‫مقدمه‬

‫إن من الجرائم المعاصرة التي شغلت ح يزاً من القض ايا في هيئ ات األم ر ب المعروف والنهي عن المنك ر‬
‫وفي المحاكم "جريمة االبتزاز" حيث أقضت تلك الجريمة مضاجع المص لحين والغي ورين لم ا تمثل ه ه ذه‬
‫الجريمة من ضعف وفساد وقلة مروءة مع كونها محرمة في الشرع والعقل والفطرة المستقيمة‪.‬‬

‫إن هذه الظاهرة الخطيرة تحتاج للوقوف أمامها بح زم وإدراك مك امن الخل ل ومعالجته ا معالج ة اس تباقية‬
‫بقطع األسباب المؤدية إليها وتعليق النفوس باهلل جل وعال بمراقبته واليقين بأنه ال تخفى عليه خافية‪َ ( :‬يعْ َل ُم‬
‫ص ُدورُ) (سورة غ افر‪ )19 :‬كم ا ي برز أهمي ة التوعي ة بخط ر ه ذا ال داء وتل ك‬ ‫َخا ِئ َن َة اأْل َعْ ي ُِن َو َما ُت ْخفِي ال ُّ‬
‫الجريمة على المجتمع‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم جريمة االبتزاز‪:‬‬

‫‪1‬ـ هو محاولة تحصيل مكاس ب مادي ة أو معنوي ة من ش خص أو أش خاص ط بيعي أو اعتب اري ب اإلكراه‬
‫بالتهديد بفضح سر من وقع عليه االبتزاز‪.‬‬

‫‪2‬ـ استغالل القوة مقابل ضعف إنسان آخر سواء كان هذا الضعف مؤقتا ً أو دائماً‪.‬‬

‫‪3‬ـ محاولة لإلكراه وسلب اإلرادة والحري ة إليق اع األذى الجس دي أو المعن وي على الض حايا عن طري ق‬
‫وسائل يتفنن الجاني في استخدامها لتحقيق جرائمه األخالقية أو المادية أو كليهما معاً‪.‬‬

‫واالبتزاز هو نمط سلوكي للفساد اإلداري‪ ،‬يمارسه بعض الموظفين من العاملين في األجهزة المسئولة عن‬
‫حماية ونشر األمن والطمأنينة أو مراقبة النشاطات االقتصادية أو غيرها من األجه زة التحقيقي ة والتأديبي ة‬
‫والعقابية‪ ،‬كالسجون والمحاكم‪ ،‬أو من قبل اللجان االنضباطية ونقاط التفتيش والسيطرة والمرور والتف تيش‬
‫الصحي والرقابة على األسعار ودوائر البلدية وموظفي الجمارك العاملين في المطارات أو نقاط الحدود‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حكم االبتزاز في الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫الشك في أن االبتزاز محرم وذلك لألسباب اآلتية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أنه أكل ألموال الناس بالباطل‪ ،‬قال سبحانه‪( :‬وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا به ا إلى الحك ام‬
‫لتأكلوا فريقا ً من أموال الناس باإلثم وأنتم تعلمون) (سورة البقرة‪.)188 :‬‬

‫ئ مسلم إال بطيب نفسه منه"‬

‫وقال صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال يحل مال امر ٍ‬
‫ثانياً‪ :‬أنه إضرار باآلخرين نفسيا ً واجتماعيا ً ومالياً‪ ،‬والضرر ح رام ومن القواع د المق ررة في الش رع أن ه‬
‫"ال ضرر وال ضرار"‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬أنه استغالل للمنصب والقوة بطريق غير مشروع‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬أنه هتك لألسرار والحرمات المأمور بسترها‪ ،‬وإيذاء للمؤمنين والمؤمنات‪.‬‬

‫وقد قال هللا تعالى‪( :‬والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير م ا اكتس بوا فق د احتمل وا بهتان ا ً وإثم ا ً مبين اً)‬
‫(األحزاب‪.)58 :‬‬

‫خامساً‪ :‬أنه وسيلة محرمة لتحقيق أمر محرم فاجتمع فيه حرمة الوسيلة وحرمة الغاية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬‬