التقوى ومجالاتها

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫التقوى ومجاالتها‪ -‬خطبة الجمعة ‪1435-02-10‬ه‬

‫الخطبة األولى‬
‫الحمد هلل معز من أطاعه واتقاه ومذل من خالف أمره وعصاه‪  ،‬وأشهد أن‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له وال نعبد إال إي‪11‬اه‪ ،‬وأش‪11‬هد أن محم‪11‬دا عب‪11‬ده‬
‫ورس‪11‬وله ومص‪11‬طفاه‪ ،‬ص‪11‬لى هللا علي‪11‬ه وعلى آل‪11‬ه وأص‪11‬حابه ومن وااله‪،‬‬
‫وسلم تسليما كثيرا‪  ،‬أما بعد‬
‫أيُّها الناس‪ ،‬اتقوا هللا تعالى ‪ ،‬وهذه كلمة جامعة ((تقوى هللا)) تجمع كل خصال‬
‫الخير والبر واإلحسان‪ ،‬أمر هللا بها األولين واآلخرين قال سبحانه‪َ ( :‬ولَق َْد َو َّ‬
‫ص ْي َنا الَّ ِذ َ‬
‫ين‬
‫اس‬‫ُم أَنْ اتَّ ُقوا اللَّ َه)‪ ،‬وأم ر به ا جمي ع الن اس‪( :‬يَ ا أَيُّ َه ا ال َّن ُ‬ ‫ن َق ْبلِك ْ‬
‫ُم َوإِيَّاك ْ‬ ‫اب ِم ْ‬ ‫ُأو ُتوا ا ْلكِ َت َ‬
‫ت‬‫س َم ا َق َّد َم ْ‬ ‫ظ ْر نَ ْف ٌ‬ ‫ُم)‪ ،‬وأمر بها المؤمنين‪( :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َم ُنوا اتَّ ُقوا اللَّ َه َو ْل َت ْن ُ‬ ‫اتَّ ُقوا َربَّك ْ‬
‫ملُونَ )‪ ،‬وأمر بها كل مؤمن في خاصة نفسه‪.‬‬ ‫ما تَ ْع َ‬
‫ير بِ َ‬
‫خبِ ٌ‬ ‫لِ َغ ٍد َواتَّ ُقوا اللَّ َه إِنَّ اللَّ َه َ‬
‫ومجاالت التقوى كثيرة‪ ،‬تشمل كل حياة اإلنس ان م ع رب ه وم ع نفس ه وم ع أهل ه‬
‫ومع الناس كافة‪ ،‬عليه أن يتقي هللا سبحانه وتعالى في كل أحواله‪.‬‬
‫والتقوى معناها‪ :‬أن تتخذ وقاية تقيك من عذاب هللا ومن غضبه بفع ل أوام ره وت رك‬
‫نواهيه‪ ،‬فتفعل ما أمرك هللا به رجاء ثوابه‪ ،‬وت ترك م ا نه اك هللا عن ه تخ اف عقاب ه‪،‬‬
‫ه ذه هي التق وى‪ ،‬ألنه ا تقي من ع ذاب هللا‪ ،‬وتقي من الش رور كله ا‪ ،‬ومجاالته ا‬
‫كثيرة‪:‬‬
‫فيتقي ربه فيما بينه وبين هللا سبحانه وتعالى بفعل أوامره وترك نواهيه‪ ،‬فتوحي ده‬
‫وإخالص العبادة له تقوى يتقي ربه في ذلك ويؤدي عبادة هللا سبحانه وتعالى كما‬
‫أمره هللا خالصة لوجه هللا صوابا على سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫ُم نَ اراً)‪ ،‬اتق وا النس اء ف إن فتن ة ب ني‬ ‫ُم َوأَ ْ‬
‫ه ِليك ْ‬ ‫سك ْ‬ ‫ويتقي رب ه في أهل ه‪ُ ( :‬ق وا أَن ُف َ‬
‫إس رائيل ك انت في النس اء‪ ،‬وتق وى هللا في النس اء المحافظ ة عليهن وراعيتهن‬
‫ال‬‫ج ُ‬ ‫وتولي شؤونهن فيما ال يستطعن مباشرته من األشياء‪ ،‬فوليها يقوم عليها ( ِ‬
‫الرّ َ‬
‫ض) فال تترك الم رأة لحريته ا تض ر‬ ‫م َعلَى بَ ْع ٍ‬ ‫ل اللَّ ُه بَ ْعض َُه ْ‬‫ض َ‬‫ما َف َّ‬ ‫سا ِء بِ َ‬‫امونَ َعلَى ال ِنّ َ‬
‫َق َّو ُ‬
‫نفسها وتضر بيتها وتضر المجتمع كله‪ ،‬فإنها فتنة لوليها وفتنة للمجتمع كل ه‪ ،‬تجب‬
‫س ا ِء‬‫ص وا بِال ِنّ َ‬
‫اس َت ْو ُ‬
‫المحافظة عليها‪ ،‬قال صلى هللا عليه وس لم في خطب ة عرف ة‪ْ  :‬‬
‫خ ْي ًرا‪ ‬واالستصى بالنساء خيرا بإعطائهن حقوقهن التي ش رعها هللا لهن‪ ،‬وبمنعهن‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫ج ُ‬ ‫مما يخلو بدينهن وشرفهن‪ ،‬فال تترك المرأة ولهذا جعل هللا عليه ا الوالي ة‪ِ ( :‬‬
‫الرّ َ‬
‫ض)‪.‬‬‫م َعلَى بَ ْع ٍ‬ ‫ل اللَّ ُه بَ ْعض َُه ْ‬‫ض َ‬ ‫ما َف َّ‬‫سا ِء بِ َ‬‫امونَ َعلَى ال ِنّ َ‬
‫َق َّو ُ‬
‫وك ذلك تتقي هللا في ك ل عم ل تؤدي ه‪ ،‬تتقي هللا في طهارت ك من الح دث األك بر‬
‫واألص غر فتطه ر للص الة‪ ،‬تتقي هللا في ص التك تؤديه ا على الوج ه المطل وب كم ا‬
‫أمرك هللا‪.‬‬
‫تتقي هللا في كل أمور دينك بأن تقيم الدين هلل عز وجل‪.‬‬
‫تتقي هللا في معامالتك‪ ،‬تتجنب الحرام والمكاسب المحرم ة ق ال تع الى‪( :‬يَ ا أَيُّ َه ا‬
‫ين) ذروا م ا بقي من الرب ا‬ ‫م ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ُنت ْ‬
‫الرّبَ ا إِنْ ك ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ين آ َم ُنوا اتَّ ُقوا اللَّ َه َوذ َُروا َما بَ ِق َ‬
‫ي ِم ْ‬ ‫الَّ ِذ َ‬
‫لكم في ذمم الناس وإن ك انوا أغني اء فال تأخ ذ منهم الرب ا‪ ،‬وخ ذ رأس مال ك‪َ ( ،‬وإِنْ‬
‫م ونَ * َوإِنْ َك انَ ) الم دين معس را ال‬ ‫ظلَ ُ‬‫م ونَ َوال ُت ْ‬ ‫ُم ال تَ ْ‬
‫ظلِ ُ‬ ‫وس أَ ْم َوالِك ْ‬ ‫م َفلَك ْ‬
‫ُم ُر ُء ُ‬ ‫ُت ْب ُت ْ‬
‫يستطيع السداد فأمهل ه ح تى يس تطيع أو خفض عن ه ال دين أو أعف ه من ال دين‬
‫م تَ ْعلَ ُ‬
‫م ونَ )‬ ‫ُنت ْ‬ ‫خ ْي ٌر لَك ْ‬
‫ُم إِنْ ك ُ‬ ‫س َر ٍة َوأَنْ تَ َ‬
‫ص َّدقُوا َ‬ ‫ظ َر ٌة إِلَى َم ْي َ‬ ‫س َر ٍة َف َن ِ‬‫كله‪َ ( :‬وإِنْ َكانَ ُذو ُع ْ‬
‫فيتقي هللا في معامالته فال يتعامل بالمعامالت المحرمة وال يجاري الن اس‪ ،‬ال يب ع‬
‫المحرمات والخبائث والمسكرات والمخدرات‪ ،‬ال يب ع الص ور المحرم ة‪ ،‬ال يب ع إال م ا‬
‫الرّبَا)‪.‬‬
‫م ِ‬ ‫ح َّر َ‬
‫ع َو َ‬ ‫ل اللَّ ُه ا ْلبَ ْي َ‬ ‫أحل هللا بيعه‪َ ( :‬وأَ َ‬
‫ح َّ‬
‫يتقي هللا في معامالته مع الناس‪ ،‬وفي معامالته في البض ائع ال تي يج وز االتج ار‬
‫بها والتي ال يجوز االتجار بها‪ ،‬يستشعر تقوى هللا في كل شيء من شؤونه‪.‬‬
‫يتقي هللا في أخالقه ومظهره ومخبره فيلتزم باآلداب الشرعية ال يحل ق لحيت ه وال‬
‫يوفر شرابه وإنما يعمل بالسنة‪.‬‬
‫يتقي هللا في لباسه فال يسبل الثياب وال يتش به بمالبس الكف ار أو يلبس مالبس‬
‫النساء‪.‬‬
‫يتقي هللا في مأكله ومشربه فال يأكل الح رام وال يش رب الح رام‪ ،‬ال ي دخل جوف ه‬
‫الحرام‪ ‬فإن كل جسم نبت من السحت فالنار أولى به‪ ، ‬كما ق ال الن بي ص لى هللا‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫يتقي هللا في أوالده‪ ،‬ال يضيعهم وال يهملهم أمان ة في عنق ه‪ ،‬رعي ة تحت واليت ه‪،‬‬
‫يق وم عليهم وي ربيهم ويتعه دهم ويحاف ظ عليهم من الض ياع خصوص اً في م واطن‬
‫ُم َراعٍ‪َ ،‬و ُكلُّك ْ‬
‫ُم‬ ‫الفتن يحافظ على أوالده‪ ،‬فإنهم أمانة في عنقه وه و راع عليهم‪ُ  ‬كلُّك ْ‬
‫ه‪ ، ‬وال ي ترك تربي ة أوالده للخ دميين والخ ديمات أو دور الرعاي ة أو‬ ‫عيَّتِ ِ‬
‫ن َر ِ‬
‫ل َع ْ‬
‫س ُئو ٌ‬
‫َم ْ‬
‫يسرح هو ال ديري عن شيء يتابع الدنيا والمعامالت والتج ارة وال ي دري عن أوالده‬
‫أبدا إال أن ه ي وفر لهم الطع ام والش راب فق ط واللب اس يعطيهم الس يارات الفاره ه‬
‫ويظن أن ه ذا يكفي ال حقهم علي ك في أم ور دينهم أل زم من ت ربيتهم التربي ة‬
‫البدنية التي قد تضرهم وال تنفعهم فيحافظ على أوالده يتقي هللا في ذلك‪.‬‬
‫يتقي هللا في كل شؤونه‪.‬‬
‫وكذلك يتقي هللا في أي مكان كان مع الناس أو خاليا من الن اس أو في ب ر أو بح ر‬
‫الس ِي ّ َئ َة‬
‫َّ‬ ‫ت‪َ ،‬وأَ ْت ِب عِ‬
‫ث َم ا ُك ْن َ‬ ‫ق اللَّ َه َ‬
‫ح ْي ُ‬ ‫أو جو يتقي هللا قال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬اتَّ ِ‬
‫ن‪. ‬‬
‫س ٍ‬
‫ح َ‬
‫ُق َ‬
‫خل ٍ‬‫اس بِ ُ‬
‫خالِقِ ال َّن َ‬
‫س َنةَ‪َ ،‬و َ‬ ‫ا ْل َ‬
‫ح َ‬
‫يتقي هللا مع الناس ومع إخوانه ال يظلمهم وال يسيئوا إليهم‪.‬‬
‫س ِديداً) فليتقوا‬ ‫يتقي هللا في مقاله وكالمه‪( :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َم ُنوا اتَّ ُقوا اللَّ َه َوقُولُوا َق ْوال ً َ‬
‫هللا وليقولوا قوال سديدا‪.‬‬
‫يتقي هللا في ك ل تص رفاته وتقلبات ه فيفع ل م ا أح ل هللا ل ه ويتجنب م ا ح رم هللا‬
‫عليه‪.‬‬
‫يتقي هللا في مجتمعه‪ ،‬فيقوم بالدعوة إلى هللا‪ ،‬واألمر بالمعروف النهي عن المنكر‬
‫فإن هذا مما أوجبه هللا على المس لم أن ال يقتص ر على نفس ه ب ل يوج ه إخوان ه‬
‫بالنصيحة والمالحظة القيمة وال يتركهم فيما هم عليه ويقول أنا ما علي هذا على‬
‫ط ْع‬
‫س َت ِ‬ ‫ك ًرا َف ْل ُي َغ ِي ّ ْر ُه بِيَ ِد ِه َف ِإنْ لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ن َرأَى ِم ْنك ْ‬
‫ُم ُم ْن َ‬ ‫الهيئ ة أو على فالن أو عالن‪َ  :‬م ْ‬
‫ان‪ ‬ه ذا من األمان ة األم ر‬
‫م ِ‬‫اإلي َ‬
‫ف ِ‬ ‫ك أَ ْ‬
‫ض َع ُ‬ ‫ط ْع َفبِ َق ْلبِ ِ‬
‫ه َو َذلِ َ‬ ‫س َت ِ‬ ‫ه َف ِإنْ لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫َفبِلِ َ‬
‫س انِ ِ‬
‫ب المعروف والنهي عن المنك ر أمان ة في ذمت ك‪ ،‬تق وم بم ا تس تطيع منه ا وت برئ‬
‫ذمتك‪.‬‬
‫فعليك أن تتقي هللا في كل مجال وفي كل تصرف وفي كل عبادة تعب د هللا به ا أن‬
‫ن إِال َّ َوأَ ْن ُت ْ‬
‫م‬ ‫م و ُت َّ‬
‫ه َوال تَ ُ‬
‫ق ُتقَاتِ ِ‬
‫ح َّ‬ ‫تتقي هللا حق التقوى‪( :‬يَا أَيُّ َه ا الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َم ُن وا اتَّ ُق وا اللَّ َه َ‬
‫م) فمن اتقى هللا حس ب اس تطاعته ومقدرت ه‬ ‫اس َتطَ ْع ُت ْ‬‫مونَ )‪َ ( ،‬فاتَّ ُقوا اللَّ َه َم ا ْ‬
‫سلِ ُ‬
‫ُم ْ‬
‫فقد اتقى هللا حق تقاته‪ ،‬وإال فتقوا هللا حق تقاته ال يطيقها أحد إال األفراد الخ واص‬
‫من الناس؛ لكن إذا اتقى هللا حسب استطاعته فقد أدى ما عليه‪.‬‬
‫ف‪11‬اتقوا هللا‪ ،‬عب‪11‬اد هللا‪ ،‬في ك ل أم وركم‪ ،‬راقب وا هللا س بحانه وتع الى في ك ل‬
‫تصرفاتكم‪.‬‬
‫اتقوا هللا في أنفسكم‪ ،‬واتقوا هللا في أوالدكم وفي بيوتكم اتقوا هللا في نس اءكم‪،‬‬
‫اتقوا هللا في تج ارتكم ومكاس بكم‪ ،‬اتق وا هللا في ك ل تقلب اتكم وتص رفاتكم ف إنكم‬
‫مس ئولون أم ام هللا س بحانه وتع الى ومحاس بون ومجزي ون إن أهملت فلس ت‬
‫بمهمل‪.‬‬
‫فتقي هللا في نفس ك‪ ،‬واتقي هللا في ك ل م ا أم رت أن تتقي ه وتتجنب ه‪ ،‬تتجنب‬
‫المحرمات هذا توقيها‪ ،‬وتفعل الواجبات وتؤديها هذه تقوى هللا في األعمال‪.‬‬
‫تتقي هللا في ك ل ش ؤون حيات ك‪ ،‬وفي ك ل م ا والك هللا علي ك‪َ ( ،‬واتَّ ُق وا ال َّنا َر الَّتِي‬
‫ين) اتقوا هللا في اجتناب ما ي دخلكم الن ار‪ ،‬تجنب وه ف إن الن ار محفوف ة‬ ‫ت لِ ْل َ‬
‫كافِ ِر َ‬ ‫ُأ ِ‬
‫ع َّد ْ‬
‫بالشهوات والجنة محفوفة بالمك ارة‪ ،‬لن تحص لوا على الجن ة إال بتق وى هللا أع دت‬
‫للمتقين والنار أعدت للكافرين وهي محفوفة بالشهوات‪ ،‬والجنة محفوفة بالمكارة‪.‬‬
‫فعليك أن تتقي هللا في طلب الجنة وإنجاء نفسك من النار أعوذ باهلل من الشيطان‬
‫َّل‬
‫ن يَ َت َوك ْ‬
‫ب َو َم ْ‬
‫س ُ‬
‫ح َت ِ‬
‫ث ال يَ ْ‬
‫ح ْي ُ‬
‫ن َ‬ ‫خ َرج اً* َويَ ْر ُز ْق ُه ِم ْ‬ ‫ل لَ ُه َم ْ‬ ‫ج َع ْ‬ ‫ن يَ َّتقِ اللَّ َه يَ ْ‬
‫ال رجيم‪َ ( :‬و َم ْ‬
‫ً‬
‫ي ٍء َق ْدرا )‪ ،‬بارك هللا ولكم‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ل اللَّ ُه لِ ُك ِ ّ‬‫ج َع َ‬ ‫َ‬
‫س ُب ُه إِنَّ اللَّ َه بَالِ ُغ أ ْم ِر ِه َق ْد َ‬
‫ح ْ‬ ‫َعلَى اللَّ ِ‬
‫ه َف ُه َو َ‬
‫في الق رآن العظيم ونفعن ا بم ا في ه من البي ان وال ذكر الحكيم‪ ،‬أق ول ق ولي ه ذا‬
‫واستغفر هللا لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إلي ه إن ه‬
‫هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫الحمد هلل على فضله وإحسانه‪ ،‬وأشكره على توفيق‪11‬ه وامتنان‪11‬ه‪ ،‬وأش‪11‬هد‬
‫أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له تعظيما لشأنه‪ ،‬وأشهد أن محم ًدا عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه‪ ،‬وسلم تسليماً كثيرا‪    ،‬أم‪11‬ا‬
‫بعد‪:‬‬
‫أيها الناس‪ ،‬هناك فئة أو كثير من الن اس يش مئز ويغض ب إذا قي ل ل ه‪ :‬اتقي هللا‪،‬‬
‫ك‬‫ن ُي ْعجِ ُب َ‬‫اس َم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال َّن‬ ‫ويظن أنك تنتقده وال يعلم أنك تنصحه وأنك تريد ل ه الخ ير‪َ ( :‬و ِم ْ‬
‫ش ِه ُد اللَّ َه َعلَى َم ا فِي َق ْل ِب ِه) مظه ره طيب ولكن مخ بره‬ ‫َق ْو ُل ُه فِي ا ْل َ‬
‫حيَ ا ِة ال ُّد ْنيَا َو ُي ْ‬
‫م) ال يتحاشى الكالم الس يئ وال‬ ‫صا ِ‬
‫خ َ‬ ‫َ‬
‫ه َو ألَ ُّد ا ْل ِ‬ ‫ش ِه ُد اللَّ َه َعلَى َما فِي َق ْل ِب ِ‬
‫ه َو ُ‬ ‫خبيث ( َو ُي ْ‬
‫س ُب ُه‬‫ح ْ‬‫م َف َ‬ ‫اإل ْث ِ‬ ‫ق اللَّ َه أَ َ‬
‫خ َذ ْت ُه ا ْل ِع َّز ُة بِ ِ‬ ‫ل لَ ُه اتَّ ِ‬ ‫يتحاشى اللغو والشتم والس باب‪َ ( :‬وإِذَا قِي َ‬
‫م َها ُد) ألم يعلم أن هللا أمر رسوله بالتقوى‪ ،‬وه و اتقى الن اس علي ه‬ ‫م َولَبِئ َ‬
‫ْس ا ْل ِ‬ ‫ج َه َّن ُ‬
‫َ‬
‫ق اللَّ َه) كفيف يأنف المسلم إذا قيل ل ه‪ :‬اتقي‬ ‫َ‬
‫الصالة والسالم‪ ،‬قال(يَا أيُّ َها ال َّن ِب ُّ‬
‫ي اتَّ ِ‬
‫هللا‪ ،‬علي ه أن يتقي هللا ‪ ،‬وأن يتفحص أعمال ه وتص رفاته فيع دل م ا ك ان منه ا من‬
‫سيء وعليه أن يشكر للناصح ويدعو له‪ ،‬ولكن مع العلم أن النصيحة واألمر بتق وى‬
‫هللا ال تكون عالنية عند الناس؛ بل تك ون بين الناص ح والمنص وح تك ون س رية ف إن‬
‫هذا ادعى للقبول وأوصل للنصيحة قد تأخذه العزة باإلثم إذا جاهره بذلك ولكن ه ل و‬
‫أسر له فيما بينه وبينه لكن ذلك ادعى للقبول وأخلص في النصيحة‪.‬‬
‫ي هدي محمد صلى هللا علي ه‬ ‫واعلموا‪ ‬أنَّ خير الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهد َّ‬
‫وشر األمور ُمح دثاتها‪ ،‬وك ل بدع ة ض اللة‪ ،‬وعليكم بالجماع ة‪ ،‬ف إنَّ ي د هللا‬ ‫َّ‬ ‫وسلم‪،‬‬
‫على الجماعة‪ ،‬ومن ش َّذ ش َّذ في النار‪.‬‬
‫موا‬‫س ِل ّ ُ‬ ‫ص لُّوا َعلَ ْي ِ‬
‫ه َو َ‬ ‫ي يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ين آ َم ُنوا َ‬ ‫صلُّونَ َعلَى ال َّنبِ ّ ِ‬ ‫(إِنَّ اللَّ َه َو َمالئِ َ‬
‫ك َت ُه ُي َ‬
‫ل وسلِ ّم على عب ِدك ورسولِك نبيَّنا محمد‪ ،‬البشير الن ذير ال ذي‬ ‫م ص ِّ‬ ‫ما)‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬‫سلِي ً‬
‫تَ ْ‬
‫بلغ البالغ المبين ونصح أمته وأدى ما أرسله هللا إلي ه وبل غ م ا أرس له هللا ب ه إلى‬
‫أمته فصلوات هللا وسالمه عليه دائما وأب دا وعلى أهل ه وأص حابه خصوص ا الخلف اء‬
‫ي‪ ،‬وعن الص حابة أجمعين وعن الت ابعين‬ ‫الراشدين أبي بك َر‪ ،‬وعم َر‪ ،‬وعثم انَ ‪ ،‬وعل ّ ٍ‬
‫ن إلى يو ِم الدين‪.‬‬ ‫ومن تبعهم بإحسا ٍ‬
‫م أع ز اإلس الم والمس لمين‪ ،‬وأذل الش رك والمش ركين‪ ،‬ودم ر أع داء‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫ال دين‪ ،‬وجع ل ه ذا البل د آمن ا مطمئن ا وس ائر بالد المس لمين عام ة ي ا رب‬
‫مكف‬ ‫م من أراد اإلسالم والمس لمين بس وء فأش غله بنفس ه‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫العالمين‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫م اجع ل كي دهم في نح رهم‪،‬‬ ‫عنا عدوان المعتدين وشر الطغ اة والمفس دين‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫م ال تسلطهم علينا ب ذنوبنا وس يئاتنا‪ ،‬فكث ير‬ ‫م عن نعوذ بك من شرورهم‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫اللَّ ُه َّ‬
‫من الناس إنما يلوم الكف ار ويلقي ويلعن الكف ار ويس ب الكف ار ولكن ه ال ينظ ر في‬
‫أعماله وينظر ما الذي سلط الكفار علي ه‪ ،‬علي ه أن يص لح نفس ه ويص لح مجتمع ه‬
‫حسب مقدرته‪ ،‬ويعلم أن الكفار ما تسلطوا عليه إال عقوبة له وبسبب ذنوب ه‪ ،‬فل و‬
‫أن المسلمين أصلحوا أحوالهم وأقاموا دينهم وحكموا بشرع هللا لم ا تس لط عليهم‬
‫الكف ار ألذل هللا الكف ار كم ا حص ل لص در ه ذه األم ة أنه ا انتص ر على أه ل األرض‬
‫وسلبت الممالك الكب ار ألنهم ق اموا بم ا اوجب هللا عليهم نح و أنفس هم فأص لحوا‬
‫أحوالهم وأنفسهم أوال وجاهدوا أنفسهم أوال ثم جاهدوا الكفار والمن افقين فل ذلك‬
‫م أحف ظ أمن ا وإيمانن ا واس تقرارنا في‬ ‫نصرهم هللا وأعزهم هللا وخذل أعدائهم‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫م ك ف عن ا ب أس ال ذين كف روا‬ ‫م أمنا في دورنا وأصلح والة أمورن ا‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫أوطاننا‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫م ردهم إلى‬ ‫م أص لح أح وال المس لمين‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬ ‫ف أنت أش د بأس ا وأش د ت نيال ‪ ،‬اللَّ ُه َّ‬
‫الدين ردا حميدا حتى ينتصروا على عدوهم ويحم وا بالدهم إن ك على ك ل ش يء‬
‫قدير‪.‬‬
‫ش ا ِء‬‫ح َ‬ ‫ن ا ْل َف ْ‬
‫ن َوإِي َت ا ِء ِذي ا ْل ُق ْربَى َويَ ْن َهى َع ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫اإل ْ‬
‫ل َو ِ‬‫د هللا‪( ،‬إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِ‬ ‫عبا َ‬
‫ض وا‬ ‫م َوال تَن ُق ُ‬ ‫ه ْد ُت ْ‬ ‫ه إِذَا َعا َ‬ ‫َ‬
‫ُم تَ َذك َُّرونَ )‪َ ( ،‬وأ ْو ُف وا بِ َع ْه ِد اللَّ ِ‬ ‫ُم لَ َعلَّك ْ‬ ‫ظك ْ‬ ‫ْي يَ ِع ُ‬ ‫ك ِر َوا ْلبَغ ِ‬ ‫من َ‬ ‫َوا ْل ُ‬
‫م َما تَ ْف َعلُونَ )‪ ،‬ف ذكروا‬ ‫ُم َك ِفيال ً إِنَّ اللَّ َه يَ ْعلَ ُ‬ ‫م اللَّ َه َعلَ ْيك ْ‬ ‫ج َع ْل ُت ْ‬
‫ها َو َق ْد َ‬ ‫مانَ بَ ْع َد تَ ْوكِي ِد َ‬ ‫األ َ ْي َ‬
‫يعلم ما تصنعون‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يز ْدكم‪ ،‬ول ِذ ْك ُر هللا أكب َر‪ ،‬وهللا‬ ‫هللا يذكركم‪ ،‬واشكُروه على نعمه ِ‬
‫‪ ‬‬
‫خطبة الجمعة ‪1435-02-10‬هـ‬

You might also like