‫المحاضرة ‪) 33 ( :‬‬ ‫الطب العدلي‬

‫( مصير المادة السامة في الجسم )‬

‫يتم أمتصاص القسم األكبر من المادة السامة التي تؤخذ عن طريق الفم الى الدم عن طريق المعدة واألمعاء‪،‬‬
‫وهنالك تأثير موضعي للمادة السامة على القناة الهضمية قبل األمتصاص ولكن بعد حصول األمتصاص فأن‬
‫تأثير المادة السامة سوف يكون على مختلف أنسجة الجسم من خالل أنتشاره عن طريق جهاز الدوران‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫وقسم من السموم يصل بسهولة الى أنسجة معينة في الجسم وقسم آخر يستوجب مروره عبر أنسجة مانعة‬
‫( ‪ ) Tissue barrier‬وقسم آخر من السموم يتجمع في أنسجة معينة‪ ،‬وبعد ذلك تتم عملية أزالة المادة‬
‫السامة من الجسم عن طريق العمليات األيضية التي تجرى عليه في الكبد حيث يعتبر الكبد هو العضو‬
‫الرئيسي والمهم في جسم األنسان المسؤول عن عمليات األيض وأزالة السموم ((‪،Detoxification‬‬
‫وبعد ذلك يتم طرح المادة السامة من جسم األنسان بعدة طرق حيث يطرح معظمها في األدرار ويطرح قليل‬
‫منها عن طريق مادة الصفراء أو العرق أو اللعاب أو الدمع أو الشعر ماعدا السموم المتطايرة فأنها تطرح‬
‫مباشرة بواسطة التبخير‪ ،‬بينما تطرح السموم غير الممتصة مباشرة من المعدة عن طريق التقئ أو تطرح‬
‫من األمعاء عن طريق الغائط ‪.‬‬

‫‪2‬‬
 ‫(*) العوامل المؤثرة على فعالية السموم في الجسم ‪.‬‬
‫‪ -1‬كمية المادة السامة المتناولة ( ‪.) Quantity‬‬
‫يختلف تأثير المادة السامة في الجسم حسب الكمية (الجرعة) المتناولة‪ ،‬حيث أن تناول جرعة واحدة كبيرة‬
‫من المادة السامة أو جرعات صغيرة ضمن فترة زمنية قصيرة يؤدي الى التسمم الحاد‪ ،‬وتناول جرعات‬
‫صغيرة ومتكررة من المادة السامة ضمن فترة زمنية طويلة يؤدي الى التسمم المزمن‪ ،‬وتناول جرعة‬
‫صغيرة جداً من مادة دوائية يؤدي الى تأثير عالجي (‪. ) Therapeutic effect‬‬
‫‪ -2‬الحالة الفيزياوية للمادة السامة ( ‪. ) form Physical‬‬

‫‪3‬‬
 ‫تعتبر الغازات أسرع المواد السامة تأثيراً في جسم األنسان ألنها تمتص بسهولة وبسرعة‪ ،‬بينما تكون‬
‫السوائل أبطأ تأثيراً من الغازات وأسرع من المواد الصلبة‪ ،‬وتعتبر المواد الصلبة أبطأ المواد تأثيراً‪.‬‬
‫‪ -3‬الحالة الكيمياوية للمادة السامة ( ‪. ) form Chemical‬‬
‫يختلف تأثير المادة السامة في الجسم حسب حالتها الكيمياوية‪ ،‬فعلى سبيل المثال ال يعتبر الزئبق مادة‬
‫سامة أذا كان بحالته الفلزية المفردة ( عنصر نقي ) ألنه ال يمتص من قبل األمعاء ولكن مركبات الزئبق‬
‫وأمالحه تعتبرمواد سامة وخطرة جداً مثل كلوريد الزئبق ألنها تمتص من قبل األمعاء ‪.‬‬
‫‪ -4‬حالة المعدة ( ‪. ) Stomach condition‬‬

‫‪4‬‬
 ‫يعتبر وجود المواد الطعامية في المعدة من األمور المخففة للمادة السامة ألنها تحمي جدار المعدة وتؤخر‬
‫أمتصاص السموم بالتخفيف‪ ،‬وكذلك من حاالت المعدة المهمة التي تقلل من تأثير السموم هو قلة كمية‬
‫حامض الهيدروليك ‪ ))HCL‬فيها والمسماة بحالة أنخفاض الحامض المعوي ( ‪ ) Achlorhydria‬حيث‬
‫تؤدي هذه الحالة الى تقليل فعالية بعض األمالح السامة مثل أمالح السيانيد ‪.‬‬
‫‪ -5‬طريقة التناول ( ‪. ) Route of administration‬‬
‫تختلف سرعة أمتصاص المادة السامة من قبل الجسم وكذلك تأثير المادة في الجسم بأختالف طريقة تناول‬
‫تلك المادة‪ ،‬حيث أن طريقة تناول المادة عند طريق األستنشاق هي أسرع طريقة‪ ،‬ويأتي بالدرجة الثانية‬
‫طريقة التناول عن طريق الزرق الوريدي أوالعضلي‪ ،‬بينما يعتبر التناول الفموي هو أبطأ الطرق المؤثرة ‪.‬‬

‫‪5‬‬
 ‫‪ -6‬العمر ‪.‬‬
‫يختلف تأثير المواد السامة بشكل عام واألدوية منها بشكل خاص في الجسم حسب عمر األنسان‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال أن المخدرات بصورة عامة يمكن تحملها من قبل البالغين ويكون تأثيرها السمي أكبرعلى‬
‫صغار العمر بينما أدوية البالدونا (‪ )Belladonna‬يمكن تحملها من قبل صغار العمر ويكون تأثيرها‬
‫السمي أكبرعلى البالغين ‪.‬‬

‫‪6‬‬
 ‫‪ -7‬الحالة البدنية والصحية ‪.‬‬
‫يختلف تأثير المواد السامة في الجسم حسب الحالة البدنية والصحية لألنسان‪ ،‬حيث أن األنسان ذو البنية‬
‫الجسمانية القوية والحالة الصحية الجيدة يكون أكثر تحمالً للمواد السامة من األنسان ذو البنية الضعيفة‬
‫أوالذي يعاني من بعض األمراض مثل أمراض الكبد والكلية ‪.‬‬
‫(*) المشاهدات التشريحية في حاالت التسمم المختلفة ‪.‬‬
‫عند حصول حالة تسمم بأحد السموم الكيمياوية المتعارف عليها فقد تظهر في الجسم بعض المشاهدات‬
‫التشريحية المهمة التي من الممكن أن تعطي فكرة عن طبيعة أو نوع تلك المادة السامة‪ ،‬وهذه المشاهدات‬
‫هي كما يلي ‪:‬‬

‫‪7‬‬
 ‫أوال ‪ :‬المشاهدات الخارجية ‪.‬‬
‫‪ -1‬ظهور تلونات الموت األنحدارية بلون معين‪ ،‬مثل اللون الوردي عند التسمم بغازالفحم ( ‪. ) CO‬‬
‫‪ -2‬حصول األصمئالل الحيوي‪ ،‬كما في حالة التسمم بمادة الستركنين ( ‪. ) Strychnine‬‬
‫‪ -3‬أنبعاث رائحة التفسخ بالرغم من عدم حصول التفسخ‪ ،‬كما في حالة التسمم بغاز البالليع ( ‪. ) H2S‬‬
‫‪ -4‬وجود بقع نزفية تحت الجلد‪ ،‬كما في حالة التسمم بمادة الفسفور ‪.‬‬
‫‪ -5‬حصول تقرح في الشفتين‪ ،‬كما في حالة التسمم بالحوامض القوية مثل حامض الكبريتك المركز ‪.‬‬
‫‪ -6‬ظهور زبد رغوي (‪ ) froth‬من الفم‪ ،‬كما في حالة التسمم بالمخدرات ‪.‬‬
‫‪ -7‬حصول الصلع واأللتهابات الجلدية‪ ،‬عند التسمم المزمن بالمعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والرصاص ‪.‬‬

‫‪8‬‬
 ‫‪ -8‬وجود مناطق زرق وريدي أو عضلي‪ ،‬كما في حالة التسمم باألدوية المختلفة ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬المشاهدات الداخلية ‪.‬‬
‫‪ -1‬المشاهدات في المعدة ومحتوياتها ‪.‬‬
‫تتمثل بوجود بقع نزفية في جدار المعدة عند التسمم بالمبيدات‪ ،‬أحتقان شديد في جدار المعدة عند التسمم‬
‫بالقواعد القوية‪ ،‬أنثقاب في جدار المعدة عند التسمم بالحوامض القوية‪ ،‬تصلب في جدار المعدة عند التسمم‬
‫بالفينول‪ ،‬تلون محتويات المعدة باللون األصفر عند التسمم بحامض الكبريتك المركز‪ ،‬تحول محتويات‬
‫المعدة الى قوام حليبي (‪ )Milky‬عند التسمم بالمبيدات الحشرية أو الى مادة بلورية عند التسمم بأمالح‬

‫‪9‬‬
 ‫الزئبق والثاليوم‪ ،‬أنبعاث بعض الروائح المميزة من محتويات المعدة عند التسمم بالكيروسين (‬
‫‪ )Kerosene‬أو الكحول أو الفورمالدهايد ( ‪. )Formaldehyde‬‬
‫‪ -2‬المشاهدات في األمعاء ‪.‬‬
‫تتمثل بوجود أحتقان شديد أو بقع نزفية في جدار األمعاء عند التسمم بالمبيدات في أغلب األحيان ‪.‬‬
‫‪ -3‬المشاهدات في الكبد ‪.‬‬
‫تتمثل بوجود تغيرات دهنية (‪ )Fatty changes‬أوتشمع الكبد (‪ )Liver cirrhosis‬عند التسمم المزمن‬
‫بالمعادن الثقيلة في أغلب األحيان ‪.‬‬

‫‪10‬‬
 ‫(*) النماذج التشريحية الواجب أرسالها للتحري عن السموم ‪.‬‬
‫هنالك بعض النماذج المختلفة من جسم األنسان التي يتم أخذها خالل التشريح األصولي وأرسالها الى‬
‫سمي من أجل التحري فيها عن السموم الكمياوية المتعارف عليها‪ ،‬وهذه النماذج هي‬
‫الفحص المختبري ال ُ‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المعدة مع محتوياتها ‪.‬‬
‫تكمن أهمية المعدة مع محتوياتها في أمكانية التحري عن المادة السامة قبل أن تبدأ عليها عمليات األيض‪،‬‬
‫وكذلك لوجود كميات كبيرة نسبيا ً من المادة السامة في المعدة وذلك ألن أغلب حاالت التسمم تحدث عن‬
‫طريق التناول الفموي ‪.‬‬

‫‪11‬‬
 ‫‪ -2‬الدم ‪.‬‬
‫يستخدم الدم للتحري عن السموم قبل حصول التفسخ األبتدائي‪ ،‬ويمكن التحري فيه عن مواد مثل‬
‫( الكحول‪ ،‬غاز الفحم‪،‬األدوية وبضمنها المخدرات )‪ ،‬حيث يتم أخذ حوالي ( ‪ 30‬سم‪ ) 3‬غير محفوظ وأخذ‬
‫حوالي ( ‪ 5‬سم‪ ) 3‬محفوظ بمادة فلوريد البوتاسيوم ( ‪ ) KF‬من أجل التحري عن الكحول ‪.‬‬

‫‪12‬‬
 ‫‪ -3‬الكبد ‪.‬‬
‫تتجمع معظم المواد السامة في الكبد وبتراكيز أعلى من تراكيزها في الدم ولكون النموذج كبير نسبيا ً فهذا‬
‫يجعله من أهم النماذج التشريحية لغرض التحري عن السموم‪ ،‬وهو مفيد في حاالت التفسخ األبتدائي‬
‫والمتوسط حيث اليمكن األستفادة من نموذج الدم‪ ،‬ويستفاد منه أيضا ً في التفريق بين الجرعة العالجية‬
‫والجرعة المميتة عند التسمم باألدوية‪ ،‬ويتم أخذ حوالي ( ‪ ) 250‬غرام من الكبد ‪.‬‬
‫‪ -4‬الكليتين ‪.‬‬
‫تستخدم الكلية للتحري عن المعادن الثقيلة في حالة التسمم المزمن‪ ،‬ويتم أخذ حوالي ( ‪ ) 50‬غرام من كل‬
‫كلية ‪.‬‬

‫‪13‬‬
 ‫‪ -5‬الصفراء ‪.‬‬
‫يتم أخذ المرارة ( ‪ ) Gall bladder‬من أجل فحص مادة الصفراء (‪)Bile‬فيها حيث يستفاد منها للتحري‬
‫عن المخدرات مثل المورفين ونتائج األيض لها ‪.‬‬
‫‪ -6‬األدرار ‪.‬‬
‫يعتبر األدرارمفيداً في تحاليل السموم كونه خاليا ً من البروتين ويحتوي على تراكيز عالية من نتائج أيض‬
‫السموم وخاصة المخدرات حتى وأن كان التعرض لها قبل عدة أيام‪ ،‬ولكن التركيز فيه اليعكس كمية المادة‬
‫السامة المتناولة ألن األدرار يطرح على شكل وجبات لذلك فأن األدرار يفيد في التشخيص فقط ‪.‬‬

‫‪14‬‬
 ‫‪ -7‬الدماغ ‪.‬‬
‫يستخدم الدماغ في التحري عن المذيبات العضوية مثل الكلوروفورم ( ‪ ) Chloroform‬واألسيتون‬
‫(( ‪. Acetone‬‬
‫‪ -8‬الرئتين ‪.‬‬
‫تستخدم الرئة في التحري عن بعض الغازات وأدوية التبنيج العام مثل الهالوثين ( ‪ ) Halothane‬وكذلك‬
‫في التحري عن المخدرات عند تعاطيها عن طريق األستنشاق ‪.‬‬
‫‪ -9‬السائل الزجاجي ‪.‬‬
‫يستخدم السائل الزجاجي في التحري عن السموم عند حصول التفسخ المتقدم ‪.‬‬

‫‪15‬‬
 ‫‪ -10‬الشعر والعظام ‪.‬‬
‫يستخدم الشعر والعظام للتحري عن المعادن الثقيلة في حالة التسمم المزمن عند حصول التفسخ المتقدم‬
‫جداً‪.‬‬

‫‪16‬‬