‬برز ذل‪DD‬ك من خالل الق‪DD‬رار التعقي‪DD‬بي‬
‫‪5‬‬
‫ال‪DD‬ذي اعت‪DD‬برت في‪DD‬ه محكم‪DD‬ة التعقيب أن‪DD‬ه " يت‪DD‬بين من أوراق‬ ‫الص‪DD‬ادر في ‪ 15‬ج‪DD‬انفي ‪1999‬‬
‫القض‪DD‬ية أن المعقب‪DD‬ة انتخبت كممثل‪DD‬ة للعمل‪DD‬ة بالنقاب‪DD‬ة األساس‪DD‬ية إال أن محكم‪DD‬ة الحكم المنتق‪DD‬د‬
‫اعتبرت أن ذلك ال يستدعي عرض النزاع على تفقدية الشغل باعتبار أن الفصلين المحتج بهم‪DD‬ا‬
‫والمشار إليهما أعاله ( ‪ 166‬و‪ 167‬من م‪.‬ش) يخصان نواب العملــــة باللجنـة االستشاريـة‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬على العكس من ذلك نجد أن االتفاقيات المشتركة كرست مبدأ الحرية النقابية داخل المؤسسة منذ سنة ‪.1936‬‬
‫‪ - 2‬لطفي سعداوي ‪ :‬السلطة التأديبية‪ D‬للمؤجر‪ ،‬رسالة ختم الدروس بالمعه‪DD‬د األعلى للقض‪DD‬اء ‪ ،1999 – 1998‬ص‬
‫‪.139‬‬
‫‪ – 3‬حكم استئنافي ص‪D‬ادر عن المحكم‪D‬ة االبتدائي‪D‬ة‪ D‬بت‪D‬ونس تحت ع‪D‬دد‪،15364 D‬م‪D‬ؤرخ في ‪ 28‬فيف‪D‬ري ‪ ،1985‬أورده حاف‪D‬ظ‬
‫العموري في مقالة بمناسبة ملتقى الجمعية التونسية لمتفقدي الشغل سوسة ‪ 7 -6‬أفريل ‪.2007‬‬
‫‪ – 4‬انظر االتجاه المخالف‪ :‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،352345‬مؤرخ في ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1992‬أورده حافظ العموري‪،‬‬
‫المجلة التونسية للقانون االجتماعي عدد ‪ ،9‬لسنة ‪ ،2004‬ص ‪.123‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 55‬‬

‫‪ - 5‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ، 68915 – 9‬مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ،1999‬تعليق حافظ العموري المجلة التونسية للقانون‬
‫االجتماعي عدد‪ ،8‬لسنة ‪ ،2001‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -‬في نفس االتجاه قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،65460‬بتاريخ ‪ 2‬جوان ‪ ( .1998‬غير منشور)‪.‬‬
‫للمؤسسة و الحال أن تلك األحكام لم تكن مقص‪DD‬ورة على أولئ‪DD‬ك الن‪DD‬واب وإنم‪DD‬ا تمت‪DD‬د إلى غ‪DD‬يرهم من‬
‫نواب العملة‪.‬‬
‫نفس التوجه اتخذته كذلك الدائر الثانية والعشرين لمحكمة التعقيب في قرارها ع‪DD‬دد‪- 2002‬‬
‫‪ 22433‬الصادر في ‪ 20‬جانفي ‪ 20031‬حيث اعتبرت هذه األخيرة بأنه " خالف‪DD‬ا لم‪DD‬ا ذهبت إلي‪DD‬ه‬
‫الطاعنة فقد ثبت أن المعقب ضده مسؤول نق‪DD‬ابي ‪ ...‬كم‪DD‬ا ثبت أن المعقب‪DD‬ة لم تح‪DD‬ترم اإلج‪DD‬راءات‬
‫التي اقتضاها المشرع بالفصل ‪ 166‬من م ‪.‬ش ‪"...‬‬
‫حاول إذن هذا التيار الفقه‪ D‬قضائي سحب األحكام الحمائية ال‪DD‬تي خص به‪DD‬ا المش‪DD‬رع‬
‫" ممثل العملة" على النائب النقابي ومرد ذلك هو اقتناع فقه قضاء محكمة التعقيب‪ ،‬بفكرة‬
‫مفادها أن األساس الذي ترتكز عليه هذه الحماية المنصوص عليها بالفص‪DD‬ل ‪ 166‬م‪.‬ش هي "الص‪DD‬فة‬
‫التمثيلية للعملة" التي قد تعرض صاحبها إلى تعسف الم‪DD‬ؤجر بس‪DD‬بب مواقف‪DD‬ه الدفاعي‪DD‬ة على مص‪DD‬الح‬
‫األجراء الذين يمثلهم والتي قد تتعارض مع مواقف صاحب العمل‪.‬‬
‫وتأسيسا على صفة " ممثل العملة " التي قد تعرض صاحبها لتعسف صاحب العمل فإن‬
‫النائب النقابي باعتباره نائب العملة المنخرطين بالنقابة والذي قد يتعرض أكثر من غيره من النواب‬
‫غير النقابيين للعملة سواء باللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪DD‬ة أو نياب‪DD‬ات العمل‪DD‬ة لتعس‪DD‬ف الم‪DD‬ؤجر نظ‪DD‬را‬
‫الختالف مهامه عن مهام هؤالء النواب يصبح أكثر استحقاقا بهذه الحماية‪ 2‬خاصة وأن مجلة الشغل‬
‫أوكلت للممثلين غير النقابيين مهاما توفيقية باألساس ‪ 3‬بينما أسندت للنواب النقابيين مهاما تفاوض‪DD‬ية‬
‫‪4‬‬
‫وبالتالي مطلبية بما في ذلك حق اإلضراب‪.‬‬
‫ولكن بالرغم من وجاهة هذه المبررات‪ ،‬إال أنها ال تس‪DD‬تند إلى أس‪DD‬س قانوني‪DD‬ة واض‪DD‬حة‪ ،‬وال‬
‫تفص‪DD‬ح عــن إرادة المش‪DD‬رع‪ ،‬ال‪DD‬ذي اتج‪DD‬ه حس‪DD‬ب رأي أح‪DD‬د الفقه‪DD‬اء ‪ 5‬إلى التض‪DD‬ييق في مجــال‬
‫تطبيق الفصلين ‪ 167 -166‬م‪.‬ش و بالتالي إلى عـدم شمولية أحكـامهما الحمائية للنـائب النقابــي‪.‬‬
‫__________________________‬
‫‪ – 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،22433 – 2002‬مؤرخ في ‪ 20‬جانفي ‪ ( .2003‬انظر الملحق) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬النوري مزيد ‪ " :‬فقه القضاء و حماية النائب النقابي بين االجتهاد و االلتباس " مجلة عمل و تنمي‪DD‬ة ع‪DD‬دد ‪12‬‬
‫سنة ‪ ،1987‬ص ‪.179‬‬
‫‪ - 3‬الفصول من ‪ 157‬إلى ‪ ( 165‬جديد ) من م ‪.‬ش‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 56‬‬

‫‪ – 4‬الفصول من ‪ 31‬إلى ‪ ( 48‬جديد) م‪.‬ش ومن ‪ 376‬إلى ‪ 390‬جديد من نفس المجلة‪.‬‬


‫‪ – 5‬انظر حافظ العموري ‪ :‬الحماية القانونية لممثلي العملة ضد الطرد‪ :‬ملتقى نظمته الجمعية التونس‪DD‬ية لمتفق‪DD‬دي‬
‫الشغل سوسة‪ 7 – 6 ،‬أفريل ‪ ، 2007‬ص‪.8‬‬
‫خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار االختالف الشديد بين مصطلحي " النائب النقابي " و ن‪DD‬ائب العمل‪DD‬ة‬
‫" فب‪DD‬الرجوع إلى الفص‪DD‬ل ‪ ( 163‬جدي‪DD‬د ) ‪ 1‬من م‪ .‬ش نس‪DD‬تنتج و بوض‪DD‬وح أن مص‪DD‬طلح " ن‪DD‬ائب‬
‫العملة " ال يشمل النائب النقابي‪".‬‬
‫فمن خالل هذا الفصل يتبين لنا أن‪D‬ه لم يش‪D‬ترط في الن‪DD‬اخبين أن يكون‪D‬وا منخ‪D‬رطين في‬
‫النقابة فلو كان المقصود بذلك النائب النقابي لالشتراط المشرع في الناخبين أن تت‪DD‬وفر فيهم‬
‫صفة المنخ‪DD‬رطين في النقاب‪DD‬ة و غي‪DD‬اب ه‪DD‬ذا الش‪DD‬رط ي‪D‬دل على أن المقص‪DD‬ود بن‪DD‬ائب العمل‪DD‬ة ه‪DD‬و‬
‫الممث‪DD‬ل غ‪DD‬ير النق‪DD‬ابي باعتب‪DD‬ار أن الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي ال ينتخب إال من ط‪DD‬رف المنخ‪DD‬رطين‬
‫بالنقابة‪ ،‬وذلك خالفا لنائب العملة الذي ينتخب من طرف كل األجراء بص‪DD‬رف النظ‪DD‬ر عن‬
‫انتمائهم النقابي ‪.2‬‬
‫كما الحظ األستاذ حافظ العموري في نفس السياق كذلك أن هذا االتجاه االجتم‪DD‬اعي‬
‫للفقه‪ D‬القضائي قد طبق مصطلح " نائب العملة" الوارد بالفصل ‪ 166‬السالف الذكر بمع‪DD‬زل‬
‫عن فصول األمر عدد ‪ 30‬المؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪ 1995‬والمتعل‪D‬ق بتركيب‪D‬ة وس‪D‬ير عم‪D‬ل اللجن‪D‬ة‬
‫االستشارية للمؤسسة وبطرق انتخاب نواب العمل‪DD‬ة وممارس‪DD‬تهم لمه‪DD‬امهم وبالتحدي‪DD‬د بالفص‪DD‬ل‬
‫‪ 39‬منه ‪.3‬‬
‫يضاف إلى كل ما تقدم عدم تعرض المشرع بمجلة الش‪D‬غل للوج‪D‬ود النق‪D‬ابي داخ‪D‬ل المؤسس‪D‬ة‬
‫فبالرجوع إلى الكتاب السابع الباب األول منه المعنون " النقابات المهنية" يتبين أنه يتعل‪DD‬ق‬
‫بتكوين النقابات خارج المؤسسة و ذلك من خالل الشروط ال‪DD‬واردة ب‪DD‬ه و ال‪DD‬تي ال يمكن أن‬
‫تتوفر في نقابات المؤسسات ‪.4‬‬
‫وحتى إذا رجعنا إلى مص‪DD‬طلحي " ن‪DD‬ائب العمل‪DD‬ة" والن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي " باللغ‪DD‬ة الفرنس‪DD‬ية يمكن‬
‫مالحظة االختالف الواضح بينهما فاألول يترجم ‪ Délègue de personnel‬أما الثــــاني فيمكـــن‬
‫____________________‬
‫‪ – 1‬جاء بالفصل ‪ 163‬جديد من م ‪.‬ش‪ " ،‬يقع انتخاب نائب رسمي عن العملة وآخر مناوب في المؤسسات ال‪DD‬تي‬
‫تشغل عددا من العمال القارين يساوي أو يفوق العشرين وأقل من األربعين " ‪.‬‬
‫‪ – 2‬حافظ العموري ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 57‬‬

‫‪ – 3‬جاء بهذا الفصل أنه " يقع انتخاب نواب العملة المنصوص عليهم بالفصل ‪ ( 163‬الجديد) م‪ .‬ش من ط‪DD‬رف‬
‫قسم انتخابي وحيد يضم كافة عملة المؤسسة " وهو ما يدل على انتخاب نواب غير نقابيين‪.‬‬
‫‪4 - Amouri Hafedh :«  Les représentations des travailleurs dans l’entreprise en‬‬
‫‪Tunisie » Doctorat d’Etat Université de Paris 1991.‬‬
‫ترجمته بـ " ‪." Délègue syndical‬‬
‫من الواضح إذن أن هذا االتجاه الفقه‪ D‬قضائي الذي انتهج قراءة موسعة لنط‪DD‬اق تط‪DD‬بيق‬
‫الفص‪DD‬ل ‪ 166‬م ‪.‬ش ‪ 1‬ليش‪DD‬تمل الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي بالحماي‪DD‬ة القانوني‪DD‬ة‪ .‬لم يكن موفق‪DD‬ا في ذل‪DD‬ك إلى أبع‪DD‬د‬
‫الحدود‪ ،‬وما محاولة الطرق النق‪DD‬ابي خالل المفاوض‪DD‬ات عن‪DD‬د مراجع‪DD‬ة االتفاقي‪DD‬ات المش‪DD‬تركة‬
‫القطاعية توسيع مجال تطبيق الفصل ‪ 166‬م‪.‬ش ليشمل النائب النقابي‪ ،‬إال دليل على عدم شمولية‬
‫األحكام الحمائية المضمنة بهذا الفصل لهذا األخير ‪ 2‬و إال لما كان هناك ج‪DD‬دوى من المطالب‪DD‬ة‬
‫بإضافة فصل في بعض االتفاقيات ينص على تطبيق الفصل الم‪DD‬ذكور على الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي‬
‫خاص‪DD‬ة وأن مط‪DD‬الب ه‪DD‬ذه اإلض‪DD‬افة القت معارض‪DD‬ة ش‪DD‬ديدة من ط‪DD‬رف أص‪DD‬حاب العم‪DD‬ل في‬
‫المفاوضات‪ .3D‬وإلى غاية سنة ‪ 2004‬لم يتوصل الجانب النقابي إلى توسيع هذه الحماية إال في‬
‫ثالثة عشر اتفاقية قطاعية من جملة اثنين و خمسون اتفاقية‪.‬‬
‫وكمث‪DD‬ال على ذل‪DD‬ك يمكن الرج‪DD‬وع إلى الفص‪DD‬ل الث‪DD‬الث من االتفاقي‪DD‬ة القطاعي‪DD‬ة للت‪DD‬أمين ال‪DD‬ذي‬
‫أوجب اح‪DD‬ترام اإلج‪DD‬راءات المنص‪DD‬وص عليه‪DD‬ا بالفص‪DD‬ل ‪( 166‬جدي‪DD‬د) م‪ .‬ش قب‪DD‬ل ط‪DD‬رد " أي‬
‫مندوب نقابي"‪.‬‬
‫وفي تطبيق لهذا الفصل أصدرت المحكمة‪ D‬االبتدائية بتونس قـرارا إستئنافيا لصالح مندوب‬
‫نقابي في قطاع التأمين وقد جاء في هذا القرار م‪DD‬ا يلي " وحيث أن موافق‪DD‬ة متفق‪DD‬د الش‪DD‬غل‬
‫على الطرد لم تحصل‪ ،‬فإن فصل المستأنف عليه من العمل ال تعدوا أن تك‪DD‬ون س‪D‬وى ط‪DD‬رد‬
‫‪4‬‬
‫تعسفيا باعتبار الخرق‪ D‬الواضح للفصل ‪ 3‬من االتفاقية و الذي جاء في صيغة الوجوب‪.‬‬

‫ب – مساهمة الفقه في تجاوز مسألة غياب الحماية التشريعية‪.‬‬


‫في ظل استحالة توسيع نطاق تط‪DD‬بيق الفص‪DD‬ل ‪ 166‬م ش ليش‪DD‬مل الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي بالحماي‪DD‬ة‬
‫المقررة‪ D‬لنائب العملة‪ ،‬نظرا لوضوح عباراته‪ ،‬في ظل خاصة المتغيرات االقتصاديـــة والسياسيـة‬
‫_______________________‬
‫‪ – 1‬قبل تنقيح ‪ 2‬أفريل ‪.2007‬‬
‫‪ – 2‬حافظ العموري ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 12‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 58‬‬

‫‪ – 3‬ندوة حول المفاوضة الجماعية تنظيم االتحاد العام التونسي للشغل‪ ،‬جوان ‪.2003‬‬
‫‪ – 4‬حكم استئنافي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس تحت عدد‪ ،1698 D‬بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،1986‬غير منشور‪ ،‬أورده‬
‫حافظ العموري عن النوري مزيد من مقالة " فقه القضاء وحماية النائب النقابي بين االجتهاد وااللتباس"‪ ،‬مص‪DD‬در س‪DD‬ابق‪،‬‬
‫ص ‪.182‬‬
‫حيث اكتساح اقتصاديات السوق‪ ،‬وانتعاش دعاة الليبرالية االقتصادية المجحفة‪ D،‬مع م‪DD‬ا تض‪DD‬منه ه‪DD‬ذا‬
‫التوجه من هجوم على الحريات والحقوق النقابية وعلى مصالح العمال بشكل عام‪ ،‬بات من المتأك‪DD‬د‬
‫إيجاد حلول بديلة لسد هذا الفراغ التشريعي‪ ،‬لذلك واعتبارا لكل ما تق‪DD‬دم‪ ،‬ك‪DD‬ان للفق‪DD‬ه دورا فع‪DD‬اال في‬
‫محاولة تجاوز هذه المسألة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يمكن تنزيل الندوة الوطنية األولى التي الت‪DD‬أمت في ت‪DD‬ونس بتنظيم‬
‫مشترك بين قسم التك‪DD‬وين النق‪DD‬ابي باالتح‪DD‬اد الع‪DD‬ام التونس‪DD‬ي للش‪DD‬غل‪ ،‬و قس‪DD‬م الحق‪DD‬وق النقابي‪DD‬ة‬
‫بالكنفدارلية العالمية للنقابات الحرة‪ 1‬ضمن مجموع المساعي التي حاولت توفير الق‪DD‬در الالزم‬
‫من الحماية للنائب النقابي بما في ذلك الحماية ضد الطرد خاصة وأن هذه الندوة كانت تندرج‬
‫ضمن البرنامج الذي أعدته الكنفدرالية و القاضي بضرورة تدعيم الحقوق و الحريات النقابية‬
‫والسعي إلى توفير آليات لحمايتها‪ .‬وقد انتهت الندوة بإصدار تقري‪DD‬ر خت‪DD‬امي يتض‪DD‬من جمل‪DD‬ة‬
‫من التوصيات تأكد على ضرورة إدراج مسألة حماية الحقوق والحريات النقابي‪DD‬ة و تطويره‪DD‬ا‬
‫ضمن الملفات المطروحة للتفاوض‪.‬‬
‫إص‪DD‬دار دلي‪DD‬ل الحري‪DD‬ات النقابي‪DD‬ة و تعميم‪DD‬ه على النق‪DD‬ابين‪ ،‬بعث مرص‪DD‬د نق‪DD‬ابي وط‪DD‬ني‬
‫للحقـوق النقابي‪DD‬ة اعتم‪DD‬ادا على ش‪DD‬بكة من المراس‪DD‬لين الجه‪DD‬ويين لتك‪DD‬ون بمثاب‪DD‬ة المنب‪DD‬ه لك‪DD‬ل‬
‫‪2‬‬
‫االنتهاكات‪.‬‬
‫و في نفس السياق الرامي إلى تجاوز مسألة غياب السند التش‪DD‬ريعي لحماي‪DD‬ة الن‪DD‬ائب‬
‫النقابي‪ ،‬اعتبر األستاذ حاف‪DD‬ظ العم‪DD‬وري ‪ 3‬أن الح‪DD‬ل يكمن في اللج‪DD‬وء إلى االتفاقي‪DD‬ات الدولي‪DD‬ة‬
‫التي صادقت عليها تونس خاصة بعد محافظة‪ D‬تنقيح الدستور لسنة ‪ 2002‬على مكانة ه‪DD‬ذه‬
‫االتفاقيات في القانون الوطني‪ .4‬ومن هنا ذهب هـذا الفقيه إلى حد اقتراح توسيع نطاق تطبيق‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬التأمت الندوة الوطنية األولى حول الحقوق والحريات النقابة بتونس من ‪ 17‬إلى ‪ 22‬أكتوبر ‪.1994‬‬
‫يراج‪DD‬ع ‪ :‬ليلي الكويس‪DD‬ي " تمثي‪DD‬ل العمل‪DD‬ة داخ‪DD‬ل المؤسس‪DD‬ة" م‪DD‬ذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق‬
‫و العلوم السياسية بتونس ‪ ،1997 – 1996‬ص ‪.73‬‬
‫‪ " – 2‬النشرة " نش‪D‬رية داخلي‪D‬ة يص‪D‬درها قس‪D‬م التك‪D‬وين والتثقي‪D‬ف العم‪D‬الي باإلتح‪D‬اد الع‪D‬ام التونس‪D‬ي للش‪D‬غل ديس‪D‬مبر‬
‫‪،1994‬ص‪.10‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 59‬‬

‫‪ – 3‬حافظ العموري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ – 4‬نص الفص‪DD‬ل ‪ 32‬من الدس‪DD‬تور بع‪DD‬د تنقيح ‪ 2002‬أن " المعاه‪DD‬دات المص‪DD‬ادق عليه‪DD‬ا من قب‪DD‬ل رئيس الجمهوري‪DD‬ة‬
‫و الموافق عليها من قبل مجلس النواب أقوى نفوذا من القوانين"‬
‫الفصل ‪ 166‬م‪ .‬ش ليشمـــل جميع ممثلي العملة اس‪DD‬تنادا إلــى االتفاقي‪DD‬ة الدولي‪DD‬ة ع‪DD‬دد ‪ 1 98‬و ال‪DD‬تي‬
‫تنص ضمن فصلها األول على أن " يتمت‪DD‬ع العم‪DD‬ال بحماي‪DD‬ة كافي‪DD‬ة من ك‪DD‬ل عم‪DD‬ل ينط‪DD‬وي‬
‫على تمييز في مجال االستخدام بسبب إنماءهم النقابي"‪.‬‬
‫كما يقترح األستاذ لعموري على القاضي‪ D‬الش‪DD‬غلي وفي إط‪DD‬ار ت‪DD‬دعيم موقف‪DD‬ه الموس‪DD‬ع‬
‫لنطاق تطبيق الفصل المذكور ب‪D‬الرجوع إلى مب‪D‬ادئ لجن‪D‬ة الحري‪D‬ات النقابي‪D‬ة عن‪D‬د دراس‪D‬تها‬
‫لقضايا تتعلق بتطبيق الفصل األول من االتفاقية المذكورة ‪ 2‬بشأن الحماية ضد التمييز النقابي‬
‫باعتب‪DD‬ار أن بعض القض‪DD‬ايا المطروح‪D‬ة‪ D‬أم‪DD‬ام القض‪DD‬اء بش‪DD‬أن ط‪DD‬رد نق‪DD‬ابي ق‪DD‬د يك‪DD‬ون س‪DD‬ببها‬
‫األصلي تمييز نقابي مقنع‪ ،‬بالرغم من أن الفصل الخامس‪ D‬من إ‪.‬إ‪.‬م حجر هذا التمييز صراحة‪D‬‬
‫لكن لم يرتب عليه إال جزءا بسيط مم‪DD‬ا من ش‪DD‬أنه أن يض‪DD‬عف فاعلي‪DD‬ة ه‪DD‬ذا التحج‪DD‬ير ويفق‪DD‬د‬
‫الحماية جزء كبير من نجاعتها‪.‬‬
‫فقد رأت هذه اللجنة أن " التشريعات األساسية المنصوص عليها في القانون الوطني وال‪DD‬تي‬
‫تمنع أعم‪D‬ال التمي‪D‬يز ض‪D‬د النقاب‪D‬ات غ‪D‬ير مالئم‪D‬ة إن لم ترافقه‪D‬ا تش‪D‬ريعات تض‪D‬من الحماي‪D‬ة‬
‫الفعلية ضد أعمال كهذه"‪.‬‬
‫و ما يدعم إمكانية القاضي‪ D‬اللجوء إلى الفص‪D‬ل األول من االتفاقي‪D‬ة الم‪D‬ذكورة لتوس‪D‬يع‬
‫نطاق تطبيق الفصل ‪ 166‬م ش حسب رأي نفس الفقيه ‪ 3‬ه‪D‬و م‪D‬ا ذهبت إلي‪D‬ه ه‪D‬ذه اللجن‪D‬ة من‬
‫أن " التش‪DD‬ريع الوط‪DD‬ني ال‪DD‬ذي يمكن ص‪DD‬احب العم‪DD‬ل من ط‪DD‬رد ن‪DD‬ائب نق‪DD‬ابي وأن ي‪DD‬دفع ل‪DD‬ه‬
‫غرامات كسائر العمل‪DD‬ة بس‪D‬بب التعس‪DD‬ف في ممارس‪DD‬ة ح‪DD‬ق الط‪DD‬رد لعالقت‪DD‬ه بنش‪DD‬اط نق‪DD‬ابي ال‬
‫يكفي لتطبيق الفصل األول من االتفاقية الدولية رقم ‪ 98‬و الحمايــــة األمثل حسب هـــــذه‬

‫__________________________‬
‫‪ – 1‬صدرت هذه االتفاقية عن المنظمة الدولية للعمل سنة ‪ ،1949‬وصادقت عليها تونس بمقتضى األم‪DD‬ر الم‪DD‬ؤرخ‬
‫في ‪ 25‬أفريل ‪ ،1957‬وتم تسجيل المصادقة بمكتب العمل الدولي في ‪ 15‬ماي ‪.1957‬‬
‫يراجع محمد اله‪DD‬ادي بن عب‪DD‬د الل‪D‬ه " االتفاقي‪DD‬ات الدولي‪DD‬ة للش‪DD‬غل"‪ ،‬نش‪DD‬ر دار إس‪DD‬هامات في أدبي‪DD‬ات المؤسس‪DD‬ة ‪،1999‬‬
‫ومدونة تشريع الشغل الجزء األول ‪ ،‬وزارة الشؤون االجتماعية‪ ،‬ماي ‪.1998‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 60‬‬

‫‪ – 2‬لجنة الحريات النقابي‪DD‬ة هي لجن‪DD‬ة ثالثي‪DD‬ة األط‪DD‬راف أنش‪DD‬أها مجلس إدارة منظم‪DD‬ة العم‪DD‬ل الدولي‪DD‬ة س‪DD‬نة ‪1951‬‬
‫و تتكون من ‪ 9‬أعضاء ونوابهم من ممثلي الحكومات و فريق العمال وأصحاب العم‪DD‬ل في مجلس اإلدارة و يتمت‪DD‬ع‬
‫رئيسها باالستقاللية و تجتمع هذه اللجنة كل ‪ 3‬سنوات ‪.‬‬
‫‪ - 3‬حافظ العموري ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 15‬‬

‫‪1‬‬
‫اللجنة تتمثل في إرجاع العامل المطرود لسالف عمله‪.‬‬
‫وباعتبار أن تونس صادقت كذلك على االتفاقية الدولية رقم ‪ 87‬بشأن الحري‪DD‬ة النقابي‪DD‬ة‬
‫وحماية الحق النقابي منذ سنة ‪ 2 1957‬يرى األستاذ حافظ‪ D‬العموري أن القاضي‪ D‬يمكنه ك‪D‬ذلك‬
‫أن يجد في مبادئ هذه االتفاقية خير سند لتطبيقه الواسع للفصل المذكور ألن‪DD‬ه ب‪DD‬دون ه‪DD‬ذه‬
‫الحماية يصبح النائب النقابي مثل سائر العملة وهو ما ال يتناسق مع مبادئ هذه االتفاقي‪DD‬ة‬
‫التي تفرض وجود أجراء مس‪DD‬تقلين ب‪DD‬إرادتهم عن إدارة م‪DD‬ؤجريهم‪ ،‬ويتمتع‪DD‬ون بح‪DD‬د أدنى من‬
‫الحماية لممارسة الحقوق والحريات التي نصت عليها هذه االتفاقية ممارسة فعلية‪.‬‬
‫ويكمن أح‪DD‬د أهم ه‪DD‬ذه المب‪DD‬ادئ حس‪DD‬ب رأي ه‪DD‬ذا الفقي‪DD‬ه في "وج‪DD‬وب تمت‪DD‬ع العم‪DD‬ال‬
‫بالحماية المناسبة من جميع أعمال التمييز ضد النقاب‪DD‬ات‪ ،‬مث‪DD‬ل أعم‪DD‬ال الص‪DD‬رف من الخدم‪DD‬ة‬
‫فحسب هذا المبدأ‪ ،‬فإن طرد النواب النقابيين تعسفيا إذا كان مرده صفتهم تلك قد يهدد وجود‬
‫النقابات داخل المؤسسة‪ ،‬و بالتالي يقوض األسس التي قامت عليها االتفاقي‪DD‬ة الدولي‪DD‬ة رقم ‪87‬‬
‫‪3‬‬
‫المتمثلة بالخصوص في الحريات النقابية ‪ ،‬انتماء وممارسة"‪.‬‬
‫من الواضح إذا أن غياب األساس التشريعي لسحب األحكام الحمائية التي يتمتع بها‬
‫" نائب العملة " على " النائب النقابي " ضد تعسف المؤجر في استعمال حق الطرد ك‪DD‬ان‬
‫سببا مباشرا في ظهور كل ه‪DD‬ذه االجته‪DD‬ادات الفق‪DD‬ه قض‪DD‬ائية و الفقهي‪DD‬ة‪ ،‬إجته‪DD‬ادات وإن ج‪DD‬انب‬
‫البعض منها الص‪D‬واب‪ ،‬إال أنه‪D‬ا تعكس على ك‪D‬ل ح‪D‬ال تط‪D‬ور نزع‪D‬ة ق‪D‬انون الش‪D‬غل الحمائي‪D‬ة‬
‫ويب‪D‬دو أن المش‪D‬رع ق‪D‬د تفطن إلى ه‪D‬ذا الف‪D‬راغ التش‪D‬ريعي وم‪D‬ا مص‪D‬ادقته س‪D‬نة ‪ 2007‬على‬
‫االتفاقية الدولية رقم ‪ 4 135‬بشأن حماية ممثلي العملة ومراجعة مجلة الشغل تأسيسا عليها‬
‫إال دليل على ذلك‪ ( .‬الفقرة الثانية ) ‪.‬‬
‫__________________________‬
‫‪.Liberté syndicale et négociations collectives  «  BIT » 1994, p106 – 1‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 61‬‬

‫‪ – 2‬صدرت هذه االتفاقية عن المنظمة الدولية للعمل سنة ‪ ،1948‬وصادقت عليها تونس بمقتضى األم‪DD‬ر الم‪DD‬ؤرخ‬
‫في ‪ 11‬جوان ‪ ،1957‬وصدرت بالرائد الرسمي بمقتضى نفس األم‪DD‬ر‪ ،‬و س‪DD‬جلت ه‪DD‬ذه المص‪DD‬ادقة ب‪DD‬المكتب ال‪DD‬دولي‬
‫للعمل في ‪ 18‬جوان ‪.1957‬‬
‫‪ -‬حافظ العموري ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ – 4‬تمت هذه المصادقة بمقتضى القانون عدد ‪ 15‬لسنة ‪ ،2007‬المؤرخ في ‪ 12‬مارس ‪ ،2007‬الرائد الرس‪DD‬مي‪ ،‬ص ‪،732‬‬
‫عدد ‪ (. 21‬أنظر الملحق)‪.‬‬
‫‪ -‬يراجع كذلك رأي المجلس الدستوري المتعلق بهذه المصادقة‪( .‬انظر الملحق)‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الوضعية الحمائية للنائب النقابي بعد المصادقة على االتفاقية الدولية‬
‫رقم ‪ 135‬ومراجعة مجلة الشغل تأسيسا عليها ‪.‬‬
‫تضمنت االتفاقية الدولية رقم ‪ 135‬والتوصية رقم ‪ 143‬المتعلق بها‪ 1‬وال‪DD‬تي اعتم‪DD‬دها م‪DD‬ؤتمر‬
‫العمل الدولي في دورت‪DD‬ه السادس‪DD‬ة والخمس‪DD‬ين س‪DD‬نة ‪ 1971‬عموم‪DD‬ا أحكام‪D‬ا‪ D‬ته‪DD‬دف إلى حماي‪DD‬ة ممثلي‬
‫العمال من كل اإلجراءات التي من شأنها أن تلحق بهم ضرار بما في ذل‪DD‬ك الط‪DD‬رد من العم‪DD‬ل‪ ،‬وإلى‬
‫تمكينهم من التسهيالت الالزمة للقيام بمهامهم بصورة ناجعة‪.‬‬
‫وتتمثل هذه األحكام بالخصوص فيما يلي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ - 1‬شمول مفهوم " ممثلي العمال " للمثلين النقابيين وممثلي العمال المنتخبين‪.‬‬
‫‪ - 2‬وجوب تمتع العمال بالمؤسسة بحماية ناجعة ضد كل اإلج‪DD‬راءات ال‪DD‬تي يمكن أن تلح‪DD‬ق ض‪DD‬ررا‬
‫بهم بما في ذلك الطرد من العمل والتي يقع اتخاذها على أساس صفتهم أو أنشطتهم كممثلين للعم‪DD‬ال‬
‫‪2‬‬
‫أو انتمائهم النقابي أو ممارستهم ألنشطة نقابية‪.‬‬
‫‪ - 3‬وجوب منح تسهيالت لممثلي العمال بالمؤسسة بكيفية تمكنهم من القيام بمهامهم بصورة سريعة‬
‫وناجع‪DD‬ة على أن ت‪DD‬راعي خص‪DD‬ائص نظ‪DD‬ام العالق‪DD‬ات المهني‪DD‬ة في البل‪DD‬د وحاجي‪DD‬ات المؤسس‪DD‬ة المعني‪DD‬ة‬
‫‪3‬‬
‫وأهميتها وإمكانياتها وأن ال يؤدي منح هذه التسهيالت إلى عرقلة سير العمل بالمؤسسة‪.‬‬
‫‪ - 4‬إمكانية تطبيق أحكام االتفاقية سواء عن طريق التشريع الوط‪DD‬ني أو االتفاقي‪DD‬ات الجماعي‪DD‬ة أو أي‬
‫‪4‬‬
‫طريقة أخرى تكون مطابقة للممارسة الوطنية‪.‬‬
‫ما يهمنا من خالل عرض أهداف ومرامي هذه االتفاقية الدولية أنها تشمل ك‪DD‬ل من ل‪DD‬ه ص‪DD‬فة‬
‫‪6‬‬
‫ممثل للعملة سواء تعلق األمر بالممثل المنتخب ‪ 5‬أو الممثل النقابي‪.‬‬
‫_________________________________‬
‫‪ – 1‬يراجع نص هذه االتفاقية مع التوصية رقم ‪ 143‬المتعلقة بها‪ ( .‬انظر الملحق)‪.‬‬
‫‪ - 2‬المادة الثالثة من االتفاقية الدولية رقم ‪.135‬‬
‫‪ - 3‬المادة األولى من نفس االتفاقية ‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 62‬‬

‫‪ - 4‬المادة الثانية من نفس االتفاقية‪.‬‬


‫‪ – 5‬المادة السادسة من نفس االتفاقية‪.‬‬
‫‪ - 5‬حسب المادة الثانية من االتفاقي‪D‬ة الم‪DD‬ذكورة يعت‪DD‬بر ممثلين منتخ‪D‬بين الممثلين ال‪D‬ذين ينتخبهم عم‪D‬ال المؤسس‪DD‬ة بحري‪DD‬ة وفق‪D‬ا‬
‫ألحكام القوانين أو اللوائح الوطنية أو االتفاقيات الجماعية وال تتضمن مهامهم أنشطة تعت‪DD‬بر من اختص‪DD‬اص النقاب‪DD‬ات وح‪DD‬دها‬
‫في البلد المعني‪.‬‬
‫‪ – 6‬حسب نفس المادة أ‪ -‬الممثلين النقابيين تعينهم أو تنتخبهم النقابات أو أعضاء هذه النقابات‪.‬‬
‫وتعتبر مصادقة المشرع الشغلي على هذه االتفاقية بمثابة خط‪DD‬وة أولى في االتج‪DD‬اه الص‪DD‬حيح‬
‫في مجال حماية النائب النقابي ضد الط‪DD‬رد‪ ،‬باعتباره‪DD‬ا تؤس‪DD‬س لس‪DD‬ند تش‪DD‬ريعي حم‪DD‬ائي طالم‪D‬ا‪ D‬ش‪DD‬كل‬
‫مطلبا أساسيا لهذا األخير تمكنه من القيام بمهامه دون خش‪DD‬ية رد فع‪DD‬ل الم‪DD‬ؤجر خصوص‪DD‬ا أن "مث‪DD‬ل‬
‫هذه الحماية ليس الغرض منها تمكين األجير من صيانة مطلقة أو امتياز شخصي باعتباره متعاق‪DD‬دا‬
‫ولكنها حماية لوضعيته كناطق باسم المجموعة العمالي‪DD‬ة أي في نهاي‪DD‬ة التحلي‪DD‬ل حماي‪DD‬ة للهيك‪DD‬ل ال‪DD‬ذي‬
‫أوجده المشرع‪.1‬‬
‫وحسب ما جاء في التقرير المشترك بين لجنة الشؤون االجتماعية والصحة العمومية ولجنة‬
‫الش‪DD‬ؤون السياس‪DD‬ية ولجن‪DD‬ة التش‪DD‬ريع الع‪DD‬ام لإلدارة ‪" 2‬من ش‪DD‬أن المص‪DD‬ادقة على ه‪DD‬ذه االتفاقي‪DD‬ة تعميم‬
‫وتكريس حماية الن‪DD‬واب النق‪DD‬ابيين ض‪DD‬د اإلج‪DD‬راءات ال‪DD‬تي يمكن أن تلح‪DD‬ق الض‪DD‬رر بهم‪ .‬كم‪DD‬ا أن ه‪DD‬ذه‬
‫المصادقة تأكد من جديد نزعة قانون الشغل الحمائية وتطوره في اتج‪DD‬اه‪ D‬تك‪DD‬ريس أقص‪DD‬ى الض‪DD‬مانات‬
‫لفئة كانت فيما مضى مهمشة أال وهي فئة النواب النقابيين" ‪.‬‬
‫ولكن هذه المصادقة ما هي إال خطوة أولى كان يجب تفعيلها بخطوات أخ‪DD‬رى‪ .‬ومن أهمه‪DD‬ا‬
‫مراجعة‪ D‬الفصلين ‪ 166‬و‪ 167‬من م‪.‬ش‪ ،‬وذل‪DD‬ك تجنب‪DD‬ا لمالحظ‪DD‬ات لجن‪DD‬ة الخ‪DD‬براء ب‪DD‬المكتب ال‪DD‬دولي‬
‫للعمل ‪ ،‬وتناسقا مع أحكام االتفاقية المذكورة‪ ،‬وهذا ما تم بالفعل ‪ ،‬فبالرجوع إلى الفصل ‪ 169‬جدي‪DD‬د‬
‫مك‪DD‬رر من م‪.‬ش ‪ 3‬نالح‪DD‬ظ أن‪DD‬ه ينص على م‪DD‬ا يلي ‪ :‬تنطب‪DD‬ق أحك‪DD‬ام الفق‪DD‬رة‪ D‬األولى من الفص‪DD‬ل ‪165‬‬
‫وأحكام الفصلين ‪ 166‬و‪ 167‬من هذه المجلة على الممثلين النقابيين "‪.‬‬
‫نتبين إذن من خالل هذا الفصل أن المشرع قام بسحب نفس اإلجراءات الحمائي‪DD‬ة والمتعلق‪DD‬ة‬
‫بطرد أعضاء اللجنة االستشارية للمؤسسة ونواب العملة المنصوص عليه‪DD‬ا بالفص‪DD‬ل ‪ 166‬من م‪.‬ش‬
‫على الممثلين النقابيين‪ .‬وتجدر اإلشارة في هذا اإلطار أن ه‪DD‬ذا الفص‪DD‬ل يتعل‪DD‬ق بالض‪DD‬مانات الحمائي‪DD‬ة‬
‫الواجب توفيرها من طرف المؤجر كلما اعتزم طرد " ممثل عملة " وقد جاء بهذا الفصل الجديد ما‬
‫يلي " كلما اعتزم المؤجر طرد عضو رسمي أو مناوب ممثل للعملة باللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪DD‬ة‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 63‬‬

‫يتعين عليه عرض ذلك‪ ...‬كما يتعين عليه بعد ذلك عرض المسألة على المدير الع‪DD‬ام لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل‬
‫والمصالحة‪ "...‬وكلما اعتزم المؤجر طرد نائب رسمي أو مناوب للعملة يتعين عليه عرض المسألة‬
‫________________________‬
‫‪ - 1‬حافظ العموري‪ :‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ - 2‬مداوالت مجلس النواب‪ ،‬جلسة يوم الثالثاء ‪ 6‬مارس ‪.2007‬‬
‫‪ - 3‬وقعت إضافة هذا الفصل بمقتضى القانون عدد ‪ 19‬لسنة ‪ ، 2007‬المؤرخ في ‪ 2‬أفريل ‪.2007‬‬
‫مباشرة على المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة ‪."...‬‬
‫فبمقتضى هذه اإلضافة للفصل ‪ 169‬مكرر جديد إلى مجلة الشغل أصبح النائب النقابي اليوم‬
‫يتمتع بنفس الحماية التي يتمتع بها النائب غير النقابي أي نواب العملة وأعضاء اللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية‬
‫أو اللجنة اإلدارية للمؤسسة دون أي تمييز " فالحماية االتفاقية في بعض االتفاقيات المشتركة تركت‬
‫مكانها للحماية القانونية للنائب النقابي والحماية الض‪DD‬منية ال‪DD‬تي ك‪DD‬ان بامك‪DD‬ان المح‪DD‬اكم تطبيقه‪DD‬ا عمال‬
‫بأحكام االتفاقيتين الدوليتين رقمي ‪ 87‬و‪ 98‬السالف ذكرهما تركت مكانها للحماية الص‪DD‬ريحة بمجل‪D‬ة‬
‫الشغل" ‪. 1‬‬
‫فاإلضافة تتمثل أساسا في تعميم الحماية التي نصت عليها ‪ 13‬اتفاقية قطاعية واجتهدت في‬
‫توسيعها بعض المحاكم لتشمل النواب النقابين‪.‬‬
‫و لكن ورغم هذا التطور اإليجابي الذي عرفه قانون الشغل في مجال حماية النائب‬
‫النقابي ضد الطرد إال أنها تبقى حماية منقوصة من أهم عنصر‪ ،‬إال وهو تنظيم الحضور النقابي‬
‫داخل المؤسسة‪ ،‬وهنا يمكن القول بأن المشرع التونسي ق‪D‬د ف‪D‬وت على نفس‪DD‬ه فرص‪DD‬ة تق‪D‬نين‬
‫هذا الحضور بمناسبة تنقيح ‪ 2007‬ووقف عند إقرار الحرية النقابية بما هي حرية فردية تتمثل‬
‫في االنخراط أو عدمه‪ ،‬وبما هي حرية جماعية تتعلق بتكوين وس‪DD‬ير النقاب‪DD‬ات‪ ،‬ولم يتج‪DD‬اوز‬
‫ذلك لتكريس التواجد والعمل النقابي داخل المؤسسة‪ ،‬كما أن القانون التفاوض‪DD‬ي وإن ك‪DD‬رس‬
‫‪2‬‬
‫الحرية النقابية داخل المؤسس‪DD‬ة فإن‪DD‬ه في الحقيق‪DD‬ة لم يخ‪DD‬رج عن الح‪DD‬دود المق‪DD‬ررة‪ D‬تش‪DD‬ريعيا‬
‫حيث ال تتحدث االتفاقية اإلطارية المشتركة إال عن الحرية النقابية وحرية الرأي‪ :‬أي حرية‬
‫االنخراط أو عدم االنخ‪DD‬راط ورغم أن إ‪.‬إ‪.‬م تح‪DD‬دثت عن ض‪DD‬رورة اع‪DD‬تراف الم‪DD‬ؤجر بالص‪DD‬الحيات‬
‫القانونية والشرعية النقابية وقبول النواب النقابيين مرة كل ش‪DD‬هر بالمؤسس‪DD‬ة ومنح الن‪DD‬واب النق‪DD‬ابيين‬
‫الوقت الكافي والتسهيالت الالزم‪D‬ة ألداء ‪ ‬وظ‪D‬ائفهم‪ ،‬إال أنه‪D‬ا قي‪D‬دت ذل‪D‬ك بش‪D‬رط ع‪D‬ام ومط‪D‬اط وه‪D‬و‬
‫‪3‬‬
‫إمكانيات المؤسسة و مصلحتها‪ ،‬وهو ما يقنن اعتداءات المؤجر على الحرية النقابية‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 64‬‬

‫ولكن مهما يكن من أمر يمكن اعتب‪DD‬ار ه‪DD‬ذا الت‪DD‬دخل التش‪DD‬ريعي وب‪DD‬الرغم من نقائص‪DD‬ه من أهم‬
‫المكاسب التي تحققت للنائب النقابي خاصة وأنه يحتوي كذلك على مجموعة مــن اإلضـافات تتعلق‬
‫__________________________‬
‫‪ – 1‬حافظ العموري ‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ - 2‬انظر الفصل ‪ 5‬من االتفاقية اإلطارية المشتركة‪ ،‬و الفصل ‪ 42‬م‪ .‬ش‪.‬‬
‫‪ - 3‬حسان الغربالي ‪ :‬انتماء األجير إلى المؤسسة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الق‪DD‬انون الخ‪DD‬اص‪ ،‬كلي‪DD‬ة‬
‫الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪ ،2000 – 1999‬ص ‪.74‬‬
‫أساسا باإلجراءات الواجب احترامها من طرف الم‪DD‬ؤجر كلم‪DD‬ا اع‪DD‬تزم ط‪DD‬رد ممث‪DD‬ل نق‪DD‬ابي‪ ،‬وك‪DD‬ذلك‬
‫إضافات جوهرية تتمثل في أولوية البقاء في صورة اللجوء إلى الط‪DD‬رد ألس‪DD‬باب اقتص‪DD‬ادية أو فني‪DD‬ة‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار أن هذه التدابير الحمائية سوف يستفيد منه‪DD‬ا على ح‪DD‬د الس‪DD‬واء‬
‫كل من النائب النقابي و النائب الغير نقابي‪. 1‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مظاهر تطور الوضعية الحمائية الخاصة بالنائب غير النقابي‪.‬‬
‫ما فتئ قانون الشغل يتطور في اتجاه تكريس مفاهيم متميزة يستمدها من الص‪DD‬بغة الجماعي‪DD‬ة‬
‫للعالقات المهنية‪ ،‬مثل مفهوم التفاوض الجماعي والتمثيل الجماعي‪ D‬ذلك أن عالقات العم‪DD‬ل تبقى في‬
‫جوهرها جماعية ونزاعية تقوم على وجود شريحتين اجتم‪DD‬اعيتين لهم‪DD‬ا مص‪DD‬الح متض‪DD‬اربة تف‪DD‬رض‬
‫قيام هيئات للتعبير عن تلك المصالح والدفاع عنها‪.‬‬
‫وهكذا وجدت هياكل حوار داخل المؤسسة من شأنها أن تسهل عملية التعايش والتخاطب‬
‫بين رأس المال وقوى العمل‪.‬‬
‫وغالبا ما تتميز العالقة بين الهياكل التمثيلية للعمال والمؤجر بالتوتر وذلك ناتجا أساس‪DD‬ا عن‬
‫الوضعية الخاصة الذي فرضها الدور التمثيلي فالدفاع عن مصالح العم‪D‬ال ق‪D‬د يعرض‪D‬هم إلج‪D‬راءات‬
‫‪2‬‬
‫تأديبية‪.‬‬
‫حيث ي‪DD‬رى الم‪DD‬ؤجر في الهياك‪DD‬ل التمثيلي‪DD‬ة للعم‪DD‬ال هيك‪DD‬ل "مع‪DD‬رقال"‪ D‬يجب الح‪DD‬د من س‪DD‬لطته‬
‫والتقليص من دوره وذلك بتسليط أقصى العقوبات على العناصر المتحدث‪DD‬ة باس‪DD‬م العم‪DD‬ال‪ .‬أم‪DD‬ام ه‪DD‬ذه‬
‫الوضعية‪ ،‬أقر المشرع نظاما حمائيا لممثلي العملة ضد اإلجراءات التعسفية المتمثلة في الطرد‪.‬‬
‫وما يالحظ في هذا اإلطار أن هذا النظام الحمائي ما انفك يتطور‪ ،‬فمن خالل معاينة الصيغة‬
‫الجديدة للفصل ‪ 166‬جديد من م ش ‪ 3‬وكذلك الفصل ‪ 169‬مك‪DD‬رر المض‪DD‬اف بمقتض‪DD‬ى نفس التنقيح‪،‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 65‬‬

‫يمكن القول أن هذا التط‪DD‬ور ك‪DD‬ان على المس‪DD‬توى اإلج‪DD‬رائي ( الفق‪DD‬رة األولى ) وك‪DD‬ذلك على مس‪DD‬توى‬
‫محتوى الحماية ( الفقرة الثانية) ‪.‬‬
‫_____________________‬
‫‪ – 1‬وباعتبار أن مختلف هذه اإلضافات الحمائية مشتركة بين هذين الص‪DD‬نفين من ن‪DD‬واب العمل‪DD‬ة وتجنب‪DD‬ا للتك‪DD‬رار وج‪DD‬دنا من‬
‫المفيد التعرض لها بكل دقة في المبحث الثاني من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪.Amouri Hafedh : Th. op cite - 2‬‬
‫‪ - 3‬بمقتضى تنقيح ‪ 2‬أفريل ‪.2007‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تطور على مستوى إجراءات الحماية ‪.‬‬


‫جاء بالفصل ‪ 166‬جديد من م ش ما يلي ‪:‬‬
‫" كلم‪DD‬ا اع‪DD‬تزم الم‪DD‬ؤجر ط‪DD‬رد عض‪DD‬و رس‪DD‬مي أو من‪DD‬اوب ممث‪DD‬ل للعمل‪DD‬ة باللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬يتعين عليه عرض ذلك على اللجنة االستشارية للمؤسسة ألخ‪DD‬ذ رأيه‪DD‬ا في الغ‪DD‬رض‪ ،‬كم‪DD‬ا‬
‫يتعين عليه بعد ذلك عرض المسألة على المدير العام لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل والمص‪DD‬الحة ال‪DD‬ذي يب‪DD‬دي رأي‪DD‬ه‬
‫معلال في أجل ال يتج‪DD‬اوز عش‪DD‬رة أي‪DD‬ام من ت‪DD‬اريخ تعه‪DD‬ده وكلم‪DD‬ا اع‪D‬تزم الم‪DD‬ؤجر ط‪DD‬رد ن‪DD‬ائب رس‪DD‬مي‬
‫أو مناوب للعملة يتعين عليه عرض المسألة مباش‪DD‬رة على الم‪DD‬دير الع‪DD‬ام لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل والمص‪DD‬الحة‬
‫الذي يبدي رأيه معلال في نفس األجل المبين بالفقرة السابقة‪" .‬‬
‫كما جاء بالفصل ‪ 169‬مكرر أن "أحكام الفقرة‪ ... D‬وأحكام الفصلين ‪ 166‬و‪ 167‬من هذه‬
‫المجلة تنطبق على الممثلين النقابيين" إن ه‪DD‬ذين الفص‪DD‬لين الجدي‪DD‬دين من مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل يع‪DD‬دان إق‪DD‬رار‬
‫واضحا من قبل المشرع بوضعية حمائي‪DD‬ة خاص‪DD‬ة لفائ‪DD‬دة ص‪DD‬نف من العمل‪DD‬ة لهم ص‪DD‬فة تمثيلي‪DD‬ة بحكم‬
‫انتمائهم لهيكل ممثل للعمال واكتسابهم لصفة ممثلي العمال (أ) إض‪DD‬افة إلى إح‪DD‬داثهما لهيك‪DD‬ل حم‪DD‬ائي‬
‫جديد يعوض متفقد الشغل ( ب) ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬األشخاص المنتفعون بالحماية ‪:‬‬


‫تشمل الحماية ال‪DD‬تي أقره‪DD‬ا الفص‪DD‬ل ‪ 166‬جدي‪DD‬د من م‪.‬ش جمي‪DD‬ع من لهم ص‪DD‬فة ممثلي العم‪DD‬ال‬
‫وذلك أثناء ممارسة أعمالهم التمثلي‪D‬ة ‪ 1‬وتمت‪D‬د الحماي‪D‬ة في الق‪D‬انون الفرنس‪D‬ي إلى ممثلي العم‪D‬ال س‪D‬تة‬
‫أشهر بعد انتهاء نيابتهم ولمدة ستة أشهر بالنسبة إلى األعضاء النقابيين اللذين استمرت نيابتهم س‪DD‬نة‬
‫على األقل ‪ 2‬ولكن ما هو محتوى عبارة ممثلي العمال ؟‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 66‬‬

‫يقص‪DD‬د بعب‪DD‬ارة ممثلي العم‪DD‬ال حس‪DD‬ب م‪DD‬ا ج‪DD‬اء بالفص‪DD‬ل ‪ 157‬جدي‪DD‬د م ش أعض‪DD‬اء اللجن‪DD‬ة‬
‫‪3‬‬
‫االستشارية ذات التركيبة المتناصفة والتي تؤسس داخل كل مؤسسة تشغل أكثر من أربعين عامال‬
‫والواقع انتخابهم وفقا للقواع‪DD‬د القانوني‪DD‬ة ال‪DD‬تي تض‪DD‬منها األم‪DD‬ر عـــدد ‪ 30‬لسنـة ‪ 1995‬الم‪DD‬ؤرخ في‬
‫‪ 9‬جــانفي‪ 1995 D‬المتعلق بتركيبة وسير عمــل اللجنة االستشارية للمؤسسة وبطرق انتخاب نـــواب‬
‫___________________________‬
‫‪.Jean Marc Beraud : op cite. p241- 1‬‬
‫‪.G Gurey :« Pratique du Droit de travail » p 506 –2‬‬
‫‪ – 3‬بمعاينة الفصلين ‪ 157‬قديم وجديد نالحظ أن المشرع قد خفض في الشرط العددي من ‪ 50‬عامل إلى ‪.40‬‬

‫العملة وممارستهم لمهامهم‪.‬‬


‫ويمكن أن يكون عضوا باللجنة االستشارية للمؤسسة كل عامل قار وبالغ من العمر ‪ 20‬سنة‬
‫فتمتد هذه الحماية أثناء المدة النيابية المضبوطة بثالث سنوات على أنه يمكن التمديد بصفة استثنائية‬
‫في هذه المدة وبالتالي في الحماية بمقتضى اتفاق كتابي بين المؤجر وممثلي العمل‪DD‬ة باللجن‪DD‬ة على أن‬
‫ال يتجاوز مدة التمديد سنة‪.‬‬
‫على أنه في صورة انتهاء مهام عضو رسمي يقع تسديد الشغور بتسمية العضو المناوب‬
‫المنتمي لنفس القسم االنتخابي والمتحص‪DD‬ل على أك‪DD‬بر ع‪DD‬دد من األص‪DD‬وات وذل‪DD‬ك للم‪DD‬دة المتبقي‪DD‬ة من‬
‫النيابة ولذلك نص الفصل ‪ 166‬جديد فترة أولى على حماية األعضاء الرس‪D‬ميين والمن‪D‬اوبين باللجن‪D‬ة‬
‫االستشارية للمؤسسة‪.‬‬
‫ويعوض األعضاء المناوبين الذين تم تعينيهم أعضاء رسميين بالمترش‪DD‬حين غ‪DD‬ير المنتخ‪DD‬بين‬
‫الت‪DD‬ابعين لنفس القس‪DD‬م االنتخ‪DD‬ابي والمتحص‪DD‬لين على أك‪DD‬بر ع‪DD‬دد من األص‪DD‬وات وفي حال‪DD‬ة تس‪DD‬اوي‬
‫األصوات يقع تعيين األقدم بالمؤسسة عضوا رسميا أو مناوبا وذلك حسب الش‪DD‬غور الحاص‪DD‬ل وعن‪DD‬د‬
‫‪1‬‬
‫تساوي األقدمية يعين األكبر سنا‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى األعضاء الرسميين باللجنة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪DD‬ة واألعض‪DD‬اء المن‪DD‬اوبين لهم‬
‫ومن يعوضهم‪ ،‬يستفيد من هذه الحماية النواب الرسميين والمناوبين لهم حيث اقتض‪DD‬ى الفص‪DD‬ل ‪163‬‬
‫جديد من م‪.‬ش" يقع انتخاب نائب رسمي عن العملة وآخر مناوب في المؤسسات ال‪DD‬تي تش‪DD‬غل ع‪DD‬ددا‬
‫من العمال القارين يساوي أو يفوق العشرين وأقل من األربعين‪".‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 67‬‬

‫ومـا تجدر اإلشارة إليه في هـذا اإلط‪DD‬ار أن هـذه القائم‪DD‬ة ال‪DD‬تي تتمت‪DD‬ع بحمايـة خاص‪DD‬ة ض‪DD‬د‬
‫الطرد قد عمل المشرع على توسيعها بإضافة النائب النق‪DD‬ابي وذل‪DD‬ك بمقتض‪DD‬ى التنقيح األخ‪DD‬ير لمجل‪DD‬ة‬
‫‪2‬‬
‫الشغل‪.‬‬

‫ب – استشارة المدير العام لتفقدية الشغل عوضا عن متفقد الشغل ‪.‬‬


‫بصفة مبدئية ما يالحظ بخصوص نص الفصل ‪ 166‬جديد من م‪.‬ش بعد التنقيح الحديث هو‬
‫اكتنافه لبعض الغموض خاصة فيما يتعلق بالصفة التي ستنظر بها اللجنة االستشارية للمؤسسة فــي‬
‫_________________________‬
‫‪ - 1‬الفصل ‪ 21‬من األمر المذكور‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر المبحث األول من هذا الفصل‪.‬‬
‫مسألة طرد العضو الرس‪DD‬مي أو المن‪DD‬اوب الممث‪DD‬ل للعمل‪DD‬ة به‪DD‬ذه اللجن‪DD‬ة فه‪DD‬ل ستنتص‪DD‬ب بص‪DD‬فتها تل‪DD‬ك‬
‫أم بصفتها مجلس تأديب؟‬
‫لحل هذا الغموض وبعيدا عن حرفية هذا الفصل يمكن الرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 160‬من‬
‫نفس المجلة الذي حدد مهام اللجنة والتي من بينها المهمة التأديبية حين اقتضى " الت‪DD‬أديب وفي ه‪DD‬ذه‬
‫الحـالـة‪ D‬تنتصب كمجــلس تأديب وتتبـــع اإلجراءات المضبوطة بالنصوص القانوني‪DD‬ة أو الترتيبــية‬
‫أو التعاقدية التي تخضع لها المؤسسة "‪ .‬وكذلك الفصل ‪ 37‬من إ‪.‬إ‪.‬م الذي يوجب على الم‪DD‬ؤجر عن‪DD‬د‬
‫اعتزامه اتخاذ عقوب‪DD‬ة من الدرج‪DD‬ة الثاني‪DD‬ة ع‪DD‬رض المس‪DD‬ألة على اللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪DD‬ة ال‪DD‬تي‬
‫تنتصب كمجلس تأديب‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر وبعيدا عن هذا الغموض الذي يعتري الفص‪DD‬ل ‪ 166‬المش‪DD‬ار إلي‪DD‬ه‪ ،‬تتمث‪DD‬ل‬
‫اإلضافـة اإلجرائية الصريحة في مجــال حماية ممثـل العملــة ضد تعسف المــؤجر‪ D‬فـي الطـرد في‬
‫تعويض استشارة‪ D‬متفقد الشغل المختص ترابيا بالمدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة ويرى األستاذ‬
‫حافظ‪ D‬العموري في هذا اإلطار أن المقصود بذلك هو إبعاد متفقد الشغل المختص ترابيا عن دائرة‬
‫النزاع بالرغم من أنه طرف محايد غير أنه قد يتأثر بموازين القوي الس‪DD‬ائدة بالمؤسس‪DD‬ة ال‪DD‬تي طلبت‬
‫منه إبداء الرأي بشأن طرد ممثل عملة‪.‬‬
‫ولكن قد يرى أحد الطرفين سواء المؤجر أو ممثل العملة أن متفقد الشغل ق‪DD‬د انح‪DD‬از لط‪DD‬رف‬
‫دون آخر بالرغم من إبداء رأيه بكل حياد‪ ،‬وإحالة‪ D‬االستشارة للمدير العام لتفقدية الشغل والمص‪DD‬الحة‬
‫قد ال تقضي على هذه اإلشكالية نهائيا لكن تخفف منها باعتبار أن هذا األخير بعي‪DD‬دا عن ال‪DD‬نزاع ولو‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 68‬‬

‫جغرافيا مما يمكنه من النظر في موضوع االستشارة بأكثر موضوعية نظر لبع‪DD‬ده عن الض‪DD‬غوطات‬
‫ولو بصفة مباشرة ‪.‬‬
‫ويعتبر مبدأ حياد المدير العام لتفقدية الش‪DD‬غل والمص‪DD‬الحة من أهم الض‪DD‬مانات الحمائي‪DD‬ة ال‪DD‬تي‬
‫أرساها المشرع لفائدة ممثل العملة‪ ،‬خاصة‪ D‬أن المؤجر قد يعمد في العديد من األحي‪DD‬ان إلى اس‪DD‬تعمال‬
‫شتى أنواع الضغوطات والممارسات الغ‪DD‬ير قانوني‪D‬ة في س‪D‬بيل الحص‪D‬ول على موافق‪D‬ة جه‪D‬از تفقدي‪DD‬ة‬
‫الشغل على قرار طرده‪.‬‬
‫ودعم‪D‬ا لف‪D‬رص الوص‪D‬ول إلى حل‪D‬ول ص‪D‬لحية وخاص‪D‬ة تجنب‪D‬ا لمزي‪D‬د الت‪D‬وتر في العالق‪D‬ة بين‬
‫المؤجر وممثل العملة قيد المشرع المدير العام لتفقدية الشغل والمص‪DD‬الحة بأج‪DD‬ل عش‪DD‬رة أي‪DD‬ام إلب‪DD‬داء‬
‫رأيه في مشروع الطرد‪ .‬وما يالحظ في هذا اإلطار أن هذا األجل قد بقي على ما هو عليه بالمقارنة‬
‫مع األجل ال‪D‬ذي أق‪D‬ره المش‪D‬رع أثن‪D‬اء تنقيح الفص‪D‬ل ‪ 166‬من م‪.‬ش س‪D‬نة ‪ .1994‬ولكن م‪D‬ا هو مص‪D‬ير‬
‫األجير ممثل العملة في صورة ال‪DD‬تزام الم‪DD‬دير الع‪DD‬ام لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل والمص‪DD‬الحة الص‪DD‬مت أو إجابت‪DD‬ه‬
‫خارج‪ D‬األجل على مطلب المؤجر الراغب في الطرد ؟‬
‫يرى األستاذ حافظ العموري‪ 1‬في هذا اإلطار أن اإلجابة خارج‪ D‬األجل أو عدم اإلجابة بمثابة‬
‫الرفض من المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة‪ D‬لمطلب المؤجر بشان طرد ممث‪DD‬ل عمل‪DD‬ة باعتب‪DD‬ار‬
‫أن األمر يتعلق بقانون الشغل الذي يتسم بنزعته الحمائي‪D‬ة لإلج‪D‬راء وبالت‪D‬الي فص‪D‬مت تفقدي‪D‬ة الش‪D‬غل‬
‫يجب أن يؤول في هذا االتجاه وباعتبار أن تفقدية الشغل والمصالحة هيكل إداري ينطبق علي‪DD‬ه مـــا‬
‫ينطبق على اإلدارة التونسية في عالقته‪DD‬ا م‪D‬ع الم‪DD‬واطن وبالت‪D‬الي فهي خاض‪D‬عة في ه‪D‬ذه العالق‪DD‬ة إلى‬
‫األمر عدد ‪ 982‬الم‪DD‬ؤرخ في ‪ 3‬م‪DD‬ارس ‪ 1993‬ال‪DD‬ذي ينص ص‪DD‬راحة على أن س‪DD‬كوت اإلدارة وع‪DD‬دم‬
‫ردها على طلب المواطن يعتبر رفضا وبالتالي فإن عدم مواف‪DD‬اة الم‪DD‬ؤجر بإجاب‪DD‬ة من ط‪DD‬رف الم‪DD‬دير‬
‫العام لتفقدية الشغل والمصالحة بشأن طرد ممثل عملة أو اإلجابة بعد األج‪DD‬ل المح‪DD‬دد له‪DD‬ا هي رفض‬
‫لهذا الطلب أي رأي بعدم الطرد‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار أيضا اعتبر وزير الشؤون االجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج‪ D‬أثناء‬
‫مناقشة مجلس المستشارين لمشروع القانون المتعلق بتنقيح الفصل ‪ 166‬من م‪.‬ش أن‪DD‬ه "على ف‪D‬رض‬
‫أن المدير العام لم يبدي رأيه خالل األج‪DD‬ل المح‪DD‬دد فإن‪DD‬ه يمكن للم‪DD‬ؤجر أن يتق‪DD‬دم إلى ال‪DD‬وزارة بطلب‬
‫‪2‬‬
‫التدخل وفق اإلجراءات اإلدارية المعمول بها قصد الحصول على اإلجابة‪".‬‬
‫ولكن هناك من يرى أن الم‪DD‬ؤجر ال يمكن‪DD‬ه تحم‪DD‬ل مس‪DD‬ؤولية اإلجاب‪DD‬ة خ‪DD‬ارج األج‪DD‬ل المح‪DD‬دد‬
‫أو عدم اإلجابة تماما و إال فال معنى لهذا األجل المقيد لتفقدية الشغل الذي أض‪D‬يف بمناس‪D‬بة مراجع‪D‬ة‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 69‬‬

‫مجلة الشغل لسنة ‪ 1994‬بهدف حل النزاع في اتجاه أوفي أخر ألن ص‪DD‬مت تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل من ش‪DD‬أنه‬
‫‪3‬‬
‫أن يعمق من توتر العالقة الشغلية داخل المؤسسة‪.‬‬
‫وتجنبا لمزيد التوتر في هذه العالقة قيد المشرع تفقدية الشغل بأجل لحسم النزاع ولو جزئي‪DD‬ا‬
‫باعتبارها طرف محايد‪ ،‬ويرى األستاذ العموري في ه‪D‬ذا اإلط‪DD‬ار أن‪D‬ه ك‪DD‬ان من األفض‪D‬ل التنص‪D‬يص‬
‫صراحة على أن رد المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة‪ D‬خـــارج‪ D‬األجل أو عــدم رده عــن طلب‬

‫______________________________‬
‫‪ - 1‬حافظ العموري ‪ :‬مرجع مذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 2‬مداوالت مجلس المستشارين‪ ،‬جلسة يوم الخميس ‪ 15‬مارس ‪ ،2007‬الرائد الرسمي عدد ‪،14‬صفحة ‪.814‬‬
‫‪ - 3‬لطفي سعداوي ‪ :‬السلطة التأديبية‪ D‬للمؤجر‪ ،‬مصدر مذكور سابقا‪ ،‬ص ‪.125‬‬

‫المؤجر هو رفض لهذا الطلب أو التنصيص على عكس ذلك أي " أنه قبول له وهو م‪DD‬ا ال يتع‪DD‬ارض‬
‫مع األمر المذكور أنفا الذي نص على قاعدة عامة يمكن مخالفتها‪ D‬بنص خاص"‪.‬‬
‫رغم محدودية دور المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة في حماي‪DD‬ة ممثلي العمل‪DD‬ة باعتب‪DD‬ار‬
‫هذا التدخل يقتصر على إبداء رأيا معلال وبالتالي فهولن يقيد المؤجر ولن يمنعه من ممارس‪DD‬ة ط‪DD‬رده‬
‫إال أن هذا التدخل من شانه على األقل توفير القدر األدنى من الحماية خاصة أن مهمت‪DD‬ه س‪D‬وف تمت‪DD‬د‬
‫إلى مراقبة اإلجراءات الواجب احترامها‪ D‬كإجراء المراقبة حول تركيبة وص‪DD‬لوحية الهيك‪DD‬ل الت‪DD‬أديبي‬
‫ومدى احترام حقوق الدفاع وتمكين العامل من الملف التأديبي واحترام أجال االستدعاء أم‪DD‬ام مجلس‬
‫التأديب‪ .‬وهو دور يندرج عموما في نطاق االختصاص العام لمتفقد الشغل المنصوص علي‪DD‬ه ص‪DD‬لب‬
‫الفص ‪ 178‬من م‪ .‬ش‪ .‬ومن المؤكد في هذا اإلطار أن موافقة اللجنة االستشارية للمؤسس‪DD‬ة والم‪DD‬دير‬
‫العام لتفقدية الشغل والمصالحة ال تنزع عن الطرد الصيغة التعسفية إذا رأت المحاكم المختصة عدم‬
‫وجود سبب حقيقي وجدي يبرره‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬على مستوى محتوى الحماية‬


‫يعتبر إنهاء العالقات الشغلية ألسباب اقتصادية أو فني‪DD‬ة إح‪DD‬دى الحل‪DD‬ول القانوني‪DD‬ة ال‪DD‬تي تمكن‬
‫من إحالل التوازن بين مصلحة األجير ومصلحة المؤسسة‪ ،‬ففي بق‪DD‬اء المؤسس‪DD‬ة حف‪DD‬اظ على بعض‬
‫مواطن الشغل واستمرار لعملية اإلنتاج وفي مقابل ذلك فإن إنهاء بعض عقود الشغل يس‪DD‬توجب‬
‫تمكين العملة المفصولين من التعويضات المناسبة ال‪DD‬تي ت‪DD‬راعي أهمي‪DD‬ة الض‪DD‬رر "غ‪DD‬ير أن تحدي‪DD‬د‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 70‬‬

‫قائمة العملة الذين سيتم إنهاء عقود شغلهم يتم أساسا باعتماد معيار األقدمية في العمل والوض‪DD‬عية‬
‫االجتماعية للعامل فيتم تسريح العامل األقل أقدمية واألقل أعباء عائلية دون اعتب‪DD‬ار الص‪DD‬فة‬
‫التمثيلية للعامل بالمؤسسة‪ ،‬وهو ما قد يؤدي إلى حشر ممثلي العملة ضمن قائمة العمال الواقع‬
‫‪1‬‬
‫إنهاء عقود شغلهم‪".‬‬
‫وسعيا من قانــون الشغل لتجنب هذه الـوضعية‪ ،‬ولتعزيز سبل حماية هـــــذه الفئـــة مـن‬
‫العمال وكذلك تناسقا مع االتفاقية الدولية رقم ‪ 135‬السالفة الذكر‪ ،‬أضاف المشرع‪ ،‬بمقتضى الفصل‬
‫__________________________‬
‫‪ - 1‬عصام األحمر‪ :‬إشكاالت في نزاعات الشغل‪،‬المركز الوطني للبحوث والدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬ت‪DD‬ونس ‪،2007‬‬
‫ص‪.72‬‬
‫‪ 166‬مكرر‪ 1‬في مجلة الشغل حق أولوية البقاء في ص‪D‬ورة اع‪D‬تزم الم‪D‬ؤجر ط‪D‬رد األج‪D‬راء ألس‪D‬باب‬
‫اقتصادية أو فني‪DD‬ة‪ .‬وق‪DD‬د ج‪DD‬اء بالفص‪DD‬ل ‪ 166‬مك‪DD‬رر م‪DD‬ا يلي " تعطي األولوي‪DD‬ة في اإلبق‪DD‬اء في العم‪DD‬ل‬
‫لممثلي العملة سوءا كانوا أعض‪DD‬اء اللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية للمؤسس‪DD‬ة أو نواب‪DD‬ا للعمل‪DD‬ة أو ممثلين نق‪DD‬ابيين‬
‫وذلك في حالة‪ D‬الطرد أو اإليقاف عن العمل ألسباب اقتصادية أو فنية "‪.‬‬
‫وم‪DD‬ا يالح‪DD‬ظ في ه‪DD‬ذا اإلط‪DD‬ار‪ ،‬أن ه‪DD‬ذه اإلض‪DD‬افة وردت غامض‪DD‬ة وتس‪DD‬تدعي التوض‪DD‬يح فيم‪DD‬ا يتعل‪DD‬ق‬
‫بشروط وإجراءات هذا الحق ‪.‬‬
‫يبدو أن المشرع بعدم التنصيص على شروط وإجراءات حق األولوية في البقاء ك‪DD‬ان هدف‪DD‬ه‬
‫األساسي تجنب التكرار‪ 2‬خاصة وأن هذه الشروط واإلجراءات هي نفسها ال‪DD‬واردة بالفص‪DD‬ل ‪13-21‬‬
‫من م‪.‬ش المتعلق بحق األولوية في التش‪DD‬غيل في ص‪DD‬ورة ط‪DD‬رد األج‪DD‬ير الع‪DD‬ادي ألس‪DD‬باب اقتص‪DD‬ادية‪.‬‬
‫يمكن اعتبار إذن أن الفصل ‪ 166‬مك‪DD‬رر يحي‪DD‬ل ض‪DD‬منيا إلى الفص‪DD‬ل ‪ 13-21‬من نفس المجل‪DD‬ة‪ .‬وح‪DD‬ق‬
‫األولوية مثلما عرفه األستاذ "‪ " Gérard Couturier‬هي "الحالة التي يمنح فيها األجير الحق في‬
‫‪3‬‬
‫االنتداب من جديد بتفضيله عن غيره في حالة‪ D‬وجود مركز شاغر يتماشى ومؤهالته "‬
‫من خالل هذا التعريف الفقهي لحق األولية يمكننا أن نستنتج أن شروط االنتفاع بهذا الحق‬
‫بعضها يتعلق بالمؤسسة وبعضها األخر بتعلق باألجراء‪.‬‬
‫فأما الشروط المتعلقة بالمؤسسة فإن ممارسة حق األولوية بالنسبة ألج‪DD‬راء ال يك‪DD‬ون إال بع‪DD‬د‬
‫استعادة المؤسسة لنشاطها‪ ،‬وه‪D‬ذا الش‪D‬رط ال يع‪D‬ني بالض‪D‬رورة أن تك‪D‬ون المؤسس‪D‬ة ق‪D‬د أغلقت تمام‪D‬ا‬
‫أبوابها‪ ،‬وإنما قامت بطرد جميع أجراءها فحتى حالة اس‪DD‬تمرار نش‪DD‬اطها الج‪DD‬زئي أو ح‪DD‬تى الكلي م‪DD‬ع‬
‫طرد جزء من األجراء تنطبق أيضا‪ .‬فحق األولوية مقيد باستعادة المؤسسة لنشاطها مع إبقاء عب‪DD‬ارة‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 71‬‬

‫نشاطها على إطالقها رغم أن نية المشرع التونس‪DD‬ي متجه‪DD‬ة نح‪DD‬و اش‪DD‬تراط ممارس‪DD‬تها لنفس نش‪DD‬اطها‬
‫السابق وه‪DD‬و أم‪DD‬ر نلمس‪DD‬ه من خالل عب‪DD‬ارة النص ذات‪DD‬ه " من نفس الص‪DD‬نف المه‪DD‬ني" طبق‪DD‬ا لم‪DD‬ا ورد‬
‫بالفصل ‪ 13- 21‬فقرة‪ 1 D‬م‪ .‬ش‪.‬‬
‫لكن يطرح سؤال حول وضعية العامل المطرود ألسباب اقتصادية قبل إحالة المؤسسة للغير‬
‫فهل بامكانه مطالبة المؤجر الجديد طبقا ألحكام الفصل ‪ 15‬م‪ .‬ش بحقه في العـودة إلــى المؤسســة؟‬
‫____________________________‬
‫‪ - 1‬هذا الفصل أضيف بمقتضى تنقيح ‪ 2‬أفريل ‪.2007‬‬
‫‪ - 2‬باعتبار أن المشرع ال يكرر نفسه‪.‬‬
‫‪.G. Couturier : op cite, p 115 -3‬‬
‫هنا نج‪DD‬د س‪DD‬كوت المش‪DD‬رع وفق‪DD‬ه القض‪DD‬اء التونس‪DD‬ي في حين اعت‪DD‬برت محكم‪DD‬ة التعقيب الفرنس‪DD‬ية أن‪DD‬ه‬
‫‪1‬‬
‫بإمكان ممارسة حق األولوية تجاه المؤجر الجديد الذي أقام نفس النشاط السابق بالمؤسسة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالشروط الخاصة‪ D‬باألجير فنالحظ أن المش‪DD‬رع ق‪DD‬د راع وض‪DD‬عياتهم الخاص‪DD‬ة‬
‫حين إعادة انتدابهم‪ ،‬حيث تكون األولوية حسب أقدميتهم بالمؤسس‪DD‬ة مرفع‪DD‬ا فيه‪DD‬ا بس‪DD‬نة عن ك‪DD‬ل ول‪DD‬د‬
‫دون ‪ 16‬سنة عند تاريخ الطرد‪ .‬فلقد منح قانون الشغل األقدمية بعدد األبناء القصر مراعي‪DD‬ا في ذل‪DD‬ك‬
‫الجانب االجتماعي لعقد الشغل‪ ،2‬وهو موقف تشريعي مستحب فال يعقل أن يعامل األج‪DD‬ير األع‪DD‬زب‬
‫بمثل معاملة رب األسرة فتميز هذا األخير فيه إنقاذ للعائلة قبل أن يك‪DD‬ون إع‪DD‬ادة لعق‪DD‬د تش‪DD‬غيله‪ ،‬وفي‪DD‬ه‬
‫مزج مـن قانون الشغل بين الجانب االقتصادي بعقد الشغل بالجانب االجتماعي‪.‬‬
‫إلى جانب كل هذه الشروط الموضوعية لممارسة حق األولوي‪D‬ة وال‪D‬تي تنطب‪D‬ق ب‪D‬دورها على‬
‫األجير ممثل العملة هناك مجموعة من الشروط ذات الطابع اإلجرائي تتعلق أساسا بأجل سقوط حق‬
‫المطالبة بالرجوع إلى المؤسسة بعد الطرد‪ ،‬وأيضا بإجراءات واجب اإلعالم سواء كان الموجه إلى‬
‫المؤجر أو إلى تفقدية الشغل‪.‬‬
‫وباجتماع كل هذه الشروط الموضوعية واإلجرائية يصبح األجير ممثل العمل‪DD‬ة ال‪DD‬ذي أط‪DD‬رد‬
‫ألسباب اقتصادية أو فنية صاحب حق للمطالبة بالتمتع بحقه في األولية في البقاء في نفس المؤسسة‬
‫خاصة وأن المشرع وقصد إضفاء فاعلية على هذا الحق أردفه بجزاء جزئيا ‪ 3‬يتمثل في دفع خطي‪DD‬ة‬
‫يصل حدها األقصى ‪ 60‬دينارا في حال‪DD‬ة رفض الم‪DD‬ؤجر االس‪DD‬تجابة له‪DD‬ذا الح‪DD‬ق‪ ،‬ولكن ض‪DD‬عف ه‪DD‬ذه‬
‫العقوبة المالية قد يفرغ هذا الح‪D‬ق من محت‪D‬واه عكس الق‪DD‬انون الفرنس‪DD‬ي ال‪D‬ذي ض‪DD‬خم ج‪DD‬زاء ال‪DD‬رفض‬
‫واعت‪DD‬بره يهم النظ‪DD‬ام الع‪DD‬ام ف‪DD‬أقر ل‪DD‬ه ج‪DD‬زاء على المس‪DD‬توى الم‪DD‬دني معت‪DD‬برا أن رفض الم‪DD‬ؤجر لطلب‬
‫الرجوع من شأنه أن يمكن األجير من الحصول على تعويض ‪ 4‬ال يقل عن أجرة ش‪DD‬هرين ويمكن أن‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 72‬‬

‫يتجاوز ذلك الحد بكثير إذا ما أثبت األجير حصول ضرر خصوصي له‪ ،‬وه‪DD‬و إج‪DD‬راء نأم‪DD‬ل الس‪DD‬ير‬
‫على منواله في تشريعنا الوطني‪.5‬‬
‫____________________________‬
‫‪.Cass. Social 26 Février 1992 N° 128 Droit social,  N° 6 Juin 1995, p 568 - 1‬‬
‫‪ - 2‬أنظر سعيدة الشوانين ‪ :‬قانون الشغل والمؤسسة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة قانون خاص ‪ :‬كلية الحقوق تونس‬
‫‪ ،2005 / 2004‬ص ‪.192‬‬
‫‪ - 3‬انظر الفصل ‪ 234‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪.L 122 - 14 - 14 - C.T.F - 4‬‬
‫‪ - 5‬سعيدة الشوانين ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫إن التطرق إلى مسألة جزاء عدم احترام المؤجر لحق األولوية في البقاء تحيلنا إلى ضرورة‬
‫التعرض إلى العقوبات المنجرة‪ D‬عن عدم احترام الوضعية الحمائية عموما ليتضح لن‪DD‬ا معه‪DD‬ا م‪DD‬دى‬
‫محدوديتها‪ .‬فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل ‪ 166‬جديد فقرة ثانية نالحظ أن الطرد الواقع دون اخذ‬
‫رأي المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة‪ ،‬أو بمخالفة رأي هذا األخير الذي رفض الموافق‪DD‬ة علي‪DD‬ه‬
‫إذا لم يكن ألسباب جدية و حقيقية ال ينجر عنه س‪DD‬وى اعتب‪DD‬ار الط‪DD‬رد تعس‪DD‬فيا‪ .‬فيك‪DD‬ون ممثل‪DD‬و العم‪DD‬ال‬
‫بذلك في وضعية غير متميزة بالنسبة إلى األجراء الع‪D‬اديين‪ ،‬وه‪D‬و م‪D‬ا ال يتماش‪D‬ى و الغاي‪D‬ة ال‪D‬تي من‬
‫المفروض أن تحققها هذه الوضعية الحمائية‪ ،‬خاصة وأنها تمثل تمييزا عن مقوم‪DD‬ات الق‪DD‬انون الع‪DD‬ام‪.‬‬
‫على مستوى قطع العقد بإرادة المنفردة على أن هذا التمي‪DD‬يز ال يمكن تكريس‪DD‬ه إال من خالل اإلق‪DD‬رار‬
‫بتقنية "‪  ‬بطالن الط‪DD‬رد " حيث يص‪DD‬بح األج‪DD‬ير المع‪DD‬ني ال‪DD‬ذي وق‪DD‬ع ط‪DD‬رده دون اح‪DD‬ترام اإلج‪DD‬راءات‬
‫الحمائية الخاصة‪ D‬يتمت‪DD‬ع بح‪DD‬ق اس‪DD‬ترجاع عمل‪DD‬ه عوض‪DD‬ا عن حق‪DD‬ه في التعويض‪DD‬ات المادي‪DD‬ة‪ ،‬ويص‪DD‬بح‬
‫المؤجر مجبرا على إرجاع األجير إلى شغله‪.‬‬
‫كما أن طبيعة العقوبات التي يمكن أن تسلط على المؤجر في صورة عدم احترام‪DD‬ه لمختل‪DD‬ف‬
‫القواعد الحمائية التي أرساها المش‪DD‬رع من خالل الفص‪DD‬ل ‪ 166‬جدي‪DD‬د بع‪DD‬د التنقيح الح‪DD‬ديث هي ال‪DD‬تي‬
‫تحدد نجاعة احترامه له‪DD‬ذه القواع‪DD‬د‪ ،‬ف‪DD‬إذا ك‪DD‬انت ه‪DD‬ذه العقوب‪DD‬ات هش‪DD‬ة فإنه‪DD‬ا س‪DD‬تجعل ه‪DD‬ذه الوض‪DD‬عية‬
‫الحمائية أمرا شكليا‪ ،‬بما أن الم‪DD‬ؤجر في غ‪DD‬الب األحي‪DD‬ان س‪DD‬وف يك‪DD‬ون مس‪DD‬تعدا لتحم‪DD‬ل التعويض‪DD‬ات‬
‫المادية مقابل التخلص بصفة نهائية من األجير المزعج والمزاحم لسلطته الفردية‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 73‬‬

‫‪ ‬خــاتمة الجــزء األول ‪‬‬

‫تتجلى نزعة قانون الشغل الحمائية في مج‪DD‬ال الط‪DD‬رد‪ ،‬من خالل فرض‪DD‬ه جمل‪DD‬ة من الش‪DD‬روط‬
‫واإلجراءات الواجب احترامها من طرف المؤجر كلم‪DD‬ا أراد ممارس‪DD‬ة حق‪DD‬ه في إنه‪DD‬اء عالق‪DD‬ة ش‪DD‬غلية‬
‫معينة‪.‬‬
‫ولقد شهدت جملة هذه الشروط واإلجراءات تطورا ملحوظا خاصة بعد التنقيحات األخيرة‬
‫التي أدخلها‪ D‬المش‪DD‬رع على مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل‪ ،1‬في ه‪DD‬ذا المج‪DD‬ال وال‪DD‬تي ش‪DD‬ملت على ح‪DD‬د الس‪DD‬واء ك‪DD‬ل من‬
‫األجير العادي وكذلك األجير ممثل العملة‪.‬‬
‫وهنا يمكن اعتبار إبقاء المشرع على نظام الرقابة السابقة ض‪D‬د س‪DD‬لطة الط‪DD‬رد المس‪DD‬لط على‬
‫األجير الع‪DD‬ادي‪ ،‬من بين مظ‪DD‬اهر ه‪DD‬ذه النزع‪DD‬ة الحمائي‪DD‬ة‪ ،‬فق‪DD‬د يلج‪DD‬أ الم‪DD‬ؤجر إلى ط‪DD‬رد عملت‪DD‬ه وذل‪DD‬ك‬
‫باس‪DD‬تعمال س‪DD‬لطته التأديبي‪DD‬ة الواس‪DD‬عة‪ ،‬أو س‪DD‬لطته التس‪DD‬ييرية اس‪DD‬تنادا إلى ص‪DD‬عوبات اقتص‪DD‬ادية وفني‪DD‬ة‬
‫يدعمها‪ ،‬وفي كلتا الحالتين‪ ،‬فإن قانون الشغل ق‪DD‬د أخض‪DD‬ع مختل‪DD‬ف ه‪D‬ذه الس‪DD‬لطات إلى رقاب‪DD‬ة منظم‪DD‬ة‬
‫‪2‬‬
‫عبر مجموعة من الهياكل داخل المؤسسة أو خارجها‪.‬‬
‫ولكن ما يالحظ في هذا اإلطار أن كل هذه اإلجراءات الحمائية سواء تعلقت بالطرد ألسباب‬
‫تأديبية أو اقتصادية وفنية تبقى في أغلب الحاالت إجراءات شكلية وفاقدة لنجاعتها‪ .‬ذلك أن مختلف‬
‫الهياكل التي يمر بها مشروع الطرد ال تتمتع بح‪DD‬ق قب‪DD‬ول أو رفض ه‪D‬ذا المش‪DD‬روع ب‪D‬ل إنه‪DD‬ا تقتص‪DD‬ر‬
‫على إب‪DD‬داء أراء تخل‪DD‬و في العدي‪DD‬د من األحي‪DD‬ان من أي ص‪DD‬بغة إلزامي‪DD‬ة‪ .‬فال متفق‪DD‬د الش‪DD‬غل وال مجلس‬
‫التأديب أو حتى لجنة مراقبة الطرد‪ ،‬يمكن لهم منع المؤجر من طرد من يريد ومتى يريد ‪.3‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 74‬‬

‫ووعيا منه بمحدودية هذه الرقابة‪ ،‬كان تدخل المشرع بمناسبة تنقيح ‪ 1994‬يه‪D‬دف باألس‪D‬اس‬
‫إلى تعزيز الرقابة الالحقة‪.‬‬
‫ويعد تبني قانون الشغل لنظرية السبب الحقيقي‪ D‬والجدي من أهم مظاهر هذا التعزيز‪ ،‬لتك‪D‬ون‬
‫بذلك هـــــذه النظرية إطارا قانونيا يمنع المؤجر مـن التعسف في الطرد‪ ،‬وهكذا و بمقتضى هــــذا‬
‫__________________________‬
‫‪ .‬بمقتضى قانون ‪ 21‬فيفري ‪ 15 ،1994‬جويلية ‪ 2 ،1996‬أفريل ‪1 – 2007‬‬
‫‪ .‬أنظر المبحث األول الجزء األول – ‪2‬‬
‫‪3 – Mansour Helel : «  La formation historique du droit de travail en Tunisie », RTD‬‬
‫‪N°2 1983, p60.‬‬
‫التنقيح لم تعد لهذا األخير اإلمكانية في االعتماد على أي سبب تافه لتبرير طرد أجيره‪ ،‬خاصة‬
‫‪1‬‬
‫وأنه مطالب بذكر هذا السبب في رسالة اإلعالم به ‪.‬‬
‫ولقد كان للفقه وفي غياب تعريف تشريعي لهذه النظرية ال‪DD‬دور المح‪DD‬وري في ض‪DD‬بط ح‪DD‬دود‬
‫ومعالم هذا السبب الحقيقي‪ D‬والج‪D‬دي عن طري‪D‬ق اق‪D‬تراح مجموع‪D‬ة من التعريف‪D‬ات‪ ،‬كم‪D‬ا امت‪D‬دت ه‪D‬ذه‬
‫المساهمة الفعالة من طرف فقهاء قانون الشغل حتى إلى تعريف الخطأ الفادح ال‪DD‬ذي ض‪DD‬بط المش‪DD‬رع‬
‫حاالته على سبيل الذكر‪.‬‬
‫وتكامال مع هذا التعزيز التشريعي والفقهي‪ ،‬كان لفقه القضاء الدور األساسي في مزيد‬
‫بلورة مفهوم واضح للخطأ الف‪DD‬ادح وذل‪DD‬ك خاص‪DD‬ة بتحدي‪DD‬د ش‪DD‬روطه وض‪DD‬بط مع‪DD‬اييره‪ ،‬ك‪DD‬ل ه‪DD‬ذا تحت‬
‫رقابة القاضي الشغلي الذي أصبح يتمتع بسلطات تحقيقي‪DD‬ة واس‪DD‬عة تمكن‪DD‬ه من الكش‪DD‬ف عن حقيق‪DD‬ة‬
‫وجود الخطأ المحتج به ضد األجير ومدى خطورته‪.‬‬
‫لقد امتدت هذه النزعة الحمائة لقانون الشغل حتى إلى ممثل العملة سواء كان نقابي‪DD‬ا‬
‫أو غير نقابي‪ .‬ففيما يتعلق بالنائب النقابي تعتبر مصادقة المشرع على االتفاقية الدولي‪DD‬ة للعم‪DD‬ل‬
‫رقم ‪ 135‬سنة ‪ 2007‬من أهم المكاسب التي تحققت لهذا األجير تأكد تط‪DD‬ور ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل‬
‫في اتجاه‪ D‬حماية هذا الصنف من العمل‪DD‬ة ض‪DD‬د الط‪DD‬رد‪ ،‬خاص‪DD‬ة وأنه‪DD‬ا أسس‪DD‬ت لس‪DD‬ند تش‪DD‬ريعي‬
‫حمائي اجتهد فقه القضاء و كذلك الفقه‪ D‬في تقريره‪ .‬إال أن هذا الت‪DD‬دخل التش‪DD‬ريعي الحم‪DD‬ائي رغم‬
‫أهميته يضل محدودا طالما أصر المشرع على موقف‪DD‬ه ال‪DD‬رافض االع‪DD‬تراف ب‪DD‬الوجود النق‪DD‬ابي داخ‪DD‬ل‬
‫المؤسسة‪ ،‬خاصة وأنه ال يمكن أن نحمي النائب النقابي من دون تقنين وجدوده‪.‬‬
‫أما في ما يتعلق بالممثل غير النقابي‪ ،‬فلقد حمل تدخل المشرع من خالل تنقيح الفصول‬
‫‪ 166‬و‪ 167‬م‪.‬ش وإضافة الفصل ‪ 169‬إلى هـذه المجل‪DD‬ة مجموع‪DD‬ة مـن اإلض‪D‬افات الحمائي‪D‬ة تتمث‪D‬ل‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 75‬‬

‫خاص‪DD‬ة في تع‪DD‬ويض استش‪DD‬ارة‪ D‬متفق‪DD‬د الش‪DD‬غل على ق‪DD‬رار الط‪DD‬رد‪ ،‬بالم‪DD‬دير العـام لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل‬
‫والمصالحة‪ ،‬وكذلك حق األولوية في البقاء في صورة اللجوء إلى الطرد ألسباب اقتصادية‪.‬‬
‫غير أن طبيعة العقوبات التي يمكن أن تسلط على المؤجر في صورة عدم احترامه لمختل‪DD‬ف‬
‫هذه اإلضافات الحمائية من شأنها أن تجعله‪DD‬ا إض‪DD‬افات ش‪DD‬كلية فاق‪DD‬دة لنجاعته‪DD‬ا‪ ،‬خاص‪DD‬ة أن المش‪DD‬رع‬
‫يقف عند حدود نظرية التعسف في استعمال الحق و بالتالي عند حدود التعويضات المادية دون‬
‫إمكانية بطالن الطرد‪ ،‬رغم ما يمثله هذا الجزاء من تعويض حقيقي‪ D‬للعامل ممثل العملة ‪.‬‬
‫______________________‬
‫‪.‬الفصل ‪ 14‬ثالثا‪ ،‬جديد م‪.‬ش – ‪1‬‬

‫‪ :‬الجزء الثاني‬

‫تراجع قانون الشغل عن نزعته‬


‫الحمائية في خصوص آثار الطرد‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 76‬‬

‫انطالقا من قناعته بأن الحماية المفرطة تعني أعباء مفرطة للمؤسسة واألعباء الكثيرة تضر‬
‫بالتشغيل‪ ،‬سعى المشرع إلى التخفيف عن المؤسسة قدر اإلمكان من ه‪DD‬ذه األعب‪DD‬اء ح‪DD‬تى يتس‪DD‬نى له‪DD‬ا‬
‫مجابهة خطر المنافس‪DD‬ة الداخلي‪DD‬ة والخارجي‪DD‬ة في ظ‪DD‬ل تفتح البالد التونس‪DD‬ية على االقتص‪DD‬اد الع‪DD‬المي‪،‬‬
‫خاصة بعد التوقيع على اتفاقيات جولة األروغواي في م‪DD‬راكش ي‪DD‬وم ‪ 15‬أفري‪DD‬ل ‪ 1995،1‬وال‪DD‬تي نتج‬
‫عنها إنشاء المنظمة العالمية للتجارة ( ‪ ) O.M.C‬وحلولها محل االتفاقية العامة للتعريف‪DD‬ات القمرقي‪DD‬ة‬
‫والتج‪DD‬ارة ( ‪ D ) G.A.T.T‬باإلض‪DD‬افة إلى اتفاقي‪DD‬ة الش‪DD‬راكة المبرم‪DD‬ة ببروكس‪DD‬ال بين ت‪DD‬ونس واالتح‪DD‬اد‬
‫األوروبي في ‪ 17‬جويلية ‪.2 1995‬‬
‫وإن كان إنشاء منظمة تبادل ح‪DD‬ر م‪DD‬ع االتح‪DD‬اد األوروبي بمقتض‪DD‬ى أحك‪DD‬ام المنظم‪DD‬ة العالمي‪DD‬ة‬
‫للتجارة‪ D‬يحمل في طياته العديد من المزايا ‪ 3‬فإن ذلك االتفاق ولد بصفة موازية عدة مخاطر‪ ،‬خاصة‬
‫وأن النسيج الصناعي التونسي مازال يشكو في جزءه األكبر من الحداثة والهشاشة وبالت‪DD‬الي فإن‪DD‬ه ال‬
‫يمكن للمؤسس‪DD‬ة االقتص‪DD‬ادية الوطني‪DD‬ة مجابه‪DD‬ة تل‪DD‬ك المخ‪DD‬اطر‪ D‬والتص‪DD‬دي له‪DD‬ا وهي مثقل‪DD‬ة باألعب‪DD‬اء‬
‫االجتماعية‪ .‬إال أن التحدي األكبر الذي تواجهه المؤسسة االقتصادية هو دخول منطقة التب‪DD‬ادل الح‪DD‬ر‬
‫حيز التنفيذ الفعلي بداية من سنة ‪.4 2010‬‬
‫ذلك أنه برغم المنافع المؤمل تحقيقها من خالل إنشاء هذه المناطق ‪ 5‬فإنه في المقابل س‪DD‬تبرز‬
‫عدة صعوبات من شأنها أن تعرقل مواكبة المؤسسات الوطنية للمنافسة الدولية ‪.‬‬

‫_______________________‬
‫‪ -1‬صادقت تونس على هذه االتفاقية بمقتضى القانون عدد ‪ 6‬الم‪DD‬ؤرخ في ‪ 13‬ج‪DD‬انفي ‪ ،1995‬الرائ‪DD‬د الرس‪DD‬مي ع‪DD‬دد‪ ،9‬لس‪DD‬نة‬
‫‪ 1995‬ص ‪.271‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 77‬‬

‫‪ – 2‬قبل هذه االتفاقية كانت العالقات االقتصادية والتجاري‪DD‬ة بين ت‪DD‬ونس واالتح‪DD‬اد األوروبي قائم‪DD‬ة في إط‪DD‬ار اتف‪DD‬اق التع‪DD‬اون‬
‫المبرم سنة ‪.1976‬‬
‫‪ – 3‬اتفاقية الشراكة تفتح أمام االقتصاد التونسي مجاالت كبرى لدعم نس‪DD‬يجه اإلنت‪DD‬اجي واكتس‪DD‬اب الخ‪DD‬برة والج‪DD‬ودة والق‪DD‬درة‬
‫التنافسية‪.‬‬
‫‪ – 4‬جواهر شقرون ‪ :‬تكلفة القانون االجتماعي داخل المؤسسة‪ .‬مذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪.1997 – 1996‬‬
‫‪ – 5‬تتلخص هذه األهداف في ‪ - :‬استقطاب وجلب المستثمرين ‪.‬‬
‫‪ -‬تنشيط سوق الشغل ‪.‬‬
‫‪ -‬تحويل التكنولوجيا وتطوير الخبرات‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية‪ D‬المداخيل من العملة األجنبية ‪.‬‬

‫إذن من خالل جمل‪DD‬ة ه‪DD‬ذه المعطي‪DD‬ات ذات الط‪DD‬ابع االقتص‪DD‬ادي‪ ،‬يمكن تنزي‪DD‬ل التنقيح الواس‪DD‬ع‬
‫المدخل على معظم فصول مجلة الشغل خاصة بمقتضى القانون ع‪DD‬دد ‪ 29‬لس‪DD‬نة ‪ 1994‬الم‪DD‬ؤرخ في‬
‫‪ 21‬فيفري‪ 1994‬والذي من خالله أضفى المشرع على قواعد قانون الشغل نسبة من المرونة طالما‬
‫شكلت مطلبا ملحا‪ D‬من مطالب المؤجرين من شأنها أن تساعدهم على حماية مؤسس‪DD‬اتهم من اإلفالس‬
‫والتالشي تحت وطأة ثقل األعباء االجتماعية‪ .‬ولكن وفي المقابل يبدو أن المشرع قد تناسى بأن هذه‬
‫المرونة من شأنها أن تؤدي إلى التراجع عن كل ما وقع إرساءه من ضمانات وحقوق وحماية لفائدة‬
‫األجراء منذ أن بدأ يتكون التشريع االجتماعي ‪.‬‬
‫وم‪DD‬ا ي‪DD‬دعم ه‪DD‬ذا االتج‪DD‬اه‪ D‬ه‪DD‬و م‪DD‬ا ج‪DD‬اء في التقري‪DD‬ر المش‪DD‬ترك بين لجن‪DD‬ة الش‪DD‬ؤون االجتماعي‪DD‬ة‬
‫والصحة العمومية ‪ ،‬ولجنة التشريع العام والتنظيم الع‪DD‬ام لإلدارة ح‪DD‬ول مش‪DD‬روع تنقيح مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل‬
‫لسنة ‪ " 1 1994‬أن هـذه التنقيحات جاءت مستجيبة لمقتضيات المرحلة التي يمـر بهـا اقتصاد البالد‬
‫الذي أولى المؤسسة االقتصادية العناية التي تس‪DD‬تحقها باعتباره‪DD‬ا حج‪D‬ر‪ D‬الزاوي‪DD‬ة في تحقي‪DD‬ق أهـداف‬
‫التنمية التي تضمنها المخطط الثامن فالضغوطات التي تجابهها المؤسسة عديدة ومتنوعة ولق‪DD‬د ب‪DD‬ات‬
‫مـن الحتـمي مجـابهتها بطـرق جـديدة وأسـاليب متطـورة ال عـالقة لهـا بالتش‪DD‬ريعات االجتمـاعية‬
‫الكالس‪DD‬يكية وم‪DD‬ا تق‪DD‬وم علي‪DD‬ه من إج‪DD‬راءات بين األط‪DD‬راف االجتماعي‪DD‬ة فـي غي‪DD‬اب كلـي لمص‪DD‬لحة‬
‫المؤسسة "‪.‬‬
‫في الحقيقة‪ D‬أنه بعد هذا التنقيح نالحظ أن اتجاهات قانون الشغل عموما تغ‪D‬يرت فلم يع‪D‬د ذل‪D‬ك‬
‫القانون الحريص على حماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير وحف‪DD‬ظ حقوق‪DD‬ه ب‪DD‬ل أص‪DD‬بح قانون‪DD‬ا منح‪DD‬ازا للم‪DD‬ؤجر‪ .‬وه‪DD‬ذا م‪DD‬ا‬
‫نالحظه خاصة‪ D‬فيما يتعلق بآثار الطرد من العمل‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 78‬‬

‫فمن ناحية نالحظ أن المشرع يرفض ضمنيا إقرار تقنية بطالن الط‪D‬رد(الفص‪D‬ل األول) ومن‬
‫ناحية ثانية نجده يقر بنظام تعويض نقدي مسقف عند الطرد التعسفي(الفصل الثاني)‪.‬‬

‫____________________________‬
‫‪ – 1‬مداوالت مجلس النواب‪ ،‬جلسة يوم االربعاء ‪ 9‬فيفري ‪.1994‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬رفض إقرار تقنية بطالن الطرد‪.‬‬

‫إن ارتباط األجير بالمؤسسة ال‪D‬ذي كرس‪D‬ه الفص‪D‬ل ‪ 15‬م‪.‬ش ومواكب‪D‬ة سياس‪DD‬ة التش‪D‬غيل ال‪D‬تي‬
‫تح‪DD‬رص على ض‪DD‬مان اس‪D‬تقرار األج‪D‬ير في مرك‪D‬ز عمل‪D‬ه يجعالن من إرج‪DD‬اع العام‪DD‬ل الواق‪D‬ع ط‪D‬رده‬
‫تعسفيا حقا‪ D‬ال جدال فيه‪ .‬كما يمثل مطلبا ملحا لكافة األج‪DD‬راء ال‪DD‬ذين يتعرض‪DD‬ون لإليق‪DD‬اف عن العم‪DD‬ل‬
‫مؤقتا أو بصفة نهائية ولكن ب‪DD‬الرغم من ك‪DD‬ل ه‪DD‬ذه الم‪DD‬بررات نالح‪DD‬ظ أن المش‪DD‬رع لم ينص على ه‪DD‬ذه‬
‫اإلمكاني‪DD‬ة إال في بعض الص‪DD‬ور الخاصة‪ .1‬و في الحقيق‪DD‬ة يمكن تفس‪DD‬ير ذل‪DD‬ك لتب‪DD‬ني المش‪DD‬رع لنظري‪DD‬ة‬
‫التعسف في استعمال الحق الواردة بالفصل ‪ 103‬من م‪ .‬ا‪.‬ع وبالتالي االكتفاء بالتعويض النقدي دون‬
‫التعويض العيني‪ .‬أما فقه القضاء فقد ساير هذا المنع ‪.2‬‬
‫إن ع‪DD‬دم إق‪DD‬رار المش‪DD‬رع لبطالن الط‪DD‬رد واالكتف‪DD‬اء ب‪DD‬التعويض النق‪DD‬دي يث‪DD‬ير في الحقيق‪DD‬ة‬
‫االستغراب خاصة إذا علمنا أن كال حالتي الطرد غير المبرر والطرد غير الصحيح إجرائي‪DD‬ا الل‪DD‬ذان‬
‫يمثالن قانون الطرد التعسفي هما حالتان تخرقان واجبا قانونيا صريحا متمثال في ض‪DD‬رورة تس‪DD‬بيب‬
‫الطرد بسبب حقيقي‪ D‬وجدي من جهة واح‪DD‬ترام اإلج‪DD‬راءات القانوني‪DD‬ة من جه‪DD‬ة أخ‪DD‬رى وبالت‪DD‬الي فإن‪DD‬ه‬
‫ينجر عن خرق هذا الواجب بطالن الطرد أي مواصلة تنفيذ العقد وإرجاع العامل إلى مرك‪DD‬ز عمل‪DD‬ه‬
‫ال التعويض المالي‪.3‬‬
‫و هن‪DD‬ا نتس‪DD‬اءل لم‪DD‬اذا اس‪DD‬تلهم المش‪DD‬رع فك‪DD‬رة الس‪DD‬بب الحقيقي‪ D‬والج‪DD‬دي للط‪DD‬رد من الق‪DD‬انون‬
‫الفرنسي إن لم يكن في نيته إقرار البطالن كجزاء للطرد التعسفي ؟‬
‫يبدو أن نية المشرع كانت في البداية متجهة نحو ح‪DD‬ل البطالن‪ ،‬ومم‪DD‬ا يؤك‪DD‬د ه‪DD‬ذا التوج‪DD‬ه أن‬
‫حالتي الطرد غير المبرر والطرد الخارق لإلجراءات‪ ،‬ال يتعلقان في الحقيق‪DD‬ة بتعس‪DD‬ف في اس‪DD‬تعمال‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 79‬‬

‫الحق ولكن بمخالفة واجب قانوني يلزم المؤجر بعدم ط‪DD‬رد األج‪DD‬ير دون ت‪DD‬وفر س‪DD‬بب حقيقي‪ D‬وج‪DD‬دي‬
‫ودون إتباع اإلجراءات‪ ،‬أي أنهما حالتان تعدان من قبيل االلتزام القانوني القاضي بالنهي عن العمل‬
‫خاصة وأن الفصل ‪ 166‬قديم من م ش كان ينص صراحة على هذا النهي ‪ 4‬وتبعا لذلـك فــــإن إتيان‬
‫________________________‬
‫‪ - 1‬يراجع الفصول ‪ ،20 ،18 ،8‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،63017‬بتاريخ ‪ ،1998 / 05 / 11‬غير منشور ‪.‬‬
‫‪ - 3‬محمد شوقي العبيدي‪ :‬مرجع مذكور سابقا‪.‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 166‬قديم قبل تنقيح ‪ 94‬و‪ ،2007‬كان يستعمل عبارة " فال يتم الطرد " وهي عبارة أمرة تفي‪DD‬د النهي عن الط‪DD‬رد‬
‫ممثلي العملة من دون قرار صريح من متفقد الشغل‪.‬‬
‫هذه المخالف‪D‬ة‪ D‬القانوني‪DD‬ة واعتم‪DD‬اد الط‪DD‬رد دون إتب‪DD‬اع اإلج‪DD‬راءات يع‪DD‬د عمال ب‪DD‬اطال حس‪DD‬ب مقتض‪DD‬يات‬
‫الفصل ‪ 539‬من م‪.‬إ‪.‬ع الذي اقتضى أنه " إذا صرح القانون بالنهي عن شيء معين كان إتيانه باطال‬
‫ال ينبني عليه شيء"‪.‬‬
‫باالعتماد إذا على كل ما تقدم نعتقد بأن المش‪DD‬رع ك‪DD‬ان في نيت‪DD‬ه اآلخ‪DD‬ذ بنظري‪DD‬ة البطالن عن‪DD‬د‬
‫الطرد التعسفي لكنه تراجع عن هذا التمشي واس‪DD‬تعاض عن‪DD‬ه بإتب‪DD‬اع سياس‪DD‬ة مرن‪DD‬ة وم‪DD‬ا تفرض‪DD‬ه من‬
‫تنازل من كل ما وق‪D‬ع إق‪DD‬راره من حق‪D‬وق لفائ‪D‬دة األج‪DD‬راء وأبع‪DD‬د من ذل‪DD‬ك فالمش‪DD‬رع لم يح‪D‬اول ح‪DD‬تى‬
‫مسايرة التوجهين القانوني الداخلي (المبحث األول) والمقارن ( المبحث الثاني) في خصوص مسألة‬
‫اإلرجاع ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬تجاهل التوجه القانوني الداخلي لإلرجاع العامل‬


‫إذا كانت إمكانية إرجــاع العامل المطرود يمكن استنتاجها من خالل مبادئ قانوني‪DD‬ة عـــامة‬
‫( الفقرة األولى ) فإن هذه التقنية مكرسة ص‪DD‬راحة‪ D‬في بعض الح‪DD‬االت الخاص‪DD‬ة على مس‪DD‬توى مجل‪DD‬ة‬
‫الشغل ( الفقرة‪ D‬الثانية ) ورغم ذلك فالمشرع لم يحاول تعميمها مكتفيا بالتعويض النقدي ك‪DD‬أثر وحي‪DD‬د‬
‫من أثار الطرد ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االستناد إلى مبادئ قانونية عامة‬


‫رغم تنصيص القانون المدني على العديد من اآلليات والمبادئ التي تسمح بإقرار إرجاع‬
‫العامل ( أ ) فإن القانون اإلداري هو اآلخر ال يخلو من هذه التقنية ( ب) ‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 80‬‬

‫أ‪ -‬مبادئ القانون المدني‬


‫يمثل القانون المدني أهم مكون للقانون الخاص بل إنه الجزء الرئيسي له فهو يمثل المصدر‬
‫األساسي الذي تفرعت منه عدة قوانين والتي من ضمنها قانون الشغل ‪ ،‬وقد رأى فيه األستاذ محم‪DD‬د‬
‫كمال شرف الدين القانون األصلي والمرجع الذي ال نحيد عنه‪. 1‬‬

‫_________________________‬
‫‪– 1‬محمد كمال شرف الدين ‪ :‬قانون م‪DD‬دني ‪ ،1‬دروس غ‪DD‬ير مرقون‪DD‬ة لطلب‪DD‬ة الس‪DD‬نة األولى في الحق‪D‬وق‪ ،‬كلي‪DD‬ة الحق‪D‬وق‬
‫والعلوم السياسية بتونس‪. 2000 – 1999 ،‬‬
‫يبدو للوهلة األولى واستنادا إلى مختلف المبادئ المدنية أن األخ‪DD‬ذ بنظري‪DD‬ة بطالن تص‪DD‬رف‬
‫صاحب العمل غير ممكن‪ ،‬من ذلك أنه إذا أسسنا التع‪DD‬ويض عن الفص‪DD‬ل التعس‪DD‬في على التعس‪DD‬ف في‬
‫استعمال الحق من ناحية المس‪D‬ؤولية التقص‪D‬يرية‪ ،‬فإن‪D‬ه ال يمكنن‪D‬ا الح‪D‬ديث إال عن التع‪D‬ويض النق‪D‬دي‪،‬‬
‫فالمؤجر‪ D‬يطالب " بالخسارة عند عدم العمل "‪ 1.‬حيث أن التع‪DD‬ويض في حال‪DD‬ة التعس‪DD‬ف في اس‪DD‬تعمال‬
‫الحق يكون دائما في شكل عهدة مالية ‪ 2‬وفي ذلك إقصاء تام للتعويض العيني‪ ،‬وعلى اعتب‪DD‬ار ان‪DD‬ه ال‬
‫بطالن بال نص‪ 3،‬فإنه ال يمكن القضاء ببطالن تص‪DD‬رف ص‪DD‬احب العم‪DD‬ل المتمث‪DD‬ل في فص‪DD‬ل األج‪DD‬ير‬
‫طالما‪ D‬لم ينص القانون صراحة على ذلك بنص خاص‪.‬‬
‫ولكن في المقاب‪DD‬ل نج‪DD‬د أن الفص‪DD‬ل ‪ 539‬من مجل‪DD‬ة االلتزام‪DD‬ات والعق‪DD‬ود ينص على أنـه إذا‬
‫" صرح القانون بالنهي عن شيء معين كان إتيانه باطال ال ينبني علي‪D‬ه ش‪D‬يء" ومن هن‪D‬ا فإن‪D‬ه يمكن‬
‫اإلقرار ببطالن الفصل التعسفي وعليه فإن إق‪D‬رار اإلرج‪D‬اع يك‪D‬ون طبيعي‪D‬ا على اعتب‪D‬ار أن من أث‪D‬ار‬
‫‪4‬‬
‫البطالن إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل اإلنهاء‪.‬‬
‫ونفس هذه اإلمكانية متاحة أيضا ب‪D‬الرجوع إلى الفص‪D‬ل ‪ 325‬م‪.‬إ‪.‬ع ال‪D‬ذي ج‪D‬اء في‪D‬ه " يبط‪D‬ل‬
‫االلتزام من أصله في صورة ما إذا خلي من ركن من أركان‪DD‬ه " وعلي‪DD‬ه ف‪DD‬إن " االل‪DD‬تزام المب‪DD‬ني على‬
‫غير سبب أو سبب غير جائز ال عمل عليه " وبالتالي فإن عدم تسبيب الطرد يجعله غير جائز وهذا‬
‫الطرد يهم الطرد التعسفي أي دون وجود س‪D‬بب فغي‪DD‬اب الس‪DD‬بب ي‪DD‬ؤدي بالض‪DD‬رورة إلى بطالن ق‪DD‬رار‬
‫الطرد بطالنا مطلقا‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 275‬م ‪.‬إ‪.‬ع نالحظ كذلك انه يسمح بأعمال تقنية إرجاع العامل ‪ 5‬ذلك‬
‫أن هذا النص يهم استحالة التنفيذ العي‪D‬ني‪ 6‬اس‪DD‬تحالة مادي‪DD‬ة أو معنوي‪DD‬ة وال يمكن بالت‪DD‬الي تطبيق‪DD‬ه على‬
‫جــــزاء إرجاع العامل طالما لم يكن ذلك مستحيال‪ ،‬لذلك يكون من المحبذ تأويل قــــاضي الشغـــل‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 81‬‬

‫________________‬
‫‪ - 1‬انظر الفصل ‪ 275‬م‪ .‬إ ‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر الفصل ‪ 103‬م إ ع‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر الفصلين ‪ 330 – 325‬م ‪.‬إ ‪.‬ع ‪.‬‬
‫‪ - 4‬محمد الزين ‪ :‬كتاب النظرية العامة لاللتزامات ‪ -‬العقد ‪ ،-‬ص ‪.236‬‬
‫‪ - 5‬انظر الفصل ‪ ،67‬م‪.‬إ‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ - 6‬طاهر بوعزيزي ‪ :‬إرج‪DD‬اع العام‪DD‬ل محاول‪DD‬ة تأص‪DD‬يل ج‪D‬زاء ق‪DD‬انوني‪ ،‬م‪DD‬ذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪D‬انون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪. 1999 – 1998 ،‬‬
‫لهذه األحكام تأويال خاصا يمكنه من إزاحة جزاء التعويض النقدي واإلقرار بإلزامية التنفيذ العي‪DD‬ني‪،‬‬
‫بإرجاع العامل كلما رأى أن ذلك التنفيذ ال يعتبر مستحيال‪.‬‬
‫هذا من جهة ومن جهة ثانية‪ ،‬فإنه إذا ما كان التزام المؤجر التزاما بالقيام بعمل فإنه ال يمكن‬
‫غصبه على الوفاء طبق الفصل ‪ 275‬م‪.‬إ‪.‬ع وذلك مراعاة لعدة اعتبارات منها المحافظة‪ D‬على الحرية‬
‫الفردية‪ ،‬لكن على فرض اعتماد هذا المنطق فإن بعض مفس‪DD‬ري الق‪DD‬انون ذهب‪DD‬وا إلى اعتب‪DD‬ار أن ه‪DD‬ذا‬
‫المنط‪DD‬ق ال يقص‪DD‬ي اعتم‪DD‬اد ج‪DD‬زاء إرج‪DD‬اع العام‪DD‬ل‪ ،‬ذل‪DD‬ك أن‪DD‬ه "ال يمن‪DD‬ع التنفي‪DD‬ذ الج‪DD‬بري لك‪DD‬ل أن‪DD‬واع‬
‫االلتزامات بعمل وإنما يقتص‪DD‬ر فق‪D‬ط على تل‪D‬ك ال‪D‬تي يك‪D‬ون تنفي‪D‬ذها ماس‪DD‬ا بش‪DD‬خص الم‪D‬دين وحرمت‪DD‬ه‬
‫الجسدية وليس األمر كذلك بالنسبة للمؤجر إذ أن اإلرجاع ينفذ في مؤسسة الشخص المعن‪DD‬وي ال‪DD‬ذي‬
‫ليست له حرمة فردية أو حرمة‪ D‬جسدية يمكن أن ينالها هذا الحق"‪ 1 .‬وترتيبا على م‪DD‬ا ذك‪D‬ر ف‪D‬إن حكم‬
‫القاضي بإرجاع العامل إلى سالف عمله ال يتسلط باألساس على الم‪DD‬ؤجر ب‪DD‬ل على المؤسس‪DD‬ة ك‪DD‬ذات‬
‫معنوي‪DD‬ة ‪2‬خاص‪DD‬ة وأن الفص‪DD‬ل ‪ 276‬م‪ .‬إ‪.‬ع يقص‪DD‬ي فق‪DD‬ط مختل‪DD‬ف أش‪DD‬كال اإلك‪DD‬راه الب‪DD‬دني وه‪DD‬و م‪DD‬ا ال‬
‫يتصور بمناسبة تمكين العامل من االلتحاق‪ D‬بعمله داخل المؤسسة‪.‬‬
‫أما إذا ما وقعت االستعانة بالقوة الملزمة للعقد وبالتحديد الفصل ‪ 242‬م‪.‬إ‪.‬ع الذي ينص على‬
‫أن " ما انعقد على وجـــه الصحيح يقوم مقام القانون فيما بين المتعاق‪D‬دين وال ينقص إال برض‪D‬ائهما‪،‬‬
‫أو في الصور المقررة‪ D‬في القانون وبما أن عقد الشغل هو عقد تبادلي يحمل على الطرفين التزامات‬
‫متقابلة فالعامل بمقتضى تعاقده مع المؤجر مطالب باحترام م‪DD‬ا ينش‪DD‬أ عن ذل‪DD‬ك التعاق‪DD‬د من التزام‪DD‬ات‬
‫وفي صورة اإلخالل بواجباته يكون عرضة للطرد وهنا ومن هذا المنطلق كن‪DD‬ا ننتظ‪DD‬ر من المش‪DD‬رع‬
‫الشغلي أن يرتب بالتوازي جزاء عادال يسلط على المؤجر عند ارتكاب‪DD‬ه لخط‪DD‬أ تعاق‪DD‬دي وذل‪DD‬ك بع‪DD‬دم‬
‫االكتفاء بالجزاء النقدي بل وبإجباره على تنفيذ التزامه المتمثل في تفادي الطرد بسبب غير مبـــرر‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 82‬‬

‫وبذلك تكون الفرصة سانحة للعامل للمطالبة بتنفيذ ما وقع االتفاق علي‪DD‬ه ورفض الم‪DD‬ؤجر تنفي‪DD‬ذ ه‪DD‬ذا‬
‫االلتزام يمثل إخالال من جانبه بالتزام تعاقدي يفتح المجال لجزاء اإلرجاع‪.‬‬

‫______________________________‬

‫‪Hélène Sinay et Gerard Lyon Gaen. La réintégration des représentants des -1‬‬
‫‪.personnelles irrégulièrement licencies, J.C.P.I 1970, p 233‬‬
‫‪ – 2‬حنان ترميش‪ :‬السبب الحقيقي والجدي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراس‪D‬ات المعمق‪DD‬ة كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق والعل‪DD‬وم السياس‪DD‬ية بت‪DD‬ونس‬
‫‪ ،1990‬ص ‪.154‬‬
‫هذا الجزاء يمكن تأسيسه كذلك باالعتماد على نظرية التعسف في استعمال الحق ذاتها حيث‬
‫أن إنهاء العقد باإلرادة المنفردة ألحد األطراف مشروط بع‪DD‬دم التعس‪DD‬ف في اس‪DD‬تعماله‪ ،‬فالتعس‪DD‬ف في‬
‫استعمال الحق بمنطوق الفصل ‪ 103‬م‪.‬إ‪.‬ع خطأ تترتب عليه المسؤولية كأثر له‪DD‬ذا التعس‪DD‬ف‪ .‬بمع‪DD‬نى‬
‫أنه " في صورة اعتبار تصرف المؤجر خطأ عقديا لمخالفة‪ D‬قاع‪DD‬دة قانوني‪DD‬ة‪ ،‬فإن‪DD‬ه من ه‪DD‬ذا المنطل‪DD‬ق‬
‫يمكن اعتبار إنهاء العقد قد تم بطريقة تعسفية وباعتبار أن الجزاء المقرر‪ D‬له هو غرم الض‪DD‬رر‪ ،‬ف‪DD‬إن‬
‫ساحة المؤجر ال تبرأ إذ تبقى في جانبه حالة‪ D‬ال مشروعية اإلنه‪DD‬اء‪ ،‬وبالت‪DD‬الي فإن‪DD‬ه إذا م‪DD‬ا وس‪DD‬عنا في‬
‫مفهوم الخطأ العقدي لهذا األخير واعتبارنا اإلنهاء ال مشروعا بسبب التعدي على ح‪DD‬ق العام‪DD‬ل فإن‪DD‬ه‬
‫‪1‬‬
‫يمكن تصور فكرة اإلرجاع"‪.‬‬
‫من الواضح إذا أن مختلف هذه الدعائم القانونية المدنية تكرس بشكل أو بآخر تقني‪DD‬ة البطالن‬
‫بما يس‪DD‬مح نتيج‪DD‬ة ل‪DD‬ذلك للعام‪DD‬ل من الرج‪DD‬وع إلى مرك‪DD‬ز عمل‪DD‬ه من جدي‪DD‬د‪ .‬ولكن المش‪DD‬رع الش‪DD‬غلي لم‬
‫يحاول مسايرتها رافضا نقلها إلى المادة الشغلية‪ ،‬رغم علمه التام بها‪ 2 ،‬ورغم حاجة األجير الماس‪DD‬ة‬
‫إليها‪ ،‬وكذلك فعل فقه القضاء التونسي الذي ضل " متمسكا بمدرسة الش‪DD‬رح على المت‪DD‬ون ومعرض‪DD‬ا‬
‫عن كل موفق مخالف ألحك‪DD‬ام المدني‪DD‬ة الكالس‪D‬يكية‪ 3 "،‬وه‪D‬و م‪D‬ا من ش‪D‬انه أن يطل‪DD‬ق العن‪DD‬ان لتعس‪D‬ف‬
‫‪4‬‬
‫المؤجر حين ممارسته لإلنهاء األحادي للعقد وبالتالي يفقد األجير ثقته في االستقرار في العمل‪.‬‬

‫ب‪ -‬مبادئ القانون اإلداري‬


‫بالعودة إلى القانون اإلداري نجد أن قض‪DD‬اء اإللغ‪DD‬اء ق‪D‬د خ‪DD‬ول إمكاني‪DD‬ة إلغ‪D‬اء الق‪DD‬رار اإلداري‬
‫المتخذ ضد الموظف العمومي وبالتالي إرجاعه إلى سالف عمله‪ ،‬مع محو كل اآلثار المنجـــرة عن‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 83‬‬

‫______________________________‬
‫‪ -1‬هاجر بنوزة ‪ ":‬ما بعد عق‪D‬د الش‪DD‬غل "‪ ،‬م‪D‬ذكرة لني‪D‬ل ش‪D‬هادة الدراس‪D‬ات المعمق‪DD‬ة‪ ،‬كلي‪DD‬ة الحق‪D‬وق والعل‪D‬وم السياس‪D‬ية ت‪DD‬ونس‪،‬‬
‫‪ ،1999 -1998‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 2‬خاصة إذا أخذنا في االعتبار األسبقية التاريخية لمجلة االلتزامات والعقود بالمقارنة مع مجلة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 3‬باستثناء حكم ابتدائي صادر عن المحكمة االبتدائي‪DD‬ة بالمهدي‪DD‬ة‪ ،‬بت‪DD‬اريخ ‪ 31‬جويلي‪DD‬ة ‪ ،1961‬م‪ .‬ق‪ .‬ت‪ 8 ،‬أكت‪DD‬وبر ‪،1961‬‬
‫ص ‪.67‬‬
‫‪ -‬وكذلك قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،65460‬بتاريخ ‪.1998 / 06 / 22‬‬
‫‪ -4‬وسام السخيري ‪ :‬مصدر مذكور سابقا‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫هذا القرار المطعون فيه ‪ 1‬وه‪D‬ذا االختص‪DD‬اص المخ‪DD‬ول للمحكم‪DD‬ة اإلداري‪DD‬ة في‪DD‬ه حماي‪DD‬ة للموظ‪DD‬ف من‬
‫حرمانه من حقه‪ D‬الشغلي أو التعسف تجاهه من طرف اإلدارة‪ .‬وهن‪DD‬ا نتس‪DD‬اءل لم‪DD‬اذا لم يتب‪DD‬ع المش‪DD‬رع‬
‫الشغلي نفس التوجه أولم يكن األجر في القطاع الخاص أولى بهذه الحماية نظر لخصوصية العالق‪DD‬ة‬
‫في هذا القطاع ؟ وما تتسم به من انعدام المساواة والهيمنة االقتصادية للمؤجرين ؟‬
‫ومما تجدر مالحظته في هذا السياق أن دعوى تج‪D‬اوز الس‪DD‬لطة هي ف‪D‬رع من ف‪DD‬روع قض‪DD‬اء‬
‫اإللغاء‪ 2‬وبالعودة إلى مقتضيات قانون ‪ 1‬جويلي‪DD‬ة ‪ 1972‬نج‪DD‬ده يع‪DD‬رف الطعن بتج‪DD‬اوز الس‪DD‬لطة بأن‪DD‬ه‬
‫" دعوى قضائية ضد السلطة اإلدارية يقوم بها من له مصلحة‪ ،‬لدى قاضي اإللغاء‪ ،‬بغية إلغاء قرار‬
‫إداري لعدم شرعيته "‪.‬‬
‫وبناء عليه فإن الغاية من هذه الدعوى هي احترام الشرعية أما الوسيلة المتبع‪DD‬ة فهي اللج‪DD‬وء‬
‫إلى القضاء وذلك لتحقيق نتيجة معينة تتمث‪DD‬ل في إلغ‪DD‬اء الق‪DD‬رار اإلداري‪ ،‬وإذا م‪DD‬ا اعتم‪DD‬دنا الق‪DD‬رارات‪D‬‬
‫الصادرة بعزل الموظف العمومي وثبوت تجاوز هذه القرارات‪ D‬للس‪DD‬لطة ف‪DD‬إن القي‪DD‬ام ب‪DD‬دعوى لإللغ‪DD‬اء‬
‫في هذه الحالة‪ D‬يتطلب توفر شروط معينة من ذلك وجود القرار اإلداري المخدوش فيه وكذلك وجود‬
‫السلطة اإلدارية التي أصدرته وكذلك توفر المصلحة في القيام ‪.‬‬
‫وم‪D‬ا يالح‪D‬ظ في ب‪D‬اب إنه‪D‬اء العالق‪D‬ة الش‪D‬غلية ه‪D‬و أن ق‪D‬انون الش‪D‬غل يق‪D‬ر لص‪D‬احب المؤسس‪D‬ة‬
‫األشراف الكامل عليها‪ ،‬فهو المسؤول عن إدارتها بما يتفق ومصالحه لذلك تكون قراراته غير قابلة‬
‫لإللغاء من أي سلطة و إال عدى ذلك تدخال ال مستند له من القانون حتى ول‪DD‬و تأك‪DD‬دت الص‪DD‬بغة غ‪DD‬ير‬
‫الشرعية للطرد‪ .‬على عكس ذلك نجد أن الق‪DD‬انون اإلداري أنص‪DD‬ف الموظ‪DD‬ف ومتع‪DD‬ه بحماي‪DD‬ة فعلي‪DD‬ة‪،‬‬
‫فالقرارات اإلدارية الواقع إلغاءها بسبب تجاوز السلطة تعتبر كأنها لم تتخذ إطالقا وعليه " ف‪DD‬القرار‬
‫اإلداري ينسخ نسخا باتا ويزول تمام‪DD‬ا وكأن‪DD‬ه لم يكن وعلي‪DD‬ه يتعين على اإلدارة أن ترج‪DD‬ع الوض‪DD‬عية‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 84‬‬

‫القانونية إلى ما كانت عليه قبل أن يعتريها القرار‪ D‬الملغى"‪ 3‬فتعاد بذلك وضعية الموظف إلى حالته‪DD‬ا‬
‫األصلية بصفة كلية‪.‬‬
‫_________________________________‬
‫‪ - 1‬الموظف في تظلمه من المساس بحقه في الشغل يتجه للمحكمة اإلدارية لطلب إلغاء القرار وذلك عمال بأحكام الفصل ‪17‬‬
‫جديد من القانون عدد‪ ،40 D‬لسنة ‪ ،1972‬والمؤرخ في غرة جوان ‪ ،1972‬والمنقح بالقانون األساسي عدد ‪ ،39‬لس‪DD‬نة ‪،1996‬‬
‫المؤرخ في ‪ 03‬جوان ‪.1996‬‬
‫‪ - 2‬الفصل ‪ 7‬من قانون المحكمة اإلدارية ينص على أربع حاالت يمكن االستناد إليها لتأسيس دع‪DD‬وى تج‪DD‬اوز الس‪DD‬لطة وهي‪:‬‬
‫عيب االختصاص‪ ،‬خرق الصيغ الشكلية والجوهرية‪ ،‬خرق قاعدة من القواعد القانونية‪ ،‬االنحراف بالسلطة أو باإلجراءات‪.‬‬
‫‪ -3‬عياض ابن عاشور‪" :‬القضاء اإلداري وفقه المرافعات اإلدارية في تونس "سراس" للنشر طبعة ‪ ،1995‬ص ‪.179‬‬
‫وفي هذا المضمار تتحمل اإلدارة بواجب تنفيذ الحكم الصادر عن قض‪DD‬اء اإللغ‪DD‬اء‪ .‬وتبع‪DD‬ا ل‪DD‬ذلك على‬
‫اإلدارة أن تستخلص كل النتائج المترتبة عن قرار اإللغاء بمعنى أن‪:‬‬
‫‪ -‬تقيم من جديد األوضاع المرتبطة بالقرار‪ D‬المنسوخ‪.‬‬
‫‪ -‬تعوض األضرار التي تسبب فيها القرار‪.‬‬
‫‪ -‬تقر كيف كان األمر قد يكون لو لم يتخذ القرار‪.‬‬
‫‪ -‬تتخذ كل التدابير الالزمة الكفيلة بأن ترجع الوضعية إلى أصلها‪.‬‬
‫هذه المسؤولية الملقاة‪ D‬على كاهل اإلدارة من شانها أن تمكن الموظف من جميع حقوقه من‬
‫ترقيات وأقدمية بصورة تجعل مساره الوظيفي وكأنه لم يغادره على اإلطالق كم‪DD‬ا تمكن‪DD‬ه من جمي‪DD‬ع‬
‫‪1‬‬
‫مستحقاته عن المدة التي بقي خاللها‪ D‬معزوال‪.‬‬
‫إن ما يمكن أن نستخلصه من خالل التعرض إلى دعوى اإللغاء في القانون اإلداري هو أن‪DD‬ه‬
‫بالنسبة للموظف العمومي يمكن تطبيق نظرية البطالن‪ ،‬ومن ثمة إعمال تقنية اإلرج‪DD‬اع وذل‪DD‬ك كلم‪DD‬ا‬
‫صدر ق‪D‬رار إداري ق‪D‬اض بعزل‪D‬ه عن اإلدارة وثبت أن ه‪D‬ذا الق‪D‬رار في‪D‬ه تج‪D‬اوز للس‪DD‬لطة وعلي‪DD‬ه ف‪D‬إن‬
‫تكريس تقنية البطالن ثم اإلرج‪DD‬اع بالنس‪DD‬بة ألج‪DD‬ير تدعم‪DD‬ه ع‪DD‬دة دع‪DD‬ائم قانوني‪DD‬ة س‪DD‬واء ب‪DD‬الرجوع إلى‬
‫المبادئ المدنية أو حتى اإلدارية‪ ،‬ولكن رغم ذل‪DD‬ك فالمش‪DD‬رع الش‪DD‬غلي تجاه‪DD‬ل ه‪DD‬ذا التوج‪DD‬ه الع‪DD‬ام ولم‬
‫يحاول مسايرته بنص صريح في مجال الطرد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االستناد إلى مجلة الشغل‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 85‬‬

‫يدعم الرجوع إلى بعض الص‪D‬ور والمب‪D‬ادئ ال‪D‬واردة في مجل‪D‬ة الش‪D‬غل فك‪D‬رة إرج‪D‬اع العام‪D‬ل‬
‫المطرود‪ ،‬هذا االعتق‪DD‬اد يتبل‪DD‬ور خاص‪DD‬ة من خالل مب‪D‬دأ اإلرج‪DD‬اع عن‪D‬د التعلي‪DD‬ق (أ) وك‪DD‬ذلك من خالل‬
‫النظر في االلتزامات المتصلة بإنهاء عقد الشغل (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ -‬مبدأ اإلرجاع عند التعليق ‪.‬‬


‫يبرم عقد الشغل لينفذ‪ ،‬لكن قد تطرأ على العالقات الشغلية بعض األحداث التي تهدد بقطعها‬
‫نظرا لتعذر تواصل تنفيذ أحد طرفيها اللتزاماته‪.‬‬

‫___________________________‬
‫‪ - 1‬المحكمة الدراية ‪ -‬مريم كريم‪ ،‬وزير التربية والعلوم‪ ،‬مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ،1992‬عن كتاب عياض ابن عاشور‪،‬‬
‫" القضاء اإلداري وفقه المرافعات اإلدارية في تونس "‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫ومن الثابت أن تطبيق القواعد العامة المدنية على صور التعذر هذه ت‪DD‬ؤدي حتم‪DD‬ا إلى انته‪DD‬اء‬
‫عقد الشغل وبالت‪D‬الي حرم‪D‬ان األج‪D‬راء من عملهم‪ ،‬لكن وعي المش‪D‬رع بخصوص‪D‬ية العالق‪D‬ة الش‪D‬غلية‬
‫نظرا لقيامها على عالقة غير متكافئة بين طرف قوي وهو الم‪DD‬ؤجر وط‪DD‬رف ض‪DD‬عيف وه‪DD‬و األج‪DD‬ير‬
‫وما يمكن أن ينتج عن إنهاء عقد الشغل من ضرر فادح لألجير‪ ،‬فقد كان التوجه األساسي للمش‪DD‬رع‪،‬‬
‫تفادي إنهاء عقد الشغل كلما كان المانع عن تنفيذه مانعا مؤقتا يمكن تجاوزه‪.‬‬
‫وقد مثلت تقنية تعليق عقد الشغل إحدى أهم الوسائل التشريعية التي مكنت من تف‪DD‬ادي إنه‪DD‬اء العالق‪DD‬ة‬
‫الشغلية‪ ،‬خاصة وأنها تمكن من المحافظة‪ D‬على قيام هذه العالقة بالرغم من توقف تنفيذ العقد‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس عرف جانب من الفقهاء‪ D‬هذه التقنية بأنها حق األجير والمؤجر في القطع‬
‫المؤقت للتنفيذ العادي اللتزامهما األصلي المتمثل في دفع األجر بالنس‪DD‬بة للم‪DD‬ؤجر وفي إتم‪DD‬ام العم‪DD‬ل‬
‫‪1‬‬
‫بالنسبة لألجير ‪"...‬‬
‫نتبين إذا من خالل هذا التعريف أن التعليق هو تجميد لتنفيذ العالقة الشغلية وليس قطعا لها‬
‫وهو ما يمكن من الحفاظ على عمل األجير حتى عندما يتعذر عليه تنفيذ التزاماته الشغلية وعلى هذا‬
‫‪2‬‬
‫األساس يعتبر التعليق القانوني للعقد تقنية لإلبقاء الوجوبي على التعاقد‪.‬‬
‫وبواسطة هذه التقنية القانونية سعي المشرع إلى حماية كل من المرأة الحامل‪ D‬والعامل‬
‫المجند‪ ،‬والعامل المريض‪ ،‬والعامل الذي تم إلحاقه‪ ،‬والعامل المضرب ‪.3‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 86‬‬

‫وتزداد هذه الحماية تأكيدا من خالل حق اإلرجاع للعامل‪ ،‬حيث يمتزج حسب م‪DD‬ا ذهب إلي‪DD‬ه‬
‫بعض الفقهاء‪ 4D‬وقف عقد الشغل مع بطالن الطرد الواقع أثناء هذا الوضع وذلك بسبب منع المش‪DD‬رع‬
‫المؤجر من هذا الفصل طالما لم يثبت سببا يهم مصلحة المؤسسة اقتضاه‪.‬‬
‫وما يالحظ في هذا اإلطار أن المشرع يفرق بين حالتين للتعلي‪DD‬ق‪ ،‬الحال‪D‬ة‪ D‬األولى يع‪DD‬ود فيه‪DD‬ا‬
‫األجير مباشرة لعمله دون إجراءات وشروط مثل حالة اإلض‪DD‬راب والم‪DD‬رض ورخص‪DD‬ة ال‪DD‬والدة أم‪DD‬ا‬
‫الحالة‪ D‬الثانية فعلقها‪ D‬على بعض الشروط الشكلية وكذلك الموض‪D‬وعية ولع‪D‬ل أهم ه‪D‬ذه الح‪D‬االت حال‪D‬ة‬
‫الصلح وحالة وجود العامل تحت العلم أو تحت السالح‪.‬‬
‫__________________________‬
‫‪1- Ghestin (J) et Longlois (PH) : droit du travail, sirey Paris 1983, p250.‬‬
‫‪ – 2‬هدى الطالب‪ :‬اإلبقاء الوجوبي للعالقات التعاقدي‪DD‬ة‪ ،‬م‪DD‬ذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون الخ‪DD‬اص‪ ،‬كلي‪DD‬ة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية بتونس‪ ،2000 -1999 ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ - 3‬يراجع الفصول الخاصة بتعليق عقد الشغل وخاصة الفصول ‪ 20 - 18 -8‬من مجلة الشغل‪.‬‬
‫‪.Bernadette Desjardins : La Réintégration, Droit social 1992, p766 - 4‬‬
‫ولتأكيد إقرار المشرع صراحة حق األجير في اإلرجاع عند التعليق يتج‪DD‬ه التفري‪DD‬ق بين ه‪DD‬ذا‬
‫الحق وحق األولوية في التشغيل في صورة الطرد ألسباب اقتص‪DD‬ادية‪ ،‬خاص‪DD‬ة وأن‪DD‬ه ال يمكن الخل‪DD‬ط‬
‫بين هاتين التقنيتين ألنه بالنسبة لحق اإلرجاع يكفي أن يظهر األجير رغبته في الرجوع إلى مرك‪DD‬ز‬
‫عمله حتى يجبر الم‪DD‬ؤجر على إرجاع‪DD‬ه‪ ،‬أم‪DD‬ا عن‪D‬د حال‪DD‬ة األولوي‪DD‬ة في التش‪D‬غيل فإن‪DD‬ه ال يكفي إظه‪D‬ار‬
‫العامل لهذه الرغبة حيث أنه يجب أن تتوفر إضافة لذلك نية عند الم‪DD‬ؤجر في تهيئ‪DD‬ة أو إنش‪DD‬اء عم‪DD‬ل‬
‫‪1‬‬
‫قابل ألن يشغل األجير‪.‬‬
‫ولئن كان فقه القضاء التونسي ال يقر بوجود حق صريح للعامل في اإلرجاع فإن‪DD‬ه ق‪DD‬د وازن‬
‫بين جزاء عدم اح‪DD‬ترام قواع‪DD‬د اإلرج‪DD‬اع وبين ج‪DD‬زاء األولوي‪DD‬ة في التش‪DD‬غيل وج‪DD‬زاء الط‪DD‬رد في بقي‪DD‬ة‬
‫الظروف األخرى وهو ما يفسر بأمرين ‪:‬‬
‫‪ °‬إقامة تشابه تام بين الطرد ورفض اإلرجاع‬
‫‪ °‬تكييف رفض اإلرجاع عند توفر شروطه بالطرد‪.‬‬
‫ولكن هذين الحلين يمكن نقدمها خاصة وأنا سياسة تعليق عقد الشغل تق‪DD‬وم على وج‪DD‬ود ن‪DD‬وع‬
‫من العقد القانوني الذي تعوض فيه اإلرادة القانونية بصفة فنية رضي األطراف بع‪DD‬د التعلي‪DD‬ق ‪ 2‬وهو‬
‫ما فسره أحد الفقهاء ‪ 3‬بوجود وعد أحادي بإع‪DD‬ادة األج‪DD‬ير لعمل‪DD‬ه من ج‪DD‬انب الم‪DD‬ؤجر إث‪DD‬ر زوال من‪DD‬ع‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 87‬‬

‫الوقف وبذلك يكفي رفع الخيار من جانب األجير عند توفر الشروط القانونية ليتكون العق‪DD‬د وبالت‪DD‬الي‬
‫يكون إرجاع العامل إلى عمله وكل رفض الحق من جانب المؤجر يجب صده‪.‬‬
‫وفي ه‪D‬ذه اإلط‪DD‬ار يب‪D‬دو من الممكن تط‪D‬بيق ه‪D‬ذا التص‪D‬ور على مض‪DD‬مون قواع‪D‬د تعلي‪D‬ق عق‪D‬د‬
‫الشغل‪ ،‬كما وردت على مستوى التشريع التونسي‪ ،‬وما محاولة وض‪DD‬ع آج‪DD‬ال دقيق‪DD‬ة لطلب اإلرج‪DD‬اع‬
‫من ط‪DD‬رف المش‪DD‬رع إال دلي‪DD‬ل واض‪DD‬ح على ذل‪DD‬ك وه‪DD‬و م‪DD‬ا يتجلى بوض‪DD‬وح بالنس‪DD‬بة لح‪DD‬االت التجني‪DD‬د‬
‫واألمومة والمرض‪.‬‬
‫يتجلى لنـــا إذا وأن إرجاع العام‪D‬ل بع‪D‬د ف‪D‬ترة التعلي‪D‬ق وإن ك‪D‬ان ل‪D‬ه مرجعي‪D‬ة قانوني‪D‬ة إال أن‪D‬ه‬
‫يخضع كذلك إلى قانون االلتزامات التعاقدية‪ ،‬وهو ما يتماشى مع قـول أحد الفقهاء"‪ D‬بـوجـود بعـض‬
‫_______________________‬
‫‪1- Guy Venandet : Droit social, Les éditions d’organisation 1993, p97.‬‬
‫‪ – 1‬طاهر بوعزيزي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪Jacque Treillard : De la suspension des contrats in la tendance a la stabilité du rapport - 2‬‬
‫‪.contractuel, Paris L.G.D.J 1960, p59‬‬
‫الوضعيات التعاقدية التي يكون مصدرها القانون بمع‪DD‬نى أن االل‪DD‬تزام الق‪DD‬انوني بالتعاق‪DD‬د والوض‪DD‬عية‬
‫القانوني‪DD‬ة ال‪DD‬ذين لهم‪DD‬ا مص‪DD‬در ق‪DD‬انوني يكون‪DD‬ان أمثل‪DD‬ة لالل‪DD‬تزام الص‪DD‬ادر عن الدول‪DD‬ة بتك‪DD‬وين الرواب‪DD‬ط‬
‫التعاقدي‪DD‬ة وهم‪DD‬ا ك‪DD‬ذلك مظه‪DD‬رين لبي‪DD‬ان التخلي عن مفه‪DD‬وم الفرداني‪DD‬ة في تنظيم العالق‪DD‬ات القانوني‪DD‬ة‬
‫الخاصة‪.1 D‬‬
‫واستنادا إلى كل ما تقدم بيانه يمكن تحليل الفصول الواردة بمجلة الشغل والمتعلقة باإلرجاع‬
‫عند التعلي‪DD‬ق بأنه‪DD‬ا تعب‪DD‬ير عن خي‪DD‬ار من المش‪DD‬رع بإرج‪DD‬اع العام‪DD‬ل ليواص‪DD‬ل عق‪DD‬ده بم‪DD‬ا في‪DD‬ه مص‪DD‬لحة‬
‫الطرفين‪.‬‬

‫ب ‪ -‬االلتزامات المتصلة بإنهاء عقد الشغل‬


‫تتجلى رغبة المشرع في حماية األجير من خالل فرض‪DD‬ه جمل‪DD‬ة من الش‪DD‬روط واإلج‪DD‬راءات‬
‫الواجب احترامها‪ D‬من طرف المؤجر كلما أراد ممارسة حقه في إنهاء عالقة شغلية معينة‪ .‬وفي ذات‬
‫السياق جاء تدخل السلطة التشريعية في الم‪DD‬ادة الش‪DD‬غلية ليثق‪DD‬ل ممارس‪DD‬ة الح‪DD‬ق في اإلنه‪DD‬اء بش‪DD‬كليات‬
‫هامة بل وكذلك استلزم شكل معين لإلنهاء‪ 2‬على نحو جعلنا نعتقد بأن جزاء خ‪DD‬رق ه‪DD‬ذه اإلج‪DD‬راءات‬
‫لن يكون إال البطالن ومن ثمة إقرار إرجاع العامل إلى مرك‪DD‬ز عمل‪D‬ه خاص‪DD‬ة وأن نفس ه‪D‬ذا االتج‪D‬اه‪D‬‬
‫ذهب فيه بعض النواب الفرنسيين بمناسبة مداوالت قانون ‪ 13‬جويلية ‪ ،1973‬حيث اقترحوا اعتبار‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 88‬‬

‫الطرد الواقع مع خرق‪ D‬اإلجراءات القانونية طردا باطال ال فقط تعسفيا ‪ 3‬وهو م‪DD‬ا س‪DD‬ارت في‪DD‬ه ك‪DD‬ذلك‬
‫‪4‬‬
‫عديد المحاكم الفرنسية في جملة من قراراتها‪.‬‬
‫ولكن في اتجاه‪ D‬معاكس لهذا التصور اعتبر المشرع ‪ 5‬وفقه القضاء التونسي ‪ 6‬الط‪DD‬رد الواق‪DD‬ع‬
‫بصورة فيها خرق لإلجراءات مجرد طرد تعسفي‪.‬‬
‫___________________________‬
‫‪Paul Durand : La contrainte légale dans la formation du rapport contractuel, R.D.civ. -1‬‬
‫‪.1944‬‬
‫‪ -2‬يراجع في هذا السياق الفصل األول من الجزء األول ‪.‬‬
‫‪3 - Journal officiel Française Débat Assemble national 1973, mars 1973, p 7767.‬‬
‫‪Cassation social 13 Février 1997, Dt social 1997, p 512, social ferrier 1958, Dt social - 4‬‬
‫‪.1958, p 353‬‬
‫‪ -5‬يراجع الفصول المتعلقة باإلجراءات وخاصة الفصل ‪ 14‬من مجلة الشغل‪.‬‬
‫‪ -6‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،5272‬بتاريخ ‪ 14‬فيفري ‪ ،1983‬ن‪ .‬م‪ .‬ت‪ ،‬القسم المدني جزء أول‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار أن هذه النتيج‪D‬ة ال‪DD‬تي توص‪D‬ل إليه‪DD‬ا المش‪D‬رع تعت‪D‬بر غ‪D‬ير‬
‫منطقية بالمرة بل وكذلك تفصح عن تناقض في المنطق التشريعي‪ .‬إذ كيف يستقيم مثل ه‪DD‬ذا الج‪DD‬زاء‬
‫مع ارتباط هذه القواعد اإلجرائية بالنظام العام مثلما ذهب إلى ذلك فقه القضاء في تونس بمقولة أ ن‬
‫" هذه القواعد أساسية وتهم النظام العام"‪ 1 ،‬خاصة إذا اعتبرنا بأن النظام العام في ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل ال‬
‫يمكن تعريفه بأنه مجموع قيم كالممتلكات العمومية أو األمن العمومي تعود للدولة مهمة حمايتها ب‪D‬ل‬
‫بعكس ذلك يعكس النظام العام في هذا القانون أساس‪DD‬ا بع‪DD‬دا وظيفي‪DD‬ا ي‪DD‬برز من خالل إلزامي‪DD‬ة القاع‪DD‬دة‬
‫القانونية حيث ال مجال لتجاوزها ‪ 2‬وهو ما ينتج عنه بالضرورة االلتزام بإرجاع العامل الذي يك‪DD‬ون‬
‫بمثابة جزاء لإلخالل بهذه القواعد‪.‬‬
‫ولعله لتبرير هذا التصور‪ ،‬يمكن االنطالق من تقنية اإلعالم بالطرد‪ ،‬للقول بأن الط‪DD‬رد وإن‬
‫كان ال يفترض قبول الطرف اآلخر‪ ،‬فإن اإلعالم به من التصرفات التي تستوجب التس‪DD‬ليم‪ 3،‬بمع‪DD‬نى‬
‫التصرفات التي ال يكون لها وجود قانوني إال بشرط إدراك علم الطرف المقاب‪DD‬ل به‪DD‬ا بواس‪DD‬طة إبالغ‬
‫كما ترتبط نجاعتها بإظهار إرادة صاحبها‪ 4 ،‬ومن هن‪DD‬ا يك‪DD‬ون اإلعالم ب‪DD‬الطرد قي‪DD‬دا ش‪DD‬كليا بغياب‪DD‬ه ال‬
‫‪5‬‬
‫يرتب الطرد أثاره فهو إذا طرد باطل‪.‬‬
‫هذا الجزاء المتمثل في بطالن الطرد قد يتسلط كذلك عند ورود اإلعالم بالطرد في غير‬
‫التاريخ المعين له قبل اإلنهاء أو دون احتواءه بيان أسباب الطرد‪ ،‬خاصة وأن ذكر هذه األسباب في‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 89‬‬

‫رسالة اإلعالم يمثل ال فقط ش‪DD‬رطا ش‪D‬كليا وإنم‪DD‬ا يمكن من ض‪D‬بط ك‪D‬ذلك ح‪DD‬دود ال‪D‬نزاع أم‪DD‬ام القض‪D‬اء‬
‫الشغلي إضافة إلى كون غيابه يؤدي إلى عدم شرعية الطرد على مستوى أصلي ‪.6‬‬

‫___________________________‬
‫‪ -1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،18020‬بتاريخ ‪ 22‬جوان ‪ ،1987‬ن‪ .‬م ‪.‬ت‪ ،‬لسنة ‪ ،1987‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -2‬يراجع نبيل فرح ‪ :‬النظام العام االجتماعي في قانون الشغل‪ ،‬مذكرة إلح‪DD‬راز على ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ‪،1997‬ص ‪.3‬‬
‫‪ -‬في ذات السياق يراجع كذلك‪ :‬رابح الغندري‪ ،‬العقد والنظام القانوني‪ ،‬مذكرة إلحراز على شهادات الدراسات المعمقة‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية بتونس ‪ ،1974‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 3‬تقابل هذه اللفظة باللغة الفرنسية ‪.Actes réceptrices‬‬
‫‪Jacques Martine de la Moutte, l’acte - juridique unilatéral, essai sur la notion et la techni-- 4‬‬
‫‪.que en droit civil lib. Recueil, sirey 1957, p116‬‬
‫‪ - 5‬محمد يحي مطر ‪ :‬أساسيات قضايا عقد العمل المدني‪ ،‬الدار الجامعية للنشر‪ ،1989‬ص ‪.245‬‬
‫‪6 - Maurice Cohen : Le droit des comites d’entreprise, Paris L.G.D.J. 1975, p880.‬‬
‫وفي ذات السياق المتص‪D‬ل ب‪D‬الحكم ب‪D‬البطالن واإلرج‪D‬اع‪ ،‬اتجهت محكم‪D‬ة التعقيب في فرنس‪D‬ا‬
‫إلى القول بـــأن التصريح بالطرد دون ترخيص مسبق يكـون باطال يتوجب معـــه إرجـــاع العام‪DD‬ل‬
‫ألن اإلجراءات السابقة للطرد لها صفة األحكام اآلمرة يعاقب على مخالفتها ب‪DD‬البطالن‪ 1،‬وهو الح‪DD‬ل‬
‫الذي طبقته عديد قرارات المحاكم الفرنسية‪ 2 ،‬وهو ك‪DD‬ذلك م‪DD‬ا ك‪DD‬ان ق‪DD‬د ذهب إلي‪DD‬ه المش‪DD‬رع التونس‪DD‬ي‬
‫على م‪D‬ا يب‪D‬دو بالفص‪D‬ل ‪ 166‬ق‪D‬ديم من مجل‪D‬ة الش‪D‬غل في خص‪D‬وص إج‪D‬راءات ط‪D‬رد العام‪D‬ل المحمي‬
‫باستعماله لمصطلح " فال يتم الطرد"‪.‬‬
‫يمكن أن نعتبر إذا بأن من خصائص اإلجراءات الحمائية للعملة طبيعتها اآلم‪DD‬رة والمطلق‪DD‬ة‪،‬‬
‫وبذلك فإن المؤجر الذي ال يحترم محتواها ال بد أن يتعرض لعقوبات جزائية ومدنية ‪ 3‬وبالتالي‪ ،‬فإن‬
‫حق الدفاع مثال الذي يختزله عرض العامل على مجلس التأديب يجب احترامه حتى في غياب نص‬
‫قانوني‪ ،‬كما أن العقد يجب أن يتواصل بعد كل إجراء غير ق‪DD‬انوني بم‪DD‬ا يك‪DD‬ون مع‪DD‬ه الم‪DD‬ؤجر مج‪DD‬برا‬
‫‪4‬‬
‫قانونا على تنفيذه وبالتالي عليه إرجاع العامل‪.‬‬
‫وطبقا لهذا التحليل يبقى األجير مرتبطا قانون‪DD‬ا بالمؤسس‪DD‬ة بعق‪DD‬د عمل‪DD‬ه‪ 5 ،‬ألن عملي‪DD‬ة الط‪DD‬رد‬
‫تمثل تصرفا منهيا تكون فيه اإلجراءات شرط لإلنهاء فعلي‪ 6،‬كما أن استلزام شكل محدد لإلنهاء ق‪DD‬د‬
‫جاء في إطار سياسة هادفة ترمي باألساس إلى حماية األجير تتمثل محاورها في تمكين هذا األخ‪DD‬ير‬
‫من جمع عناص‪DD‬ر اإلثب‪DD‬ات الدال‪DD‬ة على ع‪DD‬دم ش‪DD‬رعية ق‪DD‬رار الم‪DD‬ؤجر في الط‪DD‬رد‪ ،‬مم‪DD‬ا ق‪DD‬د ي‪DD‬دفعنا إلى‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 90‬‬

‫التساؤل كيف يمكن ألجير توفير هذه العناصر لإلثبات وهو خارج‪ D‬أسوار المؤسسة؟ كم‪DD‬ا أن تث‪DD‬بيت‬
‫سلسلة من اإلجراءات قد كان استنادا لفكرة تفي‪DD‬د تجنب ك‪DD‬ثرة القي‪DD‬ام ل‪DD‬دى القض‪DD‬اء ب‪DD‬أكثر ق‪DD‬در ممكن‬
‫‪7‬‬
‫وبتقديم الحلول المبنية على الحوار والتشاور مع فرض وقت كافي للتفكير بالنسبة للمؤجر‪.‬‬

‫______________________________‬
‫‪- 1Cassation social 3 Juin 1948, D 1948, p510.‬‬
‫‪- 2Cassation criminelles 11 Juin 1974, Bulletin criminelles, N° 214, p550.‬‬
‫‪3 - Jean ِClaude Javillier : Une nouvelle illustration du conflit des logiques, ( droit à l’emploi‬‬
‫‪et droit des obligations ), in mélange GH Camerlynk, p101.‬‬
‫‪4 - Nicole Catala : L’entreprise, tome 4, N° 636, p719, 1980.‬‬
‫‪5 - Henri Rameau: La situation Juridique du salaire licencie irrégulièrement mais pour‬‬
‫‪couse réels et sérieuses, droit chronique 1974, p79.‬‬
‫‪6 - Jean Pierre Karaquillo: Note sous social, 14 mars 1975, D Sirey 1977, p12.‬‬
‫‪7 - Alain Brun / Henry Galland : droit du travail, Série 1958, p157.‬‬

‫يتجه القول إذا بأن المشرع بتجاهله لتقنية إرجاع العامل المطرود واالكتفاء بجزاء التعس‪DD‬ف‬
‫يكون قد نكث بنفسه سياسته الهادفة في منطلقها لحماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير إذ وب‪DD‬الرغم من ك‪DD‬ل تل‪DD‬ك األس‪DD‬اليب‬
‫والتطبيقات تبقى فرضية اإلرجاع في صحراء القانون حتى وأن أقرها القانون المقارن‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 91‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تجاهل توجه القانون المقارن لإلرجاع العامل‬


‫إن الدارس لفقه قضاء المحاكم عموما يالح‪D‬ظ أن دوره‪D‬ا األساس‪D‬ي ينحص‪D‬ر في تط‪D‬بيق م‪D‬ا‬
‫يقوم المشرع بسنه من قواع‪D‬د قانوني‪DD‬ة م‪D‬ع محاول‪DD‬ة االجته‪D‬اد بالتوس‪D‬يع أو التض‪D‬ييق في فح‪D‬وى تل‪D‬ك‬
‫القواعد بنسبة معينة‪ .‬ولكن هذه القاع‪DD‬دة تختل‪DD‬ف‪ ،‬كلي‪DD‬ا‪ ،‬فيم‪DD‬ا يتعل‪DD‬ق بفق‪DD‬ه القض‪DD‬اء المق‪DD‬ارن‪ D‬وخاص‪DD‬ة‬
‫الفرنسي في المادة الشغلية‪ ،‬حيث يالحظ الدور اإليجابي للمحاكم الفرنسية في محاولة‪ D‬تكريس تقني‪DD‬ة‬
‫إرجاع العامل بعد طرده ( الفقرة األولى ) دور سايره التشريع المقارن ولكن في المقابل تخلف عنه‬
‫المشرع التونسي ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عدم األخذ بعين االعتبار التجارب اإليجابية لفقه القضاء المقارن‬
‫لقد لعب فقه القض‪D‬اء الفرنس‪D‬ي دورا حاس‪D‬ما وإيجابي‪D‬ا في دف‪D‬ع المش‪D‬رع إلى " تك‪D‬ريس تقني‪D‬ة‬
‫إرجاع العامل المطرود صلب مجلة الشغل الفرنسية‪ ،‬وكان ذلك بناء على تصور عام اعتبر في‪DD‬ه أن‬
‫دخول األجير أبواب المؤسسة ال يخلع عنه صفة المواطن ومن هنا يجب حماي‪DD‬ة حق‪DD‬ه في المواطن‪DD‬ة‬
‫والحريات العامة (ب) كما استطاعت بعض المح‪DD‬اكم ك‪DD‬ذلك تطوي‪DD‬ع نظري‪DD‬ة انع‪DD‬دام الوج‪DD‬ه الق‪DD‬انوني‬
‫للتصرف وكذلك نظرية المنع من ممارسة الحق أو الحري‪DD‬ة إلق‪DD‬رار بطالن الط‪DD‬رد واألم‪DD‬ر بإرج‪DD‬اع‬
‫العامل ( أ )‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 92‬‬

‫أ – نظريتا غياب الوجه القانوني للتصرف والمنع من ممارسةـ الحق‬


‫يوجد تصرف ب‪DD‬دون وج‪DD‬ه ق‪DD‬انوني عن‪DD‬دما ت‪DD‬رتكب اإلدارة أثن‪DD‬اء اإلنج‪DD‬از الم‪DD‬ادي لنش‪DD‬اط م‪DD‬ا‬
‫تجاوزا خطير يضر بحق الملكية أو بأحد الحريات العامة وعلى ه‪DD‬ذا األس‪DD‬اس يمكن إرج‪DD‬اع مفه‪DD‬وم‬
‫‪1‬‬
‫غياب الوجه القانوني للتصرف للقانون اإلداري‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار الحظ أحد الفقهاء ‪ 2‬بأن نقل هذا المفهوم إلى مادة الطرد غير القانوني تعني‬
‫بالنسبة للدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب وكذلك القضاء االستعجالي الذي اتبعها أن العمل الص‪DD‬ادر‬
‫عن المؤجر هو عمل يكون ‪:‬‬
‫‪ -‬تجاوزا كبيرا ال يستند إلى ممارسة أي حق كان‪.‬‬
‫‪ -‬هو تجاوز لحرية عامة من حريات العمال‪.‬‬
‫________________________‬
‫‪ – 1‬طاهر بوعزيزي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪-Maurice Cohen : op cit, p 867. 2‬‬
‫‪ -‬يحول االختصاص القضائي بصورة استثنائية إلى القاضي االستعجالي‪ D‬بهدف وضع حد لتص‪DD‬رف‬
‫غير قانوني وذلك باألمر بإرجاع العامل المطرود بوجه غير قانوني‪.‬‬
‫وقد كان من نتائج اعتماد هذه النظرية بالنسبة لمحكمة التعقيب الفرنسية تقويض فقه قض‪DD‬ائها الس‪DD‬ابق‬
‫‪1‬‬
‫الرافض إلرجاع العامل‪.‬‬
‫كما يالحظ من جه‪D‬ة أخ‪D‬رى اعتب‪D‬ار فق‪D‬ه القض‪D‬اء الفرنس‪D‬ي الط‪D‬رد غ‪D‬ير الق‪D‬انوني وال‪D‬رفض‬
‫الالحق إلرجاع العامل يك‪D‬ون جريم‪DD‬ة المن‪D‬ع كجريم‪DD‬ة مسترس‪DD‬لة‪ 2 ،‬وتتمظه‪DD‬ر ه‪D‬ذه الجريم‪DD‬ة أو فع‪D‬ل‬
‫اإلعاقة من ممارسة حق خاصة في المضايقات المس‪DD‬لطة على حري‪DD‬ة ح‪DD‬ق التمثي‪DD‬ل داخ‪DD‬ل المؤسس‪DD‬ة‪،‬‬
‫حيث أن طرد ممثل نقابي في ظروف غير قانونية يكون جريمة من‪DD‬ع‪ ،‬وتس‪DD‬تمر ه‪DD‬ذه الجريم‪DD‬ة طالم‪DD‬ا‬
‫ظل المؤجر على رفضه تنفيذ االلتزام‪ ،‬بإرج‪DD‬اع الممث‪DD‬ل النق‪DD‬ابي أو أح‪DD‬د أعض‪DD‬اء اللجن‪DD‬ة االستش‪DD‬ارية‬
‫للمؤسسة وهو ما ذهبت إليه صراحة ال‪DD‬دائرة الجنائي‪DD‬ة لمحكم‪DD‬ة التعقيب الفرنس‪DD‬ية ‪ 3‬في مجموع‪DD‬ة من‬
‫قراراتها ونتيجة لذلك اعتبرت هذه الدائرة ب‪DD‬أن ج‪DD‬زاء ه‪DD‬ذا المن‪DD‬ع ه‪DD‬و الس‪DD‬جن والخطي‪DD‬ة أو أح‪DD‬داهما‪،‬‬
‫ويمكن مضاعفتها عند العود‪.‬‬
‫و في الحقيقة يمكن إرجاع تشدد هذه ال‪DD‬دائرة في العقوب‪DD‬ات المس‪DD‬لطة على الم‪DD‬ؤجر في حال‪DD‬ة‬
‫طرد ممثل نقابي في ظروف غير قانونية إلى اقتناعها بتفوق مركز الممثل النقابي على بقية المراك‪DD‬ز‬
‫التعاقدية المترتبة عن عقد الشغل‪ .‬خاصة وأن هذا المركز لم يقع إقراره لحماية الممثل النقابي وح‪DD‬ده‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 93‬‬

‫ولكن لمصلحة مجموع العمال الذين يمثلهم وبذلك يكون حسب رأي الفقيه ‪ " J.M Verdier‬كل نزاع‬
‫يهم ممثال نقابيا هو نزاع جماعي في اآلن ذاته‪ ،‬كما له صبغة فردية " ‪.4‬‬
‫ولقد كان من نتائج هذا التصور للحق النقابي من قبل فقه القضاء الفرنسي‪ " ،‬تكريس حق اإلرجاع‬

‫_______________________‬

‫‪G. Lyon Caén, J Pélissier, A. supiot : Droit du travail, 17ème édition, Dalloz 1994, N°294- -1‬‬
‫‪.295, p267‬‬
‫‪ -2‬يقابل هذا المفهوم باللغة الفرنسية عبارة‪Délit d’entrave .‬‬
‫‪3 - Crim 28 Mai 1968, D 1968, p 471, cass. crim. 4 Avril 1995, D 1996, p399.‬‬
‫‪.Jean - Maurice Verdier : droit du travail, 9ème édition, Paris Dalloz 1993, p351 - 4‬‬

‫عند طرد الممثل النقابي بصفة مخالفة لمقتضيات هذا الحق من قب‪DD‬ل المش‪DD‬رع الفرنس‪DD‬ي ‪ 1‬ولكن وفي‬
‫اتجاه معاكس يظل الفصل ‪ 8‬من الدستور التونس‪D‬ي مقتص‪D‬را على مج‪D‬رد التص‪D‬ريح ب‪D‬الحق النق‪D‬ابي‪،‬‬
‫فح‪DD‬تى التنقيح‪DD‬ات األخ‪DD‬يرة المدخل‪DD‬ة على مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل‪ 2‬لم تس‪DD‬تطع تفعي‪DD‬ل ه‪DD‬ذا الح‪DD‬ق ب‪DD‬إقرار تقني‪DD‬ة‬
‫اإلرج‪DD‬اع‪ ،‬ب‪DD‬ل اقتص‪DD‬رت على مج‪DD‬رد منح ح‪DD‬ق األولوي‪DD‬ة في اإلبق‪DD‬اء‪ ،‬في ص‪DD‬ورة الط‪DD‬رد ألس‪DD‬باب‬
‫اقتصادية‪.‬‬
‫يتعين كما يبدو إلحداث تواصل بين النصوص التشريعية والقواعد الدستورية أن يعتم‪DD‬د فق‪DD‬ه‬
‫القضاء التونسي نظريتي غياب الوجه القانوني للتصرف والمنع من ممارسة الحق اللتين اعتم‪DD‬دهما‬
‫فقه القضاء الفرنسي إلقرار إرجاع العامل‪ ،‬وهو ما يفضي إلى تبني مبدأين ه‪DD‬امين أولهم‪DD‬ا اإلق‪DD‬رار‬
‫‪3‬‬
‫‪ Perrier‬وثانيهما بيان انتقال مشكل الحق النقابي ال‪DD‬ذي ط‪DD‬رح‬ ‫بأولوية الحق النقابي كما أكده قرار‬
‫‪4‬‬
‫سابقا بين النقابات والدولة إلى داخل المؤسسة‪.‬‬

‫ب – فكرة الحريات العامة وحق المواطنة‬


‫تتميز فكرة الحريات العامة وحق المواطنة بشمولية المس‪D‬تفيدين به‪DD‬ا وعلى ه‪D‬ذا األس‪D‬اس ال‬
‫يمكن اعتبارها خاصة فقط باألجراء فلكل فرد المطالبة بضمانها له‪.‬‬
‫ولعله لعمق وظيفة هذه الحريات ‪ 5‬ال يمكن مبدئيا للتعويض المالي مهما كان مبلغه أن يعتبر‬
‫الجزاء األمثل للضرر الذي يلحق األجير المطرود عند ممارستها‪ .‬وبالت‪DD‬الي فك‪DD‬ل ط‪DD‬رد ي‪DD‬رد بس‪DD‬بب‬
‫ممارسة إحدى الحريات والحقوق من المتجه أن يعتبر باطال بعنوان حماية ناجعة ‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 94‬‬

‫انطالقا إذا من هذا الفهم يرى الفقي‪DD‬ه ‪ G.Couturier‬بأن‪DD‬ه " من الممكن تقري‪DD‬ر بطالن الط‪DD‬رد‬
‫‪6‬‬
‫واعتباره غير شرعي عند مساسه بالحقوق األساسية ألجير وحرياته العامة‪" .‬‬
‫_____________________________________‬
‫‪ - 1‬يراجع الفصل ‪ 412‬أوال من مجلة الشغل الفرنسية‪ ،‬وكذلك المادة ‪ 66‬من قانون العمل المصري‪.‬‬
‫‪ – 2‬تنقيح ‪ 2‬أفريل ‪.2007‬‬
‫‪.Jean Maurice Verdier : op cit, p 201 - 3‬‬
‫‪.Jean savetier : L’activité syndical au niveau de l’Etat , Paris Sirey 1966, p229 - 4‬‬
‫‪ – 5‬حسن محمد عبدهللا عبد الحكيم‪ :‬الحري‪D‬ات العام‪D‬ة في الفك‪D‬ر والنظ‪D‬ام السياس‪D‬ي في اإلس‪D‬الم دراس‪D‬ة مقارن‪D‬ة جامع‪D‬ة عين‬
‫شمس‪ ،‬كلية الحقوق ‪ ،1974‬ص ‪.18‬‬
‫‪Gérard Couturier : La réintégration des salaires non spécialement protéges actualité -6‬‬
‫‪.ou perspective ? Droit Social, 1988‬‬

‫وهنا يمكن القول بأن التشريع الشغلي التونسي الذي تضمن أحكام‪DD‬ا حمائي‪DD‬ة‪ ،‬لكن‪DD‬ه يمكن في‬
‫واقع األمر المؤجر من وضع حد لعمل األجير عند ممارسة هذا األخير أح‪DD‬د حريات‪DD‬ه مقاب‪DD‬ل تمكين‪DD‬ه‬
‫من تعويض تنص عليه أحد قواعد هذا التشريع ال يمكن اعتب‪DD‬اره تش‪DD‬ريعا كافي‪DD‬ا ب‪DD‬النظر خاص‪DD‬ة إلى‬
‫المادة األولى من المعاهدة عدد ‪ 98‬لمنظمة العمل الدولية التي تعترف بأحقي‪DD‬ة األج‪DD‬راء في ممارس‪DD‬ة‬
‫الحريات األصلية المعترف بها لكل م‪D‬واطن ‪ ،‬ولئن اع‪D‬ترف ه‪D‬ذا التش‪DD‬ريع بأحقي‪DD‬ة األج‪D‬راء ب‪D‬التمتع‬
‫ببعض الحقوق والحريات ‪ 1‬إال أنه ال يكفي إقرار هذه الحريات بل يجب إحاطتها بض‪D‬مانات حمائي‪D‬ة‬
‫وهي التي تذهب أمام تبين قصور التعويض المالي إلى طلب تكريس حاالت اإلرجاع في هذا الشأن‬
‫صلب مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل التونس‪DD‬ية‪ ،‬ألن ذل‪DD‬ك اإلرج‪DD‬اع يض‪DD‬من اح‪DD‬ترام اعتب‪DD‬ارات أخالقي‪DD‬ة وأخ‪DD‬رى تهم‬
‫العدالة‪.‬‬
‫غير أنه ما يالحظ هنا أن المشرع التونسي قد تجاهل كل هذه االعتبارات‪ ،‬فال مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل‬
‫اعترفت باإلرجاع وال فقه القض‪DD‬اء أخ‪DD‬ذ المب‪DD‬ادرة‪ ،‬وعلى خالف ذل‪DD‬ك ك‪DD‬ان األم‪DD‬ر بالنس‪DD‬بة للمش‪DD‬رع‬
‫الفرنس‪DD‬ي‪ ،‬فلق‪DD‬د ورد في ذات الس‪DD‬ياق تقري‪DD‬را قدم‪DD‬ه وزي‪DD‬ر العم‪DD‬ل الفرنس‪DD‬ي ‪ .Auroux J‬إلى رئيس‬
‫الجمهورية الفرنسية في سبتمبر ‪ 1981‬ج‪D‬اء في‪D‬ه باعتب‪D‬ارهم مواط‪D‬نين داخ‪D‬ل ال‪D‬تراب الفرنس‪D‬ي ف‪D‬إن‬
‫‪2‬‬
‫العمال يجب أن يضلوا على هذه الصفة داخل المؤسسة أيضا‪" .‬‬
‫ه‪D‬ذا التمش‪DD‬ي أي‪DD‬ده ك‪D‬ذلك المجلس الدس‪DD‬توري ومحكم‪DD‬ة التعقيب بفرنس‪DD‬ا معت‪D‬برين أن‪DD‬ه يمكن‬
‫لإلقرار بكون البطالن مع إعادة الوضعية األصلية جائزان كلم‪D‬ا ك‪D‬ان هن‪D‬اك ح‪D‬ق أساس‪D‬ي موض‪D‬وع‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 95‬‬

‫تهديد من ب‪D‬اب أولي وأح‪D‬رى كلم‪D‬ا ك‪D‬ان هن‪D‬اك ط‪D‬رد حص‪D‬ل بس‪D‬بب الجنس أو األص‪D‬ل أو الوض‪D‬عية‬
‫العائلية أو ممارسة حق نقابي أو ممارسة حق اإلضراب‪...‬‬
‫ولعله بسبب هذا التوجه وكذلك االنتقادات الحادة التي وجهت له ‪ 3‬تراجع المش‪DD‬رع الفرنس‪DD‬ي‬
‫عن االكتفاء بجزاء التعسف لمعاقبة الطرد الواقع مثال بس‪DD‬بب اإلض‪DD‬راب وذل‪DD‬ك بإص‪DD‬دار ق‪DD‬انون ‪25‬‬
‫جويلية ‪ 1985‬عدد ‪ 772 D- 85‬لينص صلب الفصل ‪ 521‬فقرة ثانية على بطالن الطرد الواقع بسبب‬
‫اإلضراب واإلعادة إلى الوضعية األصلية‪.‬‬
‫_____________________‬
‫‪ - 1‬مثل حق التمثيل داخل المؤسسة‪ ،‬حق االجتماع‪ ،‬حق المشاركة في أرباح المؤسسة‪.‬‬
‫‪2 - Rapport sur les droits des travailleurs, la documentation Française, Paris Ferrier 1992.‬‬
‫‪.‬أوردة الطاهر بوعزيزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪55‬‬
‫‪3- Hélène Sinay, J.Claude Javillier : Traité de droit du travail, tome 6, 2ème édition,‬‬
‫‪Paris Dalloz 1984, N° 217, p307.‬‬
‫وفي نفس سياق السعي نحو حماي‪DD‬ة الحري‪DD‬ات العام‪DD‬ة عن‪DD‬د الط‪DD‬رد من العم‪DD‬ل بواس‪DD‬طة تقني‪DD‬ة‬
‫اإلرجاع الحظ الفقيه ‪ A-Supiot‬في مجال حرية التقاضي أنه " إذا كان قيام اإلج‪DD‬راء ل‪DD‬دى القض‪DD‬اء‬
‫للمطالبة بحقوقهم يعرضهم لفقدان وسائل وجودهم ( عملهم ) وإذا ما تواصل هذا الواقع دون إق‪DD‬رار‬
‫حل بطالن الطرد وإرجاع هؤالء المتقاضين (اإلجراء) إلى المؤسسة فإن ه‪DD‬ذا الح‪DD‬ق وك‪DD‬ل الحق‪DD‬وق‬
‫والحريات تصبح وجها يبدو ضاحكا لكنه في الحقيقة يبكي"‪ ،‬وهو ذات التصور ال‪DD‬ذي اخت‪DD‬اره الفق‪DD‬ه‬
‫والقضاء وكذلك التشريع في فرنسا في شان الحق النقابي‪.‬‬
‫وفي اتجاه تكريس وضمان حقوق المواطنة ذهب جانب من الفقه ‪ 1‬إلى حد اقتراح إبدال‬
‫مجلة الشغل بمجلة الديمقراطية االقتصادية‪ ،‬باعتب‪DD‬ار وأن مفه‪DD‬وم المواطن‪DD‬ة في ح‪DD‬د ذات‪DD‬ه يمكن أن‬
‫يكون سندا قويا لتكريس حق إرجاع العامل‪ ،‬خاصة وأن هذا المفه‪DD‬وم يرتب‪DD‬ط دائم‪DD‬ا ب‪DD‬إرادة ترك‪DD‬يز‬
‫نوع من الديمقراطية االقتصادية داخل المؤسسة وذلك بإعط‪DD‬اء مواط‪DD‬ني المؤسس‪DD‬ات ( األج‪DD‬راء )‬
‫بعض الحقوق إزاء صاحب السلطة داخل الجزء االجتماعي الذي تغطي‪DD‬ه المؤسس‪DD‬ة‪ ،‬فيجب إذا أن‬
‫ننقل إلى داخل المؤسسة نظام حقوق اإلنسان والمواطن التي تم تقريرها داخ‪DD‬ل المجتم‪DD‬ع السياس‪DD‬ي‬
‫وذلك بغرض بلوغ مرحلة‪ D‬ديمقراطية المؤسس‪DD‬ة أو المؤسس‪DD‬ة الديمقراطي‪DD‬ة كه‪DD‬دف أس‪DD‬مى للق‪DD‬انون‬
‫االجتم‪DD‬اعي بم‪DD‬ا ي‪DD‬دعو حس‪DD‬ب الفقي‪DD‬ه ‪ J.Pelissier‬إلى " إع‪DD‬ادة تفحص م‪DD‬دى نجاع‪DD‬ة الض‪DD‬مانات‬
‫القانونية الممنوحة للعم‪D‬ال ح‪D‬تى ال يتم الخل‪D‬ط بين ص‪D‬فة األج‪D‬ير الت‪D‬ابع لس‪D‬لطات رب العم‪D‬ل وبين‬
‫صفة المواطن الحر داخل المؤسس‪DD‬ة " وتتمث‪DD‬ل الحق‪DD‬وق المقص‪DD‬ودة في ه‪DD‬ذا االتج‪DD‬اه‪ D‬في تل‪DD‬ك ال‪DD‬تي‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 96‬‬

‫يمكن للم‪DD‬واطن أن يتمس‪DD‬ك به‪DD‬ا إزاء الس‪DD‬لطة العمومي‪DD‬ة وبالت‪DD‬الي يتج‪DD‬ه التمس‪DD‬ك به‪DD‬ا بنفس الجدي‪DD‬ة‬
‫لمواجهة سلطات رئيس المؤسسة ‪ 2‬وقد يقف مبدئيا‪ ،‬نقل هذه المف‪DD‬اهيم المعه‪DD‬ودة في الق‪DD‬انون الع‪DD‬ام‬
‫إلى عالقات القانون الخاص عند العقد الذي قيد بموجبه العامل حريته‪ ،‬لكن وجود عقد العم‪DD‬ل ه‪DD‬ذا‬
‫ال يمكن معه تصور تخلي الفرد عن حريته وحقوق‪D‬ه فوج‪D‬وده يؤك‪D‬د بعكس ذل‪DD‬ك العق‪DD‬د االجتم‪DD‬اعي‬
‫الذي تحدث عنه ‪. .J.J. Rousseau‬‬

‫________________‬
‫‪1-Antoine Jeammaud : Droit du travail 1988 des retournements Plus qu’une crise, Dr. Soc‬‬
‫‪1988, p583.‬‬
‫‪2- Jean Maurice Verdier : Liberté et travail, problème des droits de l’homme et rôle du‬‬
‫‪juge, Droit chronique1988, p63.‬‬

‫يتجه إذا تثمين الدور اإليجابي الذي لعبه الفقه وفقه القضاء المقارن في اتجاه‪ D‬دفع المش‪DD‬رع‬
‫إلى تقنين تقنية البطالن ومن ثمة إقرار إمكانية إرجاع العام‪DD‬ل إلى مرك‪DD‬ز عمل‪DD‬ه إذا ك‪DD‬ان تعرض‪DD‬ه‬
‫للطرد بسبب ممارسته ألحد الحريات المذكورة‪ .‬وهنا يندرج موقف فقه القضاء التونسي ال‪DD‬رافض‬
‫لبطالن الط‪DD‬رد في س‪DD‬ياق مث‪DD‬ير لالس‪DD‬تغراب والح‪DD‬يرة فبع‪DD‬د ك‪DD‬ل الث‪DD‬ورات ال‪DD‬تي عرفه‪DD‬ا ت‪DD‬اريخ‬
‫الحضارات‪ D‬اإلنسانية من أجل هذه الحريات الزال يالحظ بعض التج‪DD‬اوزات له‪DD‬ا‪ ،‬وهي تج‪DD‬اوزات‬
‫يتحمل فيها األجراء الجزء األكبر مع أنها غير مجدية من وجهة اقتصادية‪ ،‬وهو موقف يعمق ذلك‬
‫التساؤل‪ .‬كيف اس‪D‬تطاع اإلعالن الع‪DD‬المي لحق‪DD‬وق اإلنس‪DD‬ان ال‪DD‬ذي يوص‪DD‬ف بكون‪DD‬ه تقري‪DD‬ر للحري‪DD‬ات‬
‫العامة للمواطن بأن يتفاعل ويتصالح في منتصف الق‪DD‬رن العش‪DD‬رين م‪DD‬ع تبعي‪DD‬ة وخض‪DD‬وع األج‪DD‬راء‬
‫لرؤساء المؤسسات وهي التبعية التي تعكس مظهر هيمنة اإلنسان على اإلنسان ؟‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 97‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التخلف عن توجه التشريع المقارن‬

‫رغم ما يحققه إرجاع العامل المطرود لسالف عمله من ضمان لالستقرار األجير‪ ،‬فإن هذا‬
‫الضمان بدا غائبا في تشريعنا الشغلي حتى في الحاالت االستثنائية التي أقر فيها المشرع اإلرجاع‬
‫ذلك أن جزاء مخالفة هذه الحاالت ال يعدو إال دفع تعويضات مالية رغم كل ما يتسبب فيه من مس‬
‫بحق األجير في البقاء في مركز عمله‪.‬‬
‫وبعدم إقراره لحق رجوع العامل لعمله المطرود منه يكون المشرع التونسي قد تخلف عن‬
‫توج‪DD‬ه المش‪DD‬رعين اآلخ‪DD‬رين‪ .‬فالمش‪DD‬رع األلم‪DD‬اني‪ 1‬مثال أوجب أن يك‪DD‬ون الط‪DD‬رد م‪DD‬بررا اجتماعي‪DD‬ا‪،‬‬
‫باالعتماد على الوضعية العائلية لألجير المطرود فإذا انتفى هذا الشرط يعت‪DD‬بر الط‪DD‬رد ب‪DD‬اطال ومن‬
‫ثمة يخول لألجير حق إعادة اإلدماج بالمؤسسة المؤجرة مع االحتفاظ بكامل حقوقه المكتسبة‪.‬‬
‫أم‪DD‬ا في فرنس‪DD‬ا فباإلض‪DD‬افة إلى ال‪DD‬دور اإليج‪DD‬ابي ال‪DD‬ذي لعب‪DD‬ه الفق‪DD‬ه وفق‪DD‬ه القض‪DD‬اء ‪ 2‬في دف‪DD‬ع‬
‫المش‪DD‬رع الفرنس‪DD‬ي إلى األخ‪DD‬ذ بنظري‪DD‬ة البطالن‪ ،‬إال أن‪DD‬ه ال يمكن أن نتغاف‪DD‬ل على حقيق‪DD‬ة وج‪DD‬ود‬
‫مجموع‪DD‬ة من النص‪DD‬وص تم إق‪DD‬رار ج‪DD‬زاء اإلرج‪DD‬اع بمقتض‪DD‬اها‪ .‬فمثال أق‪DD‬ر الفص‪DD‬ل ‪ 8-122‬ج‪DD‬زاء‬
‫إرجاع العامل الذي غادر عمله لألداء الخدمة العسكرية كما أقر الفصل ‪ 12 - 321‬بطالن الطرد‬
‫لألسباب اقتصادية وفنية‪ ،‬كذلك وقع تكريس هذه النظرية ضمن حاالت أخرى من ضمنها ح‪DD‬االت‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 98‬‬

‫الطرد الغير مبرر بالفصل ‪ 14-122‬فقرة‪ D‬رابعة وبمقتضى الفصل ‪ 25-122‬فقرة‪ D‬ثانية بخص‪DD‬وص‬
‫المرأة التي أطردت بس‪DD‬بب الحم‪DD‬ل وبالفص‪DD‬لين ‪ 15- 412‬و‪ 1-436‬المتعلقين بط‪DD‬رد ممثلي العمل‪DD‬ة‬
‫دون اعتبار لإلجراءات القانونية‪.‬‬
‫وفي قراءة لموقف فقه القضاء الفرنسي عموما من مسألة اإلرجاع نالحظ أنه يفرق بين‬
‫حالتين‪.‬‬

‫_____________‬
‫‪ - 1‬يراجع قوانين ‪ 10‬أوت ‪ 25 ،1951‬أوت ‪ 1969‬و‪ 15‬جانفي ‪ 1972‬من التشريع الشغلي األلماني‪.‬‬
‫‪ - 2‬يراجع الفقرة األولى من هذا المبحث‪.‬‬
‫‪ -‬يراجع خاصة قرار ‪ Detoeuf‬الصادر عن الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب الفرنسية في ‪ 25‬أكتوبر ‪.1968‬‬
‫‪- Cass social, 30 Juin 2004, Dr social N° 3, mars 2005.‬‬

‫‪ -‬حالة األجير المتمتع بحماية قانونية أي الذي ال يشترط عند طرده إتباع إجراءات شكلية معينة‪ ،‬إذ‬
‫يحصل على حقه‪ D‬في اإلرجاع بمقتض‪DD‬ى نص الق‪DD‬انون‪ ،‬وبن‪DD‬اء على تأس‪DD‬يس الط‪DD‬رد على س‪DD‬بب غ‪DD‬ير‬
‫مبرر إذ يمكن للمحكمة‪ D‬الحكم بإرجاع العامل واقتراح مثل هذا الجزاء‪ ،‬وعن‪DD‬د رفض الم‪DD‬ؤجر يحكم‬
‫له بالتعويض‪.‬‬
‫‪ -‬أما في حالة األجير المتمتع بحماية خاصة كممثل العمال أو النواب النقابيين أو المرأة الحامل ففي‬
‫هذه الحالة‪ D‬يمكن للقاضي الحكم بإرجاع األجير لمركز عمله وذل‪DD‬ك بع‪DD‬د الحكم ببطالن الط‪DD‬رد ح‪DD‬تى‬
‫في صورة رفض المؤجر لذلك‪.‬‬
‫وقد برر فقه القضاء موقفه هذا على أساس الحماية الخاصة التي يحظى بها هذا الصنف من‬
‫العمال‪ ،‬حيث أن‪DD‬ه يمكن لهم اللج‪DD‬وء إلى القض‪DD‬اء اإلس‪DD‬تعجالي لطلب اإلرج‪DD‬اع إذ يمكن للمحكم‪DD‬ة أن‬
‫توفر ص‪DD‬فة التأك‪DD‬د واتخ‪DD‬اذ اإلرج‪DD‬اع " كوس‪DD‬يلة وقتي‪DD‬ة " وذل‪DD‬ك في انتظ‪DD‬ار التثبت من مس‪DD‬ألة بطالن‬
‫اإلجراءات من عدمها من طرف قاضي األصل‪ ،‬فالطرد في مثل هذه الحالة يعتبر بمثاب‪DD‬ة " الش‪DD‬غب‬
‫الغ‪DD‬ير المش‪DD‬روع الص‪DD‬ادر من الم‪DD‬ؤجر ال‪DD‬ذي أراد أن يطب‪DD‬ق الق‪DD‬انون بمف‪DD‬رده وم‪DD‬ا ت‪DD‬دخل القاض‪DD‬ي‬
‫‪1‬‬
‫اإلستعجالي إال لإليقاف الشغب حاال واإلذن وقتيا بإرجاع العامل إلى مركز عمله‪.‬‬
‫ومن جانبه أقر المشرع األردني صراحة إرجاع العامل إلى عمله وذلك في جمي‪DD‬ع الح‪DD‬االت‬
‫التي يكون فيها الفصل تعسفيا ومخالفا ألحكام قانون العمل‪ ،‬فقد جاء بالمادة ‪ 25‬من ه‪DD‬ذا الق‪DD‬انون م‪DD‬ا‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 99‬‬

‫يلي " إذا تبين للمحكمة المختصة في دع‪D‬وى أقامه‪D‬ا‪ D‬العام‪D‬ل خالل س‪D‬تين يوم‪D‬ا من ت‪D‬اريخ فص‪D‬له أن‬
‫الفصل كان تعسفيا ومخالفا ألحكام ه‪D‬ذا الق‪DD‬انون ج‪D‬از‪ D‬له‪DD‬ا إص‪D‬دار أم‪D‬را إلى ص‪DD‬احب العم‪D‬ل بإع‪DD‬ادة‬
‫العامل إلى عمله األص‪DD‬لي أو ب‪DD‬دفع تع‪DD‬ويض ل‪DD‬ه باإلض‪DD‬افة إلى ب‪DD‬دل اإلش‪DD‬عار واس‪DD‬تحقاقاته األخ‪DD‬رى‬
‫‪2‬‬
‫المنصوص عليها في المادتين ( ‪ 32‬و‪ ) 33‬من هذا القانون‪".‬‬

‫_______________________‬
‫‪Gérard couturier : annuler les actes illicites la réintégration obligatoire, Dr. Ed. Ferrier -1‬‬
‫‪.1988, p133‬‬
‫‪ – 2‬نفس التوجه اتخاذه المشرع المصري‪ ،‬فقد كان ينص في المادة ‪ 6 D/ 75‬قديم‪D‬ة على إمكاني‪D‬ة اإلرج‪D‬اع ولكن في حال‪D‬ة‬
‫وحيدة وهي حالة الفصل لألسباب نقابية‪.‬‬

‫وبناء عليه يفرق المشرع األردني بين حالتين من الفصل تستوجبان الحكم بإرج‪DD‬اع العام‪DD‬ل‪،‬‬
‫فمن جهة نجد الفصل من دون وجود سبب قانوني ومن جهة ثانية الفصل لعدم احترام اإلجراءات‪.‬‬
‫وقد عددت المادة ‪ 27‬بعض هذه الحاالت‪ ،‬من ذلك حالة إنهاء عقد العمل المح‪DD‬دد الم‪DD‬دة قب‪DD‬ل‬
‫انتهاء مدت‪DD‬ه ودون س‪DD‬بب‪ ،‬كم‪DD‬ا يعت‪DD‬بر تعس‪DD‬فيا فص‪DD‬ل العام‪DD‬ل بس‪DD‬بب تقدم‪DD‬ه بش‪DD‬كاوى ومطالب‪DD‬ات إلى‬
‫الجهات المختصة والمتعلقة بتطبيق قانون العمل‪.‬‬
‫يمكن الق‪DD‬ول إذا من خالل ك‪DD‬ل م‪DD‬ا تق‪DD‬دم أن ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل التونس‪DD‬ي بع‪DD‬دم مواكبت‪DD‬ه لك‪DD‬ل ه‪DD‬ذه‬
‫التشريعات سواء الغربية أو العربية لح‪DD‬ق األج‪DD‬ير في الرج‪DD‬وع إلى مرك‪DD‬ز عمل‪DD‬ه ال‪DD‬ذي أط‪DD‬رد من‪DD‬ه‪.‬‬
‫يكون قد قدم لنا دليال إضافيا على تراجعه عن حماية األجير ولعله بمثل ه‪DD‬ذا الموق‪DD‬ف أراد المش‪DD‬رع‬
‫أن تبقى قرارات المؤجر نافذة حتى لو كانت غير شرعية وذلك اعترافا من‪DD‬ه له‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير بحق‪DD‬ه في‬
‫أن يتحلل من أي رابطة عقدية ال يرغب في أن يواصل البقاء فيها‪ ،‬وكذلك بحقه في أن يكون الحاكم‬
‫الوحيد داخل المؤسسة ليقرر ما يتفق مع مصلحتها‪.‬‬
‫وحتى إذا ما نظرنا إلى رفض المشرع إلقرار ه‪D‬ذه التقني‪D‬ة من زاوي‪DD‬ة س‪DD‬عيه إلى تف‪D‬ادي ك‪D‬ل‬
‫مواجهة يمكن أن تحصل بين المؤجر واألجير الذي تم إرجاعه باعتبار قيام العالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية على‬
‫عنصر االعتبار الشخصي‪ ،‬فإن هذا التبرير وإن كان مقبوال في إطار النظم االقتصادية القديمة التي‬
‫كانت تقوم على مؤسسات ص‪D‬غرى يك‪D‬ون فيه‪D‬ا االحتك‪D‬اك بين ط‪D‬رفي العالق‪D‬ة الش‪D‬غلية كب‪D‬يرا نظ‪D‬را‬
‫لصغـــر حجم المؤسسـة االقتصادي وقلة ع‪D‬دد اإلج‪D‬راء فيه‪D‬ا‪ ،‬إال أن‪D‬ه لم يع‪D‬د مقنع‪D‬ا في ظ‪D‬ل الواق‪D‬ع‬
‫الجديد لالقتصاد التونسي تتطور أساليب العمل واإلنتاج وتشعب هيكل‪D‬ة المؤسس‪D‬ات وتع‪D‬دد فروعه‪D‬ا‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 100‬‬

‫أص‪DD‬بحت تمث‪DD‬ل ع‪DD‬ازال يمن‪DD‬ع غالب‪DD‬ا وج‪DD‬ود أي ص‪DD‬لة مباش‪DD‬رة بين األج‪DD‬ير والم‪DD‬ؤجر‪ ،‬فاالقتص‪DD‬اديات‬
‫الحديثة تقوم على مؤسسات كبرى تتباعد الصلة بين أصحابها واألجراء ويتض‪DD‬اءل معه‪DD‬ا االتص‪DD‬ال‬
‫‪1‬‬
‫المباشر والمستمر بينها‪.‬‬

‫_______________________‬
‫‪ – 1‬مصطفى محمد الجمال ‪ :‬اإلنهاء غير المشروع لعالقات العمل محاولة لتأهيل األجراء‪ ،‬بيروت ‪ ،1970‬ص ‪.84‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬تكريس نظام تعويض نقدي مسقف عن الطرد التعسفي‬

‫لقد شكل ارتفاع تكلفة الطرد أحد أهم العوامل األساسية ال‪DD‬تي جعلت الم‪DD‬ؤجرين يع‪DD‬دلون عن‬
‫ممارسته‪ ،‬وفي المقابل مثلت هذه الكلفة المرتفعة وسيلة ناجعة النتف‪DD‬اع األج‪DD‬ير بحق‪DD‬ه في االس‪DD‬تقرار‬
‫بالعمل‪ ،‬إلى أن جاء تدخل المشرع بمقتض‪DD‬ى تنقيح ‪ 21‬فيف‪D‬ري ‪ ،1994‬وق‪D‬ام بتحدي‪D‬د س‪DD‬قف لمختل‪DD‬ف‬
‫الغرامات والمنح المنجرة عن هذا الطرد‪ ،‬حيث بات واض‪DD‬حا أن ه‪DD‬ذا التس‪DD‬قيف ق‪DD‬د حم‪DD‬ل في طيات‪DD‬ه‬
‫مسا بحقوق األجراء باعتباره أتاح للمؤجرين أوفر اإلمكانيات لاللتجاء إلى الط‪DD‬رد‪ ،‬وه‪DD‬ذا م‪DD‬ا س‪DD‬يقع‬
‫بيانه من خالل التعرض إلى محتوى هذا التس‪DD‬قيف (المبحث األول ) وم‪D‬ا انج‪D‬ر عن‪D‬ه من انعكاس‪DD‬ات‬
‫سلبية ( المبحث الثاني ) ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬محتوى التسقيف‪.‬‬


‫يستحق األجير المطرود تعسفيا حسب م‪DD‬ا ج‪DD‬اء بالفص‪DD‬ل ‪ 23‬جدي‪DD‬د م ش منح‪DD‬ة ع‪DD‬دم اإلعالم‬
‫بالطرد ومكافأة نهاية الخدمة وغرامة مستقلة عنهما يطلق عليها غرامة الطرد التعس‪DD‬في‪ 1،‬وفي ه‪DD‬ذا‬
‫اإلطار‪ .‬يمكن تقسيم مختلف هذه المنح والغرامات بحسب نوع هذا الط‪DD‬رد إن ك‪DD‬ان لعيب في الش‪DD‬كل‬
‫( الفقرة األولى ) أو لعيب في األصل ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الطرد التعسفي لعيب في الشكل‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 101‬‬

‫يقصد بالطرد التعسفي لعيب في الشكل عدم اح‪DD‬ترام الم‪DD‬ؤجر لمختل‪DD‬ف اإلج‪DD‬راءات الش‪DD‬كلية‬
‫الواجب إتباعها قبل طرد األجير وتبعا لذلك يستحق ه‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير منح‪DD‬ة ع‪DD‬دم اإلعالم ب‪DD‬الطرد ( أ )‪،‬‬
‫وكذلك غرامة الطرد التعسفي لعدم احترام اإلجراءات ( ب )‪.‬‬

‫أ – منحة عدم اإلعالم بالطرد‬


‫تسند هذه المنحة إلى العامل الذي أطرد من عمله دون أن يتلقى إعالما مس‪DD‬بقا لإلنه‪DD‬اء عق‪DD‬د‬
‫الشغل من قبل المؤجر‪.‬‬
‫____________________‬
‫‪ – 1‬تجدر اإلشارة هنا أنه يمكن الجمع بين مختلف هذه المنح والغرامات إذا توفر شروط ك‪DD‬ل واح‪DD‬دة منه‪DD‬ا مثلم‪DD‬ا ذهبت إلى‬
‫ذلك محكمة التعقيب في العديد‪ D‬من قراراتها‪.‬‬
‫‪ -‬يراجع في هذا اإلطار مثال القرار التعقيبي المدني عدد ‪،13686‬المؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪ ،1986‬نشرية م‪ .‬ت ج ‪ ،2‬ص ‪.44‬‬

‫فقد أوجب الفصل ‪ 14‬مكرر م ش على طرفي عقد الشغل إذ أراد أحدهما قطع‪DD‬ه من ج‪DD‬انب‬
‫واحد اإلعالم بالطرد برس‪DD‬الة مض‪DD‬مونة الوص‪DD‬ول في أج‪DD‬ل ال يق‪DD‬ل عن ش‪DD‬هر من إنه‪DD‬اء العق‪DD‬د ‪ ،‬أم‪DD‬ا‬
‫الفصل ‪ 16‬من االتفاقية اإلطاري‪DD‬ة المش‪DD‬تركة نص على أن أج‪DD‬ل اإلعالم بإنه‪DD‬اء العم‪DD‬ل يق‪DD‬ع ض‪DD‬بطه‬
‫بالنسبة لك‪DD‬ل ف‪DD‬رع من ف‪DD‬روع النش‪DD‬اط ض‪DD‬من االتفاقي‪DD‬ات الجماعي‪DD‬ة الخصوص‪DD‬ية وإن فق‪DD‬دت فحس‪DD‬ب‬
‫التشريع الجاري به العمل وباإلطالع على العدي‪DD‬د من االتفاقي‪DD‬ات المش‪DD‬تركة القطاعي‪DD‬ة نج‪DD‬د أن أج‪DD‬ل‬
‫اإلعالم ب‪DD‬الطرد ت‪DD‬تراوح بين ش‪DD‬هر وثالث‪DD‬ة أش‪DD‬هر فبالنس‪DD‬بة لعمل‪DD‬ة التنفي‪DD‬ذ ش‪DD‬هر وبالنس‪DD‬بة للعمل‪DD‬ة‬
‫المختصين شهران وبالنسبة لإلطارات‪ D‬ثالثة أشهر ‪.‬‬
‫إن مختلف هذه النصوص القانونية ت‪DD‬ؤطر ش‪D‬كل الط‪DD‬رد ض‪DD‬من االل‪D‬تزام بش‪D‬كلية معين‪DD‬ة هي‬
‫‪1‬‬
‫االلتزام باإلعالم " فشكل الطرد منظم قانونا بواسطة اإلعالم "‬
‫وفي الحقيقة إن الغاية من هذا اإلعالم المسبق هي باألساس تجنب القط‪DD‬ع المف‪DD‬اجئ‪ D‬للعالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية‬
‫وذلك بتمكين العامل من البحث عن عمل جديد في أحسن الظروف باعتباره مرخص ل‪DD‬ه في التغيب‬
‫كامل النصف الثاني من أجل اإلعالم للبحث عن عمل جديد ‪.‬‬
‫ولكن الالفت النتباه في هذا اإلط‪DD‬ار أن الفص‪DD‬ل ‪ 16‬إ‪.‬إ‪.‬م المش‪DD‬ار إلي‪DD‬ه ق‪DD‬د ق‪DD‬ام بوض‪DD‬ع س‪DD‬قف‬
‫معين لمقدار هذه المنحة حيث نص على أنه في صورة عدم مراعاة واجب أجل اإلعالم فإن األجير‬
‫يستحق منحة تساوي األجر الفعلي المقابل لمدة أجل اإلعالم ‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 102‬‬

‫ويتضح من خالل عبارات ه‪D‬ذا الفص‪D‬ل أن ه‪D‬ذه المنح‪D‬ة ال يمكن أن تزي‪D‬د عن األج‪D‬ر الفعلي‬
‫المساوي لمدة أجل اإلعالم‪ ،‬وإذا أخذنا بعين االعتبار أن مدة أجل اإلعالم حسب م‪DD‬ا وقعت اإلش‪DD‬ارة‬
‫إلى ذلك محددة بشهر واحد حسب النص العام فإن مبلغ هذه المنحة يكون مساويا ألجر ش‪DD‬هر عم‪DD‬ل‪.‬‬
‫وهو ما يجعل منها منحة ذات قيمة مالية ضعيفة وتافه‪DD‬ة خاص‪DD‬ة إذا أخ‪DD‬ذنا بعين االعتب‪DD‬ار المس‪DD‬توى‬
‫‪2‬‬
‫المتدني ألجور نتيجة ضعف األجر األدنى الصناعي المضمون‪.‬‬

‫_____________________‬
‫‪ – 1‬المنجي طرشونة ‪ " :‬القانون الجديد للطرد " الجديد في تنقيح مجلة الشغل‪ ،‬الجمعية التونسية للمحامين الش‪DD‬بان‪ ،‬أعم‪DD‬ال‬
‫الندوة المنعقدة في ‪.1994 /01 / 20‬‬
‫‪ – 2‬عادل النقاش‪" :‬التعويض عن الفصل التعسيفي في م‪DD‬ادة الش‪DD‬غل"‪ ،‬ملتقى ح‪DD‬ول الجدي‪DD‬د في تنقيح ‪ 1994‬لمجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل‪،‬‬

‫أعمال الدورة المنعقدة للجمعية التونسية للمحامين الشبان في ‪ ،1994 / 04 / 29‬ص ‪.82‬‬

‫و على هذا األساس فإن ضعف قيمة ه‪DD‬ذه المنح‪DD‬ة ال يمكن ب‪DD‬أي ح‪DD‬ال من األح‪DD‬وال أن تحمي‬
‫األجير من إمكانية القطع الفوري لعقد شغله‪.‬‬
‫يضاف إلى ما سبق بيانه أن األجير يمكن أن يحرم من هذه المنحة في صورة ارتكابه لخطأ‬
‫فادح خاصة في ظل عدم وضع المشرع لمفهوم واضح لهذا الخط‪DD‬أ‪ ،‬وك‪DD‬ذلك في ص‪DD‬ورة إنه‪DD‬اء عق‪DD‬د‬
‫الشغل بموجب القوة القاهرة ‪ 1‬وهو ما يتضافر مع ضعف القيمة المالية لهذه المنحة ليتأك‪DD‬د لن‪DD‬ا معه‪DD‬ا‬
‫محدودية دورها في حماية األجير‪.‬‬

‫ب – غرامة الطرد التعسفي لعدم احترام اإلجراءات‬


‫لم يكن المشرع بالفصل ‪ 23‬قديم من م ش يفرق بين الطرد الواقع لع‪DD‬دم وج‪DD‬ود س‪DD‬بب حقيقي‬
‫وجدي يبرره والطرد لعدم احترام اإلجراءات‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد كان التعويض في مادة الطرد‬
‫التعسفي يخضع لنفس االعتبارات فكلما تبين للقاضي الشغلي أن المؤجر قد خرق إحدى اإلجراءات‬
‫القانونية أو الترتيبية أو التعاقدية‪ ،‬فإنه يصرح بأن الطرد يكتس‪DD‬ي ص‪DD‬بغة تعس‪DD‬فية ويجته‪DD‬د بن‪DD‬اء على‬
‫ذلك في تحديد غرامة الطرد التعسفي التي عادة ما يكون مقدارها مماث‪DD‬ل لحال‪DD‬ة الط‪DD‬رد لع‪DD‬دم وج‪DD‬ود‬
‫سبب حقيقي وجدي‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 103‬‬

‫إال أن هذا األمر لم يعد ممكنا بمقتضى التنقيح الجديد لمجلة الشغل إذ ورد بالفقرة‪ D‬الثاني‪D‬ة من‬
‫الفصل ‪ 23‬مكرر م‪.‬ش " ‪ ...‬في الحالة‪ D‬التي تبين فيه‪DD‬ا أن الط‪DD‬رد وق‪D‬ع لوج‪DD‬ود س‪DD‬بب حقيقي وج‪DD‬دي‬
‫ولكن دون احترام اإلجراءات القانونية أو التعاقدية فإن مقدار الغرامة يتراوح بين أجر ش‪DD‬هر وأج‪DD‬ر‬
‫أربعة أشهر ويقع تقدير الغرامة حسب طبيعة اإلجراءات وتأثيرها على حقوق العامل‪".‬‬
‫وهك‪DD‬ذا أص‪DD‬بح الم‪DD‬ؤجر في م‪DD‬أمن من التع‪DD‬رض ل‪DD‬دفع غرام‪DD‬ات مرتفع‪DD‬ة في ص‪DD‬ورة ع‪DD‬دم‬
‫احترامه لإلجراءات كما أنه أصبح يدرك منذ البداية أن خرق هذه اإلجراءات سوف لن يكلف‪DD‬ه أك‪DD‬ثر‬
‫من أجر أربعة أشهر في أقصى الحاالت‪.2‬‬
‫تبدو نية المشرع واضحة من خالل إفراد الطرد التعسفي لع‪DD‬دم اح‪DD‬ترام اإلج‪DD‬راءات بغرام‪DD‬ة‬
‫مستقلة‪ .‬وذلك في إطار محاولة التخفيف قـدر اإلمكان من األعباء المالية التـــي تتحملها المؤسســـة‬
‫_______________________‬
‫‪ –1‬انظر الفصل ‪ 37‬إ‪.‬إ‪.‬م ‪.‬‬
‫‪ – 2‬قرار تعقيبي مدني عدد‪ ،52491‬مؤرخ في ‪ 6‬ماي ‪ .1996‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫ولكن وإن كان هذا التوجه يبدو في حد ذاته منطقيا باعتبار ان‪DD‬ه من غ‪DD‬ير المعق‪DD‬ول أن تك‪DD‬ون‬
‫قيمة هذه الغرامة مساوية لقيمة غرامة الطرد التعسفي لعدم وج‪DD‬ود س‪DD‬بب حقيقي وج‪DD‬دي إال أن ذل‪DD‬ك‬
‫من شأنه أن ي‪D‬ؤدي إلى إف‪D‬راغ ه‪D‬ذه اإلج‪D‬راءات ال‪D‬تي هي في األص‪D‬ل ذات ط‪D‬ابع حم‪D‬ائي من ه‪D‬دفها‬
‫ومحتواها ويشجع المؤجر بالتالي على عدم إعطائها أهمي‪DD‬ة كب‪DD‬يرة إذا ك‪DD‬ان متأك‪DD‬دا من وج‪DD‬ود س‪DD‬بب‬
‫حقيقي وجدي بما أن الغرامة التي سيدفعها من أج‪D‬ل ع‪D‬دم اح‪D‬ترام ه‪D‬ذه اإلج‪D‬راءات ال تتج‪D‬اوز أج‪D‬ر‬
‫‪1‬‬
‫أربعة أشهر‪.‬‬
‫فبمقتضى هذه القيمة المالية المحددة والضعيفة أصبح بامكان الم‪DD‬ؤجر مثال أن يط‪DD‬رد عملت‪DD‬ه‬
‫دون أخذ رأي مجلس التأديب ( في صورة الطرد التأديبي ) أو دون انتظار رأي لجنة مراقبة الطرد‬
‫( في صورة الطرد ألسباب اقتص‪DD‬ادية وفني‪DD‬ة ) باعتب‪DD‬ار أن مبل‪DD‬غ الغرام‪DD‬ة المس‪DD‬توجبة في مث‪DD‬ل ه‪DD‬ذه‬
‫الحالة‪ D‬األخيرة سوف يكون أقل بكثير من المبلغ الجملي لألجور الذي سيدفعه للعمال نتيج‪DD‬ة إبق‪DD‬اءهم‬
‫في حالة مباشرة إلى حين صدور رأي اللجنة المذكورة‪.‬‬
‫وفي مقابل ضبط المشرع لسقف هذه الغرامة بأربعة أشهر كحد أقصى عن‪DD‬دما يتعل‪DD‬ق األم‪DD‬ر‬
‫بطرد تعسفي يمارسه المؤجر من دون احترام اإلجراءات‪ ،‬فإنه سكت عن ض‪DD‬بط مق‪DD‬دارها إذا تعل‪DD‬ق‬
‫األمر بقطع تعسفي يمارسه األجير ( أي دون احترام إجراءات اإلعالم المسبق )‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 104‬‬

‫وتبعا لذلك يرى أحد الفقهاء ‪ 2‬أنه في كال حالتي القطع التعسفي لعقد الشغل المحدد المدة أو‬
‫غير مح‪D‬دد الم‪D‬دة يس‪D‬تطيع الم‪D‬ؤجر تأس‪D‬يس دع‪D‬واه في التع‪D‬ويض بن‪D‬اء على قواع‪D‬د الق‪D‬انون الم‪D‬دني‬
‫وخاصة منها قاعدة الفصل ‪ 278‬م‪ .‬إ‪.‬ع التي تقر بتعويض عادل وكامل أي التعويض الذي يتماش‪DD‬ى‬
‫قيمته مع قيمة الضرر الحاصل‪.‬‬
‫وهو ما يتأكد لنا معه تراجع المشرع الض‪DD‬مني عن حماي‪DD‬ة األج‪DD‬ير وانحي‪DD‬ازه لفائ‪DD‬دة الم‪DD‬ؤجر‬
‫باعتبار أنه من ناحية يقر للعامل بسقف أربعة أشهر كح‪DD‬د أقص‪DD‬ى للتع‪DD‬ويض ال يمكن تج‪DD‬اوزه مهم‪DD‬ا‬
‫بلغت قيمة الضرر الفعلي‪ ،‬ومن ناحية أخ‪D‬رى يس‪D‬مح للم‪D‬ؤجر باالس‪D‬تناد إلى قواع‪D‬د الق‪DD‬انون الم‪D‬دني‬
‫وبالتالي إمكانية الحصول على تعويض عادل‪.‬‬

‫________________________‬
‫‪ - 1‬حاف‪DD‬ظ العم‪DD‬وري‪ " :‬التوفي‪DD‬ق بين مص‪DD‬الح األج‪DD‬ير والمؤسس‪DD‬ة ومتطلب‪DD‬ات الوض‪DD‬ع االقتص‪DD‬ادي "‪ ،‬جري‪DD‬دة الص‪DD‬باح لي‪DD‬وم‬
‫‪.1994 / 03 / 29‬‬
‫‪ - 2‬عصام األحمر‪ :‬إشكاالت في نزاعات الشغل‪ ،‬مرجع مذكور‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطرد التعسفي لعيب في األصل‬

‫المقصود ب‪DD‬الطرد التعس‪DD‬في لعيب في األص‪DD‬ل ه‪DD‬و ع‪DD‬دم مش‪DD‬روعية الط‪DD‬رد ح‪DD‬تى وإن اح‪DD‬ترم‬
‫المؤجر جملة اإلجراءات الواجب إتباعها ويحق ألجير في هذه الحالة المطالبة بغرام‪D‬ة الط‪D‬رد لع‪D‬دم‬
‫وجود سبب حقيقي وجدي ( أ ) وكذلك مكافأة نهاية الخدمة ( ب)‪.‬‬

‫‪ -1‬غرامة الطرد التعسفي لعدم وجود سبب حقيقي وجدي‬


‫جاء بالفقرة‪ D‬األولى من الفصل ‪ 23‬مكرر جديد من م ش أنه " يقع جبر الضرر في حالة الط‪DD‬رد‬
‫التعسفي بغرامة يتراوح مقدارها بين أجر شهر وأجر شهرين عن ك‪DD‬ل س‪DD‬نة أقدمي‪DD‬ة بالمؤسس‪DD‬ة على‬
‫أن ال تتجاوز هذه الغرامة في جميع الحاالت أجر ثالث سنوات‪"...‬‬
‫إن المتأمل في مقتضيات هذا الفصل المتعلق بتحديد مبلغ غرامة الط‪DD‬رد التعس‪DD‬في في عق‪DD‬ود‬
‫الش‪DD‬غل الغ‪DD‬ير مح‪DD‬ددة الم‪DD‬دة بالمقارن ‪D‬ة‪ D‬م‪DD‬ع نفس الفص‪DD‬ل قب‪DD‬ل تنقيح ‪ 1994‬يالح‪DD‬ظ أن ه‪DD‬ذه الغرام‪DD‬ة‬
‫أصبحت تقدر بحد أدنى يتراوح بين أجر شهر وأجر ش‪D‬هرين عن ك‪DD‬ل س‪DD‬نة أقدمي‪DD‬ة بالمؤسس‪DD‬ة وح‪DD‬د‬
‫أقصى ال يمكن أن تتج‪DD‬اوز في‪DD‬ه ه‪DD‬ذه الغرام‪DD‬ة أج‪DD‬ر ثالث س‪DD‬نوات وذل‪DD‬ك مهم‪DD‬ا ك‪DD‬انت قيم‪DD‬ة الض‪DD‬رر‬
‫الحاصل ألجير من جراء هذا الطرد‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 105‬‬

‫وهو ما يتنافى مع مب‪DD‬دأ التع‪DD‬ويض الع‪DD‬ادل ال‪DD‬ذي ال يمكن أن يتحق‪DD‬ق إال إذا وج‪DD‬د تناس‪DD‬ب بين‬
‫قيمة الضرر ومبلغ التعويض ولهذا يمكن الق‪D‬ول ب‪D‬أن ه‪D‬ذا التحدي‪D‬د لمبل‪D‬غ التع‪D‬ويض بين ح‪D‬دين أدنى‬
‫وأعلى‪ .‬يمثل مظهرا من مظاهر تراجع النزعة الحمائية لقانون الشغل في ه‪DD‬ذا المج‪DD‬ال‪ ،‬باعتب‪DD‬ار أن‬
‫الطرد التعسفي أصبح ال يخضع لمعايير التعويض المقررة‪ D‬بالفصل ‪ 107‬أو الفص‪DD‬ل ‪ 278‬من مجل‪DD‬ة‬
‫االلتزام‪DD‬ات والعق‪DD‬ود فال اعتب‪DD‬ار لم‪DD‬ا تل‪DD‬ف حقيق‪DD‬ة أو م‪DD‬ا نقص من الم‪DD‬ال أو ف‪DD‬ات من ال‪DD‬ربح وال لم‪DD‬ا‬
‫يصرف لتدارك الفعل الضار فبمقتضى هذا التسقيف أصبحت غرامة الطرد التعسفي بالمقارن‪DD‬ة م‪DD‬ع‬
‫القانون القديم ال تتأثر بالضرر أو الخطأ أو بأي معيار آخر إال بقدر ضئيل وفي إطار‪ D‬ضيق‪.‬‬
‫وهنا يمكن القول بأن القانون الق‪DD‬ديم ك‪DD‬ان يمث‪DD‬ل ح‪DD‬افزا هام‪DD‬ا ومص‪DD‬در حماي‪DD‬ة أكي‪DD‬دة بالنس‪DD‬بة‬
‫للعم‪DD‬ال لض‪DD‬مان اس‪DD‬تقرارهم في عملهم‪ ،‬باعتب‪DD‬ار أن‪DD‬ه نتيج‪DD‬ة خ‪DD‬وف الم‪DD‬ؤجر من تعرض‪DD‬ه لغرام‪DD‬ات‬
‫مرتفعة فإنه يسعى قدر اإلمكان إلى تجنب الط‪DD‬رد‪ ،‬أم‪DD‬ا وق‪DD‬د ق‪DD‬ام المش‪DD‬رع بض‪DD‬بط ه‪DD‬ذه الغرام‪DD‬ة بين‬
‫حدين أعلى وأدنى فإنه يكون قد أزاح هذه الحماية باعتب‪DD‬ار وأن الم‪DD‬ؤجر أص‪DD‬بح يع‪DD‬رف من‪DD‬ذ البداي‪DD‬ة‬
‫مقدار هذه الغرامة مما من ش‪DD‬أنه أن يس‪D‬هل علي‪DD‬ه عملي‪DD‬ة الط‪D‬رد‪ .‬خاص‪DD‬ة وأن ك‪D‬ل عام‪D‬ل بالمؤسس‪DD‬ة‬
‫أصبح من اآلن فصاعدا يقدر بمبلغ زهيد وتافه من الم‪DD‬ال يمكن تق‪DD‬ديره مس‪DD‬بقا‪ ،‬والالفت لالنتب‪DD‬اه في‬
‫خصوص سقف الثالث سنوات كحد أقصى لمبلغ الغرامة باإلضافة إلى ض‪DD‬عف محت‪DD‬واه ك‪DD‬ذلك فه‪DD‬و‬
‫صعب المنال فلكي يتحص‪DD‬ل العام‪DD‬ل المط‪DD‬رود على ه‪DD‬ذا المبل‪DD‬غ األقص‪DD‬ى يجب علي‪DD‬ه أن يعم‪DD‬ل م‪DD‬دة‬
‫تقارب ستة وثالثين عاما في نفس المؤسسة وفي أحسن الحاالت ثمانية عشر عاما‪ 1 ،‬وهو ما يجع‪DD‬ل‬
‫المؤجر في مأمن من دفع هذا المبلغ باعتب‪DD‬ار أن‪DD‬ه يص‪DD‬عب أن نج‪D‬د أج‪DD‬يرا قض‪DD‬ى ك‪DD‬ل ه‪DD‬ذه الم‪DD‬دة في‬
‫‪2‬‬
‫مؤسسة واحدة خاصة في ظل توسيع المشرع في أشكال العقود المحددة المدة‪.‬‬
‫وفي مقابل ضبط المشرع للحد األقصى لهذه الغرام‪DD‬ة بثالث س‪DD‬نوات تج‪DD‬در اإلش‪DD‬ارة إلى أن‬
‫الفصل ‪ 23‬مكرر جديد يستوجب أن تكون للعامل أقدمي‪D‬ة في العم‪D‬ل تتج‪DD‬اوز الس‪D‬نة الس‪D‬تحقاق‪ D‬الح‪DD‬د‬
‫األدنى‪ .‬باعتبار أن هذا الفصل ضبط الحد األدنى لمبلغ الغرامة بأجر شهر عن ك‪DD‬ل س‪DD‬نة من العم‪DD‬ل‬
‫الفعلي بالمؤسسة وبالتــــالي فــإن افتتاح الحق في التعويض والحصول على أدنــى مبلغ الغرامـــة‬
‫‪3‬‬
‫( أي أجر شهر واحد) يستوجب أن يكون العامل قد استكمل سنة من العمل الفعلي‪.‬‬
‫وهكذا نالحظ أن استحقاق األجير لهذه الغرامة سواء في حدها األقص‪DD‬ى أو األدنى ليس آلي‪DD‬ا‬
‫وإنما هو مشروط بانقضاء مدة زمنية معينة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى عجز هذه الغرامة عن توفير الحماية الالزمة لألجير في ص‪DD‬ورة تعرض‪DD‬ه إلى‬
‫الطرد يمكن القول كذلك بأنها ال تراعي تطور نسق الحياة المهنية للعام‪DD‬ل باعتب‪D‬ار أن ه‪D‬ذه المس‪D‬يرة‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 106‬‬

‫المهنية تشهد نسقا تصاعديا فاألجير في بداية حياته المهنية ال يتأثر بالطرد وإن كان تعس‪DD‬فيا خاص‪DD‬ة‬
‫وأن‪DD‬ه يس‪DD‬عى خالل الخمس س‪DD‬نوات األولى إلى اكتس‪DD‬اب الخ‪DD‬برة والمه‪DD‬ارات الفني‪DD‬ة ال‪DD‬تي تؤهل‪DD‬ه إلى‬
‫تحسين وضعه المهني سواء بنفس المؤسسة أو عند االنتقال للعمل لدى مؤسسات أخرى‪ ،‬أما الف‪DD‬ترة‬
‫الثانية وهي الممتدة بين عشر سنوات وخمس وعشرين سنة من العمل الفعلي يكون فيها االنتقال من‬
‫مؤسسة إلى أخرى أو إعادة االنتداب أمرا صعبا لتقدم العامل في السن وبالتالي فإن الطرد يكون ل‪DD‬ه‬
‫وقع كبير على حياة العامل المهنية‪ ،‬بمــــا يستوجب الترفيع في مبالغ التعويض عن هــذه الفتـــــرة‬

‫__________________________‬
‫‪ - 1‬حاف‪DD‬ظ العم‪DD‬وري ‪ :‬عق‪DD‬د الش‪DD‬غل من خالل تنقيح فيف‪DD‬ري ‪ ،1994‬المجل‪DD‬ة التونس‪DD‬ية للق‪DD‬انون االجتم‪DD‬اعي ع‪DD‬دد ‪،1995 D،7‬‬
‫ص ‪.22‬‬
‫‪ - 2‬انظر الفصل ‪ 4 - 6‬المضاف بمقتضى تنقيح ‪ 15‬جويلية ‪.1996‬‬
‫‪ - 3‬عصام األحمر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.385‬‬

‫‪1‬‬
‫ومالءمتها وأهمية الضرر الحاصل لألجير حتى يكون هذا التعويض عادل‪.‬‬
‫وتج‪DD‬در اإلش‪DD‬ارة إلى أن المش‪DD‬رع ق‪DD‬د أق‪DD‬ر بمقتض‪DD‬ى الفص‪DD‬ل ‪ 24‬جدي‪DD‬د م‪.‬ش نوع‪DD‬ا آخ‪DD‬ر من‬
‫التسقيف وهو المتعلق بغرامة القطع التعسفي لعقد الشغل المحدد المدة‪ ،‬فه‪DD‬ذه الغرام‪DD‬ة تحتس‪DD‬ب على‬
‫أساس المدة المتبقية من العقد أو على أساس ما يتبقى من العمل لو تم إنجازه‪.‬‬
‫يمكن القول إذا بأن المشرع بتسقيفه لغرامة الطرد التعسفي يكون قد أض‪DD‬ر بحق‪DD‬وق األج‪DD‬ير‪،‬‬
‫وفي المقابل فإنه أعطى األولوية للمصالح االقتصادية للمؤسسة وذل‪DD‬ك بإض‪DD‬فاء المزي‪DD‬د من المرون‪DD‬ة‬
‫على سلطة المؤجر في التسيير وتجنيبه خطر التكاليف غ‪DD‬ير المتوقع‪DD‬ة في حال‪D‬ة‪ D‬التجائ‪DD‬ه إلى الط‪DD‬رد‬
‫كإجراء‪ D‬تنظيمي اقتصادي‪ 2‬بما يجوز معه الق‪DD‬ول ب‪DD‬أن ه‪D‬ذا التس‪DD‬قيف يمث‪DD‬ل خط‪DD‬وة إلى ال‪DD‬وراء تخفي‬
‫‪3‬‬
‫تراجعا أكيدا عن الحماية التي طالما تمتع بها األجير في ظل التشريع القديم‪.‬‬

‫ب‪ -‬مكافأة نهاية الخدمة ‪:‬‬


‫جاء بالفصل ‪ 22‬جديد فقرة أولى م‪ .‬ش " أن كل عامل مرتبط بعقد لم‪DD‬دة غ‪DD‬ير معين‪DD‬ة وق‪DD‬ع‬
‫طرده بعد انقضاء فترة التجربة يستحق فيما عدا صورة الخطأ‪ D‬الفادح مكافأة نهاية الخدمة‪"...‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 107‬‬

‫كذلك وردت مكافأة‪ D‬نهاية الخدم‪DD‬ة " بغرام‪DD‬ة الفص‪DD‬ل عن العم‪DD‬ل" وذل‪DD‬ك بالفص‪DD‬ل ‪ 18‬من االتفاقي‪DD‬ة‬
‫اإلطارية المشتركة‪.‬‬
‫هذا فيما يخص الطرد الفردي‪ ،‬أما فيما يتعلق بالطرد الجماعي فقد وردت هذه المكافأة‬
‫‪4‬‬
‫بالفصل ‪ 10 - 21‬من م‪.‬ش الخاص بالطرد ألسباب اقتصادية أو فنية‪.‬‬

‫____________________________‬
‫‪ - 1‬عصام األحمر‪ :‬نفس المصدر‪ ،‬ص ‪.386‬‬
‫‪ - 2‬منية الصيفي‪" :‬الطرد التعسفي حسب نوع عقد الشغل" ملتقى دائرة الشغل من خالل تنقيح م‪ .‬ش‪ 4 D- 3 ،‬جوان ‪،1994‬‬
‫ص ‪.59‬‬
‫‪ - 3‬عندما ضبط سقف الغرامات في حالة الطرد فإن المشرع قد استجاب لمطالب األعراف الذين عابوا على التشريع القديم‬
‫افتقاره لمقاييس موضوعية في احتساب مثل هذه الغرامات‪.‬‬
‫‪ - 4‬باإلضافة لهذه الفصول تجدر اإلشارة إلى وجود أحكام أخرى خاصة بمكاف‪DD‬أة نهاي‪DD‬ة الخدم‪DD‬ة المس‪DD‬ندة لفائ‪DD‬دة األج‪DD‬راء في‬
‫القطاع الفالحي‪ ( ،‬الفصل ‪ 371‬م‪.‬ش ) ‪.‬‬

‫وما يالحظ في هذا اإلطار أن مصطلح "مكافأة‪ D‬الخدمة" هي التسمية الجدي‪DD‬دة لمنح‪DD‬ة الط‪DD‬رد‬
‫وهي تسمية ال فائدة في استعمالها بما أن المحتوى لم يتغير‪ 1‬عالوة على أن المصطلح الق‪DD‬ديم يعكس‬
‫محتواه بأكثر وضوح فال نجد تفسيرا لمحاولة المشرع تفادي كلم‪DD‬ة الط‪DD‬رد واس‪D‬تبدلها بمكاف‪DD‬أة‪ D‬نهاي‪DD‬ة‬
‫الخدمة‪ ،‬فالطرد يبقى في جميع الحاالت طردا حتى وإن استعملنا أجمل العبارات‪.‬‬
‫وبغض النظر عن هذه المالحظات‪ D‬الشكلية وفي غياب نص قانوني يح‪DD‬دد الطبيع‪DD‬ة القانوني‪DD‬ة‬
‫لهذه المكافأة‪ D‬ذهب جانب من الفقه ‪ 2‬إلى اعتب‪DD‬ار أن ه‪DD‬ذه المكاف‪DD‬أة ال تكتس‪DD‬ي طبيع‪DD‬ة األج‪DD‬ر‪ ،‬ب‪DD‬ل هي‬
‫تمثل تعويضا حقيقيا موجها لجبر الضرر الناجم عن فقدان األجير لمركز عمله وهي بذلك تع‪DD‬ويض‬
‫غير خاضع إلدالء على الدخل في القدر الذي يقوم بجبر الضرر وه‪DD‬و خاض‪DD‬ع إلس‪DD‬هامات الض‪DD‬مان‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإننا نستنتج أن هذه المكافأة‪ D‬تمثل مقابل انتماء األجير إلى المؤسسة وخدمته‬
‫لها بكل نزاهة طيلة مدة عمله‪.‬‬
‫وهو ما ذهب إليه األستاذ الطيب اللومي إذ اعتبر أنه ال يمكن اعتبار هذه المكافأة أج‪DD‬را ب‪DD‬ل‬
‫هي منحة أحدثها المشرع كوسيلة تعويض للعامل عن الضرر المنجر عن فقدانه لمركز عمل‪D‬ه وه‪D‬و‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 108‬‬

‫ما يفسر كون قانون الشغل وض‪DD‬ع بالدرج‪DD‬ة األولى لي‪DD‬وفر ض‪DD‬مانات لفائ‪DD‬دة العام‪DD‬ل لالنع‪DD‬دام وس‪DD‬ائل‬
‫مادية في مواجهة فقدانه لمركز عمله‪.‬‬
‫وإذا كان األمر كذلك فالمفروض أن يسعى المشرع عبر تنظيمه لهذه المكافأة إلى أن يس‪DD‬تفيد‬
‫منها أك‪DD‬بر ع‪DD‬دد ممكن من األج‪DD‬راء ولكن على العكس من ذل‪DD‬ك بمقارن‪DD‬ة الفص‪DD‬لين ‪ 22‬ق‪DD‬ديم وجدي‪DD‬د‬
‫نالحظ أن المشرع لم يتوسع في شروط استحقاقها فقط بل وكذلك حدد سقف هذه المكاف‪DD‬أة وفي ذل‪DD‬ك‬
‫تراجع صريح عن حماية األجير‪ ،‬فلق‪DD‬د نص‪DD‬ت مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل أن ه‪DD‬ذه المكاف‪DD‬أة‪ D‬تص‪DD‬رف فق‪DD‬ط للعمل‪DD‬ة‬
‫المرتبطين م‪DD‬ع المؤسس‪DD‬ة بمقتض‪DD‬ى عق‪DD‬ود ش‪DD‬غل غ‪DD‬ير معين‪DD‬ة الم‪DD‬دة ‪ 3‬وفي ذل‪DD‬ك إقص‪DD‬اء ص‪DD‬ريح من‬
‫المشرع للعملة الذين انتدبوا بمقتضى عقود معينة المدة وتم طردهم قبل انتهاء أج‪DD‬ل ه‪D‬ذه العق‪DD‬ود من‬
‫التمتع بهذه المكافأة وهنا يمكن أن نفهم سبب توسع المشرع في صــــور إبرام عقود الشغل لمــــدة‬
‫_______________________‬
‫‪ – 1‬حافظ العموري ‪ :‬مرجع سابق‪،‬ص‪.22‬‬
‫‪2- David (G) « Régime fiscal et régime de sécurité social applicable au indemnité perçues‬‬
‫‪par un salarie lors de la repture de contrat de travail » Droit social N°11 1981.‬‬
‫‪ – 3‬الفصل ‪ ،22‬جديد م‪.‬ش‪.‬‬

‫محددة‪ 1 ،‬فهي أشكال عمل ذات طابع مرن تنتهي بدون أن تتحمل المؤسسة أي عبء مالي‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى شرط ارتباط العامل بعقد شغل غير محدد المدة أورد المش‪DD‬رع ك‪DD‬ذلك ش‪DD‬رط‬
‫انقضاء فترة التجربة‪ .2‬هذا الشرط من شأنه أن يدعم أكثر فرضية حرمان األج‪DD‬ير من ه‪DD‬ذه المكاف‪DD‬أة‪D‬‬
‫خاصة في ظل الترفيع في مدتها باالتفاقية اإلطارية المشتركة ‪ 3‬فبعد أن كانت م‪DD‬دة التجرب‪DD‬ة مح‪DD‬ددة‬
‫بثالثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة بالنسبة لجميع أص‪D‬ناف العمل‪DD‬ة‪ .‬ج‪DD‬اء التنقيح الجدي‪DD‬د مم‪DD‬يزا بين‬
‫األصناف ومضاعفا‪ D‬للمدة بين مرتين وأربع مرات حسب األصناف مع اإلبقاء على إمكانية التجدي‪DD‬د‬
‫مرة واحدة ‪.‬‬
‫فبالنسبة ألعوان التنفيذ أصبحت الم‪D‬دة س‪D‬تة أش‪D‬هر‪ ،‬وبالنس‪D‬بة ألع‪D‬وان التس‪D‬يير تس‪D‬عة أش‪D‬هر‬
‫وبالنسبة لإلطارات سنة كاملة‪.‬‬
‫كما يجب أن ال يكون األجير قد ارتكب خطأ فادحا أوجب الطرد‪ .‬و م‪DD‬ا تج‪DD‬در اإلش‪DD‬ارة إلي‪DD‬ه‬
‫هنا أن هذا الشرط الذي جاء به الفصل ‪ 22‬جديد وطبقه فق‪DD‬ه القض‪DD‬اء ‪ 4‬لم يكن مكرس‪DD‬ا تش‪DD‬ريعيا قب‪DD‬ل‬
‫تنقيح ‪ 1994‬في الصياغة العربية للفصل ‪ 22‬قديم م‪.‬ش‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 109‬‬

‫من الواضح إذا من خالل استعراض مختلف هذه الش‪DD‬روط ال‪DD‬تي جعله‪DD‬ا المش‪DD‬رع ض‪DD‬رورية‬
‫الستحقاق‪ D‬األجير مكافأة نهاية الخدمة أنه لم يعد باإلمكان مسايرة االتجاه‪ D‬الذي يعتبر أن هذه المنح‪DD‬ة‬
‫أحدثها المشرع كوسيلة لتعويض العامل عن الضرر المنجر له عن فقدان‪DD‬ه لمرك‪DD‬ز عمل‪DD‬ه ‪ 5‬باعتب‪DD‬ار‬
‫أنه إذا كان هذا هو هدف المشرع فعال فالمفروض أن يسعى إلى التخفيف من شروط إس‪DD‬نادها ال أن‬
‫يزيد عنها‪.‬‬
‫أم‪DD‬ا فيم‪DD‬ا يتعل‪DD‬ق بمبل‪DD‬غ ه‪DD‬ذه المكاف‪DD‬أة فإنن‪DD‬ا نالح‪DD‬ظ أن‪DD‬ه بمقتض‪DD‬ى تنقيح ‪ 1994‬منح المش‪DD‬رع‬
‫المؤجرين أوفر الحظوظ لط‪DD‬رد األج‪DD‬ير بتحدي‪DD‬ده لس‪DD‬قف معين له‪DD‬ذه المكاف‪DD‬أة خاص‪D‬ة‪ D‬بع‪DD‬د تنص‪DD‬يص‬
‫الفصل ‪ 22‬جديد م‪.‬ش‪ " .‬بأن للعامل المطرود مكافأة‪ D‬لنهاية الخدم‪D‬ة تق‪D‬در ب‪D‬أجر ي‪D‬وم عن ك‪D‬ل ش‪D‬هر‬
‫عمل فعلي في نفس المؤسســة على أســاس األجـر الــذي يتقاضاه العامل عند الطــرد مـع مراعــاة‬
‫___________________________‬
‫‪ - 1‬الفصل ‪ 4-6‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ - 2‬كان الفصل ‪ 22‬قديم‪ ،‬يشترط مرور ستة أشهر فقط الستحقاق األجير مكافأة الخدمة‪.‬‬
‫‪ – 3‬نقح الفصل‪ 9‬بمقتضى الملحق التعديلي عدد ‪ ،1‬بتاريخ ‪ 17‬نوفمبر ‪ ،1984‬وعدد ‪ ، 2‬بتاريخ ‪ 15‬أكتوبر ‪.1992‬‬
‫‪ – 4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،76427-99‬صادر في ‪ 13‬مارس ‪ ،2000‬غير منشور ( انظر الملحق )‪.‬‬
‫‪ – 5‬الطيب اللومي‪ :‬مرجع مذكور سابقا‪.‬‬

‫جميـــع االمتيازات ال‪D‬تي ليس‪DD‬ت له‪DD‬ا ص‪D‬بغة إرج‪D‬اع مص‪D‬اريف"‪ .‬علم‪D‬ا وأن أقص‪D‬ى ح‪DD‬د لمبل‪D‬غ ه‪D‬ذه‬
‫المكافأة‪ D‬ال يمكن أن تفوق أجر ثالثة أشهر مهما كانت مدة العمل الفعلي إال في صورة وجود شروط‬
‫أحسن جاء بها القانون واالتفاقيات المشتركة أو العقود الخاصة‪ 1 ،‬وتعت‪D‬بر ه‪D‬ذه المنح‪D‬ة ض‪D‬ئيلة ج‪D‬دا‬
‫بالنسبة للخسارة التي لحقت العام‪DD‬ل‪ .‬فالعام‪D‬ل‪ D‬ال‪DD‬ذي ح‪DD‬رم من عمل‪DD‬ه ألس‪DD‬باب خارج‪DD‬ة عن إرادت‪DD‬ه ال‬
‫تناسبه منحة ال تتجاوز ثالثة أشهر في حين أنه قضى مدة طويلة تف‪DD‬وق عش‪DD‬رات الس‪DD‬نين في العم‪DD‬ل‬
‫الفعلي‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 110‬‬

‫____________________‬
‫‪ -1‬بالرجوع إلى العديد‪ D‬من االتفاقيات القطاعية نجدها ترفع عن القيمة القصوى له‪DD‬ذه المكاف‪DD‬أة تف‪DD‬وق الس‪DD‬قف المعتم‪D‬د‪( D‬انظ‪DD‬ر‬
‫الجدول المضاف بالملحق)‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬انعكاسات التسقيف‬


‫لقد كان من النتائج المباشرة العتماد المشرع وضع أسقف معينة لمختل‪DD‬ف الغرام‪DD‬ات والمنح‬
‫المسندة لألج‪DD‬ير عن‪DD‬د ط‪DD‬رده تعس‪DD‬فيا التقليص من ال‪DD‬دور الحم‪DD‬ائي للقاض‪D‬ي‪ D‬الش‪DD‬غلي ( الفق‪D‬ر‪ D‬األولى)‬
‫باإلضافة إلى تراجع حقوق األجير (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تقلص الدور الحمائي للقاضي الشغلي‬


‫كان المشرع قبل تنقيح ‪ 1994‬يخول للقاضي الشغلي سلطة واس‪DD‬عة في تق‪DD‬دير مبل‪DD‬غ مختل‪DD‬ف‬
‫الغرامات حسب تق‪D‬ديره لم‪DD‬دى الض‪D‬رر الحاص‪D‬ل لألج‪D‬ير "بن‪D‬اء على الع‪D‬رف وعلى ص‪DD‬فة وأقدمي‪D‬ة‬
‫الخدمات وعلى ظروف األمر الواقع"‪.‬‬
‫لكنه تدخل بمقتض‪DD‬ى تنقيح ‪ 21‬فيف‪DD‬ري ‪ 1994‬لتقيي‪DD‬د س‪DD‬لطة القاض‪DD‬ي في ه‪DD‬ذا المج‪DD‬ال حيث‬
‫أصبح القانون هو الذي يضبط الحد األدنى والحد األقصى للغرامة حسب صورتي الط‪DD‬رد التعس‪DD‬في‬
‫المشار لهما‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 111‬‬

‫فإذا كان الطرد تعسفيا لعدم وجود سبب حقيقي وجدي يبرره يقع جبر الضرر بغرامة‬
‫يتراوح مقدارها بين أجر ش‪DD‬هر وأج‪DD‬ر ش‪DD‬هرين عن ك‪DD‬ل س‪DD‬نة أقدمي‪DD‬ة بالمؤسس‪DD‬ة على أن ال تتج‪DD‬اوز‬
‫الغرامة أجر ثالث سنوات‪ .‬أما إذا كان الطرد تعسفيا لوجود خلل في اإلجراءات يق‪DD‬ع ج‪DD‬بر الض‪DD‬رر‬
‫بغرامة يتراوح مقدرها بين أجر شهر وأجر أربعة أشهر مهما كانت أقدمية العامل‪.‬‬
‫وال يمكن الجمع بين الغرامتين حتى إذا كان الطرد تعس‪DD‬فيا في نفس ال‪DD‬وقت من حيث أس‪DD‬بابه‬
‫وإجراءاته ففي هذه الحالة يقع االقتصار على غرامة الطرد التعسفي لعدم وجود سبب حقيقي‪ D‬وجدي‬
‫والمنصوص عليها بالفقرة األولى من الفصل ‪ 23‬مكرر جديد م‪.‬ش ‪.‬‬
‫وهكذا صار نفوذ القاضي‪ D‬في تحديد غرامات الطرد التعسفي مقيدا بالمعايير التي حددها‬
‫المشرع من حيث مقدار تلك الغرامة فال يمكن النزول عن الحد األدنى القانوني كما ال يمكن تج‪DD‬اوز‬
‫السقف األقصى وذلك مهما كانت قيمة الضرر و إال صار حكمه معرضا للنقض من طرف محكم‪DD‬ة‬
‫التعقيب ‪ " 1‬فبات هذا األخير في معظم األحيان بمثابة من يقوم بعملية حسابية مع إمكاني‪DD‬ة االجته‪DD‬اد‬
‫‪2‬‬
‫في المبلغ في حدود ضيقة‪".‬‬
‫_______________________‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،72646‬مؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ ،1999‬النشرية ج ‪ ،2‬ص ‪.313‬‬
‫‪ - 2‬الطيب اللومي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫إن هذا التقييد لسلطة القاضي في هذا المجال كان من نتائجه المباشرة تقلص الدور الحم‪DD‬ائي‬
‫الذي كان يلعبه القاضي الشغلي لفائدة األجير والذي مكنه في فترة سابقة من ضمان استقرار أط‪DD‬ول‬
‫في شغله‪ ،‬فلغياب التعويض العيني دأب االتجاه‪ D‬االجتماعي لفقه القضاء على الحكم بغرامات مشطة‬
‫لفائدة األجراء وخشية من تحمل هذا العبء الثقيل‪ ،‬يتجنب المؤجر الطرد بالتراجع عن ق‪D‬راره‪ ،‬فمن‬
‫األكيد أن وجود فوارق بين مقادير الغرامات المحكوم بها سابقا كانت توفر حماية ألجراء س‪DD‬واء في‬
‫طور المحاولة‪ D‬الصلحية التي تقوم بها تفقدية الشغل ‪ 1‬أو حتى في الطور القضائي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ولئن وسع المشرع في معايير التقدير المعتمدة من ط‪DD‬رف القاض‪DD‬ي في تحدي‪DD‬د الغرام‪DD‬ات‬
‫وذلك باالعتماد على الج‪DD‬وانب االجتماعي‪DD‬ة الحساس‪DD‬ة للعام‪DD‬ل ب‪DD‬أن أدخ‪DD‬ل عنص‪DD‬ر الوض‪DD‬عية العائلي‪DD‬ة‬
‫وتأثير الطرد على حقوق العامل المطرود بدون سبب شرعي في التقاعد وطبيعة اإلجراءات الواقع‬
‫اإلخالل بها‪ .‬إال أن هذا التوسع ال يمكن أن يكون ل‪DD‬ه ت‪DD‬أثير ي‪DD‬ذكر على قيم‪DD‬ة التع‪DD‬ويض‪ ،‬باعتب‪DD‬ار أن‬
‫القاضي مضطر في كل مرة تتجاوز فيها هذه القيم‪DD‬ة الح‪DD‬د األقص‪DD‬ى إلى إرجاعه‪DD‬ا للس‪DD‬قف الق‪DD‬انوني‬
‫المحدد ‪. 3‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 112‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن الفرصة قد أتيحت للدائرة السادسة لمحكمة التعقيب لكسر هذا‬
‫التسقيف ولو جزئيا بمناسبة النظر في مسألة مدى تقيد القاض‪DD‬ي الش‪DD‬غلي ب‪DD‬الرأي الص‪DD‬ادر عن لجن‪DD‬ة‬
‫مراقبة الطرد عند تقديره لمبلغ مكافأة نهاية الخدمة عن‪D‬دما يتعل‪D‬ق األم‪D‬ر ب‪D‬الطرد ألس‪D‬باب اقتص‪D‬ادية‬
‫وفنية حيث ذهبت هذه الدائرة إلى القول " بأن مبلغ مكافأة‪ D‬نهاية الخدمة المنص‪DD‬وص عليه‪DD‬ا بالفص‪DD‬ل‬
‫‪ 10 D- 21‬تبقى خاضعة التفاق‪ D‬الط‪DD‬رفين والجته‪DD‬اد اللجن‪DD‬ة دون التقيي‪DD‬د بالمع‪DD‬ايير ال‪DD‬تي نص عليه‪DD‬ا‬
‫‪4‬‬
‫الفصل ‪ 22‬م‪.‬ش‪" .‬‬
‫إال أن الدائرة الثانية رفضت هذا التأويل مقرة بأن أحكام الفصل ‪ 10 D -21‬تحي‪DD‬ل ض‪DD‬منيا إلى‬
‫أحكام الفصل ‪ 22‬م‪.‬ش حيث استعمل المشرع في الفصلين نفس العبارة وهي"مكافأة نهاية الخدمة "‬

‫____________________‬
‫‪ - 1‬كانت تفقدية الشغل تركز عند قيامها بالمحاولة الصلحية على شطط التعويضات لإلقناع المؤجر على التراجع على قرار‬
‫الطرد لذلك اعتبر البعض أن تنقيح ‪ 1994‬قد حرم التفقدية من هذه التقنية وضيق في حظوظ العامل في اإلرجاع‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر الفصل ‪ 23‬مكر‪ ،‬فقرة أولى وثانية‪.‬‬
‫‪ - 3‬منية الصيفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ، 2276‬مؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر ‪ ،2000‬النشرية ص ‪.291‬‬
‫وفي نفس االتجاه قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،2297‬مؤرخ في ‪ 27‬سبتمبر ‪ ( .2000‬انظر الملحق )‪.‬‬
‫باإلض‪DD‬افة إلى تأكي‪DD‬ده ص‪DD‬لب الفص‪DD‬ل ‪ 10-21‬على أن المكاف‪DD‬أة ال‪DD‬تي تع‪DD‬رض له‪DD‬ا ه‪DD‬ذا الفص‪DD‬ل هي‬
‫‪1‬‬
‫" المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل" ‪.‬‬
‫ورغم تب‪DD‬ني ال‪DD‬دوائر المجتمع‪DD‬ة لمحكم‪DD‬ة التعقيب من خالل قراره‪DD‬ا ع‪DD‬دد ‪24496- 2003‬‬
‫الم‪DD‬ؤرخ في ‪ 15‬ج‪DD‬انفي ‪ 2004‬لنفس توج‪DD‬ه ه‪DD‬ذه ال‪DD‬دائرة إال أن موقفه‪DD‬ا يبقى ق‪DD‬ابال للنق‪DD‬د فق‪DD‬د اعت‪DD‬بر‬
‫األستاذ النوري مزيد أن هذا الموقف ال يستند إلى أساس قانوني واضح بل أنه ال يتماش‪DD‬ى م‪DD‬ع إرادة‬
‫المشرع ص‪DD‬لب الفص‪DD‬ل ‪ 10-21‬ال‪DD‬ذي يحي‪DD‬ل بص‪DD‬فة ض‪DD‬منية إلى أحك‪DD‬ام الفص‪DD‬ل ‪ 22‬م‪.‬ش باس‪DD‬تعماله‬
‫عبارة " مكافأة‪ D‬نهاية الخدمة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل "‪ 3‬وبالتالي يبقى القاضي‬
‫الشغلي مقيدا بمقتضيات الفصل ‪ 22‬م‪.‬ش حتى عندما يتعلق األمر بتقدير مكاف‪DD‬أة‪ D‬نهاي‪DD‬ة الخدم‪DD‬ة عن‪DD‬د‬
‫الطرد ألسباب اقتصادية وفنية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تراجع حقوق األجير‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 113‬‬

‫اعتبر األستاذ الطيب اللومي أن العامل يكون في حالة الطرد التعسفي " ضحية موقف غ‪DD‬ير‬
‫إنساني من مؤجره استفاد في وقت ما من نشاطه وقدراته دون أن يفك‪D‬ر ي‪D‬وم إنه‪D‬اء عق‪DD‬د ش‪D‬غله فيم‪D‬ا‬
‫يمكن أن يحل به من خصاصة وربما حالة نفسية قد تؤدي ب‪DD‬ه أحيان‪DD‬ا إلى محاول‪DD‬ة التخلص من ذات‪DD‬ه‬
‫‪3‬‬
‫أو أفراد عائلته ‪"...‬‬
‫ومراعاة لهذه الوضعية كانت الغاي‪DD‬ة األساس‪DD‬ية من وراء إق‪DD‬رار المش‪DD‬رع للغرام‪DD‬ات والمنح‬
‫المذكورة س‪DD‬ابقا هي تع‪D‬ويض األج‪DD‬ير عم‪D‬ا لحق‪DD‬ه من أض‪D‬رار نتيج‪D‬ة إنه‪D‬اء عق‪DD‬د ش‪D‬غله تعس‪DD‬فيا ومن‬
‫المفروض هنا أن تكون جملة هذه الغرامات متناسبة وقيمة تلك األض‪DD‬رار بم‪DD‬ا يع‪DD‬ني مع‪DD‬ه أن‪DD‬ه م‪DD‬تى‬
‫كانت األضرار جسيمة فإن التعويضات بدورها يجب أن تكون كبيرة‪ .‬على أن هذا القول ال يتماشى‬
‫والتحديد الذي شهدته السلطة التقديرية للقاضي الشغلي ‪ 4‬إذ أن تنقيح ‪ 21‬فيفري ‪ 1994‬ج‪DD‬اء مح‪DD‬ددا‬
‫ألسقف التي ال يمكن للقاضي‪ D‬تجاوزها مهما بلغت قيمة األضــــرار ذلك أن تقدير الضــرر بنوعيه‬
‫________________________‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ ،2278- 2000‬مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ( .2001‬انظر الملحق)‪.‬‬
‫‪ - 2‬النوري مزيد ‪ :‬النظام القانوني للط‪DD‬رد ألس‪DD‬باب اقتص‪DD‬ادية وفني‪DD‬ة‪ ،‬ملتقى الجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية لمتفق‪DD‬دي الش‪DD‬غل ‪7-6‬‬
‫أفريل ‪ ،2007‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 3‬الطيب اللومي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.169‬‬
‫‪ - 4‬انظر الفقرة األولى من هذا المبحث‪.‬‬

‫المادي واألدبي الالحق باألجير يخضع لمطلق اجتهاد قاض‪DD‬ي الموض‪DD‬وع إذ ل‪DD‬ه أن يعتم‪DD‬د جمل‪DD‬ة من‬
‫المعطيات الواقعية المتوفرة لديه بخصوص األجير المفص‪DD‬ول عن العم‪DD‬ل لتق‪DD‬دير جس‪DD‬امة األض‪DD‬رار‬
‫الالحقة‪ D‬بهذا األخير حتى يتمكن من ترتيب الغرامات المستوجبة‪.‬‬
‫غير أن تحديد أسقف الغرام‪DD‬ات ال‪DD‬تي من الممكن الحكم به‪DD‬ا عن الط‪DD‬رد التعس‪D‬في ال ينص‪D‬ف‬
‫األجير المتضرر خاصة إذا ما تعل‪DD‬ق األم‪DD‬ر بعام‪DD‬ل أمض‪DD‬ى معظم حيات‪DD‬ه متفاني‪DD‬ا في خدم‪DD‬ة م‪DD‬ؤجره‬
‫مسخرا كل طاقاته في سبيل عمله وتق‪D‬دم ب‪D‬ه العم‪D‬ر بش‪D‬كل تض‪D‬اءلت مع‪D‬ه ف‪D‬رص انتداب‪D‬ه للعم‪D‬ل من‬
‫طرف مؤجر آخر وكانت له أسرة وفيرة العدد‪ .‬والالفت لالنتباه هنا أن التعويض مهم‪DD‬ا بلغت قيمت‪DD‬ه‬
‫ال يس‪DD‬اوي حرم‪DD‬ان العام‪DD‬ل من م‪DD‬ورد رزق‪DD‬ه ولن يعوض‪DD‬ه عن الص‪DD‬دمة النفس‪DD‬ية واالجتماعي‪DD‬ة ال‪DD‬تي‬
‫يتسبب له فيها الطرد ‪ 1‬فما بالك واألمر يتعلق بتعويض أصبح محدد بأسقف معينة‪.‬‬
‫إن طرد مثل هذا العامل بدون توفر سبب حقيقي وجدي قوي وخاصة خط‪D‬أ‪ D‬ف‪DD‬ادح في جانب‪DD‬ه‬
‫ال يجب أن نتناوله ببساطة لذلك فإن تحديد أسقف مبالغ التعويضات عن الطرد التعسفي في مثل هذه‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 114‬‬

‫الحالة‪ D‬قد ال يبدو حال عادال ألجير إذ يجب أن يؤخذ بعين االعتبار األض‪DD‬رار الالحق‪DD‬ة به‪DD‬ذا األخ‪DD‬ير‪.‬‬
‫هذا بخصوص الضرر المادي أما فيما يتعلق بالضرر المعنوي‪ .‬فإن وقع الطرد قد يكون قاسيا على‬
‫نفسية األجير الذي سحبت منه الثقة بمجرد فصله عن العم‪D‬ل‪ ،‬وعلي‪D‬ه ف‪D‬إن مث‪D‬ل ه‪D‬ذه العناص‪D‬ر ال‪D‬تي‬
‫تكون حاضرة‪ D‬في ذهن القاضي يجب أن تعتمد في تقدير مبالغ التع‪DD‬ويض لكن الق‪DD‬ول بوج‪DD‬ود أس‪DD‬قف‬
‫معينة ال يمكن تجاوزها يجعل هذا األخير مضطرا إلى التقييد بهذه األس‪DD‬قف التش‪DD‬ريعية دون غيره‪DD‬ا‬
‫وهو ما من شانه اإلضرار بحقوق األجير‪.‬‬
‫وإذا كانت إرادة المشرع بتحديده ألسقف الغرامات التي من الممكن الحكم بها ألجير‬
‫المفصول عن العمل هي تجاوز االختالفات بين المح‪DD‬اكم في تق‪DD‬دير التعويض‪DD‬ات ف‪DD‬إن التنقيح ‪1994‬‬
‫وما جاء به من جديد يتعارض والنزعة الحمائية لقانون الشغل‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن مثل هذا التحديد‬
‫ال ينطبق إال بالنسبة للوضعيات المتشابهة وهو ما ال يتماشى وخصوصيات العالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية وم‪DD‬ا‬
‫أفرزته من تنوع على مستوى النزاعات المتعلقة بها‪.‬‬
‫لذلك وأمام ما نتج عن اعتماد المشرع لنظام تسقيف الغرام‪DD‬ات من تراج‪DD‬ع ملح‪DD‬وظ لحق‪DD‬وق‪D‬‬
‫األجير يبدو من األجدى العودة إلى النظام المعمول ب‪DD‬ه قب‪DD‬ل تنقيح ‪ 1994‬أو فتح الب‪DD‬اب أم‪DD‬ام األج‪DD‬ير‬
‫للقيام على أساس المسؤولية المدنية العقدية المنصوص عليها بمجلة االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫________________________‬
‫‪ - 1‬فاخر بن سالم ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪ ‬خــاتمة الجــزء الثاني ‪‬‬

‫على قدر ما كانت رغبة قانون الشغل في تطوير نزعته الحمائية كلم‪DD‬ا تعل‪DD‬ق األم‪DD‬ر بش‪DD‬روط‬
‫وإجراءات الطرد من العم‪DD‬ل واقع‪DD‬ا ال يمكن نكران‪DD‬ه رغم مح‪DD‬دوديتها في العدي‪DD‬د من المواق‪D‬ع‪ ،‬إال أن‬
‫تراجعه عن هذه الحماية فيما يتعلق باآلثار المترتبة عنه أمرا ملموسا كذلك‪.‬‬
‫و من الثابت في هذا اإلطار أن ه‪DD‬ذا ال‪DD‬تراجع عن نهج‪DD‬ه الحم‪DD‬ائي ج‪DD‬اء اس‪DD‬تجابة لمتطلب‪DD‬ات‬
‫المرونة التوفيقية التي انتهجها المشرع منذ تنقيحي ‪ .1996 - 1994‬و يمكن اعتبار عدول المشرع‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 115‬‬

‫عن إقرار تقنينه بطالن الطرد التعسفي من أهم مظاهر هذا التراجع خاصة في ظل وجود العديد من‬
‫المؤشرات القانونية التي كانت توحي ولو ضمنيا بإمكانية تبني هذه التقنية‪.‬‬
‫لقد كان من النتائج المباشرة لرفض المشرع األخذ بهذه التقنية الهامة‪ ،‬تجاهل ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل‬
‫إلمكانية إرجاع العامل المطرود خاصة وأن هذه اإلمكانية من الممكن تكريسها بالرجوع أساسا إلى‬
‫بعض المبـــادئ القانونية سواء خارج‪ D‬مجلــة‪ D‬الش‪DD‬غل‪ ،‬أو ح‪DD‬تى داخله‪DD‬ا في بعــض الص‪DD‬ور‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫و ما يثير االس‪DD‬تغراب هن‪DD‬ا أن ه‪DD‬ذا التجاه‪DD‬ل امت‪DD‬د ح‪DD‬تى بالمقارن‪D‬ة‪ D‬م‪DD‬ع توج‪DD‬ه الق‪DD‬انون‬
‫المق‪DD‬ارن س‪D‬واء ك‪DD‬ان فق‪D‬ه قض‪DD‬اء أو ح‪DD‬تى تش‪DD‬ريعا مقارن‪DD‬ا لتبقى ه‪D‬ذه التقني‪D‬ة في ص‪DD‬حراء‬
‫القانون‪ ،‬رغم ما تمثله من تعويض ناجع لفائدة األجير المط‪DD‬رود و لتبقى ق‪DD‬رارات الم‪DD‬ؤجر‬
‫نفاذة حتى ولو كانت غير شرعية‪.‬‬
‫لقد امتد هذا التراجع عن النزعة الحمائية لقانون الش‪D‬غل ح‪D‬تى إلى التعويض‪D‬ات المالي‪D‬ة ال‪D‬تي‬
‫يستحقهــا‪ D‬األجير في صــورة طرده تعسفيا‪ ،‬خــاصة بع‪DD‬د أن أصبــحت جمل‪DD‬ة مــن هـــذه‬
‫التعويضات منذ سنة ‪ 1994‬خاضعة لسقف معين محدد ومعروف مما من شأنه أن يش‪DD‬جع‬
‫المؤجرون على ممارسة الط‪DD‬رد‪ ،‬بم‪DD‬ا أن ك‪DD‬ل أج‪DD‬ير أص‪DD‬بح يق‪DD‬در بقيم‪DD‬ة مالي‪DD‬ة تافه‪DD‬ة يمكن‬
‫احتسابها مسبقا‪ ،‬باإلضافة إلى عدم تناسبها مع قيمة الضرر الحاصل‪ ،‬و ب‪DD‬ذلك يك‪DD‬ون ق‪DD‬انون‬
‫الش‪DD‬غل في ت‪DD‬ونس ق‪DD‬د ح‪DD‬رم األج‪DD‬ير من حماي‪DD‬ة هام‪DD‬ة ك‪DD‬ان يتمت‪DD‬ع به‪DD‬ا من قب‪DD‬ل القاض‪DD‬ي‬
‫الشغلي‪ ،‬الــذي دأب للحكم لهـذا األخير بتعويضات مشطــة لقناعته بـــأن هـــذه التعويضات‬
‫" مهما بلغت قيمتها فإنها لن تعوض العامل عــــن فقدانه لـمورد رزق قار ولـــن تجنبـه الص‪DD‬دمة‬
‫‪1‬‬
‫النفسية واالجتماعية التي تسبب له فيها الطرد"‪.‬‬
‫أم‪DD‬ا وق‪DD‬د أص‪DD‬بحت ه‪DD‬ذه التعويض‪DD‬ات مح‪DD‬ددة بأس‪DD‬قف معين‪DD‬ة ف‪DD‬ذلك من ش‪DD‬أنه أن يكب‪DD‬ل‬
‫القاضي و يمنع عن‪DD‬ه ك‪DD‬ل إمكاني‪DD‬ة االجته‪DD‬اد البن‪DD‬اء ال‪DD‬ذي يمكن أن يض‪DD‬من التع‪DD‬ويض الفعلي‬
‫والعادل ألجير‪ ،‬تعويض ال يقف عن حدود الجانب المادي للضرر بل و كذلك يطال الجانب‬
‫المعنوي منه‪.‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 116‬‬

‫________________________‬
‫‪ - 1‬فاخر بن سالم ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫الخاتمة العامة‬

‫‪ :‬الجزء األول‬
‫تطوير قانون الشغل لنزعته الحمائية‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 117‬‬

‫في خصوص شروط و إجراءات‬


‫الطرد‬

‫لم ي‪DD‬ترك ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل باب‪DD‬ا من األب‪DD‬واب إال ونف‪DD‬ذ من خالل‪DD‬ه ح‪DD‬تى يحي‪DD‬ط ب‪DD‬األجير‬
‫ويضمن له مورد رزق مستمرا‪ ،‬عبر إقرار مجموعة من الضمانات الحمائية من شأنها تقي‪DD‬د‬
‫ممارسة حق المؤجر في إنهاء عالقة شغلية معينة‪.‬‬
‫فقانون الشغل هو قانون األجير ال‪DD‬ذي يحمي العام‪DD‬ل من خط‪DD‬ر االس‪DD‬تغالل وإهم‪DD‬ال إنس‪DD‬انيته‬
‫داخل المؤسسة‪.‬‬
‫ولقد تجلى هذا التوجه بارزا من خالل تنظيمه إلنه‪DD‬اء العالق‪DD‬ة الش‪DD‬غلية من ط‪DD‬رف الم‪DD‬ؤجر‪،‬‬
‫من حيث شروطها وإجراءاتها‪ ،‬وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار أن جمل‪DD‬ة ه‪DD‬ذه الش‪DD‬روط‬
‫واإلجراءات ما انفكت تعرف تطورا ملحوظ‪D‬ا خاص‪D‬ة بع‪D‬د التنقيح‪D‬ات ال‪D‬تي أدخله‪D‬ا المش‪D‬رع‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 118‬‬

‫على مجلة الشغل في هذا المجال‪ ،‬و التي شملت على حد الس‪DD‬واء ك‪DD‬ل من األج‪DD‬ير الع‪DD‬ادي‬
‫واألجير ممثل العملة‪.‬‬
‫و في ذات الس‪DD‬ياق يمكن اعتب‪DD‬ار إبق‪DD‬اء المش‪DD‬رع على الرقاب‪DD‬ة الس‪DD‬ابقة ض‪DD‬د الط‪DD‬رد الت‪DD‬أديبي‬
‫المسلط على األجير العادي من بين مظاهر هذا التوجه الحمائي‪.‬‬
‫ولقد تجسمت هذه الرقابة من خالل وجود جهازين حمائيين داخل وخارج المؤسسة‪ ،‬و يعد‬
‫مجلس التأديب في هذا اإلطار أهم ض‪D‬مان لفائ‪D‬دة األج‪D‬ير خاص‪D‬ة إذا اعتبرن‪D‬ا أن‪D‬ه ( األج‪D‬ير)‬
‫" سيحاكم " من طرف سلطة قريبة منه‪ ،‬أين يكفل له فيها حق ال‪DD‬دفاع عن نفس‪DD‬ه‪ .‬من خالل‬
‫إلزامية استدعاءه‪ ،‬وخاصة من خالل مراقب‪DD‬ة القاض‪D‬ي‪ D‬الش‪DD‬غلي لس‪DD‬ير أعم‪DD‬ال و تركيب‪DD‬ة ه‪DD‬ذا‬
‫المجلس‪.‬‬
‫تدعمت هذه الرقابة بوجود جه‪DD‬از ث‪DD‬ان خ‪DD‬ارج‪ D‬المؤسس‪DD‬ة يلعب دورا حمائي‪DD‬ا ال يق‪DD‬ل‬
‫أهمية عن دور مجلس التأديب‪ ،‬عن طري‪DD‬ق خاص‪DD‬ة المحاول‪D‬ة‪ D‬الص‪DD‬لحية ال‪DD‬تي يجريه‪DD‬ا متفق‪DD‬د‬
‫الشغل‪ ،‬و ما تزايد حجم النزاعات التي تولت تفقدية الشغل فضها إال دليل على أهمية ه‪DD‬ذا‬
‫‪1‬‬
‫الجهاز‪ D‬و مساهمته الفعالة في الحد من طرد األجير‪.‬‬

‫_____________________‬
‫‪ – 1‬لتعزيز هذه المساهمة في الحد من الطرد‪ ،‬دعم القانون حماية تفقدية الشغل و ذلك بمراجعة الخطايا المس‪DD‬لطة‬
‫في حالة منع عون مكلف بتفقد الشغل من القيام بمهامه ( أصبحت الخطية حسب الفصل ‪ 240‬م‪.‬ش‪ ،‬من ‪ 44‬إلى‬
‫‪ 720‬دينارا) ‪.‬‬
‫و يمثل الطرد ألسباب اقتصادية و فنية‪ ،‬أخطر أنواع الط‪DD‬رد‪ ،‬خاص‪DD‬ة وأن‪DD‬ه يس‪DD‬تهدف‬
‫عددا كبيرا من العمل‪DD‬ة‪ ،‬ل‪DD‬ذلك ف‪DD‬إن إطالق ي‪DD‬د الم‪DD‬ؤجر في تق‪DD‬دير ه‪DD‬ذه األس‪DD‬باب يحم‪DD‬ل من‬
‫الخطورة‪ D‬ما يهدد حقوق العمال و استقرارهم‪ 1،‬و اعتبارا لك‪DD‬ل ذل‪DD‬ك وض‪DD‬ع المش‪DD‬رع جمل‪DD‬ة‬
‫من اإلجراءات يتعين على المؤجر احترامها و إال اعت‪DD‬بر الط‪DD‬رد تعس‪DD‬فيا‪ ،‬و بالت‪DD‬الي ال يكفي‬
‫وجود أسباب اقتصادية أو فنية حتى يتمكن هذا األخ‪DD‬ير من ممارس‪DD‬ة حق‪DD‬ه في الط‪DD‬رد ب‪DD‬ل‬
‫يتعين عليه احترام اإلجراءات التي نص عليها المشرع في الفصل ‪ 21‬و ما يليه من مجل‪DD‬ة‬
‫الشغل و التي من بينها إعالم تفقدية الشغل‪ ،‬قبل ممارسة حق الطرد فتس‪D‬عى ه‪D‬ذه األخ‪D‬يرة‬
‫إلى القيام بمحاولة صلحية بين األجير و الم‪DD‬ؤجر‪ ،‬وإذا تع‪DD‬ذر الص‪DD‬لح يع‪DD‬رض المل‪DD‬ف على‬
‫لجنة مراقبة الطرد التي تنظر فيه على ضوء الوض‪DD‬عية العام‪DD‬ة للنش‪DD‬اط ال‪DD‬ذي تنتمي إلي‪DD‬ه‬
‫المؤسسة و الوضع الخاص لهذه األخيرة‪ 2 .‬و تسعى اللجنة إلى البحث عن الحلول المالئمة بقطع‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 119‬‬

‫النظر عن طبيعتها بغية التخفيف من أزمة المؤسسة ألن في ذلك حفاظ على م‪DD‬واطن الش‪DD‬غل داخله‪DD‬ا‬
‫و بالتالي تجنب الطرد قدر اإلمكان‪ ،‬ولكن إذا تبين للجنة ض‪DD‬رورة اللج‪DD‬وء إلي‪DD‬ه فإنه‪DD‬ا تب‪D‬دي‬
‫رأيها في األشخاص اللذين سيشملهم قرار الطراد و في مقدار مكاف‪DD‬أة نهاي‪DD‬ة الخدم‪DD‬ة ال‪DD‬تي‬
‫‪3‬‬
‫ستسند إليهم‪.‬‬
‫غير أن مختلف هذه اآلليات الرقابية التي أبقى عليها المشرع ال تخل‪DD‬و ا من نق‪DD‬ائص‪،‬‬
‫تتمثل باألساس في عدم قدرة هذه األجهزة‪ D‬التي يم‪DD‬ر عبره‪DD‬ا وجوب‪DD‬ا مش‪DD‬روع الط‪DD‬رد على‬
‫منع المؤجر من طرد من يريد و على هذا األساس‪ ،‬جاء تدخل المشرع سنة ‪ 1994‬ح‪DD‬امال‬
‫في طياته إرادة واضحة في تالفي هذه المحدودية عبر تعزيز الرقابة الالحقة‪ D‬للط‪DD‬رد‪ .‬فمن‪DD‬ذ‬
‫ذلك التاريخ أص‪DD‬بح ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل يش‪DD‬ترط أن يك‪DD‬ون ه‪DD‬ذا الط‪DD‬رد قائم‪DD‬ا على س‪DD‬بب حقيقي‬
‫وكذلك جدي يبرره و إال اعتبر تعسفيا لتكون بالتالي نظرية السبب الحقيقي والج‪DD‬دي‪ ،‬إط‪DD‬ارا‬
‫قانونيا يمنع المؤجر من التعسف في الطرد‪.‬‬

‫______________________________‬
‫‪ - 1‬جوهر عبدولي ‪ :‬حماية األج‪D‬ير من خالل مراقب‪D‬ة عملي‪D‬ة الط‪D‬رد‪ ،‬م‪D‬ذكرة لني‪D‬ل ش‪D‬هادة الدراس‪D‬ات المعمق‪D‬ة كلي‪D‬ة‬
‫الحقوق بصفاقس ‪ ،2005 – 2004‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ - 2‬الفصل ‪ 9 – 21‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ - 3‬النوري مزيد‪ :‬القاضي وقانون الشغل محاولة تحليلي‪DD‬ة ل‪DD‬دور القاض‪DD‬ي في النزاع‪DD‬ات الش‪DD‬غلية منش‪DD‬ورات رؤوف‬
‫يعيش‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫لكن ما يعاب على المشرع في هذا اإلطار هو عدم تحديد مفهوم لهذه النظرية بالشكل‬
‫الذي يجعلها دعامة حمائي‪DD‬ة ناجع‪DD‬ة‪ ،‬فح‪DD‬تى إذا أخ‪DD‬ذنا بعين االعتب‪DD‬ار مختل‪DD‬ف التعريف‪DD‬ات ال‪DD‬تي‬
‫اقترحها فقهاء قانون الشغل لتدارك هذا الفراغ فإن ذلك ال يغني بأي ح‪D‬ال من األح‪DD‬وال عن‬
‫ضرورة وجود تعريف تشريعي يمثل مرجعا‪ D‬أساسيا يلجأ إليه القاضي‪ D‬الشغلي كلم‪DD‬ا اقتض‪DD‬ى‬
‫األمر ذلك‪.‬‬
‫ولئن شهدت حماي‪D‬ة الن‪D‬ائب النق‪D‬ابي تط‪D‬ورا ملحوظ‪D‬ا بمناس‪D‬بة مص‪D‬ادقة المش‪D‬رع على‬
‫اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 135‬وذلك بسحب اإلجراءات الحمائية التي يتمتع بها النائب غير‬
‫النقابي بالفص‪D‬ل ‪ 166‬م‪.‬ش‪ .‬إال أن ه‪D‬ذا التط‪DD‬ور ج‪D‬اء منقوص‪DD‬ا من أهم عنص‪DD‬ر إال وه‪DD‬و االع‪D‬تراف‬
‫بالوجود النقابي ذاته داخل المؤسسة‪ ،‬وبذلك يكون المشرع التونسي قد انتهى من حيث ك‪DD‬ان يجب‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 120‬‬

‫عليه أن يب‪DD‬دأ‪ ،‬باعتب‪DD‬ار أن‪DD‬ه ك‪DD‬ان علي‪DD‬ه تق‪DD‬نين ه‪DD‬ذا الوج‪DD‬ود قب‪DD‬ل التفك‪DD‬ير في توف‪DD‬ير الحماي‪DD‬ة‬
‫الالزمة له‪.‬‬
‫وفي ذات السياق كذلك شهدت حماية عضو اللجنة االستشارية للمؤسسة بعض التطور‬
‫بتنقيح الفصلين ‪ 166‬و‪ 167‬من م‪.‬ش سنــة ‪ ،2007‬إال أن هذه اإلج‪DD‬راءات الحمائي‪DD‬ة بقيت ك‪DD‬ذلك‬
‫مح‪DD‬دودة وذل‪DD‬ك ب‪DD‬النظر لطبيع‪DD‬ة العقوب‪DD‬ات ال‪DD‬تي يمكن تس‪DD‬ليطها على الم‪DD‬ؤجر في ص‪DD‬ورة‬
‫مخالفتها‪ D،‬باإلضافة إلى مدى إلزامي‪DD‬ة رأي الم‪DD‬دير الع‪DD‬ام لتفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل في ص‪DD‬ورة رفض‪DD‬ه‬
‫لمشروع الطرد المقدم من طرف المؤجر‪.‬‬
‫يتبين إذا أن قانون الشغل ق‪DD‬د ح‪DD‬اول في العدي‪DD‬د من المواق‪DD‬ع تط‪DD‬وير قواع‪DD‬ده المتعلق‪DD‬ة‬
‫بشروط وإجراءات الطرد من العمل تأكيدا لنزعته الحمائية‪ ،‬و لكن ما يالح‪DD‬ظ هن‪DD‬ا أن ه‪DD‬ذه‬
‫الشروط واإلجراءات‪ ،‬لم تخلو من الضعف‪ ،‬ويتأكد ذلك أيضا على مستوى آثار الطرد‪ ،‬فقانون‬
‫الشغل التونسي تراجع عن االعتراف بأهم وسيلة من شأنها أن تحقق الحماي‪DD‬ة المثلى ألج‪DD‬ير‬
‫ض‪DD‬د تعس‪DD‬ف الم‪DD‬ؤجر‪ ،‬أال وهي إمكاني‪DD‬ة إبط‪DD‬ال ق‪DD‬رار الم‪DD‬ؤجر الص‪DD‬ادر تعس‪DD‬فيا ب‪DD‬الطرد ض‪DD‬د‬
‫األجير‪ ،‬خاصة في ظل وجود العديد من المؤشرات و المبادئ القانونية س‪DD‬واء خ‪DD‬ارج مجل‪DD‬ة‬
‫الشغل أو داخله‪DD‬ا‪ ،‬و ال‪D‬تي تس‪D‬مح على م‪DD‬ا يب‪D‬دو بتب‪D‬ني ه‪D‬ذه التقني‪D‬ة لتبقى ه‪D‬ذه األخ‪D‬يرة في‬
‫صحراء القانون رغم اعتراف قانون الشغل المقارن‪ D‬بها‪.‬‬
‫و إضافة إلى ع‪DD‬دم اع‪DD‬تراف المش‪DD‬رع بتقني‪DD‬ة بطالن الط‪DD‬رد التعس‪DD‬في و بالت‪DD‬الي إرج‪DD‬اع‬
‫األجير إلى مركز عمله‪ ،‬كأثر أول من آثار الطرد‪ ،‬فإن‪DD‬ه ق‪DD‬ام ك‪D‬ذلك بتك‪DD‬ريس نظ‪DD‬ام تع‪D‬ويض‬
‫نقدي مسقف عن هذا الطرد‪ ،‬وهنا يمكن القول أن في إقدام المشرع على تك‪DD‬ريس مث‪DD‬ل ه‪DD‬ذا‬
‫النوع من التعويض تقليل من استقرار األجير في عمله وتراجع أكيد عن حماي‪DD‬ة طالم‪DD‬ا تمت‪DD‬ع‬
‫بها هذا األخير في ظل نظام التعويض القديم باعتباره يمس من قيمة العم‪DD‬ل‪ ،‬كح‪DD‬ق لص‪DD‬يق‬
‫باإلنسان فكلما أصبح حق البقاء في العمل حقا مقدرا و مسقفا‪ D،‬كلما أصبح هذا الحق أكثر‬
‫هشاشة و عرضة للتجاوز خاصة وإذا كانت هذه القيمة تافهة ‪.‬‬
‫عموما يمكن القول أن قانون الشغل اليوم في عالقته باألجير لم يعد هو ذات‪DD‬ه أي‪DD‬ام‬
‫نشأته فقد كان في الماضي قانون األجير فعال‪ ،‬إذ نشأ ليحمي العامل و يدافع عنه أما الي‪DD‬وم‬
‫ف‪DD‬نراه يغ‪DD‬ير من اتجاهات‪DD‬ه لي‪DD‬دخل في حس‪DD‬اباته منط‪DD‬ق ومتطلب‪DD‬ات المرون‪DD‬ة مم‪DD‬ا أخ‪DD‬ل علي‪DD‬ه‬
‫التذبذب‪ ،‬إذ نراه يعطي ألجير بيد ليأخ‪DD‬ذ من‪DD‬ه بالي‪DD‬د األخ‪DD‬رى‪ ،‬فلم يع‪DD‬د ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل الق‪DD‬انون‬
‫المعطاء كليا يعطي الحقوق الكاملة للعامل ويضمن حصوله عليها‪ .‬وهنا يصبح السؤال إذن ما‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 121‬‬

‫جدوى قانون الشغل؟ إن لم يكن العام‪DD‬ل ولم تكن مص‪DD‬لحته هي الغاي‪D‬ة بقط‪DD‬ع النظ‪D‬ر عن غيره‪DD‬ا من‬
‫الغايات واألهداف األخرى‪.‬‬

‫‪ ‬تمت بعون هللا ‪‬‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪.122‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 123‬‬

‫‪ / I‬المراجع باللغة العربية‬

‫‪ – 1‬المراجع العامة ‪:‬‬

‫‪ :‬عقد الشغل الفردي والقضاء الشغلي من خالل مجلة‬ ‫‪ ‬الطيب اللومي‬

‫الش‪DD‬غل ومجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل البح‪DD‬ري‪ ،‬دار حي‪DD‬وني‪ ،‬ت‪DD‬ونس‬


‫‪.1997‬‬

‫‪ " :‬القاض‪DD‬ي و ق‪DD‬انون الش‪DD‬غل" محاول‪DD‬ة تحليلي‪DD‬ة ل‪DD‬دور‬ ‫‪ ‬النوري مزيد‬


‫القاضي في النزاعات الشغلية منش‪DD‬ورات رؤوف يعيش‬
‫‪.2002‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 124‬‬

‫‪ :‬الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي في اإلسالم‪.‬‬ ‫‪ ‬حسن محمد عبد هللا عبد الحكيم‬
‫دراسة مقارنة‪ ،‬جامعة عين شمس كلية الحقوق ‪.1974‬‬

‫‪ :‬الوسيط في شرح القانون الم‪DD‬دني الجدي‪DD‬د‪ ،‬دار النهض‪DD‬ة‬ ‫‪ ‬عبد الرزاق السنهوري‬
‫العربية القاهرة ‪.1952‬‬

‫‪ :‬اإلنهاء التعسفي لعق‪D‬د العم‪DD‬ل ‪ :‬دار الحداث‪DD‬ة للطباع‪D‬ة‬ ‫‪ ‬عبد الحفيظ بالخضير‬
‫والنشر والتوزيع القاهرة ‪.1986‬‬

‫‪:‬القاضي واإلثبات في النزاع المدني‪ ،‬دار سراس‪.1991‬‬ ‫‪ ‬عبد هللا األحمدي‬

‫‪ :‬إشكاالت في نزاعات الشغل مركز الدراسات القانوني‪DD‬ة‬


‫‪ ‬عصام األحمر‬
‫والقضائية منشورات سيفاد تونس ‪. 2007‬‬

‫‪ :‬القضاء اإلداري وفق‪DD‬ه المرافع‪DD‬ات‪ D‬اإلداري‪DD‬ة في ت‪DD‬ونس‪،‬‬


‫‪ ‬عياض ابن عاشور‬
‫طبعة ‪.1995‬‬

‫‪ :‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬العقد ‪ 1997‬الطبعة الثانية‪،‬‬


‫‪ ‬محمد الزين‬
‫مطبعة الوفاء‪.‬‬

‫‪ :‬نزاع‪DDD‬ات الش‪DDD‬غل والض‪DDD‬مان االجتم‪DDD‬اعي‪ ،‬مجموع‪DDD‬ة‬


‫‪ ‬محمد الهادي بن عبد هللا‬
‫إسهامات في أدبيات المؤسسة تونس ‪.2002‬‬
‫‪ -‬االتفاقيات الدولية للشغل‪ :‬نشر دار إسهامات في أدبيات‬
‫المؤسسة ‪.1999‬‬

‫‪ :‬أساس‪DD‬يات قض‪DD‬ايا عق‪DD‬د العم‪DD‬ل الف‪DD‬ردي‪ ،‬ال‪DD‬دار الجامع‪D‬ة‪D‬‬


‫‪ ‬محمد يحي مطر‬
‫للنشر‪.1989 ،‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 125‬‬

‫‪ :‬اإلنهاء غير المشروع لعالقات العمل‪ ،‬محاولة‪ D‬لتأص‪DD‬يل‬


‫الجزاء‪ ،‬جامعة بيروت العربية ‪.1970‬‬ ‫‪ ‬مصطفى محمد الجمال‬

‫‪ – 2‬الرسائل الجامعية ‪:‬‬


‫‪ :‬السبب الحقيقي و الجدي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراس‪DD‬ات‬
‫المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون الخ‪DD‬اص‪ ،‬كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق و العل‪DD‬وم‬ ‫‪ ‬حنان ترميش‬
‫السياسية بتونس ‪.1991 – 1990‬‬

‫‪ :‬انتم‪DDD‬اء األج‪DDD‬ير إلى المؤسس‪DDD‬ة‪ ،‬م‪DDD‬ذكرة لني‪DDD‬ل ش‪DDD‬هادة‬


‫الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة‪ D‬في الق‪DD‬انون الخ‪DD‬اص كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق‬
‫‪ ‬حسان الغربالي‬
‫والعلوم السياسية تونس ‪.2000 – 1999‬‬

‫‪ :‬اإلنهاء التعسفي لعق‪DD‬د الش‪DD‬غل مح‪DD‬دد الم‪DD‬دة‪ ،‬م‪DD‬ذكرة ختم‬


‫ال‪DDD‬دروس المرحل‪DDD‬ة‪ D‬العلي‪DDD‬ا‪ ،‬المدرس‪DDD‬ة الوطني‪DDD‬ة لإلدارة‬
‫‪ ‬خيرة الشريف و نجالء الحليوي‬
‫نوفمبر ‪. 2000‬‬

‫‪ :‬حماية األجير من خالل مراقبة عملي‪DD‬ة الط‪DD‬رد‪ ،‬م‪DD‬ذكرة‬


‫لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخ‪DD‬اص كلي‪DD‬ة‬
‫‪ ‬جوهر عبدولي‬
‫الحقوق صفاقس‪.2005 – 2004 ،‬‬

‫‪ :‬العقد والنظام القانوني‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراسات‬


‫المعمق‪DD‬ة كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق و العل‪DD‬وم السياس‪DD‬ية بت‪DD‬ونس‪،‬‬
‫‪ ‬رابح الغندري‬
‫‪. 1974 – 1973‬‬

‫‪ :‬التوجهات الحديثة لقانون الش‪DD‬غل التونس‪DD‬ي‪ ،‬م‪DD‬ذكرة‬


‫لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الق‪DD‬انون الخ‪DD‬اص‪،‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 126‬‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ‪.1997 – 1996‬‬ ‫‪ ‬سنية عوني‬

‫‪ :‬الحق في الشغل‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة‬


‫في القانون الخاص‪ ،‬كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق والعل‪DD‬وم السياس‪DD‬ية‬
‫بتونس ‪.1998 – 1997‬‬ ‫‪ ‬سناء السويسي‬

‫‪ :‬ق‪DDD‬انون الش‪DDD‬غل والمؤسس‪DDD‬ة‪ ،‬م‪DDD‬ذكرة لني‪DDD‬ل ش‪DDD‬هادة‬


‫الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة‪ ،‬كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق‪ D‬و العل‪DD‬وم السياس‪DD‬ية‬
‫بتونس‪.2005 – 2004 ،‬‬ ‫‪ ‬سعيدة الشوانين‬

‫‪ :‬إرجاع العامل " محاولة تأصيل ق‪DD‬انوني "‪ ،‬م‪DD‬ذكرة‬


‫لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية بتونس ‪. 1999 – 1998‬‬ ‫‪ ‬طاهر بوعزيزي‬

‫‪ :‬المرونة في قانون الشغل من خالل تنقيح مجلة الش‪DD‬غل‬


‫لسنة ‪ ،1994‬رسالة لنيل شهادة ختم الدروس بالمعه‪DD‬د‬
‫األعلى للقضاء لسنة ‪. 1995 – 1994‬‬ ‫‪ ‬فتحي القالع‬

‫‪ :‬الس‪DDD‬لطة التأديبي‪DDD‬ة للم‪DDD‬ؤجر‪ ،‬م‪DDD‬ذكرة لني‪DDD‬ل ش‪DDD‬هادة‬


‫الدراسات المعقمة في القانون الخاص كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق‬
‫و العلوم السياسية بتونس ‪. 1996 – 1995‬‬ ‫‪ ‬فريدة العبيـدي‬

‫‪ :‬السلطة التأديبية للمؤجر رسالة ختم الدروس بالمعهد‬


‫األعلى للقضاء لسنة ‪.1999 – 1998‬‬
‫‪ ‬لطفي سعداوي‬
‫‪ :‬تمثيل العملة داخل المؤسسة ‪ ،‬مذكرة لنيل ش‪DD‬هادة‬
‫الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 127‬‬

‫و العلوم السياسية بتونس ‪. 1997 – 1996‬‬ ‫‪ ‬ليلى الكويسي‬

‫‪ :‬تأثير العوام‪DD‬ل االقتص‪DD‬ادية على العالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية‪،‬‬


‫م‪D‬ذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات المعمق‪DD‬ة في الق‪DD‬انون‬
‫الخ‪DD‬اص‪ ،‬كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق والعل‪DD‬وم السياس‪DD‬ية بت‪DD‬ونس‬ ‫‪ ‬كوثر شقرون‬
‫‪.1996 – 1995‬‬

‫‪ :‬س‪DD‬لطة الم‪DD‬ؤجر‪ ،‬رس‪DD‬الة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة ختم ال‪DD‬دروس‬


‫بالمعهد األعلى للقضاء لسنة ‪. 2000 -1999‬‬
‫‪ ‬منير الصويد‬
‫‪ :‬حق الطرد بين السلطة اإلدارية و السلطة القضائية‬
‫في القانون التونسي ‪ ،‬مذكرة ختم الدروس الجامعي‪DD‬ة‬
‫معهد الشغل و الدراسات االجتماعية بتونس ‪.1987‬‬ ‫‪ ‬منير معالـــج‬

‫‪ :‬النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬مذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة‬


‫الدراسات المعمقة في القانون الخاص كلي‪DD‬ة الحق‪DD‬وق‬
‫و العلوم السياسية بتونس ‪. 1997 – 1996‬‬ ‫‪ ‬نبيل فــــرح‬

‫‪ :‬ما بع‪DD‬د عق‪DD‬د الش‪DD‬غل‪ ،‬م‪DD‬ذكرة لني‪DD‬ل ش‪DD‬هادة الدراس‪DD‬ات‬


‫المعمقة في القانون الخاص ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية بتونس ‪. 1999 - 1998‬‬ ‫‪ ‬هـــــاجر بنوزة‬

‫‪ :‬اإلبق‪DD‬اء الوج‪DD‬وبي للعالق‪DD‬ات الش‪DD‬غلية‪ ،‬م‪DD‬ذكرة لني‪DD‬ل‬


‫شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخاص ‪ ،‬كلي‪DD‬ة‬
‫الحقوق و العلوم السياسية ‪.2000 – 1999‬‬ ‫‪ ‬هـــــدى الطالب‬

‫‪ :‬مفه‪DDD‬وم التعس‪DDD‬ف في الط‪DDD‬رد‪ ،‬م‪DDD‬ذكرة لني‪DDD‬ل ش‪DDD‬هادة‬


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 128‬‬

‫الدراسات المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحق‪DD‬وق‬


‫و العلوم السياسية بتونس ‪2005 – 2004‬‬
‫‪ ‬وسام السخيري‬

‫‪ –3‬ملتقيات و مقاالت ومحاضرات‬

‫‪ :‬حدود تدخل القاضي في الم‪DD‬ادة الش‪DD‬غلية‪ ،‬ملتقى دائ‪DD‬رة‬ ‫‪ ‬الطــــــاهر شمام‬


‫الشغل من خالل تنقيح مجلة الش‪DD‬غل‪ ،‬المعه‪DD‬د األعلى‬
‫للقضاء أيام ‪ 3‬و‪ 4‬جوان ‪.1994‬‬

‫‪ :‬تاريخ قانون العمل في تونس‪ ،‬المجلة التونسية للقانون‬ ‫‪ ‬المنجي طرشونة‬


‫االجتماعي عدد‪.1986 ،1‬‬
‫‪ -‬عقود التشغيل ملتقى ح‪DD‬ول أن‪DD‬واع عق‪DD‬ود التش‪DD‬غيل في‬
‫القانون التونسي والقانون المقارن‪ ،‬الجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية‬
‫لمتفقدي الشغل تونس ‪.1993‬‬
‫‪ -‬القانون الجديد للطرد أعمال ملتقى حول " الجدي‪DD‬د في‬
‫تنقيح مجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل "‪ ،‬من تنظيم الجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية‬
‫للمحامين الشبان تونس ‪ 29‬أفريل ‪. 1994‬‬

‫‪ -‬المفه‪DDD‬وم القض‪DDD‬ائي للط‪DDD‬رد التعس‪DDD‬في مجل‪DDD‬ة القض‪DDD‬اء‬


‫و التشريع ديسمبر ‪. 1993‬‬

‫‪ " :‬فقه القضاء وحماية الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي بين االجته‪DD‬اد‬ ‫‪ ‬النـــــوري مزيــد‬
‫و االلتباس‪ ،‬مجلة عمل وتنمية عدد ‪ 12‬لسنة ‪.1987‬‬
‫‪ -‬النظام القانوني للطرد لألسباب اقتص‪DD‬ادية و فني‪DD‬ة‪،‬‬
‫ملتقى الجمعية التونسية لمتفق‪DD‬دي الش‪DD‬غل ‪ 7-6‬أفري‪DD‬ل‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 129‬‬

‫‪.2007‬‬

‫‪ -‬ط‪DD‬رد الن‪DD‬ائب النق‪DD‬ابي‪ ،‬المجل‪DD‬ة‪ D‬التونس‪DD‬ية للق‪DD‬انون‬


‫االجتماعي عدد ‪. 2004 ، 9‬‬ ‫‪ ‬حـــــافظ العموري‬
‫‪ -‬التوفي‪DD‬ق بين مص‪DD‬الح األج‪DD‬ير و المؤسس‪DD‬ة و متطلب‪DD‬ات‬
‫الوضع االقتصادي‪ ،‬جريدة الصباح ليوم ‪.1994 /29/3‬‬
‫‪ -‬الحماي‪DD‬ة القانوني‪DD‬ة للمثلي العمل‪DD‬ة ض‪DD‬د الط‪DD‬رد‪ ،‬ملتقى‬
‫الجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية لمتفق‪DD‬دي الش‪DD‬غل سوس‪DD‬ة ‪ 7-6‬أفري‪DD‬ل‬
‫‪. 2007‬‬
‫‪ -‬عق‪DDD‬د الش‪DDD‬غل من خالل تنقيح فيف‪DDD‬ري ‪ ،1994‬المجل‪DDD‬ة‬
‫التونسية للقانون االجتماعي‪ ،‬عدد ‪.1995 ،7‬‬

‫‪ :‬الطرد التعسفي‪ ،‬مكتب العمل الع‪DD‬ربي الحلق‪D‬ة‪ D‬الدراس‪DD‬ية‬


‫لتشريعات العمل في الجمهورية التونس‪DD‬ية ت‪DD‬ونس من ‪19‬‬ ‫‪ ‬زكيـــــة الصــــــافي‬
‫إلى ‪ 28‬نوفمبر ‪.1981‬‬

‫‪ :‬الطرد التعسفي في القانون التونسي‪ ،‬مجلة القضاء‬


‫و التشريع جوان ‪.1992‬‬ ‫‪ ‬سامي العش و رضا خماخم‬

‫‪ :‬التع‪DD‬ويض عن الفص‪DD‬ل التعس‪DD‬في في م‪DD‬ادة الش‪DD‬غل‪،‬‬


‫ملتقى حول الجديد في تنقيح ‪ 1994‬لمجل‪DD‬ة الش‪DD‬غل‪،‬‬ ‫‪ ‬عادل النقاش‬
‫أعم‪DD‬ال ال‪DD‬دورة المنعق‪DD‬دة للجمعي‪DD‬ة التونس‪DD‬ية للمح‪DD‬امين‬
‫الشبان‪ ،‬تونس ‪ 29‬أفريل ‪.1994‬‬

‫‪ :‬دور تفقدي‪DD‬ة الش‪DD‬غل في مج‪DD‬ال الط‪DD‬رد من العم‪DD‬ل‪،‬‬


‫ملتقى الجمعية التونسية لمتفقدي الشغل سوسة‪7 – 6 ،‬‬ ‫‪ ‬على القويد‬
‫أفريل ‪.2007‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 130‬‬

‫‪ :‬مقاالت في الحداثة و القانون‪ ،‬دار الجنوب‪.‬‬


‫‪ ‬علي المزغني و سليم اللغماني‬

‫‪ :‬المراقب‪DD‬ة القض‪DD‬ائية لعملي‪DD‬ات الط‪DD‬رد كوس‪DD‬يلة لحماي‪DD‬ة‬


‫التشغيل المجلة التونسية للقانون االجتماعي لسنة ‪.1986‬‬ ‫‪ ‬فاخر بن سالم‬

‫‪ :‬ق‪DDD‬انون الش‪DDD‬غل و مرون‪DDD‬ة التش‪DDD‬غيل وزارة الش‪DDD‬ؤون‬


‫االجتماعية مركز التوثيق ‪.1991‬‬
‫‪ ‬محمد الزمني‬

‫‪ :‬التشريع االجتماعي وامتحان العولم‪DD‬ة‪ ،‬مجل‪DD‬ة دراس‪DD‬ات‬


‫قانونية عدد ‪. 1999 – 1998 ،6‬‬
‫‪ ‬محمد الناصر‬

‫‪ :‬قانون مدني ‪ 1‬دروس غير مرقونة لطلبة السنة األولى‬


‫في الحقوق كلية الحقوق و العل‪DD‬وم السياس‪DD‬ية بت‪DD‬ونس‪،‬‬
‫‪ ‬محمد كمال شرف الدين‬
‫‪. 2000 – 1999‬‬

‫‪ " :‬الطرد التعسفي حسب نوع العقد " ملتقى دائ‪DD‬رة‬


‫الشغل من خالل تنقيح مجلة الش‪DD‬غل‪ ،‬المعه‪DD‬د األعلى‬
‫‪ ‬منية الصيفي‬
‫للقضاء ‪ 4 – 3‬جوان ‪. 1994‬‬

‫‪ – 4‬النشـــــريات‬
‫‪ " -‬النش‪DD‬رة " نش‪DD‬رية داخلي‪DD‬ة يص‪DD‬درها قس‪DD‬م التك‪DD‬وين‬
‫والتثقي‪DD‬ف العم‪DD‬الي باالتح‪DD‬اد الع‪DD‬ام التونس‪DD‬ي للش‪DD‬غل‪،‬‬
‫ديسمبر ‪.1994‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ . 131

: ‫ المراجع باللغة الفرنسية‬/ II


1 – Ouvrages généraux

 Beraud ( JM)  : Manuel de droit du travail et de droit


social, édition litec 1991.

 Brun(A) et Gulland (H)  : Droit du travail Sirey 1958


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ . 132

 Boffa ( M. M)  : Droit de travail et protection social


édition les cours de droit 1998.

 Catala ( N ) : Droit du travail Tom IV l’entreprise


Dalloz 1980.
 
 Couturier (G)  : Droit du travail tom1, les relations
individuelles de travail ; collection droit
fondamental 1994.

 Cohen (M)  : Le droit des comites d’entreprises


L.G.D.J 1975.

: Pratique du droit de travail .


 Gurey ( G)

: Textes choisies Paris les édition de


 DurKheim (E)
minuit, 1975 tome I.

: Traite de droit du travail Carthage Beit


 Ladhari (N)
Alhekma 1991.

: Droit du travail 17 édition , Dalloz


 Lyon Caen (G), Pélissier
1994.
(J) et Supiot (A)

: L’acte Juridique unilatéral , essai sur la


 De la Mautte (JM) 
notion et sa technique, en droit civil
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ . 133

lib, Rec Sirey 1957.

 Pélissier (J) : Le nouveau droit de licenciement 2ème


édition Sirey 1980.

 Savatier (J)  : L’activité syndicale au niveau de l’Etat


Sirey 1966.

 Sinay ( H) et Javillier : Traite de droit du travail tome IV 2 ème


(J.C) édition Dalloz 1984.

 Smith ( A)  : Textes choisis Paris Dalloz 1950.

 Venandet (G)  : Droit social , les éditions d’organisation


1983.

 Verdier ( J.M) : Droit du travail 9ème édition Dalloz


1993.
- Le droit Syndical dans l’entreprise 2 ème
édition D. Paris 1979.
2 – Thèse et Mémoire
 Amouri (H)  : « Les représentations des travailleurs
dans l’entreprise en Tunisie » Doctorat
d’Etat Université de Paris 1991.

 Ben Salem (F)  : Pouvoir de l’administration et contrôle


Judiciaire dans le droit de licenciement
Tunisien thèse de doctorat d’Etat université
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ . 134

de sciences sociales Toulouse 1981.

 Elleuch (S)  : La faute cause de licenciement.


Mémoire en DEA Faculté des droits et
et des sciences politique de Tunisie
1983.

 Mzid ( N) : La liberté Syndicale en droit Tunisien


thèse pour le doctorat d’Etat Tunis
1995.

3 – Articles , notes et observations

 Audinet (J) :Débats assemble National 23 Mai 1973.

 Camerlynck ( G.H) :De la conception civiliste du droit


contractuel de résiliation unilatérale a la
notion Statutaire de licenciement J.C P
1958.

 Couturier (G) :Annuler les actes illicites. La réintégration


obligatoire d’ouvrier. Mars 1988 .
- La réintégration des salariés non spécia-
lement protégé actualité ou perspective ?
Dr. Soc. 1988.

 Désjardins (B)  : La réintégration Dr Soc 1992.


‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ . 135

 Durand ( P)  : La contrainte légal dans la formation


du rapport contractuel. R.T.D. Civ, 1944.

ème
 Encyclopedie - Dalloz : Répertoire de droit du travail 2
édition Tome1, «  Contrât de travail ».

 Gérard (D) : Régime Fiscal et régime de sécurité


social applicable au indemnité perçues
par un salaire lors de la repture de
contrat de travail. Droit social N° 11,
1981.

: La notion de licenciement pour motif


 Jeammaud (A)
économique R.D.S Mars 1981.

- Droit du travail 1988 des retournement


plus qu’une crise droit social 1988.

 Javillier (J.C) : Une nouvelle illustration du conflit des


logiques, droit à l’emploi et droit des
obligations in mélange Camerlynk.

 Karaquillo (J.P) : Note sous social 14 Mars 1975.

: La reforme du licenciement à travers la


 Lyon Caen (G) et
loi du 13 juillet 1973 droit social 1973.
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ . 136

Bonné tête 
: «  La formation historique du droit du
 Mansour Helel travail » Revue travail et développement
N°2 1983.

: Réflexion sur le droit de se faire justice


 Ollier (P.D) a soi même dans les rapports de travail,
droit social 1967.

- Rapport sur les droits des travailleurs,


la documentation Française, Paris Février
1992.

: La situation Juridique du salaire licencie

 Rameau (H) irrégulièrement mais pour cause réelles


et sérieuses.

: La réintégration des représentants de

 Sinay (H) personnels irrégulièrement licencies J.C. P

et Lyon Coen ( G) 1970.

: De la suspension des contrats in la


tendance a la stabilité du rapport contract-
 Treillard ( J )
uelle.

: Libertés et travail, Problèmes des droits


de l’homme et rôle de juge D 1988.
  Verdier ( J.M) 
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 137‬‬

‫‪ ‬فهرس الموضوعات ‪‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪ .........................................................................................‬المقدمــــــــــة‬
‫الجـــزء األول ‪ :‬تطوير قانون الشغل لنزعته الحمائية في خصوص شروط وإجراءات‬
‫الطرد ‪11 ...................................................................................................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬مظاهر تطور النزعة الحمائية الخاصة باألجير العادي ضد الطرد‪12 ........‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬اإلبقاء على الرقابة السابقة ‪12 .......................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الرقابة ضد الطرد ألسباب تأديبية ‪13 ...............................................‬‬
‫أ ‪ -‬مراقبة مجلس التأديب لسلطة الطرد لدى المؤجر ‪13 .................‬‬
‫ب ‪ -‬مساهمة تفقدية الشغل في الحد من الطرد الفردي‪16 ...........‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 138‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الرقابة ضد الطرد ألسباب اقتصادية وفنية ‪18 ....................................‬‬


‫أ‪ -‬تدخل تفقدية الشغل ‪18 .......................................................‬‬
‫ب ‪ -‬تدخل لجنة مراقبة الطرد ‪22 .............................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬تعزيز الرقابة الالحقة ‪26 ...........................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬التعزيز التشريعي والفقهي ‪26 ...................................................... .‬‬
‫أ ‪ -‬مفهوم السبب الحقيقي‪ D‬والجدي ‪26 ........................................‬‬
‫‪ - 1‬مفهوم السبب الحقيقي ‪28 ....................................................... :‬‬
‫* السبب الحقيقي يجب أن يكون موضوعيا ‪28 ......................‬‬
‫* السبب الحقيقي يجب أن يكون موجودا ‪29 .........................‬‬
‫* السبب الحقيقي يجب أن يكون صحيحا ‪30 .........................‬‬
‫‪ – 2‬مفهوم السبب الجدي‪30 ...........................................................‬‬
‫ب ‪ -‬تطبيق مفهوم السبب الحقيقي‪ D‬والجدي على الخطأ‪ D‬الفادح‪31 .......‬‬
‫* األفعال التي اعتبرها التشريع من قبيل الخطأ الفادح‪32 .......‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬التعزيز الفقه قضائي ‪35 ..............................................................‬‬
‫أ‪ -‬المفهوم القضائي للخطأ‪ D‬الفادح ‪35 .......................................‬‬

‫‪ -1‬شروط الخطأ‪ D‬الفادح ‪35 ............................................:‬‬


‫‪ - 2‬معايير الخطأ الفادح ‪37 ............................................‬‬
‫ب ‪ -‬تدعيم سلطة القاضي الشغلي التحقيقية ‪39 ...........................‬‬
‫‪ –1‬قيام القاضي الشغلي بوسائل التحقيق بنفسه ‪40 ................‬‬
‫‪ – 2‬تكليف الغير بالقيام بوسائل التحقيق‪42 ..........................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تطور حماية ممثل العملة ضد الطرد‪44 .............................................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مظاهر تطور الوضعية الحمائية الخاصة بالنائب النقابي‪45 ....................‬‬
‫الفقـرة األولى‪ :‬الوضعية الحمائية للنائب النقابي قبل المصادقة على االتفاقية الدولية رقم‬
‫‪45 ...................................................................................................... .135‬‬
‫أ‪ -‬دور فقه قضائي محدود ‪46 ..............................................‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 139‬‬

‫ب ‪ -‬مساهمة الفقه في تجاوز مسألة غياب الحماية التشريعية‪49 ...‬‬


‫الفقرة الثانية ‪ :‬الوضعية الحمائية للنائب النقابي بعد المصادقة على االتفاقية الدولية رقم‬
‫‪ 135‬ومراجعة مجلة الشغل تأسيسا عليها ‪53 .........................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مظاهر تطور الوضعية الحمائية الخاصة‪ D‬بالنائب غير النقابي ‪56 .............‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تطور على مستوى إجراءات الحماية ‪57 ..........................................‬‬
‫أ ‪ -‬األشخاص المنتفعون بالحماية ‪57 ........................................‬‬
‫ب ‪ -‬استشارة المدير العام لتفقدية الشغل عوضا عن متفقد الشغل ‪58 ..‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬على مستوى محتوى الحماية ‪61 .....................................................‬‬
‫خاتمة الجزء األول ‪65 ...................................................................................‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬تراجع النزعة الحمائية لقانون الشغل في خصوص أثار الطرد من العمل‪67 .‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬رفض إقرار تقنية بطالن الطرد ‪70 ..................................................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬تجاهل التوجه القانوني الداخلي لإلرجاع العامل ‪71 .............................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االستناد إلى مبادئ قانونية عامة ‪71 .................................................‬‬
‫أ‪ -‬مبادئ القانون المدني ………………………‪71 ……….‬‬
‫ب‪ -‬مبادئ القانون اإلداري‪74 ...............................................‬‬

‫‪76‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستناد إلى مجلة الشغل ‪76 ..........................................................‬‬
‫أ ‪ -‬مبدأ اإلرجاع عند التعليق ‪79 .............................................‬‬
‫ب ‪ -‬االلتزامات المتصلة بإنهاء عقد الشغل ‪83 ..............................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬تجاهل توجه القانون المقارن لإلرجاع العامل ‪83 ................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬عدم األخذ بعين االعتبار التجارب اإليجابية لفقه القضاء المقارن ‪83 ..........‬‬
‫أ ‪ -‬نظريتا غياب الوجه القانوني للتصرف والمنع من ممارسة الحق ‪85‬‬
‫ب ‪ -‬فكرة الحريات العامة وحق المواطنة ‪89 ...............................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬التخلف عن توجه التشريع المقارن‪92 .............................................. D‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬تكريس نظام تعويض نقدي مسقف عن الطرد التعسفي ‪92 ......................‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬محتوى التسقيف‪92 ................................................................... .‬‬
‫النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل‬ ‫‪. 140‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الطرد التعسفي لعيب في الشكل ‪92 ..................................................‬‬


‫أ – منحة عدم اإلعالم بالطرد ‪94 ............................................‬‬
‫ب – غرامة الطرد التعسفي لعدم احترام اإلجراءات ‪96 ..................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطرد التعسفي لعيب في األصل ‪96 .................................................‬‬
‫أ ‪ -‬غرامة الطرد التعسفي لعدم وجود سبب حقيقي وجدي ‪98 ..........‬‬
‫ب‪ -‬مكافأة‪ D‬نهاية الخدمة‪102 ........... ........................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬انعكاسات التسقيف ‪102 ................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تقلص الدور الحمائي للقاضي الشغلي ‪104 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تراجع حقوق األجير ‪106 ...............................................................‬‬
‫خاتمة الجزء الثاني ‪108 ..................................................................................‬‬
‫الخــــاتمة العامــــــة ‪............................................................ .....................‬‬
‫‪.‬المـــــالحــــــــــــــــق‬
‫‪ .‬المصادر و المراجع‬

You might also like