وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫ش ْيئاً‪ -‬خطبة الجمعة ‪1435-02-03‬ه‬

‫ه َ‬
‫ر ُكوا بِ ِ‬
‫ش ِ‬ ‫َواعْ ُب ُدوا اللَّ َ‬
‫ه َوال ُت ْ‬
‫الخطبة األولى‬
‫الحمد هلل أمر بتوحيده وطاعت‪.‬ه‪ ،‬وأش‪.‬هد أن ال إل‪.‬ه إال هللا وح‪.‬ده ال ش‪.‬ريك‬
‫في عبادته كم‪..‬ا أن‪..‬ه ال ش‪..‬ريك ل‪..‬ه في ربوبيت‪..‬ه‪ ،‬وأش‪..‬هد أن محم‪..‬دا عب‪..‬ده‬
‫ورسوله وخيرت‪..‬ه من جمي‪..‬ع بريت‪..‬ه‪ ،‬ص‪..‬لى هللا علي‪..‬ه وعلى آل‪..‬ه وص‪..‬حابته‬
‫وسلم تسليما كثيرا‪  ،‬أما بعد‬
‫أيُّها الناس‪ ،‬اتق‪..‬وا هللا وتع‪..‬الى‪ ،‬وعب دوه ح ق عبادت ه ق ال هللا ج ل وعال‪َ ( :‬و َم ا‬
‫ون) ق ال‬ ‫م ِ‬ ‫يد أَنْ ُي ْ‬
‫ط ِع ُ‬ ‫ن ِر ْزقٍ َو َما ُأ ِر ُ‬
‫م ِم ْ‬‫يد ِم ْن ُه ْ‬ ‫ون* َما ُأ ِر ُ‬ ‫نس إِال َّ لِيَ ْع ُب ُد ِ‬‫اإل َ‬ ‫ن َو ِ‬‫ْت ا ْلجِ َّ‬ ‫خلَق ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫ن َق ْبلِ َ‬ ‫س ْل َنا ِم ْ‬ ‫َ‬
‫ش ْيئاً) قال تع الى‪َ ( :‬و َم ا أ ْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ش ِركُوا بِ ِ‬ ‫اع ُب ُدوا اللَّ َه َوال ُت ْ‬ ‫تعالى‪َ ( :‬و ْ‬
‫ن)‪ ،‬فأول ما أمر هللا به عبادته وح ده ال‬ ‫اع ُب ُدو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه أنَّ ُه ال إِلَ َه إِال َّ أنَا َف ْ‬ ‫حي إِلَ ْي ِ‬ ‫ول إِال َّ ُنو ِ‬
‫س ٍ‬ ‫َر ُ‬
‫ق‬
‫ح َّ‬ ‫شريك له وهي حق هللا على عبادته كم ا في ح ديث مع اذ رض ي هللا عن ه‪َ  :‬‬
‫ش ْي ًئا‪. ‬‬‫ه َ‬ ‫ش ِركُوا بِ ِ‬ ‫ه َعلَى ا ْل ِعبَا ِد أَنْ يَ ْع ُب ُدو ُه َوال َ ُي ْ‬ ‫اللَّ ِ‬
‫والعبادة‪ :‬اس م ج امع لك ل م ا يحب ه هللا ويرض اه من اإلعم ال واألق وال الظ اهرة‬
‫والباطنة‪.‬‬
‫فأنواعها كثيرة‪ :‬كل ما شرع هللا التقرب به إليه فهو عبادة‪.‬‬
‫فعلى المسلم أن يفعل ما يستطيع من عب ادة هللا س بحانه وتع الى ألن ه الخ الق‬
‫الرازق المحي المميت المدبر للكون والعب اد فه و ال ذي يس تحق العب ادة وح ده ال‬
‫شريك له‪ ،‬وفائدة العب ادة راجع ة للعب د‪ ،‬فإن ه تقرب ه إلى هللا س بحانه وتص له باهلل‬
‫الذي هو ربه وخالقه ومدبره الذي بيده جميع شؤونه فهي تربطه باهلل وتقرب ه إلى‬
‫سيلَ َة) أي‪ :‬الوسيلة بعبادت ه‪،‬‬ ‫ه ا ْل َو ِ‬‫هللا وهي الوسيلة إلى هللا‪( :‬اتَّ ُقوا اللَّ َه َوا ْب َت ُغوا إِلَ ْي ِ‬
‫فالوسيلة هي ما يقرب إلى هللا س بحانه وتع الى‪ ،‬وفائ دتها راجع ة للعب د‪ ،‬أم ا هللا‬
‫سبحانه فإنه غني عن عبادته وغني عن عب ادة غ يره فل و كف ر الن اس جميع ا م ا‬
‫نقص ذلك من ملكه شيئا سبحانه وتعالى‪ ،‬وال يتضرر الرب سبحانه وتعالى بش رك‬
‫المشركين وإنما الضرر يرجع عليهم بالخس ران‪ ،‬أم ا هللا ج ل وعال فإن ه يق ول‪( :‬إِنْ‬
‫ن فِي‬ ‫م َو َم ْ‬ ‫ُم) ويق ول س بحانه وتع الى‪( :‬إِنْ تَ ْك ُف ُروا أَ ْن ُت ْ‬ ‫ي َع ْنك ْ‬ ‫تَ ْك ُف ُروا َف ِإنَّ اللَّ َه غَ ِن ٌّ‬
‫ُم‬
‫خ َرك ْ‬ ‫ُم َوآ ِ‬‫عبَ ا ِدي لَ ْو أَنَّ أَ َّولَك ْ‬ ‫مي ٌد)‪ ،‬وفي الحديث‪ :‬يَا ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ميعاً َفإِنَّ اللَّ َه لَ َغنِ ٌّ‬ ‫ج ِ‬‫األ َ ْرضِ َ‬
‫ك فِي ُم ْلكِي‬ ‫ُم َم ا َزا َد َذلِ َ‬ ‫ح ٍد ِم ْنك ْ‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ُم َك ا ُنوا َعلَى أَ ْتقَى َق ْل ِ‬ ‫ج َّنك ْ‬‫ُم َو ِ‬ ‫سك ْ‬ ‫َوإِ ْن َ‬
‫ح ٍد َم ا‬ ‫ل َوا ِ‬ ‫ج ِر َق ْل ِ‬ ‫َ‬
‫ُم َك ا ُنوا َعلَى أ ْف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ش ْي ًئا ولَ ْو أنَّ أ َّولَك ْ‬
‫ج ٍ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ج َّنك ْ‬ ‫ُم َو ِ‬‫سك ْ‬ ‫ُم َوإِ ْن َ‬ ‫خ َرك ْ‬ ‫ُم َوآ ِ‬ ‫َ‬
‫ش ْي ًئا‪ ، ‬فنحن الذين بحاجة إلى عب ادة هللا س بحانه وتع الى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫َ ْ ُ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ذ‬‫َ‬ ‫َص‬‫نَ َ‬‫ق‬
‫نحن الفقراء إلى هللا وال يقربنا إلى هللا وال يدر علين ا األرزاق وي دفع عن ا األض رار إال‬
‫عبادة هللا‪ ،‬فهي الصلة بيننا وبينه سبحانه ولهذا أرسل به الرسل وأنزل به ا الكتب‬
‫ه أَنَّ ُه ال إِلَ َه إِال َّ‬ ‫حي إِلَ ْي ِ‬ ‫ول إِال َّ ُنو ِ‬
‫س ٍ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫ن َق ْبلِ َ‬ ‫س ْل َنا ِم ْ‬ ‫قال سبحانه وتعالى‪َ ( :‬و َما أَ ْر َ‬
‫ن‬ ‫اع ُب ُدوا اللَّ َه َم ا لَك ْ‬
‫ُم ِم ْ‬ ‫ون)‪ ،‬فكل نبي يقول لقومه أول ما يخاطبه‪( :‬يَا َق ْو ِم ْ‬ ‫اع ُب ُد ِ‬ ‫أَنَا َف ْ‬
‫ه غَ ْي ُر ُه) فهي أول ما يدعا إلي ه الن اس من أم ور ال دين ف إذا اس تقامة‪ ،‬اس تقامة‬ ‫إِلَ ٍ‬
‫بقية أمور الدين‪ ،‬وإذا لم تستقم العبادة هلل فال فائدة من بقية أمور الدين‪ ،‬فيبدأ بها‬
‫ألنها األساس وهي القاعدة التي تبنى عليها أمور الدين‪ ،‬وهي التي تق رب العب د‬
‫من ربه سبحانه وتعالى‪ ،‬واإلنسان عبد والبد فإما أن يك ون عب دا هلل وإم ا أن يك ون‬
‫عبدا للشيطان‪ ،‬وإما أن يكون عبدا لهواه‪ ،‬وإما أن يكون عب دا ل دنياه‪ ،‬وإم ا أن يك ون‬
‫عبدا لألصنام واألوثان واألنداد‪:‬‬
‫هربوا‪ ‬من الرق الذي‪ ‬خلقوا‪ ‬له *** فبلوا‪ ‬برق‪ ‬النفس والشيطان‬
‫فاإلنسان عبد والبد؛ لكنه إذا عبد هللا‪ ،‬تحرر من عبودية ما سواه‪ ،‬تحرر من عبودي ة‬
‫اله وى‪ ،‬تح رى من عبودي ة الش ياطين‪ ،‬تح رى من عبودي ة األص نام‪ ،‬واألش جار‬
‫واألحجار تحرر من كل مكروه ومن كل ذله‪ ،‬فصار عبدا هلل سبحانه وتع الى‪ ،‬يحمي ه‬
‫ويحرسه ويرزق ه ويغف ر ل ه‪ ،‬فال ذي ال يعب د هللا أص ال ه ذا مس تكبر‪ ،‬مس تكبر عن‬
‫ين)‪ ،‬وال ذي‬ ‫خ ِر َ‬ ‫م َدا ِ‬ ‫ج َه َّن َ‬‫خلُونَ َ‬ ‫س يَ ْد ُ‬ ‫عبَ ا َدتِي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س َت ْك ِب ُرونَ َع ْ‬ ‫ين يَ ْ‬ ‫عب ادة هللا‪( :‬إِنَّ الَّ ِذ َ‬
‫ن‬ ‫يعبد هللا ويعبد معه غ يره ه ذا مش رك‪ ،‬والمش رك خال ٌد مخل د في الن ار‪( :‬إِنَّ ُه َم ْ‬
‫ار) يع ني‪:‬‬ ‫نص ٍ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫ين ِم ْ‬ ‫م َ‬ ‫ار َو َما لِلظَّالِ ِ‬ ‫ج َّن َة َو َم ْأ َوا ُه ال َّن ُ‬
‫ه ا ْل َ‬‫م اللَّ ُه َعلَ ْي ِ‬ ‫ه َفق َْد َ‬
‫ح َّر َ‬ ‫ك بِاللَّ ِ‬‫ش ِر ْ‬ ‫ُي ْ‬
‫ك‬
‫الش ْر َ‬‫ِّ‬ ‫ين) يع ني‪ :‬المش ركين‪ ،‬وهللا ج ل وعال ق ال‪( :‬إِنَّ‬ ‫م َ‬ ‫المشركين‪َ ( ،‬و َم ا لِلظَّالِ ِ‬
‫م) ف أعظم الظلم الش رك باهلل ع ز وج ل ألن ه وض ع للعب ادة في غ ير‬ ‫ظي ٌ‬ ‫م َع ِ‬ ‫ظ ْل ٌ‬‫لَ ُ‬
‫ك َوإِلَى‬ ‫ي إِلَ ْي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ُ‬
‫موضعها فهو أعظم الظلم‪ ،‬والمشرك ال يقب ل من ه عم ل‪َ ( :‬ولَ َق ْد أو ِ‬
‫ين)‪ ،‬الش رك‬ ‫اس ِر َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن ا ْل َ‬ ‫ن ِم ْ‬ ‫ك َولَ َت ُك ونَ َّ‬ ‫م ُل َ‬ ‫ن َع َ‬ ‫حبَطَ َّ‬ ‫ت لَيَ ْ‬ ‫ش َر ْك َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ك لَ ِئ ْ‬ ‫ن َق ْب ِل َ‬ ‫ين ِم ْ‬‫الَّ ِذ َ‬
‫األكبر يحبط جميع األعمال ويخلد صاحبه في النار إذا مات عليه ولم يتب من ه‪( :‬إِنَّ‬
‫ه َفق َْد ا ْف َت َرى‬ ‫ك بِاللَّ ِ‬‫ش ِر ْ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫شا ُء َو َم ْ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لِ َ‬‫ه َويَ ْغ ِف ُر َما ُدونَ َذلِ َ‬ ‫ك بِ ِ‬‫ش َر َ‬ ‫اللَّ َه ال يَ ْغ ِف ُر أَنْ ُي ْ‬
‫ض الال ً بَ ِعي داً) وأم ا إذا ك ان ش ركا أص غر‬ ‫ل َ‬ ‫ض َّ‬ ‫ه َف َق ْد َ‬ ‫ك بِاللَّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫ظيماً)‪َ ( ،‬و َم ْ‬ ‫إِ ْثماً َع ِ‬
‫كالريا والسمعة فإنه يبطل العم ل ال ذي خالط ه وقارن ه ح تى يت وب ص احبه من ه‪،‬‬
‫فالشرك خطير جدا‪ ،‬كثير من الناس ال يبالي به ذا وال يس أل م ا ه و الش رك؟ وم ا‬
‫هي أنواع ه ح تى يتجنبه ا؟‪  ‬فه ذا إهم ال يق ع في الش رك وه و ال ي دري‪ ،‬يعم ل‬
‫أعماال تضيع عليه وهو ال يدري‪.‬‬
‫فعلى المسلم أن يعرف ما هو الش رك؟ أوال يع رف م ا هي عب ادة هللا؟ عب ادة هللا‬
‫هي التقرب إليه بما شرعه على لسانه رسوله صلى هللا عليه وسلم هذه عب ادة‬
‫هللا عز وج ل‪ ،‬فمن ال يعب د هللا فه و مس تكبر‪ ،‬من عب د هللا وعب د مع ه غ يره فه و‬
‫مشرك‪ ،‬والمستكبر والمشرك كالهما في النار خالدين مخلدين فيها إذا مات ا على‬
‫ذلك‪ ،‬والذي يعبد هللا بغير ما شرعه من البدع والمحدثات هذا مبت دع ال يقب ل من ه‬
‫ه َف ُه َو‬
‫س فِي ِ‬ ‫ه ذَا َم ا لَ ْي َ‬ ‫ح َدثَ فِي أَ ْم ِرنَ ا َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫عم ل ق ال ص لى هللا علي ه وس لم‪َ  :‬م ْ‬
‫ه أَ ْم ُرنَ ا‪َ ،‬ف ْه َو َر ٌّد‪ ‬ق ال ص لى هللا علي ه‬ ‫س َعلَ ْي ِ‬ ‫مال ً لَ ْي َ‬‫ل َع َ‬‫م َ‬ ‫ن َع ِ‬ ‫َر ٌّد‪ ‬وفي رواي ة‪َ  :‬م ْ‬
‫ة‪ ، ‬فليس‬ ‫ض الَلَ ٌ‬
‫ة َ‬ ‫ل بِ ْد َع ٍ‬‫ة و ُك َّ‬ ‫ح َدثَ ٍ‬
‫ة بِ ْد َع ٌ‬ ‫ل ُم ْ‬ ‫ور َف إِنَّ ُك َّ‬‫ح َدثَاتِ األُ ُم ِ‬‫ُم َو ُم ْ‬
‫وسلم‪َ  :‬وإِيَّاك ْ‬
‫الشأن أنك تتعب د وتزه د‪ ،‬الش أن أن تتعب د على طريق ة الرس ول ص لى هللا علي ه‬
‫وسلم ألن العمل ال يقبل إال بشرطين‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬اإلخالص هلل عز وجل فال يكون فيه شرك‪.‬‬
‫والشرط الثاني‪ :‬المتابعة للرسول صلى هللا عليه وس لم‪ ،‬فال يك ون في ه بدع ة‪،‬‬
‫كثير من الناس يتعبدون هلل بالبدع والمح دثات ويظن ون أنه ا تق ربهم إلى هللا وهي‬
‫تبعدهم من هللا‪ ،‬يعبدون هللا بالبدع إذا ما فائدة الرسل؟ م ا فائ دة الكتب المنزل ة؟‬
‫إذا كنت تبتكر لنفس ك أو يبتك ر ل ك ش ياطين اإلنس والجن عب ادة لم يش رعه هللا‬
‫س بحانه وتع الى‪ ،‬ف أنت تس ير في طري ق الن ار إذا لم تتب إلى هللا ألن في‬
‫ار‪. ‬‬ ‫ضالَلَ ٍ‬
‫ة فِي ال َّن ِ‬ ‫ل َ‬
‫الحديث‪َ  :‬و ُك َّ‬
‫فعلى المس لم أن يتفهم ه ذا وأن يخلص دين ه هلل‪ ،‬وأن يخلص المتابع ة للرس ول‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فال يتابع أهل الضالل وأهل الشرك والقبورين الذين يعبدون‬
‫األموات ويستغيثون بهم ال يقلدهم وال يمشي في طريقهم لئال يحشر معهم ي وم‬
‫ص َراطَ الَّ ِذ َ‬
‫ين‬ ‫م* ِ‬
‫س َت ِقي َ‬ ‫صّ َراطَ ا ْل ُ‬
‫م ْ‬ ‫(اه ِدنَا ال ِ‬
‫القيامة؛ بل يكون على الصراط المستقيم‪ْ :‬‬
‫ين)‪ ،‬تنبه وا له ذا فليس الش أن أن‬ ‫الض الِ ّ َ‬
‫َّ‬ ‫ْض وبِ َعلَ ْي ِه ْ‬
‫م َوال‬ ‫مغ ُ‬ ‫ت َعلَ ْي ِه ْ‬
‫م َغ ْي ِر ا ْل َ‬ ‫أَ ْن َع ْ‬
‫م َ‬
‫تعمل وتكثر من األعمال إنما الشأن أن يكون عملك صحيحا وال يكون ص حيحا إال إذا‬
‫خال من الشرك وخال من البدعة‪.‬‬
‫فعلين ا أن نتنب ه له ذا األم ر ألن ه خفي على كث ير من الن اس فص اروا يعب دون هللا‬
‫بالبدع والضالالت ويتبعون ما تخط لهم شياطين اإلنس والجن ليضلوهم عن س بيل‬
‫هللا‪ ،‬فأنت عبد مهما كنت فإم ا أن تعب د هللا فيكرم ك هللا س بحانه وتع الى بجنت ه‪،‬‬
‫وإما أن تعبد غير هللا فيهينك هللا عز وجل في ناره‪.‬‬
‫ت َوا ْل َ‬
‫حيَ ا َة‬ ‫م ْو َ‬ ‫خلَ َ‬
‫ق ا ْل َ‬ ‫فاتقوا هللا عباد هللا‪ ،‬وأصلحوا أعمالكم قال جل وعال‪( :‬الَّ ِذي َ‬
‫مالً) ولم يقل أيكم أكثر عمال‪ ،‬فليست الع برة بك ثرة العم ل‬ ‫ن َع َ‬
‫س ُ‬ ‫ُم أَ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ُم أَيُّك ْ‬
‫لِيَ ْب ُل َوك ْ‬
‫إنما العبرة بحسن العمل‪ ،‬وال يكون العمل حسننا إال بالشرطين المذكورين‪:‬‬
‫اإلخالص هلل عز وجل‪.‬‬
‫والمتابعة للرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ه‬‫ُم إِلَ ٌ‬
‫ما إِلَ ُهك ْ‬‫ي أَنَّ َ‬‫حى إِلَ َّ‬ ‫ُم ُيو َ‬
‫ش ٌر ِم ْث ُلك ْ‬‫ما أَنَا بَ َ‬‫ُل إِنَّ َ‬‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪( :‬ق ْ‬
‫ه‬
‫ك بِ ِعبَ ا َد ِة َربِّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫ً‬
‫ص الِحا َوال ُي ْ‬‫مال ً َ‬ ‫ل َع َ‬‫م ْ‬ ‫ه َف ْليَ ْع َ‬ ‫ن َك انَ يَ ْر ُ‬
‫ج وا لِ َق ا َء َربِّ ِ‬ ‫ح ٌد َف َ‬
‫م ْ‬ ‫َوا ِ‬
‫حداً)‪ ،‬بارك هللا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما في ه من البي ان وال ذكر الحكيم‪،‬‬ ‫أَ َ‬
‫أق ول ق ولي ه ذا واس تغفر هللا لي ولكم ولجمي ع المس لمين من ك ل ذنب‬
‫فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫الحمد هلل على فضله وإحسانه‪ ،‬وأشكره على توفيق‪..‬ه وامتنان‪..‬ه‪ ،‬وأش‪..‬هد‬
‫أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسماءه وص‪..‬فاته‪،‬‬
‫وأشهد أن محم ًدا عب‪..‬ده ورس‪..‬وله‪ ،‬ص‪..‬لى هللا علي‪..‬ه وعلى آل‪..‬ه وأص‪..‬حابه‪،‬‬
‫وسلم تسليماً كثيرا‪    ،‬أما بعد‪:‬‬
‫أيها الناس‪ ،‬اتقوا هللا تعالى‪ ،‬واعلموا أنكم لن تسلموا من الشرك والبدع إال إذا‬
‫تعلمتم العلم النافع على أيدي العلماء‪ ،‬العلم المأخوذ من كتاب هللا وسنة رس وله‬
‫صلى هللا عليه وسلم فال يمكن أن تتجنب الشرك حتى تع رف م ا ه و الش رك؟ ال‬
‫م أَنَّ ُه ال إِلَ َه إِال َّ اللَّ ُه‬
‫اعلَ ْ‬
‫يمكن أن تعبد هللا عز وجل حتى تعرف ما هي عبادة هللا؟ ( َف ْ‬
‫م ْؤ ِم َناتِ)‪ ،‬فبدأ بالعلم قبل القول والعمل‪.‬‬‫ين َوا ْل ُ‬ ‫ك َولِ ْل ُ‬
‫م ْؤ ِمنِ َ‬ ‫اس َت ْغ ِف ْر لِ َذ ْنبِ َ‬
‫َو ْ‬
‫فعلى المسلم أن يتعلم أمور دين ه ول و باختص ار على العلم اء ال ذين يوض حون ل ه‬
‫الطريق الصحيح ويبينون ل ه‪ ،‬كث ير من الن اس يس مع الش رك في الق رآن ويس مع‬
‫الكفر لكن ما يدري ما هو الشرك؟ وم ا ه و الكف ر؟ ويظن أن هللا يخ اطب غ يره م ا‬
‫يخاطبه هو وال يوجهه هو فيستمر على ما هو عليه وما اعتاده وما قلد فيه الن اس‬
‫دون تمحيص وتخليص‪.‬‬
‫فعلى المسلم أن ينبه لهذا‪ ،‬أن يتعلم أمور دينه على أهل العلم‪ ،‬هناك مختص رات‬
‫تحفظ وتشرح‪ ،‬هناك مطوالت من الكتب فاألمر واض ح ‪ -‬وهلل الحم د‪ ،-‬ولكن الش أن‬
‫في الذي يهتم بأمور دينه حتى يستقيم عليه‪ ،‬وفق هللا الجميع لما يحب ويرضاه‪.‬‬
‫ي ه دي محم د ص لى هللا‬ ‫ثم اعلموا‪ ‬أنَّ خير الح ديث كت اب هللا‪ ،‬وخ ير اله د َّ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وش َّر األمور ُمحدثاتها‪ ،‬وكل بدعة ض اللة‪ ،‬وعليكم بالجماع ة‪ ،‬ف إنَّ ي د‬
‫هللا على الجماعة‪ ،‬ومن ش َّذ ش َّذ في النار‪.‬‬
‫واعلموا أن هللا أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى به بمالئكت ه وثلث بكم أيه ا‬
‫ص لُّوا َعلَ ْي ِ‬
‫ه‬ ‫ي يَ ا أَيُّ َه ا الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َم ُن وا َ‬ ‫ص لُّونَ َعلَى ال َّن ِب ّ ِ‬ ‫المؤمن ون‪( :‬إِنَّ اللَّ َه َو َمالئِ َ‬
‫ك َت ُه ُي َ‬
‫م‬‫وارض اللَّ ُه َّ‬
‫َ‬ ‫ل وس ِل ّم على عب ِدك ورسولِك نبيَّنا محمد‪،‬‬ ‫م ص ِّ‬ ‫ما)‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬‫سلِي ً‬ ‫س ِل ّ ُ‬
‫موا تَ ْ‬ ‫َو َ‬
‫ي‪ ،‬وعن‬ ‫ة المه ديين‪ ،‬أبي بك َر‪ ،‬وعم َر‪ ،‬وعثم انَ ‪ ،‬وعل ّ ٍ‬ ‫خلفائِه الراش دين‪ ،‬األئم ِ‬ ‫عن ُ‬
‫بإحسان إلى يو ِم الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫التابعين ومن تبعهم‬
‫م أع ز اإلس الم والمس لمين‪ ،‬وأذل الش رك والمش ركين‪ ،‬ودم ر أع داء‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫م جعل هذا البلد آمنا مطمئن ا وس ائر بالد المس لمين ي ا رب الع المين‪،‬‬ ‫الدين‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫م أحف ظ بالد‬ ‫م أحف ظ بالد المس لمين‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫م أحف ظ بالد المس لمين‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫م من أردا اإلس الم‬ ‫المسلمين من أذى الكفار‪  ‬وشر األش رار ي ا حي ي ا قي وم‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه وردد كيده في نحره وجعل تدميره في ت دبيره‪،‬‬
‫م أمن ا في‬ ‫م‪  ‬كف عنا ب أس ال ذين كف روا ف أنت أش د بأس ا وأش د تنكيال‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫م‪  ‬ولي علينا خيارنا وكفنا شر شرارنا وقنا ش ر الفتن‪،‬‬ ‫دورنا وأصلح والة أمورنا‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫م وفق ولي أمرنا لما فيه صالحه وصالح اإلسالم والمسلمين يا رب الع المين‪،‬‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫يم)‪.‬‬ ‫مي ُع ا ْل َعلِ ُ‬ ‫الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ك أ ْن َ‬ ‫ل ِم َّنا إِنَّ َ‬ ‫( َربَّ َنا تَقَبَّ ْ‬
‫ش ا ِء‬‫ح َ‬ ‫ن ا ْل َف ْ‬ ‫ن َوإِي َت ا ِء ِذي ا ْل ُق ْربَى َويَ ْن َهى َع ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫اإل ْ‬
‫ل َو ِ‬ ‫د هللا‪( ،‬إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِ‬ ‫عبا َ‬
‫ض وا‬ ‫م َوال تَن ُق ُ‬ ‫ه ْد ُت ْ‬ ‫ه إِذَا َعا َ‬ ‫َ‬
‫ُم تَ َذك َُّرونَ )‪َ ( ،‬وأ ْو ُف وا بِ َع ْه ِد اللَّ ِ‬ ‫ُم لَ َعلَّك ْ‬ ‫ظك ْ‬ ‫ْي يَ ِع ُ‬‫ك ِر َوا ْلبَغ ِ‬ ‫من َ‬ ‫َوا ْل ُ‬
‫م َما تَ ْف َعلُونَ )‪ ،‬ف ذكروا‬ ‫ُم َك ِفيال ً إِنَّ اللَّ َه يَ ْعلَ ُ‬ ‫م اللَّ َه َعلَ ْيك ْ‬ ‫ج َع ْل ُت ْ‬ ‫ها َو َق ْد َ‬ ‫مانَ بَ ْع َد تَ ْوكِي ِد َ‬ ‫األ َ ْي َ‬
‫يعلم ما تصنعون‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يز ْدكم‪ ،‬ول ِذ ْك ُر هللا أكب َر‪ ،‬وهللا‬ ‫هللا يذكركم‪ ،‬واشكُروه على نعمه ِ‬
‫‪ ‬‬
‫خطبة الجمعة ‪1435-02-03‬هـ‬

You might also like