الفصل األول :الخلفية التاريخية للقانون الدولي العام
لقد كان هناك في المجتمعات البدائية عالقات غير معقدة لذلك كانت قواعد القانون الدولي تتس م بالبس اطة ولكن هذه القواعد لم تكن كما هي عليه في الشكل الحالي حيث ظلت به ذه البدائي ة إلى أن ظه رت الدول ة الحديثة ،حيث أن القانون الدولي يرتبط ارتباطا وثيقا بظهور نظام الدولة الحديث ة ول ذلك ف إن فهم طبيع ة القواعد القانونية الدولية يقتضي تتبع ظروف نشأة الدولة الحديثة ومعالمها األساسية. المبحث األول :ظهور الدولة الحديثة لقد أصبحت المجتمعات اإلنسانية مستقلة عن بعضها البعض حيث لكل واحدة س كانها وإقليمه ا وس لطتها العامة ،ولكن ذلك جاء بشكل تدريجي ،حيث صادف ظهور الدولة والسلطة الحاكمة ع دة عقب ات أهمه ا: قلة ع دد الس كان وتناثره ا في أنح اء مختلق ة ،والظ روف االقتص ادية الص عبة ،وأهم ه ذه العوام ل على اإلطالق وجود النظام اإلقطاعي وسيطرة الكنيسة. النظام اإلقطاعي لقد كانت السلطة في الممالك اإلقطاعية موزعة بين الملك وبين األمراء اإلقطاعيين ،حيث كان لكل أم ير إقطاعه الخاص الذي يسيطر عليه ويدافع عنه ب ل ك ان ي دخل في مع ارك م ع األم راء اآلخ رين لتوس يع نفوذه وللبحث عن الموارد االقتصادية أو االجتماعية أو الدفاعية األفضل ،أمام هذا التم زق لم يكن المل ك قادرا على التعبير عن إرادة موحدة للمملك ة ،حيث يص عب وص ف المملك ة اإلقطاعي ة بالدول ة ب المفهوم المعاصر ،ألن السلطات كانت موزعة بين األمراء اإلقطاعيين والدولة الحديثة تقتضي جمع السلطات في يد حكومة واحدة تهيمن على المملكة بجميع مقاطعاتها وتمثلها في الداخل والخارج ،ولكن على الرغم من أن النظام اإلقطاعي كان حائال دون التحول إلى نظام الدول ة الحديث ة ،ف إن المس اوئ ال تي ص احبت ه ذا النظام ،والضعف والتفكك الذي ساد هذه اإلقطاعيات أدى إلى حتمية التغيير نحو نظام الدولة الموحدة. سيطرة الكنيسة ك ان النظ ام السياس ي للجماع ة في الغ رب في العص ور الوس طى يق وم على دع امتين :الس لطة الدنيوي ة والسلطة الدينية ويقوم بالنهوض بهما اإلمبراطور والبابا ولقد كانت الكنيسة تطالب بالوالء لتعاليهما ال تي لم تكن تنحصر فقط في التعاليم الدينية بل كانت تشمل ش ؤون الحي اة الدنيوي ة األخ رى ،ولق د ك ان هن اك صراع بين الملك والكنيسة حول ذلك إلى أن انتهى هذا الصراع بتوقيع صلح وستفاليا ع ام 1648ال ذي يعد بداية انتقال السلطة من الكنيسة إلى الدولة بشكلها الجدي د ثم زالت آخ ر عقب ة ك انت تع ترض طري ق ظهور الدولة الحديثة بانتصار الملك على البابا في فرض سلطاته على الشؤون المدنية. وأخطر ما واجه الدول عدم وج ود رقاب ة على عالقاته ا المتبادل ة من جه ة وتحلله ا من المب ادئ والمث ل العليا من جهة أخرى نتيجة استقاللها عن الكنيسة .ولقد اكتشفت الدول ضرورة وجود التعاون فيم ا بينه ا للحف اظ على بقائه ا وذل ك نتيج ة ظ روف ك ل دول ة واحتياجاته ا لل دول األخ رى من الن واحي السياس ية واالقتصادية والثقافية ومن جهة أخرى للحفاظ على س يادة الدول ة يجب أن تمتن ع ك ل دول ة عن االعت داء على الدول األخرى واالمتناع عن حل المنازعات عن طريق استخدام القوة. وأم ام ذل ك يجب عليه ا الخض وع إلى مجموع ة من الض وابط الموض وعية بش أن تنظيم المع امالت والعالقات المشتركة بينها ،هذه الضوابط تأخذ شكل قواعد تتفق الدول على االل تزام به ا فيم ا يق وم بينه ا وبين غيرها من الدول من عالقات التعاون وتبادل المصالح. المبحث الثاني :نظرية السيادة بعد ظهور فكرة الدول ة ،ك ان ال ب د أن يك ون هن اك مس اواة م ا بين ال دول وي ترتب على ذل ك أال يك ون إلحدى الدول سلطة على دولة أخرى وأمام ذلك حدث تطور فكري في نظرية سيادة الدولة. والسيادة نظرية قانونية ارتبطت بنشأة الدول القومي ة في أوروب ا ،ولكنه ا ظه رت في ب ادئ األم ر كمب دأ سياسي ينادي باعتبار الملك هو صاحب أدنى سلطة في الدولة. نظرية بودان في السيادة: أول من قال بنظرية السيادة هو المفكر الفرنسي "جان ب ودان" ،حيث ع رف الس يادة بأنه ا الس لطة العلي ا والمطلقة للملك على المواطنين والرعايا والي ال يقيدها إال هللا والقانون والهدف من ذلك كان التح رر من النظام اإلقطاعي وسيطرة الكنيسة. وأهم مظاهر للسيادة هو سلطة إصدار القوانين من قبل الملك وبالتالي فهو ال يخضع لها بما أنه هو ال ذي أصدرها وبالتالي يكون الملك أعلى س لطة في الدول ة ،ولكن س لطته مطلق ة ب ل تخض ع للق وانين اإللهي ة والقانون الطبيعي والقوانين األساسية للدولة وتعني األخيرة القوانين التي ال يضعها الملك وتقرر من الذي يحكم ومن الذي يضع في يده كل السلطات والحدود التي تمارس في إطارها سلطته وه و م ا يطل ق علي ه حاليا الدستور وعلى ذلك فان مفهوم السيادة عند "بودان" يعني أن الدول ة له ا س لطة علي ا قوي ة وموح دة ولكنها ليست مستبدة فهي محدودة بواسطة القانون وتستمد سلطاتها منه ،وهذا المفهوم للسيادة يتماشى مع النظرة التقليدية لمفهوم القانون التي تعتبر جميع القوانين الوضعية مس تمدة من ق انون أساس ي أعلى يل زم الجميع ويتضمن حكمه الماضي ،وإن القوانين الوضعية إذا خالفت ه ذا الق انون األعلى لن يك ون له ا أي قيمة ولن يعتد بها ،وتماشيا مع هذا المفهوم ف إن الس يادة مب دأ رئيس ي وض روري من أج ل الحف اظ على النظام األساسي للدولة. ولكن نظرية "ب ودان" تغ يرت نتيج ة لألح داث ال تي ت والت في نط اق العالق ات الدولي ة وظه ور الدول ة القومية في أوربا في العصر الحديث ،حيث بدأ التفكير يتجه نحو الدولة القوي ة ذات الس لطة المطلق ة وأن القانون هو من صنع الحاكم وذلك كان نتيجة للت أثر بالق انون الروم اني ال ذي ك ان يع د إرادة األم ير هي القانون ولقد وصل هذا التفكير إلى مداه بعد كتابات "هوبز" في السيادة ال ذي يعت بر الس لطة أعلى م ا في الدولة وأقواها لذلك ال يمكن أن يوضع لها حدود كما ال تسمو عليها أي سلطة أخرى سواء في ال داخل أو الخارج والقانون ال يقيد الحاكم ب ل ه و أداة ليباش ر فيه ا حكم ه ،وعلى ذل ك ف إن الس يادة يجب أن تك ون مطلقة وغير محدودة وهو ما يطلق عليه اليوم الديكتاتورية. ولكن بظهور الحكومة الدستورية ،ظهرت أفك ار جدي دة تبناه ا المفك ر "ل وك" ومن بع ده "روس و" حيث أصبحت السيادة لمجم وع الش عوب ،وفي ذل ك إض فاء للش رعية على الث ورة األمريكي ة والفرنس ية حيث كانت لمواجهة الديكتاتورية. وكان لتطور نظرية السيادة ودخولها المجال القانوني بداية نشوء القانون الدولي التقلي دي ،فلم تع د للدول ة سيادة مطلقة في ميدان العالقات الدولية ،وبدأت تتوازن األفكار التي كانت تن ادي ب أن الدول ة ال تتقي د إال بإرادتها وأن استعمال القوة واللجوء إلى الحرب هو أحد الوسائل المشروعة لتأكيد سيادة الدولة. واتجه الفقه إلى القول بأن هذه السيادة مقيدة بقواع د الق انون ال دولي الع ام وهي قواع د ملزم ة تعل و على إرادة الدول. الفصل الثاني :مراحل تطور القانون الدولي العام إن الوقوف على تاريخ القانون الدولي العام ضرورة ألن ارتقاء القانون في الحاضر إنما يبنى على كيفي ة تكونه ونموه وتطوره في الماضي. ولم يظهر تنظيم العالقات الدولية إال بع د الق رن الس ابع عش ر أي بع د معاه دة "وس تفاليا" ولكن ال يمكن الق ول ب أن المجتم ع ال دولي ك ان خالي ا من التنظيم قب ل الق رن الس ابع عش ر ،فق د س اهمت الجماع ات المتحضرة على امتداد التاريخ اإلنساني في تكوين قواعد القانوني الدولي ،لذلك يمكنن ا الق ول ب أن تط ور القانون الدولي مستمر منذ ظهور التجمعات اإلنسانية وصاحب نموها وتطورها إلى جماعات سياسية. ومكن تقسيم المراحل المختلفة لتطور القانون الدولي إلى أربع مراح ل تاريخي ة وهي :العص ور القديم ة، والوسطى ،والحديثة ،وعصر التنظيم الدولي. المبحث األول :العالقات الدولية في العصور القديمة -1العصور القديمة لم يظهر القانون ال دولي إال م ع ظه ور ال دول ،ولق د ش هدت العص ور القديم ة ص ورا متع ددة للعالق ات الدولية منها معاهدات الصلح والتحالف والصداقة وإنه اء الح روب ولع ل أبرزه ا معاه دة الص داقة ال تي أبرمت بين الفراعنة والحيثيين سنة 1287قبل الميالد ،كان هناك أيضا ً قانون "مانو" الهن دي ال ذي نظم قواعد شن الحروب وإبرام المعاهدات والتمثيل الدبلوماسي. ولكن رغم ذلك لم يعبر إال على حاالت قليلة لتنظيم العالقات الدولية ويدور معظمها ح ول الح روب كم ا أنه من جهة أخ رى معظم العالق ات ك ان يحكمه ا الق انون اإللهي بم ا ال يفي د وج ود نظ ام ق انوني دولي مستقر لحكم العالقات بين الجماعات اإلنسانية بطريقة منتظمة. -2عصر اإلغريق عالقة المدن اإلغريقية فيما بينه..ا :وكانت مبني ة على االس تقرار وفك رة المص لحة المش تركة والتع اون وذل ك نظ را لوح دة الجنس وال دين واللغ ة ،ل ذلك ك ان يتم اللج وء للتحكيم في ك ل الخالف ات فيم ا بينه ا، باإلض افة إلى وج ود قواع د تنظيمي ة يتم احترامه ا في عالقاته ا الس لمية والعدائي ة ،كقواع د التمثي ل الدبلوماسي وقواعد شن الحرب. عالقة اإلغريق بغيرهم من الش..عوب األخ..رى :ك ان يس ودها اعتق ادهم بتم يزهم عن س ائر البش ر ،وأنهم شعوب فوق كل الشعوب األخرى ومن حقهم إخضاعها والسيطرة عليها ،ومن هن ا ك انت عالق اتهم به ذه الشعوب عالقات عدائية وحروبهم معها تحكمية يشوبها الطابع العدائي وال تخضع ألي ضوابط أو قواعد قانونية بل يحوطها كثير من القسوة وعدم مراعاة االعتبارات اإلنسانية. -3عصر الرومان: ال يختلف الرومان كث يرا عن اإلغري ق ،فق د ك انوا يعتق دون بتف وقهم على الش عوب األخ رى وبحقهم في السيطرة على ما سواهم من الشعوب ،لذلك كانت صلتهم بغيرهم مبنية على الحرب مما أدى إلى س يطرة اإلمبراطورية الرومانية على معظم أرجاء العالم آنذاك ،وبالتالي ك انت العالق ات بين ه ذه ال دول وروم ا عالق ات بين أج زاء اإلمبراطوري ة الواح دة تخض ع جميعه ا للق انون الروم اني ال ذي ك ان يحكم ه ذه اإلمبراطورية. ولق د امت از الروم ان بعبق ريتهم القانوني ة :حيث ظه رت في روم ا مجموع ة من القواع د القانوني ة تحكم العالقات بين الرومان والش عوب التابع ة لروم ا أو تل ك ال تي ترتب ط معه ا بمعاه دات تح الف أو ص داقة سميت بقانون الشعوب ،فقد كانت قواعد هذا الق انون تنظم العالق ات بين أف راد الش عب الروم اني وأف راد الشعوب األخرى وتنظم حماية أفراد هذه الشعوب في حالة انتق الهم أو وج ودهم في روم ا ،أم ا الش عوب األخرى التي ال تربطها بروما معاهدة صداقة أو معاهدة تحالف ف إن مواط ني ه ذه ال دول وممتلك اتهم ال يتمتعون بأي حماية بل يجوز قتلهم أو استرقاقهم ،ويمكن القول ب أن الق انون والتش ريع ق د ش هد ازده ارا كبيرا في عهد الرومان. ولكن مسائل القانون الدولي العام لم تكن واضحة في المجتمعات القديمة ،وذلك النعدام فكرة المساواة بين الشعوب ولعدم وجود الدول المستقلة نظرا لتسلط شعب معين على باقي الشعوب. المبحث الثاني :العالقات الدولية في العصور الوسطى ظهر في هذا العصر الممالك اإلقطاعية ،حيث كان كل أمير إقط اعي يس عى للمحافظ ة على إقطاع ه ،أو توسيعه مما أدى إلى قيام ح روب متعاقب ة بين األم راء اإلقط اعيين ،من جه ة أخ رى ش هد ه ذا العص ر صراعا بين الدول ة في مواجه ة أم راء اإلقط اع تحقيق ا لوح دتها الداخلي ة وتأكي دا لس يادتها انتهى بتغلب الدولة وزوال النظام اإلقطاعي. من جهة أخ رى ظه ر في ه ذا العص ر تس لط الكنيس ة وذل ك نتيج ة النتش ار ال دين المس يحي بين ال دول األوربية من جهة وظهور اإلسالم والخوف من انتشار نفوذه مما يؤدي إلى انتزاع السيادة من المسيحية. ولكن تسلط الكنيسة والبابا يتنافى مع وجود الدولة المستقلة التي يمكنها تنظيم عالقاته ا فيم ا بينه ا حس بما تقتضي ظروفها .وذلك يشكل عقبة في وجه تطور القانون الدولي العام ،ألن إس ناد العالق ات الدولي ة إلى الروابط الدينية دون غيها كان من شأنه أن تقتصر هذه العالقات على الدول المسيحية وحدها دون س واها من الدول غير المسيحية ،وقد ساعد على تخلص الدولة من سلطان البابا ظه ور الحري ة الفكري ة العلمي ة المعروف ة بعص ر النهض ة ،وم ا ص احب ذل ك من حرك ة اإلص الح ال ديني في الق رنين الخ امس عش ر والسادس عشر ،وقد كان أهم أغراضها :بيان ما يجب على الدول إتباع ه بش أن العالق ات المتبادل ة بينهم مستوحية ذلك من مبادئ الدين المسيحي ،ومن زعماء حركة اإلصالح "فيتوريا" و "جنتيليس". ولقد أدى اكتشاف القارة األمريكية في هذا العصر إلى إثارة مسائل دولية جديدة أهمها االستعمار وحري ة البحار مما أدى إلى تزايد االهتمام بتوجيه القانون الدولي بشأنها. المبحث الثالث :ظهور القانون الدولي في العصور الحديثة -1معاهدة وستفاليا أدى التطور الذي حدث في الق وانين في الق رنين الخ امس عش ر والس ادس عش ر إلى انقس ام أوروب ا إلى فريقين ،األول ينادي بالوالء للكنيسة والثاني ين ادي باالس تقالل عن الكنيس ة مم ا أدى إلى نش وب ح رب الثالثين عام والتي انتهت بإبرام معاهدة "وستفاليا" سنة ،1648ونتج عن ذلك ظهور ال دول ال تي تتمت ع بالسيادة وال تخضع لسلطة أعلى منها. يرجع الفضل في إرساء أسس القانون الدولي التقليدي إلى معاه دة "وس تفاليا" وال تي تتلخص أهم مبادئه ا في: -هيأت اجتماع الدول ألول مرة للتشاور حول حل المشاكل فيما بينها على أساس المصلحة المشتركة. -أك دت مب دأ المس اواة بين ال دول المس يحية جميع ا بغض النظ ر عن عقائ دهم الديني ة وزوال الس لطة البابوية ،وثبتت بذلك فكرة سيادة الدولة وع دم وج ود رئيس أعلى يس يطر عليه ا وهي الفك رة ال تي على أساسها بني القانون الدولي التقليدي. -تطبيق مبدأ التوازن الدولي للمحافظة على الس لم واألمن ال دوليين ،ومف اده أن ه إذا م ا ح اولت دول ة أن تنمو وتتوسع على حساب غيها من الدول فإن ه ذه ال دول تتكت ل لتح ول دون ه ذا التوس ع محافظ ة على التوازن الدولي الذي هو أساس المحافظة على حالة السلم العام السائدة بين هذه الدول. -ظهور فكرة المؤتمر األوروبي الذي يتألف من مختل ف ال دول األوروبي ة وال ذي ينعق د لبحث مش اكلها وتنظيم شئونها. -نشوء نظام التمثيل الدبلوماسي ال دائم مح ل نظ ام الس فارات المؤقت ة مم ا أدى إلى قي ام عالق ات دائم ة ومنظمة بين الدول األوروبية. -االتجاه نحو تدوين القواعد القانونية الدولية ال تي اتفقت ال دول عليه ا في تنظيم عالقاته ا المتبادل ة ،فق د قامت الدول بتسجيل هذه القواعد في معاهدات الصلح التالية مما أدى إلى ت دعيم الق انون ال دولي وثبوته ا بين الدول. ويبقى الق انون ال دولي التقلي دي م دينا بنش أته وتط وره العلمي لدراس ة الفقه اء الق دامى وأب رزهم "جروسيوس" أبو القانون ال دولي الع ام حيث ك ان لكتابات ه أث ر ه ام في تط ور الق انون ال دولي ومن أهم مؤلفاته كتاب "البحر الحر". -2أهم المؤتمرات التي عقدت بعد معاهدة وستفاليا -مؤتمر فيينا: أراد ن ابليون أن يطب ق أفك ار الث ورة الفرنس ية القائم ة على المس اواة واالع تراف بحق وق اإلنس ان فش ن حروبه على األنظمة الديكتاتورية والملكية ما أدى إلى زوال دول عديدة وظهور دول جديدة. ولكن تبدل الوضع فيما بعد حيث أنهزم نابليون مما أدى إلى انعقاد مؤتمر فيينا عام 1815لتنظيم شؤون القارة األوروبية وإعادة التوازن الدولي ونتج عن هذا المؤتمر عدة نتائج لعل أهمها إق رار بعض القواع د الدولي ة الجدي دة والخاص ة بحري ة المالح ة في األنه ار الدولي ة وقواع د ت رتيب المبع وثين الدبلوماس يين وتحريم االتجار بالرقيق. -التحالف المقدس: نشأ هذا التحالف بين الدول الكبرى المش اركة في م ؤتمر فيين ا ،حيث ك ان الغ رض من التح الف تط بيق مبادئ الدين المسيحي في إدارة شؤون الدول الداخلية والخارجية ،ولكن الهدف الحقيقي كان الحف اظ على عروش هذه الدول الك برى وقم ع ك ل ث ورة ض دها ،وأك د ذل ك معاه دة "إكس الش يل" س نة 1818بين انجلترا وبروسيا والنمسا ثم فرنسا ،حيث نصبت هذه الدول نفسها قيم ة على ش ؤون أوروب ا واتفقت على التدخل المسلح لقمع أية حركة ثورية تهدد النظم الملكية في أوروبا. -تصريح مونرو: أصدر هذا التصريح الرئيس األمريكي عام 1823حيث تضمن أن الواليات المتحدة األمريكية ال تس مح ألية دولة أوروبية بالتدخل في ش ؤون الق ارة األمريكي ة أو احتالل أي ج زء منه ا وذل ك ردا على ت دخل الدول األوروبية لمساعدة أسبانيا السترداد مستعمراتها في القارة األمريكية. ولقد كان لهذا التصريح شأنه في إرساء مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية وكان له أثره أيضا في توجيه العالقات الدولية بين القارتين األمريكية واألوربية. -مؤتمرات السالم بالهاي 1899و :1907 تضمنت هذه المؤتمرات قواعد فض المنازعات بالطرق السلمية ،وإق رار قواع د خاص ة بق انون الح رب البرية والبحرية وقواعد الحياد ،وإن كان طابع المؤتمر األول أوروبي ف إن الم ؤتمر الث اني 1907غلب عليه الطابع العالمي لوجود غالبية من دول القارة األمريكية. وال شك أن لهذه المؤتمرات دور بارز في تطوير العالقات الدولية وتطوير القانون ال دولي بم ا يتف ق م ع مصالح الجماعة الدولية ،فقد اتجهت مؤتمرات "الهاي" إلى استحداث نظم ثابتة ،وتم التوص ل إلى إنش اء هيئات يمكن للدول اللجوء إليها عند الحاجة لتسوية المنازعات التي قد تقع بين دولتين أو أكثر كما امتدت جهود المؤتمر إلى إنشاء أول هيئة قضائية دولية هي محكمة التحكيم الدولي الدائمة في الهاي. المبحث الرابع :القانون الدولي في عصر التنظيم الدولي لم يحقق مؤتمر الهاي السالم العالمي لتس ابق ال دول الك برى الس تعمار ال دول الغني ة ب الثروات والم واد األولية وذلك على إثر التقدم الصناعي مما أدى إلى قيام الحرب العالمية األولى عام 1914وبع د انته اء الحرب اجتمعت الدول في مؤتمر باريس ع ام 1919ال ذي انتهى بقي ام خمس معاه دات ص لح فرض ت على الدول المنهزمة في الحرب وهي ألمانيا والنمسا وبلغاريا والمجر وتركيا. -1عصبة األمم: أهم م ا نتج عن م ؤتمر ب اريس قي ام عص بة األمم ك أول منظم ة دولي ة عالمي ة أعطيت ح ق النظ ر في المنازعات الدولية التي تهدد السلم ،كما أنشئت هيئة قضائية للفصل في المنازع ات ذات الط ابع الق انوني وهي المحكمة الدائمة للعدل الدولي. ولقد بذلت عصبة األمم جهودا مضنية لتدعيم الس لم ال دولي ومن ذل ك عق د اتفاقي ات دولي ة أهمه ا ميث اق جنيف عام ،1928ولكن هذه الجهود ذهبت أدراج الرياح بسبب تمسك الدول بسيادتها وعدم تقبلها لفكرة إشراف المنظمة الدولية على شؤونها وتدخلها في حل المنازعات التي تهدد السلم الدولي. ووقفت العصبة موقف المتفرج من الحروب التي دارت بين الدول االستعمارية وأيض ا الح روب المحلي ة وقد كان ذلك من العوامل التي مهدت للحرب العالمية الثانية التي نشبت سنة 1939بين مجموع ة ال دول الفاشية والحلفاء الديمقراطيين. -2األمم المتحدة: بنهاية الحرب العالمية الثانية اجتمعت الدول من جدي د في أفري ل 1945في مدين ة "س ان فرانسيس كو"، نتج عن هذا االجتماع قيام منظمة األمم المتحدة ال تي زودت بكاف ة الس لطات والوس ائل ال تي تض من له ا أداء مهمتها على أتم وجه وبالتالي كانت أقوى من عصبة األمم. وقامت المنظمة بجهود مض نية في س بيل تحقي ق أه دافها في الس الم واألمن ال دوليين ولكن نظ را لبعض االعتبارات السياسية لم يستطع واضعو الميثاق الحد من مب دأ س يادة ال دول األعض اء مم ا نجم عن ه منح الدول الخمس الكبرى حق الفيتو ولهذا فقد تعرضت األمم المتح دة من ذ نش أتها لظ روف ص عبة فق د ك ان عليها في ظل ميثاقها وما يحوطه من تناقض أن تعمل على الحد من المنافس ات القومي ة الح ادة وص راع القوى الكبرى ،وب الرغم من تأكي د الميث اق على تح ريم اس تعمال الق وة في العالق ات الدولي ة ف إن ال دول الكبرى ال تزال تستخدم القوة بل تتس ابق لزي ادة أس لحتها بم ا فيه ا األس لحة النووي ة ،ويض اف إلى ذل ك الصراع بين الدول الكبرى ،ورغم مرور زمن طويل على إنش اء المنظم ة فإنه ا لم تحق ق المرج و منه ا ولكن رغم ذلك يعتبر وجودها ضروريا وذلك لتمسك ال دول ب التنظيم ال دولي وازدي اد اإلقب ال عليه ا من دول العالم الثالث ،وقد مارست المنظمة وال تزال تمارس نشاطا متزاي دا في كاف ة المج االت االقتص ادية واالجتماعية والثقافية والقانونية.