Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 11

‫األصول الثالثة وأدلتها (مدققة على نسختين)‬

‫لشيخ اإلسالم محمد بن عبدالوهاب‬


‫بسم اهلل الرحمن‪ ,‬الرحيم‬
‫مسائل‪:1‬‬
‫َ‬ ‫اعلم رمحك اهلل أنه جيب علينا تعلم ِ‬
‫أربع‬
‫األولى‪ :‬العلم‪ ،‬وهو معرفة اهلل‪ ،‬ومعرفة نبيه‪ ،‬ومعرفة دين اإلسالم‬
‫باألدلة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬العمل به‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬الدعوة إليه‪.‬‬
‫الرابعة‪:‬الصبر‪ ,‬على األذى فيه‪.‬‬
‫ص ِر (‪ )1‬إِ َّن‬ ‫الرمحن الرحيم‪َ :-‬والْ َع ْ‬ ‫والدليل قوله تعاىل ‪-‬بسم اهلل‬
‫اص ْوا‪ H‬بِاحْلَ ِّق‬ ‫آمنُوا وع ِملُوا َّ حِل ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الصا َات َوَت َو َ‬ ‫َ ََ‬ ‫نسا َن لَفي ُخ ْس ٍر (‪ )2‬إاَّل الذ َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫اإْل َ‬
‫اص ْوا بِ َّ‬
‫الصرْبِ [العصر‪.]3-1H:‬‬ ‫َوَت َو َ‬
‫قال الشافعي‪- H‬رمحه اهلل تعاىل‪ ( :-‬لو ما أنزل اهلل حجة على خلقه إال‬
‫هذه السورة لكفتهم )‪.‬‬

‫‪ 1‬اعلم رمحك اهلل أن رسالة (ثالثة األصول وأدلتها) تبدأ من قول املصنف –رمحه اهلل‪ (( :-‬اعلم أرشدك اهلل لطاعته‬
‫أن احلنيفية ملة‪ ،))...‬وقد قام أحد تالميذ املصنف –رمحه اهلل‪ -‬بإحلاق رسالتني هبذا الكتاب جعلهما كاملقدمة له‪،‬‬
‫الرسالة األوىل هي املبدوءة بـ ((اعلم رمحك اهلل أنه جيب علينا تعلم أربع مسائل))‪ ،‬والثانية املبدوءة بقول املصنف‪:‬‬
‫((اعلم رمحك اهلل أنه جيب على كل مسلم ومسلمة‪ H‬تعلم هذه املسائل الثالث‪ )).‬وقد نبه على هذا ابن القاسم –‬
‫رمحه اهلل يف حاشيته (منقول‪ ،‬بتصرف)‪.‬‬
‫قبل القولِ والعملِ؛ والدليل‬
‫وقال البخاري رمحه اهلل تعاىل‪ ( :‬بابُ‪ :‬العلمِ َ‬
‫قوله تعاىل‪ :‬فَاعلَم أَنَّه اَل إِلَه إِاَّل اللَّه و ِ ِ‬
‫ك [حممد‪ ،]19:‬فبدأ بالعلم‬‫اسَت ْغف ْر ل َذنبِ َ‬
‫َُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ ُ‬
‫[قبل القول والعمل] )(‪.)2‬‬
‫اعلم رمحك اهلل أنه جيب على كل مسلمٍ ومسلمةٍ‪ ،‬تعلم هذه املسائل‬
‫ِ‬
‫الثالث‪ ،‬والعملُ‪ H‬هبنَّ‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أنَّ اهلل خلقنا‪ ،‬ورزقنا‪ ،H‬ومل يرتكنا مهالً‪ ،‬بل أرسل إلينا رسوالً‪،‬‬
‫اجلنة‪ ،‬ومن عصاه دخل النار‪ ،H‬والدليل قوله تعاىل‪ :‬إِنَّا‬ ‫فمن أطاعه دخل َّ‬
‫اهداً َعلَْي ُك ْم َك َما أ َْر َس ْلنَا إِىَل فِْر َع ْو َن َر ُسوالً (‪)15‬‬
‫أَرس ْلنا إِلَي ُكم رسوالً ش ِ‬
‫ْ ََ ْ ْ َُ َ‬
‫َخذاً َوبِيالً [املزمل‪.]16،15H:‬‬ ‫َخ ْذنَاهُ أ ْ‬‫ول فَأ َ‬ ‫صى فِْر َع ْو ُن َّ‬
‫الر ُس َ‬ ‫َف َع َ‬
‫الثانية‪ :‬أن اهلل ال يرضي أن يُشرك معه أحد يف عبادته‪ ،‬ال ملَك مقرب‪،‬‬
‫اج َ‪H‬د لِلَّ ِه فَاَل تَ ْدعُوا َم َع اللَّ ِه‬
‫َن الْمس ِ‬
‫وال نيب مرسل؛ والدليل قوله تعاىل‪َ :‬وأ َّ َ َ‬
‫َحداً [اجلن‪.]18:‬‬
‫أَ‬
‫ووحد اهلل ال جيوز له مواالة من حاد اهلل‬ ‫الثالثة‪ :‬أنَّ من أطاع الرسول‪َّ ،‬‬
‫ورسوله‪ ،‬ولو كان أقرب قريب؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬ال جَتِ ُد َق ْوماً يُ ْؤ ِمنُو َن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بِاللَّه َوالَْي ْو ‪H‬م اآْل خ ِر يُ َو ُّادو َن َم ْن َح َّاد اللَّهَ َو َر ُسولَهُ َولَ ْو َكانُوا آبَ ُ‬
‫اءه ْم أ َْو‬
‫ب يِف ُقلُوهِبِ ُم اإْلِ ميَا َن َوأَيَّ َد ُهم‬‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫أَبنَاءهم أَو إِخوا َنهم أَو ع ِشريَتهم أُولَئِ‬
‫ْ ُ ْ ْ َْ ُ ْ ْ َ َ ُ ْ ْ‬
‫َّات جَت ِري ِمن حَت تِها اأْل َْنهار خالِ ِد ِ‬
‫ِ‬
‫ين ف َيها َرض َي اللَّهُ‬ ‫َُ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫وح ِّمْنهُ َويُ ْد ِخلُ ُه ْم َجن ٍ ْ‬ ‫بُِر ٍ‬
‫ن [اجملادلة‪:‬‬ ‫ب اللَّ ِه ُه ُم الْ ُم ْفلِ ُحو َ‪H‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اللَّه أَاَل إِ َّن ح ْز َ‬
‫عْنهم ورضوا عْنه أُولَئِ َ ِ‬
‫ك حْز ُ‬ ‫َ ُ ْ ََ ُ َ ُ ْ‬
‫‪.]22‬‬
‫اعلم أرشدك اهلل لطاعته‪ :‬أن احلنيفية ملة إبراهيم‪ :‬أن تعبد اهلل وحده‪،‬‬
‫خملصاً له الدِّ‪H‬ين‪ ،‬وبذلك أمر اهلل مجيع النَّاسِ‪ ،‬وخلقهم هلا؛ كما قال تعاىل‪:‬‬
‫‪ 2‬ما بني معقوفني ليس يف ‪(( :‬البخاري))‪.‬‬
‫نس إِاّل لَِي ْعبُ ُد ِون [الذاريات‪ ،]56:‬ومعىن َِي ْعبُ ُد ِون ‪:‬‬
‫َ‬
‫قت اجلِ َّن َوا ِ‬
‫إل‬ ‫َو َما َخلَ ُ‬
‫يوحدون‪ ،‬وأعظم ما أمر اهلل به التوحيد‪ ،‬وهو‪ :‬إفراد اهلل بالعبادة‪ .‬وأعظم ما‬
‫هنى عنه الشرك‪ ،‬وهو‪ :‬دعوة غريه معه‪ ،‬والدليل قوله تعاىل‪َ :‬و ْاعبُ ُدوا اللَّه َوالَ‬
‫تُش ِر ُكوا‪ H‬بِِه َشيئاً [النساء‪.]36:‬‬
‫فإذا قيل لك‪ :‬ما األصول الثالثة اليت جيب على اإلنسان معرفتها؟‬
‫‪.‬‬ ‫فقل‪ :‬معرفة العبد ربه‪ ،‬ودينه‪ ،‬ونبيه حممد‪ًH‬ا‬

‫فإذا قيل لك‪:‬من ربك؟ فقل‪ :‬ريب اهلل الذي‪ H‬رباين ورىب مجيع العاملني‬
‫بنعمه‪ ،‬وهو معبودي ليس يل معبود سواه؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬احلَ ْم ُد للّ ِه‬
‫ب الْ َعالَ ِمنْي [الفاحتة‪.]2:‬وكلُّ من سوى اهلل عامل‪ ،‬وأن واحد من ذلك العامل‪.‬‬
‫َر ِّ‬
‫فإذا قيل لك‪ :‬مب عرفت ربك؟‬
‫فقل‪ :‬بآياته وخملوقاته‪ ،‬ومن آياته‪ :‬الليل‪ ،‬والنهار‪ ،‬والشمس‪ ،‬والقمر‪،‬‬
‫ومن خملوقاته‪ :‬السموات السبع‪ ،‬واألرضون السبع‪ ،‬ومن فيهن‪ ،‬وما بينهما؛‬
‫ِ ِِ‬
‫س َوالْ َق َم ُ‪H‬ر اَل تَ ْس ُج ُدوا‪H‬‬ ‫َّم ُ‬ ‫والدليل قوله تعاىل‪َ :‬وم ْن آيَاته اللَّْي ُل َوالن َ‬
‫َّه ُ‪H‬ار َوالش ْ‬
‫ن [فصلت‪:‬‬ ‫اس ُج ُدوا لِلَّ ِه الَّ ِذي َخلَ َق ُه َّن إِن ُكنتُ ْم إِيَّاهُ َت ْعبُ ُدو َ‬ ‫ِ‬
‫س َواَل ل ْل َق َم ِر َو ْ‬
‫َّم ِ‬ ‫ِ‬
‫للش ْ‬
‫ض يِف ِست َِّة أَيَّ ٍام‬ ‫السماو ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َواأل َْر َ‪H‬‬ ‫‪ ،]37‬وقوله تعاىل‪ :‬إ َّن َربَّ ُك ُم اللّهُ الذي َخلَ َق َّ َ َ‬
‫س َوالْ َق َمَر‬ ‫َّم‬‫الش‬ ‫و‬ ‫ا‬
‫ً‬ ‫يث‬‫مُثَّ اسَتوى علَى الْعر ِش ي ْغ ِشي اللَّيل النَّه ‪H‬ار يطْلُبه حثِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُُ َ‬ ‫ْ َ َ َْ ُ‬
‫ني [األعراف‪:‬‬
‫ِ‬ ‫والنُّجوم مس َّخر ٍ‬
‫ات بِأ َْم ِر ِه أَالَ لَهُ اخْلَْل ُق َواأل َْم ُر َتبَ َار َك اللّهُ َر ُّ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫َ ُ َ َُ َ‬
‫‪.]54‬‬
‫والرب هو‪ :‬املعبود؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬يأيُّها النَّاس اعب ُدوا ربَّ ُكم َِّ‬
‫الذي‪H‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ‬
‫اشا‬ ‫‪ِ H‬‬ ‫ين ِمن قَبل ُكم لَ َعلَّ ُكم َتَّت ُقو َن(‪ )21‬الّ ِذي َج َع َل لَ ُك ُم‬ ‫َخلَ َق ُكم َو ِّ‬
‫األرض فَر ً‬
‫َ‬ ‫الذ َ‬
‫السمآء بِنآء وأنز َل ِمن َّ ِ‬
‫آء ماَء فَأخرج بِِه ِمن الث ِ‬
‫َّمرات ِرزقًا لّ ُكم فَالَ‬ ‫الس َم َ ً َ َ‬ ‫َو َّ َ ً َ َ َ‬
‫جَت َعلُواْ لَلَّ ِه َ‬
‫أند ًادا َوأنتُم َت َعلُمو َن [البقرة‪ .]22،21:‬قال ابن كثري ‪-‬رمحه اهلل تعاىل‪:-‬‬
‫( اخلالق هلذه األشياء هو املستحق للعبادة )‪.‬‬
‫وأنواع العبادة اليت أمر اهلل هبا مثلُ‪ :‬اإلسالم‪ ،‬واإلميان‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬ومنه‪:‬‬
‫الدعاء‪ ،‬واخلوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والتوكل‪ ،‬والرغبة‪ ،‬والرهبة‪ ،‬واخلشوع‪ ،‬واخلشية‪،‬‬
‫واإلنابة‪ ،‬واالستعانة‪ ،‬واالستعاذة‪ ،‬واالستغاثة‪ ،‬والذبح‪ ،‬والنذر‪ ،‬وغريُ ذلك من‬
‫كلها هلل تعاىل؛ والدليل قوله تعاىل‪َ :‬و َّ‬
‫أن‬ ‫أنواع العبادةِ اليت أمر اهلل هبا‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫أحداً [اجلن‪.]18:‬‬ ‫املَ َساجد للَّه فَال تَدعُوا َم َع اللَّه َ‬
‫فمن صرف منها شيئاً لغري اهلل‪ ،‬فهو مشرك كافر؛ والدليل قوله تعاىل‪:‬‬
‫آخَر اَل بُْر َها َن لَهُ بِِه فَِإمَّنَا ِح َسابُهُ ِع َند َربِِّه إِنَّهُ اَل‬ ‫ِ‬
‫َو َمن يَ ْدعُ َم َع اللَّه إِهَل اً َ‬
‫يُ ْفلِ ُح الْ َكافُِرو َن [املؤمنون‪.]117:‬‬
‫ال َربُّ ُك ُم‬ ‫العبادة))‪ .‬والدليل قوله تعاىل‪َ :‬وقَ َ‬ ‫ويف احلديث‪(( :‬الدعاء مخُّ‬
‫َّم‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬‫ُ‬‫ل‬‫خ‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫يَستَ ْكرِب و َن َع ْن ِعبَ َاديِت‬ ‫ين‬ ‫ادعويِن أَست ِجب لَ ُكم إِ َّن الَّ ِ‬
‫ذ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ ْ‬ ‫ُْ‬
‫ِ‬
‫َداخ ِر َ‬
‫ين [غافر‪.]60:‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫[آل‬ ‫وه ْ‪H‬م َو َخافُون إِن ُكنتُم ُّم ْؤمن َ‬
‫ني‬ ‫ودليل اخلوفِ؛ قوله تعاىل‪ :‬فَالَ خَتَافُ ُ‬
‫عمران‪.] 175:‬‬
‫ودليل الرجاء؛ قوله تعاىل‪ :‬فَ َمن َكا َن َيْر ُجو لَِقاء َربِِّه‬
‫َف ْلَي ْع َم ْل َع َمالً‬
‫َحداً [الكهف‪.]110:‬‬ ‫أ‬ ‫صاحِل اً واَل ي ْش ِر ْك بِعِباد ِة ربِِّ‬
‫ه‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫[املائدة‪:‬‬ ‫ودليل التوكل؛ قوله تعاىل‪َ :‬و َعلَى اللّه َفَت َو َّكلُواْ إِن ُكنتُم ُّم ْؤمن َ‬
‫ني‬
‫‪ ،]23‬وقوله‪َ :‬و َمن َيَت َو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه َف ُه َو َح ْسبُهُ [الطالق‪.]3:‬‬
‫ودليل الرغبة‪ ،‬والرهبة‪ ،‬واخلشوع‪ ،‬قوله تعاىل‪ :‬إِنَّ ُه ْم َكانُوا يُسا ِرعُو َن يِف‬
‫َ‬
‫ني [األنبياء‪.]90H:‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اخْلَْيَرات َويَ ْدعُو َننَا َر َغباً َو َر َهباً َو َكانُوا لَنَا َخاشع َ‬
‫اخ َش ْويِن [البقرة‪.]150:‬‬
‫ودليل اخلشية؛ قوله تعاىل‪ :‬فَالَ خَت ْ َش ْو ُه ْ‪H‬م َو ْ‬
‫ودليل اإلتابة؛ قوله تعاىل‪ :‬وأنيبوا إىل ربكم وأسلموا له اآلية [الزمر‪.]45H:‬‬
‫ودليل االستعانة؛ قوله تعاىل‪ :‬إياك نعبد وإياك نستعني [الفاحتة]‪ ،‬ويف‬
‫احلديث‪(( :‬إذا استعنت فاستعن باهلل))‪.‬‬
‫ودليل االستعاذة؛ قوله تعاىل‪ :‬قل أعوذ برب الفلق(‪[ )1‬الفلق]‪ ،‬و قُ ْل‬
‫أَعُوذُ بَِر ِّ‬
‫ب الن ِ‬
‫َّاس [الناس‪.]1:‬‬
‫ِ‬
‫[األنفال‪:‬‬ ‫اب لَ ُك ْم‬ ‫ودليل االستغاثة؛ قوله تعاىل‪ :‬إِ ْذ تَ ْستَغيثُو َن َربَّ ُك ْم فَ ْ‬
‫استَ َج َ‬
‫‪.]9‬‬
‫ودليل الذبح؛ قوله تعاىل‪ :‬قل إنين هداين ريب إىل صراط مستقيم دينا‬
‫قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من املشركني (‪ )161‬قل إن صاليت‬
‫ونسكي وحمياي وممايت هلل رب العاملني(‪)162‬الَ َش ِر َ‬
‫يك لَهُ [األنعام‪ .]163:‬ومن‬
‫السنة‪(( :‬لعن اهلل من ذبح لغري اهلل))‪.‬‬

‫ودليل النذر قوله تعاىل‪ :‬يُوفُو َن بِالنَّ ْذ ِ‪H‬ر َوخَيَافُو َ‪H‬ن َي ْوماً َكا َن َشُّرهُ ُم ْستَ ِطرياً‬
‫[اإلنسان‪.]7:‬‬
‫األصل الثاني‬
‫معرفة دين اإلسالم باإلدلة وهو‪ :‬االستسالم هلل بالتوحيد‪ ،‬واالنقياد له‬
‫ثالث مراتب‪ :‬اإلسالم‪ ،‬واإلميان‪،‬‬
‫بالطاعة‪ ،‬والرباءة من الشرك وأهله‪ ،‬وهو ُ‬
‫شهادة أن ال إله إال‬
‫ُ‬ ‫وكل مرتبةٍ هلا أركان‪ .‬فأركان اإلسالم مخسة‪:‬‬
‫واإلحسان‪ُّ .‬‬
‫الزكاة‪ ،‬وصوم رمضانَ‪ ،‬وحج‬
‫ِ‬ ‫اهلل وأن حممداً‪ H‬رسول اهلل‪ ،‬وإقام الصالةِ‪ ،‬وإيتاء‬
‫بيت اهلل احلرام‪.‬‬

‫فدليل الشهادة قوله تعاىل‪َ :‬ش ِه َد اللّهُ أَنَّهُ الَ إِلَـهَ إِالَّ ُه َو َوالْ َمالَئِ َكةُ َوأ ُْولُواْ‬
‫يم [آل عمران‪.]18:‬‬ ‫الْعِْل ِم قَآئِماً بِالْ ِقس ِ‪H‬ط الَ إِلَـه إِالَّ هو الْع ِزيز احْل ِ‬
‫ك‬
‫َ َُ َ ُ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ومعناها‪ :‬ال معبود حبق إال اهلل‪ ،‬وحدُّ النفي من اإلثبات ((ال إله)) نافياً‬
‫ما يعبد من دون اهللِ (إال اهلل) مثبتاً العبادة هلل وحده ال شريك له يف عبادته‪،‬‬
‫كما أنه ليس له شريك يف ملكه‪.‬‬
‫يم أِل َبِ ِيه َو َق ْو ِم ِه إِنَّيِن‬ ‫وتفسريها الذي يوضحها قوله تعاىل‪ :‬وإِ ْذ قَ َ ِ ِ‬
‫ال إ ْبَراه ُ‬ ‫َ‬
‫َبَراء مِّمَّا َت ْعبُ ُدو َن (‪ )26‬إِاَّل الَّ ِذي‪ H‬فَطََريِن فَِإنَّهُ َسَي ْه ِدي ِن (‪َ )27‬و َج َعلَ َها َكلِ َمةً‬
‫بَاقِيَةً يِف َع ِقبِ ِه لَ َعلَّ ُه ْم َيْر ِجعُو َن [الزخرف‪ .]28-26:‬وقوله تعاىل‪ :‬قُ ْل يَا أ َْه َل‬
‫اب َت َعالَ ْواْ إِىَل َكلَ َم ٍة َس َواء َبْيَننَا َو َبْينَ ُك ْم أَالَّ َن ْعبُ َد إِالَّ اللّهَ َوالَ نُ ْش ِر َك بِِه‬
‫الْ ِكتَ ِ‬
‫ون اللّ ِه فَِإن َت َولَّْواْ َف ُقولُواْ‪ H‬ا ْش َه ُدواْ‬
‫ضنَا بعضاً أَرباباً ِّمن د ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫َشْيئاً َوالَ َيتَّخ َذ َب ْع ُ َ ْ ْ َ‬
‫بِأَنَّا ُم ْسلِ ُمو َن [آل عمران‪.]64:‬‬
‫ول ِّم ْن‬ ‫ودليل شهادة أن حممداً رسول اهلل؛ قوله تعاىل‪ :‬لََق ْد َجاء ُك ْم َر ُس ٌ‬
‫يم [التوبة‪H:‬‬
‫أَن ُف ِس ُكم ع ِزيز علَي ِه ما عنِتُّم ح ِريص علَي ُكم بِالْم ْؤ ِمنِني ر ُؤ ٌ ِ‬
‫وف َّرح ٌ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ْ َ ٌ َْ َ َ ْ َ ٌ َْ‬
‫‪ .]128‬ومعىن شهادة أنَّ حممدًا رسول اهلل‪ :‬طاعته فيما َأمَر‪ ،‬وتصديقه فيما‬
‫واجتناب ما هنى عنه وزجر‪ ،‬وأن ال يعبد اهلل إال مبا شرع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أخرب‪،‬‬
‫ودليل الصالة والزكاة‪ ،‬وتفسري التوحيد؛ قوله تعاىل‪َ :‬و َما أ ُِمروا إِاَّل‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬ ‫يموا‪ H‬الصَّاَل َة َويُ ْؤتُوا َّ‬
‫الز َكا َة َو َذل َ‬ ‫ِّين ُحَن َفاء َويُق ُ‬ ‫لَي ْعبُ ُدوا‪ H‬اللَّهَ خُمْلص َ‬
‫ني لَهُ الد َ‬
‫ين الْ َقيِّ َم ِة [البينة‪.]5:‬‬ ‫ِ‬
‫د‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫الصيَ ُام َك َما‬
‫ب َعلَْي ُك ُم ِّ‬ ‫ودليل الصيام؛ قوله تعاىل‪ :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُواْ ُكت َ‬
‫ين ِمن َقْبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم َتَّت ُقو َن َ [البقرة‪.]183:‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ب َعلَى الذ َ‬
‫ِ‬
‫ُكت َ‬
‫اع إلَ ِيه‬ ‫ِ‬ ‫ودليل احلج؛ قوله تعاىل‪ :‬ولِلَّ ِه علَى ِ ِ‬
‫الناس ح ُّج البَيِت‪ H‬م َن استَطَ َ‬ ‫َ‬
‫إن الَّله َغين ِعن ِ‬
‫ني [آل عمران‪.]97:‬‬
‫العالَم َ‬
‫َ‬ ‫َسبِيالً َو َمن َك َفَر فَ َّ َ‬
‫المرتبة الثانية‬
‫اإلميانُ؛ وهو‪ :‬بضع وسبعونَ شعبةً‪ ،‬فأعالها قول‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬وأدناها‬
‫َ‬
‫إماطة األذى عن الطريق‪ ،‬واحلياء شعبة من اإلميان‪.‬‬
‫وأركانه ستة‪(( :‬أن تؤمن باهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم‬
‫اآلخر‪ ،‬وبالقدر خيره شره))‪ .‬والدليل على هذه األركان‪ H‬الستة؛ قوله تعاىل‪:‬‬
‫ـك َّن الْرِب َّ َم ْن َآم َن‬ ‫وه ُكم قِبل الْم ْش ِر ِق والْم ْغ ِر ِ‬
‫ب ولَ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫لَّْي رِب‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫س الْ َّ أَن ُت َولواْ ُو ُج َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫بِاللّ ِه والْيوِ‪H‬م ِ‬
‫اآلخ ِر والْمآلئِ َك ِة والْ ِكتَ ِ‬
‫ني [البقرة‪ .]177:‬ودليل القدر‪ H‬قوله‬ ‫اب َوالنَّبِيِّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬
‫تعاىل‪ :‬إِنَّا ُك َّل َش ْي ٍء َخلَ ْقنَاهُ بَِق َد ٍر [القمر‪.]49:‬‬
‫المرتبة الثالثة‬
‫اإلحسانُ ركن واحد‪ ،‬وهو‪(( :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإن لم تكن‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ُهم‬ ‫تراه فإنه يراك ))‪ .‬والدليل قوله تعاىل‪ :‬إ َّن اللّهَ َم َع الذ َ‬
‫ين َّات َقواْ َّوالذ َ‬
‫الر ِحي ِم (‪ )217‬الَّ ِذي‪H‬‬ ‫حُّمْ ِسنُو َن [النحل‪ .]128:‬وقوله تعاىل‪َ :‬وَت َو َّك ْل َعلَى الْ َع ِزي ِز َّ‬
‫الس ِم ُ‪H‬‬
‫يع‬ ‫ين (‪ )219‬إِنَّهُ ُه َو َّ‬ ‫ير َاك ِحني َت ُقوم (‪ )218‬وَت َقلُّبك يِف َّ ِ ِ‬
‫الساجد َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫يم [الشعراء‪ 217:‬ـ‪ .]220‬وقوله تعاىل‪َ :‬و َما تَ ُكو ُن يِف َشأْ ٍن َو َما َتْتلُو ِمْنهُ ِمن‬ ‫الْعلِ‬
‫َ ُ‬
‫يضو َن فِ ِيه [يونس‪.]61:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُقر ٍ‬
‫آن َوالَ َت ْع َملُو َن م ْن َع َم ٍل إِالَّ ُكنَّا َعلَْي ُك ْم ُش ُهوداً إِ ْذ تُف ُ‬ ‫ْ‬
‫والدليل من السنة‪(( :‬حديث جربيل)) املشهور عن عمر بنِ اخلطاب ‪-‬‬
‫‪-‬قال‪ ( :‬بينما حنن جلوس عند النيب ‪- -‬إذ طلع علينا رجل شديد‬
‫بياض الثِّياب‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ ،‬ال يُرى عليه أثر السفر‪ ،‬وال يعرفه منا‬
‫أحد‪ ،‬فجلس إىل النيب ‪ ،‬فأسند ركبتيه إىل ركبتيه‪ ،‬ووضع‪ H‬كفيه على‬
‫فخذيه‪ ،‬وقا ل‪ :‬يا حممد أخربين عن اإلسالم‪ .‬قال‪(( :‬أن تشهد أن ال إله إال‬
‫اهلل وأن حممداً رسول اهلل‪ ،‬وتقيم الصالة وتؤيت الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪،‬‬
‫وحتج البيت‪ H‬إن استطعت إليه سبيال))‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ .‬فعجبنا له يسأله‬
‫ويصدقه‪ .‬قال‪ :‬أخربين عن اإلميان‪ .‬قال‪(( :‬أن تؤمن باهلل ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪،‬‬
‫ورسله‪ ،‬واليوم‪ H‬اآلخر‪ ،‬وبالقدر خريه وشره))‪ .‬قال‪ :‬أخربين عن اإلحسان‪.‬‬
‫قال‪(( :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه فإن مل تكن تراه فإنه يراك))‪ .‬قال‪ :‬أخربين‬
‫عن الساعة‪ .‬قال‪(( :‬ما املسؤول عنها بأعلم من السائل ))‪ .‬قال‪ :‬فأخربين عن‬
‫أماراهتا‪ .‬قال‪(( :‬أن تلد األمة ربتها‪ ،‬وأن ترى احلفاة العراة العالة رعاء الشاء‬
‫يتطاولون يف البنيان))‪ .‬قال‪ :‬فمضى‪ ،‬فلبثنا ّ‬
‫ملياً‪ .‬فقال‪(( :‬يا عمر أتدرون من‬
‫السائل؟)) قلنا‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪(( :‬هذا جربيل أتاكم يعلمكم أمر‬
‫دينكم))‪.‬‬
‫األصل الثالث‬
‫معرفة نبيكم حممد‪ ، H‬وهو حممد‪ H‬بن عبداهلل بن عبداملطلب بن هاشم‪،‬‬
‫ذرَّية إمساعيل بن إبراهيم‬ ‫وهاشم من قريش‪ ،‬وقريش من العرب‪ ،‬والعرب من ِّ‬
‫ثالث وستون‬ ‫اخلليل ‪-‬عليه وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم‪ ،-‬وله من العمر‪ٌ H‬‬
‫نبيا رسوال‪ .‬نىبء بـ ا ْقَرأْ‬ ‫سنةً‪ ،‬منها أربعون قبل النبوة‪ ،‬وثالث وعشرون ًّ‬
‫وأرسل بـ الْ ُمدَّثِّ ُ‪H‬ر ‪ ،‬وبلده مكة‪ ،‬وهاجر إىل املدينة‪ ،‬بعثه اهلل بالنذارة‪ H‬عن‬
‫الشرك‪ ،‬ويدعو إىل التوحيد؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬يا أَيُّها الْمدَّثِّ ‪H‬ر (‪ )1‬قُم فَأ ِ‬
‫َنذ ْر‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫الر ْجَز فَ ْاه ُج ْر (‪َ )5‬واَل مَتْنُن تَ ْستَ ْكثُِر‬ ‫ك فَ َكِّب ْر (‪َ )3‬وثِيَابَ َ‬
‫ك فَطَ ِّه ْر (‪َ )4‬و ُّ‬ ‫(‪َ )2‬و َربَّ َ‬
‫َنذ ْر ‪ :‬ينذر عن الشرك‪ ،‬ويدعو إىل‬ ‫(‪ )6‬ولِربِّك فَاصرِب ‪[ H‬املدثر‪1:‬ـ‪ .]7‬ومعىن قُم فَأ ِ‬
‫ْ‬ ‫ََ َ ْْ‬
‫ك فَطَ ِّه ْر ‪ ،‬أي‪ :‬طهر‬ ‫ك فَ َكِّب ْر ‪ ،‬أي‪ :‬عظمه بالتوحيد‪َ .‬وثِيَابَ َ‬ ‫التوحيد‪َ .‬و َربَّ َ‬
‫الر ْجَز فَ ْاه ُج ْر ‪ ،‬الرجز‪ :‬األصنام‪ ،‬وهجرها‪ :‬تركها‪،‬‬ ‫أعمالك من الشرك‪ .‬و َو ُّ‬
‫وأهلها‪ ،‬أخذ على هذا عشر سننيَ يدعو إىل التوحيد‪ ،‬وبعد‬ ‫ِ‬ ‫والرباءة منها‬
‫س‪ ،‬وصلى يف مكة‬ ‫اخلْم ُ‬‫وفِرضَت عليه الصلوات َ‬ ‫ج به إىل السماء‪ُ ،‬‬ ‫العشر ُعِر َ‬
‫ثالث سنني‪ ،‬وبعدها أمر باهلجرة إىل ((املدينة))‪ ،‬واهلجرة االنتقال من بلد‬
‫الشرك إىل بلد اإلسالم‪.‬‬
‫واهلجرة فريضة على هذه األمة من بلد الشرك إىل بلد اإلسالم‪ ،‬وهي‬
‫اه ُم الْ َمآلئِ َكةُ‬ ‫باقية إىل أن تقوم الساعة؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬إِ َّن الَّ ِ‬
‫ين َت َوفَّ ُ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ض قَالْ َواْ أَمَلْ تَ ُك ْن‬‫ني يِف األ َْر ِ‬ ‫ظَالِ ِمي أَْن ُف ِس ِهم قَالُواْ‪ H‬فِيم ُكنتم قَالُواْ ُكنَّا مست ِ‬
‫ض َعف َ‬ ‫ُ َْ ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ‬
‫صرياً‪)97( H‬‬ ‫اءت م ِ‬ ‫ْ‬ ‫اجرواْ فِيها فَأُولَـئِ‬ ‫أَرض اللّ ِه و ِاسعةً َفته ِ‬
‫َّم َو َس ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫م‬‫اه‬
‫ُ‬
‫َ ْ‬ ‫و‬‫أ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫ِّساء‪َ H‬والْ ِولْ َد ِ‪H‬ان الَ يَ ْستَ ِطيعُو َن ِحيلَةً َوالَ َي ْهتَ ُدو َن‬ ‫ني ِمن ِّ ِ‬ ‫إِالَّ الْمست ْ ِ‬
‫الر َجال َوالن َ‬ ‫ض َعف َ‪َ H‬‬ ‫ُ َْ‬
‫غ ُفوراً [النساء‪:‬‬ ‫ك َع َسى اللّهُ أَن َي ْع ُف َو َعْن ُه ْم َو َكا َن اللّهُ َع ُف ّواً َ‬ ‫َسبِيالً (‪ )98‬فَأ ُْولَـئِ َ‬
‫اعب ُد ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ 97‬ـ‪ .]99‬وقوله تعاىل‪ :‬يا ِعب ِاد َّ ِ‬
‫ون‬ ‫اي فَ ْ ُ‬ ‫ين َآمنُوا إ َّن أ َْرضي َواس َعةٌ فَإيَّ َ‬ ‫ي الذ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫[العنكبوت‪ .]56:‬قال البغوي ‪-‬رمحه اهلل‪ ( :-‬سبب نزول هذه اآلية يف املسلمني‬
‫الذين يف مكة مل يهاجروا‪ ،‬ناداهم اهلل باسم اإلميان)‪.‬‬
‫‪(( :‬ال تنقطع اهلجرة حىت تنقطع‬ ‫والدليل على اهلجرة من السنة قوله‬
‫التوبة‪ ،‬وال تنقطع التوبة حىت تطلع الشمس من مغرهبا))‪.‬‬
‫كاة‪،‬‬
‫الز ِ‬
‫اإلسالم‪ ،‬مثل‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شرائع‬ ‫ببقيِة‬
‫فلما استقر يف ((املدينة)) ُأِمَر َّ‬
‫املنكر‪،‬‬
‫واحلج‪ ،‬واألذانِ‪ ،H‬واجلهادِ‪ ،‬واألمرِ باملعروفِ‪ ،‬والنهيِ‪ H‬عن ِ‬‫ِّ‬ ‫والصَّ‪H‬ومِ‪،‬‬
‫سنني‪ ،‬وبعدها تويف‬
‫وغري ذلك من شرائع اإلسالم‪ ،‬أخذ على هذا عشر َ‬ ‫ِ‬
‫دل األمة عليه‪،‬‬‫باق‪ ،‬وهذا دينه‪ ،‬ال خري إال َّ‬ ‫‪-‬صالة اهلل وسالم عليه‪ -‬ودينه ٍ‬
‫دهلا عليه‪ :‬التوحيد‪ ،‬ومجيع ما حيبه اهلل‬
‫وال شر إال حذرها منه‪ ،‬واخلري الذي‪َّ H‬‬
‫اهلل ويأباه‪ ،‬بعثه‬ ‫يكره ُ‬
‫ويرضاه‪ ،‬والشر‪ H‬الذي‪ H‬حذرها منه‪ :‬الشرك‪ ،‬ومجيع ما ُ‬
‫اهلل إىل الناسِ كافةً‪ ،‬وافرتض طاعته على مجيع الثقلني‪ :‬اجلن واإلنس؛ والدليل‪H‬‬
‫ول اللّ ِه إِلَْي ُك ْم مَجِ يعاً [األعراف‪.]158:‬‬ ‫َّاس إِيِّن َر ُس ُ‬
‫قوله تعاىل‪ :‬قُ ْل يَا أَيُّ َها الن ُ‬
‫ِ‬
‫ت لَ ُك ْم دينَ ُك ْم َوأَمْتَ ْم ُ‬
‫ت‬ ‫وكمَّل اهلل به الدِّ‪H‬ي َن؛ والدليل قول تعاىل‪ :‬الَْي ْو َم أَ ْك َم ْل ُ‬
‫يت لَ ُك ُم ا ِإل ْسالَ َم ِديناً [املائدة‪.]3:‬والدليل على موته قوله‬ ‫َعلَْي ُك ْم نِ ْع َميِت َو َر ِض ُ‪H‬‬
‫ت َوإِنَّ ُهم َّميِّتُو َن (‪ )30‬مُثَّ إِنَّ ُك ْم َي ْو َم الْ ِقيَ َام ِة ِع َند َربِّ ُك ْم‬ ‫تعاىل‪ :‬إِنَّ َ‬
‫ك َميِّ ٌ‬
‫ص ُمو َ‪H‬ن [الزمر‪.]31،30:‬‬ ‫خَت ْتَ ِ‬

‫والناس إذا ماتوا يبعثون؛ والدليل قوله تعاىل‪ِ :‬مْن َها َخلَ ْقنَا ُك ْم َوفِ َيها‬
‫ُخَرى [طه‪ ،]55:‬وقوله تعاىل‪َ :‬واللَّهُ أَنبَتَ ُكم ِّم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نُعي ُد ُك ْ‪H‬م َومْن َها خُنْ ِر ُج ُك ْم تَ َار ًة أ ْ‬
‫ض َنبَاتاً (‪ )17‬مُثَّ يُعِي ُد ُك ْ‪H‬م فِ َيها َوخُيْ ِر ُج ُك ْم إِ ْخَراجاً [نوح‪ .]18،17:‬وبعد‬ ‫اأْل َْر ِ‪H‬‬
‫البعث‪ H‬حماسبون وجمزيون بأعماهلم؛ والدليل قول تعاىل‪ :‬ولِلَّ ِه َما يِف‬
‫َ‬
‫ض لِيج ِزي الَّ ِذين أَساؤوا مِب ا ع ِملُوا وجَي ِز َّ ِ‬ ‫يِف‬ ‫َّ ِ‬
‫ين‬
‫ي الذ َ‬ ‫الس َم َاوات َو َما اأْل َْر ِ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ‬
‫َح َسنُوا بِاحْلُ ْسىَن [النجم‪ .]31:‬ومن كذَّب بالبعث كفر؛ والدليل قوله تعاىل‪:‬‬ ‫أْ‬
‫ين َك َف ُروا أَن لَّن يُْب َعثُوا قُ ْل َبلَى َو َريِّب لَتُْب َعثُ َّن مُثَّ لَُتنََّب ُؤ َّن مِب َا َع ِم ْلتُ ْم‬ ‫َّ ِ‬
‫َز َع َم الذ َ‬
‫ك َعلَى اللَّ ِه يَ ِسريٌ [التغابن‪.]7:‬‬ ‫ِ‬
‫َو َذل َ‬
‫وأرسل اهلل مجيع الرسل مبشرين ومنذرين؛ والدليل قوله تعاىل‪ُّ :‬ر ُسالً‬
‫الر ُس ِ‬
‫ل [النساء‪.]165:‬‬
‫ين لِئَالَّ يَ ُكو َن لِلن ِ‬
‫َّاس َعلَى اللّ ِه ُح َّجةٌ َب ْع َد ُّ‬ ‫ر‬ ‫ُّمب ِّش ِرين وم ِ‬
‫نذ ِ‬
‫َ َ َُ َ‬
‫وأوهلم نوح عليه السالم‪ ،‬وآخرهم حممد‪ H‬وهو خامت النبيِّني؛ والدليل‬
‫ك َك َما أ َْو َحْينَا إِىَل نُ ٍ‬
‫وح‬ ‫نوح قوله تعاىل‪ :‬إِنَّا أ َْو َحْينَا إِلَْي َ‬‫على أن أوهلم ٌ‬
‫ني ِمن َب ْع ِد ِه [النساء‪.]163:‬‬
‫َوالنَّبِيِّ َ‬
‫وكل أمة بعث اهلل إليهم رسوالً من نوحٍ إىل حممد‪ H‬يأمرهم بعبادة اهلل‬
‫وحده‪ ،‬وينهاهم عن عبادة الطاغوت؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬ولََق ْد َب َع ْثنَا يِف‬
‫َ‬
‫ُك ِّل أ َُّم ٍة َّرسوالً أ َِن ْاعب ُدواْ‪ H‬اللّه و ِ‬
‫وت [النحل‪ .]36:‬وافرتض اهلل‬ ‫اجتَنبُواْ الطَّاغُ َ‬
‫ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫على مجيع العباد الكفر بالطاغوت‪ ،‬واإلميان باهلل‪ .‬قال ابن القيم‪- H‬رمحه اهلل‬
‫تعاىل‪( :-‬معىن الطاغوت ما جتاوز به العبد حده من معبود‪ ،‬أو متبوع‪ ،‬أو‬
‫مخسة‪ :‬إبليس لعنه اهلل‪ ،‬ومن عبد‬ ‫مطاع)‪ .‬والطواغيت كثريون‪ ،‬ورؤوسهم‪ٌ H‬‬
‫وهو راض‪ ،‬ومن دعا الناس إىل عبادة نفسه‪ ،‬ومن َّادعى شيئاً من علم‬
‫الغيب‪ ،‬ومن حكم بغري ما أنزل اهلل؛ والدليل قوله تعاىل‪ :‬الَ إِ ْكَر َاه يِف الدِّي ِن‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَد تَّبنَّي ُّ ِ‬
‫ك‬ ‫الر ْشد من الْغَي فَ َمن يَ ْك ُف ْر بالطَّاغُوت َويُ ْؤمن بِاللّه َف َقد ْ‬
‫استَ ْم َس َ‬ ‫ََ‬
‫يم [البقرة‪ .]256H:‬وهذا هو معىن ((ال‬ ‫بِالْعرو ِة الْو ْث َقى اَل انَِفصام هَل ا واللّه مَسِ يع علِ‬
‫َ َ َ ُ ٌ َ ٌ‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫إله إال الله))‪ ،‬ويف احلديث‪(( :‬رأس األمر اإلسالم‪ ،‬وعموده الصالة‪َ ،‬وِذرَْوُة‬
‫اجلهاد يف سبيل الله))‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سنامه‬
‫واهلل أعلم‪ .‬وصلى اهلل على حممد‪ H‬وآله وصحبه وسلَّم‪.‬‬
‫متت األصول الثالثة‪.‬‬

You might also like