Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 42

‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...

‬‬

‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي دراسة تحليلية نقدية للجوانب‬
‫الفلسفية والكالمية‬

‫د‪ /‬مديحة حمدي عبد العال مرسي‬

‫أستاذ الفلسفة اإلسالمية ادلساد‬

‫كلية اآلداب‪ -‬جامعة الفيوم‬

‫‪Mha06@fayoum.edu.eg‬‬

‫الملخص‪:‬‬

‫تع قضية الزمان من أىم القضايا اليت ناقشها وقام بتحليلها زليي ال ين بن دريب من‬
‫الناحية الفلسفية اخلالصة وكذلك من الناحية الكالمية‪ ،‬فضال دن دقة موضوع الزمان وذبري ه يف‬
‫ح ذاتو‪ -‬والذي اختلفت اآلراء فيو‪ -‬بصفة دامة‪ ،‬وكذلك الرتباطو بالع ي من القضايا‬
‫الفلسفية والكالمية ل ى ابن دريب بصفة خاصة‪ ،‬مثل‪ :‬الوجود والع م‪ ،‬وادلعرفة‪ ،‬والفلك‪ ،‬واحلركة‬
‫والسكون‪ ،‬والعبادات‪ ،‬واللحظة واآلن‪ ،‬والتجلي‪ ،‬واخللق‪ ،‬واجلوىر والعرض‪ ،‬واألزل واألب ‪ .‬وذلذا‬
‫ادتم ت دلى ادلنهج التحليلي النق ي لتوضيح آراء ابن دريب يف الزمان والوقت؛ ومن ٍب إظهار‬
‫األبعاد الطبيعية وادلعرفية والوجودية اليت ترتبط بالزمان والوقت دن ه‪ ،‬وكذلك استخراج‬
‫ادلصطلحات اجل ي ة اليت ارتبطت ل يو بالزمان وح دت معناه وزلاوره وأبعاده ب قة‪ ،‬واالستعانة‬
‫أيضا بادلنهج ادلقارن لتوضيح اجلوانب الكالمية للزمان واليت انتق من خالذلا فرق ادلتكلمُت فيو‪،‬‬
‫وادلنهج النق ي ل راسة اآلراء النق ية حمليي ال ين بن دريب يف الزمان‪.‬‬

‫***‬

‫‪023‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

Abstract:

The issue of time is considered one of the most


important issues that Mohyaldin Bin Arabi discussed and
analyzed from a purely philosophical perspective as well as
from a theological perspective. Apart from its subtlety and its
abstraction over which opinions differed in general, the issue
of time, according to Ibn Arabi in particular, is related to
other philosophical and theological issues such as existence
and non-existence, knowledge, annihilation (fanaa) and
subsistence (baqaa), motion and stillness, acts of worship,
instantaneousness and now, revelation, the creation, essence
and accident, and eternity. Therefore, the researcher used the
analytical critical method to clarify Ibn Arabi's views of time
and, therefore, to show the physical, epistemological and
existential dimensions related to time in his philosophy, and
also to pick out the new terms that are associated with time
and accurately define its meaning, axes and dimensions. The
researcher also used the comparative method to illustrate the
theological aspects of time for which he was criticized by
theologians.

:‫مقدمة‬

‫ىـ) الع ي من اآلراء اليت تع حجر‬ٖٙٛ ‫ق م الشيخ األكرب زليي ال ين بن دريب (ت‬
‫األساس يف دراسة قضايا الفلسفة اإلسالمية؛ واليت خضعت للتأويل والتحليل والنق من قبل‬
‫ وتع قضية الزمان من أىم القضايا اليت ناقشها وقام بتحليلها من الناحية الفلسفية‬،‫الباحثُت‬
‫ والذي‬-‫ فضال دن دقة موضوع الزمان وذبري ه يف ح ذاتو‬،‫اخلالصة وكذلك من الناحية الكالمية‬

023
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫اختلفت اآلراء فيو‪ -‬بصفة دامة‪ ،‬وكذلك الرتباطو بالع ي من القضايا الفلسفية والكالمية ل ى‬
‫ابن دريب بصفة خاصة‪ ،‬مثل‪ :‬الوجود والع م‪ ،‬وادلعرفة‪ ،‬والفلك‪ ،‬واحلركة‪ ،‬والسكون‪ ،‬والعبادات‪،‬‬
‫واللحظة‪ ،‬واآلن‪ ،‬والتجلي‪ ،‬واخللق‪ ،‬واجلوىر‪ ،‬والعرض‪ ،‬واألزل‪ ،‬واألب ‪.‬‬

‫وشلا ي ل دلى دقة ابن دريب وذبري ه للزمان أنو ربطو بالع ي من احملاور واألبعاد‪ -‬ىذا إذا‬
‫ما أخذنا يف احلسبان دقة فلسفة ابن دريب ودمقها دلى وجو اخلصوص‪ -‬شلا جياوز غَته من‬
‫فالسفة ومتكلمُت‪ ،‬فق تفرد يف ربط الزمان بأبعاد طبيعية‪ :‬تتح د من خالل ربطو باحلركة‬
‫والسكون‪ ،‬وميتافيزيقية‪ :‬تتح د يف تقسيمو للزمان بُت مطلق ونسيب‪ ،‬ووجودية‪ :‬ترتبط بالوجود‬
‫والع م‪ ،‬واخللق‪ ،‬واألزل واألب ‪ ،‬واخللق اجل ي ‪ ،‬ومعرفية‪ :‬ترتبط بادلعرفة والفناء والبقاء والودي‬
‫والبصَتة والكشف‪.‬‬

‫وتسعى ىذه ال راسة إىل اإلجابة دن األسئلة التالية‪ :‬ما ىو مفهوم ابن دريب للزمان‬
‫والوقت وم لوذلما ل يو؟ وما ىي األبعاد الفيزيقية الطبيعية اليت أوضحها ابن دريب للزمان؟ وما ىي‬
‫األبعاد الوجودية وادلعرفية للزمان والوقت دن ابن دريب؟ وما ىو النق الذي وجهو ابن دريب لفرق‬
‫ادلتكلمُت يف الزمان؟ ومن ىو صاحب الوقت دن ابن دريب؟ وما ىي حقيقة ارتباط الزمان‬
‫بالوجود دن ابن دريب؟‬

‫ولإلجابة دن ىذه األسئلة فإنو من األمهية دبكان االستعانة بادلنهج التحليلي لتوضيح آراء‬
‫ابن دريب يف الزمان والوقت؛ ومن ٍب إظهار األبعاد الطبيعية وادلعرفية والوجودية اليت ترتبط بالزمان‬
‫والوقت دن ه‪ ،‬وكذلك استخراج ادلصطلحات اجل ي ة اليت ارتبطت ل يو بالزمان وح دت معناه‬
‫وزلاوره وأبعاده ب قة‪ ،‬واالستعانة أيضا بادلنهج ادلقارن لتوضيح اجلوانب الكالمية للزمان واليت انتق‬
‫من خالذلا فرق ادلتكلمُت فيو‪ ،‬وادلنهج النق ي ل راسة اآلراء النق ية حمليي ال ين بن دريب يف‬
‫الزمان‪.‬‬

‫‪022‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫وتنقسم ىذه الدراسة إلى األقسام اآلتية‪:‬‬

‫مقدمة‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مفهوم ابن عربي للزمان والوقت‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬البُعد الوجودي للزمان عند ابن عربي‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬نقد ابن عربي لبعض فرق المتكلمين في الزمان (الحسبانية واألشاعرة)‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬البُعد المعرفي للزمان عند ابن عربي‪.‬‬

‫نتائج الدراسة‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪.‬‬

‫***‬

‫أوالً‪ :‬مفهوم ابن عربي للزمان والوقت‪:‬‬

‫حياول ابن دريب أن يضع مفهوما للزمان يتفرد بو دن سابقيو من الفالسفة والصوفية‬
‫وادلتكلمُت‪ ،‬ويتجلى لنا ىذا دن ما يستعرض آراء سابقيو ليؤك مرماه اجل ي من حبثو وربليلو‬
‫الوايف دلسألة الزمان‪ ،‬فيقرر أنو نسبي؛ أي أن معناه مرتبط دبا يتصل بو من قضايا‪ ،‬فبالرغم من‬
‫وقوع تق ير للزمان وأحكام للزمان إال أنو أمر عدمي من حيث ادلسمى؛ أي أن معقوليتو أمر‬
‫متوىم‪ ،‬ممتد‪ ،‬أي احلكم والتق ير فيو مرتبط باحلال؛ أي اآلن‪ ،‬أما ما مضى فنحكم دليو‬
‫بادلاضي‪ ،‬وضلكم دلي الزمان بادلستقبل دلا استقبل منو‪ ،‬وذلك ألن لو ال ديومة واالستمرار والتج د‬
‫"فالزمان نسبة ال وجود لو يف دينو‪ ...‬وأنو حي ث حب وث السؤال ب(مىت)‪ ،‬فيح ث لو أمساء‬
‫حب وث السؤال مثل حُت وإذ وإذا وحروف الشرط كلها وأمساء الزمان‪ ،‬وادلسمى أمر د مي‬
‫كلفظة الع م فإهنا اسم مسماىا ال دُت لو مع تعقل احلكم لو‪ ...‬فهو للمح ثات زمان وللق مي‬
‫أزل ومعقوليتو أمر متوىم شلت ال طرفُت لو فنحكم دليو بادلاضي دلا مضى فيو وضلكم دليو‬
‫بادلستقبل دلا يأٌب فيو وضلكم دليو باحلال دلا ىو فيو وىو مسمى اآلن"(ٔ)‪.‬‬

‫‪020‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫يتضح من ىذا التحليل ال قيق دلفهوم الزمان دن ابن دريب أنو يرتبط باآلن أو احلاضر‪،‬‬
‫أي ال يزال العامل يف حكم زمان احلال‪ ،‬وال يزال حكم اهلل يف العامل يف حكم الزمان‪ ،‬وال يزال ما‬
‫مضى منو وما يستقبل يف حكم زمان احلال‪ ،‬ومن ىنا جاء تأكي ه لوصف الزمان ب(النسبي–‬
‫العدمي– المتوىم‪ -‬ممتد) من ناحية؛ وبـ(زمان الحال) من ناحية أخرى‪ ،‬ومن ٍب يقرر ابن‬
‫دريب أنو دلم خيتفي دن كثَت من الناس؛ وال ي رك أسراره وحقائقو إال من اصطفاه اهلل ووىبو‬
‫الودي واإلدراك بق ره وحكمتو؛ وذلذا صرح بأن‪" :‬القوم اصطلحوا أن حقيقة الوقت ما أنت بو‬
‫ودليو يف زمان احلال وىو أمر وجودي بُت د مُت"(ٕ)؛ فهو بُت د مُت ألنو ال وجود لو يف دينو‪،‬‬
‫فالوقت فرض متوىم يف دُت موجودة‪ ،‬وذلذا يرتبط بزمان احلال‪ ،‬ومن ىنا صرح بأن الزمان أو‬
‫"الوقت دبارة دن حالك يف زمن احلال ال تعلق لو بادلاضي وادلستقبل"(ٖ)‪.‬‬

‫ويرجع ىذا إىل إديان ابن دريب ب ائرية الزمان احلاضر‪ ،‬أو زمان احلال‪ ،‬واحتوائو دلى‬
‫ادلاضي وادلستقبل يف زمان اآلن‪ ،‬فالزمان احلاضر ال ينفك أن يرمي بظاللو ل اخلو‪ -‬أي داخل‬
‫اللحظة أو اآلن‪ -‬وىذا بال شك يعمق نظرة ابن دريب ل ور زمان احلال ووظيفتو والذي يتج د‬
‫باستمرار وي ور يف حركة دائرية ال هنائية‪ ،‬وذب ده يربط أقسام الزمان يف دائرة ربوي ادلاضي‬
‫وتتحكم يف ادلستقبل؛ وهتيمن دلى احلاضر أو زمان احلال‪.‬‬

‫كما يزي ابن دريب األمر وضوحا بتحليلو للفظة الزمان واليت اختلف الناس يف تعقلها‬
‫وفهم م لوذلا‪ ،‬وىذا التباين ي لل دلى نسبية الزمان؛ وتفاوت فهم البشر حلقيقتو‪" ،‬فاحلكماء‬
‫تطلقو بإزاء أمور سلتلفة وأكثرىم دلى أنو م ة متومهة تقطعها حركات األفالك وادلتكلمون يطلقونو‬
‫بإزاء أمر آخر وىو مقارنة حادث حلادث يسأل دنو ب(مىت) والعرب تطلقو وتري بو الليل‬
‫والنهار"(ٗ)‪.‬‬

‫أما دن ابن دريب فَتتبط ربليلو دلفهوم الزمان بوقت اإلنسان وحركتو وسكونو فيو‪،‬‬
‫فاإلنسان يف وجوده وموتو ومجيع حركاتو وسكناتو يرتبط بالزمان ارتباطا مباشرا‪ ،‬وىذا ىو البعد‬
‫الفيزيقي (الطبيعي) للزمان‪ ،‬فال حركة لو وللعامل كلو دبا فيو إال لسبب أو دن سبب‪ ،‬فما من‬
‫حركة إال لغاية؛ ذلذا ترتبط فلسفتو للزمان حبركات األفالك‪ ،‬وق ربطها حبركات األفالك إذ إهنا‬
‫أسرع احلركات‪ ،‬وُّا تق ر مجيع احلركات‪ ،‬وُّذا أثبت أن الليل والنهار ج ي ان؛ والتق ير فيهما‬
‫خيضع لالمت اد يف الواقع أو يف زمان احلال‪ ،‬وىذا ي ل دلى احتفاظ ابن دريب يف كل ربليالتو‬

‫‪023‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫للزمان بإبراز دور (زمان احلال) ووظيفتو‪ ،‬وىذه الناحية الفيزيائية الطبيعية تظهر من خالل‬
‫تعاقب الليل والنهار‪ ،‬وادل ة اليت تقطعها حركات األفالك‪.‬‬

‫فاليوم الواح – دن ابن دريب‪ -‬حيوي ب اخلو ادلاضي وادلستقبل يف كل حلظة‪ ،‬فاليوم‬
‫الواح ينطوي دلى دائرة الزمان بشكل متج د وغَت متكرر‪ ،‬وإن ب ا لعامة الناس أن األيام تتكرر‬
‫أو تتشابو‪ ،‬فالليل والنهار ج ي ان‪ ،‬وأحكامهما يف ذب د مستمر‪ ،‬وُّذا التج د ينقسم الزمان إىل‬
‫ليل وهنار وأيام‪" ،‬فالزمان م ة متومهة تقطعها حركات األفالك‪ ،‬أو الزمان مقارنة حادث حلادث‬
‫يسأل دنو ب (مىت)‪ ...‬واهلل يق ر الليل والنهار باإليالج والغشيان والتكوير إلجياد ما سبق يف دلمو‬
‫أن يظهر فيو من األحكام واألديان يف العامل العنصري‪ ...‬فالليل والنهار ج ي ان"(٘)‪ .‬وىذا ألن‬
‫زمان احلال (احلاضر) يتج د باستمرار؛ وأرجع ابن دريب ىذا التج د لتج د التجلي اإلذلي دلى‬
‫الكون كلو‪.‬‬

‫واليوم ىو مناط التق ير يف الزمان دن ابن دريب؛ لكن امت اد اليوم‪ -‬أو اليوم الصغَت كما‬
‫يطلق دليو‪ -‬خيتلف؛ فيوما دن ربك كألف سنة شلا تع ون‪ ،‬ويوما كان مق اره مخسُت ألف سنة‪،‬‬
‫وأيام ال جال ويوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامو كأيامنا ادلعهودة‪ ،‬لكن اليوم خيتلف‬
‫امت اده حبسب الواقع فيو يف زمن احلال احلاضر‪" ،‬فالتق ير حبسب الواقع ٍب يقع التق ير يف الزمان‬
‫ادلمت بأح ىذه األربعة إما بالسنة أو بالشهر أو باجلمعة أو باليوم ال يقع التق ير إال ُّذا‪ ،‬وأدٍت‬
‫باليوم اليوم الصغَت من طلوع الشمس إىل طلوع الشمس مثال وىو الذي حي ث دن انتهاء دورة‬
‫الفلك احمليط الذي ي ور بالكل"(‪.)ٙ‬‬

‫فاليوم مرتبط حب وث الليل والنهار‪ ،‬فهما زل دان للوقت‪ ،‬وىنا تظهر قيمة الوقت بكونو‬
‫حيكم اإلنسان من الناحية الشردية والفيزيقية‪ ،‬ويتح د الوقت– ل يو‪ -‬بالقمر‪ ،‬واحلساب القمري‪،‬‬
‫وىنا يرتبط الوقت بالفروض والنوافل والتكاليف الشردية‪ ،‬شلا ي ل دلى قيمة اللحظة أو اآلن يف‬
‫فلسفة ابن دريب للوقت‪ ،‬فوقت الصويف يقع دوما بُت ماض ومستقبل‪ ،‬وجيب دليو أال ينشغل إال‬
‫باآلن احلاضر؛ فمن يضيع حاضره فإنو ال يعوضو؛ لقيمتو الكبَتة من ناحية‪ ،‬والرتباطو بتجليات‬
‫احلق وصفاتو اليت تتج د دلى العامل كلو من ناحية أخرى‪.‬‬

‫فالوقت– ل ى ابن دريب‪ -‬مرتبط بتعاقب الليل والنهار‪ ،‬ومرتبط حبركات األفالك؛ إذ إهنا‬
‫أسرع احلركات‪ ،‬وُّا تق ر مجيع احلركات‪ .‬فالوقت فرض متوىم يف دُت موجودة وىو الفلك‪،‬‬

‫‪023‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫لذلك يقول‪" :‬فتبُت أن الليل والنهار واليوم والشهر والسنة ىي ىذه ادلعرب دنها باألوقات وت ق‬
‫إىل مسمى السادات ودوهنا وأن ذلك كلو ال وجود لو يف دينو وأنو نسب وإضافات‪ ...‬والزمان‬
‫دبارة دن األمر ادلتوىم الذي فرضت فيو ىذه األوقات فالوقت فرض متوىم يف دُت موجودة وىو‬
‫الفلك والكوكب يقطع حركة ذلك الفلك والكوكب بالفرض ادلفروض فيو يف أمر متوىم ال وجود‬
‫لو يسمى الزمان"(‪.)ٚ‬‬

‫يتضح ىنا أن الزمان ىو اآلن ال ائم؛ ألنو مضاف إىل احلضرة العن ية‪ ،‬وق حار‬
‫الفالسفة بع ابن دريب يف ىذه اإلشكالية اليت ت ور يف ادلاضي واحلاضر وادلستقبل حىت إن مارتن‬
‫ىي جر ق اقًتح بع اً رابعاً للزمان ليحاول حل ىذه اإلشكالية‪ ،‬فادلاضي يوج يف ذاتو ادلستقبل‪،‬‬
‫وادلستقبل ىو خارج ادلاضي ويف نفس الوقت ينطوي يف ذاتو دلي ادلاضي‪ ،‬ونفس الشيء يقال‬
‫دن احلاضر يف دالقتو مع ادلاضي ومع ادلستقبل معا‪ ،‬فكل حلظة من ىذه اللحظات الزمانية‬
‫الثالث ينطوي إذن دلى سائرىا‪ ،‬لكن دلى طريقتو اخلاصة‪ ،‬أي حسب منظوره اخلاص‪ ،‬ويف‬
‫نفس الوقت ىو من رج يف سائرىا وفقا دلنظورىا‪ ،‬فالعالقة بُت ىذه اللحظات الثالث إذن دالقة‬
‫ان راج‪ -‬واستبعاد معا(‪ .)ٛ‬وبالرغم من ىذا العمق لفهم وربليل إشكالية الزمان إال أن الفالسفة‬
‫احمل ثُت وادلعاصرين مل يفطنوا إىل اخلواص ادلتع دة والفري ة اليت يتجاوزىا زمان احلال احلاضر كما‬
‫فهمها ووضحها ابن دريب‪.‬‬

‫فالزمان‪ -‬كما يصرح ابن دريب‪ -‬ق خلقو احلق مست يرا واألوقات مق رة فيو؛ فاألولية‬
‫والوسط واآلخرية تتحرك بشكل تق يري دائري يف زمان احلال‪ ،‬والفروض مرتبطة بو ومق رة فيو‬
‫ومتميزة بعضها دن بعض؛ لنعلم د د السنُت واحلساب من ناحية؛ ولنعلم أن ادلوجودات مق رة‬
‫يف األوقات من ناحية أخرى‪ ،‬فيقال أن احلق خلق كذا يف وقت كذا "فالوقت دبارة دن التق ير‬
‫الكري‬
‫ّ‬ ‫يف األمر الذي ال يقبل وجود دُت ما يق ر وىو الفرض كما نق ر أو نفرض يف الشكل‬
‫أوال أو وسطا أو هناية وىو يف نفسو ودينو ال يقبل األولية بالفعل وال الوسط وال اآلخرية فيجعل‬
‫لو من ذلك ما صلعلو حبكم الفرض فيو والتق ير‪ ،‬فالوقت فرض مق ر يف الزمان دلا كان الزمان‬
‫مست يرا كما خلقو اهلل يف ابت ائو فهو كاألكرة"(‪)ٜ‬؛ ال أولية وال وسط وال آخرية لو‪.‬‬

‫واجل ير بالذكر ىنا أنو است ل حب يث الرسول‪ -‬دليو الصالة والسالم‪ -‬ليؤك حقيقة‬
‫ربليلو ال قيق للزمان‪( :‬الزمان ق است ار كهيئتو يوم خلق اهلل السموات واألرض) (ٓٔ)‪ .‬وإذا كان‬

‫‪023‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫الزمان أمرا متومها ال حقيقة لو؛ فإن اليوم ادلعقول ادلق ر ىو ادلعرب دنو بالزمان ادلوجود‪ ،‬وبو تظهر‬
‫اجلمعات والشهور والسنون وال ىور وتسمى أيام وتق ر ُّذا اليوم الذي حيوي الليل والنهار‪،‬‬
‫وحي د ابن دريب أن اليوم ادلعتاد لو لقب‪( :‬اليوم‪ -‬اليوم المعقول‪ -‬اليوم الصغير‪ -‬اليوم‬
‫األصغر) أما الزمان ادلق ر‪ :‬فهو– ل ى ابن دريب‪ -‬ما زاد دلى ىذا اليوم األصغر الذي تق ر بو‬
‫سائر األيام‪ ،‬فيقال يف يوم كان مق اره ألف سنة شلا تع ون‪ ،‬ويقال يف يوم كان مق اره مخسُت‬
‫ألف سنة‪ ،‬وقال دليو السالم يف أيام ال جال يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامو‬
‫كأيامكم‪ ،‬وذلذا كان الزمان أمرا متومها ال حقيقة لو‪.‬‬

‫وينقسم اليوم دن ابن دريب إىل فصلُت مها‪ :‬الليل والنهار؛ فمن طلوع الشمس إىل غروُّا‬
‫يسمى هنارا‪ ،‬ومن غروب الشمس إىل طلودها يسمى ليالً‪ ،‬يقول‪" :‬اليوم ادلعقول ادلق ر ىو ادلعرب‬
‫دنو بالزمان ادلوجود وبو تظهر اجلمعات والشهور والسنون وال ىور وتسمى أيام وتق ر ُّذا اليوم‬
‫األصغر ادلعتاد الذي فصلو الليل والنهار"(ٔٔ)‪.‬‬

‫ىذا ادلنحى يأخذنا دلزي من اإليضاح للجانب الفيزيقي الطبيعي للزمان دن ابن دريب‪،‬‬
‫وذلك ما ح ده يف كشفو دن حقيقة وماىية وقت الليل والنهار ودالقتهما بالظلمة‪ ،‬فق يكون‬
‫الليل وال ظلمة‪ ،‬وق يكون النهار وال ضوء‪ .‬ومعٌت ىذا أن حكمهما ال يزول بكون النهار‬
‫موجودا من زمان طلوع الشمس إىل غروُّا وإن طلعت مكسوفة‪ ،‬فالكسوف أمر دارض ال يق ح‬
‫يف طلوع الشمس ولو أظلمت يف نفسها‪ ،‬كما أنو "ليس من شرط وجود الليل وجود الظلمة وإمنا‬
‫دُت الليل غروب الشمس إىل حُت طلودها سواء أدقب احملل نور آخر سوى نور الشمس أو‬
‫ظلمة فوقع الغلط يف ماىية الليل ما ىي"(ٕٔ)‪ .‬فلو كان دُت الليل دُت الظلمة ما نعتو بأنو أظلم‪،‬‬
‫فق يكون ليل وال ظالم؛ كما أنو ق يكون النهار وال ضوء‪.‬‬

‫يتضح شلا سبق أن الوقت الفلسفي دن ابن دريب ينبٍت دلى ادلاضي واحلاضر وادلستقبل‪،‬‬
‫ويعرب دنو بالتقومي‪ ،‬فهو كمية رياضية من كميات التوقيت تقاس بأطوال معينة كالثواين وال قائق‬
‫والسادات والليل والنهار واأليام والشهور واحلقب والعصور‪ ،‬ولعل ىذا جعل ابن دريب يربط بُت‬
‫ىذا التحليل الطبيعي للزمان وبُت مرماه األصلي يف ربليلو لتج د الزمان ودائريتو واليت تنطوي دلى‬
‫اليوم والليل والنهار والسادات وادلواقيت والفروض‪.‬‬

‫‪023‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫وليزي ابن دريب األمر وضوحاً‪ ،‬صرح أن من حكمة اهلل يف خلق ادلخلوقات أن ربط‬
‫الزمان حبركة العامل؛ ىذه احلركة ادلتصلة وادلتج دة وادلتقلبة من حال إىل حال يف زمان احلال؛ أي‬
‫يف كل حلظة وآن‪ ،‬فإذا كان الزمان كاألكرة؛ فإن احلركة التابعة لو حركة دائرية؛ ال هنائية؛ أي ال‬
‫أولية وال آخرية ذلا‪ ،‬فالعامل متقلب دائما وأب ا حبركات نعلمها وأخرى ال نعلمها‪ .‬فاحلركات‬
‫الظاىرة ذلا أثر ظاىر ومشهود؛ يف حساب السنُت وادل د والع د؛ وُّذه احلركات كان االنتقال من‬
‫دار إىل دار‪" ،‬فليس يف العامل سكون البتة وإمنا ىو متقلب أب ا دائما من حال إىل حال دنيا‬
‫وآخرة ظاىرا وباطنا إال أن ٍب حركة خفية وحركة مشهودة‪ ...‬واحلركات تعطي يف العامل آثارا سلتلفة‬
‫ولوالىا دلا تناىت ادل د"(ٖٔ)‪ ،‬فباحلركة دارت دورة الزمان وب أت؛ ورب د الوقت ودارت حركات‬
‫األفالك‪.‬‬

‫فماىية الوقت مرتبطة باحلركات الفلكية وبتعاقب الليل والنهار‪ -‬كما قرر ابن دريب‪-‬‬
‫فحركة الكون تتنوع ما بُت حركة وسكون‪ ،‬واجتماع وافًتاق‪ ،‬وىذه احلركة تابعة لتنوع العطاء‬
‫والتجلي اإلذلي وذب ده‪" ،‬فما ٍب سكون أصال بل احلركة دائمة يف ال نيا ليال وهنارا ويتعاقبان‬
‫فيتعاقب األفكار واحلاالت واذليئات بتعاقبهما وتعاقب احلقائق اإلذلية دليهما فتارة تنزل دلى‬
‫االسم اإلذلي الرحيم وتارة دلى االسم التواب"(ٗٔ)‪ .‬ولعل ىذا يرجعنا إىل فكرة ارتباط احلركة‬
‫بالزمان دن أرسطو الذي قرر‪ :‬أن الزمان ىو مق ار احلركة‪ ،‬أو ىو مقياس احلركة(٘ٔ)‪ ،‬كما حاول‬
‫أن يعرف الزمان دلى ضلو أكثر اتسادا وأن يربط بينو وبُت احلركة الفيزيائية‪ ،‬فلم يع الزمان يعرف‬
‫ميتافيزيقيا دلى أنو صورة لألب ية أو حركة النفس‪ ،‬بل أصبح يعرف فيزيائيا أي كنظام د دي يبُت‬
‫اذباه احلركة‪ ،‬فهو يبُت ما يتق م وما يتأخر(‪.)ٔٙ‬‬

‫وق طور ابن سينا مفهوم أرسطو للزمان مؤك ا أن الزمان مل يع رلرد مق ار للحركة‪ ،‬بل‬
‫ىو إمكان ذو مق ار يطابق احلركة(‪ ،)ٔٚ‬وق اشًتط ابن سينا احلركة والتغَت‪ ،‬ب ليل التق م والتأخر‬
‫يف الزمان‪ .‬فهو كم‪ ،‬ولكنو ليس منفصال‪ ،‬وإال لًتكب من الوح ات غَت ادلنقسمة‪ ،‬فهو مق ار‬
‫ذليئة غَت قارة‪ ،‬وىي احلركة‪ ،‬فالزمان دائم الوجود دلى سبيل االنقضاء والتج د(‪.)ٔٛ‬‬

‫وق تطور ىذا ادلعٌت دلي ي ادلتكلمُت بالزمان ومنهم‪ :‬أبو الربكات البغ ادي الذي كان‬
‫الزمان يف تصوره‪ :‬مق ار الوجود ساكنا كان أو متحركا‪ ،‬دقليا كان أم ماديا‪ ،‬وىو ال يرتفع بارتفاع‬
‫احلركة‪ ،‬كما أن ادلكان ال يرتفع بارتفاع احلاوي‪ ،‬وىو ق مي ال ب اية لو(‪.)ٜٔ‬‬

‫‪023‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫أما احلركة دن ابن دريب فهي من خواص زمان احلال‪ ،‬وال خيلو وقت دن حكمها‪،‬‬
‫فاألحكام وادلقادير وادلقاييس والتب الت يف الكون متنودة ومتغَتة؛ ألن "كل حركة وسكون يف‬
‫الوجود فهي إذلية ألهنا بي حق وصادرة دن حق"(ٕٓ)‪ ،‬فحركات األفالك وما يتبعها من تعاقب‬
‫الليل والنهار دن ابن دريب مرتبطة دبا شردو احلق لعباده من فروض وصلوات‪.‬‬

‫قسم ابن عربي أوقات الصالة إلى قسمين‪ :‬األول‪ :‬وقت غير معين‪:‬‬ ‫بناء دلى ذلك ّ‬
‫وىو وقت تذكر الناسي واستيقاظ النائم؛ فإن وقتو دن ما يتذكر إن كان ناسيا أو يستيقظ إن كان‬
‫نائما‪ ،‬الثاني‪ :‬الوقت المعين‪ :‬ويعٍت بو ابن دريب وقت احلال‪ ،‬أو وقت حضور الصالة‪ ،‬وىي‬
‫دلى قسمُت‪ :‬أ‪ -‬قسم سللص‪ :‬فادلخلص وسط الوقت ادلوسع يف الصلوات كلها وآخر وقت‬
‫الصبح وأول وقت الظهر‪ ،‬وادلخلص من األوقات كل اسم إذا ورد دليك مل يقع يف حكمو‬
‫اشًتاك‪ .‬ب‪ -‬قسم مشًتك‪ :‬وادلشًتك ىو الوقت الذي بُت الصالتُت كالظهر والعصر(ٕٔ)‪.‬‬

‫إليضاح ىذه ادلسألة يقرر ابن دريب أن وقت صالة الظهر ق اتفق العلماء بالشريعة دلى‬
‫أنو الوقت "الذي ال ذبوز قبلو وىو الزوال واختلفوا منها يف موضعُت يف آخر وقتها ادلوسع ويف‬
‫وقتها ادلرغب فيو فأما آخر وقتها ادلوسع فمن قائل ىو أن يكون ظل كل شيء مثلو"(ٕٕ)‪،‬‬
‫فالصالة مفروضة يف وقت معُت؛ وىو وقت إقامة الصالة‪ ،‬أو وقت حضور الصالة يف وقتها الذي‬
‫ال يزامحو فيها فرض صالة أخرى‪ ،‬وىنا يعود ابن دريب ليؤك دلى أمهية زمان احلال وقيمتو‪ -‬أو‬
‫اآلن احلاضر ادلتج د‪ -‬والذي يسابق العارف فيو األنفاس ليؤدي فرائضو‪ ،‬وق است ل ابن دريب‬
‫ُت كِتَاباً َّم ْوقُوتاً)(ٖٕ)؛ أي أهنا "مفروضة يف‬‫ِِ‬
‫ت َدلَى ادلُْؤمن َ‬ ‫دلى ذلك بقولو سبحانو‪( :‬إِ َّن َّ‬
‫الصالةَ َكانَ ْ‬
‫وقت معُت سواء كان موسعا أو مضيقا فإنو معُت‪ ...‬فمن أخرج صالة مفروضة دن وقتها ادلعُت‬
‫لو‪ ...‬فإنو ما صلى الصالة ادلشرودة إذ كان الوقت من شروط صحة تلك الصالة"(ٕٗ)‪.‬‬

‫فالصالة مشرودة بوقتها؛ أي أن الوقت من شروط صحتها‪ ،‬فمن مل يلتزم بإقامة الصالة‬
‫يف وقتها؛ فإنو يفوتو العطاء اإلذلي والتجلي ادلخصوص ُّذا الوقت دون غَته من األوقات‪ ،‬كما‬
‫يفوتو التعرف دلى االسم اإلذلي ادلختص ُّذا الوقت دون غَته من األوقات‪ ،‬ومن ٍب يقرر ابن‬
‫دريب بأن من فاتو فرض فإنو ال يعوضو أب ا‪ ،‬كما أن ىذا الوقت ال يعود إىل يوم القيامة‪ ،‬ويف ىذا‬
‫ذبل سلتلف دن‬‫داللة دلى تنوع التجلي اإلذلي‪ ،‬فالوقت يتفرد ويتنوع النطواء كل جزء منو دلى ٍ‬
‫غَته؛ وذلذا فهو يتج د ويتنوع وال يتكرر‪.‬‬

‫‪023‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫ويذكر ابن دريب سببا آخر حلكم ذلك الوقت أو زمان احلال– اآلن‪ -‬أال وىو حكم‬
‫بتجل سلتلف دون غَته‪ ،‬ومن ٍب فإن وقت الفرض جيب أال‬ ‫االسم اإلذلي ادلرتبط يف كل وقت ٍ‬
‫يًتك؛ ألنو تَ ْرك حلكم ىذا االسم؛ فضيادو ال يعوض‪ ،‬وال يعود إىل يوم القيامة‪ .‬فكل وقت ٍ‬
‫بتجل‬
‫سلتلف ال يتكرر‪ ،‬ومن ىنا فإن "حكم االسم اإلذلي إذا قام بو ىذا العب يف دبادتو اخلاصة بو يف‬
‫ىذا الوقت واستوفاه‪ ...‬فق انقضى حكم ىذا االسم اإلذلي يف ىذا العب فخرج وقت الظهر‬
‫ودخل وقت العصر وىو حكم اسم آخر"(ٕ٘)‪.‬‬

‫ىنا يؤك ابن دريب أن أول الوقت ىو أفضل األوقات وأسبها؛ ألنو الوقت احمل د للصالة‪،‬‬
‫"فإذا دب ه العارف يف تلك األولية‪ ...‬فق دب ه يف الوقت ادلرغب فيو‪ ...‬فادلبادرة إيل أول‬
‫األوقات يف العبادات ىو األحوط وادلطلوب من العباد يف حال التكليف"(‪ .)ٕٙ‬فاألولية أفضل لو‬
‫لكي جيمع العب يف دبادتو بُت الظاىر يف احلس والباطن يف القلب؛ فالظاىر‪ :‬يكون حيث ما‬
‫شردة اهلل يف ادلساردة وادلبادرة يف أول الوقت؛ والباطن في القلب‪ :‬الذي يؤمن بتنوع العطاء‬
‫بتجل أمسائي سلتلف إذا فاتو ال يعوض‪" ،‬فاحلكم لالسم اإلذلي الذي ىو‬‫اإلذلي يف كل آن ٍ‬
‫(‪)ٕٚ‬‬
‫والعارف ي رك ىذا السلطان الذي يتجلى يف تفرد ال يتكرر دلى‬ ‫سلطان الوقت وصاحبو"‬
‫الوجود كلو يف كل األوقات‪.‬‬

‫***‬

‫ثانياً‪ :‬البُعد الوجودي للزمان عند ابن عربي‪:‬‬

‫يظهر البعد الوجودي للزمان عند ابن عربي‪ :‬من خالل محورين‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬وجود النبي محمد (صلي اهلل عليو وسلم)‪:‬‬

‫يوضح ابن عربي دالالت البعد الوجودي للزمان من خالل تقسيمو للزمان إلى ‪:‬‬
‫الزمان الغيبي‪ ،‬وزمان الشهادة‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫أوالً‪ :‬الزمان الغيبي‪:‬‬

‫صرح ابن دريب أن احلركة مرتبطة بب ء الزمان‪ ،‬فعن ما ربرك ودارت دائرة الزمان ب أت‬
‫بروح سي نا زلم صلى اهلل دليو وسلم؛ فكانت روحو سببا ل ورة الزمان؛ ومن روحو دارت مجيع‬
‫احلركات واألرواح واألفالك يف الزمان الغييب‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬زمان الشهادة‪:‬‬

‫أما زمان الشهادة فق تعُت دن ما صارت األرواح مشهودة يف العامل؛ فكان بروحو‬
‫وجس ه مناط االنتقال والظهور حلركة الزمان من دامل الغيب إىل دامل الشهادة‪ ،‬فربوحو وجس ه‬
‫صلى اهلل دليو وسلم اكتملت دورة الزمان النهائية دلى ح تصريح ابن دريب‪ ،‬فانتقل حكم‬
‫الزمان من الغيب إىل الشهادة ودارت دائرتو بظهوره صلى اهلل دليو وسلم بذاتو جسما وروحا‪،‬‬
‫وذلذا صرح ابن دريب بأنو‪" :‬كان دن أول خلق الزمان حبركتو خلق الروح ادل برة روح زلم صلى‬
‫اهلل دليو وسلم ٍب ص رت األرواح دن احلركات فكان ذلا وجود يف دامل الغيب دون دامل الشهادة‬
‫وأدلمو اهلل بنبوتو وبشره ُّا وآدم مل يكن إال كما قال بُت ادلاء والطُت وانتهى الزمان باالسم‬
‫الباطن يف حق زلم صلى اهلل دليو وسلم إىل وجود جسمو وارتباط الروح بو وانتقل حكم الزمان‬
‫يف جريانو إىل االسم الظاىر فظهر زلم صلى اهلل دليو وسلم بذاتو جسما وروحا"(‪.)ٕٛ‬‬

‫فق كان رليء أو ظهور سي نا زلم صلى اهلل دليو وسلم ىو م ار وجود الزمان بقسميو‬
‫الغييب وادلشهود‪ ،‬حيث كان ابت اء دائرة الزمان بو من ناحية؛ وكذلك اتصل آخر ال ائرة بأوذلا‬
‫فرد الزمان إىل أصلو الذي حكم‬
‫لتكمل بو من ناحية أخرى‪" ،‬فجاء زلم صلى اهلل دليو وسلم ّ‬
‫اهلل بو دن خلقو‪ ...‬فلهذا قال يف اللسان الظاىر أن الزمان ق است ار كهيئتو يوم خلقو اهلل‬
‫وكذلك است ار الزمان فأظهر زلم ا صلى اهلل دليو وسلم"(‪.)ٕٜ‬‬

‫فكان أول وجود الزمان– كما يؤك ابن دريب‪ -‬يف االسم الباطن حملم صلى اهلل دليو‬
‫وسلم بقولو‪ :‬كنت نبيا وآدم بُت ادلاء والطُت؛ ٍب است ار بع انقضاء دورة الزمان؛ ٍب ابت أت دورة‬
‫أخرى من الزمان باالسم الظاىر فظهر فيها جسم زلم صلى اهلل دليو وسلم وظهرت شريعتو‬
‫دلى التعيُت والتصريح ال بالكناية واتصل احلكم باآلخرة‪ ،‬فظهر زلم صلى اهلل دليو وسلم وكان‬
‫لو يف كل جزء من أجزاء الزمان حكم اجتمع فيو بظهوره صلى اهلل دليو وسلم "فكانت روحانية‬

‫‪003‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫زلم صلى اهلل دليو وسلم تكتسب دن كل حركة من الزمان أخالقا حبسب ما أودع اهلل يف تلك‬
‫احلركات من األمور اإلذلية‪ ،‬فمازالت تكتسب ىذه الصفات الروحانية قبل وجود تركيبها إىل أن‬
‫ظهرت صورة جسمو يف دامل ال نيا دبا جبلو اهلل دليو من األخالق احملمودة"(ٖٓ)‪.‬‬

‫ىكذا كانت دائرة الزمان ىي دائرة الوجود؛ فارتبط الزمان الوجودي بروحو‬
‫صلي اهلل دليو وسلم؛ كما اكتملت دائرتو‪ -‬الزمان‪ -‬بظهور روحو وجس ه؛ "ألن الوجود دائرة‪...‬‬
‫وما بُت طريف ال ائرة مجيع ما خلق اهلل من أجناس العامل"(ٖٔ)‪ .‬وذلذا كان العامل كلو باجلوىر واح‬
‫وبالصور خيتلف؛ واختالفو للتفرد والتنوع يف اخللق اجل ي ‪ ،‬ونستنتج من ذلك أن ابن دريب يربط‬
‫البع (الوجودي للزمان) بفلسفتو الغزيرة للخلق اجل ي ‪ ،‬وفيما يلي بيان ذلك‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬الخلق الجديد‪:‬‬

‫يكمن البع الوجودي للزمان‪ -‬كذلك‪ -‬يف ربليل ابن دريب لقضية دقيقة أال وىي (اخللق‬
‫اجل ي )‪ ،‬وت ور ىذه القضية حول ذب د مجيع اخللق يف صور ج ي ة يف كل آن ويف ال زمان‬
‫الوجود كلو يف ال زمان‪ ،‬فالتجلي اإلذلي لألمساء اإلذلية يتج د ويتنوع دلى الوجود كلو يف كل‬
‫حلظة وآن؛ وىذا يف تفرد ب يع ال ي رك ماىيتو إال صاحب الوقت والزمان كما صرح ابن دريب‪،‬‬
‫فاخللق اجل ي قضية دقيقة ال ت رك بالعقل وح ه؛ ألهنا زبرج دن طوره‪ ،‬بل العقل الرشي يؤي‬
‫الكشف فيها ودينعو دن التيو والضالل‪ ،‬فيصرح ابن دريب أن‪" :‬العقل ليس يف قوتو أن ي رك‪ ...‬ما‬
‫خيرج دن طوره إىل ما ىو أدلى يف نسبتو إىل احلق"(ٕٖ)‪.‬‬

‫فبالكشف ي رك صاحب الوقت ذب د خلق احلق للعامل بتنوع وتفرد ال تكرار فيو‪ ،‬ففي‬
‫وذبل ج ي ‪ ،‬وصور ج ي ة‪ ،‬وال ي رك‬ ‫كل حلظة وآن‪ :‬زمان ج ي ‪ ،‬ووقت ج ي ‪ ،‬وخلق ج ي ‪ٍ ،‬‬
‫ىذا العلم‪ -‬كما يؤك ابن دريب‪ -‬إال من خالل الكشف‪" ،‬فالعامل يف كل نفس من حيث الصورة‬
‫يف خلق ج ي ال تكرار فيو‪ ،‬فلو شاى تو لرأيت أمرا دظيما يهولك منظره ويورثك خوفا دلى‬
‫جوىر ذاتك ولوال ما يؤي اهلل أىل الكشف بالعلم لتاىوا خوفا"(ٖٖ)‪.‬‬

‫ول قة ىذا البع الوجودي للزمان دن ابن دريب أورده يف د ة نصوص متفرقة يف‬
‫الفتوحات والفصوص‪ ،‬ليؤك أنو نظر دقيق وزلور أصيل يف فلسفتو الروحية برمتها‪ ،‬فق تبُت لنا‬
‫أن فلسفة ابن دريب الروحية ال تفهم إال من خالل إدراك األبعاد ادلختلفة لقضية الزمان رب ي اً‪،‬‬

‫‪002‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫فإزالة اللبس دن الوجود ال ي رك إال بالكشف‪ ،‬فق قرر أهنا قضية تتطلب نظرا دقيقا "يعطيو‬
‫الكشف؛ ىل اخللق اجل ي يف الصور كلها يف الوجود حلاملها اليت بعض الناس منها يف لبس منها‬
‫أو ال‪ ،‬فمن رأى التج ي قال ال تتناىى أشخاص كل نوع أب ا ومن رأى أن ال ذب ي قال يف‬
‫اآلخرة أنو ق تناىت أشخاص ىذا النوع اإلنساين فال يوج إنسان بع ذلك وىي مسألة دقيقة‬
‫ال يتمكن لنا الكالم فيها مجلة واح ة فإهنا من مجلة األسرار اليت ال تذاع إال ألىلها"(ٖٗ)‪.‬‬

‫نستنتج من ذلك أن سبب اختالف الناس يف فهم ىذه القضية ىي حبسهم يف دائرة‬
‫الفكر واليت مل يربحوا منها إىل ادلقامات اخلارجة دن أطوار العقول‪ ،‬فاخللق اجل ي قضية ت ور‬
‫حول الزمان الذي ي ور يف حركة أزلية دائمة‪ ،‬دنها يظهر الوجود دبا فيو يف كل حلظة يف ثوب‬
‫ج ي فري يتنوع وال يتكرر‪ ،‬فيع م الوجود وخيلق يف كل آن– يف زمان احلال‪ -‬من ج ي ‪ ،‬وىو‬
‫يف ىذا إن كان يست ل بآراء األشادرة يف اجلواىر واألدراض وقوذلم بالتج د ال ائم لألدراض؛ إال‬
‫أنو ينفي دنهم أهنم أدركوا احلقيقة أو وصلوا إليها؛ بل إنو يصرح أهنم وقعوا يف تناقض‪ ،‬وىذا حىت‬
‫ال يُظن أن ما يسميو ابن دريب‪ :‬اخللق اجل ي أو ذب ي اخللق مع األنفاس ىو بعينو من آراء‬
‫األشادرة‪.‬‬

‫فادلوجودات– يف إطار فهم ابن دريب وفلسفتو للخلق اجل ي ‪ -‬تتقلب يف الوجود يف كل‬
‫حلظة وآن يف صور ج ي ة تتنوع وال تتكرر‪ ،‬بل زبلق يف كل حلظة خبلق ج ي وفري ‪ ،‬فيقرر ابن‬
‫دريب أن‪" :‬ذب ي اخللق مع األنفاس‪ :‬زمان الع م‪ :‬زمان وجود ادلثل كتج ي األدراض يف دليل‬
‫األشادرة‪ .‬فإن مسألة حصول درش بلقيس من أشكل ادلسائل إال دن من درف ما ذكرناه‪...‬‬
‫فما قطع العرش مسافة‪ ،‬وال زويت لو أرض وال خرقها"(ٖ٘)‪.‬‬

‫ويست ل ابن دريب لتوضيح أمشل ذلذه ادلسألة دبجلس سي نا سليمان؛ دن ما طلب من‬
‫ادلأل من حولو أن يأتيو منهم بعرش بلقيس قبل أن تأٌب ىي وقومها إليو؛ أي يف أقصر وقت‬
‫ك َوإِ ٍّين‬‫وم ِمن َّم َق ِام َ‬
‫يك بو قَـْب َل أَن تَـ ُق َ‬
‫ال ِد ْف ِريت ٍّمن اجلِ ٍّن أَنَا آتِ َ ِِ‬
‫ٌ َ‬ ‫شلكن‪ ،‬فيست ل باآلية الكردية‪( :‬قَ َ‬
‫يك بِِو قَـْب َل‬
‫اب أَنَا آتِ َ‬ ‫ال الَّ ِذي ِدن َ ه ِد ْلم ٍّمن الكِتَ ِ‬ ‫ُت) ‪ .‬وكذلك بقولو سبحانو‪( :‬قَ َ‬
‫ِ (‪)ٖٙ‬‬
‫ي أَم ٌ‬ ‫َدلَْي ِو لَ َق ِو ٌّ‬
‫ُ ٌ َ‬
‫ض ِل َرٍّيب لِيَْبـلُ َوِين أَأَ ْش ُكُر أ َْم أَ ْك ُفُر َوَمن‬
‫ال َى َذا ِمن فَ ْ‬ ‫ك فَـلَ َّما َرآهُ ُم ْستَ ِقراًّ ِدن َ هُ قَ َ‬‫ك طَْرفُ َ‬ ‫أَن يـَْرتَ َّ إِلَْي َ‬
‫َش َكَر فَإَِّمنَا يَ ْش ُكُر لِنَـ ْف ِس ِو َوَمن َك َفَر فَِإ َّن َرٍّيب َغ ٍِتٌّ َك ِرميٌ)(‪.)ٖٚ‬‬

‫‪000‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫العامل الذي دن ه دلم من الكتاب‪ ،‬من الفضل دلى األول‪:‬دفريت اجلن‪،‬‬ ‫فلم يكن ذلذا ِ‬
‫إال بالسبق الزماين النتقال العرش‪ ،‬أي أنو سيأٌب بو إليو يف دُت زمان الفعل؛ أي سيكون دُت‬
‫القول ىو دُت زمان ح وث الفعل؛ يف نفس الزمن الواح ‪ ،‬وىذا أمر خارق يف تصور البشر؛ وال‬
‫يعيو ويفسره إال صاحب الوقت‪ ،‬وىذا معلوم "بالق ر الزماين‪ :‬فإن رجوع الطرف إىل النظر بو‬
‫أسرع من القائم من رللسو‪ ،‬ألن حركة البصر يف اإلدراك إىل ما ي ركو أسرع من حركة اجلسم فيما‬
‫يتحرك منو‪ ...‬فإن زمان فتح البصر زمان تعلقو‪ ...‬وزمان رجوع طرفو إليو ىو دُت زمان د م‬
‫إدراكو‪ ،‬والقيام من مكان اإلنسان ليس كذلك‪ :‬أي ليس لو ىذه السردة‪ ...‬يف الزمن‬
‫الواح "(‪.)ٖٛ‬‬

‫فما فعلو الذي دن ه دلم من الكتاب ىو‪ :‬إد ام لعرش بلقيس من مكانو األصلي‪ٍ ،‬ب‬
‫ذب ي للعرش يف رللس سليمان دليو السالم‪ ،‬وىذا يف طرفة دُت؛ أي يف حلظة زبلو من الزمان؛‬
‫ألنو نفس زمان الفعل؛ فهو مل ينقلو من مكان إىل مكان؛ بل أد مو من مكان وأوج ه يف آخر؛‬
‫فانتفاء زمان االنتقال ىو ما دييزه دن غَته‪ ،‬وىذا لعلمو الذي آتاه احلق إياه باخللق اجل ي الذي‬
‫ينع م وخيلق من ج ي يف كل آن‪ ،‬ويؤك ابن دريب ىذا بقولو‪" :‬فاستحالة انتقالو يف تلك ادل ة‪...‬‬
‫كتج ي اخللق باألمثال‪ ،‬وىو ىو‪ ...‬أنك يف زمان التج ي دُت ما أنت يف الزمن ادلاضي"(‪.)ٖٜ‬‬

‫ففي نفس اللحظة ويف نفس الزمن الواح يع م وخيلق درشها من ج ي ‪ ،‬وىكذا يف‬
‫قضية اخللق اجل ي ؛ فإن زمن ذب ي اخللق وصور ادلخلوقات أقل من أن ي رك أو ديكن قياسو‪،‬‬
‫فزمن ارت اد الطرف يف قصة سليمان دليو السالم حلظة ال ديكن قياسها‪ ،‬ألن الزمان الذي يتحرك‬
‫فيو البصر لَتى شيئا من األشياء ىو دُت الزمان الذي تقع فيو الرؤية مهما بع ت ادلسافة بُت‬
‫الرائي وادلرئي‪ ،‬وذلذا كان ِ‬
‫العامل الذي دن ه دلم من الكتاب‪ ،‬أًب يف دلمو ألنو أتى بو من غَت فًتة‬
‫يف زمان االنتقال‪.‬‬

‫فانتفاء زمان االنتقال؛ أو االنع ام يف نفس آن اخللق اجل ي ؛ يعٍت أنو ح ث يف ال‬
‫زمان‪ ،‬ففكرة اخللق اجل ي تشمل الوجود كلو يف ال زمان دن ابن دريب‪ ،‬يقول‪" :‬ومل يكن دن نا‬
‫بارباد الزمان انتقال‪ ،‬وإمنا كان إد ام وإجياد من حيث ال يشعر أح بذلك إال من درفو‪ ...‬من‬
‫ذب ي اخللق مع األنفاس‪ ،‬وال دلم ألح ُّذا الق ر‪ ،‬بل اإلنسان ال يشعر بو من نفسو أنو يف كل‬
‫نفس ال يكون ثم يكون"(ٓٗ)‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫نستنتج من ىذا أن ادلخلوقات كلها والعامل بأسره ال يكون ثم يكون يف كل حلظة‪ ،‬أي‬
‫يع م وخيلق من ج ي يف كل آن وحلظة‪ ،‬ويف كل نفس‪ ،‬فال حيس بو من نفسو لسردة التج ي‬
‫يف اخللق بال زمان؛ أي ب ون انقضاء فًتة من الزمان بينهما‪ ،‬وال ي رك ىذا إال العارفُت‪.‬‬

‫نستنتج أيضاً شلا سبق أنو إذا كان الزمان يف تصور ابن دريب دائريا متج دا يتبع احلركة‬
‫ال ائرية للكواكب؛ فإن الزمان الصويف‪ :‬ما دييزه ىو زمان احلال أو زمان اآلن ادلتج د مع األنفاس‪،‬‬
‫ولعل استخ ام ابن دريب دلصطلح (مع األنفاس) لو داللة قوية ودقيقة يف رب ي فكرة اخللق‬
‫ادلتج د يف ال زمان فاصل‪ ،‬فال يستطيع إنسان أن يسابق األنفاس بزمان حي ده أو يقيسو؛ بل‬
‫الزمان يتج د مع كل نفس ب ون فاصل زماين‪ .‬وىذا يع يف ح ذاتو انتقال من زمان ما ربت‬
‫الطبيعة وما ديكن قياسو‪ ،‬إىل زمان ما فوق الطبيعة وماال ديكن قياسو؛ ألنو غَت مقي بزمان أو‬
‫مكان أو حركة‪.‬‬

‫كما يعلل ابن دريب سبب إدراك العارفُت وح ىم ذلذا ادلنحي اخلطَت من الزمان الوجودي‬
‫(الخلق الجديد)؛ وىو‪ :‬ربققهم بالفناء والبقاء‪ ،‬ففي حال الفناء ديحو احلق صفات دب ه‬
‫وخيلقها من ج ي فيتحقق بالبقاء‪ ،‬وىذا احملو واإلجياد مستمر يف حق العارفُت يف كل حلظة وآن؛‬
‫وىو يف نفس الوقت أح أوجو اخللق اجل ي ؛ ذلك اخللق اجل ي الذي يستتبع ذب د التجليات‬
‫اإلذلية اليت ال تنقطع من الوجود‪" ،‬أما أىل الكشف فإهنم يرون أن اهلل يتجلى يف كل نفس وال‬
‫ذبل يعطي خلقا ج ي ا ويذىب خبلق‪ ،‬فذىابو ىو دُت‬ ‫يكرر التجلي‪ ،‬ويرون أيضا شهودا أن كل ٍ‬
‫الفناء دن التجلي والبقاء دلا يعطيو التجلي اآلخر"(ٔٗ)‪.‬‬

‫ولعل ىذا ما ح ده القاشاين فيما بع بقولو‪" :‬اخللق اجل ي ‪ :‬ىو اتصال امت اد الوجود‬
‫من نفس الرمحن إىل كل شلكن النع امو بذاتو مع قطع النظر دن موج ه وفيضان الوجود دليو منو‬
‫دلى التوايل حىت يكون يف كل آن خلقا ج ي ا الختالف نسبة الوجود إليو مع اآلنات واستمرار‬
‫د مو يف ذاتو"(ٕٗ)‪ .‬فادل د الوجودي ال ينقطع أب ا بل يتج د ويتنوع دبا يتضمنو من وصول كل‬
‫ما حيتاج ادلمكن يف وجوده حىت يبقى‪ ،‬فإن احلق دي ه من النفس الرمحاين بالوجود‪ ،‬حىت يًتجح‬
‫وجوده دلى د مو الذي ىو مقتضى ذاتو‪ ،‬والشهود حيكم بتكوين كل شلكن يف كل آن خلقا‬
‫ج ي ا(ٖٗ)‪.‬‬

‫‪003‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫الجدير بالذكر ىنا أن ابن عربي قد اعتمد على تأويل آيات القرآن الكريم ليؤكد‬
‫مراميو الفلسفية والروحية في الزمان والخلق الجديد‪ ،‬فاستدل باآلية الكريمة‪ُ ( :‬ك َّل يَـ ْوٍم ُى َو‬
‫ْن)(ٗٗ)‪ ،‬ليؤك دلى كشف العارفُت وإدراكهم دلاىية اخللق اجل ي الذي يتج د يف ال‬ ‫فِي َشأ ٍ‬
‫زمان‪ ،‬كما يؤك دلى أنو من احملال دلى األكوان اإلقامة دلى نعت واح زمانُت‪ ،‬للتغيَت‬
‫والتج ي الذي يعم الوجود مع األنفاس‪ ،‬يقول‪" :‬إذا كان اهلل تعاىل (كل يوم ىو يف شأن)‬
‫فمحال دلى األكوان اإلقامة دلى نعت واح زمانُت"(٘ٗ)‪.‬‬

‫س ٍّم ْن َخلْ ٍق َج ِي ٍ)(‪ )ٗٙ‬دلى اللبس الذي وقع‬


‫كما است ل باآلية الكردية‪( :‬بَ ْل ُى ْم ِيف لَْب ٍ‬
‫دلى بعض الفرق يف فهم إشكالية الزمان الوجودي اليت تتيو فيها العقول‪ ،‬ولعل كشف ابن دريب‬
‫ومعرفتو دباىية البع الوجودي للزمان يف اخللق اجل ي ‪ ،‬دداه إىل انتقاد بعض فرق ادلتكلمُت يف‬
‫الزمان‪( :‬كالحسبانية‪ ،‬واألشاعرة)‪ ،‬فقرر‪" :‬ما أحسن ما قال اهلل تعاىل يف حق العامل وتب لو مع‬
‫األنفاس (يف خلق ج ي ) يف دُت واح ة‪ ،‬فقال يف حق طائفة‪ ،‬بل أكثر العامل‪( ،‬بل ىم يف لبس‬
‫من خلق ج ي )‪ ،‬فال يعرفون ذب ي األمر مع األنفاس‪ ،‬لكن ق دثرت دليو األشادرة يف بعض‬
‫وجهلهم أىل النظر بأمجعهم‪،‬‬ ‫ادلوجودات وىي األدراض‪ ،‬ودثرت دليو احلسبانية يف العامل كلو‪َّ ،‬‬
‫ولكن أخطأ الفريقان"(‪ )ٗٚ‬وبالرغم من أن ابن دريب ق انتق الفرقتُت يف فصوص احلكم بشكل‬
‫صريح؛ إال أنو أقر يف الفتوحات بأهنما من أكثر الفرق اقًتابا من احلقيقة؛ ولو أهنما مل يصلوا‬
‫إليها؛ لوقودهما يف التناقض‪ ،‬وذلذا حكم دليهما بنصوص صرحية أهنم شلن التبس دليهم أمر‬
‫اخللق اجل ي ‪ ،‬وسأوضح فيما يلي االذباه النق ي دن ابن دريب لبعض فرق ادلتكلمُت يف الزمان‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬نقد ابن عربي لبعض فرق المتكلمين في الزمان (الحسبانية واألشاعرة)‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نقد ابن عربي لفرقة (الحسبانية)‪:‬‬

‫يصرح ابن دريب بنق ىم؛ مؤك ا أنو بالرغم من قوذلم بالتب ل يف العامل بأسره ما دثروا دلى‬
‫احلقيقة ووقعوا يف مغالطة‪ ،‬فلو قالوا بأن دُت اجلوىر ادلعقول ال يوج إال بوجود الصور‪ ،‬كما ال‬
‫توج الصور إال بو لوصلوا إىل احلقيقة؛ ولكنهم ضلوا ومل يصلوا إىل ادلعرفة بالزمان واخللق اجل ي ‪،‬‬
‫وصرح بنق ه ذلم‪" :‬أما خطأ احلسبانية فبكوهنم ما دثروا مع قوذلم بالتب ل يف العامل بأسره دلى‬
‫أح ية دُت اجلوىر ادلعقول الذي قبل ىذه الصور وال يوج إال ُّا كما ال تعقل إال بو‪ ،‬فلو قالوا‬
‫بذلك فازوا ب رجة التحقيق يف األمر"(‪.)ٗٛ‬‬

‫‪003‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫ثانياً‪ :‬نقد ابن عربي لفرقة (األشاعرة)‪:‬‬

‫يصرح ابن دريب بنق ىم‪ ،‬فيقول‪" :‬وأما األشادرة فما دلموا أن العامل كلو رلموع أدراض‬
‫فهو يتب ل يف كل زمان إذ العرض ال يبقى زمانُت‪ ،‬ويظهر ذلك يف احل ود لألشياء‪ ،‬فإهنم إذا‬
‫ح وا الشيء تبُت يف ح ىم كونو األدراض‪ ،‬وأن ىذه األدراض ادلذكورة يف ح ه دُت ىذا اجلوىر‬
‫وحقيقتو القائم بنفسو‪ ،‬ومن حيث ىو درض ال يقوم بنفسو‪ ،‬فق جاء من رلموع ما ال يقوم‬
‫بنفسو من يقوم بنفسو كالتحيز يف ح اجلوىر القائم بنفسو الذاٌب وقبولو لألدراض ح لو ذاٌب‪...‬‬
‫وليس التحيز والقبول بأمر زائ دلى دُت اجلوىر احمل ود ألن احل ود الذاتية ىي دُت احمل ود‬
‫وىويتو‪ ،‬فق صار ما ال يبقى زمانُت يبقى زمانُت وأزمنة وداد ما ال يقوم بنفسو يقوم بنفسو‪ ،‬وال‬
‫يشعرون دلا ىم دليو‪ ،‬وىؤالء ىم يف لبس من خلق ج ي "(‪.)ٜٗ‬‬

‫ىنا يؤك ابن دريب دلى أن اخللق يتج د يف كل آن منذ األزل‪ ،‬فالعرض ينع م يف الزمان‬
‫الثاين من زمان وجوده؛ وذلذا كان احلق خالقا دلى ال وام؛ وصح ذب د التجلي دلى الوجود يف‬
‫كل حلظة وآن؛ وذلذا كان بقاء العرض زمانُت زلال‪ ،‬وبالرغم من إدراك األشادرة جلزء من ىذه‬
‫احلقيقة يف نظريتهم يف ذب د األدراض‪ ،‬وإدراك احلسبانية جلزء آخر يف نظريتهم يف طبيعة العامل‬
‫كلو؛ إال أهنما أخطأتا بتصريح ابن دريب‪ ،‬ويؤك ذلك بأن "العرض ينع م لنفسو يف الزمان الثاين‬
‫من زمان وجوده فكان احلق خالقا دلى ال وام وصح االفتقار من اجلوىر دلى ال وام ولو بقي‬
‫العرض الرتفع ىذان احلكمان وارتفادهما زلال‪ ،‬فبقاء العرض زمانُت زلال"(ٓ٘)‪.‬‬

‫أما ابن دريب فيصرح أن التج د مستمر وال ينقطع وال يتكرر دنيا وآخرة‪ ،‬حىت حياة‬
‫الربزخ فهي نشأة أخرى ج ي ة فيها ما خيتص ُّا من دبادات أخرى غَت تكليفية وإمنا ذاتية‬
‫"فلهذا قيل يف ادليت أن من مات فق قامت قيامتو أي ابت أ فيو ظهور نشأة اآلخرة يف الربزخ إىل‬
‫يوم البعث"(ٔ٘)‪ .‬وىذا إن دل دلى شيء فإمنا ي ل– ل ى ابن دريب‪ -‬دلى حقيقة أن التجلي‬
‫دائم والقبول دائم؛ والعلم دائم متج د يف الظهور‪ ،‬وأيضا النعيم والعذاب يتج دان دلى أىل‬
‫اجلنة وأىل النار‪.‬‬

‫فاخللق اجل ي – دن ابن دريب‪ -‬مسألة ال تنقطع حب ود دامل احلياة ال نيا؛ بل مستمرة يف‬
‫دامل الربزخ ويف اآلخرة أيضاً "وذلذا نعيم اجلنة يتج د مع األنفاس كما ىو نعيم ال نيا إال أنو يف‬
‫اآلخرة حيس بو من يتج د دليو ويشاى خلق األمثال فيو‪ ،‬ويف ال نيا ال يشاى خلق األمثال‬

‫‪003‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫فيو‪ ،‬وال حيس بو بل ىو يف لبس من خلق ج ي "(ٕ٘)‪ .‬فالوجود دبا خلق اهلل فيو يتج د ويتغَت‬
‫باستمرار ال توقف فيو؛ بل ينتقل من حال إىل حال يف ذب د ال ينقطع‪ ،‬فيفٌت ويع م ٍب خيلق من‬
‫ج ي ؛ فال يكون ٍب يكون‪ ،‬وصاحب الوقت والزمان يكشف لو التوسع اإلذلي الذي ال ينقطع‬
‫وال يتوقف وال ينضب‪ ،‬فيخلق األمثال يف كل آن؛ كما جي دىا مع األنفاس يف خلق ج ي ‪،‬‬
‫فيشه أن "ليس يف الوجود تكرارا أصال للتوسع اإلذلي‪ ...‬وإمنا ىو انتقال من حال إىل حال‬
‫والعُت واح ة‪ ،‬واحلال ادلنتقل إليو وجود آخر"(ٖ٘)‪.‬‬

‫كما يستمر ابن عربي في نقد وتحليل آراء المتكلمين في الزمان‪ ،‬فيقرر أن ىناك من‬
‫ادلتكلمُت من خيالفون أىل الكشف يف ذب د دطاء اهلل بالعلم دلى الوجود‪ ،‬فال ي ركون تنوع‬
‫خلق العلوم بالتج ي مع األنفاس؛ وذلذا ال يبقى زمانُت‪ ،‬فإذا شاى العب ذب د اخللق مع‬
‫األنفاس؛ فإنو سي رك بالكشف الكثرة ادلتع دة وادلتنودة يف الوجود؛ وي رك أيضاً إحصاء ما دلمو‬
‫من وقت وجوده إىل وقتو‪ ،‬لكشفو دن اخللق اجل ي يف ال زمان‪ ،‬وىذا خيالف أىل الكشف فيو‬
‫بعض ادلتكلمُت "فإذا شاى العب إرادة الكثرة ىنا انكشف لو إحصاء ما دلمو من وقت وجوده‬
‫إىل وقتو وما يكون إىل ما يتناىى ولكن حبقيقة خيالفنا فيها بعض العلماء وادلتكلمُت وذلك أن‬
‫يكون العلم يتعلق دبعلومُت فصاد ا وىذا زلال دن بعضهم ومن جوز ذلك كاإلمام دمرو‬
‫الساللفي رضي اهلل دنو فإنو ال خيالفنا يف ىذه ادلسألة‪ ،‬وأما قول اإلسفرائيٍت أيب إسحاق‪ :‬إن‬
‫القلب ال حيمل يف الزمان إال دلم واح فق ديكن أن يشَت إىل ما ذىبنا إليو وكذلك يف ح ه‬
‫العلم دبا يتصور منو أحكام الفعل وإتقانو ففيو أيضا تلويح إىل ىذا وضلن إمنا نتكلم مع أرباب‬
‫احلقائق واألسرار من أىل اهلل تعاىل"(ٗ٘)‪.‬‬

‫فإذا انكشف للعارف حقيقة الزمان واخللق انكشف لو إحصاء ما دلمو من وقت وجوده‬
‫إىل وقتو احلاضر‪ ،‬فالقلب حيمل يف الزمان دطايا ودلوم متج دة مع األنفاس؛ فيعي وي رك ذب د‬
‫ال يتكرر يف كل حملة وبصر مع األنفاس‪ ،‬فالزمان يطوي بداخلو األزل واألبد في دائرة يتصل‬
‫أولها بآخرىا في خلق جديد ٍ‬
‫وتجل ال ينقطع‪ ،‬لكن‪ :‬ىل لألزل صلة بالبع الوجودي للزمان‬
‫دن ابن دريب؟ اإلجابة دن ابن دريب يطرحها من خالل سؤال وج ه يف كتب ادلتكلمُت يف‬
‫الزمان‪ ،‬وىو يف نفس الوقت يف غاية االرتباط بالسؤال األول الذي طرحناه؛ وىو‪ :‬ىل احلق تعايل‬
‫تكلم يف األزل؟‬

‫‪003‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫صل ابن دريب جييب دلى ىذا السؤال مصرحا‪ :‬أن ىذا جهل زلض وال دلم فيو دلى‬
‫احلقيقة‪ ،‬فينفي دنو أنو تكلم يف األزل؛ ألنو ال جهة رب ه وال زمان وال مكان وال دقل وال كيف‬
‫وال أين يقي ه‪ ،‬فإن ثبوت صفة الكالم للحق سبحانو ال حيتاج إىل أزل وال إىل غَت أزل؛ ألنو ال‬
‫تكييف بالعقول واألفهام احمل ودة ادلقي ة ألي صفة من صفات اهلل سبحانو‪ .‬وحل ابن دريب تلك‬
‫ادلسألة يف تصرحيو بأن‪" :‬األزل دبارة دن نفي األولية والنفي د م زلض فما ٍب شيء وال ٍب ٍب‬
‫فينتفي األزل دبا يعقل من معناه"(٘٘)‪.‬‬

‫إذا كنا أثبتنا سابقا أن الزمان يف فلسفة ابن دريب دائري أو مست ير؛ فإنو ومن الب يهي أن‬
‫ترتبط أول ال ائرة بآخرىا؛ وطبقا ذلذا التصور فإنو ما ٍب أزل أو أب ‪ ،‬فإذا كان ادلاضي وادلستقبل‬
‫واقعُت ربت زمان احلال‪ -‬دن ابن دريب‪ -‬فإن األزل واألب أيضاً مرتبطان بزمان احلال‪ ،‬فبحكم‬
‫زمان احلال من النسبية والع مية؛ يقع كل ما مضى وما سيأٌب يف ادلستقبل ضمن دائرتو اليت‬
‫تتج د وال تتكرر‪ ،‬وىذا ألن "األزل واألب د م طريف الزمان فال أول لو وال آخر وال وام لو وىو‬
‫زمان احلال واحلال لو ال وام‪ ،‬فال يزال العامل يف حكم زمان احلال؛ وال يزال حكم اهلل يف العامل يف‬
‫حكم الزمان‪ ،‬وال يزال ما مضى منو وما يستقبل يف حكم زمان احلال"(‪ .)٘ٙ‬أال ترى يف كالم اهلل‬
‫يف إخباره إيانا بأمور ق انقضت درب دنها بالزمان ادلاضي؛ وبأمور تأٌب درب دنها بالزمان‬
‫ادلستقبل؛ وأمور كائنة درب دنها باحلال‬

‫يتضح شلا سبق أن الزمان‪ -‬كما يؤك ابن دريب‪ -‬إذا كان ُّذه النسبة أمرا نسبيا ال حقيقة‬
‫لو يف دينو‪ ،‬واإلنسان زل ود سللوق‪ ،‬فاألزل أبع وأبع أن يكون ح ا لوجود اهلل؛ فاحلق سبحانو‬
‫يق ر األشياء أزال وال يقال يوج أزال‪ ،‬فإنو زلال يف قول من قال أن اهلل تكلم يف األزل وقال يف‬
‫األزل وق ر يف األزل كذا وكذا‪ ،‬فهذا من حكم الوىم ال من حكم العقل والنظر الصحيح "فإن‬
‫م لول لفظة األزل إمنا ىو دبارة دن نفي األولية هلل تعاىل أي ال أول لوجوده بل ىو دُت األول‬
‫سبحانو ال بأولية ربكم دليو فيكون ربت إحاطتها ومعلوال دنها وفرق بُت ما يعطيو ومهك‬
‫ودقلك‪ ...‬فاحلق سبحانو يق ر األشياء أزال وال يقال يوج أزال‪ ،‬فإنو زلال"(‪.)٘ٚ‬‬

‫ذلذا ثبت للمخلوقات التق ير‪ ،‬فق ق ر اخللق أزال‪ ،‬ال خلق اخللق أزال‪ ،‬فق ثبت التق ير‬
‫يف األزل ويف الزمان‪ ،‬فالزمان أمر متوىم ال وجود لو‪ ،‬وكذلك األزل وصف سليب ال وجود لو‪،‬‬
‫وىذا ليصح تنزيو احلق دن كل قي ‪ ،‬فهو مطلق حىت دن قي اإلطالق؛ كما ينفي األزل دنو ألن‬

‫‪003‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫األزل نعت سليب ال دُت لو؛ والزمان للممكن نسبة متومهة الوجود ال موجودة‪ .‬وذلذا فالب أن‬
‫يكون الزمان أمرا متومها ال وجودا "ولو كان الزمان أمرا وجوديا يف نفسو ما صح تنزيو احلق دن‬
‫التقيي إذ كان حكم الزمان يقي ه"(‪.)٘ٛ‬‬

‫نستنتج من ذلك أن ابن دريب استبع أن يكون الزمان أو األزل ح ا لوجود اهلل؛ فمن‬
‫اخلطأ أن يقول فالن قال اهلل يف األزل كذا أو خلق كذا أو كذا‪ ،‬فال ح لوجود اهلل– كما يؤك‬
‫ابن دريب‪ -‬وُّذا يتبُت أنو ما ٍب إال الوجود احلق الذي نستن إليو يف وجودنا‪ ،‬وذلذا تسمى‬
‫سبحانو بال ىر؛ لكي ال يكون احلكم إال لو "إذ ال حاكم إال اهلل‪ ،‬ففيو ظهرت أديان األشياء‬
‫بأحكامها‪ ،‬فهو الوجود ال ائم‪ ،‬وأديان ادلمكنات بأحكامها تظهر من خلف حجاب‬
‫وجوده"(‪ .)ٜ٘‬فاحلق خلق الزمان ألجل اإلنسان؛ ولوال اإلنسان ما كان ىناك أحكام للزمان‪ ،‬وأىل‬
‫اهلل يعلمون ىذا ويشه ون أن ذواهتم زلال دلا خيلق اهلل فيها‪ ،‬فالعب "يتقي بالزمان والباري غَت‬
‫متصف بالوقت والزمان‪ ...‬بنفي األزلية من غَت تكييف لنا وال رب ي بل كما ينبغي أن يكون‬
‫دليو الق مي من اجلالل"(ٓ‪.)ٙ‬‬

‫كما يؤك أفلوطُت– السابق دلى ابن دريب‪ -‬دلى أن الباري خلق العقل والنفس والطبيعة‬
‫وسائر األشياء بال زمان‪ ،‬وأن توىم القبلية بالزمان‪ ،‬وأن تكون كل دلة قبل معلوذلا بالزمان ىو‬
‫رلرد وىم‪ٍ ،‬ب يقول‪ :‬أنو ليس كل فادل يفعل فعلو يف زمان‪ ،‬وال كل دلة قبل معلوذلا بزمان‪ ،‬فإن‬
‫أنت أردت أن تعلم ىل ىذا ادلفعول زماين أو ال؟ فانظر إىل الفادل‪ ،‬فإن كان ربت الزمان‬
‫فادلفعول ربت الزمان ال زلالة‪ ،‬وإن كانت العلة زمانية‪ ،‬كان ادلعلول زمانيا أيضا‪ ،‬ويورد دليل العلة‬
‫التامة‪ ،‬وأن مجيع األشياء موجودة يف اهلل دائما ال يف زمان إمنا يتأخر ما يف الزمان‪ ،‬ودن اهلل مجيع‬
‫األشياء دائمة ادلستقبل وادلاضي واحلاضر كلها شيء واح (ٔ‪.)ٙ‬‬

‫فالزمان بالنسبة للذات اإلذلية ال ينقسم وال يتميز إىل ماضي وحاضر ومستقبل‪ ،‬ومن‬
‫شأن من جيذبو احلق إليو أن يرقى إىل حيث ال زمان فَتى من دجائب ادللك وادللكوت ما ال‬
‫ي ركو احلصر ويسمو دلى العقل‪ ،‬كما ح ث يف اإلسراء وادلعراج؛ فأسري بو صلى اهلل دليو وسلم‬
‫بالروح واجلس ؛ وصلى باألنبياء‪ ،‬ودرج إىل السماوات؛ فرأى من دجائب ادللك وادللكوت‪ ،‬ورأي‬
‫اجلنة وأىلها والنار وأىلها؛ ورأي من اآليات وارتقى إىل س رة ادلنتهي‪ ،‬كل ىذا يف ليلة واح ة‪،‬‬
‫فهل الكون توقف بو الزمان ليشه سي نا زلم صلى اهلل دليو وسلم ىذه األح اث اجلليلة‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫العظيمة؟ أم أن سي نا زلم صلى اهلل دليو وسلم ق جاوز ح ود الزمان وادلكان دن ما دخل يف‬
‫حضرة خالق الزمان وادلكان؟ فاحلق أدخل دب ه صلى اهلل دليو وسلم يف رحلة اإلسراء وادلعراج يف‬
‫حضرتو؛ فرأى ما يتجاوز بو ح ود الزمان وادلكان وح ود العامل احملسوس يف ليلة واح ة؛ لتكون‬
‫آية ومعجزة‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬البعد المعرفي للزمان عند ابن عربي‪:‬‬

‫يقوم البع ادلعريف للزمان دن ابن دريب دلى فكرة دائرية‪ ،‬مركزىا ىو العارف الذي كشف‬
‫لو احلق دن ذبلياتو ادلتج دة يف كل آن‪ ،‬ومع األنفاس دلى الوجود كلو‪ ،‬فتج د ادلعارف دلى‬
‫قلوب العارفُت يستتبع ذب د اخللق دلى الوجود‪ ،‬فيستم العارف من احلق سبحانو ادلعارف‬
‫والعلوم– ادلتج دة‪ -‬اليت يتجلى ُّا دلى الوجود؛ ويكمل ال ائرة ادلعرفية‪ ،‬فيم الكون من حولو‬
‫بفيض العلوم اليت منحو احلق إياىا‪ ،‬فيؤمن العارف أن التجليات اإلذلية ال حي ىا زمان وال مكان؛‬
‫وادلعرفة دباىية ىذه التجليات ال حي ىا زمان أو مكان‪ ،‬وذلذا قيل للصويف أنو ابن وقتو‪.‬‬

‫أي أن معرفتو باهلل تفوق ح ود الزمان وادلكان؛ وذلذا جيب دليو أال يشغل نفسو إال‬
‫خبالقو؛ وىذه ادلعرفة تربطو بزمان احلال احلاضر‪ ،‬ال ادلاضي وال ادلستقبل‪ ،‬والعارف ىنا ال يكون إال‬
‫حبكم الوقت‪ ،‬أي أنو مستسلم حلكم اهلل فيو بال اختيار‪ ،‬فال ينشغل دبا مضى وال ما ىو آت يف‬
‫ادلستقبل؛ وإمنا ينشغل باحلاضر‪ ،‬أي زمان ادلعرفة والكشف "إذ الصويف ابن وقتو فال يشتغل فيو إال‬
‫دبا ىو أوىل بو ألن الوقت دزيز إذا فات ال ي رك"(ٕ‪.)ٙ‬‬

‫كما است ل ابن دريب ىنا بعبارة أيب يزي البسطامي ليؤك حقيقة مقاص ه‪" :‬ضحكت‬
‫زمانا وبكيت زمانا‪ ..‬وأنا اليوم ال أضحك وال أبكي"(ٖ‪ .)ٙ‬وىذا من حكم ادلعرفة الصوفية اليت‬
‫يتحقق ُّا العارف؛ فال يكون إال حبكم الوقت؛ وذلذا "ال يبايل العارف كيف أصبح وال أمسى‬
‫دن الناس ألهنم يف زلل احلجاب وىو يف موطن التكليف"(ٗ‪.)ٙ‬‬

‫نستنتج من ذلك أن الزمان أو الوقت يستم مستو األساسية يف التج د– دن ابن دريب‪-‬‬
‫من تنوع التجليات اإلذلية اليت تغمر دبحبتها ورمحتها الوجود كلو يف كل آن مع األنفاس‪ ،‬وىنا‬
‫يصَت للوقت أبعادا معرفية فري ة يبصر فيها العارف ثالثية غَت متكررة لزمان احلال احلاضر‪،‬‬
‫فادلاضي وادلستقبل يتمركزان يف زمان احلال احلاضر‪ ،‬ومن ٍب يصَت كل آن حيوي ب اخلو نقاطا‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫متحركة ومتج دة من ماضي وحاضر ومستقبل يف كل آن‪ ،‬فيتحرك الوقت واآلن يف حلقات‬
‫متصلة ومستمرة وغَت متكررة‪.‬‬

‫ذلذا يتبٌت ابن دريب ادلقولة اليت رددىا الصوفية السابقُت دليو؛ أن "الصويف ابن وقتو"(٘‪.)ٙ‬‬
‫إلديانو أن زمان احلال جيب دلى العب أن يعمل فيو ويغتنمو‪ ،‬وال يفرط فيو ال حزنا دلى ما مضى‬
‫وال فرحا دبا ىو آت‪ ،‬فإذا ما انشغل العب بالغ أو بالتفكَت يف األمس اضلجب دن الوقت‪،‬‬
‫واحلجب دقبات يف طريق الكمال الروحي إىل اهلل "فإن من د نفسو يف دُت كل وقت دقيق من‬
‫ادلوتى‪ ،‬فهو مالحظ د مو يف الزمن الفرد‪ ...‬فالسر كلو يف حفظ الوقت‪ ،‬والقيام حبكمو‬
‫ومرسومو"(‪ . )ٙٙ‬وكما أك اجلني أح مشايخ ابن دريب‪ :‬التصوف حفظ األوقات‪ ،‬وىو أال يطالع‬
‫العب غَت ح ه‪ ،‬وال يوافق غَت ربو‪ ،‬وال يقارن غَت وقتو(‪ .)ٙٚ‬وقال ال قاق‪ :‬الوقت مربد يسحقك‬
‫وال ديحقك‪ ،‬والكيس من كان حبكم وقتو‪ ،‬إن كان وقتو الصحو فقيامو بالشريعة‪ ،‬وإن كان وقتو‬
‫احملو‪ ،‬فالغالب دليو أحكام احلقيقة(‪.)ٙٛ‬‬

‫كما يعرفو اذلجويري‪ :‬بأنو ما يكون العب فيو فارغا من ادلاضي وادلستقبل دن ما يتصل‬
‫وارد من احلق بقلبو‪ ،‬وجيعل سره رلتمعا فيو‪ ،‬حبيث ال يذكر يف كشفو ادلاضي وال ادلستقبل‪ ،‬فإذا ما‬
‫انشغلنا بالغ أو خطر دلى قلبنا التفكَت يف األمس ضلجب دن الوقت‪ ،‬واحلجاب تشتت‪ ،‬فال‬
‫تشغل وقتك العزيز إال بأدز األشياء(‪ .)ٜٙ‬وأدز أشياء العب شغلو باحلاضر ال بادلاضي أو‬
‫ادلستقبل‪ ،‬فالصوفية السابقُت دلى ابن دريب أدطوا للوقت دناية دقيقة‪ ،‬كما أوصوا تابعيهم‬
‫بإدمار الوقت واحلفاظ دليو‪ ،‬كما ذكر اخلراز‪" :‬ينبغي للعب أن يكون مهو ربت ق مو‪ ،‬يعٍت ال‬
‫يهم حبال ماض وال حبال مستقبل‪ ،‬ويكون مع وقتو يف وقتو"(ٓ‪ .)ٚ‬كما أن الصوفية الالحقُت دلى‬
‫ابن دريب ق أدطوا للوقت قيمة كبَتة يف فلسفتهم الروحية ومنهم دب الرمحن اجلامي(ٔ‪.)ٚ‬‬

‫فإذا كان ابن دريب يصرح بأن‪" :‬الوقت دبارة دن حالك يف زمن احلال ال تعلق لو‬
‫بادلاضي وادلستقبل"(ٕ‪ )ٚ‬؛ فإن صاحب الوقت ىو العارف باهلل؛ أي العارف الكامل يف العلم‬
‫وادلعرفة؛ وذلذا ىو الذي ي رك أنو يف كل آن يف خلق ج ي ‪ ،‬فليعمل فيو بعبادة متصلة ودمل‬
‫وذبل ج ي يتقلب فيو يف كل آن‪ ،‬وىذا مرجعو‬‫ٍ‬ ‫تلق ج ي لعلم ج ي‬ ‫ج ي ‪ ،‬كما أن قلبو يف ٍ‬
‫كشفو دن تنوع األمساء اإلذلية اليت تتنوع وارداهتا دلى الوجود يف كل آن بصفة دامة؛ ودلى قلبو‬
‫يف كل آن بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪032‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫فهذا نعيم العارف القليب ادلعنوي‪ -‬ادلتج د‪ -‬الذي دينحو لو اهلل يف سفره إليو‪ ،‬الرتفاع‬
‫اللبس دنو يف شهود اخللق اجل ي يف كل آن‪ ،‬فهو "يف نعيم متج د ويف شهود خللق ج ي ما ىو‬
‫منو يف لبس وىو اجلامع يف االلتذاذ بُت اليوم واألمس فال يزال يف لذة موجودة لصور إذلية‬
‫مشهودة"(ٖ‪.)ٚ‬‬

‫كما أن انشغال العارف بوقتو احلاضر– كما ح ده ابن دريب‪ -‬ال يكون إال بالعلم‬
‫وادلعرفة؛ فيشه ذب ي التجلي اإلذلي دلى الوجود كلو مع األنفاس‪ ،‬كما أنو باجلهل يقع‬
‫االلتباس؛ فيجهل العب ذب د اخللق مع األنفاس‪ ،‬كما جيهل ذب د النعم والتجليات دلى الوجود‪،‬‬
‫أما العارف باهلل فيشه اإلطالق يف التجلي يقينا يف كل حلظة؛ وأنو "ال تكرار يف أمر احلق‬
‫لإلطالق الذي ىو دليو واالتساع اإلذلي والتكرار مؤد إىل الضيق والتقيي "(ٗ‪ .)ٚ‬وذلذا وقت‬
‫العارف مع ود وزلسوب؛ ألن حاضره ال يتسع إال دلراد اهلل شلا شردو وق ره؛ وذلذا ال متسع‬
‫للوقت دن ه؛ إلديانو أنو "لوال األمساء اإلذلية وحكمها يف األكوان ما ظهر حكم القرب والبع يف‬
‫العامل؛ فإن كل دب يف كل وقت الب أن يكون صاحب قرب من اسم إذلي صاحب بع من‬
‫اسم آخر ال حكم لو فيو يف الوقت"(٘‪.)ٚ‬‬

‫فالعارف يف حكم وقتو؛ ألنو يؤتى العلم بتج ي اخللق مع األنفاس يف كل آن؛ كما ي رك‬
‫التقليب يف أديان ادلمكنات الذي ال يتناىى‪ ،‬فق أزال احلق دنو اللبس؛ ألن ادلعارف تتج د‬
‫دلى قلبو مع األنفاس "فهو يف كل نفس ينظر إىل آثار ربو يف قلبو ‪ ...‬فال يزال صاحب ىذا‬
‫ادلقام يف كل نفس يف دلم ج ي فهو يف خلق ج ي وغَته يف لبس من ىذا اخللق اجل ي "(‪.)ٚٙ‬‬
‫أي رفع دنو اللبس الذي حيول بينو وبُت العلم باخللق اجل ي ؛ فشاى اخلَت الكثَت الذي حصل يف‬
‫الوجود‪.‬‬

‫فالعارف– كما يؤك ابن دريب‪ -‬يؤمن أنو يف كل وقت صاحب قرب من اسم إذلي‬
‫صاحب بع من اسم آخر ال حكم لو فيو يف الوقت‪ ،‬وىذا ألن م ار أىل اهلل من الصوفية ىو‬
‫"حفظ الوقت‪ ،‬والقيام حبكمو ومرسومو‪ ...‬وال يزال ىذا الوقت مشه ا يف باب السلوك‪ ،‬مصاحبا‬
‫للسالك‪ ،‬حىت يفٌت رسم السالك يف وجود احلق‪ٍ ،‬ب حيققو بفٍت رسم الوقت باحلق"(‪.)ٚٚ‬‬

‫يتضح شلا سبق أن صاحب الوقت‪ ،‬أو ابن الوقت ىو صاحب احلضور مع اهلل يف كل‬
‫حلظة وآن‪ ،‬فما دير بو الصويف من فناء وبقاء ىو أح أوجو اخللق اجل ي الذي يع م العارف من‬

‫‪030‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫حال؛ ويوج ه يف حال آخر يف كل آن‪ ،‬فيشه يف حال فنائو‪ -‬والذي يستتبع ببقائو‪ -‬البع‬
‫ادلعريف والوجودي للزمان‪ ،‬فيتحقق بشهود نعوت مجال احلق وجاللو دلى الوجود‪ ،‬والذي يتج د‬
‫مع التجلي يف كل وقت مع األنفاس‪ ،‬وىذا ىو دُت وجود العب وبقائو يف الوقت وربققو برمسو‬
‫وحكمو‪ ،‬فهو يشه ذب د اخللق وذب د التجليات دلى الوجود يف كل آن‪ ،‬فالعارف يشه يقينا‬
‫إد امو وإجياده يف كل آن‪ ،‬وذلك ألنو يشه "الفناء والبقاء يف شأن اخللق اجل ي ‪ ...‬فادلري‬
‫الصادق زلتجب يف الوقت من أجل ادلؤقت‪ ،‬بالقيام فيو حبق العبودية للحق دلى احلضور"(‪.)ٚٛ‬‬

‫أي أن العارف أو صاحب الوقت يفٌت دن نفسو ودن كل ما سوى اهلل ليبقى باهلل‪ ،‬فيفٍت‬
‫ويستغرق يف مجال جالل ذبليات احلق؛ ومن ٍب يكشف لو احلق يف الوقت أمرا جليال‪ .‬ومن ىنا‬
‫قال ادلتق مون من دلماء احلق‪ :‬إن الوقت ىو احلق الستغراق رمسو يف احلق‪ ،‬وابن دريب يصرح بأن‬
‫الوقت واح مشهود‪ ،‬لكنو خيتلف حبسب اختالف ادلقامات‪ ،‬فوقت العارف حاضر متج د‪،‬‬
‫والعارف زلتجب يف الوقت من أجل ادلؤقت‪ ،‬فيقوم حبق العبودية للحق دلى احلضور يف كل وقت‬
‫ذبل دن ٍ‬
‫ذبل لفنائو دما سوى اهلل وحضوره وبقائو باهلل‪.‬‬ ‫بوقتو؛ وال حيجبو ٍ‬

‫نستنتج شلا سبق أن ىذه ادلعرفة تتضمن فهما ووديا وكشفا دلاىية الزمان والوجود معاً‪،‬‬
‫وىذا دلم– دزيز‪ -‬يهبو اهلل خلواص دباده يف حال فنائهم وانع ام إنيتهم من ناحية؛ وإجيادىم‬
‫وخلقهم من ج ي يف حال البقاء من ناحية أخرى "فاهلل ال يزال خالقا إىل غَت هناية فينا فالعلوم‬
‫إىل غَت هناية"(‪ . )ٜٚ‬وىذا ي ل دلى ربققهم بعُت الكشف واليقُت دن وجو احلقيقة اليت تغمر‬
‫الوجود ككل دبا فيو‪ ،‬فمن يكشف لو أنو ينع م وخيلق من ج ي مع كل نفس؛ ىو فقط من‬
‫ي رك ذب د التجليات بالعلوم وادلعارف دلى القلب السليم‪.‬‬

‫ىنا يرقى العارف إىل حيث ال زمان وال مكان حي معرفتو؛ وىذا ل خولو يف حضرة خالق‬
‫الزمان وادلكان "فتنزه دن ادلكان وتق س بسره دن الزمان دلا وقف يف اآلن أبقاه اهلل للعارفُت دلما‬
‫وللحكم متمما"(ٓ‪ .)ٛ‬في رك بنور البصَتة وادلعرفة حكم الوقت ورمسو‪ ،‬ولذلك "العلم ال يتقي‬
‫بوقت وال مكان وال بنشأة وال حبالة وال دبقام"(ٔ‪.)ٛ‬‬

‫ففي أمسى حلظات الفناء يرقى ويكشف لو من حجب العلوم وادلعارف ما يتوقف الزمان‬
‫دن حصر م اه‪ ،‬فالزمان ليس لو مق ار أمام ما يكشف للعب يف حلظة الفناء‪ ،‬فهي حلظة معرفية‬
‫فارقة يف حياتو‪ -‬ويف نفس الوقت– ىي حلظة يف ال زمان‪ ،‬فيفٌت فيها العارف دن الزمان وادلكان؛‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫فهي حلظة تلقيو للوارد وربققو بالكشف والشهود‪ ،‬وفيها ينمحق فيتحقق بادلعرفة؛ وينكشف أمام‬
‫بصَتتو ضيق العامل ادلادي احملسوس ادلقي بزمان ومكان‪ ،‬فتتسع رؤيتو ويتسع قلبو دبا حباه لو‬
‫احلق؛ فَتقى ويهرع بكل قوتو ليفر إىل رحاب احلق حيث ال زمان وال مكان حي كشفو وشهوده‪،‬‬
‫فرحاب خالق األكوان واألزمان ال حي ه أي قي ‪.‬‬

‫ىنا حلظة معرفية يتوقف فيها الزمان فال زمان‪ ،‬وإمنا بصَتة ت رك ما ين دنو العقل‪ ،‬وتعي‬
‫ما ال تسعو األكوان‪ ،‬وىذا ما جعل ابن دريب يفسر دالقة الزمان بالفناء بتوضيح ثالث حاالت‬
‫ذبردت دن الزمان حلظة التجلي والفناء‪" :‬فمنهم من صعق ومنهم من وصل إىل الفناء وتنزه دن‬
‫الزمان وآخرىم من ربقق باحلق وتنزه دن الزمان وربقق بأنو ما ٍب شيء إال اهلل‪ ،‬وىذا لتحققهم‬
‫باحلق"(ٕ‪ .)ٛ‬واألخَت ق حلق بالتنزيو‪ ،‬وارتقى دن الزمان‪ ،‬وزاد دلى األول ب رجة؛ وىو أن األول‬
‫ٍ‬
‫فان واألخَت ربقق باحلق‪ ،‬أي ربقق بالبقاء باحلق‪ ،‬فاألفعال دن اهلل وفقا للق رة؛ وليست بًتتيب‬
‫زمان سابق دلى الحق أو العكس‪ ،‬وإمنا مطلق الق رة وادلشيئة اإلذلية مها احمل دان لألفعال‪ ،‬وذلذا‬
‫دن ما يهب العلم وادلعرفة دلن يشاء من دباده فإنو ي رك من احلقائق ما يفوق ح ود الزمان‬
‫وادلكان‪.‬‬

‫ذلذا تقف مفردات اللغة داجزة دن وصف ما جي ه العب يف معرفتو وحال فنائو؛ ألن‬
‫الكشف ال يوصف وال ينطق؛ ألن ما يتلقاه من وارد احلق يقع يف فوق خط الزمان وفوق ح ود‬
‫ادلكان‪ ،‬وذلذا كانت التجربة الصوفية فوق خط الزمان‪ ،‬وىنا تأٌب الصعوبة يف رص حقيقة الفناء‬
‫كتجربة صوفية تأٌب بُت نظامُت سلتلفُت سباما؛ أح مها يف ح ود الزمان والعامل الطبيعي ادلقي ‪،‬‬
‫واآلخر فوق ح ود الزمان‪ ،‬إذ ال قي وال زمان‪ ،‬وذلذا تأٌب دبارات ادلتحقق بالفناء دلى سبيل‬
‫اَّاز واالستعارات وجيب أال تفسر تفسَتا حرفيا‪.‬‬

‫يتضح شلا سبق أن ىناك بع ين متمايزين من الوجود أال ومها نظام الزمان وىو النظام‬
‫الطبيعي؛ والنظام اإلذلي‪ ،‬والنظامان يتقاطعان يف حلظة اإلشراق الصويف‪ ،‬حبيث أن تلك اللحظة‬
‫لتنتسب إىل النظامُت(ٖ‪ .)ٛ‬فمن شأن ىذه اخلربة– الصوفية‪ -‬أن تن دن ح ود الزمان وادلكان‪،‬‬
‫فتستقي منو الطابع الالمتناىي الذي ىو سر تفردىا وسبيزىا‪ ،‬فهي حلظة ودي وإشراق ذبعل‬
‫اإلنسان يبصر كونا ج ي ا وحقائق ج ي ة بإطالق(ٗ‪ .)ٛ‬فهو كما يراه وليم جيمس‪ :‬ودي دميق‬
‫يعرب مجيع احلواجز؛ ويعلو دلى ودي العقول(٘‪.)ٛ‬‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫نتائج الدراسة‪:‬‬

‫توصلت الدراسة عن الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي إلى عدة نتائج منها‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬أثبتت ال راسة سبيز ابن دريب بفلسفتو للزمان والوقت واختالف تصوره دن تصور‬
‫ادلتكلمُت؛ بل ويتجاوز‪ -‬أيضا‪ -‬تصور الفالسفة السابقُت والالحقُت دليو‪ ،‬فبحث دن الوقت‬
‫ادلتمركز يف زمان احلال (اآلن)؛ ومنها برزت قضيتو يف اخللق اجل ي واليت ذباوز ُّا آراء الصوفية‬
‫وادلتكلمُت والفالسفة‪ ،‬وىذا ما دداه إىل نق فرق ادلتكلمُت يف الزمان؛ وبيان ضعف حججهم‪،‬‬
‫وضعف ربليلهم دلاىية الزمان ومفهومو ودالالتو وأقسامو‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬أثبتت ال راسة وجود أبعاد سلتلفة لفلسفة ابن دريب للزمان والوقت ‪ ،‬ومنها‪ :‬أبعاد‬
‫طبيعية‪ :‬وتتح د من خالل ربط الزمان باحلركة والسكون‪ ،‬وادلواقيت‪ ،‬والعبادات‪ ،‬والليل والنهار‪،‬‬
‫وحركات األفالك‪ ،‬وأبعاد ميتافيزيقية‪ :‬تتح د يف تقسيمو للزمان بُت مطلق ونسيب‪ ،‬وأبعاد‬
‫وجودية‪ :‬ترتبط بتقسيمو للزمان إىل دامل الغيب ودامل الشهادة؛ كما ترتبط بفلسفتو للوجود‬
‫والع م‪ ،‬واخللق‪ ،‬واألزل‪ ،‬واألب ‪ ،‬وادلتناىي والالمتناىي‪ ،‬واخللق اجل ي ‪ ،‬ووجود زلم صلى اهلل‬
‫دليو وسلم‪ ،‬وأبعاد معرفية‪ :‬ترتبط بادلعرفة والفناء والبقاء والودي والبصَتة والكشف‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬است ل ابن دريب بالع ي من اآليات القرآنية ال الة دلى الوقت والزمان واآلن‬
‫والتسرم واليوم واألجل والسادة واألم وادل ة واحلُت وال ىر؛ لتأكي آرائو اجل ي ة يف التأويل‬
‫الوجودي للزمان والوقت واخللق اجل ي ‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬تفرد ابن دريب بفلسفة ج ي ة للزمان؛ فقرر أنو نسيب ال وجود لو يف دينو‪ ،‬فهو‬
‫للمح ثات زمان وللق مي أزل‪ ،‬ومعقوليتو أمر متوىم شلت ال طرفُت لو‪ ،‬فنحكم دليو بادلاضي دلا‬
‫مضى فيو وضلكم دليو بادلستقبل دلا يأٌب فيو وضلكم دليو باحلال دلا ىو فيو وىو مسمى اآلن‪ ،‬ومن‬
‫ىنا جاء تأكي ه لوصف الزمان بأنو‪( :‬نسبي– عدمي‪ -‬متوىم)‪.‬‬

‫٘‪ -‬أثبتت ال راسة أن فلسفة ابن دريب الفري ة لزمان اآلن أو زمان احلال احلاضر ال‬
‫تنفك دن فلسفتو للتجليات اإلذلية اليت تتج د يف تفرد ال يتكرر دلى الوجود باستمرار‪ ،‬وُّا ال‬
‫يزال العامل يف ذب د مع األنفاس‪ ،‬فال يزال يع م اخللق كلو ويوج يف ثوب ج ي يف كل آن‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫‪ -ٙ‬أثبتت ال راسة أن فلسفة ابن دريب للزمان تتميز بتصور دائري للزمان احلاضر‪ ،‬أو‬
‫زمان احلال‪ ،‬واحتوائو دلى ادلاضي وادلستقبل يف زمان اآلن‪ ،‬وىو ُّذا ال يزال يف حركة دائرية‬
‫متج دة وال هنائية؛ وذب ده يربط أقسام الزمان يف دائرة ربوي ادلاضي وتتحكم يف ادلستقبل‪،‬‬
‫وهتيمن دلى احلاضر أو زمان احلال‪ ،‬وذلذا مه ت فلسفة ابن دريب للزمان السبيل دلن أتى بع ه‬
‫من فالسفة وصوفية‪.‬‬

‫‪ -ٚ‬أثبت ال راسة دمق البع الفيزيقي (الطبيعي) للزمان دن ابن دريب؛ فمن خاللو‬
‫أثبت أنو ال حركة للزمان والوقت إال وىي مرتبطة حبركات األفالك؛ ألهنا أسرع احلركات‪ ،‬وُّا‬
‫تق ر مجيع احلركات‪ ،‬ومن ٍب فما من حركة للعامل كلو دبا فيو من سللوقات إال لسبب أو دن‬
‫سبب‪ ،‬وذلذا كان الليل والنهار ج ي ان‪ ،‬فاليوم الواح – دن ابن دريب‪ -‬حيوي ب اخلو ادلاضي‬
‫وادلستقبل يف كل حلظة‪ ،‬فاليوم حيوي دائرة الزمان بشكل متج د وغَت متكرر‪ ،‬وإن ب ا لعامة‬
‫الناس أن األيام تتكرر أو تتشابو‪.‬‬

‫‪ -ٛ‬أظهرت ال راسة أن ما يتلقاه العارف من وارد احلق يقع فوق خط الزمان وفوق‬
‫ح ود ادلكان‪ ،‬وذلذا تأٌب دبارات ادلتحقق بالفناء دلى سبيل اَّاز وجيب أال تفسر تفسَتا حرفيا‪.‬‬

‫‪ -ٜ‬قسم ابن دريب أوقات الصالة إىل قسمُت‪ :‬معُت وغَت معُت‪ ،‬وقسم الوقت ادلعُت؛‬
‫إىل قسمُت‪ :‬قسم سللص‪ ،‬وقسم مشًتك‪ ،‬فالصالة مشرودة بوقتها؛ أي أن الوقت من شروط‬
‫صحتها‪ ،‬فمن مل يلتزم بإقامة الصالة يف وقتها؛ فإنو يفوتو العطاء اإلذلي والتجلي ادلخصوص ُّذا‬
‫الوقت دون غَته من األوقات‪ ،‬كما يفوتو التعرف دلى االسم اإلذلي ادلختص ُّذا الوقت دون‬
‫غَته من األوقات‪.‬‬

‫ٓٔ‪ -‬أثبتت ال راسة أن البُع الوجودي للزمان يتح د من خالل زلورين‪ :‬احملور األول‪:‬‬
‫وجود النيب زلم (صلي اهلل دليو وسلم)‪ .‬واحملور الثاين‪ :‬اخللق اجل ي ‪.‬‬

‫ٔٔ‪ -‬أثبتت ال راسة أنو بوجود النيب زلم (صلي اهلل دليو وسلم) ربركت ودارت دائرة‬
‫الزمان واكتملت‪ ،‬إذ ب أت دورة الزمان بروحو‪ ،‬ومن روحو دارت مجيع احلركات واألرواح واألفالك‬
‫يف الزمان الغييب‪ ،‬فكان بروحو وجس ه مناط االنتقال والظهور حلركة الزمان من دامل الغيب إىل‬
‫دامل الشهادة‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫ٕٔ‪ -‬أثبتت ال راسة وجود فلسفة دميقة وج ي ة للخلق اجل ي ‪ ،‬ىذه الفلسفة تنطوي‬
‫دلى ذب د اخللق يف كل آن يف ثوب ج ي ‪ ،‬فيع م الوجود كلو دبا فيو وخيلق من ج ي يف كل‬
‫حلظة مع األنفاس‪ ،‬ول قة ىذا البع الوجودي للزمان؛ فإنو ال ينكشف إال دلن أدطاه احلق نور‬
‫الكشف والبصَتة‪ ،‬فالعارف فقط ىو من ارتفع دنو االلتباس يف قضية اخللق اجل ي ‪ ،‬فيبصر ما ال‬
‫يراه غَته شلن وقعوا يف اللبس‪ ،‬فَتى العارف ذب د مجيع اخللق يف صور ج ي ة يف كل آن ويف ال‬
‫زمان‪.‬‬

‫ٖٔ‪ -‬أثبتت ال راسة وجود نظرية للخلق اجل ي دن ابن دريب وأهنا قضية دقيقة ال ت رك‬
‫بالعقل وح ه؛ فالعقل ليس يف قوتو أن ي رك ما خيرج دن طوره إىل ما ىو أدلى يف نسبتو إىل‬
‫احلق‪.‬‬

‫ٗٔ‪ -‬أثبتت ال راسة أن ابن دريب ينفي دن احلسبانية واألشادرة أهنم أدركوا احلقيقة يف‬
‫قضية الزمان‪ ،‬بل إنو يصرح أهنم وقعوا يف تناقض‪ ،‬وىذا ما دداه إىل نق بعض فرق ادلتكلمُت يف‬
‫الزمان‪.‬‬

‫٘ٔ‪ -‬أثبتت ال راسة أن حال الفناء يكشف احلق فيو للعارف من حجب العلوم‬
‫وادلعارف ما يتوقف الزمان دن حصر م اه؛ فالزمان ليس لو مق ار أمام ما يكشف للعب يف حلظة‬
‫الفناء‪ ،‬ومن ٍب فهي حلظة فارقة يرتفع فيها العب من دائرة الزمان الطبيعي لي خل يف معية خالق‬
‫الزمان‪ ،‬حيث ال زمان‪.‬‬

‫‪ -ٔٙ‬أثبتت ال راسة أن ابن دريب استبع أن يكون الزمان أو األزل ح ا لوجود اهلل؛ فال‬
‫ح لوجود اهلل– كما يؤك ابن دريب‪ -‬وُّذا يتبُت أنو ما ٍب إال الوجود احلق الذي نستن إليو يف‬
‫وجودنا‪ ،‬فالعارف باهلل يشه اإلطالق يف التجلي يقينا يف كل حلظة؛ وأنو ال تكرار يف أمر احلق‬
‫لإلطالق الذي ىو دليو واالتساع اإلذلي؛ فالتكرار مؤد إىل الضيق والتقيي ‪ ،‬فاهلل ال يزال خالقا‬
‫إىل غَت هناية‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫(‪ " )1‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ص‪.٘ٗٙ‬‬
‫وقد كان ىذا المصدر من المصادر المهمة التي أفدت منها في مواضع متفرقة من ىذه الدراسة‪ .‬فكتاب‬
‫"الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية" يعد أعظم موسوعة في التصوف‪ ،‬كما يحتوى على‬
‫أربعة مجلدات من أعظم كتب الشيخ األكبر وآخرىا تأليفاً‪ ،‬قال في الباب الثامن واألربعين‪" :‬واعلم أن‬
‫ترتيب أبواب الفتوحات لم يكن عن اختيار وال عن نظر فكرى‪ ،‬وإنما الحق تعالى يملى لنا على لسان‬
‫ملك اإللهام جميع ما نسطره‪ ،‬وقد نذكر كالماً بين كالمين ال تعلق لو بما قبلو وال بما بعده"‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"واعلم أن جميع ما أتكلم فيو في مجالسي وتصانيفي إنما ىو من حضرة القرآن وخزائنو‪ ،‬فإني أعطيت‬
‫مفاتيح الفهم فيو واإلمداد منو"‪.‬‬

‫(ٕ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثاني ‪ . ٖٜ٘ ،ٖ٘ٛ ،‬وقد جعل ابن عربي‬
‫"علم الزمان م ن أسني المعارف الموىوبة) ولمزيد من اإليضاح انظر‪" :‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب‬
‫اإلسفار عن نتائج األسفار‪ ،‬ضمن رسائل ابن عربي‪ ،‬وضع حواشيو محمد عبد الكريم النمري‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪ ،‬ص ‪ .ٖٙٚ‬أما مفهوم الزمن النحوي‪ :‬فهو "وظيفة في السياق يؤديها الفعل أو‬
‫الصفة أو ما نقل إلى الفعل من األقسام األخرى للكلم كالمصادر والخوالف"‪ .‬أي أن مصطلح الزمن وما‬
‫يلحق بو من ألفاظ يفيد في تحديد داللتو‪ ،‬مثل‪ :‬زمن الفعل‪ ،‬وزمن الصيغة والظرف الزمني‪ ،‬ولمزيد من‬
‫اإليضاح انظر‪" :‬سعيد" محمد عيد‪ :‬التعبير عن الزمن في الحديث النبوي الشريف‪ ،‬دراسة تركيبية داللية‬
‫في صحيح البخاري‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة حلوان‪ٕٓٔٔ ،‬م‪ ،‬ص ٖٕ‪.ٕ٘ :‬‬

‫(ٖ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب اصطالح الصوفية‪ ،‬ص ‪.ٗٓٛ‬‬

‫(ٗ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٔ‪.ٕٜ‬‬

‫(٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.٘ٗٛ‬‬

‫(‪" )ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪ .٘ٗٛ‬ويؤكد ابن عربي ىذا بقولو‪:‬‬
‫"نأخذ أيام كل كوكب بهذا اليوم الحاكم على الكل إذا كان انتهاء دورة الفلك المحيط‪ ،‬فنأخذ يوم كل‬
‫كوكب بقدر قطعة الفلك األقصى وىو األطلس الذي ال كوكب فيو‪ ،‬فأكبرىا قطعا فيو فلك الكواكب‬
‫الثابتة وإنما سميت ثابتة ألن األعمار ال تدرك حركتها لقصر األعمار ألن كل كوكب منها يقطع الدرجة من‬
‫الفلك األقصى في مائة سنة إلى أن تنتهي إليها فما اجتمع من السنين فهو يوم ذلك الكوكب‪ ،‬فيحسب‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫ثالثمائة وستي ن درجة كل درجة مائة سنة" انظر‪" :‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬الجزء الثالث‪،‬‬
‫ص ‪.ٜ٘ٗ‬‬

‫(‪" )ٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٖٛٛ ،ٖٛٚ‬‬

‫(‪" ) ٛ‬بدوي" عبد الرحمن بدوي‪ :‬الزمن في المذىب الوجودي عند مارتن ىيدجر‪ ،‬بحث منشور في مجلة‬
‫عالم الفكر‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬الكويت‪ٜٔٚٚ ،‬م‪ ،‬ص ‪ .ٜٜٔ‬فخاصية‬
‫المسافة الحرة للزمان عند ىيدجر تقوم في تقديم المستقبل والماضي والحاضر بعضها لبعض للتالمس‬
‫فيما بينها‪ ،‬وىذا التقديم للتالمس ىو البعد الرابع للزمان الحقيقي‪ ،‬وىو ذو أربعة أبعاد‪ :‬المستقبل‪،‬‬
‫الماضي‪ ،‬الحاضر‪ ،‬التالمس بينها‪ ،‬وىذا التالمس ىو الذي يفتح األبعاد الثالثة األخرى بعضها على بعض‪،‬‬
‫فالزمان عند ىيدجر (ت ‪ٜٔٚٙ‬م) يقوم في اإلعدام المستمر‪ :‬فلوال إعدام الماضي لما كان الحاضر‪،‬‬
‫ولوال إعدام الحاضر فلن يتحقق المستقبل‪ ،‬والبد من إعدام المستقبل ليصبح حاضرا‪ ،‬وىكذا‪ .‬وانظر أيضا‬
‫المقارنة التي أجراىا الدكتور عبد الرحمن بدوي بين الفالسفة اليونان والفالسفة المحدثين في الزمان‬
‫والوجود‪" :‬بدوي" عبد الرحمن‪ :‬الزمان الوجودي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،ٜٖٔٚ ،‬ص ٕٓ‪ .‬ولمزيد‬
‫من اإليضاح حول الزمان والوجود عند ىيدجر انظر "ىيدجر" مارتن‪ :‬الكينونة والزمان‪ ،‬ترجمة وتقديم‬
‫وتعليق الدكتور‪ /‬فتحي المسكيني‪ ،‬مراجعة إسماعيل المصدق‪ ،‬الكتاب الجديد‪ ،‬لبنان ‪ٕٕٓٔ ،‬م ‪ ،‬ص‬
‫ٗ‪.ٚٚ‬‬

‫(‪" )ٜ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٖٛٚ‬‬

‫(ٓٔ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪ ،ٖٛٚ‬وىو حديث صحيح رواه‬
‫البخاري‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬بيت األفكار الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ٜٜٔٛ ،‬م‪ ،‬الحديث رقم‬
‫‪ ،ٖٜٔٚ‬ص ٗٔ‪.ٙ‬‬

‫(ٔٔ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ‪ ،ٕٜ‬وقد تحدث السهروردي عن‬
‫أىمية األوقات وارتباطها بالصالة في الليل والنهار‪ ،‬ولمزيد من اإليضاح انظر‪" :‬السهروردي" شهاب الدين‬
‫(ت ٕٖ‪ ٙ‬ىـ)‪" :‬السهروردى" شهاب الدين أبى حفص‪ :‬عوارف المعارف‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬تحقيق عبد الحليم‬
‫محمود‪ ،‬محمود بن الشريف‪ ،‬دار المعارف‪ٜٜٖٔ ،‬م‪ ،‬ص ٖ‪.ٕٓ٘ ، ٜٔ‬‬

‫(ٕٔ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪ .ٖٜ‬كما يؤكد ابن عربي ارتباط‬
‫الزمان بالحركة‪" :‬فالحركة عبارة عن كون الجسم أو الجوىر قد شوىد في زمان في حيز أو في مكان ثم‬
‫شوىد في الزمان اآلخر في حيز آخر أو في مكان آخر فقيل قد تحرك وانتقل‪ ،‬والسكون أن يشاىد‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫الجوىر أو الجسم في حيز واحد زمانين فصاعدا فسمي إقامتو قي حيزه سكونا‪ ،‬واالجتماع عبارة عن‬
‫جوىرين أو جسمين في حيزين متجاورين ليس بين الحيزين ثالث‪ ،‬واالفتراق عبارة عن جوىرين أو جسمين‬
‫في حيزين غير متجاورين بينهما حيز ليس فيو أحدىما فليس األمر سوى ىذا‪ ،‬ووافق بعض أىل الكالم‬
‫أىل الكشف في ىذا" انظر‪" :‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ٖٖٓ‪.‬‬

‫(ٖٔ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ٖٗٓ‪.‬‬

‫(ٗٔ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب اإلسفار عن نتائج األسفار‪ ،‬ص ٖٖ٘‪.‬‬

‫(٘ٔ) أرسطو طاليس‪ :‬علم الطبيعة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬بارتملي سانتهلير‪ ،‬نقلو للعربية أحمد لطفي السيد‪،‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ٕٓٓٛ ،‬م‪ ،‬ص ٖٕ٘‪ ،‬ولمزيد من اإليضاح حول قضية الزمان عند أرسطو‪،‬‬
‫انظر‪ :‬ص ٕٕ٘‪.ٕ٘٘ :‬‬

‫(‪" )ٔٙ‬األلوسي" حسام‪ :‬الزمان في الفكر الديني والفلسفي وفلسفة العلم‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ٕٓٓ٘ ،‬م‪ ،‬ص ٖٓٔ‪.‬‬

‫(‪" ) ٔٚ‬األلوسي" حسام الدين‪ :‬الزمان في الفكر الديني والفلسفي القديم‪ ،‬بحث منشور في مجلة عالم‬
‫الفكر‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬الكويت‪ٜٔٚٚ ،‬م‪ ،‬ص ‪ ،ٔٚٚ‬ولمزيد من اإليضاح‬
‫انظر أيضا‪" :‬بدوي" عبد الرحمن‪ :‬الزمان الوجودي‪ ،‬ص ‪ .ٜٗ ،ٗٛ‬وعن حقيقة تصور ابن سينا للزمان‪ :‬ىو‬
‫في مجملو تصور طبيعي يربط بينو وبين الحركة والمسافة؛ بل إنو يعطيو وجودا ماديا‪ ،‬فبعد أن بين ابن سينا‬
‫خطأ المذىب الذي يطبق بين الزمان والحركة وكأنهما شيء واحد‪ ،‬يثبت وجود الزمان من خالل جملة‬
‫أشياء موجودة على األغلب وجودا موضوعيا‪ ،‬كالحركة‪ ،‬والسكون‪ ،‬والمتحرك‪ ،‬والمسافة‪ ،‬كما أصل ابن‬
‫سينا لفلسفة اتصال الزمان وارتباطو بالحركة‪ ،‬فاالتصال ىو أحد الخصائص األساسية للزمان‪ ،‬وىو يعني أن‬
‫الزمان ال يمكن أن ينقسم‪ ،‬وإذا انقسم فبالتوىم فقط‪ ،‬حيث تثبت لو في الوىم نهايات‪ ،‬ونحن نسميها‬
‫أنات‪ ،‬فاتصال الزمان بالحركة والمكان من أىم القضايا التي ناقشها ابن سينا ولمزيد من اإليضاح انظر‪:‬‬
‫"العاتي" إبراىيم‪ :‬الزمان في الفكر اإلسالمي‪ ،‬دار المنتخب العربي ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ٜٜٖٔ ،‬م‪ ،‬ص ٘ٔٔ‪.‬‬

‫(‪" )ٔٛ‬العراقي" محمد عاطف‪ :‬الفلسفة الطبيعية عند ابن سينا‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاىرة‪ٜٖٔٛ ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.ٕٜٗ ،ٕٗٙ‬‬

‫(‪" ) ٜٔ‬األلوسي" حسام الدين‪ :‬الزمان في الفكر الديني والفلسفي القديم‪ ،‬بحث منشور في مجلة عالم‬
‫الفكر‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬الكويت ‪ٜٔٚٚ ،‬م‪ ،‬ص ٘‪. ٗٙ‬‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫(ٕٓ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ٖ‪. ٘ٙ‬‬

‫(ٕٔ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٖٜٛ‬‬

‫(ٕٕ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٓ‪.ٖٜ‬‬

‫(ٖٕ) سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.)ٖٔٓ( :‬‬

‫(ٕٗ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٓ‪.ٖٜ‬‬

‫(ٕ٘) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٓ‪.ٖٜ‬‬

‫(‪ )ٕٙ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٔ‪.ٖٜ‬‬

‫(‪ )ٕٚ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ‪.ٗٛ‬‬

‫(‪)ٕٛ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٖٗٔ‪.‬‬

‫(‪ )ٕٜ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٗٗٔ‪.‬‬

‫(ٖٓ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٔٗٙ‬‬

‫(ٖٔ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕٔٔ‪.‬‬

‫(ٕٖ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ٓ‪ ، ٙٙ‬والخطأ الكبير الذي تنطوي عليو آراء بعض الباحثين‬
‫في التصوف الفلسفي لدى محيي الدين بن عربي ىو أنهم اتخذوا من المعارف والحقائق الرمزية والرموز‬
‫الكشفية‪ -‬التي كشفت لو‪ -‬حقائق حرفية‪ ،‬مما يؤدي إلى وقوع كثير من اآلراء في تناقض تارة‪ ،‬وفي‬
‫مجانبة الصواب تارة‪ ،‬وفي االتهام بالكفر والخروج عن الدين تارة أخرى‪.‬‬

‫(ٖٖ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ .ٙٚٚ ،‬وقد أشار ابن عربي في أكثر من موضع إلى رتبة (صاحب‬
‫الوقت)‪ :‬ويربط ابن عربي في أكثر من موضع بين إشكالية الزمان والوقت وبين رتبة صاحب الوقت‪ .‬مما‬
‫يؤكد أن صاحب الوقت ىو الذي كشف الحق لو عن قضية الخلق الجديد‪ .‬ومن ثم يعي بيقين وكشف‬
‫كيفية تجدد جميع الخلق في صور جديدة في كل آن وفي ال زمان الوجود كلو في ال زمان‪ ،‬فالتجلي‬

‫‪032‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫اإل لهي لسأسماء اإللهية يتجدد ويتنوع على الوجود كلو في كل لحظة وآن‪ .‬وىذه القضية يعلمها صاحب‬
‫الوقت بالكشف؛ فالكشف أعلى في نسبتو إلى الحق من العقل وحده في ىذه القضية‪.‬‬

‫(ٖٗ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬صٖ‪.ٕٚ‬‬

‫(ٖ٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬فصوص الحكم‪ ،‬تعليق أبو العال عفيفي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬عيسي‬
‫البابي الحلبي‪ ،‬القاىرة‪ٖٔٙ٘ ،‬ىـ‪ٜٔٗٙ -‬م‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕٗٔ ‪.‬‬

‫(‪ )ٖٙ‬سورة النمل‪ ،‬اآلية‪.)ٖٜ( :‬‬

‫(‪ )ٖٚ‬سورة النمل‪ ،‬اآلية‪.)ٗٓ( :‬‬

‫(‪" )ٖٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬فصوص الحكم‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٘٘ٔ‪.‬‬

‫(‪ )ٖٜ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٔ٘ٚ‬‬

‫(ٓٗ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٘٘ٔ‪.‬‬

‫(ٔٗ) المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ٘ٔ‪.ٕٔٙ ،‬‬

‫(ٕٗ ) "القاشاني" عبد الرزاق‪ :‬اصطالحات الصوفية‪ ،‬تحقيق وتعليق الدكتور محمد كمال إبراىيم جعفر‪،‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ٕٓٓٛ ،‬م‪ ،‬ص ٔ‪.ٔٙ‬‬

‫(ٖٗ) "القاشاني" عبد الرزاق‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ٔ‪.ٛ‬‬

‫(ٗٗ) سورة الرحمن‪ ،‬اآلية‪.)ٕٜ( :‬‬

‫(٘ٗ ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب المعرفة‪ ،‬تقديم محمد أمين جوىر‪ ،‬دار التكوين للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ٕٖٓٓ ،‬م‪ ،‬ص ‪.ٔٗٛ‬‬

‫(‪ )ٗٙ‬سورة ق‪ ،‬اآلية‪.)ٔ٘( :‬‬

‫(‪" )ٗٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬فصوص الحكم‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ٘ٔ‪.ٕٔٙ ،‬‬

‫(‪" )ٗٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ٘ٔ‪.ٕٔٙ ،‬‬

‫‪030‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫(‪ )ٜٗ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ٘ٔ‪ .ٕٔٙ ،‬أما الحسبانية فهم فرقة من السوفسطائيين‬
‫زعمت أن كل شيء في العالم‪ ،‬جوىرا كان أو عرضا‪ ،‬متغير متبدل‪ ،‬وأن الدوام واالستقرار ال يحمالن على‬
‫شيء ما‪ ،‬وإذن ال يمكن أن يكونا صفتين تتميز بهما الحقيقة‪ ،‬بل الحقيقة ليس لها وجود إال فيما تدركو‬
‫اآلن‪ ،‬وىي حقيقة باإلضافة إليك‪ ...‬وكال الفريقين–األشاعرة والحسبانية‪ -‬مخطئ في نظر ابن عربي‪ :‬ولو‬
‫أنهما لمسا جانبا من الحق‪ :‬فاألشاعرة لم يدركوا العالم على حقيقتو‪ :‬أي لم يدركوا أن العالم جملة من‬
‫يقومها جوىر واحد ىو الذات اإللهية؛ بل افترضوا وجود جوىر أو جواىر إلى جانب‬
‫األعراض والظواىر ِّ‬
‫ىذه الذات حيث ال وجود لهذه الجواىر‪ ،‬أما الحسبانية فلم يدركوا أن وراء ىذه الظواىر المدركة بالحس‪،‬‬
‫المتغيرة على الدوام‪ ،‬جوىرا غير محسوس ال يتغير وال يقبل االنقسام في ذاتو؛ فقصروا الحقيقة على ما ىو‬
‫متغير ومحسوس‪ :‬مع أن األمور المتغيرة ليست إال صورا وال يمكن أن توجد أو تتصور موجودة إال في‬
‫ذلك الجوىر غير المحسوس الذي يقومها‪ .‬انظر‪ :‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬فصوص الحكم‪ ،‬التعليقات‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪ ،‬ص ٖ٘ٔ ‪ ،‬ولمزيد من اإليضاح حول ىذه النظرية عند األشاعرة أنظر‪" :‬صبحي" أحمد‬
‫محمود‪ :‬في علم الكالم‪ ،‬دراسة فلسفية آلراء الفرق في أصول الدين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ٜٔٛ٘ ،‬م‪ ،‬ص ٕٓٔ‪ ،‬ولمزيد من اإليضاح حول آراء األشاعرة في األعراض‬
‫والجواى ر انظر‪" :‬األشعري" أبو الحسن‪ :‬مقاالت اإلسالميين واختالف المصلين‪ ،‬تحقيق محمد محيي‬
‫الدين عبد الحميد‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ٜٔ٘ٓ ،‬م ‪ ،‬ص ٕ‪.ٛ‬‬

‫(ٓ٘ ) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب المسائل‪ ،‬ضمن رسائل ابن عربي‪ ،‬وضع حواشيو محمد عبد‬
‫الكريم النمري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪ ،‬ص ٖٗٔ‪ ،‬فقد ذكر األشاعرة أن الزمان والوقت ال‬
‫يختص بنوع مخصوص من الحوادث بل ىو حادث يحدث بحدوث غيره‪ ،‬فكل حادث معلوم الحدث‪ ،‬إذا‬
‫علق بو حدوث ما لم يعلم حدوثو قيل إنو وقت لو وزمان‪ ،‬وقيل األجل ىو الوقت‪ .‬انظر‪" :‬بن فورك" محمد‬
‫بن الحسن‪ :‬مقاالت الشيخ أبي الحسن األشعري‪ ،‬تحقيق وضبط الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح‪ ،‬مكتبة‬
‫الثقافة الدينية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ٕٓٓٙ ،‬م‪ ،‬ص‪ ،ٕٜٛ‬ولمزيد من اإليضاح حول ىذه اإلشكالية‬
‫الزمان واألعراض والجواىر عند األشاعرة انظر‪" :‬صبحي" أحمد محمود‪ :‬في علم الكالم‪ ،‬دراسة فلسفية‬
‫آلراء الفرق في أصول الدين‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ٜٔٛ٘ ،‬م‪ ،‬ص‬
‫ٓ‪.ٜٛ :ٜ‬‬

‫(ٔ٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص ٕٓ٘‪.‬‬

‫(ٕ٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪.ٖٓٚ‬‬

‫(ٖ٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب المعرفة‪ ،‬ص ٔ٘ٔ‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫(ٗ٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب الجالل والجمال‪ ،‬ص ٖٓ ‪.ٖٔ ،‬‬

‫(٘٘) "ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب األزل‪ ،‬ضمن رسائل ابن عربي ‪ ،‬وضع حواشيو محمد عبد الكريم‬
‫النمري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪ ،‬ص ‪ .ٔٔٛ‬كما يزيد ابن عربي األمر وضوحا؛ عندما يؤكد‬
‫أن األزل نعت بو من أجل الزمان في حقنا؛ فاألزلي نعت ال صفة كالقديم‪ ،‬فالنعت أكمل من الصفة فإن‬
‫الصفة ال تعطي ماىية الموصوف والنعت يبين عن الماىية ‪.‬‬

‫(‪" )٘ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.٘ٗٙ‬‬

‫(‪" )٘ٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٖٛٛ ،ٖٛٚ‬‬

‫(‪" )٘ٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٔ‪.ٕٜ‬‬

‫(‪ )ٜ٘‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.٘ٗٙ‬‬

‫(ٓ‪" )ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب األزل ‪ ،‬ص‪.ٔٔٙ‬‬

‫(ٔ‪" )ٙ‬األلوسي" حسام الدين‪ :‬الزمان في الفكر الديني والفلسفي القديم‪ ،‬بحث منشور في مجلة عالم‬
‫الفكر‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬الكويت‪ٜٔٚٚ ،‬م‪ ،‬ص ٕ‪.ٔٛ‬‬

‫(ٕ‪" )ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬رسالة االنتصار‪ ،‬ص ٖ‪ ،ٕٙ‬وانظر أيضا‪" :‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬رسالة‬
‫ال يعول عليو‪ ،‬ص ‪.ٜٔٙ‬‬

‫(ٖ‪" )ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.٘٘ٛ‬‬

‫(ٗ‪" )ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثاني‪.ٙ٘ٔ ،‬‬

‫(٘‪" )ٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ٕ‪.ٗٙ‬‬

‫(‪" ) ٙٙ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬رسالة الوقت واآلن‪ ،‬ضمن رسائل ابن عربي المعنونة بـكشف الستر ألىل‬
‫السر‪ ،‬دراسة وتحقيق قاسم محمد عباس‪ ،‬أزمنة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ٕٓٓٗ ،‬م‪ ،‬ص ‪.ٜٙ‬‬

‫(‪" ) ٙٚ‬الكالباذي" أبو بكر محمد‪ :‬التعرف لمذىب أىل التصوف‪ ،‬تحقيق وتعليق الدكتور عبد الحليم‬
‫محمود‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ٜٜٔٛ ،‬م‪ ،‬ص ٔ‪.ٜ‬‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫(‪" )ٙٛ‬القشيري" عبد الكريم‪ :‬الرسالة القشيرية‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود‪ ،‬الدكتور محمود بن‬
‫الشريف‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاىرة‪ٜٜٔ٘ ،‬م‪ .‬ص ٕ٘ٔ‪.‬‬

‫(‪" ) ٜٙ‬الهجويري" أبو الحسن علي بن عثمان‪ :‬كشف المحجوب الجزء الثاني‪ ،‬دراسة وترجمة وتعليق‬
‫إسعاد عبد الهادي قنديل‪ ،‬مراجعة وتقديم‪ :‬بديع جمعة‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاىرة‪ٕٓٓٚ ،‬م‪ ،‬ص‬
‫ٗٔ‪ ، ٙ‬وانظر أيضا‪" :‬غني" قاسم‪ :‬تاريخ التصوف في اإلسالم‪ ،‬ترجمة صادق نشأت‪ ،‬راجعة الدكتور‬
‫محمد مصطفى حلمي‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاىرة‪ٜٕٔٚ ،‬م‪ ،‬ص ‪.ٜٓٙ‬‬

‫(ٓ‪" )ٚ‬الطوسي" أبو نصر السراج‪ :‬اللمع‪ ،‬حققو وقدم لو الدكتور عبد الحليم محمود‪ ،‬والدكتور طو عبد‬
‫الباقي سرور‪ ،‬دار الكتب الحديثة‪ ،‬مصر‪ٜٔٙٓ ،‬م‪ ،‬ص ٖٔٗ‪.‬‬

‫(ٔ‪" )ٚ‬الجامي" عبد الرحمن (ت ‪ٜٛٛ‬ىـ)‪ :‬الدرة الفاخرة‪ ،‬تحقيق وتعليق الدكتور أحمد عبد الرحيم‬
‫السايح‪ ،‬والدكتور أحمد عبده عوض‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ٕٓٓٔ ،‬م‪ ،‬ص ‪ ،ٔٚ ،ٔٙ‬والجدير بالذكر ىنا‬
‫التأكيد على تأثر عبد الرحمن الجامي بأستاذه ابن عربي في قضية الزمان‪ ،‬ويعد كتابو (الدرة الفاخرة) من‬
‫أىم المصادر التي ناقش فيها قضية الزمان وتدل على دائرية الزمان واحتوائو للماضي والمستقبل في عين‬
‫الحاضر اآلن‪ ،‬قال‪" :‬الموجودات كله ا بالنسبة إليو تعالي حالية؛ فإن األزمنة متساوية بالنسبة إليو حاضرة‬
‫عنده" انظر‪" :‬الجامي" عبد الرحمن (ت ‪ٜٛٛ‬ىـ)‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.ٕٜ‬‬

‫(ٕ‪" )ٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب اصطالح الصوفية‪ ،‬ص ‪.ٗٓٛ‬‬

‫(ٖ‪" )ٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص‪.ٔ٘ٚ‬‬

‫(ٗ‪" )ٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.ٙ٘ٚ‬‬

‫(٘‪ )ٚ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪.٘٘ٛ‬‬

‫(‪ )ٚٙ‬المصدر السابق ‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬صٕٕ‪.‬‬

‫(‪" )ٚٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬رسالة الوقت واآلن‪ ،‬ص ٖ‪.ٜ‬‬

‫(‪" )ٚٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ٗ‪.ٜ‬‬

‫(‪" )ٜٚ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬الفتوحات المكية‪ ،‬الجزء الثاني‪.ٕ٘٘ ،‬‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫(ٓ‪" )ٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب الكتب‪ ،‬ص ‪.ٕٜٚ‬‬

‫(ٔ‪" )ٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب التجليات‪ ،‬ص ‪.ٖٖٙ‬‬

‫(ٕ‪" )ٛ‬ابن عربي" محيي الدين‪ :‬كتاب األزل‪ ،‬ص ‪.ٔٔٚ‬‬

‫(ٖ‪" )ٛ‬ستيس" ولتر‪ :‬الزمان واألزل‪ ،‬مقال في فلسفة الدين‪ ،‬ترجمة الدكتور زكريا إبراىيم‪ ،‬مراجعة الدكتور‬
‫أحمد فؤاد األىواني‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ٕٖٓٔ ،‬م‪ ،‬ص ٗ‪.ٔٚ‬‬

‫(‪)84‬‬
‫‪underhill ”evelyn”: a. study in the nature and the development‬‬
‫‪of mans spiritual consciousness, London,2003 ,p.184.‬‬

‫(‪)85‬‬
‫‪William james; varieties of religious experience, London and‬‬
‫‪new york, 2002, pp.308.‬‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬مؤلفات ابن عربي‪:‬‬

‫‪ -1‬رسالة االنتصار‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -2‬رسالة ال يعول دليو‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -3‬رسالة الوقت واآلن‪ ،‬ضمن رلمودة رسائل البن دريب معنونة برسائل كشف السًت ألىل‬
‫السر‪ ،‬دراسة وربقيق قاسم زلم دباس‪ ،‬أزمنة للنشر والتوزيع‪ ،‬دمان‪ ،‬األردن‪ٕٓٓٗ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -4‬الفتوحات ادلكية‪ ،‬أربعة أجزاء‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ -5‬فصوص احلكم‪ ،‬اجلزء األول والثاين‪ ،‬تعليق أبو العال دفيفي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪،‬‬
‫ديسي البايب احلليب‪ ،‬القاىرة‪ٖٔٙ٘ ،‬ىـ ‪ٜٔٗٙ -‬م‪.‬‬

‫‪ -ٙ‬كتاب األزل‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -7‬كتاب اإلسفار دن نتائج األسفار‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي‬
‫النمري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -ٛ‬كتاب اصطالح الصوفية‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -ٜ‬كتاب التجليات‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫ٓٔ‪ -‬كتاب اجلالل واجلمال‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫ٔٔ‪ -‬كتاب الكتب‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫ٕٔ‪ -‬كتاب ادلسائل‪ ،‬ضمن رسائل ابن دريب‪ ،‬وضع حواشيو زلم دب الكرمي النمري‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫ٖٔ‪ -‬ادلعرفة‪ ،‬تق مي زلم أمُت جوىر‪ ،‬دار التكوين للطبادة والنشر والتوزيع‪ٕٖٓٓ ،‬م‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬قائمة المصادر العربية‪:‬‬

‫ٗٔ‪ -‬أرسطو طاليس‪:‬دلم الطبيعة‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬بارسبلي سانتهلَت‪ ،‬نقلو للعربية أمح لطفي السي ‪،‬‬
‫اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ٕٓٓٛ ،‬م‪.‬‬

‫٘ٔ‪" -‬األشعري" أبو احلسن‪ :‬مقاالت اإلسالميُت واختالف ادلصلُت‪ ،‬ربقيق زلم زليي ال ين‬
‫دب احلمي ‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ٜٔ٘ٓ ،‬م‪.‬‬

‫‪" -ٔٙ‬البخاري"‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬بيت األفكار ال ولية للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪ٜٜٔٛ ،‬م‪.‬‬

‫‪" -ٔٚ‬اجلامي" دب الرمحن‪ :‬ال رة الفاخرة‪ ،‬ربقيق وتعليق ال كتور أمح دب الرحيم السايح‪،‬‬
‫وال كتور أمح دب ه دوض‪ ،‬مكتبة الثقافة ال ينية‪ٕٓٓٔ ،‬م‪.‬‬

‫‪" -ٔٛ‬السهروردي" شهاب ال ين أىب حفص‪ :‬دوارف ادلعارف‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬ربقيق دب احلليم‬
‫زلمود‪ ،‬زلمود بن الشريف‪ ،‬دار ادلعارف‪ٜٜٖٔ ،‬م‪.‬‬

‫‪" -ٜٔ‬الطوسي" أبو نصر السراج‪ :‬اللمع‪ ،‬حققو وق م لو‪ :‬ال كتور دب احلليم زلمود‪ ،‬وال كتور‬
‫طو دب الباقي سرور‪ ،‬دار الكتب احل يثة‪ ،‬مصر‪ٜٔٙٓ ،‬م‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫الزمان والوقت عند محيي الدين بن عربي ‪...‬‬

‫ٕٓ‪" -‬القاشاين" دب الرزاق‪ :‬اصطالحات الصوفية‪ ،‬ربقيق وتعليق ال كتور زلم كمال إبراىيم‬
‫جعفر‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ٕٓٓٛ ،‬م‪.‬‬

‫ٕٔ‪" -‬القشَتي" دب الكرمي‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬ربقيق ال كتور دب احلليم زلمود‪ ،‬وال كتور زلمود‬
‫بن الشريف‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دار ادلعارف‪ ،‬القاىرة‪ٜٜٔ٘ ،‬م‪.‬‬

‫ٕٕ‪" -‬الكالباذي" أبو بكر زلم ‪ :‬التعرف دلذىب أىل التصوف‪ ،‬ربقيق وتعليق ال كتور دب‬
‫احلليم زلمود‪ ،‬مكتبة الثقافة ال ينية‪ٜٜٔٛ ،‬م‪.‬‬

‫ٖٕ‪" -‬بن فورك" زلم بن احلسن‪ :‬مقاالت الشيخ أيب احلسن األشعري‪ ،‬ربقيق وضبط ال كتور‬
‫أمح دب الرحيم السايح‪ ،‬مكتبة الثقافة ال ينية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ٕٓٓٙ ،‬م‪.‬‬

‫ٕٗ‪" -‬اذلجويري" أبو احلسن دلي بن دثمان‪ :‬كشف احملجوب اجلزء الثاين‪ ،‬دراسة وترمجة وتعليق‬
‫إسعاد دب اذلادي قن يل‪ ،‬مراجعة وتق مي‪ :‬ب يع مجعة‪ ،‬اَّلس األدلى للثقافة‪ ،‬القاىرة‪ٕٓٓٚ ،‬م‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬قائمة المراجع العربية‪:‬‬

‫ٕ٘‪" -‬األلوسي" حسام ال ين‪ :‬الزمان يف الفكر ال يٍت والفلسفي الق مي‪ ،‬حبث منشور يف رللة‬
‫دامل الفكر‪ ،‬اَّل الثامن‪ ،‬الع د الثاين‪ ،‬وزارة اإلدالم‪ ،‬الكويت‪ٜٔٚٚ ،‬م ‪.‬‬

‫‪" -ٕٙ‬األلوسي" حسام‪ :‬الزمان يف الفكر ال يٍت والفلسفي وفلسفة العلم‪ ،‬ادلؤسسة العربية‬
‫لل راسات والنشر‪ ،‬بَتوت‪ٕٓٓ٘ ،‬م‪.‬‬

‫‪" -ٕٚ‬ب وي" دب الرمحن‪ :‬الزمان الوجودي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪.ٜٖٔٚ ،‬‬

‫‪" -ٕٛ‬ب وي" دب الرمحن‪ :‬الزمن يف ادلذىب الوجودي دن مارتن ىي جر‪ ،‬حبث منشور يف رللة‬
‫دامل الفكر‪ ،‬اَّل الثامن‪ ،‬الع د الثاين‪ ،‬وزارة اإلدالم‪ ،‬الكويت‪ٜٔٚٚ ،‬م‪.‬‬

‫‪" -ٕٜ‬ستيس" ولًت‪ :‬الزمان واألزل‪ ،‬مقال يف فلسفة ال ين‪ ،‬ترمجة ال كتور زكريا إبراىيم‪ ،‬مراجعة‬
‫ال كتور أمح فؤاد األىواين‪ ،‬اذليئة ادلصرية العامة للكتاب‪ٕٖٓٔ ،‬م‪.‬‬

‫‪033‬‬
‫الجزء الرابع‬ ‫العدد الرابع والعشرون‬

‫ٖٓ‪" -‬سعي " زلم دي ‪ :‬التعبَت دن الزمن يف احل يث النبوي الشريف‪ ،‬دراسة تركيبية داللية يف‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬رسالة دكتوراه غَت منشورة‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة حلوان‪ٕٓٔٔ ،‬م‪.‬‬

‫ٖٔ‪" -‬صبحي" أمح زلمود‪ :‬يف دلم الكالم‪ ،‬دراسة فلسفية آلراء الفرق يف أصول ال ين‪ ،‬اجلزء‬
‫الثاين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بَتوت‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪ٜٔٛ٘ ،‬م‪.‬‬

‫ٕٖ‪" -‬العاٌب" إبراىيم‪ :‬الزمان يف الفكر اإلسالمي‪ ،‬دار ادلنتخب العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫ٖ‪ٜٜٔ‬م‪.‬‬

‫ٖٖ‪" -‬العراقي" زلم داطف‪ :‬الفلسفة الطبيعية دن ابن سينا‪ ،‬دار ادلعارف‪ ،‬القاىرة‪ٜٖٔٛ ،‬م‪.‬‬

‫ٖٗ‪" -‬غٍت" قاسم‪ :‬تاريخ التصوف يف اإلسالم‪ ،‬ترمجة صادق نشأت‪ ،‬راجعة ال كتور زلم‬
‫مصطفى حلمي‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية‪ ،‬القاىرة‪ٜٕٔٚ ،‬م‪.‬‬

‫ٖ٘‪" -‬ىي جر" مارتن‪ :‬الكينونة والزمان‪ ،‬ترمجة وتق مي وتعليق ال كتور فتحي ادلسكيٍت‪ ،‬مراجعة‬
‫إمساديل ادلص ق‪ ،‬الكتاب اجل ي ‪ ،‬لبنان‪ٕٕٓٔ ،‬م‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬قائمة المراجع األجنبية‪:‬‬


‫‪ٖٙ‬‬
‫‪- underhill ”evelyn”: a. study in the nature and the‬‬
‫‪development of mans spiritual consciousness, London, 2003,‬‬
‫‪p.184.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪- William james; varieties of religious experience, London‬‬
‫‪and new york, 2002, pp.308.‬‬

‫***‬

‫‪033‬‬

You might also like