Professional Documents
Culture Documents
شرح الاصول الثلاثة الجامي aa
شرح الاصول الثلاثة الجامي aa
شرح الاصول الثلاثة الجامي aa
1
لشريك له وأشهد أن ممدا عبده ورسوله صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
كثيا ،أما بعد :
فقد وقع الختيار على هذه الرسالة تحقيقاً لرغبة كثير من طلبة العلم الذين
يرغبون حفظ هذه الصول وفهمها وتحقيقها ،والعمل بها ،والدعوة إليها ،
لذلك نبدأ في هذا الكتيب ،ونسأل ال سبحانه أن يرزقنا الخلص فيما نقول
وفيما نعمل فنبدأ بالشرح ،وقبل ذلك نعرف تعريفاً يسيرًا بالمؤلف ،والمؤلف
مشهور ل يحتاج إلى التعريف ،ولكن بالنسبة لبعض صغار طلبة العلم وبناءً
علو العادة الجارية التعريف بالمؤلف عند قراءة كتب المؤلفين .
ولد هذا العالم في بلدة العينية في نجد سنة 1115هـ
نشأته :نشأ في حجر والده ،وكان والده القاضي في البلد وعالم مدرس على
الطريقة القديمة في البيوت نشأ هذا الشاب نشأة عجيبة حيث حفظ القرآن قبل
العاشرة من عمرة وبلغ الحتلم قبل الثانية عشر من عمره ويأتي والده أنه في
هذه السنة رأى أنه أهل بأن يصلي بالناس فقدمه لكي يصلي بالناس وهو أبن
الثانية عشر من العمر وفي هذه السنة زوجه ،وعكف الشاب مع دراسته على
والده عكف على كتب شيخ السلم ابن تيميه وتلميذه ابن القيم واستفاد لن ال
أعطاه من الذكاء ما وصفه المترجمون له بطريقة غربية وفذه قوي الحافظة
ذكي فطن عكف في طفولته على هذه الكتب مع ما يدرس على والده في الفقه
على مذهب المام احمد ثم تاقت نفسه ليرحل في طلب العلم لنه استفاد من هذه
الكتب ورأى أن البيئة التي يعيش فيها بيئة جاهلية صرفه ،إذ كانت الناس تعبد
النخل ويعبدون القبور ويعبدون الجن ،جاهلية جهلء كالتي كانت قبل السلم
مع النتساب إلى السلم مع وجود العلماء بينهم استنكرت نفسية هذا الشاب
هذه الجاهلية لكنه كتمها في نفسه ولم يتكلم لنه في نظر الناس طفل ل يستحق
النكار والقيام بالصلح بين الناس .
أراد أن يرحل في طلب العلم كأن ال يريد أن يطلعه على كثير من البلدان
المجاورة ليرى إن الجاهلية عمت وليست في بلده فقط خرج حاجاً فحج ثم جاء
إلى المدينة ومكث في المدينة لطلب العلم وقيض ال له بعض علماء الحديث
كالشيخ عبد ال بن إبراهيم بن سيف آل السيف وأحبه هذا الشيخ كثيرًا لما فيه
من الذكاء ولما فيه من الهتمام بشؤون المسلمين والصلح وإعداد نفسه
للصلح وقدمه لبعض المدرسين في المسجد النبوي كالشيخ محمد حياة
السندي والشيخ العجولي والشيخ الحسائي وركز الشيخ على علوم الحديث
2
درس الكتب الصحاح ودرس كتب المام الشافعي ودرس كثيراً وكان في نفسه
بعض التضايق عندما يرى ما يفعله بعض الناس عند السلم على النبي عند
قبره وكثيراً ما يقول للمشايخ أيش هذا يا شيخ ،ويقولون هذه بعض
الجاهليات ،صبر وتعلم وملك نفسه ،وذات مرة ذهب إلى القبر ليسلم ورأى
تعلق الناس بالقبر وتمسحهم وكان عند الشيخ محمد حياة السندي فرجع إليه
ل ما
فقال ما هذا يا شيخ ما هؤلء ؟ ،قال :إن هؤلء متبرٌ ما هم فيه وباط ٌ
كانوا يعملون ،هكذا رد الشيخ فوراً وأدرك الشاب أن العمل مستنكر حتى عند
المشايخ ولكنهم عاجزون ل يستطيعون يعملون شيئًا هكذا قضى برهةً من
الزمن في هذه المدينة فأخذ الجازة في الكتب التي أخذها عن الشيوخ ثم توجه
إلى العراق إلى البصرة ولكنه عرج على بلده في طريقه ثم واصل سيره لنه
سمع بشيخ عالم محدث نحوي المجموعي في البصرة ،فرحل إليه ودرس
عنده كثيراً واستفاد منه في علوم العربية وعلم الحديث وهنا رأى الشاب أنه
نضج وأنه ل بد أن يبدأ في الدعوة والصلح وأن لم يبلغ مبلغ كبار العلماء
لنه يرى نفسه طالب ولكنه طالب مهيأ وعنده ركيزة طيبة من العلم بدأ يتصل
بزملئه وبعض الشيوخ وبعض من تعّرف عليهم ويكتب إليهم الرسائل وينكر
عبادة القبور وينكر كثيراً من المنكرات البارزة حتى عرف بالبصرة على كونه
طالب علم أنه يحاول الصلح وتأثر به شيخه المجموعي لنه كان يحبه الشيخ
،وكثيراً ما يتأثر الشيخ بالتلميذ إذا كان التلميذ نابغة ورأى أنه ربما خير منه ،
وهذا معروفٌ من قبل وهذا كما ثبت عن المام الشافعي أنه كان يقول للمام
أحمد :أنتم أعلم منا بعلم الحديث فإذا علمتم شيئاً أو بلغكم شيئاً من الحديث
فأبلغونا ،في هذا الوقت كان المام احمد تلميذاً عند الشافعي ،وهكذا تأثر
المجموعي بأبن عبد الوهاب ،وأخيراً قامت قائمة الجاهلية بين المتصوفة
وأُمر بإخراجه فأخرج من البصرة إلى الزبير وفي الطريق لقى صعوبة حتى
كاد يهلك من الظمأ لنه يمشي على رجليه في الظهيرة ،ولكن ال قيض له من
يحمله على حماره معه إلى البلد فسلم ولم يهلك فدرس في الحساء على شيخ
شافعي ثم رجع إلى الشام وتجول في بلد الشام ،ولكن المصادر لم تذكر
شيوخه في الشام إل أن زيارته للحجاز والعراق والشام والمنطقة الشرقية كل
ذلك أفادته فائدة على العلم معرفة أحوال المسلمين والجاهلية التي عمت
وطمت ،وأخيراً قرر الشاب العودة إلى بلده للعمل فرجع فبدأ حياته العلمية في
بلده حروملة ،ولكنه أوذي حتى ضاق من بعض السفهاء أن يفتكوا به فخرج
خائفاً يترقب وله أسوة بالنبياء في ذلك خرج إلى العينية مسقط رأسه وأمير
3
العينية رحب به والشيخ شرح له دعوته لن هذه دعوة إسلمية عامة تحتاج
منك الصبر إذا أردت أن تؤازر هذه الدعوة ل بد أن تؤذى هل تصبر ؟ قال
المير :إنه يصبر ،وفعلً صبر معه وغير كثيراً من المنكرات أزال كثيراً
من الشجار التي كانت تُعبد أراد ال أن تقدمت امرأة ارتكبت فاحشة الزنا
فطلبت التطهير واعترفت وأصرت على العتراف فأقام عليها الشيخ الحد من
هنا ذاع صيته وانتشر خبره في المنطقة واستنكر أُمراء المنطقة هذا التصرف
فكانوا يسمونه المطوع ،ويقولون هذا المطوع جاء بأمر جديد ،وكان من
أشدهم أمير الحساء هددوا على أمير العينية إن لم يخرج من بلده هذا المطوع
فإنه سوف يحصل كذا وكذا فخرج وتوجه إلى الدرعية فنزل الشيخ في بيت
أبن سلويلم في الدرعية وعلم محمد بن سعود وصوله ولما علم أخذ بعض
أصحابه فذهب إلى بيت أبن سويلم ولم يدعه إلى منزله فزارة وتعرف عليه
وهدى ال السرة وطلبت السرة رجالً ونساءاً من المام محمد بن سعود أن
يؤازر هذا الرجل وأن تبنى هذه الدعوة فاليعتبرها نعمة سيقت إليه وفعلً آزر
وأعلن مؤازرته للدعوة والشيخ نصحه وبين له كما بين لمير العينية صعوبة
هذه الدعوة أنها دعوة عامة ل تترك شيئاً من الجاهليات ل في العقيدة ول في
الحكام تجديد عام للدعوة المحمديه واستعد المير محمد بن سعود لمؤازرة
الدعوة وتعاهدا عن القيام بالعمل الجاد في الدعوة فصارت الدرعية عاصمة
للدعوة يهاجر إليها طلب العلم للعلم وللتعبد هناك قرب الشيخ وانطلقت الدعوة
من هناك وبدأ الشيخ يكتب إلى المراء في جميع القطار يشرح موقفه من
الئمة الربعة وموقفه من الصحابة وموقفه من نصوص الصفات وموقفه في
باب التوسل وهكذا بدأت الدعوة وأستمرت إلى أن وصلت إلى هذه المدينة
النبوية وعمت الجزيرة ولكن الدعايات ل تزال تنتشر في الفاق هناك مذهب
خامس هناك الوهابية هناك وهناك فصار العمل هو الرد وأُلفت الكتب ضد هذه
الدعوة وأنتشرت في العالم فعرف أكثر الناس هذه الدعوة على غير حقيقتها
وأنها دعوة مناؤة للئمة الربعة والولياء وأنها ل تحترم رسول ال
والصحابة وهكذا إلى غير ذلك من الدعايات التي أخذت تتبخر شيئاً فشيئًا إلى
أن في مثل هذا الوقت وانتشرت الدعوة ووصلت إلى إفريقيا توجد الن هناك
مدارس كثيرة تدرس نفس المنهج المقرر في المدارس السعودية في المرحلة
البتدائية والمتوسطة والثانوية وانتشرت في القارة الهندية وانتشرت في الدول
العربية إلى أن خرجت من الديار السلمية وفتحت لها أبواباً في نفوس الناس
وفي صدور الناس من أوروبا وأمريكا وانتشرت وعمت لذلك جميع الحركات
4
حول هذه الدعوة وضد هذه الدعوة إنما هي حركة الشاة المذبوحة تتحرك
لتموت ل لتحيى والدعوة ماشية بحمد ال تعالى وننصح بدراسة العقيدة
والحكام وفروع اللغة العربية وعلوم الحديث وعلوم القرآن وكل علم نافع
يكون مساعدًا لفهم الكتاب والسنة وطلب العلم نوع من الجهاد وأنتم في جهاد
طالما تطلبون العلم ،والعلم قبل القول والعمل .
قوله (( إعلم رحمك ال أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل ))
الشرح :هذا الخطاب موجه إلى كل قارئ وكل سامع وكل من يصلح أن
يوجه إليه الخطاب .إعلم رحمك ال أنه يجب علينا ـ ليس معنى يجب علينا
نحن طلب العلم ل ـ يجب علينا نحن معاشر المسلمين ،لن ما اشتملت عليه
هذه الرسالة ليس يجب على الشباب وطلب العلم فقط ،بل ما يجب على كل
مسلم ومسلمه يجب علينا نحن معاشر المسلمين تعلم أربع مسائل .
قوله (( :الولى :العلم وهو معرفة ال ))
الشرح :المسألة الولى :العلم ،وفسر العلم بالمعرفة فقال هو معرفة ال ،ما
الفرق بين العلم والمعرفة ؟ لماذا فسر الشيخ العلم بالمعرفة ؟ المعرفة أعم من
العلم ،العلم خاص بما لم يسبق بجهل ذلك يستعمل في حق ال تعالى العلم ،
ول يستعمل المعرفة في حق ال لن المعرفة هي المسبوقة بجهل أي الدراك
المكتسب بعد إن لم يكن .
إذاً بالنسبة لنا يقال له علم ويقال له معرفة ،وفي حق ال تعالى يقال له العلم
فقط لذا فسر العلم فقال :المراد بالعلم هنا هو معرفة ال بأسمائه وصفاته ،
معرفة ال بالئه ونعمائه ،معرفة ال باليات المتلوه واليات الكونية ،معرفة
توجب محبته سبحانه وتعالى توجب خشيته وتعظيمه وتعظيم أمره وتعظيم
شرعه توجب مراقبته تعالى وخشيته وفي النهاية المحبة ،لن محبة ال تعالى
روح اليمان ،وإيمان المرء إذا خل من محبة ال تعالى كالجسد الميت روح
اليمان محبة ال ،ومعرفة ال ليست معرفة بالدعوى معرفة بهذه المعاني كلها
وأكثر منها يدخل في ذلك توحيد الربوبيه ،وتوحيد العبادة ،وتوحيد السماء
والصفات .كل ذلك وتصديق خبر ال سبحانه وتعالى ويدخل في ذلك اليمان
بالكتب السماوية والجنة والنار وغير ذلك من المور الغيبية التي يجب اليمان
بها كل ذلك داخل في معرفة ال .
قوله (( :ومعرفة نبيه ))
5
الشرح :ومعرفة نبيه تبعثك على تصديق كل ما أخب ،معرفة توجب طاعته وتصديق خبه ،
واتباع هديه ،وتريد التابعة له بيث لتعارض قوله بقول أحد ،والذين يعارضون قول
رسول ال بآراء الرجال وربا يقدمون أراء الرجال على سنة رسول ال ل يعرفوا نب
ال حق العرفة ،من عرف بأنه رسول يطاع ول يعصى وعب ٌد ل يعبد ونب ل يكذب ،
ليكن أن يعارض أقواله وسنته وهديه باقوال الرجال ،وأراء الرجال ويستدل احيانا ف بعض
الحاديث أنا مالفة للقاعدة من أين القاعدة ؟ هذه الت تالفه أو يالفها هدي رسول ال
.كل ما يسمى بالقواعد والصول إن كانت مأخوذة من كتاب ال وسنة رسوله مثل
هذه الصول الثلثة فهي مقبولة وكل ما يسمى بالقواعد والصول الت يؤصلها بعض الناس
ويقعدونا مالفة للكتاب والسنة فهي مردودة وذلك دليل على عدم معرفتهم برسول ال
حق العرفة ،معرفته العرفة الشخصية ومبته الحبة الذاتية دون الحبة الشرعية الرسالية ل تفيد
وهذا شئ يعلمه كل مسلم وإل إن بعض الكفار والشركي كانوا يعرفون أمانته وصدقه ،
كانوا يعرفون رسول ال ،وكانوا يقدرونه غاية التقدير ولكنهم ل يتبعونه ،ول يبوه مبة
شرعية فلذلك ل ينفعهم ذلك الوقف كأب طالب كما نعلم ومعرفة النب ليس بالمر الي ث
مبته شعبة من شعب اليان .من معرفة النب أن تبه أكثر ما تب نفسك وأهلك ومالك
الذي يب لذاته هو ال ليس ال ولكن النب يب ل لنه رسول ال عبد ال الذي اصطفاه
للرساله العامة ،أما الحبة الذاتية إنا هي ل وحده هذا فرق دقيق يب أن يعلم طلب العلم
كل من يب دون ال إنا يب ل ولكن ال يب لذاته الذي يب لذاته هو ال وحده ،ومن
دونه بدأ من رسوله يب ل لذلك إذا ل تكن مبة الرسول ل كأن كانت للقرابة أو
كونه عبقري ل تفيد ول تفد تلك الحبة أبا طالب ،ول تفد الستشرقي الذين يقدرونه
ن ينبغي أن يتفطن ويطالبون ف تقديره لكونه عبقريا ف التاريخ للنه رسول ال وهذا مع ً
له طلب العلم .
قوله (( :ومعرفة دين السلم ))
الشرح :ومعرفة دين السلم :السلم إن الدين عند ال السلم ،كل ما
أرسل به رسوله فهو إسلم ،ما جاء به نوح إسلم ،وما جاء به إبراهيم
إسلم كلما جاءت به الرسل فهو إسلم ،لكن اصبح السلم أخيراً علماً بالغلية
6
على ما جاء به خاتم النبيين وإمام المرسلين محمد لذلك إذا أطلق السلم
عند الطلق ينصرف إلى ما جاء به محمد ،ولكن عند التحقيق كل ما
أرسل ال به رسله إلى الناس بداً من نوح إلى إمامهم وخاتمهم محمد كل
ذلك إسلم إن الدين عند ال السلم [ آل عمران ، ] 19 :لذلك يجب معرفة
هذا الدين الذي جاء به محمد به تعرف الديان الخرى ،به تعرف
الرسل ،وما جاءت به الرسل ،وتصدق الرسل فدين الرسول عليه الصلة
والسلم هو المفتاح لذلك ،والدين السلمي هو ما جاء به الرسول عليه
الصلة والسلم ،أما بعض التقاليد وبعض البدع التي ابتدعها بعض الناس ثم
يسمون إسلمياً كما نسمع هذه اليام في بعض الدساتير فيقولون التقاليد
السلمية كالمولد والختمة والذكر والتهليل وغير ذلك أسماء لغير مسمياتها كل
ذلك من السلم إذا قالوا الذكر من السلم فل يعنون الذكر الشرعي المراد
بالذكر هناك مجالس يجتمع فيه الناس ويذكرون باللفاظ المفردة ال ل يذكرون
ال بالتهليل والتكبير والستغفار والذكار الشرعية يبدؤون بال وينتهون بال
ال ال ال ويسمونها مجالس الذكر ،وهذه المجالس يجب أن تكون من الدين ،
ومن ينكر المجالس ينكر الدين ،وهو المراد بالتهليل أيضاً وبالختمة ما يفعل
من البدع عند ختم القرآن .والتوسل المراد به عندهم هو الستغاثة بالصالحين
ل إذا
ودعوة الصالحين والطواف بقبور الصالحين والنذر لهم يسمونه توس ً
جمعت بعض الناس هذه العناوين ،وقدموها للمجتمع على أن هذا هو السلم
هذا تضليل وجهل مركب منهم ،وإن كانوا على علم ولكن لينالوا المكانة عند
الشعوب فهو تضليل وتجهيل وتلبيس للناس لعقيدة السلم .وحقيقة السلم :
هو الستسلم ل والنقياد له بالطاعة والعبادة ،وكل ذلك ل ينفع إل إذا كان
مأخوذ من مشكاة النبوة ،وأيما عمل ل يؤخذ مما جاء به الرسول عليه الصلة
والسلم ودرج عليه الصحابة ل يسمى إسلماً وإن أعلن رسمياً إنه من السلم
.
قوله (( بالدلة ))
الشرح :معرفة كل ذلك بالدلة :لبد من الدلة ،وكل علم يقدم بدون دليل
فهو دعوى ،والدعوى لبد لها من بينة ،البينة الدليل ،الدليل هو قال ال قال
رسول ال وإجماع الصحابة ،ويقول المام رحمه ال ،والدليل على هذه
المسائل الربع يجب تعلمها على جميع المسلمين ،الدليل على هذه السورة
القصيرة التي يحفظها تقريباً كل مسلم .بسم ال الرحمن الرحيم :والعصر إن
7
النسان لفي خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق
وتواصوا بالصبر ، هذه المسائل الربع التي سوف تشرح إن شاء ال .
العصر :الواو واو القسم ،والعصر هو المقسم به فال سبحانه وتعالى له
الحكمة البالغة فيما خلق ،وفيما شرع في أحكامه في قضاءه وقدره حكيم يفعل
ما يشاء ،ويحكم ما يريد ول يسال عما يفعل يقسم وكثيراً ما يقسم بمخلوقاته ،
ومع ذلك أرسل رسوله المين عليه الصلة والسلم وبين لنا أننا نحن العباد ل
يجوز أن نقسم إل بال ،ولكن ال قد يقسم بمخلوقاته ،وليس للعباد أن يقيسوا
أنفسهم على رب العالمين فيقسمون ببعض المخلوقات قائلين لن ال يقسم
بالعصر والليل والضحى ،ونحن لماذا لنقسم ؟ أنت عبد والعبد يقف عند أمر
سيده فسيدك هو ال أرسل إليك سيد الناس أجمعين محمد فأخبرك أن العبد
ل يقسم إل بال { من كان حالفًا فليحلف بال أو ليصمت } إذ العبد ممنوع من
،ل يجوز للناس أن أن يقسم بغير ال ولو كان أشرف المخلوقين محمد
يقسموا بالرسول ول ببيت ال ،ولبأحد من خلق ال من النبياء والملئكة
والولياء والصالحين ،كل ذلك ل يجوز ،ولكن ال يقسم بما يشاء لحكمة
يعلمها ،أقسم هنا بالعصر يشمل إما عصر النبوة عصر محمد لنه عصر
ممتاز ،عصرٌ أرسل ال فيه خاتم النبيين بالرساله العامة بينما كان الرسل
يرسل كل رسول إلى قومه وبلسان قومه رسالة مؤقتة ،ويعلم ال متى تنتهي ،
وهم أي قومه ل يعلمون متى تنتهي ،ذلك النسخ تنسخ كل رساله وتنتهي إلى
حدٍ ولقوم محدودين ولكن الرسالة المحمدية جاءت رسالة عامه وباقيه ما بقية
الدنيا إذًا هذا العصر عصر النبوة عصر ممتاز أقسم ال به ليبين مكانه هذا
العصر يشمل هذا العصر صلة العصر لن صلة العصر هي الصلة
الوسطى على أصح القولين ،الصلة الوسطى تمتاز على الصلوات الخرى إذ
تجتمع فيها الملئكة الذين ضلوا فينا ،والملئكة الذين ينزلون ليبيتوا فينا وقد
يحصل هذا المعنى في صلة الصبح لذلك أُختلف في الصلة الوسطى ،هل
هي صلة الصبح أو صلة العصر ؟ والذي يرجحه كثير من المحققين
أنهاصلة العصر ،وبناءاً على ذلك فإن العصر المراد به صلة العصر أو
والعصر بمعنى الدهر ليشمل جميع العصور ول حكمه في ذلك كله ،أقسم ال
بالعصر سواءً كان هذا المعنى أو ذاك أو غيرهما ،إن جنس النسان في
خسارة وفي هلك ،الجنس قد يخرج من هذا الجنس الفراد الذين عصمهم ال
إن النسان لفي خسر إل الذين إتصفوا بهذه الصفات التية ،صفة اليمان ،
واليمان يشمل اليمان بال ويجب اليمان به يدخل في قوله تعالى :إل الذين
8
أمنوا وهذا ضربٌ من ضروب إعجاز القرآن ،لفظ وجيز ،جملة شملت هذه
المعاني كلها إل الذين أمنوا بال أمنوا بربو بيته وألوهيته وأسماءه وصفاته ،
أمنوا بملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر إل الذين أمنوا وعملوا الصالحات
وما هي الصول التي تقدمت ؟ معرفة ال ومعرفة نبيه ومعرفة دين السلم
( الصول الثلثة ) .
قوله (( :الثانية :العمل به ))
الشرح :العلم والعمل به وعملوا الصالحات يشير إلى المسألة الثانية ،إل
الذين أمنوا شملت المسألة الولى بجميع ما ذكر الشيخ من معرفة ال ومعرفة
نبيه ومعرفة دين السلم .
والعمل به ،العمل الصالح الخالص ل الموافق لهدي النبي عليه الصلة
والسلم يشمل باب العبادة ،وباب الحكام والعمال كله ،عمل صالح حتى
القتصاد والسياسة والخلق داخل في العمل الصالح إل الذين أمنوا وعملوا
الصالحات وتواصوا بالحق .
قوله (( :الثالثة :الدعوة إليه ))
الشرح :الدعوة إلى ال الدعوة إلى السلم .
قوله (( :الرابعة :الصب على الذى فيه ،والدليل قوله تعال :والعصر إن النسان لفي
خ سر إل الذ ين أمنوا وعملوا ال صالات وتوا صوا بال ق وتوا صوا بال صب . قال المام
الشافعهي رحهه ال تعال < :لو مها أنزل ال حجهة على خلقهه إل هذه السهورة لكفتههم
> ))
الشرح :وتواصوا بالق ،الق ما جاء به الرسول عليه الصلة والسلم ،والق ل يتعدد ،
واحد ،وتواصوا بالق يدعوا بعضهم بعضا إل الق إل العقيدة ،إل تصحيح العقيدة ،إل
تصهحيح العبادات ،إل تصهحيح العاملت ،إل التقيهد بالشريعهة فه عبادتمه وأحكامههم
واقتصادهم وسياستهم وجيع أعمالم .
وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، وأن يدعون هذه الدعوة العامة الشاملة
ويحاول أن يتقيد الناس بالدين السلمي الذي جاء به رسول ال عليه الصلة
والسلم في عقيدتهم في عبادتهم في معاملتهم في سياستهم واقتصادهم وغير
ذلك ،لبد أن يؤذى ول بد ،ولكن ال لطيف في باب النذاء ،يلطف بعباده إذا
علم ال من العبد الصلبة والقوة في إيمانه إبتله إبتلءاً عظيماً وسلط عليه
9
أعداءه ليصفه وليرفع درجته ،وإن أعظم الناس بلءاً النبياء ثم المثل
فالمثل ،وإن علم الدقة الضعف في إيمانه لطف به وخفف عليه المتحان
والبلء كحالنا كما ترون وانظروا إلى من قبلنا من الدعاة المصلحين بدأً من
النبياء وأنظروا إلى حالنا ،أولئك ابتلوا ذلك البتلء لن ال علم في إيمانهم
القوة والصلبة ولفطف بنا ورحمنا وخفف عنا المتحان والبتلء لما يعلم منا
من الرقة والضعف في إيماننا إنه بعباده لطيف خبير سبحانه .وتواصوا
بالصبر تعالوا إلى فهم المام الشافعي رحمه ال لهذه السورة العظيمة ،يقول
رحمه ال < :لو ما أنزل ال حجة على خلقه إل هذه السورة لكفتهم > ،هذا
يدل على دقة فهمه رحمه ال وسعة فقه { من يرد ال به خيراً يفقه في
الدين } ،لكفتهم لن الية شملت أصول الدين وفروع الدين لم تترك شئ
شملت معرفة ال ومعرفة دينه ومعرفة نبيه شملت كل ذلك ،وشملت
العمال ،وشملت الدعوة وشملت الصبر في ذلك ،لذلك الية لم تترك شيئاً إذا
وفق ال العبد إلى فهمها كما فمها المام الشافعي وغيره ،كما فهما هذا المام
الذي استنتج منها هذه المعاني من السورة .
قوله (( :وقال البخاري رحه ال ( :باب العلم فبل القول والعمل ) ،الدليل قوله تعال
فأعلم أنه لإله إل ال واستغفر لذنبك [ سورة ممد اليه ، ] 19فبدأ بالعلم قبل
القول والعمل ))
الشرح :قال المام البخاري رحه ال ( :باب العلم قبل القول والعمل ) ،والدليل قوله
تعال :فأعلم أنه لإله إل ال ة الية . وجاء ف التعليق يقول ف صحيح البخاري كما ف
النسخ الت يأيدينا ( باب العلم قبل العمل لقوله ف قول ال سبحانه وتعال :فأعلم أنه لإله
إل ال فبدأ بالعلم ) ،إختلف النسخ إختلف لفظي وإختلف تنوعي ،والعن واحد
البدء بالعلم قبل القول والعمل هذا دليل على مكانة العلم وأن العابد ل يوز له أن يبدأ
بالعبادة إل بعد العلم ،وأن الواعظ والعلم والرشد ل يوز له أن يتصدى لذلك قبل العلم أي
يب أن يدعوا الناس إل ما يعلم وينصح الناس با يعلم ،ويعلم الناس ما يعلم ،وما ل يعلم
يعتذر بقول ال أعلم ،أما العابد الذي يريد أن يعبد ال على جهل معرضا عن العلم ف زعمه
ملزما للصفوف الول ومبكرا إل الساجد ومعرضا عن العلم هذا قد استول عليه الشيطان
وأبعده عن العلم ،يب أن ينصح بعض الذين يتهدون ف العبادة وتنقطعون إل العبادة
10
معرضي عن التعلم وجامدين على ما عندهم ومقدسي لنفسهم والخدوعي الغرورين
بعبادتم على جهل ،أقول هذا القول ليسمع بعض الصالي العباد الذين هم على جانب
كبي من الهل ،وربا بعض الزوار وبعض الغرباء عندما يرونم ف الصفوف الول يسبونم
من طلب العلم ويسألونم أسئلة فيجيبونم على جهل ،يستحي أن يقول :ال أعلم ولكنه
يفت بهل فيضل ويضل ،فننصح إخواننا العباد أن يصصوا أوقاتا لطلب العلم وأوقاتا للعبادة
إذا يسر ال أمره فتفرغوا للعبادة وليس هناك ما يشغلهم فليقسموا أوقاتم [ بي] العبادة
[ وبي ] طلب العلم فليكزوا على طلب العلم فليعلموا أن تعلم العلم الدين عقيد ًة وأحكاما
وخصوصا ف العبادة من العبادة ،طلب العلم من العبادة ،العبادة أنواع ليست العبادة مرد
الصلة ،وليست العبادة مرد اتباع النازه وليست العبادة مرد الوصول ال الصف الول
العبادة انواع نوّع عبادتك ،وأبدأ بالهم ،الهم العلم إطلب العلم والعمل هو الذي يسهل
لك العبادة ويعلك تتذوق العبادة وتس للعبادة ذوقا ،وإل سوف لن تنفعك عبادتك .
قوله (( :أعلم رحمك ال ))
الشرح :قال المؤلف رحمه ال :إعلم رحمك ال ،هكذا اسلوب الشيخ
كأسلوب الولين ،هذا الخطاب يقال موجه إلى كل من تتأتى منه المعرفة
والعلم ،إعلم يا طالب العلم يامن يتأتى منه العلم والمعرفة إعلم انه يجب على
كل مسلم ومسلمة تعلم المسائل الثلث ،المسائل موصوفة بالثلث صفة الصفة
والموصوف كلهما معرفان الثلث لن المفرد مسألة لذلك تذكر وهذا هو
التعليل السليم إن شاء ال الذي هو الصل قبل أن يقع شئ من التصحيف
والخطاء المطبعية ،تعلم المسائل الثلث .
قوله (( :أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلث والعمل
بهن ،الولى :أن ال خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملً بل أرسل إلينا رسولً ))
الشرح :الولى :أن ال خلقنا ورزقنا ولم يجعلنا هملً بل أرسل إلينا رسلً
فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار .هذه المسألة تعتبر قاعدة مسائل
في الواقع بمثابة القواعد ،فيها معرفة توحيد الربوبية توحيد العلم والمعرفة ،
معرفة العبد بأن ال هو الذي خلقه وحده وهو الذي رزقه وحده ثم لم يتركه
كالبهائم البهم تأكل من رزقه فقط بل شرف ال هذا النسان هذا الحيوان
الممتاز بأن أرسل إليه رسولً هذا الرسول من بني جنسه لم يكن ملكاً أو جنياً
لئل يستوحش منه ،بل بشر ولكن بش ٌر اصطفاه ال واختاره ورباه تربية
11
خاصة وأدبه فأحسن تأديبه وهياءه لهذه الرسالة العظيمة العامة فأرسل إلينا
رسولً هذا الرسول عليه الصلة والسلم ،جاء هذا الرسول ليدعوا الناس إلى
ال هذه وظيفته بشيراً ونذيراً .
قوله (( :فمن أطاعه دخل الجنة ))
الشرح :فمن أطاعه دخل الجنة ،إما من أول وهلة بدون عذاب أو عقاب
كالسبعين الذين تعرفونهم أو دخل الجنة بعد أن استوجب النار دخل الجنة
أو تساوت حسناته وسيئاته فأمر به إلى النار فيشفع فيه بشفاعة رسول ال
الرسول فيدخل الجنة هؤلء دخلوا الجنة قبل دخول النار او قد يدخلوا النار
ولكن نار تطهير ومآله إلى الجنة بشفاعة النبي أو شفاعة الشافعين الخرين
أو بمحظ رحمة ال أرحم الراحمين ،ولكن مآله إلى الجنة هذا من أطاع النبي
إنما يتفاوتون هذا التفاوت على حسب طاعتهم لرسول ال وبحسب
محبتهم للرسول عليه الصلة والسلم ،لن الناس تتفاوت في محبة ال ومحبة
رسول ال وفي طاعة ال وطاعة رسول ال ووكلٌ من أولياء ال
ولكنهم درجات لن المؤمن وليٌ والولياء درجات يظهر لكم من هذا أن من
أطاع الرسول يختلفون في صفة طاعتهم وفي مبلغ طاعتهم لذلك يختلفون
في دخول الجنة .
قوله (( :ومن عصاه دخل النار والدليل قوله تعالى :إنا أرسلنا إليكم رسولً
شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولً فعصى فرعون الرسول فأخذناه
أخذًا وبيلً [ المزمل 15ـ )) ] 16
الشرح :ومن عصاه دخل النار إما خالدًا مخلداً كأن كان عصيانه بالكفر
والشرك الكبر والنفاق العتقادي أو دخل النار نار تطهير كأن كان عصيانه
بما دون الكفر والشرك كما تقدم ،والدليل على هذه المسأله العظيمة والقاعدة
التي سمعناها قوله تعالى :إنا أرسلنا إليكم رسولً شاهداً عليكم ( وهو النبي
) كما أرسلنا إلى فرعون رسولً فعصى فرعون الرسول هذا الرسول
المعرف هو الرسول السابق ولكن النكرة المكررة من قبل والنكرة إذا تكررت
الثانية غير الولى إنا أرسلنا إليكم رسولً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون
رسولً ، هذا الرسول غير الرسول الول ،الرسول الول هو رسول ال
محمد والثاني موسى عليه السلم .فعصى فرعون الرسول الرسول الثالث
هو عين الرسول الثاني لنه جاء معرف أي الرسول المعهود الذي أرسل إلى
فرعون السابق الذكر فأخذناه أخذاً وبيلً أخذنا فرعون لما عصى الرسول
12
اخذاً وبيلً كذلك أنتم إن عصيتم الرسول عليه الصلة والسلم تؤخذون
وتعذبون على إختلفٍ في التعذيب في الدنيا وفي الخرة .
قوله (( :الثانية :أن ال ليرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لملك مقرب
ولنبي مرسل ،الدليل قوله تعالى :وأن المساجدل فل تدعوا مع ال أحداً
[ الجن )) ] 18 :
الشرح :المسألة الثانية :أن ال ليرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لملك
مقرب ول نبي مرسل ،إذا كان ال ل يرضى أن يكون شريكه في العبادة
ليرضى لن يدعى جبرائيل ملك ،جبرائيل مثلً وأشرف الخلق محمد
ويستغاث بجبرائيل ويذبح تقربًا إلى جبرائيل وكذلك محمد فما بال غيرهما
بمعنى باب الشراك لفرق بين أن يشرك به إنساناً صالحًا أو طالحًا ملكًا أو
نبيًا ،جنياً أو أنسياً أو شيطانًا أو حجراً أو شجرًا المعنى واحد لفرق بين هذه
الشركيات ،لن العبادة حق محظ ل تعالى ليستحقها أحد هذه من المعاني
التي تغيرت كثيراً وجددها بعض المجددين ،جهل كثير من الناس ول يزالون
يجهلون في بعض القطار التفريق بين حق ال سبحانه وتعالى وحق رسوله
وحقوق الصالحين ،يخلطون ليعرفون ما هو حق ال على العباد وما هو
الواجب بالنسبة للرسول على المؤمنين ؟ وما هو الواجب على المؤمنين
نحو صالحي عباد ال المؤمنين ؟ ،هذه المعاني التي تغيرت والتي يجب على
طلب العلم اليوم أن يقوموا بدور التجديد والصلح حيثما كانوا ودعوتنا اليوم
في الغالب الكثير دعوة تصحيح ،تصحيح هذه الخطاء ،تصحيح العقيدة ،
وتصحيح العبادة ،وليس معنى قولنا إذا قلنا ندعو إلى ال أن غيرنا من الناس
غير مسلمين وأننا ندخلهم إلى السلم من جديد ل ،هذا تصور خاطئ ،
مسلمون ولكن مسلمون دخلت عليهم بعض الخطاء في عقيدتهم وفي عبادتهم
وفي أحكامهم وفي معاملتهم واقتصادهم وسياستهم هذا هو الواقع ،وإن كان
ليمنع هذا أن يقوم الدعاة بدعوة التأسيس في غير المسلمين الذين وفدوا على
هذه البلد بأسم العمال وهم كثير في كثير من المناطق يعيشون بين المسلمين
ومما يظهر أنهم ربما فهم بعضهم بحياتهم بين المسلمين بعض محاسن السلم
لذلك نراهم يعتنقون السلم كثيراً هذه الدعوة دعوة تأسيسية ،والدعوة الولى
دعوة تصحيحية وعلينا أن نعمل في المجالين ،والدليل على المسألة الثانية
قوله تعالى :وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحداً [ الجن ، ] 16 :لفظة
أحداً نكرة واقعة في سياق النهي أو النفي المعنى واحد ،النكرة إن وقعت في
سياق النفي أو سياق النهي أو سياق الستفهام النكاري تفيد العموم فل تدعو
13
مع ال أحدًا كائناً من كان ول تستغيث بأحد غير ال كائناً من كان بملك أو نبي
صالح هؤلء عباد ال كلهم يرجون رحمه ال فل يستغلث بهم ول يدعون ول
يذبح لهم ول ينذر لهم ،ولكنهم يحبون في ال فالصالحون نحبهم في ال من
النبياء ومن بعدهم نتقرب إلى ال بمحبتهم ومحبتهم عمل صالح ويتقرب به
العبد إلى ال ،محبتهم شئ ودعوتهم والستغاثة بهم والذبح لهم شئ آخر
مغاير تماماً ،حبهم في ال طاعة وحبهم مع ال شرك فرق بين الحب في ال
وبين الحب مع ال 0اذااحببت الصالحين في ال لجل ال لكونهم صالحين ما
أحببته إل لكونه صالحا تقيا ملتزما متمسكاً فهذا عمل صالح تتقرب به إلى ال
ولكن إن غلوت فيه غلوًا وأحببته على ال وتعامله معاملة الخالق ثم تستغيث به
وتدعوه وتجهر باسمه كما تقول يا ال تقول يافلن هذا هو الحب مع ال من
أكبر الشرك .
قوله (( :الثالثة:أن من أطاع الرسول ووحد ال ليجوز له موالة من حاد
ال ورسوله ولو كان أقرب قريب ،والدليل قوله تعالى :لتجد قوماً يؤمنون
بال واليوم الخر يوآدون من حاد ال ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم
أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اليمان وأيدهم بروح منه
ويدخلهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها رضي ال عنهم ورضوا
[المجادلة عنه أولئك حزب ال آل إن حزب ال هم المفلحون
)) ] 22 :
الشرح :القاعدة الثالثة :أنه من أطاع الرسول ووحد ال ليجوز له موالة
من حاد ال ورسوله وإن أدعى أنه موحد وأنه مطيع للرسول عليه الصلة
والسلم إن صحت هذه الدعوة سوف تمنعه من أن يحب من كان عدواً ل ومن
يشاقق ال ويخالف ال ويخالف الرسول ولو كان أقرب قريب لو كان والده
أو ولده إن كان صادقاً في دعوى اليمان بال وبرسوله عليه الصلة والسلم
ورأى أقرب قريب محاداً ومشاقاً ل ولرسوله عليه الصلة والسلم ،ويخالف
رسول ال ،ودين ال معاندًا كافراً يجب أن يقاتله ويقتله كما حصل ذلك
لجماعة من الصحابة .والدليل قوله تعالى :لتجد قوماً يؤمنون بال واليوم
الخر يوآدون من حاد ال ورسوله … ..الية من هذه النقطه يجب أن
نتريث ونفهم الحقائق لكي ل يتعجل بعض الشباب .الكفار قسمان :قسم يقال
له الكافر الحربي :والذي العلقة بيننا وبينهم الحرب ،وليس بيننا وبينهم أي
علقة .عداوة وحرب هؤلء يجب قتالهم ،ول تجوز موالتهم بل لتجوز
مجاملتهم ومداراتهم لنه كافر حربي وإلى ذلك تشير الية الكريمة :ياأيها
14
الذين أمنوا لتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم
منكم فإنه منهم هؤلء الكفار الحربيون .وهناك كافر غير حربي ذمي ،الكافر
الذمي ليجوز قتله ويجامل ويدارى ول يداهن ويعامل في المعاملة الدنيوية
نبيع منه ونشتري ،نقرضه ونستقرض منه نعامله هذه المعاملة ونشتري منهم
السلحة ونبيع لهم ما لدينا من السلع طالما أنهم غير محاربين لنا إذا كانوا
ذميين وفي حكم الذمي المستأمن .ومن بيننا وبينهم الهدنة في أيام الهدنة
يعاملون هذه المعاملة ،ولكن الذي يجب أن يفهمه الطلب فرق بين المعاملة
وبين الموالة ،فالمولة هي المحبة القلبية ليجوز لك أن تحب الكافر كائناً من
كان تحرم مودتهم ومحبتهم ونصرتهم ولكن إذا كان غير حربي لتحرم
معاملتهم ومداراتهم ومجاملتهم وإذا كنا نحس أن بعض الكفار في حكم
الحربيين ليس بحربيين فعلً ولكنه في حكم الحربي لنه ظهير للكافر الحربي
الذي بيننا وبينه الحرب ظهيراً له ومعيناً له إن كنا قادرين على محاربته
حاربناه وإل نأخذ بالستعداد وأعدوا لهم أما كوننا أن ندخل معهم في الحرب
ونحن غير معدين وغير مستعدين للقتال معهم هذه ليست بشجاعة هذا تهور
لبد من الستعداد من قبل ،قبل الحرب معهم ،وهذا موقف المسلمين اليوم مع
الدول الكبرى كما يسمون وهم إما حربيون أو في حكم الحربيين ،ولكن
المسلمين عاجزون من مقاومتهم ومن محاربتهم ولنهم لم يعدوا أنفسهم بعد ،
فعلى المسلمين أن يعدوا أنفسهم لمصانع حربية كمصانعهم حتى يكونوا قوةً
قادرة على حربهم ،وأما أن نقف عند مصانع الكبريت ومصانع المكرونه ،ما
عندنا ليس بعاجزين مادياً ول من حيث الرجال ولكن يسمى عجزنا عجز
القادرين على التمام
كعجز القادرين على التمام ولم أرى في الخلق عيباً
هذا هو عجزنا قبل أن نعد أنفسنا فلنقف عند حدنا وإل يستبيحون بيضتنا ،
ولكن نعد أنفسنا إعداداً من جديد .الشاهد :يجب أن نفرق بين موقفنا بين
الكافر الحربي وبين الذمي ،والذمي غير موجود اليوم ،وبين المستأمن
والمعاهد وصاحب الهدنة ،هؤلء كلهم يعاملون معاملة خاصة ،ولكن كلهم
على حدٍ سواء لتجوز موادة ومحبة وموالة الكفار ،ولو كان أحد الوالدين أو
كليهما لذلك علمنّا ربنا سبحانه وتعالى كيف نعامل الوالدين الكافرين ،قال
تعالى :وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فل تطعهما
وصاحبهما في الدنيا معروفاً إذا كان ليطاعان إذا دعا الولد إلى الشرك وإلى
15
الكفر وإلى معصية ال ورسوله ،ولكن ليمنع ذلك مصاحبتهما بالمعروف
ومصانعتهما والحسان إليهما ومن برهما لعل ذلك يكون سبباً لدخول السلم .
قوله (( :أعلم أرشدك ال لطاعته ))
الشرح :أعلم أرشدك ال .أعلم يا طالب يا من يتأتى منه العلم ،أعلم أرشدك
ال لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم ( ،ملة إبراهيم ) إما بدل أو عطف بيان من
الحنيفية كأنك تقول أن الحنيفية يعني ملة إبراهيم أو هي ملة إبراهيم ،أن تعبد
ال وحده مخلصاً له الدين ،هذه ملة إبراهيم ،وملة من جاء بعده من الرسل
من أولده لنه أبو النبياء .وبذلك أمر ال جميع الناس ،والية التي يستدل
بها المؤلف على هذا الحكم قوله تعالى :وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون
لبد من التوفيق بين المدلول والمدلول عليه ،المدلول عليه هو هذا الحكم ،
أمر ال جميع الناس بينما الية تدل أن ال خلق الجن والنس جميعاً لعبادته .إذاً
كان الولى أن تكون العبارة هكذا ( :وبذلك أمر ال الجن والنس وخلقهم
لها ) ليتفق الدليل والمدلول عليه كما قال تعالى :وما خلقت الجن والنس إل
ليعبدون خلق ال الثقلين لعبادته ليوحدوه وليعرفوه وحده وفسر معنى يعبدون
يوحدون ،وهذا معنى من المعاني ،وعند أهل العلم عدة تفاسير ليعبدون
ليعرفون ليخلصوا إلى العبادة ،ولكن كلمة يوحدون أشمل ،ولذلك لعل المؤلف
أختار هذا التفسير .
قوله (( :أن الحنيفية ملة إبراهيم :أن تعبد ال وحده مخلصاً له الدين ،
وبذلك أمر ال جميع الناس وخلقهم لها كما قال ال تعالى :وما خلقت الجن
والنس إل ليعبدوه [ الذاريات ، ] 56 :ومعنى يعبدون يوحدون ،وأعظم ما
أمر ال به التوحيد ))
الشرح :قال وأعظم ما أمر ال به التوحيد ،ال سبحانه وتعالى أمر بأوامر
كثيرة ،وأعظمها إفراد ال سبحانه تعالى بالعبادة وفسر التوحيد بإفراد ال
سبحانه وتعالى بالعبادة وزد على ذلك إثبات ما أثبت ال لنفسه من الصفات وما
أثبت له رسوله وتنزيه ال عن النقائص والعيوب ومشابهة المخلوقات كل
ذلك مما جاء به رسول ال وأشتمل عليه الكتاب والسنة ،وأما توحيد
الربوبية كما سيأتي ،إنما يذكر يستدل به على توحيد العبادة أي إن توحيد
الربوبية يستلزم توحيد العبادة لذلك يذكر من باب الستدلل به على توحيد
العبادة ،وتوحيد العبادة يتضمن توحيد الربوبية .
16
قوله (( :وهو إفراد ال بالعبادة ،وأعظم ما نهى عنه الشرك وهو :دعوة
غيره معه ،والدليل قوله تعالى :اعبدوا ال ول تشركوا به شيئاً [ سورة
النساء ] ))
الشرح :وأعظم ما نهى عنه الشرك ،وهو دعوة غيره معه .
س /هل الشرك دعوة غيرة معه أو أعم من الدعوة ؟
جـ /الشرك أعم من الدعوة والدعاء نوع معين من أنواع العبادة إذًا لو قال
وعبادة غيره معه لكان أولى وأشمل ليشمل الدعاء وغير الدعاء كالذبح والنذر
وغير ذلك بدليل الية التي يستدل بها وهي قوله تعالى :واعبدوا ال ول
تشركوا به شيئاً في عبادته في الدعاء والستغاثة والذبح والنذر والتوكل
والرهبة والرغبة وغير ذلك من أنواع العبادة هذا تفصيل جزئي .
قوله (( :فإذا قيل لك ما الصول الثلثة التي يجب على النسان معرفتها
؟ ))
الشرح :ثم أراد الشيخ أن يفصل كل ما تقدم فقال :فإذا قيل لك ما الصول
الثلثة ؟ الصول جمع أصل ،والصل ما يبنى عليه غيره فجميع واجبات
الدين تنبني على هذه الصول الثلثة من صلة وزكاة وصيام وحج وغير ذلك
،كل تنبنى وترجع إلى هذه الصول الثلثة .فإذا قيل لك ما الصول الثلثة
التي يجب على النسان معرفتها والتي سبق تفصيلها .
)) قوله (( :فقل معرفة العبد ربه ونبيه محمد
الشرح :فقل معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد فقد سبق تفصيلها راجع ما
تقدم .
قوله (( :فإذا قيل لك من ربك ؟ فقل ربي ال الذي رباني وربى جميع
العالمين بنعمته ))
الشرح :فإذا قيل لك من ربك ؟ فقل ربي ال الذي أعبده هو ربي لنه ل
يستحق العبادة إل الرب أي إل الخالق المربي ربي ال الذي رباني وربى
جميع العالمين بنعمته وبذلك استحق العبادة ،أما الذي ل يخلق ول يرزق ول
يربي ل يستحق العبادة ،عبادته ظلم .ربى جميع العالمين بنعمته :النعمة إذا
أضيفت تشمل ،وإن تعدوا نعمة ال ، أي بنعم ال ربى جميع العالمين بنعمه
التي لتعد ول تحصى نعمة اليجاد ،نعمة الهداية ،نعمة السلم ،نعمة
اليمان ،نعمة المن والمان وغير ذلك .
قوله (( :وهو معبودي ليس لي معبود سواه ،والدليل قوله تعالى :الحمد ل
رب العالمين [الفاتحة )) [ 2 :
17
الشرح :وهو معبودي ليس لي معبود سواه :النسب هنا أن تكون فاء
الفصيحة فهو إذاً معبودي ،إذا كان هو الذي خلقني ورباني وربى جميع
العالمين بنعمه فهو معبودي ليس لي معبود سواه ،فهو وحده معبودي ،
تعريف جزئي السناد يدل على الحصر فهو المبتدأ معرفة ،معبودي الخبر
معرفة لنه أضيف إلى ياء المتكلم فهو معبودي ،فهو وحده معبودي ،ل أعبد
إل إياه ،ولذلك فسر الجملة الثانية ،تعتبر جملة تفسيرية ليس لي معبودٌ سواه ،
ومن عبد غير الرب الخالق المربي للعالمين بنعمه فقد ظلم لنه وضع العبادة
في غير موضعها ،والظلم وضع الشئ في غير موضعه ،ما الدليل على كل
ذلك قوله تعالى :الحمد ل رب العالمين خالق العالمين مربي العالمين .
قوله (( :وكل ما سوى ال عالم وأنا واحد من ذلك العالم ))
الشرح :ما هو العالم ؟ العالم كل ما سوى ال ،وأنا واحد من ذلك العالم فال
سبحانه وتعالى هو الذي يستحق العبادة وحده لنه هو المنعم المتفضل على
العالم .
قوله (( :فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته ومخلوقاته ومن آياته الليل
والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقاته السماوات السبع والرضون السبع
ومن فيهن ومابينهما ،والدليل قوله تعالى:ومن آياته الليل والنهار والشمس
والقمر لتيسجدوا للشمس ول للقمر واسجدوا ل الذي خلقهن إن كنتم
إياه تعبدون [فصلت )) ] 37 :
الشرح :فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ ما الدليل وما هي العلمات وما هي
اليات التي عرفت بها ربك لن ال سبحانه وتعالى احتجب في هذه الدنيا
ليرى { فإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا } إذاً اليمان بال تعالى من اليمان
بالغيب لنه غائب عن نظرك ،إن كان شاهداً معك ل يغيب عنك بعلمه وسمعه
وبصره فهو معك ،وهذه معية خاصة أو معية معنوية غير حسية لكنه حساً
فهو غائب عنك ،لذلك فاليمان بال من اليمان بالغيب يحتاج علمة وأدلة
تدل على وجود ال تعالى ما هي ؟ فإذا قيل لك بم عرفت ربك ؟ فقل بآياته
ومخلوقاته ،بآياته ومخلوقاته عطف خاص على العام ،واليات تشمل اليات
المخلوقة واليات المتلوة ،والمخلوقات أخص ،فمن آياته الليل والنهار
والشمس والقمر ،هذه آيات مخلوقة وعلمات وجود الرب سبحانه وتعالى ،
وقدرته وإرادته وعلمه وعزته وسمعه وبصره ( ،ومن مخلوقاته السماوات
السبع والرضون السبع ) ،هذه مخلوقات وفي الوقت نفسها آيات لفرق بين
هذه اليات والتي قبلها ومن فيهن وما بينهما .
18
والدليل قوله تعالى :ومن آياته الليل والنهار ، ومن آياته الدالة عليه الليل
والنهار الشمس والقمر ل تسجدوا للشمس ول للقمر لنهن من المخلوقات
واسجدوا ل الذي خلقهن ، هو الذي يستحق السجود إن كنتم إياه تعبدون
وقوله تعالى :إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم
استوى على العرش يغشي الليل النهار … ..الية ، هذه الية أول آية من
اليات السبع التي تدل على استواء ال على عرشه أول اليات التي تدل على
استواء ال هي هذه الية في سورة العراف ،والثانية في سورة يونس ،
والثالثة في الرعد ،والرابعة طـه ،والخامسة الفرقان ،والسادسة سورة
السجدة ،والسابعة سورة الحديد ،اليات السبع في هذه السور السبع هي التي
تدل على استواء ال تعالى استواءً يليق به على عرشه ،وأما الدلة الخرى
الكثيرة التي تدل على علو ال تعالى فهي أيضاً دليل آخر على هذا الستواء
لن الستواء علو خاص بالعرش ،وطلب العلم يفرقون بين العلو
والستواء ،الستواء صفة فعلية لذلك تجددت ،أما العلو فصفة ذاتية ثابتة
دائمة ثبوت الرب سبحانه وتعالى لتفارقه أي ل يزال ال في علوه دائماً وأبداً
حتى نزوله إلى سماء الدنيا في آخر كل ليلة ،وحتى في وقت مجيئه يوم
القيامة لفصل القضاء فهو ل يزال في علوه .العلو صفة ذاتية ثابتة قديمة قدم
الذات ،وأما الستواء فصفة فعل ،الستواء علو خاص بالعرش ،وأما العلو
فهو علو ال تعالى على جميع مخلوقاته وأنه بائنٌ من خلقه بذاته ليس في ذاته
شئ من مخلوقاته ،ول في مخلوقاته شئ من ذاته لهذا يعرف الرب سبحانه
وتعالى ويميز من جميع المخلوقات ،وأما القائلون بأن ال في كل شئ وفي كل
مكان لم يعرفوا ربهم بعد ،فليتعلموا من جديد فليطلبوه في علوه وليدعوه في
علوه وليجهروا بأسمه في علوه ويخافوه من فوقه بذلك يعرفون ربهم وفوق
ذلك فهم مضطربون غير عارفين بربهم
أل له الخلق والمر الخلق له هو الخالق وحده ،والمر له هو المر وحده
تبارك ال رب العالمين .
قوله (( :وقوله تعالى :إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة
أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر
والنجوم مسخرات بأمره أل له الخلق والمر تبارك ال رب العالمين
[ العراف ] 54 :والرب هو المعبود ،والدليل قوله تعالى :ياأيها الناس
اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الرض
19
فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم
فل تجعلوا ل أنداداً وأنتم تعلمون [ البقرة 21 :ـ )) ] 22
الشرح :الرب هو المعبود ليس معنى هذا تفسير الربوبية بالعبودية ،بل يريد
أن يقول الشيخ والرب هو المستحق للعبادة لكونه رباً خالقاً ـ أي يريد أن يستدل
بالربوبية على الولوهية كما تقدم في اليات ـ ،وإل الرب بمعنى الخالق
المربي والمعبود الله بمعنى المعبود ،نفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد
العبادة ،نستدل دائماً بتوحيد الربوبية على توحيد العبادة ،وهذا ما أراده الشيخ
رحمه ال .والدليل قوله تعالى :ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم ، هذا
هو وجه الستدلل اعبدوا لنه هو الذي خلقكم ،أما الذي ل يخلق ول يرزق
فل يستحق العبادة .اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون
الذي جعل لكم الرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به
من الثمرات رزقاً لكم فل تجعلوا ل أنداداً وأنتم تعلمون إذا كان المر كذلك
ل تجعلوا ل أنداداً ،إذا كان هو الذي فعل ذلك وأنفرد بهذه الفعال بأفعاله هكذا
الذي تقدم ذكرها إذاً لتجعلوا له أنداداً تحبونهم كحب ال وتعبدونهم كما
تعبدون الرب الخالق تعبدون مخلوقاً مثلكم وهو لم يخلق ولم يرزق بل هو
نفسه خُلق وبحاج ٍة إلى من يرزقه إلى ربه سبحانه .
قوله (( :قال أبن كثير رحمه ال << الخالق لهذه الشياء المستحق للعبادة
>> ))
الشرح :قال ابن كثير رحمه ال تعالى :الخالق لهذه الشياء هو المستحق
للعبادة يقرر ماقلنا ،هذا اسلوب القران وهوالستدالل بتوحيد الربوبيه على
توحيد العبادة
قوله (( :أنواع العبادة التي أمر ال بها مثل السلم واليمان والحسان ))
الشرح :قال الشيخ رحمه ال وأنواع العبادة التي أمر ال بها أنواع مبتدأ وخبر
محذوف تقديره كثيراً ،ثم قال مثل السلم بإمكانك أن تجعل مثل السلم
واليمان والحسان … .الخ ،هو الخبر ولكن فيه ركة في المعنى ،والمعنى
الواضح هو أن تقرر الخبر واليجاز بحذف الخبار اسلوب عربي معروف ،
وأنواع العبادة التي أمر ال بها كثيرة ،مثل السلم وهو الستسلم أي
العمال الظاهرة ،ومثل اليمان إذا ذكر السلم واليمان معًا ،كما هنا وكما
في حديث جبرائيل يفسر السلم بأعمال والجوارح واليمان بأعمال القلوب ،
أعمال الجوارح من العبادة ،من صلة وزكاة وغير ذلك وأعمال القلوب من
خشية ومحبة ورضى ومراقبة ،كل ذلك من العمال القلبية التي هي من شعب
20
اليمان ،والحسان أدق من اليمان وأخص ،السلم أشمل ثم اليمان ثم
الحسان ،وسيأتي الكلم على كل مرتبة عند ذكر مراتب الدين السلمي
الحنيف .
قوله (( :ومنه الدعاء ))
الشرح :ومنه ضمير يعود على العبادة ،والصحيح والصواب أن يقال ومنها
أي ومن أنواع العبادة وهذا من تصحيح اللفاظ ،يقولون المعاني تحت المباني
،ول بد من تصحيح المباني وعندما نصحح اللفاظ ليس معنى ذلك تعقيباً على
الشيخ لن الكتاب طبع عدة مرات والخطاء المطبعية واردة ،وخصوصاً في
هذا الوقت ،ومنها أي ومن العبادات الكثيرة الدعاء والخوف والرجاء والتوكل
والرغبة والرهبة …… ..الخ ،الدعاء الدليل على ذلك { الدعاء هو
العبادة } { ،والدعاء مخ العبادة } ،والشيخ سوف يستدل بالدعاء مخ
العبادة ،وأصح منه الدعاء هو العبادة ،ولكن المعنى واحد ،والدعاء مخ
العبادة كما ذكر أهل العلم أنه ضعيف السناد ،ولكنه صحيح من حيث المعنى
لن الحديث الثاني يشهد له والمعنى سليم ،والدعاء مخ العبادة ،والدعاء هو
العبادة ولفظه هو العبادة ،قد تكون أقوى لنه تعريف جرئئ السناد وتعريف
جرئي السناد عند أهل البلغة يفيد الحصر والقصر أي الدعاء وحده هو
العبادة ،لن الدعاء يدخل فيه دعاء طلب ودعاء مسألة كل العبادات الصلة
دعاء والزكاة دعاء والحج دعاء والصيام دعاء ،هذا دعاء عبادة ،وهنا دعاء
طلب مثل اللهم أغفر لي وارحمني كل ذلك داخل في قوله دعاء .
قوله (( :والخوف ))
الشرح :والخوف ينقسم إلى قسمين :خوف عبادة وخوف طبيعي ،خوفك من
السد وخوفك من العدو وتهرب منه خوف طبيعي ،وقد تخرج من بلدك خوفاً
من جبار أو عدو هذا الخوف خوف طبيعي ،وليس خوف عبادة ،ول يؤثر ،
وإنما خوف العبادة كخوف المريد والدرويش ومن الشيخ ،شيخ طريقته يخاف
منه من سره يخشى أن يطلع الشيخ على ما في ظميره فيضره في إيمانه وفي
نفسه وفي أهله وماله وربما يخاف من الشيخ أن يسلب إيمانه أي الدراويش ،
والمريدين يؤمنون بمشايخهم أشد من إيمانهم بال رب العالمين ويخافون من
شيوخهم أشد من خوفهم من ال يفعلون ما يشاؤن مما يسخط ال ول يبالون
اعتمادا على سعة رحمة ال يقولون ال أرحم الراحمين يغفر ولكن الشيخ أبداً
ل يرحم إذا اطلع على ما في ضميرك أبداً ل يرحمك .أين اليمان أين السلم
مع هذا العتقاد ؟ ،وهذا الذي تقوله ليس من أساطير الولين ،في كثير من
21
ئ رأسه على القطار يجلس المريد أمام الشيخ جلسة الكلب أمام سيده مطأط ً
الرض خائفاً يكاد أن يضع يده على قلبه ،ليحافظ على ما في صدره لعل ل
يصدر بقلبه خاطر ليرضي الشيخ فيهلك هذا خوف العبادة الذي هو الشرك
الكبر من بلغ به الخوف من الشيء إلى هذه الدرجة فهو مشرك شركًا أكبر
[ وإن ] صلى و صام .
قوله (( :والرجاء ))
الشرح :والرجاء .موقفهم من الرجاء كموقفهم في الخوف تماماً .
قوله (( :والتوكل ))
الشرح :والتوكل وهو العتماد على ال ،والرجاء أن يرجو النسان من ال
مال يقدر عليه غيره يرجوه ويسأله ويطلب منه طلبات ويتوكل عليه ويعتمد
عليه اعتمادًا كلياً ،ولنقسم التوكل كما قسمنا الخوف ،ل يجوز التوكل بغير
ال إطلقاً ،التوكل والحسب خاص بال تعالى ،ولكن التوكل ل يمنع
باستعمال السباب ،مزاولة السباب المباحة بل العبد مأمور بمزاولة السباب
المشروعة كالتغرب لطلب العلم والزواج لطلب الولد ،وان يعمل في التجارة
والزراعة لطلب الرزق ،ولكن ل يعتمد على هذه السباب يعتمد على ال
سبحانه وتعالى في نجاح هذه السباب ،وأما ترك السباب والتمني على ال
أن ال يرزقه ولداً صالحاً وهو ل يتزوج ويتعلم يجلس في بيته ليل نهار
فيخرج على الناس أعلم أهل بلده هذه عبودية كاذبة مخالفة لسنة ال في خلقه
لبد أن يعمل السباب ويتوكل على ال سبحانه وتعالى بنجاح تلك السباب ول
يجوز العتماد على تلك السباب .
قوله (( :والرغبة والرهبة ))
الشرح :والرغبة والرهبة ،الرغبة في الخير ،والرهبة في الشر ،ل ترغب
إل بال ول ترهب إل من ال .
قوله (( :والخشوع والخشية والنابة ))
الشرح :الخشوع والخشية متقاربان ،والنابة والتوبة والرجوع إلى ال كل
ذلك خاص بال تعالى الذي يخشى ويخشع له ويخضع له ويتذلل له هو ال
وحده .
قوله (( :والستعانة ))
الشرح :الستعانة .وقد تنقسم الستعانة إلى جائز وغير جائز ،كطلب
الستعانة بغيرك فيما يقدر عليه كأن تطلب من غيرك رفع المتاع على سيارتك
22
جائز لنك طلبت فيما يقدر عليه ،ولكن إذا طلبت منه مال يقدر عليه إل ال
فهذا هو الشرك ،والستعاذة كذلك .
قوله (( :والستغاثة ))
الشرح :والستغاثة كذلك تطلب من إنسان ليحميك لتدخل البيت وتستغيث
برجال الطفاء ( السعاف ) فيما يقدرون عليه جائز ،لكن تستغيث بال فيما ل
يقدر عليه إل ال ،وأما تستغيث بغير ال فيما ل يقدر عليه إل ال تلتجئ إلى
غير ال فيما ل يقدر عليه إل ال هنا الشرك .
قوله (( :والذبح ))
الشرح :والذبح .الذبح نوعان :ذبح عادة وذبح عبادة ،ذبح العادة كذبحك شاةً
لتأكل لحماً أو تكرم ضيفك ليس هذا هو المراد ،إنما الذبح الذي تذبحه تقرباً
كالضحية والهدايا والعقيقية ،لو صرفت شيئاً من ذلك كما يفعله جهال
الحجاج فيما بلغنا من جهال الحجاج عندما يرجع من الحج بالسلمة بدل أن
يشكر ال ويطعم عباد ال يأخذ الكبش فيهرول إلى قبر الشيخ ويذبحه هناك ،
وكأن الشيخ في هذه الرحلة هو الذي حفظه وهو الذي رده بالسلمة إلى بلده ما
قيمة هذا الحج ؟!! ل قيمة له لنه لم يؤمن بعد .
قوله (( :والنذر ))
الشرح :النذر .جعل النذر في الحوال عوام المسلمين أصحاب البساتين
يجعل في النخل نخلة يخصصها للشيخ ،هذه النخلة هي التي تحفظ النخل كله
ويجعل في الحوش ثورًا يحفظ الحوش كله ببركة الشيخ ،إذا كان الحوش
وكذلك الحوال الخرى ليس فيها نذر للشيخ يخاف على المال من الضياع ،
هؤلء يحتاجون إلى مراجعة اليمان ويحتاجون تصحيح عقيدتهم ،وهذا ما
يجب على طلب العلم اليوم أن يصححوا هذه العقائد المدخولة فيها كثيرٌ من
الخطاء ،أخطاء منتشرة بعقائد عوام المسلمين في أكثر القطار السلمية
يعيشون على هذه العقيدة إذ هم بحاجة إلى تصحيح عقائدهم ،وقبل أن تصحح
عليهم عقائدهم ،وقبل أن تقوم عليهم الحجة ببيان الحق نرجو أن يعذرون
لنهم يجهلون أن هذه النواع من العبادة ويحسبون أن هذا العمل من محبة
الصالحين ومن عنوان التوسل بالصالحين .إذاً لم يتبين لهم الحق وإنما يحكم
على النسان بالكفر دون تردد بالنسبة لمن تبين له الحق ومن يشاقق الرسول
من بعد ما تبين له الهدى هؤلء هم الذين يحكم عليهم بالكفر أما الذين لم
يخالفوا ال ورسوله بعد أن تبين لهم الهدى وبعد ما تبين لهم الحق ولكن ظناً
منهم أنهم على الحق وأنهم على الهدى ولم يجدوا طلب علمٍ وعلماء يبينوا لهم
23
ذلك نرجو أن يعذروا ولكن في مثل هذه النفتاحات العامة إذا علموا وسمعوا
بواسطة المذياع ووسائل أخرى عليهم أن يبحثوا ويجتهدوا ليخرجوا من هذه
الجاهلية إلى السلم الصحيح .
قوله (( :وغير ذلك من أنواع العبادات التي أمر ال بها كلها ل تعالى الذليل
قوله تعالى :وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا [ الجن )) ] 18 :
الشرح :وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر ال بها كلها ل تعالى والدليل
) )2
قوله تعالى :وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحداً
قوله (( :فمن صرف منها شيئاً لغير ال فهو مشرك كافر ))
الشرح :فمن صرف منها شيئاً لغير ال فهو مشرك كافر .على التفصيل الذي
تقدم بعد أن نفصل ما فيه التفصيل وبعد أن تأكد بأن الحجة قامت عليهم وبأنهم
شاقوا ال ورسوله من بعد ما تبين لهم الحق وقبل ذلك لبد من التريث في
مسألة التكفير كما تقدم .
وعند هذه الجملة لبد من الوقوف والتفصيل فمن صرف شيئاً لغير ال تعالى
فهو مشرك كافر الصل أن من صرف هذه النواع أو أي نوع من هذه النواع
لغير ال تعالى فهو مشرك شركاً أكبر وكافر خارج من الملة وهذا هو الصل .
ولكن هل كل من صرف نوع من هذه النواع لغير ال تعالى وكل من فعل
كفراً يكفر ؟ وكل من ارتكب شركاً فهو مشرك أو لبد من التفصيل قد يقول
المرء كفراً ول يكفر وغيره يكفر وقد يفعل فعلً كفريا يكفر أحدهم والخر ل
يكفر ،أحوال الناس تختلف وضروف الناس تختلف ومفاهيمهم وكل ذلك لبد
من ملحظتها وهذا الطلق على الصل هكذا ولكن إذا راجعنا أحوال الناس
واختلفهم في الفهم وعدم الفهم والضروف التي يعيشون فيها والبيئة التي
نشاؤا فيها تجد الناس بينهم اختلفا شديد .
ولشيخ السلم بن تيميه رحمه ال تفصيل طويل في مثل هذا المقام فيمن يأتي
بالمكفرات حيث يكفر بعضهم وبعضهم ل يكفر فنحن نعيش بين أناس نعرف
عقائدهم وموقفهم من السلم لذلك لبد من التفصيل ومن لم يتبين له الهدى
وظن أن ما هو عليه هو السلم الذي جاء به رسول ال وحالت بينه وبين
الفهم الصحيح شبة وجهل وإشكال على كلم المشائخ والمنتسبين إلى العلم
الذين ل يفرقون بين الشرك وبين التوحيد نشأوا في تلك البيئة وظنوا أن ما هم
عليه هو السلم ويسمعون من بعض المشائخ من يقول إن الذبح لغير ال
24
والنذر للصالحين والطواف بأضرحتهم ودعائهم والستغاثة بهم كل ذلك من
محبة الصالحين ول يضر التوحيد وليس بشرك ،وظنوا أن هذا هو الحق ،
أمثال هؤلء لبد أن يعذرون حتى ينتقلوا من تلك البيئة ويفهموا عقيدة دين
السلم الفهم الصحيح ومرجع من يفصل هذا التفصيل يستدل بآيتين من سورة
البقرة ل يكلف ال نفساً إل وسعها وقوله تعالى :ربنا ل تأخذنا إن نسينا أو
أخطأنا وفي آية في سورة النساء ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له
الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً
أما من لم يتبين له الهدى ولم يتعمد مشاقة ال ورسوله عليه الصلة والسلم بل
ظن أن ما يفعله هو الهدى وهو الحق الذي جاء به الرسول عليه الصلة
والسلم لبد من بيان الحق له أولً [ دعوته ] ومحاولة [ إصلحه ] فإذا تبين
له ونفسر بعد ذلك بما هو عليه وتقاليده يحكم عليه بأنه كافر كفراً بواحاً
ومشركاً شركاً أكبر لبد من هذا التفصيل كما نفهم ذلك من واقع الناس لنك
لو وعضت هؤلء الذين يشركون بال هذا الشرك الكبر وذكرتهم بال وذكرت
لهم الجنة والنار وأسمعتهم نصوص الوعد والوعيد لوجدهم يتأثرون تأثرًا بالغاً
بمعنى لم يصب قلوبهم شئ من الخراب ،خراب القلب هو الكفر طالما يوجد
في قلب المرء خشية وخوف من ال والرجاء فيما عند ال ولكنه أخطأ الطريق
الموصلة إلى ال وجعل يتخبط هنا وهناك وهو يعتقد أنه يسير إلى ال سيراً
صحيحاً مثل هؤلء يعذرون حتى يتبين لهم الهدى لبد من هذا التفصيل .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :ومن يدع مع ال إلهاً آخر ل برهان له به
لبرهان له به ))
الشرح :والدليل قوله تعالى :ومن يدع مع ال إلهًا آخر لبرهان له به ..الية
لفظة إلهاً تطلق على المعبود بالحق وعلى المعبود بالباطل ولكن لفظ الجللة (
ال ) لتطلق إل على المعبود بالحق خالق السماوات والرض أما لفظة إله كل
ما عبد ومن عبد من دون ال من شجر وحجر وأنسي وشمس وقمر وضريح
وقبر يطلق عليهم لغة أنه إله أي مألوه ،المعبود الذي عبده الناس سواء كان
بالحق أو بالباطل لذلك اشتملت كلمة التوحيد على الكفر واليمان لإله إل ال
،.ل إله كفر بما يعبد من دون ال ،إل ال اثبات العبادة للخالق الحق ،أي
تشتمل كلمة التوحيد على النفي والثبات وعلى الكفر واليمان ول بد من ذلك .
لبد من الجمع بين الكفر واليمان والنفي والثبات وإل لو قلت ال ربي
وعبدته ،ومع ذلك تعبد غيره ولم تنفي عبادة غيره لبالنفي ول بالفعل ما
ينفعك توحيدك لو عبد إنسان طول حياته ال رب العالمين ولكن يعبد معه غيره
25
ولم يكفر بعبادة غيره ما تنفعه تلك العبادة إنما تنفعك عبادة ال إذا كفرت بعبادة
غيره ، .قال تعالى :ومن يدع مع ال إلهاً آخر ..الية لحظ أنه قال مع ال
ومن يدع من دون ال وذلك أبلغ وإذا دعوت مع ال غير ال ما نفعتك العبادة
وإذا دعوت غير ال من دون ال فمن باب أولى ثم قال تعالى :لبرهان له به
هذه الجملة حالية ،والحال في المعنى وصف وهي صفة كاشفة ومعنى الصفة
الكاشفة لمفهوم لها أي ليوجد إله يعبد من دون ال وللعابد حجة ،والمراد
بالبرهان الحجة والدليل .ولفظة برهان وحجة وسلطان بمعنى الدليل .من يعبد
مع ال غير ال لدليل له قطعاً ولذلك تسمى صفة كاشفة لمفهوم لها .
قوله (( :فإنما حسابه عند ربه ))
الشرح :فإنما حسابه عند ربه لم يقل ولم يعلل نوع هذا الحساب وبهذا البهام
وعيد شدي ٌد في اسلوب القرآن إذا أراد تعظيم العذاب وتهويل العذاب يبهم،
والبهام نوع من تعظيم العذاب وتهويل العذاب وحسابه عند ال هو الذي يعلم
كيف يحاسبهم لنه يعلم قلبه كما يعلم ظاهره بترك أمره إلى ال كأنك قلت أمره
إلى ال وهو الذي يحاسبهم بما يستحقون .
قوله (( :إنه ليفلح الكافرون ))
الشرح :إنه ليفلح الكافرون دليل على أن من عبد غير ال مع ال فهو كافر
سواءاً كان الكفر كفراً أكبر أو أصغر ،وربما كان الكفر كفراً أكبر أو كفراً
أصغر إن كان معذوراً كما مر في التفصيل السابق يكون كفره كفرٌ دون كفر ،
وإن كان غير معذور وقامت عليه الحجة وتبين له الحق والهدى فخالف فكفره
كفرًا بواح ناقل من الملة .
قوله (( :وفي الحديث { الدعاء مخ العبادة } ))
الشرح :وفي الحديث { الدعاء مخ العبادة } وفي الحديث الخر { الدعاء هو
العبادة } معناهما واحد ،مخ الشيء خالصه ،الدعاء لن العبد إذا دعا ال لجأ
إليه واعترف بفقره وغنى ربه من هنا يكون الدعاء خالص العبادة ومخ العبادة
وهو العبادة وحده .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [ غافر )) ] 60 :
الشرح :وقوله تعالى :وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون
عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين إن الذين يستكبرون عن عبادتي سمى
الدعاء عبادة أي إن الذين يستكبرون عن الدعاء إما تكبراً أو إعراضاً
26
سيدخلون جهنم داخرين صاغرين كما تكبروا ولم يخضعوا ل تعالى وحده
واشركوا معه غيره .
قوله (( :ودليل الخوف قوله تعالى :فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين
[ آل عمران )) ] 175 :
الشرح :ودليل الخوف قوله تعالى :فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين
ط وجواب إن كنتم مؤمنين هذا شرط ،والجواب إما متقدم أو محذوف شر ٌ
يدل عليه المتقدم ،وخافون هو الجواب للشرط عند من يجيزون تقديم الجواب
على الشرط وهم البصريون وبعض الكوفيين وعند غيرهم ،الجواب محذوف
يدل عليه ما قبله إن كنتم مؤمنين فخافون ،والمعنى واحد لبد من أخذ الية
بمنطو قها ومفهومها ،المنطوق إن كنتم مؤمنين خافونِ ،والمفهوم من لم
يخف ال ويفرده بالخوف منه ليس بمؤمن ،وقد سبق أن فصلنا الكلم في
الخوف ،وهذا الخوف خوف عبادة كخوف السر ،أما الخوف الطبيعي كأن
يخاف النسان عدوه الذي هو أقوى منه ويخاف من النار ويخاف من السد
وهذا الخوف خوف طبيعي ل خوف عبادة ،الخوف الذي هو يعتبر شركًا إذا
صرف لغير ال تعالى كأن تخاف من مخلوق خوف السر أي ل تخاف من
ضربه وبطشه ،ولكن تخاف من أن يؤثر عليك بسره بكرامته كما يسمون
وهذا هو الشرك الكبر وهذا المعنى يقع فيه كثير من عوام المسلمين الذين
يتربون في أحضان المتصوفة الذين يربون الناس على العراض عن ال
والخوف من عباد ال ويجعلون أنفسهم وسطاء بين العباد وبين رب العباد
ويحثونهم أن يخافوا من المشايخ ويرجونهم ويتملقوا لهم وليس عليهم شئ بعد
ذلك هم أهل الجنة طالما يخلصون الخوف والرجاء والرغبة للشيخ فهو من
أهل الجنة يدعوه إلى الكفر ثم يعده بالجنة تناقضات عجيبة .
قوله (( :ودليل الرجاء قوله تعالى :فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملً
صالحاً ول يشرك بعبادة ربه أحداً [ الكهف )) ] 110 :
الشرح :ودليل الرجاء قوله تعالى :فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملً
صالحاً ول يشرك بعبادة ربه أحداً كأن يرجو غير ال مع ال كما تقدم في
الكلم السابق فمن كان يرجوا لقاء ربه بعد الموت بعد البعث من يرجو لقاء
ل صالحاً العمل الصالح العمل الموافق
ربه ،ويؤمن بلقاء ربه فليعمل عم ً
للسنة إذا كان صالحاً وكان خالصًا نفعك .الصالح العمل المقيد بالسنة الخالص
ما أردت به وجه ال لذلك قال :ول يشرك بعبادة ربه بما في ذلك الرجاء ل
27
يشرك بعبادة ربه أحداً لن ال هو الذي بيده كل شئ فليخلص الرجاء ل
سبحانه وتعالى .
قوله (( :ودليل التوكل قوله تعالى :وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمنين
[ المائدة ] 23 :وقال تعالى :ومن يتوكل على ال فهو حسبه [ التحريم :
] ))
الشرح :ودليل التوكل قوله تعالى :وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمنين هنا في
جواب الشرط يقال ما تقدم أي جواب الشرط إما متقدم أو محذوف فتوكلوا
إن كنتم مؤمنين لك أن تقول إن كنتم مؤمنين فتوكلوا على أن جواب الشرط
محذوف دل عليه ما تقدم أو فتوكلوا المتقدم هذا هو جواب الشرط والمعنى
واحد ،التوكل على ال هو العتماد القلبي ،التوكل عمل قلبي ل يكون التوكل
إل على ال ل يجوز العتماد في هدايتك في صلحك وصلح ذريتك وصلح
شؤونك ،ل يجوز العتماد إل على ال مطلقاً والعتماد على بعض السباب
بالقلب نوع من الشرك مزاولة العمال ومباشرتها مشروع ،ولكن العتماد
على تلك السباب من الشرك ،العتماد على ال وحده .
قوله (( :ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى :إنهم كانوا
يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغب ًا ورهباً وكانوا لنا خاشعين [ النبياء :
)) ]90
الشرح :ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى وهو يصف بعض
النبياء :إنهم كانوا يسارعون في الخيرات وزكريا إذ نادى ربه رب
لتذرني فرداً وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى أصلحنا له
زوجة إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا
خاشعين من صفات النبياء والصالحين أنهم يدعون ال رغبة ورهبة كانوا
يدعوننا رغباً ورهبًا وكانوا لنا خاشعين ، وكانوا لنا خاشعين بأسلوب الحصر
وأين الحصر ؟ تقديم المعمول على العامل يفيد الحصر أين العامل ؟ وأين
المعمول ؟ في الذي تقدم حيث في قوله :وكانوا لنا خاشعين حصر وقصر
لتقدم المعمول على العامل ،والعامل هو الفعال والمشتقات من الفعال هي
التي تعمل والمعمول الفاعل معمول والمفعول به معمول والظرف معمول
والجار والمجرور معمول ،والمعمول في الية المتقدم هو الجار والمجرور
[ لنا ] ،لنا معمول لخاشعين ،وخاشعين هو العامل والتقدير كانوا خاشعين
لنا ،ولو عبر بهذا التعبير في غير القرآن مثلً وقلنا وكانوا خاشعين لنا ل يفيد
28
المعنى الذي يفيد عند التركيب كانوا خاشعين لنا ل يمنع أن يكونوا خاشعين
لغيرنا ولكن إذا قال وكانوا لنا أي لنا وحدنا خاشعين ل يخشون لغيرنا ،هكذا
يفيد تقديم المعمول على العامل أي تقديم الجار والمجرور [ لنا ] على
الخاشعين ،والخاشعين من حيث العراب خبر كان الواو اسمها وخاشعين
خبرها ،ولكن خاشعين تعمل لن الجار والمجرور متعلق بخاشعين .
قوله (( :ودليل الخشية قوله تعالى :فل تخشوهم واخشون [ البقرة :
)) ]150
الشرح :ودليل الخشية قوله تعالى :فل تخشوهم واخشوني في دليل ونهي
عن خشية غير ال بل تكون الخشية ل ،والخشية بمعنى الخوف وقد تقدم
التفصيل في الحوف وهو نفس التفصيل في الخشية .
قوله (( :ودليل النابة قوله تعالى :وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له [ الزمر :
)) ] 54
الشرح :وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له النابة الرجوع والتوبة إلى ال وتسليم
المر ل كل ذلك ل يكون إل ال .
قوله (( :وفي الحديث { :إذا استعنت فاستعن بال } ))
الشرح :ودليل الستعانة قوله تعالى :إياك نعبد وإياك نستعين فرق بين إياك
نعبد ونعبد إياك ،فرق بين إياك نستعين ونستعين إياك ،تقديم المعمول الذي
هو إياك في الفعلين يفيد الحصر ،إياك وحدك نعبد ل نعبد غيرك ول نعبد
أحداً سواك وإياك وحدك نستعين ل نستعين إل بك ،وتقدم التفصيل في
الستعانة يجوز للنسان أن يستعين بغير ال فيما يقدر عليه ،ذلك الغير كأن
يطلب منه أن يعينه على رفع متاعه على دابته أو على سيارته أو رفع سوط له
سقط على الرض كل هذا جائز ،ومثل أن يرفع له القلم وغير ذلك من المور
المعروفة .وفي الحديث { إذا استعنت فاستعن بال } فيما ل يقدر عليه إل ال
،وإذا استغثت فاستغث بال .
قوله (( :ودليل الستعاذة قوله تعالى :قل أعوذ برب الناس [ الناس :
)) ] 1
الشرح :ودليل الستعاذة قوله تعالى :قل أعوذ برب الناس ، الستعاذة
بمعنى اللجوء واللتجاء ،قد يلتجأ النسان إلى غير ال فيما يقدر عليه في ذلك
كأن يلتجأ إلى عظيم من العظماء ليحميه من عدوه ويدخل بلده أو يمر في
بلده ،ومثل هذا جائز .
29
قوله (( :ودليل الستغاثة قوله تعالى :إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم
[ النفال )) ] 9 :
الشرح :ودليل الستغاثة قوله تعالى :إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم وهذا
واضح .
قوله (( :ودليل الذبح قوله تعالى :قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي
ل رب العالمين ل شريك له [ النعام 162 :ـ ، ] 163ومن السنة { :لعن
ال من ذبح لغير ال } ))
الشرح :ودليل الذبح قوله تعالى :قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي ل
رب العالمين ل شريك له الشاهد ونسكي ،النسك هو الذبح ويتقرب العبد
بالنسك ل سبحانه وتعالى كالذبح يوم العيد بذبح الهدي والضحية ،وكذلك
السنة المشروعة في العقيقية هذه من أنواع الذبائح التي تعتبر عبادة ولو ذبح
شاة لولده أو لضيوفه ل يعتبر ذلك عبادة أي ليس كل ذبح عبادة إنما الذبح
الذي يقصد به التقرب ل يكون إل ل .
ما معنى صرف الذبح لغير ال تعالى ؟ وهذا شئ معروف لدا جمهور عوام
المسلمين إلى يومنا هذا كثير منهم إذا سافر أو رجع من السفر بالسلمة ول
سيما في سفر الحج بادر بكبشة إلى الشيخ إما يذبحه في بيته باسم الشيخ ومحبة
للشيح وتقرباً إلى الشيخ أو يأخذه إلى ضريحه فيذبحه عند الضريح مما زاد
الطين بله ،وهذه الذبائح ل يحل أكلها ولو قال عند قطع الرقبة باسم ال طالما
تقرب بهذه الذبيحة إلى غير ال التلفظ بالبسملة كلمة جوفاء يقولها عند قطع
الرقبة بسم ال ل تفيده لنها ل تفيده لنها إنما ذبحت لغير ال فليفهم هذا جيداً ،
ومن تقرب بذبيحة من الذبائح سواء ذبحها في بيته أو عند قبر الشيخ طالما أخذ
ونوى التقرب بهذه الذبيحة إلى غير ال تعالى فهي جيفة ميته
ومن السنة { :لعن ال من ذبح لغير ال } الذبح لغير ال ل يستشكل إل كثيراً
في شبابنا الذين نشأوا في السلم ول يعرفون شيئاً من ذلك ،لكن من يصغي
إلى الخارج وما الذي يجري في كثير من القطار أن أكثر التقرب إلى المشائخ
بسببه .
قوله (( :ودليل النذر قوله تعالى :يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره
مستطيراً [ النسان )) ] 7 :
الشرح :ودليل النذر قوله تعالى :يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره
مستطيراً النذر عبادة غريبة بمعنى لم يحث الشارع على النذر بل حث على
30
عدم النذر { إن النذر ليأتي بخير } وإنما شيء يخرج ال به من يد البخيل ،
البخيل الذي ل يتصدق يخرج ال من يده بالمرض مثل أن يمرض أو يمرض
ولده فيقول :إن شفى ال مريضي أو إن رد ال علىّ ظالتي أو نجح ابني في
الدور الول أذبح ل تعالى كبشاً أطعم الفقراء كان بخيلً ل يجود ،لكي يذبحه
ويطعم به الفقراء أخرج ال من يده هذا الكبش بهذا النذر إذًا النذر ل يأتي بخير
ووجه غرابته وندارته ومخالفته لسائر العبادات لم يحث الشارع على النذر
ولكن أوجب الوفاء من نذر وجب عليه الوفاء { من نذر أن يطيع ال فليطعه }
،لكن ابتداء ليس محل الحث ،ولكن عند اليفاء واجب ايفاء النذر .
قوله (( :الصل الثاني :معرفة دين السلم بالدلة وهو :الستسلم ل
بالتوحيد ))
الشرح :قال المؤلف رحمه ال :الصل الثاني معرفة دين السلم بالدلة وهو
الستسلم ل بالتوحيد ،والنقياد له بالطاعة ،والخلوص من الشرك ،تعريف
السلم :هو الستسلم ل تعالى بالتوحيد ،بمعنى إذا ذكر السلم وحده هكذا
يدخل معه إيمان القلب ،السلم واليمان إذا ذكرا معاً يفرق بينهما في المعنى
كما في حديث جبرائيل يفسر اليمان بأعمال القلوب ويفسر السلم بأعمال
الجوارح ،ولكن إذا ذكر السلم وحده دخل معه اليمان ،وإذا ذكر اليمان
وحده دخل معه السلم ،لذا يقول المام محمد بن عبد الوهاب هنا :السلم
هو الستسلم ل بالتوحيد أول شيء الستسلم ل بالتوحيد وبالفراد ،إفراد
ال تعالى بالعبادة يعتبر إسلماً ويعتبر إيماناً ،كما تفرد ال سبحانه وتعالى
بأفعاله بالخلق والرزق والحياء والماته والعطاء والمنع يجب إفراده سبحانه
وتعالى بأفعال العباد بالدعاء والستغاثة والنذر وغير ذلك من المور التي تقدم
ذكرها هذا يسمى إسلماً ويسمى إيماناً ،والنقياد له بالطاعة أشار هنا إلى
أفعال الجوارح ،الستسلم له بالتوحيد أعمال القلوب لن أصل التوحيد ينبعث
من اليمان في القلب لذلك العقيدة جانب مهم من اليمان ومن يدعي اليمان
وهو ل يحقق العقيدة إيمانه دعوى لن العقيدة الجانب المهم من اليمان لن
اليمان اعتقاد بالقلب وعمل الجوارح ونطق باللسان ،العتقاد بالقلب هو الذي
يسمى عقيدة وهو اليمان لذلك ليست العقيدة مادة خاصة يدرسها طلب العلم
المنتسبون إلى الجامعات والمعاهد بل العقيدة علم ليستغنى عنها أي مسلم
ومسلمة .
قوله (( :والنقياد له بالطاعة ))
31
فرسول الشرح :والنقياد له بالطاعة ،طاعة ال تعالى وطاعة الرسول
ال له الطاعة المطلقة غير المقيدة ،وطاعة غيره من المخلوقين مقيدة كطاعة
ولة المور وطاعة الوالدين هذه مقيدة ،أما طاعة الرسول طاعة مطلقة
على طاعة ال أطيعوا ال وأطيعوا والرسول ، عطف طاعة الرسول
تعالى وأعاد الفعل وأطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم وعند
ذكر أولي المر لم يعد الفعل ،لن طاعتهم تابعة لطاعة ال تعالى وطاعة
رسوله عليه الصلة والسلم أما إذا أمر الرسول أو نهى ل نبحث أو موجود
ذلك في الكتاب نطيعه طاعة مطلقة ولو لم يرد المأمور به على لسان الرسول
عليه الصلة والسلم في القرآن ولو لم يرد المنهي عنه على لسان الرسول
في القرآن وجبت علينا طاعته هذا هو معنى الطاعة المطلقة وأمثلة ذلك يعرف
من يدرس الحكام الفقهية لن في الحكام أحكام جاءت في الكتاب وهناك
أحكام انفردت بها السنة ول فرق بينهما كذلك في باب السماء والصفات ،
صفات اتفقت عليها نصوص الكتاب والسنة وصفات جاءت في السنة فقط ولم
يأتي ذكرها في الكتاب لنتوفق عند تطبيقها على ورودها في الكتاب وهذه
نقطة مهمة يجب أن يعلمها طلب العلم لل يظنوا أن السنة قد ل تنفرد بل
السنة قد تنفرد ،السنة تأتي موافقة وتأتي مؤسسة وتأتي مؤكدة .
قوله (( :والبراءة من الشرك وأهله ))
الشرح :الخلوص من الشرك لن التوحيد إذا لم يكن خالصاً ل ل يقبل كذلك
الطاعة إذا لم تكن خالصة ل لتقبل لن ال أغنى الشركاء كما أخبر عن نفسه
في الحديث القدسي { :أنا أغنى الشركاء عن الشرك ،من عمل عملً أشرك
فيه معي غيري تركته وشركه } ،العمال لتقبل إل إذا كانت خالصة ،
والتوحيد ل يقبل إل إذا كان خالصاً إذاً الستسلم ل بالتوحيد والنقياد له
بالطاعة ،والبراءة من الشرك وأهله وأن يكون ذلك خالصاً ل تعالى هذا هو
السلم وهذا هو اليمان .
قوله (( :وهو ثلث مراتب :السلم ،واليمان ،والحسان ))
الشرح :ثم قال الشيخ رحمه ال :وهو ثلث مراتب ،وهو الدين الضمير
يعود على السلم ،وهو أي الدين السلمي الذي جاء به الرسول ثلث
مراتب :المرتبة الولى :السلم ،والمرتبة الثانية :اليمان ،والمرتبة الثالثة
:الحسان .والسلم أوسع لن السلم هو الستسلم الظاهري قد يدخل فيه
إسلم المنافقين واليمان أضيق وأخص لن اليمان لبد أن يكون هناك تفريق
في القلب زيادة على السلم الظاهري ،والحسان أدقهما أي الحسان التقان
32
المحسنون خلص المؤمنون إذا وصل النسان إلى درجة الحسان كان مسلمًا
مؤمناً إزداد زيادة بزيادة العمال حتى قوي إيمانه وارتقى وقوي ووصل إلى
درجة من شدة مراقبة ال تعالى أنه يعبد ال كأنه يشاهده تؤثر فيه مراقبة ال
ومحبة ال وخشية ال إلى درجة أنه يعبده كأنه يراه فيشاهدة إيماناً منه بأنه
يطلع عليه ال دائماً وأبدًا فال يراه ويسمعه ويعلم منه كل شيء ،الوصول إلى
هذه الدرجة ليست بالحكاية كما نحكي ،ولكن بالعمل ،وقل من يصلون إلى
هذه الدرجة ،درجة الحسان ل يصل المرء إلى هذه الدرجة إل بالعلم واليقين
والصبر لذلك نحث شبابنا الطبيين الذين يرغبون كثيراً في الجهاد ويقولون في
هذه اليام ما العلم وما العلم ،الجهاد الجهاد ،نصيحتنا لهم هذا غرور وخديعة
شيطانية أيما فكرة وأيما جماعة وأيما شخص يحثك على ترك العلم والندفاع
ل صالحًا وليس بصالح لتعرف درجة إلى الجهاد يزين لك ما ظاهره عم ً
المجاهدين ولتصل إلى درجة المجاهدين ودرجة الحسان والقرب من ال إل
بالعلم .العلم هو الطريق قد يزين لك بعض الناس الجهاد وتنقطع عن العلم
فتمر سنة سنتين الجهاد الجهاد ل جاهدت ول تعلمت ،هذا واقع كثيرٌ من
الشباب تزيين من الشيطان اجتهد في تحصيل العلم وفي بعض الفرص اذهب
فجاهد تدرب أولً وتعلم ثم جاهد هكذا يفعل كثي ٌر من الشباب المخلصين الذين
نرجو أن يكونوا مخلصين وهم يجاهدون من وقتٍ لخر في صمت تام ،دون
جعجعة ،أما اتخاذ الجهاد شعارًا أجوف ـ الجهاد الجهاد ـ هكذا كان يفعل
بعض الناس ولما اندلعت الحرب في أفغانستان وقام الجهاد انكشفوا تلك ظاهرة
حقيقية ل يعلمها إل المجربون ،واسألوا المجربين ،ل تتخذوا الجهاد شعاراً
أجوف الجهاد عمل صالح ذروة سنام السلم ليس معناه ألفاظ جوفاء
ومظاهرات وإعلنات ل ،جاهد في سبيل ال سرًا اذهب حيث يوجد الجهاد
فجاهد وأنت صامت ل يعلم ذلك إل ال .
قوله (( :كل مرتبة لها أركان ))
الشرح :وكل مرتبة لها أركان ،فأركان السلم خمسة أخذاً من حديث عبد ال
{ :بني السلم على بن عمر رضي ال عنهما قال :قال رسول ال
خمس شهادة أن لإله إل ال ،وأن محمداً رسول ال ،وأقام الصلة وإيتاء
الزكاة وصوم رمضان وحج بيت ال الحرام } خذ الشيخ من هذا الحديث فقال
أركان السلم خمس شهادة أن لإله إل ال وأن محمداً رسول ال ،الشهادة
العلن والنطق باللسان ،وإقام الصلة وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان وحج
بيت ال الحرام .
33
قوله (( :فأركان السلم خمسة :شهادة أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول
ال ،وإقام الصلة وإتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ،فدليل الشهادة
قوله تعالى :شهد ال أنه لإله إل هو والملئكة وأولوا العلم قائما بالقسط
لإله إل هو العزيز الحكيم [آل عمران )) ] 18 :
الشرح :فدليل الشهادة قوله تعالى :شهد ال أنه لإله إل هو والملئكة وألوا
العلم قائماً بالقسط لإله إل هو العزيز الحكيم ال سبحانه وتعالى شهد لنفسه
بالتوحيد ،وشهدت له الملئكة وشهد له المؤمنون .
قوله (( :ومعناه :ل معبود بحق إل ال )) معناها ل معبود بحق إل ال ،
وتقدير ل معبود بحق أمر ضروري ومن يقول ل معبود إل ال دون تقدير إما
بحق أو حق يخطئ ل يفهم معنى ل إله إل ال لن معنى ذلك ينفي وجود
المعبودات مطلقاً وهذا خلف الواقع ،المعبودون موجودة في كل وقت ،ولكن
المعبود بحق هو ال وحده هذا معنى أن الشهادة تشتمل على الكفر واليمان ـ
الكفر بما يعبد وبمن يعبد من دون ال ،واليمان بعبادة ال وحده ل معبود
بحق إل ال وحده وأما من عبد وما عبد منذ أن عبدت الصنام والوثان إلى
يوم الناس هذا عبادتهم باطلة وهم في اللغة يطلق عليهم آلهة كلها آلهة ،
والعرب كانت تسميهم آلهة والناس اليوم لما جهلوا اللغة [ ل ] يسموهم آله ،
يسمونهم مشايخ والصالحين والولياء والضرحة والمقامات أسماءٌ مغيرة فهي
آله ،كل ما عبد من دون ال ولو حجراً أو شجراً أو شيطانًا أو ولياً ل فرق أي
ل فرق بين أن يعبد النسان صالحاً أو يعبد شيطاناً أو طالحاً كلها آلهة بالباطل
ل تستحق العبادة ولو كانوا من الصالحين .
قوله ( (( :لإله ) نافياً جميع ما يعبد من دون ال ))
الشرح :قال الشيخ رحمه ال ( :لإله ) نافياً أي لإله حال كونك نافياً ،نافياً
حال ،نقول أيها الموحد لإله نافيًا جميع ما يعبد من دون ال من الصالحين
والطالحين والجمادات والمتحركات كلهم عبادتهم باطلة ،مثبتاً تقول ( إل ال )
أي تقول إل ال مثبتًا العبادة ل وحده ل شريك له في عبادته وقد تقدم ذكر
أنواع العبادة بالتفصيل فل داعي للعادة كما أنه ليس له شريك في ملكه هذا
استدلل من الشيخ أخذاً بطريقة القرآن التي تقدمت الستدلل بتوحيد الربوبية
على توحيد العبادة .
قوله ( (( :إل ال ) مثبتاً العبادة ل وحده ل شريك له في عبادته كما أنه
لشريك له في ملكه ))
34
الشرح :قال رحمه ال :ل شريك له في عبادته كما أنه ل شريك له في ملكه
ل أحد يستطيع أن يقول له [ إنه ] شريك في ملكه ،خلق معه يرزق معه .
قوله (( :وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى :وإذ قال إبراهيم لبيه
وقومه أنني برآء مما تعبدون إل الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة
باقية في عقبه لعلهم يرجعون [ الزخرف 26 :ـ )) ] 28
الشرح :وتفسيرها الذي يوضحها يريد أن يقول الشيخ :هذه الكلمة تفسرها
آيات قرآنية كثيرة وذكر منها بعضها تفسير لإله إل ال في القرآن آيات قرآنية
تفسر لإله إل ال ومنها قوله تعالى :وإذ قال إبراهيم لبيه وقومه إنني برآء
مما تعبدون إل الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم
يرجعون هذه المة هي معنى لإله إل ال حتى في الترتيب إنني برآء مما
تعبدون تقابل لإله ،إل الذي فطرني تقابل إل ال فقدم البراءة قبل الثبات
واليمان فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون وهذه الية
من عقب إبراهيم عليه السلم لنه أبو النبياء فبقيت الكلمة في جميع النبياء
وفي آخر المة هذه المة بقيت كلمة لإله إل ال بمعناها ومن اليات التي
تفسر لإله إل ال .
قوله (( :وقوله تعالى :قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم
أل نعبد إل ال ول نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون ال
فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون [ آل عمران )) ] 64 :
الشرح :قوله تعالى :يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أل
نعبدوا إل ال ول نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضًا أرباباً من دون ال فإن
تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ، أل نعبد إل ال بمعنى لإله إل ال ول
نشرك به شيئًا أي وحده وهي كلمة لإله إل ال تماماً .أل نعبد إل ال ول
نشرك به شيئاً ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون ال من أطاع العلماء أو
المشايخ أو المتبوعين أو حتى مشايخ القبائل من أطاعهم في سوالفهم الجاهلية
البدوية في التحليل والتحريم فقد اتخذهم أرباباً من دون ال ل تظنون عندما
نقول الكفر بغير ما أنزل ال كف ٌر أن المراد بأن غير ما أنزل ال القوانين
المستوردة من الخارج فقط ل ،ولو حكم النسان بالعادات والتقاليد والسواليف
المحلية في التحليل والتحريم لفرق بين ذلك وبين القوانين المنظمة التي
تستورد من الخارج من الشرق والغرب طالما صدر الحكم بغير ما أنزل ال
فهو حكم جاهلي فهو كفر قد يقع أهل البادية في كثير من القطار في التحليل
35
والتحريم بسوالفهم من حيث ل يشعرون ويقعون في الحكم بغير ما أنزل ال
ل الرث خاص بالرجال وفي بعضهم الرث للولد البكر في بعض القطار مث ً
فقط هو الذي يرث الب المال كله له وفي بعض القطار تحليل بنت العم وبنت
الخالة وبنت العمة جائزة ،وهكذا تجد سواليف وعادات تحرم وتحلل ومشايخ
القبائل هم الذين يحكمون في ذلك على جهل وإعراض عما جاء به الرسول
كل ذلك حكم بغير ما أنزل ال ومن الطواغيت .ول يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً
من دون ال فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون .
قوله (( :ودليل شهادة أن محمداً رسول ال قوله تعالى :لقد جاءكم رسول
من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم
[ التوبة )) ] 128 :
الشرح :قال المؤلف رحمه ال تعالى :ودليل شهادة أن محمداً رسول ال قوله
…الية ،رسولٌ من تعالى :لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم
أنفسكم يختلف علماء التفسير هل الخطاب للعرب أو لجميع المسلمين ؟
الجمهور أن الخطاب للعرب لنهم أول من وفد عليهم السلم وهم يعتبرون
أساتذة لغير المسلمين لغير العرب أي المسلمون من غير العرب تابعون للعرب
لذلك إذا عز العرب وتمسكوا واهتدوا الناس تبعٌ لهم وإذا انحرفوا الناس تبعٌ
لهم أيضاً في النحراف وهذا واقع .لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم من جنسكم
ليس بملك ول بجني ولو كان كذلك لستوحشتم منه ،ولكن رحمه منه سبحانه
وتعالى ولقامة الحجة عليكم جعله منكم يتكلم بلغتكم تعرفون من هو وأبن من
هو ،ومن أي قبيلة ومن أي بلد تعرفون منه كل شيء عزيزٌ عليه ما عنتم
يعز عليه ما يوقعكم في العنت ،حريصٌ عليكم حريص على هدايتكم وعلى
إيمانكم وعلى استقامتكم ،بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم قدم الجار والمجرور
بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ،وأما بالنسبة لغير المؤمنين فالرسول والذين
معه أشداء على الكفار رحماء بينهم إنما هو رحمة للمؤمنين ،بالمؤمنين
رؤوف رحيم بالمؤمنين فقط دون غيرهم نأخذه من تقديم المعمول على العامل
كما تقدم .بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم وصف نبيه عليه الصلة والسلم بأنه
رؤوفٌ رحيم ،ال سبحانه وتعالى رؤوفٌ رحيم وكيف ذلك ،وهل المخلوق
يوصف بصفات الخالق ؟ بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ،بغلم عليم ،بغلم حليم ،
كثيرٌ من الناس يلتبس عليه ذلك فلتعلموا أن الشتراك باللفظ وفي المعنى العام
ل يضر والمر لبد منه الشتراك باللفظ كالرحمة والرأفة والعلم والسمع
36
والبصر ،والسمع والبصر من أعظم صفات المخلوقين وهي من صفات
الخالق صفات ذاتية .س /فهل ضر ذلك وهل أوقع ذلك في التشبيه والتمثيل ؟
جـ /ل .لن سمع ال غير سمع المخلوق أي حقيقة سمع ال غير حقيقة سمع
المخلوق ،حقيقة بصر الخالق غير حقيقة بصر المخلوق .كذلك حقيقة علم ال
ورحمته ورأفته وملكه [ وعزته ] وعظمته كثيراً ما يستنكر بعض الناس .
س /لماذا يسمى المخلوق ملك ؟ جـ /ال سبحانه وتعالى هو الذي يعطي الملك
من يشاء وينزع الملك ممن يشاء الملك أو المالك كالعالم والسميع والبصير هذه
السماء إطلقها على المخلوق ل يوقع في التشبه وباختصار الشتراك إنما يقع
قبل أن تضاف الصفات إلى الموصوفين قبل أن تضاف صفات الخالق إلى
الخالق وصفات المخلوق إلى المخلوق وهذا يسميه علماء الكلم ( المطلق
الكلي ) ،والمطلق الكلي عندهم لوجود له إل بالذهن أما في الخارج ل يوجد
كل ما يوجد في الخارج يوجد خاصة هل تتصور علمًا قائماً هكذا ليس علم زيد
ليس علم خالق ول علم مخلوق ،علمٌ قائم بنفسه لوجود له هذا يسمى
( المطلق الكلي ) الذي ل وجود له ،في الخارج إل أن الذهن يتصور ذلك
العلم لكن إذا أضيف علم ال إلى ال وسمع ال إلى ال وبصر ال إلى ال وعلم
المخلوق إلى المخلوق وسمعه وبصره ورحمته ل اشتراك لن الضافة
خصصت ،إذا قلت علم ال علم خاصٌ بال بمواصفاته علم محيطٌ بجميع
المعلومات علمٌ لم يسبق بجهل ،علمٌ ل يطرأ عليه غفلة أو نسيان علمٌ قديم قدم
الذات هل علمٌ كهذا ،هل يمكن أن يشترك فيه مخلوق ؟ ل ،إذًا اختص بال
إذا قلنا علم زيد ،فعلم زيد علم مكتسب مسبوق بجهل قاصر غير محيط بجميع
المعلومات فال منزه أن يشارك المخلوق في مواصفات وحقائق وخصائص
علم المخلوق وهذه النقطة مهمة وهي سبب ‘انزلق علماء الكلم لما لم
يستطيعوا التفريق إل بتصور صفات الحق إل كما يتصور صفات المخلوق إذاً
فصفات الخالق كصفات المخلوق ومنهم من قالوا إذا أردنا الحق ننفي
الصفات ،نثبت ذاتاً مجردة ليست موصوفة بصفات انزلقوا جميعاً وهدى ال
أتباع محمد الذين اقتدوا به وبأثره وسنته وبما جاء به ولم يلتمسوا الحق في
غير كتاب ال ولم يلتمسوا الهدى في غير سنة رسول ال هداهم ال وأثبتهم
على هذه الجادة ول الحمد والمنة .
قوله (( :ومعنى شهادة محمداً رسول ال طاعته فيما أمر ،وتصديقه فيما
أخبر ))
37
الشرح :ومعنى شهادة أن محمداً رسول ال طاعته فيما أمر وتصديقه فيما
أخبر ،فيما إما تعتبرها مصدرية أو تعتبرها موصولة ،وتفيد العموم في كل
ما أمر وكل ما أخبر يجب طاعته .
قوله (( :واجتناب ما عنه نهى وزجر ،وأن ل يعبد ال إل بما شرع ))
الشرح :هذه الفقرة الخيرة وهي قوله :واجتناب ما عنه نهى وزجر ،وان ل
يعبد ال إل بما شرع مهمة جداً ،لن كثيراً من الناس قد يطيع الرسول ول
يكذبه وقد ينتهي عن كثيرٍ من المنهيات ويتمثل المر لكن عند عبادة ال تعالى
ل يتقيد بما جاء به النبي [ من هنا ] يقع في البتداع يعبد ال ويتخبط في
عبادته ل يتقيد بالسنة عبادة ،عبادة ،مثال ذلك تجد بعض الناس يركعون في
أوقات النهي نوافل مطلقة أو يزيد عدة ركعات بعد أذان الفجر إذا قلت له يا
أخي ل يشرع إل ركعتي الفجر بعد الذان وفي مثل هذا الوقت الصلة منهيٌ
عنها يقول :ل ،هذه ل كلها ل والعبادة التي لتقبل إل على الجادة ل يفهم هذا
ما دام هذه صلة فيها ركوع وسجود وتمشي في أي وقت وكيف جاءت وهذا
من الجهل ،وأن ل يعبد ال إل بما شرع .يقول العلمة أبن القيم رحمه ال :
النسان الذي يعبد ال بغير السنة ـ أي غير متقيد بالسنة ـ كالذي يحمل جراباً
ملئ رملً حمله على رأسه فسافر به فإذا وصل إلى حيث شاء وفتح الجراب
ماذا يرى ؟! يرى رملً ،ـ ل يرى سكراً ول أرزاً ول طعام ماذا يفعل ـ ولما
وصل لم يتمكن من الستفادة من الجراب الذي حمله على رأسه كذلك من يكثر
من العبادة على جهل دون تقيد بهدي محمدٍ عليه الصلة والسلم إذا وصل يوم
يصل ويجد أنه لشيء عنده ما عنده شيء ل يقبل وكيف يقبل ؟! وهل بعث ال
محمداً عليه الصلة والسلم عبثاً ؟ بعثه إلينا لنتبعه لنسير إلى ال على طريقته
ليقودنا إلى ال ،أما إذا تركنا قيادته وفتحنا لنا الطرق من هنا ومن هنا تركنا
الجادة وسلكنا بنيات الطريق ،النهاية الضياع لم يعرف مكانة السنة إل أمثال
هؤلء وأما كثيرٌ من العباد على جهل وخصوصاً الذين تربوا في أحضان
المتصوفة ل يعرفون مكانة السنة يحسبون أن السنة صحيح البخاري وصحيح
مسلم يقرءان للتبرك في رمضان يختم في بعض المساجد صحيح البخاري في
شهر رمضان سرداً ويخرج الطلب ويقرءون على الشيخ ،والشيخ يهز
برأسه ،وهكذا حتى يختم ويعملون حفل على ختم البخاري تبركاً لم يستفيدوا
حكمًا واحداً لحكمًا فقهياً ول عقيدة من ما في هذا الكتاب العظيم صحيح
البخاري ،يخرجون صفر اليدين ،وأمثال هؤلء ل يعرفون مكانة السنة هذه
هي السنة عندهم نسأل ال لنا ولكم السلمة .
38
قوله (( :ودليل الصلة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى :وما أمروا إل
ليعبدوا ال مخلصين له الدين حـنـفـا ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين
القيمة [ البينة)) ] 5 :
الشرح :ودليل الصلة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى :وما أمروا إل
ليعبدوا ال مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة وذلك دين
القيمة مائلين من الشرك إلى التوحيد وإلى الخلص أمروا بهذا جميع الناس
جميع العباد وليقيموا الصلة وليؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ،الدين المستقيم
الطريق الموصل إلى ال أن تخلص ل في العبادة وتقيم الصلة وتؤتي الزكاة
وفي ذلك بال خلص واتباع السنة .
قوله (( :ودليل الصيام قوله تعالى :يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام
كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [ البقرة )) ] 183 :
الشرح :ودليل الصيام قوله تعالى :يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام
……… ..الية من أين نأخذ الوجوب ؟ لفظة كتب وعليكم تفيد الوجوب أن
ال أوجب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ،أما الذين قبلنا كيفية
صيامهم ل نعلم إنما نشترك في الحملة في وجوب الصيام علينا ،نعلم صيامنا
بالتفصيل ،ولكن صيام من قبلنا ل نعلم بالتفصيل .
كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أي لكي تتقون لكي يكون الصيام
وقاية بينكم وبين عذاب ال وغضبه لن الصيام يكون سبباً للتقوى لنه يترك
ل شهواته من أجل ال لذلك أضاف ال الصيام إلى نفسه { كل عمل ابني آدم
له إل الصيام فإنه لي } إضافة عظيمة .
قوله (( :ودليل الحج قوله تعالى :ول على الناس حج البيت من استطاع
إليه سبيلً ومن كفر فإن ال غنيٌ عن العالمين [ آل عمران )) ] 97 :
الشرح :ودليل الحج قوله تعالى :ول على الناس حج البيت نأخذ من لفظة (
على ) الوجوب وهذه الية عند كثير من أهل التفسير نزلت في السنة التاسعة
من الهجرة أي أوجب ال علينا الحج في السنة التاسعة من الهجرة النبوية فبادر
النبي عليه الصلة والسلم بالتطبيق بأن مهد لحجه في العام العاشر بإرسال
وفد قبل مكة ويعلن في مكة أن حج النبي في العام المقبل في السنة العاشرة
.
من استطاع إليه سبيلً فمعنى الستطاعة عند الفقهاء :الزاد والراحلة ،وإن
كان الحديث فيه مقال ولكن معناه صحيح تشهد له نصوص الكتاب والسنة
39
ومن كفر فإن ال غني عن العالمين قد يستدل بعض الناس على أن ترك الحج
مع الستطاعة كفر ولكن الذي عليه الجمهور إن هذا كفرٌ عملي وليس كفراً
إعتقادياً أي من ترك الحج مع الستطاعة يأثم إثماً كبيراً وتثبت مصاريف الحج
في تركته فتخرج مصاريف الحج من تركته ولم يصل إلى الشرك الكبر ول
يصل إلى الشرك الكبر إل بالجحود طالما يؤمن بوجوبه ،إذا قصر فيكون
كفره كفرٌ دون كفر .
قوله (( :المرتبة الثانية :اليمان ))
الشرح :قال المؤلف رحمه ال :اليمان .اليمان كما تقدم أضيق من السلم
والذي بعده الحسان أضيق بأكثر يجب أن نقف عند اليمان لنعرف اختلف
أهل العلم في حقيقته ،اليمان ليتبين لنا أننا بحاجة إلى تحقيق اليمان نفسه ،
اليمان الذي هو كل شيء عندنا لم يسلم من الختلف .
س /ما هو اليمان ؟ جـ /أ ـ اليمان عند بعض علماء الكلم مجرد المعرفة
أي معرفة ال تعالى والكفر عندهم الجهل هذا ما ذهب إليه الجهم بن صفوان
وعلى هذا ل يوجد كافرٌ إل من هو جاهل ول يوجد أجهل بال من جهم بن
صفوان لذلك يقال إنه حكم على نفسه بالكفر من حيث ل يشعر حيث قال :إن
اليمان هو المعرفة وان الكفر هو الجهل وإذا تتبعنا عقيدته نجده أجهل الناس
بال إذاً هو كافرٌ بشهادة نفسه على نفسه ،ال سبحانه وتعالى في نظر جهم بن
صفوان والجهمية ل يوصف ل بصفة ول يسمى باسم أي وجود ال عز وجل
عندهم وجود ذهني ليس له وجود خارجي الوجود المطلق لن الموجود في
الخارج لبد أن يوصف بصفة الذي ل يوصف بصفة هو العدم ،الموجود لبد
له من صفة فإذا نفوا عنه جميع الصفات وجميع السماء شبهوه بالمعدوم الذي
ل يوصف بأي صفة لنه معدوم وعلى هذا جهم بن صفوان هو من أكفر
الكافرين بشهادة نفسه على نفسه إذ اليمان عنده المعرفة والكفر الجهل .
ب ـ القول الثاني :لهل الكلم في اليمان ،اليمان هو التصديق فقط مجرد
التصديق بالقلب بصحة ما جاء به رسول ال ولو لم ينطق باللسان ولو لم
يقر بشهادة أن لاله إل ال وان محمداً رسول ال طالما ادعى انه صدق رسول
ال عليه الصلة والسلم فيما جاء به فهو مؤمن .
جـ ـ القول الثالث اليمان هو التصديق والقرار معاً أن يصدق بقلبه ويقر
بلسانه هؤلء جميعاً يقال لهم المرجئة ،ومرجئة الفقهاء أصل منبتهم من
الكوفة لن هذا القول بأن اليمان هو التصديق أو التصديق والقرار معاً قول
المام أبي حنيفة وتبعه في ذلك جميع الكوفيين ثم انتقل هذا المذهب من
40
والماترودية إلى الشاعرة فصار اليمان عند جمهور أل شاعرة والماترودية
هو التصديق وان توسعوا إلى التصديق والقرار ،القرار محل خلف عندهم
،القول الصحيح أن اليمان عندهم التصديق وعلى هذا جميع العمال
السلمية التي في الكتاب والسنة ليست من اليمان في شيء عند هؤلء
أخرجوا العمال كلها من اليمان هذا هو معنى الرجاء ،الرجاء معناه
التأخير أخروا العمال عن مسمى اليمان لم يدخلوا العمال كلها في اليمان
بل اليمان إما مجرد التصديق أو التصديق والقرار هذا الذي عليه جمهور
الشاعرة وما أكثرهم وهو في الصل عقيدة الماتريدية التابعين للمام أبي
حنيفة في هذه المسألة ،خالف المام أبو حنيفة الجمهور ،جمهور أهل السنة
والجماعة بما فيهم الئمة الثلثة وغيرهم ،ولكن الذي ينبغي أن يفهمه طلب
العلم الرجاء الذي هو عقيدة أبي حنيفة ومن تبعه غير إرجاء علماء الكلم
لذلك يسمون هؤلء مرجئة الفقهاء ،مرجئة أهل الكلم يرون أنه ل يضر مع
اليمان ذنبٌ ويرون أن الناس ل يتفاوتون في اليمان وأن إيمان النبياء ومن
بعدهم واحد لن اليمان ل يزيد ول ينقص عندهم حقيقة واحدة هؤلء مرجئة
أهل الكلم ولكن مرجئة المام أبي حنيفة ومن تبعه ل يصلون إلى هذه الدرجة
وإن أخروا العمال عن مسمى اليمان وعلى كلٍ هذا المذهب خطأ ،الصواب
هو ما عليه الجمهور ل لجمهرتهم وكثرتهم ولكن لكون الدليل من الكتاب
والسنة ،كتاب ال يعد العمال من اليمان كذلك السنة ،إذا قرأنا قوله تعالى
في أول سورة النفال :إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم وإذا
تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلة ومما
رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً عد ال في هذه الية أعمال القلوب
وأعمال الجوارح من اليمان إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم
هذا من أعمال القلوب وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون
من أعمال القلوب الذين يقيمون الصلة ومما رزقناهم ينفقون من أعمال
الجوارح إذاً أعمال القلوب وأعمال الجوارح داخلة في مسمى اليمان وعلى
هذا يكون التصديق تصديقاً خاصاً ،أخذ المرجئة اليمان اللغوي الذي هو
مجرد التصديق وأخطأوا في ذلك لن المراد بالتصديق هنا هو التصديق
الشرعي ل التصديق اللغوي المعنى اللغوي دائماً أعم وأشمل من المعنى
الشرعي والصلحي ،في اللغة مجرد التصديق أي شيء صدقته يسمى إيمان
،وفي الشرع تصديق خاص ما جاء به النبي تصديقاً تصدقه العمال لن
تصديق القلب وإن لم يوجد دليلٌ على صحته يعتبر دعوى ومن ادعى أنه
41
صدق رسول ال عليه الصلة والسلم في كل ما جاء به ثم ترك العمل ل يعمل
شيء من أعمال السلم من صلة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك ل يعمل
يقول أنا مؤمن لني مصدق نقول له ائتني بالدليل على تصديقك القلبي ما الذي
يصدقك أعمال الجوارح هي الذي تصدق ذلك التصديق وتشهد بصحته ذلك
ق بقلبه بكل ما جاء به رسول ال ثم ل يعمل التصديق ومن ادعى بأنه مصد ٌ
يقال له هذه دعوى والدعوى لبد لها من بينة فأين البينة ؟ البينة العمال لذلك
نشطت في العبادة العضاءُ يقول بعضهم :وإذا حلت الهداية قلباً
فإذا كانت العضاء لتعمل ل يصلي ول يصوم ول يأمر ول ينهى ول يجاهد
ول يطلب العلم [ يمشي ] هكذا مصدق ل يقبل مثل هذا التصديق وعلى هذا
انتشر بين المسلمين هذا اليمان الرجائي لذلك لو أمرت إنساناً أو نصحته أو
نبهته على ما فعل يقول لك اليمان في القلب هنا اليمان ويشير إلى قلبه ،
واليمان الذي هنا لو صح لظهر أثره في أعضائك وجوارحك ولست بصادق
تترك الصلة فيقال لك صلي فتقول ل ،اليمان هنا في القلب ليس بصحيح
وعلى هذا كيف تعالجون الذين يريدون يتنازعون الذين يحكمون بغير ما انزل
ال تقولون لهم أنتم حكام غير مسلمين فيقول لك أنا مسلم لني أقول لإله إل
ال وأن محمداً رسول ال وأنا مصدق وأنت معي في هذا التعريف يحاجك لكن
متى تستطيع أن تقنعه أنه ليس على السلم إذا عرفت اليمان بالتعريف
الصحيح ما هو اليمان ؟ اليمان تصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقول
باللسان ،والتصديق الذي في القلب يشهد على صحته النطق باللسان بقولك
أشهد أن لإله إل ال وأشهد أن محمداً رسول ال يصدق كل ذلك وتصدق كل
ذلك العمال ،والعمال الجارية على السنة وعلى وفق ما جاء به رسول ال
عليه الصلة والسلم إذاً اليمان مركب يتألف من أجزاء من تصديق بالقلب
وعمل بالجوارح وقول باللسان ولهذا يشهد الكتاب والسنة وقد سمعنا من
الكتاب الية .
قوله (( :وهو بضع وسبعون شعبة فأعلها قول لإله إل ال ))
الشرح :واسمع قول رسول ال {:اليمان بضع وستون شعبة ـ رواية
البخاري ـ أعلها قول ل إله إل ال } جعل النطق باللسان من اليمان واعلى
درجات اليمان هذا مما يذكر في فضل ل إله إل ال هذه الكلمة ركن في
اليمان وركن في السلم وأفضل الذكر كلمة عظيمة إذا جئت تعدد السلم
فهي الطليعة وإذا جئت تعدد شعب اليمان فهي في المقدمة إذا جئت تعرف
أفضل الذكر بعد القران فهي ل إله إل ال كلمة عظيمة إذا فهم معناها وطبقت
42
هكذا قال الرسول عليه الصلة والسلم { :اليمان بضع وستون شعبة أعلها
لإله إل ال ،وأدناها إماطة الذى عن الطريق } ،وهنا يرد سؤال قال عليه
الصلة والسلم أعلها لإله إل ال ولم يقل محمدٌ رسول ال فهل يكفي أن
نقول أشهد أن لإله إل ال وكفى ؟
جـ /ل ،ولو لم يذكر الجزء الثاني كأنه مذكور لن ل إله إل ال محمد رسول
ال كالجسم والروح ل يفترقان ،ل ينفع قول ل إله إل ال بدون محمدٌ رسول
ال أي الشهادة بالوحدانية لتجزء ول تنفع حتى تشهد بالرسالة ولو شهدت
بالرسالة ما نفعت الشهادة حتى قبل ذلك بالوحدانية ،هما شيئان بالظاهر
ولكنها شيء واحدٌ في الحقيقة إذ بينهما تلزم ل يفترقان لذلك إذا جاء في
بعض الحاديث ذكر ل إله إل ال ولم يذكر شهادة أن محمد رسول ال كما في
مثل هذا الحديث فليعلم أن ذلك اكتفاء بالمعلوم لنه من المعلوم أن ل إله إل ال
وحدها لتغني إل بالضافة محمد رسول ال ،وهي تسمى بجملتها كلمة
التوحيد ،وكلمة السلم وكلمة اليمان ومفتاح الجنة .
قوله (( :وأدناها إما طة الذى عن الطريق ،والحياة شعبة من اليمان ))
الشرح :وأدناها إماطة الذى عن الطريق ،إماطة الذى عن الطريق عملٌ
من أعمال الجوارح ،جعل النبي عليه الصلة والسلم ذلك من اليمان ومن
تمام إيمانك أن تحب لخيك المسلم ما تحبه لنفسك وأن تكره لخيك المسلم ما
تكره لنفسك { .أعلها ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق ،
والحياة شعبة من اليمان } ،وبين أعلها وأدناها شعب تتفاوت ،الصلة
شعبة من اليمان ،الجهاد شعبة من اليمان ،الزكاة شعبة من اليمان ،وطلب
العلم شعبة من اليمان ،إذاً اليمان يتألف من شعب كثيرة ،وليس مجرد
التصديق وليس مجرد القرار لذلك فلنسمع هذا التعريف الشارح الذي شرح
اليمان من كلم أبن القيم قال رحمه ال < :اليمان هو حقيقةٌ مركبةٌ من
معرفة ما جاء به الرسول علماً وتصديقاً عقداً والقرار به نطقاً والنقياد له
محبتاً وخضوعاً ،والعمل به ظاهراً وباطناً وتمثيله والدعوة إليه بحسب
المكان وكماله في الحب في ال وفي البغض في ال ،والعطاء ل والمنع ل
وأن يكون ال وحده إلهه ومعبودة والطريق إليه تجريد المتابعة للرسول
ظاهراً وباطناً وتغميض عين القلب عن اللتفات [ بما ] سوى ال ورسوله >،
وهذا هو اليمان ،اليمان مركب ومما ينتقد على علماء الكلم أهل السنة
يقولون كيف يكون اليمان مركباً ؟ لن المركب إذا أزيل بعض أجزائه زال
كله ،وهذا غير صحيح ما الذي يُرد على هذا ؟ يرد عليه الحديث السابق الذكر
43
{ اليمان بضع وستون شعبة } لن النبي جعل الشُعب متفاوتة الشعبة
الولى هي التي يزول اليمان بزوالها إذا زالت الشعبة الولى شعبة ل إله إل
ال وأن محمداً رسول ال زال اليمان كله ل يبقى شيء ،وهل إذا ترك الشعبة
الخيرة مر النسان في الطريق على الذى فلم يزله ،هل يزول إيمانه ؟ ل ،
ينقص الشُعب الخرى غير الشعب الولى بزوالها ينقص اليمان بقدر ما
يترك النسان شعبة من الشُعب وبقدر ما يرتكب من المحرمات والمعاصي
ينقص إيمانه ول يزول ،وإنما يزول بزوال كلمة التوحيد والكفر بها والتيان
بما يناقضها ليس معنى زوالها أنك تقول أنا ل أعترف أنه ل إله إل ال ،ل ،
قد تقول بلسانك ل إله إل ال وتأتي بما يناقضها لن للسلم نوا قض كنوا
قض الوضوء ،فلو قال رجل مائة مرة يعد هذه السبحة ل إله إل ال ثم إذا
اشتدت به المور قال :أغثني يا فلن ما لي سواك يا فلن انتقض توحيده
تماماً ل يبقى عنده شيء كافر ،نفى ال الذي كان يقره بلسانه عنا يزول
ل حياءه فارتكب معصية ينقض اليمان لكن إذا ترك شعبة من الشعب كأن ق ّ
إيمانه ل يزول كلياً ،فليفهم هذا جيداً .وقد يستدل عليك من يرى بأن العمال
ليست من اليمان يستدل بالعطف الذي جاء في القرآن :الذين ءامنوا وعملوا
الصالحات فيقول وعملوا الصالحات العطف يقتضي المغايرة إذاً العمال
الصالحة غير اليمان لن ال عطف العمال الصالحة على اليمان ،العمال
الصالحة هي السلم فالعطف تقتضي المغايرة كأن تقول جاء زيدٌ وعمروٌ
فبينهما مغايرة ،أو تقول جاء زيدٌ وذهب عمر ٌو فجاء غير ذهب وزيدٌ غير
عمروٌ فصح العطف هنا فاقتضى المغايرة فإذا قال لك الذين ءامنوا وعملوا
الصالحات يدل على العمال الصالحة غير اليمان تقول المغايرة درجات
صحيح العطف يدل على المغايرة ولكن المغايرة درجات حافظوا على
الصلوات والصلة الوسطى أليست الصلة الوسطى من الصلوات ؟ فكيف
صح هنا ؟ ما معنى المغايرة ؟ الجواب :من باب عطف الخاص على العام
كذلك العطف هنا أي في قوله وعملوا الصالحات من باب عطف الخاص
على العام ،لن العمال الصالحة جزء من اليمان كما أن الصلة الوسطى
جزء من الصلوات التي أمرنا بالمحافظة عليها والمثلة كثيرة في القرآن .
قوله (( :وأركانه ستة :أن تؤمن بال وملئكته ))
44
الشرح :أن تؤ من وت صدق وت سلم ل تؤ من ل بوجوده بر بو بي ته وألوهي ته وبأ سائه و صفاته
وتؤ من باللئ كة ان م موجودون جندٌ من جنود ال تعال من سعت وعل مت أ ساءهم أم نت
منهم بالتفصيل ومن ل فبالملة .
قوله (( :وكتبه ))
الشرح :والكتب المنزلة بما في ذلك القرآن ،وتؤمن أن الكتب المنزلة كلها
كلم ال وليست مخلوقة كما يقول علماء الكلم بما فيهم الشاعرة ،القرآن
والتوراة والنجيل والزبور هذه الكتب من كلم ال لن كلم ال ل نفاد له :
قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن ينفد كلمات ربي ولو
جئنا بمثله مدداً كلم ال لنهاية له ،ال خاطب نوحاً وكلم موسى وكلم محمداً
في أماكن وفي أزمنة مختلفة ويتكلم آخر كل ليلة يقول عند نزوله إلى السماء
الدنيا { :هل من مستغفرٍ فأغفر له } هذا كلم ال ويتكلم الرب سبحانه وتعالى
يوم القيامة عندما يأتي لفصل القضاء ويسلم على أهل الجنة ويخاطبهم من
فوقهم كل ذلك من كلم ال ،
ى واحدًا قائم بذات ال ليس وكلم ال ل نفاد له ،لذلك اعتقاد أن كلم ال معن ً
بحرف ول صوت كما تقول الشاعرة ضلل مبين لن ذلك إنكار أن هذا
القرآن كلم ال وقد وافقت الشاعرة المعتزلة في القول بأن القرآن كلم ال
تناقضوا في ذلك مع دعوى أنهم خصوم للمعتزلة بالنسبة للكتب السماوية نؤمن
بأنها من عند ال تعالى ،وأما هذا القرآن نؤمن بأنه من عند ال ونتبعه دستوراً
نحكم به ونتحاكم إليه ونسير إلى ال في ضوئه هو الحكم وهو كتاب العقيدة
كتاب التوحيد كتاب العبادة كتاب الحكام كتاب الخلق كتاب السياسة كتاب
القتصاد كتاب كل شيء إذا فهم وعمل به هذا هو الفرق بين الكتب السماوية
وبين إيماننا بالقرآن الكتب السماوية ل يجب علينا العمل بها لنها نسخت
انتهت بنزول القرآن ،الكتاب الذي يجب اليمان به والعمل به هو هذا القرآن
العظيم وهو كلم ال حقيقة لن ال سماه كلماً وإن أحدٌ من المشركين
استجارك فأجره حتى يسمع كلم ال ذلك الكلم الذي تله الرسول على
المشركين فسموه هو هذا القرآن الذي بين دافتي المصحف ،تقول عائشة
رضي ال عنها { :ما بين دفتي المصحف كلم ال } ،ولكن الثر لم يسلم من
تأويل الشاعرة قالوا أي خلقٌ من خلق ال مخلوق ل ،الشاعرة الذين يقولون
نحن من أهل السنة والجماعة هم الذين أولوا هذا التأويل فانتبهوا للشاعرة
عفى ال عنا وعنهم .
45
قوله (( :ورسله ))
الشرح :اليمان بالرسل يقال ما قيل في اليمان بالكتب بالنسبة للرسل الذين
قبل نبينا محمد عليه الصلة والسلم ،المراد باليمان بهم أن تصدقهم أنهم
رسل ال معصومون بلغوا رسالة ال ولكن الرسول الذي يجب إتباعه ول يعبد
ال إل بما جاء به هو محمدٌ لنه جاء بالرسالة الخاتمة العامة ل يسع جنياً
ول إنسياً ول يهودياً ول نصرانياً إل اليمان بهذا النبي الكريم بعد أن بعث لنه
خاتم النبيين عليه الصلة والسلم .
قوله (( :واليوم الخر ))
الشرح :اليمان باليوم الخر ،اليوم الخر يبدأ من عند الموت { من مات فقد
قامت قيامته } من حين أن ينقل هذا النسان من وجه هذه الرض إلى باطنها
فهو في اليوم الخر يعني الحياة البرزخية الفاصلة بين هذه الحياة التي نحن
فيها الن وبين الحياة التي بعد البعث تابعة ليوم الخر على المؤمنين من النعيم
لن { القبر إما حفرة من حفر النار ،أو روضة من رياض الجنة } يجب
اليمان بكل ذلك تصديقاً بالرسول .
قوله (( :وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
الشرح ( :اليمان بالقدر خيره وشره ) بمعنى أنه ما شاء ال كان وما لم يشأ لم
يكن { ما أصابك في علم ال ليخطؤك وما أخطأك لم يكن ليصيبك } وما
شاء ال كان وما لم يشأ لم يكن هذا المقدار يكفي في باب اليمان بالقدر دون
الخوض لن هذا الباب بابٌ خطير والبحث عن أسرار القضاء والقدر يعتبر
سراً من أسرار ال لذلك يقول علي بن أبي طالب رضي ال عنه { :القدر سر
ال فل نكشفه } أي ليس لك أن تسأل لم فعل الرب سبحانه وتعالى هكذا ؟ لم
خلق ؟ ولم أحيى ؟ ولم أمات ؟ ولم جاعلٌ زيداً غنياً وعمرًا فقيراً ؟ ولم أمرض
فلناً ؟ ولم ولم ؟ هذا خوض في سر من أسرار ال سرٌ ل يدرك ل يسأل عما
يفعل كما أنه ل يجوز في باب السماء والصفات أن تسأل بكيف هو ؟ وكيف
سمعه ؟ وكيف بصره ؟ وكيف استواؤه ؟ وكيف مجيئه ؟ وغير ها ،ل يجوز
في باب القضاء والقدر ل يجوز السؤال بلم ،انتبه لهذا لن هذا مز له القدام
يكفي للعامة والخاصة أن يؤمنوا لنه ل يقع في ملكه إل ما شاء وان ال على
علم كل شيء فكتبه ،كل المقادير معلومة ومكتوبة ثم قضى ال سبحانه وتعالى
قضاءه على ما علم وكتب وفي هذا المعنى يقول المام الشافعي رحمه ال لما
سئل عن القدر :
46
ما وشئت إن لم ما شئت كان وإن لم أشأ
تشأ لم يكن
ففي العلم يجري خلقت العباد على ما علمت
الفتى والمسن
وهذا أعنت وذا على ذا مننت وهذا خذلت
لم تعن
[ ومنهم ] قبيح فمنهم شقي ومنهم سعيد
ومنهم حسن
ويأتي هنا سؤال الجبري هل يعني ذلك أن العبد مجبور ؟ ل .خلق العباد
وخلق لهم القدرة وخلق لهم الرادة وخلق له الختيار وأرسل إليهم رسولً
وهداهم النجدين وبين لهم طريق الهدى وطريق الضلل وأمرهم بالفعل بفعل
العبد كل ما يفعل بقدرته وإرادته واختياره ول يدري ما الذي يجري في قضاء
ال وقدره وليس هذا شغله ول له أن يبحث في هذا عليه أن يتقيد بالوامر
والنواهي أمرك بإقامة الصلة عليك أن تقيم الصلة لكن قول الذين يقولون بأن
العبد مجبور ليس له قدرة أو قدرته ل تعمل وليس له إرادة تسمى العقيدة
الجبرية ضلل في ضلل وهي منتشرة الن لن الشعرية مرجئة وجبرية
وجهمية اجتمعت فيها جميع هذه المراض وهم منتشرون بين المسلمين وكثيرٌ
من شبابنا ل يدرون عنهم يصدق على شبابنا قول عمر رضي ال عنه ( :إنما
تنقض عرى السلم عروة عروة إذا نشأ في السلم من لم يعرف الجاهلية )
لن الجاهلية بدأت في هذه اليام تضحك على شبابنا ،جاهلية التصوف ،
جاهلية علم الكلم ،جاهلية القانون ،جميع هذه الجاهليات تعمل ،وشبابنا
نشاؤا في الخير نشاؤا في السلم على الفطرة في التوحيد ل يعلمون من هذه
الجاهليات يأتي صاحب الجاهلية فيضحك عليهم ،يقول تعمل كذا وكذا من
العمال السلمية فيصدقون فيخرجون عن الجادة إلى بنيات الطريق فيقفون
حيارى ،ل علج إل العلم ،والعلم وحده هو العلج لذلك عليكم بالعلم ل ينال
النسان درجة اليمان إل بالصبر واليقين ،الصبر على طاعة ال وطلب العلم
الشرعي من أعظم طاعة ال وعبادته اصبروا على العلم لكي تخرجوا من
الجهل ،ل تضحك عليكم جاهلية الرجاء وجاهلية الجبرية وجاهلية الجهمية
وجاهلية التصوف وغير ذلك من الجاهليات التي دخلت مع هذا النفتاح العام
عندما انفتحنا على العالم واتصل العالم كله بعضه على بعض تداخل الخير
47
والشر ل يستطيع أن يفرق بين الخير والشر إل من رزقه ال البصيرة في دينه
.
قوله (( :المرتبة الثالثة :الحسان ركن واحد وهو ( :أن تعبد ال كأنك
تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ))
الشرح :قال المؤلف رحمه ال تعالى :المرتبة الثالثة الحسان وهو ركن واحد
وهو ( :أن تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ،وهذا المعنى
الذي يعبر عنه بالمراقبة ،المراقبة الخاصة الصادقة بأن يراقب العبد ربه
سبحانه وتعالى ويتذكر دائماً وأبداً بأن ال يراه ويرى مكانه ويسمع كلمه ما
في نفسه هذه المراقبة تحول بين المرء وبين ارتكاب المعاصي وبين الغفلة
واللتفات عن ال إلى غير ال تشده إلى ال المراقبة الصادقة تشد العبد إلى ال
سبحانه وتعالى إيماناً منه أن ال ل تخفى عليه خافية وان كان هو ل يراه لن
ال سبحانه وتعالى ل يُرى في هذه الدنيا فال سبحانه وتعالى فوق جميع
المخلوقات فوق السماوات السبع ومستوٍ على عرشه بائنٌ من خلقه حجابه
النور لم يره موسى الذي طلب منه الرؤيا ،ولم يره على الصحيح رسولنا
محمد ليلة السراء والمعراج وإنما رأى نوراً لنه عليه الصلة والسلم
سئل هل رأيت ربك ؟ قال { :نو ٌر أنى أراه } حجابه النور لن ال سبحانه
احتجب في هذه الدنيا بنور وقوى البشر لتقوى على أن تثبت أمام هذا التجلي
وأوضح دليل على هذا قوله في آخر قصة الدجال { :فأعلموا أنكم لن تروا
ربكم حتى تموتوا } ،وهذا دليل واضح بأن ال سبحانه وتعالى ل يرى في
الدنيا ولكن ال يعطي العباد قوة ليثبتوا أمام التجلي يوم القيامة في الجنة
ويتجلى لهم ويرونه بغير إحاطة كما انهم يعلمون الن بدون إحاطة به بعلمهم
كذلك سوف يرونه بدون إحاطة به برؤيته لن المخلوق ل يحيط بالخالق ،
فالخالق هو المحيط بجميع المخلوقات هو الذي يعلم منهم كل شيء هذا هو
الحسان .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون [
النحل )) ] 128 :
الشرح :والدليل قوله تعالى :إن ال مع الذين اتقوا والذين هم محسنون أي
أن ال تعالى مع الذين اتقوه أي جعلوا بينهم وبين غضبه وسخطه وقاية ،هذه
الوقاية بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات ،وذلك من صدق المراقبة ،
والذين هم محسنون ،احسنوا في عبادة ال تعالى بالخلص وصدق المراقبة ،
وأحسنوا إلى عباد ال بما يستطيعون الحسان فيه والحسان من حيث المعنى
48
أعم من حيث أهله أخص ،لن الحسان يشمل أي عمل صالح سواء كان
العمل بينك وبين ربك أو الحسان إلى عباده هذا معنى أنه أعم من حيث
المعنى ،ولكن من حيث أهله أخص أي المحسنون الذين يصلون إلى هذه
الدرجة هم نخبة من المؤمنين ليس جميع المؤمنين أي ليس جميع المؤمنين
يصلون إلى درجة الحسان [ ،ولكنهم ] نخبة مختارة وفقهم ال وسدد خطاهم
فهم يحضون بالمعية الخاصة ،المعية الخاصة تزداد على المعية العامة
بالنصر والتأييد والحفظ والكلئ ،المعية العامة بمعنى العلم والرؤيا والتدبير
العام وبهذا المعنى ال سبحانه وتعالى مع جميع مخلوقاته ل يخلو مكان من
علمه وهو فوق عرشه مستوٍ على عرشه بائن من خلقه ،لكن ل يخلو مكان من
علمه وهذه هي المعية العامة ،فإذا قيل ال معنا ل ينبغي أن يتبادر إلى ذهنك
بأن ال معنا بذاته هنا في الرض ،فال سبحانه وتعالى منزه عن المعية الذاتية
مع خلقه لمع أهل أرضه ول مع أهل سماواته أي ليس ال بالرض بذاته ول
في السماوات السبع بذاته ولكن بذاته فوق جميع مخلوقاته ليس في ذاته شيء
من مخلوقاته ول في مخلوقاته شيء من ذاته ،ولكن هو بعلمه مع كل
مخلوق ،أي ل تخف عليه خافية من أمرهم ،وهذه تسمى المعية العامة
وتزداد المعية الخاصة مع المحسنين مع المتقين كتلك المعية التي حظي بها
الرسول وصاحبه في الغار ل تحزن إن ال معنا معية خاصة حفظهما ال
ورعاهم وسترهم من أعين أعدائهم تلك هي المعية الخاصة فلتفهم وهذه هي
منها معية مع المحسنين .
قوله (( :وقوله تعالى :وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم
وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم [ الشعراء 217 :ـ )) ] 220
الشرح :وقوله تعالى :وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم
وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم ، أنت تعبد ال كأنك تراه فإن لم
تكن تراه فإنه يراك ،هذا هو محل الشاهد من الية .
قوله (( :وقوله تعالى :وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ول
تعملون من عمل إل كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه [ يونس )) ] 61 :
الشرح :قوله تعالى :وما تكون من شأن وما تتلوا منه من قرآن ول تعلمون
من عمل إل كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه أي نحن معكم فال سبحانه
وتعالى يعبر عن نفسه وأحياناً يضمر العظمة وأحيانًا بضمير الفراد وضمير
العظمة ل يدل على التعدد يدل على العظمة إنا ،إنا نحن مثل هذه الضمائر
49
يقال لها ضمير العظمة ل للكثرة ،ومثلها ( كذلك كنا ) ول ينبغي أن يتبادر
إلى الذهن الكثرة والتعدد لن هذا أسلوب عربي ،والمخلوق نفسه يعبر عن
نفسه أحياناً فيقول نحن فعلنا أو نحن مشينا وهكذا وهذا أسلوب عربي معلوم .
قوله (( :والدليل من السنة حديث جبريل المشهور عن عمر رضي ال عنه
قال :بينما نحن جلوس عند النبي إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب
شديد سواد الشعر ل يرى عليه أثر السفر ول يعرفه منا أحد ،فجلس إلى
النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال :يا محمد
أخبرني عن السلم ؟ فقال رسول ال { :السلم أن تشهد أن لإله إل
ال وأن محمداً رسول ال ،وتقيم الصلة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان
وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلً } ،قال :صدقت ،فعجبنا له يسأله
ويصدقه ،قال فأخبرني عن اليمان ؟ قال { :أن تؤمن بال وملئكته وكتبه
ورسله واليوم الخر وبالقدر خيره وشره } قال :فأخبرني عن الحسان ؟
قال { :الحسان أ ،تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } ))
الشرح :حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه بينا وفي
رواية بينما ،وهما لغتان صحيحتان بينما نحن جلوسٌ عند رسول ال إذ
طلع علينا أي حين طلع علينا إذ بمعنى حين ،حين طلع علينا رجل شديد
بياض الثياب شديد سواد الشعر ،وفي بعض اللفاظ شديد سواد اللحية جاء
جبرائيل ملتحي بصفة رجل من البشر ل يرى عليه أثر السفر ول يعرفه منا
أحد ،من أين عرف عمر حتى يقول ل يعرفه منا أحد أي تسألوا فيما بينهم
تعرفون هذا الرجل الغريب شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ل يرى عليه
أثر السفر مع العلم أنه أتى يمشي على قدميه مع ذلك نظيف أقدامه ونظيف
والمفروض مثل هذا شعره وثيابه ولم يكن جالساً معهم عند الرسول
الرجل الغريب أن يرى عليه أثر السفر لم يحدث شيء من ذلك فجلس إلى
فأسند ركبتيه إلى ركبتيه وفي بعض اللفاظ وتخطئ الرقاب إلى أن النبي
وصل إلى النبي ،قال بعض أهل العلم :إنما فعل ذلك للتعمية على الناس
كأنه يريد أن يُري الناس بأنه إنسان جاهل غشيم فجلس إلى الرسول عليه
الصلة والسلم فأسند ركبتيه إلى ركبة النبي ،هذا مما لفت أنظار الصحابة
،فالصحابة مع شدة محبتهم للرسول عليه الصلة والسلم يهابونه ومن الهيبة
ل يسندون ركبهم إلى ركبتيه يجلسون بعيدين عنه نوعاً ما ولكن [ هذا
الرجل ] جلس هذه الجلسة ووضع كفيه عل فخذيه ،على فخذ من ؟ فخذي
نفسه هذا ما فهمه كثيراً من [ الشراح ] ،أي على فخذ الرسول وجاء في
50
بعض الروايات ما يشير إلى أنه وضع كفيه على فخذي رسول ال كل ذلك
تلطفاً برسول ال لنه في واقع المر هو المعلم وإن جلس جلسة المتعلم
ولكنه في واقع المر هو المعلم لذلك وضع يديه على فخذي رسول ال وقال
:يا محمد أخبرني عن السلم ؟ فقال النبي ال { :أن تشهد أن ل إله إل
ال وأن محمداً رسول ال ،وتقيم الصلة وتأتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
البيت إن استطعت إلى ذلك سبيلً ،قال صدقت ،عجباً تسأل فتصدق يقول
الصحابة عجبنا له يسأله ويصدقه ،كان المفروض أن الذي يسأل إذا أجابه
الستاذ يقول له :جزاك ال خيراً أحسن ال إليك ،فإذا هو يصدقه يقول له :
صدقت ! عجب الصحابة من هذا التصرف ،قال :اخبرني عن اليمان ؟ قال
{ :اليمان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وبالقدر خيره
وشره } ،وقد سبق شرح ذلك ،قال :أخبرني عن الحسان ؟ قال { :أن تعبد
ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } فلتعلم ذلك .
قوله (( :قال :فأخبرني عن الساعة ؟ قال { :ما المسؤول عنا بأعلم من
السائل } ))
الشرح :قوله :قال :فأخبرني عن الساعة ؟ قال { :ما المسؤول عنها بأعلم
من السائل } علم جبرائيل ،وعلم الرسول هنا على حدٍ سواء ،ل يعلم
النبي متى تقوم الساعة ،ول جبرائيل يعلم ذلك ،قال :أخبرني عن آمراتها
،أمارة وإمارة ،المارة العلمة ،والمارة الولية ،هنا في الحديث المارة
أي العلمة ،وعلمات الساعة كثيرة وكثيرة جداً ومتفاوتة ومن أوائل
علماتها مبعث الرسول والتي يقول فيهاالمصطفى عليه الصلة والسلم
{:بعثت أنا والساعة كهاتين } ـ رفع الوسطى مع السبابة ،فسر أهل العلم
{ بعثت أنا والساعة كهاتين } على تفسيرين :التفسير الول :إني سبقت
الساعة كما تسبق الوسطى السبابة بهذا المقدار أي مبعثي وقيام الساعة متقارب
إنما ما سبقت بمثل هذا السبق ،المعنى الثاني :أن قيام الساعة لسقٌ بمبعثي
وبرسالتي حيث ل يوجد نبيٌ بعده لنه خاتم النبيين ول ينافي في المعنى الول
المعنى الثاني كلهما واحد والمؤدى واحد ،قرب الساعة .
قوله (( :قال :فأخبرني عن أماراتها ،قال أن تلد المة ربتها ))
الشرح :ثم ذكر عليه الصلة والسلم بعض المارات [ في هذا الحديث ] ،
والتي ظهرت الن تماماً ونعيشها قال { :أن تلد المة ربتها } ،اختلف أهل
العـلـم في تفسير هــذه الجملة عـلـى سبعة أقوال لخصها الحافظ في ( الفتح )
ى واحداً ،الذي يتبادر إلى أذهان الناس
في أربعة وأرتضى منها معن ً
51
والمفسرين كناية عن كثرة الفتوحات السلمية حتى يكثر التسري بالجواري
فتلد الجارية إبناً أو بنتاً فيكون هذا البن بمثابة السيد لها لنه أبن سيدها إذا
تسرى بها فأنجب منها ولداً هذا الولد الذي أنجبه السيد من جاريته حر فأصبح
كأنه سيدها فأصبح المراد بالرب هنا السيد ،لفظة الرب تستعمل إذا كانت
مضافة في غير ال تعالى ،ولكن ل تستعمل بدون إضافة إل في حق ال ،
الشاهد هذا المعنى لم يرتضيه صاحب ( الفتح ) قال :العلمات التي يريد أن
يذكرها النبي عليه الصلة والسلم الشياء الغريبة التي ل عهد للولين بها
ووجود التسمي بالجواري والنجاب منها شيء معلوم حتى في صدر السلم
إذاً ما هو المعنى الغريب الذي يكون علمة وإمارة لقيام الساعة من سوء
الحوال قال صاحب ( الفتح ) معنى ذلك أن يصاب الولد بالعقوق فيستعمل
الولد والدته فيستخدمها فيهينها فيضربها ويسبها فيجعلها كالجارية والمة
والخادمة التي تعمل عنده ومن سوء التصرف يصل الحال بالولد في آخر
الوقت من علمات الساعة أن يكثر العقوق وأن يكون الولد عاقاً لوالدته فيهينها
فيضربها ويسبها كأنها أمة جارية عنده هذا المعنى ارتضاه صاحب ( الفتح ) ،
واستحسنه كثيراً وأعرض عن جميع المعاني التي ذكرها أهل العلم عند هذا
الحديث .
قول (( :وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان } ))
وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ،يأتي وقت
على الناس وقد أتى أهل البادية المعروفين بالفقر وسوء الحال الذين يمشون
حفاة عراة أو شبة عراة وفقراء ليس فيهم شيء من الحضارة وآثار الغنى يأتي
على الناس يومٌ على أولئك يتركون خيامهم ويبنون الفلل والقصور في محلت
الخيم فيتفاخرون ويتطاولون بفللهم بقصورهم وهذا هو واقعنا الن ومشاهدة .
قوله (( :قال :فمضى فلبثنا ملياً ))
الشرح :قال :فمضى فلبثنا ملياً أي فترة من الزمن فقال :يا عمر أتدري من
السائل ،قلت ال ورسوله أعلم ،لفظت ( ال ورسوله أعلم ) يتشدد بعض
صغار طلبة العلم في استعمالها اليوم إذا سؤ لت عن أمر ديني لتعرفه
ل ،لك أن تقول ال ورسوله كشروط الصلة وأركان الحج وواجبات الحج مث ً
أعلم حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلة والسلم ل كما يظن بعض الناس أن
القول ال ورسوله أعلم خاص بحياة النبي عليه الصلة والسلم لنك لم تعلم
شيء من الدين إل بعد أن علمه النبي عليه الصلة والسلم وعلم الناس ،لذلك
لك أن تقول ال ورسوله اعلم لكن في الشؤون الدنيوية هل وقع اليوم كذا ؟ ما
52
أخبار اليوم ؟ وهل نزل المطر في الجهة الشرقية أو الوسطى ؟ وأنت لتعلم
تقول ال اعلم ليس لك أن تقول ال ورسوله اعلم ،هذا علم خاص بال يجب أن
نفرق بين المور الدينية وشؤون الدنيا بعد وفاة الرسول .
قوله (( :فقال { :يا عمر أتدري من السائل ؟ } ،قلنا :ال ورسوله أعلم ،
قال { :هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم } ))
الشرح :قال :هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ،ما أعظم هذا الدين ،الدين الذي
ل ليعلم
بعث به خاتم النبيين ثم يرسل جبرائيل الذي اصطفاه من الملئكة رسو ً
أمة محمد ويكرمهم هذا الكرام يعلمهم بهذه الطريقة أتاكم يعلمكم أمر دينكم
.
قوله (( :الصل الثالث :معرفة نبيكم محمد وهو محمد بن عبد ال بن
عبد المطلب بن هاشم ))
الشرح :قال المؤلف رحمه ال :الصل الثالث معرفة نبيكم محمد وهو
محمد بن عبد ال بن عبد المطلب بن هاشم إلى هنا ذكر المؤلف نسب الرسول
عليه الصلة والسلم ،وعلى الشباب أن يحفظوا النسب إلى عدنان ،وهذا
محل إتفاق ،وما بعد ذلك فمحل خلف .
قوله (( :وهاشم من قريش ،وقريش من العرب ،والعرب من ذرية
إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعى نبينا أفضل الصلة والسلم ))
الشرح :وهاشم من قريش ،وقريش من العرب ،والعرب من ذرية إسماعيل
بن إبراهيم الخليل عليه من ربه وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم أي أن نبينا
محمداً هو النبي المي العربي من حيث النسب ،ولكنه عام الرسالة إلى
الثقلين إلى الجن والنس .
قوله (( :وله من العمر ثلث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة ،وثلث
وعشرون نبياً ورسولً ))
الشرح :وله من العمر حين توفي ثلث وستون سنة كذلك هذا محل إجماع
منها أربعون قبل النبوة لنه لم يبعث إل بعد الربعين ،وهذه سنة ال في من
يبعثهم ،وثلث وعشرون نبياً ورسولً ،النبوة قبل الرسالة ويختلفون في
التفريق بين النبي والرسول ،منهم من يعرف فيقول النبي من كلف برسالة أو
بعث برسالة ليعمل بها ،ولم يكلف بالتبليغ ،وهناك تعريف ثاني النبي من
بعث ليعمل برسالة من قبله وليست له رسالة مستقلة ككثير من أنبياء بني
إسرائيل يعملون بشريعة التوراة والنجيل وهم كثر .والتعريف الثاني أنسب
والتعريف الول أشهر ،ولكن التعريف الول [ يأخذ ] عليه القول بأنه لم يأمر
53
بالتبليغ ،التبليغ والدعوة والصلح واجب الرسل واجب النبياء وواجب
أتباعهم فإن أتباعهم مكلفون بالصلح والنصح ل ولكتابه ولرسوله ولئمة
المسلمين وعامتهم ،والدعوة إلى ال إذا كان العلماء وهم ورثة النبياء يكلفون
هذا التكليف فالنبياء من باب أولى لذلك التعريف الول على الرغم أنه هو
المشهور عند كثير من أهل العلم ولكن التعريف الثاني أنسب من حيث المعنى
لن النبياء من بني إسرائيل الذين لم يكونوا رسلً مكلفون بالتبليغ والدعوة
على ضوء كتاب ال التوراة والنجيل .
قوله (( :نبئ بأقرأ ،وأرسل بالمدثر ))
الشرح :نبئ بإقرأ إذ أرسل ال إليه جبرائيل ففاجأه جبرائيل بقوله إقرا ،
فالنبي عليه الصلة والسلم ليس بقارئ ولهذا كان الجواب لست بقارئ وضمه
حتى خاف على نفسه وكرر عليه ذلك وبعد ذلك وبعد أن روعه وخافه جاء إلى
خديجة رضي ال عنها فأخبرها الخبر قالت :وال ل يخزيك ال أبداً لنك
تصل الرحم وتكسب المعدوم وغير ذلك من صفات وأخلق جُبل عليها من
صلة الرحم والحسان والمانة وغير ذلك من مكارم الخلق ل يخزيه ال ،
هذه سنة ال في خلقه بعد أن طمأنته ذهبت به إلى ورقة بن نوفل ،فورقة بين
له إنما جاءه كان يأتي النبياء من قبله ،رسول ال من الملئكة الذي اصطفاه
ال ليرسله إلى النبياء من بني آدم وإنه جبرائيل وأن ما جاءه من عند ال ليس
من الشيطان ثم تمنى ورقة لو أحياه ال عندما يخرجه قومه ،فقال النبي :
أو مخرجي هم ؟! أي سوف يخرجوني ،قال له :ما أتى أحدٌ مثل ما أتيت به
إل أوذي هذه سنة ال في النبياء وفي أتباع الرسل من المصلحين لبد من
اليذاء { أشد الناس بلً النبياء ثم المثل فالمثل } ال قادر حين أرسل محمد
أن يجعل أهل مكة جميعاً أبي لهب وأبي جهل وغيرهما أن يجهلهم جميعاً
كمثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كلهم يطيعون ويمثلون ولكن ل حكمة في
أن يبتلي نبيه هذا البتلء إلى حد الضرب والحصار والخراج ثم ينتهي المر
إلى الهجرة إلى المدينة كل ذلك ليرفع ال شأنه ويكثر ثوابه ولحكم ل نعلمها
لن ال سبحانه وتعالى ل يفعل فعلً إل لحكمة والعباد قد يدركون أحياناً بعض
الحكم في بعض أفعال ال سبحانه وتعالى وقد ل يدركون أن أدركنا الحكمة في
فعل الرب سبحانه وتعالى في قضائه وقدره وافعاله أن أدركنا أما نصًا أو
استنتاجا نزداد بذلك إيمانا على إيمان وان لم ندرك الحكمة علينا المتثال
والتصديق هذا ما جرى للرسول عليه الصلة والسلم .
قوله (( :وبلده مكة ،وهاجر إلى المدينة ،بعثه ال بالندارة عن الشرك ))
54
الشرح :أمر بان ينذر بهذا أرسل فاصبح نبياً رسولً عليه الصلة والسلم
ولذلك يقول الشيخ رحمه ال نبئ باقرا وأرسل بالمدثر وأما بلده الذي ولد فيه
مكة وبعثه ال بالنذارة عن الشرك وليدعو إلى التوحيد ،النذار هو العلم مع
التخويف العلم إن لم يكن معه تخويف ل يسمى إنذاراً بل هو مجرد إعلم ،
فرسول ال وصفه ربه بهذه الصفات إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً
وداعيًا إلى ال بأذنه وسراجاً منيراً وهذه الية تبين وظيفة النبي وأعماله
التي أرسل من أجلها وبها أمر اتباعه ليكونوا مبشرين ومنذرين ودعاة إلى ال
على بصيرة .
قوله (( :ويدعو إلى التوحيد ))
الشرح :ويدعو إلى التوحيد ،يعني يبدأ بالدعوة إلى التوحيد وليست دعوة نبينا
محمد ودعوة اتباعه ليست قاصرة على التوحيد ولكنه بدأبالتوحيدوركز
على التوحيد لنه الساس ،والمراد بالتوحيد هنا توحيد العبادة ومحل المعركة
،أما توحيد الربوبية فالناس معترفون من قبل ،فتوحيد الربوبية يستوي فيه
الكافر والمؤمن لذلك أخبر ال عن المشركين ولئن سألتهم من خلق السماوات
والرض ليقولن ال ل يوجد في المشركين من يدعي بأن أحداً شارك ال في
خلق السماوات والرض وفي تدبير المر من السماء إلى الرض وفي
التصرف في هذا الكون ،والعجب كل العجب أن يحصل في الونة الخيرة
في المتصوفة من يشرك بال سبحانه وتعالى في ربوبيته بعد أن كان المشركين
يوحدون ال تعالى في ربوبيته ،وفي مشايخ الطرف وكثير من الطرق
ل بالخدمة ،وهذه الصوفية اعتقادهم أن الشيخ شيخ الطريقة إذا كان حياً مشغو ٌ
عبارتهم المقصود بالخدمة العبادة ،فإذا مات تفرغ ليتصرف في هذا الكون
لتباعه وهو المسؤول عن أرزاقهم وآجالهم وتدبير شؤونهم ناسين رب
العالمين سبحانه وتعالى وهذا الكلم الذي نقوله مروٍ في كتب المتصوفة كتب
أبن عربي مثل فصوص الحكم وغير ذلك من الكتب لبن الفارض وأبن سبعين
وأبن عجيبه وهؤلء البناء غير البررة تجد في كتبهم الكفر البواح والكفر
الذي لم يرتكبه كفار قريش ،لذلك يقول المام أبن تيميه ( أتت فرقة وحدة
الوجود بكفر لم يعرفه كفار قريش ) لن في كفار قريش لم يقع ولم يحصل من
يقول ليس في الجبة إل ال ،وهذه مقالة أبن عربي وعلى طلب العلم أن
يفرقوا بين أبن عربي وأبن العربي ،أبن العربي عالمٌ سنيٌ إمام من أهل
الحديث مالكي المذهب وهذا معروف ومشهور ،أما أبن عربي المنكر هذا هو
55
النكرة ،المنكرة هو الذي أنشأ فكرة وحدة الوجود أي نفى الثنينية على حد
تعبيرهم نفى الثنينية في الكون ،الكون شيء واحد قال أبن عربي :
يا ليت شعري الرب عبد والعبد رب
من المكلف
وإن قلت ربٌ إن قلت عبدٌ فذاك حقٌ
فأنى يكلف
الشاهد التوحيد الذي دعت إليه الرسل وتعبوا في الدعوة إليه ،وقامت
الخصومة بينهم وبين أتباعهم هو توحيد العبادة وإل جميع الكفار في جميع
الملل كلهم يعترفون بربوبية ال تعالى أي يوحدون ال تعالى بأفعاله
وليعتقدون بأن أحداً شارك ال في خلقه وفي رزق العباد وفي تدبير أمور
العباد لذلك يؤمنون بال بربوبيتة ،ولكن يتخذون آلهة من دون ال تعالى ل
لنها تخلق أو ترزق ولكن لتقربهم إلى ال زلفى وسائط وشفعاء وهذا هو شرك
المشركين الولين ،ولكن كما قلنا زين الشيطان لكثيرٍ من اتباع المتصوفة
فوقعوا في الشركين معاً شرك في توحيد اللوهية وشرك في توحيد الربوبية
ويحسب كثي ٌر من الناس الذين ل يعرفون ترجمة وحياة المام محمد بن عبد
الوهاب أنه إنما دعا إلى توحيد العبادة وإنما جدد الدين في توحيد العبادة فقط
وهذا خطأ وإذا درست حياته تجد أن أول ما نفذ من [ عمل ] الحكم أن رجم
امرأة اعترفت بفاحشة الزنا أمامه وأصرت على ذلك أي إن دعوته بدأت
بالتوحيد وفي إقامة الحدود والصلح العام والحكم بما انزل ال وفي إصلح
العقيدة وفي إصلح العبادة أي دعوة عامة ،ولكن نظراً لن الوضع الذي جاء
فيه وما يجري في أرض نجد في تلك اليام هو الشرك في العبادة لن القوم
كانوا يعبدون النخل كان النخل عندهم كثير ،يعبدون أشجار النخل ويعبدون
الجن ويعبدون القبور لذلك ركز على توحيد العبادة ولما استقر به المقام بعث
وهو بالدرعية رسائل كثيرة إلى القطار بين تلك الرسائل دعوته وبين موقفه
من الئمة الربعة وبين موقفه من الصحابة ،وبين موقفه من السنة ،وبين
موقفه من جميع الحكام وأوضح أن دعوته ليست مجردة ،القول بأن هذا
شرك وهذا توحيد كما يُذيع خصومه ولكنها دعوة عامة تجديد عام إلى كل ما
وعلق غبار الجاهلية بتلك الحكام ،بداً من العقيدة والعبادة دعي إليه محمد
إلى الحكام ،أما تجديده جميع هذه النواحي فليفهم إن هذا التجديد تجديد عام
لذلك ينبغي أن تقرءوا ما كتب أخيراً في ترجمته لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن
باز ترجمة خاصة ولبعض الشيوخ المعاصرين ينبغي أن تطلعوا على ذلك
56
وتعرفوا حقيقة هذا التجديد ولذلك معنى قولنا يدعو إلى التوحيد كما قلنا إلى
توحيد العبادة لذلك ركز هو أيضاً على توحيد العبادة لن الوضع متشابه ،
الوضع في نجد متشابه مع الوضع في مكة عند أن بعث الرسول عليه الصلة
والسلم ثم أن الرجل تجول في كثير من المصار فعرف أن الوضع متشابه
في العالم كله ،إن العالم كله بحاجة إلى التجديد العام .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك
فطهر والرجز فاهجر ول تمنن تستكثر ولربك فاصبر [ المدثر 1 :ـ ، ] 7
ومعنى قم فأنذر يُنذر عن الشرك ،ويدعو إلى التوحيد وربك فكبر أي
عظمه بالتوحيد ،وثيابك فطهر أي طهر أعمالك عن الشرك ))
الشرح :والدليل قوله تعالى :يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك
فطهر والرجز فاهجر ول تمنن تستكثر ولربك فاصبر قال الشيخ رحمه ال
:في شرح هذه الية فقال :قم فأنذر ينذر أي أنذر عن الشرك أي بنوعيه
الشرك الكبر والشرك الصغر ،ويدعو إلى التوحيد لن الدعوة إلى التوحيد
تشتمل على اليمان والكفر معاً ،اليمان بال سبحانه وتعالى رباً معبوداً ،
والكفر بمن سواه من المعبودات هذا هو معنى الدعوة إلى التوحيد أي الدعوة
إلى شهادة أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال .
وقوله تعالى :وربك كبر أي عظمة بالتوحيد ومن وحد ال فقد عظمه ومن
صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير ال تعالى فقد شبه ذلك المعبود بال وفي
تشبيه المخلوق بالخالق عدم تعظيم ال تعالى ،ومن دعا غير ال واستغاث
بغير ال وذبح لغير ال جعل ذلك الذي يعبده أي شبه ذلك الذي يعبده شبهه بال
حيث فخمه سمعاً كسمع ال وعلماً كعلم ال وقدرة كقدرة ال هذا من أقبح أنواع
التشبيه ،التشبيه الثاني :تشبيه الخالق بالمخلوق ،والتشبيه الول تشبيه
المخلوق بالخالق ،والتشبيه الثاني هو تشبيه الخالق بالمخلوق هذا الذي أبتلى
به علماء الكلم ،ولكن هذا النوع وهو المنتشر كما قال العلمة أبن القيم بل ما
كان يعرف سابقاً إل هذا النوع قبل نشأة علم الكلم ،التشيبه المذموم الذي ندد
به القرآن هو تشبيه المخلوق بالخالق .
و وثيابك فطهر أي طهر أعمالك عن الشرك ،تفسير الثياب بالعمال ليس
بتأويل بل تفسير لغوي فيقال إذا أرادوا أن يصفوا إنسان بالنزاهة يقال فلن
ثيابه طاهرة ،وإذا أرادوا أن يعيبوه في خلقه يقال ثيابه دنسه أي ليست
بطاهرة ،إذًا تخصيص الثياب بالعمال تفسير لغوي وليس بتأويل وهذا التنبيه
57
لن كثيرًا من الناس ل يفرقون بين التفسير وبين التأويل فإذا راءوك تفسر مثل
هذا التفسير يقولون أنتم تقولون ل نأول ولكن تؤولون ،التأويل المذموم
التحريف ،تحريف الكلمة وأن تحمل الكلمة مل تتحمل ل لغة ول شرعًا ،أما
التفسير اللغوي تفسير المفردات باللغة ليس بتأويل ولكنه تفسير وبيان والتأويل
في لغة المفسرين كما نعلم بمعنى التفسير والبيان إنما التأويل عند المتأخرين
بمعنى التحريف .
قوله (( :والرجز فاهجر الرجز :الصنام وهجرها تركها والبراءة منها ))
الشرح :الرجز فاهجر يقول الشيخ الرجز الصنام والوثان وكل ما عبد من
دون ال تعالى وهجرها تركها وترك أهلها والبراءة منها ومن أهلها أي والكفر
بها واليمان بتوحيد ال تعالى .
قوله (( :أخذ على هذه عشر سنين يدعو إلى التوحيد ))
الشرح :أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد وإلى إفراد ال تعالى ،
لن القوم تمكنت منهم الوثنية والشرك وبعد العشر عرج به السماء حكمة منه
سبحانه وتعالى قبل الهجرة إلى المدينة .
قوله (( :وبعد العشر عُرج به إلى السماء ،وفرضت عليه الصلوات الخمس
))
الشرح :عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس هذا العروج
وإيجاب الصلوات عليه وهو فوق السماوات السبع بعد سدرة المنتهى إلى أن
وصل إلى حيث يسمع صر يف القلم ،أقلم الملئكة وهم يكتبون المقادير
وصل إلى هناك وحده بعد أن تأخر جبرائيل عند سدرة المنتهى لم يتجاوزها
وأنفرد وحده عليه الصلة والسلم بهذا المقام فخاطبه ربه مباشرة دون واسطة
جبرائيل فكلمه وأسمعه كلمه ،رسولنا عليه الصلة والسلم سمع كلم ال
مباشرة في تلك الليلة في تلك اللحظة عندما أوجب عليه الصلوات وهذا مما
يستدل به على أن ال سبحانه وتعالى يتكلم بكلم يسمع له صوت ( صوت
يسمع ) فرسول ال سمع كلم ال بصوت ال في ليلة السراء والمعراج
بدون واسطة مباشرة ،وكل من خاطبهم ربهم من النبياء إنما سمعوا كلم ال
بصوت ،واكرر هذا في كل مناسبة راداً على الشاعرة الزاعمين بأن كلم ال
الحقيقي ليس بحرف ول صوت وإنما هو معنىً واحد قائمٌ بذات ال هو الذي
يترجم إلى العربية فيقال له قرآن ،وإلى السريانية والعبرية فيقال لها توراة يا
ليت شعري من الذي ترجم كلم ال الذي
58
في نفس ال ؟ من الذي ترجمه إلى هذه اللغات ؟ من هو جبرائيل أم محمد ،
وهل علم أح ٌد بما في نفس ال حتى يترجم هذه الترجمة إن القوم لم يفكروا أدنى
تفكير عندما قالوا هذا الكلم ولكن عقيدة تقليدية ،التلميذ يقلد الشيخ والشيخ يقلد
الشيخ الول وهكذا تقليدٌ مسلسل وليس هناك دليلٌ أو مستند الذي ينفي أن يكون
كلم ال بحرفٍ وصوت بل القرآن يصرح بأن هذا القرآن نفسه بحروفه كلم
وإن أحد من المشركين أستجارك فأجره حتى يسمع كلم ال كلم ال ال
الذي قراءه رسول ال على المشركين فسمعوه هو هذا القرآن بألفاظه أما
الصوت الذي سمعوه [ فهو ] صوت رسول ال والصوات الذين نسمعها
الن أصوات القراء مثل صوت الحصري وصوت فلن … الخ ولكن الكلم
المقروء المسموع كلم ال المتلو كلم الباري والمسموع صوت القارئ وإذا
قلنا كلم ال بحرف وصوت ل نعني الصوات التي نسمعها الن من القراء
والئمة عندما يقرءون القرآن أنها صوت ال ل هذه الصوات أصوات القراء
ولكن الكلم المتلو كلم الباري سبحانه يا أيها المدثر هذا كلم ال ،
والصوت الذي تسمع عندما يقرأ القارئ صوت ذلك القارئ لذلك جعل بعض
أهل العلم من السلف هذا الكلم كقاعدة ( الصوت صوت القارئ والكلم كلم
الباري ) وفي هذا الحديث أيضاً بيان مكانة الصلة ،جميع الفرائض السلمية
والواجبات إنما أوجبها ال ورسول ال في الرض بين أصحابه إما في مكة
وأما في المدينة ولكن الصلة ما أراد ال أن يفرض الصلوات رفع نبيه عليه
الصلة والسلم إليه وقربه إليه فخاطبه فأوجب عليه خمسين صلة فجعل النبي
بإشارة من أخيه موسى عليه السلم يشفع لنا فشفع لنا عند ال فتردد بين
موسى وبين المكان الذي سمع فيه كلم ال عدة مرات لطلب التخفيف فخفف
ال عنا الصلوات بعد أن كانت خمسين صلة إلى خمس صلوات من حيث
العدد والجر باقي إن شاء ال وهذا دليل على مكانة الصلة في السلم .
قوله (( :وصلى في مكة ثلث سنسن وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة ))
الشرح :وصلى رسول ال بعد أن فرضت عليه الصلوات صلى في مكة
ثلث سنين ،وبعدها أُمر بالهجرة إلى المدينة بعد أن مهد للهجرة إلى المدينة
لصحابه المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة كما سيأتي .
قوله (( :والهجرة :النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم ))
الشرح :والهجرة النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم ،الهجرة في
الصطلح :النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم .
59
س /وكيف سميت هجرة الصحابة من مكة إلى الحبشة هجرة إذ والحبشة
ليست دار إسلم ،دار كفرٍ وإن كان الكفر يتفاوت كانوا نصارى من أهل
الكتاب ؟
جـ /هاجر الصحابة من أذى المشركين إلى الحبشة بإشارة من رسول ال عليه
الصلة والسلم وأرض الحبشة ليست دار إسلم .
س /إذاً كيف تطلق الرحلة على تلك الرحلة وذلك السفر هجرة الصحابة إلى
الحبشة ؟
جـ /يطلق عليها من الناحية اللغوية الهجرة في اللغة النتقال من مكان إلى
مكان ودائماً تلحظون المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي
الصطلحي ،مجرد النتقال من بلد إلى بلد يسمى هجرة لغةً ،وشرعاً ل
يسمى هجرة إل إذا كان النتقال من دار الكفر إلى دار السلم ثم هجرة
الصحابة عند التحقيق ليست الهجرة المعروفة ولكنها رحلة دعوى وتبليغ
ونشر الدعوة وليشرحوا الدعوة الجديدة في القارة الفريقية هذا الذي أزعج
أهل مكة قالوا دعوة الرجل خرجت إلى أفريقيا إلى النجاشي وكان معروفا
لديهم لذلك تضايقوا إلى أن اختاروا وفدا يرأسه أدهى رجالت العرب عمرو
بن العاص وزوده بكل المعلومات والهدايا المحبوبة إلى ملوك الحبشة فتقدم
واتصل بالملك وبرجال البلط ورش الرض كما يقولون بالهدايا ليقبل طلبه ما
هو الطلب ؟ أن يسلم لهم هؤلء الوفد وصفهم بأنهم سفهاء هكذا دائمًا أهل
الباطل يصفون أهل الحق بالسفاهة والجنون وقلة الفهم .سفهاء خرجوا من
دين آبائهم ولم يدخلوا في دينك كأنه يريد ل يوجد هنا غير ديننا ودينك أيها
النجاشي وهؤلء لهم في دينك ول في دين
آبائك بدليل أنهم إذا دخلوا عليك ل يسجدوا لك تحية ملوك الحبشة لنهم سفهاء
هكذا دعاهم وجاءوا يتقدمهم جعفر بن أبي طالب فوقف بالباب ورفع صوته
يستأذن عليك حزب ال بأعلى صوته ،صوت غريب من رجل غريب قال
فليعد فأعاد يستأذن عليك حزب ال وقع في نفس النجاشي بأن القوم ليسوا
بعاديين قال فليدخلوا فدخل جعفرٌ يتقدمهم ،دخل عليه أنفاً غير منحني واقف
فعند ذلك سأله النجاشي لماذا لم تسجد لي ؟ أي لم تحيني بتحية قومي ،قال إنما
نسجد للذي ملكك ،ل نسجد لك نسجد للذي ملكك أي للذي جعلك ملكاً ،ال هو
الذي يأتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء الذي ملكك هو الذي يستحق
العبادة والسجود ،تأثر الرجل فجعل يسألهم عن الدين الجديد ،وعن الرسول
الجديد وما جاء به وما نزل عليه ،باختصار عرف الحقيقة ورد الهدايا لوفد
60
قريش فطردهم فرجعوا خاسرين لم ينجحوا ،ولما أكرم أصحاب رسول ال
عليه الصلة والسلم وفيهم آل البيت بل بعض بنات النبي عليه الصلة
والسلم أكرمه ال بالسلم فصار أول ملك من الملوك المعاصرين آمن
بالرسول وأعلن إيمانه ،هكذا معنى هجرة الصحابة إلى الحبشة ليست
الهجرة المعروفة المعهودة وإنما هي دعوة إلى ال وتبليغ لرسالة ال وشرح
لدين ال الجديد ليعرف القدم هناك وتنتشر الدعوة وتخرج من الجزيرة وهذا
هو هدف الهجرة .
قوله (( :والهجرة فريضة على هذه المة من بلد الشرك إلى بلد السلم ))
الشرح :والهجرة فريضة على هذه المة من بلد الشرك إلى بلد السلم وهي
باقية حتى تقوم الساعة في هذا الوقت توجد أنواع من الهجرة
أ ـ هجرة غريبة ،يهاجر بعض المسلمون بعد أن يتضايقوا في أرض ولم
يتمكنوا من إظهار دينهم وتعبوا من المتابعة والستفهامات ،يهاجرون إلى
بعض دول أوروبا هجرة ويتمكنون من إقامة شعائر الدين هناك يبنون المساجد
والمدارس وفي فرنسا بلغني تحولت مدينة كأنها مدينة عربية إسلمية من كثرة
المساجد والمدارس قام بذلك بعض المهاجرين من العرب الذين يحملون
المعلومات من الحرمين بواسطة التسجيل وينشرون الدعوة هناك من الشرطة
فانتشرت الدعوة على المنهج السلفي بحمد ال تعالى ،نحن نعمل في بلد
إسلمي آمنين على أنفسنا وأموالنا وكل شيء ،أولئك يعملون في دار الكفر
حولوا بجهودهم بتوفيق ال تعالى مدنًا أصبحت دار إسلم أفتى لهم بعض
المشايخ أن تلك المدينة أصبحت دار إسلم لهم أن يعيشوا فيها ول يتضايقوا
ول يقولون نحن هاجرنا من دار السلم إلى دار الكفر لنهم تمكنوا من تحويل
مدينتهم إلى دار إسلم ول الحمدوالمنة ،وهكذا توجد بعض أنواع الهجرة في
هذا الوقت ،مسلمون ومن العرب في الكثير يتضايقون في أرضهم فيصبحون
غرباء فيهاجرون فيفتح ال عليهم هناك ويعيشون مرفوعي الرأس يدعون إلى
دين ال تعالى بالحرية ،ومثل هذا جائز استدلل بهجرة الصحابة إلى الحبشة
وأنهم عاشوا هناك يعبدون ال تعالى بحريتهم بعد أن تضايقوا في مكة .
ب ـ وأما هجرة أفرادٍ من المسلمين إلى أوربا إلى أمريكا إلى الدول الشرقية
ليعيش وحيداً بين الكفار ل يستطيع أن يظهر شعائر دينه وربما كُلف كما بلغنا
أن يترك صلة الظهر والعصر ويجمع كل يوم صلة النهار إلى الليل ،يصلي
في الليل وفي النهار ل يمكن ويتطور المر إلى أنه يترك الجمعة مطلقاً لن
الجازة عندهم يوم الحد ويوم الجمعة يوم عمل يضطر إلى أن يطيع جورج
61
مدير الشركة ،عبد الرحمن يطيع جورج ،وجورج يقول له عندنا إجازة يوم
الحد ،الجمعة ل ،إن شئت عملت عندنا وإن شئت تركت ،يعيش هناك حياة
الحيوان للكل والشرب والنكاح ليس عنده غير هذا ،يترك دينه ،مثل هذه
الحياة غير جائزة ،من أبتلي بمثل هذه الهجرة أي كي أن يهاجر وحده ليعيش
هناك بين الكفار ذليلً ناسياً عز السلم ،ول العزة ولرسوله وللمؤمنين
ناسياً هذا المعنى يعيش تحت إدارة جورج متذللً مطأطأ رأسه ،أمامه يا
سيدي يا سيدي يطلب الجازة ،وجورج ل يجيز ،ومثل هذه الحياة حرام ،
وحرام أن يعيش مسلم كهذه الحيلة في بلد غير بلد السلم .
جـ ـ إذا أذي مسلم في بلده وهناك بلدٌ إسلمي يستطيع أن يعيش فيه ويعبد ال
بحريته يأمن على نفسه وماله ودينه وجب عليه أن يهاجر اللهم إل إذا كان
بقاءه هناك تحت اليذاء فيه مصلحة للدعوة السلمية ،قد يؤذى في نفسه وفي
ماله لكنه يؤثر ببقائه هناك كأن كان طالب عل ٍم ومن العلماء ينشر العلم والدعوة
سراً في بيته وفي كل مناسبة صابراً على الذى مثل هذا ل ينبغي أن يهاجر ،
ينبغي أن يبقى هناك صابراً على الذى ما لم يؤمر بكفر بواح ومالم يُنهى عن
الصلوات أما إذا كان مجرد الذاء في نفسه وماله عليه أن يصبر فيبلغ دعوة
ال هناك .وسبق أن قلنا الهجرة في اللغة :النتقال من كان إلى مكان.
وفي الصطلح :النتقال من دار الشرك إلى دار اليمان ،أو النتقال من دار
الخوف إلى دار المن ،وهذا التعريف الثاني زاده المام النووي وبه يصح
إطلق الهجرة على هجرة أصحاب رسول ال إلى الحبشة ،وإل على
التعريف الول لم يكن انتقالهم من دار الكفر إلى دار السلم ،ولكن كان
انتقالهم من دار الخوف والقلق والخوف على الدين وعلى النفس إلى دار المن
والمان ،من مكانٍ كانوا يخافون فيه على أنفسهم ودينهم ويخافون على عبادة
ال تعالى بحريتهم انتقلوا إلى مكان يأمنون فيه على أنفسهم ودينهم وعبادتهم
بهذا المعنى يصح اصطلحا إطلق الهجرة على سفر أصحاب رسول ال عليه
الصلة والسلم إلى الحبشة ،وإل فتكون هجرتهم هجرة لغوية ويكون الهدف
كما قلنا نشر الدعوة وتبليغ الناس في إفريقيا الدين الجديد وما جاء به خاتم
. النبيين محمد
قوله (( :وهي باقية إلى أن تقوم الساعة والدليل قوله تعالى :إن الذين
توفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في
الرض قالوا ألم تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم
وساءت مصيراً إل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ل يستطيعون
62
حيلة ول يهتدون سبيلً فأولئك عسى ال أن يعفوا عنهم وكان ال غفواً
غفوراً [ النساء 97 :ـ )) ]99
الشرح :والهجرة فريضة على هذه المة من بلد الشرك إلى بلد السلم وهي
باقية حتى تقوم الساعة ،حتى قال بعض الئمة كالمام مالك ( :إذا كان
النسان يوجد في بلد يُسب فيه السلف الصالح ول يستطيع منعهم وجب عليه
الهجرة من ذلك المكان ،أي لو أبتلي فردٌ مسلم يعيش بين أعداء أصحاب
رسول ال عليه الصلة والسلم والتابعين ويسبونهم علناً وهو ل يستطيع
معارضتهم ومنعهم ل يجوز البقاء بينهم بل يجب عليه أن يغادر ويهاجر من
ذلك المكان إلى مكان آخر نص على هذا المام مالك رحمه ال ،والدليل على
وجوب الهجرة قوله تعالى :إن الذين توفاهم الملئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما
كنتم قالوا كنا مستضعفين في الرض …… .الية هذه الية كما قال المام
البغوي وغيره من أهل العلم نزلت في قوم نطقوا بالسلم ولم يهاجروا ،
نطقوا بكلمة السلم أشهد أن ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال ،ولكنهم لم
يهاجروا مع رسول ال عليه الصلة والسلم إلى رسول ال بل بقوا بين
المشركين بمكة وكانت الهجرة في ذلك الوقت شرطٌ لقبول السلم ،من اعتنق
السلم يجب عليه أن يلحق برسول ال عليه الصلة والسلم ول يجوز له
البقاء بمكة ،هؤلء لم يخرجوا ولما خرج المشركون إلى بدر خرجوا معهم
ليقاتلوا المسلمين معهم فقتلوا وفيهم نزلت هذه الية إن الذين توفاهم الملئكة
ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الرض …..الية ،
وظالمي أنفسهم حال أي حال كونهم ظالمين أنفسهم وظالمي أنفسهم في البقاء
بين المشركين بعد أن نطقوا بكلمة السلم أو ظالمي أنفسهم بالشرك حيث لم
يقبل منهم إسلمهم ونطقهم بكلمة السلم واعتبروا من المشركين فالملئكة
يضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم فيما كنتم في أي فريق كنتم هل كنتم
مع المسلمين أو كنتم مع المشركين فيما كنتم في أي شيء كنتم في السلم أو
في الشرك ؟ استفهام تقريعي وتوبيخ وتعيير ،قالوا وهم يعتذرون :كنا
مستضعفين في الرض علم ال بأن هذا العذر باطل لم يقبل منهم هذا العذر
ل أولياً قالوا ألم تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها يدخل في أرض ال دخو ً
المدينة أرض ال الواسعة وفي مقدمتها المدينة النبوية لماذا لم تهاجروا إليها ؟
فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً وهذا دليل أن ال لم يقبل عذرهم وأن
عذرهم باطل وتعليلٌ غير مقبول ولذلك عذر ال من علم صحة عذرهم فقال
الرب سبحانه :إل المستضعفين من الرجال والولدان ل يستطيعون حيلة ول
63
يهتدون سبيلً هؤلء عذرهم ال من كان من الرجال والنساء والطفال
العاجزين عن الهجرة وهم باقون بين المشركين عذرهم ال سبحانه وتعالى
فقال :فأولئك عسى ال أن يعفو عنهم وكان ال عفواً غفوراً يقول عبد ال بن
عباس هو وأمه من هؤلء المعذورين من المستضعفين الذين قبل ال عذرهم
هكذا إذا كان النسان صادقاً مع ال وعلم ال عذره وعجزه وأنه لحيلة له ،
يقبل ال عذره ويعفو عنه ،هذه قاعدة في كل شيء ،ال سبحانه وتعالى ل
تنطلي عليه المور لكما يفعله بعض الناس الن يلوذون باسم السلم وينادون
باسم السلم ويتشدقون باسم السلم إذا اشتدت بهم المور وهم دعاة ضد
السلم ومعادون للسلم وعلمانيون ل إسلم لهم ،ولكن إثارة للنفوس قد
يعتذرون بالسلم فال سبحانه وتعالى ل تنطلي عليه المور ،يجب أن يصدق
العبد مع ال من كان صادقاً في عذره وفي إسلمه وفي تمسكه بدين ال قبل ال
عذره ومن ل فل ،هؤلء الولون منهم اعتذروا قالوا كنا مستضعفين في
الرض لم يقبل ال عذرهم لنهم غير صادقين ولكن عذر العاجزين فقال في
حقهم فأولئك عسى ال أن يعفو عنهم وعسى من ال واجب ليس للرجاء
وكان ال عفواً غفوراً .
كذلك مما يذكر هنا إذا أوجب ال شيئاً أو حرم شيئاً لبد حكمة منه ورحمة
للعباد أن يستثني ،أوجب ال الهجرة على كل من آمن بحيث ل يقبل عذره ول
يقبل إسلمه حتى يهاجر ذلك قبل فتح مكة ،وانقطعت هذه الهجرة وهذا
الوجوب بفتح مكة ،وقبل ذلك ل يقبل من أحدٍ إسلم حتى يهاجر هذه كانت
كقاعدة ومع ذلك استثنى ال المستضعفين والمضطرين إلى البقاء الذين ل
يجدون حيلة في السفر ،لما حرم ال الميتة والدم ولحم الخنزير استثنى
المضطرين إلى أكل الميتة وأكل لحم الخنزير وأكل الدم رحمة منه سبحانه
وتعالى ،لتجد لو تتبعت واستقرأت الكتاب والسنة قاعدة كهذه إل وتجد
الستثناء وذلك الستثناء قاعدة قعد منها الصوليون ،قالوا الضرورات تبيح
المحظورات ،بهذه المناسبة كان يوم بدر تبع رسول ال رجلٌ مشرك فقال
:يا رسول ال أريد أن أتبعك فأصيب معك ما تصيب فقال له { :هل تؤمن
بال ورسوله ؟ } فقال :ل قال ارجع لن نستعين بالمشركين أنا ل أستعين
بمشرك أرجع فرده فتبعه مرة ثانية قال له أريد أن أتبعك لنال مما تنال قال له
{ :هل تؤمن بال ورسوله } قال :ل قال { :ارجع لن أستعين بمشرك }
ولحقه مرة ثالثة فقال :ما قال في المرة الولى والثانية فقال له النبي عليه
الصلة والسلم { :هل تؤمن بال ورسوله ؟ } قال :نعم قال { :أنطلق }
64
فجاهد معه ،هذا الحديث اختلف أهل العلم في توجيهه ،فمنهم من قال :إنما
ذلك لنه علم بأن هذا الرجل سوف يسلم إذا رده مرة أو فعل رسول ال
مرتين يدخل في السلم علم ذلك بالوحي لذلك رده في المرة الولى والثانية
حتى أسلم وأكرمه ال بالسلم نتبع رسول ال وجاهد معه ،ومن يذهب
هذا المذهب منهم المام أبو حنيفة وأصحابه وكثيرٌ من أهل العلم يرون جواز
الستعانة بالمشرك على المشرك لن هذا الحديث لم يكن الغرض منه
التحريم ،ولكن الغرض منه ترغيب الرجل بالسلم بدليل أن رسول ال
استعان بصفوان بن أمية في غزوة حنين وهو مشرك وأقر الرجل الذي علم
بوحي من ال بأنه كافر ومن أهل النار في بعض الوقائع ( في واقعة أحد ) كان
يقاتل قتالً مريراً وقتل كثيراً فأعجب به الصحابة فكان رسول ال يقول إنه
من أهل النار اندهش الصحابة من هذا الخبر رجلٌ يبلي بلً حسناً كهذا بين
يدي رسول ال فيقول فيه الرسول عليه الصلة والسلم إنه من أهل النار
اتبعه أحد الصحابة ليعرف مصيره وفي النهاية جرح الرجل جرحاً شديدًا فلم
يصبر اتكأ على سيفه فقتل نفسه ،فأُخبر النبي عليه الصلة والسلم بما جرى
فقال { :أشهد أني رسول ال } ،ثم قال { :إن ال لينصر هذا الدين بالرجل
الفاجر } ومع ذلك لم يمنعه الرسول من المشاركة في الجهاد في القتال من
ذهب هذا المذهب يرون جواز الستعانة بالكافر على الكافر ،ومن ذهبون
مذهباً آخر يأخذون ظاهر حديث عائشة عند مسلم في قصة بدر التي ذكرنا
الن ،الذي يتابع الرسول عليه الصلة والسلم مرتين من يأخذونه على
ظاهره بدون نظر إلى هذا الفقه الدقيق يقولون ل يجوز الستعانة بالكافر إل
عند الحاجة ،نص المام الشافعي رحمه ال كراهة الستعانة بهم إل عند
الحاجة ،وبعد هل [ يفرق ] بين الحاجة والضطرار ؟ ما الفرق بين الحاجة
وبين الضرورة ؟ الضرورة التي هي الضطرار وبينهما فرق كبير إذا كان
يكره الستعانة بهم عند بعضهم عند الحاجة ،وأما عند الضرورة والضطرار
يكون الستعانة بهم إما جائز أو واجباً كأكل الميتة ،فأكل الميتة قد يكون جائزاً
وقد يكون واجباً ،إذا كنت محتاجًا إلى أكل الميتة فجائز وإذا كنت مضطراً
فواجب ،الفرق بين الحاجة وبين الضرورة إذا كنت ظمأن ترغب في شرب
الماء ولكن لو لم تشرب ل يلحقك ضرر هذه تسمى حاجة ،وأما إذا كنت
مضطرًا إلى شرب الماء بحيث لو لم تشرب يلحقك الضرر والهلك يجب إن
تشرب وكذلك في أكل الميتة وفي مسألة الستعانة بالكفار كذلك ،إن كانت
المسألة مسالة اضطرار كأن خفت على نفسك ودينك ومقدساتك وبلدك وامتك
65
مالم تستعن بعد ال بالكافر وتطلب منه المساعدة في مثل هذا الضطرار ،
الستعانة بهم واجبة وفي دون الضطرار عند الحاجة العادية الستعانة بهم
جائزة ،هذا على رأي الطائفة التي ترى عدم الجواز في الصل ،أما الذين
ذهبوا المذهب الول يرون أن ذلك جائز مطلقاً وانما منع النبي الرجل أن
يتبعه لما ذكرنا مما كان لعلمه انه سوف يسلم ،ويذهب الحافظ ابن حجر مذهباً
آخر وهو أن الستعانة كانت ممنوعة بدليل ذلك الحديث ثم أبيحت بدليل قصة
ل القاعدة الفقهية التي ينبغي أن يفقهها طلب العلم ( إذا حرمصفوان وعلى ك ٍ
ال شيئاً وأكد في تحريمه نجد أنه يستثني حالت الضطرار ) منها ما نحن
بصدده الن .
قوله (( :وقوله تعالى :ياعبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فأيى فا
عبدون [ العنكبوت )) ] 65 :
الشرح :ومن أدلة الهجرة أي وجوب الهجرة قوله تعالى :قل يا عبادي الذين
ءامنوا إن أرضي واسعة فإيي فاعبدون لستم مضطرين لن تبقوا تحت
الضطرار والضتهاد ،أخرجوا من أرض الكفر إلى دار السلم فاعبدوا ال
هناك ،أو من دار الخوف والقلق إلى دار المن والستقرار فاعبدوا ال تعالى
هناك ،الهجرة هكذا تكون واجبةٌ بهذه اليات إل أن فتحت مكة ،ولكن بقي
وجوب الهجرة من محل الشرك والضتهاد والساءة إلى المسلمين وإلى
السلم إلى محل لتسمع فيه كل ذلك .
قوله (( :قال البغوي رحمه ال ( :سبب نزول هذه الية في المسلمين الذين
بمكة لم يهاجروا ،ناداهم ال باسم اليمان ) ))
الشرح :قال البغوي رحمه ال ( :سبب نزول هذه الية في المسلمين الذين
بمكة لم يهاجورا نا داهم ال باسم اليمان ) يعني المؤلف بهذه الية من سورة
العنكبوت ل آية النساء ،أما آية النساء تقدم سبب نزولها وإنقسام الناس فيها
إلى قسمين :إلى قسم عذر وقسم لم يعذر فالية التي يشير إليها المؤلف الية
الخيرة آية سورة العنكبوت .
قوله (( :والدليل على الهجرة من السنة قوله { :ل تنقطع الهجرة حتى
ينقطع التوبة ،ول تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } ))
الشرح :والدليل على الهجرة من السنة قوله { :ل تنقطع الهجرة حتى
تنقطع التوبة ـ أي يغلق باب التوبة ـ ول تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من
مغربها } وهذه الهجرة التي ل تنقطع ليست تلك الهجرة التي كانت واجبة من
66
مكة إلى المدينة ،تلك إنقطعت بفتحمكة ،ولكن الهجرة من دار الشرك إلى دار
السلم كما تقدم الشرح .
قوله (( :فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع السلم مثل الزكاة ،
والصوم ،والحج ،والذان ،والمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،وغير
ذلك من شرائع السلم ))
الشرح :فلما استقر النبي بالمدينة أمر ببقية شرائع السلم ،وكان التركيز
في مكة على العقيدة ،على تصحيح العقيدة وبناء العقيدة وتصحيحها ،ولما
استقر هاجر إلى المدينة واستقر في المدينة أقر بشرائع السلم مثل الزكاة
والصوم والحج والجهاد والذان والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،الجهاد
والمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات السلم التي إستهان بها
كثيرٌ من الناس ،جهاد المر بالمعروف والنهي عن المنكر غير موجود في
أكثر أرض ال اليوم باسم الحرية قضي على الجهاد فنسأل ال تعالى أن يقويه
وغير ذلك من شرائع السلم ،وأما الجهاد فعند كثير من الناس شعا ٌر أجوف
يرفعون الشعار فإذا جد الجد لجهاد اعتذروا أو جهاد مقلوب بمعنى معكوس
غير الجهاد السلمي ،أما الجهاد السلمي لعلء كلمة ال قليل جداً من
يجاهدون هذا الجهاد دون جعجعة ،ولكن في صمت وإخلص ل تعالى ،وقد
كشف الجهاد الفغاني كثيرًا من الجهات التي كانت تنادي وتتخذ الجهاد شعاراً
أجوف كشفهم ففضحهم ،ولما قام الجهاد اعتذروا ،وأما الذين ينادون الن
بالجهاد الجهاد وهم ممن يجاهدُ فيهم ليسوا ممن يجاهدون في سبيل ال
: والقضية معكوسة فليفهم شباب السلم وطلب العلم معنى قوله
{ أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً } وقد استشكل الصحابة قوله { :أنصر
أخاك ظالماً } كون تنصره مظلوماً واضح ولكن كيف تنصر أخاك ظالمًا ؟
لهذا الحديث مفهومان ،مفهومٌ إسلمي ،ومفهو ٌم جاهلي ،المفهوم السلمي
هو الذي بينه النبي عليه الصلة والسلم وهو أن تكلف أخاك الظالم من الظلم
وتمنعه من الظلم وتحول بينه وبين الظلم تكون بذلك قد نصرته ،أما المفهوم
الجاهلي أن تنظم إليه في ظلمه فتظلم معه وتؤيده وتصفق له حتى يتمادى في
الظلم بسبب تشجيعك وتصفيقك وهذا ما يجري الن للسف بين الغوغائيين
المنتسبين إلى السلم الذين ل يفهمون من السلم إل هذه الكلمة الجوفاء وال
المستعان .
قوله (( :أخذ على هذا عشر سنين ))
67
يدعو إلى هذا التشريع السماوي في الشرح :أخذ على هذا رسول ال
المدينة عشر سنين .
قوله (( :وبعدها توفي صلوات ال وسلمه عليه ودينه باقٍ ،ل خير إل دل
المة عليه ،ول شر إل حذرها منه ،والخير الذي دل عليه :التوحيد وجميع
ما يحبه ال ويرضاه ،والشر الذي حذر عنه :الشرك وجميع ما يكرهه ال
ويأباه ))
الشرح :توفي صلوات ال وسلمه عليه ودينه باقٍ ،لم يمت دينه معه ،بل
بقي لن الدين دين ال الذي أنزله هو رب العالمين الحي الذي ل يموت فرسول
ال بلغ دين ال ونشر العقيدة والتوحيد والشرائع بعد أن ثبت ال السلم
قبضه إليه ،ولكن لم يقبضه إليه إل والمسلمين وفهموا ما جاء به النبي
بعد أن بلغ البلغ النهائي فأكمل ال له دينه إشارة إلى قرب أجله عليه الصلة
والسلم كأن ال أعلمه في حجة الوداع في خطبة يوم عرفة وفي خطبة يوم
النحر خاطب الصحابة فقال لهم أنتم مسؤولون عني ماذا أنتم قائلون بعد أن
خطب فيهم وبين لهم كل شيء قالوا نشهد بأنك بلغت ونصحت ونحن نشهد
إصبعه كان يرفعها معه أنه عليه الصلة والسلم بلغ ونصح فرفع الرسول
وينفثها عليهم ويقول {:اللهم أشهد اللهم أشهد }وسميت تلك الحجة حجه الوداع
التي جرى فيها هذا الكلم لنه بعد أن رجع من الحج لم يمكث في هذه الدنيا
وفي هذه المدينة إل ثمانين يومًا وألتحق بالرفيق العلى بعد أن بلغ ونصح
لمته عليه الصلة والسلم وقال عليه الصلة والسلم للصحابة { :ما بعث
ال من نبي إل كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن
شر ما يعلمه لهم } كل هذا دليل على أنه بلغ البلغ المبين فبقي دينه إلى هذا
يشير الشيخ بقوله رحمه ال ل خير إلدل المة عليه ول شر إل وحذرها
عنه ،فأكمل ال له الدين وفي مقدمة ذلك التوحيد ،أي إفراد ال تعالى بالعبادة
فإذا أطلقالتوحيد المراد به توحيد العبادة وجميع ما يحبه ال ويرضاه ،لن
الطاعات بريد التوحيد وتثبت التوحيد وتصدق التوحيد ،والشر الذي حذرها
عنه الشرك وجميع ما يكرهه ال ويأباه المعاصي بريد الشرك وتدعوا إلى
الشرك وتزين الشرك للناس .
قوله (( :بعثه ال إلى الناس كافة وأفترض ال طاعته على جميع الثقلين
الجن والنس ))
الشرح :بعثه ال إلى الناس كافة ل إلى العرب فقط ول إلى النس فقط بل إلى
الثقلين وافترض ال طاعته على جميع الثقلين الجن والنس الطاعة المطلقة فقد
68
فرض ال طاعته الطاعة المطلقة التي ل مراجعة فيها التي لتتةقف على
وجود مثلها على ودود مثل المأمور به والمنهي عنه بالكتاب ،هذا معنى
الطاعة المطلقة لرسول ال عليه الصلة والسلم الطاعة المطلقة ول يوجد في
المخلوق أحد من له الطاعة المطلقة أل رسول ال .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :قل ياأيها الناس إني رسول ال إليكم جميعاً [
العراف )) ] 158 :
الشرح :والدليل قوله تعالى :قل يا أيها الناس إني رسول ال إليكم جميعاً
هذا بالنسبة للنس والجن داخلون أيضاً .
قوله (( :وأكمل ال به الدين ،والدليل قوله تعالى :اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم ديناً [ المائدة )) ] 2 :
الشرح :وكمل ال به الدين الشيء الكامل ل يقبل الزيادة ،الدين كامل حيث
قال ال تعالى :اليوم أكملت لكم دينكم أي في هذا اليوم الحاضر في حجة
الوداع اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم ديناً
هكذا كمل ال لنا ديننا سبحانه وتعالى ،والدين الكامل والشيء الكامل ل يقبل
الزيادة لذلك كل من أحدث في هذا الدين فمحدثة يعتبر بدعة مردودة { من
أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} { من عمل عملً ليس عليه أمرنا
فهو رد } لن الدين تم وكمل وعلى المرء التباع فقط .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :ليجزي الذين أساءوا والدليل على موته
قوله تعالى :إنك ميتٌ وإنهم ميتون ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون
[ الزمر 30 :ـ )) ] 31
الشرح :قال المؤلف رحمه ال :والدليل على موته قوله تعالى :إنك ميتٌ
وإنهم ميتون ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون كثيرٌ من الغلة الذين يدّعون
تعظيم رسول ال وتبجيله إذا قلت إن النبي ميت يغضب انظروا إلى
الجهل يصل المرء إلى أي درجة ،يغضب من قولك أن النبي مات أو
ميت ،كيف تقول ميت ؟ ال هو الذي قال ،ل يدري ماذا قال ال ،ولكن
يحتكم إلى العاطفة ،ل يجوز عنده أن تطلق لفظة ميت أو مات على رسول ال
،بينما أثبت ال ذلك وأقره بدون تردد أحب الناس إليه آبو بكر الصديق
عندما قال له عند وفاته ( :طبت حياً وميتاً يا رسول ال ) ول ينبغي للمسلم
أن يكون عاطفيًا إلى هذه الدرجة حتى توقعه العاطفة في تكذيب خبر ال وخبر
. رسول ال
69
قوله (( :والناس إذا ماتوا يُبعثون والدليل قوله تعالى :منها خلقناقم وفها
نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى [ طـه )) ] 5 5 :
الشرح :والناس إذا ماتوا يبعثون ،أي من الصول التي يجب اليمان بها
البعث بعد الموت ،والدليل قوله تعالى :منها خلقنا قم وفيها نعيدكم ومنها
نخرجكم تار ًة أخرى أي من الرض ،والشاهد ومنها نخرجكم تار ًة أخرى
هذا هو دليل البعث .
قوله (( :وقوله تعالى :وال أنبتكم من الرض نباتاً ثم يعيدكم فيها
ويخرجكم إخراجاً [ نوح 1 7 :ـ )) ] 1 8
الشرح :وقوله تعالى :وال أنبتكم من الرض نباتاً أي إنباتاً ،نباتاً اسم مصدر
،والمصدر انبات وال أنبتكم من الرض إنباتاً هذا هو المصدر ،ونباتاً اسم
مصدر كتوضأ وضوءًا أي توضأ ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً ، ومحل
الشاهد من الية قوله :ويخرجكم إخراجاً .
قوله (( :وبعد البعث محاسبون ،ومجزيون بأعمالهم ))
الشرح :وبعد البعث الناس محاسبون ومجزيون بأعمالهم ،بعد البعث هناك
ورود الحوض ،وهناك الميزان ،وهناك الحساب ،وعرض العمال ،اختلف
أهل العلم في الترتيب بين هذه الشياء ،ولكن بعضهم يميل على أن أول شيء
ورود الحوض لن المقام يقتضي ذلك لن الناس يبعثون من قبورهم وهم
عطاش بحاج ٍة إلى الماء لذلك منّ ال على أمة محمد بالحوض المورود ،
الحوض العظيم الذي يشرب منه أهل الجنة ،يرد المؤمنون هذا الحوض
العظيم ورسول ال ينتظرهم هناك وهم فرط أمته إلى الحوض ومنبره على
حوضه وهذا الحوض العظيم الذي الناس بحاجةٍ ماس ٍة ‘إلى الشرب منه وهم
بعثوا من قبورهم من شدة العطش ،ولكن بعض الناس يردون ويطردون من
ل يدري عن سبب طردهم 1لذلك طردهم لذلك يقول الحوض ورسول ال
يا رب أمتي أمتي أو أصحابي أصحابي ،فيقال لهم :ل تدري ما أحدثوا بعدك
سحقاً لمن بدل وغي) ،استدل أهل أن هؤلء غيروا بدلوا بعدك فيقول النبي
العلم بهذا الحديث بأن رسول ال ل يدري ما يحدث بعده من التغيير
والتبديل والردة والبتداع في هذا الدين ،ل يدري عن ذلك لن علم الغيب
العام ل وحده ،والنبياء ل يعلمون في حياتهم إل بإعلم ال إياهم بعض
المور ،يتعارض هذا الحديث مع حديث ورد أن العمال تعرض على رسول
ال أعمال أمته ورد في ذلك الحديث إن رأى خيراً حمد ال ،وإن راى غير
70
ذلك استغفر ال لمته ،قال أهل العلم في التوفيق بين الحديثين :أن حديث
عرض العمال غير صحيح ،وعلى فرض صحته ،يعلم بالجملة ل بالتفصيل
،أما بالتفصيل أن فلن هو الذي غير وهو الذي بدل وهو الذي ارتد ل يعلم
ذلك للتوفيق بين هذا الحديث وبين حديث العرض على الحوض ،وطرد بعض
الناس من الحوض ،وعلى كلٍ ،يقال أن أول ما يحصل بعد البعث ورود
الحوض ثم الميزان ثم الحساب والعرض ،والمراد بالحساب المناقشة { من
نوقش الحساب عذب } ،والعرض عرض العمال وعرض الكتب وبعد ذلك
الناس مجزيون بأعمالهم ،وعند الجزاء من الناس من يكون جزاءهم لكثرة
أعمالهم الحسنة والشدة وإخلصهم وتحقيقهم التوحيد من يثابون بعدم دخول
النار بل ليس عليهم حساب ول عقاب ويدخلون الجنة من أول وهلة ،أولئك
الذين ل يسترقون ول يكتوون ول يتطيرون) ،بعد ذلك من الناس من تتساوى
أو غيره لن هذه من الشفاعة سيئاتهم وحسناتهم فيشفع فيهم رسول ال
العامة فيدخلون الجنة قبل أن يدخلوا النار ومن الناس من يؤمرون بدخول النار
لكثرة أعمالهم السيئة وقلة أعمالهم الحسنة وبعد المر بهم إلى النار يشفع فيهم
رسول ال بإذن ربه فيحولون إلى الجنة ومن الناس من ل تسعفهم
الشفاعات قبل دخول النار فيدخلون النار فيشفع فيهم رسول ال عليه الصلة
والسلم وغيره من الشافعين وقد يكونون من أصحاب الكبائر فيخرجون من
النار بشفاعة الشافعين إلى هذا يشير رسول ال بقوله { :شفاعتي لهل
الكبائر من أمتي })وفي النهاية ينظر من في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرةٍ من
إيمان يخرجون من النار ويطرحون في نهر الحياة) وينبتون كما ينبت البقل أي
بعد التطهير والنظافة يدخلون الجنة ،لن الجنة دار الطيبين ل يدخلها إل
الطيبون ،الخلصة من عقيدة أهل السنة والجماعة :اعتقاد أنه ل يخلد في
النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ،وفي لفظ من خير
المراد اليمان سواءً كان ذلك بشفاعة الشافعين أو برحمة رب العالمين سبحانه
وتعالى هكذا الناس مجزيون بأعمالهم وقد يسعفهم ال سبحانه وتعالى كما
[ سبق ] بشفاعة الشافعين من غيرعمل أي بعد أن عجزت أعمالهم .
قوله (( :والدليل قوله تعالى ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين
أحسنوا بالحسنى [ النجم ] 3 1 :والدليل قوله تعالى ليجزي الذين أساءوا
بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى [ النجم )) ] 3 1 :والدليل قوله
تعالى :ول ما في السماوات وما في الرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا
71
دون زيادة وهذا من فضل ال وكرمه ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى بل
كثرٌ منهم يجزون بالحسنى وزيادة ،الحسنى الجنة ،والزيادة النظر إلى وجه
ال تعالى بالنسبة إلى المؤمنين الذين يؤمنون بصفة الوجه ،أما الذين ينكرون
وجه ال الكريم فهؤلء جديرون وقمنون بأن يحرموا النظر إلى وجه ال تعالى
لنهم لم يؤمنوا به .
قوله (( :ومن كذب بالبعث فقد كفر ،والدليل قوله تعالى :زعم الذين كفروا
أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على ال يسير [
التغابن )) ] 7 :
الشرح :ومن كذب بالبعث كفر ،التكذيب بالبعث كفرٌ بال لنه تكذيب بخبر
ال وخبر رسول ال ،ومن كذب خبر ال سواء كان في البعث ،أو في بعض
صفاته أو في الحكام والعبادات أو أي خبر ،ومن كذب خبر ال وخبر رسوله
عليه الصلة والسلم يرتد وذلك من نواقض السلم والدليل قوله تعالى :
زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا وصفهم بأنهم كفروا زعم الذين كفروا أن لن
يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم وذلك على ال يسير الذين
أوجدكم من لشيء ل يعجز من أن يبعثكم بعد الموت لن من الناحية النظرية
العقلية البتداء أصعب من العادة ليس على ال شيء صعب .
قوله (( :وأرسل ال جميع الرسل مبشرين ومنذرين والدليل قوله تعالى :
رسلً مبشرين ومنذرين لئل يكون للناس على ال حجة بعد الرسل [ النساء
)) ] 1 6 5 :
الشرح :وأرسل ال جميع الرسل مبشرين ومنذرين ،هذا فيه بيان لوظائف
الرسل ،وظيفتهم التبشير للمؤمنين والنذار للعصاة والدليل قوله تعالى :
رسلً مبشرين ومنذرين لئل يكون للناس على الناس حجة بعد الرسل
ليقولوا ما بعثت إلينا رسلً ول أنزلت إلينا كتباً ،أما بعد إرسال الرسل وإنزال
الكتب والبيان من الرسل ومن اتباع الرسل ل حجة للناس على ال ،هنا لنا
وقفة ،وهل إرسال الرسل وإنزال الكتب إن لم يكن هناك بيان أو حال بين
بعض الناس وبين هذه الحجة ،حجة ال في الرض كتاب ال وسنة رسوله
عليه الصلة والسلم إن وجدت شبه حالت بينهم وبين فهم كتاب ال أو بعبارة
أخرى بينهم وبين فهم ما جاء به رسول ال هل يعذرون أم ل ؟ وأنزلنا
إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )لتبين لبد من البيان إذا بين الرسول
وقد بين بالفعل بياناً شافياً لكن حصل أحياناً شبه وضللت حالت بين الناس
72
وبين فهم ذلك البيان كالذي حصل بعد أن نشأ علم الكلم بين المسلمين من عهد
العباسيين إلى عهدنا هذا ،التبس المر عند كثير من الناس في باب السماء
والصفات ،ثم دخلت التصوف ووحدة الوجود بين المسلمين ،وألتبس المر
على كثير من الناس في باب العبادة ،حصل خلطٌ وعدم التفريق بين حق ال
تعالى وحق رسوله عليه الصلة والسلم وحقوق الصالحين ،وأنحرف كثيرٌ
من الناس في باب العقيدة ،وفي باب العبادة ،وفي باب الحكام ،عن الجادة
بسبب كثرة الشبهات حتى جهلوا ما جاء به رسول ال عليه الصلة والسلم
هل هؤلء يعذرون حتى يتبين لهم الحق ؟ أم أنه يكفي مجرد إرسال الرسل
وإنزال الكتب وإن حصل ما حصل من الشبه التي حالت بين كثير من الناس
وبين فهم ما جاء به الرسول عليه الصلة والسلم الذي يليق بعدل ال تعالى
والذي فهمه أهل التحقيق من علماء المسلمين ،أن من حصل له شيء من ذلك
يعذر ،أما من تبين له الحق ،وتبين له الهدى ،وأبى إل أن يتبع غير سبيل
المؤمنين بعد تبين الحق عناداً أو تعصبًا لمألوفاته وتقاليده هؤلء ل يعذرون ،
وأما قبل أن يتبين لهم الهدى ،ويحسبون أن ما هم عليه هو الهدى من الشرك
والضلل ونفي الصفات ،فهولء يعذرون لمعرفة هذه النقطة المهمة عليكم أن
ترجعوا إلى كتب شيخ السلم أو كتاب الشيخ أبن عثيمين ( القواعد المثلى ) ،
بعد هذه المسألة ،وذكر المراجع من كتب شيخ السلم لتتأكدوا من صحة هذا
المذهب وأنه المذهب الحق إن شاء ال ،وإن الناس يعذرون في أصول الدين
وفروع الدين على حدٍ سواء مالم يتبين لهم الهدى ويتبعوا بعد ذلك غير سبيل
المؤمنين وال أعلم ،ولقد لخصت كذلك هذا المعنى في كتاب الصفات اللهية
في الباب الخامس لتنقلوا منه إلى المراجع المذكورة هناك .
قوله (( :وأولهم نوح عليه السلم ))
الشرح :وأولهم نوح عليه السلم ،أول الرسل وهي مسألة خلفية أولهم نوح
أو آدم الذي عليه أكثر أهل العلم أولهم نوح لنه إنما وقع الشرك في قومه ،ولم
يقع الشرك قبل ذلك ولكن نؤكد على ذلك بعض الثار التي تشير إلى آدم نبيٌ
ل الثار التي جاءت في هذه المسألة تحتاج إلى مراجعة وإلى رسول ،وعلى ك ٍ
تحقيق .
قوله (( :وأخرهم محمد ))
الشرح :وأولهم نوح عليه السلم وآخرها محمد عليه الصلة والسلم ،وهو
خاتم النبيين من أنكر كونه خاتم النبيين وادعى النبوة بعده سواءٌ لنفيه أو لغيره
فهو مرتد ،والدليل على أن أولهم نوح عليه السلم قوله تعالى :إنا أوحينا
73
إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده هذه الية التي استدل بها المؤلف
وقبله غير واح ٍد من أهل العلم يعترض بعضهم على دل لتها على المراد وأنها
ليست نصًا في أن أول الرسل نوح ولكنها ظاهر وفرق بين النص وبين الظاهر
،الظاهر ما يحتمل معنيين ،والنص مال يحتمل إل معنى واحداً والية ظاهرة
ليست بنص في المسألة .وال أعلم
قوله (( :والدليل على أن أولهم نوح عليه السلم ،قوله تعالى :إنا أوحينا
إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [ النساء ، ] 1 6 3 :وكل أمةٍ
بعث ال إليها رسولً من نوح إلى محمد عليهما الصلة والسلم ،بأمرهم
بعبادة ال وحده ،وينهاهم عن عبادة الطاغوت ،والدليل قوله تعالى :ولقد
بعثنا في كل أمةٍ رسولً أن أعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت [ النحل 3 6 :
] ))
الشرح :وكل أمةٍ بعث ال إليهم رسولً من نوح إلى محمد عليهما الصلة
والسلم ،يأمرهم بعبادة ال وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت أي يفتتح
ي أرسل إل وجعل مفتاح دعوته :أعبدوا دعوته بالدعوة إلى عبادة ال ما من نب ٍ
ال ما لكم من إله غيره ،هذا مفتاح دعوة الرسل جميع ًا ،والدليل قوله تعالى :
ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولً أن اعبدوا ال و اجتنبوا الطاغوت والية تفسير
معنى ل إله إل ال ،لن كما تقدم ل إله إل ال تفسيرها في القرآن ذكر هناك
عدة آيات منها هذه الية ،وإن كان بالنسبة لنظم كلمة التوحيد ليست على
ترتيبها ولكن أعبدوا ال يساوي إل ال ،واجتنبوا الطاغوت يساوي ل إله
إلال تأتي الية بعد هذه على ترتيب ل إله إل ال .
قوله (( :وافترض ال على جميع العباد الكفر بالطاغوت واليمان بال ))
الشرح :وافترض ال على جميع العباد الكفر بالطاغوت واليمان بال وحده
مالم يكفر النسان بالطواغيت لينفعه ول يجديه أي ل بد من الجمع بين الكفر
و اليمان كما جمعت كلمة التوحيد بينهما ،كلمت التوحيد جمعت بين الكفر
واليمان ،وأن شئت بين النفي والثبات ،ل إله نفيٌ وكفرٌ بما يعبد وبمن يعبد
من دون ال إل ال إثبات العبادة ل وحده .
قوله (( :قال أبن القيم رحمه ال ( :الطاغوت :ما تجاوز به العبد حده من
معبود أو متبوعٍ أو مطاع ) ))
الشرح :الطاغوت ،معنى الطاغوت :مأخوذ من الطغيان ،والطغيان
مجاوزة الحد ،طغى الماء ،طغى فلن أي تجاوز حده ،الطاغوت كل ما
74
ع أو مطاع ،حد العبد ما هو ؟ عبادة ال تجاوز به العبد حده من معبودٍ أو متبو ٍ
وحده لكونه عبداً يعبد ربه الذي خلقه فإذا تجاوز هذا الحد ،وصرف نوعاً من
أنواع العبادة لغير ال تجاوز الحد وصار ذلك طغيان من تجاوز به هذا الحد
ع اتبعه في المعصية في التحليل والتحريم في تحليل ما حرم ال وتحريم متبو ٍ
ما أحل ال ،معبودٍ عَبَده تذلل له وخضع له وأحبه كما يحب ال هذا المعبود
لن العبادة غاية الذل مع غاية الحب ،من أحب غير ال مع ال وخضع له
وتذلل له عبد ذلك الغير وتجاوز به حده من هنا [ تعلم ] ليست العبادة مجرد
الصلة والصيام والزكاة والحج أي أركان السلم ،العبادات أنواع وحقيقتها
غاية الذل مع غاية الحب بما في ذلك الدعاء لذلك صار الدعاء مخ العبادة لن
فيه تذلل ورجاء وطمع هذا المعنى هو العبادة .المتبوع من يقلده ويتبعه ويحلل
له ويحرم له كالذين يتبعون الحبار والرهبان وكذلك المطاع هما إما مترادفان
أو متقاربان ،شخصٌ أطاعك في غير شريعة ال أو مخالفاً بذلك شريعة ال في
التحليل والتحريم يقال له مطاع ،ويقال له متبوع هذا هو الطاغوت طبق هذا
على واقع الناس تجد كثيراً وكثيرًا جداً من الذين يطاعون في نفي صفات ال
تعالى من الذين يطاعون في عبادة غير ال ،من الذين يطاعون في التحليل
والتحريم ،وفي الحكام الدستورية ما أكثر ذلك الذين يطيعون ويتبعون رجال
التشريع الذين يُسمون رجال التشريع ،والتسمية نفسها جريمة تسمية بني آدم
أنهم رجال التشريع جريمة التشريع والمشرع هو ال وحده والذي يبلغ شريعة
ومن قبله من الرسل ،وأتباعه منفذون ومطبقون الملوك ال محمد
والرؤساء والمراء والعلماء منفذون ومطبقون وليسوا بمشرعين ،التشريع
بأنه مشرع ،ولكن المشرع الحقيقي هو ال إنما ل ،ويطلق على الرسول
يطلق على الرسول لنه له الطاعة المطلقة ،وقد يأتي بأحكام غير موجودة
في القرآن ،كتحريم الحمر الهلية يوم خيبر وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها
،وبين المرأة وخالتها زيادة على ما في القرآن ،له الطاعة المطلقة بهذا
العتبار يطلق عليه بأنه مشرع عليه الصلة والسلم ،وباعتبار أنه مبلغ عن
ال تشريع ال ،وإل المشرع الحقيقي هو ال ،وإطلق رجال التشريع على
أولئك الدكاترة الذين يتخرجون من كليات الحقوق المستشار فلن من رجال
التشريع ،يا ليت شعري ما يخجل هذا النسان عندما يقال له أنت من رجال
التشريع ،أنت تشرع من أين لك التشريع ؟ معنى ذلك تجعل نفسك كأنك ال
ليس لك حق في التشريع ،والتسمية نفسها رب العالمين أو رسول ال
غلط ومن الجاهليات الذين ألفها كثي ٌر من الناس ،فأصبحت من السهولة بمكان
75
أن يطلقوا رجال التشريع على كثير من المتعلمين الذين يتخرجون من كليات
الحقوق .
قوله (( :والطواغيت كثيرة ،ورؤسهم خمسة :إبليس لعنه ال ،ومن عبد
ض ،ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه )) وهو را ٍ
الشرح :والطواغيت كثيرة ـ وربما اليوم أكثر ـ ورؤسهم خمسة :إبليس لعنه
ال ،ومن عبد وهو راضٍ ،ومن عبد وإن لم يدعو الناس إلى عبادة نفسه ،
لكن رأى الناس يعبدونه فرضى واستراح إلى تلك العبادة ،منصب كبير ،
الناس تسجد له ،وتركع له ،وتذبح له ،ورضى بذلك هذا من الطواغيت ،أو
من دعى الناس إلى عبادة نفسه يزين للناس عبادة نفسه فيقول :أنا من آل فلن
،من آل البيت ،أنا كذا وكذا ،ونحن لنا الحق بأن يستغاث بنا ،وتجعل لنا
النذور ،هكذا يزينون للناس عباده أنفسهم ،والناس عاطفيون في الغالب الكثير
،الرجل الذي من آل البيت وينتسب إلى بيت النبوة خصوصًا في البلدان
العجمية ،بأدنى إشارة يُعبد ،وإذا أشار إليهم أدنى إشارة إلى عبادة نفسه
والتذلل له عبدوه وبالغوا فيه ،ولو حاول أن يتخلص بعد ذلك فقال :ل ،
يقولون إنما يقول ل من باب التواضع لنه من المتواضعين ويزدادون في
عبادته هذا هو واقع كثير من الناس للسف .
قوله (( :ومن ادعى شيئاً من علم الغيب ))
الشرح :ومن ادعى شيئاً من علم الغيب كالكاهن والعراف والساحر والمنجم
وصاحب الكف وصاحب الفنجان وصاحب الرمل والتراب الذين يكتبون
ويخططون في الرمل والتراب ويخبر الناس علم الغيب من تلك الخطوط ويقرا
في الفنجان ،وأنت لترى في الفنجان شيئاً وهو يزعم أنه يقرأ في هذا الفنجان
الذي تشرب به القهوه فيخبر منها الغيب وينظر في الكف فيقرأ في الكف فيخبر
بالغيب ويدعي أنه يعرف مكان الضالة ،الناقة التي ضلت في المكان الفلني
والسيارة التي سُرقت في الشعب الفلني في الجراش الفلني ،وهكذا ،هؤلء
كلهم كفرة ،ومن الطواغيت ،ومن رؤساء الطواغيت ،لنهم كلهم زعموا
أنهم يعلمون الغيب لذلك قال النبي { :من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول
فقد كفر بما أنزل علي محمد } ،لن الذي أنزل على محمد عليه الصلة
والسلم هو القرآن ،والقرآن يقول :قل ل يعلم من في السماوات والرض
الغيب إل ال ، ومن ادعى علم الغيب بأي وسيلة من الوسائل خصوصاً هذه
الوسائل الوهمية التي ل حقيقة لها كافر مرتد ورئيس من رؤساء الطواغيت ،
ولكثرة انتشار هذه المور الجاهلية في صفوف المسلمين في كثير من
76
القطار ،يجب على طلب العلم مكافحة ذلك ودعوة الناس إلى الكفر بهم ،
مكافحة هؤلء ل تقل درجةٌ عن مكافحة المخدرات بل مكافحة هؤلء أشد
وجوباً من مكافحة المخدرات التي تخدر العصاب والعضاء هؤلء يخدرون
اليمان ويفسدون اليمان ويقعون الناس في الكفر بال تعالى .
قوله (( :ومن حكم بغي ما أنزل ال ))
الشرح :من حكم بغي ما أنزل ال معتقدا أن ذلك الذي حكم به مثل الذي أنزل ال أو
أحسن وأليق ،وهذا يشمل أولئك الذين يستوردون القواني الوضعية من الارج ويكمون
با ويشمل أولئك البدو الذين يكمون بالسواليف والتقاليد ف التحري والتحليل كل ذلك
داخل من حكم بغي ما أنزل ال سواءً كان قانونا مقننا أو سواليف وعادات وتقاليد موروثة
كل حكم ف التحليل والتحري بغي ما أنزل ال معتقدا أن ذلك مثل الذي أنزل ال أو أحسن
وأليق وأنسب للناس فهو كافرٌ مرتد من رؤساء الطواغيت .
وأما من حكم بغير ما أنزل ال معتقداً أن ما أنزل ال أحسن وأحق وأنه مخظئٌ
عندما يحكم بغير ما أنزل ال ،هذا كفره كفرٌ دون كفر ،ل يخرج من الملة
مثل الذي يعصي ال بمعاصي بارتكاب المحرمات والكبائر وهو غير
ص ومخالف لم مستحل ،كالذي يسرق والذي يشرب [ الخمر ] ويعتقد أنه عا ٍ
يستحل السرقة والخمر ،كفر هؤلء كفرٌ دون كفر ،ويذكرون قسمًا ثالثاً وهو
من اجتهد ليحكم بما أنزل ال ،ولكنه وقع في إصدار الحكم بغير ما أنزل ال
مجتهدًا مخطأ هذا له أجر الجتهاد ويعفى له عن خطأه وال أعلم .
وهذا الذي ذكر أهل العلم عند هذه الية ومن لم يحكم بما أنزل ال فأولئك هم
الكافرون وأقرب مرجع ترجعون إليه لتحقيق هذه المسألة شرح الطحاوية
عند هذه الية .
قوله (( :والدليل قوله تعالى :ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن
يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى [ البقرة :
)) ] 2 5 6
الشرح :والدليل قوله تعالى :ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي
معنى الكراه في الدين :ليس معنا ذلك أنك ل تدعو إلى الدين ،ل إكراه في
الدين ،ل تدخل الدين على الناس بالكراه ،أنت عليك البيان ،وعليك
الهداية ،وعليك الرشاد ،وأما القلوب فل يملكها إل ال ل تدخل اليمان في
77
قلوب الناس بالكراه لك الظاهر ،تدعو وتبين الحق من الباطل وهذه وظيفة
الدعاة .
فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها
هذه الية العظيمة حتى في وضعها موضوعة على الترتيب ل إله إل ال
تماماً ،لن قوله تعالى :فمن يكفر بالطاغوت يقابل ل إله ،وقوله تعالى :
ويؤمن بال يقابل إل ال ،من أدق اليات في تفسير ل إله إل ال ،هذه الية
وهذا معنى قول ل إله إل ال .
قوله (( :وهذا معنى لإله إل ال ،وفي الحديث { رأس المر السلم ،
وعموده الصلة ))
الشرح :رأس المر السلم الذي هو الستسلم والنقياد كما تقدم ،وعموده
الصلة ،ل يقوم السلم إل بالصلة وإل فهو بناءٌ غير قائم وغير ثابت ،وفي
هذا المعنى يقول عمر بن الخطاب رضي ال عنه ( :من ترك الصلة فل حظ
له في السلم ) وهو يفسر قوله عليه الصلة والسلم { :العهد الذي بيننا
وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر } يتهاون كثيرٌ وكثي ٌر من العوام بالصلة
بدعوى أن اليمان بالقلب إذا دعوتهم إلى الصلة يقولون ( ما عليش ) اليمان
بالقلب ،لو صح إيمان القلب لصح إيمان الجوارح ،وإيمان اللسان ،هذا هو
الرجاء المنتشر بين المسلمين ،الرجاء معناه تأخير العمال عن مسمى
اليمان ،وأن اليمان هو التصديق بالقلب فقط أو التصديق والنطق معاً هذا هو
الرجاء المنتشر بين المسلمين كثيراًوهم ل يشعرون ،اليمان تصديق بالقلب
وذلك التصديق يحتاج إلى تصديق ،الذي يصدق ذلك التصديق النطق باللسان
والعمل بالجوارح يتكون اليمان من كل ذلك .
قوله (( :وذروة سنامه الجهاد في سبيل ال ))
الشرح { :وذروة سنامه الجهاد في سبيل ال } ،ذروة سنامه أعلى مكاناً في
السلم الجهاد في سبيل ال لماذا ؟ لن في الجهاد في سبيل ال يقوي السلم
ويظهر السلم ويكتسب المؤمنون قوة ومنعة وفي ترك الجهاد ضياع للسلم
وضياع وضعف للمسلمين ،وذله ومهانة وهذا ما وقع فيه المسلمون بعد أن
تركوا الجهاد ،وربما جهل كثي ٌر من الناس معنى الجهاد أخيراً فظنوا أن كل
قتال جهاد ،الجهاد الذي هو ذروة سنام السلم هو الجهاد لعلء كلمة ال ،
لظهار دين ال ،وللمحافظة على دين ال ،والدفاع عن دين ال ،وعن عقيدة
السلم ،وشريعة السلم ،هذا هو الجهاد في سبيل ال ،وفي الونة الخيرة
كثر القتال ،تصديقاً لخبر رسول ال عندما أخبر عن أمارات الساعة
78
( كثرة الهرج ) قيل وما الهرج يا رسول ال ؟ قال { :كثرة القتال } إذا وضع
فيهم السيف لن يرفع ‘إلى يوم القيامة ،تسمعون وتقرءون اندلع الحروب من
مكان إلى مكان كالنار تتنقل هنا إلى هنا بين المسلمين على أتفه المور
يختلفون على شريط صغير في الحدود فيشتبكون سنوات تراق الدماء ،وأخيراً
إن كثير من المنتسبين إلى السلم كفروا بالسلم وأعلنوا أنهم علمانيون ولعل
ل يعلمون معتى العلمانية صغار طلبة العلم .
العلمانية عدم اليمان بأي دين ،التجرد عن الدين ،كثرت العلمانية وكثيراً
ماينادون مغلطة أنهم يجاهدون للسلم وهم يقاتلون المسلمين ويقتلون
ويحاولون القضاء على السلم لو استطاعوا لكنهم يعملون أسلوب المغالطة
الجهاد في سبيل ال والدفاع عن المسلمين والدفاع عن الحرمين مغالطة ما
أفضعها وما أكذبها استغلوا السذج من الشباب فصاروا يصفقون ويؤيدون
العلمانيين ضد المؤمنين ،العلمانيون الذين أعلنوا عن علمانيتهم ويعتزون
بعلمانيتهم ،هؤلء أشد كفراً من اليهود والنصارى ،فإذا كان ال جعل موالة
اليهود والنصارى ومن يواليهم ويحبهم ويناصرهم أنه منهم فما بال الذين
يوالون العلمانيين والماركسيين والوثنيين ،أشد لن ال جعل لهل الكتاب
اعتبارات احتراما لكتابهم الول وإن نسخ ،يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة
أهل الكتاب ( اليهود والنصارى ) ،ويجوز أن يتزوج نساءهم المحصنات من
نسائهم وإن كان الفضل عدم العدول إلى نسائهم مع وجود المؤمنات ،لكنه
جائز أما المرتد وأما المجوسي وأما الوثني والهندوكي والبوذي هؤلء جميعاً
والعلمانيون من المرتدين ،العلماني مرتد لنه كان مسلماً ثم أعتنق العلمانية ،
هذه الملة الخبيثة أخبث من اليهودية والنصرانية ،مناصرة هؤلء أشد كفراً
من مناصرة اليهود والنصارى يقول ال تعالى :يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا
اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم
الموالة المحبة المناصرة ،من أحب اليهود والنصارى وناصرهم وأضمر له
الحب والود كأولياء ال يكفر ،لنه ل تجتمع محبة ال ومحبة أعداء ال ،
ولكن قال في الخرين في الكفار عام :يا أيها الذين ءامنوا ل تتخذوا الكافرين
أولياء من دون المؤمنين جميع الكفار كما قلت هؤلء العلمانيين أشد كفراً من
اليهود والنصارى ،وموالة الجميع غير جائزة ،قد تصل إلى حد الكفر ،
والموالة المناصرة ،من يناصر العلمانيين ويظاهرهم ويؤيدهم ضد المسلمين
وضد المؤمنين قد والهم ،فصار منهم ،كل من يناصر العلمانيين ويؤازرهم
ويظاهرهم ضد المسلمين يخرب بيوت المسلمين وأوطانهم وليعتدوا على
79
النسلمين قد والى هؤلءالكفار ،فلينتبه لنفسه فكثير من المنتسبين إلى السلم
وللسف يسمون أنفسهم بالسلميين أصبحوا في هذا الوقت في تناقض شديد
يتعاونون مع القوميين والشيوعيين لمناصرة العلمانيين ضد المؤمنين كما
تسمعون في كثير من القطار مظاهرات من الذين يسّمون أنفسهم بالسلميين
متعاونين مع القوميين والشيوعيين لمناصرة العلمانيين ضد المؤمنين هؤلء
يقعون في ورطة في إيمانهم من حيث ل يشعرون لن محبتهم أي العلمانيين
ومناصرتهم ومؤازرتهم ومعاونتهم على المؤمنين وعلى العتداء على
المؤمنين على أرضهم وأعراضهم كفرٌ بال .ننصح كثيراً من شبابنا في كل
مكان الذين ينخدعون بالخطب الرنانة وبتلك المظاهرات وبأولئك الذين سموا
أنفسهم بالسلميين وهم يناصرون العلمانيين ،ننصحهم بأن يتوبوا إلى ال
ويرجعوا من قريب ،وإل الموقف خطير لستم بقادرين على الجهاد كما
زعمتم ،ولكن تريدون أن تجعلوا الجهاد شعاراً ترفعونه ولستم بعاملين
بشيء ،ولكن تضرون إيمانكم من حيث ل تشعرون ،لذلك نصيحتنا لهؤلء
فليفهموا معنى الجهاد في سبيل ال ،الجهاد في سبيل ال أن تخرج بنفسك
ومالك إن استطعت لنصرة ال ولنصرة دين ال بعد أن تفهم معنى الدين
ل العلم قبل القول
ومعنى السلم ،وأما على جهل وأنت غير فاهم تعلم أو ً
والعمل ،حتى تعلم من المجاهد ،وأين الحق وأين الباطل وكونك تصرخ مع
كل من يصرخ وأنت ل تدري أين الحق وأين الباطل وما هو ؟ وما هو الحق ؟
تشرق وتغرب وراء الناس تجري ناسياً دينك وإيمانك وموقفك بين يدي ال
يوم القيامة ل تهلك أية الشاب ،ارجع وتعلم واعرف الحق من الباطل ثم جاهد
في سبيل ال وبال التوفيق .
80