Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫مسيح العامل كله‬

‫لألب مىت املسكني‬


‫فلنبدأ رسالة امليالد اجلديد هلذا العام بأُنشودة بولس الرسول‪ ،‬الالهوتيةة‬
‫مبناها‪ ،‬اإلنسانية معناها‪ ،‬ذات الشموخ الذي ميتد مبعرفتنا للمسيح‪ ،‬لريسو هبا‬
‫على قواعد جديدة عالية إهلية وإنسانية معاً‪ ،‬ممتدة حة السةماو و اضر‬
‫كلها‪ ،‬وال حدود المتدادها‪ .‬بولس الرسول يتجاوز هنا وصفه للمسيح كل‬
‫معرفتنا التقليدية وألفاظنا املألوفة اليت طاملا تغنينا هبا عن املسيح املولود بية‬
‫حلم‪ ،‬كلمات الرسول هنا الزمة لنا هنا و هذه املناسبة لتهز أساسات التفكري‬
‫املنطقي‪ ،‬ولتوقظ وعي اإلنسان املسيحي‪ ،‬ح يتعرَّف أكثر على مسيحه املولود‬
‫بي حلم‪ ،‬مسيح العامل كله!!‬
‫‪)1(:02‬‬
‫الرسالة إىل كولوسي األصحاح األول من عدد ‪- 51‬‬
‫‪« - 11‬هو صورة اهلل الذي ال يُرى‪،‬‬
‫املولود قبل اخلالئق كلها( )‪.‬‬
‫‪ - 11‬ففيه خُلق كل شيو‬
‫مما السموات ومما على اضر ‪ ،‬ما يُرى وما ال يُرى‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫أأصحاب عروش كانوا أم سيادات أم رئاسات أم سالطني ‪ ،‬كل شيو‬

‫(‪ )1‬الطبعة الكاثوليكية احلديثة ببريوت‪.‬‬


‫( ) أي مولود غري خملوق‪ ،‬قبل اخلالئق وأعظم منها مجيعاً مبا فيها رتب املالئكة مجيعاً‪.‬‬
‫( ) أمساو الرتب املالئكية‪.‬‬
‫‪-1-‬‬
‫وله( )‬
‫خُلق به‬
‫‪ - 11‬كان قبل كل شيو وبه قوام كل شيو(‪)1‬‬

‫‪ - 11‬وهو أيضاً رأس اجلسد أي الكنيسة‪.‬‬


‫الذي هو البداوة وبكر القيامة من اضموات(‪)1‬‬

‫لتكون له اضولوية كل شيو‪.‬‬


‫‪ - 11‬فقد شاو اهلل أن حيل به امللو كله(‪)1‬‬

‫‪ - 2‬وبه شاو أن يصاحل كل موجود(‪،)1‬‬


‫سواو اضر أو السموات‪،‬‬
‫فهو الذي حقَّق السالم بدمه على الصليب»‪.‬‬
‫أفيقوا أيها السامعون‪ ،‬حنن هنا أمام أب البشرية كلها ورأسها اجلديةد‪ ،‬ددم‬
‫الثاين الذي ال بداية أيام له وال هناية‪ ،‬الذي حت أبوَّته ينطوي ددم اضول وينحين‬
‫مع كل ذريته‪ ،‬وكل اخلالئق تستقي من حنان أبوَّته ح هناية الدهور‪.‬‬
‫لقد حان الوق أن نتعرَّف على مسيح العامل كله‪.‬‬
‫كلنا عرفنا مسيح اضسرة امللتئمة حول أب تقي وأُم تقية‪،‬‬

‫( ) كل خليقة تستمد وجودها وبقاوها من املسيح‪ ،‬و املسيح ينتهي القصد من خلقتنا‪ ،‬فهو‬
‫املبدأ والنهاية‪ ،‬العلة والغاية لكل حياة ونظام‪.‬‬
‫(‪ )1‬كل خليقة تستمد وجودها وبقاوها من املسيح‪ ،‬و املسيح ينتهي القصد من خلقتنا‪ ،‬فهو‬
‫املبدأ والنهاية‪ ،‬العلة والغاية لكل حياة ونظام‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي مبدأ احلياة اضبدية وسببها فهو أول َمنْ قام وال قيامة إال به‪.‬‬
‫(‪ )1‬مبعىن ملو الالهوت الذي حلَّ اجلسد‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي أكمل الصلح واالنسجام بني اخلالئق معاً وبني اخلالئق واهلل‪ ،‬فقد صاحل السمائيني مع‬
‫اضرضيني‪ ،‬وصاحل السمائيني واضرضيني مع اهلل‪ .‬وهذه املصاحلة إمجالياً تشمل الطبةائع واضجنةاس‬
‫متهيداً للمصاحلة الفردية اليت ينبغي أن تتم بطاعة كل فرد للمسيح واغتسةاله بالةدم‪ ،‬دم الفةداو‬
‫والتكفري والتطهري‪.‬‬
‫‪- -‬‬
‫كلنا عرفنا مسيح اجلمعية ومسيح الكنيسة اجملتمعة حول كاهن صاحل‪.‬‬
‫وقد حان الوق أن نعرف مسيح الشارع‪ ،‬مسيح الناس‪ ،‬الناس كل النةاس‬
‫الذين عرفوه والذين مل يعرفوه‪ ،‬مسيح اضشرار واضبرار الصاحلني والطاحلني‪،‬‬
‫كل مدينة وقرية‪ ،‬كل شعب وأُمة‪ ،‬كل أحناو العامل ‪ ...‬مسيح العامل كله‪.‬‬
‫البي ‪ ،‬املسيح أكرب مةن صةالة اجلمعيةة‬ ‫املسيح أكرب من ركن الصالة‬
‫وصحن الكنيسة والكنائس كلها‪.‬‬
‫املسيح ال يرضى بأقل من العامل كله‪.‬‬
‫‪ -‬املسيح رفض أن يبقى سجني أسرة‪َ « :‬منْ هي أُمي و َمنْ هُم أخويت‪ ،‬مث‬
‫مدَّ يده حنو تالميذه وقال ها أُمي وأخويت‪ ،‬ضن كل َمنْ يصنع مشةيئة‬
‫أيب الذي السموات هو أخي وأُخيت وأُمي‪( ».‬م ‪ 1 :1‬و‪) 1‬‬
‫‪ -‬املسيح رفض أن يكون سجني تالميذه‪ ،‬وحِكراً على تابعيه ومريديةه‪:‬‬
‫«يا معلِّم رأينا واحداً يُخرج الشياطني بامسك فمنعناه ضنه لةيس يتبةع‬
‫معنا‪ .‬فقال له يسوع ال متنعوه ضن َمنْ ليس علينا فهو معنا‪( ».‬لةو ‪:1‬‬
‫‪) 1‬‬
‫‪ -‬املسيح رفض أن يكون سجني مبادئ وأفكار ودراو وأمساو‪« :‬كل واحد‬
‫منكم يقول أنا لبولس وأنا ضبُولُّس وأنا لصفا وأنا للمسيح‪ .‬هل انقسم‬
‫املسيح؟ ألعلَّ بولس صُلب ضجلكم أم باسم بولس اعتمدمت؟» (‪1‬كةو‬
‫‪ 1 :1‬و ‪)1‬‬
‫‪ -‬املسيح رفض أن يبقى سجني أماكن ومقدَّسات‪« :‬دباؤنا سةجدوا‬
‫هذا اجلبل وأنتم تقولون إنَّ أُورشليم املوضع الذي ينبغي أن يُسةجد‬

‫‪- -‬‬
‫فيه‪ .‬قال هلا يا امرأة صدِّقيين إنه تأيت ساعةٌ ال هةذا اجلبةل وال‬
‫أُورشليم تسجدون لآلب ‪ ...‬الساجدون احلقيقيون يسجدون لةآلب‬
‫بالروح واحلق‪( ».‬يو ‪) - 2 :‬‬
‫َمثلةل‬ ‫‪ -‬املسيح رفض أن يبقى سجني شيعة أو طائفة‪ ،‬كما أوضةحه‬
‫السامري الصاحل (لو ‪.) 1 - 2 :12‬‬
‫‪ -‬املسيح رفض أن يبقى سجني وطن أو شعب أو ختوم بالد أو أجناس أو‬
‫لون‪« :‬وتكونون يل شهوداً أُورشليم و كل اليهودية والسامرة وإىل‬
‫أقصى اضر ‪ .‬اذهبوا وتلمذوا مجيع اضُمم!!» (أع ‪1 :1‬؛ م ‪)11 : 1‬‬
‫فاآلن وقد عرفنا مسيح بي حلم مسيح اليهودية وأورشليم‪ ،‬فهل دن اضوان‬
‫أن نعرف مسيح بالد الدنيا كلها؟ املسيح الكامل مسيح مجيع اضُمم بال استثناو‬
‫وال متييز وال حتيُّز بني شيعة وأخرى أو طائفة وأخرى أو شةعب أو ختةوم أو‬
‫أجناس أو ألوان؟ «حيث ليس يهودي وال يوناين (اختالف اضجناس) ‪ -‬لةيس‬
‫ختان وغرلة (اختالف طقوس) ‪ -‬ليس بربري وسةكيثي (اخةتالف ثقافةة‬
‫وحضارة) ‪ -‬ليس عبدٌ وحر (اختالف اجتماعي وطبقي) ‪ -‬ليس ذكر وأنثةى‬
‫(اختالف جنسي) ‪ -‬بل املسيح الكل الكل‪( ».‬كو ‪)11 :‬‬
‫مسيح العامل كله وُِلدَ من أجل العامل كله ضنه أحب العامل كله‪ ،‬ومن أجةل‬
‫كل العامل سُفكَ دمه «وهو كفَّارة ليس خلطايانا فقط بل خلطايا كل الالا‬
‫أيضاً» (‪1‬يو ‪ ،) :‬فدمه ال ميكن أن يساوي أقل من العامل كله‪ .‬فلماذا حنصر‬
‫حب املسيح ونكتمه‪ ،‬وحنكم أنه ال يكفي إال لنا وملن يتبعنا فقط؟ ملاذا حنتكر دم‬
‫املسيح ضنفسنا فقط‪ ،‬ومننعه عن اآلخرين الذين ال يتبعوننا وكأننا اشتريناه بتقوانا‬
‫أو مببادئنا وحكمتنا ‪ ...‬ملاذا نرى خطايانا تُغسل دم املسيح جماناً وبسةهولة‪،‬‬

‫‪- -‬‬
‫وننكر على اآلخرين باعتداد وعناد هذا االغتسال والتطهري؟ مع أن املسةيح مل‬
‫جيعلنا قوَّامني على شرف دمه وال حنن أكثر من مغتسلني‪ ،‬والةدم قيةل عنةه‬
‫بصراحة شديدة ووضوح كا أنه كفَّارة «ليس خلطايانا فقط بل خلطايا كل‬
‫الاا أيضاً‪1( ».‬يو ‪!!) :‬‬
‫لقد عرفنا مسيح املعَتبَرين أهنم «بنو امللكوت» املدعوون الرمسيةون لعشةاو‬
‫املسيح وفلعَلة الساعة اضُوىل من الصباح‪ ،‬وعرفنا مسيح ”الكاتشيزم“ والنصوص‬
‫والقوانني واحلدود املوضوعة‪ .‬فهل دن اضوان أن نعرف أيضاً مسيح جهلة العامل‬
‫واملتجاهلني من شعوب اضر والتائهني شوارع الدنيا واضزقة وليس هلم من‬
‫حدود أو قيود وليس َمنْ يذكرهم أو يردهم؟‬
‫هل دن اضوان أن نعرف مسيح املاديني وامللحدين واملستهترين من شةباب‬
‫الدنيا الذين ملا مل جيدوا مسيحهم كنيسة أو أب صاحل أو قةدوة طيبةة‪،‬‬
‫املسيح الطيب الذي حييا هلم وبينهم وحيمل خطيتهم‪ ،‬أخذوا يبحثون الطبيعة‬
‫أو الغريزة أو املخدر علَّهم جيدون سالمهم املفقود!‬
‫هل دن اضوان أن نعرف مسيح هؤالو وأولئك‪ ،‬املسيح املتةألِّم املرفةو‬
‫واملهان‪ ،‬التائه شوارع املدينة وأزقتها‪« :‬اُخرج عاجالً إىل شةوارع املدينةة‬
‫وأزقتها ولأدْخِل إىل هنا املساكني واجلدع والعُرج والعُمي ‪( »...‬لو ‪) 1 :1‬‬
‫مسيح املرفوضني مبقتضى القوانني‪ ،‬واضنظمة‪ ،‬والتشريعات‪ ،‬واملعتربين أهنةم‬
‫خارج احلدود وخارج السياجات‪« :‬اُخرج إىل الطرق والسياجات وأللممم‬
‫بالدخول حىت ميتلئ بييت‪( ».‬لو ‪) :1‬‬
‫مسيح العشَّارين والزواين‪« :‬العشَّارون والزواين يسبقونكم إىل ملكوت اهلل‪».‬‬
‫(م ‪) 1 : 1‬‬

‫‪-1-‬‬
‫مسيح اضشرار والصاحلني‪« :‬فاذهبوا إىل مفارق الطرق وكل َمنْ وجةدمتوه‬
‫فادعوه إىل العُرس‪ .‬فخرج أولئك العبيد إىل الطرق‪ ،‬ومجعوا كل الذين وجدوهم‬
‫‪ 1 :‬و‪)12‬‬ ‫أشراراً وصاحلني‪ ،‬فامتأل العُرس من املتكئني‪( ».‬م‬
‫مسيح اخلطاة‪« :‬إنه دخل ليبي عند رجل خاطئ‪( ».‬لو ‪)1 :11‬‬
‫هل دن اضوان أن نئن على بقية أعضاو املسيح املهانة املفضوحة أحناو العامل‬
‫كله‪ ،‬اليت عرَّهتا اخلطيئة وعرَّاها الظلم وعرَّاها العقل البشةري‪ ،‬فتةربَّأت منةها‬
‫الكنيسة‪ ،‬مع أهنا جزو من الكنيسة ضهنا رسالتها رضي أو مل تر َ‪ ،‬فهي جزو‬
‫من املسيح ال ميكن أن يستحي به أو يتخلَّى عنه‪ ،‬ضنه جزو من دالمه ومن صليبه‬
‫ومن جمده!!‬
‫هل دن اضوان أن نستكمل معرفتنا بشكل املسيح احلقيقي الذي جيمع كةل‬
‫هذه البشرية نفسه وباضخص هذا اجلزو منه‪ ،‬القبةيح نظرنةا‪ ،‬املسةتهتر‬
‫والنجس والشنيع أعيننا‪ ،‬الذي به وبالرغم من وجوده يبقى املسيح مجيالً كما‬
‫هو‪ ،‬طاهراً كما هو‪ ،‬قدُّوساً بال عيب! أمل يُصلب من أجل الكل؟ أمل «حيمةل‬
‫خطايانا جسده» (‪1‬بط ‪ ) :‬على اخلشبة؟ أمل يغسل العامل كله بدمه ملا‬
‫ختضَّب به جسده‪ ،‬وجسده حنن والبشرية كلها؟ «وحنن بعد خطاة مات املسيح‬
‫ضجلنا» (رو ‪ .)1 :1‬فالصليب سابق لوجودنا‪ ،‬سابق إلمياننا‪ ،‬والةدم الةذي‬
‫سُفك مثناً لفداو اجلميع قد دُفع كله مقدَّماً قبل أن يدركه أحد وقبل أن يطالب‬
‫به إنسان!!‬
‫‪‬‬

‫فاآلن إن كنا نؤمن باملسيح الكامل‪ ،‬مسيح العامل كلةه‪ ،‬ددم الثةاين‪ ،‬أبةو‬
‫البشرية اجلديدة الذي تبىن طبيعة اإلنسان عامة‪ ،‬لتكون له خاصة فوُِلدَ هبا‪ ،‬ليعلن‬

‫‪-1-‬‬
‫فيها نفسه‪ ،‬وذُبح هبا ليقدِّسها ويقدِّمها ذبيحة لآلب‪ ،‬فصارت بواسطته خليقةة‬
‫جديدة‪ ،‬متبنَّاة‪ ،‬مصاللحة ومقبولة أمام اآلب‪ ،‬وصار هو هبا مسيح العامل كلةه‪،‬‬
‫مسيح الطبيعة البشرية قاطبة الذي «شاو اهلل أن حيل به امللو كله وبه شةاو أن‬
‫يصاحل كل موجود» (كو ‪ .)11 :1‬إن كنا نؤمن به كذلك ونؤمن أننةا بةه‬
‫متحدون‪ ،‬فقد أصبحنا مسئولني مبقتضى إمياننا هذا عن وحدة الطبيعة البشةرية‬
‫اليت املسيح بكل شعوهبا وأجناسها ولغاهتا وأدياهنا وعقائةدها وطوائفهةا‪،‬‬
‫مسئولني عن وحدهتا داخل قلبنا‪ ،‬داخل شعورنا وإمياننا وثقتنا‪ ،‬داخل وجودنةا‬
‫وكياننا املسيحي ‪ ...‬هذا إن كنا حقًّا املسيح‪ ،‬واملسيح فينا‪.‬‬
‫حنن ال يهمنا موقف هؤالو الناس من املسيح‪ ،‬ولكن الذي يهمنا هو موقف‬
‫املسيح منهم‪ ،‬ضن مثله متاماً ينبغي أن نكون حنن أيضاً‪ ،‬ضننا بةه متحةدون!!‬
‫فاملسيح مصلوب من أجل كل إنسان وبالتايل من أجل العةامل كلةه‪ ،‬وحنةن‬
‫«مصلوبون مع املسيح» ينبغي أن نكون كذلك مصلوبني معه من أجةل كةل‬
‫إنسان مهما كان موقفه من املسيح ومنا‪ ،‬وبالتايل من أجل العامل كله!‬
‫املسيح مات بيد مجاعة أظهروا حنوه عداوة قاتلة وأبغضوه ح املوت‪ ،‬ولكن‬
‫املسيح مل يبغضهم ضهنم جزو منه‪ ،‬لذلك فرح أن ميوت عنهم ليفديهم ويفةدي‬
‫العامل كله من املوت ومن لعنة العداوة والبغضة القاتلة!! هذه كان وال تةزال‬
‫أعلى درجة مفهوم احملبة العملية حنو العامل‪ ،‬وأعظم وسيلة جلمةع البشةرية‬
‫املتفرقة إىل واحد‪ .‬موت املسيح بيد أعداو له راضياً ومن أجلةهم كةان ذروة‬
‫الكرازة مبحبة اهلل‪ ،‬ضن مبوته امتص سم العداوة وغسل خطيةة العةامل‪ .‬واآلن‬
‫كرازتنا للعامل ستبقى عاجزة وغري ذات قوة إىل اللحظة اليت فيها نقبل أن منوت‬
‫ويُسفك دمنا مع دم املسيح‪ ،‬ال عن أحبائنا بل عن أعدائنا والغرباو عنةا وعةن‬
‫عقيدتنا‪ ،‬وعن كل الذين يبغضوننا وكل العامل‪ .‬وبذلك نشترك مع املسيح جمدداً‬

‫‪-1-‬‬
‫املوت عن العامل كل يوم‪ ،‬لقتل العداوة وكسر شوكة اخلطية ومجع املتفرقني‬
‫إىل واحد «من أجلك (ومعك) نُمات كل النهار وقد حُسبنا كغنم ذبةائح‪».‬‬
‫(رو ‪!) 1 :1‬‬
‫هذه هي ذروة الكرازة مبسيح العامل كله لوحدة شعوب العةامل وأجناسةه‪.‬‬
‫وهذه هي رسالة املسيحية اضُوىل والعُظمى العامل‪ :‬أن منوت من أجل العامل بال‬
‫متييز بني إنسان وإنسان ‪ ...‬هذه هي الرسالة اليت ظل متعطلةة وببوسةة‬
‫إطارات حديدية من اضنانية والطائفية والعنصرية والتعصُّب لألجناس واضديةان‬
‫والعقائد‪.‬‬
‫‪‬‬

‫كل سنة كنا نعيِّد مليالد املسيح‪ ،‬ولكنه كان ح اآلن مسيح اضسرة‪ ،‬مسيح‬
‫العقيدة املنحصرة ذاهتا‪ ،‬مسيح الفضالو واضتقيةاو‪ ،‬مسةيح ذوي البشةرة‬
‫البيضاو‪ .‬فهل دن اضوان يا أخوة أن نعيِّد مليالد مسيح كل العامل؟ مسيح كةل‬
‫عشرية تسمَّى على اضر و السماو من كل أُمة ولسةان وبشةرة سةوداو‬
‫وصفراو ومحراو؟ مسيح كل َمنْ ينادي باسم الرب ولةو مل يعرفةه؟ مسةيح‬
‫مساكني اضر الذين ال يعرفون مشاهلم من ميينهم؟ مسيح خراف العامل الضالة‬
‫واملشرَّدين شباناً وشابات‪ ،‬مسيح اخلطاة والعشَّارين والزواين وكل اجلالسني‬
‫الظلمة وظالل املوت يترقَّبون إشراق نور اخلالص‪.‬‬
‫بي حلم وصُلب فوق اجللجثة‪ ،‬مسيح‬ ‫فهذا هو املسيح احلقيقي الذي وُِلدَ‬
‫العامل كله ‪...‬‬
‫(عن جملة مرقس يناير ‪)5792‬‬

‫‪-1-‬‬
-1-

You might also like