Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫وصية لقمان البنه‪ -‬خطبة الجمعة ‪1435-03-02‬ه‬

‫م ُه ا ْلبَيَانَ )‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫نسانَ * َعل َّ َ‬ ‫اإل َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خلَ َ‬ ‫الخطبة األولى الحمد هلل ذو الفضل واإلحسان‪َ ( :‬‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له شهادة@ اإليمان‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد‬
‫ولد عدنان‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان‪ ،‬أما@ بعد أيُّها@ الناس‪@،‬‬
‫اتقوا هللا تعالى‪ ،‬فإن التقي هو السعيد‪ ،‬وعليكم بتربية أوالدكم‪ ،‬ليكون أثرا صالحا لكم‬
‫بعد مماتكم‪ @،‬ربوهم على الخير‪ ،‬وعلموهم طاعة هللا‪ ،‬وأعظم الطاعات العملية هي‬
‫م َعلَ ْي َها‬ ‫ه ْ‬‫ض ِر ُبو ُ‬ ‫لس ْبعِ َوا ْ‬ ‫صال َ ِ@ة َ‬ ‫ُم بِال َّ‬ ‫الصالة‪ ،‬ولهذا@ قال صلى هللا عليه وسلم‪ُ :‬م ُروا أَ ْوال َ َدك ْ‬
‫جعِ ‪ ،‬فإذا كنت تريد من أوالدك أن ينفعوك بعد مماتك‬ ‫مضَا ِ‬ ‫م فِي ا ْل َ‬ ‫ش ِر َو َف ِرّقُوا@ بَ ْي َن ُه ْ‬ ‫ل َع ْ‬
‫بالدعاء فإنك تربيهم@ على الطاعة وعلى العبادة قال صلى هللا عليه وسلم‪ُ :‬م ُروا أَ ْوال َ َدك ْ‬
‫ُم‬
‫صال َة‬ ‫م ال َّ‬ ‫صال َ ِ@ة ‪ ،‬فالصالة@ هي أعظم األعمال الصالحة@ وأعظم التربية لقوله تعالى‪َ ( :‬وأَقِ ْ‬ ‫بِال َّ‬
‫ك ِر)‪ ،‬وهي أول ما يحاسب@ عنه العبد من عمله يوم‬ ‫م ْن َ‬
‫شا ِء َوا ْل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ا ْل َف ْ‬ ‫صال َ@ة تَ ْن َهى َع ْ‬ ‫إِنَّ ال َّ‬
‫القيامة‪ ،‬فالصالة هي الركن@ الثاني من أركان اإلسالم بعد الشهادتين تربي عليها أوالدك‬
‫من الصغر وال تتركهم@ حتى يكبروا فيشق عليك أمرهم؛@ بل تأمرهم وهم صغار ألن هذا‬
‫يؤثر فيهم االمتثال والطاعة‪ ،‬كثير من الناس@ يربون أوالدهم التربية البدنية فيغدقون‬
‫عليهم النعم واألرزاق@ وهذه التربية ((تربية بهيمية)) تضرهم أكثر مما تنفهم؛ ولكن‬
‫التربية الحقيقية هي تربيتهم على العبادة‪ ،‬فعليكم بتربية أوالدكم@ ما داموا بين أيديكم@‬
‫وتقدرون على تربيتهم بادروا بتربيتهم بما يعود نفعه عليهم وعليكم قال صلى هللا عليه‬
‫ة‬
‫اريَ ٍ‬
‫ج ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ص َد َق ٍ‬‫ن ثَاَل ثٍ‪َ :‬‬ ‫مل ُُه إاَّل ِم ْ‬ ‫ع َع ْن ُه َع َ‬ ‫م أو مات اإلنسان ا ْن َقطَ َ‬ ‫ن آ َد َ‬ ‫ات ا ْب ُ‬‫وسلم‪ :‬إذَا َم َ‬
‫ه علم‬ ‫م ُي ْن َت َف ُع بِ ِ‬ ‫ع ْل ٍ‬ ‫ة ‪ ،‬أ ْو ِ‬‫َ‬ ‫اريَ ٍ‬
‫ج ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ص َد َق ٍ‬ ‫وهي الوقف الذي@ يغل غلة تنفق في وجوه الخير َ‬
‫الشريعة الذي ينتفع به في العبادة والطاعة علم الشرع فإن نفعه يستمر إذا علم ونشر‬
‫علمه في الطالب وفي المؤلفات فإن نفعه يستمر عليه بعد موته‪ ،‬والعلماء كما ترون‬
‫ويذكرون@ ولهم أالف السنين وهم أموات يذكرون@ بالخير ويقتدى بهم ألن علمه آثر صالح‬
‫ع ْل ٍ‬
‫م‬ ‫لهم@ علم ينتفع به أما العلم الذي ال ينتفع به كالعلوم الدنيوية فهذه تنقطع مع أهلها ِ‬
‫صالِحٍ يَ ْد ُعو لَ ُه بعد موته والصالح@ ال يأتي من فراغ البد من أسباب‬ ‫ه ‪ ،‬أَ ْو َولَ ٍد َ‬ ‫ُي ْن َت َف ُع بِ ِ‬
‫للصالح‪ ،‬وأعظمها التربية فربوا أوالدكم على الخير وجنبوهم مواطن الشر‪ ،‬وأبعدوا عنهم‬
‫وسائل@ الشر‪ ،‬ربوهم على الخير@ وحافظوا عليهم خصوصا في هذا الزمان@ الذي@ تالطمت‬
‫فيه الفتن من كل حدب وصوب وتنوعت ‪ -‬والعياذ باهلل ‪ ،-‬فحفظوا أنفسكم وحفظوا‬
‫أوالدكم@ منها ببذل األسباب النافعة والواقية وال تضيعوا أنفسكم وتضيعوا أوالدكم‪ ،‬فتألوا‬
‫صالِحٍ يَ ْد ُعو لَ ُه جمع بين صفتين‪ :‬أول‪ :‬أنه صالح في‬ ‫إلى الشر والعاقبة السيئة‪ .‬أَ ْو َولَ ٍد َ‬
‫نفسه‪ .‬وثانيا‪ :‬أنه يدعو لوالده فيستجيب هللا دعاءه ويوصل ثوابه إلى ولده‪ .‬وهذا مثال‬
‫ذكره هللا في القرآن لتقتدوا به وتعتبروا به‪ ،‬هذا لقمان عليه السالم وهو عبد صالح قال‬
‫ه‬
‫س ِ‬‫شك ُُر لِ َن ْف ِ‬ ‫ما@ يَ ْ‬ ‫ش ُك ْر َف ِإن َّ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ه َو َم ْ‬ ‫اش ُك ْ@ر لِل َّ ِ‬ ‫م َة أَنْ ْ‬ ‫ح ْك َ‬‫مانَ ا ْل ِ‬ ‫هللا جل وعال‪َ ( :‬ولَق َْد آتَ ْي َنا ُل ْق َ‬
‫مي ٌد) فأتاه هللا الحكمة وهي العلم والفقه في الدين‪ @،‬فصار‬ ‫ح ِ‬‫ي َ‬ ‫ن َك َف َر َف ِإنَّ الل َّ َه غَ نِ ٌّ‬ ‫َو َم ْ‬
‫ك‬
‫الش ْر َ‬ ‫ِّ‬ ‫ه إِنَّ‬ ‫ك بِالل َّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫ي ال ُت ْ‬ ‫يعلمها ويعمل بها ومن ذلك أول من علم ابنه فقال له‪( :‬يَا ُب َن َّ‬
‫م) فأعظم الذنوب وأكبرها@ هو الشرك باهلل عز وجل الذي من مات عليه فإن‬ ‫ظي ٌ‬ ‫م َع ِ‬ ‫ظ ْل ٌ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه‬‫ك بِ ِ‬ ‫ش َر َ‬ ‫ار)‪( ،‬إِنَّ الل َّ َه ال يَ ْغ ِف ُر أَنْ ُي ْ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ن أَن َ‬ ‫ين ِم ْ‬ ‫م َ‬ ‫ار َو َما لِلظَّالِ ِ‬ ‫ْ‬
‫هللا يحرم عليه الجنة ( َو َمأ َوا ُه ال َّن ُ‬
‫ك‬
‫ش ِر ْ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫ظيماً)‪َ ( ،‬و َم ْ‬ ‫ه َفق َْد ا ْف َت َرى إِثْماً َع ِ‬ ‫ك بِالل َّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫اء َو َم ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬‫ك لِ َ‬ ‫َويَ ْغ ِف ُر َما ُدونَ َذلِ َ‬
‫ضالال ً بَ ِعيداً) فهو أعظم الذنوب ولذلك أول ما نهى لقمان ابنه نهاه عن‬ ‫ل َ‬ ‫ض َّ‬‫ه َفق َْد َ‬ ‫بِالل َّ ِ‬
‫م)‪ ،‬والشرك هو وضع الشيء في‬ ‫ظي ٌ‬ ‫م َع ِ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫ظ ْل ٌ‬ ‫الش ْر َ@‬
‫ِّ‬ ‫ه إِنَّ‬ ‫ك بِالل َّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫ي ال ُت ْ‬ ‫الشرك‪( :‬يَا ُب َن َّ‬
‫غير موضعه‪ ،‬فالمشرك وضع العبادة في غير موضعها وصرفها لغير مستحقها وهو هللا‬
‫ظ ْل ٌ‬
‫م‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫الش ْر َ‬
‫ِّ‬ ‫جل وعال‪ ،‬فكان ظالما لنفسه وظالما@ لغيره‪ ،‬فهو أعظم الذنوب‪( :‬إِنَّ‬
‫م)‪ ،‬ألن أول الحقوق حق هللا‬ ‫ظي ٌ‬ ‫م َع ِ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫ظ ْل ٌ‬ ‫الش ْر َ‬
‫ِّ‬ ‫ه) هذا نهي (إِنَّ‬ ‫ك بِالل َّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫م)‪( ،‬ال ُت ْ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫َع ِ‬
‫جل وعال على عباده أن يعبدوه وال يشركوا به شيئا‪ ،‬فمن أشرك به شيئا فقد ضيع هذا‬
‫الحق‪ ،‬حق هللا عليه‪ ،‬وستحق الغضب والعقوبة الدائمة التي ال يغفرها هللا عز وجل لمن‬
‫ه) هذا الحق الثاني بعد حق هللا‪ ،‬وهو حق الوالدين؛@‬ ‫ان بِ َوالِ َد ْي ِ‬ ‫س َ@‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ص ْي َنا ِ‬ ‫مات عليها‪َ ( .‬و َو َّ‬
‫لكن حق الوالدين عظيم ويأتي بعد حق هللا؛ ولكن ال يؤديه من األوالد إال من رباه والده‬
‫ه) هذا مما يعظم حق الوالدين أن‬ ‫ان بِ َوالِ َد ْي ِ‬ ‫س َ@‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ص ْي َنا ِ‬ ‫على الخير‪ ،‬رباه على الطاعة‪َ ( ،‬و َو َّ‬
‫ه) يعني‪ :‬أن يحسن إليهما بالقول‬ ‫ان بِ َوالِ َد ْي ِ‬ ‫س َ@‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ص ْي َنا ِ‬ ‫هللا وصى به سبحانه وتعالى‪َ ( :‬و َو َّ‬
‫ملَ ْت ُه ُأم ُ‬
‫ُّه‬ ‫ح َ‬‫والعمل والبر واإلحسان والرحمة والشفقة لقاء ما قاما به معه في صغره ( َ‬
‫ن ) ضعفا على ضعف‪ ،‬وكراهة على كراه لما تقاسيه في الحمل من اآلالم‬ ‫ه ٍ‬ ‫هناً َعلَى َو ْ‬ ‫َو ْ‬
‫الشديدة@ واألخطار األكيدة‪ ،‬ثم إذا وضعته الوضع أيضا عملية خطيرة يموت فيها النساء‬
‫ن) ترضعه سنتين‬ ‫صال ُُه فِي َعا َم ْي ِ‬ ‫ن) ثم إذا وضعته‪َ ( :‬وفِ َ‬ ‫ه ٍ‬ ‫هناً َعلَى َو ْ‬ ‫ُّه َو ْ‬ ‫ملَ ْت ُه ُأم ُ‬ ‫ح َ‬ ‫بكثرة‪َ ( ،‬‬
‫ح ْولَ ْي ِ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬ ‫ه َّ‬ ‫َ‬
‫ن أ ْوال َد ُ‬ ‫ض ْع َ‬ ‫ات ُي ْر ِ‬‫ن) كما هللا جل وعال‪َ ( :‬وا ْل َوالِ َد ُ‬ ‫صال ُُه فِي َعا َم ْي ِ‬ ‫من صدرها‪َ ( :‬وفِ َ‬
‫ن) وليس ذلك فحسب؛ بل إنها مع كونها@ ترضعه فهي تريه تزيل عنه األذى بيدها‬ ‫َكا ِملَ ْي ِ‬
‫تدفئه من البرد وتدفع عنه الحر‪ ،‬وتألم@ أللمه‪ ،‬وتسر لسروره‪ ،‬فهي معه بعد والدته مع‬
‫ن)‪،‬‬ ‫صال ُُه فِي َعا َم ْي ِ‬ ‫ضعفه وحاجته إلى من يقوم على مصالحه ويدفع عنه ما يضره‪َ ( :‬وفِ َ‬
‫اش ُك ْر لِي) أمر بشكره سبحانه تعالى أوال على نعمه العظيمة‬ ‫ثم قال جل وعال‪( :‬أَنْ ْ‬
‫ولوالديك@ أشكر لوالديك@ ما قاما به في حقك من التربية والتغذية ومن التعهد بمصالحك‬
‫ودفع المضار عنك‪ ،‬لكن في وقتنا الحاضر انشغلت النساء عن األوالد بالوظائف‪،‬‬
‫باألعمال‪ @،‬بالرفاهية فصارت تكل أوالدها على المربيات أو إلى دور الحضانة أو غير ذلك‬
‫ممن ال يشفق عليهم وال يرحمهم وال يعبئوا بهم‪ ،‬كيف أضاع الوالدين أوالدهما من‬
‫التربية وطرحاه على غيرهما من الخديمين والخديمات@ والمرين@ والمربيات‪ ،‬ثم يرجون بعد‬
‫ذلك منهم البر وقد نشأ الولدان وهم ال يعرفون آباءهم@ يعرفون المربية والمربي ودور‬
‫الحضانة وال يعرفون آباءهم فكيف يبرون بهم؟ وهم ال يعرفونهم‪ ،‬تنبهوا لهذا وفقكم هللا‪:‬‬
‫ير) يوم القيامة تصيرون‬ ‫ص ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ي ا ْل َ‬ ‫ك)‪ ،‬ثم قال جل وعال متوعدا‪( :‬إِلَ َّ‬ ‫اشك ُْر لِي َولِ َوالِ َد ْي َ‬ ‫(أَنْ ْ‬
‫ك‬
‫اش ُك ْر لِي َولِ َوالِ َد ْي َ@‬ ‫إلي وأحاسبكم@ على إهمالكم وتفريطكم وإضاعتكم ألوالدكم‪( :‬أَنْ ْ‬
‫ير)‪ ،‬حتى ولو كانا@ الوالدان كافرين ال يسقط حقهما عن الولد بالبر واإلحسان‬ ‫ص ُ‬ ‫م ِ‬‫ي ا ْل َ‬ ‫إِلَ َّ‬
‫ما) إنما الطاعة‬ ‫ط ْع ُه َ‬ ‫م َفال ُت ِ‬ ‫ع ْل ٌ‬‫ه ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ك بِي َما لَ ْي َ‬ ‫ش ِر َ‬ ‫ك َعلى أَنْ ُت ْ‬ ‫ه َدا َ@‬ ‫جا َ‬‫إليهما‪َ ( @،‬وإِنْ َ‬
‫ق ؛ ولكن ال يسقط حقهما ولهذا@ قال‪:‬‬ ‫خالِ ِ‬ ‫ة ا ْل َ‬ ‫صي َ ِ‬ ‫ق فِي َم ْع ِ‬ ‫خلُو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫اع َة لِ َ‬ ‫بالمعروف‪ @،‬ال َ طَ َ‬
‫ما فِي ال ُّد ْنيَا َم ْع ُروفاً) أحسن إليهما قم بنفقتهما إذا احتاجا إلى ذلك‪ ،‬قم ببرهما‬ ‫ح ْب ُه َ‬ ‫صا ِ‬
‫( َو َ‬
‫ي) ابتع الرسول‬ ‫اب إِلَ َّ‬ ‫ن أَنَ َ‬ ‫ل َم ْ‬ ‫سبِي َ‬ ‫ما فِي ال ُّد ْنيَا َم ْع ُروفاً َواتَّبِ ْع َ‬ ‫ح ْب ُه َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ولو كانا كافرين‪َ ( :‬و َ‬
‫صلى هللا عيه وسلم ال تتبع الوالدين@ وال غير الوالدين@ في معصية هللا عز وجل‪ ،‬وإذا كانا‬
‫الوالدان منحرفان فتجنب طريقهما؛ ولكن مع تجنب طريقهما تحسن إليهما وتبر بهما‪،‬‬
‫ما فِي ال ُّد ْنيَا)‬ ‫ح ْب ُه َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ما َو َ‬ ‫ط ْع ُه َ‬ ‫م َفال ُت ِ‬ ‫ع ْل ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ك بِي َما لَ ْي َ‬ ‫ش ِر َ‬ ‫ك َعلى أَنْ ُت ْ‬ ‫ه َدا َ‬ ‫جا َ‬ ‫( َوإِنْ َ‬
‫ما فِي ال ُّد ْنيَا@ َم ْع ُروفاً)‪ ،‬وأما في اآلخرة فكل يلقي مصيره الولد‬ ‫ح ْب ُه َ‬ ‫صا ِ‬ ‫في الدنيا فقط ( َو َ‬
‫يلقى مصيره إن كان مؤمنا فهو في الجنة وإن كان كافرا فهو في النار‪ ،‬والوالدان@ كذلك‬
‫ما‬ ‫ح ْب ُه َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ش ْيئاً)‪َ ( ،‬و َ‬ ‫ن َوالِ ِد ِه َ‬ ‫از َع ْ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ه َو َ‬ ‫ن َولَ ِد ِه َوال َم ْولُو ٌد ُ‬ ‫ج ِزي َوالِ ٌد َع ْ‬ ‫كل يجزئ@ بعمله‪( :‬ال يَ ْ‬
‫ي) ال تتبع سبيل الوالدين المنحرفين؛ ولكن مع‬ ‫اب إِلَ َّ‬ ‫ن أنَ َ‬ ‫َ‬ ‫ل َم ْ‬ ‫س ِبي َ‬ ‫فِي ال ُّد ْنيَا َم ْع ُروفاً َوات َّ ِب ْع َ‬
‫األسف اآلن كثير من األوالد يشكون انحراف الوالدين@ ترك الصالة فعل الفواحش األوالد‬
‫اآلن ينكرون على الوالدين@ العكس‪ ،‬انعكست األمور‪ .‬فاتقوا هللا عباد هللا‪ ،‬أصلحوا أنفسكم‬
‫ما فِي ال ُّد ْنيَا َم ْع ُروفاً َوات َّ ِب ْع‬ ‫ح ْب ُه َ‬ ‫صا ِ‬ ‫أوال ثم أصلحوا أوالدكم‪ ،‬أصلحوهم بالتربية الطيبة ( َو َ‬
‫ملُونَ )‪ .‬ثم قال لقمان البنه‬ ‫م تَ ْع َ‬‫ُنت ْ‬ ‫ما ك ُ‬ ‫ُم بِ َ‬ ‫ُم َف ُأنَ ِب ّ ُئك ْ‬ ‫ج ُعك ْ‬ ‫ي َم ْر ِ‬ ‫م إِلَ َّ‬ ‫ي ُث َّ‬ ‫ن أَنَ َ‬
‫اب إِلَ َّ‬ ‫ل َم ْ‬ ‫س ِبي َ‬ ‫َ‬
‫منبها له إلى أن العمل ال يضيع عند هللا سواء كان خيرا أو شرا‪ ،‬سواء كان قليال أو كثيرا‪،‬‬
‫ل) أصغر شيء من‬ ‫خ ْر َد ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ة ِم ْ‬ ‫حبَّ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِم ْثقَا َ‬ ‫ي إِن َّ َها إِنْ تَ ُ‬ ‫ال يضيع العمل عند هللا‪( :‬يَا ُب َن َّ‬
‫َ‬
‫خ َر ٍة) في جوف صخرة صماء‪( ،‬أ ْو فِي‬ ‫ص ْ‬ ‫ُن فِي َ‬ ‫ل َف َتك ْ‬ ‫خ ْر َد ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ة ِم ْ‬ ‫حبَّ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِم ْثقَا َ‬ ‫العمل‪( ،‬إِنْ تَ ُ‬
‫ض) في أرجاء السموات أو األرض مع حقارتها@ وسعة السماء أو‬ ‫ت أَ ْو فِي األ َ ْر ِ‬ ‫م َوا ِ‬ ‫الس َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬‫ة ِم ْ‬ ‫حبَّ ٍ‬‫ل َ‬ ‫ك ِم ْثقَا َ‬ ‫األرض أو في جوف صخرة صماء فإن هللا يأتي بها يوم القيامة‪( ،‬إِنْ تَ ُ‬
‫ض يَ ْأتِ بِ َها الل َّ ُه) يوم القيامة‪( ،‬إِنَّ الل َّ َه‬ ‫م َواتِ أَ ْو فِي األ َ ْر ِ‬ ‫الس َ‬ ‫َّ‬ ‫خ َر ٍة أَ ْو فِي‬ ‫ص ْ‬ ‫ُن فِي َ‬ ‫ل َف َتك ْ‬ ‫خ ْر َد ٍ‬ ‫َ‬
‫يف) ال يخفى عليه شيء في األرض وال في السماء‪ ،‬خبير بأعمال@ عباده سبحانه‬ ‫ط ٌ‬ ‫لَ ِ‬
‫شرّاً‬ ‫ل َذ َّر ٍة َ‬ ‫ل ِم ْثقَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يَ ْع َ‬ ‫خ ْيراً يَ َره* َو َم ْ‬ ‫ل َذ َّر ٍة َ‬ ‫ل ِم ْثقَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يَ ْع َ‬ ‫م ْ‬ ‫وتعالى‪ ،‬وهذا كقوله تعالى‪َ ( :‬ف َ‬
‫صالةَ) لماذا@ الصالة؟ ألن الصالة هي عمود اإلسالم‪ ،‬الصالة‬ ‫م ال َّ‬ ‫ي أَقِ ْ‬ ‫يَ َره)‪ .‬ثم قال‪( :‬يَا ُب َن َّ‬
‫تأمر‪ @،‬الصالة هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر‪ ،‬الصالة فيها ذكر هللا جل وعال وهو‬
‫((هللا أكبر))‪ ،‬الصالة@ عبادة عظيمة تجمع لك الخير@ كله وتربيك على الخير كله‪ ،‬وتنهاك@‬
‫ن‬‫وف َوا ْن َه َع ْ‬ ‫م ْع ُر ِ‬ ‫صالةَ) هذا أول شيء من العمل‪َ ( .‬و ْأ ُم ْر بِا ْل َ‬ ‫م ال َّ‬ ‫ي أَقِ ْ‬ ‫عن الشر كله‪( :‬يَا ُب َن َّ‬
‫ك ِر) ال تقتصر على نفسك‪ ،‬ال تقل ما علي من الناس‪ُ ،‬أمر بالمعروف@ وهو كل ما أمر‬ ‫من َ‬ ‫ا ْل ُ‬
‫هللا به من الطاعات‪ ،‬ونهى عن المنكر‪ :‬وهو كل ما نهى هللا عنه من السيئات‪ ،‬ال تقصر‬
‫على نفسك تقول الحمد هلل أنا مستقيم وال علي من الناس‪ @،‬ال‪ ،‬عليك واجب وهو األمر‬
‫بالمعروف@ والنهي عن المنكر لكنه بحسب استطاعتك ومقدرتك‪ ،‬أما لو تركت األمر‬
‫ن‬ ‫بالمعروف@ والنهي عن المنكر فإن هذا يتنافى مع اإليمان قال صلى هللا عليه وسلم‪َ :‬م ْ‬
‫ه إذاً البد‬ ‫ط ْع َفبِ َق ْلبِ ِ‬ ‫س َت ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه َفإِنْ لَ ْ‬ ‫سانِ ِ‬ ‫ط ْع َفبِلِ َ‬ ‫س َت ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ك ًرا َف ْل ُي َغ ِي ّ ْر ُه بِيَ ِد ِه َفإِنْ لَ ْ‬ ‫ُم ُم ْن َ‬ ‫َرأَى ِم ْنك ْ‬
‫ل فمن‬ ‫خ ْر َد ٍ‬ ‫حبَّ ُة َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫اإلي َ‬‫ن ِ‬ ‫ك ِم َ‬ ‫س َو َرا َء َذلِ َ‬ ‫من إنكار المنكر‪ ،‬ولهذا قال في آخر الحديث‪َ :‬ولَ ْي َ‬
‫ال يأمر بالمعروف@ وال ينهى عن المنكر يقول الناس أحرار لهم قناعاتهم لهم اعتقاداتهم‬
‫الناس@ أحرار وأنا ما علي منهم‪ ،‬ما هو هذا كالم المؤمن الناس@ ليسوا أحرار بالشرك‬
‫والشهوات@ والشبهات‪ ،‬األحرار هم الذين يعبدون هللا وحده ال شريك له تحرروا من جميع‬
‫األهواء ومن جميع األطماع ومن جميع الخضوع للناس‪ ،‬صاروا عبادا هلل كما خلقهم‪َ ( :‬و َما‬
‫ون) صاروا عباد هلل‪ ،‬وعبادة هللا تحرر اإلنسان من جميع‬ ‫نس إِال َّ لِيَ ْع ُب ُد ِ‬ ‫اإل َ@‬ ‫ن َو ِ‬ ‫ْت ا ْلجِ َّ‬ ‫خلَق ُ‬ ‫َ‬
‫عبادات المخلوقين‪ ،‬فالحرية هي في عبادة هللا وليست الحرية في قناعة اإلنسان أو‬
‫حرية اإلنسان‪ ،‬ال‪ ،‬أنت عبد ليس حر أنت خلقك هللا عبدا لمن؟ عبدا هلل الذي خلقك‬
‫ورزقك‪ ،‬أنت عبد هلل فإما@ أن تعبد هللا وإما أن تعبد الشيطان‪ ،‬البد ولذلك@ تجدون الذين لم‬
‫يعبدوا هللا صاروا يعبدون أنواعا كثيرة يعبدون الشياطين‪ ،‬يعبدون الجن‪ ،‬يعبدون اإلنس‪،‬‬
‫يعبدون األموات‪ ،‬يعبدون األشجار@ واألحجار حتى إنهم@ يعبدون األبقار‪ ،‬حتى إن بعضهم‬
‫خطَ ُف ُه الط َّ ْي ُر أَ ْو‬ ‫ما ِء َف َت ْ‬ ‫الس َ‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫خ َّر ِم ْ‬ ‫ما َ‬ ‫كأَن َّ َ‬ ‫ه َف َ‬ ‫ك بِالل َّ ِ‬ ‫ش ِر ْ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫يعبدون الفروج أشياء عجيبة‪َ ( :‬و َم ْ‬
‫يق) فال نجاة لك إال بعبادة هللا الذي خلقك ورزقك وقال‪:‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫ان َ‬ ‫ك ٍ‬ ‫يح فِي َم َ‬ ‫الرّ ُ@‬‫ه ِ‬ ‫تَ ْه ِوي بِ ِ‬
‫ون) هذه هي الحرية التي تحررك من كل ما يضرك‬ ‫نس إِال َّ لِيَ ْع ُب ُد ِ‬ ‫اإل َ‬ ‫ن َو ِ‬ ‫ْت ا ْلجِ َّ‬ ‫خلَق ُ‬ ‫( َو َما َ‬
‫وكل ما يفسد عقلك ويفسد قلبك ويفسد دينك‪ ،‬الحرية في عبادة هللا عز وجل تخلصك‬
‫ك‬‫ش ِر ْ‬ ‫ن ُي ْ‬ ‫من الذل للمخلوقين‪ ،‬تحررك من اتباع الهوى‪ ،‬تحررك من كل الشرور‪( :‬إِن َّ ُه َم ْ‬
‫ف َوا ْن َه‬ ‫م ْع ُرو ِ‬ ‫ار)‪َ ( ،‬و ْأ ُم ْر بِا ْل َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ن أَن َ‬ ‫ين ِم ْ‬ ‫م َ‬ ‫ار َو َما لِلظَّالِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ج َّن َة َو َمأ َوا ُه ال َّن ُ‬ ‫ه ا ْل َ‬ ‫م الل َّ ُه َعلَ ْي ِ‬ ‫ح َّر َ‬ ‫ه َفق َْد َ‬ ‫بِالل َّ ِ‬
‫ك) ألن الذي يأمر@ بالمعروف@ وينهى عن المنكر يلقى‬ ‫صابَ َ‬ ‫َ‬
‫ص ِب ْر َعلَى َما أ َ‬ ‫ك ِر َوا ْ‬ ‫من َ‬ ‫ن ا ْل ُ‬ ‫َع ْ‬
‫ق) هذا هو‬ ‫ح ِّ‬ ‫ص ْوا بِا ْل َ‬ ‫مشقة من الناس باللوم والتوبيخ أو بالتهديد عليه أن يصبر‪َ ( :‬وتَ َوا َ‬
‫ن‬
‫ك ِم ْ‬ ‫ك إِنَّ َذلِ َ‬ ‫صابَ َ‬ ‫صبِ ْر َعلَى َما أَ َ‬ ‫ص ْب ِر)‪َ ( ،‬وا ْ‬ ‫ص ْوا بِال َّ‬ ‫األمر بالمعروف@ والنهي عن المنكر( َوتَ َوا َ‬
‫ور ) أي‪ :‬من األمور التي تحتاج إلى عزيمة‪ ،‬وإلى قوة‪ ،‬وإلى تحمل‪ ،‬فليست‬ ‫َع ْز ِم األُ ُم ِ‬
‫األمور بالهينة؛ ولكن هللا جل وعال يعين عليها ويسهلها@ على من قام بها‪ ،‬ماذا لقي‬
‫األنبياء من الكفار والمشركين والمنافقين؟ هللا قص عليكم قصص األنبياء وآخرهم@ محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ماذا لقوا من الناس؟ ولكنهم@ صبروا حتى كانت العاقبة لهم‪:‬‬
‫ين)‪ ،‬بارك هللا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر@‬ ‫م َّت ِق َ‬ ‫( َوا ْل َعاقِبَ ُة لِ ْل ُ‬
‫الحكيم‪ @،‬أقول قولي هذا واستغفر هللا لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب‬
‫فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم‪ .‬الخطبة الثانية‪ :‬الحمد هلل على فضله وإحسانه‪،‬‬
‫وأشهد@ أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له تعظيما لشأنه‪ ،‬وأشهد أن محم ًدا عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه‪ ،‬وسلم تسليماً كثيرا‪ ،‬أما بعد‪ :‬أيها@ الناس‪@،‬‬
‫اتقوا هللا تعالى‪ ،‬ثم إن لقمان عليه السالم نهى ابنه عن األخالق السيئة فقال‪َ ( :‬وال‬
‫اس) ال تتكبر على الناس@ تعرض عنهم بوجهك وهم ينادونك ويخاطبونك‬ ‫ِ‬ ‫ك لِل َّن‬ ‫خ َّد َ‬‫ص ِ ّع ْر َ‬‫ُت َ‬
‫مشِ فِي األ َ ْرضِ‬ ‫ك لِل َّناسِ َوال تَ ْ‬ ‫خ َّد َ‬ ‫ص ِ ّع ْر َ‬‫أقبل عليهم بوجهك وسمع منهم ووجههم ( َوال ُت َ‬
‫َم َرحاً) مشيت المتكبر بقدميك أو بسيارتك أو بدابتك أو بخيلك ورجلك أمشي مشيت‬
‫ض َم َرحاً إِنَّ الل َّ َه ال ُيحِبُّ ُك َّ‬
‫ل‬ ‫ش فِي األ َ ْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫المتواضع ألنك عبد تواضع في مشيك‪َ ( :‬وال تَ ْ‬
‫ال ) معجب بنفسه فخور بنسبه‪ ،‬فخور بماله‪ ،‬فخور بجماله بغناه أو غير ذلك‪ ،‬ال تفخر‬ ‫خ َت ٍ‬ ‫ُم ْ‬
‫على الناس@ الذي أعطاك هللا نعمة من هللا وقادر على أن يسلبه منك فتصبح أضعف من‬
‫ك) يعني‪ :‬توسطت‬ ‫شيِ َ‬ ‫ص ْد فِي َم ْ‬ ‫ور* َوا ْق ِ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ال َف ُ‬ ‫خ َت ٍ‬ ‫ل ُم ْ‬ ‫هؤالء فال تتكبر‪( :‬إِنَّ الل َّ َه ال ُيحِبُّ ُك َّ‬
‫بالمشي ال تسرع ويكون لك جلبه وال تتكاسل في المشي وتتخامل@ في المشي‬
‫ل‬ ‫خ َتا ٍ‬ ‫ل ُم ْ‬ ‫وتتباطأ؛ بل كون متوسط في مشيك على قدر الحاجة‪( ،‬إِنَّ الل َّ َه ال ُيحِبُّ ُك َّ‬
‫ك) حتى الصوت ال تجهر@ بصوتك‬ ‫ص ْوتِ َ‬‫ن َ‬ ‫ض ِم ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫ك) توسط‪َ ( ،‬واغْ ُ‬ ‫شيِ َ‬ ‫ص ْد فِي َم ْ‬ ‫ور* َوا ْق ِ‬ ‫خ ٍ‬ ‫َف ُ‬
‫بدون حاجة إلى ذلك‪ ،‬أجعل صوتك متوسطا أو تتكلم بكالم المتكبرين والمتجبرين‬
‫ك) ال ترفع صوتك من غير حاجة فإن هذه‬ ‫ص ْوتِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض ِم ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫ك َواغْ ُ‬ ‫ش ِي َ‬ ‫ص ْد فِي َم ْ‬ ‫الغليظين ( َوا ْق ِ‬
‫ير) صون الحمار@ مزعج ولهذا‬ ‫م ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ت ا ْل َ‬ ‫ص ْو ُ‬ ‫ص َواتِ لَ َ‬ ‫ك َر األ َ ْ‬ ‫َ‬
‫صفة الحمير الدواب@ المعروفة‪( :‬إِنَّ أن َ‬
‫أمر النبي صلى هللا عليه وسلم عند سماع صوت الحمار@ أن تقول‪ :‬أعوذ باهلل من‬
‫الشيطان الرجيم ألنها ترى شيطانا‪ @،‬أما الديك فإنه يرى ملك من المالئكة@ إذا أذن صاح‬
‫الديك ألنه راء ملك من المالئكة الكرام ولهذا@ تقول عند ذلك‪ :‬أسأل هللا الكريم@ من فضله‪،‬‬
‫إذا سمعت صوت الديك تقول‪ :‬أسأل هللا الكريم@ من فضله ألنه راء ملك من المالئكة‪@.‬‬
‫فهذه وصايا عظيمة قصه هللا علينا لنمتثلها ونعمل بها@ فليست خاصة بإبن لقمان إنما@‬
‫ي‬‫هي عامة لجميع المؤمنين‪ .‬ثم اعلموا عباد هللا أنَّ خير الحديث@ كتاب هللا‪ ،‬وخير الهد َّ‬
‫وشر األمور ُمحدثاتها‪ @،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وعليكم‬ ‫َّ‬ ‫هدي محمد صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫بالجماعة‪ ،‬جماعة المسلمين وإمام المسلمين عند الفتن عند الثورات عند الشرور كونوا‬
‫مع إمام المسلمين ومع جماعة المسلمين عصمة من الشر والفتن‪ ،‬وعليكم بالجماعة‪،‬‬
‫فإنَّ يد هللا على الجماعة‪ ،‬ومن ش َّذ ش َّذ في النار‪ .‬ثم اعلموا رحمكم هللا أن هللا أمركم@‬
‫بأمر@ بدأ فيه بنفسه وهو حق من حقوق نبيه عليه الصالة والسالم فقال‪( :‬إِنَّ الل َّ َه‬
‫ل‬‫م ص ِّ‬ ‫ما)‪ ،‬الل َّ ُه َّ‬ ‫سلِي ً‬ ‫موا تَ ْ‬ ‫س ِل ّ ُ‬‫ه َو َ‬ ‫صلُّوا َعلَ ْي ِ‬ ‫ين آ َم ُنوا َ‬ ‫ي يَا أَيُّ َها ال َّ ِذ َ‬
‫صلُّونَ َعلَى ال َّن ِب ّ ِ‬ ‫ك َت ُه ُي َ‬ ‫َو َمالئِ َ‬
‫ة‬‫خلفائِه الراشدين‪ @،‬األئم ِ‬ ‫م عن ُ‬ ‫وارض الل َّ ُه َّ‬
‫َ‬ ‫وس ِل ّم على عب ِدك ورسولِك نبيَّنا محمد‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن‬ ‫المهديين‪ ،‬أبي بك َر‪ ،‬وعم َر‪ ،‬وعثمانَ ‪ ،‬وعل ّ ٍ‬
‫م أعز اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأذل الشرك‬ ‫بإحسان إلى يو ِم الدين‪ .‬الل َّ ُه َّ‬ ‫ٍ‬ ‫تبعهم‬
‫م أجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بالد‬ ‫م دمر أعداء الدين‪ ،‬الل َّ ُه َّ‬ ‫والمشركين‪ ،‬الل َّ ُه َّ‬
‫م كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد بأسا وأشد تنكيال‪ .‬عبا َد هللا‪( ،‬إِنَّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬الل َّ ُه َّ‬
‫ك ِر)‪ ،‬ول ِذك ُْر هللا‬ ‫من َ‬ ‫شا ِء َوا ْل ُ‬‫ح َ‬ ‫ن ا ْل َف ْ‬ ‫ان َوإِي َتا ِء ِذي ا ْل ُق ْربَى َويَ ْن َهى َع ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫اإل ْ‬
‫ل َو ِ‬ ‫الل َّ َه يَ ْأ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِ‬
‫يعلم ما تصنعون‪ .‬خطبة الجمعة ‪1435-03-02‬هـ‬ ‫ُ‬ ‫أكب َر‪ ،‬وهللا‬

You might also like