‎⁨٤١فائدة في أحكام الشتاء والمسح على الخفين - محمد صالح المنجدد⁩

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 54

‫‪ 41‬ﻓﺎﺋﺪة ‬

‫أﺣﻜﺎم اﻟﺸﺘﺎء واﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﻴﻦ‬

‫ﻓﺎﺋﺪة ‬ ‫‪41‬‬
‫أﺣﻜﺎم اﻟﺸﺘﺎء‬
‫واﻟﻤﺴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻔﻴﻦ‬
‫حقوق الطبع والنرش لكل مسلم‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصـالة والس�ـالم عىل رسول‬


‫اهلل‪.‬‬
‫فـهذه ُخالص�ات مـجموعة ع�ن‪ :‬أحكام‬
‫الفريق‬
‫ُ‬ ‫الش�تاء واملس�ح على اخل َّفين‪ ،‬ق�ام‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫وإعادة‬ ‫ِ‬
‫باستخراجها‬ ‫العلمي بمجموعة زاد‬‫ُّ‬
‫ع�دة ُخ َط�ب وحم�ارضات‬ ‫صياغتِه�ا م�ن َّ‬
‫املنجد يف هذا‬
‫وبرامج للش�يخ حممد صالح ِّ‬
‫املوض�وع‪ ،‬فنس�أل اهلل أن ينف�ع هب�ذه املادة‬
‫َ‬
‫ش�ارك‬ ‫كل َمن‬‫خريا َّ‬
‫وأخواهت�ا‪ ،‬وأن جيزي ً‬
‫شها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إعدادها و َن رْ ِ‬ ‫َ‬
‫وأعان يف‬

‫‪3‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫واختالف ال َّل ِ‬
‫يل‬ ‫ُ‬ ‫والبد َ‬
‫والح ُّر‪،‬‬ ‫والص ْيف‪ ،‬رَ ْ‬ ‫الشتاء َّ‬ ‫ِّ‬
‫الع رَب واآليات‬ ‫خلق اهلل فيهام م�ن ِ‬ ‫ِ‬
‫والنه�ار‪ ،‬وم�ا َ‬ ‫‪1‬‬
‫ِ‬
‫واألفالك؛ ك ُّلها من‬ ‫س وال َق َم ِر والنُّجو ِم‬ ‫�م ِ‬ ‫َّ‬
‫كالش ْ‬
‫آي�ات اهلل تع�اىل يف َخ ْل ِقه‪ ،‬الدا َّل ِة على َو ْحدان َّيتِه‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫وكمال‬ ‫وربوب َّيتِ�ه وقيوم َّيتِ�ه‪ ،‬وعظي� ِم ُق ْد َرتِ�ه‪،‬‬
‫وحده س�بحانه ال‬ ‫للعبادة َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واس�تحقاقه‬ ‫ِ‬
‫تدبيره‪،‬‬
‫اخللق‬ ‫بحق إال ُه َو‪َّ ،‬‬
‫وأن َ‬ ‫رشيك له‪ ،‬وأ َّنه ال معبو َد ٍّ‬
‫ِ‬
‫للطبيعة‬ ‫َ‬
‫خاضعون له‪ ،‬ليس‬ ‫مفتق َ‬
‫رون له‪،‬‬ ‫ك َّله�م ِ‬
‫أمر وال ُق ْد َرة‪ ،‬ما أصابنا من ذلك مل يكن‬
‫يف ذلك ٌ‬
‫ل ُي ْخطِ َئنا‪ ،‬وما أخطأنا مل يكن ل ُيصي َبنا‪.‬‬
‫فهو س�بحانه ال�ذي يق ِّل ُ‬
‫ب األيام والش�هور‪،‬‬
‫باحلر بعد‬
‫والدهور‪ ،‬وي�أيت ِّ‬ ‫و َي ِ‬
‫طْ�وي األعوا َم ُّ‬
‫مانع‬ ‫ِ‬
‫الش�تاء‪ ،‬وبالربد بعد الصي�ف‪ ،‬ال يمن ُعه ٌ‬
‫حاجب‪.‬‬ ‫وال ي ُجبه ِ‬
‫حَْ‬

‫‪4‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ق�ال اهلل تع�اىل‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ‬


‫ﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒ‬
‫ﮓ) [آل عم�ران‪ ،]190 :‬وقال‪( :‬ﮝ ﮞ‬
‫ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ)‬
‫[الذاريات‪.]21-20 :‬‬
‫وقال تعاىل‪( :‬ﮪﮫﮬﮭﮮ‬
‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [األع راف‪.]185 :‬‬

‫يق�ول اإلم�ا ُم اب� ُن الق ِّي�م ‪« :‬تأ َّم�ل هذه‬


‫احلر والبرَْ د‪ ،‬وقيام احليوان‬ ‫يف‬ ‫البالغة‬ ‫كم�ة‬ ‫ِ‬
‫احل‬ ‫‪2‬‬
‫ِّ‬
‫والنبات عليهام‪ ،‬وفكِّر يف دخول أحدمها عىل‬
‫والم ْه َلة حتى يبلغ هنايته‪ ،‬ولو‬
‫اآلخر بالتدريج ُ‬
‫ألرض باألب�دان وأهلكَها‬
‫َّ‬ ‫دخ�ل عليه مفاجأ ًة‬
‫محام ُم ْفرط‬
‫خرج الرجل من َّ‬
‫وبالنبات‪ ،‬كام لو َ‬

‫‪5‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ف�رط يف الُب�رُ ودة‪ ،‬ولوال‬‫احل�رارة إىل مكان ُم ِ‬


‫واإلحس�ان َلـماَ كان‬
‫ُ‬ ‫العناي ُة واحلكم ُة والرمح ُة‬
‫ذلك»(((‪.‬‬

‫ويق�ول‪« :‬وتأ َّم�ل أح�وال ه�ذه الش�مس يف‬


‫انخفاضه�ا وارتفاعه�ا‪ ،‬إلقامة ه�ذه األزمنة‬
‫والفص�ول‪ ،‬وما فيه�ا من املصال�ح ِ‬
‫واحلكَم؛‬
‫واح�دا لفاتت‬
‫ً‬ ‫إذ ل�و كان الزم�ان كل�ه فص ً‬
‫ال‬
‫مصالح الفص�ول الباقية فيه؛ فل�و كان صي ًفا‬
‫مصالح الش�تاء‪ ،‬ولو كان ش�تا ًء‬
‫ُ‬ ‫ك ُّل�ه لفات�ت‬
‫مناف�ع الصيف‪ ،‬وكذلك لو كان ربي ًعا‬
‫ُ‬ ‫لفاتت‬
‫ك ُّله أو خري ًفا ك ُّله»(((‪.‬‬
‫((( مفتاح دار السعادة (‪.)610/2‬‬
‫((( مفتاح دار السعادة (‪ ،)592/2‬بتصرُّ ف يسير‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫اللبي�ب يتعام�ل مع املواس�م‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬


‫العاق�ل‬ ‫املس�لم‬
‫ُ‬
‫حيجزه‬ ‫تبر ٍم أو َض َجر‪ ،‬فال ُ‬ ‫يعيش�ها دون ُّ‬ ‫التي ُ‬ ‫‪3‬‬
‫يض ُق ُد ًما‬‫الم ِّ‬
‫َب ْر ُد الش�تاء وال َح ُّر الصيف عن ُ‬
‫ِ‬
‫والعاج�ز َمن ُي َؤ ِّج ُل‬ ‫يف مصالح دينِ�ه و ُدنياه‪،‬‬
‫وأعج ُز منه‪َ :‬من ُي َؤ ِّج ُل‬
‫َ‬ ‫عمل اليوم إىل الغ�د‪،‬‬ ‫َ‬
‫وعمل الصيف إىل‬ ‫َ‬ ‫الش�تاء إىل الصيف‪،‬‬ ‫َ‬
‫عمل ِّ‬
‫ِّ‬
‫الشتاء!‬
‫يك حر الم ِص ِ‬ ‫ان ي ْؤ ِ‬
‫يف‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫إ َذا َك َ ُ‬
‫الش َتا‬ ‫الخ ِر ِ‬
‫يف‪َ ،‬و َب ْر ُد ِّ‬ ‫َو َك ْر ُب َ‬

‫الربِي ِع‬
‫ان َّ‬ ‫يك ُح ْس ُن َز َم ِ‬ ‫َو ُي ْل ِه َ‬
‫َف َأ ْخ ُذ َك لِ ْل ِع ْل ِم ُق ْل لِي َم َتى؟!‬

‫‪7‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫اإليمان بالغي�ب‪ِ ،‬‬


‫فنؤمن‬ ‫ُ‬ ‫من أص�ول اإليامن‪:‬‬
‫أخربنا به ر ُّبنا يف كتابه وعىل لس�ان رس�ولِه‬
‫بام َ‬
‫‪4‬‬

‫‪ ،‬م�ن الغي�وب املاضية واملس�تق َبلة‬


‫وأحوال اآلخرة ونحوها ممَّا غاب عنَّا‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬ما أخربنا به نب ُّينا ‪ ‬بقوله‪:‬‬
‫ت‪َ :‬يا َر ِّب‪َ ،‬أ َك َل‬ ‫ت النَّ ُار إِلىَ َر هِّ َبا‪َ ،‬ف َقا َل ْ‬ ‫«اش� َت َك ِ‬
‫ْ‬
‫الش َت ِ‬
‫اء‪،‬‬ ‫س فيِ ِّ‬ ‫ي‪َ :‬ن َف ٍ‬ ‫َب ْع يِض َب ْع ًضا! َف َأ ِذ َن هََلا بِ َن َف َس نْ ِ‬
‫ون ِم َن‬‫�د َ‬ ‫ت ُ‬‫�د َما جَ ِ‬ ‫�ف‪َ ،‬ف ْه َو َأ َش ُّ‬ ‫�س فيِ الصي ِ‬ ‫َو َن َف ٍ‬
‫َّ ْ‬
‫ون ِم َن ال َّز ْم َه ِر ِير»(((‪.‬‬ ‫ت ُد َ‬ ‫الح ِّر‪َ ،‬و َأ َش ُّد َما جَ ِ‬
‫َ‬
‫يؤم�ن بذل�ك على حقيقت�ه‪ ،‬و َي ِكل‬
‫فاملس�لم ِ‬
‫ويس�تعيذ ب�اهلل من ِ‬
‫النار‬ ‫ُ‬ ‫كيف َّيت�ه إىل اهلل تعاىل‪،‬‬
‫ِ‬
‫وزمهريرها‪.‬‬ ‫وحرها‬
‫ِّ‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)537‬ومسلم (‪.)617‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الرشع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الس َبب الذي َّ‬
‫دل عليه‬ ‫وال ُمنافاة بني هذا َّ‬
‫س وهو ُب ْعد الشمس أو ُقرهبا‬ ‫وبني الس�بب ِ‬
‫احل‬
‫يِّ ّ‬
‫من األرض‪ ،‬فال مانع من اجتامع الس َب َبني‪.‬‬

‫الش�تاء م�ن املواس�م الفاضل�ة‪ ،‬فينبغ�ي عىل‬ ‫ِّ‬


‫لم‬ ‫املس�لم اغتن�ام األج�ر والثواب في�ه‪ِ ،‬‬
‫والع‬ ‫‪5‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫باألح�كام املتع ِّلق�ة ب�ه‪ ،‬والتفك ُُّر فيما فيه من‬
‫والعظات‪.‬‬ ‫العرب ِ‬
‫ِ‬

‫ربي�ع املؤم�ن‪ ،‬وه�و غنيم� ٌة عظيم� ٌة‬


‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫الش�تاء‬
‫صه‪ ،‬ويقو ُم‬ ‫للعابِدين‪ ،‬فيصوم املسلم هناره ِ‬
‫لق رَ ِ‬ ‫‪6‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫أخذ ح ِّظه من النوم‪ -‬لطولِه‪.‬‬
‫لي َله ‪-‬بعد ِ‬

‫يم ُة ال َعابِ ِدي َن»(((‪.‬‬‫«الش َتاء َغنِ‬


‫قال عمر ‪َ ُ ِّ :‬‬
‫((( مصنَّف ابن أبي شيبة (‪ ،)9835‬وحلية األولياء ألبي نُعَ يم (‪.)51/1‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫وروي عن ابن مسعود ‪ ‬أ َّنه قال‪« :‬مرح ًبا‬ ‫ُ‬


‫تن�ز ُل فيه الربكة‪ ،‬ويط�ول فيه ُ‬
‫الليل‬ ‫بالش�تاء‪ِ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫النهار للصيام»(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويقص فيه‬
‫رُ ُ‬ ‫للقيام‪،‬‬
‫الص ْو ُم‬ ‫يم� ُة ال َب ِ‬‫ور ِوي يف احلديث‪« :‬ال َغن ِ‬
‫ار َدةُ‪َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫الش َت ِ‬
‫اء»(((‪.‬‬ ‫فيِ ِّ‬
‫واملعن�ى‪ :‬أنهَّ ا «غنيم ٌة حص َل�ت بغري قتال وال‬
‫تعب وال مش� َّقة‪ ،‬فصاح ُبها حيوز هذه الغنيمة‬
‫عفوا بغري ُكلفة‪.‬‬ ‫ً‬
‫الشتاء عىل صيام هناره من‬ ‫فإن املؤمن َي ْق ِدر يف ِّ‬
‫َّ‬
‫غري مش� َّقة وال ُكلفة حتصل ل�ه من جوع وال‬
‫ي ُّس فيه‬
‫قصري بار ٌد‪ ،‬فلا حَ ُ‬
‫ٌ‬ ‫هن�اره‬
‫فإن َ‬ ‫عط�ش؛ َّ‬
‫بمش َّقة الصيام‪.‬‬
‫(( ( ينظر‪ :‬لطائف المعارف البن رجب (ص‪.) 327‬‬
‫وحسنه األلباني بشوا ِهدِه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫رسل»‪،‬‬
‫(( ( رواه الترمذي (‪ ،)797‬وقال‪« :‬مُ َ‬

‫‪10‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الش�تاء‪ ،‬فل ُطوله ُيمكن أن تأخذ‬ ‫وأ َّما قيا ُم ِ‬


‫ليل ِّ‬
‫النف�س ح َّظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إىل‬
‫املصل ِو ْر َده ك َّل�ه من القرآن‪،‬‬
‫يِّ‬ ‫الصلاة‪ ،‬فيقرأ‬
‫نفس�ه ح َّظها م�ن النوم؛ فيجتمع‬
‫وقد أخذت ُ‬
‫المحت�اج إليه‪ ،‬م�ع إدراك ِو ْرده‬
‫ل�ه فيه نو ُم�ه ُ‬
‫م�ن الق�رآن؛ فيكمل له مصلح� ُة ِدينه وراح ُة‬
‫بدنِه»(((‪.‬‬
‫َ‬

‫للصي�ام‪َ ،‬ملن كان عليه‬ ‫الش�تاء ُف ْرص ٌة عظيم ٌة ِّ‬


‫ِّ‬
‫يص ْمه�ا ل ُع ْذ ٍر ‪-‬من‬
‫ٍ‬ ‫‪7‬‬
‫مرض‬ ‫أ َّي�ا ٌم من رمضان مل ُ‬
‫أو َس َفر أو َح ْيض أو نفاس ونحوها‪ ،-‬أو َمن‬
‫كان عليه ك َّفار ُة مجا ٍع أو ظِ ٍ‬
‫هار‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫((( لطائف المعارف (ص‪ ،)326‬بتصرُّ ف وتقديم وتأخير‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الس�هر عىل ما ال‬ ‫قضاء ِّ‬


‫الش�تاء يف َّ‬ ‫ُ‬ ‫من الغفلة‪:‬‬
‫الدنيا وال يف اآلخ�رة‪ ،‬بل ُر َّبام فيام‬
‫ينف�ع‪ ،‬ال يف ُّ‬ ‫‪8‬‬

‫يرض‪ ،‬والغفلة عماَّ يف هذا املوسم من اخلريات‪.‬‬ ‫ُّ‬


‫بْ�د اهلل ‪َ ‬ج َع َل‬ ‫احتض َع ِام�ر بن َع ِ‬ ‫رِ‬
‫ُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫و َلـَّم�اَّ‬
‫يك؟ ف َق َال‪َ « :‬ما َأ ْب ِكي‬ ‫َي ْب ِك�ي‪َ ،‬ف ِق َيل َل ُه‪َ :‬م�ا ُي ْب ِك َ‬
‫ت‪َ ،‬ولاَ ِح ْر ًصا َعَل�ىَ ُّ‬
‫الد ْن َيا‪،‬‬ ‫ج َز ًعا ِم�ن الم�و ِ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫اج ِر‪َ ،‬و ِق َي�ا ِم َل َي يِال‬
‫َو َل ِك� ْن َأ ْب ِكي َعلىَ َظم�أِ اهل َو ِ‬
‫َ َ‬
‫الش َت ِ‬
‫اء»(((‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ق�ايش ‪ ‬عند موته‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫الر‬
‫يزيد َّ‬
‫وبكى ُ‬
‫«أبك�ي واهلل على م�ا يفو ُتن�ي من قي�ام الليل‬
‫وصيام النهار»‪.‬‬
‫ث�م قال‪َ « :‬من ُي َص يِّل لك ي�ا يزيد و َمن يصوم‪،‬‬
‫((( المحتضرين البن أبي الدُّ نيا (‪.)178‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫بعدك‪ ،‬و َمن‬


‫يتقرب لك إىل اهلل باألعامل َ‬
‫و َمن َّ‬
‫يتوب لك إليه من الذنوب السالفة؟!»(((‪.‬‬

‫ِ‬
‫أق�دار اهلل تعاىل‪ ،‬فلا جيوز‬ ‫احل�ر والَب�رَ ْ د م�ن‬
‫ُّ‬
‫يترك الواجب�ات والطاع�ات‬ ‫َ‬ ‫للمس�لم أن‬ ‫‪9‬‬

‫احل�ر أو الَب�رَ ْ د‪ ،‬فيته�اون يف اخل�روج‬‫بح َّج�ة ِّ‬


‫ُ‬
‫بح َّجة البرَْ د‪،‬‬‫‪-‬خاص ًة الفجر‪ُ -‬‬
‫َّ‬ ‫لصالة اجلامعة‬
‫احلر!‬ ‫ة‬ ‫ج‬ ‫بح‬ ‫جاهبا‬ ‫وتتهاون املرأة يف ِ‬
‫ح‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫النب�ي ‪ ‬بأصحاب�ه يف‬ ‫ُّ‬ ‫خ�رج‬
‫َ‬ ‫ولـَّم�اَّ‬
‫ٍ‬
‫ش�ديد؛ خت َّلف‬ ‫ح�ر‬
‫غ�زوة تب�وك‪ ،‬وكانت يف ٍّ‬
‫لبعضهم البعض‪( :‬ﭼ‬ ‫عنه املنافِق�ون‪ ،‬وقالوا ِ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ) [التوبة‪ ،]81 :‬فر َّد اهلل تعاىل عليهم‬
‫قولهَ م‪ ،‬وقال‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ‬
‫(( ( تاريخ دمشق (‪.)92/65‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ﮉ) [التوب�ة‪]81 :‬؛ أي «(ﮂ ﮃ)‬


‫الت�ي تصيرون إليها بس�بب خُمالفتكم (ﮄ‬
‫حرا‬
‫أش�د ًّ‬
‫ُّ‬ ‫ﮅ) ممَّ�ا فرر ُتم من�ه من ِّ‬
‫احلر‪ ،‬بل‬
‫من النار»(((‪.‬‬
‫أحس ِمن نفس�ه كسلاً جتاه الطاعة‬ ‫فينبغي َملن َّ‬
‫و ُف ُت ً‬
‫ورا بس َبب البرَْ د‪ :‬أن يذ ِّك َر َ‬
‫نفسه َب ْر َد جهنَّم‪،‬‬
‫عيا ًذا باهلل تعاىل منها‪.‬‬

‫نِ َع�م اهلل تع�اىل علين�ا عظيم� ٌة جليل� ٌة‪ ،‬ومنها ما‬
‫َّس�ه من ُس� ُبل الوقاي�ة من الَب�رَ ْ د‪ ،‬من مالبس‬
‫ي رَّ‬ ‫‪10‬‬

‫ود َّفاي�ات وغريه�ا‪ ،‬كما ق�ال تع�اىل ممتنًّ�ا عىل‬


‫عب�اده‪( :‬ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫ِ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ) [النح�ل‪ ،]5 :‬وق�ال‪:‬‬
‫(( ( تفسير ابن كثير (‪.)189/4‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫(ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [النحل‪.]80 :‬‬

‫وق�ال‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲﭳ ﭴﭵﭶﭷ‬
‫ﭸﭹﭺ ﭻ ﭼﭽ‬
‫ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ) [النح�ل‪ ،]81 :‬وقول�ه‪( :‬ﭷ‬
‫احل�ر‬
‫َّ‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) أراد‪:‬‬
‫أحدمها لداللة الكالم‬ ‫بذكْ�ر ِ‬‫والبرد‪ ،‬فاكتفى ِ‬
‫َ‬
‫احل�ر من ال ِّلباس يق�ي البرَْ د‪.‬‬
‫علي�ه‪ ،‬وما يقي َّ‬
‫وهي ال ِّثياب من الك َّتان وال ُق ْطن ُّ‬
‫والصوف(((‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تفسير البغوي (‪ ،)36/5‬وأضواء البيان (‪.)420/2‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫حضر‬
‫َ‬ ‫عم�ر ب� ُن اخلط�اب ‪ ‬إذا‬
‫ُ‬ ‫وكان‬
‫وكتب هل�م بالوص َّية‪« :‬إن‬
‫َ‬ ‫تعاهدهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫الش�تا ُء‬
‫فتأهب�وا له‬
‫�د ٌّو؛ َّ‬
‫حضر‪ ،‬وه�و َع ُ‬
‫َ‬ ‫الش�تاء ق�د‬‫ِّ‬
‫واخلف�اف واجلوارب‪،‬‬ ‫ُأهب َت�ه‪ ،‬م�ن الص�وف ِ‬
‫َْ‬
‫ثارا‬ ‫الصوف ِشعارا [ما ييل البدن] ِ‬
‫ود‬ ‫َ‬ ‫ذوا‬ ‫واتخَّ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رسيع‬
‫ٌ‬ ‫ع�د ٌّو‬
‫فإن الربد ُ‬‫[املالب�س اخلارجي�ة]؛ َّ‬
‫خروجه»(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫دخو ُله‪ٌ ،‬‬
‫بعيد‬
‫الش� ْك َر‪ ،‬باستعاملهِ ا يف‬
‫ب ُّ‬ ‫ِ‬
‫تس�توج ُ‬ ‫وهذه النِّ َعم‬
‫ٍ‬
‫بيشء منها‬ ‫َ‬
‫ستعان‬ ‫طاعة اهلل وما ُيرضيه‪ ،‬وألاَّ ُي‬
‫عىل معصيته‪.‬‬
‫ْر؛‪ ‬فمن‬ ‫ك‬ ‫ُّ‬
‫بالش‬ ‫ٌ‬
‫مقرون‬ ‫ها‬ ‫واستمرار‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫فظ‬ ‫ِ‬
‫وح‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫شكر زا َده اهلل من فضله‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﭭ‬ ‫َ‬
‫((( لطائف المعارف البن رجب (ص‪.) 330‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) [إب راهيم‪.]7 :‬‬

‫نفس�ه وأهلِ�ه‬‫م�ن كان حريص�ا على وقاي�ة ِ‬


‫ً‬ ‫َ‬
‫الشتاء‪ ،‬برشاء املالبس واستعامل‬ ‫ِ‬
‫وأوالده َب ْر َد ِّ‬ ‫‪11‬‬

‫حريصا ‪-‬من باب‬ ‫ً‬ ‫ِ‬


‫ونحوها؛ ف ْل َي ُكن‬ ‫الد َّفايات‬
‫َّ‬
‫ع�ذاب الن�ار‪ ،‬بدال َلتِهم‬
‫َ‬ ‫أوىل‪ -‬على وقايتهم‬
‫الش‬
‫وزجرهم عن رَّ ِّ‬ ‫عىل اخلري وإعانتهم عليه‪َ ،‬‬
‫ٍ‬
‫طريق يؤ ِّدي‬ ‫والمنكرات‪ ،‬وقط ِع ِّ‬
‫كل‬ ‫والفساد ُ‬
‫هبم إىل معصية اهلل تعاىل‪ ،‬كام قال تعاىل‪( :‬ﯛ‬
‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ) [التحريم‪.]6 :‬‬
‫�م َراعٍ‪َ ،‬و ُك ُّل ُك ْم َم ْس� ُئ ٌ‬
‫ول‬ ‫ويف احلديث‪ُ « :‬ك ُّل ُك ْ‬
‫َع ْن َر ِع َّيتِ ِه»(((‪.‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)893‬ومسلم (‪.)1829‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫املس�لم أخو املس�لم‪( ،‬ﮑ ﮒ‬


‫ﮓ ﮔ ﮕ) [التوب�ة‪ ]71 :‬يعن�ي‪ :‬يف املح َّبة‬ ‫‪12‬‬

‫وامل�واالة وال َعون واملواس�اة والنُّرصة‪ ،‬وعىل‬


‫قدر اإليامن تكون املواساة‪.‬‬
‫ف ْلنُخ ِّف�ف املعان�اة يف ِّ‬
‫الش�تاء ع�ن إخوانن�ا‬
‫املس�لمني‪ ،‬م�ن الفق�راء واليتام�ى واألرامل‬
‫املحاصين‬
‫رَ‬ ‫خاص�ة‬ ‫واملس�اكني واملحتاجني‪َّ ،‬‬
‫حارصه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫فمنه�م‬ ‫رين‪،‬‬ ‫واملهج‬
‫َّ‬ ‫ئين‬ ‫ِ‬
‫والالج‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الس�يول‬ ‫ته‬ ‫همَ‬ ‫دا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ومنهم‬ ‫ط�اء‪،‬‬‫غ‬‫ال د وال ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َب�رَْ ُ‬
‫وال إيواء!‬

‫وجميء‬
‫م�ن ُدروس اختلاف الليل والنه�ار‪ِّ ،‬‬
‫الشتاء بعد الصيف مهام طال‪َّ ،‬‬
‫وأن الليل مهام‬ ‫ِّ‬ ‫‪13‬‬

‫احلر‬
‫اش�تد ُّ‬
‫َّ‬ ‫طال فال ُب َّد أن يط ُل َع الفجر‪ ،‬ومهام‬
‫َ‬

‫‪18‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫يت ال د‪ :‬أ َّن�ه من الم ِ‬


‫ح�ال دوا ُم‬ ‫ُ‬ ‫�د أن ي�أ َ برَْ‬
‫فلا ُب َّ‬
‫احلال‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وختويف للظامل‪:‬‬ ‫ويف هذا تذكر ٌة ِ‬
‫وع رْب ٌة وعظ ٌة‬
‫ُ‬
‫وسيأخذه‬ ‫ستدور عليه‪،‬‬
‫َ‬ ‫أ َّنه إن مل ي ُتب فالدائرة‬
‫�در‪ ،‬واهلل ال ي ِ‬‫عزيز مق َت ِ‬
‫وعده‪،‬‬‫خُْلف َ‬ ‫أخ�ذ ٍ ُ‬
‫َ‬ ‫اهلل‬
‫(ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ)‬
‫[الشع راء‪.]227 :‬‬
‫وأن مع‬ ‫قريب‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الف�رج‬
‫َ‬ ‫وتس�لي ٌة للمظلوم‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫انقطع‪ ،‬ويف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫احلب�ل‬ ‫اش�تد‬
‫َّ‬ ‫ْس�ا‪ ،‬وإذا‬ ‫ال ُعسر ُي رْ ً‬
‫الص رْ ِب َعَل�ىَ َما َت ْك َر ُه‬ ‫أن فيِ َّ‬
‫�م َّ‬ ‫«وا ْع َل ْ‬ ‫احلدي�ث‪َ :‬‬
‫الص رْ ِب‪َ ،‬و َأ َّن ال َف َر َج‬ ‫َ‬ ‫َخ ا َكثِ‬
‫ص َم َع َّ‬ ‫رْ َ‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ري‬
‫ً‬ ‫يرْ ً‬
‫ب‪َ ،‬و َأ َّن َم َع ال ُعسرْ ِ يُسرْ ً ا»(((‪.‬‬ ‫َم َع ال َك ْر ِ‬

‫األلبان�ي ف�ي الصحيح�ة‬


‫ُّ‬ ‫وصح�ح إس�نادَه‬
‫َّ‬ ‫(( ( رواه اإلم�ام أحم�د (‪،)2803‬‬
‫(‪.)297/5‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ونرش‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن�زول األمط�ار‪،‬‬ ‫من َب َ�ركات ِّ‬
‫الش�تاء‪:‬‬
‫رب األرض والسماوات؛ فهي‬ ‫الرمح�ات من ِّ‬ ‫‪14‬‬
‫ِ‬
‫مطهر ٌة‬ ‫رمح ٌة و َب َركة و َط ٌ‬
‫هور‪ ،‬طاهر ٌة يف نفس�ها ِّ‬
‫احلدث و ُتزيل اخل َبث‪.‬‬
‫ترفع َ‬
‫لغريها‪ُ ،‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [الشورى‪:‬‬

‫‪ ،]28‬وق�ال‪( :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ)‬
‫[الفرق�ان‪ ،]48 :‬وق�ال‪( :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [ق‪.]9 :‬‬

‫ديره‪ ،‬ونِ ْس� َب ُته إىل فِ ْعل‬


‫الم َطر ِمن َخ ْلق اهلل وت ْق ِ‬
‫َ‬
‫ش ٌك‪.‬‬ ‫ال ُّنجوم وترصف الكواكب رِ‬ ‫‪15‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫أن اهلل تع�اىل ق�ال‪َ :‬‬
‫«أ ْص َب َح‬ ‫كما يف احلدي�ث‪َّ ،‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫�ن َق َال‪:‬‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫َ‬


‫أ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫�ر‬ ‫ادي م ْؤ ِم�ن يِب و َكافِ‬ ‫ِم�ن ِعب ِ‬
‫ٌ َّ َ ْ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ك ُم ْؤ ِم ٌن يِب َكافِ ٌر‬ ‫ُمطِ ْر َنا بِ َف ْض ِل اهلل َو َرحمْ َ تِ ِه َف َذلِ َ‬
‫�و ِء َك َذا‬ ‫ِ‬
‫�ال‪ُ :‬مط ْر َنا بِنَ ْ‬ ‫�ب‪َ ،‬و َأ َّم�ا َم ْن َق َ‬ ‫بِال َك ْو َك ِ‬
‫ك َكافِ ٌر يِب‪ُ ،‬م ْؤ ِم ٌن بِال َك ْو َك ِ‬
‫ب»(((‪.‬‬ ‫َو َك َذا َف َذلِ َ‬
‫ِ‬
‫�قوط أو ُط ُل�و ِع ن َْج ِم كذا‬ ‫بس‬
‫َ�وء ك�ذا وكذا) أي‪ُ :‬‬‫[(بِن ْ‬
‫وكذا‪ ،‬أو غيابِه]‪.‬‬

‫ِ‬
‫وحده‪ ،‬وال‬ ‫هو اهللُ س�بحا َن ُه َ‬ ‫الم َط َر َ‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ز‬
‫ِّ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الذ‬
‫هار أو‬‫أو النَّ ِ‬
‫ي�ل ِ‬
‫الم َط ُر ‪-‬يف ال َّل ِ‬
‫يأت َ‬ ‫يع َل ُم م َت�ى يِ‬ ‫‪16‬‬

‫فهذا ِم ْن ِع ْلم‬ ‫ٍ‬


‫أي س�ا َعة‪ -‬إلاَّ اهللُ س�بحا َن ُه‪َ ،‬‬ ‫فيِ ِّ‬
‫يب‪.‬‬ ‫ال َغ ِ‬

‫ق�ال تع�اىل‪ ( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ‬


‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)846‬ومسلم (‪.)71‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ ﰅ‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ) [لقامن‪.]34 :‬‬
‫�ب مَخ ٌْس‪ ،‬ال‬ ‫�ح ال َغ ْي ِ‬ ‫ِ‬
‫«م َفات ُ‬
‫وق�ال ‪َ :‬‬
‫«وال َي ْع َل ُم َم َتى‬
‫فذكر منه�ا‪َ :‬‬ ‫َي ْع َل ُم َه�ا إِلاَّ اهلل»‪َ ،‬‬
‫�د إِلاَّ اهلل»(((‪ ،‬ويف رواية‪َ :‬‬
‫«و َما‬ ‫الم َط ُر َأ َح ٌ‬ ‫َي ْ‬
‫�أ يِت َ‬
‫الم َط ُر»(((‪.‬‬
‫يء َ‬ ‫َي ْد ِري َأ َح ٌد َم َتى يجَ ِ ُ‬

‫عنها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬


‫أح�وال ال َّط ِ‬ ‫�ن َمعرف َة‬ ‫لكِ‬
‫والبح�ث َ‬ ‫قس‬ ‫َّ‬
‫�زول‬ ‫ِ‬
‫س�وف‪ ،‬و ُن ِ‬ ‫والخ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫س�وف‬ ‫ِ‬
‫وأوق�ات ال ُك‬ ‫‪17‬‬

‫�ل يف ال َّتنجي ِم‬ ‫يدخ ُ‬‫ذلك‪ ،‬ال ُ‬ ‫ِ‬


‫األمط�ار‪ ،‬و َتو ُّق َع َ‬
‫ور‬‫�ب؛ ألنهَّ ا ُتبنَى على أ ُم ٍ‬ ‫أو ا ِّدع�اء ِع ْل� ِم ال َغ ْي ِ‬
‫وجتار َب‪ ،‬و َن َظ ٍر يف ُسن َِن اهللِ الكون َّي ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِح ِّس� َّي ٍة‪،‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪.)4697‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪.)1039‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫صي�ب تار ًة‪،‬‬


‫ُ‬ ‫أم�ور ظن َّي� ٌة ال يقين َّي ُة‪ ،‬ف ُت‬
‫ٌ‬ ‫هي‬
‫ث�م َ‬‫َّ‬
‫تك�ون تقدي�رات علىَ‬‫ُ‬ ‫ط�ئ ت�ار ًة‪ ،‬وغالِ ًبا‬
‫وتخُ ُ‬
‫ث‬‫أمطارا تحَْ ُد ُ‬
‫ً‬ ‫القريب‪ ،‬فال َيتو َّق َ‬
‫ع�ون‬ ‫ِ‬ ‫الم َدى‬ ‫َ‬
‫بعد ْأش ُه ٍر(((‪.‬‬ ‫َوات أو َ‬‫بعد سن ٍ‬
‫َ َ‬

‫الم َطر‪ :‬أن نقول‪« :‬ال َّل ُه َّم‬‫السنن عند نزول َ‬ ‫من ُّ‬
‫رس�ول اهلل ‪‬‬ ‫ُ‬ ‫َص ِّي ًب�ا َنافِ ًعا»‪ ،‬فقد كان‬ ‫‪18‬‬

‫الم َطر(((‪.‬‬
‫يقول ذلك إذا رأى َ‬
‫كثيرا يص�وب‪ ،‬أي‪ :‬ين�زل ويق�ع‪،‬‬‫ً‬ ‫مط�را‬
‫ً‬ ‫[(ص ِّي ًب�ا)‪:‬‬
‫(نَافِ ًعا)‪ :‬فال يضرُ ّ وال ُي ْف ِسد]‪.‬‬

‫وقت‬ ‫الد ِ‬
‫عاء فإ َّنه ال ُي َر ُّد؛ فهو ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلكثار م�ن ُّ‬ ‫مع‬
‫نزول الرمح�ة‪ ،‬ويف احلديث‪« :‬ثِنْ َت ِ‬
‫�ان لاَ ُت َر َّد ِ‬
‫ان‬
‫((( فت�اوى اللجن�ة الدائم�ة (‪ ،)323/8 ،635 ،634/1‬والق�ول المفي�د البن‬
‫عثيمي�ن (‪ ،)531/1‬وش�رح ري�اض الصالحي�ن له (‪ ،)441/3‬وجلس�ات‬
‫رمضانيَّة‪.‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪.)974‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫�د النِّ َد ِ‬
‫اء‪َ ،‬وحتت‬ ‫اء ِعنْ َ‬ ‫‪-‬أو ق َّلما ُت َر َّدان‪ُّ :-‬‬
‫الد َع ُ‬
‫الم َط ِر»(((‪.‬‬
‫َ‬

‫الن�اس هب�ا أو‬


‫ُ‬ ‫وتضرر‬
‫َّ‬ ‫إذا ك ُث َ�رت األمط�ار‪،‬‬
‫ِ‬ ‫‪19‬‬
‫بتخفيفها‬ ‫الدع�اء‬
‫�ن ُّ‬ ‫خي�ف من الَّض�رَّ َ ر؛ ف ُي َس ُّ‬
‫مرض هِت�ا وجعلِه�ا يف أماك�ن النف�ع‬ ‫َّ‬ ‫ف‬‫وص ِ‬
‫رَ ْ‬
‫ال الَّض�رَّ َ ر‪ ،‬فيدع�و كام دع�ا ُّ‬
‫النبي ‪:‬‬
‫«ال َّل ُه َّم َح َوا َل ْينَ�ا َوالَ َع َل ْينَا‪ ،‬ال َّل ُه َّم َعلىَ اآل َكامِ‪،‬‬
‫اب‪ ،‬واألَو ِدي ِ‬ ‫اجل َب ِ‬‫َو ِ‬
‫�ة‪،‬‬ ‫اآلج�امِ‪َ ،‬وال ِّظ َ�ر ِ َ ْ َ‬ ‫�ال‪َ ،‬و َ‬
‫الش َج ِر»(((‪.‬‬ ‫ت َّ‬ ‫ومنَابِ ِ‬
‫ََ‬
‫[اآلكام‪ :‬التِّلال‪ ،‬واآلجام‪ :‬األبني�ة العالية‪ ،‬وال ِّظراب‪:‬‬
‫الصغار]‪.‬‬
‫اجلبال ِّ‬

‫األلباني في صحيح الجامع (‪.)3078‬‬


‫ُّ‬ ‫وحسنه‬
‫َّ‬ ‫(( ( رواه الحاكم (‪،)124/2‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)1013‬ومسلم (‪.)897‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الس�نَن املهج�ورة عن�د ُن� ُزول األمطار‪:‬‬ ‫م�ن ُّ‬


‫يشء من ال َب َدن ‪-‬كالس�اق أو الرأس‬ ‫تعريض ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪20‬‬

‫م�اء املط�ر الن�ازل م�ن‬ ‫ألول ِ‬ ‫ِ‬ ‫الذرا َعين‪-‬‬ ‫أو ِّ‬
‫شفاء به؛ فهو رمح ٌة وبرك ٌة‬ ‫السماء؛ ترب ًكا واستِ‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫ور‪.‬‬‫و َط ُه ٌ‬
‫بن َمالِ ٍك ‪َ ‬ق َال‪َ :‬أ َصا َبنَا َو َن ْح ُن‬ ‫س ِ‬ ‫ف َع ْن َأ َن ِ‬
‫ول‬ ‫ول اهلل ‪َ ‬م َط ٌر‪َ َ،‬ف َحسرَ َ َر ُس ُ‬ ‫م َع رس ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫الم َط ِر‪،‬‬ ‫ن‬ ‫�‬‫م‬‫اهلل ‪َ ‬ثوب�ه ح َّت�ى َأصابه ِ‬
‫َ َُ َ َ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫َعْ�ت َه َذا؟ َق َال‪:‬‬ ‫�ول اهلل‪ ،‬لِ َم َصن َ‬ ‫َف ُق ْلنَ�ا‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫يث َع ْه ٍد بِ َر ِّب ِه َت َعالىَ »(((‪.‬‬‫«لأِ َ َّن ُه َح ِد ُ‬
‫بتكوين ر ِّبه إ َّي�اه وإنزالِه‪ ،‬ومعناه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫قري�ب ال َع ْه�د‬
‫ُ‬ ‫[أي‪:‬‬
‫الم َطر رمحة‪ ،‬وه�ي قريب ُة العهد بخَ ْلق اهلل تعاىل هلا‪،‬‬ ‫أن َ‬
‫َّ‬
‫تربك هبا]‪.‬‬
‫ف ُي َّ‬

‫((( رواه مسلم (‪.)898‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫النب�ي ‪ ‬يف ُخ ْط َبتِه يو َم‬ ‫ُّ‬ ‫اس َتسْ�قى‬ ‫و َّملا ْ‬


‫الج ُمع�ة‪ ،‬فدع�ا اهلل تع�اىل فس�قاهم‪ ،‬يق�ول‬ ‫ُ‬
‫الم َط َر‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫ت‬
‫َّ‬ ‫ح‬ ‫أنس‪ُ « :‬ثم ينْ ِز ْل َعن ِمن ِ ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ْ ْبرَ َ َ ْ‬ ‫َّ لمَْ َ‬
‫ِ ِ (((‬
‫البخاري‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫عليه‬ ‫ب‬ ‫وبو‬
‫َّ‬ ‫‪،‬‬ ‫َي َت َحا َد ُر َعلىَ لحِْ َيته»‬
‫« َباب‪َ :‬م� ْن مَت َ َّط َر فيِ َ‬
‫الم َط ِر َح َّت�ى َي َت َحا َد َر َعلىَ‬
‫لحِْ َيتِ ِه»‪.‬‬
‫�ر عليه‬ ‫الم َط ِ‬‫ول َ‬ ‫النب�ي ‪ُ ‬ن ُ�ز َ‬ ‫ُّ‬ ‫فقص�د‬
‫َ‬
‫للم َط�ر‪ ،‬ومتا َدى يف‬ ‫الرشيف‬ ‫�ه‬ ‫وتعري�ض ب َدنِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بحيث حت�ا َد َر عىل‬ ‫ُ‬ ‫ُخ ْط َبتِ�ه حت�ى ك ُث َر نزو ُل�ه‪،‬‬
‫لحِْ َيتِه ‪.(((‬‬
‫ف‬ ‫الشيخ اب ُن باز ‪« :‬املرشوع‪ :‬أن َيك ِْش َ‬ ‫ُ‬ ‫قال‬
‫طرف ِردائه‬ ‫َ‬ ‫املس�لم مثلاً ِعاممته عن رأسه‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬
‫أيضا (‪.)897‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)1033‬وأصل الحديث في مسلم ً‬
‫(( ( ينظر‪ :‬فتح الباري البن حجر (‪.)520/2‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫عض ِده أو عن ذراعه حت�ى يصي َبه املطر‪،‬‬


‫ع�ن ُ‬
‫أو س�ا َقه‪ ،‬أو ما أشبه ذلك مما جيوز كش ُفه عند‬
‫الناس‪ ،‬كالقدم والساق والرأس واليد ونحو‬
‫ذلك»(((‪.‬‬
‫السلف‪،‬‬ ‫من‬ ‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫ِ‬
‫غري‬ ‫عن‬ ‫ذلك‬ ‫ُ‬
‫عل‬ ‫وقد جاء فِ‬
‫َّ‬
‫وعيل وابن عباس ‪.(((‬‬
‫ّ‬ ‫منهم‪ :‬عثامن‬

‫�ذ َب نِ ْعم ٌة‬‫املاء ال َع ْ‬


‫ب�أن َ‬ ‫الم َط�ر ُي َذ ِّكرنا َّ‬‫ُن� ُزول َ‬
‫ِ‬
‫اإلنس�ان‬ ‫من أع َظ�م نِ َعم اهلل علينا‪ ،‬وهبا حيا ُة‬ ‫‪21‬‬

‫والزروع‪ ،‬وهي تس�ت ْل ِز ُم دوا َم ُشكر‬ ‫واحليوان ُّ‬


‫اهلل تعاىل يف إنزالِه امل َط َر َع ْذ ًبا ُزاللاً ‪ ،‬ومل يجَْ َع ْله‬
‫ِ‬
‫م ْل ًحا ُأ ً‬
‫جاجا‪.‬‬
‫((( مجموع فتاوى ابن باز (‪.)64/13‬‬
‫((( ينظ�ر‪ :‬مصنَّف ابن أبي ش�يبة (‪ ،)355 ،354/13‬وفت�ح الباري البن رجب‬
‫(‪.)234/9‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ق�ال اهلل تع�اىل ‪( :‬ﮈ ﮉ ﮊ‬


‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬
‫ﮒ ﮓ) [احلج�ر‪ ،]22 :‬وق�ال‪ ( :‬ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉﮊﮋﮌﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ) [النحل‪.]11-10 :‬‬
‫وق�ال‪( :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ‬
‫ﯖ ﯗﯘ ﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [الواقعة‪.]70-68 :‬‬
‫الم َطر‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وأنبت لك�م بامء َ‬
‫َ‬ ‫وأخرج‬
‫َ‬ ‫ون) أي‪:‬‬
‫�يم َ‬
‫[(في�ه تُس ُ‬
‫أنعامكم‪.‬‬
‫ون فيه َ‬‫شجرا تر َع َ‬
‫ً‬
‫مرا شديد امللوحة‪ ،‬ال‬
‫جاجا)‪ًّ :‬‬ ‫السحاب‪ُ ،‬‬
‫و(أ ً‬ ‫(المزْن)‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫يص ُلح لشرُ ب وال ز َْرع]‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الق َي َام ِة‬


‫ويف احلديث‪« :‬إِ َّن َأو َل ما يس َأ ُل عنْه يوم ِ‬
‫َّ َ ُ ْ َ ُ َ ْ َ‬
‫‪َ -‬ي ْعنِي ال َع ْب َد‪ِ -‬م ْن النَّ ِعيمِ‪َ :‬أ ْن ُي َق َال َل ُه‪َ :‬ألمَ ْ ُن ِص َّح‬
‫ار ِد؟»(((‪.‬‬ ‫ك ِمن الم ِ‬
‫اء ال َب ِ‬ ‫ك‪َ ،‬و ُن ْر ِو َي َ ْ َ‬ ‫ك ِج ْس َم َ‬ ‫َل َ‬

‫الش�تاء‪ ،‬وهي خملوق� ٌة مأمور ٌة‬


‫يح يف ِّ‬ ‫تك ُث�ر ِّ‬
‫الر ُ‬
‫رمحة (بالنس�يم‬ ‫س�خر ٌة لِ ُخلِق�ت له م�ن ٍ‬
‫ُم َّ ـَم�اَ‬
‫‪22‬‬

‫ع�ذاب (بإتالف‬‫ٍ‬ ‫والراح�ة وإنزال الغيث) أو‬


‫�دم البناء وهلاك الظاملني)‪ ،‬فهي‬ ‫وه ْ‬‫النب�ات َ‬
‫من ج ِ‬
‫ن�د اهلل املطي ِع ِ‬
‫ألمره‪ ،‬فال جيو ُز س� ُّبها أو‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫ونستعيذ به‬ ‫خريها‪،‬‬ ‫َل ْع ُنها؛ بل ُ‬
‫نسأل اهلل تعاىل َ‬
‫رشها‪.‬‬
‫من ِّ‬
‫يح‬ ‫ان النَّبِ�ي ‪ ‬إِ َذا َعص َف ِ‬ ‫وق�د َك َ‬
‫الر ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ك َخيرْ َ َها َو َخيرْ َ َما فِ َيها‬ ‫قال‪« :‬ال َّل ُه َّم إِ يِّن َأ ْس َ‬
‫�أ ُل َ‬
‫واأللباني‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ابن حبَّان والحاكمُ‬
‫وصححه ُ‬
‫َّ‬ ‫(( ( رواه الترمذي (‪،)3358‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ش َها‬ ‫�ك ِم ْن ِّرَ‬ ‫�ه‪َ ،‬و َأ ُعو ُذ بِ َ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫َو َخْي�رْ َ َما ُأ ْر ِس� َل ْ‬
‫ت بِه»(((‪.‬‬ ‫ش َما ُأ ْر ِس َل ْ‬ ‫ش َما فِ َيها َو ِّرَ‬ ‫َو رَ ِّ‬
‫�ن َر ْوحِ اهلل‪َ ،‬ت ْأ يِت‬ ‫وق�ال ‪« :‬الري�ح ِ‬
‫م‬
‫ِّ ُ ْ‬
‫بِالر ِ‬
‫�ة َو َت ْ‬
‫�أ يِت بِال َع َ‬
‫وها َفلاَ‬ ‫اب‪َ ،‬ف�إِ َذا َر َأ ْي ُت ُم َ‬ ‫�ذ ِ‬ ‫َّ حمْ َ‬
‫وها‪َ ،‬و َس� ُلوا اهلل َخيرْ َ َها‪َ ،‬و ْاس َت ِع ُيذوا باهلل‬ ‫َت ُس� ُّب َ‬
‫ش َها»(((‪.‬‬ ‫ِم ْن ِّرَ‬
‫ريح هبا عبا َده‪ ،‬أو أنهَّ ا تأيت‬ ‫ِ‬
‫�ن َر ْوحِ اهلل)‪ :‬من َرحمْ ته ُي ُ‬
‫[(م ْ‬
‫بأمر اهلل]‪.‬‬

‫الشتاء‪ :‬التخ ُّلف عن صالة ُ‬


‫الج ُمعة‬ ‫من ُر َخص ِّ‬
‫الم َطر‬
‫واجلامعة‪ ،‬واجلمع بني الصال َتني‪ ،‬ألجل َ‬
‫‪23‬‬

‫الثوب‬ ‫ال�ذي يب ُّ�ل ال ِّثي�اب (بحيث ل�و ُعِص�رِ‬


‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫تقاطر من�ه املاء) و َت ْل َح ُق املش� َّقة باخلروج فيه‪،‬‬
‫َ‬
‫((( رواه مسلم (‪.)899‬‬
‫وصححه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)5097‬وابن ماجه (‪،)3727‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫والوحْ�ل‪ ،‬وال َّثلْ�ج والَب�رَ َ د واجللي�د‪ ،‬والَب�رَْ د‬


‫َ‬
‫والريح الشديدة ِ‬
‫الباردة‪.‬‬ ‫الشديد‪ِّ ،‬‬
‫�ع بين ال ُّظهْ�ر والعرص‪ ،‬وبين املغرب‬ ‫فيجم ُ‬
‫َ‬
‫والعش�اء‪ِ ،‬‬
‫والع َّل�ة هي املش� َّقة‪ ،‬ف�إذا ُو ِج َدت‬
‫ليل أو ٍ‬
‫هنار جاز اجلمع (((‪.‬‬ ‫املش َّقة يف ٍ‬
‫ُّ‬
‫والتعذر‬ ‫التساهل يف صالة اجلامعة‬
‫ُ‬ ‫لكن ال ينبغي‬
‫خاص ًة مع ُقرب املساجد‪ ،‬وتو ُّفر‬ ‫بالبرَْ د اليسير‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫الشوارع‪.‬‬ ‫الس َّيارات‪ ،‬وتعبيد ال ُّط ُرق‪ ،‬وإنارة‬

‫والبدن من‬ ‫جيب َغ ْس ُ‬


‫�ل م�ا أصاب ال ِّثي�اب َ‬ ‫ال ُ‬
‫َ‬
‫األصل فيه الطهارة‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫الش�وارع؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫طِني‬ ‫‪24‬‬

‫بالش ِّ‬
‫�ك‪ ،‬وقد كان الصحابة والتابعون‬ ‫تزول َّ‬
‫((( ينظ�ر‪ :‬المغن�ي الب�ن قدام�ة (‪ ،)132/3 ،378/2‬واإلنص�اف للم�رداوي‬
‫(‪ ،)337 ،302/2‬والشرح الممتع البن عثيمين (‪.)393 ،391 ،317/4‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫طني املطر يف ال ُّطرقات وال ِ‬


‫يغسلون‬ ‫خيوضون َ‬
‫ُ‬
‫أرج َلهم(((‪.‬‬
‫لكن لو غس� َله لكمال ِّ‬
‫الزينة فهو أفضل‪ ،‬وإذا‬
‫الق�دم؛ لئلاَّ‬
‫أصاب َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫غس�ل م�ا‬ ‫مس�جدا‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫دخل‬
‫يلوث املسجد و َف ْر َشه‪.‬‬
‫ِّ‬

‫الشتاء‪:‬‬ ‫ُ‬
‫البعض يف ِّ‬ ‫يقع فيها‬
‫من األخطاء التي ُ‬
‫التساهل يف َغ ْسل األعضاء يف الوضوء بسبب‬ ‫ُ‬ ‫‪25‬‬
‫املتوض ُئ بال َق ْدر املجزئ‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫برودة املاء‪ ،‬فال يأيت‬
‫مس�حا‪ ،‬أو ال‬
‫ً‬ ‫بعضهم يكاد يمس�ح‬ ‫إن َ‬ ‫حت�ى َّ‬
‫يتوضأ‬
‫المجزئة‪ ،‬و َمن مل َّ‬ ‫بالصورة‬ ‫يه‬‫يد‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي ْغ ِ‬
‫س‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫المجزئ فصال ُته باطلة‪.‬‬ ‫الوضو َء ُ‬
‫على إس�باغ‬ ‫‪‬‬ ‫النب�ي‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫ح�ث‬ ‫وق�د‬
‫((( ينظر‪ :‬المغني (‪ ،)501/2‬وفتح الباري البن رجب (‪.)44 ،42/3‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫�دة البرد‪ ،‬وجع�ل ذلك من‬ ‫الوض�وء م�ع ِش َّ‬


‫أس�باب تكفري الذنوب؛ فف�ي احلديث‪َ :‬‬
‫«ألاَ‬
‫الخ َطا َيا َو َي ْر َف ُع بِ ِه‬‫�ه َ‬ ‫َأد ُّل ُك�م علىَ ما يمحو اهللُ بِ ِ‬
‫ُ ْ َ َ َْ ُ‬
‫�ول اهللِ‪َ ،‬ق َال‪:‬‬ ‫�ات؟»‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬بلىَ َيا َر ُس َ‬ ‫الدرج ِ‬
‫َّ َ َ‬
‫الخ َطا‬ ‫ار ِه‪َ ،‬و َك ْث َر ُة ُ‬ ‫الم َك ِ‬
‫َ‬ ‫لىَ‬ ‫ع‬
‫َ‬
‫«إِس�با ُغ الو ُض ِ‬
‫وء‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫الصلاَ ِة؛‬ ‫َ ْ َّ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫�اج ِد‪ ،‬وا ْنتِ َظار الصَل�اَ ِ‬
‫ة‬ ‫ُ َّ‬ ‫الم َس ِ َ‬ ‫إِلىَ َ‬
‫اط»(((‪.‬‬‫الر َب ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َف َذلِ‬
‫ُ ِّ‬
‫ومعن�ى (إسْ�باغ الوض�وء)‪ :‬إكام ُل�ه وإمتا ُمه‪،‬‬
‫كل ُع ْض ٍو‬
‫يت بامل�اء على ِّ‬
‫وه�ذا حيص�ل بأن ي�أ َ‬
‫يلز ُمه َغسْ� ُل ُه‪ ،‬مع إمرار اليد‪ ،‬ف�إذا َ‬
‫فعل ذلك‬
‫مرة‪.‬‬
‫توضأ َّ‬ ‫َ‬
‫وأكمل فقد َّ‬ ‫مر ًة‬
‫َّ‬
‫�ق عليه‪،‬‬
‫ويش ُّ‬ ‫ِ‬
‫و(املكاره)‪ :‬ما يكرهه اإلنس�ان ُ‬
‫((( رواه مسلم (‪.)251‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ويكون هذا ِ‬
‫بش َّدة الربد‪ ،‬وأمل اجلسم (كوجود‬
‫ٍ‬
‫ح�ال ُيك ِْره‬ ‫ِج�راح بمواضع الوضوء)‪ِّ ،‬‬
‫وكل‬
‫نفسه عىل الوضوء(((‪.‬‬
‫املر ُء فيها َ‬
‫فاضط�رار اإلنس�ان للوضوء بامل�اء ِ‬
‫البارد يف‬
‫كل ُع ْض ٍو ح َّقه‬ ‫ِ‬
‫وإعط�اء ِّ‬ ‫ِ‬
‫إس�باغه‬ ‫ِّ‬
‫الش�تاء‪ ،‬مع‬
‫من ال َغ ْسل والتدليك؛ هو من إسباغ الوضوء‬
‫ِ‬
‫املكاره‪ ،‬الذي يمحو اهلل به اخلطايا وير َفع‬ ‫عىل‬
‫الدرجات‪.‬‬
‫به َّ‬

‫ال ُيشرْ َ ع للمسلم َق ْص ُد املش َّقة وتط ُّل ُبها‪ ،‬ك َق ْصد‬
‫الش�تاء‪ ،‬م�ع ال ُق ْدرة‬ ‫البارد يف ِّ‬‫الوض�وء بامل�اء ِ‬ ‫‪26‬‬

‫عىل استعامل املاء الس�اخن‪ ،‬أو الوضوء باملاء‬


‫(( ( ينظر‪ :‬االس�تذكار البن عبد البر (‪ ،)302/2‬والتمهيد (‪ ،)223/20‬والنهاية‬
‫البن األثير (‪ ،)168/4‬وشرح النووي على مسلم (‪.)141/3‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الصيف مع ال ُقدرة عىل اس�تعامل‬‫الس�اخن يف َّ‬


‫ِ‬
‫الب�ارد‪ ،‬طل ًب�ا للمش� َّقة يف احلا َلين‪ ،‬حتصي ً‬
‫لا‬
‫لألجر ِ‬
‫الوارد يف احلديث‪.‬‬
‫أق�رب إىل ال ُغ ُل ِّو‬
‫ُ‬ ‫فه�ذا غري مشروع‪ ،‬بل ه�و‬
‫طع‪ ،‬واهلل تع�اىل يقول‪( :‬ﯲ ﯳ ﯴ‬ ‫والتن ُّ‬
‫[النس�اء‪:‬‬ ‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ)‬
‫�ول اهلل ‪َ ‬بْي�نْ َ‬ ‫‪ ،]147‬و« َم�ا ُخِّي�رِّ َ َر ُس ُ‬
‫�ذ َأيْسرَ َ همُ َ ا‪َ ،‬ما لمَْ َيكُ� ْن إِثْماً ‪َ ،‬فإِ ْن‬
‫يْ�ن إِلاَّ َأ َخ َ‬
‫َأ ْم َر ِ‬
‫َّاس ِمنْ ُه»(((‪.‬‬
‫ان َأ ْب َع َد الن ِ‬ ‫ان إِثْماً َك َ‬
‫َك َ‬
‫مأم�ورا وال مندو ًب�ا إىل أن‬
‫ً‬ ‫واإلنس�ان لي�س‬
‫ويضه‪ ،‬بل ك َّلام س�هلت‬
‫�ق عليه رُ ُّ‬ ‫يفعل ما ُ‬
‫يش ُّ‬
‫عليه العبادة فهو أفضل‪.‬‬
‫(( ( رواه البخاري (‪ ،)3560‬ومسلم (‪.)2327‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫َّس� له امل�اء الداف�ئ فهو أفض�ل؛ أل َّنه‬


‫ف�إذا تي رَّ‬
‫َ‬
‫أع�ون له عىل اإلس�باغ وإمتام الوضوء‬ ‫يكون‬
‫وكامل الطهارة كام رشع اهلل س�بحانه وتعاىل‪،‬‬
‫أيضا يف إزالة األوساخ والنظافة‪.‬‬
‫وأبلغ ً‬
‫ُ�ره فإ َّنه‬
‫�د م�ن األذى والك ْ‬
‫لك�ن إذا كان ال ُب َّ‬
‫يؤجر عىل ذلك؛ أل َّنه بغري اختياره(((‪.‬‬
‫َ‬
‫فاملقصود باحلديث‪ :‬أ َّنه إذا مل ُ‬
‫حيصل اإلس�باغ‬
‫ُ�ره (التي ال يتط َّلبها‬
‫إال بنو ٍع من املش� َّقة والك ْ‬
‫وال يقصده�ا)؛ فاألجر أع َظم‪ ،‬أل َّنه ُّ‬
‫يدل عىل‬
‫األجر‬ ‫املتوض�ئ‬ ‫وين�ال‬ ‫صاحب�ه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إيمان‬ ‫ق�وة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الوار َد يف احلديث‪.‬‬
‫(( ( ينظ�ر‪ :‬مواه�ب الجليل للحطَّ �اب (‪ ،)80/1‬وفتاوى نور عل�ى الدرب البن‬
‫ب�از (‪ ،)134 ،133/5‬وش�رح ري�اض الصالحين البن عثيمي�ن (‪،)21/5‬‬
‫وفتاوى نور على الدرب له‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫نال‬‫حصل اإلس�با ُغ بال مش� َّقة وال ُك ْره؛ َ‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬


‫أجر اإلس�با ِغ مطل ًقا‪ ،‬ال�وار َد يف مثل حديث‪:‬‬ ‫َ‬
‫ت َخ َطا َيا ُه‬ ‫وء؛ َخ َر َج ْ‬ ‫«م ْن َت َو َّض َأ َف َأ ْح َس َن ُ‬
‫الو ُض َ‬ ‫َ‬
‫ار ِه»(((‪.‬‬ ‫ِمن جس ِد ِه‪ ،‬ح َّتى تخَ ْ رج ِمن تحَ ْ ِ‬
‫ت َأ ْظ َف ِ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬

‫الشتاء‪:‬‬ ‫ُ‬
‫البعض يف ِّ‬ ‫يقع فيها‬
‫من األخطاء التي ُ‬
‫ملجرد برودة املاء‪.‬‬
‫بالتيمم َّ‬
‫ُّ‬ ‫الرتخص‬
‫ُّ‬ ‫‪27‬‬

‫فالتيمم ُرخص ٌة عند عدم وجود‬ ‫ُّ‬ ‫وهذا ال جيوز؛‬


‫املاء‪ ،‬أو عدم ال ُق ْد َرة عىل اس�تعامله ‪-‬حلصول‬
‫م�رض أو زيادت�ه أو ُّ‬
‫تأخ�ر ُب ْرء‪ ،-‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رضر أو‬
‫باردا وال جيد ما ُي َس ِّخنه به‪.‬‬
‫لكونه ً‬
‫خاف عىل‬
‫َ‬ ‫ترضر باستعامل املاء البارد أو‬
‫فمن َّ‬‫َ‬
‫يرضه‪.‬‬ ‫َ‬
‫استعمل الساخن ما مل َّ‬ ‫نفسه؛‬
‫((( رواه مسلم (‪.)245‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫خاف ِمن‬
‫َ‬ ‫قال اإلما ُم اب� ُن قدامة ‪« :‬وإن‬
‫ِ‬
‫يستعم َله‬ ‫شدة البرَْ د‪ ،‬وأمكنَه أن ُي َس ِّخ َن املاء‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬
‫ضوا‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫�ل‬‫س‬ ‫عىل وجه يأمن الرضر‪ ،‬مثل أن ي ْغ ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ره؛ َل ِز َمه ذلك‪.‬‬ ‫غس�ل شي ًئا ست َ‬‫َ‬ ‫ضوا‪ ،‬وك َّلام‬‫ُع ً‬
‫تيم�م وصلىَّ يف ق�ول أكثر أهل‬ ‫ر؛‬ ‫وإن مل يق ِ‬
‫ْ�د‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫الع ْلم»(((‪.‬‬‫ِ‬

‫الشتاء‪:‬‬ ‫ُ‬
‫البعض يف ِّ‬ ‫يقع فيها‬
‫من األخطاء التي ُ‬
‫الو ْجه أو الفم أثناء الصالة‪ ،‬بال حاجة‪.‬‬
‫تغطية َ‬ ‫‪28‬‬

‫يصل متل ِّثماً‬


‫كره للرج�ل أن يِّ‬ ‫وه�ذا مكرو ٌه؛ ف ُي َ‬
‫بيده أو‬ ‫وأنفه‪ ،‬سواء غ َّطى فاه ِ‬
‫فمه ِ‬ ‫فمه أو ِ‬‫عىل ِ‬
‫فالسنَّة‬‫بثوب أو ُغرتة ونحوها‪ ،‬إال إذا تثا َءب ُّ‬
‫وضع اليد عىل الفم‪.‬‬
‫ُ‬
‫(( ( المغني (‪.)339/1‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫�ول اهلل ‪َ ‬أ ْن‬


‫ففي احلديث‪« :‬نهَ َى َر ُس ُ‬
‫الر ُج ُل َفا ُه فيِ َّ‬
‫الصلاَ ة»(((‪.‬‬ ‫ُي َغ ِّط َي َّ‬
‫الغم‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫يؤ‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫أ‬ ‫النهي‪:‬‬ ‫من‬ ‫ْمة‬
‫ك‬ ‫وقد قيل يف ِ‬
‫احل‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وإىل عدم بيان احلروف عند القراءة ِّ‬
‫والذ ْكر‪.‬‬
‫حلاجة أو ِع َّلة‪ِ ،‬‬
‫كش َّدة‬ ‫ٍ‬ ‫و ُيستثنى من ذلك‪َ :‬من تل َّثم‬
‫وصار معه حساسية إذا مل‬
‫َ‬ ‫الربد‪ ،‬و َمن كان به ُزكام‬
‫يتل َّثم‪َ ،‬‬
‫وكمن حوله رائحة كرهية تؤذيه يف الصالة‪،‬‬
‫حرج عليه يف التل ُّثم(((‪.‬‬
‫ونحو ذلك؛ فال َ‬

‫ح�رج يف ُلب�س الق َّفا َزي�ن يف الصالة ألجل‬


‫َ‬ ‫ال‬
‫‪29‬‬
‫البد(((‪.‬‬
‫رَ ْ‬
‫وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫((( رواه أبو داود (‪ ،)548‬وابن ماجه (‪،)956‬‬
‫(( ( ينظ�ر‪ :‬المغن�ي الب�ن قدام�ة (‪ ،)298/2‬والمجم�وع للن�ووي (‪،)179/3‬‬
‫ومرقاة المفاتيح للملاَّ علي القاري (‪ ،)636/2‬والشرح الممتع (‪.)193/2‬‬
‫((( ينظر‪ :‬فتاوى اللجنة الدائمة (‪ - 195/7‬المجموعة الثانية)‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الد َّفاي�ات الكهربائ َّية أمام‬


‫ال مان�ع من وض�ع َّ‬
‫املص ِّلين يف املس�اجد‪ ،‬وال ُي َ‬
‫ك�ره‪ ،‬وال َي ْد ُخل‬ ‫‪30‬‬

‫بعض الفقهاء‬ ‫هذا يف اس�تقبال النار التي ذكر ُ‬


‫أ َّنه مكرو ٌه ملش�ابهَ َتِه فِ ْع َل املجوس ُع َّباد النار؛‬
‫�د ُة النار إ َّنما كانوا َي ْع ُب َ‬
‫دون النار املش�تعلة‬ ‫ف َع َب َ‬
‫ذات الله�ب‪ ،‬وال يعب�دون الن�ار على ه�ذا‬
‫َ‬
‫الوجْ�ه‪ ،‬ومقتىض التعليل‪َّ :‬‬
‫أن ما ليس له هلب‬ ‫َ‬
‫كره الصالة إليه‪.‬‬
‫فال ُت َ‬
‫الد َّفاي�ات يف الغال�ب ال تك�ون أم�ام‬
‫وه�ذه َّ‬
‫اإلم�ام‪ ،‬وإ َّنما تك�ون أم�ام املأمومين‪ ،‬وهذا‬
‫ألن اإلمام هو ال ُق ْ‬
‫�د َوة‪ ،‬وهلذا‬ ‫أمره�ا؛ َّ‬
‫خي ِّفف َ‬
‫كانت ُسرتته سرتة للمأموم(((‪.‬‬
‫(( ( ينظر‪ :‬فتاوى ابن عثيمين (‪.)339 ،338 ،337/13‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ِ‬
‫ورمح�ة اهلل تعاىل‬ ‫الغراء‪،‬‬ ‫رشيعتن�ا‬ ‫مات‬ ‫من ِ‬
‫س‬
‫َّ‬
‫الح َرج عن‬ ‫�ع‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ور‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫ة‬‫ُ‬ ‫السماح‬ ‫ه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بعب�اد‬ ‫‪31‬‬
‫ُسرْ ُ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫هِ‬
‫وأعذاره�م‬ ‫أحوال�م‬ ‫املك َّلفين‪ُ ،‬‬
‫ومراع�ا ُة‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫كالتيمم لفاقد‬
‫ُّ‬ ‫الر َخ�ص‪،‬‬
‫ومن ذل�ك‪ :‬ترشيع ُّ‬
‫املاء أو العاجز عن استعامله‪ ،‬وقرص الصلوات‬
‫الس َفر‪ ،‬واجلمع بني ال ُّظ ْهر والعرص‬
‫الرباع َّية يف َّ‬
‫وبين املغرب والعش�اء ل ُع ْ‬
‫�ذر‪ ،‬واملس�ح عىل‬
‫اخل َّفني‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫�ص‬ ‫رخ‬‫َّ‬ ‫أن‬


‫ْ‬ ‫‪:‬‬ ‫بعب�اد ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫تع�اىل‬ ‫اهلل‬ ‫ِ‬
‫رمح�ة‬ ‫�ن‬ ‫ِ‬
‫فم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الوضوء‪ ،‬بدالً‬ ‫الخ َّف ِ‬
‫ني يف‬ ‫�ح عىل ُ‬
‫‪32‬‬
‫الم ْس َ‬‫هلم َ‬
‫ِ‬
‫وغريه‪ ،‬يف‬ ‫الش ِ‬
‫�تاء‬ ‫الر ْج َلني‪ ،‬يف ِّ‬ ‫ِ‬
‫�ل‬ ‫س‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫لغريها‪ ،‬حتى‬ ‫ٍ‬
‫حلاج�ة أو ِ‬ ‫والس� َف ِر‪،‬‬ ‫الحضرَ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬

‫‪41‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫ً‬
‫خمالفة‬ ‫الس�نَّة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أله�ل ُّ‬ ‫ش�عارا‬
‫ً‬ ‫ص�ار ذل�ك‬
‫َ‬
‫مجع علي�ه َمن ُيع َت ُّد‬‫أه�ل البِ َدع‪ ،‬وأ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لبعض‬
‫به يف اإلمجاع‪.‬‬
‫ومجع‬
‫َ‬ ‫وأحاديث املس�ح عىل اخل َّفين متواتر ٌة‪،‬‬
‫ُ‬
‫فجاوزوا الثامنني‪ ،‬منهم العرش ُة‬
‫َ‬ ‫بعضهم روا َته‬
‫ُ‬
‫املشهو ُد هلم باجلنة ‪.(((‬‬

‫ٌ‬
‫رشوط؛ وهي‪:‬‬ ‫ُي ْشترَ َ ُط للمسح عىل ُ‬
‫الخ ِّ‬
‫ف‬
‫‪33‬‬
‫النجاسة‪ ،‬فإن‬ ‫ن‬ ‫ف طاهرا ِ‬
‫م‬ ‫يكون ُ‬
‫الخ ُّ‬ ‫َ‬ ‫‪1.1‬أن‬
‫َ‬ ‫ً َ‬
‫كان َن ِج ًسا فال جيوز املسح عليه‪.‬‬
‫القد ِم‬ ‫ساترا ِّ‬
‫ملحل الفرض‪ ،‬وهو َ‬ ‫َ‬
‫يكون ً‬ ‫‪2.2‬أن‬
‫((( ينظ�ر‪ :‬األوس�ط الب�ن المن�ذر (‪ ،)426/1‬وش�رح الن�ووي عل�ى مس�لم‬
‫(‪ ،)164/3‬والمجم�وع ش�رح المه�ذَّ ب له (‪ ،)476/1‬وفت�ح الباري البن‬
‫حجر (‪ ،)305/1‬ونظم المتناثِر من الحديث المتواتر للكتاني (ص‪.)60‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫خف‬
‫املس�ح عىل ٍّ‬
‫ُ‬ ‫م�ع الكع َب ِ‬
‫ني‪ ،‬فلا جيوز‬ ‫َ‬
‫القدم‪.‬‬
‫غري ساتر للكع َبني مع َ‬ ‫ِ‬

‫المعتا َد‬
‫املشي ُ‬‫َ‬ ‫‪3.3‬إم�كان متابع�ة املشي عليه‬
‫ُعر ًفا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كاملة‪.‬‬ ‫طهارة مائ َّي ٍة‬
‫ٍ‬ ‫‪4.4‬أن يل َب َسهام عىل‬
‫ث األص َغر‪ .‬فإن‬ ‫‪5.5‬أن يمسح عليهام يف الح َد ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫واغتس�ل‬ ‫خلع اخل َّفني‪،‬‬ ‫أحدث َح َد ًثا أكرب َ‬ ‫َ‬
‫بتعميم مجي ِع َب َدنِه باملاء مع القد َمني‪.‬‬
‫للمقيم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وليلة‬ ‫الم ْس ِح عن يو ٍم‬ ‫‪6.6‬ألاَّ‬
‫ُ‬ ‫تزيد ُم َّد ُة َ‬‫َ‬
‫للمسافِر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يها‬‫وثالثة أيا ٍم بليالِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬

‫بعض الفقه�اء رشو ًطا أخرى‪ ،‬هي‬ ‫َ‬


‫واشترط ُ‬
‫اخلف‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫خلاف بينه�م‪ ،‬منه�ا‪ :‬أن يك�ون‬ ‫ُّ‬
‫حم�ل‬
‫يمسح عىل مغصوب‬
‫باحا (فال َ‬
‫املمسوح عليه ُم ً‬

‫‪43‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫أو مسروق)‪ ،‬وأن يكون س�ليماً من اخلروق‪.‬‬


‫واألر َجح‪ :‬عد ُم اعتبار هذين الرش َطني(((‪.‬‬
‫ْ‬

‫ف يكون‬ ‫أن ُ‬
‫الخ َّ‬ ‫ف‪َّ :‬‬
‫والخ ّ‬
‫اجلورب ُ‬
‫َ‬ ‫الفرق بني‬
‫مصنو ًع�ا م�ن ِ‬
‫اجل ْلد‪ ،‬أما اجل�ورب فال يكون‬ ‫‪34‬‬

‫اجللْ�د‪ ،‬بل يكون من الص�وف أو الك َّتان‬‫من ِ‬


‫أو ال ُقطن أو النايلون‪.‬‬

‫بالسنَّة النبو َّية‪ ،‬وأحلق‬ ‫املسح عىل اخل َّفني ٌ‬


‫ثابت ُّ‬
‫‪35‬‬
‫مجه�ور العلماء هبام‪ :‬اجلور َبين‪ ،‬لكن مل َّ‬
‫يصح‬ ‫ُ‬
‫المسْ�ح على‬
‫ع�ن النب�ي ‪ ‬يش ٌء يف َ‬
‫وصح ذلك عن بع�ض الصحابة‬ ‫َّ‬ ‫اجلور َبين‪،‬‬
‫واجلورب‬
‫َ‬ ‫اخلف‬
‫ِّ‬ ‫‪ ،‬وال فرق مؤ ِّثر بين‬
‫((( ينظر‪ :‬المغني البن قدامة (‪ ،)376-361/1‬والمجموع للنووي (‪،)509/1‬‬
‫واإلنصاف للمرداوي (‪ ،)183 - 171/1‬والموسوعة الفقهية (‪.)263/37‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫حي�ث الن َظ�ر‪ ،‬واحلاج�ة إىل املس�ح عليه‬ ‫ُ‬ ‫م�ن‬


‫اخل�ف‪ ،‬والرشيع ُة ال‬
‫َّ‬ ‫كاحلاجة إىل املس�ح عىل‬
‫تفرق بني املتامثِ َلني(((‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫رشوط‬ ‫نفس‬ ‫ُي ْشَت�رَ َ ُط للمس�ح عىل‬
‫اجلوربين ُ‬ ‫َ‬
‫عام ُة العلامء‪ :‬أن‬ ‫َ‬
‫واشرتط َّ‬ ‫الخ َّفني‪،‬‬
‫املسح عىل ُ‬ ‫‪36‬‬

‫يكونا ثخينَني صفي َقني (س�مي َكني) ال يش َّفان‬


‫املاء وال عماَّ حت َتهام‪.‬‬
‫يصف البرشة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اجلورب خفي ًفا ش َّفا ًفا‬
‫ُ‬ ‫فإن كان‬
‫املس�ح علي�ه؛ َّ‬
‫ألن الق�د َم تكون يف‬ ‫ُ‬ ‫جيوز‬
‫فلا ُ‬
‫كم اجلورب ُحك ُْم‬ ‫َّ‬
‫وألن ُح َ‬ ‫ُحكم املكش�وفة‪،‬‬
‫�ف ال يك�ون إال صفي ًق�ا‪ ،‬وال‬ ‫�ف‪ُ ،‬‬
‫والخ ُّ‬ ‫ُ‬
‫الخ ِّ‬
‫والسنَن الكبرى للبيهقي (‪،)425/1‬‬
‫(( ( ينظر‪ :‬األوسط البن المنذر (‪ُّ ،)462/1‬‬
‫والمغن�ي البن قدامة (‪ ،)373/1‬والمجموع للنووي (‪ ،)499/1‬ومجموع‬
‫الفتاوى (‪.)214/21‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫اخلف إال‬
‫ِّ‬ ‫ُيمك�ن للج�ورب أن ُين ََّ�زل منزل�ة‬
‫إذا كان مث َل�ه‪ ،‬فيكون يف هذه احلالة يف معناه‪،‬‬
‫�ف فال‬
‫الخ ِّ‬ ‫واجل�ورب الش� َّفاف لي�س َ‬
‫مث�ل ُ‬
‫ُيقاس عليه‪.‬‬
‫الشيخ اب ُن باز واللجن ُة الدائمة لإلفتاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وهبذا أفتى‬
‫جواز املس�ح عىل‬ ‫العلامء‬ ‫بع�ض‬ ‫عن‬ ‫�ي‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وح َ‬
‫ك‬ ‫ُ‬
‫واختاره الش�يخ ابن‬
‫َ‬ ‫اجلورب وإن كان رقي ًقا‪،‬‬
‫عثيمني(((‪.‬‬
‫والراجح‪ :‬ما اشتر َطه عا َّم ُة العلامء‪ ،‬فال جيوز‬
‫ُ‬
‫األحو ُط‬
‫َ‬ ‫املسح عىل اجلوارب الش� َّفافة‪ ،‬وهو‬
‫للعبادة‪.‬‬
‫((( ينظ�ر‪ :‬بدائع الصنائع للكاس�اني (‪ ،)10/1‬والمغني البن قدامة (‪،)373/1‬‬
‫والمجموع للنووي (‪ ،)499/1‬وفت�اوى اللجنة الدائمة (‪،)267 ،262/5‬‬
‫وفتاوى ابن باز (‪ ،)110/10‬وفتاوى ابن عثيمين (‪.)167 ،165/11‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫(م ْس�حٍ )‬ ‫أول‬ ‫ن‬‫م‬‫يب�دأ احتِس�اب م َّد ِة املس�حِ ِ‬


‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫بعد‬
‫الوضوء ‪-‬عىل الراجح‪ ،-‬ال َ‬ ‫ِ‬
‫انتقاض ُ‬ ‫بعد‬
‫َ‬ ‫‪37‬‬

‫ِ‬
‫انتقاض ُ‬
‫الوضوء‪.‬‬
‫واختي�ار ِ‬
‫ابن‬ ‫ُ‬ ‫وه�و رواي�ة عن اإلم�ام أمح�د‪،‬‬
‫ِ‬
‫املن�ذر والن�ووي‪ ،‬واللجنة الدائم�ة وابن باز‬
‫وابن عثيمني من املعارصين(((‪.‬‬
‫الخ َّف ِ‬
‫ني‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الفجر‪ ،‬و َلبِ َس ُ‬ ‫ِ‬
‫لصالة‬ ‫فمثلاً ‪ :‬لو َّ‬
‫توضأ‬
‫صباح�ا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وض�وؤه الس�اع َة (‪)9‬‬ ‫انتق�ض ُ‬
‫َ‬ ‫ث�م‬
‫الخ َّفني؛‬
‫ومسح عىل ُ‬ ‫ِ‬
‫الساعة (‪)12‬‬ ‫وتوضأ يف‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫الساعة (‪ )12‬ال من‬ ‫ِ‬ ‫املد ِة ِمن‬
‫احتس�اب َّ‬ ‫فيبدأ‬
‫ُ‬
‫الساعة (‪.)9‬‬
‫((( ينظر‪ :‬األوس�ط البن المن�ذر (‪ ،)442/1‬والمغن�ي (‪ ،)370/1‬والمجموع‬
‫(‪ ،)486/1‬وفت�اوى اب�ن ب�از (‪ ،)112 ،111 ،108-106/10‬وفت�اوى‬
‫اللجنة الدائمة (‪ ،)262/5‬والشرح الممتع (‪.)265 ،262/1‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫القد ِم ِمن‬ ‫ظاهر َ‬ ‫ِ‬ ‫يمس�ح عىل‬ ‫َ‬ ‫صفة املس�ح‪ :‬أن‬
‫الم ْبلو َلـ َت ِ‬
‫ني‬ ‫يه‬ ‫بيد‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫فيمس‬ ‫أس�فل‪،‬‬ ‫ن‬ ‫م‬‫أعىل ال ِ‬ ‫‪38‬‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫رسى‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫ن‪،‬‬ ‫األيم‬ ‫ه‬‫باملاء معا‪ ،‬اليمنَى أعىل ُخ ِّف ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ً ُ‬
‫مرة واحدة‪ُ ،‬م َف ِّر ًجا‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫األيرس‪،‬‬ ‫أعىل ُخ ِّف ِ‬
‫ه‬
‫َ ْ َ ُ َّ‬
‫ي�ه إىل ِ‬
‫بداية‬ ‫أصابع�ه‪ ،‬مبتد ًئا ِم�ن أصابِ ِع رج َل ِ‬
‫َ‬
‫ممكن من‬ ‫ٍ‬ ‫رب َق ْد ٍر‬ ‫أك‬ ‫املسح‬ ‫يعم‬ ‫بحيث‬ ‫‪،‬‬ ‫س�ا َق ِ‬
‫يه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫الخ َّفين‪.‬‬
‫ُ‬
‫وس�واء مس�ح على اخل َّفني م ًع�ا ‪-‬كام مُت َس�ح‬
‫باخلف األيمن ثم األيرس‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫األذنان‪ ،-‬أو ابتدأ‬
‫رسى‬ ‫ي‬ ‫بال‬ ‫أو‬ ‫يه‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ف‬ ‫خ‬ ‫كال‬ ‫اليمن�ى‬ ‫ه‬ ‫أو مس�ح ِ‬
‫بيد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫واسع(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ك َليهام؛ فال حرج‪ ،‬فاألمر يف ذلك‬
‫يديه عىل‬
‫«وكثير م�ن الن�اس يمس�ح بكلت�ا َ‬
‫ٌ‬
‫(( ( ينظر‪ :‬المغني (‪ ،)377/1‬واإلنصاف للمرداوي (‪ ،)185/1‬وفتاوى ابن باز‬
‫(‪ ،)105/10‬والشرح الممتع (‪.)260/1‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫يدي�ه عىل اليسرى‪ ،‬وهذا ال‬


‫اليمن�ى‪ ،‬وكلت�ا َ‬
‫أصل له‪.‬‬
‫�ف؛ فإن�ه‬ ‫مس�ح أعلى ُ‬
‫الخ ِّ‬ ‫َ‬ ‫أي صف�ة‬
‫وعلى ِّ‬
‫جيزئ»(((‪.‬‬

‫المس�حِ ؛‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫م�د‬
‫َّ‬ ‫�ت‬
‫ْ‬ ‫انته‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫م�ن خل�ع خ َّف ِ‬
‫ي�ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪39‬‬
‫صحي�ح ‪-‬على الراج�ح‪ ،-‬م�ا مل‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫فوض�وؤه‬
‫آخر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بناقض َ‬ ‫ِ‬
‫ينتقض‬
‫واخت�اره ابن‬
‫َ‬ ‫وه�و مذهب احلس�ن وقت�ادة‪،‬‬
‫ِ‬
‫املنذر والنووي‪ ،‬وش�يخ اإلسلام ابن تيم َّية‪،‬‬
‫وابن عثيمني من املعارصين(((‪.‬‬
‫((( فتاوى ابن عثيمين (‪. )177/11‬‬
‫((( ينظر‪ :‬األوس�ط البن المن�ذر (‪ ،)457/1‬والمغن�ي (‪ ،)366/1‬والمجموع‬
‫(‪ ،)526/1‬واالختي�ارات الفقهي�ة الب�ن تيميَّة (ص‪ ،)15‬والش�رح الممتع‬
‫(‪.)263/1‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫يتوض�أ أوالً‬
‫املس�ح أن َّ‬ ‫د‬ ‫أرا‬ ‫إذا‬ ‫ِ‬
‫علي�ه‬ ‫لك�ن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قد َم ِيه‪ ،‬ث�م يل َب ُس‬ ‫يغس ُ�ل ِ‬
‫في�ه َ‬ ‫ال ِ‬ ‫وض�و ًءا كام ً‬ ‫ُ‬
‫وط السابقة‪.‬‬ ‫الش َ‬ ‫ف‪ ،‬و ُيراعي رُّ‬ ‫ُ‬
‫الخ َّ‬

‫إذا َلبِ َس خ ًّفا عىل ُخف؛ فله أحوال‪:‬‬


‫‪40‬‬
‫�س عليه آخر قبل‬ ‫�س خ ًّفا ثم َلبِ َ‬
‫األوىل‪ :‬إذا َلبِ َ‬
‫ي ِدث؛ فله َم ْس ُح أيهِّام شاء‪.‬‬ ‫أن حُْ‬
‫أحدث‪ ،‬ثم َلبِ َس عليه‬
‫َ‬ ‫الثانية‪ :‬إذا َلبِ َس خ ًّفا ثم‬
‫يتوض�أ؛ فاحلكم لألول‪ .‬أي‪ :‬إذا‬
‫آخر قبل أن َّ‬
‫مسح عىل األسفل‪،‬‬
‫يمس�ح بعد ذلك َ‬‫َ‬ ‫أرا َد أن‬
‫جيز أن يمسح عىل األعىل‪.‬‬
‫ومل ُ‬
‫ومسح عليه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ث‪،‬‬ ‫الثالثة‪ :‬إذا َلبِ َس ُخ ًّفا ثم َ‬
‫أحد َ‬
‫�س علي�ه آخر؛ فله مس�ح الث�اين ‪-‬عىل‬ ‫ث�م َلبِ َ‬
‫الق�ول الصحي�ح‪-‬؛ أل َّنه َلبِ َس�ه على طهارة‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الم ْسح من َم ْسح األول‪.‬‬


‫مدة َ‬
‫ويكون ابتدا ُء َّ‬
‫أيضا َم ْس ُح األول‪.‬‬
‫وله يف هذه احلالة ً‬
‫�ح‬
‫ف‪ ،‬و َم َس َ‬ ‫الرابع�ة‪ :‬إذا َلبِ َ‬
‫�س ُخ ًّف�ا على ُخ ٍّ‬
‫املدة عىل‬
‫األعىل ثم خل َعه‪ ،‬فهل يمس�ح بق َّي�ة َّ‬
‫األس�فل؟ نعم‪ ،‬جيوز أن يمس�ح عىل األسفل‬
‫املدة ِمن مس ِ‬
‫ْ�حه عىل األعىل‪ ،‬كام‬ ‫تنتهي َّ‬ ‫حت�ى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ظهر‬ ‫وما‬ ‫(أعلاه‬ ‫ف‬‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الخ‬ ‫ة‬‫ُ‬ ‫ه�ار‬ ‫لو ُك ِش� َطت ظِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫منه) فإ َّنه يمسح عىل بِطا َنتِه(((‪.‬‬

‫ّ‬
‫واخلف يف املسح‪:‬‬ ‫الجبرية‬
‫من الفروق بني َ‬
‫‪41‬‬
‫ف‬ ‫ُ‬
‫والخ ُّ‬ ‫ٍ‬
‫بعضو معَّي�نَّ ‪،‬‬ ‫ختت�ص‬
‫ُّ‬ ‫‪1.1‬اجلبرية ال‬
‫بالر ْج ِل‪.‬‬
‫خيتص ِّ‬‫ُّ‬
‫(( ( ينظر‪ :‬فتاوى ابن عثيمين (‪.)192/11‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الترضر‬
‫ُّ‬ ‫‪2.2‬ال جيوز املس�ح عىل اجلبيرة إال عند‬
‫ف فهو ُرخصة؛ فيجوز‬ ‫بن َْز ِعها‪ .‬بخالف ُ‬
‫الخ ّ‬
‫شق عليه نز ُعه أم ال‪.‬‬
‫املسح عليه سواء َّ‬
‫‪3.3‬جي�ب اس�تيعاب اجلبيرة باملس�ح؛ أل َّنه ال‬
‫�ف؛‬
‫الخ ّ‬ ‫رضر يف تعميمه�ا ب�ه‪ .‬بخلاف ُ‬
‫يشق‬
‫مس�ح عىل أعاله دون أسفله؛ أل َّنه ُّ‬ ‫ف ُي َ‬
‫تعميم مجيعه و ُي ِتلفه املسح‪.‬‬
‫بع�ض اجلبيرة يف ِّ‬
‫حم�ل الف�رض‬ ‫وإن كان ُ‬
‫وبعضه�ا يف غيره (كجبيرة موضوع�ة عىل‬
‫مسح ما حاذى َّ‬
‫حمل الفرض‪.‬‬ ‫القدم والساق)؛ َ‬
‫رط يف ج�واز املس�ح على اجلبيرة‬ ‫‪4.4‬ال ُيشت َ‬
‫ر ِّ‬
‫حمل ال َف ْ�رض إذا مل تكن هناك حاجة‬ ‫ست ُ‬
‫ر‬
‫ف؛ فيجب أن يست َّ‬ ‫لستره‪ .‬بخالف ُ‬
‫الخ ّ‬
‫ّ‬
‫حمل ال َف ْرض ِّ‬
‫(الرجلني مع الكع َبني)‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫الح َدثني األكرب‬


‫جائز يف َ‬
‫‪5.5‬املسح عىل اجلبرية ٌ‬
‫فيمس�ح عليها يف ال ُغس�ل كام‬
‫واألصغ�ر؛ َ‬
‫يتضرر بنزعها‪.‬‬
‫َّ‬ ‫يمس�ح يف الوضوء؛ أل َّنه‬
‫�ف؛ فال جي�وز املس�ح عليه‬ ‫بخلاف ُ‬
‫الخ ّ‬
‫احل�دث األصغ�ر‪ ،‬وجي�ب نز ُعه إذا‬‫َ‬ ‫إالَّ يف‬
‫أحدث حد ًثا أكرب‪.‬‬
‫َ‬
‫غير مؤ َّق�ت بوق�ت‬
‫‪6.6‬املس�ح على اجلبيرة ُ‬
‫معينَّ ؛ بل هو مؤ َّقت بالبرُ ء؛ فله أن يمسح‬
‫عليها م�ا دامت احلاجة داعي�ة إىل بقائها؛‬
‫ق�در بقدره�ا‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ألن مس�حها للضرورة ف ُي َّ‬
‫والضرورة تدع�و إىل مس�حها إىل وق�ت‬
‫�ف؛ فيمس�ح علي�ه‬ ‫َح ِّله�ا‪ .‬بخلاف ُ‬
‫الخ ّ‬
‫يو ًم�ا وليل�ة للمقيم وثالثة أي�ام ولياليه َّن‬
‫للمسافِر‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ 41‬فائدة يف أحكام الشتاء والمسح على الخفين‬

‫رتط هلا ال َّطهارة ‪-‬عىل القول‬‫‪7.7‬اجلبرية ال ُيش َ‬


‫الراج�ح‪-‬؛ فل�و َلبِس�ها وه�و ِ‬
‫محُْ�دث ثم‬ ‫َّ‬
‫ج�از له أن يمس�ح عليها‪ .‬بخالف‬ ‫توضأ َ‬
‫رط أن يلبس�ه على طهارة‬ ‫�ف؛ ف ُيشت َ‬
‫الخ ّ‬ ‫ُ‬
‫مائ َّية كاملة(((‪.‬‬

‫نسأل اهلل أن يف ِّق َهنا يف دينِنا‪ ،‬وأن يع ِّل َمنا ما‬


‫وهدى‪ ،‬وأن ُيعينَنا‬ ‫ينفعنا‪ ،‬وأن َ ِ‬
‫يزيدنا علْماً ُ‬ ‫ُ‬
‫وح ْس ِن عبا َدتِه‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ْر‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫وش‬ ‫ه‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫عىل ِ‬
‫ذ‬
‫رب العاملني‬
‫واحلمد هلل ِّ‬

‫((( ينظ�ر‪ :‬بدائع الصنائع للكاس�اني (‪ ،)14/1‬والمغني البن قدامة (‪،)356/1‬‬


‫واإلنصاف للمرداوي (‪ ،)193/1‬وحاشية ابن عابدين (‪ ،)280/1‬والشرح‬
‫الممتع البن عثيمين (‪ ،)250/1‬ومجموع فتاواه (‪.)174/11‬‬

‫‪54‬‬

You might also like