Professional Documents
Culture Documents
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل وليد سالم
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل وليد سالم
2
اللجــــنــــــــة
: .....................................الرئيـس
:.......................................األستــاذ
األستـاذ :فاخر بن سالــم
السنـــــــة الجـــــامعية
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 3
2007 - 2008
الالشـشـ ـككـ ــرـر
المؤطر
أستاذي المؤطر
إلى أستاذي
بالجميل إلى
والعرفان بالجميل
واالمتنان والعرفان
الشكر واالمتنان
عبارات الشكر
أسمى عبارات
أسمى
إنجاح
أجل إنجاح
من أجل
بذلها من
التي بذلها
القيمة التي
المجهودات القيمة
المجهودات
العمل
هذا العمل
هذا
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 4
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 5
الرحيم
الرحمان الرحيم
اهلل الرحمان
بسم اهلل
بسم
عليم
علم عليم
ذي علم
كل ذي
وفوق كل
وفوق
العظيم
اهلل العظيم
صدق اهلل
صدق
يونس
سورة يونس
سورة
اآلية 76
76 اآلية
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 6
العماد االصفهاني
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 7
المذكرة الال
الواردة في هذه المذكرة
األفكار الواردة
اآلراء وو األفكار
إن اآلراء
إن
الكلية في
تلزم الكلية
صاحبها وو الال تلزم
رأي صاحبها
عن رأي
إال عن
تعبر إال
تعبر
شيء.
شيء.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 8
يعتبر العمل مصدر عيش وكرامة ووجود اإلنسان إذ لـــه اعتبDDار ثDDابت في حيDDاة كDDل فDDرد،
1
Adam SmithوهDDو من منظDDار علم فهو " مصدر قيمة اإلنسان ووسيلة لتحقيق وجوده " حسب
االجتماع " المصدر الوحيد للرباط االجتماعي " 2فال يمكن إلنسان البقاء دون ممارسة نشاط معين
يؤمن له دخال يمكنDDه من العيش لDذاك فDDإن كل مDDا يهDDدد اسDتقرار DالعامDDل في عملــه يعـــد خطDDرا
اجتماعيا.
فالطرد من العمل يعتبر " شبحا مخيفا ال يزال يالحق العمال أينما كانوا ويبعث فيهم الحDDيرة
والقلق على المستقبل" 3 .فالطرد يخلق مشكل اجتمDاعي فهDو يعDني ضDياع مDواطن شDغل .وبالتDDالي
فقدان مورد رزق ،مما يزيد في تفاقم ظاهرة البطالة بشكل عام حيث يجد العامل المطرود نفسDDه في
سوق الشغل من جديد إلى جانب عدد كبير من العاطلين عن العمل.
هذا الوضع االجتماعي المتردي الذي أفرزه Dالطرد جعل االستقرار في الشغل هاجسا جماعيDDا
تنشDDده الدولDDة والعمDDال على حDDد السDDواء فالعامDDل ال يتحسDDن مDDردوده إال مDDتى شDDعر باالطمئنDDان
واالستقرار في العمل ،وسياسة التشغيل في البالد تهدف عموما إلى الحد من ظاهرة البطالة خاصDDة
في المؤسسات الخاصة.
فمشكلة المشاكل التي اعترضDDت السDDلطات والمشDDرع التونسDDي منDDذ االسDDتقالل إلى اليDDوم هي
مشكلة التشغيل مما جعل البعض يقول أن المشكل األساسي الDDذي واجهتDDه تDDونس منDDذ االسDDتقالل ال
يخص أوال وبالDDذات تحسDDين ظDDروف العمDDل ،وإنمDDا توفDDير مDDواطن الشDDغل الكامDDل والتقليص قDDدر
اإلمكان من ظاهرة الطرد ذلك أن السعي إلى توفير مواطن الشDDغل في الDDوقت الDDذي يقDDع فيDDه طDDرد
4
أآلالف العملة من المؤسسات سنويا من شأنه أن يحكم على سياسة التشغيل بالفشل.
انطالقا من هذا الوضع برزت الحاجة Dفضال عن توفير مواطن الشغل إلى محاولة Dالحفاظ عليها
وعلى استمراريتها ،وإليقاف هذا النزيف المتواصل داخل أهم شريحة في البناء المجتمعي وجـــدت
____________________________
Adam Smith : textes choisis, Paris, Dalloz -1950 p 207 et suivant -1
.Emile Durkheim, textes choisis, Paris, les ed de Minuit 1975, Tom1 P127 - 2
- 3زكية الصافي " الطرد التعسفي " مكتب العمل العربي الحلقة الدراسية لتشريعات العمل في الجمهورية التونسية ،تونس
من 19إلى 28نوفمبر ،1981ص .211
- 4حق الطرد بين السلطة اإلدارية والسلطة القضائية في القانون التونسي،منير معالج،مذكرة ختم الدروس الجامعية.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 11
________________________
– 1الفصل ، 6جديد م .ش .
– 2الطDDبيب اللDDومي :عقDد الشDغل الفDردي و القضDاء الشDDغلي من خالل مجDل الشDغل و مجلDة الشDDغل البحDDري،
منشورات حيوني،1997،ص.3
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 12
ويعتبر فالسDDفة هDDذه الثDDورة أن العالقDDات االجتماعيDDة تنشDDأ عن إرادات حDDرة وبمDDا أن عقDDد
الشغل أساسه الحرية التعاقدية ،فDDإن العالقDDات الناشDDئة عنDDه سDDتكون حتمDDا عادلDDة ،ولقDDد سDDاهم هDDذا
التصور إلى حDDد كبDDير في حمايDDة أصDDحاب المؤسسDDات ،وتDDدعيم مصDDالحهم ،ولكن ذلDDك كDDان على
حساب تدهور أوضاع العملة ،وتعمق الفوارق االجتماعية بين طرفي العالقة الشغلية ،حيث ظهرت
الشركات الضخمة التي تتحكم في المستهلكين وفي العمDDال.وبDDذلك بDDدأت النظريDDات االشDDتراكية في
البروز والتي عملت على تفكيك أواصل المذهب الفردي حيث اعتبرت أن غاية القانون هي تحقيDDق
المصلحة العامة ،ونادت بتدخل المشDDرع في العالقDDات التعاقديDDة لحمايDDة الطDDرف الضDDعيف وإقامDDة
التوازن بين المتعاقدين حينما تؤدي الظروف االجتماعية إلى اختالله ألن العقد حسب هDDذه النظريDDة
مDDا هDو إال نظDDام من النظم االجتماعيDة ،يهDدف إلى تحقيDDق التDDوازن بين المصDالح ،قبDDل تحقيDDق مDDا
1
لإلرادة من سلطان.
وهكDDذا بDDدأت النزعDDة الحمائيDDة لقDDانون الشDDغل في الظهDDور وأخDDذت النظDDرة للعامDDل تتغDDير
تدريجيا.
ففي فرنسا ساهمت ثورات 1830و 1848في إيجاد بعض القوانين ذات النزعة االجتماعية
حيث نتج عن ثورة جويلية 1830صدور أول قانون اجتماعي وهو قانون 22مDDارس 1841الDDذي
حدد السن الدنيا للعمل بالمصانع بثماني سنوات ،ومنع تشغيل األطفال ليال أو القيام بأعمال خطرة.
أمDDا ثDDورة 1848فقDDد عملت على تحقيDDق برنDDامج اجتمDDاعي متجDDانس وذلDDك تحت تDDأثير الفكDDر
االشDتراكي ،حيث تم اإلعالن عن الحDDق في العمDDل وبDدأ تنفيDذه بفتح ورشDDات وطنيDDة تDوفر الشDDغل
للعاطلين.وتم تحديد ساعات العمDDل بعشDDر سDDاعات في اليDDوم ثم تتDDالت القDDوانين االجتماعيDDة الهادفDDة
باألساس إلى توفير القDDدر الالزم من الحمايDDة للعامDDل حيث تم االعDDتراف بحريDDة تكDDوين الجمعيDDات
وأصبح من المسموح للعمال التكتDDل في إطDDار نقابDDات تDDدافع عن مصDDالحهم ،ثم جDDاءت قDDوانين 27
ديسمبر 1890و 19جويلية 1928التي اشترطت لطرد العامل توجيDDه رسDDالة إعالم بDDالطرد إليDDه،
ومكنت القاضDDي من الحكم بDDالتعويض لفائDDدة العامDDل المطDDرود بصDDورة تعسDDفية .وفي سDDنة 1936
وصDDلت حكومDDة الجبهDDة الشDDعبية إلى الحكم في فرنسDDا وفتحت البDDاب على مصDDراعيه لالتفاقيDDات
المشتركة التي ساهمت بشكل كبير في التطور االجتماعي.
____________________________
.Nicole Catala « Droit du travail, l’entreprise » Dalloz, 1980, p 364-1
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 13
أما في تونس فقد كان لدخول الرأس المال األجنبي دورا فعDDاال في ظهDDور التشDDريع الشDDغلي
بنزعته الحمائية فهذا التشريع نشأ في بيئة اقتصDDادية اسDDتعمارية أفDDرزت تجمعDDات عماليDDة سDDاهمت
بدرجة كبيرة في بلورة قانون الشغل لذلك فإن الفكرة القائلة بأن نشأة وتطDDور قDDانون الشDDغل مرتبDDط
ارتباطا وثيقا بالتحركات Dالعمالية إلجبار السلط على سن تشاريع لحماية حقوق العمDDال لهDDا صDDحتها
علي األقل تاريخيا في ميدان التشريع التونسDDي للعمDDل 1،ففي 20أفريDDل 1921صDDدر األمDDر العلي
المحدد لكيفية منح وتوزيDع الراحDة DاألسDبوعية وحDدد سDاعات العمDل اليDومي بصDفة عامDة بعشDرة
ساعات ثم توالى صدور العديد من التشريعات بصفة تدريجية وظرفية إلى حDدود سDنة 1936الDتي
مثلت منعرجا Dهاما في تتطور قDDانون الشDDغل نحDDو إقامDDة عالقDDات جماعيDDة بين العمDDال والمDDؤجرين
تخفف كثيرا من مظDDالم العالقDDات المهنيDDة الفرديDDة ،وفي الحقيقDة DيرجDDع هDDذا التطDDور إلى األحDDداث
السياسية التي جدت بفرنسا في شهر جوان 1936والDDتي أدت على الصDDعيد السياسDDي إلى انتصDDاب
الجبهة الشعبية وإقامة حكومة اشتراكية أكثر حساسية لمشاكل العمال أمDDا على الصDDعيد االجتمDDاعي
فقد شهدت هذه الفترة تحركات عمالية جبارة في كل القطاعات D،كان من نتائجها صدور ثالثة أوامر
بتاريخ 7أوت 1936يتعلق األول بتحديد مدة العمل األسبوعي بأربعين ساعة وكDDرس الثDDاني حDDق
العامل في العطلة السنوية الخالصة Dاألجر أما األمر الثDDالث فيعDDترف للنقابDDات بحقهDDا في المفاوضDةD
الجماعية مع المؤجرين لتحديد ظروف العمل واألجور ،وذلك بإبرام العقود المشتركة .
و توالت بعد ذلك اإلصالحات 2بغية إقرار حماية أفضل لألجير ومع االستقالل تالحق
نسق تطور الحقوق التي تم تكريسها لفائدة األجراء فنصت توطئDDة الدسDDتور على الحDDق في
العمDDل و كDDرس الفصDDل الثDDامن منDDه الحDDق النقDDابي كمDDا تجلى الحDDرص على حمايDDة
المسDDتخدمين في تحديDDد مفهDDوم و محتDDوى التكDDوين المهDDني و القواعDDد الDDتي تنظم التعليم
الصDDناعي و عقDDوده من ناحية .3وتحDDوير شDDروط دخDDول العمDDال األجDDانب إلى تDDونس 4وإيجDDاد
____________________________
– 1المنجي طرشونة :تاريخ قانون العمل في تونس م العمل والتنمية -السداسي األول 1987عدد 1ص .135
– 2على سبيل الذكر :كرس أمر 14نوفمبر 1940مبدأ وجوب تفقد الطرد ألسباب اقتصادية من طرف مصالح التفقدية
-وأقر أمر 21سبتمبر 1944تطبيق تشريع العمل على الصنائع الحرة
-و نظم أمر 19جانفي 1950المسائل المتعلقة بتأسيس المجالس العرفية
– 3أمر 12جانفي . 1956
– 4أمر 12نوفمبر . 1956
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 14
و لكن على إثر تغير النظام االقتصادي منذ السبعينات تمثل في " طــراز جديــد من عالقــات
اإلنتاج التبادل فيه جوهر والجدوى أساس والخوصصة أصل " 1وأمام ما كDDان يDDوفره القDDانون
الشغلي من حماية للعمال .مثلت الميزة األساسية لهDDذا األخDDير عمومDDا ،نDDادي المDDؤجرون بضDDرورة
إدخال مرونة على قواعDده ،معتDبرين أن قDDانون الشDDغل هو المسDDؤول عن األزمDDات الDتي أصDDبحت
تتخبط فيها المؤسسات االقتصادية اعتبارا لتكلفته الباهظة ونزعتDDه الحمائيDDة المفرطDDة في كثDDير من
األحيان ، 2خصوصا وأن هذا القانون يمر بمرحلة حاسDDمة في تطDDوره " حيث يجابــه واقعــا
3
جديدا يتميز بتحوالت عميقة اقترنت بتحرير المبادالت وشدة المنافسة بين المؤسسات "
لجملة هذه االعتبارات دعا االتحاد التونسي للصناعة والتجارة و منذ سنة 1987إلى ضDDرورة
مراجعة Dم.ش ألنها لم تعد تواكب حسب رأيه االختيDارات االقتصDDادية للبالد الDتي تقDوم أساسDا على
تشجيع االستثمار وإعطاء األولوية للمبادرة الخاصDة DوهDDذا ال يمكن أن يتحقDDق إال بإدخDDال المرونDDة
4
،إذ ال يمكن أن يتحمDDل على القDDوانين االجتماعيDDة بصDDفة عامDDة وقDDانون الشDDغل بصDDفة خاصDDة
المDDؤجرون وحDDدهم مسDDؤولية الDDترفيع في اإلنتDDاج بDDل يجب أن يقاسDDمهم في ذلDDك جميDDع األطDDراف
المشاركة وخاصة العمال الذين ال يمكن إعطDDائهم حمايDDة مفرطDDة وتمDتيعهم بحقDوق مبDDالغ فيهDا من
شأنها أن تخل بمردودية العمل.
لجملة هذه األسباب نDDادى األعDDراف بضDDرورة إعطDDاء المؤسسDDة حريDDة االنتDDداب المباشDDر
وتجاوز كل اإلجراءات اإلدارية باعتبار أن المؤسسة هي اإلطار األمثل لتقييم مدى مؤهالت طالب
الشغل مع حاجياتها الواقعية .5فالتوجهات االقتصDادية الراهنDة تتطلب تسDخير كDل العناصDر لخلDق
مواطن الشغل ،وعلى هذا األساس فإن المؤسسة االقتصادية مطالبة باستغالل كل إمكانيات التشغيل
حتى الظرفية منها تماشيا مع سوق الشغل األمDDر الDDذي يفDDرض تسDDهيل االنتDDداب عن طريDDق عقDDود
الشغل ألجل معين أما في خصوص دوائر الشغل فقد نــادى االتحـــاد التونسي للصناعة والتجـــارةD
_______________________
.علي المزغني وسليم اللغماني ،مقاالت في الحداثة و القانون ،دار الجنوب ،ص 1 – 14
– 2المنجي طرشونة ،عقود التشغيل ،متلقى أنواع عقود التشغيل في القانون التونسDي والقDانون المقDارن ،الجمعيDة
التونسية لمتفقدي الشغل ،تونس .1993
– 3محمد الناصر ،التشريع االجتماعي وامتحان العولمة ،مجلة دراسات قانونية عدد ،1999 ،1998 ،6ص .27
– 4محمد الزمني ،قانون الشغل و مرونة التشغيل ،وزارة الشؤون االجتماعية ،مركز التوثيق . 1991
- 5المنجي طرشونة " :عقود التشغيل " المصدر السابق ،ص . 44
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 16
بضرورة تحديد مفهوم الطرد التعسفي وتحديد قيمة غرامة الطDDرد بمعDDدل أجDDر شDDهر عن كDDل سDDنة
عمل فعلية كحد أقصى .كما طالب المؤجرون بالتمديد في فترة التجربDDة لتصDDبح سDDنة قابلDDة للتجديDDد
معللين ذلك بإتاحة فرصة التكوين الناجع للعامل وتمكين المؤسسة في نفس الوقت من تقييم مؤهالته
الحقيقية.
فالمرونة حسب مطالب المؤجرين تتمثل في حرية وإمكانية االنتDDداب لمDDدة معينDDة ومحDDددة،
وتقييDDد القضDDاء في تحديDDد غرامDDة الطDDرد التعسDDفي وتأسيسDDا على مDDا تقDDدم قDDامت الحكومDDة بإعDDداد
مشـروع متكامل يهدف إلى إدخDال تغDيرات جذريDة على مجلDة الشDغل ولقDد مثلت في الحقيقDة هDذه
التغيرات تراجعا عن النزعة الحمائية من طرف المشرع الذي أصDDبح يأخDDذ بعين االعتبDDار مختلDDف
مطالب المؤجرين وقد احتوى هذا المشروع على مرونة كبرى ،خاصDDة فيمDDا يتعلDDق بDDإقرار وألول
مرة في تاريخ التشريع التونسDي لعقDود الشDغل بجDزء من الDوقت .كمDا تعDرض المشDرع أيضDا إلى
مسألة تنظيم سوق الشغل ومسألة األجور وغيرها من المواضيع األخرى إال أن هذا المشروع لم ير
النور ووقع تقسيمه إلى عدة أجزاء كان الجزء األول منه تنقيح 21فيفري ،11994الذي يعتبر أهم
تنقيح أدخل على مجلة الشغل منDDذ صDDدورها فقDDد شDDمل هDDذا التنقيح 71فصDDال وأضDDاف 16فصDDال
جديدا.
أما الجزء الثاني من هذا المشروع فقد تم تجسيده بمقتضى القانون عدد 62لسنــــــة 1996
المDDؤرخ في 15جويليDDة 1996وبDذلك أصDDبحت مجلDDة الشDDغل مسDDايرة لقDDوانين الشDDغل في البلDDدان
.2
المتقدمة
وفي الواقDDع فDDإن هDDذين التنقيحين يتنDDازالن في إطDDار سDDعي المشDDرع إلى إدراج نDDوع من
المرونة التوفيقية ،بين مصالح طرفي العالقة الشDغلية وذلDDك بالمحافظDة Dعلى المكاسDDب االجتماعيDDة
للعمال باعتبارها مكاسب المجموعة الوطنية وبين تمكين المؤسسات االقتصادية من الظروف الDDتي
تساعدها على النمو ومواجهة تحDDديات المحيDDط االقتصDDادي 3فهDDذين التنقيحين وخاصDDة الواقDDع سDنة
.1994جـــاءا مدعمين لالتجــــاه Dالجديد الذي يحاول تخفيف العبء على المؤسســـات االقتصادية
__________________________
- 1القانون عدد 29لسنة ،1994المؤرخ في 21فيفري ،1994الرائد الرسمي عدد ،15بتDDاريخ 22فيفDDري ،1994
ص 309إلى. 315
-2الطيب اللومي :مرجع سابق.
- 3المنجي طرشونة " القانون الجديد للطرد " أعمال ملتقى الجديد في تنقيح مجلDDة الشDDغل تنظيم الجمعيDDة التونسDDية
للمحامين الشبان ،تونس 29أفريل ،1994ص .44
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 17
بتمكينها مــــن حرية أكثر مع محاولة Dعدم المساس بأصل المكاسب التي كــــانت ممنوحة للعمــال.
وتبعا لذلك فقد تم سد فراغات التشريع القديم خاصة في مجال إنهاء عقد الشDDغل ،بممارسDDة
حق الطرد من طرف المؤجر .وتعد مسألة الطرد من العمل من أهم المسائل التي اهتم بهDDا المشDDرع
بوصفها من المجاالت التي يصعب في نطاقهDا تحقيDق توافDق بين مصDلحة العامDل في الحفDاظ Dعلى
موطن عمله ومصلحة المؤسسة في ضمان اسDDتمراريتها لDDذلك كDDان الطDDرد من العمDDل من المسDDائل
القانونية التي كانت محل اهتمام قانون الشغل الحديث نظرا لخطورته وتأثيره على الحDDق في العمDDل
ذلك أن عقDد الشDغل باعتبDاره من العقDود الممتDدة التنفيDذ يمكن أن يكDون محDددا بمDدة اتفاقيDة ينتهي
بحلولها العقد ،كما يمكن أن يكون غير محدد المدة وفق مDDا جDDاء بالفصDDل 6/2جديDDد من م .ش لمDDا
اقتضى أنه " يبرم عقد الشغل لمدة غير معينة أو لمدة معينة ،ويمكن أن يتضمن عقد الشغل لمــدة
معينة تحديدا لفترة زمنية لتنفيذه أو تعيين للعمل الذي ينتهي العقد بإنجازه " وإن كان عقد الشDDغل
محدد المدة ال يطرح إشكاال كبيرا بخصوص تاريخ انتهائDDه فهDو ينتهي بانتهDاء المDدة المتفDDق عليهDDا
أو إتمام العمل المتفق عليه 1فإن عقد الشغل غير محدد المدة يمتاز بخاصية قانونية تفرده عن غيره
من العقود فهو يحتوي على حق ممنDDوح لكDDل من طرفيDDه في إنهائDDه من جDDانب واحDDد وذلDDك بصDDفة
مستقلة عن األسباب األخرى إلنقضاءه ،فإذا حصل اإلنهاء بمبادرة من األجير يعتبر ذلك استقالة.
أما إذا حصل اإلنهاء من جانب المؤجر فإنه يتخDDذ شDDكل طDDرد ،فDDالطرد إذا هDDو " تصDDرف
قانوني من جانب واحد يعلن بموجبه المؤجر عن إرادتDه الصDريحة في إنهDاء العقDد الDذي
يربطه باألجير و المبرم لمدة غير محDDددة ،و تكDDون هDذه اإلرادة صDريحة ،بمDوجب االلDتزام
الذي يفرضDDه القDDانون على الطDDرف الDDذي يبDDادر بإنهDDاء العالقDDة التعاقديDDة بDDإعالم الطDDرف
2
اآلخر مسبقا خالل مدة معينة "
إذا وأمام خطDDورة هDذه الممارسDة الDتي يتمتDع بمقتضDاها المDؤجر بحDق وضDع حDDد للعالقDة
الشغلية وأمام سعي المشرع الدائم إلى توفير الحماية الالزمة لألجير وكذلك انتهاج سياسة مرنDDة في
مجال الطرد من العمل تتجلى لنا األهمية النظرية والعملية لموضوع النزعة الحمائية لقانون الشDDغل
في مجال الطرد.
________________________
– 1الفصل ،14جديد م.ش.
– 2المنجي طرشونة " المفهوم القضائي للطرد التعسفي" مجلة القضاء والتشريع ديسمبر ،1993ص.45- 44
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 18
فعلى المستوى النظري سوف تكون لنا هذه الدراسة فرصة جيدة الستكشاف المكانة الجديدة
التي تحتلها النزعة الحمائية في مجال الطرد في ظل انتهاج قانون الشغل لسياسة المرونة التوفيقية.
أما عمليا فإن لهذا الموضوع مساس بالسلم االجتماعي واالقتصادي من خالل ما للطرد من
نتائج خطيرة على الوضعية االجتماعية لشريحة هامة في المجتمع وهي شريحة العمال.
و لنا أن نتساءل هنا في ظل انتهاج المشرع لسياسة توفيقية مرنة تراعي مصDDلحة طDDرفي
العالقة الشغلية ،أي مكانة أصبحت تحتلها النزعة الحمائية لقDDانون الشDDغل في مجDDال الطDDرد
من العمل؟
ما يمكن مالحظته عموما في هDذا اإلطDار أن قDانون الشDغل قDد سDعي إلى تطDوير
نزعته الحمائية في خصوص شروط وإجراءات الطرد ( الجزء األول ) ولكنه في المقابل
سجل تراجعا عن هذه الحماية على مستوى أثار الطرد ( الجزء الثاني ).
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 19
:الجزء األول
باعتبار ما يتميز به قانون الشغل من نزعة حمائية تجاه األجير الطرف الضعيف في العالقة
الشغلية فقد سعى المشرع من خالل فرض شروط وإجراءات الطرد من العمDDل ال فقDDط إلى الحفDDاظ
على هذه الحماية بل ولمزيد تطويرها ،وقد بدا هذا التوجه واضحا من خالل فرضه تدخل جملة من
الهياكل سواء داخل المؤسسة أو خارجها حماية األجير العادي ضد الطرد ( الفصDDل األول) ونظDDرا
للوضDDعية الخاصDDة الDDتي يحتلهDDا األجDDير ممثDDل العملDDة .والDDتي تجعلDDه عرضDDة الختالف متواصDDل
ومستمر مع ما يتخذه المؤجر من قرارات دفاعا عن حقوق بقية األجراء ،فقد حاول المشرع تطوير
أشكال هذه الحماية وتعزيزها ( .الفصل الثاني ).
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 20
إن طبيعة عقد الشغل تفرض خضوع العامل لألوامDDر صDDاحب العمDDل لمDDا لهDDذا األخDDير من
سلطة واسعة النطاق تخول له ممارسة نفوذه التأديبي تجاه كDDل عامDDل يخDDالف تلDDك األوامDDر وينفDDرد
لذلك المDDؤجر بسDDلطة تسDDليط عقوبDDة الطDDرد وتقييمDDه وإسDDناده ألجDDير .إال أن هDDذه السDDلطة التأديبيDDة
الواسعة والمخولة للمؤجر ال يمكن أن تتسم بDDاإلطالق ألنDDه يخشDDى أن يميDDل إلى إسDDاءة اسDDتعمالها،
لذلك سعى المشDDرع إلى احتواءهDDا من خالل اإلبقDDاء على آليDDات الرقابDDة السDDابقة ( المبحث األول )
ولكن هذه الرقابة تبدو غير كافيDDة للحDDد من سDDلطة المDDؤجر لDDذلك عمDDل المشDDرع على تفعيلهDDا عDDبر
تعزيز الرقابة الالحقة (.المبحث الثاني ).
يعتبر مجلس التأديب الضمان الجوهري الذي أسسه القانون االتفاقي لفائدة العملة في القطاع
3
الخاص 2ويرى الفقية « » Ollier أن مجلس التأديب يمثل وسيلة لمراقبة تناسب العقوبDDة والخط DأD
حيث أنه يقوم بدور هام في مراقبة الوقائع التي أثارها المؤجر والجزاء الذي سلطته عليها.
اقتضى الفصل 37من االتفاقيDDة اإلطاريDDة المشDDتركة أنDDه " بالنسDDبة لعقوبDDة الدرجDDة الثانيDDة
والتي من ضمنها عقوبـــة الطرد أو العزل فإن العامل يقدم جبرا لDDدي لجنDDة التعDDديل الDDتي تنتصDDب
كمجلس تأديب يعطي رأيه في العقوبة المتعين أخذها ويتولى هــذا األخDDير إعالم العامDDل بقDDراره"،
فإن كـــان المؤجر يسDDتطيع أن ينفDDرد باتخDDاذ عقوبDDة الدرجDDة األولى ضDد العــامل ،فDDإن عـــرض
األجير على مجلس التأديب بالنسبة لعقوبة الدرجة الثانيDDة واجب خصوصDDا إذا تعلDDق األمDDر بعقوبDDة
الطرد.
والفكرة التي ترتكز عليها إجبارية إحالة األجير على مجلس التأديب تتمحDDور حDDول القاعDDدة
القائلة بأنه " ال يمكن للمؤجــر أن ينتصب خصما وحكمـــا في نفس الوقت" 4وهي القاعدة الDDواردة
في القرار Dاالستئنافي عدد 2548الصادر عن المحكمة االبتدائية بتونس بتاريخ 28مارس .1970
_______________________
– 1أنظر الفصل ،160م.ش .
– 2رأي المنجي طرشونة أوردته فريDDدة العبيDDدي في مDDذكرتها " السDلطة التأديبيDة DللمDDؤجر" مDDذكرة لإلحDراز على شDهادة
الدراسات المعمقة كلية الحقوق تونس ،1996 ،ص .142
Pierre Domonique Ollier « Réflexion sur le droit de se faire justice a soi même dans les – 3
.rapports de travail » droit social 1967, p 496
–4فاخر بن سالم :المراقبة القضائية لعمليات الطرد كوسيلة لحماية التشغيل ،المجلة التونسية للقانون االجتماعي عدد ،7
،1986ص .77
ويكتسDDي هDDذا القDDرار درجDDة كبDDيرة من األهميDDة إذ هDDو يجDDرد صDDاحب المؤسسDDة من حDDق
االقتصاص لنفسه بنفسه ويحتم عليه عرض العامل على هيئDDة مختصDDة واحDDترام إجDDراءات تضDDمن
حقوقه في الدفاع عن نفسه وكل طرد يقع تقريDره من طDرف المDؤجر مباشDرة يعDد بالتDالي تعسDفيا،
وهذا ما جاء بقرار صادر عن محكمة تونس االبتدائية تحت عDDدد 5112بتDDاريخ 23جDDوان 1976
"حيث أنه بقطع النظDر عن األخطDDاء المهنيDة المنسDDوبة للمسDتأنف عليDDه فعDدم عرضDDه على مجلس
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 22
التأديب يعتبر خرقا لإلجراءات األساسية التي جاء بها قانون الشغل ،والضمانات التي سنت لصDDالح
1
العامل األمر الذي يضفي على الطرد المسلط على المستأنف عليه صبغة الطرد التعسفي "
وفيما يتعلق بتركيبة هDDذا المجلس ،يمكن اإلشDDارة إلى أنهDDا قDDد شDDهدت تطDDورا ملحوظDDا ففي
البدء أسندت مهمة التأديب إلى اللجنة االستشارية المتعادلة األطراف وقد كDDانت هDDذه اللجنDDة تتكDDون
في كDDل مؤسسDDة " يكDDون عDDدد المسDتخدمين بهDDا على األقDDل عشDDرين ،أمDDا بالنسDDبة ألعDDراف الDDذين
يشغلون أقل من عشرين عامال ويوجDDدون في منطقDDة واحDDدة فمن الممكن إمDDا تDDأليف لجنDDة متعادلDDة
األطراف اعتياديا أو االجتماع مباشرة مع نواب العملة وتقوم هDDذه االجتماعات مقDDام لجنDDة متعادلDDة
2
األطراف.
ولقDDد اختلDDف الوضDDع بعDDد تنقيح فيفDDري 1994إذ أصDDبحت اللجنDDة االستشDDارية للمؤسسDDة
3
تضطلع بمهمة التأديب باإلضافة إلى وظائفها األخرى.
نص الفصل 157من م ش على أن هذه اللجنة تتواجد في كل مؤسسة تشDDغل أربعين عDDامال
قارا على األقل ،وتتركب " بالتناصف من ممثلين عن إدارة المؤسسة من بينهم رئيس المؤسســة
4
وممثلين عن العملة منتخبين من طرفهم "
وعندما تنظر اللجنة االستشارية للمؤسسة في المسائل المتعلقDة بالتDأديب يتم تعDديلها بكيفيDة يقتصDر
فيها الحضورعلى األعضاء الممثلين للقسم االنتخابي الذي ينتسب إليه العامل المعني باألمر وعلى
________________________
- 1قرار صادر عن المحكمة االبتدائية Dبتونس ،عدد ، 5112بتاريخ ،1976 D/ 06 D/ 23أورده فاخر بن سDDالم ،المصDDدر
السابق ،ص .77
-في نفس السياق ،قرار تعقيبي مدني عدد ، 75968مؤرخ في 10جانفي ( .2000انظر الملحق)
- 2الفصل 39إ.إ.م.
-3الفصل 157م .ش ،المنقح بقانون 21فيفري .1994
- 4الفصل 158م .ش ،المنقح بقانون 21فيفري .1994
سير أعمالها خاصة وأن تداخالته "تكDون دائمDا بمثابDة الخطDاب Dاألخالقي الDDذي ال يخلDو من لهجDDة
التهديد ألنه يجعل مصلحة المؤسسة فوق كل اعتبار بما أنها تمثل مورد رزق كل األجراء العDDاملين
2
بها "
ولكن ومهما يكن فإن وجود هيكل حمائي داخDDل المؤسسDDة من شDDأنه أن يDDوفر القDDدر الالزم
من الحماية للعامل ضد ادعاءات المؤجر ،هذه الحماية تداعمت أكثر من خالل تنصيص الفصل 37
من إ.إ.م على ضرورة استدعاء العامل من طرف المؤجر للمثول أمام مجلس التأديب ثالثة أيام قبل
االنعقاد .هذا وينبغي أن يتم استدعاء العامل بواسطة رسالة مضمونة الوصDDول مDDع اإلعالم بDDالبلوغ
وللعامل خالل الثالثة أيام المذكورة الحDDق في اإلطالع على ملفDDه وعلى التقريDDر المقDDدم ضDDده ومن
الواضح أن هذا اإلجراء يهدف أساسا إلى تمكين العامل من معرفة ما نسب إليــه من أفعال ومنطلقا
لممارسة حق الدفاع عن النفس الDDذي ال يكDDون حقيقيDDا إال إذا تمكن األجDDير من اإلطالع على األدلDDة
التي تدينه تجسيدا لمبدأ المواجهة الذي يعتبر من المبادئ اإلجرائية المستقرة في قانون المرافعات.
تبDدو إذا رغبDة المشDرع واضDحة في توفDير القDدر الالزم من الحمايDة ألجDير بواسDطة هDذا
المجلس ،وما يؤكد ذلك هو أن قراراته تبقى ملزمة بالنسبة للمؤجر فمثال إذا " قرر مجلس
التأديب بغالبية األصوات إيقاف العامل عن العمل لمDDدة معينDDة وعمDDد المDDؤجر إلى طDDرده
نهائيا متجاوز قــرار المجلس المDDذكور فDDإن الطDDرد يعتDDبر تعسDDفيا وبمـوجب ذلDDك يسDDتحق
3
العامل ما يخوله قانون الشغل من منح و غرامات ".
هذه اإللزامية هي تعبير عن الرأي الغالب في موقف فقه القضاء حيث اعتبر أنDDه
"و إن كان قرار مجلس التأديب استشاريا بالنسبة للمحكمة التي تتولى سلطة مراقبته فــإن
_________________________________
–1الفصل الثالث من األمر عدد 30لسنة 1995مؤرخ في 9جانفي 1995المتعلق بتركيبة وسير عمل اللجنة االستشDDارية
للمؤسسة وبطرق انتخاب نواب العملة وممارستهم لمهامهم .
.Elleuch Sami : La faute cause de licenciement , mémoire en DEA FDSPT 1983, P90 – 2
–3قرار تعقيبي مدني عدد 4399مؤرخ في 6جانفي 1983النشرية 1984ج ،2ص .15
1
قراراته تعتبر ملزمة لرئيس المؤسسة " .
نفس المبدأ وقع التنصيص عليه في بعض االتفاقيات القطاعية من ذلك مثDDل الفصDDل 26من
االتفاقية المشتركة للتأمين بمقولة أن " الرئيس المدير العام يبقى مرتبطا برأي مجلس التأديب الDDذي
يتخذ قراره بأغلبية أصوات أعضاءه " .ولكن على مجموع االتفاقيات القطاعية ثالث منها فقط تقDDر
2
صراحة سلطة القرار لمجلس التأديب وبالتالي يبقى القانون اإلتفاقي متأخرا Dعن فقه القضاء.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 24
تقديم الشكاية يجب على متفقد الشغل التثبت من هذه المعطيات وخاصة تلك المتعلقة بآجDDال انقضDDاء
3
الدعوى.
ثم يستدعى المDDؤجر للتأكDDد من ادعDDاءات العامDDل ويباشDDر بعDDد ذلDDك المكافحDDة بين الطDDرفين
ويتعين على متفقد الشغل أثناء هذه المكافحDة Dأن يسDDتمع على حDDدة إلى األطDDراف وتجنب المواجهDDة
المباشرة التي يمكن أن تؤول في أغلب الحاالت إلى فشل المحاولة الصلحية .وتمسك المؤجر بطرد
األجير وفي هذه الحالة يطلب متفقDد الشDغل منDه دفDع المنح وغرامDات الطDرد الDتي اقتضDتها مجلDة
الشغل أو االتفاقية المشتركة القطاعية التي تخضع لها المؤسسة وإذا ما قبل المDDؤجر هDDذا الحDDل وتم
التعويض الرضائي يحرر متفقد الشغل وصل إبراء ذمة 4يسلم نسDDخة لكDDل طDDرف ويحتفDDظ بنسDDخة
ثالثة في ملف تفقدية الشغل 5وإذا ما رفض المؤجر تعDDويض العامDDل فإنDDه يتعين على متفقDDد الشDDغل
إحالة Dالشكوى على دائرة الشغل وذلك بتعمير مطبوعة تتضمن معلومات حDDول األجDDير مDع طلبDDات
6
ومالحظات متفقد الشغل.
هذه هي إذا الطريقة المتبعة في معالجة Dحاالت الطرد التي تعDDرض على تفقديDDة الشDDغل وهي
مستوحاة Dفي الواقع من العادة والممارسة يلعب فيها متفقد الشغل الدور المحDDوري والحمDDائي تتجسDDد
خاصة في محاولة إقناع المؤجر في العدول عن الطرد وإرجاع األجير إلى مركز عمله وفي أقصى
7
حاالتها الحفاظ على حقوقه Dمن منح وغرامات ومحاولة تحصيلها بنفسه أو بواسطة القاضي الشغلي
_______________________________________
– 1قرار استئنافي عرفي عدد 2767مؤرخ في 11ماي .1975
-انظر الحكم االستئنافي المؤرخ في .17/10/1986
– 2علي القويد :دور تفقدية الشغل في مجال الطرد من العمل :فعاليات ملتقى 7-6أفريل ،2007الجمعية التونسية
لمتفقدي الشغل.
– 3الفصلين 23و 174من م.ش.
– 4انظر الملحق.
- 5مكتب العمل العربي دليل تفتيش العمل في الدول العربية لسنة .1996
– 6انظر الملحق.
– 7علي القويد :مرجع سابق ،ص .6
الفقرة الثانية :الرقابة ضد الطرد ألسباب اقتصادية وفنية
في ذات السياق الهادف إلى الحد من نفوذ المؤجر وتوطيد نزعة قانون الشغل الحمائيDDة ،لم
يتوان المشرع على إحاطة الطرد لألسباب اقتصادية وفنية بضمانات إجرائية أخDDذت بعين االعتبDDار
خطورة Dهذا الصنف من الطرد بوصفه ال يهدد عامل واحدا وإنما مجموعة بأكملهDDا ،كمDDا أنDDه يمثDDل
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 26
مظهرا غير سليم للحياة االقتصادية واالجتماعيDة بصDفة عامDة 1لهDذا االعتبDار خص المشDرع هDذا
النوع من الطرد .بمراقبة مشددة تجسدها تفقدية الشغل في مرحلة أولى ( أ) ثم لرقابDDة لجنDDة مراقبDDة
الطرد في مرحلة ثانية ( ب)
الهيكلة القانونية للمؤسسة 2وهو ما يعبر عنه كذلك بالسبب الفني الذي يشمل حذف أو تغيDDير نشDDاط
بنشاط آخر أو تغيير المخططات Dأو التغيير في توزيع العمل بين مختلDDف المراكDDز أو حDDذف مركDDز
.3
شديد التكلفة
إضافة إلى السبب االقتصادي والفني فإن الطرد البد أن يشDDمل حسDDب عبDDارات الفصDDل 21
من م.ش " البعض من عملته القـــارين أو كــــاملهم" ،غير أنه بالتأمل في عبارات الفصل المذكور
نــالحظ أن المشDDرع قDد اسDتعمل عبDارة " البعض" دون أن يDبين كـــم عDدد العمــال الDذين يمكن
طردهم ؟
وقد تجاوز فقه القضاء هذه المسألة فوقع التركيز أساسا على التفرقة بين السبب االقتصDDادي
4
وغير االقتصادي فطبق الطرد ألسباب اقتصادية حتى على حاالت الطرد الفردي.
غير أن الفصل 21من خالل صيغة الجمDDع الDDتي اسDDتعملها وبعبDDارة " Dالبعض" ال يمكن أن
يطبق إال على الطرد الجماعي Dوبالرجوع إلى الحلول التي تقترحها لجنة مراقبة الطرد نالحDDظ أنهDDا
تتحدث عن الصيغة الجماعية ،وليس عامال واحدا فمن الصعب تصور أن طرد عامال واحدا يمكن
5
أن يحل المشكلة االقتصادية التي تتعرض لها المؤسسة".
____________________________
1 – Jean Savatier : RDS 1978, p. 297 – 298, cité Par Antoine – Jeammaud « la Notion de
licenciement Pour motif économique RDS, Mars 1981, p 278 ..
2 – Fakher Ben Salem : Le pouvoir de l’administration et contrôle judiciaire dans le droit de
licenciement en Tunisie: thèse de doctorat d’Etat, Université des sciences sociales Toulouse
1981, p 345.
3 - Antoine Jeammaud : la Notion de licenciement pour motif économique RDS , Mars
1981, p 280.
– 4قرار تعقيبي مدني ،مؤرخ في 11جانفي ،1975ن .م .ت .ج .ا 1975،أوردته كوثر شقرون ،مرجع سابق ،ص .89
-Fakher Ben Salem op. cité, p353. 5
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الفرنسي قد حسم هذا األمDDر واعتDبر أن الطDرد ألسDباب
اقتصادية ال يمكن أن يشمل أقل من عDDاملين 1كمDDا نص الفصDDل 21أن إجDDراءات الطDDرد ألسبــاب
اقتصادية ال تنطبق إال على العملة القارين ،وقد نصDDت الـ إ.إ.م على أن العملDDة القDDارين هم " الDDذين
يتم استخدامهم لمدة غير معينة ،والDDذين هم غDDير منتDDدبين للقيDDام بأشDDغال من حين لآلخر أو بأشDDغال
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 28
2
طارئة" .إذن فالعامل Dالقار هو الذي يمتد عقده لمدة غير معينDDة .فلم ينتDDدب للقيDDام بأعمDDال ظرفيDDة
وإلى جانب هذه الشروط الموضوعية التي تقتضي تدخل متفقد الشغل في هذا الطDDرد هنDDاك شDDروط
شكلية ال بد من توفرها .
هذه الشروط الشكلية أوجبها الفصل 21من م.ش الذي اقتضى أنDDه " على كDDل مDؤجر يعDDتزم طDDرد
أو إيقاف عن العمل ألسباب اقتصDDادية أو فنيDDة البعض من عملتDDه القDDارين أو كDDاملهم أن يعلم بDDذلك
مسبقا تفقدية الشغل المختصة ترابيا "...وإذا شDDمل الطDDرد عمDDاال منتمين لفDDروع مؤسسDDة متواجDDدة
3
بواليتين أو أكثر فإن هذا اإلعالم يوجه إلى اإلدارة العامة لتفقدية الشغل.
ولم يتضDDمن هDDذا الفصDDل تحديDDدا لشDDكل هDDذا اإلعالم المسDDبق هDDل هDDو برسDDالة مضDDمونة
الوصول مع اإلعالم بالبلوغ ،أو بأي وسيلة أخرى؟D
في حقيقة األمر يمثل هذا اإلعالم المسبق نقطة انطالقة فعلية لتعهد متفقDDد الشDDغل في واقعDDة
الطرد ألسباب اقتصادية وتجسيدا واقعيا لدوره الحمائي لفائدة األجير الطرف الضDDعيف في عالقتDDه
مع المؤجر .
وفي هذا اإلطار تقوم تفقدية الشغل بزيارات ميدانية لمعاينة وضعية المؤسسة لجمع كل
المعلومات الضرورية وذلك مهما كان مصدرها سواء كان صاحب المؤسسة ،أو أحد العمDال الDذين
يعملون بالمؤسسة ،وكل ذلك بغاية التحري والتأكد من جدية الصعوبات المثارة.
وتعتبر صالحية البحث المخولة لتفقدية الشغل والتي تضمنها الفصل 174من م.ش من
أهم الضمانات التي تهدف إلى تقدير مدى الصبغة الجديDDة للطDDرد وصDDحة األسDDباب المحتج بهDDا من
المؤجر للتقليص في عدد العمال ،ذلك أن العديد من المؤجرين يستندون إلى أسباب اقتصادية وهمية
_____________________________
– 1الفصل 4 321من م .ش .ف.
– 2كوثر شقرون :المرجع السابق ،ص .90
– 3الفصل ، 2-21أضيفت هذه الفقرة بمقتضى القانون عدد 62المؤرخ في 15جويلية .1996
لتبرير نوياهم في التخلص من بعض العمال غDDير المرغDDوب فيهم مثDDل العمDDال الDDذين لهم توجهDDات
نقابية أو سياسية تتعارض مع توجهات المؤجر.
وقد أثبتت التجربDDة أن البحث المعمDDق من قبDDل متفقDد الشDDغل كثDيرا مDا يDؤدي بDالمؤجر إلى
1
سحب مطلبه في إعفاء عملته من الشغل واقتراح حلول أخرى غير الطرد.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 29
وتعد عملية البحث مرحلDDة تمهيديDDة للمصDDالحة الDDتي اعتبرهDDا الفصDDل 21من م ش من اإلجDDراءات
الوجوبية حيث تتسع سلطة تفقدية الشغل إلى إجراء المصالحة Dبين طرفي العالقة الشغلية
فقDDد اقتضDDى الفصDDل 3 D-21جديDDد من م .ش .إن القيDDام بالمحاولDDة الصDDلحية بين الطDDرفين
المعنيين يكون في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ تعهدها ،وقد حاول المشDDرع عنDDد تنقيحDDه
للفصل 21م ش بمقتضى القانون عدد 62المؤرخ في 15جويلية 1996تجاوز المشDاكل الDتي كDDان
يثيرهDDا الفصDDل 21قDDديم نتيجDDة عDDدم تحديDDد آجDDال للنظDDر في مطDDالب الطDDرد والDDذي أدى إلى عDDدة
تجاوزات من طرف المؤجرون ،باعتبار أن هؤالء كثيرا ما يعمدون إلى الطDDرد دون احDDترام هDDذه
اإلجراءات الشكلية بدعوى عدم الرد على مطلبهم من قبل تفقديات الشغل.2
وكمثال على ذلك يمكن أن نذكر القرار الذي جاء في حيثياته " إذا أجاب صاحب العمل بأنه
أطرد عاملة لضائقة اقتصادية ،وأنه احتDDاط قبDDل الطDDرد فDDأعلم تفقديDDة الشDDغل بهDDذه الضDDائقة وطلب
التدخل إال أن هذه المؤسسة لم تحرك ساكنا رغم إعادة تنبهيها ثانية فليس للمحكمة أن تقضDDي عليDDه
من أجل الطرد " . 3
والمالحظ في إطار المحاولة الصلحية التي تجريها تفقدية الشغل بين األطراف االجتماعية
وبالنظر إلى وضعية العمال المتعرضين للطرد ألسباب اقتصادية أو فنية هو عدم وجود نزاع حDDتى
يقع التدخل فيه بالصلح فاألمر يتعلق بمعطيات موضوعية دفعت المؤجر إلى المطالبDDة بتقليص اليDDد
4
العاملة ،وهو ما دفع البعض إلى التشكيك في الجدوى من استعمال المشرع لعبارة محاولة Dصلحية
______________________
-1سناء السويسي :لحق في الشغل ،مذكرة إلحراز على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الخDDاص ، 1999-1998ص
.74
- 2كوثر شقرون :مرجع سابق ،ص .91
- 3قرار تعقيبي مدني عدد ،3314صDادر سDنة ،1972التشDريع التونسDي للشDغل جDزء ،IمجلDة الشDغل معلDق عليهDا دار
اسهامات في أدبيات المؤسسة ،الطبعة الثانية ،تونس ،1994ص .58
- 4فتحي القالعي :المرونDDة في قDDانون الشDDغل من خالل تنقيح مجلDDة الشDDغل لسDDنة ،1994رسDDالة لنيDDل شDDهادة ختم
الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ،1994ص . 145
في حين اعتبر البعض اآلخر 1أن الجلسة الصلحية التي فرض المشرع على متفقد الشغل القيام بهDDا
هي وليدة التناقض في المصالح بين المDDؤجر والعامDDل فحDDتى إن لم يوجDDد خالف أو نDDزاع بDDالمفهوم
الوارد بالفصل 376من م.ج فإنه يوجد خالف في مصالح األطراف ألن العمال يريDDدون المحافظ DةD
على مواطن شغلهم والمؤجر يريد المحافظة على استمرارية مؤسسته.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 30
وتجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أنه يصDDعب أن تنجح تفقديDة الشDغل في إجDراء المحاولDDة
الصلحية في كل الحاالت وذلك نظرا لظروف إجراء هذه المحاولة D،فاألجل الممنوح لتفقديDDة الشDDغل
إلجراء هذه المحاولة هو خمسة عشر يوما من تاريخ تعهدها هDDو أجDDل وجDDيز جDDدا قDDد يقضDDي على
المحاولة Dالصلحية قبل حتى اتخاذها وينفي كل جدوى عن دورها .
ولكن ومهما يكن من أمر فإن تأكيد المشرع على دعم نفوذ متفقد الشغل ،ومساهمته الفعالDDة
في الحد من هذا النوع من الطرد ،لهو ترجمDة حقيقيDة عن التوجDه الحمDائي لقDانون الشDغل في هDذا
المجال توجه حمائي يتأكد من خالل تدخل لجنة مراقبة الطرد ومساهمتها في الحد منه.
تجتمع لجنة مراقبة الطرد بحضور كافة أعضاءها وفي صورة عدم توفر النصاب القDDانوني
فإن االجتماعات الالحقة Dتتم مهما كان عدد الحاضرين ،وذلك حسب ما نص عليه الفصDDل 3 – 21
من م.ش ،وعلى اللجنة المذكورة أن تبدي رأيهDDا في ملDDف الطDDرد في أجDDل ال يتجDDاوز 15يومDDا من
تاريخ إحالة الملف عليها.
ولكن يبدو أن أجل خمسة عشر يوما قد ال يكون كافيا لتبحث اللجنة وبعمق ،في حالة الطDرد
المعروضة عليها ولتعطي رأيا في ذلك يكون محيط بكل جوانب المسألة ،وعلى هذا األسDDاس سDDمح
المشرع ألطراف باالتفاق على التمديد في هذا األجل وبمثل هDذه الطريقDDة يسDمح لإلرادة األطDDراف
بأن تعبر عن وجودها وتعدل األجل القDانوني حسDبما يتماشDى ومصDالحها وذلDك حDتى يكDون عمDل
اللجنDDة أكDDثر نجاعDDة وبالتDDالي يحقDDق الغايDDة المرجDDوة من تDDدخلها ومسDDاهمتها في الحDDد من الطDDرد
الجماعي.D
تتولى لجنة مراقبة الطرد دراسة مطلب الطرد المقدم من المؤجر للتأكد من جدية المبررات
المحتج بهDDا مسDDتعينة في ذلDDك بمختلDDف الوثDDائق والمعلومDDات الDDتي يسDDتوجبها البحث والDDتي يلDDتزم
المؤجر بتقديمها عند كل طلب 1وفي صورة تعمده لتقديم تصريح خDDاطئ أو مخDDالف للواقDDع يجعلDDه
عرضة للعقوبات المنصوص عليها بالفصول 234و 236و 237من م.ش وتتمثل الوضDDعية العامDDة
للنشاط الذي تنتمي إليه المؤسسة والوضع الخDDاص لهDDذه األخDDيرة المرجDDع األساسDDي الDDذي يتم على
ضوئه النظر في ملDDف الطDDرد أو اإليقDDاف عن العمDDل ،إذ يقDDع الرجDDوع للوضDDعية السDDابقة والحاليDDة
والمستقبلية للمؤسسة ،والتركيز خاصة علي ما إذا كانت لها سوابق في الطرد ،أو البطالة الجزئيDDة،
وذلDDك لتتمكن اللجنDDة من تكDDوين قناعDDة كافيDDة حDDول الحالDDة االقتصDDادية الحقيقيDDة للمؤسسDDة .ممDDا
سيساعدها من إبداء رأيها بصورة موضوعية في مطلب الطرد وبناء على نتائج البحث تعمDDل لجنDDة
مراقبة الطرد على إيجــاد الحلول المالئمة التي من شأنها أن تضمن تفادي الطرد قـــــدر االمـــكان
___________________________
– 1انظر الفصل 3 – 21جديد من م .ش.
خاصة وأنDه في تDأمين مراكDز عمDل قDارة حمايDة لحDق العامDل في العمDل وحمايDة لDه من البطالDة.
من الواضح أن النزعة الحمائية قد هيمنت على توجهات قانون الشغل في مجDDال رقابDDة هDDذا الطDDرد
الجماعي ،وقد بدا ذلDDك جليDDا من خالل المهمDDة المناطDDة بعهDDدة لجنDDة مراقبDDة الطDDرد إذ تتDDدخل هDDذه
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 32
األخيرة ال لإلذن بالطرد بمجرد فشل المحاولة الصلحية التي أقامتهDDا تفقديDDة الشDDغل ،وإنمDDا تحDDاول
قدر اإلمكان التوفيق بين الطرفين عبر إيجاد الحلول التي من شDDأنها حمايDDة العمDDال بتجDDنيبهم فقDDدان
موارد رزقهم وفي هذا اإلطار ،خول المشرع للجنDDة مراقبDDة الطDDرد ،إمكانيDDة رفض مطلب الطDDرد
في هذه الحالة Dفإن عليها أن تعلل ذلك كأن يتضح لها مثل أن الDDدافع وراء طلب الطDDرد يكمن أساسDDا
في اعتبارات ذاتية ال عالقة لها بوضعية المؤسسة.
وإزاء هذا الرفض يمكن للجنة أن تقترح على المؤجر عدة حلول بديلة ذات صبغة اقتصادية
واجتماعية .تهدف باألساس إلى تجنب الطرد قدر اإلمكان حماية األجير من ضياع مورد رزقه
و ما يمثله ذلك من انعكاسات خطيرة .خاصة وأن هذه الحلول المعروضة بالفصل 9 D-21م .ش
ليست محددة وإنما وردت على سبيل الذكر والدليل على ذلك هو استعمال المشرع لعبDDارة " تقDDترح
بالخصوص" وهو ما يسمح باقتراح حلول أخرى على الطرفين تمكن من توفير أكثر حماية للعمDDال
بما يسمح خاصة من إنقاذ مواطن الشغل واالستمرار في العمل.
أما إذا تأكد للجنة أن للجوء إلى الطرد أضحي ضرورة ال مناص عنها لتجاوز مختلف
الصعوبات التي تمر بها المؤسسة فإنها تقبل مطلب الطرد مع واجب مراعDDاة االختصDDاص والقيمDDة
المهنية للعملة المعنيين باألمر أو األقدمية داخل المؤسسة والحالة Dالعائلية لألجير مDDع حفDDظ حقDDه في
اللجوء للمحاكم عند حدوث اختالف.
ولئن كان إلزامية تدخل لجنة مراقبة الطرد أمرا مسلما بDDه واقعا 1ونصDDا فDDإن السDDؤال الDذي
يطرح في هذا اإلطار يتعلق بطبيعة هذا التDDدخل وبعبDDارة أخDDرى طبيعDDة الDDرأي الDDذي تقترحDه DهDDذه
اللجنة ،باعتبار أن المشرع قد أشار إلى كون لجنة مراقبة الطرد مطالبة بإبداء رأيها 2مما يفيد أنها
لن تحدد بنفسها مصير عقد الشغل فعليها فقط إبداء الرأي وال يمكنها إصدار قرار نهDDائي وهDDو دور
في غاية البساطة ألن إبداء الرأي لن يؤثر حتما على قرار الطرد المتخذ من طرف المؤجر فلجنــة
__________________________
– 1قرار تعقيبي مدني ،عدد ،16939 – 2007مؤرخ في 22ديسمبر (. 2007انظر الملحق) .
– 2الفصل ،3 – 21فقرة 3من م.ش.
مراقبة الطرد تتولى التقدم ببعض المقترحات Dوالتي مهما تنوعت فإنهDDا لن تلDDزم إرادة هDDذا األخDDير.
والدليل على ذلك هDو أن المشDرع يلزمهDا بتDبرير رأيهDا كلمDا رفضDت مطDالب الطDرد المقدمDة من
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 33
طرف المؤجر ،إضافة إلى ذلك فإن المشرع يسمح بعDدم أخDذ رأي اللجنDة وذلDك في صDورة القDDوة
القاهرة أو اتفاق الطرفين المعنيين.
إذن تبقى لجنة مراقبة الطرد هيكDDل رقابDDة استشDDاري يبDDدي رأيDDا يمكن اآلخDDذ بDDه كمDDا يمكن
رفضه ،ولكن ومهما يكن من أمر فإن مجرد إبقاء المشرع على هذا الهيكل يؤكد رغبة هDDذا األخDDير
في حماية العامل خاصة إذا علمنا أنه في حالة Dعدم أخذ رأي هذه اللجنة من طرف المؤجر واللجوء
1
مباشرة إلى الطرد ،يعتبر هذا األجراء تعسفيا.
ويمكن اعتبار إحداث المشرع ،بمقتضى قانون 17أفريل 1995المتعلق بإنقاذ المؤسسات
الDDتي تمDDر بصDDعوبات اقتصDDادية وفنيDDة ،لهيكDDل إداري جديDDد وهDDو لجنDDة متابعDDة المؤسسDDة
2
دعما لعمل هذه اللجنة ،ومحاولة لضمان استقرار DاألجDDير بعملDDه ،إذ يتمDDيز تDDدخلها االقتصادية
3
حيث تقوم بإشعار رئيس المحكمة Dاالبتدائية ببوادر بالطابع المبكر و الوقائي إلنقاذ المؤسسة
الصعوبات االقتصDDادية ،ويهDDدف هDDذا اإلشDDعار طبDDق الفصDDل األول من قDDانون 1995إلى "
مساعدة المؤسسات التي تمDDر بصDDعوبات اقتصDDادية على مواصDDلة نشDDاطها والمحافظDDة على
مواطن الشغل فيها و الوفاء بDDديونها " ورغم أن تDDدخل هDDذه اللجنDDة يهDDدف أساسDDا إلى إنقDDاذ
4
المؤسسة إال أنه في إنقاذها إنقاذا لمواطن الشغل داخلها.
لئن سعى المشرع من خالل اإلبقاء على اإلجDDراءات السDDابقة للطDDرد إلى حمايDDة األجDDير من
هذه العقوبة إذا كانت في نطاق السلطة التأديبية للمؤجر أوفي نطاق الطرد ألسباب اقتصDDادية وفنيDDة
إال أنه قام بتفعيلها برقابة الحقة Dما انفكت تتطور وتتعزز ( .المبحث الثاني ).
________________________________
- 1انظر الفصل 12 – 21من م.ش مضاف بمقتضى تنقيح 15جويلية . 1996
-قرار تعقيبي مدني عدد 16605في 1ديسمبر ، 1986النشرية ص .25
-قرار تعقيبي مدني عدد 13406في 6أكتوبر ، 1987النشرية ص .32
- 2الفصل الرابع من قانون عدد 34Dلسنة .1995
- 3قد يعتبر تدخل لجنة متابعة المؤسسة االقتصادية أهم من تدخل لجنة مراقبة الطرد ألن تDدخلها أبكDDر وأكDDثر
وقاية من تدخل هذه األخيرة .
- 4سنية عوني :التوجهات الحديثDDة لقDDانون الشDDغل التونسDDي ،مDDذكرة لنيDDل شDDهادة الدراسDDات المعمقDDة في القDDانون
الخاص ،كلية الحقوق تونس ،1997 – 1996ص .127
وعيا منه بخطورة إنهاء عقد الشغل باعتبDDاره يهDDدد األجDDير بحرمانDDه من مDDورد رزق قDDار،
وقصد إضفاء المزيد من الفعالية على مستوى الرقابة الالحقة Dضد الطرد تماشيا مع نزعته الحمائية
في هذا المجال فقد سعى المشرع من خالل التنقيحات المدخلة على مجلة الشغل إلى تضييق الخنDDاق
قدر اإلمكان في حرية اإلنهاء المتاحة للمؤجر وذلك خاصة من خالل رقابة تسبيب الطDDرد ( الفقDDرةD
األولى ) رقابة يلعب فيهDDا فقDه القضDاء الDDدور المحDDوري في تكDريس جDدواها على الصDDعيد العملي
( القفرة الثانية ) .
1
" ثابت يبيح الطرد".
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 35
فبعد أن أبقى المشرع على الرقابة السابقة للطرد حماية األجير نجده بعد تنقيح 1994يتبDDنى
نظرية " السبب الحقيقي Dوالجدي" لتكون إطارا قائما بعدم التعسف في ممارسDDة حDDق إنهDDاء العالقDDة
الشغلية.
وفي الحقيقة إن نظرية السبب الحقيقي Dوالجدي نظرية خاصDة بقDانون الشDDغل وهي تختلDDف
عن النظرية العامة للسبب في االلتزام ،فبينما تمثل نظرية السبب في االلتزام شرط جوهريا لتكوين
العقد ال إلنهائه أي " بالغرض المباشر الDDذي قصDDد الملDDتزم الوصDDول إليDDه من وراء إلتزامه 2يمثDDل
السبب الحقيقي والجدي في قانون الشغل "واجبا قانونيا يهم تبرير الطDDرد من طDDرف المDDؤجر حDDتى
3
يدفع مسؤولية اإلنهاء الغير مشروع للعقد عنه "
ومن الواضح أن المشرع التونسي عند تبنيه هذه النظرية بعد تنقيح مجلة الشغل سDDنة 1994
كان متأثرا بالقDDانون الفرنسDDي الصDDادر في 13جويليDDة 1973والDDذي جDDاء بنظريDDة السDDبب الحقيقيD
والجدي المبرر للطرد .وعلى هذا األساس يمكن القDDول أن حDDق اإلنهDDاء في قDDانون الشDDغل التونسDDي
أصبح " حقا مسببا" 4بل أن حق اإلنهاء ليس هو الذي أصبح مسببا بل إن فعل اإلنهاء هو المسDDبب
كما يقول .G. Couturier 5
وهكذا اقترنت فكرة ضرورة " توفر السبب الحقيقي والجدي " بDDالتعويض كDDأثر عن القطDDع
التعسفي لعقد الشغل خالل منتصDDف القDDرن ،19بمناسDDبة األحكDDام الصDDادرة عن المحDDاكم الفرنسDDية
بخصوص دعاوي القطع التعسفي لعقد الشغل من خالل الفصل 1780من المجلDة المدنيDة الفرنسDية
ويبدوا جليا تبلور هذا المفهوم ضمن تأطير حق إنهDDاء عقDDد الشDDغل في التشDDريع التونسDDي من خالل
الفصلين 14ثالثا و 14رابعا من مجلة الشغل التونسية .
________________________
– 1قرار تعقيبي مدني عدد ،7109بتاريخ 10جانفي ،1983النشرية ،1983الجزء ،IIص .44
– 2عبـد الرزاق السنهوري " :الوسيط في شـــرح القانون المدني الجديد" ،دار النهضة العربية القاهــرة ،1952ص
.414 - 413
– 3خيرة الشريف ونجالء الحليوي :مذكرة ختم الدروس المرحلة العليا ،المدرسة القومية لإلدارة " اإلنهاء التعسفي لعقد
الشغل المحدد المدة " نوفمبر ،2000ص .76
4 – Pélissier « Le nouveau droit de licenciement » 2éme éd, Sirey Paris 1980, p 234.
5- G. Couturier « droit du travail » tome1, les relations individuelles de travail, collection
droit fondamental, 2 éd. 1994.
لكن بالرغم من ذالك فقد ظل مفهوم السبب الحقيقي والجدي غامضا.إذ لم يرد تعريفا واضح
له سواء بالقانون الفرنسي أو بالقانون التونسي ،وبالتالي يكDDون للقضDDاء السDDلطة التقديريDDة الواسDDعة
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 36
للتدخل كلما دعت الضرورة محاولة البحث في جدية السبب المؤدي للطDDرد وحقيقتDDه وعمومDDا وإن
لم يعطي التشريع تعريفا واضحا للسبب الحقيقي Dوالجدي فإنه اشترط ضرورة اقتران إنهDاء العالقDة
1
الشغلية بسبب حقيقي وجدي كمبرر لإلنهاء .فال بد من الجمع بين الصبغة الحقيقية والجدية للطرد
وعلى هذا األساس فإنه يمكن القول أن إنهاء العالقDDة الشDDغلية من دون وجDDود سDDبب حقيقي يتصDDف
بالجدية يكون تعسفيا وبالتDDالي يمكن األجDDير من حDDق طلب التعDDويض عن هDDذا القطDDع الغDDير مDDبرر
للعالقة الشغلية.
والسؤال المطروح في هذا المستوى يتعلق بمفهوم السبب الحقيقي والجدي؟
___________________________
– 1المنجي طرشونة « القانون الجديد للطرد" الجديد في تنقيح مجلة الشDDغل -الجمعيDDة التونسDDية للمحDامين الشDDبان :أعمDال
الندوة المنعقدة في .1994 / 04 / 29
- 2انظر ( ب) من الفقرة الثانية من هذا المبحث.
Encyclopédie Dalloz – Répertoire de droit de travail 2ème éd. T1 « contrat de travail, p – 3
.159. et suivant
Camerlynck ( GH). de la conception civiliste du droit contractuel de résiliation -
.unilatérale, a la notion statutaire du licenciement, JCP 1958, p1425
- 4يراجع الحكم االبتدائي الصادر من دائرة الشغل بصفاقس عدد 3895بتاريخ 18جانفي . 2005
.Cass . Soc 21 novembre 2000, Juris Data 2000, N°6951 -
* السبب الحقيقي يجب أن يكون صحيحا .
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 38
لكي يكون هذا السبب الحقيقي صحيحا يجب أن تكون الوقائع المعتمدة في اإلنهاء من طرف
المؤجر هي بدورها صحيحة ،كأن يكون العامل مثال قد قام فعال باإلضرار بالمؤسسة التي يعمــــل
فيها باعتياده السرقة أو أن األزمة االقتصادية المحتج بها قد حصلت بصفة واقعية وفعلية.
والحقيقي المبرر للطرد ال يرتبط دائما بسلوك العامل المخطئ بل قد يكDDون مرتبطDDا بوضDDعيته مثDDل
وصوله إلى سن التقاعد أو أن يفقد األجDDير مؤهالتDDه البدنيDDة أو العقليDDة على إثDDر مDDرض أو حDDادث
فيصبح عاجز عن مباشرة أي عمل بالمؤسسة .كمDDا يمكن أن يكDDون السDDبب المDDبرر للطDDرد مرتبطDDا
بوضعية المؤسسة حيث يكون للمؤجر طرد بعض أوكل عملته ألسباب اقتصادية أو فنية .
وباإلضافة إلى السبب الحقيقي والجدي الموجب للطرد الذي تبناه المشرع وعمل الفقه Dعلى
توضيح معالمه وضبط حدوده ،والذي على األجير اجتنDDاب اقترافDDه حDDتى ال يكDDون عرضDDة للطDDرد
ولمزيد توضيح الرأي أمام هذا األجير ،قام المشرع ،بإدراج الخطأ الفادح معتDبرا إيDاه من األسDباب
الحقيقية والجدية المبررة للطرد وهكDDذا أصDDبح ألجDDير اإلمكانيDDة األكDDبر لتفاديDDه خاصDDة بعDDد ضDDبط
المشرع لمجموعة من األخطاء الفادحة ،والتي وإن جاءت على سبيل الذكر ال الحصDDر ،فإنهDDا على
كل حال مكنت األجير من فرصة تجنب قدر اإلمكان الوقوع في إحدى هذه األخطاء.
اإلنتاج أو نوعيته الناتج من سوء استعداد ظاهر وكذلك إفشاء سر مهني من أسرار المؤسسة.
إن هذه الحاالت تحيلنا مباشرة إلى الحديث بأكثر تفصيل عن جملة األخطDDاء الفادحDDة الDDتي اعتمDدها
المشرع .
دون غيرها من الجهات اإلدارية التي كان ينبغي االلتجاء إليها وجوبا قبل االلتجاء للقضاء .1
-3عدم امتثال العامل للقواعد المتعلقة بحفظ الصحة والسالمة أثناء العمDDل أو عDدم اتخDDاذه مDDا يلDDزم
من التدابير لتحقيق سالمة العملDDة المسDDؤول عنهم أو لصDDيانة األشDDياء المناطDDة بعهدتDDه .وقDDد أوجب
المشرع أن تكون تلك القواعد مكتوبة ومعلقة في مكان ظاهر.
– 4االمتناع الغير المبرر عن تنفيذ األوامر المتعلقة بالعمل والصادرة بصDDفة قطعيDDة عن الهيئDDات
المختصة بالمؤسسة" .ذلك أن العامل قد يدعى للقيام بعمل غير المسند له أساسا ومادام في إطار مDDا
هو مخول للمؤجر دون المس بكرامة العامل وحقوقه فليس لهDDذا األخDDير االمتنDDاع عن القيDDام بDDذالك
العمل خاصة إذا كانت المؤسسة في خطر أو حالتها تستوجب القيام بمثل ذالك العمل وال خطر على
2
العامل في إنجازه."D
– 5الحصول على منافع مادية وقبDDول مزايDDا لهDDا عالقDDة بسDDير المؤسسDDة أو على حسDDابها ،وذلDDك
بطريقة غير مشروعة .كأن يقوم العامل بإنجاز أعمال لفائدة الغDDير ويتقاضDDى مقابDDل عليهDDا ،ويجب
أن تكون لهذه األعمال األثر السيئ على سير المؤسسة.
– 6السرقة أو استعمال العامل لمصDلحته الخاصDDة األمDوال أو القيم أو األشDياء الDDتي أؤتمن عليهDا
بسبب مركز العمل الذي شغله .والمالحظ بخصوص هذه الحالة أن فقه القضDDاء قDDد توسDDع في فهمDDه
للخطأ Dالفادح إذ حتى ثبوت واقعة السرقة وحدها بدون صDدور حكم جDزائي ضDد العامDل يعتDبر من
قبيل الخطأ الفادح الموجب للطرد 3فيكفي ثبوت توفر أركان الجريمة بوجه قطعي وكDDذلك إسDDنادها
للعامل بأي وسيلة من وسائل اإلثبات حتى يتكون الخطأ الفادح.
– 7تناول المشروبات الكحولية أثناء العمل وكذلك الحضور لمركز العمل بحالDDة سDDكر واضح في
هذه الحالة Dيجب أن يكون السكر واضحا على معنى الفصل 317مـــن م.ج ،أي واضDحا بشDكل لDو
4
كان معه مرتكبه بالطريق العام لوقعت مؤاخذته جزائيا.
وفي الحقيقة إن المشرع علق حالة Dالسكر على حصوله أثناء العمDDل ولم يحDDدد المكDDان الDDذي
وجد فيه العامل بحالة سكر ،ومعنى ذالك أن العامل في وقت العمل المفروض فيـه أن يكـــون على
___________________________
– 1الطيب اللومي :المرجع السابق ،ص .149
– 2قرار تعقيبي مدني عDDدد ،44480صDادر بتDاريخ 28نوفمDDبر ،1994غDDير منشDDور ،ذكDره الطيب اللDDومي في مرجعDه
السابق ،ص .150
– 3قرار تعقيبي مدني عدد ،35017صادر بتاريخ 28سبتمبر ،1992القسم المدني ،ص .145
– 4الفصل 317من المجلة الجنائية.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 42
الطرد يصبح هنا مبررا ،هذا ويجب على المؤجر أن يمارس حقه في إنهاء عقد الشغل بسبب الهفوة
إلى حين انقضاء العقد فإنه ال يجوز له بعد ذالك االستناد إلى تلك الهفوة لحرمان العامل من حقه في
الغرامات التعويضية.1
وفي نفس السياق فإن الهفوة يجب أن تصدر مبدئيا بمكان العمل وفي أوقاته ذلDDك أن العامDDل
خالل هذه الفترة يكون تابعا لمؤجره وخاضعا لرقابتDDه إال أن هنDDاك التزامDDات يتحملهDDا العامDDل ولDDو
خارج Dأوقات العمل .والتي لها تأثير على المؤسسة مثل االلتزام بعدم إفشاء السر المهني ،وهنــــاك
تصرفات وإن أتاها العامل خارج Dالمؤسسة وخارج Dأوقات العمل تعد من قبيل األخطاء الفادحة Dالتي
تبرر طرده كتعاطي المخدرات و السرقة ،وذلك يفسر بخصوصية عقد الشغل بوصفه عقد يتأثر في
2
تنفيذه بسلوك العامل.
وعلى هذا األساس اعتبرت محكمة التعقيب أن " تخلف العامل مدة تزيد عن ثالثة أشهر
عن عمله وتركه لواجباته بموجب دخوله السجن في جريمة أخالقية يعد منDDه هفDDوة خطDDيرة تDDوجب
.3
الطرد "
إضافة للشرطين سابقي الذكر أضاف فقه القضاء شرط ثالث وهو أن يكDDون جDDزاء المDDؤجر
للعامل المرتكب للخطأ Dالفادح قريبDا من ارتكابDه ،باعتبDار أنDه ال يمكن للمDؤجر أن يمDارس سDلطته
التأديبية في كل وقت يشاء بل هو مقيد بآجال .إذ أن عدم استعماله لحقه Dفي الطرد بعد علمه بDDالهفوة
بمدة زمنية طويلة يعد تنازال منDه عن التمسDك بتلDك الهفDوة .وقDد اعتDبرت محكمDة التعقيب في هDذا
االتجاه أن " الغلطات الفادحة التي ارتكبها العامل قبل شهر من تDDاريخ قطDDع العمDDل وعفDDو الطDDاعن
عنها بعد إرتكابها لتلك األخطاء على فرض وجودها فDDإن تمكين العامDDل من مواصDDلة العمDDل يمحDDو
آثار تلك األخطاء".
وفي إقرار مثل هذا الشرط حDDد من سDDلطة المDDؤجر التأديبيDDة في الزمDDان حDDتى ال تبقى سDDيفا
يمكن أن يهدد به العامل في أي وقت يشاء وحتى ال يتمسك المؤجر بأخطاء قديمة لطرد العامل.
________________________
Martine Meunier Boffa « Droit de travail et Protection sociale », éd. les cours de – 1
.droit 1998, p67
- 2حافظ العموري :إنهاء عقد الشغل ،المجلة التونسية للقانون االجتماعي عدد ، 1995، 7ص . 11
- 3قرار تعقيبي مدني عدد ،18288صادر بتاريخ 5أكتوبر ،1989ن م ت .1989
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 45
وفي خصوص أعمال العنف المرتكبة داخل المؤسسة اعتبرت محكمة التعقيب أن هذه األعمال
يمكن أن تعتبر أخطاء فادحة وذلك حسب الظروف التي وقع فيها ارتكابها غير أنDDه و" طالم Dا DتDDبين
من أوراق القضية أن دفع المعقب ضده لرئيسة المباشر كان كرد فعل عن مبادرة هذا األخير بدفعه
له فإن ما انتهت إليDه محكمDة الموضDوع من عDدم اعتبDDار ذلDك هفDوة فادحDة تعDDد في طريقDه واقعDا
1
وقانونا.
تبرز إذن أهمية الرقابة القضDDائية كمظهDDر من مظDDاهر النزعDDة الحمائيDDة لقDDانون الشDDغل في
مجال الطرد من العمل من خالل الوقوف إلى جانب األجير كلما يتبين للقاضي Dأن الخطDDأ المDDرتكب
من طرف هذا األخير ال يعد من قبيل الخطأ Dالفادح من ذلك أنه إذا كان األمر الصادر عن الرؤسDDاء
من شأنه أن يؤدي إلى تغيير أحد الشروط الجوهرية لعقد الشغل كقرار Dالنقلة أو تغيير طبيعة العمDDل
المسند لألجير فإنه في حالة رفض األجير لهذه التعديالت ال يعتبر مرتكب لخطأ Dوإنما ينسب الخطDDأ
إلى المؤجر الذي أخل بااللتزامات التعاقدية المتفق عليها بموجب عقDد الشDDغل ،ويعتDبر ذلDك بمثابDDة
3
الطرد التعسفي ما لم تكن مصلحة المؤسسة تفرض ذلك 2وما لم ينجم عنه تنقيص في أجرة األجير.
وعموما يمكن القول أنه في إطار المعيار الموضوعي الذي يعتمده القاضي لبلورة مفهوم
واضح للخطأ الفادح يأخذ هذا األخير في االعتبار مجموعة من العناصر من أهمهDDا خطDDورة DالفعلDDة
وأهمية الضرر هذا باإلضافة إلى انضباط العامل في عمله ومحافظته على ممتلكات المؤسسة.
وإذا كان هذا عن المعيار الموضوعي ،فماذا اآلن عن المعيار الذاتي ؟
4
المعيار الذاتي "يرتبط بالوظيف الذي يشغله العامل وبأقدميته وبسلوكه خالل كامل حياته المهنية "
يتصل هذا المعيار خاصة بسلوك األجير ونية اإلضرار بالمؤسسة وفي هذا اإلطار نجد أن
القاضي في بحث متواصل عن حقيقة وعي األجير بنتيجة األفعال التي يقترفها ،فDDإذا مDDا الحDظ هDذا
األخير أن األجير قد اقترف عن وعي هذا الخطأ فإنه يكيفه بالخطأ الفادح أما إذا كان نتيجة اإلهمال
أو النسيان أو القصور وال ينم عن نية اإلضرار بالمؤجر فال مجال لذلك التكييف.
___________________________
- 1قرار تعقيبي مدني عدد ،634مؤرخ في 15مارس ،2004غير منشور ( انظر الملحق )
– 2قرار تعقيبي مدني عدد ،15174مؤرخ في 10مارس ،1986النشرية 1986ج ،1ص .15
– 3قرار تعقيبي مدني عدد 11873مؤرخ في 17أكتوبر 1983النشرية ، 1985ج 2ص 15
– 4قرار تعقيبي مدني عدد 21241 -202مؤرخ في 24جانفي 2003غير منشور .
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 47
فهذا الخطأ يعتبر بسيطا وخفيفا بينما يتحول عند اعتياد تكDDراره إلى خطDDأ فDDادح مDDوجب للطDDرد ألن
" العود هو ظرف تشديد يجعل الهفوة البسيطة هفوة فادحة لتكرارها ولو بالتنوع ".1
أما ثبDوت السDDرقة أو الخيانDة أو العنDف ،وبDالرغم من كونهDDا تشDكل قرينDDة على تDوفر نيDة
اإلضرار فإن ارتكابها تحت تأثير العنف أو بدافع رد الفعل عن االستفزاز Dالصادر عن رئيس العمل
ال يمنع من إمكانية إعمال ظروف التخفيف بخصوصها .
فالمهم هو" تناسب العقاب المتخذ مع الخطDDأ المقDDترف دون مبالغDDة فالعقDDاب Dيجب أن يكDDون
2
على قدر الذنب ال أكثر وال أقل "
وباإلضDDافة إلى ذلDDك يأخDDذ القاضDDي بعين االعتبDDار الظDDروف القDDاهرة واالضDDطرارية فقDDد
يضطر األجير مثال للتغيب عن العمل نظرا لظروف صحية خارجة عن إرادته تتطلب منDDه عالجDDا
متواصل ،ففي مثل هذه الحDDاالت " ال يعتDبر مDDرض األجDير مDبررا لطDرده ذلDك أنDه من الظDروف
3
القاهرة التي ال دخل لألجير في وقوعها "
نستنتج إذا من جملة هذه القرارات أن غياب المفهوم التشريعي للخطأ Dالفادح لم يمنع القضاء
الشغلي من وضع معايير واضحة ،الهدف منهDDا حمايDDة األجDDير وذلDDك من خالل التميDDيز بين الخطDDأ
الفادح الذي يؤدي بالمؤجر لإلنهاء عقد الشغل والخطDDأ الDDذي ال يسDDتوجب أكDDثر من عقDDاب تDDأديبي.
نزعة حمائية تشهد اليوم تعزيزا منقطع النظير من خالل مDDا أصDDبح يتمتDDع بDDه القاضDDي الشDDغلي من
سلطات تحقيقية .
القاضي الشغلي في عملية اإلثبات إلعDDادة التDDوازن المفقDDود بين طDDرفي العالقDDة الشDDغلية 1،بإضDDافة
الفصل 14خامسا م.ش وبات بذلك دور القاضي الشغلي دور محDDوري في إثبDDات الطDDرد ،خاصDDة،
وأن هذا األخير يمكنه القيام بوسائل التحقيق بنفسه ( )1وكذلك يمكنDDه تكليDDف الغDDير بالقيDDام بوسDDائل
التحقيق ()2
وفي إطDDار الحDDد من الالمسDDاواة االجتماعيDDة بين األجDDير والمDDؤجر وسDDعيا منDDه إلى توفDDير
الحماية الالزمة للعامل مكن المشرع القاضي وبصريح عبارة النص من سلطات تحقيقية واسعة في
خصوص إثبات السبب الحقيقي والجدي للطرد ،باعتبار أن القاضي Dالشغلي يمكنه القيـــام بوســـائل
التحقيق بنفسه ورغم أن تنقيح 21فيفDDري 1994أعطى للقاضDDي الشDDغلي سDلطات هامDة في تقDديره
للسبب الحقيقي والجدي ،وذلك بتمكينه من إجراء كل وسDDيلة تحقيDDق يراهDDا الزمDDة .إال أنDDه ال يمكن
القطع بأن هذه السلطة قد ظهرت مع هذا التنقيح باعتبار أن الفصل 209م.ش قد نص على أنه " إذا
تراءت لدائرة الشغل ضرورة إجراء بحث في القضية فإن هذا البحث يسDDتمر أمDDام الDDدائرة بالجلسDDة
العادية أو بجلسة تعين بصفة خاصة ".
ومهما يكن من أمر فإن سلطة القاضي الشغلي التحقيقية أصبحت حقيقة Dملموسة ،ومما يدعم
هDDذا القDDول هDDو تنصDDيص الفصDDل 232م ش على أنDDه " تنطبDDق على دوائDDر الشDDغل أحكDDام مجلDDة
المرافعات Dالمدنية والتجارية Dما لم تخالف األحكام المنصوص عليها بهذا القانون " .
انطالقا إذا من جملة هذه النصوص تتجلى لنا السلطة التحقيقية للقاضي الشغلي والتي تندرج
في إطار النظرة الحديثة التي يوليها المشرع خاصة االجتماعيDDة لDDدور القاضDي Dفي الDDنزاع الشDDغلي
والذي أصبح مطالبا بDDالبحث عن الحقيقDة Dوفي هDDذا اإلطDDار يمكن لهDDذا األخDDير أال يتقيDDد بمDDا يقدمDDه
المؤجر من أدلة إثبات في الحاالت التي تكDDون فيهDDا هDDذه األدلDDة قاصDDرة عن إدراك الحقيقDDة وإقامDDة
الحجة Dعلى الواقعة المدعي بها 1،فيعمل القاضي على توضيح الجDDوانب الغامضDDة من تلDDك األدلDDة،
فيقرر مثال سماع شهادة بعض األطDDراف ويقDوم بDذلك الغDرض باسDتدعائهم للحضDور لديDه ،وعنDد
سماع األطراف يمكن للقاضي أن يسمع كل طDDرف على حDDدة أو أن يسDDمع الطDDرفين معDDا .ولكن إذا
سمع كل طرف على حDDدة فإنDDه يتDDوجب عليDDه إعالم كDDل طDDرف بتصDDريحات الطDDرف اآلخDDر .هDDذا
وللقاضي الشDDغلي مطلDDق الحريDDة في اسDDتخالص النتDDائج من تصDDريحات األطDDراف من حضDDورهم
أو غيابهم خاصة Dوأن المؤجر غالبا ما يرسل نائبه إلى الجلسة الصلحية هذا وإذا رأى القاضي Dفائدة
في الحضور الشخصي لطرفي النزاع فإنه يؤجل حضور المؤجر إلى تDDاريخ الحDDق ،وفي صDDورة
تغيب المؤجر مجددا فإن القاضي الشغلي يواصل النظر في القضية ويستخلص النتائج من ذلك.
لكن المDؤجر قDد ال يجيب في بعض األحيDDان عن الDدعوى أصDDال ال بنفسDه وال بواسDطة من
ينوبه وفي هذه الحالة Dاعتبرت محكمة التعقيب أنه " وحيث طالما لم تكلف المعقبة لدى دائرة الشغل
___________________________
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 50
– 1قرار تعقيبي مدني عدد ، 17715 -2007مؤرخ في 26جانفي ( . 2008انظر الملحق ) .
من ينوب عنها بالجلسة الصلحية أو تجيب عن الدعوى أو تطلب إمهالها Dقصد إتمام ذلك رغم بلDDوغ
االستدعاء إليها بصورة قانونية ،فإن سكوتها يعتبر إقرارا حكميا بما جاء بعريضة الدعوى طالما لم
تدلي لدى محكمة الحكم المنتقد بما يفيد القوة القDDاهرة أو األمDDر الطDDارئ الDDذي أعاقهDDا عن إنابDDة من
يتولى اإلجابة عنها عن الدعوى أو إجراء المحاولة DالصDDلحية في حقه Dا DطبDDق الفصDDلين 282و283
1
م .إ .ع " .
ويمكن للقاضي الشDغلي في إطDار سDلطة التحقيقيDة أن يتحDول بنفسDه إلى بعض المؤسسDات
وأماكن العمDDل وأن يطDالب المDDؤجر بمDده ببعض الوثDائق .والغDDرض من كDDل هDذا هDو الكشDDف عن
الحقيقDة ، Dومن وراءهDDا حمايDDة األجDDير الطDDرف الضDDعيف ،وذلDDك بتمكينDDه من تفنيDDد كDDل ادعDDاءات
المؤجر.2
إن قيام القاضي الشغلي بوسائل التحقيق بنفسه من شأنه أن يوضح له ما غمض حول حقيقDDة
النزاع طبق الوسائل اإلثبات المقدمة له من المؤجر أومن األجير ممDDا يرسDDخ قناعتDDه بوجDDود سDDبب
" حقيقي وجدي يبرر الطرد أو عدم وجود ذلك 3وفي هذا اإلطار اعتبرت محكمة التعقيب أنه
وحيث أنـــه ال خالف من الطDDرفين بشDDأن انقطDDاع العالقDDة الشDDغلية وتوقDDف المDDؤجر عن خالص
العامDDل ،فDDإن على األول إثبDDات التخلي أي عDDدم لDDزوم تشDDغيل العامDDل أو التعDDويض لDDه عن الطDDرد
كتقديمه الستقالة كتابية صريحة أو غيابه بDدون مDDبرر أو تDDرخيص سDابق منDDه والتنبيDDه عليDه بDذلك
أو بمطالبته في تنفيذ التزامه بالعمل بعد التنبيه عليه كما يجب قانونDا وفي صDورة عDدم تطبيقDه فDإن
4
الطرد يعتبر تعسفيا موجبا للتعويض ".
_____________________________________
– 1الفصل 232م.ش.
– 2قرار تعقيبي مدني عدد ،30252مؤرخ في 30جويلية ،1991ن .م .ت لسنة ،1991ص.54
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 52
لتركيز بعض من التوازن في العالقDDات الشDDغلية بين األجDDراء ومDDؤجريهم تDDركت العالقDDات
الفردية مكانها في عديد المجاالت للعالقات الجماعيDDة بحيث تنظم األجDDراء في هياكDDل تمثلهم داخDDل
وخارج Dالمؤسسة للتفاوض مع المؤجرين ومن جهتهم تنظم هؤالء في هياكل تمثلهم تجنب التفاوض
منفردين مما قد يضعف مواقفهم .ولقد نظم المشرع مسألة تنظيم العملة داخل المؤسسة في الفصDDول
157إلى 169من م.ش ضمن الكتاب الثالث الذي يحمل عنوان " تمثيل العملDDة بالمؤسسDDات" فنص
على إحداث هيكل استشاري يسمى " اللجنة االستشارية للمؤسسة" ،فهي تتدخل فيمDDا يخص تسDDيير
المؤسسة ووضعية العمال وهو نفس الدور الذي يقوم به نواب العملة في صورة غياب اللجنة .
وتعتDDبر على هDDذا األسDDاس وضDDعية ممثلي العملDDة مزدوجDDة فهم في نفس الDDوقت يتبعDDون
المؤجر ويخضعون لنفوذه ولكنهم كممثلين للعمال في حاجة Dإلى االستقاللية ليؤدوا مهDDامهم بنجاعDDة
وفاعلية ولذلك فهم في حاجة إلى حماية خاصة .ولهذه االعتبارات تدخل المشرع وأحDDاط طDDرد أحDDد
أعضاء اللجنDDة االستشDDارية للمؤسسDة ببعض الضDمانات الDتي تأكDد من جديDد نزعDDة قDانون الشDDغل
الحمائية في هDذا المجDDال ،هـذه الحمايDة مDا فDDتئت تتطDور خاصDDة بعDد التنقيح الواسDع الDذي أدخلDه
المشDDرع على الفصDDول 166إلى 169م.ش ،بمقتضDDى القDDانون عDDدد 19لسDDنة 2007المDDؤرخ في
2أفريل ( 1 2007المبحث الثاني )
وبالرغم من عدم اعتراف المشDDرع إلى حDDد اآلن بالحضDDور النقDDابي داخDDل المؤسسة 2إال أن
هذا لم يمنعه من توفير الضمانات الضرورية ضد تعسف المؤجر في استعمال حقه Dفي طرد النDDائب
النقابي وذلDDك خاصDDة بالمصDDادقة على اتفاقيDDة العمDDل الدوليDDة رقم 135بشDDأن حمايDDة ممثلي العملDDة
( المبحث األول)
________________________
– 1الرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في 2أفريل ، 2007ص (.1060انظر الملحق)
– 2يمكن تفسير ذلك إلى تبني المشرع لفلسفة ليبرالية كالسيكية كرسها القانون الفرنسDDي القDDديم منDDذ سDDنة 1884تعتDDبر أن
الحرية النقابية هي شكل خاص لحرية المجتمع و بالتالي يجب ممارستها خارج إطار المؤسسة التي تبقى هيكل إنتاج ،وليس
مجال لممارسة الحريات العمومية.
يراجع في هذا االتجاه – Jean Maurice Verdier : Le droit syndical dans l’entreprise 2ème Ed.
.Dalloz .Paris 1979
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 53
Nouri Mzid : La liberté syndicale en droit Tunisien : Thèse pour le doctorat d’Etat -
.Tunis 1995, p 215
المبحث األول :مظاهر تطور الوضعية الحمائية الخاصة بالنائب النقابي .
قد يتعسف المؤجرون أو بعضهم عند ممارسة سDDلطاتهم التأديبيDDة على بعض ممثلي العملDDة
الذين يعارضونهم الرأي عند تمثيلهم لحقوق منظوريهم ،وسعيا من منظمة العمل الدولية إلى توفDDير
1
تمنح الحماية الالزمة لهذه الشريحة العمالية ،وضعت هذه األخيرة ،اتفاقية دولية تحت عDDدد 135
ممثلي العملة سواء كانوا نقابيين أو غير نقDDابيين بعض الحمايDDة وخاصDDة ضDDد الطDDرد بوصDDفه قمDDة
أشكال التعسف في العالقDDات الشDDغلية ،ومنDDذ صDDدور مجلDDة الشDDغل سDDنة 1966نصDDت على حمايDDة
ممثلي العملDDة بالفصDDلين 166و 167غDDير أن هDDذه الحمايDDة اتسDDمت بالمحدوديDDة من حيث المجDDالD
الشخصي حيث أقصت النواب النقابيين وبالرغم من مراجعة Dهذين الفصلين 2إال أنهما حافظDDا على
هذه المحدودية مما دفDDع بالمركزيDDة النقابيDDة للعمDDال إلى المطالبDDة بالمصDDادقة على االتفاقيDDة الدوليDDة
للعمل السالفة الذكر لتجنب هذه النقائص وهو ما تم بالفعل وهذه المصادقة وبالرغم من أنهDDا جDDاءت
متأخرة Dفي الزمان إال أنها تؤكد نزعة قانون الشغل الحمائية.
فكيف إذن كانت الوضعية الحمائية للنائب النقابي قبل المصادقة على هذه االتفاقية ؟ (الفقرة Dاألولى)
وكيف أصبحت هذه الحماية بعد المصادقة على االتفاقيDDة المDDذكور ومراجعDDة مجلDDة الشDDغل تأسيسDDا
عليها ؟ ( الفقرة Dالثانية )
الفقرة األولى :الوضعية الحمائية للنائب النقابي قبل المصادقة على االتفاقية الدولية
رقم .135
في ظل غياب األساس التشريعي لحمايDDة النDDائب النقDDابي من تعسDDف المDDؤجر في اسDDتعمال
حفه في الطرد كان لفقه القضاء الدور المحوري في هذه الحماية و كان ذلك بالعمDDل على
توسيع نطاق تطبيق الفصل 166م.ش إال أن هذا االتجاه للفقه Dالقضائي كان يشوبه العديد
من النقDDائص ( أ ) حDDاول الفقDDه في مرحل Dة DالحقDDة تDDداركها بDDاقتراح مجموعDDة من الحلــول
البديلة (ب).
__________________________
– 1االتفاقية عدد ،135بشأن توفير الحماية والتسهيالت للمثلي العملة الصادرة سنة .1971
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 54
- 5قرار تعقيبي مدني عدد ، 68915 – 9مؤرخ في 15جانفي ،1999تعليق حافظ العموري المجلة التونسية للقانون
االجتماعي عدد ،8لسنة ،2001ص .149
-في نفس االتجاه قرار تعقيبي مدني عدد ،65460بتاريخ 2جوان ( .1998غير منشور).
للمؤسسة و الحال أن تلك األحكام لم تكن مقصDDورة على أولئDDك النDDواب وإنمDDا تمتDDد إلى غDDيرهم من
نواب العملة.
نفس التوجه اتخذته كذلك الدائر الثانية والعشرين لمحكمة التعقيب في قرارها عDDدد- 2002
22433الصادر في 20جانفي 20031حيث اعتبرت هذه األخيرة بأنه " خالفDDا لمDDا ذهبت إليDDه
الطاعنة فقد ثبت أن المعقب ضده مسؤول نقDDابي ...كمDDا ثبت أن المعقبDDة لم تحDDترم اإلجDDراءات
التي اقتضاها المشرع بالفصل 166من م .ش "...
حاول إذن هذا التيار الفقه Dقضائي سحب األحكام الحمائية الDDتي خص بهDDا المشDDرع
" ممثل العملة" على النائب النقابي ومرد ذلك هو اقتناع فقه قضاء محكمة التعقيب ،بفكرة
مفادها أن األساس الذي ترتكز عليه هذه الحماية المنصوص عليها بالفصDDل 166م.ش هي "الصDDفة
التمثيلية للعملة" التي قد تعرض صاحبها إلى تعسف المDDؤجر بسDDبب مواقفDDه الدفاعيDDة على مصDDالح
األجراء الذين يمثلهم والتي قد تتعارض مع مواقف صاحب العمل.
وتأسيسا على صفة " ممثل العملة " التي قد تعرض صاحبها لتعسف صاحب العمل فإن
النائب النقابي باعتباره نائب العملة المنخرطين بالنقابة والذي قد يتعرض أكثر من غيره من النواب
غير النقابيين للعملة سواء باللجنDDة االستشDDارية للمؤسسDDة أو نيابDDات العملDDة لتعسDDف المDDؤجر نظDDرا
الختالف مهامه عن مهام هؤالء النواب يصبح أكثر استحقاقا بهذه الحماية 2خاصة وأن مجلة الشغل
أوكلت للممثلين غير النقابيين مهاما توفيقية باألساس 3بينما أسندت للنواب النقابيين مهاما تفاوضDDية
4
وبالتالي مطلبية بما في ذلك حق اإلضراب.
ولكن بالرغم من وجاهة هذه المبررات ،إال أنها ال تسDDتند إلى أسDDس قانونيDDة واضDDحة ،وال
تفصDDح عــن إرادة المشDDرع ،الDDذي اتجDDه حسDDب رأي أحDDد الفقهDDاء 5إلى التضDDييق في مجــال
تطبيق الفصلين 167 -166م.ش و بالتالي إلى عـدم شمولية أحكـامهما الحمائية للنـائب النقابــي.
__________________________
– 1قرار تعقيبي مدني عدد ،22433 – 2002مؤرخ في 20جانفي ( .2003انظر الملحق) .
- 2النوري مزيد " :فقه القضاء و حماية النائب النقابي بين االجتهاد و االلتباس " مجلة عمل و تنميDDة عDDدد 12
سنة ،1987ص .179
- 3الفصول من 157إلى ( 165جديد ) من م .ش.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 56
– 3جاء بهذا الفصل أنه " يقع انتخاب نواب العملة المنصوص عليهم بالفصل ( 163الجديد) م .ش من طDDرف
قسم انتخابي وحيد يضم كافة عملة المؤسسة " وهو ما يدل على انتخاب نواب غير نقابيين.
4 - Amouri Hafedh :« Les représentations des travailleurs dans l’entreprise en
Tunisie » Doctorat d’Etat Université de Paris 1991.
ترجمته بـ " ." Délègue syndical
من الواضح إذن أن هذا االتجاه الفقه Dقضائي الذي انتهج قراءة موسعة لنطDDاق تطDDبيق
الفصDDل 166م .ش 1ليشDDتمل النDDائب النقDDابي بالحمايDDة القانونيDDة .لم يكن موفقDDا في ذلDDك إلى أبعDDد
الحدود ،وما محاولة الطرق النقDDابي خالل المفاوضDDات عنDDد مراجعDDة االتفاقيDDات المشDDتركة
القطاعية توسيع مجال تطبيق الفصل 166م.ش ليشمل النائب النقابي ،إال دليل على عدم شمولية
األحكام الحمائية المضمنة بهذا الفصل لهذا األخير 2و إال لما كان هناك جDDدوى من المطالبDDة
بإضافة فصل في بعض االتفاقيات ينص على تطبيق الفصل المDDذكور على النDDائب النقDDابي
خاصDDة وأن مطDDالب هDDذه اإلضDDافة القت معارضDDة شDDديدة من طDDرف أصDDحاب العمDDل في
المفاوضات .3Dوإلى غاية سنة 2004لم يتوصل الجانب النقابي إلى توسيع هذه الحماية إال في
ثالثة عشر اتفاقية قطاعية من جملة اثنين و خمسون اتفاقية.
وكمثDDال على ذلDDك يمكن الرجDDوع إلى الفصDDل الثDDالث من االتفاقيDDة القطاعيDDة للتDDأمين الDDذي
أوجب احDDترام اإلجDDراءات المنصDDوص عليهDDا بالفصDDل ( 166جديDDد) م .ش قبDDل طDDرد " أي
مندوب نقابي".
وفي تطبيق لهذا الفصل أصدرت المحكمة Dاالبتدائية بتونس قـرارا إستئنافيا لصالح مندوب
نقابي في قطاع التأمين وقد جاء في هذا القرار مDDا يلي " وحيث أن موافقDDة متفقDDد الشDDغل
على الطرد لم تحصل ،فإن فصل المستأنف عليه من العمل ال تعدوا أن تكDDون سDوى طDDرد
4
تعسفيا باعتبار الخرق Dالواضح للفصل 3من االتفاقية و الذي جاء في صيغة الوجوب.
– 3ندوة حول المفاوضة الجماعية تنظيم االتحاد العام التونسي للشغل ،جوان .2003
– 4حكم استئنافي صادر عن المحكمة االبتدائية بتونس تحت عدد ،1698 Dبتاريخ 17أكتوبر ،1986غير منشور ،أورده
حافظ العموري عن النوري مزيد من مقالة " فقه القضاء وحماية النائب النقابي بين االجتهاد وااللتباس" ،مصDDدر سDDابق،
ص .182
حيث اكتساح اقتصاديات السوق ،وانتعاش دعاة الليبرالية االقتصادية المجحفة D،مع مDDا تضDDمنه هDDذا
التوجه من هجوم على الحريات والحقوق النقابية وعلى مصالح العمال بشكل عام ،بات من المتأكDDد
إيجاد حلول بديلة لسد هذا الفراغ التشريعي ،لذلك واعتبارا لكل ما تقDDدم ،كDDان للفقDDه دورا فعDDاال في
محاولة تجاوز هذه المسألة.
وفي هذا اإلطار يمكن تنزيل الندوة الوطنية األولى التي التDDأمت في تDDونس بتنظيم
مشترك بين قسم التكDDوين النقDDابي باالتحDDاد العDDام التونسDDي للشDDغل ،و قسDDم الحقDDوق النقابيDDة
بالكنفدارلية العالمية للنقابات الحرة 1ضمن مجموع المساعي التي حاولت توفير القDDدر الالزم
من الحماية للنائب النقابي بما في ذلك الحماية ضد الطرد خاصة وأن هذه الندوة كانت تندرج
ضمن البرنامج الذي أعدته الكنفدرالية و القاضي بضرورة تدعيم الحقوق و الحريات النقابية
والسعي إلى توفير آليات لحمايتها .وقد انتهت الندوة بإصدار تقريDDر ختDDامي يتضDDمن جملDDة
من التوصيات تأكد على ضرورة إدراج مسألة حماية الحقوق والحريات النقابيDDة و تطويرهDDا
ضمن الملفات المطروحة للتفاوض.
إصDDدار دليDDل الحريDDات النقابيDDة و تعميمDDه على النقDDابين ،بعث مرصDDد نقDDابي وطDDني
للحقـوق النقابيDDة اعتمDDادا على شDDبكة من المراسDDلين الجهDDويين لتكDDون بمثابDDة المنبDDه لكDDل
2
االنتهاكات.
و في نفس السياق الرامي إلى تجاوز مسألة غياب السند التشDDريعي لحمايDDة النDDائب
النقابي ،اعتبر األستاذ حافDDظ العمDDوري 3أن الحDDل يكمن في اللجDDوء إلى االتفاقيDDات الدوليDDة
التي صادقت عليها تونس خاصة بعد محافظة Dتنقيح الدستور لسنة 2002على مكانة هDDذه
االتفاقيات في القانون الوطني .4ومن هنا ذهب هـذا الفقيه إلى حد اقتراح توسيع نطاق تطبيق
________________________
– 1التأمت الندوة الوطنية األولى حول الحقوق والحريات النقابة بتونس من 17إلى 22أكتوبر .1994
يراجDDع :ليلي الكويسDDي " تمثيDDل العملDDة داخDDل المؤسسDDة" مDDذكرة لنيDDل شDDهادة الدراسDDات المعمقDDة كليDDة الحقDDوق
و العلوم السياسية بتونس ،1997 – 1996ص .73
" – 2النشرة " نشDرية داخليDة يصDدرها قسDم التكDوين والتثقيDف العمDالي باإلتحDاد العDام التونسDي للشDغل ديسDمبر
،1994ص.10
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 59
__________________________
– 1صدرت هذه االتفاقية عن المنظمة الدولية للعمل سنة ،1949وصادقت عليها تونس بمقتضى األمDDر المDDؤرخ
في 25أفريل ،1957وتم تسجيل المصادقة بمكتب العمل الدولي في 15ماي .1957
يراجع محمد الهDDادي بن عبDDد اللDه " االتفاقيDDات الدوليDDة للشDDغل" ،نشDDر دار إسDDهامات في أدبيDDات المؤسسDDة ،1999
ومدونة تشريع الشغل الجزء األول ،وزارة الشؤون االجتماعية ،ماي .1998
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 60
– 2لجنة الحريات النقابيDDة هي لجنDDة ثالثيDDة األطDDراف أنشDDأها مجلس إدارة منظمDDة العمDDل الدوليDDة سDDنة 1951
و تتكون من 9أعضاء ونوابهم من ممثلي الحكومات و فريق العمال وأصحاب العمDDل في مجلس اإلدارة و يتمتDDع
رئيسها باالستقاللية و تجتمع هذه اللجنة كل 3سنوات .
- 3حافظ العموري :مرجع سابق ،ص . 15
1
اللجنة تتمثل في إرجاع العامل المطرود لسالف عمله.
وباعتبار أن تونس صادقت كذلك على االتفاقية الدولية رقم 87بشأن الحريDDة النقابيDDة
وحماية الحق النقابي منذ سنة 2 1957يرى األستاذ حافظ Dالعموري أن القاضي Dيمكنه كDذلك
أن يجد في مبادئ هذه االتفاقية خير سند لتطبيقه الواسع للفصل المذكور ألنDDه بDDدون هDDذه
الحماية يصبح النائب النقابي مثل سائر العملة وهو ما ال يتناسق مع مبادئ هذه االتفاقيDDة
التي تفرض وجود أجراء مسDDتقلين بDDإرادتهم عن إدارة مDDؤجريهم ،ويتمتعDDون بحDDد أدنى من
الحماية لممارسة الحقوق والحريات التي نصت عليها هذه االتفاقية ممارسة فعلية.
ويكمن أحDDد أهم هDDذه المبDDادئ حسDDب رأي هDDذا الفقيDDه في "وجDDوب تمتDDع العمDDال
بالحماية المناسبة من جميع أعمال التمييز ضد النقابDDات ،مثDDل أعمDDال الصDDرف من الخدمDDة
فحسب هذا المبدأ ،فإن طرد النواب النقابيين تعسفيا إذا كان مرده صفتهم تلك قد يهدد وجود
النقابات داخل المؤسسة ،و بالتالي يقوض األسس التي قامت عليها االتفاقيDDة الدوليDDة رقم 87
3
المتمثلة بالخصوص في الحريات النقابية ،انتماء وممارسة".
من الواضح إذا أن غياب األساس التشريعي لسحب األحكام الحمائية التي يتمتع بها
" نائب العملة " على " النائب النقابي " ضد تعسف المؤجر في استعمال حق الطرد كDDان
سببا مباشرا في ظهور كل هDDذه االجتهDDادات الفقDDه قضDDائية و الفقهيDDة ،إجتهDDادات وإن جDDانب
البعض منها الصDواب ،إال أنهDا تعكس على كDل حDال تطDور نزعDة قDانون الشDغل الحمائيDة
ويبDدو أن المشDرع قDد تفطن إلى هDذا الفDراغ التشDريعي ومDا مصDادقته سDنة 2007على
االتفاقية الدولية رقم 4 135بشأن حماية ممثلي العملة ومراجعة مجلة الشغل تأسيسا عليها
إال دليل على ذلك ( .الفقرة الثانية ) .
__________________________
.Liberté syndicale et négociations collectives « BIT » 1994, p106 – 1
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 61
– 2صدرت هذه االتفاقية عن المنظمة الدولية للعمل سنة ،1948وصادقت عليها تونس بمقتضى األمDDر المDDؤرخ
في 11جوان ،1957وصدرت بالرائد الرسمي بمقتضى نفس األمDDر ،و سDDجلت هDDذه المصDDادقة بDDالمكتب الDDدولي
للعمل في 18جوان .1957
-حافظ العموري :مرجع سابق ،ص .16 3
– 4تمت هذه المصادقة بمقتضى القانون عدد 15لسنة ،2007المؤرخ في 12مارس ،2007الرائد الرسDDمي ،ص ،732
عدد (. 21أنظر الملحق).
-يراجع كذلك رأي المجلس الدستوري المتعلق بهذه المصادقة( .انظر الملحق).
الفقرة الثانية :الوضعية الحمائية للنائب النقابي بعد المصادقة على االتفاقية الدولية
رقم 135ومراجعة مجلة الشغل تأسيسا عليها .
تضمنت االتفاقية الدولية رقم 135والتوصية رقم 143المتعلق بها 1والDDتي اعتمDDدها مDDؤتمر
العمل الدولي في دورتDDه السادسDDة والخمسDDين سDDنة 1971عمومDDا أحكامDا DتهDDدف إلى حمايDDة ممثلي
العمال من كل اإلجراءات التي من شأنها أن تلحق بهم ضرار بما في ذلDDك الطDDرد من العمDDل ،وإلى
تمكينهم من التسهيالت الالزمة للقيام بمهامهم بصورة ناجعة.
وتتمثل هذه األحكام بالخصوص فيما يلي.
1
- 1شمول مفهوم " ممثلي العمال " للمثلين النقابيين وممثلي العمال المنتخبين.
- 2وجوب تمتع العمال بالمؤسسة بحماية ناجعة ضد كل اإلجDDراءات الDDتي يمكن أن تلحDDق ضDDررا
بهم بما في ذلك الطرد من العمل والتي يقع اتخاذها على أساس صفتهم أو أنشطتهم كممثلين للعمDDال
2
أو انتمائهم النقابي أو ممارستهم ألنشطة نقابية.
- 3وجوب منح تسهيالت لممثلي العمال بالمؤسسة بكيفية تمكنهم من القيام بمهامهم بصورة سريعة
وناجعDDة على أن تDDراعي خصDDائص نظDDام العالقDDات المهنيDDة في البلDDد وحاجيDDات المؤسسDDة المعنيDDة
3
وأهميتها وإمكانياتها وأن ال يؤدي منح هذه التسهيالت إلى عرقلة سير العمل بالمؤسسة.
- 4إمكانية تطبيق أحكام االتفاقية سواء عن طريق التشريع الوطDDني أو االتفاقيDDات الجماعيDDة أو أي
4
طريقة أخرى تكون مطابقة للممارسة الوطنية.
ما يهمنا من خالل عرض أهداف ومرامي هذه االتفاقية الدولية أنها تشمل كDDل من لDDه صDDفة
6
ممثل للعملة سواء تعلق األمر بالممثل المنتخب 5أو الممثل النقابي.
_________________________________
– 1يراجع نص هذه االتفاقية مع التوصية رقم 143المتعلقة بها ( .انظر الملحق).
- 2المادة الثالثة من االتفاقية الدولية رقم .135
- 3المادة األولى من نفس االتفاقية .
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 62
يتعين عليه عرض ذلك ...كما يتعين عليه بعد ذلك عرض المسألة على المدير العDDام لتفقديDDة الشDDغل
والمصالحة "...وكلما اعتزم المؤجر طرد نائب رسمي أو مناوب للعملة يتعين عليه عرض المسألة
________________________
- 1حافظ العموري :مصدر سابق ،ص .10
- 2مداوالت مجلس النواب ،جلسة يوم الثالثاء 6مارس .2007
- 3وقعت إضافة هذا الفصل بمقتضى القانون عدد 19لسنة ، 2007المؤرخ في 2أفريل .2007
مباشرة على المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة ."...
فبمقتضى هذه اإلضافة للفصل 169مكرر جديد إلى مجلة الشغل أصبح النائب النقابي اليوم
يتمتع بنفس الحماية التي يتمتع بها النائب غير النقابي أي نواب العملة وأعضاء اللجنDDة االستشDDارية
أو اللجنة اإلدارية للمؤسسة دون أي تمييز " فالحماية االتفاقية في بعض االتفاقيات المشتركة تركت
مكانها للحماية القانونية للنائب النقابي والحماية الضDDمنية الDDتي كDDان بامكDDان المحDDاكم تطبيقهDDا عمال
بأحكام االتفاقيتين الدوليتين رقمي 87و 98السالف ذكرهما تركت مكانها للحماية الصDDريحة بمجلDة
الشغل" . 1
فاإلضافة تتمثل أساسا في تعميم الحماية التي نصت عليها 13اتفاقية قطاعية واجتهدت في
توسيعها بعض المحاكم لتشمل النواب النقابين.
و لكن ورغم هذا التطور اإليجابي الذي عرفه قانون الشغل في مجال حماية النائب
النقابي ضد الطرد إال أنها تبقى حماية منقوصة من أهم عنصر ،إال وهو تنظيم الحضور النقابي
داخل المؤسسة ،وهنا يمكن القول بأن المشرع التونسي قDد فDوت على نفسDDه فرصDDة تقDنين
هذا الحضور بمناسبة تنقيح 2007ووقف عند إقرار الحرية النقابية بما هي حرية فردية تتمثل
في االنخراط أو عدمه ،وبما هي حرية جماعية تتعلق بتكوين وسDDير النقابDDات ،ولم يتجDDاوز
ذلك لتكريس التواجد والعمل النقابي داخل المؤسسة ،كما أن القانون التفاوضDDي وإن كDDرس
2
الحرية النقابية داخل المؤسسDDة فإنDDه في الحقيقDDة لم يخDDرج عن الحDDدود المقDDررة DتشDDريعيا
حيث ال تتحدث االتفاقية اإلطارية المشتركة إال عن الحرية النقابية وحرية الرأي :أي حرية
االنخراط أو عدم االنخDDراط ورغم أن إ.إ.م تحDDدثت عن ضDDرورة اعDDتراف المDDؤجر بالصDDالحيات
القانونية والشرعية النقابية وقبول النواب النقابيين مرة كل شDDهر بالمؤسسDDة ومنح النDDواب النقDDابيين
الوقت الكافي والتسهيالت الالزمDة ألداء وظDائفهم ،إال أنهDا قيDدت ذلDك بشDرط عDام ومطDاط وهDو
3
إمكانيات المؤسسة و مصلحتها ،وهو ما يقنن اعتداءات المؤجر على الحرية النقابية.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 64
ولكن مهما يكن من أمر يمكن اعتبDDار هDDذا التDDدخل التشDDريعي وبDDالرغم من نقائصDDه من أهم
المكاسب التي تحققت للنائب النقابي خاصة وأنه يحتوي كذلك على مجموعة مــن اإلضـافات تتعلق
__________________________
– 1حافظ العموري :مرجع سابق ،ص . 22
- 2انظر الفصل 5من االتفاقية اإلطارية المشتركة ،و الفصل 42م .ش.
- 3حسان الغربالي :انتماء األجير إلى المؤسسة ،مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في القDDانون الخDDاص ،كليDDة
الحقوق و العلوم السياسية بتونس ،2000 – 1999ص .74
أساسا باإلجراءات الواجب احترامها من طرف المDDؤجر كلمDDا اعDDتزم طDDرد ممثDDل نقDDابي ،وكDDذلك
إضافات جوهرية تتمثل في أولوية البقاء في صورة اللجوء إلى الطDDرد ألسDDباب اقتصDDادية أو فنيDDة.
وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار أن هذه التدابير الحمائية سوف يستفيد منهDDا على حDDد السDDواء
كل من النائب النقابي و النائب الغير نقابي. 1
المبحث الثاني :مظاهر تطور الوضعية الحمائية الخاصة بالنائب غير النقابي.
ما فتئ قانون الشغل يتطور في اتجاه تكريس مفاهيم متميزة يستمدها من الصDDبغة الجماعيDDة
للعالقات المهنية ،مثل مفهوم التفاوض الجماعي والتمثيل الجماعي Dذلك أن عالقات العمDDل تبقى في
جوهرها جماعية ونزاعية تقوم على وجود شريحتين اجتمDDاعيتين لهمDDا مصDDالح متضDDاربة تفDDرض
قيام هيئات للتعبير عن تلك المصالح والدفاع عنها.
وهكذا وجدت هياكل حوار داخل المؤسسة من شأنها أن تسهل عملية التعايش والتخاطب
بين رأس المال وقوى العمل.
وغالبا ما تتميز العالقة بين الهياكل التمثيلية للعمال والمؤجر بالتوتر وذلك ناتجا أساسDDا عن
الوضعية الخاصة الذي فرضها الدور التمثيلي فالدفاع عن مصالح العمDال قDد يعرضDهم إلجDراءات
2
تأديبية.
حيث يDDرى المDDؤجر في الهياكDDل التمثيليDDة للعمDDال هيكDDل "معDDرقال" Dيجب الحDDد من سDDلطته
والتقليص من دوره وذلك بتسليط أقصى العقوبات على العناصر المتحدثDDة باسDDم العمDDال .أمDDام هDDذه
الوضعية ،أقر المشرع نظاما حمائيا لممثلي العملة ضد اإلجراءات التعسفية المتمثلة في الطرد.
وما يالحظ في هذا اإلطار أن هذا النظام الحمائي ما انفك يتطور ،فمن خالل معاينة الصيغة
الجديدة للفصل 166جديد من م ش 3وكذلك الفصل 169مكDDرر المضDDاف بمقتضDDى نفس التنقيح،
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 65
يمكن القول أن هذا التطDDور كDDان على المسDDتوى اإلجDDرائي ( الفقDDرة األولى ) وكDDذلك على مسDDتوى
محتوى الحماية ( الفقرة الثانية) .
_____________________
– 1وباعتبار أن مختلف هذه اإلضافات الحمائية مشتركة بين هذين الصDDنفين من نDDواب العملDDة وتجنبDDا للتكDDرار وجDDدنا من
المفيد التعرض لها بكل دقة في المبحث الثاني من هذا الفصل.
.Amouri Hafedh : Th. op cite - 2
- 3بمقتضى تنقيح 2أفريل .2007
يقصDDد بعبDDارة ممثلي العمDDال حسDDب مDDا جDDاء بالفصDDل 157جديDDد م ش أعضDDاء اللجنDDة
3
االستشارية ذات التركيبة المتناصفة والتي تؤسس داخل كل مؤسسة تشغل أكثر من أربعين عامال
والواقع انتخابهم وفقا للقواعDDد القانونيDDة الDDتي تضDDمنها األمDDر عـــدد 30لسنـة 1995المDDؤرخ في
9جــانفي 1995 Dالمتعلق بتركيبة وسير عمــل اللجنة االستشارية للمؤسسة وبطرق انتخاب نـــواب
___________________________
.Jean Marc Beraud : op cite. p241- 1
.G Gurey :« Pratique du Droit de travail » p 506 –2
– 3بمعاينة الفصلين 157قديم وجديد نالحظ أن المشرع قد خفض في الشرط العددي من 50عامل إلى .40
ومـا تجدر اإلشارة إليه في هـذا اإلطDDار أن هـذه القائمDDة الDDتي تتمتDDع بحمايـة خاصDDة ضDDد
الطرد قد عمل المشرع على توسيعها بإضافة النائب النقDDابي وذلDDك بمقتضDDى التنقيح األخDDير لمجلDDة
2
الشغل.
جغرافيا مما يمكنه من النظر في موضوع االستشارة بأكثر موضوعية نظر لبعDDده عن الضDDغوطات
ولو بصفة مباشرة .
ويعتبر مبدأ حياد المدير العام لتفقدية الشDDغل والمصDDالحة من أهم الضDDمانات الحمائيDDة الDDتي
أرساها المشرع لفائدة ممثل العملة ،خاصة Dأن المؤجر قد يعمد في العديد من األحيDDان إلى اسDDتعمال
شتى أنواع الضغوطات والممارسات الغDDير قانونيDة في سDبيل الحصDول على موافقDة جهDاز تفقديDDة
الشغل على قرار طرده.
ودعمDا لفDرص الوصDول إلى حلDول صDلحية وخاصDة تجنبDا لمزيDد التDوتر في العالقDة بين
المؤجر وممثل العملة قيد المشرع المدير العام لتفقدية الشغل والمصDDالحة بأجDDل عشDDرة أيDDام إلبDDداء
رأيه في مشروع الطرد .وما يالحظ في هذا اإلطار أن هذا األجل قد بقي على ما هو عليه بالمقارنة
مع األجل الDذي أقDره المشDرع أثنDاء تنقيح الفصDل 166من م.ش سDنة .1994ولكن مDا هو مصDير
األجير ممثل العملة في صورة الDDتزام المDDدير العDDام لتفقديDDة الشDDغل والمصDDالحة الصDDمت أو إجابتDDه
خارج Dاألجل على مطلب المؤجر الراغب في الطرد ؟
يرى األستاذ حافظ العموري 1في هذا اإلطار أن اإلجابة خارج Dاألجل أو عدم اإلجابة بمثابة
الرفض من المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة Dلمطلب المؤجر بشان طرد ممثDDل عملDDة باعتبDDار
أن األمر يتعلق بقانون الشغل الذي يتسم بنزعته الحمائيDة لإلجDراء وبالتDالي فصDمت تفقديDة الشDغل
يجب أن يؤول في هذا االتجاه وباعتبار أن تفقدية الشغل والمصالحة هيكل إداري ينطبق عليDDه مـــا
ينطبق على اإلدارة التونسية في عالقتهDDا مDع المDDواطن وبالتDالي فهي خاضDعة في هDذه العالقDDة إلى
األمر عدد 982المDDؤرخ في 3مDDارس 1993الDDذي ينص صDDراحة على أن سDDكوت اإلدارة وعDDدم
ردها على طلب المواطن يعتبر رفضا وبالتالي فإن عدم موافDDاة المDDؤجر بإجابDDة من طDDرف المDDدير
العام لتفقدية الشغل والمصالحة بشأن طرد ممثل عملة أو اإلجابة بعد األجDDل المحDDدد لهDDا هي رفض
لهذا الطلب أي رأي بعدم الطرد.
وفي هذا اإلطار أيضا اعتبر وزير الشؤون االجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج Dأثناء
مناقشة مجلس المستشارين لمشروع القانون المتعلق بتنقيح الفصل 166من م.ش أنDDه "على فDرض
أن المدير العام لم يبدي رأيه خالل األجDDل المحDDدد فإنDDه يمكن للمDDؤجر أن يتقDDدم إلى الDDوزارة بطلب
2
التدخل وفق اإلجراءات اإلدارية المعمول بها قصد الحصول على اإلجابة".
ولكن هناك من يرى أن المDDؤجر ال يمكنDDه تحمDDل مسDDؤولية اإلجابDDة خDDارج األجDDل المحDDدد
أو عدم اإلجابة تماما و إال فال معنى لهذا األجل المقيد لتفقدية الشغل الذي أضDيف بمناسDبة مراجعDة
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 69
مجلة الشغل لسنة 1994بهدف حل النزاع في اتجاه أوفي أخر ألن صDDمت تفقديDDة الشDDغل من شDDأنه
3
أن يعمق من توتر العالقة الشغلية داخل المؤسسة.
وتجنبا لمزيد التوتر في هذه العالقة قيد المشرع تفقدية الشغل بأجل لحسم النزاع ولو جزئيDDا
باعتبارها طرف محايد ،ويرى األستاذ العموري في هDذا اإلطDDار أنDه كDDان من األفضDل التنصDيص
صراحة على أن رد المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة Dخـــارج Dاألجل أو عــدم رده عــن طلب
______________________________
- 1حافظ العموري :مرجع مذكور سابقا ،ص .22
- 2مداوالت مجلس المستشارين ،جلسة يوم الخميس 15مارس ،2007الرائد الرسمي عدد ،14صفحة .814
- 3لطفي سعداوي :السلطة التأديبية Dللمؤجر ،مصدر مذكور سابقا ،ص .125
المؤجر هو رفض لهذا الطلب أو التنصيص على عكس ذلك أي " أنه قبول له وهو مDDا ال يتعDDارض
مع األمر المذكور أنفا الذي نص على قاعدة عامة يمكن مخالفتها Dبنص خاص".
رغم محدودية دور المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة في حمايDDة ممثلي العملDDة باعتبDDار
هذا التدخل يقتصر على إبداء رأيا معلال وبالتالي فهولن يقيد المؤجر ولن يمنعه من ممارسDDة طDDرده
إال أن هذا التدخل من شانه على األقل توفير القدر األدنى من الحماية خاصة أن مهمتDDه سDوف تمتDDد
إلى مراقبة اإلجراءات الواجب احترامها Dكإجراء المراقبة حول تركيبة وصDDلوحية الهيكDDل التDDأديبي
ومدى احترام حقوق الدفاع وتمكين العامل من الملف التأديبي واحترام أجال االستدعاء أمDDام مجلس
التأديب .وهو دور يندرج عموما في نطاق االختصاص العام لمتفقد الشغل المنصوص عليDDه صDDلب
الفص 178من م .ش .ومن المؤكد في هذا اإلطار أن موافقة اللجنة االستشارية للمؤسسDDة والمDDدير
العام لتفقدية الشغل والمصالحة ال تنزع عن الطرد الصيغة التعسفية إذا رأت المحاكم المختصة عدم
وجود سبب حقيقي وجدي يبرره.
قائمة العملة الذين سيتم إنهاء عقود شغلهم يتم أساسا باعتماد معيار األقدمية في العمل والوضDDعية
االجتماعية للعامل فيتم تسريح العامل األقل أقدمية واألقل أعباء عائلية دون اعتبDDار الصDDفة
التمثيلية للعامل بالمؤسسة ،وهو ما قد يؤدي إلى حشر ممثلي العملة ضمن قائمة العمال الواقع
1
إنهاء عقود شغلهم".
وسعيا من قانــون الشغل لتجنب هذه الـوضعية ،ولتعزيز سبل حماية هـــــذه الفئـــة مـن
العمال وكذلك تناسقا مع االتفاقية الدولية رقم 135السالفة الذكر ،أضاف المشرع ،بمقتضى الفصل
__________________________
- 1عصام األحمر :إشكاالت في نزاعات الشغل،المركز الوطني للبحوث والدراسات القانونية والقضائية ،تDDونس ،2007
ص.72
166مكرر 1في مجلة الشغل حق أولوية البقاء في صDورة اعDتزم المDؤجر طDرد األجDراء ألسDباب
اقتصادية أو فنيDDة .وقDDد جDDاء بالفصDDل 166مكDDرر مDDا يلي " تعطي األولويDDة في اإلبقDDاء في العمDDل
لممثلي العملة سوءا كانوا أعضDDاء اللجنDDة االستشDDارية للمؤسسDDة أو نوابDDا للعملDDة أو ممثلين نقDDابيين
وذلك في حالة Dالطرد أو اإليقاف عن العمل ألسباب اقتصادية أو فنية ".
ومDDا يالحDDظ في هDDذا اإلطDDار ،أن هDDذه اإلضDDافة وردت غامضDDة وتسDDتدعي التوضDDيح فيمDDا يتعلDDق
بشروط وإجراءات هذا الحق .
يبدو أن المشرع بعدم التنصيص على شروط وإجراءات حق األولوية في البقاء كDDان هدفDDه
األساسي تجنب التكرار 2خاصة وأن هذه الشروط واإلجراءات هي نفسها الDDواردة بالفصDDل 13-21
من م.ش المتعلق بحق األولوية في التشDDغيل في صDDورة طDDرد األجDDير العDDادي ألسDDباب اقتصDDادية.
يمكن اعتبار إذن أن الفصل 166مكDDرر يحيDDل ضDDمنيا إلى الفصDDل 13-21من نفس المجلDDة .وحDDق
األولوية مثلما عرفه األستاذ " " Gérard Couturierهي "الحالة التي يمنح فيها األجير الحق في
3
االنتداب من جديد بتفضيله عن غيره في حالة Dوجود مركز شاغر يتماشى ومؤهالته "
من خالل هذا التعريف الفقهي لحق األولية يمكننا أن نستنتج أن شروط االنتفاع بهذا الحق
بعضها يتعلق بالمؤسسة وبعضها األخر بتعلق باألجراء.
فأما الشروط المتعلقة بالمؤسسة فإن ممارسة حق األولوية بالنسبة ألجDDراء ال يكDDون إال بعDDد
استعادة المؤسسة لنشاطها ،وهDذا الشDرط ال يعDني بالضDرورة أن تكDون المؤسسDة قDد أغلقت تمامDا
أبوابها ،وإنما قامت بطرد جميع أجراءها فحتى حالة اسDDتمرار نشDDاطها الجDDزئي أو حDDتى الكلي مDDع
طرد جزء من األجراء تنطبق أيضا .فحق األولوية مقيد باستعادة المؤسسة لنشاطها مع إبقاء عبDDارة
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 71
نشاطها على إطالقها رغم أن نية المشرع التونسDDي متجهDDة نحDDو اشDDتراط ممارسDDتها لنفس نشDDاطها
السابق وهDDو أمDDر نلمسDDه من خالل عبDDارة النص ذاتDDه " من نفس الصDDنف المهDDني" طبقDDا لمDDا ورد
بالفصل 13- 21فقرة 1 Dم .ش.
لكن يطرح سؤال حول وضعية العامل المطرود ألسباب اقتصادية قبل إحالة المؤسسة للغير
فهل بامكانه مطالبة المؤجر الجديد طبقا ألحكام الفصل 15م .ش بحقه في العـودة إلــى المؤسســة؟
____________________________
- 1هذا الفصل أضيف بمقتضى تنقيح 2أفريل .2007
- 2باعتبار أن المشرع ال يكرر نفسه.
.G. Couturier : op cite, p 115 -3
هنا نجDDد سDDكوت المشDDرع وفقDDه القضDDاء التونسDDي في حين اعتDDبرت محكمDDة التعقيب الفرنسDDية أنDDه
1
بإمكان ممارسة حق األولوية تجاه المؤجر الجديد الذي أقام نفس النشاط السابق بالمؤسسة.
أما فيما يتعلق بالشروط الخاصة Dباألجير فنالحظ أن المشDDرع قDDد راع وضDDعياتهم الخاصDDة
حين إعادة انتدابهم ،حيث تكون األولوية حسب أقدميتهم بالمؤسسDDة مرفعDDا فيهDDا بسDDنة عن كDDل ولDDد
دون 16سنة عند تاريخ الطرد .فلقد منح قانون الشغل األقدمية بعدد األبناء القصر مراعيDDا في ذلDDك
الجانب االجتماعي لعقد الشغل ،2وهو موقف تشريعي مستحب فال يعقل أن يعامل األجDDير األعDDزب
بمثل معاملة رب األسرة فتميز هذا األخير فيه إنقاذ للعائلة قبل أن يكDDون إعDDادة لعقDDد تشDDغيله ،وفيDDه
مزج مـن قانون الشغل بين الجانب االقتصادي بعقد الشغل بالجانب االجتماعي.
إلى جانب كل هذه الشروط الموضوعية لممارسة حق األولويDة والDتي تنطبDق بDدورها على
األجير ممثل العملة هناك مجموعة من الشروط ذات الطابع اإلجرائي تتعلق أساسا بأجل سقوط حق
المطالبة بالرجوع إلى المؤسسة بعد الطرد ،وأيضا بإجراءات واجب اإلعالم سواء كان الموجه إلى
المؤجر أو إلى تفقدية الشغل.
وباجتماع كل هذه الشروط الموضوعية واإلجرائية يصبح األجير ممثل العملDDة الDDذي أطDDرد
ألسباب اقتصادية أو فنية صاحب حق للمطالبة بالتمتع بحقه في األولية في البقاء في نفس المؤسسة
خاصة وأن المشرع وقصد إضفاء فاعلية على هذا الحق أردفه بجزاء جزئيا 3يتمثل في دفع خطيDDة
يصل حدها األقصى 60دينارا في حالDDة رفض المDDؤجر االسDDتجابة لهDDذا الحDDق ،ولكن ضDDعف هDDذه
العقوبة المالية قد يفرغ هذا الحDق من محتDواه عكس القDDانون الفرنسDDي الDذي ضDDخم جDDزاء الDDرفض
واعتDDبره يهم النظDDام العDDام فDDأقر لDDه جDDزاء على المسDDتوى المDDدني معتDDبرا أن رفض المDDؤجر لطلب
الرجوع من شأنه أن يمكن األجير من الحصول على تعويض 4ال يقل عن أجرة شDDهرين ويمكن أن
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 72
يتجاوز ذلك الحد بكثير إذا ما أثبت األجير حصول ضرر خصوصي له ،وهDDو إجDDراء نأمDDل السDDير
على منواله في تشريعنا الوطني.5
____________________________
.Cass. Social 26 Février 1992 N° 128 Droit social, N° 6 Juin 1995, p 568 - 1
- 2أنظر سعيدة الشوانين :قانون الشغل والمؤسسة ،مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة قانون خاص :كلية الحقوق تونس
،2005 / 2004ص .192
- 3انظر الفصل 234م.ش.
.L 122 - 14 - 14 - C.T.F - 4
- 5سعيدة الشوانين :مرجع سابق ،ص .195
إن التطرق إلى مسألة جزاء عدم احترام المؤجر لحق األولوية في البقاء تحيلنا إلى ضرورة
التعرض إلى العقوبات المنجرة Dعن عدم احترام الوضعية الحمائية عموما ليتضح لنDDا معهDDا مDDدى
محدوديتها .فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 166جديد فقرة ثانية نالحظ أن الطرد الواقع دون اخذ
رأي المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة ،أو بمخالفة رأي هذا األخير الذي رفض الموافقDDة عليDDه
إذا لم يكن ألسباب جدية و حقيقية ال ينجر عنه سDDوى اعتبDDار الطDDرد تعسDDفيا .فيكDDون ممثلDDو العمDDال
بذلك في وضعية غير متميزة بالنسبة إلى األجراء العDاديين ،وهDو مDا ال يتماشDى و الغايDة الDتي من
المفروض أن تحققها هذه الوضعية الحمائية ،خاصة وأنها تمثل تمييزا عن مقومDDات القDDانون العDDام.
على مستوى قطع العقد بإرادة المنفردة على أن هذا التميDDيز ال يمكن تكريسDDه إال من خالل اإلقDDرار
بتقنية " بطالن الطDDرد " حيث يصDDبح األجDDير المعDDني الDDذي وقDDع طDDرده دون احDDترام اإلجDDراءات
الحمائية الخاصة DيتمتDDع بحDDق اسDDترجاع عملDDه عوضDDا عن حقDDه في التعويضDDات الماديDDة ،ويصDDبح
المؤجر مجبرا على إرجاع األجير إلى شغله.
كما أن طبيعة العقوبات التي يمكن أن تسلط على المؤجر في صورة عدم احترامDDه لمختلDDف
القواعد الحمائية التي أرساها المشDDرع من خالل الفصDDل 166جديDDد بعDDد التنقيح الحDDديث هي الDDتي
تحدد نجاعة احترامه لهDDذه القواعDDد ،فDDإذا كDDانت هDDذه العقوبDDات هشDDة فإنهDDا سDDتجعل هDDذه الوضDDعية
الحمائية أمرا شكليا ،بما أن المDDؤجر في غDDالب األحيDDان سDDوف يكDDون مسDDتعدا لتحمDDل التعويضDDات
المادية مقابل التخلص بصفة نهائية من األجير المزعج والمزاحم لسلطته الفردية.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 73
تتجلى نزعة قانون الشغل الحمائية في مجDDال الطDDرد ،من خالل فرضDDه جملDDة من الشDDروط
واإلجراءات الواجب احترامها من طرف المؤجر كلمDDا أراد ممارسDDة حقDDه في إنهDDاء عالقDDة شDDغلية
معينة.
ولقد شهدت جملة هذه الشروط واإلجراءات تطورا ملحوظا خاصة بعد التنقيحات األخيرة
التي أدخلها DالمشDDرع على مجلDDة الشDDغل ،1في هDDذا المجDDال والDDتي شDDملت على حDDد السDDواء كDDل من
األجير العادي وكذلك األجير ممثل العملة.
وهنا يمكن اعتبار إبقاء المشرع على نظام الرقابة السابقة ضDد سDDلطة الطDDرد المسDDلط على
األجير العDDادي ،من بين مظDDاهر هDDذه النزعDDة الحمائيDDة ،فقDDد يلجDDأ المDDؤجر إلى طDDرد عملتDDه وذلDDك
باسDDتعمال سDDلطته التأديبيDDة الواسDDعة ،أو سDDلطته التسDDييرية اسDDتنادا إلى صDDعوبات اقتصDDادية وفنيDDة
يدعمها ،وفي كلتا الحالتين ،فإن قانون الشغل قDDد أخضDDع مختلDDف هDذه السDDلطات إلى رقابDDة منظمDDة
2
عبر مجموعة من الهياكل داخل المؤسسة أو خارجها.
ولكن ما يالحظ في هذا اإلطار أن كل هذه اإلجراءات الحمائية سواء تعلقت بالطرد ألسباب
تأديبية أو اقتصادية وفنية تبقى في أغلب الحاالت إجراءات شكلية وفاقدة لنجاعتها .ذلك أن مختلف
الهياكل التي يمر بها مشروع الطرد ال تتمتع بحDDق قبDDول أو رفض هDذا المشDDروع بDل إنهDDا تقتصDDر
على إبDDداء أراء تخلDDو في العديDDد من األحيDDان من أي صDDبغة إلزاميDDة .فال متفقDDد الشDDغل وال مجلس
التأديب أو حتى لجنة مراقبة الطرد ،يمكن لهم منع المؤجر من طرد من يريد ومتى يريد .3
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 74
ووعيا منه بمحدودية هذه الرقابة ،كان تدخل المشرع بمناسبة تنقيح 1994يهDدف باألسDاس
إلى تعزيز الرقابة الالحقة.
ويعد تبني قانون الشغل لنظرية السبب الحقيقي Dوالجدي من أهم مظاهر هذا التعزيز ،لتكDون
بذلك هـــــذه النظرية إطارا قانونيا يمنع المؤجر مـن التعسف في الطرد ،وهكذا و بمقتضى هــــذا
__________________________
.بمقتضى قانون 21فيفري 15 ،1994جويلية 2 ،1996أفريل 1 – 2007
.أنظر المبحث األول الجزء األول – 2
3 – Mansour Helel : « La formation historique du droit de travail en Tunisie », RTD
N°2 1983, p60.
التنقيح لم تعد لهذا األخير اإلمكانية في االعتماد على أي سبب تافه لتبرير طرد أجيره ،خاصة
1
وأنه مطالب بذكر هذا السبب في رسالة اإلعالم به .
ولقد كان للفقه وفي غياب تعريف تشريعي لهذه النظرية الDDدور المحDDوري في ضDDبط حDDدود
ومعالم هذا السبب الحقيقي DوالجDدي عن طريDق اقDتراح مجموعDة من التعريفDات ،كمDا امتDدت هDذه
المساهمة الفعالة من طرف فقهاء قانون الشغل حتى إلى تعريف الخطأ الفادح الDDذي ضDDبط المشDDرع
حاالته على سبيل الذكر.
وتكامال مع هذا التعزيز التشريعي والفقهي ،كان لفقه القضاء الدور األساسي في مزيد
بلورة مفهوم واضح للخطأ الفDDادح وذلDDك خاصDDة بتحديDDد شDDروطه وضDDبط معDDاييره ،كDDل هDDذا تحت
رقابة القاضي الشغلي الذي أصبح يتمتع بسلطات تحقيقيDDة واسDDعة تمكنDDه من الكشDDف عن حقيقDDة
وجود الخطأ المحتج به ضد األجير ومدى خطورته.
لقد امتدت هذه النزعة الحمائة لقانون الشغل حتى إلى ممثل العملة سواء كان نقابيDDا
أو غير نقابي .ففيما يتعلق بالنائب النقابي تعتبر مصادقة المشرع على االتفاقية الدوليDDة للعمDDل
رقم 135سنة 2007من أهم المكاسب التي تحققت لهذا األجير تأكد تطDDور قDDانون الشDDغل
في اتجاه Dحماية هذا الصنف من العملDDة ضDDد الطDDرد ،خاصDDة وأنهDDا أسسDDت لسDDند تشDDريعي
حمائي اجتهد فقه القضاء و كذلك الفقه Dفي تقريره .إال أن هذا التDDدخل التشDDريعي الحمDDائي رغم
أهميته يضل محدودا طالما أصر المشرع على موقفDDه الDDرافض االعDDتراف بDDالوجود النقDDابي داخDDل
المؤسسة ،خاصة وأنه ال يمكن أن نحمي النائب النقابي من دون تقنين وجدوده.
أما في ما يتعلق بالممثل غير النقابي ،فلقد حمل تدخل المشرع من خالل تنقيح الفصول
166و 167م.ش وإضافة الفصل 169إلى هـذه المجلDDة مجموعDDة مـن اإلضDافات الحمائيDة تتمثDل
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 75
خاصDDة في تعDDويض استشDDارة DمتفقDDد الشDDغل على قDDرار الطDDرد ،بالمDDدير العـام لتفقديDDة الشDDغل
والمصالحة ،وكذلك حق األولوية في البقاء في صورة اللجوء إلى الطرد ألسباب اقتصادية.
غير أن طبيعة العقوبات التي يمكن أن تسلط على المؤجر في صورة عدم احترامه لمختلDDف
هذه اإلضافات الحمائية من شأنها أن تجعلهDDا إضDDافات شDDكلية فاقDDدة لنجاعتهDDا ،خاصDDة أن المشDDرع
يقف عند حدود نظرية التعسف في استعمال الحق و بالتالي عند حدود التعويضات المادية دون
إمكانية بطالن الطرد ،رغم ما يمثله هذا الجزاء من تعويض حقيقي Dللعامل ممثل العملة .
______________________
.الفصل 14ثالثا ،جديد م.ش – 1
:الجزء الثاني
انطالقا من قناعته بأن الحماية المفرطة تعني أعباء مفرطة للمؤسسة واألعباء الكثيرة تضر
بالتشغيل ،سعى المشرع إلى التخفيف عن المؤسسة قدر اإلمكان من هDDذه األعبDDاء حDDتى يتسDDنى لهDDا
مجابهة خطر المنافسDDة الداخليDDة والخارجيDDة في ظDDل تفتح البالد التونسDDية على االقتصDDاد العDDالمي،
خاصة بعد التوقيع على اتفاقيات جولة األروغواي في مDDراكش يDDوم 15أفريDDل 1995،1والDDتي نتج
عنها إنشاء المنظمة العالمية للتجارة ( ) O.M.Cوحلولها محل االتفاقية العامة للتعريفDDات القمرقيDDة
والتجDDارة ( D ) G.A.T.TباإلضDDافة إلى اتفاقيDDة الشDDراكة المبرمDDة ببروكسDDال بين تDDونس واالتحDDاد
األوروبي في 17جويلية .2 1995
وإن كان إنشاء منظمة تبادل حDDر مDDع االتحDDاد األوروبي بمقتضDDى أحكDDام المنظمDDة العالميDDة
للتجارة Dيحمل في طياته العديد من المزايا 3فإن ذلك االتفاق ولد بصفة موازية عدة مخاطر ،خاصة
وأن النسيج الصناعي التونسي مازال يشكو في جزءه األكبر من الحداثة والهشاشة وبالتDDالي فإنDDه ال
يمكن للمؤسسDDة االقتصDDادية الوطنيDDة مجابهDDة تلDDك المخDDاطر DوالتصDDدي لهDDا وهي مثقلDDة باألعبDDاء
االجتماعية .إال أن التحدي األكبر الذي تواجهه المؤسسة االقتصادية هو دخول منطقة التبDDادل الحDDر
حيز التنفيذ الفعلي بداية من سنة .4 2010
ذلك أنه برغم المنافع المؤمل تحقيقها من خالل إنشاء هذه المناطق 5فإنه في المقابل سDDتبرز
عدة صعوبات من شأنها أن تعرقل مواكبة المؤسسات الوطنية للمنافسة الدولية .
_______________________
-1صادقت تونس على هذه االتفاقية بمقتضى القانون عدد 6المDDؤرخ في 13جDDانفي ،1995الرائDDد الرسDDمي عDDدد ،9لسDDنة
1995ص .271
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 77
– 2قبل هذه االتفاقية كانت العالقات االقتصادية والتجاريDDة بين تDDونس واالتحDDاد األوروبي قائمDDة في إطDDار اتفDDاق التعDDاون
المبرم سنة .1976
– 3اتفاقية الشراكة تفتح أمام االقتصاد التونسي مجاالت كبرى لدعم نسDDيجه اإلنتDDاجي واكتسDDاب الخDDبرة والجDDودة والقDDدرة
التنافسية.
– 4جواهر شقرون :تكلفة القانون االجتماعي داخل المؤسسة .مذكرة لنيDDل شDDهادة الدراسDDات المعمقDDة في القDDانون
الخاص ،كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس .1997 – 1996
– 5تتلخص هذه األهداف في - :استقطاب وجلب المستثمرين .
-تنشيط سوق الشغل .
-تحويل التكنولوجيا وتطوير الخبرات.
-تنمية Dالمداخيل من العملة األجنبية .
إذن من خالل جملDDة هDDذه المعطيDDات ذات الطDDابع االقتصDDادي ،يمكن تنزيDDل التنقيح الواسDDع
المدخل على معظم فصول مجلة الشغل خاصة بمقتضى القانون عDDدد 29لسDDنة 1994المDDؤرخ في
21فيفري 1994والذي من خالله أضفى المشرع على قواعد قانون الشغل نسبة من المرونة طالما
شكلت مطلبا ملحا Dمن مطالب المؤجرين من شأنها أن تساعدهم على حماية مؤسسDDاتهم من اإلفالس
والتالشي تحت وطأة ثقل األعباء االجتماعية .ولكن وفي المقابل يبدو أن المشرع قد تناسى بأن هذه
المرونة من شأنها أن تؤدي إلى التراجع عن كل ما وقع إرساءه من ضمانات وحقوق وحماية لفائدة
األجراء منذ أن بدأ يتكون التشريع االجتماعي .
ومDDا يDDدعم هDDذا االتجDDاه DهDDو مDDا جDDاء في التقريDDر المشDDترك بين لجنDDة الشDDؤون االجتماعيDDة
والصحة العمومية ،ولجنة التشريع العام والتنظيم العDDام لإلدارة حDDول مشDDروع تنقيح مجلDDة الشDDغل
لسنة " 1 1994أن هـذه التنقيحات جاءت مستجيبة لمقتضيات المرحلة التي يمـر بهـا اقتصاد البالد
الذي أولى المؤسسة االقتصادية العناية التي تسDDتحقها باعتبارهDDا حجDر DالزاويDDة في تحقيDDق أهـداف
التنمية التي تضمنها المخطط الثامن فالضغوطات التي تجابهها المؤسسة عديدة ومتنوعة ولقDDد بDDات
مـن الحتـمي مجـابهتها بطـرق جـديدة وأسـاليب متطـورة ال عـالقة لهـا بالتشDDريعات االجتمـاعية
الكالسDDيكية ومDDا تقDDوم عليDDه من إجDDراءات بين األطDDراف االجتماعيDDة فـي غيDDاب كلـي لمصDDلحة
المؤسسة ".
في الحقيقة Dأنه بعد هذا التنقيح نالحظ أن اتجاهات قانون الشغل عموما تغDيرت فلم يعDد ذلDك
القانون الحريص على حمايDDة األجDDير وحفDDظ حقوقDDه بDDل أصDDبح قانونDDا منحDDازا للمDDؤجر .وهDDذا مDDا
نالحظه خاصة Dفيما يتعلق بآثار الطرد من العمل.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 78
فمن ناحية نالحظ أن المشرع يرفض ضمنيا إقرار تقنية بطالن الطDرد(الفصDل األول) ومن
ناحية ثانية نجده يقر بنظام تعويض نقدي مسقف عند الطرد التعسفي(الفصل الثاني).
____________________________
– 1مداوالت مجلس النواب ،جلسة يوم االربعاء 9فيفري .1994
إن ارتباط األجير بالمؤسسة الDذي كرسDه الفصDل 15م.ش ومواكبDة سياسDDة التشDغيل الDتي
تحDDرص على ضDDمان اسDتقرار األجDير في مركDز عملDه يجعالن من إرجDDاع العامDDل الواقDع طDرده
تعسفيا حقا Dال جدال فيه .كما يمثل مطلبا ملحا لكافة األجDDراء الDDذين يتعرضDDون لإليقDDاف عن العمDDل
مؤقتا أو بصفة نهائية ولكن بDDالرغم من كDDل هDDذه المDDبررات نالحDDظ أن المشDDرع لم ينص على هDDذه
اإلمكانيDDة إال في بعض الصDDور الخاصة .1و في الحقيقDDة يمكن تفسDDير ذلDDك لتبDDني المشDDرع لنظريDDة
التعسف في استعمال الحق الواردة بالفصل 103من م .ا.ع وبالتالي االكتفاء بالتعويض النقدي دون
التعويض العيني .أما فقه القضاء فقد ساير هذا المنع .2
إن عDDدم إقDDرار المشDDرع لبطالن الطDDرد واالكتفDDاء بDDالتعويض النقDDدي يثDDير في الحقيقDDة
االستغراب خاصة إذا علمنا أن كال حالتي الطرد غير المبرر والطرد غير الصحيح إجرائيDDا اللDDذان
يمثالن قانون الطرد التعسفي هما حالتان تخرقان واجبا قانونيا صريحا متمثال في ضDDرورة تسDDبيب
الطرد بسبب حقيقي Dوجدي من جهة واحDDترام اإلجDDراءات القانونيDDة من جهDDة أخDDرى وبالتDDالي فإنDDه
ينجر عن خرق هذا الواجب بطالن الطرد أي مواصلة تنفيذ العقد وإرجاع العامل إلى مركDDز عملDDه
ال التعويض المالي.3
و هنDDا نتسDDاءل لمDDاذا اسDDتلهم المشDDرع فكDDرة السDDبب الحقيقي DوالجDDدي للطDDرد من القDDانون
الفرنسي إن لم يكن في نيته إقرار البطالن كجزاء للطرد التعسفي ؟
يبدو أن نية المشرع كانت في البداية متجهة نحو حDDل البطالن ،وممDDا يؤكDDد هDDذا التوجDDه أن
حالتي الطرد غير المبرر والطرد الخارق لإلجراءات ،ال يتعلقان في الحقيقDDة بتعسDDف في اسDDتعمال
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 79
الحق ولكن بمخالفة واجب قانوني يلزم المؤجر بعدم طDDرد األجDDير دون تDDوفر سDDبب حقيقي DوجDDدي
ودون إتباع اإلجراءات ،أي أنهما حالتان تعدان من قبيل االلتزام القانوني القاضي بالنهي عن العمل
خاصة وأن الفصل 166قديم من م ش كان ينص صراحة على هذا النهي 4وتبعا لذلـك فــــإن إتيان
________________________
- 1يراجع الفصول ،20 ،18 ،8م.ش.
- 2قرار تعقيبي مدني عدد ،63017بتاريخ ،1998 / 05 / 11غير منشور .
- 3محمد شوقي العبيدي :مرجع مذكور سابقا.
- 4الفصل 166قديم قبل تنقيح 94و ،2007كان يستعمل عبارة " فال يتم الطرد " وهي عبارة أمرة تفيDDد النهي عن الطDDرد
ممثلي العملة من دون قرار صريح من متفقد الشغل.
هذه المخالفDة DالقانونيDDة واعتمDDاد الطDDرد دون إتبDDاع اإلجDDراءات يعDDد عمال بDDاطال حسDDب مقتضDDيات
الفصل 539من م.إ.ع الذي اقتضى أنه " إذا صرح القانون بالنهي عن شيء معين كان إتيانه باطال
ال ينبني عليه شيء".
باالعتماد إذا على كل ما تقدم نعتقد بأن المشDDرع كDDان في نيتDDه اآلخDDذ بنظريDDة البطالن عنDDد
الطرد التعسفي لكنه تراجع عن هذا التمشي واسDDتعاض عنDDه بإتبDDاع سياسDDة مرنDDة ومDDا تفرضDDه من
تنازل من كل ما وقDع إقDDراره من حقDوق لفائDدة األجDDراء وأبعDDد من ذلDDك فالمشDDرع لم يحDاول حDDتى
مسايرة التوجهين القانوني الداخلي (المبحث األول) والمقارن ( المبحث الثاني) في خصوص مسألة
اإلرجاع .
_________________________
– 1محمد كمال شرف الدين :قانون مDDدني ،1دروس غDDير مرقونDDة لطلبDDة السDDنة األولى في الحقDوق ،كليDDة الحقDوق
والعلوم السياسية بتونس. 2000 – 1999 ،
يبدو للوهلة األولى واستنادا إلى مختلف المبادئ المدنية أن األخDDذ بنظريDDة بطالن تصDDرف
صاحب العمل غير ممكن ،من ذلك أنه إذا أسسنا التعDDويض عن الفصDDل التعسDDفي على التعسDDف في
استعمال الحق من ناحية المسDؤولية التقصDيرية ،فإنDه ال يمكننDا الحDديث إال عن التعDويض النقDدي،
فالمؤجر Dيطالب " بالخسارة عند عدم العمل " 1.حيث أن التعDDويض في حالDDة التعسDDف في اسDDتعمال
الحق يكون دائما في شكل عهدة مالية 2وفي ذلك إقصاء تام للتعويض العيني ،وعلى اعتبDDار انDDه ال
بطالن بال نص 3،فإنه ال يمكن القضاء ببطالن تصDDرف صDDاحب العمDDل المتمثDDل في فصDDل األجDDير
طالما Dلم ينص القانون صراحة على ذلك بنص خاص.
ولكن في المقابDDل نجDDد أن الفصDDل 539من مجلDDة االلتزامDDات والعقDDود ينص على أنـه إذا
" صرح القانون بالنهي عن شيء معين كان إتيانه باطال ال ينبني عليDه شDيء" ومن هنDا فإنDه يمكن
اإلقرار ببطالن الفصل التعسفي وعليه فإن إقDرار اإلرجDاع يكDون طبيعيDا على اعتبDار أن من أثDار
4
البطالن إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل اإلنهاء.
ونفس هذه اإلمكانية متاحة أيضا بDالرجوع إلى الفصDل 325م.إ.ع الDذي جDاء فيDه " يبطDل
االلتزام من أصله في صورة ما إذا خلي من ركن من أركانDDه " وعليDDه فDDإن " االلDDتزام المبDDني على
غير سبب أو سبب غير جائز ال عمل عليه " وبالتالي فإن عدم تسبيب الطرد يجعله غير جائز وهذا
الطرد يهم الطرد التعسفي أي دون وجود سDبب فغيDDاب السDDبب يDDؤدي بالضDDرورة إلى بطالن قDDرار
الطرد بطالنا مطلقا.
وبالرجوع إلى الفصل 275م .إ.ع نالحظ كذلك انه يسمح بأعمال تقنية إرجاع العامل 5ذلك
أن هذا النص يهم استحالة التنفيذ العيDني 6اسDDتحالة ماديDDة أو معنويDDة وال يمكن بالتDDالي تطبيقDDه على
جــــزاء إرجاع العامل طالما لم يكن ذلك مستحيال ،لذلك يكون من المحبذ تأويل قــــاضي الشغـــل
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 81
________________
- 1انظر الفصل 275م .إ .ع.
- 2انظر الفصل 103م إ ع.
- 3انظر الفصلين 330 – 325م .إ .ع .
- 4محمد الزين :كتاب النظرية العامة لاللتزامات -العقد ،-ص .236
- 5انظر الفصل ،67م.إ.ع.
- 6طاهر بوعزيزي :إرجDDاع العامDDل محاولDDة تأصDDيل جDزاء قDDانوني ،مDDذكرة لنيDDل شDDهادة الدراسDDات المعمقDDة في القDانون
الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس. 1999 – 1998 ،
لهذه األحكام تأويال خاصا يمكنه من إزاحة جزاء التعويض النقدي واإلقرار بإلزامية التنفيذ العيDDني،
بإرجاع العامل كلما رأى أن ذلك التنفيذ ال يعتبر مستحيال.
هذا من جهة ومن جهة ثانية ،فإنه إذا ما كان التزام المؤجر التزاما بالقيام بعمل فإنه ال يمكن
غصبه على الوفاء طبق الفصل 275م.إ.ع وذلك مراعاة لعدة اعتبارات منها المحافظة Dعلى الحرية
الفردية ،لكن على فرض اعتماد هذا المنطق فإن بعض مفسDDري القDDانون ذهبDDوا إلى اعتبDDار أن هDDذا
المنطDDق ال يقصDDي اعتمDDاد جDDزاء إرجDDاع العامDDل ،ذلDDك أنDDه "ال يمنDDع التنفيDDذ الجDDبري لكDDل أنDDواع
االلتزامات بعمل وإنما يقتصDDر فقDط على تلDك الDتي يكDون تنفيDذها ماسDDا بشDDخص المDدين وحرمتDDه
الجسدية وليس األمر كذلك بالنسبة للمؤجر إذ أن اإلرجاع ينفذ في مؤسسة الشخص المعنDDوي الDDذي
ليست له حرمة فردية أو حرمة Dجسدية يمكن أن ينالها هذا الحق" 1 .وترتيبا على مDDا ذكDر فDإن حكم
القاضي بإرجاع العامل إلى سالف عمله ال يتسلط باألساس على المDDؤجر بDDل على المؤسسDDة كDDذات
معنويDDة 2خاصDDة وأن الفصDDل 276م .إ.ع يقصDDي فقDDط مختلDDف أشDDكال اإلكDDراه البDDدني وهDDو مDDا ال
يتصور بمناسبة تمكين العامل من االلتحاق Dبعمله داخل المؤسسة.
أما إذا ما وقعت االستعانة بالقوة الملزمة للعقد وبالتحديد الفصل 242م.إ.ع الذي ينص على
أن " ما انعقد على وجـــه الصحيح يقوم مقام القانون فيما بين المتعاقDدين وال ينقص إال برضDائهما،
أو في الصور المقررة Dفي القانون وبما أن عقد الشغل هو عقد تبادلي يحمل على الطرفين التزامات
متقابلة فالعامل بمقتضى تعاقده مع المؤجر مطالب باحترام مDDا ينشDDأ عن ذلDDك التعاقDDد من التزامDDات
وفي صورة اإلخالل بواجباته يكون عرضة للطرد وهنا ومن هذا المنطلق كنDDا ننتظDDر من المشDDرع
الشغلي أن يرتب بالتوازي جزاء عادال يسلط على المؤجر عند ارتكابDDه لخطDDأ تعاقDDدي وذلDDك بعDDدم
االكتفاء بالجزاء النقدي بل وبإجباره على تنفيذ التزامه المتمثل في تفادي الطرد بسبب غير مبـــرر
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 82
وبذلك تكون الفرصة سانحة للعامل للمطالبة بتنفيذ ما وقع االتفاق عليDDه ورفض المDDؤجر تنفيDDذ هDDذا
االلتزام يمثل إخالال من جانبه بالتزام تعاقدي يفتح المجال لجزاء اإلرجاع.
______________________________
Hélène Sinay et Gerard Lyon Gaen. La réintégration des représentants des -1
.personnelles irrégulièrement licencies, J.C.P.I 1970, p 233
– 2حنان ترميش :السبب الحقيقي والجدي ،مذكرة لنيل شهادة الدراسDات المعمقDDة كليDDة الحقDDوق والعلDDوم السياسDDية بتDDونس
،1990ص .154
هذا الجزاء يمكن تأسيسه كذلك باالعتماد على نظرية التعسف في استعمال الحق ذاتها حيث
أن إنهاء العقد باإلرادة المنفردة ألحد األطراف مشروط بعDDدم التعسDDف في اسDDتعماله ،فالتعسDDف في
استعمال الحق بمنطوق الفصل 103م.إ.ع خطأ تترتب عليه المسؤولية كأثر لهDDذا التعسDDف .بمعDDنى
أنه " في صورة اعتبار تصرف المؤجر خطأ عقديا لمخالفة DقاعDDدة قانونيDDة ،فإنDDه من هDDذا المنطلDDق
يمكن اعتبار إنهاء العقد قد تم بطريقة تعسفية وباعتبار أن الجزاء المقرر Dله هو غرم الضDDرر ،فDDإن
ساحة المؤجر ال تبرأ إذ تبقى في جانبه حالة Dال مشروعية اإلنهDDاء ،وبالتDDالي فإنDDه إذا مDDا وسDDعنا في
مفهوم الخطأ العقدي لهذا األخير واعتبارنا اإلنهاء ال مشروعا بسبب التعدي على حDDق العامDDل فإنDDه
1
يمكن تصور فكرة اإلرجاع".
من الواضح إذا أن مختلف هذه الدعائم القانونية المدنية تكرس بشكل أو بآخر تقنيDDة البطالن
بما يسDDمح نتيجDDة لDDذلك للعامDDل من الرجDDوع إلى مركDDز عملDDه من جديDDد .ولكن المشDDرع الشDDغلي لم
يحاول مسايرتها رافضا نقلها إلى المادة الشغلية ،رغم علمه التام بها 2 ،ورغم حاجة األجير الماسDDة
إليها ،وكذلك فعل فقه القضاء التونسي الذي ضل " متمسكا بمدرسة الشDDرح على المتDDون ومعرضDDا
عن كل موفق مخالف ألحكDDام المدنيDDة الكالسDيكية 3 "،وهDو مDا من شDانه أن يطلDDق العنDDان لتعسDف
4
المؤجر حين ممارسته لإلنهاء األحادي للعقد وبالتالي يفقد األجير ثقته في االستقرار في العمل.
______________________________
-1هاجر بنوزة ":ما بعد عقDد الشDDغل " ،مDذكرة لنيDل شDهادة الدراسDات المعمقDDة ،كليDDة الحقDوق والعلDوم السياسDية تDDونس،
،1999 -1998ص .111
- 2خاصة إذا أخذنا في االعتبار األسبقية التاريخية لمجلة االلتزامات والعقود بالمقارنة مع مجلة الشغل.
- 3باستثناء حكم ابتدائي صادر عن المحكمة االبتدائيDDة بالمهديDDة ،بتDDاريخ 31جويليDDة ،1961م .ق .ت 8 ،أكتDDوبر ،1961
ص .67
-وكذلك قرار تعقيبي مدني عدد ،65460بتاريخ .1998 / 06 / 22
-4وسام السخيري :مصدر مذكور سابقا ،ص.99
هذا القرار المطعون فيه 1وهDذا االختصDDاص المخDDول للمحكمDDة اإلداريDDة فيDDه حمايDDة للموظDDف من
حرمانه من حقه Dالشغلي أو التعسف تجاهه من طرف اإلدارة .وهنDDا نتسDDاءل لمDDاذا لم يتبDDع المشDDرع
الشغلي نفس التوجه أولم يكن األجر في القطاع الخاص أولى بهذه الحماية نظر لخصوصية العالقDDة
في هذا القطاع ؟ وما تتسم به من انعدام المساواة والهيمنة االقتصادية للمؤجرين ؟
ومما تجدر مالحظته في هذا السياق أن دعوى تجDاوز السDDلطة هي فDرع من فDDروع قضDDاء
اإللغاء 2وبالعودة إلى مقتضيات قانون 1جويليDDة 1972نجDDده يعDDرف الطعن بتجDDاوز السDDلطة بأنDDه
" دعوى قضائية ضد السلطة اإلدارية يقوم بها من له مصلحة ،لدى قاضي اإللغاء ،بغية إلغاء قرار
إداري لعدم شرعيته ".
وبناء عليه فإن الغاية من هذه الدعوى هي احترام الشرعية أما الوسيلة المتبعDDة فهي اللجDDوء
إلى القضاء وذلك لتحقيق نتيجة معينة تتمثDDل في إلغDDاء القDDرار اإلداري ،وإذا مDDا اعتمDDدنا القDDراراتD
الصادرة بعزل الموظف العمومي وثبوت تجاوز هذه القرارات DللسDDلطة فDDإن القيDDام بDDدعوى لإللغDDاء
في هذه الحالة Dيتطلب توفر شروط معينة من ذلك وجود القرار اإلداري المخدوش فيه وكذلك وجود
السلطة اإلدارية التي أصدرته وكذلك توفر المصلحة في القيام .
ومDا يالحDظ في بDاب إنهDاء العالقDة الشDغلية هDو أن قDانون الشDغل يقDر لصDاحب المؤسسDة
األشراف الكامل عليها ،فهو المسؤول عن إدارتها بما يتفق ومصالحه لذلك تكون قراراته غير قابلة
لإللغاء من أي سلطة و إال عدى ذلك تدخال ال مستند له من القانون حتى ولDDو تأكDDدت الصDDبغة غDDير
الشرعية للطرد .على عكس ذلك نجد أن القDDانون اإلداري أنصDDف الموظDDف ومتعDDه بحمايDDة فعليDDة،
فالقرارات اإلدارية الواقع إلغاءها بسبب تجاوز السلطة تعتبر كأنها لم تتخذ إطالقا وعليه " فDDالقرار
اإلداري ينسخ نسخا باتا ويزول تمامDDا وكأنDDه لم يكن وعليDDه يتعين على اإلدارة أن ترجDDع الوضDDعية
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 84
القانونية إلى ما كانت عليه قبل أن يعتريها القرار Dالملغى" 3فتعاد بذلك وضعية الموظف إلى حالتهDDا
األصلية بصفة كلية.
_________________________________
- 1الموظف في تظلمه من المساس بحقه في الشغل يتجه للمحكمة اإلدارية لطلب إلغاء القرار وذلك عمال بأحكام الفصل 17
جديد من القانون عدد ،40 Dلسنة ،1972والمؤرخ في غرة جوان ،1972والمنقح بالقانون األساسي عدد ،39لسDDنة ،1996
المؤرخ في 03جوان .1996
- 2الفصل 7من قانون المحكمة اإلدارية ينص على أربع حاالت يمكن االستناد إليها لتأسيس دعDDوى تجDDاوز السDDلطة وهي:
عيب االختصاص ،خرق الصيغ الشكلية والجوهرية ،خرق قاعدة من القواعد القانونية ،االنحراف بالسلطة أو باإلجراءات.
-3عياض ابن عاشور" :القضاء اإلداري وفقه المرافعات اإلدارية في تونس "سراس" للنشر طبعة ،1995ص .179
وفي هذا المضمار تتحمل اإلدارة بواجب تنفيذ الحكم الصادر عن قضDDاء اإللغDDاء .وتبعDDا لDDذلك على
اإلدارة أن تستخلص كل النتائج المترتبة عن قرار اإللغاء بمعنى أن:
-تقيم من جديد األوضاع المرتبطة بالقرار Dالمنسوخ.
-تعوض األضرار التي تسبب فيها القرار.
-تقر كيف كان األمر قد يكون لو لم يتخذ القرار.
-تتخذ كل التدابير الالزمة الكفيلة بأن ترجع الوضعية إلى أصلها.
هذه المسؤولية الملقاة Dعلى كاهل اإلدارة من شانها أن تمكن الموظف من جميع حقوقه من
ترقيات وأقدمية بصورة تجعل مساره الوظيفي وكأنه لم يغادره على اإلطالق كمDDا تمكنDDه من جميDDع
1
مستحقاته عن المدة التي بقي خاللها Dمعزوال.
إن ما يمكن أن نستخلصه من خالل التعرض إلى دعوى اإللغاء في القانون اإلداري هو أنDDه
بالنسبة للموظف العمومي يمكن تطبيق نظرية البطالن ،ومن ثمة إعمال تقنية اإلرجDDاع وذلDDك كلمDDا
صدر قDرار إداري قDاض بعزلDه عن اإلدارة وثبت أن هDذا القDرار فيDه تجDاوز للسDDلطة وعليDDه فDإن
تكريس تقنية البطالن ثم اإلرجDDاع بالنسDDبة ألجDDير تدعمDDه عDDدة دعDDائم قانونيDDة سDDواء بDDالرجوع إلى
المبادئ المدنية أو حتى اإلدارية ،ولكن رغم ذلDDك فالمشDDرع الشDDغلي تجاهDDل هDDذا التوجDDه العDDام ولم
يحاول مسايرته بنص صريح في مجال الطرد.
يدعم الرجوع إلى بعض الصDور والمبDادئ الDواردة في مجلDة الشDغل فكDرة إرجDاع العامDل
المطرود ،هذا االعتقDDاد يتبلDDور خاصDDة من خالل مبDدأ اإلرجDDاع عنDد التعليDDق (أ) وكDDذلك من خالل
النظر في االلتزامات المتصلة بإنهاء عقد الشغل (ب).
___________________________
- 1المحكمة الدراية -مريم كريم ،وزير التربية والعلوم ،مؤرخ في 15جانفي ،1992عن كتاب عياض ابن عاشور،
" القضاء اإلداري وفقه المرافعات اإلدارية في تونس " ،ص .187
ومن الثابت أن تطبيق القواعد العامة المدنية على صور التعذر هذه تDDؤدي حتمDDا إلى انتهDDاء
عقد الشغل وبالتDالي حرمDان األجDراء من عملهم ،لكن وعي المشDرع بخصوصDية العالقDة الشDغلية
نظرا لقيامها على عالقة غير متكافئة بين طرف قوي وهو المDDؤجر وطDDرف ضDDعيف وهDDو األجDDير
وما يمكن أن ينتج عن إنهاء عقد الشغل من ضرر فادح لألجير ،فقد كان التوجه األساسي للمشDDرع،
تفادي إنهاء عقد الشغل كلما كان المانع عن تنفيذه مانعا مؤقتا يمكن تجاوزه.
وقد مثلت تقنية تعليق عقد الشغل إحدى أهم الوسائل التشريعية التي مكنت من تفDDادي إنهDDاء العالقDDة
الشغلية ،خاصة وأنها تمكن من المحافظة Dعلى قيام هذه العالقة بالرغم من توقف تنفيذ العقد.
وعلى هذا األساس عرف جانب من الفقهاء Dهذه التقنية بأنها حق األجير والمؤجر في القطع
المؤقت للتنفيذ العادي اللتزامهما األصلي المتمثل في دفع األجر بالنسDDبة للمDDؤجر وفي إتمDDام العمDDل
1
بالنسبة لألجير "...
نتبين إذا من خالل هذا التعريف أن التعليق هو تجميد لتنفيذ العالقة الشغلية وليس قطعا لها
وهو ما يمكن من الحفاظ على عمل األجير حتى عندما يتعذر عليه تنفيذ التزاماته الشغلية وعلى هذا
2
األساس يعتبر التعليق القانوني للعقد تقنية لإلبقاء الوجوبي على التعاقد.
وبواسطة هذه التقنية القانونية سعي المشرع إلى حماية كل من المرأة الحامل Dوالعامل
المجند ،والعامل المريض ،والعامل الذي تم إلحاقه ،والعامل المضرب .3
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 86
وتزداد هذه الحماية تأكيدا من خالل حق اإلرجاع للعامل ،حيث يمتزج حسب مDDا ذهب إليDDه
بعض الفقهاء 4Dوقف عقد الشغل مع بطالن الطرد الواقع أثناء هذا الوضع وذلك بسبب منع المشDDرع
المؤجر من هذا الفصل طالما لم يثبت سببا يهم مصلحة المؤسسة اقتضاه.
وما يالحظ في هذا اإلطار أن المشرع يفرق بين حالتين للتعليDDق ،الحالDة Dاألولى يعDDود فيهDDا
األجير مباشرة لعمله دون إجراءات وشروط مثل حالة اإلضDDراب والمDDرض ورخصDDة الDDوالدة أمDDا
الحالة Dالثانية فعلقها Dعلى بعض الشروط الشكلية وكذلك الموضDوعية ولعDل أهم هDذه الحDاالت حالDة
الصلح وحالة وجود العامل تحت العلم أو تحت السالح.
__________________________
1- Ghestin (J) et Longlois (PH) : droit du travail, sirey Paris 1983, p250.
– 2هدى الطالب :اإلبقاء الوجوبي للعالقات التعاقديDDة ،مDDذكرة لنيDDل شDDهادة الدراسDDات المعمقDDة في القDDانون الخDDاص ،كليDDة
الحقوق والعلوم السياسية بتونس ،2000 -1999 ،ص .79
- 3يراجع الفصول الخاصة بتعليق عقد الشغل وخاصة الفصول 20 - 18 -8من مجلة الشغل.
.Bernadette Desjardins : La Réintégration, Droit social 1992, p766 - 4
ولتأكيد إقرار المشرع صراحة حق األجير في اإلرجاع عند التعليق يتجDDه التفريDDق بين هDDذا
الحق وحق األولوية في التشغيل في صورة الطرد ألسباب اقتصDDادية ،خاصDDة وأنDDه ال يمكن الخلDDط
بين هاتين التقنيتين ألنه بالنسبة لحق اإلرجاع يكفي أن يظهر األجير رغبته في الرجوع إلى مركDDز
عمله حتى يجبر المDDؤجر على إرجاعDDه ،أمDDا عنDد حالDDة األولويDDة في التشDغيل فإنDDه ال يكفي إظهDار
العامل لهذه الرغبة حيث أنه يجب أن تتوفر إضافة لذلك نية عند المDDؤجر في تهيئDDة أو إنشDDاء عمDDل
1
قابل ألن يشغل األجير.
ولئن كان فقه القضاء التونسي ال يقر بوجود حق صريح للعامل في اإلرجاع فإنDDه قDDد وازن
بين جزاء عدم احDDترام قواعDDد اإلرجDDاع وبين جDDزاء األولويDDة في التشDDغيل وجDDزاء الطDDرد في بقيDDة
الظروف األخرى وهو ما يفسر بأمرين :
°إقامة تشابه تام بين الطرد ورفض اإلرجاع
°تكييف رفض اإلرجاع عند توفر شروطه بالطرد.
ولكن هذين الحلين يمكن نقدمها خاصة وأنا سياسة تعليق عقد الشغل تقDDوم على وجDDود نDDوع
من العقد القانوني الذي تعوض فيه اإلرادة القانونية بصفة فنية رضي األطراف بعDDد التعليDDق 2وهو
ما فسره أحد الفقهاء 3بوجود وعد أحادي بإعDDادة األجDDير لعملDDه من جDDانب المDDؤجر إثDDر زوال منDDع
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 87
الوقف وبذلك يكفي رفع الخيار من جانب األجير عند توفر الشروط القانونية ليتكون العقDDد وبالتDDالي
يكون إرجاع العامل إلى عمله وكل رفض الحق من جانب المؤجر يجب صده.
وفي هDذه اإلطDDار يبDدو من الممكن تطDبيق هDذا التصDور على مضDDمون قواعDد تعليDق عقDد
الشغل ،كما وردت على مستوى التشريع التونسي ،وما محاولة وضDDع آجDDال دقيقDDة لطلب اإلرجDDاع
من طDDرف المشDDرع إال دليDDل واضDDح على ذلDDك وهDDو مDDا يتجلى بوضDDوح بالنسDDبة لحDDاالت التجنيDDد
واألمومة والمرض.
يتجلى لنـــا إذا وأن إرجاع العامDل بعDد فDترة التعليDق وإن كDان لDه مرجعيDة قانونيDة إال أنDه
يخضع كذلك إلى قانون االلتزامات التعاقدية ،وهو ما يتماشى مع قـول أحد الفقهاء" Dبـوجـود بعـض
_______________________
1- Guy Venandet : Droit social, Les éditions d’organisation 1993, p97.
– 1طاهر بوعزيزي :مرجع سابق ،ص .115
Jacque Treillard : De la suspension des contrats in la tendance a la stabilité du rapport - 2
.contractuel, Paris L.G.D.J 1960, p59
الوضعيات التعاقدية التي يكون مصدرها القانون بمعDDنى أن االلDDتزام القDDانوني بالتعاقDDد والوضDDعية
القانونيDDة الDDذين لهمDDا مصDDدر قDDانوني يكونDDان أمثلDDة لاللDDتزام الصDDادر عن الدولDDة بتكDDوين الروابDDط
التعاقديDDة وهمDDا كDDذلك مظهDDرين لبيDDان التخلي عن مفهDDوم الفردانيDDة في تنظيم العالقDDات القانونيDDة
الخاصة.1 D
واستنادا إلى كل ما تقدم بيانه يمكن تحليل الفصول الواردة بمجلة الشغل والمتعلقة باإلرجاع
عند التعليDDق بأنهDDا تعبDDير عن خيDDار من المشDDرع بإرجDDاع العامDDل ليواصDDل عقDDده بمDDا فيDDه مصDDلحة
الطرفين.
الطرد الواقع مع خرق Dاإلجراءات القانونية طردا باطال ال فقط تعسفيا 3وهو مDDا سDDارت فيDDه كDDذلك
4
عديد المحاكم الفرنسية في جملة من قراراتها.
ولكن في اتجاه Dمعاكس لهذا التصور اعتبر المشرع 5وفقه القضاء التونسي 6الطDDرد الواقDDع
بصورة فيها خرق لإلجراءات مجرد طرد تعسفي.
___________________________
Paul Durand : La contrainte légale dans la formation du rapport contractuel, R.D.civ. -1
.1944
-2يراجع في هذا السياق الفصل األول من الجزء األول .
3 - Journal officiel Française Débat Assemble national 1973, mars 1973, p 7767.
Cassation social 13 Février 1997, Dt social 1997, p 512, social ferrier 1958, Dt social - 4
.1958, p 353
-5يراجع الفصول المتعلقة باإلجراءات وخاصة الفصل 14من مجلة الشغل.
-6قرار تعقيبي مدني عدد ،5272بتاريخ 14فيفري ،1983ن .م .ت ،القسم المدني جزء أول ،ص .21
وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار أن هذه النتيجDة الDDتي توصDل إليهDDا المشDرع تعتDبر غDير
منطقية بالمرة بل وكذلك تفصح عن تناقض في المنطق التشريعي .إذ كيف يستقيم مثل هDDذا الجDDزاء
مع ارتباط هذه القواعد اإلجرائية بالنظام العام مثلما ذهب إلى ذلك فقه القضاء في تونس بمقولة أ ن
" هذه القواعد أساسية وتهم النظام العام" 1 ،خاصة إذا اعتبرنا بأن النظام العام في قDDانون الشDDغل ال
يمكن تعريفه بأنه مجموع قيم كالممتلكات العمومية أو األمن العمومي تعود للدولة مهمة حمايتها بDل
بعكس ذلك يعكس النظام العام في هذا القانون أساسDDا بعDDدا وظيفيDDا يDDبرز من خالل إلزاميDDة القاعDDدة
القانونية حيث ال مجال لتجاوزها 2وهو ما ينتج عنه بالضرورة االلتزام بإرجاع العامل الذي يكDDون
بمثابة جزاء لإلخالل بهذه القواعد.
ولعله لتبرير هذا التصور ،يمكن االنطالق من تقنية اإلعالم بالطرد ،للقول بأن الطDDرد وإن
كان ال يفترض قبول الطرف اآلخر ،فإن اإلعالم به من التصرفات التي تستوجب التسDDليم 3،بمعDDنى
التصرفات التي ال يكون لها وجود قانوني إال بشرط إدراك علم الطرف المقابDDل بهDDا بواسDDطة إبالغ
كما ترتبط نجاعتها بإظهار إرادة صاحبها 4 ،ومن هنDDا يكDDون اإلعالم بDDالطرد قيDDدا شDDكليا بغيابDDه ال
5
يرتب الطرد أثاره فهو إذا طرد باطل.
هذا الجزاء المتمثل في بطالن الطرد قد يتسلط كذلك عند ورود اإلعالم بالطرد في غير
التاريخ المعين له قبل اإلنهاء أو دون احتواءه بيان أسباب الطرد ،خاصة وأن ذكر هذه األسباب في
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 89
رسالة اإلعالم يمثل ال فقط شDDرطا شDكليا وإنمDDا يمكن من ضDبط كDذلك حDDدود الDنزاع أمDDام القضDاء
الشغلي إضافة إلى كون غيابه يؤدي إلى عدم شرعية الطرد على مستوى أصلي .6
___________________________
-1قرار تعقيبي مدني عدد ،18020بتاريخ 22جوان ،1987ن .م .ت ،لسنة ،1987الجزء الثاني ،ص .13
-2يراجع نبيل فرح :النظام العام االجتماعي في قانون الشغل ،مذكرة إلحDDراز على شDDهادة الدراسDDات المعمقDDة في القDDانون
الخاص ،كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ،1997ص .3
-في ذات السياق يراجع كذلك :رابح الغندري ،العقد والنظام القانوني ،مذكرة إلحراز على شهادات الدراسات المعمقة ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية بتونس ،1974ص .5
- 3تقابل هذه اللفظة باللغة الفرنسية .Actes réceptrices
Jacques Martine de la Moutte, l’acte - juridique unilatéral, essai sur la notion et la techni-- 4
.que en droit civil lib. Recueil, sirey 1957, p116
- 5محمد يحي مطر :أساسيات قضايا عقد العمل المدني ،الدار الجامعية للنشر ،1989ص .245
6 - Maurice Cohen : Le droit des comites d’entreprise, Paris L.G.D.J. 1975, p880.
وفي ذات السياق المتصDل بDالحكم بDالبطالن واإلرجDاع ،اتجهت محكمDة التعقيب في فرنسDا
إلى القول بـــأن التصريح بالطرد دون ترخيص مسبق يكـون باطال يتوجب معـــه إرجـــاع العامDDل
ألن اإلجراءات السابقة للطرد لها صفة األحكام اآلمرة يعاقب على مخالفتها بDDالبطالن 1،وهو الحDDل
الذي طبقته عديد قرارات المحاكم الفرنسية 2 ،وهو كDDذلك مDDا كDDان قDDد ذهب إليDDه المشDDرع التونسDDي
على مDا يبDدو بالفصDل 166قDديم من مجلDة الشDغل في خصDوص إجDراءات طDرد العامDل المحمي
باستعماله لمصطلح " فال يتم الطرد".
يمكن أن نعتبر إذا بأن من خصائص اإلجراءات الحمائية للعملة طبيعتها اآلمDDرة والمطلقDDة،
وبذلك فإن المؤجر الذي ال يحترم محتواها ال بد أن يتعرض لعقوبات جزائية ومدنية 3وبالتالي ،فإن
حق الدفاع مثال الذي يختزله عرض العامل على مجلس التأديب يجب احترامه حتى في غياب نص
قانوني ،كما أن العقد يجب أن يتواصل بعد كل إجراء غير قDDانوني بمDDا يكDDون معDDه المDDؤجر مجDDبرا
4
قانونا على تنفيذه وبالتالي عليه إرجاع العامل.
وطبقا لهذا التحليل يبقى األجير مرتبطا قانونDDا بالمؤسسDDة بعقDDد عملDDه 5 ،ألن عمليDDة الطDDرد
تمثل تصرفا منهيا تكون فيه اإلجراءات شرط لإلنهاء فعلي 6،كما أن استلزام شكل محدد لإلنهاء قDDد
جاء في إطار سياسة هادفة ترمي باألساس إلى حماية األجير تتمثل محاورها في تمكين هذا األخDDير
من جمع عناصDDر اإلثبDDات الدالDDة على عDDدم شDDرعية قDDرار المDDؤجر في الطDDرد ،ممDDا قDDد يDDدفعنا إلى
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 90
التساؤل كيف يمكن ألجير توفير هذه العناصر لإلثبات وهو خارج Dأسوار المؤسسة؟ كمDDا أن تثDDبيت
سلسلة من اإلجراءات قد كان استنادا لفكرة تفيDDد تجنب كDDثرة القيDDام لDDدى القضDDاء بDDأكثر قDDدر ممكن
7
وبتقديم الحلول المبنية على الحوار والتشاور مع فرض وقت كافي للتفكير بالنسبة للمؤجر.
______________________________
- 1Cassation social 3 Juin 1948, D 1948, p510.
- 2Cassation criminelles 11 Juin 1974, Bulletin criminelles, N° 214, p550.
3 - Jean ِClaude Javillier : Une nouvelle illustration du conflit des logiques, ( droit à l’emploi
et droit des obligations ), in mélange GH Camerlynk, p101.
4 - Nicole Catala : L’entreprise, tome 4, N° 636, p719, 1980.
5 - Henri Rameau: La situation Juridique du salaire licencie irrégulièrement mais pour
couse réels et sérieuses, droit chronique 1974, p79.
6 - Jean Pierre Karaquillo: Note sous social, 14 mars 1975, D Sirey 1977, p12.
7 - Alain Brun / Henry Galland : droit du travail, Série 1958, p157.
يتجه القول إذا بأن المشرع بتجاهله لتقنية إرجاع العامل المطرود واالكتفاء بجزاء التعسDDف
يكون قد نكث بنفسه سياسته الهادفة في منطلقها لحمايDDة األجDDير إذ وبDDالرغم من كDDل تلDDك األسDDاليب
والتطبيقات تبقى فرضية اإلرجاع في صحراء القانون حتى وأن أقرها القانون المقارن.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 91
الفقرة األولى :عدم األخذ بعين االعتبار التجارب اإليجابية لفقه القضاء المقارن
لقد لعب فقه القضDاء الفرنسDي دورا حاسDما وإيجابيDا في دفDع المشDرع إلى " تكDريس تقنيDة
إرجاع العامل المطرود صلب مجلة الشغل الفرنسية ،وكان ذلك بناء على تصور عام اعتبر فيDDه أن
دخول األجير أبواب المؤسسة ال يخلع عنه صفة المواطن ومن هنا يجب حمايDDة حقDDه في المواطنDDة
والحريات العامة (ب) كما استطاعت بعض المحDDاكم كDDذلك تطويDDع نظريDDة انعDDدام الوجDDه القDDانوني
للتصرف وكذلك نظرية المنع من ممارسة الحق أو الحريDDة إلقDDرار بطالن الطDDرد واألمDDر بإرجDDاع
العامل ( أ ).
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 92
ولكن لمصلحة مجموع العمال الذين يمثلهم وبذلك يكون حسب رأي الفقيه " J.M Verdierكل نزاع
يهم ممثال نقابيا هو نزاع جماعي في اآلن ذاته ،كما له صبغة فردية " .4
ولقد كان من نتائج هذا التصور للحق النقابي من قبل فقه القضاء الفرنسي " ،تكريس حق اإلرجاع
_______________________
G. Lyon Caén, J Pélissier, A. supiot : Droit du travail, 17ème édition, Dalloz 1994, N°294- -1
.295, p267
-2يقابل هذا المفهوم باللغة الفرنسية عبارةDélit d’entrave .
3 - Crim 28 Mai 1968, D 1968, p 471, cass. crim. 4 Avril 1995, D 1996, p399.
.Jean - Maurice Verdier : droit du travail, 9ème édition, Paris Dalloz 1993, p351 - 4
عند طرد الممثل النقابي بصفة مخالفة لمقتضيات هذا الحق من قبDDل المشDDرع الفرنسDDي 1ولكن وفي
اتجاه معاكس يظل الفصل 8من الدستور التونسDي مقتصDرا على مجDرد التصDريح بDالحق النقDابي،
فحDDتى التنقيحDDات األخDDيرة المدخلDDة على مجلDDة الشDDغل 2لم تسDDتطع تفعيDDل هDDذا الحDDق بDDإقرار تقنيDDة
اإلرجDDاع ،بDDل اقتصDDرت على مجDDرد منح حDDق األولويDDة في اإلبقDDاء ،في صDDورة الطDDرد ألسDDباب
اقتصادية.
يتعين كما يبدو إلحداث تواصل بين النصوص التشريعية والقواعد الدستورية أن يعتمDDد فقDDه
القضاء التونسي نظريتي غياب الوجه القانوني للتصرف والمنع من ممارسة الحق اللتين اعتمDDدهما
فقه القضاء الفرنسي إلقرار إرجاع العامل ،وهو ما يفضي إلى تبني مبدأين هDDامين أولهمDDا اإلقDDرار
3
Perrierوثانيهما بيان انتقال مشكل الحق النقابي الDDذي طDDرح بأولوية الحق النقابي كما أكده قرار
4
سابقا بين النقابات والدولة إلى داخل المؤسسة.
انطالقا إذا من هذا الفهم يرى الفقيDDه G.CouturierبأنDDه " من الممكن تقريDDر بطالن الطDDرد
6
واعتباره غير شرعي عند مساسه بالحقوق األساسية ألجير وحرياته العامة" .
_____________________________________
- 1يراجع الفصل 412أوال من مجلة الشغل الفرنسية ،وكذلك المادة 66من قانون العمل المصري.
– 2تنقيح 2أفريل .2007
.Jean Maurice Verdier : op cit, p 201 - 3
.Jean savetier : L’activité syndical au niveau de l’Etat , Paris Sirey 1966, p229 - 4
– 5حسن محمد عبدهللا عبد الحكيم :الحريDات العامDة في الفكDر والنظDام السياسDي في اإلسDالم دراسDة مقارنDة جامعDة عين
شمس ،كلية الحقوق ،1974ص .18
Gérard Couturier : La réintégration des salaires non spécialement protéges actualité -6
.ou perspective ? Droit Social, 1988
وهنا يمكن القول بأن التشريع الشغلي التونسي الذي تضمن أحكامDDا حمائيDDة ،لكنDDه يمكن في
واقع األمر المؤجر من وضع حد لعمل األجير عند ممارسة هذا األخير أحDDد حرياتDDه مقابDDل تمكينDDه
من تعويض تنص عليه أحد قواعد هذا التشريع ال يمكن اعتبDDاره تشDDريعا كافيDDا بDDالنظر خاصDDة إلى
المادة األولى من المعاهدة عدد 98لمنظمة العمل الدولية التي تعترف بأحقيDDة األجDDراء في ممارسDDة
الحريات األصلية المعترف بها لكل مDواطن ،ولئن اعDترف هDذا التشDDريع بأحقيDDة األجDراء بDالتمتع
ببعض الحقوق والحريات 1إال أنه ال يكفي إقرار هذه الحريات بل يجب إحاطتها بضDمانات حمائيDة
وهي التي تذهب أمام تبين قصور التعويض المالي إلى طلب تكريس حاالت اإلرجاع في هذا الشأن
صلب مجلDDة الشDDغل التونسDDية ،ألن ذلDDك اإلرجDDاع يضDDمن احDDترام اعتبDDارات أخالقيDDة وأخDDرى تهم
العدالة.
غير أنه ما يالحظ هنا أن المشرع التونسي قد تجاهل كل هذه االعتبارات ،فال مجلDDة الشDDغل
اعترفت باإلرجاع وال فقه القضDDاء أخDDذ المبDDادرة ،وعلى خالف ذلDDك كDDان األمDDر بالنسDDبة للمشDDرع
الفرنسDDي ،فلقDDد ورد في ذات السDDياق تقريDDرا قدمDDه وزيDDر العمDDل الفرنسDDي .Auroux Jإلى رئيس
الجمهورية الفرنسية في سبتمبر 1981جDاء فيDه باعتبDارهم مواطDنين داخDل الDتراب الفرنسDي فDإن
2
العمال يجب أن يضلوا على هذه الصفة داخل المؤسسة أيضا" .
هDذا التمشDDي أيDDده كDذلك المجلس الدسDDتوري ومحكمDDة التعقيب بفرنسDDا معتDبرين أنDDه يمكن
لإلقرار بكون البطالن مع إعادة الوضعية األصلية جائزان كلمDا كDان هنDاك حDق أساسDي موضDوع
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 95
تهديد من بDاب أولي وأحDرى كلمDا كDان هنDاك طDرد حصDل بسDبب الجنس أو األصDل أو الوضDعية
العائلية أو ممارسة حق نقابي أو ممارسة حق اإلضراب...
ولعله بسبب هذا التوجه وكذلك االنتقادات الحادة التي وجهت له 3تراجع المشDDرع الفرنسDDي
عن االكتفاء بجزاء التعسف لمعاقبة الطرد الواقع مثال بسDDبب اإلضDDراب وذلDDك بإصDDدار قDDانون 25
جويلية 1985عدد 772 D- 85لينص صلب الفصل 521فقرة ثانية على بطالن الطرد الواقع بسبب
اإلضراب واإلعادة إلى الوضعية األصلية.
_____________________
- 1مثل حق التمثيل داخل المؤسسة ،حق االجتماع ،حق المشاركة في أرباح المؤسسة.
2 - Rapport sur les droits des travailleurs, la documentation Française, Paris Ferrier 1992.
.أوردة الطاهر بوعزيزي ،مرجع سابق ،ص 55
3- Hélène Sinay, J.Claude Javillier : Traité de droit du travail, tome 6, 2ème édition,
Paris Dalloz 1984, N° 217, p307.
وفي نفس سياق السعي نحو حمايDDة الحريDDات العامDDة عنDDد الطDDرد من العمDDل بواسDDطة تقنيDDة
اإلرجاع الحظ الفقيه A-Supiotفي مجال حرية التقاضي أنه " إذا كان قيام اإلجDDراء لDDدى القضDDاء
للمطالبة بحقوقهم يعرضهم لفقدان وسائل وجودهم ( عملهم ) وإذا ما تواصل هذا الواقع دون إقDDرار
حل بطالن الطرد وإرجاع هؤالء المتقاضين (اإلجراء) إلى المؤسسة فإن هDDذا الحDDق وكDDل الحقDDوق
والحريات تصبح وجها يبدو ضاحكا لكنه في الحقيقة يبكي" ،وهو ذات التصور الDDذي اختDDاره الفقDDه
والقضاء وكذلك التشريع في فرنسا في شان الحق النقابي.
وفي اتجاه تكريس وضمان حقوق المواطنة ذهب جانب من الفقه 1إلى حد اقتراح إبدال
مجلة الشغل بمجلة الديمقراطية االقتصادية ،باعتبDDار وأن مفهDDوم المواطنDDة في حDDد ذاتDDه يمكن أن
يكون سندا قويا لتكريس حق إرجاع العامل ،خاصة وأن هذا المفهDDوم يرتبDDط دائمDDا بDDإرادة تركDDيز
نوع من الديمقراطية االقتصادية داخل المؤسسة وذلك بإعطDDاء مواطDDني المؤسسDDات ( األجDDراء )
بعض الحقوق إزاء صاحب السلطة داخل الجزء االجتماعي الذي تغطيDDه المؤسسDDة ،فيجب إذا أن
ننقل إلى داخل المؤسسة نظام حقوق اإلنسان والمواطن التي تم تقريرها داخDDل المجتمDDع السياسDDي
وذلك بغرض بلوغ مرحلة Dديمقراطية المؤسسDDة أو المؤسسDDة الديمقراطيDDة كهDDدف أسDDمى للقDDانون
االجتمDDاعي بمDDا يDDدعو حسDDب الفقيDDه J.Pelissierإلى " إعDDادة تفحص مDDدى نجاعDDة الضDDمانات
القانونية الممنوحة للعمDال حDتى ال يتم الخلDط بين صDفة األجDير التDابع لسDلطات رب العمDل وبين
صفة المواطن الحر داخل المؤسسDDة " وتتمثDDل الحقDDوق المقصDDودة في هDDذا االتجDDاه Dفي تلDDك الDDتي
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 96
يمكن للمDDواطن أن يتمسDDك بهDDا إزاء السDDلطة العموميDDة وبالتDDالي يتجDDه التمسDDك بهDDا بنفس الجديDDة
لمواجهة سلطات رئيس المؤسسة 2وقد يقف مبدئيا ،نقل هذه المفDDاهيم المعهDDودة في القDDانون العDDام
إلى عالقات القانون الخاص عند العقد الذي قيد بموجبه العامل حريته ،لكن وجود عقد العمDDل هDDذا
ال يمكن معه تصور تخلي الفرد عن حريته وحقوقDه فوجDوده يؤكDد بعكس ذلDDك العقDDد االجتمDDاعي
الذي تحدث عنه . .J.J. Rousseau
________________
1-Antoine Jeammaud : Droit du travail 1988 des retournements Plus qu’une crise, Dr. Soc
1988, p583.
2- Jean Maurice Verdier : Liberté et travail, problème des droits de l’homme et rôle du
juge, Droit chronique1988, p63.
يتجه إذا تثمين الدور اإليجابي الذي لعبه الفقه وفقه القضاء المقارن في اتجاه Dدفع المشDDرع
إلى تقنين تقنية البطالن ومن ثمة إقرار إمكانية إرجاع العامDDل إلى مركDDز عملDDه إذا كDDان تعرضDDه
للطرد بسبب ممارسته ألحد الحريات المذكورة .وهنا يندرج موقف فقه القضاء التونسي الDDرافض
لبطالن الطDDرد في سDDياق مثDDير لالسDDتغراب والحDDيرة فبعDDد كDDل الثDDورات الDDتي عرفهDDا تDDاريخ
الحضارات Dاإلنسانية من أجل هذه الحريات الزال يالحظ بعض التجDDاوزات لهDDا ،وهي تجDDاوزات
يتحمل فيها األجراء الجزء األكبر مع أنها غير مجدية من وجهة اقتصادية ،وهو موقف يعمق ذلك
التساؤل .كيف اسDتطاع اإلعالن العDDالمي لحقDDوق اإلنسDDان الDDذي يوصDDف بكونDDه تقريDDر للحريDDات
العامة للمواطن بأن يتفاعل ويتصالح في منتصف القDDرن العشDDرين مDDع تبعيDDة وخضDDوع األجDDراء
لرؤساء المؤسسات وهي التبعية التي تعكس مظهر هيمنة اإلنسان على اإلنسان ؟
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 97
رغم ما يحققه إرجاع العامل المطرود لسالف عمله من ضمان لالستقرار األجير ،فإن هذا
الضمان بدا غائبا في تشريعنا الشغلي حتى في الحاالت االستثنائية التي أقر فيها المشرع اإلرجاع
ذلك أن جزاء مخالفة هذه الحاالت ال يعدو إال دفع تعويضات مالية رغم كل ما يتسبب فيه من مس
بحق األجير في البقاء في مركز عمله.
وبعدم إقراره لحق رجوع العامل لعمله المطرود منه يكون المشرع التونسي قد تخلف عن
توجDDه المشDDرعين اآلخDDرين .فالمشDDرع األلمDDاني 1مثال أوجب أن يكDDون الطDDرد مDDبررا اجتماعيDDا،
باالعتماد على الوضعية العائلية لألجير المطرود فإذا انتفى هذا الشرط يعتDDبر الطDDرد بDDاطال ومن
ثمة يخول لألجير حق إعادة اإلدماج بالمؤسسة المؤجرة مع االحتفاظ بكامل حقوقه المكتسبة.
أمDDا في فرنسDDا فباإلضDDافة إلى الDDدور اإليجDDابي الDDذي لعبDDه الفقDDه وفقDDه القضDDاء 2في دفDDع
المشDDرع الفرنسDDي إلى األخDDذ بنظريDDة البطالن ،إال أنDDه ال يمكن أن نتغافDDل على حقيقDDة وجDDود
مجموعDDة من النصDDوص تم إقDDرار جDDزاء اإلرجDDاع بمقتضDDاها .فمثال أقDDر الفصDDل 8-122جDDزاء
إرجاع العامل الذي غادر عمله لألداء الخدمة العسكرية كما أقر الفصل 12 - 321بطالن الطرد
لألسباب اقتصادية وفنية ،كذلك وقع تكريس هذه النظرية ضمن حاالت أخرى من ضمنها حDDاالت
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 98
الطرد الغير مبرر بالفصل 14-122فقرة Dرابعة وبمقتضى الفصل 25-122فقرة Dثانية بخصDDوص
المرأة التي أطردت بسDDبب الحمDDل وبالفصDDلين 15- 412و 1-436المتعلقين بطDDرد ممثلي العملDDة
دون اعتبار لإلجراءات القانونية.
وفي قراءة لموقف فقه القضاء الفرنسي عموما من مسألة اإلرجاع نالحظ أنه يفرق بين
حالتين.
_____________
- 1يراجع قوانين 10أوت 25 ،1951أوت 1969و 15جانفي 1972من التشريع الشغلي األلماني.
- 2يراجع الفقرة األولى من هذا المبحث.
-يراجع خاصة قرار Detoeufالصادر عن الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب الفرنسية في 25أكتوبر .1968
- Cass social, 30 Juin 2004, Dr social N° 3, mars 2005.
-حالة األجير المتمتع بحماية قانونية أي الذي ال يشترط عند طرده إتباع إجراءات شكلية معينة ،إذ
يحصل على حقه Dفي اإلرجاع بمقتضDDى نص القDDانون ،وبنDDاء على تأسDDيس الطDDرد على سDDبب غDDير
مبرر إذ يمكن للمحكمة Dالحكم بإرجاع العامل واقتراح مثل هذا الجزاء ،وعنDDد رفض المDDؤجر يحكم
له بالتعويض.
-أما في حالة األجير المتمتع بحماية خاصة كممثل العمال أو النواب النقابيين أو المرأة الحامل ففي
هذه الحالة Dيمكن للقاضي الحكم بإرجاع األجير لمركز عمله وذلDDك بعDDد الحكم ببطالن الطDDرد حDDتى
في صورة رفض المؤجر لذلك.
وقد برر فقه القضاء موقفه هذا على أساس الحماية الخاصة التي يحظى بها هذا الصنف من
العمال ،حيث أنDDه يمكن لهم اللجDDوء إلى القضDDاء اإلسDDتعجالي لطلب اإلرجDDاع إذ يمكن للمحكمDDة أن
توفر صDDفة التأكDDد واتخDDاذ اإلرجDDاع " كوسDDيلة وقتيDDة " وذلDDك في انتظDDار التثبت من مسDDألة بطالن
اإلجراءات من عدمها من طرف قاضي األصل ،فالطرد في مثل هذه الحالة يعتبر بمثابDDة " الشDDغب
الغDDير المشDDروع الصDDادر من المDDؤجر الDDذي أراد أن يطبDDق القDDانون بمفDDرده ومDDا تDDدخل القاضDDي
1
اإلستعجالي إال لإليقاف الشغب حاال واإلذن وقتيا بإرجاع العامل إلى مركز عمله.
ومن جانبه أقر المشرع األردني صراحة إرجاع العامل إلى عمله وذلك في جميDDع الحDDاالت
التي يكون فيها الفصل تعسفيا ومخالفا ألحكام قانون العمل ،فقد جاء بالمادة 25من هDDذا القDDانون مDDا
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 99
يلي " إذا تبين للمحكمة المختصة في دعDوى أقامهDا DالعامDل خالل سDتين يومDا من تDاريخ فصDله أن
الفصل كان تعسفيا ومخالفا ألحكام هDذا القDDانون جDاز DلهDDا إصDدار أمDرا إلى صDDاحب العمDل بإعDDادة
العامل إلى عمله األصDDلي أو بDDدفع تعDDويض لDDه باإلضDDافة إلى بDDدل اإلشDDعار واسDDتحقاقاته األخDDرى
2
المنصوص عليها في المادتين ( 32و ) 33من هذا القانون".
_______________________
Gérard couturier : annuler les actes illicites la réintégration obligatoire, Dr. Ed. Ferrier -1
.1988, p133
– 2نفس التوجه اتخاذه المشرع المصري ،فقد كان ينص في المادة 6 D/ 75قديمDة على إمكانيDة اإلرجDاع ولكن في حالDة
وحيدة وهي حالة الفصل لألسباب نقابية.
وبناء عليه يفرق المشرع األردني بين حالتين من الفصل تستوجبان الحكم بإرجDDاع العامDDل،
فمن جهة نجد الفصل من دون وجود سبب قانوني ومن جهة ثانية الفصل لعدم احترام اإلجراءات.
وقد عددت المادة 27بعض هذه الحاالت ،من ذلك حالة إنهاء عقد العمل المحDDدد المDDدة قبDDل
انتهاء مدتDDه ودون سDDبب ،كمDDا يعتDDبر تعسDDفيا فصDDل العامDDل بسDDبب تقدمDDه بشDDكاوى ومطالبDDات إلى
الجهات المختصة والمتعلقة بتطبيق قانون العمل.
يمكن القDDول إذا من خالل كDDل مDDا تقDDدم أن قDDانون الشDDغل التونسDDي بعDDدم مواكبتDDه لكDDل هDDذه
التشريعات سواء الغربية أو العربية لحDDق األجDDير في الرجDDوع إلى مركDDز عملDDه الDDذي أطDDرد منDDه.
يكون قد قدم لنا دليال إضافيا على تراجعه عن حماية األجير ولعله بمثل هDDذا الموقDDف أراد المشDDرع
أن تبقى قرارات المؤجر نافذة حتى لو كانت غير شرعية وذلك اعترافا منDDه لهDDذا األخDDير بحقDDه في
أن يتحلل من أي رابطة عقدية ال يرغب في أن يواصل البقاء فيها ،وكذلك بحقه في أن يكون الحاكم
الوحيد داخل المؤسسة ليقرر ما يتفق مع مصلحتها.
وحتى إذا ما نظرنا إلى رفض المشرع إلقرار هDذه التقنيDة من زاويDDة سDDعيه إلى تفDادي كDل
مواجهة يمكن أن تحصل بين المؤجر واألجير الذي تم إرجاعه باعتبار قيام العالقDDات الشDDغلية على
عنصر االعتبار الشخصي ،فإن هذا التبرير وإن كان مقبوال في إطار النظم االقتصادية القديمة التي
كانت تقوم على مؤسسات صDغرى يكDون فيهDا االحتكDاك بين طDرفي العالقDة الشDغلية كبDيرا نظDرا
لصغـــر حجم المؤسسـة االقتصادي وقلة عDدد اإلجDراء فيهDا ،إال أنDه لم يعDد مقنعDا في ظDل الواقDع
الجديد لالقتصاد التونسي تتطور أساليب العمل واإلنتاج وتشعب هيكلDة المؤسسDات وتعDدد فروعهDا
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 100
أصDDبحت تمثDDل عDDازال يمنDDع غالبDDا وجDDود أي صDDلة مباشDDرة بين األجDDير والمDDؤجر ،فاالقتصDDاديات
الحديثة تقوم على مؤسسات كبرى تتباعد الصلة بين أصحابها واألجراء ويتضDDاءل معهDDا االتصDDال
1
المباشر والمستمر بينها.
_______________________
– 1مصطفى محمد الجمال :اإلنهاء غير المشروع لعالقات العمل محاولة لتأهيل األجراء ،بيروت ،1970ص .84
لقد شكل ارتفاع تكلفة الطرد أحد أهم العوامل األساسية الDDتي جعلت المDDؤجرين يعDDدلون عن
ممارسته ،وفي المقابل مثلت هذه الكلفة المرتفعة وسيلة ناجعة النتفDDاع األجDDير بحقDDه في االسDDتقرار
بالعمل ،إلى أن جاء تدخل المشرع بمقتضDDى تنقيح 21فيفDري ،1994وقDام بتحديDد سDDقف لمختلDDف
الغرامات والمنح المنجرة عن هذا الطرد ،حيث بات واضDDحا أن هDDذا التسDDقيف قDDد حمDDل في طياتDDه
مسا بحقوق األجراء باعتباره أتاح للمؤجرين أوفر اإلمكانيات لاللتجاء إلى الطDDرد ،وهDDذا مDDا سDDيقع
بيانه من خالل التعرض إلى محتوى هذا التسDDقيف (المبحث األول ) ومDا انجDر عنDه من انعكاسDDات
سلبية ( المبحث الثاني ) .
يقصد بالطرد التعسفي لعيب في الشكل عدم احDDترام المDDؤجر لمختلDDف اإلجDDراءات الشDDكلية
الواجب إتباعها قبل طرد األجير وتبعا لذلك يستحق هDDذا األخDDير منحDDة عDDدم اإلعالم بDDالطرد ( أ )،
وكذلك غرامة الطرد التعسفي لعدم احترام اإلجراءات ( ب ).
فقد أوجب الفصل 14مكرر م ش على طرفي عقد الشغل إذ أراد أحدهما قطعDDه من جDDانب
واحد اإلعالم بالطرد برسDDالة مضDDمونة الوصDDول في أجDDل ال يقDDل عن شDDهر من إنهDDاء العقDDد ،أمDDا
الفصل 16من االتفاقية اإلطاريDDة المشDDتركة نص على أن أجDDل اإلعالم بإنهDDاء العمDDل يقDDع ضDDبطه
بالنسبة لكDDل فDDرع من فDDروع النشDDاط ضDDمن االتفاقيDDات الجماعيDDة الخصوصDDية وإن فقDDدت فحسDDب
التشريع الجاري به العمل وباإلطالع على العديDDد من االتفاقيDDات المشDDتركة القطاعيDDة نجDDد أن أجDDل
اإلعالم بDDالطرد تDDتراوح بين شDDهر وثالثDDة أشDDهر فبالنسDDبة لعملDDة التنفيDDذ شDDهر وبالنسDDبة للعملDDة
المختصين شهران وبالنسبة لإلطارات Dثالثة أشهر .
إن مختلف هذه النصوص القانونية تDDؤطر شDكل الطDDرد ضDDمن االلDتزام بشDكلية معينDDة هي
1
االلتزام باإلعالم " فشكل الطرد منظم قانونا بواسطة اإلعالم "
وفي الحقيقة إن الغاية من هذا اإلعالم المسبق هي باألساس تجنب القطDDع المفDDاجئ DللعالقDDة الشDDغلية
وذلك بتمكين العامل من البحث عن عمل جديد في أحسن الظروف باعتباره مرخص لDDه في التغيب
كامل النصف الثاني من أجل اإلعالم للبحث عن عمل جديد .
ولكن الالفت النتباه في هذا اإلطDDار أن الفصDDل 16إ.إ.م المشDDار إليDDه قDDد قDDام بوضDDع سDDقف
معين لمقدار هذه المنحة حيث نص على أنه في صورة عدم مراعاة واجب أجل اإلعالم فإن األجير
يستحق منحة تساوي األجر الفعلي المقابل لمدة أجل اإلعالم .
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 102
ويتضح من خالل عبارات هDذا الفصDل أن هDذه المنحDة ال يمكن أن تزيDد عن األجDر الفعلي
المساوي لمدة أجل اإلعالم ،وإذا أخذنا بعين االعتبار أن مدة أجل اإلعالم حسب مDDا وقعت اإلشDDارة
إلى ذلك محددة بشهر واحد حسب النص العام فإن مبلغ هذه المنحة يكون مساويا ألجر شDDهر عمDDل.
وهو ما يجعل منها منحة ذات قيمة مالية ضعيفة وتافهDDة خاصDDة إذا أخDDذنا بعين االعتبDDار المسDDتوى
2
المتدني ألجور نتيجة ضعف األجر األدنى الصناعي المضمون.
_____________________
– 1المنجي طرشونة " :القانون الجديد للطرد " الجديد في تنقيح مجلة الشغل ،الجمعية التونسية للمحامين الشDDبان ،أعمDDال
الندوة المنعقدة في .1994 /01 / 20
– 2عادل النقاش" :التعويض عن الفصل التعسيفي في مDDادة الشDDغل" ،ملتقى حDDول الجديDDد في تنقيح 1994لمجلDDة الشDDغل،
أعمال الدورة المنعقدة للجمعية التونسية للمحامين الشبان في ،1994 / 04 / 29ص .82
و على هذا األساس فإن ضعف قيمة هDDذه المنحDDة ال يمكن بDDأي حDDال من األحDDوال أن تحمي
األجير من إمكانية القطع الفوري لعقد شغله.
يضاف إلى ما سبق بيانه أن األجير يمكن أن يحرم من هذه المنحة في صورة ارتكابه لخطأ
فادح خاصة في ظل عدم وضع المشرع لمفهوم واضح لهذا الخطDDأ ،وكDDذلك في صDDورة إنهDDاء عقDDد
الشغل بموجب القوة القاهرة 1وهو ما يتضافر مع ضعف القيمة المالية لهذه المنحة ليتأكDDد لنDDا معهDDا
محدودية دورها في حماية األجير.
إال أن هذا األمر لم يعد ممكنا بمقتضى التنقيح الجديد لمجلة الشغل إذ ورد بالفقرة DالثانيDة من
الفصل 23مكرر م.ش " ...في الحالة Dالتي تبين فيهDDا أن الطDDرد وقDع لوجDDود سDDبب حقيقي وجDDدي
ولكن دون احترام اإلجراءات القانونية أو التعاقدية فإن مقدار الغرامة يتراوح بين أجر شDDهر وأجDDر
أربعة أشهر ويقع تقدير الغرامة حسب طبيعة اإلجراءات وتأثيرها على حقوق العامل".
وهكDDذا أصDDبح المDDؤجر في مDDأمن من التعDDرض لDDدفع غرامDDات مرتفعDDة في صDDورة عDDدم
احترامه لإلجراءات كما أنه أصبح يدرك منذ البداية أن خرق هذه اإلجراءات سوف لن يكلفDDه أكDDثر
من أجر أربعة أشهر في أقصى الحاالت.2
تبدو نية المشرع واضحة من خالل إفراد الطرد التعسفي لعDDدم احDDترام اإلجDDراءات بغرامDDة
مستقلة .وذلك في إطار محاولة التخفيف قـدر اإلمكان من األعباء المالية التـــي تتحملها المؤسســـة
_______________________
–1انظر الفصل 37إ.إ.م .
– 2قرار تعقيبي مدني عدد ،52491مؤرخ في 6ماي .1996ن.م.ت.
ولكن وإن كان هذا التوجه يبدو في حد ذاته منطقيا باعتبار انDDه من غDDير المعقDDول أن تكDDون
قيمة هذه الغرامة مساوية لقيمة غرامة الطرد التعسفي لعدم وجDDود سDDبب حقيقي وجDDدي إال أن ذلDDك
من شأنه أن يDؤدي إلى إفDراغ هDذه اإلجDراءات الDتي هي في األصDل ذات طDابع حمDائي من هDدفها
ومحتواها ويشجع المؤجر بالتالي على عدم إعطائها أهميDDة كبDDيرة إذا كDDان متأكDDدا من وجDDود سDDبب
حقيقي وجدي بما أن الغرامة التي سيدفعها من أجDل عDدم احDترام هDذه اإلجDراءات ال تتجDاوز أجDر
1
أربعة أشهر.
فبمقتضى هذه القيمة المالية المحددة والضعيفة أصبح بامكان المDDؤجر مثال أن يطDDرد عملتDDه
دون أخذ رأي مجلس التأديب ( في صورة الطرد التأديبي ) أو دون انتظار رأي لجنة مراقبة الطرد
( في صورة الطرد ألسباب اقتصDDادية وفنيDDة ) باعتبDDار أن مبلDDغ الغرامDDة المسDDتوجبة في مثDDل هDDذه
الحالة Dاألخيرة سوف يكون أقل بكثير من المبلغ الجملي لألجور الذي سيدفعه للعمال نتيجDDة إبقDDاءهم
في حالة مباشرة إلى حين صدور رأي اللجنة المذكورة.
وفي مقابل ضبط المشرع لسقف هذه الغرامة بأربعة أشهر كحد أقصى عنDDدما يتعلDDق األمDDر
بطرد تعسفي يمارسه المؤجر من دون احترام اإلجراءات ،فإنه سكت عن ضDDبط مقDDدارها إذا تعلDDق
األمر بقطع تعسفي يمارسه األجير ( أي دون احترام إجراءات اإلعالم المسبق ).
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 104
وتبعا لذلك يرى أحد الفقهاء 2أنه في كال حالتي القطع التعسفي لعقد الشغل المحدد المدة أو
غير محDدد المDدة يسDتطيع المDؤجر تأسDيس دعDواه في التعDويض بنDاء على قواعDد القDانون المDدني
وخاصة منها قاعدة الفصل 278م .إ.ع التي تقر بتعويض عادل وكامل أي التعويض الذي يتماشDDى
قيمته مع قيمة الضرر الحاصل.
وهو ما يتأكد لنا معه تراجع المشرع الضDDمني عن حمايDDة األجDDير وانحيDDازه لفائDDدة المDDؤجر
باعتبار أنه من ناحية يقر للعامل بسقف أربعة أشهر كحDDد أقصDDى للتعDDويض ال يمكن تجDDاوزه مهمDDا
بلغت قيمة الضرر الفعلي ،ومن ناحية أخDرى يسDمح للمDؤجر باالسDتناد إلى قواعDد القDDانون المDدني
وبالتالي إمكانية الحصول على تعويض عادل.
________________________
- 1حافDDظ العمDDوري " :التوفيDDق بين مصDDالح األجDDير والمؤسسDDة ومتطلبDDات الوضDDع االقتصDDادي " ،جريDDدة الصDDباح ليDDوم
.1994 / 03 / 29
- 2عصام األحمر :إشكاالت في نزاعات الشغل ،مرجع مذكور ،ص .391
الفقرة الثانية :الطرد التعسفي لعيب في األصل
المقصود بDDالطرد التعسDDفي لعيب في األصDDل هDDو عDDدم مشDDروعية الطDDرد حDDتى وإن احDDترم
المؤجر جملة اإلجراءات الواجب إتباعها ويحق ألجير في هذه الحالة المطالبة بغرامDة الطDرد لعDدم
وجود سبب حقيقي وجدي ( أ ) وكذلك مكافأة نهاية الخدمة ( ب).
وهو ما يتنافى مع مبDDدأ التعDDويض العDDادل الDDذي ال يمكن أن يتحقDDق إال إذا وجDDد تناسDDب بين
قيمة الضرر ومبلغ التعويض ولهذا يمكن القDول بDأن هDذا التحديDد لمبلDغ التعDويض بين حDدين أدنى
وأعلى .يمثل مظهرا من مظاهر تراجع النزعة الحمائية لقانون الشغل في هDDذا المجDDال ،باعتبDDار أن
الطرد التعسفي أصبح ال يخضع لمعايير التعويض المقررة Dبالفصل 107أو الفصDDل 278من مجلDDة
االلتزامDDات والعقDDود فال اعتبDDار لمDDا تلDDف حقيقDDة أو مDDا نقص من المDDال أو فDDات من الDDربح وال لمDDا
يصرف لتدارك الفعل الضار فبمقتضى هذا التسقيف أصبحت غرامة الطرد التعسفي بالمقارنDDة مDDع
القانون القديم ال تتأثر بالضرر أو الخطأ أو بأي معيار آخر إال بقدر ضئيل وفي إطار Dضيق.
وهنا يمكن القول بأن القانون القDDديم كDDان يمثDDل حDDافزا هامDDا ومصDDدر حمايDDة أكيDDدة بالنسDDبة
للعمDDال لضDDمان اسDDتقرارهم في عملهم ،باعتبDDار أنDDه نتيجDDة خDDوف المDDؤجر من تعرضDDه لغرامDDات
مرتفعة فإنه يسعى قدر اإلمكان إلى تجنب الطDDرد ،أمDDا وقDDد قDDام المشDDرع بضDDبط هDDذه الغرامDDة بين
حدين أعلى وأدنى فإنه يكون قد أزاح هذه الحماية باعتبDDار وأن المDDؤجر أصDDبح يعDDرف منDDذ البدايDDة
مقدار هذه الغرامة مما من شDDأنه أن يسDهل عليDDه عمليDDة الطDرد .خاصDDة وأن كDل عامDل بالمؤسسDDة
أصبح من اآلن فصاعدا يقدر بمبلغ زهيد وتافه من المDDال يمكن تقDDديره مسDDبقا ،والالفت لالنتبDDاه في
خصوص سقف الثالث سنوات كحد أقصى لمبلغ الغرامة باإلضافة إلى ضDDعف محتDDواه كDDذلك فهDDو
صعب المنال فلكي يتحصDDل العامDDل المطDDرود على هDDذا المبلDDغ األقصDDى يجب عليDDه أن يعمDDل مDDدة
تقارب ستة وثالثين عاما في نفس المؤسسة وفي أحسن الحاالت ثمانية عشر عاما 1 ،وهو ما يجعDDل
المؤجر في مأمن من دفع هذا المبلغ باعتبDDار أنDDه يصDDعب أن نجDد أجDDيرا قضDDى كDDل هDDذه المDDدة في
2
مؤسسة واحدة خاصة في ظل توسيع المشرع في أشكال العقود المحددة المدة.
وفي مقابل ضبط المشرع للحد األقصى لهذه الغرامDDة بثالث سDDنوات تجDDدر اإلشDDارة إلى أن
الفصل 23مكرر جديد يستوجب أن تكون للعامل أقدميDة في العمDل تتجDDاوز السDنة السDتحقاق DالحDDد
األدنى .باعتبار أن هذا الفصل ضبط الحد األدنى لمبلغ الغرامة بأجر شهر عن كDDل سDDنة من العمDDل
الفعلي بالمؤسسة وبالتــــالي فــإن افتتاح الحق في التعويض والحصول على أدنــى مبلغ الغرامـــة
3
( أي أجر شهر واحد) يستوجب أن يكون العامل قد استكمل سنة من العمل الفعلي.
وهكذا نالحظ أن استحقاق األجير لهذه الغرامة سواء في حدها األقصDDى أو األدنى ليس آليDDا
وإنما هو مشروط بانقضاء مدة زمنية معينة.
باإلضافة إلى عجز هذه الغرامة عن توفير الحماية الالزمة لألجير في صDDورة تعرضDDه إلى
الطرد يمكن القول كذلك بأنها ال تراعي تطور نسق الحياة المهنية للعامDDل باعتبDار أن هDذه المسDيرة
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 106
المهنية تشهد نسقا تصاعديا فاألجير في بداية حياته المهنية ال يتأثر بالطرد وإن كان تعسDDفيا خاصDDة
وأنDDه يسDDعى خالل الخمس سDDنوات األولى إلى اكتسDDاب الخDDبرة والمهDDارات الفنيDDة الDDتي تؤهلDDه إلى
تحسين وضعه المهني سواء بنفس المؤسسة أو عند االنتقال للعمل لدى مؤسسات أخرى ،أما الفDDترة
الثانية وهي الممتدة بين عشر سنوات وخمس وعشرين سنة من العمل الفعلي يكون فيها االنتقال من
مؤسسة إلى أخرى أو إعادة االنتداب أمرا صعبا لتقدم العامل في السن وبالتالي فإن الطرد يكون لDDه
وقع كبير على حياة العامل المهنية ،بمــــا يستوجب الترفيع في مبالغ التعويض عن هــذه الفتـــــرة
__________________________
- 1حافDDظ العمDDوري :عقDDد الشDDغل من خالل تنقيح فيفDDري ،1994المجلDDة التونسDDية للقDDانون االجتمDDاعي عDDدد ،1995 D،7
ص .22
- 2انظر الفصل 4 - 6المضاف بمقتضى تنقيح 15جويلية .1996
- 3عصام األحمر :المرجع السابق ،ص .385
1
ومالءمتها وأهمية الضرر الحاصل لألجير حتى يكون هذا التعويض عادل.
وتجDDدر اإلشDDارة إلى أن المشDDرع قDDد أقDDر بمقتضDDى الفصDDل 24جديDDد م.ش نوعDDا آخDDر من
التسقيف وهو المتعلق بغرامة القطع التعسفي لعقد الشغل المحدد المدة ،فهDDذه الغرامDDة تحتسDDب على
أساس المدة المتبقية من العقد أو على أساس ما يتبقى من العمل لو تم إنجازه.
يمكن القول إذا بأن المشرع بتسقيفه لغرامة الطرد التعسفي يكون قد أضDDر بحقDDوق األجDDير،
وفي المقابل فإنه أعطى األولوية للمصالح االقتصادية للمؤسسة وذلDDك بإضDDفاء المزيDDد من المرونDDة
على سلطة المؤجر في التسيير وتجنيبه خطر التكاليف غDDير المتوقعDDة في حالDة DالتجائDDه إلى الطDDرد
كإجراء Dتنظيمي اقتصادي 2بما يجوز معه القDDول بDDأن هDذا التسDDقيف يمثDDل خطDDوة إلى الDDوراء تخفي
3
تراجعا أكيدا عن الحماية التي طالما تمتع بها األجير في ظل التشريع القديم.
كذلك وردت مكافأة Dنهاية الخدمDDة " بغرامDDة الفصDDل عن العمDDل" وذلDDك بالفصDDل 18من االتفاقيDDة
اإلطارية المشتركة.
هذا فيما يخص الطرد الفردي ،أما فيما يتعلق بالطرد الجماعي فقد وردت هذه المكافأة
4
بالفصل 10 - 21من م.ش الخاص بالطرد ألسباب اقتصادية أو فنية.
____________________________
- 1عصام األحمر :نفس المصدر ،ص .386
- 2منية الصيفي" :الطرد التعسفي حسب نوع عقد الشغل" ملتقى دائرة الشغل من خالل تنقيح م .ش 4 D- 3 ،جوان ،1994
ص .59
- 3عندما ضبط سقف الغرامات في حالة الطرد فإن المشرع قد استجاب لمطالب األعراف الذين عابوا على التشريع القديم
افتقاره لمقاييس موضوعية في احتساب مثل هذه الغرامات.
- 4باإلضافة لهذه الفصول تجدر اإلشارة إلى وجود أحكام أخرى خاصة بمكافDDأة نهايDDة الخدمDDة المسDDندة لفائDDدة األجDDراء في
القطاع الفالحي ( ،الفصل 371م.ش ) .
وما يالحظ في هذا اإلطار أن مصطلح "مكافأة Dالخدمة" هي التسمية الجديDDدة لمنحDDة الطDDرد
وهي تسمية ال فائدة في استعمالها بما أن المحتوى لم يتغير 1عالوة على أن المصطلح القDDديم يعكس
محتواه بأكثر وضوح فال نجد تفسيرا لمحاولة المشرع تفادي كلمDDة الطDDرد واسDتبدلها بمكافDDأة DنهايDDة
الخدمة ،فالطرد يبقى في جميع الحاالت طردا حتى وإن استعملنا أجمل العبارات.
وبغض النظر عن هذه المالحظات Dالشكلية وفي غياب نص قانوني يحDDدد الطبيعDDة القانونيDDة
لهذه المكافأة Dذهب جانب من الفقه 2إلى اعتبDDار أن هDDذه المكافDDأة ال تكتسDDي طبيعDDة األجDDر ،بDDل هي
تمثل تعويضا حقيقيا موجها لجبر الضرر الناجم عن فقدان األجير لمركز عمله وهي بذلك تعDDويض
غير خاضع إلدالء على الدخل في القدر الذي يقوم بجبر الضرر وهDDو خاضDDع إلسDDهامات الضDDمان
االجتماعي.
وبناء على ذلك فإننا نستنتج أن هذه المكافأة Dتمثل مقابل انتماء األجير إلى المؤسسة وخدمته
لها بكل نزاهة طيلة مدة عمله.
وهو ما ذهب إليه األستاذ الطيب اللومي إذ اعتبر أنه ال يمكن اعتبار هذه المكافأة أجDDرا بDDل
هي منحة أحدثها المشرع كوسيلة تعويض للعامل عن الضرر المنجر عن فقدانه لمركز عملDه وهDو
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 108
ما يفسر كون قانون الشغل وضDDع بالدرجDDة األولى ليDDوفر ضDDمانات لفائDDدة العامDDل لالنعDDدام وسDDائل
مادية في مواجهة فقدانه لمركز عمله.
وإذا كان األمر كذلك فالمفروض أن يسعى المشرع عبر تنظيمه لهذه المكافأة إلى أن يسDDتفيد
منها أكDDبر عDDدد ممكن من األجDDراء ولكن على العكس من ذلDDك بمقارنDDة الفصDDلين 22قDDديم وجديDDد
نالحظ أن المشرع لم يتوسع في شروط استحقاقها فقط بل وكذلك حدد سقف هذه المكافDDأة وفي ذلDDك
تراجع صريح عن حماية األجير ،فلقDDد نصDDت مجلDDة الشDDغل أن هDDذه المكافDDأة DتصDDرف فقDDط للعملDDة
المرتبطين مDDع المؤسسDDة بمقتضDDى عقDDود شDDغل غDDير معينDDة المDDدة 3وفي ذلDDك إقصDDاء صDDريح من
المشرع للعملة الذين انتدبوا بمقتضى عقود معينة المدة وتم طردهم قبل انتهاء أجDDل هDذه العقDDود من
التمتع بهذه المكافأة وهنا يمكن أن نفهم سبب توسع المشرع في صــــور إبرام عقود الشغل لمــــدة
_______________________
– 1حافظ العموري :مرجع سابق،ص.22
2- David (G) « Régime fiscal et régime de sécurité social applicable au indemnité perçues
par un salarie lors de la repture de contrat de travail » Droit social N°11 1981.
– 3الفصل ،22جديد م.ش.
محددة 1 ،فهي أشكال عمل ذات طابع مرن تنتهي بدون أن تتحمل المؤسسة أي عبء مالي.
وباإلضافة إلى شرط ارتباط العامل بعقد شغل غير محدد المدة أورد المشDDرع كDDذلك شDDرط
انقضاء فترة التجربة .2هذا الشرط من شأنه أن يدعم أكثر فرضية حرمان األجDDير من هDDذه المكافDDأةD
خاصة في ظل الترفيع في مدتها باالتفاقية اإلطارية المشتركة 3فبعد أن كانت مDDدة التجربDDة محDDددة
بثالثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة بالنسبة لجميع أصDناف العملDDة .جDDاء التنقيح الجديDDد ممDDيزا بين
األصناف ومضاعفا Dللمدة بين مرتين وأربع مرات حسب األصناف مع اإلبقاء على إمكانية التجديDDد
مرة واحدة .
فبالنسبة ألعوان التنفيذ أصبحت المDدة سDتة أشDهر ،وبالنسDبة ألعDوان التسDيير تسDعة أشDهر
وبالنسبة لإلطارات سنة كاملة.
كما يجب أن ال يكون األجير قد ارتكب خطأ فادحا أوجب الطرد .و مDDا تجDDدر اإلشDDارة إليDDه
هنا أن هذا الشرط الذي جاء به الفصل 22جديد وطبقه فقDDه القضDDاء 4لم يكن مكرسDDا تشDDريعيا قبDDل
تنقيح 1994في الصياغة العربية للفصل 22قديم م.ش.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 109
من الواضح إذا من خالل استعراض مختلف هذه الشDDروط الDDتي جعلهDDا المشDDرع ضDDرورية
الستحقاق Dاألجير مكافأة نهاية الخدمة أنه لم يعد باإلمكان مسايرة االتجاه Dالذي يعتبر أن هذه المنحDDة
أحدثها المشرع كوسيلة لتعويض العامل عن الضرر المنجر له عن فقدانDDه لمركDDز عملDDه 5باعتبDDار
أنه إذا كان هذا هو هدف المشرع فعال فالمفروض أن يسعى إلى التخفيف من شروط إسDDنادها ال أن
يزيد عنها.
أمDDا فيمDDا يتعلDDق بمبلDDغ هDDذه المكافDDأة فإننDDا نالحDDظ أنDDه بمقتضDDى تنقيح 1994منح المشDDرع
المؤجرين أوفر الحظوظ لطDDرد األجDDير بتحديDDده لسDDقف معين لهDDذه المكافDDأة خاصDة DبعDDد تنصDDيص
الفصل 22جديد م.ش " .بأن للعامل المطرود مكافأة Dلنهاية الخدمDة تقDدر بDأجر يDوم عن كDل شDهر
عمل فعلي في نفس المؤسســة على أســاس األجـر الــذي يتقاضاه العامل عند الطــرد مـع مراعــاة
___________________________
- 1الفصل 4-6م.ش.
- 2كان الفصل 22قديم ،يشترط مرور ستة أشهر فقط الستحقاق األجير مكافأة الخدمة.
– 3نقح الفصل 9بمقتضى الملحق التعديلي عدد ،1بتاريخ 17نوفمبر ،1984وعدد ، 2بتاريخ 15أكتوبر .1992
– 4قرار تعقيبي مدني عدد ،76427-99صادر في 13مارس ،2000غير منشور ( انظر الملحق ).
– 5الطيب اللومي :مرجع مذكور سابقا.
جميـــع االمتيازات الDتي ليسDDت لهDDا صDبغة إرجDاع مصDاريف" .علمDا وأن أقصDى حDDد لمبلDغ هDذه
المكافأة Dال يمكن أن تفوق أجر ثالثة أشهر مهما كانت مدة العمل الفعلي إال في صورة وجود شروط
أحسن جاء بها القانون واالتفاقيات المشتركة أو العقود الخاصة 1 ،وتعتDبر هDذه المنحDة ضDئيلة جDدا
بالنسبة للخسارة التي لحقت العامDDل .فالعامDل DالDDذي حDDرم من عملDDه ألسDDباب خارجDDة عن إرادتDDه ال
تناسبه منحة ال تتجاوز ثالثة أشهر في حين أنه قضى مدة طويلة تفDDوق عشDDرات السDDنين في العمDDل
الفعلي.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 110
____________________
-1بالرجوع إلى العديد Dمن االتفاقيات القطاعية نجدها ترفع عن القيمة القصوى لهDDذه المكافDDأة تفDDوق السDDقف المعتمDد( DانظDDر
الجدول المضاف بالملحق).
فإذا كان الطرد تعسفيا لعدم وجود سبب حقيقي وجدي يبرره يقع جبر الضرر بغرامة
يتراوح مقدارها بين أجر شDDهر وأجDDر شDDهرين عن كDDل سDDنة أقدميDDة بالمؤسسDDة على أن ال تتجDDاوز
الغرامة أجر ثالث سنوات .أما إذا كان الطرد تعسفيا لوجود خلل في اإلجراءات يقDDع جDDبر الضDDرر
بغرامة يتراوح مقدرها بين أجر شهر وأجر أربعة أشهر مهما كانت أقدمية العامل.
وال يمكن الجمع بين الغرامتين حتى إذا كان الطرد تعسDDفيا في نفس الDDوقت من حيث أسDDبابه
وإجراءاته ففي هذه الحالة يقع االقتصار على غرامة الطرد التعسفي لعدم وجود سبب حقيقي Dوجدي
والمنصوص عليها بالفقرة األولى من الفصل 23مكرر جديد م.ش .
وهكذا صار نفوذ القاضي Dفي تحديد غرامات الطرد التعسفي مقيدا بالمعايير التي حددها
المشرع من حيث مقدار تلك الغرامة فال يمكن النزول عن الحد األدنى القانوني كما ال يمكن تجDDاوز
السقف األقصى وذلك مهما كانت قيمة الضرر و إال صار حكمه معرضا للنقض من طرف محكمDDة
التعقيب " 1فبات هذا األخير في معظم األحيان بمثابة من يقوم بعملية حسابية مع إمكانيDDة االجتهDDاد
2
في المبلغ في حدود ضيقة".
_______________________
- 1قرار تعقيبي مدني عدد ،72646مؤرخ في 31ماي ،1999النشرية ج ،2ص .313
- 2الطيب اللومي :مرجع سابق ،ص .181
إن هذا التقييد لسلطة القاضي في هذا المجال كان من نتائجه المباشرة تقلص الدور الحمDDائي
الذي كان يلعبه القاضي الشغلي لفائدة األجير والذي مكنه في فترة سابقة من ضمان استقرار أطDDول
في شغله ،فلغياب التعويض العيني دأب االتجاه Dاالجتماعي لفقه القضاء على الحكم بغرامات مشطة
لفائدة األجراء وخشية من تحمل هذا العبء الثقيل ،يتجنب المؤجر الطرد بالتراجع عن قDراره ،فمن
األكيد أن وجود فوارق بين مقادير الغرامات المحكوم بها سابقا كانت توفر حماية ألجراء سDDواء في
طور المحاولة Dالصلحية التي تقوم بها تفقدية الشغل 1أو حتى في الطور القضائي.
2
ولئن وسع المشرع في معايير التقدير المعتمدة من طDDرف القاضDDي في تحديDDد الغرامDDات
وذلك باالعتماد على الجDDوانب االجتماعيDDة الحساسDDة للعامDDل بDDأن أدخDDل عنصDDر الوضDDعية العائليDDة
وتأثير الطرد على حقوق العامل المطرود بدون سبب شرعي في التقاعد وطبيعة اإلجراءات الواقع
اإلخالل بها .إال أن هذا التوسع ال يمكن أن يكون لDDه تDDأثير يDDذكر على قيمDDة التعDDويض ،باعتبDDار أن
القاضي مضطر في كل مرة تتجاوز فيها هذه القيمDDة الحDDد األقصDDى إلى إرجاعهDDا للسDDقف القDDانوني
المحدد . 3
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 112
وتجدر اإلشارة هنا إلى أن الفرصة قد أتيحت للدائرة السادسة لمحكمة التعقيب لكسر هذا
التسقيف ولو جزئيا بمناسبة النظر في مسألة مدى تقيد القاضDDي الشDDغلي بDDالرأي الصDDادر عن لجنDDة
مراقبة الطرد عند تقديره لمبلغ مكافأة نهاية الخدمة عنDدما يتعلDق األمDر بDالطرد ألسDباب اقتصDادية
وفنية حيث ذهبت هذه الدائرة إلى القول " بأن مبلغ مكافأة Dنهاية الخدمة المنصDDوص عليهDDا بالفصDDل
10 D- 21تبقى خاضعة التفاق DالطDDرفين والجتهDDاد اللجنDDة دون التقييDDد بالمعDDايير الDDتي نص عليهDDا
4
الفصل 22م.ش" .
إال أن الدائرة الثانية رفضت هذا التأويل مقرة بأن أحكام الفصل 10 D -21تحيDDل ضDDمنيا إلى
أحكام الفصل 22م.ش حيث استعمل المشرع في الفصلين نفس العبارة وهي"مكافأة نهاية الخدمة "
____________________
- 1كانت تفقدية الشغل تركز عند قيامها بالمحاولة الصلحية على شطط التعويضات لإلقناع المؤجر على التراجع على قرار
الطرد لذلك اعتبر البعض أن تنقيح 1994قد حرم التفقدية من هذه التقنية وضيق في حظوظ العامل في اإلرجاع.
- 2انظر الفصل 23مكر ،فقرة أولى وثانية.
- 3منية الصيفي :مرجع سابق ،ص .60
- 4قرار تعقيبي مدني عدد ، 2276مؤرخ في 22سبتمبر ،2000النشرية ص .291
وفي نفس االتجاه قرار تعقيبي مدني عدد ،2297مؤرخ في 27سبتمبر ( .2000انظر الملحق ).
باإلضDDافة إلى تأكيDDده صDDلب الفصDDل 10-21على أن المكافDDأة الDDتي تعDDرض لهDDا هDDذا الفصDDل هي
1
" المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل" .
ورغم تبDDني الDDدوائر المجتمعDDة لمحكمDDة التعقيب من خالل قرارهDDا عDDدد 24496- 2003
المDDؤرخ في 15جDDانفي 2004لنفس توجDDه هDDذه الDDدائرة إال أن موقفهDDا يبقى قDDابال للنقDDد فقDDد اعتDDبر
األستاذ النوري مزيد أن هذا الموقف ال يستند إلى أساس قانوني واضح بل أنه ال يتماشDDى مDDع إرادة
المشرع صDDلب الفصDDل 10-21الDDذي يحيDDل بصDDفة ضDDمنية إلى أحكDDام الفصDDل 22م.ش باسDDتعماله
عبارة " مكافأة Dنهاية الخدمة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل " 3وبالتالي يبقى القاضي
الشغلي مقيدا بمقتضيات الفصل 22م.ش حتى عندما يتعلق األمر بتقدير مكافDDأة DنهايDDة الخدمDDة عنDDد
الطرد ألسباب اقتصادية وفنية.
اعتبر األستاذ الطيب اللومي أن العامل يكون في حالة الطرد التعسفي " ضحية موقف غDDير
إنساني من مؤجره استفاد في وقت ما من نشاطه وقدراته دون أن يفكDر يDوم إنهDاء عقDDد شDغله فيمDا
يمكن أن يحل به من خصاصة وربما حالة نفسية قد تؤدي بDDه أحيانDDا إلى محاولDDة التخلص من ذاتDDه
3
أو أفراد عائلته "...
ومراعاة لهذه الوضعية كانت الغايDDة األساسDDية من وراء إقDDرار المشDDرع للغرامDDات والمنح
المذكورة سDDابقا هي تعDويض األجDDير عمDا لحقDDه من أضDرار نتيجDة إنهDاء عقDDد شDغله تعسDDفيا ومن
المفروض هنا أن تكون جملة هذه الغرامات متناسبة وقيمة تلك األضDDرار بمDDا يعDDني معDDه أنDDه مDDتى
كانت األضرار جسيمة فإن التعويضات بدورها يجب أن تكون كبيرة .على أن هذا القول ال يتماشى
والتحديد الذي شهدته السلطة التقديرية للقاضي الشغلي 4إذ أن تنقيح 21فيفري 1994جDDاء محDDددا
ألسقف التي ال يمكن للقاضي Dتجاوزها مهما بلغت قيمة األضــــرار ذلك أن تقدير الضــرر بنوعيه
________________________
- 1قرار تعقيبي مدني عدد ،2278- 2000مؤرخ في 15جانفي ( .2001انظر الملحق).
- 2النوري مزيد :النظام القانوني للطDDرد ألسDDباب اقتصDDادية وفنيDDة ،ملتقى الجمعيDDة التونسDDية لمتفقDDدي الشDDغل 7-6
أفريل ،2007ص.21
- 3الطيب اللومي :مرجع سابق ،ص .169
- 4انظر الفقرة األولى من هذا المبحث.
المادي واألدبي الالحق باألجير يخضع لمطلق اجتهاد قاضDDي الموضDDوع إذ لDDه أن يعتمDDد جملDDة من
المعطيات الواقعية المتوفرة لديه بخصوص األجير المفصDDول عن العمDDل لتقDDدير جسDDامة األضDDرار
الالحقة Dبهذا األخير حتى يتمكن من ترتيب الغرامات المستوجبة.
غير أن تحديد أسقف الغرامDDات الDDتي من الممكن الحكم بهDDا عن الطDDرد التعسDفي ال ينصDف
األجير المتضرر خاصة إذا ما تعلDDق األمDDر بعامDDل أمضDDى معظم حياتDDه متفانيDDا في خدمDDة مDDؤجره
مسخرا كل طاقاته في سبيل عمله وتقDدم بDه العمDر بشDكل تضDاءلت معDه فDرص انتدابDه للعمDل من
طرف مؤجر آخر وكانت له أسرة وفيرة العدد .والالفت لالنتباه هنا أن التعويض مهمDDا بلغت قيمتDDه
ال يسDDاوي حرمDDان العامDDل من مDDورد رزقDDه ولن يعوضDDه عن الصDDدمة النفسDDية واالجتماعيDDة الDDتي
يتسبب له فيها الطرد 1فما بالك واألمر يتعلق بتعويض أصبح محدد بأسقف معينة.
إن طرد مثل هذا العامل بدون توفر سبب حقيقي وجدي قوي وخاصة خطDأ DفDDادح في جانبDDه
ال يجب أن نتناوله ببساطة لذلك فإن تحديد أسقف مبالغ التعويضات عن الطرد التعسفي في مثل هذه
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 114
الحالة Dقد ال يبدو حال عادال ألجير إذ يجب أن يؤخذ بعين االعتبار األضDDرار الالحقDDة بهDDذا األخDDير.
هذا بخصوص الضرر المادي أما فيما يتعلق بالضرر المعنوي .فإن وقع الطرد قد يكون قاسيا على
نفسية األجير الذي سحبت منه الثقة بمجرد فصله عن العمDل ،وعليDه فDإن مثDل هDذه العناصDر الDتي
تكون حاضرة Dفي ذهن القاضي يجب أن تعتمد في تقدير مبالغ التعDDويض لكن القDDول بوجDDود أسDDقف
معينة ال يمكن تجاوزها يجعل هذا األخير مضطرا إلى التقييد بهذه األسDDقف التشDDريعية دون غيرهDDا
وهو ما من شانه اإلضرار بحقوق األجير.
وإذا كانت إرادة المشرع بتحديده ألسقف الغرامات التي من الممكن الحكم بها ألجير
المفصول عن العمل هي تجاوز االختالفات بين المحDDاكم في تقDDدير التعويضDDات فDDإن التنقيح 1994
وما جاء به من جديد يتعارض والنزعة الحمائية لقانون الشغل ،خاصة إذا علمنا أن مثل هذا التحديد
ال ينطبق إال بالنسبة للوضعيات المتشابهة وهو ما ال يتماشى وخصوصيات العالقDDات الشDDغلية ومDDا
أفرزته من تنوع على مستوى النزاعات المتعلقة بها.
لذلك وأمام ما نتج عن اعتماد المشرع لنظام تسقيف الغرامDDات من تراجDDع ملحDDوظ لحقDDوقD
األجير يبدو من األجدى العودة إلى النظام المعمول بDDه قبDDل تنقيح 1994أو فتح البDDاب أمDDام األجDDير
للقيام على أساس المسؤولية المدنية العقدية المنصوص عليها بمجلة االلتزامات والعقود.
________________________
- 1فاخر بن سالم :مرجع سابق ،ص .71
على قدر ما كانت رغبة قانون الشغل في تطوير نزعته الحمائية كلمDDا تعلDDق األمDDر بشDDروط
وإجراءات الطرد من العمDDل واقعDDا ال يمكن نكرانDDه رغم محDDدوديتها في العديDDد من المواقDع ،إال أن
تراجعه عن هذه الحماية فيما يتعلق باآلثار المترتبة عنه أمرا ملموسا كذلك.
و من الثابت في هذا اإلطار أن هDDذا الDDتراجع عن نهجDDه الحمDDائي جDDاء اسDDتجابة لمتطلبDDات
المرونة التوفيقية التي انتهجها المشرع منذ تنقيحي .1996 - 1994و يمكن اعتبار عدول المشرع
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 115
عن إقرار تقنينه بطالن الطرد التعسفي من أهم مظاهر هذا التراجع خاصة في ظل وجود العديد من
المؤشرات القانونية التي كانت توحي ولو ضمنيا بإمكانية تبني هذه التقنية.
لقد كان من النتائج المباشرة لرفض المشرع األخذ بهذه التقنية الهامة ،تجاهل قDDانون الشDDغل
إلمكانية إرجاع العامل المطرود خاصة وأن هذه اإلمكانية من الممكن تكريسها بالرجوع أساسا إلى
بعض المبـــادئ القانونية سواء خارج Dمجلــة DالشDDغل ،أو حDDتى داخلهDDا في بعــض الصDDور
الخاصة.
و ما يثير االسDDتغراب هنDDا أن هDDذا التجاهDDل امتDDد حDDتى بالمقارنDة DمDDع توجDDه القDDانون
المقDDارن سDواء كDDان فقDه قضDDاء أو حDDتى تشDDريعا مقارنDDا لتبقى هDذه التقنيDة في صDDحراء
القانون ،رغم ما تمثله من تعويض ناجع لفائدة األجير المطDDرود و لتبقى قDDرارات المDDؤجر
نفاذة حتى ولو كانت غير شرعية.
لقد امتد هذا التراجع عن النزعة الحمائية لقانون الشDغل حDتى إلى التعويضDات الماليDة الDتي
يستحقهــا Dاألجير في صــورة طرده تعسفيا ،خــاصة بعDDد أن أصبــحت جملDDة مــن هـــذه
التعويضات منذ سنة 1994خاضعة لسقف معين محدد ومعروف مما من شأنه أن يشDDجع
المؤجرون على ممارسة الطDDرد ،بمDDا أن كDDل أجDDير أصDDبح يقDDدر بقيمDDة ماليDDة تافهDDة يمكن
احتسابها مسبقا ،باإلضافة إلى عدم تناسبها مع قيمة الضرر الحاصل ،و بDDذلك يكDDون قDDانون
الشDDغل في تDDونس قDDد حDDرم األجDDير من حمايDDة هامDDة كDDان يتمتDDع بهDDا من قبDDل القاضDDي
الشغلي ،الــذي دأب للحكم لهـذا األخير بتعويضات مشطــة لقناعته بـــأن هـــذه التعويضات
" مهما بلغت قيمتها فإنها لن تعوض العامل عــــن فقدانه لـمورد رزق قار ولـــن تجنبـه الصDDدمة
1
النفسية واالجتماعية التي تسبب له فيها الطرد".
أمDDا وقDDد أصDDبحت هDDذه التعويضDDات محDDددة بأسDDقف معينDDة فDDذلك من شDDأنه أن يكبDDل
القاضي و يمنع عنDDه كDDل إمكانيDDة االجتهDDاد البنDDاء الDDذي يمكن أن يضDDمن التعDDويض الفعلي
والعادل ألجير ،تعويض ال يقف عن حدود الجانب المادي للضرر بل و كذلك يطال الجانب
المعنوي منه.
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 116
________________________
- 1فاخر بن سالم :مرجع سابق ،ص .71
الخاتمة العامة
:الجزء األول
تطوير قانون الشغل لنزعته الحمائية
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 117
لم يDDترك قDDانون الشDDغل بابDDا من األبDDواب إال ونفDDذ من خاللDDه حDDتى يحيDDط بDDاألجير
ويضمن له مورد رزق مستمرا ،عبر إقرار مجموعة من الضمانات الحمائية من شأنها تقيDDد
ممارسة حق المؤجر في إنهاء عالقة شغلية معينة.
فقانون الشغل هو قانون األجير الDDذي يحمي العامDDل من خطDDر االسDDتغالل وإهمDDال إنسDDانيته
داخل المؤسسة.
ولقد تجلى هذا التوجه بارزا من خالل تنظيمه إلنهDDاء العالقDDة الشDDغلية من طDDرف المDDؤجر،
من حيث شروطها وإجراءاتها ،وما يمكن مالحظته في هذا اإلطار أن جملDDة هDDذه الشDDروط
واإلجراءات ما انفكت تعرف تطورا ملحوظDا خاصDة بعDد التنقيحDات الDتي أدخلهDا المشDرع
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 118
على مجلة الشغل في هذا المجال ،و التي شملت على حد السDDواء كDDل من األجDDير العDDادي
واألجير ممثل العملة.
و في ذات السDDياق يمكن اعتبDDار إبقDDاء المشDDرع على الرقابDDة السDDابقة ضDDد الطDDرد التDDأديبي
المسلط على األجير العادي من بين مظاهر هذا التوجه الحمائي.
ولقد تجسمت هذه الرقابة من خالل وجود جهازين حمائيين داخل وخارج المؤسسة ،و يعد
مجلس التأديب في هذا اإلطار أهم ضDمان لفائDدة األجDير خاصDة إذا اعتبرنDا أنDه ( األجDير)
" سيحاكم " من طرف سلطة قريبة منه ،أين يكفل له فيها حق الDDدفاع عن نفسDDه .من خالل
إلزامية استدعاءه ،وخاصة من خالل مراقبDDة القاضDي DالشDDغلي لسDDير أعمDDال و تركيبDDة هDDذا
المجلس.
تدعمت هذه الرقابة بوجود جهDDاز ثDDان خDDارج DالمؤسسDDة يلعب دورا حمائيDDا ال يقDDل
أهمية عن دور مجلس التأديب ،عن طريDDق خاصDDة المحاولDة DالصDDلحية الDDتي يجريهDDا متفقDDد
الشغل ،و ما تزايد حجم النزاعات التي تولت تفقدية الشغل فضها إال دليل على أهمية هDDذا
1
الجهاز Dو مساهمته الفعالة في الحد من طرد األجير.
_____________________
– 1لتعزيز هذه المساهمة في الحد من الطرد ،دعم القانون حماية تفقدية الشغل و ذلك بمراجعة الخطايا المسDDلطة
في حالة منع عون مكلف بتفقد الشغل من القيام بمهامه ( أصبحت الخطية حسب الفصل 240م.ش ،من 44إلى
720دينارا) .
و يمثل الطرد ألسباب اقتصادية و فنية ،أخطر أنواع الطDDرد ،خاصDDة وأنDDه يسDDتهدف
عددا كبيرا من العملDDة ،لDDذلك فDDإن إطالق يDDد المDDؤجر في تقDDدير هDDذه األسDDباب يحمDDل من
الخطورة Dما يهدد حقوق العمال و استقرارهم 1،و اعتبارا لكDDل ذلDDك وضDDع المشDDرع جملDDة
من اإلجراءات يتعين على المؤجر احترامها و إال اعتDDبر الطDDرد تعسDDفيا ،و بالتDDالي ال يكفي
وجود أسباب اقتصادية أو فنية حتى يتمكن هذا األخDDير من ممارسDDة حقDDه في الطDDرد بDDل
يتعين عليه احترام اإلجراءات التي نص عليها المشرع في الفصل 21و ما يليه من مجلDDة
الشغل و التي من بينها إعالم تفقدية الشغل ،قبل ممارسة حق الطرد فتسDعى هDذه األخDيرة
إلى القيام بمحاولة صلحية بين األجير و المDDؤجر ،وإذا تعDDذر الصDDلح يعDDرض الملDDف على
لجنة مراقبة الطرد التي تنظر فيه على ضوء الوضDDعية العامDDة للنشDDاط الDDذي تنتمي إليDDه
المؤسسة و الوضع الخاص لهذه األخيرة 2 .و تسعى اللجنة إلى البحث عن الحلول المالئمة بقطع
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 119
النظر عن طبيعتها بغية التخفيف من أزمة المؤسسة ألن في ذلك حفاظ على مDDواطن الشDDغل داخلهDDا
و بالتالي تجنب الطرد قدر اإلمكان ،ولكن إذا تبين للجنة ضDDرورة اللجDDوء إليDDه فإنهDDا تبDدي
رأيها في األشخاص اللذين سيشملهم قرار الطراد و في مقدار مكافDDأة نهايDDة الخدمDDة الDDتي
3
ستسند إليهم.
غير أن مختلف هذه اآلليات الرقابية التي أبقى عليها المشرع ال تخلDDو ا من نقDDائص،
تتمثل باألساس في عدم قدرة هذه األجهزة Dالتي يمDDر عبرهDDا وجوبDDا مشDDروع الطDDرد على
منع المؤجر من طرد من يريد و على هذا األساس ،جاء تدخل المشرع سنة 1994حDDامال
في طياته إرادة واضحة في تالفي هذه المحدودية عبر تعزيز الرقابة الالحقة DللطDDرد .فمنDDذ
ذلك التاريخ أصDDبح قDDانون الشDDغل يشDDترط أن يكDDون هDDذا الطDDرد قائمDDا على سDDبب حقيقي
وكذلك جدي يبرره و إال اعتبر تعسفيا لتكون بالتالي نظرية السبب الحقيقي والجDDدي ،إطDDارا
قانونيا يمنع المؤجر من التعسف في الطرد.
______________________________
- 1جوهر عبدولي :حماية األجDير من خالل مراقبDة عمليDة الطDرد ،مDذكرة لنيDل شDهادة الدراسDات المعمقDة كليDة
الحقوق بصفاقس ،2005 – 2004ص . 15
- 2الفصل 9 – 21م.ش.
- 3النوري مزيد :القاضي وقانون الشغل محاولة تحليليDDة لDDدور القاضDDي في النزاعDDات الشDDغلية منشDDورات رؤوف
يعيش ،ص .48
لكن ما يعاب على المشرع في هذا اإلطار هو عدم تحديد مفهوم لهذه النظرية بالشكل
الذي يجعلها دعامة حمائيDDة ناجعDDة ،فحDDتى إذا أخDDذنا بعين االعتبDDار مختلDDف التعريفDDات الDDتي
اقترحها فقهاء قانون الشغل لتدارك هذا الفراغ فإن ذلك ال يغني بأي حDال من األحDDوال عن
ضرورة وجود تعريف تشريعي يمثل مرجعا Dأساسيا يلجأ إليه القاضي Dالشغلي كلمDDا اقتضDDى
األمر ذلك.
ولئن شهدت حمايDة النDائب النقDابي تطDورا ملحوظDا بمناسDبة مصDادقة المشDرع على
اتفاقية العمل الدولية رقم 135وذلك بسحب اإلجراءات الحمائية التي يتمتع بها النائب غير
النقابي بالفصDل 166م.ش .إال أن هDذا التطDDور جDاء منقوصDDا من أهم عنصDDر إال وهDDو االعDتراف
بالوجود النقابي ذاته داخل المؤسسة ،وبذلك يكون المشرع التونسي قد انتهى من حيث كDDان يجب
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 120
عليه أن يبDDدأ ،باعتبDDار أنDDه كDDان عليDDه تقDDنين هDDذا الوجDDود قبDDل التفكDDير في توفDDير الحمايDDة
الالزمة له.
وفي ذات السياق كذلك شهدت حماية عضو اللجنة االستشارية للمؤسسة بعض التطور
بتنقيح الفصلين 166و 167من م.ش سنــة ،2007إال أن هذه اإلجDDراءات الحمائيDDة بقيت كDDذلك
محDDدودة وذلDDك بDDالنظر لطبيعDDة العقوبDDات الDDتي يمكن تسDDليطها على المDDؤجر في صDDورة
مخالفتها D،باإلضافة إلى مدى إلزاميDDة رأي المDDدير العDDام لتفقديDDة الشDDغل في صDDورة رفضDDه
لمشروع الطرد المقدم من طرف المؤجر.
يتبين إذا أن قانون الشغل قDDد حDDاول في العديDDد من المواقDDع تطDDوير قواعDDده المتعلقDDة
بشروط وإجراءات الطرد من العمل تأكيدا لنزعته الحمائية ،و لكن ما يالحDDظ هنDDا أن هDDذه
الشروط واإلجراءات ،لم تخلو من الضعف ،ويتأكد ذلك أيضا على مستوى آثار الطرد ،فقانون
الشغل التونسي تراجع عن االعتراف بأهم وسيلة من شأنها أن تحقق الحمايDDة المثلى ألجDDير
ضDDد تعسDDف المDDؤجر ،أال وهي إمكانيDDة إبطDDال قDDرار المDDؤجر الصDDادر تعسDDفيا بDDالطرد ضDDد
األجير ،خاصة في ظل وجود العديد من المؤشرات و المبادئ القانونية سDDواء خDDارج مجلDDة
الشغل أو داخلهDDا ،و الDتي تسDمح على مDDا يبDدو بتبDني هDذه التقنيDة لتبقى هDذه األخDيرة في
صحراء القانون رغم اعتراف قانون الشغل المقارن Dبها.
و إضافة إلى عDDدم اعDDتراف المشDDرع بتقنيDDة بطالن الطDDرد التعسDDفي و بالتDDالي إرجDDاع
األجير إلى مركز عمله ،كأثر أول من آثار الطرد ،فإنDDه قDDام كDذلك بتكDDريس نظDDام تعDويض
نقدي مسقف عن هذا الطرد ،وهنا يمكن القول أن في إقدام المشرع على تكDDريس مثDDل هDDذا
النوع من التعويض تقليل من استقرار األجير في عمله وتراجع أكيد عن حمايDDة طالمDDا تمتDDع
بها هذا األخير في ظل نظام التعويض القديم باعتباره يمس من قيمة العمDDل ،كحDDق لصDDيق
باإلنسان فكلما أصبح حق البقاء في العمل حقا مقدرا و مسقفا D،كلما أصبح هذا الحق أكثر
هشاشة و عرضة للتجاوز خاصة وإذا كانت هذه القيمة تافهة .
عموما يمكن القول أن قانون الشغل اليوم في عالقته باألجير لم يعد هو ذاتDDه أيDDام
نشأته فقد كان في الماضي قانون األجير فعال ،إذ نشأ ليحمي العامل و يدافع عنه أما اليDDوم
فDDنراه يغDDير من اتجاهاتDDه ليDDدخل في حسDDاباته منطDDق ومتطلبDDات المرونDDة ممDDا أخDDل عليDDه
التذبذب ،إذ نراه يعطي ألجير بيد ليأخDDذ منDDه باليDDد األخDDرى ،فلم يعDDد قDDانون الشDDغل القDDانون
المعطاء كليا يعطي الحقوق الكاملة للعامل ويضمن حصوله عليها .وهنا يصبح السؤال إذن ما
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 121
جدوى قانون الشغل؟ إن لم يكن العامDDل ولم تكن مصDDلحته هي الغايDة بقطDDع النظDر عن غيرهDDا من
الغايات واألهداف األخرى.
:الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي في اإلسالم. حسن محمد عبد هللا عبد الحكيم
دراسة مقارنة ،جامعة عين شمس كلية الحقوق .1974
:الوسيط في شرح القانون المDDدني الجديDDد ،دار النهضDDة عبد الرزاق السنهوري
العربية القاهرة .1952
:اإلنهاء التعسفي لعقDد العمDDل :دار الحداثDDة للطباعDة عبد الحفيظ بالخضير
والنشر والتوزيع القاهرة .1986
" :فقه القضاء وحماية النDDائب النقDDابي بين االجتهDDاد النـــــوري مزيــد
و االلتباس ،مجلة عمل وتنمية عدد 12لسنة .1987
-النظام القانوني للطرد لألسباب اقتصDDادية و فنيDDة،
ملتقى الجمعية التونسية لمتفقDDدي الشDDغل 7-6أفريDDل
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 129
.2007
– 4النشـــــريات
" -النشDDرة " نشDDرية داخليDDة يصDDدرها قسDDم التكDDوين
والتثقيDDف العمDDالي باالتحDDاد العDDام التونسDDي للشDDغل،
ديسمبر .1994
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 131
ème
Encyclopedie - Dalloz : Répertoire de droit du travail 2
édition Tome1, « Contrât de travail ».
Bonné tête
: « La formation historique du droit du
Mansour Helel travail » Revue travail et développement
N°2 1983.
2 .........................................................................................المقدمــــــــــة
الجـــزء األول :تطوير قانون الشغل لنزعته الحمائية في خصوص شروط وإجراءات
الطرد 11 ...................................................................................................
الفصل األول :مظاهر تطور النزعة الحمائية الخاصة باألجير العادي ضد الطرد12 ........
المبحث األول :اإلبقاء على الرقابة السابقة 12 .......................................................
الفقرة األولى :الرقابة ضد الطرد ألسباب تأديبية 13 ...............................................
أ -مراقبة مجلس التأديب لسلطة الطرد لدى المؤجر 13 .................
ب -مساهمة تفقدية الشغل في الحد من الطرد الفردي16 ...........
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 138
76
الفقرة الثانية :االستناد إلى مجلة الشغل 76 ..........................................................
أ -مبدأ اإلرجاع عند التعليق 79 .............................................
ب -االلتزامات المتصلة بإنهاء عقد الشغل 83 ..............................
المبحث الثاني :تجاهل توجه القانون المقارن لإلرجاع العامل 83 ................................
الفقرة األولى :عدم األخذ بعين االعتبار التجارب اإليجابية لفقه القضاء المقارن 83 ..........
أ -نظريتا غياب الوجه القانوني للتصرف والمنع من ممارسة الحق 85
ب -فكرة الحريات العامة وحق المواطنة 89 ...............................
الفقرة الثانية :التخلف عن توجه التشريع المقارن92 .............................................. D
الفصل الثاني :تكريس نظام تعويض نقدي مسقف عن الطرد التعسفي 92 ......................
المبحث األول :محتوى التسقيف92 ................................................................... .
النزعة الحمائية لقانون الشغل في مجال الطرد من العمل . 140