Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫مح َّمد صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬

‫ب بن عبد‬ ‫عبد ال ّمطلب بن ها ِشم‪ِ ،‬من قبيلةَ قُريش‪ ،‬وأ ّمه آمنة بنتُ وه ٍ‬
‫عبدهللا بن َ‬
‫هو مح َّمد بن َ‬
‫أشرف ِنساء م ّكة نسباً‪ُ ،‬و ِلد صلى هللا عليه وسلّم في الثاني عشر‬‫مناف بن زهرة بن كالب‪ ،‬من َ‬
‫عام الفيل‪ ،‬وقد ُو ِلد يتيما ً فقد مات والده عبدهللا عند عودتِه من رحلتِه‪ ،‬ودفن‬
‫من َربيع األول من ِ‬
‫في المدينة المنورة‪.‬‬
‫الفاضلة من‬
‫ِ‬ ‫لقد نشأ صلى هللا عليه وسلّم بحماي ٍة من هللا تعالى؛ حيث كان يتّصف بجميع األخال ِ‬
‫ق‬
‫بالحكمة والذكاء‬‫منكر أبداً‪ ،‬كما أنّه اتّصف ِ‬
‫ٍ‬ ‫الصدق واألمانة‪ ،‬وإكرام الضَّيف‪ ،‬ولم يَدخل في‬ ‫ِّ‬
‫عمل عندها وأدار‬ ‫تزوج صلى هللا عليه وسلّم من السيدة خديحة بنت خويلد‪ ،‬بعد أن ِ‬ ‫وال ِفطنة‪ّ .‬‬
‫تجارتها ون ّماها‪ ،‬وبَعد أن شاه َدت نُبل أخالقِه وأمانت َه خطبته إلى نف ِسها من خالل صديقتِها نفيسة‬
‫بنت منبه‪.‬‬
‫البعثة‪:‬‬
‫ي صلى هللا عليه وسلّم ي ِ ُّحب االختالء في غار حراء عدة ليا ٍل‪ ،‬يتف ّكر في َخ ْلق هللا تعالى‬ ‫كان النّب ّ‬
‫وخا ِلق الكون‪ ،‬ومرة ً من المرات عندما كان عمره أربعين عاماً‪ ،‬وبينما كان يتعبّد كعاد ِته في‬
‫ت القرآن الكريم وهي‪ " :‬اقرأ باسم‬ ‫غار حراء نَزَ ل عليه ِجبريل عليه السالم‪ ،‬وعلَّمه أول آيا ِ‬
‫علق‪ ،‬اقرأ وربّك األكرم‪ ،‬الذي علّم بالقلم"‪ ،‬ور َجع النبي صلى‬ ‫ربك الذي خَلق‪ ،‬خَلق اإلنسان من َ‬
‫وقص‬
‫َّ‬ ‫رتجف وقال لها‪" :‬ز ّملوني ز ّملوني"‪،‬‬ ‫هللا عليه وسلّم بعدها إلى زوجت ِ‬
‫ِِه خديجةَ خائفا ً َي ِ‬
‫بدعوة الناس‬
‫َ‬ ‫عليها ما حدث‪ ،‬وطمأنته بأن سيكون له شأن عظيم‪ .‬وبدأ النبي صلى هللا عليه وسلّم‬
‫سرا ً إلى عبادة هللا تعالى وح َده دون اإلشراك به‪ ،‬واست ّمرت الدعوة ثالث سنواتٍ؛ حيث كانت‬
‫الرجال أبو بكر‬‫وأول من أسلم معه من ِ ّ‬ ‫تُعقَد االجتماعات سرا ً في دار األَرقَم بن األَرقَم‪ّ ،‬‬
‫ي بن أبي طالب‪.‬‬ ‫صديق‪ ،‬ومن النِّساء زوجته خديجة بنت خويلد‪ ،‬ومن الصبيان عل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫َّعوة‪:‬‬
‫ال َجهْر بالد َ‬
‫أمر هللا تعالى لسيِّدنا محمد بإظهار عبوديّة هللا تعالى وحده‪ ،‬وأ َم َره أن يدعو عشيرته‬
‫أتى ُ‬
‫ق لها باالً‪ ،‬ثم أ َخ َذت تستخدِم‬ ‫ّ‬
‫األقربين‪ ،‬واستهزأت قريش بدعوة محمد صلى هللا عليه وسلم ولم تل ِ‬
‫ك ّل الوسا ِئل لتردّه عن دعوته‪ ،‬وخاصةً بعد أن شاهدت األعداد ال َكبيرة التي اتّبعته فخافت على‬
‫وإال وسلكته في ُمحاربتِه صلى هللا عليه وسلّم هو وأصحابه‪ ،‬ولكنهم‬ ‫نف ِسها‪ ،‬ولم تترك طريقا ً ّ‬

‫‪1‬‬
‫الموحدين هلل تعالى‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫صابِرين‬
‫كانوا ال ّ‬
‫الهجرة إلى المدينة ‪:‬‬
‫أعوام على الدعوة الجهريّة ِلرسالة اإلسالم‪ ،‬وتح ّمل الرسول صلى هللا عليه‬ ‫ٍ‬ ‫وبعد ُمرور عشرةِ‬
‫المنورة‬
‫ّ‬ ‫وسلّم والصحابة ألذى قريش ومعاداتِهم للدين؛ جاء أ ْمر هللا تعالى بال ِهجرة إلى المدينة‬
‫َ‬
‫لتأسيس دعائِم الدولة اإلسالميّة التي انتشرت إلى ِبقاع األرض جميعاً‪ .‬وأ َ َمر النبي صلى هللا‬
‫صديق‪ ،‬حيث‬ ‫المنورة‪ ،‬ثم تبِعهم هو وصديقُه أبو بكر ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫عليه وسلّم الصحابة بال ِهجرة إلى المدينة‬
‫ق‪ ،‬وتم في المدينة بناء قوا ِعد الدولة اإلسالميّة‪.‬‬ ‫ب وش َْو ٍ‬
‫صدر رح ٍ‬
‫ٍ‬ ‫استقبلهم األنصار بكل‬
‫وفاته صلى هللا عليه وسلّم ‪:‬‬
‫المنورة في العام الحادي عشر من ال ِهجرة في شهر‬
‫ّ‬ ‫توفي النبي صلى هللا عليه وسلّم في المدينة‬
‫َربيع األول‪ ،‬بعد أن أصا َبه ال َمرض‪ ،‬وكان عمره ثالثة وستين عاما ً‪.‬‬
‫معجزاته‪:‬‬
‫يؤمن المسلمون جميعًا بأن المعجزة الكبرى للنبي محمد والتي تحدّى بها الناس هي القرآن‪ [.‬ثم‬
‫أثبت أغلبهم معجزات حسيّة أخرى لمحمد منسوبة إليه في كتب الحديث‪ ،‬وقد عارضها قو ٌم ِل َما‬
‫بأن محمدًا لم يُؤتَ معجزات إال القرآن‪ ،‬في آية َو َما َمنَ َعنَا أ َ ْن نُ ْر ِس َل بِ ْاْلَ َيا ِ‬
‫ت‬ ‫نزل في القرآن ّ‬
‫ظلَ ُموا بِ َها َو َما نُ ْر ِس ُل بِ ْاْلَيَا ِ‬
‫ت إِ َّال‬ ‫ْص َرة ً فَ َ‬ ‫إِ َّال أ َ ْن َكذَّ َ‬
‫ب بِ َها ْاأل َ َّولُونَ َوآَت َ ْينَا ث َ ُمو َد النَّاقَةَ ُمب ِ‬
‫صد بها التحدّي وإقامة الح ّجة على‬
‫سك األخرون بإثباتها باعتبار أنه لم يُق َ‬ ‫بينما تم ّ‬ ‫ت َْخ ِويفًا‪.‬‬
‫صدق محمد‪ ،‬بل كانت تكري ًما له وتأييدًا‪ ،‬وعناية به‪.‬‬
‫القرآن‪:‬‬
‫بحسب اعتقاد المسلمين‪َّ ،‬‬
‫فإن القرآن هو معجزة النبي محمد األساسية التي لم يستطع أحد على‬
‫مر العصور أن يأتي بمثله بالرغم من تحدّيه بذلك‪ ،‬حيث ورد في القرآن قُ ْل لَئِ ِن اجْ ت َ َم َع ِ‬
‫ت‬
‫ض‬ ‫علَى أ َ ْن يَأْتُوا بِ ِمثْ ِل َه َذا ْالقُ ْرآ َ ِن َال يَأْتُونَ بِ ِمثْ ِل ِه َولَ ْو َكانَ بَ ْع ُ‬
‫ض ُه ْم ِلبَ ْع ٍ‬ ‫س َو ْال ِج ُّن َ‬ ‫ِْ‬
‫اإل ْن ُ‬
‫ويتمثل إعجاز القرآن بشكل أساسي في بالغته وفصاحته‪ ،‬فكان اإلعجاز اللغوي‬ ‫يرا ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ظ ِه ً‬
‫هو أول وأهم أسباب إعجاز القرآن‪ ،‬والذي يشمل عدة أوجه‪ ،‬منها حسن تأليفه والتئام كلمه‬
‫وفصاحته‪ ،‬ومنها صورة نظمه العجيب واألسلوب الغريب المخالف ألساليب‬
‫كالم العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل‬
‫كلماته ولم يوجد قبله وال بعده نظير له‪ .‬ومن وجوه اإلعجاز األخرى ما انطوى عليه من‬
‫األخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد‪ ،‬وما أنبأ به من أخبار القرون الماضية والشرائع‬
‫السالفة‪ .‬وحديثًا ظهر تيار يعتقد بوجود إعجاز علمي في القرآن‪ ،‬حيث تفسر بعض اْليات على‬
‫أنها تثبت نظريات علمية لم يكتشفها العالم إال بعد فترة طويلة جدًا من ظهور القرآن‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫السنة‪:‬‬
‫ت ُ َع ُّد اإلشارات العلمية الواردة في السنة النبوية من أبرز الدالئل على أن محمدًا رسول‬
‫هو خاتم األنبياء والمرسلين؛ ألن سبقه العلمي من قبل ألف وأربعمئة سنة‪ ،‬وفي بيئة‬ ‫هللا‬
‫بدائية ال تملك مفاتيح العلم والمعرفة‪ ،‬باإلضافة إلى أميّته يقطع الطريق أمام القائلين بأن محمدًا‬
‫قد تلقَّى هذا العلم من بحيرا‪ ،‬أو ورقة بن نوفل‪ ،‬أو من غيرهم‪ ،‬كما أنه يُثبت بما‬ ‫رسول هللا‬
‫تعاليمه هو هللا‬ ‫ِّ‬
‫للشك أن المصدر الوحيد الذي اصطفى منه محمد رسول هللا‬ ‫ال يدع مجاالً‬
‫[‪]372‬‬
‫ج َّل في عاله‪.‬‬
‫وللتعامل مع قضية اإلعجاز العلمي في السنة النبوية ضوابط يجب أن تراعى؛ منها‪:‬‬
‫اختيار األحاديث المحتوية على إشارات إلى الكون ومكوناته وظواهره‪ ،‬والتثبُّت من معرفة‬
‫درجة الحديث‪ ،‬واستبعاد كل األحاديث الموضوعة‪ ،‬وكذلك جمع األحاديث الواردة في الموضوع‬
‫الواحد؛ ألن بعضها يفسر بعض‪ ،‬وفهم النص أو النصوص النبوية وفق دالالت األلفاظ في اللغة‬
‫العربية‪ ،‬ووفق قواعدها‪ ،‬وفهم النص النبوي في ضوء سياقه ومالبساته‪ ،‬وفهمه في نور القرآن‬
‫شارحة لكتاب هللا‪ ،‬ومبيِّنة لدالالت آياته‪ ..‬كما أنه ينبغي أالَّ‬ ‫الكريم؛ ألن أحاديث رسول هللا‬
‫الشك والصواب‪ ،‬ولكن يجب التعامل‬ ‫َّ‬ ‫إلثبات نظرية علمية تحتمل‬ ‫ي َُؤ َّول حديث لرسول هللا‬
‫فقط مع الحقائق العلمية الثابتة‪.‬‬
‫انشقاق القمر‪:‬‬
‫جمع المفسرون وأهل السنة من المسلمين على وقوع معجزة انشقاق القمر ألجل النبي‬
‫محمد‪ ،‬كإحدى المعجزات الباهرات‪ ،‬وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة‪ .‬قال عبد هللا بن‬
‫فرقتين؛ فرقة فوق الجبل‪ ،‬وفرقة دونه‪ ،‬فقال‬ ‫مسعود« انشق القمر على عهد رسول هللا‬
‫سحر سحركم ابن أبي كبشة‪ ،‬ولكن انظروا‬‫ٌ‬ ‫رسول هللا « ‪ :‬اشهدوا ‪».‬وقال المشركون‪ :‬هذا‬
‫إلى من يقدم من السفّار فسلوهم‪ ،‬فقدِموا ف َ‬
‫سألوهم فقالوا‪ :‬رأيناه قد انشق‪ ».‬وفي ذلك نزلت آية‬
‫يرى معظم المؤرخين الغربيين عدم مصداقية‬ ‫عةُ َوا ْنش ََّق ْالقَ َم ُر‪.‬‬
‫سا َ‬ ‫من القرآن ا ْقت ََربَ ِ‬
‫ت ال َّ‬
‫هذه المعجزة محتجين إنكار القرآن نفسه بحدوث معجزات‪ .‬كما ينكر علماء الفضاء وجود دليل‬
‫علمي على حدوث انشقاق في القمر‪.‬‬
‫إخباره عن الغيب‪:‬‬
‫من ذلك إخباره يوم غزوة بدر بمصارع قريش‪ ،‬فلم يحد أحد منهم مصرعه الذي عيّنه‪ ،‬وإخباره‬
‫عن الحسن بن علي بن أبي طالب أن هللا سيُصلح به بين فئتين من المسلمين‪ .‬وإخباره أن‬
‫ابنته فاطمة أول أهله لحوقًا به بعد موته‪ ،‬وإخباره بشأن كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى‬
‫أهل مكة يخبرهم بنية المسلمين بفتح مكة‪ ،‬ومن ذلك إخباره عن فتح القسطنطينية‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫مقا ًما فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام‬ ‫قاله حذيفة بن اليمان« قام فينا رسول هللا‬
‫من قائد فتنة‬ ‫الساعة إال حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه‪ ..‬وهللا ما ترك رسول هللا‬
‫إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثالثمئة فصاعدًا إال قد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته‪».‬‬

‫‪3‬‬
‫نبوع الماء من بين أصابعه‪:‬‬
‫تروي كتب الحديث والسيرة وقوع معجزة نبوع الماء من بين أصابع النبي محمد ولم تكن ألحد‬
‫قبله‪ ،‬والتي قد تكررت في عدة مواطن‪ ،‬حتى ع ّد فقهاء المسلمين أن ذلك الماء أشرف أنواع‬
‫وحانت صالة العصر‪،‬‬ ‫المياه‪ .‬يروي أنس بن مالك أحد تلك الحوادث قائالً« رأيت رسول هللا‬
‫يده في ذلك‬ ‫بوضوء‪ ،‬فوضع رسول هللا‬ ‫فالتمس الوضوء فلم يجدوه‪ ،‬فأتي رسول هللا‬
‫اإلناء‪ ،‬فأمر الناس أن يتوضؤوا منه‪ ،‬فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه‪ ،‬فتوضأ الناس من عند‬
‫الناس جميعًا‪».‬‬
‫ُ‬ ‫آخرهم‪ ،‬أي‪ :‬حتَّى ت ََوضَّأ َ‬

‫حديثه مع الحيوانات والجمادات‪:‬‬


‫س َّمت بأنها‬
‫من ذلك سماع صوت تسبيح الحصى في كفه‪ ،‬وتكليم الذراع من الشاة التي ُ‬
‫مسمومة‪ ،‬وتسليم الشجر والحجر عليه قبل أن يُبعث‪ ،‬ومشي الشجر له‪ ،‬إذ يروي عمر بن‬
‫عقبة أهل المدينة‪ ،‬فأقبلت تخ ّد األرض‬‫فنادى شجرة من قِبل َ‬ ‫الخطاب فيقول «أ َ َمر النبي‬
‫(تمشي مسرعة) حتى انتهت إليه فسلّمت عليه‪ ،‬ثم أمرها فرجعت إلى موضعها‪ ».‬ومنها حنين‬
‫الجذع الذي كان يخطب عليه حين اتخذ المنبر‪ ،‬فاحتضنه وكلّمه‪ ،‬وقال« لو لم أحتضنه ّ‬
‫لحن‬
‫إلى يوم القيامة‪ ».‬أما معجزاته مع الحيوانات‪ ،‬فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة‬
‫العمل وقلة العلف‪ ،‬والجمل الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه‪ ،‬وجمل آخر‬
‫ويخر ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يُقبِل على محمد‬
‫إبراءه المرضى وذوي العاهات‪:‬‬
‫من ذلك ما ُروي يوم أحد من ردّه عين الصحابي قتادة بن النعمان إلى مكانها بعد أن سالت‬
‫حدقته على وجنته حتى عادت إلى حالها فكانت أحسن عينيه‪ ،‬ونفثه في عين علي بن أبي‬
‫ضريرا‬
‫ً‬ ‫أن رجالً‬
‫طالب وقت غزوة خيبر عندما كان أرمد ال يكاد يبصر‪ .‬وخبر عثمان بن حنيف ّ‬
‫جاء محمدًا يريد كشف بصره‪ ،‬فعلّمه أن يقول «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك‬
‫نبي الرحمة‪ ،‬يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي‪ ،‬اللهم‬ ‫محمد‬
‫بصيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫شفعه في وشفعني في نفسي»‪ ،‬فأصبح ذلك الرجل‬

‫حياته الشخصية‬
‫زوجاته‪:‬‬
‫زوجات محمد يُعرفن في اإلسالم بأمهات المؤمنين‪ ،‬وقد اختُلف في عدد زوجات النبي الالتي‬
‫أنهن إثنتا عشر أو إحدى عشر‪ ،‬وسبب االختالف هو في مارية القبطية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َدخَل ّ‬
‫بهن على قولين؛‬
‫ّ‬
‫منهن ست‪،‬‬ ‫هل هي زوجة له أم ملك يمين ‪.‬فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة ‪.‬القرشيات‬
‫هن ‪:‬خديجة بنت خويلد‪ ،‬وسودة بنت زمعة‪ ،‬وعائشة بنت أبي بكر‪ ،‬وحفصة بنت عمر بن‬
‫الخطاب‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وأم حبيبة‪.‬والعربيات من غير قريش أربع‪ ،‬هن ‪:‬زينب بنت‬
‫جحش‪ ،‬وجويرية بنت الحارث‪ ،‬وزينب بنت خزيمة‪ ،‬وميمونة بنت الحارث ‪.‬وواحدة من‬
‫غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل ‪.‬وتبقى مارية القبطية وهي من مصر ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته‪ ،‬وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت‬
‫خزيمة‪ ،‬وتُوفي هو عن تسع نسوة‪.‬‬
‫أسباب تعدد زوجات النبي‪:‬‬
‫اعترض بعض المسيحيين الذين يكتبون سيرة النبي بتعدد زوجاته وزعموا بأنه كان شهوانيا ً‬
‫ولكن كما ورد في سيرة الرسول‪ ،‬كان له مقاصد آخر كتقوية الصلة مع أصحابه وكبار قومه‬
‫بواسطة المصاهرة ألن ذلك كان مما يساعده للدفاع ونشر الدعوة إلى اإلسالم‪ ،‬كما أنقذ بعض‬
‫النساء من تعذيب عائلتهن عن طريق الزواج‪.‬‬
‫أوالده‪:‬‬
‫كان لمحمد من األوالد ثالثة بنين وأربع بنات‪ ،‬جميعهم من زوجته خديجة إال إبراهيم فهو‬
‫من مارية‪ ،‬وكل أوالده ماتوا في حياته إال فاطمة فإنها توفيت‬
‫بعده‪ ]404[.‬وأوالده البنين هم ‪:‬القاسم( وبه يُكنّى‪ ،‬توفي وعمره عامان) وعبد هللا( ّ‬
‫الطيّب‬
‫الطاهر )وإبراهيم( عاش في المدينة سنة ونصف)‪ ،‬وأما البنات ّ‬
‫فهن ‪:‬زينب ورقية وأم‬
‫كلثوم وفاطمة ‪.‬أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع قبل الهجرة‪ ،‬وأما رقية وأم‬
‫كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد األخرى‪ ،‬وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي‬
‫طالب بين بدر وأحد‪ ،‬وليس في بناته من كانت لها ذرية إال ما كان من ذرية فاطمة‪ ]59[،‬فكان‬
‫لها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم‪.‬‬
‫مواليه وخدامه‪:‬‬
‫امتلك محمد عددًا من الموالي‪ ،‬منهم ‪:‬زيد بن حارثة الكلبي (وكان قد تبنّاه قبل اإلسالم قبل إلغاء‬
‫التبني) وابنه أسامة‪ ،‬وثوبان بن بجدد وأبو هند‪ ،‬وأبو لبابة‪ ،‬وأبو‬
‫رافع‪ ]59[.‬ومن اإلماء امتلك مارية القبطية( على خالف في أنه هل أعتقها فتزوجها أم‬
‫ال)‪ ،‬وريحانة بنت زيد( إحدى سبايا بني قريظة‪ ]405[).‬وأما خدامه‪ ،‬فكان ألزمهم خدمة للنبي‬
‫ضا بالل بن رباح الحبشي‪ ،‬وعبد هللا بن‬ ‫محمد أنس بن مالك الخزرجي‪ ،‬وكان يخدمه أي ً‬
‫مسعود الهذلي‪ ،‬وأبو ذر الغفاري الكناني‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫أسماؤه‪:‬‬
‫ورد في التراث اإلسالمي أنه كان لمحمد عدّة أسماء‪ ،‬فكان يقول عن نفسه« إن لي أسماء‪ :‬أنا‬
‫محمد‪ ،‬وأنا أحمد‪ ،‬وأنا الماحي الذي يمحو هللا بي الكفر‪ ،‬وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على‬
‫ضا« أنا نبي الرحمة‪ ،‬ونبي التوبة‪ ،‬ونبي الملحمة‪[».‬وقد اختلف‬
‫قدمي‪ ،‬وأنا العاقب»‪[،‬وقال أي ً‬
‫علماء الدين اإلسالمي في أسماء كثيرة أخرى‪ ،‬فجعلها بعضهم كعدد أسماء هللا الحسنى تسعة‬
‫وتسعين اس ًما‪ ،‬وع ّد منها الجزولي في" دالئل الخيرات ‪" 200‬اسم‪ ،‬وأوصلها ابن دحية إلى ‪300‬‬
‫اسم‪ .‬وقد كان من أهم أسباب الخالف أن بعضهم رأى كل وصف ُوصف به النبي في القرآن من‬
‫أسمائه‪ .‬في حين قال آخرون إن هذه أوصاف وليست أسماء أعالم‪ [.‬قال النووي« ‪:‬بعض هذه‬
‫المذكورات صفات‪ ،‬فإطالق األسماء عليها إنما هو مجاز‪».‬‬

‫‪5‬‬
‫صفته الشكلية‪:‬‬
‫جمع المسلمون ما توارثوه عن الصحابة من وصف خلقة نبيّهم في كتب كثيرة عرفت بكتب‬
‫الشمائل‪ ،‬وأشهر هذه الكتب هو" الشمائل المحمدية"‪ ،‬للترمذي ‪.‬حيث ذكر فيه أحاديث كثيرة في‬
‫وصفه‪ ،‬وكان مما جاء فيه مفرقًا‪:‬‬
‫عا ليس بالطويل وال بالقصير‪ ،‬وكان إلى الطول‬‫جسمه ‪:‬كان فخ ًما مفخ ًما‪ ،‬مربو ً‬ ‫‪‬‬
‫أقرب‪ ،‬ولم يكن يماشي أحدًا إال طاله‪ .‬وقد كان أزهر اللون‪ ،‬ليس باألبيض األمهق‪ ،‬وال‬
‫باألسمر‪.‬‬
‫رأسه وشعره ‪:‬كان ضخم الرأس‪ ،‬عظيم الهامة‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ ،‬ولم يكن شعره شديد‬ ‫‪‬‬
‫الجعودة وال مرسل‪ ،‬بل كان فيه تثن قليل‪.‬وقد كان ّ‬
‫كث اللحية‪ ،‬تُوفي وليس في رأسه‬
‫ولحيته ‪ 20‬شعرة بيضاء‪،‬‬
‫ذراعاه ويداه ‪:‬كان طويل الذراعين كثيرا الشعر‪ ،‬رحب الراحة غليظ الكفين‬ ‫‪‬‬
‫والقدمين‪،‬طويل األطراف‪ ،‬ضخم المفاصل‪.‬‬
‫إبطاه ‪:‬كان أبيض اإلبطين‪ ،‬وهي من عالمات نبوته بحسب المسلمين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫منكباه وصدره وبطنه ‪:‬كان منكباه واسعين‪ ،‬كثيري الشعر‪ ،‬وكذا أعالي الصدر‪ .‬وكان‬ ‫‪‬‬
‫عاري الثديين والبطن‪ ،‬سواء البطن والصدر‪ ،‬عريض الصدر‪ ،‬طويل المسربة موصول‬
‫ما بين اللبة (النقرة التي فوق الصدر) والسرة بشعر يجري كالخيط‪.‬‬
‫خاتم النبوة ‪:‬هي ُ‬
‫غدّة حمراء مثل بيضة الحمامة‪ ،‬أو مثل الهالل‪ ،‬فيها شعرات‬ ‫‪‬‬
‫مجتمعات كانت بين كتفيه‪ .‬وهي من عالمات نبوته بحسب المسلمين‪.‬‬
‫مستديرا غاية التدوير‪ ،‬وكان‬
‫ً‬ ‫وجهه وجبينه ‪:‬كان مستو الوجه سهل الخدين‪ ،‬ولم يكن‬ ‫‪‬‬
‫واسع الجبين مستويًا‪.‬‬
‫عيناه وحاجباه ‪:‬كان طويل ِشق العينين‪ ،‬شديد سواد العينين‪ ،‬في بياضها حمرة‪ ،‬وكانت‬ ‫‪‬‬
‫مقوسين‪ ،‬متّصلين اتصاالً‬
‫عيناه واسعتين ذات أهداب طويلة كثيرة‪ .‬وكان حاجباه قويين َّ‬
‫خفيفًا‪ ،‬بينهما عرق ّ‬
‫يدره الغضب‪.‬‬
‫أنفه ‪:‬كان أنفه مستقي ًما‪ ،‬أقنى (طويالً في وسطه بعض ارتفاع)‪ ،‬مع دقة في أرنبته‬ ‫‪‬‬
‫(طرف األنف)‪.‬‬
‫فمه وأسنانه ‪:‬كان واسع الفم‪ ،‬في أسنانه رقة وتحدد‪ ،‬يقول واصفه «إذا تكلّم رؤي‬ ‫‪‬‬
‫كالنور يخرج من بين ثناياه‪».‬‬
‫قدماه ‪:‬كان ضخم القدمين‪ ،‬يطأ األرض بقدمه كلها ليس لها أخمص (الجزء المرتفع عن‬ ‫‪‬‬
‫األرض من القدم)‪[ ،‬وكان منهوس العقبين (قليل لحم العَ ِقب)‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مقتنياته وآثاره‪:‬‬
‫كان من عادة النبي محمد تسمية دوابّه وسالحه ومتاعه‪[،‬فكان اسم رايته «العقاب»‪ ،‬واسم‬
‫سيفه الذي يشهد به الحروب «ذو الفقار»‪ ،‬وكان له سيوف غيره مثل «الرسوب»‬
‫و«القضيب»‪ ،‬وكانت قبضة سيفه محالة بالفضة‪ ،‬وكان اسم قوسه «الكتوم»‪ .‬واسم ناقته‬
‫«القصواء»‪ ،‬واسم بغلته «دُلدُل»‪ ،‬واسم حماره «يعفور»‪ ،‬واسم شاته التي يشرب لبنها‬
‫«عينة»‪ .‬وكان له مطهرة من فخار يتوضأ فيها ويشرب منها‪ ،‬فيرسل الناس أوالدهم‬
‫الصغار فيدخلون عليه فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم‬
‫وأجسادهم يبتغون بذلك البركة‪ .‬وقد احتفظ المسلمون ببعض هذه المقتنيات عبر التاريخ‪،‬‬
‫فكانت في مصر في مسجد أثر النبي في جنوب القاهرة ‪.‬وقد ظلّت هناك حتى وقت الفتح‬
‫العثماني عام ‪1517‬م حين دخل القاهرة السلطان العثماني سليم األول فأخذ معه كل أثر النبي‬
‫إلى إسطنبول‪ ،‬وبقيت هناك محفوظة إلى اْلن في متحف الباب العالي‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بالمشاهد واْلثار في المدينة المنورة ومكة‪ ،‬فقد قام المسلمون بالحفاظ عليها إلى‬
‫وقت ظهور الحركة الوهابية في نجد في عصر الخالفة العثمانية‪ ،‬إذ أقدمت الوهابية بعد‬
‫سيطرتها على الحجاز على هدم معظم اْلثار النبوية بدعوى خوف الشرك وسدا ً للذريعة‪ ،‬ما‬
‫جعل كثير من علماء السنة والشيعة ينادون بضرورة المحافظة على ما تبقى منها وعدم السماح‬
‫بهدمها‪.‬من هذه اْلثار التي ُهدمت‪« :‬مسجد بني قريظة»‪ ،‬الذي صلى فيه محمد أثناء حصار بني‬
‫قريظة‪ ،‬و«مسجد أبي بكر الصديق»‪ ،‬الذي رابط عنده أبو بكر أثناء غزوة الخندق‪ .‬ومكان‬
‫والدة النبي محمد‪ ،‬ومكان عيشه في مكة‪ ،‬وبستان الصحابي سلمان الفارسي حيث كانت هناك‬
‫نخلة غرسها محمد‪ ،‬وبيت الصحابي أبو أيوب األنصاري‪ ،‬وبئر العين الزرقاء‪ ،‬وبئر أريس‬
‫(بئر الخاتم)‪ ،‬وبئر حاء‪.‬‬
‫جانب من حياته‪:‬‬
‫يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى‬
‫الناس‪ ،‬ال يبيت عنده دينار وال درهم‪ ،‬وكان يخصف النعل ويرقع الثوب‪ ،‬وما عاب مضجعًا‪ ،‬إن‬
‫ُفرش له اضطجع على األرض‪ ،‬يمزح وال يقول إال حقًا‪ ،‬يضحك من‬ ‫فرشوا له اضطجع وإن لم ي َ‬
‫غير قهقهة‪ .‬وكان ال يثبت بصره في وجه أحد‪ ،‬وكان يقبل الهدية ويكافيء عليها‪ ،‬وال يأكل‬
‫الصدقة‪ ،‬يجيب الوليمة‪ ،‬ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم‪ ،‬ويجالسهم ويؤاكلهم‪ ،‬ويتبع‬
‫جنائزهم‪ ،‬وال يصلي عليهم أحد غيره‪ ،‬وكان يمشي وحده بين أعدائه بال حارس‪ ،‬يقبل معذرة‬
‫شت َم أحدًا من المؤمنين‪ ،‬وكان ال يصارح أحدًا بما يكرهه‪ ،‬وما ضرب شيئًا قط‬ ‫المعتذر إليه‪ .‬وما َ‬
‫بيده‪ ،‬وال امرأةً‪ ،‬وال خاد ًما‪ ،‬إال أن يجاهد في سبيل هللا‪ ،‬وما انتقم من شيء ُ‬
‫صنع إليه قط إال أن‬
‫تُنت َهك حرمة هللا‪ ،‬وما ُخيّر بين أمرين ّ‬
‫قط إال اختار أيسرهما إال أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم‪.‬‬
‫يمر على الصبيان‬ ‫ضا‪ .‬وكان يبدأ من لقيه بالسالم‪ ،‬وكان ّ‬‫وكان أبعد الناس غضبًا وأسرعهم ر ً‬
‫فيسلم عليهم‪ ،‬وكان ال يقوم وال يجلس إال على ذكر هللا‪ ،‬وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه‬
‫قط مادًا رجليه بين أصحابه إال أن يكون‬ ‫جميعًا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة‪ ،‬وما ُرؤي ّ‬
‫المكان واسعا ً ال ضيق فيه‪ ،‬وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة‪ ،‬ولم تكن تُرفَع في مجلسه‬
‫األصوات‪ ،‬وكان ال يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إال قال "لبيك"‪ ،‬وال يُسأل شيئًا إال أعطاه‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫طا بهم كأنه أحدهم‪ ،‬وكان أصحابه ال يقومون له لما عرفوا من‬ ‫وكان يجلس بين أصحابه مختل ً‬
‫كراهته لذلك‪ ،‬وكان أكثر الناس تبس ًما وضح ًكا في وجوه أصحابه‪ .‬وكان يأكل مما يليه ويأكل‬
‫بأصابعه الثالث وربما استعان بالرابعة‪ ،‬وكان أحب الفواكه إليه البطيخ والعنب‪ ،‬وكان أكثر‬
‫طعامه الماء والتمر‪ ،‬وكان أحب الطعام إليه اللحم‪ ،‬وكان يحب من الشاة الذراع‪ ،‬وكان ال‬
‫يأكل الثوم وال البصل‪ ،‬وما عاب طعا ًما قط‪ ،‬إن اشتهاه أكله‪ ،‬وإن كرهه تركه‪.‬وكان يلعق‬
‫تحمر‪ ،‬وكان يشرب في ثالث دفعات وله فيها ثالث تسميات وفي‬ ‫ّ‬ ‫أصابعه من الطعام حتى‬
‫أواخرها ثالث تحميدات‪ ،‬وكان في بيته ال يسألهم طعا ًما وال يتشهاه عليهم إن أطعموه أكل وما‬
‫أعطوه قبل وما سقوه شرب‪.‬وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع‪ .‬كان يتكلم بجوامع‬
‫الكلم ال فضول وال تقصير‪ ،‬وكان جهير الصوت‪ ،‬ال يتكلم في غير حاجة وال يقول المنكر‪ ،‬وال‬
‫يقول في الرضا والغضب إال الحق‪ ،‬ويكنّي عما اضطره الكالم إليه مما يكره‪.‬‬
‫وجهات النظر حول محمد‪:‬‬

‫وجهة نظر المسلمين‪:‬‬


‫فإن محمدًا هو أشرف المخلوقات وسيّد البشر جميعًا‪ ،‬وأنه آخر األنبياء‬ ‫بحسب تعاليم اإلسالم ّ‬
‫نبوته واجب على المسلمين ال يتم إيما ٌن إال به وال‬ ‫والمرسلين‪ ،‬وأن اإليمان به وتصديق ّ‬
‫يص ّح إسال ٌم إال معه‪ ،‬وأن طاعته وامتثال أمره واجب عليهم‪ ،‬باعتبارها من طاعة هللا‪ ،‬وأنه‬
‫مجمع اْلداب كلّها‪[،‬واألسوة الحسنة التي ينبغي على كل إنسان التأسي بها‪ ،‬وأنه باب هللا األعظم‬
‫ووسيلته الكبرى التي ال يصل بدونه أحد إلى هللا‪ ،‬يقول الجنيد« الطرق كلها مسدودة على‬
‫ط ُرقَ الخيرات كلها‬ ‫ولزم طريقته؛ فإن ُ‬
‫َ‬ ‫واتَّبع ُ‬
‫سنَّته‬ ‫الخلق‪ ،‬إال على َمن اقتفى أثر الرسول‬
‫مفتوحة عليه‪[».‬وقد توعّد اإلسالم المسلمين بالخذالن والعذاب على من خالف أمره وبدّل‬
‫طا لإليمان‪ .‬وقد أجمع المسلمون على‬ ‫االحتكام إليه والرضى بحكمه شر ً‬
‫َ‬ ‫سنّته‪.‬ويعتبر اإلسالم‬
‫ضا‪.‬وكذلك أجمعوا على‬ ‫حرمة أذيّته‪ ،‬وقتل منتقصيه وسابّه من المسلمين تصري ًحا كان أو تعري ً‬
‫عصمته من الشيطان وكفايته منه في كل أحواله‪ ،‬وأنه إنسان كامل من ك ِّل النواحي‪َّ ،‬‬
‫منزه عن‬
‫نقص‪ ،‬وأنه أُعطي الحسن والجمال كلّه‪.‬قال البوصيري في قصيدة البردة‪:‬‬ ‫ب أو ٍ‬ ‫ك ِّل عي ٍ‬
‫ورتُه‬
‫ص َ‬‫ْـو الـذي ت َ َّم معناهُ و ُ‬
‫فـه َ‬ ‫س ِم‬ ‫ثـ َّم اصْـ َطفَاهُ َحبيبا ً ِ‬
‫بارى ُء النَّ َ‬

‫سنِ ِه‬
‫يك في محا ِ‬
‫َـن ش َِر ٍ‬ ‫ُمـنَ َّ‬
‫ـزهٌ ع ْ‬ ‫غير ُم ْنقَ ِ‬
‫س ِم‬ ‫فَـ َج ْـو َه ُر ال ُح ْ‬
‫س ِن فيه ُ‬
‫وقد وردت نصوص في كتب الحديث تفيد بأنه كان يَرى من خلفه كما يرى من أمامه‪ ،‬وأنه يرى‬
‫في الليل كما يرى بالنهار‪ ،‬وأنه لم يكن له ظ ّل‪ ،‬وأنه أُعطي مفاتيح خزائن األرض‪ ،‬وأن كل‬
‫سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إال سببه ونسبه‪ ،‬وأنه يشفع للمسلمين يوم القيامة في‬
‫سالم على من يسلّم عليه‪ ،‬وأن أعمال المسلمين تُعرض‬ ‫ي في قبره‪ ،‬ير ّد ال ّ‬ ‫[‬
‫إدخالهم الجنة‪ ،‬وأنه ح ّ‬
‫عليه فيستغفر لسيئها ويستحسن حسنها‪ ،‬وأن الصالة في مسجده تعدل ‪ 1000‬صالة‪ ،‬وقد اعتبر‬
‫عدد من علماء أهل السنة زيارة َ قبره من أقرب القُ ُربات إلى هللا‪ ،‬وأن قبره هو أفضل بقعة على‬
‫األرض باإلجماع كما نقله القاضي عياض‪،‬ويعتقد بعض المسلمين بأن هللا قد خلق العالم كله من‬
‫أجله‪ .‬وكذلك انتشر بين المسلمين التوسل به في دعائهم‪ ،‬معتقدين أن ذلك أرجى الستجابة‬
‫دعائهم من هللا لما لمحمد من جاه ومكانة عند هللا‪ ،‬وبعض هذه األقوال رفضها علماء السلفية‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫حيث ينكر ابن تيمية وابن عبد البر اإلجماع الذي حكاه القاضي عياض في فضل قبر النبي على‬
‫سائر البقاع وينحصر اعتقادهم في أن القبر قد شرف بمقام النبي‪ ،‬كما ال يرون جواز تخصيص‬
‫قبر النبي بالزيارة مستندين ألقوال لإلمام مالك وعدد من علماء المالكية والشافعية والحنابلة على‬
‫حرمة السفر لزيارة القبور‪ .‬فيما يرى ابن باز القول بأن هللا خلق الخليقة ألجل النبي من أقوال‬
‫العامة وهو كالم باطل فاسد ال أساس له‪ ،‬وأن هللا ما خلق الخليقة إال ألجل عبادته‪.‬‬
‫المسلم‬
‫َ‬ ‫ويعتبر اإلسالم محبّةَ محم ٍد أصالً من أصول اإلسالم‪ ،‬وأح َد شروط صحة اإليمان‪ ،‬وأن‬
‫اإليمان حتى يحبّ محمدًا أكثر من أي شيء آخر‪ ،‬يقول عن نفسه« ال يؤمن أحدكم‬ ‫ِ‬ ‫ال يبل ُغ كما َل‬
‫حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده والنَّاس أجمعين‪[».‬لذلك أحبه أصحابه والمسلمون حبًا‬
‫سئل علي بن أبي طالب يو ًما عن حبّهم لمحمد فقال« كان وهللا أحبَّ إلينا من أموالنا‬ ‫شديدًا‪ ،‬حتى ُ‬
‫الظمأ»‪ ،‬ولما احتضر بالل بن رباح أخذ يقول وهو‬ ‫وأوالدنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على َّ‬
‫يموت« واطرباه‪ ،‬غدًا ألقى األحبّة‪ ،‬محمدًا وحزبه»‪ ،‬وكان أصحابه بعد موته ال يذكرونه إال‬
‫خشعوا واقشعرت جلودهم وبكوا‪ ،‬حبًا وشوقًا له‪.‬وكان يقول محمد عن محبة أتباعه له من بعده‬
‫ناس يكونون بعدي‪ ،‬يو ّد أحدهم لو رآني بأهله وماله‪».‬‬
‫«من أش ّد أ ّمتي لي ُحبًا‪ٌ ،‬‬
‫عا‬
‫ثم إن المسلمين قد دأبوا على تعظيم محمد وإجالله وإكرامه وتوقيره اتبا ً‬
‫ألوامر اإلسالم‪ [،‬فكانوا في حياته ال ينادونه باسمه مجردًا‪[،‬وال يرفعون أصواتهم فوق‬
‫صوته‪ ،‬وكانوا في مجلسه كأنما على رؤوسهم الطير من الهيبة‪.‬وكان من مظاهر تعظيمهم له أن‬
‫وبمس‬
‫ّ‬ ‫كانوا يتبركون به وبآثاره‪ ،‬فكانوا يتبركون بفضل ماء وضوءه‪ ،‬وبعرقه‪ ،‬وبثيابه‪ ،‬وآنيته‪،‬‬
‫جسده‪ ،‬وبموضع قدمه وبماء جبّته‪ ،‬وبشعراته‪ ،‬وكانوا يستشفون بها من المرض‪ .‬وكان خالد بن‬
‫الوليد يحتفظ بشعرات للنبي محمد في مقدمة قلنسوته‪ ،‬وكانت أسماء بنت أبي بكر تحتفظ بجبّته‬
‫يلبسها‪ ،‬فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها‪ ».‬وكان عبد هللا بن‬ ‫بعد موته وتقول« كان النبي‬
‫عمر يتتبع األماكن التي كان يصلي بها النبي محمد‪ ،‬فيصلي فيها‪.‬‬
‫ويُكثر المسلمون من تسمية أبناءهم باسم« محمد»‪ ،‬إذ تشير اإلحصائيات بأن اسم« محمد »هو‬
‫عا في العالم‪ ،‬وأكثر األسماء للمواليد الجدد في بريطانيا سنة‪ .‬وقد اعتاد معظم‬ ‫االسم األكثر شيو ً‬
‫المسلمين في كل البالد اإلسالمية منذ القرن السادس الهجري‪ ،‬الثاني عشر الميالدي‪ ،‬على‬
‫مجالس لسماع سيرته‪ ،‬والصالة والسالم عليه‪ ،‬وسماع المدائح‬ ‫َ‬ ‫االحتفال بمولد محمد‪ ][،‬فيقيمون‬
‫في حقه‪ ،‬وذلك في كل أوقات العام وعند كل فرصة يقع فيها فرح أو سرور‪ ،‬ويزداد ذلك في‬
‫شهر مولده ربيع األول‪ ،‬وفي يوم مولده وهو اإلثنين‪ ،‬فيما ينكر أتباع السلفية مثل هذه‬
‫االحتفاالت باعتبارها بدعة دخيلة على اإلسالم ‪.‬وكذلك انتشر بين المسلمين لون من ألوان الشعر‬
‫عرف بالمديح النبوي‪،‬‬ ‫العربي الخاص بمدح محمد وذكر خصائصه وفضائله ونظم سيرته‪ ،‬ما ُ‬
‫حيث يُرجع الباحثون نشأته في حياة محمد‪ ،‬إذ كان يمدحه أصحابه مثل حسان بن ثابت وكعب‬
‫بن زهير‪ ،‬ولكنه ازدهر مع الشعراء المتأخرى وخاصة مع البوصيري في القرن السابع‬
‫انتشارا‪ ،‬وقد ازدادت‬
‫ً‬ ‫الهجري بقصيدته البردة‪ [،‬والتي تُعد من أهم قصائد المديح‪ ،‬وأكثرها‬
‫شهرتها إلى أن صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن‪ .‬ويعمل المسلمون على‬
‫تمييز اسم محمد عند حديثهم عنه‪ ،‬فعادة ما يُشار إليه "رسول هللا" أو "سيّدنا محمد" أو "النبي"‪،‬‬
‫ويتبعون اسمه بالصالة والسالم عليه بقولهم "عليه الصالة والسالم" أو "صلّى هللا عليه وسلّم" أو‬
‫عا ألمر قرآني بالصالة عليه‬ ‫"صلى هللا عليه وآله وسلم" وغيرها من الصلوات األخرى‪ ،‬اتبا ً‬

‫‪9‬‬
‫تحث على ذلك وتحذّر من تركها‪ ،‬قال« أولى الناس بي يوم‬
‫ّ‬ ‫فضالً عن وجود أحاديث‬
‫ي صالة‪».‬‬‫القيامة أكثرهم عل ّ‬
‫وجهة نظر اليهودية‪:‬‬
‫يوجد تقليد في اليهودية يعترف بوجود أنبياء غير يهود أرسلهم هللا من أجل هداية شعوبهم‪،‬‬
‫ومنهم مثلً بلعام وأيوب الذين لم يكونا من العبرانيين‪ .‬وقد اختلفت وجهات نظر كبار علماء‬
‫الدين اليهود في محمد بدرجة كبيرة‪ ،‬فرأى العالم اليهودي اليمني نثنائيل بن الفيومي في كتابه‬
‫"بستان العقول" أن هللا قد يرسل أنبياء ال تتفق رسالتهم مع المعتقدات التي أتى بها األنبياء‬
‫اليهود‪ .‬ويعتبر الفيومي محمد نبيا ً صادقا ً غير أن رسالته موجهة إلى العرب بشكل خاص‬
‫وليست لليهود وذلك لتعارضها مع التوراة‪ .‬غير أنه من الملحظ أن نظرة الفيومي لم تلق‬
‫قبوال ً واسعا ً بين اليهود في عصره‪.‬‬
‫ويرى موسى بن ميمون أهم اللهوتيين اليهود في العصور الوسطى أن محمدا قد انتقى بعض‬
‫التعاليم اليهودية في رسالته وأضاف إليها عبادات أخرى‪ .‬ويرى ميمون أن محمدا ً كان نبيا ً‬
‫كاذبا ً ويعتبر ادعاءه النبوة غير ذي مصداقية ألنه يخالف التقليد التوراتي اليهودي‪ .‬كما يرى‬
‫أن كون الرسول أميا ً يمنعه من الوصول لمرتبة األنبياء‪.‬‬

‫بحث عن محمد صلى هللا عليه وسلم‬


‫االسم‪ :‬سعيد ظافر سعيد الشهراني‬

‫‪10‬‬

You might also like