حاوي الثورة المصرية دراسة أنثربولوجية لظاهرة توفيق عكاشة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫شباب يبني المستقبل‬

‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬

‫حاوي الثورة المصرية‪ :‬دراسة أنثربولوجية لظاهرة توفيق عكاشة‬

‫أثارت ظاىرة اإلعالميين الذين ظيروا عقب ثورات الربيع العربي العديد من التساؤالت وخمقت‬
‫مناخا عاما اتسم بالسخرية والنكات في بعض األحيان إال انو في أحيان أخرى اثار كثير من‬
‫عالمات االستفيام حول ىذه الطبيعة التي كانت جزءا من الواقع السياسي واالجتماعي بعد‬
‫الثورات العربية‪ ،‬ولماذا ظيرت مثل ىذه الحالة "اإلعالمية" إن صح التعبير ولماذا عقب ىذه‬
‫الثورات خاصة أن تأثيرىا عمى توجيو الرأي العام في ىذه المناطق كان كبيرا‪ ،‬فمن بين ىذه‬
‫الحاالت اإلعالمية البعض الذي اتخذ من السخرية وسيمة النتقاد الوضع القائم وبيان التناقضات‬
‫الحاصمة داخل تروس السمطة وأدواتيا وطرق تعامميا مع القضايا المختمفة ومن بينيا من والى‬
‫السمطة واصبح لسانيا تطوعا منو دفاعا عن شعاراتو الخاصة باألمن القومي ووحدة الوطن‪ ..‬الخ‬
‫ومثل البعض اآلخر ظاىرة في حد ذاتيا في مدى االىتمام الذي حظى بو وما تحدث عنو بطرق‬
‫نشر الشائعات والحديث عن المستقبل واألخبار المنقولة من جيات سيادية وغيره من األساليب‬
‫وكانت ىذه الحالة حالة توفيق عكاشة في مصر والتي كانت تستحق الدراسة األنثروبولوجية‬
‫والسياسية بعيدا عن التيكم أو السخرية لمعرفة تأثيرىا وأسباب ظيورىا واختفائيا عمى السواء‪.‬‬

‫التعريف بالكتاب[‪]1‬‬

‫ىذا الكتاب ىو عبارة عن دراسة أنثروبولوجية ميدانية أنجزىا المؤلف البروفيسور والتر‬
‫أرمبرست[‪ ]2‬خالل سنتين قضاىميا في مصر ما بين ‪ ،2202 ،2202‬واختار أرمبرست توفيق‬
‫عكاشة كموضوع لدراستو‪ ،‬حيث نظر إلى بزوغو واشتياره الالفت لمنظر في المشيد السياسي‬
‫المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير كظاىرة تتطمب التفسير‪.‬‬
‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫األفكار الرئيسية‬

‫يعرض أرمبرست مقاربتين لمجواب عمى ىذا السؤال‪ :‬المقاربة السوسيولوجية والمقاربة السياسية‪.‬‬
‫ولكنو يرى أنيما قاصران وال يقدمان تفسي ار واضحا لظاىرة عكاشة‪.‬‬

‫في المقابل يعرض أمبرست المقاربة األنثروبولوجية كبديل أكثر نجاعة في تفسير الظاىرة من‬
‫المقاربتين السابقتين‪ ،‬تنيض ىذه المقاربة عمى عدد من المفاىيم األنثروبولوجية مثل‪ :‬وضعية‬
‫المجاز‪ ،‬أزمة المجاز‪ ،‬وضعية ضد البنية‪ ،‬والحاوي وكميا مفاىيم تعتبر غير مطروقة في المجال‬
‫الثقافي العربي‪.‬‬

‫وضعية المجاز أو العتبة (‪ :)liminality‬ىي باختصار المرحمة البينية بحيث يكون الشيء بين‬
‫حالتين مجتمعيتين أو نفسيتين‪ ،‬ىي وضعية عابرة او انتقالية‪ ،‬ويمكن إسقاط ىذه الوضعية عمى‬
‫حالة المجتمعات العربية بعد ‪ 4‬أعوام من الثورات إذ لم تعد قابعة تحت النظم القديمة ولم تتشكل‬
‫بوادر نظم جديدة مغايرة لما كان سائدا من قبل‪ ،‬ىذه الوضعية ليا مجموعة من الخصائص‬
‫تساىم في فيم وتحميل عممية بروز عكاشات وليس عكاشة واحد فيما يعتبره المؤلف الظاىرة‬
‫العكاشية والمقصود بيا تصعيد الدجالين والمشعوذين إلى قمة المشيد وىي ظاىرة ال ترتبط‬
‫بشخص بقدر ارتباطيا بالسياق الذي يسمح بوجود ىذا الشخص وغيره‪.‬‬

‫أول من استعمل ىذا المصطمح ىو األنثربولوجيست الفرنسي جينب في ‪ 0021‬في كتابو طقوس‬
‫العبور‪ ،‬وقصد بو الممارسات التي يقوم بيا الفرد في لحظات التحول المجتمعي الرئيسية بحيث‬
‫ينتقل من وضعية مجتمعية لوضعية أخرى‪.‬‬

‫وىي في حالتنا ىذه ليست كاالنتقال من حالة اجتماعية كأعزب لمتزوج وانما ىو تشبيو لمتبسيط‪،‬‬
‫حيث الفرد يمر بثالثة مراحل وفقا لطقوس العبور وىي االنفصال عن الحالة األولى (الطفولة‪-‬‬
‫العزوبية‪ -‬المدينة) وعمى مستوى المجتمع ينفصل عن بنيتو ومعاييره التي كانت حاكمة لفترة من‬
‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫الزمن باعتبارىا وضعا طبيعيا مستقرا‪ ،‬ثم مرحمة العتبة وفييا يعمق الشخصية بين الوضعية‬
‫األولي والثالثة كمرحمة الخطوبة بين العزوبية والزواج وعمى مستوى المجتمع تم االنفصال عن‬
‫البنية دون الدخول في بنية جديدة والمجتمع في وضعية مجاز متخمة بعدة محاوالت لمصمح‬
‫سواء بين األطراف ذواتيا أو بين الوضعية القديمة والوضعية المراد تشكيميا وتتضمن وجود قوى‬
‫اجتماعية غير مسيطر عمييا‪ ،‬ثم مرحمة إعادة الدمج بحيث يدخل الفرد في الوضعية الجديدة‪،‬‬
‫وعمى مستوى المجتمع الوصول لوضعية الدمج بحيث يقبل الجميع العيش معا عمى اختالفيم‬
‫وىي مرحمة يمكن القول أننا لم نصل إلييا بعد‪.‬‬

‫وضعية ضد البنية أو الدراما االجتماعية‪ :‬قام فيكتور تيرنر بتطوير نظرية وضعية المجاز أو‬
‫العتبة وتوسيع نطاق ىذا المفيوم ليفسر مظاىر الصراع والتوتر التي تحدث في مجتمع ما‪ ،‬حيث‬
‫يرى أن في مرحمة العتبة يدخل األطراف الفاعمة في المجتمع في صراع حتمي حيث‪:‬‬

‫مرحمة التصدع‪ :‬وفييا يحدث شقاق بين األطراف المجتمعية ويبتعد كل طرف عن األطراف‬
‫األخرى وىو ما يفضي إلى المرحمة التالية وىي‪:‬‬

‫‪ ‬مرحمة األزمة‪ :‬حيث يتسع الصدع لحدود بعيدة ويحدث انفصال تام بين ىذه األطراف‪.‬‬
‫‪ ‬مرحمة اإلصالح‪ :‬أي إصالح العالقات بمحاوالت لرأب الصدع المجتمعي سواء بالحوار‬
‫أو لجان لمصمح أو لجان حكماء‪.‬‬
‫‪ ‬مرحمة إعادة االندماج‪ :‬حيث تنجز عممية الصمح وتمتئم بنية المجتمع ويدرك الجميع‬
‫إمكانية التعايش مع االختالف‪.‬‬

‫ومن سمات مرحمة المجاز التي تساوي مرحمة األزمة اآلتي‪:‬‬

‫الجماعات متساوية‪ :‬بحيث تزول كل الفوارق ويصبح الجميع سواسية تماما بعدما انفصل‬
‫المجتمع عن معاييره وبنيتو السائدة من حيث الييراركية والطبقية‪ ،‬وفي ىذه الحالة يصبح الجميع‬
‫ضد البنية السائدة من قبل‪.‬‬
‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫وفي ىذه المرحمة تتحرر القدرات واإلمكانات الخيرة والشريرة من قيود السياق‪ ،‬واذا طالت ىذه‬
‫الوضعية تحدث أزمة مجاز بحيث تغيب المعايير مع غياب الخبرة المجتمعية في التعامل مع‬
‫ىذه الوضعية‪.‬‬

‫الثورات تنتج حالة ضد البنية التي تتساوى فييا المكونات االجتماعية (قوة شباب الثورة وما‬
‫يممكونو من أدوات= قوة القوى الرجعية ممثمة في النظام القديم والمؤسسة العسكرية= قوة الحركات‬
‫اإلسالمية) ففيما بعد الحادي عشر من فبراير لم يكن محسوما من سيقود المشيد السياسي في‬
‫مرحمة العتبة أو المجاز‪ ،‬ومن ثم تساوت قوى األطراف الفاعمة في المشيد المصري‪.‬‬

‫في ىذا السياق ظير نجم توفيق عكاشة كداعية لتقديس الجيش المصري ثم متحدث رسمي باسم‬
‫الثورة المضادة ليصير ىو ومن عمى شاكمتو قوة سياسية حقيقية‪.‬‬

‫إذن فالنظرة إلى عكاشة ومن عمى شاكمتو من نجوم الصعود السريع باعتبارىما مجرد ذيول‬
‫لمؤسسات الدولة نظرة قاصرة إذ ىو حاو سياسي ظير في ظل أزمة مجاز أسيم ىو في‬
‫استمرارىا‪ ،‬وتحوليا إلى أزمة مجاز ثوري باستعمال الداللة االجتماعية ألزمة المجاز كما عبر‬
‫عنيا تيرنر‪.‬‬

‫الثورات في جوىرىا تتضمن لحظة ال يقين واختالط لألمور وقدر عال من السيولة ىذه المحظة‬
‫دشنيا سقوط نظام مبارك لكنيا ال تزال ممتدة حتى اآلن‪ ،‬وىي تتماثل مع حالة المجاز أو العتبة‬
‫وتمثل فرصة عظيمة لمحاوي وتمثل سكنا ومأوى لو وىو يعتبر داعما طبيعيا لحالة ضد البنية‬
‫تمك‪.‬‬

‫الحاوي أو المحتال‪ :‬شخصية ثقافية عابرة لمثقافات وموجودة في تراث كافة الحضارات ونجد‬
‫حكاياتيا في الفمكمور الشعبي واألساطير اليونانية القديمة كما في تراث السكان األصميين ألمريكا‬
‫الالتينية من الينود‪ ،‬وغيرىم‪.‬‬

‫سمات هذه الشخصية‪:‬‬

‫‪ ‬المكر والدىاء‪ :‬فيو قادر خداع أتباعو واآلخرين طوال الوقت‪.‬‬


‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫‪ ‬مثير لمضحك والسخرية‪ ،‬بال بيت وال موقف تعيش في مفترق طرق دوما‪ ،‬يغمب عمييا‬
‫الغموض والغرور واالزدواجية‪ ،‬شخصية بال قيم وال معايير (عكاشة برلمان ‪ 2202‬لسب‬
‫الثورة والثوار وقيادة الثورة المضادة لتمجيدىا ولزعم أنو قائد الثورة‪ ،‬لسب المجمس‬
‫العسكري تممقا باإلخوان لسبيم لصالح المجمس العسكري ‪).........‬‬
‫‪ ‬شخصية مؤذية وتتسم بالعنف االجتماعي والرغبة في االنتقام (التحريض عمى الثورة‪ ،‬ثم‬
‫عمى اإلخوان ثم عمى النشطاء)‪.‬‬

‫سمات ىذه الشخصية عمى المستوى الفردي تكاد تتطابق مع وضعية المجاز عمى المستوى‬
‫المجتمعي ككل‪ ،‬لذا إذا وجدت ىذه الشخصيات في ىذه الوضعية وىذا السياق‪ ،‬فما حدود تأثيرىا‬
‫فيو وتأثيره فييا‪.‬‬

‫وضعية العتبة او المجاز مجتمعيا ىي مؤقتة أو يفترض ان تكون كذلك لكن ىي بالنسبة لمحاوي‬
‫حالة دائمة يتمبسيا وال يمكن أن يعيش بدونيا‪ ،‬لذا ىو يسعى لكي يطيل ىذه الوضعية عمى‬
‫المستوى المجتمعي بكل ما أوتي من إمكانات وميارات في الخداع واالحتيال‪ ،‬وىو بيذا يزيد من‬
‫تشوش الفيم لدى المجتمع وعدم قدرتو عمى إدراك حقائق األشياء‪.‬‬

‫في ىذه الوضعية ومع قدرتو عمى بناء خطاب تشويشي وعدم قدرة اآلخرين عمى إدراك سياقيم‬
‫الذي لم يتشكل بعد ومع محاكاتو ىو ليذا السياق يصبح لديو قدرة عالية عمى لفت أنظار‬
‫المشوشين‪ ،‬ويتحقق لو االشتيار السريع والمفاجيء‪.‬‬

‫ينظر إليو تيار كبير باعتباره يقول حقائق ويتنبأ بالمستقبل فيحدث ومن ثم يعولون عميو باعتباره‬
‫مخمصا‪ ،‬لكنو يزيد الجميع تشويشا‪.‬‬

‫النقد والتعميق‪:‬‬

‫لكن ىل ىذا يعني أن مثل ىذه الشخصيات حاالت فردية ال رابط بينيا سوى السياق؟‬
‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫في تقديري أن الكاتب يفترض أن وضعية العتبة ىذه تتم وتطول دون شروط‪ ،‬أو باعتبارىا سمة‬
‫من سمات مراحل التحول‪ ،‬لكن في الحقيقة ىناك مستفيدون من إطالة ىذه الوضعية وليسوا‬
‫بالضرورة حواة‪.‬‬

‫ويخمص الكاتب إلى أن السياق ساعد في بزوغ مثل ىذه الشخصيات كما أنيا زادت الواقع‬
‫تشويشا‪ ،‬ظاىرة توفيق عكاشة ىي ظاىرة ناجمة عن وضعية المجاز أو ضد البنية‪ ،‬التي تتيح‬
‫لشخصية الحاوي سياقا حاضنا‪ ،‬حيث تصبح سمات شخصيتو وتركيبتو الثقافية ليا فعاليتيا في‬
‫جعمو نجما في ىذا السياق وىذه الوضعية فقط‪ ،‬وىو شخص صنع شيرتو بنفسو إلى حد بعيد‬
‫حتى ولو كان المجمس العسكري قد قدم لو دعما لوجيستيا من حين آلخر‪ ،‬فيو قد اختار‬
‫لممناسبة التي بدأ نجمو فييا في الظيور بعد الثورة ميدان العباسية المالصق لو ازرة الدفاع في‬
‫ديسمبر من عام ‪ 2200‬في جمعة سماىا ثورة التصحيح التي رفعت شعار "الشعب والجيش‬
‫والشرطة والقضاء يد واحدة" وىي شعارات لم يكن ليذه المؤسسات أن تعترض عمييا إذ ثمة تالق‬
‫في األىداف‪.‬‬

‫منيج تيرنر ىذا في استعمال نظرية ضد البنية يفترض وجود واستم اررية البنية المعيارية لممجتمع‬
‫بمعزل عن نطاق األحداث‪ ،‬والحقيقة أن معايير المجتمع تتغير ليس فقط في وضعية ضد البنية‬
‫أو حتى مرحمة المجاز الثوري وانما بامتداد الزمن وبتطور أدوات التكنولوجيا وغيرىا‪ ،‬وان كانت‬
‫كتابات تيرنر حول وضعية المجاز ومفيوم شخصية الحاوي المتعمق بيا تمتمك قدرات تفسيرية‬
‫عالية في تحميل الثورات‪.‬‬

‫وفي الحقيقة يمكن مد استنتاجات مفيوم الحاوي ووضعية المجاز عمى شخصيات سياسية كثيرة‬
‫ارتبطت بالسمطة عقب الثورة ثم خفت ذكرىا لصالح شخصيات أخرى استطاعت أن تتمبس‬
‫وضعية المجاز‪.‬‬
‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫"الحاوي يتميز أسموبو بالتكرار ونبرة وايقاع صوتو مالئمان جدا لمشاىد أمي أو نصف متعمم‪،‬‬
‫وكل ما يأتي بو مثير لمضحك والسخرية ومع ذلك فرد فعل الجماىير في المجتمعات البدائية‬
‫تجاه شخصو وسموكو ال يكون الضحك وفقط وانما ضحك مشوب بالرىبة وليس ىناك سبب‬
‫يدعونا أن نعتقد أن سموك الجماىير ىذا سموك ثانوي أو متخمف"‪ ،‬ىذا يصدق جزئيا عمى موقف‬
‫المصريين من توفيق‪ ،‬عكاشة‪.‬‬

‫ثمة عالقات وشبكات مصالح وثيقة بين الظاىرة العكاشية وبين من يديرون المشيد في مرحمة‬
‫المجاز الثوري أو العتبة ويمكن رصد ىذا من خالل وصولو لوثائق لم يتسن لغيره الوصول إلييا‬
‫لمحاولة إثبات تورط منظمات المجتمع المدني في عمميات تمويل أجنبي مشكوك في أىدافيا‪،‬‬
‫ومن ثم قيادة حممة منظمة ضد المجتمع المدني وتكوين رأي عام داعم لتوجو السمطة في إغالق‬
‫والتضييق عمى بعض المنظمات‪ ،‬إذن شخصية الحاوي قادرة عمى صناعة الفعل بذاتيا أو‬
‫بمساعدة إدارة الميرجان أو القائمين عمى السمطة في مرحمة المجاز وىي ىنا األجيزة السيادية‪،‬‬
‫ىذا التحميل يمتد لشخصيات بزغ نجميا ثم خفت مثل مصطفى بكري وعبد الرحيم عمي وأحمد‬
‫موسي وغيرىم‪ ،‬بل قد يمتد التحميل لشخصيات في الحكم تصرفاتيا مثيرة لمضحك وىي جزء من‬
‫حالة المجاز الثوري حيث لم يكن أحد يعرفيا قبل الثورة ثم أصبحت في صدارة المشيد بسرعة‬
‫فائقة‪.‬‬

‫وبينما يصدر المترجم الكتاب بمقولة (كوندورسيو)‪" :‬قدرة الرجل الدجال أو المشعوذ عمى تضميل‬
‫الجماىير‪ ،‬أشد من قدرة العبقري عمى إنقاذىا" فإنني أختم بتساؤل لماذا اشتير باسم يوسف‬
‫واستطاع توظيف خطابات عكاشة وغيره في نقد وتسخيف ىؤالء الحواة مستغال سياق المجاز‬
‫أيضا؟ إن لم يكن ىناك مساحة من القابمية لمعقالنية قد توفرت فيما بعد الثورة مشابية تماما‬
‫لمساحة الالعقالنية وربما كانت تتفوق عمييا تدريجيا حتى مراحل متأخرة من حكم اإلخوان‬
‫المسممين‪.‬‬
‫شباب يبني المستقبل‬
‫الباحث‪ /‬عمر سمير‬ ‫‪Building the future‬‬
‫إن شخصية الحاوي ىي جزء أصيل من عممية تحويل الوعي العام تجاه الثورة باعتبارىا محاولة‬
‫لتغيير الواقع لألفضل عمى كافة األصعدة إلى مجرد كونيا مؤامرة كونية عمى الدولة والنظام‬
‫المذان يمتزجان في تماىي تام في أي نظام سمطوي‪ ،‬ومن ثم ال ينبغي التقميل من شأن الحاوي‬
‫ألنو ثبت انو مصدر الكثير من الشائعات ويمكنو التشيير بالجميع فحاوينا ىذا كان صاحب‬
‫اختالق قضية مضاجعة الوداع التي نقمتيا كبريات الصحف دون تحقق من مصدرىا وىو أيضا‬
‫صاحب التشكيك في فيديو الفتاة المسحولة في ميدان التحرير‪ ،‬فالحاوي يضحكنا ويرىبنا في أن‬
‫واحد وفي أزمة المجاز الثوري يصبح الحاوي شخصا خطي ار إذ يصبح قاد ار عمى تشكيل مفردات‬
‫ووعي الشارع في بيئة األمية وأنصاف المتعممين‪.‬‬

‫[‪ ]0‬والتر أرمبرست‪( ،‬ترجمة طارق عثمان)‪" ،‬حاوي الثورة المصرية‪ :‬دراسة أنثربولوجية لظاهرة توفيق عكاشة"‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز نماء‬
‫لمبحوث والدراسات‪ ،‬ط‪.2202 0‬‬

‫‪Walter Armbrust is Hourani Fellow and University Lecturer in Modern Middle East Studies at‬‬ ‫[‪]2‬‬
‫‪.Oxford University‬‬

You might also like