شرح الاصول الثلاثة الجامي aa

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 80

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ل والصلة والسلم على رسول ال وبعد ‪:‬‬


‫فهذا شرح ( الصول الثلثة ) للعلمة السلفي محمد أمان الجامي رحمه ال ‪،‬‬
‫وهو شرح تم تفريغه من أشرطة ( كاسيت ) عددها عشرة أشرطة مشتهرة بين‬
‫طلبة العلم بشرح الصول الثلثة ‪.‬‬
‫ونسأل ال أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يتقبله مني ويدخر لي‬
‫ثوابه ليوم لقائه يوم ل ينفع مالٌ ول بنون إل من أتى ال بقلبٍ سليم ‪.‬‬
‫وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫شرح الصول الثلثة‬


‫وأدلتها‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعمالنا من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أن لإله إل ال وحده‬

‫‪1‬‬
‫لشريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما‬
‫كثيا ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فقد وقع الختيار على هذه الرسالة تحقيقاً لرغبة كثير من طلبة العلم الذين‬
‫يرغبون حفظ هذه الصول وفهمها وتحقيقها ‪ ،‬والعمل بها ‪ ،‬والدعوة إليها ‪،‬‬
‫لذلك نبدأ في هذا الكتيب ‪ ،‬ونسأل ال سبحانه أن يرزقنا الخلص فيما نقول‬
‫وفيما نعمل فنبدأ بالشرح ‪ ،‬وقبل ذلك نعرف تعريفاً يسيرًا بالمؤلف ‪ ،‬والمؤلف‬
‫مشهور ل يحتاج إلى التعريف ‪ ،‬ولكن بالنسبة لبعض صغار طلبة العلم وبناءً‬
‫علو العادة الجارية التعريف بالمؤلف عند قراءة كتب المؤلفين ‪.‬‬
‫ولد هذا العالم في بلدة العينية في نجد سنة ‪ 1115‬هـ‬
‫نشأته ‪ :‬نشأ في حجر والده ‪ ،‬وكان والده القاضي في البلد وعالم مدرس على‬
‫الطريقة القديمة في البيوت نشأ هذا الشاب نشأة عجيبة حيث حفظ القرآن قبل‬
‫العاشرة من عمرة وبلغ الحتلم قبل الثانية عشر من عمره ويأتي والده أنه في‬
‫هذه السنة رأى أنه أهل بأن يصلي بالناس فقدمه لكي يصلي بالناس وهو أبن‬
‫الثانية عشر من العمر وفي هذه السنة زوجه ‪،‬وعكف الشاب مع دراسته على‬
‫والده عكف على كتب شيخ السلم ابن تيميه وتلميذه ابن القيم واستفاد لن ال‬
‫أعطاه من الذكاء ما وصفه المترجمون له بطريقة غربية وفذه قوي الحافظة‬
‫ذكي فطن عكف في طفولته على هذه الكتب مع ما يدرس على والده في الفقه‬
‫على مذهب المام احمد ثم تاقت نفسه ليرحل في طلب العلم لنه استفاد من هذه‬
‫الكتب ورأى أن البيئة التي يعيش فيها بيئة جاهلية صرفه ‪ ،‬إذ كانت الناس تعبد‬
‫النخل ويعبدون القبور ويعبدون الجن ‪ ،‬جاهلية جهلء كالتي كانت قبل السلم‬
‫مع النتساب إلى السلم مع وجود العلماء بينهم استنكرت نفسية هذا الشاب‬
‫هذه الجاهلية لكنه كتمها في نفسه ولم يتكلم لنه في نظر الناس طفل ل يستحق‬
‫النكار والقيام بالصلح بين الناس ‪.‬‬
‫أراد أن يرحل في طلب العلم كأن ال يريد أن يطلعه على كثير من البلدان‬
‫المجاورة ليرى إن الجاهلية عمت وليست في بلده فقط خرج حاجاً فحج ثم جاء‬
‫إلى المدينة ومكث في المدينة لطلب العلم وقيض ال له بعض علماء الحديث‬
‫كالشيخ عبد ال بن إبراهيم بن سيف آل السيف وأحبه هذا الشيخ كثيرًا لما فيه‬
‫من الذكاء ولما فيه من الهتمام بشؤون المسلمين والصلح وإعداد نفسه‬
‫للصلح وقدمه لبعض المدرسين في المسجد النبوي كالشيخ محمد حياة‬
‫السندي والشيخ العجولي والشيخ الحسائي وركز الشيخ على علوم الحديث‬

‫‪2‬‬
‫درس الكتب الصحاح ودرس كتب المام الشافعي ودرس كثيراً وكان في نفسه‬
‫بعض التضايق عندما يرى ما يفعله بعض الناس عند السلم على النبي عند‬
‫قبره وكثيراً ما يقول للمشايخ أيش هذا يا شيخ ‪ ،‬ويقولون هذه بعض‬
‫الجاهليات ‪ ،‬صبر وتعلم وملك نفسه ‪ ،‬وذات مرة ذهب إلى القبر ليسلم ورأى‬
‫تعلق الناس بالقبر وتمسحهم وكان عند الشيخ محمد حياة السندي فرجع إليه‬
‫ل ما‬
‫فقال ما هذا يا شيخ ما هؤلء ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬إن هؤلء متبرٌ ما هم فيه وباط ٌ‬
‫كانوا يعملون ‪ ،‬هكذا رد الشيخ فوراً وأدرك الشاب أن العمل مستنكر حتى عند‬
‫المشايخ ولكنهم عاجزون ل يستطيعون يعملون شيئًا هكذا قضى برهةً من‬
‫الزمن في هذه المدينة فأخذ الجازة في الكتب التي أخذها عن الشيوخ ثم توجه‬
‫إلى العراق إلى البصرة ولكنه عرج على بلده في طريقه ثم واصل سيره لنه‬
‫سمع بشيخ عالم محدث نحوي المجموعي في البصرة ‪ ،‬فرحل إليه ودرس‬
‫عنده كثيراً واستفاد منه في علوم العربية وعلم الحديث وهنا رأى الشاب أنه‬
‫نضج وأنه ل بد أن يبدأ في الدعوة والصلح وأن لم يبلغ مبلغ كبار العلماء‬
‫لنه يرى نفسه طالب ولكنه طالب مهيأ وعنده ركيزة طيبة من العلم بدأ يتصل‬
‫بزملئه وبعض الشيوخ وبعض من تعّرف عليهم ويكتب إليهم الرسائل وينكر‬
‫عبادة القبور وينكر كثيراً من المنكرات البارزة حتى عرف بالبصرة على كونه‬
‫طالب علم أنه يحاول الصلح وتأثر به شيخه المجموعي لنه كان يحبه الشيخ‬
‫‪ ،‬وكثيراً ما يتأثر الشيخ بالتلميذ إذا كان التلميذ نابغة ورأى أنه ربما خير منه ‪،‬‬
‫وهذا معروفٌ من قبل وهذا كما ثبت عن المام الشافعي أنه كان يقول للمام‬
‫أحمد ‪ :‬أنتم أعلم منا بعلم الحديث فإذا علمتم شيئاً أو بلغكم شيئاً من الحديث‬
‫فأبلغونا ‪ ،‬في هذا الوقت كان المام احمد تلميذاً عند الشافعي ‪ ،‬وهكذا تأثر‬
‫المجموعي بأبن عبد الوهاب ‪ ،‬وأخيراً قامت قائمة الجاهلية بين المتصوفة‬
‫وأُمر بإخراجه فأخرج من البصرة إلى الزبير وفي الطريق لقى صعوبة حتى‬
‫كاد يهلك من الظمأ لنه يمشي على رجليه في الظهيرة ‪ ،‬ولكن ال قيض له من‬
‫يحمله على حماره معه إلى البلد فسلم ولم يهلك فدرس في الحساء على شيخ‬
‫شافعي ثم رجع إلى الشام وتجول في بلد الشام ‪ ،‬ولكن المصادر لم تذكر‬
‫شيوخه في الشام إل أن زيارته للحجاز والعراق والشام والمنطقة الشرقية كل‬
‫ذلك أفادته فائدة على العلم معرفة أحوال المسلمين والجاهلية التي عمت‬
‫وطمت‪ ،‬وأخيراً قرر الشاب العودة إلى بلده للعمل فرجع فبدأ حياته العلمية في‬
‫بلده حروملة ‪ ،‬ولكنه أوذي حتى ضاق من بعض السفهاء أن يفتكوا به فخرج‬
‫خائفاً يترقب وله أسوة بالنبياء في ذلك خرج إلى العينية مسقط رأسه وأمير‬

‫‪3‬‬
‫العينية رحب به والشيخ شرح له دعوته لن هذه دعوة إسلمية عامة تحتاج‬
‫منك الصبر إذا أردت أن تؤازر هذه الدعوة ل بد أن تؤذى هل تصبر ؟ قال‬
‫المير ‪ :‬إنه يصبر ‪ ،‬وفعلً صبر معه وغير كثيراً من المنكرات أزال كثيراً‬
‫من الشجار التي كانت تُعبد أراد ال أن تقدمت امرأة ارتكبت فاحشة الزنا‬
‫فطلبت التطهير واعترفت وأصرت على العتراف فأقام عليها الشيخ الحد من‬
‫هنا ذاع صيته وانتشر خبره في المنطقة واستنكر أُمراء المنطقة هذا التصرف‬
‫فكانوا يسمونه المطوع ‪ ،‬ويقولون هذا المطوع جاء بأمر جديد ‪ ،‬وكان من‬
‫أشدهم أمير الحساء هددوا على أمير العينية إن لم يخرج من بلده هذا المطوع‬
‫فإنه سوف يحصل كذا وكذا فخرج وتوجه إلى الدرعية فنزل الشيخ في بيت‬
‫أبن سلويلم في الدرعية وعلم محمد بن سعود وصوله ولما علم أخذ بعض‬
‫أصحابه فذهب إلى بيت أبن سويلم ولم يدعه إلى منزله فزارة وتعرف عليه‬
‫وهدى ال السرة وطلبت السرة رجالً ونساءاً من المام محمد بن سعود أن‬
‫يؤازر هذا الرجل وأن تبنى هذه الدعوة فاليعتبرها نعمة سيقت إليه وفعلً آزر‬
‫وأعلن مؤازرته للدعوة والشيخ نصحه وبين له كما بين لمير العينية صعوبة‬
‫هذه الدعوة أنها دعوة عامة ل تترك شيئاً من الجاهليات ل في العقيدة ول في‬
‫الحكام تجديد عام للدعوة المحمديه واستعد المير محمد بن سعود لمؤازرة‬
‫الدعوة وتعاهدا عن القيام بالعمل الجاد في الدعوة فصارت الدرعية عاصمة‬
‫للدعوة يهاجر إليها طلب العلم للعلم وللتعبد هناك قرب الشيخ وانطلقت الدعوة‬
‫من هناك وبدأ الشيخ يكتب إلى المراء في جميع القطار يشرح موقفه من‬
‫الئمة الربعة وموقفه من الصحابة وموقفه من نصوص الصفات وموقفه في‬
‫باب التوسل وهكذا بدأت الدعوة وأستمرت إلى أن وصلت إلى هذه المدينة‬
‫النبوية وعمت الجزيرة ولكن الدعايات ل تزال تنتشر في الفاق هناك مذهب‬
‫خامس هناك الوهابية هناك وهناك فصار العمل هو الرد وأُلفت الكتب ضد هذه‬
‫الدعوة وأنتشرت في العالم فعرف أكثر الناس هذه الدعوة على غير حقيقتها‬
‫وأنها دعوة مناؤة للئمة الربعة والولياء وأنها ل تحترم رسول ال‬
‫والصحابة وهكذا إلى غير ذلك من الدعايات التي أخذت تتبخر شيئاً فشيئًا إلى‬
‫أن في مثل هذا الوقت وانتشرت الدعوة ووصلت إلى إفريقيا توجد الن هناك‬
‫مدارس كثيرة تدرس نفس المنهج المقرر في المدارس السعودية في المرحلة‬
‫البتدائية والمتوسطة والثانوية وانتشرت في القارة الهندية وانتشرت في الدول‬
‫العربية إلى أن خرجت من الديار السلمية وفتحت لها أبواباً في نفوس الناس‬
‫وفي صدور الناس من أوروبا وأمريكا وانتشرت وعمت لذلك جميع الحركات‬

‫‪4‬‬
‫حول هذه الدعوة وضد هذه الدعوة إنما هي حركة الشاة المذبوحة تتحرك‬
‫لتموت ل لتحيى والدعوة ماشية بحمد ال تعالى وننصح بدراسة العقيدة‬
‫والحكام وفروع اللغة العربية وعلوم الحديث وعلوم القرآن وكل علم نافع‬
‫يكون مساعدًا لفهم الكتاب والسنة وطلب العلم نوع من الجهاد وأنتم في جهاد‬
‫طالما تطلبون العلم ‪ ،‬والعلم قبل القول والعمل ‪.‬‬
‫قوله (( إعلم رحمك ال أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل ))‬
‫الشرح ‪ :‬هذا الخطاب موجه إلى كل قارئ وكل سامع وكل من يصلح أن‬
‫يوجه إليه الخطاب ‪ .‬إعلم رحمك ال أنه يجب علينا ـ ليس معنى يجب علينا‬
‫نحن طلب العلم ل ـ يجب علينا نحن معاشر المسلمين ‪ ،‬لن ما اشتملت عليه‬
‫هذه الرسالة ليس يجب على الشباب وطلب العلم فقط ‪ ،‬بل ما يجب على كل‬
‫مسلم ومسلمه يجب علينا نحن معاشر المسلمين تعلم أربع مسائل ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬الولى ‪ :‬العلم وهو معرفة ال ))‬
‫الشرح ‪ :‬المسألة الولى ‪ :‬العلم ‪ ،‬وفسر العلم بالمعرفة فقال هو معرفة ال ‪ ،‬ما‬
‫الفرق بين العلم والمعرفة ؟ لماذا فسر الشيخ العلم بالمعرفة ؟ المعرفة أعم من‬
‫العلم ‪ ،‬العلم خاص بما لم يسبق بجهل ذلك يستعمل في حق ال تعالى العلم ‪،‬‬
‫ول يستعمل المعرفة في حق ال لن المعرفة هي المسبوقة بجهل أي الدراك‬
‫المكتسب بعد إن لم يكن ‪.‬‬
‫إذاً بالنسبة لنا يقال له علم ويقال له معرفة ‪ ،‬وفي حق ال تعالى يقال له العلم‬
‫فقط لذا فسر العلم فقال ‪ :‬المراد بالعلم هنا هو معرفة ال بأسمائه وصفاته ‪،‬‬
‫معرفة ال بالئه ونعمائه ‪ ،‬معرفة ال باليات المتلوه واليات الكونية ‪ ،‬معرفة‬
‫توجب محبته سبحانه وتعالى توجب خشيته وتعظيمه وتعظيم أمره وتعظيم‬
‫شرعه توجب مراقبته تعالى وخشيته وفي النهاية المحبة ‪ ،‬لن محبة ال تعالى‬
‫روح اليمان ‪ ،‬وإيمان المرء إذا خل من محبة ال تعالى كالجسد الميت روح‬
‫اليمان محبة ال ‪ ،‬ومعرفة ال ليست معرفة بالدعوى معرفة بهذه المعاني كلها‬
‫وأكثر منها يدخل في ذلك توحيد الربوبيه ‪ ،‬وتوحيد العبادة ‪ ،‬وتوحيد السماء‬
‫والصفات ‪ .‬كل ذلك وتصديق خبر ال سبحانه وتعالى ويدخل في ذلك اليمان‬
‫بالكتب السماوية والجنة والنار وغير ذلك من المور الغيبية التي يجب اليمان‬
‫بها كل ذلك داخل في معرفة ال ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ومعرفة نبيه ))‬

‫‪5‬‬
‫الشرح ‪ :‬ومعرفة نبيه تبعثك على تصديق كل ما أخب ‪ ،‬معرفة توجب طاعته وتصديق خبه ‪،‬‬
‫واتباع هديه ‪ ،‬وتريد التابعة له بيث لتعارض قوله بقول أحد ‪ ،‬والذين يعارضون قول‬
‫رسول ال بآراء الرجال وربا يقدمون أراء الرجال على سنة رسول ال ل يعرفوا نب‬
‫ال حق العرفة ‪ ،‬من عرف بأنه رسول يطاع ول يعصى وعب ٌد ل يعبد ونب ل يكذب ‪،‬‬
‫ليكن أن يعارض أقواله وسنته وهديه باقوال الرجال ‪ ،‬وأراء الرجال ويستدل احيانا ف بعض‬
‫الحاديث أنا مالفة للقاعدة من أين القاعدة ؟ هذه الت تالفه أو يالفها هدي رسول ال‬
‫‪ .‬كل ما يسمى بالقواعد والصول إن كانت مأخوذة من كتاب ال وسنة رسوله مثل‬
‫هذه الصول الثلثة فهي مقبولة وكل ما يسمى بالقواعد والصول الت يؤصلها بعض الناس‬
‫ويقعدونا مالفة للكتاب والسنة فهي مردودة وذلك دليل على عدم معرفتهم برسول ال‬
‫حق العرفة ‪ ،‬معرفته العرفة الشخصية ومبته الحبة الذاتية دون الحبة الشرعية الرسالية ل تفيد‬
‫وهذا شئ يعلمه كل مسلم وإل إن بعض الكفار والشركي كانوا يعرفون أمانته وصدقه ‪،‬‬
‫كانوا يعرفون رسول ال ‪ ،‬وكانوا يقدرونه غاية التقدير ولكنهم ل يتبعونه ‪ ،‬ول يبوه مبة‬
‫شرعية فلذلك ل ينفعهم ذلك الوقف كأب طالب كما نعلم ومعرفة النب ليس بالمر الي ث‬
‫مبته شعبة من شعب اليان ‪.‬من معرفة النب أن تبه أكثر ما تب نفسك وأهلك ومالك‬
‫الذي يب لذاته هو ال ليس ال ولكن النب يب ل لنه رسول ال عبد ال الذي اصطفاه‬
‫للرساله العامة ‪ ،‬أما الحبة الذاتية إنا هي ل وحده هذا فرق دقيق يب أن يعلم طلب العلم‬
‫كل من يب دون ال إنا يب ل ولكن ال يب لذاته الذي يب لذاته هو ال وحده ‪ ،‬ومن‬
‫دونه بدأ من رسوله ‪ ‬يب ل لذلك إذا ل تكن مبة الرسول ل كأن كانت للقرابة أو‬
‫كونه عبقري ل تفيد ول تفد تلك الحبة أبا طالب ‪ ،‬ول تفد الستشرقي الذين يقدرونه‬
‫ن ينبغي أن يتفطن‬ ‫ويطالبون ف تقديره لكونه عبقريا ف التاريخ للنه رسول ال وهذا مع ً‬
‫له طلب العلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ومعرفة دين السلم ))‬
‫الشرح ‪ :‬ومعرفة دين السلم ‪ :‬السلم ‪ ‬إن الدين عند ال السلم ‪ ،‬كل ما‬
‫أرسل به رسوله فهو إسلم ‪ ،‬ما جاء به نوح إسلم ‪ ،‬وما جاء به إبراهيم‬
‫إسلم كلما جاءت به الرسل فهو إسلم ‪ ،‬لكن اصبح السلم أخيراً علماً بالغلية‬

‫‪6‬‬
‫على ما جاء به خاتم النبيين وإمام المرسلين محمد لذلك إذا أطلق السلم‬
‫عند الطلق ينصرف إلى ما جاء به محمد ‪ ،‬ولكن عند التحقيق كل ما‬
‫أرسل ال به رسله إلى الناس بداً من نوح إلى إمامهم وخاتمهم محمد كل‬
‫ذلك إسلم ‪ ‬إن الدين عند ال السلم ‪ [ ‬آل عمران ‪ ، ] 19 :‬لذلك يجب معرفة‬
‫هذا الدين الذي جاء به محمد به تعرف الديان الخرى ‪ ،‬به تعرف‬
‫الرسل ‪ ،‬وما جاءت به الرسل ‪ ،‬وتصدق الرسل فدين الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم هو المفتاح لذلك ‪ ،‬والدين السلمي هو ما جاء به الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬أما بعض التقاليد وبعض البدع التي ابتدعها بعض الناس ثم‬
‫يسمون إسلمياً كما نسمع هذه اليام في بعض الدساتير فيقولون التقاليد‬
‫السلمية كالمولد والختمة والذكر والتهليل وغير ذلك أسماء لغير مسمياتها كل‬
‫ذلك من السلم إذا قالوا الذكر من السلم فل يعنون الذكر الشرعي المراد‬
‫بالذكر هناك مجالس يجتمع فيه الناس ويذكرون باللفاظ المفردة ال ل يذكرون‬
‫ال بالتهليل والتكبير والستغفار والذكار الشرعية يبدؤون بال وينتهون بال‬
‫ال ال ال ويسمونها مجالس الذكر ‪ ،‬وهذه المجالس يجب أن تكون من الدين ‪،‬‬
‫ومن ينكر المجالس ينكر الدين ‪ ،‬وهو المراد بالتهليل أيضاً وبالختمة ما يفعل‬
‫من البدع عند ختم القرآن ‪ .‬والتوسل المراد به عندهم هو الستغاثة بالصالحين‬
‫ل إذا‬
‫ودعوة الصالحين والطواف بقبور الصالحين والنذر لهم يسمونه توس ً‬
‫جمعت بعض الناس هذه العناوين ‪ ،‬وقدموها للمجتمع على أن هذا هو السلم‬
‫هذا تضليل وجهل مركب منهم ‪ ،‬وإن كانوا على علم ولكن لينالوا المكانة عند‬
‫الشعوب فهو تضليل وتجهيل وتلبيس للناس لعقيدة السلم ‪ .‬وحقيقة السلم ‪:‬‬
‫هو الستسلم ل والنقياد له بالطاعة والعبادة ‪ ،‬وكل ذلك ل ينفع إل إذا كان‬
‫مأخوذ من مشكاة النبوة ‪ ،‬وأيما عمل ل يؤخذ مما جاء به الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم ودرج عليه الصحابة ل يسمى إسلماً وإن أعلن رسمياً إنه من السلم‬
‫‪.‬‬
‫قوله (( بالدلة ))‬
‫الشرح ‪ :‬معرفة كل ذلك بالدلة ‪ :‬لبد من الدلة ‪ ،‬وكل علم يقدم بدون دليل‬
‫فهو دعوى ‪ ،‬والدعوى لبد لها من بينة ‪ ،‬البينة الدليل ‪ ،‬الدليل هو قال ال قال‬
‫رسول ال وإجماع الصحابة ‪ ،‬ويقول المام رحمه ال ‪ ،‬والدليل على هذه‬
‫المسائل الربع يجب تعلمها على جميع المسلمين ‪ ،‬الدليل على هذه السورة‬
‫القصيرة التي يحفظها تقريباً كل مسلم ‪ .‬بسم ال الرحمن الرحيم ‪  :‬والعصر ‪‬إن‬

‫‪7‬‬
‫النسان لفي خسر ‪ ‬إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق‬
‫وتواصوا بالصبر ‪ ،  ‬هذه المسائل الربع التي سوف تشرح إن شاء ال ‪.‬‬
‫العصر ‪ :‬الواو واو القسم ‪ ،‬والعصر هو المقسم به فال سبحانه وتعالى له‬
‫الحكمة البالغة فيما خلق ‪ ،‬وفيما شرع في أحكامه في قضاءه وقدره حكيم يفعل‬
‫ما يشاء ‪ ،‬ويحكم ما يريد ول يسال عما يفعل يقسم وكثيراً ما يقسم بمخلوقاته ‪،‬‬
‫ومع ذلك أرسل رسوله المين عليه الصلة والسلم وبين لنا أننا نحن العباد ل‬
‫يجوز أن نقسم إل بال ‪ ،‬ولكن ال قد يقسم بمخلوقاته ‪ ،‬وليس للعباد أن يقيسوا‬
‫أنفسهم على رب العالمين فيقسمون ببعض المخلوقات قائلين لن ال يقسم‬
‫بالعصر والليل والضحى ‪ ،‬ونحن لماذا لنقسم ؟ أنت عبد والعبد يقف عند أمر‬
‫سيده فسيدك هو ال أرسل إليك سيد الناس أجمعين محمد فأخبرك أن العبد‬
‫ل يقسم إل بال { من كان حالفًا فليحلف بال أو ليصمت } إذ العبد ممنوع من‬
‫‪ ،‬ل يجوز للناس أن‬ ‫أن يقسم بغير ال ولو كان أشرف المخلوقين محمد‬
‫يقسموا بالرسول ول ببيت ال ‪ ،‬ولبأحد من خلق ال من النبياء والملئكة‬
‫والولياء والصالحين ‪،‬كل ذلك ل يجوز ‪ ،‬ولكن ال يقسم بما يشاء لحكمة‬
‫يعلمها ‪ ،‬أقسم هنا بالعصر يشمل إما عصر النبوة عصر محمد لنه عصر‬
‫ممتاز ‪ ،‬عصرٌ أرسل ال فيه خاتم النبيين بالرساله العامة بينما كان الرسل‬
‫يرسل كل رسول إلى قومه وبلسان قومه رسالة مؤقتة ‪ ،‬ويعلم ال متى تنتهي ‪،‬‬
‫وهم أي قومه ل يعلمون متى تنتهي ‪ ،‬ذلك النسخ تنسخ كل رساله وتنتهي إلى‬
‫حدٍ ولقوم محدودين ولكن الرسالة المحمدية جاءت رسالة عامه وباقيه ما بقية‬
‫الدنيا إذًا هذا العصر عصر النبوة عصر ممتاز أقسم ال به ليبين مكانه هذا‬
‫العصر يشمل هذا العصر صلة العصر لن صلة العصر هي الصلة‬
‫الوسطى على أصح القولين ‪ ،‬الصلة الوسطى تمتاز على الصلوات الخرى إذ‬
‫تجتمع فيها الملئكة الذين ضلوا فينا ‪ ،‬والملئكة الذين ينزلون ليبيتوا فينا وقد‬
‫يحصل هذا المعنى في صلة الصبح لذلك أُختلف في الصلة الوسطى ‪ ،‬هل‬
‫هي صلة الصبح أو صلة العصر ؟ والذي يرجحه كثير من المحققين‬
‫أنهاصلة العصر ‪،‬وبناءاً على ذلك فإن العصر المراد به صلة العصر أو‬
‫والعصر بمعنى الدهر ليشمل جميع العصور ول حكمه في ذلك كله ‪ ،‬أقسم ال‬
‫بالعصر سواءً كان هذا المعنى أو ذاك أو غيرهما ‪ ،‬إن جنس النسان في‬
‫خسارة وفي هلك ‪ ،‬الجنس قد يخرج من هذا الجنس الفراد الذين عصمهم ال‬
‫‪‬إن النسان لفي خسر ‪ ‬إل الذين إتصفوا بهذه الصفات التية ‪ ،‬صفة اليمان ‪،‬‬
‫واليمان يشمل اليمان بال ويجب اليمان به يدخل في قوله تعالى ‪  :‬إل الذين‬

‫‪8‬‬
‫أمنوا ‪ ‬وهذا ضربٌ من ضروب إعجاز القرآن ‪ ،‬لفظ وجيز ‪ ،‬جملة شملت هذه‬
‫المعاني كلها إل الذين أمنوا بال أمنوا بربو بيته وألوهيته وأسماءه وصفاته ‪،‬‬
‫أمنوا بملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ‪ ‬إل الذين أمنوا وعملوا الصالحات ‪‬‬
‫وما هي الصول التي تقدمت ؟ معرفة ال ومعرفة نبيه ومعرفة دين السلم‬
‫( الصول الثلثة ) ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬الثانية ‪ :‬العمل به ))‬
‫الشرح ‪ :‬العلم والعمل به وعملوا الصالحات يشير إلى المسألة الثانية ‪ ،‬إل‬
‫الذين أمنوا شملت المسألة الولى بجميع ما ذكر الشيخ من معرفة ال ومعرفة‬
‫نبيه ومعرفة دين السلم ‪.‬‬
‫والعمل به ‪ ،‬العمل الصالح الخالص ل الموافق لهدي النبي عليه الصلة‬
‫والسلم يشمل باب العبادة ‪ ،‬وباب الحكام والعمال كله ‪ ،‬عمل صالح حتى‬
‫القتصاد والسياسة والخلق داخل في العمل الصالح ‪ ‬إل الذين أمنوا وعملوا‬
‫الصالحات وتواصوا بالحق ‪. ‬‬
‫قوله ‪(( :‬الثالثة ‪ :‬الدعوة إليه ))‬
‫الشرح ‪ :‬الدعوة إلى ال الدعوة إلى السلم ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬الرابعة ‪ :‬الصب على الذى فيه ‪ ،‬والدليل قوله تعال ‪  :‬والعصر ‪ ‬إن النسان لفي‬
‫خ سر ‪ ‬إل الذ ين أمنوا وعملوا ال صالات وتوا صوا بال ق وتوا صوا بال صب ‪. ‬قال المام‬
‫الشافعهي رحهه ال تعال ‪ < :‬لو مها أنزل ال حجهة على خلقهه إل هذه السهورة لكفتههم‬
‫> ))‬
‫الشرح ‪ :‬وتواصوا بالق ‪ ،‬الق ما جاء به الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬والق ل يتعدد ‪،‬‬
‫واحد ‪ ،‬وتواصوا بالق يدعوا بعضهم بعضا إل الق إل العقيدة ‪ ،‬إل تصحيح العقيدة ‪ ،‬إل‬
‫تصهحيح العبادات ‪ ،‬إل تصهحيح العاملت ‪ ،‬إل التقيهد بالشريعهة فه عبادتمه وأحكامههم‬
‫واقتصادهم وسياستهم وجيع أعمالم ‪.‬‬
‫‪ ‬وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ‪ ، ‬وأن يدعون هذه الدعوة العامة الشاملة‬
‫ويحاول أن يتقيد الناس بالدين السلمي الذي جاء به رسول ال عليه الصلة‬
‫والسلم في عقيدتهم في عبادتهم في معاملتهم في سياستهم واقتصادهم وغير‬
‫ذلك ‪ ،‬لبد أن يؤذى ول بد ‪ ،‬ولكن ال لطيف في باب النذاء ‪ ،‬يلطف بعباده إذا‬
‫علم ال من العبد الصلبة والقوة في إيمانه إبتله إبتلءاً عظيماً وسلط عليه‬

‫‪9‬‬
‫أعداءه ليصفه وليرفع درجته ‪ ،‬وإن أعظم الناس بلءاً النبياء ثم المثل‬
‫فالمثل ‪ ،‬وإن علم الدقة الضعف في إيمانه لطف به وخفف عليه المتحان‬
‫والبلء كحالنا كما ترون وانظروا إلى من قبلنا من الدعاة المصلحين بدأً من‬
‫النبياء وأنظروا إلى حالنا ‪ ،‬أولئك ابتلوا ذلك البتلء لن ال علم في إيمانهم‬
‫القوة والصلبة ولفطف بنا ورحمنا وخفف عنا المتحان والبتلء لما يعلم منا‬
‫من الرقة والضعف في إيماننا إنه بعباده لطيف خبير سبحانه ‪  .‬وتواصوا‬
‫بالصبر ‪ ‬تعالوا إلى فهم المام الشافعي رحمه ال لهذه السورة العظيمة ‪ ،‬يقول‬
‫رحمه ال ‪ < :‬لو ما أنزل ال حجة على خلقه إل هذه السورة لكفتهم > ‪ ،‬هذا‬
‫يدل على دقة فهمه رحمه ال وسعة فقه { من يرد ال به خيراً يفقه في‬
‫الدين } ‪ ،‬لكفتهم لن الية شملت أصول الدين وفروع الدين لم تترك شئ‬
‫شملت معرفة ال ومعرفة دينه ومعرفة نبيه شملت كل ذلك ‪ ،‬وشملت‬
‫العمال ‪ ،‬وشملت الدعوة وشملت الصبر في ذلك ‪ ،‬لذلك الية لم تترك شيئاً إذا‬
‫وفق ال العبد إلى فهمها كما فمها المام الشافعي وغيره ‪ ،‬كما فهما هذا المام‬
‫الذي استنتج منها هذه المعاني من السورة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وقال البخاري رحه ال ‪ ( :‬باب العلم فبل القول والعمل ) ‪ ،‬الدليل قوله تعال‬
‫‪ ‬فأعلم أنه لإله إل ال واستغفر لذنبك ‪ [ ‬سورة ممد اليه ‪ ، ] 19‬فبدأ بالعلم قبل‬
‫القول والعمل ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال المام البخاري رحه ال ‪ ( :‬باب العلم قبل القول والعمل ) ‪ ،‬والدليل قوله‬
‫تعال ‪  :‬فأعلم أنه لإله إل ال ة الية ‪. ‬وجاء ف التعليق يقول ف صحيح البخاري كما ف‬
‫النسخ الت يأيدينا ( باب العلم قبل العمل لقوله ف قول ال سبحانه وتعال ‪  :‬فأعلم أنه لإله‬
‫إل ال ‪ ‬فبدأ بالعلم ) ‪ ،‬إختلف النسخ إختلف لفظي وإختلف تنوعي ‪ ،‬والعن واحد‬
‫البدء بالعلم قبل القول والعمل هذا دليل على مكانة العلم وأن العابد ل يوز له أن يبدأ‬
‫بالعبادة إل بعد العلم ‪ ،‬وأن الواعظ والعلم والرشد ل يوز له أن يتصدى لذلك قبل العلم أي‬
‫يب أن يدعوا الناس إل ما يعلم وينصح الناس با يعلم ‪ ،‬ويعلم الناس ما يعلم ‪ ،‬وما ل يعلم‬
‫يعتذر بقول ال أعلم ‪ ،‬أما العابد الذي يريد أن يعبد ال على جهل معرضا عن العلم ف زعمه‬
‫ملزما للصفوف الول ومبكرا إل الساجد ومعرضا عن العلم هذا قد استول عليه الشيطان‬
‫وأبعده عن العلم ‪ ،‬يب أن ينصح بعض الذين يتهدون ف العبادة وتنقطعون إل العبادة‬

‫‪10‬‬
‫معرضي عن التعلم وجامدين على ما عندهم ومقدسي لنفسهم والخدوعي الغرورين‬
‫بعبادتم على جهل ‪ ،‬أقول هذا القول ليسمع بعض الصالي العباد الذين هم على جانب‬
‫كبي من الهل ‪ ،‬وربا بعض الزوار وبعض الغرباء عندما يرونم ف الصفوف الول يسبونم‬
‫من طلب العلم ويسألونم أسئلة فيجيبونم على جهل ‪ ،‬يستحي أن يقول ‪ :‬ال أعلم ولكنه‬
‫يفت بهل فيضل ويضل ‪ ،‬فننصح إخواننا العباد أن يصصوا أوقاتا لطلب العلم وأوقاتا للعبادة‬
‫إذا يسر ال أمره فتفرغوا للعبادة وليس هناك ما يشغلهم فليقسموا أوقاتم [ بي] العبادة‬
‫[ وبي ] طلب العلم فليكزوا على طلب العلم فليعلموا أن تعلم العلم الدين عقيد ًة وأحكاما‬
‫وخصوصا ف العبادة من العبادة ‪ ،‬طلب العلم من العبادة ‪ ،‬العبادة أنواع ليست العبادة مرد‬
‫الصلة ‪ ،‬وليست العبادة مرد اتباع النازه وليست العبادة مرد الوصول ال الصف الول‬
‫العبادة انواع نوّع عبادتك ‪ ،‬وأبدأ بالهم ‪ ،‬الهم العلم إطلب العلم والعمل هو الذي يسهل‬
‫لك العبادة ويعلك تتذوق العبادة وتس للعبادة ذوقا ‪ ،‬وإل سوف لن تنفعك عبادتك ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬أعلم رحمك ال ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال ‪ :‬إعلم رحمك ال ‪ ،‬هكذا اسلوب الشيخ‬
‫كأسلوب الولين ‪ ،‬هذا الخطاب يقال موجه إلى كل من تتأتى منه المعرفة‬
‫والعلم ‪ ،‬إعلم يا طالب العلم يامن يتأتى منه العلم والمعرفة إعلم انه يجب على‬
‫كل مسلم ومسلمة تعلم المسائل الثلث ‪ ،‬المسائل موصوفة بالثلث صفة الصفة‬
‫والموصوف كلهما معرفان الثلث لن المفرد مسألة لذلك تذكر وهذا هو‬
‫التعليل السليم إن شاء ال الذي هو الصل قبل أن يقع شئ من التصحيف‬
‫والخطاء المطبعية ‪ ،‬تعلم المسائل الثلث ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلث والعمل‬
‫بهن ‪ ،‬الولى ‪ :‬أن ال خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملً بل أرسل إلينا رسولً ))‬
‫الشرح ‪ :‬الولى ‪ :‬أن ال خلقنا ورزقنا ولم يجعلنا هملً بل أرسل إلينا رسلً‬
‫فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار ‪.‬هذه المسألة تعتبر قاعدة مسائل‬
‫في الواقع بمثابة القواعد ‪ ،‬فيها معرفة توحيد الربوبية توحيد العلم والمعرفة ‪،‬‬
‫معرفة العبد بأن ال هو الذي خلقه وحده وهو الذي رزقه وحده ثم لم يتركه‬
‫كالبهائم البهم تأكل من رزقه فقط بل شرف ال هذا النسان هذا الحيوان‬
‫الممتاز بأن أرسل إليه رسولً هذا الرسول من بني جنسه لم يكن ملكاً أو جنياً‬
‫لئل يستوحش منه ‪ ،‬بل بشر ولكن بش ٌر اصطفاه ال واختاره ورباه تربية‬

‫‪11‬‬
‫خاصة وأدبه فأحسن تأديبه وهياءه لهذه الرسالة العظيمة العامة فأرسل إلينا‬
‫رسولً هذا الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬جاء هذا الرسول ليدعوا الناس إلى‬
‫ال هذه وظيفته بشيراً ونذيراً ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فمن أطاعه دخل الجنة ))‬
‫الشرح ‪ :‬فمن أطاعه دخل الجنة ‪ ،‬إما من أول وهلة بدون عذاب أو عقاب‬
‫كالسبعين الذين تعرفونهم أو دخل الجنة بعد أن استوجب النار دخل الجنة‬
‫أو تساوت حسناته وسيئاته فأمر به إلى النار فيشفع فيه‬ ‫بشفاعة رسول ال‬
‫الرسول فيدخل الجنة هؤلء دخلوا الجنة قبل دخول النار او قد يدخلوا النار‬
‫ولكن نار تطهير ومآله إلى الجنة بشفاعة النبي أو شفاعة الشافعين الخرين‬
‫أو بمحظ رحمة ال أرحم الراحمين ‪ ،‬ولكن مآله إلى الجنة هذا من أطاع النبي‬
‫إنما يتفاوتون هذا التفاوت على حسب طاعتهم لرسول ال وبحسب‬
‫محبتهم للرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬لن الناس تتفاوت في محبة ال ومحبة‬
‫رسول ال وفي طاعة ال وطاعة رسول ال ووكلٌ من أولياء ال‬
‫ولكنهم درجات لن المؤمن وليٌ والولياء درجات يظهر لكم من هذا أن من‬
‫أطاع الرسول يختلفون في صفة طاعتهم وفي مبلغ طاعتهم لذلك يختلفون‬
‫في دخول الجنة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ومن عصاه دخل النار والدليل قوله تعالى ‪  :‬إنا أرسلنا إليكم رسولً‬
‫شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولً ‪ ‬فعصى فرعون الرسول فأخذناه‬
‫أخذًا وبيلً ‪ [ ‬المزمل ‪15‬ـ ‪)) ] 16‬‬
‫الشرح ‪ :‬ومن عصاه دخل النار إما خالدًا مخلداً كأن كان عصيانه بالكفر‬
‫والشرك الكبر والنفاق العتقادي أو دخل النار نار تطهير كأن كان عصيانه‬
‫بما دون الكفر والشرك كما تقدم ‪ ،‬والدليل على هذه المسأله العظيمة والقاعدة‬
‫التي سمعناها قوله تعالى ‪  :‬إنا أرسلنا إليكم رسولً شاهداً عليكم ( وهو النبي‬
‫) كما أرسلنا إلى فرعون رسولً ‪ ‬فعصى فرعون الرسول ‪ ‬هذا الرسول‬
‫المعرف هو الرسول السابق ولكن النكرة المكررة من قبل والنكرة إذا تكررت‬
‫الثانية غير الولى ‪ ‬إنا أرسلنا إليكم رسولً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون‬
‫رسولً ‪ ، ‬هذا الرسول غير الرسول الول ‪ ،‬الرسول الول هو رسول ال‬
‫محمد والثاني موسى عليه السلم ‪ .‬فعصى فرعون الرسول ‪ ‬الرسول الثالث‬
‫هو عين الرسول الثاني لنه جاء معرف أي الرسول المعهود الذي أرسل إلى‬
‫فرعون السابق الذكر ‪ ‬فأخذناه أخذاً وبيلً ‪ ‬أخذنا فرعون لما عصى الرسول‬

‫‪12‬‬
‫اخذاً وبيلً كذلك أنتم إن عصيتم الرسول عليه الصلة والسلم تؤخذون‬
‫وتعذبون على إختلفٍ في التعذيب في الدنيا وفي الخرة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬الثانية ‪ :‬أن ال ليرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لملك مقرب‬
‫ولنبي مرسل ‪ ،‬الدليل قوله تعالى ‪  :‬وأن المساجدل فل تدعوا مع ال أحداً ‪‬‬
‫[ الجن ‪)) ] 18 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬المسألة الثانية ‪ :‬أن ال ليرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لملك‬
‫مقرب ول نبي مرسل ‪ ،‬إذا كان ال ل يرضى أن يكون شريكه في العبادة‬
‫ليرضى لن يدعى جبرائيل‬ ‫ملك ‪ ،‬جبرائيل مثلً وأشرف الخلق محمد‬
‫ويستغاث بجبرائيل ويذبح تقربًا إلى جبرائيل وكذلك محمد فما بال غيرهما‬
‫بمعنى باب الشراك لفرق بين أن يشرك به إنساناً صالحًا أو طالحًا ملكًا أو‬
‫نبيًا ‪ ،‬جنياً أو أنسياً أو شيطانًا أو حجراً أو شجرًا المعنى واحد لفرق بين هذه‬
‫الشركيات ‪ ،‬لن العبادة حق محظ ل تعالى ليستحقها أحد هذه من المعاني‬
‫التي تغيرت كثيراً وجددها بعض المجددين ‪ ،‬جهل كثير من الناس ول يزالون‬
‫يجهلون في بعض القطار التفريق بين حق ال سبحانه وتعالى وحق رسوله‬
‫وحقوق الصالحين ‪ ،‬يخلطون ليعرفون ما هو حق ال على العباد وما هو‬
‫الواجب بالنسبة للرسول على المؤمنين ؟ وما هو الواجب على المؤمنين‬
‫نحو صالحي عباد ال المؤمنين ؟ ‪ ،‬هذه المعاني التي تغيرت والتي يجب على‬
‫طلب العلم اليوم أن يقوموا بدور التجديد والصلح حيثما كانوا ودعوتنا اليوم‬
‫في الغالب الكثير دعوة تصحيح ‪ ،‬تصحيح هذه الخطاء ‪ ،‬تصحيح العقيدة ‪،‬‬
‫وتصحيح العبادة ‪ ،‬وليس معنى قولنا إذا قلنا ندعو إلى ال أن غيرنا من الناس‬
‫غير مسلمين وأننا ندخلهم إلى السلم من جديد ل‪ ،‬هذا تصور خاطئ ‪،‬‬
‫مسلمون ولكن مسلمون دخلت عليهم بعض الخطاء في عقيدتهم وفي عبادتهم‬
‫وفي أحكامهم وفي معاملتهم واقتصادهم وسياستهم هذا هو الواقع ‪ ،‬وإن كان‬
‫ليمنع هذا أن يقوم الدعاة بدعوة التأسيس في غير المسلمين الذين وفدوا على‬
‫هذه البلد بأسم العمال وهم كثير في كثير من المناطق يعيشون بين المسلمين‬
‫ومما يظهر أنهم ربما فهم بعضهم بحياتهم بين المسلمين بعض محاسن السلم‬
‫لذلك نراهم يعتنقون السلم كثيراً هذه الدعوة دعوة تأسيسية ‪ ،‬والدعوة الولى‬
‫دعوة تصحيحية وعلينا أن نعمل في المجالين ‪ ،‬والدليل على المسألة الثانية‬
‫قوله تعالى ‪  :‬وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحداً ‪ [ ‬الجن ‪ ، ] 16 :‬لفظة‬
‫أحداً نكرة واقعة في سياق النهي أو النفي المعنى واحد ‪ ،‬النكرة إن وقعت في‬
‫سياق النفي أو سياق النهي أو سياق الستفهام النكاري تفيد العموم فل تدعو‬

‫‪13‬‬
‫مع ال أحدًا كائناً من كان ول تستغيث بأحد غير ال كائناً من كان بملك أو نبي‬
‫صالح هؤلء عباد ال كلهم يرجون رحمه ال فل يستغلث بهم ول يدعون ول‬
‫يذبح لهم ول ينذر لهم ‪ ،‬ولكنهم يحبون في ال فالصالحون نحبهم في ال من‬
‫النبياء ومن بعدهم نتقرب إلى ال بمحبتهم ومحبتهم عمل صالح ويتقرب به‬
‫العبد إلى ال ‪ ،‬محبتهم شئ ودعوتهم والستغاثة بهم والذبح لهم شئ آخر‬
‫مغاير تماماً ‪ ،‬حبهم في ال طاعة وحبهم مع ال شرك فرق بين الحب في ال‬
‫وبين الحب مع ال ‪0‬اذااحببت الصالحين في ال لجل ال لكونهم صالحين ما‬
‫أحببته إل لكونه صالحا تقيا ملتزما متمسكاً فهذا عمل صالح تتقرب به إلى ال‬
‫ولكن إن غلوت فيه غلوًا وأحببته على ال وتعامله معاملة الخالق ثم تستغيث به‬
‫وتدعوه وتجهر باسمه كما تقول يا ال تقول يافلن هذا هو الحب مع ال من‬
‫أكبر الشرك ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬الثالثة‪:‬أن من أطاع الرسول ووحد ال ليجوز له موالة من حاد‬
‫ال ورسوله ولو كان أقرب قريب‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬لتجد قوماً يؤمنون‬
‫بال واليوم الخر يوآدون من حاد ال ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم‬
‫أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اليمان وأيدهم بروح منه‬
‫ويدخلهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها رضي ال عنهم ورضوا‬
‫[المجادلة‬ ‫عنه أولئك حزب ال آل إن حزب ال هم المفلحون‪ ‬‬
‫‪)) ] 22 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬القاعدة الثالثة ‪ :‬أنه من أطاع الرسول ووحد ال ليجوز له موالة‬
‫من حاد ال ورسوله وإن أدعى أنه موحد وأنه مطيع للرسول عليه الصلة‬
‫والسلم إن صحت هذه الدعوة سوف تمنعه من أن يحب من كان عدواً ل ومن‬
‫يشاقق ال ويخالف ال ويخالف الرسول ولو كان أقرب قريب لو كان والده‬
‫أو ولده إن كان صادقاً في دعوى اليمان بال وبرسوله عليه الصلة والسلم‬
‫ورأى أقرب قريب محاداً ومشاقاً ل ولرسوله عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ويخالف‬
‫رسول ال ‪ ،‬ودين ال معاندًا كافراً يجب أن يقاتله ويقتله كما حصل ذلك‬
‫لجماعة من الصحابة ‪ .‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬لتجد قوماً يؤمنون بال واليوم‬
‫الخر يوآدون من حاد ال ورسوله …‪ ..‬الية ‪ ‬من هذه النقطه يجب أن‬
‫نتريث ونفهم الحقائق لكي ل يتعجل بعض الشباب ‪ .‬الكفار قسمان ‪ :‬قسم يقال‬
‫له الكافر الحربي ‪ :‬والذي العلقة بيننا وبينهم الحرب ‪ ،‬وليس بيننا وبينهم أي‬
‫علقة ‪ .‬عداوة وحرب هؤلء يجب قتالهم ‪ ،‬ول تجوز موالتهم بل لتجوز‬
‫مجاملتهم ومداراتهم لنه كافر حربي وإلى ذلك تشير الية الكريمة ‪ :‬ياأيها‬

‫‪14‬‬
‫الذين أمنوا لتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم‬
‫منكم فإنه منهم ‪ ‬هؤلء الكفار الحربيون ‪ .‬وهناك كافر غير حربي ذمي ‪ ،‬الكافر‬
‫الذمي ليجوز قتله ويجامل ويدارى ول يداهن ويعامل في المعاملة الدنيوية‬
‫نبيع منه ونشتري ‪ ،‬نقرضه ونستقرض منه نعامله هذه المعاملة ونشتري منهم‬
‫السلحة ونبيع لهم ما لدينا من السلع طالما أنهم غير محاربين لنا إذا كانوا‬
‫ذميين وفي حكم الذمي المستأمن ‪ .‬ومن بيننا وبينهم الهدنة في أيام الهدنة‬
‫يعاملون هذه المعاملة ‪ ،‬ولكن الذي يجب أن يفهمه الطلب فرق بين المعاملة‬
‫وبين الموالة ‪ ،‬فالمولة هي المحبة القلبية ليجوز لك أن تحب الكافر كائناً من‬
‫كان تحرم مودتهم ومحبتهم ونصرتهم ولكن إذا كان غير حربي لتحرم‬
‫معاملتهم ومداراتهم ومجاملتهم وإذا كنا نحس أن بعض الكفار في حكم‬
‫الحربيين ليس بحربيين فعلً ولكنه في حكم الحربي لنه ظهير للكافر الحربي‬
‫الذي بيننا وبينه الحرب ظهيراً له ومعيناً له إن كنا قادرين على محاربته‬
‫حاربناه وإل نأخذ بالستعداد ‪ ‬وأعدوا لهم ‪ ‬أما كوننا أن ندخل معهم في الحرب‬
‫ونحن غير معدين وغير مستعدين للقتال معهم هذه ليست بشجاعة هذا تهور‬
‫لبد من الستعداد من قبل ‪ ،‬قبل الحرب معهم ‪ ،‬وهذا موقف المسلمين اليوم مع‬
‫الدول الكبرى كما يسمون وهم إما حربيون أو في حكم الحربيين ‪ ،‬ولكن‬
‫المسلمين عاجزون من مقاومتهم ومن محاربتهم ولنهم لم يعدوا أنفسهم بعد ‪،‬‬
‫فعلى المسلمين أن يعدوا أنفسهم لمصانع حربية كمصانعهم حتى يكونوا قوةً‬
‫قادرة على حربهم ‪ ،‬وأما أن نقف عند مصانع الكبريت ومصانع المكرونه ‪ ،‬ما‬
‫عندنا ليس بعاجزين مادياً ول من حيث الرجال ولكن يسمى عجزنا عجز‬
‫القادرين على التمام‬
‫     كعجز القادرين على التمام‬ ‫ولم أرى في الخلق عيباً‬
‫هذا هو عجزنا قبل أن نعد أنفسنا فلنقف عند حدنا وإل يستبيحون بيضتنا ‪،‬‬
‫ولكن نعد أنفسنا إعداداً من جديد ‪ .‬الشاهد ‪ :‬يجب أن نفرق بين موقفنا بين‬
‫الكافر الحربي وبين الذمي ‪ ،‬والذمي غير موجود اليوم ‪ ،‬وبين المستأمن‬
‫والمعاهد وصاحب الهدنة ‪،‬هؤلء كلهم يعاملون معاملة خاصة ‪ ،‬ولكن كلهم‬
‫على حدٍ سواء لتجوز موادة ومحبة وموالة الكفار ‪ ،‬ولو كان أحد الوالدين أو‬
‫كليهما لذلك علمنّا ربنا سبحانه وتعالى كيف نعامل الوالدين الكافرين ‪ ،‬قال‬
‫تعالى ‪  :‬وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فل تطعهما‬
‫وصاحبهما في الدنيا معروفاً ‪ ‬إذا كان ليطاعان إذا دعا الولد إلى الشرك وإلى‬

‫‪15‬‬
‫الكفر وإلى معصية ال ورسوله ‪ ،‬ولكن ليمنع ذلك مصاحبتهما بالمعروف‬
‫ومصانعتهما والحسان إليهما ومن برهما لعل ذلك يكون سبباً لدخول السلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬أعلم أرشدك ال لطاعته ))‬
‫الشرح ‪ :‬أعلم أرشدك ال ‪ .‬أعلم يا طالب يا من يتأتى منه العلم ‪ ،‬أعلم أرشدك‬
‫ال لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم ‪ ( ،‬ملة إبراهيم ) إما بدل أو عطف بيان من‬
‫الحنيفية كأنك تقول أن الحنيفية يعني ملة إبراهيم أو هي ملة إبراهيم ‪ ،‬أن تعبد‬
‫ال وحده مخلصاً له الدين ‪ ،‬هذه ملة إبراهيم ‪ ،‬وملة من جاء بعده من الرسل‬
‫من أولده لنه أبو النبياء ‪ .‬وبذلك أمر ال جميع الناس ‪ ،‬والية التي يستدل‬
‫بها المؤلف على هذا الحكم قوله تعالى ‪  :‬وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون ‪‬‬
‫لبد من التوفيق بين المدلول والمدلول عليه ‪ ،‬المدلول عليه هو هذا الحكم ‪،‬‬
‫أمر ال جميع الناس بينما الية تدل أن ال خلق الجن والنس جميعاً لعبادته‪ .‬إذاً‬
‫كان الولى أن تكون العبارة هكذا ‪ ( :‬وبذلك أمر ال الجن والنس وخلقهم‬
‫لها ) ليتفق الدليل والمدلول عليه كما قال تعالى ‪  :‬وما خلقت الجن والنس إل‬
‫ليعبدون ‪ ‬خلق ال الثقلين لعبادته ليوحدوه وليعرفوه وحده وفسر معنى يعبدون‬
‫يوحدون ‪ ،‬وهذا معنى من المعاني ‪ ،‬وعند أهل العلم عدة تفاسير ليعبدون‬
‫ليعرفون ليخلصوا إلى العبادة ‪ ،‬ولكن كلمة يوحدون أشمل ‪ ،‬ولذلك لعل المؤلف‬
‫أختار هذا التفسير ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬أن الحنيفية ملة إبراهيم ‪ :‬أن تعبد ال وحده مخلصاً له الدين ‪،‬‬
‫وبذلك أمر ال جميع الناس وخلقهم لها كما قال ال تعالى ‪  :‬وما خلقت الجن‬
‫والنس إل ليعبدوه‪ [ ‬الذاريات ‪ ، ] 56 :‬ومعنى يعبدون يوحدون ‪ ،‬وأعظم ما‬
‫أمر ال به التوحيد ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال وأعظم ما أمر ال به التوحيد ‪ ،‬ال سبحانه وتعالى أمر بأوامر‬
‫كثيرة ‪ ،‬وأعظمها إفراد ال سبحانه تعالى بالعبادة وفسر التوحيد بإفراد ال‬
‫سبحانه وتعالى بالعبادة وزد على ذلك إثبات ما أثبت ال لنفسه من الصفات وما‬
‫أثبت له رسوله وتنزيه ال عن النقائص والعيوب ومشابهة المخلوقات كل‬
‫ذلك مما جاء به رسول ال وأشتمل عليه الكتاب والسنة ‪ ،‬وأما توحيد‬
‫الربوبية كما سيأتي ‪ ،‬إنما يذكر يستدل به على توحيد العبادة أي إن توحيد‬
‫الربوبية يستلزم توحيد العبادة لذلك يذكر من باب الستدلل به على توحيد‬
‫العبادة ‪ ،‬وتوحيد العبادة يتضمن توحيد الربوبية ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وهو إفراد ال بالعبادة ‪ ،‬وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو ‪ :‬دعوة‬
‫غيره معه ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬اعبدوا ال ول تشركوا به شيئاً ‪ [ ‬سورة‬
‫النساء ] ))‬
‫الشرح ‪ :‬وأعظم ما نهى عنه الشرك ‪ ،‬وهو دعوة غيره معه ‪.‬‬
‫س ‪ /‬هل الشرك دعوة غيرة معه أو أعم من الدعوة ؟‬
‫جـ ‪ /‬الشرك أعم من الدعوة والدعاء نوع معين من أنواع العبادة إذًا لو قال‬
‫وعبادة غيره معه لكان أولى وأشمل ليشمل الدعاء وغير الدعاء كالذبح والنذر‬
‫وغير ذلك بدليل الية التي يستدل بها وهي قوله تعالى ‪  :‬واعبدوا ال ول‬
‫تشركوا به شيئاً ‪ ‬في عبادته في الدعاء والستغاثة والذبح والنذر والتوكل‬
‫والرهبة والرغبة وغير ذلك من أنواع العبادة هذا تفصيل جزئي ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فإذا قيل لك ما الصول الثلثة التي يجب على النسان معرفتها‬
‫؟ ))‬
‫الشرح ‪ :‬ثم أراد الشيخ أن يفصل كل ما تقدم فقال ‪ :‬فإذا قيل لك ما الصول‬
‫الثلثة ؟ الصول جمع أصل ‪ ،‬والصل ما يبنى عليه غيره فجميع واجبات‬
‫الدين تنبني على هذه الصول الثلثة من صلة وزكاة وصيام وحج وغير ذلك‬
‫‪ ،‬كل تنبنى وترجع إلى هذه الصول الثلثة ‪.‬فإذا قيل لك ما الصول الثلثة‬
‫التي يجب على النسان معرفتها والتي سبق تفصيلها ‪.‬‬
‫))‬ ‫قوله ‪ (( :‬فقل معرفة العبد ربه ونبيه محمد‬
‫الشرح ‪ :‬فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد فقد سبق تفصيلها راجع ما‬
‫تقدم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فإذا قيل لك من ربك ؟ فقل ربي ال الذي رباني وربى جميع‬
‫العالمين بنعمته ))‬
‫الشرح ‪ :‬فإذا قيل لك من ربك ؟ فقل ربي ال الذي أعبده هو ربي لنه ل‬
‫يستحق العبادة إل الرب أي إل الخالق المربي ربي ال الذي رباني وربى‬
‫جميع العالمين بنعمته وبذلك استحق العبادة ‪ ،‬أما الذي ل يخلق ول يرزق ول‬
‫يربي ل يستحق العبادة ‪ ،‬عبادته ظلم ‪ .‬ربى جميع العالمين بنعمته ‪ :‬النعمة إذا‬
‫أضيفت تشمل ‪  ،‬وإن تعدوا نعمة ال ‪ ، ‬أي بنعم ال ربى جميع العالمين بنعمه‬
‫التي لتعد ول تحصى نعمة اليجاد ‪ ،‬نعمة الهداية ‪ ،‬نعمة السلم ‪ ،‬نعمة‬
‫اليمان ‪ ،‬نعمة المن والمان وغير ذلك ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وهو معبودي ليس لي معبود سواه ‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪ :‬الحمد ل‬
‫رب العالمين ‪ [‬الفاتحة ‪)) [ 2 :‬‬

‫‪17‬‬
‫الشرح ‪ :‬وهو معبودي ليس لي معبود سواه ‪ :‬النسب هنا أن تكون فاء‬
‫الفصيحة فهو إذاً معبودي ‪ ،‬إذا كان هو الذي خلقني ورباني وربى جميع‬
‫العالمين بنعمه فهو معبودي ليس لي معبود سواه ‪ ،‬فهو وحده معبودي ‪،‬‬
‫تعريف جزئي السناد يدل على الحصر فهو المبتدأ معرفة ‪ ،‬معبودي الخبر‬
‫معرفة لنه أضيف إلى ياء المتكلم فهو معبودي ‪ ،‬فهو وحده معبودي ‪ ،‬ل أعبد‬
‫إل إياه ‪ ،‬ولذلك فسر الجملة الثانية ‪ ،‬تعتبر جملة تفسيرية ليس لي معبودٌ سواه ‪،‬‬
‫ومن عبد غير الرب الخالق المربي للعالمين بنعمه فقد ظلم لنه وضع العبادة‬
‫في غير موضعها ‪ ،‬والظلم وضع الشئ في غير موضعه ‪ ،‬ما الدليل على كل‬
‫ذلك قوله تعالى ‪  :‬الحمد ل رب العالمين ‪ ‬خالق العالمين مربي العالمين ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وكل ما سوى ال عالم وأنا واحد من ذلك العالم ))‬
‫الشرح ‪ :‬ما هو العالم ؟ العالم كل ما سوى ال ‪ ،‬وأنا واحد من ذلك العالم فال‬
‫سبحانه وتعالى هو الذي يستحق العبادة وحده لنه هو المنعم المتفضل على‬
‫العالم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته ومخلوقاته ومن آياته الليل‬
‫والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقاته السماوات السبع والرضون السبع‬
‫ومن فيهن ومابينهما ‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪:‬ومن آياته الليل والنهار والشمس‬
‫والقمر  لتيسجدوا للشمس ول للقمر واسجدوا ل الذي خلقهن إن كنتم‬
‫إياه تعبدون‪ [‬فصلت ‪)) ] 37 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ ما الدليل وما هي العلمات وما هي‬
‫اليات التي عرفت بها ربك لن ال سبحانه وتعالى احتجب في هذه الدنيا‬
‫ليرى { فإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا } إذاً اليمان بال تعالى من اليمان‬
‫بالغيب لنه غائب عن نظرك ‪ ،‬إن كان شاهداً معك ل يغيب عنك بعلمه وسمعه‬
‫وبصره فهو معك ‪ ،‬وهذه معية خاصة أو معية معنوية غير حسية لكنه حساً‬
‫فهو غائب عنك ‪ ،‬لذلك فاليمان بال من اليمان بالغيب يحتاج علمة وأدلة‬
‫تدل على وجود ال تعالى ما هي ؟ فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته‬
‫ومخلوقاته ‪ ،‬بآياته ومخلوقاته عطف خاص على العام ‪ ،‬واليات تشمل اليات‬
‫المخلوقة واليات المتلوة ‪ ،‬والمخلوقات أخص ‪ ،‬فمن آياته الليل والنهار‬
‫والشمس والقمر ‪ ،‬هذه آيات مخلوقة وعلمات وجود الرب سبحانه وتعالى ‪،‬‬
‫وقدرته وإرادته وعلمه وعزته وسمعه وبصره ‪ ( ،‬ومن مخلوقاته السماوات‬
‫السبع والرضون السبع ) ‪ ،‬هذه مخلوقات وفي الوقت نفسها آيات لفرق بين‬
‫هذه اليات والتي قبلها ومن فيهن وما بينهما ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫والدليل قوله تعالى ‪  :‬ومن آياته الليل والنهار ‪ ، ‬ومن آياته الدالة عليه الليل‬
‫والنهار ‪‬الشمس والقمر ‪  ‬ل تسجدوا للشمس ول للقمر ‪ ‬لنهن من المخلوقات ‪‬‬
‫واسجدوا ل الذي خلقهن ‪ ، ‬هو الذي يستحق السجود ‪ ‬إن كنتم إياه تعبدون ‪‬‬
‫وقوله تعالى ‪  :‬إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم‬
‫استوى على العرش يغشي الليل النهار …‪ ..‬الية ‪ ، ‬هذه الية أول آية من‬
‫اليات السبع التي تدل على استواء ال على عرشه أول اليات التي تدل على‬
‫استواء ال هي هذه الية في سورة العراف ‪ ،‬والثانية في سورة يونس ‪،‬‬
‫والثالثة في الرعد ‪ ،‬والرابعة طـه ‪ ،‬والخامسة الفرقان ‪ ،‬والسادسة سورة‬
‫السجدة ‪ ،‬والسابعة سورة الحديد ‪ ،‬اليات السبع في هذه السور السبع هي التي‬
‫تدل على استواء ال تعالى استواءً يليق به على عرشه ‪ ،‬وأما الدلة الخرى‬
‫الكثيرة التي تدل على علو ال تعالى فهي أيضاً دليل آخر على هذا الستواء‬
‫لن الستواء علو خاص بالعرش ‪ ،‬وطلب العلم يفرقون بين العلو‬
‫والستواء ‪ ،‬الستواء صفة فعلية لذلك تجددت ‪ ،‬أما العلو فصفة ذاتية ثابتة‬
‫دائمة ثبوت الرب سبحانه وتعالى لتفارقه أي ل يزال ال في علوه دائماً وأبداً‬
‫حتى نزوله إلى سماء الدنيا في آخر كل ليلة ‪ ،‬وحتى في وقت مجيئه يوم‬
‫القيامة لفصل القضاء فهو ل يزال في علوه ‪.‬العلو صفة ذاتية ثابتة قديمة قدم‬
‫الذات ‪ ،‬وأما الستواء فصفة فعل ‪ ،‬الستواء علو خاص بالعرش ‪ ،‬وأما العلو‬
‫فهو علو ال تعالى على جميع مخلوقاته وأنه بائنٌ من خلقه بذاته ليس في ذاته‬
‫شئ من مخلوقاته ‪ ،‬ول في مخلوقاته شئ من ذاته لهذا يعرف الرب سبحانه‬
‫وتعالى ويميز من جميع المخلوقات ‪ ،‬وأما القائلون بأن ال في كل شئ وفي كل‬
‫مكان لم يعرفوا ربهم بعد ‪ ،‬فليتعلموا من جديد فليطلبوه في علوه وليدعوه في‬
‫علوه وليجهروا بأسمه في علوه ويخافوه من فوقه بذلك يعرفون ربهم وفوق‬
‫ذلك فهم مضطربون غير عارفين بربهم‬
‫‪ ‬أل له الخلق والمر ‪ ‬الخلق له هو الخالق وحده ‪ ،‬والمر له هو المر وحده ‪‬‬
‫تبارك ال رب العالمين ‪. ‬‬
‫قوله ‪(( :‬وقوله تعالى ‪ :‬إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة‬
‫أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر‬
‫والنجوم مسخرات بأمره أل له الخلق والمر تبارك ال رب العالمين ‪‬‬
‫[ العراف ‪ ] 54 :‬والرب هو المعبود ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ياأيها الناس‬
‫اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ‪ ‬الذي جعل لكم الرض‬

‫‪19‬‬
‫فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم‬
‫فل تجعلوا ل أنداداً وأنتم تعلمون ‪ [ ‬البقرة ‪ 21 :‬ـ ‪)) ] 22‬‬
‫الشرح ‪ :‬الرب هو المعبود ليس معنى هذا تفسير الربوبية بالعبودية ‪ ،‬بل يريد‬
‫أن يقول الشيخ والرب هو المستحق للعبادة لكونه رباً خالقاً ـ أي يريد أن يستدل‬
‫بالربوبية على الولوهية كما تقدم في اليات ـ ‪ ،‬وإل الرب بمعنى الخالق‬
‫المربي والمعبود الله بمعنى المعبود ‪ ،‬نفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد‬
‫العبادة ‪ ،‬نستدل دائماً بتوحيد الربوبية على توحيد العبادة ‪ ،‬وهذا ما أراده الشيخ‬
‫رحمه ال ‪ .‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ‪ ، ‬هذا‬
‫هو وجه الستدلل اعبدوا لنه هو الذي خلقكم ‪ ،‬أما الذي ل يخلق ول يرزق‬
‫فل يستحق العبادة ‪ .‬اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ‪‬‬
‫الذي جعل لكم الرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به‬
‫من الثمرات رزقاً لكم فل تجعلوا ل أنداداً وأنتم تعلمون ‪ ‬إذا كان المر كذلك‬
‫ل تجعلوا ل أنداداً ‪ ،‬إذا كان هو الذي فعل ذلك وأنفرد بهذه الفعال بأفعاله هكذا‬
‫الذي تقدم ذكرها إذاً لتجعلوا له أنداداً تحبونهم كحب ال وتعبدونهم كما‬
‫تعبدون الرب الخالق تعبدون مخلوقاً مثلكم وهو لم يخلق ولم يرزق بل هو‬
‫نفسه خُلق وبحاج ٍة إلى من يرزقه إلى ربه سبحانه ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬قال أبن كثير رحمه ال << الخالق لهذه الشياء المستحق للعبادة‬
‫>> ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال ابن كثير رحمه ال تعالى ‪ :‬الخالق لهذه الشياء هو المستحق‬
‫للعبادة يقرر ماقلنا ‪ ،‬هذا اسلوب القران وهوالستدالل بتوحيد الربوبيه على‬
‫توحيد العبادة‬
‫قوله ‪ (( :‬أنواع العبادة التي أمر ال بها مثل السلم واليمان والحسان ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال الشيخ رحمه ال وأنواع العبادة التي أمر ال بها أنواع مبتدأ وخبر‬
‫محذوف تقديره كثيراً ‪ ،‬ثم قال مثل السلم بإمكانك أن تجعل مثل السلم‬
‫واليمان والحسان …‪ .‬الخ ‪ ،‬هو الخبر ولكن فيه ركة في المعنى ‪ ،‬والمعنى‬
‫الواضح هو أن تقرر الخبر واليجاز بحذف الخبار اسلوب عربي معروف ‪،‬‬
‫وأنواع العبادة التي أمر ال بها كثيرة ‪ ،‬مثل السلم وهو الستسلم أي‬
‫العمال الظاهرة ‪ ،‬ومثل اليمان إذا ذكر السلم واليمان معًا ‪ ،‬كما هنا وكما‬
‫في حديث جبرائيل يفسر السلم بأعمال والجوارح واليمان بأعمال القلوب ‪،‬‬
‫أعمال الجوارح من العبادة ‪ ،‬من صلة وزكاة وغير ذلك وأعمال القلوب من‬
‫خشية ومحبة ورضى ومراقبة ‪ ،‬كل ذلك من العمال القلبية التي هي من شعب‬

‫‪20‬‬
‫اليمان ‪ ،‬والحسان أدق من اليمان وأخص ‪ ،‬السلم أشمل ثم اليمان ثم‬
‫الحسان ‪ ،‬وسيأتي الكلم على كل مرتبة عند ذكر مراتب الدين السلمي‬
‫الحنيف ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ومنه الدعاء ))‬
‫الشرح ‪ :‬ومنه ضمير يعود على العبادة ‪ ،‬والصحيح والصواب أن يقال ومنها‬
‫أي ومن أنواع العبادة وهذا من تصحيح اللفاظ ‪ ،‬يقولون المعاني تحت المباني‬
‫‪ ،‬ول بد من تصحيح المباني وعندما نصحح اللفاظ ليس معنى ذلك تعقيباً على‬
‫الشيخ لن الكتاب طبع عدة مرات والخطاء المطبعية واردة ‪ ،‬وخصوصاً في‬
‫هذا الوقت ‪ ،‬ومنها أي ومن العبادات الكثيرة الدعاء والخوف والرجاء والتوكل‬
‫والرغبة والرهبة ……‪ ..‬الخ ‪ ،‬الدعاء الدليل على ذلك { الدعاء هو‬
‫العبادة } ‪ { ،‬والدعاء مخ العبادة } ‪ ،‬والشيخ سوف يستدل بالدعاء مخ‬
‫العبادة ‪ ،‬وأصح منه الدعاء هو العبادة ‪ ،‬ولكن المعنى واحد ‪ ،‬والدعاء مخ‬
‫العبادة كما ذكر أهل العلم أنه ضعيف السناد‪ ،‬ولكنه صحيح من حيث المعنى‬
‫لن الحديث الثاني يشهد له والمعنى سليم ‪ ،‬والدعاء مخ العبادة ‪ ،‬والدعاء هو‬
‫العبادة ولفظه هو العبادة ‪ ،‬قد تكون أقوى لنه تعريف جرئئ السناد وتعريف‬
‫جرئي السناد عند أهل البلغة يفيد الحصر والقصر أي الدعاء وحده هو‬
‫العبادة ‪ ،‬لن الدعاء يدخل فيه دعاء طلب ودعاء مسألة كل العبادات الصلة‬
‫دعاء والزكاة دعاء والحج دعاء والصيام دعاء ‪ ،‬هذا دعاء عبادة ‪ ،‬وهنا دعاء‬
‫طلب مثل اللهم أغفر لي وارحمني كل ذلك داخل في قوله دعاء ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والخوف ))‬
‫الشرح ‪ :‬والخوف ينقسم إلى قسمين ‪ :‬خوف عبادة وخوف طبيعي ‪ ،‬خوفك من‬
‫السد وخوفك من العدو وتهرب منه خوف طبيعي ‪ ،‬وقد تخرج من بلدك خوفاً‬
‫من جبار أو عدو هذا الخوف خوف طبيعي ‪ ،‬وليس خوف عبادة ‪ ،‬ول يؤثر ‪،‬‬
‫وإنما خوف العبادة كخوف المريد والدرويش ومن الشيخ ‪ ،‬شيخ طريقته يخاف‬
‫منه من سره يخشى أن يطلع الشيخ على ما في ظميره فيضره في إيمانه وفي‬
‫نفسه وفي أهله وماله وربما يخاف من الشيخ أن يسلب إيمانه أي الدراويش ‪،‬‬
‫والمريدين يؤمنون بمشايخهم أشد من إيمانهم بال رب العالمين ويخافون من‬
‫شيوخهم أشد من خوفهم من ال يفعلون ما يشاؤن مما يسخط ال ول يبالون‬
‫اعتمادا على سعة رحمة ال يقولون ال أرحم الراحمين يغفر ولكن الشيخ أبداً‬
‫ل يرحم إذا اطلع على ما في ضميرك أبداً ل يرحمك ‪ .‬أين اليمان أين السلم‬
‫مع هذا العتقاد ؟ ‪ ،‬وهذا الذي تقوله ليس من أساطير الولين ‪ ،‬في كثير من‬

‫‪21‬‬
‫ئ رأسه على‬ ‫القطار يجلس المريد أمام الشيخ جلسة الكلب أمام سيده مطأط ً‬
‫الرض خائفاً يكاد أن يضع يده على قلبه ‪ ،‬ليحافظ على ما في صدره لعل ل‬
‫يصدر بقلبه خاطر ليرضي الشيخ فيهلك هذا خوف العبادة الذي هو الشرك‬
‫الكبر من بلغ به الخوف من الشيء إلى هذه الدرجة فهو مشرك شركًا أكبر‬
‫[ وإن ] صلى و صام ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والرجاء ))‬
‫الشرح ‪ :‬والرجاء ‪ .‬موقفهم من الرجاء كموقفهم في الخوف تماماً ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والتوكل ))‬
‫الشرح ‪ :‬والتوكل وهو العتماد على ال ‪ ،‬والرجاء أن يرجو النسان من ال‬
‫مال يقدر عليه غيره يرجوه ويسأله ويطلب منه طلبات ويتوكل عليه ويعتمد‬
‫عليه اعتمادًا كلياً ‪ ،‬ولنقسم التوكل كما قسمنا الخوف ‪ ،‬ل يجوز التوكل بغير‬
‫ال إطلقاً ‪ ،‬التوكل والحسب خاص بال تعالى ‪ ،‬ولكن التوكل ل يمنع‬
‫باستعمال السباب ‪ ،‬مزاولة السباب المباحة بل العبد مأمور بمزاولة السباب‬
‫المشروعة كالتغرب لطلب العلم والزواج لطلب الولد ‪ ،‬وان يعمل في التجارة‬
‫والزراعة لطلب الرزق ‪ ،‬ولكن ل يعتمد على هذه السباب يعتمد على ال‬
‫سبحانه وتعالى في نجاح هذه السباب ‪ ،‬وأما ترك السباب والتمني على ال‬
‫أن ال يرزقه ولداً صالحاً وهو ل يتزوج ويتعلم يجلس في بيته ليل نهار‬
‫فيخرج على الناس أعلم أهل بلده هذه عبودية كاذبة مخالفة لسنة ال في خلقه‬
‫لبد أن يعمل السباب ويتوكل على ال سبحانه وتعالى بنجاح تلك السباب ول‬
‫يجوز العتماد على تلك السباب ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والرغبة والرهبة ))‬
‫الشرح ‪ :‬والرغبة والرهبة ‪ ،‬الرغبة في الخير ‪ ،‬والرهبة في الشر ‪ ،‬ل ترغب‬
‫إل بال ول ترهب إل من ال ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والخشوع والخشية والنابة ))‬
‫الشرح ‪ :‬الخشوع والخشية متقاربان ‪ ،‬والنابة والتوبة والرجوع إلى ال كل‬
‫ذلك خاص بال تعالى الذي يخشى ويخشع له ويخضع له ويتذلل له هو ال‬
‫وحده ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والستعانة ))‬
‫الشرح ‪ :‬الستعانة ‪ .‬وقد تنقسم الستعانة إلى جائز وغير جائز ‪ ،‬كطلب‬
‫الستعانة بغيرك فيما يقدر عليه كأن تطلب من غيرك رفع المتاع على سيارتك‬

‫‪22‬‬
‫جائز لنك طلبت فيما يقدر عليه ‪ ،‬ولكن إذا طلبت منه مال يقدر عليه إل ال‬
‫فهذا هو الشرك ‪ ،‬والستعاذة كذلك ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والستغاثة ))‬
‫الشرح ‪ :‬والستغاثة كذلك تطلب من إنسان ليحميك لتدخل البيت وتستغيث‬
‫برجال الطفاء ( السعاف ) فيما يقدرون عليه جائز ‪ ،‬لكن تستغيث بال فيما ل‬
‫يقدر عليه إل ال ‪ ،‬وأما تستغيث بغير ال فيما ل يقدر عليه إل ال تلتجئ إلى‬
‫غير ال فيما ل يقدر عليه إل ال هنا الشرك ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والذبح ))‬
‫الشرح ‪ :‬والذبح ‪ .‬الذبح نوعان ‪ :‬ذبح عادة وذبح عبادة ‪ ،‬ذبح العادة كذبحك شاةً‬
‫لتأكل لحماً أو تكرم ضيفك ليس هذا هو المراد ‪ ،‬إنما الذبح الذي تذبحه تقرباً‬
‫كالضحية والهدايا والعقيقية ‪ ،‬لو صرفت شيئاً من ذلك كما يفعله جهال‬
‫الحجاج فيما بلغنا من جهال الحجاج عندما يرجع من الحج بالسلمة بدل أن‬
‫يشكر ال ويطعم عباد ال يأخذ الكبش فيهرول إلى قبر الشيخ ويذبحه هناك ‪،‬‬
‫وكأن الشيخ في هذه الرحلة هو الذي حفظه وهو الذي رده بالسلمة إلى بلده ما‬
‫قيمة هذا الحج ؟!! ل قيمة له لنه لم يؤمن بعد ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والنذر ))‬
‫الشرح ‪ :‬النذر ‪ .‬جعل النذر في الحوال عوام المسلمين أصحاب البساتين‬
‫يجعل في النخل نخلة يخصصها للشيخ ‪ ،‬هذه النخلة هي التي تحفظ النخل كله‬
‫ويجعل في الحوش ثورًا يحفظ الحوش كله ببركة الشيخ ‪ ،‬إذا كان الحوش‬
‫وكذلك الحوال الخرى ليس فيها نذر للشيخ يخاف على المال من الضياع ‪،‬‬
‫هؤلء يحتاجون إلى مراجعة اليمان ويحتاجون تصحيح عقيدتهم ‪ ،‬وهذا ما‬
‫يجب على طلب العلم اليوم أن يصححوا هذه العقائد المدخولة فيها كثيرٌ من‬
‫الخطاء ‪ ،‬أخطاء منتشرة بعقائد عوام المسلمين في أكثر القطار السلمية‬
‫يعيشون على هذه العقيدة إذ هم بحاجة إلى تصحيح عقائدهم ‪ ،‬وقبل أن تصحح‬
‫عليهم عقائدهم ‪ ،‬وقبل أن تقوم عليهم الحجة ببيان الحق نرجو أن يعذرون‬
‫لنهم يجهلون أن هذه النواع من العبادة ويحسبون أن هذا العمل من محبة‬
‫الصالحين ومن عنوان التوسل بالصالحين ‪ .‬إذاً لم يتبين لهم الحق وإنما يحكم‬
‫على النسان بالكفر دون تردد بالنسبة لمن تبين له الحق ‪ ‬ومن يشاقق الرسول‬
‫من بعد ما تبين له الهدى ‪ ‬هؤلء هم الذين يحكم عليهم بالكفر أما الذين لم‬
‫يخالفوا ال ورسوله بعد أن تبين لهم الهدى وبعد ما تبين لهم الحق ولكن ظناً‬
‫منهم أنهم على الحق وأنهم على الهدى ولم يجدوا طلب علمٍ وعلماء يبينوا لهم‬

‫‪23‬‬
‫ذلك نرجو أن يعذروا ولكن في مثل هذه النفتاحات العامة إذا علموا وسمعوا‬
‫بواسطة المذياع ووسائل أخرى عليهم أن يبحثوا ويجتهدوا ليخرجوا من هذه‬
‫الجاهلية إلى السلم الصحيح ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وغير ذلك من أنواع العبادات التي أمر ال بها كلها ل تعالى الذليل‬
‫قوله تعالى ‪  :‬وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا ‪ [ ‬الجن ‪)) ] 18 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر ال بها كلها ل تعالى والدليل‬
‫‪) )2‬‬
‫قوله تعالى ‪  :‬وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحداً ‪‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فمن صرف منها شيئاً لغير ال فهو مشرك كافر ))‬
‫الشرح ‪ :‬فمن صرف منها شيئاً لغير ال فهو مشرك كافر ‪ .‬على التفصيل الذي‬
‫تقدم بعد أن نفصل ما فيه التفصيل وبعد أن تأكد بأن الحجة قامت عليهم وبأنهم‬
‫شاقوا ال ورسوله من بعد ما تبين لهم الحق وقبل ذلك لبد من التريث في‬
‫مسألة التكفير كما تقدم ‪.‬‬
‫وعند هذه الجملة لبد من الوقوف والتفصيل فمن صرف شيئاً لغير ال تعالى‬
‫فهو مشرك كافر الصل أن من صرف هذه النواع أو أي نوع من هذه النواع‬
‫لغير ال تعالى فهو مشرك شركاً أكبر وكافر خارج من الملة وهذا هو الصل ‪.‬‬
‫ولكن هل كل من صرف نوع من هذه النواع لغير ال تعالى وكل من فعل‬
‫كفراً يكفر ؟ وكل من ارتكب شركاً فهو مشرك أو لبد من التفصيل قد يقول‬
‫المرء كفراً ول يكفر وغيره يكفر وقد يفعل فعلً كفريا يكفر أحدهم والخر ل‬
‫يكفر ‪ ،‬أحوال الناس تختلف وضروف الناس تختلف ومفاهيمهم وكل ذلك لبد‬
‫من ملحظتها وهذا الطلق على الصل هكذا ولكن إذا راجعنا أحوال الناس‬
‫واختلفهم في الفهم وعدم الفهم والضروف التي يعيشون فيها والبيئة التي‬
‫نشاؤا فيها تجد الناس بينهم اختلفا شديد ‪.‬‬
‫ولشيخ السلم بن تيميه رحمه ال تفصيل طويل في مثل هذا المقام فيمن يأتي‬
‫بالمكفرات حيث يكفر بعضهم وبعضهم ل يكفر فنحن نعيش بين أناس نعرف‬
‫عقائدهم وموقفهم من السلم لذلك لبد من التفصيل ومن لم يتبين له الهدى‬
‫وظن أن ما هو عليه هو السلم الذي جاء به رسول ال وحالت بينه وبين‬
‫الفهم الصحيح شبة وجهل وإشكال على كلم المشائخ والمنتسبين إلى العلم‬
‫الذين ل يفرقون بين الشرك وبين التوحيد نشأوا في تلك البيئة وظنوا أن ما هم‬
‫عليه هو السلم ويسمعون من بعض المشائخ من يقول إن الذبح لغير ال‬

‫( ‪ ) 2‬سوره الجن ‪18 :‬‬

‫‪24‬‬
‫والنذر للصالحين والطواف بأضرحتهم ودعائهم والستغاثة بهم كل ذلك من‬
‫محبة الصالحين ول يضر التوحيد وليس بشرك ‪ ،‬وظنوا أن هذا هو الحق ‪،‬‬
‫أمثال هؤلء لبد أن يعذرون حتى ينتقلوا من تلك البيئة ويفهموا عقيدة دين‬
‫السلم الفهم الصحيح ومرجع من يفصل هذا التفصيل يستدل بآيتين من سورة‬
‫البقرة ‪ ‬ل يكلف ال نفساً إل وسعها ‪ ‬وقوله تعالى ‪  :‬ربنا ل تأخذنا إن نسينا أو‬
‫أخطأنا ‪‬وفي آية في سورة النساء ‪ ‬ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له‬
‫الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ‪‬‬
‫أما من لم يتبين له الهدى ولم يتعمد مشاقة ال ورسوله عليه الصلة والسلم بل‬
‫ظن أن ما يفعله هو الهدى وهو الحق الذي جاء به الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم لبد من بيان الحق له أولً [ دعوته ] ومحاولة [ إصلحه ] فإذا تبين‬
‫له ونفسر بعد ذلك بما هو عليه وتقاليده يحكم عليه بأنه كافر كفراً بواحاً‬
‫ومشركاً شركاً أكبر لبد من هذا التفصيل كما نفهم ذلك من واقع الناس لنك‬
‫لو وعضت هؤلء الذين يشركون بال هذا الشرك الكبر وذكرتهم بال وذكرت‬
‫لهم الجنة والنار وأسمعتهم نصوص الوعد والوعيد لوجدهم يتأثرون تأثرًا بالغاً‬
‫بمعنى لم يصب قلوبهم شئ من الخراب ‪ ،‬خراب القلب هو الكفر طالما يوجد‬
‫في قلب المرء خشية وخوف من ال والرجاء فيما عند ال ولكنه أخطأ الطريق‬
‫الموصلة إلى ال وجعل يتخبط هنا وهناك وهو يعتقد أنه يسير إلى ال سيراً‬
‫صحيحاً مثل هؤلء يعذرون حتى يتبين لهم الهدى لبد من هذا التفصيل ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ومن يدع مع ال إلهاً آخر ل برهان له به‬
‫لبرهان له به ))‬
‫الشرح ‪ :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ومن يدع مع ال إلهًا آخر لبرهان له به ‪ ..‬الية‬
‫‪ ‬لفظة إلهاً تطلق على المعبود بالحق وعلى المعبود بالباطل ولكن لفظ الجللة (‬
‫ال ) لتطلق إل على المعبود بالحق خالق السماوات والرض أما لفظة إله كل‬
‫ما عبد ومن عبد من دون ال من شجر وحجر وأنسي وشمس وقمر وضريح‬
‫وقبر يطلق عليهم لغة أنه إله أي مألوه ‪ ،‬المعبود الذي عبده الناس سواء كان‬
‫بالحق أو بالباطل لذلك اشتملت كلمة التوحيد على الكفر واليمان لإله إل ال‬
‫‪ ،.‬ل إله كفر بما يعبد من دون ال ‪ ،‬إل ال اثبات العبادة للخالق الحق ‪ ،‬أي‬
‫تشتمل كلمة التوحيد على النفي والثبات وعلى الكفر واليمان ول بد من ذلك ‪.‬‬
‫لبد من الجمع بين الكفر واليمان والنفي والثبات وإل لو قلت ال ربي‬
‫وعبدته ‪ ،‬ومع ذلك تعبد غيره ولم تنفي عبادة غيره لبالنفي ول بالفعل ما‬
‫ينفعك توحيدك لو عبد إنسان طول حياته ال رب العالمين ولكن يعبد معه غيره‬

‫‪25‬‬
‫ولم يكفر بعبادة غيره ما تنفعه تلك العبادة إنما تنفعك عبادة ال إذا كفرت بعبادة‬
‫غيره ‪ ، .‬قال تعالى ‪  :‬ومن يدع مع ال إلهاً آخر ‪ ..‬الية ‪ ‬لحظ أنه قال مع ال‬
‫ومن يدع من دون ال وذلك أبلغ وإذا دعوت مع ال غير ال ما نفعتك العبادة‬
‫وإذا دعوت غير ال من دون ال فمن باب أولى ثم قال تعالى ‪  :‬لبرهان له به ‪‬‬
‫هذه الجملة حالية ‪ ،‬والحال في المعنى وصف وهي صفة كاشفة ومعنى الصفة‬
‫الكاشفة لمفهوم لها أي ليوجد إله يعبد من دون ال وللعابد حجة ‪ ،‬والمراد‬
‫بالبرهان الحجة والدليل‪ .‬ولفظة برهان وحجة وسلطان بمعنى الدليل ‪ .‬من يعبد‬
‫مع ال غير ال لدليل له قطعاً ولذلك تسمى صفة كاشفة لمفهوم لها ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬فإنما حسابه عند ربه ))‬
‫الشرح ‪  :‬فإنما حسابه عند ربه ‪ ‬لم يقل ولم يعلل نوع هذا الحساب وبهذا البهام‬
‫وعيد شدي ٌد في اسلوب القرآن إذا أراد تعظيم العذاب وتهويل العذاب يبهم‪،‬‬
‫والبهام نوع من تعظيم العذاب وتهويل العذاب وحسابه عند ال هو الذي يعلم‬
‫كيف يحاسبهم لنه يعلم قلبه كما يعلم ظاهره بترك أمره إلى ال كأنك قلت أمره‬
‫إلى ال وهو الذي يحاسبهم بما يستحقون ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬إنه ليفلح الكافرون ))‬
‫الشرح ‪  :‬إنه ليفلح الكافرون ‪ ‬دليل على أن من عبد غير ال مع ال فهو كافر‬
‫سواءاً كان الكفر كفراً أكبر أو أصغر ‪ ،‬وربما كان الكفر كفراً أكبر أو كفراً‬
‫أصغر إن كان معذوراً كما مر في التفصيل السابق يكون كفره كفرٌ دون كفر ‪،‬‬
‫وإن كان غير معذور وقامت عليه الحجة وتبين له الحق والهدى فخالف فكفره‬
‫كفرًا بواح ناقل من الملة ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وفي الحديث { الدعاء مخ العبادة } ))‬
‫الشرح ‪ :‬وفي الحديث { الدعاء مخ العبادة } وفي الحديث الخر { الدعاء هو‬
‫العبادة } معناهما واحد ‪ ،‬مخ الشيء خالصه ‪ ،‬الدعاء لن العبد إذا دعا ال لجأ‬
‫إليه واعترف بفقره وغنى ربه من هنا يكون الدعاء خالص العبادة ومخ العبادة‬
‫وهو العبادة وحده ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين‬
‫يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ‪ [ ‬غافر ‪)) ] 60 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬وقوله تعالى ‪  :‬وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون‬
‫عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ‪  ‬إن الذين يستكبرون عن عبادتي ‪ ‬سمى‬
‫الدعاء عبادة أي إن الذين يستكبرون عن الدعاء إما تكبراً أو إعراضاً‬

‫‪26‬‬
‫سيدخلون جهنم داخرين صاغرين كما تكبروا ولم يخضعوا ل تعالى وحده‬
‫واشركوا معه غيره ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل الخوف قوله تعالى ‪  :‬فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ‪‬‬
‫[ آل عمران ‪)) ] 175 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الخوف قوله تعالى ‪  :‬فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ‪‬‬
‫ط وجواب ‪ ‬إن كنتم مؤمنين ‪ ‬هذا شرط ‪ ،‬والجواب إما متقدم أو محذوف‬ ‫شر ٌ‬
‫يدل عليه المتقدم ‪ ،‬وخافون ‪ ‬هو الجواب للشرط عند من يجيزون تقديم الجواب‬
‫على الشرط وهم البصريون وبعض الكوفيين وعند غيرهم ‪ ،‬الجواب محذوف‬
‫يدل عليه ما قبله إن كنتم مؤمنين فخافون ‪ ،‬والمعنى واحد لبد من أخذ الية‬
‫بمنطو قها ومفهومها ‪ ،‬المنطوق إن كنتم مؤمنين خافونِ ‪ ،‬والمفهوم من لم‬
‫يخف ال ويفرده بالخوف منه ليس بمؤمن ‪ ،‬وقد سبق أن فصلنا الكلم في‬
‫الخوف ‪ ،‬وهذا الخوف خوف عبادة كخوف السر ‪ ،‬أما الخوف الطبيعي كأن‬
‫يخاف النسان عدوه الذي هو أقوى منه ويخاف من النار ويخاف من السد‬
‫وهذا الخوف خوف طبيعي ل خوف عبادة ‪ ،‬الخوف الذي هو يعتبر شركًا إذا‬
‫صرف لغير ال تعالى كأن تخاف من مخلوق خوف السر أي ل تخاف من‬
‫ضربه وبطشه ‪ ،‬ولكن تخاف من أن يؤثر عليك بسره بكرامته كما يسمون‬
‫وهذا هو الشرك الكبر وهذا المعنى يقع فيه كثير من عوام المسلمين الذين‬
‫يتربون في أحضان المتصوفة الذين يربون الناس على العراض عن ال‬
‫والخوف من عباد ال ويجعلون أنفسهم وسطاء بين العباد وبين رب العباد‬
‫ويحثونهم أن يخافوا من المشايخ ويرجونهم ويتملقوا لهم وليس عليهم شئ بعد‬
‫ذلك هم أهل الجنة طالما يخلصون الخوف والرجاء والرغبة للشيخ فهو من‬
‫أهل الجنة يدعوه إلى الكفر ثم يعده بالجنة تناقضات عجيبة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل الرجاء قوله تعالى ‪  :‬فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملً‬
‫صالحاً ول يشرك بعبادة ربه أحداً ‪ [ ‬الكهف ‪)) ] 110 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الرجاء قوله تعالى ‪  :‬فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملً‬
‫صالحاً ول يشرك بعبادة ربه أحداً ‪ ‬كأن يرجو غير ال مع ال كما تقدم في‬
‫الكلم السابق ‪ ‬فمن كان يرجوا لقاء ربه ‪ ‬بعد الموت بعد البعث من يرجو لقاء‬
‫ل صالحاً ‪ ‬العمل الصالح العمل الموافق‬
‫ربه ‪ ،‬ويؤمن بلقاء ربه ‪ ‬فليعمل عم ً‬
‫للسنة إذا كان صالحاً وكان خالصًا نفعك ‪ .‬الصالح العمل المقيد بالسنة الخالص‬
‫ما أردت به وجه ال لذلك قال ‪  :‬ول يشرك بعبادة ربه ‪ ‬بما في ذلك الرجاء ‪ ‬ل‬

‫‪27‬‬
‫يشرك بعبادة ربه أحداً ‪ ‬لن ال هو الذي بيده كل شئ فليخلص الرجاء ل‬
‫سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل التوكل قوله تعالى ‪  :‬وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ‪‬‬
‫[ المائدة ‪ ] 23 :‬وقال تعالى ‪  :‬ومن يتوكل على ال فهو حسبه ‪ [ ‬التحريم ‪:‬‬
‫] ))‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل التوكل قوله تعالى ‪  :‬وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ‪ ‬هنا في‬
‫جواب الشرط يقال ما تقدم أي جواب الشرط إما متقدم أو محذوف ‪ ‬فتوكلوا‬
‫إن كنتم مؤمنين ‪ ‬لك أن تقول إن كنتم مؤمنين فتوكلوا على أن جواب الشرط‬
‫محذوف دل عليه ما تقدم أو فتوكلوا المتقدم هذا هو جواب الشرط والمعنى‬
‫واحد ‪ ،‬التوكل على ال هو العتماد القلبي ‪ ،‬التوكل عمل قلبي ل يكون التوكل‬
‫إل على ال ل يجوز العتماد في هدايتك في صلحك وصلح ذريتك وصلح‬
‫شؤونك ‪ ،‬ل يجوز العتماد إل على ال مطلقاً والعتماد على بعض السباب‬
‫بالقلب نوع من الشرك مزاولة العمال ومباشرتها مشروع ‪ ،‬ولكن العتماد‬
‫على تلك السباب من الشرك ‪ ،‬العتماد على ال وحده ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى ‪  :‬إنهم كانوا‬
‫يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغب ًا ورهباً وكانوا لنا خاشعين ‪ [ ‬النبياء ‪:‬‬
‫‪)) ]90‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى وهو يصف بعض‬
‫النبياء ‪  :‬إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ‪  ‬وزكريا إذ نادى ربه رب‬
‫لتذرني فرداً وأنت خير الوارثين ‪ ‬فاستجبنا له ووهبنا له يحيى أصلحنا له‬
‫زوجة إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا‬
‫خاشعين ‪  ‬من صفات النبياء والصالحين أنهم يدعون ال رغبة ورهبة ‪ ‬كانوا‬
‫يدعوننا رغباً ورهبًا وكانوا لنا خاشعين ‪ ، ‬وكانوا لنا خاشعين بأسلوب الحصر‬
‫وأين الحصر ؟ تقديم المعمول على العامل يفيد الحصر أين العامل ؟ وأين‬
‫المعمول ؟ في الذي تقدم حيث في قوله ‪  :‬وكانوا لنا خاشعين ‪ ‬حصر وقصر‬
‫لتقدم المعمول على العامل ‪ ،‬والعامل هو الفعال والمشتقات من الفعال هي‬
‫التي تعمل والمعمول الفاعل معمول والمفعول به معمول والظرف معمول‬
‫والجار والمجرور معمول ‪ ،‬والمعمول في الية المتقدم هو الجار والمجرور‬
‫[ لنا ] ‪ ،‬لنا معمول لخاشعين ‪ ،‬وخاشعين هو العامل والتقدير كانوا خاشعين‬
‫لنا ‪ ،‬ولو عبر بهذا التعبير في غير القرآن مثلً وقلنا وكانوا خاشعين لنا ل يفيد‬

‫‪28‬‬
‫المعنى الذي يفيد عند التركيب كانوا خاشعين لنا ل يمنع أن يكونوا خاشعين‬
‫لغيرنا ولكن إذا قال وكانوا لنا أي لنا وحدنا خاشعين ل يخشون لغيرنا ‪ ،‬هكذا‬
‫يفيد تقديم المعمول على العامل أي تقديم الجار والمجرور [ لنا ] على‬
‫الخاشعين ‪ ،‬والخاشعين من حيث العراب خبر كان الواو اسمها وخاشعين‬
‫خبرها ‪ ،‬ولكن خاشعين تعمل لن الجار والمجرور متعلق بخاشعين ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل الخشية قوله تعالى ‪  :‬فل تخشوهم واخشون ‪ [ ‬البقرة ‪:‬‬
‫‪)) ]150‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الخشية قوله تعالى ‪ :‬فل تخشوهم واخشوني ‪ ‬في دليل ونهي‬
‫عن خشية غير ال بل تكون الخشية ل ‪ ،‬والخشية بمعنى الخوف وقد تقدم‬
‫التفصيل في الحوف وهو نفس التفصيل في الخشية ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل النابة قوله تعالى ‪  :‬وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له ‪ [ ‬الزمر ‪:‬‬
‫‪)) ] 54‬‬
‫الشرح ‪  :‬وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له ‪ ‬النابة الرجوع والتوبة إلى ال وتسليم‬
‫المر ل كل ذلك ل يكون إل ال ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وفي الحديث ‪ { :‬إذا استعنت فاستعن بال } ))‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الستعانة قوله تعالى ‪  :‬إياك نعبد وإياك نستعين ‪ ‬فرق بين إياك‬
‫نعبد ونعبد إياك ‪ ،‬فرق بين إياك نستعين ونستعين إياك ‪ ،‬تقديم المعمول الذي‬
‫هو إياك في الفعلين يفيد الحصر ‪ ،‬إياك وحدك نعبد ل نعبد غيرك ول نعبد‬
‫أحداً سواك وإياك وحدك نستعين ل نستعين إل بك ‪ ،‬وتقدم التفصيل في‬
‫الستعانة يجوز للنسان أن يستعين بغير ال فيما يقدر عليه ‪ ،‬ذلك الغير كأن‬
‫يطلب منه أن يعينه على رفع متاعه على دابته أو على سيارته أو رفع سوط له‬
‫سقط على الرض كل هذا جائز ‪ ،‬ومثل أن يرفع له القلم وغير ذلك من المور‬
‫المعروفة ‪ .‬وفي الحديث { إذا استعنت فاستعن بال } فيما ل يقدر عليه إل ال‬
‫‪ ،‬وإذا استغثت فاستغث بال ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل الستعاذة قوله تعالى ‪  :‬قل أعوذ برب الناس ‪ [ ‬الناس ‪:‬‬
‫‪)) ] 1‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الستعاذة قوله تعالى ‪  :‬قل أعوذ برب الناس ‪ ، ‬الستعاذة‬
‫بمعنى اللجوء واللتجاء ‪ ،‬قد يلتجأ النسان إلى غير ال فيما يقدر عليه في ذلك‬
‫كأن يلتجأ إلى عظيم من العظماء ليحميه من عدوه ويدخل بلده أو يمر في‬
‫بلده ‪ ،‬ومثل هذا جائز ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل الستغاثة قوله تعالى ‪  :‬إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ‪‬‬
‫[ النفال ‪)) ] 9 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الستغاثة قوله تعالى ‪  :‬إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ‪ ‬وهذا‬
‫واضح ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل الذبح قوله تعالى ‪  :‬قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي‬
‫ل رب العالمين ل شريك له ‪ [ ‬النعام ‪ 162 :‬ـ ‪، ] 163‬ومن السنة ‪ { :‬لعن‬
‫ال من ذبح لغير ال } ))‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الذبح قوله تعالى ‪  :‬قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي ل‬
‫رب العالمين ل شريك له ‪ ‬الشاهد ونسكي ‪ ،‬النسك هو الذبح ويتقرب العبد‬
‫بالنسك ل سبحانه وتعالى كالذبح يوم العيد بذبح الهدي والضحية ‪ ،‬وكذلك‬
‫السنة المشروعة في العقيقية هذه من أنواع الذبائح التي تعتبر عبادة ولو ذبح‬
‫شاة لولده أو لضيوفه ل يعتبر ذلك عبادة أي ليس كل ذبح عبادة إنما الذبح‬
‫الذي يقصد به التقرب ل يكون إل ل ‪.‬‬
‫ما معنى صرف الذبح لغير ال تعالى ؟ وهذا شئ معروف لدا جمهور عوام‬
‫المسلمين إلى يومنا هذا كثير منهم إذا سافر أو رجع من السفر بالسلمة ول‬
‫سيما في سفر الحج بادر بكبشة إلى الشيخ إما يذبحه في بيته باسم الشيخ ومحبة‬
‫للشيح وتقرباً إلى الشيخ أو يأخذه إلى ضريحه فيذبحه عند الضريح مما زاد‬
‫الطين بله ‪ ،‬وهذه الذبائح ل يحل أكلها ولو قال عند قطع الرقبة باسم ال طالما‬
‫تقرب بهذه الذبيحة إلى غير ال التلفظ بالبسملة كلمة جوفاء يقولها عند قطع‬
‫الرقبة بسم ال ل تفيده لنها ل تفيده لنها إنما ذبحت لغير ال فليفهم هذا جيداً ‪،‬‬
‫ومن تقرب بذبيحة من الذبائح سواء ذبحها في بيته أو عند قبر الشيخ طالما أخذ‬
‫ونوى التقرب بهذه الذبيحة إلى غير ال تعالى فهي جيفة ميته‬
‫ومن السنة ‪ { :‬لعن ال من ذبح لغير ال } الذبح لغير ال ل يستشكل إل كثيراً‬
‫في شبابنا الذين نشأوا في السلم ول يعرفون شيئاً من ذلك ‪ ،‬لكن من يصغي‬
‫إلى الخارج وما الذي يجري في كثير من القطار أن أكثر التقرب إلى المشائخ‬
‫بسببه ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل النذر قوله تعالى ‪  :‬يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره‬
‫مستطيراً ‪ [ ‬النسان ‪)) ] 7 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل النذر قوله تعالى ‪  :‬يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره‬
‫مستطيراً ‪ ‬النذر عبادة غريبة بمعنى لم يحث الشارع على النذر بل حث على‬

‫‪30‬‬
‫عدم النذر { إن النذر ليأتي بخير } وإنما شيء يخرج ال به من يد البخيل ‪،‬‬
‫البخيل الذي ل يتصدق يخرج ال من يده بالمرض مثل أن يمرض أو يمرض‬
‫ولده فيقول ‪ :‬إن شفى ال مريضي أو إن رد ال علىّ ظالتي أو نجح ابني في‬
‫الدور الول أذبح ل تعالى كبشاً أطعم الفقراء كان بخيلً ل يجود ‪ ،‬لكي يذبحه‬
‫ويطعم به الفقراء أخرج ال من يده هذا الكبش بهذا النذر إذًا النذر ل يأتي بخير‬
‫ووجه غرابته وندارته ومخالفته لسائر العبادات لم يحث الشارع على النذر‬
‫ولكن أوجب الوفاء من نذر وجب عليه الوفاء { من نذر أن يطيع ال فليطعه }‬
‫‪ ،‬لكن ابتداء ليس محل الحث ‪ ،‬ولكن عند اليفاء واجب ايفاء النذر ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬الصل الثاني ‪ :‬معرفة دين السلم بالدلة وهو ‪ :‬الستسلم ل‬
‫بالتوحيد ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال ‪ :‬الصل الثاني معرفة دين السلم بالدلة وهو‬
‫الستسلم ل بالتوحيد ‪ ،‬والنقياد له بالطاعة ‪ ،‬والخلوص من الشرك ‪ ،‬تعريف‬
‫السلم ‪ :‬هو الستسلم ل تعالى بالتوحيد ‪ ،‬بمعنى إذا ذكر السلم وحده هكذا‬
‫يدخل معه إيمان القلب ‪ ،‬السلم واليمان إذا ذكرا معاً يفرق بينهما في المعنى‬
‫كما في حديث جبرائيل يفسر اليمان بأعمال القلوب ويفسر السلم بأعمال‬
‫الجوارح ‪ ،‬ولكن إذا ذكر السلم وحده دخل معه اليمان ‪ ،‬وإذا ذكر اليمان‬
‫وحده دخل معه السلم ‪ ،‬لذا يقول المام محمد بن عبد الوهاب هنا ‪ :‬السلم‬
‫هو الستسلم ل بالتوحيد أول شيء الستسلم ل بالتوحيد وبالفراد ‪ ،‬إفراد‬
‫ال تعالى بالعبادة يعتبر إسلماً ويعتبر إيماناً ‪ ،‬كما تفرد ال سبحانه وتعالى‬
‫بأفعاله بالخلق والرزق والحياء والماته والعطاء والمنع يجب إفراده سبحانه‬
‫وتعالى بأفعال العباد بالدعاء والستغاثة والنذر وغير ذلك من المور التي تقدم‬
‫ذكرها هذا يسمى إسلماً ويسمى إيماناً ‪ ،‬والنقياد له بالطاعة أشار هنا إلى‬
‫أفعال الجوارح ‪ ،‬الستسلم له بالتوحيد أعمال القلوب لن أصل التوحيد ينبعث‬
‫من اليمان في القلب لذلك العقيدة جانب مهم من اليمان ومن يدعي اليمان‬
‫وهو ل يحقق العقيدة إيمانه دعوى لن العقيدة الجانب المهم من اليمان لن‬
‫اليمان اعتقاد بالقلب وعمل الجوارح ونطق باللسان ‪ ،‬العتقاد بالقلب هو الذي‬
‫يسمى عقيدة وهو اليمان لذلك ليست العقيدة مادة خاصة يدرسها طلب العلم‬
‫المنتسبون إلى الجامعات والمعاهد بل العقيدة علم ليستغنى عنها أي مسلم‬
‫ومسلمة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والنقياد له بالطاعة ))‬

‫‪31‬‬
‫فرسول‬ ‫الشرح ‪ :‬والنقياد له بالطاعة ‪ ،‬طاعة ال تعالى وطاعة الرسول‬
‫ال له الطاعة المطلقة غير المقيدة ‪ ،‬وطاعة غيره من المخلوقين مقيدة كطاعة‬
‫ولة المور وطاعة الوالدين هذه مقيدة ‪ ،‬أما طاعة الرسول طاعة مطلقة ‪‬‬
‫على طاعة ال‬ ‫أطيعوا ال وأطيعوا والرسول ‪ ، ‬عطف طاعة الرسول‬
‫تعالى وأعاد الفعل ‪ ‬وأطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم ‪ ‬وعند‬
‫ذكر أولي المر لم يعد الفعل ‪ ،‬لن طاعتهم تابعة لطاعة ال تعالى وطاعة‬
‫رسوله عليه الصلة والسلم أما إذا أمر الرسول أو نهى ل نبحث أو موجود‬
‫ذلك في الكتاب نطيعه طاعة مطلقة ولو لم يرد المأمور به على لسان الرسول‬
‫عليه الصلة والسلم في القرآن ولو لم يرد المنهي عنه على لسان الرسول‬
‫في القرآن وجبت علينا طاعته هذا هو معنى الطاعة المطلقة وأمثلة ذلك يعرف‬
‫من يدرس الحكام الفقهية لن في الحكام أحكام جاءت في الكتاب وهناك‬
‫أحكام انفردت بها السنة ول فرق بينهما كذلك في باب السماء والصفات ‪،‬‬
‫صفات اتفقت عليها نصوص الكتاب والسنة وصفات جاءت في السنة فقط ولم‬
‫يأتي ذكرها في الكتاب لنتوفق عند تطبيقها على ورودها في الكتاب وهذه‬
‫نقطة مهمة يجب أن يعلمها طلب العلم لل يظنوا أن السنة قد ل تنفرد بل‬
‫السنة قد تنفرد ‪ ،‬السنة تأتي موافقة وتأتي مؤسسة وتأتي مؤكدة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والبراءة من الشرك وأهله ))‬
‫الشرح ‪ :‬الخلوص من الشرك لن التوحيد إذا لم يكن خالصاً ل ل يقبل كذلك‬
‫الطاعة إذا لم تكن خالصة ل لتقبل لن ال أغنى الشركاء كما أخبر عن نفسه‬
‫في الحديث القدسي ‪ { :‬أنا أغنى الشركاء عن الشرك ‪ ،‬من عمل عملً أشرك‬
‫فيه معي غيري تركته وشركه } ‪ ،‬العمال لتقبل إل إذا كانت خالصة ‪،‬‬
‫والتوحيد ل يقبل إل إذا كان خالصاً إذاً الستسلم ل بالتوحيد والنقياد له‬
‫بالطاعة ‪ ،‬والبراءة من الشرك وأهله وأن يكون ذلك خالصاً ل تعالى هذا هو‬
‫السلم وهذا هو اليمان ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وهو ثلث مراتب ‪ :‬السلم ‪ ،‬واليمان ‪ ،‬والحسان ))‬
‫الشرح ‪ :‬ثم قال الشيخ رحمه ال ‪ :‬وهو ثلث مراتب ‪ ،‬وهو الدين الضمير‬
‫يعود على السلم ‪ ،‬وهو أي الدين السلمي الذي جاء به الرسول ثلث‬
‫مراتب ‪ :‬المرتبة الولى ‪ :‬السلم ‪ ،‬والمرتبة الثانية ‪ :‬اليمان ‪ ،‬والمرتبة الثالثة‬
‫‪ :‬الحسان ‪ .‬والسلم أوسع لن السلم هو الستسلم الظاهري قد يدخل فيه‬
‫إسلم المنافقين واليمان أضيق وأخص لن اليمان لبد أن يكون هناك تفريق‬
‫في القلب زيادة على السلم الظاهري ‪ ،‬والحسان أدقهما أي الحسان التقان‬

‫‪32‬‬
‫المحسنون خلص المؤمنون إذا وصل النسان إلى درجة الحسان كان مسلمًا‬
‫مؤمناً إزداد زيادة بزيادة العمال حتى قوي إيمانه وارتقى وقوي ووصل إلى‬
‫درجة من شدة مراقبة ال تعالى أنه يعبد ال كأنه يشاهده تؤثر فيه مراقبة ال‬
‫ومحبة ال وخشية ال إلى درجة أنه يعبده كأنه يراه فيشاهدة إيماناً منه بأنه‬
‫يطلع عليه ال دائماً وأبدًا فال يراه ويسمعه ويعلم منه كل شيء ‪ ،‬الوصول إلى‬
‫هذه الدرجة ليست بالحكاية كما نحكي ‪ ،‬ولكن بالعمل ‪ ،‬وقل من يصلون إلى‬
‫هذه الدرجة ‪ ،‬درجة الحسان ل يصل المرء إلى هذه الدرجة إل بالعلم واليقين‬
‫والصبر لذلك نحث شبابنا الطبيين الذين يرغبون كثيراً في الجهاد ويقولون في‬
‫هذه اليام ما العلم وما العلم ‪ ،‬الجهاد الجهاد ‪ ،‬نصيحتنا لهم هذا غرور وخديعة‬
‫شيطانية أيما فكرة وأيما جماعة وأيما شخص يحثك على ترك العلم والندفاع‬
‫ل صالحًا وليس بصالح لتعرف درجة‬ ‫إلى الجهاد يزين لك ما ظاهره عم ً‬
‫المجاهدين ولتصل إلى درجة المجاهدين ودرجة الحسان والقرب من ال إل‬
‫بالعلم ‪ .‬العلم هو الطريق قد يزين لك بعض الناس الجهاد وتنقطع عن العلم‬
‫فتمر سنة سنتين الجهاد الجهاد ل جاهدت ول تعلمت ‪ ،‬هذا واقع كثيرٌ من‬
‫الشباب تزيين من الشيطان اجتهد في تحصيل العلم وفي بعض الفرص اذهب‬
‫فجاهد تدرب أولً وتعلم ثم جاهد هكذا يفعل كثي ٌر من الشباب المخلصين الذين‬
‫نرجو أن يكونوا مخلصين وهم يجاهدون من وقتٍ لخر في صمت تام ‪ ،‬دون‬
‫جعجعة ‪ ،‬أما اتخاذ الجهاد شعارًا أجوف ـ الجهاد الجهاد ـ هكذا كان يفعل‬
‫بعض الناس ولما اندلعت الحرب في أفغانستان وقام الجهاد انكشفوا تلك ظاهرة‬
‫حقيقية ل يعلمها إل المجربون ‪ ،‬واسألوا المجربين ‪ ،‬ل تتخذوا الجهاد شعاراً‬
‫أجوف الجهاد عمل صالح ذروة سنام السلم ليس معناه ألفاظ جوفاء‬
‫ومظاهرات وإعلنات ل ‪ ،‬جاهد في سبيل ال سرًا اذهب حيث يوجد الجهاد‬
‫فجاهد وأنت صامت ل يعلم ذلك إل ال ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬كل مرتبة لها أركان ))‬
‫الشرح ‪ :‬وكل مرتبة لها أركان ‪ ،‬فأركان السلم خمسة أخذاً من حديث عبد ال‬
‫‪ { :‬بني السلم على‬ ‫بن عمر رضي ال عنهما قال ‪ :‬قال رسول ال‬
‫خمس شهادة أن لإله إل ال ‪ ،‬وأن محمداً رسول ال ‪ ،‬وأقام الصلة وإيتاء‬
‫الزكاة وصوم رمضان وحج بيت ال الحرام } خذ الشيخ من هذا الحديث فقال‬
‫أركان السلم خمس شهادة أن لإله إل ال وأن محمداً رسول ال ‪ ،‬الشهادة‬
‫العلن والنطق باللسان ‪ ،‬وإقام الصلة وإيتاء الزكاة ‪ ،‬وصوم رمضان وحج‬
‫بيت ال الحرام ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫قوله ‪(( :‬فأركان السلم خمسة ‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول‬
‫ال ‪ ،‬وإقام الصلة وإتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ‪،‬فدليل الشهادة‬
‫قوله تعالى ‪  :‬شهد ال أنه لإله إل هو والملئكة وأولوا العلم قائما بالقسط‬
‫لإله إل هو العزيز الحكيم ‪ [‬آل عمران ‪)) ] 18 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬فدليل الشهادة قوله تعالى ‪  :‬شهد ال أنه لإله إل هو والملئكة وألوا‬
‫العلم قائماً بالقسط لإله إل هو العزيز الحكيم ‪ ‬ال سبحانه وتعالى شهد لنفسه‬
‫بالتوحيد ‪ ،‬وشهدت له الملئكة وشهد له المؤمنون ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ومعناه ‪ :‬ل معبود بحق إل ال )) معناها ل معبود بحق إل ال ‪،‬‬
‫وتقدير ل معبود بحق أمر ضروري ومن يقول ل معبود إل ال دون تقدير إما‬
‫بحق أو حق يخطئ ل يفهم معنى ل إله إل ال لن معنى ذلك ينفي وجود‬
‫المعبودات مطلقاً وهذا خلف الواقع ‪ ،‬المعبودون موجودة في كل وقت ‪ ،‬ولكن‬
‫المعبود بحق هو ال وحده هذا معنى أن الشهادة تشتمل على الكفر واليمان ـ‬
‫الكفر بما يعبد وبمن يعبد من دون ال ‪ ،‬واليمان بعبادة ال وحده ل معبود‬
‫بحق إل ال وحده وأما من عبد وما عبد منذ أن عبدت الصنام والوثان إلى‬
‫يوم الناس هذا عبادتهم باطلة وهم في اللغة يطلق عليهم آلهة كلها آلهة ‪،‬‬
‫والعرب كانت تسميهم آلهة والناس اليوم لما جهلوا اللغة [ ل ] يسموهم آله ‪،‬‬
‫يسمونهم مشايخ والصالحين والولياء والضرحة والمقامات أسماءٌ مغيرة فهي‬
‫آله ‪ ،‬كل ما عبد من دون ال ولو حجراً أو شجراً أو شيطانًا أو ولياً ل فرق أي‬
‫ل فرق بين أن يعبد النسان صالحاً أو يعبد شيطاناً أو طالحاً كلها آلهة بالباطل‬
‫ل تستحق العبادة ولو كانوا من الصالحين ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( (( :‬لإله ) نافياً جميع ما يعبد من دون ال ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال الشيخ رحمه ال ‪ ( :‬لإله ) نافياً أي لإله حال كونك نافياً ‪ ،‬نافياً‬
‫حال ‪ ،‬نقول أيها الموحد لإله نافيًا جميع ما يعبد من دون ال من الصالحين‬
‫والطالحين والجمادات والمتحركات كلهم عبادتهم باطلة ‪ ،‬مثبتاً تقول ( إل ال )‬
‫أي تقول إل ال مثبتًا العبادة ل وحده ل شريك له في عبادته وقد تقدم ذكر‬
‫أنواع العبادة بالتفصيل فل داعي للعادة كما أنه ليس له شريك في ملكه هذا‬
‫استدلل من الشيخ أخذاً بطريقة القرآن التي تقدمت الستدلل بتوحيد الربوبية‬
‫على توحيد العبادة ‪.‬‬
‫قوله ‪ ( (( :‬إل ال ) مثبتاً العبادة ل وحده ل شريك له في عبادته كما أنه‬
‫لشريك له في ملكه ))‬

‫‪34‬‬
‫الشرح ‪ :‬قال رحمه ال ‪ :‬ل شريك له في عبادته كما أنه ل شريك له في ملكه‬
‫ل أحد يستطيع أن يقول له [ إنه ] شريك في ملكه ‪ ،‬خلق معه يرزق معه ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى ‪  :‬وإذ قال إبراهيم لبيه‬
‫وقومه أنني برآء مما تعبدون ‪‬إل الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة‬
‫باقية في عقبه لعلهم يرجعون ‪ [ ‬الزخرف ‪ 26 :‬ـ ‪)) ] 28‬‬
‫الشرح ‪ :‬وتفسيرها الذي يوضحها يريد أن يقول الشيخ ‪ :‬هذه الكلمة تفسرها‬
‫آيات قرآنية كثيرة وذكر منها بعضها تفسير لإله إل ال في القرآن آيات قرآنية‬
‫تفسر لإله إل ال ومنها قوله تعالى ‪  :‬وإذ قال إبراهيم لبيه وقومه إنني برآء‬
‫مما تعبدون ‪ ‬إل الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم‬
‫يرجعون ‪  ‬هذه المة هي معنى لإله إل ال حتى في الترتيب ‪ ‬إنني برآء مما‬
‫تعبدون ‪ ‬تقابل لإله ‪  ،‬إل الذي فطرني ‪ ‬تقابل إل ال فقدم البراءة قبل الثبات‬
‫واليمان ‪ ‬فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ‪ ‬وهذه الية‬
‫من عقب إبراهيم عليه السلم لنه أبو النبياء فبقيت الكلمة في جميع النبياء‬
‫وفي آخر المة هذه المة بقيت كلمة لإله إل ال بمعناها ومن اليات التي‬
‫تفسر لإله إل ال ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وقوله تعالى ‪  :‬قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم‬
‫أل نعبد إل ال ول نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون ال‬
‫فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ‪ [ ‬آل عمران ‪)) ] 64 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬قوله تعالى ‪  :‬يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أل‬
‫نعبدوا إل ال ول نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضًا أرباباً من دون ال فإن‬
‫تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ‪ ، ‬أل نعبد إل ال بمعنى لإله إل ال ول‬
‫نشرك به شيئًا أي وحده وهي كلمة لإله إل ال تماماً ‪  .‬أل نعبد إل ال ول‬
‫نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون ال ‪ ‬من أطاع العلماء أو‬
‫المشايخ أو المتبوعين أو حتى مشايخ القبائل من أطاعهم في سوالفهم الجاهلية‬
‫البدوية في التحليل والتحريم فقد اتخذهم أرباباً من دون ال ل تظنون عندما‬
‫نقول الكفر بغير ما أنزل ال كف ٌر أن المراد بأن غير ما أنزل ال القوانين‬
‫المستوردة من الخارج فقط ل ‪ ،‬ولو حكم النسان بالعادات والتقاليد والسواليف‬
‫المحلية في التحليل والتحريم لفرق بين ذلك وبين القوانين المنظمة التي‬
‫تستورد من الخارج من الشرق والغرب طالما صدر الحكم بغير ما أنزل ال‬
‫فهو حكم جاهلي فهو كفر قد يقع أهل البادية في كثير من القطار في التحليل‬

‫‪35‬‬
‫والتحريم بسوالفهم من حيث ل يشعرون ويقعون في الحكم بغير ما أنزل ال‬
‫ل الرث خاص بالرجال وفي بعضهم الرث للولد البكر‬ ‫في بعض القطار مث ً‬
‫فقط هو الذي يرث الب المال كله له وفي بعض القطار تحليل بنت العم وبنت‬
‫الخالة وبنت العمة جائزة ‪ ،‬وهكذا تجد سواليف وعادات تحرم وتحلل ومشايخ‬
‫القبائل هم الذين يحكمون في ذلك على جهل وإعراض عما جاء به الرسول‬
‫كل ذلك حكم بغير ما أنزل ال ومن الطواغيت ‪  .‬ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً‬
‫من دون ال فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ‪. ‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل شهادة أن محمداً رسول ال قوله تعالى ‪  :‬لقد جاءكم رسول‬
‫من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ‪‬‬
‫[ التوبة ‪)) ] 128 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال تعالى ‪ :‬ودليل شهادة أن محمداً رسول ال قوله‬
‫…الية ‪ ،‬رسولٌ من‬ ‫‪‬‬ ‫تعالى ‪  :‬لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم‬
‫أنفسكم يختلف علماء التفسير هل الخطاب للعرب أو لجميع المسلمين ؟‬
‫الجمهور أن الخطاب للعرب لنهم أول من وفد عليهم السلم وهم يعتبرون‬
‫أساتذة لغير المسلمين لغير العرب أي المسلمون من غير العرب تابعون للعرب‬
‫لذلك إذا عز العرب وتمسكوا واهتدوا الناس تبعٌ لهم وإذا انحرفوا الناس تبعٌ‬
‫لهم أيضاً في النحراف وهذا واقع ‪  .‬لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم ‪ ‬من جنسكم‬
‫ليس بملك ول بجني ولو كان كذلك لستوحشتم منه ‪ ،‬ولكن رحمه منه سبحانه‬
‫وتعالى ولقامة الحجة عليكم جعله منكم يتكلم بلغتكم تعرفون من هو وأبن من‬
‫هو ‪ ،‬ومن أي قبيلة ومن أي بلد تعرفون منه كل شيء ‪ ‬عزيزٌ عليه ما عنتم ‪‬‬
‫يعز عليه ما يوقعكم في العنت ‪  ،‬حريصٌ عليكم ‪ ‬حريص على هدايتكم وعلى‬
‫إيمانكم وعلى استقامتكم ‪  ،‬بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ‪ ‬قدم الجار والمجرور‬
‫بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ‪ ،‬وأما بالنسبة لغير المؤمنين فالرسول ‪ ‬والذين‬
‫معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ‪ ‬إنما هو رحمة للمؤمنين ‪ ،‬بالمؤمنين‬
‫رؤوف رحيم بالمؤمنين فقط دون غيرهم نأخذه من تقديم المعمول على العامل‬
‫كما تقدم ‪  .‬بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ‪ ‬وصف نبيه عليه الصلة والسلم بأنه‬
‫رؤوفٌ رحيم ‪ ،‬ال سبحانه وتعالى رؤوفٌ رحيم وكيف ذلك ‪ ،‬وهل المخلوق‬
‫يوصف بصفات الخالق ؟ بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ‪ ،‬بغلم عليم ‪،‬بغلم حليم ‪،‬‬
‫كثيرٌ من الناس يلتبس عليه ذلك فلتعلموا أن الشتراك باللفظ وفي المعنى العام‬
‫ل يضر والمر لبد منه الشتراك باللفظ كالرحمة والرأفة والعلم والسمع‬

‫‪36‬‬
‫والبصر ‪ ،‬والسمع والبصر من أعظم صفات المخلوقين وهي من صفات‬
‫الخالق صفات ذاتية ‪ .‬س ‪ /‬فهل ضر ذلك وهل أوقع ذلك في التشبيه والتمثيل ؟‬
‫جـ ‪ /‬ل ‪ .‬لن سمع ال غير سمع المخلوق أي حقيقة سمع ال غير حقيقة سمع‬
‫المخلوق ‪ ،‬حقيقة بصر الخالق غير حقيقة بصر المخلوق ‪ .‬كذلك حقيقة علم ال‬
‫ورحمته ورأفته وملكه [ وعزته ] وعظمته كثيراً ما يستنكر بعض الناس ‪.‬‬
‫س ‪ /‬لماذا يسمى المخلوق ملك ؟ جـ ‪ /‬ال سبحانه وتعالى هو الذي يعطي الملك‬
‫من يشاء وينزع الملك ممن يشاء الملك أو المالك كالعالم والسميع والبصير هذه‬
‫السماء إطلقها على المخلوق ل يوقع في التشبه وباختصار الشتراك إنما يقع‬
‫قبل أن تضاف الصفات إلى الموصوفين قبل أن تضاف صفات الخالق إلى‬
‫الخالق وصفات المخلوق إلى المخلوق وهذا يسميه علماء الكلم ( المطلق‬
‫الكلي ) ‪ ،‬والمطلق الكلي عندهم لوجود له إل بالذهن أما في الخارج ل يوجد‬
‫كل ما يوجد في الخارج يوجد خاصة هل تتصور علمًا قائماً هكذا ليس علم زيد‬
‫ليس علم خالق ول علم مخلوق ‪ ،‬علمٌ قائم بنفسه لوجود له هذا يسمى‬
‫( المطلق الكلي ) الذي ل وجود له ‪،‬في الخارج إل أن الذهن يتصور ذلك‬
‫العلم لكن إذا أضيف علم ال إلى ال وسمع ال إلى ال وبصر ال إلى ال وعلم‬
‫المخلوق إلى المخلوق وسمعه وبصره ورحمته ل اشتراك لن الضافة‬
‫خصصت ‪ ،‬إذا قلت علم ال علم خاصٌ بال بمواصفاته علم محيطٌ بجميع‬
‫المعلومات علمٌ لم يسبق بجهل ‪ ،‬علمٌ ل يطرأ عليه غفلة أو نسيان علمٌ قديم قدم‬
‫الذات هل علمٌ كهذا ‪ ،‬هل يمكن أن يشترك فيه مخلوق ؟ ل ‪ ،‬إذًا اختص بال‬
‫إذا قلنا علم زيد ‪ ،‬فعلم زيد علم مكتسب مسبوق بجهل قاصر غير محيط بجميع‬
‫المعلومات فال منزه أن يشارك المخلوق في مواصفات وحقائق وخصائص‬
‫علم المخلوق وهذه النقطة مهمة وهي سبب ‘انزلق علماء الكلم لما لم‬
‫يستطيعوا التفريق إل بتصور صفات الحق إل كما يتصور صفات المخلوق إذاً‬
‫فصفات الخالق كصفات المخلوق ومنهم من قالوا إذا أردنا الحق ننفي‬
‫الصفات‪ ،‬نثبت ذاتاً مجردة ليست موصوفة بصفات انزلقوا جميعاً وهدى ال‬
‫أتباع محمد الذين اقتدوا به وبأثره وسنته وبما جاء به ولم يلتمسوا الحق في‬
‫غير كتاب ال ولم يلتمسوا الهدى في غير سنة رسول ال هداهم ال وأثبتهم‬
‫على هذه الجادة ول الحمد والمنة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ومعنى شهادة محمداً رسول ال طاعته فيما أمر ‪ ،‬وتصديقه فيما‬
‫أخبر ))‬

‫‪37‬‬
‫الشرح ‪ :‬ومعنى شهادة أن محمداً رسول ال طاعته فيما أمر وتصديقه فيما‬
‫أخبر ‪ ،‬فيما إما تعتبرها مصدرية أو تعتبرها موصولة ‪ ،‬وتفيد العموم في كل‬
‫ما أمر وكل ما أخبر يجب طاعته ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬واجتناب ما عنه نهى وزجر ‪ ،‬وأن ل يعبد ال إل بما شرع ))‬
‫الشرح ‪ :‬هذه الفقرة الخيرة وهي قوله ‪ :‬واجتناب ما عنه نهى وزجر ‪ ،‬وان ل‬
‫يعبد ال إل بما شرع مهمة جداً ‪ ،‬لن كثيراً من الناس قد يطيع الرسول ول‬
‫يكذبه وقد ينتهي عن كثيرٍ من المنهيات ويتمثل المر لكن عند عبادة ال تعالى‬
‫ل يتقيد بما جاء به النبي [ من هنا ] يقع في البتداع يعبد ال ويتخبط في‬
‫عبادته ل يتقيد بالسنة عبادة ‪ ،‬عبادة ‪ ،‬مثال ذلك تجد بعض الناس يركعون في‬
‫أوقات النهي نوافل مطلقة أو يزيد عدة ركعات بعد أذان الفجر إذا قلت له يا‬
‫أخي ل يشرع إل ركعتي الفجر بعد الذان وفي مثل هذا الوقت الصلة منهيٌ‬
‫عنها يقول ‪ :‬ل ‪ ،‬هذه ل كلها ل والعبادة التي لتقبل إل على الجادة ل يفهم هذا‬
‫ما دام هذه صلة فيها ركوع وسجود وتمشي في أي وقت وكيف جاءت وهذا‬
‫من الجهل ‪،‬وأن ل يعبد ال إل بما شرع ‪.‬يقول العلمة أبن القيم رحمه ال ‪:‬‬
‫النسان الذي يعبد ال بغير السنة ـ أي غير متقيد بالسنة ـ كالذي يحمل جراباً‬
‫ملئ رملً حمله على رأسه فسافر به فإذا وصل إلى حيث شاء وفتح الجراب‬
‫ماذا يرى ؟! يرى رملً ‪ ،‬ـ ل يرى سكراً ول أرزاً ول طعام ماذا يفعل ـ ولما‬
‫وصل لم يتمكن من الستفادة من الجراب الذي حمله على رأسه كذلك من يكثر‬
‫من العبادة على جهل دون تقيد بهدي محمدٍ عليه الصلة والسلم إذا وصل يوم‬
‫يصل ويجد أنه لشيء عنده ما عنده شيء ل يقبل وكيف يقبل ؟! وهل بعث ال‬
‫محمداً عليه الصلة والسلم عبثاً ؟ بعثه إلينا لنتبعه لنسير إلى ال على طريقته‬
‫ليقودنا إلى ال ‪ ،‬أما إذا تركنا قيادته وفتحنا لنا الطرق من هنا ومن هنا تركنا‬
‫الجادة وسلكنا بنيات الطريق ‪ ،‬النهاية الضياع لم يعرف مكانة السنة إل أمثال‬
‫هؤلء وأما كثيرٌ من العباد على جهل وخصوصاً الذين تربوا في أحضان‬
‫المتصوفة ل يعرفون مكانة السنة يحسبون أن السنة صحيح البخاري وصحيح‬
‫مسلم يقرءان للتبرك في رمضان يختم في بعض المساجد صحيح البخاري في‬
‫شهر رمضان سرداً ويخرج الطلب ويقرءون على الشيخ ‪ ،‬والشيخ يهز‬
‫برأسه ‪ ،‬وهكذا حتى يختم ويعملون حفل على ختم البخاري تبركاً لم يستفيدوا‬
‫حكمًا واحداً لحكمًا فقهياً ول عقيدة من ما في هذا الكتاب العظيم صحيح‬
‫البخاري ‪ ،‬يخرجون صفر اليدين ‪ ،‬وأمثال هؤلء ل يعرفون مكانة السنة هذه‬
‫هي السنة عندهم نسأل ال لنا ولكم السلمة ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل الصلة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى ‪  :‬وما أمروا إل‬
‫ليعبدوا ال مخلصين له الدين حـنـفـا ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين‬
‫القيمة ‪[ ‬البينة‪)) ] 5 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الصلة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى ‪  :‬وما أمروا إل‬
‫ليعبدوا ال مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين‬
‫القيمة ‪ ‬مائلين من الشرك إلى التوحيد وإلى الخلص أمروا بهذا جميع الناس‬
‫جميع العباد وليقيموا الصلة وليؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ‪ ،‬الدين المستقيم‬
‫الطريق الموصل إلى ال أن تخلص ل في العبادة وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة‬
‫وفي ذلك بال خلص واتباع السنة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ودليل الصيام قوله تعالى ‪  :‬يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام‬
‫كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ‪ [ ‬البقرة ‪)) ] 183 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الصيام قوله تعالى ‪  :‬يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام‬
‫………‪ ..‬الية ‪ ‬من أين نأخذ الوجوب ؟ لفظة كتب وعليكم تفيد الوجوب أن‬
‫ال أوجب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ‪ ،‬أما الذين قبلنا كيفية‬
‫صيامهم ل نعلم إنما نشترك في الحملة في وجوب الصيام علينا ‪ ،‬نعلم صيامنا‬
‫بالتفصيل ‪ ،‬ولكن صيام من قبلنا ل نعلم بالتفصيل ‪.‬‬
‫‪ ‬كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ‪ ‬أي لكي تتقون لكي يكون الصيام‬
‫وقاية بينكم وبين عذاب ال وغضبه لن الصيام يكون سبباً للتقوى لنه يترك‬
‫ل شهواته من أجل ال لذلك أضاف ال الصيام إلى نفسه { كل عمل ابني آدم‬
‫له إل الصيام فإنه لي } إضافة عظيمة ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ودليل الحج قوله تعالى ‪  :‬ول على الناس حج البيت من استطاع‬
‫إليه سبيلً ومن كفر فإن ال غنيٌ عن العالمين ‪ [ ‬آل عمران ‪)) ] 97 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ودليل الحج قوله تعالى ‪  :‬ول على الناس حج البيت ‪ ‬نأخذ من لفظة (‬
‫على ) الوجوب وهذه الية عند كثير من أهل التفسير نزلت في السنة التاسعة‬
‫من الهجرة أي أوجب ال علينا الحج في السنة التاسعة من الهجرة النبوية فبادر‬
‫النبي عليه الصلة والسلم بالتطبيق بأن مهد لحجه في العام العاشر بإرسال‬
‫وفد قبل مكة ويعلن في مكة أن حج النبي في العام المقبل في السنة العاشرة‬
‫‪.‬‬
‫‪ ‬من استطاع إليه سبيلً ‪ ‬فمعنى الستطاعة عند الفقهاء ‪ :‬الزاد والراحلة ‪ ،‬وإن‬
‫كان الحديث فيه مقال ولكن معناه صحيح تشهد له نصوص الكتاب والسنة ‪‬‬

‫‪39‬‬
‫ومن كفر فإن ال غني عن العالمين ‪ ‬قد يستدل بعض الناس على أن ترك الحج‬
‫مع الستطاعة كفر ولكن الذي عليه الجمهور إن هذا كفرٌ عملي وليس كفراً‬
‫إعتقادياً أي من ترك الحج مع الستطاعة يأثم إثماً كبيراً وتثبت مصاريف الحج‬
‫في تركته فتخرج مصاريف الحج من تركته ولم يصل إلى الشرك الكبر ول‬
‫يصل إلى الشرك الكبر إل بالجحود طالما يؤمن بوجوبه ‪ ،‬إذا قصر فيكون‬
‫كفره كفرٌ دون كفر ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬المرتبة الثانية ‪ :‬اليمان ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال ‪ :‬اليمان ‪ .‬اليمان كما تقدم أضيق من السلم‬
‫والذي بعده الحسان أضيق بأكثر يجب أن نقف عند اليمان لنعرف اختلف‬
‫أهل العلم في حقيقته ‪ ،‬اليمان ليتبين لنا أننا بحاجة إلى تحقيق اليمان نفسه ‪،‬‬
‫اليمان الذي هو كل شيء عندنا لم يسلم من الختلف ‪.‬‬
‫س ‪ /‬ما هو اليمان ؟ جـ ‪ /‬أ ـ اليمان عند بعض علماء الكلم مجرد المعرفة‬
‫أي معرفة ال تعالى والكفر عندهم الجهل هذا ما ذهب إليه الجهم بن صفوان‬
‫وعلى هذا ل يوجد كافرٌ إل من هو جاهل ول يوجد أجهل بال من جهم بن‬
‫صفوان لذلك يقال إنه حكم على نفسه بالكفر من حيث ل يشعر حيث قال ‪ :‬إن‬
‫اليمان هو المعرفة وان الكفر هو الجهل وإذا تتبعنا عقيدته نجده أجهل الناس‬
‫بال إذاً هو كافرٌ بشهادة نفسه على نفسه ‪ ،‬ال سبحانه وتعالى في نظر جهم بن‬
‫صفوان والجهمية ل يوصف ل بصفة ول يسمى باسم أي وجود ال عز وجل‬
‫عندهم وجود ذهني ليس له وجود خارجي الوجود المطلق لن الموجود في‬
‫الخارج لبد أن يوصف بصفة الذي ل يوصف بصفة هو العدم ‪ ،‬الموجود لبد‬
‫له من صفة فإذا نفوا عنه جميع الصفات وجميع السماء شبهوه بالمعدوم الذي‬
‫ل يوصف بأي صفة لنه معدوم وعلى هذا جهم بن صفوان هو من أكفر‬
‫الكافرين بشهادة نفسه على نفسه إذ اليمان عنده المعرفة والكفر الجهل ‪.‬‬
‫ب ـ القول الثاني ‪ :‬لهل الكلم في اليمان ‪ ،‬اليمان هو التصديق فقط مجرد‬
‫التصديق بالقلب بصحة ما جاء به رسول ال ولو لم ينطق باللسان ولو لم‬
‫يقر بشهادة أن لاله إل ال وان محمداً رسول ال طالما ادعى انه صدق رسول‬
‫ال عليه الصلة والسلم فيما جاء به فهو مؤمن ‪.‬‬
‫جـ ـ القول الثالث اليمان هو التصديق والقرار معاً أن يصدق بقلبه ويقر‬
‫بلسانه هؤلء جميعاً يقال لهم المرجئة ‪ ،‬ومرجئة الفقهاء أصل منبتهم من‬
‫الكوفة لن هذا القول بأن اليمان هو التصديق أو التصديق والقرار معاً قول‬
‫المام أبي حنيفة وتبعه في ذلك جميع الكوفيين ثم انتقل هذا المذهب من‬

‫‪40‬‬
‫والماترودية إلى الشاعرة فصار اليمان عند جمهور أل شاعرة والماترودية‬
‫هو التصديق وان توسعوا إلى التصديق والقرار ‪ ،‬القرار محل خلف عندهم‬
‫‪ ،‬القول الصحيح أن اليمان عندهم التصديق وعلى هذا جميع العمال‬
‫السلمية التي في الكتاب والسنة ليست من اليمان في شيء عند هؤلء‬
‫أخرجوا العمال كلها من اليمان هذا هو معنى الرجاء ‪ ،‬الرجاء معناه‬
‫التأخير أخروا العمال عن مسمى اليمان لم يدخلوا العمال كلها في اليمان‬
‫بل اليمان إما مجرد التصديق أو التصديق والقرار هذا الذي عليه جمهور‬
‫الشاعرة وما أكثرهم وهو في الصل عقيدة الماتريدية التابعين للمام أبي‬
‫حنيفة في هذه المسألة ‪ ،‬خالف المام أبو حنيفة الجمهور ‪ ،‬جمهور أهل السنة‬
‫والجماعة بما فيهم الئمة الثلثة وغيرهم ‪ ،‬ولكن الذي ينبغي أن يفهمه طلب‬
‫العلم الرجاء الذي هو عقيدة أبي حنيفة ومن تبعه غير إرجاء علماء الكلم‬
‫لذلك يسمون هؤلء مرجئة الفقهاء ‪ ،‬مرجئة أهل الكلم يرون أنه ل يضر مع‬
‫اليمان ذنبٌ ويرون أن الناس ل يتفاوتون في اليمان وأن إيمان النبياء ومن‬
‫بعدهم واحد لن اليمان ل يزيد ول ينقص عندهم حقيقة واحدة هؤلء مرجئة‬
‫أهل الكلم ولكن مرجئة المام أبي حنيفة ومن تبعه ل يصلون إلى هذه الدرجة‬
‫وإن أخروا العمال عن مسمى اليمان وعلى كلٍ هذا المذهب خطأ ‪ ،‬الصواب‬
‫هو ما عليه الجمهور ل لجمهرتهم وكثرتهم ولكن لكون الدليل من الكتاب‬
‫والسنة ‪ ،‬كتاب ال يعد العمال من اليمان كذلك السنة ‪ ،‬إذا قرأنا قوله تعالى‬
‫في أول سورة النفال ‪  :‬إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم وإذا‬
‫تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ‪ ‬الذين يقيمون الصلة ومما‬
‫رزقناهم ينفقون ‪ ‬أولئك هم المؤمنون حقاً ‪ ‬عد ال في هذه الية أعمال القلوب‬
‫وأعمال الجوارح من اليمان ‪ ‬إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم ‪‬‬
‫هذا من أعمال القلوب ‪ ‬وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون‬
‫‪ ‬من أعمال القلوب ‪ ‬الذين يقيمون الصلة ومما رزقناهم ينفقون ‪ ‬من أعمال‬
‫الجوارح إذاً أعمال القلوب وأعمال الجوارح داخلة في مسمى اليمان وعلى‬
‫هذا يكون التصديق تصديقاً خاصاً ‪ ،‬أخذ المرجئة اليمان اللغوي الذي هو‬
‫مجرد التصديق وأخطأوا في ذلك لن المراد بالتصديق هنا هو التصديق‬
‫الشرعي ل التصديق اللغوي المعنى اللغوي دائماً أعم وأشمل من المعنى‬
‫الشرعي والصلحي ‪ ،‬في اللغة مجرد التصديق أي شيء صدقته يسمى إيمان‬
‫‪ ،‬وفي الشرع تصديق خاص ما جاء به النبي تصديقاً تصدقه العمال لن‬
‫تصديق القلب وإن لم يوجد دليلٌ على صحته يعتبر دعوى ومن ادعى أنه‬

‫‪41‬‬
‫صدق رسول ال عليه الصلة والسلم في كل ما جاء به ثم ترك العمل ل يعمل‬
‫شيء من أعمال السلم من صلة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك ل يعمل‬
‫يقول أنا مؤمن لني مصدق نقول له ائتني بالدليل على تصديقك القلبي ما الذي‬
‫يصدقك أعمال الجوارح هي الذي تصدق ذلك التصديق وتشهد بصحته ذلك‬
‫ق بقلبه بكل ما جاء به رسول ال ثم ل يعمل‬ ‫التصديق ومن ادعى بأنه مصد ٌ‬
‫يقال له هذه دعوى والدعوى لبد لها من بينة فأين البينة ؟ البينة العمال لذلك‬
‫نشطت في العبادة العضاءُ‬ ‫يقول بعضهم ‪ :‬وإذا حلت الهداية قلباً‬
‫فإذا كانت العضاء لتعمل ل يصلي ول يصوم ول يأمر ول ينهى ول يجاهد‬
‫ول يطلب العلم [ يمشي ] هكذا مصدق ل يقبل مثل هذا التصديق وعلى هذا‬
‫انتشر بين المسلمين هذا اليمان الرجائي لذلك لو أمرت إنساناً أو نصحته أو‬
‫نبهته على ما فعل يقول لك اليمان في القلب هنا اليمان ويشير إلى قلبه ‪،‬‬
‫واليمان الذي هنا لو صح لظهر أثره في أعضائك وجوارحك ولست بصادق‬
‫تترك الصلة فيقال لك صلي فتقول ل ‪ ،‬اليمان هنا في القلب ليس بصحيح‬
‫وعلى هذا كيف تعالجون الذين يريدون يتنازعون الذين يحكمون بغير ما انزل‬
‫ال تقولون لهم أنتم حكام غير مسلمين فيقول لك أنا مسلم لني أقول لإله إل‬
‫ال وأن محمداً رسول ال وأنا مصدق وأنت معي في هذا التعريف يحاجك لكن‬
‫متى تستطيع أن تقنعه أنه ليس على السلم إذا عرفت اليمان بالتعريف‬
‫الصحيح ما هو اليمان ؟ اليمان تصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقول‬
‫باللسان ‪ ،‬والتصديق الذي في القلب يشهد على صحته النطق باللسان بقولك‬
‫أشهد أن لإله إل ال وأشهد أن محمداً رسول ال يصدق كل ذلك وتصدق كل‬
‫ذلك العمال ‪ ،‬والعمال الجارية على السنة وعلى وفق ما جاء به رسول ال‬
‫عليه الصلة والسلم إذاً اليمان مركب يتألف من أجزاء من تصديق بالقلب‬
‫وعمل بالجوارح وقول باللسان ولهذا يشهد الكتاب والسنة وقد سمعنا من‬
‫الكتاب الية ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وهو بضع وسبعون شعبة فأعلها قول لإله إل ال ))‬
‫الشرح ‪ :‬واسمع قول رسول ال ‪ {:‬اليمان بضع وستون شعبة ـ رواية‬
‫البخاري ـ أعلها قول ل إله إل ال } جعل النطق باللسان من اليمان واعلى‬
‫درجات اليمان هذا مما يذكر في فضل ل إله إل ال هذه الكلمة ركن في‬
‫اليمان وركن في السلم وأفضل الذكر كلمة عظيمة إذا جئت تعدد السلم‬
‫فهي الطليعة وإذا جئت تعدد شعب اليمان فهي في المقدمة إذا جئت تعرف‬
‫أفضل الذكر بعد القران فهي ل إله إل ال كلمة عظيمة إذا فهم معناها وطبقت‬

‫‪42‬‬
‫هكذا قال الرسول عليه الصلة والسلم ‪ { :‬اليمان بضع وستون شعبة أعلها‬
‫لإله إل ال ‪ ،‬وأدناها إماطة الذى عن الطريق } ‪ ،‬وهنا يرد سؤال قال عليه‬
‫الصلة والسلم أعلها لإله إل ال ولم يقل محمدٌ رسول ال فهل يكفي أن‬
‫نقول أشهد أن لإله إل ال وكفى ؟‬
‫جـ ‪ /‬ل ‪ ،‬ولو لم يذكر الجزء الثاني كأنه مذكور لن ل إله إل ال محمد رسول‬
‫ال كالجسم والروح ل يفترقان ‪ ،‬ل ينفع قول ل إله إل ال بدون محمدٌ رسول‬
‫ال أي الشهادة بالوحدانية لتجزء ول تنفع حتى تشهد بالرسالة ولو شهدت‬
‫بالرسالة ما نفعت الشهادة حتى قبل ذلك بالوحدانية ‪ ،‬هما شيئان بالظاهر‬
‫ولكنها شيء واحدٌ في الحقيقة إذ بينهما تلزم ل يفترقان لذلك إذا جاء في‬
‫بعض الحاديث ذكر ل إله إل ال ولم يذكر شهادة أن محمد رسول ال كما في‬
‫مثل هذا الحديث فليعلم أن ذلك اكتفاء بالمعلوم لنه من المعلوم أن ل إله إل ال‬
‫وحدها لتغني إل بالضافة محمد رسول ال ‪ ،‬وهي تسمى بجملتها كلمة‬
‫التوحيد ‪ ،‬وكلمة السلم وكلمة اليمان ومفتاح الجنة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وأدناها إما طة الذى عن الطريق ‪ ،‬والحياة شعبة من اليمان ))‬
‫الشرح ‪ :‬وأدناها إماطة الذى عن الطريق ‪ ،‬إماطة الذى عن الطريق عملٌ‬
‫من أعمال الجوارح ‪ ،‬جعل النبي عليه الصلة والسلم ذلك من اليمان ومن‬
‫تمام إيمانك أن تحب لخيك المسلم ما تحبه لنفسك وأن تكره لخيك المسلم ما‬
‫تكره لنفسك ‪ { .‬أعلها ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق ‪،‬‬
‫والحياة شعبة من اليمان } ‪ ،‬وبين أعلها وأدناها شعب تتفاوت ‪ ،‬الصلة‬
‫شعبة من اليمان ‪ ،‬الجهاد شعبة من اليمان ‪ ،‬الزكاة شعبة من اليمان ‪ ،‬وطلب‬
‫العلم شعبة من اليمان ‪ ،‬إذاً اليمان يتألف من شعب كثيرة ‪ ،‬وليس مجرد‬
‫التصديق وليس مجرد القرار لذلك فلنسمع هذا التعريف الشارح الذي شرح‬
‫اليمان من كلم أبن القيم قال رحمه ال ‪ < :‬اليمان هو حقيقةٌ مركبةٌ من‬
‫معرفة ما جاء به الرسول علماً وتصديقاً عقداً والقرار به نطقاً والنقياد له‬
‫محبتاً وخضوعاً ‪ ،‬والعمل به ظاهراً وباطناً وتمثيله والدعوة إليه بحسب‬
‫المكان وكماله في الحب في ال وفي البغض في ال ‪ ،‬والعطاء ل والمنع ل‬
‫وأن يكون ال وحده إلهه ومعبودة والطريق إليه تجريد المتابعة للرسول‬
‫ظاهراً وباطناً وتغميض عين القلب عن اللتفات [ بما ] سوى ال ورسوله >‪،‬‬
‫وهذا هو اليمان ‪ ،‬اليمان مركب ومما ينتقد على علماء الكلم أهل السنة‬
‫يقولون كيف يكون اليمان مركباً ؟ لن المركب إذا أزيل بعض أجزائه زال‬
‫كله ‪ ،‬وهذا غير صحيح ما الذي يُرد على هذا ؟ يرد عليه الحديث السابق الذكر‬

‫‪43‬‬
‫{ اليمان بضع وستون شعبة } لن النبي جعل الشُعب متفاوتة الشعبة‬
‫الولى هي التي يزول اليمان بزوالها إذا زالت الشعبة الولى شعبة ل إله إل‬
‫ال وأن محمداً رسول ال زال اليمان كله ل يبقى شيء ‪ ،‬وهل إذا ترك الشعبة‬
‫الخيرة مر النسان في الطريق على الذى فلم يزله ‪ ،‬هل يزول إيمانه ؟ ل ‪،‬‬
‫ينقص الشُعب الخرى غير الشعب الولى بزوالها ينقص اليمان بقدر ما‬
‫يترك النسان شعبة من الشُعب وبقدر ما يرتكب من المحرمات والمعاصي‬
‫ينقص إيمانه ول يزول ‪ ،‬وإنما يزول بزوال كلمة التوحيد والكفر بها والتيان‬
‫بما يناقضها ليس معنى زوالها أنك تقول أنا ل أعترف أنه ل إله إل ال ‪ ،‬ل ‪،‬‬
‫قد تقول بلسانك ل إله إل ال وتأتي بما يناقضها لن للسلم نوا قض كنوا‬
‫قض الوضوء‪ ،‬فلو قال رجل مائة مرة يعد هذه السبحة ل إله إل ال ثم إذا‬
‫اشتدت به المور قال ‪ :‬أغثني يا فلن ما لي سواك يا فلن انتقض توحيده‬
‫تماماً ل يبقى عنده شيء كافر ‪ ،‬نفى ال الذي كان يقره بلسانه عنا يزول‬
‫ل حياءه فارتكب معصية ينقض‬ ‫اليمان لكن إذا ترك شعبة من الشعب كأن ق ّ‬
‫إيمانه ل يزول كلياً ‪ ،‬فليفهم هذا جيداً ‪.‬وقد يستدل عليك من يرى بأن العمال‬
‫ليست من اليمان يستدل بالعطف الذي جاء في القرآن‪  :‬الذين ءامنوا وعملوا‬
‫الصالحات ‪ ‬فيقول وعملوا الصالحات العطف يقتضي المغايرة إذاً العمال‬
‫الصالحة غير اليمان لن ال عطف العمال الصالحة على اليمان ‪ ،‬العمال‬
‫الصالحة هي السلم فالعطف تقتضي المغايرة كأن تقول جاء زيدٌ وعمروٌ‬
‫فبينهما مغايرة ‪ ،‬أو تقول جاء زيدٌ وذهب عمر ٌو فجاء غير ذهب وزيدٌ غير‬
‫عمروٌ فصح العطف هنا فاقتضى المغايرة فإذا قال لك ‪ ‬الذين ءامنوا وعملوا‬
‫الصالحات ‪ ‬يدل على العمال الصالحة غير اليمان تقول المغايرة درجات‬
‫صحيح العطف يدل على المغايرة ولكن المغايرة درجات ‪‬حافظوا على‬
‫الصلوات والصلة الوسطى ‪ ‬أليست الصلة الوسطى من الصلوات ؟ فكيف‬
‫صح هنا ؟ ما معنى المغايرة ؟ الجواب ‪ :‬من باب عطف الخاص على العام‬
‫كذلك العطف هنا أي في قوله ‪ ‬وعملوا الصالحات ‪ ‬من باب عطف الخاص‬
‫على العام ‪ ،‬لن العمال الصالحة جزء من اليمان كما أن الصلة الوسطى‬
‫جزء من الصلوات التي أمرنا بالمحافظة عليها والمثلة كثيرة في القرآن ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وأركانه ستة ‪ :‬أن تؤمن بال وملئكته ))‬

‫‪44‬‬
‫الشرح ‪ :‬أن تؤ من وت صدق وت سلم ل تؤ من ل بوجوده بر بو بي ته وألوهي ته وبأ سائه و صفاته‬
‫وتؤ من باللئ كة ان م موجودون جندٌ من جنود ال تعال من سعت وعل مت أ ساءهم أم نت‬
‫منهم بالتفصيل ومن ل فبالملة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وكتبه ))‬
‫الشرح ‪ :‬والكتب المنزلة بما في ذلك القرآن ‪ ،‬وتؤمن أن الكتب المنزلة كلها‬
‫كلم ال وليست مخلوقة كما يقول علماء الكلم بما فيهم الشاعرة ‪ ،‬القرآن‬
‫والتوراة والنجيل والزبور هذه الكتب من كلم ال لن كلم ال ل نفاد له ‪ :‬‬
‫قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن ينفد كلمات ربي ولو‬
‫جئنا بمثله مدداً ‪ ‬كلم ال لنهاية له ‪ ،‬ال خاطب نوحاً وكلم موسى وكلم محمداً‬
‫في أماكن وفي أزمنة مختلفة ويتكلم آخر كل ليلة يقول عند نزوله إلى السماء‬
‫الدنيا ‪ { :‬هل من مستغفرٍ فأغفر له } هذا كلم ال ويتكلم الرب سبحانه وتعالى‬
‫يوم القيامة عندما يأتي لفصل القضاء ويسلم على أهل الجنة ويخاطبهم من‬
‫فوقهم كل ذلك من كلم ال ‪،‬‬
‫ى واحدًا قائم بذات ال ليس‬ ‫وكلم ال ل نفاد له ‪ ،‬لذلك اعتقاد أن كلم ال معن ً‬
‫بحرف ول صوت كما تقول الشاعرة ضلل مبين لن ذلك إنكار أن هذا‬
‫القرآن كلم ال وقد وافقت الشاعرة المعتزلة في القول بأن القرآن كلم ال‬
‫تناقضوا في ذلك مع دعوى أنهم خصوم للمعتزلة بالنسبة للكتب السماوية نؤمن‬
‫بأنها من عند ال تعالى ‪ ،‬وأما هذا القرآن نؤمن بأنه من عند ال ونتبعه دستوراً‬
‫نحكم به ونتحاكم إليه ونسير إلى ال في ضوئه هو الحكم وهو كتاب العقيدة‬
‫كتاب التوحيد كتاب العبادة كتاب الحكام كتاب الخلق كتاب السياسة كتاب‬
‫القتصاد كتاب كل شيء إذا فهم وعمل به هذا هو الفرق بين الكتب السماوية‬
‫وبين إيماننا بالقرآن الكتب السماوية ل يجب علينا العمل بها لنها نسخت‬
‫انتهت بنزول القرآن ‪ ،‬الكتاب الذي يجب اليمان به والعمل به هو هذا القرآن‬
‫العظيم وهو كلم ال حقيقة لن ال سماه كلماً ‪ ‬وإن أحدٌ من المشركين‬
‫استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ‪ ‬ذلك الكلم الذي تله الرسول على‬
‫المشركين فسموه هو هذا القرآن الذي بين دافتي المصحف ‪ ،‬تقول عائشة‬
‫رضي ال عنها ‪ { :‬ما بين دفتي المصحف كلم ال }‪ ،‬ولكن الثر لم يسلم من‬
‫تأويل الشاعرة قالوا أي خلقٌ من خلق ال مخلوق ل ‪ ،‬الشاعرة الذين يقولون‬
‫نحن من أهل السنة والجماعة هم الذين أولوا هذا التأويل فانتبهوا للشاعرة‬
‫عفى ال عنا وعنهم ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ورسله ))‬
‫الشرح ‪ :‬اليمان بالرسل يقال ما قيل في اليمان بالكتب بالنسبة للرسل الذين‬
‫قبل نبينا محمد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬المراد باليمان بهم أن تصدقهم أنهم‬
‫رسل ال معصومون بلغوا رسالة ال ولكن الرسول الذي يجب إتباعه ول يعبد‬
‫ال إل بما جاء به هو محمدٌ لنه جاء بالرسالة الخاتمة العامة ل يسع جنياً‬
‫ول إنسياً ول يهودياً ول نصرانياً إل اليمان بهذا النبي الكريم بعد أن بعث لنه‬
‫خاتم النبيين عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬واليوم الخر ))‬
‫الشرح ‪ :‬اليمان باليوم الخر ‪ ،‬اليوم الخر يبدأ من عند الموت { من مات فقد‬
‫قامت قيامته } من حين أن ينقل هذا النسان من وجه هذه الرض إلى باطنها‬
‫فهو في اليوم الخر يعني الحياة البرزخية الفاصلة بين هذه الحياة التي نحن‬
‫فيها الن وبين الحياة التي بعد البعث تابعة ليوم الخر على المؤمنين من النعيم‬
‫لن { القبر إما حفرة من حفر النار ‪ ،‬أو روضة من رياض الجنة } يجب‬
‫اليمان بكل ذلك تصديقاً بالرسول ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وتؤمن بالقدر خيره وشره ))‬
‫الشرح ‪ ( :‬اليمان بالقدر خيره وشره ) بمعنى أنه ما شاء ال كان وما لم يشأ لم‬
‫يكن { ما أصابك في علم ال ليخطؤك وما أخطأك لم يكن ليصيبك } وما‬
‫شاء ال كان وما لم يشأ لم يكن هذا المقدار يكفي في باب اليمان بالقدر دون‬
‫الخوض لن هذا الباب بابٌ خطير والبحث عن أسرار القضاء والقدر يعتبر‬
‫سراً من أسرار ال لذلك يقول علي بن أبي طالب رضي ال عنه ‪ { :‬القدر سر‬
‫ال فل نكشفه } أي ليس لك أن تسأل لم فعل الرب سبحانه وتعالى هكذا ؟ لم‬
‫خلق ؟ ولم أحيى ؟ ولم أمات ؟ ولم جاعلٌ زيداً غنياً وعمرًا فقيراً ؟ ولم أمرض‬
‫فلناً ؟ ولم ولم ؟ هذا خوض في سر من أسرار ال سرٌ ل يدرك ل يسأل عما‬
‫يفعل كما أنه ل يجوز في باب السماء والصفات أن تسأل بكيف هو ؟ وكيف‬
‫سمعه ؟ وكيف بصره ؟ وكيف استواؤه ؟ وكيف مجيئه ؟ وغير ها ‪ ،‬ل يجوز‬
‫في باب القضاء والقدر ل يجوز السؤال بلم ‪ ،‬انتبه لهذا لن هذا مز له القدام‬
‫يكفي للعامة والخاصة أن يؤمنوا لنه ل يقع في ملكه إل ما شاء وان ال على‬
‫علم كل شيء فكتبه ‪ ،‬كل المقادير معلومة ومكتوبة ثم قضى ال سبحانه وتعالى‬
‫قضاءه على ما علم وكتب وفي هذا المعنى يقول المام الشافعي رحمه ال لما‬
‫سئل عن القدر ‪:‬‬

‫‪46‬‬
‫ما وشئت إن لم‬ ‫ما شئت كان وإن لم أشأ‬
‫تشأ لم يكن‬
‫ففي العلم يجري‬ ‫خلقت العباد على ما علمت‬
‫الفتى والمسن‬
‫وهذا أعنت وذا‬ ‫على ذا مننت وهذا خذلت‬
‫لم تعن‬
‫[ ومنهم ] قبيح‬ ‫فمنهم شقي ومنهم سعيد‬
‫ومنهم حسن‬
‫ويأتي هنا سؤال الجبري هل يعني ذلك أن العبد مجبور ؟ ل ‪ .‬خلق العباد‬
‫وخلق لهم القدرة وخلق لهم الرادة وخلق له الختيار وأرسل إليهم رسولً‬
‫وهداهم النجدين وبين لهم طريق الهدى وطريق الضلل وأمرهم بالفعل بفعل‬
‫العبد كل ما يفعل بقدرته وإرادته واختياره ول يدري ما الذي يجري في قضاء‬
‫ال وقدره وليس هذا شغله ول له أن يبحث في هذا عليه أن يتقيد بالوامر‬
‫والنواهي أمرك بإقامة الصلة عليك أن تقيم الصلة لكن قول الذين يقولون بأن‬
‫العبد مجبور ليس له قدرة أو قدرته ل تعمل وليس له إرادة تسمى العقيدة‬
‫الجبرية ضلل في ضلل وهي منتشرة الن لن الشعرية مرجئة وجبرية‬
‫وجهمية اجتمعت فيها جميع هذه المراض وهم منتشرون بين المسلمين وكثيرٌ‬
‫من شبابنا ل يدرون عنهم يصدق على شبابنا قول عمر رضي ال عنه ‪ ( :‬إنما‬
‫تنقض عرى السلم عروة عروة إذا نشأ في السلم من لم يعرف الجاهلية )‬
‫لن الجاهلية بدأت في هذه اليام تضحك على شبابنا ‪ ،‬جاهلية التصوف ‪،‬‬
‫جاهلية علم الكلم ‪ ،‬جاهلية القانون ‪ ،‬جميع هذه الجاهليات تعمل ‪ ،‬وشبابنا‬
‫نشاؤا في الخير نشاؤا في السلم على الفطرة في التوحيد ل يعلمون من هذه‬
‫الجاهليات يأتي صاحب الجاهلية فيضحك عليهم ‪ ،‬يقول تعمل كذا وكذا من‬
‫العمال السلمية فيصدقون فيخرجون عن الجادة إلى بنيات الطريق فيقفون‬
‫حيارى ‪ ،‬ل علج إل العلم ‪ ،‬والعلم وحده هو العلج لذلك عليكم بالعلم ل ينال‬
‫النسان درجة اليمان إل بالصبر واليقين ‪ ،‬الصبر على طاعة ال وطلب العلم‬
‫الشرعي من أعظم طاعة ال وعبادته اصبروا على العلم لكي تخرجوا من‬
‫الجهل ‪ ،‬ل تضحك عليكم جاهلية الرجاء وجاهلية الجبرية وجاهلية الجهمية‬
‫وجاهلية التصوف وغير ذلك من الجاهليات التي دخلت مع هذا النفتاح العام‬
‫عندما انفتحنا على العالم واتصل العالم كله بعضه على بعض تداخل الخير‬

‫‪47‬‬
‫والشر ل يستطيع أن يفرق بين الخير والشر إل من رزقه ال البصيرة في دينه‬
‫‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬المرتبة الثالثة ‪ :‬الحسان ركن واحد وهو ‪ ( :‬أن تعبد ال كأنك‬
‫تراه ‪ ،‬فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال تعالى ‪ :‬المرتبة الثالثة الحسان وهو ركن واحد‬
‫وهو ‪ ( :‬أن تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ‪ ،‬وهذا المعنى‬
‫الذي يعبر عنه بالمراقبة ‪ ،‬المراقبة الخاصة الصادقة بأن يراقب العبد ربه‬
‫سبحانه وتعالى ويتذكر دائماً وأبداً بأن ال يراه ويرى مكانه ويسمع كلمه ما‬
‫في نفسه هذه المراقبة تحول بين المرء وبين ارتكاب المعاصي وبين الغفلة‬
‫واللتفات عن ال إلى غير ال تشده إلى ال المراقبة الصادقة تشد العبد إلى ال‬
‫سبحانه وتعالى إيماناً منه أن ال ل تخفى عليه خافية وان كان هو ل يراه لن‬
‫ال سبحانه وتعالى ل يُرى في هذه الدنيا فال سبحانه وتعالى فوق جميع‬
‫المخلوقات فوق السماوات السبع ومستوٍ على عرشه بائنٌ من خلقه حجابه‬
‫النور لم يره موسى الذي طلب منه الرؤيا ‪ ،‬ولم يره على الصحيح رسولنا‬
‫محمد ليلة السراء والمعراج وإنما رأى نوراً لنه عليه الصلة والسلم‬
‫سئل هل رأيت ربك ؟ قال ‪ { :‬نو ٌر أنى أراه } حجابه النور لن ال سبحانه‬
‫احتجب في هذه الدنيا بنور وقوى البشر لتقوى على أن تثبت أمام هذا التجلي‬
‫وأوضح دليل على هذا قوله في آخر قصة الدجال ‪ { :‬فأعلموا أنكم لن تروا‬
‫ربكم حتى تموتوا } ‪ ،‬وهذا دليل واضح بأن ال سبحانه وتعالى ل يرى في‬
‫الدنيا ولكن ال يعطي العباد قوة ليثبتوا أمام التجلي يوم القيامة في الجنة‬
‫ويتجلى لهم ويرونه بغير إحاطة كما انهم يعلمون الن بدون إحاطة به بعلمهم‬
‫كذلك سوف يرونه بدون إحاطة به برؤيته لن المخلوق ل يحيط بالخالق ‪،‬‬
‫فالخالق هو المحيط بجميع المخلوقات هو الذي يعلم منهم كل شيء هذا هو‬
‫الحسان ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ‪[ ‬‬
‫النحل ‪)) ] 128 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‪ ‬أي‬
‫أن ال تعالى مع الذين اتقوه أي جعلوا بينهم وبين غضبه وسخطه وقاية ‪ ،‬هذه‬
‫الوقاية بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات ‪ ،‬وذلك من صدق المراقبة ‪،‬‬
‫والذين هم محسنون ‪ ،‬احسنوا في عبادة ال تعالى بالخلص وصدق المراقبة ‪،‬‬
‫وأحسنوا إلى عباد ال بما يستطيعون الحسان فيه والحسان من حيث المعنى‬

‫‪48‬‬
‫أعم من حيث أهله أخص ‪ ،‬لن الحسان يشمل أي عمل صالح سواء كان‬
‫العمل بينك وبين ربك أو الحسان إلى عباده هذا معنى أنه أعم من حيث‬
‫المعنى ‪ ،‬ولكن من حيث أهله أخص أي المحسنون الذين يصلون إلى هذه‬
‫الدرجة هم نخبة من المؤمنين ليس جميع المؤمنين أي ليس جميع المؤمنين‬
‫يصلون إلى درجة الحسان ‪ [ ،‬ولكنهم ] نخبة مختارة وفقهم ال وسدد خطاهم‬
‫فهم يحضون بالمعية الخاصة ‪ ،‬المعية الخاصة تزداد على المعية العامة‬
‫بالنصر والتأييد والحفظ والكلئ ‪ ،‬المعية العامة بمعنى العلم والرؤيا والتدبير‬
‫العام وبهذا المعنى ال سبحانه وتعالى مع جميع مخلوقاته ل يخلو مكان من‬
‫علمه وهو فوق عرشه مستوٍ على عرشه بائن من خلقه ‪ ،‬لكن ل يخلو مكان من‬
‫علمه وهذه هي المعية العامة ‪ ،‬فإذا قيل ال معنا ل ينبغي أن يتبادر إلى ذهنك‬
‫بأن ال معنا بذاته هنا في الرض ‪ ،‬فال سبحانه وتعالى منزه عن المعية الذاتية‬
‫مع خلقه لمع أهل أرضه ول مع أهل سماواته أي ليس ال بالرض بذاته ول‬
‫في السماوات السبع بذاته ولكن بذاته فوق جميع مخلوقاته ليس في ذاته شيء‬
‫من مخلوقاته ول في مخلوقاته شيء من ذاته ‪ ،‬ولكن هو بعلمه مع كل‬
‫مخلوق ‪ ،‬أي ل تخف عليه خافية من أمرهم ‪ ،‬وهذه تسمى المعية العامة‬
‫وتزداد المعية الخاصة مع المحسنين مع المتقين كتلك المعية التي حظي بها‬
‫الرسول وصاحبه في الغار ‪ ‬ل تحزن إن ال معنا ‪ ‬معية خاصة حفظهما ال‬
‫ورعاهم وسترهم من أعين أعدائهم تلك هي المعية الخاصة فلتفهم وهذه هي‬
‫منها معية مع المحسنين ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وقوله تعالى ‪  :‬وتوكل على العزيز الرحيم ‪ ‬الذي يراك حين تقوم ‪‬‬
‫وتقلبك في الساجدين ‪ ‬إنه هو السميع العليم ‪ [ ‬الشعراء ‪ 217 :‬ـ ‪)) ] 220‬‬
‫الشرح ‪ :‬وقوله تعالى ‪  :‬وتوكل على العزيز الرحيم ‪ ‬الذي يراك حين تقوم ‪‬‬
‫وتقلبك في الساجدين ‪ ‬إنه هو السميع العليم ‪ ، ‬أنت تعبد ال كأنك تراه فإن لم‬
‫تكن تراه فإنه يراك ‪ ،‬هذا هو محل الشاهد من الية ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وقوله تعالى ‪  :‬وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ول‬
‫تعملون من عمل إل كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ‪ [ ‬يونس ‪)) ] 61 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬قوله تعالى ‪  :‬وما تكون من شأن وما تتلوا منه من قرآن ول تعلمون‬
‫من عمل إل كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه ‪ ‬أي نحن معكم فال سبحانه‬
‫وتعالى يعبر عن نفسه وأحياناً يضمر العظمة وأحيانًا بضمير الفراد وضمير‬
‫العظمة ل يدل على التعدد يدل على العظمة إنا ‪ ،‬إنا نحن مثل هذه الضمائر‬

‫‪49‬‬
‫يقال لها ضمير العظمة ل للكثرة ‪ ،‬ومثلها ( كذلك كنا ) ول ينبغي أن يتبادر‬
‫إلى الذهن الكثرة والتعدد لن هذا أسلوب عربي ‪ ،‬والمخلوق نفسه يعبر عن‬
‫نفسه أحياناً فيقول نحن فعلنا أو نحن مشينا وهكذا وهذا أسلوب عربي معلوم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عن عمر رضي ال عنه‬
‫قال ‪ :‬بينما نحن جلوس عند النبي إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب‬
‫شديد سواد الشعر ل يرى عليه أثر السفر ول يعرفه منا أحد ‪ ،‬فجلس إلى‬
‫النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال ‪ :‬يا محمد‬
‫أخبرني عن السلم ؟ فقال رسول ال ‪ { :‬السلم أن تشهد أن لإله إل‬
‫ال وأن محمداً رسول ال ‪ ،‬وتقيم الصلة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان‬
‫وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلً } ‪ ،‬قال ‪ :‬صدقت ‪ ،‬فعجبنا له يسأله‬
‫ويصدقه ‪ ،‬قال فأخبرني عن اليمان ؟ قال ‪ { :‬أن تؤمن بال وملئكته وكتبه‬
‫ورسله واليوم الخر وبالقدر خيره وشره } قال ‪ :‬فأخبرني عن الحسان ؟‬
‫قال ‪ { :‬الحسان أ‪ ،‬تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } ))‬
‫الشرح ‪ :‬حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه بينا وفي‬
‫رواية بينما ‪ ،‬وهما لغتان صحيحتان بينما نحن جلوسٌ عند رسول ال إذ‬
‫طلع علينا أي حين طلع علينا إذ بمعنى حين ‪ ،‬حين طلع علينا رجل شديد‬
‫بياض الثياب شديد سواد الشعر ‪ ،‬وفي بعض اللفاظ شديد سواد اللحية جاء‬
‫جبرائيل ملتحي بصفة رجل من البشر ل يرى عليه أثر السفر ول يعرفه منا‬
‫أحد ‪ ،‬من أين عرف عمر حتى يقول ل يعرفه منا أحد أي تسألوا فيما بينهم‬
‫تعرفون هذا الرجل الغريب شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ل يرى عليه‬
‫أثر السفر مع العلم أنه أتى يمشي على قدميه مع ذلك نظيف أقدامه ونظيف‬
‫والمفروض مثل هذا‬ ‫شعره وثيابه ولم يكن جالساً معهم عند الرسول‬
‫الرجل الغريب أن يرى عليه أثر السفر لم يحدث شيء من ذلك فجلس إلى‬
‫فأسند ركبتيه إلى ركبتيه وفي بعض اللفاظ وتخطئ الرقاب إلى أن‬ ‫النبي‬
‫وصل إلى النبي ‪ ،‬قال بعض أهل العلم ‪ :‬إنما فعل ذلك للتعمية على الناس‬
‫كأنه يريد أن يُري الناس بأنه إنسان جاهل غشيم فجلس إلى الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم فأسند ركبتيه إلى ركبة النبي ‪ ،‬هذا مما لفت أنظار الصحابة‬
‫‪ ،‬فالصحابة مع شدة محبتهم للرسول عليه الصلة والسلم يهابونه ومن الهيبة‬
‫ل يسندون ركبهم إلى ركبتيه يجلسون بعيدين عنه نوعاً ما ولكن [ هذا‬
‫الرجل ] جلس هذه الجلسة ووضع كفيه عل فخذيه ‪ ،‬على فخذ من ؟ فخذي‬
‫نفسه هذا ما فهمه كثيراً من [ الشراح ] ‪ ،‬أي على فخذ الرسول وجاء في‬

‫‪50‬‬
‫بعض الروايات ما يشير إلى أنه وضع كفيه على فخذي رسول ال كل ذلك‬
‫تلطفاً برسول ال لنه في واقع المر هو المعلم وإن جلس جلسة المتعلم‬
‫ولكنه في واقع المر هو المعلم لذلك وضع يديه على فخذي رسول ال وقال‬
‫‪ :‬يا محمد أخبرني عن السلم ؟ فقال النبي ال ‪ { :‬أن تشهد أن ل إله إل‬
‫ال وأن محمداً رسول ال ‪ ،‬وتقيم الصلة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج‬
‫البيت إن استطعت إلى ذلك سبيلً ‪ ،‬قال صدقت ‪ ،‬عجباً تسأل فتصدق يقول‬
‫الصحابة عجبنا له يسأله ويصدقه ‪ ،‬كان المفروض أن الذي يسأل إذا أجابه‬
‫الستاذ يقول له ‪ :‬جزاك ال خيراً أحسن ال إليك ‪ ،‬فإذا هو يصدقه يقول له ‪:‬‬
‫صدقت ! عجب الصحابة من هذا التصرف ‪ ،‬قال ‪ :‬اخبرني عن اليمان ؟ قال‬
‫‪ { :‬اليمان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وبالقدر خيره‬
‫وشره } ‪ ،‬وقد سبق شرح ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرني عن الحسان ؟ قال ‪ { :‬أن تعبد‬
‫ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } فلتعلم ذلك ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬قال ‪ :‬فأخبرني عن الساعة ؟ قال ‪ { :‬ما المسؤول عنا بأعلم من‬
‫السائل } ))‬
‫الشرح ‪ :‬قوله ‪:‬قال ‪ :‬فأخبرني عن الساعة ؟ قال ‪ { :‬ما المسؤول عنها بأعلم‬
‫من السائل } علم جبرائيل ‪ ،‬وعلم الرسول هنا على حدٍ سواء ‪ ،‬ل يعلم‬
‫النبي متى تقوم الساعة ‪ ،‬ول جبرائيل يعلم ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬أخبرني عن آمراتها‬
‫‪ ،‬أمارة وإمارة ‪ ،‬المارة العلمة ‪ ،‬والمارة الولية ‪ ،‬هنا في الحديث المارة‬
‫أي العلمة ‪ ،‬وعلمات الساعة كثيرة وكثيرة جداً ومتفاوتة ومن أوائل‬
‫علماتها مبعث الرسول والتي يقول فيهاالمصطفى عليه الصلة والسلم‬
‫‪ {:‬بعثت أنا والساعة كهاتين } ـ رفع الوسطى مع السبابة ‪ ،‬فسر أهل العلم‬
‫{ بعثت أنا والساعة كهاتين } على تفسيرين ‪ :‬التفسير الول ‪ :‬إني سبقت‬
‫الساعة كما تسبق الوسطى السبابة بهذا المقدار أي مبعثي وقيام الساعة متقارب‬
‫إنما ما سبقت بمثل هذا السبق ‪ ،‬المعنى الثاني ‪ :‬أن قيام الساعة لسقٌ بمبعثي‬
‫وبرسالتي حيث ل يوجد نبيٌ بعده لنه خاتم النبيين ول ينافي في المعنى الول‬
‫المعنى الثاني كلهما واحد والمؤدى واحد ‪ ،‬قرب الساعة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬قال ‪ :‬فأخبرني عن أماراتها ‪ ،‬قال أن تلد المة ربتها ))‬
‫الشرح ‪ :‬ثم ذكر عليه الصلة والسلم بعض المارات [ في هذا الحديث ] ‪،‬‬
‫والتي ظهرت الن تماماً ونعيشها قال ‪ { :‬أن تلد المة ربتها } ‪ ،‬اختلف أهل‬
‫العـلـم في تفسير هــذه الجملة عـلـى سبعة أقوال لخصها الحافظ في ( الفتح )‬
‫ى واحداً ‪ ،‬الذي يتبادر إلى أذهان الناس‬
‫في أربعة وأرتضى منها معن ً‬

‫‪51‬‬
‫والمفسرين كناية عن كثرة الفتوحات السلمية حتى يكثر التسري بالجواري‬
‫فتلد الجارية إبناً أو بنتاً فيكون هذا البن بمثابة السيد لها لنه أبن سيدها إذا‬
‫تسرى بها فأنجب منها ولداً هذا الولد الذي أنجبه السيد من جاريته حر فأصبح‬
‫كأنه سيدها فأصبح المراد بالرب هنا السيد ‪ ،‬لفظة الرب تستعمل إذا كانت‬
‫مضافة في غير ال تعالى ‪ ،‬ولكن ل تستعمل بدون إضافة إل في حق ال ‪،‬‬
‫الشاهد هذا المعنى لم يرتضيه صاحب ( الفتح ) قال ‪ :‬العلمات التي يريد أن‬
‫يذكرها النبي عليه الصلة والسلم الشياء الغريبة التي ل عهد للولين بها‬
‫ووجود التسمي بالجواري والنجاب منها شيء معلوم حتى في صدر السلم‬
‫إذاً ما هو المعنى الغريب الذي يكون علمة وإمارة لقيام الساعة من سوء‬
‫الحوال قال صاحب ( الفتح ) معنى ذلك أن يصاب الولد بالعقوق فيستعمل‬
‫الولد والدته فيستخدمها فيهينها فيضربها ويسبها فيجعلها كالجارية والمة‬
‫والخادمة التي تعمل عنده ومن سوء التصرف يصل الحال بالولد في آخر‬
‫الوقت من علمات الساعة أن يكثر العقوق وأن يكون الولد عاقاً لوالدته فيهينها‬
‫فيضربها ويسبها كأنها أمة جارية عنده هذا المعنى ارتضاه صاحب ( الفتح ) ‪،‬‬
‫واستحسنه كثيراً وأعرض عن جميع المعاني التي ذكرها أهل العلم عند هذا‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫قول ‪(( :‬وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان } ))‬
‫وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ‪ ،‬يأتي وقت‬
‫على الناس وقد أتى أهل البادية المعروفين بالفقر وسوء الحال الذين يمشون‬
‫حفاة عراة أو شبة عراة وفقراء ليس فيهم شيء من الحضارة وآثار الغنى يأتي‬
‫على الناس يومٌ على أولئك يتركون خيامهم ويبنون الفلل والقصور في محلت‬
‫الخيم فيتفاخرون ويتطاولون بفللهم بقصورهم وهذا هو واقعنا الن ومشاهدة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬قال ‪ :‬فمضى فلبثنا ملياً ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال ‪ :‬فمضى فلبثنا ملياً أي فترة من الزمن فقال ‪ :‬يا عمر أتدري من‬
‫السائل ‪ ،‬قلت ال ورسوله أعلم ‪ ،‬لفظت ( ال ورسوله أعلم ) يتشدد بعض‬
‫صغار طلبة العلم في استعمالها اليوم إذا سؤ لت عن أمر ديني لتعرفه‬
‫ل ‪ ،‬لك أن تقول ال ورسوله‬ ‫كشروط الصلة وأركان الحج وواجبات الحج مث ً‬
‫أعلم حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلة والسلم ل كما يظن بعض الناس أن‬
‫القول ال ورسوله أعلم خاص بحياة النبي عليه الصلة والسلم لنك لم تعلم‬
‫شيء من الدين إل بعد أن علمه النبي عليه الصلة والسلم وعلم الناس ‪ ،‬لذلك‬
‫لك أن تقول ال ورسوله اعلم لكن في الشؤون الدنيوية هل وقع اليوم كذا ؟ ما‬

‫‪52‬‬
‫أخبار اليوم ؟ وهل نزل المطر في الجهة الشرقية أو الوسطى ؟ وأنت لتعلم‬
‫تقول ال اعلم ليس لك أن تقول ال ورسوله اعلم ‪ ،‬هذا علم خاص بال يجب أن‬
‫نفرق بين المور الدينية وشؤون الدنيا بعد وفاة الرسول ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فقال ‪ { :‬يا عمر أتدري من السائل ؟ } ‪ ،‬قلنا ‪ :‬ال ورسوله أعلم ‪،‬‬
‫قال ‪ { :‬هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم } ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال ‪ :‬هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ‪ ،‬ما أعظم هذا الدين ‪ ،‬الدين الذي‬
‫ل ليعلم‬
‫بعث به خاتم النبيين ثم يرسل جبرائيل الذي اصطفاه من الملئكة رسو ً‬
‫أمة محمد ويكرمهم هذا الكرام يعلمهم بهذه الطريقة أتاكم يعلمكم أمر دينكم‬
‫‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬الصل الثالث ‪ :‬معرفة نبيكم محمد وهو محمد بن عبد ال بن‬
‫عبد المطلب بن هاشم ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال ‪ :‬الصل الثالث معرفة نبيكم محمد وهو‬
‫محمد بن عبد ال بن عبد المطلب بن هاشم إلى هنا ذكر المؤلف نسب الرسول‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وعلى الشباب أن يحفظوا النسب إلى عدنان ‪ ،‬وهذا‬
‫محل إتفاق ‪ ،‬وما بعد ذلك فمحل خلف ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وهاشم من قريش ‪ ،‬وقريش من العرب ‪ ،‬والعرب من ذرية‬
‫إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعى نبينا أفضل الصلة والسلم ))‬
‫الشرح ‪ :‬وهاشم من قريش ‪ ،‬وقريش من العرب ‪ ،‬والعرب من ذرية إسماعيل‬
‫بن إبراهيم الخليل عليه من ربه وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم أي أن نبينا‬
‫محمداً هو النبي المي العربي من حيث النسب ‪ ،‬ولكنه عام الرسالة إلى‬
‫الثقلين إلى الجن والنس ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وله من العمر ثلث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة ‪ ،‬وثلث‬
‫وعشرون نبياً ورسولً ))‬
‫الشرح ‪ :‬وله من العمر حين توفي ثلث وستون سنة كذلك هذا محل إجماع‬
‫منها أربعون قبل النبوة لنه لم يبعث إل بعد الربعين ‪ ،‬وهذه سنة ال في من‬
‫يبعثهم ‪ ،‬وثلث وعشرون نبياً ورسولً ‪ ،‬النبوة قبل الرسالة ويختلفون في‬
‫التفريق بين النبي والرسول ‪ ،‬منهم من يعرف فيقول النبي من كلف برسالة أو‬
‫بعث برسالة ليعمل بها ‪ ،‬ولم يكلف بالتبليغ ‪ ،‬وهناك تعريف ثاني النبي من‬
‫بعث ليعمل برسالة من قبله وليست له رسالة مستقلة ككثير من أنبياء بني‬
‫إسرائيل يعملون بشريعة التوراة والنجيل وهم كثر ‪ .‬والتعريف الثاني أنسب‬
‫والتعريف الول أشهر ‪ ،‬ولكن التعريف الول [ يأخذ ] عليه القول بأنه لم يأمر‬

‫‪53‬‬
‫بالتبليغ ‪ ،‬التبليغ والدعوة والصلح واجب الرسل واجب النبياء وواجب‬
‫أتباعهم فإن أتباعهم مكلفون بالصلح والنصح ل ولكتابه ولرسوله ولئمة‬
‫المسلمين وعامتهم ‪ ،‬والدعوة إلى ال إذا كان العلماء وهم ورثة النبياء يكلفون‬
‫هذا التكليف فالنبياء من باب أولى لذلك التعريف الول على الرغم أنه هو‬
‫المشهور عند كثير من أهل العلم ولكن التعريف الثاني أنسب من حيث المعنى‬
‫لن النبياء من بني إسرائيل الذين لم يكونوا رسلً مكلفون بالتبليغ والدعوة‬
‫على ضوء كتاب ال التوراة والنجيل ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬نبئ بأقرأ ‪ ،‬وأرسل بالمدثر ))‬
‫الشرح ‪ :‬نبئ بإقرأ إذ أرسل ال إليه جبرائيل ففاجأه جبرائيل بقوله إقرا ‪،‬‬
‫فالنبي عليه الصلة والسلم ليس بقارئ ولهذا كان الجواب لست بقارئ وضمه‬
‫حتى خاف على نفسه وكرر عليه ذلك وبعد ذلك وبعد أن روعه وخافه جاء إلى‬
‫خديجة رضي ال عنها فأخبرها الخبر قالت ‪ :‬وال ل يخزيك ال أبداً لنك‬
‫تصل الرحم وتكسب المعدوم وغير ذلك من صفات وأخلق جُبل عليها من‬
‫صلة الرحم والحسان والمانة وغير ذلك من مكارم الخلق ل يخزيه ال ‪،‬‬
‫هذه سنة ال في خلقه بعد أن طمأنته ذهبت به إلى ورقة بن نوفل ‪ ،‬فورقة بين‬
‫له إنما جاءه كان يأتي النبياء من قبله ‪ ،‬رسول ال من الملئكة الذي اصطفاه‬
‫ال ليرسله إلى النبياء من بني آدم وإنه جبرائيل وأن ما جاءه من عند ال ليس‬
‫من الشيطان ثم تمنى ورقة لو أحياه ال عندما يخرجه قومه ‪ ،‬فقال النبي ‪:‬‬
‫أو مخرجي هم ؟! أي سوف يخرجوني ‪ ،‬قال له ‪ :‬ما أتى أحدٌ مثل ما أتيت به‬
‫إل أوذي هذه سنة ال في النبياء وفي أتباع الرسل من المصلحين لبد من‬
‫اليذاء { أشد الناس بلً النبياء ثم المثل فالمثل } ال قادر حين أرسل محمد‬
‫أن يجعل أهل مكة جميعاً أبي لهب وأبي جهل وغيرهما أن يجهلهم جميعاً‬
‫كمثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كلهم يطيعون ويمثلون ولكن ل حكمة في‬
‫أن يبتلي نبيه هذا البتلء إلى حد الضرب والحصار والخراج ثم ينتهي المر‬
‫إلى الهجرة إلى المدينة كل ذلك ليرفع ال شأنه ويكثر ثوابه ولحكم ل نعلمها‬
‫لن ال سبحانه وتعالى ل يفعل فعلً إل لحكمة والعباد قد يدركون أحياناً بعض‬
‫الحكم في بعض أفعال ال سبحانه وتعالى وقد ل يدركون أن أدركنا الحكمة في‬
‫فعل الرب سبحانه وتعالى في قضائه وقدره وافعاله أن أدركنا أما نصًا أو‬
‫استنتاجا نزداد بذلك إيمانا على إيمان وان لم ندرك الحكمة علينا المتثال‬
‫والتصديق هذا ما جرى للرسول عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وبلده مكة ‪ ،‬وهاجر إلى المدينة ‪ ،‬بعثه ال بالندارة عن الشرك ))‬

‫‪54‬‬
‫الشرح ‪ :‬أمر بان ينذر بهذا أرسل فاصبح نبياً رسولً عليه الصلة والسلم‬
‫ولذلك يقول الشيخ رحمه ال نبئ باقرا وأرسل بالمدثر وأما بلده الذي ولد فيه‬
‫مكة وبعثه ال بالنذارة عن الشرك وليدعو إلى التوحيد ‪ ،‬النذار هو العلم مع‬
‫التخويف العلم إن لم يكن معه تخويف ل يسمى إنذاراً بل هو مجرد إعلم ‪،‬‬
‫فرسول ال وصفه ربه بهذه الصفات ‪ ‬إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ‪‬‬
‫وداعيًا إلى ال بأذنه وسراجاً منيراً ‪ ‬وهذه الية تبين وظيفة النبي وأعماله‬
‫التي أرسل من أجلها وبها أمر اتباعه ليكونوا مبشرين ومنذرين ودعاة إلى ال‬
‫على بصيرة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ويدعو إلى التوحيد ))‬
‫الشرح ‪ :‬ويدعو إلى التوحيد ‪ ،‬يعني يبدأ بالدعوة إلى التوحيد وليست دعوة نبينا‬
‫محمد ودعوة اتباعه ليست قاصرة على التوحيد ولكنه بدأبالتوحيدوركز‬
‫على التوحيد لنه الساس ‪ ،‬والمراد بالتوحيد هنا توحيد العبادة ومحل المعركة‬
‫‪ ،‬أما توحيد الربوبية فالناس معترفون من قبل ‪ ،‬فتوحيد الربوبية يستوي فيه‬
‫الكافر والمؤمن لذلك أخبر ال عن المشركين ‪ ‬ولئن سألتهم من خلق السماوات‬
‫والرض ليقولن ال ‪ ‬ل يوجد في المشركين من يدعي بأن أحداً شارك ال في‬
‫خلق السماوات والرض وفي تدبير المر من السماء إلى الرض وفي‬
‫التصرف في هذا الكون ‪ ،‬والعجب كل العجب أن يحصل في الونة الخيرة‬
‫في المتصوفة من يشرك بال سبحانه وتعالى في ربوبيته بعد أن كان المشركين‬
‫يوحدون ال تعالى في ربوبيته ‪ ،‬وفي مشايخ الطرف وكثير من الطرق‬
‫ل بالخدمة ‪ ،‬وهذه‬ ‫الصوفية اعتقادهم أن الشيخ شيخ الطريقة إذا كان حياً مشغو ٌ‬
‫عبارتهم المقصود بالخدمة العبادة ‪ ،‬فإذا مات تفرغ ليتصرف في هذا الكون‬
‫لتباعه وهو المسؤول عن أرزاقهم وآجالهم وتدبير شؤونهم ناسين رب‬
‫العالمين سبحانه وتعالى وهذا الكلم الذي نقوله مروٍ في كتب المتصوفة كتب‬
‫أبن عربي مثل فصوص الحكم وغير ذلك من الكتب لبن الفارض وأبن سبعين‬
‫وأبن عجيبه وهؤلء البناء غير البررة تجد في كتبهم الكفر البواح والكفر‬
‫الذي لم يرتكبه كفار قريش ‪ ،‬لذلك يقول المام أبن تيميه ( أتت فرقة وحدة‬
‫الوجود بكفر لم يعرفه كفار قريش ) لن في كفار قريش لم يقع ولم يحصل من‬
‫يقول ليس في الجبة إل ال ‪ ،‬وهذه مقالة أبن عربي وعلى طلب العلم أن‬
‫يفرقوا بين أبن عربي وأبن العربي ‪ ،‬أبن العربي عالمٌ سنيٌ إمام من أهل‬
‫الحديث مالكي المذهب وهذا معروف ومشهور ‪ ،‬أما أبن عربي المنكر هذا هو‬

‫‪55‬‬
‫النكرة ‪ ،‬المنكرة هو الذي أنشأ فكرة وحدة الوجود أي نفى الثنينية على حد‬
‫تعبيرهم نفى الثنينية في الكون ‪ ،‬الكون شيء واحد قال أبن عربي ‪:‬‬
‫يا ليت شعري‬ ‫الرب عبد والعبد رب‬
‫من المكلف‬
‫وإن قلت ربٌ‬ ‫إن قلت عبدٌ فذاك حقٌ‬
‫فأنى يكلف‬
‫الشاهد التوحيد الذي دعت إليه الرسل وتعبوا في الدعوة إليه ‪ ،‬وقامت‬
‫الخصومة بينهم وبين أتباعهم هو توحيد العبادة وإل جميع الكفار في جميع‬
‫الملل كلهم يعترفون بربوبية ال تعالى أي يوحدون ال تعالى بأفعاله‬
‫وليعتقدون بأن أحداً شارك ال في خلقه وفي رزق العباد وفي تدبير أمور‬
‫العباد لذلك يؤمنون بال بربوبيتة ‪ ،‬ولكن يتخذون آلهة من دون ال تعالى ل‬
‫لنها تخلق أو ترزق ولكن لتقربهم إلى ال زلفى وسائط وشفعاء وهذا هو شرك‬
‫المشركين الولين ‪ ،‬ولكن كما قلنا زين الشيطان لكثيرٍ من اتباع المتصوفة‬
‫فوقعوا في الشركين معاً شرك في توحيد اللوهية وشرك في توحيد الربوبية‬
‫ويحسب كثي ٌر من الناس الذين ل يعرفون ترجمة وحياة المام محمد بن عبد‬
‫الوهاب أنه إنما دعا إلى توحيد العبادة وإنما جدد الدين في توحيد العبادة فقط‬
‫وهذا خطأ وإذا درست حياته تجد أن أول ما نفذ من [ عمل ] الحكم أن رجم‬
‫امرأة اعترفت بفاحشة الزنا أمامه وأصرت على ذلك أي إن دعوته بدأت‬
‫بالتوحيد وفي إقامة الحدود والصلح العام والحكم بما انزل ال وفي إصلح‬
‫العقيدة وفي إصلح العبادة أي دعوة عامة ‪ ،‬ولكن نظراً لن الوضع الذي جاء‬
‫فيه وما يجري في أرض نجد في تلك اليام هو الشرك في العبادة لن القوم‬
‫كانوا يعبدون النخل كان النخل عندهم كثير ‪ ،‬يعبدون أشجار النخل ويعبدون‬
‫الجن ويعبدون القبور لذلك ركز على توحيد العبادة ولما استقر به المقام بعث‬
‫وهو بالدرعية رسائل كثيرة إلى القطار بين تلك الرسائل دعوته وبين موقفه‬
‫من الئمة الربعة وبين موقفه من الصحابة ‪ ،‬وبين موقفه من السنة ‪ ،‬وبين‬
‫موقفه من جميع الحكام وأوضح أن دعوته ليست مجردة ‪ ،‬القول بأن هذا‬
‫شرك وهذا توحيد كما يُذيع خصومه ولكنها دعوة عامة تجديد عام إلى كل ما‬
‫وعلق غبار الجاهلية بتلك الحكام ‪ ،‬بداً من العقيدة والعبادة‬ ‫دعي إليه محمد‬
‫إلى الحكام ‪ ،‬أما تجديده جميع هذه النواحي فليفهم إن هذا التجديد تجديد عام‬
‫لذلك ينبغي أن تقرءوا ما كتب أخيراً في ترجمته لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن‬
‫باز ترجمة خاصة ولبعض الشيوخ المعاصرين ينبغي أن تطلعوا على ذلك‬

‫‪56‬‬
‫وتعرفوا حقيقة هذا التجديد ولذلك معنى قولنا يدعو إلى التوحيد كما قلنا إلى‬
‫توحيد العبادة لذلك ركز هو أيضاً على توحيد العبادة لن الوضع متشابه ‪،‬‬
‫الوضع في نجد متشابه مع الوضع في مكة عند أن بعث الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم ثم أن الرجل تجول في كثير من المصار فعرف أن الوضع متشابه‬
‫في العالم كله ‪ ،‬إن العالم كله بحاجة إلى التجديد العام ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬يا أيها المدثر ‪ ‬قم فأنذر ‪ ‬وربك فكبر ‪ ‬وثيابك‬
‫فطهر ‪ ‬والرجز فاهجر ‪ ‬ول تمنن تستكثر ‪ ‬ولربك فاصبر ‪ [  ‬المدثر ‪ 1 :‬ـ ‪، ] 7‬‬
‫ومعنى ‪ ‬قم فأنذر ‪ ‬يُنذر عن الشرك ‪ ،‬ويدعو إلى التوحيد ‪‬وربك فكبر ‪ ‬أي‬
‫عظمه بالتوحيد ‪  ،‬وثيابك فطهر ‪ ‬أي طهر أعمالك عن الشرك ))‬
‫الشرح ‪ :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬يا أيها المدثر ‪ ‬قم فأنذر ‪ ‬وربك فكبر ‪ ‬وثيابك‬
‫فطهر ‪ ‬والرجز فاهجر ‪ ‬ول تمنن تستكثر ‪ ‬ولربك فاصبر ‪ ‬قال الشيخ رحمه ال‬
‫‪ :‬في شرح هذه الية فقال ‪  :‬قم فأنذر ‪ ‬ينذر أي أنذر عن الشرك أي بنوعيه‬
‫الشرك الكبر والشرك الصغر ‪ ،‬ويدعو إلى التوحيد لن الدعوة إلى التوحيد‬
‫تشتمل على اليمان والكفر معاً ‪ ،‬اليمان بال سبحانه وتعالى رباً معبوداً ‪،‬‬
‫والكفر بمن سواه من المعبودات هذا هو معنى الدعوة إلى التوحيد أي الدعوة‬
‫إلى شهادة أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال ‪.‬‬
‫وقوله تعالى ‪  :‬وربك كبر ‪ ‬أي عظمة بالتوحيد ومن وحد ال فقد عظمه ومن‬
‫صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير ال تعالى فقد شبه ذلك المعبود بال وفي‬
‫تشبيه المخلوق بالخالق عدم تعظيم ال تعالى ‪ ،‬ومن دعا غير ال واستغاث‬
‫بغير ال وذبح لغير ال جعل ذلك الذي يعبده أي شبه ذلك الذي يعبده شبهه بال‬
‫حيث فخمه سمعاً كسمع ال وعلماً كعلم ال وقدرة كقدرة ال هذا من أقبح أنواع‬
‫التشبيه ‪ ،‬التشبيه الثاني ‪ :‬تشبيه الخالق بالمخلوق ‪ ،‬والتشبيه الول تشبيه‬
‫المخلوق بالخالق ‪ ،‬والتشبيه الثاني هو تشبيه الخالق بالمخلوق هذا الذي أبتلى‬
‫به علماء الكلم ‪ ،‬ولكن هذا النوع وهو المنتشر كما قال العلمة أبن القيم بل ما‬
‫كان يعرف سابقاً إل هذا النوع قبل نشأة علم الكلم ‪ ،‬التشيبه المذموم الذي ندد‬
‫به القرآن هو تشبيه المخلوق بالخالق ‪.‬‬
‫‪‬و وثيابك فطهر ‪ ‬أي طهر أعمالك عن الشرك ‪ ،‬تفسير الثياب بالعمال ليس‬
‫بتأويل بل تفسير لغوي فيقال إذا أرادوا أن يصفوا إنسان بالنزاهة يقال فلن‬
‫ثيابه طاهرة ‪ ،‬وإذا أرادوا أن يعيبوه في خلقه يقال ثيابه دنسه أي ليست‬
‫بطاهرة ‪ ،‬إذًا تخصيص الثياب بالعمال تفسير لغوي وليس بتأويل وهذا التنبيه‬

‫‪57‬‬
‫لن كثيرًا من الناس ل يفرقون بين التفسير وبين التأويل فإذا راءوك تفسر مثل‬
‫هذا التفسير يقولون أنتم تقولون ل نأول ولكن تؤولون ‪ ،‬التأويل المذموم‬
‫التحريف ‪ ،‬تحريف الكلمة وأن تحمل الكلمة مل تتحمل ل لغة ول شرعًا ‪ ،‬أما‬
‫التفسير اللغوي تفسير المفردات باللغة ليس بتأويل ولكنه تفسير وبيان والتأويل‬
‫في لغة المفسرين كما نعلم بمعنى التفسير والبيان إنما التأويل عند المتأخرين‬
‫بمعنى التحريف ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والرجز فاهجر ‪ ‬الرجز ‪ :‬الصنام وهجرها تركها والبراءة منها ))‬
‫الشرح ‪  :‬الرجز فاهجر ‪ ‬يقول الشيخ الرجز الصنام والوثان وكل ما عبد من‬
‫دون ال تعالى وهجرها تركها وترك أهلها والبراءة منها ومن أهلها أي والكفر‬
‫بها واليمان بتوحيد ال تعالى ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬أخذ على هذه عشر سنين يدعو إلى التوحيد ))‬
‫الشرح ‪ :‬أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد وإلى إفراد ال تعالى ‪،‬‬
‫لن القوم تمكنت منهم الوثنية والشرك وبعد العشر عرج به السماء حكمة منه‬
‫سبحانه وتعالى قبل الهجرة إلى المدينة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وبعد العشر عُرج به إلى السماء ‪ ،‬وفرضت عليه الصلوات الخمس‬
‫))‬
‫الشرح ‪:‬عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس هذا العروج‬
‫وإيجاب الصلوات عليه وهو فوق السماوات السبع بعد سدرة المنتهى إلى أن‬
‫وصل إلى حيث يسمع صر يف القلم ‪ ،‬أقلم الملئكة وهم يكتبون المقادير‬
‫وصل إلى هناك وحده بعد أن تأخر جبرائيل عند سدرة المنتهى لم يتجاوزها‬
‫وأنفرد وحده عليه الصلة والسلم بهذا المقام فخاطبه ربه مباشرة دون واسطة‬
‫جبرائيل فكلمه وأسمعه كلمه ‪ ،‬رسولنا عليه الصلة والسلم سمع كلم ال‬
‫مباشرة في تلك الليلة في تلك اللحظة عندما أوجب عليه الصلوات وهذا مما‬
‫يستدل به على أن ال سبحانه وتعالى يتكلم بكلم يسمع له صوت ( صوت‬
‫يسمع ) فرسول ال سمع كلم ال بصوت ال في ليلة السراء والمعراج‬
‫بدون واسطة مباشرة ‪ ،‬وكل من خاطبهم ربهم من النبياء إنما سمعوا كلم ال‬
‫بصوت ‪ ،‬واكرر هذا في كل مناسبة راداً على الشاعرة الزاعمين بأن كلم ال‬
‫الحقيقي ليس بحرف ول صوت وإنما هو معنىً واحد قائمٌ بذات ال هو الذي‬
‫يترجم إلى العربية فيقال له قرآن ‪ ،‬وإلى السريانية والعبرية فيقال لها توراة يا‬
‫ليت شعري من الذي ترجم كلم ال الذي‬

‫‪58‬‬
‫في نفس ال ؟ من الذي ترجمه إلى هذه اللغات ؟ من هو جبرائيل أم محمد ‪،‬‬
‫وهل علم أح ٌد بما في نفس ال حتى يترجم هذه الترجمة إن القوم لم يفكروا أدنى‬
‫تفكير عندما قالوا هذا الكلم ولكن عقيدة تقليدية ‪ ،‬التلميذ يقلد الشيخ والشيخ يقلد‬
‫الشيخ الول وهكذا تقليدٌ مسلسل وليس هناك دليلٌ أو مستند الذي ينفي أن يكون‬
‫كلم ال بحرفٍ وصوت بل القرآن يصرح بأن هذا القرآن نفسه بحروفه كلم‬
‫‪‬وإن أحد من المشركين أستجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ‪ ‬كلم ال‬ ‫ال‬
‫الذي قراءه رسول ال على المشركين فسمعوه هو هذا القرآن بألفاظه أما‬
‫الصوت الذي سمعوه [ فهو ] صوت رسول ال والصوات الذين نسمعها‬
‫الن أصوات القراء مثل صوت الحصري وصوت فلن … الخ ولكن الكلم‬
‫المقروء المسموع كلم ال المتلو كلم الباري والمسموع صوت القارئ وإذا‬
‫قلنا كلم ال بحرف وصوت ل نعني الصوات التي نسمعها الن من القراء‬
‫والئمة عندما يقرءون القرآن أنها صوت ال ل هذه الصوات أصوات القراء‬
‫ولكن الكلم المتلو كلم الباري سبحانه ‪ ‬يا أيها المدثر ‪ ‬هذا كلم ال ‪،‬‬
‫والصوت الذي تسمع عندما يقرأ القارئ صوت ذلك القارئ لذلك جعل بعض‬
‫أهل العلم من السلف هذا الكلم كقاعدة ( الصوت صوت القارئ والكلم كلم‬
‫الباري ) وفي هذا الحديث أيضاً بيان مكانة الصلة ‪ ،‬جميع الفرائض السلمية‬
‫والواجبات إنما أوجبها ال ورسول ال في الرض بين أصحابه إما في مكة‬
‫وأما في المدينة ولكن الصلة ما أراد ال أن يفرض الصلوات رفع نبيه عليه‬
‫الصلة والسلم إليه وقربه إليه فخاطبه فأوجب عليه خمسين صلة فجعل النبي‬
‫بإشارة من أخيه موسى عليه السلم يشفع لنا فشفع لنا عند ال فتردد بين‬
‫موسى وبين المكان الذي سمع فيه كلم ال عدة مرات لطلب التخفيف فخفف‬
‫ال عنا الصلوات بعد أن كانت خمسين صلة إلى خمس صلوات من حيث‬
‫العدد والجر باقي إن شاء ال وهذا دليل على مكانة الصلة في السلم ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وصلى في مكة ثلث سنسن وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة ))‬
‫الشرح ‪ :‬وصلى رسول ال بعد أن فرضت عليه الصلوات صلى في مكة‬
‫ثلث سنين ‪ ،‬وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة بعد أن مهد للهجرة إلى المدينة‬
‫لصحابه المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة كما سيأتي ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والهجرة ‪ :‬النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم ))‬
‫الشرح ‪ :‬والهجرة النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم ‪ ،‬الهجرة في‬
‫الصطلح ‪ :‬النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫س ‪ /‬وكيف سميت هجرة الصحابة من مكة إلى الحبشة هجرة إذ والحبشة‬
‫ليست دار إسلم ‪ ،‬دار كفرٍ وإن كان الكفر يتفاوت كانوا نصارى من أهل‬
‫الكتاب ؟‬
‫جـ ‪ /‬هاجر الصحابة من أذى المشركين إلى الحبشة بإشارة من رسول ال عليه‬
‫الصلة والسلم وأرض الحبشة ليست دار إسلم ‪.‬‬
‫س ‪ /‬إذاً كيف تطلق الرحلة على تلك الرحلة وذلك السفر هجرة الصحابة إلى‬
‫الحبشة ؟‬
‫جـ ‪ /‬يطلق عليها من الناحية اللغوية الهجرة في اللغة النتقال من مكان إلى‬
‫مكان ودائماً تلحظون المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي‬
‫الصطلحي ‪ ،‬مجرد النتقال من بلد إلى بلد يسمى هجرة لغةً ‪ ،‬وشرعاً ل‬
‫يسمى هجرة إل إذا كان النتقال من دار الكفر إلى دار السلم ثم هجرة‬
‫الصحابة عند التحقيق ليست الهجرة المعروفة ولكنها رحلة دعوى وتبليغ‬
‫ونشر الدعوة وليشرحوا الدعوة الجديدة في القارة الفريقية هذا الذي أزعج‬
‫أهل مكة قالوا دعوة الرجل خرجت إلى أفريقيا إلى النجاشي وكان معروفا‬
‫لديهم لذلك تضايقوا إلى أن اختاروا وفدا يرأسه أدهى رجالت العرب عمرو‬
‫بن العاص وزوده بكل المعلومات والهدايا المحبوبة إلى ملوك الحبشة فتقدم‬
‫واتصل بالملك وبرجال البلط ورش الرض كما يقولون بالهدايا ليقبل طلبه ما‬
‫هو الطلب ؟ أن يسلم لهم هؤلء الوفد وصفهم بأنهم سفهاء هكذا دائمًا أهل‬
‫الباطل يصفون أهل الحق بالسفاهة والجنون وقلة الفهم ‪ .‬سفهاء خرجوا من‬
‫دين آبائهم ولم يدخلوا في دينك كأنه يريد ل يوجد هنا غير ديننا ودينك أيها‬
‫النجاشي وهؤلء لهم في دينك ول في دين‬
‫آبائك بدليل أنهم إذا دخلوا عليك ل يسجدوا لك تحية ملوك الحبشة لنهم سفهاء‬
‫هكذا دعاهم وجاءوا يتقدمهم جعفر بن أبي طالب فوقف بالباب ورفع صوته‬
‫يستأذن عليك حزب ال بأعلى صوته ‪ ،‬صوت غريب من رجل غريب قال‬
‫فليعد فأعاد يستأذن عليك حزب ال وقع في نفس النجاشي بأن القوم ليسوا‬
‫بعاديين قال فليدخلوا فدخل جعفرٌ يتقدمهم ‪ ،‬دخل عليه أنفاً غير منحني واقف‬
‫فعند ذلك سأله النجاشي لماذا لم تسجد لي ؟ أي لم تحيني بتحية قومي ‪ ،‬قال إنما‬
‫نسجد للذي ملكك ‪ ،‬ل نسجد لك نسجد للذي ملكك أي للذي جعلك ملكاً ‪ ،‬ال هو‬
‫الذي يأتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء الذي ملكك هو الذي يستحق‬
‫العبادة والسجود ‪ ،‬تأثر الرجل فجعل يسألهم عن الدين الجديد ‪ ،‬وعن الرسول‬
‫الجديد وما جاء به وما نزل عليه ‪ ،‬باختصار عرف الحقيقة ورد الهدايا لوفد‬

‫‪60‬‬
‫قريش فطردهم فرجعوا خاسرين لم ينجحوا ‪ ،‬ولما أكرم أصحاب رسول ال‬
‫عليه الصلة والسلم وفيهم آل البيت بل بعض بنات النبي عليه الصلة‬
‫والسلم أكرمه ال بالسلم فصار أول ملك من الملوك المعاصرين آمن‬
‫بالرسول وأعلن إيمانه ‪ ،‬هكذا معنى هجرة الصحابة إلى الحبشة ليست‬
‫الهجرة المعروفة المعهودة وإنما هي دعوة إلى ال وتبليغ لرسالة ال وشرح‬
‫لدين ال الجديد ليعرف القدم هناك وتنتشر الدعوة وتخرج من الجزيرة وهذا‬
‫هو هدف الهجرة ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والهجرة فريضة على هذه المة من بلد الشرك إلى بلد السلم ))‬
‫الشرح ‪ :‬والهجرة فريضة على هذه المة من بلد الشرك إلى بلد السلم وهي‬
‫باقية حتى تقوم الساعة في هذا الوقت توجد أنواع من الهجرة‬
‫أ ـ هجرة غريبة ‪ ،‬يهاجر بعض المسلمون بعد أن يتضايقوا في أرض ولم‬
‫يتمكنوا من إظهار دينهم وتعبوا من المتابعة والستفهامات ‪ ،‬يهاجرون إلى‬
‫بعض دول أوروبا هجرة ويتمكنون من إقامة شعائر الدين هناك يبنون المساجد‬
‫والمدارس وفي فرنسا بلغني تحولت مدينة كأنها مدينة عربية إسلمية من كثرة‬
‫المساجد والمدارس قام بذلك بعض المهاجرين من العرب الذين يحملون‬
‫المعلومات من الحرمين بواسطة التسجيل وينشرون الدعوة هناك من الشرطة‬
‫فانتشرت الدعوة على المنهج السلفي بحمد ال تعالى ‪ ،‬نحن نعمل في بلد‬
‫إسلمي آمنين على أنفسنا وأموالنا وكل شيء ‪ ،‬أولئك يعملون في دار الكفر‬
‫حولوا بجهودهم بتوفيق ال تعالى مدنًا أصبحت دار إسلم أفتى لهم بعض‬
‫المشايخ أن تلك المدينة أصبحت دار إسلم لهم أن يعيشوا فيها ول يتضايقوا‬
‫ول يقولون نحن هاجرنا من دار السلم إلى دار الكفر لنهم تمكنوا من تحويل‬
‫مدينتهم إلى دار إسلم ول الحمدوالمنة ‪ ،‬وهكذا توجد بعض أنواع الهجرة في‬
‫هذا الوقت ‪ ،‬مسلمون ومن العرب في الكثير يتضايقون في أرضهم فيصبحون‬
‫غرباء فيهاجرون فيفتح ال عليهم هناك ويعيشون مرفوعي الرأس يدعون إلى‬
‫دين ال تعالى بالحرية ‪ ،‬ومثل هذا جائز استدلل بهجرة الصحابة إلى الحبشة‬
‫وأنهم عاشوا هناك يعبدون ال تعالى بحريتهم بعد أن تضايقوا في مكة ‪.‬‬
‫ب ـ وأما هجرة أفرادٍ من المسلمين إلى أوربا إلى أمريكا إلى الدول الشرقية‬
‫ليعيش وحيداً بين الكفار ل يستطيع أن يظهر شعائر دينه وربما كُلف كما بلغنا‬
‫أن يترك صلة الظهر والعصر ويجمع كل يوم صلة النهار إلى الليل ‪ ،‬يصلي‬
‫في الليل وفي النهار ل يمكن ويتطور المر إلى أنه يترك الجمعة مطلقاً لن‬
‫الجازة عندهم يوم الحد ويوم الجمعة يوم عمل يضطر إلى أن يطيع جورج‬

‫‪61‬‬
‫مدير الشركة ‪ ،‬عبد الرحمن يطيع جورج ‪ ،‬وجورج يقول له عندنا إجازة يوم‬
‫الحد ‪ ،‬الجمعة ل ‪ ،‬إن شئت عملت عندنا وإن شئت تركت ‪ ،‬يعيش هناك حياة‬
‫الحيوان للكل والشرب والنكاح ليس عنده غير هذا ‪ ،‬يترك دينه ‪ ،‬مثل هذه‬
‫الحياة غير جائزة ‪ ،‬من أبتلي بمثل هذه الهجرة أي كي أن يهاجر وحده ليعيش‬
‫هناك بين الكفار ذليلً ناسياً عز السلم ‪  ،‬ول العزة ولرسوله وللمؤمنين ‪‬‬
‫ناسياً هذا المعنى يعيش تحت إدارة جورج متذللً مطأطأ رأسه ‪ ،‬أمامه يا‬
‫سيدي يا سيدي يطلب الجازة ‪ ،‬وجورج ل يجيز ‪ ،‬ومثل هذه الحياة حرام ‪،‬‬
‫وحرام أن يعيش مسلم كهذه الحيلة في بلد غير بلد السلم ‪.‬‬
‫جـ ـ إذا أذي مسلم في بلده وهناك بلدٌ إسلمي يستطيع أن يعيش فيه ويعبد ال‬
‫بحريته يأمن على نفسه وماله ودينه وجب عليه أن يهاجر اللهم إل إذا كان‬
‫بقاءه هناك تحت اليذاء فيه مصلحة للدعوة السلمية ‪ ،‬قد يؤذى في نفسه وفي‬
‫ماله لكنه يؤثر ببقائه هناك كأن كان طالب عل ٍم ومن العلماء ينشر العلم والدعوة‬
‫سراً في بيته وفي كل مناسبة صابراً على الذى مثل هذا ل ينبغي أن يهاجر ‪،‬‬
‫ينبغي أن يبقى هناك صابراً على الذى ما لم يؤمر بكفر بواح ومالم يُنهى عن‬
‫الصلوات أما إذا كان مجرد الذاء في نفسه وماله عليه أن يصبر فيبلغ دعوة‬
‫ال هناك ‪ .‬وسبق أن قلنا الهجرة في اللغة ‪ :‬النتقال من كان إلى مكان‪.‬‬
‫وفي الصطلح ‪ :‬النتقال من دار الشرك إلى دار اليمان ‪ ،‬أو النتقال من دار‬
‫الخوف إلى دار المن ‪ ،‬وهذا التعريف الثاني زاده المام النووي وبه يصح‬
‫إطلق الهجرة على هجرة أصحاب رسول ال إلى الحبشة ‪ ،‬وإل على‬
‫التعريف الول لم يكن انتقالهم من دار الكفر إلى دار السلم ‪ ،‬ولكن كان‬
‫انتقالهم من دار الخوف والقلق والخوف على الدين وعلى النفس إلى دار المن‬
‫والمان ‪ ،‬من مكانٍ كانوا يخافون فيه على أنفسهم ودينهم ويخافون على عبادة‬
‫ال تعالى بحريتهم انتقلوا إلى مكان يأمنون فيه على أنفسهم ودينهم وعبادتهم‬
‫بهذا المعنى يصح اصطلحا إطلق الهجرة على سفر أصحاب رسول ال عليه‬
‫الصلة والسلم إلى الحبشة ‪ ،‬وإل فتكون هجرتهم هجرة لغوية ويكون الهدف‬
‫كما قلنا نشر الدعوة وتبليغ الناس في إفريقيا الدين الجديد وما جاء به خاتم‬
‫‪.‬‬ ‫النبيين محمد‬
‫قوله ‪(( :‬وهي باقية إلى أن تقوم الساعة والدليل قوله تعالى ‪  :‬إن الذين‬
‫توفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في‬
‫الرض قالوا ألم تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم‬
‫وساءت مصيراً ‪ ‬إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ل يستطيعون‬

‫‪62‬‬
‫حيلة ول يهتدون سبيلً ‪ ‬فأولئك عسى ال أن يعفوا عنهم وكان ال غفواً‬
‫غفوراً ‪[ ‬النساء ‪ 97 :‬ـ ‪)) ]99‬‬
‫الشرح ‪ :‬والهجرة فريضة على هذه المة من بلد الشرك إلى بلد السلم وهي‬
‫باقية حتى تقوم الساعة ‪ ،‬حتى قال بعض الئمة كالمام مالك ‪ ( :‬إذا كان‬
‫النسان يوجد في بلد يُسب فيه السلف الصالح ول يستطيع منعهم وجب عليه‬
‫الهجرة من ذلك المكان ‪ ،‬أي لو أبتلي فردٌ مسلم يعيش بين أعداء أصحاب‬
‫رسول ال عليه الصلة والسلم والتابعين ويسبونهم علناً وهو ل يستطيع‬
‫معارضتهم ومنعهم ل يجوز البقاء بينهم بل يجب عليه أن يغادر ويهاجر من‬
‫ذلك المكان إلى مكان آخر نص على هذا المام مالك رحمه ال ‪ ،‬والدليل على‬
‫وجوب الهجرة قوله تعالى ‪  :‬إن الذين توفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما‬
‫كنتم قالوا كنا مستضعفين في الرض ……‪ .‬الية ‪ ‬هذه الية كما قال المام‬
‫البغوي وغيره من أهل العلم نزلت في قوم نطقوا بالسلم ولم يهاجروا ‪،‬‬
‫نطقوا بكلمة السلم أشهد أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال ‪ ،‬ولكنهم لم‬
‫يهاجروا مع رسول ال عليه الصلة والسلم إلى رسول ال بل بقوا بين‬
‫المشركين بمكة وكانت الهجرة في ذلك الوقت شرطٌ لقبول السلم ‪ ،‬من اعتنق‬
‫السلم يجب عليه أن يلحق برسول ال عليه الصلة والسلم ول يجوز له‬
‫البقاء بمكة ‪ ،‬هؤلء لم يخرجوا ولما خرج المشركون إلى بدر خرجوا معهم‬
‫ليقاتلوا المسلمين معهم فقتلوا وفيهم نزلت هذه الية ‪ ‬إن الذين توفاهم الملئكة‬
‫ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الرض …‪..‬الية ‪، ‬‬
‫وظالمي أنفسهم حال أي حال كونهم ظالمين أنفسهم وظالمي أنفسهم في البقاء‬
‫بين المشركين بعد أن نطقوا بكلمة السلم أو ظالمي أنفسهم بالشرك حيث لم‬
‫يقبل منهم إسلمهم ونطقهم بكلمة السلم واعتبروا من المشركين فالملئكة‬
‫يضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم فيما كنتم في أي فريق كنتم هل كنتم‬
‫مع المسلمين أو كنتم مع المشركين فيما كنتم في أي شيء كنتم في السلم أو‬
‫في الشرك ؟ استفهام تقريعي وتوبيخ وتعيير ‪ ،‬قالوا وهم يعتذرون ‪  :‬كنا‬
‫مستضعفين في الرض ‪ ‬علم ال بأن هذا العذر باطل لم يقبل منهم هذا العذر ‪‬‬
‫ل أولياً‬ ‫قالوا ألم تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها ‪ ‬يدخل في أرض ال دخو ً‬
‫المدينة أرض ال الواسعة وفي مقدمتها المدينة النبوية لماذا لم تهاجروا إليها ؟ ‪‬‬
‫فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً ‪ ‬وهذا دليل أن ال لم يقبل عذرهم وأن‬
‫عذرهم باطل وتعليلٌ غير مقبول ولذلك عذر ال من علم صحة عذرهم فقال‬
‫الرب سبحانه ‪  :‬إل المستضعفين من الرجال والولدان ل يستطيعون حيلة ول‬

‫‪63‬‬
‫يهتدون سبيلً ‪ ‬هؤلء عذرهم ال من كان من الرجال والنساء والطفال‬
‫العاجزين عن الهجرة وهم باقون بين المشركين عذرهم ال سبحانه وتعالى‬
‫فقال ‪  :‬فأولئك عسى ال أن يعفو عنهم وكان ال عفواً غفوراً ‪ ‬يقول عبد ال بن‬
‫عباس هو وأمه من هؤلء المعذورين من المستضعفين الذين قبل ال عذرهم‬
‫هكذا إذا كان النسان صادقاً مع ال وعلم ال عذره وعجزه وأنه لحيلة له ‪،‬‬
‫يقبل ال عذره ويعفو عنه ‪ ،‬هذه قاعدة في كل شيء ‪ ،‬ال سبحانه وتعالى ل‬
‫تنطلي عليه المور لكما يفعله بعض الناس الن يلوذون باسم السلم وينادون‬
‫باسم السلم ويتشدقون باسم السلم إذا اشتدت بهم المور وهم دعاة ضد‬
‫السلم ومعادون للسلم وعلمانيون ل إسلم لهم ‪ ،‬ولكن إثارة للنفوس قد‬
‫يعتذرون بالسلم فال سبحانه وتعالى ل تنطلي عليه المور ‪ ،‬يجب أن يصدق‬
‫العبد مع ال من كان صادقاً في عذره وفي إسلمه وفي تمسكه بدين ال قبل ال‬
‫عذره ومن ل فل ‪ ،‬هؤلء الولون منهم اعتذروا ‪ ‬قالوا كنا مستضعفين في‬
‫الرض ‪ ‬لم يقبل ال عذرهم لنهم غير صادقين ولكن عذر العاجزين فقال في‬
‫حقهم ‪ ‬فأولئك عسى ال أن يعفو عنهم ‪ ‬وعسى من ال واجب ليس للرجاء ‪‬‬
‫وكان ال عفواً غفوراً ‪. ‬‬
‫كذلك مما يذكر هنا إذا أوجب ال شيئاً أو حرم شيئاً لبد حكمة منه ورحمة‬
‫للعباد أن يستثني ‪ ،‬أوجب ال الهجرة على كل من آمن بحيث ل يقبل عذره ول‬
‫يقبل إسلمه حتى يهاجر ذلك قبل فتح مكة ‪ ،‬وانقطعت هذه الهجرة وهذا‬
‫الوجوب بفتح مكة ‪ ،‬وقبل ذلك ل يقبل من أحدٍ إسلم حتى يهاجر هذه كانت‬
‫كقاعدة ومع ذلك استثنى ال المستضعفين والمضطرين إلى البقاء الذين ل‬
‫يجدون حيلة في السفر ‪ ،‬لما حرم ال الميتة والدم ولحم الخنزير استثنى‬
‫المضطرين إلى أكل الميتة وأكل لحم الخنزير وأكل الدم رحمة منه سبحانه‬
‫وتعالى ‪ ،‬لتجد لو تتبعت واستقرأت الكتاب والسنة قاعدة كهذه إل وتجد‬
‫الستثناء وذلك الستثناء قاعدة قعد منها الصوليون ‪ ،‬قالوا الضرورات تبيح‬
‫المحظورات ‪ ،‬بهذه المناسبة كان يوم بدر تبع رسول ال رجلٌ مشرك فقال‬
‫‪ :‬يا رسول ال أريد أن أتبعك فأصيب معك ما تصيب فقال له ‪ { :‬هل تؤمن‬
‫بال ورسوله ؟ } فقال ‪ :‬ل قال ارجع لن نستعين بالمشركين أنا ل أستعين‬
‫بمشرك أرجع فرده فتبعه مرة ثانية قال له أريد أن أتبعك لنال مما تنال قال له‬
‫‪ { :‬هل تؤمن بال ورسوله } قال ‪ :‬ل قال ‪ { :‬ارجع لن أستعين بمشرك }‬
‫ولحقه مرة ثالثة فقال ‪ :‬ما قال في المرة الولى والثانية فقال له النبي عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ { :‬هل تؤمن بال ورسوله ؟ } قال ‪ :‬نعم قال ‪ { :‬أنطلق }‬

‫‪64‬‬
‫فجاهد معه ‪ ،‬هذا الحديث اختلف أهل العلم في توجيهه ‪ ،‬فمنهم من قال ‪ :‬إنما‬
‫ذلك لنه علم بأن هذا الرجل سوف يسلم إذا رده مرة أو‬ ‫فعل رسول ال‬
‫مرتين يدخل في السلم علم ذلك بالوحي لذلك رده في المرة الولى والثانية‬
‫حتى أسلم وأكرمه ال بالسلم نتبع رسول ال وجاهد معه ‪ ،‬ومن يذهب‬
‫هذا المذهب منهم المام أبو حنيفة وأصحابه وكثيرٌ من أهل العلم يرون جواز‬
‫الستعانة بالمشرك على المشرك لن هذا الحديث لم يكن الغرض منه‬
‫التحريم ‪ ،‬ولكن الغرض منه ترغيب الرجل بالسلم بدليل أن رسول ال‬
‫استعان بصفوان بن أمية في غزوة حنين وهو مشرك وأقر الرجل الذي علم‬
‫بوحي من ال بأنه كافر ومن أهل النار في بعض الوقائع ( في واقعة أحد ) كان‬
‫يقاتل قتالً مريراً وقتل كثيراً فأعجب به الصحابة فكان رسول ال يقول إنه‬
‫من أهل النار اندهش الصحابة من هذا الخبر رجلٌ يبلي بلً حسناً كهذا بين‬
‫يدي رسول ال فيقول فيه الرسول عليه الصلة والسلم إنه من أهل النار‬
‫اتبعه أحد الصحابة ليعرف مصيره وفي النهاية جرح الرجل جرحاً شديدًا فلم‬
‫يصبر اتكأ على سيفه فقتل نفسه ‪ ،‬فأُخبر النبي عليه الصلة والسلم بما جرى‬
‫فقال ‪ { :‬أشهد أني رسول ال } ‪،‬ثم قال ‪ { :‬إن ال لينصر هذا الدين بالرجل‬
‫الفاجر } ومع ذلك لم يمنعه الرسول من المشاركة في الجهاد في القتال من‬
‫ذهب هذا المذهب يرون جواز الستعانة بالكافر على الكافر ‪ ،‬ومن ذهبون‬
‫مذهباً آخر يأخذون ظاهر حديث عائشة عند مسلم في قصة بدر التي ذكرنا‬
‫الن ‪ ،‬الذي يتابع الرسول عليه الصلة والسلم مرتين من يأخذونه على‬
‫ظاهره بدون نظر إلى هذا الفقه الدقيق يقولون ل يجوز الستعانة بالكافر إل‬
‫عند الحاجة ‪ ،‬نص المام الشافعي رحمه ال كراهة الستعانة بهم إل عند‬
‫الحاجة ‪ ،‬وبعد هل [ يفرق ] بين الحاجة والضطرار ؟ ما الفرق بين الحاجة‬
‫وبين الضرورة ؟ الضرورة التي هي الضطرار وبينهما فرق كبير إذا كان‬
‫يكره الستعانة بهم عند بعضهم عند الحاجة ‪ ،‬وأما عند الضرورة والضطرار‬
‫يكون الستعانة بهم إما جائز أو واجباً كأكل الميتة ‪ ،‬فأكل الميتة قد يكون جائزاً‬
‫وقد يكون واجباً ‪ ،‬إذا كنت محتاجًا إلى أكل الميتة فجائز وإذا كنت مضطراً‬
‫فواجب ‪ ،‬الفرق بين الحاجة وبين الضرورة إذا كنت ظمأن ترغب في شرب‬
‫الماء ولكن لو لم تشرب ل يلحقك ضرر هذه تسمى حاجة ‪ ،‬وأما إذا كنت‬
‫مضطرًا إلى شرب الماء بحيث لو لم تشرب يلحقك الضرر والهلك يجب إن‬
‫تشرب وكذلك في أكل الميتة وفي مسألة الستعانة بالكفار كذلك ‪ ،‬إن كانت‬
‫المسألة مسالة اضطرار كأن خفت على نفسك ودينك ومقدساتك وبلدك وامتك‬

‫‪65‬‬
‫مالم تستعن بعد ال بالكافر وتطلب منه المساعدة في مثل هذا الضطرار ‪،‬‬
‫الستعانة بهم واجبة وفي دون الضطرار عند الحاجة العادية الستعانة بهم‬
‫جائزة ‪ ،‬هذا على رأي الطائفة التي ترى عدم الجواز في الصل ‪ ،‬أما الذين‬
‫ذهبوا المذهب الول يرون أن ذلك جائز مطلقاً وانما منع النبي الرجل أن‬
‫يتبعه لما ذكرنا مما كان لعلمه انه سوف يسلم ‪ ،‬ويذهب الحافظ ابن حجر مذهباً‬
‫آخر وهو أن الستعانة كانت ممنوعة بدليل ذلك الحديث ثم أبيحت بدليل قصة‬
‫ل القاعدة الفقهية التي ينبغي أن يفقهها طلب العلم ( إذا حرم‬‫صفوان وعلى ك ٍ‬
‫ال شيئاً وأكد في تحريمه نجد أنه يستثني حالت الضطرار ) منها ما نحن‬
‫بصدده الن ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وقوله تعالى ‪  :‬ياعبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فأيى فا‬
‫عبدون ‪ [ ‬العنكبوت ‪)) ] 65 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ومن أدلة الهجرة أي وجوب الهجرة قوله تعالى ‪  :‬قل يا عبادي الذين‬
‫ءامنوا إن أرضي واسعة فإيي فاعبدون ‪ ‬لستم مضطرين لن تبقوا تحت‬
‫الضطرار والضتهاد ‪ ،‬أخرجوا من أرض الكفر إلى دار السلم فاعبدوا ال‬
‫هناك ‪ ،‬أو من دار الخوف والقلق إلى دار المن والستقرار فاعبدوا ال تعالى‬
‫هناك ‪ ،‬الهجرة هكذا تكون واجبةٌ بهذه اليات إل أن فتحت مكة ‪ ،‬ولكن بقي‬
‫وجوب الهجرة من محل الشرك والضتهاد والساءة إلى المسلمين وإلى‬
‫السلم إلى محل لتسمع فيه كل ذلك ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬قال البغوي رحمه ال ‪ ( :‬سبب نزول هذه الية في المسلمين الذين‬
‫بمكة لم يهاجروا ‪ ،‬ناداهم ال باسم اليمان ) ))‬
‫الشرح ‪ :‬قال البغوي رحمه ال ‪ ( :‬سبب نزول هذه الية في المسلمين الذين‬
‫بمكة لم يهاجورا نا داهم ال باسم اليمان ) يعني المؤلف بهذه الية من سورة‬
‫العنكبوت ل آية النساء ‪ ،‬أما آية النساء تقدم سبب نزولها وإنقسام الناس فيها‬
‫إلى قسمين ‪ :‬إلى قسم عذر وقسم لم يعذر فالية التي يشير إليها المؤلف الية‬
‫الخيرة آية سورة العنكبوت ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل على الهجرة من السنة قوله ‪ { :‬ل تنقطع الهجرة حتى‬
‫ينقطع التوبة ‪ ،‬ول تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } ))‬
‫الشرح ‪ :‬والدليل على الهجرة من السنة قوله ‪ { :‬ل تنقطع الهجرة حتى‬
‫تنقطع التوبة ـ أي يغلق باب التوبة ـ ول تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من‬
‫مغربها } وهذه الهجرة التي ل تنقطع ليست تلك الهجرة التي كانت واجبة من‬

‫‪66‬‬
‫مكة إلى المدينة ‪ ،‬تلك إنقطعت بفتحمكة ‪ ،‬ولكن الهجرة من دار الشرك إلى دار‬
‫السلم كما تقدم الشرح ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع السلم مثل الزكاة ‪،‬‬
‫والصوم ‪ ،‬والحج ‪،‬والذان ‪ ،‬والمر بالمعروف ‪ ،‬والنهي عن المنكر ‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من شرائع السلم ))‬
‫الشرح ‪ :‬فلما استقر النبي بالمدينة أمر ببقية شرائع السلم ‪ ،‬وكان التركيز‬
‫في مكة على العقيدة ‪،‬على تصحيح العقيدة وبناء العقيدة وتصحيحها ‪ ،‬ولما‬
‫استقر هاجر إلى المدينة واستقر في المدينة أقر بشرائع السلم مثل الزكاة‬
‫والصوم والحج والجهاد والذان والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬الجهاد‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات السلم التي إستهان بها‬
‫كثيرٌ من الناس ‪ ،‬جهاد المر بالمعروف والنهي عن المنكر غير موجود في‬
‫أكثر أرض ال اليوم باسم الحرية قضي على الجهاد فنسأل ال تعالى أن يقويه‬
‫وغير ذلك من شرائع السلم ‪ ،‬وأما الجهاد فعند كثير من الناس شعا ٌر أجوف‬
‫يرفعون الشعار فإذا جد الجد لجهاد اعتذروا أو جهاد مقلوب بمعنى معكوس‬
‫غير الجهاد السلمي ‪ ،‬أما الجهاد السلمي لعلء كلمة ال قليل جداً من‬
‫يجاهدون هذا الجهاد دون جعجعة ‪ ،‬ولكن في صمت وإخلص ل تعالى ‪ ،‬وقد‬
‫كشف الجهاد الفغاني كثيرًا من الجهات التي كانت تنادي وتتخذ الجهاد شعاراً‬
‫أجوف كشفهم ففضحهم ‪ ،‬ولما قام الجهاد اعتذروا ‪ ،‬وأما الذين ينادون الن‬
‫بالجهاد الجهاد وهم ممن يجاهدُ فيهم ليسوا ممن يجاهدون في سبيل ال‬
‫‪:‬‬ ‫والقضية معكوسة فليفهم شباب السلم وطلب العلم معنى قوله‬
‫{ أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً } وقد استشكل الصحابة قوله ‪ { :‬أنصر‬
‫أخاك ظالماً } كون تنصره مظلوماً واضح ولكن كيف تنصر أخاك ظالمًا ؟‬
‫لهذا الحديث مفهومان ‪ ،‬مفهومٌ إسلمي ‪ ،‬ومفهو ٌم جاهلي ‪ ،‬المفهوم السلمي‬
‫هو الذي بينه النبي عليه الصلة والسلم وهو أن تكلف أخاك الظالم من الظلم‬
‫وتمنعه من الظلم وتحول بينه وبين الظلم تكون بذلك قد نصرته ‪ ،‬أما المفهوم‬
‫الجاهلي أن تنظم إليه في ظلمه فتظلم معه وتؤيده وتصفق له حتى يتمادى في‬
‫الظلم بسبب تشجيعك وتصفيقك وهذا ما يجري الن للسف بين الغوغائيين‬
‫المنتسبين إلى السلم الذين ل يفهمون من السلم إل هذه الكلمة الجوفاء وال‬
‫المستعان ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬أخذ على هذا عشر سنين ))‬

‫‪67‬‬
‫يدعو إلى هذا التشريع السماوي في‬ ‫الشرح ‪ :‬أخذ على هذا رسول ال‬
‫المدينة عشر سنين ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وبعدها توفي صلوات ال وسلمه عليه ودينه باقٍ ‪ ،‬ل خير إل دل‬
‫المة عليه ‪ ،‬ول شر إل حذرها منه ‪ ،‬والخير الذي دل عليه ‪ :‬التوحيد وجميع‬
‫ما يحبه ال ويرضاه ‪ ،‬والشر الذي حذر عنه ‪ :‬الشرك وجميع ما يكرهه ال‬
‫ويأباه ))‬
‫الشرح ‪ :‬توفي صلوات ال وسلمه عليه ودينه باقٍ ‪ ،‬لم يمت دينه معه ‪ ،‬بل‬
‫بقي لن الدين دين ال الذي أنزله هو رب العالمين الحي الذي ل يموت فرسول‬
‫ال بلغ دين ال ونشر العقيدة والتوحيد والشرائع بعد أن ثبت ال السلم‬
‫قبضه إليه ‪ ،‬ولكن لم يقبضه إليه إل‬ ‫والمسلمين وفهموا ما جاء به النبي‬
‫بعد أن بلغ البلغ النهائي فأكمل ال له دينه إشارة إلى قرب أجله عليه الصلة‬
‫والسلم كأن ال أعلمه في حجة الوداع في خطبة يوم عرفة وفي خطبة يوم‬
‫النحر خاطب الصحابة فقال لهم أنتم مسؤولون عني ماذا أنتم قائلون بعد أن‬
‫خطب فيهم وبين لهم كل شيء قالوا نشهد بأنك بلغت ونصحت ونحن نشهد‬
‫إصبعه كان يرفعها‬ ‫معه أنه عليه الصلة والسلم بلغ ونصح فرفع الرسول‬
‫وينفثها عليهم ويقول‪ {:‬اللهم أشهد اللهم أشهد }وسميت تلك الحجة حجه الوداع‬
‫التي جرى فيها هذا الكلم لنه بعد أن رجع من الحج لم يمكث في هذه الدنيا‬
‫وفي هذه المدينة إل ثمانين يومًا وألتحق بالرفيق العلى بعد أن بلغ ونصح‬
‫لمته عليه الصلة والسلم وقال عليه الصلة والسلم للصحابة ‪ { :‬ما بعث‬
‫ال من نبي إل كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن‬
‫شر ما يعلمه لهم } كل هذا دليل على أنه بلغ البلغ المبين فبقي دينه إلى هذا‬
‫يشير الشيخ بقوله رحمه ال ل خير إلدل المة عليه ول شر إل وحذرها‬
‫عنه ‪ ،‬فأكمل ال له الدين وفي مقدمة ذلك التوحيد ‪ ،‬أي إفراد ال تعالى بالعبادة‬
‫فإذا أطلقالتوحيد المراد به توحيد العبادة وجميع ما يحبه ال ويرضاه ‪ ،‬لن‬
‫الطاعات بريد التوحيد وتثبت التوحيد وتصدق التوحيد ‪ ،‬والشر الذي حذرها‬
‫عنه الشرك وجميع ما يكرهه ال ويأباه المعاصي بريد الشرك وتدعوا إلى‬
‫الشرك وتزين الشرك للناس ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬بعثه ال إلى الناس كافة وأفترض ال طاعته على جميع الثقلين‬
‫الجن والنس ))‬
‫الشرح ‪ :‬بعثه ال إلى الناس كافة ل إلى العرب فقط ول إلى النس فقط بل إلى‬
‫الثقلين وافترض ال طاعته على جميع الثقلين الجن والنس الطاعة المطلقة فقد‬

‫‪68‬‬
‫فرض ال طاعته الطاعة المطلقة التي ل مراجعة فيها التي لتتةقف على‬
‫وجود مثلها على ودود مثل المأمور به والمنهي عنه بالكتاب ‪ ،‬هذا معنى‬
‫الطاعة المطلقة لرسول ال عليه الصلة والسلم الطاعة المطلقة ول يوجد في‬
‫المخلوق أحد من له الطاعة المطلقة أل رسول ال ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬قل ياأيها الناس إني رسول ال إليكم جميعاً ‪[‬‬
‫العراف ‪)) ] 158 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬قل يا أيها الناس إني رسول ال إليكم جميعاً ‪‬‬
‫هذا بالنسبة للنس والجن داخلون أيضاً ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وأكمل ال به الدين ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬اليوم أكملت لكم دينكم‬
‫وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم ديناً ‪ [ ‬المائدة ‪)) ] 2 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬وكمل ال به الدين الشيء الكامل ل يقبل الزيادة ‪ ،‬الدين كامل حيث‬
‫قال ال تعالى ‪  :‬اليوم أكملت لكم دينكم ‪ ‬أي في هذا اليوم الحاضر في حجة‬
‫الوداع ‪ ‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم ديناً ‪‬‬
‫هكذا كمل ال لنا ديننا سبحانه وتعالى ‪ ،‬والدين الكامل والشيء الكامل ل يقبل‬
‫الزيادة لذلك كل من أحدث في هذا الدين فمحدثة يعتبر بدعة مردودة { من‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} { من عمل عملً ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد } لن الدين تم وكمل وعلى المرء التباع فقط ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ليجزي الذين أساءوا والدليل على موته‬
‫قوله تعالى ‪  :‬إنك ميتٌ وإنهم ميتون ‪ ‬ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ‪‬‬
‫[ الزمر ‪ 30 :‬ـ ‪)) ] 31‬‬
‫الشرح ‪ :‬قال المؤلف رحمه ال ‪ :‬والدليل على موته قوله تعالى ‪  :‬إنك ميتٌ‬
‫وإنهم ميتون ‪ ‬ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ‪ ‬كثيرٌ من الغلة الذين يدّعون‬
‫تعظيم رسول ال وتبجيله إذا قلت إن النبي ميت يغضب انظروا إلى‬
‫الجهل يصل المرء إلى أي درجة ‪ ،‬يغضب من قولك أن النبي مات أو‬
‫ميت ‪ ،‬كيف تقول ميت ؟ ال هو الذي قال ‪ ،‬ل يدري ماذا قال ال ‪ ،‬ولكن‬
‫يحتكم إلى العاطفة ‪ ،‬ل يجوز عنده أن تطلق لفظة ميت أو مات على رسول ال‬
‫‪ ،‬بينما أثبت ال ذلك وأقره بدون تردد أحب الناس إليه آبو بكر الصديق‬
‫عندما قال له عند وفاته‪ ( :‬طبت حياً وميتاً يا رسول ال ) ول ينبغي للمسلم‬
‫أن يكون عاطفيًا إلى هذه الدرجة حتى توقعه العاطفة في تكذيب خبر ال وخبر‬
‫‪.‬‬ ‫رسول ال‬

‫‪69‬‬
‫قوله ‪(( :‬والناس إذا ماتوا يُبعثون والدليل قوله تعالى ‪  :‬منها خلقناقم وفها‬
‫نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى ‪ [ ‬طـه ‪)) ] 5 5 :‬‬
‫الشرح ‪:‬والناس إذا ماتوا يبعثون ‪ ،‬أي من الصول التي يجب اليمان بها‬
‫البعث بعد الموت ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪ :‬منها خلقنا قم وفيها نعيدكم ومنها‬
‫نخرجكم تار ًة أخرى أي من الرض ‪ ،‬والشاهد ‪ ‬ومنها نخرجكم تار ًة أخرى ‪‬‬
‫هذا هو دليل البعث ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وقوله تعالى ‪  :‬وال أنبتكم من الرض نباتاً ‪ ‬ثم يعيدكم فيها‬
‫ويخرجكم إخراجاً ‪ [ ‬نوح ‪ 1 7 :‬ـ ‪)) ] 1 8‬‬
‫الشرح ‪ :‬وقوله تعالى ‪  :‬وال أنبتكم من الرض نباتاً ‪‬أي إنباتاً‪ ،‬نباتاً اسم مصدر‬
‫‪ ،‬والمصدر انبات وال أنبتكم من الرض إنباتاً هذا هو المصدر ‪ ،‬ونباتاً اسم‬
‫مصدر كتوضأ وضوءًا أي توضأ ‪ ‬ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً ‪ ، ‬ومحل‬
‫الشاهد من الية قوله ‪  :‬ويخرجكم إخراجاً ‪. ‬‬
‫قوله ‪(( :‬وبعد البعث محاسبون ‪ ،‬ومجزيون بأعمالهم ))‬
‫الشرح ‪ :‬وبعد البعث الناس محاسبون ومجزيون بأعمالهم ‪ ،‬بعد البعث هناك‬
‫ورود الحوض ‪ ،‬وهناك الميزان ‪ ،‬وهناك الحساب ‪ ،‬وعرض العمال ‪ ،‬اختلف‬
‫أهل العلم في الترتيب بين هذه الشياء ‪ ،‬ولكن بعضهم يميل على أن أول شيء‬
‫ورود الحوض لن المقام يقتضي ذلك لن الناس يبعثون من قبورهم وهم‬
‫عطاش بحاج ٍة إلى الماء لذلك منّ ال على أمة محمد ‪ ‬بالحوض المورود ‪،‬‬
‫الحوض العظيم الذي يشرب منه أهل الجنة ‪ ،‬يرد المؤمنون هذا الحوض‬
‫العظيم ورسول ال ينتظرهم هناك وهم فرط أمته إلى الحوض ومنبره على‬
‫حوضه وهذا الحوض العظيم الذي الناس بحاجةٍ ماس ٍة ‘إلى الشرب منه وهم‬
‫بعثوا من قبورهم من شدة العطش ‪ ،‬ولكن بعض الناس يردون ويطردون من‬
‫ل يدري عن سبب طردهم ‪1‬لذلك طردهم لذلك يقول‬ ‫الحوض ورسول ال‬
‫يا رب أمتي أمتي أو أصحابي أصحابي ‪ ،‬فيقال لهم ‪ :‬ل تدري ما أحدثوا بعدك‬
‫سحقاً لمن بدل وغي) ‪ ،‬استدل أهل‬ ‫أن هؤلء غيروا بدلوا بعدك فيقول النبي‬
‫العلم بهذا الحديث بأن رسول ال ‪ ‬ل يدري ما يحدث بعده من التغيير‬
‫والتبديل والردة والبتداع في هذا الدين ‪ ،‬ل يدري عن ذلك لن علم الغيب‬
‫العام ل وحده ‪ ،‬والنبياء ل يعلمون في حياتهم إل بإعلم ال إياهم بعض‬
‫المور ‪ ،‬يتعارض هذا الحديث مع حديث ورد أن العمال تعرض على رسول‬
‫ال أعمال أمته ورد في ذلك الحديث إن رأى خيراً حمد ال ‪ ،‬وإن راى غير‬

‫‪70‬‬
‫ذلك استغفر ال لمته ‪ ،‬قال أهل العلم في التوفيق بين الحديثين ‪ :‬أن حديث‬
‫عرض العمال غير صحيح ‪ ،‬وعلى فرض صحته ‪ ،‬يعلم بالجملة ل بالتفصيل‬
‫‪ ،‬أما بالتفصيل أن فلن هو الذي غير وهو الذي بدل وهو الذي ارتد ل يعلم‬
‫ذلك للتوفيق بين هذا الحديث وبين حديث العرض على الحوض ‪ ،‬وطرد بعض‬
‫الناس من الحوض ‪ ،‬وعلى كلٍ ‪ ،‬يقال أن أول ما يحصل بعد البعث ورود‬
‫الحوض ثم الميزان ثم الحساب والعرض ‪ ،‬والمراد بالحساب المناقشة { من‬
‫نوقش الحساب عذب } ‪ ،‬والعرض عرض العمال وعرض الكتب وبعد ذلك‬
‫الناس مجزيون بأعمالهم ‪ ،‬وعند الجزاء من الناس من يكون جزاءهم لكثرة‬
‫أعمالهم الحسنة والشدة وإخلصهم وتحقيقهم التوحيد من يثابون بعدم دخول‬
‫النار بل ليس عليهم حساب ول عقاب ويدخلون الجنة من أول وهلة ‪ ،‬أولئك‬
‫الذين ل يسترقون ول يكتوون ول يتطيرون) ‪ ،‬بعد ذلك من الناس من تتساوى‬
‫أو غيره لن هذه من الشفاعة‬ ‫سيئاتهم وحسناتهم فيشفع فيهم رسول ال‬
‫العامة فيدخلون الجنة قبل أن يدخلوا النار ومن الناس من يؤمرون بدخول النار‬
‫لكثرة أعمالهم السيئة وقلة أعمالهم الحسنة وبعد المر بهم إلى النار يشفع فيهم‬
‫رسول ال بإذن ربه فيحولون إلى الجنة ومن الناس من ل تسعفهم‬
‫الشفاعات قبل دخول النار فيدخلون النار فيشفع فيهم رسول ال عليه الصلة‬
‫والسلم وغيره من الشافعين وقد يكونون من أصحاب الكبائر فيخرجون من‬
‫النار بشفاعة الشافعين إلى هذا يشير رسول ال بقوله ‪ { :‬شفاعتي لهل‬
‫الكبائر من أمتي })وفي النهاية ينظر من في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرةٍ من‬
‫إيمان يخرجون من النار ويطرحون في نهر الحياة) وينبتون كما ينبت البقل أي‬
‫بعد التطهير والنظافة يدخلون الجنة ‪ ،‬لن الجنة دار الطيبين ل يدخلها إل‬
‫الطيبون ‪ ،‬الخلصة من عقيدة أهل السنة والجماعة ‪ :‬اعتقاد أنه ل يخلد في‬
‫النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ‪ ،‬وفي لفظ من خير‬
‫المراد اليمان سواءً كان ذلك بشفاعة الشافعين أو برحمة رب العالمين سبحانه‬
‫وتعالى هكذا الناس مجزيون بأعمالهم وقد يسعفهم ال سبحانه وتعالى كما‬
‫[ سبق ] بشفاعة الشافعين من غيرعمل أي بعد أن عجزت أعمالهم ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬والدليل قوله تعالى ‪ ‬ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين‬
‫أحسنوا بالحسنى ‪ [ ‬النجم ‪ ] 3 1 :‬والدليل قوله تعالى ‪ ‬ليجزي الذين أساءوا‬
‫بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ‪ [ ‬النجم ‪ )) ] 3 1 :‬والدليل قوله‬
‫تعالى ‪  :‬ول ما في السماوات وما في الرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا‬

‫‪71‬‬
‫دون زيادة وهذا من فضل ال وكرمه ‪ ‬ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ‪ ‬بل‬
‫كثرٌ منهم يجزون بالحسنى وزيادة ‪ ،‬الحسنى الجنة ‪ ،‬والزيادة النظر إلى وجه‬
‫ال تعالى بالنسبة إلى المؤمنين الذين يؤمنون بصفة الوجه ‪ ،‬أما الذين ينكرون‬
‫وجه ال الكريم فهؤلء جديرون وقمنون بأن يحرموا النظر إلى وجه ال تعالى‬
‫لنهم لم يؤمنوا به ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ومن كذب بالبعث فقد كفر ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬زعم الذين كفروا‬
‫أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على ال يسير ‪[ ‬‬
‫التغابن ‪)) ] 7 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬ومن كذب بالبعث كفر ‪ ،‬التكذيب بالبعث كفرٌ بال لنه تكذيب بخبر‬
‫ال وخبر رسول ال ‪ ،‬ومن كذب خبر ال سواء كان في البعث ‪ ،‬أو في بعض‬
‫صفاته أو في الحكام والعبادات أو أي خبر ‪ ،‬ومن كذب خبر ال وخبر رسوله‬
‫عليه الصلة والسلم يرتد وذلك من نواقض السلم والدليل قوله تعالى ‪ :‬‬
‫زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا ‪‬وصفهم بأنهم كفروا ‪ ‬زعم الذين كفروا أن لن‬
‫يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم وذلك على ال يسير ‪ ‬الذين‬
‫أوجدكم من لشيء ل يعجز من أن يبعثكم بعد الموت لن من الناحية النظرية‬
‫العقلية البتداء أصعب من العادة ليس على ال شيء صعب ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وأرسل ال جميع الرسل مبشرين ومنذرين والدليل قوله تعالى ‪ :‬‬
‫رسلً مبشرين ومنذرين لئل يكون للناس على ال حجة بعد الرسل ‪ [ ‬النساء‬
‫‪)) ] 1 6 5 :‬‬
‫الشرح ‪ :‬وأرسل ال جميع الرسل مبشرين ومنذرين ‪ ،‬هذا فيه بيان لوظائف‬
‫الرسل ‪ ،‬وظيفتهم التبشير للمؤمنين والنذار للعصاة والدليل قوله تعالى ‪ :‬‬
‫رسلً مبشرين ومنذرين لئل يكون للناس على الناس حجة بعد الرسل ‪‬‬
‫ليقولوا ما بعثت إلينا رسلً ول أنزلت إلينا كتباً ‪ ،‬أما بعد إرسال الرسل وإنزال‬
‫الكتب والبيان من الرسل ومن اتباع الرسل ل حجة للناس على ال ‪ ،‬هنا لنا‬
‫وقفة ‪ ،‬وهل إرسال الرسل وإنزال الكتب إن لم يكن هناك بيان أو حال بين‬
‫بعض الناس وبين هذه الحجة ‪ ،‬حجة ال في الرض كتاب ال وسنة رسوله‬
‫عليه الصلة والسلم إن وجدت شبه حالت بينهم وبين فهم كتاب ال أو بعبارة‬
‫أخرى بينهم وبين فهم ما جاء به رسول ال هل يعذرون أم ل ؟ ‪ ‬وأنزلنا‬
‫إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ‪ )‬لتبين لبد من البيان إذا بين الرسول‬
‫وقد بين بالفعل بياناً شافياً لكن حصل أحياناً شبه وضللت حالت بين الناس‬

‫‪72‬‬
‫وبين فهم ذلك البيان كالذي حصل بعد أن نشأ علم الكلم بين المسلمين من عهد‬
‫العباسيين إلى عهدنا هذا ‪ ،‬التبس المر عند كثير من الناس في باب السماء‬
‫والصفات ‪ ،‬ثم دخلت التصوف ووحدة الوجود بين المسلمين ‪ ،‬وألتبس المر‬
‫على كثير من الناس في باب العبادة ‪ ،‬حصل خلطٌ وعدم التفريق بين حق ال‬
‫تعالى وحق رسوله عليه الصلة والسلم وحقوق الصالحين ‪ ،‬وأنحرف كثيرٌ‬
‫من الناس في باب العقيدة ‪ ،‬وفي باب العبادة ‪ ،‬وفي باب الحكام ‪ ،‬عن الجادة‬
‫بسبب كثرة الشبهات حتى جهلوا ما جاء به رسول ال عليه الصلة والسلم‬
‫هل هؤلء يعذرون حتى يتبين لهم الحق ؟ أم أنه يكفي مجرد إرسال الرسل‬
‫وإنزال الكتب وإن حصل ما حصل من الشبه التي حالت بين كثير من الناس‬
‫وبين فهم ما جاء به الرسول عليه الصلة والسلم الذي يليق بعدل ال تعالى‬
‫والذي فهمه أهل التحقيق من علماء المسلمين ‪ ،‬أن من حصل له شيء من ذلك‬
‫يعذر ‪ ،‬أما من تبين له الحق ‪ ،‬وتبين له الهدى ‪ ،‬وأبى إل أن يتبع غير سبيل‬
‫المؤمنين بعد تبين الحق عناداً أو تعصبًا لمألوفاته وتقاليده هؤلء ل يعذرون ‪،‬‬
‫وأما قبل أن يتبين لهم الهدى ‪ ،‬ويحسبون أن ما هم عليه هو الهدى من الشرك‬
‫والضلل ونفي الصفات ‪ ،‬فهولء يعذرون لمعرفة هذه النقطة المهمة عليكم أن‬
‫ترجعوا إلى كتب شيخ السلم أو كتاب الشيخ أبن عثيمين ( القواعد المثلى ) ‪،‬‬
‫بعد هذه المسألة ‪ ،‬وذكر المراجع من كتب شيخ السلم لتتأكدوا من صحة هذا‬
‫المذهب وأنه المذهب الحق إن شاء ال ‪ ،‬وإن الناس يعذرون في أصول الدين‬
‫وفروع الدين على حدٍ سواء مالم يتبين لهم الهدى ويتبعوا بعد ذلك غير سبيل‬
‫المؤمنين وال أعلم ‪ ،‬ولقد لخصت كذلك هذا المعنى في كتاب الصفات اللهية‬
‫في الباب الخامس لتنقلوا منه إلى المراجع المذكورة هناك ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وأولهم نوح عليه السلم ))‬
‫الشرح ‪ :‬وأولهم نوح عليه السلم ‪،‬أول الرسل وهي مسألة خلفية أولهم نوح‬
‫أو آدم الذي عليه أكثر أهل العلم أولهم نوح لنه إنما وقع الشرك في قومه ‪ ،‬ولم‬
‫يقع الشرك قبل ذلك ولكن نؤكد على ذلك بعض الثار التي تشير إلى آدم نبيٌ‬
‫ل الثار التي جاءت في هذه المسألة تحتاج إلى مراجعة وإلى‬ ‫رسول ‪ ،‬وعلى ك ٍ‬
‫تحقيق ‪ .‬‬
‫قوله ‪ (( :‬وأخرهم محمد ))‬
‫الشرح ‪ :‬وأولهم نوح عليه السلم وآخرها محمد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وهو‬
‫خاتم النبيين من أنكر كونه خاتم النبيين وادعى النبوة بعده سواءٌ لنفيه أو لغيره‬
‫فهو مرتد ‪ ،‬والدليل على أن أولهم نوح عليه السلم قوله تعالى ‪  :‬إنا أوحينا‬

‫‪73‬‬
‫إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ‪ ‬هذه الية التي استدل بها المؤلف‬
‫وقبله غير واح ٍد من أهل العلم يعترض بعضهم على دل لتها على المراد وأنها‬
‫ليست نصًا في أن أول الرسل نوح ولكنها ظاهر وفرق بين النص وبين الظاهر‬
‫‪ ،‬الظاهر ما يحتمل معنيين ‪ ،‬والنص مال يحتمل إل معنى واحداً والية ظاهرة‬
‫ليست بنص في المسألة ‪ .‬وال أعلم‬
‫قوله ‪ (( :‬والدليل على أن أولهم نوح عليه السلم ‪ ،‬قوله تعالى ‪  :‬إنا أوحينا‬
‫إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ‪ [ ‬النساء ‪ ، ] 1 6 3 :‬وكل أمةٍ‬
‫بعث ال إليها رسولً من نوح إلى محمد عليهما الصلة والسلم ‪ ،‬بأمرهم‬
‫بعبادة ال وحده ‪ ،‬وينهاهم عن عبادة الطاغوت ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ولقد‬
‫بعثنا في كل أمةٍ رسولً أن أعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت ‪ [ ‬النحل ‪3 6 :‬‬
‫] ))‬
‫الشرح ‪ :‬وكل أمةٍ بعث ال إليهم رسولً من نوح إلى محمد عليهما الصلة‬
‫والسلم ‪ ،‬يأمرهم بعبادة ال وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت أي يفتتح‬
‫ي أرسل إل وجعل مفتاح دعوته ‪ :‬أعبدوا‬ ‫دعوته بالدعوة إلى عبادة ال ما من نب ٍ‬
‫ال ما لكم من إله غيره ‪ ،‬هذا مفتاح دعوة الرسل جميع ًا ‪ ،‬والدليل قوله تعالى ‪ :‬‬
‫ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولً أن اعبدوا ال و اجتنبوا الطاغوت ‪ ‬والية تفسير‬
‫معنى ل إله إل ال ‪ ،‬لن كما تقدم ل إله إل ال تفسيرها في القرآن ذكر هناك‬
‫عدة آيات منها هذه الية ‪ ،‬وإن كان بالنسبة لنظم كلمة التوحيد ليست على‬
‫ترتيبها ولكن أعبدوا ال يساوي إل ال ‪ ،‬واجتنبوا الطاغوت يساوي ل إله‬
‫إلال تأتي الية بعد هذه على ترتيب ل إله إل ال ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وافترض ال على جميع العباد الكفر بالطاغوت واليمان بال ))‬
‫الشرح ‪ :‬وافترض ال على جميع العباد الكفر بالطاغوت واليمان بال وحده‬
‫مالم يكفر النسان بالطواغيت لينفعه ول يجديه أي ل بد من الجمع بين الكفر‬
‫و اليمان كما جمعت كلمة التوحيد بينهما ‪ ،‬كلمت التوحيد جمعت بين الكفر‬
‫واليمان ‪ ،‬وأن شئت بين النفي والثبات ‪ ،‬ل إله نفيٌ وكفرٌ بما يعبد وبمن يعبد‬
‫من دون ال إل ال إثبات العبادة ل وحده ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬قال أبن القيم رحمه ال ‪ ( :‬الطاغوت ‪ :‬ما تجاوز به العبد حده من‬
‫معبود أو متبوعٍ أو مطاع ) ))‬
‫الشرح ‪ :‬الطاغوت ‪ ،‬معنى الطاغوت ‪ :‬مأخوذ من الطغيان ‪ ،‬والطغيان‬
‫مجاوزة الحد ‪،‬طغى الماء‪ ،‬طغى فلن أي تجاوز حده ‪ ،‬الطاغوت كل ما‬

‫‪74‬‬
‫ع أو مطاع ‪ ،‬حد العبد ما هو ؟ عبادة ال‬ ‫تجاوز به العبد حده من معبودٍ أو متبو ٍ‬
‫وحده لكونه عبداً يعبد ربه الذي خلقه فإذا تجاوز هذا الحد‪ ،‬وصرف نوعاً من‬
‫أنواع العبادة لغير ال تجاوز الحد وصار ذلك طغيان من تجاوز به هذا الحد‬
‫ع اتبعه في المعصية في التحليل والتحريم في تحليل ما حرم ال وتحريم‬ ‫متبو ٍ‬
‫ما أحل ال ‪ ،‬معبودٍ عَبَده تذلل له وخضع له وأحبه كما يحب ال هذا المعبود‬
‫لن العبادة غاية الذل مع غاية الحب ‪ ،‬من أحب غير ال مع ال وخضع له‬
‫وتذلل له عبد ذلك الغير وتجاوز به حده من هنا [ تعلم ] ليست العبادة مجرد‬
‫الصلة والصيام والزكاة والحج أي أركان السلم ‪ ،‬العبادات أنواع وحقيقتها‬
‫غاية الذل مع غاية الحب بما في ذلك الدعاء لذلك صار الدعاء مخ العبادة لن‬
‫فيه تذلل ورجاء وطمع هذا المعنى هو العبادة ‪ .‬المتبوع من يقلده ويتبعه ويحلل‬
‫له ويحرم له كالذين يتبعون الحبار والرهبان وكذلك المطاع هما إما مترادفان‬
‫أو متقاربان ‪ ،‬شخصٌ أطاعك في غير شريعة ال أو مخالفاً بذلك شريعة ال في‬
‫التحليل والتحريم يقال له مطاع ‪ ،‬ويقال له متبوع هذا هو الطاغوت طبق هذا‬
‫على واقع الناس تجد كثيراً وكثيرًا جداً من الذين يطاعون في نفي صفات ال‬
‫تعالى من الذين يطاعون في عبادة غير ال ‪ ،‬من الذين يطاعون في التحليل‬
‫والتحريم ‪ ،‬وفي الحكام الدستورية ما أكثر ذلك الذين يطيعون ويتبعون رجال‬
‫التشريع الذين يُسمون رجال التشريع ‪ ،‬والتسمية نفسها جريمة تسمية بني آدم‬
‫أنهم رجال التشريع جريمة التشريع والمشرع هو ال وحده والذي يبلغ شريعة‬
‫ومن قبله من الرسل ‪ ،‬وأتباعه منفذون ومطبقون الملوك‬ ‫ال محمد‬
‫والرؤساء والمراء والعلماء منفذون ومطبقون وليسوا بمشرعين ‪ ،‬التشريع‬
‫بأنه مشرع ‪ ،‬ولكن المشرع الحقيقي هو ال إنما‬ ‫ل ‪ ،‬ويطلق على الرسول‬
‫يطلق على الرسول ‪ ‬لنه له الطاعة المطلقة ‪ ،‬وقد يأتي بأحكام غير موجودة‬
‫في القرآن ‪ ،‬كتحريم الحمر الهلية يوم خيبر وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها‬
‫‪ ،‬وبين المرأة وخالتها زيادة على ما في القرآن ‪ ،‬له الطاعة المطلقة بهذا‬
‫العتبار يطلق عليه بأنه مشرع عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وباعتبار أنه مبلغ عن‬
‫ال تشريع ال ‪ ،‬وإل المشرع الحقيقي هو ال ‪ ،‬وإطلق رجال التشريع على‬
‫أولئك الدكاترة الذين يتخرجون من كليات الحقوق المستشار فلن من رجال‬
‫التشريع ‪ ،‬يا ليت شعري ما يخجل هذا النسان عندما يقال له أنت من رجال‬
‫التشريع ‪ ،‬أنت تشرع من أين لك التشريع ؟ معنى ذلك تجعل نفسك كأنك ال‬
‫ليس لك حق في التشريع ‪ ،‬والتسمية نفسها‬ ‫رب العالمين أو رسول ال‬
‫غلط ومن الجاهليات الذين ألفها كثي ٌر من الناس ‪ ،‬فأصبحت من السهولة بمكان‬

‫‪75‬‬
‫أن يطلقوا رجال التشريع على كثير من المتعلمين الذين يتخرجون من كليات‬
‫الحقوق ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬والطواغيت كثيرة ‪ ،‬ورؤسهم خمسة ‪ :‬إبليس لعنه ال ‪ ،‬ومن عبد‬
‫ض ‪ ،‬ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ))‬ ‫وهو را ٍ‬
‫الشرح ‪ :‬والطواغيت كثيرة ـ وربما اليوم أكثر ـ ورؤسهم خمسة ‪ :‬إبليس لعنه‬
‫ال ‪ ،‬ومن عبد وهو راضٍ ‪ ،‬ومن عبد وإن لم يدعو الناس إلى عبادة نفسه ‪،‬‬
‫لكن رأى الناس يعبدونه فرضى واستراح إلى تلك العبادة ‪ ،‬منصب كبير ‪،‬‬
‫الناس تسجد له ‪ ،‬وتركع له ‪ ،‬وتذبح له ‪ ،‬ورضى بذلك هذا من الطواغيت ‪ ،‬أو‬
‫من دعى الناس إلى عبادة نفسه يزين للناس عبادة نفسه فيقول ‪ :‬أنا من آل فلن‬
‫‪ ،‬من آل البيت ‪ ،‬أنا كذا وكذا ‪ ،‬ونحن لنا الحق بأن يستغاث بنا ‪ ،‬وتجعل لنا‬
‫النذور ‪ ،‬هكذا يزينون للناس عباده أنفسهم ‪ ،‬والناس عاطفيون في الغالب الكثير‬
‫‪ ،‬الرجل الذي من آل البيت وينتسب إلى بيت النبوة خصوصًا في البلدان‬
‫العجمية ‪ ،‬بأدنى إشارة يُعبد ‪ ،‬وإذا أشار إليهم أدنى إشارة إلى عبادة نفسه‬
‫والتذلل له عبدوه وبالغوا فيه ‪ ،‬ولو حاول أن يتخلص بعد ذلك فقال ‪ :‬ل ‪،‬‬
‫يقولون إنما يقول ل من باب التواضع لنه من المتواضعين ويزدادون في‬
‫عبادته هذا هو واقع كثير من الناس للسف ‪.‬‬
‫قوله ‪ (( :‬ومن ادعى شيئاً من علم الغيب ))‬
‫الشرح ‪ :‬ومن ادعى شيئاً من علم الغيب كالكاهن والعراف والساحر والمنجم‬
‫وصاحب الكف وصاحب الفنجان وصاحب الرمل والتراب الذين يكتبون‬
‫ويخططون في الرمل والتراب ويخبر الناس علم الغيب من تلك الخطوط ويقرا‬
‫في الفنجان ‪ ،‬وأنت لترى في الفنجان شيئاً وهو يزعم أنه يقرأ في هذا الفنجان‬
‫الذي تشرب به القهوه فيخبر منها الغيب وينظر في الكف فيقرأ في الكف فيخبر‬
‫بالغيب ويدعي أنه يعرف مكان الضالة ‪ ،‬الناقة التي ضلت في المكان الفلني‬
‫والسيارة التي سُرقت في الشعب الفلني في الجراش الفلني ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬هؤلء‬
‫كلهم كفرة ‪ ،‬ومن الطواغيت ‪ ،‬ومن رؤساء الطواغيت ‪ ،‬لنهم كلهم زعموا‬
‫أنهم يعلمون الغيب لذلك قال النبي ‪ { :‬من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول‬
‫فقد كفر بما أنزل علي محمد } ‪ ،‬لن الذي أنزل على محمد عليه الصلة‬
‫والسلم هو القرآن ‪ ،‬والقرآن يقول ‪  :‬قل ل يعلم من في السماوات والرض‬
‫الغيب إل ال ‪ ، ‬ومن ادعى علم الغيب بأي وسيلة من الوسائل خصوصاً هذه‬
‫الوسائل الوهمية التي ل حقيقة لها كافر مرتد ورئيس من رؤساء الطواغيت ‪،‬‬
‫ولكثرة انتشار هذه المور الجاهلية في صفوف المسلمين في كثير من‬

‫‪76‬‬
‫القطار ‪ ،‬يجب على طلب العلم مكافحة ذلك ودعوة الناس إلى الكفر بهم ‪،‬‬
‫مكافحة هؤلء ل تقل درجةٌ عن مكافحة المخدرات بل مكافحة هؤلء أشد‬
‫وجوباً من مكافحة المخدرات التي تخدر العصاب والعضاء هؤلء يخدرون‬
‫اليمان ويفسدون اليمان ويقعون الناس في الكفر بال تعالى ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬ومن حكم بغي ما أنزل ال ))‬
‫الشرح ‪ :‬من حكم بغي ما أنزل ال معتقدا أن ذلك الذي حكم به مثل الذي أنزل ال أو‬
‫أحسن وأليق ‪ ،‬وهذا يشمل أولئك الذين يستوردون القواني الوضعية من الارج ويكمون‬
‫با ويشمل أولئك البدو الذين يكمون بالسواليف والتقاليد ف التحري والتحليل كل ذلك‬
‫داخل من حكم بغي ما أنزل ال سواءً كان قانونا مقننا أو سواليف وعادات وتقاليد موروثة‬
‫كل حكم ف التحليل والتحري بغي ما أنزل ال معتقدا أن ذلك مثل الذي أنزل ال أو أحسن‬
‫وأليق وأنسب للناس فهو كافرٌ مرتد من رؤساء الطواغيت ‪.‬‬
‫وأما من حكم بغير ما أنزل ال معتقداً أن ما أنزل ال أحسن وأحق وأنه مخظئٌ‬
‫عندما يحكم بغير ما أنزل ال ‪ ،‬هذا كفره كفرٌ دون كفر ‪ ،‬ل يخرج من الملة‬
‫مثل الذي يعصي ال بمعاصي بارتكاب المحرمات والكبائر وهو غير‬
‫ص ومخالف لم‬ ‫مستحل ‪ ،‬كالذي يسرق والذي يشرب [ الخمر ] ويعتقد أنه عا ٍ‬
‫يستحل السرقة والخمر ‪ ،‬كفر هؤلء كفرٌ دون كفر ‪ ،‬ويذكرون قسمًا ثالثاً وهو‬
‫من اجتهد ليحكم بما أنزل ال ‪ ،‬ولكنه وقع في إصدار الحكم بغير ما أنزل ال‬
‫مجتهدًا مخطأ هذا له أجر الجتهاد ويعفى له عن خطأه وال أعلم ‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكر أهل العلم عند هذه الية ‪ ‬ومن لم يحكم بما أنزل ال فأولئك هم‬
‫الكافرون ‪ ‬وأقرب مرجع ترجعون إليه لتحقيق هذه المسألة شرح الطحاوية‬
‫عند هذه الية ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن‬
‫يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ‪ [ ‬البقرة ‪:‬‬
‫‪)) ] 2 5 6‬‬
‫الشرح ‪ :‬والدليل قوله تعالى ‪  :‬ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ‪‬‬
‫معنى الكراه في الدين ‪ :‬ليس معنا ذلك أنك ل تدعو إلى الدين ‪ ،‬ل إكراه في‬
‫الدين ‪ ،‬ل تدخل الدين على الناس بالكراه ‪ ،‬أنت عليك البيان ‪ ،‬وعليك‬
‫الهداية ‪ ،‬وعليك الرشاد ‪ ،‬وأما القلوب فل يملكها إل ال ل تدخل اليمان في‬

‫‪77‬‬
‫قلوب الناس بالكراه لك الظاهر ‪ ،‬تدعو وتبين الحق من الباطل وهذه وظيفة‬
‫الدعاة ‪.‬‬
‫‪ ‬فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها‪‬‬
‫هذه الية العظيمة حتى في وضعها موضوعة على الترتيب ل إله إل ال‬
‫تماماً ‪ ،‬لن قوله تعالى ‪  :‬فمن يكفر بالطاغوت ‪ ‬يقابل ل إله ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ :‬‬
‫ويؤمن بال ‪ ‬يقابل إل ال ‪ ،‬من أدق اليات في تفسير ل إله إل ال ‪ ،‬هذه الية‬
‫وهذا معنى قول ل إله إل ال ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وهذا معنى لإله إل ال ‪ ،‬وفي الحديث { رأس المر السلم ‪،‬‬
‫وعموده الصلة ))‬
‫الشرح ‪ :‬رأس المر السلم الذي هو الستسلم والنقياد كما تقدم ‪ ،‬وعموده‬
‫الصلة ‪ ،‬ل يقوم السلم إل بالصلة وإل فهو بناءٌ غير قائم وغير ثابت ‪ ،‬وفي‬
‫هذا المعنى يقول عمر بن الخطاب رضي ال عنه ‪ ( :‬من ترك الصلة فل حظ‬
‫له في السلم ) وهو يفسر قوله عليه الصلة والسلم ‪ { :‬العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر } يتهاون كثيرٌ وكثي ٌر من العوام بالصلة‬
‫بدعوى أن اليمان بالقلب إذا دعوتهم إلى الصلة يقولون ( ما عليش ) اليمان‬
‫بالقلب ‪ ،‬لو صح إيمان القلب لصح إيمان الجوارح ‪ ،‬وإيمان اللسان ‪ ،‬هذا هو‬
‫الرجاء المنتشر بين المسلمين ‪ ،‬الرجاء معناه تأخير العمال عن مسمى‬
‫اليمان ‪ ،‬وأن اليمان هو التصديق بالقلب فقط أو التصديق والنطق معاً هذا هو‬
‫الرجاء المنتشر بين المسلمين كثيراًوهم ل يشعرون ‪ ،‬اليمان تصديق بالقلب‬
‫وذلك التصديق يحتاج إلى تصديق‪ ،‬الذي يصدق ذلك التصديق النطق باللسان‬
‫والعمل بالجوارح يتكون اليمان من كل ذلك ‪.‬‬
‫قوله ‪(( :‬وذروة سنامه الجهاد في سبيل ال ))‬
‫الشرح ‪{ :‬وذروة سنامه الجهاد في سبيل ال } ‪ ،‬ذروة سنامه أعلى مكاناً في‬
‫السلم الجهاد في سبيل ال لماذا ؟ لن في الجهاد في سبيل ال يقوي السلم‬
‫ويظهر السلم ويكتسب المؤمنون قوة ومنعة وفي ترك الجهاد ضياع للسلم‬
‫وضياع وضعف للمسلمين ‪ ،‬وذله ومهانة وهذا ما وقع فيه المسلمون بعد أن‬
‫تركوا الجهاد ‪ ،‬وربما جهل كثي ٌر من الناس معنى الجهاد أخيراً فظنوا أن كل‬
‫قتال جهاد ‪ ،‬الجهاد الذي هو ذروة سنام السلم هو الجهاد لعلء كلمة ال ‪،‬‬
‫لظهار دين ال ‪ ،‬وللمحافظة على دين ال ‪ ،‬والدفاع عن دين ال ‪ ،‬وعن عقيدة‬
‫السلم ‪ ،‬وشريعة السلم ‪ ،‬هذا هو الجهاد في سبيل ال ‪ ،‬وفي الونة الخيرة‬
‫كثر القتال ‪ ،‬تصديقاً لخبر رسول ال عندما أخبر عن أمارات الساعة‬

‫‪78‬‬
‫( كثرة الهرج ) قيل وما الهرج يا رسول ال ؟ قال ‪ { :‬كثرة القتال } إذا وضع‬
‫فيهم السيف لن يرفع ‘إلى يوم القيامة ‪ ،‬تسمعون وتقرءون اندلع الحروب من‬
‫مكان إلى مكان كالنار تتنقل هنا إلى هنا بين المسلمين على أتفه المور‬
‫يختلفون على شريط صغير في الحدود فيشتبكون سنوات تراق الدماء ‪ ،‬وأخيراً‬
‫إن كثير من المنتسبين إلى السلم كفروا بالسلم وأعلنوا أنهم علمانيون ولعل‬
‫ل يعلمون معتى العلمانية صغار طلبة العلم ‪.‬‬
‫العلمانية عدم اليمان بأي دين ‪ ،‬التجرد عن الدين ‪ ،‬كثرت العلمانية وكثيراً‬
‫ماينادون مغلطة أنهم يجاهدون للسلم وهم يقاتلون المسلمين ويقتلون‬
‫ويحاولون القضاء على السلم لو استطاعوا لكنهم يعملون أسلوب المغالطة‬
‫الجهاد في سبيل ال والدفاع عن المسلمين والدفاع عن الحرمين مغالطة ما‬
‫أفضعها وما أكذبها استغلوا السذج من الشباب فصاروا يصفقون ويؤيدون‬
‫العلمانيين ضد المؤمنين ‪ ،‬العلمانيون الذين أعلنوا عن علمانيتهم ويعتزون‬
‫بعلمانيتهم ‪ ،‬هؤلء أشد كفراً من اليهود والنصارى ‪ ،‬فإذا كان ال جعل موالة‬
‫اليهود والنصارى ومن يواليهم ويحبهم ويناصرهم أنه منهم فما بال الذين‬
‫يوالون العلمانيين والماركسيين والوثنيين ‪ ،‬أشد لن ال جعل لهل الكتاب‬
‫اعتبارات احتراما لكتابهم الول وإن نسخ ‪ ،‬يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة‬
‫أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) ‪ ،‬ويجوز أن يتزوج نساءهم المحصنات من‬
‫نسائهم وإن كان الفضل عدم العدول إلى نسائهم مع وجود المؤمنات ‪ ،‬لكنه‬
‫جائز أما المرتد وأما المجوسي وأما الوثني والهندوكي والبوذي هؤلء جميعاً‬
‫والعلمانيون من المرتدين ‪ ،‬العلماني مرتد لنه كان مسلماً ثم أعتنق العلمانية ‪،‬‬
‫هذه الملة الخبيثة أخبث من اليهودية والنصرانية ‪ ،‬مناصرة هؤلء أشد كفراً‬
‫من مناصرة اليهود والنصارى يقول ال تعالى ‪  :‬يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا‬
‫اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ‪‬‬
‫الموالة المحبة المناصرة ‪ ،‬من أحب اليهود والنصارى وناصرهم وأضمر له‬
‫الحب والود كأولياء ال يكفر ‪ ،‬لنه ل تجتمع محبة ال ومحبة أعداء ال ‪،‬‬
‫ولكن قال في الخرين في الكفار عام ‪  :‬يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا الكافرين‬
‫أولياء من دون المؤمنين ‪ ‬جميع الكفار كما قلت هؤلء العلمانيين أشد كفراً من‬
‫اليهود والنصارى ‪ ،‬وموالة الجميع غير جائزة ‪ ،‬قد تصل إلى حد الكفر ‪،‬‬
‫والموالة المناصرة ‪ ،‬من يناصر العلمانيين ويظاهرهم ويؤيدهم ضد المسلمين‬
‫وضد المؤمنين قد والهم ‪ ،‬فصار منهم ‪ ،‬كل من يناصر العلمانيين ويؤازرهم‬
‫ويظاهرهم ضد المسلمين يخرب بيوت المسلمين وأوطانهم وليعتدوا على‬

‫‪79‬‬
‫النسلمين قد والى هؤلءالكفار ‪ ،‬فلينتبه لنفسه فكثير من المنتسبين إلى السلم‬
‫وللسف يسمون أنفسهم بالسلميين أصبحوا في هذا الوقت في تناقض شديد‬
‫يتعاونون مع القوميين والشيوعيين لمناصرة العلمانيين ضد المؤمنين كما‬
‫تسمعون في كثير من القطار مظاهرات من الذين يسّمون أنفسهم بالسلميين‬
‫متعاونين مع القوميين والشيوعيين لمناصرة العلمانيين ضد المؤمنين هؤلء‬
‫يقعون في ورطة في إيمانهم من حيث ل يشعرون لن محبتهم أي العلمانيين‬
‫ومناصرتهم ومؤازرتهم ومعاونتهم على المؤمنين وعلى العتداء على‬
‫المؤمنين على أرضهم وأعراضهم كفرٌ بال ‪ .‬ننصح كثيراً من شبابنا في كل‬
‫مكان الذين ينخدعون بالخطب الرنانة وبتلك المظاهرات وبأولئك الذين سموا‬
‫أنفسهم بالسلميين وهم يناصرون العلمانيين ‪ ،‬ننصحهم بأن يتوبوا إلى ال‬
‫ويرجعوا من قريب ‪ ،‬وإل الموقف خطير لستم بقادرين على الجهاد كما‬
‫زعمتم ‪ ،‬ولكن تريدون أن تجعلوا الجهاد شعاراً ترفعونه ولستم بعاملين‬
‫بشيء ‪ ،‬ولكن تضرون إيمانكم من حيث ل تشعرون ‪ ،‬لذلك نصيحتنا لهؤلء‬
‫فليفهموا معنى الجهاد في سبيل ال ‪ ،‬الجهاد في سبيل ال أن تخرج بنفسك‬
‫ومالك إن استطعت لنصرة ال ولنصرة دين ال بعد أن تفهم معنى الدين‬
‫ل العلم قبل القول‬
‫ومعنى السلم ‪ ،‬وأما على جهل وأنت غير فاهم تعلم أو ً‬
‫والعمل ‪ ،‬حتى تعلم من المجاهد ‪ ،‬وأين الحق وأين الباطل وكونك تصرخ مع‬
‫كل من يصرخ وأنت ل تدري أين الحق وأين الباطل وما هو ؟ وما هو الحق ؟‬
‫تشرق وتغرب وراء الناس تجري ناسياً دينك وإيمانك وموقفك بين يدي ال‬
‫يوم القيامة ل تهلك أية الشاب ‪ ،‬ارجع وتعلم واعرف الحق من الباطل ثم جاهد‬
‫في سبيل ال وبال التوفيق ‪.‬‬

‫‪80‬‬

You might also like