Professional Documents
Culture Documents
Camping Fatawah of Ibnu Uthaimin
Camping Fatawah of Ibnu Uthaimin
فال شك أن الحكومة – وفقها اهلل – تشكر على ما تنشئه من هذه المراكز" الصيفية ،ألنها تكف بهذا
المراكز شراً عظيماً وفتنة كبيرة ،فما الحال لو أن هذا الشاب وهذه الجحافل كثيرة العدد أخذت تجوب
األسواق طوالً وعرضاً أو تخرج إلى المنتزهات ،أو إلى البراري" أو الشعاب أو الجبال ،ما الذي يحصل
منها من الشر ؟
أعتقد أن كل إنسان عاقل يعرف الواقع يعلم أنه ستحصل كارثة للشباب من االنحراف" وفساد" األخالق
واألفكار" الرديئة وغير ذلك ،لكن هذه المراكز" وهلل الحمد صارت تحفظ كثيراً من الشباب ،وال نقول
تحفظ أكثر الشباب ،وال كل الشباب كما هو الواقع ،فيحصل فيها خير كثير من استدعاء أهل العلم ،
إللقاء المحاضرات التي يكون بها العلم الكثير والموعظة النافعة ،واأللفة بين الشباب وبين الشيوخ ،وفي
هذا بال شك مصالح عظيمة .
أما ما يحصل فيها من إمتاع النفس بلعبة الكرة والمسرحيات المباحة وما أشبه ذلك فهذا من الحكمة ،ألن
النفوس لو أعطيت الجد في كل حال وفي" كل وقت ،ملت وكلّت وسئمت ،فالصحابة – رضي اهلل عنهم
– قالوا :يا رسول اهلل ،إذا كنا عندك وذكرت لنا الجنة والنار ،فكأننا نراها رأي العين ،لكن إذا ذهبنا
إلى األهل واألوالد" نسينا ،فقال الرسول عليه الصالة والسالم (( :ساعة وساعة )) ( ) 1بمعنى أن
اإلنسان يكون هكذا مرة وهكذا مرة .وقال عليه الصالة والسالم" لعبداهلل بن عمرو بن العاص ،وقد" قال
رضي اهلل عنه :ألقومن الليل ما عشت ،وألصومن النهار ما عشت ،وقال له (( أقلت هذا )) ؟! قال :
نعم يا رسول اهلل ،قال (( :إن لربك عليك حقاً ،ولنفسك عليك حقاً ،وألهلك عليك حقاً ،ولزورك
حق حقه )) ( ) 2 ِ
فأعط كل ذي ٍّ ( يعني ضيفك ) عليك حقاً ،
وسمع قوماً" سألوا عن عمل الرسول عليه الصالة والسالم في السر ،أي العمل الذي يفعله في بيته ،
فأخبروا" به ،وكأنهم" تقالّوا هذا العمل ،وقالوا :الرسول عليه الصالة والسالم ،غفر له ما تقدم من ذنبه
وما تأخر ،ونحن لسنا كذلك ،فقال بعضهم" :أنا ال أنام الليل ،يعني يقوم الليل وال ينام ،وقال الثاني :
أنا أصوم وال أفطر" ،وقال الثالث :أنا ال آكل اللحم ،وقال الرابع :أنا ال أتزوج النساء .فلما سمع النبي
صلى اهلل عليه وسلم" بذلك .قال (( :ما بال أقوام" يقولون كذا وكذا ؛ لكني أصوم" وأفطر" ،وأصلي" وأنام ،
وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني )) ( ) 3
فإعطاء النفس حظها من المتعة المباحة ال شك أنه غاية الحكمة ،ثم إن لعبة الكرة مع ما فيها من التسلي
وإ ذهاب التعب النفسي ففيها منفعة للبدن ،ألنها نشاط" وتقوية ،لكن يجب فيها أمور :
أوالً :أن يتجنب الالعبون ما يفعله السفهاء من لبس السراويل" القصيرة ،فإن هذا ال يجوز ،ألننا إن قلنا
إن الفخذ عورة فاألمر واضح ،فإن العورة ال يجوز كشفها ،وال النظر إليها ،وإ ن لم نقل :إنه عورة ،
فإن كشف أفخاذ الشباب فتنة لبعضهم البعض ،وهذه مفسدة يجب درؤها .
يجر إلى الكالم
ثانياً :أال يؤدي ذلك إلى الكالم القبيح من سب أو شتم أو ما أشبه ذلك ،فإنه ال يجوز" ما ّ
البذيء الخارج عن المروءة .
ثالثاً :أال يحص فعل ُمناف للمروءة كما يفعله بعض الالعبين إذا غلب فريق" منهم اآلخر جاءوا يركضون
ويتضامون" ،ويركبون" على أكتاف يعضهم ،وما أشبه ذلك من األفعال المنافية للمروءة ألن هذه األفعال
لوال أنها جاءتنا من دول ليس عندهم مروءة وال دين لكنا أول من ننكرها ،حتى األطفال الصغار الذين
دون البلوغ والذين هم في سن العاشرة ونحوها" ،لو فعلوا هذا لكان ينبغي توجيههم" في ترك هذا الفعل .
أما قول المعترض :من الواجب أن تكون هذه الدروس في المساجد فليس بصحيح ،فإن الدروس تكون
في المساجد وتكون في المدارس والمعاهد" والبيوت وغيرها .
وإ ني أقول :يجب أن يكون عند اإلنسان إدراك ووعي ،وأن ينزل األمور منازلها ،وأال يكون سطحياً
يرى من فوق" السقوف ،بل يكون إنساناً واعياً يسبر أغوار األمور وينظر" ما الذي يترتب من المصالح
ومن المفاسد على األفعال ،والقاعدة الواسعة العريضة الشاملة للشريعة اإلسالمية ،هي جلب للمصالح
وتكثيره ودفع" للمفاسد وتقليلها ،فقد أتت الشريعة بالمصالح ودفع المفاسد وال أحد يشك أننا لو قلنا للمراكز
الصيفية :كونوا" بالمساجد" ما تحمل الناس هذا حتى العامة ال يتحملون هذا األمر.
فإذاً نقول :هذه األماكن ،أعني المدارس هي محل العلم من أزمنة طويلة والمسلمون ال ينكرونها" ،
يدرسون فيها ،وهم الذين بنوا الربط والمدارس" ،وطبعوا" الكتب ؛ كل هذا لم يكن معروفاً في عهد
الرسول عليه الصالة والسالم ،غاية ما هنالك أنه يمكن أن يستدلوا" للربط بأصحاب الصفة ،لكن هل منع
الرسول صلى اهلل عليه وسلم ،من ذلك ؟ أبداً ما منع من هذا ،فالمدارس" اآلن مكان للعلم ُ ،يدرس فيها
كتاب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ،وأقوال العلماء والوسائل" المساندة للعلم من نحو وغيره .
فنقول لمن اعترض على هذا األمر :اعلم أن الدين أوسع مما تظن ،وأنه يأتي بالمصالح أينما كانت ،ما
لم تشتمل على مضار مساوية أو غالبة فتمنع .
أما القول بأن وسائل" الدعوة توقيفية ،فكلمة وسائل تدل على أنها ليست توقيفية ،ما دامت وسيلة فإننا
نسلكها ما لم تكن محرمة ،ألن الوسائل لها أحكام المقاصد .ألسنا نبلغ الناس بواسطة مكبر الصوت ؟
هل هذه الوسيلة كانت موجودة في عهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم ؟ .
ألسنا نقرأ الكتب ونلبس نظارة من أجل تكبير الحرف أو بيانه ؟ هذه وسيلة لقراءة الكتب وتحصيل" العلم .
هل هذا موجوداً في عهد الرسول" عليه الصالة والسالم ؟ ألسنا نضع في أذن خفيف السمع سماعة ليسمع
مل ُيلقى إليه من الخير ؟ الجواب :بلى وهل كان هذا موجوداً في عهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم؟ ما
دمنا أننا أقررنا" بأنها وسيلة فإنها جائزة ما لم تكن محرمة ،نعم لو كانت الوسيلة محرمة لحرمت ،فلو
قيل :هؤالء الجماعة لن يقربوا منكم حتى تضربوا بالمعازف لهم ويرقصوا عليها قلنا :ال نستعملها ألنها
وسيلة محرمة .إذن ،فالوسائل" جائزة وعلى حسب ما هي وسيلة إليه ما لم تكن ممنوعة شرعاً بعينها
وأحث أولياء األمور" على إدخال
ُ فإنها تمنع ،وأنا أحبذ المراكز الصيفية وأرى أنها من حسنات الحكومة ،
أوالدهم فيها ،ولكن يجب الحذر من مسألة ،وهي أال ُيخلط الشباب الصغار مع المراهقين والكبار ،لما
في ذلك من الفتنة التي تخشى منها ،ويجب أيضاً أن يكون القائمون على هذه المراكز من ذوي العلم
واألمانة ،والصالح والمروءة بحسب اإلمكان .
فالكمال هلل وحده ،لكن بحسب اإلمكان ولهذا لما تكلم العلماء عن القاضي ،وأنه يجب أن يكون عدالً قالوا
:إذا لم يوجد قاض عدل ،فإنه يولى أحسن الفاسقين وأقربهم" لألمانة ألن اهلل يقول َ { :اتَّقُوا اللَّهَ َما
ط ْعتُ ْم }(التغابن :من اآلية ، )16ثم إن على والة األمور من اآلباء واإلخوة ونحوهم إذا أدخلوا أوالدهم
استَ َ
ْ
هذه المراكز أن يتحسسوا أخبار هذه المراكز ،وينظروا" كيف يكون مثالً خروج التالميذ إلى البر ،ومن
الذي يخرج بهم ،وهذا حتى يحافظوا على أوالدهم .
فسأل اهلل للجميع التوفيق ،وأكرر ال سيما مع طلبة العلم أن يكون طالب العلم ذهنه واسعاً وتفكيره عميقاً ،
وأن ال يأخذ األمور بظاهرها وسطحيتها" ،وأن ينظر مقاصد الشريعة وما ترمي إليه من إصالح الخلق ،
وأن يمنع ما يكون صالحاً أو ما يكون درءاً لمفسدة أكبر ،إال إذا ورد" الشرع بمنعه ومتى ورد" الشرع
بمنعه علمنا أن ال مصلحة فيه أو أن مفسدته أكبر )) .
سؤال :
فضيلة الشيخ :وردت أسئلة حول المراكز الصيفية فبم توصي القائمين عليها ؟
الجواب :تكلمت على ذلك ن قبل وأرى أن تلك المراكز الصيفية من نعمة اهلل علينا وهلل الحمد أن يسر اهلل
– عز وجل – هذه المراكز" وأن يسر أيضاً أن يكون القائمون عليها ممن نثق بهم حسب ما بلغنا وأن
الشاب يذهب إلى هذه المراكز لينتفع وينفع ،ويقضي" وقته في غير اللعب وفي" غير اللهو ،بال شك أن
في هذا خيراً كثيراً ،وكذلك أحث أيضاً على االلتحاق بحلقات تحفيظ القرآن ألن الصغير يسهل عليه
الحفظ ويحصل الطالب بااللتحاق بها على خير كثير .
كتاب فتاوى وتوجيهات في اإلجازة والرحالت لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه اهلل
أعدها ورتبها" /خالد أبو صالح