Professional Documents
Culture Documents
عقيدة التوحيد الملف الكامل
عقيدة التوحيد الملف الكامل
عقيدة التوحيد الملف الكامل
لفضيلة الشيخ
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبيه الصادق األمين ،نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
وبعد:
فهذا كتاب في علم التوحيد ،وقد راعيت فيه االخ تصار مع سهولة العبارة ،وقدد اقتبسدته مدن مصدادر كثيدرة مدن
كتب أئمتنا األعالم ،وال سيما كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية ،وكتب العالمة ابن القيم ،وكتدب شديخ اإلسدالم محمدد
بن عبد الوهاب وتالميذه من أئمة هذه الدعوة المباركدة ،وممدا ال شدي فيده أم علدم العقيددة اإلسدالمية هدو العلدم
ا
وعمدال بموجبدهو لتألدوم األعمدا صدحيحة مقبولدة عندد هللا نافعدة األساسي الذي تجدر العناية بده تعل امدا وتعلي امدا
والرهبندة، صدا وأنندا فدي نمدام كثدر فيده التيدارا المنحرفدةو تيدار اإللحداد ،وتيدار التصدو
للعاملين ،وخصو ا
وتيار القبورية الوثنية ،وتيار البدع المخالفة للهددي النبدوي ،وكلهدا تيدارا خريدرة مدا لدم يألدن المسدلم مسدل احا
بسالح العقيدة الصحيحة المرتألزة على الألتاب والسنة وما عليه سلف األمة ،فإنه حري أم تجرفه تلي التيارا
المضلةو وهذا مما يستدعي العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة ألبناء المسلمين من مصادرها األصيلة.
-1-
عقيدة التوحيد
مأخوذة من العقد وهو ربد اليديء ،واعتقدد كدذا :عقدد عليده القلدب والضدمير .والعقيددة :مدا
يدين به اإلنسام ،يقا :له عقيدة حسنة ،أي :سالمةٌ من اليي .والعقيدة عمل قلبدي ،وهدي ييمدام
القلب بالييء وتصديقه به.
والعقيدة شرعاا
هي اإليمام باهلل ومالئألته وكتبه ورسله واليوم اآلخر ،واإليمام بالقدر خيره وشره ،وتس َّمى هذه
أركام اإليمام.
فاالعتقاديا :هي التي ال تتعلق بأليفية العمل ،مثل اعتقاد ربوبيدة هللا ووجدوب عبادتده ،واعتقداد
بقية أركام اإليمام المذكورة ،وتس َّمى أصلية.
والعمليددا :هددي مددا يتعلددق بأليفيددة العمددل مثددل الصددالة والزكدداة والصددوم وسددائر األحألددام العمليددة،
وتسمى فرعيةو ألنها تبنى على تلي صحة وفساداا .
فالعقيدة الصحيحة هي األساس الذي يقوم عليه الدين وتَص ُّح معه األعما ،كما قا تعالى{ :فَ َمن
ع َم اال صَا ِّل احا َوال يي ِّْر ْك بِّ ِّعبَا َد ِّة َربِّّ ِّه أَ َحداا} [الألهف.]110/
َام يَ ْرجو ِّلقَا َء َربِّّ ِّه فَ ْليَ ْع َم ْل َ
ك َ
وقد بقي النبي صلى هللا عليه وسلم في مألة بعد البعثة ثالثة عير عا اما يدعو الناس يلى التوحيد،
ويصالح العقيدةو ألنها األساس الذي يقوم عليه بناء الدين .وقدد احتدذا الددعاة والمصدلحوم فدي
كل نمام حدذو األنبيداء والمرسدلين ،فألدانوا يبددءوم بالددعوة يلدى التوحيدد ،ويصدالح العقيددة ،ثدم
يتجهوم بعد ذلي يلى األمر ببقية أوامر الدين.
الفصل الثاني :في بيام مصادر العقيدة ومنهج السلف في تلقيها
العقيدة توقيفيةو فال تثبت يال بدليل من اليارع ،وال مسدرح فيهدا للدرأي واالجتهداد ،ومدن ثَد َّم فدإم
مصادرها مقصورة على ما جاء في الألتاب والسنةو ألنه ال أحد أعلم باهلل وما يجب لده ومدا يندزه
عنه من هللا ،وال أحدد بعدد هللا أعلدم بداهلل مدن رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم ،ولهدذا كدام مدنهج
مقصورا على الألتاب والسنة.
ا السلف الصالح ومن تبعهم في تل ِّقّي العقيدة
فما د ّ عليه الألتاب والسنة في حق هللا تعالى آمنوا به ،واعتقدوه وعملوا بده .ومدا لدم يدد عليده
كتدداب هللا وال سددنة رسددوله نقَد ْدوه عددن هللا تعددالى ورفضددوهو ولهددذا لددم يحصددل بيددنهم اخددتال فددي
االعتقاد ،بل كانت عقيدتهم واحدة ،وكانت جماعتهم واحدةو ألم هللا تألفّل لمن تمسي بألتابه وسنة
رسوله باجتماع الأللمة ،والصواب في المعتقد واتحاد المنهج ،قا تعدالىَ { :وا ْعتَ ِّصدمواْ بِّ َحبْد ِّل َّ ِّ
َّللا
َج ِّمي اعا َوالَ تَفَ َّرقواْ} [آ عمرام.]103/
وقد وقع مصداق ما أخبر به صلى هللا عليه وسلم ،فعنددما بندى بعدل النداس عقيددتهم علدى غيدر
الألتاب والسنة ،من علم الألالم ،وقواعد المنرق الموروثَيْن عن فالسفة اليونامو حصل االنحرا
والتفددرق فددي االعتقدداد ممددا نددتج عندده اخددتال الأللمددة ،وتفد ُّدرق الجماعددة ،وتصدددع بندداء المجتمددع
اإلسالمي.
الفصل الثالث :في بيام االنحرا ِّ عن العقيدة وسبل التوقي منه
االنحدرا عددن العقيدددة الصدحيحة مهلألددة و ددياعو ألم العقيددة الصددحيحة هددي الددافع القددوي يلددى
العمل النافع ،والفرد بال عقيدة صحيحة ،يألوم فريسة لألوهام واليألوك التي ربما تتدراكم عليده،
فتحجب عنه الرؤية الصحيحة لدروب الحياة السعيدةو حتى تضيق عليه حياته ثم يحاو التخلص
-3-
عقيدة التوحيد
من هذا الضيق بإنهاء حياته ولو باالنتحار ،كما هو الواقع من كثير من األفراد الذين فقدوا هداية
العقيدة الصحيحة .والمجتمع الذي ال تسوده عقيدة صحيحة هو مجتمع بهيمدي يفقدد كدل مقومدا
كثيرا ما تقوده يلى الدمار، الحياة السعيدةو ويم كام يملي الألثير من مقوما الحياة المادية التي ا
كما هو مياهد في المجتمعدا الألدافرةو ألم هدذه المقومدا الماديدة تحتدات يلدى توجيده وترشديدو
لالستفادة من خصائصها ومنافعها ،وال موجه لها سوا العقيدة الصدحيحةو قدا تعدالى{ :يَدا أَيُّ َهدا
الرسل كلوا ِّم َن ال َّر ِّيّبَا ِّ َوا ْع َملوا صَا ِّل احا} [المؤمنوم.]51/
ُّ
ض اال يَدا ِّجبَدا أَ ّ ِّو ِّبدي َم َعده َوال َّري َْدر َوأَلَنَّدا لَده ا ْل َحدِّيد َد * أَ ِّم ا ْع َمد ْل وقا تعالىَ { :و َل َق ْد آتَ ْي َنا دَاوو َد ِّم َّنا فَ ْ
الدري َح غدد ُّو َها شَده ٌْر ام ِّ ّ ير * َو ِّلسلَ ْي َم َ وم بَ ِّص ٌ س ْر ِّد َوا ْع َملوا صَا ِّل احا يِّ ِّنّي ِّب َما تَ ْع َمل َ سا ِّبغَا ٍ َوقَ ّد ِّْر فِّي ال َّ َ
عي َْن ا ْل ِّق ْر ِّر َو ِّم َن ا ْل ِّج ِّّن َمن يَ ْع َمل بَي َْن يَ َد ْي ِّه بِّ ِّإ ْذ ِّم َربِّّ ِّه َو َمن يَ ِّز ْغ ِّم ْنه ْم ع ْ
َدن س ْلنَا لَه َ شه ٌْر َوأَ َ َو َر َواح َها َ
ور ب َوقدد ٍ ْ
ام كَال َج َوا ِّ يب َوتَ َماثِّي َل َو ِّجفَ ٍ وم لَه َما يَيَاء ِّمن َّم َح ِّار َ س ِّع ِّير * يَ ْع َمل َ ب ال َّ َ
عذا ِّ أَ ْم ِّرنَا ن ِّذ ْقه ِّم ْن َ
ِّي اليَّألور} [سبأ.]13-10/ سيَا ٍ ا ْع َملوا آ َ دَاوو َد شأل اْرا َوقَ ِّلي ٌل ِّّم ْن ِّعبَاد َ َّرا ِّ
فقوة العقيدة يجب أم ال تنفي عن القوة الماديةو فإم انفألت عنها باالنحرا يلى العقائدد الباطلدة،
صار القوة المادية وسيلة دمار وانحدارو كما هو الميداهد اليدو َم فدي الددو الألدافرة التدي تملدي
مادة ،وال تملي عقيدة صحيحة.
3ـ التقليد األعمى بأخذ أقوا الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها ،ومعرفة مدا صحتها ،كما
ق المخالفة من جهمية ومعتزلة ،وأشاعرة وصوفية ،وغيرهم ،حيث قلدوا من هو الواقع من الفر ِّ
قبلهم من أئمة الضال و فضلوا وانحرفوا عن االعتقاد الصحيح.
4ـ الغلوا في األولياء والصالحين ،ورفعهم فوق مندزلتهمو بحيدث يعتقدد فديهم مدا ال يقددر عليده يال
هللا من جلب النفع ،ودفع الضر ،واتخاذهم وسائ بين هللا وبين خلقه في قضداء الحدوائج ويجابدة
الددعاءو حتددى يدؤو األمددر يلدى عبددادتهم مددن دوم هللا ،والتقدرب يلددى أ درحتم بالددذبائح والنددذور،
والدعاء واالستغاثة وطلب المدد ،كما حصل من قوم نوح في حق الصالحين حين قالوا{ :ال تَذَر َّم
آ ِّل َهتَأل ْم َوال تَذَر َّم َودًّا َوال س َواعاا َوال يَغ َ
وث َويَعوقَ َونَ ْ
س ارا} [نوح.]23/
-4-
عقيدة التوحيد
5ـ الغفلة عن تدبر آيا هللا الألونية ،وآيدا هللا القرآنيدة ،واالنبهدار بمعريدا الحضدارة الماديدةو
حتى ظنوا أنها من مقدور البير وحدهو فصاروا يع ِّ ّظمدوم البيدر ،ويضديفوم هدذه المعريدا يلدى
مجهدددوده واختراعددده وحدددده ،كمدددا قدددا قددداروم مدددن قبدددل{ :قَدددا َ ِّينَّ َمدددا أو ِّتيتددده َ
علَدددى ِّع ْلد ٍددم ِّعنددددِّي}
علَى ِّع ْل ٍم} [الزمر.]49/ [القصص ]78/وكما يقو اإلنسام { َهذَا ِّلي} [فصلت{ ،]50/يِّنَّ َما أوتِّيته َ
ولم يتفألروا وينظروا في عظمة من أوجد هذه الألائنا ،وأودعها هذه الخصائص الباهرة ،وأوجد
َّللا َخلَقَألد ْم َو َمدا تَ ْع َمل َ
دوم} البير وأعراه المقدرةَ على استخرات هذه الخصائص ،واالنتفاع بهدا { َو َّ
[الصافا .]96/
7ـد يحجددام وسددائل التعلدديم واإلعددالم فددي غالددب العددالم اإلسددالمي عددن أداء مهمتهمددا ،فقددد أصددبحت
أصال ،وأصبحت وسائل ا كبيرا ،أو ال تهتم به
مناهج التعليم في الغالب ال تولي جانب الدين اهتما اما ا
اإلعالم المرئية والمسموعة والمقروءة في الغالب أداة تددمير وانحدرا ،أو تعندى بأشدياء ماديدة
وترفيهية ،وال تهتم بما يقَ ّ ِّوم األخالق ،ويزرع العقيدة الصحيحة ،ويقاوم التيارا المنحرفةو حتى
ينيأ جي ٌل أعز أمام جيوش اإللحاد ال يدام له بمقاومتها.
1ـ د الرجددوع يلددى كتدداب هللا عد َّدز وج دلَّ ،ويلددى سددنة رسددوله ص دلى هللا عليدده وسددلم لتل ِّقّددي االعتقدداد
الصحيح منهما ،كما كام السلف الصالح يستمدوم عقيدتهم منهما ،ولن يصلح آخر هذه األمة يال
ما أصلح أولها ،مع االطالع على عقائد الفدرق المنحرفدة ،ومعرفدة شدبههم للدرد عليهدا والتحدذير
منهاو ألم من ال يعر الير يوشي أم يقع فيه.
2ـ العناية بتدريس العقيدة الصحيحة -عقيددة السدلف الصدالح -فدي مختلدف المراحدل الدراسدية،
ويعراؤها الحصص الألافية من المنهج ،واالهتمام البالغ في تدقيق االمتحانا في هذه المادة.
الال المنحرفين عنها. 4ـ قيام دعاة مصلحين يجددوم للناس عقيدة السلف ،ويردوم
-5-
عقيدة التوحيد
-6-
عقيدة التوحيد
الفصل األو :في بيام معنى توحيد الربوبية ،وفرريته ويقرار الميركين به.
الفصل الرابع :في بيام منهج القرآم في يثبا وحدانية هللا في الخلق والرنق وغير ذلي.
تفر ِّد هللا تعالى بالربوبية ،ويخالص العبادة له ،ويثبا ما له مدن
التوحيد :بمعناه العام هو اعتقاد ُّ
األسماء والصفا ،فهو ثالثة أنواع:
توحيد الربوبية ،وتوحيد األلوهية ،وتوحيد األسماء والصفا ،وكل نوع له معنى البد من بياندهو
ليتحدد الفرق بين هذه األنواع:
هو يفراد هللا تعالى بأفعالهو بأم يعتقَ َد أنه وحده الخالق لجميع المخلوقا َّ { :
َّللا َخدا ِّلق كد ِّّل ش ْ
َديءٍ }
[الزمر.]62/
علَدى َّ ِّ
َّللا ِّر ْنق َهدا} وأنه الرانق لجميع الدواب واآلدميدين وغيدرهمَ { :و َمدا ِّمدن دَآبَّد ٍة فِّدي األَ ْر ِّ
ض يِّالَّ َ
[هود.]6/
قدادر علدى كدل شديء، ٌ عدز ويدذ ، وأنه مالي الملي ،والمددبّر ليدؤوم العدالم كلدهو يدو ِّلّي ويعدز ،وي ُّ
ندزع ا ْلم ْلديَ يص ِّ َّر الليل والنهار ،ويحيي ويميت{ :ق ِّل اللَّه َّم َما ِّليَ ا ْلم ْل ِّي ت ْؤتِّي ا ْلم ْليَ َمدن تَيَداء َوتَ ِّ
َديءٍ قَدد ٌ
ِّير * تدو ِّلج اللَّيْد َل فِّدي علَ َى كد ِّّل ش ِّْم َّمن تَيَاء َوت ِّع ُّز َمن تَيَاء َوت ِّذ ُّ َمن تَيَاء ِّبيَ ِّدكَ ا ْل َخيْر يِّنَّيَ َ
ت َوت ْخ ِّرت الَ َم َّيتَ ِّم َن ا ْل َح ّي ِّ َوتَ ْرنق َمدن تَيَداء ار ِّفي اللَّ ْي ِّل َوت ْخ ِّرت ا ْل َح َّي ِّم َن ا ْل َم ِّّي ِّ
ا ْلنَّ َه ِّار َوتو ِّلج النَّ َه َ
ب} [آ عمرام.]27 ،26/ سا ٍ ِّبغَي ِّْر ِّح َ
-7-
عقيدة التوحيد
َ
يألدوم لده شدرييٌ وقد نفى هللا سبحانه أم يألوم له شرييٌ في الملي أو معين ،كما نفدى سدبحانه أم
َّللا فَأَرونِّي َماذَا َخلَقَ الَّذ َ
ِّين ِّمن دونِّ ِّه} [لقمام.]11/ والرنق ،قا تعالىَ { :هذَا َخ ْلق َّ ِّ
في الخلق ِّ ّ
وقا تعالى{ :أَ َّم ْن َهذَا الَّذِّي يَ ْرنقأل ْم يِّ ْم أَ ْم َ
سيَ ِّر ْنقَه} [الملي.]21/
ين} [الفاتحدة ،]2/وقدا : ب ا ْلعَالَ ِّم َ كما أعلن انفراده بالربوبية على جميع خلقه فقا { :ا ْل َح ْمد ّ ِّ
ّلِل َر ّ ِّ
علَدى ا ْلعَ ْدر ِّش ي ْغيِّدي اللَّيْد َل
سدتَ َوا َ سدتَّ ِّة أَيَّ ٍ
دام ثد َّم ا ْ ض فِّدي ِّاوا ِّ َواألَ ْر َ َّللا الَّذِّي َخلَدقَ ال َّ
سد َم َ {يِّ َّم َربَّألم َّ
س َّخ َرا ٍ ِّبأ َ ْم ِّر ِّه أَالَ لَه ا ْل َخ ْلدق َواألَ ْمدر تَبَ َ
داركَ َّ
َّللا َر ُّب س َوا ْلقَ َم َر َوالنُّجو َم م َ ار يَ ْرلبه َحثِّيثاا َوالي َّْم َ
النَّ َه َ
ين} [األعرا .]54/ ا ْلعَالَ ِّم َ
وقد فَ َر َر هللا جمي َع الخلق على اإلقرار بربوبيتدهو حتدى يم الميدركين الدذين جعلدوا لده شدريألاا فدي
سدب ِّْع َو َر ُّب ا ْل َعد ْدر ِّش
اوا ِّ ال َّ
سد َم َ
العبدادةو يقدروم بتفدرده بالربوبيدة ،كمدا قددا تعدالى{ :قد ْل َمدن َّر ُّب ال َّ
علَ ْي ِّه ِّيم ّلِل ق ْل أَفَالَ تَتَّق َ
وم * ق ْل َمن ِّبيَ ِّد ِّه َملَألو ك ِّّل ش َْيءٍ َوه َو ي ِّجير َوال ي َجار َ سيَقول َ
وم ِّ َّ ِّ ا ْلعَ ِّظ ِّيم * َ
وم} [المؤمنوم.]89-86/ س َحر َّلِل ق ْل فَأَنَّى ت ْ سيَقول َ
وم ِّ َّ ِّ وم * َكنت ْم تَ ْعلَم َ
فهذا التوحيد لم يذهب يلى نقيضه طائفة معروفة مدن بندي آدمو بدل القلدوب مفردورة علدى اإلقدرار
بهو أعظم من كونها مفرورة على اإلقرار بغيره من الموجودا و كما قالدت الرسدل فيمدا حألدى هللا
ض} [يبراهيم.]10/ اوا ِّ َواألَ ْر ِّ
س َم َ
اط ِّر ال َّ عنهم{ :قَالَتْ رسله ْم أَفِّي َّ ِّ
َّللا شَيٌّ فَ ِّ
وأشهر من عر تجاهله وتظاهره بإنألار الرب فرعوم ،وقد كام مستيقناا به في الباطن كمدا قدا
ض بَصَآئِّ َر} [اإلسراء.]102/اوا ِّ َواألَ ْر ِّ الء يِّالَّ َر ُّب ال َّ
س َم َ ع ِّل ْمتَ َما أَ َ
نز َ َهـؤ ِّ له موسى{ :قَا َ لَقَ ْد َ
تأمدل العدالم كلدده ،علويده وسددفليه ،بجميدع أجزائددهو تجدده شدداهداا بإثبدا صددانعه وفداطره ومليألدده.
فإنألار صانعه وجحده في العقو والفررو بمنزلدة ينألدار العلدم وجحدده ،ال فدرق بينهمدا [ألم العلدم
الصحيح يثبت وجود الخالق] ،وما تتبجح به الييوعية اليوم من ينألار وجود الربو ينما هدو مدن
باب المألابرة ،ومصادرة نتائج العقو واألفألار الصحيحة ،ومن كام بهذه المثابة ،فقد ألغى عقله
ودعا الناس للسخرية منه.
قا الياعر:
-8-
عقيدة التوحيد
ضالَّة
وتصورا األمم ال ّ
ُّ سنَّة
الرب في القرآم وال ُّ
ّ ِّ الفصل الثاني :مفهوم كلم ِّة
1ـ مفهوم كلمة ال ّر ّبِّ في الألتاب والسنة
رب يَر ُّب ،بمعنى :نيَّأ اليي َء من حا يلدى حدا يلدى حدا التمدام ،يقدا : الر ُّب في األصل :مصدر َّ ّ
الدر ُّب) بداإلطالقو يال هلل تعدالى ر َّبه ور َّباه ور َّب َبه ،فلفظ (رب) مصدر مسدتعار للفاعدل ،وال يقدا َّ ( :
ب ا ْلعَددالَ ِّم َ
ين} [الفاتحددةَ { ،]2/ربُّأل د ْم َو َر ُّب آبَددائِّألم المتألفددل بمددا يصددلح الموجددودا ،نحددو قولددهَ { :ر ّ ِّ
ين} [اليعراء.]26/ األَ َّو ِّل َ
ورب الفرس .يعني صاحبها ،ومنده قولده ُّ وال يقا لغيره يال مضافاا محدوداا ،كما يقا :رب الدارو
ي ْي َرام ِّذك َْر َر ِّّب ِّه} [يوسدف]42/ اذك ْر ِّني ِّعن َد َر ِّّبيَ فَأَن َ
ساه ال َّ تعالى حألاية عن يوسف عله السالمْ { :
على قو في تفسير اآلية.
الة اإلبل( :حتى يجدها ربها) [من حديث متفق عليه]. وقا صلى هللا عليه وسلم في
فتبددين بهددذا :أم الددرب يرلددق عل دى هللا معر افددا ومضددا افا ،فيقددا :الددرب ،أو رب العددالمين ،أو رب
ب على غير هللا يال مضافة ،مثل :رب الدار ،ورب المنز ،ورب اإلبل. الر ّ ِّ
الناس ،وال ترلق كلمة ّ
ومعنى (رب العالمين) أي :خالقهم ومالألهم ،ومصلحهم ومربهيم بنعمه ،وبإرسا رسله ،وينزا
كتبه ،ومجانيهم على أعمالهم .قا العالمة ابن القيم رحمه هللاَّ ( :
فإم الربوبية تقتضي أمر العباد
ونهيهم ،وجزاء محسنهم بإحسانه ،ومسي هم بإساءته) .
فاإلقرار بربوبية هللا والتوجه يليده أمدر فردري ،واليدرك حدادث طدار ،وقدد قدا النبدي صدلى هللا
صددرانه أو يم ِّ ّجسددانه) [رواه
هوداندده أو ين ِّ ّ
عليدده وسددلم( :ك د ُّل مولددود يولددد علددى الفرددرة ،فددأبواه ي ّ ِّ
الييخام] ،فلو خ ِّلّ َي العبد وفررته التجه يلى التوحيد وقَ ِّبل دعوة الرسلو الذي جاء بده الرسدل،
ونزلت به الألتب ،ودلّت عليه اآليا الألونية ،ولألن التربية المنحرفة والبي ة الملحددة همدا اللتدام
تغيرام اتجاه المولود ،ومن ثَ َّم يقلد األوالد آباءهم في الضاللة واالنحرا .
-9-
عقيدة التوحيد
يقددو هللا تعددالى فددي الحددديث القدسددي( :خلقددت عبددادي حنفدداء ،فاجتددالتهم اليددياطين) [رواه أحمددد
صد َدرفَتْهم يلددى عبددادة األصددنام ،واتخاذهددا أرباباددا مددن دوم هللاو فوقعددوا فددي الضددال ومسددلم] أيَ :
والضدياع ،والتفدرق واالخددتال و كدل يتخددذ لده ر ًّبددا يعبدده غيدر رب اآلخددرو ألنهدم لمددا تركدوا الددرب
َّللا َربُّألدم ا ْلحَدقُّ فَ َمداذَا بَ ْعد َد ا ْلحَدقّ ِّ يِّالَّ
الحق ،ابتلوا باتخاذ األرباب الباطلدة ،كمدا قدا تعدالى{ :فَدذَ ِّلألم ّ
أعدرض عدن ربده الحدق، َ ضالَ } [يونس ]32/والضال ليس له ح ّد ونهايدة ،وهدو النم لألدل مدن ال َّ
س د َما اء وم ِّمددن دونِّد ِّه ِّيالَّ أَ ْ
احددد ا ْلقَ َّهددار * َمددا تَ ْعبددد َ دوم َخ ْيد ٌدر أَ ِّم َّ
َّللا ا ْل َو ِّ قددا هللا تعددالى{ :أَأَ ْربَد ٌ
داب ُّمتَفَ ِّ ّرقد َ
ام} [يوسف.]40 ،39/ َّللا بِّ َها ِّمن س ْل َر ٍ نز َ َّس َّميْتمو َها أَنت ْم َوآبَآؤكم َّما أَ َ َ
واليّرك في الربوبية باعتبدار يثبدا خدالقين متمداثلين فدي الصدفا واألفعدا ممتندع ،وينمدا ذهدب
بعل الميركين يلى أم معبوداتهم تملي بعل التصدرفا فدي الألدوم ،وقدد تالعدب بهدم اليديرام
ع َب بألدل قدوم علدى قددر عقدولهم ،فرائفدة دعداهم يلدى عبادتهدا مدن
في عبادة هذه المعبودا ،فتال َ
جهة تعظيم الموتىو الذين صوروا تلي األصنام على صورهم ،كقوم نوح ،وطائفةٌ اتخذ األصنام
على صورة الألواكبو التي نعموا أنها تؤثر على العالم ،فجعلوا لها بيوتاا وسدنة.
واختلفوا في عبادتهم لهذه الألواكب :فمنهم من عبد اليمس ،ومنهم مدن عبدد القمدر ،ومدنهم مدن
يعبد غيرهما من الألواكب األخراو حتى بنوا لها هياكل ،لألل كوكب منها هيألل يخصه ،ومنهم من
يعبد النار ،وهم المجوس ،ومنهم من يعبد البقر ،كما في الهند ،ومنهم من يعبد المالئألدة ،ومدنهم
مددن يعبددد األشددجار واألحجددار ،ومددنهم مددن يعبددد القبددور واأل ددرحة ،وكددل هددذا بسددبب أم هددؤالء
تصوروا في هذه األشياء شي اا من خصائص الربوبية.
فمنهم من يزعم أم هذه األصنام تمثل أشدياء غائبدة ،قدا ابدن القديم( :و دع الصدنم ينمدا كدام فدي
األصل على شألل معبود غائب ،فجعلوا الصنم علدى شدألله وهيأتده وصدورتهو ليألدوم نائبادا منابده،
وقائ امددا مقامدده .ويال فمددن المعلددوم أم عد ا
داقال ال ينحددت خيددبة أو حجد ادرا بيددده ،ثددم يعتقددد أندده يلهدده
ومعبوده )...انتهى .
القبور قدي اما وحديثاا ،يزعموم أم هؤالء األموا ييفعوم لهم ،ويتوسروم لهم عند ِّ كما أم عبَّاد
َّللا ن ْلفَى} [يونسَ { ،]18/و َي ْعبد َ
وم هللا في قضاء حوائجهم ويقولومَ { :ما نَ ْعبده ْم ِّيال ِّليقَ ِّ ّربونَا ِّيلَى َّ ِّ
الء شفَعَاؤنَا ِّعن َد َّ ِّ
َّللا} [يونس.]18/ وم َهـؤ ِّ َّللا َما الَ يَض ُّره ْم َوالَ يَنفَعه ْم َويَقول َ
وم َّ ِِّّمن د ِّ
كما أم بعل ميركي العدرب والنصدارا تصدوروا فدي معبدوداتهم أنهدا ولدد هللا ،فميدركو العدرب
عبدوا المالئألة على أنها بنا هللا ،والنصارا عبدوا المسيح -عليه السالم -على أنه ابن هللا.
أ ـ ر ّد على عبدة األصنام بقوله{ :أَفَ َرأيْتم الَّالَ َ َوالع َّزا * َو َمنَاةَ الثَّا ِّلثَةَ األ ْخ َرا} [يونس.]18/
ومعنى اآلية كما قا القرطبي :أفرأيتم هذه اآللهة! أنفعت أو ر و حتى تألوم شركاء هلل تعالى؟
وهل دفعت عن نفسها حينما حرمها رسو هللا صدلى هللا عليده وسدلم وأصدحابه ر دي هللا عدنهم
وهدموها.
- 10 -
عقيدة التوحيد
أم هذه األصنا َم ال تسمع الدعا َء وال تنفع وال تضر ،وينَّما عبدوها تقليداا آلبائهم،
فقد وافقوا على َّ
والتقليد حجة باطلة.
قا شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه هللا ( :-وهم خا دعوم مستسدلموم ،قدانتوم مضدرروم ،مدن
وجوه:
وم َولَه أَ ْ
سدلَ َم َمدن َّللا يَبْغ َ وقا شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه هللا -على قوله تعالى{ :أَفَغَي َْر د ِّ
ِّين َّ ِّ
وم} [آ عمرام.]83/ اوا ِّ َواألَ ْر ِّ
ض َط ْوعاا َوك َْر اها َويِّلَ ْي ِّه ي ْر َجع َ س َم َ
فِّي ال َّ
قا ( :فذكر سبحانه يسالم الألائنا طوعاا وكر اهاو ألم المخلوقا جميعها متعبدة لده التعبدد التدامو
سواء أقر المقر بذلي أو أنألرهو وهم َمدينوم له م َد َّبرومو فهم مسلموم لده طوعادا وكر اهدا ،ولديس
ألحد من المخلوقا خروت ع َّما شاءه وقدَّره وقضاه ،وال حو وال قوة يال به ،وهو رب العالمين
وملدديألهم ،يصددرفهم كيددف ييدداء ،وهددو خددالقهم كلهددم ،وبددارئهم ومصددورهم ،وكددل مددا سددواه فهددو
مربوب مصنوع ،مفرور فقير محتات معبَّ ٌد مقهدورو وهدو سدبحانه الواحدد القهدار الخدالق البدار
المصور) .
الخالق ووحدانيَّته
ِّ بيام منهج القرآم في يثبا وجو ِّد
الفصل الرابع :في ِّ
منهج القرآم في يثبا وجود الخالق ووحدانيتهو هو المنهج الذي يتميّى مع الفردر المسدتقيمة،
والعقو السليمة ،وذلي بإقامة البراهين الصحيحة ،التي تقتنع بها العقو ،وتسلم بهدا الخصدوم،
ومن ذلي:
وهدددذا تقسددديم حاصدددر ،ذكدددره هللا بصددديغة اسدددتفهام ينألددداريو ليبددد ّين َّ
أم هدددذه المقددددما معلومدددة
غ ْي ِّر ش َْيءٍ } أي :من غيدر خدالق خلقهدم ،أم هدم بالضرورة ،ال يمألن جحدها ،يقو { :أَ ْم خ ِّلقوا ِّم ْن َ
لديس هنداك
َ َخلَقوا أنفسدهم؟ وكدال األمدرين باطدلٌو فتعدين أم لهدم خالقادا خلقهدم ،وهدو هللا سدبحانه،
َّللا فَأَرونِّي َماذَا َخلَقَ الَّذ َ
ِّين ِّمن دونِّ ِّه} [لقمام.]11/ خالق غيره ،قا تعالىَ { :هذَا َخ ْلق َّ ِّ
- 12 -
عقيدة التوحيد
ش ْي اا َوه ْم ي ْخلَق َ
وم} [النحل.]20/ َّللا الَ يَ ْخلق َ
وم َ وم َّ ِّ
وم ِّمن د ِّ { َوالَّذ َ
ِّين يَدْع َ
َام َم َعه ِّم ْن ِّيلَ ٍه ِّيذاا لَّذَ َه َب ك ُّل ِّيلَ ٍه ِّب َما َخلَقَ َولَ َعال بَ ْعضه ْم َ
علَى قا تعالىَ { :ما اتَّ َخذَ َّ
َّللا ِّمن َولَ ٍد َو َما ك َ
ل} [المؤمنوم.]91/ بَ ْع ٍ
فاعال ،فلو كام معه سبحانه يلده آخدر ،ييداركه فدي ملألده -تعدالى ا فاإلله الحق البد أم يألوم خالقاا
شركَةَ اإلله اآلخر معهو بل يم قدر على قهر هللا عن ذلي -لألام له خلق وفعل ،وحين ٍذ فال ير ى ِّ
شددريأله وتفد َّدرد بالملددي واإللهيددة دونَددهو فع دل .ويم لددم يقدددر علددى ذلددي ،انفددرد بنصدديبه فددي الملددي
والخلقو كما ينفرد ملوك الدنيا بعضهم عن بعل بملأله ،فيحصل االنقسام .فدال بد َّد مدن أحدد ثالثدة
أمور:
ب ـ ويما أم ينفر َد ك ُّل واحد منهما عن اآلخر بملأله وخلقهو فيحصل االنقسام.
- 13 -
عقيدة التوحيد
دن -الددذي ال تقتدرح العقددو فددوق حسددنه - فالددذي خلددق جميد َع المخلوقددا ،وأعراهددا خل َقهددا الحسد َ
ينألدار ألعظدم األشدياء وجدوداا ،وهدو مألدابرة
ٌ وهداها لمصالحها ،هو الدرب علدى الحقيقدة ،فإنألداره
ومجاهرة بالألدذب ،فداهلل أع َردى الخلدق كدل شديء يحتداجوم يليده فدي الددنيا ،ثدم هدداهم يلدى طريدق
االنتفاع به ،والشي أنده أعردى كدل صدنف شدأللَه وصدورتَه المناسدبة لده ،وأعردى كدل ذكدر وأنثدى
المناسب له من جنسه ،في المناكحة واأللفة واالجتماع ،وأعردى كدل عضدو شدألله المالئدم َ اليّأل َل
للمنفعة المنوطة به ،وفي هذا براهين قاطعدة علدى أنده جدل وعدال َر ُّب كد ِّّل شديء ،وهدو المسدتحقُّ
للعباد ِّة دوم سواه...
أم المقصو َد من يثبا ربوبيته -سبحانه -لخلقه وانفراده لدذلي :هدو االسدتدال ومما ال شي فيه َّ
به على وجوب عبادته وحده ال شريي لهو الذي هو توحيد األلوهية ،فلدو أم اإلنسدام أقدر بتوحيدد
الربوبية ولم يقر بتوحيد األلوهية أو لم يَق ْم به على الوجه الصحيحو لم يألدن مسدل اما ،وال موحددااو
كافرا جاحداا ،وهذا ما سنتحدَّث عنه في الفصل التالي -يم شاء هللا تعالى .-
بل يألوم ا
الربوبيَّ ِّة لتوحيد األلوهيَّة
استلزام توحي ِّد ُّ
ِّ الفصل الخامس :بيام
أقر بتوحيد الربوبية هلل ،فداعتر بأنده ال خدالق وال رانق وال مدد ِّبّر للألدوم يال أم من َّ ومعنى ذلي َّ
قدر بأنده ال يسدتحق العبدادة بجميدع أنواعهدا يال هللا سدبحانه ،وهدذا هدو هللا -عز وجل -لزمده أم ي َّ
فإم األلوهية هي العبادةو فاإلله معنداه :المعبدود ،فدال يددعى يال هللا ،وال يسدتغاث توحيد األلوهيةَّ ،
توكَّل يال عليه ،وال تذبح القرابين وتنذر النذور وال تصر جميع أنواع العبادة يال لهو يال به ،وال ي َ
كثيددرا مددا يحددت ُّج هللا -سددبحانه -علددى ا فتوحيددد الربوبيددة دليدد ٌل لوجددوب توحيددد األلوهيددةو ولهددذا
المنألرين لتوحيد األلوهيدة بمدا أقدروا بده مدن توحيدد الربوبيدة ،مثدل قولده تعدالى{ :يَدا أَيُّ َهدا النَّداس
سد َما َء وم * الَّدذِّي َجعَد َل لَألدم األَ ْر َ
ض فِّ َراشادا َوال َّ ِّين ِّمن قَ ْب ِّلأل ْم لَعَلَّأل ْم تَتَّق َ
اعْبدواْ َربَّألم الَّذِّي َخلَقَأل ْم َوالَّذ َ
ّلِل أَنددَاداا َوأَندت ْم تَ ْعلَم َ
دوم} ت ِّب ِّه ِّم َن الثَّ َم َرا ِّ ِّر ْنقاا لَّأل ْم فَالَ تَجْ عَلدواْ ِّ ّ ِّ اء َما اء فَأ َ ْخ َر َ
س َم ِّ ِّبنَا اء َوأَ َ
نز َ ِّم َن ال َّ
[البقرة.]22 ،21/
الربوبيددة الددذي هددو خلددق الندداس فددأمرهم بتوحيددد األلوهيددة ،وهددو عبادتدده ،واحددت َّج علدديهم بتوحيددد ُّ
واألرض ومدا فيهمدا ،وتسدخير الريداح ويندزا المردر ،وينبدا ِّ السدماء
ِّ األولين واآلخرين ،وخلدق
النبا ،ويخرات الثمرا التي هي رنق العباد ،فال يليق بهم أم ييركوا معه غيرهو م َّم ْن يعلموم
أنه لم يفعل شدي اا مدن ذلدي ،وال مدن غيدره ،فدالرريق الفردري إلثبدا توحيدد األلوهيدة :االسدتدال
أوال بمصدر خلقه ،ومنيأ نفعده و درهو ثدم ينتقدل بعدد عليه بتوحيد الربوبيةو فإم اإلنسام يتعلق ا
بداب
تقربه يليه ،وتر يه عنه ،وتوثق الصلة بينه وبينه ،فتوحيد الربوبية ٌ ذلي يلى الوسائل التي ّ
لتوحيد األلوهيةو من أجل ذلي احت َّج هللا على الميركين بهذه الرريقة ،وأمر رسوله أم يحت َّج بها
وم * ّلِل ق ْل أَفَالَ تَذَكَّر َ
وم ِّ َّ ِّ سيَقول َ
وم * َ عليهم ،فقا تعالى{ :قل ِّلّ َم ِّن األَ ْرض َو َمن فِّي َها ِّيم كنت ْم تَ ْعلَم َ
دوم * قد ْل َمدن بِّيَد ِّد ِّهّلِل قد ْل أَفَدالَ تَتَّق َ سديَقول َ
وم ِّ َّ ِّ ديم * َ سب ِّْع َو َر ُّب ا ْلعَ ْدر ِّش ا ْلعَ ِّظ ِّ
اوا ِّ ال َّ
س َم َ
ق ْل َمن َّر ُّب ال َّ
وم} سد َحر َ َ
ّلِل قد ْل فَدأنَّى ت ْ سديَقول َ
وم ِّ َّ ِّ دوم * َ علَيْد ِّه ِّيم كندت ْم تَ ْعلَم ََملَألو ك ِّّل ش َْيءٍ َوه َو ي ِّجير َوال ي َجار َ
[المؤمنوم.]89-84/
َّللا َربُّأل ْم ال يِّلَـهَ يِّالَّ ه َو َخا ِّلق ك ِّّل ش َْيءٍ فَاعْبدوه} [األنعام.]102/
وقا تعالى{ :ذَ ِّلألم َّ
- 14 -
عقيدة التوحيد
بتفردِّه بالربوبية على استحقاقه للعبدادة ،وتوحيدد األلوهيدة :هدو الدذي خلدق الخلدق مدن فقد احتج ُّ
وم} [الذاريا .]56/نس يِّال ِّليَ ْعبد ِّ أجله ،قا تعالىَ { :و َما َخلَ ْقت ا ْل ِّج َّن َو ِّ
اإل َ
ومعندى (يعبددوم) :يفردوندي بالعبدادة ،وال يألدوم العبدد موحدداا بمجدرد اعترافده بتوحيدد الربوبيدةو
ين بتوحيد ِّد الربوبيدة ،ولددم قدر َفدإم الميدركين كدانوا م ِّ ّ قدر بتوحيدد األلوهيدة ،ويقدو َم بده ،ويال َّ حتدى ي َّ
قدروم بدأم هللا هدو الخدالق يدخلهم فدي اإلسدالم ،وقداتلهم رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم ،وهدم ي ُّ
َّللا} [الزخدر ،]87/ دن َخلَقَهد ْم لَيَقدول َّن َّ سأ َ ْلتَهم َّم ْ
الرانق ،المحيي المميت ،كما قا تعالىَ { :ولَ ِّن َ
ض لَيَقول َّن َخلَقَه َّن ا ْل َع ِّزيز ا ْل َع ِّليم} [الزخر { ،]9/ق ْل َمدن اوا ِّ َواألَ ْر َ س َم َ سأ َ ْلتَهم َّم ْن َخلَقَ ال َّ { َولَ ِّن َ
دن ا ْل َم ِّيّد ِّ
ت َوي ْخد ِّرت دي ِّم َ س ْدم َع واألَ ْبص َ
َدار َو َمدن ي ْخ ِّدرت ا ْل َح َّ ض أَ َّمدن يَ ْم ِّلدي ال َّ اء َواألَ ْر ِّ
سد َم ِّدن ال َّ يَ ْرنقألم ِّّم َ
َّللا} [يونس.]31/ وم َّ سيَقول َ ا ْل َميَّتَ ِّم َن ا ْل َح ّي ِّ َو َمن ي َدبِّّر األَ ْم َر فَ َ
أم التوحي َد هو اإلقرار بوجود هللا ،أو اإلقرار بأم هللا هو الخدالق كثير في القرآم ،فمن نع َم َّ
وهذا ٌ
ا
المتصر في الألوم ،واقتصر علدى هدذا الندوعو لدم يألدن عارفدا لحقيقدة التوحيدد الدذي دعَدتْ يليده
وقف عن َد الملزوم وترك الالنم ،أو وقف عند الدليل وترك المدلو عليه. َ الرسلو ألنه
ومن خصائص األلوهية :الألما المرلق من جميع الوجودهو الذي ال نقص فيه بوجه من الوجوه،
وذلي يوجب أم تألوم العبادة كلهدا لده وحدده ،والتعظديم واإلجدال ،والخيدية والددعاء ،والرجداء،
عا وفردرةا أم واإلنابة ،والتوكل واالستغاثة ،وغاية الذّ ِّّ مع غاية الحب ،كل ذلي يجب ا
عقال وشدر ا
عقال وشرعاا وفررةا أم يألوم لغيره.
يألوم هلل وحده ،ويمتنع ا
- 15 -
عقيدة التوحيد
الرسل.
الفصل األو :في معنى توحيد األلوهية وأنه مو وع دعو ِّة ُّ
الفصل الثاني :اليهادتام :معناهما -أركانهما -شروطهما -مقتضاهما -نواقضهما.
الفصل الخامس :في بيام مفاهيم خاط ٍة في تحديد العبادة (وذلي كالتقصير فدي مددلو العبدادة أو
الغلو فيها).
-الخضوع -الرجاء. الفصل السادس :في بيام ركائز العبودية الصحيحة :الحب -الخو
الفصل السابع :في بيام شروط قَبو ِّ العبادة والعمل :وهي اإلخالص ومتابعة اليرع.
الفصل الثامن :في بيام مراتب الدين وهي :اإلسدالم -واإليمدام -واإلحسدام .تعريفهدا ومدا بينهدا
من عموم وخصوص.
الرسل
بيام معنى توحي ِّد األلوه َّي ِّة وأنه مو وع دعو ِّة ُّ
الفصل األو :في ِّ
توحيد األلوهية :األلوهية هي العبادة
وتوحيد األلوهية هو :يفراد هللا تعالى بأفعدا العبداد التدي يفعلونهدا علدى وجده التقدرب الميدروع،
كالدعاء والنذر والنحر ،والرجاء والخو ،والتوكل والرغبة والرهبة واإلنابدة ،وهدذا الندوع مدن
التوحيد هدو مو دوع دعدوة الرسدل مدن أولهدم يلدى آخدرهم ،قدا تعدالىَ { :ولَقَد ْد بَعَثْنَدا فِّدي كد ِّّل أ َّمد ٍة
سد ْلنَا ِّمدن قَ ْب ِّلديَ ِّمدن َّللا َواجْ تَ ِّنبواْ ال َّراغو َ } [النحل ،]36/وقدا تعدالىَ { :و َمدا أَ ْر َ وال أَ ِّم اعْبدواْ َّ َ َّرس ا
وحي يِّلَ ْي ِّه أَنَّه ال يِّلَهَ يِّال أَنَاْ فَاعْبد ِّ
وم} [األنبياء.]25/ َّرسو ٍ يِّال ن ِّ
وك ُّل رسو يبدأ دعوته لقومه باألمر بتوحيد األلوهية ،كما قا نوح وهدود وصدالح وشدعيبَ { :يدا
َّللا َما لَألم ِّّم ْن يِّلَ ٍه} [األعرا َ { ،]85 ،73 ،65 ،59/ويِّب َْرا ِّهي َم يِّ ْذ قَا َ ِّلقَ ْو ِّم ِّه اعْبدوا َّ
َّللاَ قَ ْو ِّم اعْبدوا َّ َ
َواتَّقوه} [العنألبو .]16/
صدددا لَّددده الددد ّد َ
ِّين} ددر أَ ْم أَعْبددد َد َّ َ
َّللا م ْخ ِّل ا وأندددز علدددى محمدددد صدددلى هللا عليددده وسدددلم{ :قددد ْل ِّي ِّنّدددي أ ِّمد ْ
[الزمر.]11/
وقدا صدلى هللا عليده وسددلم ( :أمدر أم أقاتدل النداسو حتددى ييدهدوا أم ال يلده يال هللا وأم محمدداا
رسو هللا) [الحديث رواه البخاري ومسلم].
- 16 -
عقيدة التوحيد
وأو واجب على المأللف :شهادة أم ال يله يال هللا والعمل بها ،قا تعالى{ :فَا ْعلَ ْم أَنَّه ال ِّيلَهَ ِّيال َّ
َّللا
ستَ ْغ ِّف ْر ِّلذَنبِّيَ } [محمد.]19/
َوا ْ
وأو ما يؤمر بده َم ْ
دن يريدد الددخو فدي اإلسدالم :النردق باليدهادتين ،فتبدين مدن هدذا :أم توحيدد
الرسل ،وس ِّّمي بذليو ألم األلوهية وصف هللا تعالى الدا عليده اسدمه
األلوهية هو مقصود دعوة ُّ
تعالى (هللا) ،فاهلل :ذو األلوهية ،أي المعبود.
ويقددا لدده :توحيددد العبددادةو باعتبددار أم العبوديددة وصددف العبددد ،حيددث يندده يجددب عليدده أم يعبددد هللا
صا في ذليو لحاجته يلى ربه وفقره يليه ،قا شيخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه هللا :- مخل ا
(واعلم أم فقر العبد يلى هللا :أم يعبده ال ييرك به شي اا ،ليس له نظير فيقاس بهو لألن ييدبه مدن
بعل الوجوه حاجة الجسد يلدى الرعدام واليدراب ،وبينهمدا فدروق كثيدرةو فدإم حقيقدة العبدد قلبده
ح لها يال بإلهها هللا الذي ال يله يال هو ،فال ترم ن في الددنيا يال بدذكره .ولدو
وروحه ،وهي ال صال َ
ندوع ،ومدن شدخص يلدى ٍ ندوع يلدى
ٍ ص َل للعبد لذّا وسرور بغير هللا ،فال يدوم ذلي ،بل ينتقل من
َح َ
شخص ،وأما يلهه فالبد له منه في كل حا ،وكل وقت وأينما كام فهو معه) .
وكام هدذا الندوع مدن التوحيدد هدو مو دوع دعدوة الرسدلو ألنده األسداس الدذي تبندى عليده جميدع
األعما ،وبدوم تحققه ال تص ُّح جميع األعما :فإنه يذا لم يتحققو حصل ده ،وهو اليرك ،وقد
شد َدركواْ يد َدركَ بِّد ِّه} [النسدداء ،]116 /48/وقددا تعددالىَ { :ولَد ْدو أَ ْ َّللا الَ يَ ْغ ِّفددر أَم ي ْ
قددا هللا تعددالى{ :يِّ َّم َّ َ
ع َملديَ َولَتَألدونَ َّن وم} [األنعام ،]88/وقا تعالى { :لَد ِّ ْن أَش َْدركْتَ لَيَحْ دبَ َر َّن َ ع ْنهم َّما كَانواْ يَ ْع َمل َ لَ َح ِّب َ َ
ين} [الزمر.]65/ ِّم َن ا ْل َخا ِّ
س ِّر َ
وألم هذا النوع من التوحيدو هو أو الحقوق الواجبة علدى العبدد ،كمدا قدا تعدالىَ { :واعْبددواْ َّ َ
َّللا
ضى َربُّيَ أَالَّ تَ ْعبدواْ ساناا} [النساء ]36/اآلية ،وقا تعالىَ { :وقَ َ ش ْي اا َوبِّا ْل َوا ِّل َدي ِّْن يِّحْ َ
َوالَ تي ِّْركواْ بِّ ِّه َ
ساناا} [اإلسراء ]23/اآلية ،وقا تعالى{ :ق ْل تَعَالَ ْواْ أَتْل َما َح َّر َم َربُّألد ْم َ
علَديْأل ْم ِّيالَّ ِّييَّاه َو ِّبا ْل َوا ِّل َدي ِّْن ِّيحْ َ
ساناا} [األنعام ]153-151/اآليا . أَالَّ تي ِّْركواْ بِّ ِّه َ
ش ْي اا َوبِّا ْل َوا ِّل َدي ِّْن يِّحْ َ
- 17 -
عقيدة التوحيد
( ب ) أم معناها :ال خالقَ يال هللا .وهذا جزء من معنى هذه الأللمةو ولألن ليس هو المقصودو ألنه
ال يثبت يال توحيد الربوبية ،وهو ال يألفي وهو توحيد الميركين.
(جددـ) أم معناهددا :ال حاكميّددةَ يال هلل ،وهددذا أي ا
ضددا جددزء مددن معناهددا ،ولدديس هددو المقصددودو ألندده ال
يألفي ،ألنه لو أفرد هللا بالحاكمية فق ودعا غير هللا أو صر له شي اا من العبادة لم يألن موحداا،
وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصةو وينما نبهنا عليها ألنها توجد في بعل الألتب المتداولة.
- 18 -
عقيدة التوحيد
فقولده( :مدن يألفدر بالرداغو ) هددو معندى الدركن األو (ال يلده) وقولدده( :ويدؤمن بداهلل) هدو معنددى
الركن الثاني (يال هللا).
فقوله( :ينني براء) هو معنى النفي في الركن األو ،وقوله( :يال الذي فررني) هو معنى اإلثبدا
في الركن الثاني.
أركام شهادة أم محمداا رسو هللا :لها ركندام همدا قولندا :عبدده ورسدوله ،وهمدا ينفيدام اإلفدرا َط
والتفري في حقه صلى هللا عليه وسلم فهو عبده ورسوله ،وهو أكمل الخلق في هاتين الصدفتين
بير مخلوق مما خلق منده البيدرو يجدري اليريفتين ،ومعنى العبد هنا :المملوك العابد ،أي :أنه ٌ
عليه ما يجري عليهم ،كما قا تعالى{ :ق ْل ِّينَّ َما أَنَا بَي ٌَر ِّّمثْلأل ْم} [الألهف ،]110/وقد َوفَّى صلى هللا
عبْددَه} [الزمدر،]36/ َّللا بِّألَدا ٍ َ
ْس َّعليه وسلم العبوديّة حقَّها ،ومدحده هللا بدذلي ،قدا تعدالى{ :أَلَدي َ
س ِّج ِّد ام الَّذِّي أَ ْ
س َرا ِّب َع ْب ِّد ِّه لَي اْال ِّّم َن ا ْل َم ْ ع ْب ِّد ِّه ا ْل ِّألتَ َ
اب} [الألهف{ ،]1/س ْب َح َ علَى َ ّلِل الَّذِّي أَ َ
نز َ َ {ا ْل َح ْمد ِّ َّ ِّ
ا ْل َح َر ِّام} [اإلسراء.]1/
ونذيرا.
ا بييرا
ا ومعنى الرسو :المبعوث يلى الناس كافة بالدعوة يلى هللا
كثيرا
وفي اليهادة له بهاتين الصفتين :نفي لإلفراط والتفري في حقه صلى هللا عليه وسلم ،فإم ا
ممن يدعي أنه من أمته أفدرط فدي حقده ،وغدال فيدهو حتدى رفعده فدوق مرتبدة العبوديدة يلدى مرتبدة
العبادة له من دوم هللاو فاستغاث به من دوم هللا ،وطلب منه مدا ال يقددر عليده يال هللاو مدن قضداء
الحاجا وتفريج الألربا .والبعل اآلخر جحد رسالته أو فرط في متابعته ،واعتمدد علدى اآلراء
ف في تأويل أخباره وأحألامه.س َ
واألقوا المخالفة لما جاء بهو وتع َّ
ثال اثا :شروط اليهادتين
أ ـ شروط ال يله يال هللا
البد في شهادة أم ال يله يال هللا من سبعة شروط ،ال تنفع قائلهدا يال باجتماعهداو وهدي علدى سدبيل
اإلجما :
- 19 -
عقيدة التوحيد
أي( :شهد) بال يله يال هللا( ،وهم يعلموم) بقلوبهم ما شدهد بده ألسدنتهم ،فلدو ن َردقَ بهدا وهدو ال
يعلم معناها ،لم تنفعهو ألنه لم يعتق ْد ما تد عليه.
والعروة الوثقى :ال يله يال هللاو ومعنى يسلم وجهه :أي ينقاد هلل باإلخالص له.
- 20 -
عقيدة التوحيد
:وهو أم يقو َ هذه الأللمة مصدقاا بها قلبه ،فإم قالَهدا بلسدانه ولدم يصددق بهدا قلبدهو كدام مناف اقدا
َّللاَ
وم ّين * ي َخادِّع َ اّلِل َوبِّا ْليَ ْو ِّم ِّ
اآلخ ِّر َو َما هم بِّم ْؤ ِّمنِّ َ اس َمن يَقو آ َمنَّا بِّ ّ ِّ
كاذباا ،قا تعالىَ { :و ِّم َن النَّ ِّ
وم} [البقرة.]10-8/ اب أَ ِّلي ٌم ِّب َما كَانوا َي ْألذِّب َ
عذ َ ٌ
ِّين آ َمنوا} يلى قولهَ { :ولَهم ََوالَّذ َ
ظاهر باللسام.
ا به -2النرق بذلي ،واالعترا
-3المتابعة لهو بأم يعمل بما جاء به من الحق ،ويترك ما نهى عنه من الباطل.
- 21 -
عقيدة التوحيد
أخلص العبادة
َ وهؤالء اعتقدوا أم التوحيد بدعة ،وأنألروه على من دعاهم يليه ،وعابوا على من
هلل.
عا. َ
وبين هللا وسائ و يدعوهم ويسألهم اليفاعة ويتوكل عليهمو فإنه يألفر يجما ا 2ـ من جعل بينَه
3ـ من لم يألفر الميركين ،ومن يييّ في كفرهم ،أو صحح مذهبهمو كفر.
4ـ من اعتقد أم هدي غير النبي صلى هللا عليه وسدلم أكمدل مدن هديده ،أو أم حألدم غيدره أحسدن
من حألمه ،كالذين يفضلوم حألم الرواغيت علدى حألدم الرسدو صدلى هللا عليده وسدلم ،ويفضدلوم
حألم القوانين على حألم اإلسالم.
5ـ من أبغل شي اا مما جاء به الرسو صلى هللا عليه وسلم -ولو عمل به -و كفر.
6ـ من استهزأ بييء من دين الرسو أو ثوابه أو عقابهو كفدر ،والددليل علدى ذلدي قولده تعدالى:
وم * الَ تَ ْعتَذِّرواْ قَ ْد َكفَ ْرتم َب ْع َد ِّيي َما ِّنأل ْم} [التوبة.]66 /65:
ستَه ِّْزؤ َ {ق ْل أَ ِّب َّ ِّ
اّلِل َوآ َيا ِّت ِّه َو َرسو ِّل ِّه كنت ْم تَ ْ
7ـ السحر ،ومنه الصر والعرف (لعله يقصد عمل ما يصر الرج َل عن حب نوجته ،أو عمدل
دن أَ َحد ٍد َحتَّدى كفدر ،والددليل قولده تعدالىَ { :و َمدا يعَ ِّلّ َم ِّ
دام ِّم ْ ما يحببها يليه) فمن فعلده ،أو ر دي بدهو َ
يَقوالَ يِّنَّ َما نَحْ ن فِّتْنَةٌ فَالَ تَألْف ْر} [البقرة.]102/
8ـ مظاهرة الميركين ،ومعاونتهم على المسلمين ،والدليل قوله تعالىَ { :و َمن يَتَ َولَّهم ِّّمدنأل ْم فَ ِّإنَّده
َّللا الَ َي ْهدِّي ا ْلقَ ْو َم ال َّظا ِّل ِّم َ
ين} [المائدة.]51/ ِّم ْنه ْم ِّي َّم َّ َ
- 22 -
عقيدة التوحيد
9ـ من اعتقد أم بعل الناس يسعه الخروت عن شريعة محمد صدلى هللا عليده وسدلم ،كمدا وسدع
الخضر الخروت عن شريعة موسى ،عليه السدالمو فهدو كدافر .قلدت :وكمدا يعتقدده غدالة الصدوفية
أنهم يصلوم يلى درج ٍة ال يحتاجوم معها يلى متابعة الرسو صلى هللا عليه وسلم.
ِّين َكفَدروا َ
ع َّمدا 10ـ اإلعراض عن دين هللا ،ال يتعلمده ،وال يعمدل بده ،والددليل قولده تعدالىَ { :والَّدذ َ
ع ْن َهددا ِّينَّددا ِّمد َ
دن ض َدن أَ ْظلَددم ِّم َّمددن ذ ِّ ّكد َدر ِّبآيَددا ِّ َر ِّبّ د ِّه ث د َّم أَ ْعد َدر َ
دوم} [األحقددا َ { ،]3/و َمد ْ
أن دذِّروا م ْع ِّر د َ
وم} [السجدة.]22/ ا ْلمجْ ِّر ِّم َ
ين منتَ ِّقم َ
قا الييخ محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا( :ال فرق في جميع هذه النواقل ،بين الهان والجاد
خررا ،وأكثر ما يألوم وقوعاا ،فينبغدي للمسدلم أم
ا والخائف ،يال المألره .وكلها من أعظم ما يألوم
يحذَرها ،ويخا منها على نفسه ،نعوذ باهلل من موجبا غضبه ،وأليم عقابه) .
الفصل الثالث :في التيريع
التيريع حق هلل تعالى
ينزلده هللا لعبداده مدن المدنهج الدذي يسديروم عليده فدي العقائدد والمعدامال والمراد بالتيريع :ما ِّ ّ
وغيرهاو ومن ذلي التحليل والتحريم ،فليس ألحدد أم يحدل يال مدا أحلده هللا ،وال يحدرم يال مدا حدرم
علَددى َّ ِّ
َّللا ِّب َهدـذَا َحدالَ ٌ َو َهدـذَا َح َدرا ٌم ِّلّتَ ْفتَدرواْ َ هللا ،قدا تعدالىَ { :والَ تَقولدواْ ِّل َمدا تَ ِّصدف أَ ْلسِّدنَتألم ا ْلألَدذ َ
ق فَ َجعَ ْلتم ِّّم ْنه َح َرا اما َو َحالَ االَّللا لَألم ِّّمن ِّ ّر ْن ٍ
نز َ َِّّب} [النحل ،]116/وقا تعالى{ :ق ْل أَ َرأَيْتم َّما أَ َ ا ْل َألذ َ
وم} [يونس.]59/ َّللا تَ ْفتَر َ
علَى َّ ِّ آّلِل أَذ َِّم لَأل ْم أَ ْم َ
ق ْل َّ
فقد نهى هللا عن التحليل والتحريمو بدوم دليل من الألتاب والسنة ،وأخبر أم ذلي من الألذب علدى
حر َم شي اا من غيدر دليدلو فقدد جعدل نفسده شدريألاا هلل هللا ،كما أخبر سبحانه َّ
أم من أو َج َب شي اا أو َّ
ِّين َمدا لَد ْم فيما هو من خصائصه ،وهو التيريع ،قا تعدالى{ :أَ ْم لَهد ْم ش َدركَاء ش ََدرعوا لَهدم ِّّم َ
دن الد ّد ِّ
يَأْذَم ِّب ِّه َّ
َّللا} [اليورا.]21/
الميرع من دوم هللا وهو يعلم بدذلي ووافقده علدى فعلده ،فقدد أشدركه مدع هللا ،قدا ِّ ّ ومن أطاع هذا
تعالىَ { :ويِّ ْم أَ َط ْعتموه ْم يِّنَّأل ْم لَمي ِّْرك َ
وم} [األنعام.]121/
حرم هللا من الميتا َ ،من أطاعهم في ذلي فهو ميدرك ،كمدا أخبدر سدبحانه يعني :الذين يحلّوم ما َّ
أم من أطاع األحبار والرهبام في تحليل ما حرم هللا ،وتحريم ما أحله هللاو فقد اتخذهم أربابادا مدن
َّللا َوا ْل َمسِّي َح اب َْن َم ْريَ َم َو َما أ ِّمرواْ اره ْم َور ْهبَانَه ْم أَ ْربَاباا ِّّمن د ِّ
وم َّ ِّ دوم هللا ،قا تعالى{ :اتَّ َخذواْ أَحْ بَ َ
وم} [التوبة.]31/ ع َّما يي ِّْرك َ احداا الَّ يِّلَـهَ يِّالَّ ه َو س ْب َحانَه َ
يِّالَّ ِّليَ ْعبدواْ يِّلَـ اها َو ِّ
عدي بن حاتم -ر ي هللا عنه -هذه اآلية ،قا :يا رسو هللا ،ينا لسدنا نعبددهم ،فقدا ّ ولما سمع
لدده النبددي صددلى هللا عليدده وسددلم( :أليسددوا يحلددوم مددا حد َّدرم هللا فتحلوندده ،ويحرمددوم مددا أحددل هللا
فتحرمونه)؟ قا :بلى ،قا ( :فتلي عبادتهم) [الحديث رواه الترمذي].
- 23 -
عقيدة التوحيد
كثير من النَّاس مع من قلددوهمو لعددم اعتبدارهم الددليل يذا خدالف المقلَّددو وهدو مدن
وهذا وقع فيه ٌ
هذا اليرك) انتهى.
فالتزام شرع هللا ،وترك شرع ما سواه ،هو من مقتضى ال يله يال هللا ،وهللا المستعام.
الفصل الرابع :العبادة :معناها ،شمولها
1ـ معنى العبادة
أصل العبادة التذلل والخضوع..
وهي منقسدمة علدى القلدب واللسدام والجدوارح ،فدالخو والرجداء ،والمحبدة والتوكدل ،والرغبدة
والرهبدة :عبددادة قلبيددة ،والتسددبيح والتهليددل والتألبيددر ،والحمددد واليددألر باللسددام والقلددب :عبددادة
لسانية قلبية.
والصالة والزكاة والحج والجهاد :عبادة بدنية قلبية ،يلى غير ذلي من أنواع العبدادة التدي تجدري
على القلب واللسام والجوارح ،وهي كثيرة.
وم *
نس ِّيال ِّل َي ْعبد ِّ والعبادة :هي التي خلق هللا الخلق من أجلها ،قا تعالىَ { :و َما َخلَ ْقت ا ْل ِّج َّن َو ِّ
اإل َ
دددو ِّة ا ْل َمتِّددددين}
دددر َّناق ذو ا ْلقد َّ
دددو الد َّ ق َو َمددددا أ ِّريددددد أَم ي ْر ِّعمد ِّ
دددوم * يِّ َّم َّ َ
َّللا هد َ َمددددا أ ِّريددددد ِّمدددد ْنهم ِّّمددددن ِّ ّر ْن ٍ
[الذاريا .]58-56/
غني عن عبادتهم،ٌّ فأخبر سبحانه أم الحألمة من خلق الجن واإلنس :هي قيامهم بعبادة هللا ،وهللا
وينما هم المحتاجوم يليها لفقرهم يلى هللا تعالى ،فيعبدونه على وفق شدريعته ،فمدن أبدى أم يعبدد
هللاو فهو مستألبر .ومن عبده وعبد معه غيرهو فهو ميرك .ومن عبده وحده بغير ما شدرعو فهدو
مبتدع .ومن عبده وحده بما شرع فهو المؤمن المو ِّ ّحد.
- 24 -
عقيدة التوحيد
نعم للمسجد فضلٌ ،ويجب أم تؤدا فيه الصلوا الخمس ،ولألن العبادة تيدمل كدل حيداة المسدلمو
داخل المسجد وخارجه.
- 25 -
عقيدة التوحيد
والف ددة الثانيددة :تيدددد فددي تربيددق العبددادا يلددى حددد الترددر ،فرفعددت المسددتحبا يلددى مرتب دة
وحرمت بعل المباحا ،وحألمت بالتضليل أو التخر ة على من خالف منهجها ،وخ َّرأ الواجبا َّ ،
مفاهيمها .وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم ،وشر األمور محدثاتها.
فالحب مع الذّ ،والخدو مدع الرجداء ،البدد فدي العبدادة مدن اجتمداع هدذه األمدور ،قدا تعدالى فدي
ِّين آ َمندواْ أَشَد ُّد حبًّدا
وصف عباده المؤمنين{ :ي ِّحبُّه ْم َوي ِّحبُّونَده} [المائددة ،]54/وقدا تعدالىَ { :والَّدذ َ
ّلِل} [البقرة.]165/
ِّّ َّ ِّ
وم فِّي ا ْل َخي َْرا ِّ َويَدْعونَنَا َر َ
غباا َو َر َهباا َوكَانوا وقا في وصف رسله وأنبيائه{ :يِّنَّه ْم كَانوا ي َ
س ِّارع َ
لَنَا َخا ِّ
ش ِّع َ
ين} [األنبياء.]90/
وقا بعل السلف :من عبد هللا بالحب وحده فهو ننديق ،ومن عبده بالرجاء وحده فهدو مرجد ،
ومن عبده بالخو وحده فهو حروري ،ومن عبده بالحب والخو والرجاء فهدو مدؤمن مو ِّ ّحدد.
ذكر هذا شيخ اإلسالم في رسالة (العبوديدة) وقدا أيضادا( :فددين هللا :عبادتده وطاعتده والخضدوع
ق مع َّبدٌ ،يذا كدام م ا
دذلال قدد وط تده األقددام .لألدن العبدادة له ،والعبادة أصل معناها :الذ .يقا :طري ٌ
المأمور بها تتضمن معنى الذ ،ومعنى الحب ،فهي تتضمن غاية الذ هلل تعالى ،بغاية الحب لده،
أحب شي اا ولم يخضع له لم يألن عابداا له، ض َع إلنسام مع بغضه له ال يألوم عابداا له ،ولو ّ ومن خ َ
حب الرجل ولده وصديقه ،ولهذا ال يألفي أحدهما في عبادة هللا تعالى ،بل يجدب أم يألدوم هللا كما ي ُّ
أحدب يلددى العبددد مدن كددل شدديء ،وأم يألددوم هللا أعظدم عنددده مددن كددل شديء ،بددل ال يسددتحق المحبددة
والخضوع التام يال هللا )...انتهى .
هذه ركائز العبودية التي تدور عليها ،قا العالمة ابن القيم في النونية:
والييرام
ِّ والنفس
ِّ أمر َرسوله ** ال بالهوا
و َمداره باألمر ِّ
دورام العبادة على المحبة والذ للمحبوب ،وهو هللا جل وعالو بددورام الفلدي َ شبَّه -رح َمه هللا -
علددى قربيدده ،وذكددر أم دورام فلددي العبددادة بددأمر الرسددو صددلى هللا عليدده وسددلم ومددا شددرعه ،ال
بالهوا ،وما تأمر به النفس والييرام ،فليس ذلي من العبادة .فما شرعه الرسو صلى هللا عليه
وسلم هو الذي يدير فلي العبادة ،وال تديره البدع والخرافا واألهواء وتقليد اآلباء.
ويتضمن ما يلي:
- 26 -
عقيدة التوحيد
أوال :األدلَّة من الألتاب والسنة والعقل على ثبو األسماء والصفا .
ا
أثبت هللا سبحانه في هذه اآلية لنفسه األسدماء ،وأخبدر أنهدا حسدنى .وأمدر بدعائدهو بدأم يقدا :يدا
هللا ،يا رحمن ،يا رحيم ،يا حي يا قيوم ،يا رب العالمين .وتوعّد الذين يلحدوم في أسمائهو بمعنى
أنهم يميلوم بها عن الحقو يما بنفيها عن هللا ،أو تأويلها بغير معناها الصحيح ،أو غير ذلدي مدن
أنواع اإللحاد .توعدهم بأنه سيجانيهم بعملهم السي .
َّللا الَّدذِّي ال ِّيلَدهَ ِّيال ه َدو عَدا ِّلم سدنَى} [طده{ ،]8/ه َدو َّ سد َماء ا ْلح ْ َّللا ال ِّيلَهَ ِّيال ه َو لَده األَ ْ وقا تعالىَّ { :
سدالم ا ْلم ْدؤ ِّمن َّللا الَّذِّي ال يِّلَدهَ يِّ َّال ه َدو ا ْل َم ِّلدي ا ْلقددُّوس ال َّ
الر ِّحيم * ه َو َّ الرحْ َمن َّ ي َها َد ِّة ه َو َّ ب َوال َّ ا ْلغَ ْي ِّ
دار ا ْلمصَد ّ ِّور لَده َّللا ا ْل َخدا ِّلق ا ْلبَ ِّ ع َّمدا يي ِّْدرك َ
وم * ه َدو َّ َّللا َ ا ْلم َهي ِّْمن ا ْل َع ِّزيز ا ْل َجبَّدار ا ْلمتَ َأل ِّبّدر سد ْب َح َ
ام َّ ِّ
ض َوه َو ا ْلعَ ِّزيز ا ْل َح ِّأليم} [الحير.]24-22/ اوا ِّ َواألَ ْر ِّ س ِّبّح لَه َما فِّي ال َّ
س َم َ سنَى ي َ س َماء ا ْلح ْ األَ ْ
فدلّت هذه اآليا على يثبا األسماء هلل.
2ـ ومن األدلة على ثبو أسماء هللا من سنة الرسو صلى هللا عليه وسلم :ما رواه أبدو هريدرة
ر ددي هللا عندده أم رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم قددا ( :يم هلل تسددعةا وتسددعين اسد اما ،مائددة يال
واحداا ،من أحصاها دخل الجنة) [متفق عليه] .وليست أسماء هللا منحصرة فدي هدذا العددد ،بددليل
النبي صلى هللا عليده وسدلم قدا ( :أسدأليَ ِّبألد ِّّل ٍ
اسدم َّ ما رواه عبد هللا بن مسعود ر ي هللا عنه أم
هو لَيَ ،س َّميتَ به نفسي ،أو أنزلتَه في كتابيَ ،أو علَّمته أحداا من خلقي ،أو استأثر بده فدي علدم
الغيب عندك ،أم تجعل القرآم العظيم ربيع قلبدي) الحدديث [رواه أحمدد فدي المسدند وصدححه ابدن
حبام -وقد د ّ على عدم حصر أسماء هللا في تسعة وتسعين .فيألوم المراد بالحديث -وهللا أعلدم
-أم من تعلم هدذه األسدماء التسدعة والتسدعين ودعدا هللا بهدا وعبدده بهدا دخدل الجندة ويألدوم ذلدي
خاصية لها] .وكل اسدم مدن أسدماء هللا ،فإنده يتضدمن صدفة مدن صدفاتهو فدالعليم يدد علدى العلدم،
سميع البصير يدالم على السمع والبصر ،وهألذا ك ُّل اسدم يدد علدى والحأليم يد على الحألمة ،وال َّ
َّللا الصَّد َمد * لَد ْم يَ ِّلد ْد َولَد ْم يولَد ْد * َولَد ْم َ
َّللا أ َحد ٌد * َّ
صفة من صفا هللا تعالى ،وقا تعالى{ :ق ْل ه َدو َّ
يَألن لَّه كف اوا أَ َح ٌد} [سورة اإلخالص].
- 27 -
عقيدة التوحيد
كدام رجد ٌل مدن األنصدار يدؤمهم فدي مسدجد قبداء ،فألدام كلمدا افتدتح عن أنس ر دي هللا عنده قدا َ :
سورة يقرأ بها لهم في الصالة مما يقرأ بهو افتتح بـ(قدل هدو هللا أحدد) ،حتدى يفدرغ منهدا ،ثدم كدام
يقرأ سورة أخرا معها ،وكام يصنع ذلي في كدل ركعدة ،فأللَّمده أصدحابه فقدالوا :يندي تفتدتح بهدذه
السددورة ،ثددم ال تددرا أنهددا تجزئددي حتددى تقددرأ بدداألخرا! فإمددا أم تقددرأ بهددا ،ويمددا أم تدددعها وتقددرأ
بأخرا ،فقا :ما أنا بتاركها ،يم أحببتم أم أؤمألم بذلي فعلت ،ويم كدرهتم تدركتألم ،وكدانوا يدروم
أنه من أفضلهم ،وكرهوا أم يؤمهم غيره ،فلما أتاهم النبي صدلى هللا عليده وسدلم أخبدروه الخبدر.
سدورة فدي فقا ( :يا فالم ،ما يمنعي أم تفع َل ما يأمرك به أصحابي؟ وما حملَيَ علدى لدزوم هدذه ال ُّ
كل ركعة)؟ قا :ي ِّنّي أح ُّبها ،قا ( :ح ُّبيَ يياها أد َخلَيَ الجنَّة) [رواه البخاري في صحيحه].
ا
رجدال علدى سدرية وكدام يقدرأ َ
بعدث وعن عائية ـ ر ي هللا عنها ـ أم النبي صلى هللا عليه وسلم
ألصحابه في صالتهم ،فيخدتم بدـ(قدل هدو هللا أحدد) ،فلمدا رجعدوا ذكدروا ذلدي للنبدي صدلى هللا عليده
وسلم فقا ( :سلوه :ألي شيء يفعل ذلي)؟ فسألوه ،فقا :ألنها صفة الرحمن ،وأنا أحدب أم أقدرأ
النبي صلى هللا عليه وسلم( :أخبروه أم هللا تعالى يحبه) [رواه البخاري في صدحيحه]. ُّ بها ،فقا
الرحمن.
يعني أنها اشتملت على صفا ِّ َّ
-1هذه المخل وقا العظيمة على تنوعها ،واختالفها ،وانتظامها في أداء مصالحها ،وسديرها فدي
خررها المرسومة لها ،تد على عظمة هللا وقدرته ،وعلمه وحألمته ،ويرادته وميي ته.
-2اإلنعام واإلحسدام ،وكيدف الضدر ،وتفدريج الألربدا و هدذه األشدياء تدد ّ علدى الرحمدة والألدرم
والجود.
-3والعق اب واالنتقام من العصاةو يدالم على غضب هللا عليهم وكراهيته لهم.
- 28 -
عقيدة التوحيد
-1أنهم يثبتوم أسماء هللا وصفاتهو كما ورد في الألتاب والسدنة علدى ظاهرهدا ،ومدا تدد عليده
ألفاظها من المعاني ،وال يؤولونها عن ظاهرها ،وال يحرفوم ألفاظها وداللتها عن موا عها.
سد ِّدميع
دي ٌء َوهد َدو ال َّ ْس ك َِّمثْ ِّلد ِّه َ
شد ْ دوم عنهددا ميددابهة صددفا المخلددوقين ،كمددا قددا تعددالى{ :لَدي َ
-2يَنفد َ
البَ ِّصير} [اليورا.]11/
-3ال يتجاونوم ما ورد في الألتاب والسنةو في يثبا أسماء هللا وصفاته ،فما أثبته هللا ورسدوله
سألتَ عنه هللا ورسوله سألَتوا عنه.
من ذلي أثبتوه ،وما نفاه هللا ورسوله نفوه ،وما َ
سدر ،وليسدت مددن
األسدماء والصددفا مدن المحألدم الدذي يفهددم معنداه ويف َّ
ِّ نصدوص
َ -4يعتقددوم َّ
أم
المتيابهو فال يفَ ّ ِّو وم معناها ،كما يَنسب ذلي يليهم َمن كَدذَ َب علديهم ،أو لدم يعدر مدنهجهم مدن
بعل المؤلفين والألتاب المعاصرين.
َ
وم كيفية الصفا يلى هللا تعالى ،وال يبحثوم عنها. فو
-5ي ّ
ثالثااّ :
الر ُّد على من أنأل ََر األسما َء والصّفا ِّ ،أو أنألر بعضها
-2المعتزلة :وهم أتباع واصل بن عراءو الذي اعتز مجلس الحسدن البصدري ،وهدؤالء يثبتدوم
جردة عن المعاني ،وينفوم الصفا كلها.
األسما َء على أنها ألفاظ م َّ
صددفا ،وينفددوم
دل ال ِّ ّ
-3األشدداعرة والماتوريديددة ومددن تددبعهم ،وهددؤالء يثبتددوم األسددما َء وبعد َ
بعضها ،واليُّبهة التي بنوا عليها جمي اعا مذاهبهم :هي الفرار من تيبيه هللا بخلقده بدزعمهمو ألم
ببعل تلي األسماء ،ويوصدفوم بتلدي الصدفا ،فيلدزم مدن االشدتراك فدي لفدظ ِّ س َّموم
المخلوقين ي َ
االسم والصفة ومعناهما :االشتراك فدي حقيقتهمدا ،وهدذا يَلدزم منده تيدبيه المخلدوق بالخدالق فدي
نظرهم ،والتزموا حيا ذلي أحد أمرين:
أ ـ يما تأويل نصوص األسماء والصفا عن ظاهرها ،كتأويل الوجه بالذا ،واليد بالنعمة.
ب ـ ويما تفويل معاني هذه النصوص يلدى هللا ،فيقولدوم :هللا أعلدم بمدراده منهداو مدع اعتقدادهم
أنها ليست على ظاهرها.
وأو من عر َ عنه ينألار األسماء والصفا :بعل ميدركي العدرب ،الدذين أندز هللا فديهم قولده
ِّي أَ ْو َح ْينَا يِّلَ ْيديَ َوهد ْم يَألْفدر َ
وم تعالىَ { :كذَ ِّليَ أَ ْر َ
س ْلنَاكَ فِّي أ َّم ٍة قَ ْد َخلَتْ ِّمن قَ ْب ِّل َها أ َم ٌم ِّلّتَتْل َو َ
علَي ِّْهم الَّذ َ
ـن} [الرعد.]30/ الرحْ َم ِّ
ِّب َّ
يددا لمددا سدمعت رسددو َ هللا صددلى هللا عليده وسددلم يددذكر الددرحمنو أم قري اوسدبب نددزو هددذه اآليدةَّ :
دـن} .وذكدر ابدن جريدر أم ذلدي كدام فدي صدلح الرحْ َم ِّ أنألروا ذلي ،فأنز هللا فيهمَ { :وهد ْم يَألْفدر َ
وم ِّب َّ
- 29 -
عقيدة التوحيد
الحديبيةو حين كتب الألاتب في قضدية الصدلح الدذي جدرا بيدنهم وبدين رسدو هللا صدلى هللا عليده
وسلم" :بسم هللا الرحمن الرحيم" فقالت قريش :أما الرحمن فال نَعرفه.
وروا ابن جرير أيضاا عن ابن عباس :كام رسو هللا صلى هللا عليه وسدلم يددعو سداج ادا يقدو :
"يا رحمن يا رحيم" فقا الميركوم :هذا َيزعم أنده يددعو واحدداا ،وهدو يددعو مثندى .فدأنز هللا:
سنَى} [اإلسراء.]110/ ـن أَيًّا َّما تَدْعواْ فَلَه األَ ْ
س َماء ا ْلح ْ َّللا أَ ِّو ادْعواْ َّ
الرحْ َم َ {ق ِّل ادْعواْ َّ َ
لرحْ َم ِّن قَالوا َو َما َّ
الرحْ َمن} [الفرقام.]60/ وقا تعالى في سورة الفرقامَ { :و ِّيذَا قِّي َل لَهم ا ْ
سجدوا ِّل َّ
فهددؤالء الميددركوم هددم سددلف الجهميددة ،والمعتزلددة واألشدداعرة ،وكددل مددن نفددى عددن هللا مددا أثبتَدده
س السدلف لبد س لنفسه ،أو أثبته لده رسدوله صدلى هللا عليده وسدلم مدن أسدماء هللا وصدفاته .وبد َ
الخلف.
بعدل
َ داس َل َدرؤو ٌ َّر ِّحدي ٌم} [الحدج ،]65/وسد َّمى َّللا ِّبال َّن ِّ
وس َّمى نفسه بالرؤو الرحيم فقا ِّ { :ي َّم َّ َ
علَديْألم علَيْد ِّه َمدا َ
عنِّدتُّ ْم َحد ِّريصٌ َ دن أَنفسِّدأل ْم ع َِّز ٌ
يدز َ عباده رؤوفاا رحي اما ،فقا { :لَقَد ْد َجدا َءك ْم َرسدو ٌ ِّّم ْ
كالرحيم. ين َرؤو ٌ َّر ِّحي ٌم} [التوبة ،]128/وليس الرؤو كالرؤو ،وال الرحيم َّ ِّبا ْلم ْؤ ِّم ِّن َ
دن َديءٍ ِّّم ْ دوم ِّبي ْ َدف عبداده بنظيدر ذلدي ،مثدل قولدهَ { :و َال ي ِّحير َ سده بصدفا ٍ ،ووص َ وكدذلي وصدف نف َ
سه بالعلم ،ووصف عباده بالعلم ،فقا َ { :و َما أوتِّيتم ِّّمن ا ْل ِّع ْل ِّدم يِّالَّ ِّع ْل ِّم ِّه} [البقرة ]255/فوصف نف َ
ِّين أوتدوا ع ِّلي ٌم} [يوسدف ،]76/وقدا َ { :وقَدا َ الَّدذ َ يال} [اإلسراء ،]85/وقا َ { :وفَ ْوقَ ك ِّّل ذِّي ِّع ْل ٍم َ
قَ ِّل ا
يز} [الحجِّ { ،]40/ي َّم َّ َ
َّللا ه َو ي ع َِّز ٌ ا ْل ِّع ْل َم} [القصص ،]80/ووصف نفسه بالقوة فقا ِّ { :ي َّم َّ َ
َّللا لَقَ ِّو ٌّ
- 30 -
عقيدة التوحيد
الر َّناق ذو ا ْلق َّو ِّة ا ْل َمتِّين} [الذاريا ،]58/ووصف عباده بالقوة فقا َّ { :
َّللا الَّذِّي َخلَقَألم ِّّمن َ عْفٍ َّ
ش ْيبَة} [الروم ،]54/يلى غير ذلي. ا ا ا
ث َّم َجعَ َل ِّمن بَ ْع ِّد َ عْفٍ ق َّوة ث َّم َجعَ َل ِّمن بَ ْع ِّد ق َّو ٍة َ ْعفا َو َ
ومعلو ٌم أم أسماء هللا وصفاته تخصه وتليق به ،وأسماء المخلوقين تخصهم وتليق بهم ،وال يلزم
سدد َّميين
مددن االشددتراك فددي االسددم والمعنددى االشددتراك فددي الحقيقددةو وذلددي لعدددم التماثددل بددين الم َ
والمصوفين ،وهذا ظاهر ،والحمد هلل.
الوجه الثالث:
أم الذي ليس له صفا كما ،ال يصلح أم يألدوم يل اهداو ولهدذا قدا يبدراهيم ألبيدهِّ { :لد َم تَ ْعبدد َمدا ال َّ
ْصر} [مريم.]42/
س َمع َوال يب ِّ
يَ ْ
س د ِّب ا
يال} وقددا تعددالى فددي الددرد علددى الددذين عبدددوا العجددل{ :أَلَ د ْم يَد َدر ْواْ أَنَّدده الَ ي َأل ِّلّمه د ْم َوالَ يَ ْه دد ِّ
ِّيه ْم َ
[األعرا .]148/
الوجه الرابع:
َّ
أم يثبا َ الصفا كما ٌ ،ونفيها نقص ،فالذي ليس له صفا ،يما معدو ٌم ويما ناقص ،وهللا تعدالى
نزه عن ذلي.م ّ
الوجه الخامس:
صددفا ِّ عددن ظاهرهددا ال دلي د َل عليدده ،فهددو باط دلٌ ،وتفددويل معناهددا؟ يلددزم مندده أم هللا َّ
أم تأوي د َل ال ّ
فأليدف يأمرندا بتددبر مداال يفهدم
َ خاطبندا فدي القدرآم بمدا ال نفهدم معنداه؟ وأمرندا بتددبر القدرآم كلده،
معناه؟
فتبين من هذا أنه البد مدن يثبدا أسدماء هللا وصدفاته علدى الوجده الالئدق بداهلل ،مدع نفدي ميدابهة
س ِّميع البَ ِّصير} [اليورا.]11/ْس ك َِّمثْ ِّل ِّه ش َْي ٌء َوه َو ال َّ
المخلوقين ،كما قا تعالى{ :لَي َ
فنفى عن نفسه مماثلة األشياء ،وأثبت له السمع والبصر ،فد على أم يثبا الصفا ال يلزم منه
التيبيه ،وعلى وجوب يثبا الصفا مع نفي الميابهة ،وهذا معندى قدو أهدل السدنة والجماعدة
في النفي واإلثبا في األسماء والصفا :يثبا بال تمثيل وتنزيه بال تعريل.
- 31 -
عقيدة التوحيد
الفصل الخامس :بيام حقيقة كل من :الجاهلية -الفسق -الضال -الردة :أقسامها ،وأحألامها.
في حياة البيرية الفصل األو :االنحرا
دن خلددق هللا الخلددق لعبادتدده ،وهيددأ لهددم مددا يعيددنهم عليهددا مددن رنقدده ،قددا تعددالىَ { :و َمددا َخلَ ْقددت ا ْل ِّجد َّ
الر َّناق ذو ا ْلق َّو ِّة َّللا ه َو َّ ق َو َما أ ِّريد أَم ي ْر ِّعم ِّ
وم * ِّي َّم َّ َ وم * َما أ ِّريد ِّم ْنهم ِّّمن ِّ ّر ْن ٍ
نس ِّيال ِّل َي ْعبد ِّ
اإل َ
َو ِّ
ا ْل َمتِّين} [الذاريا .]56-58 :
والدنفس بفررتهدا يذا تركدتو كاندت مقدرة هلل باإللهيددة ،محبَّدةا هلل ،تعبدده ال تيدرك بده شدي اا ،ولألددن
يفسدها وينحر بها عن ذلي ما يزيِّّن لها شدياطين اإلندس والجدن بمدا يدوحي بعضدهم يلدى بعدل
غرورا ،فالتوحيد مركون في الفررة ،واليرك طار ودخيل عليها ،قا هللا تعدالى: ا نخر القو
َّللا} [الروم.]30/ علَ ْي َها ال تَ ْبدِّي َل ِّل َخ ْل ِّ
ق َّ ِّ َّللا الَّتِّي فَ َر َر النَّ َ
اس َ {فَأَقِّ ْم َوجْ َهيَ ِّلل ّد ِّ
ِّين َحنِّيفاا فِّ ْر َرةَ َّ ِّ
صددرانه ،أو وقددا صددلى هللا عليدده وسددلم( :كددل مولددود يولَددد علددى الفرددرة فددأبواه ي ّ ِّ
هوداندده ،أو ين ِّ ّ
يم ِّ ّجسانه) [في الصحيحين من حديث أبي هريرة] .فاألصل في بني آدم :التوحيد.
والدين اإلسالم وكام عليه آدم عليه السالم ،ومن جا َء بعدَه من ذ ّريتده قرونادا طويلدة ،قدا تعدالى:
ين} [البقرة.]213/ ين َومنذ ِِّّر َ
ي ِِّّر َ َّللا النَّ ِّب ِّّي َ
ين م َب ّ َام النَّاس أ َّمةا َو ِّ
اح َدةا فَ َب َع َث ّ {ك َ
فألدام عليده السدالم أو َ حددث اليدرك واالنحدرا عدن العقيددة الصدحيحة فدي قدوم ندوح، َ وأو ماَّ
َ َ
رسو يلى البيرية بعد حدوث اليرك فيها{ :يِّنَّا أ ْو َح ْينَدا يِّلَ ْيديَ َك َمدا أ ْو َح ْينَدا يِّلَدى ن ٍ
دوح َوالنَّ ِّب ِّيّ َ
دين ِّمدن
بَ ْع ِّد ِّه} [النساء.]163/
قا ابن عباس :كام بين آدم ونوح عليهما السالم عيرة قرومو كلهم على اإلسالم.
- 32 -
عقيدة التوحيد
أم بعثةَ النبيين سببها االختال عما كانوا عليه من الدين الصحيح ،كما كانت يريد َ -رحمه هللا َّ -
العرب بعدد ذلدي علدى ديدن يبدراهي َم عليده السدالمو حتدى جداء عمدرو بدن لحدي الخزاعدي فغ ّيدر د َ
يدن
وجلب األصنام يلى أرض العرب ،ويلى أرض الحجان بصفة خاصة ،فعبد من دوم هللا، َ يبراهيم،
َ
بعدث هللا نبيده محمدداا خداتم النبيدين وانتير اليرك في هذه البالد المقدسة ،ومدا جاورهداو يلدى أم
صلى هللا عليه وسلم فدعا الناس يلى التوحيدد ،واتّبداع ملَّدة يبدراهيم ،وجاهدد فدي هللا حدق جهدادهو
سر األصنام وأكمل هللا به الدين ،وأتم به النعمة على حتى عاد عقيدة التوحيد وملة يبراهيم ،وك َّ
ضدلَة مددن صدددر هددذه األمددةو يلددى أم فيددا الجهددل ف ديالعددالمين ،وسددار علددى نهجدده القددروم المف َّ
القروم المتأخرة ،ودخلهدا الددخيل مدن الدديانا األخدرا ،فعداد اليدرك يلدى كثيدر مدن هدذه األمدةو
متمدثال بتعظديم األوليداء والصدالحين ،وادعداء ا بسبب دعاة الضداللة ،وبسدبب البنداء علدى القبدور،
المحبة لهمو حتى بنيت األ رحة على قبورهم ،واتخذ أوثاناا تعبد من دوم هللا ،بأنواع القربدا
اراسد ادال بالصددالحين ،ويظه د ا
سددموا هددذا اليددرك :تو ُّ
مددن دعدداء واسددتغاثة ،وذبددح ونددذر لمقددامهم .و َ
لمحبتهم ،وليس عبادة لهم ،بزعمهم ،ونسو أم هذا هو قو الميركين األولين حين يقولومَ { :ما
َّللا ن ْلفَى} [الزمر.]3/
نَ ْعبده ْم ِّيال ِّليقَ ِّ ّربونَا ِّيلَى َّ ِّ
ومع هذا اليرك الذي وقع في البيرية قدي اما وحديثاا ،فاألكثريدة مدنهم يؤمندوم بتوحيدد الربوبيدة،
يد ِّددركو َم} ددؤ ِّمن أَ ْكثَدددره ْم بِّد َّ ِّ
دداّلِل يِّالَّ َوهدددم ُّم ْ وينمدددا ييدددركوم فدددي العبدددادة ،كمدددا قدددا تعدددالىَ { :و َمدددا يد ْ
[يوسف.]106/
نزر يسير من البير ،كفرعدوم والمالحددة الددهريين ،واليديوعيين فدي ولم يجحد وجو َد الرب يال ٌ
سدتَ ْيقَنَتْ َها
هذا الزمدام ،وجحدودهم بداطنهم ،وقدرارة نفوسده م ،كمدا قدا تعدالىَ { :و َج َحددوا ِّب َهدا َوا ْ
أَنفسه ْم ظ ْل اما َوعل ًّوا} [النمل.]14/
وعقولهم تعر أم كل مخلوق البد له من خالق ،وكل موجود البدد لده مدن موجدد ،وأم نظدام هدذا
الألوم المنضب الدقيق البد له من مدبر حأليم ،قدير عليم ،من أنألره فهو يما فاقد لعقله ،أو مألابر
قد ألغى عقله وسفه نفسه ،وهذا ال ِّعبرةَ به.
الفصل الثاني :اليرك :تعريفه ،أنواعه
أ ـ تعريفـه
والغالب اإلشراك في األلوهيةو بدأم يددعو مدع هللا غيدره ،أو يَصدر َ لده شدي اا مدن أندواع العبدادة،
كالذبح والنذر ،والخو والرجاء والمحبة .واليرك أعظم الذنوبو وذلي ألمور:
1ـ ألنه تيبيه للمخلوق بالخالق في خصدائص اإللهيدة ،فمدن أشدرك مدع هللا أحدداا فقدد شدبهه بده،
ي ِّْركَ لَظ ْل ٌم ع َِّظي ٌم} [لقمام.]13/
وهذا أعظم الظلم ،قا تعالىِّ { :ي َّم ال ّ
- 33 -
عقيدة التوحيد
والظلددم هددو :و ددع اليدديء فددي غيددر مو ددعه ،فمددن عبددد غيددر هللاو فقددد و ددع العبددادة فددي غيددر
مو عها ،وصرفها لغير مستحقها ،وذلي أعظم الظلم.
َّللا الَ يَ ْغ ِّفر أَم يي َْركَ ِّبد ِّه َويَ ْغ ِّفدر َمدا
2ـ أم هللا أخبر أنه ال يغفره لمن لم يتب منه ،قا تعالى{ :يِّ َّم َّ َ
وم ذَ ِّليَ ِّل َمن يَيَاء} [النساء.]48/
د َ
حرم الجنة على الميرك ،وأنه خالد مخلد في نار جهنم ،قا تعالى{ :يِّنَّه َمدن 3ـ أم هللا أخبر أنه َّ
َار} [المائدة.]72/ َ ْ َ
علَي ِّه ا ْل َجنَّة َو َمأ َواه النَّار َو َما ِّلل َّظا ِّل ِّم َ
ين ِّم ْن أنص ٍ اّلِل فَقَ ْد َح َّر َم َّ
َّللا َ يي ِّْر ْك ِّب َّ ِّ
عد ْنهم َّمدا َكددانواْ يَ ْع َملد َ
دوم} أم اليددركَ يحددب جميد َع األعمددا ،قددا تعددالىَ { :ولَد ْدو أَ ْ
شد َدركواْ لَ َحد ِّب َ َ 4ـ َّ
[األنعام.]88/
ع َملدديَ َولَتَألدونَ َّن ِّمد َ
دن دن قَ ْب ِّلدديَ لَد ِّ ْن أَ ْ
شد َدركْتَ لَيَحْ دبَ َر َّن َ دي يِّلَ ْيدديَ َويِّلَدى الَّدذ َ
ِّين ِّم ْ وقدا تعدالىَ { :ولَقَد ْد أ ِّ
وح َ
ين} [الزمر.]65/ ا ْل َخا ِّ
س ِّر َ
ين َح ْي دث َو َجدددتُّموه ْم َوخددذوه ْم أم الميددرك حددال الدددم والمددا ،قددا تعددالى{ :فَددا ْقتلواْ ا ْلم ْ
يد ِّدر ِّك َ 5ـ َّ
َواحْ صروه ْم َوا ْقعدواْ لَه ْم ك َّل َم ْر َ
ص ٍد} [التوبة.]5/
وقا النبي صلى هللا عليه وسلم( :أمر أم أقات َل حتى يقولوا :ال يله يال هللا ،فإذا قالوها عصدموا
مني دماءهم وأموالهم يال بحقها) [رواه البخاري ومسلم].
6ـ َّ
أم اليركَ أكبر الألبائر ،قا صلى هللا عليه وسلم( :أال أنب ألم بأكبر الألبائر) قلنا :بلى يا رسو
هللا ،قا ( :اإلشراك باهلل ،وعقوق الوالدين )...الحديث [رواه البخاري ومسلم].
قا العالمدة ابدن القديم( :أخبدر سدبحانه أم القصدد بدالخلق واألمدر :أم يعدر َ بأسدمائه وصدفاته،
ويعبدد َد وحددده ال ييددرك بدده ،وأم يقددوم الندداس بالقسدد ،وهددو العددد الددذي قامددت بدده السددماوا
ام ِّليَقو َم النَّداس اب َوا ْل ِّم َ
يز َ س ْلنَا رسلَنَا ِّبا ْلبَ ِّيّنَا ِّ َوأَ َ
نز ْلنَا َمعَهم ا ْل ِّألتَ َ واألرض ،كما قا تعالى{ :لَقَ ْد أَ ْر َ
بِّا ْل ِّق ْ
س ِّ } [الحديد.]25/
فددأخبر سددبحانه أندده أرسددل رسددله ،وأنددز َ كتبددهو ليقددوم الندداس بالقس د ،وهددو العددد ،ومددن أعظددم
يد ْدركَ لَظ ْلد ٌم
القسد :التوحيددد ،وهدو رأس العددد وقوامدهو ويم اليددرك ظلدم كمدا قددا تعدالىِّ { :ي َّم ال ِّ ّ
ع َِّظي ٌم} [لقمام.]13/
فاليرك أظلم الظلم ،والتوحيد أعد العد و فما كام أشد منافاةا لهذا المقصود فهو أكبر الألبائر).
يلى أم قا ( :فلما كام اليرك منافياا بالذا لهذا المقصودو كام أكبر الألبائر على اإلطالق ،وحرم
هللا الجنة على كل ميرك ،وأبداح دمده ومالده وأهلده ألهدل التوحيدد ،وأم يتخدذوهم عبيدداا لهدم لمدا
تركوا القيام بعبوديته ،وأبى هللا سبحانه أم يقبل لميرك ا
عمال ،أو يقب َل فيه شدفاعة ،أو َيسدتجيب
له في اآلخرة دعوة ،أو يقبل له فيها رجاءو فإم الميرك أجهل الجاهلين باهلل ،حيث جعدل لده مدن
خلقه ندًّا ،وذلي غاية الجهل به ،كما أنه غاية الظلم منه ،ويم كدام الميدرك فدي الواقدع لمدا يظلدم
ربَّه ،وينَّما ظلَ َم نفسه) انتهى.
- 34 -
عقيدة التوحيد
أم اليركَ تنقص وعيب نزه الرب سبحانه نفسه عنهما ،فمن أشرك باهلل فقد أثبت هلل ما ندزه 7ـ َّ
نفسه عنه ،وهذا غاية المحا َّد ِّة هلل تعالى ،وغاية المعاندة والمياقَّة هلل.
ب ـ أنواع اليرك
اليرك نوعام:
النوع األو :شرك أكبر يخرت من الملة ،ويخ َّلد صداحبه فدي الندار ،يذا مدا ولدم يتدب منده ،وهدو
صر شيء من أنواع العبادة لغير هللا ،كدعاء غير هللا ،والتقرب بالدذبائح والندذور لغيدر هللا مدن
القبور والجن واليياطين ،والخدو مدن المدوتى أو الجدن أو اليدياطين أم يضدروه أو يمر دوه،
ورجاء غير هللا فيما ال يقدر عليه يال هللا من قضاء الحاجا ،وتفريج الألربا ،ممدا يمدارس اآلم
َّللا َمدا الَ
وم َّ ِّ وم ِّمدن د ِّ حو َ األ رحة المبنية على قبور األولياء والصدالحين ،قدا تعدالىَ { :و َي ْعبدد َ
اوا ِّ َوالَ س َم ََّللا ِّب َما الَ يَ ْعلَم فِّي ال َّ َّللا ق ْل أَتنَ ِّبّ َ
وم َّ َ الء شفَعَاؤنَا ِّعن َد َّ ِّوم َهـؤ ِّيَض ُّره ْم َوالَ يَنفَعه ْم َويَقول َ
وم} [يونس.]18/ ض س ْب َحانَه َوتَعَالَى َ
ع َّما يي ِّْرك َ فِّي األَ ْر ِّ
والنوع الثاني :شرك أصدغر ال يخدرت مدن الملدةو لألنده يدنقص التوحيدد ،وهدو وسديلة يلدى اليدرك
األكبر ،وهو قسمام:
القسم األو :شرك ظاهر على اللسام والجوارح وهو :ألفاظ وأفعا ،فاأللفداظ كدالحلف بغيدر هللا،
قا صلى هللا عليه وسلم( :من حلف بغير هللا فقد كفر أو أشرك) [رواه الترمذي وحسنه وصححه
الحدداكم] .وقددو :مددا شدداء هللا وشد ت ،قددا صددلى هللا عليدده وسددلم :لمددا قددا لدده رجددل :مددا شدداء هللا
وش ت ،فقا ( :أجعلتني هلل نِّدًّا؟! ق ْل :ما شا َء هللا وحده) [رواه النسائي] .وقدو :لدوال هللا وفدالم،
والصددواب أم يقددا َ :مددا شددا َء هللا ث د َّم شدداء فددالمو ولددوال هللا ث د َّم فددالم ،ألم (ثددم) تفيددد الترتيددب مددع
وم يِّ َّال أَم يَيَدا َء َّ
َّللا التراخي ،وتجعل ميي ة العبد تابعدة لميدي ة هللا ،كمدا قدا تعدالىَ { :و َمدا تَيَداؤ َ
ين} [التألوير.]29/ َر ُّب ا ْلعَالَ ِّم َ
وأما الواو :فهي لمرلق الجمع واالشتراك ،ال تقتضي ترتيباا وال تعقيبااو ومثله قو :ما لي يال هللا
وأنت ،و :هذا من بركا هللا وبركاتي.
وأما األفعا :فمثل لبس الحلقة والخي لرفع البالء أو دفعه ،ومثل تعليق التمائم خوفادا مدن العدين
وغيرهاو يذ ا اعتقد أم هذه أسباب لرفع البالء أو دفعه ،فهدذا شدرك أصدغرو ألم هللا لدم يجعدل هدذه
أسباباا ،أما يم اعتقد أنها تدفع أو ترفع البالء بنفسهاو فهذا شرك أكبر ألنه تَعلَّق بغير هللا.
القسددم الثدداني مدددن اليددرك األصدددغر :شددرك خفددي وهدددو اليددرك فدددي اإلرادا والنيددا ،كالريددداء
عمال مما يتقرب به يلى هللاو يريد به ثناء الناس عليه ،كأنده يحسدن صدالته، والسمعة ،كأم يعمل ا
أو يتصدقو ألجل أم يمدح ويثنى عليه ،أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بدالتالوة ألجدل أم يسدمعه
الناس ،فيثنوا عليه ويمدحوه .والرياء يذا خال العمل أبرله ،قا هللا تعالى{ :فَ َمن ك َ
َام يَ ْرجو ِّلقَا َء
ع َم اال صَا ِّل احا َوال يي ِّْر ْك بِّ ِّعبَا َد ِّة َربِّّ ِّه أَ َحداا} [الألهف.]110/
َربِّّ ِّه فَ ْليَ ْع َم ْل َ
وقا النبي صلى هللا عليه وسلم( :أخو ما أخا علديألم اليدرك األصدغر) قدالوا :يدا رسدو هللا،
وما اليرك األصغر؟ قا " :الرياء" [رواه أحمد والربراني والبغوي في شرح السنة].
- 35 -
عقيدة التوحيد
ومنه :العمل ألجل الرمع الدنيوي ،كمن يحج أو يؤذم أو يدؤم النداس ألجدل المدا ،أو يدتعلم العلدم
دس عبددس عبدد الددينار ،وتَ ِّع َ
اليرعي ،أو يجاهد ألجل الما .قا النبي صلى هللا عليه وسلم( :تَ ِّع َ
الددرهم ،تعدس عبدد الخميصدة ،تعدس عبدد الخميلدة ،يم أعردي ر دي ،ويم لدم يعد َ سدخ ) [رواه
البخاري].
قا اإلمام ابن القيم رحمه هللا( :وأما اليرك في اإلرادا والنيا ،فذلي البحر الذي ال ساحل له،
وق َّل من ينجو منه .فمن أراد بعملده غيدر وجده هللا ،وندوا شدي اا غيدر التقدرب يليده وطلدب الجدزاء
خلدص هلل فدي أفعالده وأقوالده ،ويرادتده ونيتده. َ منهو فقد أشرك في نيته ويرادته ،واإلخالص :أم ي
وهذه هدي الحنيفيدة ملدة يبدراهيم التدي أمدر هللا بهدا عبداده كلهدم ،وال يقبدل مدن أحدد غيرهدا ،وهدي
دن سدالَ ِّم دِّينادا فَلَدن ي ْقبَد َل ِّم ْنده َوه َدو فِّدي ِّ
اآلخ َدر ِّة ِّم َ اإل ْ حقيقة اإلسالم ،كما قا تعالىَ { :و َمن يَ ْبتَ ِّغ َ
غي َْر ِّ
ين} [آ عمرام.]85/ ا ْل َخا ِّ
س ِّر َ
وهي ملَّة يبراهي َم -عليه السالم -التي من رغب عنها فهو من أسفَ ِّه ال ُّ
سفهاء) انتهى.
-2اليرك األكبر يخلَّد صاحبه في النار ،واليرك األصغر ال يخلَّد صاحبه فيها يم َد َخلها.
-3اليددرك األكبددر يحددب جميد َع األعمددا ،واليددرك األصددغر ال يحدبِّ جميددع األعمددا ،وينمددا يحدبِّ
الرياء والعمل ألجل الدنيا العم َل الذي خالراه فق .
ب ـ أنواعه
الألفر نوعام :النوع األو :كفر أكبر يخرت من الملة ،وهو خمسة أقسام:
- 36 -
عقيدة التوحيد
القسم الثاني :كفر اإلباء واالستألبار مع التصديق ،والدليل قوله تعالىَ { :و ِّي ْذ ق ْلنَا ِّل ْل َمالَئِّ َأل ِّة ا ْ
سجدواْ
َام ِّم َن ا ْلألَافِّ ِّر َ
ين} [البقرة.]34/ يس أَبَى َوا ْ
ستَ ْألبَ َر َوك َ آل َد َم فَ َ
س َجدواْ يِّالَّ يِّ ْب ِّل َ
س ِّه قَا َ
القسم الثالث :كفر الي ِّّّي ،وهو كفر ال ّظ ّن ،والدليل قوله تعالىَ { :و َد َخ َل َجنَّتَه َوه َو َظا ِّل ٌم ِّلّنَ ْف ِّ
ساعَةَ قَا ِّئ َمةا َولَ ِّن ُّر ِّدد ُّ ِّيلَى َر ِّّبي ألَ ِّجد ََّم َخي اْرا ِّّم ْن َها منقَلَ ابا *
َما أَظ ُّن أَم تَ ِّبي َد َه ِّذ ِّه أَ َبداا * َو َما أَظ ُّن ال َّ
س َّواكَ َرج ادال * لَّ ِّألنَّدا ه َدو َاحبه َوه َو ي َحا ِّوره أَ َكفَ ْر َ ِّبالَّذِّي َخلَقَيَ ِّمن ت َرا ٍ
ب ث َّم ِّمن نُّ ْرفَ ٍة ث َّم َ قَا َ لَه ص ِّ
َّللا َربِّّي َوالَ أش ِّْرك بِّ َربِّّي أَ َحداا} [الألهف.]38-35/ َّ
ع َّمددا أن دذِّروا م ْع ِّر د َ
دوم} دراض ،والدددليل قولدده تعددالىَ { :والَّ دذ َ
ِّين َكفَددروا َ القسددم الرابددع :كفددر اإلعد ِّ
[األحقا .]3/
فاق ،والدليل قوله تعالى{ :ذَ ِّليَ ِّبأَنَّه ْم آ َمندوا ثد َّم َكفَدروا فَر ِّبد َع َ
علَدى قلدو ِّب ِّه ْم القسم الخامس :كفر النّ ِّ
فَه ْم ال يَ ْفقَه َ
وم} [المنافقين.]3/
كفر أصغر ال يخرت من الملة ،وهو الألفر العملي ،وهو الذنوب التي ورد تسميتها النوع الثانيٌ :
فرا ،وهي ال تصل يلدى حد ِّّد الألفدر األكبدر ،مثدل كفدر النعمدة المدذكور فدي قولده في الألتاب والسنة ك ا
َدام فَ َألفَ َدر ْ ِّبدأ َ ْنع ِّم ْ ا ا ا
َّللا َمثَ اال قَ ْر َية كَانَتْ ِّ
آمنَة ُّم ْر َم ِّنَّة َيأ ِّتي َها ِّر ْنق َها َر َ
غدداا ِّّمدن كد ِّّل َمأل ٍ تعالىَ { :و َ َر َب َّ
َّللا} [النحل.]112/َّ ِّ
المسدلم فسدوقٌ ،وقتالده كفدر)
ِّ ومثل قتا المسلم المذكور في قوله صدلى هللا عليده وسدلم( :سدباب
[رواه البخاري ومسلم].
داب بعددل) [رواه وفددي قولدده صددلى هللا عليدده وسددلم( :ال تَرجعددوا بعدددي كفَّد ا
دارا يضددرب بعضددألم رقد َ
الييخام].
ومثل الحلف بغير هللا ،قا صدلى هللا عليده وسدلم( :مدن حلدف بغيدر هللا فقدد كفدر أو أشدرك) [رواه
الترمذي وحسنه وصححه الحاكم].
علَديْألم ا ْل ِّقصَداص فِّدي دب الألبيدرة مؤمنادا ،قدا تعدالى{ :يَدا أَيُّ َهدا الَّدذ َ
ِّين آ َمندواْ كتِّ َ
دب َ فقد جعل هللا مرت ِّأل َ
ا ْلقَتْلَى}.
فلم يخرت القات َل من الذين آمنوا ،وجعله أ اخا لولي القصاص فقا { :فَ َم ْن ع ِّف َي لَه ِّم ْن أَ ِّخي ِّه ش ْ
َدي ٌء
ام} [البقرة.]178/ ع بِّا ْل َم ْعرو ِّ َوأَدَا ٌء يِّلَ ْي ِّه بِّ ِّإحْ َ
س ٍ فَا ِّتّبَا ٌ
- 37 -
عقيدة التوحيد
األكبر يخلد صداحبه فدي الندار ،والألفدر األصدغر يذا دخدل صداحبه الندار ،فإنده ال يخلدد
َ الألفر
َ َّ -2
أم
ا
أصال. فيهاو وقد يتوب هللا على صاحبه ،فال يدخله النار
األكبر يبيح الدم والما ،والألفر األصغر ال يبيح الدم والما .
َ الألفر
َ َّ -3
أم
-4أم الألفددر األكبددر يوجددب العددداوة الخالصددة بددين صدداحبه وبددين المددؤمنين ،فددال يجددون للمددؤمنين
محبته ومواالته ولو كام أقرب قريب ،وأما الألفر األصغر فإنه ال يمنع المواالة مرلقاا ،بل صاحبه
ي َح ُّب ويوالى بقدر ما فيه من اإليمام ،ويغل ويعادا بقدر ما فيه من العصيام.
النفاق لغة :مصدر نافق ،يقا :نافق ينافق نفاقاا ومنافقة ،وهو مأخوذ من النافقداء :أحدد مخدارت
اليربوع من جحرهو فإنه يذا طلب من مخرت هرب يلى اآلخر ،وخدرت منده ،وقيدل :هدو مدن النفدق
سِّر الذي يستتر فيه .
وهو :ال ّ
وأما النفاق فدي اليدرع فمعنداه :يظهدار اإلسدالم والخيدر ،ويبردام الألفدر واليدرو سدمي بدذلي ألنده
يدددخل فددي اليددرع مددن بدداب ،ويخددرت مندده مددن بدداب آخددر ،وعلددى ذلددي نبدده هللا تعددالى بقولدده{ :يِّ َّم
وم} [التوبة.]67/سق َين هم ا ْلفَا ِّ
ا ْلمنَافِّ ِّق َ
ب ـ أنواع النفاق
النفاق نوعام :النوع األو :النفاق االعتقادي :وهو النفداق األكبدر الدذي يظهدر صداحبه اإلسدالم،
ويبرن الألفر ،وهذا النوع مخرت مدن الددين بالألليدة ،وصداحبه فدي الددرك األسدفل مدن الندار ،وقدد
َددف هللا أهلددده بصدددفا اليدددر كلهدددا :مدددن الألفدددر وعددددم اإليمدددام ،واالسدددتهزاء بالددددين وأهلددده،
وص َ
والسخرية منهم ،والميل بالأللية يلدى أعدداء الددينو لميداركتهم لهدم فدي عدداوة اإلسدالم .وهدؤالء
َموجودوم في كل نمام ،وال سيما عندما تظهر قوة اإلسالم وال يستريعوم مقاومته فدي الظداهر،
- 38 -
عقيدة التوحيد
فإنهم يظهروم الدخو فيهو ألجل الأليدد لده وألهلده فدي البداطنو وألجدل أم يعييدوا مدع المسدلمين
ويأمنوا على دمائهم وأموالهمو فيظهر المنافق ييمانه باهلل ومالئألته وكتبه ورسله واليوم اآلخدرو
وهو في الباطن منسلخ من ذلي كله مألذب به ،ال يؤمن باهلل ،وال يدؤمن بدأم هللا تأللدم بألدالم أنزلده
رسوال للناس يهديهم بإذنه ،وينذرهم بأسه ويخوفهم عقابه ،وقدد هتدي هللا أسدتار ا على بير جعله
هؤالء المنافقين ،وكيف أسرارهم في القرآم الألريم ،وجلى لعبداده أمدورهمو ليألوندوا منهدا ومدن
وذكر طوائف العالم الثالثة في أو البقرة :المؤمنين ،والألفار ،والمنافقين ،فذكر َ أهلها على حذر.
في المؤمنين أربدع آيدا ،وفدي الألفدار آيتدين ،وفدي المندافقين ثدالث عيدرة آيدةو لألثدرتهم وعمدوم
االبتالء بهم ،وشدة فتنتهم على اإلسالم وأهله ،فإم بلية اإلسالم بهم شديدة جدًّاو ألنهم منسوبوم
يليه ويلى نصرته ومواالته ،وهم أعداؤه في الحقيقةو يخرجوم عداوته في كل قالب يظن الجاهدل
أنه علم ويصالح ،وهو غاية الجهل واإلفساد .
النوع الثاني :النفاق العملي :وهو عمل شيء من أعما المنافقينو مدع بقداء اإليمدام فدي القلدب،
صدار
َ وهذا ال يخرت من الملة ،لألنه وسيلة يلى ذلي ،وصاحبه يألوم فيه ييمام ونفداق ،ويذا كثدرو
كدام منافقادا
دن فيده َ بسدببه منافقادا خال ا
صدا ،والددليل عليده قولده صدلى هللا عليده وسدلم( :أربد ٌع َم ْ
دن ك َّ
صا ،ومن كانت فيه خصلة منهن كاندت فيده خصدلة مدن النفداق حتدى يددعهاو يذا أؤتمدن خدام، خال ا
ويذا حدّث كذب ،ويذا عاهد غدر ،ويذا خاصم فجر) [متفق عليه].
فمن اجتمعت فيه هذه الخصا األربع ،فقد اجتمع فيه الير ،وخلصت فيه نعدو المندافقين ،و َمدن
كانت فيه واحدة منها صار فيه خصلة من النفاق ،فإنه قد يجتمع في العبدد خصدا خيدر ،وخصدا
شر ،وخصا ييمام ،وخصا كفدر ونفداق ،ويسدتحق مدن الثدواب والعقداب بحسدب مدا قدام بده مدن
موجبا ذلي.
ومنه :التألاسل عن الصالة مدع الجماعدة فدي المسدجدو فإنده مدن صدفا المندافقين ،فالنفداق شدر،
وخرير جدًّا ،وكام الصحابة يتخوفوم من الوقوع فيده ،قدا ابدن أبدي مليألدة( :أدركدت ثالثدين مدن
أصحاب رسو هللا صلى هللا عليه وسلم كلُّهم يخا النفاق على نفسه).
- 39 -
عقيدة التوحيد
-3يم النفاق األكبر ال يصدر من مؤمن ،وأما النفاق األصغر فقد يصدر من المؤمن.
-4يم النفاق األكبر في الغالب ال يتوب صاحبه ،ولو تاب فقد اختلف في قبو توبته عند الحداكم.
بخال النفداق األصدغرو فدإم صداحبه قدد يتدوب يلدى هللا ،فيتدوب هللا عليده ،قدا شديخ اإلسدالم ابدن
وكثيرا ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ،ثم يتوب هللا عليه ،وقد يرد على قلبده ا تيمية ( :
بعل ما يوجب النفاق ،ويدفعه هللا عنه ،والمدؤمن يبتلدى بوسداوس اليديرام ،وبوسداوس الألفدر
يخدر مدن
التي يضيق بها صدره ،كما قا الصحابة :يا رسو هللا ،يم أحدنا ليجد في نفسه ما ل ن ّ
السماء يلى األرض ،أحب يليه من أم يتأللم به ،فقا ( :ذلي صريح اإليمام) [رواه أحمد ومسلم].
وفي رواية :ما يتعاظم أم يتأللم به ،قا ( :الحمد هلل الذي ر َّد كيده يلى الوسوسة) ،أي حصو هذا
الوسواس ،مع هذه الألراهة العظيمة ،ودفعه عن القلب ،هو من صريح اإليمام) انتهى.
قا شيخ اإلسالم ابن تيمية( :وقد اختلف العلماء في قبو توبتهم في الظاهرو لألوم ذلي ال يعلدم،
يذ هم دائ اما يظهروم اإلسالم) .
الفصل الخامس :بيام حقيقة كل من الجاهلية -الفسق -الضال -الردة :أقسامها ،أحألامها
1ـ الجاهليـة
هددي الحددا التددي كانددت عليهددا العددرب قبددل اإلسددالمو مددن الجهددل بدداهلل ورسددله ،وشددرائع الدددين،
والمفاخرة باألنساب ،والألبر والتجبر ،وغير ذلي ،نِّسبةا يلى الجهل الذي هو عددم العلدم ،أو عددم
جهدال بسدي ارا ،فدإم
ا اتباع العلم ،قا شيخ اإلسالم ابدن تيميدةَّ ( :
فدإم مدن لدم يعلدم الحدق فهدو جاهدل
جهال مركباا ،فإم قا خال الحق عال اما بالحق ،أو غير عالم ،فهو جاهدل ا اعتقد خالفه فهو جاهل
أيضاا ،فإذا تبيّن ذلي فالناس قبل بعث الرسو صلى هللا عليه وسلم كانوا في جاهلية منسوبة يلى
الجهل ،فإم ما كانوا عليه من األقوا واألعما ،ينما أحدثه لهم جاهل ،وينما يفعله جاهل ،وكذلي
كل ما يخالف ما جاء به المرسلوم ،مدن يهوديدة ونصدرانية ،فهدو جاهليدة ،وتلدي كاندت الجاهليدة
العامة.
فأمدا بعددد بعددث الرسددو صددلى هللا عليده وسددلم فقددد تألددوم فددي مصدر دوم مصددر ،كمددا هددي فددي دار
الألفار ،وقد تألوم في شخص دوم شخص ،كالرجل قبدل أم يسدل َم فإنده فدي جاهليدة ،ويم كدام فدي
دار اإلسالم ،فأما في نمام مرلق فال جاهلية بعد مبعث محمد صلى هللا عليه وسلمو فإنده ال تدزا
- 40 -
عقيدة التوحيد
من أمته طائفة ظاهرين على الحق يلى قيام الساعة ،والجاهلية المقيدة قدد توجدد فدي بعدل ديدار
المسلمين ،وفي كثير من األشخاص المسلمين ،كما قا صلى هللا عليه وسلم( :أربع في أمتي من
أمر الجاهلية[ )...رواه مسدلم] وقدا ألبدي ذر( :يندي امدرؤ فيدي جاهليدة) [فدي الصدحيحين] ونحدو
ذلي) انتهى.
وملخص ذلي :أم الجاهلية :نسبة يلى الجهل ،وهو عدم العلم ،وأنها تنقسم يلى قسمين:
1ـ الجاهليدة العامدة :وهدي مدا كدام قبدل مبعدث الرسدو محمدد صدلى هللا عليده وسدلم وقدد انتهدت
ببعثته.
2ـ جاهلية خاصة ببعل الدو ،وبعل البلدام ،وبعل األشخاص ،وهدذه ال تدزا باقيدة ،وبهدذا
موم الجاهلية في هذا الزمام فيقولدوم :جاهليدة هدذا القدرم أو جاهليدة القدرم يتضح خرأ من يع ّم َ
العيرين ،وما شابه ذلي ،والصواب أم يقدا َ :جاهليدة بعدل أهدل هدذا القدرم ،أو غالدب أهدل هدذا
القرمو وأما التعميم فال يصد ُّح وال يجدونو ألنده ببعثدة النبدي صدلى هللا عليده وسدلم نالدت الجاهليدة
العامة.
2ـ الفسـق
الفسق لغدة :الخدروت ،والمدراد بده شدرعاا :الخدروت عدن طاعدة هللا ،وهدو ييدمل الخدروت الأللديو
فيقا للألافر :فاسق ،والخروت الجزئيو فيقا للمؤمن المرتألب لألبيرة من كبار الذنوب :فاسق.
سقوا فَ َمأْ َواهم ال َّنار} ،يريد الألفار ،د َّ على ذلي قوله{ :كلَّ َمدا أَ َرادوا وقا هللا تعالىَ { :وأَ َّما الَّذ َ
ِّين فَ َ
وم} [السجدة.]20/ اب النَّ ِّار الَّذِّي كنتم بِّ ِّه ت َألذِّّب َ أَم يَ ْخرجوا ِّم ْن َها أ ِّعيدوا فِّي َها َوقِّي َل لَه ْم ذوقوا َ
عذ َ َ
ويسد َّمى مرتألددب الألبيدرة مددن المسدلمين :فاسدقاا ،ولدم يخرجدده فسدقه مددن اإلسدالم ،قددا هللا تعددالى:
صدنَا ِّ ثد َّم لَد ْم يَددأْتوا ِّبأ َ ْربَعَد ِّة شد َهدَا َء فَاجْ ِّلددوه ْم ثَ َمددانِّ َ
ين َج ْلد َدةا َوال تَ ْقبَلددوا لَهد ْم دوم ا ْلمحْ َ
ِّين يَ ْرمد َ { َوالَّدذ َ
وم} [النور.]4/ سق َ ش َها َدةا أَبَداا َوأ ْولَ ِّيَ هم ا ْلفَا ِّ
َ
يه َّن ا ْل َح َّج فَالَ َرفَ َث َوالَ فسوقَ َوالَ ِّجدَا َ فِّي ا ْل َح ّجِّ} [البقرة.]196/ وقا تعالى{ :فَ َمن فَ َر َ
ض فِّ ِّ
وقا العلماء في تفسير الفسوق هنا :هو المعاصي .
3ـ الضـال
- 41 -
عقيدة التوحيد
-5وتدارةا يرلددق علددى النسدديام ،ومندده قولدده تعدالى{ :أَم تَ ِّضد َّل يْحْ ددَاه َما فَتدذَ ِّ ّك َر يِّحْ د َداه َما األ ْخد َرا}
[البقرة.]282/
أي :ال ترجعوا ،والردة في االصرالح اليرعي هي :الألفر بعد اإلسدالم ،قدا تعدالىَ { :و َمدن يَ ْرتَد ِّد ْد
داراآلخد َر ِّة َوأ ْولَدـ ِّيَ أَصْد َحاب النَّ ِّ
ِّمنأل ْم عَن دِّي ِّن ِّه فَ َيمتْ َوه َو كَا ِّف ٌر فَأ ْولَـ ِّيَ َح ِّب َرتْ أَ ْع َماله ْم ِّفي ال ُّد ْن َيا َو ِّ
وم} [البقرة.]217/ ه ْم فِّي َها َخا ِّلد َ
كسب هللا تعالى ،أو رسوله صلى هللا عليه وسلم ،أو مالئألته ،أو أحد من رسله.
ّ ِّ -1الردة بالقو :
أو ادّعاء علم الغيب ،أو ادّعاء النبوة ،أو تصديق من يدعيها .أو دعاء غير هللا ،أو االسدتعانة بده
فيما ال يقدر عليه يال هللا ،واالستعاذة به في ذلي.
-2الردة بالفعل :كالسجود للصنم واليجر ،والحجر والقبدور ،والدذبح لهدا .ويلقداء المصدحف فدي
المواطن القذرة ،وعمل السحر ،وتعلمه وتعليمه ،والحألم بغير ما أنز هللا معتقداا حله.
-3الردة باالعتقاد ،كاعتقاد اليريي هلل ،أو أم الزنا والخمر والربا حال ،أو أم الخبز حرام ،وأم
الصالة غير واجبة ،ونحو ذلي مما أجمع على حله ،أو حرمته أو وجوبده ،يجماعادا قرع ًّيدا ،ومثلده
ال يجهله.
-4الردة باليي في شيء مما سبق ،كمن شيَّ في تحريم اليرك ،أو تحريم الزنا والخمدر ،أو فدي
حدل الخبدز ،أو شدي فدي رسدال ة النبدي صدلى هللا عليده وسدلم أو رسدالة غيدره مدن األنبيداء ،أو فددي
صدقه ،أو في دين اإلسالم ،أو في صالحيته لهذا الزمام.
- 42 -
عقيدة التوحيد
-5الردة بالترك ،كمن ترك الصالة متعمددااو لقدو النبدي صدلى هللا عليده وسدلم( :بدين العبدد وبدين
الألفر واليرك ترك الصالة) [رواه مسلم] وغيره من األدلة على كفر تارك الصالة.
-1استتابة المرتد ،فإم تاب ورج َع يلى اإلسالم في خال ثالثة أيامو قبل منه ذلي وترك.
دوبو وجددب قتلددهو لقولدده صددلى هللا عليدده وسددلم( :مددن ب د َّد َ ديندده فدداقتلوه) [رواه
-2يذا أبددى أم يتد َ
البخاري وأبو داود].
-3يمنع من التصر في ماله في مدة استتابته ،فإم أسلم فهو لهو ويال صار في اا لبيت الما ،من
حيث قتله ،أو موته على الردة .وقيل :من حين ارتداده يصر في مصالح المسلمين.
سل وال يصلَّى عليه وال يدفن فدي مقدابر المسدلمين ،وينمدا
-5يذا ما َ أو قت َل على ردته فإنه ال يغ َّ
يدفَن في مقابر الألفّار ،أو يوارا في التراب في أي مألام غير مقابر المسلمين.
- 43 -
عقيدة التوحيد
الفصل األو :ادعاء علم الغيب في قراءة الألف والفنجام ،والتنجيم ...يلخ.
الفصل الحادي عير :الحلف بغير هللا ،والتوسل واالستعانة بالمخلوق دوم هللا.
الفصل األو :ا ّدِّعاء علم الغيب في قراءة الألف والفنجام وغيرهما
المراد بالغيب
ما غاب عن الناس من األمور المستقبلة والما ية وما ال يرونده ،وقدد اخدتص هللا تعدالى بعلمده،
َّللا} [النمل.]65/
ْب يِّال َّ اوا ِّ َواألَ ْر ِّ
ض ا ْلغَي َ وقا تعالى{ :قل ال يَ ْعلَم َمن فِّي ال َّ
س َم َ
فال يعلم الغيب يال هللا سبحانه ،وحده ،وقد يرلع رسله على مدا شداء مدن غيبده لحألمدة ومصدلحة،
غ ْي ِّب ِّه أَ َحداا * ِّيال َم ِّن ا ْرتَ َ
ضى ِّمن َّرسو ٍ } [الجن.]27 ،26/ ب فَال ي ْظ ِّهر َ
علَى َ قا تعالى{ :عَا ِّلم ا ْلغَ ْي ِّ
أي :ال يرلع على شيء من الغيب يال من اصرفاه لرسالته ،فيظهره على ما يياء من الغيبو ألنه
يستد على نبوتده بدالمعجزا و التدي منهدا اإلخبدار عدن الغيدبو الدذي يرلعده هللا عليده ،وهدذا يعدم
الرسو الملألي والبيري ،وال يرلع غيرهما لدليل الحصر .فمن ادّعى علم الغيب بأي وسيلة من
الوسائل غير من استثناه هللا من رسله ،فهو كاذب كافرو سواء ادّعدى ذلدي بواسدرة قدراءة الألدف
أو الفنجدددام ،أو الألهاندددة أو السدددحر أو التنجددديم ،أو غيدددر ذلدددي ،وهدددذا الدددذي يحصدددل مدددن بعدددل
الميعوذين والدجالينو من اإلخبار عدن مألدام األشدياء المفقدودة واألشدياء الغائبدة ،وعدن أسدباب
- 44 -
عقيدة التوحيد
بعل األمراض ،فيقولوم :فدالم ع َِّمد َل لديَ كدذا وكدذا فمر دتَ بسدببه ،وينمدا هدذا السدتخدام الجدن
واليياطين ،ويظهروم للناس أم هذا يحصل لهمو عن طريق عمل هدذه األشدياء مدن بداب الخدداع
والتلبدديس ،قددا شدديخ اإلسددالم ابددن تيميددة ( :والألهددام كددام يألددوم ألحدددهم القددرين مددن اليددياطين،
صددقَ بالألدذب) يلدى أم قدا :
يخبره بألثير من المغيبا بما يسترقه من السمع ،وكانوا يَخلردوم ال ِّ ّ
( ومن هؤالء من يأتيه الييرام بأطعمة فواكه وحلوا ،وغير ذلي مما ال يألوم في ذلي المو ع،
ومنهم من يرير به الجني يلى مألة أو بيت المقدس أو غيرهما) انتهى.
وقد يألوم يخبارهم عن ذلي عن طريق التنجديم ،وهدو االسدتدال بداألحوا الفلأليدة علدى الحدوادث
األر ددية ،كأوقددا هبددوب الريدداح ومجدديء المرددر ،وتغيددر األسددعار ،وغيددر ذلددي مددن األمددور التدي
يزعموم أنها تدرك معرفتها بسدير الألواكدب فدي مجاريهدا ،واجتماعهدا وافتراقهدا .ويقولدوم :مدن
تزوت بنجم كذا وكذا ،حصل له كذا وكذا ،ومن سافر بنجم كذا حصدل لده كدذا ،ومدن ولدد بدنجم كدذا
وكذا حصل له كذاو من السعود أو النحوس ،كما يعلن في بعل المجال الساقرة من الخزعبال
حو البروتو وما يجري فيها من الحظوظ.
وقد يذهب بعل الجها و عا اإليمام يلى هؤالء المنجمين ،فيسألهم عن مستقبل حياته ،ومدا
يجري عليه فيه ،وعن نواجه وغير ذلي.
ومن ادَّعى علم الغيب أو صدَّق من يدَّعيه ،فهو ميركٌ كافرو ألنه يدَّعي مياركة هللا فيما هو من
خصائصه ،والنجوم مس َّخرة مخلوقة ،ليس لها من األمر شيء ،وال تد على نحوس ،وال سعود،
وال مو ،وال حياة ،وينما هذا كله من أعما اليياطين الذين يسترقوم السمع.
س ِّّمي سِّحْ راو ألنه يحصل بأمور خفية ،ال تددرك باألبصدار ،وهدو :عدزائم ورقدى ،وكدالم يدتأللم بده،
وأدوية وتدخينا ،وله حقيقدة .ومنده مدا يدؤثر فدي القلدوب واألبددام فيمدرض ويقتدل ويفدرق بدين
َري ،وهو عمل شديراني ،وكثيدر منده ال يتوصدل يليده المرء ونوجه ،وتأثيره بإذم هللا الألوني القَد ّ
يال باليرك والتقرب يلى األرواح الخبيثة بما تحب ،والتوصل يلىاستخدامها باإلشراك بهداو ولهدذا
قرنه اليارع باليرك ،حيث يقو النبي صلى هللا عليه وسدلم( :اجتنبدوا السدب َع الموبقدا ) قدالوا:
وما هي؟ قا ( :اإلشراك باهلل والسحر[ )...رواه البخاري ومسلم] الحديث .فهو داخل فدي اليدرك
من ناحيتين:
الناحية األولى :ما فيه من استخدام اليياطين ،والتعلق بهم والتقرب يليهم بمدا يحبوندهو ليقومدوا
داس ين َكفَدرواْ يعَ ِّلّم َ
دوم النَّ َ ْاط َ سِّحر من تعليم اليياطين ،قا تعالىَ { :ولَـ ِّأل َّن ال َّ
يي ِّ بخدمة الساحر ،فال ّ
سِّحْ َر} [البقرة.]102/
ال ّ
- 45 -
عقيدة التوحيد
الثانيدة :مددا فيدده مددن دعددوا علددم الغيددب ،ودعدوا ميدداركة هللا فددي ذلددي ،وهددذا كفددر و ددال ،قددا
نصيب.
ٌ ق} [البقرة ،]102/أي: شتَ َراه َما لَه فِّي ِّ
اآلخ َر ِّة ِّم ْن َخالَ ٍ ع ِّلمواْ لَ َم ِّن ا ْ
تعالىَ { :ولَقَ ْد َ
ويذا كام كذلي فال شيَّ أنه كفر وشركو يناقل العقيدة ،ويجب قتل متعاطيه ،كما قتله جماعة من
سِّحر ،وربما عدوا ذلي فنًّا
أكابر الصحابة ر ي هللا عنهم ،وقد تساهل الناس في شأم الساحر وال ّ
مددن الفنددومو التددي يفتخددروم بهددا ،ويمنحددوم أصددحابها الجددوائز والتيددجيع ،ويقيمددوم النددوادي
والحفال والمسابقا للسدحرة ،ويحضدرها آال المتفدرجين والميدجعين ،أو يسدمونه بالسدرك،
وهذا من الجهل بالدين والتهاوم بيأم العقيدة ،وتمألين للعابثين.
وهما ادعاء علم الغيب ،ومعرفة األمور الغائبة ،كاألخبدار بمدا سديقع فدي األرض ،ومدا سيحصدل،
وأيددن مألددام اليدديء المفقددودو وذلددي عددن طريددق اسددتخدام اليددياطين الددذين يسددترقوم السددمع مددن
دوم علَدى كد ِّّل أَفَّداكٍ أَثِّ ٍ
ديم * ي ْلق َ اطين * تَنَ َّز َ علَى َمن تَنَ َّز ال َّ
ييَ ِّ السماء ،كما قا تعالىَ { :ه ْل أنَبِّّ أل ْم َ
وم} [اليعراء.]223 ،221/ س ْم َع َوأَ ْكثَره ْم كَاذِّب َ
ال َّ
وذلي أم الييرام يسترق الأللمة من كالم المالئألدة ،فيلقيهدا فدي أذم الألداهن ،ويألدذب الألداهن مدع
هذه الأللمة مائة كذبة ،فيصدقه الناس بسبب تلي الأللمة ،التي سمعت من السماء ،وهللا عز وجدل
هو المنفرد بعلم الغيب ،فمن ادعى مياركته في شيء من ذلي ،بألهاندة أو غيرهدا ،أو صددق مدن
يدعي ذليو فقد جعل هلل شريألاا فيما هو من خصائصه .والألهانة ال تخلو من اليدركو ألنهدا تَقَ ُّدر ٌ
ب
يلى اليياطين بما يحبومو فهي شرك في الربوبية من حيث ادعاء مياركة هللا في علمه ،وشدرك
في األلوهية من حيث التقرب يلى غير هللا بييء من العبادة.
وعن أبي هريرة ر ي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قدا ( :مدن أتدى كاهنادا فصددقه بمدا
يقو و فقد كفر بما أنز على محمد صلى هللا عليه وسلم) [رواه أبو داود].
ومما يجب التنبيه عليه والتنبه له :أم السحرة والألهام والعدرافين ،يعبثدوم بعقائدد النداس بحيدث
يظهروم بمظهر األطباء ،فيأمروم المر ى بالذبح لغير هللاو بأم يذبحوا خروفاا صفته كدذا وكدذا،
أو دجاجددة ،أو يألتبددوم لهددم الرالسددم اليددركية ،والتعاويددذ اليدديرانية بصددفة حددرون يعلقونهددا فددي
رقابهم ،أو يضعونها في صناديقهم ،أو في بيوتهم.
والبعل اآلخر يظهر بمظهر المخبر عن المغيبا ،وأماكن األشياء المفقودةو بحيث يأتيه الجها
فيسألونه عن األشياء ا لضائعة ،فيخبرهم بها أو يحضدرها لهدم ،بواسدرة عمالئده مدن اليدياطين.
وبعضهم يظهر بمظهر الولي الذي له خوارق وكراما أو بمظهر الفنام ،كدخو الندار وال تدؤثر
فيه ،و رب نفسه بالسالح ،أو و ع نفسه تحت عجال السيارة وال تؤثر فيه ،أو غير ذلي مدن
اليعوذا التي هي في حقيقتها سحر من عمل الييرام ،يجري على أيدي هؤالء للفتندة .أو هدي
أمددور تخيليددة ال حقيقددة لهدداو بددل هددي حيددل خفيددة يتعاطونهددا أمددام األنظددار ،كعمددل سددحرة فرعددوم
بالحبا والعصي.
قا شيخ اإلسالم في مناظرته للسحرة البرائحية األحمدية الرفاعية (قا :يعني شديخ البرائحيدة)
ورفع صوته :نحن لنا أحوا كذا وكذا ،وادَّعى األحوا الخارقة كالنار وغيرها واختصاصهم بها،
- 46 -
عقيدة التوحيد
وأنهم يستحقوم تسليم الحا يليهم ألجلها) .قا شيخ اإلسدالم( :فقلدت ورفعدت صدوتي وغضدبت:
أنا أخاطب كل أحمدي من ميرق األرض يلى مغربها :أي شيء فعلوه في النار؟! فأنا أصنع مثدل
ما تصنعوم ،ومن احترق فهو مغلوب ،وربما قلت :فعليه لعنة هللا ،ولألدن بعدد أم نغسدل جسدومنا
بالخل والماء الحار ،فسألني األمراء والناس عن ذليو فقلدت :ألم لهدم ا
حديال فدي االتصدا بالندار،
يصنعونها من أشياء من دهن الضفادع ،وقير النارنج ،وحجر الرلق ،فضدج النداس بدذليو فأخدذ
ف في بارية بعد أم ترلى جسومنا بالألبريت .فقلت :فقم، يظهر القدرة على ذلي ،فقا :أنا وأنت نلَ ُّ
وأخذ أكرر عليه في القيام يلى ذلي ،فم َّد يده يظهر خلع القميص ،فقلت :ال ،حتى تغتسل بالمداء
يحدب األميدر فليحضدر خيد ابا -أو قدا :
ُّ الحار والخدلو فدأظهر الدوهم علدى عدادتهم فقدا :مدن كدام
ق للجمدع وال يَحصدل بده مقصدودو بدل قنددير يوقدد وأدخدل حزمة حرب -فقلت :هدذا ترويد ٌل وتفريد ٌ
أصبعي وأصبعي فيه بعد الغسل ،ومن احترقت أصبعه فعليه لعنة هللا ،أو قلت :فهو مغلدوب ،فل َّمدا
قلت ذلي تغير وذ ) انتهى .
والمقصدود مندده بيدام أم هددؤالء الدددجالين يألدذبوم علددى النداس بمثددل هددذه الحيدل الخفيددة ،كجددرهم
السيارة بيعرة ويلقائه نفسه تحت عجالتها ويدخا أصديا الحديدد فدي عينده ،يلدى غيدر ذلدي مدن
اليعوذا الييرانية.
الفصل الثالث :تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارا والقبور وتعظيمها
لقد س ّد النبي صلى هللا عليه وسلم كدل الردرق المفضدية يلدى اليدرك ،وحدذّر منهدا غايدة التحدذير،
ومن ذلي :مسألة القبور ،قد و ع الضواب الواقية من عبادتها ،والغلو في أصحابها ،ومن ذلي:
1ـد أندده قددد ح دذّر صددلى هللا عليدده وسددلم مددن الغلددو فددي األوليدداء والصددالحينو ألم ذلددي يددؤ ِّّدي يلددى
عبادتهم ،فقا ( :يياكم والغل َّو ،فإنما أهلي من كام قبلألم الغل ُّو) [رواه اإلمام أحمد والترمذي وابن
ماجه] ،وقا ( :ال ترروني كما أطر ِّ النصارا ابن مريم ،ينما أنا عب ٌد فقولوا :عبد هللا ورسوله)
[رواه البخاري].
2ـ وحذر صلى هللا عليه وسلم من البناء على القبور ،كما روا أبو الهيات األسددي قدا :قدا لدي
علددي بددن أبددي طالددب ر ددي هللا عندده( :أال أبعثددي علددى مددا بعثنددي عليدده رسددو هللا صددلى هللا عليده
سويته) [رواه مسلم]. قبرا ميرفاا يال َّتمثاال يال طمسته ،وال اا وسلم؟ أم ال تدع
3ـ ونهى عن تجصيصها والبناء عليها ،عن جابر ر ي هللا عنه قا ( :نهدى رسدو هللا صدلى هللا
عليه وسلم عن تجصيص القبر ،وأم يقعد عليه ،وأم يبنى عليه بناء) [رواه مسلم].
4ـ وحذَّر صلى هللا عليه وسلم من الصالة عند القبور ،عن عائية ر ي هللا عنها قالت( :لما ن ِّز َ
برسو هللا صلى هللا عليه وسلم طفق يررح خميصة له على وجهه ،فإذا اغتم بهدا كيدفها ،فقدا
وهو كذلي( :لعنة هللا علدى اليهدود والنصداراو اتخدذوا قبدور أنبيدائهم مسداجد) يحدذر مدا صدنعوا،
ولوال ذلي أبرن قبره ،غير أنه خيي أم يتَّخذَ مسجداا) [متفق عليه].
وقا صلى هللا عليه وسلم( :أال َّ
ويم من كدام قدبلألم كدانوا يتخدذوم قبدور أنبيدائهم مسداجد ،أال فدال
القبور مساجدو فإني أنهاكم عن ذلي) [رواه مسلم في صحيحه]. َ تتخذوا
- 47 -
عقيدة التوحيد
واتخاذها مساجد معناه :الصالة عندها ويم لم يبن مسجد عليهاو فأل ُّل مو ع قصد للصالة فيه فقد
وطهورا) [رواه البخاري]
ا اتُّخذَ مسجداا ،كما قا صلى هللا عليه وسلم( :جعلت لي األرض مسجداا
فإذا بني عليها مسجد فاألمر أشد.
وقد خالف أكثر الناس هذه النواهي ،وارتألبوا مدا حدذر منده النبدي صدلى هللا عليده وسدلم ،فوقعدوا
بسبب ذلي في اليرك األكبدرو فبندوا علدى القبدور مسداجد وأ درحة ومقامدا ،وجعلوهدا مدزارا
تمارس عندها كل أنواع اليرك األكبر ،من الذبح لها ،ودعاء أصحابها ،واالستغاثة بهم ،وصر
النذور لهم ،وغير ذلي.
قا العالمة ابن القيم رحمه هللا( :ومن جمع بين سنة رسو هللا صلى هللا عليه وسلم في القبور،
وما أمر به ونهى عنه ،وما كام عليه أصحابه ،وبدين مدا عليده أكثدر النداس اليدوم ،رأا أحددهما
مضدداداا لآلخددر مناق ا
ضددا لددهو بحيددث ال يجتمعددام أب ددااو فنهددى رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم عددن
الصالة يلى القبدور ،وهدؤالء يصدلوم عنددها ،ونهدى عدن اتخاذهدا مسداجد ،وهدؤالء يبندوم عليهدا
سرت عليها ،وهؤالء يوقفوم المساجد ،ويسمونها مياهدو مضاهاة لبيو هللا ،ونهى عن ييقاد ال ُّ
الوقو على ييقاد القناديل عليها ،ونهى عن أم تتَّخذَ عيدداا ،وهدؤالء يتخدذونها أعيداداا ومناسدي،
ويجتمعوم لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر.
وأمر بتسويتها ،كما روا مسلم في صحيحه عن أبي الهيات األسددي قدا :قدا لدي علدي بدن أبدي
طالب ر ي هللا عنده( :أال أبعثديَ علدى مدا بعثندي علدى مدا بعثندي عليده رسدو هللا صدلى هللا عليده
سويته) .وفي صدحيحه أيضادا عدن ثما َمدةقبرا ميرفاا يال َّ
وسلم؟ أم التدع صورة يال طمستها ،وال ا
في قا ( :كندا مدع فضدالة بدن عبيدد بدأرض الدروم بدرودس فتدوفي صداحب لندا ،فدأمر فضدالة بن ش ّ
بقبره فسوي ،ثم قا :سمعت رسو هللا صلى هللا عليه وسلم يأمر بتسويتها) .
وهددؤالء يبددالغوم فددي مخالفددة هددذين الحددديثين ،ويرفعونهددا عددن األرض كالبيدت ،ويعقدددوم عليهدا
القباب.
يلى أم قا ( :فانظر يلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسو هللا صلى هللا عليه وسلم وقصدده
ريب أم فدي ذلدي مدن
من النهي عما تقدم ذكره في القبور ،وبين ما شرعه هؤالء وقصدوه؟! وال َ
المفاسد ما يعجز العبد عن حصره).
ثم أخذ يذكر تلي المفاسد ،يلى أم قا ( :ومنها :أم الذي شدرعه النبدي صدلى هللا عليده وسدلم عندد
نيارة القبور ينما هو تذكر اآلخرة ،واإلحسام يلى المزور بالدعاء له ،والترحم عليه واالستغفار،
وسؤا العافية لهو فيألوم الزائر محسناا يلى نفسه وغلى الميدت ،فقلدب هدؤالء الميدركوم األمدر،
وعألسددوا الدددين ،وجعلددوا المقصددود بالزيددارة :اليددرك بالميددت ،ودعدداءه والدددعاء بدده ،وسددؤا
حوائجهم ،واستنزا البركا منده ،ونصدره لهدم علدى األعدداء ونحدو ذلديو فصداروا مسدي ين يلدى
أنفسهم ،ويلى الميت ،ولو لم يألن يال بحرمانه بركة ما شرعه تعالى من الدعاء له والترحم عليده
واالستغفار له) انتهى .
وبهذا يتضح أم تقديم النذور والقرابين للمزارا شرك أكبرو سببه مخالفة َهدْي النبدي صدلى هللا
عليه وسلم في الحالة التي يجب أم تألوم عليها القبدورو مدن عددم البنداء عليهدا ويقامدة المسداجد
- 48 -
عقيدة التوحيد
عليهدداو ألنهددا لمددا بنيددت عليهددا القبدداب ،وأقيمددت حولهددا المسدداجد والمددزارا ،ظددن الجهددا أم
المدفونين فيها ينفعوم أو يضروم ،وأنهم يغيثوم مدن اسدتغاث بهدم ،ويقضدوم حدوائج مدن التجدأ
يليهم ،فقدموا لهم النذور والقرابينو حتى صار أوثاناا تعبد من دوم هللا ،وقد قا النبي صلى هللا
عليه وسلم( :اللهم ال تجعل قبري وثناا يعبد) [رواه مالدي وأحمدد] ،ومدا دعدا بهدذا الددعاء يال ألنده
سيحصل شيء من ذلي ،وقد حصل عند القبور في كثير من بالد اإلسدالم ،أمدا قبدره فقدد حمداه هللا
ببركة دعائده صدلى هللا عليده وسدلم ،ويم كدام قدد يحصدل فدي مسدجده شديء مدن المخالفدا ،مدن
بعل الجها أو الخرافيين ،لألنهم ال يقدروم على الوصدو يلدى قبدرهو ألم قبدره فدي بيتده ولديس
في المسجد ،وهو محوط بالجدرام ،كما قا العالمة ابن القيم رحمه هللا في نونيته:
التماثيل جمع تمثا ،وهدو الصدورة المجسدمة علدى شدألل ينسدام أو حيدوام ،أو غيرهمدا ممدا فيده
روح ،والنصب في األصل :ال َعلَم ،وأحجدار كدام الميدركوم يدذبحوم عنددها .والنُّصدب التذكاريدة:
تماثي ٌل يقيمونها في الميادين ونحوهاو إلحياء ذكرا نعيم أو مع َّظ ٍم.
ولقد حذّر النبي صلى هللا عليه وسلم من تصوير ذوا األرواح ،وال سيما تصوير المع َّظمين مدن
البير كالعلمداء والملدوك والعبَّداد والقدادة والرؤسداء ،سدواء كدام هدذا التصدوير عدن طريدق رسدم
الصورة على ل وحة أو ورقة ،أو جدار أو ثوب ،أو عن طريق االلتقداط بااللدة الضدوئية المعروفدة
في هذا الزمام ،أو عن طريق النحدت ،وبنداء الصدورة علدى هي دة التمثدا ،ونهدى صدلى هللا عليده
وسلم عن تعليق الصور على الجدرام ونحوها ،وعن نصب التماثيل ،ومنهدا :النصدب التذكاريدةو
ألم ذلي وسيلة يلى اليركو فإم أو شرك حدث في األرض كام بسبب التصوير ونصب الصور،
وذلددي أندده كددام فددي قددوم نددوح رجددا صددالحوم ،فلمددا مدداتوا حددزم علدديهم قددومهم ،فددأوحى يلدديهم
الييرام :أم انصبوا يلى مجالسهم التي كانوا يجلسوم فيها أنصاباا ،وسدموها بأسدمائهم ،ففعلدوا
بعث هللا نبيه نو احا عليده ولم تعبدو حتى يذا هلي أول ي ونسي العلمو عبد [رواه البخاري] .ولما َ
السالم ينهى عن هذا اليرك الذي حصل بسدبب تلدي الصدور التدي نصدبت ،امتندع قومده مدن قبدو
تحولددت يلدى أوثددامَ { :وقَدالوا ال تَدذَر َّم
دعوتده ،وأصدروا علددى عبدادة تلددي الصدور المنصددوبة التدي ّ
آ ِّل َهتَأل ْم َوال تَذَر َّم َودًّا َوال س َواعاا َوال يَغ َ
وث َويَعوقَ َونَ ْ
س ارا} [نوح.]23/
وهذا أسماء الرجا الذين صور لهم تلي الصور على أشألالهمو يحياء لذكرياتهم ،وتعظي اما لهم.
فانظر ما آ يليه األمر بسبب هذه األنصاب التذكارية من اليرك باهلل ،ومعاندة رسله؟! مما سبب
يهالكهم بالروفام ،ومقتهم عند هللا وعند خلقه ،مما يدلي على خرورة التصوير ونصب الصور،
ولهذا لعن النبي صدلى هللا عليده وسدلم المصدورين ،وأخبدر أنهدم أشد ُّد النداس عدذاباا يدوم القيامدة،
وأمر برمس الصدور ،وأخبدر أم المالئألدة ال تددخل بيتادا فيده صدورة ،كدل ذلدي مدن أجدل مفاسددها،
دإم أو شددرك حدددث فددي األرض كددام بسددبب نصددب وشدددة مخاطرهددا علددى األمددة فددي عقيدددتها ،فد َّ
الصُّور ،وسواء كام هذا النصب للصدور والتماثيدل فدي المجدالس ،أو الميدادين أو الحددائقو فإنده
محرم شرعااو ألنه وسيلة يلى اليرك ،وفساد العقيدة .ويذا كام الألفدار اليدو َم يعملدوم هدذا العمدلو
ألنهم ليس لهم عقيدة يحافظوم عليهاو فإنه ال يجون للمسلمين أم يتيبهوا بهدم وييداركوهم فدي
- 49 -
عقيدة التوحيد
هذا العملو حفا اظا على عقيدتهم التي هي مصدر قوتهم وسعادتهم .وال يقدا :يم النداس تجداونوا
هذه المرحلدة وعرفدوا التوحيدد واليدركو ألم اليديرام ينظدر للجيدل المسدتقبل حينمدا يظهدر فديهم
الجهل ،كما عمل مع قوم ندوح لمدا مدا علمداؤهم وفيدا فديهم الجهدل ،وألم الحدي ال تدؤمن عليده
صنَا َم} فخا على نفسه الفتندة،الفتنة ،كما قا يبراهيم عليه السالمَ { :واجْ ن ْبنِّي َوبَنِّ َّي أَم نَّ ْعب َد األَ ْ
قا بعل السلف( :ومن يأمن البالء بعد يبراهيم؟).
االستهزاء بالدين ردة عن اإلسالم ،وخروت عن الددين بالألليدة ،قدا هللا تعدالى{ :قد ْل أَبِّ َّ ِّ
داّلِل َوآيَاتِّد ِّه
وم * الَ تَ ْعتَذِّرواْ قَ ْد َكفَ ْرتم َب ْع َد ِّيي َما ِّنأل ْم} [التوبة.]66 ،65/
ستَه ِّْزؤ َ
َو َرسو ِّل ِّه كنت ْم تَ ْ
هذه اآلية :تد على أم االستهزاء باهلل كفر ،وأم االستهزاء بالرسو كفر ،وأم االستهزاء بآيا
هللا كفر ،فمن اسدتهزأ بواحدد مدن هدذه األمدور فهدو مسدتهز بجميعهدا .والدذي حصدل مدن هدؤالء
المنافقين :أنهم استهزءوا بالرسو وصحابتهو فنزلت اآلية.
يستخفُّوم بتوحيدد هللا تعدالى ،ويعظمدوم دعدا َء غيدره مدن ِّ فاالستهزاء بهذه األمور متالنم ،فالذين
األموا و ويذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن اليدرك اسدتخفُّوا بدذلي ،كمدا قدا تعدالىَ { :و ِّيذَا َرأَ ْوكَ ِّيم
َدن آ ِّل َهتِّنَدا لَ ْدوال أَم صَدبَ ْرنَا َ
علَ ْي َهدا} وال * يِّم كَا َد لَي ِّضدلُّنَا ع ْ يَتَّ ِّخذونَيَ يِّال هز اوا أَ َهذَا الَّذِّي بَعَ َث َّ
َّللا َرس ا
[الفرقام.]42 ،41/
فاستهزءوا بالرسو صدلى هللا عليده وسدلم لمدا نهداهم عدن اليدرك ،ومدا نا الميدركوم يعيبدوم
األنبياء ويصدفونهم بالسدف اهة والضدال والجندوم ،يذا دعدوهم يلدى التوحيددو لمدا فدي أنفسدهم مدن
تعظيم اليرك .وهألذا تجد من فيه شبه مدنهمو يذا رأا مدن يددعو يلدى التوحيدد اسدتهزأ بدذليو لمدا
َّللا} َّللا أَنددَاداا ي ِّحبُّدونَه ْم كَح ّ ِّ
دب َّ ِّ وم َّ ِّ دن النَّ ِّ
داس َمدن يَتَّ ِّخدذ ِّمدن د ِّ عنده من اليرك ،قا هللا تعدالىَ { :و ِّم َ
[البقرة.]165/
حب هللا فهو ميرك .ويجب الفرق بدين الحدب فدي هللا ،والحدب مدع هللا، أحب مخلوقاا مثل ما ي ّ
َّ فمن
القبور أوثانااو تجدهم يستهزئوم بما هو من توحيدد هللا وعبادتده ،ويعظمدومَ فهؤالء الذين اتخذوا
ما اتخذوه من دوم هللا شفعاء ،و َيح ِّلف أحدهم باهلل اليمدين الغمدوس كاذ ابدا ،وال يجتدر أم يحلدف
بييخه كاذباا ،وكثير من طوائف متعددة ترا أحدهم يرا أم استغاثته بالييخ -يمدا عندد قبدره أو
سد َحر! ويسدتهز بمدن يعدد عدن طريقتده غير قبره -أنفع له من أم يدعو هللا في المسجد عند ال َّ
يلى التوحيد ،وكثير منهم يخربوم المساجد ،ويعمروم المياهد ،فهل هذا يال من استخفافهم بداهلل
وبآياته ورسوله ،وتعظيمهم لليرك ؟ وهذا كثير وقوعه في القبوريين اليوم.
أحدهما :االستهزاء الصريح ،كالدذي نزلدت اآليدة فيده ،وهدو قدولهم :مدا رأيندا مثدل قرائندا هدؤالء،
أرغب بروناا ،وال أكذب ألسناا ،وال أجبن عندد اللقداء .أو نحدو ذلدي مدن أقدوا المسدتهزئين ،كقدو
ديددن خددامس ،وقددو اآلخددر :ديددنألم أخددرق ،وقددو اآلخددر يذا رأا اآلمددرينٌ بعضددهم :ديددنألم هددذا
سخرية بهم ،وما أشبه ذلي مما ال بالمعرو ،والناهين عن المنألر :جاءكم أهل ال ّدِّين ،من باب ال ُّ
يحصى يال بأللفةو مما هو أعظم من قو الذين نزلت فيهم اآلية.
- 50 -
عقيدة التوحيد
النوع الثاني :غير الصريح ،وهو البحر الذي ال ساحل له ،مثل :الرمز بدالعين ،ويخدرات اللسدام،
وم ّد اليفعة ،والغمز باليد عند تالوة كتاب هللا ،أو سنة رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم ،أو عندد
األمر بالمعرو ،والنهي عن المنألر .ومثدل هدذا مدا يقولده بعضدهمَّ :
يم اإلسدالم ال َيصدلح للقدرم
العيددرينو وينمددا يصددلح للقددروم الوسددرى ،وأندده تددأ ُّخ ٌر ورجعيددةٌ ،وأم فيدده قسددوة ووحيدديةو فددي
عقوبددا الحدددود والتعددانير ،وأندده َظلَددم المددرأة حقوقهدداو حيددث أبدداح الرددالق ،وتعدددد الزوجددا .
وقولهم :الحألم بالقوانين الو عية أحسن للناس من الحألم باإلسالم .ويقولوم في الذي يدعو يلى
التوحيد ،وينألر عبادة القبور واأل رحة :هذا مترر ،أو يريد أم يفدرق جماعدة المسدلمين ،أو:
هذا و َّهابي ،أو مدذهب خدامس ،ومدا أشدبه هدذه األقدوا التدي كلهدا سدب للددين وأهلده ،واسدتهزاء
سديَ بسدنة مدن سدننبالعقيدة الصحيحة ،وال حو وال قوة يال باهلل .ومن ذلي :استهزاؤهم بمن تم َّ
َّعرو استهزا اء بإعفاء اللحية ،وما أشبه الرسو صلى هللا عليه وسلم فيقولوم :الدين ليس في الي ِّ
هذه األلفاظ الوقحة.
من مقتضى اإليمام باهلل تعالى وعبادته :الخضوع لحألمه والر دا بيدرعه ،والرجدوع يلدى كتابده
وسنة رسوله عند االختال في األقدوا ،وفدي العقائدد وفدي الخصدوما ،وفدي الددماء واألمدوا ،
دإم هللا هددو الح َألددم ويليدده الحألددم ،فيجددب علددى الحألددام أم يحألمددوا بمددا أنددز هللا، وسددائر الحقددوق ،فد َّ
الرعيَّة أم يتحداكموا يلدى مدا أندز هللا فدي كتابده ،وسدنة رسدوله ،قدا تعدالى فدي حدق ويجب على َّ
َّللا يَأْمرك ْم أَم ت َؤدُّواْ األَ َمانَدا ِّ يِّلَدى أَ ْه ِّل َهدا َويِّذَا َحأل َْمدتم بَدي َْن النَّ ِّ
داس أَم تَحْ ألمدواْ بِّا ْلعَد ْد ِّ } الوالة{ :يِّ َّم َّ َ
[النساء.]58/
الرسدو َ َوأ ْو ِّلدي األَ ْم ِّدر ِّمدنأل ْم فَد ِّإم َّللا َوأَ ِّطيعدواْ َّ
ِّين آ َمندواْ أَ ِّطيعدواْ َّ َ
وقا في حق الرعية{ :يَا أَيُّ َهدا الَّدذ َ
سدن اآلخ ِّدر ذَ ِّلديَ َخي ٌْدر َوأَحْ َاّلِل َوا ْليَ ْدو ِّم ِّ الرسو ِّ ِّيم كنت ْم ت ْؤ ِّمن َ
وم ِّب َّ ِّ انعْت ْم فِّي ش َْيءٍ فَردُّوه ِّيلَى َّ ِّ
َّللا َو َّ تَنَ َ
يال} [النساء.]59/ تَأْ ِّو ا
ثم بيّن أنده ال يجتمدع اإليمدام مدع التحداكم يلدى غيدر مدا أندز هللا ،فقدا تعدالى{ :أَلَد ْم تَ َدر يِّلَدى الَّدذ َ
ِّين
وم أَم َيتَ َحداكَمواْ ِّيلَدى ال َّرداغو ِّ َوقَد ْد ندز َ ِّمدن قَ ْب ِّلديَ ي ِّريدد َ وم أَنَّه ْم آ َمنواْ ِّب َمدا أ ِّ
ندز َ ِّيلَ ْيديَ َو َمدا أ ِّ َي ْزعم َ
ي ْي َرام أَم ي ِّضلَّه ْم َ الَ اال بَ ِّعيداا} [النساء ،]60/يلى قوله تعدالى{ :فَدالَ أ ِّمرواْ أَم يَألْفرواْ ِّب ِّه َوي ِّريد ال َّ
ض ديْتَ ش د َج َر بَ ْي دنَه ْم ث د َّم الَ يَ ِّجدددواْ فِّددي أَنف ِّ
س د ِّه ْم َح َر اجددا ِّّم َّمددا قَ َ دوم َحتَّد َ
دى ي َح ِّ ّألمددوكَ فِّي َمددا َ َو َربِّّدديَ الَ ي ْؤ ِّمند َ
س ِّلي اما} [النساء.]65/ س ِّلّمواْ تَ ْ
َوي َ
اإليمدام عمدن لدم يتحداكم يلدى الرسدو صدلى هللا عليده وسدلم َ فنفى سبحانه -نف ايا مؤ َّكداا بالقسدم -
وير دى بحألمده ويسدلم لده ،كمدا أنده حألدم بألفدر الدوالة الدذين ال يحألمدوم بمدا أندز هللا ،وبظلمهددم
وم} [المائددةَ { ،]44/و َمدن لَّد ْم َّللا فَأ ْولَـ ِّيَ هدم ا ْلألَدافِّر َ
نز َ َّوفسقهم ،قا تعالىَ { :و َمن لَّ ْم يَحْ ألم بِّ َما أَ َ
َّللا فَأ ْولَدـ ِّيَ هدم وم} [المائدةَ { ،]45/و َمن لَّد ْم يَحْ ألدم ِّب َمدا أَ َ
ندز َ َّ َّللا فَأ ْولَـ ِّيَ هم ال َّظا ِّلم َ يَحْ ألم ِّب َما َ
أنز َ َّ
وم} [المائدة.]47/ سق َ ا ْلفَا ِّ
والب َّد من الحألم بما أنز هللا ،والتحاكم يليه فدي جميدع مدوار ِّد النّدزاع فدي األقدوا االجتهاديدة بدين
العلماء ،فال يقبل منها يال ما د ّ عليه الألتاب والسنةو مدن غيدر تعصدب لمدذهب ،وال تح ّيدز إلمدام،
وفي المرافعا والخ صدوما فدي سدائر الحقدوقو ال فدي األحدوا اليخصدية فقد ،كمدا فدي بعدل
- 51 -
عقيدة التوحيد
فليسدت اآليددة خا صدة بالنصددارا ،بددل تتنداو كددل مددن فعدل مثددل فعلهدم ،فمددن خددالف مدا أمددر هللا بدده
ورسولهو صلى هللا عليده وسدلم بدأم حألدم بدين النداس بغيدر مدا أندز هللا ،أو طلدب ذلدي اتباعادا لمدا
يهواه ويريدهو فقد خلع ربقة اإلسالم واإليمام من عنقه ،ويم َنع َم أنه مؤمنو فإم هللا تعالى أنألر
دوم أَنَّهد ْم ِّين يَ ْزعم َ على من أراد ذلي ،وأكذبهم فدي نعمهدم اإليمدامو فقدا تعدالى{ :أَلَد ْم تَ َدر ِّيلَدى الَّدذ َ
وم أَم يَتَ َحاكَمواْ يِّلَدى ال َّرداغو ِّ َوقَد ْد أ ِّمدرواْ أَم يَألْفدرواْ آ َمنواْ ِّب َما أ ِّنز َ يِّلَ ْييَ َو َما أ ِّنز َ ِّمن قَ ْب ِّليَ ي ِّريد َ
ي ْي َرام أَم ي ِّضلَّه ْم َ الَ اال بَ ِّعيداا} لما في من قوله( :يزعموم) من نفي ييمدانهمَّ ،
فدإم بِّ ِّه َوي ِّريد ال َّ
(يزعمددوم) ينمددا يقددا غالباددا لمددن ادعددى دعددوا هددو فيهددا كدداذب ،لمخالفتدده لموجبهددا ،وعملدده بمددا
ينافيهاو يحقق هذا قولهَ { :وقَ ْد أ ِّمرواْ أَم يَألْفرواْ بِّ ِّه}و ألم الألفر الراغو ركدن التوحيدد ،كمدا فدي
آية البقرة ،فإذا لم َيحص ْل هذا الركنو لم يألن مو ِّ ّحداا ،والتوحيد هو أساس اإليمام الذي تصلح به
داّلِل فَقَد ِّد
جميع األعما ،وتفسد بعدمه ،كما أم ذلي ب ِّيّ ٌن في قوله{ :فَ َم ْن يَألْف ْدر ِّبال َّرداغو ِّ َوي ْدؤ ِّمن ِّب َّ ِّ
ييمام به .ٌ أم التَّحاك َم يلى ال َّراغو ِّ سيَ بِّا ْلع ْر َو ِّة ا ْلوثْقَ َى} وذلي َّ ستَ ْم َ
ا ْ
ونَفي اإليمام عمن لم يحألم بما أنز هللا ،يد ُّ على أم تحأليم شرع هللا ييمام وعقيددة ،وعبدادة هلل
يجب أم يدين بها المسدلم ،فدال يحألَّدم شدرع هللا مدن أجدل أم تحأليمده أصدلح للنداس وأ دب لألمدن
بعل الناس يركز على هذا الجانب ،وينسى الجانب األو ،وهللا سدبحانه قدد عداب علدى َ فق َّ ،
فإم
من يح ِّ ّألم شرع هللا ألجل مصلحة نفسه ،من دوم تع ُّب ٍد هلل تعالى بدذلي ،فقدا سدبحانهَ { :و ِّيذَا دعدوا
وم * َويِّم يَألن لَّهم ا ْلحَقُّ يَأْتوا يِّلَيْد ِّه م ْدذ ِّعنِّ َ
ين} َ َّللا َو َرسو ِّل ِّه ِّليَحْ أل َم بَ ْينَه ْم يِّذَا فَ ِّري ٌ
ق ِّّم ْنهم ُّم ْع ِّر يِّلَى َّ ِّ
[النور.]49 ،48/
فهم ال يهتموم يال بما يهووم ،وما خالف هواهم أعر وا عنهو ألنهم ال يتعبدوم هلل بالتحاكم يلى
رسوله صلى هللا عليه وسلم.
َّللا فَأ ْولَـ ِّيَ هم ا ْلألَافِّرو َم} [المائدة.]44/ قا هللا تعالىَ { :و َمن لَّ ْم يَحْ ألم بِّ َما أَ َ
نز َ َّ
كفرا أكبر ينقل عدنأم الحألم بغير ما أنز هللا كفر ،وهذا الألفر تارةا يألوم ا في هذه اآلية الألريمةَّ :
كفرا أصغر ال يخرت من الملدة ،وذلدي بحسدب حدا الحداكم ،فإنده يم اعتقدد َّ
أم الملة ،وتارة يألوم ا
الحألددم بمددا أنددز هللا غيددر واجددب ،وأندده مخيَّددر فيدده ،أو اسددتهام بحأل دم هللا ،واعتقددد أم غيددره مددن
القوانين والنظم الو عية أحسن منه أو مساو ايا له ،أو أنه ال يصلح لهذا الزمدام ،أو أراد بدالحألم
- 52 -
عقيدة التوحيد
ريدب أم مدن لددم يعتقدد وجدوب الحألدم بمدا أنددز هللا علدى رسدوله فهدو كدافر ،فمددن َ وقدا أيضادا( :ال
عدال من غير اتباع لما أنز هللاو فهو كدافر ،فإنّده مدا مدن استحل أم يحألم بين الناس بما يراه هو ا
أمددة يال وهددي تددأمر بددالحألم بالعددد ،وقددد يألددوم العددد فددي دينهددا مددا يددراه أكددابرهم ،بددل كثيددر مددن
المنتسبين يلى اإلسالمو يحألموم بعاداتهم التدي لدم ينزلهدا هللا ،كسدواليف الباديدة (أي عدادا مدن
سلفهم) ،وكانوا األمرا َء المراعين ،ويروم أم هذا هو الذي ينبغي الحألم به دوم الألتاب والسنة،
كثيرا من الناس أسلمواو ولألن ال يحألمدوم يال بالعدادا الجاريدةو التدي يدأمر وهذا هو الألفر ،فإم ا
بها المراعوم ،فهؤالء يذا عرفوا أنه ال يجون لهدم الحألدم يال بمدا أندز هللا ،فلدم يلتزمدوا ذلدي ،بدل
استَ َحلّوا أم يحألموا بخال ما أنز هللا فهم كفار) انتهى.
وقا الييخ محمد بن يبراهيم( :وأما الذي قيل فيه أنده كفدر دوم كفدر ،يذا حداكم يلدى غيدر هللا مدع
عاصَّ ،
وأم حألم هللا هو الحق ،فهدذا الدذي يصددر منده المدرة ونحوهدا .أمدا الدذي جعدل ٍ اعتقاد أنه
فر ،ويم قدالوا :أخرأندا وحألدم اليدرع أعدد و فهدذا كفدر ناقدل عدنقوانين بترتيب وتخضيع ،فهو ك ٌ
الملة) .
بين الحألم الجزئي الذي ال يتألرر ،وبين الحألم العام الدذي هدو المرجدع فدي جميدع ففرقَ رحمه هللا َ َّ
األحألددام ،أو غالبهددا ،وقددرر أم هددذا الألفددر ناق دل عددن الملددة مرلقادداو وذلددي ألم مددن نحددى الي دريعة
بديال منهاو فهذا دليل على أنه يرا أم القانوم أحسن وأصلح اإلسالمية ،وجعل القانوم الو عي ا
من اليريعة ،وهذا ال شي أنه كفر أكبر يخرت من الملَّة ويناقل التوحيد.
- 53 -
عقيدة التوحيد
تيريع األحألام التي يسير عليها العبداد فدي عبداداتهم ومعدامالتهم وسدائر شد ونهم ،والتدي تفصدل
النزاع بينهم وتنهي الخصوما ،حق هلل تعالى رب الناس ،وخالق الخلق{ :أَالَ لَده ا ْل َخ ْلدق َواألَ ْمدر
َّللا َر ُّب ا ْلعَالَ ِّم َ
ين} [األعرا .]54/ تَبَ َ
اركَ َّ
ييدرع لهدم ،وبحألدم عبدوديتهم وهو الذي يعلم ما يصلح عباده ،فييرعه لهم ،فبحألم ربوبيته لهم ِّ ّ
َ
َديءٍ فدردُّوه له يتقبلوم أحألامه ،والمصلحة في ذلي عائدة يليهم ،قا تعدالى{ :فَد ِّإم تَنَ َ
دانعْت ْم فِّدي ش ْ
يال} [النساء.]59/ سن تَأْ ِّو ا اآلخ ِّر ذَ ِّليَ َخي ٌْر َوأَحْ َ
اّلِل َوا ْليَ ْو ِّم ِّ الرسو ِّ يِّم كنت ْم ت ْؤ ِّمن َ
وم بِّ َّ ِّ يِّلَى َّ ِّ
َّللا َو َّ
َّللا ذَ ِّلألم َّ
َّللا َر ِّبّي} [اليورا.]10/ اختَلَ ْفت ْم فِّي ِّه ِّمن ش َْيءٍ فَحألْمه يِّلَى َّ ِّ
وقا تعالىَ { :و َما ْ
يرعاا غيره فقا { :أَ ْم لَه ْم ش َركَاء ش ََرعوا لَهدم ِّّمد َن الد ّد ِّ
ِّين َمدا لَد ْم واستنألر سبحنه أم يتخذَ العباد م ِّ ّ
يَأْذَم بِّ ِّه َّ
َّللا} [اليورا.]21/
فمن قبل تيريعاا غير تيريع هللاو فقد أشرك باهلل تعالى ،وما لم ييرعه هللا ورسوله من العبادا و
فهو بدعة ،وكل بدعة اللة ،قا صلى هللا عليه وسلم( :من أحددث فدي أمرندا هدذا مدا لديس منده
عمال ليس عليه أمرنا فهدو رد) فهو رد) [الحديث رواه البخاري ومسلم] ،وفي رواية( :من عمل ا
[رواه مسلم] وما لم ييرعه هللا وال رسوله في السياسة والحألم بين الناس ،فهو حألم الراغو ،
َّللا ح ْأل اما ِّلّقَ ْو ٍم يوقِّن َ
وم} [المائدة.]50/ وم َو َم ْن أَحْ َ
سن ِّم َن َّ ِّ وحألم الجاهلية{ :أَفَح ْأل َم ا ْل َجا ِّه ِّليَّ ِّة يَبْغ َ
وكذلي التحليل والتحريم ،حق هلل تعالى ،ال يجون ألح ٍد أم يياركه فيه ،قا تعالىَ { :والَ تَأْكلواْ ِّم َّما
وم يِّلَى أَ ْو ِّليَدآئِّ ِّه ْم ِّلي َجدادِّلوك ْم َويِّ ْم أَ َط ْعتمدوه ْم
ين لَيوح َ
اط َ ق َويِّ َّم ال َّ
ييَ ِّ س ٌعلَ ْي ِّه َويِّنَّه لَ ِّف ْ
َّللا َ
سم َّ ِّلَ ْم ي ْذك َِّر ا ْ
وم} [األنعام.]121/ ِّينَّأل ْم لَمي ِّْرك َ
حدرم هللا :شدركاا بده سدبحانه ،وكدذلي مدن فجعل سبحانه طاعة اليياطين وأوليدائهم فدي تحليدل مدا ّ
أطاع العلماء واألمراء في تحريم ما أحل هللا ،أو تحليدل مدا حدرم هللا ،فقدد اتخدذهم أربابادا مدن دوم
َّللا َوا ْل َمسِّي َح اب َْن َم ْريَ َم َو َما أ ِّمرواْ اره ْم َور ْهبَانَه ْم أَ ْربَاباا ِّّمن د ِّ
وم َّ ِّ هللاو لقو هللا تعالى{ :اتَّ َخذواْ أَحْ بَ َ
وم} [التوبة.]31/ ع َّما يي ِّْرك َ اح ادا الَّ ِّيلَـهَ ِّيالَّ ه َو س ْب َحانَه َ
ِّيالَّ ِّل َي ْعبدواْ ِّيلَـ اها َو ِّ
َدي بن حداتم الردائي -ر دي هللاوفي الحديث أم النبي صلى هللا عليه وسلم تال هذه اآلية على ع ّ
أليس يحلّوم لألم مدا َّ
حدرم هللا عنه -فقا :يا رسو هللا ،لسنا نعبدهم ،قا صلى هللا عليه وسلمَ ( :
فتحلّونه ،ويحرموم ما أح ّل هللا فتحرمونه؟!) قدا :بلدى ،قدا النبدي صدلى هللا عليده وسدلم( :فتلديَ
عبادتهم) [رواه الترمذي وابن جرير وغيرهما].
فصدار طداعتهم فدي التحليدل والتحددريم مدن دوم هللا عبدادة لهدم وشددركاا ،وهدو شدركٌ أكبدر يندافي
أم التحليل والتحريم حقٌّ هللفإم ِّم ْن مدلولهماَّ :
التوحيد الذي هو مدلو شهادة أم ال يله يال هللا ّ ،
تعالى ،ويذا كام هذا فيمن أطاع العلماء والعبَّاد في التحليل والتحريم الذي يخالف شدرع هللا وهدو
يعلم هذه المخالفة ،مع أنهم أقرب يلى العلم والدين ،وقد يألوم خرؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه
فأليف بمن يريع أحألام القوانين الو عية التي هي مدن صدنع الألفدار َ الحق ،وهم مأجوروم عليه،
والملحدين ،يجلبها يلى بالد المسلمين ،ويحألم بها بينهم؟ فال حو وال قوة يال باهلل.
- 54 -
عقيدة التوحيد
َ
ويبيحدوم لده الحدرام ،ويحألمدوم ير َ
عوم له األحألدام، َّ
يم هذا قد اتخذ الألفار أرباباا من دوم هللا ،ي ِّ ّ
بين األنام.
1ـد االنتمداء يلددى المدذاهب اإللحاديدة كاليدديوعية ،والعلمانيدة ،والرأسدمالية ،وغيرهددا مدن مددذاهب
كام المنتمي يلى تلي المذاهب يددّعي اإلسدالم ،فهدذا مدن النفداق فإم َ الألفر ،ردّة عن دين اإلسالمْ ،
األكبر ،فإم المنافقين ينتموم يلى اإلسالم في الظاهر ،وهم مع الألفار في البداطن ،كمدا قدا تعدالى
اطينِّ ِّه ْم قَددالواْ يِّنَّددا َمعَ ْأل د ْم يِّنَّ َمددا نَحْ ددن ِّين آ َمنددواْ قَددالواْ آ َمنَّددا َويِّذَا َخلَ ْددواْ يِّلَ دى َ
ش ديَ ِّ فدديهمَ { :ويِّذَا لَقددواْ الَّ دذ َ
وم} [البقرة.]14/ ستَه ِّْزؤ َم ْ
َّللا قَالواْ أَلَ ْم نَألن َّم َعأل ْم َو ِّيم ك َ
َدام ِّل ْلألَدا ِّف ِّر َ
ين َام لَأل ْم فَتْ ٌح ِّّم َن َّ ِّ
وم ِّبأل ْم فَ ِّإم ك َ ِّين َيتَ َر َّبص َوقا تعالى{ :الَّذ َ
ين} [النساء.]141/ ستَحْ ِّو ْذ َ
علَيْأل ْم َونَ ْمنَ ْعألم ِّّم َن ا ْلم ْؤ ِّمنِّ َ يب قَالواْ أَلَ ْم نَ ْ
نَ ِّص ٌ
فهؤالء المنافقوم المخادعومو لألل منهم وجهام :وجهٌ يلقى بده المدؤمنين ،ووجده ينقلدب بده يلدى
س ّدرهيخوانه من الملحدين ،ولده لسدانام :أحددهما يقبلده بظداهره المسدلموم ،واآلخدر يتدرجم عدن ِّ
ِّين آ َمنددواْ قَدالواْ آ َمنَّددا َو ِّيذَا َخلَد ْدواْ ِّيلَددى َ
شد َيا ِّطي ِّن ِّه ْم قَدالواْ ِّينَّددا َم َع ْألد ْم ِّينَّ َمددا نَحْ ددن المألندومَ { :و ِّيذَا لَقددواْ الَّدذ َ
وم}.ستَه ِّْزؤ َ
م ْ
وأبدوا أم ينقدادوا لحألدم الدوحيين،
َ واسدتحقار،
ا قد أعر وا عن الألتاب والسنةو اسدتهزا اء بأهلهمدا
واستألبارا ،فتراهم أبداا بالمتمسألين
ا أشرا
فر احا بما عندهم من العلم الذي ال ينفع االستألثار منه يال ا
ستَه ِّْزاء ِّب ِّه ْم َو َيمدُّه ْم ِّفي ط ْغ َيا ِّن ِّه ْم َي ْع َمه َ
وم} . َّللا َي ْ
بصريح الوحي يستهزئومّ { :
َّللا َوكونددواْ َم د َع ال َّ
صددا ِّد ِّق َ
ين} وقددد أمد َدر هللا باالنتمدداء يلددى المددؤمنينَ { :يددا أَ ُّي َهددا الَّ دذ َ
ِّين آ َمنددواْ اتَّقددواْ َّ َ
[التوبة.]119/
وهذه المدذاهب اإللحاديدة مدذاهب متنداحرةو ألنهدا مؤسسدة علدى الباطدل ،فاليديوعية تنألدر وجدود
الخالق -سبحانه وتعالى -وتحارب األديام السدماوية ،ومدن ير دى لعقلده أم يعديش بدال عقيددة،
وينألر البدهيا العقلية اليقينيةو فيألوم ملغ ايا لعقله؟ والعلمانية تنألر األديام ،وتعتمد على المادية
التي ال مو ِّ ّجه لها ،وال غاية لها في هذه الحياة يال الحياة البهيمية؟ والرأسمالية همها جمع الما
مددن أي وجدده وال تتقيددد بحددال وال حددرام ،وال عرددف وال شددفقة علددى الفقددراء والمسدداكين ،وقددوام
الربا الذي هو محاربة هلل ولرسولهو والذي هو دمار الددو واألفدراد ،وامتصداص اقتصادها على ِّ ّ
فضال عمن فيه ذرة مدن ييمدام -ير دى أم يعديش علدى هدذه ا دماء اليعوب الفقيرة ،وأي عاقل -
المذاهب ،بال عقل وال دين ،وال غاية صحيحة من حياتده يهدد يليهدا ،وينا دل مدن أجلهدا وينمدا
غز هذه المذاهب بالد المسلمينو ل َّما غاب عن أكثريتهدا الددين الصدحيح ،وتربدت علدى الضدياع
وعاشت على التبعية.
فر وردَّة عن دين اإلسالمو َّ
ألم 2ـ واالنتماء لألحزاب الجاهلية ،والقوميا العنصرية ،هو اآلخر ك ٌ
اإلسالم يرفل العصبيا ،والنعرا الجاهلية ،يقو تعالى{ :يَا أَيُّ َها النَّداس ِّينَّدا َخلَ ْقنَداكم ِّّمدن ذك ٍَدر
َ
َّللا أَتْقَاك ْم} [الحجرا .]13/ ارفوا يِّ َّم أَك َْر َمأل ْم ِّعن َد َّ ِّ
َوأنثَى َو َجعَ ْلنَاك ْم شعوباا َوقَبَائِّ َل ِّلتَعَ َ
- 55 -
عقيدة التوحيد
ويقو النبدي صدلى هللا عليده وسدلم( :لديس مندا مدن دعدا يلدى عصدبية ،ولديس مندا مدن قاتدل علدى
عصبية ،وليس منا من غضب لعصبية) [رواه الترمذي وغيره].
وقددا صددلى هللا عليدده وسددلم( :يم هللا قددد أذهددب عددنألم ع ِّبّيَّددةَ الجاهليددة ،وفخرهددا باآلبدداء ،ينمددا هدو
مؤمن تقي أو فاجر شقي ،الناس بنو آدم ،وآدم خلق من تراب ،وال فضدل لعربدي علدى عجمدي يال
بالتقوا) [رواه مسلم].
وهذه الحزبيا تفرق المسلمين ،وهللا قد أمر باالجتماع والتعاوم على البر والتقوا ،ونهدى عدن
علَيْأل ْم َّللا َج ِّميعاا َوالَ تَفَ َّرقواْ َو ْ
اذكرواْ نِّ ْع َمتَ َّ ِّ
َّللا َ التفرق واالختال ،وقا تعالىَ { :وا ْعتَ ِّصمواْ بِّ َح ْب ِّل َّ ِّ
صبَحْ تم ِّب ِّن ْع َم ِّت ِّه ِّي ْخ َواناا} [آ عمرام.]103/ ف َبي َْن قلو ِّبأل ْم فَأ َ ْ
ِّي ْذ كنت ْم أَ ْعدَا اء فَأَلَّ َ
يم هللا سبحانه يريد منا أم نألوم مع حزب واحد ،هم حزب هللا المفلحومو ولألن العدالم اإلسدالمي
أصبح بعدما غزته أوروبا سياسيًّا ،وثقافيًّا ،يخضع لهذه العصبيا الدموية ،والجنسية والوطنية،
مفدر منده ،وأصدبحت شدعوبه تنددفع انددفاعاا
ويؤمن بها كقضية علمية وحقيقية مقررة ،وواقدع ال َّ
غري ابا يلى يحياء هدذه العصدبيا التدي أماتهدا اإلسدالم ،والتغندي بهدا ويحيداء شدعائرها ،واالفتخدار
بعهدها الذي تقدم على اإلسالم ،وهو الذي يل ُّح اإلسالم على تسميته بالجاهلية ،وقد َم َّ
دن هللا علدى
المسلمين بالخروت عنها ،وحثهم على شألر هذه النعمة.
والربيعي مدن المدؤمن أم ال يدذكر جاهليدةا تقداد َم عهددها أو قداربو يال بمقدت وكراهيدة وامتعداض
واقيعرار ،وهدو يدذكر السدجين المعدذب الدذي يرلدق سدراحه أيدام اعتقالده وتعذيبده وامتهاندهو يال
أشر َ منها على المو أيدا َم سدقمه، َوعرته قيعريرة؟ وهل يذكر البريء من ِّعلَّة شديدة طويلة َ
أم هددذه الحزبيددا عددذابو بعثدده هللا علددى مددن يال وانألسدف بالدده وانتقددع لوندده ؟ والواجددب أم يعلد َم َّ
علَديْأل ْم عَدذَاباا ِّّمدن علَدى أَم يَ ْبعَ َ
دث َ أعرض عن شرعه ،وتنألر لدينه ،كما قا تعالى{ :ق ْل ه َو ا ْلقَدادِّر َ
ل} [األنعام.]65/ ضألم بَأْ َ
س بَ ْع ٍ شيَعاا َويذِّيقَ بَ ْع َ ت أَ ْرج ِّلأل ْم أَ ْو يَ ْلبِّ َ
سأل ْم ِّ فَ ْوقِّأل ْم أَ ْو ِّمن تَحْ ِّ
وقا صلى هللا عليه وسلم( :وما لم تحألم أئمتهم بألتاب هللا يال جعل هللا بأسهم بينهم) [مدن حدديث
رواه ابن ماجه].
يم التعصب للحزبيا ،يسبب رفل الحق الذي مدع اآلخدرين ،كحدا اليهدود الدذين قدا هللا فديهم: َّ
روم ِّب َمددا َو َرا َءه َوهد َدو ا ْل َحددقُّ آمنددواْ ِّب َمددا أَند َدز َ ّ
َّللا قَددالواْ ند ْدؤ ِّمن ِّب َمددآ أند ِّز َ َ
علَ ْينَددا َويَألْفد َ { َويِّذَا قِّيد َل لَهد ْم ِّ
ص ِّّدقاا ِّلّ َما َمعَه ْم} [البقرة.]91/ م َ
وكحا أهل الجاهلية ،الذين رفضوا الحق الذي جاءهم به الرسو صلى هللا عليه وسلم تعصباا لما
َّللا قَالواْ َب ْل نَتَّ ِّبع َما أَ ْلفَ ْينَا َ
علَ ْي ِّه آ َبا َءنَا} [البقرة.]170/ عليه آباؤهمَ { :و ِّيذَا ِّقي َل لَهم اتَّ ِّبعوا َما أَ َ
نز َ ّ
ويريد أصحاب هذه الحزبيا أم يجعلوها بديلة عن اإلسالم الذي َم َّن هللا به على البيرية.
هناك نظرتام للحياة ،نظرة ما ّديّة للحياة ،ونظرة صحيحة ،ولألل من النظرتين آثارها:
- 56 -
عقيدة التوحيد
محصدورا فدي نرداق ا مقصورا على تحصيل ملذاته العاجلة ،ويألوم عملده ا أم يألوم تفألير اإلنسام
ذلي ،فال يتجاون تفأليره ما وراء ذلي من العواقب ،وال يعمل له ،وال يهتم بيدأنه ،وال يعلدم أم هللا
دار عمددل ،وجعددل اآلخددرة دار جددزاء ،فمددن جعددل هددذه الحيدداة الدددنيا مزرعددة لآلخددرة ،فجعددل الددُّنيا َ
اآلخ َدرةَ
ِّدر الد ُّد ْنيَا َو ِّ
استغل دنياه بالعمل الصالح رب َح الدارين ،ومن يّع دنياه اعت آخرتهَ { :خس َ
س َرام ا ْلمبِّين} [الحج.]11/ ذَ ِّليَ ه َو ا ْلخ ْ
فاهلل لم يخلق هذه الدنيا عبثاا بدل خلقهدا لحألمدة عظيمدة ،قدا تعدالى{ :الَّدذِّي َخلَدقَ ا ْل َم ْدو َ َوا ْل َحيَداةَ
ع َم اال} [الملي.]2/
سن َِّل َيبْل َوك ْم أَ ُّيأل ْم أَحْ َ
ع َم اال} [الألهف.]7/ ض ِّنينَةا لَّ َها ِّلنَبْل َوه ْم أَيُّه ْم أَحْ َ
سن َ علَى األَ ْر ِّ
وقا تعالى{ :يِّنَّا َجعَ ْلنَا َما َ
أوجد سبحانه في هذه الحياة مدن المتدع العاجلدة ،والزيندة الظداهرة مدن األمدوا واألوالد ،والجداه
والسلرام ،وسائر المستلذا ،ما ال يعلمه يال هللا.
سه بها ،ولم يتأمل في فمن الناس -وهم األكثر -من قَصَر نظره على ظاهرها ومفاتنها ،ومتَّع نف َ
سرها ،فانيغل بتحصيلها وجمعها والتمتع بها عن العمل لما بعدهاو بل ربما أنألر أم يألدوم هنداك
حياة غيرها ،كما قا تعالىَ { :وقَالواْ يِّ ْم ِّه َي يِّالَّ َحيَاتنَا ال ُّد ْنيَا َو َما نَحْ ن بِّ َمبْعوثِّي َن} [األنعام.]29/
دوم ِّلقَا َءنَددا َو َر ددواِّْين الَ يَ ْرجد َدن هددذه نظرتدده للحيدداةو فقددا تعددالى{ :يَ َّم الَّدذ َ وقددد توعددد هللا تعددالى َمد ْ
وم * أ ْولَددـ ِّيَ َم دأْ َواهم النُّددار ِّب َمددا َكددانواْ دن آيَاتِّنَددا َ
غ دافِّل َ عد ْ ِّبا ْل َحيددا ِّة ال د ُّد ْنيَا َوا ْط َمددأَنُّواْ ِّب َهددا َوالَّ دذ َ
ِّين ه د ْم َ
وم} [يونس.]8 ،7/ يَ ْألسِّب َ
َام ي ِّريد ا ْل َحيَاةَ ال ُّد ْنيَا َو ِّنينَتَ َها ن َو ّ ِّ يِّلَ ْي ِّه ْم أَ ْع َمالَه ْم فِّي َها َوه ْم فِّي َها الَ ي ْب َخس َ
وم * وقا تعالىَ { :من ك َ
اآلخد َدر ِّة ِّيالَّ النَّددار َو َح د ِّب َ َمددا َ
ص دنَعواْ ِّفي َهددا َو َب ِّ
اط د ٌل َّمددا َكددانواْ َي ْع َملد َ
دوم} ْس لَه د ْم ِّفددي ِّ ِّين لَ دي َ
أ ْولَددـ ِّيَ الَّ دذ َ
[هود.]16 ،15/
أصحاب هذه النظرةو سواء كانوا من الذين يعملوم عمل اآلخرةو يريددوم بده َ وهذا الوعيد ييمل
الحيدداة الدددنيا ،كالمنددافقين والمددرائين بأعمددالهم ،أو كددانوا مددن الألفَّد ِّ
دار الددذين ال يؤمنددوم ببع دث وال
حسدداب ،كحددا أهددل الجاهليددة والمددذاهب الهدامددة مددن رأسددمالية وشدديوعية ،وعلمانيددة يلحاديددة،
قددر الحيداة ،وال
وأول ي لم يعرفوا من رأسمالية وشيوعية ،وعلمانية يلحادية ،وأول ي لم يعرفدوا َ
دبيالو ألنهدم ألغَدوا عقدولهم ،وسددخروا تعددو نظدرتهم لهدا أم تألدوم كنظددرة البهدائم ،بدل هدم أ دل سد ا
طاقاتهم ،و يعوا أوقاتهم فيما ال يبقى لهم ،وال يبقوم له ،ولدم يعملدوا لمصديرهم الدذي ينتظدرهم
والب َّد لهم منه.
مصير ينتظرها ،وليس لها عقو تفألر بهدا ،بخدال أول دي ،ولهدذا يقدو تعدالى ٌ والبهائم ليس لها
ددام بَددد ْل هددد ْم أَ َ ددد ُّل َ
سدددبِّ ا
يال} ددوم يِّ ْم هددد ْم يِّال كَاألَ ْنعَد ِّ
وم أَ ْو يَ ْع ِّقلد َ
سددد َمع َ سدددب أَ َّم أَ ْكثَد َ
ددره ْم يَ ْ فيهدددا{ :أَ ْم تَحْ َ
[الفرقام.]44/
- 57 -
عقيدة التوحيد
فتمنَّوا مثله وغبروه ،ووصفوه بدالحظ العظديمو بندا اء علدى نظدرتهم الماديدة ،وهدذا كمدا هدو الحدا
اآلم فددي الدددو الألددافرة ،ومددا عندددها مددن تقدددّم صددناعي واقتصدداديَّ ،
فددإم ددعا َ اإليمددام مددن
المسلمين ينظروم يليهم نظدرة يعجداب دوم نظدر يلدى مدا هدم عليده مدن الألفدر ،ومدا ينتظدرهم مدن
سوء المصير ،فتبعثهم هذه النظرة الخاط ة يلى تعظديم الألفدار واحتدرامهم فدي نفوسدهم ،والتيدبه
بهددم فددي أخالقهددم وعدداداتهم السددي ة ،ولددم يقلدددوهم فددي الجددد ويعددداد القددوة واليدديء النددافع م دن
المخترعا والصناعا ،كما قا تعالىَ { :وأَ ِّعدُّواْ لَهم َّما ا ْ
ستَ َر ْعتم ِّّمن ق َّو ٍة} [األنفا .]60/
ب ـ النظرة الثانية للحياة :النظرة الصحيحة
وهي :أم يعتبر اإلنسام ما فدي هدذه الحيداة مدن مدا وسدلرام وقدوا ماديدة :وسديلةا يسدتعام بهدا
لعمل اآلخرة.
فالدنيا في الحقيقة ال تذ ُّم لذاتها ،وينما يتوجه المدح والذّ ّم يلى فعل العبد فيها ،فهي قنررة ومعبر
لآلخرة ،ومنها ناد الجنة ،وخير عيش يناله أهل الجنة ينَّما حصل لهم بما نرعوه في الدنيا.
فهي دار الجهاد ،والصالة والصيام ،واإلنفاق في سبيل هللا ،ومضمار التسابق يلى الخيرا .
جمع رقية ،وهي :العوذَة التي يرقى بها صاحب اآلفة كالح َّمى والصَّدرع ،وغيدر ذلدي مدن اآلفدا ،
ويسمونها العزائم ،وهي على نوعين:
يِّرك ،بأم يقرأ على المريل شيء من القرآم ،أو يعَ َّوذ بأسماء النوع األو :ما كام خالياا من ال ّ
بالرقيدة وأجانهدا ،فعدن
هللا وصدفاتهو فهدذا مبداحو ألم النبدي صدلى هللا عليده وسدلم قدد َرقدى وأمدر ُّ
- 58 -
عقيدة التوحيد
عددو بددن مالددي قددا :كنددا نرقددي فددي الجاهليددة فقلنددا :يددا رسددو هللا ،كيددف تددرا فددي ذلددي؟ فقددا :
بأس بالرقى ما لم تألن شركاا) [رواه مسلم]. علي رقاكم ،ال َ اعر وا َّ ( ِّ
قا السيوطي :وقد أجم َع العلمداء علدى جدوان الرقدى ،عندد اجتمداع ثالثدة شدروط :أم تألدوم بألدالم
هللا ،أو بأسماء هللا وصفاته ،وأم تألوم باللسام العربي ،وما يعر معناه ،وأم يعتقَ َد أم الرقية ال
تددؤثر بددذاتهاو بددل بتقدددير هللا تعددالى ،وكيفيتهددا :أم يقددرأ وينفد َ
دث علددى المددريل ،أو يقددرأ فددي مدداءٍ
ويسقاه المريل ،كما جاء في حديث ثابت بن قيس( :أم النبي صلى هللا عليه وسلم أخذ تراباا من
نفث عليه بماءٍ وص َّبه عليه) [رواه أبو داود]. قدح ،ثم َ برحام ،فجعله في ٍ
النوع الثاني :ما لم يخل من اليّرك :وهي الرقى التي يسدتعام فيهدا بغيدر هللا ،مدن دعداء غيدر هللا
و االستغاثة واالستعاذة به ،كالرقى بأسماء الجن ،أو بأسماء المالئألة واألنبياء والصالحينو فهدذا
دعاء لغير هللا ،وه َو شركٌ أكبر .أو يألوم بغير اللسام العربي ،أو بما ال يعر معناهو ألنه يخيى
أم يدخلها كفر أو شرك وال يعلم عنهو فهذا النوع من الرقية ممنوع.
2ـ التمائم
وهي جمع تميمية ،وهي :ما يعلق بأعناق الصبيامو لدفع العين ،وقد يعلق على الألبار من الرجا
والنساء ،وهو على نوعين:
القو األو :الجوان :وهو قو عبد هللا بن عمرو بن العداص ،وهدو ظداهر مدا روي عدن عائيدة،
وبه قا أبو جعفر الباقر ،وأحمد بن حنبل في رواية عنه ،وحملدوا الحدديث الدوارد فدي المندع مدن
تعليق التمائم ،على التمائم التي فيها شرك.
القو الثاني :المنع من ذلي ،وهو قو ابن مسعود وابن عبداس ،وهدو ظداهر قدو حذيفدة وعقبدة
بدن عدامر ،وابدن عألديم ،وبدده قدا جماعدة مدن التدابعين ،مددنهم :أصدحاب ابدن مسدعود ،وأحمدد فددي
رواية اختارها كثير من أصحابه ،وجزم بها المتأخروم ،واحتجوا بما رواه ابن مسعود ر ي هللا
عنه قا :سمعت رسو هللا صلى هللا عليه وسلم يقو ( :يم الرقى والتمائم والتولة شدرك) [رواه
أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم].
والتولة :شيء يصنعونه ،يزعموم أنه يحبب المرأة يلى نوجها ،والرجل يلى امرأته.
الثاني :س ّد الذريعة فإنَّها تفضي يلى تعليق ما ليس مبا احا.
- 59 -
عقيدة التوحيد
الثالدث :أندده يذا علددق شددي اا مددن القددرآم ،فقددد يمتهنده المع ِّلّددق بحملدده معدده فددي حددا قضدداء الحاجددة
واالستنجاء ونحو ذلي .
والواجب على المسلم :المحافظة على عقيدته مما يفسددها أو يخد ّل بهدا ،فدال يتعداطى مدا ال يجدون
من األدوية ،وال يذهب يلى المخرفين والميعوذين ليتعالج عندهم من األمراضو ألنهم يمر دوم
قلبه وعقيدته ،ومن توكّل على هللا كفاه.
وبعددل الندداس يعلّددق هددذه األشددياء علددى نفسدده ،وهددو لدديس فيدده مددرض ح ّ
سددي ،وينمددا فيدده مددرض
وهمي ،وهو الخو من العين والحسد ،أو يعلقهدا علدى سديارته أو دابّتده أو بداب بيتده أو دكانده.
ويم دعف العقيددة هدو المدرض الحقيقدي وهذا كله من عف العقيددة ،و دعف توكلده علدى هللاَّ ،
الذي يَجب عالجه بمعرفة التوحيد والعقيدة الصحيحة.
الفصل الحادي عير :في بيام حألم الحلف بغير هللا والتوسل واالستغاثة واالستعانة بالمخلوق
أ ـ الحلف بغير هللا
الحلددف :هددو اليمددين ،وهددي :توكيددد الحألددم بددذكر معَ َّظددم علددى وجدده الخصددوص .والتعظدديم :حددق هلل
تعالى ،فال يجون الحلف بغيدره ،فقدد أجمدع العلمداء علدى أم اليمدين ال تألدوم يال بداهلل ،أو بأسدمائه
وصفاته ،وأجمعوا على المنع من الحلف بغيدره ،والحلدف بغيدر هللا شدركو لمدا روا ابدن عمدر -
ر ي هللا عنهما -أم رسو هللا صلى هللا عليه وسلم قا ( :من حلف بغير هللا فقد كفر أو أشرك)
[رواه أحمد والترمذي والحاكم] وهو شرك أصدغر ،يال يذا كدام المحلدو بده مع َّظ امدا عندد الحدالف
يلى درجة عبادته له فهذا شرك أكبر ،كما هدو الحدا اليدو َم عندد عبَّداد القبدور ،فدإنَّهم يخدافوم َم ْ
دن
يعظموم من أصحاب القبدور ،أكثدر مدن خدوفهم مدن هللا وتعظيمده ،بحيدث يذا طلدب مدن أحددهم أم
يحلف بالولي الذي يعظمهو لم يحلف به يال يذا كام صادقاا ،ويذا طلب منه أم يحلف باهللو حلف به
ويم كام كاذ ابا.
فالحلف تعظيم للمحلو به ال يليق يال باهلل ،ويجب توقير اليمينو فال يألثر منها ،قا تعدالىَ { :وال
ين} [القلم.]10/
ت ِّر ْع ك َّل َحال ٍ َّم ِّه ٍ
وقا تعالىَ { :واحْ فَظواْ أَ ْي َمانَأل ْم} [المائدة.]89/
- 60 -
عقيدة التوحيد
أي :ال تحلفوا يال عند الحاجة ،وفدي حالدة الصددق والبدرو ألم كثدرة الحلدف أو الألدذب فيهدا يددالم
على االستخفا باهلل ،وعدم التعظيم له ،وهدذا يندافي كمدا التوحيدد ،وفدي الحدديث أم رسدو هللا
صلى هللا عليه وسلم قا ( :ثالثةٌ ال يأللّمهم هللا وال يزكّيهم ،ولهم عذاب ألديم) وجداء فيده( :ورجدل
جعل هللا بضاعته ال ييتري يال بيمينده ،وال يبيدع يال بيمينده) [رواه الربراندي بسدند صدحيح] .فقدد
ش ددَّد الوعيددد علددى كثددرة الحلددف ،ممددا يددد ّ علددى تحريمدده احترا امددا السددم هللا تعددالى ،وتعظي امددا لدده
سبحانه.
فتلخص من ذلي:
-1تحريم الحلف بغير هللا تعالى ،كدالحلف باألماندة أو الألعبدة أو النبدي صدلى هللا عليده وسدلم وأم
ذلي شرك.
بداهلل -3تحريم كثرة الحلف بداهلل -ولدو كدام صدادقاا -يذا لدم تددع يليده حاجدةو َّ
ألم هدذا اسدتخفا
سبحانه.
سل :هو التقرب يلى الييء والتوصل يليه ،والوسيلة :القربة ،قدا هللا تعدالىَ { :وا ْبتَغدواْ يِّلَيد ِّه التّو ّ
َ
سيلَة} [المائدة.]35/ا ْل َو ِّ
أي القربة يليه سبحانه براعته ،واتباع مر اته.
والتوسل قسمام
القسم األو :توسل ميروع ،وهو أنواع
1ـ النوع األو :التوسل يلى هللا تعالى بأسمائه وصفاته
وم فِّدي سدنَى فَدادْعوه ِّب َهدا َوذَرواْ الَّدذ َ
ِّين ي ْل ِّحدد َ ّلِل األَ ْ
سد َماء ا ْلح ْ أمر هللا تعالى بدذلي فدي قولدهَ { :و ِّ َّ ِّ كما َ
وم} [األعرا .]180/ سيجْ َز ْو َم َما كَانواْ يَ ْع َمل َ أَ ْ
س َمآئِّ ِّه َ
2ـ النوع الثاني :التوسل يلى هللا تعالى باإليمام واألعما الصالحة
دام أَ ْم س ِّم ْعنَا منَا ِّديادا ينَدادِّي ِّل ِّ
إلي َم ِّ التي قام بها المتوسل ،كما قا تعالى عن أهل اإليمامَّ { :ربَّنَا يِّنَّنَا َ
س ِّّي َا ِّتنَا َوتَ َوفَّنَا َم َع األب َْر ِّار} [آ عمرام.]193/ آمنواْ ِّب َر ِّّبأل ْم فَآ َمنَّا َر َّبنَا فَا ْغ ِّف ْر لَنَا ذنو َبنَا َو َك ِّفّ ْر َ
عنَّا َ ِّ
- 61 -
عقيدة التوحيد
وكما في حديث الثالثدة الدذين انربقدت علديهم الصدخرة ،فسدد علديهم بداب الغدار ،فلدم يسدتريعوا
الخروت ،فتوسدلوا يلدى هللا بصدالح أعمدالهمو ففدرت هللا عدنهم [هدذا مضدموم الحدديث وهدو متفدق
عليه] فخرجوا يميوم.
- 62 -
عقيدة التوحيد
2ـ والتوسل بجاه النبي صلى هللا عليه وسلم أو بجاه غيره ال يجون
والحديث الذي فيده ( :يذا سدألتم هللا فاسدألوه بجداهي ،فدإم جداهي عندد هللا عظديم) حدديث مألدذوب،
ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها ،وال ذكره أحد من أهدل العلدم بالحدديث ،ومدا
دا َم ال يصح فيه دليل ،فهو ال يجونو ألم العبادا ال تثبت يال بدليل صريح.
ويم كانددت البدداء للسددببية فدداهلل سددبحانه لددم يجعددل السددؤا بددالمخلوق سددب ابا لإلجابددة ،ولددم ييددرعه
لعباده.
فألوم المريع يستحق الجزاء ،هو استحقاق فضل وينعام ،وليس هو استحقاق مقابلة كما يستحق
المخلوق على المخلوق.
الثاني :أم هذا الحق الذي تفضل هللا بده علدى عبدده هدو حدقٌّ خداص بده ،ال عالقدة لغيدره بده ،فدإذا
ا
متوسال بأمر أجنبي ،ال عالقة له به ،وهذا ال يجديه شي اا. توسل به غير مستحقه كام
وأمددا الحددديث الددذي فيدده" :أسددألي بحددق السددائلين" فهددو حددديث لددم يثبددتو ألم فددي يسددناده عريددة
العوفي ،وهو عيف مجمع على عفه ،كما قا بعل المحدثين ،ومدا كدام كدذلي ،فإنده ال يحدتج
به في هذه المسألة المهمة من أمور العقيدة ،ثم ينه لديس فيده توسدل بحدقّ شدخص معديّن ،وينمدا
فيه التوسل بحق السائلين عمو اما ،وحق السائلين اإلجابة كما وعدهم هللا بذلي.
وهو حق أوجبه على نفسده لهدم ،لدم يوجبده عليده أحدد ،فهدو توسدل يليده بوعدده الصدادق ال بحدق
المخلوق.
- 63 -
عقيدة التوحيد
علَى ا ْل ِّ ّ
بر َوالتَّ ْق َوا} [المائدة.]2/ اونواْ َ
وهذا جائز ،قا تعالىَ { :وتَ َع َ
علَدى الَّدذِّي ِّمد ْن َ
عددد ّ ِّو ِّه} شددي َع ِّت ِّه َ وقدا تعددالى فددي قصدة موسددى عليدده السددالم{ :فَا ْ
سدتَغَاثَه الَّدذِّي ِّمددن ِّ
[القصص.]15/
وكما يستغيث الرجل بأصحابه في الحرب وغيرها ،مما يقدر عليه المخلوق.
- 64 -
عقيدة التوحيد
الباب الخامس :في بيام ما يجب اعتقاده في الرسو صلى هللا عليه وسلم
وأهل بيته وصحابته
وذلي في فصو :
الفصل األو :في وجوب محبة الرسو وتعظيمه ،والنهي عن الغلو واإلطراء فدي مدحده ،وبيدام
منزلته صلى هللا عليه وسلم.
الفصل الرابع :في فضل أهل البيت ،وما يجب لهم من غير جفاء وال غلو.
الفصل الخامس :في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم ،ومدذهب أهدل السدنة والجماعدة فيمدا
حدث بينهم.
الفصل األو :في وجوب محبة الرسو وتعظيمه ،والنهي عن الغلو واإلطراء في مدحه
- 65 -
عقيدة التوحيد
أحب يليه من نفسه ،كما في َّ بل ورد أنه يجب على المؤمن أم يألوم الرسو صلى هللا عليه وسلم
يلدي مدن كدل شديء يال
أحدب َّ
ُّ الحديث :أم عمر بن الخراب ر ي هللا عنه قا :يا رسو هللا ،ألنتَ
من نفسي ،فقا ( :والذي نفسي بيده حتى أكوم أحب يليي من نفسدي) ،فقدا لده عمدر :فإندي اآلم
يلي من نفسي ،فقا ( :اآلم يا عمر) [رواه البخاري].
أحب َّ
ففي هذا أم محبة الرسو واجبةٌ ومقدّمةٌ على محبّة كل شديء سدوا محبدة هللا ،فإنهدا تابعدة لهدا
النمة لهاو ألنها محبة في هللا وألجله ،تزيد بزيادة محبة هللا في قلدب المدؤمن ،وتدنقص بنقصدها،
وكل من كام مح ًّبا هللو فإنما يحب في هللا وألجله.
ومح ّبته صلى هللا عليه وسلم تقتضي تعظيمه وتدوقيره واتباعده ،وتقدديم قولده علدى قدو كدل أحدد
من الخلق ،وتعظيم سنته.
قا العالمة ابن القيم رحمه هللا( :وك ُّل محبة وتعظيم للبيرو فإنما تجون تبعاا لمحبة هللا وتعظيمه،
كمحبة رسو هللا صلى هللا عليه وسلم وتعظيمه ،فإنها من تمام محبة مرسله وتعظيمه ،فإم أمته
يحبونه لمحبة هللا له ،ويعظمونه ويجلونه إلجال هللا له ،فهي محبة هلل من موجبا محبة هللا.
والمقصود :أم النبي صلى هللا عليه وسلم ألقى هللا عليده مدن المهابدة والمحبدة ....ولهدذا لدم يألدن
بير أحب يلى بير ،وال أهيب وأج ّل في صدره ،مدن رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم فدي صددور
يلدي
أبغدل َّ
َ أصحابه -ر ي هللا عنهم -قا عمرو بدن العداص بعدد يسدالمه :ينده لدم يألدن شدخص
يلي منه ،وال أج َّل في عيني منه ،قا :ولو س ِّلت أم أصفه منه .فلما أسلمت ،لم يألن شخص أحب َّ
ا
يجالال له. عيني منهو
َّ لألمي لما أطقت ،ألني لم أكن أمأل
وقا عروة بن مسعود لقريش :يا قوم ،وهللا لقد وفدد يلدى كسدرا وقيصدر والملدوك ،فمدا رأيدت
ملألاا يعظمه أصحابهو ما يعظم أصحاب محمد محمداا صلى هللا عليه وسلم ،وهللا ما يحددُّوم النظدر
يليه تعظي اما له ،وما تن َّخم نخامدةا يال وقعدت فدي ك ّ ِّ
َدف رجدل مدنهم ،فيددلي بهدا وج َهده وصددره ،ويذا
تو أ كادوا يقتتلوم على و وئه) انتهى .
- 66 -
عقيدة التوحيد
والمراد باإلطراء في حقه صلى هللا عليه وسلم :أم يزا َد في مدحه ،فقد نهى صلى هللا عليه وسلم
دن مددريم ،ينمددا أنددا عبددد ،فقولددوا :عبددد هللاعددن ذلددي بقولدده( :ال تررونددي كمددا أطددر ِّ النَّصددارا ابد َ
ورسددوله) [متفددق عليدده] ،أي :ال تمدددحوني بالباطددل ،وال تجدداونوا الح د َّد فددي مدددحي ،كمددا غلددت
ص دفَني بدده ربّددي، النَّصددارا فددي عيسددى -عليدده السددالم -فددادَّعوا فيدده األلوهيددةَ ،و ِّصددفوني بمددا َو َ
س ديّد هللا تبددارك
فقولددوا :عبددد هللا ورسددوله .ولمددا قددا لدده بعددل أصددحابه :أنددت س ديّدنا ،فقددا ( :ال َّ
ددوال ،فقدددا ( :قولدددوا بقدددولألم ،أو بعدددل قدددولألم ،والوتعدددالى) ،ولمدددا قدددالوا :أفضدددلنا وأعظمندددا َطد ا
يستجرينألم الييرام) [رواه أبو داود بسند جيد].
خيرنا وابدن خيرندا ،وسديدنا وابدن سديدنا ،فقدا ( :يدا أيهدا النداس،
وقا له ناس :يا رسو َ هللا ،يا َ
أحدب أم ترفعدوني فدوقَ
ُّ قولوا بقولألم ،وال يستهوينألم الييرام ،أندا محمد ٌد عبدد هللا ورسدوله ،مدا
عز وج ّل) [رواه أحمد والنسائي]. منزلتي التي أنزلني هللا ّ
كره صلى هللا عليه وسلم أم يمدحوه بهذه األلفاظ :أنت سديدنا -أندت خيرندا -أندت أفضدلنا -أندت
دو
أعظمنا ،مع أنه أفضل الخلق وأشرفهم على اإلطالقو لألنه نهاهم عن ذلي ،ابتعاداا بهم عدن الغل ّ ِّ
واإلطدراء فددي حقده ،وحمايددةا للتوحيدد ،وأرشدددهم أم يصدفوم بصددفتينو همدا أعلددى مراتدب العبددد،
وليس فيهما غلو وال خرر على العقيدة ،وهما :عبد هللا ورسدوله ،ولدم يحدب أم يرفعدوه فدوق مدا
ثيدر مدنأنزله هللا عز وجل من المنزلة التي ر يها لده ،وقدد خدالف نهيَده صدلى هللا عليده وسدلم ك ٌ
َ
ويحلفوم به ،ويرلبوم منها ما ال يرلب يال من هللا ،كمدا الناس فصاروا يدعونه ،ويستغيثوم به،
يفعل في الموالد والقصائد واألناشيد ،وال يميزوم بين حق هللا وحق الرسو .
ال بأس ببيام منزلته بمدحه صلى هللا عليه وسلم بما مدحه هللا بده ،وذكدر منزلتده التدي فضدله هللا
بهددا واعتقدداد ذلددي ،فلدده صددلى هللا عليدده وسددلم المنزلددة العاليددة التددي أنزلدده هللا فيهددا ،فهددو عبددد هللا
ورسوله ،وخيرته من خلقه ،وأفضل الخلق على اإلطالق ،وهو رسو هللا يلى الناس كافة ،ويلدى
نبدي بعدده ،قدد شدرح هللا لده جميع الثقلدين الجدن واإلندس ،وهدو أفضدل الرسدل ،وخداتم النبيدين ،ال َّ
صدره ،ورفع له ذكره ،وجعل ال ِّذّلَّة والصَّغار على من خالف أمره ،وهو صداحب المقدام المحمدود
سى أَم َي ْب َعثَيَ َر ُّبيَ َمقَا اما َّمحْ موداا} [اإلسراء.]79/
ع َ
الذي قا هللا تعالى فيهَ { :
أي :المقام الذي يقيمه هللا فيه لليفاعة للناس يوم القيامةو ليريحهم ربهم من شدة الموقف ،وهو
مقام خاص به صلى هللا عليه وسلم َ
دوم غيره من النبيين.
وهو أخيى الخلق هلل ،وأتقاهم له ،وقد نهى هللا عن رفع الصو بحضرته صلى هللا عليه وسدلم،
ِّين آ َمندوا ال تَ ْرفَعدوا أَص َ
ْدواتَأل ْم وم أصواتهم عنده ،فقدا تعدالى{ :يَدا أَيُّ َهدا الَّدذ َ ض َ وأثنى على الذين يَغ ّ
ومل أَم تَحْ َب َ أَ ْع َمالأل ْم َوأَنت ْم ال تَيْدعر َ فَ ْوقَ ص َْو ِّ النَّ ِّب ّي ِّ َوال تَجْ َهروا لَه ِّبا ْلقَ ْو ِّ َك َجه ِّْر َب ْع ِّضأل ْم ِّل َب ْع ٍ
- 67 -
عقيدة التوحيد
ونهى سبحانه وتعالى أم يدعى الرسو باسمه كمدا يددعى سدائر النداس ،فيقدا :يدا محمدد ،وينمدا
يدعى بالرسالة والنبدوة فيقدا :يدا رسدو هللا ،يدا نبدي هللا ،قدا تعدالى{ :ال تَجْ َعلدوا دعَدا َء َّ
الرسدو ِّ
بَ ْينَأل ْم كَدع ِّ
َاء بَ ْع ِّضألم بَ ْعضاا} [النور.]63/
كما أم هللا سبحانه يناديه بـ يا أيها النبي ،يدا أيهدا الرسدو .وقدد صدلى هللا ومالئألتده عليده ،وأمدر
دي ِّ يَدا أَيُّ َهدا الَّدذ َ
ِّين علَدى النَّبِّ ّ
َّللا َو َمالئِّ َألتَده يصَدلُّو َم َ
عباده بالصالة والتسدليم عليده ،فقدا تعدالى{ :يِّ َّم َّ َ
س ِّلي اما} [األحزاب.]56/س ِّلّموا تَ ْ
علَ ْي ِّه َو َ
صلُّوا َ
آ َمنوا َ
لألن ال يخصص لمدحه صلى هللا عليده وسدلم وقدتٌ وال كيفيدة معيندة يال بددلي ٍل صدحيح مدن الألتداب
سنَّة ،فما يفعلده أصدحاب الموالدد مدن تخصديص اليدوم الدذي يزعمدوم أنده يدوم مولدده لمدحده: وال ُّ
بدعة منألرة.
ومن تعظيمه صلى هللا عليه وسلم :تعظيم سدنته ،واعتقداد وجدوب العمدل بهدا ،وأنهدا فدي المنزلدة
الثانية بعد القرآم الألريم في وجوب التعظيم والعمدلو ألنهدا وحدي مدن هللا تعدالى ،كمدا قدا تعدالى:
{ َو َما يَ ْن ِّرق ع َِّن ا ْل َه َوا * يِّ ْم ه َو يِّالَّ َوحْ ٌي يو َحى} [النجم.]4 ،3/
فددال يجدددون التيددأليي فيهدددا ،والتقليددل مدددن شدددأنها ،أو الألددالم فيهدددا بتصددحيح أو تضدددعيف لررقهدددا
وأسانيدها أو شرح لمعانيها يال بعلم وتحفُّظ ،وقدد كثدر فدي هدذا الزمدام ترداو الج َّهدا ِّ علدى سدنّة
صا من بعل اليباب الناش ينو الذين ال يزالوم في المراحدل الرسو صلى هللا عليه وسلم خصو ا
األولى من التعليم ،صاروا يص ِّ ّححوم ويضدعّفوم فدي األحاديدث ،ويجرحدوم فدي الدرواة بغيدر علدم
خرر عظيم عليهم وعلى األمة ،فيجب عليهم أم يتقوا هللا ،ويقفدوا عندد ٌ سوا قراءة الألتب ،وهذا
حدهم.
الفصل الثاني :في وجوب طاعته صلى هللا عليه وسلم واالقتداء به
تجب طاعة النبي صلى هللا عليه وسلم بفعل ما أمره بده ،وتدرك مدا نهدى عنده ،وهدذا مدن مقتضدى
شهادة أنه رسو هللا ،وقد أمر هللا تعالى براعته في آيا كثيرة ،تارة مقرونة مع طاعة هللا ،كما
الرسدو َ } [النسداء ]59/وأمثالهدا مدن اآليدا ، َّللا َوأَ ِّطيعدواْ َّ
ِّين آ َمنواْ أَ ِّطيعدواْ َّ َ
في قولهَ { :يا أَ ُّي َها الَّذ َ
َّللا} [النسداءَ { ،]80/وأَ ِّطيعدوا
ع َّ َالرسو َ فَقَ ْد أَ َطدا َ
وتارة يأمر بها منفردة ،كما في قولهَّ { :م ْن ي ِّر ِّع َّ
وم} [النور.]56/ الرسو َ لَعَلَّأل ْم ت ْر َحم َ
َّ
وتددارة يتوعددد مددن عصددى رسددوله صددلى هللا عليدده وسددلم ،كمددا فددي قولدده تعددالى{ :فَ ْليَحْ دذَ ِّر الَّ دذ َ
ِّين
اب أَ ِّلي ٌم} [النور.]63/ وم ع َْن أَ ْم ِّر ِّه أَم ت ِّصي َبه ْم ِّفتْنَةٌ أَ ْو ي ِّصي َبه ْم َ
عذ َ ٌ ي َخا ِّلف َ
- 68 -
عقيدة التوحيد
أي :تصيبهم فتنة في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة ،أو عدذاب ألديم فدي الددنياو بقتدل أو َحد ٍّد أو
حبس ،أو غير ذلي من العقوبا العاجلة.
وقد جعل هللا طاعته واتباعه سدبباا لنيدل محبدة هللا للعبدد ومغفدرة ذنوبده ،قدا تعدالى{ :قد ْل يِّم كندت ْم
َّللا فَاتَّبِّعونِّي يحْ بِّبْألم َّ
َّللا َويَ ْغ ِّف ْر لَأل ْم ذنوبَأل ْم} [آ عمرام.]31/ ت ِّحبُّ َ
وم َّ َ
ا
الال ،قا تعالىَ { :ويِّم ت ِّريعوه تَ ْهتَدوا} [النور.]54/ وجعل طاعته هداية ،ومعصيته
وقد ذكر هللا طاعة الرسو واتباعده فدي نحدو أربعدين مو دعاا مدن القدرآم ،فدالنفوس أحدوت علدى
فدإم الرعدام واليدراب يذا فدا الحصدو معرفة ما جداء بده واتباعده منهدا يلدى الرعدام واليدرابَّ ،
عليهماو حصل المو في الدنيا ،وطاعة الرسو واتباعه يذا فاتاو حصل العذاب واليدقاء الددائم،
وقد أمر صلى هللا عليه وسلم باالقتدداء بده فدي أداء العبدادا ،وأم تدؤدا علدى الأليفيدة التدي كدام
سدنَةٌ} [األحدزاب ،]21/وقدا النبديس َدوةٌ َح َ َدام لَألد ْم ِّفدي َرسدو ِّ َّ ِّ
َّللا أ ْ يؤديها بها ،فقا تعالى{ :لَقَ ْد ك َ
صلى هللا عليه وسلم( :صلوا كما رأيتموني أصلي) [الحديث رواه البخاري] ،وقدا ( :خدذوا عندي
عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) [الحدديث متفدق مناسألألم) [الحديث رواه مسلم] ،وقا ( :من عمل ا
عليه] ،وقا ( :من رغب عن سنتي فليس مني) [متفق عليه] يلى غير ذلدي مدن النصدوصو التدي
فيها األمر باالقتداء به ،والنهي عن مخالفته.
الفصل الثالث :في ميروعية الصالة والسالم على الرسو صلى هللا عليه وسلم
ص دلُّوا ويس دلّموا عليدده ،فقددد قددا هللا تعددالى{ :يِّ َّم َّ َ
َّللا مددن حقدده الددذي شددرع هللا لدده علددى أمتدده أم ي َ
س ِّلي اما} [األحزاب.]56/ س ِّلّموا تَ ْ
علَ ْي ِّه َو َ
صلُّوا َ علَى النَّبِّ ّي ِّ يَا أَيُّ َها الَّذ َ
ِّين آ َمنوا َ صلُّ َ
وم َ َو َمالئِّ َألتَه ي َ
وقد ورد أم معنى صالة هللا تعالى :ثناؤه عليده عندد المالئألدة ،وصدالة المالئألدة :الددعاء ،وصدالة
اآلدميين :االستغفار ،وقد أخبر هللا سبحانه في هذه اآلية عن منزلة عبدده ونبيده عندده فدي المدأل
األعلىو بأنده يثندي عليده عندد المالئألدة المقدربين ،وأم المالئألدة تصدلي عليده ،ثدم أمدر تعدالى أهدل
سفلي.العالم السفلي بالصالة والتسليم عليهو ليجتمع الثناء عليه من أهل العالم العلوي وال ُّ
- 69 -
عقيدة التوحيد
س ِّلي اما} أي :حيُّوه بتحية اإلسالمو فإذا صلى علدى النبدي صدلى هللا عليده وسدلم س ِّلّموا تَ ْ
ومعنىَ { :و َ
فليجمدع بددين الصددالة والتسدليمو فددال يقتصددر علدى أحدددهما ،فددال يقدو ( :صددلى هللا عليدده) فقد ،وال
يقو ( :عليه السالم) فق و ألم هللا تعالى أمر بهما جمي اعا.
مواطن يتأكد طلبها فيها ،يما وجو ابا ويما اسدتحبا اباَ وتيرع الصالة عليه صلى هللا عليه وسلم في
مؤكدداا ،وذكددر ابددن القدديم -رحمدده هللا -فددي كتابدده( :جددالء األفهددام) واحدداا وأربعددين موطنادداو بدددأها
بقوله( :الموطن األو - :وهو أهمها وآكدها -في الصالة في آخر التيهد ،وقد أجمع المسدلموم
على ميروعيته ،واختلفوا في وجوبده فيهدا) ثدم ذكدر مدن المدواطن :آخدر القندو ،وفدي الخ َردب
كخربة الجمعة ،والعيدين واالستسقاء ،وبعد يجابة المؤذم ،وعندد الددعاء ،وعندد دخدو المسدجد
والخروت منده ،وعندد ذكدره صدلى هللا عليده وسدلم ،ثدم ذكدر -رحمده هللا -الثمدرا الحاصدلة مدن
الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم ،فذكر فيها أربعين فائدة ،منها:
ومنهدا :أنهددا سدبب ليددفاعته صدلى هللا عليدده وسدلم يذا قرنهددا بسدؤا الوسدديلة لده صددلى هللا عليدده
وسلم.
س ِّلّم عليه.
ص ِّلّي والم َ
ومنها :أنها سبب لرد النبي صلى هللا عليه وسلم على الم َ
فصلوا هللا وسالمه على هذا النبي الألريم.
الفصل الرابع :في فضل أهل البيت وما يجب لهم من غير جفاء وال غل ّو
أهدل البيدت هددم آ النبدي صدلى هللا عليدده وسدلم الددذين َحرمدتْ علديهم الصدددقة ،وهدم آ علددي ،وآ
جعفددر ،وآ عقيددل ،وآ العبدداس ،وبنددو الحددارث بددن عبددد المرلددب ،وأنوات النبددي صددلى هللا عليدده
يدرا} س أَ ْهد َل ا ْلبَيْد ِّ
ت َوي َر ِّّه َدرك ْم تَ ْر ِّه ا َّللا ِّلي ْدذ ِّه َب عَدنألم ِّ ّ
الدرجْ َ وسلم وبناتدهو لقولده تعدالى{ :يِّنَّ َمدا ي ِّريدد َّ
[األحزاب.]33/
قا اإلمام ابن كثير -رحمه هللا ( :-ث َّم الذي ال ييي فيه من تدبّر القرآم ،أم نساء النبي صلى هللا
س أَ ْهد َل ا ْلبَيْد ِّ
ت َوي َر ِّّهد َرك ْم َّللا ِّلي ْدذ ِّه َب عَدنألم الد ِّ ّرجْ َ
عليه وسدلم داخدال فدي قولده تعدالىِّ { :ينَّ َمدا ي ِّريدد َّ
تَ ْر ِّه ا
يرا} [األحزاب.]33/
فددإم سددياق الألددالم معهددن ،ولهددذا قددا بعددد هددذا كلددهَ { :و ْ
اذكد ْدر َم َمددا يتْلَددى فِّددي بيددوتِّأل َّن ِّمد ْن آيَددا ِّ َّ
َّللاِّ
َوا ْل ِّح ْأل َم ِّة} [األحزاب.]34/
- 70 -
عقيدة التوحيد
أي :واعملن بما ينز هللا تبارك وتعالى على رسوله صلى هللا عليه وسلم في بيوتألن ،من الألتاب
والسنة .قاله قتادة وغير واحد.
واذكرم هذه النعمة التي خ ِّصصْدت َّن بهدا مدن بدين النداس :أم الدوحي يندز فدي بيدوتألن دوم سدائر
دن بهدذه النعمدة ،وأخصُّده َّن مدن
الناس ،وعائية الصديقة بنت الصديق -ر دي هللا عنهدا -أواله َّ
هذه الرحمة العميمة ،فإنه لم ينز على رسو هللا صلى هللا عليه وسلم الدوحي فدي فدراش امدرأة
بألدرا
نص على ذلي صلوا هللا وسالمه عليده ،وقدا بعدل العلمداء :ألنده لدم يتدزوت ا سواها ،كما َّ
َّدص بهدذه
سواها ،ولدم يدنم معهدا رجدل فدي فراشدها سدواه صدلى هللا عليده وسدلم فناسدب أم تخص َ
المزية ،وأم تفر َد بهذه المرتبة العليَّة ،ولألدن يذا كدام أنواجده مدن أهدل بيتده ،فقرابتده أحدق بهدذه
التسمية) انتهى من تفسير ابن كثير.
فأهل السنة والجماعة يحبدوم أهدل بيدت رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم ويتولدونهم ،ويحفظدوم
فيهم وصية رسو هللا صلى هللا عليه وسلم ،حيث قا يوم غدير خم ( :أذكّركم هللا في أهل بيتدي)
[رواه مسلم].
فأهل السنة يحبونهم ويألرمونهمو ألم ذلي من محبة النبي صدلى هللا عليده وسدلم ويكرامده ،وذلدي
سدنَّة مسدتقيمين علدى الملدة ،كمدا كدام عليده سدلفهم كالعبداس وبندوه،
بيرط :أم يألونوا متبعين لل ُّ
وعلي وبنوه ،أما من خالف السنة ،ولم يستقم على الدين ،فإنه ال تجون مواالته ولو كام من أهل
البيت.
فموقددف أهددل السددنة والجماعد ة مددن أهددل البيددت موقددف االعتدددا واإلنصددا ،يتولددوم أهددل الدددين
واالستقامة منهم ،ويتبرءوم ممن خالف السنة وانحر عن الدين ،ولو كام من أهل البيت ،فإم
كونه من أهل البيت ومن قرابة الرسو ،ال ينفعه شي اا حتى يسدتقي َم علدى ديدن هللا ،فقدد روا أبدو
هريددرة -ر ددي هللا عندده -قددا :قددام رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم حددين أنددز عليددهَ { :وأَن دذ ِّْر
ين} [اليعراء.]214/ ِّيرتَيَ األَ ْق َر ِّب َ
عي َ َ
فقا ( :يا معير قريش -أو كلمة نحوها -اشتروا أنفسألم ،ال أغني عنألم من هللا شي اا ،يدا عبداس
ابن عبد المرلب ال أغني عني مدن هللا شدي اا ،يدا صدفيّة عمدة رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم ،ال
أغني عني من هللا شي اا ،ويا فاطمة بنت محمد ،سليني من مالي مدا شد ت ،ال أغندي عندي مدن هللا
شي اا) [رواه البخاري].
سنَّة والجماعة من طريق الدروافلو الدذين يغلدوم فدي بعدل أهدل البيدت ،و َيددَّعوم
ويتبرأ أهل ال ُّ
لهم العصمة ،ومن طريقة النواصبو الذين ينصبوم العدداوة ألهدل البيدت المسدتقيمين ،ويرعندوم
فيهم ،ومن طريقة المبتدعة والخرافيين الذين يتوسلوم بأهل البيدت ،ويتخدذونهم أربابادا مدن دوم
هللا.
فأهل السنة في هذا الباب وغيره على المنهج المعتد ،واصراط المستقيم الدذي ال يفدرا َط فيده وال
تفري ،وال جفاء وال غلو في حدق أهدل البيدت وغيدرهم ،وأهدل البيدت المسدتقيموم ينألدروم الغلدو
فيهم ،ويتبرؤوم من الغالة ،فقد حرق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -ر ي هللا عنه -الغالة
- 71 -
عقيدة التوحيد
وأقره ابن عباس -ر ي هللا عنه -على قدتلهم ،لألدن يدرا قدتلهم بالسديف
ّ الذين َ
غلَوا فيه بالنار،
بدال من التحريف ،وطلب علي -ر ي هللا عنهما -عبد هللا بن سبأ رأس الغالة ليقتلهو لألنه هرب ا
واختفى.
الصحابة جمدع صدحابي :وهدو مدن لقدي النبدي صدلى هللا عليده وسدلم مؤمنادا بده ومدا علدى ذلدي،
والذي يجب اعتقاده فيهم أنهم أفضل األمة ،وخير القدرومو لسدبقهم واختصاصدهم بصدحبة النبدي
صدلى هللا عليده وسددلم والجهداد معده ،وتحمددل اليدريعة عندده ،وتبليغهدا لمدن بعدددهم ،وقدد أثنددى هللا
ين اتَّبَعوهم ين َواألَنص ِّ
َار َوالَّ ِّذ َ اج ِّر َ وم األَ َّول َ
وم ِّم َن ا ْلم َه ِّ سابِّق َ عليهم في محألم كتابه ،قا تعالىَ { :وال َّ
َ َ
ِّين فِّي َها أبَد ادا ذ ِّلديَ َ ع ْنه َوأَ َ
ع َّد لَه ْم َجنَّا ٍ تَجْ ِّري تَحْ تَ َها األ ْن َهار َخا ِّلد َ ع ْنه ْم َو َر واْ َ
َّللا َ
ام َّر ِّ َي َّ
س ٍِّب ِّإحْ َ
ا ْلفَ ْون ا ْلعَ ِّظيم} [التوبة.]100/
دار ر َح َمداء بَيْدنَه ْم تَ َدراه ْم ر َّكعادا سد َّجداا علَدى ا ْلألفَّ ِّ شددَّاء َ ِّين َمعَده أَ ِّ
َّللا َوالَّدذ َ
وقا تعالىُّ { :م َح َّم ٌد َّرسدو َّ ِّ
دن أَثَد ِّدر ال ُّ
سدجو ِّد ذَ ِّلدديَ َمدثَله ْم ِّفددي التَّد ْدو َرا ِّة سددي َماه ْم ِّفددي وجددو ِّه ِّهم ِّّمد َّْللا َو ِّر ْ د َدواناا ِّ
دن َّ ِّ دوم فَ ْ
ضد ادال ِّّمد َ َي ْبتَغد َ
ع ِّليَ ِّغدي َظ علَدى سدوقِّ ِّه ي ْع ِّجدب ُّ
الدز َّرا َ ستَ َوا َ ستَ ْغلَ َظ فَا ْ ش ْرأَه فَ َ
آن َره فَا ْ ت َع أَ ْخ َر َ
نجي ِّل ك ََز ْر ٍ اإل َِّو َمثَله ْم فِّي ِّ
ِّين آ َمنوا َوع َِّملوا الصَّا ِّل َحا ِّ ِّم ْنهم َّم ْغ ِّف َرةا َوأَجْ ارا ع َِّظي اما} [الفتح.]29/ َّللا الَّذ َ
ع َد َّ ار َو َ بِّ ِّهم ا ْلألفَّ َ
َّللاِّ
دن َّ ضد ادال ِّّمد َ دار ِّه ْم َوأَ ْمد َدوا ِّل ِّه ْم يَ ْبتَغد َ
دوم فَ ْ ين الَّ دذ َ
ِّين أ ْخ ِّرجددوا ِّمددن دِّيد ِّ داج ِّر َ وقددا تعددالىِّ { :ل ْلفقَد َدراء ا ْلم َهد ِّ
ام ِّمن قَد ْب ِّل ِّه ْم اإلي َم َ ِّين تَ َب َّوؤوا الد َ
َّار َو ِّ وم * َوالَّذ َ َّللا َو َرسولَه أ ْولَ ِّيَ هم الصَّادِّق َ َو ِّر ْ َواناا َو َينصر َ
وم َّ َ
علَى أَنفس ِِّّه ْم َولَ ْو كَدا َم وم َور ِّه ْم َحا َجةا ِّّم َّما أوتوا َوي ْؤثِّر َ وم فِّي صد ِّ وم َم ْن َها َج َر يِّلَي ِّْه ْم َوال يَ ِّجد َ
ي ِّحبُّ َ
وم} [الحير.]9 ،8/ بِّ ِّه ْم َخصَاصَةٌ َو َمن يوقَ ش َّح نَ ْف ِّ
س ِّه فَأ ْولَ ِّيَ هم ا ْلم ْف ِّلح َ
ففي هذه اآليا أم هللا سبحانه أثنى على المهاجرين واألنصار ،ووصفهم بالسبق يلدى الخيدرا ،
وأخبر أنه قد ر ي هللا عدنهم ،وأعد ّد لهدم الجندا ،ووصدفهم بدالتراحم فيمدا بيدنهم ،واليّددّة علدى
الألفَّ ِّ
ددار ،ووصددفهم بألثددرة الركددوع والسددجود ،وصددالح القلددوب ،وأنهددم يعرفددوم بسدديما الراعددة
واإليمام ،وأم هللا اختارهم لصحبة نبيه ليغيظ بهدم أعدداءه الألفدار ،كمدا وصدف المهداجرين بتدرك
أوطانهم وأموالهم من أجل هللا ونصرة دينه ،وابتغاء فضله ور وانه ،وأنهم صدادقوم فدي ذلدي،
ووصف األنصار بأنهم أهل دار الهجرة والنُّصدرة ،واإليمدام الصدادق ،ووصدفهم بمحبدة يخدوانهم
المهاجرين ،وييثارهم على أنفسدهم ،ومواسداتهم لهدم ،وسدالمتهم مدن اليدح ،وبدذلي حدانوا علدى
الفددالح .هددذه بعددل فضددائلهم العامدة ،وهندداك فضددائل خاصددة ومراتددب يفضددل بهددا بعضددهم بع ا
ضددا،
ر ي هللا عنهم ،وذلي بحسب سبقهم يلى اإلسالم والجهاد والهجرة.
أبو بألر وعمر وعثمام وعلي ،ثدم بقيدة العيدرة المبيدرين بالجندة ،وهدم هدؤالء األربعدة وطلحدة،
والزبير ،وعبد الرحمن بن عو ،وأبو عبيدة بن الجراح ،وسعد بن أبي وقاص ،وسعيد بن نيد،
- 72 -
عقيدة التوحيد
ويَ ْفضل المهاجروم على األنصار ،وأهل بدر وأهل بيعة الر دوام ،ويَ ْفضدل مدن أسدلم قبدل الفدتح
وقاتلو على من أسلم بعد الفتح.
2ـ مذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بين الصحابة من القتا والفتنة
سبب الفتنة
ونورا هو :عبدد هللا بدن
ا تآ َم َر اليهود على اإلسالم وأهله ،فدسوا ماكرا خبيثاا تظاهر باإلسالم كذباا
سبأ ،من يهود اليمن ،فأخذ هدذا اليهدودي ينفدث حقدده وسدمومه دد الخليفدة الثالدث مدن الخلفداء
الراشدين :عثمدام بدن عفدام -ر دي هللا عنده وأر داه -ويختلدق الدتهم دده ،فدالتف حولده مدن
انخددع بده مددن قاصدري النظددر و دعا اإليمددام ومحبدي الفتنددة ،وانتهدت المددؤامرة بقتدل الخليفدة
الراشد عثمام ر ي هللا عنه مظلو اما ،وعلى أثدر مقتلده حصدل االخدتال بدين المسدلمين ،وشدبَّت
بتحريل من هذا اليهودي وأتباعه ،وحصل القتا بين الصحابة عن اجتها ٍد منهم. ٍ الفتنة
قدا شددارح الرحاويدة( :يم أصددل الددرفل ينمدا أحدثدده مندافق ننددديق ،قصددده يبردا ديددن اإلسددالم،
والقدح في الرسو صلى هللا عليه وسلم كما ذكر ذلدي العلمداء ،فدإم عبدد هللا بدن سدبأو لمدا أظهدر
اإلسددالم ،أراد أم يفسددد ديددن اإلسددالم بمألددره وخبثدده -كمددا فعددل بددولس بدددين النصددرانية -ف دأظهر
التنسي ،ثم أظهر األمر بالمعرو والنهي عن المنألر ،حتى سعى في فتندة عثمدام وقتلده ،ثدم لمدا
لدو فدي علدي ،والنصدر لدهو ليدتمألن بدذلي مدن أغرا ده ،وبلدغ ذلدي عليًّدا قَ ِّد َم على الألوفة أظهدر الغ َّ
فرلب قتلهو فهرب منه يلى قرقيس ،وخبره معرو في التاريخ).
وقا شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا( :فلما قتل عثمام ر ي هللا عنه هللا عنه ،تفرقدت القلدوب
ا
عداجزا عنهدا ،وعجدز وعظ َمت الألروب ،وظهر األشرار وذَ َّ األخيار ،وسعى في الفتنة من كام
عن الخير والصالح من كام يحب يقامته ،فبايعوا أمير المؤمنين علي بدن أبدي طالدب -ر دي هللا
عنه -و هو أحق الناس بالخالفة حين ذ ،وأفضل من بقي ،لألن كانت القلوب متفرقدة ،وندار الفتندة
متوقدة ،فلم تتفق الأللمة ،ولم تنتظم الجماعة ،ولم يتمألن الخليفة وخيار األمة من كل ما يريدونه
من الخير ،ودخل في الفرقة والفتنة أقوام ،وكام ما كام) .
وقا أيضاا مبيّ انا عذر المتقاتلين من الصحابةو في قتا علي ومعاوية( :ومعاوية لم يَد ِّ
َّع الخالفة،
ولم يبايَع له بها حين قاتل عليًّا ،ولم يقاتل على أنه خليفة ،وال أنه يستحق الخالفة ،وكام معاوية
روم أم يبتددئوا عليًّدا وأصدحابه بالقتدا و بدل يقر بذلي لمن سأله عنه ،وال كام معاوية وأصحابه يَ َ
لما رأا علي -ر ي هللا عنه -وأصحابه أنه يجب عليهم طاعته ومبايعته ،يذ ال يألوم للمسلمين
يال خليفة واحدد ،وأنهدم خدارجوم عدن طاعتدهو يمتنعدوم هدذا الواجدب ،وهدم أهدل شدوكة ،رأا أم
يقاتلهم حتى يؤدوا هذا الواجب ،فتحصل الراعة والجماعة .وهم قالوا :يم ذلدي ال يجدب علديهم،
وأنهددم يذا قوتلددوا علددى ذلددي كددانوا مظلددومين ،قددالوا :ألم عثمددام قتِّد َل مظلو امددا باتفدداق المسددلمين،
وقتلته في عسألر علي ،وهدم غدالبوم لهدم شدوكة ،فدإذا امتنعندا ظلموندا واعتددوا عليندا ،وعلدي ال
يمألنه دفعهم كما لم يمألنه الددفع عدن عثمدام ،وينمدا عليندا أم نبدايع خليفدة يقددر علدى أم ينصدفنا
ويبذ لنا اإلنصا .
- 73 -
عقيدة التوحيد
الوجه األو :أم هذه اآلثار منها ما هو كذبو قد افتراه أعداؤهم لييوهوا سمعتهم.
الوجده الثدداني :أم هددذه اآلثددار منهددا مدا قددد نيددد ونقددص فيدده ،وغ ِّيّ َدر عددن وجهدده الصددحيح ،ودخلدده
الألذب ،فهو محر ال يلتفت يليه.
الوجه الثالث :أم ما صح من هذه اآلثار -وهو القليل -هدم فيده معدذورومو ألنهدم يمدا مجتهددوم
مصيبوم ،وي ما مجتهدوم مخر دوم ،فهدو مدن مدوارد االجتهداد الدذي يم أصداب المجتهدد فيده فلده
أجرام ،ويم أخرأ فله أجر واحد ،والخرأ مغفورو لما فدي الحدديث :أم رسدو هللا صدلى هللا عليده
وسددلم قددا ( :يذا اجتهدد َد الحدداكم فأصدداب فلدده أجددرام ،ويم اجتهددد فأخرددأ فلدده أجددر واحددد) [فدددي
الصحيحين من حديث عمرو بن العاص ر ي هللا عنهما].
الوجه الرابع :أنهم بير يجون على أفدرادهم الخردأ ،فهدم ليسدوا معصدومين مدن الدذنوب بالنسدبة
لألفرادو لألن ما يقع منهم فله مألفرا عديدة منها:
1ـ أم يألوم قد تاب منه ،والتوبة تمحو السي ة مهما كانت ،كما جاء به األدلة.
2ـ أم لهدم مدن السدوابق والفضدائل مدا يوجدب مغفدرة مدا صددر مدنهم ،يم صددر ،قدا تعدالىِّ { :ي َّم
سنَا ِّ ي ْذ ِّهب َْن ال َّ
سـيِّّ َا ِّ } [هود.]114/ ا ْل َح َ
ولهم من الصُّحبة والجهاد مع رسو هللا صلى هللا عليه وسلم ما يغمر الخرأ الجزئي.
3ـ أنهم تضاعف لهدم الحسدنا أكثدر مدن غيدرهم ،وال يسداويهم أحدد فدي الفضدل ،وقدد ثبدت بقدو
رسو هللا صلى هللا عليه وسلم أنهم خير القروم ،وأم الم َّد من أحدهم يذا تصددق بدهو أفضدل مدن
جبل أحد ذهباا يذا تصدق به غيرهم -ر ي هللا عنهم -وأر اهم).
قا شيخ اإلسدالم ابدن تيميدة رحمده هللا( :وسدائر أهدل السدنة والجماعدة وأئمدة الددين ال يعتقددوم
عصمة أحد من الصحابة ،وال القرابة وال السدابقين وال غيدرهم ،بدل يجدون عنددهم وقدوع الدذنوب
منهم ،وهللا تعالى يغفر لهم بالتوبة ،ويرفع لها درجاتهم ،ويغفر لهم بحسنا ماحية ،أو بغير ذلي
- 74 -
عقيدة التوحيد
وقد اتخذ أعداء هللا ما وقع بين الصحابة وقت الفتنة مدن االخدتال واالقتتدا سدب ابا للوقيعدة بهدم،
والنيل من كرامتهم ،وقد جرا على هذا المخر الخبيث بعل الألتّاب المعاصرينو الذين يهرفوم
بمدا ال يعرفددوم ،فجعلددوا أنفسددهم حأل امددا بددين أصددحاب رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلمو يصد ّدوبوم
ضدهم ،بدال دليدل ،بدل بالجهدل واتبداع الهدوا ،وترديدد مدا يقولده المغر دوم ضهم ،ويخر وم بع َ بع َ
والحاقدوم من المستيرقين وأذنابهمو حتى شألألوا بعل ناش ة المسلمين -ممن ثقافتهم دحلة
-بتاريخ أمتهم المجيد ،وسلفهم الصالح الدذين هدم خيدر القدرومو لينفدذوا بالتدالي يلدى الرعدن فدي
بدال من االقتداء اإلسالم ،وتفريق كلمة المسلمين ،ويلقاء البغل في قلوب آخر هذه األمة ألولها ،ا
ِّين َجاؤوا ِّمن بَ ْع ِّد ِّه ْم يَقولو َم َربَّنَا ا ْغ ِّف ْر لَنَا َو ِّإل ْخ َوانِّنَدا بالسلف الصالح ،والعمل بقوله تعالىَ { :والَّذ َ
ِّين آ َمنوا َربَّنَا ِّينَّيَ َرؤو ٌ َّر ِّحي ٌم} [الحير.]10/ ام َوال تَجْ عَ ْل فِّي قلو ِّبنَا ِّغ اال ِّلّلَّذ َ سبَقونَا ِّب ِّ
اإلي َم ِّ الَّذ َ
ِّين َ
الفصل السادس :في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدا
1ـ النهي عن سب الصحابة
من أصو أهدل السدنة والجماعدة :سدالمة قلدوبهم وألسدنتهم ألصدحاب رسدو هللا صدلى هللا عليده
ِّين َجداؤوا ِّمدن بَ ْعد ِّد ِّه ْم يَقولدو َم َربَّنَدا ا ْغ ِّف ْدر لَنَدا وسلم ،كما وصفهم هللا بدذلي فدي قولده تعدالىَ { :والَّدذ َ
ِّين آ َمندوا َربَّنَدا ِّينَّديَ َرؤو ٌ َّر ِّحدي ٌم} دام َوال تَجْ عَد ْل فِّدي قلو ِّبنَدا ِّغد اال ِّلّلَّدذ َ سدبَقونَا ِّب ِّ
اإلي َم ِّ َو ِّإل ْخ َوانِّنَا الَّدذ َ
ِّين َ
[الحير.]10/
وطاعة لرسو هللا صدلى هللا عليده وسدلم فدي قولده( :ال تسدبُّوا أصدحابي ،فوالدذي نفسدي بيدده لدو
أنفق أحدكم مثل أحد ذهباا ما بلغ م َّد أحدهم وال نصيفه) [الحديث متفق عليه].
ويتبددددرءوم مددددن طريقددددة الرافضددددة والخددددوارت الددددذين يسددددبوم الصددددحابة -ر ددددي هللا عددددنهم -
ويجحدوم فضائلهم ،ويألفروم أكثرهم. َ ويبغضونَهم،
وأهل السنة يقبلوم ما جاء في الألتاب والسنة من فضائلهم ،ويعتقدوم أنهم خير القروم ،كما قا
النبي صلى هللا عليه وسلم( :خيركم قرني )...الحديث [الحديث في الصحيحين].
ولما ذكر صلى هللا عليه وسلم افتراق األمة يلى ثالث وسدبعين فرقدة ،وأنهدا فدي الندار يال واحددة،
وسألوه عن تلي الواحدة ،قا ( :هم من كام على مثل ما أنا عليده اليدوم وأصدحابي) [رواه اإلمدام
أحمد وغيره].
- 75 -
عقيدة التوحيد
قا أبو نرعة -وهو أجد ّل شديو اإلمدام مسدلم :-يذا رأيدت الرجدل يتدنقص امدر اءا مدن الصدحابةو
فاعلم أنه ننديق ،وذلي أم القرآم حق ،والرسو حق ،وما جاء به حق ،وما أدا غلينا ذلدي كلده
سنَّةو فيألوم الجدرح بده أليدق ،والحألدم عليده
يال الصحابةو فمن جرحهم ينما أراد يبرا الألتاب وال ُّ
بالزندقة والضال أقوم وأحق.
ا
سدتحالو كفدر ،ويم لدم دب أحدداا مدن الصدحابة م
س َّ
قا العالمة ابن حمدام في نهاية المبتددئين :مدن َ
سقهم ،أو طعن في دينهم ،أو كفَّرهمو كفر . يستح ّل فسق ،وعنه :يألفر مرلقاا ،ومن فَ َّ
2ـ النهي عن سب أئمة الهدا من علماء هذه األمة
يلي الصدحابة فدي الفضديلة والألرامدة والمنزلدة :أئمدة الهددا مدن التدابعين وأتبداعهم مدن القدروم
سدا ِّبقو َم األَ َّول َ
دوم المفضلة ،ومن جاء من بعدهم ممن تبع الصحابة بإحسام ،كما قا تعدالىَ { :وال َّ
ع ْنده} [التوبدة.]100/ ع ْنه ْم َو َر دواْ َ
َّللا َ
ام َّر ِّ َي َّ
س ٍِّين اتَّبَعوهم ِّب ِّإحْ َ ين َواألَنص ِّ
َار َوالَّذ َ ِّم َن ا ْلم َه ِّ
اج ِّر َ
اآلية.
قا شارح الرحاوية( :فيجب على كل مسلم بعد مواالة هللا ورسوله :مواالة المؤمنين ،كما أطلدق
صا الذين هم ورثة األنبياء ،الذين جعلهم هللا بمنزلة النجوم ،يهتدا بهم في ظلما
القرآم ،خصو ا
البر والبحر ،وقد أجم َع المسلموم على هدايتهم ودرايتهم.
فدإنهم خلفداء الرسددو صدلى هللا عليدده وسدلم فدي أمتدده ،والمحيدوم لمددا مدا مدن سددنته ،فدبهم قدام
الألتاب وبه قاموا ،وبهم نرق الألتاب وبده نرقدوا ،وكلهدم متفقدوم اتفاقادا يقينادا علدى وجدوب اتبداع
الرسو صلى هللا عليه وسلم ،ولألدن :يذا وجدد لواحدد مدنهم قدو قدد جداء حدديث صدحيح بخالفده،
فالبد له في تركه من عذر).
الثاني :عدم اعتقاده أنه أراد تلي المسألة بذلي القو .
- 77 -
عقيدة التوحيد
الفصل الثاني :ظهور البدع في حياة المسلمين ،واألسباب التي أ َّد يليها.
-2التّ ّ
برك باألماكن واآلثار واألموا ،ونحو ذلي.
اوا ِّ
سد َم َ
مدأخوذة مدن البَددْع ،وهدو االختدراع علدى غيددر مثدا سدابق ،ومنده قولده تعدالى{ :بَددِّيع ال َّ
ض} [البقرة.]117/ َواألَ ْر ِّ
أي مخترعها على غير مثا سابق ،قوله تعالى{ :ق ْل َما كنت ِّب ْدعاا ِّّم ْن ُّ
الرس ِّل} [األحقا .]9/
أي :ما كنت أو من جاء بالرسالة من هللا يلى العباد ،بل تقدمني كثير من الرسل.
ابتداع في العادا كابتداع المخترعا الحديثة ،وهذا مباحو ألم األصل في العادا :اإلباحة.
حرمو ألم األصل فيه التوقيدف ،قدا صدلى هللا عليده وسدلم( :مدن أحددث
وابتداع في الدين ،وهذا م َّ
ا
عمدال لديس في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) [رواه البخاري ومسدلم] ،وفدي روايدة( :مدن عمدل
عليه أمرنا فهو رد) [في صحيح مسلم].
- 78 -
عقيدة التوحيد
القسم األو :ما يألوم في أصل العبادة :بأم يحدث عبادة ليس لهدا أصدل فدي اليدرع ،كدأم يحددث
صددالة غيددر ميددروعة أو صدديا اما غيددر ميددروع أصد ادال ،أو أعيدداداا غيددر ميددروعة كأعيدداد الموالددد
وغيرها.
القسم الثاني :ما يألوم مدن الزيدادة فدي العبدادة الميدروعة ،كمدا لدو ناد ركعدة خامسدة فدي صدالة
الظهر أو العصر ا
مثال.
القسم الثالث :ما يألوم في صفة أداء العبادة الميروعةو بأم يؤديها علدى صدفة غيدر ميدروعة،
وذلي كأداء األفألار الميروعة بأصوا جماعية مرربة ،وكالتيديد على النفس في العبادا يلى
حد يخرت عن سنة الرسو صلى هللا عليه وسلم.
القسم الرابع :ما يألوم بتخصيص وقت للعبادة الميدروعةو لدم يخصصده اليدرع كتخصديص يدوم
النصف من شعبام وليلته بصيام وقيام ،فإم أصل الصيام والقيام ميروع ،ولألن تخصيصه بوقت
من األوقا يحتات يلى دليل.
كل بدعة في الدين فهي محرمة و اللة ،لقوله صلى هللا عليه وسلم( :ويياكم ومحددثا األمدور،
فإم كل محدثة بدعة وكل بدعة اللة) [رواه الترمذي وقا :حديث حسن صحيح] ،وقوله صدلى
هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) [متفق عليده] ،وفدي روايدة( :مدن
عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه مسلم] فد الحديثام على أم كل محدث في الدين فهو عمل ا
بدعة ،وكل بدعة اللة مردودة ،ومعنى ذلي أم البدع في العبدادا واالعتقدادا محرمدة ،ولألدن
تقر ابدا يلدى
التحريم يتفاو بحسدب نوعيدة البدعدة ،فمنهدا مدا هدو كفدر صدراح ،كدالروا بدالقبور ّ
أصحابها ،وتقديم الذبائح والنذور لها ،ودعاء أصحابها ،واالستغاثة بهم ،وكأقوا غالة الجهميدة
والمعتزلة .ومنها ما هو من وسائل اليرك ،كالبناء على القبور والصالة والدعاء عنددها ،ومنهدا
ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارت والقدرية والمرج ة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة لألدلة
اليرعية ،ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصديام قائ امدا فدي اليدمس ،والخصداء بقصدد قردع
شهوة الجماع .
تنبيـه
س َم البدعة يلى بدعة حسنة ،وبدعة سي ةو فهو مخر ومخالف لقوله صلى هللا عليه وسلم:من قَ َّ
(فإم كل بدعة اللة) ألم الرسو صلى هللا عليه وسلم حألم على البدع كلها بأنها اللة ،وهدذا
- 79 -
عقيدة التوحيد
يقو :ليس كل بدعة اللةو بدل هنداك بدعدة حسدنة .قدا الحدافظ ابدن رجدب فدي شدرح األربعدين:
(فقوله صلى هللا عليه وسلم( :كل بدعة اللة) من جوامع الأللمو ال يخرت عنه شيء ،وهو أصل
عظيم من أصو الدين ،وهو شبيه بقوله صلى هللا عليه وسلم( :من أحدث في أمرنا ما ليس منه
فهددو رد) فألددل مددن أحدددث شددي اا ونسدبَه يلددى الدددين ،ولددم يألددن لدده أصددل مددن الدددين يرجددع يليدده فهددو
اللة ،والدين بريء منه ،وسدواء فدي ذلدي مسدائل االعتقدادا ،أو األعمدا أو األقدوا الظداهرة
والباطنة) انتهى.
وليس لهؤالء حجة على أم هناك بدعة حسنة ،يال قو عمر ر ي هللا عنده فدي صدالة التدراويح:
(نعمت البدعة هذه).
وقالوا أيضاا :أنها أحدثت أشياء لم يستنألرها السدلف ،مثدل جمدع القدرآم فدي كتداب واحدد ،وكتابدة
الحديث وتدوينه.
والجددواب عددن ذلددي أم هددذه األمددور لهددا أصددل فددي اليددرع ،فليسددت محدثددة ،وقددو عمددر( :نعمددت
البدعة) يريد البدعة اللغوية ال اليرعيّة ،فما كدام لده أصدل فدي اليدرع ير َجدع يليده ،يذا قيدل :ينده
بدعة ،فهو بدعةٌ لغةا ال شرعااو ألم البدعة شرعاا :ما ليس له أصل في اليرع .وجمع القرآم في
كتاب واحد له أصل في اليرعو ألم النبي صلى هللا عليه وسلم كام يأمر بألتابة القرآم ،لألن كدام
مألتوباا متفرقاا ،فجمعه الصحابة ر ي هللا عنهم في مصحف واحد حف اظا له.
ف عنهم فدي األخيدر خيدية والتراويح قد صالها النبي صلى هللا عليه وسلم بأصحابه ليالي ،وتخلَّ َ
واستمر الصدحابة ر دي هللا عدنهم يصدلونها أوناعادا متفدرقين فدي حيداة النبدي
ّ أم تفرض عليهم،
صلى هللا عليه وسلم وبعد وفاته ،يلى أم جمعهدم عمدر بدن الخرداب ر دي هللا عنده هللا عنده علدى
يمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى هللا عليه وسلم ،وليس هذا بدعة في الدين.
وكتابددة الحددديث أي ا
ضددا لهددا أصددل فددي اليددرع ،فقددد أمددر النبددي صددلى هللا عليدده وسددلم بألتابددة بعددل
األحاديث لبعل أصحابهو لما طلب منه ذلي ،وكام أبدو هريدرة ر دي هللا عنده يألتدب الحدديث فدي
عهد النبي صدلى هللا عليده وسدلم ،وكدام المحدذور مدن كتابتده بصدفة عامدة فدي عهدده :خيدية أم
يختل بالقرآم ما ليس منه ،فلما توفّي صلى هللا عليه وسلم انتفدى هدذا المحدذورو ألم القدرآم قدد
الحدديث بعدد ذلدي حف اظدا لده مدن
َ فددو َم المسدلموم
تألامل ،و ب قبل وفاته صلى هللا عليده وسدلمَّ ،
خيراو حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى هللا الضياع ،فجزاهم هللا عن اإلسالم والمسلمين ا
عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين.
أبو داود والترمذي وقا :حديث حسن صحيح] وأو بدعة ظهر :بدعة القدر ،وبدعة اإلرجاء،
وبدعة التييع والخوارت ،ولما حددثت الفرقدة بعدد مقتدل عثمدام ظهدر بدعدة الحروريدة ،ثدم فدي
أواخر عصر الصحابة ،حدثت القدرية في آخر عصر ابن عمر وابدن عبداس وجدابر وأمثدالهم مدن
الصحابة -ر ي هللا عنهم -وحدثت المرج ة قريباا من ذلي ،وأما الجهمية فإنما حدثوا في أواخر
عصر التابعين بعد مو عمر بن عبد العزيز ،وقد روي أنه أنذر بهم ،وكام ظهور جهم بخراسام
في خالفة هيام بن عبد الملي.
هذه البدع ظهدر فدي القدرم الثداني ،والصدحابة موجدودوم ،وقدد أنألدروا علدى أهلهدا ،ثدم ظهدر
بدعة االعتزا ،وحدثت الفتن بين المسلمين ،وظهر اختال اآلراء والميل يلدى البددع واألهدواء،
وظهر بدعة التصو ،وبدعة البناء على القبور بعد القروم المفضلة ،وهألذا كلما تأخر الوقت
ناد البدع وتنوعت.
المسألة الثانية :مألام ظهور البدع
تختلف البلدام اإلسالمية في ظهور البدع فيها ،قا شيخ اإلسالم ابن تيمية( :فإم األمصار الألبار
التددي سددألنها أصددحاب رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم ،وخددرت منهددا العلددم واإليمددام خمسددة:
الحرمام ،والعراقام ،واليام ،منها خدرت القدرآم والحدديث ،والفقده والعبدادة ،ومدا يتبدع ذلدي مدن
ت من هذه األمصار بددع أصدولية ،غيدر المديندة النبويدة ،فالألوفدة خدرت منهدا أمور اإلسالم ،و َخر َ
التيديع واإلرجداء ،وانتيددر بعدد ذلدي فددي غيرهدا ،والبصددرة خدرت منهدا القدددر واالعتدزا والنسددي
الفاسد ،وانتير بعد ذلي في غيرها ،واليام كام بها النصب والقدر ،وأما الدتجهم فإنمدا ظهدر فدي
ناحية خراسام ،وهو شر البدع.
وكام ظهور البدع بحسدب البعدد عدن الددار النبويدة ،فلمدا حددثت الفرقدة بعدد مقتدل عثمدام ظهدر
بدعة الحرورية ،وأما المدينة النبوية ،فألانت سليمة من ظهور هذه البدع ،ويم كدام بهدا مدن هدو
مضدمر لدذلي ،فألددام عنددهم مهانادا مددذمو اما ،غدذ كدام بهددا قدوم مدن القدريددة وغيدرهم ،ولألدن كددانوا
مقهددورين ذليلددين ،بخددال التيدديع واإلرجدداء فددي الألوفددة ،واالعتددزا وبدددع النسدداك بالبصددرة،
ظاهرا ،وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى هللا عليه وسلم أم ال ّد َّجا َ ا والنصب باليام ،فإنه كام
ظاهرا يلى نمن أصحاب مالي ،وهم من أهل القرم الرابع) . ا ال يدخلها ،ولم يز العلم واإليمام
فأما العصور الثالثة المفضلة فلم يألدن فيهدا بالمديندة النبويدة بدعدة ظداهرة البتدة ،وال خدرت منهدا
بدعة في أصو الدين البتة ،كما خرت من سائر األمصار.
ممددا ال شددي فيد ه أم االعتصددام بالألتدداب والسددنة فيدده منجدداة مددن الوقددوع فددي البدددع والضددال ،قدا
سددددبِّي ِّل ِّه}
عددددن َ سددددب َل فَتَفَد َّ
دددرقَ بِّألددد ْم َ سددددتَ ِّقي اما فَدددداتَّبِّعوه َوالَ تَتَّبِّعدددواْ ال ُّ
اطي م ْ تعدددالىَ { :وأَ َّم َهددددـذَا ِّص َ
دددر ِّ
[األنعام.]153/
وقد و ح ذلي النبي صلى هللا عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود -ر ي هللا عنه -قا َ ( :خ َّ لندا
رسو هللا صدلى هللا عليده وسدلم خ ًّردا فقدا " :هدذا سدبيل هللا" ثدم خد َّ خرو اطدا عدن يمينده ،وعدن
اطيشماله ثم قا " :وهذه سبلٌ ،على كل سبيل منها شيرام يدعو يليه" ثدم تدالَ { :وأَ َّم َهدـذَا ِّص َدر ِّ
- 81 -
عقيدة التوحيد
سد ِّبي ِّل ِّه ذَ ِّلألد ْم َوصَّداكم ِّبد ِّه لَعَلَّألد ْم تَتَّق َ
دوم}) [رواه سدب َل فَتَفَ َّدرقَ ِّبألد ْم عَدن َ
ستَ ِّقي اما فَاتَّ ِّبعوه َوالَ تَتَّ ِّبعواْ ال ُّ
م ْ
أحمد وابن حبام والحاكم وغيرهم].
فاألسددباب التددي أ َّد يلددى ظهددور البدددع تددتلخص فددي األمددور التاليددة :الجهددل بأحألددام الدددين ،اتبدداع
الهوا ،التعصب لآلراء واألشخاص ،التيبه بالألفار وتقليدهم ،ونتناو هذه األسدباب بيديء مدن
التفصيل:
ع يال العلم والعلماء ،فإذا فقد العلم والعلماء أتيحت الفرصة للبدع أم تظهر وتنتير،
فال يقاوم البد َ
وألهلها أم ينيروا.
ب ـ اتباع الهوا
سدتَ ِّجيبوا لَديَ فَددا ْعلَ ْم أَنَّ َمددا
مددن أعددرض عددن الألتدداب والسددنة اتبددع هددواه ،كمددا قددا تعددالى{ :فَد ِّإم لَّد ْم يَ ْ
َّللا} [القصص.]50/ وم أَ ْه َوا َءه ْم َو َم ْن أَ َ ُّل ِّم َّم ِّن اتَّبَ َع َه َواه ِّبغَي ِّْر ه ادا ِّّم َن َّ ِّ
يَتَّ ِّبع َ
- 82 -
عقيدة التوحيد
د ـ التيبه بالألفار
وهو من أشد ما يوقع في البدع ،كما في حديث أبي واقد الليثي قا :خرجندا مدع رسدو هللا صدلى
سددرة يعألفدوم عنددها وينوطدوم هللا عليه وسلم يلى حنين ،ونحن حدثاء عهد بألفدر ،وللميدركين ِّ
بها أسلحتهم ،يقا لها :ذا أنواط ،فمررنا بسدرة فقلنا :يا رسو َ هللا :اجعدل لندا ذا أندواط كمدا
لهم ذا أنواط ،فقا رسو هللا صلى هللا عليه وسلم( :هللا أكبر ،ينها السنن! قلتم -والذي نفسي
بيددده -كمددا قالددت بنددو يسددرائيل لموسددى{ :اجْ عَددل لَّنَددا يِّلَددـ اها َك َمددا لَهد ْم آ ِّل َهددةٌ قَددا َ يِّنَّألد ْم قَد ْدو ٌم تَجْ َهلد َ
دوم}
[األعرا ]138/لتركب َّن سنَ َن من قبلألم) [رواه الترمذي وصححه].
ففي هذا الحديث :أم التيبه بالألفدار هدو الدذي حمدل بندي يسدرائيل أم يرلبدوا هدذا الرلدب القبديح،
وهو أم يجعل لهم آلهة يعبدونها ،وهو الذي حمل بعل أصحاب محمدد صدلى هللا عليده وسدلم أم
فإم غالب النداسيسألوه أم يجعل لهم شجرة يتبركوم بها من دوم هللا ،وهذا نفس الواقع اليومَّ ،
من المسلمينو قلدوا الألفار في عمل البدع واليركيا ،كأعياد الموالدد ،ويقامدة األيدام واألسدابيع
ألعما مخصصة ،واالحتفا بالمناسبا الدينية والذكريا ،ويقامة التماثيل ،والنصب التذكارية،
ويقامة المآتم ،وبدع الجنائز ،والبناء على القبور ،وغير ذلي.
الر ّد عليهم
الفصل الثالث :موقف األمة اإلسالمية من المبتدعة ،ومنهج أهل السنة والجماعة في ّ
سنَّة والجماعة من المبتدعة
1ـ موقف أهل ال ُّ
مددا نا أهددل السددنة والجماعددة يددردوم علددى المبتدعددة ،وينألددروم علدديهم بدددعهم ،ويمنعددونهم مدن
مزاولتها ،ويليي نماذت من ذلي:
علي أبو الدرداء مغ َ
ضباا ،فقلت له :ما ليَ ؟ فقا :وهللا ما أعدر ( أ ) عن أم الدرداء قالت( :دخل َّ
فيهم شي اا من أمر محم ٍد يال أنهم يصلوم جميعاا) [رواه البخاري].
( ب ) عن عمر بن يحيى قا ( :سمعت أبي ي َح ّدِّث عن أبيه قا :كنا نجلس علدى بداب عبدد هللا بدن
مسعود قبل صالة الغداة ،فإذا خرت ميينا معه يلى المسجد ،فجاءنا أبو موسدى األشدعري ،فقدا :
ت عليألم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا :ال ،فجلس معنا حتى َخدرتَ ،فلمدا خدر َ
ت قمندا يليده جميعادا، أخر َ
خيدرا،
أر -والحمد هلل -يال ا فقا :يا أبا عبد الرحمن ،يني رأيت في المسجد آنفاا ا
أمرا أنألرته ،ولم َ
سا ينتظروم الصالة، قا :وما هو؟ قا :يم ِّعيْتَ فستراه ،قا :رأيت في المسجد قو اما حلقاا جلو ا
في كل حلقة رجل ،وفي أيدديهم حصدى فيقدو :كبدروا مائدة ،فيألبدروم مائدة ،فيقدو :هللدوا مائدة،
فيهللوم مائة ،فيقو :سبّحوا مائة ،فيسبحوم مائة ،قا :فماذا قلتَ لهم؟ فقا :ما قلت لهم شدي اا
انتظار رأيي ،أو انتظار أمرك ،قا :أفال أمرتَهم أم يعدوا سي اتهم ،و دمنتَ لهدم أم ال يَيديع مدن
َ
حسناتهم شيء؟
ثم مضى ومضينا معهو حتى أتدى حلقدة مدن تلدي الحلدق ،فوقدف علديهم فقدا :مدا هدذا الدذي أراكدم
تصنعوم؟ قالوا :يا أبا عبد الرحمن ،حصى نع ُّد به التألبير والتهليل والتسبيح والتحميد ،قا :فعدا
ٌ
دامن أم ال يضدي َع مدن حسدناتألم شديء ،ويحألدم يدا أمدة محمدد ،مدا أسدرع هلألدتألم، سي اتألم ،فأنا
هؤالء أصحابه متوافروم ،وهذه ثيابه لم تبل ،وآنيته لم تألسر ،والذي نفسي بيده :ينألم لعلى مل ٍة
هي أهدا من ملدة محمدد ،أو مفتتحدو بداب داللة .قدالوا :وهللا يدا أبدا عبدد الدرحمن ،مدا أردندا يال
- 83 -
عقيدة التوحيد
(جـ) جاء رجل يلى اإلمام مالي بدن أندس -رحمده هللا -فقدا :مدن أيدن أحْ ِّدرم؟ فقدا :مدن الميقدا
الذي َوقَّتَ رسو هللا صلى هللا عليه وسلم وأحرم منه ،فقدا الرجدل :فدإم أحرمدت مدن أبعدد منده،
فقا مالي :ال أرا ذلي ،فقا َ :ما تألره من ذلي ،قا :أكره عليي الفتنة ،قا :وأي فتنة في اندياد
وم عَد ْن أَ ْم ِّدر ِّه أَم ت ِّصديبَه ْم فِّتْنَدةٌ أَ ْو فدإم هللا تعدالى يقدو { :فَ ْليَحْ دذَ ِّر الَّدذ َ
ِّين ي َخدا ِّلف َ الخير؟ فقا َ مالديّ :
اب أَ ِّلي ٌم} [النور.]63/
عذ َ ٌ
ي ِّصيبَه ْم َ
مددنهجهم فددي ذك مبنددي علددى الألتدداب والسددنة ،وهددو المددنهج المقنددع المفحددم ،حيددث يددرودوم شددبه
المبتدعة وينقضونها ،ويستدلوم بالألتاب والسنة على وجوب التمسي بالسنن ،والنهي عن البدع
والمحدثا ،وقد ألَّفوا المؤلفا الألثيرة في ذلي ،وردُّوا في كتب العقائدد علدى اليديعة والخدوارت
والجهمية والمعتزلة واألشاعرة ،في مقاالتهم المبتدعة في أصو اإليمدام والعقيددة ،وألفدوا كتبادا
ف اإلمام أحمد كتاب الدرد علدى الجهميدة ،والدف غيدره مدن األئمدة فدي ذلدي خاصّة في ذلي ،كما ألَّ َ
كعثمام بدن سدعيد الددارمي ،وكمدا فدي كتدب شديخ اإلسدالم ابدن تيميدة وتلميدذه ابدن القديم ،واليديخ
محمدد بدن عبدد الوهدداب ،وغيدرهم ،مدن الددرد علدى تلدي الفدرق ،وعلددى القبوريدة والصدوفية ،وأمددا
الألتب الخاصة في الرد على أهل البدع ،فهي كثيرة ،منها على سبيل المثا من الألتب القديمة:
-2كتاب اقتضاء الصراط المسدتقيم ليديخ اإلسدالم ابدن تيميدة ،فقدد اسدتغرق الدرد علدى المبتدعدة
كبيرا منه.
جز اءا ا
-3كتاب ينألار الحوادث والبدع البن و َّ اح.
- 84 -
عقيدة التوحيد
-2كتدداب السددنن والمبتدددعا المتعلقددة باألذكددار والصددلوا لليدديخ محمددد بددن أحمددد اليددقيري
الحوامدي.
ع ويردوم على المبتدعة من خال الصحف وال يزا علماء المسلمين -والحمد هلل -ينألروم البد َ
والمجددال واإلذاعددا وخرددب الجمددع والندددوا والمحا ددرا ،ممددا لدده كبيددر األثددر فددي توعيددة
المسلمين ،والقضاء على البدع ،وقمع المبتدعين.
وهي:
البدددع المعاصددرة كثيددرةو بحألددم تد أخر الددزمن ،وقلددة العلددم ،وكثددرة الدددعاة يلددى البدددع والمخالفددا ،
وسريام التيدبه بالألفدار فدي عداداتهم وطقوسدهمو مصدداقاا لقولده صدلى هللا عليده وسدلم( :لتتدبع َّن
سنَ َن من كام قبلألم) [رواه الترمذي وصححه].
وهو تيبه بالنصارا في عمل مدا يسد َّمى باالحتفدا بمولدد المسديح ،فيحتفدل جهلدة المسدلمين ،أو
العلماء المضلوم في ربيع األو أو في غيره من كل سنة بمناسبة مولد الرسو محمدد صدلى هللا
عليه وسلم .فمنهم من يقيم هذا االحتفا في المساجد ،ومدنهم مدن يقيمده فدي البيدو ،أو األمألندة
ع كثيرة من دعماء الناس وعوامهم ،يعملوم ذلي تيب اها بالنصارا في المعدة لذلي ،ويَحضر جمو ٌ
ابتداعهم االحتفا بمولد المسيح ،عليه السالم ،والغالب أم هذا االحتفا عالوة على كونه بدعة،
وتيب اها بالنصارا ،ال يخلو من وجود اليركيا والمنألرا ،كإنياد القصائد التي فيها الغلو فدي
حق ال رسو صلى هللا عليه وسلم يلى درجة دعائه من دوم هللا ،واالستغاثة بده ،وقدد نهدى النبدي
لو في مدحه فقا ( :ال ترروني كما أطر النصدارا َ
ابدن مدريمو ينمدا صلى هللا عليه وسلم عن الغ ّ ِّ
أنا عبد ،فقولوا :عبد هللا ورسوله) [رواه الييخام] .وقد يصب هذا االحتفا اختالط بندي الرجدا
والنساء وفساد األخالق وظهور المسألرا وغير ذلي.
ددو فددي المدددح ،وربمددا يعتقدددوم أم الرسددو صددلى هللا عليدده وسددلم يحضددر اإلطددراء معندداه :الغل ّ
احتفدداالتهم ،ومددن المنألددرا التددي تصدداب هددذه االحتفدداال :األناشدديد الجماعيددة المنغمددة و ددرب
الربددو ،وغيددر ذل دي مددن عمددل األذكددار الصددوفية المبتدعددة ،وقددد يألددوم فيدده اخددتالط بددين الرجددا
ويجر يلى الوقوع في الفواحش ،وحتى لو خال هذا االحتفا من هذه ّ والنساء ،مما يسبّب الفتنة،
المحدداذير ،واقتصددر علددى االجتمدداع وتندداو الرعددام ،ويظهددار الفددرح -كمددا يقولددوم -و فإندده بدعددة
- 85 -
عقيدة التوحيد
محدثة (وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة اللة) ،وأيضاا هو وسيلة على أم يترور ،ويحصل فيه ما
يحصل في االحتفاال األخرا من المنألرا .
وقلنا :ينه بدعةو ألنه ال أصل لده فدي الألتداب والسدنة وعمدل السدلف الصدالح والقدروم المفضدلة،
متأخرا بعد القرم الرابع الهجدري ،أحدثده الفداطميوم اليديعة ،قدا اإلمدام أبدو حفدص
ا وينما حدث
تات الدين الفاكهاني -رحمه هللا ( :-أ َّما بعد :فقد تألرر سؤا جماعة من المباركين عن االجتماع
الذي يعمله بعل الناس في شهر ربيع األو ،ويسمونه المولد ،هل له أصل في الددين ،وقصددوا
الجواب عن ذلي مب ّيناا ،واإليضاح عنه معيناا ،فقلت -وباهلل التوفيق :-
أصال في كتاب وال سنة ،وال ينقل عمله عن أحد مدن علمداء األمدة ،الدذين هدم ا ال أعلم لهذا المولد
القدددوة فددي الدددين ،المتمسددألوم بآثددار المتقدددمين ،بددل هددو بدعددة أحدددثها الب ّرددالوم ،وشددهوة نفددس
اغتنى بها األكَّالوم) .
وقا شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا( :وكذلي مدا يحدثده بعدل النداس ،يمدا مضداهاة للنصدارا
في ميالد عيسى عليه السالم ،ويما محبة للنبي صلى هللا عليه وسدلم وتعظي امدا ...مدن اتخداذ مولدد
فإم هذا لم يفعله السلف ،ولو كام النبي صلى هللا عليه وسلم عيداا ،مع اختال الناس في مولدهَّ ،
خيرا محضاا ،أو راج احاو لألام السلف -ر ي هللا عنهم -أحقَّ به منَّا ،فإنهم كانوا اشد محبدة
هذا ا
للنبي صلى هللا عليه وسلم وتعظي اما له منا ،وهم على الخير أحرص ،وينما كدام محبتده وتعظيمده
وظاهرا ،ونيدر مدا ب َ
عدث بده ،والجهداد علدى ا في متابعته وطاعته ،واتباع أمره ويحياء سنته باطناا
ذلي بالقلب واليد واللسام ،فدإم هدذه طريقدة السدابقين األولدين مدن المهداجرين واألنصدار والدذين
اتبعوهم بإحسام) ...انتهى ببعل اختصار.
ف في ينألار هذه البدعة كتب ورسائل قديمة وحديثة ،وهو عالوة على كونه بدعة وتيب اها، وقد أ ِّلّ َ
يجر يلى يقامة موالد أخرا كموالد األولياء والميائخ والزعماءو فيفتح أبواب ش ٍ ّر كثيرة.
فإنه ُّ
2ـ التبرك باألماكن واآلثار واألشخاص أحياء وأمواتاا
لوم من ألوام الوثنية ،وشبألة يصراد بها المرتزقة من البدع المحدثة :التبرك بالمخلوقين ،وهو ٌ
أموا السذت من الناس ،والتبرك :طلب البركة وهدي :ثبدو الخيدر فدي اليديء ونيادتده ،وطلدب
ثبو الخير ونيادته ينما يألوم ممن يَملدي ذلدي ويقددر عليده ،وهدو هللا سدبحانه ،فهدو الدذي يندز
البركة ويثبتها ،أما المخلوق فإنه ال يقدر على منح البركدة وييجادهدا ،وال علدى يبقائهدا وتثبيتهدا،
أم ذليفالتبرك باألماكن واآلثار واألشخاص -أحياء وأمواتاا -ال يجونو ألنه يما شرك ،يم اعتقد َّ
الييء يمنح البركة ،أو وسديلة يلدى اليدرك يم اعتقدد أم نيارتده ومالمسدته والتمسدح بده ،سدبب
لحصولها من هللا.
وأما ما كام الصحابة يفعلونه من التبرك بيعر النبي صلى هللا عليه وسلم وريقه وما انفصل من
جسمه صلى هللا عليده وسدلم ،خاصدة كمدا تقددَّم و فدذلي خداص بده صدلى هللا عليده وسدلم ولدم يألدن
الصحابة يتبركوم بحجرته وقبره بعد موته ،وال كانوا يقصدوم األماكن التي صدلَّى فيهدا و جلدس
فيهدداو ليتبركددوا بهددا ،وكد ذلي مقامددا األوليدداء مددن بدداب أولددى ،ولددم يألونددوا يتبركددوم باألشددخاص
الصالحين ،كدأبي بألدر وعمدر وغيرهمدا مدن أفا دل الصدحابة ،ال فدي الحيداة وال بعدد المدو ،ولدم
- 86 -
عقيدة التوحيد
يألونوا يذهبوم يلى غار حراء ليصلوا فيه أو يدعوا ،ولم يألونوا يذهبوم يلى الرور الذي َكلَّدم هللا
يم فيهدا مقامدا عليه موسى ليصلوا فيه ويدعوا ،أو يلى غير هذه األمألنة من الجبا التدي يقدا َّ
األنبياء أو غيرهم ،وال يلى ميهد مبني على أثر نبي من األنبياء.
وأيضاا فإم المألام الذي كام النبي صلى هللا عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائ امدا لدم يألدن
أحد من السلف يستلمه وال يقبّله ،وال المو ع الذي صلى فيه بمألة وغيرها ،فإذا كام المو وع
الذي كام يرؤه صلى هللا عليه وسلم بقدميه الألريمتين ،ويصلي عليه ،لم ييرع ألمته التمسح به
سدح بده قددوال تقبيله ،فأليف بما يقا يم غيره صلى فيه أو نام عليه؟ فتقبيل شيء من ذلدي والتم ّ
علم العلماء باال ررار من دين اإلسالم :أم هذا ليس من شريعته صلى هللا عليه وسلم .
3ـ البدع في مجا العبادا والتقرب يلى هللا
البدع التي أحدثت في مجا العبادا في هذا الزمدام كثيدرة ،واألصدل فدي العبدادا التوقيدف ،فدال
ييرع شيء منها يال بدليل ،وما لم يد عليه دلي ٌل فهو بدعدةو لقولده صدلى هللا عليده وسدلم( :مدن
عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه مسلم]. عمل ا
والعبادا التي تمارس اآلم وال دليل عليها كثيرة جدًّا ،منها:
الجهر بالنية للصالة :بأم يقو :نويت أم أصدلي هلل كدذا وكدذا ،وهدذه بدعدةو ألنده لديس مدن سدنة
اوا ِّ َو َمدا فِّدي َّللا يَ ْعلَدم َمدا فِّدي ال َّ
سد َم َ النبي صلى هللا عليه وسدلم ،وألم هللا تعدالى يقدو ِّ { :بددِّينِّأل ْم َو َّ
ع ِّلي ٌم} [الحجرا .]16/
َّللا بِّأل ِّّل ش َْيءٍ َ األَ ْر ِّ
ض َو َّ
والنية محلها القلب ،فهي عمل قلبي ال عمل لساني.
ومنها :الذكر الجماعي بعد الصالةو ألم الميروع أم كل شخص يقو الذكر الوارد منفر ادا.
ومنها :يقامة المآتم على األموا ،وصناعة األطعمة واسدت جار المقدرئين ،يزعمدوم أم ذلدي مدن
باب العزاء ،أو أم ذلي ينفع الميت ،وكل ذلي بدع ال أصل لها ،وآصار وأغال ما أنز هللا بها من
سلرام.
ومنها :االحتفا بالمناسبا الدينية ،كمناسبة اإلسراء والمعرات ،ومناسبة الهجرة النبوية ،وهذا
االحتفا بتلي المناسبا ال أصل له في اليرع.
ومن ذلي :ما يفعل فدي شدهر رجدب ،ومدا يفعدل فيده مدن العبدادا الخاصدة بده ،كدالتروع بالصدالة
والصديام فيدده خاصددة ،فإنده ال ميددزة لدده علددى غيدره مددن اليددهور ،ال فدي الصدديام والصددالة والددذبح
للنسي فيه ،وال غير ذلي.
ومن ذلي :األذكار الصُّوفية بأنواعها ،كلها بدع ومحدثا و ألنهدا مخالفدة لألذكدار الميدروعة فدي
صيغها وهي اتها وأوقاتها.
- 87 -
عقيدة التوحيد
ومن ذلي :تخصيص ليلة النصف من شعبام بقيام ،ويوم النصف من شعبام بصيام ،فإنه لم يثبت
عن النبي صلى هللا عليه وسلم في ذلي شيء خاص به.
ومن ذلي :البناء على القبور ،واتخاذها مساجد ،ونيارتها ألجدل التبدرك بهدا ،والتوسدل بدالموتى،
وغير ذلي من األغراض اليركية ،ونيارة النساء لهاو مع أم الرسو صلى هللا عليده وسدلم لعدن
نوارا القبور ،والمتخذين عليها المساجد والسرت.
ع بريد الألفر ،وهي نيادة دين لم ييرعه هللا وال رسدوله ،والبدعدة شدر مدن وختا اما نقو َّ :
يم البد َ
المعصددية الألبيددرة ،واليدديرام يفددرح بهددا أكثددر ممددا يفددرح بالمعاصددي الألبيددرةو َّ
ألم العاصددي يفعددل
المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها ،والمبتدع يفعدل البدعدة يعتقددها دينادا يتقدرب بده يلدى
سنن ،وتأل ِّ َّره يلى أصحابها فعل السنن وأه َل السنة. هللا ،فال يتوب منها ،والبدع تقضي على ال ُّ
والبدعة تباعد عن هللا ،وتوجب غضبه وعقابه ،وتسبب نيغ القلوب وفسادها.
تحرم نيارة المبتدع ومجالسته يال على وجه النصيحة له واإلنألار عليهو ألم مخالرته تؤثر علدى
شرا ،وتنير عداوته يلى غيره ،ويجب التحذير منهم ،ومن شرهم ،يذا لم يألن األخذ على مخالره ا
أيددديهم ،ومددنعهم مددن مزاولددة البدددع ،ويال فإندده يجددب علددى علمدداء المسددلمين ووالة أمددورهم منددع
البدع ،واألخذ على أيدي المبتدعة ،وردعهم عن شرهمو ألم خررهم على اإلسدالم شدديد ،ثدم ينَّده
يجددب أم يعل د َم أم دو الألفددر تيددجع المبتدعددة علددى نيددر بدددعتهم ،وتسدداعدهم علددى ذلددي بيددتى
الررقو ألم في ذلي القضاء على اإلسالم ،وتيويه صورته.
نسدأ هللا عددز وجددل أم ينصدر ديندده ،ويعلددي كلمتده ،ويخددذ أعددداءه ،وصدلى هللا وسددلم علددى نبينددا
محمد وآله وصحبه.
- 88 -
عقيدة التوحيد
ـ القرآم الألريم
ـ صحيح البخاري
ـ صحيح مسلم
ـ سنن الترمذي
ـ معجم الربراني
ـ سنن النسائي
ـ المستدرك للحاكم
ـ اقتضاء الصراط المستقيم لييخ اإلسالم ابن تيمية تحقيق الدكتور ناصر العقل
- 89 -
عقيدة التوحيد
ـ االعتصام للياطبي
ـ سنن الدارمي
- 90 -
عقيدة التوحيد
ثال ًثا :ال ّر ُّد على من أن َك َر األسما َء والصّفاتِ ،أو أنكر بعضها - 29 - ............................... ................................
الوجه األول- 30 - ............................ ................................ ................................ ................................ :
الوجه الثاني- 30 - .......................... ................................ ................................ ................................ :
الوجه الثالث- 31 - ........................... ................................ ................................ ................................ :
الوجه الرابع- 31 - ............................ ................................ ................................ ................................ :
الوجه الخامس- 31 - ....................... ................................ ................................ ................................ :
الباب الثالث :في بيان الشرك واالنحراف في حياة البشرية - 32 - ............................................. ................................
oالفصل األول :االنحراف في حياة البشرية - 32 - ......................... ................................ ................................
oالفصل الثاني :الشرك :تعريفه ،أنواعه - 33 - ............................. ................................ ................................
أ ـ تعريفـه - 33 - .................................... ................................ ................................ ................................
ب ـ أنواع الشرك - 35 - .......................... ................................ ................................ ................................
oالفصل الثالث :الكفر :تعريفه -أنواعه - 36 - ............................... ................................ ................................
أ ـ تعريفـه - 36 - .................................... ................................ ................................ ................................
ب ـ أنواعه - 36 - ................................... ................................ ................................ ................................
oالفصل الرابع :النفاق :تعريفه ،أنواعه - 38 - ............................... ................................ ................................
أ ـ تعريفـه - 38 - .................................... ................................ ................................ ................................
ب ـ أنواع النفاق - 38 - .......................... ................................ ................................ ................................
الفروق بين النفاق األكبر والنفاق األصغر - 40 - ...................... ................................ ................................
oالفصل الخامس :بيان حقيقة كل من الجاهلية -الفسق -الضالل -الردة :أقسامها ،أحكامها - 40 - ..............
1 ـ الجاهليـة - 40 - ................................ ................................ ................................ ................................
2 ـ الفسـق - 41 - .................................. ................................ ................................ ................................
3 ـ الضـالل - 41 - ................................... ................................ ................................ ................................
4 ـ الردة وأقسامها وأحكامها - 42 - ......................................... ................................ ................................
الباب الرابع :أقوال وأفعال تُ نافي التوحيد أو تُن ِ
ق ُ
ص ه - 44 - ......................... ................................ ................................
oالفصل األول :ا ّدِعاء علم الغيب في قراءة الكف والفنجان وغيرهما - 44 - ..................... ................................
المراد بالغيب - 44 - ............................... ................................ ................................ ................................
ُ
والكهانة والعِرافة - 45 - ........................... ................................ ................................ oالفصل الثاني :السح ُر
عبارة عما خفي ولَطُفَ سبب ُُه - 45 - ..................... ................................ ................................ ٌ 1 ـ فالسح ُر
2 ـ الكهانة والعرافة - 46 - ...................... ................................ ................................ ................................
oالفصل الثالث :تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها - 47 - ..........................................
oالفصل الرابع :في بيان حكم تعظيم التماثيل والنصب التذكارية - 49 - ......................... ................................
oالفصل الخامس :في بيان حكم االستهزاء بالدين واالستهانة بحرماته - 50 - ................................................
oالفصل السادس :الحكم بغير ما أنزل هللا - 51 - .......................... ................................ ................................
حكم من حكم بغير ما أنزل هللا - 52 - ..................................... ................................ ................................
oالفصل السابع :ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم - 54 - ....................................... ................................
oالفصل الثامن :حكم االنتماء إلى المذاهب اإللحادية واألحزاب الجاهلية - 55 - ..............................................
oالفصل التاسع :النظرية المادية للحياة ومفاسد هذه النظرية - 56 - ............................ ................................
أ ـ فالنظرة الماديّة للحياة معناها - 57 - .................................. ................................ ................................
ب ـ النظرة الثانية للحياة :النظرة الصحيحة - 58 - ................... ................................ ................................
oالفصل العاشر :في الرقى والتمائم - 58 - ................................. ................................ ................................
أ ـ الرقى - 58 - ..................................... ................................ ................................ ................................
2 ـ التمائم - 59 - .................................... ................................ ................................ ................................
النوع األول من التمائم - 59 - ............................................. ................................ ................................
النوع الثاني من التمائم - 60 - ............................................ ................................ ................................
oالفصل الحادي عشر :في بيان حكم الحلف بغير هللا والتوسل واالستغاثة واالستعانة بالمخلوق - 60 - .........
أ ـ الحلف بغير هللا - 60 - ........................ ................................ ................................ ................................
ب ـ التوسل بالمخلوق إلى هللا تعالى - 61 - ........................... ................................ ................................
القسم األول :توسل مشروع ،وهو أنواع - 61 - ................... ................................ ................................
1 ـ النوع األول :التوسل إلى هللا تعالى بأسمائه وصفاته - 61 - .................................................
2 ـ النوع الثاني :التوسل إلى هللا تعالى باإليمان واألعمال الصالحة - 61 - ................................
3 ـ النوع الثالث :التوسل إلى هللا تعالى بتوحيده - 62 - ............................ ................................
الضعف - 62 - ................... ................................ َّ ل إلى هللا تعالى بإظهار 4 ـ النوع الرابع :التّ ُّ
وس ُ
- 92 -
عقيدة التوحيد
5 ـ النوع الخامس :التوسل إلى هللا بدعاء الصالحين األحياء - 62 - .............................................
وس ُل إلى هللا باالعتراف بالذنب - 62 - .................... ................................ 6 ـ النوع السادس :التّ ُّ
oالفصل الثالث :موقف األمة اإلسالمية من المبتدعة ،ومنهج أهل السنة والجماعة في ال ّردّ عليهم - 83 - ......
الس َّنة والجماعة من المبتدعة - 83 - ................................................ ................................ ُّ 1 ـ موقف أهل
2 ـ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع - 84 - ................................ ................................
oالفصل الرابع :في بيان نماذج من البدع المعاصرة - 85 - ............................................. ................................
1 ـ االحتفال بمناسبة المولد النبوي - 85 - .............................. ................................ ................................
2 ـ التبرك باألماكن واآلثار واألشخاص أحياء وأمواتًا - 86 - ........................................ ................................
3 ـ البدع في مجال العبادات والتقرب إلى هللا - 87 - ............................................... ................................
oما يعامل به المبتدعة - 88 - ....................... ................................ ................................ ................................
قائمة المصادر والمراجع - 89 - ................................ ................................ ................................ ................................
فهرس الموضوعات - 91 - ........................................ ................................ ................................ ................................
- 94 -
(ف الكتاب الملخص)
ارقام صفحات اآليات واألحاديث ي
1
اميرة المزيني (دعواتكم )
الباب االول
تعاريف :
العقيدة لغة :مأخوذة من العقد وهو ربط الشيء ،واعتقدت كذا :عقدت عليه
القلب والضمير .
والعقيدة :ما يدين به اإلنسان ،يقال :له عقيدة حسنة ،أي :سالمةٌ من الشك.
والعقيدةُ عمل قلبي ،وهي إيمانُ القلب بالشيء وتصديقه به
والعقيدةُ شرعًا :هي اإليمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر ،واإليمان
بالقدر خيره وشره ،وتُس َّمى هذه أركانُ اإليمان
العقيدة توقيفية؛ فال تثبت إال بدليل من الشارع ،وال مرسح فيها للرأي
واالجتهاد،
والمجتمع الذي ال تسوده عقيدة صحيحة هو مجتمع بهيمي
مقارنة-تعداد
والشريعة تنقسم إلى قسمين :اعتقاديات وعمليات
عمليات اعتقاديات
هي التي ال تتعلق بكيفية العمل ،مثل
هي ما يتعلق بكيفية العمل مثل
اعتقاد ربوبية هللا ،ووجوب عبادته،
الصالة والزكاة والصوم وسائر
واعتقاد بقية أركان اإليمان المذكورة،
األحكام العملية ،وتسمى فرعية؛ ألنها وتُس َّمى أصلية.
تبنى على تلك صحة وفسادًا
<<
2
اميرة المزيني (دعواتكم )
أسباب االنحراف عن العقيدة الصحيحة؟
1 -الجهل بالعقيدة الصحيحة
ب لما عليه اآلباء واألجداد، 2 -التّع ُّ
ص ُ
3 -التقلي ُد األعمى بأخذ أقوال الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها،
4 -الغُلُو في األولياء والصالحين ،ورفعهم فوق منزلتهم
5 -الغفلة عن تدبر آيات هللا الكونية ،وآيات هللا القرآنية ،واالنبهار بمعطيات
الحضارة المادية؛
6 -أصبح البيتُ في الغالب خاليًا من التوجيه السليم
7 -إحجا ُم وسائل التعليم واإلعالم في غالب العالم اإلسالمي عن أداء مهمتها
3
اميرة المزيني (دعواتكم )
ادلة
األساس الذي يقوم عليه الدين ،وتَص ُّح معه األعمال
ُ ّفالعقيدةُ الصحيحةُ هي
ُ
كثي ،عىل أن األعمال ال ت ُ
قبل دلت هذه اآليات الكريمة ،وما جاء بمعناها ،وهو ر
إال إذا كانت خالصة من ر
الرسك
َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ا َ ً َ َ ُ َْ َ َ ْ َ َ :
كما قال تعاىل {فمن كان يرج َوا ِلقاء رب ِه فليعمل عمًل ص ِالحا وَل
ً ُ ْْ
ش ْك ِب ِع َب َاد ِة َرِّب ِه أ َحدا} [الكهف. ]110 :
ي ِ
َ َ -------- ُ
َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ْ َ َ ْ ْْ َ ْ َ َََ ْ
شكت وح ِإلي َك و ِإىل ال ِذين ِمن قب ِلك ل ِئ أ
َ ْ ُ َ ي وقال َتعاىل{ :ولق ُ ِ
أ د
َ َّ َ َ ل َي ْح َب َط َّن َع َمل َك َ
اشين} [الزمر65 : ِ ِ خ ال ن َ
مِ نون ك ت ل و
ين ْال َخال ُ َ ْ ُ ه َ ُ ْ ً َ ُ ِّ َ َ ه ِّ
الد ُ
ص} [الزمر. ]3 ،2 : ِ وقال تعاىل{ :فاعب ِد اَّلل مخ ِلصا له الدين أَل ِ ِ
َّلل
4
اميرة المزيني (دعواتكم )
مقصورا على الكتاب
ً منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تل ِّقّي العقيدة
والسنة.
لم يحصل بينهم اختالف في االعتقاد ،بل كانت عقيدتهم واحدة ،وكانت
جماعتهم واحدة
ه َ ً َ ََ ُ َ َ َْ
يعا َوَل تف َّرقوا} [آل عمران. ]103 : قال تعاىل{ :واعت ِص ُموا ِبح ْب ِل ِ
اَّلل ج ِم
َ َ َ َّ َ ْ َ َّ ُ ْ ِّ ُ ا َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ
اي فَل َي ِض ُّل َوَل َي ْشق} [طه. ]23 : وقال تعاىل{ :ف ِإما يأ ِتينكم ِم ين هدى فم ِن اتبع هد
--------
5
اميرة المزيني (دعواتكم )
من األسباب
عمر بن الخطاب -رضي هللا عنه " :-إنما
ُ كما قا َل االنحراف عن
العقيدة(الجهل
نقض عُرى اإلسالم عروةً عروةً إذا نشأ في اإلسالم من ال
تُ ُ
بالعقيدة
يعرف الجاهلية
ُ الصحيحة)
الغفلة عن تدبر
كما قال قارون من قبلَُ { :قا َل إِّنه َما أُوتِّيتُهُ َ
علَى ِّع ْل ٍم ِّع ْندِّي} [القصص ]78 :وكما آيات هللا الكونية،
يقول اإلنسان { َهذَا لِّي} [فصلت{ ، ]50 :إِّنه َما أُوتِّيتُهُ َ
علَى ِّع ْل ٍم} [الزمر]49 :
وعدم التفكر
َّللاُ ِّم ْن .
ق ه ت َو ْاْلَ ْر ِّ
ض َو َما َخلَ َ اوا ِّ
س َم َ
ت ال ه {أَ َولَ ْم َي ْن ُ
ظ ُروا ِّفي َملَكُو ِّ
6
اميرة المزيني (دعواتكم )
والتمسك به
ا
وإن كان باطَل
َ َ َ َّ
حي قالواَ{ :ل تذ ُرن كما حصل من قوم نوح ف حق الصالحي الغُلُو في األولياء
ً ْ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ ًّ َ َ ُ َ ي ً َ َ َ ُ َ ر َ َ ُ ر َ َ َ
ِآلهتكم وَل تذرن ودا وَل سواعا وَل يغوث ويعوق ونرسا} [نوح]23 : والصالحين
.
اسئلة
من قالها لقومة
ُ ْ هَ َ َُْ ْ َ َ ْ ُ
{اع ُبدوا اَّلل ما لكم ِمن ِإل ٍه غ ريه} [األعراف ]85 ،73 ،65 ،59
: ُ
قالها نوح ،وهود ،وصالح ،وشعيب ،وسائر األنبياء لقومهم.
النن -صىل هللا عليه وسلم يدعو الناس اىل التوحيد ؟ َ
بق ي كم ي
عرس ً
عاما -ف مكة بعد البعثة ثالثة ر
ي
لماذا َبق يدعو الناس بالتوحيد وإصالح العقيدة؟
األساس الذي يقوم عليه ُ
بناء الدين ُ ألنها
مصادر العقيدة؟
مصادرها مقصورة عىل ما جاء يف الكتاب والسنة
7
اميرة المزيني (دعواتكم )
لماذا؟ ألنه ال أحد ُ
أعلم باهلل وما يجب له وما ييه عنه من هللا ،وال أحد بعد هللا
ُ
أعلم باهلل من رسول هللا -صىل هللا عليه وسلم
لماذا لم يحصل اختالف يف منهج السلف الصالح ومن تبعهم؟
دل عليه الكتاب والسنة يف حق هللا تعاىل آمنوا به ،واعتقدوه وعملوا به. -1الن منهجهم ما ّ
َ
وما لم يدل عليه كتاب هللا وال سنة رسوله نف ْو ُه عن هللا تعاىل ورفضوه
ّ
-2ألن هللا تكفل لمن تمسك بكتابه وسنة رسوله باجتماع الكلمة ،والصواب يف المعتقد واتحاد
المنهج
وسبعي فرقة اخي النن َ
بافياق االمة اىل كم فرقة؟ ثالث
ر ي
كيف وقع ما اخي الرسول به َ
بافياق االمه؟
غي الكتاب والسنة ،من علم الكالم ،وقواعد المنطق
فعندما بن بعض الناس عقيدتهم عىل ر
َ
الموروث ْري عن فالسفة اليونان؛
8
اميرة المزيني (دعواتكم )
الثان،
ي الباب
تعاريف
ُ ُ ُ
وإخالص العبادة له ،وترك عبادة ما سواه ،وإثبات التوحيد :هو إفراد هللا بالخلق والتدبر،
َ ُ
ما له من األسماء الحسن ،والصفات العليا ،وتني هه عن النقص والعيب؛
والعمل بمقتضى ذلك من طاعته فيما أمر ،وتصديقه فيما أخبر ،واجتناب ما نهى عنه وزجر،
9
اميرة المزيني (دعواتكم )
معنى العبد هنا :المملوك العابد ،أي :أنه ٌ
بشر مخلوق مما خلق منه البشر؛
ونذيرا.
ً بشيرا
ً ومعنى الرسول :المبعوث إلى الناس كافة بالدعوة إلى هللا
أن العبادة معناها :التذلُّل هلل سبحانه فهي :غايةُ الذّ ِّ ّل هلل تعالى مع غاية ُحبّه،
اسم جامع لكل ما يحبه هللا ويرضاه؛ من اْلقوال واْلعمال الظاهرة والباطنة
العبادات توقيفية :بمعنى :أنه ال يشرع شيء منها إال بدليل من الكتاب والسنة،
العبادات المشروعة هو :االعتدال بين التساهل والتكاسل؛ وبين التشدد والغلو
والطغيان :مجاوزة الحد بالتشدد والتنطع ،وهو الغلو .
10
اميرة المزيني (دعواتكم )
تعداد-مقارنه
11
اميرة المزيني (دعواتكم )
كيف تالعب بهم الشيطان في عبادة هذه المعبودات؟
فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك األصنام
على صورهم ،كقوم نوح
وطائفةٌ اتخذت األصنام على صورة الكواكب التي زعموا أنها تؤثر على العالم،
فجعلوا لها بيوتًا وسدنة.
اختلفوا في عبادتهم لهذه الكواكب :فمنهم من عبد الشمس ،ومنهم من عبد
القمر ،ومنهم من يعب ُد غيرهما من الكواكب األخرى
،ومنهم من يعب ُد النار ،وهم المجوس،
ومنهم من يعبد البقر ،كما في الهند ،ومنهم من يعبد المالئكة ،ومنهم من يعبد
األشجار واألحجار ،ومنهم من يعب ُد القبور واألضرحة ،وكل هذا بسبب أن هؤالء
تصوروا في هذه األشياء شيئًا من خصائص الربوبية.
12
اميرة المزيني (دعواتكم )
خضوع المؤمن خضوع الكافر
المؤمن يخضع ألمر ربه طوعًا؛ الكافر يخضع ألمر ربه الكوني،
ُ
وكذلك لما يقدره عليه من المصائب، وسجود الكائنات المقصود به
فإنه يفع ُل عندها ما أمر به من الصبر س ِّبه،
الخضوعُ ،وسجود كل شيء ب َح َ
وغيره طوعًا؛ فهو مسلم هلل طوعًا، سجو ٌد يناسبه ويتض َّمنُ الخضوع ُ
خاضع له طوعًا . للرب ،وتسبيح كل شيء بحسبه
مجازا )
ً حقيقةً ال
الخالق ووحدانيَّته؟
ِّ منهج القرآن في إثبات ُو ُجو ِّد
1 -من المعلوم بالضرورة أن الحادث ال بد له من محدث:
2 -انتظام أمر العالم كله وإحكامه:
ت ألداء وظائفها ،والقيام بخصائصه
تسخير المخلوقا ِّ
ُ 3-
ق بالشهادتين
ماوأول ما يؤمر به َم ْن يريد الدخول في اإلسالم:لنط ُ
سم توحيد االوهية بذلك ؟
لماذا ي
ألن األلوهية وصف هللا تعالى الدال عليه اسمه تعالى (هللا ) ،فاهلل :ذو األلوهية،
أي المعبود.
لماذا كان توحيد االوهية موضوع دعوة الرسل ؟
األساس الذي ت ُبنى عليه جميع األعمال ،وبدون تحققه ال تص ُّح جمي ُع األعمال :حصل ضده ،وهو الشركُ
ُ ألنه
وقد فُ ّ
سرتْ أن ال إله إال هللا:بتفسيرات باطلة منها وتوضيح لماذا باطلة
ألن معناه: أن معناه :ال معبو َد إال هللا .وهذا
أن كل معبود بحق أو باطل هو هللا، باط ٌل؛
هذا جزء من معنى هذه الكلمة؛ ولكن أن معناها :ال خالقَ إال هللا
ليس هو المقصود؛ ألنه ال يثبت إال
13
اميرة المزيني (دعواتكم )
توحيد الربوبية ،وهو ال يكفي وهو
توحيد المشركين
وهذا أيضًا جزء من معناها ،وليس أن معناها :ال حاكميّةَ إال هلل،
هو المقصود؛ ألنه ال يكفي؛ ألنه لو
أفرد هللا بالحاكمية فقط ودعا غير هللا
أو صرف له شيئًا من العبادة لم يكن
موحدًا،
التفسير الصحيح للكلمه عند السلف والمحققين ( أن يُقا َل( :ال معبود بحق إال هللا )
أركان الشهادتين:
14
اميرة المزيني (دعواتكم )
شروط ال اله اال هللا 7شروط ال تنفع قائلها
اال باجتماعها
15
اميرة المزيني (دعواتكم )
وشرو ُ
ط شهادة َّ
أن محمدًا رسو ُل هللا هي:
مقتضى الشهادتين
16
اميرة المزيني (دعواتكم )
نواقض 1 -الشرك في عبادة هللا
الشهادتين:
2 -من جعل بينَهُ وبينَ هللا وسائط؛ يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم؛ فإنه
نواقض يكفر إجماعًا.
اإلسالم كثيرةٌ 3 -من لم يكفر المشركين ،ومن يشكّ في كفرهم ،أو صحح مذهبهم كفر.
قد عقد لها
الفقهاء في 4 -من اعتقد أن هدي غير النبي -صلى هللا عليه وسلم -أكمل من هديه ،أو أن
كتب الفقه بابًا حكم غيره أحسن من حكمه،
صا
خا ًّ 5 -من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول -صلى هللا عليه وسلم -ولو عمل به -
سموه (باب كفر.
6 -من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه كفر،
الردة )،
وأهمها والعطف
ُ الصرف
ُ السحر ،ومنهُ
ُ 7-
عشرة نواقض
ذكرها شيخ 8 -مظاهرة المشركين ،ومعاونتهم على المسلمين،
اإلسالم محم ُد 9 -من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد -صلى هللا عليه
ب ُن عبد وسلم -كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى -عليه السالم–
الوهاب – 10اإلعراض عن دين هللا ،ال يتعل ُمهُ ،وال يعمل به،
17
اميرة المزيني (دعواتكم )
اآلن فئتان من الناس على طرفي نقيض
.في أمر العبادة
،
:إن إلعبادة ترتكز عىل ثالث راكئز ه
والخوف والرجاء.
ُ الحب
ُّ
ل عليها الشرع فهو أن ُيقال:
الدليل العقلي على ثبوت الأسماء والصفات التي د َّ
هذه المخلوقات العظيمة على تنوعها ،واختلافها ،وانتظامها في أداء مصالحها ،وسيرها •
وقدرته ،وعلمه وحكمته ،وإرادته
في خططها المرسومة لها ،تدل على عظمة هللا ُ
ومشيئته.
اإلنعام واإلحسان ،وكشف الضر ،وتفريج الكربات؛ هذه األشياء تد ّل على الرحمة والكرم والجود
.والعقاب واالنتقام من العصاة؛ يدالن على غضب هللا عليهم وكراهيته لهم •
18
اميرة المزيني (دعواتكم )
س َّنةِ والجماعة من السلف الصالح وأتباعهم ماهو
منهج أهل ال ُّ
1 -انهم ُيثبتون اسماء هللا وصفاته كما وردت في الك تاب والسنة على ظاهرها ،وما تدل عليه الفاظها من •
المعاني ،وال يؤولونها عن ظاهرها ،وال ُيحرفون الفاظها وداللتها عن مواضعها.
نفون عنها مشابهة صفات المخلوقين، َ 2 -ي َ •
3-ال يتجاوزون ما ورد في الك تاب والسنة في إثبات اسماء هللا وصفاته ،فما اثبته هللا ورسوله من ذلك •
كت عنه هللا ورسوله َ ُ
سك ُتوا عنه. ورسوله نفوه ،وما َس َ اثبتوه ،وما ُ
نفاه هللا
فسر ،وليست من المتشابه؛ سماء والصفات من المحكم الذي ُيفهم معناه ُوي َّ َ
نصوص اال ِ 4-يعتقدون ا َّن •
نسب ذلك إليهم َمن َك َذ َب عليهم ،او لم يعرف منهجهم من بعض المؤلفين فال ُي َف ِوضون معناها ،كما َي ُ
والك تاب المعاصرين.
ضون كيفية الصفات إلى هللا تعالى ،وال يبحثون عنها. ُ 5-يفو َ •
•
ت ثالثة أصناف:
الذين يُنكرون األسما َء والصفا ِّ
ع
المعتزلة :وهم أتبا ُ
واصل بن عطاء؛ الذي
األشاعرة والماتريدية اعتزل مجلس الحسن الجهمية :وهم أتباع
ومن تبعهم ،وهؤالء البصري ،وهؤالء يُثبتون الجهم بن صفوان،
ِّ
ض
يثبتون األسما َء وبع َ وهؤالء يُنكرون األسماء األسما َء على أنها ألفاظ
صفات ،وينفون ال ِّ ّ جردة عن المعاني، ُم َّ والصفات جميعًا.
بعضها، وينفون الصفات كلها.
19
اميرة المزيني (دعواتكم )
ولماذا االشتراك في االسم والمعنى العام ال يوجب االشتراك في الحقيقة؟؟؟؟؟
س َّميين والموصوفين،
وذلك لعدم التماثل بين ال ُم َ
20
اميرة المزيني (دعواتكم )
احكام
من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد فهو كافر
الذين يُحلّون ما َّ
حرم هللا من الميتاتَ ،من أطاعهم في ذلك :يعني
فهو مشرك
أنَّ طاعةَ األحبار والرهبان في معصية هللا عبادة لهم من دون هللا ،ومن الشرك
األكبر الذي ال يغفره هللا
فمن أبى أن يعبد هللا فهو مستكبر
.ومن عبده وعبد معه غيره فهو مشرك
.ومن عبده وحده بغير ما شرع فهو مبتدع.
ومن عبده وحده بما شرع فهو المؤمن المو ِّ ّحد
تصير عبادات؛ يثاب عليها،
ُ العادات مع النية الصالحة
العبادات ما لم تشرع بدليل من الكتاب والسنه يعتبر بدعة مردودة،
من عبد هللا بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ
،ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري
ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن ُمو ِّ ّحد
ومن خ َ
ض َع إلنسان مع بغضه له ال يكون عابدًا له،
،
بل يجب أن يكون هللا أحب إلى العبد من كل شي
21
اميرة المزيني (دعواتكم )
ادلة
َّللا خَا ِّل ُق ُك ِّل َ
ش ْيء} { َّ ُ أن يُعتقَ َد أنه وحده الخالق لجميع
المخلوقات
علَى َّ ِّ
َّللا ض ِّإ َّال َ { َو َما ِّم ْن دَابَّ ٍّة فِّي ْاأل َ ْر ِّ أنه الرزاق لجميع الدواب واآلدميين
ِّر ْزقُ َها[ } وغيرهم:
{قُ ِّل اللَّ ُه َّم َما ِّلكَ ا ْل ُم ْل ِّك ت ُ ْؤتِّي أنه مالكُ الملك ،والمدبّ ُر لشؤون
ع ا ْل ُم ْلكَ ِّم َّم ْن ا ْل ُم ْلكَ َم ْن تَشَا ُء َوت َ ْن ِّز ُ العالم كله
تَشَا ُء َوت ُ ِّع ُّز َم ْن تَشَا ُء َوت ُ ِّذ ُّل َم ْن تَشَا ُء
ش ْي ٍّء قَد ٌ
ِّير علَى ُك ِّ ّل َ بِّيَ ِّدكَ ا ْل َخي ُْر إِّنَّكَ َ
ار ِّفي تُو ِّل ُج اللَّ ْي َل ِّفي النَّ َه ِّار َوتُو ِّل ُج النَّ َه َ
ت َوت ُ ْخ ِّر ُ
ج ي ِّم َن ا ْل َميِّّ ِّ ج ا ْل َح َّ
اللَّ ْي ِّل َوت ُ ْخ ِّر ُ
ق َم ْن تَشَا ُء بِّغَي ِّْر ي ِّ َوت َ ْر ُز ُ ا ْل َميِّّتَ ِّم َن ا ْل َح ّ
ب} [آل عمران. ]27 ،26 : سا ٍِّّح َ
َّللا فَأ َ ُرونِّي َماذَا ق َّ ِّ قال تعالى{ َ :هذَا َخ ْل ُ وقد نفى هللا سبحانه أن يكون له
ِّين ِّم ْن دُونِّ ِّه[ }لقمان11 : ق الَّذ َ َخلَ َ شريكٌ في الملك أو معين،
ين} ب ا ْلعَالَ ِّم َ كما أعلن انفراده بالربوبية على جميع فقال{ :ا ْل َح ْم ُد ِّ َّ ِّ
ّلِل َر ّ ِّ
[الفاتحة]2 : خلقه
ق َ
َّللاُ الذِّي َخل َ َّ ،وقال{ :إِّنَّ َربَّ ُك ُم َّ
ست َّ ِّة أ َ َّي ٍّام ث ُ َّم
ض ِّفي ِّ ت َو ْاأل َ ْر َ اوا ِّ
س َم َ
ال َّ
22
اميرة المزيني (دعواتكم )
شي اللَّ ْي َل النَّ َه َ
ار علَى ا ْل َع ْر ِّش يُ ْغ ِّ ست َ َوى َ ا ْ
س َوا ْلقَ َم َر َوالنُّ ُجو َم ش ْم َ يَ ْطلُبُهُ َحثِّيثًا َوال َّ
ق َو ْاأل َ ْم ُر ت بِّأ َ ْم ِّر ِّه أ َ َال لَهُ ا ْل َخ ْل ُ س َّخ َرا ٍّ ُم َ
ين} [األعراف: ب ا ْلعَالَ ِّم َ َّللاُ َر ُّ اركَ َّ تَبَ َ
. ]54
قالت الرسل فيما حكى هللا عنهم: القلوب مفطورة على اإلقرار بتوحيد
َّللا شَكٌّ فَ ِّ
اط ِّر سلُ ُه ْم أَفِّي َّ ِّ {قَالَتْ ُر ُ الربوبية؛ أعظم من كونها مفطورة
ض} [إبراهيم. ]10 : ت َو ْاأل َ ْر ِّ اوا ِّ س َم َ ال َّ على اإلقرار بغيره من الموجودات
وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره
بإنكار الرب فرعون ،و
وقد كان مستيقنًا به في الباطن
ع ِّل ْمتَ َما كما قال له موسى{ :قَا َل لَقَ ْد َ
ض ت َو ْاأل َ ْر ِّ اوا ِّ س َم َ ب ال َّ أ َ ْن َز َل َهؤ َُال ِّء إِّ َّال َر ُّ
صائِّ َر} [اإلسراء. ]102 : بَ َ
23
اميرة المزيني (دعواتكم )
قال هللا تعالىَ { :فأ َ ِّق ْم َوجْ َهكَ ِّلل ّد ِّ
ِّين خلق هللا الخلق مفطورين على
ط َر النَّ َ
اس َّللا الَّ ِّتي فَ َ َح ِّنيفًا فِّ ْط َرةَ َّ ِّ التوحيد ،ومعرفة الرب الخالق
َّللاِّ} [الروم: ق َّ علَ ْي َها َال تَ ْبدِّي َل ِّل َخ ْل ِّ َ سبحانه
. ]30
{وإِّ ْذ أَ َخذَ َربُّكَ ِّم ْن َب ِّني وقال تعالىَ :
ور ِّه ْم ذُ ِّ ّريَّتَ ُه ْم َوأَ ْ
ش َه َد ُه ْم ظ ُه ِّ آ َد َم ِّم ْن ُ
ستُ ِّب َر ِّّب ُك ْم قَالُوا َبلَى س ِّه ْم أَلَ ْ علَى أَ ْنفُ ِّ َ
ش َِّه ْد َنا} [األعراف]172 :
_____________________
قد قال النبي -صلى هللا عليه وسلم -
« :ك ُّل مولود يُولد على الفطرة،
صرانه أو هودانه أو يُن ِّ ّ فأبواه يُ ّ ِّ
يُم ِّ ّجسانه»
الضالل ليس له ح ّد ونهاية ،وهو الزم يقو ُل هللا تعالى في الحديث
القدسي« :خلقت عبادي حنفاء، أعرض عن ربه
َ لكل من
فاجتالتهم الشياطين
كما قال تعالى{ :فَذَ ِّل ُك ُم َّ
َّللاُ َربُّ ُك ُم ا ْلحَقُّ
فَ َماذَا َب ْع َد ا ْلحَقّ ِّ إِّ َّال الض ََّال ُل[ }يونس:
] 32
اح ُد ا ْلقَ هه ُ
ار َما تَ ْعبُ ُدونَ ِّم ْن أَ ِّم ه
َّللاُ ا ْل َو ِّ
س هم ْيت ُ ُمو َها أَ ْنت ُ ْم دُو ِّن ِّه إِّ هال أَ ْ
س َما ًء َ
ان}
ط ٍس ْل َ َوآ َبا ُؤ ُك ْم َما أَ ْن َز َل ه
َّللاُ ِّب َها ِّم ْن ُ
[ .يوسف]40 ،39 :
فمنهم من يزعم أن هذه األصنام تمثل قال ابن القيم( :وضع الصنم إنما كان
في األصل على شكل معبود غائب، أشياء غائبة،
فجعلوا الصنم على شكله وهيئته
24
اميرة المزيني (دعواتكم )
وصورته؛ ليكون نائ ًبا منابه ،وقائ ًما
عاقال ال ً مقامه .وإال فمن المعلوم أن
حجرا بيده ،ثم يعتقد ً ينحت خشبة أو
أنه إلهه ومعبوده) ...
القبور قدي ًما وحديثًا يزعمون يقولون :ِّ عبَّاد
أن ُ
َما َن ْعبُ ُد ُه ْم ِّإ َّال ِّليُقَ ِّ ّربُو َنا ِّإلَى َّ ِّ
َّللا أن هؤالء األموات يشفعون لهم
ُز ْلفَى[ }الزمر،] 3 :
َّللا َما َال َيض ُُّر ُه ْم ُون َّ ِّ ُون ِّم ْن د ِّ { َو َي ْعبُد َ
شفَعَا ُؤ َنا ون َهؤ َُال ِّء ُ َو َال َي ْنفَعُ ُه ْم َو َيقُولُ َ
َّللا[ }يونس]18 : ِّع ْن َد َّ ِّ
ر ّد على عبدة األصنام بقوله{ :أَفَ َرأَ ْيت ُ ُم رد هللا على التصورات الباطلة
َ
الالتَ َوا ْلعُ َّزى َو َم َناةَ الثَّا ِّلثَة ْاأل ُ ْخ َرى} َّ
[النجم]20 ،19 :
علَي ِّْه ْم َن َبأ َ إِّب َْرا ِّهي َم إِّ ْذ {واتْ ُل َقال تعالىَ :
ُون قَالُوا َن ْعبُ ُد قَا َل ِّأل َ ِّبي ِّه َوقَ ْو ِّم ِّه َما تَ ْعبُد َ
ين قَا َل َه ْل ظ ُّل لَ َها عَا ِّك ِّف َ ص َنا ًما فَ َن َ أَ ْ
ُون أَ ْو َي ْنفَعُو َن ُك ْم أَ ْو س َمعُو َن ُك ْم ِّإ ْذ تَ ْدع َ َي ْ
ون قَالُوا َب ْل َو َج ْد َنا آ َبا َء َنا َكذَ ِّلكَ َيض ُُّر َ
ون} [الشعراء]74 -69 : َي ْفعَلُ َ
25
اميرة المزيني (دعواتكم )
ج -ورد على من عبد المالئكة
والمسيح -عليهم السالم -على أنهم
َّللاُ ِّم ْن ولد هللا بقوله تعالىَ { :ما اتَّ َخذَ َّ
َولَدٍّ} [المؤمنون ، ]91 :وبقوله:
{أَنَّى َيكُونُ لَهُ َولَ ٌد َولَ ْم تَك ُْن لَهُ
اح َبةٌ} [األنعام ، ]101 :وبقوله: ص ِّ َ
{لَ ْم َي ِّل ْد َولَ ْم يُولَ ْد َولَ ْم َيك ُْن لَهُ ُكفُ ًوا
أَ َحدٌ} [اإلخالص. ]4 ،3 :
سلَ َم َم ْن فِّي {ولَهُ أَ ْ قال تعالىَ :
ُوع وال ه
طاع ِّة الكونُ وفطرتُهُ في ال ُخض ِّ
ط ْوعًا َوك َْرهًا} ض َ ت َو ْاأل َ ْر ِّ اوا ِّ س َم َ ال َّ
[آل عمران]83 :
هلل
،وقال تعالىَ { :ب ْل لَهُ َما فِّي
ون} ض ُك ٌّل لَهُ قَا ِّنت ُ َ ت َو ْاأل َ ْر ِّ اوا ِّ س َم َ ال َّ
[البقرة، ]116 :
ت َو َما فِّي اوا ِّ س َم َ س ُج ُد َما فِّي ال َّ ّلِل َي ْ {و ِّ َّ ِّ َ
ض ِّم ْن دَابَّ ٍّة َوا ْل َم َال ِّئكَةُ َو ُه ْم َال ْاأل َ ْر ِّ
ون} [النحل، ]49 : ستَ ْك ِّب ُر َ َي ْ
س ُج ُد لَهُ َم ْن فِّي َ
{ألَ ْم تَ َر أنَّ َّ َ
َّللا َي ْ َ
سض َوالش َّْم ُ ت َو َم ْن فِّي ْاأل َ ْر ِّ اوا ِّ س َم َ ال َّ
ش َج ُر َوا ْلقَ َم ُر َوالنُّ ُجو ُم َوا ْل ِّج َبا ُل َوال َّ
اس} [الحج: ير ِّم َن النَّ ِّ اب َو َك ِّث ٌ َوالد ََّو ُّ
، ]18
تاوا ِّ س َم َ س ُج ُد َم ْن فِّي ال َّ ّلِل َي ْ {و ِّ َّ ِّ َ
ط ْوعًا َوك َْرهًا َو ِّظ َاللُ ُه ْم ض َ َو ْاأل َ ْر ِّ
صا ِّل} [الرعد. ]15 : ِّبا ْلغُد ّ ُِّو َو ْاآل َ
--------
اواتُ س َم َ س ِّبّ ُح لَهُ ال َّ قال تعالى{ :ت ُ َ ُك ُّل هذه الكائنات والعوالم ُمنقادة هلل،
يهنَّ َوإِّ ْن ِّم ْن ض َو َم ْن فِّ ِّ س ْب ُع َو ْاأل َ ْر ُ ال َّ خاضعة لسلطانه؛ ،وتنزه خالقها عن
س ِّبّ ُح ِّب َح ْم ِّد ِّه َولَ ِّك ْن َال ش ْي ٍّء إِّ َّال يُ َ َ النقص والعجز والعيب
س ِّبي َح ُه ْم} [اإلسراء. ]44 : ون تَ ْ تَ ْفقَ ُه َ فهذه المخلوقات صامتها وناطقها،
وحيها وميتها ،كلها ُمطيعةٌ هلل،
26
اميرة المزيني (دعواتكم )
َّللا َي ْبغُ َ
ون قال ( :شي ُخ اإلسالم ابن تيمية -رحمه قوله تعالى{ :أَفَغَي َْر د ِّ
ِّين َّ ِّ
ضت َو ْاأل َ ْر ِّاوا ِّ س َم َسلَ َم َم ْن ِّفي ال َّ َولَهُ أَ ْ هللا
ون[ }آل ط ْوعًا َوك َْرهًا َو ِّإلَ ْي ِّه يُ ْر َجعُ َ َ فذكر سبحانه إسالم الكائنات طوعًا
وكرهًا؛ ألن المخلوقات جميعها متعبدة عمران] 83 :
له التعبد التام؛ سواء أقر المقر بذلك
أو أنكره؛ وهم َمدينون له ُم َد َّبرون؛
فه ُم مسلمون له طوعًا وكرهًا ،وليس
ألحد من المخلوقات خروج ع َّما شاءه
وقدَّره وقضاه ،وال حول وال قوة إال
به ،وهو رب العالمين وملي ُك ُهم،
يصرفهم كيف يشاء ،وهو خالقهم
كلهم ،وبارئهم ومصورهم ،وكل ما
سواه فهو مربوب مصنوع ،مفطور
فقير محتاج ُمتعب ٌد مقهور؛ وهو
سبحانه الواحد القهار الخالق البارئ
المصور)
هذا قال تعالى{ :أَ ْم ُخ ِّلقُوا ِّم ْن َ
غي ِّْر
ون[ }الطور]35 : ش ْي ٍّء أَ ْم ُه ُم ا ْل َخا ِّلقُ َ
َ الخالق
ِّ منهج القرآن في إثبات ُو ُجو ِّد
ووحدان هيته
َّللا فَأ َ ُرو ِّني َماذَا من المعلوم بالضرورة أن الحادث ال قال تعالى{ َ :هذَا َخ ْل ُ
ق َّ ِّ
ِّين ِّم ْن دُو ِّن ِّه[ }لقمان]11 : َخلَقَ الَّذ َ
بد له من محدث
{أَ ُرو ِّني َماذَا َخلَقُوا ِّم َن
ض[ }األحقاف] 4 : ْاأل َ ْر ِّ
27
اميرة المزيني (دعواتكم )
َّللا لَ ْن
ُون َّ ِّ ُون ِّم ْن د ِّ ِّين تَ ْدع َ{إِّنَّ الَّذ َ
َي ْخلُقُوا ذُ َبا ًبا َولَ ِّو اجْ تَ َمعُوا لَهُ[ }الحج:
] 73
َّللا َال
ُون َّ ِّ ُون ِّم ْن د ِّ ِّين َي ْدع َ{ َوالَّذ َ
ون[ }النحل: ش ْيئًا َو ُه ْم يُ ْخلَقُ َ
ون َ َي ْخلُقُ َ
] 20
ق أَفَ َال {أَفَ َم ْن َي ْخلُ ُ
ق َك َم ْن َال َي ْخلُ ُ
ون[ }النحل]17 : تَذَك َُّر َ
28
اميرة المزيني (دعواتكم )
كقوله تعالى{ :الَّذِّي أَحْ َ
س َن ُك َّل َ
ش ْي ٍّء
َخلَقَهُ[ }السجدة] .7 :
29
اميرة المزيني (دعواتكم )
سأ َ ْلتَ ُه ْم َم ْن َخلَقَ ُه ْم {ولَ ِّئ ْن َ قال تعالىَ :
َّللاُ} [الزخرف، ]87 : ين بتوحي ِد لَ َيقُولُنَّ َّ قر َ
م ِالمشركين كانوا ُ
ت
اوا ِّ س َم َ سأ َ ْلتَ ُه ْم َم ْن َخلَقَ ال َّ {ولَ ِّئ ْن َ َ الربوبية،
يزض لَ َيقُولُنَّ َخلَقَ ُهنَّ ا ْلعَ ِّز ُ َو ْاأل َ ْر َ
ا ْل َع ِّلي ُم} [الزخرف، ]9 :
ضاء َو ْاأل َ ْر ِّ س َم ِّ{قُ ْل َم ْن َي ْر ُزقُ ُك ْم ِّم َن ال َّ
ار َو َم ْن ص َ س ْم َع َو ْاأل َ ْب َ أَ َّم ْن َي ْم ِّلكُ ال َّ
ج ا ْل َم ِّيّتَ ت َويُ ْخ ِّر ُ ي ِّم َن ا ْل َم ِّيّ ِّ ج ا ْل َح َّ يُ ْخ ِّر ُ
ونس َيقُولُ َ ي ِّ َو َم ْن يُ َد ِّّب ُر ْاأل َ ْم َر فَ َ ِّم َن ا ْل َح ّ
َ ُ َ َّ ُ ُ ]31ا َ ْ َ َ ْ
[يونس:
َ ََ
َّللاُ}َّ
-قال تعالى{ :ولقد بعثنا ِفي ك ِل أم ٍة رسوًل أ ِن
ألط ُاغ َ َّللا َو ْأج َتن ُبوأ َّ ُأ ْع ُب ُدوأ َّ َ ،وهذا النوع من التوحيد هو
وت[ }ألنحل،] 36 : ِ
َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َّ موضوع دعوة الرسل من أولهم
ول ِإال تعالى{ َ:وم َا ار َّسل َنَا ِ َمن ق ُب ِلك ِمن رس ٍ -وقال
ون[ }االنبياء] .25 : ْ ُن ِ َ ْ َ َّ ُ َ
وحي ِإلي ِه انه ال ِإله ِإال انا فاع ُبد ِ إلى آخرهم
كما قال نوح وهود وصالح وشعيب : ك ُّل رسول يبدأ دعوته لقومه باألمر بتوحيد
َّللا َما لَ ُك ْم مِّ ْن ِّإلَه َ
غي ُْرهُ) ( َياقَ ْو ِّم ا ْع ُبدُوا َّ َ األلوهية،
ُ َّ
َّللا َواتقوهُ)ِّيم إِّ ْذ قَا َل ِّلق ْومِّ ِّه ا ْعبُدُوا َّ َ
َ ( َوإِّب َْراه َ
ُ
(وأنزل على محمد -صلى هللا عليه وسلم{ -:قلْ إِّنِّي
صا لَهُ الدِّينَ }) أُمِّ ْرتُ أ َ ْن أ َ ْعبُ َد َّ َ
َّللا ُم ْخ ِّل ً
30
اميرة المزيني (دعواتكم )
وقد قال هللا تعالى:
َّللا َال َي ْغف ُِّر أَن يُش َركَ ِّب ِّه)
ْ ْ (إِّ َّن َّ َ فإنه إذا لم يتحقق توحيد األلوهية
وقال تعالى:
ع ْن ُه ْم َما كَانُوا َي ْع َملُونَ ) َ
ط
َ ِّ َ ب ح َ ل وا( َولَ ْو أ َ ْش َر ُك
حصل ضده ،وهو الشركُ
وقال تعالى:
ع َملُكَ َولَتَ ُكون ََّن مِّ نَ ْالخَاس ِِّّرينَ ) {لَئ ِّْن أ َ ْش َر ْكتَ لَ َيحْ َب َ
ط َّن َ
ش ْيئًاَّللا َو َال ت ُ ْش ِّر ُكوا ِّب ِّه َ كما قال تعالى{ َ (:وا ْع ُبدُوا َّ َ وألن توحيد األلوهية هو أول الحقوق
سا ًنا) ، َو ِّب ْال َوا ِّل َدي ِّْن إِّحْ َ
سا ًنا ) ْ َ
ضى َربُّكَ أ َّال تَ ْعبُدُوا إِّ َّال إِّيَّاهُ َو ِّبال َوا ِّل َدي ِّْن إِّحْ َ ( َوقَ َ الواجبة على العبد
علَ ْي ُك ْم أ َ َّال
وقال تعالى{ )قُلْ تَ َعالَ ْوا أ َ ْت ُل َما َح َّر َم َر ُّب ُك ْم َ
سا ًنا(} ش ْيئًا َو ِّب ْال َوا ِّل َدي ِّْن إِّحْ َ ت ُ ْش ِّر ُكوا ِّب ِّه َ
ت َويُؤْ مِّ ْن ِّب َّ ِّ
اَّلل فَقَ ِّد غو ِّ َّ
مثل قوله تعالى) فَ َم ْن َي ْكفُ ْر ِّبالطا ُ اركان ال اله اال هللا
سكَ ِّب ْالعُ ْر َوةِّ ْال ُو ْثقَى ) ا ْستَ ْم َ
فقوله :
ت)
غو ِّ (فَ َم ْن َي ْكفُ ْر ِّب َّ
الطا ُ
هو معنى الركن األول(ال اله )
وقوله َ (:ويُؤْ مِّ ْن ِّب َّ ِّ
اَّلل)
هو معنى
الركن الثاني (إال هللا)
إبراهيم عليه السالم : َ وكذلك قولُهُ عن
َ َّ َّ
(إِّ َّننِّي َب َرا ٌء مِّ َّما تَ ْعبُدُونَ إِّال الذِّي فط َرنِّي)
َ
إِّ َّننِّي َب َرا ٌء}
هو معنى النفي في الركن األول،
وقوله:
ط َرنِّي} { إِّ َّال الَّذِّي فَ َ
هو معنى
اإلثبات في الركن الثاني.
ما قال تعالى (:قُلْ إِّ َّن َما أَنَا َبش ٌَر مِّ ْثلُ ُك ْم) أركان شهادة أن محمدًا رسول هللا :العبودية
ع ْب َدهُ(} َّللا ِّبكَاف َ ْس َّ ُقال تعالى{):أَلَي َ وقد َوفَّى -صلى هللا عليه وسلم -العبوديّة
َاب ْ
ع ْب ِّد ِّه ال ِّكت َ
على َ َ { ْال َح ْم ُد ِّ َّ ِّ
َّلل الَّذِّي أ ْنزَ َل َ
َ
حقَّها ،ومدحه هللا بذلك،
س ْب َحانَ الَّذِّي أَس َْرى ِّب َع ْب ِّد ِّه لَي ًْال مِّ نَ ْال َمس ِّْجد ِّْال َح َرام )] . {) ُ
ق َوهُ ْم َي ْعلَ ُمونَ )ش ِّه َد ِّب ْال َح ِّ
قال تعالى (:إِّ َّال َم ْن َ من شروط ال هللا اال هللا العلم
سو ِّل ِّه ث ُ َّم لَ ْم قال تعالى (إِّ َّن َما ْال ُمؤْ مِّ نُونَ الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّب َّ ِّ
اَّلل َو َر ُ من شروط ال اله اال هللا اليقين
َي ْرتَابُوا)
وقال النبي -صلى هللا عليه وسلم« -:
31
اميرة المزيني (دعواتكم )
من لقيتَ وراء هذا الحائط يشهد أن ال إله إال هللا مستيق ًنا
قلبه فبشره بالجنة»
ان من الذين قال هللا فيهم : من شروط ال اله اال هللا القبول لما اقتضته
َّللا َي ْستَ ْك ِّب ُرونَ َو َيقُولُونَ ) ِّإ َّن ُه ْم كَانُوا ِّإذَا قِّي َل لَ ُه ْم َال ِّإلَهَ ِّإ َّال َُّ كهذه رالكلمة من عبادة هللا وحده وترك
أ َ ِّئ َّنا لَت َِّار ُكو آ ِّل َه ِّتنَا ِّلشَاعِّر َمجْ نُون )
كحال عباد القبور اليوم؛ فإنهم يقولون (ال إله إال هللا) ،وال عبادة ما سواءة
يتركون عبادة القبور
َّللا َوه َُو ُمحْ ِّس ٌن فَقَ ِّد قال تعالى{ َ :و َم ْن يُ ْس ِّل ْم َوجْ َههُ ِّإلَى َّ ِّ من شروط ال اله اال هللا االنقياد
سكَ ِّب ْالعُ ْر َوةِّ ْال ُو ْثقَى}
ا ْستَ ْم َ
اَّلل َو ِّب ْال َي ْو ِّم ْاْلخِّ ِّر
اس َم ْن َيقُو ُل آ َم َّنا ِّب َّ ِّ قال تعالى َ (:ومِّ نَ ال َّن ِّ من شروط ال اله اال هللا الصدق
َّللا َوالَّذِّينَ آ َمنُوا) َو َما هُ ْم ِّب ُمؤْ مِّ نِّينَ يُخَا ِّدعُونَ َّ َ
عذَابٌ أَلِّي ٌم ِّب َما كَانُوا َيك ِّذبُونَ (
ْ الى قوله{) َولَ ُه ْم َ
فإن هللا لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال« َّ : من شروط ال اله اال هللا االخالص
حرم على النار من قال :ال إله إال هللا ،يبتغي بذلك وجه
هللا[ »الحديث أخرجه الشيخان] .
َّللا أ َ ْندَادًا
ُون َّ ِّ اس َم ْن َيتَّخِّ ذُ مِّ ْن د ِّ قال تعالى{ َ :ومِّ نَ ال َّن ِّ من شروط ال اله اال هللا المحبة لهذه الكلمة
َّللا َوالَّذِّينَ آ َمنُوا أ َ
ش ُّد ُحبًّا ِّ َّ ِّ
َّلل) َ ب َّ ِّيُحِّ بُّو َن ُه ْم َك ُح ِّ وما تدل عليه والهلها العاملين
بمقتضاها
قال هللا تعالى : من نواقض الشهادتين الشرك باهلل
َّللا َال َي ْغف ُِّر أ َ ْن يُ ْش َركَ ِّب ِّه َو َي ْغف ُِّر َما دُونَ ذَلِّكَ ِّل َم ْن{إِّ َّن َّ َ
َيشَا ُء[ }النساء116 ،48 :
] ،وقال تعالى
علَ ْي ِّه ْال َج َّنةَ َو َمأ ْ َواهُ ال َّن ُ
ار { ِّ :إ َّنهُ َم ْن يُ ْش ِّركْ ِّب َّ ِّ
اَّلل فَقَ ْد َح َّر َم َّ ُ
َّللا َ
صار َو َما ل َّ
ِّلظالِّمِّ ينَ مِّ ْن أ َ ْن َ
[ }المائدة] .72 :
سو ِّل ِّه ُك ْنت ُ ْم الدليل على ذلك قوله تعالى{ :قُلْ أ َ ِّب َّ ِّ
اَّلل َوآ َيا ِّت ِّه َو َر ُ من نواقض الشهادتين
ُ
تَ ْستَ ْه ِّزئُونَ َال تَ ْعتَذ ُِّروا قَ ْد َكف َْرت ُ ْم َب ْع َد إِّي َما ِّنك ْم}
استهزأ بشيء من دين الرسول
[ التوبة]66 ،65 :
الدليل قوله تعالى من نواقض الشهادتين
وال إِّ َّن َما نَحْ ُن فِّ ْت َنةٌ فَالَ ان مِّ ْن أ َ َحد َحتَّى َيقُ َ { َ :و َما يُعَ ِّل َم ِّ السحر
تَ ْكفُ ْر[ }البقرة]102 :
والدليل قوله تعالى : من نواقض الشهادتين :مظاهرة المشركين
ْ
َّللا َال َي ْهدِّي القَ ْو َم { َو َم ْن َيت ََولَّ ُه ْم مِّ ْن ُك ْم فَإِّ َّنهُ مِّ ْن ُه ْم إِّ َّن َّ َ
الظالِّمِّ ينَ }َّ
[المائدة] .51 :
والدليل قوله تعالى : 10 -اإلعراض عن دين هللا ،ال يتعل ُمهُ ،وال
ع َّما أ ُ ْنذ ُِّروا ُم ْع ِّرضُونَ [ }األحقاف،] 3 : { َوا َّلذِّينَ َكف َُروا َ
َ ُ ُ { َو َم ْن أ َ ْ يعمل به،
ع ْن َها إِّ َّنا مِّ نَ
ض َ ظلَ ُم مِّ َّم ْن ذك َِّر ِّبآ َيا ِّ
ت َر ِّب ِّه ث َّم أع َْر َ
ْال ُمجْ ِّرمِّ ينَ ُم ْنتَ ِّق ُمونَ [ }السجدة] .22 :
32
اميرة المزيني (دعواتكم )
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه هللا( -:ال فرق نواقض الشهادتين
في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف ،إال
خطرا ،وأكثر ما يكون ً المكره .وكلها من أعظم ما يكون
وقوعًا ،فينبغي للمسلم أن يحذَرها ،ويخاف منها على
نفسه ،نعوذُ باهلل من موجبات غضبه ،وأليم عقابه )
قال تعالى: فليس ألحد أن يحل إال ما أحله هللا ،وال يحرم
ِّب َهذَا َح َال ٌل َو َهذَا ف أ َ ْل ِّس َنت ُ ُك ُم ْال َكذ َ
َص ُ { َو َال تَقُولُوا ِّل َما ت ِّ إال ما حرم هللا
َّللا ْال َكذ َ
ِّب } علَى َّ ِّ َح َرا ٌم ِّلتَ ْفت َُروا َ
[النحل] 116 :
،وقال تعالى :
َّللا لَ ُك ْم مِّ ْن ِّر ْزق فَ َج َع ْلت ُ ْم مِّ ْنهُ َح َرا ًما {قُلْ أ َ َرأ َ ْيت ُ ْم َما أ َ ْنزَ َل َُّ
َّللا تَ ْفت َُرونَ
علَى َّ ِّ آَّلل أَذِّنَ لَ ُك ْم أ َ ْم َ
َو َح َال ًال قُلْ َّ ُ
[ يونس] .59 :
33
اميرة المزيني (دعواتكم )
قال تعالى: والعبادةُ:
ُون َما أ ُ ِّري ُد مِّ ْن ُه ْم مِّ ْن
س إِّ َّال ِّل َي ْعبُد ِّ { َو َما َخ َل ْقتُ ْال ِّج َّن َو ْ ِّ
اإل ْن َ
ِّر ْزق َو َما أ ُ ِّري ُد أ َ ْن ي ْ هي التي خلق هللا الخلق من أجلها
الر َّزا ُق ذُو ْالقُ َّوةِّ ون ِّإ َّن َّ َ
َّللا ه َُو َّ ُط ِّع ُم ِّ
ْال َمتِّي ُن[ }الذاريات] .58 -56 :
<<
قال تعالى لنبيه -صلى هللا عليه وسلم{ -:فَا ْستَ ِّق ْم َك َما المنهج السليم في فعل العبادات ،وذلك
َطغ َْوا } أُمِّ ْرتَ َو َم ْن ت َ
َاب َمعَكَ َو َال ت ْ
باالستقامة في فعلها على الطريق المعتدل؛
لما علم -صلى هللا عليه وسلم -بأن ثالثة من
أصحابه تقالوا في أعمالهم ،حيث قال أحدهم :أنا أصوم
وال أفطر ،وقال اْلخر :أنا أصلي وال أرقد ،وقال
الثالث :أنا ال أتزوج النساء .قال -صلى هللا عليه وسلم-
« :أما أنا فأصوم وأفطر وأتزوج النساء ،فمن رغب عن
س َّنتي فليس مني» .
ُ
قال بعض السلف :من عبد هللا بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ،ومن عبده بالخوف
وحده فهو حروري ومن عبده بالحب والخوف والرجاء
وحد .ذكر هذا شي ُخ اإلسالم في فهو مؤمن ُم ِّ
رسالة (العبودية )وقال أيضًا( :فدين هللا :عبادته وطاعته
والخضوع له،
قال العالمة ابن القيم في النونية هذه ركائز العبودية
عبادة ُ الرحمن غايةُ ُح ِّبه ...مع ذُ ِّل عابده هُما قطبان
ت القُطبان وعليهما فَلكُ العبادة ٌ
دائر ...ما دار حتى قام ِّ
34
اميرة المزيني (دعواتكم )
والنفس
ِّ أمر َرسوله ...ال بالهوى
و َمدارهُ باألمر ِّ
والشيطان
ِّ
شبَّه -رح َمهُ هللا -دورانَ العبادة على المحبة والذل
للمحبوب ،وهو هللا جل وعال؛ بدوران الفلك على قطبيه،
وذكر أن دوران فلك العبادة بأمر الرسول -صلى هللا
عليه وسلم -وما شرعه ،ال بالهوى ،وما تأمر به النفس
والشيطان فليس ذلك من العبادة .فما شرعه الرسول -
صلى هللا عليه وسلم -هو الذي يدير فلك العبادة ،وال
تُديره البدع والخرافات واألهواء وتقليد اْلباء.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى : األدلة من الكتاب والسنة والعقل على ثبوت
{ َو ِّ ََّّللِّ ْاأل َ ْس َما ُء ْال ُح ْسنَى فَا ْدعُوهُ ِّب َها َوذ ُروا الذِّينَ يُلحِّ دُونَ فِّي
ْ َّ َ
األسماء والصفات
سيُجْزَ ْونَ َما كَانُوا َي ْع َملُونَ [ }األعراف أ َ ْس َما ِّئ ِّه َ
وقال تعالى
َّللا َال ِّإلَ َه ِّإ َّال ه َُو لَهُ ْاأل َ ْس َما ُء ْال ُح ْسنَى[ }طه{ ،] 8 :
{ ُ َّ :
ب َوال َّ
ش َها َدةِّ ه َُو عا ِّل ُم ْالغَ ْي ِّ
َّللا الَّذِّي َال إِّلَهَ إِّ َّال ه َُو َ ه َُو َّ ُ
َّللا الَّذِّي َال ِّإلَهَ ِّإ َّال هُ َو ْال َم ِّلكُ ْالقُد ُ
ُّوس الرحِّ ي ُم ه َُو َُّ الرحْ َم ُن َّ َّ
َّللاِّ
س ْب َحانَ َّ َّار ْال ُمتَك َِّب ُر ُيز ْال َجب ُ الس ََّال ُم ْال ُمؤْ مِّ ُن ْال ُم َهيْمِّ ُن ْال َع ِّز ُ
ص ِّو ُر لَهُ ْاأل َ ْس َما ُء ئ ْال ُم َ ار ُ َّللا ْالخَا ِّل ُق ْال َب ِّ
ع َّما يُ ْش ِّر ُكونَ ه َُو َّ ُ َ
ض َوه َُو ْالعَ ِّزيزُ َ ْ
ت َواأل ْر ِّ اوا ِّ س َم َس ِّب ُح لَهُ َما فِّي ال َّ ْال ُح ْسنَى يُ َ
ْال َحكِّي ُم[ }الحشر] 24 -22 :
ومن األدلة على ثبوت أسماء هللا من سنة الرسول -صلى ومن األدلة على ثبوت أسماء هللا من سنة
هللا عليه وسلم :-ما رواه أبو هريرة رضي هللا عنه أن
رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال« :إن هلل تسعةً الرسول -صلى هللا عليه وسلم :-
وتسعين اس ًما ،مائة إال واحدًا ،من أحصاها دخل الجنة» .
يبدليل ما رواه عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه أن النب َّ ليست أسما ُء هللا منحصرة في عدد
-صلى هللا عليه وسلم -قال« :أسألُكَ ِّب ُك ِّل اسم هو لَكَ ،
س َّميتَ به نفسك ،أو أنزلتَهُ في كتابكَ ،أو علَّمتهُ أحدًا من
خلقك ،أو استأثرت به في علم الغيب عندك ،أن تجعل
القرآن العظيم ربيع قلبي » ...
َّللا أ َ َح ٌد َّ ُ َّ
ص َم ُد لَ ْم َي ِّل ْد َولَ ْم يُولَ ْد َولَ ْم ال َّللا وقال تعالى{ :قُلْ ه َُو َّ ُ كل اسم من أسماء هللا فإنه يتضمن صفة من
َي ُك ْن لَهُ ُكفُ ًوا أ َ َح ٌد[ }سورة اإلخالص] .4 - 1 : صفاته؛
عن أنس رضي هللا عنه قال« :كانَ رج ٌل من األنصار
يؤمهم في مسجد قُباء ،فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم
َّللا أ َ َح ٌد ) }حتى
في الصالة مما يقرأ به افتتح بـ { (قُلْ ه َُو َّ ُ
يفرغ منها ،ثم كان يقرأ سورة أخرى معها ،وكان يصن ُع
ذلك في كل ركعة ،فكلَّمهُ أصحابهُ فقالوا :إنك تفتتح بهذه
السورة ،ثم ال ترى أنها تجزئك حتى تقرأ باألخرى! فإما
أن تقرأ بها ،وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى ،فقال :ما أنا
بتاركها ،إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلتُ ،وإن كرهتم
تركتكم ،وكانوا يرون أنه من أفضلهم ،وكرهوا أن يؤمهم
35
اميرة المزيني (دعواتكم )
غيره ،فلما أتاهم النبي -صلى هللا عليه وسلم -أخبروه
الخبر .فقال :يا فُالنُ ،ما يمنعُك أن تفع َل ما يأمرك به
أصحابُك؟ وما حملَكَ على لُزوم هذه السُّورة في كل
ركعة؟ قال :إنِّي أُحبُّها ،قال :حبُّكَ إياها أد َخلَكَ الج َّنة» .
«وعن عائشة -رضي هللا عنها -أن النبي -صلى هللا
رجال على سرية وكان يقرأ ألصحابه ً عليه وسلم -بعثَ
َّللا أ َح ٌد ) }فلما رجعوا َ ُ
في صالتهم ،فيخت ُم بـ { (قلْ ه َُو َّ ُ
ذكروا ذلك للنبي -صلى هللا عليه وسلم -فقال :سلوه :ألي
شيء يفع ُل ذلك؟ فسألوه ،فقال :ألنها صفةُ الرحمن ،وأنا
ي -صلى هللا عليه وسلم»-: أحب أن أقرأ بها ،فقال النب ُّ
<<
«أخبروه أن هللا تعالى يحبه » .يعني أنها اشتملت على
الرحمن. ت َّ صفا ِّ
أن له وج ًها، وقد أخبر سبحانه َّ
فقال{ َ :و َي ْبقَى َوجْ هُ َر ِّبكَ ذُو ْال َج َال ِّل َو ْ ِّ
اإل ْك َر ِّام[ }
وأن له يدين،
فقال{ ِّ :ل َما َخلَ ْقتُ ِّب َيدَي{
طتَان[ } سو َ ) َبلْ َيدَاهُ َم ْب ُ
36
اميرة المزيني (دعواتكم )
سهُ علي ًما ،حلي ًما ،وس َّمى بعض عباده علي ًما، س َّمى هللا نف َ واالشتراك في االسم والمعنى العام ال يوجب
علِّيم)يعني إسحاق، ش ُروهُ ِّبغُ َالم َ فقال{ َ ):و َب َّ
االشتراك في الحقيقة
ش ْرنَاهُ ِّبغُ َالم َحلِّيم ](يعني وسمى آخر حلي ًما ،فقال ) :فَ َب َّ
إسماعيل،
وليس العليم كالعليم ،وال الحليم كالحليم، َ
وس َّمى نفسه فقال :
يرا}
ص ً سمِّ يعًا َب ِّ َّللا كَانَ َ { ِّإ َّن َّ َ
بصيرا،
ً ا ع
ً سمي عباده بعض ى [ وس َّم
ْ َ ْ
سانَ مِّ ْن نُطفَة أ ْمشَاج َن ْبتَلِّي ِّه فَ َجعَلنَاهُ اإل ْن َ ْ ْ َ
فقال{ :إِّ َّنا َخلقنَا ِّ
يرا[ }اإلنسان،] 2 : ص ً سمِّ يعًا َب ِّ َ
البصير كالبصير. ُ ليس السمي ُع كالسَّميع وال
وس َّمى نفسه بالرؤوف الرحيم
وف َرحِّ ي ٌم) اس لَ َر ُء ٌ َّللا ِّبال َّن ِّ
فقال (:إِّ َّن َّ َ
بعض عباده رؤوفًا رحي ًما، َ وس َّمى
ع ِّنت ْمُّ َ
عل ْي ِّه َما َ ٌ
ع ِّزيز َ ُ ُ ْ
سول مِّ ن أنف ِّسك ْم َ َ ْ ٌ ُ
فقال{ :لقد َجا َءك ْم َر ُ ْ َ َ
وف َرحِّ ي ٌم[ }التوبة،] 128 : علَ ْي ُك ْم ِّب ْال ُمؤْ مِّ نِّينَ َر ُء ٌ يص َ َح ِّر ٌ
كالرحيم وليس الرؤوف كالرؤوف ،وال الرحي ُم َّ
ش ْيء مِّ ْن ع ِّْلمِّ ِّه[ }البقرة: طونَ ِّب َ مثل قوله{ َ :و َال يُحِّ ي ُ
سهُ بصفاتٍّ ،ووص َ
َف عباده وكذلك وصف نف َ
سهُ بالعلم ،ووصف عباده بالعلم، ] 255فوصف نف َ بنظير ذلك
فقال{ َ :و َما أُوتِّيت ُ ْم مِّ نَ ْالع ِّْل ِّم ِّإ َّال قَل ً
ِّيال )
،وقال َ (:وفَ ْوقَ ُك ِّل ذِّي ع ِّْلم َ
علِّي ٌم}
وقال{ َ :وقَا َل الَّذِّينَ أُوتُوا ْالع ِّْل َم}
[ ،ووصف نفسه بالقوة فقال
ع ِّز ٌ
يز } ي َ َّللا لَقَ ِّو ٌّ
{ :إِّ َّن َّ َ
الر َّزا ُق ذُو ْالقُ َّوةِّ ْال َمتِّي ُن َّللا ه َُو َّ [ ِّإ َّن َّ َ
} ،ووصف عبادهُ بالقوة فقال:
ض ْعف ث ُ َّم َجعَ َل مِّ ْن َب ْع ِّد َ
ض ْعف قُ َّوة ً َّللا الَّذِّي َخلَقَ ُك ْم مِّ ْن َ { َّ ُ
ش ْي َبةً[ }الروم: ض ْعفًا َو َ َ ة و
َّ ُ ق د
ِّ ع
ْ ب
َ نْ مِّ ل
َ ث ُ َّم َ َ
ع ج
لهذا قال إبراهيم ألبيه{ :ل َِّم تَ ْعبُ ُد َما َال َي ْس َم ُع َو َال أنَّ الذي ليس له صفات كمال ال يصلح أن
ْص ُر[ }مريم] .42 : يُب ِّ يكون إل ًها
وقال تعالى في الرد على الذين عبدوا العجل{ :أَلَ ْم َي َر ْوا
يال[ }األعراف: أ َ َّنهُ َال يُك َِّل ُم ُه ْم َو َال َي ْهدِّي ِّه ْم َ
س ِّب ً
ال بد من إثبات أسماء هللا وصفاته على الوجه الالئق نفى عن نفسه ُمماثلة األشياء ،وأثبت له
باهلل ،مع نفي مشابهة المخلوقين ،كما قال تعالى{ :لَي َ
ْس السمع والبصر ،فدل على أن إثبات الصفات
ير[ }الشورى] .11 : ش ْي ٌء َوه َُو السَّمِّ ي ُع ْال َب ِّ
ص ُ َكمِّ ْث ِّل ِّه َ
ال يلزم منه التشبيه ،وعلى وجوب إثبات
الصفات مع نفي المشابهة،
37
اميرة المزيني (دعواتكم )
بسم هللا الرحمن الرحيم
ملخص إسالمي مقرر مختصر في العقيدة لصفحه62
المطلب األول :الدين اإلسالمي
الدين اإلسالمي :هو الدين الذي بعث هللا به محمد صلى هللا عليه
وسلم ختم هللا به األديان واكمله لعباده واتم به عليهم النعمة ورضيه
لهم دينا فال يقبل من احد دينا سواه
االدله:
اَّللِ َو َخ َاَتَ النَّبِيِني{األحزاب 40
ول ََّح ٍد ِم ْن ِر َجالِ حك ْم َولَ ِك ْن َر حس َ
} َما َكا َن حُمَ َّم ٌد أ َََب أ َ
اْل ْس ََل َم ِدينًا{
يت لَ حكم ِْ ِ ِ
ت َعلَْي حك ْم ن ْع َم ِِت َوَرض ح ح
ِ
ت لَ حك ْم دينَ حك ْم َوأ َْْتَ ْم ح
} الْيَ ْوَم أَ ْك َملْ ح
املائده3
اَّللِ ِْ
اْل ْس ََلم{ آل عمران 19 ين ِعْن َد َّ } إِ َّن ِ
الد
َ
اْلس ََلِم ِدينًا فَلَن ي ْقبل ِمْنه وهو ِِف اْلَْ ِخرةِ ِمن ا ْْلَ ِ
ين{
َ ِ
ر اس َ َ ْ ح َ َ ح َ حَ } َوَم ْن يَْب تَ ِغ َغ َْْي ِْ ْ
آل عمران 85
قد فرض هللا تعاىل على مجيع الناس أن يدينوا هلل تعاىل به
فقال خماطبا رسوله صلى هللا عليه وسلم
(قل يأيُّها ٱل َّناس إني رسول ٱ َّّلل إليكم جمي ًعا ٱلَّذي لهۥ ملك ٱل َّ
سموت
ٱّلل ورسوله ٱل َّنبي وٱألرض ّل إله إ َّّل هو يحيۦ ويميت ف ََامنوا ب َّ
ٱّلل وكلمتهۦ وٱتَّبعوه لعلَّكم تهتدون) األعراف ٱألمي ٱلَّذي يؤمن ب َّ
158
ولقد روى مسلم عن ابي هريره رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم انه قال(:والذي نفس محمد بيده ّل يسمع بي احد من
هذه اّلمه يهودي‘ وّل نصراني ثم يموت‘ ولم يؤمن بالذي أرسلت به
اّل كان من أصحاب النار)
واّليمان تصديق ما جاء به مع القبول واّلذعان ّل مجرد تصديق
ولهذا لم يكن أبو طالب مؤمنا بالرسول صلى هللا عليه وسلم مع
تصديقه لما جاء به وشهادته بانه من خير األديان
كلمة التوحيد (ال اله اال هللا) هي أساس الدين وحصنه اْلصني وطريقه القومي وصراطه
املستقيم
وْلذه الكلمه املكانه العظمى ِف دين اْلسَلم فهي اول ركن من اركان اْلسَلم واعلى شعبه
من شعب االميان وهي اول واجب على املكلف واخر واجب عليه وقبول االعمال متوقف
على النطق هبا والعمل مبقتضاها
وال يصح تفسْي هذه الكلمه أبن ال قادر على االخرتاع اال هللا ملا يلي:
.1ان كفار قريش واملشركني ِف اجلاهليه ال ينكرون َبنه ال خالق اال هللا او ال قادر على
االخرتاع اال هللا
املعىن الثالث هل يكفي جمرد النطق بَل اله اال هللا؟ ال يكفي
فمن قال هذه الكلمه عاملا مبعناها عامَل مبقتضاها من نفي شرك واثبات الوحدانية
مع االعتقاد اجلازم ملا تضمنته والعمل به فهو املسلم حقا ومن عمل هبا من غْي
اعتقاد فهو املنافق ومن عمل خبَلفها من الشرك فهو املشرك وان قاْلا بلسانه
املطلب الثالث :تعريف العقيده والتوحيد
تعريف العقيده
لغةً :مأخوذ من العقد وهو الشد والربط وااليثاق والثبوت واْلحكام
اصطَلحاً :االميان اجلازم َبهلل تعاىل ومبا جيب له من التوحيد واالميان مبَلئكته وكتبه
ورسله واليوم االخر وَبلقدر خْيه وشره ومبا يتفرع عن هذه األصول ويلحق هبا
تعريف التوحيد
لغةً :من الوحدة أي االفراد
اصطَلحاً :افراد هللا مبا خيتص به وجيب له من االلوهية والربوبيه واالمساء والصفات
وقد فطر هللا تعاىل بِن آدم على االميان به تعاىل وتوحيده فاالنسان يولد مؤمنا بوجود
هللا تعاىل وانه ال اله غْيه وال رب سواه فلو ترك على اصل فطرته لنشأ موحداً هلل تعاىل
قال تعاىل
اَّللِ الَِِّت فَطَر النَّاس علَي ها َال تَب ِديل ِْل ْل ِق َِّ ِ (فَأَقِم وجه ِ ِ ِ ِ
ك
اَّلل َذل َ َ َ َ َْ ْ َ َ ت َّ ك للدي ِن َحني ًفا فطَْر َ ْ َ َْ َ
ين الْ َقيِ حم َولَ ِك َّن أَ ْكثََر الن ِ
َّاس َال يَ ْعلَ حمو َن) الروم 30 ِ
الد ح
وقد قال النيب صلى هللا عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث اِب هريرة:
"ما من مولود اال يولد على الفطره فأبواه يهودانه او ينصرانه او ميجسانه"
من حقق التوحيد دخل اجلنه
احملققون للتوحيد على درجات متفاوته لكن شرط حتقيق التوحيد ختليصه من احد
نواقضة املخرجه من الدين واملله مث بعد ذلك الناس ِف حتقيقه على قسمني
األول حتقيق واجب :وهو ختليصه من األمور احملرمه كالشرك األصغر والدع واملعاصي
مع فعل الواجبات الشرعيه والناس ِف هذا على درجات
الثاين حتقيق مستحب :وهو ختليصه من األمور املكروهه مع فعل القرَبت املستحبه
والناس ِف هذا على درجات متفاوته
املطلب الرابع :تعريف الشرك األكرب
الشرك ِف اللغه :خَلف االنفراد ويطلق على معىن النصيب واْلصه
الشرك األكرب :تسوية غْي هللا َبهلل ِف شيء من خصائص هللا
والدليل قولة تعاىل
ني) الشعراء 98-97 ِ ض ََل ٍل حمبِ ٍ
ني ( )97إِ ْذ نحس ِوي حكم بِر ِ ( َت ََّّللِ إِ ْن حكنَّا لَِ
ب الْ َعالَم َ َ ْ َ َ يف
ين َك َف حروا بَِرهبِِ ْم يَ ْع ِدلحو َن) االنعام 1 ِ
وقوله تعاىل ( حمثَّ الَّذ َ
وما رواه النسائي إبسناد حسن عن ابن عباس رضي هللا عنهما :ان رجَل دخل على
النيب صلى هللا عليه وسلم فقال :ما شاء هللا وشئت فقال الرسول صلى هللا عليه
وسلم ":أجعلتِن هلل ندا؟ بل ما شاء هللا وحده "
فرع :اذا كانت التسويه ِف االعتقاد فهي شرك اكرب ملا سبق من االدله أبن يعتقد انه
يساوي هللا عز وجل ِف التعظيم والتدبْي واملشيئه والتوكل
فرع :اذا كانت التسويه ِف اللفظ ال ِف االعتقاد فهي شرك اصغر ملا رواه الشيخان
عن ابن عمر رضي هللا عنهما :انه ادرك عمر بن اْلطاب ِف ركب وهو حيلف َببيه
فناداهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :اال ان هللا ينهاكم ان حتلفوا آبَبئكم فمن
كان حالفا فليحلف َبهلل واال فليصمت" رواه مسلم
املطلب اْلامس :الفرق بني الشرك والكفر
القول األول :ان كل شرك كفر وليس كل كفر شرك فالكفر ضد االميان واْلسَلم
والشرك ضد التوحيد فيخص الشرك بقصد االواثن وحنوها فيكون الكفر اعم
اذ ِف اللغه :بينهما فرق فمن مث يكون ِف الشرع النه نزل بلغة العرب
ولقوله تعاىل:
ني َح ََّّت ََتْتِيَ حه حم ِ ِ ( َملْ ي حك ِن الَّ ِذين َك َفروا ِمن أ َْه ِل الْ ِكتَ ِ
اب َوالْ حم ْش ِرك َ
ني حمْن َفك َ َ ح ْ َ
الْبَ يِنَةح) البينه 1
القول الثاني :انهما اسمان لمسمى واحد فهما سواء وعزا ابن
حزم هذا القول للشافعي وغيره
املطلب السادس :حكم الشرك األكرب
الشرك األكرب :أعظم ذنب عصي هللا به فهو اكرب الكبائر واعظم الظلم
قال تعاىل (:ان الشرك لظلم عظيم) لقمان 13
ولذلك رتب الشرع عليه عقوَبت عظيمه أمهها
.1ان هللا ال يغفره اذا مات صاحبه ومل يتب منه
ك لِ َم ْن يَ َشاءح) النساء 48 ِ ِ ِ
اَّللَ َال يَ ْغف حر أَ ْن يح ْشَرَك بِِه َويَ ْغف حر َما حدو َن َذل َ
قال تعاىل( :إِ َّن َّ
.2ان صاحبه خارج عن ملة اْلسَلم حَلل الدم واملال
ِ
وه ْم
وه ْم َو حخ حذ ح
ث َو َج ْدحْتح ح قال تعاىل( :فَِإ َذا انْ َسلَ َخ ْاألَ ْش حه حر ا ْْلححرحم فَاقْ تحلحوا الْ حم ْش ِرك َ
ني َحْي ح
وه ْم) التوبه 5 ص حر حاح ح َو ْ
.3ان هللا تعاىل ال يقبل من املشرك عمل
ورا ) الفرقان 23ث
ح ن
ْ م اء
ل فجعلْن ه هب ا
َ َ ٍ م ع ن قال تعاىل( :وقَ ِدمنَا إِ َىل ما ع ِملحوا ِ
م
ًَ ً َ َ ح َ َ َ
ْ َ َ َ َ ْ
.4حيرم ان يتزوج املشرك مبسلمه كما حيرم ان يتزوج املسلم مشركه
ات َح ََّّت يح ْؤِم َّن َوَأل ََمةٌ حم ْؤِمنَةٌ َخ ٌْْي ِم ْن حم ْش ِرَك ٍة َولَ ْو
قال تعاىل( :وَال تَ ْن ِكحوا الْم ْش ِرَك ِ
ح ح َ
ني َح ََّّت يح ْؤِمنحوا َولَ َعْب ٌد حم ْؤِم ٌن َخ ٌْْي ِم ْن حم ْش ِرٍك َولَ ْو ِ
حوا الْ حم ْش ِرك َ
ِ
أ َْع َجبَ ْت حك ْم َوَال تحْنك ح
أ َْع َجبَ حك ْم) البقره 221
. 5اذا مات املشرك فَل يغسل وال يكفن وال يصلى عليه وال يدفن ِف مقابر املسلمني
وامنا حيفر له حفره بعيده عن الناس ويدفن فيها لئَل يؤذي الناس برائحته الكريهه
الصورة الثانيه االعراض عن االنقياد لدين اْلق وعن أوامر هللا تعاىل بعد استماعها
ومعرفتها وذلك بعدم قبوْلا فيرتك ما هو شرط ِف صحة االميان وهذا كحال الكفار
الذين دعاهم األنبياء الدليل ص 27
الصورة الثالثه :االعراض عن العمل جبميع احكام اْلسَلم وفرائضه بعد اقراره بقلبه
أبركان االميان ونطقه َبلشهادتني فمن ترك جنس العمل فلم يفعل شيئا من الواجبات
االمثله والدليل ص 27
القسم الثاين االعراض غْي املكفر وهو ان يرتك املسلم بعض الواجبات الشرعيه غْي
الصَله ويؤدي بعضها كأن يرتك اخراج الزكاه او صوم رمضان
القسم الثاين :ان يسوي غْي هللا َبهلل ِف اْلوف اْلاص به
كأن خياف من احد ان يدخله النار
او ان خياف من غْي هللا خوف تعبد بكمال ذل وُمبه
النوع السابع :الرهبه اْلوف والفزع وقد ثبت ِف الكتاب والسنه اطَلق الرهبه من
هللا تعاىل
االدله ص 44
النوع الثامن :الرجاء
مبعىن التوقع واالمل ,والرجاء :طمع االنسان ِف امر قريب املنال وقد يكون بعيد
املنال وحكمه حكم اْلوف
الثالث :التوكل على غْي هللا فيما يقدر عليه كمن يتوكل على امْي او سلطان فيما
جعله هللا بيده من الرزق او دفع األذى وحنو ذلك فهذا شرك اصغر
واما الوكاله :وهي اانبة الغْي ِف الفعل كالبيع والشراء مثَل فليست داخله هنا
النوع العاشر :التوبه
لغة :الرجوع
اصطَلحاً :الرجوع من معصية هللا اىل طاعة هللا
االدله ص 47 -46
النوع اْلادي عشر :الذبح وهو عبادة من اجل العبادات
االدله ص 47
الذبح اقسام:
األول :الذبح التعبدي:
وهو التقرب اىل هللا إبراقة الدم مثل االضحيه والعقيقه
القسم الثاين :الذبح البدعي
وهو ان يتقرب اىل هللا إبزهاق الروح إبراقة الدم ويصحب فعله امر ُمدث كأن
يقرتب جبنس مل ترد به الشريعه مثل الدجاج
او ان يَلزم مكان معني العتقاد الربكه
القسم الثالث :الذبح الذي يكون شرك اكرب
وهو ان يصرف عبادة الذبح لغْي هللا متقرَب له كأن يذبح للجن او األموات
تنبيه الذبح عند استقبال الرجل من سلطان او غْيه له أحوال
.1شرك اكرب :اذا تقرب به اىل القادم هبا
.2بدعه :اذا تقرب اىل هللا عند مروره
ُ.3مرم :اذا ذبح مريدا اللحم وكان ِف فعله اسراف
النوع الثاين عشر :زايرة القبور ثَلثة اضرب
األول :مشروع وهو زايرة القبور لتذكر االخرة وللسَلم على أهلها والدعاء ْلم
الثاين :بدعي يناِف كمال التوحيد وهو وسيله من وسائل الشرك وهو قصد عبادة
هللا عند القبور او التربك هبا او اهداء الثواب عندها او البناء عليها وجتصيصها
واسراجها واختاذها مساجد
الثالث :شركي يناِف التوحيد وهو صرف شيء من أنواع العباده لصاحب القرب
كدعائه من دون هللا
فرع :سبب الوقوع ِف الشرك
أوال :الغلو ِف الصاْلني هو اول واعظم سبب أوقع بِن آدم ِف الشرك األكرب
اثنيا :رفع القبور والبناء عليها واسراجها وجتصيصها وبناء املساجد عليها وقصد
العباده عندها
الدليل ص 49
اثلثا :تصوير األرواح وهو ُماكاة شكل اْليوان وهيئته فيخطط مثله او يصنع مثله
الدليل 50-49
له مرتبتان
األوىل :الشرك األصغر منه وهو جمرد تصوير
ا .كونه مضاهاه هلل خبلقه وتشبه َبهلل فيه
ب .كون التصوير ذريعه للشرك َبلصور وعبادهتا والغلو فيها مثل االصنام
االدله 51-50
املرتبه الثانيه :ان يكون التصوير شرك اكرب
وذلك ان يقصد املصور مثَل مضاهاة هللا خبلقه ومماثلته ومنازعته او ان يقصد مبا
يصوره ان يعبد من دون هللا او حنو ذلك من املقاصد الِت تناقض اصل االميان
املطلب الثالث :الرايء
لغة :فعال من الرؤيه وهو النظر َبلعني وَبلقلب
اصطَلحاً :العمل الصاحل لَلخرين او حيسنه عندهم او يظهر عندهم مبظهر
مندوب اليه ليمدحوه ويعظم ِف انفسهم
الرايء َبلعمل :كمراءاة املصلي بطول الركوع والسجود
مراءاته َبلقول :كاجلهر َبلقراءة او حتسينها من اجل الناس
املراءاه َبْليئه :كإبقاء اثر السجود على اجلبهه رايء
االدله ص 52-51
اقسام الرايء :يكون شركا اكرب وشركا اصغر االدله ص 53
األول :الرايء َبصل االميان أبن يظهر اْلسَلم ويبطن الكفر فهذا نفاق اكرب
الثاين :رايء ُمض حبيث ال يراد َبلعمل سوى مراءاة املخلوقني لغرض دنيوي حبيث
لو فرض انه أراد قطع عبادته لعارض وعنده من يرائيه مل يقطعها من اجل الرايء
كحال املنافقني ِف صَلهتم وهذا عمله َبطل
االدله ص 53
الثالث :ان يكون الدافع للعمل الصاحل هو الرايء
وليس إرادة الثواب من هللا عز وجل فالنصوص تدل على بطَلنه وحبوطه
الدليل ص 54
الرابع :ان يكون اصل العمل هلل مث طرأت عليه نيت الرايء
فأن كان خاطرا ودفعه فَل يضر االمثله ص 54
اْلامس :اذا ورد الرايء بعد الفراغ من العباده
فهذا من السمعه فيحرم وينقص االجر وال حيبط العمل الدليل ص 54
السادس :الفرح حبمد الناس وثنائهم:
اذا اثىن الناس على الشخص بسبب عبادته ففرح بذلك فله حالتان:
األوىل :ان يكون فرحه َبعتبار اهنا بشرى من هللا وعَلمه من عَلمات قبول العمل
الصاحل فَل أبس به الدليل ص 55
الثانيه :ان يكون فرحه حبمد الناس او اطَلعهم ْلصول مرغوبه او زوال مرهوبه
منهم فهذا رايء أيمث عليه وينقص اجره وال حيبط عمله
الدليل ص 55
فرع :كفارة الرايء :التوبه هلل عز وجل الدليل ص 55
املطلب الرابع :إرادة االنسان بعمله الدنيا
املعىن :ان يريد العابد بعبادته حظ من حظوظ الدنيا
وهو اقسام
األول :ان ال يريد إبسَلمه اال الدنيا فهذا شرك ونفاق اكرب
الثاين :اال يريد َبلعبادة اال الدنيا وحدها كمن حيج ليأخذ املال وكمن يغزو من
اجل الغنيمه وحده
وهو من الشرك األصغر ويبطل العمل الذي يصاحبه
االدله واالمثله ص 56
القسم الثالث :ان يريد َبلعباده وجه هللا والدنيا معا كمن خيرج لوجه هللا وللتجاره
وكمن يقاتل ابتغاء وجه هللا والدنيا
فمن العلماء من قال يبطَلن العمل ملنافاته اْلخَلص ومنهم من قال بصحته ملا
أييت ِف القسم اْلامس ومنهم من قال ان غلب قصد العباده صحت وان غلب
قصد الدنيا بطلت وعلى كل فأجره انقص الدليل ص 57
القسم الرابع :ان يبتدئ العباده مريدا الدنيا مث تطرأ إرادة الثواب فان كانت العباده
مرتبطا أوْلا َبخرها كالصَله مل يصح وان مل يكن صح م قصد به وجه هللا عز
وجل
القسم اْلامس ان يكون الدافع إرادة الثواب وتكون إرادة الدنيا تبعه فمباح بدليل
ان الشارع رتب على العبادات او بعضها ثواَب معجَل
الدليل ص 57
القسم السادس :ان يعمل العباده أبخَلص تم مث يريد هبا او بشيء منها كحال
الثَلثه الذين انطبق عليهم الغار فسألو هللا عز وجل خبالص أعماْلم ان يفرج ما
هم فيه واْلديث يدل على جوازه
الفصل الثالث :االميان واركانه
املطلب األول :تعريف االميان
لغه :التصديق مع اْلقرار واالذعان والتسليم
ِف الشرع :اعتقاد َبلقلب وقول َبللسان وعمل القلب واجلوارح يزيد َبلطاعه
وينقص َبملعصيه
االدله واالمثله ص 58
قد ضل ِف هذا طائفتان:
.1الوعيديه من اْلوارج واملعتزله
قالوا :تن االميان قول َبللسان واعتقاد َبجلنان وعمل َبالركان
فهم وافقوا اهل السنه ِف مسمى االميان لفظا وخالفوهم ِف حقيقته ومعناه فجعلوا
االميان يزول بزوال العمل مطلقا من غْي تفصيل ِف نوع العمل
.2قول املرجئه وهم ِف هذه املساله طوائف كثْيه اشهرهم:
أ.املرجئه احملضه وهم اجلهميه ومن وافقهم من القدريه وغْيهم:
االميان عندهم هو املعرفه َبهلل والكفر اجلهل به وفساد هذا القول بني ظاهر جدا
ب.قول مجهور االشاعرة َبن االميان هو تصديق َبلقلب فقط ورمبا جنح
متكلموهم فيه اىل قول اجلهميه أبهنا معرفة القلب
ج.املرجئه الكراميه :أبن االميان اْلقرار َبللسان فحسب
د.قول املاتريديه :أبن االميان تصديق القلب اما اْلقرار َبللسان فركن زائد ليس
أبصلي حيث يسقط َبالكراه وحنوه
ه.قول مرجئة الفقهاء :أبن االميان قول َبللسان وتصديق َبجلنان