مصطلح التربية بين اللغتين العربية والإنجليزية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.

ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫مصطلح الرتبية بني اللغتني العربية واإلجنليزية‬


‫(دراسة معجمية داللية تقابلية)‬
‫✍ أ‪ .‬املربوك خري سعد‬
‫كلية التقنية الطبية ‪ -‬جامعة صرباتة‬

‫يف‬
‫امللخص‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ادلؤسسات الرتبويّة واالجتماعيّة‪،‬‬‫الوقت الذي حيظى موضوع الرتبية ابىتمام كب ٍري من مجيع ّ‬
‫ابلغة يف حياة الفرد ومستقبلو تعود عليو وعلى األسرة‬ ‫إضافةً إذل ما سبثّلو الرتبية األسرية من أمهي ٍة ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لغوي و ٍ‬
‫اصطالحي‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫مفهوم‬ ‫معن ٍّ‬ ‫فاجملتمع ابلنفع العميم واخلري الوفري يكون ذلذا اللفظ أكثر من ً‬
‫ٍ‬
‫ومرب‪ ،‬فجاء ىذا ادلوضوع للوقوف على‬ ‫لغوي وفيلسوف ٍّ‬ ‫كل ٍّ‬‫تتفق حيناً وزبتل حيناً خرر‪ ،‬وفقاً دلنظور ِّ‬
‫ترمجة يف اللغة اإلصلليزيّة‪ ،‬وذلك حبسب علم اللغة‬ ‫حقيقة تلك ادلعاين اللغوية واالصطالحية وما يقابلها من ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلفرداي احلديث‪ ،‬الذي يتتبع خاثر ٍ‬
‫مفردة معيّ ٍنة للوصول إذل نتائج حقيقيّ ٍة وموضوعيّ ٍة مثمرٍة حوذلا‪.‬‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪74‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫مقدمة البحث‪:‬‬
‫احلمد ﵁ الذي ابتدأ ابحلمد كتابو الكرمي‪ ،‬وجعلو خرر دعاء أىل اجلنّة‪ ،‬وصلّى هللاُ وسلّم على‬
‫عرب مب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ني‪ ،‬وعلى خل بيتو الطيبني الطاىرين‪،‬‬ ‫رامت األنبياء وادلرسلني‪ ،‬ادلبعوث رمحةً للعادلني‪ ،‬بلسان ٍّ‬
‫وصحابتو الغُّر ادليامني‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ما للرتبية من أمهية ابلـ ـغ ـ ـ ـة يف ح ـ ـي ـ ـاة الشعوب‪ ،‬اى ـتمت األمم مجيعاً ببناء أبنائها بناءً‬
‫فبقدر‬
‫سليماً قودياً وزلكماً‪ ،‬فحظي موضوع (الرتبية) منذ القدم ابىتمام العادل اإلنساينّ‬
‫راصة‪.‬‬
‫العرب ّ‬
‫عامة‪ ،‬والعادل ّ‬
‫لكن ىذه البديهية‬
‫ومن البديهي القول‪ :‬إ ّن الشباب ىم عماد التنمية يف اجملتمعات ادلعاصرة‪ّ ،‬‬
‫تبقى رىن ادلعتقل دون فائدةٍ ترجى‪ ،‬ما دل تعمل تلك اجملتمعات على مساعدهتم (تربويً) و(اجتماعياً)‪،‬‬
‫ليكونوا مواطنني صاحلني وانفعني‪ ،‬خيدمون أنفسهم وأسرىم اليت نشأوا فيها‪ ،‬ووطنهم الذي عاشوا وتربوا‬
‫فيو‪.‬‬
‫االقتصادي‬
‫ّ‬ ‫ولذلك يُعد إنفاق الشعوب على ىذا اجلانب من جوانب احلياة نوعاً من االستثمار‬
‫ٍ‬
‫بشيء من االىتمام‬ ‫الذي ال تقل أمهيتو عن بقية االستثمارات ادلاديّة األررى‪ ،‬فحظي الطفل منذ األزل‬
‫بتعليمو األرالق الفاضلة‪ ،‬والعادات احلسنة‪ ،‬والروح العالية‪ ،‬لينعم بـقوة الشخصيّة‪ ،‬واستواء الطبع‪،‬‬
‫ورقي العقل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وفصاحة اللّسان‪ ،‬ونضج اجلسم‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫تقنيات‬ ‫ث من‬ ‫ِ‬
‫استُ ْحد َ‬
‫مثّ بفضل عوامل التقدم العلمي احلديث لقي ىذا الطفل رعايةً أكرب دبا ْ‬
‫ٍ‬
‫بشكل أو آبرر يف تنمية‬ ‫اثبتة أو متغريةٍ‪ ،‬تسهم‬
‫متينة ٍ‬
‫سس ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حديثة‪ ،‬ذلا أسلوهبا يف بناء حياتو على أُ ٍ‬ ‫علميّ ٍة‬
‫شخصو‪ ،‬وتعديل سلوكو‪ ،‬لتعزيز فكرة (ادلواطنة الصاحلة) لديو‪.‬‬
‫ولذلك تقوم اجملتمعات اإلنسانية ادلتقدمة ببناء قواعدىا ووضع برارلها وفقاً لتلك األسس‪ ،‬لتق‬
‫منتصبةً بني كافة اجملتمعات ا﵀يطة‪ ،‬وال يتم ذلك إال من رالل (الرتبية) اليت تكفل ذلا تقومي أساليب تعليم‬
‫الطفل وصقل قدراتو وتنمية مواىبو‪ ،‬فأصبح موضوع رعاية الطفل يف ىذا العصر من ادلوضوعات ادلهمة‬
‫اليت جعلها الرتبويّون يف مقدمة اىتماماهتم؛ لدراستها‪ ،‬وإجراء البحوث ادلتصلة جبوانبها ادلختلفة‪.‬‬
‫ليبني ال ِّداللة اللغويّة واالصطالحيّة الدقيقتني دلصطلح‬
‫من ىذا ادلنطلق جاءت فكرة ىذا البحث؛ ّ‬
‫مصطلح ال خيص اإلنسان وحده‪ ،‬وإّا يشرتك فيو مع يريه من ادلخلوقات األررى‪ ،‬حيث‬ ‫ٌ‬ ‫(الرتبية)؛ ألنّو‬
‫ستعمل لإلشارة إذل مفهوم التنمية لكث ٍري من األشياء‪ ،‬شلّا يدل على يزارة دالالتو‪ ،‬وارتالفها ابرتالف‬
‫ُ‬ ‫يُ‬
‫شخص وفلسفتو يف احلياة‪ ،‬وكذلك ارتالف معتقداتو اليت يدين هبا‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫نظرة ِّ‬
‫كل‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪75‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫ّأوالً‪ :‬الداللة اللُّغويّة ملصطلح (الرتبية)‪:‬‬


‫عرب وعج ٍم لفظ‪( :‬الرتبيّة) منذ خالف السنني‪ ،‬وقد ورد ىذا اللفظ يف‬ ‫عرفت البشرية مجيعاً من ٍ‬
‫ّ‬
‫عدد من خيت الذكر احلكيم كما يف قولو تعاذل‪﴿ :‬وار ِفض َذلما جنَاح الذ ِّل ِمن َّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫الر ْمحَة َوقُل َّر ِّ‬
‫ب ْارمحَْ ُه َما‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َُ َ َ‬
‫صغِ ًريا﴾ [اإلسراء‪.]18:‬‬
‫َك َما َربـَّيَ ِاين َ‬
‫ِِ‬ ‫يدا ولَبِثْ ِ ِ‬‫ال أََدل نـربِ ِ ِ‬
‫ني﴾ [الشعراء‪.]18 :‬‬ ‫ت فينَا م ْن عُ ُم ِرَك سن َ‬
‫ك فينَا َول ً َ َ‬
‫وقولو تعاذل‪﴿ :‬قَ َ ْ َُّ َ‬
‫الفطري على تربية أوالدىم تربيةً سليمةً وسويّةً‪ ،‬ولذلك‬ ‫ّ‬ ‫الناس منذ القدم دبيلهم‬
‫حيرص ُ‬ ‫ُ‬ ‫حيث‬
‫جبهود كبريةٍ من قبل شعوب األرض كافةً‪ ،‬إلدراكها ما للرتبية من أث ٍر عظي ٍم يفضي‬ ‫حظي موضوع الرتبية ٍ‬
‫االقتصادي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الثقايف‪ ،‬واستثمارىا‬
‫ّ‬ ‫وعلوىا‬
‫احلضاري‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫العلمي‪ ،‬ورقيّها‬
‫ّ‬ ‫بتلك الشعوب إذل ربقيق تقدمها‬
‫السياسي‪ ،‬حينما تقوم بنشر الوعي والتعليم بني صفوف‬ ‫ّ‬ ‫األمين‪ ،‬وازدىارىا‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬واستقرارىا‬
‫ّ‬ ‫وّوىا‬
‫يب يف مجيع‬‫وقت قر ٍ‬‫عديدة إذل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أفرادىا ومواطنيها‪ ،‬فلفظ (الرتبية) كان وال يزال يستخ َدم منذ ٍ‬
‫قرون‬ ‫ُ ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫اجملتمعات اإلنسانيّة لل ِّداللة على مفهوم‪( :‬الزيدة‪ ،‬والتنمية ‪ )Increase, Development‬يف مجيع األشياء‬
‫وراصتهم‪،‬‬ ‫عامة الناس‬ ‫ادلوجودة من حولنا‪ ،‬حّت صار يف ٍ‬
‫وقت قر ٍ‬
‫ّ‬ ‫يب ال يدل ّإال على ادلعن ادلعروف بني ّ‬ ‫ّ‬
‫فرد‪ ،‬أو مجاعةٌ لتنشئة الصغار ـ ـ ـ ـ الناشئة)‪.‬‬
‫وىو‪( :‬رلموع العمليّات الفطريّة والطبيعيّة اليت يقوم هبا ٌ‬
‫مشتق من ثالثة‬
‫فبالرجوع إذل مصادر اللغة العربيّة للبحث يف أصل اشتقاق ىذا اللفظ يتبني أنّو ٌ‬
‫جذوٍر ٍ‬
‫أصيلة‪ ،‬ىي‪:‬‬
‫‪َ ( -1‬رِ َ‬
‫ب)‪:‬‬
‫رب)‪،‬‬
‫إذ استخدم العرب لفظ (الرتبيّة) منذ القدم امساً‪ ،‬كما استعملوه مصدراً للفعل ادلاضي ( ّ‬
‫ونشأه‪،‬‬ ‫يرب) للداللة على ِّ‬
‫النمو‪ ،‬ففي ادلعجم الوسيط‪(" :‬رّابه)‪ :‬أي ّّاه‪ ،‬وفالانً‪ :‬ي ّذاه‪ّ ،‬‬ ‫الذي مضارعو ( ّ‬
‫وّّى قُواهُ اجلسديّة‪ ،‬والعقليّة واخللُقيّة‪ ،‬واألترج‪ :‬عملو ابلرب‪ ،‬وأعقده ابلسكر‪ ،‬وضلو ذلك" (رلمع اللغة‬
‫العربية ابلقاىرة‪2004 ،‬م‪ ،‬ص‪.)326‬‬
‫‪َ ( -2‬ربَ َو)‪:‬‬
‫(ربَ َو)‪ ،‬دبعن‪( :‬زاد)‪ ،‬أي‪ :‬زاد يف ِّ‬
‫كل‬ ‫غوي‪َ :‬‬
‫مشتق من اجلذر الل ّ‬
‫ظ ٌ‬ ‫وىو عند العرب أيضاً‪ :‬لف ٌ‬
‫شيء يربو ربواً إذا زاد" (اخلليل بن أمحد‪،‬‬ ‫ادلال‪ ،‬وكل ٍ‬‫ورَاب ُ‬ ‫شيء‪ ،‬ومنو‪" :‬راب اجلرح‪ ،‬ورب ِ‬ ‫ٍ‬
‫األرض‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫َ َ ُ ُ ََ‬
‫ين َخمنُوا َال ََتْ ُكلُوا ِّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الرَاب‬ ‫وجل)‪َ ﴿ :‬ي أَيـ َها الذ َ‬
‫عز َّ‬‫‪2001‬م‪ ،‬ص ‪ ،)334‬وقد جاء هبذا ادلعن يف قول (هللا َّ‬
‫ِ‬
‫حو َن﴾ [خل عمران‪.]130 :‬‬ ‫اّللَ لَ َعلَّ ُك ْم تـُ ْفل ُ‬
‫اع َفةً َواتـَّ ُقوا َّ‬
‫ضَ‬ ‫َض َعافًا م َ‬
‫أْ‬
‫فقولو‪( :‬أضعافاً مضاعفةً) تدل على معن‪( :‬الزيدة)‪.‬‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪76‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫ب) ‪:‬‬
‫‪( -3‬رَبَ َ‬
‫فالعرب اشتقت أيضاً مصطلح الرتبية من اجلذر اللغوي (ربب)‪ ،‬يف مثل قوذلم‪" :‬ربـبت قرابة ٍ‬
‫فالن‬ ‫َْ ُ‬ ‫ّ ََ َ‬
‫الصيب وادلهر" (اخلليل بن أمحد‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫َّ‬ ‫أثرىا ـ ـ وقوذلم‪ :‬رببت‬ ‫لئال يعفو ُ‬ ‫رّابً ـ ـ أي‪ :‬زدت فيها ّ‬
‫ُ‬
‫ت ِمن ُك ِّل َزْو ٍج‬
‫ت َوأَنبَـتَ ْ‬
‫ت َوَربَ ْ‬
‫َنزلْنَا َعلَْيـ َها الْ َماءَ ْاىتَـَّز ْ‬
‫ِ‬
‫ض َىام َد ًة فَِإ َذا أ َ‬
‫‪ ،)329‬ومنو قولو تعاذل‪َ ﴿ :‬وتَـَرى ْاأل َْر َ‬
‫َهبِ ٍ‬
‫يج﴾ [احلج‪.]5 :‬‬
‫وقول الراجز‪" :‬كان لنا وهو ف ل ٌّو نرببه" (اخلليل بن أمحد‪2001 ،‬م‪ ،‬ص ‪.)329‬‬
‫غويٍّة للتعبري عن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مصطلح‪( :‬الرتبية) قد وضع يف اللغة العربيّة من ثالثة جذور لُ ّ‬
‫ُ‬ ‫وبذلك يكون‬
‫ف عديدةٍ من ادلخلوقات‪ ،‬فكما تقول‪( :‬ربيت الفّت)‪ ،‬تقول أيضاً‪( :‬ربيت‬ ‫الزيدة والتنمية يف أصنا ٍ‬
‫الفاكهة)‪ ،‬ومنو (ادلَرَّّب) ادلعروف‪ ،‬الذي يـَُرَّّب من فواكو ادلشم والربتقال ويريه‪ ،‬ففي كتاب العني‪" :‬الرب‪:‬‬
‫كل ٍ‬ ‫ُ‬
‫شيء من الثمار" (اخلليل بن أمحد‪2001‬م‪ ،‬ص ‪.)329‬‬ ‫السالف اخلائر من ِّ‬
‫اّللُ ِّ‬
‫الرَاب َويـُْرِب‬ ‫وتقول‪( :‬ربيت ادلاشية)‪ ،‬وكذلك‪( :‬ربيت ادلال)‪ ،‬كما يف قول (هللا تعاذل)‪﴿ :‬ديَْ َح ُق َّ‬
‫اّللُ َال ُِحيب ُك َّل َكفَّا ٍر أَثِي ٍم﴾ [البقرة‪.]276 :‬‬ ‫ات َو َّ‬ ‫الص َدقَ ِ‬
‫َّ‬
‫"ربـَّْيتو تَـ ْربِية وتَـَربـَّْيتو أَي َي َذ ْوتُو‪ ،‬قال‪:‬‬
‫اجلوىري (رمحو هللا تعاذل) قولو‪َ :‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد ورد يف (اللِّسان) عن‬
‫ب" (مجال‬ ‫معمول ابلر ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ب أَيضاً‪ ،‬أَي‬ ‫ومَربَّ ٌ‬
‫ّب‪ُ ،‬‬‫بيل ُمَرًّ‬
‫الزْرِع وضلوه‪ ،‬وتقول‪َ :‬زْصلَ ٌ‬ ‫كالولَ ِد‪ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫لكل ما يـَْنمي؛ َ‬ ‫َىذا ِّ‬
‫كل ذلك استعمالو لتنشئة ولد اإلنسان منذ‬ ‫زلمد‪1300 ،‬ه‪ ،‬ص ‪ّ ،)1574‬إال أ ّن الغالب يف ِّ‬ ‫الدين بن ّ‬
‫وربِ ُ‬ ‫القدم‪ ،‬ويؤكد ىذا ما ورد يف (اللِّسان) عن ابن األَعراب قولو‪ِ :‬‬
‫يت‪ ،‬أ َْرَّب َرابً‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫"ربيت يف حج ِره‪َ ،‬‬
‫وربـَ ْو ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وربـُ ّواً‪ ،‬وأَنشد‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫فيإيّّن مبَ َّكة َم ْن يزيل وِبا َربييت‬ ‫فَ َم ْن يك سائالً َع يّّن‬
‫ٍ‬
‫ت‬‫ت يف بَين فالن أ َْربُو‪ :‬نَ َشأْ ُ‬ ‫فجرى ىذا ادلعن على تنشئة الناشئة من األوالد‪ ،‬قال األَصمعي‪َ :‬ربـَ ْو ُ‬
‫زلمد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫دبعن واحد" (مجال الدين بن ّ‬ ‫وربـَّْبتو ً‬ ‫ت فالانً‪ :‬أ َُربّيو تَـ ْربيَةً وتَـَربـَّْيـتُو‪ ،‬وعنده‪َ :‬ربـَْبـتُو َ‬‫وربـَّْي ُ‬
‫فيهم‪َ ،‬‬
‫‪1300‬ه‪ ،‬ص ‪ ،)1574‬ولذلك كلّما ذُكَِر لفظ الرتبية ـ ـ عند العرب عُلِ َم منو‪ :‬إدماج الفرد يف اجلماعة‬
‫اليت ولد فيها‪ ،‬والعمل على إعداده ليكون مواطناً صاحلاً‪ ،‬وتنشئتو ليكون إنساانً انفعاً يؤّدي عملو على‬
‫وجو شلك ٍن‪ ،‬وىذا ما يشري إليو لفظ‪ )Rear( :‬يف اللغة اإلصلليزيّة‪.‬‬ ‫أكمل ٍ‬
‫فبعد البحث يف مصادر اللغة اإلصلليزيّة ومعامجها اللغويّة تبني أ ّن لفظ‪ )Rear( :‬ومصدره‬
‫تعمل‬
‫ظ يُ ْس ُ‬ ‫العرب‪ ،‬فهو لف ٌ‬ ‫(‪ )Rearing‬أو (‪ )To rear‬ىو ذلك اللفظ ادلناسب دلقابلتو للفظ (الرتبية) ّ‬
‫عند اإلصلليز‪ :‬امساً ‪ ،Noun‬كما يُ ْستَـ ْع َم ُل فعالً ‪ ،Verb‬وصفةً ‪ Adjective‬أيضاً‪ ،‬كما أنّو يدل على‬
‫النمو) يف أجنا ٍس عديدةٍ على ح ٍّد سواء‪ ،‬فلفظ (‪ )Rear‬يف اللغة اإلصلليزيّة يعين‪:‬‬ ‫يرض (الزيدة‪ ،‬و ِّ‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪77‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫”‪“to look after a person or animal until they are fully-grown‬‬


‫‪(Longman Group, 1995, P 1178).‬‬
‫أو يعين‪:‬‬
‫‪“to care for young children or animals until they are able to care for‬‬
‫‪themselves”.‬‬
‫وذلك يف مثل قوذلم‪:‬‬
‫‪“Some women make a deliberate choice to rear a child alone”.‬‬
‫‪“He describes how these birds rear their young” (Online Cambridge‬‬
‫‪Dictionary, 2020).‬‬
‫وقوذلم‪:‬‬
‫‪“She spends a lot of time rearing animals. (Online Reverso‬‬
‫‪Dictionary” 2020).‬‬
‫وقوذلم‪:‬‬
‫‪“Government can support families by promoting policies that help‬‬
‫‪strengthen the institution of marriage and help parents rear their children‬‬
‫‪in positive and healthy environments” (Testimony to discuss Policies that‬‬
‫‪help strengthen the Institution of Marriage, 2004).‬‬
‫اإلصلليزي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ولذلك دل يكن من الصواب مقابلة مصطلح (الرتبية) ّ‬
‫العرب بلفظ‪)Education( :‬‬
‫العرب‪ ،‬أل ّن‬
‫أو العكس‪ ،‬ظناً منّا أب ّن لفظ (‪ )Education‬ىو ادلقابل الصحيح وادلناسب للفظ (الرتبية) ّ‬
‫يؤدي معن‪( :‬الزيدة)‪ ،‬وال مفهوم‪( :‬التنميّة) يف اللغة اإلصلليزيّة‪ ،‬وإّا يالباً ما‬
‫لفظ‪ )Education( :‬ال ّ‬
‫يؤدي معن‪( :‬التعليم) أو (التعلم)‪ ،‬أو (اكتساب مهارات التعلّم)‪ ،‬أو (حذق مهارات طرق التعليم) يف‬ ‫ّ‬
‫اإلصلليزي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ادلدارس‪ ،‬وادلعاىد‪ ،‬واجلامعات‪ ،‬حيث ورد يف ادلعجم‬
‫‪“Education: The process by which your mind develops through‬‬
‫‪worked hard to give learning at school, college, or university: They had‬‬
‫‪their son a good education” (Longman Group, 1995, P 441).‬‬
‫وذلذا فلفظ ‪ Education‬ال يفيد معن‪ :‬التنمية‪ ،‬أو التنشئة‪ ،‬أو االىتمام‪ ،‬أو التغذية‪ ،‬أو‬
‫الرعاية الصحيّة‪ ،‬أو البدنيّة‪ ،‬أو العناية‪ ،‬أو التهذيب لإلنسان‪ ،‬أو احليوان‪ ،‬أو النبات‪ ،‬أو يريىا‪ ،‬فهو إن‬
‫استِ ْع َمالُو مع النقود اليت ديكن‬
‫أمكن استعمالو مع بعض احليواانت كالكالب‪ ،‬والقرود مثالً؛ فال ديكن ْ‬
‫للمرء أن يقوم بتنميتها عادةً‪ ،‬ولذلك فقد أرطأ بعض ادلربّني حينما رلطوا بني مصطلحي‪( :‬الرتبية)‪،‬‬
‫و(التعليم)‪ ،‬فهما مصطلحان سلتلفان سباماً يف اللفظ وادلعن‪ ،‬إذ التعليم (‪ :)Education‬عبارةٌ عن تلك‬
‫األساليب ادلنظمة‪ ،‬وادلتبعة لنقل ادلعلومات ادلهمة‪ ،‬والقيّمة إذل من يطلبها‪ ،‬أو يسعى يف طلبها وربصيلها‪،‬‬
‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪78‬‬
‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫بشكل مباش ٍر إذل الرايبني فيها على‬


‫ٍ‬ ‫ادلعريف فقط‪ ،‬هبدف إيصال ادلعلومة‬
‫ّ‬ ‫ويكون الرتكيز فيها على اجلانب‬
‫قياس تقاس بواسطتو درجات ادلتعلمني‪ ،‬ومدى قدرهتم على التحصيل‪ ،‬والفهم‪،‬‬ ‫الوجو الصحيح‪ ،‬دب ٍ‬
‫معلومات‪ ،‬وررب ٍ‬
‫ات‬ ‫ٍ‬ ‫يتم احلكم فيو على ما ديتلكو ادلعلم من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واالستيعاب دلا يعُلّمو ذلم ادلُعلّمون‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫تؤىلو للخوض يف ىذا اجملال من عدمو‪ِّ ،‬‬
‫بكل ما يتعلّق بو‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أشخاص ابآلي‪:‬‬ ‫شخص أو رلموعة‬‫ٍ‬ ‫ّأما الرتبية (‪ )Rear‬فهي‪ :‬قيام‬
‫أ ـ ـ تنشئة الطفل‪ ،‬وتغذيتو‪ ،‬ورعايتو الصحيّة‪ ،‬والنفسيّة‪.‬‬
‫ب ـ ـ زرع قيم الشخصيّة ادلتكاملة‪ ،‬وادلتزنة يف الطفل‪ ،‬إبرشاده وتوجيو سلوكو‪ ،‬وتقوديو‪.‬‬
‫ج ـ ـ إكساب الطفل ادلهارات والقيم واالذباىات واألّاط السلوكيّة البنّاءة‪.‬‬
‫د ـ ـ تعويد الطفل التعامل مع البيئة ا﵀يطة ِّ‬
‫بكل مكوانهتا‪.‬‬
‫وذلذا دل يكن من الصواب أن يـُتَـ ْر َج َم لفظ (‪ )Educational‬الوارد يف مصطلح‪:‬‬
‫ارتصار لعبارة‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫(‪ )UNESCO‬مثالً‪ ،‬والذي ىو‬
‫‪(United Nations Educational, Scientific, and Cultural Organization).‬‬
‫إذل لفظ (الرتبية) أبي ٍ‬
‫حال من األحوال‪ ،‬وذلك أل ّن لفظ‪ )Educational( :‬يعين يف اللغة اإلصلليزيّة‪:‬‬
‫‪Teaching you something, you did not know before.‬‬
‫وذلك يف مثل ‪Work experience is an important educational experience for‬‬
‫‪young people” (Longman Group, 1995, P 441).‬‬
‫األساسي للجميع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حيث يتمثّل دور ىذه ادلنظمة يف اإلسهام يف نشر التعليم هبدف توفري التعليم‬
‫وزلو األميّة عن طريق تدريب ادلدرسني‪ ،‬وادلخططني‪ ،‬وادلسؤولني اإلداريّني‪ ،‬واإلسهام يف ا﵀افظة على القيم‬
‫ادلؤسسة الدوليّة على تشجيع تدفق ادلعلومات‬‫الوطين‪ ،‬كما تعمل ىذه ّ‬
‫ّ‬ ‫الثقافية الوطنيّة‪ ،‬وتراث الشعوب‬
‫اتية لزيدة التفاىم‬ ‫ٍ‬
‫ظروف مو ٍ‬ ‫على ضلو أكثر حر ٍية‪ ،‬وأوسع ٍ‬
‫نطاق دون احل ّد من حريّة التعبري‪ ،‬وذلك خبلق‬
‫الفكري‪ ،‬عن طريق إنتاج ادلعرفة‪ ،‬ونشرىا‪ ،‬وتوظيفها‪ ،‬كما تعمل على توحيد اجلهود إلزالة‬
‫ّ‬ ‫العادلي‪ ،‬والتبادل‬
‫ّ‬
‫العقبات اليت ربول دون انطالق تيار الفكر اإلنساين‪ ،‬داعمةً ادللكات الفكرية اإلنسانية‪ ،‬وزلافظةً عليها‬
‫وفنون ع ّدةٍ‪ ،‬كما أ ّّنا تسعى إذل ربسني إدارة البيئة‪ ،‬واستخدام مواردىا‬
‫علوم‪ٍ ،‬‬‫دبنحها براءات اررتاعها يف ٍ‬
‫كل البعد عن مفهوم (الرتبية) الذي ىو يف‬
‫كل ىذه ادلهام تعد بعيدةً َّ‬ ‫الطبيعيّة على ضل ٍو أفضل‪ ،‬ولذلك فإ ّن َّ‬
‫االجتماعي‪ ،‬وتوجيو سلوكهم؛ وىو الدور الذي يلعبو ادلكتب‬
‫ّ‬ ‫األساس رعاية الن ء‪ ،‬وإدماجهم يف زليطهم‬
‫العادلي‪ ،‬وزبتص بو منظمة األمم ادلتحدة للطفولة (اليونيسي ‪.)UNICEF‬‬
‫ّ‬ ‫الكشفي‬
‫ّ‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪79‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫اثنياً‪ :‬الداللة االصطالحيّة ملصطلح (الرتبية)‪:‬‬


‫استُـ ْع ِم َل منذ‬
‫مصطلح (الرتبية) من ادلصطلحات الشائعة عند كافة شعوب األرض تقريباً‪ ،‬وقد ْ‬
‫شعب وخرر‪،‬‬ ‫بسيط يف ادلعن االصطالحي بني ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ابرتالف ٍ‬ ‫زم ٍن ٍ‬
‫بعيد لدى اإليريق‪ ،‬والعرب‪ ،‬واإلصلليز‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبني عص ٍر وخرر‪ ،‬فلو عند العرب أكثر من ثالثني مفهوماً اصطالحيّاً‪ ،‬وكذلك األمر عند اإلصلليز‪ ،‬شلّا‬
‫يدل على يزارة دالالت ىذا اللفظ وتنوعها‪ ،‬وارتالفها ابرتالف نظرة ادلربني‪ ،‬وفلسفتهم يف احلياة‪ ،‬حيث‬
‫البدائي القدمي تعمل على صقل ما ىو‬
‫ّ‬ ‫يتفقون حيناً وخيتلفون حيناً خرر‪ ،‬فقد كانت الرتبية عند اإلنسان‬
‫استعدادات فطري ٍة‪ ،‬وقدر ٍ‬
‫ات ذاتيّ ٍة‪ ،‬فتسهم يف تطويرىا‪ ،‬وهتذيبها‪ ،‬فنالت الرتبية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موجود عند اإلنسان‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫مر العصور التالية لذلك‬ ‫هبذا ادلفهوم منذ ذلك الزمن قسطاً وافراً من اىتمامات الفالسفة‪ ،‬وادلربني على ّ‬
‫معني يدور‬
‫اتفاق ّ ٌ‬
‫العصر‪ ،‬فالرتبية تتعلّق بسبل تنشئة أبناء اجملتمعات اإلنسانية قاطبةً‪ ،‬ولذلك ال يوجد ٌ‬
‫حول مفهوم الرتبية عند ىؤالء الفالسفة قددياً أو حديثاً‪ ،‬وذلك لتع ّدد معايري سبل تلك التنشئة‪ ،‬وقوانينها‬
‫اليت ربكمها‪.‬‬
‫فحينما يرى (أفالطون‪ 427‬ـ ـ ـ ‪ 346‬ق‪.‬م) أحد فالسفة اإليريق اليوانن القدماء أب ّن (الرتبية)‬
‫ىي‪" :‬إعطاء اجلسم‪ ،‬والروح كلَّ ما ديكن من اجلمال‪ ،‬والكمال‪ ،‬ومنحو حرية مزاولة النشاطات العقلية‪،‬‬
‫والبدنية اليت سبكنو من إدراك اذلدف الرتبوي ادلطلوب" (د‪ .‬عبد اجلبار العبيدي‪2021 ،‬م)‪ ،‬يرى تلميذه‬
‫(أرسطو ‪ 384‬ـ ـ ـ ـ ‪322‬ق‪.‬م) الرتبية أب ّّنا‪" :‬عمل ادلفيد‪ ،‬والضروريّ يف احلرب والسلم‪ ،‬والذي بو يصل‬
‫اإلنسان إذل السعادة يف الدنيا" (د‪ .‬عبد اجلبار العبيدي‪2021 ،‬م)‪ ،‬كما يرى أرسطو الرتبية أب ّّنا‪" :‬إعداد‬
‫العقل لكسب العلم‪ ،‬مثلما تعد األرض للنبات والزرع" (د‪ .‬أيوب درل هللا‪ ،2015 ،‬ص‪.)9 :‬‬
‫كيز على األرالق‪ ،‬وتعديلها حبسب تعاليم‬ ‫ّأما الرتبية عند الفالسفة ادلسلمني القدماء فهي تر ٌ‬
‫اإلسالمي‪ ،‬حيث كان الفيلسوف والطبيب (ابن سينا ‪ 980‬ـ ـ ‪1037‬م) يرى الرتبية أب ّّنا‪" :‬اإلعداد‬
‫ّ‬ ‫الدين‬
‫الغزارل (‪ 1058‬ـ ـ ‪1111‬م)‬ ‫(علي بدر‪2019 ،‬م)‪ ،‬بينما كان رلفو اإلمام ّ‬ ‫حلياة الدنيا‪ ،‬وحياة اآلررة" ّ‬
‫يرى الرتبية من وجهة نظره سبثيالً حقيقيّاً للدين والعقيدة اإلسالميّة‪ ،‬فهو كثرياً ما كان يؤّكد على أمهية‬
‫قي يف تربية األوالد ينري طريقهم ضلو‬ ‫ِ‬
‫الدين يف الرتبية بتشكيل ُرلُق الفرد‪ ،‬واجملتمع‪ ،‬كما يرى أن اجلانب اخلُلُ ِّ‬
‫اخلري الذي حيتاج إليو الناس يف ىذا العصر‪ ،‬ونلمح ذلك من رالل رسالتو ادلشهورة يف عادل الرتبية‬
‫وادلوسومة‪( :‬أيها الولد) اليت ظهرت يف عصره‪.‬‬
‫ّأما (الرتبية) من وجهة نظر الفالسفة ا﵀دثني فال يتعدى كوّنا بناء ادلواطن الصاحل‪ ،‬بغرس‬
‫الوطين‪ ،‬وتنمية الروح القومية‬
‫ّ‬ ‫االذباىات الفكرية‪ ،‬والقيم الدينية فيو‪ ،‬وتعميقها يف نفسو‪ ،‬وإذكاء الشعور‬
‫لديو‪ ،‬فهي عند الفيلسوف األدلاينّ (إديانويل كانت ‪ 1724 /Immanuel Kant‬ـ ـ ـ ـ ‪1804‬م)‪:‬‬
‫"الوصول ابإلنسان إذل الكمال ادلمكن" (د‪ .‬أيوب درل هللا‪ ،2015 ،‬ص‪.)9 :‬‬
‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪80‬‬
‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫وىي عند الفيلسوف الربيطاينّ (ىربرت سبنسر ‪ 1820 /Herbert Spencer‬ـ ـ ـ ـ ‪1903‬م)‪:‬‬
‫"إعداد اإلنسان ليحيا حياةً كاملةً" (د‪ .‬أيوب درل هللا‪ ،2015 ،‬ص‪.)9 :‬‬
‫نسي (إدييل دور كامي ‪1858 /David Émile Durkheim‬‬ ‫والرتبية عند عادل االجتماع الفر ّ‬
‫سي علم االجتماع احلديث ىي‪" :‬الفعل الذي سبارسو األجيال الراشدة على‬
‫مؤس ّ‬
‫ـ ـ ‪1917‬م) أحد ّ‬
‫األجيال الصغرية اليت دل تصبح بعد ذلك انضجةً للحياة االجتماعية‪ ،‬وموضوعها إاثرة وتنمية ٍ‬
‫عدد من‬
‫االستعدادات اجلسدية والفكرية واألرالقية عند الطفل‪ ،‬واليت يتطلبها اجملتمع السياسيّ يف رلملو‪ ،‬والوسط‬
‫اخلاص الذي يوجو إليو" (ادمحم أعوي ‪2016 ،‬م)‪.‬‬
‫و(الرتبية) عند الفيلسوف (دمحم األبراشي‪ 1897‬ـ ـ ‪1981‬م) ىي‪" :‬إعداد ادلرء ليحيا حياةً‬
‫قويً يف جسمو‪ ،‬كامالً يف رُلُقو‪ ،‬منظماً يف تفكريه‪ ،‬رقيقاً يف شعوره‪،‬‬
‫كاملةً‪ ،‬ويعي سعيداً‪ ،‬زلبّاً لوطنو‪ّ ،‬‬
‫اشي ‪،1993‬‬‫ماىراً يف عملو‪ ،‬متعاوانً مع يريه‪ ،‬حيسن التعبري بقلمو‪ ،‬ولسانو‪ ،‬وجييد العمل بيده" (ألبر ّ‬
‫ص‪.)9:‬‬
‫وتعرف اللجنة الدوليّة للرتبية ‪1998‬م‪ ،‬على أ ّن الرتبية ىي‪" :‬العمل ادلنسق ادلقصود اذلادف إذل‬
‫نقل ادلعرفة‪ ،‬ورلق القابليات‪ ،‬وتكوين اإلنسان‪ ،‬والسعي بو يف طريق الكمال من مجيع النواحي‪ ،‬وعلى‬
‫مدى احلياة" (روان العمران‪2020 ،‬م)‪.‬‬
‫وترى جلنة اسرتاتيجية تطوير الرتبية يف البالد العربيّة عام ‪1998‬م أ ّن الرتبية ىي‪" :‬عمليةٌ إنسانيةٌ‬
‫سلوكيةٌ‪ ،‬اجتماعيةٌ‪ ،‬حضاريةٌ‪ ،‬تتأل يف جوىرىا من التعلّم القائم أصالً على اجلهود الذاتية للمتعلّم‪،‬‬
‫ادلتجلّية يف سلوكو‪ ،‬ادلؤدّية إذل تطوير شخصيّتو‪ ،‬وهبذه الصورة فهي عمليةٌ سلوكيةٌ اجتماعيةٌ يايتها‬
‫القصوى رري اإلنسان‪ ،‬ورري اجملتمع‪ ،‬ورري اإلنسانية مجعاء" (روان العمران‪2020 ،‬م)‪.‬‬
‫وبذلك يكون ىذا ادلصطلح قد لقي العديد من التعريفات االصطالحيّة اليت يصب رلملها فيما‬
‫حيظى بو الطفل من ذلك االىتمام الواسع‪ ،‬وتلك الرعاية الكبرية‪ ،‬فتعلَّم األرالق الفاضلة‪ ،‬واكتساب‬
‫العادات احلسنة‪ ،‬والتحلّي ابلروح العالية‪ ،‬واالستمتاع بصفاء اجلو‪ ،‬ونقاء الطبيعة‪ ،‬كل ىذا وذاك يعمل‬
‫على تنمية قوة الشخصيّة ادلتوازنة فيو‪ ،‬دبا يكسبو استواء الطبع‪ ،‬وفصاحة اللِّسان‪ ،‬وحسن البيان‪ ،‬ونضج‬
‫ٍ‬
‫برعاية أكرب من تلك اليت كان حيظى هبا سلفو‬ ‫ورقي العقل‪ّ ،‬إال أ ّن الطفل حديثاً أصبح حيظى‬
‫اجلسم‪ّ ،‬‬
‫ابألمس‪ ،‬وذلك حينما استبدل ادلربون ُسبل الرعاية‪ ،‬والتنشئة االجتماعيّة القددية دبحتويهتا البدائية ابلطرق‬
‫احلديثة ادلتطورة بتقنياهتا العلميّة‪ ،‬وأساليبها الرتبويّة‪ ،‬وبذلك عرف اإلنسان كي يواكب ما استحدثتو‬
‫ادلدنية احلديثة‪ ،‬فعمل على بناء حياة أوالده على ٍ‬
‫أسس من القواعد العلميّة الثابتة أو ادلتغرية‪ ،‬اليت تسهم‬
‫بشكل أو آبرر يف تنمية شخصية الطفل‪ ،‬وتعديل سلوكو‪ ،‬لتعزيز فكرة (ادلواطنة الصاحلة) لديو‪ ،‬دبا يتالءم‬ ‫ٍ‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪81‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫وظروفو احلياتية اليت يعي فيها‪ ،‬وال يك ون ذلك أو يتم إال من رالل (الرتبية احلديثة) اليت تكفل لو تقومي‬
‫أساليب تعليمو‪ ،‬وصقل قدراتو‪ ،‬ومواىبو‪.‬‬
‫ونظراً للتدارل الشديد الواقع بني مفهوم (الرتبية) الذي ىو يف األساس منذ وجود اجملتمعات‬
‫البدائية وحّت وقتنا احلاضر اإلعداد الالزم للحصول على ضرورات احلياة‪ ،‬أو سبكني الفرد من التعاي‬
‫قويً يف‬
‫السليم مع نفسو ومع اآلررين‪ ،‬إبرشاده ألن يكون عضواً كامالً يف اجملتمع‪ ،‬منظماً يف تفكريه‪ّ ،‬‬
‫شخصو‪ ،‬انفذاً إلرادتو‪ ،‬زلبّاً للحكمة‪ ،‬سللصاً لوطنو‪ ،‬ومفهوم (التعليم) الذي ال يتعدى يرض التلقني‪،‬‬
‫معينة أو أكثر من مراحل التعليم‬ ‫اسية ٍ‬ ‫دلرحلة در ٍ‬
‫ٍ‬ ‫فّت أو أكثر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الذي يقوم بو ُمعلّ ٌم أو أكثر‪ ،‬الجتياز ً‬
‫لغويً‪ ،‬واصطالحيّاً‪ ،‬وىو اذلدف األساس ذلذا البحث‪.‬‬ ‫ادلعروفة‪ ،‬توجب التفريق بني ىذين ادلفهومني ّ‬
‫طرق ع ّدةٌ‪ ،‬أما‬
‫فالتعليم انحيةً من نواحي الرتبية ادلختلفة‪ّ ،‬أما الرتبية فهي أمشل من التعليم‪ ،‬وذلا ٌ‬
‫التعليم فال يعتمد إال طريق ًة واحدةً؛ ىي (التلقني) فحسب‪.‬‬
‫كما إ ّن الرتبية تبدأ منذ الوالدة وال تنتهي إذل ح ٍّد‪ ،‬وذلذا كان ذلا أنواعٌ كثريةٌ؛ منها‪ :‬الرتبية الدينية‪،‬‬
‫والرتبية الوطنيّة‪ ،‬والرتبية السياسية‪ ،‬والرتبية االجتماعية‪ ،‬والرتبية البدنية‪ ،‬والرتبية الفنيّة‪ ،‬والرتبية ادلوسيقيّة‪...‬‬
‫إخل‪.‬‬
‫سن السادسة من عمر الطفل لدى أيلب شعوب‬ ‫أما التعليم فيبدأ ٍ ٍ‬
‫بسن معيّنة‪ ،‬عادةً ما تكون ّ‬ ‫ّ‬
‫مصطلحي (الرتبية والتعليم) بقولو‪" :‬فرتبية الولد تقوم على هتذيب‬
‫ّ‬ ‫األرض تقريباً‪ ،‬وذلذا ميّز (دي نوي) بني‬
‫سجايه اخللقية‪ ،‬وتعليمو ادلبادئ األساسية الثابتة اليت يعرتف هبا الناس يف كلّ البلدان‪ ،‬وإّاء الكرامة‬
‫اإلنسانية فيو منذ نعومة أظفاره‪ ،‬أمّا تعليمو فهو تغذيتو ابدلدنية اليت مجعها اإلنسان يف سلتل احلقول"‬
‫(قاسم حبيب‪1987 ،‬م‪ ،‬ص‪.)182 :‬‬
‫لعل أقدم من وضع العديد‬
‫شاسع بني ادلناىج الرتبويّة وادلناىج التعليميّة؛ و ّ‬
‫ٌ‬ ‫ارتالف‬
‫ٌ‬ ‫وكذلك يوجد‬
‫العرب الف ّذ‬
‫العالمة ّ‬
‫من ادلناىج الرتبويّة على أرض الواقع ليسري عليها ادلربّون‪ ،‬وادلصلحون االجتماعيّون ىو ّ‬
‫الرمحان بن خلدون ‪1332 – 1406‬م)‪.‬‬ ‫(عبد ّ‬
‫اإلسالمي‪ ،‬زل ِّدداً منهـجو‬
‫ّ‬ ‫ٍّ‬
‫راص أبسس الرتبية وفقاً للمنظور‬ ‫منهج‬
‫قام ابن رلدون بتحديد ٍ‬
‫ـوي احلديث‪ ،‬فجاء منهجو متميّزاً ببسـاطتو‬‫وطريقتو دبا ال زبتل عليو أسس ومبادئ علم اإلنسـان الرتب ّ‬
‫وتدرجو يف عادل الرتبية‪ ،‬ومتمسكاً ببساطة نظام الثواب والعقاب‪ ،‬فظهرت معادلو الرتبويّة يف الطـريقة‬
‫الناجعـة اليت رمسها يف تعليـم الناشئة‪ ،‬ويف ربديد اآلداب‪ ،‬والشروط الواجب توفرىا يف ادلعلِّم‪ ،‬وادلتعلِّم‪ ،‬فينشأ‬
‫عن ذلك موق ٌ تعلمي يقوم على ثالثة أعمدةٍ ر ٍ‬
‫ئيسة ىي‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -1‬ادلعلم‪.‬‬
‫‪ -2‬ادلتعلم‪.‬‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪82‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫‪ -3‬الطريقة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫انجحة اليوم على ما رب ّققو الطرق الرتبويّة‪ ،‬والتعليميّة دبقدار ما‬ ‫ولذلك اضلصر موضوع كل تر ٍ‬
‫بية‬ ‫ّ‬
‫إمكاانت تشمل التخطيط‪ ،‬والتنفيذ‪ ،‬والتقومي‪ ،‬حّت يبدو من الصعب الفصل بينها لتمكني‬ ‫ٍ‬ ‫يتوفر ذلا من‬
‫ٍ‬
‫ومتكامل (انظر‪ :‬فاتح زيوان‪2006 ،‬م)‪.‬‬ ‫بوي ٍ‬
‫شامل‪،‬‬ ‫تطبيق أي منهج تر ٍّ‬
‫ـوي السليـم ينبغي اإلشارة إذل أ ّن‬‫ويف ضـوء ما أورده ابن رلدون يف أثناء ربديده للمنهج الرتب ّ‬
‫اإلنسان احلديث صار ال يتعلم أيةَ رربةٍ‪ ،‬أو مهارةٍ فكر ٍية‪ ،‬أو ٍ‬
‫بدنية‪ ،‬أو اجتماعيّ ٍة‪ ،‬أو يريىا إال إذا كان‬
‫حاصالً على الشروط الالزمة للقيام دبثل ىذه العملية‪.‬‬
‫ادلؤسسات الرتبوية‬ ‫مؤرراً طبقاً لتطور احلياة اإلنسانية‪ ،‬وتطور برارلها العديد من ّ‬ ‫ولذلك نشأ ّ‬
‫حّت صار لدينا يف الوقت‬ ‫أسست من أجلها‪ّ ،‬‬ ‫دبختل صورىا‪ ،‬وأىدافها اليت ترمي إليها‪ ،‬وأيراضها اليت ّ‬
‫ف بـ (وزارات الرتبية) يف اجملتمعات ادلختلفة‪ ،‬و( ُكلِّيّات الرتبية) يف اجلامعات ادلختلفة‪.‬‬ ‫احلاضر ما يـُ ْعَر ُ‬
‫ادلختصة يف علم الرتبية‪ ،‬كوّنا‬ ‫ادلؤسسات اجملتمعيّة‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫وعُ ّدت ىذه الوزارات وتلك ال ُكلّيّات من ّ‬
‫تشرف إشرافاً مباشراً على التنشئة االجتماعيّة وطرقها‪ ،‬سواءٌ بتخريج الكوادر ادلهنيّة اليت تعمل على سلك‬
‫الرتبية‪ ،‬أو بتعيني الكوادر الفنيّة لإلشراف على تطبيق تلك التنشئة وسبلها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كائنات أررى‬ ‫ادلؤسسات زبتص برتبية اإلنسان وحده‪ ،‬دون إشراك يريه من‬ ‫ونظراً أل ّن ىذه ّ‬
‫كاحليوان‪ ،‬والنبات‪ ،‬كان من اخلطأ أن تق تسميتها عند قوذلم‪( :‬وزارة الرتبية)‪ ،‬أو قوذلم‪ُ ( :‬كلِّيّة الرتبية)‪،‬‬
‫دقيق للخرب يف ىذين القولني‪.‬‬ ‫دون توضي ٍح ٍ‬
‫ادلرّب دارل ىذه ال ُكلِّيّة‪ ،‬فكما‬ ‫دقيق لصفة ّ‬ ‫ففي قوذلم مثالً‪ُ ( :‬كلِّيّة الرتبية)‪ :‬أيي اخلرب دون ربدي ٍد ٍ‬
‫يتناىى إذل الذىن داللة‪( :‬تربيّة اإلنسان)‪ ،‬يتناىى إليو أيضاً داللة‪( :‬تربية احليوان)‪ ،‬كما يتناىى داللة (تربيّة‬
‫دقيق لداللة ررب ادلبتدأ ا﵀ذوف‪،‬‬ ‫بتحديد ٍ‬‫ٍ‬ ‫كبري قد حيصل يف الذىن فيتوجب ف ّكو‬ ‫إهبام ٌ‬
‫النبات)‪ ،‬ويف ىذا ٌ‬
‫الذي كان يتوجب إعطاءه صفةً إضافيةً ليحصل إدراكو إدراكاً كامالً يف الذىن‪ ،‬حبيث يتطابق الدال مع‬
‫عرباً عن تسميتو‪ ،‬فنقول مثال‪ُ ( :‬كلِّيّة الرتبية‬ ‫ادلدلول يف اللفظ‪ ،‬وادلعن‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬فيصبح اخلرب ُم ّ‬
‫االجتماعيّة)‪ ،‬أو ( ُكلِّيّة علوم الرتبية)‪ ،‬أو ( ُكلِّيّة العلوم الرتبويّة)‪ ،‬أو ما شابو ذلك‪ ،‬وأعطى داللةً قويّةً دلعن‬
‫ٍ‬
‫انضجة؛ للعمل‬ ‫رلموعة بشريٍّة‬
‫ٍ‬ ‫ادلقررات الدراسيّة اليت يتم من رالذلا إعداد‬ ‫ٍ‬
‫اخلرب ادلراد بو تدريس عدد من ّ‬
‫بوي دبختل صوره‪.‬‬ ‫يف اجملال الرت ّ‬
‫وكذلك األمر يف قولنا‪( :‬وزارة الرتبيّة)‪ ،‬فعلينا أن نقول مثالً‪( :‬وزارة الرتبيّة اإلنسانيّة)‪ ،‬أو نقول‪:‬‬
‫يقرب من ىاتني التسميتني‪ ،‬حبيث ال يتناىى إذل الذىن داللةً أررى‬ ‫(وزارة الرتبيّة االجتماعيّة)‪ ،‬أو ُك َّل ما ِّ‬
‫مفاىيم دالليّ ٍة أررى (كالرتبيّة احليوانيّة)‪ ،‬أو (الرتبيّة النباتيّة) أو يريىا‪.‬‬
‫َ‬ ‫سوامها من الدالالت اليت تشري إذل‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪83‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫اثلثاً‪ :‬الوقوف على بعض الطرق الرتبوية احلديّثة اليت يشملها مصطلح الرتبية‪:‬‬
‫دبا أ ّن طفل اليوم ىو رجل الغد‪ ،‬حيث سيصبح ىذا الطفل شاابً يفعاً تتجو إليو األنظار كل ٍ‬
‫يوم؛‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫تعني على ادلربني األرذ دبا ينصح بو‬
‫ليكون ركيزة اجملتمع‪ ،‬وعماد بنائو‪ ،‬وأساس التنمية ادلستدامة فيو‪َّ ،‬‬
‫علمي وفق‬ ‫نتاج‬
‫يوم من ٍ‬‫علماء الرتبية‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬وذلك دبا ينتجونو‪ ،‬ويستخلصونو كل ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫ّ‬
‫أحدث معايري مناىج طرق تربية الطفولة والشباب؛ ليكونوا مواطنني صاحلني‪ ،‬خيدمون أنفسهم ّأوالً‪،‬‬
‫القوة ما جيعلو قادراً على بناء أمتو إن أمكن توجيهو توجيهاً‬ ‫ورلتمعاهتم اثنياً‪ ،‬فهذا الشباب ديلك من ّ‬
‫تصرفاتو وأعمالو إلرضاعها للنقد الذايّ‪،‬‬ ‫مناسباً‪ ،‬وضبط سلوكو‪ ،‬وتعديلها تعديالً مثليّا‪ ،‬والنظر يف ّ‬
‫وتبصريه دبسؤوليّاتو للتح ّقق من قدرتو على النهوض هبا‪ ،‬ليكون دائماً عنصراً بنّاءً يف اجملتمع الذي يؤويو‪.‬‬
‫ب منو من نواحي ِر ْدميّ ٍة جملتمعو الذي يعي‬ ‫كل ما يُطْلَ ُ‬
‫ولكي يستطيع الشباب أن يقوم بتقدمي ّ‬
‫تنمي فيو ادليول‪،‬‬ ‫فيو‪ ،‬أو اجملتمعات اإلنسانية األررى ال بُ ّد لو أن ينال الرتبية الصاحلة‪ ،‬اليت من شأّنا أن ّ‬
‫عام ًة يشرتك‬
‫واالذباىات اإلجيابية ضلو ردمة اجملتمع‪ ،‬وربقيق رفاىيّتو‪ ،‬وىذه الرتبية جيب أن تكون مسؤوليّةً ّ‬
‫ادلؤسسات الرتبويّة‪ ،‬كاألسرة‪ ،‬وادلدرسة‪ ،‬والنوادي الرتبويّة ادلختلفة اليت يـَْنظَم إليها‬
‫يف توفريىا‪ ،‬وتقدديها مجيع ّ‬
‫ادلؤسسات على تشكيل شخصيّتهم‪ ،‬وتوجيو ميوذلم‪،‬‬ ‫األطفال‪ ،‬والشباب دبحض إرادهتم‪ ،‬فتعمل مجيع تلك ّ‬
‫وريباهتم يف احلياة‪.‬‬
‫تؤسس‬ ‫ٍ‬
‫ادلؤسسات َتدية وظيفتها الرتبوية على أكمل وجو ال ب ّد ذلا من أن ّ‬ ‫ولتستطيع تلك ّ‬
‫متينة‪ ،‬وذلذا كان من الواجب وضع بعض التجارب الشخصيّة اليت‬ ‫أسس ٍ‬‫رططها‪ ،‬وبرارلها الرتبوية على ٍ‬
‫مخسة وثالثني عاماً يف ىذا احلقل‪ ،‬لتكون دليالً‪ ،‬ومرشداً يسهمان يف العديد من‬ ‫ٍ‬ ‫استمرت ألكثر من‬
‫ّ‬
‫العمليّات الرتبويّة ذباه الطفل يف ادلستقبل‪ ،‬وذلك مثل‪:‬‬
‫كل ٍ‬
‫شيء معرفة وظائفو الرتبويّة ذباه الطفل‪ ،‬فيكتسب ابلضرورة‬ ‫ادلرب قبل ِّ‬
‫‪ -1‬يتوجب على ّ‬
‫ؤدي إذل ربقيق مجلة األىداف الرتبويّة اليت يرنو إذل ربقيقها‪.‬‬
‫كل ما ي ّ‬ ‫القدرة على فهم ّ‬
‫رب منصباً على‬ ‫بوي‪ ،‬حبيث يكون ىدف ادل ّ‬ ‫‪ -2‬يقوم ادلُ ِّ‬
‫رب ابلتأثري يف نفس ادلتل ّقي للربانمج الرت ّ‬
‫معني يف الولد‪ ،‬وجعلو يتصرف بصورةٍ إجيابيّ ٍة من رالل الرتكيز على فنون اللغة األربعة‪:‬‬ ‫إنتاج ٍ‬
‫سلوك ّ ٍ‬
‫ادلرب‪ ،‬أو من رالل‬ ‫الكالم‪ ،‬واالستماع‪ ،‬والقراءة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬فمن رالل الكلمات اليت يستعملها ّ‬
‫وحّت قدميو‪.‬‬
‫التنغيمات اليت يسبغها على صوتو يعمل على جذب انتباه الولد إليو حبركة عينيو‪ ،‬ويديو‪ّ ،‬‬
‫ادلرتب ميداانً فسيحاً اللتقاء الثقافات‪ ،‬واحلضارات‬
‫رب و ّ‬
‫‪ -3‬جعل الوسط الذي يلتقي فيو ادل ّ‬
‫اىد دينيّ ٍة‪ ،‬وأدبيّ ٍة‪ ،‬مع مراعاة مقتضى احلال لدى‬
‫رب بكل ما يستطيع من شو َ‬‫ادلختلفة‪ ،‬حبيث يستشهد ادل ّ‬
‫ادلتل ّقي يف إيراده لتلك الشواىد‪ ،‬روفاً من الوقوع يف التعقيد‪ ،‬أو زيدة التعقيد‪.‬‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪84‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫‪ -4‬استعمال األسلوب ادلتناسب مع سلتل الشرائح السنيّة‪ ،‬والثقافيّة ضمن مواق وأجواء‬
‫ٍ‬
‫يتفاعل معها الطفل‪ ،‬وارتيار اجلديد‪ ،‬وادلفيد دائماً إلحداث أثر ٍّ‬
‫إجياب يف استقبال اإلشارات اليت تصدر‬
‫رب‪.‬‬
‫عن ادل ّ‬
‫‪ -5‬العمل على قياس مستوى اخلربات السابقة لدى الطفل؛ لوضع ادلنهج ادلناسب لو‪ ،‬والذي‬
‫ٍ‬
‫الحقة يف ادلستقبل‪.‬‬ ‫ات جديدةٍ تؤدي إذل استقبال ررب ٍ‬
‫ات‬ ‫يستطيع من راللو ادلرب بناء ررب ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ادلرب بذلك أمكنو التم ّكن من نفسو‪،‬‬
‫ادلعنوي للطفل‪ ،‬فكلّما قام ّ‬
‫ادلادي و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -6‬تقدمي احلافز‬
‫صدى إجيابيّاً يف ُسليّلتو‪ ،‬مع تشجيع مبدأ التنافس‬‫ً‬ ‫بكل ما يريب يف يرسو بنفسو‪ ،‬وذىنو دبا يرتك‬ ‫وإحاطتو ّ‬
‫احد‪ ،‬فيضاع ذلك من قدرات عطائهم‪ ،‬وقابليّة إنتاجهم العمل ّي يف‬ ‫بني ادلتل ّقني حينما يكونوا أكثر من و ٍ‬
‫ادلستقبل‪.‬‬
‫بوي‪ ،‬بدراسة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪ -7‬مساعدة األطفال الذين ال يتفاعلون بدرجات متفاوتة مع ادلوضوع الرت ّ‬
‫أوضاعهم النفسيّة‪ ،‬واالجتماعيّة‪ ،‬والفكريّة‪ ،‬واالقتصاديّة إن أمكن‪ ،‬وذلك دلعاجلة حالتهم السلبيّة‪ ،‬وكيفية‬
‫إدماجهم ضمن نطاق اجملموعة اليت ينتمون إليها‪.‬‬
‫كل زلاو ٍلة لو لإلدالء أبي‬ ‫اخلاص‪ ،‬واالستماع إذل ِّ‬‫ّ‬ ‫لكل طف ٍل إببداء رأيو‬
‫‪ -8‬إاتحة الفرصة ِّ‬
‫ي قائ ٍم بذاتو يف‬ ‫ٍ‬
‫دلوضوع تربو ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫معلومة مهما بلغت درجة بساطتها‪ ،‬فقد تكون تلك ادلعلومة نواةً حقيقيّةً‬
‫ادلستقبل‪.‬‬
‫رب‬
‫‪ -9‬الطفل الذي من ادلمكن أن يكون لو رصي ٌد فكري‪ ،‬أو علمي‪ ،‬أو ثقايف‪ ،‬يتعني على ادل ّ‬
‫استغالل ىذا الرصيد‪ ،‬بربط الطفل ببعض الربامج اخلارجة عن الربانمج ادلع ّد لو سلفاً‪ ،‬مع منحو فرص ًة‬
‫ٍ ُ‬
‫ملكات تؤىلو ليكون رجل ادلستقبل‪.‬‬ ‫ذبعلو يستخدم مجيع حواسو قصد سبكينو من استخدام ما لديو من‬
‫‪ -10‬تدريب األوالد‪ ،‬وتعويدىم على الربامج اليت تتخذ من ا﵀ادثة الشفهية‪ ،‬والقراءة احلرة‪،‬‬
‫بشكل دائ ٍم على تركيب‬
‫ٍ‬ ‫والكتابة ادلقالية‪ ،‬والبحثية أسلوابً تربويً تعليميّاً‪ ،‬فيتم سبرينهم ابستمرا ٍر‪ ،‬وتدريبهم‬
‫كل فقرٍة من‬‫الكلمات‪ ،‬واجلمل‪ ،‬وكتابة النصوص‪ ،‬مع ربليلها‪ ،‬ونقدىا‪ ،‬واستخراج الفكرة الرئيسة من ِّ‬
‫فقرات ادلوضوع ادلكتوب‪ ،‬أو ادلقروء‪ ،‬أو ادلسموع‪.‬‬
‫‪ -11‬اإلكثار من استخدام الوسائل العلميّة احلديثة يف الرتبية دبختل أنواعها‪ ،‬وأحجامها‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫األجهزة اإللكرتونيّة‪ ،‬والكهرابئيّة‪ ،‬فجميع تلك األجهزة تعمل على تنمية قدرات الطفل الذىنية‪ ،‬وتزيد من‬
‫ِ‬
‫رب‬ ‫رلرداً فقط‪ ،‬وإّا يرّكز عادةً على ِّ‬
‫كل ما يقوم بو ادل ّ‬ ‫مستوى الرتكيز لديو؛ ألنّو ال َّ‬
‫يتلقى تدريباً‪ ،‬وتوجيهاً ّ‬
‫ٍ‬
‫حسنة‪ٍ ،‬‬
‫ومثل أعلى يـُ ْقتَدى هبما‪.‬‬ ‫أمامو‪ ،‬فيتل ّقى عنو طريقتو‪ ،‬وأسلوبو‪ ،‬وشخصيتو‪ ،‬وما يضرب لو من ٍ‬
‫قدوة‬ ‫ّ‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪85‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫‪ -12‬اعتماد ادلرونة يف توجيو سلوك الطفل ابحلركة‪ ،‬والتحكم يف ادلواق السلبيّة بتحويلها إذل‬
‫رال ٍقة‪ ،‬يفيد‬ ‫ٍ‬
‫إنتاجية ّ‬ ‫مواق إجيابي ٍة‪ ،‬كتحويل شحنة الطاقة احلركية‪ ،‬والسلوكية عند الطفل ادلراىق إذل ٍ‬
‫طاقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مؤد ٍية إذل االبتكار‪ ،‬واالنتاج‪ ،‬واالررتاع يف مستقبل الطفل الناشئ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫رب كوسيلة ّ‬
‫منها ادل ّ‬

‫نتائج الورقة البحثيّة‪ ،‬وتوصياهتا‪:‬‬


‫من رالل ىذا العرض ديكن استخالص النتائج اآلتية‪:‬‬
‫مويل يف القدم‪ ،‬ومن ادلصطلحات الشائعة قددياً‪ ،‬وحديثاً‬ ‫مصطلح قدميٌ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫‪ -1‬مصطلح (الرتبية)‬
‫ٍ‬
‫ابرتالف‬ ‫عند كافة شعوب األرض تقريباً‪ ،‬وقد استـع ِمل منذ زم ٍن ٍ‬
‫بعيد لدى اإليريق‪ ،‬والعرب‪ ،‬واإلصلليز‪،‬‬ ‫ُْ ْ َ‬
‫غوي‪ ،‬واالصطالحي بني ٍ‬
‫شعب وخرر‪ ،‬وبني عص ٍر وخرر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫بسيط يف ادلعن الل ّ‬
‫مصطلح (الرتبية) للداللة على مفهوم‪( :‬الزيدة ‪ ،)Increase‬ومفهوم‪( :‬التنمية‬‫ُ‬ ‫ستخ َد ُم‬
‫‪ -2‬يُ ْ‬
‫‪ )Development‬يف كث ٍري من األشياء؛ فكما ُجعِلَت الرتبية لإلنسان ُجعِلَت للزرع‪ ،‬واحليوان‪ ،‬ويري‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬يغلب يف استعمال مصطلح (الرتبية) لتنشئة ولد اإلنسان منذ القدم‪ ،‬ولذلك كلّما ذُكَِر لفظ‬
‫الرتبية عُلِ َم من ذكره‪ :‬إدماج الفرد يف اجلماعة اليت ولد فيها‪ ،‬والعمل على إعداده ليكون مواطناً صاحلاً‪،‬‬
‫وتنشئتو ليكون إنساانً انفعاً‪ ،‬يؤدي عملو على أكمل ٍ‬
‫وجو شلك ٍن عند أيلب شعوب األرض تقريباً‪.‬‬ ‫ّ‬
‫غويٍّة ىي‪( :‬رب)‪ ،‬و(ربو)‪ ،‬و(ربب)؛‬ ‫ٍ‬
‫‪ -4‬مصطلح (الرتبية) مشتق يف العربيّة من ثالثة جذور لُ ّ‬
‫للتعبري عن الزيدة والتنمية يف كث ٍري من األشياء‪ ،‬ويقابلو عند اإلصلليز لفظ (‪ )Rear‬أو (‪)To rear‬‬
‫الدال على مجيع تلك األشياء‪.‬‬
‫العرب إذل لفظ‪ )Education( :‬يف اللغة‬ ‫ّ‬ ‫‪ -5‬ليس من الصواب ترمجة مصطلح (الرتبية)‬
‫(النمو) يف اللغة‬
‫ّ‬ ‫يؤدي مفهوم (الزيدة)‪ ،‬وال معن‬
‫اإلصلليزيّة‪ ،‬أو العكس‪ ،‬أل ّن لفظ‪ )Education( :‬ال ّ‬
‫يؤدي إذل معن‪( :‬التعليم)‪ ،‬أو (التعلم)‪ ،‬أو (اكتساب مهارات التعلّم) أو (حذق‬ ‫اإلصلليزيّة‪ ،‬وإّا يالباً ما ّ‬
‫كثري من ادلربّني حينما‬
‫مهارات طرق التعليم) يف ادلدارس‪ ،‬وادلعاىد‪ ،‬واجلامعات فقط؛ ولذلك فقد أرطأ ٌ‬
‫رلطوا بني مصطلحني سلتلفني سباماً يف اللفظ وادلعن‪ ،‬ومها‪ :‬مصطلح (الرتبية)‪ ،‬ومصطلح (التعليم)‪ ،‬فالرتبية‬
‫شيءٌ‪ ،‬والتعليم شيءٌ خرر‪.‬‬
‫تبني أنّو دل يكن من الصواب أيضاً أن يـُتَـ ْر َج َم لفظ‬ ‫‪ -6‬من رالل ىذا البحث ّ‬
‫(‪ )Educational‬يف لفظ‪ )UNESCO( :‬إذل لفظ‪( :‬الرتبية)؛ حبسب ما متّ توضيحو يف موضعو‪.‬‬
‫الرل الذي يدل‬ ‫االصطالحي (دلصطلح الرتبية) يتبني مفهومو الد ّ‬
‫ّ‬ ‫غوي و‬
‫‪ -7‬من رالل ادلعن الل ّ‬
‫ذاتية فيعمل على تطويرىا‪،‬‬ ‫ات ٍ‬ ‫استعدادات فطر ٍية‪ ،‬وقدر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫موجود عند اإلنسان من‬ ‫على‪ :‬صقل ما ىو‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪86‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫جهة‪ ،‬ومفهوم التعليم من ٍ‬


‫جهة أررى‪،‬‬ ‫وهتذيبها؛ وذلذا كان الفرق كبرياً وشاسعاً بني مفهوم الرتبية من ٍ‬
‫نتيجة الفرق بني يرضيهما يف تنشئة الفرد‪.‬‬
‫يقرب منو‪،‬‬‫‪ -8‬فحني يكون الغرض من الرتبية‪ :‬العمل على الوصول ابلفرد إذل الكمال أو ما ّ‬
‫واالنتفاع دبواىبو الفطرية ادلزود هبا‪ ،‬وتوجيهها توجيهاً صاحلاً حّت ينتفع دبا وىبو هللا تعاذل بتدريبو‪ ،‬وسبرينو؛‬
‫الكتساب أفضل ادلهارات (الفكرية‪ ،‬والبدنية‪ ،‬والعقلية) يكون يرض التعليم‪ :‬زلو أمية الفرد بتناولو ٍ‬
‫لعدد‬ ‫ّ‬
‫من الدروس النظرية‪ ،‬أو العملية دون الرتكيز على مواىب ادلتعلِّم‪ ،‬أو الغرائز الفطريّة لديو؛ ولذلك قد يكون‬
‫ادلرب معلماً يف كث ٍري من األحيان‪ ،‬بينما ال يستطيع أن يكون ادلعلم مربياً يف كث ٍري من األحيان األررى‪.‬‬
‫ّ‬
‫تغريت أساليب الطرق الرتبويّة احلديثة‪ ،‬وتطورت بتطور تقنياهتا العلميّة‪ ،‬فعرف اإلنسان كي‬ ‫‪ّ -9‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل أو آبرر يف تنمية‬ ‫أسس من القواعد العلميّة الثابتة‪ ،‬أو ادلتغرية‪ ،‬اليت تسهم‬‫يبين حياة أوالده على ٍ‬
‫راص ٍة تتطور‬ ‫ٍ‬
‫ذات طبيعة ّ‬‫شخصيّة الطفل‪ ،‬وتعديل سلوكو؛ لتعزيز فكرة (ادلواطنة الصاحلة) لديو‪ ،‬فالرتبية ُ‬
‫بتطور األجيال‪ ،‬وتعاقبها‪ ،‬وما تشهده تلك األجيال من تطوٍر للحياة ادلدنية احلديثة‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ ـ ـ ـ تعديل ررب ادلبتدأ يف قولنا (كليّة الرتبية) أو (وزارة الرتبية) إبعطائو صف ًة إضافيةً ليحصل‬
‫إدراكو إدراكاً كامالً يف الذىن‪ ،‬حبيث يتطابق الدال مع ادلدلول يف اللفظ‪ ،‬وادلعن‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬ويصبح‬
‫معرباً عن تسميتو‪.‬‬ ‫ادلسمى ّ‬
‫رلموعة من التجارب الرتبوية الشخصية لإلفادة منها يف ىذا احلقل؛ لتكون دليالً‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 11‬ـ ـ ـ ـ وضع‬
‫ملموساً‪ ،‬ومرشداً عمليّاً يسرتشد بو ادلربّون؛ دلساعدهتم فنيّاً يف َتدية وظائفهم الرتبوية ذباه الفتية‪ ،‬والشباب‪.‬‬

‫ّأما أهم التوصيات اليت ميكن تقدميها من خالل هذا البحث فتتمثّل يف‪:‬‬
‫‪ -1‬االنفاق على برامج تربية الشباب دبا يكفي؛ ليكونوا مواطنني صاحلني‪ ،‬خيدمون أنفسهم‪،‬‬
‫ورلتمعهم الذي ىم عماد التنمية ادلستدامة فيو‪.‬‬
‫ادلعجمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬التفريق بني مفهومي الرتبية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬فهما مصطلحان سلتلفان يف السياق‬
‫الوظيفي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫‪ -3‬وجوب تبيني صفة ررب ادلبتدأ يف قولنا‪( :‬كليّة الرتبية)‪ ،‬ويف قولنا‪( :‬وزارة الرتبية) ليتطابق‬
‫معرباً عن تسميتو‪ ،‬فنقول مثال‪( :‬كلّيّة‬
‫الدال مع ادلدلول يف اللفظ‪ ،‬وادلعن‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬ويصبح ادلسمى ّ‬
‫الرتبية االجتماعية)‪ ،‬أو (كلّيّة علوم الرتبية)‪ ،‬أو (كلّيّة العلوم الرتبوية)‪ ،‬وكذلك (وزارة الرتبيّة اإلنسانيّة)‪ ،‬أو‬
‫(وزارة الرتبيّة االجتماعيّة)‪ ،‬أو (وزارة الرتبية الوطنية) كما ىو معمول بو يف ادلملكة ادلغربية‪.‬‬
‫الدورل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اإلصلليزي الوارد يف ادلصطلح‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬إعادة النظر يف ترمجة لفظ (‪)Educational‬‬
‫غوية العربيّة اليت وضع من أجلها‪.‬‬‫(‪ )UNESCO‬وتغيريه دبا يتناسب مع الداللة الل ّ‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪87‬‬


‫العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪0202‬م‬ ‫‪www.mjhs.ly‬‬ ‫المجلة المتوسطية للعلوم اإلنسانية‬

‫مصادر ال ورق ة البح ث يّة ومراجع ها‪:‬‬


‫العرب‪ ،‬القاىرة ‪1993‬م‪.‬‬
‫زلمد عطية (روح الرتبية والتعليم) ‪1993‬م‪ ،‬دار الفكر ّ‬
‫اشي‪ّ ،‬‬
‫‪ )1‬األبر ّ‬
‫زلمد بن مكرم (‪1300‬ه)‪( ،‬لسان العرب)‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫‪ )2‬ابن منظور‪ ،‬مجال الدين ّ‬
‫بوي) ‪2016‬م‪ ،‬مقال نُ ِشَر دبدونة (تعليم‬
‫‪ )3‬ادمحم أعوي (إميل دوركامي وادلقاربة الوظيفية يف علم االجتماع الرت ّ‬
‫جديد) اإللكرتونية‪ ،‬بتاريخ ‪ 12‬فرباير ‪2016‬م‪.‬‬
‫علي (مفهوم الرتبية يف اإلسالم) ‪2019‬م‪ ،‬مقال نُ ِشَر دبوقع (مقالة) اإللكرتوينّ‪ ،‬بتاريخ‪ 21 :‬يوليو‬
‫‪ )4‬بدر‪ّ ،‬‬
‫‪2019‬م‪.‬‬
‫ادلؤسسة اجلامعيّة للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪:‬‬
‫‪ )5‬جابر‪ ،‬قاسم حبيب (الفلسفة واالعتزال يف ّنج البالية) ‪1987‬م‪ّ ،‬‬
‫األوذل‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان ‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ )6‬درل هللا‪ ،‬أيوب (الرتبية ومشكالت اجملتمع يف عصر العودلة) ‪2015‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ :‬األوذل‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان ‪2015‬م‪.‬‬
‫الرتبوي احلديث‪ /‬ادلقدمة أّوذجاً) ‪2006‬م‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ )7‬زيوان‪ ،‬فاتح (ادلنهج الرتبوي عند ابن رلدون يف ضوء علم اللسان‬
‫مقال نُ ِشَر دبوقع (ديوان العرب) اإللكرتوين‪ ،‬بتاريخ ‪ 12‬مايو ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪ )8‬العبيدي‪ ،‬عبد اجلبار (مفهوم الرتبية بني القدمي واحلديث)‪ ،‬مقال نُ ِشَر بصحيفة (ادلثق ) اإللكرتونية‪ ،‬يف العدد‬
‫‪ ،5274‬بتاريخ‪ 12 :‬فرباير ‪.2021‬‬
‫‪ )9‬العربية‪ ،‬رلمع اللغة (‪2009‬م)‪( ،‬ادلعجم الوسيط)‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة‪ ،‬القاىرة‪ ،‬مجهورية مصر‬
‫العربية‪.‬‬
‫‪ )10‬العمران‪ ،‬روان (مفهوم الرتبية يف اللغة واالصطالح) ‪2020‬م‪ ،‬مقال نُ ِشَر دبوقع (‪ E‬عرب) اإللكرتوينّ‪ ،‬بتاريخ‪:‬‬
‫‪ 24‬نوفمرب ‪2020‬م‬
‫العرب‪ ،‬ط‪ :‬األوذل‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )11‬الفراىيدي‪ ،‬اخلليل بن أمحد (‪2001‬م)‪( ،‬معجم العني)‪ ،‬دار إحياء الرتاث ّ‬
‫‪12) Longman Group Ltd, 1995 (Longman Dictionary of Contemporary‬‬
‫‪English), Edition 1995.‬‬
‫‪13) The Online Cambridge Dictionary.‬‬
‫‪14) The Online Reverso dictionary.‬‬
‫‪15) Testimony to discuss Policies that help strengthen the Institution of‬‬
‫‪Marriage, Publication Date: April 28, 2004. Committee on Health,‬‬
‫‪Education, Labor and Pensions Subcommittee on Children and Families‬‬
‫‪U.S. Senate. April 28, 2004.‬‬

‫‪Mediterranean Journal of Human Sciences، 3rd Issue - July 2021‬‬ ‫‪88‬‬

You might also like