Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 1

‫شرح حديث أبي هريرة‬

‫رب أشعث أغبر مدفوع باألبواب لو أقسم على هللا"‬


‫"ألبره‬
‫‪ ‬‬
‫أشعث أغبَ َر م&دفوعٍ‬
‫َ‬ ‫ب‬‫عن‪ ‬أبي هريرة‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ُ (( :‬ر َّ‬
‫م على هللا أَل َبَ َّر ُه))؛ رواه مسلم‬ ‫أقس َ‬
‫َ‬ ‫‪.‬باألبواب‪ ،‬لو‬

‫ة الشيخ ابن عثيمين ‪ -‬رحمه هللا‬ ‫سماحة العاَّل م ِ‬ ‫‪ -:‬قال َ‬


‫ذكر المؤلِّف رحمه هللا تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ :‬أن رسول هللا ص لى هللا علي ه‬
‫الشعر‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫م على هللا أَل َبَ َّره))‪ ،‬وأشعث من صفات‬ ‫أقس َ‬‫َ‬ ‫ب أشعث أغبر مدفوعٍ باألبواب‪ ،‬لو‬ ‫((ر َّ‬
‫وسلم قال‪ُ :‬‬
‫ج ُل ه‪ ،‬وليس يهتم بمظه ره‪ ،‬وأغ بر يع ني‬ ‫وشعره أشعث يعني ليس له ما يدهن به الشعر‪ ،‬وال م ا ُير ِّ‬
‫‪.‬أغبر اللون‪ ،‬أغبر الثياب؛ وذلك لشدة فقره‬
‫‪ ‬‬
‫مدفوع باألبواب‪ :‬يعني ليس له جاه‪ ،‬إذا جاء إلى الناس يستأذن ال يأذَنون له‪ ،‬بل يدفعونه بالباب؛ ألنه‬
‫‪.‬ليس له قيمة عند الناس‪ ،‬لكن له قيمة عند رب العالمين‬
‫‪ ‬‬
‫لو أقسم على هللا ألَبَ َّره‪ :‬لو قال‪ :‬وهللا ال يكون كذا‪ ،‬لم يكن‪ ،‬وهللا ليكونن ك ذا‪ ،‬لك ان‪ .‬ل و أقس م على‬
‫‪.‬هللا ألبره؛ لكرمه عند هللا عز وجل ومنزلته‬
‫‪ ‬‬
‫فبأي شيء يحصل هذا؟ فربما يكون رجل أشعث أغبر مدفوع ب األبواب‪ ،‬ل و أقس م على هللا م ا أَبَ َّره‪،‬‬
‫م على هللا ألَبَ َّره‪ ،‬فما هو الميزان؟‬ ‫أقس َ‬‫َ‬ ‫ورب أشعث أغبر مدفوع باألبواب لو‬
‫‪ ‬‬
‫ُم‪[ ﴾ ‬الحج رات‪ ،]13 :‬فمن‬ ‫ه أَ ْتقَاك ْ‬ ‫ع ْن َد اللَّ ِ‬
‫ُم ِ‬ ‫الميزان تقوى هللا عز وجل‪ ،‬كما قال هللا تعالى‪ ﴿ :‬إِنَّ أَ ْك َر َمك ْ‬
‫مه‬ ‫َ َ‬ ‫س‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫َ َ ُّ‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ضره‪،‬‬ ‫ويكشف‬ ‫دعاءه‪،‬‬ ‫يجيب‬ ‫األمر‪،‬‬ ‫يسِر هللا له‬ ‫‪.‬كان أتقى هلل‪ ،‬فهو أكرم عند هللا‪ُ ،‬ي ّ‬
‫‪ ‬‬
‫ُلم ألح د‪ ،‬ولن يج ترئ على هللا في ملك ه‪ ،‬ولكن ه يقس م‬ ‫وهذا الذي أقسم على هللا‪ ،‬لن يقس م بظ ٍ‬
‫‪.‬على هللا فيما ُيرضي هللا؛ ثق ًة باهلل عز وجل‪ ،‬أو في أمور مباحة؛ ثق ًة باهلل عز وجل‬
‫‪ ‬‬
‫رت ثني َة جاري ة من‬ ‫كس ْ‬ ‫َ‬ ‫وقد مر علينا في قصة ال ُّربَ ِي ّعِ بنت النض ر وأخيه ا أنس بن النض ر؛ ف إن ال ُّرب ِي ّ ع‬
‫كس ر‬ ‫ُ َ‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫لم‬ ‫وس‬ ‫ه‬ ‫علي‬ ‫هللا‬ ‫األنصار‪ ،‬فاحتكموا إلى الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فأمر الن بي ص لى‬
‫رت ثنية الجارية األنثى‪ ،‬فق ال أخوه ا أنس‪ :‬ي ا رس ول هللا‪ ،‬تكس ر ثني ة ال ُّرب ِي ّ ع؟‬ ‫كس ْ‬‫َ‬ ‫ثنية ال ُّرب ِي ّع؛ ألنها‬
‫ُ‬
‫كسر ثنية ال ُّرب ِي ّع‪ .‬قال ذلك ثق ًة باهلل عز‬ ‫السِنُّ بالسن))‪ ،‬قال‪ :‬وهللا ال ُت َ‬ ‫ّ‬ ‫قال‪(( :‬نعم‪ ،‬كتاب هللا القصاص‪،‬‬
‫‪.‬وجل‪ ،‬ورجا ًء لتيسيره وتسهيله‬
‫‪ ‬‬
‫ورض وا‬‫ُ‬ ‫م‪ ،‬ليس ر ًدّا لحكم الرسول‪ ،‬ولكن ثق ًة باهلل عز وجل‪ ،‬فهدى هللا أهل الجارية‬ ‫َس َ‬
‫م هذا الق َ‬ ‫فأقس َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫م على هللا ألبَ َّره))؛‬ ‫أقس َ‬‫َ‬ ‫بالدية أو ع َف ْوا‪ ،‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إن من عباد هللا من لو‬
‫‪.‬ألنه يقسم على هللا في شيء يرضاه هللا عز وجل؛ إحسانًا في ظنه باهلل عز وجل‬
‫‪ ‬‬
‫هللا‬
‫أما من أقسم على هللا تأليً ا على هللا‪ ،‬واس تكبا ًرا على عب اد هللا‪ ،‬وإعجابً ا بنفس ه‪ ،‬فه ذا ال يَبَ ُّر ُ‬
‫ف على نفسه‪ ،‬فقال‪ :‬وهللا‬ ‫مه؛ ألنه ظالم‪ ،‬ومن ذلك قصة الرجل العابد الذي كان يمر برجل مسر ٍ‬ ‫قس َ‬ ‫َ‬
‫م أن هللا ال يغفر له‪ ،‬لماذا يقسم؟ هل المغفرة بيده؟ هل الرحمة بيده؟ فق ال‬ ‫أقس‬
‫َ َ‬ ‫لفالن‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫يغفر‬ ‫ال‬
‫رت ل ه‬ ‫ي أن ال أغفر لفالن؟))‪ ،‬استفهام وإنكار‪(( ،‬فإني ق د غف ُ‬ ‫هللا جل وعال‪(( :‬من ذا الذي يَتألَّى عل َّ‬
‫طت عملك))؛ نتيجة سيئة والعياذ باهلل‪ ،‬لم يبر هللا بقسمه‪ ،‬بل أحبط عمله؛ ألنه قال ذلك إعجابًا‬ ‫وأحبَ ُ‬
‫‪.‬بعمله‪ ،‬وإعجابًا بنفسه‪ ،‬واستكبا ًرا على عباد هللا عز وجل‬
‫‪ ‬‬

You might also like