Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫و مما ينبغي التنبيه عنه هو أن أصل شرك عباد القبور و‬ ‫وروده و غير ذلك فجعل بذلك عقله الذي

غير ذلك فجعل بذلك عقله الذي حكمه مقدما على‬ ‫الحمد لله وحده و الصالة و السالم على من ال نبي بعده‬
‫األصنام و الكواكب و غير ذلك مما يعبد من دون الله هو هذا‬ ‫حكم الله حاكما عليه‪ ،‬فكان إعطاء نفسه حق التشريع هو‬ ‫سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم ممن عبد الله‬
‫الشرك بعينه "شرك التشريع"‪ ،‬فإن أول من جعل الصالحين‬ ‫اإلستكبار الذي خرج به عن اإلسالم و قارنه كفر القدح في‬ ‫فوحّده في عبادته و حكمه و أشهد أن ال إله إال الله وحده‬
‫تستحق أن تعبد قد صير نفسه مشرعا مع الله بجعله ذاك‪،‬‬ ‫كمال حكمة الله و علمه و جعله أهال ألن يسأل عما يفعل و‬ ‫ال شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله‪ .‬أما بعد ‪:‬‬
‫فهو أول من أصدر حكم كونها تستحق العبادة‪ ،‬و شرع من‬ ‫هو كفر تمثيل الخالق بالمخلوق قال تعالى واصفا نفسه "ال‬
‫الدين ما لم يأذن به الله‪ ،‬قال تعالى مبينا حال المشركين ‪" :‬‬ ‫يسأل عما يفعل و هم يسألون" و قال "ليس كمثله شيء و‬ ‫إعلم رحمك الله أن أول شرك حصل في األرض هو شرك عبادة‬
‫أَم لَهُم شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِنَ الدِّينِ مَا لَم يَأذَن بِهِ اللَّهُ "‪،‬‬ ‫هو السميع البصير" مع علمه التام بأنه "ال إله إال الله" و أن‬ ‫الصالحين ذلك أنه بعد بعشرة قرون من موت آدم عليه‬
‫فتشريعهم لكونها آلهة تستحق العبادة هو الذي جعل‬ ‫الله هو ربه و هو ربه كل شيء و مليكه‪ ...،‬فإن اإلستكبار‬ ‫السالم كان الناس يترددون على خمسة رجال صالحين أخذا‬
‫األتباع باتزامهم لهذا التشريع مشركين بالله في الطاعة و‬ ‫هو إعطاء النفس ما هو حق لله وحده من الحكم و التشريع‬ ‫من علمهم و خلقهم فكانوا معظمين فيهم إلى أن ماتوا‬
‫مشركين به في عبادتها‪ ،‬فكان شرك التشريع أصل شرك‬ ‫أو الربوبية أو األلوهية او سائر ما يختص به الله وحده فمن‬ ‫في شهر فلم يترك إبليس هذا المنفذ فأوحى إلى الناس أن‬
‫الصالحين و األصنام و النجوم و القبور‪.‬‬ ‫جعل لنفسه شيئا من ذلك اعتقادا مجردا أو قوال مجردا أو‬ ‫صوروا أكابر صالحيكم الخمس في مجالسهم لتتذكروهم و‬
‫إذا تبين هذا فاعلم أن شرك التشريع ينقسم إلى قسمين‬ ‫عمال مجردا فهو مستكبر كافر من روؤس الطوغيت ‪...‬‬ ‫تتذكروا خلقهم و صالحهم فيكون ذلك أدعى لتذكيركم‬
‫خبيثين ‪:‬‬ ‫فهكذا كان شرك التشريع مع الله هو أول شرك حصل في‬ ‫بربكم ففعلوا‪ ،‬فصارت هذه الصور ال تزيدهم إال تعظيما‬
‫األول ‪ :‬تشريع مشاركة و هو إعطاء النفس حق التشريع قوال‬ ‫السماء جعل من إبليس رأس الطواغيت جميعا‪ ،‬لذا كان‬ ‫للصالحين فلم يزالوا يعظمونهم جيال بعد جيل حتى قالوا ‪:‬‬
‫أو فعال من دون نفيه عن الله‪ ،‬و هو على ضربين‪:‬‬ ‫معلوما باإلضطرار في دين اإلسالم و في سائر الملل أن‬ ‫"لم يعظم آباؤنا هؤالء إال ألنهم يشفعون عند الله"‬
‫تشريع مع الله و إضافة ذلك لله كمن يحل ما حرم‬ ‫‪-‬‬ ‫التشريع مع الله هو الملة اإلبليسية التي يصير بها صاحبها‬ ‫فاتخذوهم شفعاء مع الله و عبدوهم بذلك –عبادة‬
‫الله و يجعل ذلك من شرع الله‪.‬‬ ‫طاغوتا مستكبرا‪ ،‬و من ذلك كان كفر فرعون إذ أعطى نفسه‬ ‫اإلستشفاع بالصالحين‪ -‬و كان هذا أول شرك حصل بعد نزول‬
‫تشريع مع الله و عدم إضافة ذلك لله كتشريع‬ ‫‪-‬‬ ‫حق تسمية نفسه إلها و ربا و زاد في كفره فوصف الله‬ ‫آدم إلى األرض و إعالن إبليس و آله العداوة على آدم و آله‬
‫إبليس إذ قال "أنا خير منه" و لم يجعل قوله ذاك‬ ‫بالنقائص حتى نفى عن الله الوجود فجعل نفسه منفردا‬ ‫و كان هذا الشرك الذي حصل في األرض نتيجة ألول شرك‬
‫من حكم الله‪.‬‬ ‫باأللوهية و الربوبية و قال "أنا ربكم األعلى" و قال "ما‬ ‫حصل في السماء و هو شرك اإلستكبار‪ ،‬إذ أمر الله المالئكة‬
‫الثاني ‪ :‬تشريع انفراد و هو أخبث أنواعه و هو إعطاء حق‬ ‫علمت لكم من إله غيري"‪ ،‬فأصدر من نفسه أحكاما نازع بها‬ ‫بالسجود آلدم تشريفا له فسجدوا إال إبليس أبى و استكبر و‬
‫التشريع للنفس و نفيه عن الله و عن غيره قوال أو فعال‬ ‫الله في خصائصه بأنه هو اإلله و الرب وحده لذا كان فرعون‬ ‫كان من الكافرين‪ ،‬ذلك بأنه قال "أأسجد لمن خلقت طينا ؟"‬
‫كتشريع فرعون إذ قال "ما علمت لكم من إله غيري" أي ما‬ ‫من أطغى أهل األرض عند سائر الملل بل كان كفره أشد‬ ‫و قال "أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين" مع‬
‫لكم من إله غيري فتؤمنوا به و لن تؤمنوا به حتى آذن لكم‪،‬‬ ‫من كفر إبليس فإن إبليس لم ينف األلوهية و الربوبية عن‬ ‫علمه بأن الله هو الذي شرع وجوب السجود آلدم و أصدر حكم‬
‫كما قال للسحرة الذين تابوا " آمَنتُم لَهُ قَبلَ أَن آذَنَ لَكُم"‪،‬‬ ‫الله تعالى‪.‬‬ ‫ذلك الوجوب بقوله ‪" :‬اسجدوا آلدم" فما لبث إبليس إال أن‬
‫فجعل نفسه هو اإلله و هو الذي يشرع وجود إله معه‪ ،‬تعالى‬ ‫إعلم أرشدك الله لطاعته أن شرك التشريع بإصدار األحكام مع‬ ‫جعل نفسه ندا لله في إصدار األحكام فأصدر حكم "أنا خير‬
‫الله عما قال علوا كبيرا‪.‬‬ ‫الله هو أصل الشرك و أوله و أشد أنواعه و صاحبه مشرك‬ ‫منه" و شرع تشريعا وضعيا يمثله و ينازع به تشريع الله و‬
‫و ال شك في كفر من شرع بأي صورة من صوره بإجماع‬ ‫مستكبر كافر من رؤوس الطواغيت بإجماع المسلمين‪ ،‬بل‬ ‫يشارك به ربه في التشريع معطيا لنفسه حق التشريع‪ ،‬ثم‬
‫المسلمين سواء شرع في األحكام الوضعية بتصحيح باطل أو‬ ‫بإجماع أهل سائر الملل‪ ،‬و ال يرد جهل كثير من الناس بهذا‬ ‫جعل يسأل ربه فقال "أأسجد لمن خلقت طينا ؟" جاعال الله‬
‫وضع أو إزالة شرط أو مانع أو رخصة أو إبطال حق أو غير ذلك‬ ‫األمر كونه معلوما من دين الرسل باإلضطرار‪.‬‬ ‫أهال ألن يسأل عما يفعل واصف بذلك ربه بما يتصف به‬
‫من تشريع أحكام وضعية‪ ،‬أو شرع في األحكام التكليفية‬ ‫المخلوق من نقص في الحكمة القاصرة و الخطأ الممكن‬
‫أنهم ينصرون دين الله و كال و ألف كال‪ ،‬فإنهم أشركوا لما‬ ‫بتحليل حرام أو كفر أو إيجابه أو تحريم حالل أو واجب أو‬

‫[معلوم من الدين بالضرورة]‬


‫استعملوا هذا الباطل الذي سموه "حقا" كوسيلة لجعل حكم‬ ‫غيرها من تشريع األحكام التكليفية و أجمعوا على تسمية‬
‫البالد يوافق الشرع‪ ،‬فحتى لو كانت النية هي أن تحكم‬ ‫من شرع طاغوتا من رؤوس الطواغيت‪.‬‬
‫البالد بشرع الله و التقرب بذلك إلى الله‪ ،‬فإن الوسيلة شركية‬ ‫و ال شك في كفر من شك أو توقف في كفر من شرع لظهور‬
‫و هي الديمقراطية التي تعطي الشعب الحق في التشريع‪،‬‬ ‫المسألة عند سائر الملل و إجماع المسلمين عليها‪.‬‬

‫شرك التشريع‬
‫فمجرد استعمال هذا الحق هو التزام و إقرار بحكم‬ ‫و أجمع المسلمون على كفر من التزم بطاعة تشريع الطاغوت‬
‫الديمفراطية الذي يعطي حق الكفر بالتشريع‪ ،‬وهو كفر بحد‬ ‫سواء كان تشريعه تشريع مشاركة أو انفراد لقوله تعالى ‪" :‬‬
‫ذاته‪ ،‬فال فرق بين جعل البرلمان الشركي وسيلة للتقرب‬ ‫وَلَا تَأكُلُوا مِمَّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ وَإِنَّهُ لَفِسق وَإِنَّ‬

‫أول الشرك و أصله‬ ‫إلى الله بتحكيم شرعه و بين عبادة األولياء و جعلها وسيلة‬
‫للتقرب إلى الله فقد جعلهم الله مشركين إذ قال ‪ " :‬وَالَّذِينَ‬
‫الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَولِيَائِهِم لِيُجَادِلُوكُم وَإِن أَطَعتُمُوهُم‬
‫إِنَّكُم لَمُشرِكُونَ (‪." )121‬‬
‫اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاءَ مَا نَعبُدُهُم إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ‬ ‫و من أقبح صور التشريع ما نراه اليوم و نسمعه من مجالس‬
‫زُلفَى "‬ ‫تشريعية يعطى فيها حق التشريع ألعضائها النواب عن‬
‫(تهدى و ال تباع)‬ ‫فاعلم رحمك الله أن الله أرسل رسله بتوحيده حتى يكون‬ ‫الشعب‪ ،‬فيشرعون فيها تشريعات و قوانين لتكون منهاجا‬
‫الدين كله لله و ال يتلقى إال عنه و ال يعبد إال إياه و بإذنه و‬ ‫يسير عليه أهل البلد و يلتزمونه بناءا على قولهم "إن الحكم‬
‫[شارك في نشرها لنيل أجرها]‬ ‫فقط بما شرعه و ال يرجى إال وجهه و مرضاته‪ ،‬فاألمر كله‬ ‫للشعب‪ ،‬و يمثل الشعب حقه في التشريع عن طريق انتخابه‬
‫من الله و بالله و لله فبدل الذين كفروا قوال غير الذي قيل‬ ‫لمن ينوب عنه في البرلمان" و يريدون بالبرلمان ‪ :‬المجلس‬
‫لهم فقالوا ‪ :‬من الشعب و بالشعب و للشعب‪ ،‬فكان شرك‬ ‫الذي يشرعون فيه القوانين التي تحكم البالد و تسير عليها‬
‫التشريع مباشرة و نيابة هو شرك اآلخرين مع انتسابهم‬ ‫من دون حكم الله‪ ،‬و قولهم "الحكم للشعب" هو حقيقة‬
‫ال ينبغي لمسلم الجهل به‬ ‫لإلسالم و كان هو شرك إبليس مع انتسابه لإلسالم و علمه‬ ‫الديمقراطية و تعريفها‪ ،‬فهم ال يجعلون التشريع فقط‬
‫بأنه ال إله إال الله و يقينه به حق اليقين‪ ...،‬فإن كنت ترجوا‬ ‫للطواغيت أعضاء البرلمان‪ ،‬بل يدخلون كل الشعب في‬
‫الجنة و تخاف من النار فاحفظ نفسك من مقاربة هذا الشرك‬ ‫إعطائه حق التشريع و يجعلونهم رعية لهم‪ ،‬فمن انتخب نائبا‬
‫مزاولة أو طاعة أو التزاما‪ ،‬فإنه ال عذر بالجهل فيه و تبرأ ممن‬ ‫عنه يشرع محله فقد جعل لنفسه مشرعا طاغوتا ينوب عنه‬
‫إعداد ‪:‬‬
‫ارتكبه و خرج من دين ربه فكفر به و قل اللهم يا مقلب‬ ‫في شرك التشريع‪ ،‬و من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين‬
‫أبو الفداء محمد بن إلياس المغربي‬
‫القلوب ثبت قلبي على دينك‪ ،‬فإنها ال تعمى األبصار و‬ ‫على أن اإلستنابة في ارتكاب الكفر كفر‪ ،‬و كذا من اتخذ‬
‫لكن تعمى القلوب التي في الصدور‪.‬‬ ‫الطاغوت المشرع أو المحكم للقانون وليا ألمره فقد رضي به‬
‫نسأل الله العظيم أن يجعل لهذه األمة مخرجا من هذه الفتنة‬ ‫و آمن بالطاغوت و كفر بالله و هذا الكفر البواح قد بلغ آفاق‬
‫‪ -‬دار التوحيد ‪-‬‬ ‫الدهيماء التي ربي فها الصغير و هرم عليها الكبير إنه ولي‬ ‫األرض مشرقا و مغربا و لم يسلم من هذه الردة التي ال عذر‬
‫ذلك و القادر عليه‪ ،‬إنه هو السميع البصير‪.‬‬ ‫بالجهل فيها إال أقل القليل‪.‬‬
‫هذه المطوية تحتوي على ألفاظ الجاللة وآيات قرآنية و أحاديث‬ ‫سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك و‬ ‫و مما زاد في األمر فتنة قوم دخلوا في البرلمانات التي‬
‫احذر من تركها في مكان مهين‬ ‫أتوب إليك‪.‬‬ ‫تعطي للمرء حق التشريع و استعملوا هذا الحق في تشريع‬
‫ما يوافق حكم الله و سموا أنفسهم "إسالميين" و ظنوا‬

You might also like