Professional Documents
Culture Documents
الخطبة الأولى
الخطبة الأولى
الخطبة الأولى
الحمد هلل رب العالمين أغنانا بحاله عن حرامه ،وكفنا بفضله عمن سواه،
وأش)هد أن ال إل)ه إال هللا وح)ده ال ش)ريك ل)ه وال نعب)د إال إي)اه ،وأش)هد أن
محمدا عبده ورسوله ومصطفاه ،صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ومن
وااله ،وسلم تسليما كثيرا ،أما بعد
أيُّها الناس ،اتقوا هللا تعالى ،واعلموا أن هللا سبحانه وتع الى أم ر بطلب ال رزق
وشرع له طُرقا مباحة ،كما أنه أمر باإلنفاق ،وشرع لإلنفاق طُرقا مباحة ومشروعة
منها م ا ه و واجب ،ومنه ا م ا ه و مس تحب ،ومنه ا م ا ه و مب اح ،وال واجب على
المسلم أن يطلب الرزق من الوج وه المباح ة ويقتن ع به ا وال يتع داها إلى الط رق
المحرمة ،ال يحمله حب الم ال على أن يقتحم الط رق المحرم ة للكس ب وال يغ تر
بما علي ه كث ير من الن اس ،علي ه أن يل زم الطري ق الص حيح وال يحمل ه حب الم ال
والجش ع والطم ع على أن يقتحم الط رق الخط رة علي ه بالقناع ة بم ا أح ل هللا
م ا أَ ْم َوا ُلك ْ
ُم م وا أَنَّ َ اعلَ ُس بحانه وتع الى ،فالم ال مس ئولية ق ال هللا ج ل وعالَ ( :و ْ
م) ،فالمس لم اس َتطَ ْع ُت ْ م) ( َف اتَّ ُقوا اللَّ َه َم ا ْظي ٌ ج ٌر َع ِ ع ْن َد ُه أَ ْ
ة َوأَنَّ اللَّ َه ِ ُم فِ ْت َن ٌ َوأَ ْو ُ
الدك ْ
يقتصر على ما أحل هللا في طلب المال وينفق فيم ا ش رع هللا فإن ه سيس أل من
ماله يوم القيامة من أين اكتس به؟ وفيم ا أنفق ه؟ ق ال ص لى هللا علي ه وس لم :ال
نم ا أَ ْبال ُه؟ و َع ْ ه فِي َ ش بَابِ ِ ن َن أَ ْربَ عَِ :ع ْل َع ْس أَ َح َّتى ُي ْ ة َم ا ْل ِقيَا َم ِول َق ِد َما َع ْب ٍد يَ ْو َ تَ ُز ُ
ه َم ا عم ل ن َعلِم ِ َ
م ا أ ْن َف َق ُه؟ َو َع ْ
س بَ ُه َوفِي َن ا ْك َت َ َ
ن أ ْي َه ِم ْ ن َمالِ ِ َ
ما أ ْف َن ا ُه؟ َو َع ْ م ُر ِه فِي َ
ُع ُ
به؟ ، فيسأل عن ماله من أين اكتسبه؟ من أي طري ق ج اءك ه ذا الم ال؟ وي دقق
عليه في ذلك حتى يتمنى أنه من الفقراء ،من أين أكسبته؟ كيف دخل عليك هذا
المال؟ ثم يسأل سؤال آخر ،فيما أنفقت هذا المال؟ أنفقته على ه واك ،ش هواتك،
أو أنفقت ه في طاع ة هللا وفيم ا ش رع هللا اإلنف اق في ه وفي الح ديث :أن فق راء
المهاجرين يدخلون الجنة قبل األغنياء بمده ، ألن األغني اء وهم ص حابة رس ول هللا
ص لى هللا علي ه وس لم يقف ون للحس اب على أم والهم ،فيت أخر دخ ولهم الجن ة،
فكيف بغيرهم؟
فالمسئولية عظيمة يا عباد هللا ،ليس المهم أن تجمع المال وأن تصبح لك أرص دته
في البنوك أو عقارات ،المهم أن تسلم من هذا المال دخوال وخروجا ،ومن العجيب
أنك تحاسب عن هذا المال كله ،وأنك تتركه كله ،تخرج من الدنيا كم ا دخلت ليس
عليك إال الكفن ،خرقة من القماش تدخلها عريان ا وتخ رج منه ا عريان ا وه ذا الم ال
يبقى تبعتاً عليك ومسئولية عليك ،وينتفع به غيرك.
فحاسبوا أنفس كم ي ا عب اد هللا ،ال نق ول ال تطلب وا ال رزق ال تطلب وا التج ارة؛ ولكن
نقول عليكم بالطرق المباحة ،والكس ب المب اح ،وعليكم باإلنف اق كم ا أم ركم هللا
اإلنفاق فيه ،وجوبا أو استحبابا أو حتى مباحا ،حتى تسلموا يوم القيامة من تبعت
هذا المال ،ليأتين يوم يتمنى األغني اء أنهم فق راء ليس بأي دهم ش يء من الم ال،
فالمال مسئولية عظيمة وخطيرة ،فمن الناس من يمشي مع الع الم الس يما في
هذا الوقت فإن التعامل ص ار حس ب االقتص اد الع المي ال ذي ال يت ورع عن الرب ا ال
يتورع عن رشوة ،ال يتورع عن غش ،ال يتورع عن أي كسب ،بعض من المؤمنين أو
كثير من المؤمنين يمشون مع العالم اليوم ،واس تجدت مع امالت عالمي ة الب د من
عرضها على اإلسالم ،وأخذ رأي اإلسالم فيها ،فم ا ك ان منه ا مباح ا فالحم د هلل،
من كان محرما فإن المؤمن يترك ه ويمش ي م ع الطري ق الحالل ألن ه مس ئول عن
هذا يوم القيامة ،ومشدد عليه يوم القيامة ،فعلى المس لم أن يتص ور ه ذا ،وأن ال
يدخل مع الناس فيم ا هم علي ه دون أن يتقي د بش رع هللا س بحانه وتع الى ،ف إن
األمر خطير جدا ،والناس اليوم يقلدون االقتص اد الع المي وي دخلون م ع الكف ار في
مع امالتهم ش ركاتهم دون تم يز فيم ا ه و حالل؟ وم ا ه و ح رام وغ الب؟ غ الب
مكاس ب الكف ار محرم ة ألنهم ال يؤمن ون باهلل ع ز وج ل الس يما اليه ود ف إنهم ال
يتورعون عن الحرام ،واالقتصاد العالمي في الغالب يصدر عن اليه ود ،ي أكلون الرب ا
ت) ه ذا في اليه ود، ح ِلس ْك ِذبِ أَكَّالُونَ لِ ُّ اعونَ لِ ْل َ
م ُ س َّ ي أكلون الس حت والرش وةَ ( :
ل) ه ذا في اليه ود ،فال ط ِ م أَ ْم َوا َ
ل ال َّناسِ بِا ْلبَا ِ الرّبَا َو َق ْد ُن ُه وا َع ْن ُه َوأَ ْكلِ ِه ْ
م ِ ه ْ ( َوأَ ْ
خ ِذ ِ
نمشي في ركابهم ،ونهلك أنفسنا معهم ،بل علينا أن نستحضر العرض والحساب
يوم القيامة ،وأن نفكر في أموالنا ،من أين اكتسبنها؟ وأن نفكر في إنفاقنا ،هل هو
على موجب شرع هللا أو على غير شرع هللا؟ م ا دمن ا في زمن اإلمك ان ،س يأتي
يوم علي ك ال تتمكن من مس ئولية ه ذا الم ال وأخط اره ،أم ا الي وم فبإمكان ك ذل ك
ولكن النفوس في الغالب أمارة بالسوء ،ومتعلقة باألطماع.
فعليك يا عب د هللا ،أن تحاس ب نفس ك في ه ذا ال دنيا وأن تتخلص من المحرم ات
ن الَّ ِذ َ
ين س بَ َّح َ قبل أن يحال بينك وبين التخلص منها وتكون طوق ا في عنق كَ ( :وال يَ ْ
س ُيطَ َّوقُونَ َم ا بَ ِ
خ ُل وا م َ ش ٌّر لَ ُه ْ
ه َو َ ل ُ م بَ ْ خ ْيراً لَ ُه ْ
ه َو َ ه ُ ضلِ ِن َف ْم اللَّ ُه ِم ْ ه ْما آتَا ُ خلُونَ بِ َ يَ ْب َ
ة) فعليك أن تتص ور ه ذا ،وأن تمتن ع عن كث ير مم ا علي ه الن اس وأن م ا ْل ِقيَا َم ِ
ه يَ ْو َبِ ِ
تنقي مالك من الحرام تكون حسيبا على نفسك من اآلن قبل أن يحال بين ك وبين
ذلك ،فحاسب نفسك وال تغامر ،وال يغرن ك حب الم ال أو تقلي د فالن وعالن عن أن
ترجع إلى الصواب ،مر النبي ص لى هللا علي ه بب اع طع ام فأدخ ل الن بي ص لى هللا
عليه وسلم ي ده في الطع ام ف أدركت في أس فله بالال فق ال :م ا ه ذا ي ا ص احب
الطعام؟ قال :أصابته السماء يا رسول هللا أي :المطر ،قال :أفال جعلته ظاهرا حتى
يراه الناس من غشنا فليس منا فالغش -والعياذ باهلل -تبرأ النبي ص لى هللا علي ه
وس لم من ص احبه :من غش نا فليس منا غ الب الن اس يعت برون الغش أن ه من
الحذق وأن ه من المعرف ة باالكتس اب فال يب الي في الغش م ع أن ه يخرج ه من أن
يكون من هذه األمة ليس معن اه أن ه يكف ر لكن معن اه أن ه ال يك ون مس لما كام ل
اإلسالم أو كامل اإليمان؛ بل يكون عنده نقص بحس ب الغش ،سيس أل عن ه ي وم
القيامة ،ويحاسب عليه يوم القيامة وت رد المظ الم إلى أهله ا ح تى يقت اد للش اة
الجلح اء من الش اة القرن اء ي وم القيام ة ،ي وم ال يك ون دين ار وال درهم ،يؤخ ذ من
حسنات الظالم فتعطى للمظل وم ف إن ف نيت حس ناته أخ ذ من س يئات المظل وم
فطرحت عليه وطرح في النار فاألمر خطير يا عباد هللا ،ال تظلم الناس في أموالهم،
ُم
اض ك ْ ُم وأموالكم َوأَ ْع َر َ ال تظلمهم في أعراضهم ،ال تظلمهم في دماءهم :إِنَّ ِد َما َءك ْ
هذَا يق ول الرس ول ُم َهذَا ،فِي بَلَ ِدك ْ ُم َ ش ْه ِرك ْ هذَا ،فِي َ ُم َ ة يَ ْو ِمك ْ
ح ْر َم ِمَ ،ك ُ ح َرا ٌ
عليكم َ
ْت ق الوا :نعم لق د بلغت، ل بَلَّغ ُه ْ َ
ص لى هللا علي ه وس لم في حج ة ال وداع :أال َ َ
فاش َه ْد. ْ قال :اللَّ ُه َّ
م
ور) ،ال ه ا ْل َغ ُر ُ
ُم بِاللَّ ِ
حيَ ا ُة ال ُّد ْنيَا َوال يَ ُغ َّرنَّك ْ ُم ا ْل َفلنتقي) هللا يا عباد هللاَ ( :فال تَ ُغ َّرنَّك ْ
يخدعكم الطمع والجشع في عدم المباالة فيما ت أكلون؛ ب ل عليكم أن ال ت أكلوا إال
من الحالل الذي أباحه هللا سبحانه وتعالى ،فكيف تأكل من مال الحرام؟ وتؤك ل أو
تؤكل أهل بيتك من مال ح رام ،فتك ون المس ئولية علي ك ي وم القيام ة ،ج اء غالم
ألبي بكر رضي هللا عنه جاءه بطعام فأكله أكله أبو بكر فقال الغالم :أت دري من أين
اكتسبت هذا المال؟ قال :ال ،قال :ه ذا أخذت ه من ق وم تكهنت لهم في الجاهلي ة
ولم أحسن الكهانة فأعطوني هذا أجرا ،فأدخل أبو بكر رض ي هللا عن ه أص ابعه في
حلقه وتقيأ الطعام ،فقالوا :يا خليفة رسول هللا لماذا؟ قال رضي هللا عن ه :وهللا ل و
خ رجت نفس ي مع ه ألخرجته ا ،إن س معت رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم
يقول :كل جسم نبت من السحت فالنار أولى به.
فعليكم يا عباد هللا بتنقية أموالكم ،تنقيتها من الرب ا ،تنقيته ا من الرش وة ،تنقيته ا
من الكذب والغش والمخادعات في المعامالت ،أصبح األمين في هذا الوقت أص بح
قليال في الناس وحتى من يرونه يتورع عن المكاس ب المحرم ة يص فونه بالتغفي ل
وعدم الحذق ،ويصفون الذي ال يبالي بأنه حاذق وأنه ماهر في الكسب وأنه عاق ل
إلى آخره ،فصار األمين يزدرى في هذا الوقت ويستنقص.
فعليكم يا عباد هللا ،بتنقية أموالكم ،عليكم ب التخلص من الح رام ،عليكم بالقناع ة
في الحالل ،ف إن الحالل مب ارك ،إن أكلت ه وإن تص دقت ب ه وإن ورثت ه فه و مب ارك
ويكتب لك أجره ،أما إذا كان حراما فإنك إن أكلت ه أكلت حرام ا ،وإن تص دقت ب ه لم
يقبل منك ،وإن تركته للورثة كان زادك إلى النار ،كما في الحديث.
فاتقوا هللا يا عباد هللا ،خلصوا أنفسكم من المكاس ب المحرم ة ،اختص روا على
ما أباح هللا ،فالمباح مبارك ولو كان قليال ،والحرام منزوع البركة ول و ك ان قليالَ ( :فال
ق
ه َ م بِ َه ا فِي ا ْل َ
حيَ ا ِة ال ُّد ْنيَا َوتَ ْز َ م ا ُي ِري ُد اللَّ ُه لِ ُي َع ِّ
ذبَ ُه ْ م إِنَّ َ
ه ْ م َوال أَ ْو ُ
الد ُ ك أَ ْم َوال ُُه ْ
ُت ْعجِ ْب َ
م َكافِ ُرونَ ) ،بارك هللا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البي ان ه ْ م َو ُ أَن ُف ُ
س ُه ْ
والذكر الحكيم ،أقول قولي هذا واستغفر هللا لي ولكم ولجميع المسلمين من ك ل
ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد هلل على فضله وإحسانه ،وأشكره على توفيق))ه وامتنان))ه ،وأش))هد
أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له تعظيما لشأنه ،وأشهد أن محم ًدا عبده
ورسوله الداعي إلى رضوانه ،صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ،وسلم
تسليماً كثيرا .
ثم اعلموا يا عب))اد هللا ،أن الكس ب الح رام ليس مقص ورا على التج ارة ،ولكن ه
ُم أَنْ ُت َؤدُّوا يدخل في األعم ال ال تي يت واله الموظف ون فإن ه أمان ة( :إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُرك ْ
ُم أَنْ
ه ِل َها) هللا جل وعال يخاطب الوالة والحكام فيقول( :إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُرك ْ ت إِلَى أَ ْاأل َ َمانَا ِ
م م ُت ْك ْح َ
هلِ َه ا َوإِذَا َ ُت َؤدُّوا األ َ َمانَاتِ) وهي الوظائف والواليات( ،أَنْ ُت َؤدُّوا األ َ َمانَ اتِ إِلَى أَ ْ
ل) هذه وصية للحكام والشاهد منها :األمان ات (إِنَّ اللَّ َه موا بِا ْل َع ْد ِ اس أَنْ تَ ْ
ح ُك ُ ِ ن ال َّن بَ ْي َ
هلِ َها) يع ني :أن تول وا على أعم ال المس لمين من َ َ َ
ُم أنْ ُت َؤدُّوا األ َمانَ اتِ إِلَى أ ْ يَ ْأ ُم ُرك ْ
فيه نصح وفيه إبراء لذمته بأن يقوم بها على الوجه المطل وب وال تولوه ا لمن يغ در
ويخون فيها ،لمن يأخذ الرشوة على أعمال الوظيفة فال ينج ز من األعم ال إال لمن
ي دفع ل ه الرش وة ومن ال ي دفع ل ه الرش وة يعرق ل معاملت ه أو أن ه يمنعه ا ويق دم
الراشي على األمين على صاحب الحق.
كذلك من األمانة في العمل أن تقوم به وال تتأخر عنه من غير عذر ،أن تبذل وقت ك
للعمل الذي وليت عليه وال تتأخر عنه ،وال تتكاسل عنه ،وال تترك الن اس ي أتون وال
يج دون أح د في المك ان ينج ز لهم أعم الهم في إج ازة في س فر في ك ذا ،أنت
ت) س ماه مسئول عن هذا العمل وه و أمان ة ،هللا س ماه أمان ة( :أَنْ ُت َؤدُّوا األ َ َمانَ ا ِ
أمانة فعلي ك أن تق وم ب ه على الوج ه المطل وب وإال فإن ك مس ئول عن ه أم ام هللا
سبحانه وتع الى ،إذا لم تؤدي ه في ال دنيا فس تؤديه ي وم القيام ة من أعمال ك ،م ا
تؤديه الدراهم الذي أخذتها ترد دراهم يوم القيام ة م ا في دراهم م ا في دين ار وال
درهم ،تؤدي هذا العمل الذي خنته فيه من أعمالك الصالحة التي أنت أح وج إليه ا
لتنجو بها من عذاب هللا.
ين
د ُف))اتقوا هللا عب))اد هللا ،ال دين النص يحة ق ال ص لى هللا علي ه وس لم :ال ِّ
ح ُة والنص يحة معناه ا ع دم الغش ،والش يء الناص ح ه و الخ الص من ص ي َ ال َّن ِ
ح ُة ب أن تك ون ناص حا ،أن تك ون خالي ا من الغش في ك ل ص ي َ ين ال َّن ِ
د ُ الغش ،ال ِّ
ين
م َ س لِ ِ ة ا ْل ُ
م ْ ه َوألَئِ َّ
م ِ ه َولِكِ َتابِ ِ
س ول ِ ِ أم ورك ،قلن ا :لمن ي ا رس ول هللا؟ ق ال :لِلَّ ِ
ه َولِ َر ُ
م كل ه ؤالء لهم علي ك ح ق ال ب دأ أن تؤدي ه وال تخن في ه ،ق ال ص لى هللا َو َعا َّمتِ ِه ْ
ك ، ف أنت مس ئول عن خانَ َ ن َ ن َم ْخ ْك َوال َ تَ ُ م َن َ َ َ
علي ه وس لم :أ ِدّ األ َمانَ َة إِلَى َم ِ
ن ا ْئ َت َ
اع ونَ ) ه ذا من ص فات المؤم نين، م َر ُ ه ْ م َو َع ْه ِد ِ م أل َ َمانَ اتِ ِه ْه ْ ين ُ أمانت كَ ( :والَّ ِذ َ
اع ونَ ) يراع ون ويؤدونه ا وال يخن ون فيه ا ،فليس ت األمان ة م َر ُ ه ْ م َو َع ْه ِد ِ (أل َ َمانَ اتِ ِه ْ
مقص ورة كم ا يفهم بعض الن اس مقص ورة على الوديع ة ،الوديع ة ن وع يس ير من
األمانات ،األمانات كثيرة:
عليك أمانة هلل في طاعته وامتثال أمره.
عليك أمانة للرسول صلى هللا عليه سلم في إتباعه والعمل بشرعه.
عليك أمانة لكتاب هللا أن تتلوه حق تالوته وأن تعمل به.
عليك أمانة لولي األمر أن تسمع له وتطيع بالمعروف.
عليك أمانة لجميع الناس ،وألئمة المس لمين وع امتهم ،لعام ة الن اس أن تتعام ل
معهم بالعدل واألمانة وعدم الخيانة وعدم الغش وعدم المكر وعدم الخديعة ،ه ذه
ض َنا
أمانات عظيمة تحملها على رقبتك ،ك ل علي ه أمان ة في ه ذه الحي اة( :إِنَّا َع َر ْ
ْن ِم ْن َها) خفنا منها ش َفق َم ْل َن َها َوأَ ْ ن أَنْ يَ ْ
ح ِ ال َفأَبَ ْي َ م َواتِ َواأل َ ْر ِ
ض َوا ْلجِبَ ِ الس َ
َّ األ َ َمانَ َة َعلَى
ان إِنَّ ُه َك انَ
س ُ ملَ َه ا ِ
اإل ْن َ ح َ
هذا الذي منعها من تحملها ،اإلش فاق منه ا والخ وفَ ( ،و َ
ظَلُوماً َ
ج ُهوال ً).
فاتقوا هللا عباد هللا ،حافظوا على األمانات وال تظنوها ال وداع فق ط؛ ب ل األعم ال
التي تتوالها والوظ ائف ه ذه من أعظم األمان ات فعلي ك أن تق وم به ا على الوج ه
المطلوب.
ي هدي محم د ص لى هللا ثم اعلموا عباد هللا ،أنَّ خير الحديث كتاب هللا ،وخير الهد َّ
عليه وسلم ،وش َّر األمور ُمحدثاتها ،وكل بدعة ض اللة ،وعليكم بالجماع ة ،ف إنَّ ي د
هللا على الجماعة ،ومن ش َّذ ش َّذ في النار.
مواس ِل ّ ُ ص لُّوا َعلَ ْي ِ
ه َو َ ي يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ
ين آ َم ُنوا َ صلُّونَ َعلَى ال َّن ِب ّ ِ (إِنَّ اللَّ َه َو َمالئِ َ
ك َت ُه ُي َ
خلفائِ ه م عن ُ وارض اللَّ ُه َّ
َ ل وسلِ ّم عبدك ورس ولك نبيَّن ا محم د، م ص ِّ ما) ،اللَّ ُه َّسلِي ً
تَ ْ
ي ،وعن الص حابة
ة المه ديين ،أبي بك َر ،وعم َر ،وعثم انَ ،وعل ّ ٍ
الراش دين ،األئم ِ
بإحسان إلى يو ِم الدين.
ٍ أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم
م أع ز اإلس الم والمس لمين ،وأذل الش رك والمش ركين ،ودم ر أع داء اللَّ ُه َّ
الدين ،ونصر عبادك الموحدين ،وجعل هذا البلد أمنا مطمئنا وسائر بالد المسلمين
م أصلح والة أمورنا وجعلهم ه داة مهت دين وأعنهم على عامة يا رب العالمين ،اللَّ ُه َّ
م أنص رهم على ع دوك وع دوهم وع دو م أعنهم على الح ق ،اللَّ ُه َّ الح ق ،اللَّ ُه َّ
م أحفظ هذه البالد آمنة مستقرة وسائر بالد المسلمين اإلسالم والمسلمين ،اللَّ ُه َّ
م أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في ديارنا ،وأص لح عامة يا رب العالمين ،اللَّ ُه َّ
والة أمورنا ،وال تسلط علينا بذنوبنا من ال يخافك فين ا وال يرحمن ا برحمت ك ي ا أرحم
الراحمين.
ش ا ِءح َ ن ا ْل َف ْ
ن َوإِي َت ا ِء ِذي ا ْل ُق ْربَى َويَ ْن َهى َع ْ سا ِ ح َ اإل ْ
ل َو ِد هللا( ،إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِ عبا َ
ض وا م َوال تَن ُق ُ ه ْد ُت ْ ه إِذَا َعا َ َ
ُم تَ َذك َُّرونَ )َ ( ،وأ ْو ُف وا بِ َع ْه ِد اللَّ ِ ُم لَ َعلَّك ْ ظك ْ ك ِر َوا ْلبَغ ِ
ْي يَ ِع ُ من ََوا ْل ُ
م َما تَ ْف َعلُونَ ) ،ف ذكروا ُم َك ِفيال ً إِنَّ اللَّ َه يَ ْعلَ ُ م اللَّ َه َعلَ ْيك ْج َع ْل ُت ْ ها َو َق ْد َ مانَ بَ ْع َد تَ ْوكِي ِد َ األ َ ْي َ
يعلم ما تصنعون. ُ يز ْدكم ،ول ِذ ْك ُر هللا أكب َر ،وهللا هللا يذكركم ،واشكُروه على نعمه ِ
خطبة الجمعة 1435-03-09هـ