Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫املحاضرة الثالثة ‪ :‬الوقائع االقتصادية في ظل النظام اإلسالمي‬

‫‪-1‬مدخل عام للعصرالوسيط في الشرق و الغرب ‪:‬‬

‫لقد أطلقت تسمية العصر الوسيط على الفترة التي تتوسط العصر القديم و الحديث حل‬
‫بالغرب النظام اإلقطاعي في حوالي ‪ 476‬م عندما سقطت روما في يد القبائل الجرمانية مما يعني‬
‫إن العصر الوسيط سيكون من سنة ‪ 500‬م إلى ‪ 1500‬م عند بداية عمليات االستكشاف‬
‫الجغرافية و حينها انقسم اإلقطاع إلى مبكر قائم على أنقاض العبودية مباشرة و إقطاع متأخر‬
‫جاء نتيجة هيمنة عالقات اإلنتاج اإلقطاعية في الريف األوربي‬

‫أما بالشرق فاألمر مختلف لقد كان لبعثة محمد "ص" في ‪ 610‬م أي بعد مولده صلى هللا عليه‬
‫وسلم في الثاني عشر من ربيع األول عام الفيل أي سنة ‪ 570‬ميالدي و الذي قدم للعالم الشريعة‬
‫اإلسالمية يلخصها سيدنا محمد صلى هللا عليه و سلم بالحديث املشهور باإليمان و االسالم و‬
‫اإلحسان ‪ 1.‬فقدم للعاملين اإليمان لتطمئن القلوب و قدم اإلسالم كي تنهئ نفوس الناس جميعا و‬
‫قدم اإلحسان للعاملين جميعا كما يقول صلى هللا عليه وسلم في حديث آخر إن هللا يحب‬
‫اإلحسان و في حديث آخر إن هللا يحب الرفق في األمر كله ‪ ،‬قدم شريعة لم و لن تنقض ي عجائبها‬
‫إلى يومنا هذا و إذا ما قدمنا تلك التجارب التطبيقية سواء النموذجية للرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم أو الخلفاء الراشدين أو تلك النماذج األخرى غير املعيارية كبني أمية و العباسيين و‬
‫الفاطميين سنقدم وقائعها االقتصادية في إطارها الزمني و التمايز واضح بيننا حيث هم يسمونها‬
‫عصور الظالم ( الغربيين )لكن بالنسبة إلينا هي عصر النور‪2‬‬

‫‪-20‬عن ‪.....‬جاء الى رسول هللا "ص" رجل شديد سواد الشعر شديد بياض الثياب ‪:‬عجبوا له يسأله ويصدقه ‪ :‬قال مااليمان ‪:‬ان نؤمن‬
‫باهلل و مالئكته و كتبه ورسله و اليوم اآلخر و القدر خيره وشره ‪ ،‬فقال صدقت ‪،‬و قال ما االسالم ‪ ،‬فقال ‪:‬ان تشهد ان ال اله اال هللا و‬
‫ان محمدا رسول هللا و تقيم الصالة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت ‪ ،‬قال صدقت و قال ما االحسان ‪ ،‬قال ان تعبد هللا‬
‫كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‬
‫و فم الزمان تبسم و ثناء‬ ‫‪-21‬ولد الهدى و الكائنات ضياء‬
‫يوم يتيه على الزمان صباحه و مساءه بمحمد وضاء‬
‫هذان في الدنيا هما الرحماء‬ ‫و إذا رحمت فأنت أم أو أب‬
‫بك يا ابن عبد هللا قامت سمحة بالحق من ملك الهدى غراء‬
‫قصيدة "ولد الهدى" أمير الشعراء أحمد شوقي موسوعة‬ ‫داء الجماعة من ارسطوطاليس لم يوصف له حتى اتيت دواء‬
‫‪https://www.aldiwan.net>poem20977‬الشعر العربي‬
‫‪ :2‬الحياة االجتماعية و االقتصادية قبل اإلسالم‪:‬‬

‫كان العرب يعيشون في ظل نظام القبيلة و العشيرة عند انحالل النظام املشاعي و بداية النظام‬
‫العبودي و كان في األعراب من األخالق ما هو جيد و من عاداتهم السيئة في الجاهلية وأد البنات‬
‫مدفوعين بأسباب اقتصادية و اجتماعية كالخوف من الفقر و العار و في هذا يقول هللا تعالى‬
‫واصفا إياهم " و إذا بشر أحدهم باألنثى ظل وجهه مسودا و هو كظيم يتوارى من القوم من سوء‬
‫ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب أال ساء ما يحكمون "‪ 3‬و يوجد أيضا في عادات‬
‫العرب السيئة قبل اإلسالم حرمان املرأة من امليراث و كانوا يدفنون موتاهم في بيوتهم و بمالبسهم‬
‫و كانوا يعقلون ناقته عند قبره حتى تموت و جاء اإلسالم و نهاهم عن كل هذه العادات السيئة و‬
‫غيرها كثير ( كشرب الخمر و اإلستقسام باألزالم و مليسر ‪...‬الخ )و كل هذا ملا فيها من أضرار‬
‫اجتماعية و نفسية و اقتصادية ‪ ،‬وقد كان االقتصاد في مكة تجاريا و في املدينة والطائف زراعيا‬
‫قائم على استغالل الضعفاء و العبيد و ذلك حتى القرن السادس امليالدي و في هذه املرحلة‬
‫وصلت القبائل العربية إلى أطراف الجزيرة و اتخذ العرب موقفا محايدا اتجاه القوى الكبرى‬
‫آنذاك " الفرس و الروم " و كان لبعثة محمد صلى هللا عليه وسلم اثر كبير على في انتشار تلك‬
‫القيم اإلنسانية كتحرير املرأة ‪ 4‬و تحرر العبيد ‪ 5‬و إشراك الضعفاء في مال األغنياء ‪ 6‬و جاءت‬
‫كلها كتشريعات قرآنية مدعومة بالسنة النبوية‬

‫‪ : 3‬مدخل إلى نظام االقتصاد اإلسالمي ‪:‬‬

‫إن االقتصاد اإلسالمي يقوم على ركيزتين هما العقيدة و األخالق فقد يتساءل احد و يقول ما‬
‫دخل االقتصاد في األخالق فنقول هنا إن الرأسمالية و في أزمة ‪ 2008‬أزمة الرهن العقاري يقول‬
‫الرئيس االمريكي أوباما ان الرأسماليين و املستثمرين كانوا جشعين و في تصريح آخر لبوش االبن‬
‫الرئيس االمريكي االسبق ان املستثمرين كانوا غير مسئولين ‪ .‬ان االسالم ليس نظرية بل هو‬
‫شريعة إالهية و لذلك ال يمكن مقارنته بالنظريات الوضعية كالرأسمالية و االشتراكية بسبب إن‬

‫‪3‬‬
‫‪-‬القرآن الكريم ‪ ،‬سورة النحل ‪ ،‬االية (‪)58-59‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬المرأة ال تقتل و ترث بل أكثر من ذلك هنالك صورة كاملة للنساء في القرآن الكريم‬
‫‪-24‬يوجد الكثير من االيات في القرآن الكريم تأمر بتحرير العبيد كاآلية ‪ 3-2‬من سورة المجادلة و اآلية ‪ 6‬من سورة الحشر واآلية‬
‫‪ 29‬سورة المائدة‬
‫‪6‬‬
‫‪-‬للضعفاء الحق في مال االغنياء عن طريق الزكاة و الصدقات‪...‬الخ و الزكاة هي عبادة و حق ( قانون ) محدد في القرآن الكريم‬
‫هذه النظريات ترتكز على فروض و مبادئ قابلة للنقض و التعديل إن اإلسالم فانه جاء بأصول‬
‫عامة ثابتة قياسية صالحة لكل مجتمع و كل زمان و مكان و الشريعة اإلسالمية قدمت حلوال‬
‫نموذجية ملسائل اجتماعية و اقتصادية مرنة كأن نقول سعر الفائدة ‪ %0‬ال ربا في اإلسالم رأس‬
‫املال ال يلد ماال و في مسألة أخرى اجتماعية و اقتصادية تكفل هللا بتحديد القيمها التركات و‬
‫املواريث فهي محددة و مفصلة في القرآن في حين أنه في ارويا الرأسمالية استمرت مشكلة اإلرث‬
‫إلى غاية القرن ‪ 16‬حيث كان االبن البكر يأخذ كل التركة لوحده و األنثى كانت تحرم منها و في إطار‬
‫الرأسمالية الغربية يجوز إن يوص ي امليت بتركته كلها أو أغلبها لحيوان أو ناس آخرين و يحرم‬
‫أبنائه ‪...‬الخ‬

‫و تتضح أصول االقتصاد اإلسالمي بصيغة عامة بمنهيات و أوامر وواجبات بالقرآن و السنة‬

‫‪ : 4‬موضوع االقتصاد اإلسالمي ‪:‬‬

‫سنتطرق في موضوع االقتصاد اإلسالمي إلى تلك العناصر األساسية العامة املحددة كوضع الثروة‬
‫و العدالة االجتماعية و الحرية في إدارة االقتصاد و املجتمع‬

‫‪-1-4‬الثروة في اإلسالم ‪ :‬هي جميع األصول املادية ‪ 7‬و املعنوية ‪ 8‬و هي ملك هلل و اإلنسان‬
‫مستخلف ‪ 9‬فيها يستخدمها فيما ينفع و ال يضر للفرد و الجماعة و هي أمانة يسأل عنها اإلنسان‬
‫يوم القيامة‬

‫‪ -2-4‬العدالة االجتماعية ‪ :‬إن العدالة االجتماعية في اإلسالم ليست شعارا و إنما هي فريضة‬
‫دينية و اجتماعية و اقتصادية و قد ورد ذكرها في النصوص القرآنية "خذ من أموالهم صدقة‬
‫تطهرهم و تزكيهم بها "‪ 10‬و في أية أخرى يحث هللا سبحانه و تعالى على تحرير العبيد "فك رقبة أو‬
‫إطعام في يوم ذي مسغبة " ‪ 11‬و في أية أخرى إن في أموال املؤمنين حقوق للضعفاء " الذين في‬

‫‪ -‬هي كل األصول ذات الطبيعة المادية كاألرض و المال و المباني ‪.....‬الخ‬


‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬هي األصول غير المنظورة كشهرة المحل و اسم الشركة و اسم منتج معين‬
‫‪9‬‬
‫‪-‬بمعنى هو خليفة هللا في األرض مستخلف في ماله و عياله بما أمره هللا و بما يقدر‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬قرىن كريم سورة اآلية‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬قرآن كريم سورة البلد اآلية ‪ 14-13‬ص ‪594‬‬
‫أموالهم حق معلوم للسائل و املحروم " ‪ 12‬و في شأن العدالة ذاتها يقول هللا تعالى " ال يجرمنكم‬
‫شنآن قوم على أن تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى "‪13‬‬

‫‪–3-4‬الحرية في إدارة االقتصاد و املجتمع ‪:‬‬

‫إن الحرية في اإلسالم ليست هي الحرية بمعنى الليبرالية في الرأسمالية فالحرية هنا مشروطة و‬
‫مؤطرة بمبادئ و التزامات حقوق و موانع يجب الوقوف عندها و ما عدى ذلك فاجتهاد‬

‫‪-1-3-4‬مبدأ االلتزام بحقوق الفقراء و الضعفاء و العبيد ‪ :‬لقد عدد القرآن و‬


‫السنة حقوق الفقراء و الضعفاء و العبيد و ما على الحاكم و املحكوم فهم إخوانكم في‬
‫الدين حيث بدأت عملية و العبيد‪ 14‬و يشرعها و يجعل منها أعظم القربات عند هللا بان‬
‫للرسول صلى هللا عليه و سلم يقول " اللهم احيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في‬
‫زمرة املساكين "‬
‫‪-2-3-4‬مبدأ منع االحتكار ‪ :‬و قد عرفه مجموع الفقهاء بتعريفات متقاربة تأتي في‬
‫معنى"حبس التجار طعام الناس و أقواتهم عند قلتها و حاجتهم إليها ليرتفع السعر و تغلي‬
‫على الناس و قد اتفقوا في الجملة على انه ال يجوز إذا اضر بالناس و دليل تحريم‬
‫االحتكار يأخذونه ما أخرجه مسلم عن النبي صلى هللا عليه و سلم "ال يحتكر إال خاطئ "‬
‫و قد نهى النبي صلى هللا عليه و سلم أن يحتكر الطعام و االحتكار ليس الشراء عند‬
‫الرخاء و إنما الشراء عند الشدة بغية رفع األسعار و هناك من العلماء من زاد في االحتكار‬
‫كل ما يحتاجه الناس و يتضررون بحبسه و هناك من العلماء من أعده من الكبائر‬
‫‪-5‬الوقائع االقتصادية و االجتماعية في صدراإلسالم األول ‪:‬‬
‫في ظل املبادئ و األصول اإلسالمية كانت الوقائع في صدر اإلسالم األول على عهد رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه و سلم و عهد الخلفاء الراشدين من بعده حيث حل مصطلح األمة‬
‫ً‬
‫اإلسالمية مكان مصطلح القبيلة أو العشيرة والعرب الذين كانوا أشتاتا بين األمم‬
‫أصبحوا قادة بأمة تنشر و ترفع مبادئ رسالة جديدة تدعوا إلى الحرية و األخوة و‬

‫‪12‬‬
‫‪-‬قران كريم سورة المعا رج اآلية ‪ 25-24‬ص ‪569‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ -‬قران كريم سورة اآلية‬
‫‪"-33‬فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة " "و الذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالو فتحرير رقبة من قبل إن يتماسا ذلكم‬
‫توعظون به و هللا بما تعملون خبير "‬
‫ً‬
‫العدالة االجتماعية األمر الذي أحدث تطورا اقتصاديا و اجتماعيا نورده مختصرا كما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ -1-5‬التطور الزراعي ‪:‬إن الزراعة كانت لدى العرب في املدينة و الطائف تستخدم‬
‫العبيد و الضعفاء في الزراعة و رعاية الحيوان و بمجيء اإلسالم أطلقت الحريات و‬
‫تحررت املبادرات و توسعت املساحات الزراعية و توفرت األيدي العاملة الرخيصة و‬
‫انتشرت األسواق واستصلحت األراض ي حتى قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من "من‬
‫ً‬
‫أحيا أرضا مواتا فهي له"حديث صحيح ورد في األلباني ‪ .‬وتطورت تقنيات السقي و نقل‬
‫املياه و الري فاستفادت األمة من تجارب اآلخرين فأدخلت زراعات جديدة كزراعة‬
‫القطن و قصب السكر و التمور و األرز و التوت وأشار فاكهة أخرى و تم جلب نباتات‬
‫عديدة و حيوانات وهذا ألجل تلبية حاجيات السوق املتزايدة و املتسعة‬
‫‪-2-5‬التطور الحرفي البضاعي ‪ :‬إن املبادئ العامة لإلسالم من حرية في العمل و‬
‫إمكانية اإلثراء و العمل الرخيص و من الحرية الفردية إلى العامة و األمان الذي شاع في‬
‫ظل الدولة اإلسالمية أمور شجعت على اإلنتاج من اجل السوق ليظهر اإلنتاج البضاعي‬
‫بعمل األجير الذي وضع أساسه الرسول صلى هللا عليه و سلم و ضمن له حقه حيث‬
‫يقول "أعطوا األجير أجره قبل أن يجف عرقه "‪15‬‬

‫فتحسنت وسائل الغزل و النسيج للقطن و الصوف و الحرير و تطورت صناعة الزجاج و الزيوت‬
‫و العطور و الصابون و املراهم و الجلود و السجاد و املوازين و األواني و املعدات الحربية و تم‬
‫إدخال الطواحين التي املدارة باملاء و الحيوان و لطحن الدقيق و استخراج الزيت و عصر قصب‬
‫السكر و أقيمت ورشات اإلنتاج الحكومية و غيرها و نشطت التجارة الداخلية و الخارجية‬

‫‪ -3-5‬تطور العملة العربية (الدينارالعربي )‪:‬‬

‫بفضل توسع و تطور التجارة في البالد اإلسالمية و ضخامة السوق الذي يمتد من األندلس غربا‬
‫إلى القاهرة إلى دمشق و إلى سمرقند و لذلك أصبح للدينار قبوال عامليا مضطردا و ذلك بفضل‬
‫ازدهار الزراعة و الحرف و الصنائع و تطور اإلنتاج من اكتفائية من مكة و املدينة و الطائف إلى‬

‫‪-‬عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "أعطوا األجير ‪.................‬أن يجف عرقه" رواه ابن‬
‫ماحه و صححه األلباني و في حديث آخر عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و سلم "قال تعالى‪ :‬ثالثة إنا خصمهم‬
‫يوم القيامة ‪ :‬رجل أعطى بي ثم غدر و رجل باع ثم حرا فأكل ثمنه و يستأجر أجيرا ثم فاستوفى منه و لم يعطه أجره " رواه البخاري‬
‫‪15‬‬
‫بضاعي في كل القطاعات و ظهرت مراكز تجارية و مؤسسات مصرفية فتطورت تقنيات‬
‫الضمانات املدفوعة بطريقة السفتجة فدخل االقتصاد عامة في حالة من االزدهار أدت إلى‬
‫ظهور أول نظام تداول نقدي عاملي أساسه الدينار العربي و الذي بقيت منه إلى يومنا هذا عملية‬
‫تداول العمالت العربية بهذا االسم فنجد الدينار الجزائري و الدينار التونس ي و الدينار األردني و‬
‫الدينار الكويتي‬

‫‪ – 4-5‬التطور االجتماعي ‪ :‬لقد كانت مكة تجارية و لهذا السبب كان التفاوت و الطبقية‬
‫واضحة بها لكن تلك املناطق الزراعية كاملدينة و الطائف فقد كان أغلب أهلها مزارعين يعيشون‬
‫حد الكفاف و كان شائعا أن يعملوا مع عبيدهم و بعد مجيء اإلسالم أقر بوضعية التفاوت ‪16‬في‬
‫ظل إعادة توزيع الدخل بواسطة الزكاة و الصدقات و الخراج و الجزية و الغنائم و مع ضمان‬
‫حقوق الضعيف و القوي في ظل عدالة رض ي بها الغني و الفقير من غير حقد او حسد فاملسلمون‬
‫كلهم إخوة و لكل ما عمل على إذابة تلك الفوارق و الطبقات خاصة في صدر اإلسالم األول‬

‫‪ -6‬الوقائع االقتصادية في العصرين األموي و العباس ي ‪:‬‬

‫نجد إن أهم ما اتضح خالل هاتين املرحلتين األموية و العباسية و التي بدأ من سنة ‪ 40‬للهجرة إلى‬
‫‪ 232‬ه هو إعادة تشكيل النظام الطبقي و ترسيخه عن طريق اتساع امللكيات و زيادة اعتمادها‬
‫على العبيد و هذا ناجم عن ذلك االنحراف عن املبادئ األساسية التي دعى إليها اإلسالم و تحول‬
‫الحاكم عن خدمة رعيته إلى خدمة نفسه و تحول بيت مال املسلمين إلى بيت مال األسرة الحاكمة‬
‫و هو ما ترتب عنه ما يلي لدى األمويين و العباسيين بالترتيب‬

‫‪– 1-6‬الوقائع االقتصادية في العصراألموي ‪41‬ه‪132-‬ه ‪:‬نقصد باملرحلة األموية تلك‬


‫املرحلة االقتصادية التي جاءت مباشرة بعد الخالفة الراشدة حيث جاءت األهمية للقطاعات‬
‫الزراعية و الحرفية و التجارية الداخلية و الخارجية كما يلي ‪17:‬‬

‫‪-1-1-6‬القطاع الزراعي ‪ :‬لقد استمر القطاع الزراعي في التطور ليس بنفس الزخم السابق في‬
‫عهد الخالفة الراشدة فزادت املشاريع الزراعية التنموية كالسدود و غيرها و تركز اإلنتاج حول‬

‫‪16‬‬
‫‪ "-‬و رفعنا بعضكم فوق بعض درجات "‬
‫‪-‬صادق الهادي ‪ ،‬محاضرات من تاريخ الوقائع االقتصادية ‪ 2018-2017،‬كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير جامعة‬
‫‪17‬‬
‫سطيف(‪)1‬‬
‫األنهار ( دجلة و الفرات و النيل و األنهار األخرى ) و ظهرت امللكيات الكبيرة و اختفت أراض ي‬
‫الصوافي ‪18‬و تحولت إلى القطاعات و اختفت إيراداتها ضمن إيرادات الدولة و من ايجابياتها أنها‬
‫امتصت البطالة في القطاع الزراعي و زاد الطلب الكلي و زاد العرض الكلي لإلنتاج الزراعي و حين‬
‫وصل عمر بن عبد العزيز إلى الحكم سنة ‪ 99‬ه إلى ‪ 101‬ه فقدم إصالحات كبيرة للقطاع الزراعي‬
‫فمنع تحويل األراض ي اإلخراجية إلى عشائرية (قبلية )و قض ى على أسباب تضخم تلك امللكيات‬
‫الكبيرة على حساب املزارعين الصغار و قدم القروض للمسلمين و غيرهم و قام بمصادرة‬
‫امللكيات الكبيرة ألفراد األسرة الحاكمة و بصورة عامة اتسمت هذه املرحلة بتوسع و االنحراف‬
‫عن املبادئ األصلية مما نتج عنه فجوة كبيرة بين األغنياء و الفقراء و اتضحت الطبقية‬
‫اإلقطاعية الزراعية املعتمدة على العبيد و صغار الفالحين األحرار و ظهر كبار املالك مثل‬
‫مسلمة بن عبد امللك ‪19‬أمير العراق (‪ 102‬ه‪ 103 -‬ه) و خالد القسري (‪105‬ه ‪ 120-‬ه )و هشام‬
‫بن عبد امللك (‪ 105‬ه ‪ 125-‬ه)‬

‫‪-2-1-6‬القطاع الحرفي ‪ :‬ظهر العمران أو قطاع البناء و اخذ يتطور و تركزت الحرف املختلفة‬
‫بوجود املواد األساسية و استمرت تلك الحرف القادمة من األمم من األخرى كالعراق و مصر و‬
‫فارس و الشام كصناعة الزرابي و صناعة الزجاج في مصر و صناعة ورق البردي و حرف أخرى‬
‫كثيرة ‪ .‬و اعتمد هذا القطاع على الحرفيين و األجراء و العبيد و إلى جانب هذا تطورت صناعة‬
‫السفن ( الحربية خاصة) و السفن التجارية و أنشئت لها منطقة واسط في العراق و بسبب عدم‬
‫األمان ارتفعت تكلفت املواصالت البرية و كانت ضعيفة‬

‫‪ -3-1-6‬التجارة ‪:‬و تنقسم التجارة في العهد األموي إلى داخلية و خارجية فأما التجارة الداخلية‬
‫فاتسمت بالضعف بسبب عدم االستقرار السياس ي و محدودية السيولة و انتشار الغش و‬
‫انشغل العرب أصحاب الخبرة في التجارة و بالزراعة ثم بسبب ارتفاع معدل الضرائب إلى ‪ % 33‬و‬
‫بفعل تدهور الوضع السياس ي أدى في النهاية إلى انحسار التجارة و دامت هذه املرحلة حوالي ‪43‬‬
‫سنة و أما حالة نمو الحركة التجارية فهي عند املرحلة املتوسطة من ‪ 77‬ه إلى ‪ 125‬ه وسببها‬
‫الرئيس ي االستقرار السياس ي و القضاء على السلبيات السابقة أما بالنسبة للتجارة الخارجية‬
‫فشهدت مرحلة نمو و تطور خالل املرحلة ‪ 41‬ه ‪ 77-‬ه و ذلك بسبب االستقرار األمني في األقاليم‬

‫‪-37‬الصوافي ‪:‬و هي أراضي تعود ملكيتها في األصل إلى الدولة آنذاك و اختفت حدودها و مالمحها بعد احتراق ديوان الدولة (‬
‫السجالت ) التي توضح حدودها و مواقعها‬
‫‪-‬بن طاهر حسين ‪،‬مدخل إلى الوقائع االقتصادية ‪،‬دار بهاء الدين للنشر و التوزيع ‪ ،‬ص ‪5119‬‬
‫الغربية و التوافق مع بيزنطة و في مرحلة ثانية من ‪ 77‬ه إلى ‪ 132‬ه شهدت انحسارا و تدهورا و‬
‫هذا بسبب التدهور السياس ي و األمني و ضعف االتصال‬

‫‪ – 2-6‬الوقائع االقتصادية في العهد العباس ي ‪:‬‬

‫تطور املجتمع العباس ي في عدة نواحي و من ايجابيات تلك املرحلة يمكن ان نذكر ان عدد املدارس‬
‫بلغ ‪ 30‬مدرسة في بغداد و ‪ 20‬مدرسة في دمشق باإلضافة الى أكاديمية الهندسة و ثالث مدارس‬
‫للطب و انشأ الرشيد بيت الحكمة و تمت ترجمة كل املؤلفات في شتى أنواع العلوم من جميع‬
‫اللغات و تم اإلنفاق على العلم بشكل غير مسبوق حتى أضحت بغداد مركز إشعاع حضاري و‬
‫كان الطلبة املتفوقون يحصلون على منح للدراسة ايام الرشيد تراوحت بين ‪ 2000‬إلى ‪ 4000‬دينار‬
‫شهريا ‪ .‬أما عن أهم النشاطات االقتصادية فكانت مرتبة كما يلي ‪:‬‬

‫‪ 1-2-6‬القطاع الزراعي ‪:‬‬

‫كان هذا النشاط يزخر بأعداد كبيرة من العبيد استخدموا مع الفالحين األحرار في استصالح‬
‫األراض ي و يتم استغاللهم فيما يشبه اإلقطاع الزراعي و الذي كان لألثرياء و التجار دور كبير في‬
‫انتشاره‬

‫‪2-2-6‬القطاع الحرفي ‪:‬‬

‫ظهرت ورشات لصناعة الزرابي و النسيج و الصابون و املالبس و األحذية و ورق البردي و‬
‫القوارب و األدوات املوسيقية و السكر و الصباغة و الحدادة و التجارة و صناعة ا ألسلحة و‬
‫اشتهرت هذه املرحلة باألقمشة القطنية بعالمة املوصلي و الدمشقي ‪.‬‬

‫و كان للدولة ورش كبيرة نسبيا مثل دور الطرز و صناعة املالبس الرسمية و اإلعالم و دور ضرب‬
‫النقود ( صك النقود ) و خالصة ما سبق أن هذه املرحلة اتسمت بصورة عامة بزيادة املظالم و‬
‫توسع الفوارق و اتضاح الطبقية كتشبه األمر باإلقطاعية األوروبية لكن بدون انغماس علماء‬
‫االسالم و ال املساجد في خدمة هذه اإلقطاعية و ذلك عكس ما وقع للكنيسة و أضحت‬
‫الكنيسة اكبر إقطاعي في القرون الوسطى‬

You might also like