Professional Documents
Culture Documents
مصطلح التربية بين اللغتين العربية والإنجليزية
مصطلح التربية بين اللغتين العربية والإنجليزية
مصطلح التربية بين اللغتين العربية والإنجليزية
يف
امللخص:
ٍ
ادلؤسسات الرتبويّة واالجتماعيّة،الوقت الذي حيظى موضوع الرتبية ابىتمام كب ٍري من مجيع ّ
ابلغة يف حياة الفرد ومستقبلو تعود عليو وعلى األسرة إضافةً إذل ما سبثّلو الرتبية األسرية من أمهي ٍة ٍ
ّ ّ
لغوي و ٍ
اصطالحي،
ٍّ مفهوم معن ٍّ فاجملتمع ابلنفع العميم واخلري الوفري يكون ذلذا اللفظ أكثر من ً
ٍ
ومرب ،فجاء ىذا ادلوضوع للوقوف على لغوي وفيلسوف ٍّ كل ٍّتتفق حيناً وزبتل حيناً خرر ،وفقاً دلنظور ِّ
ترمجة يف اللغة اإلصلليزيّة ،وذلك حبسب علم اللغة حقيقة تلك ادلعاين اللغوية واالصطالحية وما يقابلها من ٍ
ّ ّ
ادلفرداي احلديث ،الذي يتتبع خاثر ٍ
مفردة معيّ ٍنة للوصول إذل نتائج حقيقيّ ٍة وموضوعيّ ٍة مثمرٍة حوذلا.
مقدمة البحث:
احلمد ﵁ الذي ابتدأ ابحلمد كتابو الكرمي ،وجعلو خرر دعاء أىل اجلنّة ،وصلّى هللاُ وسلّم على
عرب مب ٍ ٍ ِ
ني ،وعلى خل بيتو الطيبني الطاىرين، رامت األنبياء وادلرسلني ،ادلبعوث رمحةً للعادلني ،بلسان ٍّ
وصحابتو الغُّر ادليامني ،وبعد.
ٍ ٍ
ما للرتبية من أمهية ابلـ ـغ ـ ـ ـة يف ح ـ ـي ـ ـاة الشعوب ،اى ـتمت األمم مجيعاً ببناء أبنائها بناءً
فبقدر
سليماً قودياً وزلكماً ،فحظي موضوع (الرتبية) منذ القدم ابىتمام العادل اإلنساينّ
راصة.
العرب ّ
عامة ،والعادل ّ
لكن ىذه البديهية
ومن البديهي القول :إ ّن الشباب ىم عماد التنمية يف اجملتمعات ادلعاصرةّ ،
تبقى رىن ادلعتقل دون فائدةٍ ترجى ،ما دل تعمل تلك اجملتمعات على مساعدهتم (تربويً) و(اجتماعياً)،
ليكونوا مواطنني صاحلني وانفعني ،خيدمون أنفسهم وأسرىم اليت نشأوا فيها ،ووطنهم الذي عاشوا وتربوا
فيو.
االقتصادي
ّ ولذلك يُعد إنفاق الشعوب على ىذا اجلانب من جوانب احلياة نوعاً من االستثمار
ٍ
بشيء من االىتمام الذي ال تقل أمهيتو عن بقية االستثمارات ادلاديّة األررى ،فحظي الطفل منذ األزل
بتعليمو األرالق الفاضلة ،والعادات احلسنة ،والروح العالية ،لينعم بـقوة الشخصيّة ،واستواء الطبع،
ورقي العقل. ِ
وفصاحة اللّسان ،ونضج اجلسمّ ،
ٍ
تقنيات ث من ِ
استُ ْحد َ
مثّ بفضل عوامل التقدم العلمي احلديث لقي ىذا الطفل رعايةً أكرب دبا ْ
ٍ
بشكل أو آبرر يف تنمية اثبتة أو متغريةٍ ،تسهم
متينة ٍ
سس ٍ ٍ
حديثة ،ذلا أسلوهبا يف بناء حياتو على أُ ٍ علميّ ٍة
شخصو ،وتعديل سلوكو ،لتعزيز فكرة (ادلواطنة الصاحلة) لديو.
ولذلك تقوم اجملتمعات اإلنسانية ادلتقدمة ببناء قواعدىا ووضع برارلها وفقاً لتلك األسس ،لتق
منتصبةً بني كافة اجملتمعات ا﵀يطة ،وال يتم ذلك إال من رالل (الرتبية) اليت تكفل ذلا تقومي أساليب تعليم
الطفل وصقل قدراتو وتنمية مواىبو ،فأصبح موضوع رعاية الطفل يف ىذا العصر من ادلوضوعات ادلهمة
اليت جعلها الرتبويّون يف مقدمة اىتماماهتم؛ لدراستها ،وإجراء البحوث ادلتصلة جبوانبها ادلختلفة.
ليبني ال ِّداللة اللغويّة واالصطالحيّة الدقيقتني دلصطلح
من ىذا ادلنطلق جاءت فكرة ىذا البحث؛ ّ
مصطلح ال خيص اإلنسان وحده ،وإّا يشرتك فيو مع يريه من ادلخلوقات األررى ،حيث ٌ (الرتبية)؛ ألنّو
ستعمل لإلشارة إذل مفهوم التنمية لكث ٍري من األشياء ،شلّا يدل على يزارة دالالتو ،وارتالفها ابرتالف
ُ يُ
شخص وفلسفتو يف احلياة ،وكذلك ارتالف معتقداتو اليت يدين هبا. ٍّ نظرة ِّ
كل
ب) :
( -3رَبَ َ
فالعرب اشتقت أيضاً مصطلح الرتبية من اجلذر اللغوي (ربب) ،يف مثل قوذلم" :ربـبت قرابة ٍ
فالن َْ ُ ّ ََ َ
الصيب وادلهر" (اخلليل بن أمحد2001 ،م ،ص َّ أثرىا ـ ـ وقوذلم :رببت لئال يعفو ُ رّابً ـ ـ أي :زدت فيها ّ
ُ
ت ِمن ُك ِّل َزْو ٍج
ت َوأَنبَـتَ ْ
ت َوَربَ ْ
َنزلْنَا َعلَْيـ َها الْ َماءَ ْاىتَـَّز ْ
ِ
ض َىام َد ًة فَِإ َذا أ َ
،)329ومنو قولو تعاذلَ ﴿ :وتَـَرى ْاأل َْر َ
َهبِ ٍ
يج﴾ [احلج.]5 :
وقول الراجز" :كان لنا وهو ف ل ٌّو نرببه" (اخلليل بن أمحد2001 ،م ،ص .)329
غويٍّة للتعبري عن ٍ ِ
مصطلح( :الرتبية) قد وضع يف اللغة العربيّة من ثالثة جذور لُ ّ
ُ وبذلك يكون
ف عديدةٍ من ادلخلوقات ،فكما تقول( :ربيت الفّت) ،تقول أيضاً( :ربيت الزيدة والتنمية يف أصنا ٍ
الفاكهة) ،ومنو (ادلَرَّّب) ادلعروف ،الذي يـَُرَّّب من فواكو ادلشم والربتقال ويريه ،ففي كتاب العني" :الرب:
كل ٍ ُ
شيء من الثمار" (اخلليل بن أمحد2001م ،ص .)329 السالف اخلائر من ِّ
اّللُ ِّ
الرَاب َويـُْرِب وتقول( :ربيت ادلاشية) ،وكذلك( :ربيت ادلال) ،كما يف قول (هللا تعاذل)﴿ :ديَْ َح ُق َّ
اّللُ َال ُِحيب ُك َّل َكفَّا ٍر أَثِي ٍم﴾ [البقرة.]276 : ات َو َّ الص َدقَ ِ
َّ
"ربـَّْيتو تَـ ْربِية وتَـَربـَّْيتو أَي َي َذ ْوتُو ،قال:
اجلوىري (رمحو هللا تعاذل) قولوَ : ّ وقد ورد يف (اللِّسان) عن
ب" (مجال معمول ابلر ِّ
ٌ ب أَيضاً ،أَي ومَربَّ ٌ
ّبُ ،بيل ُمَرًّ
الزْرِع وضلوه ،وتقولَ :زْصلَ ٌ كالولَ ِد ،و َّ ِ
لكل ما يـَْنمي؛ َ َىذا ِّ
كل ذلك استعمالو لتنشئة ولد اإلنسان منذ زلمد1300 ،ه ،ص ّ ،)1574إال أ ّن الغالب يف ِّ الدين بن ّ
وربِ ُ القدم ،ويؤكد ىذا ما ورد يف (اللِّسان) عن ابن األَعراب قولوِ :
يت ،أ َْرَّب َرابً تَ ، "ربيت يف حج ِرهَ ،
وربـَ ْو ُ َ ّ
وربـُ ّواً ،وأَنشد: ُ
ي
فيإيّّن مبَ َّكة َم ْن يزيل وِبا َربييت فَ َم ْن يك سائالً َع يّّن
ٍ
تت يف بَين فالن أ َْربُو :نَ َشأْ ُ فجرى ىذا ادلعن على تنشئة الناشئة من األوالد ،قال األَصمعيَ :ربـَ ْو ُ
زلمد، ٍ ِ ِ ِ
دبعن واحد" (مجال الدين بن ّ وربـَّْبتو ً ت فالانً :أ َُربّيو تَـ ْربيَةً وتَـَربـَّْيـتُو ،وعندهَ :ربـَْبـتُو َوربـَّْي ُ
فيهمَ ،
1300ه ،ص ،)1574ولذلك كلّما ذُكَِر لفظ الرتبية ـ ـ عند العرب عُلِ َم منو :إدماج الفرد يف اجلماعة
اليت ولد فيها ،والعمل على إعداده ليكون مواطناً صاحلاً ،وتنشئتو ليكون إنساانً انفعاً يؤّدي عملو على
وجو شلك ٍن ،وىذا ما يشري إليو لفظ )Rear( :يف اللغة اإلصلليزيّة. أكمل ٍ
فبعد البحث يف مصادر اللغة اإلصلليزيّة ومعامجها اللغويّة تبني أ ّن لفظ )Rear( :ومصدره
تعمل
ظ يُ ْس ُ العرب ،فهو لف ٌ ( )Rearingأو ( )To rearىو ذلك اللفظ ادلناسب دلقابلتو للفظ (الرتبية) ّ
عند اإلصلليز :امساً ،Nounكما يُ ْستَـ ْع َم ُل فعالً ،Verbوصفةً Adjectiveأيضاً ،كما أنّو يدل على
النمو) يف أجنا ٍس عديدةٍ على ح ٍّد سواء ،فلفظ ( )Rearيف اللغة اإلصلليزيّة يعين: يرض (الزيدة ،و ِّ
وىي عند الفيلسوف الربيطاينّ (ىربرت سبنسر 1820 /Herbert Spencerـ ـ ـ ـ 1903م):
"إعداد اإلنسان ليحيا حياةً كاملةً" (د .أيوب درل هللا ،2015 ،ص.)9 :
نسي (إدييل دور كامي 1858 /David Émile Durkheim والرتبية عند عادل االجتماع الفر ّ
سي علم االجتماع احلديث ىي" :الفعل الذي سبارسو األجيال الراشدة على
مؤس ّ
ـ ـ 1917م) أحد ّ
األجيال الصغرية اليت دل تصبح بعد ذلك انضجةً للحياة االجتماعية ،وموضوعها إاثرة وتنمية ٍ
عدد من
االستعدادات اجلسدية والفكرية واألرالقية عند الطفل ،واليت يتطلبها اجملتمع السياسيّ يف رلملو ،والوسط
اخلاص الذي يوجو إليو" (ادمحم أعوي 2016 ،م).
و(الرتبية) عند الفيلسوف (دمحم األبراشي 1897ـ ـ 1981م) ىي" :إعداد ادلرء ليحيا حياةً
قويً يف جسمو ،كامالً يف رُلُقو ،منظماً يف تفكريه ،رقيقاً يف شعوره،
كاملةً ،ويعي سعيداً ،زلبّاً لوطنوّ ،
اشي ،1993ماىراً يف عملو ،متعاوانً مع يريه ،حيسن التعبري بقلمو ،ولسانو ،وجييد العمل بيده" (ألبر ّ
ص.)9:
وتعرف اللجنة الدوليّة للرتبية 1998م ،على أ ّن الرتبية ىي" :العمل ادلنسق ادلقصود اذلادف إذل
نقل ادلعرفة ،ورلق القابليات ،وتكوين اإلنسان ،والسعي بو يف طريق الكمال من مجيع النواحي ،وعلى
مدى احلياة" (روان العمران2020 ،م).
وترى جلنة اسرتاتيجية تطوير الرتبية يف البالد العربيّة عام 1998م أ ّن الرتبية ىي" :عمليةٌ إنسانيةٌ
سلوكيةٌ ،اجتماعيةٌ ،حضاريةٌ ،تتأل يف جوىرىا من التعلّم القائم أصالً على اجلهود الذاتية للمتعلّم،
ادلتجلّية يف سلوكو ،ادلؤدّية إذل تطوير شخصيّتو ،وهبذه الصورة فهي عمليةٌ سلوكيةٌ اجتماعيةٌ يايتها
القصوى رري اإلنسان ،ورري اجملتمع ،ورري اإلنسانية مجعاء" (روان العمران2020 ،م).
وبذلك يكون ىذا ادلصطلح قد لقي العديد من التعريفات االصطالحيّة اليت يصب رلملها فيما
حيظى بو الطفل من ذلك االىتمام الواسع ،وتلك الرعاية الكبرية ،فتعلَّم األرالق الفاضلة ،واكتساب
العادات احلسنة ،والتحلّي ابلروح العالية ،واالستمتاع بصفاء اجلو ،ونقاء الطبيعة ،كل ىذا وذاك يعمل
على تنمية قوة الشخصيّة ادلتوازنة فيو ،دبا يكسبو استواء الطبع ،وفصاحة اللِّسان ،وحسن البيان ،ونضج
ٍ
برعاية أكرب من تلك اليت كان حيظى هبا سلفو ورقي العقلّ ،إال أ ّن الطفل حديثاً أصبح حيظى
اجلسمّ ،
ابألمس ،وذلك حينما استبدل ادلربون ُسبل الرعاية ،والتنشئة االجتماعيّة القددية دبحتويهتا البدائية ابلطرق
احلديثة ادلتطورة بتقنياهتا العلميّة ،وأساليبها الرتبويّة ،وبذلك عرف اإلنسان كي يواكب ما استحدثتو
ادلدنية احلديثة ،فعمل على بناء حياة أوالده على ٍ
أسس من القواعد العلميّة الثابتة أو ادلتغرية ،اليت تسهم
بشكل أو آبرر يف تنمية شخصية الطفل ،وتعديل سلوكو ،لتعزيز فكرة (ادلواطنة الصاحلة) لديو ،دبا يتالءم ٍ
وظروفو احلياتية اليت يعي فيها ،وال يك ون ذلك أو يتم إال من رالل (الرتبية احلديثة) اليت تكفل لو تقومي
أساليب تعليمو ،وصقل قدراتو ،ومواىبو.
ونظراً للتدارل الشديد الواقع بني مفهوم (الرتبية) الذي ىو يف األساس منذ وجود اجملتمعات
البدائية وحّت وقتنا احلاضر اإلعداد الالزم للحصول على ضرورات احلياة ،أو سبكني الفرد من التعاي
قويً يف
السليم مع نفسو ومع اآلررين ،إبرشاده ألن يكون عضواً كامالً يف اجملتمع ،منظماً يف تفكريهّ ،
شخصو ،انفذاً إلرادتو ،زلبّاً للحكمة ،سللصاً لوطنو ،ومفهوم (التعليم) الذي ال يتعدى يرض التلقني،
معينة أو أكثر من مراحل التعليم اسية ٍ دلرحلة در ٍ
ٍ فّت أو أكثر، ِ
الذي يقوم بو ُمعلّ ٌم أو أكثر ،الجتياز ً
لغويً ،واصطالحيّاً ،وىو اذلدف األساس ذلذا البحث. ادلعروفة ،توجب التفريق بني ىذين ادلفهومني ّ
طرق ع ّدةٌ ،أما
فالتعليم انحيةً من نواحي الرتبية ادلختلفةّ ،أما الرتبية فهي أمشل من التعليم ،وذلا ٌ
التعليم فال يعتمد إال طريق ًة واحدةً؛ ىي (التلقني) فحسب.
كما إ ّن الرتبية تبدأ منذ الوالدة وال تنتهي إذل ح ٍّد ،وذلذا كان ذلا أنواعٌ كثريةٌ؛ منها :الرتبية الدينية،
والرتبية الوطنيّة ،والرتبية السياسية ،والرتبية االجتماعية ،والرتبية البدنية ،والرتبية الفنيّة ،والرتبية ادلوسيقيّة...
إخل.
سن السادسة من عمر الطفل لدى أيلب شعوب أما التعليم فيبدأ ٍ ٍ
بسن معيّنة ،عادةً ما تكون ّ ّ
مصطلحي (الرتبية والتعليم) بقولو" :فرتبية الولد تقوم على هتذيب
ّ األرض تقريباً ،وذلذا ميّز (دي نوي) بني
سجايه اخللقية ،وتعليمو ادلبادئ األساسية الثابتة اليت يعرتف هبا الناس يف كلّ البلدان ،وإّاء الكرامة
اإلنسانية فيو منذ نعومة أظفاره ،أمّا تعليمو فهو تغذيتو ابدلدنية اليت مجعها اإلنسان يف سلتل احلقول"
(قاسم حبيب1987 ،م ،ص.)182 :
لعل أقدم من وضع العديد
شاسع بني ادلناىج الرتبويّة وادلناىج التعليميّة؛ و ّ
ٌ ارتالف
ٌ وكذلك يوجد
العرب الف ّذ
العالمة ّ
من ادلناىج الرتبويّة على أرض الواقع ليسري عليها ادلربّون ،وادلصلحون االجتماعيّون ىو ّ
الرمحان بن خلدون 1332 – 1406م). (عبد ّ
اإلسالمي ،زل ِّدداً منهـجو
ّ ٍّ
راص أبسس الرتبية وفقاً للمنظور منهج
قام ابن رلدون بتحديد ٍ
ـوي احلديث ،فجاء منهجو متميّزاً ببسـاطتووطريقتو دبا ال زبتل عليو أسس ومبادئ علم اإلنسـان الرتب ّ
وتدرجو يف عادل الرتبية ،ومتمسكاً ببساطة نظام الثواب والعقاب ،فظهرت معادلو الرتبويّة يف الطـريقة
الناجعـة اليت رمسها يف تعليـم الناشئة ،ويف ربديد اآلداب ،والشروط الواجب توفرىا يف ادلعلِّم ،وادلتعلِّم ،فينشأ
عن ذلك موق ٌ تعلمي يقوم على ثالثة أعمدةٍ ر ٍ
ئيسة ىي: ّ
-1ادلعلم.
-2ادلتعلم.
-3الطريقة.
ٍ
انجحة اليوم على ما رب ّققو الطرق الرتبويّة ،والتعليميّة دبقدار ما ولذلك اضلصر موضوع كل تر ٍ
بية ّ
إمكاانت تشمل التخطيط ،والتنفيذ ،والتقومي ،حّت يبدو من الصعب الفصل بينها لتمكني ٍ يتوفر ذلا من
ٍ
ومتكامل (انظر :فاتح زيوان2006 ،م). بوي ٍ
شامل، تطبيق أي منهج تر ٍّ
ـوي السليـم ينبغي اإلشارة إذل أ ّنويف ضـوء ما أورده ابن رلدون يف أثناء ربديده للمنهج الرتب ّ
اإلنسان احلديث صار ال يتعلم أيةَ رربةٍ ،أو مهارةٍ فكر ٍية ،أو ٍ
بدنية ،أو اجتماعيّ ٍة ،أو يريىا إال إذا كان
حاصالً على الشروط الالزمة للقيام دبثل ىذه العملية.
ادلؤسسات الرتبوية مؤرراً طبقاً لتطور احلياة اإلنسانية ،وتطور برارلها العديد من ّ ولذلك نشأ ّ
حّت صار لدينا يف الوقت أسست من أجلهاّ ، دبختل صورىا ،وأىدافها اليت ترمي إليها ،وأيراضها اليت ّ
ف بـ (وزارات الرتبية) يف اجملتمعات ادلختلفة ،و( ُكلِّيّات الرتبية) يف اجلامعات ادلختلفة. احلاضر ما يـُ ْعَر ُ
ادلختصة يف علم الرتبية ،كوّنا ادلؤسسات اجملتمعيّة ِ
ّ وعُ ّدت ىذه الوزارات وتلك ال ُكلّيّات من ّ
تشرف إشرافاً مباشراً على التنشئة االجتماعيّة وطرقها ،سواءٌ بتخريج الكوادر ادلهنيّة اليت تعمل على سلك
الرتبية ،أو بتعيني الكوادر الفنيّة لإلشراف على تطبيق تلك التنشئة وسبلها.
ٍ
كائنات أررى ادلؤسسات زبتص برتبية اإلنسان وحده ،دون إشراك يريه من ونظراً أل ّن ىذه ّ
كاحليوان ،والنبات ،كان من اخلطأ أن تق تسميتها عند قوذلم( :وزارة الرتبية) ،أو قوذلمُ ( :كلِّيّة الرتبية)،
دقيق للخرب يف ىذين القولني. دون توضي ٍح ٍ
ادلرّب دارل ىذه ال ُكلِّيّة ،فكما دقيق لصفة ّ ففي قوذلم مثالًُ ( :كلِّيّة الرتبية) :أيي اخلرب دون ربدي ٍد ٍ
يتناىى إذل الذىن داللة( :تربيّة اإلنسان) ،يتناىى إليو أيضاً داللة( :تربية احليوان) ،كما يتناىى داللة (تربيّة
دقيق لداللة ررب ادلبتدأ ا﵀ذوف، بتحديد ٍٍ كبري قد حيصل يف الذىن فيتوجب ف ّكو إهبام ٌ
النبات) ،ويف ىذا ٌ
الذي كان يتوجب إعطاءه صفةً إضافيةً ليحصل إدراكو إدراكاً كامالً يف الذىن ،حبيث يتطابق الدال مع
عرباً عن تسميتو ،فنقول مثالُ ( :كلِّيّة الرتبية ادلدلول يف اللفظ ،وادلعن ،والوظيفة ،فيصبح اخلرب ُم ّ
االجتماعيّة) ،أو ( ُكلِّيّة علوم الرتبية) ،أو ( ُكلِّيّة العلوم الرتبويّة) ،أو ما شابو ذلك ،وأعطى داللةً قويّةً دلعن
ٍ
انضجة؛ للعمل رلموعة بشريٍّة
ٍ ادلقررات الدراسيّة اليت يتم من رالذلا إعداد ٍ
اخلرب ادلراد بو تدريس عدد من ّ
بوي دبختل صوره. يف اجملال الرت ّ
وكذلك األمر يف قولنا( :وزارة الرتبيّة) ،فعلينا أن نقول مثالً( :وزارة الرتبيّة اإلنسانيّة) ،أو نقول:
يقرب من ىاتني التسميتني ،حبيث ال يتناىى إذل الذىن داللةً أررى (وزارة الرتبيّة االجتماعيّة) ،أو ُك َّل ما ِّ
مفاىيم دالليّ ٍة أررى (كالرتبيّة احليوانيّة) ،أو (الرتبيّة النباتيّة) أو يريىا.
َ سوامها من الدالالت اليت تشري إذل
اثلثاً :الوقوف على بعض الطرق الرتبوية احلديّثة اليت يشملها مصطلح الرتبية:
دبا أ ّن طفل اليوم ىو رجل الغد ،حيث سيصبح ىذا الطفل شاابً يفعاً تتجو إليو األنظار كل ٍ
يوم؛ َّ ّ
تعني على ادلربني األرذ دبا ينصح بو
ليكون ركيزة اجملتمع ،وعماد بنائو ،وأساس التنمية ادلستدامة فيوَّ ،
علمي وفق نتاج
يوم من ٍعلماء الرتبية ،والفلسفة ،واالجتماع ،وذلك دبا ينتجونو ،ويستخلصونو كل ٍ
ٍّ ّ
أحدث معايري مناىج طرق تربية الطفولة والشباب؛ ليكونوا مواطنني صاحلني ،خيدمون أنفسهم ّأوالً،
القوة ما جيعلو قادراً على بناء أمتو إن أمكن توجيهو توجيهاً ورلتمعاهتم اثنياً ،فهذا الشباب ديلك من ّ
تصرفاتو وأعمالو إلرضاعها للنقد الذايّ، مناسباً ،وضبط سلوكو ،وتعديلها تعديالً مثليّا ،والنظر يف ّ
وتبصريه دبسؤوليّاتو للتح ّقق من قدرتو على النهوض هبا ،ليكون دائماً عنصراً بنّاءً يف اجملتمع الذي يؤويو.
ب منو من نواحي ِر ْدميّ ٍة جملتمعو الذي يعي كل ما يُطْلَ ُ
ولكي يستطيع الشباب أن يقوم بتقدمي ّ
تنمي فيو ادليول، فيو ،أو اجملتمعات اإلنسانية األررى ال بُ ّد لو أن ينال الرتبية الصاحلة ،اليت من شأّنا أن ّ
عام ًة يشرتك
واالذباىات اإلجيابية ضلو ردمة اجملتمع ،وربقيق رفاىيّتو ،وىذه الرتبية جيب أن تكون مسؤوليّةً ّ
ادلؤسسات الرتبويّة ،كاألسرة ،وادلدرسة ،والنوادي الرتبويّة ادلختلفة اليت يـَْنظَم إليها
يف توفريىا ،وتقدديها مجيع ّ
ادلؤسسات على تشكيل شخصيّتهم ،وتوجيو ميوذلم، األطفال ،والشباب دبحض إرادهتم ،فتعمل مجيع تلك ّ
وريباهتم يف احلياة.
تؤسس ٍ
ادلؤسسات َتدية وظيفتها الرتبوية على أكمل وجو ال ب ّد ذلا من أن ّ ولتستطيع تلك ّ
متينة ،وذلذا كان من الواجب وضع بعض التجارب الشخصيّة اليت أسس ٍرططها ،وبرارلها الرتبوية على ٍ
مخسة وثالثني عاماً يف ىذا احلقل ،لتكون دليالً ،ومرشداً يسهمان يف العديد من ٍ استمرت ألكثر من
ّ
العمليّات الرتبويّة ذباه الطفل يف ادلستقبل ،وذلك مثل:
كل ٍ
شيء معرفة وظائفو الرتبويّة ذباه الطفل ،فيكتسب ابلضرورة ادلرب قبل ِّ
-1يتوجب على ّ
ؤدي إذل ربقيق مجلة األىداف الرتبويّة اليت يرنو إذل ربقيقها.
كل ما ي ّ القدرة على فهم ّ
رب منصباً على بوي ،حبيث يكون ىدف ادل ّ -2يقوم ادلُ ِّ
رب ابلتأثري يف نفس ادلتل ّقي للربانمج الرت ّ
معني يف الولد ،وجعلو يتصرف بصورةٍ إجيابيّ ٍة من رالل الرتكيز على فنون اللغة األربعة: إنتاج ٍ
سلوك ّ ٍ
ادلرب ،أو من رالل الكالم ،واالستماع ،والقراءة ،والكتابة ،فمن رالل الكلمات اليت يستعملها ّ
وحّت قدميو.
التنغيمات اليت يسبغها على صوتو يعمل على جذب انتباه الولد إليو حبركة عينيو ،ويديوّ ،
ادلرتب ميداانً فسيحاً اللتقاء الثقافات ،واحلضارات
رب و ّ
-3جعل الوسط الذي يلتقي فيو ادل ّ
اىد دينيّ ٍة ،وأدبيّ ٍة ،مع مراعاة مقتضى احلال لدى
رب بكل ما يستطيع من شو َادلختلفة ،حبيث يستشهد ادل ّ
ادلتل ّقي يف إيراده لتلك الشواىد ،روفاً من الوقوع يف التعقيد ،أو زيدة التعقيد.
-4استعمال األسلوب ادلتناسب مع سلتل الشرائح السنيّة ،والثقافيّة ضمن مواق وأجواء
ٍ
يتفاعل معها الطفل ،وارتيار اجلديد ،وادلفيد دائماً إلحداث أثر ٍّ
إجياب يف استقبال اإلشارات اليت تصدر
رب.
عن ادل ّ
-5العمل على قياس مستوى اخلربات السابقة لدى الطفل؛ لوضع ادلنهج ادلناسب لو ،والذي
ٍ
الحقة يف ادلستقبل. ات جديدةٍ تؤدي إذل استقبال ررب ٍ
ات يستطيع من راللو ادلرب بناء ررب ٍ
ّ ّ
ادلرب بذلك أمكنو التم ّكن من نفسو،
ادلعنوي للطفل ،فكلّما قام ّ
ادلادي و ّ
ّ -6تقدمي احلافز
صدى إجيابيّاً يف ُسليّلتو ،مع تشجيع مبدأ التنافسً بكل ما يريب يف يرسو بنفسو ،وذىنو دبا يرتك وإحاطتو ّ
احد ،فيضاع ذلك من قدرات عطائهم ،وقابليّة إنتاجهم العمل ّي يف بني ادلتل ّقني حينما يكونوا أكثر من و ٍ
ادلستقبل.
بوي ،بدراسة ٍ ٍ
-7مساعدة األطفال الذين ال يتفاعلون بدرجات متفاوتة مع ادلوضوع الرت ّ
أوضاعهم النفسيّة ،واالجتماعيّة ،والفكريّة ،واالقتصاديّة إن أمكن ،وذلك دلعاجلة حالتهم السلبيّة ،وكيفية
إدماجهم ضمن نطاق اجملموعة اليت ينتمون إليها.
كل زلاو ٍلة لو لإلدالء أبي اخلاص ،واالستماع إذل ِّّ لكل طف ٍل إببداء رأيو
-8إاتحة الفرصة ِّ
ي قائ ٍم بذاتو يف ٍ
دلوضوع تربو ٍّ
ٍ معلومة مهما بلغت درجة بساطتها ،فقد تكون تلك ادلعلومة نواةً حقيقيّةً
ادلستقبل.
رب
-9الطفل الذي من ادلمكن أن يكون لو رصي ٌد فكري ،أو علمي ،أو ثقايف ،يتعني على ادل ّ
استغالل ىذا الرصيد ،بربط الطفل ببعض الربامج اخلارجة عن الربانمج ادلع ّد لو سلفاً ،مع منحو فرص ًة
ٍ ُ
ملكات تؤىلو ليكون رجل ادلستقبل. ذبعلو يستخدم مجيع حواسو قصد سبكينو من استخدام ما لديو من
-10تدريب األوالد ،وتعويدىم على الربامج اليت تتخذ من ا﵀ادثة الشفهية ،والقراءة احلرة،
بشكل دائ ٍم على تركيب
ٍ والكتابة ادلقالية ،والبحثية أسلوابً تربويً تعليميّاً ،فيتم سبرينهم ابستمرا ٍر ،وتدريبهم
كل فقرٍة منالكلمات ،واجلمل ،وكتابة النصوص ،مع ربليلها ،ونقدىا ،واستخراج الفكرة الرئيسة من ِّ
فقرات ادلوضوع ادلكتوب ،أو ادلقروء ،أو ادلسموع.
-11اإلكثار من استخدام الوسائل العلميّة احلديثة يف الرتبية دبختل أنواعها ،وأحجامها ،مثل:
األجهزة اإللكرتونيّة ،والكهرابئيّة ،فجميع تلك األجهزة تعمل على تنمية قدرات الطفل الذىنية ،وتزيد من
ِ
رب رلرداً فقط ،وإّا يرّكز عادةً على ِّ
كل ما يقوم بو ادل ّ مستوى الرتكيز لديو؛ ألنّو ال َّ
يتلقى تدريباً ،وتوجيهاً ّ
ٍ
حسنةٍ ،
ومثل أعلى يـُ ْقتَدى هبما. أمامو ،فيتل ّقى عنو طريقتو ،وأسلوبو ،وشخصيتو ،وما يضرب لو من ٍ
قدوة ّ
-12اعتماد ادلرونة يف توجيو سلوك الطفل ابحلركة ،والتحكم يف ادلواق السلبيّة بتحويلها إذل
رال ٍقة ،يفيد ٍ
إنتاجية ّ مواق إجيابي ٍة ،كتحويل شحنة الطاقة احلركية ،والسلوكية عند الطفل ادلراىق إذل ٍ
طاقة ّ ّ ّ
مؤد ٍية إذل االبتكار ،واالنتاج ،واالررتاع يف مستقبل الطفل الناشئ. ٍ
رب كوسيلة ّ
منها ادل ّ
ّأما أهم التوصيات اليت ميكن تقدميها من خالل هذا البحث فتتمثّل يف:
-1االنفاق على برامج تربية الشباب دبا يكفي؛ ليكونوا مواطنني صاحلني ،خيدمون أنفسهم،
ورلتمعهم الذي ىم عماد التنمية ادلستدامة فيو.
ادلعجمي،
ّ -2التفريق بني مفهومي الرتبية ،والتعليم ،فهما مصطلحان سلتلفان يف السياق
الوظيفي.
ّ و
-3وجوب تبيني صفة ررب ادلبتدأ يف قولنا( :كليّة الرتبية) ،ويف قولنا( :وزارة الرتبية) ليتطابق
معرباً عن تسميتو ،فنقول مثال( :كلّيّة
الدال مع ادلدلول يف اللفظ ،وادلعن ،والوظيفة ،ويصبح ادلسمى ّ
الرتبية االجتماعية) ،أو (كلّيّة علوم الرتبية) ،أو (كلّيّة العلوم الرتبوية) ،وكذلك (وزارة الرتبيّة اإلنسانيّة) ،أو
(وزارة الرتبيّة االجتماعيّة) ،أو (وزارة الرتبية الوطنية) كما ىو معمول بو يف ادلملكة ادلغربية.
الدورل:
ّ اإلصلليزي الوارد يف ادلصطلح
ّ -4إعادة النظر يف ترمجة لفظ ()Educational
غوية العربيّة اليت وضع من أجلها.( )UNESCOوتغيريه دبا يتناسب مع الداللة الل ّ