تطبيق النص الجنائي بين الإقليمية والعالمية في ظل عولمة مكافحة الجرائم المستحدثة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 30

‫تطبيق النص اجلنائي بني اإلقليمية والعاملية يف ظل عوملة مكافحة اجلرائم املستحدثة‬

‫‪The Application of Criminal Law between Regionalism and‬‬


‫‪globalism in Light of the Globalization of the Combat against‬‬
‫‪Modern Crimes‬‬

‫‪2،1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪abdelmoumenebenseghier@yahoo.com‬‬

‫‪2019 12 28‬‬ ‫‪2019 06 11‬‬ ‫‪2018 11 18‬‬

‫*******‬
‫اللغة اإلنجليزية‪ :‬أ‪ /.‬سارة الناصر (األردن)‬ ‫مراجعة المقال‪ :‬اللغة العربية‪ :‬د‪ /.‬فتحي بحة (جامعة الوادي)‬

‫ملخّص‪:‬‬
‫لعبت العوملة دورا هاما في التأثير على جميع مجاالت الحياة االقتصادية والثقافية واالجتماعية‪،‬‬
‫وكذلك على الجانب القانوني‪ ،‬ومن بين فروع القانون التي تأثرت بشكل جلي القانون الجنائي وهو أحد‬
‫فروع القانون العام‪.‬‬
‫فبالرغم من أن مبدأ إقليمية القانون مازال يشكل أساس القانون الجنائي‪ ،‬فإن ضرورة تحسين‬
‫أداء القانون الجنائي في مواجهة الجريمة أدت إلى إيجاد قيود على مبدأ اإلقليمية‪ ،‬تهدف إلى الحد من‬
‫االرتباط املطلق للنصوص الجنائية بإقليم الدولة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذا التطور املتعلق بسريان النصوص الجنائية من حيث املكان‪ ،‬وفقا ملبدأ عاملية‬
‫النص الجنائي وتطبيق القانون الجزائي األجنبي الذي تبنته بعض التشريعات‪ ،‬تحاول الدول إيجاد آليات‬
‫التعاون فيما بينها‪ ،‬ملكافحة الجرائم املستحدثة التي نمت بنمو ظاهرة العوملة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬القانون الجنائي؛ العوملة‪-‬مبدأ إقليمية القوانين؛ مبدأ عاملية النص الجنائي؛‬
‫الجرائم املستحدثة‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪Globalization has played an important role in influencing all areas of‬‬
‫‪economic, cultural and social life, as well as on the legal side. Among those‬‬
‫‪branches of law that have been clearly affected by criminal law is a branch of‬‬
‫‪public law.‬‬
‫‪Although the principle of regional law remains the basis of criminal law.‬‬
‫‪The need to improve the performance of criminal law in the face of crime has led‬‬
‫‪to restrictions on the principle of territoriality, aimed at limiting the absolute link‬‬
‫‪of criminal texts to the territory of the State.‬‬

‫‪58‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪In addition to this development concerning the application of criminal texts‬‬
‫‪in terms of place, in accordance with the principle of universality of criminal law‬‬
‫‪and the application of foreign penal law adopted by some legislations, states are‬‬
‫‪trying to find mechanisms of cooperation among themselves to combat the newly‬‬
‫‪created crimes that have grown with the growth of globalization..‬‬
‫‪key words: Criminal law; Globalization; The principle of regional laws; The‬‬
‫‪principle of universality of the criminal text; New crimes.‬‬

‫مقدّمة‪ّ :‬‬
‫من املسلم به أن القانون الجنائي وكغيره من فروع القانون العام يعتبر بصورة عامة من أهم‬
‫مظاهر السيادة‪ ،‬وكأصل عام يعد هذا القانون ذلك الفرع الذي يطيق على كل الجرائم الواقعة داخل‬
‫الحدود اإلقليمية للدولة وفق ما يعرف بمبدأ إقليمية القانون‪.‬‬
‫غير أن األخذ بهذا املفهوم التقليدي لم يعد على إطالقه نتيجة التطورات الحاصلة على الساحة‬
‫الدوليةـ وذلك بالنظر إلى التقدم التكنولوجي الهائل خاصة في مجالي املواصالت واالتصاالت‪ ،‬والتي أصبح‬
‫بموجبها العالم قرية صغيرة أفرزت بموجبها ظاهرة تسمى بالعوملة‪ ،‬التي بدأ تأثيرها جليا بصفة خاصة على‬
‫املجال االقتصادي‪ ،‬وما لبث أن اتنشر حتى وصل إلى املجال القانوني‪.‬‬
‫فبالرغم من أن مبدأ إقليمية القانون مازال يشكل أساس القانون الجنائي‪ ،‬فإن ضرورة تحسين‬
‫أداء القانون الجنائي في مواجهة الجريمة أدت إلى إيجاد قيود على مبدأ اإلقليمية‪ ،‬تهدف إلى الحد من‬
‫االرتباط املطلق للنصوص الجنائية بإقليم الدولة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذا التطور املتعلق بسريان النصوص الجنائية من حيث املكان‪ ،‬وفقا ملبدأ عاملية‬
‫النص الجنائي وتطبيق القانون الجزائي األجنبي الذي تبنته بعض التشريعات‪ ،‬تحاول الدول إيجاد آليات‬
‫التعاون فيما بينها‪ ،‬ملكافحة الجرائم املستحدثة التي نمت بنمو ظاهرة العوملة‪ ،‬هذا التناقض بين عوملة‬
‫االقتصاد وارتباط القانون الجنائي بالدولة الوطنية‪ ،‬الذي يصعب إيجاد وسائل فعالة ملكافحة النشاط‬
‫اإلجرامي على املستوى الدولي الذي يزداد اتساعا بزيادة تداخل االقتصاديات الوطنية‪ ،‬حيث إن الدولة‬
‫التي يقف عند حدودها السياسية سريان القانون الجنائي تم تجاوزها اقتصاديا‪.‬‬
‫لذلك وإدراكا منها لعدم قدرتها على مواجهة اإلجرام الدولي بشكل منفرد‪ ،‬تبنت هذه الدول‬
‫اتفاقيات عدة اعتبارات من خالل بعضها مكافحة الجرائم املستحدثة على غرار الجريمة املنظمة واإلرهاب‬
‫الدولي‪ ،‬غسيل ا ألموال والجريمة املعلوماتية‪ ،‬مصلحة أولى بالرعاية من مصلحة املحافظة على مبدأ‬
‫السيادة‪.‬‬
‫فالقيود الواردة على مبدأ إقليمية القانون الجنائي‪-‬رغم أهميتها –ال تستجيب ملتطلبات مكافحة‬
‫أفعال خطرة تمس باملصلحة املشتركة للجماعة البشرية‪ ،‬أو بالضمير العالمي‪ ،‬لذلك فإن تطورا أخر أدى‬
‫إلى تقليص إضافي ملبدأ اإلقليمية‪ ،‬هذا التطور يتمثل في مبدأ العاملية‪ ،‬أو ما يسمى باالختصاص العالمي‪،‬‬
‫والتي تباينت التشريعات املقارنة بين مؤيد ومعارض‪.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪59‬‬


‫وعلى هذا األساس يمكن طرح إشكالية البحث الرئيسية على النحو اآلتي‪:‬‬
‫إلى أي حد تم تطبيق عاملية النص الجنائي في مكافحة الجرائم املستحدثة في ظل عوملة القانون‬
‫الجنائي الجزائري؟‬
‫ويندرج ضمن هذه اإلشكالية الرئيسية التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان مبدأ إقليمية القانون يشكل حجر األساس في القانون الجنائي الجزائري وأهمية بالغة‬
‫ملبدأ السيادة فما مدى إمكانية الخروج عن هذا املبدأ في ظل العوملة القانونية؟‬
‫‪ -‬ما املقصود بمبدأ اإلقليمية؟ وما هو مضمونه؟ وما هي االستثناءات الواردة عليه؟‬
‫‪ -‬ما املقصود بمبدأ عاملية النص الجنائي؟ وما هو مضمونه؟ وما موقف املشرع الجزائري من هذا‬
‫املبدأ؟ وإلى أي مدى يمكن اعتباره آلية ملكافحة الجرائم املستحدثة؟‬
‫منهجية البحث‪ّ :‬‬
‫اعتمدت الدراسة على املنهج الوصفي التحليلي‪.‬‬
‫فقد استعنت باملنهج الوصفي ‪،‬لوصف تأثير العوملة القانونية على القانون الجنائي الجزائري‬
‫وتبيان عاملية النص الجنائي ملكافحة الجرائم املستحدثة‪.‬‬
‫املحور األ ّولّ ّ‬
‫مدى تأثير العوملة على مبدأ اإلقليمية في القانون الجنائي الجزائريّ‬
‫(حدود ونطاق تطبيق مبدأ إقليمية القانون الجنائي) ّ‬
‫يع ـ ـ ــد ق ـ ـ ــانون العقون ـ ـ ــات م ـ ـ ــن أق ـ ـ ــدم م ـ ـ ــا ع ـ ـ ــرف م ـ ـ ــن ف ـ ـ ــروع الق ـ ـ ــانون ف ـ ـ ــي ال ـ ـ ــدول‪ ،‬لج ـ ـ ــأت إلي ـ ـ ــه‬
‫الس ـ ــلطات الحاكم ـ ــة لتوطي ـ ــد س ـ ــلطاتها والح ـ ــد م ـ ــن حري ـ ــة األفـ ـ ـراد لص ـ ــال الجماع ـ ــة‪ ،‬ومل ـ ــا نش ـ ــأت فك ـ ــرة‬
‫س ـ ــيادة الدول ـ ــة عل ـ ــى إقليمه ـ ــا‪ ،‬واختصاص ـ ــها ب ـ ــإقليم مع ـ ــين مح ـ ــدد ك ـ ــان ل ـ ــه أث ـ ــره عل ـ ــى ق ـ ــانون العقون ـ ــات‬
‫م ـ ــن حي ـ ــث نط ـ ــا تطبيق ـ ــه(‪ ،)1‬فأص ـ ــبحت القاع ـ ــدة ه ـ ــي أن يس ـ ــري وح ـ ــده ف ـ ــي إقل ـ ــيم الدول ـ ــة عل ـ ــى جمي ـ ــع‬
‫م ـ ــا يرتك ـ ــب فيهـ ـ ــا م ـ ــن ج ـ ـ ـرائم وال يتع ـ ــدى أثـ ـ ــره ح ـ ــدودها‪ ،‬ونمع ـ ــى أخـ ـ ــر أص ـ ــبح قـ ـ ــانون العقون ـ ــات قانونـ ـ ــا‬
‫إقليمي ـ ــا‪ ،‬ومب ـ ــدأ اإلقليمي ـ ــة املعم ـ ــول ب ـ ــه كقاع ـ ــدة عام ـ ــة ف ـ ــي التش ـ ــريعات الحديث ـ ــة يق ـ ــوم عل ـ ــى م ـ ــا لل ـ ــدول‬
‫م ـ ــن س ـ ــيادة وس ـ ــلطان عل ـ ــى ك ـ ــل م ـ ــا يح ـ ــدر ف ـ ــي إقليمه ـ ــا باعتب ـ ــار أ ه ـ ــا ه ـ ــي الت ـ ــي يرج ـ ــع إليه ـ ــا أم ـ ــر املحافظ ـ ــة‬
‫عل ـ ــى مص ـ ــال املجتم ـ ــع ال ـ ــذي تمثل ـ ــه‪ ،‬وتمل ـ ــك الس ـ ــلطان في ـ ــه‪ ،‬وعليه ـ ــا توطي ـ ــد األم ـ ــن ب ـ ــين أف ـ ـراده وس ـ ــالمة‬
‫أرواحه ـ ــم وأم ـ ــوالهم‪ ،‬وه ـ ــذه الس ـ ــيادة الت ـ ــي لك ـ ــل دول ـ ــة عل ـ ــى إقليمه ـ ــا‪ ،‬حي ـ ــث ال يس ـ ــري قانو ه ـ ــا إال عل ـ ــى م ـ ــا‬
‫يرتكـ ــب فيهـ ــا مـ ــن ج ـ ـرائم وال يمتـ ــد إلـ ــى دولـ ــة أخـ ــرى فيكـ ــون فيـ ــه نـ ــوع مـ ــن االعتـ ــداء علـ ــى مـ ــا تملـ ــك الدولـ ــة‬
‫من سيادة(‪.)2‬‬
‫إن التطور السريع واالنتشار املنظم للجريمة في األساليب‪ ،‬وعبر الحدود الجغرافية أضحت معه‬
‫التشريعات الجنائية التقليدية قاصرة عن التجاوب مع معطيات الجريمة ومكوناتها املوضوعية واإلجرائية‪،‬‬
‫الن تلك النصوص الجزائية سنت ابتداء لتجريم السلوك واألساليب التقليدية للجريمة‪.‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫والنتيجـ ـ ـ ــة التـ ـ ـ ــي يـ ـ ـ ــؤدي إليهـ ـ ـ ــا مبـ ـ ـ ــدأ اإلقليميـ ـ ـ ــة تجعـ ـ ـ ــل قـ ـ ـ ــانون العقونـ ـ ـ ــات‪ ،‬عـ ـ ـ ــاجزا عـ ـ ـ ــن حـ ـ ـ ــل‬
‫مش ـ ــكالت كثي ـ ــرة(‪ ،)3‬فم ـ ــن ناحي ـ ــة نج ـ ــده يق ـ ــف بمن ـ ــأى ع ـ ــن الج ـ ـرائم الت ـ ــي ترتك ـ ــب ض ـ ــد املص ـ ــال الحيوي ـ ــة‬
‫الخاصـ ــة للدولـ ــة التـ ــي يصـ ــيبها ضـ ــرر مـ ــا مـ ــن الجريمـ ــة التـ ــي ترتكـ ــب علـ ــى إقلـ ــيم دولـ ــة أجنبيـ ــة‪ ،‬والتـ ــي ق ـ ــد‬
‫ال ته ـ ـ ــتم به ـ ـ ــا الدول ـ ـ ــة األجنبي ـ ـ ــة بق ـ ـ ــدر اهتم ـ ـ ــام الدول ـ ـ ــة الت ـ ـ ــي وق ـ ـ ــع عليه ـ ـ ــا الض ـ ـ ــرر بالعق ـ ـ ــاب عل ـ ـ ــى ه ـ ـ ــذه‬
‫الج ـ ـرائم‪ ،‬وتق ـ ــدير العق ـ ــاب املناس ـ ــب له ـ ــا وح ـ ــق الدول ـ ــة ف ـ ــي العق ـ ــاب عل ـ ــى ه ـ ــذه الج ـ ـرائم يرج ـ ــع إل ـ ــى حقه ـ ــا‬
‫في الدفاع عن حياتها‪.‬‬
‫إن األخذ بمبدأ إقليمية القانون الجنائي على إطالقه دون األخذ‪ ،‬ومراعاة ما تفرضه العوملة‬
‫وأساليب االتصال الحديثة التي باتت الجرائم تتطور عبرها يجعل قانون العقونات بمنأى عن التعاون‬
‫الدولي(‪ )4‬إذا ما أرتكب أحد الرعايا جريمة في الخارج وعاد هارنا إلى دولته‪ ،‬حيث إن املبدأ العام في‬
‫التشريعات الحديثة هو عدم تسليم الرعايا فال يبقى أمامها إال أن تعاقبه الن الدولة يجب أن تتعاون على‬
‫معاقبة املجرمين أيا كانت املصال التي أضروا بها‪.‬‬
‫وهذا املبدأ الذي يعطي للدولة حق معاقبة رعاياها على جرائم في الخارج يسمى بمبدأ الشخصية‬
‫االيجابية‪ ،‬وقد أخذت به معظم الدول إلى جانب مبدأ اإلقليمية ليكون وسيلة لتجنب فرار الجاني من‬
‫العقاب‪ ،‬ومن ناحية التعاون الدولي نظرت بعض الدول إلى بعض الجرائم على أ ها إخالل بالقانون‬
‫الطبيعي وإضرار باإلنسانية‪ ،‬ومن أمثلة هذه الجرائم تلك التي ترتكبها عصابات دولية ويمتد نشاطها إلى‬
‫أقاليم دول متعددة كجرائم القرصنة‪ ،‬واالتجار في الرقيق‪ ،‬وغسيل األموال واالتجار في املخدرات‪ ،‬ونشر‬
‫األمراض املعدية‪ ،‬واالعتداء على طر املواصالت‪ ،‬ولذلك وجب اعتبارها إخالال بالقوانين العاملية‪ ،‬حيث‬
‫إن الغرض من القوانين جميعها حماية سيادة النظام والعدالة‪.‬‬
‫فكلما زادت العوملة االقتصادية والتكنولوجية تطورا زادت مواجهة األنشطة اإلجرامية تعقيدا(‪،)5‬‬
‫ذلك أن املجتمع الدولي مازال مبنيا على وجود دول ذات سيادة تتب ى مفاهيم وقواعد قانونية مختلفة‪،‬‬
‫ولحل اإلشكال نشأ مبدأ آخر فرضته العوملة أال وهو مبدأ العاملية أو عاملية حق العقاب(‪.)6‬‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم مبدأ اإلقليمية في القانون الجنائي الجزائري‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫من القواعد املستقرة في قوانين العالم أجمع "قاعدة إقليمية" النص الجنائي أو مبدأ إقليمية‬
‫قانون العقونات ‪le principe de la territorialité du droit pénal‬‬
‫ويصنف قانون العقونات ضمن األعمال املتعلقة بسيادة الدول‪ ،‬ونتيجة لذلك فيما عدا بعض‬
‫الحاالت االستثنائية(‪ ،)7‬فإنه يكون للمحاكم الجنائية الوطنية كقاعدة عامة االختصاص االستئثاري في‬
‫نظر كل الجرائم املرتكبة على اإلقليم الوط ي‪ ،‬أين تقوم الدولة بتب ي نصوص قانونية من خالل مؤسساتها‬
‫التي تجد مجال تطبيقها الطبيعي وفقا للمبادئ القانونية املعترف بها دوليا ضمن إقليم هذه الدولة‪ ،‬إذ‬
‫يكون لهذه األخيرة اختصاص قضائي فيما يتعلق باألموال واألشخاص املوجودين على إقليمها‪ ،‬وكذلك‬
‫الوقائع والجرائم التي ترتكب فو هذا اإلقليم سواء كان مرتكبوها من مواط ي هذه الدولة أو من‬
‫األجانب‪ ،‬أو كان املج ي عليه وطنيا أو أجنبيا(‪.)8‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪61‬‬


‫إن املبدأ في القانون الجنائي‪ ،‬أن الدولة وحدها هي التي تملك تحديد تشريعاتها والقيام بتنفيذها‬
‫على جميع الجرائم التي تقع داخل حدودها السياسية وفقا لظروفها االجتماعية‪ ،‬ومصالحها االقتصادية‪،‬‬
‫وال يجوز لغيرها من الدول أن تشاركها هذه السلطات‪.‬‬
‫فالقانون الجنائي‪ ،‬أهم مظاهر سيادة الدولة‪ ،‬ومازال قائما على أساس مبدأ اإلقليمية(‪ )9‬الذي وإن‬
‫لحقه تطور هام‪ ،‬إن ( امتداد القانون الوط ي ليشمل جرائم ارتكبت بالكامل خارج إقليم الدولة وفقا ملبدأ‬
‫العينية تارة‪ ،‬ووفقا ملبدأ الشخصية تارة أخرى)(‪ ،)10‬وهو لم يتطور بنفس درجة تطور الجرائم‪ ،‬خاصة‬
‫املالية منها(‪.)11‬‬
‫فقانون العقونات يبسط سلطاته في حدود إقليم الدولة على الجرائم التي ترتكب فيه سواء كان‬
‫الجاني مواطنا أو أجنبيا أو كان املج ي عليه مواطنا أو أجنبيا‪ ،‬أو هدد الجاني مصال الدولة ذاتها أو‬
‫مصال دول أخرى‪ ،‬فكل ما يرتكب في إقليم الدولة من جرائم يعد عمل يمس بسيادتها ال تتسامح معه‬
‫وتقابله بجزاء لردع الجاني أو قمعه‪ ،‬وتطبيقا لنص قانون العقونات الجزائري في املادة الثالثة منه والتي‬
‫تنص على أنه‪( :‬يطبق قانون العقونات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراض ي الجمهورية‪ ،‬كما يطبق على‬
‫الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص املحاكم الجزائية الجزائرية طبقا ألحكام‬
‫قانون اإلجراءات الجنائية)‪.‬‬
‫إن الحق في العقاب هو من اختصاص الدولة‪ ،‬وهو من أهم مظاهر سيادتها‪ ،‬وعليه فإن قانون‬
‫العقونات كغيره من القوانين يسري على كل جريمة تقع داخل اإلقليم الجزائري مهما كان فاعلها جزائري‬
‫أو أجنبي‪.‬‬
‫ويع ي هذا املبدأ(‪ )12‬أن الدولة تقوم بتطبيق قانون العقونات الخاص بها على جميع الجرائم التي‬
‫تقع داخل نطاقها اإلقليمي بصرف النظر عن جنسية مرتكبها سواء أكان وطنيا أم أجنبيا‪ ،‬وسواء أكان‬
‫املج ي عليه وطنيا آم أجنبيا‪ ،‬وسواء هددت مصلحة تلك الدولة صاحبة السيادة على إقليمها أو هددت‬
‫مصلحة دولة أجنبية(‪.)13‬‬
‫ويرى البعض أن ملبدأ إقليمية القوانين شقين أو وجهين‪ :‬أحدهما سلبي‪ ،‬ويتمثل في انحسار تطبيق‬
‫القانون الوط ي خارج اإلقليم‪ ،‬واآلخر ايجابي يتمثل في تطبيق القانون الوط ي على إقليم الدولة دون‬
‫مزاحمة من أي تشريع أجنبي أخر ‪.‬‬
‫أما املبررات التي جعلت غالبية التشريعات الجنائية تأخذ بمبدأ إقليمية النص الجنائي‪ ،‬فإننا‬
‫نذكر أهمها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬يعد مبدأ إقليمية تطبيق النص الجنائي مظهرا من مظاهر ممارسة الدولة لسيادتها على‬
‫إقليمها‪ ،‬ونالتالي تطبيق قانو ها على كل ما يقع عليه من أفعال رأت تجريمها‪ ،‬أيا كان مرتكبها أو املرتكبة‬
‫عليه‪ ،‬وآيا كانت املصلحة املعتدى عليها وطنية أو أجنبية‪.‬‬

‫‪62‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪ -2‬مبدأ إقليمية النص الجنائي يقود إلى تطبيق قانون مكان ارتكاب الجريمة‪ ،‬ويقض ي باختصاص‬
‫املحاكم الجنائية بنظر الدعوى‪ ،‬وهو أنسب مكان ملحاكمة املتهم‪ ،‬حيث به تتوفر أدلة اإلثبات‪ ،‬ونه غالبا‬
‫ما يوجد املتهم‪.‬‬
‫‪ -3‬محاكمة املتهم في املكان الذي أرتكب فيه جريمته‪ ،‬وتوقيع الجزاء عليه في هذا املكان‪ ،‬يرسخ‬
‫فكرة الردع العام الذي يسعى لتحقيقه الجزاء الجنائي ‪.‬‬
‫‪ -4‬من مصلحة املتهم تطبيق قانون البلد الذي ارتكب فيه جريمته‪ ،‬الفتراض علمه بهذا القانون‪،‬‬
‫مما يحقق أغراض مبدأ الشرعية الجنائية‪ ،‬ويحقق العدالة من خالل عدم مفاجئة املتهم بقوانين يجهلها ‪.‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬مضمون مبدأ اإلقليمية في القانون الجنائي‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫إقليم الدولة هو أحد العناصر الالزمة لوجودها‪ ،‬وهو النطا أو املجال الذي تتمتع الدول في‬
‫داخله بكامل السلطات التي يقررها القانون الدولي‪ ،‬واإلقليم عنصر ضروري ال غ ى عنه لوجود الدولة‪ ،‬إذ‬
‫بدونه ال يمكن أن يصد وصف الدولة على جماعة من الجماعات أو هيئة من الهيئات(‪.)14‬‬
‫كما أنه املجال الذي تمارس الدولة سلطتها وسيادتها اإلقليمية‪ ،‬وعلى إقليم الدولة يطبق قانون‬
‫العقونات الوط ي لكي يسري على جميع الجرائم التي تقع بداخل هذا اإلقليم‪ ،‬ونذلك فإن وقوع مكان‬
‫الجريمة في إقليم الدولة هو مناط تطبيق قانون العقونات من حيث املكان(‪.)15‬‬
‫‪ -1‬إقليم الدولة‪ّ :‬‬
‫ال تهتم قوانين العقونات بوجه عام بتعريف إقليم الدولة‪ ،‬بل تفترض سلفا أن هذه الفكرة‬
‫معروفة ومحددة بواسطة القانون الدولي‪ )16(،‬ويشمل إقليم الدولة ثالر أجزاء‪ :‬اإلقليم البري والبحري‬
‫والجوي‪ ،‬ويتحدد في ضوء مصادر القانون الدولي العام‪ ،‬وخاصة املعاهدات والعرف الدولي وهي كاآلتي‪:‬‬
‫ي (األرض ي)‪ّ :‬‬‫ّأ‪ -‬اإلقليم البر ّ‬
‫وهو يضم تلك املساحة األرضية التي تباشر الدولة عليها سيادتها‪ ،‬وتنظم وتقوم فيها بالخدمات‬
‫العام‪ ،‬وتعيين هذه املساحة األرضية الحدود السياسية للدولة‪ ،‬ويشمل األرض ي كذلك طبقات األرض في‬
‫هذه املساحة إلى مركز الكرة األرضية‪ ،‬كما يضم سطح األرض بكل ما يحتويه من معالم طبيعية كالسهول‬
‫والوديان والصحاري والتالل والهضاب والجبال‪ ،‬كما أن لها حقوقا منفردة ومانعة ال يشاركها فيها أحد –‬
‫على باطن إقليمها األرض وما فيه من ثروات طبيعية‪.‬‬
‫ّب‪ -‬اإلقليم املائي‪ّ :‬‬
‫يشمل اإلقليم مساحات املاء التي تقع داخل الحدود السياسية للدولة‪ ،‬وهي عبارة عن األ هار‬
‫الوطنية واألجزاء من األ هار الدولية‪ ،‬والبحيرات والبحار املغلقة والقنوات واملضايق واملوانئ البحرية التابعة‬
‫للدولة كما يشمل اإلقليم املائي للبحر اإلقليمي‪ ،‬والذي حددته اتفاقية جنيف سنة ‪ 1958‬املتعلقة بالبحر‬
‫اإلقليمي‪ ،‬والتي بينت في مادتها األولى منه على أن‪( :‬سيادة الدولة تمتد خارج إقليمها البري ومياهها‬
‫الداخلية إلى حزام من البحر مالصق لشواطئها يسمى البحر اإلقليمي)‪ .‬كما نصت املادة الخامسة ‪/‬الفقرة‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪63‬‬


‫األولى‪( :‬تعتبر املياه التي تقع في الجانب املواجه لألرض من خط قياس البحر اإلقليمي جزءا من املياه‬
‫الداخلية)‪.‬‬
‫(‪)17‬‬
‫كما أن البحر اإلقليمي هو ذلك الجزء من البحر العام الذي يتصل بشواطئ الدولة‪ ،‬ويخضع‬
‫لسيادتها تحقيقا ألغراض اقتصادية وصحية وأمنية‪ ،‬ويحدد العرف الدولي املستقر هذا الجزء بثالثة‬
‫أميال بحرية كحد أدنى لعرض البحر اإلقليمي‪ ،‬ويجوز لكل دولة أن تزيد في مساحة بحرها اإلقليمي دون‬
‫مغاالة(‪.)18‬‬
‫ّج‪ -‬اإلقليم الجوي‪ّ :‬‬
‫بينته اتفاقية باريس سنة ‪ 1919‬على أنه‪( :‬لكل دولة سيادة كاملة وانفرادية على طبقات الهواء‬
‫التي تعلو إقليمها البري ونحرها اإلقليمي)‪ ،‬كما أكدت على ذلك من جديد اتفاقية شيكاغو سنة ‪ 1944‬التي‬
‫اعتبرت مادتها األولى الهواء عنصرا تابعا إلقليم الدولة‪ ،‬ويشمل طبقات الهواء التي تعلو اإلقليم األرض ي‬
‫واملائي إلى ماال هاية في االرتفاع‪ ،‬أما طبقات الجو العليا واألجرام السماوية‪ ،‬فهي تخرج عن سيادة كل دولة‬
‫بموجب االتفاقية الخاصة بتنظيم استغالل استعمال الدولة للطبقات العليا في الجو‪ ،‬والتي توافق‬
‫الجمعية العامة لألمم املتحدة على مشروعها في ‪ 19‬ديسمبر ‪.1966‬‬
‫غير أن الصعونة الوحيدة في املجال الجوي هي تحديد نقطة انتهاء املجال الجوي‪ ،‬وابتداء املجال‬
‫ما فو الجوي أي الفضاء الخارجي‪ ،‬فالنظريات املتعلقة بأبعاد املجال الجوي تتراوح ما بين (‪ 40‬كلم إلى‬
‫‪ 400‬كلم) اعتبار من القشرة األرضية(‪.)19‬‬
‫‪-02‬المتداد الصوري إلقليم الدولة الجزائرية ّ‬
‫بغية حماية مصال الدولة وسيادتها‪ ،‬وخوفا من إفالت بعض املجرمين من العقاب‪ ،‬لم تحصر‬
‫الدول سيادتها على إقليمها الفعلي وحده بل امتد نظرها إلى ما هو أوسع من ذلك حتى يكفل حماية‬
‫مصالحها األساسية ولو كان االعتداء عليها خارج هذا اإلقليم‪ ،‬والذي ساهم في التعاون بين الدول املختلفة‬
‫في مكافحة اإلجرام‪.‬‬
‫وقد ارتكز هذا التوسع في بعض مظاهره على تصور امتداد إقليم الدولة‪ ،‬إلى نطا يتجاوز حدوده‬
‫الفعلية‪ ،‬وهو ما يتصور على السفينة التي تحمل علم الدولة‪ ،‬وعلى الطائرة التي تحمل جنسيتها(‪ّ .)20‬‬
‫وقد يتأزم األمر عندما تكون السفينة أو الطائرة وقت ارتكاب الجريمة في إقليم دولة أخرى‪ ،‬حيث‬
‫ينتج عن ذلك تنازع في القوانين بين قانون الدولة التي وقعت الجريمة في إقليمها املائي أو الجوي‪ ،‬ونين‬
‫قانون الدولة التي تتبعها السفينة آو الطائرة‪ ،‬ولحسم هذا التنازع يتعين تمييز بين السفن والطائرات‬
‫الحرنية‪ ،‬والسفن والطائرات غير الحرنية على النحو اآلتي‪:‬‬
‫ّأ‪ -‬حكم الجرائم التي تقع على السفن‪ّ :‬‬
‫إن السفينة التي تحمل علم الدولة فإ ها تعتبر ممثلة لسيادة دولتها‪ ،‬ومن ثم تسري أحكام قانون‬
‫دولتها بالنسبة ملا يقع فيها من جرائم أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة أو املج ي عليه فيها‪ ،‬سواء وقعت‬
‫الجريمة في اإلقليم األرض ي بمعناه الواسع الذي يشمل ما يعلوه من فضاء ويتخلله من مياه‪ ،‬وكذلك‬

‫‪64‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫البحر اإلقليمي أم وقعت في اإلقليم املائي‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت املادة ‪ 590‬من قانون اإلجراءات‬
‫الجزائرية الجزائري املعدل واملتمم(‪ )21‬على أنه‪( :‬تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات‬
‫والجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبيها‪ ،‬وكذلك‬
‫الشأن بالنسبة للجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة تجارية أجنبية)‪.‬‬
‫ودلت املادة على توسيع امتداد االختصاص اإلقليمي للقانون الجزائري بالسفن الجزائرية التي‬
‫تبحر في عرض البحر وكذلك مبدأ الشرعية الختصاص الجهة القضائية الجزائرية املبين في الفقرة الثانية‬
‫من هذه املادة‪ ،‬ومن خالل نص هذه املادة يتض بأن املشرع الجزائري فر ما بين السفن الوطنية‬
‫والسفن األجنبية‪ ،‬ونخصوص هذه األخيرة فر ما بين السفن األجنبية الحرنية والسفن األجنبية املدنية‪،‬‬
‫واستعمل مصطل السفن التجارية بدل املدنية‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للسفن الجزائرية‪ّ :‬‬
‫ومتى كانت السفينة جزائرية‪ ،‬فإن قانون العقونات الجزائري يكون مختصا في حال توفر الشروط‬
‫التالية مجتمعة‪ ،‬وإن تخلف شرط من هذه الشروط يقود لعدم تطبيقه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون السفينة تحمل الراية الجزائرية‪ّ .‬‬
‫‪ -2‬أن تكون الجريمة جناية أو جنحة‪ ،‬ونالتالي تستبعد املخالفات‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون مكان ارتكاب هده الجناية أو الجنحة والباخرة في أعالي البحار كون هذه املنطقة غير‬
‫خاضعة ألية سلطة ألنه لو ارتكبت الجناية‪ ،‬أو الجنحة في املياه اإلقليمية أو موانئ الجزائر فاالختصاص‬
‫للقانون الجزائري يكون بموجب املادة ‪ 3‬من قانون العقونات الجزائري ال بموجب املادة ‪ 590‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائري‪ ،‬وإن ارتكبت في مياه إقليمية أجنبية يكون االختصاص لقانون هذه الدولة تطبيقا‬
‫ملبدأ إقليميتها‬
‫‪ -4‬ال عبرة بجنسية الجاني أو املج ي عليه‪ ،‬وال باملصلحة أو الحق الذي مسته به الجناية أو‬
‫الجنحة‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للسفن األجنبية‪:‬‬
‫استعمل املشرع الجزائري بخصوص السفن األجنبية مصطل السفن التجارية تمييزا لها عن‬
‫السفن الحرنية هذه األخيرة التي تعامل معاملة خاصة‪ ،‬والتي نرى استعمال مصطل السفن املدنية بدل‬
‫التجارية ألن مصطل التجارية ينصب على سفن البضائع بدل األشخاص أو السفن السياحية‪.‬‬
‫وحتى يكون القانون الجزائري مختصا بنظر الجرائم املرتكبة على السفن األجنبية ماعدا الحرنية‬
‫منها‪ ،‬يجب أن تتوافر الشروط املنصوص عليها في الفقرة الثانية من املادة ‪ 590‬من قانون اإلجراءات‬
‫الجزائية الجزائري املعدل واملتمم‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون السفينة األجنبية تجارية‪ ،‬وليست حرنية‪ ،‬وهو املغزى من الشرط‪ ،‬والسفينة األجنبية‬
‫هي التي تحمل جنسية أو راية دولة أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الفعل يشكل جناية أو جنحة‪ ،‬ونالتالي تستبعد املخالفات‪.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪65‬‬


‫‪03 -3‬أنه ال عبرة بجنسية الجاني أو املج ي عليه‪ ،‬وال باملصلحة التي تم االعتداء عليها‪ ،‬كون املادة‬
‫لم تشترط ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون مكان تواجد السفينة األجنبية ميناء بحرية جزائريةـ وهو ما يفهم منه أن تكون راسية‬
‫وهو ما يطرح تساؤال حول عن عدم النص على املياه اإلقليمية الوطنية باعتبارها من اختصاص قانون‬
‫الدولة الجزائرية‪ ،‬وهو نفس األمر عندما نزع اختصاص القانون الجزائري عندما تكون بواخر الدولة‬
‫الجزائرية في املياه اإلقليمية للدول األخرى فتنازع اختصاص قانون هذه الدول ملا تكون بواخرها في مياه‬
‫اإلقليمية للدولة الجزائرية‪ ،‬غير أن اآلمر يمكن مواجهته باملادة ‪ 3‬التي تشكل القاعدة العامة متى كانت‬
‫الباخرة األجنبية(‪ )22‬باملياه اإلقليمية الوطنية‪.‬‬
‫ب‪-‬حكم الجرائم التي تقع على الطائرات‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫مثلما فعل املشرع الجزائري بالنسبة للسفن‪ ،‬فإنه فعل بالنسبة للطائرات‪ ،‬حيث ميز بين‬
‫الطائرات الحرنية والطائرات التجارية فأشار على أ ها كلها تخضع الختصاص القانون الجزائري‪ ،‬وفي أي‬
‫مجال جوي‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 591‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري املعدل واملتمم على أنه‪:‬‬
‫(تختص الجهات الجزائرية القضائية بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب على متن الطائرات الجزائرية‬
‫أي كانت جنسية مرتكب الجريمة ‪ ،‬كما أ ها تختص أيضا بنظر الجنايات أو الجنح التي ترتكب على متن‬
‫الطائرات األجنبية إذا كان الجاني أو املج ي عليه جزائري الجنسية‪ ،‬أو إذا هبطت الطائرة بالجزائر بعد‬
‫وقوع الجناية‪ ،‬أو الجنحة وتختص بنظرها املحاكم التي وقع بدائرتها هبوط الطائرة في حالة القبض على‬
‫الجاني وقت هبوطها‪ ،‬أو مكان القبض على الجاني في حالة ما إذا كان مرتكب الجريمة قد قبض عليه في‬
‫الجزائر فيما بعد)‪.‬‬
‫بهذا النص اعتبرت الطائرات الجزائرية بمثابة امتداد لإلقليم الجزائري‪ ،‬أما في الفقرة الثانية من‬
‫هذه املادة فان املشرع أكد على مبدأ شخصية النص الجنائي لكن إذا كانت الطائرة أجنبية قد ارتكب‬
‫على متنها شخص أجنبي على شخص أجنبي آخر فان قانون العقونات الجزائري يبقى غريبا عن الواقعة إال‬
‫إذا هبطت الطائرة األجنبية بعد وقوع الجريمة في الجزائر فيكون للقانون الجزائري االختصاص تطبيقا‬
‫ملبدأ اإلقليمية‪.‬‬
‫وقد فر فيها بين الطائرات الجزائرية والطائرات األجنبية‪ ،‬وكل منها يجب أن تستجمع جملة من‬
‫الشروط التي ال غ ى لها عن توافرها حتى يكون القانون الجزائري مختصا‪ ،‬وهو ما بينته املادة ‪ 591‬سالفة‬
‫الذكر‬
‫‪ -‬بالنسبة للطائرات الجزائرية‪ّ :‬‬
‫حتى يكون القانون الجزائري مختصا بالتطبيق على الطائرات الجزائرية يجب أن تتوافر الشروط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون الطائرة جزائرية‪ ،‬أي حاملة للراية الجزائرية‪ّ .‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الفعل املرتكب يشكل جناية أو جنحة‪ ،‬ونالتالي تستبعد املخالفات‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪ -3‬عبرة بجنسية الجاني‪ ،‬ونالضرورة إذن ال عبرة بجنسية املج ي عليه‪ ،‬وال بمكان ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫فالقانون الجزائري يتبع طائراتنا أينما حلت حتى في قلب عواصم مختلف العالم‪ ،‬على عكس ما فعله‬
‫املشرع الجزائري بخصوص البواخر‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للطائرات األجنبية‪:‬‬
‫يكون قانون العقونات الجزائري مختصا بالتطبيق على الجرائم املرتكبة على الطائرات املدنية‬
‫األجنبية‪ )23(،‬إذا توافرت الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون الطائرة أجنبية أي حاملة لجنسية دولة أخرى‪ّ .‬‬
‫‪ -2‬إن يكون الفعل بالضرورة يشكل جناية أو جنحة‪ ،‬وتستبعد املخالفات‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون الجاني أو املج ي عليه جزائريا‪ ،‬أو هبوط الطائرة بالجزائر بعد ارتكاب الجريمة‬
‫حتى ولو أنه لم يكن الجاني أو املج ي عليه جزائريا‪ ،‬وتكون املحكمة التي يتواجد بنطا اختصاصها مكان‬
‫هبوط الطائرة باملحكمة ‪ ،‬أو مكان القبض عليه الحقا‪.‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ -‬الستثناءات الواردة على مبدأ اإلقليمية في القانون الجنائي‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫بالرغم من أن مبدأ إقليمية النص الجنائي يقتض ي أن تخضع كل الجرائم املرتكبة على إقليم‬
‫الجمهورية الجزائرية للقانون الجنائي الجزائري‪ ،‬أيا كانت جنسية الجاني أو املج ي عليه‪ ،‬وبغض النظر عن‬
‫املصلحة أو الحق املعتدى عليه‪ ،‬غير أنه إعماال لبعض األحكام الدستورية واألعراف الدبلوماسية وبعض‬
‫قواعد القانون الدولي العام وما تتضمنه من أعراف واتفاقيات دولية‪ ،‬فإنه ترد بعض االستثناءات على‬
‫مبدأ إقليمية النص الجنائي‪ ،‬التي تستبعد الجرائم التي يرتكبها بعض األشخاص من الخضوع لقانون‬
‫العقونات الجزائري‪ ،‬إذ ارتكبها مثل هؤالء األشخاص أثناء أو بمناسبة تأدية مهامهم‪ ،‬ومن بين هؤالء‬
‫األشخاص نذكر‪:‬‬
‫‪ -1‬رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الجزائريين‪ّ :‬‬
‫تستث ي غالبية القوانين الجنائية‪ ،‬بما فيها قانون العقونات الجزائري جرائم رئيس الجمهورية التي‬
‫يرتكبها أثناء ممارسته ملهامه الرئاسية أو بمناسبتها‪ ،‬وذلك طبقا لألعراف الدستورية‪ ،‬وال يمكن محاكمته‬
‫عنها إال بعد زوال صفة الرئاسة عنه‪ ،‬غير أن ما تجدر اإلشارة إليه أن الدستور الجزائري لسنة ‪1996‬‬
‫املعدل واملتمم‪ ،‬تضمن حكما لم تكن تعرفه الدساتير السابقة‪ ،‬وهو الحكم الذي جاءت به املادة ‪158‬‬
‫منه‪ :‬التي نصت على أنه‪" :‬تؤسس محكمة عليا للدولة تختص بمحاكمة رئيس الجمهورية عن األفعال التي‬
‫يمكن وصفها بالخيانة العظمى‪ ،‬ورئيس الحكومة عن الجنايات والجنح التي يرتكبا ها بمناسبة تأدية‬
‫مهامهما‪.)...‬‬
‫وقضت هذه املادة أن كيفية تشكيل املحكمة وعملها وسيرها وتنظيمها‪ ،‬سيبين عن طريق األحكام‬
‫التنظيمية‪ ،‬غير أنه ولحد الساعة لم يصدر أي نص يبين ذلك‪ ،‬مما يجعلها من النص مجرد نص نظري‪.‬‬
‫غير أن التعديل الدستور لسنة ‪ 2016‬بموجب األمر رقم ‪ 01-16‬املؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬نص في‬
‫مادته ‪ 177‬منه على أنه يتم ذلك بقانون عضوي يحدد تشكيلتها وتنظيمها وسيرها وكذلك اإلجراءات‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪67‬‬


‫املطبقة‪ .‬وقد نصت املادة ‪ 177‬الفقرة الثانية‪ :‬على أنه‪ :‬يحدد قانون عضوي تشكيلة املحكمة العليا‬
‫للدولة وتنظيمها وسيرها وكذلك اإلجراءات املطبقة‪-‬‬
‫‪ -2‬أعضاء املجالس النيابية العليا‪( :‬البرملان ومجلس األمة في الجزائر)‪ّ :‬‬
‫ونقصد باملجالس النيابة ا لعليا‪ ،‬تمييزا لها عن املجالس الشعبية اإلقليمية أو املحلية‪ ،‬مثل‬
‫املجالس الشعبية الوالئية واملجالس الشعبية البلدية‪ ،‬ونجد كل الدول تقرر الحصانة ألعضاء السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬وال يع ي ذلك نزع الصفة التجريمية عن الفعل املعاقب عليه الذي يرتكبونه‪ ،‬وإنما متابعتهم ال‬
‫تتم إال بإتباع إجراءات دستورية خاصة‪ ،‬وهو ما بينته املواد ‪111 ،110 ،109‬من دستور ‪ 1996‬املعدل‬
‫واملتمم‪ ،‬حيث تضمنت املادة ‪ 109‬مبدأ الحصانة البرملانية‪ ،‬بنصها ‪ ":‬الحصانة البرملانية معترف بها للنواب‬
‫وألعضاء مجلس األمة مدة نيابتهم ومهمتهم البرملانية‪ ،‬ال يمكن أن يتابعوا أو يوقفوا‪ ،‬وعلى العموم ال يمكن‬
‫أن ترفع عليهم أية دعوى مدنية أو جزائية أو يسلط عليهم أي ضغط‪ ،‬بسبب ما عبروا عنه من آراء وما‬
‫تلفظوا به من كالم أو بسبب تصويتهم خالل ممارسة مهامهم البرملانية‪.) ..‬كما نصت املواد ‪ 126‬و‪127‬‬
‫و‪ 128‬من األمر رقم‪ 01/16‬املؤرخ في ‪ 06‬مارس ‪ 2016‬املتضمن التعديل الدستوري على تلك الحصانة‬
‫البرملانية وشروطها وزوالها‪.‬‬
‫وهنا يبدو فعال وجود استثناء بخصوص نوع محدد من الجرائم‪ .‬كو ها مادة أرست فكرة الحصانة‬
‫البرملانية املعترف بها لنواب السلطة التشريعية‪ ،‬خاصة املتعلقة بمهامهم الرئيسية وهي مناقشة القوانين‬
‫والتصويت عليها‪ ،‬غير أن املادة ‪ 110‬من دستور ‪ 1996‬املعدل واملتمم‪ ،‬واملادة ‪ 127‬من القانون السابق‬
‫رقم ‪ 01/16‬الخاص بالتعديل الدستوري ركزت على فكرة املتابعة الجزائية عن الجنايات والجنح‪ ،‬وفكرة‬
‫التنازل عن الحصانة البرملانية‪ ،‬أو رفعها‪ ،‬بينما بنت املادة ‪ 111‬حالة تلبس النائب بارتكاب جناية أو‬
‫جنحة‪.‬ونفس األمر بينته املادة ‪ 128‬من القانون السابق الخاص بالتعديل الدستوري‪.‬‬
‫فقضت املادة ‪ 110‬بأنه‪" :‬ال يجـوز الشـروع فـي متابعـة أي نائـب – املقصـود نـواب الغرفـة السـفلى ‪-‬أو‬
‫عضو مجلس األمة بسبب جناية أو جنحة إال بتنـازل صـريح منـه أو بـإذن حسـب الحالـة مـن املجلـس الشـعبي‬
‫الوط ي أو مجلس األمة الذي يقرر رفع الحصانة عنـه بأغلبيـة أعضـائه‪ ،)،".‬وهـو نفـس مـا تناولتـه املـادة ‪127‬‬
‫من القانون السابق ‪.01/16‬‬
‫ونالتالي يمكن للنائب سواء كان نائبا في الغرفة السفلى‪ ،‬أو عضوا من أعضاء مجلس األمة في حال‬
‫اتهامه بارتكاب جناية أو جنحة‪ ،‬أن يتنازل صراحة عن حصانته البرملانية‪ ،‬واملقصود بعبارة "صراحة" أنه‬
‫تنازل مكتوب تضمنه النيابة العامة ملف القضية‪ ،‬أو برفع الحصانة عليه من قبل أغلبية باقي األعضاء‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة تجوز متابعته كأي شخص من األشخاص‪ ،‬غير أن ما تجدر اإلشارة إليه‪ ،‬أن املادة ‪ 110‬لم‬
‫تبين املوقف من الحالة التي يرتكب فيها عضو البرملان أو عضو مجلس األمة ملخالفة‪ ،‬فهل عدم ذكر هذا‬
‫النوع من الجرائم يع ي عدم املسائلة عنها أصال‪ ،‬أم تجوز فيها املتابعة دون اإلجراءات السابقة ‪.‬في حين‬
‫بينت املادة ‪ 111‬حالة تلبس عضو البرملان أو عضو مجلس األمة بارتكاب جناية أو جنحة‪ ،‬حيث قضت أنه‪:‬‬
‫"في حالة تلبس أ حد النواب أو أحد أعضاء مجلس األمة بجنحة أو جناية يمكن توقيفه‪ ،‬ويخطر بذلك‬

‫‪68‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫مكتب املجلس الشعبي الوط ي أو مكتب مجلس األمة حسب الحالة فورا‪ .‬يمكن املكتب املخطر أن يطلب‬
‫إيقاف املتابعة‪ ،‬وإطال سراح النائب أو عضو املجلس األمة على أن يعمل فيما بعد‪.‬‬
‫‪ -3‬رؤساء الدولّ األجنبية‪ّ :‬‬
‫تستث ى وفقا للعرف الدولي الجرائم التي يرتكبها رؤساء الدول األجنبية‪ ،‬أو ملوكها أو أمراءها في‬
‫أقاليم الدول األجنبية‪ .‬وذلك على اعتبار رؤساء الدول األجنبية يمثلون دوال ذات سيادة وقد جرى العرف‬
‫الدولي على عدم إخضاعهم لسيادة دولة أجنبية أخرى يتواجدون على إقليمها‪ ،‬ويمتد االستثناء إلى‬
‫الجرائم التي يرتكبو ها بمناسبة ممارسة مهامهم أو بممارسة حياتهم الشخصية‪ ،‬كما تمتد الحصانة‬
‫لتشمل حسب البعض كل أفراد أسرتهم وحاشيتهم‪ ،‬وسبق لنا القول بأن قانون العقونات تعبير عن‬
‫سيادة الدولة‪ ،‬ونالتالي نرى أنه في حال إخضاع رئيس دولة لقانون عقونات دولة أخرى يكون قد تم‬
‫إخضاعه لسيادة هذه الدولة‪ ،‬ورئيس الدولة يقصد به حاكم الدولة وفقا للنظام السياس ي الذي‬
‫يسودها‪ ،‬فقد يكون ملكا أو أميرا أو سلطانا أو رئيس جمهورية أو عضو مع غيره في مجلس رئاس ي يدير‬
‫الدولة أو قائد ثورة أو حركة تحرر معترف بها أو زعيما روحيا لدولة ذات نظام حكم دي ي‪ ،‬وهي الحصانة‬
‫التي تمتد حتى أعضاء الوفد املرافق له وأفراد عائلته[‪ .‬وال عبرة في كون زيارته رسمية أو خاصة أو حتى ولو‬
‫كانت تحت اسم مستعار إذ يكفي في الحالة األخيرة أن يكشف عن شخصيته في حال محاولة توقيفه‪.‬‬
‫‪ -4‬رجال السلك السياس ي األجنبي‪:‬‬
‫رؤساء الحكومات والوزراء وكتاب الدولة ورجال املنظمات الدولية يتمتعون بحصانة قضائية‬
‫مستمدة من املعاهدات الدولية‪ ،‬والقوانين األساسية للمنظمات التي يتبعو ها تعفيهم من كل مسائلة‬
‫جنائية عن الجرائم التي يرتكبو ها في الدول التي يقيمون فيها في مهام رسمية‪.‬‬
‫‪ -5‬رجال السلك التمثيل الدبلوماس ي والقنصلي‪ّ :‬‬
‫وهم ال يسألون أيضا عن الجرائم التي يرتكبو ها في الدول التي يمثلون فيها دولهم‪ .‬طبقا التفاقية‬
‫فيينا املؤرخة في ‪ 1963-04-24‬املتعلقة بالعالقات القنصلية‪ ،‬والتي تمنح حصانة للموظفين القنصليين‬
‫وموظفي الهيئات الدولية بالنسبة للجرائم التي تتعلق بقيامهم بوظائفهم أو بسببها‪ ،‬وأما الجرائم التي‬
‫ترتكب خارج إطار الوظيفة تعقد االختصاص لقانون البلد الذي يتواجدون به‪ .‬وفي تبرير الحصانة قيل أن‬
‫املمثل السياس ي ووظيفته ش يء واحد حيث يتالش ى الشخص في وظيفته‪ ،‬فإذا عاقبناه فنحن نعاقب من‬
‫خالله الدولة التي يمثلها‪ ،‬ونالتالي نمس بسيادتها ومن الحصانة السابقة قررت أيضا حصانة مباني‬
‫السفارات والقنصليات‪ ،‬لكن ذلك ال يع ي أ ها مالذ للمجرمين حيث إن ارتكاب جريمة داخل السفارة أو‬
‫خارجها والفرار إليها‪ ،‬ال يمنع من تسليم الشخص لسلطات البلد‪ ،‬حتى ولو كان من رعايا الدولة التي تمثلها‬
‫السفارة أو القنصلية وال يع ي ذلك تسليم رعايا الدولة‪ ،‬حيث ال تعد هذه املباني خارج‬
‫اإلقليم(‪ ،)24‬ونخصوص الحصانة يجب القول أنه يحق للسلطات املحلية عندما يرتكب املمثل السياس ي‬
‫جريمة من الجرائم القيام بطرده باعتباره شخصا لم يعد مرغونا فيه في البلد‪ ،‬كما يحق لبلده األصلي‬
‫معاقبته على جرائمه التي ارتكبها في بلد عمله‪ ،‬ونذلك ال يكون في معزل عن العقاب بأي حال من األحوال‪،‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪69‬‬


‫كما أن الحصانة شخصية وتتعلق بشق العقاب ال شق التجريم‪ ،‬بمع ى عدم العقاب لتوفر الحصانة ال‬
‫يع ي أن الفعل مباح‪ ،‬أو الصفة تعد سبب من أسباب اإلباحة‪ ،‬وإنما هي مانع من موانع العقاب في مثل‬
‫هذه الحاالت‪ ،‬لذا فاألشخاص املساهمين مع صاحب الحصانة يمكن متابعتهم وعقابهم متى كانوا ال‬
‫يتمتعون بالحصانة‪ ،‬سواء كانوا من املواطنين أو من األجانب تطبيقا ملبدأ اإلقليمية‪ ،‬كما أن حق الدفاع‬
‫املشروع مقرر للمعتدى عليهم حتى ضد أصحاب الحصانة‪ .‬كما أنه هناك اتفاقية فيينا لسنة ‪1961‬‬
‫وتشمل أعضاء السلك الدبلوماس ي والبعثات السياسية الخاصة وممثلو املنظمات الدولية أو اإلقليمية‬
‫بصرف النظر عن درجاتهم وألقابهم‪ ،‬ويستوي أن تتعلق الجرائم بممارسة مهامهم أو بمناسبة متابعة‬
‫شؤون حياتهم الخاصة‪ ،‬أما فيما يخص الخدم فتقتصر الحصانة على ما يصدر منهم من جرائم بمناسبة‬
‫ممارستهم ملهامهم شريطة أال يكونوا من رعايا الدولة التي توجد بها مقر البعثة أو املنظمة أو السفارة‪.‬‬
‫املحور الثاني ّ‬
‫مفهوم مبدأ عاملية القانون الجنائي ودوره في مواجهة الجرائم املستحدثة ّ‬
‫يعترف القانون الدولي الجنائي للقاض ي الوط ي بصالحية ممارسة اختصاصه القضائي الجنائي‬
‫من أجل حماية بعض املصال األساسية التي تلتقي مع املصال الخاصة بالجماعة الدولية(‪ )25‬على أساس‬
‫مبدأ االختصاص العالمي ‪ ،‬أو عاملية حق العقاب‪ ،‬و يع ي هذا املبدأ أن كل دولة لها أن تخضع لسلطتها كل‬
‫جريمة ينص عليها‪ ،‬ودون عبرة بما إذا كان القانون األجنبي ينظر إليها بوصفها جريمة أو إذا كان الجاني قد‬
‫حوكم عنها في الخارج أو نفذ عقونتها أم ال‪.‬‬
‫يعتبر مبدأ عاملية النص الجنائي مبدأ تكميليا يضاف إلى املبادئ التي تأخذ بها غالبية التشريعات‬
‫الجنائية الحديثة (مبدأ الشخصية‪ ،‬مبدأ اإلقليمية‪ ،‬مبدأ العينية)‪.‬التي تحكم نطا تطبيق قانون‬
‫العقونات لسد ما يترتب عليها من نقص‪ ،‬مما يجعله مجرد مبدأ تبعي وثانوي‪.‬‬
‫ويقصـد بهــذا املبــدأ ‪( :‬ذلــك النظــام الــذي يعطــي املحــاكم الجنائيــة الوطنيــة حــق ممارســة واليتهــا القضــائية فــي‬
‫متابع ــة ومحاكم ــة امل ــتهم بارتك ــاب جريم ــة تكي ــف عل ــى أ ه ــا خطي ــرة دولي ــا بغ ــض النظ ــر ع ــن جنس ــية ومك ــان‬
‫ارتكابها)(‪.)26‬‬
‫وال يمنع ذلك من أن تسري الوالية على الجرائم بأثر رجعي لتشمل جرائم سبق وأن ارتكبت ولم‬
‫يعاقب مرتكبوها(‪.)27‬‬
‫وفي نفس املجال عرفه البعض اآلخر بأنه‪( :‬حق آو سلطة قيام محاكم دولة ما بعقد اختصاصها‬
‫القضائي الجنائي في نظر جريمة ما دون وجود أي رابطة مباشرة أو فعلية مع الجريمة‪ ،‬أو املجرم ماعدا‬
‫التواجد املحتمل لهذا األخير على إقليمها)(‪.)28‬‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬مضمون مبدأ عاملية النص الجنائي‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫وفقا لهذا املبدأ يطبق النص الجنائي على الجرائم التي ارتكبت من قبل أشخاص تم القبض‬
‫عليهم في إقليم الدولة بغض النظر عن مكان ارتكابها‪ ،‬وعن جنسية مرتكبيها‪ ،‬أي تطبيق القوانين الجنائية‬
‫الوطنية على جرائم ارتكبت في الخارج من قبل أشخاص أجانب دون اشتراط مساس هذه الجرام‬

‫‪70‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫باملصلحة الخاصة للدولة‪ ،‬حيث أن فلسفة هذا املبدأ تتمثل في تمكين السلطات القضائية للدولة من‬
‫مالحقة جرائم خطرة تمس الضمير العالمي بإلغاء االشتراطات املتصلة بمبدأ اإلقليمية إليجاد مكافحة‬
‫فعالة لعدة جرائم كالجرائم ضد اإلنسانية(‪.)29‬‬
‫تب ي هذا املبدأ سمح برفع الحصانة التقليدية عند وجود أدلة على ارتكاب املتمتع بها جرائم ضد‬
‫اإلن سانية‪ ،‬فالدولة التي تتب ى هذا املبدأ تعطي لنفسها سلطة متابعة املسئولين املفترضين عن جرائم‬
‫مرتكبة خارج إقليمها‪ ،‬وال تمس بمصالحها الخاصة دون أن تأخذ في االعتبار سيادة الدولة التي ارتكبت‬
‫الجريمة على إقليمها‪ ،‬أو تلك التي يتمتع املفترض ارتكابه الجريمة بجنسيتها‪ ،‬وذلك للتقليل فرص إفالت‬
‫مرتكبي األفعال املاسة بالضمير اإلنساني واملجرمة دوليا من العقاب(‪.)30‬‬
‫ومن بين التشريعات العرنية املقررة لهذا املبدأ ‪ :‬التشريع الجزائي اللبناني‪ ،‬فبمقتض ى املادة ‪23‬‬
‫من قانون العقونات اللبناني التي تقض ي‪( :‬تطبق الشريعة اللبنانية على كل أجنبي مقيم على األرض‬
‫اللبنانية‪ ،‬أقدم في الخارج فاعال أو محرضا أو متدخال على ارتكاب جناية أو جنحة غير منصوص عليها في‬
‫املواد ‪، 21-20-19‬إذا لم يكن استرداده قد طلب أو قبل‪.)...‬‬
‫وهذا النص معناه أن القانون اللبناني له صالحية االنطبا على كافة الجرائم التي تقع في أي‬
‫مكان في العالم‪ ،‬أيا ما كانت جنسية مرتكب الجريمة آو جنسية املج ي عليه فيها مادام أجنبيا مقيما في‬
‫لبنان‪ ،‬فوفقا للنص السالف الذكر البد من توافر شروط ألجل تطبيق هذا املبدأ هي كاآلتي(‪:)31‬‬
‫‪ -1‬أن يكـون مرتكــب الجريمـة أجنبيــا‪ ،‬وأن يكـون فــو ذلـك مقيمــا فـي لبنــان ‪،‬وقـد اختلــف فـي تفســير‬
‫املقصود باإلقامة فقيل بأ هـا التواجـد االختيـاري فـي اإلقلـيم اللبنـاني ال اإلقامـة بمعنـاه القـانوني‪ ،‬وهنـاك مـن‬
‫قال أن املقصود به هو القبض على املجرم في لبنان‪.‬‬
‫‪ -2‬كما يلزم أن ال يكون استرداد األجنبي‪ ،‬قد طلب أو قبل‪ ،‬على أسـاس أن املقصـود بهـذا الـنص هـو‬
‫مواجهـة اإلجـرام الـدولي‪ ،‬بتقريــر قاعــدة تسـري بصــفة احتياطيـة علــى الجـرائم التـي تخضــع فـي األصــل لقــوانين‬
‫أجنبيــة‪ ،‬فــإذا طلبــت الدولــة صــاحبة الســلطان األصــلي اســترداد املجــرم ملحاكمتــه‪ ،‬فــال يجــوز إعمــال الــنص‬
‫االحتياطي‪.‬‬
‫‪ -3‬كمــا يشــترط أن تكــون الجريمــة جنايــة أو جنحــة بمقتض ـ ى القــانون اللبنــاني وأن تكــون مــن ناحيــة‬
‫أخرى غير منصوص عليها في املواد ‪ ،21-20-19‬وهذا معناه أنه ال يجوز تطبيق حكم هـذه الحالـة‪ ،‬إذا كانـت‬
‫الجريم ــة مخالف ــة ف ــي الق ــانون اللبن ــاني‪ ،‬كم ــا ال يج ــوز تطبي ــق حك ــم ه ــذه الحال ــة إذا كان ــت الجناي ــة خاض ــعة‬
‫لســلطان القــانون اللبنــاني بمقتضـ ى قواعــد الصــالحية العينيــة او الشخصــية‪ ،‬أي أال تكــون مــن بــين الج ـرائم‬
‫التي تخضع لسلطان القانون اللبناني لكن يستوي بعد ذلك أن يكون مرتكب الجريمـة مسـئوال عنهـا بوصـفه‬
‫فاعال أو محرضا عليها أو متدخال فيها‪.‬‬
‫وإذا كان السائد قديما هو وطنية القانون الجنائي‪ ،‬فلم يكن يجوز للقاض ي أن يطبق سوى قانونه‬
‫على أساس أن قانون العقونات هو أحد مظاهر سيادة الدولة على إقليمها‪ ،‬وأن مبدأ اإلقليمية يفرض‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪71‬‬


‫على القاض ي الجزائي تطبيق قانون اإلقليم دائما حتى بالنسبة للحاالت التي يمتد اختصاصه استثناءا‬
‫لحكم وقائع لم تقع على اإلقليم‪.‬‬
‫لكن الفقه الحديث بدأ يتجه إلى التسليم بأولوية تطبيق القانون الجزائي األجنبي إذا كان هذا‬
‫القانون يمثل القانون الطبيعي ملن ارتكب الجريمة‪ ،‬وهو ما يتحقق في الحاالت التي يكون فيها هو املطبق‬
‫على اإلقليم الذي ارتكب املتهم الجريمة فيه‪.‬‬
‫وتفريعا على تلك الفقرة قررت املادة ‪ 25‬من قانون العقونات اللبناني على أنه‪( :‬إذا اختلفت‬
‫الشريعة اللبنانية وشريعة مكان الجرم فللقاض ي‪ ،‬عند تطبيقه للشريعة اللبنانية وفقا للمائدتين ‪23-20‬‬
‫أن يراعي هذا االختالف ملصلحة املدعي عليه‪ ،‬غير أن تدابير االحتراز أو اإلصالح وفقدان األهلية واإلسقاط‬
‫من الحقو املنصوص عليها في الشريعة اللبنانية تطبق دون ما النظر إلى شريعة مكان الجرم)‪ ،‬في حين‬
‫قررت املادة ‪ 26‬على أنه‪( :‬فيما يخص الجرائم املقترفة في لبنان أو في الخارج تراعى شريعة املدعى عليه‬
‫الشخصية ألجل تجريمه‪:‬‬
‫‪ -4‬عنـ ــدما يكـ ــون أحـ ــد العناصـ ــر املؤلفـ ــة للجـ ــرم خاضـ ــعا لشـ ــريعة خاصـ ــة بـ ــاألحوال الشخصـ ــية أو‬
‫باألهلية‪.‬‬
‫‪ -5‬عندما يكون أحد أسباب التشديد أو األعذار الشرعية ما عدا القصـر الجزائـي ناشـئا عـن شـريعة‬
‫خاصة باألحوال الشخصية أو األهلة)‪.‬‬
‫وهكذا قرر املشرع اللبناني مبدآ تطبيق القاعدة الجزائية األجنبية في إطار مبدأ عاملية النص‬
‫الجنائي من قبل القاض ي الجزائي اللبناني‪ ،‬فقد أجازت املادة ‪ 25‬من قانون العقونات اللبناني ‪،‬للقاض ي‬
‫الجزائي في سائر األحوال التي يطبق فيها القانون الجزائي اللبناني وفقا ملبدأي شخصية القاعدة الجزائية‬
‫وعامليتها أن يقيم مقارنة بين أحكام القانون الجزائي اللبناني‪ ،‬ونين أحكام قانون البلد الذي ارتكبت فيه‬
‫الجريمة ليحدد القانون األصل للمتهم سواء من حيث التجريم أو العقاب إال في الحالة التي يقرر فيها‬
‫القانون اللبناني تدابير االحتراز أو اإلصالح‪ ،‬أو فقدان األهلية أو اإلسقاط من الحقو ‪ ،‬إذ عليه في هذه‬
‫الحالة األخيرة تطبيق القانون اللبناني ولو كان اإلقليم يجهل تدابير أو ال يقرها بالنسبة لحالة املدعى عليه‬
‫أو يقرر إخضاعه ألحكام أخرى على أساس أن هذه األحكام مقررة أساسا لحماية املجتمع اللبناني من‬
‫خطورة جريمة تهدده‪.‬‬
‫أما املادة ‪ 26‬عقونات لبناني فقد فرضت على القاض ي الجزائي تطبيق شريعة املدعى عليه‬
‫الشخصية في حالتين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬هي الحالة التي ينظم فيها قانون األحـوال الشخصـية للمـدعى عليـه أركـان الجريمـة املسـندة‪ ،‬فـإذا‬
‫كــان قيــام الزوجيــة مــثال ركنــا فــي الجريمــة املســندة إليــه كجريمــة الزنــا وجــب الرجــوع فــي معرفــة قيــام الرابطــة‬
‫الزوجية إلى قانون األحوال الشخصية للمدعى عليه دون القانون اللبناني‪ّ .‬‬
‫‪ -2‬أما الحالة الثانية التي يرجـع فيهـا إلـى قـانون األحـوال الشخصـية للمـدعي عليـه‪ ،‬فهـي الحالـة التـي‬
‫يحدد فيها قانون األحـوال الشخصـية للمـدعى عليـه أحـد األعـذار الشـرعية أو أسـباب التشـديد ككـون الجـاني‬

‫‪72‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫قريب ــا أو زوج ــا للمج ــي علي ــه‪ ،‬ف ــإذا ك ــان الق ــانون الجزائ ــي يخف ــف العقون ــة م ــثال عل ــى الس ــرقة الواقع ــة ب ــين‬
‫األزواج واألقارب وجب الرجوع إلى شريعة املـدعي عليـه الشخصـية للقـول بتـوافر عالقـة الـزواج أو القرابـة أو‬
‫عدمها‪.‬‬
‫وواقع األمر أن املشرع في الحالة األخيرة املنصوص عليها باملادة ‪ 26‬عقونات لبناني‪ ،‬كما يقول‬
‫الفقه تطبيق القانون الجزائي األجنبي‪ ،‬وإنما الصحيح قرر مراعاة أحكام قانون األحوال الشخصية‬
‫للمدعي عليه عند تطبيق القانون الجزائي اللبناني(‪.)32‬‬
‫ا‬
‫ثاني ّا‪ -‬أساس عاملية القانون الجنائي‪:‬‬
‫إن األساس النظري لهذا املبدأ هو فكرة التضامن في مكافحة اإلجرام‪ ،‬والتعبير عن االتجاه نحو‬
‫تأكيد عاملية الجزاء الجنائي‪ ،‬فالتدخل الدولي وفقا لهذا املبدأ يهدف إلى تجنب إفالت املجرمين من العقاب‬
‫من أجل املصلحة اإلنسانية‪ ،‬وذهب البعض في محاولة لتضييق نطا هذا املبدأ‪ ،‬إال أن هناك عدة‬
‫مصال مشتركة بين الناس جميعا تقض ي بوجوب حمايتها‪ ،‬واالتفا على توحيد االختصاص في املعاقبة‬
‫على كل اعتداء يقع عليهم‪.‬‬
‫ويبرر هذا املبدأ رغبة الدول في التعاون من أجل مكافحة نوع معين من الجرائم التي تهم املجتمع‬
‫الدولي والتي تشكل عدوانا على مصلحة مشتركة بين الدول‪ ،‬كجرائم القرصنة واالتجار في الرقيق آو‬
‫املخدرات‪ ...‬وقد تجسد من خالل عقد اتفاقيات دولية قد تلزم الدول املنضمة لها أن تدرج املبدأ في‬
‫قانو ها الداخلي مثلما هو الشأن بالنسبة التفاقية جنيف الرابعة لسنة ‪ 1949‬املتعلقة بجرائم الحرب‪،‬‬
‫وغيرها من االنتهاكات الواردة بهذه االتفاقية‪.‬‬
‫وقد كانت هناك مجموعة من املبررات لألخذ بعاملية النص الجنائي ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬شعور الدول منذ أمد بعيد أ ها لم تعد تعيش بمعزل عن بعضـها الـبعض‪ ،‬فتجـاوز أثـار الجريمـة‬
‫للدول ــة مح ــل ارتكابه ــا‪ ،‬وتهدي ــدها ملص ــال دول أخ ــرى‪ ،‬دف ــع ال ــدول البح ــث ع ــن س ــبل ملكافح ــة الجريم ــة ع ــن‬
‫طريق التعاون فيما بينها‪ ،‬وإعطاء أبعاد أخرى لعدة مفاهيم قانونية سواء مـا تعلـق بعوملـة التجـريم أو عوملـة‬
‫العقاب‪ّ .‬‬
‫‪ -2‬فب ــالرغم م ــن أن املب ــدأ األساسـ ـ ي مب ــدأ إقليمي ــة الق ــوانين م ــازال س ــاريا ويش ــكل أس ــاس الق ــانون‬
‫الجن ــائي ف ــإن ض ــرورة تحس ــين أداء الق ــانون الجن ــائي ف ــي مواجه ــة الجريم ــة أدى إل ــى إيج ــاد قي ــود عل ــى مب ــدأ‬
‫اإلقليمية تهدف إلى الحد من االرتباط املطلق للنصوص الجنائية بإقليم الدولة‪.‬‬
‫على سبيل املثال‪ ،‬القانون الجنائي ال ينطبق فقط على الجريمة التي ارتكبت كلها أو جزء منها على‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إقليم الدولة‪ ،‬وإنما يمتد ليشمل جرائم ارتكبت بالكامل خارج إقليم الدولة وفقا ملبدأ العينية تارة ووفقا‬
‫ملبدأ الشخصية تارة أخرى ‪.‬‬
‫هذه القيود الواردة على مبدأ إقليمية القانون الجنائي – رغم أهميتها‪ -‬ال تستجيب ملتطلبات‬
‫مكافحة أفعال خطرة تمس باملصلحة املشتركة للجماعة البشرية أو بالضمير العالمي‪ .‬لذلك فإن تطورا‬
‫آخر أدى إلى تقليص إضافي ملبدأ اإلقليمية‪ .‬هذا التطور يتمثل في مبدأ العاملية أو ما يسمى باالختصاص‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪73‬‬


‫العالمي ‪ (Competence Internationale ou Exstraterritotiale) .‬والتي تباينت التشريعات املقارنة‬
‫بين مؤيد لهذا املبدأ‪ ،‬ونين معارض له‪.‬‬
‫‪ -3‬خطورة الجرائم التي أصبحت تستهدف اإلنسانية عموما‪ ،‬بوجود شبكات دوليـة منظمـة الرتكـاب‬
‫هــذه الج ـرائم‪ ،‬كتهريــب املخــدرات واإلرهــاب الــدولي‪ ،‬وتبيــيض األمــوال فــي أكطــر مــن دولــة‪ ،‬مــن طــرف مجــرمين‬
‫دولي ــين يهرن ــون إل ــى دول أخ ــرى غي ــر ال ــدول الت ــي ترتك ــب فيه ــا الجريم ــة‪ ،‬خوف ــا م ــن الق ــبض عل ــيهم‪ ،‬لتض ــليل‬
‫العدالة‪.‬‬
‫‪ -4‬سهولة االنتقال في العصر الحديث‪ ،‬فيتمكن املجرمون من اإلفالت بسهولة من العقاب‪.‬‬
‫‪ -5‬تط ــور العالق ــات ب ــين ال ــدول عل ــى أس ــاس حض ــاري‪ ،‬تع ــاون حض ــاري وس ــعيها ملكافح ــة الجـ ـرائم‬
‫املس ــتحدثة الت ــي أص ــبحت ته ــدد أغل ــب دول الع ــالم‪ ،‬إن ل ــم نق ــل كله ــا‪ ،‬وال يتسـ ـ ى له ــا ذل ــك إال م ــن خ ــالل‬
‫التعاون الدولي الذي التسليم مظهرا من مظاهره‪.‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ -‬صور التعاون الدولي ملكافحة الجرائم املستحدثة وموقف املشرع الجزائري من عاملية ّ‬ ‫ّ‬
‫القانون الجنائي‪ّ :‬‬
‫سنتطر إلى صور التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم املستحدثة‪ ،‬ثم على تحديد موقف‬
‫املشرع الجزائري من عاملية النص الجنائي ‪.‬‬
‫‪ -1‬صور التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم املستحدثة‪ّ :‬‬
‫إضافة إلى هذا التطور املتعلق بسريان النصوص الجنائية من حيث املكان‪ ،‬وفقا ملبدأ عاملية‬
‫النص الجنائي وتطبيق القانون الجزائي األجنبي الذي تبنته بعض التشريعات كما سبق اإلشارة إليه‪،‬‬
‫ً‬
‫تحاول الدول إيجاد آليات للتعاون فيما بينها‪ .‬فإدراكا منها لعدم قدرتها على مواجهة اإلجرام الدولي بشكل‬
‫منفرد‪ ،‬تبنت هذه الدول اتفاقيات عدة اعتبرت من خالل بعضها مكافحة الجريمة الدولية مصلحة أولى‬
‫بالرعاية من مصلحة املحافظة على مبدأ السيادة‪ ،.‬وهذه االتفاقيات يمكن عرض أمثلة لها على النحو‬
‫التالي(‪:)33‬‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬اتفاقيات ثنائية‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫إضافة إلى االتفاقيات الثنائية الخاصة بتسليم املتهمين أو املحكوم عليهم‪ ،‬هناك اتفاقيات تسمح‬
‫للدولة العضو في االتفاقية بتطبيق قوانينها على أراض ي الدولة األخرى‪ ،‬ومن هذه االتفاقيات‪:‬‬
‫‪ -‬االتفاقية املبرمة بين بريطانيا والواليات املتحدة األمريكية بتاريخ ‪1983/12/13‬م التي تسمح‬
‫بتفتيش السلطات األمريكية للسفن الخاصة الحاملة للجنسية البريطانية واملشتبه في نقلها مواد مخدرة‬
‫ً‬
‫تفاديا للتأخير في ا لتفتيش الذي يمكن أن ينتج عن انتظار موافقة الدولة التي تحمل السفينة جنسيتها‪،‬‬
‫متى كانت السلطات األمريكية تعتقد بشكل جدي ومبرر أن هذه السفينة تحمل شحنات مواد مخدرة‬
‫باتجاه الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪ -‬االتفاقية املبرمة بين املكسيك والواليات املتحدة األمريكية سنة ‪ ،1970‬بشأن املخدرات التي‬
‫تنص على التزام السلطات املكسيكية بتسهيل التحقيقات التي تقوم بها السلطات األمريكية على اإلقليم‬

‫‪74‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫املكسيكي بخصوص قضايا املخدرات‪ ،‬مقابل اتفا آخر مبرم بين البلدين تلتزم فيه الواليات املتحدة‬
‫بتسهيل البحث عن اآلثار املكسيكية املتاجر بها في أمريكا والقيام بإرجاعها إلى املكسيك ‪.‬‬
‫‪-‬التفاقية الثنائية املبرمة بين الوليات املتحدة األمريكية وبوليفيا سنة ‪1990‬م التي ترنط تطور‬
‫التعاون بين الدولتين بالتسهيالت التي تقدمها بوليفيا في مجال مكافحة املخدرات على أراضيها‪.‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬اتفاقيات على املستوى اإلقليمي‪:‬‬
‫ّ‬
‫إن التناقض بين مبدأ إقليمية القانون‪ ،‬وضرورة إيجاد سياسة جنائية فعالة ملكافحة الجريمة‬
‫ً‬
‫املتجاوزة حدود الدولة‪ )34(،‬باإلضافة إلى أنه أدى إلى ظهور تعاون إقليمي يشمل عدة دول تنتمي جغرافيا‬
‫إلى نفس املنطقة كالتعاون العربي والتعاون األوروبي‪ ،‬أفض ى إلى محاوالت إيجاد نظام قانوني موحد مب ي‬
‫على كل ما هو مشترك بين هذه الدول‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ففي أورونا مثال‪ ،‬هناك نظام قانوني في طريقه للبناء شيئا فشيئا من شأنه أن يقلص إلى حد بعيد‬
‫ً‬
‫مبدأ السيادة عن طريق مبادئ عامة تشكل قيودا على السلطات التشريعية للدول األعضاء من أجل‬
‫إيجاد سياسات جنائية فعالة ملكافحة النشاط اإلجرامي في املجال األوروبي‪.‬‬
‫ً‬
‫فاملجلس األوروبي – أهم التنظيمات اإلقليمية إنتاجا للقواعد الجنائية املتعلقة بمكافحة الجريمة‬
‫املنظمة‪ -‬تب ى عدة اتفاقيات تتعلق بمكافحة التنظيمات اإلجرامية‪ .‬منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫اتفاقية التعاون القضائي في املجال الجنائي لسنة ‪ ،1959‬اتفاقية ستراسبورغ الخاصة بغسل األموال‬
‫لسنة ‪ ،1990‬اتفاقية مكافحة اإلرهاب‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬أنشأ املجلس األوروبي عدة آليات ملراقبة السياسات الجنائية املتبناة واقتراح‬
‫سياسات جنائية أخرى‪ ،‬منها على سبيل املثال‪( :‬اللجنة األورونية الخاصة بالقضايا الجنائية ‪"Comite,‬‬
‫‪Europeen Pour Les Problemes Criminels (C.D.P.C)).‬‬
‫هذه اللجنة تعمل تحت إشرافها لجنة خبراء متخصصين في الجوانب اإلجرامية والعقابية للجريمة‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪Comite, d,experts sur les aspects de droit penal et criminologiques de la‬‬
‫‪criminalite, organisee‬ولجنة أخرى خاصة بتقدير التدابير املتخذة أو التي يجب اتخاذها في مجال‬
‫مكافحة غسل األموال‪. (Blanchiment de L,argent).‬‬
‫ً‬
‫كما أنشأ املجلس األوروبي‪ ،‬أيضا‪ ،‬البوليس األوروبي "‪ "Europol‬بتاريخ ‪ 1995/7/26‬الذي سهل‬
‫ً‬
‫بدوره التعاون في مجال مكافحة الجريمة على املستوى األوروبي‪ .‬هذا التعاون األوروبي قد ينتج آثارا تتعلق‬
‫بدول ليست أعضاء في املجلس األوروبي‪ .‬من ذلك أن الدول األورونية اتفقت على إمكانية تقليص أو وقف‬
‫التعاون االقتصادي مع الدول األخرى التي تمتنع عن اتخاذ مواقف إيجابية في مجال مكافحة الجريمة‬
‫ً‬
‫املنظمة خاصة تلك املتعلقة بتجارة املخدرات‪ ،‬وفقا لقرارات املجلس األوروبي التي اتخذت في لشبونة‬
‫بتاريخ ‪1992/6/27-26‬م‪.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪75‬‬


‫ا‬
‫ثالثا‪ -‬اتفاقيات على املستوى الدولي‪:‬‬
‫ّ‬
‫تحت ضغط تطور األحدار‪ ،‬وانتشار الجريمة املتجاوزة لحدود الدولة(‪ ،)35‬ونتيجة لتداخل العالم‬
‫واقتصادياته والخطورة اإلجرامية ذات البعد العالمي لبعض األنشطة الضارة‪ ،‬تبنت الجماعة الدولية‬
‫عدة اتفاقيات وأوجدت آليات متنوعة تهدف إلى حماية النظام االجتماعي واملصال االقتصادية لكل‬
‫الجماعات اإلنسانية واملحافظة على كرامة اإلنسان‪ ،‬والسلم واألمن العامليين‪ .‬فعلى سبيل املثال‪:‬‬
‫االستعباد واالتجار بالرقيق محرم على املستوى الدولي بمقتض ى عدة نصوص منها‪:‬‬
‫املادة الرابعة من امليثا العالمي لحقو اإلنسان ‪ /1948‬واملادة الثامنة من العهد الدولي الخاص‬
‫بالحقو املدنية والسياسية ‪1966‬م‪ ،‬واتفاقية تجريم االتجار بالرقيق لسنة ‪1956‬م‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬التمييز العنصري يشكل محال التفاقيات دولية مثل اتفاقية مكافحة التمييز العنصري بكافة‬
‫أشكاله لسنة ‪ .1956‬هذا الفعل تم تكييفه على أساس أنه جريمة ضد اإلنسانية من قبل الجمعية العامة‬
‫لألمم املتحدة في عام ‪1966‬م ومن قبل مجلس األمن سنة ‪1984‬م‪.‬‬
‫‪ -‬في مواجهة التعذيب والعقونات الوحشية تب ى املجتمع الدولي قواعد عدة منها‪ :‬املادة السابعة‬
‫من العهد الدولي للحقو املدنية والسياسية ‪1966‬م‪ ،‬واتفاقية مناهضة التعذيب واملعامالت الوحشية‬
‫ً‬
‫والالإنسانية واملهينة‪ .‬لسنة ‪1984‬م والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ ‪ .1987‬فوفقا لهذه النصوص‪ ،‬يشكل‬
‫ً‬
‫التعذيب جريمة دولية يمكن أن تكون محال لالختصاص العالمي لكل دولة عضو‪.‬‬
‫‪ -‬من أجل حماية املدنيين واستقرار التبادل بين الدول‪ ،‬تب ى املجتمع الدولي اتفاقية الهاي سنة‬
‫‪1970‬م املتعلقة بمكافحة خطف الطائرات واتفاقية مونتريال ‪1971‬م التي تجرم أفعاال رئيسية هي‪ :‬تخريب‬
‫الطائرات‪ ،‬تخريب املنشآت األرضية للطيران‪ ،‬إعطاء معلومات خاطئة‪ ،‬االعتداء على أشخاص موجودين‬
‫على متن طائرة‪.‬‬
‫‪ -‬في مجال الجريمة املنظمة‪ ،‬تمت معالجة هذه املسألة في إطار األمم املتحدة أول مرة في مؤتمر‬
‫ميالنو سنة ‪1975‬م الذي أتبع بخطة ملواجهة الجريمة املنظمة بشكل عام سنة ‪1985‬م‪ .‬هذه الخطة‬
‫األخيرة تلتها عدة توصيات أفضت إلى تب ي برنامج خاص بالوقاية من الجريمة‪ ،‬وتحقيق العدالة الجنائية‬
‫ً‬
‫في نابولي سنة ‪1994‬م وفقا لقرار الجمعية العامة رقم ‪ 49/59‬املؤرخ في ‪1994/12/23‬م‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى إنشاء الشعبة الخاصة بالجريمة املنظمة داخل اإلنتربول سنة ‪1998‬م ‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬في مجال حماية الطفولة‪ّ ،‬‬
‫جرم املجتمع الدولي االتجار باألطفال واستغاللهم جنسيا‬
‫فإضافة إلى االتفاقية رقم ‪ 29‬لسنة ‪1930‬م الخاصة بتجريم العمل القسري‪ ،‬وما ينص عليه ميثا‬
‫حقو اإلنسان ‪1948‬م في مادتيه الرابعة والخامسة‪ ،‬أوجدت الجماعة البشرية االتفاقية الخاصة بحقو‬
‫الطفولة سنة ‪ 1989‬م‪ .‬هذه االتفاقية تهدف إلى إعطاء حماية لألطفال عن طريق تجريم العنف واملعاملة‬
‫الجسدية القاسية واإلهمال واالستغالل الجنس ي لألطفال (املواد من ‪ )19 – 10‬وإلزام الدول باتخاذ‬
‫القوانين الالزمة لذلك بشكل فردي أو ثنائي أو جماعي‪.‬‬

‫‪76‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫ً‬
‫‪ -‬في مجال حماية النقد‪ ،‬جرم املجتمع الدولي تزوير النقد وفقا لعدة اتفاقيات منها‪ :‬اتفاقية جنيف‬
‫لسنة ‪1929‬م‪.‬‬
‫‪ -‬من أجل إرساء األمن والطمأنينة في أعالي البحار كمطلب أساس ي الزدهار التبادل التجاري وحرية‬
‫الحركة بين الدول تب ى املجتمع الدولي اتفاقية ‪ 1958‬واتفاقية ‪ 1982‬بشأن القرصنة البحرية‪.‬‬
‫‪ -‬في مواجهة تجارة املخدرات واملؤثرات العقلية أوجدت الجماعة الدولية االتفاقية املوحدة لسنة‬
‫‪1961‬م بشأن املخدرات واتفاقية ‪ 1971‬بشأن املؤثرات العقلية واتفاقية االتجار غير املشروع باملخدرات‬
‫سنة ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪ -‬في مجال حماية البيئة‪ ،‬توصلت الجماعة البشرية إلى تب ي عدة اتفاقيات بهدف مكافحة كل ما‬
‫ً‬
‫يمثل أضرارا متجاوزة للحد املعقول كالتلور الواسع املدى للهواء والبحار الناتج عن االستغالل السيئ أو‬
‫املبالغ فيه للمصادر البيئية‪ .‬فعلى سبيل املثال أوجد املجتمع الدولي اتفاقية الوقاية من التلور الناتج عن‬
‫السفن سنة ‪1973‬م املوقعة بلندن واملعدلة ببروتوكول سنة ‪1978‬م‪ ،‬واتفاقية بشأن فرض رقابة على‬
‫حركة النفايات الصناعية املوقعة سنة ‪1989‬م التي دخلت حيز النفاذ عام ‪1992‬م‪ ،‬واتفاقية ‪Kyoto‬‬
‫سنة ‪1997‬م‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن خالل االطالع على هذه االتفاقيات املتعددة‪ ،‬نجد أن بعضها تب ى أحكاما خاصة تهدف إلى‬
‫إيجاد نوع من الفاعلية عند التطبيق‪.‬‬
‫فاتفاقية ‪Bale‬املتعلقة بالنفايات الخطيرة لسنة ‪1989‬م نصت في املادتين الرابعة والسابعة منها‬
‫على سريان بنودها حتى على الدول غير األعضاء بها‪ .‬فكل تصدير للنفايات الخطرة مخالف لالتفاقية حتى‬
‫ً‬
‫ولو كان في اتجاه الدول غير األعضاء‪ ،‬كما أن هذه االتفاقية نصت أيضا على نقل املسؤولية من الفاعل‬
‫الخاص إلى الدولة إذا كان املصدر أو املنتج الخاص ال يستطيع إرجاع النفايات إلى دولة املصدر‪ ،‬ونالتالي‬
‫فإن الدولة املصدرة تقع عليها مسؤولية إعادة النفايات إلى إقليمها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هناك أيضا نصوص دولية أخرى تقتض ي بأن السرية املصرفية ال يمكن أن تكون سببا في رفض التعاون‬
‫القضائي في املجال الجنائي(‪ .)36‬املثال على ذلك ما نصت عليه املادة السابعة من اتفاقية االتجار غير‬
‫ً‬
‫املشروع باملخدرات لسنة ‪1988‬م‪ .‬هذه االتفاقية األخيرة نصت أيضا على تسليم املجرمين املفترضين بين‬
‫الدول املوقعة على االتفاقية‪ ،‬وضرورة التمكين من حجر ومصادرة األموال الناتجة عن تجارة املخدرات‬
‫واملوجودة في دولة طرف في االتفاقية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن إنشاء محاكم دولية جنائية كاملحكمة الجنائية الخاصة بيوغسالفيا‬
‫السابقة‪ ،‬وتلك الخاصة بجرائم اإلبادة العرقية في رواندا واملحكمة الجنائية الدولية (روما‪ )1998‬يمثل‬
‫تطورا دوليا هاما في املجال الجنائي‪ ،‬وينبئ بتغير قريب في عدة مفاهيم ورؤى خاصة بالقانون الجنائي‬
‫وعالقته بسيادة الدولة‪.‬‬
‫فمن الواض أن الدولة ذات السيادة باملع ى التقليدي‪ ،‬والتي تحد من تب ي سياسات جنائية‬
‫فعالة لم تعد املستقبل الضروري الذي ال يمكن تجاوزه للمجتمع اإلنساني‪.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪77‬‬


‫‪ -2‬موقف املشرع الجزائري من تطبيق عاملية النص الجنائي وتفعيل تطبيقه في مجال مكافحة‬
‫الجرائم املستحدثة‪ّ :‬‬
‫على الرغم من أن املبادئ العامة التي تحكم التجريم‪ ،‬والعقاب من حيث املكان في القانون‬
‫الجزائي الجزائري سواء تلك الواردة في قانون العقونات أو اإلجراءات الجزائية قد جاءت قاصرة على مبدأ‬
‫اإلقليمية كمبدأ أصلي ومبدأي الشخصية والعينية كمبادئ احتياطية دون أية إشارة إلى تب ي مبدأ عاملية‬
‫النص الجنائي‪ ،‬إال أنه ومن الناحية العملية نجد أن وزارة العدل تسعى جاهدة إلى عقد عدة اتفاقات‪،‬‬
‫ونشاطات سواء على املستوى العربي أو الدولي ألجل مكافحة اإلجرام املنظم‪ ،‬غير أن هذه االتفاقات إن لم‬
‫تدعم بمبدأ عاملية النص الجنائي الذي ينبغي إعادة النظر فيه من طرف املشرع وضرورة تبنيه قد تبقى‬
‫عاجزة عن مواجهة ظاهرة اإلجرام املنظم إذا كانت الجريمة املرتكبة ال تخضع لسلطان القانون الجزائي‬
‫الجزائري بمقتض ى مبدأ اإلقليمية أو الشخصية أو العينية‪.‬‬
‫ونالرغم من تب ي املشرع الجزائري لنظام التطبيق املباشر(‪ )37‬للمعاهدات الدولية بمجرد التصديق‬
‫وفق املادة ‪ 132‬من الدستور ‪ 1996‬املعدل واملتمم‪ ،‬إال أن تطبيق املعاهدات في النظام القانوني الداخلي‬
‫يتوقف على شكل جوهري وهو نشرها في الجريدة الرسمية‪ ،‬وإال اعتبرت غير نافذة‪ ،‬وال يمكن االستناد إليها‬
‫قضائيا كما ال يمكن للقاض ي إثارتها من تلقاء نفسه‪ ،‬ونالرجوع إلى قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪،‬‬
‫نالحظ أنه لم يكرس مبدأ االختصاص العالمي‪.‬‬
‫‪ -1‬مساهمة الجزائر في توحيد التشريعات العربية‪ّ :‬‬
‫هناك جهود من طرف الدولة الجزائرية في سبيل منها للتصدي للجريمة املستحدثة تمثلت في‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬التفاقية العربية ملكافحة اإلرهاب ّوآلية تنفيذها‪:‬‬ ‫ّ‬
‫لقد تم اعتماد االتفاقية العرنية ملكافحة اإلرهاب من طرف مجلس ي وزراء العدل والداخلية‬
‫العرب‪ ،‬بموجب قرار مشترك صادر بتاريخ‪ ،1998-04-22 :‬والتي دخلت حيز التنفيذ في (‪.(1999/05/07‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬مشروع قانون عربي استرش ــادي لتنظـيـ ــم زراعة األعضــاء البشريــة ّومنــع مكافحــة التجار ّ‬ ‫ّ‬
‫في ـهــا‪:‬‬
‫بنــاء علــى اقت ـراح الجزائــر‪ ،‬ص ــدر ق ـرار م ــن مجلــس وزراء الع ــدل العــرب‪ ،‬ف ــي دورتــه (‪ )19‬بــالجزائر‪،‬‬
‫يقض ـ ي بتكليــف الجزائــر بإعــداد مشــروع قــانون عربــي استرشــادي لزراعــة األعضــاء البشــرية ومنــع ومكافحــة‬
‫االتجار فيها‪.‬‬
‫قامت وزارة العدل الجزائرية بإعداد مشروع مبدئي لهذا القانون‪ ،‬وتم إرساله من طرف سيادة‬
‫معالي وزير العدل حافظ األختام الطيب بلعيز إلى األمانة الفنية بتاريخ ‪ 2004-03-17‬قصد تعميمه على‬
‫الدول العرنية لدراسة وتشكيل لجنة خبراء إلعداد املشروع النهائي لهذا القانون‪ ،‬وقامت األمانة الفنية‬
‫بتعميمه عل الدول العرنية‪.‬‬

‫‪78‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫ا‬
‫ثالثا‪ -‬التفاقية العربية ملكافحة الفساد‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫أص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدر مجل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس وزراء الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدل الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي دورت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الثامن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة عش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر (‪)18‬‬
‫‪ 2002-10-25‬ق ـ ـرارا يقضـ ـ ـ ي بض ـ ــرورة التنس ـ ــيق ب ـ ــين أم ـ ــانتي مجل ـ ــس وزراء الع ـ ــدل‪ ،‬والداخلي ـ ــة الع ـ ــرب‬
‫إلعداد مشروع اتفاقية عرنية ملكافحة الفساد وعرضها على املجلس‪.‬‬
‫وتنفيذا لذلك‪ ،‬قامت األمانة الفنية بتعميم القرار على الدول األعضاء‪ .‬وقد أصدر مجلس وزراء‬
‫العدل العرب قرارا في دورته التاسعة عشر (‪ ) 19‬بالجزائر‪ ،‬يقض ي بمواصلة التنسيق بين األمانة الفنية‬
‫للمجلس واألمانة العامة بمجلس وزراء الداخلية العرب لعقد اجتماع مشترك لخبراء املجلسين إلعداد‬
‫مشروع االتفاقية وعرضه على املجلسين‪.‬‬
‫وقد قرر مجلس وزراء العدل العرب في دورته العشرين بالقاهرة عرض املشروع على املجلس في‬
‫دورته القادمة بعد عرضه على مجلس وزراء الداخلية العرب قرار ‪ – 549‬د ‪.2004/11/29 – 20‬‬
‫‪ -2‬تنسيق املواقف اتجاه التفاقيات الدولية‪:‬‬
‫ّأ‪ -‬بخصـوص التنسيـق العربـي في املحافـل الدوليـة اتجاه تدابير مكافحة اإلرهاب الدولي‪ّ :‬‬
‫أصدر مجلس وزراء العدل العرب في دورته التاسعة عشر املنعقد بتاريخ ‪ 2003/11/09‬في الجزائر‬
‫قرار يتضمن‪ ،‬التأكيد على قرارات املجلس بإدانته اإلرهاب بكافة أشكاله وصوره وأيا كانت دوافع‬
‫ومبرراته(‪ )38‬ومصدره بما في ذلك إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطي ي‬
‫والشعوب العرنية‪ ،‬وضرورة معالجة جذور اإلرهاب وأسبابه ورفض إلصا تهمة اإلرهاب بالعرب‬
‫واملسلمين‪ ،‬والتأكيد على ما يدعو إليه اإلسالم من مبادئ سمحة ونبذه لكافة أشكال اإلرهاب‪.‬‬
‫كم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا دع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا املجل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس وزارات الع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدل ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدول العرني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة التص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــديق‬
‫واالنض ـ ــمام إل ـ ــى الص ـ ــكوك الدولي ـ ــة املتعلق ـ ــة بمكافح ـ ــة اإلره ـ ــاب (الجزائ ـ ــر انض ـ ــمت وص ـ ــادقت عل ـ ــى ج ـ ــل‬
‫االتفاقي ـ ـ ــات املتعلق ـ ـ ــة بمكافح ـ ـ ــة اإلره ـ ـ ــاب‪ ،‬ومواف ـ ـ ــاة نقط ـ ـ ــة االتص ـ ـ ــال ف ـ ـ ــي جامع ـ ـ ــة ال ـ ـ ــدول العرني ـ ـ ــة م ـ ـ ــع‬
‫لجن ـ ـ ـ ـ ــة مكافح ـ ـ ـ ـ ــة اإلره ـ ـ ـ ـ ــاب املش ـ ـ ـ ـ ــكلة بموج ـ ـ ـ ـ ــب قـ ـ ـ ـ ـ ـرار مجل ـ ـ ـ ـ ــس األم ـ ـ ـ ـ ــن رق ـ ـ ـ ـ ــم ‪ )2001( 1373‬ببياناته ـ ـ ـ ـ ــا‬
‫ومقترحاتهـ ـ ــا حـ ـ ــول إج ـ ـ ـراءات مكافحـ ـ ــة اإلرهـ ـ ــاب فـ ـ ــي إطـ ـ ــار تنفيـ ـ ــذ ق ـ ـ ـرار مجلـ ـ ــس األمـ ـ ــن وق ـ ـ ـرارات الجمعيـ ـ ــة‬
‫العامة لألمم املتحدة‪.‬‬
‫وأكد القرار على تقرير التعاون(‪ )39‬القائم بين جامعة الدول العرنية‪ ،‬وشعبه ملكافحة اإلرهاب‬
‫التابعة ملركز األمم املتحدة ملكافحة الجرائم الدولية‪.‬‬
‫ّب‪ -‬تنسيق املوقف العربي بشأن اتفاقيـة األمـم املتحـدة ملكافحـة الجريمة املنظمة عبر الحدود‬
‫الوطنية‪ّ :‬‬
‫ترجع جذور إنشاء هذه االتفاقية إلى الدورة التاسعة واألربعين (‪ )49‬للجمعية العامة لألمم‬
‫املتحدة سنة ‪ ،1998‬أين تم تشكيل فوج عمل إلعداد اتفاقية دولية ملكافحة الجريمة عبر الحدود‬
‫الوطنية‪.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪79‬‬


‫ولقد تم اعتماد مشروع االتفاقية والبروتوكولين األول والثاني امللحقين بها خالل انعقاد الجمعية‬
‫العامة يوم ‪ 2000/11/15‬كما اعتمدت البروتوكول الثالث (‪.)2001/05/31( )3‬‬
‫وبه ـ ـ ــدف تنس ـ ـ ــيق املواق ـ ـ ــف العرني ـ ـ ــة بش ـ ـ ــأن أحك ـ ـ ــام ه ـ ـ ــذه االتفاقي ـ ـ ــة‪ ،‬ت ـ ـ ــم عق ـ ـ ــد ن ـ ـ ــدوة قانوني ـ ـ ــة‬
‫عرنيـ ـ ــة بجمهوريـ ـ ــة السـ ـ ــودان يـ ـ ــومي ‪ 5‬و ‪ 6‬مـ ـ ــارس ‪ 2002‬لدراسـ ـ ــة نتـ ـ ــائج وأثـ ـ ــار التوقيـ ـ ــع والتصـ ـ ــديق علـ ـ ــى‬
‫االتفاقية‪.‬‬
‫ولإلش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة‪ ،‬ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإن ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه االتفاقي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدف إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى تط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوير التع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاون ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدولي للوقاي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫ومكافح ـ ـ ـ ــة الجريم ـ ـ ـ ــة املنظم ـ ـ ـ ــة الع ـ ـ ـ ــابرة للح ـ ـ ـ ــدود الوطني ـ ـ ـ ــة الس ـ ـ ـ ــيما منه ـ ـ ـ ــا تبي ـ ـ ـ ــيض األم ـ ـ ـ ــوال ومكافح ـ ـ ـ ــة‬
‫املخدرات‪.‬‬
‫وقد وقعت على االتفاقية ‪ 147‬دولة منها ‪ 11‬دولة عرنية من بينها الجزائر‪ .‬وصادقت عليها ‪ 41‬دولة‬
‫من بينها ثالر (‪ )03‬دول عرنية هي‪ :‬الجزائر‪ ،‬تونس واملغرب‪.‬‬
‫كما وقعت الجزائر وصادقت على البروتوكوالت امللحقة باالتفاقية والخاصة بـ ‪:‬‬
‫‪ -‬بروتوكول مكافحة تهريب املهاجرين عن طريق البر والبحر وصادقت عليه الجزائر بموجب‬
‫املرسوم الرئاس ي رقم ‪ 418/03‬املؤرخ في ‪ 9‬نوفمبر ‪،2003‬‬
‫‪ -‬بروتوكول متعلق بمكافحة صنع األسلحة النارية (صادقت عليه الجزائر بموجب املرسوم الرئاس ي‬
‫رقم ‪ 165 – 04‬املؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪،2004‬‬
‫‪ -‬بروتوكول متعلق بمنع االتجار باألشخاص‪ ،‬خاصة النساء واألطفال (صادقت عليه الجزائر‬
‫بموجب املرسوم الرئاس ي رقم ‪ 147/03‬املؤرخ في ‪ 09‬نوفمبر ‪.2003‬‬
‫‪ -‬بخصوص تنسيق املواقف العربية الدولية‪ّ :‬‬
‫فقد شاركت األمانة الفنية في الندوة الوزارية ملنطقة إفريقيا للترويج التفاقية األمم املتحدة‬
‫ملكافحة الجريمة املنظمة والتي انعقدت بالجزائر يومي ‪ 29‬و ‪ 30‬أكتونر ‪.2002‬‬
‫وقد أصدر املكتب التنفيذي في دورته التاسعة والعشرين (‪ )29‬بتاريخ ‪ 2004-04-21‬قرارا أكد فيه‬
‫على أهمية التصديق على اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الجريمة املنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين األول‬
‫والثاني تكليف األمانة الفنية بالتنسيق مع األمانة العامة ملجلس وزراء الداخلية العرب بمواصلة التعاون‬
‫مع مكتب األمم املتحدة املع ي باملخدرات‪.‬‬
‫ّج‪ -‬تنسيق املواقف بخصوص اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‪ّ :‬‬
‫س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلمت الجمعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة العام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لألم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم املتح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدة ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي قراره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ‪ 61/55‬امل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤرخ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫‪ 2000-12-04‬بأنـ ــه مـ ــن املسـ ــتوجب وضـ ــع صـ ــك قـ ــانوني دولـ ــي فعـ ــال ملكافحـ ــة الفسـ ــاد‪ ،‬يكـ ــون مس ـ ــتقال‬
‫ع ـ ـ ــن اتفاقي ـ ـ ــة األم ـ ـ ــم املتح ـ ـ ــدة ملكافح ـ ـ ـة الجريم ـ ـ ــة املنظم ـ ـ ــة عب ـ ـ ــر الوطني ـ ـ ــة‪ ،‬فأنش ـ ـ ـأت لجن ـ ـ ــة تول ـ ـ ــت ه ـ ـ ــذه‬
‫املهمة والتي أعدت املشروع األول لالتفاقية‪.‬‬
‫ص ـ ــدر ع ـ ــن مجل ـ ــس وزراء الع ـ ــدل الع ـ ــرب ف ـ ــي دورت ـ ــه التاس ـ ــعة عش ـ ــر (‪ )19‬ب ـ ــالجزائر قـ ـ ـرار يقضـ ـ ـ ي‬
‫بض ـ ـ ــرورة إعط ـ ـ ــاء أهميـ ـ ـ ــة خاص ـ ـ ــة للتوقي ـ ـ ــع علـ ـ ـ ــى اتفاقي ـ ـ ــة األم ـ ـ ــم املتحـ ـ ـ ــدة ملكافح ـ ـ ــة الفس ـ ـ ــاد وتكثيـ ـ ـ ــف‬

‫‪80‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫الحض ـ ــور العرب ـ ــي ف ـ ــي م ـ ــؤتمر التوقي ـ ــع عل ـ ــى االتفاقي ـ ــة ف ـ ــي املكس ـ ــيك خ ـ ــالل الفت ـ ــرة م ـ ــن ‪ 11‬إلـ ــى ‪ 19‬ديس ـ ــمبر‬
‫‪،2003‬‬
‫وك ـ ــذا ف ـ ــي االجتماع ـ ــات وحلق ـ ــات النق ـ ــال الت ـ ــي تنعق ـ ــد عل ـ ــى ه ـ ــامش امل ـ ــؤتمر‪ .‬كم ـ ــا قام ـ ــت األمان ـ ــة الفني ـ ــة‬
‫بإرسال املشروع إلى كافة وزارات العدل العرنية إلعداد مالحظاتها‪.‬‬
‫وق ـ ـ ــد وقع ـ ـ ــت عل ـ ـ ــى ه ـ ـ ــذه االتفاقي ـ ـ ــة ‪ 130‬دول ـ ـ ــة منه ـ ـ ــا ‪ 12‬دول ـ ـ ــة عرني ـ ـ ــة و ه ـ ـ ــي‪ ،‬الجزائ ـ ـ ــر‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫جيب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوتي‪ ،‬الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعودية س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوريا مص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ ،‬الكوي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت‪ ،‬ليبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬املغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب‪ ،‬ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيمن‪ ،‬قط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر وت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــونس‬
‫وصادقت عليها ‪ 10‬دول‪ ،‬منها دولة عرنية واحدة وهي الجزائر‪.‬‬
‫وقد قرر مجلس وزراء العدل العرب في دورته العشرين التأكيد على أهمية التوقيع واملصادقة على‬
‫اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد باعتبارها آلية ضرورية لتعزيز التعاون الدولي على مكافحة الفساد‬
‫ودعم الجهود الوطنية في هذا املجال؛ وكذا تكليف األمانة الفنية للمجلس بإجراء االتصاالت مع مكتب‬
‫األمم املتحدة املع ي باملخدرات والجريمة‪.‬‬
‫واألمانة العامة ملجلس وزراء الداخلية العرب لدراسة مدى إمكانية عقد ندوة قانونية وزارية‬
‫عرنية حول اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد‪ ،‬وتطبيق أحكامها على الصعيد الوط ي‪( .‬قرار رقم‬
‫‪ –552‬د ‪.2004/11/ 29 – 20‬‬
‫‪ -‬تنسيق املواقف مع املعهد الدولي للعلوم الجنائية بسيراكوزا إيطاليا‪ّ :‬‬
‫تنفيذا لقرارات مجلس وزراء العدل العرب في دورته (‪ )19‬عقدت لجنة الخبراء االجتماع الخامس‬
‫عشر (‪ )15‬خالل الفترة املمتدة من ‪ 23‬إلى ‪ 26‬فبراير ‪ 2004‬بمقر األمانة العامة لجامعة الدول‬
‫العرنية\وأصدرت عدة توصيات منها تكليف املعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية (سيراكوزا)‬
‫بإعداد مشروع قانون عربي موحد استرشادي للتعاون الجنائي الدولي وأوصت بتعميمه على الدول‬
‫العرنية‪( .‬مالحظة‪ :‬الجزائر عضو ضمن هذه اللجنة‪.‬‬
‫أصدر املكتب التنفيذي في دورته التاسعة و(‪ )2004/4/27( )29‬قرارا يقض ي بمواصلة التعاون مع‬
‫املعهد (بسيراكوزا) وتعميم املشروع على الدول العرنية لدراسة وإعداد مالحظات بشأنه‪.‬‬
‫وقد دع مجلس وزراء العدل العرب في دورته العشرين الدول العرنية التي لم تصاد ‪ ،‬أو تنظم إلى‬
‫اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الجريمة املنظمة عبر الوطنية والبروتوكوالت امللحقة بها إلى القيام بذلك‬
‫وتوجيه الشكر إلى املعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية على التعاون املتواصل مع جامعة‬
‫الدول العرنية في هذا املجال‪.‬‬
‫‪ -1‬أسباب ومعوقات عدم اعتماد مبدأ عاملية النص الجنائي خصوصا في التشريع الجزائري‪ّ :‬‬
‫يمكن إجمال بعض معوقات عدم اعتماد عاملية النص الجنائي في التشريع الجزائري على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪81‬‬


‫ّأ‪ -‬عدم تسليم املجرمين‪:‬‬
‫تعد ظاهرة عدم تسليم املجرمين لدى غالبية دول العالم إحدى املعوقات التي تعترض سبيل‬
‫تطبيق عاملية النص الجنائي لدى القضاء املحلي للدولة‪.‬‬
‫ويعرف التسليم املجرمين حسب الفقيه عبد الفتاح سراح بأنه‪( :‬تخلي دولة ألخرى عن شخص‬
‫ارتكب جريمة لكي تحاكمه عنها‪ ،‬أو تنفذ فيه الحكم الذي أصدرته عليه محاكمها‪ ،‬وذلك باعتبار أن‬
‫الدولة طالبة التسليم هي صاحبة االختصاص الطبيعي أو األولى بمحاكمته وعقابه)(‪.)40‬‬
‫إن املشكل الحقيقي الذي يكمن في عدم تسليم املجرمين كونه يقوم على أساس مصلحي(‪ )41‬بين‬
‫الدول خاصة إذا علمنا أن ردع الجرائم الدولية يقوم على التعاون القائم بين الدول‪ ،‬ومن بين أهم مظاهر‬
‫التعاون هو‪ :‬تسليم املجرمين‪.‬‬
‫غير أن الكثير من الدول ترفض تسليم املجرمين‪ ،‬وخاصة مواطنيها(‪ )42‬وهذا ما سايره املشرع‬
‫الجزائري وفق املادة ‪ 698‬من قانون اإلجراءات الجزائرية الجزائري إذ نصت على أنه‪( :‬ال يقبل التسليم إذا‬
‫كان الشخص مطلوب تسليمه جزائري الجنسية‪ ،‬والعبرة في تقدير هذه الصفة بوقت وقوع الجريمة‬
‫املطلوب التسليم من اجلها‪ ،‬إذا كانت للجناية أو الجنحة ذات الصبغة السياسية أو إذا تبين من الظروف‬
‫أن التسليم مطلوب لغرض سياس ي‪ ،‬كما أن تسليم املجرمين يصطدم بشرط اعتماد ازدواجية التجريم‬
‫والذي دائما ما يكون عائقا أمام تسليم املجرمين‪.‬‬
‫ب‪ -‬مبدأ ل يعاقب الشخص مرتين من أجل نفس الفعل‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫إن الفكرة التي كانت سائدة في املاض ي هي الحكم الجنائي الذي تصدره دولة ما ال يتعدى أثره‬
‫حدودها اإلقليمية(‪ ،)43‬وعلى ذلك يجوز محاكمة الجاني مرتين على نفس الفعل اإلجرامي بالرغم من أنه‬
‫سبق الحكم عليه من قبل دولة أجنبية على نفس الفعل ‪،‬غير أن هذه الفكرة تغيرت بعد تطبيق مبدأ‬
‫عاملية النص الجنائي وتكريس التعاون الدولي في املجال القضائي ملحارنة الجرائم الدولية املستحدثة‪ ،‬فلم‬
‫يعد من املعقول أن تحصر الدولة نفسها داخل إقليمها بما يدعو إلى تضييق قضائها الداخلي‪.‬‬
‫وإذا رجعنا إلى التشريع الجزائري نجد تطبيق هذا املبدأ مكرسا بوضوح في املادة ‪ 311‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية الجزائري بنصه على أنه‪ ( :‬إذا أعفي املتهم من العقاب أو برئ أو أفرج عنه في الحال ما‬
‫لم يكن محبوسا لسبب أخر دون اإلخالل بتطبيق أي تدبير أمن مناسب تقرره املحكمة‪ ،‬وال يجوز أن يعاد‬
‫أخذ الشخص قد برئ قانونا أو اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى ولو صيغت بتكييف مختلف)‪.‬‬
‫كما نصت املادة ‪ 189‬من قانون اإلجراءات الجزائي الجزائري على أنه‪( :‬إذا كان التحقيق في هذه‬
‫الجريمة األخيرة قد انتهى بأمر أو قرار بأن ال وجه للمتابعة أو بحكم بالبراءة أو باإلعفاء من العقونة فإن‬
‫مدة الحبس االحتياطي الناش ئ عنها ال تستنزل من مدة العقونة املحكوم بها)‪.‬‬
‫غير أن الحبس االحتياطي قد استبدل بالحبس املؤقت في تعديل قانون العقونات الصادر سنة‬
‫‪ 2012‬بموجب املواد ‪.185-184-183‬‬

‫‪82‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫بينما نصت املادة ‪ 589‬من قانون اإلجراءات الجزائي الجزائري على أنه‪( :‬ال يجوز مباشرة إجراء أي‬
‫متابعة من اجل جناية أو جنحة اقترفت في الجزائر ضد أجنبي يكون قد أثبت أنه حوكم هائيا من أجل‬
‫هذه الجناية أو الجنحة في الخارج أو ان يثبت في حالة اإلدانة أنه قض ى العقونة أو تقادمت او صدر العفو‬
‫عنها)‪.‬‬
‫الخاتمة‪ّ :‬‬
‫إذا كانت الجرائم املستحدثة على غرار الجريمة املنظمة ثمرة من ثمرات التغيرات السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فإن العوملة االقتصادية التي شهدتها العقد األخير من القرن العشرين قد أدت‬
‫إلى انتشار هذا النوع من الجرائم املتطورة وتشعبها في أشكال جديدة بغية الحصول على الرنح سواء ملجرد‬
‫اإلثراء أو الستخدامه في تحقيق أغراض سياسية وتالقت الجرائم املستحدثة مع العوملة من خالل‬
‫خاصيتين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬الهدف وهو الحصول على الرنح‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬كسر الحواجز بين الدول‪ ،‬ومن خالل هذا التالقي كان انتشار الجريمة العصرية وانتشارها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن املبادئ العامة التي تحكم التجريم والعقاب من حيث املكنان في القانون‬
‫الجزائي الجزائري سواء تلك الواردة في قانون العقونات أو اإلجراءات الجزائية قد جاءت قاصرة على مبدأ‬
‫اإلقليمية كمبدأ األصلي ومبدأي الشخصية والعينية كمبادئ االحتياطية دون أية إشارة إلى تب ي مبدأ‬
‫عاملية النص الجنائي‪.‬‬
‫غير أنه ومن الناحية العملية سعت الجزائر جاهدة إلى عقد عدة مؤتمرات واتفاقيات ونشاطات‬
‫سواء على املستوى العربي أو الدولي آلجل مكافحة الجرائم املستحدثة‪ ،‬غير أن هذه االتفاقيات أن لم‬
‫تدعم بمبدأ عاملية النص الجنائي الذي ينبغي إعادة النظر فيه من طرف املشرع وضرورة تبنيه قد تبقى‬
‫عاجزة عن مواجهة ظاهرة اإلجرام املنظم إذا كانت الجريمة املرتكبة ال تخضع لسلطان القانون الجزائي‬
‫الجزائري بمقتض ى مبدأ اإلقليمية أو الشخصية أو العينية‪.‬‬
‫توصل الباحث من خالل هذه الورقة البحثية إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة التوسع في األخذ بمبدأ عاملية النص الجنائي في التشريعات الجزائية ملختلف دول‬
‫العالم‪ ،‬وذلك ملعالجة النقص املوجود في مبدأ اإلقليمية الذي يعجز عن حل الكثير من املشاكل الناشئة‬
‫عن الجرائم املستحدثة العابرة للحدود الدولية التي يترتب عليها أثار سيئة تؤدي إلى اإلضرار باملصال‬
‫األساسية والجوهرية للدولة ويعرض أمنها الوط ي واالقتصادي للخطر وكذا امن مواطنيها‪ ،‬ولن يتوقف‬
‫األمر عند هذا الحد فقد يؤثر أيضا على مصال املجتمع الدولي ككل‪.‬‬
‫‪ -2‬إعادة محاكمة املجرم مرة أخرى من دولته التي أصيبت مصالحها األساسية والجوهرية وأمنها‬
‫الخارجي والداخلي‪ ،‬مع األخذ في االعتبار مدة الحبس التي قضاها املتهم في الخارج في حالة ما إذا قض ى‬
‫جزء من هذه العقونة في الخارج‪.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪83‬‬


‫‪ -3‬ضرورة اعتماد تعريف موحد للجريمة العابرة للحدود الدولية وتحت مظلة األمم املتحدة‪،‬‬
‫وذلك لتحديد الجرائم التي تدخل في نطا الجرائم العابرة للحدود الدولية لتحديد أركا ها وتحديد‬
‫العقونة املقررة واملناسبة لها‪ ،‬ومن تم تدعيم سياسة مكافحة هذه الجريمة ‪،‬ألن عاملية اإلجرام تستدعي‬
‫عاملية العقاب‪.‬‬
‫‪ -4‬زيادة التعاون الدولي بين الدول في مكافحة الجرائم العابرة للحدود الدولية بغية تجسيد واقعي‬
‫لعاملية النص الجنائي سواء من حيث التجريم أو العقاب وذلك بالعمل على‪:‬‬
‫ّأ‪ -‬التعاون الدولي من خالل ممارسة توحيد سياسة التجريم والعقاب بشأن الجرائم العابرة‬
‫للحدود الدولية‪ ،‬بحيث تكفل عدم إفالت الجناة من العقاب وتفويت الفرصة على املنظمات اإلجرامية‬
‫لتوسيع وتطوير أنشطتها‪.‬‬
‫ّب‪ -‬زيادة التعاون األم ي بين الدول من خالل تبادل املعلومات بين األجهزة الشرطية في الدول‬
‫املختلفة وتبادل املوظفين والخبرات بين األجهزة األمنية‪.‬‬
‫ّج‪ -‬ضرورة تكوين دولي فعال ألجهزة اآلمن تتولى مكافحة الجرائم ذات الطابع العالمي وتسهر على‬
‫التصدي للجرائم املستحدثة واملواكبة للتطور التكنولوجي والرقمي‪.‬‬
‫ّد‪ -‬تبادل املساعدات القضائية عن طريق اإلنابة القضائية وغيرها من اإلجراءات األخرى‪.‬‬
‫ّه‪ -‬االعتراف باألحكام األجنبية وتنفيذها ‪.‬‬
‫ّو‪ -‬التعاون في مجال ضبط ومصادرة عوائد الجريمة العابرة للحدود الدولية‪.‬‬
‫‪ -5‬ضرورة إدراج مبدأ عاملية النص الجنائي ضمن التشريعات الجزائية الجزائرية‪ ،‬وذلك بالنص‬
‫صراحة عليه‬
‫‪ -6‬عدم إمكانية احتجاج الدولة التي يتواجد على إقليمها املتهم بأي إجراء كان (األثر النسبي‬
‫لالتفاقيات الدولية عدم نشر االتفاقيات الدولية) للتحلل من االلتزامات الدولية العرفية أو االتفاقية‬
‫نظرا ملوضوع هذه القواعد وااللتزامات الهادف غلى حماية مصال مشتركة للجماعة الدولية مرتبطة بسلم‬
‫وامن البشرية‪.‬‬
‫‪ -7‬فرض عقونات دولية على آية دولة تخالف االلتزامات املذكورة معه‪.‬‬
‫‪ -8‬فرض التزام دولي قطعي على الدول بتقديم املساعدة الدولية لدولة مكان القبض على املتهم‬
‫على مستوى جميع مراحل القضية( البحث والتحري‪ ،‬التحقيق‪ ،‬املحاكمة)‪.‬‬
‫‪ -9‬فرض التزام دولي قطعي على دولة مكان القبض على املتهم بمتابعة ومحاكمة املتهم الذي بين‬
‫أيديها دون استثناء آو تأخير مع منحها إمكانية تسليمه غلى دولة أخرى ملحاكمته تنفيذا لاللتزامات‬
‫الدولية‪.‬‬

‫‪84‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


‫الهوامش‪:‬‬
‫(‪ )1‬أنظر علي بومدين‪ ،‬مبدأ عاملية النص الجنائي ودوره في مكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬مذكرة ماستر في الحقو ‪ ،‬تخصص علم اإلجرام‪ ،‬كلية‬
‫الحقو والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة د‪ ،‬موالي الطاهر‪ ،‬سعيدة‪،2015-2014 ،‬ص ‪ 16‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬أنظر محمد كمال أنور‪ ،‬تطبيق قانون العقونات من حيث املكان‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقو ‪،‬جامعة القاهرة‪ ،‬دار املطابع الشام‪ ،‬بدون‬
‫سنة النشر‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫(‪ )3‬أنظر علي بومدين‪ ،‬مبدأ عاملية النص الجنائي ودوره في مكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫(‪ )4‬أنظر علي بومدين‪ ،‬مبدأ عاملية النص الجنائي ودوره في مكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )5‬أنظر بالل عقد الصنديد‪ ،‬أضواء على املعوقات التي تواجه بناء نظام جنائي دولي‪ ،‬ورقة بحثية في إطار املشاركة في فعاليات الندوة العلمية‬
‫حول‪ :‬التعاون القضائي الدولي في املواد الجنائية‪ ،‬معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية‪ ،‬من ‪ 27‬إلى ‪ 29‬مايو ‪.2006‬‬
‫(‪ )6‬أنظر محمد كمال أنور‪ ،‬تطبيق قانون العقونات من حيث املكان‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪40‬‬
‫(‪ )7‬أنظر مامون الجيرودي‪ ،‬مبدأ العاملية في معرض تطبيق قانون العقونات‪ ،‬مجلة املحامون‪ ،‬دمشق‪ ،‬العدد السادس‪ ،1988 ،‬ص ‪.38‬‬
‫(‪ )8‬أنظر دخالفي سفيان‪ ،‬مبدأ االختصاص العالمي في القانون الجنائي الدولي‪ ،‬مذكرة ماجستير في القانون الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬كلية‬
‫الحقو ‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪،2008-2007‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )9‬ملزيد من التفاصيل حول مفهوم االختصاص اإلقليمي راجع عبد املومن بن صغير‪ ،‬دور االتفاقيات الثنائية في تطوير مبادئ القانون‬
‫الدولي لالستثمارات األجنبية‪ ،‬دار األيام للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪،2015 ،‬ص ‪ 27‬وما بعدها‬
‫(‪ )10‬تقوم غالبية التشريعات الجنائية الحديثة على أربعة مبادئ بصدد نطا تطبيق القانون الجنائي من حيث املكان على‪ :‬مبدأ اإلقليمية‬
‫–مبدأ الشخصية –مبدأ العاملية –مبدأ العينية ‪.‬‬
‫(‪ )11‬أنظر بالل عقد الصنديد‪ ،‬أضواء على املعوقات التي تواجه بناء نظام جنائي دولي املرجع السابق ص‪.‬‬
‫(‪ )12‬انظر في ذلك فهد ناصر عيس ى بن صليهم‪ ،‬مبدأ العينية وأثره في مكافحة الجرائم العابرة للحدود الدولية (دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير في العدالة الجنائية‪ ،‬تخصص السياسة الجنائية‪ ،‬قسم العدالة الجنائية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة نايف العرنية للعلوم‬
‫األمنية‪ ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العرنية السعودية‪1430،‬ه ـ‪،2009 -‬ص ‪.82‬‬
‫(‪ )13‬أنظر حس ي محمود نجيب‪ ،‬شرح قانون العقونات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار النهضة العرنية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،1982 ،‬ص ‪121‬‬
‫(‪)14‬انظر بن عامر التونس ي‪ ،‬قانون املجتمع الدولي املعاصر‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،2004،‬ص ‪.69‬‬
‫(‪)15‬سرور احمد فتحي‪ ،‬الوسيط في قانون العقونات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار الشرو العربي‪ ،‬مصر الطبعة الثانية‪ ،2002 ،‬ص‪ ،‬ص ‪.198-197‬‬
‫‪16‬يرى بعض الفقهاء أن اهمية اإلقليم واعتباره عنصرا الزما لقيام الدولة وتمتعها بشخصية القانون الدولي العام لم تظهر إال خالل القرنين‬
‫‪ 19‬و ‪ ،20‬ولم تكن لإلقليم أي اهمية في تعريف الدولة لدى اإلغريق والرومان‪ ،‬حيث كان يكتفي بالعنصر البشري دون حاجة إلى الرنط بينه‬
‫ونين إقليم معين‪،‬ولم تظهر اهمية اإلقليم إال منذ اواخر العصور الوسطى تحت ضغط العوامل االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬انظر حامد‬
‫سلطان‪ ،‬عائشة راتب‪ ،‬صالح الدين عامر‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬دار النهضة العرنية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1981 ،‬ص ‪ ،380‬ونن‬
‫عامر تونس ي قانون املجتمع الدولي املعاصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫(‪ )17‬ملزيد من التفاصيل حول تعريف البحر اإلقليمي راجع بن عامر تونس ي قانون املجتمع الدولي املعاصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،‬ص ‪.73-72‬‬
‫‪ 18‬أنظر الشاذلي فتوح عبد هللا‪ ،‬شرح قانون العقونات‪ ،‬القسم األول‪ ،‬املسؤولية والجزاء ‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،2001 ،‬‬
‫ص‪ ،‬ص ‪.200-199‬‬
‫(‪ )19‬أنظر بن عامر تونس ي قانون املجتمع الدولي املعاصر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫)‪ (20‬أنظر سرور فتحي‪ ،‬الوسيط في قانون العقونات‪ ،‬القسم األول‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ 21‬اآلمر رقم ‪ 02-15‬مؤرخ في ‪ 7‬شوال ‪ 1436‬املوافق لي ‪ 23‬يوليو ‪ 2015‬املعدل واملتمم لألمر رقم ‪ 155-66‬املؤرخ في ‪ 16‬صفر عام ‪1386‬‬
‫املوافق لي ‪ 7‬يونيو سنة ‪ 1966‬واملتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫)‪ (22‬أنظر سرور فتحي‪ :‬الوسيط في قانون العقونات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫)‪ (23‬أنظر عبد املنعم سليمان‪ ،‬النظرية العامة لقانون العقونات‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،2000 ،‬ص ‪.108‬‬
‫(‪ )24‬أنظر الحازوني حازم مختار‪،‬نطا تطبيق القاض ي الجنائي للقانون األجنبي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية الحقو ‪،1987 ،‬ص‬
‫)‪(25‬‬
‫‪Brigitte stern, « L’extratérotialité revisitée, ou il est question des affaires lavarrez Machain, pate de lois‬‬
‫‪etquelque autre »…, A.F.D.I, 1992, p 253.‬‬

‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪85‬‬


‫)‪(26‬‬
‫‪Donnedieu de vabres Henri, « Le système de la répression universelle ses origines historiques, ses formes‬‬
‫‪contemporaines, Panthéon Assas» ; Paris, p 533.‬‬
‫(‪ )27‬نقال عن ضاري خليل محمود‪ ،‬باسيل يوسف‪ ،‬املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬هيمنة القانون أم قانون الهيمنة‪ ،‬منشأة املعارف‪،‬‬
‫االسكندرية‪،2008،‬ص ‪.158‬‬
‫)‪(28‬‬
‫‪Guillaume Gilbert, « Le terrorisme et le droit international, » R.C.A.D.I, III, 1989, p 351.‬‬
‫‪.‬‬
‫)‪ (29‬أنظر علي بومدين‪ ،‬مبدأ عاملية النص الجنائي ودوره في مكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫)‪ (30‬أنظر عثامنية لخميس ي ‪،‬عوملة التجريم والعقاب‪ ،‬دار الهومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة األولى بدون سنة النشر‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫)‪ (31‬أنظر علي بومدين‪ ،‬مبدأ عاملية النص الجنائي ودوره في مكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (32‬أنظر محمد زكي أبو عامر‪ ،‬قانون العقونات اللبناني‪ ،‬القسم العام‪ ،‬بدون سنة النشر‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫)‪ (33‬أنظر محمد زكي شمس‪ ،‬االتفاقيات القضائية الدولية وتسليم املجرمين‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998،‬ص ‪.195‬‬
‫)‪ (34‬أنظر عثايمنية لخميس‪ ،‬عوملة التجريم والعقاب‪ ،‬دار الهومة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،2006 ،‬ص ‪.56‬‬
‫)‪ (35‬أنظر محمد زكي شس‪ ،‬االتفاقيات القضائية الدولية وتسليم املجرمين‪ ،‬املرجع السابق‪.195 ،‬‬
‫)‪(36‬أنظر محمد فال ولد املجتبى‪ ،‬تحوالت الجريمة في عصر العوملة‪ ،‬موقع املعرفة بالجزيرة‪.2008 ،‬‬
‫(‪ )37‬أنظر رقية عواشرية‪ ،‬نظام تسليم املجرمين ودوره في تحقيق التعاون الدولي ملكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬مجلة املفكر ‪ ،‬العدد الرابع‪،‬‬
‫أفريل‪ ،2009 ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،)28-16( ،‬ص‪184‬‬
‫)‪ (38‬أنظر حمزة الهادي‪ ،‬واقع في مكافحة الجريمة على املستوى الدولي‪ ،‬مقال منشور على االنترنت‪.‬‬
‫)‪ (39‬أنظر عبد الواحد محمد الفار‪ ،‬الجرائم الدولية وسلطة العقاب‪ ،‬منشاة املعارف‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.353‬‬
‫(‪ )40‬أنظر رقية عواشرية‪ ،‬نظام تسليم املجرمين ودوره في تحقيق التعاون الدولي ملكافحة الجريمة املنظمة‪ ،‬مجلة املفكر‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬أفريل‪،‬‬
‫‪ ،2009‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪،)28-16(،‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )41‬أنظر مارية عمراني‪ ،‬ردع الجرائم الدولية بين القضاء الدولي والقضاء الوط ي‪ ،‬أطروحة دكتوراه في الحقو ‪ ،‬تخصص علوم جنائية‪،‬‬
‫كلية الحقو والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،2016-2015،‬ص ‪.166‬‬
‫)‪ (42‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫أنظر مارية عمراني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬

‫‪86‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪87 58‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪10‬‬


2019 87 58 03 10 87

You might also like