Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 34

‫المملكة العربية السعودية‬

‫و ازرة التعليم‬
‫جامعة الملك عبد العزيز‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬
‫الماجستير النوعي للخدمة االجتماعية‬

‫التأثيرات المتبادلة بين السلوك اإلنساني والبيئة‬


‫االجتماعية في مرحلة المراهقة‬

‫إعداد‬
‫‪ -2‬الطالب ‪ /‬علي أحمد بن عفتان‬ ‫‪ -1‬الطالب‪ /‬فايز علي ال فرج‬
‫‪ -4‬الطالب ‪ /‬طالل محمد الزبيدي‬ ‫‪-2‬الطالب‪ /‬علي إدريس عسيري‬
‫‪ -5‬الطالب‪ /‬محمد صالح ال رزق‬

‫اشراف‬
‫أ‪.‬د‪/‬أحمد فرغلي‬

‫الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي‬


‫‪1441‬هـ ‪ 1442 -‬هـ‬

‫‪1‬‬
‫الفهرس‬
‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬ ‫الترتيب‬
‫‪3‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫تحديد المفاهيم‬ ‫‪2‬‬
‫‪5‬‬ ‫الفرق بين الم ارهقة والبلوغ‬ ‫‪3‬‬
‫‪5‬‬ ‫اقسام الم ارهقه‬ ‫‪4‬‬
‫‪6‬‬ ‫اإلتجاهات المفسرة لمرحلة المراهقة‬ ‫‪5‬‬
‫‪8‬‬ ‫أنماط المراهقة‬ ‫‪6‬‬
‫‪10‬‬ ‫معالم النمو‬ ‫‪7‬‬
‫‪18‬‬ ‫النمو اإلدراكي ‪ /‬المعرفي وسلوك المراهقين‬ ‫‪8‬‬
‫نظرية بياجيه‪-‬نظرية تشغيل المعلومات‬

‫‪19‬‬ ‫حاجات المراهقين في السلوك اإلنساني‬ ‫‪9‬‬


‫‪23‬‬ ‫مشكالت المراهقين في بيئتهم اإلجتماعية‬ ‫‪10‬‬
‫‪29‬‬ ‫رعاية المراهق‬ ‫‪11‬‬
‫‪32‬‬ ‫المراهق السلوك العدواني‬ ‫‪12‬‬
‫‪33‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫‪13‬‬
‫‪34‬‬ ‫المصادر والمراجع‬ ‫‪14‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬

‫تعتبر مرحلة المراهقة من أهم وأخطر المراحل التي يمر بها اإلنسان ضمن أطوار حياته‬
‫المختلفة التي تتسم بالتجديد المستمر‪ ،‬وهي من أكثرها تأثي اًر على سلوكياته المختلفة‪ ،‬وتعتبر أساساً‬
‫لما يتبعها من مراحل ُعمرية أخري‪ ،‬فهي تستحوذ على أهتمام كثير من الناس فهي تهم‬ ‫مهماً َّ‬
‫المراهقين أنفسهم ليتفهموا على أنفسهم‪ ،‬وتهم اآلباء واألمهات والمربيين ليفهموا طبيعة المرحلة وكيفية‬
‫التعامل معها‪ ،‬فاآلباء واألمهات يعانون في هذه المرحلة‪ ،‬وذلك لشيوع عدد من األنماط السلوكية التي‬
‫التمرد‪،‬‬
‫تعتبر سمة ُمميزة للمراهقين في هذه المرحلة‪ ،‬مثل الرغبة في اإلستقاللية‪ ،‬والمغامرة‪ ،‬والعناد‪ ،‬و َّ‬
‫والرغبة في اإلختالف‪ ،‬وغيرها من السلوكيات التي ليس من السهل التعامل معها‪.‬‬
‫المراهقة من المراحل الخ ِطرة التي يعيشها اإلنسان‪ ،‬بل قد تكون األخطر من‬ ‫وتُعتبر مرحلة ُ‬
‫الرشد‪ ،‬ضمن تغييرات جديدة ُمتعّلقة‬ ‫طفولة إلى ُّ‬‫اإلنسان فيها من مرحلة ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ينتقل‬
‫ُ‬ ‫بين ُك ّل المراحل‪ ،‬إذ‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫صراعات الخارجية و ّ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان فيها للكثير من ال ّ‬
‫ُ‬ ‫يتعرض‬
‫النمو المختلفة‪ ،‬كما ّ‬
‫بجوانب ّ‬
‫يرتبط بمرحلة الم ارهقة العديد من القضايا والعناصر التي يحاول هذا البحث المرور عليها‬
‫وتعريفها وتوضيحها‪ ،‬حيث يتناول الباحث تعريف المراهقة‪ ،‬وأقسامها‪ ،‬وأهم معالمها وسمات النمو لها‬
‫جسمياً‪ ،‬ومعرفياً‪ ،‬وعاطفياً‪ ،‬وأخالقياً‪ ،‬وروحياً‪ ،‬ويتناول تكوين الهوية لدي المراهق في هذه المرحلة‪،‬‬
‫ومختلف العوامل التي قد يكون لها تأثير عليها مثل األقران‪ ،‬واألسرة‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬ويتناول أبرز المشاكل‬
‫المراهقون؟ مثل سلوك العنف أو الجنوح الذي قد يظهر عند بعض المراهقين‪ ،‬والمشاكل‬
‫التي يواجهها ُ‬
‫المتعلقة بالتغذية مثل فقدان الشهية‪ ،‬والشره المرضي العصبي‪ ،‬وقضية صورة الجسد‪ ،‬والهوية‪ .‬ألخ‪.‬‬
‫تُعتبر مرحلة المراهقة مرحلة هامة وحساسة من الناحية االجتماعية‪ ،‬كونها هي المرحلة التي‬
‫يتعلم فيها المراهق تحمل المسؤوليات االجتماعية وتكوين أفكاره عن الحياة األسرية‪ ،‬فضالً عن أنها‬
‫المرحلة التي يبحث فيها المراهق لنفسه عن مكان مهم في المجتمع ليصبح شخصاً ُمستقالً إجتماعياً‪،‬‬
‫لذلك يبرز دور الخدمة االجتماعية لبذل أفضل الجهد وأصدقه من أجل إعداد المراهق لمرحلة‬
‫المراهقة ومساعدته في التغلب على مشكالتها بحيث تجعله يتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الطالب ‪ /‬فايز بن علي ال فرج‬
‫تحديد المفاهيم‪:‬‬
‫‪ /1‬الم ارهقة‪ :‬فترة من الحياة الفرد التي تبدأ في نهاية طفولته وتنتهي عند بداية بلوغه وهي فترة‬
‫انتقالية‪ ،‬فيبدأ المراهق خالل هذه الفترة باالستقالل عن أسرته إلى أن يصبح شخصا مستقال يكفي‬
‫ذات ــه‪ ،‬فالم ارهـ ــقة لها فترة تخ ــتلف من ف ــرد ألخر‪( .‬برناند‪1996 .‬م‪.)50 .‬‬
‫والمراهقة هي‪ (:‬مرحلة النمو المتوسطة ما بين سن البلوغ وسن الرشد‪ ،‬وتحيط بها أزمات ناشئة عن‬
‫(العمار‪1972 .‬م‪ .‬ص‪.)362‬‬
‫َّ‬ ‫التغيرات الفسيولوجية والتأثيرات النفسية واإلجتماعية‪.‬‬
‫‪ /2‬البيئة‪ :‬يعرفها أحمد شفيق على أنها تلك العوامل الخارجية التي يستجيب لها الفرد أو المجتمع‬
‫بأسره استجابة عقلية أو اجتماعية‪ ،‬كالعوامل الجغرافية والمناخية من سطح ونبات وموجودات وح اررة‬
‫ورطوبة والعوامل الثقافية التي تسود المجتمع والتي تؤثر في حياة الفرد والمجتمع وتشكلها وتطبعها‬
‫بطابع معين‪( .‬جمال الدين‪2003 .‬م‪.)57 .‬‬
‫‪ /3‬التربية البيئية‪ :‬جهد تعليمي موجه أو مقصود نحو التعرف‪ ،‬وتكوين المدركات لفهم العالقات‬
‫المعقدة بين اإلنسان وبيئته‪ ،‬بأبعادها االجتماعية والثقافية واالقتصادية والبيولوجية‪( .‬أحمد‪1986.‬م‪.‬‬
‫‪.)46‬‬
‫وهي مجموعة الجهود المنظمة والمتكاملة التي تبذلها األجهزة المعنية في دولة ما في قطاع‬
‫التربية والتعليم‪ ،‬أو قطاع اإلعالم والتوعية‪ ،‬أو جمعيات النفع العام التي تسهم في عملية التربية سواء‬
‫في شكلها المقصود أو غير المقصود‪( .‬على واالنصاري‪2009 .‬م‪.)201.‬‬
‫‪ /4‬السلوك البيئي‪ :‬هو كل ما يصدر من الفرد من أفعال وتصرفات وممارسات‪ ،‬الظاهرة والباطنة‪،‬‬
‫عقلية معرفية‪ ،‬مزاجية انفعالية‪ ،‬نفسية حركية‪ ،‬حيوية‪ ،‬عصبية‪ ،‬وفيزيولوجية استجابة للسياق الذي‬
‫يعمل أو يتفاعل معه‪ ،‬أو يعيش فيه‪( .‬أحمد‪2014 .‬م‪.)43.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬الفرق بين المراهقة والبلوغ‪:‬‬
‫يمكننا فهم المراهقة (‪ )Adolescence‬بشكل واضح إذا ميزناها عن البلوغ (‪،)Puberty‬‬
‫عندما نتحدث عن سن البلوغ‪ ،‬فإنه يشير إلى التغيرات الفسيولوجية والبيولوجية التي تحدث في‬
‫األفراد‪ ،‬فالبلوغ يشير إلى نضج الوظائف الجنسية‪ ،‬ويحدث في متوسط الثالثة عشر تقريباً عند‬
‫الفتيات يصحبه ظهور الثديين‪ ،‬ويحدث عند الفتيان بعد ذلك بعام تقريباً يصحبه تغيرات في الصوت‬
‫وظهور شعر الوجه‪ ،‬في حين أن جذور الم ارهقة ال تكمن في النمو البيولوجي لإلنسان‪ ،‬ولكن الجانب‬
‫المهم حقيقة في المراهقة هو اإلتجاهات (‪ ،)Attitudes‬والسلوك‪ ،‬فهذا نتاج للثقافة السائدة في‬
‫المجتمع‪( .‬عبد هللا‪1996 .‬م‪ .‬ص‪.)274-273‬‬

‫‪ :‬أقسام المراهقة‪:‬‬
‫قسم العلماء سن المراهقة لثالثة أقسام هي كما يلي‪:‬‬
‫لمبكرة ‪(Early Adolescence‬األولي)‪ :‬وهي التي تنحصر بين الفئة العمرية من‬ ‫‪ /1‬المراهقة ا ُ‬
‫(‪ 11‬إلى ‪14‬عاماً)‪ ،‬وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة‪ ،‬وتتزامن هذه المرحلة مع النمو السريع الذي‬
‫يصاحب البلوغ‪ ،‬وفي هذه المرحلة يهتم المراهق أهتماماً كبي اًر بمظهر جسمه‪ ،‬وليس بمستغرب أن‬
‫تسمع من المراهق تعليقات تدل على أنه يكره نفسه‪ ،‬وفي هذه المرحلة يمثل ضغط األقران أهم ما‬
‫يشغل بال المراهق‪.‬‬
‫‪ /2‬مرحلة المراهقة المتوسطة (الوسطي)‪ :‬وهي التي تنحصر في الفئة العمرية من (‪ 14‬إلى ‪18‬‬
‫ويالحظ فيها أستمرار النمو في جميع مظاهره‪،‬‬ ‫عاماً)‪ ،‬وهي مرحلة إكتمال التغيرات البيولوجية‪ُ ،‬‬
‫وتُسمي أحياناً هذه المرحلة بمرحلة التأزم‪ ،‬وذلك ألن المراهق يعاني فيها صعوبة فهم محيطه وتكييفه‬
‫مع حاجاته النفسية البيولوجية‪ ،‬ويجد أن كل ما يرغب في فعله ُيمنع باسم العادات والتقاليد دون أن‬
‫يجد توضيحاً لذلك‪.‬‬
‫المتأخرة‪ :‬وهي المرحلة التي تنحصر في الفئة العمرية من (‪ 18‬إلى ‪ 21‬عام)‪،‬‬
‫‪ /3‬مرحلة المراهقة ُ‬
‫حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات‪ ،‬وتعرف هذه المرحلة غالباً بسن‬
‫اللياقة‪ ،‬وذلك ألن المراهق في هذه الفترة يحس أنه محل أنظار الجميع‪ ،‬ويبدأ المراهق في هذه‬
‫المرحلة باإلتصال بالعالم الجديد‪ ،‬عالم الكبار وتقليد سلوكهم‪( .‬ربيع‪2011 .‬م‪ .‬ص‪.)44-43‬‬

‫‪5‬‬
‫المفسرة لمرحلة المراهقة‪:‬‬
‫االتجاهات ُ‬
‫من أبرز اإلتجاهات التي فسرت مرحلة المراهقة نجد ما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬اإلتجاه البيولوجي النفسي‪ :‬يتزعم هذا ستانلي هول (‪ ،)Stanley Hall‬وفرويد (‪،)Freud‬‬
‫ويستند على التغيرات البيولوجية وعالقتها بالنضج في المراهقة كمرحلة نمائية تعرف تغيرات بيولوجية‬
‫عميقة وواضحة تنعكس بشكل كبير على سلوك المراهق‪ ،‬وعلى نظرة اآلخرين إليه‪ ،‬إنها ميالد جديد‬
‫يتسم بالحيرة والضغوط والتغيرات السريعة‪ ،‬كما يري هول‪ ،‬وهي إعالن ببداية الوظيفة الجسمية‬
‫التناسلية حسب رأي فرويد‪.‬‬
‫فبالنسبة لهول فإن المراهقة هي مرحلة مهمة جداً‪ ،‬قادرة على تغيير مسار الحياة المستقبلية‪،‬‬
‫فهي الوقت الذي تتحدد فيه األدوار االجتماعية‪ ،‬وتنمو فيه القيم من جديد‪ ،‬بحيث تنمو قدرته على‬
‫التفكير ويصبح التفاعل مع األفراد اآلخرين أكثر وعياً ونضجاً‪.‬‬
‫ونجد أن هذا اإلتجاه يركز على المحددات للسلوك‪ ،‬ويشير إلي مخطط التطور للنوع البشري‬
‫ينعكس في التركيبة الوراثية لكل فرد‪ ،‬التطور يكون من مرحلة التصور إلي مرحلة ُ‬
‫النضج‪ ،‬والمراحل‬
‫التي مرت البشرية بها منذ بداية تطورها‪ ،‬والتي تركت أثر جيني‪ ،‬وهي تعرف بنظرية الشدة والمحن‪،‬‬
‫حيث تقوم على أساس أن الفرد (اإلنسان)‪ ،‬يلخص في حياته تجربة البشرية كلها‪ -‬من البدائية إلى‬
‫فترات المعاناة واآلالم والجهد‪ ،‬مرحلة إلى التي تحققت بالمدينة األوربية الغربية‪ ،‬وتعتمد هذه النظرية‬
‫على أساس بيولوجي‪ ،‬وتستند إلي وراثة الخصائص البيولوجية للجنس البشري التي تكمن في تركيب‬
‫أما‬
‫الموروثات‪ ،‬فالطفل حتى الرابعة يمثل المرحلة البدائية (شبه الحيوانية)‪ ،‬في تاريخ اإلنسان‪ّ ،‬‬
‫المراهقة فهي مرحلة التحول الصعب من البدائية إلى التمدن‪ ،‬ومن هنا تأتي العاصفة والمعاناة‪.‬‬
‫(حجازي‪1985 .‬م‪ .‬ص‪.)40-39‬‬
‫‪ /2‬اإلتجاه الثقافي اإلجتماعي‪ :‬يتزعم هذا اإلتجاه بندكت وميد‪ ،‬ويركز هذا اإلتجاه على النمطية‬
‫االجتماعية وأثر األشكال الثقافية السائدة‪ ،‬فمراهق المجتمعات المتحضرة يحتاج إلى فترة زمنية ليست‬
‫بهينة بغية التوافق مع عالم الراشدين كذات إجتماعية فاعلة ومندمجة‪ ،‬وتتقلص هذه المدة الزمنية‬
‫كلما كان المجتمع أقل تحض اًر‪ ،‬وال تتطلب عملية التكيف واإلندماج من المراهق مجهوداً كبي اًر وذلك‬
‫تبعاً لتشابه وتقارب توقعات المجتمع لكل من أدوار األطفال والمراهقين والراشدين على حد سواء من‬
‫حيث التحديد والوضوح‪ ،‬في حين أن أدوار المراهقين في المجتمعات المتحضرة فهي أكثر تحديداً‬
‫وتعقيداً‪ ،‬األمر الذي يجعل مرحلة المرهقة تطول أكثر‪ ،‬حتى يتسنى للمراهق الحصول على الدور‬

‫‪6‬‬
‫المناسب‪ ،‬مما يمنح األشكال الثقافية دو اًر وأهمية أقوي حدة وأكثر تأثي اًر عن التأثير الفطري والنضج‬
‫الجنسي في تحديد شخصية المراهق‪( .‬حجازي‪1985 .‬م‪ .‬ص‪.)42-41‬‬
‫‪ /3‬اإلتجاه المجالي‪ :‬يتزعم هذا اإلتجاه كيرت ليفين (‪ ،)Kurt Levin‬وهذه النظرية ليست خاصة‬
‫بالتعلم فحسب‪ ،‬أو بعلم النفس وحده‪ ،‬وإنما هي نظرية عامة ترتبط بأكثر من فرع من فروع العلم‬
‫والفلسفة وعلوم االجتماع وغيرها‪ ،‬وترتبط هذه العلوم كلها بحقائق الكون ونظامه العام‪ ،‬ونظرية‬
‫المجال اهتمت بدارسة سلوك الفرد على أساس أنه محصلة عدد كبير من العوامل والقوي‪ ،‬والفروض‬
‫التي أقام ليفين عليها نظريته هي‪:‬‬
‫* أن جميع الحوادث والمعارف في هذا الكون تحث دائماً في مجال معين‪.‬‬
‫* كل مجال له خصائص وتركيب خاص تفسر الحوادث المحلية في نطاقه‪.‬‬
‫* خصائص أي عنصر من عناصر مجال معين ترجع إلى قوي المجال المؤثرة عليها‪.‬‬
‫* الحاضر أهم في الواقع من الماضي والمستقبل‪ ،‬حيث أن تجارب الماضي وخبراته في الموقف‬
‫الحاضر على صورة تذكر والتذكر واإلسترجاع بدوره يتأثر بحالة الفرد الحالية وقت التذكر‪.‬‬
‫* المجال الحيوي للفرد نتيجة تفاعل قوي ناتجة من طبيعة تركيب الموقف نفسه‪ ،‬وتنظيم ما به من‬
‫عالقات‪ ،‬ثم القوى الدافعة عند الفرد التي تتمثل في حاجاته وميوله واتجاهاته وقيمه‪( .‬ملحم‪2004 .‬م‪.‬‬
‫ص‪.).345‬‬

‫‪7‬‬
‫(زهران‪1999 .‬م‪ .‬ص‪.)234‬‬ ‫أنماط المراهقة‬
‫لقد قسم زهران المراهقة إلى أربعة أنماط وهي أربعة أشكال عامة للمراهق‪:‬‬
‫‪ /1‬المراهقة المتكيفة‪ :‬تتسم هذه المراهقة المتكيفة باالعتدال والهدوء واإلستقرار فهي تميل إلى‬
‫اإلت ازن والخلو من العنف والتوترات واإلنفعاالت ويكون المراهق فيها متزنا عاطفياً متكامالً متفقاً مع‬
‫الوالدين واألسرة وكذلك لديه حالة من التوافق اإلجتماعي لديه ثقة في النفس ورضا عن اآلخرين لديه‬
‫إعتدال في كل شيء حتى في خياالته متزن دينياً‪.‬‬
‫وتعود هذه المرحلة بسماتها المعتدلة إلى معاملة األسرة السمحة التي تقوم على الحب‬
‫والمودة وتوفير الحرية واإلحترام للمراهق كذلك توفير فرصة لإلختالط بالجنس اآلخر ولكن في حدود‬
‫الدين واألخالق إن توفير الوالدين لهذا الجو الذي يقوم على احترام ذات المراهق يجعله يشعر بالثقة‬
‫في نفسه وثقة الوالدين فيه فيلجأ إليهما عندما تواجهه أي مشكلة إلحساسه بتقدير والديه له واعتزازهما‬
‫به‪ .‬كما أن الحالة االقتصادية األسرة وتمتعهم بحال ميسور يوفر للمراهق فرصة لشغل أوقات فراغه‬
‫بمجموعة من النشاطات الرياضية واالجتماعية األمر الذي يشعره بقيمة الحياة فيحافظ على صحته‬
‫كذلك يؤدي االنشغال بالرياضة إلى االنصراف عن النواحي الجنسية‪ ،‬ويواظب على تحقيق التفوق‬
‫والنجاح المدرسي كل هذه األمور تشكل شخصيته االجتماعية ويصبح له قيمة في المجتمع‪.‬‬
‫‪ /2‬المراهقة اإل نسحابية المنطوية‪ :‬ويميز هذه المرحلة أن صاحبها يميل إلى العزلة واالنطواء‬
‫والخجل وشعوره الدائم بالنقص ويظل تفكيره متركز حول ذاته وهو دائم الثورة على الوالدين يعيش‬
‫مرحلة المراهقة مستغرقا في أحالم اليقظة يميل إلى التطرف في الديني معتقدا أن فيه الخالص من‬
‫الشعور بالذنب‪.‬‬
‫ويرجع هذا النمط إلى عدة عوامل تؤثر في سماته أن المشكالت األسرية والجو النفسي في‬
‫األسرة فقد يميل الوالدين الستخدام التسلط أو العنف أو الحماية ال ازئدة يركز الوالدين على التفوق‬
‫الدراسي دون التركيز على شخصية المراهق – افتقار الم ارهق إلى اإلحساس بالحب والمودة والحرية‬
‫من قبل األسرة‪ ،‬كذلك فإن قلة الدخل وضعف مستوى األسرة االقتصادي قد يؤدي إلى سوء الحالة‬
‫الصحية واالضطراب في الجسم‪.‬‬
‫‪ /3‬المراهقة العدوانية المتمردة‪ :‬تتسم هذه المرحلة بالتمرد والثورة ضد األسرة والمدرسة فالمراهق ال‬
‫يحتاج إلى اإلحساس بالسلطة عليه وتتسم هذه المرحلة باالنحرافات الجنسية والعدوان على اآلخرين‬
‫من اإلخوة والزمالء يميل المراهق إلى العناد ويحتاج إلى األموال لإلنفاق كما أنه ال يهتم بالدراسة لذا‬
‫فيعاني المراهق في هذا النمط إلى التأخر والفشل الدراسي‪ .‬وقد يرجع هذا النوع إلى التسلط والقسوة‬

‫‪8‬‬
‫المستخدمة في تربية المراهق من قبل الوالدين اهتمام األسرة الزائد بالدراسة فقط دون االهتمام‬
‫بالنواحي النفسية واالجتماعية يؤدي إلى نشأة هذا النمط‪ .‬كذلك افتقاد المراهق إلى التوجيهات من‬
‫الوالدين وإشباع حاجاته بسبب ضعف المستوى االقتصادي‪.‬‬
‫‪ /4‬الم ارهقة المنحرفة‪ :‬وهذا النوع قد ذكر في سماته نوري الحافظ أن من سماته‪ :‬يميل المراهقين‬
‫إلى فعل السلوكيات المنحرفة كالسرقة والهروب من المدرسة أو البيت التعدي على اآلخرين بالضرب‬
‫واإليذاء‪ ،‬الكذب‪ ،‬مخالفة القوانين‪ ،‬شرب السجائر والمخدرات‪ ،‬الميل إلى االنحرافات الجنسية‪ ،‬إن‬
‫كثير من هذه السلوكيات المنحرفة تنم عن اضطراب في نفوس أصحابها‪ ،‬فيتسم المراهقين في هذا‬
‫النمط بالتوتر واالنفعال والقلق ويرجع السبب في هذه االضطرابات السلوكية للمراهق إلى الخالفات‬
‫األسرية والمستوى االقتصادي المنخفض‪( .‬الحافظ‪1981 .‬م‪ .‬ص‪)205‬‬

‫‪9‬‬
‫الطالب‪ /‬علي بن احمد عفتان‬
‫‪ -‬معالم النمو في مرحلة المراهقة‪:‬‬

‫‪ /1‬النمو الجسدي ‪:Physical Development‬‬


‫تتميز سنوات المراهقة باإلستمرار في النمو الجسمي‪ ،‬والسمة المميزة لمرحلة المراهقة هي‬
‫الوصول إلى البلوغ والتغيرات الهرمونية المرتبطة به‪ ،‬ويتميز البلوغ بسرعة النمو الجسمي والنمو‬
‫الجنسي‪ ،‬وغالباً ما يكون مصحوباً بتغيرات هرمونية وعاطفية‪ .‬وتمثل الغدة النخامية في المخ والغدد‬
‫ويعتبر‬
‫الجنسية في الذكور واإلناث الهياكل الرئيسية المعنية بالتغيرات الهرمونية خالل فترة المراهقة‪ُ .‬‬
‫هرمون األندروجين عند الذكور‪ ،‬وهرمون األستروجين عند اإلناث هما اللذان يشاركان بشكل أساسي‬
‫في نمو األعضاء التناسلية‪( .‬عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.)270‬‬
‫أحد أهم الجوانب األساسية للبلوغ هو نمو الخصائص الجنسية األساسية (المتعلقة مباشرةً‬
‫بالتكاثر) عند الذكور واإلناث‪ ،‬هذا باإلضافة إلى نمو الخصائص الجنسية الثانوية‪ ،‬وهي تلك‬
‫الجوانب (التي ال تتعلق مباشرةً بالتكاثر) المتعلقة بمظهر الجسم الخارجي للذكر واألنثى‪ ،‬وتشمل‬
‫الخصائص الثانوية تغيرات مثل نمو الشعر‪ ،‬وتغير الصوت‪( .‬عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.)270‬‬
‫ويعتبر التقدم نحو النضج الجسمي لدي المراهق هو سبب األزمات كلها في حياته‪ ،‬وذلك‬ ‫ُ‬
‫بسبب حدوث طفره سريعة في النمو في هذه المرحلة‪ ،‬وتبدأ هذه الطفرة قبل عمليه االحتالم‪ ،‬أو تأتى‬
‫معها‪ ،‬والمراهقة تبدأ بأول عمليه احتالم‪ ,‬أو حيض بالنسبة للفتاه حتى سن ست عشره سنه‪ ،‬فعملية‬
‫النمو الجسمي السريع تجعل معظم الطاقات النفسية تتأثر بمثل هذا النمو يالحظ أن النمو الجسمي‬
‫يتميز بسرعته الكبيرة ويغلب على عمليه النمو عدم األنتظام في أجزاء الجسم المختلفة مما يوجد‬
‫حاله من القلق و التوتر لدى المراهقين و من ثم فقدان اإلتزان الحركي‪ ،‬ويظهر ذلك في سقوط‬
‫األشياء من يده‪ ،‬ويزيد من النقد الموجه له من قبل اآلخرين كذلك تظهر البثور على وجه المراهق‬
‫وبعض أجزاء جسمه بسبب أضطراب إف ارزات الغدد‪ ،‬كما أن حالته الصحية تتراجع وذلك للجهد‬
‫والطاقة المبذولة وحالة النمو السريع وقلة ما يقابلها من الرعاية الصحية والتغذية الجيدة مما يسبب‬
‫أحياناً اإلصابة بفقر الدم وبالتالي الجوانب األخرى تتأثر بمثل هذا النمو مثل‪ :‬الجانب االنفعالي‪،‬‬
‫واألجتماعي‪ ،‬والعقلي‪( .‬الغرايبة‪2008 .‬م‪ .‬ص‪.)127‬‬
‫هذا ويوجد سؤال أساسي مرتبط بالتغيرات الجسمية الهرمونية وغيرها خالل مرحلة المراهقة‪،‬‬
‫وهو ما إذا كانت هذه التغيرات تتسبب في تغيرات جذرية في السلوك؟ على سبيل المثال يتساءل‬

‫‪10‬‬
‫العديد من اآلباء والمتخصصين إلى أي مدي تؤدي الزيادة في هرمون التستوستيرون إلى السلوك‬
‫العدواني عند الذكور؟ وبالمثل‪ ،‬ما مدي تأثير هرمون األستروجين عند اإلناث على زيادة أعراض‬
‫اإلكتئاب؟ وفي هذا اإلطار تشير األبحاث الحديثة إلى عدم وجود عالقة واضحة كسبب ونتيجة بين‬
‫الهرمونات والسلوك‪ .‬ومع ذلك تشير عدد من األدلة األخرى إلى أن هناك إرتباط بين اإلثنين‪ .‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬أشارت دراسات إلى أن هناك إرتباط بين الزيادة في هرمون األندروجين وزيادة سلوك‬
‫العدوان بين الذكور‪( .‬عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.)271‬‬
‫أن المراهقة مرحلة يتم فيها تكوين الجسم بأجهزته العظيمة والعصبية والتناسلية‪ ،‬فهي تدرج‬
‫طبيعي يؤدي إلى التكامل البدني‪ ،‬ومرحلة إنتقال من جسم طفولي إلى جسم ناضج‪ ،‬إالَّ أن هذا‬
‫التغير والنمو السريع ال يتم بشكل تدريجي مستمر ومتصل‪ ،‬حيث يتجلى من هذا اإلنتقال أزدياد‬
‫الطول لدي الجنسين‪ ،‬وأتساع بعض أجزاء الجسم كالكتف والصدر والحوض وضخامة الصوت‬
‫ونضجه‪...‬ألخ‪ ،‬فهذا النمو السريع يسبب أرتباكاً في حركة المراهق من ذلك يمكن معرفة أن هذا‬
‫التغير في هيئة المراهق له األثر البعيد والكبير في التكوين اإلنفعالي‪ ،‬مما يسبب القلق واإلرباك‬
‫ويجعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة نتيجة لثورة داخلية تؤثر بشكل مباشر فيه‪ ،‬لذا فإن‬
‫االهتمام بالعنصر البشري بأي مرحلة من مراحل حياته البد وأن يكون أهتمام شامل بما يملكه من‬
‫قدرات عضلية وفكرية معرفية تمكنه من أستغالل الفرص المتاحة و َّ‬
‫الحد من التحديات‬
‫والتطورات‪(.‬قاسم وآخرون‪2006 .‬م‪ .‬ص‪.)257‬‬
‫فاألخصائيين اإلجتماعيين لهم دور رئيس في عملية اإلرشاد والتوجيه‪ ،‬بالرغم من وجود‬
‫العديد من المهن والتخصصات في هذا المجال‪ ،‬إالَّ أن مهنة الخدمة االجتماعية من أكثر مهن‬
‫الرعاية االجتماعية تعامالً مع األفراد بنظرة شمولية متكاملة‪( .‬قاسم وآخرون‪2006 .‬م‪ .‬ص‪.)257‬‬
‫كما أن الوالدين لهما دور كبير في عملية اإلرشاد والتوجيه‪ ،‬وذلك من خالل العناية بالتربية‬
‫الصحية والجانب الوقائي وبزيادة اإلهتمام بالتغذية وعادات النوم والراحة والنظافة‪ ،‬وتهيئة المراهق‬
‫لقرءة المشتركة وعمل‬
‫للنضج الجسمي والتغيرات الجسمية التي تط أر في هذه المرحلة (بالحوا ارت وا ا‬
‫األبحاث ‪ ،)....‬كذلك يجب عدم التركيز على النمو العقلي على حساب النمو الجسمي (في اإلهتمام‬
‫بالدراسة والمواد الدينية عن الرياضة وغيرها)‪( .‬غباري‪1989 .‬م‪ .‬ص‪.)174-173‬‬
‫كذلك يجب على المربيين إعداد برامج تربوية مخططة إلعداد المراهقين لمرحلة النضج‬
‫الجسمي والتغيرات الجسمية توضح معناها والفروق الفردية فيها وتقبلها والتوافق معها‪ ،‬وأستثمار طاقة‬

‫‪11‬‬
‫المراهق في أوجه النشاطات الرياضية والثقافية والعلمية واإلجتماعية داخل المدارس‪( .‬نجم‪1989 .‬م‪.‬‬
‫ص‪.)269‬‬

‫‪ /2‬النمو المعرفي ‪:Cognitive development‬‬


‫تتضمن مرحلة المراهقة قدر كبير من النمو المعرفي‪ ،‬حيث تصبح المهارات المعرفية في‬
‫هذه المرحلة أكثر نمواً وتعقيداً‪ .‬ولتحديد نواحي النمو المعرفية التي تتحقق من خالل فترة المراهقة‬
‫يمكننا الرجوع إلى نظرية (بياجيه ‪ ،)Piaget 1952‬التي يفترض فيها أن المراهقين يدخلون مرحلة‬
‫"التفكير المجرد"‪ ،‬وهذا يعني أن المراهقين يكونوا قادرون على التفكير بشكل أكثر تجريدية من‬
‫األطفال الصغار‪ ،‬وينتقل ويتحرك المراهقون بعيداً عن التفكير الملموس إلى التفكير اإلفتراضي حول‬
‫المواقف التي يتعاملون معها‪ ،‬حيث يستخدمون العقل والمنطق‪ ،‬ويضعون في أعتبارهم منظور ورؤية‬
‫األخرين‪ ،‬وفي هذه المرحلة أيضاً يتطور التفكير المنطقي‪ ،‬ويمكن للمراهقون وضع الفرضيات‬
‫واإلحتماالت‪ ،‬والنمو في التفكير الناقد‪ ،‬ومقارنة األشياء وتحليلها وأختيار األنسب‪.‬‬
‫ومما يؤكد رؤية (بياجيه ‪ ،)Piaget‬حول النمو المعرفي الكبير الذي كان يحدث سنوات‬
‫الم ارهقة عدد من الدراسات التي أعتمدت على التصوير بالرنين المغناطيسي(‪ ،)MRI‬لفحص دماغ‬
‫الطفل كل عامين‪ ،‬حيث الحظت هذه الدراسات نمو كبير يمثل طفرات في مناطق الدماغ المختصة‬
‫باللغة من سنة ‪ 6‬إلى ‪ 13‬سنة‪ ،‬وأن الدماغ يستمر في النضج في العشرينات خصوصاً في القشرة‬
‫الجبهية‪ ،‬وهي المنطقة المسؤولة عن إتخاذ القرار واألحكام السليمة‪( .‬عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.)272-271‬‬
‫يتحدد عادة بسني عمره وما يمكن أن يتعلمه‪ ،‬وما يرغب في تعلمه‪،‬‬‫النمو العقلي للفرد ّ‬
‫إن ّ‬ ‫ّ‬
‫والتي تتالئم مع ميوله ونضجه العقلي‪ ،‬وتالئم تلك المعرفة مع ميوله ورغباته‪ ،‬والمراهق في فترة‬
‫نموه ومضي سنواته وتنضج من سنة إلى‬ ‫المراهقة تختلف قدراته العقلية بين سنة وأخرى فهي تزداد ّ‬
‫أخرى حين يزداد ّ‬
‫نمو وظائفه العقلية ويزداد ذكاؤه العام فيقدر على التحليل والتعليل وإدراك العالقات‬
‫فسر‬
‫اإلنسانية المختلفة ويستطيع أن يوفق بينها وتزداد مهارته مع تقدم نضجه العقلي والمعرفي‪ .‬وي ّ‬
‫ألية أزمات‬
‫بالنمو الطبيعي على أن ال يتعرض المراهق ّ‬
‫ّ‬ ‫بأن المراهقة التي تبدأ‬
‫علم النفس الحديث ّ‬
‫النمو يستمر في مجراه الطبيعي وفقاً الستجابات‬
‫ّ‬ ‫فإن‬
‫جانبية تؤثّر على هذا النمو‪ ،‬عكس ذلك ّ‬
‫المراهق االنفعالية واالجتماعية على هذا األساس تنمو وتتطور الحياة العقلية والمعرفية الطبيعية‬
‫متكيف بشكل صحيح مع البيئة‬
‫للمراهق تطو اًر ينمو بها الوضوح والتباين للوصول إلى إعداد شخص ّ‬
‫التي يعيش فيها حسب متغيراتها المعقدة وعلى أشكالها المختلفة وهنا تبرز قابليات مختلفة ويكون‬
‫للموهبة دور مهم في تحديد دور الفروق العقلية ما بين فرد وآخر‪ .‬ومن خالل النمو العقلي "تحصل‬

‫‪12‬‬
‫كل القوى‬
‫يتم في هذا ظهور ّ‬‫جداً في هذا الدور‪ ،‬إذ ّ‬ ‫في سائر القوى والعمليات العقلية تغيرات ّ‬
‫هامة ّ‬
‫ظم‪ ،‬ويصبح الولد شرها‬
‫ظم ينقلب إلى إصالح علمي من ّ‬ ‫الكامنة‪ ،‬فتعجب الطفولة الغريزي غير المن ّ‬
‫ويشتد فيه الميل إلى كشف األسباب والعلل والعالقات الخفية‬
‫ّ‬ ‫بالنسبة إلى المعرفة وحب اإلطالع‬
‫التي بين األشياء وخواصها لمجرد المعرفة"‪( .‬نجم‪1989 .‬م‪ .‬ص‪.)275‬‬
‫وتدل‬
‫أن الذكاء هو المحصلة للنشاط العقلي‪ّ ،‬‬ ‫ويبرز في هذه المرحلة الذكاء والقدرات حيث ّ‬
‫كل قدرة طائفية على نوع من أنواع هذا النشاط العقلي‪ ،‬وتهدأ سرعة نمو الذكاء في المراهقة ويستقر‬ ‫ّ‬
‫استق ار اًر تاماً في الرشد‪ ،‬ويرتبط الذكاء بالقدرة التي ترافق العملية العقلية ونوع مثيرها وأشكالها المختلفة‬
‫الستجاباتها‪ ،‬فهي تمثل الناحية العقلية البحتة‪ ،‬فهي تؤّكد نوع المثير ومادته وشكل االستجابة‪.‬‬
‫ويرتبط بالذكاء الميول الذي "هو شعور يصاحب انتباه الفرد واهتمامه في موضوع ما‪ ،‬وهو في جوهره‬
‫معين‪ ،‬أو في ميدان خاص فاالنتباه أهم عنصر من‬
‫يتميز بتركيز االنتباه في موضوع ّ‬‫اتجاه نفسي ّ‬
‫عناصر الميل"‪ ،‬ويتركز النمو العاطفي في العمليات التالية‪:‬‬
‫موه العضوي الفسيولوجي العقلي االنفعالي االجتماعي‪ ،‬ولهذا‬
‫* عملية اإلدراك‪ :‬يتأثّر إدراك الفرد بن ّ‬
‫نموها من خالل إدراك المراهق للعالم المحيط‬
‫يختلف إدراك المراهق عن إدراك الطفل بتفاوت مظاهر ّ‬
‫يمتد عقلياً للمستقبل‪ ،‬في حين يكون إدراك‬
‫النمو العقلي للمراهق الذي ّ‬
‫ألن ذلك مظهر من مظاهر ّ‬ ‫به ّ‬
‫الطفل فقط لألشياء الملموسة المحيطة به‪.‬‬
‫تتميز عملية التذ ّكر في المراهقة‪ ،‬وتنمو معها قدرة الفرد على االستدعاء والتعرف‬‫* عملية التذكر‪ّ :‬‬
‫وتقوى المحافظة ويتسع المدى الزمني الذي يقدم بين التعلم والتذكير فيزداد تبعاً لذلك التذ ّكر ويبلغ‬
‫قوته‪ ،‬وترتبط عملية‬
‫جدد في سرعته و ّ‬
‫ثم يضعف ويت ّ‬
‫ذروته في السنة الخامسة عشرة لميالد الفرد‪ّ ،‬‬
‫التذ ّكر بنمو قدرة الفرد على االنتباه‪.‬‬
‫وحل‬
‫* عملية التفكير‪ :‬يتأثر تفكير المراهق بالبيئة تأث اًر يحفزه إلى ألوان مختلفة من االستدالل ّ‬
‫تكيفاً صحيحاً لبيئته المعقدة المتشابكة المتطورة مع‬
‫المشاكل‪ ،‬حتى يستطيع الفرد أن يكيف نفسه ّ‬
‫ألنها تسفر في جوهرها عن نوع ومدى‬ ‫نموه‪ ،‬وتؤّكد البحوث على أهمية البيئة في نمو التفكير‪ ،‬وذلك ّ‬
‫وشدة المشكلة التي يعالجها المراهق‪ ،‬وترتبط هذه الظاهرة بنمو الذكاء ولهذا يستمتع المراهق بالنشاط‬‫ّ‬
‫ِ‬
‫كل ما يحيط به‪.‬‬
‫العقلي ويل ّذ له أن يمضي وقتاً طويالً في فهمه الفكر العميق ل ّ‬
‫قوياً خالل مراحل النمو المختلفة ويزداد هذا االرتباط‬
‫* عملية التخيل‪ :‬يرتبط التخيل بالتفكير ارتباطاً ّ‬
‫ويتميز أسلوب المراهق بطابع فني جمالي‪( .‬نجم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كّلما اقترب الفرد من الرشد‪ ،‬وكمال النضج‪،‬‬
‫‪1989‬م‪ .‬ص‪.)277‬‬

‫‪13‬‬
‫ومن المهم أن يضع األخصائي االجتماعي في أعتباره أن نظريات النمو المعرفي لديها قيود‬
‫ومحددات‪ ،‬وأن هنالك تباين كبير في المهارات المعرفية المعقدة التي لدي األشخاص‪ ،‬حيث ال يمتلك‬
‫كل األشخاص نفس المهارات في نفس الوقت أو المرحلة‪ ،‬حيث أنه على سبيل المثال بعض البالغين‬
‫(أي بعد مرحلة المراهقة)‪ ،‬قد ال يمتلكون المهارات المعرفية الموضحة في مرحلة العمليات الرسمية‪.‬‬
‫(عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.)272‬‬

‫‪ /3‬النمو الجنسي ‪:Sexual development‬‬


‫إن للنمو الجنسي أهمية بالغة في حياة المراهق‪ ،‬فالنمو الجنسي مرتبط بالنمو الجسمي‪،‬‬
‫الفيزيولوجي‪ ،‬واالنفعالي‪ ،‬ويتميز النمو الجنسي في هذه المرحلة بالسرعة في النضج خاصة الغدد‬
‫التناسلية‪ ،‬إذ تظهر في هذه المرحلة بوادر البلوغ كظهور الطمث عند الفتاة عند بداية الدورة الشهرية‪،‬‬
‫وعند الذكور يحدث أول قذف منوي‪ ،‬ومن أهم الخصائص الجنسية عند الذكور نمو الشعر في العانة‬
‫وعلى الوجه وتحت االبط وعلى الجسم بصفة عامة‪ ،‬وتغير الصوت ونمو الحجرة‪ ،‬وهذه التغيرات‬
‫تؤثر بطبيعة الحال على سلوك المراهق ويقو سلوك المراهق‪ ،‬يقول "العياري" واصفاً سلوك الم ارهق"‬
‫ترى الم ارهق في هذه الفترة يبحث في أجازء جسمه وينظر باستمارر إلى المرآة ويقارن جسمه بأجسام‬
‫اآلخرين محاوالً فهم ما يجري على مستوى جسمه من تغيرات"‪( .‬شبشوب‪1991 .‬م‪ .‬ص‪.)214‬‬

‫‪ /4‬نمو النواحي الشخصية والعاطفية‪:‬‬


‫يستمر النمو العاطفي في مرحلة المراهقة‪ ،‬وتنمو وتتطور الهوية أيضاً خالل هذه المرحلة‪،‬‬
‫مع األخذ في اإلعتبار أن نمو وتطور هوية الشخص تعتبر عملية مستمرة مدي الحياة‪ ،‬والعديد من‬
‫المراهقين تستقر إلى َّ‬
‫حد بعيد هوياتهم التي سوف تستمر معهم في المراحل التالية‪ ،‬مع األخذ في‬
‫حد ما حتى مرحلة الشيخوخة‪ ،‬ويبدأ‬ ‫اإلعتبار أن هذه الهوية من المحتمل أن يتم التعديل فيها إلى ّ‬
‫المراهقون في هذه المرحلة التفكير في قيمهم ومعتقداتهم المرتبطة بالعديد من المجاالت (إجتماعياً‪،‬‬
‫ودينياً‪ ،‬وسياسياً)‪ ،‬وكيف يعيشون حياتهم على أساس هذه القيم والمعتقدات‪.‬‬
‫وبعض المراهقون قد يبدون في هذه المرحلة ناضجين تماماً‪ ،‬ولكن قد ال تكون عواطفهم‬
‫على نفس الدرجة من النضج‪ ،‬حيث قد ال يكون نضج العقل بنفس درجة نضج الجسم (المستوي‬
‫المادي للنضج)‪ ،‬وهذا ما قد يساعد على تفسير كيف أن بعض السلوكيات المتقلبة تظهر عند‬
‫المراهقين‪ ،‬وعلى تفسير حقيقة أن الكثير من هؤالء المراهقون يستقرون عندما يكبرون في السن‬
‫وتصبح سلوكياتهم أكثر نضجاً‪( .‬عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.).272‬‬

‫‪14‬‬
‫الداخلية‪ ،‬مثل المشاعر‬
‫ّ‬ ‫عملية نمو األعضاء‬‫ّ‬ ‫هناك مجموعة من االنفعاالت التي ترافق‬
‫ائية‪ ،‬باإلضافة إلى تأثيرات العالم الخارجي‪ ،‬والبيئة المحيطة‬
‫يولوجية والكيم ّ‬
‫ّ‬ ‫التغيرات الفس‬
‫دانية‪ ،‬و ّ‬
‫الوج ّ‬
‫أن المراهقين‬
‫بالمراهقين في هذه االنفعاالت‪ ،‬حيث تعتبر من أكثر المثيرات النفعاالته‪ ،‬فضالً عن ّ‬
‫بشكل عام يكونون أكثر عنفاً خالل مرحلة المراهقة‪ ،‬ومن أكثر العوامل أ ّ‬
‫همية في التأثير على هذه‬
‫اإلمكانيات‬
‫ّ‬ ‫الجسمانية التي تحصل للمراهق‪ .‬نمو‬
‫ّ‬ ‫التغيرات‬
‫ّ‬ ‫االنفعاالت أثناء فترة المراهقة ما يأتي‪:‬‬
‫وردة أفعاله‪ .‬شعور المراهق بالتوتّر والحرج أثناء مخالطته‬
‫العقلية‪ ،‬وتأثيرها على انفعاالت المراهق ّ‬
‫ّ‬
‫للجنس اآلخر‪ .‬تأثير طبيعة العالقات األسرّية الموجودة بين األبوين واألخوة واألقارب‪ ،‬ونوع التفاعل‬
‫فيما بينهم أثناء فترة الطفولة ومرحلة المراهقة‪ ،‬على النمو االنفعالي للمراهق‪ .‬أحياناً يظهر نمو‬
‫الدينية‪ ،‬مع زيادة مشاعر تأنيب الضمير‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مما يدفعهم للتشكيك بالقيم‬
‫انفعالي ديني لدى المراهقين‪ّ ،‬‬
‫الدينية‪( .‬نجم‪1989 .‬م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والشعور باإلثم والخطيئة بسبب ما يقوم به من أخطاء قد تكون معارضة للقيم‬
‫ص‪.)281-279‬‬
‫قد تسيطر على المراهق فكرة أن أنظار الناس تتجه إليه‪ ،‬وأنهم ينظرون إليه ما ينظر هو‬
‫إلى نفسه‪ ،‬وهذا ناتج عن فقدان التوازن االنفعالي لديه‪ ،‬والحساسية ال ازئدة تجاه النقد‪ ،‬نتيجة خيبة أمله‬
‫فيما كان يعتقده عن أري اآلخرين نحوه أحالم اليقظة وخياالته تضفي عليه قوة وكماال وقيمة ‪،‬‬
‫ولكن هذه ليس لها رصيد عند الناس‪ ،‬فهو عندهم مازال صغي ار حقي ار وغير قادر على تحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬لذا يصبح في بعض األحيان ناقما على والديه وعلى الناس والمجتمع ويطلق بعض‬
‫العبارات مثل‪(:‬ال أحد يفهمني)‪ ،‬ومثل (ما يدريكم عني)‪ ،‬ومثل (أنا أفهم منكم)‪ ،‬ومثل(ال أريد أن‬
‫أجلس إالَّ مع أصحابي الذين يفهمونني)‪ ،‬ومثل هذه العبارات‪ ،‬نقصان الثقة بالنفس ‪ ،‬حيث يصبح‬
‫أقل ثقة بنفسه‪ ،‬وذلك راجع لعدة أسباب‪:‬‬
‫(أ) نقص المقاومة الجسمية‪ ،‬وال ـقــاب ـل ـيـة لل ـتــعب‪.‬‬
‫(ب) الضغوط االجتماعية التي تطلب منه أكثر مما يؤديه‪.‬‬
‫(ت) نقد الكبار لطريقته بالعمل‪.‬‬
‫وقد يعتري المراهق أحيانا مظاهر اليأس والقنوط والكآبة‪ ،‬وقد يستبد به اليأس ف ـي ـقـدم ع ـلـى‬
‫االن ـت ـحــار‪ ،‬واإلهتمام بمسائل الزواج (الجنس)‪ ،‬ف ـهــو ي ـشـغــل م ـع ـظـم وقته وتفكيره‪ ،‬كما يدرك المراهق‬
‫أن عجزه المالي هو الذي يحول دون تحقيق رغباته‪ ،‬وآماله ويقف ذلك دون استقالله‪( .‬مكي‪2007 .‬م‪.‬‬
‫ص‪.)148‬‬

‫‪15‬‬
‫وفي هذا اإلطار ساعدت التطورات الحديثة في علم األعصاب في شرح سبب بعض‬
‫السلوكيات المندفعة المقترنة بمرحلة المراهقة‪ ،‬ودخل علم األعصاب حتى قاعة المحكمة لتقديم أدلة‬
‫على أن المراهقين المفترض أن يتم لومهم بدرجة أقل على األعمال اإلجرامية من البالغين في مراحل‬
‫أخرى‪ ،‬وكانت حجتهم منشقة من أدلة من تصوير بالرنين المغنطيسي (‪ ،)MRI‬توثق الفروق في‬
‫صور الدماغ المرتبطة بالعمر في منطقة الفص الجبهي‪ ،‬حيث يؤثر هذا الفص الجبهي على‬
‫السلوك‪( .‬عوض‪2020 .‬م‪ .‬ص‪.)273‬‬

‫‪ /5‬النمو األخالقي‪:‬‬
‫مر‬
‫يتبع المراهق في معتقداته األخالقية التي أكتسبها خالل ما مضى من سنوات عمره وما ّ‬
‫ويبدي رأيه في مدى صواب السلوك‪ .‬وفي‬
‫به من خبرات وما تعلمه من معايير السلوك األخالقي‪ُ ،‬‬
‫بعض األحيان نجد تباعداً بين السلوك الفعلي للمراهق وبين ما يعرفه من المعايير المثالية‪ ،‬وربما‬
‫يرجع ذلك أحياناً الى ضيقه بسلطة الكبار ومحاولته تحقيق استقالله ونقص مستوى نضجه‬
‫االجتماعي أو العقلي‪ ...‬ومع وصول المراهق الى الم ارهقة يكون قد تعّلم المشاركة الوجدانية‬
‫والتسامح واألخالقيات العامة المتعلقة بالصدق والعدالة والتعاون والوالء‪ ،‬والمودة وتحمل المسؤولية‪...‬‬
‫الخ‪ ،‬وتزداد هذه المفاهيم عمقاً مع النمو‪ .‬وتتضح للمراهق معاني القيم الوطنية واإلنسانية وأهميتها‪.‬‬
‫ولكن ُيالحظ أن المراهق يزداد تسامحه وتساهله بالنسبة لبعض محددات السلوك األخالقي‪ ،‬فمثالً قد‬
‫يغش في االمتحان ويبرر ذلك بغير حجة‪ ،‬وقد تتعدد معايير السلوك األخالقي وقد تتعارض‪ .‬فقد‬
‫يقبل المراهق أن ُيصادق زميلته ويرفض رفضاً باتاً أن تُصادق أخته زميلها‪ .‬وقد يقوم في بعض‬
‫األحيان بسلوك ُينافي األخالق‪ ،‬وهو يعرف أنه كذلك‪ ،‬وقد يكون ذلك من باب التجربة أو لفت‬
‫األنظار أو إجبار اآلخرين على االعتراف بشخصيته وكيانه‪ .‬وبسبب معرفة المراهق لمعايير السلوك‬
‫األخالقي‪ ،‬وخروج بعض جوانب سلوكه عن هذه المعايير يشعر بالذنب والقلق أو حتى اإلكتئاب‪،‬‬
‫وإذا عوقب على سلوكه الخارج على األخالق فإنه ُيعارض ويثور‪ .‬ومن أمثلة السلوك الخارج على‬
‫األخالق في هذه المرحلة‪ ،‬الخروج على القانون والثورة على القواعد السلوكية والغش وارتياد األماكن‬
‫غير المرغوبة وبعض أشكال الجناح‪ ،‬وبعض السلوكيات المضادة للمجتمع‪ ...‬وعلى العموم‪ ،‬فإن‬
‫المراهق في هذه المرحلة يثق في أنه يعرف ماذا يفعل وكيف يفعله‪ .‬وفي نهاية مرحلة المراهقة تصل‬
‫المفاهيم األخالقية لديه الى مستوى المفاهيم األخالقية للراشدين‪ ،‬وتكاد تتطابق مع المفاهيم األخالقية‬
‫اإلجتماعية السليمة‪ ،‬حتى وإن لم تصادف اتفاقاً مع ما يريده هو شخصياً‪ ..‬في هـذا المجـال يجـب‬
‫مراعاة ما يلـي‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬العمل على نمـو السلوك األخالقي لدى الم ارهـق ومن أبرز دعائمه‪ :‬االستقامة‪ ،‬وضبط النفس‬
‫واألمانة‪ ،‬والتواضع‪ ،‬ومعاشرة األخيار‪ ،‬واحترام الغير‪ ،‬وأدب المخاطبة‪ ،‬واإلصالح بين الناس‪ ،‬وحسن‬
‫الظن‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واإلعتدال‪ ،‬واإلحسان والضمير‪..‬‬
‫‪ -‬العمل على مقاومة أنماط السلوك غير األخالقي التي قد ُيمارسها الشباب مثل انتشار ظاهرة‬
‫المخل أدبياً‪ ،‬وذلك بالتركيز على التمسك بالمعايير اإلجتماعية والتعاليم‬
‫ّ‬ ‫الغش في االمتحان‪ ،‬والسلوك‬
‫الدينية والقيم األخالقية‪( .‬مكي‪2007 .‬م‪ .‬ص‪.)156‬‬

‫‪17‬‬
‫الطالب ‪ /‬علي بن ادريس عسيري‬
‫النمو اإلدراكي ‪ /‬المعرفي وسلوك المراهقين ‪ ( :‬سليمان‪1986،‬م‪،‬ص‪)165‬‬
‫يتعامل الطفل عند دخوله إلى مرحلة المراهقة مع مجموعة من المفاهيم المعقدة التي تؤثر في وجهة‬
‫نظره نحو العالم الذي يعيش فيه والتغيرات االجتماعية واالقتصادية والسياسية والتكنولوجية التي‬
‫يشاهدها ويعيش واقعها ‪ ,‬لذلك فإن قدرته على تفهم هذه الظروف وتفسيرها وتفهم كيفية التعايش‬
‫معها تتعلق بمستوى ومعدالت النمو اإلدراكي ‪ /‬المعرفي الذي يصل إليه في هذه المرحلة ‪ ,‬وهناك‬
‫نظريتان رئيستان تتعرضان لمفاهيم النمو اإلدراكي ‪ /‬المعرفي ‪:‬‬

‫نظرية بياجيه للنمو اإلدراكي ‪ /‬المعرفي ‪:‬‬


‫يصل المراهق في هذه الفترة بناء على التطور االدراكي المعرفي الى مرحله العمليات المجردة حيث‬
‫يتميز التفكير في هذه المرحلة‪:‬‬
‫‪ -1‬التركيز على االحتماالت بدال من الحقائق الواقعية فقط ‪:‬‬
‫فيستطيع المراهق ان يدرك المواقف ولكنه يصبح قاد ار ايضا على وضع بعض التصورات التي قد‬
‫تغير من اسلوبه في التعامل معها‪ .‬اذا ما سأل مدرب الفريق احد الالعبين في هذه المرحلة السنيه‬
‫ور مختلفا‬
‫عن المهارات التي يمكن التدريب عليها إلتقان السير بالكره فسوف يقوم المراهق لوضع تص اً‬
‫بناء على قدرته على التفكير الواقعي فنجده يقترح أن كل العب يتلقى الكرة أثناء الجري ليسير بها‬
‫فترة ثم يتوقف ويدور لالتجاه المعاكس ويعود بالكره مره اخرى ‪.‬‬
‫‪ -2‬يعتمد التفكير في هذه المرحلة على خاصية المنطق العلمي ‪:‬‬
‫وفي هذه المرحلة من التفكير يصبح الطفل أكثر استخداما ألسلوب حل لمشكالت باستخدام اساليب‬
‫وطرق منتظمة ‪ .‬فعلى سبيل المثال نجد أن فكرة التوصل إلى اللون البرتقالي عند خلط لونين معا قد‬
‫يتناولها المراهق بوضع مجموعة من الفروض مثل خلط (اللون األخضر مع اللون االصفر ) أو‬
‫األخضر مع األزرق ثم األحمر مع األصفر وهكذا فإنه يقوم بتجريب هذه األلوان ويالحظ الفروق‬
‫بينها حتى يتوصل أخي ار إلى طريقة محددة عن أنسب األلوان التي يمكن استخدامها لتكوين اللون‬
‫البرتقالي ‪.‬‬
‫‪ -3‬الربط المنطقي بين األفكار ‪:‬‬
‫يستطيع الفرد في هذه المرحلة أن يدرك عددا من األفكار فيقوم بوضعها معا بطريقة متسلسلة‬
‫ومرتبة ومنطقية ‪ .‬فإذا سألنا أحد المراهقين عن سبب تفوق بعض التالميذ علميا فإن اإلجابة ال‬

‫‪18‬‬
‫تنصب على سبب واحد مثل ( ألنهم تالميذ أذكياء ) العمليات المجردة يستطيع المراهق أن يقدم‬
‫مجموعة من األسباب مثل الذكاء – االستذكار الواعي – الحرص على متابعة الدروس – اإلعداد‬
‫الجيد ‪ .‬لذلك فإن " بياجه " يعتقد أن في مرحلة المراهقة المبكرة يتم نمو إدراك المراهق واالنتقال إلى‬
‫مرحلة العمليات المجردة التي تنتهي مع نهاية الدراسة الثانوية ‪ .‬وتتضمن هذه المرحلة قدرة المراهق‬
‫على التفكير المجرد الذي استخدامه بشكل علمي لحل المشكالت التي يواجهها في ذلك الوقت ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نظرية تشغيل المعلومات ‪ ( :‬سليمان ‪)166،2005،‬‬

‫ان العمليات العقلية تعتبر مثل المستودع المعقد للمعلومات التي يمكن استدعائها عن طريق نظام‬
‫التحكم التنفيذي الذي يحول المعلومات من الذاكرة متوسطة المدى الى الذاكرة طويله المدى وفقا‬
‫الهميه وفائدة هذه المعلومات عندما يصل االطفال الى مرحله المراهقة المبكرة فانهم يصبحون‬
‫قادرين على تنميه استراتيجيات تساعدهم على تلقي كم كبير من المعلومات ثم تبدا عمليه تنظيمها‬
‫وترتيبها وايداعها في احد انواع الذاكرة بحيث تسهل عمليه استدعائها واستخدامها ‪ ,‬فطالب الصف‬
‫االول الثانوي الذي يدرس مجموعه من العلوم العملية والنظرية يتعامل مع كم كبير من المعارف و‬
‫المعلومات باإلضافة للخبرات الخاصة و المعلومات الشخصية لذلك فان قدرته على تفهم وحفظ‬
‫وايداع هذه المعلومات تتطلب مجهودا كبي ار في تلقيها وفرزها وتنظيمها وتذكرها لذلك فان نظريه‬
‫تشغيل المعلومات توضح مستوى نمو قدرات المراهق على التعامل مع المعلومات بترتيبها وتحليلها‬
‫وربطها ببعض واستخدامها في حل مشكالت الحياه اليومية او حل تمرين او تدريب معين في ماده‬
‫الرياضيات مثال ‪ ,‬ولذلك نجد ان هناك فروقا بين المراهقين في كيفيه اتخاذهم لق اررات تتعلق في‬
‫سلوكياتهم وقدراتهم على التعامل مع مؤثرات البيئة وضغوط الرفاق ‪ ,‬وهناك نوع اخر من الفروق‬
‫التباينية والتي تظهر في النتائج التي يحصل عليها المراهق االختبارات بالمقارنة بدرجات الزمالء من‬
‫الطالب ‪.‬‬
‫طبيعة التفكير النقدي ‪:‬‬
‫لقد ظهرت برامج جديدة تشجع المراهقين على التدريب على التفكير النقدي هو ما عرف بالتفكير‬
‫اإلنعكاسي حيث يتعامل المراهق مع مجموعة من األفكار المعقدة من أجل التوصل إلى حلول "‬
‫نقدية " تساعده على الوصول إلى نوع من التبصر الذي يعتبر قاعدة مهمة لالختيارات الذكية ‪ .‬ولقد‬

‫‪19‬‬
‫بدأ هذا المفهوم يغزو الجامعات فنظمت المحاضرات ونشرت الكتب بل خصصت شعبا دراسية لتفهم‬
‫وتنمية التفكير النقدي لدى الطالب لما له من تأثير على تنمية االنفتاح الذهني والمهارات العملية‬
‫التي تساعد الفرد على تحليل موقف معين أو كتابة تقرير علمي بشكل متطور أو حل صراع أو توتر‬
‫متعلق بالعالقات الشخصية أو باختيار مجال للعمل يتالئم مع مواهب وقدرات الشخص وهناك‬
‫خصائص محددة للتفكير النقدي منها ‪:‬‬
‫التنظيم العملي للتفكير ‪ :‬لكي يفكر الفرد تفكي ار ناقدا فإن عليه أن يصنف ويعمم‬ ‫‪-1‬‬
‫ويستخلص النتائج ويقوم بعمليات إدراكية وعقلية أخرى مثل االستنباط والتحليل ‪.‬‬
‫المعلومات المتخصصة ‪ :‬لكي يتعامل الفرد مع مشكلة ما فإن عليه معرفة بعض‬ ‫‪-2‬‬
‫العلوم والمعارف األساسية عن المجال الذي يتعلق بمشكلة ما ‪ ,‬فإذا ما طلب على‬
‫سبيل المثال من الفرد تحليل نظام أو برنامج كمبيوتر جديد فإن عليه أوالً أن يلم‬
‫بأنظمة وأنواع برامج تشغيل الكمبيوتر ‪.‬‬
‫العلوم اإلدراكية ‪ /‬المعرفية األعم ‪ :‬ويتطلب ذلك معرفة الكيفية التي يفكر بها اإلنسان‬ ‫‪-3‬‬
‫في موضوع معين ومتى سيحتاج إلى معلومات معينة ألن ذلك سيتيح لنا أن نتوقع‬
‫كيف يقوم اإلنسان بجمع معلوماته وعرض أفكاره في نسق واتجاهات معينة ‪.‬‬
‫القيم والمعتقدات والميول ‪ :‬إن التفكير النقدي يعني كيفية حكم الفرد على موضوع‬ ‫‪-4‬‬
‫بطريقة عادلة وموضوعية ويعني ذلك الثقة في أن هذا التفكير سوف يؤدي بالضرورة‬
‫إلى حلول األمر الذي يوضح كيفية تدخل القيم والميول في تسلسل عمليات التفكير ‪.‬‬
‫وهناك ضرورة للتعرف على مفاهيم التفكير النقدي ألن الطفل عندما يصل إلى مرحلة‬
‫المراهية يصبح مستعدا لتعلم وتجريب عمليات عقلية وإدراكية ‪ /‬معرفية معقدة‬
‫ومتطورة ‪ .‬لذلك فإن هناك ضرورة للمعلمين واالباء على تشجيع الطفل في هذه‬
‫المرحلة على هذا النوع من التفكير حتي ينمي ملكاته وقدراته ويمكنه من أداء‬
‫عمليات اكثر تطو اًر‬

‫‪20‬‬
‫(محمد‪2009 .‬م‪ .‬ص‪)10-9‬‬ ‫حاجات المراهقين في السلوك اإلنساني‪:‬‬
‫إن التغيرات التي تحدث في مرحلة المراهقة تصحبها تغيرات في حاجات المراهقين‪ ،‬فتبدوا‬
‫في بعض األحيان هذه الحاجات قريبة من حاجات الراشدين‪ ،‬إالَّ أن علماء اإلجتماع يجدون فروقاً‬
‫واضحة‪ ،‬خاصة في مرحلة المراهقة ويمكن تلخيصها كما يلي‪:‬‬

‫‪ /1‬الحاجة إلى األمن‪:‬‬


‫‪ -‬الحاجة إلى األمن الجسمي والصحة الجسمية‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى الشعور باألمن الداخلي االسترخاء والراحة‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى تجنب الخطر واأللم والبقاء حياً‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى الحياة األسرية اآلمنة والمساعدة في حل المشكالت‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى الحماية ضد الحرمان من إشباع الدوافع‪.‬‬

‫‪ /2‬الحاجة إلى الحب والقبول‪:‬‬


‫‪ -‬الحاجة إلى الحب والمحبة‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى القبول والتقبل االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى االنتماء إلى الجماعات والشعبية‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى إسعاد اآلخرين‪.‬‬

‫‪ /3‬الحاجة إلى مكانة الذات‪:‬‬


‫‪ -‬الحاجة إلى المركز والقيمة االجتماعية إلى أن يكون قائداً‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى اإلتراف من اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى النجاح االجتماعي واالقتناء واالمتالك‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى تجنب اللوم والتقبل من اآلخرين‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى الشعور بالعدالة والمعاملة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ /4‬الحاجة إلى اإلشباع الجنسي‪:‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى التربية الجنسية‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى التوافق الجنسي الغيري‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى أهتمام الجنس اآلخر وحبه‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى التخلص من التوتر‪.‬‬

‫‪ /5‬الحاجة إلى النمو العقلي واإلبتكار‪:‬‬


‫‪ -‬الحاجة إلى تحصيل الحقائق وتفسيرها‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى التنظيم والخبرات الجديدة والتنوع‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى المعلومات ونمو القدرات‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى النجاح والتقدم الدراسي‪.‬‬

‫‪ /6‬الحاجة إلى تحقيق وتأكيد وتحسين الذات‪:‬‬


‫‪ -‬الحاجة إلى النمو‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى أن يصبح سوياً وعادياً‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى المعلومات ونمو القدرات‪.‬‬
‫‪ -‬الحاجة إلى النجاح والتقدم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الطالب ‪ /‬طالل محمد الزبيدي‬
‫بعض مشكالت المراهقين في بيئتهم اإلجتماعية‪( :‬محمد‪2009.‬م‪ .‬ص‪.(15-14‬‬
‫تنبثق مشكالت المراهقة من تضافر عوامل عديدة‪ ،‬ومن تشابك عمليات النمو وتأثيرها على‬
‫المراهق وكيفية تعامل األسرة معها‪ ،‬هذا وتتميز المراهقة بمشكالت متفاوتة الحدة واألثر على‬
‫المراهق‪ ،‬فمنها ما تكون مرحلية ما تلبث أن تتالشى بمجرد مرور هذه المرحلة‪ ،‬ومنها ما تكون‬
‫مرحلية مع درجة أكبر من الحدة والمتعلقة بالصراع الطبيعي بين معتقدات المراهق ومفرزات الشعور‬
‫بالمسؤولية من طرف الوالدين‪ ،‬ومنها أيضا المشكالت الحادة التي يستمر تأثيرها على حياة المراهق‬
‫في المستقبل وحتى أثرها على المجتمع وأهدافه‪.‬‬
‫فالمراهقة فترة مليئة بالمشكالت‪ ،‬ألنها فترة تيقظ الشعور والميالد النفسي الذي يتم بالتمييز‬
‫بين األنا واألبوين‪ ،‬وتختلف مشكالت المراهقة من فرد آلخر وتختلف عند الفرد الواحد من موقف‬
‫آلخر‪ ،‬فقد يكون لدى فرد مشكالت في أسرته‪ ،‬ولدى فرد آخر مشكالت في مدرسته‪ ،‬ولدى فرد ثالث‬
‫مشكالت في عمله‪ ،...‬ونحن نعرف أن المراهقين يتغير سلوكهم بتغير معارفهم وخبراتهم‪ ،‬ومفتاح‬
‫الصحة النفسية هو أن يحول اإلنسان مشكالت تسيطر عليه إلى مشكالت يسيطر هو عليها‪،‬‬
‫وتنحصر المشكالت في اآلتي‪:‬‬
‫‪ /1‬مشكالت بسيطة‪:‬‬
‫* مشكالت تتعلق بالصحة والنمو الجسمي‪ :‬تتمثل في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تناسق الجسم‪ ،‬وظهور حب الشباب أو تأخر النمو مقارنة باألقران‪.‬‬
‫‪ -‬الشعور بالتعب‪ ،‬واإلرهاق وحاالت اإلغماء المتكرر‪ ،‬والغثيان‪.‬‬
‫والشيء الذي يزيد من تفاقم المشكلة عدم الوعي األسري‪ ،‬ووصف المراهق بما يكره‪ ،‬وخاصة‬
‫إذا وجد نفس الشيء من أقرانه‪.‬‬
‫* مشكالت نفسية‪ :‬حيث يتعرض المراهق لالضطراب النفسي بسبب الدوافع النفسية المتضاربة التي‬
‫ال يتم التناسق والتكامل بينها مما يسبب له مشاعر "التناقض الوجداني أو ثنائية المشاعر‬
‫‪ Ambivalence‬التي تتلخص في التذبذب وعدم استقرار مشاعره‪ ،‬كأن يشعر باالنجذاب والنفور‬
‫والحب والكره والرضا والسخط إزاء الموضوعات والمواقف‪( .‬معوض‪1994.‬م‪ .‬ص‪.(370‬‬
‫ويتأتى الضغط النفسي من تصاعد التوتر الناتج عن عدم قدرة المراهق على اتخاذ الق اررات‬
‫المناسبة إذ يبقى متأرجحا بين نزعة طفولية تتسم بالتنصل من المسؤولية وبين نزعة راشدة تحاول‬

‫‪23‬‬
‫إجباره على القيام بما هو مناط به‪ ،‬ومن بين األمراض النفسية التي تؤثر على حياة بعض المراهقين‬
‫هي‪:‬‬
‫** حالة االكتئاب‪ :‬وهي حالة مرضية تصيب الكبار‪ ،‬كما تصيب الصغار وال تختلف أعراض هذا‬
‫المرض النفسي عند المراهقين عنه عند البالغين‪ ،‬ومن أعراض هذا المرض هي‪:‬‬
‫‪ -‬الحزن الشديد والنوم الدائمين‪.‬‬
‫‪ -‬النظرات التائهة (دون النظر إلى شيء معين)‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك عدم اإلحساس والشعور بمتع الحياة وملذاتها‪.‬‬
‫‪ -‬قلة التركيز واإلحباط والفشل في الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم القدرة على التعبير عن الرأي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التمكن من اتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫‪ -‬روح التشاؤم والقلق والخوف‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف الذاكرة وفقدان الشهية‪.‬‬
‫** انفصام الشخصية‪ :‬وهو مرض نفسي خطير لديه ثالث أع ارض هي‪:‬‬
‫‪ -‬تشتت األفكار بحيث يصبح المراهق ال يتحكم في الربط بين األفكار‪.‬‬
‫‪ -‬الهذيان‪ :‬بحيث يتخيل وجود أشياء ليست في الواقع ويقتنع بها كخوفه من شخص يالحقه‪.‬‬
‫‪ -‬األوهام‪ :‬كرؤية شخص ما غير موجود في الواقع‪ ،‬بحيث يصعب إقناعه بعدم وجوده‪.‬‬
‫* مشكالت اجتماعية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬عجز المراهق عن إقامة عالقات خارج األسرة‪ ،‬وقد أشارت الدراسات إلى نقص القدرة واالرتباك‬
‫في المواقف االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬الخوف من ارتكاب األخطاء‪.‬‬
‫‪ -‬الخوف من مقابلة الناس" نقص القدرة على االتصال باآلخرين ونقص القدرة على إقامة وصداقات‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬الوحدة ونقص الشعبية ورفض الجماعة له‪ ،‬وغيرها من المشكالت االجتماعية األخرى‪.‬‬
‫كما قد يلجأ المراهق إلى اإلسراف في االهتمام بمظهره وتغير لهجته من أجل الحصول على‬
‫القبول االجتماعي‪ ،‬أو يقدم على التدخين‪ ،‬وقد يسوء األمر أكثر عندما يتحول إلى إدمان المخدرات‬
‫"فقد يكون الشخص مجامال أو خجوال لدرجة أنه قد يتورط في قبول األشياء التي يقدمها إليه أصدقاؤه‬
‫في الحفالت والمناسبات االجتماعية أو في الزيارات"‪( .‬معوض‪1994.‬م‪ .‬ص‪.(377‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ /2‬مشكالت متوسطة‪:‬‬
‫* المشكالت األسرية‪ :‬حين يتعرض المراهق للمشكالت السابقة فإن األسرة تعمل على مساعدته‬
‫لتخطي الوضع‪ ،‬وفي أحيان أخرى قد ال تكون األسرة واعية بهذا الدور أو أنها غير قادرة على تقديم‬
‫المساعدة‪ ،‬إذ يعمل المراهق كي يبرهن على أنه قد أصبح راشدا قاد ار على االستقاللية وأنه لم يعد‬
‫بحاجة إلى مساعدة اآلخرين" فكل مساعدة منهم وخصوصا من األهل يعتبرها تدخال في شؤونه‬
‫الخاصة‪ ،‬فيصبح األهل بخاصة أمام مأزق حقيقي‪ ،‬إذ كيف يمكنهم مساعدة أبنائهم إذا كانت‬
‫المساعدة غير مقبولة؟ وكيف يمكن التواصل معهم إذا كانت كل التفاتة منهم تعتبر إهانة؟" وفي‬
‫الحالة التي ال تكون فيها األسرة واعية بالدور الذي ينتظرها في مرحلة مراهقة أبنائها‪ ،‬نجدها تدخل‬
‫في صراع محتدم بينها وبينهم‪ ،‬ويرى أنصار مدرسة التحليل النفسي أن الصراع مع األهل في هذه‬
‫المرحلة من الخصائص النفسية للنمو وأن األسرة تعتقد أن أبناءها قد تمردوا عليها وقابلوها بالعصيان‬
‫والعقوق‪.‬‬
‫دراسة‬ ‫مثل‬ ‫ذويهم‬ ‫مع‬ ‫الشباب‬ ‫المراهقين‬ ‫ص ارعات‬ ‫تناولت‬ ‫دراسات‬ ‫وهناك‬
‫الندز )‪ ،)Landies1960‬وياما مو ار (‪ ،)Yama mura‬وآدمز (‪ ،)Adamds 1964‬وأشارت نتائج‬
‫هذه الدراسات إلى‪:‬‬
‫‪ -‬شعور المراهق الشاب باإلغتراب الشديد عن الوالدين‪.‬‬
‫‪ -‬كراهية المراهق لسلوك الوالدين الذي يتعلق بالعقاب والتسلط والالمباالة‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى‬
‫مشاعر اآلباء‪ ،‬ومستوى نضجهم وتعليمهم وطريقة معيشتهم من األمور الهامة التي يمكن تسبب‬
‫الصراعات أو تعمل على تجنبها‪.‬‬
‫"كما أن الصراع الذي يحدث بين المراهقين وبين جيل الكبار "اآلباء‪ ،‬األمهات والمدرسين"‬
‫ظاهرة صحية وليست تقويضية‪ ،‬وليس معنى الصراع أن األسرة زلزلت زلزالها‪ ،‬أو أنها معرضة‬
‫للخطر بل معناه أن الجيل الجديد يتدرب عن طريق هذا الصراع النتقاء أفضل خبرات للجيل القادم‪،‬‬
‫ونبذ الخبرات التي ال تصلح"‪( .‬محمد‪2009.‬م‪ .‬ص‪.(57-56‬‬
‫* مشكالت مدرسية‪ :‬تمثل المدرسة المحيط االجتماعي الخصب للتفاعل بين المراهقين للتنفيس عن‬
‫ضغط السيطرة الوالدية‪ ،‬لكنها في نفس الوقت وجه آخر لصراع األجيال بين المعلمين والمدراء‬
‫والقائمين على التربية والتعليم‪ ،‬وفي غالب األحيان نجدهم يتعاملون بسلبية مع التمرد الطبيعي‬
‫للمراهق لينتهي به األمر إلى اإلنذارات المتوالية‪ ،‬والتوبيخ المستمر‪ ،‬على مرأى زمالئه‪ ،‬وحتى الطرد‬
‫واإلقصاء ونظ اًر لحساسيته المتزايدة فإن تحصيله يرتبط مباشرة بالتحفيز والتشجيع فيكون التحصيل‬

‫‪25‬‬
‫إيجابياً‪ ،‬وبالتحقير واإلهانة فيكون التحصيل مترديا خاصة إذا ربطنا ذلك بتزايد ميول المراهق إلى‬
‫استيقاء المعلومات من خارج المقرر المدرسي‪ ،‬ويمكن حصر أسباب مشكالت المراهقة في المدرسة‬
‫فيما يلي‬
‫‪ -‬انعدام العالقات الحميمة بين المراهق والمدرس‪.‬‬
‫‪ -‬مشاعر الخوف واتخاذ موقف الدفاع عن الذات‪.‬‬
‫‪ -‬فقدان التوجيه السليم‪.‬‬
‫‪ -‬احساس المراهق بنقص الكفاءة للتحصيل المناسب‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االستقرار األسري‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف ذكاء التلميذ‪.‬‬
‫‪ -‬نقص النشاط الترويحي المنظم في المدرسة‪( .‬حجازي‪2001 .‬م‪ .‬ص‪.)127‬‬
‫* مشكالت حادة‪ :‬ال تفصل المراهق عن احتالل الدور االجتماعي المناسب إالَّ خطوات قليلة‪،‬‬
‫ويتحول بذلك من المفعول به إلى الفاعل الحقيقي وهذا يقودنا إلى تجاوز الحديث عن اكتمال النمو‬
‫الجسمي والعقلي وسالمة جهازه النفسي والصراع المفاهيمي بين األهل وبينه‪ ،‬إلى الحديث عن مشكلة‬
‫الهوية عند المراهق‪ ،‬وهي قدرته على االنجاز وتحقيق أهداف مجتمعه أو االنحراف عنها‪ ،‬والشعور‬
‫باالغتراب ‪ ،‬فإذا واجه هذه المشكلة ومثيالتها‪ ،‬وبخاصة إذا كانت مشكالت أغلب المراهقين في‬
‫مجتمع ما‪ ،‬فإنها تصبح أكثر من مشكالت مرحلية تتعلق بفترة من محددة ‪،‬ومما الشك فيه أنها‬
‫ناتجة عن التنشئة غير السوية القائمة على العقاب والترهيب واإلساءة اللفظية للمراهق وكبت رغباته‬
‫وعدم تشجيعه على اكتشاف ذاته وإمكانياته وبالتالي التنصل من قوميته وإنكاره لهويته‪ ،‬وفي التحليل‬
‫التالي نحاول معرفة مدى اتساع الهوة الثقافية ومدى الف ارغ الوجداني الذي يعانيه المراهق ومن هذه‬
‫المشكالت ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أزمة الهوية‪ :‬حين تكلم اريكسون عن اكتساب المراهق للهوية نتيجة لعمليات النمو‪ ،‬فإنه نوه إلى‬
‫المشكالت الحادة والتي تتعلق بفقدانه للهوية مقابل ذلك‪ ،‬حيث يعجز عن اإلجابة عن التساؤالت التي‬
‫من شاكلة‪ :‬من أنا؟ وما هو موقعي من أسرتي؟ وزمالئي؟ ومحيطي؟ ولمن أنتمي؟ وكثي اًر ما تتناقض‬
‫فكرة المراهق عن ذاته جسديا ونفسيا واجتماعيا ودينيا‪ ،‬عن فكرة اآلخرين عنه‪ ،‬ال بل عن الصورة‬
‫المثالية التي رسمها لنفسه في المستقبل‪ .‬األمر الذي يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الهوية‪ ،‬وربما إلى‬
‫فقدانها‪ ،‬ومن ثم حدوث األزمة التي تنطوي بدورها على أزمات فرعية‪ ،‬ولهذه المشكلة سبع محددات‬
‫وفق ما يراه ايريكسون‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫(أ) المنظور الزمني مقابل االنتشار الزمني‪ :‬أي أن المراهق ال يحس بقيمة الوقت وال يستطيع‬
‫استثماره في اكتشاف هويته‪ ،‬وبالتالي يحدث انتشار الزمن وبمعنى آخر أنه ال يوجد وقت محدد‬
‫ومنظم يستغل فيها المراهق مهاراته الخاصة والتي تميزه عن اآلخرين‬
‫(ب) الثقة بالنفس مقابل البالدة الوجدانية‪ :‬تحدث البالدة الوجدانية أو عدم الثقة بالنفس إذا كان‬
‫هناك تناقض بين ما يدركه المراهق عن ذاته وإدراك اآلخرين له‪ ،‬فمثال إذا وبخ أحد المعلمين تلميذه‬
‫ب قوله‪ ":‬شخص مثلك ال يستطيع إتمام المرحلة المتوسطة فإن التلميذ المراهق سيفقد ثقته في نفسه‪ ،‬إذ‬
‫أنه كان يرى ذاته قادرة على التحصيل بينما يرى معلمه العكس‪ ،‬وبعبارة أخرى فإنه يترك معرفة‬
‫هويته إلى اآلخرين ويتخلى هو عنها (ماذا يمكن أن تحقق؟ ماذا لديها من إمكانيات؟) وينجر عن‬
‫ذلك شعور بالالمباالة وعدم االكتراث والبالدة الوجدانية‪.‬‬
‫(ت) تجربة األدوار مقابل الهوية السلبية‪ :‬نتيجة عدم إدراك المراهق ذاته فإنه يعمد تجريب أدوار ال‬
‫تليق به فيميل إلى التطرف وإلى األدوار غير الناجحة‪ ،‬أو إلى األدوار الطموحة جدا بحيث ال‬
‫يتناسب مع إمكانياته‪.‬‬
‫(ث) توقع االنجاز مقابل شلل العمل‪ :‬ماهي نتيجة تجريب دور سلبي ال يليق بالمراهق نفسه إالَّ شلل‬
‫العمل والمردودية الضعيفة‪ ،‬إذ يتوقع أنه سيحقق أهداف باهرة بتأثير أحالم اليقظة لتبرير ق ارراته غير‬
‫الصائبة لكن سرعان ما يتالشى الحلم ويصطدم بالواقع‪ ،‬ومن أمثلة ذلك أن كثير من تالميذ المرحلة‬
‫المتوسطة والثانوية يتخلون عن الدراسة ويتوقعون أنهم سوف يحققون نجاحا باه ار في سوق العمل‬
‫وأن ذلك هو الدور المناسب لهم ولكنهم في النهاية يفشلون في ذلك إذ أنهم يربطون بين النجاح وبين‬
‫المثابرة والجهد والتصميم‪.‬‬
‫(ج) الهوية الجنسية مقابل االنتشار الجنسي أو األثنية الجنسية‪ :‬يعيش بعض المراهقين حالة من‬
‫الصراع بين األنوثة والذكورة‪ ،‬حيث يرغب الذكر في أن يكون أنثى والعكس وينجم عن اإلعجاب‬
‫بالدور‪ ،‬ومتطلبات الدور بالنسبة للجنس اآلخر وتمثل هذه عقبة أخرى تحول دون تشكيل مفهوم‬
‫إيجابي عن الذات وتمنعه من اكتشاف هويته‪.‬‬
‫(ح) االستقطاب القيادي مقابل انتشار السلطة‪ :‬إن إبداء الرأي والحوار والمناقشة في األسرة مثال ‪-‬‬
‫أمر إيجابي‪ -‬وال يختلف عليه اثنين ولكن أمر السلطة ال يمكن أن يكون محل نزاع وأن يكون بيد‬
‫لوالدين أمر مفروغ منه إذ أنها تعبر عن شكل تنظيمي ال غير‪ ،‬وهو ما يفرضه بعض المراهقين‬
‫ويرون بأنهم غير ملزمين بأي ضبط‪ ،‬وال يجب أن تحكمهم أي حدود وال قوانين‪ ،‬إذ أن تمركز‬
‫السلطة بيد الوالدين ال يعني التزمت والقهر‪ ،‬بل هو خدمة معنوية ألهداف المجتمع‪ ":‬فما يدين به‬

‫‪27‬‬
‫األبوان من قيم وما يلتزمان به منها سيكون له أثر بالغ في حياة األبناء والمراهقين‪ ،‬فاآلباء الذين‬
‫يلتزمون بمعايير سامية‪ ،‬ويعتزون بقيم راسخة إنما يؤلفون معينا ال ينضب من القوة الروحية بالنسبة‬
‫للمراهق‪.‬‬
‫(خ) االستقطاب االيديولوجي مقابل انتشار المثل‪ :‬كما سبق وأن ذكرنا أن المراهق يميل إلى النقد‬
‫والتساؤل ويبني فلسفة حياة خاصة به‪ ،‬والمشكلة التي تحدث لبعض المراهقين أنهم ال يستطيعون‬
‫تبني مواقف خاصة‪ ،‬فتتسم أفكارهم بالتشتت والضياع‪ ،‬فقد نجد مراهقا يميل إلى التطرف الديني مرة‪،‬‬
‫ومرة أخرى نجده ملحدا أو عصريا يسرف في التأنق وهذا يدل على عدم وقوفه على هوية محددة‪،‬‬
‫بل هي هوية مائعة وغير متماسكة‪( .‬الجسماني‪1994 .‬م‪ .‬ص‪.)230-229‬‬

‫‪28‬‬
‫الطالب ‪ /‬محمد بن صالح رزق‬
‫(معوض‪1994 .‬م‪ .‬ص‪.)114-113‬‬ ‫رعاية المراهق من جانب إنساني‪:‬‬
‫باعتبار أن االبن المراهق يكون أكثر حساسية ويظهر تمرداً وثورة ضد أسرته وكذا مدرسته‪،‬‬
‫وذلك لتوهمه أن كل من األب والمربي يمارسان سلطة عليه‪ ،‬ويقيدان حريته ويقفان كحاجز أمام‬
‫إثبات ذاته‪ ،‬وأمام هذه التوهمات ال بد على كل أفراد األسرة والمدرسة تفهم االبن المراهق في هذه‬
‫الفترة وتقديم رعاية خاصة تجعل هذه المرحلة تمر بسالم‪.‬‬
‫‪ /1‬في األسرة‪ :‬األسرة هي المحيط األول الذي ينشأ ويعيش فيه المراهق‪ ،‬وال يمكن االنفصال عنه‪،‬‬
‫على الرغم من محاولة ذلك‪ ،‬لتحقيق االستقاللية الفردية والقضاء على القيود األسرية‪ ،‬ولكي تستطيع‬
‫األسرة السيطرة على األبناء خالل هذه الفترة وتوجيههم‪ ،‬ال بد أن توفر الجو األسري المالئم‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل توفر ما يلي‪:‬‬
‫* الكيان العضوي‪ :‬المراهق بصورة عامة بحاجة إلى وجود كيان عضوي متماسك لألسرة‪ ،‬يسمح له‬
‫بمواجهة مطالبه النفسية واالجتماعية‪ ،‬واألسرة التي تتسم بالكيان العضوي تسعى جاهدة إلى شخصية‬
‫أبنائها بصورة مستقلة ‪.‬وتتميز األسرة ذات الكيان العضوي بالصفات التالية‪- :‬‬
‫‪ -‬يجب أن يسود األسرة ذات الكيان العضوي الوئام‪ :‬وهذا ال يعني بأن هذه األخيرة خالية من‬
‫الخالفات‪ ،‬ولكنها من نوع خاص‪ ،‬هي خالفات في وجهات النظر‪ ،‬وتعمل األسرة على تفادي‬
‫نشوبها‪ ،‬وكذلك تفادي التيارات المتصارعة لكي تحافظ على استم ارريتها‪.‬‬
‫‪ -‬قضاء أكثر األوقات مع بعضهم البعض‪ ،‬الشيء الذي يزيد من توثيق وتوطيد العالقة بين أفرادها‪،‬‬
‫وكذلك تمسكها بنفس القيم واألخالق‪.‬‬
‫* اجتماعات األسرة‪ :‬األسرة لكي تحقق تماسكها وكيانها البد لها من أجتماعات تقوم بها بصورة‬
‫منتظمة ومتقاربة حيث تضم هذه االجتماعات كل أفراد األسرة‪ ،‬حيث تعمل هذه االجتماعات على‬
‫تنمية أفكار األبناء وتغرس فيهم الثقة بالنفس والتخلص من الخوف والخجل‪ ،‬بحيث تكون هذه‬
‫االجتماعات بمثابة تدريب وتعويد لألبناء على مواجهة مختلف المواقف‪.‬‬
‫* ثقافة األسرة‪ :‬وهي تضم عاداتها وتقاليدها وقيمها ومعتقداتها‪ ،‬ومن واجب األسرة نقل هذه الثقافة‬
‫ألبنائها عن طريق التلقين والمحاكاة‪ ،‬واألسرة المثقفة هي التي لديها قدر كبير من الثروات الثقافية‪،‬‬
‫وباستطاعتها تقديم أكبر قدر من الخبرات ألبنائها عن طريق توفير الجرائد والمجالت والكتب‬
‫لتدريبهم على اإلطالع‪ ،‬وتنمية روح المناقشة والنقد من خالل أراء الكتاب والصحفيين‪ ،‬وتوفير وسائل‬
‫اإلعالم في المنزل مع ضرورة مراقبتها حيث تلعب هذه الوسائل دو ار كبي ار في تنمية المعارف‬

‫‪29‬‬
‫وتوجيهها‪ ،‬من خالل ما تقدمه من معلومات علمية وثقافية‪ ،‬إلى جانب زيارة الوالدان للمدرسة ومتابعة‬
‫أبنائهم مدرسيا من خالل مقابلة المدرسين الذين يواجه أبنائهم معهم مشاكل معينة‪ ،‬ومحاولة إيجاد‬
‫أسباب إخفاق األبناء في بعض المواد الدراسية‪.‬‬
‫* الجو الديموقراطي‪ :‬إن مصطلح الديمقراطية أو الجو الديمقراطي يوحي بصورة آلية إلى الحرية‪،‬‬
‫أي حرية التعبير والتصرف‪ ،‬إذا ما حاولنا إسقاط هذا المصطلح على الجو األسري‪ ،‬فإننا نجد أن‬
‫هذه األسرة تلقائية ومتفتحة ومتقبلة آل ارء أبنائها‪ ،‬حيث يحاول األبناء وهم في سن المراهقة إبداء‬
‫آرائهم والمشاركة في اتخاذ الق اررات‪ ،‬ولذلك كان لزاما على األسرة احترام أبنائها باإلنصات إليهم‬
‫ومحاولة توجيه أفكارهم وتنويرهم إذا لم تكن صائبة‪ ،‬دون اإلساءة إليهم أو توبيخهم‪ ،‬إذا ما قاموا‬
‫بتصرف أو أبدوا أريا معينا مخالفا لعرف األسرة وتقاليد المجتمع‪ ،‬ومن السمات التي تتميز بها األسرة‬
‫الديمقراطية نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬حرية النق د‪ :‬فاألسرة تحاول أن تشجع األبناء على التعبير عن مشاعرهم بالرضا أو الرفض ألي‬
‫موقف‪ ،‬فتعبير المراهق عن رفضه أو قبوله لما يدور حوله هو تدريب على المناقشة وتوضيح سبب‬
‫الرفض والقبول وكذا الشجاعة في المواجهة‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء فرصة لألبناء للتصرف إلبراز قدراتهم واحترام اختالف األمزجة الفردية خاصة وأن المراهق‬
‫يحاول اإلبداع لكي يبين لمن حوله أنه قادر على تحمل المسؤولية‪( .‬معوض‪1994 .‬م‪ .‬ص‪.)115‬‬
‫* الروح الدينية‪ :‬لكل أسرة عقيدة تؤمن بها‪ ،‬سواء كانت هذه العقيدة موروثة أو اعتنقتها األسرة‪،‬‬
‫فكلما قامت األسرة بتشجيع أبنائها وتأصيل الروح الدينية لديهم‪ ،‬كلما كانت تنشئتهم تنشئة صالحة‪،‬‬
‫وهذا التشجيع يكون عن طريق ممارسة الشعائر الدينية من طرف الوالدين لتنتقل بعد ذلك وعن‬
‫طريق التقليد والمحاكاة إلى األبناء‪ ،‬وكذلك اقتناء الكتب الدينية وتركها في متناول المراهق‬
‫ومصاحبته إلى دور العبادة مما يجعله أكثر اعتيادا على التردد عليها‪ ،‬والمواظبة على الصالة‪ ،‬إلى‬
‫جانب مناقشة المشكالت الدينية "فالتربية الدينية لها أهمية بالغة في فترة المراهقة حيث أن المراهقين‬
‫في هذه المرحلة يلبسون المثل العليا‪ ،‬ولهذا ال بد على األسرة أن تستغل الفرصة لبث الروح الدينية‬
‫ودعمها في نفس ية المراهق‪ ،‬كما أن هذه الفترة هي فترة التشكيك في الدين‪ ،‬حيث يحاول كل من‬
‫المراهقين والمراهقات التشكيك في كل شيء ال يقبله عقلهم"‪ ،‬وما يمكن قوله عن األسرة وأدوارها‬
‫المتنوعة أنها ال بد أن تأخذ موضع االعتدال‪ ،‬فال إفراط وال تفريط‪ ،‬فانعدام الجو المالئم لألبناء‬
‫المراهقين داخل األسرة يؤدي بهم إلى االنحراف نتيجة للضغوطات الموجودة داخل األسرة‪ ،‬ويتجسد‬
‫ذلك في التمرد عليها والخروج عن نظمها وقواعدها‪ ،‬ومنه الخروج عن القوانين والضوابط المجتمعية‪.‬‬
‫(معوض‪1994 .‬م‪ .‬ص‪.)116‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ /2‬في المدرسة‪ :‬تعد المدرسة المحيط الثاني بعد األسرة التي يتفاعل معها المراهق‪ ،‬كما تعتبر‬
‫الهدف الثاني بعد األسرة في تمرده وثورته ضد السلطة المدرسية واألستاذ‪ ،‬بحيث يالحظ عموما‬
‫وجود حساسية كبيرة في التعامل بين األستاذ والتلميذ المراهق الذي يجد صعوبة في التكيف نتيجة‬
‫وجود بعض المشاكل النفسية واالجتماعية‪ ،‬حيث تظهر مشاعر المعارضة والكره والعناد‪ ،‬باعتبار أن‬
‫األستاذ هو مصدر السلطة‪ ،‬ذلك أنه ولقيامه بواجبه وأدائه لدوره على أكمل وجه‪ ،‬وجب عليه التحكم‬
‫في القسم والسيطرة على زمام األمور‪ ،‬ولذلك فإن على األستاذ وبالرغم من وجوب فرض هذه السيطرة‬
‫يجب عليه أن يتصف بجملة من الصفات تجعل تالميذه يثقون به و يحبونه‪ ،‬ومن هذه الصفات‬
‫نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬إخالص المعلم وثقته بنفسه‪ ،‬على أنه قادر على مساعدة التالميذ جميعهم‪ ،‬وإشعارهم بأنه يحبهم‪،‬‬
‫دون تفريق وإخفاء المشاعر السلبية اتجاه تالميذه األكثر شغباً‪.‬‬
‫‪ -‬تجنب استخدام العقاب االنتقامي خاصة العقاب الجماعي عند خطأ ارتكبه عدد قليل من التالميذ‪،‬‬
‫فالعقاب الذي يستهدف إظهار أن المدرس هو السيد‪ ،‬هو الذي له أثر كبير في ثورة التالميذ ضد‬
‫المدرس وإشعال نار االنحراف السلوكي والعنف داخل القسم‪.‬‬
‫‪ -‬عدم السخرية من التلميذ أو إضحاك اآلخرين عليه‪ ،‬مما يؤدي بالتلميذ إلى اإلصابة بمشاكل‬
‫نفسية‪.‬‬
‫‪ -‬إشراك التلميذ في كل النشاطات المدرسية‪ ،‬كالمساهمة في تحضير وشرح الدرس‪ ،‬أو القيام بأي‬
‫نشاط جماعي‪ ،‬بحيث يحقق األستاذ هدفين‪ ،‬هما مساعدة التلميذ على إبراز مواهبه وكذلك تدريبه‬
‫على التعاون‪.‬‬
‫‪ -‬السماح للتلميذ التكلم بكل حرية واتخاذ موقف ايجابي وودي بحيث يجعل التلميذ يفكر بأن المعلم‬
‫يحبه ويحترمه‪( .‬خان‪1412 .‬ه‪ .‬ص‪.)117‬‬

‫‪31‬‬
‫المراهق والسلوك العدواني‪:‬‬
‫إن المراهقة هي إحدى الحلقات في دورة النمو النفسي‪ ،‬وهي كما تخضع في جزء كبير منها‬
‫للحلقات السابقة تؤثر بدورها في المراحل الالحقة‪ ،‬ويدرك المرشدون النفسانيون أنه رغم أن المراهقة‬
‫هي المرحلة المثالية لآلمال والطموح‪ ،‬والنمو الشخصي وتحقيق الهوية الذاتية‪ ،‬إالَّ أنها المرحلة التي‬
‫يقل فيها اإلحساس بالرضا ويظهر فيها القلق واالكتئاب ويزداد معدل المشاغبة والجنوح وتظهر فيها‬
‫محاوالت االنتحار وتشهد بداية التدخين وإدمان العقاقير والخوف من فقد الحب‪ ،‬والمشاعر العدوانية‬
‫واألحاسيس الجنسية غير المقبولة والشعور بعدم الكفاية وانعدام اإلحساس بالهوية الذاتية‪ ،‬كما يكون‬
‫السلوك المضاد للمجتمع أكثر شيوعا في منتصف المراهقة ويأخذ شكل الهروب والتأخر خارج المنزل‬
‫وتدمير األشياء وسرقة أشياء تافهة في البداية ثم تتحول إلى سرقة أشياء قيمة والكذب والتخريب‬
‫المتعمد لممتلكات الغير واإلعتداء الجسماني واإلغتصاب الجنسي‪ ،‬ويعد العداء والعدوان وعدم‬
‫الصبر من أكثر األنماط شيوعا في هذه المرحلة‪.‬‬
‫كما يعتبر الغضب من األنماط الشائعة لدى المراهقين‪ ،‬فيغضب عندما يؤنب أو يوبخ أو‬
‫ينتقد‪ ،‬أو يكرر له النصح والموعظة كدرس أو محاضرة‪ ،‬وفي فترة المراهقة أيضا يميل الشخص إلى‬
‫السلوك العدواني ‪ ،‬وهذا ما يتضح في سلوكه نحو الكبار المحيطين به من أبوين ومصادر السلطة‬
‫في المجتمع‪ ،‬ولكونه في مرحلة ال هو فيها رجل وال هو طفل فإن المراهق يتحرك ضد الناس‪ ،‬وذلك‬
‫في بحثه عن الدور الذي يرغب في تحقيقه في الرشد‪ ،‬وقد يغالي في استخدام العدوان في عالقته‬
‫باآلخرين فيصبح عدوانيا بشكل ظاهر ويميل إلى االنتقام لنفسه من هؤالء الذين نبذوه‪ ،‬وترى هورني‬
‫أن هناك بعض النقاط ألبرز وأوضح مبررات هذا النوع من العدوان‪:‬‬
‫* إنه يبدأ من مسلمة هي‪ :‬أن العالم الذي نعيش فيه عالم عدواني‪ ،‬ولذا فعليه شعوريا أو ال شعورياً‬
‫أن يقاوم العدوان ويحاربه‪.‬‬
‫* االحساس أو الرغبة األولى لدى المراهق من هذا النمط هي الرغبة في أن يكون قويا يسيطر على‬
‫اآلخرين ويهزم أعداءه أيا كانوا‪ ،‬وبسبب حالة عدم الثقة في اآلخرين فإن دفاعاته تكون في حالة‬
‫استعداد‪ ،‬وفلسفته السائدة هي أنه" ليس هناك حق دون قوة تحميه"‪ ،‬وهو تفكير العقالني يدعم فكرة‬
‫العدوان لديه‪ ،‬كما يدعم هذا المعتقد بأن العدوان يعمل على ارتفاع تقدير الذات‪.‬‬
‫* الميل إلى السيطرة قد يكون في صورة ضمنية أو في شكل مساعدة للغير وبطريقة إنسانية وفي‬
‫ثنايا هذه المساعدة للغير تكمن الرغبة في القوة والسيطرة على اآلخرين‪( .‬خان‪.)120 .‬‬

‫‪32‬‬
‫الخاتمة‬
‫خالصة القول بأن هذا البحث تناول كل ما هو متعلق بالمراهق ومرحلة المراهقة وتأثيرات‬
‫السلوك اإلنساني والبيئة االجتماعية فيها‪ ،‬حيث أن لمرحلة المراهقة تأثير كبير على تغير سلوكيات‬
‫المراهقين والتأثير على انفعاالتهم‪.‬‬
‫أتحدت مجموعة من الوحدات التي ساهمت بشكل كبير جداً في تكوين تلك التأثيرات وأثرها‬
‫على حياة المراهقين‪ ،‬ومدي تأثرهم بالسلوك اإلنساني والبيئة االجتماعية المحيطة بهم‪.‬‬
‫ويقع العبء األكبر على األسرة‪ ،‬فهي المصدر األول لبروز هذه الظاهرة‪ ،‬والحل األوحد‬
‫للقضاء عليها‪ ،‬وهذا من خالل رعاية أطفالها وتنشئتهم تنشئة سليمة‪ ،‬وتوفير الجو المالئم لنمو‬
‫شخصياتهم وتوافقها مع البيئة االجتماعي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫أسم المرجع‬ ‫الترتيب‬


‫الجسماني‪ ،‬عبد الغني (‪1994‬م)‪ ،‬سيكولوجية الطفولة والمراهقة وحقائقها األساسية‪ .‬ط‪ 1‬الدار‬ ‫‪.1‬‬
‫العربية للعلوم‪ .‬بيروت‪ .‬لبنان‪.‬‬
‫الحافظ‪ ،‬نوري (‪1981‬م)‪ ،‬المراهقة دراسة سيكولوجية‪ .‬المؤسسة العربية للنشر‪ .‬بيروت‪ .‬لبنان‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫حجازي‪ ،‬عزت‪1985( .‬م)‪ .‬الشباب العربي ومشكالته‪ .‬عالم المعرفة‪ .‬سلسلة كتب ثقافية شهرية‬ ‫‪.3‬‬
‫يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ .‬الكويت‪.‬‬
‫خان‪ ،‬محمد حمزة أمير (‪ .)1412‬األحكام األخالقية والقيم‪ :‬دراسة مقارنة بين السعوديين وغير‬ ‫‪.4‬‬
‫السعوديين في مدينة جدة‪ .‬العدد السادس‪ .‬مجلة جامعة أم القرى‪ .‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫والطفولـة‬ ‫النمـو‬ ‫نفـس‬ ‫علم‬ ‫(‪1999‬م)‪،‬‬ ‫السالم‬ ‫عبد‬ ‫حامد‬ ‫زهران‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫والمراهقة‪ .‬عالم الكتب‪ .‬القاهرة‪ .‬مصر‪.‬‬
‫شبشوب‪ ،‬احمد (‪1991‬م)‪ .‬علوم التربية‪ .‬دار التونسية‪ .‬تونس‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫سليمان‪،‬حسين‪،)2005(،‬السلوك اإلنساني والبئية االجتماعية بين النظرية والتطبيق‪،‬المؤسسة‬ ‫‪.7‬‬
‫الجامعية للدراسات والنشر‪،‬بيروت‬
‫الغامدي‪ ،‬حسين حسن عبد الفتاح (‪ .)1997‬علم نفس النمو مدى الحياة‪ .‬دار الفكر‪ .‬جدة‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫محمد‪ ،‬عصام فريد عبد العزيز (‪2009‬م)‪ ،‬المتغيرات النفسية المرتبطة بسلوك العدوانيين المراهقين‬ ‫‪.9‬‬
‫وأثر االرشاد النفسي في تعديله‪ .‬دار العلم واإليمان للنشر والتوزيع‪ .‬القاهرة‪ .‬مصر‪.‬‬
‫‪ .10‬معوض‪ ،‬خليل ميخائيل (‪1994‬م)‪ ،‬سيكولوجية نمو الطفولة والمراهقة‪ .‬دار الفكر العربي‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫مصر‪.‬‬
‫‪ .11‬ملحم‪ ،‬سامي محمد (‪2004‬م)‪ .‬علم نفس النمو‪ .‬ط‪ .1‬دار الفكر‪ .‬األردن‪.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like