Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 19

‫دراسات لغوية‪:‬‬

‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫‪Principle of Establishing Listening in Sibawayh’s Book‬‬


‫‪Prinsip Menetapkan Cara Mendengar di dalam Buku Sibawayh‬‬

‫‪‬‬
‫فاطمة حممد أمني العمري‬
‫‪‬‬
‫جمدي حاج إبراهيم‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫لئ ْن كان السماع الركيزة الثانية بعد القياس يف بناء نظرية النحو العريب‪ ،‬فإنه أساس القياس واملركب‬
‫األساسي يف إرساء دعائمه‪ ،‬فالركائز اليت انطلق منها النحاة يف وضع القاعدة النحوية القياسية من مجع‬
‫املادة اللغوية ووضع القواعد العامة لضبط أصول اجلمع اعتمدت بشكل رئيس على السماع‪ .‬من هذا‬
‫املنطلق‪ ،‬فإن هذ البحث يهدف إىل تتبع ضوابط مبدأ السماع وتل ُّمس األطر العامة اليت اعتمد عليها‬
‫سيبويه يف بناء أصول نظرية النحو العريب والقواعد؛ وذلك من خالل دراسة منت كتاب سيبويه وحتليله‬
‫السماع يف الكتاب‪ .‬وسيعتمد البحث يف‬ ‫الستخالص النتائج واستخبار النصوص يف البحث عن أصول ّ‬
‫ذلك على املنهج الوصفي التحليلي مستعيناً بأمهات كتب النحو وما يستدعيه البحث من مراجع‬
‫تناولت املوضوع أو أطرافاً منه‪ .‬توصل البحث إىل نتائج مهمة‪ ،‬وهي‪ :‬أن سيبويه كان عاملاً بشؤون العربيّة‬
‫متمكناً من أبواهبا مستوعباً النّحو والصرف ودقائق أمور اللغة؛ إذ اتبع منهجاً علميّاً واضحاً يف استقراء‬
‫العامة اليت كانت متّبعة آنذاك‬
‫السماع أثناء تصنيف كتابه‪ ،‬وجرى على القواعد ّ‬ ‫املادة اللغوية من خالل ّ‬
‫ّ‬
‫السماع من خالل اتّباع قواعد عامة تضبط أصول اجلمع‬ ‫أصل ملبادئ ّ‬‫قصي‪ ،‬وأنه ّ‬ ‫يف البحث والتّ ّ‬
‫واالستقراء من ناحية الزمان واملكان واملأخوذ عنه واملأخوذ به من الشواهد النحوية‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬السماع‪-‬ضوابط السماع‪-‬نظرية النحو العريب‪-‬كتاب سيبويه‪-‬الشاهد النحوي‪.‬‬

‫‪ ‬أستاذ مشارك مبركز اللغات‪ ،‬اجلامعة األردنية‪ ،‬اململكة األردنية اهلامشية‪.‬‬


‫‪‬أستاذ الرتمجة بروفيسور ‪ ،‬قسم اللغة العربية وآداهبا‪ ،‬كلية معارف الوحي والعلوم اإلنسانية‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية العاملية مباليزيا‪.‬‬
‫أرسل البحث بتاريخ‪2018 /12/7 :‬م‪ ،‬وقبل بتاريخ‪2018/6/14 :‬م‪.‬‬
‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

Abstract
Listening is the second method after analogy in the construction of Arabic
grammatical theory. It’s the basis for analogy and the foundation to support its
pillars. The cornerstones that were used by the grammarians to establish the
grammatical rule for analogy such as the compilation of language material and
establishing the general rules to regulate the fundamentals of compilation was
significantly dependent on listening. On this note, this study aims to look into the
regulations of listening and touches the general frameworks used by Subawayh in
constructing the foundations of Arabic grammatical theory and its foundations. This
is through studying the content of his book and analyzing it to arrive at some
observations from the texts related to the foundations of listening in his book. The
study is descriptive and analytical utilizing primary references in Arabic grammar and
other references that refer to the topics fully or partially. The study concludes with
some significant findings: Sibawayh was knowledgeable in Arabic in all of its topics
even in the details of the language. He followed a clear knowledge method in
extrapolating the language materials through listening while compiling his book.
Investigating and inquiring at that era are among the general rules; he managed to
establish rules for listening by following the general rules that regulate the
fundamentals of compilation and extrapolation from the time and place aspects in
addition to the excerpts from the grammatical evidences.
Keywords: Listening, rules for listening, Arabic grammatical Rules, Sibawayh’s book,
Language evidence.

Abstrak
Mendengar ialah cara kedua selepas qiyas di dalam pembentukan teori tatabahasa
Arab. Ia adalah asas kepada qiyas dan juga dasar yang menyokong rukun-rukunnya.
Asas-asas yang telah digunakan oleh para cendiakawan tatabahasa untuk
menetapkan peraturan tatabahasa untuk qiyas seperti pengumpulan bahan bahasa
dan menetapkan peraturan umum untuk mengawal asas-asas kepada usaha
pengumpulan bahan tersebut adalah amat bergantung sekali kepada cara
mendengar. Oleh itu, kajian ini bertujuan untuk melihat peraturan-peraturan
mendengar dan membicarakan kerangkan umum yang digunakan oleh Sibawayh
dalam membina asas teori tatabahasa Arab. Ini dilaksanakan melalui kajian
kandungan buku beliau and menganalisanya untuk menggarap beberapa
kersimpulan daripa teks tersebut yang berkenaan dengan asas-asas cara mendengar
di dalam buku beliau. Kajian ini adalah secara deskriptif and analitikal yang
menggunakan rujukan utama di dalam tatabahasa Arab dan sumber-sumber lain
yang samada secara sebahagiannya atau sepenuhnya menyentuh topik tersebut.
Beberapa rumusan kajian yang terpenting ialah: Sibawayh merupakan seorang yang
amat berpengetahuan dalam bahasa Arab dalam kesemua topiknya hatta dalam
perkara terperinci bahasa tersebut. Beliau menggunakan metod pengetahuan yang
amat jelas dalam menkaji bahan-bahan bahasa yang beliau dapatkan secara
mendengar dalam buku beliau. Mengkaji dan mendapatkan pengesahan di era
tersebut adalah merupakan di antara peraturan pengetahun yang umum; beliau
berjaya untuk meletakkan peraturan untuk mendengar dengan mengikuti peraturan-
peraturan umum yang mengawal syarat pengumpulan dan pengkajian bahan dasi
115 ‫م‬2018 ‫ديسمرب‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪sudut masa dan tempat di samping petikan-petikan yang menjadi bukti kepada‬‬
‫‪sesuatu kes tatabahasa.‬‬
‫‪Kata kunci: Mendengar, peraturan mendengar, Peraturan Tatabahasa Arab, Buku‬‬
‫‪Sibawayh, Hujah rujukan Bahasa.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫السماع إحدى ركيزتني أساسيتني يف بنيان نظرية النحو العريب‪ ،‬فهو اخلطوة األوىل واملركب األساسي يف‬
‫إرساء دعائم تلك النظرية وأركاهنا‪ .‬لقد انطلق النحاة ابتداءً من وضع القاعدة النحوية‪ ،‬وتشكيل األطر‬
‫العامة‪ ،‬وتبويب األبواب‪ ،‬وفصل املسائل‪ ،‬ومد القياس‪ ،‬وختريج العلل‪ ،‬ومن مث وضع النظريات العامة من‬
‫منطلق مساعي صرف‪ ،‬وهو مجع املادة اللغوية لوضع قواعد عامة تضبط أصول اجلمع من ناحية املأخوذ‬
‫عنه‪ ،‬والزمان‪ ،‬واملكان‪ ،‬وضمن اعتبارات أخرى كثرية سيأيت بياهنا الحقا يف ثنايا البحث‪.‬‬
‫وملا كان كتاب سيبويه أول كتاب حنوي يصل إلينا هبذه الدقة وذلك العلم‪ ،‬ولِما قُدر لصاحبه من‬
‫مجع علوم أئمة النحو واللغة‪ ،‬فإن تتبع تلك الركيزة األساسية – يف ٍ‬
‫كتاب ُع َّد قرآن النحو عند حنوي‬
‫بلغت الدراسة النحوية على يديه ذروة منائها – يكشف النقاب عن منهجية النحاة األوائل بصورة‬
‫ويبني النهج الذي سلكوه يف اعتماد السماع أصالً من أصول النحو العريب‪ ،‬بل واملادة اللغوية‬‫تطبيقية‪ّ ،‬‬
‫بشكل عام‪.‬‬
‫س األطر العامة اليت حكمت قواعد السماع يف أصول نظرية النحو العريب يف‬ ‫وهذا البحث سعي إىل تل ُّم ِ‬
‫ٌ‬
‫أصلوا لنظرية النحو العريب وأولئك الذين درسوا كتاب‬ ‫منت الكتاب‪ ،‬لِتصل بني جهود أولئك الذين َّ‬
‫ِ‬
‫سيبويه‪ .‬وهذا البحث إذ يسعى إىل حتقيق ذلك يعتمد على املنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬مث يعرض ما جاء‬
‫به الدارسون حول املوضوع‪ ،‬ويعود إىل املنهج اإلحصائي من خالل دراسة الكتاب هبدف حتقيق التوازن‬
‫بني أقوال الدراسني يف املسألة والرتجيح بينها‪ ،‬فيأخذ قسماً منها وي رُّد قسماً آخر‪ ،‬يف ضوء ما تُ ِ‬
‫سف ُر عنه‬ ‫ُ‬
‫مراجعة الكتاب‪ .‬وسيقوم البحث على كتاب سيبويه دراسةً وحتليالً وعرضاً من خالل استخالص النتائج‬
‫واستخبار النصوص مستعيناً بأمهات كتب النحو‪ ،‬وما يستدعيه البحث من مراجع تناولت املوضوع أو‬
‫أطرافاً منه‪.‬‬

‫أولا‪ :‬مفهوم السماع‬


‫جاء يف اللسان‪ِ ( :‬مسع السمع‪ ،‬وقد ِمسعه مسعا ِ‬
‫ومسْعاً ومساعاً ومساع ًة ومس ِ‬
‫اعية)‪ 1،‬وورد يف تاج العروس أن‬ ‫ًْ‬ ‫َّ ْ‬
‫‪2‬‬
‫أخذت ذلك عنه مسْعاً ومساعاً)‪ ،‬ويف الوسيط‪( :‬من‬‫ُ‬ ‫السماع (ما مسعت به فشاع وتُ ُكلم به‪ ...‬وقالوا‪:‬‬
‫َّ‬
‫السماع عند علماء العربية‪ :‬خالف القياس‪ ،‬وهو ما‬ ‫ِمسع لفالن‪ ،‬أو إليه‪ ،‬أو إىل حديثه مسْعاً ومساعاً‪ ،‬و َّ‬
‫السماع‪ ،‬وهو ما مل تُذكر‬
‫يُسمع من العرب فيُستعمل‪ ،‬ولكن ال يُقاس عليه‪ ،‬والسماعي املنسوب إىل َّ‬
‫‪3‬‬
‫قاعدة كليَّة مشتملة على جزئيّاته‪ ،‬بل يتعلَّق َّ‬
‫بالسماع من أهل اللسان العريب ويتوقف عليه)‪.‬‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪116‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫والسماع عند أئمة العربية وعلمائها أول أدلة النحو وأصل بابه؛ فابن جين يرى أن (أدلة النحو ثالثة‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫وقياس واستصحاب‬‫ٌ‬ ‫قل‬
‫القياس)‪ ،‬وهي – أي أدلة النحو– عند ابن األنباري‪ٌ ( :‬‬
‫السماعُ واإلمجاعُ و ُ‬
‫أن كالً من القياس‬‫السماع‪ .‬ويف السياق نفسه يرى اإلمام السيوطي يف مقرتحه َّ‬ ‫حال)‪ ،‬والنقل هو َّ‬
‫عرب بعض علماء العربية‬ ‫‪5‬‬
‫السماع كما مها يف الفقه كذلك)‪ ،‬وقد َّ‬ ‫واالستقراء البد هلما من ( ٍ‬
‫مستند من َّ‬
‫علم مستخر ٌج‬
‫عرف ابن عصفور النحو بأنه‪ٌ ( :‬‬ ‫السماع بلفظ استقراء من خالل تعريفهم للنحو؛ فقد َّ‬ ‫عن َّ‬
‫باملقاييس املستنبطة من استقراء كالم العرب املوصلة إىل معرفة أجزائه اليت تأتلف منها)‪ 6،‬وقوله‪:‬‬
‫ابن السر ِاج النّحو بأنه‪( :‬علمٌ استخرجه املتقدمون من‬‫وعرف ُ‬ ‫"استقراء كالم العرب" إشارة إىل السماع‪ّ ،‬‬
‫‪7‬‬
‫عرفه ابن األثري بقوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬‫ً‬‫ا‬‫أيض‬ ‫السماع‬ ‫إىل‬ ‫إشارة‬ ‫العرب"‬ ‫كالم‬ ‫اء‬
‫ر‬ ‫"استق‬ ‫له‬‫و‬ ‫وق‬ ‫استقراء كالم العرب)‪،‬‬
‫ط‪ ،‬وهو ّأول ما ينبغي‬ ‫( ّأما علم النّحو فإنّه يف علم البيان من املنظوم واملنثور مبنزلة أجبد يف تعليم اخل ّ‬
‫معرة اللّحن‪ ...‬فوجب بذلك معرفة النّحو إذ كان‬ ‫العريب ليأمن ّ‬
‫لكل أحد ينطق باللّسان ّ‬ ‫إتقان معرفته ّ‬
‫ضابطاً ملعاين الكالم حافظاً هلا من االختالف)‪ 8.‬وإذا انتقلنا إىل النحاة احملدثني‪ ،‬جند علي أبو املكارم‬
‫‪9‬‬
‫يعرف السماع بأنه‪( :‬األخذ املباشر للمادة اللغوية عن الناطقني هبا)‪.‬‬
‫والسماع يف مفهومنا تلخيص واستيعاب ملا جاء يف كتب أهل اللغة والنحو من قدامى وحمدثني‪ :‬أخذ‬
‫املادة اللغوية من مظاهنا األصلية من القرآن والسنة والشعر والنثر العريب‪ ،‬وفقاً لضوابط زمانية ومكانية‪،‬‬
‫أحكام اتَّفق عليها العلماء حول املأخوذ به واملأخوذ عنه‪ ،‬وهو مرحلة أساسية يف التقعيد‪ ،‬بل هو‬ ‫و ٍ‬
‫املرحلة األوىل وحجر األساس يف وضع أصول نظرية النحو العريب‪.‬‬
‫السماع وأحكامه موضحني مفاهيمها ومتتبعني آثارها يف الكتاب ومتثُّل صاحبه هلا يف‬‫وسنتناول ضوابط َّ‬
‫أثناء وضعه ملصنَّفه‪ ،‬وفيما يأيت بيان ذلك‪:‬‬

‫‪ .1‬العامل الزماني‪:‬‬
‫حدد النحاة مدة زمنية لالستشهاد بالشعر وكالم العرب‪ ،‬وهذه املدة متتد إىل قرن ونصف قبل اإلسالم‬
‫ٍ‬
‫وقرن ونصف بعده‪ ،‬ومع ذلك فإننا ال جند منظاراً دقيقاً حيكم النحاة يف األمر كله؛ إذ هم خمتلفون يف‬
‫حتديد مرحلة احلداثة‪ ،‬وبالنسبة إىل سيبويه‪ ،‬كانت آراؤه فيما خيص حقبة االحتجاج ثابتة وواضحة من‬
‫ِ‬
‫احتج بابن ميادة (ت ‪136‬ه)‪ ،‬وأيب حية النمريي (ت‬ ‫خالل األثر الوحيد الذي نُقل عنه الكتاب؛ فقد ّ‬
‫‪10‬‬
‫‪158‬ه)‪ ،‬وابن هرمة (ت ‪176‬ه)‪ ،‬دون أن يتعدَّى األخري؛ إذ تويف بعده بأربع سنوات‪.‬‬
‫لقد ألزم سيبويه نفسه إذن مبرحلة االحتجاج املتفق عليها‪ ،‬فقد استشهد بشعر لشعراء جاهليني وأمويني‬
‫ضمن عصر االحتجاج اللغوي‪ ،‬فذكر شعراً المرئ القيس‪ ،‬وجرير‪ ،‬وذي الرمة‪ ،‬وعمر بن أيب ربيعة‪ ،‬وأيب‬
‫ذؤيب اهلذيل‪ ،‬ورؤبة وغريهم‪ 11،‬ممن عاشوا وماتوا يف عصور االحتجاج‪.‬‬

‫‪117‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫وقد أثار بعض الباحثني قضية استشهاد سيبويه بشعر بعض الشعراء جمامل ًة من باب التودد أو التخوف‪،‬‬
‫فالسيوطي أشار إىل أن سيبويه استشهد بشع ٍر لبشار بن برد يف كتابه ُّ‬
‫تقرباً إليه؛ ألن بشاراً كان قد‬
‫هجاه بسبب إعراضه –أي سيبويه– عن االستشهاد بشعره‪ 12،‬واحلق أن سيبويه مل يفعل ومل يُضمن‬
‫كتابه شيئاً من شعر ابن برد‪ ،‬وقد حقق املسألة غري باحث‪ 13‬وقطعوا القول بإعراض سيبويه عن ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬العامل المكاني‪:‬‬
‫حدد النحاة قبائل معينة يأخذون اللغة عنها‪ ،‬من أشهرها وأمهها‪ :‬قيس‪ ،‬ومتيم‪ ،‬وأسد‪ ،‬وطيء‪ ،‬وهذيل‪.‬‬
‫ونظرة اللغويني يف هذا اإلطار عميقة؛ إذ َّفرقوا بني لغة البادية‪ ،‬ولغة املدينة‪ ،‬وقبائل الوسط‪ ،‬وقبائل‬
‫فضلوا أخذ اللغة عن س ّكان الرباري لقوهلم‪( :‬وأنت تتبني ذلك مىت‬ ‫األطراف‪ ،‬ويتجلّى ذلك يف أ ّهنم ّ‬
‫تأملت أمر العرب يف هذه األشياء‪ ،‬فإن فيهم سكان الرباري وفيهم سكان األمصار‪ ،‬وأكثر ما تشاغلوا‬
‫بذلك من سنة تسعني إىل سنة مائتني‪ ،‬وكان الذي توىل ذلك من بني أمصارهم أهل الكوفة والبصرة من‬
‫أرض العراق‪ ،‬فتعلموا لغتهم والفصيح منها من سكان الرباري منهم دون أهل احلضر‪ ،‬مث من سكان‬
‫الرباري من كان يف أواسط بالدهم ومن أش ّدهم توحشاً وجفاءً وأبعدهم إذعاناً وانقياداً‪ ،‬وهم قيس ومتيم‬
‫وطي مث هذيل‪ ،‬فإن هؤالء هم معظم من نقل عنه لسان العرب‪ ،‬والباقون فلم يؤخذ عنهم شيء؛‬
‫وأسد ّ‬
‫ألهنم كانوا يف أطراف بالدهم خمالطني لغريهم من األمم مطبوعني على سرعة انقياد ألسنتهم أللفا‬
‫‪14‬‬
‫سائر األمم املطيفة هبم من احلبشة واهلند والفرس والسريان وأهل الشام وأهل مصر)‪.‬‬
‫أما سيبويه فقد أخذ من قبائل كثرية بنسب متفاوتة‪ ،‬فقد أخذ عن ثالث وأربعني قبيلة‪ ،‬أخذ عن‬
‫يبني القبائل اليت آثرها سيبويه يف‬
‫بعضهم عشرات املرات وعن آخرين مرة واحدة فقط‪ .‬واجلدول أدناه ّ‬
‫يبني عدد مرات ذكرها عنده‪:‬‬
‫كتابه‪ ،‬كما ّ‬
‫النسبة املئوية‬ ‫مرات التكرار‬ ‫القبيلة‬
‫‪%22،14‬‬ ‫‪ 64‬مرة‬ ‫متيم‬
‫‪%17.6‬‬ ‫‪ 51‬مرة‬ ‫أهل احلجاز‬
‫‪%5،5‬‬ ‫‪ 16‬مرة‬ ‫قيس بن عيالن‬
‫‪%5.5‬‬ ‫‪ 16‬مرة‬ ‫أسد‬
‫‪%2،76‬‬ ‫‪ 8‬مرات‬ ‫تغلب‬
‫‪%2،76‬‬ ‫‪ 8‬مرات‬ ‫أهل املدينة‬
‫‪%2،4‬‬ ‫‪ 7‬مرات‬ ‫معد بن عدنان‬
‫‪%2،42‬‬ ‫‪ 7‬مرات‬ ‫مثود‬
‫‪%2‬‬ ‫‪ 6‬مرات‬ ‫بنو سليم‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪118‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫‪%2‬‬ ‫‪ 6‬مرات‬ ‫ثقيف‬


‫‪%2‬‬ ‫‪ 6‬مرات‬ ‫فزارة‬
‫‪%2‬‬ ‫‪ 6‬مرات‬ ‫هذيل‬
‫‪%2‬‬ ‫‪ 6‬مرات‬ ‫بكر بن وائل‬
‫‪%1،7‬‬ ‫‪ 5‬مرات‬ ‫أهل مكة‬
‫‪%1،7‬‬ ‫‪ 5‬مرات‬ ‫سعد بن زيد مناة‬
‫‪%1،7‬‬ ‫‪ 5‬مرات‬ ‫طيء‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫أزد السراة‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫قريش‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫أهل الكوفة‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫تيم عدي‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫باهلة بن أعصر‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫قيس بن ثعلبة‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫سلول‬
‫‪%1،3‬‬ ‫‪ 4‬مرات‬ ‫ربيعة‬
‫‪%1،03‬‬ ‫‪ 3‬مرات‬ ‫أميّة‬
‫‪%1،03‬‬ ‫‪ 3‬مرات‬ ‫جذام‬
‫‪%1،03‬‬ ‫‪ 3‬مرات‬ ‫جرم‬
‫‪%1،03‬‬ ‫‪ 3‬مرات‬ ‫منري بن عامر‬
‫‪%1،03‬‬ ‫‪ 3‬مرات‬ ‫بنو احلارث‬
‫‪%1،03‬‬ ‫‪ 3‬مرات‬ ‫كالب‬
‫‪%0،69‬‬ ‫مرتان‬ ‫قشري‬
‫‪%0،69‬‬ ‫مرتان‬ ‫بنو بدر‬
‫‪%0،69‬‬ ‫مرتان‬ ‫ثعلبة بن يربوع‬
‫‪%0،69‬‬ ‫مرتان‬ ‫هبراء‬
‫‪%0،69‬‬ ‫مرتان‬ ‫شنوءة‬
‫‪%0،34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫ثعلبة بن نوفل‬
‫‪%0،34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫عبد مشس‬

‫‪119‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪%0،34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫عبد القيس‬


‫‪%0،34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫بنو لؤي‬
‫‪%0،34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫نزار‬
‫‪%0،34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫خزاعة‬
‫‪%0.34‬‬ ‫مرة واحدة‬ ‫أمنار‬

‫يتضح من اجلدول أعاله أن سيبويه مييل إىل األخذ عن متيم واحلجاز ويؤثرمها على بقية القبائل‪ ،‬ومن‬
‫خالل استقراء الكتاب يتبني حرص سيبويه على ذكر هاتني القبيلتني؛ حيث كان يذكرمها يف مواضع‬
‫متعددة من مؤلفه باملقارنة بذكره سائر القبائل‪ ،‬وقد يذكرمها معاً كما فعل يف (باب ما أجري جمرى ليس‬
‫‪15‬‬
‫يف بعض املواضع بلغة أهل احلجاز‪ ،‬مث يصري إىل أصله)‪ ،‬وقد يذكر إحدامها دون األخرى كذكره متيماً‬
‫‪16‬‬
‫يف (باب األفعال اليت تستعمل وتلغى)‪.‬‬
‫وجبانب متيم واحلجاز‪ ،‬يذكر سيبويه كثرياً من قبائل العرب اليت أمجع اللغويون على فصاحتها كقيس‬
‫وأسد وطي وهذيل‪ ،‬وهذا ٌّ‬
‫دال على أ ّن سيبويه سار على ما سارت عليه العرب يف األخذ عن القبائل‬ ‫ّ‬
‫اليت مل ختالط العجم‪ ،‬بيد أننا نالحظ أيضاً أن سيبويه مل يتحرج من األخذ عن القبائل اليت سكنت‬
‫أطراف اجلزيرة العربية أو اليت خالطت العجم حبكم اجلوار أو التجارة‪ ،‬فقد حتفظ بعض اللغويني كالفارايب‬
‫والسيوطي‪ 17‬من األخذ عنهم ختوفاً من تأثر لساهنم بلسان من كانوا جياوروهنم وخيالطوهنم‪ ،‬ومن هذه‬
‫القبائل‪:‬‬
‫أ‪ .‬تغلب اليت جاورت اليونان وقد أخذ عنها سيبويه مثاين مرات‪.‬‬
‫ب‪ .‬ثقيف اليت خالطت جتار اليمن وقد أخذ عنها سيبويه ست مرات‪.‬‬
‫ج‪ .‬جذام اليت جاورت أقباط مصر وقد أخذ عنها سيبويه ثالث مرات‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد القيس اليت خالطت اهلند والفرس وقد أخذ عنها سيبويه مرة واحدة‪.‬‬

‫‪ .3‬المأخوذ عنه‪:‬‬
‫نظر النحاة إىل األعراب الذين يأخذون عنهم اللغة يف ضوء االعتبارات اجلماعية السابقة املتعلقة بالقبيلة‬
‫ومكاهنا‪ ،‬وزمان األخذ‪ ،‬فضالً عن اعتبار فردي يُعىن مبدى ثقة املنقول عنه‪ ،‬لقوهلم‪( :‬ويشرتط أن يكون‬
‫حراً كان أو عبداً؛ كما يشرتط يف نقل احلديث؛ ألن هبا معرفة‬
‫ناقل اللغة عدالً‪ ،‬رجالً كان أو امرأة‪ّ ،‬‬
‫تفسريه وتأويله‪ ،‬فاشرتط يف نقلها ما اشرتط يف نقله‪ ،‬وإن مل تكن يف الفضيلة من شكله؛ فإن كان ناقل‬
‫‪18‬‬
‫اهتم سيبويه بثقة املسموع عنه اهتماماً‬
‫ّ‬ ‫إذ‬ ‫الكتاب؛‬ ‫نصوص‬ ‫يف‬ ‫جلي‬
‫ٌّ‬ ‫وهذا‬ ‫اللغة فاسقاً مل يقبل نقله)‪،‬‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪120‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫وجه كل اهتمامه إىل وصف درجة الوثوق به‪ ،‬فكان يقول‪:‬‬‫جعله ال حيدد هويته يف كث ٍري من األحيان؛ إذ َّ‬
‫مسعناه ممن يوثق بعربيته‪ ،‬وهو مثل قوله‪ :‬مسعنا من العرب من يقول ممن يوثق بعربيته‪ ،‬وقوله‪ :‬قال ناس‬
‫‪19‬‬
‫يوثق بعربيتهم‪.‬‬
‫وحنن إذ نُسلم بأنه من غري املمكن يف باب الشاهد اللغوي أو النحوي النثري أن يذكر النحوي اسم من‬
‫ينقل عنه بالتأكيد‪ ،‬إال أن عناية سيبويه بالتعقيب على درجة الوثوق باملأخوذ عنه أمر يسرتعي االنتباه‪،‬‬
‫ذلك أن سيبويه كان ممَّن نشأ يف بيئة غري عربية‪ ،‬وتعلم العربية خارج بيئتها الطبيعية؛ لذلك جنده حريصاً‬
‫على إكساب كتابه شرعية يستمدها من النقل عن الثقات‪ ،‬ومما يؤكد ذلك ويدعمه أنّه استعمل صيغاً‬
‫لغوية متنوعة للداللة على درجة الوثوق مبن ينقل عنهم؛ فبعضهم كان ِمن "من ال أهتم" على حد تعبريه‪،‬‬
‫يف مقابل "من يوثق بعربيته"‪ ،‬و"أخربين الثقة"‪ ،‬وقد ذكر السيوطي عن املرزباين عن أيب زيد النحوي قوله‪:‬‬
‫‪20‬‬
‫(كل ما قال سيبويه يف كتابه‪" :‬أخربين الثقة"‪ ،‬فأنا أخربته)‪.‬‬
‫وقد أخذ بعض الباحثني على سيبويه أنه مل يسمع عن العرب ومل يشافههم‪ ،‬وإمنا اكتفى بالسماع عن‬
‫شيوخه والنقل عنهم‪ 21،‬واحلق أن الناظر يف الكتاب يقع على نصوص كثرية مبثوثة يف ثناياه من رواية‬
‫سيبويه عن شيوخه عن العرب‪ ،‬إال أن مثة نصوصاً أخرى كثرية جداً يرويها سيبويه نفسه عن العرب‬
‫مادته منهما‪ ،‬مها‪ :‬أوالً السماع املباشر عن‬
‫مباشرة؛ ما يعين أن للرجل مصدرين يف السماع كان يستقي ّ‬
‫ا لعرب مما أتاحته ظروف عصره وإمكاناته؛ إذ من غري املمكن أن يستقيم لرجل واحد أن يسمع بنفسه‬
‫كل املادة اللغوية والنحوية املوجودة يف الكتاب‪ ،‬وثانياً السماع غري املباشر‪ ،‬وهو ما نقله عن شيوخه‬
‫الذين مسعوا كالم العرب وبلغوا يف العلم منازل عالية؛ فكان له بذلك فضل اجلمع بني علومهم وعلمه‬
‫‪22‬‬
‫فروى ذلك ومجعه يف كتابه ليكون له فضل كتابة (الكتاب)‪.‬‬
‫ومن اجلدير بال ّذكر أن سيبويه اعتمد بعض األعالم الثّقات ليكونوا مصادر رئيسة لرواياته؛ فقد أخذ عن‬
‫يونس بن حبيب ‪ 209‬مرات‪ ،‬كما أخذ عن عيسى بن عمر الثّقفي‪ ،‬ورؤبة بن العجاج‪ ،‬وأيب زيد‪ ،‬وأيب‬
‫‪23‬‬
‫عبد اهلل هارون األعور‪ ،‬وأيب عمرو بن العالء‪ ،‬والرؤاسي وغريهم‪.‬‬

‫‪ .4‬المأخوذ به‪:‬‬
‫نعين باملأخوذ به الشاهد النحوي‪ ،‬وهو النص املأخوذ به يف إقامة القاعدة النحوية‪ ،‬وقد اعتمد سيبويه‬
‫على مصادر متنوعة استقى منها شواهده النحوية؛ إذ تراوحت بني الشعر‪ ،‬وأقوال األعراب‪ ،‬والقرآن‬
‫الكرمي‪ ،‬واحلديث النبوي‪ ،‬وغريها‪ ،‬وتفصيل ذلك على النحو اآليت‪:‬‬

‫‪121‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫أ‪ .‬االستشهاد بالقرآن الكرمي‪ :‬ال خالف بني النّحاة على االستشهاد بالقرآن الكرمي وقراءاته املختلفة‪،‬‬
‫فهو أفصح الكالم وأبلغه‪ ،‬وجيوز االستشهاد بالقراءات متواتره وشاذّه‪ ،‬غري أ ّن للنّحاة منهجهم يف النّظر‬
‫إىل القراءات واالستشهاد هبا‪ ،‬وبناء قواعد النّحو عليها‪ ،‬وقد أخذوا من القرآن الكرمي وقراءاته ما احتاجوا‬
‫الصحيح‪ 24،‬وهو ما فعله سيبويه؛ إذ كان استشهاد سيبويه بالقرآن‬ ‫إليه يف بناء القواعد وتبيني النّطق ّ‬
‫الكرمي يف كتابه كثريا أيضاً‪ ،‬وقد استشهد سيبويه يف كتابه بآيات من القرآن الكرمي يف (‪ )494‬أربعمائة‬
‫وأربعة وتسعني موضعاً‪.‬‬
‫مل حيدد سيبويه سقفا لشواهده القرآنية‪ ،‬فقد كان يستشهد يف بعض املواطن بآية واحدة‪ ،‬مثال ذلك‬
‫استشهاده ٍ‬
‫بآية قرآنية واحدة يف باب "ما يكون من األمساء صفة مفرداً وليس بفاعل وال صفة تشبّه‬
‫‪25‬‬
‫تعاىل‪:‬‬ ‫بقوله‬ ‫متثلت‬ ‫وأشباهه"‪،‬‬ ‫كاحلسن‬ ‫بالفاعل‬
‫‪26‬‬
‫اهْ َو َم َماُتُ ُمْ﴾‪،‬‬
‫اتْ َس َْواءْْ َمح َي ُْ‬ ‫اتْ َأنْْ ََن َعلَهُمْْ ََك ذ َِّل َْ‬
‫ينْأ َمنُواْ َو َ َِعلُواْ ذ‬
‫الصا ِل َح ِْ‬ ‫الس ِيئَ ِْ‬ ‫بْ ذ ِاَّل َْ‬
‫ينْاج َ ََت ُحواْ ذ‬ ‫﴿ َأمْْ َح ِس َْ‬
‫ويف مواطن أخرى جنده يستشهد بآيات كثرية يف املوضع الواحد‪ ،‬فمثال استشهد سيبويه يف "باب ما‬
‫خيتار فيه إعمال الفعل مما يكون يف املبتدأ مبيناً عليه الفعل"‪ 27،‬بأربع آيات من القرآن الكرمي‪ ،‬متثلت يف‬
‫‪28‬‬
‫تعاىل‪:‬‬ ‫وقوله‬ ‫يْ َأعَ ذْدْلَهُمْْعَ َذابْْ َأ ِلميْ﴾‪،‬‬ ‫﴿ُْيد ِخ ُل ْ َمنْْيَشَ ا ُْءْ ِ ْفْ َر َْح ِت ِْهْ َو ذ‬
‫الظا ِل ِم َْ‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫قوله‬
‫َضبنَاْ َُْلْ َاْلمث َْ‬
‫َالْ‬ ‫سْ َوقُ ُرونْْب َ َي ْ َذَٰ ِ َِل ْ َك ِث ْياْ ْ‪َ ْ -ْ 38ْ -‬و ُ ْ‬
‫ُكْ َ َ‬ ‫ابْ ذالر ِ ْ‬‫ْص َْ‬‫﴿وعَاداْْ َوثَ ُموَْدْ َو َأ َ‬
‫َ‬
‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬
‫قْعَل َ ِْي ُْم ْالضذ ََل َُْل﴾‪ ،‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫ُكْت ذََّبنَْْتَت ِب ْياْ﴾‪ ،‬وقوله تعاىل‪﴿ :‬فَ ِريقاْْهَدَ ىْْ َوفَ ِريقاْْ َح ذْ‬ ‫َو ُ ْ‬
‫‪31‬‬
‫شْ َطا ِئ َفةْْ ِمن ُُكْْ َو َطائِ َفةْْقَدْْ َأ ََهذْتُمْْأَن ُف ُسهُمْ﴾‪.‬‬
‫﴿يَغ َ ْ‬

‫ب‪ .‬االستشهاد باحلديث النبوي الشريف‪ :‬اختلف النحاة فيما بينهم حبجيّة االستشهاد باحلديث‬
‫النبوي‪ ،‬وقد كان سيبويه شغوفاً بتعلم احلديث النبوي‪ ،‬فقد قدم البصرة ليكتب احلديث؛ ولكن قصته مع‬
‫انضم إىل حلقة محاد بن‬
‫محاد بن سلمة جعلته حيول اهتمامه إىل اللغة والنحو؛ إذ يروى أن سيبويه ّ‬
‫سلمة بن دينار يأخذ العلم عنه‪ ،‬وقد كان يستملي على شيخه محاد يوماً‪ ،‬فقال‪ :‬قال رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ :‬ما أحد من أصحايب إال وقد أخذت عليه ليس أبا الدرداء‪ ،‬فقال سيبويه‪ :‬ليس أبو‬
‫ألطلنب علما ال تلحنين فيه أبداً‪ .‬ويُروى أن سيبويه‬
‫َّ‬ ‫الدرداء‪ ،‬فقال محاد‪ :‬حلنت يا سيبويه‪ ،‬فقال‪ :‬الجرم؛‬
‫جاء محّاداً مع قوم يكتبون شيئاً من احلديث‪ ،‬وكان مما أملى محّاداً ذكر الصفا‪ ،‬فقال‪ :‬صعد رسول اهلل‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم الصفاء‪ ،‬فقال محاد‪ :‬يا‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم الصفا‪ ،‬فقال سيبويه‪ :‬صعد ّ‬
‫فارسي‪ ،‬ال تقل الصفاء‪ ،‬ألن الصفا مقصور‪ .‬فلما فرغ سيبويه من جملسه كسر القلم‪ ،‬وقال‪" :‬ال أكتب‬ ‫ّ‬
‫‪32‬‬
‫شيئا حىت أحكم العربية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هجرة سيبويه من علم احلديث إىل النحو‪ ،‬بقي أثر خفيف للحديث يف كتابه وإن مل‬
‫يصرح بذلك‪ ،‬فقد ذكر يف كتابه حنو عشرة أحاديث‪ ،‬دون أن يشري إىل أهنا أحاديث أو ينسبها إىل النيب‬
‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪122‬‬
‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫صلى اهلل عليه وسلّم‪ ،‬بل يقول‪ :‬وقد قيل ذلك‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬وأما قوهلم؛‪ 33‬ومنه يف‪" :‬هذا باب يف البدل‬
‫وينصرانه)‪ 34،‬ففيه‬
‫أيضاً"‪ ،‬وأما قوهلم (كل مولود يولد على الفطرة‪ ،‬حىت يكون أبواه مها اللذان يهودانه ّ‬
‫ثالثة أوجه؛ (فالرفع وجهان والنصب وجه واحد‪ 35.)...‬ومنه ‪-‬أيضاً‪-‬استشهاده يف "باب ما يكون من‬
‫األمساء صفة مفرداً وليس بفاعل وال صفة تشبّه بالفاعل كاحلسن وأشباهه"‪ 36،‬بقوله عليه الصالة‬
‫احلجة"‪ ،‬غري أنّه مل يذكر أنه‬
‫وجل فيها الصوم منه يف عشر ذي ّ‬
‫عز ّ‬ ‫أحب إىل اهلل ّ‬
‫والسالم‪" :‬ما من أيام ّ‬
‫حديث نبوي شريف‪ ،‬ومثل ذلك استشهاده بقوله عليه السالم‪" :‬فبها ونِعمت"‪ 37،‬يف باب ما أسكن‬
‫‪38‬‬
‫حرك)‪.‬‬
‫وترك أول احلرف على أصله لو ّ‬
‫الشريف؛ أل ّن الواضعني‬
‫واحلق أ ّن سيبويه تبع أئمة النّحو يف موقفهم من االستشهاد باحلديث النبوي ّ‬
‫األولني لعلم النحو‪ ،‬املستقرئني لألحكام من لسان العرب‪ ،‬كأيب عمرو بن العالء‪ ،‬وعيسى بن عمر‪،‬‬
‫الفراء‪ ،‬وعلي بن مبارك األمحر‪ ،‬وهشام الضرير من أئمة‬
‫واخلليل‪ ،‬وسيبويه من أئمة البصرة‪ ،‬والكسائي‪ ،‬و ّ‬
‫الكوفيني مل يفعلوا ذلك‪ ،‬وتبعهم يف هذا املسلك املتأخرون من حناة الفريقني‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن العلماء إمنا تركوا االستشهاد باحلديث النبوي لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول صلى‬
‫‪39‬‬
‫اهلل عليه وسلم؛ إذ لو وثقوا بذلك جلرى جمرى القرآن يف إثبات القواعد الكليّة‪.‬‬
‫ج‪ .‬االستشهاد بالشواهد الشعريّة‪ :‬شواهد سيبويه من الشعر كثرية تصل األلف ومخسني بيتاً‪ ،‬وقد أثارت‬
‫هذه الشواهد عدداً من العلماء ممّن أشاروا إليها وتناولوها بال ّدرس‪ ،‬ملا فيها من شواهد غري منسوبة‬
‫جمهولة القائل ال يعرف هلا صاحب‪ .‬ويرى عبد السالم هارون‪( :‬إن كثرياً من الشواهد املنسوبة يف‬
‫الكتاب‪ ،‬وهي حنو ألف شاهد إمنا هي من نسبة أيب عمر اجلرمي‪ ،‬والنادر منها ما يستطيع الباحث أن‬
‫‪40‬‬
‫يعرف أنه من صلب الكتاب؛ فاجلمهور األعظم من نسبة الشواهد إمنا هو للجرمي)‪.‬‬
‫فأما‬
‫وهذا القول ممّا نقل عن اجلرمي يف اخلزانة قوله‪( :‬نظرت يف كتاب سيبويه فإذا فيه ألف ومخسون بيتاً‪ّ ،‬‬
‫‪41‬‬
‫تعرض رمضان‬ ‫ّ‬ ‫وقد‬ ‫األلف فقد عرفت أمساء قائليها فأثبتّها‪ ،‬و ّأما اخلمسون فلم أعرف أمساء قائليها)‪.‬‬
‫الشواهد أضعاف اخلمسني‬ ‫مستقل ّبني من خالله أ ّن هذه ّ‬
‫ّ‬ ‫عبد التّواب للشواهد جمهولة النسب يف حبث‬
‫‪42‬‬
‫صحة اخلرب املنسوب إىل اجلرمي‪.‬‬
‫املزعومة وش ّكك يف ّ‬
‫والشعر املنسوب مبثوث يف أبواب الكتاب ومنه‪" :‬يف باب ال يكون الوصف املفرد فيه إال رفعاً وال يقع‬
‫دوسي‪:‬‬
‫الس ّ‬ ‫الشاعر‪ ،‬وهو ابن لوذان ّ‬ ‫يف موقعه غري املفرد‪ ...‬ومثل ذلك قول ّ‬
‫‪43‬‬
‫الرحل ذي األنساع واحللي‬ ‫وّ‬ ‫يا صاح يا ذا الضامر العْنس‬
‫بالشاهد الواحد؛ إذ هو يف هذا الباب – مثالً ‪-‬يورد بيت عبيد بن األبرص‪:‬‬ ‫وهو ال يكتفي ّ‬
‫ِ ‪44‬‬
‫ُح ْج ٍر مت ّين صاحب األحالم‬ ‫شيخ ِه‬
‫مبقتل ِ‬ ‫خوفُنا ِ‬
‫ياذا املُ ّ‬
‫وبيت رؤبة‪:‬‬
‫‪45‬‬
‫اجلاهل ذو التّنزى‬
‫ُ‬ ‫يا أيُّها‬
‫‪123‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫الرمة‪:‬‬
‫وبيتاً آخر لذي ّ‬
‫‪46‬‬
‫عاهد‬
‫احلي ُ‬‫كأنّك مل يعهد بك ّ‬ ‫الدارس الذي‬
‫ُ‬ ‫املنزل‬
‫أال أيُّها ذا ُ‬
‫الشاهد جمهول القائل وحيداً ليدلّل على لغة أو يستنبط‬
‫الشعر جمهول القائل‪ ،‬فسيبويه ال يورد ّ‬ ‫ّأما ّ‬
‫قاعدة‪ ،‬إّمنا يورده شاهداً من بني شواهد ع ّدة قرآنية ونثرية وشعرية معلومة القائل‪ .‬ومن استشهاده ٍ‬
‫ببيت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪47‬‬
‫العجلي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫جمهول القائل يف "باب ما جيري ممّا يكون ظرفاً هذا اجملرى"‪ ،‬فيورد قول أيب النّجم‬
‫‪48‬‬
‫علي ذنباً كلّه مل أصنع‬
‫ّ‬ ‫قد أصبحت ّأم اخلِيار ت ّدعي‬
‫وبيتاً آخر ألمرئ القيس هو قوله‪:‬‬
‫‪49‬‬
‫أجّر‬
‫وثوب ُ‬
‫لبست ٌ‬‫فثوب ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الركبتني‬
‫فأقبلت زحفاً على ّ‬
‫وآخر للنّمر بن تولب‪:‬‬
‫‪50‬‬
‫سر‬
‫ويوم نُ ّ‬
‫ويوم نُساءُ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ويوم لنا‬
‫فيوم علينا ٌ‬
‫ٌ‬
‫وآخر جلرير‪:‬‬
‫‪51‬‬
‫وما شيء محيت ِمب ِ‬
‫ستباح‬ ‫أحبت محى ِهتامة بعد ٍ‬
‫جند‬ ‫ْ‬
‫وآخر للحارث بن كلدة‪:‬‬
‫مال أصابوا‬ ‫وطول ِ‬
‫العهد أم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فما أدري أغريهم ٍ‬
‫تناء‬
‫ويذكر بينها شاهداً جمهول النسبة‪ ،‬هو‪:‬‬
‫تعود‬
‫فأخزى اهلل رابعة ُ‬ ‫ثالث كلُّ ّ‬
‫هن قتلت عمداً‬ ‫ٌ‬
‫قال عنه احملقق يف حاشية التّحقيق‪( :‬البيت من اخلمسني اليت ال يعرف قائلها)‪ ،‬على أ ّن سيبويه ال يذكر‬
‫هذا الشاهد فيما يراه قويّاً من اللغات‪ ،‬وإّمنا يضعفه ويؤيّد خالفه‪ ،‬وهذه احلال ال تنطبق على شاهد‬
‫‪52‬‬
‫واحد‪ ،‬وإمنا هي حاله يف األغلب األكثر من شواهده جمهولة القائل‪.‬‬
‫الراوي اجملهول مرفوضة عند مجهور العلماء؛ (ألن اجلهل بالنّاقل يوجب اجلهل‬ ‫وإذا كانت مرويات ّ‬
‫بالعدالة)‪ 53،‬فإن البغدادي أورد رأياً فيه من الوجاهة ما جعل كثرياً من العلماء يأخذون به يف قوله‪:‬‬
‫(ويؤخذ من هذا أن الشاهد اجملهول قائله إن صدر من ثقة يُعتمد عليه قبل وإال فال‪ ،‬وهلذا كانت أبيات‬
‫الشواهد‪ ،‬اعتمد عليها خلف بعد سلف‪ ،‬مع أ ّن فيها أبياتاً عديدة جهل قائلوها‪ ،‬وما‬ ‫أصح ّ‬
‫سيبويه ّ‬
‫خرج كتابه إىل النّاس والعلماء كثري‪ ،‬فما طعن أحد من املتقدمني عليه وال ّادعى‬
‫عيب هبا ناقلوها‪ .‬وقد ّ‬
‫الرواية فيها باستفاضة‪ 55،‬وال‬
‫الشاعر شواهد سيبويه واختالف ّ‬
‫‪54‬‬
‫أنه أتى بشعر منكر)‪ .‬وقد درس حسن ّ‬
‫ريب يف أن (هذا التّوافق العجيب يف االستشهاد وضرب األمثال يدل على الغزارة والتّمكن وش ّدة‬
‫‪56‬‬
‫االستحضار)‪.‬‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪124‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫ج‪ .‬الشواهد النثرية‪ :‬الشواهد النثرية كثرية يف الكتاب ال ميكن حصرها بأية حال؛ منها األمثال‪ ،‬وأقوال‬
‫العرب‪ ،‬والشواهد املصطنعة‪ .‬فبالنسبة لألمثال‪ ،‬بلغ عدد شواهده منها (‪ )41‬واحداً وأربعني مثالً‪،‬‬
‫استشهد هبا يف (‪ )47‬سبعة وأربعني موضعاً‪ ،‬ومن تلك األمثال‪:‬‬
‫‪57‬‬
‫‪ -‬قول العرب‪( :‬أغدة كغدة البعري وموتاً يف بيت سلوليّة)‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الشّر ولو إصبعاً)‪.‬‬
‫‪ -‬قول العرب‪( :‬ادفع ّ‬
‫‪59‬‬
‫(أطرى إنّك ناعلة وأمجعي)‪.‬‬
‫‪ -‬قول العرب‪ّ :‬‬
‫‪60‬‬
‫‪ -‬قول العرب‪( :‬تسمع باملعيدي ال أن تراه)‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ -‬قول العرب‪( :‬أعور وذا ناب)‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫الرميّة األرنب)‪.‬‬
‫‪ -‬قول العرب‪( :‬بئس ّ‬
‫وبالنسبة إىل أقوال العرب‪ ،‬وبعض مما ُحكي عنهم فمتناثر يف منت الكتاب‪ ،‬ومن ذلك قول سيبويه يف‬
‫‪63‬‬
‫إن‪ ...‬فمن ذلك قول بعض العرب‪ :‬ليس خلق اهلل مثله)‪.‬‬ ‫(باب اإلضمار يف ليس وكان كاإلضمار يف َّ‬
‫وجدير بالذكر أن النصوص النثرية املبثوثة يف الكتاب ليست مجيعها من الشواهد املنقولة واملتواترة؛ إذ‬
‫يندرج كثري منها بل معظمها ضمن املثال النحوي‪ ،‬ونعين به املصنوع من الكالم‪ ،‬وهو ما اصطنعه‬
‫سيبويه ليمثل به على القواعد النحوية‪ ،‬ويُسهلها على الدراسني‪ ،‬وذلك عندما يعرض سيبويه ملا جيوز وما‬
‫ال جيوز من جوانب املسألة؛ ومن ذلك قوله يف الباب نفسه‪ ...( :‬وال جيوز أن نقول‪ :‬ما زيداً عبد اهلل‬
‫‪64‬‬
‫كثري يف كتابه‪ ،‬ال يكاد خيلو باب منه من ذلك‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهذا‬ ‫ضارباً‪ ،‬وما زيداً أنا قائالً‪ ،‬ألنه ال يستقيم ‪،)...‬‬

‫الرواية‪ :‬تنبّه سيبويه إىل تع ّدد الرواية يف الشاهد الواحد‪ ،‬وهي املتمثلة يف وجود أكثر من رواية‬
‫د‪ .‬تع ّدد ّ‬
‫للشاهد مع وجود بعض الفروقات بني تلك الروايات‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك‪ ،‬ومنه استشهاده بقول‬
‫‪65‬‬
‫رؤبة‪:‬‬
‫ب اخلُلق األضخما‪ 66،‬وع ّقب عليه بقوله‪( :‬يروى بكسر اهلمزة وفتحها‪ ،‬وقال بعضهم‬ ‫ضخم ُحي ّ‬
‫ٌ‬
‫‪67‬‬
‫خما" بكسر الضاد)‪ ،‬وغريه غري قليل من املواضع‪.‬‬ ‫"الض ّ‬
‫الشاهدين يف املسألة الواحدة بتوافق أو بتعارض منه قوله يف (باب ما حيذف‬
‫وهناك تع ّدد الرواية يف إطار ّ‬
‫منه الفعل لكثرته يف كالمهم حىت صار مبنزلة املثل‪ ...‬ومثل ذلك قول الشاعر وهو عبد بين عبس‪...‬‬
‫ومثل هذا البيت إنشاد بعضهم لوس بن حجر‪ ...‬وإنشاد بعضهم للحارث بن هنيك ‪ ...‬ومن ذلك قول‬
‫‪68‬‬
‫عبد العزيز الكاليب)‪.‬‬

‫العامة‪ ،‬نظر النحاة إىل‬


‫خاصة باحلالة الشعرية خمتلفة عن لغة النثر ّ‬
‫ه‪ .‬الضرورة‪ :‬ملّا كانت لغة الشعر ّ‬
‫بعض ما يكون من حماولة الشعر ومراوحته للغة العرب‪ ،‬ففرقوا بني ذلك وبني اخلطأ واللحن‪ ،‬وقد قدر‬
‫‪125‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬
‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫حق قدره‪ ،‬وتنبّه إىل تلك الفروق األدائية يف لغة الشعر‪ ،‬فعقد باباً مستقالً للضرورة‪ ،‬وهو‬
‫سيبويه ذلك ّ‬
‫"باب ما حيتمل الشعر" ويقول فيه‪( :‬اعلم أنه جيوز يف الشعر ما ال جيوز يف الكالم من صرف ما ال‬
‫ينصرف‪ ،‬يشبهونه مبا ينصرف من األمساء‪ ،‬ألهنا أمساء كما أهنا أمساء‪ ،‬وحذف ما ال حيذف‪ ،‬فيشبهونه‬
‫‪69‬‬
‫مبا قد ُحذف واستعمل حمذوفاً)‪.‬‬
‫مستقل‪ ،‬بل يشري إىل‬
‫ّ‬ ‫وهو يف هذا الباب يورد أوجه كثرية من الضرورات الشعريّة‪ ،‬وال يكتفي بعقد باب‬
‫‪70‬‬
‫وجه السريايف أ ّن سيبويه عقد باباً مستقالً للضرورة "لريي‬
‫ّ‬ ‫وقد‬ ‫الضرورة يف مواضع ع ّدة من كتابه‪.‬‬
‫يتقصه؛ ألنه مل يكن غرضه ذكر ضرورة الشاعر قصداً إليها‬ ‫الفرق بني لغة الشعر ولغة الكالم ومل ّ‬
‫‪71‬‬
‫تقصاها يف مواضع شىت يف كتابة‪ ،‬ومن‬‫ّ‬ ‫الضرورة‪،‬‬ ‫د‬‫يتقص‬
‫ّ‬ ‫مل‬ ‫وإن‬ ‫تبني‬
‫ّ‬ ‫كما‬‫و‬ ‫سيبويه‬ ‫أن‬ ‫على‬ ‫نفسها"‪،‬‬
‫ذلك قوله يف باب "الفعل الذي يتعدى اسم الفاعل إىل اسم املفعول واسم الفاعل واملفعول فيه لشيء‬
‫واحد"‪ ..." 72:‬وال يبدأ مبا يكون فيه اللبس‪ ،‬وهو النكرة‪ ،‬أال ترى أنّك لو قلت‪ :‬كان إنسان حليماً أو‬
‫كان رجل منطلقاً‪ ،‬كنت تُلبس‪ ،‬ألنه ال يُستنكر أن يكون يف الدنيا إنسان هكذا‪ ،‬فكرهوا أن يبدأوا مبا‬
‫فيه اللبس وجيعلوا املعرفة خرباً ملا يكون فيه اللبس‪ .‬وقد جيوز يف الشعر ويف ضعيف الكالم‪ .‬محلهم على‬
‫عل مبنز ِلة ضرب‪ ،‬وأنه قد يُعلم إذا ذكرت زيداً وجعلته خرباً أنه صاحب الصفة على ضعف من‬ ‫ِ‬
‫ذلك أنه ف ٌ‬
‫الكالم‪ ،‬وذلك قول ِخداش بن زهري‪:‬‬
‫‪73‬‬
‫أظيب كان أمك أم محار‬ ‫فإنك ال تبايل بعد ٍ‬
‫حول‬
‫وقال حسان بن ثابت‪:‬‬
‫‪75 74‬‬
‫يكون مزاجها عسل وماء "‪.‬‬ ‫كأن سبيئة من بيت رأس‬

‫‪ .5‬الكثرة والقلّة‪:‬‬
‫ظهر هذا املبدأ يف كتاب سيبويه ظهوراً بيناً‪ ،‬فهو يلح على بيان نسبة ورود اللغة يف كالم العرب من‬
‫يبني فيه درجة شيوع اللغة واالستعمال‬
‫حيث القلة والكثرة‪ ،‬وسيبويه يف هذا يق ّدم للقارئ واملتعلّم مقياساً ّ‬
‫مادة الكتاب العلميّة‪ ،‬ويتكئ سيبويه‬
‫اللغوي‪ ،‬وهذا ‪-‬بالتّأكيد ‪-‬دليل على درجة عالية من الصدقية يف ّ‬
‫على هذا املبدأ يف عرض مادته ويف تقييم اآلراء املتداولة‪ ،‬وفيه يقول‪( :‬وزعموا أن بعضهم قرأ {والت‬
‫‪76‬‬
‫حني مناص} وهي قليلة)‪.‬‬
‫وهو ال يكتفي بذكر القلة والكثرة؛ إذ ليس كل كثري جيد بالنسبة إليه ففي حني جنده يصف بعض‬
‫الكثري باجلودة كما يف قوله‪" :‬ومجيع ما ذكرت لك من التقدمي والتأخري واإللغاء واالستقرار عريب جيد‬
‫كثري"‪ 77،‬على أنه قد يكتفي باإلشارة إىل الكثرة يف بعض املواضع‪ ،‬ومنه قوله‪( :‬فأما قوله عز وجل‪{:‬إنّا‬
‫‪78‬‬
‫كل شيء خلقناه بقدر} فإمنا هو على قوله زيداً ضربته‪ ،‬وهو عريب كثري)‪.‬‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪126‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫ويستخدم سيبويه هذا املعيار يف ترجيحاته النحوية واستنباطه للقواعد فيقول يف (باب ما جيري مما يكون‬
‫‪79‬‬
‫يف والوجه األكثر األعرف النّصب)‪.‬‬‫ظرفاً هذا اجملرى‪ ...‬فهذا ضع ٌ‬
‫القوة باالستناد على‬
‫بالضعف و ّ‬
‫ويبدو واضحاً أن سيبويه قد حيكم على اللغات واالستعماالت اللغوية ّ‬
‫معيار القلة والكثرة بوصفه معياراً للمفاضلة؛ إذ ينتخب رأياً من اآلراء اليت يعرضها أو يرجح أسلوباً لغوياً‬
‫على آخر من خالل مبدأ القلّة والكثرة‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫توصلت الدراسة إىل ما يأيت‪:‬‬
‫الرجل‬‫‪ .1‬ال خيفى على ال ّدارسني بعد مرور أكثر من ألف ومئتني ومخسني سنة على وفاة سيبويه أ ّن ّ‬
‫كان عاملاً بشؤون العربيّة متمكناً من أبواهبا مستوعباً النّحو والصرف ودقائق أمور اللغة‪ ،‬ويتضح أ ّن‬
‫السماع يف أثناء تصنيف كتابه‪،‬‬ ‫املادة اللغوية من خالل ّ‬‫سيبويه اتبع منهجاً علميّاً واضحاً يف استقراء ّ‬
‫قصي فرتك لنا كتاباً فريداً يف النّحو‬
‫العامة اليت كانت متّبعة آنذاك يف البحث والتّ ّ‬‫وجرى على القواعد ّ‬
‫العريب‪ ،‬حق له أن يكون (قرآن النّحو)‪.‬‬
‫أصل ملبادئ ال ّسماع من خالل اتّباع قواعد عامة تضبط أصول اجلمع‬ ‫‪ .2‬كما اتضح أيضا أن سيبويه ّ‬
‫واالستقراء من ناحية الزمان واملكان واملأخوذ عنه واملأخوذ به من الشواهد النحوية‪ ،‬وهي القواعد اليت‬
‫أقروها وصارت منهجهم وطريق‬ ‫استنبطها ‪-‬فيما بعد ‪-‬علماء العربية وساروا تبعاً هلا وتعارفوا عليها و ّ‬
‫سريهم‪.‬‬

‫هوامش البحث‪:‬‬

‫‪1‬ابن منظور‪ ،‬أبو الفضل مجال الدين حممد بن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار املعارف‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج(‪( .)2‬مادة مسع)‬
‫‪2‬الزبيدي‪ ،‬حممد مرتضى احلسيين‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد العليم الطنطاوي‪( ،‬الكويت‪ :‬اجمللس الوطين للثقافة‬
‫والفنون واآلداب‪1984 ،‬م)‪( .‬باب مسع)‬
‫‪ 3‬مصطفى‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬وزمالؤه‪ ،‬المعجم الوسيط‪( ،‬استنبول‪ :‬دار الدعوة‪ ،‬ط‪1972 ،2‬م)‪( .‬باب مسع)‬
‫‪ 4‬ابن جين‪ ،‬أبو الفتح عثمان‪ ،‬الخصائص‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد النجار‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الكتب املصرية‪1956 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.27‬‬
‫‪5‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬القتراح في علم أصول النحو‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حسن الشافعي‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،)1998 ،‬‬
‫ص‪.13‬‬
‫‪6‬‬
‫المقرب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عادل عبد املوجود‪ ،‬وعلي ّ‬
‫مفوض‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلميّة‪1998 ،‬م)‪،‬‬ ‫المقرب ومعه َّ‬
‫اإلشبيلي‪ ،‬ابن عصفور‪ّ ،‬‬
‫ص‪.67‬‬
‫‪7‬ابن السراج‪ ،‬األصول في النحو‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد احلسني الفتلي‪( ،‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1987 ،‬م) ج‪ ،1‬ص‪.39‬‬

‫‪127‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪8‬‬
‫شاعر‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد احلويف‪ ،‬وبدوي طبانة‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة هنضة‬
‫السائر في أدب الكاتب وال ّ‬
‫ابن األثري‪ ،‬ضياء الدين‪ ،‬المثل ّ‬
‫مصر‪1962،‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.46-44‬‬
‫‪ 9‬أبو املكارم‪ ،‬علي‪ ،‬أصول التفكير النحوي‪( ،‬طرابلس‪ :‬منشورات اجلامعة الليبية‪ ،)1973 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ 10‬انظر يف‪ :‬احللواين‪ ،‬حممد خري‪ ،‬أصول النحو العربي‪( ،‬الرباط‪ :‬الناشر األطلسي‪1981 ،‬م)‪ ،‬ص‪.61-60‬‬
‫‪11‬انظر‪ :‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪( ،‬بريوت‪ :‬دار اجليل‪1991 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪،110 ،94 ،87 ،79‬‬
‫‪ ،113 ،111 ،124‬وغريها‪.‬‬
‫‪12‬انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬القتراح في علم أصول النحو‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪13‬حبث األستاذ علي النجدي ناصف املسألة حبثاً مستفيضاً‪ ،‬انظر‪ :‬النجدي‪ ،‬علي‪ ،‬سيبويه إمام النحاة‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة هنضة مصر‪،‬‬
‫‪1953‬م)‪ ،‬ص‪148-147‬؛ وانظر أيضاً‪ :‬احلديثي‪ ،‬خدجية‪ ،‬كتاب سيبويه وشروحه‪( ،‬بغداد‪ :‬وزارة الرتبية‪1976 ،‬م)‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫‪ 14‬الفارايب‪ ،‬أبو نصر‪ ،‬كتاب الحروف‪ ،‬حتقيق‪ :‬حمسن مهدي‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار املشرق‪1986 :‬م)‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪ 15‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫‪16‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.122‬‬
‫‪17‬انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن جالل الدين‪ ،‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أمحد جاد املوىل وحممد أبو الفضل إبراهيم‬
‫وعلى حممد البجاوي‪( ،‬بريوت‪ :‬منشورات املكتبة العصرية‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.174-173‬‬
‫‪18‬السيوطي‪ ،‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.146‬‬
‫‪19‬انظر‪ :‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ ،316 ،79 ،155 ،124 ،71 ،53‬وج‪ ،4‬ص‪ 128‬وغريها‪.‬‬
‫‪20‬السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن جالل الدين‪ ،‬القتراح في علم أصول النحو‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪21‬انظر‪ :‬مسعود‪ ،‬فوزي‪ ،‬سيبويه جامع النحو العربي‪( ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪.)1986 ،‬‬
‫‪22‬انظر‪ :‬الطنطاوي‪ ،‬حممد‪ ،‬نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار املنار‪ ،)1991 ،‬ص ‪.49-48‬‬
‫‪23‬انظر‪ :‬ياقوت‪ ،‬حممود سليمان‪ ،‬مصادر التّراث النّحوي‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار املعرفة اجلامعيّة‪2003 ،‬م)‪ ،‬ص‪.123-101‬‬
‫‪24‬انظر‪ :‬خاطر‪ ،‬سليمان‪ ،‬منهج سيبويه في الستشهاد بالقرآن الكريم وتوجيه قراءاته ومآخذ بعض المحدثين عليه‪( ،‬ع ّمان‪ :‬دار ابن‬
‫اجلوزي‪2000 ،‬م)‪ ،‬ص‪.222-221‬‬
‫‪25‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.28‬‬
‫‪ 26‬سورة اجلاثية‪21 :‬‬
‫‪ 27‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.89‬‬
‫‪ 28‬اإلنسان‪.31 :‬‬
‫‪ 29‬الفرقان‪.39-38 :‬‬
‫‪ 30‬األعراف‪.30 :‬‬
‫‪ 31‬آل عمران‪.154 :‬‬
‫‪32‬انظر‪ :‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪( .9-8‬مقدمة التحقيق)‬
‫‪33‬‬
‫الشاعر‪ ،‬حسن‪ ،‬النحاة والحديث النبوي‪( ،‬عمان‪ :‬وزارة الثقافة والشباب‪1980 ،‬م)‪ ،‬ص‪ ،76‬ص‪.95‬‬
‫ّ‬
‫‪34‬انظر‪ :‬البخاري‪ ،‬حممد بن إمساعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ط‪ ،1‬حتقيق‪ :‬حممد زهري ناصر الناصر‪( ،‬دمشق‪ :‬دار طوق النجاة‪2001 ،‬م)‪،‬‬
‫رقم احلديث (‪.)1385‬‬
‫‪35‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.393‬‬
‫‪36‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.32‬‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪128‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

‫‪37‬من قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬من توضأ يوم اجلمعة فبها ونعمت‪ ،‬ومن اغتسل فالغسل أفضل"‪ ،‬رواه مسرة بن جندب؛ انظر‪ :‬الرتمذي‪،‬‬
‫أبو عيسى حممد‪ ،‬علل الترمذي الكبير‪ ،‬ط‪ ، 1‬حتقيق‪ :‬صبحي السامرائي وأبو املعاطي النوري وحممود الصعيدي‪( ،‬بريوت‪ :‬عامل الكتب‪،‬‬
‫‪1989‬م)‪ ،‬ص‪ ،86‬رقم احلديث (‪)141‬‬
‫‪ 38‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.116‬‬
‫‪39‬انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن جالل الدين‪ ،‬القتراح في علم أصول النحو‪ ،‬ص‪.30-29‬‬
‫‪ 40‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ص‪( .34‬مقدمة التحقيق)‬
‫‪ 41‬البغدادي‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬الخزانة‪ ،‬ط‪ ،3‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة اخلاجني‪1989 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.17‬‬
‫‪ 42‬انظر‪ :‬عبد التّواب‪ ،‬رمضان‪ ،‬بحوث ومقالت في اللغة‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة اخلاجني‪ ،‬ط‪1995 ،3‬م)‪ ،‬ص‪.141-89‬‬
‫‪ 43‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.192-188‬‬
‫‪ 44‬ابن األبرص‪ ،‬عبيد‪ ،‬ديوان عبيد بن األبرص‪ ،‬شرح‪ :‬أشرف عدرة‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب العريب‪1994 ،‬م)‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫توعدين حيّة بالنّكز‬
‫ّ‬ ‫‪ 45‬البيت كامالً‪ :‬يا أيها اجلاهل ذو التّنزى ال‬
‫رؤبة بن العجاج‪ ،‬انظر يف ديوان رؤبة يف‪ :‬الربوسي‪ ،‬وليم بن الورد‪ ،‬مجموع أشعار العرب‪( ،‬الكويت‪ :‬دار قتيبة‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪46‬‬
‫غري البلى كأنك مل يعد بك احلي عاهد‬ ‫البيت برواية الديوان‪ :‬أال أيها الرسم الذي ّ‬
‫ذو الرمة‪ ،‬غيالن بن عقبة‪ ،‬ديوان ذي الرمة‪ ،‬شرح‪ :‬اخلطيب التربيزي‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب‪1996 ،‬م)‪ ،‬ص‪.378‬‬
‫‪ 47‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.88-84‬‬
‫‪ 48‬ابن قدامة‪ ،‬الفضل‪ ،‬ديوان أبي النجم العجلي‪ ،‬مجع وشرح وحتقيق‪ :‬حممد أديب عبد الواحد‪( ،‬دمشق‪ :‬مطبوعات جممع اللغة العربية‬
‫بدمشق‪2006 ،‬م)‪ ،‬ص‪.256‬‬
‫‪49‬‬
‫أجر‬
‫نسيت وثوباً ُّ‬
‫فلما دنوت تس ّديتها فثوباً ُ‬
‫البيت برواية الديوان‪ّ :‬‬
‫امرؤ القيس‪ ،‬جندح بن حجر بن احلارث الكندي‪ ،‬ديوان امرؤ القيس‪ ،‬طبع وتصحيح‪ :‬مصطفى عبد الشايف‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪2004 ،‬م)‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ 50‬العكلي‪ ،‬النمر بن تولب‪ ،‬ديوان النمر بن تولب العكلي‪ ،‬مجع وشرح وحتقيق‪ :‬حممد طريفي‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪2000،‬م)‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ 51‬الكليب‪ ،‬جرير بن عطية‪ ،‬ديوان جرير‪( ،‬بريوت‪ :‬دار بريوت‪1986 ،‬م)‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪52‬انظر‪ :‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.160-156‬‬
‫‪ 53‬السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن جالل الدين‪ ،‬املزهر يف علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أمحد جاد املوىل وحممد أبو الفضل إبراهيم وعلى حممد‬
‫البجاوي‪( ،‬بريوت‪ ،‬منشورات املكتبة العصرية‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.141‬‬
‫‪ 54‬البغدادي‪ ،‬الخزانة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.17-16‬‬
‫‪55‬‬
‫الشاعر‪ ،‬حسن‪ ،‬اختالف الرواية في شواهد سيبويه الشعرية‪( ،‬عمان‪ :‬دار البشري‪1992 ،‬م)‪.‬‬
‫انظر‪ّ :‬‬
‫‪56‬ناصف‪ ،‬سيبويه إمام النّحاة‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫‪57‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.238‬‬
‫‪58‬املرجع السابق نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.270‬‬
‫‪59‬نفسه ج‪ ،1‬ص‪.292‬‬
‫‪60‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.44‬‬
‫‪61‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.343‬‬
‫‪62‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.648‬‬
‫‪63‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.70‬‬
‫‪64‬نفسه‪.‬‬
‫‪65‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.29‬‬

‫‪129‬‬ ‫ديسمرب ‪2018‬م‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

‫‪66‬انظر‪ :‬الربوسي‪ ،‬وليم بن الورد‪ ،‬مجموع أشعار العرب‪ ،‬ص‪.183‬‬


‫‪67‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.305‬‬
‫‪68‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.287-280‬‬
‫‪69‬املرجع السابق نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.32-26‬‬
‫‪70‬انظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.98،99،134،135،180‬‬
‫‪71‬السريايف‪ ،‬أبو سعيد‪ ،‬ما يحتمل الشعر من الضرورة‪ ،‬ط‪ ،2‬حتقيق وتعليق‪ :‬عوض بن محد الفوزي‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار املعارف‪1991 ،‬م)‪،‬‬
‫ص‪.33‬‬
‫‪72‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.54-45‬‬
‫‪ 73‬يف رواية الديوان‪:‬‬
‫أظيب كان ُّأمك أم محار‬ ‫فإنّك ال يضرك بعد ٍ‬
‫حزل‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫انظر‪ :‬ابن زهري‪ ،‬خداش‪ ،‬شعر زهير بن خداش العامري‪ ،‬صناعة‪ :‬حيىي اجلبوري‪( ،‬دمشق‪ :‬مطبوعات جممع اللغة العربية‪1986 ،‬م)‪،‬‬
‫ص‪.66‬‬
‫‪74‬ابن ثابت‪ ،‬حسان‪ ،‬ديوان حسان بن ثابت‪ ،‬شرح وتقدمي‪ :‬عيد أ‪ .‬مهنا‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1994 ،‬م)‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪75‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.49-48‬‬
‫‪76‬قراءة اجلمهور (والت حني) بفتح التاء ونصب النون‪ ،‬وأيب السمال بضم التاء ورفع النون‪ ،‬وعيسى بن عمر بكسر التاء وجر النون‪،‬‬
‫وروي عنه أيضا برفع النون وفتح (مناص) بعده‪ ،‬وبكسر التاء ونصب النون؛ انظر‪ :‬سيبويه‪ ،‬عمرو بن قنرب‪ ،‬الكتاب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.58‬‬
‫‪ 77‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪5‬‬
‫‪ 78‬املرجع السابق نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.148‬‬
‫‪ 79‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.86-84‬‬

‫العدد الثالث‪ -‬السنة العاشرة‬ ‫‪130‬‬


‫مبادئ تأصيل السماع يف كتاب سيبويه‬

References ‫المراجع‬

‘abd al-TawÉb, RamÌÉn, BÍËth Wa MaqÉlÉt Fi al-Lughah, 3rd Edition, (Cairo:


Maktabat al-KhÉnjÊ, 1995).
’abu al-MÉkrem, ‘alÊ, ’usËl al-TafkÊr al-NaÍwÊ, (Tripoli: ManshËrÉt al-JÉme‘ah al-
LÊbiyyah, 1973).
’IbrÉhÊm MuÎtafÉ wa ’Ókhron, al-Mu‘ajam al-WasÊÏ, (IsÏabul: DÉr al-Da’awah, 1973).
Al-‘aklÊ, al-Namer Bin Tawleb, DÊwÉn al-Namer Bin Tawleb, Jame‘ Wa SharÍ Wa
TaÍqiq: MuÍammad ÙurÊfÊ, (Beirut: DÉr ØÉder, 2000).
Al-’abraÎ, ‘ubaÊd, DÊwÉn ‘ubaÊd Bin al-’abraÎ, SharÍ: ’ashrf ‘adrah, (Beirut: DÉr al-
KitÉb al-‘arabiyy 1994).
Al-’ishbÊliy, Ibn ‘UsfËr, al-Muqrreb Wa Ma‘ah al-Muqarrab, TaÍqÊq: ‘Édil ‘abd al-
JawÉd, (Beirut: DÉr al-Kutub al-‘ilmiyyah, 1998).
Al-×adÊthiy, Khadiyjah, Kitab SÊbawiyh Wa ShurËÍuh, (Baghdad: WezÉrat al-
TarbÊyah, 1976).
Al-×alwÉniy, MuÍammad Khaiyr, ’usËl al-NaÍË al-‘arabiyy, (RabaÏ: al-NÉsher al-
’aÏlasiy, 1981).
Al-BaghdÉdiy, ‘abd al-QÉder, al-KhizÉnah, 3rd Edition, TaÍqÊq: ‘abd al-SalÉm HÉrËn,
(Cairo: Maktabat al-KhÉnjÊ, 1993).
Al-BerËsiy, Weliyam Bin al-Ward, Majmu‘ ’ash‘Ér al-’arab, (Kuwiat: Dār Ibn
Qutaiybah, No. Date).
Al-Bukhāriy, Muḥammad Bin Ismāīl, Ṣaḥīḥ al-Bukhāriy, 1st Edition, TaÍqÊq:
MoÍammad ZuhaÊr NÉÎir al-NÉÎir, (Damascus: Dār Turuq al-NajÉt, 2001).
Al-FÉrÉbÊ, ’IsÍaq Bin ’Ibrahim, KitÉb al-×urËf, TaÍqiq: MuÍsen MahdÊ, (Beirut: DÉr
al-Mashreq, 1986).
Al-Kabiy, JarÊr Bin ‘aÏiyyah, DÊwÉn JarÊr, (Beirut: DÉr Beirut, 1986).
Al-NajdÊ, ‘alÊ, SÊbawiyh ’imÉm al-NuÍat, (Cairo: Maktabat al-NahÌah, 1953).
Al-SÊrÉfiy, ’abË Sa‘ed, Ma YaÍtamil al-Shi‘r Min al-DarËrah, 2nd Edition, TaÍqÊq:
‘awaÌ Bin ×amad al-Fawziy, (Cairo: DÉr al-Ma‘Éref, 1991).
Al-Sha‘ir, ×asan, al-NuÍÉt Wa al-×adÊth al-Nabawiy, Amman: WizÉrat al-ThaqÉfah
a al-ShabÉb, 1980).
Al-Suyuti, Abdul-Rahmān Jalāluddīn, al-muzher Fi ‘ilËm al-Lughah wa ’anwa‘ehÉ,
taqiq: MoÍammad JÉd Al-mawlÉ, MoÍammad ’abu al-FaÌel, ‘alÊ al-BejÉwÊ,
(Beirut: ManshËrÉt al-Maktabah al-‘aÎriyyah, No. Date).
Al-Suyuti, Jalāluddīn, Al-IqterÉÍ fi ’uÎËl‘ilm al-naÍË, TaÍqÊq: MoÍammad ×asan
shafi‘Ê, (Beirut: DÉr al-Kutub al-‘ilmiyyah, 1998).
Al-Tirmiziy, ‘abu ‘IsÉ MoÍammad, ‘ilal al-Tirmziy al-KabÊr, 1st Edition, TaÍqÊq:
Øubhiy al-SÉmarrÉ’iy Wa ’abË al-Ma‘aÏiy al-NËriy Wa MahmËd al-Sa‘ediy,
(Beirut: ‘Élm al-Kutub, 1989).
Al-ÙaÏÉwÊ, MoÍammad, Nash’at al-NaÍË Wa TÉrÊkh ’ashhar al-NuÍÉt, 2nd Edition,
(Cairo: DÉr al-ManÉr, 1991).
Al-ZabÊdÊ, MoÍammad MurtaÌÉ al-×usaÊnÊ, TÉj al-‘arËs Min JawÉher al-QÉmËs,
TaÍqÊq: ‘abd al-‘alÊm al-ÙanÏawÊ, (Kuwiat: al-Majlis al-WaÏanÊ li al-ThaqÉfah
Wa al-FnËn Wa al-’ÉdÉb, 1984).
Ibn al-’athÊr, ÖÊyÉ’ al-Dīn, al-Mathal al-SÉ’ir fi ’adab al-KÉtib Wa al-ShÉ‘er, TaÍqÊq:
’aÍmad al-×ËfÊ, BadawÊ ÙabbÉnah, (Cairo: Maktabat NahÌat Masr, 1962).

131 ‫م‬2018 ‫ديسمرب‬


‫جملة الدراسات اللغوية واألدبية‬

Ibn al-SarrÉj, al-’uÎËl Fi al-NaÍË, TaÍqÊq: ’abd al-×usaÊn al-FatlÊ, (Beirut: MË’assat
al-RisÉlah, 1987).
Ibn Jenniy, ’abË al-FatÍ ‘uthmÉn, al-khaÎa’eÎ, TaÍqÊq: MoÍammad al-NajjÉr, (Cairo:
Dār al-Kutub al-Masriyyah, 1956).
Ibn Manẓūr,’abË al-FaÌel Jamal al-Dīn MoÍammad Bin Makram, Lisān al-ʿarab,
(Cairo: Dār al-ma‘ref, No. Date).
Ibn QudÉmah, al-FaÌel, DÊwÉn ’abÊ al-Najm a-‘ijlÊ. Jame‘ Wa SharÍ Wa TaÍqÊq:
MoÍammad ’adÊb ‘abd al-WÉÍed, (Damascus: MaÏbu‘Ét Majma‘ al-Lughah al-
‘arabiyyah, 2006).
Ibn ThÉbit, ×assÉn, DÊwÉn ×assÉn Bin ThÉbit, Sharh wa TaqdÊm: ‘Êd Ó Muhanna,
(Beirut: Dār al-Kutub al-‘ilmiyyah, 1994).
Ibn ZuhaÊr, KhudÉsh, She‘r ZuhaÊr Bin KhudÉsh al-‘amrÊ, Sina‘at: YaÍyÉ al-JabbËrÊ,
(Damascus: MaÏbu‘Ét Majma‘ al-Lughah al-‘arabiyyah, 1986).
Imri’u al-QaÊs, DÊwÉn Imri’u al-QaÊs, Ùabe‘ Wa TaÍqÊq: MuÎÏafÉ ‘abd al-ShÉfÊ,
(Beirut: DÉr al-Kutu al-‘ilmiyyah, 2004).
KhÉÏir, SulÊmÉn, Manhaj SÊbawiyh Fi al-’istshhÉd Bi al-Qur’Én al-KarÊm Wa TawjÊh
QirÉ’Éteh Wa Ma’Ékhez Ba‘Ì al-MuÍdathiyn ‘aliyh, (Amman: DÉr Ibn al-
JaËziy, 2000).
Mas‘Ëd, FawzÊ, SÊbawiyh Jame‘ al-NaÍË al-‘arabiyy, (Cairo: al-HaÊ’ah al-MaÎriyyah
al-‘Émmah LilkitÉb, 1998).
SÊbawiyh ’abË Bishr ‘amr Bin Qumbur, al-Kitab, TaÍqÊq: ‘abd al-SalÉm HÉrËn,
(Beirut: DÉr al-Jil, 1991).
Thu al-Rimmah, Ghilan Bin ‘uqbah, DÊwÉn ZË al-Rummah, shareÍ: al-KhatÊb al-
TabrÊziy (Beirut: DÉr al-KitÉb al-‘arabiyy, 1996).
YÉqËt, MaÍmËd SulÊmÉn, MaÎÉder al-TurÉth al-NaÍwÊ, (Cairo: DÉr al-Ma‘refah al-
Jame‘iyyah, 2003).

‫ السنة العاشرة‬-‫العدد الثالث‬ 132

You might also like