Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫التعمير والوعاء العقاري جدلية التأثير والتأثر‬


‫عبد الغني بلغمي‬
‫باحث في القانون العام‬

‫تقديم‬
‫أضحى موضوع العقار في حاجة إلى تفكير عميق الرتباطه بحاجيات إلانسان املتغيرة فهو في حالة تطور مستمر‪ ،‬فالنمو الديمغرافي‬
‫والهجرة القروية وتفش ي املضاربة العقارية‪ ،‬أدى إلى خلق حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب عليه‪ ،‬الش يء الذي أدى بدوره إلى‬
‫تفاقم مشاكل أخرى لها عالقة مباشرة بهذه الوضعية‪ ،‬كاملباني السرية ومدن الصفيح وانعدام الوسائل الصحية والتجهيزات ألاساسية‪ ،‬أي‬
‫بشكل أعم إلى تعمير فوضوي‪ .‬لذا ظهرت ضرورة تدخل السلطة العامة لوضع حد للنمو العشوائي للمدن‪ ،‬حيث أصبح بذلك املشكل‬
‫العقاري يشكل الاهتمام ألاساس ي للسلطة العامة‪ ،‬ألن غياب التحكم في السطح يعني غياب عنصر أساس ي يحكم تطور ونمو املناطق‬
‫الحضرية‪ ،‬غير أن الجهود املبذولة من قبل السلطات العمومية للحصول على ألاراض ي الالزمة للنمو العمراني‪ ،‬غالبا ما تصطدم بعدة‬
‫عراقيل تتمثل أساسا في ارتفاع القيمة العقارية وكثافة استعماالتها العقارية في مجال التعمير ونوعية النظام العقاري الخاضعة له‪.‬‬
‫وإذا كانت الدولة ترتكز من خالل سياسة التعمير على امللكية العقارية‪ ،‬غير أن توفير ألاراض ي الالزمة في الوقت املناسب واملكان املناسب‬
‫يطرح عدة إشكاليات تؤثر سلبا على تحقيق سياسة عمرانية فعالة‪ ،‬حيث الزلت الدولة لم تتجاوز املشاكل املرتبطة بالعقار ذاته‪ ،‬فالواقع‬
‫أن العالقة التي تربط التعمير والعقار مزدوجة ومتداخلة فيما بينها وتتبادل التأثير والتأثر‪ ،‬وهذا يظهر من خالل تعدد ألانظمة العقارية‬
‫ومتطلبات سياسة التعمير "املطلب ألاول" وتأثير قانون التعمير على امللكية العقارية " املطلب الثاني"‪.‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬تعدد ألانظمة العقارية ومتطلبات سياسة التعمير‬
‫أول ما يثير الانتباه عند دراسة النظام العقاري املغربي هو تشعبه وتعقيده‪ ،‬وهو ما يستدعي إعادة النظر في منظومة الهيكلة العقارية‬
‫للمغرب‪ ،‬حيث أفرز تطور القانون العقاري تنوعا في مصادره‪ ،‬وتعدد في قواعده التطبيقية‪ ،‬فالعقارات تضطلع بأهمية خاصة وأنماط‬
‫قانونية متنوعة‪ ،‬حيث نجد في انتمائها ألي نظام أو نمط أساسها ووسائل وجودها‪ ،‬حيث هنا من يرجع أسباب هذا التعدد في ألانظمة‬
‫العقارية‪ ،‬املبالغة في استعمال كلمة "نظام عقاري" فكلما وجد نوع من العقارات تميز بتقنية خاصة أطلق عليه نظام خاص‪ ،‬بينما في‬
‫الواقع يمكن أن يعتبر نظام عقاري كل مجموعة من العقارات متجانسة من حيث طبيعة ملكيتها ونظام استغاللها وطريقة تحديدها‬
‫(‪)84‬‬
‫أوتسجيلها‪ ،‬حيث تجمع خصائص متعددة فيها وتكون من ثم وحدة غير متميزة من حيث تكوينها وتسجيلها‪.‬‬
‫وما جرى عليه العرف الفقهي هو تصنيف هذه ألانظمة العقارية ببالدنا إلى أراض ي امللك الخاص املحفظ وغير املحفظ‪ ،‬وأمال الدولة‬
‫العامة والخاصة‪ ،‬وأراض ي الجموع وأراض ي الكيش وألاحباس‪ ،‬وفي غياب تأطير للمنظومة العقارية بدأت في الظهور أنماط عقارية جديدة‬
‫منها أراض ي إلاصالح الزراعي والتي تشكل الوجه الثاني للتعقيد في ألانظمة العقارية‪.‬‬
‫الفرع ألاول ‪ :‬ازدواجية النظام القانوني للعقار باملغرب‬
‫تمهيدا لفتح الباب أمام الحق في التملك داخل املغرب بالنسبة للمغاربة وألاجانب شكل اتفاق ‪ 2‬يوليوز ‪ 3555‬بمدريد بمشاركة ما يزيد‬
‫عن ‪ 31‬دولة‪ )85(،‬خطوة في هذا املسار وذلك بطلب من الحسن ألاول عاهل املغرب‪ ،‬وتم بمقتض ى نص املادة ‪ 33‬من هذا الاتفاق السماح‬
‫لألجانب بحق تملك العقارات في املغرب‪ ،‬وهي إمكانية تم تأكيدها بمقتض ى الفصل ‪ 91‬من اتفاقية الجزيرة الخضراء‪.‬‬
‫(‪)86‬‬
‫وإذا كانت القواعد التي تحكم امللكية في الفقه إلاسالمي شكلت أهم عائق بالنسبة لألجانب فيما يخص إثبات امللكية‪ ،‬فهذه‬
‫املعطيات وغيرها جعلت من تغيير النظام القانوني‪ ،‬وخلق ازدواجية في النظام العقاري في حدود ما يحقق مصالح املستعمر‪ ،‬أولى أهداف‬
‫معاهدة الحماية ‪ 25‬مارس ‪ 3133‬التي جاء في مادتها ألاولى" إن جاللة السلطان ودولة الجمهورية الفرنسية قد اتفقا على تأسيس نظام‬
‫جديد باملغرب مشتمل على إلاصالحات إلادارية والاقتصادية واملالية والعسكرية‪ "...‬ومن ثم شكلت هذه املادة نقطة تحول حقيقي نحو‬
‫خلق ازدواجية في التنظيم القانوني العقاري للمغرب‪ ،‬تمثلت أبرز مالمحها في صدور ظهير التحفيظ العقاري ‪ 33‬غشت ‪ ،3132‬أو نظام‬
‫الشهر العيني الذي جاء بمبادئ غريبة ومخالفة لتلك املتعارف عليها في الفقه إلاسالمي من قبيل مبدأ العلنية‪ ،‬واملشروعية‪ ،‬والقوة املطلقة‬
‫للتسجيل‪ ،‬تم مبدأ عدم سريان التقادم على الحقوق املسجلة‪ ،‬كلها مبادئ كانت كفيلة بخلق نظام عقاري جديد سمي بنظام العقارات‬
‫املحفظة(أوال)كمقابل للعقارات غير املحفظة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -84‬محمد الوكاري‪ :‬العراقيل التي يطرحها العقار أماح التنمية الحضرية ومحاولة التغلب عليها‪ ،‬املجلة املغربية لقانون وإقتصاد التنمية‪،‬عدد ‪ ، 33‬سنة ‪ ، 3156‬ص ‪.331‬‬
‫‪- -85‬محمد خيري‪ ":‬حماية امللكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري باملغرب"‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ، 3553‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -86‬محمد خيري‪" :‬التعرضات أثناء التحفيظ العقاري في التشريع املغربي"‪ ،‬مطبعة دار الثقافة ‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ 3112 ،‬ص‪.13‬‬

‫‪30‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫‪ I‬ـ العقار املحفظ باملغرب‬


‫إذا كان الطابع الذي يميز النظام العقاري املغربي هو ازدواجية قواعده‪ ،‬فاملشرع املغربي خول مهمة تطبيق نظام التحفيظ العقاري إلى‬
‫وزارة الفالحة ممثلة في مديرية املحافظة العقارية واملسح العقاري والخرائطية‪ .‬فقد عرفت هذه إلادارة تحوال هاما غير نظامها من إدارة‬
‫مركزية إلى وكالة وطنية‪ ،‬فمنذ إحداثها سنة ‪ 3138‬عرفت إلادارة املكلفة بتطبيق نظام التحفيظ العقاري تحوالت تنظيمية هامة ارتقت‬
‫بها من قسم إلى مديرية واكبها إدخال أنشطة موازية جديدة كاملسح العقاري سنة ‪ ،3131‬والخرائطية سنة ‪ ،3162‬والوكالة العقارية سنة‬
‫‪ ،3153‬هذه الحركية التي ترسخت من جديد بتحولها من إدارة املحافظة على ألامال العقارية واملسح العقاري والخرائطية إلى وكالة‬
‫وطنية للمحافظة على ألامال العقارية واملسح العقاري والخرائطية‪ )87(،‬لم تحجب عنا بعض املالحظات التي يمكن إبدايها في عالقة‬
‫التوسع العمراني وإلاشكاليات العقارية‪ ،‬قد يستغرب البعض إذا قلنا إن العقار غير املحفظ في بعض الحاالت يكون أرحم بتنفيذ وثائق‬
‫التعمير من العقار املحفظ‪.‬‬
‫فأمام وضعيات مثل حالة الشياع على رسم عقاري يتعدد مالكه‪ ،‬فإن ألامر يستوجب من أجل حصول أحد املالكين مثال على رخصة‬
‫بناء موافقة جميع املالكين أو إجرائهم قسمة رضائية أو قضائية عند إلاقتضاء‪ ،‬في حين إذا تعلق ألامر بحالة الشياع بعقار غير محفظ‬
‫فإن ألامر يسهل على أحد املالكين إذا رغب في الحصول على رخصة للبناء‪ ،‬وذلك بإدالئه بأية وثيقة تبرر صلته بالبقعة ألارضية املعينة‬
‫موضوع الطلب من قبيل إشهاد عدلي‪ ،‬طاملا أن القانون رقم ‪ 05.61‬املتعلق بالتعمير وكذا مرسومه التطبيقي ال يشترط شهادة امللكية‬
‫ضمن قائمة الوثائق الواجب إلادالء بها في إطار ملف طلب رخصة البناء‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬ندرج مثال الرسوم العقارية السجينة التي غاب عنها مالكوها أو قدموا على بيع بعض أو كل أجزائها‪ ،‬كبعض‬
‫العقارات املقيدة في سجالت املحافظة العقارية باسم مالكها ألاصليين املعمرين‪ ،‬علما أن التقادم ال يكسب العقار املحفظ‪ ،‬حيث أن هذه‬
‫الوضعية جعلت حركة البناء تعرف الجمود مصطدمة بالتشريع القائم الذي ال يعترف إال بما هو مقيد بالرسم العقاري‪ ،‬ولو تعلق ألامر‬
‫بعقار غير محفظ ملا طرح املشكل‪.‬‬
‫وفي نفس الصدد نجد بعض املدن قد أنشئت على رسوم عقارية دون أن يقوم أصحاب الشأن باستخالص الرسوم العقارية الفردية‬
‫(‪)88‬‬
‫لبقعهم‪ ،‬مما جعل معامالتهم العقارية وإن كانت على عقارات محفظة شبيهة بتلك املتعلقة بالعقارات غير املحفظة‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر يجب التمييز في عالقة العقار بتنفيذ وثائق التعمير بين تصميم التهيئة وتصميم النمو‪ ،‬فإذا كان تصميم التهيئة يضع‬
‫ضمن شروط قبول ملف طلب الترخيص بالتجزيئي أن يكون العقار محفظا أو في طور التحفيظ (املادة ‪ 2‬من قانون ‪ 52.61‬املتعلق‬
‫بالتجزئات العقارية واملجموعة السكنية وتقسيم العقارات) الش يء الذي يستحيل توفيره في عدة مناطق من اململكة للطبيعة الاختيارية‬
‫للتحفيظ‪ .‬فإن عدم اشتراط تصميم النمو التحفيظ في التجزئات القروية كان له ألاثر إلايجابي على تطبيق واحترام مقتضياته وهنا يظهر‬
‫(‪)89‬‬
‫كذلك العقار غير املحفظ كمساعد على ترجمة بنود وثائق التعمير على أرض الواقع‪.‬‬
‫‪ II‬ـ العقار غير املحفظ باملغرب‬
‫ليس بين أيدينا إحصائيات دقيقة عن العقارات التي تم تحفيظها في اململكة املغربية‪ ،‬والعقارات الباقية بال تحفيظ‪ ،‬ولكن‬
‫من الثابت أن ألاولى منها ال تزال نسبتها قليلة بالنسبة للثانية التي تطرح أكثر من مشكل‪ ،‬فإذا كانت العمليات العقارية الخاصة باألراض ي‬
‫غير املحفظة كثيرا ما يثار بشأنها نزاعات‪ ،‬فهذا راجع باألساس إلى عديد من إلاكراهات املرتبطة بالتصرفات الواقعة على العقار غير‬
‫املحفظ نفسه‪ ،‬كالجهة املكلفة بتوثيق التصرفات الواقعة عليه‪ ،‬ذلك أن الجهة ألاصلية املكلفة مبدئيا بتحرير هذه التصرفات‪ ،‬هي‬
‫مؤسسة العدول بالنظر إلى طبيعة تكوينهم وممارستهم ملهام توثيق املعامالت في مجال الفقه املالكي‪.‬‬
‫وبغض النظرعن طبيعة التصرفات هل ألامر يتعلق بتأسيس ملكية العقارات غيراملحفظة كإثبات واقعة الحيازة أوإنتقالها كاإلشهاد على‬
‫عقد البيع أوإنهاء هذه امللكية بالقسمة أوغيرها‪ ،‬فالعدول مكلفون وحدهم بتحريرها‪ ،‬إذ يعتبر تلقي الشهادة واجبا على العدول املنتصبين‬
‫لإلشهاد وهذا ما أكده املجلس ألاعلى في قراره عدد ‪ 394‬بتاريخ ‪ 38‬غشت ‪ )90(،3125‬بيد أن تلقي الشهادة من قبل العدول بخصوص‬
‫(‪)91‬‬
‫التصرفات الواقعة على العقار غير املحفظ‪ ،‬ال يخلو من إشكاالت‪ ،‬والتي يمكن أن تؤثر على وضعية العقار بشكل مباشر أو غير مباشر‪.‬‬

‫‪ -87‬أحدثت أول محافظة عقارية باملغرب بمدينة الدار البيضاء بتاريخ ‪ 8‬يونيو ‪ .3138‬في حين تم إنشاء املحافظة العقارية بفاس بمقتض ى ظهير ‪ 33‬مارس ‪ 3125‬املنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 35‬مارس‬
‫‪ ، 3125‬وقد كان اختصاصها يشمل املدن التالية ‪ :‬فاس‪ ،‬بوملان‪ ،‬صفرو‪ ،‬تازة‪ ،‬تاونات‪.‬‬
‫‪- EL Mostafid Mostafa :Rapport de stage École National D’Administration cycle normal 2010 p :15.‬‬
‫‪ -88‬أحمد مالكي‪ :‬التدخل العمومي في ميدان التعمير‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،3555-3552‬ص ‪.331‬‬
‫‪ -89‬أحمد مالكي‪ :‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.338‬‬
‫‪ -90‬قرار منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬عدد‪ 315‬نونبر ‪ ،3155‬ص‪.335‬‬
‫املدني لاللتزام التعاقدي والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬ ‫القانون‬ ‫‪ -91‬بوشتى البزاري مالحي‪ ":‬معيقات مساهمات العقارات غير املحفظة في التنمية "‪ ،‬بحث لنيل ماستر الدراسة امليتودولوجية املطبقة على‬
‫والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس‪ ،‬السنة الجامعبة ‪ ، 3555/3552‬ص‪.31‬‬

‫‪31‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫(‪)92‬‬
‫كما تثير شهادة اللفيف كوسيلة إلثبات امللكية هي ألاخرى‪ ،‬مشاكل عديدة وصراعات مختلفة تؤثر على وضعية العقار غير املحفظ‪،‬‬
‫حيث أن شهادة اللفيف غالبا ما تكون غير حقيقية بسبب محاباة شهود اللفيف‪ ،‬أو انتقام أو رشوة وفساد ذمة وكذب ومبالغة‪ ،‬أو مجرد‬
‫خطأ‪ ،‬أو نسيان‪ ،...‬قد يؤدي إلى املس بالحقوق وضياعها‪ ،‬وما يزيد من خطورة اللفيف عدم توفرها على إذن القاض ي‪.‬‬
‫يضاف إلى ما سبق املشاكل املتصلة باإلثبات التي تتم بواسطة رسوم تحرر من قبل العدول أو عن طريق العقود العرفية أو عن طريق‬
‫الحيازة املادية للعقار‪ ،‬إال أن إلاثبات بهذه الوسيلة أو تلك‪ ،‬يثير من املعيقات واملشاكل ما يؤثر على ثبوتية العقارات العادية‪.‬‬
‫فالرسوم التي تحرر من قبل العدول‪ ،‬قد يعتريها اللبس والغموض وعدم الدقة‪ ،‬أو أن يتم تحرير مجموعة من العقود العرفية‬
‫مللكية عقار غير محفظ واحد‪ ،‬أو عدم احترام بعض العدول والقضاة للقواعد آلامرة‪ ،‬حول تحرير العقود وكيفية مراقبتها كما أثبت ذلك‬
‫الواقع العملي‪ .‬وهكذا نجد أن املحررات سواء أكانت رسمية أم عرفية تفتقد للدقة والتحديد‪ ،‬نتيجة الاعتماد فقط على التصريحات‬
‫والشهود وألاعراف في تعيين مواقع ومساحة ألامال العقارية‪ ،‬أكثر من الاعتماد على الوسائل التقنية الحديثة‪ ،‬ألامر الذي يجعل من هذه‬
‫الوسائل عوض أن تكون وسائل إثبات تامة وضابطة‪ ،‬مصدرا للكثير من املنازعات والخالفات تحول دون الاستثمار وتنمية العقارات‬
‫(‪)93‬‬
‫العادية‪.‬‬
‫كما أن املشاكل التي يعاني منها العقار غير املحفظ‪ ،‬ال تقتصر فقط على الجانب القانوني املتجسد في تنوع وتعدد ألانظمة‬
‫العقارية مع ما يرافق ذلك من عراقيل في وجه التنمية من جهة‪ ،‬وصعوبة إلاثبات من جهة ثانية‪ ،‬بل ينضاف إلى ذلك معيقات من نوع‬
‫آخر تحول دون اندماج العقار غير املحفظ في التنمية‪ ،‬وتمنع مساهمته في خلق محيط وجو مالئمين لإلستثمار في إطار سياسة إقتصادية‬
‫محفزة ونظرة إجتماعية هادفة وشمولية‪.‬‬
‫فاملشكل التمويلي والناتج عن الوظيفة السلبية ملؤسسات القروض حاضر كذلك‪ ،‬إذ نجد أن هذه ألاخيرة غالبا ما تفضل‬
‫العقارات املحفظة عن العقارات العادية من أجل تمويلها(‪ .)94‬فالعقار املحفظ يمكن تقديمه بسهولة كضمان ألداء الدين املمنوح وذلك‬
‫عن طريق رهنه رهنا رسميا وبدون حيازة‪ ،‬بخالف العقار غير املحفظ الذي ال يوفر أي ضمانة للدائن حتى ولو رهنه كذلك‪ ،‬إذ أن الرهن‬
‫الذي يمكن أن يجري على العقار غير املحفظ هو الرهن الحيازي العقاري‪ ،‬وهو ال يوفر الضمان التي يحصل عليه الدائن نتيجة الرهن‬
‫الرسمي أو عن طريق تسليم سندات امللكية وهي وسيلة ضعيفة ال تعطي لصاحبها ضمانة قوية وكافية وثابتة‪ )95( ،‬السترداد دينه‪.‬‬
‫وفي الوقت الذي يعتبر فيه التشريع املغربي عائقا مباشرا في امتناع املؤسسات املقرضة تمويل العقارات غير املحفظة نظرا‬
‫لبقائه ممتنعا عن الاهتمام بها‪ ،‬فعوض أن يوليها قدرها من الاهتمام نجده مبقيا إياها على حالتها‪ ،‬وعليه فإن الحل يبق هو ضرورة‬
‫الرجوع إلى العقار غير املحفظ وإنجاز أعمال التحفيظ عليه‪ ،‬وذلك لسببين اثنيين‪ :‬أولهما ما يشكله العقار غير املحفظ من ثروة عقارية‬
‫كبيرة وبالتالي توفير الاحتياطات العقارية الالزمة‪ ،‬وثانيهما ملا قد يوفره من إمكانات تضع حدا للمضاربات العقارية‪ ،‬كل ذلك يمكن أن‬
‫يتأت إذ تم العمل على تيسير التداول العقاري فيه وتحقيق الاستقرار له‪ .‬وهما معا يعتبران الفاعل الرئيس ي في تحريك دواليب الدورة‬
‫الاقتصادية في آفاقها املالية والتجارية املصرفية‪ ،‬ومن ثم اعتباره أيضا قاعدة الانطالق إلاجبارية التي يجب أن تنهل منها كل ألاطراف‬
‫(‪)96‬‬
‫املنتجة واملستهلكة‪ ،‬وكل مكونات العملية إلانتاجية من خواص وشركات وأبنا ودولة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تعدد ألانظمة العقارية باملغرب‬
‫والاقتصادية والاجتماعية عبر التاريخ‪ ،‬أصبح‬ ‫إن تعدد وتشعب ألانظمة العقارية التي أفرزتها التطورات واملؤثرات السياسية‬
‫يطرح مشاكل متنوعة تتعلق في مجموعها بالجانب القانوني للتهيئة العقارية‪ ،‬الذي يعتبر بدوره مرتبطا بالجانب الاقتصادي والاجتماعي‪،‬‬
‫املتمثل في إلانتاج والعمران على الصعدين الحضري والقروي‪ )97(،‬غير أن هذا التعدد وإن كان يمثل أصالة القانون العقاري باملغرب‪ ،‬فإنه‬
‫بال شك يشكل عائقا أمام التعمير والتهيئة العقارية‪ ،‬ومن زاوية أخرى فإن هذا التنوع في الهياكل العقارية له تأثير على نمط الاستغالل‬
‫وإلانتاج‪.‬‬

‫‪ -92‬محمد الشيلح‪ ":‬مشكل الكتابة في بيع العقار غير املحفظ باملغرب"‪ ،‬مجلة القانون والاقتصاد‪ ،‬عدد ‪ ،31‬سنة ‪ ، 3553‬ص‪.28‬‬
‫‪ -93‬بوشتى بزاري مالحي‪ :‬مرجع مذكور ‪ ،‬ص‪31 :‬‬
‫‪ -94‬محمد بن الحاج السليمي‪ :‬سياسة التحفيظ العقارية في املغرب بين إلاشهار العقاري والتخطيط الاجتماعي‪ -‬الاقتصادي‪ ،‬منشورات عكاظ ‪،‬طبعة ‪ ، 3558‬ص‪. 362‬‬
‫‪ -95‬محمد خيري‪ :‬مقارنة بين نظامي العقارات املحفظة والعقارات غير املحفظة‪" ،‬ندوة العقار غير املحفظ إلى أين"؟ كلية الحقوق جامعة القاض ي عياض‪ ،‬وبلدية جليز‪ 17‬مارس‪ ،2001‬ص‪. 23‬‬
‫‪ -96‬محمد الحياني‪ :‬دور التحفيظ العقاري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬املجلة املغربية لالقتصاد والقانون‪ ،‬العدد الخامس‪ ، 3553 ،‬ص‪.335‬‬
‫‪ -97‬لهاني فاطمة‪ " :‬التحفيظ العقاري وسياسة التعمير القروي"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في قانون إلالتزام التعاقدي والعقار‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬
‫والاجتماعية فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 3555 -3552‬ص ‪.36‬‬

‫‪32‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫‪ I‬ـ أراض ي امللك العام والخاص‬


‫تشكل هذه ألاراض ي ثروة عقارية هائلة في النظام العقاري املغربي‪ ،‬على أن هذه التفرقة ما بين امللك العام‪ ،‬وملك الدولة الخاص‪ ،‬لم‬
‫تظهر إال بصدور ظهير‪ 3‬يوليوز‪ 3131‬املتعلق بامللك العمومي‪ )98(،‬والتعديالت الواردة عليه‪ .‬وقد نص في فصله ألاول على أن امللك العمومي‪،‬‬
‫هو ذلك امللك الذي تملكه الدولة‪ ،‬وتعتبره ضروريا للمصلحة العامة كشواطئ البحار واملوانئ‪ ،‬وما يصل بها وألانهار والبحيرات والطرق‬
‫والسدود والقنوات وألاشغال العمومية الخاصة بحسن استعمال املياه ووقاية ألاراض ي‪ ...‬ويسري نظام امللك العمومي على مساحات‬
‫شاسعة وهامة في مختلف املناطق الحضرية باملغرب‪ ،‬وقد حاولت السلطات العمومية غير ما مرة جرد مختلف أمالكها للتعرف عليها‬
‫وضبط إلاحتياطات العقارية التي تتوفرعليها‪ ،‬لكن ضعف املعلومات حول الرصيد العقاري ظل عائقا في وجه كل محاولة لضبط هاته‬
‫(‪)99‬‬
‫الاحتياطات‪ ،‬بالرغم من استصدار مجموعة من الظهائر والقوانين من أجل وضع معايير لتحديدها‪.‬‬
‫أما بخصوص ملك الدولة الخاص‪ ،‬فهومجموعة من ألامال تملكها الدولة كباقي ألاشخاص الطبيعيين واملعنويين‪ ،‬وأمر تنظيمها يرجع‬
‫إلى مديرية ألامال املخزنية املنظمة بمقتض ى مرسوم ‪ 55‬نونبر ‪ ،0616‬إذ جاء في فصله الرابع عشر املتعلق بنطاق اختصاص هذه املديرية‬
‫"يعهد إلى هذه املديرية بما يلي‪ :‬تكوين وتسييرملك الدولة الخاص ـ غيرالغابوي ـ وكذا النزاعات املتعلقة به واقتناء العقارات‪ )100("...‬ويمكن‬
‫تفويتها للخواص إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك‪ ،‬وتحققت الشروط الالزمة لذلك‪ )101(.‬وامللك الخاص للدولة يتكون من جميع ألامال‬
‫التي تملكها الجماعات العمومية ولم تخصص لالستعمال العمومي أو مرفق عام‪ ،‬وهي بذلك تشمل ألاراض ي غير املستعملة‪ ،‬وألاراض ي التي‬
‫ال مالك لها وألاراض ي املسترجعة من قبل الدولة بمقتض ى ظهير ‪ 3‬مارس ‪ 3122‬املتعلق باسترجاع ألاراض ي وألاراض ي املتصحرة‪ ،‬والعمارات‬
‫إلادارية التي لم تتلق أية تهيئة خاصة‪ ،‬وألاراض ي املستخرجة من امللك العمومي‪ ،‬وكذلك ألاراض ي التي تملكها الدولة بواسطة قواعد‬
‫القانون الخاص كالشراء و الهبة‪ ،‬وألامال الحضرية والقروية التي تملكها الدولة‪ ،‬واملواريث التي تعود إليها وألاراض ي املصادرة‪)102(.‬‬
‫و من ناحية املساحة يشكل امللك الخاص للدولة امللك ألاهم لها‪ ،‬يمكنها من التدخل القوي في السوق العقارية عن طريق‬
‫إحداث عدة تجزئات عمومية‪ ،‬وتلبية جزء من الطلب العقاري‪ ،‬وقد استطاعت الدولة أن توجه وملدة غير قصيرة سوق العقار وأن توجه‬
‫التعمير‪ ،‬والعتبارات سياسية واجتماعية فإن شريحة واحدة فقط من الطبقة املتوسطة استفادت من سياسة التجزئات‪ .‬لكن رغم ذلك‬
‫فإن الرصيد العقاري للدولة استعمل كأساس للتنظيم "الضبط" الاجتماعي والسياس ي‪.‬‬
‫وعلى املستوى املجالي‪ ،‬فإن امللكية العامة أفرزت نمطا للتنظيم مميزا "التجزئات املتعددة" وأوجدت نسيجا عمرانيا منفردا‬
‫من ناحية التنظيم والهيكلة‪ ،‬وكذا التجهيزات ألاساسية‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن عقار الدولة يشكل حقال مناسبا من أجل تنمية العمران‬
‫النظامي‪ ،‬ويمنع تشكل أشكال للسكن العشوائي‪ ،‬وبفعل هذا النوع من امللكية‪ ،‬فإن الدولة استطاعت إنجاز تجهيزات عامة مهمة‬
‫وأساسية للتنمية الحضرية‪ ،‬وخاصة التجهيزات املدرسية والصناعية وكذا الفضاءات الخضراء‪)103(.‬‬
‫‪II‬ـ أراض ي إلاصالح الزراعي "التعاونيات الفالحية‬
‫تشكل أراض ي إلاصالح الزراعي أو ما يصطلح عليه باألراض ي املسترجعة الوجه الثاني للتعقيد في ألانظمة العقارية‪ ،‬بفعل تحديد‬
‫املحيطات الحضرية على حساب ألاراض ي الزراعية‪ ،‬ألامر الذي أدى إلى إحداث تنازع ما بين تشريعين على طرفي نقيض من حيث ألاهداف‬
‫واملرامي‪.‬‬
‫وهكذا نجد أنفسنا أمام أراض ي تختلف جهتان إداريتان حول استعمالها كل ألهدافه املختلفة‪ ،‬هذه ألاراض ي إما محفظة ومقيدة‬
‫بأسماء املستفيدين منها بعد أن يتم تفويتها لهم بموجب عقود البيع املقيدة بالدفاتر العقارية وفقا لألحكام القانونية الجاري بها‬
‫العمل‪ )104(،‬وإما ال تزالت في اسم الدولة‪ )105(.‬لذا فإنه في حالة ما إذا دعت الضرورة إقامة مشاريع ذات املنفعة العامة على هذه‬
‫ألاراض ي‪ ،‬فإنه يتعين على السلطة الحكومية املسؤولة عن إنجاز املشروع بعد إعالنها لصبغة املنفعة اقتناء ألاراض ي الالزمة لذلك حسب‬
‫املساطر القانونية الجاري بها العمل‪ ،‬أو عند الاقتضاء اللجوء إلى تطبيق مسطرة نزع امللكية مع تعويض ألاشخاص املعنيين وفق ما هو‬

‫‪ -98‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،51‬ص ‪. 331‬‬


‫‪ -99‬الهادي مقداد‪ ":‬السياسة العقارية في ميدان السكنى والتعمير"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬سنة ‪ ، ،3555‬ص‪.25‬‬
‫‪ -‬بوشتى البزاري مالحي‪ :‬مرجع مذكور‪ ،‬ص‪100 .33‬‬
‫‪ - 2‬بثينة الغلوط‪ ":‬القسمة القضائية للعقار"‪ ،‬مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،3558 ،‬ص ‪36‬‬
‫‪ -‬الهادي مقداد‪ :‬مرجع مذكور ص ‪102 .55‬‬
‫‪103 -Mohamed Ameur : Fès au l’obsession Du foncier. Centre d’Études et de recherches urbama « urbanisation du monde ARABE » . l’aboratoire associe au c.n.r.s.n° 365 et université‬‬
‫‪de …tours- ouvrage publie avec le concours du centre culturel Français de Fès. Fascicule de recherches n° 25 tours 1993, p :38.‬‬
‫‪ -‬لتمعن أكثر في ملك الدولة الخاص راجع‪ :‬حسن الخشين‪ :‬ملك الدولة الخاص العقارية القانونية واملالية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية‬
‫والاقتصادية والاجتماعية فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.3553/3553‬‬
‫‪ -104‬الظهير الشريف رقم ‪ 322-23-3‬الصادر بتاريخ ‪ 33‬ذي القعدة ‪3213‬هـ املوافق ‪ 31‬دجنبر ‪ ،3123‬املتعلق بمنح بعض الفالحين أراض ي فالحية أو قابلة للفالحة من ملك الدولة الخاص ‪.‬‬
‫‪ -105‬الجريدة رسمية عدد ‪ 2325‬بتاريخ ‪ 32‬شعبان ‪ 3212‬املوافق ‪ 36‬شتمبر ‪.3122‬‬

‫‪33‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫منصوص عليه في القانون رقم ‪ 1.60‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت‪ ،‬وهذا ما أكد عليه منشور الوزير‬
‫ألاول عدد ‪ 3461‬الصادر في ‪ 54‬نونبر ‪.0661‬‬
‫وفي هذا الصدد تنص املادة ‪ 00‬من املرسوم التطبيقي رقم ‪ 5.10.016‬املؤرخ في ‪ 31‬جمادى ألاخيرة ‪ 38( 3132‬يوليوز ‪)2006‬‬
‫على أنه "إذا تم ألجل املنفعة العامة نزع ملكية قطعة أرضية سبق منحها وفقا ألحكام الظهير الشريف املعدل للقانون السالف الذكر‬
‫رقم‪11‬ـ ‪15‬ـ ‪ 0‬وتم إدماجها في املدار الحضري‪ ،‬فإن مبلغ التعويض عن عملية نزع امللكية سواء أنجزت هذه العملية قبل أو بعد التسديد‬
‫الكامل لثمن القطعة من قبل املستفيد‪ ،‬ال يجوز أن يزيد عن قيمة القطعة املقدرة في تاريخ نشر القانون رقم ‪ 19.10‬بالجريدة الرسمية‬
‫"‪ 03‬يناير‪ "5112‬ولعل هذا املقتض ى له من إلايجابية ما يخدم التعمير‪ ،‬ويحد من املضاربات العقارية‪.‬‬
‫وحرصا من الدولة على الحفاظ على ألاراض ي الزراعية‪ ،‬وكذا منعا ألي تغيير لهوية املناطق القروية فقد نص املنشور املشتر‬
‫بين وزير العدل ووزير الفالحة عدد ‪ 5116‬بتاريخ ‪02‬أكتوبر‪ ،5111‬على أنه" بالنسبة للقطع املوزعة الواقعة خارج املدارات الحضرية‪ ،‬فإن‬
‫حصول املستفيدين منها على شهادة رفع اليد ال يغير صبغتها الفالحية" مع مراعاة مقتضيات املرسوم رقم ‪ 963‬ـ‪ 514‬بتاريخ ‪ 56‬دجنبر‬
‫‪ 5114‬بشأن اللجنة الجهوية املكلفة ببعض العمليات العقارية وال سيما املادتان الخامسة والعاشرة منه‪)106(.‬‬
‫‪ III‬ـ أراض ي الجماعات الساللية (الجموع)‪:‬‬
‫أراض ي الجماعات ألاصلية‪ )107(،‬هي ملك خاص ملجموعات ساللية منبثقة من القبائل أو الفخدات والدواوير املنتمية إليها‪،‬‬
‫دون أن تكون ملكا لألشخاص والعائالت املكونة لها‪ ،‬وقد اعتمد املشرع املغربي عند إعداده للقانون املنظم لتسيير ألامال الجماعية‬
‫بتاريخ ‪ 51‬أبريل ‪ 0606‬مبدأ عدم قابلية هذه ألاراض ي للتفويت والتقادم والحجز‪.‬‬
‫هذه ألاراض ي وبحكم وضعها القانوني املذكور تطرح العديد من إلاشكاالت من بينها املقتضيات الواردة في املادة الخامسة من‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 0.65.1‬الصادر بتاريخ ‪ 01‬يونيو ‪ 0665‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 52.61‬املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية‬
‫وتقسيم العقارات‪ ،‬وكذا املنشور رقم ‪ / 555‬د الصادر عن وزير الداخلية بتاريخ ‪ 05‬أبريل ‪ ،0662‬املتعلق بمسطرة دراسة طلبات رخص‬
‫البناء وإحداث التجزئات العقارية واملجموعات السكنية في نطاق تدخل الوكاالت الحضرية املعدل باملنشوررقم ‪ 5111/0211‬الصادر عن‬
‫وزير إعداد التراب الوطني والتعمير وإلاسكان والبيئة بتاريخ ‪ 9‬أكتوبر ‪ 5111‬املتعلق بتبسيط مساطر دراسة طلبات البناء والتجزيء‪،‬‬
‫وإحداث التجهيزات السكنية والتقسيمات‪ ،‬هذه املقتضيات تلح على ضرورة توفر كل مجزئ على عقار محفظ لدراسة إمكانية الترخيص‬
‫له‪ ،‬مع العلم أن القوانين املنظمة لألراض ي العرشية "أراض ي الجموع" ال تمنح صفة مالك ملستغليها‪ .‬مما يشكل عائقا أمام إمكانية‬
‫الترخيص بالبناء والتجزيء بصفة قانونية لذوي الحقوق‪ ،‬وأمام هذا العائق القانوني ونظرا لتواجد هذه املراكز والجماعات القروية‬
‫بالقرب من النسيج املبني باملدينة‪ ،‬وبالنظر إلى ارتفاع الطلب على البناء والتمدن‪ ،‬فإن هذه املناطق تعرف انتشارا مهوال للبناء العشوائي‬
‫الذي يتم في غياب احترام الوثائق القانونية املوضوعة لهذه الغاية‪ ،‬مما يفرغ هذه ألاخيرة من محتواها‪ ،‬ويؤدي من ثم إلى انتشار نسيج‬
‫يستدعي تدخل إدارة التعمير من جديد‪ ،‬قصد إعادة هيكلته وتعزيزه بالتجهيزات التحتية الضرورية لضمان العيش الكريم للمواطن‪.‬‬
‫وإذا كانت الجماعات ألاصلية قد استطاعت بفضل تنشيط وتفعيل أرصدتها العقارية من أراض ي الجموع‪ ،‬أن تجعل من هذه ألاخيرة‬
‫وسيلة لتحقيق تنمية في مجال إلاسكان عن طريق مكافحة السكن غير الالئق‪ ،‬واستثمار مدخراتها العقارية في مشاريع أسهمت في حل أزمة‬
‫السكن الخانقة‪ )108(.‬فإن أبرز ما تعانيه ساكنة هذه ألاراض ي في عالقتها باألرض هو إشكالية الترامي‪ ،‬وللحد من ترامي بعض ألاشخاص‬
‫على ألاراض ي الجماعية وتفويتها صدر مرسوم عدد ‪ 996‬بتاريخ ‪ 06‬أبريل ‪ 0614‬أثار من خالله وزير العدل انتباه السلطات القضائية‬
‫املعنية‪ ،‬إلى ضرورة التقيد باملقتضيات القانونية القاضية بمنع تفويت أراض ي الجموع‪ ،‬والتزام طالبي شهادات التملك بتقديم شهادات‬
‫تثبت أن الاراض ي املطلوبة لإلشهاد بتملكها ليست جماعية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬أصدر وزير الداخلية دورية رقم ‪ 0961‬بتاريخ ‪ 8‬يونيو ‪ 0614‬طلب بموجبها من عمال امللك على العماالت وألاقاليم‬
‫الحرص على تنفيذ محتويات املنشور عدد ‪ 996‬آلانف الذكر‪ ،‬والسيما فيما يتعلق بتسليم شهادات التملك بعد التحقق من أن ألارض‬
‫املطلوب تمليكها ليست جماعية فضال عن القيام بإحصاء دقيق لألمال الجماعية التي سبق تملكها بطرق غير مشروعة‪.‬‬

‫‪ -106‬لهاني فاطمة‪ :‬مرجع مذكور‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪ -107‬عرف محمد خيري هذه ألاراض ي بأنها أراض ي ترجع في ملكيتها إلى جماعات ساللية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر‪ ،‬قد تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرفية واجتماعية ودينية‪ ،‬وحقوق ألافراد فيها‬
‫غير متميزة عن حقوق الجماعة ‪ ،‬انظر مجلة املحامون‪ ،‬أسفي‪ ،‬عدد ‪ ، 3‬ص ‪.28‬‬
‫أنظر كذلك عبد الوهاب رافع" أراض ي الجموع بين التنظيم والوصاية‪ ،‬سلسلة املكتب القانونية الطبعة ‪ 3‬سنة ‪ 3558‬ص‪.28 :‬‬
‫‪ -108‬عبد الكريم بالزاع‪ :‬أراض ي الجموع محاولة لدراسة بنيتها السياسية والاجتماعية ودورها في التنمية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة ‪ 3155‬ـ ‪ ،3115‬ص ‪.338‬‬

‫‪34‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫وإذا كانت ألاراض ي الجماعية تشكل عبئا كبيرا على الوزارة الوصية‪ ،‬باعتبارها خلقت وال تزالت تخلق عدة مشاكل ناتجة عن طريقة‬
‫التصرف‪ ،‬والتوزيع التي تختلف من قبيلة ألخرى‪ )109(.‬فإنه واستجابة للطلبات املقدمة من لدن الجماعات املحلية واملؤسسات العمومية‬
‫القتناء عقارات جماعية‪ ،‬بهدف إنجاز مشاريع ذات النفع العام ( اقتصادية تجارية اجتماعية) مدعمة بدراسة تقنية‪ ،‬أصدر وزير الداخلية‬
‫دورية رقم ‪ 343‬بتاريخ ‪ 53‬أبريل ‪ 0665‬تم التأكيد فيها على ضرورة تحقيق عمليات تفويت هاته العقارات ذات املنفعة لكل الطرفين‬
‫املتعاقدين‪ ،‬وعدم شروع املقتنين في استغاللها إال بعد الاتفاق على ثمن البيع‪ ،‬وإجراءات نقل امللكية‪ ،‬بعد صدور قرار مجلس الوصاية‪،‬‬
‫مع إلاشارة إلى أن كل طلب اقتناء يرمي إلى تكوين رصيد عقاري على حساب ممتلكات الجماعات ألاصلية يعتبر الغيا بصفة تلقائية حسب‬
‫ما أكدته الدورية الصادرة رقم ‪ 414‬بتاريخ ‪ 00‬غشت ‪ 0663‬التي تنص على منع إنجاز أي مشروع تنموي من قبل إدارة‪ ،‬أو مؤسسة‬
‫عمومية أو جماعة محلية فوق أرض جماعية ما ل م تتوصل باملوافقة املبدئية على التفويت لفائدتها من لدن املصالح املركزية املكلفة‬
‫بالوصاية على الجماعات ألاصلية‪)110(.‬‬
‫ومن جهة أخرى فقد تقرر في إطار الدورية عدد ‪ 013‬الصادرة عن وزير الداخلية بتاريخ ‪ 59‬يوليوز ‪ 0664‬اعتماد مبدأ الشراكة‬
‫بين الجماعات ألاصلية املالكة‪ ،‬والجماعات املحلية واملؤسسات العمومية‪ ،‬كلما تعلق ألامر بمشروع اقتناء عقار جماعي بهدف إنجاز‬
‫مشروع سكني‪ ،‬أو عملية تجارية أخرى‪ ،‬وهذه الشراكة شبيهة باملبادلة العقارية إذ تتمتع الجماعات الساللية بمقتض ى تنازلها عن ألارض‬
‫بمقابل حصة من منتوج املشروع‪.‬‬
‫‪ VI‬ـ أراض ي الاحباس أو الوقف‬
‫الوقف أو الحبس أوالتسبيل سلو ديني ودنيوي‪ ،‬أما الوقف كسلو ديني فقد عرفته بعض الشعوب القديمة في حوض البحر ألابيض‬
‫املتوسط قبل أن تعتنق عقيدة التوحيد‪ ،‬وحسبنا أن نشير في هذا الصدد إلى ما عرفه إلاغريق من تسبيل بعض عقاراتهم ملنفعة‬
‫ألهتهم‪ (111)،‬أو إلى ما كان يسمى عند الرومان باألشياء املقدسة (‪ ،) Res divinae‬ثم باملؤسسات الخيرية (‪ )Foudation piae cansae‬التي‬
‫لعب فيها التأثير املسيحي دورا رائدا على املستوى الاجتماعي‪.‬‬
‫وقد وصل الدورالاجتماعي للوقف دروته‪ ،‬فصار سلوكا دينيا ودنيويا باملعنى الحقيقي عند الشعوب إلاسالمية التي أقبلت على تحبيس‬
‫عقاراتها بوتيرة تكاد تجعل من الوقف فرضا من فروض العقيدة مع أنه ليس كذلك وأهم ما كان يحبس عليهم أوال وأخيرا الضعفاء من‬
‫الفقراء واملساكين واملارستانات‪ )112(.‬والوقف وجه من أوجه الشرع التي دعا إليها إلاسالم ورغب فيه القرآن الكريم في أكثر من آية قال‬
‫هللا عز وجل‪ " :‬لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"(‪ )113‬وحث عليه الرسول صلى هللا عليه وسلم في سنته القولية والعلمية‬
‫والتقريرية‪ ،‬لذلك فقد سارع إليه املسلمون جيال بعد جيل حتى أضحى جزء من دينهم وحياتهم‪)114(.‬‬
‫وإذا كانت أراض ي ألاحباس تخضع للقانون العام إلاسالمي‪ ،‬ونظمها املشرع املغربي من خالل مجموعة من الظهائر‬
‫واملراسيم‪ )115(،‬فهي تتوزع إلى ثالثة أنواع‪ ،‬أحباس عامة ‪ Habous Publics‬وأحباس خاصة بالعائالت ‪Habous privés de famille‬‬
‫‪ Habous privés des zaouia‬هذا باإلضافة إلى دور مؤسسة التسبيل في تاريخ املغرب‪ ،‬وما أحباس‬ ‫وأحباس خاصة بالزوايا)‪(116‬‬
‫القرويين إلى خير دليل على ذلك‪(117).‬‬

‫‪ -109‬عمار حمداش‪ " :‬اختناق التحوالت باألراض ي الجماعية هوامش الغرب"‪ ،‬مجلة البادية املغربية املاض ي‪ -‬الحاضر‪-‬املستقبل‪ ،‬العدد ألاول‪ ،‬السنة ألاولى‪ ، 3553 ،‬ص‪.55‬‬

‫‪111‬‬
‫‪-Louis Gernet Et André Boulanger : Le Génie Grec Dans la Religion Edition Albin Michel Paris 1970 P. 306.‬‬
‫‪ -112‬محمد الشيلح‪ :‬القيمة القانونية للحوالة الحبسية من خالل قراءة في حوالة أحباس الضعفاء و املارستان فاس‪ ،‬مجلة القانون والاقتصاد‪ ،‬عدد ‪ ، 38‬أبريل ‪ ،3533‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -113‬سورة أل عمران‪ :‬ألاية ‪. 13‬‬
‫‪ -114‬عبد الرزاق اصبيحي‪ :‬الحماية املدنية لألوقاف العامة باملغرب‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص وحدة القانون املدني املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 3556 /3552‬ص ‪.3‬‬
‫‪ -115‬ظهير ‪ 33‬دجنبر ‪ .3133‬املتعلق بإحصاء ألامال الوقفية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 33‬يوليوز ‪ 3132‬املتعلق بتحسين حالة ألاحباس العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 3‬دجنبر ‪ 3132‬املتعلق بتنظيم املعاوضات والكراء طويل ألامد لألحباس الخاصة وأحباس الزوايا‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 5‬يوليوز ‪ 3136‬املنظم لحق إلانتفاع باألمال الحبسية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 33‬ماي ‪ 3132‬املتعلق بالكراء املتوسط ألامد‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 31‬فبراير ‪ 3135‬املتعلق بضبط ومراقبة ألاحباس املعقبة‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 2‬شتنبر ‪ 3162‬املتعلق باإلعفاء من رسوم املحافظة الناتجة عن مسطرة تحفيظ بعض ألامال الحبسية‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 38‬يوليوز ‪ 3161‬تنقل بموجبه إلى الدولة ملكية ألاراض ي الفالحية املعتبرة أوقافا عمومية‪.‬‬
‫‪ -‬املرسوم رقم ‪ 385-21-3‬بتاريخ ‪ 35‬أبريل ‪ ،3121‬املحدد لكيفية تشكيل اللجنة املكلفة بتصفية ألاوقاف املعقبة املشتركة ومسطرة عملها‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 3‬أكتوبر ‪ 3151‬املتعلق باألماكن املخصصة إلقامة شعائر العبادة‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫‪- Mohamed Ameur : opcit, p : 39.‬‬
‫‪117‬‬
‫‪- Mohamed Ameur opcit, p : 31.‬‬

‫‪35‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫‪ V‬ـ أراض ي الكيش باملغرب‬


‫ترجع فكرة أراض ي الجيش "الكيش" إلى كون مجموعة من القبائل ظلت تقدم خدمات عسكرية للدولة مقابل تمتيعها من طرف املخزن‬
‫بحق الانتفاع والاستغالل لبعض أراض ي الدولة‪ ،‬دون حق التملك الذي يظل جاريا لصالح هذه ألاخيرة‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه ألاراض ي توجد بأهم املدن املغربية وتشكل رصيدا عقاريا مهما يصل إلى حوالي ‪ 6150‬هكتار‪ ،‬غير أنه تم تحويل جزء هام‬
‫منها إلى نظام ألاراض ي الجماعية عن طريق تملكيها إلى القبائل التي كانت تتمتع بحق الانتفاع عليها‪)118).‬‬
‫فإنها اليوم‪ ،‬تطرح أكثر من مشكل بالنظر ملحاداتها للمجال الحضري للمدن‪ ،‬وضعف تماسك بنياتها السياسية والاقتصادية‬
‫والاجتماعية‪ ،‬ومن بين هذه املشاكل هنا إشكالية الترامي وكمثال على ذلك‪ )119(.‬أصدرت املحكمة الابتدائية بفاس وهي تبث في قضايا‬
‫التحفيظ يوم الخميس ‪ 31‬شوال ‪ 3123‬املوافق ‪ 3535/51/32‬عدد ‪ 11 /54531‬بصحة التعرض الكلي املقدم من طرف املتعرضين نواب‬
‫أراض ي الجيش لقبيلة الشراردة بوغزوان واملضمن بكناش ‪ 06‬عدد‪ 358‬بتاريخ ‪ 3555/2/35‬ضد مطلب التحفيظ املذكور مع تحميل طالب‬
‫التحفيظ الصائر‪ ،‬وإرجاع امللف للمحافظة العقارية املختصة عند صيرورة هذا الحكم نهائيا‪)120(.‬‬
‫‪ IV‬ـ أراض ي امللكية الخاصة‬
‫هي أراض ي يملكها الخواص بناءا على عقود أو إرث أو ملكية عدلية‪ ،‬وإذا كانت أراض ي الخواص املحفظة منها ال تثير مشاكل‪ ،‬فإن‬
‫ألاراض ي غيراملحفظة تثير نزاعات ال حصر لها‪ ،‬وذلك ألن الرسوم العدلية التي يعتمد عليها إلثبات حق امللكية ال تتوفر على معلومات‬
‫مدققة‪ ،‬سواء من حيث املساحة أو من حيث التحرير‪ ،‬كما أن سجالتها غير مضبوطة‪ ،‬مما يضع صعوبات للتعرف على هذه العقارات‪،‬‬
‫ووضعيتها ومعرفة مالكيها الحقيقين‪ ،‬إضافة إلى ضعف الهياكل املشرفة على هذا النظام‪ .‬ألامرالذي يفقد الثقة في هذا النوع من هذه‬
‫ألارض‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى جمود يؤثر بصفة مباشرة في السوق العقارية‪)121(.‬‬
‫إن تطور عدد ساكنة املدن وتنامي الحاجة إلى السكن أدت إلى طلب قوي على ألاراض ي للبناء‪ ،‬وعلى مستوى سوق العقار‪ ،‬فإن هذا‬
‫يتم ترجمته إلى بروز ظاهرة تقسيم وتجزيء للملكية‪ ،‬فعدد املال أصبح مضاعفا‪ ،‬ودينامية الامتال تطورت‪ ،‬وأفرزت أساليب جديدة‬
‫الستهال املجال‪ ،‬فاملقاربة الليبرالية للملكية العقارية وحرية عمل السوق العقارية هما املسؤوالن عن الفوض ى التي يعاني منها املجال‬
‫العمراني‪ ،‬فاملجال العقاري هو موضوع املضاربات‪ ،‬واملدينة تكبر وتنمو خارج (وفي غفلة) حسابات املضاربين واملال العقاريين‪ ،‬فثمن‬
‫ألارض عرف ارتفاعا كبيرا‪ ،‬حيث أضحى صعبا على شريحة كبيرة من الناس اقتناء قطعة أرضية‪ ،‬ومن ثم فإن التمييز الاجتماعي واملجال‬
‫زادت حدتهما‪ ،‬كما أن إرادة املال العقاريين في امتال ألارصدة العقارية‪ ،‬خلقت عراقيل كبيرة أمام املقاولين (منتجي السكن)‪)122(.‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬تأثير قانون التعمير على امللكية العقارية‬
‫باإلضافة إلى التكييف الذي عرفه حق امللكية مع متطلبات التعمير‪ ،‬يؤثر قانون التعميرعلى امللكية العقارية‪ ،‬فعلى سبيل املثال ال الحصر‬
‫ندرج املادة ‪ 31‬من القانون ‪ 05/61‬املتعلق باملساهمة املجانية في إحداث الطريق الجماعية‪ ،‬ذلك أن املجاورين للطريق العمومية ملزمين‬
‫باملساهمة املجانية إلحداث هذه الطرق‪ ،‬حيث تنص املادة على ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تقوم الجماعة بتملك العقارات الواقعة في مساحة الطرق العامة الجماعية وذلك إما برض ى مالكيها‪ ،‬وإما بنزع ملكيتها‬
‫منهم مع مراعاة ألاحكام الخاصة التالية‪:‬‬
‫‪ ‬يكون مالك كل بقعة أرضية تصيرأوتبق مجاورة للطريق العامة الجماعية املقرر إحداثها ملزما باإلسهام مجانا في إنجازها‬
‫إلى غاية مبلغ يساوي قيمة جزء من أرضه يعادل مستطيال يكون عرضه عشرة أمتار وطوله مساوي لطول واجهة ألارض الواقعة‬
‫على الطريق املراد إحداثها على أن ال تتعدى هذه املساهمة قيمة ربع البقعة ألارضية‪.‬‬
‫إذا بقي من بقعة أرضية بعد أن يكون قد أخذ منها ما يلزم إلنجاز طريق عامة جماعية‪ ،‬جزء غير قابل للبناء بموجب‬ ‫‪‬‬
‫الضوابط الجاري بها العمل يجب على الجماعة أن تتملكه إذا طلب منها املالك ذلك‪.‬‬
‫بعد أخذ ما يلزم إلنجاز الطريق وتملك ألاجزاء غير قابلة للبناء إن اقتض ى الحال ذلك‪ ،‬يكون مالك البقعة ألارضية‬ ‫‪‬‬
‫دائنا للجماعة بالفرق بين مبلغ املساهمة املفروضة عليه‪ ،‬وفق ما هو منصوص عليه أعاله وقيمة املساحات املأخوذة من بقعته‬

‫‪118‬‬
‫‪-Decroux (p) « droit foncier marocain édition la porte 1er édition 1977 p : 457.‬‬
‫‪ -119‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬محكمةالاستئناف‪ ،‬املحكمةالابتدائية‪ ،‬شعبة التوثيق بفاس‪ ،‬مذكرة الحفظ ‪ ،31‬رقم الشهادة ‪ ،332‬عدد ‪ 331/321‬بتاريخ‪. 52-33-3552‬‬
‫‪ -120‬اململكة املغربية‪ :‬وزارة العدل‪ ،‬محكمة الاستئناف‪ ،‬فاس‪ ،‬املحكمة الابتدائية‪ ،‬فاس ‪ :‬حكم رقم ‪. 51 /3152/31‬‬
‫‪ -121‬إلياس العمراوي‪ ":‬حق ألاسرة املغربية في السكن الالئق‪ ،‬دراسته في إطار قوانين التعمير"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم‬
‫القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 3551/3555‬ص ‪.11‬‬
‫‪122‬‬
‫‪- Mohamed Ameur Opcit P : 36.‬‬

‫‪36‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫ألارضية ‪ ،‬إذا كانت هذه القيمة تفوق مبلغ املساهمة أو مدينا للجماعة بالفرق بينهما‪ ،‬إذا كان مبلغ إلاسهام يتعدى قيمة‬
‫املساحات املأخوذة منه‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى فقرات هذه املادة يتضح بجالء مدى تأثير القانون على امللكية العقارية‪ ،‬ذلك أن املجاورين للطريق العمومية املراد‬
‫إحداثها ملزمين باإلسهام من ملكيتهم العقارية "ألارض" إلحداث الطريق الجماعية‪ .‬وتأثير قانون التعمير على امللكية العقارية يجد سنده‬
‫في أحكام وقرارات القضاء إلاداري املغربي"‪ )123(.‬خصوصا وأن تطبيق هذه املادة أثار العديد من إلاشكاالت‪ ،‬كما هو الشأن في حالة‬
‫(‪)124‬‬
‫استغراق الطريق العامة الجماعية ملجموع العقار‪ ،‬وحالة استغراق املساهمة املجانية ملعظم العقار‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة إلى أن تأثير قانون التعمير على امللكية العقارية يمنع املجاورين للتكنات العسكرية من البناء والزراعة بجوارها‪،‬‬
‫وتحدد املساحة املسموح بها ملزاولة النشاط الزراعي والبناء‪ ،‬إما بقانون أو بقرار إداري في إطار ما يسمى باالرتفاقات املتعلقة‬
‫(‪125‬‬
‫باملناطق العسكرية املنظمة بظهير ‪ 1‬غشت ‪.0634‬‬
‫الفرع ألاول‪ :‬تزايد اهتمام الدولة بقضايا التعمير‬
‫إن تطور دور الدولة في املجتمع لم يعد محصورا في نطاق الدولة الحارسة التي ال تتدخل بتاتا في الحياة الاقتصادية‪ ،‬بل جعلها‬
‫تسن مجموعة من القواعد والتشريعات في مجاالت شتى‪ ،‬وتولي اهتماما كبيرا للعديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي‬
‫مقدمتها ميدان التعمير‪.‬‬
‫ففي أفق جعل املدينة مدينة الشمولية منفتحة كفضاء ترابي على سكانها متيحة الاندماج الاجتماعي وموفرة سبل العيش‬
‫الكريم‪ ،‬مدينة خضراء قادرة على التنافس وذلك من خالل سياسة املدينة التي تبتغي النهوض بالتنمية الحضرية ضمن سياسات متناسقة‬
‫(‪)126‬‬
‫عبر عدة إستراتيجيات ومخططات وبرامج ومبادرات‪.‬‬
‫كان اهتمام الدولة املغربية بالتعمير بالغ ألاهمية مستمدا أصوله وفنونه تارة من العمارة إلاسالمية‪ ،‬وتارة أخرى من فلسفة أوربية‬
‫نجح مهندسوها في ابتكار حلول لتلبية احتياجات مجتمع بكامله بالرغم من أغراضها الرأسمالية إلامبريالية‪ .‬وفي سياق النمو السريع لعدد‬
‫السكان عرف تدخل الدولة في مجال التعمير تطورا تدريجيا‪ ،‬إذ بعد تركيز السلطة في مجال التعمير في يد الدولة عرف دور الجماعات‬
‫املحلية في نفس املجال بدوره تطورا منذ القانون الجماعي ألاول املؤرخ في ‪ 53‬يونيو ‪ 0691‬وإلى صدور القانون ‪ 01/16‬املتعلق بامليثاق‬
‫الجماعي‪ ،‬هذا الاهتمام بالتعمير سواء في إطار املركزية أو الالمركزية تجاوز سن التشريعات إلى إحداث مؤسسات عمومية مهتمة بمجال‬
‫التعمير‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الترسانة "القانون ‪ +‬املؤسسات" باشرت الدولة اختصاصها في مجال التعمير‪ ،‬من خالل توفير رصيد عقاري يسمح‬
‫بإسكان من ال مأوى لهم وتشييد املرافق الاجتماعية والاقتصادية وإلادارية‪ ،‬ومراقبة عمليات تقسيم ألاراض ي‪ ،‬ويرى ألاستاذ دولوبادير أن‬
‫تدخالت الدولة في املجال العقاري كانت تقوم به في البداية على وجود قانون إداري للبناء‪ Droit Administratif de Construction ،‬لكنه مع‬
‫تطور سياسة البناء والتجهيز وتعدد اهتمامات السلطات العمومية في مجال التعمير أصبحنا بصدد قانون إداري للتعمير ‪Droit‬‬
‫‪ ،administratif d’urbanisme‬وهو قانون عرف مجموعة من التطورات وتجاوز بذلك طابع الشرطة إلادارية (‪ .)127‬ليصبح أساسا قانونا‬
‫عملياتيا‪ Un Droit opérationnel )128(.‬فبتزايد اهتمام الدولة بقضايا التعمير ينطلق أساسا من ارتباط السياسة العقارية بتوجهات سياسة‬
‫التعمير( ثانيا )‪ ،‬ومن بروز مفهوم جديد للملكية العقارية في املجال الحضري( أوال)‪.‬‬
‫أوال ـ تبني مفهوم جديد للملكية العقارية في املجال الحضري‬
‫تزايد اهتمام الدولة بقضايا التعمير سواء من خالل التدخل في املجال العقاري أو من خالل ربط سياسة التهيئة املجالية‬
‫بالسياسة السكنية‪ ،‬أفرز نوعا جديدا من امللكية العقارية وهو نظام امللكية املشتركة‪ ،‬وأمام التطور العمراني الهائل الذي عرفه املغرب في‬
‫السنوات ألاخيرة سواء من حيث الكم أو الكيف كان من الالزم على املشرع مواكبة هذا التطور من خالل إعادة النظر في مجموعة من‬

‫‪ - 123‬حكم إدارية وجدة‪ ،‬ملف رقم ‪ 12/36‬بتاريخ ‪.3115 /33/35‬‬


‫‪ -‬قرار الغرفة إلادارية‪ ،‬عدد ‪ ،615‬مؤرخ‪.3115/32/53 :‬‬
‫‪ -124‬محمد قصري‪ ":‬الارتفاقات القانونية في مجال التعمير"‪ ،‬املجلة املغربية للمنازعات القانونية‪ ،‬عدد‪ 6 -8 :‬سنة ‪ ،3556‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -125‬عبد الغني بلغمي‪ "،‬إلاشكاليات املرتبطة باالرتفاقات القانونية في مجال التعمير"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم ماستر قانون املنازعات العمومية وحدة قانون املنازعات العمومية‪ ،‬شعبة القانون العام‪ ،‬جامعة سيدي‬
‫محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3555/3552‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -126‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة إلاسكان والتعمير والتنمية املجالية‪ ،‬كاتب الدولة لدى وزير إلاسكان والتعمير والتنمية املجالية املكلف بالتنمية الترابية‪ ،‬املؤتمر إلاقليمي الثاني للمبادرات وإلابداع التنموي في املدن‬
‫العربية‪ :‬أيام ‪ -35-32‬ابريل ‪ ،3551‬اململكة ألاردنية الهاشمية‪.‬‬
‫‪ -127‬عرف الدكتور محمد مرغيني‪" ،‬الشرطة إلادارية بصفة عامة بكونها تعبير على السلطة املعترف بها لإلدارة لتمكينها من حماية النظام العام في املجتمع بمدلوالته الثالثة" ألامن العام‪ ،‬الصحة العامة‪،‬‬
‫والسكينة العامة‪.‬‬
‫راجع موالي امحمد ملراني‪" :‬دور الجماعات املحلية في ميدان التعمير"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪،‬‬
‫أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،3551/3552 :‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -128‬الهادي مقداد‪ :‬مرجع مذكور‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪37‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫القوانين املنظمة للتعمير والبناء وما يرتبط بهما كالقانون املتعلق بنظام امللكية املشتركة للعقارات املقسمة إلى شقق الذي كان قد نظمه‬
‫ظهير ‪ 09‬نونبر‪ )129( 0649‬وقد صدر القانون املعدل له تحت رقم ‪ )130(.06.11‬ليواكب التطورات التي عرفها ميدان السكن الجماعي الذي‬
‫اتخذ أشكاال جديدة من عمارات مكونة ملركبات سكنية موحدة وإقامات مؤلفة من بنايات منفصلة أو متالصقة وما نتج عن ذلك من أجزاء‬
‫مشتركة مملوكة على الشياع لعموم املال املشتركين‪.‬‬
‫وهكذا نصت املادة ألاولى من القانون السالف الذكر على أن أحكام هذا القانون تسري على العقارات املبنية املقسمة إلى شقق أو‬
‫طبقات أو محالت واملشتركة معاينتها بين عدة أشخاص واملقسمة إلى أجزاء يضم كل جزء منها جزءا مفرزا وحصة في ألاجزاء املشتركة‪ ،‬كما‬
‫تسري هذه ألاحكام على مجموعات العقارات مبنية وعلى مختلف إلاقامات املؤلفة من بنايات متالصقة أومنفصلة‪ ،‬وبها أجزاء مشتركة‬
‫مملوكة على الشياع ملجموع املال ‪ ،‬ويسري أيضا على العقارات سواء كانت محفظة أو في طورالتحفيظ أو غير محفظة‪ ،‬ومن خالل مقارنة‬
‫ما جاء في هذه املادة مع ظهير ‪ 09‬نونبر ‪ 0649‬نسجل مجموعة من املالحظات‪.‬‬
‫إن القانون الجديد لم يقتصر في تصنيف العقارات املبنية املقسمة على الشقق والطبقات فقط‪ ،‬بل أضاف إليها املحالت وهذا‬
‫من شأنه أن يزيل الغموض التي يمكن أن يشوب مدى سريان أو عدم سريان هذا القانون على املحالت التجارية وباقي ألاماكن املوجودة‬
‫بالعمارة من غير الشقق‪ .‬كما أن التنصيص على سريان هذا القانون على مختلف إلاقامات املؤلفة من بنايات متالصقة أو منفصلة وبها‬
‫أجزاء مشتركة فيه نوع من مواكبة للتطورات التي عرفها العمران باملغرب‪ ،‬وأخذ بعين الاعتبار ألنواع العقارات املبنية الحديثة‪.‬‬
‫وهذا يسري حتى على العقارات التي هي في طور التحفيظ‪ ،‬أو غير املحفظة‪ ،‬ذلك أن توسيع نطاق تطبيق هذا ليشمل حتى‬
‫العقارات غير املحفظة من شأنه أن يفتح الباب لبروز إشكاليات جديدة تنضاف إلى التي يعرفها ميدان املنازعات املتعلقة بالتحفيظ‬
‫(‪)131‬‬
‫العقاري‪.‬‬
‫كما توسع القانون الجديد في تحديد مفهوم حراسة امللكية من خالل صالحيات واختصاصات الهيئة املسيرة التحاد املال بدءا بالجمع‬
‫العام‪ ،‬الذي يتولى تسيير العقار املشتر وفقا للقانون ونظام امللكية املشتركة ويتخذ قرارات يعهد بتنفيذها إلى وكيل الاتحاد أو عند‬
‫الاقتضاء إلى مجلس الاتحاد (املادة ‪.)38‬‬
‫وقد وزعت اختصاصات الجمع العام حسب نسبة ألاغلبية الواجب توفرها‪ ،‬ففي املادة ‪ 35‬تم التنصيص على مهام الجمع العام دون‬
‫إلاشارة إلى ألاغلبية الواجب توفرها‪ ،‬وهذه املهام والصالحيات هي‪:‬‬
‫‪ ‬اتخاذ القرارات والتدابيرالتي من شأنها الحفاظ على سالمة العقار املشتر والحفاظ عليه وضمان الانتفاع به وكذا‬
‫على أمن سكانه وطمأنينتهم‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير ألاجزاء املشتركة التخاذ إلاجراءات املناسبة للحفاظ على سالمة مستعمليها وضمان حسن الانتفاع بها والحفاظ‬
‫على جمالية العقار ورونقه‪.‬‬
‫‪ ‬تعيين وكيل الاتحاد ونائبه وعزلهما‪.‬‬
‫‪ ‬تعيين ممثل اتحاد املال لدى مجلس الاتحاد املشار إليه في املادة ‪.30‬‬
‫‪ ‬منح إذن التقاض ي لوكيل الاتحاد ولألغيار‪.‬‬
‫‪ ‬تفويض اتخاذ بعض إلاجراءات لوكيل الاتحاد أو لألغيار‪.‬‬
‫‪ ‬املصادقة على ميزانية الاتحاد وتحديد التكاليف والحد ألاقص ى للنفقات وعلى الرصيد املالي الخاص لتحمل أشغال‬
‫الصيانة الكبرى‪.‬‬
‫وتنص املادة ‪ 50‬على القرارات التي يتخذها الجمع العام لكن شريطة توافر أغلبية أصوات املال املشتركين‪:‬‬
‫‪ ‬وضع نظام امللكية املشتركة إن لم يكن موجودا أو تعديله عند الاقتضاء ال سيما فيما يخص ألاجزاء املشتركة وشروط‬
‫الانتفاع بها واستعمالها‪.‬‬

‫‪ -129‬أحمد الهرجاني‪" ،‬التعميروالتنمية املستدامة" سلسلة الندوات وألاعمال الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،35‬جامعة القاض ي عياض‪ ،‬منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -130‬ظهير شريف رقم‪ .3 .53 .315 :‬صادر بتاريخ ‪ 38‬رجب ‪3132‬ﻫ املوافق ‪ 2‬أكتوبر ‪ ،3553‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3 – 8581‬رمضان ‪3132‬ﻫ (‪ 2‬نونبر ‪.)3553‬‬
‫‪ -‬ظهير امللكية املشتركة يعود إلى فترة ما بعد الحرب العاملية ألاولى‪ ،‬حينما عرفت أوربا أزمة سكنية حادة والتي ما لبثت أن امتدت بسرعة إلى باقي دول العالم‪ ،‬وإن ظلت بعيدة عن املغرب ردحا من الزمن ولم‬
‫تظهر بوادرها إال خالل العقود ألاخيرة على إثر النمو الديمغرافي السريع للسكان بصفة عامة ولسكان املناطق الحضرية على وجه الخصوص واملرتبطة بالنهضة الاقتصادية وكذا النقص الحاصل في‬
‫البنايات املوجودة مقارنة مع الكثافة السكانية‪.‬‬
‫‪ -‬انظر سعيدة أبلق‪ :‬نظام امللكية املشتركة وتعديالت ‪ 2‬نونبر ‪ ، 3553‬العقار وإلاسكان‪ ،‬جماعة من املؤلفين‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض مراكش‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،‬‬
‫‪ ،3552‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -131‬لوي مارصيل بوماري‪ ":‬نظام امللكية املشتركة في العقارات املقسمة إلى شقق"‪ ،‬املعهد الوطني للدراسات القضائية‪ ،‬تعريب إدريس ملين‪ ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬طبعة ‪ ،3115‬ص ‪.2‬‬

‫‪38‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫‪ ‬إدخال تحسينات على العقار كاستبدال أو إضافة أداة أو أكثر من أدوات التجهيز واتخاذ ما يلزم لتيسير تنقل ألاشخاص‬
‫املعاقين‪.‬‬
‫‪ ‬تعيين حارس البناية وعزله وتحديد شروط عمله وكذا توفير محل إلقامته‪.‬‬
‫‪ ‬مراجعة توزيع التكاليف املشتركة املنصوص عليها في املادة ‪ 31‬من هذا القانون بسبب تغيير الغرض املخصص له جزء‬
‫أو أكثر من ألاجزاء املقررة‪.‬‬
‫‪ ‬الترخيص لبعض املال املشتركين بإنجاز أشغال على نفقتهم تمس ألاجزاء املشتركة أو املظهر الخارجي للعقار‪ ،‬دون‬
‫املساس بالغرض الذي خصص له العقار أصال‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بأشغال الصيانة الكبرى‪.‬‬
‫‪ ‬تثبيت هوائيات وصحون جماعية وكل املعدات أو التجهيزات املماثلة‪.‬‬
‫‪ ‬اتخاذ إلاجراءات التي من شأنها ضمان أمن السكان وممتلكاتهم‪ ،‬وذلك بإبرام تأمين مشتر لدرء كل ألاخطار‪.‬‬
‫غير أن القرارات آلاتية ال يمكن للجمع العام اتخاذها إال شرط إجماع املال على ذلك وهي‪:‬‬
‫‪ ‬تشييد مبنى جديد أو تعلية مبنى موجود أو إحداث أجزاء مقررة لالستعمال الخاص‪.‬‬
‫‪ ‬إبرام التصرفات الرامية إما لتفويت جزء من العقار وإما الكتساب حقوق عقارية‪ ،‬شريطة أن تكون لفائدة الاتحاد‬
‫املال ومجاورة للملك املشتر املخصصة لالتفاق املتعلق به‪.‬‬
‫‪ ‬بناء أو إعداد محالت لالستعمال املشتر ‪.‬‬
‫‪ ‬تفويت حق التعلية أو إعداد أماكن جديدة إلقامة بنايات جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بأشغال تؤدي إلى تغيير في ألاجزاء املشتركة‪.‬‬
‫وإذ نسجل إجابية تفصيل القانون الجديد الختصاصات الجمع العام وتصنيفها من حيث ألاهمية باشتراط نسبة معينة من‬
‫أصوات املال املشتركين‪ ،‬فإنه ال بد من إلاشارة إلى أن مجموعة من القرارات ال يمكن تنفيذها رغم اتخاذها باإلجماع‪ ،‬إال بموافقة املصالح‬
‫إلادارية املختصة‪ ،‬خاصة تلك املتعلقة بإنجاز أشغال البناء وتغيير في ألاجزاء املشتركة أو املظهر الخارجي للعقار‪ ،‬وأشغال الصيانة الكبرى‪،‬‬
‫وتشييد مبنى جديد أو تعلية مبنى موجود‪ ،‬أو إحداث أجزاء مفرزة لالستعمال الخاص وبناء أو إعداد محالت لالستعمال املشتركة‪.‬‬
‫وقد بينت التجربة امليدانية لفرق مراقبة مخالفة البناء والتعمير تنامي مثل هذه ألاشغال بدون الحصول على رخصة تسمح‬
‫بذلك‪ ،‬كما أن أغلب واجهات العمارات تغير مظهرها الخارجي إلى حد التشويه‪.‬‬
‫وقد تداركت املادة ‪ 11‬من الباب الثالث هذا النقص حينما نصت على أنه "ال يكون الحق في التعلية أو الحق في الحفر صحيحين إال‬
‫إذا تم الترخيص بهما صراحة بموجب القوانين الجاري بها العمل وقبولهما باإلجماع من لدن املال املشتركين" رغم أن هذه املادة حصرت‬
‫(‪)132‬‬
‫اشتراط الترخيص القانوني على أشغال التعلية والحفر فقط دون غيرها من ألاشغال‪.‬‬
‫ثانياـ ارتباط السياسة العقارية بتوجهات سياسة التعمير‬
‫ترمي سياسة التعمير في عمقها إلى تحقيق العديد من ألاهداف وألاولويات والتي ال تتحقق في واقعية ألامرإال بوجود سياسة عقارية قادرة‬
‫على رسم إستراتيجية مستقبلية تحدد كيفية استثمار الرصيد العقاري املتاح وتفادي تبديره‪ ،‬الش يء الذي يجعلنا نتحدث عن الزواج‬
‫السعيد بين السياسة العقارية وسياسة التعمير‪ )133(.‬غير أن تحقيق هذا املتبغى غالبا ما تعترضه إكراهات شتى تحد من فعالية سياسة‬
‫التعمير وتعيق نهوضها بدورها التنموي في الاستجابة للحاجيات امللحة ومواجهة التحديات املتزايدة‪ )134(.‬وتبق أساس هذه إلاكراهات هي‬
‫ألارض واملضاربة العقارية ‪،‬فإذا كان توفرألارض يتيح للسلطات العمومية إمكانية التهيئة والتجهيز ملواجهة آثار التدفقات الهجروية‪ ،‬كما‬
‫يجعلها تبحث عن أنجع السبل لوضع سياسة عقارية تتماش ى وأهداف التعمير الحديث الذي يشكل العقار بالنسبة له ألارضية ألاساسية‬
‫النطالق املشروعات املنتجة وإقامة املشاريع السكنية والنهوض باالستثمار‪ ،‬وهو ما يتطلب استقرارا تاما في الوضعية املادية والقانونية‬
‫للعقار‪ )135(.‬ومحاربة الالشرعية في الوسط الحضري‪ ،‬فإنه من الصعب تحديد مسلسل املضاربة العقارية الرتباطها بعوامل يمكن إجمالها في‬

‫‪ -132‬محمد بونبات‪ ":‬العقار وإلاسكان"‪ ،‬سلسلة الندوات وألاعمال الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،35‬جامعة القاض ي عياض‪ ،‬منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬مركز الدراسات القانونية املدنية‬
‫والعقارية‪ ،3552 ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪- 133‬عز الدين املاحي‪ :‬اقتناء ألاراض ي بالتراض ي كأداة إلنجاز املشاريع الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬أعمال اليوم الدراس ي الذي نضمه مركز الدراسات القانونية املدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش وبلدية‬
‫املنارة كيليز‪ ،‬السبت ‪ 1‬فبراير ‪.3553‬‬
‫‪ - 134‬أحمد مالكي‪ ،‬مرجع مذكور‪ ،‬ص ‪.352‬‬
‫‪ - 135‬أحمد الطراشن‪ :‬في كلمته بمناسبة افتتاح أعمال الندوة الوطنية التي نظمها مركز الدراسات القانونية املدنية والعقارية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض مراكش‪،‬‬
‫يوم ‪ 58‬و‪ 56‬أبريل تحت عنوان‪ :‬ألانظمة العقارية‪ ،‬املطبعة الوطنية مراكش‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،3552 ،‬ص ‪.6‬‬

‫‪39‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫تأثير ألارض والنمو الديمغرافي والهجرة القروية والسياسات العمومية املتبعة‪ ،‬وألاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبالد‪ ،‬والدخل‬
‫(‪)136‬‬
‫الفردي ومستوى املعيشة وقوانين التعمير وأنظمة البناء‪.‬‬
‫وكون املشاكل التي يطرحها العقار في ارتباطه بالتدبير العمراني تستدعي إيجاد مقاربة واضحة‪ ،‬فاملشرع املغربي ومن خالل مشروع مدونة‬
‫التعمير‪ 31.11‬عمل على الربط بين السياسة العقارية وتوجهات سياسة التعمير من خالل إحداث وكاالت للتعمير وأخرى للعقار على‬
‫مستوى جميع التراب الوطني‪ ،‬على التوالي في املواد ‪ 323‬و ‪ 312‬من مشرو ع املدونة‪.‬‬
‫‪ I‬ـ وكالة التعمير‬
‫تعتبر وكاالت التعمير مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية املعنوية وتخضع لوصاية الدولة‪ ،‬ولهذه الغاية تتولى وكالة التعمير في نطاق‬
‫اختصاصاتها وفي إطار الربط بين السياسة العقارية وتوجهات التعمير مايلي ‪:‬‬
‫‪ ‬القيام لفائدة الجماعات املحلية‪ ،‬بإعداد مشاريع مخططات توجيه التجمعات العمرانية ومتابعة إنجاز التوجهات‬
‫املحددة فيها‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بالدراسات املتعلقة بتصاميم التهيئة وتصاميم الحفاظ على املنطقة وإبراز قيمتها‪.‬‬
‫‪ ‬متابعة تنفيذ مقتضيات تصاميم التهيئة وتصاميم الحفاظ على املنطقة وإبراز قيمتها والقيام بتقييمها‪.‬‬
‫‪ ‬إنجاز الدراسات املعمارية الخاصة بالوسط القروي مع أخذ الخصوصيات الجهوية واملحلية بعين الاعتبار‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد املشاريع الحضرية وإنجاز الدراسات املتعلقة بها وإلاشراف على إنجازها وذلك بتنسيق مع مختلف ألاطراف‬
‫املعنية‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بالدراسات الالزمة ملشاريع تهيئة قطاعات خاصة وتنفيذ جميع مشاريع الصيانة العامة أو التهيئة لحساب‬
‫الدولة والجماعات املحلية أو أي شخص آخر يطلب من الوكالة القيام بذلك سواء كان من أشخاص القانون العام أو‬
‫الخاص‪ ،‬كلما كان املشروع ذا منفعة عامة‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع وإنجاز عمليات التجديد الحضري املحدد في املادة ‪ 021‬من مشروع مدونة التعمير‪ ،‬وعمليات محاربة السكن‬
‫غير القانوني وإعادة هيكلة ألاحياء املفتقرة إلى التجهيزات ألاساسية‪.‬‬
‫‪ ‬إبداء الرأي املطابق في طلبات رخص البناء وإلاذن بإحداث تجزئات عقارية‪ ،‬وإحداث مجموعات عقارية أو التقسيم‬
‫العقاري‪.‬‬
‫‪ ‬الاهتمام‪ ،‬بمساعدة من الجماعات املحلية املعنية‪ ،‬بتشجيع إنشاء وتطوير جمعيات املال أو قاطني ألاحياء غير‬
‫القانونية‪ ،‬وجعل ألاطر الضرورية رهن إشارتها قصد تيسير تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬والحرص على متابعة العمليات التي‬
‫تقوم بها هذه الجمعيات وذلك بتنسيق مع الجماعات املحلية املذكورة‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم مساعدتها الفنية لل جماعات املحلية فيما يتعلق بالتعمير والتهيئة وكذا للهيئات العامة والخاصة فيما تقوم به‬
‫من أعمال التهيئة إذا ما طلبت ذلك‪ ،‬ولهذه الغاية يمكنها أن تبرم اتفاقيات مع الجماعات للقيام لحسابها بدراسة‬
‫طلبات رخص البناء‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد وتعميم قاعدة للمعطيات املتعلقة بالتنمية العمرانية للجهة‪ ،‬وللعماالت وألاقاليم املوجودة داخل نطاق‬
‫اختصاصاها الترابي‪.‬‬
‫‪ ‬الاشترا إلى جانب الجماعات الترابية في إنجاز مشاريع إعداد التراب‪.‬‬
‫ويمكن لوكالة التعمير أيضا أن تبرم مع الجماعات املحلية واملؤسسات العامة واملصالح الخارجية ملختلف القطاعات الوزارية‬
‫والهيئات غير الحكومية والهيئات املتدخلة في ميدان اختصاص الوكالة‪ ،‬اتفاقيات للتعاون والشراكة في ميادين الدراسات والتخطيط‬
‫والتكوين وتبادل التجارب وكل ميدان آخر له عالقة بمهامها‪.‬‬

‫‪ II‬ـ الوكاالت العقارية الجهوية‬


‫تحدث مؤسسات عامة تسمى الوكاالت العقارية الجهوية تتمتع بالشخصية املعنوية والاستقالل املالي‪ ،‬تخضع لوصاية الدولة‪،‬‬
‫ويكون الغرض من هذه الوصاية ضمان تقيد أجهزتها املختصة بأحكام هذه املدونة‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق باملهام املسندة إليها‪ ،‬والسهر‬
‫بوجه عام فيما يخصها‪ ،‬على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية املتعلقة باملؤسسات العامة‪.‬‬

‫‪ - 136‬محمد معنى السنوس ي‪ :‬أصداء على قضايا السكن والتعمير باملغرب‪ ،‬دار النشر املغربية ‪ ، 3155‬ص ‪.82‬‬

‫‪40‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫تهدف الوكالة العقارية الجهوية في إطار التنسيق بين أهدافها وأهداف وكاالت التعمير وعمال بتوجهات العقار والتعمير إلى تحقيق‬
‫مايلي‪:‬‬
‫‪ ‬إعادة تكوين الرصيد العقاري العمومي باقتناء ألاراض ي في الوسطين الحضري والقروي الستباق ومرافقة حركة‬
‫التعمير‪ ،‬وتيسير التهيئة املستقبلية لألراض ي‪ ،‬وتفادي أي خصاص في ألاراض ي القابلة للبناء مستقبال‪.‬‬
‫‪ ‬الحفاظ على إلاسهامات الزراعية والطبيعية املحيطة باملدن‪ ،‬باقتناء ألاراض ي لإلسهام في حماية ألاراض ي ذات املردودية‬
‫الزراعية العالية‪.‬‬
‫‪ ‬إلاسهام في ضبط السوق العقاري عن طريق بيع ألاراض ي املخصصة إلحداث تجزئات عقارية أو البناء أو لالستجابة‬
‫لحاجيات املنعشين واملجزئين العقاريين العموميين والخواص ومن أجل تشيجع الاستثمارات‪.‬‬
‫‪ ‬ولهذه الغاية تتولى الوكالة بوجه خاص؛ القيام بالدراسات الالزمة إلنجاز مهامها‪.‬‬
‫‪ ‬اقتناء العقارات وتكوين إلاحتياطات العقارية الالزمة للقيام بمهامها‪.‬‬
‫‪ ‬وضع رهن إشار املنعشين العقاريين‪ ،‬العموميين والخواص‪ ،‬واملستثمرين أراض مخصصة إلنجاز برامج الاستثمار وفقا‬
‫لدفاتر الشروط؛ بيع ألاراض ي واسترجاع الحاصالت الناتجة عن ذلك؛ مباشرة كل معاملة عقارية مرتبطة بأهدافها؛‬
‫القيام بكل العمليات التجارية واملالية والعقارية املرتبطة بأهدافها‪.‬‬
‫ويمكن للوكالة أن تسهم‪ ،‬وفقا للتشريع الجاري به العمل‪ ،‬في جميع املؤسسات التي يدخل هدفها في إطار أنشطة الوكالة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تدخل الدولة في املجال العقاري‬
‫عرف املغرب كغيره من البلدان املستقلة خالل النصف ألاخير من القرن املاض ي تطورا عمرانيا كبيرا وتوسعا حضريا انعكس على التركيبة‬
‫الاجتماعية وعلى نمط عيش السكان‪ ،‬ويختلف من منطقة إلى أخرى‪ ،‬أحيانا نجده توسعا هادفا ومقننا وفي أحيان أخرى نالحظه عشوائيا‬
‫غير منظم‪ ،‬ولعل السبب في ذلك ناتج عن تمركز السكان باملناطق الحضرية على حساب املناطق القروية بسب عوامل متعددة أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬تدهور مستوى العيش بالبوادي‪.‬‬
‫‪ ‬جادبية املدن على اعتبار أنها تنعم بالتحضر والتمدن‪.‬‬
‫‪ ‬استمرار ظاهرة الجفاف لسنوات متتالية‪.‬‬
‫‪ ‬غياب التجهيزات في العالم القروي‪ ،‬من ماء وكهرباء وطرق ومرافق عمومية‪.‬‬
‫وقد انتبهت السلطات العمومية إلى هذه العوامل ومدى خطورتها على التوسع العمراني والحضري‪ ،‬الش يء الذي أدى بها في البداية إلى‬
‫نهج سياسة عقارية هدفها تكوين احتياطي عقاري ضروري ملواجهة الحاجيات واملتطلبات الناتجة عن تدفق السكان القرويين نحو املدن‬
‫والنمو الديمغرافي املتزايد‪ .‬ومن أجل تفعيل العالقات إلاستراتيجية بين املحاور الثالث السكن البيئة واملجتمع‪ ،‬ومن أجل الاستفادة أكثر ما‬
‫(‪)137‬‬
‫يمكن من الجهود املبذولة لتحسين ألاوضاع والاستفادة أكثر من التنمية وضمان العيش في سكن الئق سليم‪.‬‬
‫شمل تدخل الدولة في املجال العقاري الجانب القانوني أوال من خالل التحكم فيه وكذلك التحكم في الجانب الاقتصادي للمجال‬
‫العقاري"ثانيا"‪.‬‬
‫أوال ـ التحكم القانوني في املجال العقاري‬
‫(‪)138‬‬
‫من أجل وضع سياسة عقارية معقلنة وفعالة تعتبر من إحدى الضمانات ألاساسية إلنجاح أهداف سياسة التعمير‪ .‬ومن أجل الحد‬
‫من خطورة تدفق السكان القرويين على املدينة وما ينتاب ذلك من تدمير للرصيد العقاري جراء ارتفاع معدل الكثافة السكانية باملدينة‬
‫عملت الدولة املغربية على سن مجموعة من التشريعات في محاولة لتنظيم املجال العقاري والتخفيف من الضغط الذي يعرفه جراء‬
‫ألاسباب السابقة املشار إليها‪.‬‬
‫وهكذا تم إصدار قوانين وتعديل أخرى في مقدمتها‪ :‬قانون نزع امللكية للمنفعة العامة والاحتالل املوقت ‪.1 .60‬‬
‫‪ ‬ظهير إلانعاش العقاري ‪.0662‬‬
‫‪ ‬قانون التعمير ‪ 05/61‬والتجزئات العقارية وتقسيم العقارات واملجموعات السكنية ‪.52/61‬‬
‫‪ ‬اللجوء إلى إلاعفاءات الضريبية بعد الخطاب امللكي لسنة ‪.3155‬‬
‫‪ ‬توسيع مجال التغطية بالتصاميم السكنية‪.‬‬

‫‪ -137‬عبد الرحمن أبو لهريس‪ ":‬العقار وإلاسكان‪ ،‬دور الدولة من التدبير املباشر إلى التأطير والتوجيه والتشار "‪ ،‬سلسلة الندوات وألايام الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،35‬منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬
‫والاجتماعية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض مراكش الطبعة ألاولى‪ ،3552 ،‬ص ‪.322‬‬
‫‪ -138‬حيمود املختار‪ :‬دور سياسة التعمير في تنمية وتنظيم املجال الحضري‪ ،‬نموذج عمالة بن مسيك سيدي عتمان‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني ‪،‬‬
‫الدار البيضاء ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،3552-3553‬ص ‪.366‬‬

‫‪41‬‬
‫عدد ‪5102 / 10‬‬

‫إعطاء مخطط توجيه التهيئة العمرانية السند القانوني‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫توسيع مجال فرض رخص البناء والسكن وتقنين بعض مقتضياتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توسيع مجال تدخل املهندس املعماري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إرساء نظام للزجر أكثر فعالية على املستوى النظري والرفع من حجم الغرامات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وضع أرضية قانونية لعمليات إعادة هيكلة التجزئات غير القانونية‪)139(.‬‬ ‫‪‬‬
‫القانون رقم ‪ 26.11‬القاض ي بإحداث الوكالة الوطنية للمحافظة على ألامال العقارية واملسح العقاري والخرائطية‬ ‫‪‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.15.052‬بتاريخ ‪ 03‬يونيو ‪.5115‬‬
‫الظهير الشريف الصادر في ‪ 6‬رمضان ‪ 0330‬املوافق ‪ 05‬غشت ‪ 0603‬بشأن التحفيظ العقاري كما تم تعديله بالقانون‬ ‫‪‬‬
‫‪.04.11‬‬
‫املرسوم رقم ‪ 5.11.063‬الصادر بتاريخ ‪ 01‬غشت ‪ 5115‬بتطبيق القانون ‪ 26.11‬بإحداث الوكالة الوطنية للمحافظة‬ ‫‪‬‬
‫على ألامال العقارية واملسح العقاري والخرائطية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 0.15.052‬بتاريخ ‪ 03‬يونيو‬
‫‪.5115‬‬

‫ثانياـ التحكم الاقتصادي في املجال العقاري‬


‫إن توجهات السياسة العقارية تصطدم غالبا بحق امللكية الذي يعطي لصاحبه كامل الحرية في التصرف في ملكيته‪ ،‬إذ يفضل‬
‫مثال تجميد رصيده العقاري للبحث عن املزيد من الربح‪ ،‬أو يفكر في استعماله بعيدا عن مراقبة الدولة لتفادي القيود التي تفرضها وثائق‬
‫التعمير على ملكيته‪ ،‬وهذه وضعية تساهم في تضخم القيمة العقارية‪ ،‬وتفش ي املضاربات العقارية وانتشار املمارسة املخالفة لقانون التعمير‪.‬‬
‫ولتفادي مثل هذه السلوكات‪ ،‬فإن املشرع هدف إلى التحكم في السوق العقارية عن طريق فرض بعض القيود على تصرفات‬
‫الفاعلين الاقتصاديين خاصة أولئك الذين يذكون نار املضاربة إما عن طريق تجميد ألاراض ي أو خلق ألاسباب املؤدية لتضخم القيمة‬
‫العقارية‪ ،‬ومن هذا املنظور يعرف بعض الباحثين السياسة العقارية بأنها مجموعة من إلاجراءات التي تتخذها السلطات العامة باسم‬
‫املصلحة العامة للحد من حرية تصرف الفاعلين الاقتصاديين في السوق العقارية‪ .‬وتجد هذه السياسة مكانها في إطار القانون العام‬
‫الاقتصادي مادامت تهدف إلى الحد من كل التصرفات التي تعرقل توازن السوق العقارية وتمس باملصلحة الاقتصادية العامة للجماعة‪.‬‬
‫فالقانون الاقتصادي العام‪ ،‬ومن خالله القانون العام العقاري أو السياسة العقارية‪ ،‬يساعد السلطات العامة على التحكم في‬
‫السوق العقارية إما بواسطة التدخل املباشر القتناء ألاراض ي وتكوين الاحتياطات العقارية الالزمة أو عن طريق مراقبة السوق العقارية‬
‫وتوجيهها للحد من ارتفاع سعر ألاراض ي واملضاربة فيها‪ ،‬وهذه العملية ليست بالعملية السهلة نظرا لخاصيات السوق ولوجوب تخطيط‬
‫(‪)140‬‬
‫وبرمجة تدخالت الدولة في املجال العقاري‪.‬‬

‫‪ -139‬عبد الصمد سكال‪ ":‬السياسة العمرانية باملغرب منذ ‪ ،"3113‬أشغال ندوة العمران في الوطن العربي بين التخطيط والتشريع وإلادارة‪ ،‬أيام ‪ 33 .33 .35‬أبريل ‪ ،3553‬الرباط‪ ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪ - 140‬الهادي مقداد‪ :‬مرجع مذكور‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪42‬‬

You might also like