عقيدة التوحيد الملف الكامل

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 179

‫عقيدة التوحيد‬

‫لفضيلة الشيخ‬

‫صاحل بن فوزان بن عبد اهلل آل فوزان‬


‫عقيدة التوحيد‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫المقـدمـة‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبيه الصادق األمين‪ ،‬نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪...‬‬
‫وبعد‪:‬‬

‫فهذا كتاب في علم التوحيد‪ ،‬وقد راعيت فيه االخ تصار مع سهولة العبارة‪ ،‬وقدد اقتبسدته مدن مصدادر كثيدرة مدن‬
‫كتب أئمتنا األعالم‪ ،‬وال سيما كتب شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وكتب العالمة ابن القيم‪ ،‬وكتدب شديخ اإلسدالم محمدد‬
‫بن عبد الوهاب وتالميذه من أئمة هذه الدعوة المباركدة‪ ،‬وممدا ال شدي فيده أم علدم العقيددة اإلسدالمية هدو العلدم‬
‫ا‬
‫وعمدال بموجبدهو لتألدوم األعمدا صدحيحة مقبولدة عندد هللا نافعدة‬ ‫األساسي الذي تجدر العناية بده تعل امدا وتعلي امدا‬
‫والرهبندة‪،‬‬ ‫صدا وأنندا فدي نمدام كثدر فيده التيدارا المنحرفدةو تيدار اإللحداد‪ ،‬وتيدار التصدو‬
‫للعاملين‪ ،‬وخصو ا‬
‫وتيار القبورية الوثنية‪ ،‬وتيار البدع المخالفة للهددي النبدوي‪ ،‬وكلهدا تيدارا خريدرة مدا لدم يألدن المسدلم مسدل احا‬
‫بسالح العقيدة الصحيحة المرتألزة على الألتاب والسنة وما عليه سلف األمة‪ ،‬فإنه حري أم تجرفه تلي التيارا‬
‫المضلةو وهذا مما يستدعي العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة ألبناء المسلمين من مصادرها األصيلة‪.‬‬

‫وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬

‫‪-1-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الباب األو ‪ :‬مدخل لدراسة العقيدة‬


‫ويتألوم من الفصو التالية‪:‬‬

‫سا يقوم عليه بناء الدين‪.‬‬


‫األو ‪ :‬معنى العقيدة‪ ،‬وبيام أهميتهاو باعتبارها أسا ا‬
‫الفصل َّ‬
‫الفصل الثَّاني‪ :‬مصادر العقيدة الصحيحة‪ ،‬ومنهج ال َّ‬
‫سلف في تلقيها‪.‬‬

‫عن العقيدة‪ ،‬وسبل التّو ِّقّي منه‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ ،‬االنحرا‬


‫سا يقوم عليه بناء الدين‬
‫الفصل األو ‪ :‬في بيام العقيدة وبيام أهميتها باعتبارها أسا ا‬
‫العقيدة لغة‬

‫مأخوذة من العقد وهو ربد اليديء‪ ،‬واعتقدد كدذا‪ :‬عقدد عليده القلدب والضدمير‪ .‬والعقيددة‪ :‬مدا‬
‫يدين به اإلنسام‪ ،‬يقا ‪ :‬له عقيدة حسنة‪ ،‬أي‪ :‬سالمةٌ من اليي‪ .‬والعقيدة عمل قلبدي‪ ،‬وهدي ييمدام‬
‫القلب بالييء وتصديقه به‪.‬‬

‫والعقيدة شرعاا‬

‫هي اإليمام باهلل ومالئألته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬واإليمام بالقدر خيره وشره‪ ،‬وتس َّمى هذه‬
‫أركام اإليمام‪.‬‬

‫واليريعة تنقسم يلى قسمين‪ :‬اعتقاديا وعمليا ‪:‬‬

‫فاالعتقاديا ‪ :‬هي التي ال تتعلق بأليفية العمل‪ ،‬مثل اعتقاد ربوبيدة هللا ووجدوب عبادتده‪ ،‬واعتقداد‬
‫بقية أركام اإليمام المذكورة‪ ،‬وتس َّمى أصلية‪.‬‬

‫والعمليددا ‪ :‬هددي مددا يتعلددق بأليفيددة العمددل مثددل الصددالة والزكدداة والصددوم وسددائر األحألددام العمليددة‪،‬‬
‫وتسمى فرعيةو ألنها تبنى على تلي صحة وفساداا ‪.‬‬
‫فالعقيدة الصحيحة هي األساس الذي يقوم عليه الدين وتَص ُّح معه األعما ‪ ،‬كما قا تعالى‪{ :‬فَ َمن‬
‫ع َم اال صَا ِّل احا َوال يي ِّْر ْك بِّ ِّعبَا َد ِّة َربِّّ ِّه أَ َحداا} [الألهف‪.]110/‬‬
‫َام يَ ْرجو ِّلقَا َء َربِّّ ِّه فَ ْليَ ْع َم ْل َ‬
‫ك َ‬

‫ع َملدديَ َولَتَألدونَ َّن ِّمد َ‬


‫دن‬ ‫دن قَ ْب ِّلدديَ لَد ِّ ْن أَ ْ‬
‫شد َدركْتَ لَيَحْ دبَ َر َّن َ‬ ‫دي يِّلَ ْيدديَ َويِّلَدى الَّدذ َ‬
‫ِّين ِّم ْ‬ ‫وقدا تعدالى‪َ { :‬ولَقَد ْد أ ِّ‬
‫وح َ‬
‫ين} [الزمر‪.]65/‬‬ ‫ا ْل َخا ِّ‬
‫س ِّر َ‬

‫ِّين * أَال ِّ َّ ِّ‬


‫ّلِل ال ّدِّين ا ْل َخا ِّلص} [الزمر‪.]3 ،2/‬‬ ‫صا لَّه ال ّد َ‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬فَاعْب ِّد َّ َ‬
‫َّللا م ْخ ِّل ا‬
‫فدلّت هدذه اآليدا الألريمدة‪ ،‬ومدا جداء بمعناهدا‪ ،‬وهدو كثيدر‪ ،‬علدى أم األعمدا ال تقبدل يال يذا كاندت‬
‫خالصة من اليرك‪ ،‬ومن ثَ َّم كام اهتمدام الرسدل ‪ -‬صدلوا هللا وسدالمه علديهم ‪ -‬بإصدالح العقيددة‬
‫أوال‪ ،‬فأو ما يدعوم أقوامهم يلى عبادة هللا وحده‪ ،‬وترك عبادة ما سواه‪ ،‬كما قا تعالى‪:‬‬ ‫ا‬
‫‪-2-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وال أَ ِّم اعْبدواْ َّ َ‬


‫َّللا َواجْ تَنِّبواْ ال َّراغو َ } [النحل‪.]36/‬‬ ‫{ َولَقَ ْد بَعَثْنَا فِّي ك ِّّل أ َّم ٍة َّرس ا‬

‫وك ُّل رسو يقو أو ما يخاطب قومه‪:‬‬


‫دن ِّيلَ د ٍه َ‬
‫غ ْيددره} [األعددرا ‪ ]85 ،73 ،65 ،59 /‬قالهددا نددوح وهددود وصددالح‬ ‫َّللا َمددا لَألددم ِّّمد ْ‬
‫{اعْبدددوا َّ َ‬
‫وشعيب‪ ،‬وسائر األنبياء لقومهم‪.‬‬

‫وقد بقي النبي صلى هللا عليه وسلم في مألة بعد البعثة ثالثة عير عا اما يدعو الناس يلى التوحيد‪،‬‬
‫ويصالح العقيدةو ألنها األساس الذي يقوم عليه بناء الدين‪ .‬وقدد احتدذا الددعاة والمصدلحوم فدي‬
‫كل نمام حدذو األنبيداء والمرسدلين‪ ،‬فألدانوا يبددءوم بالددعوة يلدى التوحيدد‪ ،‬ويصدالح العقيددة‪ ،‬ثدم‬
‫يتجهوم بعد ذلي يلى األمر ببقية أوامر الدين‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬في بيام مصادر العقيدة ومنهج السلف في تلقيها‬

‫العقيدة توقيفيةو فال تثبت يال بدليل من اليارع‪ ،‬وال مسدرح فيهدا للدرأي واالجتهداد‪ ،‬ومدن ثَد َّم فدإم‬
‫مصادرها مقصورة على ما جاء في الألتاب والسنةو ألنه ال أحد أعلم باهلل وما يجب لده ومدا يندزه‬
‫عنه من هللا‪ ،‬وال أحدد بعدد هللا أعلدم بداهلل مدن رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬ولهدذا كدام مدنهج‬
‫مقصورا على الألتاب والسنة‪.‬‬
‫ا‬ ‫السلف الصالح ومن تبعهم في تل ِّقّي العقيدة‬

‫فما د ّ عليه الألتاب والسنة في حق هللا تعالى آمنوا به‪ ،‬واعتقدوه وعملوا بده‪ .‬ومدا لدم يدد عليده‬
‫كتدداب هللا وال سددنة رسددوله نقَد ْدوه عددن هللا تعددالى ورفضددوهو ولهددذا لددم يحصددل بيددنهم اخددتال فددي‬
‫االعتقاد‪ ،‬بل كانت عقيدتهم واحدة‪ ،‬وكانت جماعتهم واحدةو ألم هللا تألفّل لمن تمسي بألتابه وسنة‬
‫رسوله باجتماع الأللمة‪ ،‬والصواب في المعتقد واتحاد المنهج‪ ،‬قا تعدالى‪َ { :‬وا ْعتَ ِّصدمواْ بِّ َحبْد ِّل َّ ِّ‬
‫َّللا‬
‫َج ِّمي اعا َوالَ تَفَ َّرقواْ} [آ عمرام‪.]103/‬‬

‫َاي فَالَ يَ ِّض ُّل َوالَ يَ ْ‬


‫يقَى} [طه‪.]23/‬‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬فَ ِّإ َّما يَأتِّيَنَّألم ِّم ِّنّي هداا فَ َم ِّن اتَّبَ َع هد َ‬
‫ولذلي س ُّموا بالفرقة الناجيةو ألم النبي صلى هللا عليه وسلم شهد لهم بالنجاة حين أخبر بافتراق‬
‫األمة يلى ثالث وسبعين فرقة‪ ،‬كلها في النار يال واحدة‪ ،‬ولما س ل عن هذه الواحدة قا ‪( :‬هي من‬
‫كام على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) [الحديث رواه اإلمام أحمد]‪.‬‬

‫وقد وقع مصداق ما أخبر به صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فعنددما بندى بعدل النداس عقيددتهم علدى غيدر‬
‫الألتاب والسنة‪ ،‬من علم الألالم‪ ،‬وقواعد المنرق الموروثَيْن عن فالسفة اليونامو حصل االنحرا‬
‫والتفددرق فددي االعتقدداد ممددا نددتج عندده اخددتال الأللمددة‪ ،‬وتفد ُّدرق الجماعددة‪ ،‬وتصدددع بندداء المجتمددع‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬في بيام االنحرا ِّ عن العقيدة وسبل التوقي منه‬

‫االنحدرا عددن العقيدددة الصدحيحة مهلألددة و ددياعو ألم العقيددة الصددحيحة هددي الددافع القددوي يلددى‬
‫العمل النافع‪ ،‬والفرد بال عقيدة صحيحة‪ ،‬يألوم فريسة لألوهام واليألوك التي ربما تتدراكم عليده‪،‬‬
‫فتحجب عنه الرؤية الصحيحة لدروب الحياة السعيدةو حتى تضيق عليه حياته ثم يحاو التخلص‬
‫‪-3-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫من هذا الضيق بإنهاء حياته ولو باالنتحار‪ ،‬كما هو الواقع من كثير من األفراد الذين فقدوا هداية‬
‫العقيدة الصحيحة‪ .‬والمجتمع الذي ال تسوده عقيدة صحيحة هو مجتمع بهيمدي يفقدد كدل مقومدا‬
‫كثيرا ما تقوده يلى الدمار‪،‬‬ ‫الحياة السعيدةو ويم كام يملي الألثير من مقوما الحياة المادية التي ا‬
‫كما هو مياهد في المجتمعدا الألدافرةو ألم هدذه المقومدا الماديدة تحتدات يلدى توجيده وترشديدو‬
‫لالستفادة من خصائصها ومنافعها‪ ،‬وال موجه لها سوا العقيدة الصدحيحةو قدا تعدالى‪{ :‬يَدا أَيُّ َهدا‬
‫الرسل كلوا ِّم َن ال َّر ِّيّبَا ِّ َوا ْع َملوا صَا ِّل احا} [المؤمنوم‪.]51/‬‬
‫ُّ‬
‫ض اال يَدا ِّجبَدا أَ ّ ِّو ِّبدي َم َعده َوال َّري َْدر َوأَلَنَّدا لَده ا ْل َحدِّيد َد * أَ ِّم ا ْع َمد ْل‬ ‫وقا تعالى‪َ { :‬و َل َق ْد آتَ ْي َنا دَاوو َد ِّم َّنا فَ ْ‬
‫الدري َح غدد ُّو َها شَده ٌْر‬ ‫ام ِّ ّ‬ ‫ير * َو ِّلسلَ ْي َم َ‬ ‫وم بَ ِّص ٌ‬ ‫س ْر ِّد َوا ْع َملوا صَا ِّل احا يِّ ِّنّي ِّب َما تَ ْع َمل َ‬ ‫سا ِّبغَا ٍ َوقَ ّد ِّْر فِّي ال َّ‬ ‫َ‬
‫عي َْن ا ْل ِّق ْر ِّر َو ِّم َن ا ْل ِّج ِّّن َمن يَ ْع َمل بَي َْن يَ َد ْي ِّه بِّ ِّإ ْذ ِّم َربِّّ ِّه َو َمن يَ ِّز ْغ ِّم ْنه ْم ع ْ‬
‫َدن‬ ‫س ْلنَا لَه َ‬ ‫شه ٌْر َوأَ َ‬ ‫َو َر َواح َها َ‬
‫ور‬ ‫ب َوقدد ٍ‬ ‫ْ‬
‫ام كَال َج َوا ِّ‬ ‫يب َوتَ َماثِّي َل َو ِّجفَ ٍ‬ ‫وم لَه َما يَيَاء ِّمن َّم َح ِّار َ‬ ‫س ِّع ِّير * يَ ْع َمل َ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫َ‬
‫عذا ِّ‬ ‫أَ ْم ِّرنَا ن ِّذ ْقه ِّم ْن َ‬
‫ِّي اليَّألور} [سبأ‪.]13-10/‬‬ ‫سيَا ٍ ا ْع َملوا آ َ دَاوو َد شأل اْرا َوقَ ِّلي ٌل ِّّم ْن ِّعبَاد َ‬ ‫َّرا ِّ‬
‫فقوة العقيدة يجب أم ال تنفي عن القوة الماديةو فإم انفألت عنها باالنحرا يلى العقائدد الباطلدة‪،‬‬
‫صار القوة المادية وسيلة دمار وانحدارو كما هو الميداهد اليدو َم فدي الددو الألدافرة التدي تملدي‬
‫مادة‪ ،‬وال تملي عقيدة صحيحة‪.‬‬

‫عن العقيدة الصحيحة له أسباب تجب معرفتها‪ ،‬من أهمها‪:‬‬ ‫واالنحرا‬


‫‪1‬ـ الجهل بالعقيدة الصحيحةو بسبب اإلعراض عن تعلمها وتعليمها‪ ،‬أو قلة االهتمام والعناية بهاو‬
‫طال‪ ،‬والباطل‬‫حتى ينيأ جي ٌل ال يعر تلي العقيدة‪ ،‬وال يعر ما يخالفها ويضادهاو فيعتقد الحق با ا‬
‫حقًّا‪ ،‬كما قا َ عمر بن الخراب ‪ -‬ر دي هللا عنده ‪" :-‬ينمدا تدنقل عدرا اإلسدالم عدروةا عدروةا يذا‬
‫نيأ في اإلسالم من ال يعر الجاهلية"‪.‬‬
‫باطال‪ ،‬وترك ما خالفه ويم كام ح ًّقداو‬ ‫ا‬ ‫‪2‬ـ التّعصُّب لما عليه اآلباء واألجداد‪ ،‬والتمسي به ويم كام‬
‫علَيْد ِّه آبَا َءنَدا أَ َولَ ْدو ك َ‬
‫َدام‬ ‫َّللا قَالواْ بَ ْل نَتَّبِّع َما أَ ْلفَ ْينَدا َ‬ ‫كما قا هللا تعالى‪َ { :‬ويِّذَا قِّي َل لَهم اتَّبِّعوا َما أَ َ‬
‫نز َ ّ‬
‫وم} [البقرة‪.]170/‬‬ ‫ش ْي اا َوالَ َي ْهتَد َ‬ ‫آ َباؤه ْم الَ َي ْع ِّقل َ‬
‫وم َ‬

‫‪3‬ـ التقليد األعمى بأخذ أقوا الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها‪ ،‬ومعرفة مدا صحتها‪ ،‬كما‬
‫ق المخالفة من جهمية ومعتزلة‪ ،‬وأشاعرة وصوفية‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬حيث قلدوا من‬ ‫هو الواقع من الفر ِّ‬
‫قبلهم من أئمة الضال و فضلوا وانحرفوا عن االعتقاد الصحيح‪.‬‬

‫‪4‬ـ الغلوا في األولياء والصالحين‪ ،‬ورفعهم فوق مندزلتهمو بحيدث يعتقدد فديهم مدا ال يقددر عليده يال‬
‫هللا من جلب النفع‪ ،‬ودفع الضر‪ ،‬واتخاذهم وسائ بين هللا وبين خلقه في قضداء الحدوائج ويجابدة‬
‫الددعاءو حتددى يدؤو األمددر يلدى عبددادتهم مددن دوم هللا‪ ،‬والتقدرب يلددى أ درحتم بالددذبائح والنددذور‪،‬‬
‫والدعاء واالستغاثة وطلب المدد‪ ،‬كما حصل من قوم نوح في حق الصالحين حين قالوا‪{ :‬ال تَذَر َّم‬
‫آ ِّل َهتَأل ْم َوال تَذَر َّم َودًّا َوال س َواعاا َوال يَغ َ‬
‫وث َويَعوقَ َونَ ْ‬
‫س ارا} [نوح‪.]23/‬‬

‫وكما ه َو الحاصل من عبَّاد القبور اليو َم في كثير من األمصار‪.‬‬

‫‪-4-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ 5‬ـ الغفلة عن تدبر آيا هللا الألونية‪ ،‬وآيدا هللا القرآنيدة‪ ،‬واالنبهدار بمعريدا الحضدارة الماديدةو‬
‫حتى ظنوا أنها من مقدور البير وحدهو فصاروا يع ِّ ّظمدوم البيدر‪ ،‬ويضديفوم هدذه المعريدا يلدى‬
‫مجهدددوده واختراعددده وحدددده‪ ،‬كمدددا قدددا قددداروم مدددن قبدددل‪{ :‬قَدددا َ ِّينَّ َمدددا أو ِّتيتددده َ‬
‫علَدددى ِّع ْلد ٍددم ِّعنددددِّي}‬
‫علَى ِّع ْل ٍم} [الزمر‪.]49/‬‬ ‫[القصص‪ ]78/‬وكما يقو اإلنسام { َهذَا ِّلي} [فصلت‪{ ،]50/‬يِّنَّ َما أوتِّيته َ‬

‫ولم يتفألروا وينظروا في عظمة من أوجد هذه الألائنا ‪ ،‬وأودعها هذه الخصائص الباهرة‪ ،‬وأوجد‬
‫َّللا َخلَقَألد ْم َو َمدا تَ ْع َمل َ‬
‫دوم}‬ ‫البير وأعراه المقدرةَ على استخرات هذه الخصائص‪ ،‬واالنتفاع بهدا { َو َّ‬
‫[الصافا ‪.]96/‬‬

‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬


‫ض َو َما َخ َلقَ َّ‬
‫َّللا ِّمن ش َْيءٍ } [األعرا ‪.]185/‬‬ ‫{أَ َولَ ْم َينظرواْ ِّفي َملَألو ِّ ال َّ‬
‫س َم َ‬
‫س َّخ َر‬ ‫اء َما اء َفأ َ ْخ َر َ‬
‫ت ِّب ِّه ِّم َن الثَّ َم َرا ِّ ِّر ْنقاا لَّأل ْم َو َ‬ ‫س َم ِّ‬‫نز َ ِّم َن ال َّ‬ ‫ض َوأَ َ‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر َ‬ ‫َّللا الَّذِّي َخ َلقَ ال َّ‬
‫س َم َ‬ ‫{ َّ‬
‫سد َّخ َر‬ ‫س َوا ْلقَ َم َر دَآئِّبَ َ‬
‫دين َو َ‬ ‫س َّخر لَألم الي َّْم َ‬ ‫ار * َو َ‬ ‫س َّخ َر لَألم األَ ْن َه َ‬
‫ي فِّي ا ْلبَحْ ِّر ِّبأ َ ْم ِّر ِّه َو َ‬ ‫لَألم ا ْلف ْليَ ِّلتَجْ ِّر َ‬
‫َّللا الَ تحْ صدو َها} [يبدراهيم‪-32/‬‬ ‫سدأ َ ْلتموه َويِّم تَعددُّواْ نِّ ْع َمدتَ َّ ِّ‬ ‫ار * َوآتَاكم ِّّمن كد ِّّل َمدا َ‬ ‫لَألم اللَّ ْي َل َوالنَّ َه َ‬
‫‪.]34‬‬
‫‪6‬ـ أصبح البيت في الغالب خال ايا من التوجيده السدليمو وقدد قدا النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬كدل‬
‫مولود يولد على الفردرة فدأبواه يهودانده أو ينصدرانه أو يمجسدانه) [أخرجده اليديخام] فداألبوام‬
‫لهما دور كبير في تقويم اتجاه الرفل‪.‬‬

‫‪7‬ـد يحجددام وسددائل التعلدديم واإلعددالم فددي غالددب العددالم اإلسددالمي عددن أداء مهمتهمددا‪ ،‬فقددد أصددبحت‬
‫أصال‪ ،‬وأصبحت وسائل‬ ‫ا‬ ‫كبيرا‪ ،‬أو ال تهتم به‬
‫مناهج التعليم في الغالب ال تولي جانب الدين اهتما اما ا‬
‫اإلعالم المرئية والمسموعة والمقروءة في الغالب أداة تددمير وانحدرا ‪ ،‬أو تعندى بأشدياء ماديدة‬
‫وترفيهية‪ ،‬وال تهتم بما يقَ ّ ِّوم األخالق‪ ،‬ويزرع العقيدة الصحيحة‪ ،‬ويقاوم التيارا المنحرفةو حتى‬
‫ينيأ جي ٌل أعز أمام جيوش اإللحاد ال يدام له بمقاومتها‪.‬‬

‫تتلخص فيما يلي‪:‬‬ ‫وسبل التّوقِّّي في هذا االنحرا‬

‫‪1‬ـ د الرجددوع يلددى كتدداب هللا عد َّدز وج دلَّ‪ ،‬ويلددى سددنة رسددوله ص دلى هللا عليدده وسددلم لتل ِّقّددي االعتقدداد‬
‫الصحيح منهما‪ ،‬كما كام السلف الصالح يستمدوم عقيدتهم منهما‪ ،‬ولن يصلح آخر هذه األمة يال‬
‫ما أصلح أولها‪ ،‬مع االطالع على عقائد الفدرق المنحرفدة‪ ،‬ومعرفدة شدبههم للدرد عليهدا والتحدذير‬
‫منهاو ألم من ال يعر الير يوشي أم يقع فيه‪.‬‬

‫‪2‬ـ العناية بتدريس العقيدة الصحيحة ‪ -‬عقيددة السدلف الصدالح ‪ -‬فدي مختلدف المراحدل الدراسدية‪،‬‬
‫ويعراؤها الحصص الألافية من المنهج‪ ،‬واالهتمام البالغ في تدقيق االمتحانا في هذه المادة‪.‬‬

‫سددلفية الصددافية‪ ،‬ويبتعددد عددن كتددب الفددرق المنحرفددة‪ ،‬كالصددوفية‬


‫ب ال َّ‬
‫‪3‬ـدد أم تقددرر دراسددة الألتدد ِّ‬
‫وا لمبتدعة‪ ،‬والجهمية والمعتزلة‪ ،‬واألشاعرة والماتوريدية‪ ،‬وغيرهم يال من باب معرفتها لرد مدا‬
‫فيها من الباطل والتحذير منها‪.‬‬

‫الال المنحرفين عنها‪.‬‬ ‫‪4‬ـ قيام دعاة مصلحين يجددوم للناس عقيدة السلف‪ ،‬ويردوم‬
‫‪-5-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪-6-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الباب الثاني‪ :‬في بيام معنى التوحيد وأنواعه‬


‫التوحيد‪ :‬هو يفراد هللا بالخلق والتدبر‪ ،‬ويخالص العبادة له‪ ،‬وترك عبادة ما سواه‪ ،‬ويثبدا مدا لَده‬
‫من األسماء الحسنى‪ ،‬والصفا العليا‪ ،‬وتنزيهده عدن الدنقص والعيدبو فهدو بهدذا التعريدف ييدمل‬
‫أنواع التوحيد الثالثة‪ ،‬وبيانها كالتالي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ توحيد الربوبية‬

‫ويتضمن الفصو التالية‪:‬‬

‫الفصل األو ‪ :‬في بيام معنى توحيد الربوبية‪ ،‬وفرريته ويقرار الميركين به‪.‬‬

‫ضدالَّة فدي بداب‬


‫الفصل الثاني‪ :‬في بيام مفهوم كلمة الرب في القرآم والسدنة‪ ،‬وتصدورا األمدم ال ّ‬
‫الربوبية‪ ،‬والرد عليها‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في بيام خضوع الألوم في االنقياد والراعة هلل‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في بيام منهج القرآم في يثبا وحدانية هللا في الخلق والرنق وغير ذلي‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في بيام استلزام توحيد الربوبية لتوحيد األلوهية‪.‬‬


‫الفصل األو ‪ :‬في بيام معنى توحيد الربوبية ويقرار الميركين به‬

‫تفر ِّد هللا تعالى بالربوبية‪ ،‬ويخالص العبادة له‪ ،‬ويثبا ما له مدن‬
‫التوحيد‪ :‬بمعناه العام هو اعتقاد ُّ‬
‫األسماء والصفا ‪ ،‬فهو ثالثة أنواع‪:‬‬
‫توحيد الربوبية‪ ،‬وتوحيد األلوهية‪ ،‬وتوحيد األسماء والصفا ‪ ،‬وكل نوع له معنى البد من بياندهو‬
‫ليتحدد الفرق بين هذه األنواع‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ فتوحيد الربوبية‬

‫هو يفراد هللا تعالى بأفعالهو بأم يعتقَ َد أنه وحده الخالق لجميع المخلوقا ‪َّ { :‬‬
‫َّللا َخدا ِّلق كد ِّّل ش ْ‬
‫َديءٍ }‬
‫[الزمر‪.]62/‬‬

‫علَدى َّ ِّ‬
‫َّللا ِّر ْنق َهدا}‬ ‫وأنه الرانق لجميع الدواب واآلدميدين وغيدرهم‪َ { :‬و َمدا ِّمدن دَآبَّد ٍة فِّدي األَ ْر ِّ‬
‫ض يِّالَّ َ‬
‫[هود‪.]6/‬‬

‫قدادر علدى كدل شديء‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫عدز ويدذ ‪،‬‬ ‫وأنه مالي الملي‪ ،‬والمددبّر ليدؤوم العدالم كلدهو يدو ِّلّي ويعدز ‪ ،‬وي ُّ‬
‫ندزع ا ْلم ْلديَ‬ ‫يص ِّ َّر الليل والنهار‪ ،‬ويحيي ويميت‪{ :‬ق ِّل اللَّه َّم َما ِّليَ ا ْلم ْل ِّي ت ْؤتِّي ا ْلم ْليَ َمدن تَيَداء َوتَ ِّ‬
‫َديءٍ قَدد ٌ‬
‫ِّير * تدو ِّلج اللَّيْد َل فِّدي‬ ‫علَ َى كد ِّّل ش ْ‬‫ِّم َّمن تَيَاء َوت ِّع ُّز َمن تَيَاء َوت ِّذ ُّ َمن تَيَاء ِّبيَ ِّدكَ ا ْل َخيْر يِّنَّيَ َ‬
‫ت َوت ْخ ِّرت الَ َم َّيتَ ِّم َن ا ْل َح ّي ِّ َوتَ ْرنق َمدن تَيَداء‬ ‫ار ِّفي اللَّ ْي ِّل َوت ْخ ِّرت ا ْل َح َّي ِّم َن ا ْل َم ِّّي ِّ‬
‫ا ْلنَّ َه ِّار َوتو ِّلج النَّ َه َ‬
‫ب} [آ عمرام‪.]27 ،26/‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ِّبغَي ِّْر ِّح َ‬
‫‪-7-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫َ‬
‫يألدوم لده شدرييٌ‬ ‫وقد نفى هللا سبحانه أم يألوم له شرييٌ في الملي أو معين‪ ،‬كما نفدى سدبحانه أم‬
‫َّللا فَأَرونِّي َماذَا َخلَقَ الَّذ َ‬
‫ِّين ِّمن دونِّ ِّه} [لقمام‪.]11/‬‬ ‫والرنق‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬هذَا َخ ْلق َّ ِّ‬
‫في الخلق ِّ ّ‬
‫وقا تعالى‪{ :‬أَ َّم ْن َهذَا الَّذِّي يَ ْرنقأل ْم يِّ ْم أَ ْم َ‬
‫سيَ ِّر ْنقَه} [الملي‪.]21/‬‬

‫ين} [الفاتحدة‪ ،]2/‬وقدا ‪:‬‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِّم َ‬ ‫كما أعلن انفراده بالربوبية على جميع خلقه فقا ‪{ :‬ا ْل َح ْمد ّ ِّ‬
‫ّلِل َر ّ ِّ‬
‫علَدى ا ْلعَ ْدر ِّش ي ْغيِّدي اللَّيْد َل‬
‫سدتَ َوا َ‬ ‫سدتَّ ِّة أَيَّ ٍ‬
‫دام ثد َّم ا ْ‬ ‫ض فِّدي ِّ‬‫اوا ِّ َواألَ ْر َ‬ ‫َّللا الَّذِّي َخلَدقَ ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫{يِّ َّم َربَّألم َّ‬
‫س َّخ َرا ٍ ِّبأ َ ْم ِّر ِّه أَالَ لَه ا ْل َخ ْلدق َواألَ ْمدر تَبَ َ‬
‫داركَ َّ‬
‫َّللا َر ُّب‬ ‫س َوا ْلقَ َم َر َوالنُّجو َم م َ‬ ‫ار يَ ْرلبه َحثِّيثاا َوالي َّْم َ‬
‫النَّ َه َ‬
‫ين} [األعرا ‪.]54/‬‬ ‫ا ْلعَالَ ِّم َ‬

‫وقد فَ َر َر هللا جمي َع الخلق على اإلقرار بربوبيتدهو حتدى يم الميدركين الدذين جعلدوا لده شدريألاا فدي‬
‫سدب ِّْع َو َر ُّب ا ْل َعد ْدر ِّش‬
‫اوا ِّ ال َّ‬
‫سد َم َ‬
‫العبدادةو يقدروم بتفدرده بالربوبيدة‪ ،‬كمدا قددا تعدالى‪{ :‬قد ْل َمدن َّر ُّب ال َّ‬
‫علَ ْي ِّه ِّيم‬ ‫ّلِل ق ْل أَفَالَ تَتَّق َ‬
‫وم * ق ْل َمن ِّبيَ ِّد ِّه َملَألو ك ِّّل ش َْيءٍ َوه َو ي ِّجير َوال ي َجار َ‬ ‫سيَقول َ‬
‫وم ِّ َّ ِّ‬ ‫ا ْلعَ ِّظ ِّيم * َ‬
‫وم} [المؤمنوم‪.]89-86/‬‬ ‫س َحر َ‬‫ّلِل ق ْل فَأَنَّى ت ْ‬ ‫سيَقول َ‬
‫وم ِّ َّ ِّ‬ ‫وم * َ‬‫كنت ْم تَ ْعلَم َ‬

‫فهذا التوحيد لم يذهب يلى نقيضه طائفة معروفة مدن بندي آدمو بدل القلدوب مفردورة علدى اإلقدرار‬
‫بهو أعظم من كونها مفرورة على اإلقرار بغيره من الموجودا و كما قالدت الرسدل فيمدا حألدى هللا‬
‫ض} [يبراهيم‪.]10/‬‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬
‫س َم َ‬
‫اط ِّر ال َّ‬ ‫عنهم‪{ :‬قَالَتْ رسله ْم أَفِّي َّ ِّ‬
‫َّللا شَيٌّ فَ ِّ‬
‫وأشهر من عر تجاهله وتظاهره بإنألار الرب فرعوم‪ ،‬وقد كام مستيقناا به في الباطن كمدا قدا‬
‫ض بَصَآئِّ َر} [اإلسراء‪.]102/‬‬‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬ ‫الء يِّالَّ َر ُّب ال َّ‬
‫س َم َ‬ ‫ع ِّل ْمتَ َما أَ َ‬
‫نز َ َهـؤ ِّ‬ ‫له موسى‪{ :‬قَا َ لَقَ ْد َ‬

‫ستَ ْيقَنَتْ َها أَنفسه ْم ظ ْل اما َوعل ًّوا} [النمل‪.]14/‬‬


‫وقا عنه وعن قومه‪َ { :‬و َج َحدوا بِّ َها َوا ْ‬
‫الرب اليو َم من الييوعيينو ينما ينألرونه في الظاهر مألابرةو ويال فهم في الباطن‬ ‫َّ‬ ‫وكذلي من ينألر‬
‫البد أم يعترفوا أنه ما من موجود يال وله موجد‪ ،‬ومدا مدن مخلدوق يال ولده خدالق ومدا مدن أثدر يال‬
‫ض‬‫اوا ِّ َواألَ ْر َ‬ ‫وم * أَ ْم َخلَقدوا ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫َديءٍ أَ ْم هدم ا ْل َخدا ِّلق َ‬ ‫وله مؤثر‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬أَ ْم خ ِّلقوا ِّم ْن َ‬
‫غي ِّْر ش ْ‬
‫وم} [الرور‪.]36-35/‬‬ ‫بَل ال يوقِّن َ‬

‫تأمدل العدالم كلدده‪ ،‬علويده وسددفليه‪ ،‬بجميدع أجزائددهو تجدده شدداهداا بإثبدا صددانعه وفداطره ومليألدده‪.‬‬
‫فإنألار صانعه وجحده في العقو والفررو بمنزلدة ينألدار العلدم وجحدده‪ ،‬ال فدرق بينهمدا [ألم العلدم‬
‫الصحيح يثبت وجود الخالق]‪ ،‬وما تتبجح به الييوعية اليوم من ينألار وجود الربو ينما هدو مدن‬
‫باب المألابرة‪ ،‬ومصادرة نتائج العقو واألفألار الصحيحة‪ ،‬ومن كام بهذه المثابة‪ ،‬فقد ألغى عقله‬
‫ودعا الناس للسخرية منه‪.‬‬

‫قا الياعر‪:‬‬

‫كيــــــف يعصي اإلله ** ويجحده الجاحـد‬

‫وفي كـل شـيء لـه آيـة ** تد على أنه واحد‬

‫‪-8-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ضالَّة‬
‫وتصورا األمم ال ّ‬
‫ُّ‬ ‫سنَّة‬
‫الرب في القرآم وال ُّ‬
‫ّ ِّ‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬مفهوم كلم ِّة‬
‫‪ 1‬ـ مفهوم كلمة ال ّر ّبِّ في الألتاب والسنة‬
‫رب يَر ُّب‪ ،‬بمعنى‪ :‬نيَّأ اليي َء من حا يلدى حدا يلدى حدا التمدام‪ ،‬يقدا ‪:‬‬ ‫الر ُّب في األصل‪ :‬مصدر َّ‬ ‫ّ‬
‫الدر ُّب) بداإلطالقو يال هلل تعدالى‬ ‫ر َّبه ور َّباه ور َّب َبه‪ ،‬فلفظ (رب) مصدر مسدتعار للفاعدل‪ ،‬وال يقدا ‪َّ ( :‬‬
‫ب ا ْلعَددالَ ِّم َ‬
‫ين} [الفاتحددة‪َ { ،]2/‬ربُّأل د ْم َو َر ُّب آبَددائِّألم‬ ‫المتألفددل بمددا يصددلح الموجددودا ‪ ،‬نحددو قولدده‪َ { :‬ر ّ ِّ‬
‫ين} [اليعراء‪.]26/‬‬ ‫األَ َّو ِّل َ‬

‫ورب الفرس‪ .‬يعني صاحبها‪ ،‬ومنده قولده‬ ‫ُّ‬ ‫وال يقا لغيره يال مضافاا محدوداا‪ ،‬كما يقا ‪ :‬رب الدارو‬
‫ي ْي َرام ِّذك َْر َر ِّّب ِّه} [يوسدف‪]42/‬‬ ‫اذك ْر ِّني ِّعن َد َر ِّّبيَ فَأَن َ‬
‫ساه ال َّ‬ ‫تعالى حألاية عن يوسف عله السالم‪ْ { :‬‬
‫على قو في تفسير اآلية‪.‬‬

‫وقوله تعالى‪{ :‬قَا َ ْ‬


‫ار ِّج ْع ِّيلَى َر ِّبّيَ } [يوسف‪.]50/‬‬

‫وقوله تعالى‪{ :‬أَ َّما أَ َحدك َما فَيَ ْ‬


‫س ِّقي َربَّه َخ ْم ارا} [يوسف‪.]41/‬‬

‫الة اإلبل‪( :‬حتى يجدها ربها) [من حديث متفق عليه]‪.‬‬ ‫وقا صلى هللا عليه وسلم في‬

‫فتبددين بهددذا‪ :‬أم الددرب يرلددق عل دى هللا معر افددا ومضددا افا‪ ،‬فيقددا ‪ :‬الددرب‪ ،‬أو رب العددالمين‪ ،‬أو رب‬
‫ب على غير هللا يال مضافة‪ ،‬مثل‪ :‬رب الدار‪ ،‬ورب المنز ‪ ،‬ورب اإلبل‪.‬‬ ‫الر ّ ِّ‬
‫الناس‪ ،‬وال ترلق كلمة ّ‬
‫ومعنى (رب العالمين) أي‪ :‬خالقهم ومالألهم‪ ،‬ومصلحهم ومربهيم بنعمه‪ ،‬وبإرسا رسله‪ ،‬وينزا‬
‫كتبه‪ ،‬ومجانيهم على أعمالهم‪ .‬قا العالمة ابن القيم رحمه هللا‪َّ ( :‬‬
‫فإم الربوبية تقتضي أمر العباد‬
‫ونهيهم‪ ،‬وجزاء محسنهم بإحسانه‪ ،‬ومسي هم بإساءته) ‪.‬‬

‫هذه حقيقة الربوبية‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مفهوم كلمة الرب في تصورا األمم الضالة‬


‫خلق هللا الخلق مفرورين على التوحيد‪ ،‬ومعرفة الرب الخالق سبحانه‪ ،‬كما قدا هللا تعدالى‪{ :‬فَدأ َ ِّق ْم‬
‫َّللا} [الروم‪.]30/‬‬ ‫علَ ْي َها ال تَ ْبدِّي َل ِّل َخ ْل ِّ‬
‫ق َّ ِّ‬ ‫َّللا الَّتِّي فَ َر َر النَّ َ‬
‫اس َ‬ ‫ِّين َحنِّيفاا فِّ ْر َرةَ َّ ِّ‬
‫َوجْ َهيَ ِّلل ّد ِّ‬
‫ِّده ْم أَلَ ْ‬
‫سدت ِّب َدر ِّّبأل ْم‬ ‫علَى أَنفس ِّ‬ ‫ور ِّه ْم ذ ِّ ّر َّيتَه ْم َوأَ ْ‬
‫ش َهدَه ْم َ‬ ‫وقا تعالى‪َ { :‬و ِّي ْذ أَ َخذَ َر ُّبيَ ِّمن َب ِّني آ َد َم ِّمن ظه ِّ‬
‫قَالواْ بَلَى ش َِّه ْدنَا} [األعرا ‪.]172/‬‬

‫فاإلقرار بربوبية هللا والتوجه يليده أمدر فردري‪ ،‬واليدرك حدادث طدار ‪ ،‬وقدد قدا النبدي صدلى هللا‬
‫صددرانه أو يم ِّ ّجسددانه) [رواه‬
‫هوداندده أو ين ِّ ّ‬
‫عليدده وسددلم‪( :‬ك د ُّل مولددود يولددد علددى الفرددرة‪ ،‬فددأبواه ي ّ ِّ‬
‫الييخام]‪ ،‬فلو خ ِّلّ َي العبد وفررته التجه يلى التوحيد وقَ ِّبل دعوة الرسلو الذي جاء بده الرسدل‪،‬‬
‫ونزلت به الألتب‪ ،‬ودلّت عليه اآليا الألونية‪ ،‬ولألن التربية المنحرفة والبي ة الملحددة همدا اللتدام‬
‫تغيرام اتجاه المولود‪ ،‬ومن ثَ َّم يقلد األوالد آباءهم في الضاللة واالنحرا ‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫يقددو هللا تعددالى فددي الحددديث القدسددي‪( :‬خلقددت عبددادي حنفدداء‪ ،‬فاجتددالتهم اليددياطين) [رواه أحمددد‬
‫صد َدرفَتْهم يلددى عبددادة األصددنام‪ ،‬واتخاذهددا أرباباددا مددن دوم هللاو فوقعددوا فددي الضددال‬ ‫ومسددلم] أي‪َ :‬‬
‫والضدياع‪ ،‬والتفدرق واالخددتال و كدل يتخددذ لده ر ًّبددا يعبدده غيدر رب اآلخددرو ألنهدم لمددا تركدوا الددرب‬
‫َّللا َربُّألدم ا ْلحَدقُّ فَ َمداذَا بَ ْعد َد ا ْلحَدقّ ِّ يِّالَّ‬
‫الحق‪ ،‬ابتلوا باتخاذ األرباب الباطلدة‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‪{ :‬فَدذَ ِّلألم ّ‬
‫أعدرض عدن ربده الحدق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ضالَ } [يونس‪ ]32/‬والضال ليس له ح ّد ونهايدة‪ ،‬وهدو النم لألدل مدن‬ ‫ال َّ‬
‫س د َما اء‬ ‫وم ِّمددن دونِّد ِّه ِّيالَّ أَ ْ‬
‫احددد ا ْلقَ َّهددار * َمددا تَ ْعبددد َ‬ ‫دوم َخ ْيد ٌدر أَ ِّم َّ‬
‫َّللا ا ْل َو ِّ‬ ‫قددا هللا تعددالى‪{ :‬أَأَ ْربَد ٌ‬
‫داب ُّمتَفَ ِّ ّرقد َ‬
‫ام} [يوسف‪.]40 ،39/‬‬ ‫َّللا بِّ َها ِّمن س ْل َر ٍ‬ ‫نز َ َّ‬‫س َّميْتمو َها أَنت ْم َوآبَآؤكم َّما أَ َ‬ ‫َ‬
‫واليّرك في الربوبية باعتبدار يثبدا خدالقين متمداثلين فدي الصدفا واألفعدا ممتندع‪ ،‬وينمدا ذهدب‬
‫بعل الميركين يلى أم معبوداتهم تملي بعل التصدرفا فدي الألدوم‪ ،‬وقدد تالعدب بهدم اليديرام‬
‫ع َب بألدل قدوم علدى قددر عقدولهم‪ ،‬فرائفدة دعداهم يلدى عبادتهدا مدن‬
‫في عبادة هذه المعبودا ‪ ،‬فتال َ‬
‫جهة تعظيم الموتىو الذين صوروا تلي األصنام على صورهم‪ ،‬كقوم نوح‪ ،‬وطائفةٌ اتخذ األصنام‬
‫على صورة الألواكبو التي نعموا أنها تؤثر على العالم‪ ،‬فجعلوا لها بيوتاا وسدنة‪.‬‬

‫واختلفوا في عبادتهم لهذه الألواكب‪ :‬فمنهم من عبد اليمس‪ ،‬ومنهم مدن عبدد القمدر‪ ،‬ومدنهم مدن‬
‫يعبد غيرهما من الألواكب األخراو حتى بنوا لها هياكل‪ ،‬لألل كوكب منها هيألل يخصه‪ ،‬ومنهم من‬
‫يعبد النار‪ ،‬وهم المجوس‪ ،‬ومنهم من يعبد البقر‪ ،‬كما في الهند‪ ،‬ومنهم من يعبد المالئألدة‪ ،‬ومدنهم‬
‫مددن يعبددد األشددجار واألحجددار‪ ،‬ومددنهم مددن يعبددد القبددور واأل ددرحة‪ ،‬وكددل هددذا بسددبب أم هددؤالء‬
‫تصوروا في هذه األشياء شي اا من خصائص الربوبية‪.‬‬
‫فمنهم من يزعم أم هذه األصنام تمثل أشدياء غائبدة‪ ،‬قدا ابدن القديم‪( :‬و دع الصدنم ينمدا كدام فدي‬
‫األصل على شألل معبود غائب‪ ،‬فجعلوا الصنم علدى شدألله وهيأتده وصدورتهو ليألدوم نائبادا منابده‪،‬‬
‫وقائ امددا مقامدده‪ .‬ويال فمددن المعلددوم أم عد ا‬
‫داقال ال ينحددت خيددبة أو حجد ادرا بيددده‪ ،‬ثددم يعتقددد أندده يلهدده‬
‫ومعبوده‪ )...‬انتهى ‪.‬‬
‫القبور قدي اما وحديثاا‪ ،‬يزعموم أم هؤالء األموا ييفعوم لهم‪ ،‬ويتوسروم لهم عند‬ ‫ِّ‬ ‫كما أم عبَّاد‬
‫َّللا ن ْلفَى} [يونس‪َ { ،]18/‬و َي ْعبد َ‬
‫وم‬ ‫هللا في قضاء حوائجهم ويقولوم‪َ { :‬ما نَ ْعبده ْم ِّيال ِّليقَ ِّ ّربونَا ِّيلَى َّ ِّ‬
‫الء شفَعَاؤنَا ِّعن َد َّ ِّ‬
‫َّللا} [يونس‪.]18/‬‬ ‫وم َهـؤ ِّ‬ ‫َّللا َما الَ يَض ُّره ْم َوالَ يَنفَعه ْم َويَقول َ‬
‫وم َّ ِّ‬‫ِّمن د ِّ‬
‫كما أم بعل ميركي العدرب والنصدارا تصدوروا فدي معبدوداتهم أنهدا ولدد هللا‪ ،‬فميدركو العدرب‬
‫عبدوا المالئألة على أنها بنا هللا‪ ،‬والنصارا عبدوا المسيح ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬على أنه ابن هللا‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الرد على هذه التصورا الباطلة‬


‫قد رد هللا على هذه التصورا الباطلة جميعاا بما يأتي‪:‬‬

‫أ ـ ر ّد على عبدة األصنام بقوله‪{ :‬أَفَ َرأيْتم الَّالَ َ َوالع َّزا * َو َمنَاةَ الثَّا ِّلثَةَ األ ْخ َرا} [يونس‪.]18/‬‬

‫ومعنى اآلية كما قا القرطبي‪ :‬أفرأيتم هذه اآللهة! أنفعت أو ر و حتى تألوم شركاء هلل تعالى؟‬
‫وهل دفعت عن نفسها حينما حرمها رسو هللا صدلى هللا عليده وسدلم وأصدحابه ر دي هللا عدنهم‬
‫وهدموها‪.‬‬
‫‪- 10 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وم * قَالوا نَ ْعبد أَصْدنَا اما فَنَ َظد ُّل‬


‫ع َلي ِّْه ْم َنبَأ َ ِّيب َْرا ِّهي َم * ِّي ْذ قَا َ ألَ ِّبي ِّه َوقَ ْو ِّم ِّه َما تَ ْعبد َ‬
‫وقا تعالى‪َ { :‬واتْل َ‬
‫وم * أَ ْو يَنفَعدونَأل ْم أَ ْو يَض ُّدر َ‬
‫وم * قَدالوا بَد ْل َو َجد ْدنَا آبَا َءنَدا‬ ‫سد َمعونَأل ْم يِّ ْذ تَددْع َ‬ ‫ين * قَا َ َهد ْل يَ ْ‬ ‫لَ َها عَا ِّك ِّف َ‬
‫وم} [اليعراء‪.]74-69/‬‬ ‫َكذَ ِّليَ َي ْف َعل َ‬

‫أم هذه األصنا َم ال تسمع الدعا َء وال تنفع وال تضر‪ ،‬وينَّما عبدوها تقليداا آلبائهم‪،‬‬
‫فقد وافقوا على َّ‬
‫والتقليد حجة باطلة‪.‬‬

‫س َوا ْلقَ َم َدر َوالنُّجدو َم م َ‬


‫سد َّخ َرا ٍ‬ ‫ب ـ ورد على من عبد الألواكدب واليدمس والقمدر بقولده‪َ { :‬والي َّْدم َ‬
‫بِّأ َ ْم ِّر ِّه} [األعرا ‪ ،]54/‬وبقوله‪َ { :‬و ِّم ْن آيَاتِّ ِّه اللَّيْل َوالنَّ َهار َوالي َّْدمس َوا ْلقَ َمدر ال تَ ْ‬
‫سدجدوا ِّللي َّْدم ِّس‬
‫وم} [فصلت‪.]37/‬‬ ‫ّلِل الَّذِّي َخلَقَه َّن ِّيم كنت ْم ِّي َّياه تَ ْعبد َ‬ ‫َوال ِّل ْلقَ َم ِّر َوا ْ‬
‫سجدوا ِّ َّ ِّ‬
‫جـ ـ ورد على من عبد المالئألة والمسيح ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬على أنهم ولد هللا ‪ -‬بقوله تعدالى‪َ { :‬مدا‬
‫دداحبَةٌ}‬ ‫َّللا ِّمدددن َولَددد ٍد} [المؤمندددوم‪ ،]91/‬وبقولددده‪{ :‬أَنَّدددى يَألدددوم لَددده َولَددد ٌد َولَددد ْم تَألدددن لَّددده َ‬
‫صد ِّ‬ ‫اتَّ َخدددذَ َّ‬
‫[األنعام‪ ،]101/‬وبقوله‪{ :‬لَ ْم يَ ِّل ْد َولَ ْم يولَ ْد * َولَ ْم يَألن لَّه كف اوا أَ َح ٌد} [اإلخالص‪.]4 ،3/‬‬
‫وع وال َّراع ِّة هلل‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الألوم وفررته في الخض ِّ‬
‫يم جميع الألوم بسمائه وأر ه وأفالكه وكواكبه‪ ،‬ودوابه وشجره ومدره وبره وبحره‪ ،‬ومالئألته‬ ‫َّ‬
‫اوا ِّ‬ ‫سدلَ َم َمددن ِّفددي ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫وجنده وينسددهو كلدده خا ددع هلل‪ ،‬مريددع ألمددره الألددوني‪ ،‬قددا تعددالى‪َ { :‬ولَدده أَ ْ‬
‫ض كد ٌّل لَّده‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬ ‫ض َط ْوعاا َوك َْر اها} [آ عمرام‪ ،]83:‬وقا تعالى‪{ :‬بَل لَّه َمدا فِّدي ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫َواألَ ْر ِّ‬
‫ض ِّمن َدآبَّ ٍة َوا ْل َمآلئِّألَدة َوهد ْم الَ‬ ‫اوا ِّ َو َما فِّي األَ ْر ِّ‬ ‫س َم َ‬
‫سجد َما فِّي ال َّ‬ ‫ّلِل يَ ْ‬‫وم} [البقرة‪َ { ،]116/‬و ِّ َّ ِّ‬ ‫قَانِّت َ‬
‫ض َوالي َّْدمس‬ ‫اوا ِّ َو َمدن فِّدي األَ ْر ِّ‬ ‫سجد لَه َمن فِّدي ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫وم} [النحل‪{ ،]49/‬أَلَ ْم تَ َر أَ َّم َّ َ‬
‫َّللا يَ ْ‬ ‫ستَ ْأل ِّبر َ‬‫يَ ْ‬
‫سدجد َمدن فِّدي‬ ‫ّلِل يَ ْ‬
‫داس} [الحدج‪َ { ،]18/‬و ِّ َّ ِّ‬ ‫دن النَّ ِّ‬
‫يدر ِّّم َ‬
‫اب َو َكثِّ ٌ‬
‫ي َجر َوالدد ََّو ُّ‬ ‫َوا ْلقَ َمر َوالنُّجوم َوا ْل ِّجبَا َوال َّ‬
‫ض َط ْوعاا َوك َْر اها َو ِّظاللهم بِّا ْلغد ّ ِّو َواآلصَا ِّ } [الرعد‪.]15:‬‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬‫س َم َ‬‫ال َّ‬
‫فألد ُّل هددذه الألائنددا والعددوالمو منقددادة هلل خا ددعة لسددلرانهو تجددري وفددق يرادتدده وطددوع أمددره‪ ،‬ال‬
‫يستعصددي عليدده منهددا شدديءو تقددوم بوظائفهددا‪ ،‬وتددؤدي نتائجهددا بنظددام دقيددق‪ ،‬وتنددزه خالقهددا عددن‬
‫سدبْع َواألَ ْرض َو َمدن فِّ ِّ‬
‫ديه َّن َويِّم ِّّمددن‬ ‫اوا ال َّ‬ ‫سدبِّّح لَده ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫الدنقص والعجدز والعيدب‪ ،‬قدا تعدالى‪{ :‬ت َ‬
‫س ِّبي َحه ْم} [اإلسراء‪.]44/‬‬ ‫س ِّّبح ِّب َح ْم َد ِّه َولَـ ِّألن الَّ تَ ْفقَه َ‬
‫وم تَ ْ‬ ‫ش َْيءٍ ِّيالَّ ي َ‬
‫فهذه المخلوقا صامتها وناطقها‪ ،‬وحيها وميتهدا‪ ،‬كلهدا مريعدةٌ هلل منقدادة ألمدره الألدوني‪ ،‬وكلُّهدا‬
‫تنزه هللا عن النقائص والعيوب بلسام الحا ‪ ،‬ولسام المقا ‪ .‬فأللمدا تددبّر العاقدل هدذه المخلوقدا و‬
‫علم أنها خلقت بالحق وللحق‪ ،‬وأنهدا مسدخرا لديس لهدا تددبير وال استعصداء عدن أمدر مددبرهاو‬
‫فالجميع م ِّق ُّروم بالخالق بفررتهم‪.‬‬

‫قا شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬وهم خا دعوم مستسدلموم‪ ،‬قدانتوم مضدرروم‪ ،‬مدن‬
‫وجوه‪:‬‬

‫منها‪ :‬علمهم بحاجتهم و رورتهم يليه‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬خضوعهم واستسالمهم لما يجري عليهم من أقداره وميي ته‪.‬‬


‫‪- 11 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ومنها‪ :‬دعاؤهم يياه عن َد اال ررار‪.‬‬


‫والمؤمن يخضع ألمر ربه طوعااو وكذلي لما يقدره عليه من المصائب‪ ،‬فإنه يفعدل عنددها مدا أمدر‬
‫به من الصبر وغيره طوعااو فهدو مسدلم هلل طوعادا‪ ،‬خا دع لده طوعادا ‪ .‬والألدافر يخضدع ألمدر ربده‬
‫س د ِّبه‪ ،‬سددجو ٌد يناسددبه‬
‫الألددوني‪ ،‬وسددجود الألائنددا المقصددود بدده الخضددوع‪ ،‬وسددجود كددل شدديء ب َح َ‬
‫ا‬
‫مجانا)‪.‬‬ ‫ويتض َّمن الخضوع للرب‪ ،‬وتسبيح كل شيء بحسبه حقيقةا ال‬

‫وم َولَه أَ ْ‬
‫سدلَ َم َمدن‬ ‫َّللا يَبْغ َ‬ ‫وقا شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬على قوله تعالى‪{ :‬أَفَغَي َْر د ِّ‬
‫ِّين َّ ِّ‬
‫وم} [آ عمرام‪.]83/‬‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬
‫ض َط ْوعاا َوك َْر اها َويِّلَ ْي ِّه ي ْر َجع َ‬ ‫س َم َ‬
‫فِّي ال َّ‬
‫قا ‪( :‬فذكر سبحانه يسالم الألائنا طوعاا وكر اهاو ألم المخلوقا جميعها متعبدة لده التعبدد التدامو‬
‫سواء أقر المقر بذلي أو أنألرهو وهم َمدينوم له م َد َّبرومو فهم مسلموم لده طوعادا وكر اهدا‪ ،‬ولديس‬
‫ألحد من المخلوقا خروت ع َّما شاءه وقدَّره وقضاه‪ ،‬وال حو وال قوة يال به‪ ،‬وهو رب العالمين‬
‫وملدديألهم‪ ،‬يصددرفهم كيددف ييدداء‪ ،‬وهددو خددالقهم كلهددم‪ ،‬وبددارئهم ومصددورهم‪ ،‬وكددل مددا سددواه فهددو‬
‫مربوب مصنوع‪ ،‬مفرور فقير محتات معبَّ ٌد مقهدورو وهدو سدبحانه الواحدد القهدار الخدالق البدار‬
‫المصور) ‪.‬‬
‫الخالق ووحدانيَّته‬
‫ِّ‬ ‫بيام منهج القرآم في يثبا وجو ِّد‬
‫الفصل الرابع‪ :‬في ِّ‬
‫منهج القرآم في يثبا وجود الخالق ووحدانيتهو هو المنهج الذي يتميّى مع الفردر المسدتقيمة‪،‬‬
‫والعقو السليمة‪ ،‬وذلي بإقامة البراهين الصحيحة‪ ،‬التي تقتنع بها العقو ‪ ،‬وتسلم بهدا الخصدوم‪،‬‬
‫ومن ذلي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ من المعلوم بالضرورة أم الحادث البد له من محدث‬


‫ارب‪ ،‬وهو غاف ٌل ال‬ ‫ٌ‬ ‫َّبي لو ر َبه‬ ‫هذه قضية رورية معلومة بالفررةو حتى للصبيامو َّ‬
‫فإم الص َّ‬
‫ضربة حدثت من‬ ‫تألوم ال َّ‬
‫َ‬ ‫يبصره‪ ،‬لقا ‪ :‬من ربني؟ فلو قيل له‪ :‬لم يضربيَ أحدٌو لم يقبل عقله أم‬
‫ضدر َب داربهو ولهدذا قدا تعدالى‪{ :‬أَ ْم خ ِّلقدوا ِّم ْ‬
‫دن‬ ‫غير محدثو فإذا قيل‪ :‬فالم ربَيَ ‪ ،‬بألى حتدى ي َ‬
‫وم} [الرور‪.]35/‬‬ ‫غي ِّْر ش َْيءٍ أَ ْم هم ا ْل َخا ِّلق َ‬
‫َ‬

‫وهدددذا تقسددديم حاصدددر‪ ،‬ذكدددره هللا بصددديغة اسدددتفهام ينألددداريو ليبددد ّين َّ‬
‫أم هدددذه المقددددما معلومدددة‬
‫غ ْي ِّر ش َْيءٍ } أي‪ :‬من غيدر خدالق خلقهدم‪ ،‬أم هدم‬ ‫بالضرورة‪ ،‬ال يمألن جحدها‪ ،‬يقو ‪{ :‬أَ ْم خ ِّلقوا ِّم ْن َ‬
‫لديس هنداك‬
‫َ‬ ‫َخلَقوا أنفسدهم؟ وكدال األمدرين باطدلٌو فتعدين أم لهدم خالقادا خلقهدم‪ ،‬وهدو هللا سدبحانه‪،‬‬
‫َّللا فَأَرونِّي َماذَا َخلَقَ الَّذ َ‬
‫ِّين ِّمن دونِّ ِّه} [لقمام‪.]11/‬‬ ‫خالق غيره‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬هذَا َخ ْلق َّ ِّ‬

‫{أَرو ِّني َماذَا َخلَقوا ِّم َن األَ ْر ِّ‬


‫ض} [األحقا ‪.]4/‬‬

‫ديءٍ َوهد َدو ا ْل َو ِّ‬


‫احددد‬ ‫شد ْ‬ ‫يددا َب َه ا ْل َخ ْلددق َ‬
‫ع َل دي ِّْه ْم ق د ِّل َّ‬
‫َّللا َخددا ِّلق ك د ِّّل َ‬ ‫{أَ ْم َج َعلددو ْا ِّ َّ ِّ‬
‫ّلِل شد َدركَا َء َخ َلقددو ْا َك َخ ْل ِّق د ِّه َفتَ َ‬
‫َّللا لَدددن يَ ْخلقدددوا ذبَابادددا َولَددد ِّو اجْ تَ َمعدددوا لَددده}‬
‫وم َّ ِّ‬ ‫وم ِّمدددن د ِّ‬ ‫ِّين تَددددْع َ‬ ‫ا ْلقَ َّهدددار} [الرعدددد‪{ ،]16/‬يِّ َّم الَّدددذ َ‬
‫[الحج‪.]73/‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ش ْي اا َوه ْم ي ْخلَق َ‬
‫وم} [النحل‪.]20/‬‬ ‫َّللا الَ يَ ْخلق َ‬
‫وم َ‬ ‫وم َّ ِّ‬
‫وم ِّمن د ِّ‬ ‫{ َوالَّذ َ‬
‫ِّين يَدْع َ‬

‫{أَفَ َمن َي ْخلق َك َمن الَّ َي ْخلق أَفَال تَذَكَّر َ‬


‫وم} [النحل‪.]17/‬‬
‫ا‬
‫فضدال عدن يثبدا ذلدي ‪،-‬‬ ‫المتألرر لم يدَّع أح ٌد أنه خلقَ شي اا‪ ،‬وال مجرد دعوا ‪-‬‬
‫ِّ ّ‬ ‫ومع هذا التحدي‬
‫فتعيَّ َن أم هللا سبحانه هو الخالق وحدَه ال شريي له‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ انتظام أمر العالم كله ويحألامه‬
‫ورب واح ٌد ال شريي له وال منانع‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫أم مدبره يلهٌ واحد‪،‬‬
‫أد ُّ دليل على َّ‬

‫َام َم َعه ِّم ْن ِّيلَ ٍه ِّيذاا لَّذَ َه َب ك ُّل ِّيلَ ٍه ِّب َما َخلَقَ َولَ َعال بَ ْعضه ْم َ‬
‫علَى‬ ‫قا تعالى‪َ { :‬ما اتَّ َخذَ َّ‬
‫َّللا ِّمن َولَ ٍد َو َما ك َ‬
‫ل} [المؤمنوم‪.]91/‬‬ ‫بَ ْع ٍ‬
‫فاعال‪ ،‬فلو كام معه سبحانه يلده آخدر‪ ،‬ييداركه فدي ملألده ‪ -‬تعدالى‬ ‫ا‬ ‫فاإلله الحق البد أم يألوم خالقاا‬
‫شركَةَ اإلله اآلخر معهو بل يم قدر على قهر‬ ‫هللا عن ذلي ‪ -‬لألام له خلق وفعل‪ ،‬وحين ٍذ فال ير ى ِّ‬
‫شددريأله وتفد َّدرد بالملددي واإللهيددة دونَددهو فع دل‪ .‬ويم لددم يقدددر علددى ذلددي‪ ،‬انفددرد بنصدديبه فددي الملددي‬
‫والخلقو كما ينفرد ملوك الدنيا بعضهم عن بعل بملأله‪ ،‬فيحصل االنقسام‪ .‬فدال بد َّد مدن أحدد ثالثدة‬
‫أمور‪:‬‬

‫أ ـ يما أم يقهر أحدهما اآلخر وينفر َد بالملي دونه‪.‬‬

‫ب ـ ويما أم ينفر َد ك ُّل واحد منهما عن اآلخر بملأله وخلقهو فيحصل االنقسام‪.‬‬

‫فيهما كيف يياءو فيألوم هو اإلله الحق وهم عَبيده‪.‬‬ ‫يتصر‬


‫ّ‬ ‫جـ ـ ويما أم يألونا تحت َملِّيٍ واح ٍد‬
‫وهدذا هدو الواقدع‪ ،‬فإنده لدم يحصدل فدي العددالم انقسدام وال خلدلو ممدا يَدد ُّ علدى َّ‬
‫أم مددبره واحد ٌد‪ ،‬ال‬
‫منانع له‪ ،‬وأم مالأله واحد ال شريي له‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تسخير المخلوقا ِّ ألداء وظائفها‪ ،‬والقيام بخصائصها‬


‫فليس هناك مخلوق يستعصي ويمتنع عن أداء مهمته في هذا الألوم‪ ،‬وهذا ما استد به موسى ‪-‬‬ ‫َ‬
‫سدى} أجداب موسدى بجدواب شدا ٍ كدا ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عليه السالم ‪ -‬حين سأله فرعوم‪{ :‬قا َ ف َمن َّربُّأل َما يَدا مو َ‬
‫ديءٍ َخ ْلقَدده ثد َّم َهددَا} [طدده‪ ]50 ،49/‬أي‪ :‬ربنددا الددذي خلددق جميددع‬ ‫فقددا ‪َ { :‬ربُّنَددا الَّدذِّي أَ ْع َرددى كد َّل َ‬
‫شد ْ‬
‫المخلوقا ‪ ،‬وأعرى كل مخلوق خلقه الالئق بهو من كبر الجسم وصغره وتوسره وجميع صفاته‪،‬‬
‫ثم هدا كل مخلوق يلى ما خلقه له‪ ،‬وهذه الهداية هي هداية الداللة واإللهام وهي الهداية الألاملة‬
‫الميداهدَة فددي جميددع المخلوقددا ‪ ،‬فألد ُّل مخلددوق تجددده يسددعى لمددا خلددق لدده مددن المنددافع‪ ،‬وفددي دفددع‬
‫يم هللا أعرى الحيوام البهيم من اإلدراكو ما يتمألن به من فعل ما ينفعه‪ ،‬ودفع‬ ‫ار عنه‪ ،‬حتى َّ‬ ‫الم َ‬
‫ض ِّ ّ‬
‫َديءٍ َخلَقَده}‬ ‫س َ‬
‫دن كد َّل ش ْ‬ ‫ما يضره‪ ،‬وما به يدؤدي مهمتده فدي الحيداة‪ ،‬وهدذا كقولده تعدالى‪{ :‬الَّدذِّي أَحْ َ‬
‫[السجدة‪.]7/‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫دن ‪ -‬الددذي ال تقتدرح العقددو فددوق حسددنه ‪-‬‬ ‫فالددذي خلددق جميد َع المخلوقددا ‪ ،‬وأعراهددا خل َقهددا الحسد َ‬
‫ينألدار ألعظدم األشدياء وجدوداا‪ ،‬وهدو مألدابرة‬
‫ٌ‬ ‫وهداها لمصالحها‪ ،‬هو الدرب علدى الحقيقدة‪ ،‬فإنألداره‬
‫ومجاهرة بالألدذب‪ ،‬فداهلل أع َردى الخلدق كدل شديء يحتداجوم يليده فدي الددنيا‪ ،‬ثدم هدداهم يلدى طريدق‬
‫االنتفاع به‪ ،‬والشي أنده أعردى كدل صدنف شدأللَه وصدورتَه المناسدبة لده‪ ،‬وأعردى كدل ذكدر وأنثدى‬
‫المناسب له من جنسه‪ ،‬في المناكحة واأللفة واالجتماع‪ ،‬وأعردى كدل عضدو شدألله المالئدم‬ ‫َ‬ ‫اليّأل َل‬
‫للمنفعة المنوطة به‪ ،‬وفي هذا براهين قاطعدة علدى أنده جدل وعدال َر ُّب كد ِّّل شديء‪ ،‬وهدو المسدتحقُّ‬
‫للعباد ِّة دوم سواه‪...‬‬

‫وفي كـ ِّّل شـيءٍ لَـه آيـةٌ ** تَد ُّ على أنّه الواحد‬

‫أم المقصو َد من يثبا ربوبيته ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لخلقه وانفراده لدذلي‪ :‬هدو االسدتدال‬ ‫ومما ال شي فيه َّ‬
‫به على وجوب عبادته وحده ال شريي لهو الذي هو توحيد األلوهية‪ ،‬فلدو أم اإلنسدام أقدر بتوحيدد‬
‫الربوبية ولم يقر بتوحيد األلوهية أو لم يَق ْم به على الوجه الصحيحو لم يألدن مسدل اما‪ ،‬وال موحددااو‬
‫كافرا جاحداا‪ ،‬وهذا ما سنتحدَّث عنه في الفصل التالي ‪ -‬يم شاء هللا تعالى ‪.-‬‬
‫بل يألوم ا‬
‫الربوبيَّ ِّة لتوحيد األلوهيَّة‬
‫استلزام توحي ِّد ُّ‬
‫ِّ‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬بيام‬

‫أقر بتوحيد الربوبية هلل‪ ،‬فداعتر بأنده ال خدالق وال رانق وال مدد ِّبّر للألدوم يال‬ ‫أم من َّ‬ ‫ومعنى ذلي َّ‬
‫قدر بأنده ال يسدتحق العبدادة بجميدع أنواعهدا يال هللا سدبحانه‪ ،‬وهدذا هدو‬ ‫هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬لزمده أم ي َّ‬
‫فإم األلوهية هي العبادةو فاإلله معنداه‪ :‬المعبدود‪ ،‬فدال يددعى يال هللا‪ ،‬وال يسدتغاث‬ ‫توحيد األلوهية‪َّ ،‬‬
‫توكَّل يال عليه‪ ،‬وال تذبح القرابين وتنذر النذور وال تصر جميع أنواع العبادة يال لهو‬ ‫يال به‪ ،‬وال ي َ‬
‫كثيددرا مددا يحددت ُّج هللا ‪ -‬سددبحانه ‪ -‬علددى‬ ‫ا‬ ‫فتوحيددد الربوبيددة دليدد ٌل لوجددوب توحيددد األلوهيددةو ولهددذا‬
‫المنألرين لتوحيد األلوهيدة بمدا أقدروا بده مدن توحيدد الربوبيدة‪ ،‬مثدل قولده تعدالى‪{ :‬يَدا أَيُّ َهدا النَّداس‬
‫سد َما َء‬ ‫وم * الَّدذِّي َجعَد َل لَألدم األَ ْر َ‬
‫ض فِّ َراشادا َوال َّ‬ ‫ِّين ِّمن قَ ْب ِّلأل ْم لَعَلَّأل ْم تَتَّق َ‬
‫اعْبدواْ َربَّألم الَّذِّي َخلَقَأل ْم َوالَّذ َ‬
‫ّلِل أَنددَاداا َوأَندت ْم تَ ْعلَم َ‬
‫دوم}‬ ‫ت ِّب ِّه ِّم َن الثَّ َم َرا ِّ ِّر ْنقاا لَّأل ْم فَالَ تَجْ عَلدواْ ِّ ّ ِّ‬ ‫اء َما اء فَأ َ ْخ َر َ‬
‫س َم ِّ‬ ‫ِّبنَا اء َوأَ َ‬
‫نز َ ِّم َن ال َّ‬
‫[البقرة‪.]22 ،21/‬‬

‫الربوبيددة الددذي هددو خلددق الندداس‬ ‫فددأمرهم بتوحيددد األلوهيددة‪ ،‬وهددو عبادتدده‪ ،‬واحددت َّج علدديهم بتوحيددد ُّ‬
‫واألرض ومدا فيهمدا‪ ،‬وتسدخير الريداح ويندزا المردر‪ ،‬وينبدا‬ ‫ِّ‬ ‫السدماء‬
‫ِّ‬ ‫األولين واآلخرين‪ ،‬وخلدق‬
‫النبا ‪ ،‬ويخرات الثمرا التي هي رنق العباد‪ ،‬فال يليق بهم أم ييركوا معه غيرهو م َّم ْن يعلموم‬
‫أنه لم يفعل شدي اا مدن ذلدي‪ ،‬وال مدن غيدره‪ ،‬فدالرريق الفردري إلثبدا توحيدد األلوهيدة‪ :‬االسدتدال‬
‫أوال بمصدر خلقه‪ ،‬ومنيأ نفعده و درهو ثدم ينتقدل بعدد‬ ‫عليه بتوحيد الربوبيةو فإم اإلنسام يتعلق ا‬
‫بداب‬
‫تقربه يليه‪ ،‬وتر يه عنه‪ ،‬وتوثق الصلة بينه وبينه‪ ،‬فتوحيد الربوبية ٌ‬ ‫ذلي يلى الوسائل التي ّ‬
‫لتوحيد األلوهيةو من أجل ذلي احت َّج هللا على الميركين بهذه الرريقة‪ ،‬وأمر رسوله أم يحت َّج بها‬
‫وم *‬ ‫ّلِل ق ْل أَفَالَ تَذَكَّر َ‬
‫وم ِّ َّ ِّ‬ ‫سيَقول َ‬
‫وم * َ‬ ‫عليهم‪ ،‬فقا تعالى‪{ :‬قل ِّلّ َم ِّن األَ ْرض َو َمن فِّي َها ِّيم كنت ْم تَ ْعلَم َ‬
‫دوم * قد ْل َمدن بِّيَد ِّد ِّه‬‫ّلِل قد ْل أَفَدالَ تَتَّق َ‬ ‫سديَقول َ‬
‫وم ِّ َّ ِّ‬ ‫ديم * َ‬ ‫سب ِّْع َو َر ُّب ا ْلعَ ْدر ِّش ا ْلعَ ِّظ ِّ‬
‫اوا ِّ ال َّ‬
‫س َم َ‬
‫ق ْل َمن َّر ُّب ال َّ‬
‫وم}‬ ‫سد َحر َ‬ ‫َ‬
‫ّلِل قد ْل فَدأنَّى ت ْ‬ ‫سديَقول َ‬
‫وم ِّ َّ ِّ‬ ‫دوم * َ‬ ‫علَيْد ِّه ِّيم كندت ْم تَ ْعلَم َ‬‫َملَألو ك ِّّل ش َْيءٍ َوه َو ي ِّجير َوال ي َجار َ‬
‫[المؤمنوم‪.]89-84/‬‬

‫َّللا َربُّأل ْم ال يِّلَـهَ يِّالَّ ه َو َخا ِّلق ك ِّّل ش َْيءٍ فَاعْبدوه} [األنعام‪.]102/‬‬
‫وقا تعالى‪{ :‬ذَ ِّلألم َّ‬
‫‪- 14 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫بتفردِّه بالربوبية على استحقاقه للعبدادة‪ ،‬وتوحيدد األلوهيدة‪ :‬هدو الدذي خلدق الخلدق مدن‬ ‫فقد احتج ُّ‬
‫وم} [الذاريا ‪.]56/‬‬‫نس يِّال ِّليَ ْعبد ِّ‬ ‫أجله‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و َما َخلَ ْقت ا ْل ِّج َّن َو ِّ‬
‫اإل َ‬
‫ومعندى (يعبددوم)‪ :‬يفردوندي بالعبدادة‪ ،‬وال يألدوم العبدد موحدداا بمجدرد اعترافده بتوحيدد الربوبيدةو‬
‫ين بتوحيد ِّد الربوبيدة‪ ،‬ولددم‬ ‫قدر َ‬‫فدإم الميدركين كدانوا م ِّ ّ‬ ‫قدر بتوحيدد األلوهيدة‪ ،‬ويقدو َم بده‪ ،‬ويال َّ‬ ‫حتدى ي َّ‬
‫قدروم بدأم هللا هدو الخدالق‬ ‫يدخلهم فدي اإلسدالم‪ ،‬وقداتلهم رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬وهدم ي ُّ‬
‫َّللا} [الزخدر ‪،]87/‬‬ ‫دن َخلَقَهد ْم لَيَقدول َّن َّ‬ ‫سأ َ ْلتَهم َّم ْ‬
‫الرانق‪ ،‬المحيي المميت‪ ،‬كما قا تعالى‪َ { :‬ولَ ِّن َ‬
‫ض لَيَقول َّن َخلَقَه َّن ا ْل َع ِّزيز ا ْل َع ِّليم} [الزخر ‪{ ،]9/‬ق ْل َمدن‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر َ‬ ‫س َم َ‬ ‫سأ َ ْلتَهم َّم ْن َخلَقَ ال َّ‬ ‫{ َولَ ِّن َ‬
‫دن ا ْل َم ِّيّد ِّ‬
‫ت َوي ْخد ِّرت‬ ‫دي ِّم َ‬ ‫س ْدم َع واألَ ْبص َ‬
‫َدار َو َمدن ي ْخ ِّدرت ا ْل َح َّ‬ ‫ض أَ َّمدن يَ ْم ِّلدي ال َّ‬ ‫اء َواألَ ْر ِّ‬
‫سد َم ِّ‬‫دن ال َّ‬ ‫يَ ْرنقألم ِّّم َ‬
‫َّللا} [يونس‪.]31/‬‬ ‫وم َّ‬ ‫سيَقول َ‬ ‫ا ْل َميَّتَ ِّم َن ا ْل َح ّي ِّ َو َمن ي َدبِّّر األَ ْم َر فَ َ‬
‫أم التوحي َد هو اإلقرار بوجود هللا‪ ،‬أو اإلقرار بأم هللا هو الخدالق‬ ‫كثير في القرآم‪ ،‬فمن نع َم َّ‬
‫وهذا ٌ‬
‫ا‬
‫المتصر في الألوم‪ ،‬واقتصر علدى هدذا الندوعو لدم يألدن عارفدا لحقيقدة التوحيدد الدذي دعَدتْ يليده‬
‫وقف عن َد الملزوم وترك الالنم‪ ،‬أو وقف عند الدليل وترك المدلو عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الرسلو ألنه‬

‫ومن خصائص األلوهية‪ :‬الألما المرلق من جميع الوجودهو الذي ال نقص فيه بوجه من الوجوه‪،‬‬
‫وذلي يوجب أم تألوم العبادة كلهدا لده وحدده‪ ،‬والتعظديم واإلجدال ‪ ،‬والخيدية والددعاء‪ ،‬والرجداء‪،‬‬
‫عا وفردرةا أم‬ ‫واإلنابة‪ ،‬والتوكل واالستغاثة‪ ،‬وغاية الذّ ِّّ مع غاية الحب‪ ،‬كل ذلي يجب ا‬
‫عقال وشدر ا‬
‫عقال وشرعاا وفررةا أم يألوم لغيره‪.‬‬
‫يألوم هلل وحده‪ ،‬ويمتنع ا‬

‫‪- 15 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ 2‬ـ توحيد األلوهية‬

‫ويتضمن الفصو التالية‪:‬‬

‫الرسل‪.‬‬
‫الفصل األو ‪ :‬في معنى توحيد األلوهية وأنه مو وع دعو ِّة ُّ‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اليهادتام‪ :‬معناهما ‪ -‬أركانهما ‪ -‬شروطهما ‪ -‬مقتضاهما ‪ -‬نواقضهما‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في التيريع‪ :‬التحليل ‪ -‬التحريم ‪ -‬حق هللا‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في العبادة‪ :‬معناها ‪ -‬أنواعها ‪ -‬شمولها‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في بيام مفاهيم خاط ٍة في تحديد العبادة (وذلي كالتقصير فدي مددلو العبدادة أو‬
‫الغلو فيها)‪.‬‬

‫‪ -‬الخضوع ‪ -‬الرجاء‪.‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬في بيام ركائز العبودية الصحيحة‪ :‬الحب ‪ -‬الخو‬

‫الفصل السابع‪ :‬في بيام شروط قَبو ِّ العبادة والعمل‪ :‬وهي اإلخالص ومتابعة اليرع‪.‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬في بيام مراتب الدين وهي‪ :‬اإلسدالم ‪ -‬واإليمدام ‪ -‬واإلحسدام‪ .‬تعريفهدا ومدا بينهدا‬
‫من عموم وخصوص‪.‬‬
‫الرسل‬
‫بيام معنى توحي ِّد األلوه َّي ِّة وأنه مو وع دعو ِّة ُّ‬
‫الفصل األو ‪ :‬في ِّ‬
‫توحيد األلوهية‪ :‬األلوهية هي العبادة‬
‫وتوحيد األلوهية هو‪ :‬يفراد هللا تعالى بأفعدا العبداد التدي يفعلونهدا علدى وجده التقدرب الميدروع‪،‬‬
‫كالدعاء والنذر والنحر‪ ،‬والرجاء والخو ‪ ،‬والتوكل والرغبة والرهبة واإلنابدة‪ ،‬وهدذا الندوع مدن‬
‫التوحيد هدو مو دوع دعدوة الرسدل مدن أولهدم يلدى آخدرهم‪ ،‬قدا تعدالى‪َ { :‬ولَقَد ْد بَعَثْنَدا فِّدي كد ِّّل أ َّمد ٍة‬
‫سد ْلنَا ِّمدن قَ ْب ِّلديَ ِّمدن‬ ‫َّللا َواجْ تَ ِّنبواْ ال َّراغو َ } [النحل‪ ،]36/‬وقدا تعدالى‪َ { :‬و َمدا أَ ْر َ‬ ‫وال أَ ِّم اعْبدواْ َّ َ‬ ‫َّرس ا‬
‫وحي يِّلَ ْي ِّه أَنَّه ال يِّلَهَ يِّال أَنَاْ فَاعْبد ِّ‬
‫وم} [األنبياء‪.]25/‬‬ ‫َّرسو ٍ يِّال ن ِّ‬
‫وك ُّل رسو يبدأ دعوته لقومه باألمر بتوحيد األلوهية‪ ،‬كما قا نوح وهدود وصدالح وشدعيب‪َ { :‬يدا‬
‫َّللا َما لَألم ِّّم ْن يِّلَ ٍه} [األعرا ‪َ { ،]85 ،73 ،65 ،59/‬ويِّب َْرا ِّهي َم يِّ ْذ قَا َ ِّلقَ ْو ِّم ِّه اعْبدوا َّ‬
‫َّللاَ‬ ‫قَ ْو ِّم اعْبدوا َّ َ‬
‫َواتَّقوه} [العنألبو ‪.]16/‬‬
‫صدددا لَّددده الددد ّد َ‬
‫ِّين}‬ ‫ددر أَ ْم أَعْبددد َد َّ َ‬
‫َّللا م ْخ ِّل ا‬ ‫وأندددز علدددى محمدددد صدددلى هللا عليددده وسدددلم‪{ :‬قددد ْل ِّي ِّنّدددي أ ِّمد ْ‬
‫[الزمر‪.]11/‬‬

‫وقدا صدلى هللا عليده وسددلم‪ ( :‬أمدر أم أقاتدل النداسو حتددى ييدهدوا أم ال يلده يال هللا وأم محمدداا‬
‫رسو هللا) [الحديث رواه البخاري ومسلم]‪.‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وأو واجب على المأللف‪ :‬شهادة أم ال يله يال هللا والعمل بها‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬فَا ْعلَ ْم أَنَّه ال ِّيلَهَ ِّيال َّ‬
‫َّللا‬
‫ستَ ْغ ِّف ْر ِّلذَنبِّيَ } [محمد‪.]19/‬‬
‫َوا ْ‬
‫وأو ما يؤمر بده َم ْ‬
‫دن يريدد الددخو فدي اإلسدالم‪ :‬النردق باليدهادتين‪ ،‬فتبدين مدن هدذا‪ :‬أم توحيدد‬
‫الرسل‪ ،‬وس ِّّمي بذليو ألم األلوهية وصف هللا تعالى الدا عليده اسدمه‬
‫األلوهية هو مقصود دعوة ُّ‬
‫تعالى (هللا)‪ ،‬فاهلل‪ :‬ذو األلوهية‪ ،‬أي المعبود‪.‬‬

‫ويقددا لدده‪ :‬توحيددد العبددادةو باعتبددار أم العبوديددة وصددف العبددد‪ ،‬حيددث يندده يجددب عليدده أم يعبددد هللا‬
‫صا في ذليو لحاجته يلى ربه وفقره يليه‪ ،‬قا شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا ‪:-‬‬ ‫مخل ا‬
‫(واعلم أم فقر العبد يلى هللا‪ :‬أم يعبده ال ييرك به شي اا‪ ،‬ليس له نظير فيقاس بهو لألن ييدبه مدن‬
‫بعل الوجوه حاجة الجسد يلدى الرعدام واليدراب‪ ،‬وبينهمدا فدروق كثيدرةو فدإم حقيقدة العبدد قلبده‬
‫ح لها يال بإلهها هللا الذي ال يله يال هو‪ ،‬فال ترم ن في الددنيا يال بدذكره‪ .‬ولدو‬
‫وروحه‪ ،‬وهي ال صال َ‬
‫ندوع‪ ،‬ومدن شدخص يلدى‬ ‫ٍ‬ ‫ندوع يلدى‬
‫ٍ‬ ‫ص َل للعبد لذّا وسرور بغير هللا‪ ،‬فال يدوم ذلي‪ ،‬بل ينتقل من‬
‫َح َ‬
‫شخص‪ ،‬وأما يلهه فالبد له منه في كل حا ‪ ،‬وكل وقت وأينما كام فهو معه) ‪.‬‬
‫وكام هدذا الندوع مدن التوحيدد هدو مو دوع دعدوة الرسدلو ألنده األسداس الدذي تبندى عليده جميدع‬
‫األعما ‪ ،‬وبدوم تحققه ال تص ُّح جميع األعما ‪ :‬فإنه يذا لم يتحققو حصل ده‪ ،‬وهو اليرك‪ ،‬وقد‬
‫شد َدركواْ‬ ‫يد َدركَ بِّد ِّه} [النسدداء‪ ،]116 /48/‬وقددا تعددالى‪َ { :‬ولَد ْدو أَ ْ‬ ‫َّللا الَ يَ ْغ ِّفددر أَم ي ْ‬
‫قددا هللا تعددالى‪{ :‬يِّ َّم َّ َ‬
‫ع َملديَ َولَتَألدونَ َّن‬ ‫وم} [األنعام‪ ،]88/‬وقا تعالى‪ { :‬لَد ِّ ْن أَش َْدركْتَ لَيَحْ دبَ َر َّن َ‬ ‫ع ْنهم َّما كَانواْ يَ ْع َمل َ‬ ‫لَ َح ِّب َ َ‬
‫ين} [الزمر‪.]65/‬‬ ‫ِّم َن ا ْل َخا ِّ‬
‫س ِّر َ‬

‫وألم هذا النوع من التوحيدو هو أو الحقوق الواجبة علدى العبدد‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‪َ { :‬واعْبددواْ َّ َ‬
‫َّللا‬
‫ضى َربُّيَ أَالَّ تَ ْعبدواْ‬ ‫ساناا} [النساء‪ ]36/‬اآلية‪ ،‬وقا تعالى‪َ { :‬وقَ َ‬ ‫ش ْي اا َوبِّا ْل َوا ِّل َدي ِّْن يِّحْ َ‬
‫َوالَ تي ِّْركواْ بِّ ِّه َ‬
‫ساناا} [اإلسراء‪ ]23/‬اآلية‪ ،‬وقا تعالى‪{ :‬ق ْل تَعَالَ ْواْ أَتْل َما َح َّر َم َربُّألد ْم َ‬
‫علَديْأل ْم‬ ‫ِّيالَّ ِّييَّاه َو ِّبا ْل َوا ِّل َدي ِّْن ِّيحْ َ‬
‫ساناا} [األنعام‪ ]153-151/‬اآليا ‪.‬‬ ‫أَالَّ تي ِّْركواْ بِّ ِّه َ‬
‫ش ْي اا َوبِّا ْل َوا ِّل َدي ِّْن يِّحْ َ‬

‫‪- 17 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫يهادتين وما وق َع فيهما من الخرأ‬


‫الفصل الثاني‪ :‬في بيام معنى ال َّ‬

‫وأركانهما وشروطهما ومقتضاهما ونواقضهما‬


‫ا‬
‫أوال‪ :‬معنى اليَّهادتين‬
‫معنى شهادة أم ال يله يال هللا‪ :‬االعتقاد واإلقرار‪ ،‬أنه ال يستحقُّ العبادةَ يال هللا‪ ،‬والتزام ذلي والعمل‬
‫به‪( ،‬فدال يلده) نفدي السدتحقاق مدن سدوا هللا للعبدادة كائنادا مدن كدام (يال هللا) يثبدا ٌ السدتحقاق هللا‬
‫بحدق)‬
‫بحدق يال هللا‪ .‬وخبدر (ال) يجدب تقدديره‪ٍ ّ ( :‬‬‫ٍّ‬ ‫ا‬
‫يجماال‪ :‬ال معبو َد‬ ‫وحده للعبادة‪ ،‬ومعنى هذه الأللمة‬
‫ألم هذا خال الواقع‪ ،‬فالمعبودا غير هللا موجودة بألثرةو فيلزم منده‬ ‫وال يجون تقديره بموجودو ّ‬
‫أم عبادة هذه األشياء عبادة هلل‪ ،‬وهذا من أبرل الباطل وهو مذهب أهدل وحددة الوجدود الدذين هدم‬
‫سر ْ هذه الأللمة بتفسيرا باطلة منها‪:‬‬ ‫أكفر أهل األرض‪ .‬وقد ف ّ‬
‫( أ ) أم معناه‪ :‬ال معبو َد يال هللا‪ .‬وهذا باطلٌو ألم معناه‪ :‬أم كل معبود بحدقّ أو باطدل هدو هللا‪ ،‬كمدا‬
‫سبق بيانه قريباا‪.‬‬

‫( ب ) أم معناها‪ :‬ال خالقَ يال هللا‪ .‬وهذا جزء من معنى هذه الأللمةو ولألن ليس هو المقصودو ألنه‬
‫ال يثبت يال توحيد الربوبية‪ ،‬وهو ال يألفي وهو توحيد الميركين‪.‬‬
‫(جددـ) أم معناهددا‪ :‬ال حاكميّددةَ يال هلل‪ ،‬وهددذا أي ا‬
‫ضددا جددزء مددن معناهددا‪ ،‬ولدديس هددو المقصددودو ألندده ال‬
‫يألفي‪ ،‬ألنه لو أفرد هللا بالحاكمية فق ودعا غير هللا أو صر له شي اا من العبادة لم يألن موحداا‪،‬‬
‫وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصةو وينما نبهنا عليها ألنها توجد في بعل الألتب المتداولة‪.‬‬

‫والتفسير الصحيح لهذه الأللمة عند السلف والمحققين‪:‬‬

‫أم يقا َ ‪( :‬ال معبود بحق يال هللا) كما سبق‪.‬‬

‫وظداهرا أنده عبدد هللا ورسدوله يلدى‬


‫ا‬ ‫‪ 2‬ـ ومعنى شهادة أم محمداا رسدو هللا‪ :‬هدو االعتدرا باطنادا‬
‫الناس كافة‪ ،‬والعمل بمقتضى ذلي من طاعتده فيمدا أمدر‪ ،‬وتصدديقه فيمدا أخبدر‪ ،‬واجتنداب مدا نهدى‬
‫عنه ونجر‪ ،‬وأال يعب َد هللا يال بما شرع‪.‬‬

‫ثانياا‪ :‬أركام اليهادتين‬


‫أ ـ ال يله يال هللا‪ :‬لها ركنام هما‪ :‬النفي واإلثبا ‪:‬‬

‫فر بألل ما يعبد من دوم هللا‪.‬‬


‫فالركن األو ‪ :‬النفي‪ :‬ال يله‪ :‬يبرل اليرك بجميع أنواعه‪ ،‬ويوجب الأل َ‬
‫والركن الثاني‪ :‬اإلثبا ‪ :‬يال هللا‪ :‬يثبت أنه ال يستحق العبادة يال هللا‪ ،‬ويوجب العمل بذلي‪ .‬وقد جاء‬
‫اّلِل فَقَد ِّد‬
‫معنى هذين الركنين في كثير من اآليا ‪ ،‬مثل قوله تعالى‪{ :‬فَ َم ْن يَألْف ْر بِّال َّراغو ِّ َوي ْؤ ِّمن بِّ َّ ِّ‬
‫سيَ ِّبا ْلع ْر َو ِّة ا ْلوثْقَ َى} [البقرة‪.]256/‬‬
‫ستَ ْم َ‬
‫ا ْ‬

‫‪- 18 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫فقولده‪( :‬مدن يألفدر بالرداغو ) هددو معندى الدركن األو (ال يلده) وقولدده‪( :‬ويدؤمن بداهلل) هدو معنددى‬
‫الركن الثاني (يال هللا)‪.‬‬

‫وم * يِّال الَّذِّي فَ َر َرنِّي} [الزخر ‪،26/‬‬


‫وكذلي قوله عن يبراهي َم عليه السالم‪{ :‬يِّنَّنِّي بَ َرا ٌء ِّّم َّما تَ ْعبد َ‬
‫‪.]27‬‬

‫فقوله‪( :‬ينني براء) هو معنى النفي في الركن األو ‪ ،‬وقوله‪( :‬يال الذي فررني) هو معنى اإلثبدا‬
‫في الركن الثاني‪.‬‬

‫أركام شهادة أم محمداا رسو هللا‪ :‬لها ركندام همدا قولندا‪ :‬عبدده ورسدوله‪ ،‬وهمدا ينفيدام اإلفدرا َط‬
‫والتفري في حقه صلى هللا عليه وسلم فهو عبده ورسوله‪ ،‬وهو أكمل الخلق في هاتين الصدفتين‬
‫بير مخلوق مما خلق منده البيدرو يجدري‬ ‫اليريفتين‪ ،‬ومعنى العبد هنا‪ :‬المملوك العابد‪ ،‬أي‪ :‬أنه ٌ‬
‫عليه ما يجري عليهم‪ ،‬كما قا تعالى‪{ :‬ق ْل ِّينَّ َما أَنَا بَي ٌَر ِّّمثْلأل ْم} [الألهف‪ ،]110/‬وقد َوفَّى صلى هللا‬
‫عبْددَه} [الزمدر‪،]36/‬‬ ‫َّللا بِّألَدا ٍ َ‬
‫ْس َّ‬‫عليه وسلم العبوديّة حقَّها‪ ،‬ومدحده هللا بدذلي‪ ،‬قدا تعدالى‪{ :‬أَلَدي َ‬
‫س ِّج ِّد‬ ‫ام الَّذِّي أَ ْ‬
‫س َرا ِّب َع ْب ِّد ِّه لَي اْال ِّّم َن ا ْل َم ْ‬ ‫ع ْب ِّد ِّه ا ْل ِّألتَ َ‬
‫اب} [الألهف‪{ ،]1/‬س ْب َح َ‬ ‫علَى َ‬ ‫ّلِل الَّذِّي أَ َ‬
‫نز َ َ‬ ‫{ا ْل َح ْمد ِّ َّ ِّ‬
‫ا ْل َح َر ِّام} [اإلسراء‪.]1/‬‬

‫ونذيرا‪.‬‬
‫ا‬ ‫بييرا‬
‫ا‬ ‫ومعنى الرسو ‪ :‬المبعوث يلى الناس كافة بالدعوة يلى هللا‬

‫كثيرا‬
‫وفي اليهادة له بهاتين الصفتين‪ :‬نفي لإلفراط والتفري في حقه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فإم ا‬
‫ممن يدعي أنه من أمته أفدرط فدي حقده‪ ،‬وغدال فيدهو حتدى رفعده فدوق مرتبدة العبوديدة يلدى مرتبدة‬
‫العبادة له من دوم هللاو فاستغاث به من دوم هللا‪ ،‬وطلب منه مدا ال يقددر عليده يال هللاو مدن قضداء‬
‫الحاجا وتفريج الألربا ‪ .‬والبعل اآلخر جحد رسالته أو فرط في متابعته‪ ،‬واعتمدد علدى اآلراء‬
‫ف في تأويل أخباره وأحألامه‪.‬‬‫س َ‬
‫واألقوا المخالفة لما جاء بهو وتع َّ‬
‫ثال اثا‪ :‬شروط اليهادتين‬
‫أ ـ شروط ال يله يال هللا‬

‫البد في شهادة أم ال يله يال هللا من سبعة شروط‪ ،‬ال تنفع قائلهدا يال باجتماعهداو وهدي علدى سدبيل‬
‫اإلجما ‪:‬‬

‫األو ‪ :‬العلم المنافي للجهل‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬اليقين المنافي لليي‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬القبو المنافي للرد‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬االنقياد المنافي للترك‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬اإلخالص المنافي لليرك‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫السادس‪ :‬الصدق المنافي للألذب‪.‬‬

‫السابع‪ :‬المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء‪.‬‬

‫وأما تفصيلها فألما يلي‪:‬‬

‫اليرط األو ‪ :‬العلم‬


‫َده َد‬
‫أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تثبته‪ ،‬المنافي للجهل بذلي‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬يِّال َمدن ش ِّ‬
‫وم} [الزخر ‪.]86/‬‬ ‫ِّبا ْلحَقّ ِّ َوه ْم يَ ْعلَم َ‬

‫أي‪( :‬شهد) بال يله يال هللا‪( ،‬وهم يعلموم) بقلوبهم ما شدهد بده ألسدنتهم‪ ،‬فلدو ن َردقَ بهدا وهدو ال‬
‫يعلم معناها‪ ،‬لم تنفعهو ألنه لم يعتق ْد ما تد عليه‪.‬‬

‫اليرط الثاني‪ :‬اليقين‬


‫بأم يألوم قائلها مستيق انا بما تد ّ عليهو فإم كام شاكًّا بما تدد عليده لدم تنفعده‪ ،‬قدا تعدالى‪ِّ { :‬ينَّ َمدا‬
‫اّلِل َو َرسو ِّل ِّه ث َّم لَ ْم يَ ْرتَابوا} [الحجرا ‪.]15/‬‬ ‫ا ْلم ْؤ ِّمن َ‬
‫وم الَّذ َ‬
‫ِّين آ َمنوا بِّ َّ ِّ‬
‫فإم كام مرتاباا كام منافقاا‪ ،‬وقا النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬مدن لقيدتَ وراء هدذا الحدائ ييدهد‬
‫أم ال يله يال هللا مستيقناا قلبه فبيره بالجنة) [الحديث في الصحيح] فمن لم يسدتيقن بهدا قلبده‪ ،‬لدم‬
‫يستحق دخو َ الجنَّة‪.‬‬

‫اليرط الثالث‪ :‬القبو‬


‫لما اقتضته هذه الأللمة من عبادة هللا وحده‪ ،‬وترك عبادة ما سواهو فمن قالهدا ولدم يقبدل ذلدي ولدم‬
‫ستَ ْألبِّر َ‬
‫وم * َويَقول َ‬
‫وم‬ ‫يلتزم بهو كام من الذين قا هللا فيهم‪{ :‬يِّنَّه ْم كَانوا يِّذَا قِّي َل لَه ْم ال يِّلَهَ يِّال َّ‬
‫َّللا يَ ْ‬
‫وم} [الصافا ‪.]36 ،35/‬‬ ‫أَ ِّئنَّا لَتَ ِّاركوا آ ِّل َه ِّتنَا ِّليَا ِّع ٍر َّمجْ ن ٍ‬
‫وهددذا كحددا عبدداد القبددور اليددومو فددإنهم يقولددوم‪( :‬ال يلدده يال هللا)‪ ،‬وال يتركددوم عبددادة القبددورو فددال‬
‫يألونوم قابلين لمعنى ال يله يال هللا‪.‬‬

‫اليرط الرابع‪ :‬االنقياد‬


‫سديَ ِّبدا ْلع ْر َو ِّة ا ْلدوثْقَى}‬ ‫ِّن فَقَ ِّد ا ْ‬
‫ستَ ْم َ‬ ‫س ِّل ْم َوجْ َهه ِّيلَى َّ ِّ‬
‫َّللا َوه َو محْ س ٌ‬ ‫لما دلت عليه‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و َمن ي ْ‬
‫[لقمام‪.]22/‬‬

‫والعروة الوثقى‪ :‬ال يله يال هللاو ومعنى يسلم وجهه‪ :‬أي ينقاد هلل باإلخالص له‪.‬‬

‫اليرط الخامس‪ :‬الصدق‬

‫‪- 20 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ :‬وهو أم يقو َ هذه الأللمة مصدقاا بها قلبه‪ ،‬فإم قالَهدا بلسدانه ولدم يصددق بهدا قلبدهو كدام مناف اقدا‬
‫َّللاَ‬
‫وم ّ‬‫ين * ي َخادِّع َ‬ ‫اّلِل َوبِّا ْليَ ْو ِّم ِّ‬
‫اآلخ ِّر َو َما هم بِّم ْؤ ِّمنِّ َ‬ ‫اس َمن يَقو آ َمنَّا بِّ ّ ِّ‬
‫كاذباا‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و ِّم َن النَّ ِّ‬
‫وم} [البقرة‪.]10-8/‬‬ ‫اب أَ ِّلي ٌم ِّب َما كَانوا َي ْألذِّب َ‬
‫عذ َ ٌ‬
‫ِّين آ َمنوا} يلى قوله‪َ { :‬ولَهم َ‬‫َوالَّذ َ‬

‫اليرط السادس‪ :‬اإلخالص‬


‫وهو تصفية العمل من جميدع شدوائب اليدركو بدأم ال يقصدد بقولهدا طمعادا مدن مردامع الددنيا‪ ،‬وال‬
‫حرم على النار من قا ‪:‬‬ ‫رياء وال سمعةو لما في الحديث الصحيح من حديث عتبام قا ‪َّ ( :‬‬
‫فإم هللا ّ‬
‫ال يله يال هللا‪ ،‬يبتغي بذلي وجه هللا) [الحديث أخرجه الييخام]‪.‬‬

‫اليرط السابع‪ :‬المحبة‬


‫لهذه الأللمة‪ ،‬ولما تد عليه‪ ،‬وألهلها العاملين بمقتضاها‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و ِّم َن النَّ ِّ‬
‫داس َمدن يَتَّ ِّخدذ ِّمدن‬
‫ّلِل} [البقرة‪.]165/‬‬ ‫ِّين آ َمنواْ أَ َ‬
‫ش ُّد حبًّا ِّّ َّ ِّ‬ ‫َّللا َوالَّذ َ‬ ‫َّللا أَندَاداا ي ِّحبُّونَه ْم كَح ّ ِّ‬
‫ب َّ ِّ‬ ‫وم َّ ِّ‬
‫د ِّ‬
‫صا‪ ،‬وأهل اليرك يحبونه ويحبوم معه غيره‪ ،‬وهذا ينافي‬
‫فأهل (ال يله يال هللا) يحبوم هللا حبًّا خال ا‬
‫مقتضى ال يله يال هللا‪.‬‬
‫ب ـ وشروط شهادة َّ‬
‫أم محمداا رسو هللا هي‪:‬‬

‫برسالته‪ ،‬واعتقادها باطناا في القلب‪.‬‬ ‫‪ -1‬االعترا‬

‫ظاهر باللسام‪.‬‬
‫ا‬ ‫به‬ ‫‪ -2‬النرق بذلي‪ ،‬واالعترا‬

‫‪ -3‬المتابعة لهو بأم يعمل بما جاء به من الحق‪ ،‬ويترك ما نهى عنه من الباطل‪.‬‬

‫‪ -4‬تصديقه فيما أخبر به من الغيوب الما ية والمستقبلة‪.‬‬

‫‪ -5‬محبته أشد من محبة النفس والما والولد والوالد والناس أجمعين‪.‬‬

‫‪ -6‬تقديم قوله على قو كل أحد‪ ،‬والعمل بسنته‪.‬‬

‫رابعاا‪ :‬مقتضى اليهادتين‬


‫أ ـ مقتضى شهادة أم ال يله يال هللا‬
‫هدو تدرك عبددادة مدا سدوا هللا مددن جميدع المعبدودا ‪ ،‬المدددلو عليده بدالنفي وهددو قولندا‪( :‬ال يلدده)‪.‬‬
‫وعبادة هللا وحده ال شريي له‪ ،‬المدلو عليده باإلثبدا ‪ ،‬وهدو قولندا‪( :‬يال هللا)‪ ،‬فألثيدر ممدن يقولهدا‬
‫يخددالف مقتضدداهاو فيثبددت اإللهيددة المنفيددة للمخلددوقين والقبددور والميدداهد والرواغيددت واألشددجار‬
‫واألحجار‪.‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أخلص العبادة‬
‫َ‬ ‫وهؤالء اعتقدوا أم التوحيد بدعة‪ ،‬وأنألروه على من دعاهم يليه‪ ،‬وعابوا على من‬
‫هلل‪.‬‬

‫ب ـ ومقتضى شهادة أم محمداا رسو هللا‬


‫طاعته وتصديقه‪ ،‬وترك ما نهى عنه‪ ،‬واالقتصار علدى العمدل بسدنته‪ ،‬وتدرك مدا عدداها مدن البددع‬
‫والمحدثا ‪ ،‬وتقديم قوله على قو كل أحد‪.‬‬

‫سا‪ :‬نواقل اليهادتين‬


‫خام ا‬
‫هي نواقل اإلسالمو ألم اليهادتين هنا هما اللتام يدخل المرء بالنرق بهما في اإلسالم‪ ،‬والنرق‬
‫بهما اعترا بمدلولهما‪ ،‬والتدزام بالقيدام بمدا تقضديانهو مدن أداء شدعائر اإلسدالم‪ ،‬فدإذا أخدل بهدذا‬
‫االلتزام فقد نقل التعهد الذي تعهد به حين نرق باليهادتين‪ .‬ونواقل اإلسالم كثيرةٌ قد عقد لها‬
‫الفقهاء في كتب الفقه باباا خاصًّا سموه (باب الردة)‪ ،‬وأهمها عيرة نواقل ذكرها شيخ اإلسدالم‬
‫محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا في قوله‪:‬‬
‫َّللا َال يَ ْغ ِّفدر أَم يي َْدركَ ِّبد ِّه َويَ ْغ ِّفدر َمدا د َ‬
‫وم ذَ ِّلديَ ِّل َمدن‬ ‫‪ 1‬ـ اليرك في عبدادة هللا‪ ،‬قدا هللا تعدالى‪ِّ { :‬ي َّم َّ َ‬
‫علَيد ِّه ا ْل َجنَّدةَ َو َمدأْ َواه‬ ‫داّلِل فَقَد ْد َح َّدر َم َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫يَيَاء} [النساء‪ ،]116 ،48/‬وقا تعالى‪{ :‬يِّنَّده َمدن يي ِّْدر ْك ِّب َّ ِّ‬
‫لغيدر هللاو كالدذبح لأل درحة أو الدذبح‬ ‫َدار} [المائددة‪ .]72/‬ومنده الدذبح ِّ‬ ‫ين ِّم ْن أَنص ٍ‬
‫النَّار َو َما ِّلل َّظا ِّل ِّم َ‬
‫للجن‪.‬‬

‫عا‪.‬‬ ‫َ‬
‫وبين هللا وسائ و يدعوهم ويسألهم اليفاعة ويتوكل عليهمو فإنه يألفر يجما ا‬ ‫‪ 2‬ـ من جعل بينَه‬

‫‪ 3‬ـ من لم يألفر الميركين‪ ،‬ومن يييّ في كفرهم‪ ،‬أو صحح مذهبهمو كفر‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ من اعتقد أم هدي غير النبي صلى هللا عليه وسدلم أكمدل مدن هديده‪ ،‬أو أم حألدم غيدره أحسدن‬
‫من حألمه‪ ،‬كالذين يفضلوم حألم الرواغيت علدى حألدم الرسدو صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬ويفضدلوم‬
‫حألم القوانين على حألم اإلسالم‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ من أبغل شي اا مما جاء به الرسو صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ولو عمل به ‪-‬و كفر‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ من استهزأ بييء من دين الرسو أو ثوابه أو عقابهو كفدر‪ ،‬والددليل علدى ذلدي قولده تعدالى‪:‬‬
‫وم * الَ تَ ْعتَذِّرواْ قَ ْد َكفَ ْرتم َب ْع َد ِّيي َما ِّنأل ْم} [التوبة‪.]66 /65:‬‬
‫ستَه ِّْزؤ َ‬ ‫{ق ْل أَ ِّب َّ ِّ‬
‫اّلِل َوآ َيا ِّت ِّه َو َرسو ِّل ِّه كنت ْم تَ ْ‬
‫‪ 7‬ـ السحر‪ ،‬ومنه الصر والعرف (لعله يقصد عمل ما يصر الرج َل عن حب نوجته‪ ،‬أو عمدل‬
‫دن أَ َحد ٍد َحتَّدى‬ ‫كفدر‪ ،‬والددليل قولده تعدالى‪َ { :‬و َمدا يعَ ِّلّ َم ِّ‬
‫دام ِّم ْ‬ ‫ما يحببها يليه) فمن فعلده‪ ،‬أو ر دي بدهو َ‬
‫يَقوالَ يِّنَّ َما نَحْ ن فِّتْنَةٌ فَالَ تَألْف ْر} [البقرة‪.]102/‬‬

‫‪ 8‬ـ مظاهرة الميركين‪ ،‬ومعاونتهم على المسلمين‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪َ { :‬و َمن يَتَ َولَّهم ِّّمدنأل ْم فَ ِّإنَّده‬
‫َّللا الَ َي ْهدِّي ا ْلقَ ْو َم ال َّظا ِّل ِّم َ‬
‫ين} [المائدة‪.]51/‬‬ ‫ِّم ْنه ْم ِّي َّم َّ َ‬

‫‪- 22 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ 9‬ـ من اعتقد أم بعل الناس يسعه الخروت عن شريعة محمد صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬كمدا وسدع‬
‫الخضر الخروت عن شريعة موسى‪ ،‬عليه السدالمو فهدو كدافر‪ .‬قلدت‪ :‬وكمدا يعتقدده غدالة الصدوفية‬
‫أنهم يصلوم يلى درج ٍة ال يحتاجوم معها يلى متابعة الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ِّين َكفَدروا َ‬
‫ع َّمدا‬ ‫‪ 10‬ـ اإلعراض عن دين هللا‪ ،‬ال يتعلمده‪ ،‬وال يعمدل بده‪ ،‬والددليل قولده تعدالى‪َ { :‬والَّدذ َ‬
‫ع ْن َهددا ِّينَّددا ِّمد َ‬
‫دن‬ ‫ض َ‬‫دن أَ ْظلَددم ِّم َّمددن ذ ِّ ّكد َدر ِّبآيَددا ِّ َر ِّبّ د ِّه ث د َّم أَ ْعد َدر َ‬
‫دوم} [األحقددا ‪َ { ،]3/‬و َمد ْ‬
‫أن دذِّروا م ْع ِّر د َ‬
‫وم} [السجدة‪.]22/‬‬ ‫ا ْلمجْ ِّر ِّم َ‬
‫ين منتَ ِّقم َ‬

‫قا الييخ محمد بن عبد الوهاب رحمه هللا‪( :‬ال فرق في جميع هذه النواقل‪ ،‬بين الهان والجاد‬
‫خررا‪ ،‬وأكثر ما يألوم وقوعاا‪ ،‬فينبغدي للمسدلم أم‬
‫ا‬ ‫والخائف‪ ،‬يال المألره‪ .‬وكلها من أعظم ما يألوم‬
‫يحذَرها‪ ،‬ويخا منها على نفسه‪ ،‬نعوذ باهلل من موجبا غضبه‪ ،‬وأليم عقابه) ‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬في التيريع‬
‫التيريع حق هلل تعالى‬
‫ينزلده هللا لعبداده مدن المدنهج الدذي يسديروم عليده فدي العقائدد والمعدامال‬ ‫والمراد بالتيريع‪ :‬ما ِّ ّ‬
‫وغيرهاو ومن ذلي التحليل والتحريم‪ ،‬فليس ألحدد أم يحدل يال مدا أحلده هللا‪ ،‬وال يحدرم يال مدا حدرم‬
‫علَددى َّ ِّ‬
‫َّللا‬ ‫ِّب َهدـذَا َحدالَ ٌ َو َهدـذَا َح َدرا ٌم ِّلّتَ ْفتَدرواْ َ‬ ‫هللا‪ ،‬قدا تعدالى‪َ { :‬والَ تَقولدواْ ِّل َمدا تَ ِّصدف أَ ْلسِّدنَتألم ا ْلألَدذ َ‬
‫ق فَ َجعَ ْلتم ِّّم ْنه َح َرا اما َو َحالَ اال‬‫َّللا لَألم ِّّمن ِّ ّر ْن ٍ‬
‫نز َ َّ‬‫ِّب} [النحل‪ ،]116/‬وقا تعالى‪{ :‬ق ْل أَ َرأَيْتم َّما أَ َ‬ ‫ا ْل َألذ َ‬
‫وم} [يونس‪.]59/‬‬ ‫َّللا تَ ْفتَر َ‬
‫علَى َّ ِّ‬ ‫آّلِل أَذ َِّم لَأل ْم أَ ْم َ‬
‫ق ْل َّ‬
‫فقد نهى هللا عن التحليل والتحريمو بدوم دليل من الألتاب والسنة‪ ،‬وأخبر أم ذلي من الألذب علدى‬
‫حر َم شي اا من غيدر دليدلو فقدد جعدل نفسده شدريألاا هلل‬ ‫هللا‪ ،‬كما أخبر سبحانه َّ‬
‫أم من أو َج َب شي اا أو َّ‬
‫ِّين َمدا لَد ْم‬ ‫فيما هو من خصائصه‪ ،‬وهو التيريع‪ ،‬قا تعدالى‪{ :‬أَ ْم لَهد ْم ش َدركَاء ش ََدرعوا لَهدم ِّّم َ‬
‫دن الد ّد ِّ‬
‫يَأْذَم ِّب ِّه َّ‬
‫َّللا} [اليورا‪.]21/‬‬

‫الميرع من دوم هللا وهو يعلم بدذلي ووافقده علدى فعلده‪ ،‬فقدد أشدركه مدع هللا‪ ،‬قدا‬ ‫ِّ ّ‬ ‫ومن أطاع هذا‬
‫تعالى‪َ { :‬ويِّ ْم أَ َط ْعتموه ْم يِّنَّأل ْم لَمي ِّْرك َ‬
‫وم} [األنعام‪.]121/‬‬

‫حرم هللا من الميتا ‪َ ،‬من أطاعهم في ذلي فهو ميدرك‪ ،‬كمدا أخبدر سدبحانه‬ ‫يعني‪ :‬الذين يحلّوم ما َّ‬
‫أم من أطاع األحبار والرهبام في تحليل ما حرم هللا‪ ،‬وتحريم ما أحله هللاو فقد اتخذهم أربابادا مدن‬
‫َّللا َوا ْل َمسِّي َح اب َْن َم ْريَ َم َو َما أ ِّمرواْ‬ ‫اره ْم َور ْهبَانَه ْم أَ ْربَاباا ِّّمن د ِّ‬
‫وم َّ ِّ‬ ‫دوم هللا‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬اتَّ َخذواْ أَحْ بَ َ‬
‫وم} [التوبة‪.]31/‬‬ ‫ع َّما يي ِّْرك َ‬ ‫احداا الَّ يِّلَـهَ يِّالَّ ه َو س ْب َحانَه َ‬
‫يِّالَّ ِّليَ ْعبدواْ يِّلَـ اها َو ِّ‬
‫عدي بن حاتم ‪ -‬ر ي هللا عنه ‪ -‬هذه اآلية‪ ،‬قا ‪ :‬يا رسو هللا‪ ،‬ينا لسدنا نعبددهم‪ ،‬فقدا‬ ‫ّ‬ ‫ولما سمع‬
‫لدده النبددي صددلى هللا عليدده وسددلم‪( :‬أليسددوا يحلددوم مددا حد َّدرم هللا فتحلوندده‪ ،‬ويحرمددوم مددا أحددل هللا‬
‫فتحرمونه)؟ قا ‪ :‬بلى‪ ،‬قا ‪( :‬فتلي عبادتهم) [الحديث رواه الترمذي]‪.‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أم طاعددةَ األحبددار‬


‫قددا اليدديخ عبددد الددرحمن بددن حسددن ‪ -‬رحمدده هللا ‪( :-‬وفددي الحددديث دليددل علددى َّ‬
‫والرهبام في معصية هللاو عبادة لهم من دوم هللا‪ ،‬ومدن اليدرك األكبدر الدذي ال يغفدره هللاو بقولده‬
‫احداا الَّ ِّيلَـهَ ِّيالَّ ه َو س ْب َحانَه َ‬
‫ع َّما يي ِّْرك َ‬
‫وم}‪.‬‬ ‫تعالى في آخر اآلية‪َ { :‬و َما أ ِّمرواْ ِّيالَّ ِّل َي ْعبدواْ ِّيلَـ اها َو ِّ‬
‫ين لَيوح َ‬
‫وم‬ ‫اط َ‬ ‫ق َو ِّي َّم ال َّ‬
‫ي َي ِّ‬ ‫علَ ْي ِّه َو ِّينَّه لَ ِّف ْ‬
‫س ٌ‬ ‫َّللا َ‬
‫سم َّ ِّ‬‫ونظير ذلي قوله تعالى‪َ { :‬والَ تَأْكلواْ ِّم َّما لَ ْم ي ْذك َِّر ا ْ‬
‫وم} [األنعام‪.]121/‬‬ ‫ِّيلَى أَ ْو ِّليَآئِّ ِّه ْم ِّلي َجادِّلوك ْم َو ِّي ْم أَ َط ْعتموه ْم ِّينَّأل ْم لَمي ِّْرك َ‬

‫كثير من النَّاس مع من قلددوهمو لعددم اعتبدارهم الددليل يذا خدالف المقلَّددو وهدو مدن‬
‫وهذا وقع فيه ٌ‬
‫هذا اليرك) انتهى‪.‬‬

‫فالتزام شرع هللا‪ ،‬وترك شرع ما سواه‪ ،‬هو من مقتضى ال يله يال هللا‪ ،‬وهللا المستعام‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬العبادة‪ :‬معناها‪ ،‬شمولها‬
‫‪1‬ـ معنى العبادة‬
‫أصل العبادة التذلل والخضوع‪..‬‬

‫وفي اليرع‪ :‬لها تعاريف كثيرة‪ ،‬ومعناها واحد‪..‬‬

‫أمر هللا به على ألسنة رسله‪.‬‬ ‫منها‪َّ :‬‬


‫أم العبادة هي طاعة هللا بامتثا ما َ‬
‫ومنها‪ :‬أم العبادة‪ ،‬معناها‪ :‬التذلُّل هلل سبحانه فهي‪ :‬غاية الذّ ِّّ هلل تعالى مع غاية حبّه‪ ،‬والتعريدف‬
‫الجامع لها هو أم العبادة‪ :‬اسم جامع لألدل مدا يحبده هللا وير داهو مدن األقدوا واألعمدا الظداهرة‬
‫والباطنة‪.‬‬

‫وهي منقسدمة علدى القلدب واللسدام والجدوارح‪ ،‬فدالخو والرجداء‪ ،‬والمحبدة والتوكدل‪ ،‬والرغبدة‬
‫والرهبدة‪ :‬عبددادة قلبيددة‪ ،‬والتسددبيح والتهليددل والتألبيددر‪ ،‬والحمددد واليددألر باللسددام والقلددب‪ :‬عبددادة‬
‫لسانية قلبية‪.‬‬

‫والصالة والزكاة والحج والجهاد‪ :‬عبادة بدنية قلبية‪ ،‬يلى غير ذلي من أنواع العبدادة التدي تجدري‬
‫على القلب واللسام والجوارح‪ ،‬وهي كثيرة‪.‬‬

‫وم *‬
‫نس ِّيال ِّل َي ْعبد ِّ‬ ‫والعبادة‪ :‬هي التي خلق هللا الخلق من أجلها‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و َما َخلَ ْقت ا ْل ِّج َّن َو ِّ‬
‫اإل َ‬
‫دددو ِّة ا ْل َمتِّددددين}‬
‫دددر َّناق ذو ا ْلقد َّ‬
‫دددو الد َّ‬ ‫ق َو َمددددا أ ِّريددددد أَم ي ْر ِّعمد ِّ‬
‫دددوم * يِّ َّم َّ َ‬
‫َّللا هد َ‬ ‫َمددددا أ ِّريددددد ِّمدددد ْنهم ِّّمددددن ِّ ّر ْن ٍ‬
‫[الذاريا ‪.]58-56/‬‬

‫غني عن عبادتهم‪،‬‬‫ٌّ‬ ‫فأخبر سبحانه أم الحألمة من خلق الجن واإلنس‪ :‬هي قيامهم بعبادة هللا‪ ،‬وهللا‬
‫وينما هم المحتاجوم يليها لفقرهم يلى هللا تعالى‪ ،‬فيعبدونه على وفق شدريعته‪ ،‬فمدن أبدى أم يعبدد‬
‫هللاو فهو مستألبر‪ .‬ومن عبده وعبد معه غيرهو فهو ميرك‪ .‬ومن عبده وحده بغير ما شدرعو فهدو‬
‫مبتدع‪ .‬ومن عبده وحده بما شرع فهو المؤمن المو ِّ ّحد‪.‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ 2‬ـ أنواع العبادة وشمولها‬


‫العبددادة لهددا أنددواع كثيددرةو فهددي تيددمل كددل أنددواع الراعددا الظدداهرة علددى اللسددام والجددوارح‪،‬‬
‫والصددادرة عددن القلددبو كالددذكر والتسددبيح والتهليددل وت دالوة القددرآم‪ ،‬والصددالة والزكدداة والص ديام‪،‬‬
‫والحدددج‪ ،‬والجهددداد واألمدددر بدددالمعرو والنهدددي عدددن المنألدددر‪ ،‬واإلحسدددام يلدددى األقدددارب واليتدددامى‬
‫والمساكين وابن السبيل‪ ،‬وكذلي حب هللا ورسوله‪ ،‬وخيية هللا واإلنابة يليه‪ ،‬ويخالص الددين لده‪،‬‬
‫والصدبر لحألمده والر دا بقضدائه‪ ،‬والتوكدل عليده‪ ،‬والرجداء لرحمتده‪ ،‬والخدو مدن عذابده‪ ،‬فهددي‬
‫شاملة لألل تصرفا المؤمنو يذا نوا بها القربة أو ما يعدين عليهدا‪ .‬حتدى العدادا ‪ ،‬يذا قصدد بهدا‬
‫التقوي على الراعا ‪ ،‬كالنوم واألكل واليرب‪ ،‬والبيع واليراء وطلب الرنق والنألداح‪ ،‬فدإم هدذه‬ ‫ّ ِّ‬
‫العددادا مددع النيددة الصددالحة تصددير عبددادا و يثدداب عليهددا‪ ،‬وليسددت العبددادة قاصددرة علددى اليددعائر‬
‫المعروفة‪.‬‬
‫بيام مفاهي َم خاط ٍة في تحديد العبادة‬
‫الفصل الخامس‪ :‬في ِّ‬
‫العبادا توقيفية‬
‫بمعنى‪ :‬أنه ال ييرع شيء منها يال بدليل من الألتاب والسنة‪ ،‬وما لم ييرع يعتبر بدعدة مدردودة‪،‬‬
‫مال ليس عليده أمرندا فهدو رد) [متفدق عليده] أي‬ ‫كما قا النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من عمل ع ا‬
‫مردود عليه عمله‪ ،‬ال يقبل منه‪ ،‬بل يأثم عليهو ألنده معصدية ولديس طاعدة‪ ،‬ثدم يم المدنهج السدليم‬
‫في أداء العبادا الميروعة هو‪ :‬االعتدا بين التساهل والتألاسلو وبين التيدد والغلو‪ .‬قا تعالى‬
‫اب َم َعيَ َوالَ تَ ْرغَ ْواْ} [هود‪.]112/‬‬ ‫لنبيه صلى هللا عليه وسلم‪{ :‬فَا ْ‬
‫ستَ ِّق ْم َك َما أ ِّم ْر َ َو َمن تَ َ‬
‫فهذه اآلية الألريمة فيها رسم لخرة المنهج السليم في فعل العبادا ‪ ،‬وذلدي باالسدتقامة فدي فعلهدا‬
‫على الرريق المعتد و الذي لديس فيده يفدراط وال تفدري و حسدب اليدرع (كمدا أمدر ) ثدم أكدد ذلدي‬
‫بقوله‪( :‬وال ترغوا) والرغيدام‪ :‬مجداونة الحدد بالتيددد والتنردع‪ ،‬وهدو الغلدو‪ .‬ولمدا علدم صدلى هللا‬
‫عليه وسلم بأم ثالثة من أصحابه تقالوا في أعمالهم‪ ،‬حيث قا أحدهم‪ :‬أنا أصوم وال أفرر‪ ،‬وقا‬
‫اآلخر‪ :‬أنا أصلي وال أرقد‪ ،‬وقا الثالث‪ :‬أنا ال أتزوت النساء‪ .‬قا صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬أمدا أندا‬
‫فأصوم وأفرر وأتزوت النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنَّتي فليس مني) [الحديث متفق عليه]‪.‬‬

‫وهناك اآلم ف تام من الناس على طرفي نقيل في أمر العبادة‪.‬‬

‫كثيدرا مددن أنواعهددا‪،‬‬


‫ا‬ ‫الف دة األولددى‪ :‬قصَّدر فددي مفهدوم العبددادة وتسدداهلت فدي أدائهددا حتدى عرلددت‬
‫وقصرتها على أعما محدودة‪ ،‬وشعائر قليلة تؤدا في المسجد فق ‪ ،‬وال مجا للعبادة في البيت‪،‬‬
‫وال في المألتب‪ ،‬وال في المتجر‪ ،‬وال في اليارع‪ ،‬وال في المعامال ‪ ،‬وفي السياسة‪ ،‬وال الحألم في‬
‫المنانعا ‪ ،‬وال غير ذلي من ش وم الحياة‪.‬‬

‫نعم للمسجد فضلٌ‪ ،‬ويجب أم تؤدا فيه الصلوا الخمس‪ ،‬ولألن العبادة تيدمل كدل حيداة المسدلمو‬
‫داخل المسجد وخارجه‪.‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫والف ددة الثانيددة‪ :‬تيدددد فددي تربيددق العبددادا يلددى حددد الترددر ‪ ،‬فرفعددت المسددتحبا يلددى مرتب دة‬
‫وحرمت بعل المباحا ‪ ،‬وحألمت بالتضليل أو التخر ة على من خالف منهجها‪ ،‬وخ َّرأ‬ ‫الواجبا ‪َّ ،‬‬
‫مفاهيمها‪ .‬وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬في بيام ركائز العبودية الصحيحة‬

‫والرجاء‪.‬‬ ‫الحب والخو‬


‫ُّ‬ ‫يم العبادة ترتألز على ثالثة ركائز هي‪:‬‬

‫فالحب مع الذّ ‪ ،‬والخدو مدع الرجداء‪ ،‬البدد فدي العبدادة مدن اجتمداع هدذه األمدور‪ ،‬قدا تعدالى فدي‬
‫ِّين آ َمندواْ أَشَد ُّد حبًّدا‬
‫وصف عباده المؤمنين‪{ :‬ي ِّحبُّه ْم َوي ِّحبُّونَده} [المائددة‪ ،]54/‬وقدا تعدالى‪َ { :‬والَّدذ َ‬
‫ّلِل} [البقرة‪.]165/‬‬
‫ِّّ َّ ِّ‬
‫وم فِّي ا ْل َخي َْرا ِّ َويَدْعونَنَا َر َ‬
‫غباا َو َر َهباا َوكَانوا‬ ‫وقا في وصف رسله وأنبيائه‪{ :‬يِّنَّه ْم كَانوا ي َ‬
‫س ِّارع َ‬
‫لَنَا َخا ِّ‬
‫ش ِّع َ‬
‫ين} [األنبياء‪.]90/‬‬
‫وقا بعل السلف‪ :‬من عبد هللا بالحب وحده فهو ننديق‪ ،‬ومن عبده بالرجاء وحده فهدو مرجد ‪،‬‬
‫ومن عبده بالخو وحده فهو حروري ‪ ،‬ومن عبده بالحب والخو والرجاء فهدو مدؤمن مو ِّ ّحدد‪.‬‬
‫ذكر هذا شيخ اإلسالم في رسالة (العبوديدة) وقدا أيضادا‪( :‬فددين هللا‪ :‬عبادتده وطاعتده والخضدوع‬
‫ق مع َّبدٌ‪ ،‬يذا كدام م ا‬
‫دذلال قدد وط تده األقددام‪ .‬لألدن العبدادة‬ ‫له‪ ،‬والعبادة أصل معناها‪ :‬الذ ‪ .‬يقا ‪ :‬طري ٌ‬
‫المأمور بها تتضمن معنى الذ ‪ ،‬ومعنى الحب‪ ،‬فهي تتضمن غاية الذ هلل تعالى‪ ،‬بغاية الحب لده‪،‬‬
‫أحب شي اا ولم يخضع له لم يألن عابداا له‪،‬‬ ‫ض َع إلنسام مع بغضه له ال يألوم عابداا له‪ ،‬ولو ّ‬ ‫ومن خ َ‬
‫حب الرجل ولده وصديقه‪ ،‬ولهذا ال يألفي أحدهما في عبادة هللا تعالى‪ ،‬بل يجدب أم يألدوم هللا‬ ‫كما ي ُّ‬
‫أحدب يلددى العبددد مدن كددل شدديء‪ ،‬وأم يألددوم هللا أعظدم عنددده مددن كددل شديء‪ ،‬بددل ال يسددتحق المحبددة‬
‫والخضوع التام يال هللا‪ )...‬انتهى ‪.‬‬

‫هذه ركائز العبودية التي تدور عليها‪ ،‬قا العالمة ابن القيم في النونية‪:‬‬

‫وعبادة الرحمن غاية حبِّّه ** مع ذ ِّّ عابده هما قربــام‬

‫ت القربــام‬ ‫وعليهما فَلي العبادة ٌ‬


‫دائر ** ما دار حتى قام ِّ‬

‫والييرام‬
‫ِّ‬ ‫والنفس‬
‫ِّ‬ ‫أمر َرسوله ** ال بالهوا‬
‫و َمداره باألمر ِّ‬
‫دورام العبادة على المحبة والذ للمحبوب‪ ،‬وهو هللا جل وعالو بددورام الفلدي‬ ‫َ‬ ‫شبَّه ‪ -‬رح َمه هللا ‪-‬‬
‫علددى قربيدده‪ ،‬وذكددر أم دورام فلددي العبددادة بددأمر الرسددو صددلى هللا عليدده وسددلم ومددا شددرعه‪ ،‬ال‬
‫بالهوا‪ ،‬وما تأمر به النفس والييرام‪ ،‬فليس ذلي من العبادة‪ .‬فما شرعه الرسو صلى هللا عليه‬
‫وسلم هو الذي يدير فلي العبادة‪ ،‬وال تديره البدع والخرافا واألهواء وتقليد اآلباء‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ توحيد األسماء والصفا‬

‫ويتضمن ما يلي‪:‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أوال‪ :‬األدلَّة من الألتاب والسنة والعقل على ثبو األسماء والصفا ‪.‬‬
‫ا‬

‫سنَّة والجماعة في أسماء هللا وصفاته‪.‬‬


‫ثان ايا‪ :‬منهج أهل ال ُّ‬
‫ثالثاا‪ :‬الر ُّد على من أنألر األسماء والصفا ‪ ،‬أو أنألر شي اا منها‪.‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ :‬األدلة من الألتاب والسنة والعقل على ثبو األسماء والصفا‬
‫أ ـ األدلة من الألتاب والسنة‬
‫الربوبيدة‪ ،‬وتوحيدد األلوهيدة‪ ،‬وتوحيدد‬ ‫سبق أم ذكرنا أم التوحيد ينقسدم يلدى ثالثدة أقسدام‪ :‬توحيدد ُّ‬
‫األسددماء والصددفا ‪ ،‬وذكرنددا جملددة مددن األدلددة علددى النددوعين األولددين‪ :‬توحيددد الربوبيددة‪ ،‬وتوحيددد‬
‫األلوهية‪ .‬واآلم نذكر األدلة على النوع الثالث‪ :‬وهو توحيد األسماء والصفا ‪.‬‬

‫سدنَى فَدادْعوه‬ ‫ّلِل األَ ْ‬


‫س َماء ا ْلح ْ‬ ‫فإليي شي اا من أدلة الألتاب والسنة‪ :‬فمن أدلة الألتاب قوله تعالى‪َ { :‬و ِّ َّ ِّ‬
‫وم} [األعرا ‪.]180/‬‬ ‫سيجْ َز ْو َم َما كَانواْ يَ ْع َمل َ‬ ‫وم فِّي أَ ْ‬
‫س َمآئِّ ِّه َ‬ ‫ِّب َها َوذَرواْ الَّذ َ‬
‫ِّين ي ْل ِّحد َ‬

‫أثبت هللا سبحانه في هذه اآلية لنفسه األسدماء‪ ،‬وأخبدر أنهدا حسدنى‪ .‬وأمدر بدعائدهو بدأم يقدا ‪ :‬يدا‬
‫هللا‪ ،‬يا رحمن‪ ،‬يا رحيم‪ ،‬يا حي يا قيوم‪ ،‬يا رب العالمين‪ .‬وتوعّد الذين يلحدوم في أسمائهو بمعنى‬
‫أنهم يميلوم بها عن الحقو يما بنفيها عن هللا‪ ،‬أو تأويلها بغير معناها الصحيح‪ ،‬أو غير ذلدي مدن‬
‫أنواع اإللحاد‪ .‬توعدهم بأنه سيجانيهم بعملهم السي ‪.‬‬

‫َّللا الَّدذِّي ال ِّيلَدهَ ِّيال ه َدو عَدا ِّلم‬ ‫سدنَى} [طده‪{ ،]8/‬ه َدو َّ‬ ‫سد َماء ا ْلح ْ‬ ‫َّللا ال ِّيلَهَ ِّيال ه َو لَده األَ ْ‬ ‫وقا تعالى‪َّ { :‬‬
‫سدالم ا ْلم ْدؤ ِّمن‬ ‫َّللا الَّذِّي ال يِّلَدهَ يِّ َّال ه َدو ا ْل َم ِّلدي ا ْلقددُّوس ال َّ‬
‫الر ِّحيم * ه َو َّ‬ ‫الرحْ َمن َّ‬ ‫ي َها َد ِّة ه َو َّ‬ ‫ب َوال َّ‬ ‫ا ْلغَ ْي ِّ‬
‫دار ا ْلمصَد ّ ِّور لَده‬ ‫َّللا ا ْل َخدا ِّلق ا ْلبَ ِّ‬ ‫ع َّمدا يي ِّْدرك َ‬
‫وم * ه َدو َّ‬ ‫َّللا َ‬ ‫ا ْلم َهي ِّْمن ا ْل َع ِّزيز ا ْل َجبَّدار ا ْلمتَ َأل ِّبّدر سد ْب َح َ‬
‫ام َّ ِّ‬
‫ض َوه َو ا ْلعَ ِّزيز ا ْل َح ِّأليم} [الحير‪.]24-22/‬‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬ ‫س ِّبّح لَه َما فِّي ال َّ‬
‫س َم َ‬ ‫سنَى ي َ‬ ‫س َماء ا ْلح ْ‬ ‫األَ ْ‬
‫فدلّت هذه اآليا على يثبا األسماء هلل‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ومن األدلة على ثبو أسماء هللا من سنة الرسو صلى هللا عليه وسلم‪ :‬ما رواه أبدو هريدرة‬
‫ر ددي هللا عندده أم رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم قددا ‪( :‬يم هلل تسددعةا وتسددعين اسد اما‪ ،‬مائددة يال‬
‫واحداا‪ ،‬من أحصاها دخل الجنة) [متفق عليه]‪ .‬وليست أسماء هللا منحصرة فدي هدذا العددد‪ ،‬بددليل‬
‫النبي صلى هللا عليده وسدلم قدا ‪( :‬أسدأليَ ِّبألد ِّّل ٍ‬
‫اسدم‬ ‫َّ‬ ‫ما رواه عبد هللا بن مسعود ر ي هللا عنه أم‬
‫هو لَيَ ‪ ،‬س َّميتَ به نفسي‪ ،‬أو أنزلتَه في كتابيَ ‪ ،‬أو علَّمته أحداا من خلقي‪ ،‬أو استأثر بده فدي علدم‬
‫الغيب عندك‪ ،‬أم تجعل القرآم العظيم ربيع قلبدي) الحدديث [رواه أحمدد فدي المسدند وصدححه ابدن‬
‫حبام ‪ -‬وقد د ّ على عدم حصر أسماء هللا في تسعة وتسعين‪ .‬فيألوم المراد بالحديث ‪ -‬وهللا أعلدم‬
‫‪ -‬أم من تعلم هدذه األسدماء التسدعة والتسدعين ودعدا هللا بهدا وعبدده بهدا دخدل الجندة ويألدوم ذلدي‬
‫خاصية لها]‪ .‬وكل اسدم مدن أسدماء هللا‪ ،‬فإنده يتضدمن صدفة مدن صدفاتهو فدالعليم يدد علدى العلدم‪،‬‬
‫سميع البصير يدالم على السمع والبصر‪ ،‬وهألذا ك ُّل اسدم يدد علدى‬ ‫والحأليم يد على الحألمة‪ ،‬وال َّ‬
‫َّللا الصَّد َمد * لَد ْم يَ ِّلد ْد َولَد ْم يولَد ْد * َولَد ْم‬ ‫َ‬
‫َّللا أ َحد ٌد * َّ‬
‫صفة من صفا هللا تعالى‪ ،‬وقا تعالى‪{ :‬ق ْل ه َدو َّ‬
‫يَألن لَّه كف اوا أَ َح ٌد} [سورة اإلخالص]‪.‬‬
‫‪- 27 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫كدام رجد ٌل مدن األنصدار يدؤمهم فدي مسدجد قبداء‪ ،‬فألدام كلمدا افتدتح‬ ‫عن أنس ر دي هللا عنده قدا ‪َ :‬‬
‫سورة يقرأ بها لهم في الصالة مما يقرأ بهو افتتح بـ(قدل هدو هللا أحدد)‪ ،‬حتدى يفدرغ منهدا‪ ،‬ثدم كدام‬
‫يقرأ سورة أخرا معها‪ ،‬وكام يصنع ذلي في كدل ركعدة‪ ،‬فأللَّمده أصدحابه فقدالوا‪ :‬يندي تفتدتح بهدذه‬
‫السددورة‪ ،‬ثددم ال تددرا أنهددا تجزئددي حتددى تقددرأ بدداألخرا! فإمددا أم تقددرأ بهددا‪ ،‬ويمددا أم تدددعها وتقددرأ‬
‫بأخرا‪ ،‬فقا ‪ :‬ما أنا بتاركها‪ ،‬يم أحببتم أم أؤمألم بذلي فعلت‪ ،‬ويم كدرهتم تدركتألم‪ ،‬وكدانوا يدروم‬
‫أنه من أفضلهم‪ ،‬وكرهوا أم يؤمهم غيره‪ ،‬فلما أتاهم النبي صدلى هللا عليده وسدلم أخبدروه الخبدر‪.‬‬
‫سدورة فدي‬ ‫فقا ‪( :‬يا فالم‪ ،‬ما يمنعي أم تفع َل ما يأمرك به أصحابي؟ وما حملَيَ علدى لدزوم هدذه ال ُّ‬
‫كل ركعة)؟ قا ‪ :‬ي ِّنّي أح ُّبها‪ ،‬قا ‪( :‬ح ُّبيَ يياها أد َخلَيَ الجنَّة) [رواه البخاري في صحيحه]‪.‬‬
‫ا‬
‫رجدال علدى سدرية وكدام يقدرأ‬ ‫َ‬
‫بعدث‬ ‫وعن عائية ـ ر ي هللا عنها ـ أم النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫ألصحابه في صالتهم‪ ،‬فيخدتم بدـ(قدل هدو هللا أحدد)‪ ،‬فلمدا رجعدوا ذكدروا ذلدي للنبدي صدلى هللا عليده‬
‫وسلم فقا ‪( :‬سلوه‪ :‬ألي شيء يفعل ذلي)؟ فسألوه‪ ،‬فقا ‪ :‬ألنها صفة الرحمن‪ ،‬وأنا أحدب أم أقدرأ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أخبروه أم هللا تعالى يحبه) [رواه البخاري في صدحيحه]‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫بها‪ ،‬فقا‬
‫الرحمن‪.‬‬
‫يعني أنها اشتملت على صفا ِّ َّ‬

‫أم له وج اها‪ ،‬فقا ‪َ { :‬ويَ ْبقَى َوجْ ه َر ِّبّيَ ذو ا ْل َجال ِّ َو ِّ‬


‫اإلك َْر ِّام} [الرحمن‪.]27/‬‬ ‫وقد أخبر سبحانه َّ‬

‫َي} [ص‪{ ،]75/‬بَ ْل يَدَاه َمبْسو َطتَ ِّ‬


‫ام} [المائدة‪.]64/‬‬ ‫وأم له يدين‪ ،‬فقا ‪ِّ { :‬ل َما َخلَ ْقت ِّبيَد َّ‬
‫وأنه ير ى ويحب ويغضب ويسخ ‪ ،‬يلى غير ذلي مما وصف هللا به نفسه‪ ،‬أو وصفه به رسوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ب ـ وأما الدليل العقلي‬


‫على ثبو األسماء والصفا التي د َّ عليها اليرع فهو أم يقا ‪:‬‬

‫‪ -1‬هذه المخل وقا العظيمة على تنوعها‪ ،‬واختالفها‪ ،‬وانتظامها في أداء مصالحها‪ ،‬وسديرها فدي‬
‫خررها المرسومة لها‪ ،‬تد على عظمة هللا وقدرته‪ ،‬وعلمه وحألمته‪ ،‬ويرادته وميي ته‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلنعام واإلحسدام‪ ،‬وكيدف الضدر‪ ،‬وتفدريج الألربدا و هدذه األشدياء تدد ّ علدى الرحمدة والألدرم‬
‫والجود‪.‬‬

‫‪ -3‬والعق اب واالنتقام من العصاةو يدالم على غضب هللا عليهم وكراهيته لهم‪.‬‬

‫‪ -4‬ويكرام الرائعين ويثابتهمو يدالم على ر ام هللا عنهم ومحبته لهم‪.‬‬


‫سنَّة والجماعة في أسماء هللا وصفاته‬
‫ثانياا‪ :‬منهج أهل ال ّ‬
‫أسماء هللا وصفاته‪ ،‬كمدا ورد‬
‫ِّ‬ ‫سنَّ ِّة والجماعةو من السلف الصالح وأتباعهم‪ :‬يثبا‬
‫منهج أهل ال ُّ‬
‫في الألتاب والسنة‪ ،‬وينبني منهجهم على القواعد التالية‪:‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ -1‬أنهم يثبتوم أسماء هللا وصفاتهو كما ورد في الألتاب والسدنة علدى ظاهرهدا‪ ،‬ومدا تدد عليده‬
‫ألفاظها من المعاني‪ ،‬وال يؤولونها عن ظاهرها‪ ،‬وال يحرفوم ألفاظها وداللتها عن موا عها‪.‬‬

‫سد ِّدميع‬
‫دي ٌء َوهد َدو ال َّ‬ ‫ْس ك َِّمثْ ِّلد ِّه َ‬
‫شد ْ‬ ‫دوم عنهددا ميددابهة صددفا المخلددوقين‪ ،‬كمددا قددا تعددالى‪{ :‬لَدي َ‬
‫‪ -2‬يَنفد َ‬
‫البَ ِّصير} [اليورا‪.]11/‬‬

‫‪ -3‬ال يتجاونوم ما ورد في الألتاب والسنةو في يثبا أسماء هللا وصفاته‪ ،‬فما أثبته هللا ورسدوله‬
‫سألتَ عنه هللا ورسوله سألَتوا عنه‪.‬‬
‫من ذلي أثبتوه‪ ،‬وما نفاه هللا ورسوله نفوه‪ ،‬وما َ‬
‫سدر‪ ،‬وليسدت مددن‬
‫األسدماء والصددفا مدن المحألدم الدذي يفهددم معنداه ويف َّ‬
‫ِّ‬ ‫نصدوص‬
‫َ‬ ‫‪ -4‬يعتقددوم َّ‬
‫أم‬
‫المتيابهو فال يفَ ّ ِّو وم معناها‪ ،‬كما يَنسب ذلي يليهم َمن كَدذَ َب علديهم‪ ،‬أو لدم يعدر مدنهجهم مدن‬
‫بعل المؤلفين والألتاب المعاصرين‪.‬‬
‫َ‬
‫وم كيفية الصفا يلى هللا تعالى‪ ،‬وال يبحثوم عنها‪.‬‬ ‫فو‬
‫‪ -5‬ي ّ‬

‫ثالثاا‪ّ :‬‬
‫الر ُّد على من أنأل ََر األسما َء والصّفا ِّ‪ ،‬أو أنألر بعضها‬

‫الذين ينألروم األسما َء والصفا ِّ ثالثة أصنا ‪:‬‬

‫الجهم بن صفوام‪ ،‬وهؤالء ينألروم األسماء والصفا جميعاا‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫‪ -1‬الجهمية‪ :‬وهم أتباع‬

‫‪ -2‬المعتزلة‪ :‬وهم أتباع واصل بن عراءو الذي اعتز مجلس الحسدن البصدري‪ ،‬وهدؤالء يثبتدوم‬
‫جردة عن المعاني‪ ،‬وينفوم الصفا كلها‪.‬‬
‫األسما َء على أنها ألفاظ م َّ‬
‫صددفا ‪ ،‬وينفددوم‬
‫دل ال ِّ ّ‬
‫‪ -3‬األشدداعرة والماتوريديددة ومددن تددبعهم‪ ،‬وهددؤالء يثبتددوم األسددما َء وبعد َ‬
‫بعضها‪ ،‬واليُّبهة التي بنوا عليها جمي اعا مذاهبهم‪ :‬هي الفرار من تيبيه هللا بخلقده بدزعمهمو ألم‬
‫ببعل تلي األسماء‪ ،‬ويوصدفوم بتلدي الصدفا ‪ ،‬فيلدزم مدن االشدتراك فدي لفدظ‬ ‫ِّ‬ ‫س َّموم‬
‫المخلوقين ي َ‬
‫االسم والصفة ومعناهما‪ :‬االشتراك فدي حقيقتهمدا‪ ،‬وهدذا يَلدزم منده تيدبيه المخلدوق بالخدالق فدي‬
‫نظرهم‪ ،‬والتزموا حيا ذلي أحد أمرين‪:‬‬

‫أ ـ يما تأويل نصوص األسماء والصفا عن ظاهرها‪ ،‬كتأويل الوجه بالذا ‪ ،‬واليد بالنعمة‪.‬‬

‫ب ـ ويما تفويل معاني هذه النصوص يلدى هللا‪ ،‬فيقولدوم‪ :‬هللا أعلدم بمدراده منهداو مدع اعتقدادهم‬
‫أنها ليست على ظاهرها‪.‬‬

‫وأو من عر َ عنه ينألار األسماء والصفا ‪ :‬بعل ميدركي العدرب‪ ،‬الدذين أندز هللا فديهم قولده‬
‫ِّي أَ ْو َح ْينَا يِّلَ ْيديَ َوهد ْم يَألْفدر َ‬
‫وم‬ ‫تعالى‪َ { :‬كذَ ِّليَ أَ ْر َ‬
‫س ْلنَاكَ فِّي أ َّم ٍة قَ ْد َخلَتْ ِّمن قَ ْب ِّل َها أ َم ٌم ِّلّتَتْل َو َ‬
‫علَي ِّْهم الَّذ َ‬
‫ـن} [الرعد‪.]30/‬‬ ‫الرحْ َم ِّ‬
‫ِّب َّ‬
‫يددا لمددا سدمعت رسددو َ هللا صددلى هللا عليده وسددلم يددذكر الددرحمنو‬ ‫أم قري ا‬‫وسدبب نددزو هددذه اآليدة‪َّ :‬‬
‫دـن}‪ .‬وذكدر ابدن جريدر أم ذلدي كدام فدي صدلح‬ ‫الرحْ َم ِّ‬ ‫أنألروا ذلي‪ ،‬فأنز هللا فيهم‪َ { :‬وهد ْم يَألْفدر َ‬
‫وم ِّب َّ‬

‫‪- 29 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الحديبيةو حين كتب الألاتب في قضدية الصدلح الدذي جدرا بيدنهم وبدين رسدو هللا صدلى هللا عليده‬
‫وسلم‪" :‬بسم هللا الرحمن الرحيم" فقالت قريش‪ :‬أما الرحمن فال نَعرفه‪.‬‬

‫وروا ابن جرير أيضاا عن ابن عباس‪ :‬كام رسو هللا صلى هللا عليه وسدلم يددعو سداج ادا يقدو ‪:‬‬
‫"يا رحمن يا رحيم" فقا الميركوم‪ :‬هذا َيزعم أنده يددعو واحدداا‪ ،‬وهدو يددعو مثندى‪ .‬فدأنز هللا‪:‬‬
‫سنَى} [اإلسراء‪.]110/‬‬ ‫ـن أَيًّا َّما تَدْعواْ فَلَه األَ ْ‬
‫س َماء ا ْلح ْ‬ ‫َّللا أَ ِّو ادْعواْ َّ‬
‫الرحْ َم َ‬ ‫{ق ِّل ادْعواْ َّ َ‬
‫لرحْ َم ِّن قَالوا َو َما َّ‬
‫الرحْ َمن} [الفرقام‪.]60/‬‬ ‫وقا تعالى في سورة الفرقام‪َ { :‬و ِّيذَا قِّي َل لَهم ا ْ‬
‫سجدوا ِّل َّ‬
‫فهددؤالء الميددركوم هددم سددلف الجهميددة‪ ،‬والمعتزلددة واألشدداعرة‪ ،‬وكددل مددن نفددى عددن هللا مددا أثبتَدده‬
‫س السدلف لبد س‬ ‫لنفسه‪ ،‬أو أثبته لده رسدوله صدلى هللا عليده وسدلم مدن أسدماء هللا وصدفاته‪ .‬وبد َ‬
‫الخلف‪.‬‬

‫والرد عليهم من وجوه‪:‬‬


‫الوجه األو ‪:‬‬
‫أم هللا سبحانه وتعالى أثبتَ لنفسه األسما َء والصفا ِّ‪ ،‬وأثبتها له رسدوله صدلى هللا عليده وسدلم‪،‬‬
‫نفي لما أثبته هللا ورسوله‪ ،‬وهذا محادة هلل ورسوله‪.‬‬‫بعضها‪ٌ :‬‬‫فنفيها عن هللا أو نفي ِّ‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫أنه ال يلزم من وجود هذه الصفا في المخلوقين‪ ،‬أو من تس ِّّمي بعل المخلوقين بييء من تلدي‬
‫األسماء الميابهة بين هللا وخلقده‪ ،‬فدإم هلل سدبحانه أسدما اء وصدفا تخصده‪ ،‬وللمخلدوقين أسدماء‬
‫وصفا تخصهم‪ ،‬فألما أم هلل سبحانه وتعالى ذاتاا ال تيبه ذوا المخلوقين‪ ،‬فلده أسدماء وصدفا‬
‫ال تيبه أسما َء المخلوقين وصفاتهم‪ ،‬واالشتراك في االسم والمعنى العدام ال يوجدب االشدتراك فدي‬
‫دالم‬
‫سده علي امدا‪ ،‬حلي امدا‪ ،‬وسد َّمى بعدل عبداده علي امدا‪ ،‬فقدا ‪َ { :‬وبَيَّدروه ِّبغ ٍ‬ ‫الحقيقة‪ ،‬فقد سد َّمى هللا نف َ‬
‫ددديم}‬ ‫ددديم} [الددددذاريا ‪ ]28/‬يعندددي يسددددحاق‪ ،‬وسددددمى آخدددر حلي امددددا‪ ،‬فقددددا ‪{ :‬فَبَي ْ‬
‫َّدددرنَاه بِّغددددال ٍم َح ِّلد ٍ‬ ‫ع ِّل ٍ‬ ‫َ‬
‫ولديس العلديم كدالعليم‪ ،‬وال الحلديم كدالحليم‪ ،‬وسد َّمى نفسده فقدا ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫[الصافا ‪ ]101/‬يعني يسماعيل‪،‬‬
‫ديرا} [النسداء‪ ]58/‬وسد َّمى بعدل عبداده سدميعاا بصدي ارا‪ ،‬فقدا ‪{ :‬يِّنَّدا َخلَ ْقنَدا‬ ‫س ِّميعاا بَ ِّص ا‬
‫َام َ‬‫َّللا ك َ‬
‫{يِّ َّم َّ َ‬
‫سميع وال‬ ‫يرا} [اإلنسام‪ ،]2/‬وليس السميع كال َّ‬ ‫س ِّمي اعا َب ِّص ا‬ ‫ام ِّمن نُّ ْرفَ ٍة أَ ْمي ٍ‬
‫َات نَّ ْبتَ ِّلي ِّه فَ َج َع ْلنَاه َ‬ ‫س َ‬ ‫اإلن َ‬‫ِّ‬
‫البصير كالبصير‪.‬‬

‫بعدل‬
‫َ‬ ‫داس َل َدرؤو ٌ َّر ِّحدي ٌم} [الحدج‪ ،]65/‬وسد َّمى‬ ‫َّللا ِّبال َّن ِّ‬
‫وس َّمى نفسه بالرؤو الرحيم فقا ‪ِّ { :‬ي َّم َّ َ‬
‫علَديْألم‬ ‫علَيْد ِّه َمدا َ‬
‫عنِّدتُّ ْم َحد ِّريصٌ َ‬ ‫دن أَنفسِّدأل ْم ع َِّز ٌ‬
‫يدز َ‬ ‫عباده رؤوفاا رحي اما‪ ،‬فقا ‪{ :‬لَقَد ْد َجدا َءك ْم َرسدو ٌ ِّّم ْ‬
‫كالرحيم‪.‬‬ ‫ين َرؤو ٌ َّر ِّحي ٌم} [التوبة‪ ،]128/‬وليس الرؤو كالرؤو ‪ ،‬وال الرحيم َّ‬ ‫ِّبا ْلم ْؤ ِّم ِّن َ‬

‫دن‬ ‫َديءٍ ِّّم ْ‬ ‫دوم ِّبي ْ‬ ‫َدف عبداده بنظيدر ذلدي‪ ،‬مثدل قولده‪َ { :‬و َال ي ِّحير َ‬ ‫سده بصدفا ٍ ‪ ،‬ووص َ‬ ‫وكدذلي وصدف نف َ‬
‫سه بالعلم‪ ،‬ووصف عباده بالعلم‪ ،‬فقا ‪َ { :‬و َما أوتِّيتم ِّّمن ا ْل ِّع ْل ِّدم يِّالَّ‬ ‫ِّع ْل ِّم ِّه} [البقرة‪ ]255/‬فوصف نف َ‬
‫ِّين أوتدوا‬ ‫ع ِّلي ٌم} [يوسدف‪ ،]76/‬وقدا ‪َ { :‬وقَدا َ الَّدذ َ‬ ‫يال} [اإلسراء‪ ،]85/‬وقا ‪َ { :‬وفَ ْوقَ ك ِّّل ذِّي ِّع ْل ٍم َ‬
‫قَ ِّل ا‬
‫يز} [الحج‪ِّ { ،]40/‬ي َّم َّ َ‬
‫َّللا ه َو‬ ‫ي ع َِّز ٌ‬ ‫ا ْل ِّع ْل َم} [القصص‪ ،]80/‬ووصف نفسه بالقوة فقا ‪ِّ { :‬ي َّم َّ َ‬
‫َّللا لَقَ ِّو ٌّ‬
‫‪- 30 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الر َّناق ذو ا ْلق َّو ِّة ا ْل َمتِّين} [الذاريا ‪ ،]58/‬ووصف عباده بالقوة فقا ‪َّ { :‬‬
‫َّللا الَّذِّي َخلَقَألم ِّّمن َ عْفٍ‬ ‫َّ‬
‫ش ْيبَة} [الروم‪ ،]54/‬يلى غير ذلي‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ث َّم َجعَ َل ِّمن بَ ْع ِّد َ عْفٍ ق َّوة ث َّم َجعَ َل ِّمن بَ ْع ِّد ق َّو ٍة َ ْعفا َو َ‬

‫ومعلو ٌم أم أسماء هللا وصفاته تخصه وتليق به‪ ،‬وأسماء المخلوقين تخصهم وتليق بهم‪ ،‬وال يلزم‬
‫سدد َّميين‬
‫مددن االشددتراك فددي االسددم والمعنددى االشددتراك فددي الحقيقددةو وذلددي لعدددم التماثددل بددين الم َ‬
‫والمصوفين‪ ،‬وهذا ظاهر‪ ،‬والحمد هلل‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أم الذي ليس له صفا كما ‪ ،‬ال يصلح أم يألدوم يل اهداو ولهدذا قدا يبدراهيم ألبيده‪ِّ { :‬لد َم تَ ْعبدد َمدا ال‬ ‫َّ‬
‫ْصر} [مريم‪.]42/‬‬
‫س َمع َوال يب ِّ‬
‫يَ ْ‬
‫س د ِّب ا‬
‫يال}‬ ‫وقددا تعددالى فددي الددرد علددى الددذين عبدددوا العجددل‪{ :‬أَلَ د ْم يَد َدر ْواْ أَنَّدده الَ ي َأل ِّلّمه د ْم َوالَ يَ ْه دد ِّ‬
‫ِّيه ْم َ‬
‫[األعرا ‪.]148/‬‬
‫الوجه الرابع‪:‬‬
‫َّ‬
‫أم يثبا َ الصفا كما ٌ‪ ،‬ونفيها نقص‪ ،‬فالذي ليس له صفا ‪ ،‬يما معدو ٌم ويما ناقص‪ ،‬وهللا تعدالى‬
‫نزه عن ذلي‪.‬‬‫م ّ‬

‫الوجه الخامس‪:‬‬
‫صددفا ِّ عددن ظاهرهددا ال دلي د َل عليدده‪ ،‬فهددو باط دلٌ‪ ،‬وتفددويل معناهددا؟ يلددزم مندده أم هللا‬ ‫َّ‬
‫أم تأوي د َل ال ّ‬
‫فأليدف يأمرندا بتددبر مداال يفهدم‬
‫َ‬ ‫خاطبندا فدي القدرآم بمدا ال نفهدم معنداه؟ وأمرندا بتددبر القدرآم كلده‪،‬‬
‫معناه؟‬
‫فتبين من هذا أنه البد مدن يثبدا أسدماء هللا وصدفاته علدى الوجده الالئدق بداهلل‪ ،‬مدع نفدي ميدابهة‬
‫س ِّميع البَ ِّصير} [اليورا‪.]11/‬‬‫ْس ك َِّمثْ ِّل ِّه ش َْي ٌء َوه َو ال َّ‬
‫المخلوقين‪ ،‬كما قا تعالى‪{ :‬لَي َ‬
‫فنفى عن نفسه مماثلة األشياء‪ ،‬وأثبت له السمع والبصر‪ ،‬فد على أم يثبا الصفا ال يلزم منه‬
‫التيبيه‪ ،‬وعلى وجوب يثبا الصفا مع نفي الميابهة‪ ،‬وهذا معندى قدو أهدل السدنة والجماعدة‬
‫في النفي واإلثبا في األسماء والصفا ‪ :‬يثبا بال تمثيل وتنزيه بال تعريل‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫في حياة البيرية‬ ‫الباب الثالث‪ :‬في بيام اليرك واالنحرا‬


‫ولمحة تاريخية عن الألفر واإللحاد واليرك والنِّّفاق‬

‫ويتض ّمن الفصو التالية‪:‬‬

‫في حياة البيرية‪.‬‬ ‫الفصل األو ‪ :‬االنحرا‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اليرك ‪ -‬تعريفه وأنواعه‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الألفر ‪ -‬تعريفه وأنواعه‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬النفاق ‪ -‬تعريفه وأنواعه‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬بيام حقيقة كل من‪ :‬الجاهلية ‪ -‬الفسق ‪ -‬الضال ‪ -‬الردة‪ :‬أقسامها‪ ،‬وأحألامها‪.‬‬
‫في حياة البيرية‬ ‫الفصل األو ‪ :‬االنحرا‬

‫دن‬ ‫خلددق هللا الخلددق لعبادتدده‪ ،‬وهيددأ لهددم مددا يعيددنهم عليهددا مددن رنقدده‪ ،‬قددا تعددالى‪َ { :‬و َمددا َخلَ ْقددت ا ْل ِّجد َّ‬
‫الر َّناق ذو ا ْلق َّو ِّة‬ ‫َّللا ه َو َّ‬ ‫ق َو َما أ ِّريد أَم ي ْر ِّعم ِّ‬
‫وم * ِّي َّم َّ َ‬ ‫وم * َما أ ِّريد ِّم ْنهم ِّّمن ِّ ّر ْن ٍ‬
‫نس ِّيال ِّل َي ْعبد ِّ‬
‫اإل َ‬
‫َو ِّ‬
‫ا ْل َمتِّين} [الذاريا ‪.]56-58 :‬‬

‫والدنفس بفررتهدا يذا تركدتو كاندت مقدرة هلل باإللهيددة‪ ،‬محبَّدةا هلل‪ ،‬تعبدده ال تيدرك بده شدي اا‪ ،‬ولألددن‬
‫يفسدها وينحر بها عن ذلي ما يزيِّّن لها شدياطين اإلندس والجدن بمدا يدوحي بعضدهم يلدى بعدل‬
‫غرورا‪ ،‬فالتوحيد مركون في الفررة‪ ،‬واليرك طار ودخيل عليها‪ ،‬قا هللا تعدالى‪:‬‬ ‫ا‬ ‫نخر القو‬
‫َّللا} [الروم‪.]30/‬‬ ‫علَ ْي َها ال تَ ْبدِّي َل ِّل َخ ْل ِّ‬
‫ق َّ ِّ‬ ‫َّللا الَّتِّي فَ َر َر النَّ َ‬
‫اس َ‬ ‫{فَأَقِّ ْم َوجْ َهيَ ِّلل ّد ِّ‬
‫ِّين َحنِّيفاا فِّ ْر َرةَ َّ ِّ‬
‫صددرانه‪ ،‬أو‬ ‫وقددا صددلى هللا عليدده وسددلم‪( :‬كددل مولددود يولَددد علددى الفرددرة فددأبواه ي ّ ِّ‬
‫هوداندده‪ ،‬أو ين ِّ ّ‬
‫يم ِّ ّجسانه) [في الصحيحين من حديث أبي هريرة]‪ .‬فاألصل في بني آدم‪ :‬التوحيد‪.‬‬

‫والدين اإلسالم وكام عليه آدم عليه السالم‪ ،‬ومن جا َء بعدَه من ذ ّريتده قرونادا طويلدة‪ ،‬قدا تعدالى‪:‬‬
‫ين} [البقرة‪.]213/‬‬ ‫ين َومنذ ِِّّر َ‬
‫ي ِِّّر َ‬ ‫َّللا النَّ ِّب ِّّي َ‬
‫ين م َب ّ‬ ‫َام النَّاس أ َّمةا َو ِّ‬
‫اح َدةا فَ َب َع َث ّ‬ ‫{ك َ‬

‫فألدام عليده السدالم أو‬ ‫َ‬ ‫حددث اليدرك واالنحدرا عدن العقيددة الصدحيحة فدي قدوم ندوح‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وأو ما‬‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسو يلى البيرية بعد حدوث اليرك فيها‪{ :‬يِّنَّا أ ْو َح ْينَدا يِّلَ ْيديَ َك َمدا أ ْو َح ْينَدا يِّلَدى ن ٍ‬
‫دوح َوالنَّ ِّب ِّيّ َ‬
‫دين ِّمدن‬
‫بَ ْع ِّد ِّه} [النساء‪.]163/‬‬

‫قا ابن عباس‪ :‬كام بين آدم ونوح عليهما السالم عيرة قرومو كلهم على اإلسالم‪.‬‬

‫ب ‪ -‬يعني‪ :‬في آية البقدرة ‪:-‬‬


‫بن كع ٍ‬
‫بي ِّ‬ ‫قا ابن الق ِّيّم ‪( :‬وهذا القو هو الصواب قرعااو َّ‬
‫فإم قراءة أ ّ‬
‫(فاختلفوا فبعث هللا النبيين)‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫داختَلَفواْ}‬ ‫َدام النَّداس ِّيالَّ أ َّمدةا َو ِّ‬


‫احد َدةا فَ ْ‬ ‫وييهد لهدذه القدراءة قولده تعدالى فدي سدورة يدونس‪َ { :‬و َمدا ك َ‬
‫[يونس‪.]19/‬‬

‫أم بعثةَ النبيين سببها االختال عما كانوا عليه من الدين الصحيح‪ ،‬كما كانت‬ ‫يريد ‪َ -‬رحمه هللا ‪َّ -‬‬
‫العرب بعدد ذلدي علدى ديدن يبدراهي َم عليده السدالمو حتدى جداء عمدرو بدن لحدي الخزاعدي فغ ّيدر د َ‬
‫يدن‬
‫وجلب األصنام يلى أرض العرب‪ ،‬ويلى أرض الحجان بصفة خاصة‪ ،‬فعبد من دوم هللا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يبراهيم‪،‬‬
‫َ‬
‫بعدث هللا نبيده محمدداا خداتم النبيدين‬ ‫وانتير اليرك في هذه البالد المقدسة‪ ،‬ومدا جاورهداو يلدى أم‬
‫صلى هللا عليه وسلم فدعا الناس يلى التوحيدد‪ ،‬واتّبداع ملَّدة يبدراهيم‪ ،‬وجاهدد فدي هللا حدق جهدادهو‬
‫سر األصنام وأكمل هللا به الدين‪ ،‬وأتم به النعمة على‬ ‫حتى عاد عقيدة التوحيد وملة يبراهيم‪ ،‬وك َّ‬
‫ضدلَة مددن صدددر هددذه األمددةو يلددى أم فيددا الجهددل ف دي‬‫العددالمين‪ ،‬وسددار علددى نهجدده القددروم المف َّ‬
‫القروم المتأخرة‪ ،‬ودخلهدا الددخيل مدن الدديانا األخدرا‪ ،‬فعداد اليدرك يلدى كثيدر مدن هدذه األمدةو‬
‫متمدثال بتعظديم األوليداء والصدالحين‪ ،‬وادعداء‬ ‫ا‬ ‫بسبب دعاة الضداللة‪ ،‬وبسدبب البنداء علدى القبدور‪،‬‬
‫المحبة لهمو حتى بنيت األ رحة على قبورهم‪ ،‬واتخذ أوثاناا تعبد من دوم هللا‪ ،‬بأنواع القربدا‬
‫ارا‬‫سد ادال بالصددالحين‪ ،‬ويظه د ا‬
‫سددموا هددذا اليددرك‪ :‬تو ُّ‬
‫مددن دعدداء واسددتغاثة‪ ،‬وذبددح ونددذر لمقددامهم‪ .‬و َ‬
‫لمحبتهم‪ ،‬وليس عبادة لهم‪ ،‬بزعمهم‪ ،‬ونسو أم هذا هو قو الميركين األولين حين يقولوم‪َ { :‬ما‬
‫َّللا ن ْلفَى} [الزمر‪.]3/‬‬
‫نَ ْعبده ْم ِّيال ِّليقَ ِّ ّربونَا ِّيلَى َّ ِّ‬
‫ومع هذا اليرك الذي وقع في البيرية قدي اما وحديثاا‪ ،‬فاألكثريدة مدنهم يؤمندوم بتوحيدد الربوبيدة‪،‬‬
‫يد ِّددركو َم}‬ ‫ددؤ ِّمن أَ ْكثَدددره ْم بِّد َّ ِّ‬
‫دداّلِل يِّالَّ َوهدددم ُّم ْ‬ ‫وينمدددا ييدددركوم فدددي العبدددادة‪ ،‬كمدددا قدددا تعدددالى‪َ { :‬و َمدددا يد ْ‬
‫[يوسف‪.]106/‬‬

‫نزر يسير من البير‪ ،‬كفرعدوم والمالحددة الددهريين‪ ،‬واليديوعيين فدي‬ ‫ولم يجحد وجو َد الرب يال ٌ‬
‫سدتَ ْيقَنَتْ َها‬
‫هذا الزمدام‪ ،‬وجحدودهم بداطنهم‪ ،‬وقدرارة نفوسده م‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‪َ { :‬و َج َحددوا ِّب َهدا َوا ْ‬
‫أَنفسه ْم ظ ْل اما َوعل ًّوا} [النمل‪.]14/‬‬
‫وعقولهم تعر أم كل مخلوق البد له من خالق‪ ،‬وكل موجود البدد لده مدن موجدد‪ ،‬وأم نظدام هدذا‬
‫الألوم المنضب الدقيق البد له من مدبر حأليم‪ ،‬قدير عليم‪ ،‬من أنألره فهو يما فاقد لعقله‪ ،‬أو مألابر‬
‫قد ألغى عقله وسفه نفسه‪ ،‬وهذا ال ِّعبرةَ به‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اليرك‪ :‬تعريفه‪ ،‬أنواعه‬
‫أ ـ تعريفـه‬

‫اليرك هو‪ :‬جعل شريي هلل تعالى في ربوبيته ويلهيته‪.‬‬

‫والغالب اإلشراك في األلوهيةو بدأم يددعو مدع هللا غيدره‪ ،‬أو يَصدر َ لده شدي اا مدن أندواع العبدادة‪،‬‬
‫كالذبح والنذر‪ ،‬والخو والرجاء والمحبة‪ .‬واليرك أعظم الذنوبو وذلي ألمور‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ألنه تيبيه للمخلوق بالخالق في خصدائص اإللهيدة‪ ،‬فمدن أشدرك مدع هللا أحدداا فقدد شدبهه بده‪،‬‬
‫ي ِّْركَ لَظ ْل ٌم ع َِّظي ٌم} [لقمام‪.]13/‬‬
‫وهذا أعظم الظلم‪ ،‬قا تعالى‪ِّ { :‬ي َّم ال ّ‬

‫‪- 33 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫والظلددم هددو‪ :‬و ددع اليدديء فددي غيددر مو ددعه‪ ،‬فمددن عبددد غيددر هللاو فقددد و ددع العبددادة فددي غيددر‬
‫مو عها‪ ،‬وصرفها لغير مستحقها‪ ،‬وذلي أعظم الظلم‪.‬‬

‫َّللا الَ يَ ْغ ِّفر أَم يي َْركَ ِّبد ِّه َويَ ْغ ِّفدر َمدا‬
‫‪ 2‬ـ أم هللا أخبر أنه ال يغفره لمن لم يتب منه‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬يِّ َّم َّ َ‬
‫وم ذَ ِّليَ ِّل َمن يَيَاء} [النساء‪.]48/‬‬
‫د َ‬

‫حرم الجنة على الميرك‪ ،‬وأنه خالد مخلد في نار جهنم‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬يِّنَّه َمدن‬ ‫‪ 3‬ـ أم هللا أخبر أنه َّ‬
‫َار} [المائدة‪.]72/‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫علَي ِّه ا ْل َجنَّة َو َمأ َواه النَّار َو َما ِّلل َّظا ِّل ِّم َ‬
‫ين ِّم ْن أنص ٍ‬ ‫اّلِل فَقَ ْد َح َّر َم َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫يي ِّْر ْك ِّب َّ ِّ‬
‫عد ْنهم َّمدا َكددانواْ يَ ْع َملد َ‬
‫دوم}‬ ‫أم اليددركَ يحددب جميد َع األعمددا ‪ ،‬قددا تعددالى‪َ { :‬ولَد ْدو أَ ْ‬
‫شد َدركواْ لَ َحد ِّب َ َ‬ ‫‪ 4‬ـ َّ‬
‫[األنعام‪.]88/‬‬
‫ع َملدديَ َولَتَألدونَ َّن ِّمد َ‬
‫دن‬ ‫دن قَ ْب ِّلدديَ لَد ِّ ْن أَ ْ‬
‫شد َدركْتَ لَيَحْ دبَ َر َّن َ‬ ‫دي يِّلَ ْيدديَ َويِّلَدى الَّدذ َ‬
‫ِّين ِّم ْ‬ ‫وقدا تعدالى‪َ { :‬ولَقَد ْد أ ِّ‬
‫وح َ‬
‫ين} [الزمر‪.]65/‬‬ ‫ا ْل َخا ِّ‬
‫س ِّر َ‬

‫ين َح ْي دث َو َجدددتُّموه ْم َوخددذوه ْم‬ ‫أم الميددرك حددال الدددم والمددا ‪ ،‬قددا تعددالى‪{ :‬فَددا ْقتلواْ ا ْلم ْ‬
‫يد ِّدر ِّك َ‬ ‫‪ 5‬ـ َّ‬
‫َواحْ صروه ْم َوا ْقعدواْ لَه ْم ك َّل َم ْر َ‬
‫ص ٍد} [التوبة‪.]5/‬‬

‫وقا النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أمر أم أقات َل حتى يقولوا‪ :‬ال يله يال هللا‪ ،‬فإذا قالوها عصدموا‬
‫مني دماءهم وأموالهم يال بحقها) [رواه البخاري ومسلم]‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ َّ‬
‫أم اليركَ أكبر الألبائر‪ ،‬قا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أال أنب ألم بأكبر الألبائر) قلنا‪ :‬بلى يا رسو‬
‫هللا‪ ،‬قا ‪( :‬اإلشراك باهلل‪ ،‬وعقوق الوالدين‪ )...‬الحديث [رواه البخاري ومسلم]‪.‬‬

‫قا العالمدة ابدن القديم‪( :‬أخبدر سدبحانه أم القصدد بدالخلق واألمدر‪ :‬أم يعدر َ بأسدمائه وصدفاته‪،‬‬
‫ويعبدد َد وحددده ال ييددرك بدده‪ ،‬وأم يقددوم الندداس بالقسدد ‪ ،‬وهددو العددد الددذي قامددت بدده السددماوا‬
‫ام ِّليَقو َم النَّداس‬ ‫اب َوا ْل ِّم َ‬
‫يز َ‬ ‫س ْلنَا رسلَنَا ِّبا ْلبَ ِّيّنَا ِّ َوأَ َ‬
‫نز ْلنَا َمعَهم ا ْل ِّألتَ َ‬ ‫واألرض‪ ،‬كما قا تعالى‪{ :‬لَقَ ْد أَ ْر َ‬
‫بِّا ْل ِّق ْ‬
‫س ِّ } [الحديد‪.]25/‬‬

‫فددأخبر سددبحانه أندده أرسددل رسددله‪ ،‬وأنددز َ كتبددهو ليقددوم الندداس بالقس د ‪ ،‬وهددو العددد ‪ ،‬ومددن أعظددم‬
‫يد ْدركَ لَظ ْلد ٌم‬
‫القسد ‪ :‬التوحيددد‪ ،‬وهدو رأس العددد وقوامدهو ويم اليددرك ظلدم كمدا قددا تعدالى‪ِّ { :‬ي َّم ال ِّ ّ‬
‫ع َِّظي ٌم} [لقمام‪.]13/‬‬

‫فاليرك أظلم الظلم‪ ،‬والتوحيد أعد العد و فما كام أشد منافاةا لهذا المقصود فهو أكبر الألبائر)‪.‬‬

‫يلى أم قا ‪( :‬فلما كام اليرك منافياا بالذا لهذا المقصودو كام أكبر الألبائر على اإلطالق‪ ،‬وحرم‬
‫هللا الجنة على كل ميرك‪ ،‬وأبداح دمده ومالده وأهلده ألهدل التوحيدد‪ ،‬وأم يتخدذوهم عبيدداا لهدم لمدا‬
‫تركوا القيام بعبوديته‪ ،‬وأبى هللا سبحانه أم يقبل لميرك ا‬
‫عمال‪ ،‬أو يقب َل فيه شدفاعة‪ ،‬أو َيسدتجيب‬
‫له في اآلخرة دعوة‪ ،‬أو يقبل له فيها رجاءو فإم الميرك أجهل الجاهلين باهلل‪ ،‬حيث جعدل لده مدن‬
‫خلقه ندًّا‪ ،‬وذلي غاية الجهل به‪ ،‬كما أنه غاية الظلم منه‪ ،‬ويم كدام الميدرك فدي الواقدع لمدا يظلدم‬
‫ربَّه‪ ،‬وينَّما ظلَ َم نفسه) انتهى‪.‬‬
‫‪- 34 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أم اليركَ تنقص وعيب نزه الرب سبحانه نفسه عنهما‪ ،‬فمن أشرك باهلل فقد أثبت هلل ما ندزه‬ ‫‪ 7‬ـ َّ‬
‫نفسه عنه‪ ،‬وهذا غاية المحا َّد ِّة هلل تعالى‪ ،‬وغاية المعاندة والمياقَّة هلل‪.‬‬

‫ب ـ أنواع اليرك‬

‫اليرك نوعام‪:‬‬

‫النوع األو ‪ :‬شرك أكبر يخرت من الملة‪ ،‬ويخ َّلد صداحبه فدي الندار‪ ،‬يذا مدا ولدم يتدب منده‪ ،‬وهدو‬
‫صر شيء من أنواع العبادة لغير هللا‪ ،‬كدعاء غير هللا‪ ،‬والتقرب بالدذبائح والندذور لغيدر هللا مدن‬
‫القبور والجن واليياطين‪ ،‬والخدو مدن المدوتى أو الجدن أو اليدياطين أم يضدروه أو يمر دوه‪،‬‬
‫ورجاء غير هللا فيما ال يقدر عليه يال هللا من قضاء الحاجا ‪ ،‬وتفريج الألربا ‪ ،‬ممدا يمدارس اآلم‬
‫َّللا َمدا الَ‬
‫وم َّ ِّ‬ ‫وم ِّمدن د ِّ‬ ‫حو َ األ رحة المبنية على قبور األولياء والصدالحين‪ ،‬قدا تعدالى‪َ { :‬و َي ْعبدد َ‬
‫اوا ِّ َوالَ‬ ‫س َم َ‬‫َّللا ِّب َما الَ يَ ْعلَم فِّي ال َّ‬ ‫َّللا ق ْل أَتنَ ِّبّ َ‬
‫وم َّ َ‬ ‫الء شفَعَاؤنَا ِّعن َد َّ ِّ‬‫وم َهـؤ ِّ‬‫يَض ُّره ْم َوالَ يَنفَعه ْم َويَقول َ‬
‫وم} [يونس‪.]18/‬‬ ‫ض س ْب َحانَه َوتَعَالَى َ‬
‫ع َّما يي ِّْرك َ‬ ‫فِّي األَ ْر ِّ‬
‫والنوع الثاني‪ :‬شرك أصدغر ال يخدرت مدن الملدةو لألنده يدنقص التوحيدد‪ ،‬وهدو وسديلة يلدى اليدرك‬
‫األكبر‪ ،‬وهو قسمام‪:‬‬

‫القسم األو ‪ :‬شرك ظاهر على اللسام والجوارح وهو‪ :‬ألفاظ وأفعا ‪ ،‬فاأللفداظ كدالحلف بغيدر هللا‪،‬‬
‫قا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من حلف بغير هللا فقد كفر أو أشرك) [رواه الترمذي وحسنه وصححه‬
‫الحدداكم]‪ .‬وقددو ‪ :‬مددا شدداء هللا وشد ت‪ ،‬قددا صددلى هللا عليدده وسددلم‪ :‬لمددا قددا لدده رجددل‪ :‬مددا شدداء هللا‬
‫وش ت‪ ،‬فقا ‪( :‬أجعلتني هلل نِّدًّا؟! ق ْل‪ :‬ما شا َء هللا وحده) [رواه النسائي]‪ .‬وقدو ‪ :‬لدوال هللا وفدالم‪،‬‬
‫والصددواب أم يقددا َ ‪ :‬مددا شددا َء هللا ث د َّم شدداء فددالمو ولددوال هللا ث د َّم فددالم‪ ،‬ألم (ثددم) تفيددد الترتيددب مددع‬
‫وم يِّ َّال أَم يَيَدا َء َّ‬
‫َّللا‬ ‫التراخي‪ ،‬وتجعل ميي ة العبد تابعدة لميدي ة هللا‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‪َ { :‬و َمدا تَيَداؤ َ‬
‫ين} [التألوير‪.]29/‬‬ ‫َر ُّب ا ْلعَالَ ِّم َ‬

‫وأما الواو‪ :‬فهي لمرلق الجمع واالشتراك‪ ،‬ال تقتضي ترتيباا وال تعقيبااو ومثله قو ‪ :‬ما لي يال هللا‬
‫وأنت‪ ،‬و‪ :‬هذا من بركا هللا وبركاتي‪.‬‬

‫وأما األفعا ‪ :‬فمثل لبس الحلقة والخي لرفع البالء أو دفعه‪ ،‬ومثل تعليق التمائم خوفادا مدن العدين‬
‫وغيرهاو يذ ا اعتقد أم هذه أسباب لرفع البالء أو دفعه‪ ،‬فهدذا شدرك أصدغرو ألم هللا لدم يجعدل هدذه‬
‫أسباباا‪ ،‬أما يم اعتقد أنها تدفع أو ترفع البالء بنفسهاو فهذا شرك أكبر ألنه تَعلَّق بغير هللا‪.‬‬

‫القسددم الثدداني مدددن اليددرك األصدددغر‪ :‬شددرك خفددي وهدددو اليددرك فدددي اإلرادا والنيددا ‪ ،‬كالريددداء‬
‫عمال مما يتقرب به يلى هللاو يريد به ثناء الناس عليه‪ ،‬كأنده يحسدن صدالته‪،‬‬ ‫والسمعة‪ ،‬كأم يعمل ا‬
‫أو يتصدقو ألجل أم يمدح ويثنى عليه‪ ،‬أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بدالتالوة ألجدل أم يسدمعه‬
‫الناس‪ ،‬فيثنوا عليه ويمدحوه‪ .‬والرياء يذا خال العمل أبرله‪ ،‬قا هللا تعالى‪{ :‬فَ َمن ك َ‬
‫َام يَ ْرجو ِّلقَا َء‬
‫ع َم اال صَا ِّل احا َوال يي ِّْر ْك بِّ ِّعبَا َد ِّة َربِّّ ِّه أَ َحداا} [الألهف‪.]110/‬‬
‫َربِّّ ِّه فَ ْليَ ْع َم ْل َ‬

‫وقا النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أخو ما أخا علديألم اليدرك األصدغر) قدالوا‪ :‬يدا رسدو هللا‪،‬‬
‫وما اليرك األصغر؟ قا ‪" :‬الرياء" [رواه أحمد والربراني والبغوي في شرح السنة]‪.‬‬
‫‪- 35 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ومنه‪ :‬العمل ألجل الرمع الدنيوي‪ ،‬كمن يحج أو يؤذم أو يدؤم النداس ألجدل المدا ‪ ،‬أو يدتعلم العلدم‬
‫دس عبدد‬‫س عبدد الددينار‪ ،‬وتَ ِّع َ‬
‫اليرعي‪ ،‬أو يجاهد ألجل الما ‪ .‬قا النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬تَ ِّع َ‬
‫الددرهم‪ ،‬تعدس عبدد الخميصدة‪ ،‬تعدس عبدد الخميلدة‪ ،‬يم أعردي ر دي‪ ،‬ويم لدم يعد َ سدخ ) [رواه‬
‫البخاري]‪.‬‬

‫قا اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪( :‬وأما اليرك في اإلرادا والنيا ‪ ،‬فذلي البحر الذي ال ساحل له‪،‬‬
‫وق َّل من ينجو منه‪ .‬فمن أراد بعملده غيدر وجده هللا‪ ،‬وندوا شدي اا غيدر التقدرب يليده وطلدب الجدزاء‬
‫خلدص هلل فدي أفعالده وأقوالده‪ ،‬ويرادتده ونيتده‪.‬‬ ‫َ‬ ‫منهو فقد أشرك في نيته ويرادته‪ ،‬واإلخالص‪ :‬أم ي‬
‫وهذه هدي الحنيفيدة ملدة يبدراهيم التدي أمدر هللا بهدا عبداده كلهدم‪ ،‬وال يقبدل مدن أحدد غيرهدا‪ ،‬وهدي‬
‫دن‬ ‫سدالَ ِّم دِّينادا فَلَدن ي ْقبَد َل ِّم ْنده َوه َدو فِّدي ِّ‬
‫اآلخ َدر ِّة ِّم َ‬ ‫اإل ْ‬ ‫حقيقة اإلسالم‪ ،‬كما قا تعالى‪َ { :‬و َمن يَ ْبتَ ِّغ َ‬
‫غي َْر ِّ‬
‫ين} [آ عمرام‪.]85/‬‬ ‫ا ْل َخا ِّ‬
‫س ِّر َ‬

‫وهي ملَّة يبراهي َم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬التي من رغب عنها فهو من أسفَ ِّه ال ُّ‬
‫سفهاء) انتهى‪.‬‬

‫مر أم هناك فروقاا بين اليرك األكبر واألصغر‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫يتل َّخص مما ّ‬
‫‪ -1‬اليرك األكبر‪ :‬يخرت من الملة‪ ،‬واليرك األصغر ال يخرت من الملة‪ ،‬لألنه ينقص التوحيد‪.‬‬

‫‪ -2‬اليرك األكبر يخلَّد صاحبه في النار‪ ،‬واليرك األصغر ال يخلَّد صاحبه فيها يم َد َخلها‪.‬‬

‫‪ -3‬اليددرك األكبددر يحددب جميد َع األعمددا ‪ ،‬واليددرك األصددغر ال يحدبِّ جميددع األعمددا ‪ ،‬وينمددا يحدبِّ‬
‫الرياء والعمل ألجل الدنيا العم َل الذي خالراه فق ‪.‬‬

‫‪ -4‬اليرك األكبر يبيح الدم والما ‪ ،‬واليرك األصغر ال يبيحهما‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الألفر‪ :‬تعريفه ‪ -‬أنواعه‬


‫أ ـ تعريفـه‬
‫الألفددر فددي اللغددة‪ :‬التغريددة والسددتر‪ ،‬والألفددر شددرعاا‪ :‬ددد اإليمددام‪ ،‬فد َّ‬
‫دإم الألفد َدر‪ :‬عدددم اإليمددام بدداهلل‬
‫ورسله‪ ،‬سوا اء كام معه تألذيب‪ ،‬أو لم يألن معه تألذيب‪ ،‬بل مجرد شي وريب أو يعراض أو حسد‪،‬‬
‫كفدرا‪ ،‬وكدذلي‬‫أو كبر أو اتباع لبعل األهواء الصادة عن اتباع الرسدالة‪ .‬ويم كدام المألدذب أعظدم ا‬
‫الجاحد والمألذِّّب حسدااو مع استيقام صدق الرسل ‪.‬‬

‫ب ـ أنواعه‬

‫الألفر نوعام‪ :‬النوع األو ‪ :‬كفر أكبر يخرت من الملة‪ ،‬وهو خمسة أقسام‪:‬‬

‫َّللا كَد ِّذباا أَ ْو كَدذَّ َب‬ ‫دن ا ْفتَ َدرا َ‬


‫علَدى َّ ِّ‬ ‫دن أَ ْظلَدم ِّم َّم ِّ‬
‫القسم األو ‪ :‬كفر التَّألذيب‪ ،‬والدَّليل‪ :‬قوله تعالى‪َ { :‬و َم ْ‬
‫ين} [العنألبو ‪.]68/‬‬ ‫ِّبا ْلحَقّ ِّ لَ َّما َجا َءه أَلَي َ‬
‫ْس فِّي َج َهنَّ َم َمثْ اوا ِّلّ ْلألَافِّ ِّر َ‬

‫‪- 36 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫القسم الثاني‪ :‬كفر اإلباء واالستألبار مع التصديق‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪َ { :‬و ِّي ْذ ق ْلنَا ِّل ْل َمالَئِّ َأل ِّة ا ْ‬
‫سجدواْ‬
‫َام ِّم َن ا ْلألَافِّ ِّر َ‬
‫ين} [البقرة‪.]34/‬‬ ‫يس أَبَى َوا ْ‬
‫ستَ ْألبَ َر َوك َ‬ ‫آل َد َم فَ َ‬
‫س َجدواْ يِّالَّ يِّ ْب ِّل َ‬
‫س ِّه قَا َ‬
‫القسم الثالث‪ :‬كفر الي ِّّّي‪ ،‬وهو كفر ال ّظ ّن‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪َ { :‬و َد َخ َل َجنَّتَه َوه َو َظا ِّل ٌم ِّلّنَ ْف ِّ‬
‫ساعَةَ قَا ِّئ َمةا َولَ ِّن ُّر ِّدد ُّ ِّيلَى َر ِّّبي ألَ ِّجد ََّم َخي اْرا ِّّم ْن َها منقَلَ ابا *‬
‫َما أَظ ُّن أَم تَ ِّبي َد َه ِّذ ِّه أَ َبداا * َو َما أَظ ُّن ال َّ‬
‫س َّواكَ َرج ادال * لَّ ِّألنَّدا ه َدو‬ ‫َاحبه َوه َو ي َحا ِّوره أَ َكفَ ْر َ ِّبالَّذِّي َخلَقَيَ ِّمن ت َرا ٍ‬
‫ب ث َّم ِّمن نُّ ْرفَ ٍة ث َّم َ‬ ‫قَا َ لَه ص ِّ‬
‫َّللا َربِّّي َوالَ أش ِّْرك بِّ َربِّّي أَ َحداا} [الألهف‪.]38-35/‬‬ ‫َّ‬
‫ع َّمددا أن دذِّروا م ْع ِّر د َ‬
‫دوم}‬ ‫دراض‪ ،‬والدددليل قولدده تعددالى‪َ { :‬والَّ دذ َ‬
‫ِّين َكفَددروا َ‬ ‫القسددم الرابددع‪ :‬كفددر اإلعد ِّ‬
‫[األحقا ‪.]3/‬‬

‫فاق‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪{ :‬ذَ ِّليَ ِّبأَنَّه ْم آ َمندوا ثد َّم َكفَدروا فَر ِّبد َع َ‬
‫علَدى قلدو ِّب ِّه ْم‬ ‫القسم الخامس‪ :‬كفر النّ ِّ‬
‫فَه ْم ال يَ ْفقَه َ‬
‫وم} [المنافقين‪.]3/‬‬

‫كفر أصغر ال يخرت من الملة‪ ،‬وهو الألفر العملي‪ ،‬وهو الذنوب التي ورد تسميتها‬ ‫النوع الثاني‪ٌ :‬‬
‫فرا‪ ،‬وهي ال تصل يلدى حد ِّّد الألفدر األكبدر‪ ،‬مثدل كفدر النعمدة المدذكور فدي قولده‬ ‫في الألتاب والسنة ك ا‬
‫َدام فَ َألفَ َدر ْ ِّبدأ َ ْنع ِّم‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َّللا َمثَ اال قَ ْر َية كَانَتْ ِّ‬
‫آمنَة ُّم ْر َم ِّنَّة َيأ ِّتي َها ِّر ْنق َها َر َ‬
‫غدداا ِّّمدن كد ِّّل َمأل ٍ‬ ‫تعالى‪َ { :‬و َ َر َب َّ‬
‫َّللا} [النحل‪.]112/‬‬‫َّ ِّ‬
‫المسدلم فسدوقٌ‪ ،‬وقتالده كفدر)‬
‫ِّ‬ ‫ومثل قتا المسلم المذكور في قوله صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬سدباب‬
‫[رواه البخاري ومسلم]‪.‬‬

‫داب بعددل) [رواه‬ ‫وفددي قولدده صددلى هللا عليدده وسددلم‪( :‬ال تَرجعددوا بعدددي كفَّد ا‬
‫دارا يضددرب بعضددألم رقد َ‬
‫الييخام]‪.‬‬

‫ومثل الحلف بغير هللا‪ ،‬قا صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬مدن حلدف بغيدر هللا فقدد كفدر أو أشدرك) [رواه‬
‫الترمذي وحسنه وصححه الحاكم]‪.‬‬

‫علَديْألم ا ْل ِّقصَداص فِّدي‬ ‫دب الألبيدرة مؤمنادا‪ ،‬قدا تعدالى‪{ :‬يَدا أَيُّ َهدا الَّدذ َ‬
‫ِّين آ َمندواْ كتِّ َ‬
‫دب َ‬ ‫فقد جعل هللا مرت ِّأل َ‬
‫ا ْلقَتْلَى}‪.‬‬

‫فلم يخرت القات َل من الذين آمنوا‪ ،‬وجعله أ اخا لولي القصاص فقا ‪{ :‬فَ َم ْن ع ِّف َي لَه ِّم ْن أَ ِّخي ِّه ش ْ‬
‫َدي ٌء‬
‫ام} [البقرة‪.]178/‬‬ ‫ع بِّا ْل َم ْعرو ِّ َوأَدَا ٌء يِّلَ ْي ِّه بِّ ِّإحْ َ‬
‫س ٍ‬ ‫فَا ِّتّبَا ٌ‬

‫والمراد‪ :‬أخوة الدين‪ ،‬بال ريب‪.‬‬

‫ين ا ْقتَتَلوا فَأ َ ْ‬


‫ص ِّلحوا بَ ْينَه َما} [الحجرا ‪.]9/‬‬ ‫ام ِّم َن ا ْلم ْؤ ِّمنِّ َ‬
‫وقا تعالى‪َ { :‬ويِّم َطائِّفَتَ ِّ‬
‫ص ِّلحوا بَ ْي َن أَ َخ َويْأل ْم} [الحجرا ‪.]10/‬‬
‫وم يِّ ْخ َوةٌ فَأ َ ْ‬
‫يلى قوله‪{ :‬يِّنَّ َما ا ْلم ْؤ ِّمن َ‬

‫انتهى من شرح الرحاوية باختصار‪.‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وملخص الفروق بين الألفر األكبر والألفر األصغر‪:‬‬


‫‪َّ -1‬‬
‫أم الألفر األكبر يخرت من الملة‪ ،‬ويحب األعما ‪ ،‬والألفر األصغر ال يخرت من الملة وال يحب‬
‫ويعرض صاحبَها للوعيد‪.‬‬
‫ِّ ّ‬ ‫األعما ‪ ،‬لألن ينقصها بحسبه‪،‬‬

‫األكبر يخلد صداحبه فدي الندار‪ ،‬والألفدر األصدغر يذا دخدل صداحبه الندار‪ ،‬فإنده ال يخلدد‬
‫َ‬ ‫الألفر‬
‫َ‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫أم‬
‫ا‬
‫أصال‪.‬‬ ‫فيهاو وقد يتوب هللا على صاحبه‪ ،‬فال يدخله النار‬

‫األكبر يبيح الدم والما ‪ ،‬والألفر األصغر ال يبيح الدم والما ‪.‬‬
‫َ‬ ‫الألفر‬
‫َ‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫أم‬

‫‪ -4‬أم الألفددر األكبددر يوجددب العددداوة الخالصددة بددين صدداحبه وبددين المددؤمنين‪ ،‬فددال يجددون للمددؤمنين‬
‫محبته ومواالته ولو كام أقرب قريب‪ ،‬وأما الألفر األصغر فإنه ال يمنع المواالة مرلقاا‪ ،‬بل صاحبه‬
‫ي َح ُّب ويوالى بقدر ما فيه من اإليمام‪ ،‬ويغل ويعادا بقدر ما فيه من العصيام‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬النفاق‪ :‬تعريفه‪ ،‬أنواعه‬


‫أ ـ تعريفـه‬

‫النفاق لغة‪ :‬مصدر نافق‪ ،‬يقا ‪ :‬نافق ينافق نفاقاا ومنافقة‪ ،‬وهو مأخوذ من النافقداء‪ :‬أحدد مخدارت‬
‫اليربوع من جحرهو فإنه يذا طلب من مخرت هرب يلى اآلخر‪ ،‬وخدرت منده‪ ،‬وقيدل‪ :‬هدو مدن النفدق‬
‫سِّر الذي يستتر فيه ‪.‬‬
‫وهو‪ :‬ال ّ‬
‫وأما النفاق فدي اليدرع فمعنداه‪ :‬يظهدار اإلسدالم والخيدر‪ ،‬ويبردام الألفدر واليدرو سدمي بدذلي ألنده‬
‫يدددخل فددي اليددرع مددن بدداب‪ ،‬ويخددرت مندده مددن بدداب آخددر‪ ،‬وعلددى ذلددي نبدده هللا تعددالى بقولدده‪{ :‬يِّ َّم‬
‫وم} [التوبة‪.]67/‬‬‫سق َ‬‫ين هم ا ْلفَا ِّ‬
‫ا ْلمنَافِّ ِّق َ‬

‫أي‪ :‬الخارجوم من اليرع‪.‬‬

‫ين فِّدددي الدددد َّْر ِّك األَ ْ‬


‫سدددفَ ِّل ِّمد َ‬
‫ددن النَّدددا ِّر}‬ ‫ددرا مدددن الألدددافرين فقدددا ‪{ :‬يِّ َّم ا ْلمنَدددافِّ ِّق َ‬
‫وجعدددل هللا المندددافقين شد ًّ‬
‫[النساء‪.]145/‬‬
‫َّللا َوالَّدذ َ‬
‫ِّين‬ ‫وم ّ َ‬‫َّللا َوه َدو َخدادِّعه ْم} [النسداء‪{ ،]142/‬ي َخدادِّع َ‬ ‫وم َّ َ‬ ‫وقا تعالى‪ِّ { :‬ي َّم ا ْلمنَافِّ ِّق َ‬
‫ين ي َخدادِّع َ‬
‫َّللا َم َر ادا َولَهدم عَدذَ ٌ‬
‫اب‬ ‫وم * فِّي قلوبِّ ِّهم َّمد َرضٌ فَ َدزادَهم ّ‬
‫سهم َو َما يَيْعر َ‬ ‫وم يِّالَّ أَنف َ‬‫آ َمنوا َو َما يَ ْخدَع َ‬
‫وم} [البقرة‪.]10 ،9/‬‬ ‫أَ ِّلي ٌم ِّب َما كَانوا َي ْألذِّب َ‬

‫ب ـ أنواع النفاق‬

‫النفاق نوعام‪ :‬النوع األو ‪ :‬النفاق االعتقادي‪ :‬وهو النفداق األكبدر الدذي يظهدر صداحبه اإلسدالم‪،‬‬
‫ويبرن الألفر‪ ،‬وهذا النوع مخرت مدن الددين بالألليدة‪ ،‬وصداحبه فدي الددرك األسدفل مدن الندار‪ ،‬وقدد‬
‫َددف هللا أهلددده بصدددفا اليدددر كلهدددا‪ :‬مدددن الألفدددر وعددددم اإليمدددام‪ ،‬واالسدددتهزاء بالددددين وأهلددده‪،‬‬
‫وص َ‬
‫والسخرية منهم‪ ،‬والميل بالأللية يلدى أعدداء الددينو لميداركتهم لهدم فدي عدداوة اإلسدالم‪ .‬وهدؤالء‬
‫َموجودوم في كل نمام‪ ،‬وال سيما عندما تظهر قوة اإلسالم وال يستريعوم مقاومته فدي الظداهر‪،‬‬
‫‪- 38 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫فإنهم يظهروم الدخو فيهو ألجل الأليدد لده وألهلده فدي البداطنو وألجدل أم يعييدوا مدع المسدلمين‬
‫ويأمنوا على دمائهم وأموالهمو فيظهر المنافق ييمانه باهلل ومالئألته وكتبه ورسله واليوم اآلخدرو‬
‫وهو في الباطن منسلخ من ذلي كله مألذب به‪ ،‬ال يؤمن باهلل‪ ،‬وال يدؤمن بدأم هللا تأللدم بألدالم أنزلده‬
‫رسوال للناس يهديهم بإذنه‪ ،‬وينذرهم بأسه ويخوفهم عقابه‪ ،‬وقدد هتدي هللا أسدتار‬ ‫ا‬ ‫على بير جعله‬
‫هؤالء المنافقين‪ ،‬وكيف أسرارهم في القرآم الألريم‪ ،‬وجلى لعبداده أمدورهمو ليألوندوا منهدا ومدن‬
‫وذكر طوائف العالم الثالثة في أو البقرة‪ :‬المؤمنين‪ ،‬والألفار‪ ،‬والمنافقين‪ ،‬فذكر‬ ‫َ‬ ‫أهلها على حذر‪.‬‬
‫في المؤمنين أربدع آيدا ‪ ،‬وفدي الألفدار آيتدين‪ ،‬وفدي المندافقين ثدالث عيدرة آيدةو لألثدرتهم وعمدوم‬
‫االبتالء بهم‪ ،‬وشدة فتنتهم على اإلسالم وأهله‪ ،‬فإم بلية اإلسالم بهم شديدة جدًّاو ألنهم منسوبوم‬
‫يليه ويلى نصرته ومواالته‪ ،‬وهم أعداؤه في الحقيقةو يخرجوم عداوته في كل قالب يظن الجاهدل‬
‫أنه علم ويصالح‪ ،‬وهو غاية الجهل واإلفساد ‪.‬‬

‫وهذا النفاق ستة أنواع ‪:‬‬

‫‪ -1‬تألذيب الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -2‬تألذيب بعل ما جا َء به الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -3‬بغل الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ -4‬بغل بعل ما جاء به الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫المسرة بانخفاض دين الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬


‫َّ‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ -6‬الألراهية النتصار دين الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬النفاق العملي‪ :‬وهو عمل شيء من أعما المنافقينو مدع بقداء اإليمدام فدي القلدب‪،‬‬
‫صدار‬
‫َ‬ ‫وهذا ال يخرت من الملة‪ ،‬لألنه وسيلة يلى ذلي‪ ،‬وصاحبه يألوم فيه ييمام ونفداق‪ ،‬ويذا كثدرو‬
‫كدام منافقادا‬
‫دن فيده َ‬ ‫بسدببه منافقادا خال ا‬
‫صدا‪ ،‬والددليل عليده قولده صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬أربد ٌع َم ْ‬
‫دن ك َّ‬
‫صا‪ ،‬ومن كانت فيه خصلة منهن كاندت فيده خصدلة مدن النفداق حتدى يددعهاو يذا أؤتمدن خدام‪،‬‬ ‫خال ا‬
‫ويذا حدّث كذب‪ ،‬ويذا عاهد غدر‪ ،‬ويذا خاصم فجر) [متفق عليه]‪.‬‬

‫فمن اجتمعت فيه هذه الخصا األربع‪ ،‬فقد اجتمع فيه الير‪ ،‬وخلصت فيه نعدو المندافقين‪ ،‬و َمدن‬
‫كانت فيه واحدة منها صار فيه خصلة من النفاق‪ ،‬فإنه قد يجتمع في العبدد خصدا خيدر‪ ،‬وخصدا‬
‫شر‪ ،‬وخصا ييمام‪ ،‬وخصا كفدر ونفداق‪ ،‬ويسدتحق مدن الثدواب والعقداب بحسدب مدا قدام بده مدن‬
‫موجبا ذلي‪.‬‬

‫ومنه‪ :‬التألاسل عن الصالة مدع الجماعدة فدي المسدجدو فإنده مدن صدفا المندافقين‪ ،‬فالنفداق شدر‪،‬‬
‫وخرير جدًّا‪ ،‬وكام الصحابة يتخوفوم من الوقوع فيده‪ ،‬قدا ابدن أبدي مليألدة‪( :‬أدركدت ثالثدين مدن‬
‫أصحاب رسو هللا صلى هللا عليه وسلم كلُّهم يخا النفاق على نفسه)‪.‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الفروق بين النفاق األكبر والنفاق األصغر‬

‫األكبر يخرت من الملَّة‪ ،‬والنفاقَ األصغر ال يخرت من الملَّة‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪ -1‬يم النفاقَ‬
‫السددر‬ ‫‪ -2‬يم النفدداق األكبددر‪ :‬اخددتال السددر والعالنيددة فددي االعتقدداد‪ ،‬والنفدداق األصددغر‪ :‬اخددتال‬
‫والعالنية في األعما دوم االعتقاد‪.‬‬

‫‪ -3‬يم النفاق األكبر ال يصدر من مؤمن‪ ،‬وأما النفاق األصغر فقد يصدر من المؤمن‪.‬‬

‫‪ -4‬يم النفاق األكبر في الغالب ال يتوب صاحبه‪ ،‬ولو تاب فقد اختلف في قبو توبته عند الحداكم‪.‬‬
‫بخال النفداق األصدغرو فدإم صداحبه قدد يتدوب يلدى هللا‪ ،‬فيتدوب هللا عليده‪ ،‬قدا شديخ اإلسدالم ابدن‬
‫وكثيرا ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق‪ ،‬ثم يتوب هللا عليه‪ ،‬وقد يرد على قلبده‬ ‫ا‬ ‫تيمية ‪( :‬‬
‫بعل ما يوجب النفاق‪ ،‬ويدفعه هللا عنه‪ ،‬والمدؤمن يبتلدى بوسداوس اليديرام‪ ،‬وبوسداوس الألفدر‬
‫يخدر مدن‬
‫التي يضيق بها صدره‪ ،‬كما قا الصحابة‪ :‬يا رسو هللا‪ ،‬يم أحدنا ليجد في نفسه ما ل ن ّ‬
‫السماء يلى األرض‪ ،‬أحب يليه من أم يتأللم به‪ ،‬فقا ‪( :‬ذلي صريح اإليمام) [رواه أحمد ومسلم]‪.‬‬
‫وفي رواية‪ :‬ما يتعاظم أم يتأللم به‪ ،‬قا ‪( :‬الحمد هلل الذي ر َّد كيده يلى الوسوسة)‪ ،‬أي حصو هذا‬
‫الوسواس‪ ،‬مع هذه الألراهة العظيمة‪ ،‬ودفعه عن القلب‪ ،‬هو من صريح اإليمام) انتهى‪.‬‬

‫وم} [البقدرة‪ .]18/‬أي‪ :‬يلدى‬ ‫دي فَهد ْم الَ َي ْر ِّجعد َ‬


‫وأما أهل النفاق األكبر‪ ،‬فقا هللا فديهم‪{ :‬صد ٌّم بألْد ٌم ع ْم ٌ‬
‫دوم فِّدي كد ِّّل عَدا ٍم َّم َّدرةا أَ ْو َم َّدرتَي ِّْن ثد َّم الَ‬
‫اإلسالم في الباطن‪ ،‬وقا تعالى فيهم‪{ :‬أَ َوالَ يَ َر ْو َم أَنَّهد ْم ي ْفتَن َ‬
‫وم َوالَ ه ْم يَذَّكَّر َ‬
‫وم} [التوبة‪.]126/‬‬ ‫يَتوب َ‬

‫قا شيخ اإلسالم ابن تيمية‪( :‬وقد اختلف العلماء في قبو توبتهم في الظاهرو لألوم ذلي ال يعلدم‪،‬‬
‫يذ هم دائ اما يظهروم اإلسالم) ‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬بيام حقيقة كل من الجاهلية ‪ -‬الفسق ‪ -‬الضال ‪ -‬الردة‪ :‬أقسامها‪ ،‬أحألامها‬
‫‪ 1‬ـ الجاهليـة‬

‫هددي الحددا التددي كانددت عليهددا العددرب قبددل اإلسددالمو مددن الجهددل بدداهلل ورسددله‪ ،‬وشددرائع الدددين‪،‬‬
‫والمفاخرة باألنساب‪ ،‬والألبر والتجبر‪ ،‬وغير ذلي ‪ ،‬نِّسبةا يلى الجهل الذي هو عددم العلدم‪ ،‬أو عددم‬
‫جهدال بسدي ارا‪ ،‬فدإم‬
‫ا‬ ‫اتباع العلم‪ ،‬قا شيخ اإلسالم ابدن تيميدة‪َّ ( :‬‬
‫فدإم مدن لدم يعلدم الحدق فهدو جاهدل‬
‫جهال مركباا‪ ،‬فإم قا خال الحق عال اما بالحق‪ ،‬أو غير عالم‪ ،‬فهو جاهدل‬ ‫ا‬ ‫اعتقد خالفه فهو جاهل‬
‫أيضاا‪ ،‬فإذا تبيّن ذلي فالناس قبل بعث الرسو صلى هللا عليه وسلم كانوا في جاهلية منسوبة يلى‬
‫الجهل‪ ،‬فإم ما كانوا عليه من األقوا واألعما ‪ ،‬ينما أحدثه لهم جاهل‪ ،‬وينما يفعله جاهل‪ ،‬وكذلي‬
‫كل ما يخالف ما جاء به المرسلوم‪ ،‬مدن يهوديدة ونصدرانية‪ ،‬فهدو جاهليدة‪ ،‬وتلدي كاندت الجاهليدة‬
‫العامة‪.‬‬

‫فأمدا بعددد بعددث الرسددو صددلى هللا عليده وسددلم فقددد تألددوم فددي مصدر دوم مصددر‪ ،‬كمددا هددي فددي دار‬
‫الألفار‪ ،‬وقد تألوم في شخص دوم شخص‪ ،‬كالرجل قبدل أم يسدل َم فإنده فدي جاهليدة‪ ،‬ويم كدام فدي‬
‫دار اإلسالم‪ ،‬فأما في نمام مرلق فال جاهلية بعد مبعث محمد صلى هللا عليه وسلمو فإنده ال تدزا‬
‫‪- 40 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫من أمته طائفة ظاهرين على الحق يلى قيام الساعة‪ ،‬والجاهلية المقيدة قدد توجدد فدي بعدل ديدار‬
‫المسلمين‪ ،‬وفي كثير من األشخاص المسلمين‪ ،‬كما قا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أربع في أمتي من‬
‫أمر الجاهلية‪[ )...‬رواه مسدلم] وقدا ألبدي ذر‪( :‬يندي امدرؤ فيدي جاهليدة) [فدي الصدحيحين] ونحدو‬
‫ذلي) انتهى‪.‬‬

‫وملخص ذلي‪ :‬أم الجاهلية‪ :‬نسبة يلى الجهل‪ ،‬وهو عدم العلم‪ ،‬وأنها تنقسم يلى قسمين‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الجاهليدة العامدة‪ :‬وهدي مدا كدام قبدل مبعدث الرسدو محمدد صدلى هللا عليده وسدلم وقدد انتهدت‬
‫ببعثته‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ جاهلية خاصة ببعل الدو ‪ ،‬وبعل البلدام‪ ،‬وبعل األشخاص‪ ،‬وهدذه ال تدزا باقيدة‪ ،‬وبهدذا‬
‫موم الجاهلية في هذا الزمام فيقولدوم‪ :‬جاهليدة هدذا القدرم أو جاهليدة القدرم‬ ‫يتضح خرأ من يع ّم َ‬
‫العيرين‪ ،‬وما شابه ذلي‪ ،‬والصواب أم يقدا َ ‪ :‬جاهليدة بعدل أهدل هدذا القدرم‪ ،‬أو غالدب أهدل هدذا‬
‫القرمو وأما التعميم فال يصد ُّح وال يجدونو ألنده ببعثدة النبدي صدلى هللا عليده وسدلم نالدت الجاهليدة‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الفسـق‬

‫الفسق لغدة‪ :‬الخدروت‪ ،‬والمدراد بده شدرعاا‪ :‬الخدروت عدن طاعدة هللا‪ ،‬وهدو ييدمل الخدروت الأللديو‬
‫فيقا للألافر‪ :‬فاسق‪ ،‬والخروت الجزئيو فيقا للمؤمن المرتألب لألبيرة من كبار الذنوب‪ :‬فاسق‪.‬‬

‫يبليس فقا ‪:‬‬


‫َ‬ ‫فالفسق فسقام‪ :‬فسق ينقل عن الملة‪ ،‬وهو الألفر‪ ،‬فيس َّمى الألافر فاسقاا‪ ،‬فقد ذكر هللا‬
‫{فَفَسَقَ ع َْن أَ ْم ِّر َربِّّ ِّه} [الألهف‪ ،]50/‬وكام ذلي الفسق منه ك ا‬
‫فرا‪.‬‬

‫سقوا فَ َمأْ َواهم ال َّنار}‪ ،‬يريد الألفار‪ ،‬د َّ على ذلي قوله‪{ :‬كلَّ َمدا أَ َرادوا‬ ‫وقا هللا تعالى‪َ { :‬وأَ َّما الَّذ َ‬
‫ِّين فَ َ‬
‫وم} [السجدة‪.]20/‬‬ ‫اب النَّ ِّار الَّذِّي كنتم بِّ ِّه ت َألذِّّب َ‬ ‫أَم يَ ْخرجوا ِّم ْن َها أ ِّعيدوا فِّي َها َوقِّي َل لَه ْم ذوقوا َ‬
‫عذ َ َ‬
‫ويسد َّمى مرتألددب الألبيدرة مددن المسدلمين‪ :‬فاسدقاا‪ ،‬ولدم يخرجدده فسدقه مددن اإلسدالم‪ ،‬قددا هللا تعددالى‪:‬‬
‫صدنَا ِّ ثد َّم لَد ْم يَددأْتوا ِّبأ َ ْربَعَد ِّة شد َهدَا َء فَاجْ ِّلددوه ْم ثَ َمددانِّ َ‬
‫ين َج ْلد َدةا َوال تَ ْقبَلددوا لَهد ْم‬ ‫دوم ا ْلمحْ َ‬
‫ِّين يَ ْرمد َ‬ ‫{ َوالَّدذ َ‬
‫وم} [النور‪.]4/‬‬ ‫سق َ‬ ‫ش َها َدةا أَبَداا َوأ ْولَ ِّيَ هم ا ْلفَا ِّ‬
‫َ‬

‫يه َّن ا ْل َح َّج فَالَ َرفَ َث َوالَ فسوقَ َوالَ ِّجدَا َ فِّي ا ْل َح ّجِّ} [البقرة‪.]196/‬‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬فَ َمن فَ َر َ‬
‫ض فِّ ِّ‬
‫وقا العلماء في تفسير الفسوق هنا‪ :‬هو المعاصي ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الضـال‬

‫دن ا ْهتَددَا فَ ِّإنَّ َمدا يَ ْهتَددِّي‬


‫الضال ‪ :‬العدو عن الرريق المستقيم‪ ،‬وهو دد الهدايدة‪ ،‬قدا تعدالى‪َ { :‬م ِّ‬
‫س ِّه َو َمن َ َّل فَ ِّإنَّ َما يَ ِّض ُّل َ‬
‫علَ ْي َها} [اإلسراء‪.]15/‬‬ ‫ِّلنَ ْف ِّ‬
‫والضال يرلق على عدة معام‪:‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫اآلخ ِّر فَقَد ْد‬


‫اّلِل َو َمالَئِّ َألتِّ ِّه َوكت ِّب ِّه َورس ِّل ِّه َوا ْليَ ْو ِّم ِّ‬
‫‪ -1‬فتارةا يرلق على الألفر‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و َمن يَألْف ْر ِّب َّ ِّ‬
‫َ َّل َ الَ اال بَ ِّعيداا} [النساء‪.]136/‬‬

‫اّلِل فَقَ ْد َ َّل َ الَ اال بَ ِّعيداا} [النساء‪.]116/‬‬


‫‪ -2‬وتارة يرلق على اليرك‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و َمن يي ِّْر ْك ِّب َّ ِّ‬
‫‪ -3‬وتارة يرلق على المخالفة التي هي دوم الألفر‪ ،‬كما يقا ‪ :‬الفرق الضالة‪ :‬أي المخالفة‪.‬‬
‫ض دا ِّلّ َ‬
‫ين}‬ ‫‪ -4‬وتددارة يرلددق علددى الخرددأ‪ ،‬ومندده قددو موسددى عليدده السددالم‪{ :‬فَعَ ْلت َهددا ِّيذاا َوأَنَ دا ِّمد َ‬
‫دن ال َّ‬
‫[اليعراء‪.]20/‬‬

‫‪ -5‬وتدارةا يرلددق علددى النسدديام‪ ،‬ومندده قولدده تعدالى‪{ :‬أَم تَ ِّضد َّل يْحْ ددَاه َما فَتدذَ ِّ ّك َر يِّحْ د َداه َما األ ْخد َرا}‬
‫[البقرة‪.]282/‬‬

‫الة اإلبل ‪.‬‬ ‫‪ -6‬ويرلق الضال على الضياع والغيبة‪ ،‬ومنه‪:‬‬


‫‪ 4‬ـ الردة وأقسامها وأحألامها‬

‫علَى أَ ْدبَ ِّارك ْم} [المائدة‪.]21/‬‬


‫الردة لغة‪ :‬الرجوع‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬والَ تَ ْرتَدُّوا َ‬

‫أي‪ :‬ال ترجعوا‪ ،‬والردة في االصرالح اليرعي هي‪ :‬الألفر بعد اإلسدالم‪ ،‬قدا تعدالى‪َ { :‬و َمدن يَ ْرتَد ِّد ْد‬
‫دار‬‫اآلخد َر ِّة َوأ ْولَدـ ِّيَ أَصْد َحاب النَّ ِّ‬
‫ِّمنأل ْم عَن دِّي ِّن ِّه فَ َيمتْ َوه َو كَا ِّف ٌر فَأ ْولَـ ِّيَ َح ِّب َرتْ أَ ْع َماله ْم ِّفي ال ُّد ْن َيا َو ِّ‬
‫وم} [البقرة‪.]217/‬‬ ‫ه ْم فِّي َها َخا ِّلد َ‬

‫ندواقل اإلسدالم‪ ،‬وندواقل اإلسدالم كثيدرة ترجدع يلدى‬


‫ِّ‬ ‫ناقل مدن‬
‫ٍ‬ ‫أقسامها‪ :‬الردة تحصل بارتألاب‬
‫أربعة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬

‫كسب هللا تعالى‪ ،‬أو رسوله صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أو مالئألته‪ ،‬أو أحد من رسله‪.‬‬
‫ّ ِّ‬ ‫‪ -1‬الردة بالقو ‪:‬‬
‫أو ادّعاء علم الغيب‪ ،‬أو ادّعاء النبوة‪ ،‬أو تصديق من يدعيها‪ .‬أو دعاء غير هللا‪ ،‬أو االسدتعانة بده‬
‫فيما ال يقدر عليه يال هللا‪ ،‬واالستعاذة به في ذلي‪.‬‬
‫‪ -2‬الردة بالفعل‪ :‬كالسجود للصنم واليجر‪ ،‬والحجر والقبدور‪ ،‬والدذبح لهدا‪ .‬ويلقداء المصدحف فدي‬
‫المواطن القذرة‪ ،‬وعمل السحر‪ ،‬وتعلمه وتعليمه‪ ،‬والحألم بغير ما أنز هللا معتقداا حله‪.‬‬

‫‪ -3‬الردة باالعتقاد‪ ،‬كاعتقاد اليريي هلل‪ ،‬أو أم الزنا والخمر والربا حال ‪ ،‬أو أم الخبز حرام‪ ،‬وأم‬
‫الصالة غير واجبة‪ ،‬ونحو ذلي مما أجمع على حله‪ ،‬أو حرمته أو وجوبده‪ ،‬يجماعادا قرع ًّيدا‪ ،‬ومثلده‬
‫ال يجهله‪.‬‬
‫‪ -4‬الردة باليي في شيء مما سبق‪ ،‬كمن شيَّ في تحريم اليرك‪ ،‬أو تحريم الزنا والخمدر‪ ،‬أو فدي‬
‫حدل الخبدز‪ ،‬أو شدي فدي رسدال ة النبدي صدلى هللا عليده وسدلم أو رسدالة غيدره مدن األنبيداء‪ ،‬أو فددي‬
‫صدقه‪ ،‬أو في دين اإلسالم‪ ،‬أو في صالحيته لهذا الزمام‪.‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ -5‬الردة بالترك‪ ،‬كمن ترك الصالة متعمددااو لقدو النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬بدين العبدد وبدين‬
‫الألفر واليرك ترك الصالة) [رواه مسلم] وغيره من األدلة على كفر تارك الصالة‪.‬‬

‫وأحألامها التي تترتب عليها بعد ثبوتها هي‪:‬‬

‫‪ -1‬استتابة المرتد‪ ،‬فإم تاب ورج َع يلى اإلسالم في خال ثالثة أيامو قبل منه ذلي وترك‪.‬‬

‫دوبو وجددب قتلددهو لقولدده صددلى هللا عليدده وسددلم‪( :‬مددن ب د َّد َ ديندده فدداقتلوه) [رواه‬
‫‪ -2‬يذا أبددى أم يتد َ‬
‫البخاري وأبو داود]‪.‬‬

‫‪ -3‬يمنع من التصر في ماله في مدة استتابته‪ ،‬فإم أسلم فهو لهو ويال صار في اا لبيت الما ‪ ،‬من‬
‫حيث قتله‪ ،‬أو موته على الردة‪ .‬وقيل‪ :‬من حين ارتداده يصر في مصالح المسلمين‪.‬‬

‫‪ -4‬انقراع التوارث بينه وبين أقاربهو فال يرثهم وال يرثونه‪.‬‬

‫سل وال يصلَّى عليه وال يدفن فدي مقدابر المسدلمين‪ ،‬وينمدا‬
‫‪ -5‬يذا ما َ أو قت َل على ردته فإنه ال يغ َّ‬
‫يدفَن في مقابر الألفّار‪ ،‬أو يوارا في التراب في أي مألام غير مقابر المسلمين‪.‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الباب الرابع‪ :‬أقوا وأفعا تنافي التوحيد أو تن ِّقصه‬


‫وفيه فصو ‪:‬‬

‫الفصل األو ‪ :‬ادعاء علم الغيب في قراءة الألف والفنجام‪ ،‬والتنجيم‪ ...‬يلخ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬السحر والألهانة والعرافة‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارا والقبور وتعظيمها‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬تعظيم التماثيل والنصب التذكارية‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬االستهزاء بالدين واالستهانة بحرماته‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬الحألم بغير ما أنز هللا‪.‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬ادعاء حق التيريع والتحليل والتحريم‪.‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬االنتماء يلى المذاهب اإللحادية‪ ،‬واألحزاب الجاهلية‪.‬‬

‫الفصل التاسع‪ :‬النظرة المادية للحياة‪.‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬التمائم والرقى‪.‬‬

‫الفصل الحادي عير‪ :‬الحلف بغير هللا‪ ،‬والتوسل واالستعانة بالمخلوق دوم هللا‪.‬‬
‫الفصل األو ‪ :‬ا ّدِّعاء علم الغيب في قراءة الألف والفنجام وغيرهما‬
‫المراد بالغيب‬

‫ما غاب عن الناس من األمور المستقبلة والما ية وما ال يرونده‪ ،‬وقدد اخدتص هللا تعدالى بعلمده‪،‬‬
‫َّللا} [النمل‪.]65/‬‬
‫ْب يِّال َّ‬ ‫اوا ِّ َواألَ ْر ِّ‬
‫ض ا ْلغَي َ‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬قل ال يَ ْعلَم َمن فِّي ال َّ‬
‫س َم َ‬
‫فال يعلم الغيب يال هللا سبحانه‪ ،‬وحده‪ ،‬وقد يرلع رسله على مدا شداء مدن غيبده لحألمدة ومصدلحة‪،‬‬
‫غ ْي ِّب ِّه أَ َحداا * ِّيال َم ِّن ا ْرتَ َ‬
‫ضى ِّمن َّرسو ٍ } [الجن‪.]27 ،26/‬‬ ‫ب فَال ي ْظ ِّهر َ‬
‫علَى َ‬ ‫قا تعالى‪{ :‬عَا ِّلم ا ْلغَ ْي ِّ‬
‫أي‪ :‬ال يرلع على شيء من الغيب يال من اصرفاه لرسالته‪ ،‬فيظهره على ما يياء من الغيبو ألنه‬
‫يستد على نبوتده بدالمعجزا و التدي منهدا اإلخبدار عدن الغيدبو الدذي يرلعده هللا عليده‪ ،‬وهدذا يعدم‬
‫الرسو الملألي والبيري‪ ،‬وال يرلع غيرهما لدليل الحصر‪ .‬فمن ادّعى علم الغيب بأي وسيلة من‬
‫الوسائل غير من استثناه هللا من رسله‪ ،‬فهو كاذب كافرو سواء ادّعدى ذلدي بواسدرة قدراءة الألدف‬
‫أو الفنجدددام‪ ،‬أو الألهاندددة أو السدددحر أو التنجددديم‪ ،‬أو غيدددر ذلدددي‪ ،‬وهدددذا الدددذي يحصدددل مدددن بعدددل‬
‫الميعوذين والدجالينو من اإلخبار عدن مألدام األشدياء المفقدودة واألشدياء الغائبدة‪ ،‬وعدن أسدباب‬
‫‪- 44 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫بعل األمراض‪ ،‬فيقولوم‪ :‬فدالم ع َِّمد َل لديَ كدذا وكدذا فمر دتَ بسدببه‪ ،‬وينمدا هدذا السدتخدام الجدن‬
‫واليياطين‪ ،‬ويظهروم للناس أم هذا يحصل لهمو عن طريق عمل هدذه األشدياء مدن بداب الخدداع‬
‫والتلبدديس‪ ،‬قددا شدديخ اإلسددالم ابددن تيميددة ‪( :‬والألهددام كددام يألددوم ألحدددهم القددرين مددن اليددياطين‪،‬‬
‫صددقَ بالألدذب) يلدى أم قدا ‪:‬‬
‫يخبره بألثير من المغيبا بما يسترقه من السمع‪ ،‬وكانوا يَخلردوم ال ِّ ّ‬
‫( ومن هؤالء من يأتيه الييرام بأطعمة فواكه وحلوا‪ ،‬وغير ذلي مما ال يألوم في ذلي المو ع‪،‬‬
‫ومنهم من يرير به الجني يلى مألة أو بيت المقدس أو غيرهما) انتهى‪.‬‬

‫وقد يألوم يخبارهم عن ذلي عن طريق التنجديم‪ ،‬وهدو االسدتدال بداألحوا الفلأليدة علدى الحدوادث‬
‫األر ددية‪ ،‬كأوقددا هبددوب الريدداح ومجدديء المرددر‪ ،‬وتغيددر األسددعار‪ ،‬وغيددر ذلددي مددن األمددور التدي‬
‫يزعموم أنها تدرك معرفتها بسدير الألواكدب فدي مجاريهدا‪ ،‬واجتماعهدا وافتراقهدا‪ .‬ويقولدوم‪ :‬مدن‬
‫تزوت بنجم كذا وكذا‪ ،‬حصل له كذا وكذا‪ ،‬ومن سافر بنجم كذا حصدل لده كدذا‪ ،‬ومدن ولدد بدنجم كدذا‬
‫وكذا حصل له كذاو من السعود أو النحوس‪ ،‬كما يعلن في بعل المجال الساقرة من الخزعبال‬
‫حو البروتو وما يجري فيها من الحظوظ‪.‬‬

‫وقد يذهب بعل الجها و عا اإليمام يلى هؤالء المنجمين‪ ،‬فيسألهم عن مستقبل حياته‪ ،‬ومدا‬
‫يجري عليه فيه‪ ،‬وعن نواجه وغير ذلي‪.‬‬

‫ومن ادَّعى علم الغيب أو صدَّق من يدَّعيه‪ ،‬فهو ميركٌ كافرو ألنه يدَّعي مياركة هللا فيما هو من‬
‫خصائصه‪ ،‬والنجوم مس َّخرة مخلوقة‪ ،‬ليس لها من األمر شيء‪ ،‬وال تد على نحوس‪ ،‬وال سعود‪،‬‬
‫وال مو ‪ ،‬وال حياة‪ ،‬وينما هذا كله من أعما اليياطين الذين يسترقوم السمع‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬السحر والألهانة وال ِّعرافة‬

‫حرمددة تخددل بالعقيدددة أو تناقضددهاو ألنهددا ال تحصددل يال بددأمور‬


‫كددل هددذه األمددور أعمددا شدديرانية م َّ‬
‫شركية‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ فالسحر عبارةٌ عما خفي ولَر َ‬


‫ف سببه‬

‫س ِّّمي سِّحْ راو ألنه يحصل بأمور خفية‪ ،‬ال تددرك باألبصدار‪ ،‬وهدو‪ :‬عدزائم ورقدى‪ ،‬وكدالم يدتأللم بده‪،‬‬
‫وأدوية وتدخينا ‪ ،‬وله حقيقدة‪ .‬ومنده مدا يدؤثر فدي القلدوب واألبددام فيمدرض ويقتدل ويفدرق بدين‬
‫َري‪ ،‬وهو عمل شديراني‪ ،‬وكثيدر منده ال يتوصدل يليده‬ ‫المرء ونوجه‪ ،‬وتأثيره بإذم هللا الألوني القَد ّ‬
‫يال باليرك والتقرب يلى األرواح الخبيثة بما تحب‪ ،‬والتوصل يلىاستخدامها باإلشراك بهداو ولهدذا‬
‫قرنه اليارع باليرك‪ ،‬حيث يقو النبي صلى هللا عليه وسدلم‪( :‬اجتنبدوا السدب َع الموبقدا ) قدالوا‪:‬‬
‫وما هي؟ قا ‪( :‬اإلشراك باهلل والسحر‪[ )...‬رواه البخاري ومسلم] الحديث‪ .‬فهو داخل فدي اليدرك‬
‫من ناحيتين‪:‬‬

‫الناحية األولى‪ :‬ما فيه من استخدام اليياطين‪ ،‬والتعلق بهم والتقرب يليهم بمدا يحبوندهو ليقومدوا‬
‫داس‬ ‫ين َكفَدرواْ يعَ ِّلّم َ‬
‫دوم النَّ َ‬ ‫ْاط َ‬ ‫سِّحر من تعليم اليياطين‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬ولَـ ِّأل َّن ال َّ‬
‫يي ِّ‬ ‫بخدمة الساحر‪ ،‬فال ّ‬
‫سِّحْ َر} [البقرة‪.]102/‬‬
‫ال ّ‬

‫‪- 45 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الثانيدة‪ :‬مددا فيدده مددن دعددوا علددم الغيددب‪ ،‬ودعدوا ميدداركة هللا فددي ذلددي‪ ،‬وهددذا كفددر و ددال ‪ ،‬قددا‬
‫نصيب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ق} [البقرة‪ ،]102/‬أي‪:‬‬ ‫شتَ َراه َما لَه فِّي ِّ‬
‫اآلخ َر ِّة ِّم ْن َخالَ ٍ‬ ‫ع ِّلمواْ لَ َم ِّن ا ْ‬
‫تعالى‪َ { :‬ولَقَ ْد َ‬

‫ويذا كام كذلي فال شيَّ أنه كفر وشركو يناقل العقيدة‪ ،‬ويجب قتل متعاطيه‪ ،‬كما قتله جماعة من‬
‫سِّحر‪ ،‬وربما عدوا ذلي فنًّا‬
‫أكابر الصحابة ر ي هللا عنهم‪ ،‬وقد تساهل الناس في شأم الساحر وال ّ‬
‫مددن الفنددومو التددي يفتخددروم بهددا‪ ،‬ويمنحددوم أصددحابها الجددوائز والتيددجيع‪ ،‬ويقيمددوم النددوادي‬
‫والحفال والمسابقا للسدحرة‪ ،‬ويحضدرها آال المتفدرجين والميدجعين‪ ،‬أو يسدمونه بالسدرك‪،‬‬
‫وهذا من الجهل بالدين والتهاوم بيأم العقيدة‪ ،‬وتمألين للعابثين‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الألهانة والعرافة‬

‫وهما ادعاء علم الغيب‪ ،‬ومعرفة األمور الغائبة‪ ،‬كاألخبدار بمدا سديقع فدي األرض‪ ،‬ومدا سيحصدل‪،‬‬
‫وأيددن مألددام اليدديء المفقددودو وذلددي عددن طريددق اسددتخدام اليددياطين الددذين يسددترقوم السددمع مددن‬
‫دوم‬ ‫علَدى كد ِّّل أَفَّداكٍ أَثِّ ٍ‬
‫ديم * ي ْلق َ‬ ‫اطين * تَنَ َّز َ‬ ‫علَى َمن تَنَ َّز ال َّ‬
‫ييَ ِّ‬ ‫السماء‪ ،‬كما قا تعالى‪َ { :‬ه ْل أنَبِّّ أل ْم َ‬
‫وم} [اليعراء‪.]223 ،221/‬‬ ‫س ْم َع َوأَ ْكثَره ْم كَاذِّب َ‬
‫ال َّ‬
‫وذلي أم الييرام يسترق الأللمة من كالم المالئألدة‪ ،‬فيلقيهدا فدي أذم الألداهن‪ ،‬ويألدذب الألداهن مدع‬
‫هذه الأللمة مائة كذبة‪ ،‬فيصدقه الناس بسبب تلي الأللمة‪ ،‬التي سمعت من السماء‪ ،‬وهللا عز وجدل‬
‫هو المنفرد بعلم الغيب‪ ،‬فمن ادعى مياركته في شيء من ذلي‪ ،‬بألهاندة أو غيرهدا‪ ،‬أو صددق مدن‬
‫يدعي ذليو فقد جعل هلل شريألاا فيما هو من خصائصه‪ .‬والألهانة ال تخلو من اليدركو ألنهدا تَقَ ُّدر ٌ‬
‫ب‬
‫يلى اليياطين بما يحبومو فهي شرك في الربوبية من حيث ادعاء مياركة هللا في علمه‪ ،‬وشدرك‬
‫في األلوهية من حيث التقرب يلى غير هللا بييء من العبادة‪.‬‬

‫وعن أبي هريرة ر ي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قدا ‪( :‬مدن أتدى كاهنادا فصددقه بمدا‬
‫يقو و فقد كفر بما أنز على محمد صلى هللا عليه وسلم) [رواه أبو داود]‪.‬‬

‫ومما يجب التنبيه عليه والتنبه له‪ :‬أم السحرة والألهام والعدرافين‪ ،‬يعبثدوم بعقائدد النداس بحيدث‬
‫يظهروم بمظهر األطباء‪ ،‬فيأمروم المر ى بالذبح لغير هللاو بأم يذبحوا خروفاا صفته كدذا وكدذا‪،‬‬
‫أو دجاجددة‪ ،‬أو يألتبددوم لهددم الرالسددم اليددركية‪ ،‬والتعاويددذ اليدديرانية بصددفة حددرون يعلقونهددا فددي‬
‫رقابهم‪ ،‬أو يضعونها في صناديقهم‪ ،‬أو في بيوتهم‪.‬‬
‫والبعل اآلخر يظهر بمظهر المخبر عن المغيبا ‪ ،‬وأماكن األشياء المفقودةو بحيث يأتيه الجها‬
‫فيسألونه عن األشياء ا لضائعة‪ ،‬فيخبرهم بها أو يحضدرها لهدم‪ ،‬بواسدرة عمالئده مدن اليدياطين‪.‬‬
‫وبعضهم يظهر بمظهر الولي الذي له خوارق وكراما أو بمظهر الفنام‪ ،‬كدخو الندار وال تدؤثر‬
‫فيه‪ ،‬و رب نفسه بالسالح‪ ،‬أو و ع نفسه تحت عجال السيارة وال تؤثر فيه‪ ،‬أو غير ذلي مدن‬
‫اليعوذا التي هي في حقيقتها سحر من عمل الييرام‪ ،‬يجري على أيدي هؤالء للفتندة‪ .‬أو هدي‬
‫أمددور تخيليددة ال حقيقددة لهدداو بددل هددي حيددل خفيددة يتعاطونهددا أمددام األنظددار‪ ،‬كعمددل سددحرة فرعددوم‬
‫بالحبا والعصي‪.‬‬
‫قا شيخ اإلسالم في مناظرته للسحرة البرائحية األحمدية الرفاعية (قا ‪ :‬يعني شديخ البرائحيدة)‬
‫ورفع صوته‪ :‬نحن لنا أحوا كذا وكذا‪ ،‬وادَّعى األحوا الخارقة كالنار وغيرها واختصاصهم بها‪،‬‬
‫‪- 46 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وأنهم يستحقوم تسليم الحا يليهم ألجلها)‪ .‬قا شيخ اإلسدالم‪( :‬فقلدت ورفعدت صدوتي وغضدبت‪:‬‬
‫أنا أخاطب كل أحمدي من ميرق األرض يلى مغربها‪ :‬أي شيء فعلوه في النار؟! فأنا أصنع مثدل‬
‫ما تصنعوم‪ ،‬ومن احترق فهو مغلوب‪ ،‬وربما قلت‪ :‬فعليه لعنة هللا‪ ،‬ولألدن بعدد أم نغسدل جسدومنا‬
‫بالخل والماء الحار‪ ،‬فسألني األمراء والناس عن ذليو فقلدت‪ :‬ألم لهدم ا‬
‫حديال فدي االتصدا بالندار‪،‬‬
‫يصنعونها من أشياء من دهن الضفادع‪ ،‬وقير النارنج‪ ،‬وحجر الرلق‪ ،‬فضدج النداس بدذليو فأخدذ‬
‫ف في بارية بعد أم ترلى جسومنا بالألبريت‪ .‬فقلت‪ :‬فقم‪،‬‬ ‫يظهر القدرة على ذلي‪ ،‬فقا ‪ :‬أنا وأنت نلَ ُّ‬
‫وأخذ أكرر عليه في القيام يلى ذلي‪ ،‬فم َّد يده يظهر خلع القميص‪ ،‬فقلت‪ :‬ال‪ ،‬حتى تغتسل بالمداء‬
‫يحدب األميدر فليحضدر خيد ابا ‪ -‬أو قدا ‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫الحار والخدلو فدأظهر الدوهم علدى عدادتهم فقدا ‪ :‬مدن كدام‬
‫ق للجمدع وال يَحصدل بده مقصدودو بدل قنددير يوقدد وأدخدل‬ ‫حزمة حرب ‪ -‬فقلت‪ :‬هدذا ترويد ٌل وتفريد ٌ‬
‫أصبعي وأصبعي فيه بعد الغسل‪ ،‬ومن احترقت أصبعه فعليه لعنة هللا‪ ،‬أو قلت‪ :‬فهو مغلدوب‪ ،‬فل َّمدا‬
‫قلت ذلي تغير وذ ) انتهى ‪.‬‬

‫والمقصدود مندده بيدام أم هددؤالء الدددجالين يألدذبوم علددى النداس بمثددل هددذه الحيدل الخفيددة‪ ،‬كجددرهم‬
‫السيارة بيعرة ويلقائه نفسه تحت عجالتها ويدخا أصديا الحديدد فدي عينده‪ ،‬يلدى غيدر ذلدي مدن‬
‫اليعوذا الييرانية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارا والقبور وتعظيمها‬

‫لقد س ّد النبي صلى هللا عليه وسلم كدل الردرق المفضدية يلدى اليدرك‪ ،‬وحدذّر منهدا غايدة التحدذير‪،‬‬
‫ومن ذلي‪ :‬مسألة القبور‪ ،‬قد و ع الضواب الواقية من عبادتها‪ ،‬والغلو في أصحابها‪ ،‬ومن ذلي‪:‬‬

‫‪1‬ـد أندده قددد ح دذّر صددلى هللا عليدده وسددلم مددن الغلددو فددي األوليدداء والصددالحينو ألم ذلددي يددؤ ِّّدي يلددى‬
‫عبادتهم‪ ،‬فقا ‪( :‬يياكم والغل َّو‪ ،‬فإنما أهلي من كام قبلألم الغل ُّو) [رواه اإلمام أحمد والترمذي وابن‬
‫ماجه]‪ ،‬وقا ‪( :‬ال ترروني كما أطر ِّ النصارا ابن مريم‪ ،‬ينما أنا عب ٌد فقولوا‪ :‬عبد هللا ورسوله)‬
‫[رواه البخاري]‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ وحذر صلى هللا عليه وسلم من البناء على القبور‪ ،‬كما روا أبو الهيات األسددي قدا ‪ :‬قدا لدي‬
‫علددي بددن أبددي طالددب ر ددي هللا عندده‪( :‬أال أبعثددي علددى مددا بعثنددي عليدده رسددو هللا صددلى هللا عليده‬
‫سويته) [رواه مسلم]‪.‬‬ ‫قبرا ميرفاا يال َّ‬‫تمثاال يال طمسته‪ ،‬وال ا‬‫ا‬ ‫وسلم؟ أم ال تدع‬

‫‪3‬ـ ونهى عن تجصيصها والبناء عليها‪ ،‬عن جابر ر ي هللا عنه قا ‪( :‬نهدى رسدو هللا صدلى هللا‬
‫عليه وسلم عن تجصيص القبر‪ ،‬وأم يقعد عليه‪ ،‬وأم يبنى عليه بناء) [رواه مسلم]‪.‬‬

‫‪4‬ـ وحذَّر صلى هللا عليه وسلم من الصالة عند القبور‪ ،‬عن عائية ر ي هللا عنها قالت‪( :‬لما ن ِّز َ‬
‫برسو هللا صلى هللا عليه وسلم طفق يررح خميصة له على وجهه‪ ،‬فإذا اغتم بهدا كيدفها‪ ،‬فقدا‬
‫وهو كذلي‪( :‬لعنة هللا علدى اليهدود والنصداراو اتخدذوا قبدور أنبيدائهم مسداجد) يحدذر مدا صدنعوا‪،‬‬
‫ولوال ذلي أبرن قبره‪ ،‬غير أنه خيي أم يتَّخذَ مسجداا) [متفق عليه]‪.‬‬
‫وقا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أال َّ‬
‫ويم من كدام قدبلألم كدانوا يتخدذوم قبدور أنبيدائهم مسداجد‪ ،‬أال فدال‬
‫القبور مساجدو فإني أنهاكم عن ذلي) [رواه مسلم في صحيحه]‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تتخذوا‬

‫‪- 47 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫واتخاذها مساجد معناه‪ :‬الصالة عندها ويم لم يبن مسجد عليهاو فأل ُّل مو ع قصد للصالة فيه فقد‬
‫وطهورا) [رواه البخاري]‬
‫ا‬ ‫اتُّخذَ مسجداا‪ ،‬كما قا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬جعلت لي األرض مسجداا‬
‫فإذا بني عليها مسجد فاألمر أشد‪.‬‬

‫وقد خالف أكثر الناس هذه النواهي‪ ،‬وارتألبوا مدا حدذر منده النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬فوقعدوا‬
‫بسبب ذلي في اليرك األكبدرو فبندوا علدى القبدور مسداجد وأ درحة ومقامدا ‪ ،‬وجعلوهدا مدزارا‬
‫تمارس عندها كل أنواع اليرك األكبر‪ ،‬من الذبح لها‪ ،‬ودعاء أصحابها‪ ،‬واالستغاثة بهم‪ ،‬وصر‬
‫النذور لهم‪ ،‬وغير ذلي‪.‬‬

‫قا العالمة ابن القيم رحمه هللا‪( :‬ومن جمع بين سنة رسو هللا صلى هللا عليه وسلم في القبور‪،‬‬
‫وما أمر به ونهى عنه‪ ،‬وما كام عليه أصحابه‪ ،‬وبدين مدا عليده أكثدر النداس اليدوم ‪ ،‬رأا أحددهما‬
‫مضدداداا لآلخددر مناق ا‬
‫ضددا لددهو بحيددث ال يجتمعددام أب ددااو فنهددى رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم عددن‬
‫الصالة يلى القبدور‪ ،‬وهدؤالء يصدلوم عنددها‪ ،‬ونهدى عدن اتخاذهدا مسداجد‪ ،‬وهدؤالء يبندوم عليهدا‬
‫سرت عليها‪ ،‬وهؤالء يوقفوم‬ ‫المساجد‪ ،‬ويسمونها مياهدو مضاهاة لبيو هللا‪ ،‬ونهى عن ييقاد ال ُّ‬
‫الوقو على ييقاد القناديل عليها‪ ،‬ونهى عن أم تتَّخذَ عيدداا‪ ،‬وهدؤالء يتخدذونها أعيداداا ومناسدي‪،‬‬
‫ويجتمعوم لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر‪.‬‬

‫وأمر بتسويتها‪ ،‬كما روا مسلم في صحيحه عن أبي الهيات األسددي قدا ‪ :‬قدا لدي علدي بدن أبدي‬
‫طالب ر ي هللا عنده‪( :‬أال أبعثديَ علدى مدا بعثندي علدى مدا بعثندي عليده رسدو هللا صدلى هللا عليده‬
‫سويته)‪ .‬وفي صدحيحه أيضادا عدن ثما َمدة‬‫قبرا ميرفاا يال َّ‬
‫وسلم؟ أم التدع صورة يال طمستها‪ ،‬وال ا‬
‫في قا ‪( :‬كندا مدع فضدالة بدن عبيدد بدأرض الدروم بدرودس فتدوفي صداحب لندا‪ ،‬فدأمر فضدالة‬ ‫بن ش ّ‬
‫بقبره فسوي‪ ،‬ثم قا ‪ :‬سمعت رسو هللا صلى هللا عليه وسلم يأمر بتسويتها) ‪.‬‬

‫وهددؤالء يبددالغوم فددي مخالفددة هددذين الحددديثين‪ ،‬ويرفعونهددا عددن األرض كالبيدت‪ ،‬ويعقدددوم عليهدا‬
‫القباب‪.‬‬

‫يلى أم قا ‪( :‬فانظر يلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسو هللا صلى هللا عليه وسلم وقصدده‬
‫ريب أم فدي ذلدي مدن‬
‫من النهي عما تقدم ذكره في القبور‪ ،‬وبين ما شرعه هؤالء وقصدوه؟! وال َ‬
‫المفاسد ما يعجز العبد عن حصره)‪.‬‬

‫ثم أخذ يذكر تلي المفاسد‪ ،‬يلى أم قا ‪( :‬ومنها‪ :‬أم الذي شدرعه النبدي صدلى هللا عليده وسدلم عندد‬
‫نيارة القبور ينما هو تذكر اآلخرة‪ ،‬واإلحسام يلى المزور بالدعاء له‪ ،‬والترحم عليه واالستغفار‪،‬‬
‫وسؤا العافية لهو فيألوم الزائر محسناا يلى نفسه وغلى الميدت‪ ،‬فقلدب هدؤالء الميدركوم األمدر‪،‬‬
‫وعألسددوا الدددين‪ ،‬وجعلددوا المقصددود بالزيددارة‪ :‬اليددرك بالميددت‪ ،‬ودعدداءه والدددعاء بدده‪ ،‬وسددؤا‬
‫حوائجهم‪ ،‬واستنزا البركا منده‪ ،‬ونصدره لهدم علدى األعدداء ونحدو ذلديو فصداروا مسدي ين يلدى‬
‫أنفسهم‪ ،‬ويلى الميت‪ ،‬ولو لم يألن يال بحرمانه بركة ما شرعه تعالى من الدعاء له والترحم عليده‬
‫واالستغفار له) انتهى ‪.‬‬

‫وبهذا يتضح أم تقديم النذور والقرابين للمزارا شرك أكبرو سببه مخالفة َهدْي النبدي صدلى هللا‬
‫عليه وسلم في الحالة التي يجب أم تألوم عليها القبدورو مدن عددم البنداء عليهدا ويقامدة المسداجد‬
‫‪- 48 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫عليهدداو ألنهددا لمددا بنيددت عليهددا القبدداب‪ ،‬وأقيمددت حولهددا المسدداجد والمددزارا ‪ ،‬ظددن الجهددا أم‬
‫المدفونين فيها ينفعوم أو يضروم‪ ،‬وأنهم يغيثوم مدن اسدتغاث بهدم‪ ،‬ويقضدوم حدوائج مدن التجدأ‬
‫يليهم‪ ،‬فقدموا لهم النذور والقرابينو حتى صار أوثاناا تعبد من دوم هللا‪ ،‬وقد قا النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪( :‬اللهم ال تجعل قبري وثناا يعبد) [رواه مالدي وأحمدد]‪ ،‬ومدا دعدا بهدذا الددعاء يال ألنده‬
‫سيحصل شيء من ذلي‪ ،‬وقد حصل عند القبور في كثير من بالد اإلسدالم‪ ،‬أمدا قبدره فقدد حمداه هللا‬
‫ببركة دعائده صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬ويم كدام قدد يحصدل فدي مسدجده شديء مدن المخالفدا ‪ ،‬مدن‬
‫بعل الجها أو الخرافيين‪ ،‬لألنهم ال يقدروم على الوصدو يلدى قبدرهو ألم قبدره فدي بيتده ولديس‬
‫في المسجد‪ ،‬وهو محوط بالجدرام‪ ،‬كما قا العالمة ابن القيم رحمه هللا في نونيته‪:‬‬

‫رب العالمين دعاءه ** وأحاطه بثالثة الجدرام‬


‫فأجاب ُّ‬
‫الفصل الرابع‪ :‬في بيام حألم تعظيم التماثيل والنصب التذكارية‬

‫التماثيل جمع تمثا ‪ ،‬وهدو الصدورة المجسدمة علدى شدألل ينسدام أو حيدوام‪ ،‬أو غيرهمدا ممدا فيده‬
‫روح‪ ،‬والنصب في األصل‪ :‬ال َعلَم‪ ،‬وأحجدار كدام الميدركوم يدذبحوم عنددها‪ .‬والنُّصدب التذكاريدة‪:‬‬
‫تماثي ٌل يقيمونها في الميادين ونحوهاو إلحياء ذكرا نعيم أو مع َّظ ٍم‪.‬‬

‫ولقد حذّر النبي صلى هللا عليه وسلم من تصوير ذوا األرواح‪ ،‬وال سيما تصوير المع َّظمين مدن‬
‫البير كالعلمداء والملدوك والعبَّداد والقدادة والرؤسداء‪ ،‬سدواء كدام هدذا التصدوير عدن طريدق رسدم‬
‫الصورة على ل وحة أو ورقة‪ ،‬أو جدار أو ثوب‪ ،‬أو عن طريق االلتقداط بااللدة الضدوئية المعروفدة‬
‫في هذا الزمام‪ ،‬أو عن طريق النحدت‪ ،‬وبنداء الصدورة علدى هي دة التمثدا ‪ ،‬ونهدى صدلى هللا عليده‬
‫وسلم عن تعليق الصور على الجدرام ونحوها‪ ،‬وعن نصب التماثيل‪ ،‬ومنهدا‪ :‬النصدب التذكاريدةو‬
‫ألم ذلي وسيلة يلى اليركو فإم أو شرك حدث في األرض كام بسبب التصوير ونصب الصور‪،‬‬
‫وذلددي أندده كددام فددي قددوم نددوح رجددا صددالحوم‪ ،‬فلمددا مدداتوا حددزم علدديهم قددومهم‪ ،‬فددأوحى يلدديهم‬
‫الييرام‪ :‬أم انصبوا يلى مجالسهم التي كانوا يجلسوم فيها أنصاباا‪ ،‬وسدموها بأسدمائهم‪ ،‬ففعلدوا‬
‫بعث هللا نبيه نو احا عليده‬ ‫ولم تعبدو حتى يذا هلي أول ي ونسي العلمو عبد [رواه البخاري]‪ .‬ولما َ‬
‫السالم ينهى عن هذا اليرك الذي حصل بسدبب تلدي الصدور التدي نصدبت‪ ،‬امتندع قومده مدن قبدو‬
‫تحولددت يلدى أوثددام‪َ { :‬وقَدالوا ال تَدذَر َّم‬
‫دعوتده‪ ،‬وأصدروا علددى عبدادة تلددي الصدور المنصددوبة التدي ّ‬
‫آ ِّل َهتَأل ْم َوال تَذَر َّم َودًّا َوال س َواعاا َوال يَغ َ‬
‫وث َويَعوقَ َونَ ْ‬
‫س ارا} [نوح‪.]23/‬‬

‫وهذا أسماء الرجا الذين صور لهم تلي الصور على أشألالهمو يحياء لذكرياتهم‪ ،‬وتعظي اما لهم‪.‬‬

‫فانظر ما آ يليه األمر بسبب هذه األنصاب التذكارية من اليرك باهلل‪ ،‬ومعاندة رسله؟! مما سبب‬
‫يهالكهم بالروفام‪ ،‬ومقتهم عند هللا وعند خلقه ‪ ،‬مما يدلي على خرورة التصوير ونصب الصور‪،‬‬
‫ولهذا لعن النبي صدلى هللا عليده وسدلم المصدورين‪ ،‬وأخبدر أنهدم أشد ُّد النداس عدذاباا يدوم القيامدة‪،‬‬
‫وأمر برمس الصدور‪ ،‬وأخبدر أم المالئألدة ال تددخل بيتادا فيده صدورة‪ ،‬كدل ذلدي مدن أجدل مفاسددها‪،‬‬
‫دإم أو شددرك حدددث فددي األرض كددام بسددبب نصددب‬ ‫وشدددة مخاطرهددا علددى األمددة فددي عقيدددتها‪ ،‬فد َّ‬
‫الصُّور‪ ،‬وسواء كام هذا النصب للصدور والتماثيدل فدي المجدالس‪ ،‬أو الميدادين أو الحددائقو فإنده‬
‫محرم شرعااو ألنه وسيلة يلى اليرك‪ ،‬وفساد العقيدة‪ .‬ويذا كام الألفدار اليدو َم يعملدوم هدذا العمدلو‬
‫ألنهم ليس لهم عقيدة يحافظوم عليهاو فإنه ال يجون للمسلمين أم يتيبهوا بهدم وييداركوهم فدي‬
‫‪- 49 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫هذا العملو حفا اظا على عقيدتهم التي هي مصدر قوتهم وسعادتهم‪ .‬وال يقدا ‪ :‬يم النداس تجداونوا‬
‫هذه المرحلدة وعرفدوا التوحيدد واليدركو ألم اليديرام ينظدر للجيدل المسدتقبل حينمدا يظهدر فديهم‬
‫الجهل‪ ،‬كما عمل مع قوم ندوح لمدا مدا علمداؤهم وفيدا فديهم الجهدل‪ ،‬وألم الحدي ال تدؤمن عليده‬
‫صنَا َم} فخا على نفسه الفتندة‪،‬‬‫الفتنة‪ ،‬كما قا يبراهيم عليه السالم‪َ { :‬واجْ ن ْبنِّي َوبَنِّ َّي أَم نَّ ْعب َد األَ ْ‬
‫قا بعل السلف‪( :‬ومن يأمن البالء بعد يبراهيم؟)‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في بيام حألم االستهزاء بالدين واالستهانة بحرماته‬

‫االستهزاء بالدين ردة عن اإلسالم‪ ،‬وخروت عن الددين بالألليدة‪ ،‬قدا هللا تعدالى‪{ :‬قد ْل أَبِّ َّ ِّ‬
‫داّلِل َوآيَاتِّد ِّه‬
‫وم * الَ تَ ْعتَذِّرواْ قَ ْد َكفَ ْرتم َب ْع َد ِّيي َما ِّنأل ْم} [التوبة‪.]66 ،65/‬‬
‫ستَه ِّْزؤ َ‬
‫َو َرسو ِّل ِّه كنت ْم تَ ْ‬
‫هذه اآلية‪ :‬تد على أم االستهزاء باهلل كفر‪ ،‬وأم االستهزاء بالرسو كفر‪ ،‬وأم االستهزاء بآيا‬
‫هللا كفر‪ ،‬فمن اسدتهزأ بواحدد مدن هدذه األمدور فهدو مسدتهز بجميعهدا‪ .‬والدذي حصدل مدن هدؤالء‬
‫المنافقين‪ :‬أنهم استهزءوا بالرسو وصحابتهو فنزلت اآلية‪.‬‬

‫يستخفُّوم بتوحيدد هللا تعدالى‪ ،‬ويعظمدوم دعدا َء غيدره مدن‬ ‫ِّ‬ ‫فاالستهزاء بهذه األمور متالنم‪ ،‬فالذين‬
‫األموا و ويذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن اليدرك اسدتخفُّوا بدذلي‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‪َ { :‬و ِّيذَا َرأَ ْوكَ ِّيم‬
‫َدن آ ِّل َهتِّنَدا لَ ْدوال أَم صَدبَ ْرنَا َ‬
‫علَ ْي َهدا}‬ ‫وال * يِّم كَا َد لَي ِّضدلُّنَا ع ْ‬ ‫يَتَّ ِّخذونَيَ يِّال هز اوا أَ َهذَا الَّذِّي بَعَ َث َّ‬
‫َّللا َرس ا‬
‫[الفرقام‪.]42 ،41/‬‬

‫فاستهزءوا بالرسو صدلى هللا عليده وسدلم لمدا نهداهم عدن اليدرك‪ ،‬ومدا نا الميدركوم يعيبدوم‬
‫األنبياء ويصدفونهم بالسدف اهة والضدال والجندوم‪ ،‬يذا دعدوهم يلدى التوحيددو لمدا فدي أنفسدهم مدن‬
‫تعظيم اليرك‪ .‬وهألذا تجد من فيه شبه مدنهمو يذا رأا مدن يددعو يلدى التوحيدد اسدتهزأ بدذليو لمدا‬
‫َّللا}‬ ‫َّللا أَنددَاداا ي ِّحبُّدونَه ْم كَح ّ ِّ‬
‫دب َّ ِّ‬ ‫وم َّ ِّ‬ ‫دن النَّ ِّ‬
‫داس َمدن يَتَّ ِّخدذ ِّمدن د ِّ‬ ‫عنده من اليرك‪ ،‬قا هللا تعدالى‪َ { :‬و ِّم َ‬
‫[البقرة‪.]165/‬‬

‫حب هللا فهو ميرك‪ .‬ويجب الفرق بدين الحدب فدي هللا‪ ،‬والحدب مدع هللا‪،‬‬ ‫أحب مخلوقاا مثل ما ي ّ‬
‫َّ‬ ‫فمن‬
‫القبور أوثانااو تجدهم يستهزئوم بما هو من توحيدد هللا وعبادتده‪ ،‬ويعظمدوم‬‫َ‬ ‫فهؤالء الذين اتخذوا‬
‫ما اتخذوه من دوم هللا شفعاء‪ ،‬و َيح ِّلف أحدهم باهلل اليمدين الغمدوس كاذ ابدا‪ ،‬وال يجتدر أم يحلدف‬
‫بييخه كاذباا‪ ،‬وكثير من طوائف متعددة ترا أحدهم يرا أم استغاثته بالييخ ‪ -‬يمدا عندد قبدره أو‬
‫سد َحر! ويسدتهز بمدن يعدد عدن طريقتده‬ ‫غير قبره ‪ -‬أنفع له من أم يدعو هللا في المسجد عند ال َّ‬
‫يلى التوحيد‪ ،‬وكثير منهم يخربوم المساجد‪ ،‬ويعمروم المياهد‪ ،‬فهل هذا يال من استخفافهم بداهلل‬
‫وبآياته ورسوله‪ ،‬وتعظيمهم لليرك ؟ وهذا كثير وقوعه في القبوريين اليوم‪.‬‬

‫واالستهزاء على نوعين‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬االستهزاء الصريح‪ ،‬كالدذي نزلدت اآليدة فيده‪ ،‬وهدو قدولهم‪ :‬مدا رأيندا مثدل قرائندا هدؤالء‪،‬‬
‫أرغب بروناا‪ ،‬وال أكذب ألسناا‪ ،‬وال أجبن عندد اللقداء‪ .‬أو نحدو ذلدي مدن أقدوا المسدتهزئين‪ ،‬كقدو‬
‫ديددن خددامس‪ ،‬وقددو اآلخددر‪ :‬ديددنألم أخددرق‪ ،‬وقددو اآلخددر يذا رأا اآلمددرين‬‫ٌ‬ ‫بعضددهم‪ :‬ديددنألم هددذا‬
‫سخرية بهم‪ ،‬وما أشبه ذلي مما ال‬ ‫بالمعرو ‪ ،‬والناهين عن المنألر‪ :‬جاءكم أهل ال ّدِّين‪ ،‬من باب ال ُّ‬
‫يحصى يال بأللفةو مما هو أعظم من قو الذين نزلت فيهم اآلية‪.‬‬
‫‪- 50 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫النوع الثاني‪ :‬غير الصريح‪ ،‬وهو البحر الذي ال ساحل له‪ ،‬مثل‪ :‬الرمز بدالعين‪ ،‬ويخدرات اللسدام‪،‬‬
‫وم ّد اليفعة‪ ،‬والغمز باليد عند تالوة كتاب هللا‪ ،‬أو سنة رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬أو عندد‬
‫األمر بالمعرو ‪ ،‬والنهي عن المنألر ‪ .‬ومثدل هدذا مدا يقولده بعضدهم‪َّ :‬‬
‫يم اإلسدالم ال َيصدلح للقدرم‬
‫العيددرينو وينمددا يصددلح للقددروم الوسددرى‪ ،‬وأندده تددأ ُّخ ٌر ورجعيددةٌ‪ ،‬وأم فيدده قسددوة ووحيدديةو فددي‬
‫عقوبددا الحدددود والتعددانير‪ ،‬وأندده َظلَددم المددرأة حقوقهدداو حيددث أبدداح الرددالق‪ ،‬وتعدددد الزوجددا ‪.‬‬
‫وقولهم‪ :‬الحألم بالقوانين الو عية أحسن للناس من الحألم باإلسالم‪ .‬ويقولوم في الذي يدعو يلى‬
‫التوحيد‪ ،‬وينألر عبادة القبور واأل رحة‪ :‬هذا مترر ‪ ،‬أو يريد أم يفدرق جماعدة المسدلمين‪ ،‬أو‪:‬‬
‫هذا و َّهابي‪ ،‬أو مدذهب خدامس‪ ،‬ومدا أشدبه هدذه األقدوا التدي كلهدا سدب للددين وأهلده‪ ،‬واسدتهزاء‬
‫سديَ بسدنة مدن سدنن‬‫بالعقيدة الصحيحة‪ ،‬وال حو وال قوة يال باهلل‪ .‬ومن ذلي‪ :‬استهزاؤهم بمن تم َّ‬
‫َّعرو استهزا اء بإعفاء اللحية‪ ،‬وما أشبه‬ ‫الرسو صلى هللا عليه وسلم فيقولوم‪ :‬الدين ليس في الي ِّ‬
‫هذه األلفاظ الوقحة‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬الحألم بغير ما أنز هللا‬

‫من مقتضى اإليمام باهلل تعالى وعبادته‪ :‬الخضوع لحألمه والر دا بيدرعه‪ ،‬والرجدوع يلدى كتابده‬
‫وسنة رسوله عند االختال في األقدوا ‪ ،‬وفدي العقائدد وفدي الخصدوما ‪ ،‬وفدي الددماء واألمدوا ‪،‬‬
‫دإم هللا هددو الح َألددم ويليدده الحألددم‪ ،‬فيجددب علددى الحألددام أم يحألمددوا بمددا أنددز هللا‪،‬‬ ‫وسددائر الحقددوق‪ ،‬فد َّ‬
‫الرعيَّة أم يتحداكموا يلدى مدا أندز هللا فدي كتابده‪ ،‬وسدنة رسدوله‪ ،‬قدا تعدالى فدي حدق‬ ‫ويجب على َّ‬
‫َّللا يَأْمرك ْم أَم ت َؤدُّواْ األَ َمانَدا ِّ يِّلَدى أَ ْه ِّل َهدا َويِّذَا َحأل َْمدتم بَدي َْن النَّ ِّ‬
‫داس أَم تَحْ ألمدواْ بِّا ْلعَد ْد ِّ }‬ ‫الوالة‪{ :‬يِّ َّم َّ َ‬
‫[النساء‪.]58/‬‬

‫الرسدو َ َوأ ْو ِّلدي األَ ْم ِّدر ِّمدنأل ْم فَد ِّإم‬ ‫َّللا َوأَ ِّطيعدواْ َّ‬
‫ِّين آ َمندواْ أَ ِّطيعدواْ َّ َ‬
‫وقا في حق الرعية‪{ :‬يَا أَيُّ َهدا الَّدذ َ‬
‫سدن‬ ‫اآلخ ِّدر ذَ ِّلديَ َخي ٌْدر َوأَحْ َ‬‫اّلِل َوا ْليَ ْدو ِّم ِّ‬ ‫الرسو ِّ ِّيم كنت ْم ت ْؤ ِّمن َ‬
‫وم ِّب َّ ِّ‬ ‫انعْت ْم فِّي ش َْيءٍ فَردُّوه ِّيلَى َّ ِّ‬
‫َّللا َو َّ‬ ‫تَنَ َ‬
‫يال} [النساء‪.]59/‬‬ ‫تَأْ ِّو ا‬

‫ثم بيّن أنده ال يجتمدع اإليمدام مدع التحداكم يلدى غيدر مدا أندز هللا‪ ،‬فقدا تعدالى‪{ :‬أَلَد ْم تَ َدر يِّلَدى الَّدذ َ‬
‫ِّين‬
‫وم أَم َيتَ َحداكَمواْ ِّيلَدى ال َّرداغو ِّ َوقَد ْد‬ ‫ندز َ ِّمدن قَ ْب ِّلديَ ي ِّريدد َ‬ ‫وم أَنَّه ْم آ َمنواْ ِّب َمدا أ ِّ‬
‫ندز َ ِّيلَ ْيديَ َو َمدا أ ِّ‬ ‫َي ْزعم َ‬
‫ي ْي َرام أَم ي ِّضلَّه ْم َ الَ اال بَ ِّعيداا} [النساء‪ ،]60/‬يلى قوله تعدالى‪{ :‬فَدالَ‬ ‫أ ِّمرواْ أَم يَألْفرواْ ِّب ِّه َوي ِّريد ال َّ‬
‫ض ديْتَ‬ ‫ش د َج َر بَ ْي دنَه ْم ث د َّم الَ يَ ِّجدددواْ فِّددي أَنف ِّ‬
‫س د ِّه ْم َح َر اجددا ِّّم َّمددا قَ َ‬ ‫دوم َحتَّد َ‬
‫دى ي َح ِّ ّألمددوكَ فِّي َمددا َ‬ ‫َو َربِّّدديَ الَ ي ْؤ ِّمند َ‬
‫س ِّلي اما} [النساء‪.]65/‬‬ ‫س ِّلّمواْ تَ ْ‬
‫َوي َ‬
‫اإليمدام عمدن لدم يتحداكم يلدى الرسدو صدلى هللا عليده وسدلم‬ ‫َ‬ ‫فنفى سبحانه ‪ -‬نف ايا مؤ َّكداا بالقسدم ‪-‬‬
‫وير دى بحألمده ويسدلم لده‪ ،‬كمدا أنده حألدم بألفدر الدوالة الدذين ال يحألمدوم بمدا أندز هللا‪ ،‬وبظلمهددم‬
‫وم} [المائددة‪َ { ،]44/‬و َمدن لَّد ْم‬ ‫َّللا فَأ ْولَـ ِّيَ هدم ا ْلألَدافِّر َ‬
‫نز َ َّ‬‫وفسقهم‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و َمن لَّ ْم يَحْ ألم بِّ َما أَ َ‬
‫َّللا فَأ ْولَدـ ِّيَ هدم‬ ‫وم} [المائدة‪َ { ،]45/‬و َمن لَّد ْم يَحْ ألدم ِّب َمدا أَ َ‬
‫ندز َ َّ‬ ‫َّللا فَأ ْولَـ ِّيَ هم ال َّظا ِّلم َ‬ ‫يَحْ ألم ِّب َما َ‬
‫أنز َ َّ‬
‫وم} [المائدة‪.]47/‬‬ ‫سق َ‬ ‫ا ْلفَا ِّ‬
‫والب َّد من الحألم بما أنز هللا‪ ،‬والتحاكم يليه فدي جميدع مدوار ِّد النّدزاع فدي األقدوا االجتهاديدة بدين‬
‫العلماء‪ ،‬فال يقبل منها يال ما د ّ عليه الألتاب والسنةو مدن غيدر تعصدب لمدذهب‪ ،‬وال تح ّيدز إلمدام‪،‬‬
‫وفي المرافعا والخ صدوما فدي سدائر الحقدوقو ال فدي األحدوا اليخصدية فقد ‪ ،‬كمدا فدي بعدل‬
‫‪- 51 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫يتجزأ‪ ،‬قا تعالى‪{ :‬يَا أَيُّ َها الَّدذ َ‬


‫ِّين آ َمندواْ ادْخلدواْ‬ ‫َّ‬ ‫الدو التي تنتسب يلى اإلسالمو َّ‬
‫فإم اإلسالم ك ٌّل ال‬
‫س ْل ِّم كَآفَّةا} [البقرة‪.]208/‬‬
‫فِّي ال ِّ ّ‬
‫ل} [البقرة‪.]85/‬‬
‫وم ِّببَ ْع ٍ‬ ‫ل ا ْل ِّألتَا ِّ‬
‫ب َوتَألْفر َ‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬أَفَت ْؤ ِّمن َ‬
‫وم ِّببَ ْع ِّ‬
‫وكذلي يجب على أتباع المذاهب والمناهج المعاصرة أم يردوا أقوا أئمتهم يلى الألتداب والسدنة‪،‬‬
‫فما وافقهما أخذوا به‪ ،‬وما خالفهما ردوه دوم تعصب أو تحيّزو وال سيما في أمدور العقيددة‪ ،‬فدإم‬
‫األئمة ‪ -‬رحمهم هللا ‪ -‬يوصوم بذلي‪ ،‬وهذا مذهبهم جميعاا‪ ،‬فمن خالف ذلي فلديس متبعادا لهدم‪ ،‬ويم‬
‫َّللا َوا ْل َمسِّدي َح‬ ‫داره ْم َور ْهبَدانَه ْم أَ ْربَابادا ِّّمدن د ِّ‬
‫وم َّ ِّ‬ ‫انتسب يليهم‪ ،‬وهو ممن قا هللا فديهم‪{ :‬اتَّ َخدذواْ أَحْ بَ َ‬
‫اب َْن َم ْر َي َم} [التوبة‪.]31/‬‬

‫فليسدت اآليددة خا صدة بالنصددارا‪ ،‬بددل تتنداو كددل مددن فعدل مثددل فعلهدم‪ ،‬فمددن خددالف مدا أمددر هللا بدده‬
‫ورسولهو صلى هللا عليده وسدلم بدأم حألدم بدين النداس بغيدر مدا أندز هللا‪ ،‬أو طلدب ذلدي اتباعادا لمدا‬
‫يهواه ويريدهو فقد خلع ربقة اإلسالم واإليمام من عنقه‪ ،‬ويم َنع َم أنه مؤمنو فإم هللا تعالى أنألر‬
‫دوم أَنَّهد ْم‬ ‫ِّين يَ ْزعم َ‬ ‫على من أراد ذلي‪ ،‬وأكذبهم فدي نعمهدم اإليمدامو فقدا تعدالى‪{ :‬أَلَد ْم تَ َدر ِّيلَدى الَّدذ َ‬
‫وم أَم يَتَ َحاكَمواْ يِّلَدى ال َّرداغو ِّ َوقَد ْد أ ِّمدرواْ أَم يَألْفدرواْ‬ ‫آ َمنواْ ِّب َما أ ِّنز َ يِّلَ ْييَ َو َما أ ِّنز َ ِّمن قَ ْب ِّليَ ي ِّريد َ‬
‫ي ْي َرام أَم ي ِّضلَّه ْم َ الَ اال بَ ِّعيداا} لما في من قوله‪( :‬يزعموم) من نفي ييمدانهم‪َّ ،‬‬
‫فدإم‬ ‫بِّ ِّه َوي ِّريد ال َّ‬
‫(يزعمددوم) ينمددا يقددا غالباددا لمددن ادعددى دعددوا هددو فيهددا كدداذب‪ ،‬لمخالفتدده لموجبهددا‪ ،‬وعملدده بمددا‬
‫ينافيهاو يحقق هذا قوله‪َ { :‬وقَ ْد أ ِّمرواْ أَم يَألْفرواْ بِّ ِّه}و ألم الألفر الراغو ركدن التوحيدد‪ ،‬كمدا فدي‬
‫آية البقرة ‪ ،‬فإذا لم َيحص ْل هذا الركنو لم يألن مو ِّ ّحداا‪ ،‬والتوحيد هو أساس اإليمام الذي تصلح به‬
‫داّلِل فَقَد ِّد‬
‫جميع األعما ‪ ،‬وتفسد بعدمه‪ ،‬كما أم ذلي ب ِّيّ ٌن في قوله‪{ :‬فَ َم ْن يَألْف ْدر ِّبال َّرداغو ِّ َوي ْدؤ ِّمن ِّب َّ ِّ‬
‫ييمام به ‪.‬‬‫ٌ‬ ‫أم التَّحاك َم يلى ال َّراغو ِّ‬ ‫سيَ بِّا ْلع ْر َو ِّة ا ْلوثْقَ َى} وذلي َّ‬ ‫ستَ ْم َ‬
‫ا ْ‬
‫ونَفي اإليمام عمن لم يحألم بما أنز هللا‪ ،‬يد ُّ على أم تحأليم شرع هللا ييمام وعقيددة‪ ،‬وعبدادة هلل‬
‫يجب أم يدين بها المسدلم‪ ،‬فدال يحألَّدم شدرع هللا مدن أجدل أم تحأليمده أصدلح للنداس وأ دب لألمدن‬
‫بعل الناس يركز على هذا الجانب‪ ،‬وينسى الجانب األو ‪ ،‬وهللا سدبحانه قدد عداب علدى‬ ‫َ‬ ‫فق ‪َّ ،‬‬
‫فإم‬
‫من يح ِّ ّألم شرع هللا ألجل مصلحة نفسه‪ ،‬من دوم تع ُّب ٍد هلل تعالى بدذلي‪ ،‬فقدا سدبحانه‪َ { :‬و ِّيذَا دعدوا‬
‫وم * َويِّم يَألن لَّهم ا ْلحَقُّ يَأْتوا يِّلَيْد ِّه م ْدذ ِّعنِّ َ‬
‫ين}‬ ‫َ‬ ‫َّللا َو َرسو ِّل ِّه ِّليَحْ أل َم بَ ْينَه ْم يِّذَا فَ ِّري ٌ‬
‫ق ِّّم ْنهم ُّم ْع ِّر‬ ‫يِّلَى َّ ِّ‬
‫[النور‪.]49 ،48/‬‬
‫فهم ال يهتموم يال بما يهووم‪ ،‬وما خالف هواهم أعر وا عنهو ألنهم ال يتعبدوم هلل بالتحاكم يلى‬
‫رسوله صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫حألم من حألم بغير ما أنز هللا‬

‫َّللا فَأ ْولَـ ِّيَ هم ا ْلألَافِّرو َم} [المائدة‪.]44/‬‬ ‫قا هللا تعالى‪َ { :‬و َمن لَّ ْم يَحْ ألم بِّ َما أَ َ‬
‫نز َ َّ‬
‫كفرا أكبر ينقل عدن‬‫أم الحألم بغير ما أنز هللا كفر‪ ،‬وهذا الألفر تارةا يألوم ا‬ ‫في هذه اآلية الألريمة‪َّ :‬‬
‫كفرا أصغر ال يخرت من الملدة‪ ،‬وذلدي بحسدب حدا الحداكم‪ ،‬فإنده يم اعتقدد َّ‬
‫أم‬ ‫الملة‪ ،‬وتارة يألوم ا‬
‫الحألددم بمددا أنددز هللا غيددر واجددب‪ ،‬وأندده مخيَّددر فيدده‪ ،‬أو اسددتهام بحأل دم هللا‪ ،‬واعتقددد أم غيددره مددن‬
‫القوانين والنظم الو عية أحسن منه أو مساو ايا له‪ ،‬أو أنه ال يصلح لهذا الزمدام‪ ،‬أو أراد بدالحألم‬
‫‪- 52 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وجدوب الحألدم بمدا أندز‬


‫َ‬ ‫بغير ما أنز هللا استر ا َء الألفار والمنافقين‪ ،‬فهذا كفر أكبر‪ .‬ويم اعتقد‬
‫هللا‪ ،‬وعلمه في هذه الواقعة وعد عنه‪ ،‬مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة‪ ،‬فهذا عداص‪ ،‬ويسد َّمى‬
‫كفدرا أصدغر‪ .‬ويم جهدل حألدم هللا فيهدا مدع بدذ جهدده‪ ،‬واسدتفراغ وسدعه فدي معرفدة الحألدم‪،‬‬
‫كافرا ا‬
‫ا‬
‫وأخرأه‪ ،‬فهذا مخر له أجر على اجتهاده‪ ،‬وخرؤه مغفور ‪ .‬وهذا في الحألم في القضية الخاصة‪.‬‬
‫وأما الحألم في القضايا العامة فإنده يختلدف‪ ،‬قدا شديخ اإلسدالم ابدن تيميدة ‪َّ ( :‬‬
‫فدإم الحداكم يذا كدام‬
‫ديِّّنااو لألنَّه حألم بغير علمو كام من أهل النار‪ ،‬ويم كام عال اما لألنه حألم بخال الحق الدذي يعلمدهو‬
‫كام من أهل النار‪ ،‬ويذا حألدم بدال عدد وال علدم أولدى أم يألدوم مدن أهدل الندار‪ .‬وهدذا يذا حألدم فدي‬
‫قضية ليخص‪.‬‬

‫داطال‪ ،‬والباطددل حقًّدا‪ ،‬والسددنة بدعددة‪،‬‬


‫وأمدا يذا حألددم حأل امدا عا ًّمددا فددي ديدن المسددلمينو فجعددل الحدق بد ا‬
‫منألرا‪ ،‬والمنألر معروفاا‪ ،‬ونهى عما أمر هللا به ورسوله‪ ،‬وأمر بما نهى‬ ‫ا‬ ‫والبدعة سنة‪ ،‬والمعرو‬
‫هللا عنه ورسوله‪ ،‬فهذا لوم آخر يَحألم فيه رب العالمين‪ ،‬ويله المرسلين‪ ،‬مالدي يدوم الددينو الدذي‬
‫وم} [القصص‪.]88/‬‬ ‫له الحمد في األولى واآلخرة‪{ :‬لَه ا ْلحألْم َويِّلَ ْي ِّه ت ْر َجع َ‬

‫َددهيداا}‬ ‫ِّين ك ِّلّدد ِّه َو َكفَددى ِّب َّ ِّ‬


‫دداّلِل ش ِّ‬ ‫علَددى الدد ّد ِّ‬ ‫ِّيددن ا ْلحَددقّ ِّ ِّلي ْظ ِّه َ‬
‫ددره َ‬ ‫ددو الَّددذِّي أَ ْر َ‬
‫سدد َل َرسددولَه ِّبا ْلهدددَا َود ِّ‬ ‫{ه َ‬
‫[الفتح‪.)]28/‬‬

‫ريدب أم مدن لددم يعتقدد وجدوب الحألدم بمدا أنددز هللا علدى رسدوله فهدو كدافر‪ ،‬فمددن‬ ‫َ‬ ‫وقدا أيضادا‪( :‬ال‬
‫عدال من غير اتباع لما أنز هللاو فهو كدافر‪ ،‬فإنّده مدا مدن‬ ‫استحل أم يحألم بين الناس بما يراه هو ا‬
‫أمددة يال وهددي تددأمر بددالحألم بالعددد ‪ ،‬وقددد يألددوم العددد فددي دينهددا مددا يددراه أكددابرهم‪ ،‬بددل كثيددر مددن‬
‫المنتسبين يلى اإلسالمو يحألموم بعاداتهم التدي لدم ينزلهدا هللا‪ ،‬كسدواليف الباديدة (أي عدادا مدن‬
‫سلفهم)‪ ،‬وكانوا األمرا َء المراعين‪ ،‬ويروم أم هذا هو الذي ينبغي الحألم به دوم الألتاب والسنة‪،‬‬
‫كثيرا من الناس أسلمواو ولألن ال يحألمدوم يال بالعدادا الجاريدةو التدي يدأمر‬ ‫وهذا هو الألفر‪ ،‬فإم ا‬
‫بها المراعوم‪ ،‬فهؤالء يذا عرفوا أنه ال يجون لهدم الحألدم يال بمدا أندز هللا‪ ،‬فلدم يلتزمدوا ذلدي‪ ،‬بدل‬
‫استَ َحلّوا أم يحألموا بخال ما أنز هللا فهم كفار) انتهى‪.‬‬

‫وقا الييخ محمد بن يبراهيم‪( :‬وأما الذي قيل فيه أنده كفدر دوم كفدر‪ ،‬يذا حداكم يلدى غيدر هللا مدع‬
‫عاص‪َّ ،‬‬
‫وأم حألم هللا هو الحق‪ ،‬فهدذا الدذي يصددر منده المدرة ونحوهدا‪ .‬أمدا الدذي جعدل‬ ‫ٍ‬ ‫اعتقاد أنه‬
‫فر‪ ،‬ويم قدالوا‪ :‬أخرأندا وحألدم اليدرع أعدد و فهدذا كفدر ناقدل عدن‬‫قوانين بترتيب وتخضيع‪ ،‬فهو ك ٌ‬
‫الملة) ‪.‬‬

‫بين الحألم الجزئي الذي ال يتألرر‪ ،‬وبين الحألم العام الدذي هدو المرجدع فدي جميدع‬ ‫ففرقَ رحمه هللا َ‬ ‫َّ‬
‫األحألددام‪ ،‬أو غالبهددا‪ ،‬وقددرر أم هددذا الألفددر ناق دل عددن الملددة مرلقادداو وذلددي ألم مددن نحددى الي دريعة‬
‫بديال منهاو فهذا دليل على أنه يرا أم القانوم أحسن وأصلح‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وجعل القانوم الو عي ا‬
‫من اليريعة‪ ،‬وهذا ال شي أنه كفر أكبر يخرت من الملَّة ويناقل التوحيد‪.‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الفصل السابع‪ :‬ادعاء حق التيريع والتحليل والتحريم‬

‫تيريع األحألام التي يسير عليها العبداد فدي عبداداتهم ومعدامالتهم وسدائر شد ونهم‪ ،‬والتدي تفصدل‬
‫النزاع بينهم وتنهي الخصوما ‪ ،‬حق هلل تعالى رب الناس‪ ،‬وخالق الخلق‪{ :‬أَالَ لَده ا ْل َخ ْلدق َواألَ ْمدر‬
‫َّللا َر ُّب ا ْلعَالَ ِّم َ‬
‫ين} [األعرا ‪.]54/‬‬ ‫تَبَ َ‬
‫اركَ َّ‬
‫ييدرع لهدم‪ ،‬وبحألدم عبدوديتهم‬ ‫وهو الذي يعلم ما يصلح عباده‪ ،‬فييرعه لهم‪ ،‬فبحألم ربوبيته لهم ِّ ّ‬
‫َ‬
‫َديءٍ فدردُّوه‬ ‫له يتقبلوم أحألامه‪ ،‬والمصلحة في ذلي عائدة يليهم‪ ،‬قا تعدالى‪{ :‬فَد ِّإم تَنَ َ‬
‫دانعْت ْم فِّدي ش ْ‬
‫يال} [النساء‪.]59/‬‬ ‫سن تَأْ ِّو ا‬ ‫اآلخ ِّر ذَ ِّليَ َخي ٌْر َوأَحْ َ‬
‫اّلِل َوا ْليَ ْو ِّم ِّ‬ ‫الرسو ِّ يِّم كنت ْم ت ْؤ ِّمن َ‬
‫وم بِّ َّ ِّ‬ ‫يِّلَى َّ ِّ‬
‫َّللا َو َّ‬
‫َّللا ذَ ِّلألم َّ‬
‫َّللا َر ِّبّي} [اليورا‪.]10/‬‬ ‫اختَلَ ْفت ْم فِّي ِّه ِّمن ش َْيءٍ فَحألْمه يِّلَى َّ ِّ‬
‫وقا تعالى‪َ { :‬و َما ْ‬

‫يرعاا غيره فقا ‪{ :‬أَ ْم لَه ْم ش َركَاء ش ََرعوا لَهدم ِّّمد َن الد ّد ِّ‬
‫ِّين َمدا لَد ْم‬ ‫واستنألر سبحنه أم يتخذَ العباد م ِّ ّ‬
‫يَأْذَم بِّ ِّه َّ‬
‫َّللا} [اليورا‪.]21/‬‬
‫فمن قبل تيريعاا غير تيريع هللاو فقد أشرك باهلل تعالى‪ ،‬وما لم ييرعه هللا ورسوله من العبادا و‬
‫فهو بدعة‪ ،‬وكل بدعة اللة‪ ،‬قا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحددث فدي أمرندا هدذا مدا لديس منده‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهدو رد)‬ ‫فهو رد) [الحديث رواه البخاري ومسلم]‪ ،‬وفي رواية‪( :‬من عمل ا‬
‫[رواه مسلم] وما لم ييرعه هللا وال رسوله في السياسة والحألم بين الناس‪ ،‬فهو حألم الراغو ‪،‬‬
‫َّللا ح ْأل اما ِّلّقَ ْو ٍم يوقِّن َ‬
‫وم} [المائدة‪.]50/‬‬ ‫وم َو َم ْن أَحْ َ‬
‫سن ِّم َن َّ ِّ‬ ‫وحألم الجاهلية‪{ :‬أَفَح ْأل َم ا ْل َجا ِّه ِّليَّ ِّة يَبْغ َ‬

‫وكذلي التحليل والتحريم‪ ،‬حق هلل تعالى‪ ،‬ال يجون ألح ٍد أم يياركه فيه‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬والَ تَأْكلواْ ِّم َّما‬
‫وم يِّلَى أَ ْو ِّليَدآئِّ ِّه ْم ِّلي َجدادِّلوك ْم َويِّ ْم أَ َط ْعتمدوه ْم‬
‫ين لَيوح َ‬
‫اط َ‬ ‫ق َويِّ َّم ال َّ‬
‫ييَ ِّ‬ ‫س ٌ‬‫علَ ْي ِّه َويِّنَّه لَ ِّف ْ‬
‫َّللا َ‬
‫سم َّ ِّ‬‫لَ ْم ي ْذك َِّر ا ْ‬
‫وم} [األنعام‪.]121/‬‬ ‫ِّينَّأل ْم لَمي ِّْرك َ‬

‫حدرم هللا‪ :‬شدركاا بده سدبحانه‪ ،‬وكدذلي مدن‬ ‫فجعل سبحانه طاعة اليياطين وأوليدائهم فدي تحليدل مدا ّ‬
‫أطاع العلماء واألمراء في تحريم ما أحل هللا‪ ،‬أو تحليدل مدا حدرم هللا‪ ،‬فقدد اتخدذهم أربابادا مدن دوم‬
‫َّللا َوا ْل َمسِّي َح اب َْن َم ْريَ َم َو َما أ ِّمرواْ‬ ‫اره ْم َور ْهبَانَه ْم أَ ْربَاباا ِّّمن د ِّ‬
‫وم َّ ِّ‬ ‫هللاو لقو هللا تعالى‪{ :‬اتَّ َخذواْ أَحْ بَ َ‬
‫وم} [التوبة‪.]31/‬‬ ‫ع َّما يي ِّْرك َ‬ ‫اح ادا الَّ ِّيلَـهَ ِّيالَّ ه َو س ْب َحانَه َ‬
‫ِّيالَّ ِّل َي ْعبدواْ ِّيلَـ اها َو ِّ‬
‫َدي بن حداتم الردائي ‪ -‬ر دي هللا‬‫وفي الحديث أم النبي صلى هللا عليه وسلم تال هذه اآلية على ع ّ‬
‫أليس يحلّوم لألم مدا َّ‬
‫حدرم هللا‬ ‫عنه ‪ -‬فقا ‪ :‬يا رسو هللا‪ ،‬لسنا نعبدهم‪ ،‬قا صلى هللا عليه وسلم‪َ ( :‬‬
‫فتحلّونه‪ ،‬ويحرموم ما أح ّل هللا فتحرمونه؟!) قدا ‪ :‬بلدى‪ ،‬قدا النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬فتلديَ‬
‫عبادتهم) [رواه الترمذي وابن جرير وغيرهما]‪.‬‬

‫فصدار طداعتهم فدي التحليدل والتحددريم مدن دوم هللا عبدادة لهدم وشددركاا‪ ،‬وهدو شدركٌ أكبدر يندافي‬
‫أم التحليل والتحريم حقٌّ هلل‬‫فإم ِّم ْن مدلولهما‪َّ :‬‬
‫التوحيد الذي هو مدلو شهادة أم ال يله يال هللا ‪ّ ،‬‬
‫تعالى‪ ،‬ويذا كام هذا فيمن أطاع العلماء والعبَّاد في التحليل والتحريم الذي يخالف شدرع هللا وهدو‬
‫يعلم هذه المخالفة‪ ،‬مع أنهم أقرب يلى العلم والدين‪ ،‬وقد يألوم خرؤهم عن اجتهاد لم يصيبوا فيه‬
‫فأليف بمن يريع أحألام القوانين الو عية التي هي مدن صدنع الألفدار‬ ‫َ‬ ‫الحق‪ ،‬وهم مأجوروم عليه‪،‬‬
‫والملحدين‪ ،‬يجلبها يلى بالد المسلمين‪ ،‬ويحألم بها بينهم؟ فال حو وال قوة يال باهلل‪.‬‬
‫‪- 54 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫َ‬
‫ويبيحدوم لده الحدرام‪ ،‬ويحألمدوم‬ ‫ير َ‬
‫عوم له األحألدام‪،‬‬ ‫َّ‬
‫يم هذا قد اتخذ الألفار أرباباا من دوم هللا‪ ،‬ي ِّ ّ‬
‫بين األنام‪.‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬حألم االنتماء يلى المذاهب اإللحادية واألحزاب الجاهلية‬

‫‪1‬ـد االنتمداء يلددى المدذاهب اإللحاديدة كاليدديوعية‪ ،‬والعلمانيدة‪ ،‬والرأسدمالية‪ ،‬وغيرهددا مدن مددذاهب‬
‫كام المنتمي يلى تلي المذاهب يددّعي اإلسدالم‪ ،‬فهدذا مدن النفداق‬ ‫فإم َ‬ ‫الألفر‪ ،‬ردّة عن دين اإلسالم‪ْ ،‬‬
‫األكبر‪ ،‬فإم المنافقين ينتموم يلى اإلسالم في الظاهر‪ ،‬وهم مع الألفار في البداطن‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‬
‫اطينِّ ِّه ْم قَددالواْ يِّنَّددا َمعَ ْأل د ْم يِّنَّ َمددا نَحْ ددن‬ ‫ِّين آ َمنددواْ قَددالواْ آ َمنَّددا َويِّذَا َخلَ ْددواْ يِّلَ دى َ‬
‫ش ديَ ِّ‬ ‫فدديهم‪َ { :‬ويِّذَا لَقددواْ الَّ دذ َ‬
‫وم} [البقرة‪.]14/‬‬ ‫ستَه ِّْزؤ َ‬‫م ْ‬
‫َّللا قَالواْ أَلَ ْم نَألن َّم َعأل ْم َو ِّيم ك َ‬
‫َدام ِّل ْلألَدا ِّف ِّر َ‬
‫ين‬ ‫َام لَأل ْم فَتْ ٌح ِّّم َن َّ ِّ‬
‫وم ِّبأل ْم فَ ِّإم ك َ‬ ‫ِّين َيتَ َر َّبص َ‬‫وقا تعالى‪{ :‬الَّذ َ‬
‫ين} [النساء‪.]141/‬‬ ‫ستَحْ ِّو ْذ َ‬
‫علَيْأل ْم َونَ ْمنَ ْعألم ِّّم َن ا ْلم ْؤ ِّمنِّ َ‬ ‫يب قَالواْ أَلَ ْم نَ ْ‬
‫نَ ِّص ٌ‬
‫فهؤالء المنافقوم المخادعومو لألل منهم وجهام‪ :‬وجهٌ يلقى بده المدؤمنين‪ ،‬ووجده ينقلدب بده يلدى‬
‫س ّدره‬‫يخوانه من الملحدين‪ ،‬ولده لسدانام‪ :‬أحددهما يقبلده بظداهره المسدلموم‪ ،‬واآلخدر يتدرجم عدن ِّ‬
‫ِّين آ َمنددواْ قَدالواْ آ َمنَّددا َو ِّيذَا َخلَد ْدواْ ِّيلَددى َ‬
‫شد َيا ِّطي ِّن ِّه ْم قَدالواْ ِّينَّددا َم َع ْألد ْم ِّينَّ َمددا نَحْ ددن‬ ‫المألندوم‪َ { :‬و ِّيذَا لَقددواْ الَّدذ َ‬
‫وم}‪.‬‬‫ستَه ِّْزؤ َ‬
‫م ْ‬
‫وأبدوا أم ينقدادوا لحألدم الدوحيين‪،‬‬
‫َ‬ ‫واسدتحقار‪،‬‬
‫ا‬ ‫قد أعر وا عن الألتاب والسنةو اسدتهزا اء بأهلهمدا‬
‫واستألبارا‪ ،‬فتراهم أبداا بالمتمسألين‬
‫ا‬ ‫أشرا‬
‫فر احا بما عندهم من العلم الذي ال ينفع االستألثار منه يال ا‬
‫ستَه ِّْزاء ِّب ِّه ْم َو َيمدُّه ْم ِّفي ط ْغ َيا ِّن ِّه ْم َي ْع َمه َ‬
‫وم} ‪.‬‬ ‫َّللا َي ْ‬
‫بصريح الوحي يستهزئوم‪ّ { :‬‬
‫َّللا َوكونددواْ َم د َع ال َّ‬
‫صددا ِّد ِّق َ‬
‫ين}‬ ‫وقددد أمد َدر هللا باالنتمدداء يلددى المددؤمنين‪َ { :‬يددا أَ ُّي َهددا الَّ دذ َ‬
‫ِّين آ َمنددواْ اتَّقددواْ َّ َ‬
‫[التوبة‪.]119/‬‬

‫وهذه المدذاهب اإللحاديدة مدذاهب متنداحرةو ألنهدا مؤسسدة علدى الباطدل‪ ،‬فاليديوعية تنألدر وجدود‬
‫الخالق ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬وتحارب األديام السدماوية‪ ،‬ومدن ير دى لعقلده أم يعديش بدال عقيددة‪،‬‬
‫وينألر البدهيا العقلية اليقينيةو فيألوم ملغ ايا لعقله؟ والعلمانية تنألر األديام‪ ،‬وتعتمد على المادية‬
‫التي ال مو ِّ ّجه لها‪ ،‬وال غاية لها في هذه الحياة يال الحياة البهيمية؟ والرأسمالية همها جمع الما‬
‫مددن أي وجدده وال تتقيددد بحددال وال حددرام‪ ،‬وال عرددف وال شددفقة علددى الفقددراء والمسدداكين‪ ،‬وقددوام‬
‫الربا الذي هو محاربة هلل ولرسولهو والذي هو دمار الددو واألفدراد‪ ،‬وامتصداص‬ ‫اقتصادها على ِّ ّ‬
‫فضال عمن فيه ذرة مدن ييمدام ‪ -‬ير دى أم يعديش علدى هدذه‬ ‫ا‬ ‫دماء اليعوب الفقيرة‪ ،‬وأي عاقل ‪-‬‬
‫المذاهب‪ ،‬بال عقل وال دين‪ ،‬وال غاية صحيحة من حياتده يهدد يليهدا‪ ،‬وينا دل مدن أجلهدا وينمدا‬
‫غز هذه المذاهب بالد المسلمينو ل َّما غاب عن أكثريتهدا الددين الصدحيح‪ ،‬وتربدت علدى الضدياع‬
‫وعاشت على التبعية‪.‬‬
‫فر وردَّة عن دين اإلسالمو َّ‬
‫ألم‬ ‫‪2‬ـ واالنتماء لألحزاب الجاهلية‪ ،‬والقوميا العنصرية‪ ،‬هو اآلخر ك ٌ‬
‫اإلسالم يرفل العصبيا ‪ ،‬والنعرا الجاهلية‪ ،‬يقو تعالى‪{ :‬يَا أَيُّ َها النَّداس ِّينَّدا َخلَ ْقنَداكم ِّّمدن ذك ٍَدر‬
‫َ‬
‫َّللا أَتْقَاك ْم} [الحجرا ‪.]13/‬‬ ‫ارفوا يِّ َّم أَك َْر َمأل ْم ِّعن َد َّ ِّ‬
‫َوأنثَى َو َجعَ ْلنَاك ْم شعوباا َوقَبَائِّ َل ِّلتَعَ َ‬

‫‪- 55 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ويقو النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬لديس مندا مدن دعدا يلدى عصدبية‪ ،‬ولديس مندا مدن قاتدل علدى‬
‫عصبية‪ ،‬وليس منا من غضب لعصبية) [رواه الترمذي وغيره]‪.‬‬

‫وقددا صددلى هللا عليدده وسددلم‪( :‬يم هللا قددد أذهددب عددنألم ع ِّبّيَّددةَ الجاهليددة‪ ،‬وفخرهددا باآلبدداء‪ ،‬ينمددا هدو‬
‫مؤمن تقي أو فاجر شقي‪ ،‬الناس بنو آدم‪ ،‬وآدم خلق من تراب‪ ،‬وال فضدل لعربدي علدى عجمدي يال‬
‫بالتقوا) [رواه مسلم]‪.‬‬

‫وهذه الحزبيا تفرق المسلمين‪ ،‬وهللا قد أمر باالجتماع والتعاوم على البر والتقوا‪ ،‬ونهدى عدن‬
‫علَيْأل ْم‬ ‫َّللا َج ِّميعاا َوالَ تَفَ َّرقواْ َو ْ‬
‫اذكرواْ نِّ ْع َمتَ َّ ِّ‬
‫َّللا َ‬ ‫التفرق واالختال ‪ ،‬وقا تعالى‪َ { :‬وا ْعتَ ِّصمواْ بِّ َح ْب ِّل َّ ِّ‬
‫صبَحْ تم ِّب ِّن ْع َم ِّت ِّه ِّي ْخ َواناا} [آ عمرام‪.]103/‬‬ ‫ف َبي َْن قلو ِّبأل ْم فَأ َ ْ‬
‫ِّي ْذ كنت ْم أَ ْعدَا اء فَأَلَّ َ‬
‫يم هللا سبحانه يريد منا أم نألوم مع حزب واحد‪ ،‬هم حزب هللا المفلحومو ولألن العدالم اإلسدالمي‬
‫أصبح بعدما غزته أوروبا سياسيًّا‪ ،‬وثقافيًّا‪ ،‬يخضع لهذه العصبيا الدموية‪ ،‬والجنسية والوطنية‪،‬‬
‫مفدر منده‪ ،‬وأصدبحت شدعوبه تنددفع انددفاعاا‬
‫ويؤمن بها كقضية علمية وحقيقية مقررة‪ ،‬وواقدع ال َّ‬
‫غري ابا يلى يحياء هدذه العصدبيا التدي أماتهدا اإلسدالم‪ ،‬والتغندي بهدا ويحيداء شدعائرها‪ ،‬واالفتخدار‬
‫بعهدها الذي تقدم على اإلسالم‪ ،‬وهو الذي يل ُّح اإلسالم على تسميته بالجاهلية‪ ،‬وقد َم َّ‬
‫دن هللا علدى‬
‫المسلمين بالخروت عنها‪ ،‬وحثهم على شألر هذه النعمة‪.‬‬

‫والربيعي مدن المدؤمن أم ال يدذكر جاهليدةا تقداد َم عهددها أو قداربو يال بمقدت وكراهيدة وامتعداض‬
‫واقيعرار‪ ،‬وهدو يدذكر السدجين المعدذب الدذي يرلدق سدراحه أيدام اعتقالده وتعذيبده وامتهاندهو يال‬
‫أشر َ منها على المو أيدا َم سدقمه‪،‬‬ ‫َوعرته قيعريرة؟ وهل يذكر البريء من ِّعلَّة شديدة طويلة َ‬
‫أم هددذه الحزبيددا عددذابو بعثدده هللا علددى مددن‬ ‫يال وانألسدف بالدده وانتقددع لوندده ؟ والواجددب أم يعلد َم َّ‬
‫علَديْأل ْم عَدذَاباا ِّّمدن‬ ‫علَدى أَم يَ ْبعَ َ‬
‫دث َ‬ ‫أعرض عن شرعه‪ ،‬وتنألر لدينه‪ ،‬كما قا تعالى‪{ :‬ق ْل ه َو ا ْلقَدادِّر َ‬
‫ل} [األنعام‪.]65/‬‬ ‫ضألم بَأْ َ‬
‫س بَ ْع ٍ‬ ‫شيَعاا َويذِّيقَ بَ ْع َ‬ ‫ت أَ ْرج ِّلأل ْم أَ ْو يَ ْلبِّ َ‬
‫سأل ْم ِّ‬ ‫فَ ْوقِّأل ْم أَ ْو ِّمن تَحْ ِّ‬
‫وقا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬وما لم تحألم أئمتهم بألتاب هللا يال جعل هللا بأسهم بينهم) [مدن حدديث‬
‫رواه ابن ماجه]‪.‬‬

‫يم التعصب للحزبيا ‪ ،‬يسبب رفل الحق الذي مدع اآلخدرين‪ ،‬كحدا اليهدود الدذين قدا هللا فديهم‪:‬‬ ‫َّ‬
‫روم ِّب َمددا َو َرا َءه َوهد َدو ا ْل َحددقُّ‬ ‫آمنددواْ ِّب َمددا أَند َدز َ ّ‬
‫َّللا قَددالواْ ند ْدؤ ِّمن ِّب َمددآ أند ِّز َ َ‬
‫علَ ْينَددا َويَألْفد َ‬ ‫{ َويِّذَا قِّيد َل لَهد ْم ِّ‬
‫ص ِّّدقاا ِّلّ َما َمعَه ْم} [البقرة‪.]91/‬‬ ‫م َ‬
‫وكحا أهل الجاهلية‪ ،‬الذين رفضوا الحق الذي جاءهم به الرسو صلى هللا عليه وسلم تعصباا لما‬
‫َّللا قَالواْ َب ْل نَتَّ ِّبع َما أَ ْلفَ ْينَا َ‬
‫علَ ْي ِّه آ َبا َءنَا} [البقرة‪.]170/‬‬ ‫عليه آباؤهم‪َ { :‬و ِّيذَا ِّقي َل لَهم اتَّ ِّبعوا َما أَ َ‬
‫نز َ ّ‬
‫ويريد أصحاب هذه الحزبيا أم يجعلوها بديلة عن اإلسالم الذي َم َّن هللا به على البيرية‪.‬‬

‫الفصل التاسع‪ :‬النظرية المادية للحياة ومفاسد هذه النظرية‬

‫هناك نظرتام للحياة‪ ،‬نظرة ما ّديّة للحياة‪ ،‬ونظرة صحيحة‪ ،‬ولألل من النظرتين آثارها‪:‬‬

‫‪- 56 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أ ـ فالنظرة الماديّة للحياة معناها‬

‫محصدورا فدي نرداق‬ ‫ا‬ ‫مقصورا على تحصيل ملذاته العاجلة‪ ،‬ويألوم عملده‬ ‫ا‬ ‫أم يألوم تفألير اإلنسام‬
‫ذلي‪ ،‬فال يتجاون تفأليره ما وراء ذلي من العواقب‪ ،‬وال يعمل له‪ ،‬وال يهتم بيدأنه‪ ،‬وال يعلدم أم هللا‬
‫دار عمددل‪ ،‬وجعددل اآلخددرة دار جددزاء‪ ،‬فمددن‬ ‫جعددل هددذه الحيدداة الدددنيا مزرعددة لآلخددرة‪ ،‬فجعددل الددُّنيا َ‬
‫اآلخ َدرةَ‬
‫ِّدر الد ُّد ْنيَا َو ِّ‬
‫استغل دنياه بالعمل الصالح رب َح الدارين‪ ،‬ومن يّع دنياه اعت آخرته‪َ { :‬خس َ‬
‫س َرام ا ْلمبِّين} [الحج‪.]11/‬‬ ‫ذَ ِّليَ ه َو ا ْلخ ْ‬
‫فاهلل لم يخلق هذه الدنيا عبثاا بدل خلقهدا لحألمدة عظيمدة‪ ،‬قدا تعدالى‪{ :‬الَّدذِّي َخلَدقَ ا ْل َم ْدو َ َوا ْل َحيَداةَ‬
‫ع َم اال} [الملي‪.]2/‬‬
‫سن َ‬‫ِّل َيبْل َوك ْم أَ ُّيأل ْم أَحْ َ‬
‫ع َم اال} [الألهف‪.]7/‬‬ ‫ض ِّنينَةا لَّ َها ِّلنَبْل َوه ْم أَيُّه ْم أَحْ َ‬
‫سن َ‬ ‫علَى األَ ْر ِّ‬
‫وقا تعالى‪{ :‬يِّنَّا َجعَ ْلنَا َما َ‬

‫أوجد سبحانه في هذه الحياة مدن المتدع العاجلدة‪ ،‬والزيندة الظداهرة مدن األمدوا واألوالد‪ ،‬والجداه‬
‫والسلرام‪ ،‬وسائر المستلذا ‪ ،‬ما ال يعلمه يال هللا‪.‬‬

‫سه بها‪ ،‬ولم يتأمل في‬ ‫فمن الناس ‪ -‬وهم األكثر ‪ -‬من قَصَر نظره على ظاهرها ومفاتنها‪ ،‬ومتَّع نف َ‬
‫سرها‪ ،‬فانيغل بتحصيلها وجمعها والتمتع بها عن العمل لما بعدهاو بل ربما أنألر أم يألدوم هنداك‬
‫حياة غيرها‪ ،‬كما قا تعالى‪َ { :‬وقَالواْ يِّ ْم ِّه َي يِّالَّ َحيَاتنَا ال ُّد ْنيَا َو َما نَحْ ن بِّ َمبْعوثِّي َن} [األنعام‪.]29/‬‬
‫دوم ِّلقَا َءنَددا َو َر ددواْ‬‫ِّين الَ يَ ْرجد َ‬‫دن هددذه نظرتدده للحيدداةو فقددا تعددالى‪{ :‬يَ َّم الَّدذ َ‬ ‫وقددد توعددد هللا تعددالى َمد ْ‬
‫وم * أ ْولَددـ ِّيَ َم دأْ َواهم النُّددار ِّب َمددا َكددانواْ‬ ‫دن آيَاتِّنَددا َ‬
‫غ دافِّل َ‬ ‫عد ْ‬ ‫ِّبا ْل َحيددا ِّة ال د ُّد ْنيَا َوا ْط َمددأَنُّواْ ِّب َهددا َوالَّ دذ َ‬
‫ِّين ه د ْم َ‬
‫وم} [يونس‪.]8 ،7/‬‬ ‫يَ ْألسِّب َ‬

‫َام ي ِّريد ا ْل َحيَاةَ ال ُّد ْنيَا َو ِّنينَتَ َها ن َو ّ ِّ يِّلَ ْي ِّه ْم أَ ْع َمالَه ْم فِّي َها َوه ْم فِّي َها الَ ي ْب َخس َ‬
‫وم *‬ ‫وقا تعالى‪َ { :‬من ك َ‬
‫اآلخد َدر ِّة ِّيالَّ النَّددار َو َح د ِّب َ َمددا َ‬
‫ص دنَعواْ ِّفي َهددا َو َب ِّ‬
‫اط د ٌل َّمددا َكددانواْ َي ْع َملد َ‬
‫دوم}‬ ‫ْس لَه د ْم ِّفددي ِّ‬ ‫ِّين لَ دي َ‬
‫أ ْولَددـ ِّيَ الَّ دذ َ‬
‫[هود‪.]16 ،15/‬‬

‫أصحاب هذه النظرةو سواء كانوا من الذين يعملوم عمل اآلخرةو يريددوم بده‬ ‫َ‬ ‫وهذا الوعيد ييمل‬
‫الحيدداة الدددنيا‪ ،‬كالمنددافقين والمددرائين بأعمددالهم‪ ،‬أو كددانوا مددن الألفَّد ِّ‬
‫دار الددذين ال يؤمنددوم ببع دث وال‬
‫حسدداب‪ ،‬كحددا أهددل الجاهليددة والمددذاهب الهدامددة مددن رأسددمالية وشدديوعية‪ ،‬وعلمانيددة يلحاديددة‪،‬‬
‫قددر الحيداة‪ ،‬وال‬
‫وأول ي لم يعرفوا من رأسمالية وشيوعية‪ ،‬وعلمانية يلحادية‪ ،‬وأول ي لم يعرفدوا َ‬
‫دبيالو ألنهدم ألغَدوا عقدولهم‪ ،‬وسددخروا‬ ‫تعددو نظدرتهم لهدا أم تألدوم كنظددرة البهدائم‪ ،‬بدل هدم أ دل سد ا‬
‫طاقاتهم‪ ،‬و يعوا أوقاتهم فيما ال يبقى لهم‪ ،‬وال يبقوم له‪ ،‬ولدم يعملدوا لمصديرهم الدذي ينتظدرهم‬
‫والب َّد لهم منه‪.‬‬

‫مصير ينتظرها‪ ،‬وليس لها عقو تفألر بهدا‪ ،‬بخدال أول دي‪ ،‬ولهدذا يقدو تعدالى‬ ‫ٌ‬ ‫والبهائم ليس لها‬
‫ددام بَددد ْل هددد ْم أَ َ ددد ُّل َ‬
‫سدددبِّ ا‬
‫يال}‬ ‫ددوم يِّ ْم هددد ْم يِّال كَاألَ ْنعَد ِّ‬
‫وم أَ ْو يَ ْع ِّقلد َ‬
‫سددد َمع َ‬ ‫سدددب أَ َّم أَ ْكثَد َ‬
‫ددره ْم يَ ْ‬ ‫فيهدددا‪{ :‬أَ ْم تَحْ َ‬
‫[الفرقام‪.]44/‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫دن أَ ْكثَ َدر‬


‫َّللا َوعْددَه َولَ ِّأل َّ‬
‫َّللا ال ي ْخ ِّلدف َّ‬
‫وقد وصف هللا أهل هذه النظرة بعددم العلدم‪ ،‬قدا تعدالى‪َ { :‬وعْد َد َّ ِّ‬
‫وم} [الروم‪.]7 ،6/‬‬ ‫آلخ َر ِّة ه ْم َ‬
‫غافِّل َ‬ ‫وم َظا ِّه ارا ِّّم َن ا ْل َحيَا ِّة ال ُّد ْنيَا َوه ْم ع َِّن ا ِّ‬
‫وم * يَ ْعلَم َ‬
‫اس ال يَ ْعلَم َ‬
‫النَّ ِّ‬
‫فهم ويم كانوا أهل خبرة في المخترعا والصناعا و فهم ج َّها ٌ ال يستحقوم أم يوصَفوا بالعلمو‬
‫ألم علمهم لم يتجاون ظاهر الحياة الددنيا‪ ،‬وهدذا علدم نداقص ال يسدتحق أصدحابه أم يرلدق علديهم‬
‫هذا الوصف اليريف‪ ،‬فيقدا ‪ :‬العلمداء‪ ،‬وينمدا يرلدق هدذا علدى أهدل معرفدة هللا وخيديته‪ ،‬كمدا قدا‬
‫َّللا ِّم ْن ِّعبَا ِّد ِّه ا ْلعلَ َماء} [فاطر‪.]28/‬‬
‫تعالى‪{ :‬يِّنَّ َما يَ ْخيَى َّ َ‬
‫ت‬ ‫ومن النظرة المادية للحياة الدنيا‪ :‬ما ذكره هللا في قصة قاروم‪ ،‬وما آتاه هللا مدن الألندون‪{ :‬فَ َخ َدر َ‬
‫دي قَداروم ِّينَّده لَدذو َحد ٍ ّظ‬
‫وم ا ْل َح َياةَ الدُّن َيا َيا لَيْتَ لَنَدا ِّمثْد َل َمدا أو ِّت َ‬ ‫علَى قَ ْو ِّم ِّه ِّفي ِّنينَ ِّت ِّه قَا َ الَّذ َ‬
‫ِّين ي ِّريد َ‬ ‫َ‬
‫ع َِّظ ٍيم} [القصص‪.]79/‬‬

‫فتمنَّوا مثله وغبروه‪ ،‬ووصفوه بدالحظ العظديمو بندا اء علدى نظدرتهم الماديدة‪ ،‬وهدذا كمدا هدو الحدا‬
‫اآلم فددي الدددو الألددافرة‪ ،‬ومددا عندددها مددن تقدددّم صددناعي واقتصددادي‪َّ ،‬‬
‫فددإم ددعا َ اإليمددام مددن‬
‫المسلمين ينظروم يليهم نظدرة يعجداب دوم نظدر يلدى مدا هدم عليده مدن الألفدر‪ ،‬ومدا ينتظدرهم مدن‬
‫سوء المصير‪ ،‬فتبعثهم هذه النظرة الخاط ة يلى تعظديم الألفدار واحتدرامهم فدي نفوسدهم‪ ،‬والتيدبه‬
‫بهددم فددي أخالقهددم وعدداداتهم السددي ة‪ ،‬ولددم يقلدددوهم فددي الجددد ويعددداد القددوة واليدديء النددافع م دن‬
‫المخترعا والصناعا ‪ ،‬كما قا تعالى‪َ { :‬وأَ ِّعدُّواْ لَهم َّما ا ْ‬
‫ستَ َر ْعتم ِّّمن ق َّو ٍة} [األنفا ‪.]60/‬‬
‫ب ـ النظرة الثانية للحياة‪ :‬النظرة الصحيحة‬

‫وهي‪ :‬أم يعتبر اإلنسام ما فدي هدذه الحيداة مدن مدا وسدلرام وقدوا ماديدة‪ :‬وسديلةا يسدتعام بهدا‬
‫لعمل اآلخرة‪.‬‬

‫فالدنيا في الحقيقة ال تذ ُّم لذاتها‪ ،‬وينما يتوجه المدح والذّ ّم يلى فعل العبد فيها‪ ،‬فهي قنررة ومعبر‬
‫لآلخرة‪ ،‬ومنها ناد الجنة‪ ،‬وخير عيش يناله أهل الجنة ينَّما حصل لهم بما نرعوه في الدنيا‪.‬‬

‫فهي دار الجهاد‪ ،‬والصالة والصيام‪ ،‬واإلنفاق في سبيل هللا‪ ،‬ومضمار التسابق يلى الخيرا ‪.‬‬

‫سدلَ ْفت ْم فِّدي األَيَّ ِّ‬


‫دام ا ْل َخا ِّليَد ِّة} [الحاقددة‪]24/‬‬ ‫يقدو هللا تعدالى ألهدل الجندة‪{ :‬كلددوا َواش َْدربوا َهنِّي ادا ِّب َمدا أَ ْ‬
‫يعني‪ :‬الدنيا‪.‬‬

‫الفصل العاشر‪ :‬في الرقى والتمائم‬


‫أ ـ الرقى‬

‫جمع رقية‪ ،‬وهي‪ :‬العوذَة التي يرقى بها صاحب اآلفة كالح َّمى والصَّدرع‪ ،‬وغيدر ذلدي مدن اآلفدا ‪،‬‬
‫ويسمونها العزائم‪ ،‬وهي على نوعين‪:‬‬

‫يِّرك‪ ،‬بأم يقرأ على المريل شيء من القرآم‪ ،‬أو يعَ َّوذ بأسماء‬ ‫النوع األو ‪ :‬ما كام خالياا من ال ّ‬
‫بالرقيدة وأجانهدا‪ ،‬فعدن‬
‫هللا وصدفاتهو فهدذا مبداحو ألم النبدي صدلى هللا عليده وسدلم قدد َرقدى وأمدر ُّ‬

‫‪- 58 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫عددو بددن مالددي قددا ‪ :‬كنددا نرقددي فددي الجاهليددة فقلنددا‪ :‬يددا رسددو هللا‪ ،‬كيددف تددرا فددي ذلددي؟ فقددا ‪:‬‬
‫بأس بالرقى ما لم تألن شركاا) [رواه مسلم]‪.‬‬ ‫علي رقاكم‪ ،‬ال َ‬ ‫اعر وا َّ‬ ‫( ِّ‬
‫قا السيوطي‪ :‬وقد أجم َع العلمداء علدى جدوان الرقدى‪ ،‬عندد اجتمداع ثالثدة شدروط‪ :‬أم تألدوم بألدالم‬
‫هللا‪ ،‬أو بأسماء هللا وصفاته‪ ،‬وأم تألوم باللسام العربي‪ ،‬وما يعر معناه‪ ،‬وأم يعتقَ َد أم الرقية ال‬
‫تددؤثر بددذاتهاو بددل بتقدددير هللا تعددالى ‪ ،‬وكيفيتهددا‪ :‬أم يقددرأ وينفد َ‬
‫دث علددى المددريل‪ ،‬أو يقددرأ فددي مدداءٍ‬
‫ويسقاه المريل‪ ،‬كما جاء في حديث ثابت بن قيس‪( :‬أم النبي صلى هللا عليه وسلم أخذ تراباا من‬
‫نفث عليه بماءٍ وص َّبه عليه) [رواه أبو داود]‪.‬‬ ‫قدح‪ ،‬ثم َ‬ ‫برحام‪ ،‬فجعله في ٍ‬
‫النوع الثاني‪ :‬ما لم يخل من اليّرك‪ :‬وهي الرقى التي يسدتعام فيهدا بغيدر هللا‪ ،‬مدن دعداء غيدر هللا‬
‫و االستغاثة واالستعاذة به‪ ،‬كالرقى بأسماء الجن‪ ،‬أو بأسماء المالئألة واألنبياء والصالحينو فهدذا‬
‫دعاء لغير هللا‪ ،‬وه َو شركٌ أكبر‪ .‬أو يألوم بغير اللسام العربي‪ ،‬أو بما ال يعر معناهو ألنه يخيى‬
‫أم يدخلها كفر أو شرك وال يعلم عنهو فهذا النوع من الرقية ممنوع‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ التمائم‬

‫وهي جمع تميمية‪ ،‬وهي‪ :‬ما يعلق بأعناق الصبيامو لدفع العين‪ ،‬وقد يعلق على الألبار من الرجا‬
‫والنساء‪ ،‬وهو على نوعين‪:‬‬

‫النوع األو من التمائم‬


‫ما كام من القرآمو بأم يألتب آيدا مدن القدرآم‪ ،‬أو مدن أسدماء هللا وصدفاته‪ ،‬ويعلقهدا لالستيدفاء‬
‫بهاو فهذا النوع قد اختلف فيه العلماء في حألم تعليقه على قولين‪:‬‬

‫القو األو ‪ :‬الجوان‪ :‬وهو قو عبد هللا بن عمرو بن العداص‪ ،‬وهدو ظداهر مدا روي عدن عائيدة‪،‬‬
‫وبه قا أبو جعفر الباقر‪ ،‬وأحمد بن حنبل في رواية عنه‪ ،‬وحملدوا الحدديث الدوارد فدي المندع مدن‬
‫تعليق التمائم‪ ،‬على التمائم التي فيها شرك‪.‬‬

‫القو الثاني‪ :‬المنع من ذلي‪ ،‬وهو قو ابن مسعود وابن عبداس‪ ،‬وهدو ظداهر قدو حذيفدة وعقبدة‬
‫بدن عدامر‪ ،‬وابدن عألديم‪ ،‬وبدده قدا جماعدة مدن التدابعين‪ ،‬مددنهم‪ :‬أصدحاب ابدن مسدعود‪ ،‬وأحمدد فددي‬
‫رواية اختارها كثير من أصحابه‪ ،‬وجزم بها المتأخروم‪ ،‬واحتجوا بما رواه ابن مسعود ر ي هللا‬
‫عنه قا ‪ :‬سمعت رسو هللا صلى هللا عليه وسلم يقو ‪( :‬يم الرقى والتمائم والتولة شدرك) [رواه‬
‫أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم]‪.‬‬

‫والتولة‪ :‬شيء يصنعونه‪ ،‬يزعموم أنه يحبب المرأة يلى نوجها‪ ،‬والرجل يلى امرأته‪.‬‬

‫وهذا هو الصحيحو لوجوه ثالثة‪:‬‬

‫األو ‪ :‬عموم النهي وال مخصص للعموم‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬س ّد الذريعة فإنَّها تفضي يلى تعليق ما ليس مبا احا‪.‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الثالدث‪ :‬أندده يذا علددق شددي اا مددن القددرآم‪ ،‬فقددد يمتهنده المع ِّلّددق بحملدده معدده فددي حددا قضدداء الحاجددة‬
‫واالستنجاء ونحو ذلي ‪.‬‬

‫النوع الثاني من التمائم‬


‫التي تعلق على األشدخاص مدا كدام مدن غيدر القدرآم‪ ،‬كدالخرن والعظدام والدودع والخيدوط والنعدا‬
‫محرم قرعاا‪ ،‬وهدو مدن اليدركو ألنده تعلدق‬ ‫ّ‬ ‫والمسامير‪ ،‬وأسماء اليياطين والجن والرالسم‪ ،‬فهذا‬
‫على غير هللا سبحانه وأسمائه وصفاته وآياته‪ ،‬وفي الحدديث‪( :‬مدن تعلّدق شدي اا وكّدل يليده) [رواه‬
‫فدوض‬ ‫أحمد والترمذي] أي‪ :‬وكّله هللا يلى ذلي الييء الذي تعلَّقه‪ ،‬فمن تعلّق باهلل‪ ،‬والتجأ يليده‪ ،‬و ّ‬
‫سددر لدده كد ّل عسددير‪ .‬ومددن تعلّددق بغيددره مددن المخلددوقين‬
‫أمددره يليددهو كفدداه‪ ،‬وقد ّدرب يليدده كددل بعيددد‪ ،‬وي ّ‬
‫والتمائم واألدوية والقبورو وكله هللا يلى ذلي الذي ال يغني عنه شي اا‪ ،‬وال يملي له ًّرا وال نفعاا‪،‬‬
‫فخسر عقيدته وانقرعت صلته بربه وخذله هللا‪.‬‬

‫والواجب على المسلم‪ :‬المحافظة على عقيدته مما يفسددها أو يخد ّل بهدا‪ ،‬فدال يتعداطى مدا ال يجدون‬
‫من األدوية‪ ،‬وال يذهب يلى المخرفين والميعوذين ليتعالج عندهم من األمراضو ألنهم يمر دوم‬
‫قلبه وعقيدته‪ ،‬ومن توكّل على هللا كفاه‪.‬‬

‫وبعددل الندداس يعلّددق هددذه األشددياء علددى نفسدده‪ ،‬وهددو لدديس فيدده مددرض ح ّ‬
‫سددي‪ ،‬وينمددا فيدده مددرض‬
‫وهمي‪ ،‬وهو الخو من العين والحسد‪ ،‬أو يعلقهدا علدى سديارته أو دابّتده أو بداب بيتده أو دكانده‪.‬‬
‫ويم دعف العقيددة هدو المدرض الحقيقدي‬ ‫وهذا كله من عف العقيددة‪ ،‬و دعف توكلده علدى هللا‪َّ ،‬‬
‫الذي يَجب عالجه بمعرفة التوحيد والعقيدة الصحيحة‪.‬‬

‫الفصل الحادي عير‪ :‬في بيام حألم الحلف بغير هللا والتوسل واالستغاثة واالستعانة بالمخلوق‬
‫أ ـ الحلف بغير هللا‬
‫الحلددف‪ :‬هددو اليمددين‪ ،‬وهددي‪ :‬توكيددد الحألددم بددذكر معَ َّظددم علددى وجدده الخصددوص‪ .‬والتعظدديم‪ :‬حددق هلل‬
‫تعالى‪ ،‬فال يجون الحلف بغيدره‪ ،‬فقدد أجمدع العلمداء علدى أم اليمدين ال تألدوم يال بداهلل‪ ،‬أو بأسدمائه‬
‫وصفاته‪ ،‬وأجمعوا على المنع من الحلف بغيدره ‪ ،‬والحلدف بغيدر هللا شدركو لمدا روا ابدن عمدر ‪-‬‬
‫ر ي هللا عنهما ‪ -‬أم رسو هللا صلى هللا عليه وسلم قا ‪( :‬من حلف بغير هللا فقد كفر أو أشرك)‬
‫[رواه أحمد والترمذي والحاكم] وهو شرك أصدغر‪ ،‬يال يذا كدام المحلدو بده مع َّظ امدا عندد الحدالف‬
‫يلى درجة عبادته له فهذا شرك أكبر‪ ،‬كما هدو الحدا اليدو َم عندد عبَّداد القبدور‪ ،‬فدإنَّهم يخدافوم َم ْ‬
‫دن‬
‫يعظموم من أصحاب القبدور‪ ،‬أكثدر مدن خدوفهم مدن هللا وتعظيمده‪ ،‬بحيدث يذا طلدب مدن أحددهم أم‬
‫يحلف بالولي الذي يعظمهو لم يحلف به يال يذا كام صادقاا‪ ،‬ويذا طلب منه أم يحلف باهللو حلف به‬
‫ويم كام كاذ ابا‪.‬‬

‫فالحلف تعظيم للمحلو به ال يليق يال باهلل‪ ،‬ويجب توقير اليمينو فال يألثر منها‪ ،‬قا تعدالى‪َ { :‬وال‬
‫ين} [القلم‪.]10/‬‬
‫ت ِّر ْع ك َّل َحال ٍ َّم ِّه ٍ‬
‫وقا تعالى‪َ { :‬واحْ فَظواْ أَ ْي َمانَأل ْم} [المائدة‪.]89/‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أي‪ :‬ال تحلفوا يال عند الحاجة‪ ،‬وفدي حالدة الصددق والبدرو ألم كثدرة الحلدف أو الألدذب فيهدا يددالم‬
‫على االستخفا باهلل‪ ،‬وعدم التعظيم له‪ ،‬وهدذا يندافي كمدا التوحيدد‪ ،‬وفدي الحدديث أم رسدو هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم قا ‪( :‬ثالثةٌ ال يأللّمهم هللا وال يزكّيهم‪ ،‬ولهم عذاب ألديم) وجداء فيده‪( :‬ورجدل‬
‫جعل هللا بضاعته ال ييتري يال بيمينده‪ ،‬وال يبيدع يال بيمينده) [رواه الربراندي بسدند صدحيح]‪ .‬فقدد‬
‫ش ددَّد الوعيددد علددى كثددرة الحلددف‪ ،‬ممددا يددد ّ علددى تحريمدده احترا امددا السددم هللا تعددالى‪ ،‬وتعظي امددا لدده‬
‫سبحانه‪.‬‬

‫وصدف هللا المندافقين بدأنهم يحلفدوم‬


‫َ‬ ‫وكذلي يحرم الحلف باهلل كاذ ابا وهي‪ :‬اليمدين الغَمدوس ‪ ،‬وقدد‬
‫على الألذب وهم يعلموم‪.‬‬

‫فتلخص من ذلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تحريم الحلف بغير هللا تعالى‪ ،‬كدالحلف باألماندة أو الألعبدة أو النبدي صدلى هللا عليده وسدلم وأم‬
‫ذلي شرك‪.‬‬

‫‪ -2‬تحريم الحلف باهلل كاذباا متع ّمداا‪ ،‬وهي الغموس‪.‬‬

‫بداهلل‬ ‫‪ -3‬تحريم كثرة الحلف بداهلل ‪ -‬ولدو كدام صدادقاا ‪ -‬يذا لدم تددع يليده حاجدةو َّ‬
‫ألم هدذا اسدتخفا‬
‫سبحانه‪.‬‬

‫الحلف باهلل يذا كام صادقاا‪ ،‬وعند الحاجة‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫‪ -4‬جوان‬
‫ب ـ التوسل بالمخلوق يلى هللا تعالى‬

‫سل‪ :‬هو التقرب يلى الييء والتوصل يليه‪ ،‬والوسيلة‪ :‬القربة‪ ،‬قدا هللا تعدالى‪َ { :‬وا ْبتَغدواْ يِّلَيد ِّه‬ ‫التّو ّ‬
‫َ‬
‫سيلَة} [المائدة‪.]35/‬‬‫ا ْل َو ِّ‬
‫أي القربة يليه سبحانه براعته‪ ،‬واتباع مر اته‪.‬‬

‫والتوسل قسمام‬
‫القسم األو ‪ :‬توسل ميروع‪ ،‬وهو أنواع‬
‫‪1‬ـ النوع األو ‪ :‬التوسل يلى هللا تعالى بأسمائه وصفاته‬
‫وم فِّدي‬ ‫سدنَى فَدادْعوه ِّب َهدا َوذَرواْ الَّدذ َ‬
‫ِّين ي ْل ِّحدد َ‬ ‫ّلِل األَ ْ‬
‫سد َماء ا ْلح ْ‬ ‫أمر هللا تعالى بدذلي فدي قولده‪َ { :‬و ِّ َّ ِّ‬ ‫كما َ‬
‫وم} [األعرا ‪.]180/‬‬ ‫سيجْ َز ْو َم َما كَانواْ يَ ْع َمل َ‬ ‫أَ ْ‬
‫س َمآئِّ ِّه َ‬
‫‪2‬ـ النوع الثاني‪ :‬التوسل يلى هللا تعالى باإليمام واألعما الصالحة‬
‫دام أَ ْم‬ ‫س ِّم ْعنَا منَا ِّديادا ينَدادِّي ِّل ِّ‬
‫إلي َم ِّ‬ ‫التي قام بها المتوسل‪ ،‬كما قا تعالى عن أهل اإليمام‪َّ { :‬ربَّنَا يِّنَّنَا َ‬
‫س ِّّي َا ِّتنَا َوتَ َوفَّنَا َم َع األب َْر ِّار} [آ عمرام‪.]193/‬‬ ‫آمنواْ ِّب َر ِّّبأل ْم فَآ َمنَّا َر َّبنَا فَا ْغ ِّف ْر لَنَا ذنو َبنَا َو َك ِّفّ ْر َ‬
‫عنَّا َ‬ ‫ِّ‬
‫‪- 61 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وكما في حديث الثالثدة الدذين انربقدت علديهم الصدخرة‪ ،‬فسدد علديهم بداب الغدار‪ ،‬فلدم يسدتريعوا‬
‫الخروت‪ ،‬فتوسدلوا يلدى هللا بصدالح أعمدالهمو ففدرت هللا عدنهم [هدذا مضدموم الحدديث وهدو متفدق‬
‫عليه] فخرجوا يميوم‪.‬‬

‫‪3‬ـ النوع الثالث‪ :‬التوسل يلى هللا تعالى بتوحيده‬


‫كما توسل يونس عليه السالم‪{ :‬فَنَا َدا فِّي ال ُّظل َما ِّ أَم ال يِّلَهَ يِّال أَنتَ س ْب َحانَيَ } [األنبياء‪.]87/‬‬

‫‪4‬ـ النوع الرابع‪ :‬التّو ُّ‬


‫سل يلى هللا تعالى بإظهار ال َّ‬
‫ضعف‬
‫ض ُّر َوأَنتَ أَ ْر َحم َّ‬
‫الدرا ِّح ِّمي َن}‬ ‫والحاجة واالفتقار يلى هللا‪ ،‬كما قا أيوب عليه السالم‪{ :‬أَ ِّنّي َم َّ‬
‫سنِّ َي ال ُّ‬
‫[األنبياء‪.]83/‬‬

‫‪5‬ـ النوع الخامس‪ :‬التوسل يلى هللا بدعاء الصالحين األحياء‬


‫كما كام الصحابة يذا أجدبوا طلبوا من النبي صلى هللا عليه وسدلم أم يددعو هللا لهدم‪ ،‬ولمدا تدوفي‬
‫صاروا يرلبوم من عمه العباس ‪ -‬ر ي هللا عنه ‪ -‬فيدعو لهم [رواه البخاري]‪.‬‬

‫‪6‬ـ النوع السادس‪ :‬التّو ُّ‬


‫سل يلى هللا باالعترا بالذنب‬
‫ب ِّي ِّنّي َظلَ ْمت نَ ْفسِّي فَا ْغ ِّف ْر ِّلي} [القصص‪.]16/‬‬
‫{قَا َ َر ّ ِّ‬
‫القسم الثاني‪ :‬توسل غير ميروع‬
‫وهو التوسل بما عدا األنواع المذكورة في التوسل الميروع‪ ،‬كالتوسدل برلدب الددعاء واليدفاعة‬
‫مدن األمدوا ‪ ،‬والتوسدل بجداه النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬والتوسدل بدذا المخلدوقين أو حقهدم‪،‬‬
‫وتفصيل ذلي كما يلي‪:‬‬

‫‪1‬ـ طلب الدعاء من األموا ال يجون‬


‫ألم الميت ال يقدر على الدعاء‪ ،‬كما كدام يقددر عليده فدي الحيداة‪ ،‬وطلدب اليدفاعة مدن األمدوا ال‬
‫يجونو ألم عمر بن الخراب ومعاوية بن أبي سفيام ‪ -‬ر ي هللا عنهمدا ‪ ،-‬ومدن بحضدرتهما مدن‬
‫سددلوا استيددفعوا بمددن كددام حيًّددا‪،‬‬
‫الصددحابة والتددابعين لهددم بإحسددام‪ ،‬ل َّمددا أجدددبوا استسددقروا وتو َّ‬
‫كالعباس وكيزيدد بدن األسدود‪ ،‬ولدم يتوسدلوا ولدم يستيدفعوا ولدم يستسدقوا بدالنبي صدلى هللا عليده‬
‫وسلم ال عند قبره وال عند غيره‪ ،‬بل عدلوا يلى البد كالعباس وكيزيد‪ ،‬وقد قدا عمدر‪( :‬اللهدم ينّدا‬
‫كنا نتوسل يليي بنبينا فتسقينا‪ ،‬وينَّا نتوسل بع ّم نبيّنا فا ْ‬
‫س ِّقنا) فجعلوا هدذا بدد اال مدن ذلدي‪ ،‬لمدا تعدذر‬
‫أم يتوسلوا به على الوجه الميروع الذي كانوا يفعلونه‪.‬‬
‫ا‬
‫جائزا‪ .‬فتركهم لذلي دلي ٌل على‬ ‫وقد كام من الممألن أم يأتوا يلى قبره فيتوسلوا به ‪ ،‬يعني‪ :‬لو كام‬
‫عدم جوان التوسل باألموا ‪ ،‬ال لرلب الدعاء واليفاعة منهم وهم أموا ‪ ،‬فو كام طلب الددعاء‬
‫منه واالستيفاع به حيًّا وميّتاا سوءاو لم يعدلوا عنه يلى غيره ممن هو دونه‪.‬‬

‫‪- 62 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪2‬ـ والتوسل بجاه النبي صلى هللا عليه وسلم أو بجاه غيره ال يجون‬
‫والحديث الذي فيده‪ ( :‬يذا سدألتم هللا فاسدألوه بجداهي‪ ،‬فدإم جداهي عندد هللا عظديم) حدديث مألدذوب‪،‬‬
‫ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها‪ ،‬وال ذكره أحد من أهدل العلدم بالحدديث ‪ ،‬ومدا‬
‫دا َم ال يصح فيه دليل‪ ،‬فهو ال يجونو ألم العبادا ال تثبت يال بدليل صريح‪.‬‬

‫‪3‬ـ والتوسل بذوا المخلوقين ال يجون‬


‫ألندده يم كانددت ا لبدداء للقسددم‪ ،‬فهددو يقسددام بدده علددى هللا تعددالى‪ ،‬ويذا كددام اإلقسددام بددالمخلوق علددى‬
‫المخلوق ال يجون‪ ،‬وهو شرك كما في الحديثو فأليف باإلقسام بالمخلوق على الخالق جل وعال؟!‬

‫ويم كانددت البدداء للسددببية فدداهلل سددبحانه لددم يجعددل السددؤا بددالمخلوق سددب ابا لإلجابددة‪ ،‬ولددم ييددرعه‬
‫لعباده‪.‬‬

‫‪4‬ـ والتوسل بحق المخلوق ال يجون ألمرين‬


‫األو ‪ :‬أم هللا سددبحانه ال يجددب عليدده حددقّ ألحددد‪ ،‬وينَّمددا هددو الددذي يتف ّ‬
‫ضددل سددبحانه علددى المخلددوق‬
‫ين} [الروم‪.]47/‬‬ ‫علَ ْينَا نَصْر ا ْلم ْؤ ِّمنِّ َ‬
‫َام َحقًّا َ‬
‫بذلي‪ ،‬كما قا تعالى‪َ { :‬وك َ‬

‫فألوم المريع يستحق الجزاء‪ ،‬هو استحقاق فضل وينعام‪ ،‬وليس هو استحقاق مقابلة كما يستحق‬
‫المخلوق على المخلوق‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أم هذا الحق الذي تفضل هللا بده علدى عبدده هدو حدقٌّ خداص بده‪ ،‬ال عالقدة لغيدره بده‪ ،‬فدإذا‬
‫ا‬
‫متوسال بأمر أجنبي‪ ،‬ال عالقة له به‪ ،‬وهذا ال يجديه شي اا‪.‬‬ ‫توسل به غير مستحقه كام‬

‫وأمددا الحددديث الددذي فيدده‪" :‬أسددألي بحددق السددائلين" فهددو حددديث لددم يثبددتو ألم فددي يسددناده عريددة‬
‫العوفي‪ ،‬وهو عيف مجمع على عفه‪ ،‬كما قا بعل المحدثين‪ ،‬ومدا كدام كدذلي‪ ،‬فإنده ال يحدتج‬
‫به في هذه المسألة المهمة من أمور العقيدة‪ ،‬ثم ينه لديس فيده توسدل بحدقّ شدخص معديّن‪ ،‬وينمدا‬
‫فيه التوسل بحق السائلين عمو اما‪ ،‬وحق السائلين اإلجابة كما وعدهم هللا بذلي‪.‬‬

‫وهو حق أوجبه على نفسده لهدم‪ ،‬لدم يوجبده عليده أحدد‪ ،‬فهدو توسدل يليده بوعدده الصدادق ال بحدق‬
‫المخلوق‪.‬‬

‫جـ ـ حألم االستعانة واالستغاثة بالمخلوق‬

‫االستعانة‪ :‬طلب العوم والمؤانرة في األمر‪.‬‬

‫واالستغاثة‪ :‬طلب الغوث‪ ،‬وهو ينالة اليدة‪.‬‬

‫فاالستغاثة واالستعانة بالمخلوق على نوعين‬

‫‪- 63 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫النوع األو ‪ :‬االستعانة واالستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه‬

‫علَى ا ْل ِّ ّ‬
‫بر َوالتَّ ْق َوا} [المائدة‪.]2/‬‬ ‫اونواْ َ‬
‫وهذا جائز‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬وتَ َع َ‬
‫علَدى الَّدذِّي ِّمد ْن َ‬
‫عددد ّ ِّو ِّه}‬ ‫شددي َع ِّت ِّه َ‬ ‫وقدا تعددالى فددي قصدة موسددى عليدده السددالم‪{ :‬فَا ْ‬
‫سدتَغَاثَه الَّدذِّي ِّمددن ِّ‬
‫[القصص‪.]15/‬‬

‫وكما يستغيث الرجل بأصحابه في الحرب وغيرها‪ ،‬مما يقدر عليه المخلوق‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬االستغاثة واالستعانة بالمخلوق‬


‫فيما ال يقدر عليه يال هللا‪ ،‬كاالستغاثة واالستعانة باألموا ‪ ،‬واالستغاثة باألحياء‪ ،‬واالسدتعانة بهدم‬
‫فيما ال يقدر عليه يال هللا من شفاء المر ى‪ ،‬وتفريج الألربا ودفع الضر‪ ،‬فهذا النوع غير جائز‪،‬‬
‫وهددو شددرك أكبددر‪ ،‬وقددد كددام فددي نمددن النبددي صددلى هللا عليدده وسددلم منددافق يددؤذي المددؤمنين‪ ،‬فقددا َ‬
‫بعضهم‪ :‬قوموا بنا نستغيث برسو هللا صلى هللا عليه وسلم من هذا المنافق‪ ،‬فقا النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪( :‬ينه ال يستغاث بي‪ ،‬وينما يستغاث باهلل) [رواه الربراني]‪ ،‬كره صلى هللا عليه وسلم‬
‫أم يستعمل هذا اللفظ في حقّه‪ ،‬ويم كام مما يقدر عليه فدي حياتدهو حمايدةا لجنداب التوحيدد وسددًّا‬
‫وتحذيرا لألمة من وسائل اليرك في األقوا واألفعدا و فدإذا‬ ‫ا‬ ‫لذرائع اليرك‪ ،‬وأدباا وتوا عاا لربه‪،‬‬
‫كام هدذا فيمدا يقددر عليده النبدي صدلى هللا عليده وسدلم فدي حياتده‪ ،‬فأليدف يسدتغاث بده بعدد مماتده‪،‬‬
‫ويرلدب مندده أمدور ال يقدددر عليهدا يال هللا ‪ ،‬ويذا كددام هدذا ال يجددون فدي حقّدده صدلى هللا عليدده وسددلم‬
‫فغيره من باب أولى‪.‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الباب الخامس‪ :‬في بيام ما يجب اعتقاده في الرسو صلى هللا عليه وسلم‬
‫وأهل بيته وصحابته‬
‫وذلي في فصو ‪:‬‬

‫الفصل األو ‪ :‬في وجوب محبة الرسو وتعظيمه‪ ،‬والنهي عن الغلو واإلطراء فدي مدحده‪ ،‬وبيدام‬
‫منزلته صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬في وجوب طاعته واالقتداء به‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في ميروعية الصالة والسالم عليه‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في فضل أهل البيت‪ ،‬وما يجب لهم من غير جفاء وال غلو‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم‪ ،‬ومدذهب أهدل السدنة والجماعدة فيمدا‬
‫حدث بينهم‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدا‪.‬‬

‫الفصل األو ‪ :‬في وجوب محبة الرسو وتعظيمه‪ ،‬والنهي عن الغلو واإلطراء في مدحه‬

‫وبيام منزلته صلى هللا عليه وسلم‬

‫‪ 1‬ـ وجوب محبته وتعظيمه صلى هللا عليه وسلم‬


‫أوال‪ :‬مح ّبة هللا عز وجل‪ ،‬وهي من أعظم أنواع العبادة‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬والَّذ َ‬
‫ِّين آ َمنواْ‬ ‫يجب على العب ِّد ا‬
‫ّلِل} [البقرة‪.]165/‬‬ ‫أَ َ‬
‫ش ُّد حبًّا ِّّ َّ ِّ‬
‫ضل على عباده بجميع النّعم ظا ِّهرها وباطنهدا‪ ،‬ثدم بعدد محبدة هللا تعدالى‪ ،‬تجدب‬
‫الر ُّب المتف ّ‬
‫ألنه هو ّ‬
‫وعر بده‪ ،‬وبلَّدغ شدريعته‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫محبة رسوله محمد صلى هللا عليه وسلمو ألنه هو الذي دعا يلى هللا‪،‬‬
‫وبيَّن أحألامه‪ ،‬فما حصل للمؤمنين من خير في الدنيا واآلخدرة‪ ،‬فعلدى يدد هدذا الرسدو ‪ ،‬وال يددخل‬
‫ثالث من ك َّن فيه وجد حدالوةَ‬‫أح ٌد الجنة يال براعته واتباعه صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وفي الحديث‪ٌ ( :‬‬
‫حب المرء ال يحبّده يال هلل‪ ،‬وأم يألدره‬
‫أحب يليه مما سواهما‪ ،‬وأم ي َّ‬‫َّ‬ ‫اإليمامو أم يألوم هللا ورسولَه‬
‫أم يعود في الألفر بعد أم أنقذه هللا منه‪ ،‬كما يألره أم يقذ في النار) [متفق عليه]‪.‬‬
‫فمحبة الرسو ت ابعة لمحبة هللا تعالى‪ ،‬النمة لها‪ ،‬وتليها في المرتبة‪ ،‬وقد جاء بخصوص محبتده‬
‫صلى هللا عليه وسدلم ووجدوب تقدديمها علدى محبدة كدل محبدوب سدوا هللا تعدالى‪ ،‬قولده صدلى هللا‬
‫داس أجمعددين) [متفددق‬
‫دب يليدده مددن ولددده ووالددده والند ِّ‬ ‫عليدده وسددلم‪( :‬ال يددؤمن أحدددكم حتددى أكد َ‬
‫دوم أحد َّ‬
‫عليه]‪.‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أحب يليه من نفسه‪ ،‬كما في‬ ‫َّ‬ ‫بل ورد أنه يجب على المؤمن أم يألوم الرسو صلى هللا عليه وسلم‬
‫يلدي مدن كدل شديء يال‬
‫أحدب َّ‬
‫ُّ‬ ‫الحديث‪ :‬أم عمر بن الخراب ر ي هللا عنه قا ‪ :‬يا رسو هللا‪ ،‬ألنتَ‬
‫من نفسي‪ ،‬فقا ‪( :‬والذي نفسي بيده حتى أكوم أحب يليي من نفسدي)‪ ،‬فقدا لده عمدر‪ :‬فإندي اآلم‬
‫يلي من نفسي‪ ،‬فقا ‪( :‬اآلم يا عمر) [رواه البخاري]‪.‬‬
‫أحب َّ‬
‫ففي هذا أم محبة الرسو واجبةٌ ومقدّمةٌ على محبّة كل شديء سدوا محبدة هللا‪ ،‬فإنهدا تابعدة لهدا‬
‫النمة لهاو ألنها محبة في هللا وألجله‪ ،‬تزيد بزيادة محبة هللا في قلدب المدؤمن‪ ،‬وتدنقص بنقصدها‪،‬‬
‫وكل من كام مح ًّبا هللو فإنما يحب في هللا وألجله‪.‬‬

‫ومح ّبته صلى هللا عليه وسلم تقتضي تعظيمه وتدوقيره واتباعده‪ ،‬وتقدديم قولده علدى قدو كدل أحدد‬
‫من الخلق‪ ،‬وتعظيم سنته‪.‬‬

‫قا العالمة ابن القيم رحمه هللا‪( :‬وك ُّل محبة وتعظيم للبيرو فإنما تجون تبعاا لمحبة هللا وتعظيمه‪،‬‬
‫كمحبة رسو هللا صلى هللا عليه وسلم وتعظيمه‪ ،‬فإنها من تمام محبة مرسله وتعظيمه‪ ،‬فإم أمته‬
‫يحبونه لمحبة هللا له‪ ،‬ويعظمونه ويجلونه إلجال هللا له‪ ،‬فهي محبة هلل من موجبا محبة هللا‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أم النبي صلى هللا عليه وسلم ألقى هللا عليده مدن المهابدة والمحبدة‪ ....‬ولهدذا لدم يألدن‬
‫بير أحب يلى بير‪ ،‬وال أهيب وأج ّل في صدره‪ ،‬مدن رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم فدي صددور‬
‫يلدي‬
‫أبغدل َّ‬
‫َ‬ ‫أصحابه ‪ -‬ر ي هللا عنهم ‪ -‬قا عمرو بدن العداص بعدد يسدالمه‪ :‬ينده لدم يألدن شدخص‬
‫يلي منه‪ ،‬وال أج َّل في عيني منه‪ ،‬قا ‪ :‬ولو س ِّلت أم أصفه‬ ‫منه‪ .‬فلما أسلمت‪ ،‬لم يألن شخص أحب َّ‬
‫ا‬
‫يجالال له‪.‬‬ ‫عيني منهو‬
‫َّ‬ ‫لألمي لما أطقت‪ ،‬ألني لم أكن أمأل‬

‫وقا عروة بن مسعود لقريش‪ :‬يا قوم‪ ،‬وهللا لقد وفدد يلدى كسدرا وقيصدر والملدوك‪ ،‬فمدا رأيدت‬
‫ملألاا يعظمه أصحابهو ما يعظم أصحاب محمد محمداا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وهللا ما يحددُّوم النظدر‬
‫يليه تعظي اما له‪ ،‬وما تن َّخم نخامدةا يال وقعدت فدي ك ّ ِّ‬
‫َدف رجدل مدنهم‪ ،‬فيددلي بهدا وج َهده وصددره‪ ،‬ويذا‬
‫تو أ كادوا يقتتلوم على و وئه) انتهى ‪.‬‬

‫لو واإلطراء في مدحه‬


‫‪ 2‬ـ النهي عن الغ ّ‬
‫الغلو‬
‫ددوا‪ ،‬يذا تجدداون الحددد فددي القدددر‪ ،‬قددا تعددالى‪{ :‬الَ تَ ْغلددواْ ِّفددي دِّيدد ِّنأل ْم}‬ ‫تجدداون الحددد‪ ،‬يقددا ‪َ :‬‬
‫غددال غل ًّ‬
‫[النساء‪ ]171/‬أي‪ :‬ال تجاونوا الحد‪.‬‬
‫واإلطراء‬
‫لو في حق النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬مجاونة‬‫مجاونة الح ِّّد في المدح‪ ،‬والألذب فيه‪ ،‬والمراد بالغ ّ ِّ‬
‫الحد في قدرهو بأم يرفع فوق مرتبة العبودية والرسالة‪ ،‬ويجع َل له شديء مدن خصدائص اإللهيدةو‬
‫حلف به‪.‬‬ ‫َ‬
‫ستغاث به من دوم هللا‪ ،‬وي َ‬ ‫بأم يدعى وي‬

‫‪- 66 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫والمراد باإلطراء في حقه صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أم يزا َد في مدحه‪ ،‬فقد نهى صلى هللا عليه وسلم‬
‫دن مددريم‪ ،‬ينمددا أنددا عبددد‪ ،‬فقولددوا‪ :‬عبددد هللا‬‫عددن ذلددي بقولدده‪( :‬ال تررونددي كمددا أطددر ِّ النَّصددارا ابد َ‬
‫ورسددوله) [متفددق عليدده]‪ ،‬أي‪ :‬ال تمدددحوني بالباطددل‪ ،‬وال تجدداونوا الح د َّد فددي مدددحي‪ ،‬كمددا غلددت‬
‫ص دفَني بدده ربّددي‪،‬‬ ‫النَّصددارا فددي عيسددى ‪ -‬عليدده السددالم ‪ -‬فددادَّعوا فيدده األلوهيددة‪َ ،‬و ِّصددفوني بمددا َو َ‬
‫س ديّد هللا تبددارك‬
‫فقولددوا‪ :‬عبددد هللا ورسددوله‪ .‬ولمددا قددا لدده بعددل أصددحابه‪ :‬أنددت س ديّدنا‪ ،‬فقددا ‪( :‬ال َّ‬
‫ددوال‪ ،‬فقدددا ‪( :‬قولدددوا بقدددولألم‪ ،‬أو بعدددل قدددولألم‪ ،‬وال‬‫وتعدددالى)‪ ،‬ولمدددا قدددالوا‪ :‬أفضدددلنا وأعظمندددا َطد ا‬
‫يستجرينألم الييرام) [رواه أبو داود بسند جيد]‪.‬‬

‫خيرنا وابدن خيرندا‪ ،‬وسديدنا وابدن سديدنا‪ ،‬فقدا ‪( :‬يدا أيهدا النداس‪،‬‬
‫وقا له ناس‪ :‬يا رسو َ هللا‪ ،‬يا َ‬
‫أحدب أم ترفعدوني فدوقَ‬
‫ُّ‬ ‫قولوا بقولألم‪ ،‬وال يستهوينألم الييرام‪ ،‬أندا محمد ٌد عبدد هللا ورسدوله‪ ،‬مدا‬
‫عز وج ّل) [رواه أحمد والنسائي]‪.‬‬ ‫منزلتي التي أنزلني هللا ّ‬

‫كره صلى هللا عليه وسلم أم يمدحوه بهذه األلفاظ‪ :‬أنت سديدنا ‪ -‬أندت خيرندا ‪ -‬أندت أفضدلنا ‪ -‬أندت‬
‫دو‬
‫أعظمنا‪ ،‬مع أنه أفضل الخلق وأشرفهم على اإلطالقو لألنه نهاهم عن ذلي‪ ،‬ابتعاداا بهم عدن الغل ّ ِّ‬
‫واإلطدراء فددي حقده‪ ،‬وحمايددةا للتوحيدد‪ ،‬وأرشدددهم أم يصدفوم بصددفتينو همدا أعلددى مراتدب العبددد‪،‬‬
‫وليس فيهما غلو وال خرر على العقيدة‪ ،‬وهما‪ :‬عبد هللا ورسدوله‪ ،‬ولدم يحدب أم يرفعدوه فدوق مدا‬
‫ثيدر مدن‬‫أنزله هللا عز وجل من المنزلة التي ر يها لده‪ ،‬وقدد خدالف نهيَده صدلى هللا عليده وسدلم ك ٌ‬
‫َ‬
‫ويحلفوم به‪ ،‬ويرلبوم منها ما ال يرلب يال من هللا‪ ،‬كمدا‬ ‫الناس فصاروا يدعونه‪ ،‬ويستغيثوم به‪،‬‬
‫يفعل في الموالد والقصائد واألناشيد‪ ،‬وال يميزوم بين حق هللا وحق الرسو ‪.‬‬

‫يقو العالمة ابن القيم في النونية‪:‬‬

‫هلل حق ال يألوم لـــغيره ** ولعبده حـق هما حقـام‬

‫ال تجعلوا الحقين حقًّا واحداا ** من غير تمييز وال فرقام‬

‫‪ 3‬ـ بيام منزلته صلى هللا عليه وسلم‬

‫ال بأس ببيام منزلته بمدحه صلى هللا عليه وسلم بما مدحه هللا بده‪ ،‬وذكدر منزلتده التدي فضدله هللا‬
‫بهددا واعتقدداد ذلددي‪ ،‬فلدده صددلى هللا عليدده وسددلم المنزلددة العاليددة التددي أنزلدده هللا فيهددا‪ ،‬فهددو عبددد هللا‬
‫ورسوله‪ ،‬وخيرته من خلقه‪ ،‬وأفضل الخلق على اإلطالق‪ ،‬وهو رسو هللا يلى الناس كافة‪ ،‬ويلدى‬
‫نبدي بعدده‪ ،‬قدد شدرح هللا لده‬ ‫جميع الثقلدين الجدن واإلندس‪ ،‬وهدو أفضدل الرسدل‪ ،‬وخداتم النبيدين‪ ،‬ال َّ‬
‫صدره‪ ،‬ورفع له ذكره‪ ،‬وجعل ال ِّذّلَّة والصَّغار على من خالف أمره‪ ،‬وهو صداحب المقدام المحمدود‬
‫سى أَم َي ْب َعثَيَ َر ُّبيَ َمقَا اما َّمحْ موداا} [اإلسراء‪.]79/‬‬
‫ع َ‬
‫الذي قا هللا تعالى فيه‪َ { :‬‬

‫أي‪ :‬المقام الذي يقيمه هللا فيه لليفاعة للناس يوم القيامةو ليريحهم ربهم من شدة الموقف‪ ،‬وهو‬
‫مقام خاص به صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫دوم غيره من النبيين‪.‬‬

‫وهو أخيى الخلق هلل‪ ،‬وأتقاهم له‪ ،‬وقد نهى هللا عن رفع الصو بحضرته صلى هللا عليه وسدلم‪،‬‬
‫ِّين آ َمندوا ال تَ ْرفَعدوا أَص َ‬
‫ْدواتَأل ْم‬ ‫وم أصواتهم عنده‪ ،‬فقدا تعدالى‪{ :‬يَدا أَيُّ َهدا الَّدذ َ‬ ‫ض َ‬ ‫وأثنى على الذين يَغ ّ‬
‫وم‬‫ل أَم تَحْ َب َ أَ ْع َمالأل ْم َوأَنت ْم ال تَيْدعر َ‬ ‫فَ ْوقَ ص َْو ِّ النَّ ِّب ّي ِّ َوال تَجْ َهروا لَه ِّبا ْلقَ ْو ِّ َك َجه ِّْر َب ْع ِّضأل ْم ِّل َب ْع ٍ‬
‫‪- 67 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫َّللا قلدوبَه ْم ِّللتَّ ْق َدوا لَهدم َّم ْغ ِّف َدرةٌ‬


‫امدتَ َح َن َّ‬
‫ِّين ْ‬ ‫وم أَص َْواتَه ْم ِّعن َد َرسو ِّ َّ ِّ‬
‫َّللا أ ْولَ ِّديَ الَّدذ َ‬ ‫ض َ‬ ‫* ِّي َّم الَّذ َ‬
‫ِّين يَغ ُّ‬
‫دوم * َولَ ْدو أَنَّهد ْم صَدبَروا َحتَّدى‬ ‫اء ا ْلحج َرا ِّ أَ ْكثَدره ْم ال يَ ْع ِّقل َ‬ ‫ِّين ينَادونَيَ ِّمن َو َر ِّ‬‫َوأَجْ ٌر ع َِّظي ٌم * يِّ َّم الَّذ َ‬
‫ور َّر ِّحي ٌم} [الحجرا ‪.]5-2/‬‬ ‫َّللا َ‬
‫غف ٌ‬ ‫َام َخي اْرا لَّه ْم َو َّ‬
‫ت ِّيلَي ِّْه ْم لَأل َ‬
‫تَ ْخر َ‬
‫قا اإلمام ابن كثير ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬هذه آيا أدّب هللا فيها عباده المؤمنين فيما يعاملوم به النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم من التوقير واالحترام‪ ،‬والتبجيل واإلعظام‪ ...‬أم ال يرفعوا أصواتهم بين يدي‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم فوق صوته)‪.‬‬

‫ونهى سبحانه وتعالى أم يدعى الرسو باسمه كمدا يددعى سدائر النداس‪ ،‬فيقدا ‪ :‬يدا محمدد‪ ،‬وينمدا‬
‫يدعى بالرسالة والنبدوة فيقدا ‪ :‬يدا رسدو هللا‪ ،‬يدا نبدي هللا‪ ،‬قدا تعدالى‪{ :‬ال تَجْ َعلدوا دعَدا َء َّ‬
‫الرسدو ِّ‬
‫بَ ْينَأل ْم كَدع ِّ‬
‫َاء بَ ْع ِّضألم بَ ْعضاا} [النور‪.]63/‬‬

‫كما أم هللا سبحانه يناديه بـ يا أيها النبي‪ ،‬يدا أيهدا الرسدو ‪ .‬وقدد صدلى هللا ومالئألتده عليده‪ ،‬وأمدر‬
‫دي ِّ يَدا أَيُّ َهدا الَّدذ َ‬
‫ِّين‬ ‫علَدى النَّبِّ ّ‬
‫َّللا َو َمالئِّ َألتَده يصَدلُّو َم َ‬
‫عباده بالصالة والتسدليم عليده‪ ،‬فقدا تعدالى‪{ :‬يِّ َّم َّ َ‬
‫س ِّلي اما} [األحزاب‪.]56/‬‬‫س ِّلّموا تَ ْ‬
‫علَ ْي ِّه َو َ‬
‫صلُّوا َ‬
‫آ َمنوا َ‬
‫لألن ال يخصص لمدحه صلى هللا عليده وسدلم وقدتٌ وال كيفيدة معيندة يال بددلي ٍل صدحيح مدن الألتداب‬
‫سنَّة‪ ،‬فما يفعلده أصدحاب الموالدد مدن تخصديص اليدوم الدذي يزعمدوم أنده يدوم مولدده لمدحده‪:‬‬ ‫وال ُّ‬
‫بدعة منألرة‪.‬‬

‫ومن تعظيمه صلى هللا عليه وسلم‪ :‬تعظيم سدنته‪ ،‬واعتقداد وجدوب العمدل بهدا‪ ،‬وأنهدا فدي المنزلدة‬
‫الثانية بعد القرآم الألريم في وجوب التعظيم والعمدلو ألنهدا وحدي مدن هللا تعدالى‪ ،‬كمدا قدا تعدالى‪:‬‬
‫{ َو َما يَ ْن ِّرق ع َِّن ا ْل َه َوا * يِّ ْم ه َو يِّالَّ َوحْ ٌي يو َحى} [النجم‪.]4 ،3/‬‬

‫فددال يجدددون التيددأليي فيهدددا‪ ،‬والتقليددل مدددن شدددأنها‪ ،‬أو الألددالم فيهدددا بتصددحيح أو تضدددعيف لررقهدددا‬
‫وأسانيدها أو شرح لمعانيها يال بعلم وتحفُّظ‪ ،‬وقدد كثدر فدي هدذا الزمدام ترداو الج َّهدا ِّ علدى سدنّة‬
‫صا من بعل اليباب الناش ينو الذين ال يزالوم في المراحدل‬ ‫الرسو صلى هللا عليه وسلم خصو ا‬
‫األولى من التعليم‪ ،‬صاروا يص ِّ ّححوم ويضدعّفوم فدي األحاديدث‪ ،‬ويجرحدوم فدي الدرواة بغيدر علدم‬
‫خرر عظيم عليهم وعلى األمة‪ ،‬فيجب عليهم أم يتقوا هللا‪ ،‬ويقفدوا عندد‬ ‫ٌ‬ ‫سوا قراءة الألتب‪ ،‬وهذا‬
‫حدهم‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬في وجوب طاعته صلى هللا عليه وسلم واالقتداء به‬

‫تجب طاعة النبي صلى هللا عليه وسلم بفعل ما أمره بده‪ ،‬وتدرك مدا نهدى عنده‪ ،‬وهدذا مدن مقتضدى‬
‫شهادة أنه رسو هللا‪ ،‬وقد أمر هللا تعالى براعته في آيا كثيرة‪ ،‬تارة مقرونة مع طاعة هللا‪ ،‬كما‬
‫الرسدو َ } [النسداء‪ ]59/‬وأمثالهدا مدن اآليدا ‪،‬‬ ‫َّللا َوأَ ِّطيعدواْ َّ‬
‫ِّين آ َمنواْ أَ ِّطيعدواْ َّ َ‬
‫في قوله‪َ { :‬يا أَ ُّي َها الَّذ َ‬
‫َّللا} [النسداء‪َ { ،]80/‬وأَ ِّطيعدوا‬
‫ع َّ َ‬‫الرسو َ فَقَ ْد أَ َطدا َ‬
‫وتارة يأمر بها منفردة‪ ،‬كما في قوله‪َّ { :‬م ْن ي ِّر ِّع َّ‬
‫وم} [النور‪.]56/‬‬ ‫الرسو َ لَعَلَّأل ْم ت ْر َحم َ‬
‫َّ‬
‫وتددارة يتوعددد مددن عصددى رسددوله صددلى هللا عليدده وسددلم‪ ،‬كمددا فددي قولدده تعددالى‪{ :‬فَ ْليَحْ دذَ ِّر الَّ دذ َ‬
‫ِّين‬
‫اب أَ ِّلي ٌم} [النور‪.]63/‬‬ ‫وم ع َْن أَ ْم ِّر ِّه أَم ت ِّصي َبه ْم ِّفتْنَةٌ أَ ْو ي ِّصي َبه ْم َ‬
‫عذ َ ٌ‬ ‫ي َخا ِّلف َ‬
‫‪- 68 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أي‪ :‬تصيبهم فتنة في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة‪ ،‬أو عدذاب ألديم فدي الددنياو بقتدل أو َحد ٍّد أو‬
‫حبس‪ ،‬أو غير ذلي من العقوبا العاجلة‪.‬‬

‫وقد جعل هللا طاعته واتباعه سدبباا لنيدل محبدة هللا للعبدد ومغفدرة ذنوبده‪ ،‬قدا تعدالى‪{ :‬قد ْل يِّم كندت ْم‬
‫َّللا فَاتَّبِّعونِّي يحْ بِّبْألم َّ‬
‫َّللا َويَ ْغ ِّف ْر لَأل ْم ذنوبَأل ْم} [آ عمرام‪.]31/‬‬ ‫ت ِّحبُّ َ‬
‫وم َّ َ‬
‫ا‬
‫الال‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬ويِّم ت ِّريعوه تَ ْهتَدوا} [النور‪.]54/‬‬ ‫وجعل طاعته هداية‪ ،‬ومعصيته‬

‫دن أَ َ د ُّل ِّم َّم ِّ‬


‫دن اتَّبَد َع َه َدواه بِّغَي ِّْدر‬ ‫دوم أَ ْهد َوا َءه ْم َو َم ْ‬
‫ستَ ِّجيبوا لَيَ فَا ْعلَ ْم أَنَّ َمدا يَتَّبِّع َ‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬فَ ِّإم لَّ ْم يَ ْ‬
‫ين} [القصص‪.]50/‬‬ ‫َّللا ال يَ ْهدِّي ا ْلقَ ْو َم ال َّظا ِّل ِّم َ‬
‫َّللا ِّي َّم َّ َ‬
‫هداا ِّّم َن َّ ِّ‬

‫َدام لَألد ْم ِّفدي َرسدو ِّ َّ ِّ‬


‫َّللا‬ ‫أم فيده القددوة الحسدنة ألمتده‪ ،‬فقدا تعدالى‪{ :‬لَقَد ْد ك َ‬ ‫وأخبر سدبحانه وتعدالى َّ‬ ‫َ‬
‫يرا} [األحزاب‪.]21/‬‬ ‫َّللا َكثِّ ا‬ ‫َ‬
‫اآلخ َر َوذك ََر َّ َ‬ ‫ْ‬
‫َّللا َواليَ ْو َم ِّ‬
‫َام يَ ْرجو َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫س َوةٌ َح َ‬
‫سنَة ِّل َمن ك َ‬ ‫أ ْ‬
‫قا ابن كثير ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪( :-‬هذه اآلية الألريمة أصل كبير في التأسي برسو هللا صدلى هللا‬
‫عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله‪ ،‬ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بدالنبي صدلى هللا‬
‫عليه وسلم يوم األحزاب في صبره ومصابرته‪ ،‬ومرابرته ومجاهدته‪ ،‬وانتظاره الفرت مدن ربده ‪-‬‬
‫عز وجل ‪ -‬صلوا هللا وسالمه عليه دائ اما‪ ،‬يلى يوم الدين)‪.‬‬

‫وقد ذكر هللا طاعة الرسو واتباعده فدي نحدو أربعدين مو دعاا مدن القدرآم‪ ،‬فدالنفوس أحدوت علدى‬
‫فدإم الرعدام واليدراب يذا فدا الحصدو‬ ‫معرفة ما جداء بده واتباعده منهدا يلدى الرعدام واليدراب‪َّ ،‬‬
‫عليهماو حصل المو في الدنيا‪ ،‬وطاعة الرسو واتباعه يذا فاتاو حصل العذاب واليدقاء الددائم‪،‬‬
‫وقد أمر صلى هللا عليه وسلم باالقتدداء بده فدي أداء العبدادا ‪ ،‬وأم تدؤدا علدى الأليفيدة التدي كدام‬
‫سدنَةٌ} [األحدزاب‪ ،]21/‬وقدا النبدي‬‫س َدوةٌ َح َ‬ ‫َدام لَألد ْم ِّفدي َرسدو ِّ َّ ِّ‬
‫َّللا أ ْ‬ ‫يؤديها بها‪ ،‬فقا تعالى‪{ :‬لَقَ ْد ك َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬صلوا كما رأيتموني أصلي) [الحديث رواه البخاري]‪ ،‬وقدا ‪( :‬خدذوا عندي‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) [الحدديث متفدق‬ ‫مناسألألم) [الحديث رواه مسلم]‪ ،‬وقا ‪( :‬من عمل ا‬
‫عليه]‪ ،‬وقا ‪( :‬من رغب عن سنتي فليس مني) [متفق عليه] يلى غير ذلدي مدن النصدوصو التدي‬
‫فيها األمر باالقتداء به‪ ،‬والنهي عن مخالفته‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في ميروعية الصالة والسالم على الرسو صلى هللا عليه وسلم‬

‫ص دلُّوا ويس دلّموا عليدده‪ ،‬فقددد قددا هللا تعددالى‪{ :‬يِّ َّم َّ َ‬
‫َّللا‬ ‫مددن حقدده الددذي شددرع هللا لدده علددى أمتدده أم ي َ‬
‫س ِّلي اما} [األحزاب‪.]56/‬‬ ‫س ِّلّموا تَ ْ‬
‫علَ ْي ِّه َو َ‬
‫صلُّوا َ‬ ‫علَى النَّبِّ ّي ِّ يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِّين آ َمنوا َ‬ ‫صلُّ َ‬
‫وم َ‬ ‫َو َمالئِّ َألتَه ي َ‬
‫وقد ورد أم معنى صالة هللا تعالى‪ :‬ثناؤه عليده عندد المالئألدة‪ ،‬وصدالة المالئألدة‪ :‬الددعاء‪ ،‬وصدالة‬
‫اآلدميين‪ :‬االستغفار ‪ ،‬وقد أخبر هللا سبحانه في هذه اآلية عن منزلة عبدده ونبيده عندده فدي المدأل‬
‫األعلىو بأنده يثندي عليده عندد المالئألدة المقدربين‪ ،‬وأم المالئألدة تصدلي عليده‪ ،‬ثدم أمدر تعدالى أهدل‬
‫سفلي‪.‬‬‫العالم السفلي بالصالة والتسليم عليهو ليجتمع الثناء عليه من أهل العالم العلوي وال ُّ‬

‫‪- 69 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫س ِّلي اما} أي‪ :‬حيُّوه بتحية اإلسالمو فإذا صلى علدى النبدي صدلى هللا عليده وسدلم‬ ‫س ِّلّموا تَ ْ‬
‫ومعنى‪َ { :‬و َ‬
‫فليجمدع بددين الصددالة والتسدليمو فددال يقتصددر علدى أحدددهما‪ ،‬فددال يقدو ‪( :‬صددلى هللا عليدده) فقد ‪ ،‬وال‬
‫يقو ‪( :‬عليه السالم) فق و ألم هللا تعالى أمر بهما جمي اعا‪.‬‬

‫مواطن يتأكد طلبها فيها‪ ،‬يما وجو ابا ويما اسدتحبا ابا‬‫َ‬ ‫وتيرع الصالة عليه صلى هللا عليه وسلم في‬
‫مؤكدداا‪ ،‬وذكددر ابددن القدديم‪ -‬رحمدده هللا ‪ -‬فددي كتابدده‪( :‬جددالء األفهددام) واحدداا وأربعددين موطنادداو بدددأها‬
‫بقوله‪( :‬الموطن األو ‪ - :‬وهو أهمها وآكدها ‪ -‬في الصالة في آخر التيهد‪ ،‬وقد أجمع المسدلموم‬
‫على ميروعيته‪ ،‬واختلفوا في وجوبده فيهدا) ثدم ذكدر مدن المدواطن‪ :‬آخدر القندو ‪ ،‬وفدي الخ َردب‬
‫كخربة الجمعة‪ ،‬والعيدين واالستسقاء‪ ،‬وبعد يجابة المؤذم‪ ،‬وعندد الددعاء‪ ،‬وعندد دخدو المسدجد‬
‫والخروت منده‪ ،‬وعندد ذكدره صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬ثدم ذكدر ‪ -‬رحمده هللا ‪ -‬الثمدرا الحاصدلة مدن‬
‫الصالة على النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فذكر فيها أربعين فائدة ‪ ،‬منها‪:‬‬

‫امتثا أمر هللا سبحانه بذلي‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬حصو عير صلوا من هللا على المصلي مرة‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬رجاء يجابة الدعاء يذا قدَّمها أمامه‪.‬‬

‫ومنهدا‪ :‬أنهددا سدبب ليددفاعته صدلى هللا عليدده وسدلم يذا قرنهددا بسدؤا الوسدديلة لده صددلى هللا عليدده‬
‫وسلم‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬أنها سبب لغفرام الذنوب‪.‬‬

‫س ِّلّم عليه‪.‬‬
‫ص ِّلّي والم َ‬
‫ومنها‪ :‬أنها سبب لرد النبي صلى هللا عليه وسلم على الم َ‬
‫فصلوا هللا وسالمه على هذا النبي الألريم‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬في فضل أهل البيت وما يجب لهم من غير جفاء وال غل ّو‬

‫أهدل البيدت هددم آ النبدي صدلى هللا عليدده وسدلم الددذين َحرمدتْ علديهم الصدددقة‪ ،‬وهدم آ علددي‪ ،‬وآ‬
‫جعفددر‪ ،‬وآ عقيددل‪ ،‬وآ العبدداس‪ ،‬وبنددو الحددارث بددن عبددد المرلددب‪ ،‬وأنوات النبددي صددلى هللا عليدده‬
‫يدرا}‬ ‫س أَ ْهد َل ا ْلبَيْد ِّ‬
‫ت َوي َر ِّّه َدرك ْم تَ ْر ِّه ا‬ ‫َّللا ِّلي ْدذ ِّه َب عَدنألم ِّ ّ‬
‫الدرجْ َ‬ ‫وسلم وبناتدهو لقولده تعدالى‪{ :‬يِّنَّ َمدا ي ِّريدد َّ‬
‫[األحزاب‪.]33/‬‬

‫قا اإلمام ابن كثير ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬ث َّم الذي ال ييي فيه من تدبّر القرآم‪ ،‬أم نساء النبي صلى هللا‬
‫س أَ ْهد َل ا ْلبَيْد ِّ‬
‫ت َوي َر ِّّهد َرك ْم‬ ‫َّللا ِّلي ْدذ ِّه َب عَدنألم الد ِّ ّرجْ َ‬
‫عليه وسدلم داخدال فدي قولده تعدالى‪ِّ { :‬ينَّ َمدا ي ِّريدد َّ‬
‫تَ ْر ِّه ا‬
‫يرا} [األحزاب‪.]33/‬‬
‫فددإم سددياق الألددالم معهددن‪ ،‬ولهددذا قددا بعددد هددذا كلدده‪َ { :‬و ْ‬
‫اذكد ْدر َم َمددا يتْلَددى فِّددي بيددوتِّأل َّن ِّمد ْن آيَددا ِّ َّ‬
‫َّللاِّ‬
‫َوا ْل ِّح ْأل َم ِّة} [األحزاب‪.]34/‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أي‪ :‬واعملن بما ينز هللا تبارك وتعالى على رسوله صلى هللا عليه وسلم في بيوتألن‪ ،‬من الألتاب‬
‫والسنة‪ .‬قاله قتادة وغير واحد‪.‬‬

‫واذكرم هذه النعمة التي خ ِّصصْدت َّن بهدا مدن بدين النداس‪ :‬أم الدوحي يندز فدي بيدوتألن دوم سدائر‬
‫دن بهدذه النعمدة‪ ،‬وأخصُّده َّن مدن‬
‫الناس‪ ،‬وعائية الصديقة بنت الصديق ‪ -‬ر دي هللا عنهدا ‪ -‬أواله َّ‬
‫هذه الرحمة العميمة‪ ،‬فإنه لم ينز على رسو هللا صلى هللا عليه وسلم الدوحي فدي فدراش امدرأة‬
‫بألدرا‬
‫نص على ذلي صلوا هللا وسالمه عليده‪ ،‬وقدا بعدل العلمداء‪ :‬ألنده لدم يتدزوت ا‬ ‫سواها‪ ،‬كما َّ‬
‫َّدص بهدذه‬
‫سواها‪ ،‬ولدم يدنم معهدا رجدل فدي فراشدها سدواه صدلى هللا عليده وسدلم فناسدب أم تخص َ‬
‫المزية‪ ،‬وأم تفر َد بهذه المرتبة العليَّة‪ ،‬ولألدن يذا كدام أنواجده مدن أهدل بيتده‪ ،‬فقرابتده أحدق بهدذه‬
‫التسمية) انتهى من تفسير ابن كثير‪.‬‬

‫فأهل السنة والجماعة يحبدوم أهدل بيدت رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم ويتولدونهم‪ ،‬ويحفظدوم‬
‫فيهم وصية رسو هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬حيث قا يوم غدير خم ‪( :‬أذكّركم هللا في أهل بيتدي)‬
‫[رواه مسلم]‪.‬‬

‫فأهل السنة يحبونهم ويألرمونهمو ألم ذلي من محبة النبي صدلى هللا عليده وسدلم ويكرامده‪ ،‬وذلدي‬
‫سدنَّة مسدتقيمين علدى الملدة‪ ،‬كمدا كدام عليده سدلفهم كالعبداس وبندوه‪،‬‬
‫بيرط‪ :‬أم يألونوا متبعين لل ُّ‬
‫وعلي وبنوه‪ ،‬أما من خالف السنة‪ ،‬ولم يستقم على الدين‪ ،‬فإنه ال تجون مواالته ولو كام من أهل‬
‫البيت‪.‬‬

‫فموقددف أهددل السددنة والجماعد ة مددن أهددل البيددت موقددف االعتدددا واإلنصددا ‪ ،‬يتولددوم أهددل الدددين‬
‫واالستقامة منهم‪ ،‬ويتبرءوم ممن خالف السنة وانحر عن الدين‪ ،‬ولو كام من أهل البيت‪ ،‬فإم‬
‫كونه من أهل البيت ومن قرابة الرسو ‪ ،‬ال ينفعه شي اا حتى يسدتقي َم علدى ديدن هللا‪ ،‬فقدد روا أبدو‬
‫هريددرة ‪ -‬ر ددي هللا عندده ‪ -‬قددا ‪ :‬قددام رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم حددين أنددز عليدده‪َ { :‬وأَن دذ ِّْر‬
‫ين} [اليعراء‪.]214/‬‬ ‫ِّيرتَيَ األَ ْق َر ِّب َ‬
‫عي َ‬ ‫َ‬

‫فقا ‪( :‬يا معير قريش ‪ -‬أو كلمة نحوها ‪ -‬اشتروا أنفسألم‪ ،‬ال أغني عنألم من هللا شي اا‪ ،‬يدا عبداس‬
‫ابن عبد المرلب ال أغني عني مدن هللا شدي اا‪ ،‬يدا صدفيّة عمدة رسدو هللا صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬ال‬
‫أغني عني من هللا شي اا‪ ،‬ويا فاطمة بنت محمد‪ ،‬سليني من مالي مدا شد ت‪ ،‬ال أغندي عندي مدن هللا‬
‫شي اا) [رواه البخاري]‪.‬‬

‫والحديث‪( :‬من بَ َّرأ عمله لم يسرع به نسبه) [رواه مسلم]‪.‬‬

‫سنَّة والجماعة من طريق الدروافلو الدذين يغلدوم فدي بعدل أهدل البيدت‪ ،‬و َيددَّعوم‬
‫ويتبرأ أهل ال ُّ‬
‫لهم العصمة‪ ،‬ومن طريقة النواصبو الذين ينصبوم العدداوة ألهدل البيدت المسدتقيمين‪ ،‬ويرعندوم‬
‫فيهم‪ ،‬ومن طريقة المبتدعة والخرافيين الذين يتوسلوم بأهل البيدت‪ ،‬ويتخدذونهم أربابادا مدن دوم‬
‫هللا‪.‬‬

‫فأهل السنة في هذا الباب وغيره على المنهج المعتد ‪ ،‬واصراط المستقيم الدذي ال يفدرا َط فيده وال‬
‫تفري ‪ ،‬وال جفاء وال غلو في حدق أهدل البيدت وغيدرهم‪ ،‬وأهدل البيدت المسدتقيموم ينألدروم الغلدو‬
‫فيهم‪ ،‬ويتبرؤوم من الغالة‪ ،‬فقد حرق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ‪ -‬ر ي هللا عنه ‪ -‬الغالة‬
‫‪- 71 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وأقره ابن عباس ‪ -‬ر ي هللا عنه ‪ -‬على قدتلهم‪ ،‬لألدن يدرا قدتلهم بالسديف‬
‫ّ‬ ‫الذين َ‬
‫غلَوا فيه بالنار‪،‬‬
‫بدال من التحريف‪ ،‬وطلب علي ‪ -‬ر ي هللا عنهما ‪ -‬عبد هللا بن سبأ رأس الغالة ليقتلهو لألنه هرب‬ ‫ا‬
‫واختفى‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم‬

‫ومذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بينهم‬

‫ما المراد بالصحابة‪ ،‬وما الذي يجب اعتقاده فيهم‬

‫الصحابة جمدع صدحابي‪ :‬وهدو مدن لقدي النبدي صدلى هللا عليده وسدلم مؤمنادا بده ومدا علدى ذلدي‪،‬‬
‫والذي يجب اعتقاده فيهم أنهم أفضل األمة‪ ،‬وخير القدرومو لسدبقهم واختصاصدهم بصدحبة النبدي‬
‫صدلى هللا عليده وسددلم والجهداد معده‪ ،‬وتحمددل اليدريعة عندده‪ ،‬وتبليغهدا لمدن بعدددهم‪ ،‬وقدد أثنددى هللا‬
‫ين اتَّبَعوهم‬ ‫ين َواألَنص ِّ‬
‫َار َوالَّ ِّذ َ‬ ‫اج ِّر َ‬ ‫وم األَ َّول َ‬
‫وم ِّم َن ا ْلم َه ِّ‬ ‫سابِّق َ‬ ‫عليهم في محألم كتابه‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬وال َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِّين فِّي َها أبَد ادا ذ ِّلديَ‬ ‫َ‬ ‫ع ْنه َوأَ َ‬
‫ع َّد لَه ْم َجنَّا ٍ تَجْ ِّري تَحْ تَ َها األ ْن َهار َخا ِّلد َ‬ ‫ع ْنه ْم َو َر واْ َ‬
‫َّللا َ‬
‫ام َّر ِّ َي َّ‬
‫س ٍ‬‫ِّب ِّإحْ َ‬
‫ا ْلفَ ْون ا ْلعَ ِّظيم} [التوبة‪.]100/‬‬

‫دار ر َح َمداء بَيْدنَه ْم تَ َدراه ْم ر َّكعادا سد َّجداا‬ ‫علَدى ا ْلألفَّ ِّ‬ ‫شددَّاء َ‬ ‫ِّين َمعَده أَ ِّ‬
‫َّللا َوالَّدذ َ‬
‫وقا تعالى‪ُّ { :‬م َح َّم ٌد َّرسدو َّ ِّ‬
‫دن أَثَد ِّدر ال ُّ‬
‫سدجو ِّد ذَ ِّلدديَ َمدثَله ْم ِّفددي التَّد ْدو َرا ِّة‬ ‫سددي َماه ْم ِّفددي وجددو ِّه ِّهم ِّّمد ْ‬‫َّللا َو ِّر ْ د َدواناا ِّ‬
‫دن َّ ِّ‬ ‫دوم فَ ْ‬
‫ضد ادال ِّّمد َ‬ ‫َي ْبتَغد َ‬
‫ع ِّليَ ِّغدي َظ‬ ‫علَدى سدوقِّ ِّه ي ْع ِّجدب ُّ‬
‫الدز َّرا َ‬ ‫ستَ َوا َ‬ ‫ستَ ْغلَ َظ فَا ْ‬ ‫ش ْرأَه فَ َ‬
‫آن َره فَا ْ‬ ‫ت َ‬‫ع أَ ْخ َر َ‬
‫نجي ِّل ك ََز ْر ٍ‬ ‫اإل ِّ‬‫َو َمثَله ْم فِّي ِّ‬
‫ِّين آ َمنوا َوع َِّملوا الصَّا ِّل َحا ِّ ِّم ْنهم َّم ْغ ِّف َرةا َوأَجْ ارا ع َِّظي اما} [الفتح‪.]29/‬‬ ‫َّللا الَّذ َ‬
‫ع َد َّ‬ ‫ار َو َ‬ ‫بِّ ِّهم ا ْلألفَّ َ‬
‫َّللاِّ‬
‫دن َّ‬ ‫ضد ادال ِّّمد َ‬ ‫دار ِّه ْم َوأَ ْمد َدوا ِّل ِّه ْم يَ ْبتَغد َ‬
‫دوم فَ ْ‬ ‫ين الَّ دذ َ‬
‫ِّين أ ْخ ِّرجددوا ِّمددن دِّيد ِّ‬ ‫داج ِّر َ‬ ‫وقددا تعددالى‪ِّ { :‬ل ْلفقَد َدراء ا ْلم َهد ِّ‬
‫ام ِّمن قَد ْب ِّل ِّه ْم‬ ‫اإلي َم َ‬ ‫ِّين تَ َب َّوؤوا الد َ‬
‫َّار َو ِّ‬ ‫وم * َوالَّذ َ‬ ‫َّللا َو َرسولَه أ ْولَ ِّيَ هم الصَّادِّق َ‬ ‫َو ِّر ْ َواناا َو َينصر َ‬
‫وم َّ َ‬
‫علَى أَنفس ِِّّه ْم َولَ ْو كَدا َم‬ ‫وم َ‬‫ور ِّه ْم َحا َجةا ِّّم َّما أوتوا َوي ْؤثِّر َ‬ ‫وم فِّي صد ِّ‬ ‫وم َم ْن َها َج َر يِّلَي ِّْه ْم َوال يَ ِّجد َ‬
‫ي ِّحبُّ َ‬
‫وم} [الحير‪.]9 ،8/‬‬ ‫بِّ ِّه ْم َخصَاصَةٌ َو َمن يوقَ ش َّح نَ ْف ِّ‬
‫س ِّه فَأ ْولَ ِّيَ هم ا ْلم ْف ِّلح َ‬

‫ففي هذه اآليا أم هللا سبحانه أثنى على المهاجرين واألنصار‪ ،‬ووصفهم بالسبق يلدى الخيدرا ‪،‬‬
‫وأخبر أنه قد ر ي هللا عدنهم‪ ،‬وأعد ّد لهدم الجندا ‪ ،‬ووصدفهم بدالتراحم فيمدا بيدنهم‪ ،‬واليّددّة علدى‬
‫الألفَّ ِّ‬
‫ددار‪ ،‬ووصددفهم بألثددرة الركددوع والسددجود‪ ،‬وصددالح القلددوب‪ ،‬وأنهددم يعرفددوم بسدديما الراعددة‬
‫واإليمام‪ ،‬وأم هللا اختارهم لصحبة نبيه ليغيظ بهدم أعدداءه الألفدار‪ ،‬كمدا وصدف المهداجرين بتدرك‬
‫أوطانهم وأموالهم من أجل هللا ونصرة دينه‪ ،‬وابتغاء فضله ور وانه‪ ،‬وأنهم صدادقوم فدي ذلدي‪،‬‬
‫ووصف األنصار بأنهم أهل دار الهجرة والنُّصدرة‪ ،‬واإليمدام الصدادق‪ ،‬ووصدفهم بمحبدة يخدوانهم‬
‫المهاجرين‪ ،‬وييثارهم على أنفسدهم‪ ،‬ومواسداتهم لهدم‪ ،‬وسدالمتهم مدن اليدح‪ ،‬وبدذلي حدانوا علدى‬
‫الفددالح‪ .‬هددذه بعددل فضددائلهم العامدة‪ ،‬وهندداك فضددائل خاصددة ومراتددب يفضددل بهددا بعضددهم بع ا‬
‫ضددا‪،‬‬
‫ر ي هللا عنهم‪ ،‬وذلي بحسب سبقهم يلى اإلسالم والجهاد والهجرة‪.‬‬

‫فأفضل الصحابة الخلفاء األربعة‬

‫أبو بألر وعمر وعثمام وعلي‪ ،‬ثدم بقيدة العيدرة المبيدرين بالجندة‪ ،‬وهدم هدؤالء األربعدة وطلحدة‪،‬‬
‫والزبير‪ ،‬وعبد الرحمن بن عو ‪ ،‬وأبو عبيدة بن الجراح‪ ،‬وسعد بن أبي وقاص‪ ،‬وسعيد بن نيد‪،‬‬
‫‪- 72 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ويَ ْفضل المهاجروم على األنصار‪ ،‬وأهل بدر وأهل بيعة الر دوام‪ ،‬ويَ ْفضدل مدن أسدلم قبدل الفدتح‬
‫وقاتلو على من أسلم بعد الفتح‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بين الصحابة من القتا والفتنة‬
‫سبب الفتنة‬
‫ونورا هو‪ :‬عبدد هللا بدن‬
‫ا‬ ‫تآ َم َر اليهود على اإلسالم وأهله‪ ،‬فدسوا ماكرا خبيثاا تظاهر باإلسالم كذباا‬
‫سبأ‪ ،‬من يهود اليمن‪ ،‬فأخذ هدذا اليهدودي ينفدث حقدده وسدمومه دد الخليفدة الثالدث مدن الخلفداء‬
‫الراشدين‪ :‬عثمدام بدن عفدام ‪ -‬ر دي هللا عنده وأر داه ‪ -‬ويختلدق الدتهم دده‪ ،‬فدالتف حولده مدن‬
‫انخددع بده مددن قاصدري النظددر و دعا اإليمددام ومحبدي الفتنددة‪ ،‬وانتهدت المددؤامرة بقتدل الخليفدة‬
‫الراشد عثمام ر ي هللا عنه مظلو اما‪ ،‬وعلى أثدر مقتلده حصدل االخدتال بدين المسدلمين‪ ،‬وشدبَّت‬
‫بتحريل من هذا اليهودي وأتباعه‪ ،‬وحصل القتا بين الصحابة عن اجتها ٍد منهم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الفتنة‬

‫قدا شددارح الرحاويدة‪( :‬يم أصددل الددرفل ينمدا أحدثدده مندافق ننددديق‪ ،‬قصددده يبردا ديددن اإلسددالم‪،‬‬
‫والقدح في الرسو صلى هللا عليه وسلم كما ذكر ذلدي العلمداء‪ ،‬فدإم عبدد هللا بدن سدبأو لمدا أظهدر‬
‫اإلسددالم‪ ،‬أراد أم يفسددد ديددن اإلسددالم بمألددره وخبثدده ‪ -‬كمددا فعددل بددولس بدددين النصددرانية ‪ -‬ف دأظهر‬
‫التنسي‪ ،‬ثم أظهر األمر بالمعرو والنهي عن المنألر‪ ،‬حتى سعى في فتندة عثمدام وقتلده‪ ،‬ثدم لمدا‬
‫لدو فدي علدي‪ ،‬والنصدر لدهو ليدتمألن بدذلي مدن أغرا ده‪ ،‬وبلدغ ذلدي عليًّدا‬ ‫قَ ِّد َم على الألوفة أظهدر الغ َّ‬
‫فرلب قتلهو فهرب منه يلى قرقيس‪ ،‬وخبره معرو في التاريخ)‪.‬‬

‫وقا شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪( :‬فلما قتل عثمام ر ي هللا عنه هللا عنه‪ ،‬تفرقدت القلدوب‬
‫ا‬
‫عداجزا عنهدا‪ ،‬وعجدز‬ ‫وعظ َمت الألروب‪ ،‬وظهر األشرار وذَ َّ األخيار‪ ،‬وسعى في الفتنة من كام‬
‫عن الخير والصالح من كام يحب يقامته‪ ،‬فبايعوا أمير المؤمنين علي بدن أبدي طالدب ‪ -‬ر دي هللا‬
‫عنه ‪ -‬و هو أحق الناس بالخالفة حين ذ‪ ،‬وأفضل من بقي‪ ،‬لألن كانت القلوب متفرقدة‪ ،‬وندار الفتندة‬
‫متوقدة‪ ،‬فلم تتفق الأللمة‪ ،‬ولم تنتظم الجماعة‪ ،‬ولم يتمألن الخليفة وخيار األمة من كل ما يريدونه‬
‫من الخير‪ ،‬ودخل في الفرقة والفتنة أقوام‪ ،‬وكام ما كام) ‪.‬‬

‫وقا أيضاا مبيّ انا عذر المتقاتلين من الصحابةو في قتا علي ومعاوية‪( :‬ومعاوية لم يَد ِّ‬
‫َّع الخالفة‪،‬‬
‫ولم يبايَع له بها حين قاتل عليًّا‪ ،‬ولم يقاتل على أنه خليفة‪ ،‬وال أنه يستحق الخالفة‪ ،‬وكام معاوية‬
‫روم أم يبتددئوا عليًّدا وأصدحابه بالقتدا و بدل‬ ‫يقر بذلي لمن سأله عنه‪ ،‬وال كام معاوية وأصحابه يَ َ‬
‫لما رأا علي ‪ -‬ر ي هللا عنه ‪ -‬وأصحابه أنه يجب عليهم طاعته ومبايعته‪ ،‬يذ ال يألوم للمسلمين‬
‫يال خليفة واحدد‪ ،‬وأنهدم خدارجوم عدن طاعتدهو يمتنعدوم هدذا الواجدب‪ ،‬وهدم أهدل شدوكة‪ ،‬رأا أم‬
‫يقاتلهم حتى يؤدوا هذا الواجب‪ ،‬فتحصل الراعة والجماعة‪ .‬وهم قالوا‪ :‬يم ذلدي ال يجدب علديهم‪،‬‬
‫وأنهددم يذا قوتلددوا علددى ذلددي كددانوا مظلددومين‪ ،‬قددالوا‪ :‬ألم عثمددام قتِّد َل مظلو امددا باتفدداق المسددلمين‪،‬‬
‫وقتلته في عسألر علي‪ ،‬وهدم غدالبوم لهدم شدوكة‪ ،‬فدإذا امتنعندا ظلموندا واعتددوا عليندا‪ ،‬وعلدي ال‬
‫يمألنه دفعهم كما لم يمألنه الددفع عدن عثمدام‪ ،‬وينمدا عليندا أم نبدايع خليفدة يقددر علدى أم ينصدفنا‬
‫ويبذ لنا اإلنصا ‪.‬‬

‫‪- 73 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ومذهب أهل السنة والجماعة في االختال الذي حصل‬


‫والفتنة التي وقعت من جرائها الحروب بين الصحابة‪ ،‬يتلخص في أمرين‪:‬‬

‫األمر األو ‪ :‬أنهم يمسألوم عن الألالم فيما حصل بين الصحابة‬


‫ويألفوم عن البحث فيهو ألم طريق السالمة هو السألوم عن مثل هذا‪ ،‬ويقولوم‪َ { :‬ر َّبنَدا ا ْغ ِّف ْدر لَ َندا‬
‫دام َوال تَجْ عَد ْل فِّدي قلو ِّبنَدا ِّغدال ِّلّلَّدذ َ‬
‫ِّين آ َمندوا َربَّنَدا ِّينَّديَ َرؤو ٌ َّر ِّحدي ٌم}‬ ‫سدبَقونَا ِّب ِّ‬
‫اإلي َم ِّ‬ ‫َو ِّإل ْخ َوانِّنَا الَّدذ َ‬
‫ِّين َ‬
‫[الحير‪.]10/‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬اإلجابة عن اآلثار المروية في مساويهم‬


‫وذلي من وجوه‪:‬‬

‫الوجه األو ‪ :‬أم هذه اآلثار منها ما هو كذبو قد افتراه أعداؤهم لييوهوا سمعتهم‪.‬‬

‫الوجده الثدداني‪ :‬أم هددذه اآلثددار منهددا مدا قددد نيددد ونقددص فيدده‪ ،‬وغ ِّيّ َدر عددن وجهدده الصددحيح‪ ،‬ودخلدده‬
‫الألذب‪ ،‬فهو محر ال يلتفت يليه‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أم ما صح من هذه اآلثار ‪ -‬وهو القليل ‪ -‬هدم فيده معدذورومو ألنهدم يمدا مجتهددوم‬
‫مصيبوم‪ ،‬وي ما مجتهدوم مخر دوم‪ ،‬فهدو مدن مدوارد االجتهداد الدذي يم أصداب المجتهدد فيده فلده‬
‫أجرام‪ ،‬ويم أخرأ فله أجر واحد‪ ،‬والخرأ مغفورو لما فدي الحدديث‪ :‬أم رسدو هللا صدلى هللا عليده‬
‫وسددلم قددا ‪( :‬يذا اجتهدد َد الحدداكم فأصدداب فلدده أجددرام‪ ،‬ويم اجتهددد فأخرددأ فلدده أجددر واحددد) [فدددي‬
‫الصحيحين من حديث عمرو بن العاص ر ي هللا عنهما]‪.‬‬

‫الوجه الرابع‪ :‬أنهم بير يجون على أفدرادهم الخردأ‪ ،‬فهدم ليسدوا معصدومين مدن الدذنوب بالنسدبة‬
‫لألفرادو لألن ما يقع منهم فله مألفرا عديدة منها‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ أم يألوم قد تاب منه‪ ،‬والتوبة تمحو السي ة مهما كانت‪ ،‬كما جاء به األدلة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أم لهدم مدن السدوابق والفضدائل مدا يوجدب مغفدرة مدا صددر مدنهم‪ ،‬يم صددر‪ ،‬قدا تعدالى‪ِّ { :‬ي َّم‬
‫سنَا ِّ ي ْذ ِّهب َْن ال َّ‬
‫سـيِّّ َا ِّ } [هود‪.]114/‬‬ ‫ا ْل َح َ‬
‫ولهم من الصُّحبة والجهاد مع رسو هللا صلى هللا عليه وسلم ما يغمر الخرأ الجزئي‪.‬‬

‫‪3‬ـ أنهم تضاعف لهدم الحسدنا أكثدر مدن غيدرهم‪ ،‬وال يسداويهم أحدد فدي الفضدل‪ ،‬وقدد ثبدت بقدو‬
‫رسو هللا صلى هللا عليه وسلم أنهم خير القروم‪ ،‬وأم الم َّد من أحدهم يذا تصددق بدهو أفضدل مدن‬
‫جبل أحد ذهباا يذا تصدق به غيرهم ‪ -‬ر ي هللا عنهم ‪ -‬وأر اهم)‪.‬‬

‫قا شيخ اإلسدالم ابدن تيميدة رحمده هللا‪( :‬وسدائر أهدل السدنة والجماعدة وأئمدة الددين ال يعتقددوم‬
‫عصمة أحد من الصحابة‪ ،‬وال القرابة وال السدابقين وال غيدرهم‪ ،‬بدل يجدون عنددهم وقدوع الدذنوب‬
‫منهم‪ ،‬وهللا تعالى يغفر لهم بالتوبة‪ ،‬ويرفع لها درجاتهم‪ ،‬ويغفر لهم بحسنا ماحية‪ ،‬أو بغير ذلي‬
‫‪- 74 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫وم ‪ 33‬لَهم َّمدا يَيَداء َ‬


‫وم‬ ‫صدَّقَ ِّب ِّه أ ْو َل ِّيَ هم ا ْلمتَّق َ‬‫ْق َو َ‬‫صد ِّ‬‫من األسباب‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬وا َّلذِّي َجا َء ِّبال ِّ ّ‬
‫س َوأَ الَّذِّي ع َِّملوا َويَجْ ِّزيَه ْم أَجْ َرهم بِّأَحْ َ‬
‫س ِّن الَّذِّي‬ ‫ع ْنه ْم أَ ْ‬ ‫ين * ِّلي َأل ِّفّ َر َّ‬
‫َّللا َ‬ ‫ِّعن َد َربِّّ ِّه ْم ذَ ِّليَ َج َزاء ا ْلمحْ ِّ‬
‫سنِّ َ‬
‫وم} [الزمر‪.]35-32/‬‬ ‫كَانوا َي ْع َمل َ‬

‫سنَ اة قَا َ َر ّ ِّ‬


‫ب أَ ْو ِّن ْع ِّندي أَ ْم أَشْدأل َر ِّن ْع َمتَديَ الَّ ِّتدي أَ ْن َع ْمدتَ‬ ‫ين َ‬ ‫وقا تعالى‪َ { :‬حتَّى ِّيذَا َبلَ َغ أَشدَّه َو َبلَ َغ أَ ْر َب ِّع َ‬
‫دن‬ ‫صددا ِّل احا تَ ْر َ دداه َوأَ ْ‬
‫ص د ِّلحْ ِّلددي فِّددي ذ ِّ ّريَّتِّددي ِّينِّّددي ت ْبددت ِّيلَ ْيدديَ َو ِّينِّّددي ِّمد َ‬ ‫َي َوأَ ْم أَ ْع َم د َل َ‬‫علَددى َوا ِّلدد َّ‬‫دي َو َ‬ ‫علَد َّ‬
‫َ‬
‫سديِّّ َاتِّ ِّه ْم فِّدي أَصْد َحا ِّ‬
‫ب ا ْل َجنَّد ِّة}‬ ‫جاون عَن َ‬ ‫س َن َما ع َِّملوا َونَتَ َ‬ ‫ع ْنه ْم أَحْ َ‬ ‫ين * أ ْولَ ِّيَ الَّذ َ‬
‫ِّين نَتَقَبَّل َ‬ ‫ا ْلم ْ‬
‫س ِّل ِّم َ‬
‫[األحقا ‪ ]16 ،15/‬انتهى) ‪.‬‬

‫وقد اتخذ أعداء هللا ما وقع بين الصحابة وقت الفتنة مدن االخدتال واالقتتدا سدب ابا للوقيعدة بهدم‪،‬‬
‫والنيل من كرامتهم‪ ،‬وقد جرا على هذا المخر الخبيث بعل الألتّاب المعاصرينو الذين يهرفوم‬
‫بمدا ال يعرفددوم‪ ،‬فجعلددوا أنفسددهم حأل امددا بددين أصددحاب رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلمو يصد ّدوبوم‬
‫ضدهم‪ ،‬بدال دليدل‪ ،‬بدل بالجهدل واتبداع الهدوا‪ ،‬وترديدد مدا يقولده المغر دوم‬ ‫ضهم‪ ،‬ويخر وم بع َ‬ ‫بع َ‬
‫والحاقدوم من المستيرقين وأذنابهمو حتى شألألوا بعل ناش ة المسلمين ‪ -‬ممن ثقافتهم دحلة‬
‫‪ -‬بتاريخ أمتهم المجيد‪ ،‬وسلفهم الصالح الدذين هدم خيدر القدرومو لينفدذوا بالتدالي يلدى الرعدن فدي‬
‫بدال من االقتداء‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وتفريق كلمة المسلمين‪ ،‬ويلقاء البغل في قلوب آخر هذه األمة ألولها‪ ،‬ا‬
‫ِّين َجاؤوا ِّمن بَ ْع ِّد ِّه ْم يَقولو َم َربَّنَا ا ْغ ِّف ْر لَنَا َو ِّإل ْخ َوانِّنَدا‬ ‫بالسلف الصالح‪ ،‬والعمل بقوله تعالى‪َ { :‬والَّذ َ‬
‫ِّين آ َمنوا َربَّنَا ِّينَّيَ َرؤو ٌ َّر ِّحي ٌم} [الحير‪.]10/‬‬ ‫ام َوال تَجْ عَ ْل فِّي قلو ِّبنَا ِّغ اال ِّلّلَّذ َ‬ ‫سبَقونَا ِّب ِّ‬
‫اإلي َم ِّ‬ ‫الَّذ َ‬
‫ِّين َ‬
‫الفصل السادس‪ :‬في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدا‬
‫‪1‬ـ النهي عن سب الصحابة‬

‫من أصو أهدل السدنة والجماعدة‪ :‬سدالمة قلدوبهم وألسدنتهم ألصدحاب رسدو هللا صدلى هللا عليده‬
‫ِّين َجداؤوا ِّمدن بَ ْعد ِّد ِّه ْم يَقولدو َم َربَّنَدا ا ْغ ِّف ْدر لَنَدا‬ ‫وسلم‪ ،‬كما وصفهم هللا بدذلي فدي قولده تعدالى‪َ { :‬والَّدذ َ‬
‫ِّين آ َمندوا َربَّنَدا ِّينَّديَ َرؤو ٌ َّر ِّحدي ٌم}‬ ‫دام َوال تَجْ عَد ْل فِّدي قلو ِّبنَدا ِّغد اال ِّلّلَّدذ َ‬ ‫سدبَقونَا ِّب ِّ‬
‫اإلي َم ِّ‬ ‫َو ِّإل ْخ َوانِّنَا الَّدذ َ‬
‫ِّين َ‬
‫[الحير‪.]10/‬‬

‫وطاعة لرسو هللا صدلى هللا عليده وسدلم فدي قولده‪( :‬ال تسدبُّوا أصدحابي‪ ،‬فوالدذي نفسدي بيدده لدو‬
‫أنفق أحدكم مثل أحد ذهباا ما بلغ م َّد أحدهم وال نصيفه) [الحديث متفق عليه]‪.‬‬

‫ويتبددددرءوم مددددن طريقددددة الرافضددددة والخددددوارت الددددذين يسددددبوم الصددددحابة ‪ -‬ر ددددي هللا عددددنهم ‪-‬‬
‫ويجحدوم فضائلهم‪ ،‬ويألفروم أكثرهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ويبغضونَهم‪،‬‬

‫وأهل السنة يقبلوم ما جاء في الألتاب والسنة من فضائلهم‪ ،‬ويعتقدوم أنهم خير القروم‪ ،‬كما قا‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬خيركم قرني‪ )...‬الحديث [الحديث في الصحيحين]‪.‬‬

‫ولما ذكر صلى هللا عليه وسلم افتراق األمة يلى ثالث وسدبعين فرقدة‪ ،‬وأنهدا فدي الندار يال واحددة‪،‬‬
‫وسألوه عن تلي الواحدة‪ ،‬قا ‪( :‬هم من كام على مثل ما أنا عليده اليدوم وأصدحابي) [رواه اإلمدام‬
‫أحمد وغيره]‪.‬‬

‫‪- 75 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫قا أبو نرعة ‪ -‬وهو أجد ّل شديو اإلمدام مسدلم ‪ :-‬يذا رأيدت الرجدل يتدنقص امدر اءا مدن الصدحابةو‬
‫فاعلم أنه ننديق‪ ،‬وذلي أم القرآم حق‪ ،‬والرسو حق‪ ،‬وما جاء به حق‪ ،‬وما أدا غلينا ذلدي كلده‬
‫سنَّةو فيألوم الجدرح بده أليدق‪ ،‬والحألدم عليده‬
‫يال الصحابةو فمن جرحهم ينما أراد يبرا الألتاب وال ُّ‬
‫بالزندقة والضال أقوم وأحق‪.‬‬
‫ا‬
‫سدتحالو كفدر‪ ،‬ويم لدم‬ ‫دب أحدداا مدن الصدحابة م‬
‫س َّ‬
‫قا العالمة ابن حمدام في نهاية المبتددئين‪ :‬مدن َ‬
‫سقهم‪ ،‬أو طعن في دينهم‪ ،‬أو كفَّرهمو كفر ‪.‬‬ ‫يستح ّل فسق‪ ،‬وعنه‪ :‬يألفر مرلقاا‪ ،‬ومن فَ َّ‬
‫‪ 2‬ـ النهي عن سب أئمة الهدا من علماء هذه األمة‬

‫يلي الصدحابة فدي الفضديلة والألرامدة والمنزلدة‪ :‬أئمدة الهددا مدن التدابعين وأتبداعهم مدن القدروم‬
‫سدا ِّبقو َم األَ َّول َ‬
‫دوم‬ ‫المفضلة‪ ،‬ومن جاء من بعدهم ممن تبع الصحابة بإحسام‪ ،‬كما قا تعدالى‪َ { :‬وال َّ‬
‫ع ْنده} [التوبدة‪.]100/‬‬ ‫ع ْنه ْم َو َر دواْ َ‬
‫َّللا َ‬
‫ام َّر ِّ َي َّ‬
‫س ٍ‬‫ِّين اتَّبَعوهم ِّب ِّإحْ َ‬ ‫ين َواألَنص ِّ‬
‫َار َوالَّذ َ‬ ‫ِّم َن ا ْلم َه ِّ‬
‫اج ِّر َ‬
‫اآلية‪.‬‬

‫الرسدو َ ِّمدن بَ ْعد ِّد َمدا‬


‫ق َّ‬ ‫فال يجون تنقّصهم وسبّهمو ألنهم أعالم هدا‪ ،‬فقد قدا تعدالى‪َ { :‬و َمدن ييَداقِّ ِّ‬
‫سددا َء ْ َم ِّص ا‬
‫دديرا}‬ ‫ددولَّى َونصْدد ِّل ِّه َج َهددنَّ َم َو َ‬
‫ين ن َو ِّلّدد ِّه َمددا تَ َ‬ ‫سدد ِّبي ِّل ا ْلم ْ‬
‫ددؤ ِّم ِّن َ‬ ‫ْددر َ‬
‫غي َ‬ ‫ددع َ‬
‫تَ َبدد َّي َن لَدده ا ْلهدددَا َو َيتَّ ِّب ْ‬
‫[النساء‪.]115/‬‬

‫قا شارح الرحاوية‪( :‬فيجب على كل مسلم بعد مواالة هللا ورسوله‪ :‬مواالة المؤمنين‪ ،‬كما أطلدق‬
‫صا الذين هم ورثة األنبياء‪ ،‬الذين جعلهم هللا بمنزلة النجوم‪ ،‬يهتدا بهم في ظلما‬
‫القرآم‪ ،‬خصو ا‬
‫البر والبحر‪ ،‬وقد أجم َع المسلموم على هدايتهم ودرايتهم‪.‬‬

‫فدإنهم خلفداء الرسددو صدلى هللا عليدده وسدلم فدي أمتدده‪ ،‬والمحيدوم لمددا مدا مدن سددنته‪ ،‬فدبهم قدام‬
‫الألتاب وبه قاموا‪ ،‬وبهم نرق الألتاب وبده نرقدوا‪ ،‬وكلهدم متفقدوم اتفاقادا يقينادا علدى وجدوب اتبداع‬
‫الرسو صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولألدن‪ :‬يذا وجدد لواحدد مدنهم قدو قدد جداء حدديث صدحيح بخالفده‪،‬‬
‫فالبد له في تركه من عذر)‪.‬‬

‫وجماع األعذار ثالثة أصنا ‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬عدم اعتقاده أم النبي صلى هللا عليه وسلم قاله‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬عدم اعتقاده أنه أراد تلي المسألة بذلي القو ‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬اعتقاده أم الحألم منسو ‪.‬‬


‫فلهددم الفضددل علينددا والمنددةو بالسددبق وتبليددغ مددا أرسددل بدده الرسددو صددلى هللا عليدده وسددلم يلينددا‪،‬‬
‫وييضاح مدا كدام منده يخفدى عليندا‪ ،‬فر دي هللا عدنهم وأر داهم { َر َّبنَدا ا ْغ ِّف ْدر لَنَدا َو ِّ ِّإل ْخ َوا ِّننَدا الَّدذ َ‬
‫ِّين‬
‫ِّين آ َمنوا َربَّنَا يِّنَّيَ َرؤو ٌ َّر ِّحي ٌم} [الحير‪.]10/‬‬ ‫ام َوال تَجْ عَ ْل فِّي قلو ِّبنَا ِّغ ًّال ِّلّلَّذ َ‬ ‫سبَقونَا ِّب ِّ‬
‫اإلي َم ِّ‬ ‫َ‬
‫والح ّ من قدر العلمداءو بسدبب وقدوع الخردأ االجتهدادي مدن بعضدهم‪ ،‬هدو مدن طريقدة المبتدعدة‪،‬‬
‫ومن مخررا أعداء األمةو للتيدأليي فدي ديدن اإلسدالم‪ ،‬وإليقداع العدداوة بدين المسدلمين‪ ،‬وألجدل‬
‫‪- 76 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫فصل خلف األمة عن سلفها‪ّ ،‬‬


‫وبث الفرقة بين اليباب والعلماء‪ ،‬كما هو الواقع اآلم‪ ،‬فليتنبه لذلي‬
‫بعل الرلبة المبتدئينو الذين يحروم من قدر الفقهاءو ومن قدر الفقه اإلسدالمي‪ ،‬ويزهددوم فدي‬
‫دراسددته‪ ،‬واالنتفدداع بمددا فيدده مددن حددق وصددواب‪ ،‬فليعتددزوا بفقههددم‪ ،‬وليحترمددوا علمدداءهمو وال‬
‫ينخدعوا بالدعايا المضللة والمغر ة‪ .‬وهللا الموفق‪.‬‬

‫‪- 77 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الباب السادس‪ :‬البـدع‬


‫ويتضمن الفصو التالية‪:‬‬

‫الفصل األو ‪ :‬تعريف البدعة ‪ -‬أنواعها ‪ -‬أحألامها‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬ظهور البدع في حياة المسلمين‪ ،‬واألسباب التي أ َّد يليها‪.‬‬

‫الر ِّّد عليهم‪.‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬موقف األمة اإلسالمية من المبتدعة‪ ،‬ومنهج أهل السنة والجماعة في َّ‬
‫المعاصرة وهي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬في الألالم على نماذت من البدع‬

‫‪ -1‬االحتفا بالموالد النبوي‪.‬‬

‫‪ -2‬التّ ّ‬
‫برك باألماكن واآلثار واألموا ‪ ،‬ونحو ذلي‪.‬‬

‫‪ -3‬البدع في مجا العبادا والتّ ّ‬


‫قرب يلى هللا‪.‬‬

‫الفصل األو ‪ :‬تعريف البدعة‪ ،‬أنواعها وأحألامها‬


‫‪ 1‬ـ تعريفها‪ :‬البدعة في اللغة‬

‫اوا ِّ‬
‫سد َم َ‬
‫مدأخوذة مدن البَددْع‪ ،‬وهدو االختدراع علدى غيددر مثدا سدابق‪ ،‬ومنده قولده تعدالى‪{ :‬بَددِّيع ال َّ‬
‫ض} [البقرة‪.]117/‬‬ ‫َواألَ ْر ِّ‬

‫أي مخترعها على غير مثا سابق‪ ،‬قوله تعالى‪{ :‬ق ْل َما كنت ِّب ْدعاا ِّّم ْن ُّ‬
‫الرس ِّل} [األحقا ‪.]9/‬‬
‫أي‪ :‬ما كنت أو من جاء بالرسالة من هللا يلى العباد‪ ،‬بل تقدمني كثير من الرسل‪.‬‬

‫ويقا ‪ :‬ابتدع فالم بدعة‪ ،‬يعني‪ :‬ابتدأ طريقة لم يسبق يليها‪.‬‬

‫واالبتداع على قسمين‪:‬‬

‫ابتداع في العادا كابتداع المخترعا الحديثة‪ ،‬وهذا مباحو ألم األصل في العادا ‪ :‬اإلباحة‪.‬‬

‫حرمو ألم األصل فيه التوقيدف‪ ،‬قدا صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬مدن أحددث‬
‫وابتداع في الدين‪ ،‬وهذا م َّ‬
‫ا‬
‫عمدال لديس‬ ‫في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) [رواه البخاري ومسدلم]‪ ،‬وفدي روايدة‪( :‬مدن عمدل‬
‫عليه أمرنا فهو رد) [في صحيح مسلم]‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أنواع البدع‬

‫البدعة في الدين نوعام‪:‬‬

‫‪- 78 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫النوع األو ‪ :‬بدعة قوليّة اعتقاديّة‬


‫ضالّة‪ ،‬واعتقاداتهم‪.‬‬
‫والرافضة‪ ،‬وسائر الفرق ال ّ‬
‫كمقاال الجهم ّية والمعتزلة ّ‬
‫النوع الثاني‪ :‬بدعة في العبادا‬
‫كالتّعبّد هلل بعبادة لم ييرعها‪ ،‬وهي أقسام‪:‬‬

‫القسم األو ‪ :‬ما يألوم في أصل العبادة‪ :‬بأم يحدث عبادة ليس لهدا أصدل فدي اليدرع‪ ،‬كدأم يحددث‬
‫صددالة غيددر ميددروعة أو صدديا اما غيددر ميددروع أصد ادال‪ ،‬أو أعيدداداا غيددر ميددروعة كأعيدداد الموالددد‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬ما يألوم مدن الزيدادة فدي العبدادة الميدروعة‪ ،‬كمدا لدو ناد ركعدة خامسدة فدي صدالة‬
‫الظهر أو العصر ا‬
‫مثال‪.‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬ما يألوم في صفة أداء العبادة الميروعةو بأم يؤديها علدى صدفة غيدر ميدروعة‪،‬‬
‫وذلي كأداء األفألار الميروعة بأصوا جماعية مرربة‪ ،‬وكالتيديد على النفس في العبادا يلى‬
‫حد يخرت عن سنة الرسو صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫القسم الرابع‪ :‬ما يألوم بتخصيص وقت للعبادة الميدروعةو لدم يخصصده اليدرع كتخصديص يدوم‬
‫النصف من شعبام وليلته بصيام وقيام‪ ،‬فإم أصل الصيام والقيام ميروع‪ ،‬ولألن تخصيصه بوقت‬
‫من األوقا يحتات يلى دليل‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ حألم البدعة في الدين بجميع أنواعها‬

‫كل بدعة في الدين فهي محرمة و اللة‪ ،‬لقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ويياكم ومحددثا األمدور‪،‬‬
‫فإم كل محدثة بدعة وكل بدعة اللة) [رواه الترمذي وقا ‪ :‬حديث حسن صحيح]‪ ،‬وقوله صدلى‬
‫هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) [متفق عليده]‪ ،‬وفدي روايدة‪( :‬مدن‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه مسلم] فد الحديثام على أم كل محدث في الدين فهو‬ ‫عمل ا‬
‫بدعة‪ ،‬وكل بدعة اللة مردودة‪ ،‬ومعنى ذلي أم البدع في العبدادا واالعتقدادا محرمدة‪ ،‬ولألدن‬
‫تقر ابدا يلدى‬
‫التحريم يتفاو بحسدب نوعيدة البدعدة‪ ،‬فمنهدا مدا هدو كفدر صدراح‪ ،‬كدالروا بدالقبور ّ‬
‫أصحابها‪ ،‬وتقديم الذبائح والنذور لها‪ ،‬ودعاء أصحابها‪ ،‬واالستغاثة بهم‪ ،‬وكأقوا غالة الجهميدة‬
‫والمعتزلة‪ .‬ومنها ما هو من وسائل اليرك‪ ،‬كالبناء على القبور والصالة والدعاء عنددها‪ ،‬ومنهدا‬
‫ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارت والقدرية والمرج ة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة لألدلة‬
‫اليرعية‪ ،‬ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصديام قائ امدا فدي اليدمس‪ ،‬والخصداء بقصدد قردع‬
‫شهوة الجماع ‪.‬‬

‫تنبيـه‬
‫س َم البدعة يلى بدعة حسنة‪ ،‬وبدعة سي ةو فهو مخر ومخالف لقوله صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬‫من قَ َّ‬
‫(فإم كل بدعة اللة) ألم الرسو صلى هللا عليه وسلم حألم على البدع كلها بأنها اللة‪ ،‬وهدذا‬
‫‪- 79 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫يقو ‪ :‬ليس كل بدعة اللةو بدل هنداك بدعدة حسدنة‪ .‬قدا الحدافظ ابدن رجدب فدي شدرح األربعدين‪:‬‬
‫(فقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬كل بدعة اللة) من جوامع الأللمو ال يخرت عنه شيء‪ ،‬وهو أصل‬
‫عظيم من أصو الدين‪ ،‬وهو شبيه بقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من أحدث في أمرنا ما ليس منه‬
‫فهددو رد) فألددل مددن أحدددث شددي اا ونسدبَه يلددى الدددين‪ ،‬ولددم يألددن لدده أصددل مددن الدددين يرجددع يليدده فهددو‬
‫اللة‪ ،‬والدين بريء منه‪ ،‬وسدواء فدي ذلدي مسدائل االعتقدادا ‪ ،‬أو األعمدا أو األقدوا الظداهرة‬
‫والباطنة) انتهى‪.‬‬

‫وليس لهؤالء حجة على أم هناك بدعة حسنة‪ ،‬يال قو عمر ر ي هللا عنده فدي صدالة التدراويح‪:‬‬
‫(نعمت البدعة هذه)‪.‬‬

‫وقالوا أيضاا‪ :‬أنها أحدثت أشياء لم يستنألرها السدلف‪ ،‬مثدل جمدع القدرآم فدي كتداب واحدد‪ ،‬وكتابدة‬
‫الحديث وتدوينه‪.‬‬

‫والجددواب عددن ذلددي أم هددذه األمددور لهددا أصددل فددي اليددرع‪ ،‬فليسددت محدثددة‪ ،‬وقددو عمددر‪( :‬نعمددت‬
‫البدعة) يريد البدعة اللغوية ال اليرعيّة‪ ،‬فما كدام لده أصدل فدي اليدرع ير َجدع يليده‪ ،‬يذا قيدل‪ :‬ينده‬
‫بدعة‪ ،‬فهو بدعةٌ لغةا ال شرعااو ألم البدعة شرعاا‪ :‬ما ليس له أصل في اليرع‪ .‬وجمع القرآم في‬
‫كتاب واحد له أصل في اليرعو ألم النبي صلى هللا عليه وسلم كام يأمر بألتابة القرآم‪ ،‬لألن كدام‬
‫مألتوباا متفرقاا‪ ،‬فجمعه الصحابة ر ي هللا عنهم في مصحف واحد حف اظا له‪.‬‬
‫ف عنهم فدي األخيدر خيدية‬ ‫والتراويح قد صالها النبي صلى هللا عليه وسلم بأصحابه ليالي‪ ،‬وتخلَّ َ‬
‫واستمر الصدحابة ر دي هللا عدنهم يصدلونها أوناعادا متفدرقين فدي حيداة النبدي‬
‫ّ‬ ‫أم تفرض عليهم‪،‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم وبعد وفاته‪ ،‬يلى أم جمعهدم عمدر بدن الخرداب ر دي هللا عنده هللا عنده علدى‬
‫يمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وليس هذا بدعة في الدين‪.‬‬
‫وكتابددة الحددديث أي ا‬
‫ضددا لهددا أصددل فددي اليددرع‪ ،‬فقددد أمددر النبددي صددلى هللا عليدده وسددلم بألتابددة بعددل‬
‫األحاديث لبعل أصحابهو لما طلب منه ذلي‪ ،‬وكام أبدو هريدرة ر دي هللا عنده يألتدب الحدديث فدي‬
‫عهد النبي صدلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬وكدام المحدذور مدن كتابتده بصدفة عامدة فدي عهدده‪ :‬خيدية أم‬
‫يختل بالقرآم ما ليس منه‪ ،‬فلما توفّي صلى هللا عليه وسلم انتفدى هدذا المحدذورو ألم القدرآم قدد‬
‫الحدديث بعدد ذلدي حف اظدا لده مدن‬
‫َ‬ ‫فددو َم المسدلموم‬
‫تألامل‪ ،‬و ب قبل وفاته صلى هللا عليده وسدلم‪َّ ،‬‬
‫خيراو حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى هللا‬ ‫الضياع‪ ،‬فجزاهم هللا عن اإلسالم والمسلمين ا‬
‫عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬ظهور البدع في حياة المسلمين واألسباب التي أد يليها‬


‫‪ 1‬ـ ظهور البدع في حياة المسلمين‪ ،‬وتحته مسألتام‬
‫المسألة األولى‪ :‬وقت ظهور البدع‬
‫قا شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا ‪ :‬واعلم أم عامة البدع المتعلقة بالعلوم والعبادا ينما وقع‬
‫في األ مة في أواخر عهد الخلفاء الراشدين‪ ،‬كما أخبر بده النبدي صدلى هللا عليده وسدلم حيدث قدا ‪:‬‬
‫(من يعش منألم‪ ،‬فسيرا اختالفاا ا‬
‫كثيرا‪ ،‬فعليألم بسنتي وسدنة الخلفداء الراشددين المهدديين) [رواه‬
‫‪- 80 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫أبو داود والترمذي وقا ‪ :‬حديث حسن صحيح] وأو بدعة ظهر ‪ :‬بدعة القدر‪ ،‬وبدعة اإلرجاء‪،‬‬
‫وبدعة التييع والخوارت‪ ،‬ولما حددثت الفرقدة بعدد مقتدل عثمدام ظهدر بدعدة الحروريدة‪ ،‬ثدم فدي‬
‫أواخر عصر الصحابة‪ ،‬حدثت القدرية في آخر عصر ابن عمر وابدن عبداس وجدابر وأمثدالهم مدن‬
‫الصحابة ‪ -‬ر ي هللا عنهم ‪ -‬وحدثت المرج ة قريباا من ذلي‪ ،‬وأما الجهمية فإنما حدثوا في أواخر‬
‫عصر التابعين بعد مو عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وقد روي أنه أنذر بهم‪ ،‬وكام ظهور جهم بخراسام‬
‫في خالفة هيام بن عبد الملي‪.‬‬

‫هذه البدع ظهدر فدي القدرم الثداني‪ ،‬والصدحابة موجدودوم‪ ،‬وقدد أنألدروا علدى أهلهدا‪ ،‬ثدم ظهدر‬
‫بدعة االعتزا ‪ ،‬وحدثت الفتن بين المسلمين‪ ،‬وظهر اختال اآلراء والميل يلدى البددع واألهدواء‪،‬‬
‫وظهر بدعة التصو ‪ ،‬وبدعة البناء على القبور بعد القروم المفضلة‪ ،‬وهألذا كلما تأخر الوقت‬
‫ناد البدع وتنوعت‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬مألام ظهور البدع‬
‫تختلف البلدام اإلسالمية في ظهور البدع فيها‪ ،‬قا شيخ اإلسالم ابن تيمية‪( :‬فإم األمصار الألبار‬
‫التددي سددألنها أصددحاب رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم‪ ،‬وخددرت منهددا العلددم واإليمددام خمسددة‪:‬‬
‫الحرمام‪ ،‬والعراقام‪ ،‬واليام‪ ،‬منها خدرت القدرآم والحدديث‪ ،‬والفقده والعبدادة‪ ،‬ومدا يتبدع ذلدي مدن‬
‫ت من هذه األمصار بددع أصدولية‪ ،‬غيدر المديندة النبويدة‪ ،‬فالألوفدة خدرت منهدا‬ ‫أمور اإلسالم‪ ،‬و َخر َ‬
‫التيديع واإلرجداء‪ ،‬وانتيددر بعدد ذلدي فددي غيرهدا‪ ،‬والبصددرة خدرت منهدا القدددر واالعتدزا والنسددي‬
‫الفاسد‪ ،‬وانتير بعد ذلي في غيرها‪ ،‬واليام كام بها النصب والقدر‪ ،‬وأما الدتجهم فإنمدا ظهدر فدي‬
‫ناحية خراسام‪ ،‬وهو شر البدع‪.‬‬

‫وكام ظهور البدع بحسدب البعدد عدن الددار النبويدة‪ ،‬فلمدا حددثت الفرقدة بعدد مقتدل عثمدام ظهدر‬
‫بدعة الحرورية‪ ،‬وأما المدينة النبوية‪ ،‬فألانت سليمة من ظهور هذه البدع‪ ،‬ويم كدام بهدا مدن هدو‬
‫مضدمر لدذلي‪ ،‬فألددام عنددهم مهانادا مددذمو اما‪ ،‬غدذ كدام بهددا قدوم مدن القدريددة وغيدرهم‪ ،‬ولألدن كددانوا‬
‫مقهددورين ذليلددين‪ ،‬بخددال التيدديع واإلرجدداء فددي الألوفددة‪ ،‬واالعتددزا وبدددع النسدداك بالبصددرة‪،‬‬
‫ظاهرا‪ ،‬وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى هللا عليه وسلم أم ال ّد َّجا َ‬ ‫ا‬ ‫والنصب باليام‪ ،‬فإنه كام‬
‫ظاهرا يلى نمن أصحاب مالي‪ ،‬وهم من أهل القرم الرابع) ‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ال يدخلها‪ ،‬ولم يز العلم واإليمام‬

‫فأما العصور الثالثة المفضلة فلم يألدن فيهدا بالمديندة النبويدة بدعدة ظداهرة البتدة‪ ،‬وال خدرت منهدا‬
‫بدعة في أصو الدين البتة‪ ،‬كما خرت من سائر األمصار‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ األسباب التي أد يلى ظهور البدع‬

‫ممددا ال شددي فيد ه أم االعتصددام بالألتدداب والسددنة فيدده منجدداة مددن الوقددوع فددي البدددع والضددال ‪ ،‬قدا‬
‫سددددبِّي ِّل ِّه}‬
‫عددددن َ‬ ‫سددددب َل فَتَفَد َّ‬
‫دددرقَ بِّألددد ْم َ‬ ‫سددددتَ ِّقي اما فَدددداتَّبِّعوه َوالَ تَتَّبِّعدددواْ ال ُّ‬
‫اطي م ْ‬ ‫تعدددالى‪َ { :‬وأَ َّم َهددددـذَا ِّص َ‬
‫دددر ِّ‬
‫[األنعام‪.]153/‬‬

‫وقد و ح ذلي النبي صلى هللا عليه وسلم فيما رواه ابن مسعود ‪ -‬ر ي هللا عنه ‪ -‬قا ‪َ ( :‬خ َّ لندا‬
‫رسو هللا صدلى هللا عليده وسدلم خ ًّردا فقدا ‪" :‬هدذا سدبيل هللا" ثدم خد َّ خرو اطدا عدن يمينده‪ ،‬وعدن‬
‫اطي‬‫شماله ثم قا ‪" :‬وهذه سبلٌ‪ ،‬على كل سبيل منها شيرام يدعو يليه" ثدم تدال‪َ { :‬وأَ َّم َهدـذَا ِّص َدر ِّ‬
‫‪- 81 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫سد ِّبي ِّل ِّه ذَ ِّلألد ْم َوصَّداكم ِّبد ِّه لَعَلَّألد ْم تَتَّق َ‬
‫دوم}) [رواه‬ ‫سدب َل فَتَفَ َّدرقَ ِّبألد ْم عَدن َ‬
‫ستَ ِّقي اما فَاتَّ ِّبعوه َوالَ تَتَّ ِّبعواْ ال ُّ‬
‫م ْ‬
‫أحمد وابن حبام والحاكم وغيرهم]‪.‬‬

‫أعرض عن الألتاب والسنةو تنانعته الررق المضللة‪ ،‬والبدع المح َدثَة‪.‬‬


‫َ‬ ‫فمن‬

‫فاألسددباب التددي أ َّد يلددى ظهددور البدددع تددتلخص فددي األمددور التاليددة‪ :‬الجهددل بأحألددام الدددين‪ ،‬اتبدداع‬
‫الهوا‪ ،‬التعصب لآلراء واألشخاص‪ ،‬التيبه بالألفار وتقليدهم‪ ،‬ونتناو هذه األسدباب بيديء مدن‬
‫التفصيل‪:‬‬

‫أ ـ الجهل بأحألام الدين‬


‫بر بذلي النبي صلى‬ ‫كلما امتد الزمن‪ ،‬و َبع َد الناس عن آثار الرسالةو قَ َّل العلم وفيا الجهل‪ ،‬كما أخ َ‬
‫كثيرا) [من حديث رواه أبو داود والترمذي‬ ‫هللا عليه وسلم بقوله‪( :‬من يَ ِّعش منألم فسيرا اختالفاا ا‬
‫عددا ينتزعده مددن العبدداد‪ ،‬ولألددن‬ ‫وقدا ‪ :‬حددديث حسددن صددحيح]‪ ،‬وقولده‪َّ ( :‬‬
‫يم هللا ال يقددبل العلددم انتزا ا‬
‫سا ج ّه ااال‪ ،‬فس لوا فأفتوا بغيدر‬ ‫يقبل العل َم بقبل العلماءو حتى يذا لم يبْق عال اما اتخذ الناس رؤو ا‬
‫علم‪ ،‬فضلّوا وأ لّوا) [جامع بيام العلم وفضله البن عبد البر (‪.])180/1‬‬

‫ع يال العلم والعلماء‪ ،‬فإذا فقد العلم والعلماء أتيحت الفرصة للبدع أم تظهر وتنتير‪،‬‬
‫فال يقاوم البد َ‬
‫وألهلها أم ينيروا‪.‬‬
‫ب ـ اتباع الهوا‬
‫سدتَ ِّجيبوا لَديَ فَددا ْعلَ ْم أَنَّ َمددا‬
‫مددن أعددرض عددن الألتدداب والسددنة اتبددع هددواه‪ ،‬كمددا قددا تعددالى‪{ :‬فَد ِّإم لَّد ْم يَ ْ‬
‫َّللا} [القصص‪.]50/‬‬ ‫وم أَ ْه َوا َءه ْم َو َم ْن أَ َ ُّل ِّم َّم ِّن اتَّبَ َع َه َواه ِّبغَي ِّْر ه ادا ِّّم َن َّ ِّ‬
‫يَتَّ ِّبع َ‬

‫س ْم ِّع ِّه َوقَ ْل ِّب ِّه َو َج َع َل َ‬


‫علَى‬ ‫علَى ِّع ْل ٍم َو َختَ َم َ‬
‫علَى َ‬ ‫وقا تعالى‪{ :‬أَ َف َرأَيْتَ َم ِّن اتَّ َخذَ ِّيلَ َهه َه َواه َوأَ َ لَّه َّ‬
‫َّللا َ‬
‫َّللا} [الجاثية‪.]23/‬‬ ‫َاوةا فَ َمن يَ ْهدِّي ِّه ِّمن بَ ْع ِّد َّ ِّ‬
‫بَص َِّر ِّه ِّغي َ‬
‫والبدع ينَّما هي نسيج الهوا المتَّبع‪.‬‬

‫جـ ـ التعصب لآلراء والرجا‬


‫التعصب لآلراء والرجا يحو بين المرء واتّباع الدليل‪ ،‬ومعرفة الحق‪ ،‬قا تعالى‪َ { :‬و ِّيذَا قِّي َل لَهم‬
‫َّللا قَالواْ بَ ْل نَتَّ ِّبع َما أَ ْلفَ ْينَا َ‬
‫علَ ْي ِّه آبَا َءنَا} [البقرة‪.]170/‬‬ ‫اتَّ ِّبعوا َما أَ َ‬
‫نز َ ّ‬
‫وهذا هو اليأم في المتعصبين اليوم‪ ،‬من بعدل أتبداع المدذاهب الصدوفية والقبدوريين‪ ،‬يذا دعدوا‬
‫يلى اتباع الألتاب والسنة‪ ،‬ونبذ ما هم عليه مما يخالفهماو احتجوا بمذاهبهم‪ ،‬وميدائخهم وآبدائهم‬
‫وأجدادهم‪.‬‬

‫‪- 82 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫د ـ التيبه بالألفار‬
‫وهو من أشد ما يوقع في البدع‪ ،‬كما في حديث أبي واقد الليثي قا ‪ :‬خرجندا مدع رسدو هللا صدلى‬
‫سددرة يعألفدوم عنددها وينوطدوم‬ ‫هللا عليه وسلم يلى حنين‪ ،‬ونحن حدثاء عهد بألفدر‪ ،‬وللميدركين ِّ‬
‫بها أسلحتهم‪ ،‬يقا لها‪ :‬ذا أنواط‪ ،‬فمررنا بسدرة فقلنا‪ :‬يا رسو َ هللا‪ :‬اجعدل لندا ذا أندواط كمدا‬
‫لهم ذا أنواط‪ ،‬فقا رسو هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬هللا أكبر‪ ،‬ينها السنن! قلتم ‪ -‬والذي نفسي‬
‫بيددده ‪ -‬كمددا قالددت بنددو يسددرائيل لموسددى‪{ :‬اجْ عَددل لَّنَددا يِّلَددـ اها َك َمددا لَهد ْم آ ِّل َهددةٌ قَددا َ يِّنَّألد ْم قَد ْدو ٌم تَجْ َهلد َ‬
‫دوم}‬
‫[األعرا ‪ ]138/‬لتركب َّن سنَ َن من قبلألم) [رواه الترمذي وصححه]‪.‬‬

‫ففي هذا الحديث‪ :‬أم التيبه بالألفدار هدو الدذي حمدل بندي يسدرائيل أم يرلبدوا هدذا الرلدب القبديح‪،‬‬
‫وهو أم يجعل لهم آلهة يعبدونها‪ ،‬وهو الذي حمل بعل أصحاب محمدد صدلى هللا عليده وسدلم أم‬
‫فإم غالب النداس‬‫يسألوه أم يجعل لهم شجرة يتبركوم بها من دوم هللا‪ ،‬وهذا نفس الواقع اليوم‪َّ ،‬‬
‫من المسلمينو قلدوا الألفار في عمل البدع واليركيا ‪ ،‬كأعياد الموالدد‪ ،‬ويقامدة األيدام واألسدابيع‬
‫ألعما مخصصة‪ ،‬واالحتفا بالمناسبا الدينية والذكريا ‪ ،‬ويقامة التماثيل‪ ،‬والنصب التذكارية‪،‬‬
‫ويقامة المآتم‪ ،‬وبدع الجنائز‪ ،‬والبناء على القبور‪ ،‬وغير ذلي‪.‬‬

‫الر ّد عليهم‬
‫الفصل الثالث‪ :‬موقف األمة اإلسالمية من المبتدعة‪ ،‬ومنهج أهل السنة والجماعة في ّ‬
‫سنَّة والجماعة من المبتدعة‬
‫‪ 1‬ـ موقف أهل ال ُّ‬
‫مددا نا أهددل السددنة والجماعددة يددردوم علددى المبتدعددة‪ ،‬وينألددروم علدديهم بدددعهم‪ ،‬ويمنعددونهم مدن‬
‫مزاولتها‪ ،‬ويليي نماذت من ذلي‪:‬‬
‫علي أبو الدرداء مغ َ‬
‫ضباا‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما ليَ ؟ فقا ‪ :‬وهللا ما أعدر‬ ‫( أ ) عن أم الدرداء قالت‪( :‬دخل َّ‬
‫فيهم شي اا من أمر محم ٍد يال أنهم يصلوم جميعاا) [رواه البخاري]‪.‬‬

‫( ب ) عن عمر بن يحيى قا ‪( :‬سمعت أبي ي َح ّدِّث عن أبيه قا ‪ :‬كنا نجلس علدى بداب عبدد هللا بدن‬
‫مسعود قبل صالة الغداة‪ ،‬فإذا خرت ميينا معه يلى المسجد‪ ،‬فجاءنا أبو موسدى األشدعري‪ ،‬فقدا ‪:‬‬
‫ت عليألم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا‪ :‬ال‪ ،‬فجلس معنا حتى َخدرتَ‪ ،‬فلمدا خدر َ‬
‫ت قمندا يليده جميعادا‪،‬‬ ‫أخر َ‬
‫خيدرا‪،‬‬
‫أر ‪ -‬والحمد هلل ‪ -‬يال ا‬ ‫فقا ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن‪ ،‬يني رأيت في المسجد آنفاا ا‬
‫أمرا أنألرته‪ ،‬ولم َ‬
‫سا ينتظروم الصالة‪،‬‬ ‫قا ‪ :‬وما هو؟ قا ‪ :‬يم ِّعيْتَ فستراه‪ ،‬قا ‪ :‬رأيت في المسجد قو اما حلقاا جلو ا‬
‫في كل حلقة رجل‪ ،‬وفي أيدديهم حصدى فيقدو ‪ :‬كبدروا مائدة‪ ،‬فيألبدروم مائدة‪ ،‬فيقدو ‪ :‬هللدوا مائدة‪،‬‬
‫فيهللوم مائة‪ ،‬فيقو ‪ :‬سبّحوا مائة‪ ،‬فيسبحوم مائة‪ ،‬قا ‪ :‬فماذا قلتَ لهم؟ فقا ‪ :‬ما قلت لهم شدي اا‬
‫انتظار رأيي‪ ،‬أو انتظار أمرك‪ ،‬قا ‪ :‬أفال أمرتَهم أم يعدوا سي اتهم‪ ،‬و دمنتَ لهدم أم ال يَيديع مدن‬
‫َ‬
‫حسناتهم شيء؟‬

‫ثم مضى ومضينا معهو حتى أتدى حلقدة مدن تلدي الحلدق‪ ،‬فوقدف علديهم فقدا ‪ :‬مدا هدذا الدذي أراكدم‬
‫تصنعوم؟ قالوا‪ :‬يا أبا عبد الرحمن‪ ،‬حصى نع ُّد به التألبير والتهليل والتسبيح والتحميد‪ ،‬قا ‪ :‬فعدا‬
‫ٌ‬
‫دامن أم ال يضدي َع مدن حسدناتألم شديء‪ ،‬ويحألدم يدا أمدة محمدد‪ ،‬مدا أسدرع هلألدتألم‪،‬‬ ‫سي اتألم‪ ،‬فأنا‬
‫هؤالء أصحابه متوافروم‪ ،‬وهذه ثيابه لم تبل‪ ،‬وآنيته لم تألسر‪ ،‬والذي نفسي بيده‪ :‬ينألم لعلى مل ٍة‬
‫هي أهدا من ملدة محمدد‪ ،‬أو مفتتحدو بداب داللة‪ .‬قدالوا‪ :‬وهللا يدا أبدا عبدد الدرحمن‪ ،‬مدا أردندا يال‬
‫‪- 83 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫الخيددر‪ ،‬قددا ‪ :‬وكددم مريددد للخيددر لددن يصدديبه! ّ‬


‫يم رسددو هللا صددلى هللا عليدده وسددلم حدددثنا أم قو امددا‬
‫يقرؤوم القرآم ال يجاون تراقيهم‪ ،‬وايم هللا ال أدري لعل أكثرهم ِّمنألم‪ .‬ثم تولَّى عنهم‪ .‬فقا َ عمدرو‬
‫بن سلمة‪ :‬رأينا عامة أول ي يراعنوننا يو َم النهروام مع الخوارت) [رواه الدارمي]‪.‬‬

‫(جـ) جاء رجل يلى اإلمام مالي بدن أندس ‪ -‬رحمده هللا ‪ -‬فقدا ‪ :‬مدن أيدن أحْ ِّدرم؟ فقدا ‪ :‬مدن الميقدا‬
‫الذي َوقَّتَ رسو هللا صلى هللا عليه وسلم وأحرم منه‪ ،‬فقدا الرجدل‪ :‬فدإم أحرمدت مدن أبعدد منده‪،‬‬
‫فقا مالي‪ :‬ال أرا ذلي‪ ،‬فقا َ ‪ :‬ما تألره من ذلي‪ ،‬قا ‪ :‬أكره عليي الفتنة‪ ،‬قا ‪ :‬وأي فتنة في اندياد‬
‫وم عَد ْن أَ ْم ِّدر ِّه أَم ت ِّصديبَه ْم فِّتْنَدةٌ أَ ْو‬ ‫فدإم هللا تعدالى يقدو ‪{ :‬فَ ْليَحْ دذَ ِّر الَّدذ َ‬
‫ِّين ي َخدا ِّلف َ‬ ‫الخير؟ فقا َ مالدي‪ّ :‬‬
‫اب أَ ِّلي ٌم} [النور‪.]63/‬‬
‫عذ َ ٌ‬
‫ي ِّصيبَه ْم َ‬

‫صصْتَ بفضل لم يختَ ّ‬


‫ص به رسو هللا صلى هللا عليه وسدلم [ذكدره أبدو‬ ‫وأي فتنة أعظم من أني خ ِّ ّ‬
‫شامة في كتاب‪ :‬الباعث على ينألار البدع والحوادث ا‬
‫نقال عن أبي بألر الخال ص‪]14‬؟!‬
‫َ‬
‫نألروم على المبتدعة في كل عصر‪ ،‬والحمد هلل‪.‬‬‫هذا نموذت‪ ،‬وال نا العلماء ي‬
‫‪ 2‬ـ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع‬

‫مددنهجهم فددي ذك مبنددي علددى الألتدداب والسددنة‪ ،‬وهددو المددنهج المقنددع المفحددم‪ ،‬حيددث يددرودوم شددبه‬
‫المبتدعة وينقضونها‪ ،‬ويستدلوم بالألتاب والسنة على وجوب التمسي بالسنن‪ ،‬والنهي عن البدع‬
‫والمحدثا ‪ ،‬وقد ألَّفوا المؤلفا الألثيرة في ذلي‪ ،‬وردُّوا في كتب العقائدد علدى اليديعة والخدوارت‬
‫والجهمية والمعتزلة واألشاعرة‪ ،‬في مقاالتهم المبتدعة في أصو اإليمدام والعقيددة‪ ،‬وألفدوا كتبادا‬
‫ف اإلمام أحمد كتاب الدرد علدى الجهميدة‪ ،‬والدف غيدره مدن األئمدة فدي ذلدي‬ ‫خاصّة في ذلي‪ ،‬كما ألَّ َ‬
‫كعثمام بدن سدعيد الددارمي‪ ،‬وكمدا فدي كتدب شديخ اإلسدالم ابدن تيميدة وتلميدذه ابدن القديم‪ ،‬واليديخ‬
‫محمدد بدن عبدد الوهدداب‪ ،‬وغيدرهم‪ ،‬مدن الددرد علدى تلدي الفدرق‪ ،‬وعلددى القبوريدة والصدوفية‪ ،‬وأمددا‬
‫الألتب الخاصة في الرد على أهل البدع‪ ،‬فهي كثيرة‪ ،‬منها على سبيل المثا من الألتب القديمة‪:‬‬

‫‪ -1‬كتاب االعتصام لإلمام الياطبي‪.‬‬

‫‪ -2‬كتاب اقتضاء الصراط المسدتقيم ليديخ اإلسدالم ابدن تيميدة‪ ،‬فقدد اسدتغرق الدرد علدى المبتدعدة‬
‫كبيرا منه‪.‬‬
‫جز اءا ا‬
‫‪ -3‬كتاب ينألار الحوادث والبدع البن و َّ اح‪.‬‬

‫‪ -4‬كتاب الحوادث والبدع للررطوشي‪.‬‬

‫‪ -5‬كتاب الباعث على ينألار البدع والحوادث ألبي شامة‪.‬‬

‫ومن الألتب العصرية‪:‬‬

‫‪ -1‬كتاب اإلبداع في مضار االبتداع للييخ علي محفوظ‪.‬‬

‫‪- 84 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ -2‬كتدداب السددنن والمبتدددعا المتعلقددة باألذكددار والصددلوا لليدديخ محمددد بددن أحمددد اليددقيري‬
‫الحوامدي‪.‬‬

‫‪ -3‬رسالة التحذير من البدع للييخ عبد العزيز بن بان‪.‬‬

‫ع ويردوم على المبتدعة من خال الصحف‬ ‫وال يزا علماء المسلمين ‪ -‬والحمد هلل ‪ -‬ينألروم البد َ‬
‫والمجددال واإلذاعددا وخرددب الجمددع والندددوا والمحا ددرا ‪ ،‬ممددا لدده كبيددر األثددر فددي توعيددة‬
‫المسلمين‪ ،‬والقضاء على البدع‪ ،‬وقمع المبتدعين‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في بيام نماذت من البدع المعاصرة‬

‫وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬االحتفا بالمولد النبوي‪.‬‬

‫‪ -2‬التبرك باألماكن واآلثار واألموا ونحو ذلي‪.‬‬

‫‪ -3‬البدع في مجا العبادا والتقرب يلى هللا‪.‬‬

‫البدددع المعاصددرة كثيددرةو بحألددم تد أخر الددزمن‪ ،‬وقلددة العلددم‪ ،‬وكثددرة الدددعاة يلددى البدددع والمخالفددا ‪،‬‬
‫وسريام التيدبه بالألفدار فدي عداداتهم وطقوسدهمو مصدداقاا لقولده صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬لتتدبع َّن‬
‫سنَ َن من كام قبلألم) [رواه الترمذي وصححه]‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ االحتفا بمناسبة المولد النبوي‬

‫وهو تيبه بالنصارا في عمل مدا يسد َّمى باالحتفدا بمولدد المسديح‪ ،‬فيحتفدل جهلدة المسدلمين‪ ،‬أو‬
‫العلماء المضلوم في ربيع األو أو في غيره من كل سنة بمناسبة مولد الرسو محمدد صدلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ .‬فمنهم من يقيم هذا االحتفا في المساجد‪ ،‬ومدنهم مدن يقيمده فدي البيدو ‪ ،‬أو األمألندة‬
‫ع كثيرة من دعماء الناس وعوامهم‪ ،‬يعملوم ذلي تيب اها بالنصارا في‬ ‫المعدة لذلي‪ ،‬ويَحضر جمو ٌ‬
‫ابتداعهم االحتفا بمولد المسيح‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬والغالب أم هذا االحتفا عالوة على كونه بدعة‪،‬‬
‫وتيب اها بالنصارا‪ ،‬ال يخلو من وجود اليركيا والمنألرا ‪ ،‬كإنياد القصائد التي فيها الغلو فدي‬
‫حق ال رسو صلى هللا عليه وسلم يلى درجة دعائه من دوم هللا‪ ،‬واالستغاثة بده‪ ،‬وقدد نهدى النبدي‬
‫لو في مدحه فقا ‪( :‬ال ترروني كما أطر النصدارا َ‬
‫ابدن مدريمو ينمدا‬ ‫صلى هللا عليه وسلم عن الغ ّ ِّ‬
‫أنا عبد‪ ،‬فقولوا‪ :‬عبد هللا ورسوله) [رواه الييخام]‪ .‬وقد يصب هذا االحتفا اختالط بندي الرجدا‬
‫والنساء وفساد األخالق وظهور المسألرا وغير ذلي‪.‬‬
‫ددو فددي المدددح‪ ،‬وربمددا يعتقدددوم أم الرسددو صددلى هللا عليدده وسددلم يحضددر‬ ‫اإلطددراء معندداه‪ :‬الغل ّ‬
‫احتفدداالتهم‪ ،‬ومددن المنألددرا التددي تصدداب هددذه االحتفدداال ‪ :‬األناشدديد الجماعيددة المنغمددة و ددرب‬
‫الربددو ‪ ،‬وغيددر ذل دي مددن عمددل األذكددار الصددوفية المبتدعددة‪ ،‬وقددد يألددوم فيدده اخددتالط بددين الرجددا‬
‫ويجر يلى الوقوع في الفواحش‪ ،‬وحتى لو خال هذا االحتفا من هذه‬ ‫ّ‬ ‫والنساء‪ ،‬مما يسبّب الفتنة‪،‬‬
‫المحدداذير‪ ،‬واقتصددر علددى االجتمدداع وتندداو الرعددام‪ ،‬ويظهددار الفددرح ‪ -‬كمددا يقولددوم ‪-‬و فإندده بدعددة‬
‫‪- 85 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫محدثة (وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة اللة)‪ ،‬وأيضاا هو وسيلة على أم يترور‪ ،‬ويحصل فيه ما‬
‫يحصل في االحتفاال األخرا من المنألرا ‪.‬‬

‫وقلنا‪ :‬ينه بدعةو ألنه ال أصل لده فدي الألتداب والسدنة وعمدل السدلف الصدالح والقدروم المفضدلة‪،‬‬
‫متأخرا بعد القرم الرابع الهجدري‪ ،‬أحدثده الفداطميوم اليديعة‪ ،‬قدا اإلمدام أبدو حفدص‬
‫ا‬ ‫وينما حدث‬
‫تات الدين الفاكهاني ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬أ َّما بعد‪ :‬فقد تألرر سؤا جماعة من المباركين عن االجتماع‬
‫الذي يعمله بعل الناس في شهر ربيع األو ‪ ،‬ويسمونه المولد‪ ،‬هل له أصل في الددين‪ ،‬وقصددوا‬
‫الجواب عن ذلي مب ّيناا‪ ،‬واإليضاح عنه معيناا‪ ،‬فقلت ‪ -‬وباهلل التوفيق ‪:-‬‬

‫أصال في كتاب وال سنة‪ ،‬وال ينقل عمله عن أحد مدن علمداء األمدة‪ ،‬الدذين هدم‬ ‫ا‬ ‫ال أعلم لهذا المولد‬
‫القدددوة فددي الدددين‪ ،‬المتمسددألوم بآثددار المتقدددمين‪ ،‬بددل هددو بدعددة أحدددثها الب ّرددالوم‪ ،‬وشددهوة نفددس‬
‫اغتنى بها األكَّالوم) ‪.‬‬

‫وقا شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪( :‬وكذلي مدا يحدثده بعدل النداس‪ ،‬يمدا مضداهاة للنصدارا‬
‫في ميالد عيسى عليه السالم‪ ،‬ويما محبة للنبي صلى هللا عليه وسدلم وتعظي امدا‪ ...‬مدن اتخداذ مولدد‬
‫فإم هذا لم يفعله السلف‪ ،‬ولو كام‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسلم عيداا‪ ،‬مع اختال الناس في مولده‪َّ ،‬‬
‫خيرا محضاا‪ ،‬أو راج احاو لألام السلف ‪ -‬ر ي هللا عنهم ‪ -‬أحقَّ به منَّا‪ ،‬فإنهم كانوا اشد محبدة‬
‫هذا ا‬
‫للنبي صلى هللا عليه وسلم وتعظي اما له منا‪ ،‬وهم على الخير أحرص‪ ،‬وينما كدام محبتده وتعظيمده‬
‫وظاهرا‪ ،‬ونيدر مدا ب َ‬
‫عدث بده‪ ،‬والجهداد علدى‬ ‫ا‬ ‫في متابعته وطاعته‪ ،‬واتباع أمره ويحياء سنته باطناا‬
‫ذلي بالقلب واليد واللسام‪ ،‬فدإم هدذه طريقدة السدابقين األولدين مدن المهداجرين واألنصدار والدذين‬
‫اتبعوهم بإحسام) ‪ ...‬انتهى ببعل اختصار‪.‬‬

‫ف في ينألار هذه البدعة كتب ورسائل قديمة وحديثة‪ ،‬وهو عالوة على كونه بدعة وتيب اها‪،‬‬ ‫وقد أ ِّلّ َ‬
‫يجر يلى يقامة موالد أخرا كموالد األولياء والميائخ والزعماءو فيفتح أبواب ش ٍ ّر كثيرة‪.‬‬
‫فإنه ُّ‬
‫‪ 2‬ـ التبرك باألماكن واآلثار واألشخاص أحياء وأمواتاا‬

‫لوم من ألوام الوثنية‪ ،‬وشبألة يصراد بها المرتزقة‬ ‫من البدع المحدثة‪ :‬التبرك بالمخلوقين‪ ،‬وهو ٌ‬
‫أموا السذت من الناس‪ ،‬والتبرك‪ :‬طلب البركة وهدي‪ :‬ثبدو الخيدر فدي اليديء ونيادتده‪ ،‬وطلدب‬
‫ثبو الخير ونيادته ينما يألوم ممن يَملدي ذلدي ويقددر عليده‪ ،‬وهدو هللا سدبحانه‪ ،‬فهدو الدذي يندز‬
‫البركة ويثبتها‪ ،‬أما المخلوق فإنه ال يقدر على منح البركدة وييجادهدا‪ ،‬وال علدى يبقائهدا وتثبيتهدا‪،‬‬
‫أم ذلي‬‫فالتبرك باألماكن واآلثار واألشخاص ‪ -‬أحياء وأمواتاا ‪ -‬ال يجونو ألنه يما شرك‪ ،‬يم اعتقد َّ‬
‫الييء يمنح البركة‪ ،‬أو وسديلة يلدى اليدرك يم اعتقدد أم نيارتده ومالمسدته والتمسدح بده‪ ،‬سدبب‬
‫لحصولها من هللا‪.‬‬

‫وأما ما كام الصحابة يفعلونه من التبرك بيعر النبي صلى هللا عليه وسلم وريقه وما انفصل من‬
‫جسمه صلى هللا عليده وسدلم‪ ،‬خاصدة كمدا تقددَّم و فدذلي خداص بده صدلى هللا عليده وسدلم ولدم يألدن‬
‫الصحابة يتبركوم بحجرته وقبره بعد موته‪ ،‬وال كانوا يقصدوم األماكن التي صدلَّى فيهدا و جلدس‬
‫فيهدداو ليتبركددوا بهددا‪ ،‬وكد ذلي مقامددا األوليدداء مددن بدداب أولددى‪ ،‬ولددم يألونددوا يتبركددوم باألشددخاص‬
‫الصالحين‪ ،‬كدأبي بألدر وعمدر وغيرهمدا مدن أفا دل الصدحابة‪ ،‬ال فدي الحيداة وال بعدد المدو ‪ ،‬ولدم‬
‫‪- 86 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫يألونوا يذهبوم يلى غار حراء ليصلوا فيه أو يدعوا‪ ،‬ولم يألونوا يذهبوم يلى الرور الذي َكلَّدم هللا‬
‫يم فيهدا مقامدا‬ ‫عليه موسى ليصلوا فيه ويدعوا‪ ،‬أو يلى غير هذه األمألنة من الجبا التدي يقدا َّ‬
‫األنبياء أو غيرهم‪ ،‬وال يلى ميهد مبني على أثر نبي من األنبياء‪.‬‬

‫وأيضاا فإم المألام الذي كام النبي صلى هللا عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائ امدا لدم يألدن‬
‫أحد من السلف يستلمه وال يقبّله‪ ،‬وال المو ع الذي صلى فيه بمألة وغيرها‪ ،‬فإذا كام المو وع‬
‫الذي كام يرؤه صلى هللا عليه وسلم بقدميه الألريمتين‪ ،‬ويصلي عليه‪ ،‬لم ييرع ألمته التمسح به‬
‫سدح بده قدد‬‫وال تقبيله‪ ،‬فأليف بما يقا يم غيره صلى فيه أو نام عليه؟ فتقبيل شيء من ذلدي والتم ّ‬
‫علم العلماء باال ررار من دين اإلسالم‪ :‬أم هذا ليس من شريعته صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ البدع في مجا العبادا والتقرب يلى هللا‬

‫البدع التي أحدثت في مجا العبادا في هذا الزمدام كثيدرة‪ ،‬واألصدل فدي العبدادا التوقيدف‪ ،‬فدال‬
‫ييرع شيء منها يال بدليل‪ ،‬وما لم يد عليه دلي ٌل فهو بدعدةو لقولده صدلى هللا عليده وسدلم‪( :‬مدن‬
‫عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه مسلم]‪.‬‬ ‫عمل ا‬

‫والعبادا التي تمارس اآلم وال دليل عليها كثيرة جدًّا‪ ،‬منها‪:‬‬

‫الجهر بالنية للصالة‪ :‬بأم يقو ‪ :‬نويت أم أصدلي هلل كدذا وكدذا‪ ،‬وهدذه بدعدةو ألنده لديس مدن سدنة‬
‫اوا ِّ َو َمدا فِّدي‬ ‫َّللا يَ ْعلَدم َمدا فِّدي ال َّ‬
‫سد َم َ‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسدلم‪ ،‬وألم هللا تعدالى يقدو ‪ِّ { :‬بددِّينِّأل ْم َو َّ‬
‫ع ِّلي ٌم} [الحجرا ‪.]16/‬‬
‫َّللا بِّأل ِّّل ش َْيءٍ َ‬ ‫األَ ْر ِّ‬
‫ض َو َّ‬
‫والنية محلها القلب‪ ،‬فهي عمل قلبي ال عمل لساني‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬الذكر الجماعي بعد الصالةو ألم الميروع أم كل شخص يقو الذكر الوارد منفر ادا‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬طلب قراءة الفاتحة في المناسبا ‪ ،‬وبعد الدعاء‪ ،‬ولألموا ‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬يقامة المآتم على األموا ‪ ،‬وصناعة األطعمة واسدت جار المقدرئين‪ ،‬يزعمدوم أم ذلدي مدن‬
‫باب العزاء‪ ،‬أو أم ذلي ينفع الميت‪ ،‬وكل ذلي بدع ال أصل لها‪ ،‬وآصار وأغال ما أنز هللا بها من‬
‫سلرام‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬االحتفا بالمناسبا الدينية‪ ،‬كمناسبة اإلسراء والمعرات‪ ،‬ومناسبة الهجرة النبوية‪ ،‬وهذا‬
‫االحتفا بتلي المناسبا ال أصل له في اليرع‪.‬‬

‫ومن ذلي‪ :‬ما يفعل فدي شدهر رجدب‪ ،‬ومدا يفعدل فيده مدن العبدادا الخاصدة بده‪ ،‬كدالتروع بالصدالة‬
‫والصديام فيدده خاصددة‪ ،‬فإنده ال ميددزة لدده علددى غيدره مددن اليددهور‪ ،‬ال فدي الصدديام والصددالة والددذبح‬
‫للنسي فيه‪ ،‬وال غير ذلي‪.‬‬

‫ومن ذلي‪ :‬األذكار الصُّوفية بأنواعها‪ ،‬كلها بدع ومحدثا و ألنهدا مخالفدة لألذكدار الميدروعة فدي‬
‫صيغها وهي اتها وأوقاتها‪.‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ومن ذلي‪ :‬تخصيص ليلة النصف من شعبام بقيام‪ ،‬ويوم النصف من شعبام بصيام‪ ،‬فإنه لم يثبت‬
‫عن النبي صلى هللا عليه وسلم في ذلي شيء خاص به‪.‬‬

‫ومن ذلي‪ :‬البناء على القبور‪ ،‬واتخاذها مساجد‪ ،‬ونيارتها ألجدل التبدرك بهدا‪ ،‬والتوسدل بدالموتى‪،‬‬
‫وغير ذلي من األغراض اليركية‪ ،‬ونيارة النساء لهاو مع أم الرسو صلى هللا عليده وسدلم لعدن‬
‫نوارا القبور‪ ،‬والمتخذين عليها المساجد والسرت‪.‬‬

‫ع بريد الألفر‪ ،‬وهي نيادة دين لم ييرعه هللا وال رسدوله‪ ،‬والبدعدة شدر مدن‬ ‫وختا اما نقو ‪َّ :‬‬
‫يم البد َ‬
‫المعصددية الألبيددرة‪ ،‬واليدديرام يفددرح بهددا أكثددر ممددا يفددرح بالمعاصددي الألبيددرةو َّ‬
‫ألم العاصددي يفعددل‬
‫المعصية وهو يعلم أنها معصية فيتوب منها‪ ،‬والمبتدع يفعدل البدعدة يعتقددها دينادا يتقدرب بده يلدى‬
‫سنن‪ ،‬وتأل ِّ َّره يلى أصحابها فعل السنن وأه َل السنة‪.‬‬ ‫هللا‪ ،‬فال يتوب منها‪ ،‬والبدع تقضي على ال ُّ‬
‫والبدعة تباعد عن هللا‪ ،‬وتوجب غضبه وعقابه‪ ،‬وتسبب نيغ القلوب وفسادها‪.‬‬

‫ما يعامل به المبتدعة‬

‫تحرم نيارة المبتدع ومجالسته يال على وجه النصيحة له واإلنألار عليهو ألم مخالرته تؤثر علدى‬
‫شرا‪ ،‬وتنير عداوته يلى غيره‪ ،‬ويجب التحذير منهم‪ ،‬ومن شرهم‪ ،‬يذا لم يألن األخذ على‬ ‫مخالره ا‬
‫أيددديهم‪ ،‬ومددنعهم مددن مزاولددة البدددع‪ ،‬ويال فإندده يجددب علددى علمدداء المسددلمين ووالة أمددورهم منددع‬
‫البدع‪ ،‬واألخذ على أيدي المبتدعة‪ ،‬وردعهم عن شرهمو ألم خررهم على اإلسدالم شدديد‪ ،‬ثدم ينَّده‬
‫يجددب أم يعل د َم أم دو الألفددر تيددجع المبتدعددة علددى نيددر بدددعتهم‪ ،‬وتسدداعدهم علددى ذلددي بيددتى‬
‫الررقو ألم في ذلي القضاء على اإلسالم‪ ،‬وتيويه صورته‪.‬‬

‫نسدأ هللا عددز وجددل أم ينصدر ديندده‪ ،‬ويعلددي كلمتده‪ ،‬ويخددذ أعددداءه‪ ،‬وصدلى هللا وسددلم علددى نبينددا‬
‫محمد وآله وصحبه‪.‬‬

‫‪- 88 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫ملحوظة‪( :‬رتبت هذه القائمة على حسب أسبقية ذكرها في الألتاب)‪.‬‬

‫ـ القرآم الألريم‬

‫ـ شرح العقيدة السفارينية‬

‫ـ مسند اإلمام أحمد‬

‫ـ صحيح البخاري‬

‫ـ صحيح مسلم‬

‫ـ يغاثة اللهفام البن القيم‬

‫ـ مدارت السالألين البن القيم‬

‫ـ مجموع الفتاوا البن تيمية‬

‫ـ مجموعة التوحيد النجدية‬

‫ـ سنن الترمذي‬

‫ـ الجواب الألافي لمن سأ عن الدواء االيافي البن القيم‬

‫ـ معجم الربراني‬

‫ـ شرح السنة للبغوي‬

‫ـ سنن النسائي‬

‫ـ المستدرك للحاكم‬

‫ـ النهاية البن األثير‬

‫ـ كتاب اإليمام لييخ اإلسالم ابن تيمية‬

‫ـ اقتضاء الصراط المستقيم لييخ اإلسالم ابن تيمية تحقيق الدكتور ناصر العقل‬

‫ـ سنن أبي داود‬

‫ـ موطأ اإلمام مالي‬

‫ـ سنن ابن ماجه‬

‫ـ مجموع فتاوا الييخ محمد بن يبراهيم آ الييخ‬

‫‪- 89 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫ـ منهات السنة النبوية‬

‫ـ شرح العقيدة الرحاوية‬

‫ـ فتح المجيد شرح كتاب التوحيد‬

‫ـ تفسير ابن جرير الربري‬

‫ـ ردة وال أبا بألر لها ألبي الحسن الندوي‬

‫ـ صفا المنافقين البن القيم‬

‫ـ حاشية ابن قاسم على كتاب التوحيد‬

‫ـ جالء األفهام البن القيم‬

‫ـ جامع العلوم والحألم البن رجب الحنبلي‬

‫ـ االعتصام للياطبي‬

‫ـ جامع بيام العلم وفضله البن عبد البر‬

‫ـ صحيح ابن حبام‬

‫ـ الباعث على ينألار البدع والحوادث ألبي شامة‬

‫ـ سنن الدارمي‬

‫ـ رسالة المورد في عمل المولد‬

‫‪- 90 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫فهرس المو وعا‬


‫المقـدمـة ‪- 1 - ....................... ................................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫الباب األول‪ :‬مدخل لدراسة العقيدة ‪- 2 - ................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫أساسا يقوم عليه بناء الدين ‪- 2 -.............................‬‬ ‫ً‬ ‫‪ o‬الفصل األول‪ :‬في بيان العقيدة وبيان أهميتها باعتبارها‬
‫‪ ‬العقيدة لغة ‪- 2 -.................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫ً‬
‫شرعا ‪- 2 -............................... ................................ ................................ ................................‬‬ ‫ُ‬
‫والعقيدة‬ ‫‪‬‬
‫‪ o‬الفصل الثاني‪ :‬في بيان مصادر العقيدة ومنهج السلف في تلقيها ‪- 3 -........................ ................................‬‬
‫ف عن العقيدة وسبل التوقي منه ‪- 3 -......................... ................................‬‬ ‫‪ o‬الفصل الثالث‪ :‬في بيان االنحرا ِ‬
‫الباب الثاني‪ :‬في بيان معنى التوحيد وأنواعه ‪- 7 - .................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ 1 o‬ـ توحيد الربوبية ‪- 7 -................................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬في بيان معنى توحيد الربوبية وإقرار المشركين به ‪- 7 -..................... ................................‬‬
‫وتصورات األمم الضّالَّة ‪- 9 -.....................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫والس َّنة‬ ‫ب في القرآن‬ ‫ة الر ّ ِ‬ ‫م كلم ِ‬ ‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬مفهو ُ‬
‫ب في الكتاب والسنة ‪- 9 -..................... ................................ ................................‬‬ ‫‪ 1 ‬ـ مفهوم كلمة ال ّر ّ ِ‬
‫‪ 2 ‬ـ مفهوم كلمة الرب في تصورات األمم الضالة ‪- 9 -............................................ ................................‬‬
‫‪ 3 ‬ـ الرد على هذه التصورات الباطلة ‪- 10 - .......................... ................................ ................................‬‬
‫ضوعِ والطَّاع ِة هلل ‪- 11 - ................................. ................................‬‬ ‫ُ‬
‫الخ ُ‬ ‫ه في‬ ‫الكون وفطرتُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬الفصل الثالث‪:‬‬
‫‪ ‬الفصل الرابع‪ :‬في بيا ِن منهج القرآن في إثبات وجو ِد الخالقِ ووحدانيته ‪- 12 - ..........................................‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ 1 ‬ـ من المعلوم بالضرورة أن الحادث البد له من محدث ‪- 12 - ............................... ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ انتظام أمر العالم كله وإحكامه ‪- 13 - ............................. ................................ ................................‬‬
‫‪ 3 ‬ـ تسخي ُر المخلوقاتِ ألداء وظائفها‪ ،‬والقيام بخصائصها ‪- 13 - ............................. ................................‬‬
‫الربوبيَّ ِة لتوحيد األُلوهيَّة ‪- 14 - ....................... ................................‬‬ ‫د ُّ‬ ‫م توحي ِ‬ ‫بيان استلزا ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬الفصل الخامس‪:‬‬
‫‪ 2 o‬ـ توحيد األلوهية ‪- 16 - ............................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫الرسل ‪- 16 - .........................................‬‬ ‫ة ُّ‬ ‫ُ‬
‫موضوع دعو ِ‬ ‫د األلوهيَّ ِ‬
‫ة وأنه‬ ‫ن معنى توحي ِ‬ ‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬في بيا ِ‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬في بيان معنى الشهادتين وما وقع فيهما من الخطأ ‪- 18 - ...............................................‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫الشهادتين ‪- 18 - .............................................. ................................ ................................‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ً ‬‬
‫أوال‪ :‬معنى‬
‫‪ ‬ثانيًا‪ :‬أركان الشهادتين ‪- 18 - .............................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ثال ًثا‪ :‬شروط الشهادتين ‪- 19 - ............................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الشرط األول‪ :‬العلم ‪- 20 - ...................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاني‪ :‬اليقين ‪- 20 - .................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الشرط الثالث‪ :‬القبول ‪- 20 - .................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الشرط الرابع‪ :‬االنقياد ‪- 20 - ................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الشرط الخامس‪ :‬الصدق ‪- 20 - .............................. ................................ ................................‬‬
‫ُ‬
‫اإلخالص ‪- 21 - ........................... ................................ ................................‬‬ ‫‪ ‬الشرط السادس‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط السابع‪ :‬المحبة ‪- 21 - ................................. ................................ ................................‬‬
‫رابعا‪ :‬مقتضى الشهادتين ‪- 21 - ......................................... ................................ ................................‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬أ ـ مقتضى شهادة أن ال إله إال هللا ‪- 21 - ................................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ ومقتضى شهادة أن محم ًدا رسول هللا ‪- 22 - .................................... ................................‬‬
‫خامسا‪ :‬نواقض الشهادتين ‪- 22 - ...................................... ................................ ................................‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬الفصل الثالث‪ :‬في التشريع ‪- 23 - ......................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬التشريع حق هلل تعالى ‪- 23 - ............................................ ................................ ................................‬‬
‫شمولها ‪- 24 - ........................ ................................ ................................‬‬ ‫العبادة‪ :‬معناها‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬الفصل الرابع‪:‬‬
‫‪1 ‬ـ معنى العبادة ‪- 24 - ....................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ أنواع العبادة وشمولها ‪- 25 - ......................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الفصل الخامس‪ :‬في بيا ِن مفاهي َم خاطئ ٍة في تحديد العبادة ‪- 25 - ......................... ................................‬‬
‫‪ ‬العبادات توقيفية ‪- 25 - ...................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الفصل السادس‪ :‬في بيان ركائز العبودية الصحيحة ‪- 26 - ...................................... ................................‬‬
‫‪ 3 o‬ـ توحيد األسماء والصفات ‪- 26 - .............................................. ................................ ................................‬‬
‫أوال‪ :‬األدلة من الكتاب والسنة والعقل على ثبوت األسماء والصفات ‪- 27 - ...............................................‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬أ ـ األدلة من الكتاب والسنة ‪- 27 - ...................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ وأما الدليل العقلي ‪- 28 - ............................................. ................................ ................................‬‬
‫الس َّنة والجماعة في أسماء هللا وصفاته ‪- 28 - ............................... ................................‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫منهج أهل‬ ‫‪ ‬ثانيًا‪:‬‬
‫‪- 91 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ ‬ثال ًثا‪ :‬ال ّر ُّد على من أن َك َر األسما َء والصّفاتِ‪ ،‬أو أنكر بعضها ‪- 29 - ............................... ................................‬‬
‫‪ ‬الوجه األول‪- 30 - ............................ ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫‪ ‬الوجه الثاني‪- 30 - .......................... ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫‪ ‬الوجه الثالث‪- 31 - ........................... ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫‪ ‬الوجه الرابع‪- 31 - ............................ ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫‪ ‬الوجه الخامس‪- 31 - ....................... ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬في بيان الشرك واالنحراف في حياة البشرية ‪- 32 - ............................................. ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل األول‪ :‬االنحراف في حياة البشرية ‪- 32 - ......................... ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثاني‪ :‬الشرك‪ :‬تعريفه‪ ،‬أنواعه ‪- 33 - ............................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬أ ـ تعريفـه ‪- 33 - .................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ أنواع الشرك ‪- 35 - .......................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثالث‪ :‬الكفر‪ :‬تعريفه ‪ -‬أنواعه ‪- 36 - ............................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬أ ـ تعريفـه ‪- 36 - .................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ أنواعه ‪- 36 - ................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الرابع‪ :‬النفاق‪ :‬تعريفه‪ ،‬أنواعه ‪- 38 - ............................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬أ ـ تعريفـه ‪- 38 - .................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ أنواع النفاق ‪- 38 - .......................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬الفروق بين النفاق األكبر والنفاق األصغر ‪- 40 - ...................... ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الخامس‪ :‬بيان حقيقة كل من الجاهلية ‪ -‬الفسق ‪ -‬الضالل ‪ -‬الردة‪ :‬أقسامها‪ ،‬أحكامها ‪- 40 - ..............‬‬
‫‪ 1 ‬ـ الجاهليـة ‪- 40 - ................................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ الفسـق ‪- 41 - .................................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 3 ‬ـ الضـالل ‪- 41 - ................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 4 ‬ـ الردة وأقسامها وأحكامها ‪- 42 - ......................................... ................................ ................................‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬أقوال وأفعال تُ نافي التوحيد أو تُن ِ‬
‫ق ُ‬
‫ص ه ‪- 44 - ......................... ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل األول‪ :‬ا ّدِعاء علم الغيب في قراءة الكف والفنجان وغيرهما ‪- 44 - ..................... ................................‬‬
‫‪ ‬المراد بالغيب ‪- 44 - ............................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫ُ‬
‫والكهانة والعِرافة ‪- 45 - ........................... ................................ ................................‬‬ ‫‪ o‬الفصل الثاني‪ :‬السح ُر‬
‫عبارة عما خفي ولَطُفَ سبب ُُه ‪- 45 - ..................... ................................ ................................‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ 1 ‬ـ فالسح ُر‬
‫‪ 2 ‬ـ الكهانة والعرافة ‪- 46 - ...................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثالث‪ :‬تقديم القرابين والنذور والهدايا للمزارات والقبور وتعظيمها ‪- 47 - ..........................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الرابع‪ :‬في بيان حكم تعظيم التماثيل والنصب التذكارية ‪- 49 - ......................... ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الخامس‪ :‬في بيان حكم االستهزاء بالدين واالستهانة بحرماته ‪- 50 - ................................................‬‬
‫‪ o‬الفصل السادس‪ :‬الحكم بغير ما أنزل هللا ‪- 51 - .......................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬حكم من حكم بغير ما أنزل هللا ‪- 52 - ..................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل السابع‪ :‬ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم ‪- 54 - ....................................... ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثامن‪ :‬حكم االنتماء إلى المذاهب اإللحادية واألحزاب الجاهلية ‪- 55 - ..............................................‬‬
‫‪ o‬الفصل التاسع‪ :‬النظرية المادية للحياة ومفاسد هذه النظرية ‪- 56 - ............................ ................................‬‬
‫‪ ‬أ ـ فالنظرة الماديّة للحياة معناها ‪- 57 - .................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ النظرة الثانية للحياة‪ :‬النظرة الصحيحة ‪- 58 - ................... ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل العاشر‪ :‬في الرقى والتمائم ‪- 58 - ................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬أ ـ الرقى ‪- 58 - ..................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ التمائم ‪- 59 - .................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬النوع األول من التمائم ‪- 59 - ............................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬النوع الثاني من التمائم ‪- 60 - ............................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الحادي عشر‪ :‬في بيان حكم الحلف بغير هللا والتوسل واالستغاثة واالستعانة بالمخلوق ‪- 60 - .........‬‬
‫‪ ‬أ ـ الحلف بغير هللا ‪- 60 - ........................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ التوسل بالمخلوق إلى هللا تعالى ‪- 61 - ........................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬القسم األول‪ :‬توسل مشروع‪ ،‬وهو أنواع ‪- 61 - ................... ................................ ................................‬‬
‫‪1 ‬ـ النوع األول‪ :‬التوسل إلى هللا تعالى بأسمائه وصفاته ‪- 61 - .................................................‬‬
‫‪2 ‬ـ النوع الثاني‪ :‬التوسل إلى هللا تعالى باإليمان واألعمال الصالحة ‪- 61 - ................................‬‬
‫‪3 ‬ـ النوع الثالث‪ :‬التوسل إلى هللا تعالى بتوحيده ‪- 62 - ............................ ................................‬‬
‫الضعف ‪- 62 - ................... ................................‬‬ ‫َّ‬ ‫ل إلى هللا تعالى بإظهار‬ ‫‪4 ‬ـ النوع الرابع‪ :‬التّ ُّ‬
‫وس ُ‬

‫‪- 92 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪5 ‬ـ النوع الخامس‪ :‬التوسل إلى هللا بدعاء الصالحين األحياء ‪- 62 - .............................................‬‬
‫وس ُل إلى هللا باالعتراف بالذنب ‪- 62 - .................... ................................‬‬ ‫‪6 ‬ـ النوع السادس‪ :‬التّ ُّ‬

‫‪ ‬القسم الثاني‪ :‬توسل غير مشروع ‪- 62 - ............................ ................................ ................................‬‬


‫‪1 ‬ـ طلب الدعاء من األموات ال يجوز ‪- 62 - ................................................. ................................‬‬
‫‪2 ‬ـ والتوسل بجاه النبي صلى هللا عليه وسلم أو بجاه غيره ال يجوز ‪- 63 - .................................‬‬
‫‪3 ‬ـ والتوسل بذوات المخلوقين ال يجوز ‪- 63 - ............................................ ................................‬‬
‫‪4 ‬ـ والتوسل بحق المخلوق ال يجوز ألمرين ‪- 63 - ..................................... ................................‬‬
‫‪ ‬جـ ـ حكم االستعانة واالستغاثة بالمخلوق ‪- 63 - ..................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬النوع األول‪ :‬االستعانة واالستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه ‪- 64 - ...................... ................................‬‬
‫‪ ‬النوع الثاني‪ :‬االستغاثة واالستعانة بالمخلوق ‪- 64 - ........................................... ................................‬‬
‫الباب الخامس‪ :‬في بيان ما يجب اعتقاده في الرسول صلى هللا عليه وسلم وأهل بيته وصحابته ‪- 65 - .....................‬‬
‫‪ o‬الفصل األول‪ :‬في وجوب محبة الرسول وتعظيمه‪ ،‬والنهي عن الغلو واإلطراء في مدحه ‪- 65 - .....................‬‬
‫‪ 1 ‬ـ وجوب محبته وتعظيمه صلى هللا عليه وسلم ‪- 65 - ........................................... ................................‬‬
‫الغلوّ واإلطراء في مدحه ‪- 66 - ......................... ................................ ................................‬‬ ‫‪ 2 ‬ـ النهي عن ُ‬
‫‪ ‬الغلو ‪- 66 - ........................................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬واإلطرا ُء ‪- 66 - ................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 3 ‬ـ بيان منزلته صلى هللا عليه وسلم ‪- 67 - ............................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثاني‪ :‬في وجوب طاعته صلى هللا عليه وسلم واالقتداء به ‪- 68 - ..................................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثالث‪ :‬في مشروعية الصالة والسالم على الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪- 69 - ............................‬‬
‫‪ o‬الفصل الرابع‪ :‬في فضل أهل البيت وما يجب لهم من غير جفاء وال ُغ ُلوّ ‪- 70 - ..............................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الخامس‪ :‬في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم ‪- 72 - .............................. ................................‬‬
‫‪ ‬ما المراد بالصحابة‪ ،‬وما الذي يجب اعتقاده فيهم ‪- 72 - ........................................... ................................‬‬
‫‪ ‬فأفضل الصحابة الخلفاء األربعة ‪- 72 - .................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ مذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بين الصحابة من القتال والفتنة ‪- 73 - ....................................‬‬
‫‪ ‬سبب الفتنة ‪- 73 - ............................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ومذهب أهل السنة والجماعة في االختالف الذي حصل ‪- 74 - ............................ ................................‬‬
‫‪ ‬األمر األول‪ :‬أنهم يمسكون عن الكالم فيما حصل بين الصحابة ‪- 74 - ........................................‬‬
‫‪ ‬األمر الثاني‪ :‬اإلجابة عن اآلثار المروية في مساويهم ‪- 74 - ..................... ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل السادس‪ :‬في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدى ‪- 75 - ............................. ................................‬‬
‫‪1 ‬ـ النهي عن سب الصحابة ‪- 75 - .......................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ النهي عن سب أئمة الهدى من علماء هذه األمة ‪- 76 - ...................................... ................................‬‬
‫الباب السادس‪ :‬البـدع ‪- 78 - ................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل األول‪ :‬تعريف البدعة‪ ،‬أنواعها وأحكامها ‪- 78 - .................................................. ................................‬‬
‫‪ 1 ‬ـ تعريفها‪ :‬البدعة في اللغة ‪- 78 - ........................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ أنواع البدع ‪- 78 - .............................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬النوع األول‪ :‬بدعة قوليّة اعتقاديّة ‪- 79 - .............................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬النوع الثاني‪ :‬بدعة في العبادات ‪- 79 - ............................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬القسم األول‪ :‬ما يكون في أصل العبادة ‪- 79 - ......................................... ................................‬‬
‫‪ ‬القسم الثاني‪ :‬ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة ‪- 79 - .............................................‬‬
‫‪ ‬القسم الثالث‪ :‬ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة ‪- 79 - ...............................................‬‬
‫‪ ‬القسم الرابع‪ :‬ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة ‪- 79 - ..............................................‬‬
‫‪ 3 ‬ـ حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها ‪- 79 - ....................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬تنبيـه ‪- 79 - ....................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الثاني‪ :‬ظهور البدع في حياة المسلمين واألسباب التي أدت إليها ‪- 80 - ..........................................‬‬
‫‪ 1 ‬ـ ظهور البدع في حياة المسلمين‪ ،‬وتحته مسألتان ‪- 80 - ..................................... ................................‬‬
‫‪ ‬المسألة األولى‪ :‬وقت ظهور البدع ‪- 80 - ............................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬المسألة الثانية‪ :‬مكان ظهور البدع ‪- 81 - ............................ ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ األسباب التي أدت إلى ظهور البدع ‪- 81 - .......................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬أ ـ الجهل بأحكام الدين ‪- 82 - ............................................. ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬ب ـ اتباع الهوى ‪- 82 - ........................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬جـ ـ التعصب لآلراء والرجال ‪- 82 - ....................................... ................................ ................................‬‬
‫‪ ‬د ـ التشبه بالكفار ‪- 83 - .................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪- 93 -‬‬
‫عقيدة التوحيد‬

‫‪ o‬الفصل الثالث‪ :‬موقف األمة اإلسالمية من المبتدعة‪ ،‬ومنهج أهل السنة والجماعة في ال ّردّ عليهم ‪- 83 - ......‬‬
‫الس َّنة والجماعة من المبتدعة ‪- 83 - ................................................ ................................‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪ 1 ‬ـ موقف أهل‬
‫‪ 2 ‬ـ منهج أهل السنة والجماعة في الرد على أهل البدع ‪- 84 - ................................ ................................‬‬
‫‪ o‬الفصل الرابع‪ :‬في بيان نماذج من البدع المعاصرة ‪- 85 - ............................................. ................................‬‬
‫‪ 1 ‬ـ االحتفال بمناسبة المولد النبوي ‪- 85 - .............................. ................................ ................................‬‬
‫‪ 2 ‬ـ التبرك باألماكن واآلثار واألشخاص أحياء وأمواتًا ‪- 86 - ........................................ ................................‬‬
‫‪ 3 ‬ـ البدع في مجال العبادات والتقرب إلى هللا ‪- 87 - ............................................... ................................‬‬
‫‪ o‬ما يعامل به المبتدعة ‪- 88 - ....................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪- 89 - ................................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫فهرس الموضوعات ‪- 91 - ........................................ ................................ ................................ ................................‬‬

‫‪- 94 -‬‬
‫(ف الكتاب الملخص)‬
‫ارقام صفحات اآليات واألحاديث ي‬

‫ص ‪ 2‬تحت‬ ‫‪( .1‬فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمال)‬


‫ص‪ 2‬تحت‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫اوح اليك واىل الذين من قبلك لئ اشكت)‬ ‫‪( .2‬ولقد ي‬
‫ص‪ 2‬تحت‬ ‫‪( .3‬فاعبد هللا مخلصا له الدين)‬
‫ن‬
‫ص‪ 3‬فوق‬ ‫‪( .4‬ولقد بعثنا يف كل امة رسوال)‬
‫ص‪ 3‬فوق‬ ‫غيه)‬ ‫‪( .5‬اعبدوا هللا مالكم من اله ر‬
‫ص‪ 3‬بالنص‬ ‫‪( .6‬واعتصموا بحبل هللا جميعا)‬
‫من هدى فمن اتبع هداي) ص‪ 3‬بالنص‬ ‫ن‬
‫‪( .7‬فاما ياتينكم ي‬
‫ص‪ 4‬فوق‬ ‫‪( .8‬يا أيها الرسل كلوا من الطيبات)‬
‫ن‬
‫بصي) ص فوق‬ ‫ان بما تعملون ر‬ ‫‪( .9‬واعملوا صالحا ي‬
‫ص‪ 4‬فوق‬ ‫(اعملوا ال داوود شكرا وقليل)‬ ‫‪.10‬‬
‫والطي وألنا له الحديد (‪ )10‬أن‬
‫ر‬ ‫أون معه‬ ‫(ولقد آتينا داوود منا فضال يا جبال‬ ‫‪.11‬‬
‫ي ن‬ ‫ن‬
‫بصي (‪ )11‬ولسليمان‬ ‫إن بما تعملون ر‬ ‫اعمل سابغات وقدر يف الرسد واعملوا صالحا ي‬
‫بئ يديه‬‫عئ القطر ومن الجن من يعمل ر ن‬ ‫الري ح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له ر ن‬
‫السعي (‪ )12‬يعملون له ما يشاء من‬ ‫ر‬ ‫بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب‬
‫محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من‬
‫ص‪ 4‬فوق‬ ‫عبادي الشكور)‪) (13‬‬
‫ص‪ 4‬بالنص‬ ‫حديث‪( :‬انما تنقض عرى اإلسالم عروة عروة)‬ ‫‪.12‬‬
‫(ال تذرن الهتكم وال تذرن ودا وال سواعا) ص‪ 4‬تحت‬ ‫‪.13‬‬
‫(وهللا خلقكم وما تعملون) ص‪ 5‬فوق‬ ‫‪.14‬‬
‫شء) ص‪ 7‬تحت‬ ‫ر‬
‫(هللا خالق كل ن ي‬ ‫‪.15‬‬
‫ص‪ 7‬تحت‬ ‫(وما من دابة يف االرض)‬ ‫‪.16‬‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تؤن الملك من تشاء وتيع الملك ممن تشاء وتعز من‬
‫ن‬ ‫ر‬ ‫( قل اللهم مالك الملك ي‬ ‫‪.17‬‬
‫شء قدير (‪ )26‬تولج الليل يف النهار‬ ‫الخي إنك عىل كل ي‬ ‫ر‬ ‫تشاء وتذل من تشاء بيدك‬
‫ن‬
‫الح وترزق من تشاء‬ ‫الح من الميت وتخرج الميت من ي‬ ‫وتولج النهار يف الليل وتخرج ي‬
‫بغي حساب)‪ ) (27‬ص‪ 7‬تحت‬ ‫ر‬
‫ن‬
‫ص‪ 8‬فوق‬ ‫فارون ماذا خلق الذين)‬ ‫ي‬ ‫(هذا خلق هللا‬ ‫‪.18‬‬
‫(قال لقد علمت ما انزل هؤالء اال) ص‪ 8‬بالنص‬ ‫‪.19‬‬
‫(قال ارجع اىل ربك) ص‪ 9‬بالنص‬ ‫‪.20‬‬
‫فيسق ربه خمرا) ص‪ 9‬بالنص‬ ‫ي‬ ‫(اما احدكما‬ ‫‪.21‬‬
‫حديث‪( :‬حن يجدها رب ها) ص‪ 9‬بالنص‬ ‫‪.22‬‬
‫ص‪ 10‬تحت‬ ‫(افرايتم الالت والعزى)‬ ‫‪.23‬‬
‫(والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) ص‪ 11‬فوق‬ ‫‪.24‬‬
‫(واتل عليهم نبأ إبراهيم (‪ )69‬إذ قال ألبيه وقومه ما تعبدون (‪ )70‬قالوا نعبد‬ ‫‪.25‬‬
‫عاكفئ (‪ )71‬قال هل يسمعونكم إذ تدعون (‪ )72‬أو ينفعونكم أو‬ ‫ر ن‬ ‫أصناما فنظل لها‬
‫يضون (‪ )73‬قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون)‪ ) (74‬ص‪ 11‬فوق‬ ‫ن‬
‫( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ال تسجدوا للشمس وال للقمر‬ ‫‪.26‬‬
‫ص‪ 11‬فوق‬ ‫واسجدوا هلل الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون)‪) (37‬‬
‫ن‬
‫ص‪ 11‬فوق‬ ‫(ان يكون له ولد ولم تكن له صاحبة)‬ ‫‪.27‬‬
‫(لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا احد) ص‪ 11‬فوق‬ ‫‪.28‬‬
‫شء ام هم الخالقون) ص‪ 12‬تحت‬ ‫ر‬
‫غي ي‬ ‫(ام خلقوا من ر‬ ‫‪.29‬‬
‫(قل لمن األرض ومن فيها إن كنتم تعلمون (‪ )84‬سيقولون هلل قل أفال تذكرون‬ ‫‪.30‬‬
‫(‪ )85‬قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم (‪ )86‬سيقولون هلل قل أفال‬
‫يجي وال يجار عليه إن كنتم تعلمون‬ ‫ر‬
‫شء وهو ر‬ ‫تتقون (‪ )87‬قل من بيده نملكوت كل ي‬
‫(‪ )88‬سيقولون هلل قل فأن تسحرون)‪ ) (89‬ص‪ 14‬تحت‬
‫ص‪ 15‬فوق‬ ‫(ولئ سالتهم من خلقهم ليقولون هللا)‬ ‫ن‬ ‫‪.31‬‬
‫(انه ال اله اال انا فاعبدون) ص‪ 16‬بالنص‬ ‫‪.32‬‬
‫ر‬
‫(ان هللا ال يغفر ان يرسك به) ص‪ 17‬بالنص‬ ‫‪.33‬‬
‫ص‪ 17‬تحت‬ ‫(قل تعالوا اتلوا محرم ربكم عليكم اال ر‬
‫ترسكوا)‬ ‫‪.34‬‬
‫(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن باهلل فقد استمسك بالعروة الوثق) ص‪ 18‬تحت‬ ‫‪.35‬‬
‫ص‪ 19‬بالنص‬ ‫ر‬
‫(قل انما انا برس مثلكم)‬ ‫‪.36‬‬
‫(اال من شهد بالحق وهم يعلمون) ص‪ 20‬فوق‬ ‫‪.37‬‬
‫(انما المؤمنون الذين امنوا باهلل ورسوله) ص‪ 20‬بالنص‬ ‫‪.38‬‬
‫ص‪20‬‬ ‫حديث‪( :‬من لقيت وراء هذا الحائط يشهد ان ال اله اال هللا)‬ ‫‪.39‬‬
‫بالنص‬
‫(ومن يسلم وجهه اىل هللا) ص‪ 20‬تحت‬ ‫‪.40‬‬
‫ص‪ 21‬فوق‬ ‫حديث‪( :‬فان هللا حرم عىل النار من قال ال اله اال هللا)‬ ‫‪.41‬‬
‫ر‬
‫(ان هللا ال يغفر ان يرسك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ص‪ 22‬بالنص‬ ‫‪.42‬‬
‫حديث‪( :‬اليسوا يحلون ماحرم هللا فتحلونه ويحرمون ما احل هللا‬ ‫‪.43‬‬
‫فتحرمونه(فتلك عبادتهم)) ص‪ 23‬تحت‬
‫ص‪ 25‬بالنص‬ ‫(فاستقم كما امرت ومن تاب معك وال تطغوا )‬ ‫‪.44‬‬
‫ن‬
‫(وهلل األسماء الحسن فادعوه بها وذروا الذين يلحدون ) ص‪ 27‬فوق‬ ‫‪.45‬‬
‫ن‬
‫حديث‪( :‬اسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته يف كتابك او علمته‬ ‫‪.46‬‬
‫ن‬
‫أحدا من خلقك او استاثرت به يف علم الغيب عندك او ان تجعل القران العظيم ربيع‬
‫ص‪ 17‬تحت‬ ‫قلن )‬
‫ي‬
‫حديث‪( :‬يا فالن ما يمنعك ان تفعل ما يامرك به اصحابك وما حملك عىل لزوم‬ ‫‪.47‬‬
‫ن‬
‫ص‪ 28‬فوق‬ ‫هذه السورة يف كل ركعة)‬
‫حديث‪( :‬حبك إياها ادخلك الجنة) ص‪ 28‬فوق‬ ‫‪.48‬‬
‫ص‪ 28‬بالنص‬ ‫(ويبق وجه ربك ذو الجالل واالكرام)‬ ‫‪.49‬‬
‫ص‪ 28‬بالنص‬ ‫(بل يداه مبسوطتان)‬ ‫‪.50‬‬
‫(لما خلقت بيدي) ص‪ 28‬بالنص‬ ‫‪.51‬‬
‫ن‬
‫(كذلك ارسلناك يف امة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي اوحينا اليك‬ ‫‪.52‬‬
‫ص‪ 29‬تحت‪.‬‬ ‫وهم يكفرون بالرحمن)‬
‫‪( .1‬فمن يكفر بالطاغوت) رشوط ال اله اال هللا‪ :‬الكفر بما يعبدون دون هللا‪.‬‬
‫‪( .2‬والهكم اله واحد ال اله اال هو الرحمن الرحيم) دلت‪ :‬توحيد االلوهية فقط‪.‬‬
‫يشك يف حكمه احد) دلت‪ :‬توحيد الربوبية‪.‬‬ ‫‪( .3‬وال ر‬
‫‪( .4‬ان هللا حرم عىل النار من قال ال اله اال هللا) يدل‪ :‬النجاة يف االخرة متوقفة عىل صحة العقيدة‪.‬‬
‫‪( .5‬وما ارسلنا من قبلك من رسول) تدل‪ :‬جميع الرسل ارسلوا بالدعوة للعقيدة‪.‬‬
‫‪( .6‬فاعلم انه ال اله اال هللا) رشط من رشوط االيمان بال اله اال هللا‪ :‬العلم نفيا واثباتا‪.‬‬
‫‪ .7‬لفظة عقد هو تعريف للعيقدة‪ :‬لغة‪.‬‬
‫ان قد تركت فيكم)‪ :‬عدم االلتفات اىل كتب السابقي‪.‬‬ ‫‪( .8‬يا أيها الناس ي‬
‫‪ .9‬من مرادفات توحيد االلوهية‪ :‬القصد والطلب‪.‬‬
‫معان وهم‪ :‬المعتلة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ .10‬زعمت طائفة ان أسماء هللا محضة ال تدل عىل‬
‫تعتت من داللة الحس عىل وجود هللا‪ :‬اجابة الداعي وغوث المكروبي‪.‬‬ ‫ر‬ ‫‪.11‬‬
‫‪( .12‬وما خلقت الجن واالنس اال ليعبدون)‪ :‬توحيد االلوهية هو الغاية من خلق االنسان‪.‬‬
‫‪ .13‬عرف اليقي بانه‪ :‬كمال العلم بال شك‪.‬‬
‫امت ظاهرين) يدل‪ :‬العقيدة الصحيحة سبب الفالح يف الدارين‪.‬‬ ‫‪( .14‬ال تزال طائفة من ي‬
‫ه األساس لقبول العمل‪.‬‬ ‫‪( .15‬فمن كان يرجوا لقاء ربه) تدل‪ :‬العقيدة ي‬
‫‪ .16‬الربط والشد بقوة هذا تعريف‪ :‬العقيدة لغة‪.‬‬
‫المناف للتك‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪( .17‬وانيبوا اىل ربكم واسلموا له) رشط من رشوط االيمان بال اله اال هللا‪ :‬االنقياد‬
‫‪ .18‬التوحيد السنة االيمان هذه مرادفات‪ :‬العقيدة اإلسالمية‪.‬‬
‫تلق العقيدة وهو‪ :‬ترك االبتداع‪.‬‬ ‫‪( .19‬اليوم أكملت لكم دينكم) تدل عىل منهج السلف يف ي‬
‫‪( .20‬من احدث يف امرنا هذا) يدل‪ :‬ترك االبتداع‪.‬‬
‫ان رسول هللا اليكم جميعا) تدل‪ :‬االيمان جملة وتفصيال بما جاء به نبينا‬ ‫‪( .21‬قل يا أيها الناس ي‬
‫محمد‪.‬‬
‫تلق العقيدة وهو‪:‬‬ ‫‪( .22‬هدى للمتقي (‪ )2‬الذين يؤمنون بالغيب) تدل عىل منهج السلف يف ي‬
‫الوح‪.‬‬
‫ي‬ ‫التسليم لما جاء به‬
‫تعتت من منهج السلف يف فهم النصوص‪ :‬االلتفات اىل كتب السابقي‪.‬‬ ‫‪ .23‬ال ر‬
‫‪ .24‬الخصومة بي الرسل واقوامهم كانت يف‪ :‬توحيد االلوهية فقط‪.‬‬
‫‪ .25‬يقوم منهج السلف يف (صحة فهم النصوص) عىل احد الركائز‪ :‬االعتماد عىل فهم الصحابة‪.‬‬
‫ه األساس الذي يقوم‬ ‫اوح اليك واىل الذين من قبلك) تدل‪ :‬ان العقيدة الصحيحة ي‬ ‫‪( .26‬ولقد ي‬
‫عليه الدين وتصح معه االعمال‪.‬‬
‫شء) تدل‪ :‬األسماء والصفات‪.‬‬ ‫ر‬
‫‪( .27‬ليس كمثله ي‬
‫‪( .28‬لي راشكت ليحبطن عملك) تست‪ :‬توحيد الربوبية‪.‬‬
‫‪ .29‬ما هو اول واجب عىل المكلف‪ :‬االلوهية‪.‬‬
‫تلق العقيدة‬‫‪( .30‬يا أيها الذين امنو اطيعوا هللا واطيعوا الرسول) تدل عىل منهج السلف يف ي‬
‫الوح‪.‬‬
‫ي‬ ‫وهو‪ :‬االقتصار عىل‬
‫‪ .31‬ماهو دور العقل‪ :‬معرفة محاسن ر‬
‫الشع‪.‬‬
‫النق المجمل‪.‬‬ ‫يعتت يف باب توحيد األسماء والصفات‪ :‬ي‬ ‫‪( .32‬ولم يكن له كفوا احد) ر‬
‫القطع عىل وجود هللا‪.‬‬ ‫شء) تدل‪ :‬الدليل‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫‪( .33‬ام خلقوا من غت ي‬
‫تلق العقيدة‪ :‬االقتصار عىل القران‪.‬‬ ‫يعتت من منهج السلف يف ي‬ ‫‪ .34‬ال ر‬
‫‪ .35‬مما يعصم المسلم من التاثر بما يحيط به من عقائد وأفكار فاسدة‪ :‬العقيدة الصحيحة‪.‬‬
‫عش عاما يعلم الناس‪ :‬العقيدة‪.‬‬ ‫النت ف مكة بعد البعة ثالثة ر‬
‫‪ .36‬ظل ر ي ي‬
‫‪( .37‬ما يعقد عليه االنسان قلبه) تعريف العقيدة‪ :‬اصطالحا عموما‪.‬‬
‫‪ .38‬معت قول هللا‪( :‬وله المثل االعىل)‪ :‬الوصف االكمل‪.‬‬
‫الوح‪.‬‬
‫ي‬ ‫تلق العقيدة بدون اية لوحده‪ :‬االقتصار عىل‬ ‫يعتت من منهج السلف يف ي‬ ‫ر‬ ‫‪.39‬‬
‫شء يف العالم دال عىل هللا‪.‬‬ ‫ر‬
‫‪( .40‬أولم ينظروا يف ملكوت السماوات واالرض) دلت‪ :‬كل ي‬
‫الشائع‪.‬‬ ‫‪ .41‬الكتب السماوية تتفق ف أصول العقائد وتختلف ف ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫شء خلقناه بقدر) من يجحد القدر يكون‪ :‬كافر‪.‬‬ ‫ر‬
‫‪( .42‬انا كل ي‬
‫والشع‪.‬‬ ‫‪ .43‬االيمان باهلل يدل عليه‪ :‬الفطرة والحس والعقل ر‬
‫‪ .44‬معت إعطاء العقل دوره الحقيق ان العقل‪ :‬له دور ف معرفة محاسن ر‬
‫الشيعة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ .45‬من اهم ما يمت المسلمي الذين يؤمنون بالعقيدة اإلسالمية‪ :‬االيمان بالغيب‪.‬‬
‫‪ .46‬االيمان الجازم باهلل وما يجب له يف الوهيته وربوبيته وأسماءه وصفاته هذا تعريف‬
‫العقيدة‪ :‬اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .47‬معت شهادة ان ال اله اال هللا‪ :‬ان ال معبود بحق اال هللا‪.‬‬
‫‪( .48‬كل مولود يولد عىل الفطرة) المقصود بالفطرة‪ :‬اإلسالم‪.‬‬
‫‪ .49‬االيمان لغة‪ :‬التصديق‪.‬‬
‫‪ .50‬ما ضد الغو؟ الوسطية‪.‬‬
‫‪ .51‬ما ضد االفراط؟ الوسطية‪.‬‬
‫‪ .52‬كفار قريش كانوا يقرون بتوحيد‪ :‬الربوبية‪.‬‬
‫‪ .53‬افراد هللا بما يختص به ويجب له من االلوهية والربوبية واالسماء والصفات هذا تعريف‬
‫اصطالح ل ـ ـ‪ :‬التوحيد‪.‬‬
‫ي‬
‫ان رسول هللا اليكم جميعا) تدل‪ :‬فرض هللا عىل جميع الناس ان يدينوا‬ ‫ي‬ ‫الناس‬ ‫أيها‬ ‫يا‬ ‫‪( .54‬قل‬
‫هللا تعاىل باإلسالم‪.‬‬
‫‪ .55‬االفراد هذا تعريف لغوي لـ ـ ـ‪ :‬التوحيد‪.‬‬
‫الت فطر الناس عليها) تدل‪ :‬ان هللا خلق جميع الناس عىل الدين الحق‪.‬‬ ‫‪( .56‬فطرت هللا ي‬
‫‪ .57‬يرجع معت عقيدة يف اللغة اىل‪ :‬الشد وااليثاق والربط‪.‬‬
‫‪ .58‬الوسطية يف العقيدة‪ :‬ال افراط وال تفريط‪.‬‬
‫نق الدرك األسفل من النار) تدل االية عىل احد نواقض االيمان وهو‪ :‬النفاق‬ ‫‪( .59‬ان المنافقي ي‬
‫االعتقادي‪.‬‬
‫الشعية الخاصة بالعقيدة‪.‬‬ ‫‪ .60‬يجب االلتام بااللفاظ ر‬
‫‪ .61‬العقيدة تقوم عىل التسليم النها‪ :‬غيب‪.‬‬
‫‪ .62‬االيمان الجازم باهلل وبما يجب له من التوحيد تعريف‪ :‬العقيدة اصطالحا‪.‬‬
‫مراجعة لكتاب (عقيدة التوحيد ) ‪2021‬‬
‫المزين (دعواتكم)‬
‫ي‬ ‫امية‬
‫اعداد ر‬
‫اليغن عن الكتاب‬
‫ي‬

‫‪1‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫الباب االول‬
‫تعاريف ‪:‬‬
‫العقيدة لغة ‪:‬مأخوذة من العقد وهو ربط الشيء‪ ،‬واعتقدت كذا ‪:‬عقدت عليه‬
‫القلب والضمير ‪.‬‬
‫والعقيدة ‪:‬ما يدين به اإلنسان‪ ،‬يقال ‪:‬له عقيدة حسنة‪ ،‬أي ‪:‬سالمةٌ من الشك‪.‬‬
‫والعقيدةُ عمل قلبي‪ ،‬وهي إيمانُ القلب بالشيء وتصديقه به‬
‫والعقيدةُ شرعًا ‪:‬هي اإليمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬واإليمان‬
‫بالقدر خيره وشره‪ ،‬وتُس َّمى هذه أركانُ اإليمان‬
‫العقيدة توقيفية؛ فال تثبت إال بدليل من الشارع‪ ،‬وال مرسح فيها للرأي‬
‫واالجتهاد‪،‬‬
‫والمجتمع الذي ال تسوده عقيدة صحيحة هو مجتمع بهيمي‬

‫مقارنة‪-‬تعداد‬
‫والشريعة تنقسم إلى قسمين ‪:‬اعتقاديات وعمليات‬

‫عمليات‬ ‫اعتقاديات‬
‫هي التي ال تتعلق بكيفية العمل‪ ،‬مثل‬
‫هي ما يتعلق بكيفية العمل مثل‬
‫اعتقاد ربوبية هللا‪ ،‬ووجوب عبادته‪،‬‬
‫الصالة والزكاة والصوم وسائر‬
‫واعتقاد بقية أركان اإليمان المذكورة‪،‬‬
‫األحكام العملية‪ ،‬وتسمى فرعية؛ ألنها‬ ‫وتُس َّمى أصلية‪.‬‬
‫تبنى على تلك صحة وفسادًا‬
‫<<‬

‫‪2‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫أسباب االنحراف عن العقيدة الصحيحة؟‬
‫‪1 -‬الجهل بالعقيدة الصحيحة‬
‫ب لما عليه اآلباء واألجداد‪،‬‬ ‫‪2 -‬التّع ُّ‬
‫ص ُ‬
‫‪3 -‬التقلي ُد األعمى بأخذ أقوال الناس في العقيدة من غير معرفة دليلها‪،‬‬
‫‪4 -‬الغُلُو في األولياء والصالحين‪ ،‬ورفعهم فوق منزلتهم‬
‫‪5 -‬الغفلة عن تدبر آيات هللا الكونية‪ ،‬وآيات هللا القرآنية‪ ،‬واالنبهار بمعطيات‬
‫الحضارة المادية؛‬
‫‪6 -‬أصبح البيتُ في الغالب خاليًا من التوجيه السليم‬
‫‪7 -‬إحجا ُم وسائل التعليم واإلعالم في غالب العالم اإلسالمي عن أداء مهمتها‬

‫‪:‬وسبل التّو ِّقّي في هذا االنحراف تتلخص فيما يلي‬


‫عز وج َّل‪ ،‬وإلى سنة رسوله ‪ -‬صلى هللا‬ ‫‪1 -‬الرجوع إلى كتاب هللا َّ‬ ‫•‬
‫عليه وسلم –‬
‫لتلقي االعتقاد الصحيح منهما‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫•‬
‫‪2 -‬العناية بتدريس العقيدة الصحيحة ‪ -‬عقيدة السلف الصالح ‪ -‬في‬ ‫•‬
‫مختلف المراحل الدراسية‪.،‬‬
‫سلفية الصافية‪ ،‬ويبتعد عن كتب الفرق‬ ‫ب ال َّ‬ ‫‪3 -‬أن تُقرر دراسةُ ال ُكت ِّ‬ ‫•‬
‫المنحرفة‪ ،‬إال من باب معرفتها لرد ما فيها من الباطل والتحذير منها‪.‬‬
‫‪4 -‬قيام دعاة مصلحين يجددون للناس عقيدة السلف‪ ،‬ويردون‬ ‫•‬
‫ضالالت المنحرفين عنها‬

‫‪3‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫ادلة‬
‫األساس الذي يقوم عليه الدين‪ ،‬وتَص ُّح معه األعمال‬
‫ُ‬ ‫ّفالعقيدةُ الصحيحةُ هي‬
‫ُ‬
‫كثي‪ ،‬عىل أن األعمال ال ت ُ‬
‫قبل‬ ‫دلت هذه اآليات الكريمة‪ ،‬وما جاء بمعناها‪ ،‬وهو ر‬
‫إال إذا كانت خالصة من ر‬
‫الرسك‬
‫َ َ َ ِّ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ا َ ً َ َ‬ ‫‪ُ َْ َ َ ْ َ َ :‬‬
‫كما قال تعاىل {فمن كان يرج َوا ِلقاء رب ِه فليعمل عمًل ص ِالحا وَل‬
‫ً‬ ‫ُ ْْ‬
‫ش ْك ِب ِع َب َاد ِة َرِّب ِه أ َحدا} [الكهف‪. ]110 :‬‬
‫ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪--------‬‬ ‫ُ‬
‫َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ْ َ َ ْ ْْ َ ْ َ‬ ‫َََ ْ‬
‫شكت‬ ‫وح ِإلي َك و ِإىل ال ِذين ِمن قب ِلك ل ِئ أ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫وقال َتعاىل‪{ :‬ولق ُ ِ‬
‫أ‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ل َي ْح َب َط َّن َع َمل َك َ‬
‫اشين} [الزمر‪65 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫م‬‫ِ‬ ‫ن‬‫ون‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ين ْال َخال ُ‬ ‫َ ْ ُ ه َ ُ ْ ً َ ُ ِّ َ َ ه ِّ‬
‫الد ُ‬
‫ص} [الزمر‪. ]3 ،2 :‬‬ ‫ِ‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬فاعب ِد اَّلل مخ ِلصا له الدين أَل ِ ِ‬
‫َّلل‬

‫كان اهتمام الرسل ‪ -‬صلواتُ هللا وسالمه عليهم ‪ -‬بإصالح العقيدة ً‬


‫أوال‪ ،‬فأول‬
‫ما يدعون أقوامهم إلى عبادة ُ هللا وحده‪َ ،‬وترك عبادة ما سواه‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ ِّ َّ َ ُ ا‬
‫وَل أن ُا ْع ُب ُدوا ه َ‬ ‫‪َََْ ْ َََ :‬‬
‫اَّلل َوا ْجت ِن ُبوا‬ ‫ِ‬ ‫س‬‫ر‬ ‫ة‬‫ٍ‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ف‬‫قال تعاىل {ولقد بع َّث ِ ُ ي‬
‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫الطاغوت} [النحل‪. ]36 :‬‬
‫َّللاَ َما لَ ُك ْم ِّم ْن إِّلَ ٍه َ‬
‫غ ْي ُرهُ{‬ ‫‪ :‬ك ُّل رسول يقول أول ما يخاطب قومه}ا ْعبُدُوا ه‬

‫‪4‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫مقصورا على الكتاب‬
‫ً‬ ‫منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تل ِّقّي العقيدة‬
‫والسنة‪.‬‬
‫لم يحصل بينهم اختالف في االعتقاد‪ ،‬بل كانت عقيدتهم واحدة‪ ،‬وكانت‬
‫جماعتهم واحدة‬
‫ه َ ً َ ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫يعا َوَل تف َّرقوا} [آل عمران‪. ]103 :‬‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬واعت ِص ُموا ِبح ْب ِل ِ‬
‫اَّلل ج ِم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َّ ُ ْ ِّ ُ ا َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ‬
‫اي فَل َي ِض ُّل َوَل َي ْشق} [طه‪. ]23 :‬‬ ‫وقال تعاىل‪{ :‬ف ِإما يأ ِتينكم ِم ين هدى فم ِن اتبع هد‬

‫ُس ُّموا بالفرقة الناجية؛‬


‫ألن النن ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪ -‬شهد لهم بالنجاة حي أخي َ‬
‫بافياق األمة إىل ثالث‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫«ه من كان عىل‬‫ي‬ ‫‪:‬‬‫قال‬ ‫الواحدة‬ ‫هذه‬ ‫عن‬ ‫سئل‬ ‫ولما‬ ‫واحدة‪،‬‬ ‫إال‬ ‫النار‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫كلها‬ ‫‪،‬‬ ‫فرقة‬ ‫وسبعي‬
‫ر‬
‫وأصحاب» ‪.‬‬
‫ي‬ ‫مثل ما أنا عليه اليوم‬

‫‪--------‬‬

‫العقيدة الصحيحة توجه وترشد االستفادة من خصائص‬


‫ومنافع المقومات الحياة المادية‬
‫صا ِّل ًحا}‬ ‫ُ‬
‫ت َوا ْع َملوا َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫س ُل ُكلوا ِّم َن الط ِّيّ َبا ِّ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى{ ‪َ :‬ياأيُّ َها ُّ‬
‫الر ُ‬
‫اع َملْ‬‫الط ْ َي َو َأ َل َّنا َل ُه ْال َحد َيد َأن ْ‬
‫‪ ْ َ َّ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ َ :‬ا َ َ ُ َ ِّ َ َ ُ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫تعاىل {ولقد آتينا داود منا فضَل ياجبال أوب معه و ر‬ ‫وقال‬
‫ِ‬
‫الري َح ُغ ُد ُّو َها َش ْهرٌ‬ ‫ان ِّ‬ ‫َّ ْ َ ْ َ ُ ِ َ ً ِّ ِ َ َ ْ َ ِ يُ َ َ ٌ َ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ِّ‬ ‫َ َ‬
‫ات وقدر ِ َيف الرس ِد واعملوا ص ِالحا ِإ يب ِبما تعملون ب ِص ري و ِلسليم‬ ‫س ِابغ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اح َها َش ْه ٌر َوأ َسل َنا ل ُه َع ْ َ‬
‫ي َيد ْي ِه ِب ِإذ ِن َ ِّرب ِه َو َم ْن َي ِزغ ِمن ُه ْم‬ ‫ر‬ ‫ي ال ِقط ِر َو ِم َن ال ِجن من يعمل ب‬ ‫ر‬
‫َو َر َو ُ‬
‫اب‬ ‫و‬‫يل َوج َفان َك ْال َج َ‬ ‫يب َو َت َماث َ‬ ‫ون َل ُه َما َي َش ُاء م ْن َم َحار َ‬
‫َْ َُ َ‬
‫ل‬ ‫م‬‫ع‬ ‫ي‬ ‫ي‬‫ر‬ ‫ع‬ ‫َع ْن َأ ْم َرنا ُنذ ْق ُه م ْن َع َذاب َّ‬
‫الس‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ َ ُ ِ َ ِ َ ُ َ ُ ْ ً َ َ ٌ ْ ِ َ َ ِ َّ ُ‬ ‫ُِ ِ ِ‬
‫ُ‬
‫ات اعملوا آل داود شكرا وق ِليل ِمن ِعب ِادي الشكور} [سبأ‪]13 -10 :‬‬ ‫َ‬ ‫َوق ُد َ‬
‫ور ر ِاسي ٍ‬ ‫ٍ‬

‫‪5‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫من األسباب‬
‫عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ " :-‬إنما‬
‫ُ‬ ‫كما قا َل‬ ‫االنحراف عن‬
‫العقيدة(الجهل‬
‫نقض عُرى اإلسالم عروةً عروةً إذا نشأ في اإلسالم من ال‬
‫تُ ُ‬
‫بالعقيدة‬
‫يعرف الجاهلية‬
‫ُ‬ ‫الصحيحة)‬

‫الغفلة عن تدبر‬
‫كما قال قارون من قبلُ‪َ { :‬قا َل إِّنه َما أُوتِّيتُهُ َ‬
‫علَى ِّع ْل ٍم ِّع ْندِّي} [القصص‪ ]78 :‬وكما‬ ‫آيات هللا الكونية‪،‬‬
‫يقول اإلنسان { َهذَا لِّي} [فصلت‪{ ، ]50 :‬إِّنه َما أُوتِّيتُهُ َ‬
‫علَى ِّع ْل ٍم} [الزمر‪]49 :‬‬

‫َّللاُ َخلَقَ ُك ْم َو َما تَ ْع َملُونَ } [الصافات‪. ]96 :‬‬


‫{و ه‬ ‫َ‬

‫وعدم التفكر‬
‫َّللاُ ِّم ْن ‪.‬‬
‫ق ه‬ ‫ت َو ْاْلَ ْر ِّ‬
‫ض َو َما َخلَ َ‬ ‫اوا ِّ‬
‫س َم َ‬
‫ت ال ه‬ ‫{أَ َولَ ْم َي ْن ُ‬
‫ظ ُروا ِّفي َملَكُو ِّ‬

‫‪ .‬ش َْيءٍ } [اْلعراف‪]185 :‬‬

‫اء َما ًء ‪--------‬‬ ‫ض َوأَ ْن َز َل ِّمنَ ال ه‬


‫س َم ِّ‬ ‫ت َو ْاْلَ ْر َ‬
‫اوا ِّ‬
‫س َم َ‬ ‫{َّللاُ الهذِّي َخلَ َ‬
‫ق ال ه‬ ‫ه‬

‫ي فِّي ا ْلبَحْ ِّر‬ ‫ت ِّر ْزقًا لَ ُك ْم َو َ‬


‫س هخ َر لَ ُك ُم ا ْلفُ ْلكَ ِّلتَجْ ِّر َ‬ ‫فَأ َ ْخ َر َ‬
‫ج بِّ ِّه ِّمنَ الث ه َم َرا ِّ‬

‫س َوا ْلقَ َم َر دَائِّبَي ِّْن َو َ‬


‫س هخ َر‬ ‫س هخ َر لَ ُك ُم الش ْهم َ‬ ‫س هخ َر لَ ُك ُم ْاْلَ ْن َه َ‬
‫ار َو َ‬ ‫بِّأ َ ْم ِّر ِّه َو َ‬

‫سأ َ ْلت ُ ُموهُ َو ِّإ ْن تَعُدُّوا نِّ ْع َمةَ ه ِّ‬


‫َّللا َال‬ ‫لَ ُك ُم الله ْي َل َوالنه َه َ‬
‫ار َوآتَا ُك ْم ِّم ْن ُك ِّ ّل َما َ‬

‫ار َ} [إبراهيم‪]34 -32 :‬‬ ‫سانَ لَ َ‬


‫ظلُو ٌم َكفه ٌ‬ ‫اإل ْن َ‬
‫‪ .‬ت ُ صو َها إنه ْ‬
‫َ ُ‬ ‫حْ ُ َ ِّ ِّ َ‬
‫يل ل ُه ُم َّاتب ُعوا َما أ ْن َز َل ه ُ‬ ‫ّ‬
‫الت ُّ‬
‫اَّلل قالوا َب ْل‬ ‫ِ‬
‫قال هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫{وإذا ق َ‬
‫ِ‬ ‫ب لما‬‫عص ُ‬
‫ُ َ َ ً َ‬ ‫َْ َ َ َ ِ َ َ َ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َّ‬
‫نت ِب ُع َما ألف ْينا َعل ْي ِه آ َب َاءنا أ َول ْو كان َآباؤه ْم َل َي ْع ِقلون ش ْيئا َوَل‬ ‫عليه اآلباء‬
‫ُ َ‬
‫َي ْه َتدون} [البقرة‪. ]170 :‬‬
‫واألجداد‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫والتمسك به‬
‫ا‬
‫وإن كان باطَل‬
‫َ َ َ َّ‬
‫حي قالوا‪َ{ :‬ل تذ ُرن‬ ‫كما حصل من قوم نوح ف حق الصالحي‬ ‫الغُلُو في األولياء‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ ًّ َ َ ُ َ ي ً َ َ َ ُ َ ر َ َ ُ ر َ َ َ‬
‫ِآلهتكم وَل تذرن ودا وَل سواعا وَل يغوث ويعوق ونرسا} [نوح‪]23 :‬‬ ‫والصالحين‬
‫‪.‬‬

‫النن ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪« :-‬كل مولود يولد عىل‬


‫وقد قال ي‬ ‫أصبح البيتُ في‬
‫الفطرة فأبواه يهودانه أو ينرصانه أو يمجسانه» [أخرجه الشيخان]‬ ‫الغالب خال ًيا من‬
‫كبي يف تقويم اتجاه الطفل‪.‬‬
‫فاألبوان لهما دور ر‬ ‫التوجيه السليم؛‪.‬‬

‫اسئلة‬
‫من قالها لقومة‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫هَ َ َُْ ْ َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫{اع ُبدوا اَّلل ما لكم ِمن ِإل ٍه غ ريه} [األعراف ‪]85 ،73 ،65 ،59‬‬
‫‪:‬‬ ‫ُ‬
‫قالها نوح‪ ،‬وهود‪ ،‬وصالح‪ ،‬وشعيب‪ ،‬وسائر األنبياء لقومهم‪.‬‬
‫النن ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم يدعو الناس اىل التوحيد ؟‬ ‫َ‬
‫بق ي‬ ‫كم ي‬
‫عرس ً‬
‫عاما‬ ‫‪ -‬ف مكة بعد البعثة ثالثة ر‬
‫ي‬
‫لماذا َبق يدعو الناس بالتوحيد وإصالح العقيدة؟‬
‫األساس الذي يقوم عليه ُ‬
‫بناء الدين‬ ‫ُ‬ ‫ألنها‬
‫مصادر العقيدة؟‬
‫مصادرها مقصورة عىل ما جاء يف الكتاب والسنة‬

‫‪7‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫لماذا؟ ألنه ال أحد ُ‬
‫أعلم باهلل وما يجب له وما ييه عنه من هللا‪ ،‬وال أحد بعد هللا‬
‫ُ‬
‫أعلم باهلل من رسول هللا ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم‬
‫لماذا لم يحصل اختالف يف منهج السلف الصالح ومن تبعهم؟‬
‫دل عليه الكتاب والسنة يف حق هللا تعاىل آمنوا به‪ ،‬واعتقدوه وعملوا به‪.‬‬ ‫‪-1‬الن منهجهم ما ّ‬
‫َ‬
‫وما لم يدل عليه كتاب هللا وال سنة رسوله نف ْو ُه عن هللا تعاىل ورفضوه‬
‫ّ‬
‫‪-2‬ألن هللا تكفل لمن تمسك بكتابه وسنة رسوله باجتماع الكلمة‪ ،‬والصواب يف المعتقد واتحاد‬
‫المنهج‬
‫وسبعي فرقة‬ ‫اخي النن َ‬
‫بافياق االمة اىل كم فرقة؟ ثالث‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫كيف وقع ما اخي الرسول به َ‬
‫بافياق االمه؟‬
‫غي الكتاب والسنة‪ ،‬من علم الكالم‪ ،‬وقواعد المنطق‬
‫فعندما بن بعض الناس عقيدتهم عىل ر‬
‫َ‬
‫الموروث ْري عن فالسفة اليونان؛‬

‫الناتج عن انحراف العقيدة؟ مهلكة وضياع‬


‫ه الدافع القوي إىل العمل النافع‬
‫ألن العقيدة الصحيحة ي‬

‫‪8‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫الثان‪،‬‬
‫ي‬ ‫الباب‬
‫تعاريف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإخالص العبادة له‪ ،‬وترك عبادة ما سواه‪ ،‬وإثبات‬ ‫التوحيد‪ :‬هو إفراد هللا بالخلق والتدبر‪،‬‬
‫َ ُ‬
‫ما له من األسماء الحسن‪ ،‬والصفات العليا‪ ،‬وتني هه عن النقص والعيب؛‬

‫فتوحيد الربوبية‪ :‬هو إفرا ُد هللا تعالى بأفعاله‬


‫ب‪ ،‬بمعنى ‪:‬نشَّأ الشي َء من حال إلى حال‬
‫رب يَ ُر ُّ‬
‫مصدر َّ‬
‫ُ‬ ‫لر ُّب في األصل ‪:‬‬ ‫ا ّ‬
‫التمام‪ ،‬يُقا ُل ‪:‬ربَّه وربَّاه وربَّبَهُ‪،‬‬
‫معن (رب العالمئ) أي‪ :‬خالقهم ومالكهم‪ ،‬ومصلحهم ومرب هيم بنعمه‪ ،‬وبإرسال رسله‪،‬‬
‫وإنزال كتبه‪ ،‬ومجازي هم عىل أعمالهم‪.‬‬
‫أنَّ المقصو َد من إثبات ربوبيته ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لخلقه وانفراده لذلك ‪:‬هو االستدالل به على وجوب عبادته وحده ال‬
‫شريك له؛ الذي هو توحيد األلوهية‪ ،‬فلو أن اإلنسان أقر بتوحيد الربوبية ولم يقر بتوحيد األلوهية أو لم يَقُ ْم به‬
‫على الوجه الصحيح لم يكن مسل ًما‪ ،‬وال موحدًا‬

‫فإنَّ األلوهية هي العبادة؛‬


‫ُ‬
‫ستغاث إال به‬‫فاإلله معناه ‪:‬المعبود‪ ،‬فال يُدعى إال هللا‪ ،‬وال يُ‬
‫وتوحي ُد األلوهية هو ‪:‬إفرا ُد هللا تعالى بأفعال العباد التي يفعلونها على وجه التقرب المشروع‪ ،‬كالدعاء والنذر والنحر‪،‬‬
‫والرجاء والخوف‪ ،‬والتوكل والرغبة والرهبة واإلنابة‬

‫ق العبادةَ إال هللا‪ ،‬والتزام ذلك‬


‫معنى شهادة أن ال إله إال هللا ‪:‬االعتقاد واإلقرار أنه ال يستح ُّ‬
‫والعمل به‪،‬‬
‫ق إال هللا‪.‬‬
‫إجماال ‪:‬ال معبو َد بح ّ ٍّ‬
‫ً‬ ‫معنى هذه الكلمة‬
‫ونذير‬
‫ً‬ ‫بشيرا‬
‫ً‬ ‫معنى الرسول المبعوث إلى الناس كافة بالدعوة إلى هللا‬

‫وظاهرا أنه عبد هللا ورسوله إلى الناس كافة‪،‬‬


‫ً‬ ‫شهادة أن محمدًا رسول هللا هو االعتراف باطنًا‬

‫والعمل بمقتضى ذلك من طاعته فيما أمر‪ ،‬وتصديقه فيما أخبر‪ ،‬واجتناب ما نهى عنه وزجر‪،‬‬

‫‪.‬وأال يُعب َد هللا إال بما شرع‬

‫‪9‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫معنى العبد هنا ‪:‬المملوك العابد‪ ،‬أي ‪:‬أنه ٌ‬
‫بشر مخلوق مما خلق منه البشر؛‬
‫ونذيرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بشيرا‬
‫ً‬ ‫ومعنى الرسول ‪:‬المبعوث إلى الناس كافة بالدعوة إلى هللا‬

‫‪.‬والعروة الوثقى ‪:‬ال إله إال هللا‬


‫اإلخالص ‪:‬وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك؛ بأن ال يقصد بقولها طمعًا من مطامع‬
‫ُ‬
‫الدنيا‪ ،‬وال رياء وال سمعة؛‬
‫الصدق ‪:‬وهو أن يقو َل هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه‪ ،‬فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه كان‬
‫منافقًا كاذبًا‪ ،‬ا‬
‫ليقين ‪:‬بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تد ّل عليه؛‬
‫لعلم ‪:‬أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته‪،‬‬
‫ينزلُه هللا لعباده من المنهج الذي يسيرون عليه في العقائد والمعامالت‬
‫والمراد بالتشريع‪ :‬ما ِّ ّ‬
‫وغيرها‬
‫أصل العبادة التذلل والخضوع‬
‫في الشرع لها تعاريف كثيرة‪ ،‬ومعناها واحد‪.‬‬
‫أمر هللا به على ألسنة رسله‪.‬‬
‫العبادة هي طاعة هللا بامتثال ما َ‬

‫أن العبادة معناها‪ :‬التذلُّل هلل سبحانه فهي‪ :‬غايةُ الذّ ِّ ّل هلل تعالى مع غاية ُحبّه‪،‬‬

‫والتعريف الجامع لها هو أن العبادة‬

‫اسم جامع لكل ما يحبه هللا ويرضاه؛ من اْلقوال واْلعمال الظاهرة والباطنة‬

‫العبادات توقيفية ‪:‬بمعنى‪ :‬أنه ال يشرع شيء منها إال بدليل من الكتاب والسنة‪،‬‬
‫العبادات المشروعة هو ‪:‬االعتدال بين التساهل والتكاسل؛ وبين التشدد والغلو‬
‫والطغيان‪ :‬مجاوزة الحد بالتشدد والتنطع‪ ،‬وهو الغلو ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫تعداد‪-‬مقارنه‬

‫ما انواع التوحيد الثالثة ؟‬


‫توحيد الربوبيه ‪-‬توحيد االلوهيه ‪-‬توحيد األسماء والصفات‬
‫كيف نفرد هللا بافعاله (توحيد الربوبيه )؟‬

‫بأن يُعتقَ َد أنه وحده الخالق لجميع المخلوقات‪:‬‬


‫وأنه الرزاق لجميع الدواب واآلدميين وغيرهم‬
‫وأنه مالكُ الملك‪ ،‬والمد ّب ُر لشؤون العالم كله‬
‫ال يقال لغيره إال مضافًا محدودًا‪ ،‬كما‬ ‫فلفظ (رب )مصدر مستعار‬
‫ورب الفرس‪ .‬يعني‬ ‫ُّ‬ ‫ب )باإلطالق إال يقال ‪:‬رب الدار؛‬ ‫للفاعل‪ ،‬وال يُقا ُل( ‪َّ :‬‬
‫الر ُّ‬
‫صاحبُها‪،‬‬ ‫هلل تعالى المتكفل بما يصلح‬
‫ُ‬
‫الموجودات‬
‫منه قوله تعاىل حكاية عن يوسف عليه‬
‫السالم‬
‫ْ َ َ ِّ َ َ َ ْ َ ُ َّ ْ َ ُ‬ ‫ب ا ْل َعالَ ِّم َ‬
‫ين[ }الفاتحة‪:‬‬ ‫نحو قوله{ ‪َ :‬ر ّ ِّ‬
‫ان ذ ْكرَ‬ ‫ْ ُْ‬
‫‪{ :‬اذكر ِ ين ِعند ربك فأنساه الشيط ِ‬ ‫‪{ ،] 2‬‬
‫َ ِّ‬
‫[يوسف‪]42 :‬‬ ‫}‬‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫‪َ ِّ َ َ ْ ْ َ َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ب آبَائِّ ُك ُم ْاأل َ َّو ِّل َ‬
‫ين[ }الشعراء‪:‬‬ ‫َربُّ ُك ْم َو َر ُّ‬
‫‪ .‬وقوله تعاىل {قال ار ِجع ِإىل ربك}‬
‫َ[يوسف‪]50 :‬‬ ‫‪] .26‬‬
‫َ‬
‫ق َر َّب ُه خم ًرا} [يوسف‪:‬‬
‫ْ‬ ‫‪{َ .‬أ َّما َأ َح ُد ُك َما ف َي ْ‬
‫س‬
‫ِي‬
‫‪. ]41‬‬
‫وقال ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪ -‬يف ضالة‬
‫اإلبل‪« :‬حن يجدها رب ها» ‪.‬‬

‫‪--------‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫تبئ بهذا‪ :‬أن الرب يطلق عىل هللا معرفا ومضافا‪ ،‬فيقال‪ :‬الرب‪ ،‬أو رب العالمئ‪ ،‬أو‬
‫ّ ِّ‬ ‫ُ‬
‫الرب عىل غن هللا إال مضافة‪ ،‬مثل‪ :‬رب الدار‪ ،‬ورب المنل‪،‬‬ ‫رب الناس‪ ،‬وال تطلق كلمة‬
‫ورب اإلبل‬

‫‪11‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫كيف تالعب بهم الشيطان في عبادة هذه المعبودات؟‬
‫فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك األصنام‬
‫على صورهم‪ ،‬كقوم نوح‬
‫وطائفةٌ اتخذت األصنام على صورة الكواكب التي زعموا أنها تؤثر على العالم‪،‬‬
‫فجعلوا لها بيوتًا وسدنة‪.‬‬
‫اختلفوا في عبادتهم لهذه الكواكب ‪:‬فمنهم من عبد الشمس‪ ،‬ومنهم من عبد‬
‫القمر‪ ،‬ومنهم من يعب ُد غيرهما من الكواكب األخرى‬
‫‪ ،‬ومنهم من يعب ُد النار‪ ،‬وهم المجوس‪،‬‬
‫ومنهم من يعبد البقر‪ ،‬كما في الهند‪ ،‬ومنهم من يعبد المالئكة‪ ،‬ومنهم من يعبد‬
‫األشجار واألحجار‪ ،‬ومنهم من يعب ُد القبور واألضرحة‪ ،‬وكل هذا بسبب أن هؤالء‬
‫تصوروا في هذه األشياء شيئًا من خصائص الربوبية‪.‬‬

‫بعض مشركي العرب والنصارى تصوروا في معبوداتهم أنها ولد هللا؟‪،‬‬


‫فمشركو العرب عبدوا المالئكة على أنها بنات هللا‬
‫‪ ،‬والنصارى عبدوا المسيح ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬على أنه ابن هللا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫خضوع المؤمن‬ ‫خضوع الكافر‬
‫المؤمن يخضع ألمر ربه طوعًا؛‬ ‫الكافر يخضع ألمر ربه الكوني‪،‬‬
‫ُ‬
‫وكذلك لما يقدره عليه من المصائب‪،‬‬ ‫وسجود الكائنات المقصود به‬
‫فإنه يفع ُل عندها ما أمر به من الصبر‬ ‫س ِّبه‪،‬‬
‫الخضوعُ‪ ،‬وسجود كل شيء ب َح َ‬
‫وغيره طوعًا؛ فهو مسلم هلل طوعًا‪،‬‬ ‫سجو ٌد يناسبه ويتض َّمنُ الخضوع‬ ‫ُ‬
‫خاضع له طوعًا ‪.‬‬ ‫للرب‪ ،‬وتسبيح كل شيء بحسبه‬
‫مجازا )‬
‫ً‬ ‫حقيقةً ال‬
‫الخالق ووحدانيَّته؟‬
‫ِّ‬ ‫منهج القرآن في إثبات ُو ُجو ِّد‬
‫‪1 -‬من المعلوم بالضرورة أن الحادث ال بد له من محدث‪:‬‬
‫‪2 -‬انتظام أمر العالم كله وإحكامه‪:‬‬
‫ت ألداء وظائفها‪ ،‬والقيام بخصائصه‬
‫تسخير المخلوقا ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪3-‬‬
‫ق بالشهادتين‬
‫ماوأول ما يؤمر به َم ْن يريد الدخول في اإلسالم‪:‬لنط ُ‬
‫سم توحيد االوهية بذلك ؟‬
‫لماذا ي‬
‫ألن األلوهية وصف هللا تعالى الدال عليه اسمه تعالى (هللا )‪ ،‬فاهلل ‪:‬ذو األلوهية‪،‬‬
‫أي المعبود‪.‬‬
‫لماذا كان توحيد االوهية موضوع دعوة الرسل ؟‬
‫األساس الذي ت ُبنى عليه جميع األعمال‪ ،‬وبدون تحققه ال تص ُّح جمي ُع األعمال ‪ :‬حصل ضده‪ ،‬وهو الشركُ‬
‫ُ‬ ‫ألنه‬

‫وقد فُ ّ‬
‫سرتْ أن ال إله إال هللا‪:‬بتفسيرات باطلة منها وتوضيح لماذا باطلة‬
‫ألن معناه‪:‬‬ ‫أن معناه‪ :‬ال معبو َد إال هللا‪ .‬وهذا‬
‫أن كل معبود بحق أو باطل هو هللا‪،‬‬ ‫باط ٌل؛‬

‫هذا جزء من معنى هذه الكلمة؛ ولكن‬ ‫أن معناها‪ :‬ال خالقَ إال هللا‬
‫ليس هو المقصود؛ ألنه ال يثبت إال‬

‫‪13‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫توحيد الربوبية‪ ،‬وهو ال يكفي وهو‬
‫توحيد المشركين‬
‫وهذا أيضًا جزء من معناها‪ ،‬وليس‬ ‫أن معناها‪ :‬ال حاكميّةَ إال هلل‪،‬‬
‫هو المقصود؛ ألنه ال يكفي؛ ألنه لو‬
‫أفرد هللا بالحاكمية فقط ودعا غير هللا‬
‫أو صرف له شيئًا من العبادة لم يكن‬
‫موحدًا‪،‬‬
‫التفسير الصحيح للكلمه عند السلف والمحققين ( أن يُقا َل( ‪:‬ال معبود بحق إال هللا )‬

‫أركان الشهادتين‪:‬‬

‫ال إله إال‬ ‫ان محمد‬


‫هللا‬ ‫رسول هللا‬

‫اإلثباتُ ‪ :‬إال هللا‪:‬‬ ‫لنفي‪ :‬ال إله‪ :‬يُبطل‬ ‫عبدُه‬ ‫ورسوله‬


‫يثبت أنه ال يستحق‬ ‫الشرك بجميع أنواعه‪،‬‬
‫العبادة إال هللا‪ ،‬ويُوجب‬ ‫ُفر بكل ما يعبد‬
‫ويُوجب الك َ‬
‫العمل بذلك‬ ‫من دون هللا‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫شروط ال اله اال هللا ‪ 7‬شروط ال تنفع قائلها‬
‫اال باجتماعها‬

‫األول ‪:‬العلم المنافي للجهل‪.‬‬

‫الثاني ‪:‬اليقين المنافي للشك‪.‬‬

‫الثالث ‪:‬القبول المنافي للرد‪.‬‬

‫الرابع ‪:‬االنقيا ُد المنافي للترك‪.‬‬

‫الخامس ‪:‬اإلخالص المنافي للشرك‪.‬‬

‫السادس ‪:‬الصدق المنافي للكذب‪.‬‬


‫السابع ‪:‬المحبة المنافية لضدها وهو‬
‫البغضاء‬

‫‪15‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫وشرو ُ‬
‫ط شهادة َّ‬
‫أن محمدًا رسو ُل هللا هي‪:‬‬

‫‪1-‬االعتراف برسالته‪ ،‬واعتقادها باطنًا‬


‫في القلب‪.‬‬
‫ظاهر‬
‫ً‬ ‫‪2-‬النطق بذلك‪ ،‬واالعتراف به‬
‫باللسان‪.‬‬
‫‪3-‬المتابعة له؛ بأن يعمل بما جاء به من‬
‫الحق‪ ،‬ويترك ما نهى عنه من الباطل‪.‬‬
‫‪4-‬تصديقه فيما أخبر به من الغيوب‬
‫الماضية والمستقبلة‪.‬‬
‫‪5-‬محبته أشد من محبة النفس والمال‬
‫والولد والوالد والناس أجمعين‪.‬‬
‫‪6-‬تقديم قوله على قول كل أحد‪ ،‬والعمل‬
‫بسنته‬

‫مقتضى الشهادتين‬

‫\مقتضى شهادة ان ال اله اال هللا‬

‫• هو ترك عبادة ما سوى هللا من جميع المعبودات‬


‫• فالتزام شرع هللا‪ ،‬وترك شرع ما سواه هو من مقتضى ال إله إال هللا‪،،‬‬

‫ومقتضى شهادة أن محمدًا رسول هللا‪:‬‬

‫• طاعتهُ وتصديقُهُ‪ ،‬وترك ما نهى عنه‪ ،‬واالقتصار على العمل بسنته‪،‬‬


‫وترك ما عداها من البدع والمحدثات‪ ،‬وتقديم قوله على قول كل أحد‬

‫‪16‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫نواقض‬ ‫‪1 -‬الشرك في عبادة هللا‬
‫الشهادتين‪:‬‬
‫‪2 -‬من جعل بينَهُ وبينَ هللا وسائط؛ يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم؛ فإنه‬
‫نواقض‬ ‫يكفر إجماعًا‪.‬‬
‫اإلسالم كثيرةٌ‬ ‫‪3 -‬من لم يكفر المشركين‪ ،‬ومن يشكّ في كفرهم‪ ،‬أو صحح مذهبهم كفر‪.‬‬
‫قد عقد لها‬
‫الفقهاء في‬ ‫‪4 -‬من اعتقد أن هدي غير النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أكمل من هديه‪ ،‬أو أن‬
‫كتب الفقه بابًا‬ ‫حكم غيره أحسن من حكمه‪،‬‬
‫صا‬
‫خا ًّ‬ ‫‪5 -‬من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬ولو عمل به ‪-‬‬
‫سموه (باب‬ ‫كفر‪.‬‬
‫‪6 -‬من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه كفر‪،‬‬
‫الردة )‪،‬‬
‫وأهمها‬ ‫والعطف‬
‫ُ‬ ‫الصرف‬
‫ُ‬ ‫السحر‪ ،‬ومنهُ‬
‫ُ‬ ‫‪7-‬‬
‫عشرة نواقض‬
‫ذكرها شيخ‬ ‫‪8 -‬مظاهرة المشركين‪ ،‬ومعاونتهم على المسلمين‪،‬‬
‫اإلسالم محم ُد‬ ‫‪9 -‬من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫ب ُن عبد‬ ‫وسلم ‪ -‬كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ‪ -‬عليه السالم–‬
‫الوهاب‬ ‫– ‪10‬اإلعراض عن دين هللا‪ ،‬ال يتعل ُمهُ‪ ،‬وال يعمل به‪،‬‬

‫فالخوف‬ ‫والتسبيح‬ ‫الصالة والزكاة‬


‫عبادة بدنية قلبية‬
‫عبادة قلبية‬

‫عبادة لسانية قلبية‬

‫والرجاء‪،‬‬ ‫والتهليل‬ ‫والحج والجهاد‬


‫والمحبة‬ ‫والتكبير‪ ،‬والحمد‬
‫والتوكل‪ ،‬والرغبة‬ ‫والشكر باللسان‬
‫والرهبة‪:‬‬ ‫والقلب‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫اآلن فئتان من الناس على طرفي نقيض‬
‫‪.‬في أمر العبادة‬

‫الفئة الثانية‪:‬‬ ‫صرت في‬ ‫الفئة األولى ‪:‬ق َّ‬


‫تشددت في تطبيق العبادات إلى حد‬ ‫مفهوم العبادة وتساهلت في‬
‫التطرف‪ ،‬فرفعت المستحبات إلى‬ ‫كثيرا من‬
‫ً‬ ‫أدائها حتى عطلت‬
‫وحرمت بعض‬‫َّ‬ ‫مرتبة الواجبات‪،‬‬ ‫أنواعها‪ ،‬وقصرتها على‬
‫المباحات‪ ،‬وحكمت بالتضليل أو‬
‫التخطئة على من خالف منهجها‪،‬‬ ‫أعمال محدودة‪ ،‬وشعائر‬
‫طأ مفاهيمها‪ .‬وخير الهدي هدي‬ ‫وخ َّ‬ ‫قليلة تؤدى في المسجد‬
‫محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وشر‬ ‫فقط‪ ،‬وال مجال للعبادة في‬
‫األمور محدثاتها‪.‬‬
‫البيت‬

‫‪،‬‬
‫‪:‬‬‫إن إلعبادة ترتكز عىل ثالث راكئز ه‬
‫والخوف والرجاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الحب‬
‫ُّ‬
‫ل عليها الشرع فهو أن ُيقال‪:‬‬
‫الدليل العقلي على ثبوت الأسماء والصفات التي د َّ‬

‫هذه المخلوقات العظيمة على تنوعها‪ ،‬واختلافها‪ ،‬وانتظامها في أداء مصالحها‪ ،‬وسيرها‬ ‫•‬
‫وقدرته‪ ،‬وعلمه وحكمته‪ ،‬وإرادته‬
‫في خططها المرسومة لها‪ ،‬تدل على عظمة هللا ُ‬
‫ومشيئته‪.‬‬

‫اإلنعام واإلحسان‪ ،‬وكشف الضر‪ ،‬وتفريج الكربات؛ هذه األشياء تد ّل على الرحمة والكرم والجود‬

‫‪.‬والعقاب واالنتقام من العصاة؛ يدالن على غضب هللا عليهم وكراهيته لهم •‬

‫وإكرا ُم الطائعين وإثابتهم؛ يدالن على رضا هللا عنهم ومحبته‪-‬‬

‫‪18‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫س َّنةِ والجماعة من السلف الصالح وأتباعهم ماهو‬
‫منهج أهل ال ُّ‬

‫‪1 -‬انهم ُيثبتون اسماء هللا وصفاته كما وردت في الك تاب والسنة على ظاهرها‪ ،‬وما تدل عليه الفاظها من‬ ‫•‬
‫المعاني‪ ،‬وال يؤولونها عن ظاهرها‪ ،‬وال ُيحرفون الفاظها وداللتها عن مواضعها‪.‬‬
‫نفون عنها مشابهة صفات المخلوقين‪،‬‬ ‫‪َ 2 -‬ي َ‬ ‫•‬
‫‪3-‬ال يتجاوزون ما ورد في الك تاب والسنة في إثبات اسماء هللا وصفاته‪ ،‬فما اثبته هللا ورسوله من ذلك‬ ‫•‬
‫كت عنه هللا ورسوله َ‬ ‫ُ‬
‫سك ُتوا عنه‪.‬‬ ‫ورسوله نفوه‪ ،‬وما َس َ‬ ‫اثبتوه‪ ،‬وما ُ‬
‫نفاه هللا‬
‫فسر‪ ،‬وليست من المتشابه؛‬ ‫سماء والصفات من المحكم الذي ُيفهم معناه ُوي َّ‬ ‫َ‬
‫نصوص اال ِ‬ ‫‪4-‬يعتقدون ا َّن‬ ‫•‬
‫نسب ذلك إليهم َمن َك َذ َب عليهم‪ ،‬او لم يعرف منهجهم من بعض المؤلفين‬ ‫فال ُي َف ِوضون معناها‪ ،‬كما َي ُ‬
‫والك تاب المعاصرين‪.‬‬
‫ضون كيفية الصفات إلى هللا تعالى‪ ،‬وال يبحثون عنها‪.‬‬ ‫‪ُ 5-‬يفو َ‬ ‫•‬
‫•‬

‫ت ثالثة أصناف‪:‬‬
‫الذين يُنكرون األسما َء والصفا ِّ‬

‫ع‬
‫المعتزلة‪ :‬وهم أتبا ُ‬
‫واصل بن عطاء؛ الذي‬
‫األشاعرة والماتريدية‬ ‫اعتزل مجلس الحسن‬ ‫الجهمية‪ :‬وهم أتباع‬
‫ومن تبعهم‪ ،‬وهؤالء‬ ‫البصري‪ ،‬وهؤالء يُثبتون‬ ‫الجهم بن صفوان‪،‬‬
‫ِّ‬
‫ض‬
‫يثبتون األسما َء وبع َ‬ ‫وهؤالء يُنكرون األسماء األسما َء على أنها ألفاظ‬
‫صفات‪ ،‬وينفون‬ ‫ال ِّ ّ‬ ‫جردة عن المعاني‪،‬‬ ‫ُم َّ‬ ‫والصفات جميعًا‪.‬‬
‫بعضها‪،‬‬ ‫وينفون الصفات كلها‪.‬‬

‫الفرار من تشبيه هللا بخلقه بزعمهم‬


‫ُ‬ ‫الشُّبهة التي بنوا عليها جميعًا مذاهبهم ‪:‬هي‬

‫‪19‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫ولماذا االشتراك في االسم والمعنى العام ال يوجب االشتراك في الحقيقة؟؟؟؟؟‬

‫س َّميين والموصوفين‪،‬‬
‫وذلك لعدم التماثل بين ال ُم َ‬

‫الرد على من إنكار الأسماء والصفات‬


‫الوجه األول ‪:‬أن هللا سبحانه وتعالى أثبتَ لنفسه األسما َء والصفاتِّ‪ ،‬وأثبتها له‬
‫رسوله ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم–‬
‫الوجه الثاني ‪:‬أنه ال يلزم من وجود هذه الصفات في المخلوقين‪ ،‬أو من تس ِّ ّمي‬
‫بعض المخلوقين بشيء من تلك األسماء المشابهة بين هللا وخلقه‪،‬‬
‫الوجه الثالث ‪:‬أنَّ الذي ليس له صفات كمال ال يصلح أن يكون إلهً‬
‫الوجه الرابع ‪:‬أنَّ إثباتَ الصفات كما ٌل‪ ،‬ونفيها نقص‪،‬‬
‫ت عن ظاهرها ال دلي َل عليه‪ ،‬فهو باط ٌل‪،‬‬ ‫الوجه الخامس ‪:‬أنَّ تأوي َل ال ّ‬
‫صفا ِّ‬
‫وتفويض معناها يلزم منه أن هللا خاطبنا في القرآن بما ال نفهم معناه‪ ،‬وأمرنا‬
‫فكيف يأمرنا بتدبر ما ال يُفهم معناه؟‬‫َ‬ ‫بتدبر القرآن كله‪،‬‬
‫ا معنى قول أهل السنة والجماعة في النفي والإثبات في الأسماء‬
‫والصفات‪:‬‬

‫\إثبات بال تمثيل وتنزيه بال تعطيل‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫احكام‬
‫من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد فهو كافر‬
‫الذين يُحلّون ما َّ‬
‫حرم هللا من الميتات‪َ ،‬من أطاعهم في ذلك ‪:‬يعني‬
‫فهو مشرك‬
‫أنَّ طاعةَ األحبار والرهبان في معصية هللا عبادة لهم من دون هللا‪ ،‬ومن الشرك‬
‫األكبر الذي ال يغفره هللا‬
‫فمن أبى أن يعبد هللا فهو مستكبر‬
‫‪ .‬ومن عبده وعبد معه غيره فهو مشرك‬
‫‪ .‬ومن عبده وحده بغير ما شرع فهو مبتدع‪.‬‬
‫ومن عبده وحده بما شرع فهو المؤمن المو ِّ ّحد‬
‫تصير عبادات؛ يثاب عليها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العادات مع النية الصالحة‬
‫العبادات ما لم تشرع بدليل من الكتاب والسنه يعتبر بدعة مردودة‪،‬‬
‫من عبد هللا بالحب وحده فهو زنديق‪،‬‬
‫ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ‬
‫‪ ،‬ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري‬
‫ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن ُمو ِّ ّحد‬
‫ومن خ َ‬
‫ض َع إلنسان مع بغضه له ال يكون عابدًا له‪،‬‬
‫‪،‬‬
‫بل يجب أن يكون هللا أحب إلى العبد من كل شي‬

‫‪21‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫ادلة‬
‫َّللا خَا ِّل ُق ُك ِّل َ‬
‫ش ْيء}‬ ‫{ َّ ُ‬ ‫أن يُعتقَ َد أنه وحده الخالق لجميع‬
‫المخلوقات‬
‫علَى َّ ِّ‬
‫َّللا‬ ‫ض ِّإ َّال َ‬ ‫{ َو َما ِّم ْن دَابَّ ٍّة فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫أنه الرزاق لجميع الدواب واآلدميين‬
‫ِّر ْزقُ َها[ }‬ ‫وغيرهم‪:‬‬
‫{قُ ِّل اللَّ ُه َّم َما ِّلكَ ا ْل ُم ْل ِّك ت ُ ْؤتِّي‬ ‫أنه مالكُ الملك‪ ،‬والمدبّ ُر لشؤون‬
‫ع ا ْل ُم ْلكَ ِّم َّم ْن‬ ‫ا ْل ُم ْلكَ َم ْن تَشَا ُء َوت َ ْن ِّز ُ‬ ‫العالم كله‬
‫تَشَا ُء َوت ُ ِّع ُّز َم ْن تَشَا ُء َوت ُ ِّذ ُّل َم ْن تَشَا ُء‬
‫ش ْي ٍّء قَد ٌ‬
‫ِّير‬ ‫علَى ُك ِّ ّل َ‬ ‫بِّيَ ِّدكَ ا ْل َخي ُْر إِّنَّكَ َ‬
‫ار ِّفي‬ ‫تُو ِّل ُج اللَّ ْي َل ِّفي النَّ َه ِّار َوتُو ِّل ُج النَّ َه َ‬
‫ت َوت ُ ْخ ِّر ُ‬
‫ج‬ ‫ي ِّم َن ا ْل َميِّّ ِّ‬ ‫ج ا ْل َح َّ‬
‫اللَّ ْي ِّل َوت ُ ْخ ِّر ُ‬
‫ق َم ْن تَشَا ُء بِّغَي ِّْر‬ ‫ي ِّ َوت َ ْر ُز ُ‬ ‫ا ْل َميِّّتَ ِّم َن ا ْل َح ّ‬
‫ب} [آل عمران‪. ]27 ،26 :‬‬ ‫سا ٍّ‬‫ِّح َ‬
‫َّللا فَأ َ ُرونِّي َماذَا‬ ‫ق َّ ِّ‬ ‫قال تعالى{ ‪َ :‬هذَا َخ ْل ُ‬ ‫وقد نفى هللا سبحانه أن يكون له‬
‫ِّين ِّم ْن دُونِّ ِّه[ }لقمان‪11 :‬‬ ‫ق الَّذ َ‬ ‫َخلَ َ‬ ‫شريكٌ في الملك أو معين‪،‬‬

‫وقال تعالى‪{ :‬أ َ َّم ْن َهذَا الَّذِّي يَ ْر ُزقُ ُك ْم إِّ ْن‬


‫سكَ ِّر ْزقَهُ} [الملك‪.]21 :‬‬ ‫أ َ ْم َ‬

‫ين}‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِّم َ‬ ‫كما أعلن انفراده بالربوبية على جميع فقال‪{ :‬ا ْل َح ْم ُد ِّ َّ ِّ‬
‫ّلِل َر ّ ِّ‬
‫[الفاتحة‪]2 :‬‬ ‫خلقه‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫َّللاُ الذِّي َخل َ‬ ‫َّ‬ ‫‪ ،‬وقال‪{ :‬إِّنَّ َربَّ ُك ُم َّ‬
‫ست َّ ِّة أ َ َّي ٍّام ث ُ َّم‬
‫ض ِّفي ِّ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬ ‫اوا ِّ‬
‫س َم َ‬
‫ال َّ‬

‫‪22‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫شي اللَّ ْي َل النَّ َه َ‬
‫ار‬ ‫علَى ا ْل َع ْر ِّش يُ ْغ ِّ‬ ‫ست َ َوى َ‬ ‫ا ْ‬
‫س َوا ْلقَ َم َر َوالنُّ ُجو َم‬ ‫ش ْم َ‬ ‫يَ ْطلُبُهُ َحثِّيثًا َوال َّ‬
‫ق َو ْاأل َ ْم ُر‬ ‫ت بِّأ َ ْم ِّر ِّه أ َ َال لَهُ ا ْل َخ ْل ُ‬ ‫س َّخ َرا ٍّ‬ ‫ُم َ‬
‫ين} [األعراف‪:‬‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِّم َ‬ ‫َّللاُ َر ُّ‬ ‫اركَ َّ‬ ‫تَبَ َ‬
‫‪. ]54‬‬
‫قالت الرسل فيما حكى هللا عنهم‪:‬‬ ‫القلوب مفطورة على اإلقرار بتوحيد‬
‫َّللا شَكٌّ فَ ِّ‬
‫اط ِّر‬ ‫سلُ ُه ْم أَفِّي َّ ِّ‬ ‫{قَالَتْ ُر ُ‬ ‫الربوبية؛ أعظم من كونها مفطورة‬
‫ض} [إبراهيم‪. ]10 :‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ال َّ‬ ‫على اإلقرار بغيره من الموجودات‬
‫وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره‬
‫بإنكار الرب فرعون‪ ،‬و‬
‫وقد كان مستيقنًا به في الباطن‬
‫ع ِّل ْمتَ َما‬ ‫كما قال له موسى‪{ :‬قَا َل لَقَ ْد َ‬
‫ض‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫أ َ ْن َز َل َهؤ َُال ِّء إِّ َّال َر ُّ‬
‫صائِّ َر} [اإلسراء‪. ]102 :‬‬ ‫بَ َ‬

‫{و َج َحدُوا بِّ َها‬‫وقال عنه وعن قومه‪َ :‬‬


‫ظ ْل ًما َو ُ‬
‫علُ ًّوا}‬ ‫ست َ ْيقَنَتْ َها أ َ ْنفُ ُ‬
‫س ُه ْم ُ‬ ‫َوا ْ‬
‫[النمل‪]14 :‬‬

‫الرب اليو َم من‬


‫َّ‬ ‫نكر‬
‫كذلك من يُ ُ‬
‫الشيوعيين؛ إنما ينكرونه في الظاهر‬
‫مكابرة؛ وإال فهم في الباطن ال بد أن‬
‫يعترفوا أنه ما من موجود إال وله‬
‫موجد‪،‬‬
‫ش ْي ٍّء أ َ ْم‬
‫غي ِّْر َ‬‫قال تعالى{ ‪:‬أ َ ْم ُخ ِّلقُوا ِّم ْن َ‬
‫ت‬‫اوا ِّ‬ ‫ون أ َ ْم َخلَقُوا ال َّ‬
‫س َم َ‬ ‫ُه ُم ا ْل َخا ِّلقُ َ‬
‫ون}‬‫ض َبل َال يُو ِّقنُ َ‬ ‫َو ْاأل َ ْر َ‬

‫‪23‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫قال هللا تعالى‪َ { :‬فأ َ ِّق ْم َوجْ َهكَ ِّلل ّد ِّ‬
‫ِّين‬ ‫خلق هللا الخلق مفطورين على‬
‫ط َر النَّ َ‬
‫اس‬ ‫َّللا الَّ ِّتي فَ َ‬ ‫َح ِّنيفًا فِّ ْط َرةَ َّ ِّ‬ ‫التوحيد‪ ،‬ومعرفة الرب الخالق‬
‫َّللاِّ} [الروم‪:‬‬ ‫ق َّ‬ ‫علَ ْي َها َال تَ ْبدِّي َل ِّل َخ ْل ِّ‬ ‫َ‬ ‫سبحانه‬
‫‪. ]30‬‬
‫{وإِّ ْذ أَ َخذَ َربُّكَ ِّم ْن َب ِّني‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬‬
‫ور ِّه ْم ذُ ِّ ّريَّتَ ُه ْم َوأَ ْ‬
‫ش َه َد ُه ْم‬ ‫ظ ُه ِّ‬ ‫آ َد َم ِّم ْن ُ‬
‫ستُ ِّب َر ِّّب ُك ْم قَالُوا َبلَى‬ ‫س ِّه ْم أَلَ ْ‬ ‫علَى أَ ْنفُ ِّ‬ ‫َ‬
‫ش َِّه ْد َنا} [األعراف‪]172 :‬‬
‫_____________________‬
‫قد قال النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫‪« :‬ك ُّل مولود يُولد على الفطرة‪،‬‬
‫صرانه أو‬ ‫هودانه أو يُن ِّ ّ‬ ‫فأبواه يُ ّ ِّ‬
‫يُم ِّ ّجسانه»‬
‫الضالل ليس له ح ّد ونهاية‪ ،‬وهو الزم يقو ُل هللا تعالى في الحديث‬
‫القدسي« ‪:‬خلقت عبادي حنفاء‪،‬‬ ‫أعرض عن ربه‬
‫َ‬ ‫لكل من‬
‫فاجتالتهم الشياطين‬
‫كما قال تعالى{ ‪:‬فَذَ ِّل ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ُم ا ْلحَقُّ‬
‫فَ َماذَا َب ْع َد ا ْلحَقّ ِّ إِّ َّال الض ََّال ُل[ }يونس‪:‬‬
‫‪] 32‬‬

‫قال هللا تعالى‪{ :‬أَأَ ْر َب ٌ‬


‫اب ُمتَفَ ِّ ّرقُونَ َخ ْي ٌر‬

‫اح ُد ا ْلقَ هه ُ‬
‫ار َما تَ ْعبُ ُدونَ ِّم ْن‬ ‫أَ ِّم ه‬
‫َّللاُ ا ْل َو ِّ‬
‫س هم ْيت ُ ُمو َها أَ ْنت ُ ْم‬ ‫دُو ِّن ِّه إِّ هال أَ ْ‬
‫س َما ًء َ‬
‫ان}‬
‫ط ٍ‬‫س ْل َ‬ ‫َوآ َبا ُؤ ُك ْم َما أَ ْن َز َل ه‬
‫َّللاُ ِّب َها ِّم ْن ُ‬
‫‪[ .‬يوسف‪]40 ،39 :‬‬
‫فمنهم من يزعم أن هذه األصنام تمثل قال ابن القيم( ‪:‬وضع الصنم إنما كان‬
‫في األصل على شكل معبود غائب‪،‬‬ ‫أشياء غائبة‪،‬‬
‫فجعلوا الصنم على شكله وهيئته‬

‫‪24‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫وصورته؛ ليكون نائ ًبا منابه‪ ،‬وقائ ًما‬
‫عاقال ال‬ ‫ً‬ ‫مقامه‪ .‬وإال فمن المعلوم أن‬
‫حجرا بيده‪ ،‬ثم يعتقد‬ ‫ً‬ ‫ينحت خشبة أو‬
‫أنه إلهه ومعبوده) ‪...‬‬
‫القبور قدي ًما وحديثًا يزعمون يقولون ‪:‬‬‫ِّ‬ ‫عبَّاد‬
‫أن ُ‬
‫َما َن ْعبُ ُد ُه ْم ِّإ َّال ِّليُقَ ِّ ّربُو َنا ِّإلَى َّ ِّ‬
‫َّللا‬ ‫أن هؤالء األموات يشفعون لهم‬
‫ُز ْلفَى[ }الزمر‪،] 3 :‬‬
‫َّللا َما َال َيض ُُّر ُه ْم‬ ‫ُون َّ ِّ‬ ‫ُون ِّم ْن د ِّ‬ ‫{ َو َي ْعبُد َ‬
‫شفَعَا ُؤ َنا‬ ‫ون َهؤ َُال ِّء ُ‬ ‫َو َال َي ْنفَعُ ُه ْم َو َيقُولُ َ‬
‫َّللا[ }يونس‪]18 :‬‬ ‫ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫ر ّد على عبدة األصنام بقوله‪{ :‬أَفَ َرأَ ْيت ُ ُم‬ ‫رد هللا على التصورات الباطلة‬
‫َ‬
‫الالتَ َوا ْلعُ َّزى َو َم َناةَ الثَّا ِّلثَة ْاأل ُ ْخ َرى}‬ ‫َّ‬
‫[النجم‪]20 ،19 :‬‬
‫علَي ِّْه ْم َن َبأ َ إِّب َْرا ِّهي َم إِّ ْذ‬ ‫{واتْ ُل َ‬‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫ُون قَالُوا َن ْعبُ ُد‬ ‫قَا َل ِّأل َ ِّبي ِّه َوقَ ْو ِّم ِّه َما تَ ْعبُد َ‬
‫ين قَا َل َه ْل‬ ‫ظ ُّل لَ َها عَا ِّك ِّف َ‬ ‫ص َنا ًما فَ َن َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ُون أَ ْو َي ْنفَعُو َن ُك ْم أَ ْو‬ ‫س َمعُو َن ُك ْم ِّإ ْذ تَ ْدع َ‬ ‫َي ْ‬
‫ون قَالُوا َب ْل َو َج ْد َنا آ َبا َء َنا َكذَ ِّلكَ‬ ‫َيض ُُّر َ‬
‫ون} [الشعراء‪]74 -69 :‬‬ ‫َي ْفعَلُ َ‬

‫ب ‪ -‬ورد على من عبد الكواكب‬


‫س‬ ‫{والش َّْم َ‬ ‫والشمس والقمر بقوله‪َ :‬‬
‫ت ِّبأ َ ْم ِّر ِّه}‬‫س َّخ َرا ٍّ‬ ‫َوا ْلقَ َم َر َوالنُّ ُجو َم ُم َ‬
‫{و ِّم ْن‬ ‫[األعراف‪ ، ]54 :‬وبقوله‪َ :‬‬
‫س َوا ْلقَ َم ُر‬ ‫ار َوالش َّْم ُ‬ ‫آ َيا ِّت ِّه اللَّ ْي ُل َوالنَّ َه ُ‬
‫س ُجدُوا ِّللش َّْم ِّس َو َال ِّل ْلقَ َم ِّر‬ ‫َال تَ ْ‬
‫ّلِل الَّذِّي َخلَقَ ُهنَّ ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ِّإ َّيا ُه‬ ‫س ُجدُوا ِّ َّ ِّ‬‫َوا ْ‬
‫ُون} [فصلت‪. ]37 :‬‬ ‫تَ ْعبُد َ‬

‫‪25‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫ج ‪ -‬ورد على من عبد المالئكة‬
‫والمسيح ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬على أنهم‬
‫َّللاُ ِّم ْن‬ ‫ولد هللا بقوله تعالى‪َ { :‬ما اتَّ َخذَ َّ‬
‫َولَدٍّ} [المؤمنون‪ ، ]91 :‬وبقوله‪:‬‬
‫{أَنَّى َيكُونُ لَهُ َولَ ٌد َولَ ْم تَك ُْن لَهُ‬
‫اح َبةٌ} [األنعام‪ ، ]101 :‬وبقوله‪:‬‬ ‫ص ِّ‬ ‫َ‬
‫{لَ ْم َي ِّل ْد َولَ ْم يُولَ ْد َولَ ْم َيك ُْن لَهُ ُكفُ ًوا‬
‫أَ َحدٌ} [اإلخالص‪. ]4 ،3 :‬‬
‫سلَ َم َم ْن فِّي‬ ‫{ولَهُ أَ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫ُوع وال ه‬
‫طاع ِّة‬ ‫الكونُ وفطرتُهُ في ال ُخض ِّ‬
‫ط ْوعًا َوك َْرهًا}‬ ‫ض َ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ال َّ‬
‫[آل عمران‪]83 :‬‬
‫هلل‬
‫‪ ،‬وقال تعالى‪َ { :‬ب ْل لَهُ َما فِّي‬
‫ون}‬ ‫ض ُك ٌّل لَهُ قَا ِّنت ُ َ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ال َّ‬
‫[البقرة‪، ]116 :‬‬
‫ت َو َما فِّي‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫س ُج ُد َما فِّي ال َّ‬ ‫ّلِل َي ْ‬ ‫{و ِّ َّ ِّ‬ ‫َ‬
‫ض ِّم ْن دَابَّ ٍّة َوا ْل َم َال ِّئكَةُ َو ُه ْم َال‬ ‫ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ون} [النحل‪، ]49 :‬‬ ‫ستَ ْك ِّب ُر َ‬ ‫َي ْ‬
‫س ُج ُد لَهُ َم ْن فِّي‬ ‫َ‬
‫{ألَ ْم تَ َر أنَّ َّ َ‬
‫َّللا َي ْ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ض َوالش َّْم ُ‬ ‫ت َو َم ْن فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ال َّ‬
‫ش َج ُر‬ ‫َوا ْلقَ َم ُر َوالنُّ ُجو ُم َوا ْل ِّج َبا ُل َوال َّ‬
‫اس} [الحج‪:‬‬ ‫ير ِّم َن النَّ ِّ‬ ‫اب َو َك ِّث ٌ‬ ‫َوالد ََّو ُّ‬
‫‪، ]18‬‬
‫ت‬‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫س ُج ُد َم ْن فِّي ال َّ‬ ‫ّلِل َي ْ‬ ‫{و ِّ َّ ِّ‬ ‫َ‬
‫ط ْوعًا َوك َْرهًا َو ِّظ َاللُ ُه ْم‬ ‫ض َ‬ ‫َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫صا ِّل} [الرعد‪. ]15 :‬‬ ‫ِّبا ْلغُد ّ ُِّو َو ْاآل َ‬
‫‪--------‬‬
‫اواتُ‬ ‫س َم َ‬ ‫س ِّبّ ُح لَهُ ال َّ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬ت ُ َ‬ ‫ُك ُّل هذه الكائنات والعوالم ُمنقادة هلل‪،‬‬
‫يهنَّ َوإِّ ْن ِّم ْن‬ ‫ض َو َم ْن فِّ ِّ‬ ‫س ْب ُع َو ْاأل َ ْر ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫خاضعة لسلطانه؛ ‪ ،‬وتنزه خالقها عن‬
‫س ِّبّ ُح ِّب َح ْم ِّد ِّه َولَ ِّك ْن َال‬ ‫ش ْي ٍّء إِّ َّال يُ َ‬ ‫َ‬ ‫النقص والعجز والعيب‬
‫س ِّبي َح ُه ْم} [اإلسراء‪. ]44 :‬‬ ‫ون تَ ْ‬ ‫تَ ْفقَ ُه َ‬ ‫فهذه المخلوقات صامتها وناطقها‪،‬‬
‫وحيها وميتها‪ ،‬كلها ُمطيعةٌ هلل‪،‬‬

‫‪26‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫َّللا َي ْبغُ َ‬
‫ون‬ ‫قال ( ‪:‬شي ُخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه قوله تعالى{ ‪:‬أَفَغَي َْر د ِّ‬
‫ِّين َّ ِّ‬
‫ض‬‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬‫سلَ َم َم ْن ِّفي ال َّ‬ ‫َولَهُ أَ ْ‬ ‫هللا‬
‫ون[ }آل‬ ‫ط ْوعًا َوك َْرهًا َو ِّإلَ ْي ِّه يُ ْر َجعُ َ‬ ‫َ‬ ‫فذكر سبحانه إسالم الكائنات طوعًا‬
‫وكرهًا؛ ألن المخلوقات جميعها متعبدة عمران‪] 83 :‬‬
‫له التعبد التام؛ سواء أقر المقر بذلك‬
‫أو أنكره؛ وهم َمدينون له ُم َد َّبرون؛‬
‫فه ُم مسلمون له طوعًا وكرهًا‪ ،‬وليس‬
‫ألحد من المخلوقات خروج ع َّما شاءه‬
‫وقدَّره وقضاه‪ ،‬وال حول وال قوة إال‬
‫به‪ ،‬وهو رب العالمين وملي ُك ُهم‪،‬‬
‫يصرفهم كيف يشاء‪ ،‬وهو خالقهم‬
‫كلهم‪ ،‬وبارئهم ومصورهم‪ ،‬وكل ما‬
‫سواه فهو مربوب مصنوع‪ ،‬مفطور‬
‫فقير محتاج ُمتعب ٌد مقهور؛ وهو‬
‫سبحانه الواحد القهار الخالق البارئ‬
‫المصور)‬
‫هذا قال تعالى{ ‪:‬أَ ْم ُخ ِّلقُوا ِّم ْن َ‬
‫غي ِّْر‬
‫ون[ }الطور‪]35 :‬‬ ‫ش ْي ٍّء أَ ْم ُه ُم ا ْل َخا ِّلقُ َ‬
‫َ‬ ‫الخالق‬
‫ِّ‬ ‫منهج القرآن في إثبات ُو ُجو ِّد‬
‫ووحدان هيته‬
‫َّللا فَأ َ ُرو ِّني َماذَا‬ ‫من المعلوم بالضرورة أن الحادث ال قال تعالى{ ‪َ :‬هذَا َخ ْل ُ‬
‫ق َّ ِّ‬
‫ِّين ِّم ْن دُو ِّن ِّه[ }لقمان‪]11 :‬‬ ‫َخلَقَ الَّذ َ‬
‫بد له من محدث‬
‫{أَ ُرو ِّني َماذَا َخلَقُوا ِّم َن‬
‫ض[ }األحقاف‪] 4 :‬‬ ‫ْاأل َ ْر ِّ‬

‫ّلِل ش َُركَا َء َخلَقُوا َك َخ ْل ِّق ِّه‬ ‫{أَ ْم َجعَلُوا ِّ َّ ِّ‬


‫ق ُك ِّ ّل‬ ‫علَي ِّْه ْم قُ ِّل َّ‬
‫َّللاُ َخا ِّل ُ‬ ‫ق َ‬ ‫فَتَشَا َبهَ ا ْل َخ ْل ُ‬
‫ار[ }الرعد‪:‬‬ ‫اح ُد ا ْلقَ َّه ُ‬‫ش ْي ٍّء َو ُه َو ا ْل َو ِّ‬ ‫َ‬
‫‪] 16‬‬

‫‪27‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫َّللا لَ ْن‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫ُون ِّم ْن د ِّ‬ ‫ِّين تَ ْدع َ‬‫{إِّنَّ الَّذ َ‬
‫َي ْخلُقُوا ذُ َبا ًبا َولَ ِّو اجْ تَ َمعُوا لَهُ[ }الحج‪:‬‬
‫‪] 73‬‬
‫َّللا َال‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫ُون ِّم ْن د ِّ‬ ‫ِّين َي ْدع َ‬‫{ َوالَّذ َ‬
‫ون[ }النحل‪:‬‬ ‫ش ْيئًا َو ُه ْم يُ ْخلَقُ َ‬
‫ون َ‬ ‫َي ْخلُقُ َ‬
‫‪] 20‬‬
‫ق أَفَ َال‬ ‫{أَفَ َم ْن َي ْخلُ ُ‬
‫ق َك َم ْن َال َي ْخلُ ُ‬
‫ون[ }النحل‪]17 :‬‬ ‫تَذَك َُّر َ‬

‫قال تعالى{ ‪َ :‬ما اتَّ َخذَ َّ‬


‫َّللاُ ِّم ْن َولَ ٍّد َو َما‬
‫َان َمعَهُ ِّم ْن إِّلَ ٍّه إِّذًا لَذَ َه َ‬
‫ب ُك ُّل إِّلَ ٍّه ِّب َما‬ ‫ك َ‬ ‫‪:‬انتظام أمر العالم كله وإحكامه‬
‫علَى‬‫ض ُه ْم َ‬ ‫َخلَقَ َولَعَ َال َب ْع ُ‬
‫ض[ }المؤمنون‪]91 :‬‬ ‫َب ْع ٍّ‬ ‫‪--------‬‬

‫ليس ُهناك مخلوق يستعصي ويمتنع‬ ‫َ‬


‫عن أداء مهمته في هذا الكون‪،‬‬ ‫ت ْلداء‬
‫تسخير المخلوقا ِّ‬
‫ُ‬
‫وهذا ما استدل به موسى ‪ -‬عليه‬
‫‪:‬وظائفها‪ ،‬والقيام بخصائصها‬
‫السالم ‪ -‬حين سأله فرعون{ ‪:‬قَا َل فَ َم ْن‬
‫سى[ }طه‪:‬‬ ‫َربُّ ُك َما َيا ُمو َ‬
‫كاف‬
‫شاف ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫‪] 49‬أجاب موسى بجواب‬
‫فقال ‪:‬‬
‫ش ْي ٍّء َخ ْلقَهُ ث ُ َّم‬ ‫{ َر ُّب َنا الَّذِّي أَ ْع َ‬
‫طى ُك َّل َ‬
‫َهدَى[ }طه‪]50 :‬‬

‫لحيوان البهيم من اإلدراك ما يتمكن‬


‫به من فعل ما ينفعه‪ ،‬ودفع ما يضره‪،‬‬
‫وما به يؤدي مهمته في الحياة‪ ،‬وهذا‬

‫‪28‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫كقوله تعالى{ ‪:‬الَّذِّي أَحْ َ‬
‫س َن ُك َّل َ‬
‫ش ْي ٍّء‬
‫َخلَقَهُ[ }السجدة‪] .7 :‬‬

‫اس ا ْعبُدُوا‬ ‫مثل قوله تعالى{ ‪َ :‬ياأَيُّ َها النَّ ُ‬


‫ِّين ِّم ْن قَ ْب ِّل ُك ْم‬ ‫؛ فتوحي ُد الربوبية دلي ٌل لوجوب توحيد َر َّب ُك ُم الَّذِّي َخلَقَ ُك ْم َوالَّذ َ‬
‫ض‬ ‫ون الَّذِّي َجعَ َل لَ ُك ُم ْاأل َ ْر َ‬ ‫لَعَلَّ ُك ْم تَتَّقُ َ‬
‫اْللوهية‬
‫س َما َء ِّب َنا ًء َوأَ ْن َز َل ِّم َن‬ ‫فِّ َراشًا َوال َّ‬
‫ت‬ ‫ج ِّب ِّه ِّم َن الثَّ َم َرا ِّ‬ ‫اء َما ًء فَأ َ ْخ َر َ‬ ‫س َم ِّ‬
‫ال َّ‬
‫ّلِل أَ ْندَادًا َوأَ ْنت ُ ْم‬ ‫ِّر ْزقًا لَ ُك ْم فَ َال تَجْ َعلُوا ِّ َّ ِّ‬
‫ون[ }البقرة‪] .22 ،21 :‬‬ ‫تَ ْعلَ ُم َ‬
‫ض َو َم ْن‬ ‫فقال تعالى{ ‪:‬قُ ْل ِّل َم ِّن ْاأل َ ْر ُ‬
‫ّلِل قُ ْل‬ ‫ون ِّ َّ ِّ‬ ‫س َيقُولُ َ‬ ‫ون َ‬ ‫فِّي َها إِّ ْن ُك ْنت ُ ْم تَ ْعلَ ُم َ‬
‫ت‬‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫ون قُ ْل َم ْن َر ُّ‬ ‫أَفَ َال تَذَك َُّر َ‬
‫س َيقُولُ َ‬
‫ون‬ ‫ب ا ْل َع ْر ِّش ا ْل َع ِّظي ِّم َ‬ ‫سب ِّْع َو َر ُّ‬ ‫ال َّ‬
‫ون قُ ْل َم ْن ِّب َي ِّد ِّه َملَكُوتُ‬ ‫ّلِل قُ ْل أَفَ َال تَتَّقُ َ‬ ‫ِّ َّ ِّ‬
‫علَ ْي ِّه‬ ‫ار َ‬ ‫ير َو َال يُ َج ُ‬ ‫ش ْي ٍّء َو ُه َو يُ ِّج ُ‬ ‫ُك ِّ ّل َ‬
‫ّلِل قُ ْل فَأَنَّى‬ ‫س َيقُولُ َ‬
‫ون ِّ َّ ِّ‬ ‫ون َ‬ ‫ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم تَ ْعلَ ُم َ‬
‫ون}‬
‫س َح ُر َ‬ ‫تُ ْ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ْم َال ِّإلَهَ ِّإ َّال‬ ‫وقال تعالى{ ‪:‬ذَ ِّل ُك ُم َّ‬
‫ش ْي ٍّء فَا ْعبُدُوهُ[ }األنعام‪:‬‬ ‫ق ُك ِّ ّل َ‬ ‫ُه َو َخا ِّل ُ‬
‫‪]102‬‬

‫قال تعالى{ ‪َ :‬و َما َخ َل ْقتُ ا ْل ِّجنَّ َو ْ ِّ‬


‫اإل ْن َ‬
‫س‬
‫‪:‬وتوحيد اْللوهية‬
‫ُون[ }الذاريات‪]56 :‬‬ ‫ِّإ َّال ِّل َي ْعبُد ِّ‬
‫هو الذي خلق الخلق من أجله‪،‬‬

‫‪29‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫سأ َ ْلتَ ُه ْم َم ْن َخلَقَ ُه ْم‬ ‫{ولَ ِّئ ْن َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫َّللاُ} [الزخرف‪، ]87 :‬‬ ‫ين بتوحي ِد لَ َيقُولُنَّ َّ‬ ‫قر َ‬
‫م ِ‬‫المشركين كانوا ُ‬
‫ت‬
‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬ ‫سأ َ ْلتَ ُه ْم َم ْن َخلَقَ ال َّ‬ ‫{ولَ ِّئ ْن َ‬ ‫َ‬ ‫الربوبية‪،‬‬
‫يز‬‫ض لَ َيقُولُنَّ َخلَقَ ُهنَّ ا ْلعَ ِّز ُ‬ ‫َو ْاأل َ ْر َ‬
‫ا ْل َع ِّلي ُم} [الزخرف‪، ]9 :‬‬
‫ض‬‫اء َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫س َم ِّ‬‫{قُ ْل َم ْن َي ْر ُزقُ ُك ْم ِّم َن ال َّ‬
‫ار َو َم ْن‬ ‫ص َ‬ ‫س ْم َع َو ْاأل َ ْب َ‬ ‫أَ َّم ْن َي ْم ِّلكُ ال َّ‬
‫ج ا ْل َم ِّيّتَ‬ ‫ت َويُ ْخ ِّر ُ‬ ‫ي ِّم َن ا ْل َم ِّيّ ِّ‬ ‫ج ا ْل َح َّ‬ ‫يُ ْخ ِّر ُ‬
‫ون‬‫س َيقُولُ َ‬ ‫ي ِّ َو َم ْن يُ َد ِّّب ُر ْاأل َ ْم َر فَ َ‬ ‫ِّم َن ا ْل َح ّ‬
‫َ‬ ‫‪ ُ َ َّ ُ ُ ]31‬ا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫[يونس‪:‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫َّللاُ}‬‫َّ‬
‫‪ -‬قال تعالى{ ‪:‬ولقد بعثنا ِفي ك ِل أم ٍة رسوًل أ ِن‬
‫ألط ُاغ َ‬ ‫َّللا َو ْأج َتن ُبوأ َّ‬ ‫ُأ ْع ُب ُدوأ َّ َ‬ ‫‪ ،‬وهذا النوع من التوحيد هو‬
‫وت[ }ألنحل‪،] 36 :‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫موضوع دعوة الرسل من أولهم‬
‫ول ِإال‬ ‫تعالى{ َ‪:‬وم َا ار َّسل َنَا ِ َمن ق ُب ِلك ِمن رس ٍ‬ ‫‪-‬وقال‬
‫ون[ }االنبياء‪] .25 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ُن ِ َ ْ َ َّ ُ َ‬
‫وحي ِإلي ِه انه ال ِإله ِإال انا فاع ُبد ِ‬ ‫إلى آخرهم‬

‫كما قال نوح وهود وصالح وشعيب ‪:‬‬ ‫ك ُّل رسول يبدأ دعوته لقومه باألمر بتوحيد‬
‫َّللا َما لَ ُك ْم مِّ ْن ِّإلَه َ‬
‫غي ُْرهُ)‬ ‫( َياقَ ْو ِّم ا ْع ُبدُوا َّ َ‬ ‫األلوهية‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫َّللا َواتقوهُ)‬‫ِّيم إِّ ْذ قَا َل ِّلق ْومِّ ِّه ا ْعبُدُوا َّ َ‬
‫َ‬ ‫( َوإِّب َْراه َ‬
‫ُ‬
‫(وأنزل على محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم{ ‪ -:‬قلْ إِّنِّي‬
‫صا لَهُ الدِّينَ })‬ ‫أُمِّ ْرتُ أ َ ْن أ َ ْعبُ َد َّ َ‬
‫َّللا ُم ْخ ِّل ً‬

‫وقال ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬أمرت أن أقاتل الناس‬


‫حتى يشهدوا أن ال إله إال هللا «وأن محمدًا رسول هللا»»‬
‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫وأول واجب على المكلف‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫(فَا ْعلَ ْم أ َ َّنهُ َال إِّلهَ إِّال َّ ُ‬
‫َّللا َوا ْستَغف ِّْر ِّلذن ِّبكَ )‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫شهادة أن ال إله إال هللا والعمل بها‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا‪-:‬‬ ‫يقال لتوحيد االوهيه توحيد العبادة‬
‫(‬ ‫ُ‬
‫وصف العبد‪ ،‬حيث إنه‬ ‫ُ‬ ‫باعتبار أن العبودية‬
‫واعلم أن فقر العبد إلى هللا ‪:‬‬
‫أن يعبده ال يُشرك به شيئًا‪ ،‬ليس له نظير في ُ‬
‫ُقاس به؛ لكن‬ ‫صا في ذلك؛‬‫يجب عليه أن يعبد هللا مخل ً‬‫ُ‬
‫يُشبه من بعض الوجوه حاجة الجسد إلى الطعام‬ ‫لحاجته إلى ربه وفقره إليه‪ ،‬ق‬
‫والشراب‪ ،‬وبينهما فروق كثيرة؛ فإن حقيقة العبد قلبه‬
‫وروحه‪ ،‬وهي ال صال َح لها إال بإلهها هللا الذي ال إله إال‬
‫ص َل للعبد لذات‬
‫هو‪ ،‬فال تطمئن في الدنيا إال بذكره‪ .‬ولو َح َ‬
‫وسرور بغير هللا‪ ،‬فال يدوم ذلك‪ ،‬بل ينتقل من نوع إلى‬
‫نوع‪ ،‬ومن شخص إلى شخص‪ ،‬وأما إلهه فال بد له منه‬
‫في كل حال‪ ،‬وكل وقت وأينما كان فهو معه)‬

‫‪30‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫وقد قال هللا تعالى‪:‬‬
‫َّللا َال َي ْغف ُِّر أَن يُش َركَ ِّب ِّه)‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫(إِّ َّن َّ َ‬ ‫فإنه إذا لم يتحقق توحيد األلوهية‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ع ْن ُه ْم َما كَانُوا َي ْع َملُونَ )‬ ‫َ‬
‫ط‬
‫َ ِّ َ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫وا‬‫( َولَ ْو أ َ ْش َر ُك‬
‫حصل ضده‪ ،‬وهو الشركُ‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ع َملُكَ َولَتَ ُكون ََّن مِّ نَ ْالخَاس ِِّّرينَ )‬ ‫{لَئ ِّْن أ َ ْش َر ْكتَ لَ َيحْ َب َ‬
‫ط َّن َ‬

‫ش ْيئًا‬‫َّللا َو َال ت ُ ْش ِّر ُكوا ِّب ِّه َ‬ ‫كما قال تعالى{ ‪َ (:‬وا ْع ُبدُوا َّ َ‬ ‫وألن توحيد األلوهية هو أول الحقوق‬
‫سا ًنا‪) ،‬‬ ‫َو ِّب ْال َوا ِّل َدي ِّْن إِّحْ َ‬
‫سا ًنا )‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ضى َربُّكَ أ َّال تَ ْعبُدُوا إِّ َّال إِّيَّاهُ َو ِّبال َوا ِّل َدي ِّْن إِّحْ َ‬ ‫( َوقَ َ‬ ‫الواجبة على العبد‬
‫علَ ْي ُك ْم أ َ َّال‬
‫وقال تعالى{ )قُلْ تَ َعالَ ْوا أ َ ْت ُل َما َح َّر َم َر ُّب ُك ْم َ‬
‫سا ًنا(}‬ ‫ش ْيئًا َو ِّب ْال َوا ِّل َدي ِّْن إِّحْ َ‬ ‫ت ُ ْش ِّر ُكوا ِّب ِّه َ‬
‫ت َويُؤْ مِّ ْن ِّب َّ ِّ‬
‫اَّلل فَقَ ِّد‬ ‫غو ِّ‬ ‫َّ‬
‫مثل قوله تعالى) فَ َم ْن َي ْكفُ ْر ِّبالطا ُ‬ ‫اركان ال اله اال هللا‬
‫سكَ ِّب ْالعُ ْر َوةِّ ْال ُو ْثقَى )‬ ‫ا ْستَ ْم َ‬
‫فقوله ‪:‬‬
‫ت)‬
‫غو ِّ‬ ‫(فَ َم ْن َي ْكفُ ْر ِّب َّ‬
‫الطا ُ‬
‫هو معنى الركن األول(ال اله )‬
‫وقوله ‪َ (:‬ويُؤْ مِّ ْن ِّب َّ ِّ‬
‫اَّلل)‬
‫هو معنى‬
‫الركن الثاني (إال هللا)‬
‫إبراهيم عليه السالم ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وكذلك قولُهُ عن‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫(إِّ َّننِّي َب َرا ٌء مِّ َّما تَ ْعبُدُونَ إِّال الذِّي فط َرنِّي)‬
‫َ‬
‫إِّ َّننِّي َب َرا ٌء}‬
‫هو معنى النفي في الركن األول‪،‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫ط َرنِّي}‬ ‫{ إِّ َّال الَّذِّي فَ َ‬
‫هو معنى‬
‫اإلثبات في الركن الثاني‪.‬‬

‫ما قال تعالى ‪ (:‬قُلْ إِّ َّن َما أَنَا َبش ٌَر مِّ ْثلُ ُك ْم)‬ ‫أركان شهادة أن محمدًا رسول هللا‪ :‬العبودية‬

‫ع ْب َدهُ(}‬ ‫َّللا ِّبكَاف َ‬ ‫ْس َّ ُ‬‫قال تعالى{‪):‬أَلَي َ‬ ‫وقد َوفَّى ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬العبوديّة‬
‫َاب‬ ‫ْ‬
‫ع ْب ِّد ِّه ال ِّكت َ‬
‫على َ‬ ‫َ‬ ‫{ ْال َح ْم ُد ِّ َّ ِّ‬
‫َّلل الَّذِّي أ ْنزَ َل َ‬
‫َ‬
‫حقَّها‪ ،‬ومدحه هللا بذلك‪،‬‬
‫س ْب َحانَ الَّذِّي أَس َْرى ِّب َع ْب ِّد ِّه لَي ًْال مِّ نَ ْال َمس ِّْجد ِّْال َح َرام )‪] .‬‬ ‫{) ُ‬
‫ق َوهُ ْم َي ْعلَ ُمونَ )‬‫ش ِّه َد ِّب ْال َح ِّ‬
‫قال تعالى ‪ (:‬إِّ َّال َم ْن َ‬ ‫من شروط ال هللا اال هللا العلم‬
‫سو ِّل ِّه ث ُ َّم لَ ْم‬ ‫قال تعالى (إِّ َّن َما ْال ُمؤْ مِّ نُونَ الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّب َّ ِّ‬
‫اَّلل َو َر ُ‬ ‫من شروط ال اله اال هللا اليقين‬
‫َي ْرتَابُوا)‬
‫وقال النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم« ‪-:‬‬

‫‪31‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫من لقيتَ وراء هذا الحائط يشهد أن ال إله إال هللا مستيق ًنا‬
‫قلبه فبشره بالجنة»‬
‫ان من الذين قال هللا فيهم ‪:‬‬ ‫من شروط ال اله اال هللا القبول لما اقتضته‬
‫َّللا َي ْستَ ْك ِّب ُرونَ َو َيقُولُونَ‬ ‫) ِّإ َّن ُه ْم كَانُوا ِّإذَا قِّي َل لَ ُه ْم َال ِّإلَهَ ِّإ َّال َُّ‬ ‫كهذه رالكلمة من عبادة هللا وحده وترك‬
‫أ َ ِّئ َّنا لَت َِّار ُكو آ ِّل َه ِّتنَا ِّلشَاعِّر َمجْ نُون )‬
‫كحال عباد القبور اليوم؛ فإنهم يقولون (ال إله إال هللا)‪ ،‬وال‬ ‫عبادة ما سواءة‬
‫يتركون عبادة القبور‬
‫َّللا َوه َُو ُمحْ ِّس ٌن فَقَ ِّد‬ ‫قال تعالى{ ‪َ :‬و َم ْن يُ ْس ِّل ْم َوجْ َههُ ِّإلَى َّ ِّ‬ ‫من شروط ال اله اال هللا االنقياد‬
‫سكَ ِّب ْالعُ ْر َوةِّ ْال ُو ْثقَى}‬
‫ا ْستَ ْم َ‬
‫اَّلل َو ِّب ْال َي ْو ِّم ْاْلخِّ ِّر‬
‫اس َم ْن َيقُو ُل آ َم َّنا ِّب َّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ (:‬ومِّ نَ ال َّن ِّ‬ ‫من شروط ال اله اال هللا الصدق‬
‫َّللا َوالَّذِّينَ آ َمنُوا)‬ ‫َو َما هُ ْم ِّب ُمؤْ مِّ نِّينَ يُخَا ِّدعُونَ َّ َ‬
‫عذَابٌ أَلِّي ٌم ِّب َما كَانُوا َيك ِّذبُونَ (‬
‫ْ‬ ‫الى قوله{) َولَ ُه ْم َ‬
‫فإن هللا‬ ‫لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال« ‪َّ :‬‬ ‫من شروط ال اله اال هللا االخالص‬
‫حرم على النار من قال‪ :‬ال إله إال هللا‪ ،‬يبتغي بذلك وجه‬
‫هللا[ »الحديث أخرجه الشيخان‪] .‬‬

‫َّللا أ َ ْندَادًا‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫اس َم ْن َيتَّخِّ ذُ مِّ ْن د ِّ‬ ‫قال تعالى{ ‪َ :‬ومِّ نَ ال َّن ِّ‬ ‫من شروط ال اله اال هللا المحبة لهذه الكلمة‬
‫َّللا َوالَّذِّينَ آ َمنُوا أ َ‬
‫ش ُّد ُحبًّا ِّ َّ ِّ‬
‫َّلل)‬ ‫َ‬ ‫ب َّ ِّ‬‫يُحِّ بُّو َن ُه ْم َك ُح ِّ‬ ‫وما تدل عليه والهلها العاملين‬
‫بمقتضاها‬
‫قال هللا تعالى ‪:‬‬ ‫من نواقض الشهادتين الشرك باهلل‬
‫َّللا َال َي ْغف ُِّر أ َ ْن يُ ْش َركَ ِّب ِّه َو َي ْغف ُِّر َما دُونَ ذَلِّكَ ِّل َم ْن‬‫{إِّ َّن َّ َ‬
‫َيشَا ُء[ }النساء‪116 ،48 :‬‬
‫]‪ ،‬وقال تعالى‬
‫علَ ْي ِّه ْال َج َّنةَ َو َمأ ْ َواهُ ال َّن ُ‬
‫ار‬ ‫{ ‪ِّ :‬إ َّنهُ َم ْن يُ ْش ِّركْ ِّب َّ ِّ‬
‫اَّلل فَقَ ْد َح َّر َم َّ ُ‬
‫َّللا َ‬
‫صار‬ ‫َو َما ل َّ‬
‫ِّلظالِّمِّ ينَ مِّ ْن أ َ ْن َ‬
‫[ }المائدة‪] .72 :‬‬

‫سو ِّل ِّه ُك ْنت ُ ْم‬ ‫الدليل على ذلك قوله تعالى{ ‪:‬قُلْ أ َ ِّب َّ ِّ‬
‫اَّلل َوآ َيا ِّت ِّه َو َر ُ‬ ‫من نواقض الشهادتين‬
‫ُ‬
‫تَ ْستَ ْه ِّزئُونَ َال تَ ْعتَذ ُِّروا قَ ْد َكف َْرت ُ ْم َب ْع َد إِّي َما ِّنك ْم}‬
‫استهزأ بشيء من دين الرسول‬
‫[ التوبة‪]66 ،65 :‬‬
‫الدليل قوله تعالى‬ ‫من نواقض الشهادتين‬
‫وال إِّ َّن َما نَحْ ُن فِّ ْت َنةٌ فَالَ‬ ‫ان مِّ ْن أ َ َحد َحتَّى َيقُ َ‬ ‫{ ‪َ :‬و َما يُعَ ِّل َم ِّ‬ ‫السحر‬
‫تَ ْكفُ ْر[ }البقرة‪]102 :‬‬
‫والدليل قوله تعالى ‪:‬‬ ‫من نواقض الشهادتين ‪:‬مظاهرة المشركين‬
‫ْ‬
‫َّللا َال َي ْهدِّي القَ ْو َم‬ ‫{ َو َم ْن َيت ََولَّ ُه ْم مِّ ْن ُك ْم فَإِّ َّنهُ مِّ ْن ُه ْم إِّ َّن َّ َ‬
‫الظالِّمِّ ينَ }‬‫َّ‬
‫[المائدة‪] .51 :‬‬

‫والدليل قوله تعالى ‪:‬‬ ‫‪10 -‬اإلعراض عن دين هللا‪ ،‬ال يتعل ُمهُ‪ ،‬وال‬
‫ع َّما أ ُ ْنذ ُِّروا ُم ْع ِّرضُونَ [ }األحقاف‪،] 3 :‬‬ ‫{ َوا َّلذِّينَ َكف َُروا َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫{ َو َم ْن أ َ ْ‬ ‫يعمل به‪،‬‬
‫ع ْن َها إِّ َّنا مِّ نَ‬
‫ض َ‬ ‫ظلَ ُم مِّ َّم ْن ذك َِّر ِّبآ َيا ِّ‬
‫ت َر ِّب ِّه ث َّم أع َْر َ‬
‫ْال ُمجْ ِّرمِّ ينَ ُم ْنتَ ِّق ُمونَ [ }السجدة‪] .22 :‬‬

‫‪32‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ‪ -‬رحمه هللا( ‪ -:‬ال فرق‬ ‫نواقض الشهادتين‬
‫في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف‪ ،‬إال‬
‫خطرا‪ ،‬وأكثر ما يكون‬ ‫ً‬ ‫المكره‪ .‬وكلها من أعظم ما يكون‬
‫وقوعًا‪ ،‬فينبغي للمسلم أن يحذَرها‪ ،‬ويخاف منها على‬
‫نفسه‪ ،‬نعوذُ باهلل من موجبات غضبه‪ ،‬وأليم عقابه )‬
‫قال تعالى‪:‬‬ ‫فليس ألحد أن يحل إال ما أحله هللا‪ ،‬وال يحرم‬
‫ِّب َهذَا َح َال ٌل َو َهذَا‬ ‫ف أ َ ْل ِّس َنت ُ ُك ُم ْال َكذ َ‬
‫َص ُ‬ ‫{ َو َال تَقُولُوا ِّل َما ت ِّ‬ ‫إال ما حرم هللا‬
‫َّللا ْال َكذ َ‬
‫ِّب }‬ ‫علَى َّ ِّ‬ ‫َح َرا ٌم ِّلتَ ْفت َُروا َ‬
‫[النحل‪] 116 :‬‬
‫‪ ،‬وقال تعالى ‪:‬‬
‫َّللا لَ ُك ْم مِّ ْن ِّر ْزق فَ َج َع ْلت ُ ْم مِّ ْنهُ َح َرا ًما‬ ‫{قُلْ أ َ َرأ َ ْيت ُ ْم َما أ َ ْنزَ َل َُّ‬
‫َّللا تَ ْفت َُرونَ‬
‫علَى َّ ِّ‬ ‫آَّلل أَذِّنَ لَ ُك ْم أ َ ْم َ‬
‫َو َح َال ًال قُلْ َّ ُ‬
‫[ يونس‪] .59 :‬‬

‫قال تعالى{ ‪:‬أ َ ْم لَ ُه ْم ش َُركَا ُء ش ََرعُوا لَ ُه ْم مِّ نَ الد ِّ‬


‫ِّين َما لَ ْم‬ ‫حر َم شيئ ًا من غير‬ ‫أنَّ من أوج َ‬
‫َب شيئ ًا أو َّ‬
‫َيأْذَ ْن ِّب ِّه َّ ُ‬
‫َّللا‬ ‫دليل فقد جعل نفسه شريكًا هلل فيما هو من‬
‫خصائصه‪ ،‬وهو التشريع‬
‫قال تعالى‬ ‫المشرع من دون هللا وهو يعلم‬‫ِّ ّ‬ ‫من أطاع هذا‬
‫{ ‪َ :‬و ِّإ ْن أ َ َ‬
‫ط ْعت ُ ُموهُ ْم ِّإ َّن ُك ْم لَ ُم ْش ِّر ُكونَ [ }األنعام‪] .121 :‬‬ ‫بذلك ووافقه على فعله فقد أشركه مع هللا‪،‬‬
‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫ا أخبر سبحانه أن من أطاع األحبار‬
‫َّللا َو ْال َمسِّي َح‬
‫ُون َّ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫د‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫مِّ‬ ‫ًا‬
‫ب‬ ‫ا‬‫{اتَّ َخذُوا أَحْ َ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ‬
‫ب‬ ‫ر‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬‫ه‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫ب‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ار‬ ‫ب‬ ‫والرهبان في تحليل ما حرم هللا‪ ،‬وتحريم ما‬
‫ابْنَ َم ْر َي َم َو َما أُمِّ ُروا إِّ َّال ِّل َي ْعبُدُوا إِّل ًها َواحِّ دًا ال إِّلهَ إِّال ه َُو‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع َّما يُ ْش ِّر ُكونَ [ }التوبة‪] 31 :‬‬ ‫س ْب َحا َنهُ َ‬
‫ُ‬ ‫أحله هللا؛ فقد اتخذهم أربابًا من دون هللا‪،‬‬

‫ولما سمع عدي ب ُن حاتم ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬هذه‬


‫اْلية‪ ،‬قال« ‪:‬يا رسول هللا‪ ،‬إنا لسنا نعبدهم‪ ،‬فقال له النبي‬
‫حرم هللا‬ ‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ :-‬أليسوا يُحلون ما َّ‬
‫فتحلونه‪ ،‬ويحرمون ما أحل هللا‬
‫فتحرمونه؟ قال ‪:‬بلى‪ ،‬قال ‪:‬فتلك عبادتهم »‬
‫قال الشي ُخ عبد الرحمن بن حسن ‪ -‬رحمه هللا ‪( :-‬وفي‬
‫أن طاعةَ األحبار والرهبان في معصية‬ ‫الحديث دليل على َّ‬
‫هللا عبادة لهم من دون هللا‪ ،‬ومن الشرك األكبر الذي ال‬
‫يغفره هللا؛‬
‫بقوله تعالى في آخر اْلية ‪:‬‬
‫س ْب َحا َنهُ‬ ‫{ َو َما أُمِّ ُروا إِّ َّال ِّل َي ْعبُدُوا إِّلَ ًها َواحِّ دًا َال إِّلَهَ إِّ َّال ه َُو ُ‬
‫ع َّما يُ ْش ِّر ُكونَ [ }التوبة‪]31 :‬‬ ‫َ‬
‫ونظير ذلك قوله تعالى ‪:‬‬
‫علَ ْي ِّه َوإِّ َّنهُ لَ ِّف ْس ٌق َوإِّ َّن‬ ‫{ َو َال تَأ ْ ُكلُوا مِّ َّما لَ ْم يُ ْذك َِّر ا ْس ُم َّ ِّ‬
‫َّللا َ‬
‫ط ْعت ُ ُموهُ ْم‬ ‫شيَاطِّ ينَ لَيُوحُونَ ِّإلَى أ َ ْو ِّل َيا ِّئ ِّه ْم ِّليُ َجا ِّدلُو ُك ْم َو ِّإ ْن أ َ َ‬ ‫ال َّ‬
‫ِّإ َّن ُك ْم لَ ُم ْش ِّر ُكونَ }‬
‫[األنعام‪] .121 :‬‬

‫‪33‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫قال تعالى‪:‬‬ ‫والعبادةُ‪:‬‬
‫ُون َما أ ُ ِّري ُد مِّ ْن ُه ْم مِّ ْن‬
‫س إِّ َّال ِّل َي ْعبُد ِّ‬ ‫{ َو َما َخ َل ْقتُ ْال ِّج َّن َو ْ ِّ‬
‫اإل ْن َ‬
‫ِّر ْزق َو َما أ ُ ِّري ُد أ َ ْن ي ْ‬ ‫هي التي خلق هللا الخلق من أجلها‬
‫الر َّزا ُق ذُو ْالقُ َّوةِّ‬ ‫ون ِّإ َّن َّ َ‬
‫َّللا ه َُو َّ‬ ‫ُط ِّع ُم ِّ‬
‫ْال َمتِّي ُن[ }الذاريات‪] .58 -56 :‬‬
‫<<‬

‫العبادات ما لم تشرع بدليل من الكتاب‬


‫قال النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم« ‪ -:‬من عمل ً‬
‫عمال ليس‬
‫والسنه يعتبر بدعة مردودة‪،‬‬
‫عليه أمرنا فهو رد»‬

‫قال تعالى لنبيه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم{ ‪ -:‬فَا ْستَ ِّق ْم َك َما‬ ‫المنهج السليم في فعل العبادات‪ ،‬وذلك‬
‫َطغ َْوا }‬ ‫أُمِّ ْرتَ َو َم ْن ت َ‬
‫َاب َمعَكَ َو َال ت ْ‬
‫باالستقامة في فعلها على الطريق المعتدل؛‬
‫لما علم ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بأن ثالثة من‬
‫أصحابه تقالوا في أعمالهم‪ ،‬حيث قال أحدهم ‪:‬أنا أصوم‬
‫وال أفطر‪ ،‬وقال اْلخر ‪:‬أنا أصلي وال أرقد‪ ،‬وقال‬
‫الثالث ‪:‬أنا ال أتزوج النساء‪ .‬قال ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫« ‪:‬أما أنا فأصوم وأفطر وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن‬
‫س َّنتي فليس مني‪» .‬‬
‫ُ‬

‫في بيان ركائز العبودية الصحيحة‬


‫قال تعالى في وصف عباده المؤمنين ‪:‬‬
‫{يُحِّ ُّب ُه ْم َويُحِّ بُّو َنهُ ])‪،‬‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫{ َوالَّذِّينَ آ َمنُوا أ َ َ‬
‫ش ُّد ُحبًّا ِّ َّ ِّ‬
‫َّلل[ }‬

‫سله وأنبيائه‪:‬‬ ‫وقال في وصف ُر ُ‬


‫ارعُونَ فِّي ْال َخي َْرا ِّ‬
‫ت َو َي ْدعُو َننَا َر َ‬
‫غبًا َو َر َهبًا‬ ‫س ِّ‬‫{ إِّ َّن ُه ْم كَانُوا يُ َ‬
‫َوكَانُوا لَنَا خَا ِّشعِّينَ }‬
‫[األنبياء‪]90 :‬‬

‫قال بعض السلف ‪:‬من عبد هللا بالحب وحده فهو زنديق‪،‬‬
‫ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ‪ ،‬ومن عبده بالخوف‬
‫وحده فهو حروري ومن عبده بالحب والخوف والرجاء‬
‫وحد‪ .‬ذكر هذا شي ُخ اإلسالم في‬ ‫فهو مؤمن ُم ِّ‬
‫رسالة (العبودية )وقال أيضًا‪( :‬فدين هللا‪ :‬عبادته وطاعته‬
‫والخضوع له‪،‬‬
‫قال العالمة ابن القيم في النونية‬ ‫هذه ركائز العبودية‬
‫عبادة ُ الرحمن غايةُ ُح ِّبه ‪ ...‬مع ذُ ِّل عابده هُما قطبان‬
‫ت القُطبان‬ ‫وعليهما فَلكُ العبادة ٌ‬
‫دائر ‪ ...‬ما دار حتى قام ِّ‬

‫‪34‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫والنفس‬
‫ِّ‬ ‫أمر َرسوله ‪ ...‬ال بالهوى‬
‫و َمدارهُ باألمر ِّ‬
‫والشيطان‬
‫ِّ‬
‫شبَّه ‪ -‬رح َمهُ هللا ‪ -‬دورانَ العبادة على المحبة والذل‬
‫للمحبوب‪ ،‬وهو هللا جل وعال؛ بدوران الفلك على قطبيه‪،‬‬
‫وذكر أن دوران فلك العبادة بأمر الرسول ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ -‬وما شرعه‪ ،‬ال بالهوى‪ ،‬وما تأمر به النفس‬
‫والشيطان فليس ذلك من العبادة‪ .‬فما شرعه الرسول ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬هو الذي يدير فلك العبادة‪ ،‬وال‬
‫تُديره البدع والخرافات واألهواء وتقليد اْلباء‪.‬‬

‫فمن أدلة الكتاب قوله تعالى ‪:‬‬ ‫األدلة من الكتاب والسنة والعقل على ثبوت‬
‫{ َو ِّ ََّّللِّ ْاأل َ ْس َما ُء ْال ُح ْسنَى فَا ْدعُوهُ ِّب َها َوذ ُروا الذِّينَ يُلحِّ دُونَ فِّي‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫األسماء والصفات‬
‫سيُجْزَ ْونَ َما كَانُوا َي ْع َملُونَ [ }األعراف‬ ‫أ َ ْس َما ِّئ ِّه َ‬
‫وقال تعالى‬
‫َّللا َال ِّإلَ َه ِّإ َّال ه َُو لَهُ ْاأل َ ْس َما ُء ْال ُح ْسنَى[ }طه‪{ ،] 8 :‬‬
‫{ ‪ُ َّ :‬‬

‫ب َوال َّ‬
‫ش َها َدةِّ ه َُو‬ ‫عا ِّل ُم ْالغَ ْي ِّ‬
‫َّللا الَّذِّي َال إِّلَهَ إِّ َّال ه َُو َ‬ ‫ه َُو َّ ُ‬
‫َّللا الَّذِّي َال ِّإلَهَ ِّإ َّال هُ َو ْال َم ِّلكُ ْالقُد ُ‬
‫ُّوس‬ ‫الرحِّ ي ُم ه َُو َُّ‬ ‫الرحْ َم ُن َّ‬ ‫َّ‬
‫َّللاِّ‬
‫س ْب َحانَ َّ‬ ‫َّار ْال ُمتَك َِّب ُر ُ‬‫يز ْال َجب ُ‬ ‫الس ََّال ُم ْال ُمؤْ مِّ ُن ْال ُم َهيْمِّ ُن ْال َع ِّز ُ‬
‫ص ِّو ُر لَهُ ْاأل َ ْس َما ُء‬ ‫ئ ْال ُم َ‬ ‫ار ُ‬ ‫َّللا ْالخَا ِّل ُق ْال َب ِّ‬
‫ع َّما يُ ْش ِّر ُكونَ ه َُو َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ض َوه َُو ْالعَ ِّزيزُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت َواأل ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س َم َ‬‫س ِّب ُح لَهُ َما فِّي ال َّ‬ ‫ْال ُح ْسنَى يُ َ‬
‫ْال َحكِّي ُم[ }الحشر‪] 24 -22 :‬‬
‫ومن األدلة على ثبوت أسماء هللا من سنة الرسول ‪ -‬صلى‬ ‫ومن األدلة على ثبوت أسماء هللا من سنة‬
‫هللا عليه وسلم ‪ :-‬ما رواه أبو هريرة رضي هللا عنه أن‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال« ‪:‬إن هلل تسعةً‬ ‫الرسول ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫وتسعين اس ًما‪ ،‬مائة إال واحدًا‪ ،‬من أحصاها دخل الجنة‪» .‬‬

‫ي‬‫بدليل ما رواه عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه أن النب َّ‬ ‫ليست أسما ُء هللا منحصرة في عدد‬
‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال« ‪:‬أسألُكَ ِّب ُك ِّل اسم هو لَكَ ‪،‬‬
‫س َّميتَ به نفسك‪ ،‬أو أنزلتَهُ في كتابكَ ‪ ،‬أو علَّمتهُ أحدًا من‬
‫خلقك‪ ،‬أو استأثرت به في علم الغيب عندك‪ ،‬أن تجعل‬
‫القرآن العظيم ربيع قلبي » ‪...‬‬
‫َّللا أ َ َح ٌد َّ ُ َّ‬
‫ص َم ُد لَ ْم َي ِّل ْد َولَ ْم يُولَ ْد َولَ ْم‬ ‫ال‬ ‫َّللا‬ ‫وقال تعالى{ ‪:‬قُلْ ه َُو َّ ُ‬ ‫كل اسم من أسماء هللا فإنه يتضمن صفة من‬
‫َي ُك ْن لَهُ ُكفُ ًوا أ َ َح ٌد[ }سورة اإلخالص‪] .4 - 1 :‬‬ ‫صفاته؛‬
‫عن أنس رضي هللا عنه قال« ‪:‬كانَ رج ٌل من األنصار‬
‫يؤمهم في مسجد قُباء‪ ،‬فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم‬
‫َّللا أ َ َح ٌد ) }حتى‬
‫في الصالة مما يقرأ به افتتح بـ { (قُلْ ه َُو َّ ُ‬
‫يفرغ منها‪ ،‬ثم كان يقرأ سورة أخرى معها‪ ،‬وكان يصن ُع‬
‫ذلك في كل ركعة‪ ،‬فكلَّمهُ أصحابهُ فقالوا ‪:‬إنك تفتتح بهذه‬
‫السورة‪ ،‬ثم ال ترى أنها تجزئك حتى تقرأ باألخرى! فإما‬
‫أن تقرأ بها‪ ،‬وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى‪ ،‬فقال ‪:‬ما أنا‬
‫بتاركها‪ ،‬إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلتُ ‪ ،‬وإن كرهتم‬
‫تركتكم‪ ،‬وكانوا يرون أنه من أفضلهم‪ ،‬وكرهوا أن يؤمهم‬

‫‪35‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫غيره‪ ،‬فلما أتاهم النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أخبروه‬
‫الخبر ‪.‬فقال ‪:‬يا فُالنُ‪ ،‬ما يمنعُك أن تفع َل ما يأمرك به‬
‫أصحابُك؟ وما حملَكَ على لُزوم هذه السُّورة في كل‬
‫ركعة؟ قال ‪:‬إنِّي أُحبُّها‪ ،‬قال ‪:‬حبُّكَ إياها أد َخلَكَ الج َّنة‪» .‬‬
‫«وعن عائشة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى هللا‬
‫رجال على سرية وكان يقرأ ألصحابه‬ ‫ً‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬بعثَ‬
‫َّللا أ َح ٌد ) }فلما رجعوا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫في صالتهم‪ ،‬فيخت ُم بـ { (قلْ ه َُو َّ ُ‬
‫ذكروا ذلك للنبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقال ‪:‬سلوه‪ :‬ألي‬
‫شيء يفع ُل ذلك؟ فسألوه‪ ،‬فقال ‪:‬ألنها صفةُ الرحمن‪ ،‬وأنا‬
‫ي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم»‪-:‬‬ ‫أحب أن أقرأ بها‪ ،‬فقال النب ُّ‬
‫<<‬
‫«أخبروه أن هللا تعالى يحبه ‪» .‬يعني أنها اشتملت على‬
‫الرحمن‪.‬‬ ‫ت َّ‬ ‫صفا ِّ‬
‫أن له وج ًها‪،‬‬ ‫وقد أخبر سبحانه َّ‬
‫فقال{ ‪َ :‬و َي ْبقَى َوجْ هُ َر ِّبكَ ذُو ْال َج َال ِّل َو ْ ِّ‬
‫اإل ْك َر ِّام[ }‬
‫وأن له يدين‪،‬‬
‫فقال{ ‪ِّ :‬ل َما َخلَ ْقتُ ِّب َيدَي{‬
‫طتَان[ }‬ ‫سو َ‬ ‫) َبلْ َيدَاهُ َم ْب ُ‬

‫ْس َكمِّ ْث ِّل ِّه َ‬


‫ش ْي ٌء َوه َُو السَّمِّ ي ُع‬ ‫كما قال تعالى{ ‪:‬لَي َ‬ ‫سنَّ ِّة والجماعة من السلف‬
‫‪ 2‬منهج أهل ال ُّ‬
‫ير[ }الشورى‪] 11 :‬‬ ‫ص ُ‬‫ْال َب ِّ‬ ‫الصالح وأتباعهم‬
‫‪-‬يَنفونَ عنها مشابهة صفات المخلوقين‬
‫الذين أنزل هللا فيهم قوله تعالى‬ ‫ُرف عنه إنكار األسماء‬ ‫وأول من ع َ‬
‫مِّن قَ ْب ِّل َها أ ُ َم ٌم ِّلتَ ْتلُ َو َ‬
‫علَ ْي ِّه ُم‬ ‫س ْلنَاكَ فِّي أ ُ َّمة قَ ْد َخلَتْ ْ‬ ‫{ ‪َ :‬كذَلِّكَ أ َ ْر َ‬ ‫والصفات‪:‬‬
‫الرحْ َم ِّن}‬ ‫الَّذِّي أ َ ْو َح ْينَا ِّإلَيْكَ َوهُ ْم َي ْكفُ ُرونَ ِّب َّ‬
‫أن قريشًا لما سمعت رسو َل هللا ‪-‬‬ ‫سببُ نزول هذه اْلية ‪َّ :‬‬ ‫بعض مشركي العرب‬ ‫ُ‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يذكر الرحمن؛ أنكروا ذلك‪ ،‬فأنزل‬
‫هللا فيهم{ ‪َ :‬وهُ ْم َي ْكفُ ُرونَ ِّب َّ‬
‫الرحْ َم ِّن‬
‫وذكر ابن جرير أن ذلك كان في صلح الحديبية؛ حين‬
‫كتب الكاتبُ في قضية الصلح الذي جرى بينهم وبين‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم " ‪ -:‬بسم هللا الرحمن‬
‫الرحيم "فقالت قريش‪ :‬أما الرحمن فال نَعرفهُ‪.‬‬
‫وروى اب ُن جرير أيضًا عن ابن عباس ‪:‬كان رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬يدعو ساجدًا يقول« " ‪:‬يا رحمن يا‬
‫رحيم " »فقال المشركون‪ :‬هذا َيزع ُم أنه يدعو واحدًا‪،‬‬
‫وهو يدعو مثنى‬
‫‪.‬فأنزل هللا{ ‪:‬‬
‫الرحْ َمنَ أَيًّا َما تَ ْدعُوا فَلَهُ ْاأل َ ْس َما ُء‬ ‫َّللا أ َ ِّو ا ْدعُوا َّ‬
‫قُ ِّل ا ْدعُوا َّ َ‬
‫ْال ُح ْسنَى[ }اإلسراء‪] .110 :‬‬
‫وقال تعالى في سورة الفرقان‬
‫ِّلرحْ َم ِّن قَالُوا َو َما‬ ‫{ ‪َ :‬وإِّذَا قِّي َل لَ ُه ُم ا ْس ُجدُوا ل َّ‬
‫الرحْ َم ُن[ }الفرقان‪60 :‬‬ ‫َّ‬
‫هؤالء المشركون هُم سلف الجهمية‪ ،‬والمعتزلة‬
‫واألشاعرة‪،‬‬

‫‪36‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫سهُ علي ًما‪ ،‬حلي ًما‪ ،‬وس َّمى بعض عباده علي ًما‪،‬‬ ‫س َّمى هللا نف َ‬ ‫واالشتراك في االسم والمعنى العام ال يوجب‬
‫علِّيم)يعني إسحاق‪،‬‬ ‫ش ُروهُ ِّبغُ َالم َ‬ ‫فقال{ ‪َ ):‬و َب َّ‬
‫االشتراك في الحقيقة‬
‫ش ْرنَاهُ ِّبغُ َالم َحلِّيم ](يعني‬ ‫وسمى آخر حلي ًما‪ ،‬فقال )‪ :‬فَ َب َّ‬
‫إسماعيل‪،‬‬
‫وليس العليم كالعليم‪ ،‬وال الحليم كالحليم‪،‬‬ ‫َ‬
‫وس َّمى نفسه فقال ‪:‬‬
‫يرا}‬
‫ص ً‬ ‫سمِّ يعًا َب ِّ‬ ‫َّللا كَانَ َ‬ ‫{ ِّإ َّن َّ َ‬
‫بصيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫ع‬
‫ً‬ ‫سمي‬ ‫عباده‬ ‫بعض‬ ‫ى‬ ‫[ وس َّم‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سانَ مِّ ْن نُطفَة أ ْمشَاج َن ْبتَلِّي ِّه فَ َجعَلنَاهُ‬ ‫اإل ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فقال{ ‪:‬إِّ َّنا َخلقنَا ِّ‬
‫يرا[ }اإلنسان‪،] 2 :‬‬ ‫ص ً‬ ‫سمِّ يعًا َب ِّ‬ ‫َ‬
‫البصير كالبصير‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ليس السمي ُع كالسَّميع وال‬
‫وس َّمى نفسه بالرؤوف الرحيم‬
‫وف َرحِّ ي ٌم)‬ ‫اس لَ َر ُء ٌ‬ ‫َّللا ِّبال َّن ِّ‬
‫فقال ‪ (:‬إِّ َّن َّ َ‬
‫بعض عباده رؤوفًا رحي ًما‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وس َّمى‬
‫ع ِّنت ْمُّ‬ ‫َ‬
‫عل ْي ِّه َما َ‬ ‫ٌ‬
‫ع ِّزيز َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫سول مِّ ن أنف ِّسك ْم َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫فقال{ ‪:‬لقد َجا َءك ْم َر ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وف َرحِّ ي ٌم[ }التوبة‪،] 128 :‬‬ ‫علَ ْي ُك ْم ِّب ْال ُمؤْ مِّ نِّينَ َر ُء ٌ‬ ‫يص َ‬ ‫َح ِّر ٌ‬
‫كالرحيم‬ ‫وليس الرؤوف كالرؤوف‪ ،‬وال الرحي ُم َّ‬

‫ش ْيء مِّ ْن ع ِّْلمِّ ِّه[ }البقرة‪:‬‬ ‫طونَ ِّب َ‬ ‫مثل قوله{ ‪َ :‬و َال يُحِّ ي ُ‬
‫سهُ بصفاتٍّ‪ ،‬ووص َ‬
‫َف عباده‬ ‫وكذلك وصف نف َ‬
‫سهُ بالعلم‪ ،‬ووصف عباده بالعلم‪،‬‬ ‫‪] 255‬فوصف نف َ‬ ‫بنظير ذلك‬
‫فقال{ ‪َ :‬و َما أُوتِّيت ُ ْم مِّ نَ ْالع ِّْل ِّم ِّإ َّال قَل ً‬
‫ِّيال )‬
‫‪ ،‬وقال ‪َ (:‬وفَ ْوقَ ُك ِّل ذِّي ع ِّْلم َ‬
‫علِّي ٌم}‬
‫وقال{ ‪َ :‬وقَا َل الَّذِّينَ أُوتُوا ْالع ِّْل َم}‬
‫[ ‪ ،‬ووصف نفسه بالقوة فقال‬
‫ع ِّز ٌ‬
‫يز }‬ ‫ي َ‬ ‫َّللا لَقَ ِّو ٌّ‬
‫{ ‪:‬إِّ َّن َّ َ‬
‫الر َّزا ُق ذُو ْالقُ َّوةِّ ْال َمتِّي ُن‬ ‫َّللا ه َُو َّ‬ ‫[ ِّإ َّن َّ َ‬
‫}‪ ،‬ووصف عبادهُ بالقوة فقال‪:‬‬
‫ض ْعف ث ُ َّم َجعَ َل مِّ ْن َب ْع ِّد َ‬
‫ض ْعف قُ َّوة ً‬ ‫َّللا الَّذِّي َخلَقَ ُك ْم مِّ ْن َ‬ ‫{ َّ ُ‬
‫ش ْي َبةً[ }الروم‪:‬‬ ‫ض ْعفًا َو َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫و‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫د‬
‫ِّ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫مِّ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ث ُ َّم َ َ‬
‫ع‬ ‫ج‬

‫لهذا قال إبراهيم ألبيه{ ‪:‬ل َِّم تَ ْعبُ ُد َما َال َي ْس َم ُع َو َال‬ ‫أنَّ الذي ليس له صفات كمال ال يصلح أن‬
‫ْص ُر[ }مريم‪] .42 :‬‬ ‫يُب ِّ‬ ‫يكون إل ًها‬
‫وقال تعالى في الرد على الذين عبدوا العجل{ ‪:‬أَلَ ْم َي َر ْوا‬
‫يال[ }األعراف‪:‬‬ ‫أ َ َّنهُ َال يُك َِّل ُم ُه ْم َو َال َي ْهدِّي ِّه ْم َ‬
‫س ِّب ً‬

‫ال بد من إثبات أسماء هللا وصفاته على الوجه الالئق‬ ‫نفى عن نفسه ُمماثلة األشياء‪ ،‬وأثبت له‬
‫باهلل‪ ،‬مع نفي مشابهة المخلوقين‪ ،‬كما قال تعالى{ ‪:‬لَي َ‬
‫ْس‬ ‫السمع والبصر‪ ،‬فدل على أن إثبات الصفات‬
‫ير[ }الشورى‪] .11 :‬‬ ‫ش ْي ٌء َوه َُو السَّمِّ ي ُع ْال َب ِّ‬
‫ص ُ‬ ‫َكمِّ ْث ِّل ِّه َ‬
‫ال يلزم منه التشبيه‪ ،‬وعلى وجوب إثبات‬
‫الصفات مع نفي المشابهة‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫اميرة المزيني (دعواتكم )‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ملخص إسالمي مقرر مختصر في العقيدة لصفحه‪62‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الدين اإلسالمي‬
‫الدين اإلسالمي‪ :‬هو الدين الذي بعث هللا به محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم ختم هللا به األديان واكمله لعباده واتم به عليهم النعمة ورضيه‬
‫لهم دينا فال يقبل من احد دينا سواه‬
‫االدله‪:‬‬
‫اَّللِ َو َخ َاَتَ النَّبِيِني{األحزاب ‪40‬‬
‫ول َّ‬‫َح ٍد ِم ْن ِر َجالِ حك ْم َولَ ِك ْن َر حس َ‬
‫} َما َكا َن حُمَ َّم ٌد أ َََب أ َ‬
‫اْل ْس ََل َم ِدينًا{‬
‫يت لَ حكم ِْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َعلَْي حك ْم ن ْع َم ِِت َوَرض ح ح‬
‫ِ‬
‫ت لَ حك ْم دينَ حك ْم َوأ َْْتَ ْم ح‬
‫} الْيَ ْوَم أَ ْك َملْ ح‬
‫املائده‪3‬‬
‫اَّللِ ِْ‬
‫اْل ْس ََلم{ آل عمران ‪19‬‬ ‫ين ِعْن َد َّ‬ ‫} إِ َّن ِ‬
‫الد‬
‫َ‬
‫اْلس ََلِم ِدينًا فَلَن ي ْقبل ِمْنه وهو ِِف اْلَْ ِخرةِ ِمن ا ْْلَ ِ‬
‫ين{‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫اس‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ح َ َ ح َ حَ‬ ‫} َوَم ْن يَْب تَ ِغ َغ َْْي ِْ ْ‬
‫آل عمران ‪85‬‬
‫قد فرض هللا تعاىل على مجيع الناس أن يدينوا هلل تعاىل به‬
‫فقال خماطبا رسوله صلى هللا عليه وسلم‬
‫(قل يأيُّها ٱل َّناس إني رسول ٱ َّّلل إليكم جمي ًعا ٱلَّذي لهۥ ملك ٱل َّ‬
‫سموت‬
‫ٱّلل ورسوله ٱل َّنبي وٱألرض ّل إله إ َّّل هو يحيۦ ويميت ف‬ ‫ََامنوا ب َّ‬
‫ٱّلل وكلمتهۦ وٱتَّبعوه لعلَّكم تهتدون) األعراف‬ ‫ٱألمي ٱلَّذي يؤمن ب َّ‬
‫‪158‬‬
‫ولقد روى مسلم عن ابي هريره رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم انه قال‪(:‬والذي نفس محمد بيده ّل يسمع بي احد من‬
‫هذه اّلمه يهودي‘ وّل نصراني ثم يموت‘ ولم يؤمن بالذي أرسلت به‬
‫اّل كان من أصحاب النار)‬
‫واّليمان تصديق ما جاء به مع القبول واّلذعان ّل مجرد تصديق‬
‫ولهذا لم يكن أبو طالب مؤمنا بالرسول صلى هللا عليه وسلم مع‬
‫تصديقه لما جاء به وشهادته بانه من خير األديان‬

‫والدين اإلسالمي متضمن لجميع المصالح التي تضمنتها األديان‬


‫السابقه متميز عليه بكونه مصلح لكل زمان ومكان وامه‬
‫قال هللا تعالى مخاطبا رسولة صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫اب َوحم َهْي ِمنًا َعلَْي ِه)‬
‫ني ي َديِْه ِمن الْ ِكتَ ِ‬ ‫(وأَنْزلْنَا إِلَيك الْ ِكتاب َِب ْْل ِق م ِ ِ‬
‫َ‬ ‫صدقًا ل َما بَ َْ َ‬
‫َ َ َْ َ َ َ حَ‬
‫املائده ‪48‬‬
‫الدين اْلسَلمي هو دين اْلق الذي ضمن هللا تعاىل ملن ْتسك به حق التمسك أن‬
‫ينصره ويظهره على من سواه‬
‫قال تعاىل‪:‬‬

‫الدي ِن حكلِ ِه َولَ ْو َك ِرَه‬


‫(هو الَّ ِذي أَرسل رسولَه َِب ْْل َدى وِدي ِن ا ْْل ِق لِيظْ ِهره علَى ِ‬
‫َ ح َح َ‬ ‫ََْ َح ح ح َ‬ ‫حَ‬
‫الْ حم ْش ِرحكو َن) التوبه ‪33‬‬
‫وقال تعاىل‪:‬‬
‫ف‬ ‫َّه ْم ِِف ْاأل َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل الَّ ِذين آَمنحوا ِمْن حكم وع ِملحوا َّ ِ ِ‬
‫استَ ْخلَ َ‬ ‫ض َك َما ْ‬ ‫الصاْلَات لَيَ ْستَ ْخل َفن ح‬ ‫ْ ََ‬ ‫( َو َع َد َّح َ َ‬
‫َّه ْم ِم ْن بَ ْع ِد َخ ْوفِ ِه ْم أ َْمنًا‬ ‫ِ‬
‫ضى َْلحْم َولَيحبَدلَن ح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ِم ْن قَ ْبل ِه ْم َولَيح َم ِكنَ َّن َْلحْم دينَ حه حم الَّذي ْارتَ َ‬
‫َ‬ ‫ذ‬‫الَّ ِ‬
‫اس حقو َن)‬‫ك هم الَْف ِ‬ ‫ك فَأحولَئِ‬ ‫ي عب حدونَِِن َال ي ْش ِرحكو َن ِِب َشي ئا ومن َك َفر ب ع َد َذلِ‬
‫ح‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ًْ َ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ح‬ ‫َ ْح‬
‫النور ‪55‬‬
‫والدين اْلسَلمي عقيده وشريعه فهو كامل ِف عقيدته وشرائعه أيمر بتوحيد هللا تعاىل‬
‫وينهى عن الشرك‬
‫أيمر َبلصدق وينهى عن الكذب‬
‫أيمر َبلعدل ينهى عن اجلور‬
‫أيمر َبألمانه ينهى عن اْليانه‬
‫أيمر َبلوفاء ينهى عن الغدر‬
‫أيمر برب الوالدين ينهى عن العقوق‬
‫أيمر بصلة االرحام وهم األقارب وينهى عن العقيده‬
‫أيمر حبسن اجلوار وينهى عن سيئه‬
‫وعموم القول ان اْلسَلم أيمر بكل خلق فاضل وينهى عن كل خلق سافل وأيمر‬
‫بكل عمل صاحل وينهى عن كل عمل سيء‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ان َوإِيتَ ِاء ِذي الْ حق ْرََب َويَْن َهى َع ِن الَْف ْح َش ِاء َوالْ حمْن َك ِر‬
‫اْلحس ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫(إِ َّن َّ‬
‫اَّللَ َأيْ حم حر َبلْ َع ْدل َو ْ ْ َ‬
‫َوالْبَ ْغ ِي يَعِظح حك ْم لَ َعلَّ حك ْم تَ َذ َّك حرو َن)النحل ‪90‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬خصائص العقيده االسَلميه‬
‫العقيده االسَلميه عماد هذا الدين وقاعدته وسر قوته وظهوره على‬
‫الدين كله ملا تتضمنه من خصائص منها‬
‫‪.1‬سَلمة مصدر التلقي وذلك َبعتمادها على الكتاب والسنه وامجاع السلف‬
‫الصاحل‬
‫‪.2‬اهنا تقوم على التسليم هلل ورسوله صلى هللا عليه وسلم وذلك اهنا غيب‬
‫والغيب يقوم على التسليم‬
‫‪.3‬الوضوح والسهولة والبيان والسَلمة من االضطراب واللبس‬
‫‪.4‬التوحيد هلل َبلعباده وللنيب صلى هللا عليه وسلم َبالتباع‬
‫‪.5‬موافقة الفطره السليمه الِت فطر هللا الناس عليها‬
‫‪ .6‬موافقة العقل الصريح السامل من الشبهات والشهوات‬
‫‪.7‬الشمول فَل تدع جانبا من جوانب الكون واْلياه واالنسان اال بينته‬
‫‪. 8‬التشابه فبعضها يصدق بعضها فَل تتناقض وال تتفاوت ِف مفرداهتا‬
‫‪.9‬الوسطيه فهي ميزان االعتدال بني االفراط والتفريط بني خمتلف املقاالت‬
‫وقد امثرت هذه اْلصائص الثمار التاليه‬
‫‪.1‬حتقيق العبوديه لرب العاملني‬
‫‪.2‬حتقيق االتباع لرسول رب العاملني‬
‫‪.3‬الراحه النفسيه وطمأنينة القلب َبلصله َبْلالق املدبر اْلكيم‬
‫‪.4‬القناعه الفكرية والسَلمة من التناقض واْلرافه‬
‫‪.5‬تلبية حاجات الروح وحاجات اجلسد والتكامل بني االعتقاد والسلوك‬
‫‪.6‬نصر أهلها وْتكينهم ورفع قدرهم وسَلمتهم واجتماعهم وإلفتهم ومحايتهم‬
‫من التخبط والفوضى وحسن اخَلقهم وسلوكهم وحياهتم الكرمية‬
‫املطلب الثالث‪:‬أصول التلقي واالستدالل ِف العقيده‬
‫‪.1‬مصدر العقيده هو كتاب هللا والسنه وامجاع السلف الصاحل‬
‫‪.2‬كل ما صح من سنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وجب قبوله والعمل به‬
‫‪.3‬املرجع ِف فهم الكتاب والسنه هو النصوص املبينه ْلا وفهم السلف الصاحل‬
‫وال يعارض ما ثبت من ذلك مبجرد احتماالت لغويه‬
‫‪.4‬اصول الدين كله قد بينها النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪.5‬التسليم هلل ولرسوله صلى هللا عليه وسلم ظاهرا وَبطنا فَل يعارض شيء من‬
‫الكتاب والسنه بقياس وال ذوق وال كشف وال قول شيخ وال امام وال حنو‬
‫ذلك‬
‫‪.6‬العقل الصريح موافق للنقل الصحيح‬
‫‪.7‬جيب االلتزام َباللفاظ الشرعيه ِف العقيده وجتنب االلفاظ البدعيه‬
‫‪.8‬العصمه اثبته للرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ِ.9‬ف االمه ُمدثون ملهمون كعمر بن اْلطاب والرؤاي الصاْله حق والفراسه‬
‫الصادقه حق بشرط موافقتها للشرع‬
‫‪.10‬املراء ِف الدين مذموم واجملادله َبْلسىن مشروعه‬
‫‪.11‬جيب االلتزام مبنهج الوحي ِف الرد كما جيب ِف االعتقاد والتقرير‬
‫‪.12‬كل ُمدثه ِف الدين بدعه وكل بدعه ظَلله‬
‫الفصل األول‪ :‬اسا العقيده وتعريفها وتعريف التوحيد واالميان وضدمها‬
‫املطلب األول‪ :‬أساس العقيدة‬
‫هو االميان َبهلل ومَلئكتة وكتبه ورسله واليوم االخر والقدر خْية وشره‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ني)‬‫ِ‬
‫ي‬‫ِ‬‫ب‬‫َّ‬
‫ن‬ ‫ال‬
‫و‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ا‬‫َ‬‫ت‬‫ك‬‫(ولَ ِك َّن الِْ َّرب من آَمن َِب ََّّللِ والْي وِم اْلَْ ِخ ِر والْم ََلئِ َك ِة والْ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ ََ‬ ‫َ‬
‫البقره ‪177‬‬
‫قال تعاىل‬
‫ول ِمبَا أحنْ ِزَل إِلَْي ِه ِم ْن َربِِه َوالْ حم ْؤِمنحو َن حكلٌّ آَ َم َن َِب ََّّللِ َوَم ََلئِ َكتِ ِه َوحكتحبِ ِه َوحر حسلِ ِه)‬
‫الر حس ح‬
‫(آَ َم َن َّ‬
‫البقرة ‪285‬‬
‫قال تعاىل‬
‫اب الَّ ِذي نََّزَل َعلَى رسولِِه والْكِتَ ِ‬
‫اب الَّ ِذي أَنْ َزَل ِم ْن‬ ‫(اي أَيُّ َها الَّ ِذين آَمنحوا آَِمنحوا َِب ََّّللِ ورسولِِه والْكِتَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫ح‬ ‫ََ ح َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ََلًال بَعِ ً‬
‫يدا)‬ ‫قَْب حل َوَم ْن يَ ْك حف ْر َِب ََّّلل َوَم ََلئِ َكتِ ِه َوحكتحبِ ِه َوحر حسل ِه َوالْيَ ْوم ْاْلَ ِخ ِر فَ َق ْد َ‬
‫ض َّل َ‬
‫النساء ‪136‬‬
‫وقال النيب صلى هللا عليه وسلم جلربيل عليه السَلم ملا سأله عن االميان‪" :‬ان تؤمن َبهلل‬
‫ومَلئكته وكتبه ورسله واليوم االخر وتؤمن َبلقدر خْيه وشره"‬

‫املطلب الثاين‪ :‬شهادة ال اله اال هللا‬

‫كلمة التوحيد (ال اله اال هللا) هي أساس الدين وحصنه اْلصني وطريقه القومي وصراطه‬
‫املستقيم‬

‫وْلذه الكلمه املكانه العظمى ِف دين اْلسَلم فهي اول ركن من اركان اْلسَلم واعلى شعبه‬
‫من شعب االميان وهي اول واجب على املكلف واخر واجب عليه وقبول االعمال متوقف‬
‫على النطق هبا والعمل مبقتضاها‬

‫املعىن األول‪ :‬معناها اْلق (ال معبود حبق اال هللا)‬

‫وال يصح تفسْي هذه الكلمه أبن ال قادر على االخرتاع اال هللا ملا يلي‪:‬‬

‫‪.1‬ان كفار قريش واملشركني ِف اجلاهليه ال ينكرون َبنه ال خالق اال هللا او ال قادر على‬
‫االخرتاع اال هللا‬

‫قال هللا تعاىل ِف شأهنم‬

‫اَّللح) لقمان ‪25‬‬


‫ض لَيَ حقولح َّن َّ‬ ‫(ولَئِن سأَلْتَهم من خلَق َّ ِ‬
‫الس َم َوات َو ْاأل َْر َ‬ ‫َ ْ َ حْ َ ْ َ َ‬
‫‪.2‬ان كفار قريش ملا قال ْلم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬قولوا ال اله اال هللا"‬
‫كما اخرب هللا تعاىل عنهم قالوا‬
‫اب) ص ‪5‬‬ ‫ج‬‫ع‬ ‫ء‬ ‫ي‬‫ش‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫ا‬‫د‬‫ً‬ ‫(أَجعل اْلَِْْلةَ إِ َْلا و ِ‬
‫اح‬
‫ح‬
‫ٌْ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ً َ‬
‫انكروا ان تكون العباده كلها هلل وحده ال شريك له وبه يعلم ان معناها ال معبود حبق‬
‫اال هللا‬
‫كما قال تعاىل‬
‫َن ما ي ْدعو َن ِمن دونِِه هو الْب ِ‬ ‫ك ِأب َّ‬ ‫ِ‬
‫اط حل) اْلج ‪62‬‬‫اَّللَ حه َو ا ْْلَ ُّق َوأ َّ َ َ ح ْ ح ح َ َ‬
‫َن َّ‬ ‫( َذل َ‬

‫املعىن الثاين ركنا هذه الشهاده‬


‫للشهاده ركنان نفي ِف قول (ال اله) واثبات ِف قول (اال هللا)‬
‫ف (ال اله)نفت االلوهيه عن كل ما سوى هللا و(اال هللا) اثبتت االلوهية هلل وحده ال‬
‫شريك له‬

‫املعىن الثالث هل يكفي جمرد النطق بَل اله اال هللا؟ ال يكفي‬
‫فمن قال هذه الكلمه عاملا مبعناها عامَل مبقتضاها من نفي شرك واثبات الوحدانية‬
‫مع االعتقاد اجلازم ملا تضمنته والعمل به فهو املسلم حقا ومن عمل هبا من غْي‬
‫اعتقاد فهو املنافق ومن عمل خبَلفها من الشرك فهو املشرك وان قاْلا بلسانه‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تعريف العقيده والتوحيد‬
‫تعريف العقيده‬
‫لغةً‪ :‬مأخوذ من العقد وهو الشد والربط وااليثاق والثبوت واْلحكام‬
‫اصطَلحاً‪ :‬االميان اجلازم َبهلل تعاىل ومبا جيب له من التوحيد واالميان مبَلئكته وكتبه‬
‫ورسله واليوم االخر وَبلقدر خْيه وشره ومبا يتفرع عن هذه األصول ويلحق هبا‬
‫تعريف التوحيد‬
‫لغةً‪ :‬من الوحدة أي االفراد‬
‫اصطَلحاً‪ :‬افراد هللا مبا خيتص به وجيب له من االلوهية والربوبيه واالمساء والصفات‬
‫وقد فطر هللا تعاىل بِن آدم على االميان به تعاىل وتوحيده فاالنسان يولد مؤمنا بوجود‬
‫هللا تعاىل وانه ال اله غْيه وال رب سواه فلو ترك على اصل فطرته لنشأ موحداً هلل تعاىل‬
‫قال تعاىل‬
‫اَّللِ الَِِّت فَطَر النَّاس علَي ها َال تَب ِديل ِْل ْل ِق َِّ ِ‬ ‫(فَأَقِم وجه ِ ِ ِ ِ‬
‫ك‬
‫اَّلل َذل َ‬ ‫َ َ َ َْ ْ َ َ‬ ‫ت َّ‬ ‫ك للدي ِن َحني ًفا فطَْر َ‬ ‫ْ َ َْ َ‬
‫ين الْ َقيِ حم َولَ ِك َّن أَ ْكثََر الن ِ‬
‫َّاس َال يَ ْعلَ حمو َن) الروم ‪30‬‬ ‫ِ‬
‫الد ح‬
‫وقد قال النيب صلى هللا عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث اِب هريرة‪:‬‬
‫"ما من مولود اال يولد على الفطره فأبواه يهودانه او ينصرانه او ميجسانه"‬
‫من حقق التوحيد دخل اجلنه‬
‫احملققون للتوحيد على درجات متفاوته لكن شرط حتقيق التوحيد ختليصه من احد‬
‫نواقضة املخرجه من الدين واملله مث بعد ذلك الناس ِف حتقيقه على قسمني‬

‫األول حتقيق واجب‪ :‬وهو ختليصه من األمور احملرمه كالشرك األصغر والدع واملعاصي‬
‫مع فعل الواجبات الشرعيه والناس ِف هذا على درجات‬

‫الثاين حتقيق مستحب‪ :‬وهو ختليصه من األمور املكروهه مع فعل القرَبت املستحبه‬
‫والناس ِف هذا على درجات متفاوته‬
‫املطلب الرابع‪ :‬تعريف الشرك األكرب‬
‫الشرك ِف اللغه‪ :‬خَلف االنفراد ويطلق على معىن النصيب واْلصه‬
‫الشرك األكرب‪ :‬تسوية غْي هللا َبهلل ِف شيء من خصائص هللا‬
‫والدليل قولة تعاىل‬
‫ني) الشعراء ‪98-97‬‬ ‫ِ‬ ‫ض ََل ٍل حمبِ ٍ‬
‫ني (‪ )97‬إِ ْذ نحس ِوي حكم بِر ِ‬ ‫( َت ََّّللِ إِ ْن حكنَّا لَِ‬
‫ب الْ َعالَم َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ف‬
‫ين َك َف حروا بَِرهبِِ ْم يَ ْع ِدلحو َن) االنعام ‪1‬‬ ‫ِ‬
‫وقوله تعاىل ( حمثَّ الَّذ َ‬
‫وما رواه النسائي إبسناد حسن عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ :‬ان رجَل دخل على‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬ما شاء هللا وشئت فقال الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ":‬أجعلتِن هلل ندا؟ بل ما شاء هللا وحده "‬
‫فرع‪ :‬اذا كانت التسويه ِف االعتقاد فهي شرك اكرب ملا سبق من االدله أبن يعتقد انه‬
‫يساوي هللا عز وجل ِف التعظيم والتدبْي واملشيئه والتوكل‬
‫فرع‪ :‬اذا كانت التسويه ِف اللفظ ال ِف االعتقاد فهي شرك اصغر ملا رواه الشيخان‬
‫عن ابن عمر رضي هللا عنهما‪ :‬انه ادرك عمر بن اْلطاب ِف ركب وهو حيلف َببيه‬
‫فناداهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬اال ان هللا ينهاكم ان حتلفوا آبَبئكم فمن‬
‫كان حالفا فليحلف َبهلل واال فليصمت" رواه مسلم‬
‫املطلب اْلامس‪ :‬الفرق بني الشرك والكفر‬
‫القول األول‪ :‬ان كل شرك كفر وليس كل كفر شرك فالكفر ضد االميان واْلسَلم‬
‫والشرك ضد التوحيد فيخص الشرك بقصد االواثن وحنوها فيكون الكفر اعم‬
‫اذ ِف اللغه‪ :‬بينهما فرق فمن مث يكون ِف الشرع النه نزل بلغة العرب‬
‫ولقوله تعاىل‪:‬‬

‫ني َح ََّّت ََتْتِيَ حه حم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫( َملْ ي حك ِن الَّ ِذين َك َفروا ِمن أ َْه ِل الْ ِكتَ ِ‬
‫اب َوالْ حم ْش ِرك َ‬
‫ني حمْن َفك َ‬ ‫َ ح ْ‬ ‫َ‬
‫الْبَ يِنَةح) البينه ‪1‬‬

‫القول الثاني‪ :‬انهما اسمان لمسمى واحد فهما سواء وعزا ابن‬
‫حزم هذا القول للشافعي وغيره‬
‫املطلب السادس‪ :‬حكم الشرك األكرب‬
‫الشرك األكرب‪ :‬أعظم ذنب عصي هللا به فهو اكرب الكبائر واعظم الظلم‬
‫قال تعاىل ‪ (:‬ان الشرك لظلم عظيم) لقمان ‪13‬‬
‫ولذلك رتب الشرع عليه عقوَبت عظيمه أمهها‬
‫‪.1‬ان هللا ال يغفره اذا مات صاحبه ومل يتب منه‬
‫ك لِ َم ْن يَ َشاءح) النساء ‪48‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّللَ َال يَ ْغف حر أَ ْن يح ْشَرَك بِِه َويَ ْغف حر َما حدو َن َذل َ‬
‫قال تعاىل‪( :‬إِ َّن َّ‬
‫‪.2‬ان صاحبه خارج عن ملة اْلسَلم حَلل الدم واملال‬
‫ِ‬
‫وه ْم‬
‫وه ْم َو حخ حذ ح‬
‫ث َو َج ْدحْتح ح‬ ‫قال تعاىل‪( :‬فَِإ َذا انْ َسلَ َخ ْاألَ ْش حه حر ا ْْلححرحم فَاقْ تحلحوا الْ حم ْش ِرك َ‬
‫ني َحْي ح‬
‫وه ْم) التوبه ‪5‬‬ ‫ص حر ح‬‫اح ح‬ ‫َو ْ‬
‫‪.3‬ان هللا تعاىل ال يقبل من املشرك عمل‬
‫ورا ) الفرقان ‪23‬‬‫ث‬
‫ح‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫اء‬
‫ل فجعلْن ه هب ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫قال تعاىل‪( :‬وقَ ِدمنَا إِ َىل ما ع ِملحوا ِ‬
‫م‬
‫ًَ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫‪.4‬حيرم ان يتزوج املشرك مبسلمه كما حيرم ان يتزوج املسلم مشركه‬
‫ات َح ََّّت يح ْؤِم َّن َوَأل ََمةٌ حم ْؤِمنَةٌ َخ ٌْْي ِم ْن حم ْش ِرَك ٍة َولَ ْو‬
‫قال تعاىل‪( :‬وَال تَ ْن ِكحوا الْم ْش ِرَك ِ‬
‫ح ح‬ ‫َ‬
‫ني َح ََّّت يح ْؤِمنحوا َولَ َعْب ٌد حم ْؤِم ٌن َخ ٌْْي ِم ْن حم ْش ِرٍك َولَ ْو‬ ‫ِ‬
‫حوا الْ حم ْش ِرك َ‬
‫ِ‬
‫أ َْع َجبَ ْت حك ْم َوَال تحْنك ح‬
‫أ َْع َجبَ حك ْم) البقره ‪221‬‬
‫‪. 5‬اذا مات املشرك فَل يغسل وال يكفن وال يصلى عليه وال يدفن ِف مقابر املسلمني‬
‫وامنا حيفر له حفره بعيده عن الناس ويدفن فيها لئَل يؤذي الناس برائحته الكريهه‬

‫ومن االحكام االخرويه‬


‫ان دخول اجلنه عليه حرام وهو خملد ِف انر اجلحيم‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫اَّلل علَي ِه ا ْجلنَّةَ ومأْواه النَّار وما لِلظَّالِ ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫صار)‬
‫ني م ْن أَنْ َ‬
‫َ‬ ‫(إِنَّهح َم ْن يح ْش ِرْك َِب ََّّلل فَ َق ْد َحَّرَم َّح َ ْ َ َ َ َ ح ح َ َ‬
‫املائده ‪72‬‬
‫املطلب السابع‪ :‬تعريف الشرك األصغر‬
‫كل ما كان ذريعه للشرك األكرب وجاء ِف النصوص تسميته شركا‬
‫اما حكمه‪:‬‬
‫‪.1‬انه خيالف الشرك األكرب ِف مجيع ما مضى من االحكام‬
‫‪.2‬انه كبْية من كبائر الذنوب بل هو من اكرب الذنوب بعد نواقض التوحيد‬
‫‪.3‬ان هذا الشرك قد يعظم حَّت يؤول بصاحبه اىل الشرك األكرب املخرج من ملة‬
‫اْلسَلم‬
‫‪.4‬ان من مات على الشرك األصغر فموضع خَلف هل يكون داخَل حتت املشيئه‬
‫او ال؟ فذهب بعض العلماء اىل انه ال يغفر والبعض االخر انه حتت املشيئه‬
‫‪.5‬انه اذا صاحب العمل الصاحل ابطل ثوابه كما ِف الرايء وإرادة املسلم بعمله الصاحل‬
‫الدنيا وحدها‬
‫والدليل قولة صلى هللا عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعَل فيما رواه مسلم عن‬
‫اِب هريره قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬قال هللا تبارك وتعاىل‪" :‬اان اغىن‬
‫الشركاء عن الشرك من عمل عمَل اشرك فيه معي غْيي تركته وشركه"‬
‫املطلب الثامن‪ :‬تعريف الكفر‬
‫الكفر ِف اللغه‪ :‬السرت والتغطيه‬
‫وِف االصطَلح‪ :‬الكفر عدم االميان‬
‫والكفر األكرب‪ :‬هو تكذيب او استحَلل او استكبار او اعراض او شك ِف شيء مما‬
‫جاء به الشرع فالكفر األكرب يكون َبالعتقاد والقول والفعل ولو مل يكن مع أي‬
‫منهما اعنقاد‬
‫حكمه حكم الشرك األكرب‬
‫له أنواع كثْيه أمهها‬
‫‪.1‬كفر االنكار والتكذيب‪ :‬وهو ان ينكر املكلف شيئا من أصول الدين او احكامه‬
‫او اخباره الثابته ثبوت قطعيا‬
‫ومن امثلة هذا النوع من الكفر األكرب‬
‫‪.1‬ان ينكر شيئا من اركان االميان او أصول الدين‬
‫‪.2‬او ينكر وجود احد املَلئكه كجربيل‬
‫‪.3‬او ينكر كتاَب من كتب هللا كزبور او التوراة‬
‫الكتاب صفحه ‪ 23‬و ‪24‬‬
‫النوع الثاين كفر الشك‬
‫هو ان يرتدد املسلم ِف اميانه بشيء من أصول الدين‬
‫او ال جيزم ِف تصديقه ِف خرب او حكم اثبت معلوم من الدين َبلضرورة‬
‫االمثله ص ‪25‬‬
‫النوع الثالث كفر االمتناع واالستكبار‬
‫وهو ان يصدق أبصول اْلسَلم واحكامه بقلبه ولسانه ولكن يرفض االنقياد جبوارحه‬
‫ْلكم من احكامه استكبارا وترفعا‬
‫االمثله ص ‪25‬‬
‫النوع الرابع كفر السب واالستهزاء‬
‫وهو ان يستهزئ املسلم او يسب شيئا من دين هللا تعاىل مما هو معلوم من الدين‬
‫َبلضرورة او مما يعلم هو انه من دين هللا تعاىل‬
‫االمثله ص ‪26‬‬
‫النوع اْلامس كفر البغض‬
‫وهو ان يكره دين اْلسَلم فقد امجع اهل العلم على ان من ابغض دين هللا كفر‬
‫االمثله ص ‪26‬‬
‫النوع السادس كفر االعراض‬
‫واالعراض عن دين هللا قسمان‬
‫القسم األول االعراض املكفر‬
‫وهو ان يرتك املرء دين هللا ويتوىل عنه بقلبه ولسانه وجوارحه او ان يرتكه جبوارحه مع‬
‫تصديقه بقلبه ونطقه َبلشهادتني‬
‫وهذا القسم له ثَلث صور‬
‫الصورة األوىل االعراض عن االستماع ألوامر هللا عز وجل كحال الكفار الذين هم‬
‫َبقون على ادايهنم احملرفه او الذين ال دين ْلم‬

‫الصورة الثانيه االعراض عن االنقياد لدين اْلق وعن أوامر هللا تعاىل بعد استماعها‬
‫ومعرفتها وذلك بعدم قبوْلا فيرتك ما هو شرط ِف صحة االميان وهذا كحال الكفار‬
‫الذين دعاهم األنبياء الدليل ص ‪27‬‬
‫الصورة الثالثه‪ :‬االعراض عن العمل جبميع احكام اْلسَلم وفرائضه بعد اقراره بقلبه‬
‫أبركان االميان ونطقه َبلشهادتني فمن ترك جنس العمل فلم يفعل شيئا من الواجبات‬
‫االمثله والدليل ص ‪27‬‬
‫القسم الثاين االعراض غْي املكفر وهو ان يرتك املسلم بعض الواجبات الشرعيه غْي‬
‫الصَله ويؤدي بعضها كأن يرتك اخراج الزكاه او صوم رمضان‬

‫النوع السابع‪ :‬كفر النفاق‬


‫النفاق لغة‪ :‬إخفاء الشيء واغماضه‬
‫النفاق اصطَلحا‪ :‬ان يظهر االميان ويبطن الكفر‬
‫النفاق ينقسم اىل قسمان‬
‫األول النفاق األكرب االعتقادي‬
‫ان يظهر االنسان االميان َبهلل ومَلئكته وكتبه ورسله واليوم االخر ويبطن ما يناقض‬
‫ذلك كله او بعضه‬
‫االمثله والدليل ص ‪28‬‬
‫القسم الثاين النفاق األصغر‬
‫وهو ان يظهر االنسان امرا مشروعا ويبطن امرا ُمرما خيالف ما اظهره ويسميه بعض‬
‫اهل العلم النفاقق العملي‬
‫االمثله والدليل ص ‪29 – 28‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬العباده واختاذ الشرك فيها‬
‫ِف اللغه‪ :‬التذلل‬
‫وِف الشرع‪ :‬اسم جامع لكل ما حيبه هللا ويرضاه من االقوال واالعمال الباطنه والظاهره‬
‫وقال بعضهم‪ :‬هي فعل ما امر هللا به ورسوله صلى هللا عليه وسلم وترك ما هنى هللا‬
‫عنه ورسوله صلى هللا عليه وسلم ابتغاء وجه هللا والدار االخره‬

‫أبي شيء تعرف العباده من غْيها؟‬


‫بكون هللا حيب فعلها او حيب تركها فما احب فعله فهو عباده وقد يكون واجبا او‬
‫مستحبا‬
‫ويعلم ُمبة هللا لفعل الشيء أبمره او أمر رسوله صلى هللا عليه وسلم او ترتب الثواب‬
‫او وصف كونه من الدين او االميان او اْلسَلم او االحسان‬
‫فرع‪ :‬شرط العبادة‬
‫األول‪ :‬اْلخَلص وهو ان يقصد العبد بعبادته وجه هللا دون سواه‬
‫الثاين‪ :‬موافقة للشرع وذلك ان تكون العباده ِف وقتها وصفتها وجنسها وسببها‬
‫وعددها ومكاهنا وزماهنا موافقة للشرع ‪ .....‬الدليل ص ‪31‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أنواع العباده‬
‫ما ثبت انه عباده فصرفه لغْي هللا شركه اكرب وال يكون شرك اصغر اذ العباده خاصة‬
‫َبهلل تعاىل الدليل ص ‪32-31‬‬
‫النوع األول ‪ :‬الدعاء ينقسم لقسمني‬
‫األول‪:‬دعاء عبادة‪ :‬وهو مطلق التعبد كالصَله والزكاه‬
‫الثاين‪ :‬دعاء املسأله وهو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره االدله ص‪32‬‬

‫دعاء غْي هللا اقسام‬


‫األول ان يكون املطلوب ال يقدر علية اال هللا مثل ان يطلب من احد انزال الغيث‬
‫الثاين ِف طريقة الطلب َبن يكون بكمال الذل وكمال احملبه او برغبه ورهبه ال تصرف‬
‫اال هلل فهذا شرك اكرب لصرفه شيء من خصائص االلوهيه لغْي هللا‬
‫الثالث ان يكون املدعو بعيدا عن الداعي فان دعاء مثل هذا شرك الن اتساع السمع‬
‫لسماع البعيد خاص َبهلل تعاىل وألنه يعتقد ِف مثل هذا انه يعلم الغيب وانه له تصرفا‬
‫ِف الكون‬
‫الرابع ان يدعو الغْي مع اعتقاد انه يستقل ِف إجياد املطلوب من دون هللا فشرك اكرب‬
‫اْلامس يكون بدعيا وهو الدعاء جباه النيب صلى هللا عليه وسلم او جباه غْيه‬
‫السادس ان يطلب من امليت شفاء مريضه وكشف السوء عنه فهذا شرك اكرب‬
‫الكتاب ص ‪33‬‬

‫مسأله‪ :‬طلب اْلي من امليت ان يشفع له عند هللا عز وجل‬


‫الرأي األول‪ :‬ذهب بعض العلماء اىل انه شرك اكرب الن األصل ِف األموات اهنم ال‬
‫يسمعون نداء من انداهم وال يستجيبون دعاء من دعاهم‬
‫الدليل ص ‪34‬‬
‫الرأي الثاين ان هذا ليس شركا وانه من قبيل البدع‬
‫الدليل ص ‪35 – 34‬‬
‫فرع‪ :‬التوسل‬
‫لغة‪ :‬هو التقرب اىل الشيء َبلشيء‬
‫اصطَلحا‪ :‬ان يذكر الداعي ِف دعائه ما يرجو ان يكون سببا ِف قبول دعائه‬

‫والتوسل ِف اصله ينقسم اىل قسمني‬


‫األول التوسل املشروع وهذا القسم يشمل أنواعا منها‬
‫‪.1‬تتوسل اىل هللا َبمسائه وصفاته مثل اي رزاق ارزقِن‬
‫‪. 2‬التوسل اىل هللا تعاىل بذكر وعده جل وعَل َبجابة دعاء الداعني‬
‫االدله ص ‪35‬‬
‫‪.3‬التوسل اىل هللا أبفعاله مبا من به على عباده مثل اللهم كما رزقت فَلان فارزقِن‬
‫‪.4‬ان يتوسل اىل هللا عز وجل َبعماله الصاْله ‪.....‬الدليل واملثال ص ‪36‬‬
‫‪ .5‬ان يتوسل اىل هللا تعاىل بذكر حاله وانه ُمتاج اىل رمحة هللا وعونه ورزقه‬
‫الدليل ص ‪36‬‬
‫‪ .6‬التوسل بدعاء الصاْلني رجاء ان يستجيب دعاءهم وهو موضع خَلف فقيل‬
‫َبجلواز وقيل َبملنع املثال ص ‪36‬‬
‫القسم الثاين التوسل املمنوع‬
‫‪.1‬ان يتوسل هلل تعاىل بذات نيب او عبد صاحل او الكعبه‬
‫مثل اللهم اين اسالك بذات ابينا ادم عليه السَلم ان ترمحِن‬
‫‪.2‬ان يتوسل حبق نيب او عبد صاحل او الكعبه او ان يتوسل جباه نيب او عبد صاحل‬
‫او بركته او حرمته او حبق قربه‬
‫‪.3‬ان يتوسل أبمساء الشياطني او االلفاظ الشركيه‬

‫النوع الثاين‪ :‬االستعانه‬


‫هي طلب العون واالستعانه عباده جاء هبا الكتاب والسنه قال تعاىل‪:‬‬
‫( اايك نعبد واايك نستعني)‬
‫وقول الرسول صلى هللا عليه وسلم ِف صفحه ‪37‬‬

‫النوع الثالث‪ :‬االستغاثه‬


‫هي طلب الغوث وإزالة الشده‬
‫الدليل ص ‪37‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬االستعاذه‬
‫هي االلتجاء واالعتصام والتحرز وحقيقتها اْلرب من شيء ختافه اىل من يعصمك‬
‫منه الدليل ص ‪38‬‬
‫النوع اْلامس‪ :‬احملبه‬
‫عبادة جيب ان تصرف هلل‬
‫واالميان قول وعمل واصل االميان التصديق واصل االعمال احملبه فاْلب اصل كل‬
‫عمل من حق وَبطل‬
‫االدله ص ‪38‬‬
‫احملبه اقسام‬
‫األول ُمبه هلل جل جَلله‬
‫وهي اكمل احملاب واعظمها وال يكتفى فيها َبصل اْلب بل البد ان يكون هللا‬
‫احب األشياء اليه‬
‫الدليل ص ‪39‬‬
‫الثاين احملبه هلل وِف هللا‬
‫وهذه تشمل كل ما حيبه هللا من األشخاص واالعمال واالعيان واالزمنه واالمكنه‬
‫الدليل ص ‪39‬‬
‫الثالث احملبه الِت تكون شرك اكرب‬
‫وهي الِت تقتضي عبادة احملبوب مع هللا او ان يسوي غْي هللا َبهلل ِف احملبه‬
‫الدليل ص ‪39‬‬

‫الرابع احملبه الِت تكون شرك اصغر‬


‫وذلك ان يتعلق القلب مبحبوبه رضا وسخطا‬
‫الدليل واالمثله ص ‪ 40‬و ‪41‬‬
‫النوع اْلامس اْلوف‬
‫وهو من اوجب اعمال القلوب وقد ورد به االمر ِف مواضع كثْيه‬
‫االدله ِف صفحه ‪42‬‬
‫اْلوف اقسام‬
‫القسم األول‪ :‬الشرك األكرب‬
‫وهو ان خياف من غْي هللا ان يصيبه املخوف منه مبشيئته وارادته دون هللا عز وجل‬
‫الدليل ص ‪42‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬ان يسوي غْي هللا َبهلل ِف اْلوف اْلاص به‬
‫كأن خياف من احد ان يدخله النار‬
‫او ان خياف من غْي هللا خوف تعبد بكمال ذل وُمبه‬

‫القسم الثالث‪ :‬الشرك األصغر‬


‫كأن يرتك واجبا او يفعل ُمرما خوفا من غْي هللا عز وجل‬
‫الدليل ص ‪43‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬البدعي‬
‫وهو اْلوف الذي يؤدي َبملسلم اىل اليأس والقنوط من رمحة هللا‬

‫القسم اْلامس‪ :‬اْلوف الطبيعي‬


‫هو اْلوف من سبب حتقق ايذاؤه ِف جماري العاده كخوف االنسان من السبع‬
‫والنار‬
‫الدليل ص ‪43‬‬
‫القسم السادس‪ :‬اْلوف الواجب‬
‫هو خوف القلب من هللا الذي يدفعه لفعل الواجبات وترك احملرمات‬
‫الدليل ص ‪43‬‬
‫القسم السابع‪ :‬اْلوف املستحب‬
‫وهو خوف القلب من هللا الذي يدفعه لفعل املستحبات وترك املكروهات‬
‫القسم الثامن‪ :‬اْلوف مما مل جتر العاده انه سبب للخوف‬
‫وهذا جنب وضعف ِف النفس‬
‫النوع السادس‪ :‬اْلشيه‬
‫ثبت ِف الكتاب والسنه ان اْلشيه يتعبد هبا هللا سبحانه وتعاىل‬
‫االدله ص ‪44‬‬

‫النوع السابع‪ :‬الرهبه اْلوف والفزع وقد ثبت ِف الكتاب والسنه اطَلق الرهبه من‬
‫هللا تعاىل‬
‫االدله ص ‪44‬‬
‫النوع الثامن‪ :‬الرجاء‬
‫مبعىن التوقع واالمل ‪,‬والرجاء‪ :‬طمع االنسان ِف امر قريب املنال وقد يكون بعيد‬
‫املنال وحكمه حكم اْلوف‬

‫النوع التاسع‪ :‬الرغبه‬


‫اْلرص على الوصول اىل الشيء والطمع ِف ذلك‬
‫حكمه حكم اْلوف‬
‫الدليل ص ‪45‬‬
‫النوع العاشر‪ :‬التوكل‬
‫لغة‪ :‬االعتماد‬
‫شرعاً‪ :‬صدق اعتماد القلب على هللا عز وجل ِف استجَلب املصاحل ودفع املضار‬
‫من أمور الدنيا واالخره مع الفعل َبالسباب‬
‫حكمه‪ :‬عبادة قلبيه فَل جيوز صرفه لغْي هللا‬
‫االدله ص ‪45‬‬
‫وهو ثَلث اقسام امجاال‪:‬‬
‫األول‪:‬التوكل على هللا وحده ِف جلب املنافع ودرء املفاسد ِف أمور الدين والدنيا‬
‫وهذا هو التوكل الشرعي‬
‫الثاين‪ :‬التوكل على غْي هللا ِف األمور الِت ال يقدر عليها اال هللا كمغفرة الذنوب او‬
‫شفاء املرضى بدون فعل األسباب او اْلصول على ولد والشفاعه فهذا شرك اكرب‬

‫الثالث‪ :‬التوكل على غْي هللا فيما يقدر عليه كمن يتوكل على امْي او سلطان فيما‬
‫جعله هللا بيده من الرزق او دفع األذى وحنو ذلك فهذا شرك اصغر‬
‫واما الوكاله‪ :‬وهي اانبة الغْي ِف الفعل كالبيع والشراء مثَل فليست داخله هنا‬
‫النوع العاشر‪ :‬التوبه‬
‫لغة‪ :‬الرجوع‬
‫اصطَلحاً‪ :‬الرجوع من معصية هللا اىل طاعة هللا‬
‫االدله ص ‪47 -46‬‬
‫النوع اْلادي عشر‪ :‬الذبح وهو عبادة من اجل العبادات‬
‫االدله ص ‪47‬‬
‫الذبح اقسام‪:‬‬
‫األول‪ :‬الذبح التعبدي‪:‬‬
‫وهو التقرب اىل هللا إبراقة الدم مثل االضحيه والعقيقه‬
‫القسم الثاين‪ :‬الذبح البدعي‬
‫وهو ان يتقرب اىل هللا إبزهاق الروح إبراقة الدم ويصحب فعله امر ُمدث كأن‬
‫يقرتب جبنس مل ترد به الشريعه مثل الدجاج‬
‫او ان يَلزم مكان معني العتقاد الربكه‬
‫القسم الثالث‪ :‬الذبح الذي يكون شرك اكرب‬
‫وهو ان يصرف عبادة الذبح لغْي هللا متقرَب له كأن يذبح للجن او األموات‬
‫تنبيه الذبح عند استقبال الرجل من سلطان او غْيه له أحوال‬
‫‪.1‬شرك اكرب‪ :‬اذا تقرب به اىل القادم هبا‬
‫‪.2‬بدعه‪ :‬اذا تقرب اىل هللا عند مروره‬
‫‪ُ.3‬مرم‪ :‬اذا ذبح مريدا اللحم وكان ِف فعله اسراف‬
‫النوع الثاين عشر‪ :‬زايرة القبور ثَلثة اضرب‬
‫األول‪ :‬مشروع وهو زايرة القبور لتذكر االخرة وللسَلم على أهلها والدعاء ْلم‬
‫الثاين‪ :‬بدعي يناِف كمال التوحيد وهو وسيله من وسائل الشرك وهو قصد عبادة‬
‫هللا عند القبور او التربك هبا او اهداء الثواب عندها او البناء عليها وجتصيصها‬
‫واسراجها واختاذها مساجد‬
‫الثالث‪ :‬شركي يناِف التوحيد وهو صرف شيء من أنواع العباده لصاحب القرب‬
‫كدعائه من دون هللا‬
‫فرع‪ :‬سبب الوقوع ِف الشرك‬
‫أوال‪ :‬الغلو ِف الصاْلني هو اول واعظم سبب أوقع بِن آدم ِف الشرك األكرب‬
‫اثنيا‪ :‬رفع القبور والبناء عليها واسراجها وجتصيصها وبناء املساجد عليها وقصد‬
‫العباده عندها‬
‫الدليل ص ‪49‬‬
‫اثلثا‪ :‬تصوير األرواح وهو ُماكاة شكل اْليوان وهيئته فيخطط مثله او يصنع مثله‬
‫الدليل ‪50-49‬‬
‫له مرتبتان‬
‫األوىل‪ :‬الشرك األصغر منه وهو جمرد تصوير‬
‫ا‪ .‬كونه مضاهاه هلل خبلقه وتشبه َبهلل فيه‬
‫ب‪ .‬كون التصوير ذريعه للشرك َبلصور وعبادهتا والغلو فيها مثل االصنام‬
‫االدله ‪51-50‬‬
‫املرتبه الثانيه‪ :‬ان يكون التصوير شرك اكرب‬
‫وذلك ان يقصد املصور مثَل مضاهاة هللا خبلقه ومماثلته ومنازعته او ان يقصد مبا‬
‫يصوره ان يعبد من دون هللا او حنو ذلك من املقاصد الِت تناقض اصل االميان‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الرايء‬
‫لغة‪ :‬فعال من الرؤيه وهو النظر َبلعني وَبلقلب‬
‫اصطَلحاً‪ :‬العمل الصاحل لَلخرين او حيسنه عندهم او يظهر عندهم مبظهر‬
‫مندوب اليه ليمدحوه ويعظم ِف انفسهم‬
‫الرايء َبلعمل‪ :‬كمراءاة املصلي بطول الركوع والسجود‬
‫مراءاته َبلقول‪ :‬كاجلهر َبلقراءة او حتسينها من اجل الناس‬
‫املراءاه َبْليئه‪ :‬كإبقاء اثر السجود على اجلبهه رايء‬
‫االدله ص ‪52-51‬‬
‫اقسام الرايء‪ :‬يكون شركا اكرب وشركا اصغر االدله ص ‪53‬‬
‫األول‪ :‬الرايء َبصل االميان أبن يظهر اْلسَلم ويبطن الكفر فهذا نفاق اكرب‬
‫الثاين‪ :‬رايء ُمض حبيث ال يراد َبلعمل سوى مراءاة املخلوقني لغرض دنيوي حبيث‬
‫لو فرض انه أراد قطع عبادته لعارض وعنده من يرائيه مل يقطعها من اجل الرايء‬
‫كحال املنافقني ِف صَلهتم وهذا عمله َبطل‬
‫االدله ص ‪53‬‬
‫الثالث‪ :‬ان يكون الدافع للعمل الصاحل هو الرايء‬
‫وليس إرادة الثواب من هللا عز وجل فالنصوص تدل على بطَلنه وحبوطه‬
‫الدليل ص ‪54‬‬
‫الرابع‪ :‬ان يكون اصل العمل هلل مث طرأت عليه نيت الرايء‬
‫فأن كان خاطرا ودفعه فَل يضر االمثله ص ‪54‬‬
‫اْلامس‪ :‬اذا ورد الرايء بعد الفراغ من العباده‬
‫فهذا من السمعه فيحرم وينقص االجر وال حيبط العمل الدليل ص ‪54‬‬
‫السادس‪ :‬الفرح حبمد الناس وثنائهم‪:‬‬
‫اذا اثىن الناس على الشخص بسبب عبادته ففرح بذلك فله حالتان‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬ان يكون فرحه َبعتبار اهنا بشرى من هللا وعَلمه من عَلمات قبول العمل‬
‫الصاحل فَل أبس به الدليل ص ‪55‬‬
‫الثانيه‪ :‬ان يكون فرحه حبمد الناس او اطَلعهم ْلصول مرغوبه او زوال مرهوبه‬
‫منهم فهذا رايء أيمث عليه وينقص اجره وال حيبط عمله‬
‫الدليل ص ‪55‬‬
‫فرع‪ :‬كفارة الرايء‪ :‬التوبه هلل عز وجل الدليل ص ‪55‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬إرادة االنسان بعمله الدنيا‬
‫املعىن‪ :‬ان يريد العابد بعبادته حظ من حظوظ الدنيا‬
‫وهو اقسام‬
‫األول‪ :‬ان ال يريد إبسَلمه اال الدنيا فهذا شرك ونفاق اكرب‬
‫الثاين‪ :‬اال يريد َبلعبادة اال الدنيا وحدها كمن حيج ليأخذ املال وكمن يغزو من‬
‫اجل الغنيمه وحده‬
‫وهو من الشرك األصغر ويبطل العمل الذي يصاحبه‬
‫االدله واالمثله ص ‪56‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬ان يريد َبلعباده وجه هللا والدنيا معا كمن خيرج لوجه هللا وللتجاره‬
‫وكمن يقاتل ابتغاء وجه هللا والدنيا‬
‫فمن العلماء من قال يبطَلن العمل ملنافاته اْلخَلص ومنهم من قال بصحته ملا‬
‫أييت ِف القسم اْلامس ومنهم من قال ان غلب قصد العباده صحت وان غلب‬
‫قصد الدنيا بطلت وعلى كل فأجره انقص الدليل ص ‪57‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬ان يبتدئ العباده مريدا الدنيا مث تطرأ إرادة الثواب فان كانت العباده‬
‫مرتبطا أوْلا َبخرها كالصَله مل يصح وان مل يكن صح م قصد به وجه هللا عز‬
‫وجل‬
‫القسم اْلامس ان يكون الدافع إرادة الثواب وتكون إرادة الدنيا تبعه فمباح بدليل‬
‫ان الشارع رتب على العبادات او بعضها ثواَب معجَل‬
‫الدليل ص ‪57‬‬
‫القسم السادس‪ :‬ان يعمل العباده أبخَلص تم مث يريد هبا او بشيء منها كحال‬
‫الثَلثه الذين انطبق عليهم الغار فسألو هللا عز وجل خبالص أعماْلم ان يفرج ما‬
‫هم فيه واْلديث يدل على جوازه‬
‫الفصل الثالث‪ :‬االميان واركانه‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف االميان‬
‫لغه‪ :‬التصديق مع اْلقرار واالذعان والتسليم‬
‫ِف الشرع‪ :‬اعتقاد َبلقلب وقول َبللسان وعمل القلب واجلوارح يزيد َبلطاعه‬
‫وينقص َبملعصيه‬
‫االدله واالمثله ص ‪58‬‬
‫قد ضل ِف هذا طائفتان‪:‬‬
‫‪.1‬الوعيديه من اْلوارج واملعتزله‬
‫قالوا‪ :‬تن االميان قول َبللسان واعتقاد َبجلنان وعمل َبالركان‬
‫فهم وافقوا اهل السنه ِف مسمى االميان لفظا وخالفوهم ِف حقيقته ومعناه فجعلوا‬
‫االميان يزول بزوال العمل مطلقا من غْي تفصيل ِف نوع العمل‬
‫‪.2‬قول املرجئه وهم ِف هذه املساله طوائف كثْيه اشهرهم‪:‬‬
‫أ‪.‬املرجئه احملضه وهم اجلهميه ومن وافقهم من القدريه وغْيهم‪:‬‬
‫االميان عندهم هو املعرفه َبهلل والكفر اجلهل به وفساد هذا القول بني ظاهر جدا‬
‫ب‪.‬قول مجهور االشاعرة َبن االميان هو تصديق َبلقلب فقط ورمبا جنح‬
‫متكلموهم فيه اىل قول اجلهميه أبهنا معرفة القلب‬
‫ج‪.‬املرجئه الكراميه‪ :‬أبن االميان اْلقرار َبللسان فحسب‬
‫د‪.‬قول املاتريديه‪ :‬أبن االميان تصديق القلب اما اْلقرار َبللسان فركن زائد ليس‬
‫أبصلي حيث يسقط َبالكراه وحنوه‬
‫ه‪.‬قول مرجئة الفقهاء‪ :‬أبن االميان قول َبللسان وتصديق َبجلنان‬

‫رد شيخ اْلسَلم عليهم بصفحه ‪61-60‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬العَلقه بني اْلسَلم واالميان‬
‫فاالسَلم‪ :‬االعمال الظاهره ومنها الشهادتن‬
‫واالميان االعمال الباطنه من االعتقادات كالتوكل واْلوف والرهبه واحملبه والرغبه‬
‫وغْيها‬

‫امللخص اجتهاد شخصي ال تعتمدوا عليه اعتماد كامل‬


‫َبلتوفيق للجميع‬

You might also like