المنتخب من القدورى واللباب-FIKIH

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 169

‫المنتخب‬

‫من القدوري واللباب‬


‫د‪ .‬أحمد أفه‬
2
‫مقدمة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على رسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫وبعد‪:‬‬

‫فإن كلية العلوم اإلسالمية‪ ،‬التابعة لجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية‪ ،‬أول كلية كانت ومازالت‬
‫الدراسة فيها باللغة العربية في جميع المواد المدرجة في برامجها‪ .‬ومنها مادة الفقه‪ .‬وكان "اللباب في شرح‬
‫الكتاب" كتابا مقررا لهذه المادة‪ .‬والمراد بالكتاب مختصر القدورى لإلمام الشيخ أحمد القدوري المتوفى‬
‫وعد بعضم‬
‫سنة ‪ 428‬هجرية‪ .‬ومكانته من بين المتون المعتبرة لدى الحنفية معروفة غنية عن التعريف‪ّ .‬‬
‫مسائله فرأى أنها تزيد على ‪12000‬مسألة‪ .‬وعليها شروح كثيرة‪ ،‬فمنها اللباب للميداني‪.‬‬

‫وكنت ممن يقوم بتدريسه منذ بضع سنين‪ .‬ومن خالل ممارستي بالتدريس الحظت أن البرنامج‬
‫الحاضر غير كافية لتناول كل ما بين د ّفتي "اللباب في شرح الكتاب"‪ .‬فتكليف الطالب بكل ما فيه من‬
‫المسائل‪ ،‬يكاد يكون تكليف بما ليس في وسعه‪ .‬ولو ُك ّلف‪ ،‬فاليستطيع أن يميز ما يلزمه لزوما ّأوليا وما‬
‫ّ‬
‫دونه في اللزوم‪ ،‬فيضيع بعض جهوده في مسائل شاذة‪ ،‬نادرة الوقوع‪ ،‬ويشغله عن المسائل الهامة‪ .‬ألن من‬
‫المعروف أن الثروات الفقهية تكثر فيها مسائل افتراضية قد اليلقاها الطالب طول عمره ولو مرة‪ .‬وعلى‬
‫سبيل المثال قوله‪" :‬ومن باع سيفا مح ّلى بفضة بمائة درهم ‪ِ ،‬‬
‫وح ْليته خمسون درهما‪ ،‬فدفع المشتري من‬ ‫ُ‬
‫ثمنه خمسين درهما‪ ،‬جاز البيع‪ ،‬وكان المقبوض حصة الفضة وإن لم يبين ذلك" (اللباب في شرح‬
‫الكتاب‪ .)243:‬ومثال آخر‪" :‬وإن قال‪ :‬له علي مائ ٌة ودرهم فالمائة كلها دراهم‪ .‬وإن قال‪ " :‬له علي مائة‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫وثوب لزمه ثوب واحد‪ ،‬والمرجع في تفسير المائة إليه" (اللباب في شرح الكتاب‪ .)273:‬وكذا األمر فيما‬
‫ٌ‬
‫يتعلق بتفاصيل أحكام العباد واإلماء كما اليخفى على أهله‪.‬‬

‫فكان من الضرورة أن يختار المدرس ما هو ألزم للطالب وأوجب عليه من المسائل لضيق الوقت‬
‫الدراسي‪ .‬وهذا الواقع الحي الملموس هو الذي دفعني إلى وضع هذه المنتخبات من القدوري‪.‬‬

‫ومنننن جهنننة أخنننرى أن التركينننز علنننى علنننل األحكنننام أمنننر هنننام فننني دراسنننة الفقنننه لتفقينننه الطالنننب‪.‬‬
‫ومنننن المعنننروف أن القننندوري لنننم ينننأت بعلنننل المسنننائل إال ننننادرا‪ .‬وإنمنننا قنننام بنننه الشنننارح المينننداني فننني‬
‫غالنننب األحنننوال وأجننناده‪ .‬فعلنننى سنننبيل المثنننال‪(" :‬ومنننن أقنننر بحن خننق وشنننرس الخينننار لنفسنننه‪ ،‬لزمنننه اإلقنننرار)‬
‫ّ‬
‫لصنننحة إقنننراره‪( ،‬وبطنننل الخينننار) ألننننه للفسنننخ‪ ،‬واإلقنننرار ال يقبلنننه" (اللبننناب فننني شنننرح الكتننناب‪.)273:‬‬

‫‪3‬‬
‫ومثنننال آخنننر‪(" :‬فنننإن صنننالح عنهنننا بنننإقرار‪ ،‬وجبنننت فيهنننا الشنننفعة) ألننننه معتنننرف بالملنننك للمن ِ‬
‫نندعي‪ ،‬وإنمنننا‬
‫اسننننتفاده بالصننننلح‪ ،‬وهننننو مبادلننننة ماليننننة" (اللبنننناب فنننني شننننرح الكتنننناب‪ .)305:‬وحاولننننت أن أجمننننع بننننين‬
‫الحسننننيين فننني هنننذه العجالنننة‪ :‬المسنننائل الهامنننة منننن القننندوري والتعلنننيالت القيمنننة والشنننروح النافعنننة منننن‬
‫الميداني‪.‬‬

‫ثننننننم إن الشننننننارح يطيننننننل أحيانننننننا ذكننننننر المصننننننادر والمراجننننننع فنننننني بيننننننان الننننننراجح والصننننننحيح‬
‫والتصحيح والمفتى به والظاهر في المسألة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪:‬‬

‫"(وقننننناال‪ :‬يجنننننوز التوكينننننل بغينننننر رضنننننا الخصنننننم) وبنننننه أخنننننذ أبنننننو القاسنننننم الصنننننفار‪ ،‬وأبنننننو‬
‫العتنننابي‪ :‬إننننه المختنننار‪ .‬وفننني مختنننارات الننننوازل لصننناحب الهداينننة‪ :‬والمختنننار فننني‬
‫اللينننف‪،‬وفي فتننناوى َّ‬
‫التعنننننت منننن ا‪،‬بنننني‪ ،‬يقبنننل توكيلننننه مننننن غينننر رضنننناه‪ ،‬وإذا علننننم أن‬
‫هنننذه المسننننألة‪ :‬أن القاضننني إذا علننننم ّ‬
‫الموكنننل قصننند إضنننرار خصنننمه‪ ،‬ال يقبنننل‪ .‬ومثلنننه فننني قاضنننيخان عنننن شنننمس األئمنننة السرخسننني وشنننمس‬
‫ملخصنننا‪ .‬وفننني الننندرر‪:‬‬
‫األئمنننة الحلنننواني‪ .‬وفننني الحقنننايق‪ :‬وإلينننه منننال األزجنننندي‪ .‬كنننذا فننني "التصنننحيح" َّ‬
‫وعليه فتوى المتأخرين (اللباب في شرح الكتاب‪.) 334:‬‬

‫ومثال آخر‪:‬‬

‫(وال يفنننري بينننننه) أي بننننين المفقننننود (وبنننين امرأتننننه) ألن الغيبننننة ال توجننننب الفرقنننة‪( .‬فننننإذا تننننم لننننه‬
‫َّ‬
‫مائة وعشرون سنة من يوم ُولد‪ ،‬حكمنا بموته) ألن الظاهر أنه ال يعيش أكثر منها‪.‬‬

‫قنننال فنننني التصنننحيح‪ :‬قننننال اإلمننننام اإلسنننبيجابي‪ :‬وهننننذه رواينننة الحسننننن عننننن أبننني حنيفننننة‪ ،‬وذكننننر‬
‫محمننند فننني األصنننل‪ :‬منننوت األقنننران‪ ،‬وهنننو ننناهر المنننذهب‪ ،‬وهكنننذا فننني الهداينننة‪ .‬قنننال فننني النننذخيرة‪:‬‬
‫ويشنننترس جمينننع األقنننران‪ ،‬فمنننا بقننني واحننند منننن أقراننننه ال ُيحكنننم بموتنننه‪ .‬ثنننم إن بعنننض مشنننايخنا قنننالوا‪:‬‬
‫يعتبنننر منننوت أقرانننننه منننن جميننننع البلننندان‪ .‬وقننننال بعضنننهم‪ :‬أقرانننننه منننن أهننننل بلنننده‪ .‬قننننال شنننيخ اإلسننننالم‬
‫نندره بتسنننعين سننننة‪ ،‬وعلينننه الفتنننوى‪.‬‬
‫خنننواهر زاده‪ :‬وهنننذا القنننول أصنننح‪ .‬قنننال‪ :‬والشنننيخ محمننند بنننن حامننند قن َّ‬
‫قلننننت‪:‬وعلى هننننذا مشننننى اإلمننننام برهننننان األئمننننة المحبننننوبي والنسننننفي وصنننندر الشننننريعة‪( .‬اللبنننناب فنننني‬
‫شرح الكتاب‪.)412:‬‬

‫وال يخفنننى علنننى أهلنننه أن الطالنننب المبتننندى ال يسنننتطيع أن يخنننر بنتيجنننة منننن هنننذه التفاصنننيل‪.‬‬
‫ولذلك تركتها تيسيرا عليه‪.‬‬

‫والحاصنننل أن غرضننني بهنننذا الجهننند المتواضنننع ‪ ،‬أن أضننننع كتيبنننا يجمنننع مسنننائل فقهينننة منتخبننننة‬
‫منننن مسنننائل القننندوري‪ ،‬منننع إضنننافات وتعلنننيالت قيمنننة منننن شنننرحهه "اللبننناب" للمينننداني‪ ،‬تيسنننيرا علنننى‬

‫‪4‬‬
‫نننندءا بكتننننناب الطهنننننارة إلنننننى كتننننناب‬
‫طالنننننب علنننننم يننننندرس فننننني كلينننننة إسنننننالمية أو إلهينننننة أونحوهنننننا‪ ،‬بن ْ‬
‫الفنننرائض‪ ،‬ليطلنننع علنننى جمينننع األبنننواب الفقهينننة باختصننننار‪ ،‬حتنننى ال يتخنننر وهنننو غرينننب عنننن أهننننم‬
‫المصطلحات الفقهية حتى العناوين الواردة في المؤلفات الفقهية‪.‬‬

‫وأخيننننرا‪ :‬فننننإن الكمننننال هلل‪ .‬فننننإن ُو ِّفقن ُ‬


‫نننت شنننني ا‪ ،‬فأحمنننند اهلل تعننننالى عليننننه‪ ،‬وإن أخطننننأت فلننننيس‬
‫ذلنننك إال بجهنننل منننني وتقصنننير‪ ،‬فنننأرجو منننن اطلنننع علينننه أن يصنننححه‪ .‬رحنننم اهلل القننندوري والمينننداني‬
‫وأسكنهما فسيح جناته ونفعنا بعلومهما‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد أفه‬

‫‪5‬‬
6
‫كتاب الطهارة‬
‫الطهننننننارة لغننننننة‪ :‬النظافننننننة‪ .‬وشننننننرعا‪ :‬النظافننننننة عننننننن النجاسننننننة حقيقيننننننة كانننننننت أو حكميننننننة‪.‬‬
‫والحقيقيننننة‪ :‬الخبننننف كالنننندم والبننننول والغننننائ ‪ ،‬والحكميننننة‪ :‬الحنننند ‪ ،‬وهننننو حننننال يمنننننع صننننحة العبننننادة‬
‫كالجنابة وعدم الوضوء‪.‬‬

‫وتنقسنننننم الطهنننننارة باالعتبنننننار الثننننناني إلنننننى قسنننننمين‪ :‬الكبنننننرى وهننننني الغسنننننل‪ ،‬والموجنننننب لنننننه‬
‫األكبننننر كالجنابننننة والحننننيض والنفنننناس‪ ،‬و الصننننغرى وهنننني الوضننننوء‪ ،‬والموجننننب لننننه الحنننند‬ ‫الحنننند‬
‫األصغر وهو عدم الوضوء‪.‬‬

‫الغسل والوضوء بالماء‪.‬‬


‫وبقي نوع آخر‪ ،‬وهو التيمم فإنه طهارة حكمية‪ ،‬ي ْخ ُل ُف ُ‬
‫وفننننرض الوضننننوء‪ :‬غسننننل الوجننننه والينننندين والننننرجلين ومسننننح الننننرأس لقولننننه تعننننالى‪ " :‬يننننا أيهننننا‬
‫نننحوا بِر ُ ِسن‬
‫نننكم‬ ‫ننندي ُكم إِلننننى ا ْلمر ِافن ِ‬
‫نننق و ْامسن‬ ‫نننذين آم ُنننننوا إِذا ُقمننننتم إِلننننى الصننننال ِة فا ْغ ِسنننن ُلوا وجننننوه ُكم وأين ِ‬
‫الَّن ِ‬
‫ُْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُْ‬
‫وأ ْر ُجل ُكم إِلى ا ْلك ْعبي ِن" (المائدة‪.)6 :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫والفرض لغة‪ :‬التقدير‪ ،‬وشرعا‪ :‬ما ثبت لزومه بدليل قطعي الشبهة فيه‪.‬‬

‫والمرفقنننان والكعبنننان يننندخالن فننني الغسنننل خالفنننا لزفنننر‪ .‬والمفنننروض فننني مسنننح النننرأس مقننندار‬
‫الم ِغينننرة بنننن ُشن ْننعبة أن النبننني علينننه السنننالم أتنننى سنننباطة‬
‫ربعنننه لمنننا روى ُ‬
‫نند ُم النننرأس) وهنننو ُ‬
‫الناصنننية (مقن َّ‬
‫نننل فنننني حننننق المقنننندار‬
‫وخ َّفيننننه"(رواه مسننننلم)‪ .‬والكتنننناب ُم ْجمن ٌ‬
‫قننننوم فبننننال وتو َّضننننأ ومسننننح علننننى ناصننننيته ُ‬
‫فبينته السنة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وسن ُن الوضوء (والسنة‪ :‬ما وا ب عليه النبي عليه السالم مع الترك أحيانا)‪:‬‬
‫ُ‬
‫ننننواك‪ ،‬والمضمضنننننة ثالثنننننا‬
‫والسن ُ‬ ‫غسنننننل اليننننندين ثالثنننننا إلنننننى الرسنننننغين‪ ،‬والتسنننننمية فننننني ابتدائنننننه‪ِ ،‬‬
‫ْ ْ‬
‫واالستنشاي ثالثا‪ ،‬ومسح األذنين‪ ،‬وتخليل اللحية واألصابع‪ ،‬وتكرار الغسل إلى الثال ‪.‬‬

‫ومسنننتحبات الوضنننوء (والمسنننحب‪ :‬منننا فعلنننه النبننني منننرة وتركنننه أخنننرى‪ ،‬والمنننندوب‪ :‬منننا فعلنننه‬
‫مرة أو مرتين‪ ،‬وقيل‪ :‬هما سواء)‪:‬‬

‫وير ِتّننننب الوضننننوء كمننننا ورد فنننني‬


‫أن ينننننوي الطهننننارة فنننني ابتنننندائها‪ ،‬ويسننننتوعب رأسننننه بالمسننننح‪ُ ،‬‬
‫ا‪،‬ية‪ .‬واألصح أن هذه الثالثة من جملة السنن ال من المستحبات‪ .‬والبداءة بالميامن‪.‬‬

‫نواقض الوضوء‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ - 1‬كننننل منننننا خنننننر منننننن السننننبيلين‪ ،‬سنننننواء كنننننان انتشنننننر أو ال‪ ،‬إال ريننننح ال ُقبنننننل ألننننننه اخنننننتال‬
‫ُ‬
‫الريح‪.‬‬

‫‪ - 2‬والننننندم‪ - 3 ،‬والقنننننيح‪ – 4 ،‬والصنننننديد‪ ،‬إذا تجننننناوزت هنننننذه الثالثنننننة عنننننن موضنننننعها إلنننننى‬
‫موضنننع يلحقنننه حكنننم التطهينننر‪ ،‬ألنهنننا قبنننل التجننناوز تُعتبنننر بادينننة ال خارجنننة‪ ،‬واألصنننل‪ :‬الخنننرو ‪ ،‬حتنننى‬
‫الن ِفط ِة‪،‬‬
‫لو سق لحم من غير سيالن الدم ال ينقض‪ .‬وال ينقض الماء الصافي إذا خر من َّ‬
‫‪ – 5‬والقنننيء إذا كننننان مننننلء الفننننم بحيننننف ال يقنننندر علننننى إمسنننناكه أو مننننا ال ُيمكنننننه اإلمسنننناك إال‬
‫بكلفة‪.‬‬

‫‪ – 6‬والننننوم مضنننطجعا أو متك نننا أو مسنننتندا إلنننى شنننيء لنننو أزينننل لسنننق ‪ ،‬ألن االسنننترخاء يبلننن‬
‫نهايتننننه بهننننذا النننننوع مننننن االسننننتناد‪ .‬وال ينقضننننه النننننوم حالننننة القيننننام والقعننننود والركننننوع والسننننجود فنننني‬
‫باي ولم ي ِتم االسترخاء‪.‬‬
‫الصالة وغيرها‪ ،‬ألن بعض االستمساك خ‬
‫َّ‬
‫‪ - 7‬والقهقنننة فننني كنننل صنننالة ذات ركنننوع وسنننجود‪ ،‬بخنننالف صنننالة الجننننازة وسنننجدة النننتالوة‪،‬‬
‫فإنه ال ينتقض وضو ُ ه ولكن تبطل صالته وسجدته‪.‬‬

‫الغسل‪:‬‬
‫ُ‬

‫الغسننننل‪ :‬المضمضننننة واالستنشنننناي وغ ْسننننل سننننائر البنننندن ممننننا يمكننننن غسننننله مننننن غيننننر‬
‫فننننرض ُ‬
‫وسرة‪.‬‬ ‫حر كأذن‬
‫ُ َّ‬
‫ويزيننننل نجاسننننة إن كانننننت علننننى بدنننننه ثننننم يتوضننننأ وضننننوءه‬
‫الغسننننل‪ :‬أن يغسننننل فرجننننه ُ‬
‫وسنننننة ُ‬
‫للصننننالة‪ ،‬ثننننم ُيفننننيض المنننناء علننننى رأسننننه وسننننائر جسننننده ثالثننننا‪ ،‬بادئننننا بعنننند الننننرأس ب ِِشنننن ِّقه األيمننننن ثننننم‬
‫األيسر‪.‬‬

‫الغسنننل إذا بلننن المننناء أصنننول الشنننعر وإن لنننم يبلننن‬


‫ولنننيس علنننى المنننرأة أن تننننقض ضنننفائرها فننني ُ‬
‫ننك إذا بلننن المننناء أصنننول شن ِ‬
‫ننعرك"‪ .‬هنننذا إذا كاننننت‬ ‫داخنننل الضنننفائر لقولنننه علينننه السنننالم ألم سنننلمة‪" :‬يكفين ِ‬
‫مفتولننننة‪ .‬أمننننا إذا كا نننننت منقوضننننة يجننننب إيصننننال المنننناء إلننننى أثننننناء الشننننعر‪ .‬وأمننننا الرجننننل فوجننننب عليننننه‬
‫نقض شعره وإن وصل الماء أصولها‪.‬‬

‫والمعاني الموجبة للغسل‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫نند ْف ِق والشنننهوة منننن الرجنننل والمنننرأة حالنننة الننننوم‬
‫نني منننن محلنننه علنننى وجنننه الن َّ‬‫‪ – 1‬إنفصنننال المنن‬
‫ّ‬
‫واليقظنننة وإن لننننم يخنننر مننننن الفننننر عنننند أبنننني حنيفنننة ومحمنننند‪ .‬وشننننرس أبويوسنننف خروجننننه بالشننننهوة‬
‫فإن خر بعد انكسارها لم يجب الغسل عنده‪.‬‬

‫‪ – 2‬والتقاء الختانين ولو من غير إنزال‪.‬‬

‫‪ – 3‬والخرو من الحيض والنفاس‪ ،‬فما داما باقيين ال يصح الغسل‪.‬‬

‫الغ ْسنننننل للجمعنننننة والعيننننندين واإلحنننننرام‬


‫ننننن رسنننننول اهلل علينننننه السنننننالم ُ‬
‫األغسنننننال المسننننننونة‪ :‬وسن َّ‬
‫وللوقوف بعرفة‪.‬‬

‫ننذي (مننناء أبنننيض رقينننق يخنننر عنننند المالعبنننة) والنننو ْذي (مننناء أصنننفر غلننني يخنننر‬
‫ولنننيس فننني المن ْ‬
‫عقيب البول) ُغ ْسل ولكن فيهما وضوء‪.‬‬

‫ما تجوز به الطهارة‪:‬‬

‫وتجنننوز الطهنننارة بالمننناء المطلنننق (المننناء الطبيعننني) وهنننو النننذي لنننم يخالطنننه شنننيء كمننناء السنننماء‬
‫والعيون وا‪،‬بار والبحار واألنهار‪.‬‬

‫هنننام‪ :‬وللمننناء طبنننع وأوصننناف‪ :‬فطبعنننه‪ ،‬رِ َّقتنننه وسنننيالنه وأوصنننافه‪ ،‬طعمنننه وريحنننه ولوننننه‪ .‬وقننند‬
‫أمننر النبنني عليننه السننالم بحفنن المنناء مننن النجاسننة فقننال‪" :‬ال يبننول َّن أحنندكم فنني المنناء النندائم (الراقنند)‬
‫ّ‬
‫سلن فيه من النجاسة" (البخاري)‪ .‬ألن النهي عن شيء أمر بضده‪.‬‬ ‫وال ي ْغت َّ‬
‫ٌ‬
‫وال تجنننوز بمننناء اعتصنننر منننن الثمنننار كعصنننير الرمنننان والتفننناح والبرتقنننال‪ ،‬والبمننناء غلنننب علينننه‬
‫له اسما على ِحدة كالمر ِي‪.‬‬ ‫غيره من الجامدات الطاهرة فأخرجه عن طبعه كالفول‪ ،‬أو أحد‬

‫وتجنننوز بمننناء خالطنننه شنننيء جامننند طننناهر فغينننر أحننند أوصنننافه الثالثنننة ولنننم يخرجنننه عنننن طبعنننه‬
‫ّ‬
‫كمنننناء السننننيل فإنننننه يخننننتل بننننالتراب واألوراي‪ ،‬فمننننا دامننننت رِ َّقننننة المنننناء غالبننننة تجننننوز بننننه الطهننننارة وإن‬
‫تغيرت أوصافه كلها‪ .‬وإن صار الطين غالبا‪ ،‬التجوز‪.‬‬

‫والمنناء إمننا أن يكننون جاريننا وإمننا راكنندا‪ .‬والجنناري‪ ،‬قيننل‪ :‬هننو مننا يننذهب ب ِِت ْبن خننة‪ ،‬وقيننل‪ :‬مننا يعن ّ‬
‫ننده‬
‫النننناس جارينننا‪ .‬قينننل‪ :‬هواألصنننح‪ .‬وإذا وقعنننت فينننه نجاسنننة جننناز الوضنننوء مننننه إذا لنننم ُينننر لهنننا أثنننر منننن‬
‫أوصافه ألنها ال تستقر مع جريان الماء في التراب‪.‬‬

‫وأمننننا الراكنننند‪ ،‬فإمننننا أن يكننننون قلننننيال وإمننننا كثيننننرا‪ .‬والكثيننننر هننننو الننننذي ال يتحننننرك أحنننند طرفيننننه‬
‫بتحرينننك الطنننرف ا‪،‬خر‪.‬وفننني تحدينننده بالنننذراع أقنننوال‪ :‬منهنننا منننا هنننو عشنننر فننني عشنننر مسننناحة‪ .‬والمعتبنننر‬
‫ٌ‬
‫‪9‬‬
‫فنننني العمننننق أن يكننننون بحننننال ال ينحسننننر (ال ينكشننننف) بنننناالغتراف‪ ،‬فمننننا كننننان فوقننننه‪ ،‬كثيننننر ومننننا دونننننه‬
‫قليننننل‪ .‬وإذا وقعننننت نجاسننننة فنننني القليننننل لننننم تجننننز الطهننننارة بننننه لتنجسننننه‪ ،‬تغيننننرت أوصننننافه أو ال‪ .‬وأمننننا‬
‫الكثيننننر فننننإذا وقعنننننت نجاسننننة فننننني أحنننند جانبينننننه جنننناز الطهنننننارة مننننن الجننننناب ا‪،‬خننننر‪ ،‬ألن الظننننناهر أن‬
‫النجاسة ال تصل إليه‪ ،‬ألن أثر التحريك في السراية فوي أثر النجاسة‪.‬‬

‫ومننننوت مننننا لننننيس لننننه دم سننننائل فنننني المنننناء ال ُي ِ ّ‬


‫نجسننننه كننننالب ِّق والننننذباب والزنننننابير‪ ،‬ألن الننننذي‬
‫المز َّكى وط ُهر النعدام الدم فيه‪.‬‬
‫حل ُ‬ ‫ِّ‬
‫ينجسه اختالس الدم المسفوح بأجزائه عند الموت‪ ،‬حتى َّ‬

‫والض ْف ِدع والسرطان‪.‬‬


‫وموت ما يولد ويعيش في الماء فيه‪ ،‬ال يفسده كالسمك ِّ‬

‫(فننني الوضنننوء والغسنننل)‪ ،‬ويجنننوز‬ ‫والمننناء المسنننتعمل ال يجنننوز اسنننتعماله فننني طهنننارة األحننندا‬
‫نننت ْعمل فنننني الوضننننوء والغسننننل‪ .‬و ُغسننننالة الجامنننندات‬ ‫خ‬
‫فنننني طهننننارة األنجنننناس‪ .‬والمسننننتعمل‪ :‬كننننل منننناء اُ ْسن ُ‬
‫الطاهرات كالثياب‪ ،‬ال تكون مستعملة‪.‬‬

‫تطهير األنجاس‪:‬‬

‫كننننل إهنننناب (جلنننند) ُد ِبنننن فقنننند ط ُهننننر وجننننازت الصننننالة فيننننه وعليننننه‪ ،‬والوضننننوء منننننه‪ ،‬إال جلنننند‬
‫الخنزينننر لنجاسنننة عيننننه وجلننند ا‪،‬دمننني لكرامتنننه‪ .‬وشننننعر الميتنننة وع ْظ ُمهنننا وقرنهنننا طننناهر النعننندام النننندم‬
‫ْ‬
‫فيها‪.‬‬

‫وإذا وقعنننت فننني الب نننر نجاسنننة ُننننزح ما هنننا‪ .‬وإن منننات فيهنننا حينننوان وأُ ْخنننرِ قبنننل انتفاخنننه‪ُ ،‬ننننزح‬
‫ننغرِ ه ففننني الفنننأرة وأمثالهننا منننا بنننين عشنننرين دلننوا إلنننى ثالثنننين‪ ،‬وفننني‬
‫وصن ْ‬
‫ننب ُك ْبنننرِ الحيننوان ُ‬
‫مننن مائهنننا بحسن ِ‬
‫الدجاجة والهرة وأمثالهما ما بين أربعين دلوا إلى ستين‪ ،‬وفي الشاة وأمثالها نُزِ ح جميع مائها‪.‬‬

‫تفسخ‪ ،‬نُزِ ح جميع مائها‪ ،‬ص ُغر الحيوان أو كبر‪.‬‬ ‫وإن انتفخ الحيوان فيها أو َّ‬
‫ُ‬
‫وإن كانننت الب ننر م ِعينننا كلمننا ننننزح مننن أعالهننا نبننع مننن أسنننفلها‪ ،‬فقنند روي عننن محمنند أنننه قنننال‪:‬‬
‫ينزح منها مائتا دلوخ إلى ثالثمائة دلو‪.‬‬

‫يتفسنننخ‪،‬‬
‫وإن ُوجننند فننني الب نننر حينننوان و ال ين ْنندرون متنننى وقنننع‪ُ ،‬ينظنننر فينننه‪ :‬فنننإن لنننم يننننتفخ ولنننم ّ‬
‫أعنننادوا صنننالة ينننوم وليلنننة‪ ،‬وإن اننننتفخ أو تفسنننخ أعنننادوا صنننالة ثالثنننة أينننام ولياليهنننا فننني قنننول أبننني حنيفنننة‪.‬‬
‫وقننننال أبويوسننننف ومحمنننند‪ :‬لننننيس علننننيهم إعننننادة شننننيء حتننننى يتحققننننوا متننننى وقننننع ألن اليقننننين ال ُيننننزال‬
‫بالشك‪ .‬وقولهما قياس وقوله استحسان‪ ،‬وهو األحوس في العبادات‪.‬‬

‫األسآر‪ :‬جمع ُس ْؤرخ وهو بقية الماء بعد ُ‬


‫الشرب‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫سؤر ا‪،‬دمي ومايؤكل لحمه طاهر بمنزلة الماء المطلق‪.‬‬

‫وسؤر الكلب والخنزير وسباع البهائم كاألسد والذئب نجس‪.‬‬

‫كالن ْسنننر والصنننقر طننناهر ومط ِ ّهنننر لكننننه‬


‫المخنننالَّة وسنننباع الطينننر َّ‬
‫وسنننؤر الهنننرة األهلينننة والدجاجنننة ُ‬
‫مكروه إن ُو ِجد غيره‪ ،‬وإن لم يوجد لم يكره‪.‬‬

‫توضنننأ أو اغتسنننل بهمنننا وتنننيمم‪.‬‬


‫وسنننؤر الحمنننار والبغنننل مشنننكوك فيهمنننا فنننإن لنننم يجننند غيرهمنننا ّ‬
‫وبأيهما بدأ جاز في األصح‪.‬‬
‫ّ‬
‫باب التيمم‬

‫ومنننن لنننم يجننند المننناء وهنننو مسنننافر أو كنننان بيننننه وبنننين المننناء نحن ُننو المينننل (أربعنننة آالف خطنننوة‬
‫نننتد أو‬
‫تقريبننننا) أو أكثننننر‪ ،‬أو كننننان يجنننند المنننناء إال أنننننه مننننريض يضننننره اسننننتعماله فخنننناف إن اسننننتعمله اشن ّ‬
‫نننند مرضنننننه أو خننننناف الجننننننب إن اغتسنننننل بالمننننناء البنننننارد أن يقتلنننننه البنننننرد أو ُيمرِ ضنننننه‪ ،‬فإننننننه يتنننننيمم‬
‫امتن ّ‬
‫نننتم‬ ‫نننن ُكم منننن ا ْلغ ِ‬
‫نننائ ِ أو المسن‬ ‫نننتم علنننى سننننفرخ أو جننناء أحننند ِم‬ ‫بالصنننعيد الطننناهر‪ ،‬لقولنننه تعنننالى‪ " :‬وإِن كن‬
‫ْ ُُ‬ ‫ٌ ْ ْ‬ ‫ْ ُْ ُ ْ‬
‫يكم" (النسننننناء‪.)43/4 :‬‬ ‫ننننوهكم وأين ِ‬
‫نننند‬ ‫ننننعيدا طيِبنننننا فامسنننننحوا بوجن ِ‬‫نننندوا مننننناء فتيممنننننوا صن ِ‬
‫النسننننناء فلنننننم ت ِجن ُ‬
‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬
‫الصعيد‪ :‬اسم لوجه األرض‪ .‬والطيب‪ :‬الطاهر‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ولننننيس بننننالزم علننننى المتننننيمم إذا لننننم يغلننننب علننننى نننننه أ َّن ِب ُقربننننه منننناء‪ ،‬أن يطلننننب المنننناء فنننني‬
‫الفلنننوات ألن الغالنننب عننندم المننناء فيهنننا‪ .‬وإن غلنننب علنننى ننننه بأمنننارة أو إخبنننار عن خ‬
‫نندل‪ ،‬لنننم يجنننز لنننه أن‬
‫يتيمم حتى يطلبه‪ .‬وأما في العمران فيجب الطلب‪.‬‬

‫والتنننننيمم ضنننننربتان يمسنننننح بإحنننننداهما وجهنننننه وبننننناألخرى يدينننننه إلنننننى المرفقينننننه‪ ،‬أي معهمنننننا‪.‬‬
‫سواء فعال ونية‪.‬‬ ‫والتيمم من الجنابة والحيض والنفاس والحد‬
‫ّ‬
‫ويجنننوز التنننيمم عنننند أبننني حنيفنننة ومحمننند بكنننل منننا كنننان منننن جننننس األرض كنننالتراب والرمنننل‬
‫والك ْحننننل‪ ،‬وال ُيشننننترس أن يكننننون عليهننننا ُغبننننار‪ .‬وكننننذا يجننننوز بالغبننننار عننننندهما مننننع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والك ْلننننس‬ ‫والحجننننر‬
‫القننندرة علنننى الصنننعيد‪ .‬وقنننال أبويوسنننف‪ :‬ال يجنننوز إال بنننالتراب والرمنننل‪ .‬وعننننه‪ :‬ال يجنننوز إال بنننالتراب‪.‬‬
‫والخالف مع وجود التراب‪ ،‬أما إذا ُع ِدم‪ ،‬فقوله كقولهما‪.‬‬

‫وال يكننننون التننننراب "مسننننتعمال" باالسننننتعمال فلننننو تننننيمم واحنننند مننننن موضننننع وتننننيمم آخننننر بعننننده‬
‫منه جاز‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫والنينننة فنننرض فننني التنننيمم ألن التنننراب ُملن ِّننو ٌ فنننال يكنننون ُمط ِّهنننرا إال بالنينننة ومسنننتحبة (أو سننننة)‬
‫َّ‬
‫في الوضوء‪ ،‬ألن الماء ُمط ِ ّهر بنفسه فال يحتا إلى نية التطهير‪.‬‬
‫ٌ‬
‫نننف عنننننه فأخننننذ حكمننننه‪ .‬وينقضننننه أيضننننا‬
‫وينننننقض التننننيمم كننننل شننننيء ينننننقض الوضننننوء‪ ،‬ألنننننه خلن ٌ‬
‫وجود الماء إذا قدر على استعماله‪.‬‬

‫ويسننننتحب لمننننن لننننم يجنننند المنننناء فنننني أول الوقننننت – وهننننو يرجننننو أن يجننننده فنننني آخننننره – أن‬
‫ُيننننؤخر الصننننالة إلننننى آخننننر الوقننننت المسننننتحب ال المكننننروه‪ ،‬فننننإن وجنننند المنننناء توضننننأ بننننه وصنننن ّلى‪ ،‬وإال‬
‫تيمم وصلى‪ .‬ولو لم ُيؤخر وتيمم وصلى جاز‪ ،‬فال إعادة عليه إن وجده بعد أدائه بالتيمم‪.‬‬

‫خ‬
‫بتيمم ما شاء من الفرائض والنوافل كالوضوء‪.‬‬ ‫ويصلي‬

‫ويجنننننوز التنننننيمم للصنننننحيح إذا حضنننننرت جننننننازة والنننننولي غينننننره فخننننناف إن اشنننننتغل بالطهنننننارة‬
‫ُ‬
‫بالمنننناء أن تفوتننننه الصننننالة‪ ،‬فإنننننه يتننننيمم ويصننننلى‪ .‬وكننننذا فنننني صننننالة العينننند‪ ،‬ألنهمننننا ال تقضننننى‪ ،‬بخننننالف‬
‫ننندرِ ك الجمعننننة صننننلى الظهننننر أربعننننا‪ .‬وكننننذا ال يجننننوز التننننيمم إذا ضنننناي‬
‫صننننالة الجمعننننة فإنننننه إن لننننم ُين ْ‬
‫الوقت ألنها إن فاتته يصليها قضاء‪.‬‬

‫باب المسح على الخفين‬

‫المسنننح علنننى الخفنننين جنننائزة بالسننننة‪ .‬واألخبنننار فينننه مستفيضنننة‪ ،‬حتنننى قينننل‪ :‬إ ّن منننن لنننم ينننره كنننان‬
‫مبتنندعا ولكننن مننن رآه ثننم لننم يمسننح آخننذا بالعزيمننة كننان مننأجورا‪ .‬وهننو جننائز مننن كننل حنند خ موجن خ‬
‫نب‬
‫الغسننننل‪.‬‬
‫للوضنننوء إذا لنننبس الخفننننين علنننى طهننننارة كاملنننة ثننننم أحننند ‪ .‬وال يجننننوز المسنننح عليهمننننا فننني ُ‬
‫فننن إن كننننان مقيمننننا مسننننح يومنننا وليلننننة‪ ،‬وإن كننننان مسننننافرا مسننننح ثالثنننة إيننننام ولياليهننننا‪ .‬وابتنننندا ها‪ ،‬عقيننننب‬
‫الحننننند ‪ ،‬ال عقينننننب الوضنننننوء وال لبسنننننهما‪ .‬ومحنننننل المسنننننح ننننناهر الخفنننننين‪ .‬والفنننننرض فننننني مقننننندار‬
‫أصابع من أصغر أصابع اليد‪.‬‬ ‫المسح ثال‬

‫أصننننابع مننننن أصننننغر‬ ‫نننين منننننه مقنننندار ثننننال‬


‫نننر ٌي كبيننننر ي ِبن ُ‬
‫ُ ْ‬ ‫وال يجننننوز المسننننح علننننى ُخن خّ‬
‫نننف فيننننه خن‬
‫أقل من ذلك جاز‪.‬‬ ‫أصابع الرِ جل‪ .‬وإن كان ّ‬

‫وينننننقض المسننننح مننننا ينننننقض الوضننننوء‪ ،‬وينقضننننه أيضننننا نننننزع الخ ّفننننين أو أحنننندهما ألنننننه اليجننننوز‬
‫الجمنننع بنننين الغسنننل والجمنننع فننني و يفنننة واحننندة‪ .‬وينقضنننه أيضنننا ُم ِضننني المننندة‪ ،‬فنننإذا تمنننت المننندة وهنننو‬
‫متوضننن ٌ ‪ ،‬ننننزع خفينننه وغسنننل رجلينننه فقننن ‪ ،‬ولنننيس علينننه إعنننادة بقينننة الوضنننوء‪ .‬وكنننذلك يفعنننل إذا ننننزع‬
‫ّ‬

‫‪12‬‬
‫قبننل المنندة‪ .‬وحكننم النننزع يثبننت بخننرو القنندم إلننى سنناي الخننف‪ .‬ومننن لننبس شنني ا علننى الخننف مسننح‬
‫عليه بشرس لُبسه على طهارة‪ ،‬بخالف ما لبسه بعد ما أحد ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وال يجننننوز المسننننح علننننى الجننننوربين‪ ،‬رقيقننننين كانننننا أو ثخينننننين عننننند أبنننني حنيفننننة‪ ،‬إال أن يكونننننا‬
‫الجلننند علننننى منننا يسننننتر القننندم منهمنننا إلننننى الكعنننب‪ ،‬أو علننننى منننا يلنننني‬
‫ُ‬ ‫ُمج َّلننند ْين أو ُمن َّعلنننين‪ .‬أي‪ُ :‬ج ِعننننل‬
‫ْ‬
‫للر ْجنننل‪ .‬وقننناال‪ :‬يجنننوز المسنننح علنننى الجنننوربين إذا كاننننا ثخيننننين بحينننف‬ ‫األرض منهمنننا خاصنننة كالنعنننل ِ‬
‫ّ‬
‫والي ْن ِفنننذان المننناء إلنننى القننندمين إذا مسنننح عليهمنننا‪ .‬وهنننو تأكيننند‬
‫نند‪ُ ،‬‬ ‫الرجنننل منننن غينننر شن خّ‬
‫ّ‬
‫يستمسنننكان علنننى ِ‬
‫للثخانة‪.‬‬

‫نعلنننين جننناز باالتفننناي‪ ،‬وإن لنننم يكوننننا ثخيننننين منعلنننين ال يجنننوز‬


‫وحاصنننله‪ :‬ولنننو كاننننا ثخيننننين ُم ّ‬
‫باالتفاي‪ ،‬وإن كانا ثخينين غير مجلدين أو غير منعلين اليجوز عند اإلمام‪ ،‬جاز عند صاحبيه‪.‬‬

‫نندها علنننى غينننر وضنننوء أو جنبنننا‪ ،‬فنننإن سنننقطت عنننن غينننر‬


‫ويجنننوز المسنننح علنننى الجبنننائر وإن شن ّ‬
‫رء لم يبطل المسح ألن العذر قائم‪ ،‬وإن سقطت عن ُبر خء بطل المسح لزوال العذر‪.‬‬ ‫ب خ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫باب الحيض‬

‫والدماء التي ُتبتلى بها المرأة ثالثة‪ :‬حيض ونفاس واستحاضة‬


‫ْ‬
‫دم الحيض‪:‬‬

‫والحننننيض لغننننة‪ :‬السننننيالن‪ ،‬وشننننرعا‪ :‬دم مننننن ر ِحن ِ‬


‫نننم امننننرأة سننننليمة ال عننننن داء‪ .‬وأقلننننه ثالثننننة أيننننام‬ ‫ٌ‬
‫عنننن ذلنننك فلنننيس بحنننيض وإنمننا هنننو استحاضنننة‪ .‬وأكثنننره عشنننرة أينننام ولياليهنننا‪ ،‬و منننا‬ ‫ولياليهننا‪ ،‬ومنننا نقننن‬
‫نننفرة والكننندرة فننني أينننام الحنننيض‬
‫زاد علنننى ذلنننك فهنننو استحاضنننة‪ .‬ومنننا تنننراه المنننرأة منننن الحمنننرة والص ْ‬
‫طهرت‪.‬‬
‫فهو حيض حتى ترى البياض الخاص‪ ،‬وتختبره بالقطن فإذا خر أبيض فقد ُ‬
‫ومن أحكامه‪:‬‬

‫نننرم عليهننننا‬
‫والحننننيض ُيسننننق عننننن الحننننائض الصننننالة‪ ،‬ألن فنننني قضننننائها حرجننننا لتضنننناعفها‪ .‬ويحن ِ‬
‫ُ ّ‬
‫الصوم وال ُي ْس ِقطه‪ ،‬وتقضي الحائض والنفساء الصوم وال تقضي الصالة‪.‬‬

‫وال تنننندخل الحننننائض ‪ -‬وكننننذا النفسنننناء والجنننننب ‪ -‬المسننننجد وال تطننننوف بالبيننننت‪ ،‬و ال يأتيهننننا‬
‫زوجهنننا لحرمننننة ذلننننك كلننننه‪ .‬وال يجننننوز لحننننائض وال نفسننناء وال جنننننب قننننراء ُة القننننرآن‪ .‬وكننننذا ال يجننننوز‬
‫ننند خ منننس المصنننحف إال بغالفنننه المتجنننافي بخنننالف المتصنننل بنننه‪ .‬وأمنننا كتنننب التفسنننير‪،‬‬
‫لهنننم وال لمح ِ‬
‫ُ ْ‬
‫فال يجوز له مس موضع القرآن منها‪ ،‬وله أن يمس غيره‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫نننل مننننن عشننننرة أيننننام ولننننو لتمننننام عادتهننننا‪ ،‬لننننم يجننننز وطؤهننننا حتننننى‬
‫وإذا انقطننننع دم الحننننيض ألقن َّ‬
‫تصننننل‪ ،‬ألن الصننننالة صننننارت دينننننا فنننني ذمتهنننننا‬
‫ّ‬ ‫تغتسننننل‪ ،‬أو يمضنننني عليهننننا وقننننت صننننالة كامننننل ولننننم‬
‫فط ُهرت حكما‪.‬‬

‫ولنننننو انقطنننننع الننننندم لننننندون عادتهنننننا فنننننوي ثالثنننننة أينننننام‪ ،‬لنننننم ي ْقر ْبهنننننا حتنننننى تمضننننني عادتهنننننا وإن‬
‫اغتسلت‪ ،‬ألن العود في العادة غالب فكان االحتياس في االجتناب‪.‬‬

‫الغسنننننل‪ ،‬إال أننننننه ال ُيسنننننتحب قبنننننل‬


‫وإن انقطنننننع دمهنننننا لتمنننننام عشنننننرة أينننننام جننننناز وطؤهنننننا قبنننننل ُ‬
‫ننننننوهن ح َّتنننننننى يطَّ َّهنننننننرن"‬
‫َّ‬ ‫الغسنننننننل‪ ،‬للنهننننننني فننننننني القنننننننراءة بالتشنننننننديد فننننننني قولنننننننه تعنننننننالى‪" :‬وال ت ْقربن‬
‫ْ‬
‫(البقرة‪.)222/2:‬‬

‫والطهر إذا تخلل بين الدمين في مدة الحيض فهو كالدم الجاري‪.‬‬

‫وأقننننل الطهننننر الفاصننننل بننننين الحيضننننتين خمسننننة عشننننر يومننننا‪ ،‬وال غايننننة ألكثننننره وإن اسننننتغري‬
‫الع ُمر‪.‬‬
‫ُ‬
‫دم االستحاضة‪:‬‬

‫ننل منننن ثالثنننة أينننام أو أكثنننر منننن عشنننرة أينننام فننني الحنننيض‪ ،‬أو أكثنننر منننن‬
‫وهنننو منننا تنننراه المنننرأة أقن ّ‬
‫نننل وآيسنننن ٌة مخالفننننا لعادتهننننا قبننننل اإلينننناس‪ ،‬فحكمننننه‬
‫أربعننننين فنننني النفنننناس‪ ،‬وكننننذا مننننا تننننراه صننننغير ٌة وحامن ٌ‬
‫"توضننن ِ ي وصننن ِّلي وإن قطنننر‬
‫َّ‬ ‫حكنننم الرعننناف الننندائم‪ :‬ال يمننننع الصنننوم وال الصنننالة وال النننوسء لحنننديف‪:‬‬
‫الدم على الحصير"‪.‬‬
‫ُ‬
‫وإذا زاد الننندم علنننى عشنننرة أينننام‪ ،‬وكاننننت لهنننا عننناد ٌة معروفنننة‪ُ ،‬ر َّد ْت إلنننى أينننام عادتهنننا المعروفنننة‪،‬‬
‫ومننننا زاد علننننى ذلننننك فهننننو استحاضننننة‪ ،‬فتقضنننني مننننا تركننننت مننننن الصننننالة بعنننند العننننادة‪ .‬وإذا لننننم يتجنننناوز‬
‫العشرة يكون الدم كله حيضا وتنتقل عادتها إليه‪.‬‬

‫وإن ابتنننندأت المننننرأة مننننع البلننننوا ُم ْستحاضننننة واسننننتمر بهننننا النننندم فحيضننننها عشننننرة أيننننام مننننن كننننل‬
‫َّ‬
‫شننننهر مننننن أول مننننا رأت‪ ،‬والبنننناقي عشننننرون يومننننا استحاضننننة‪ .‬ونفاسننننها أربعننننون يومننننا حتننننى تطهننننر أو‬
‫تموت‪.‬‬

‫ومن أحكامها‪:‬‬

‫والم ْستحاضننن ُة ومننننن بمعننننناه منننن أصننننحاب األعننننذار كمنننن بننننه سننننل ُس البنننول‪ ،‬وانفننننالت الننننريح‪،‬‬
‫ُ‬
‫دمنننه ‪ ،‬يتوضنننؤون لوقنننت كنننل صنننالة مفروضنننة فيصنننلون بنننه‬ ‫ُ‬
‫والجن ْننر ُح النننذي ال ْيرقنننأ ُ‬
‫ُ‬ ‫نناف الننندائم‪،‬‬
‫والرعن ُ‬

‫‪14‬‬
‫فنننني الوقننننت مننننا شننننا ا مننننن الفننننرائض والواجبننننات والنوافننننل أداء وقضنننناء‪ ،‬فننننإذا خننننر الوقننننت بطننننل‬
‫وضننننو هم‪ ،‬وكننننان علننننيهم اسننننت ْ ناف الوضننننوء لصننننالة أخننننرى‪ .‬وينننننتقض وضننننو هم أيضننننا بمننننا يفسنننند‬
‫الوضوء من غير أعذارهم‪.‬‬

‫ثبوت العذر وزواله‪:‬‬

‫ويشنننترس لثبنننوت العنننذر أن يسنننتوعب العنننذر تمنننام وقنننت صنننالة مفروضنننة‪ ،‬وذلنننك بنننأن ال يجننند‬
‫فنننني جميننننع وقتهننننا زمنننننا يتوضننننأ ويصننننلي فيننننه خاليننننا عننننن العننننذر‪ ،‬ولننننو باالقتصننننار علننننى المفننننروض‪.‬‬
‫ويستمر ما ُو ِجد في كل وقت ولو مرة‪ .‬ويزول إذا انقطع وقتا كامال‪.‬‬

‫والنفاس‪:‬‬

‫وهننننو اسننننم للنننندم الخننننار عقيننننب الننننوالدة‪ .‬والنننندم الننننذي تننننراه الحامننننل‪ ،‬ومننننا تننننراه فنننني حننننال‬
‫والدتها قبل خرو الولد‪ ،‬استحاضة‪.‬‬

‫ننند لننننه‪ ،‬وأكثننننره أربعننننين يومننننا‪ ،‬وإذا تجنننناوز النننندم األربعننننين ينظننننر فيننننه‪ :‬فننننإن‬
‫وأقننننل النفنننناس ال حن ّ‬
‫كاننننت ُمبتننندأة (أي‪ :‬ليسنننت لهنننا عنننادة معروفنننة فننني النفننناس) فهنننو استحاضنننة‪ .‬وإن كاننننت ُم ْعتنننادة‪ُ ،‬ر َّدت‬
‫ْ‬
‫إلى أيام عادتها‪ ،‬فتقضي ما تركت من الصالة بعد العادة كما مر في الحيض‪.‬‬

‫ومنننن ولننند ت ولننندين أو أكثنننر فننني بطنننن واحننند فنفاسنننها منننن الولننند األول عنننند أبننني حنيفنننة وأبننني‬
‫يوسف ‪ ،‬ومن الثاني عند محمد وزفر‪.‬‬

‫باب تطهيراألنجاس‪:‬‬

‫والمنننراد بنننه إزالنننة النجاسنننة الحقيقينننة‪ .‬واألنجننناس جمنننع نجنننس وهنننو ضننند الطننناهر‪ ،‬والنجاسنننة‬
‫ضننند الطهنننارة‪ .‬وتطهينننر النجاسنننة منننن بننندن المصنننلي وثوبنننه والمكنننان النننذي يصنننلي علينننه واجنننب لقولنننه‬
‫فطهر"(المدثر‪.)4:‬‬
‫تعالي‪" :‬وثيابك ِ ّ‬
‫طري تطهيرها‪:‬‬

‫ننل ومننناء النننورد والمننناء‬


‫ننل منننائع طننناهر يمكنننن إزالتهنننا بنننه كالخن ّ‬
‫ويجنننوز ذلنننك بالمننناء المطلنننق وبكن ّ‬
‫المستعمل‪ ،‬فإذا انتهت أجزاء النجاسة يبقى طاهرا‪.‬‬

‫الخننن َّف نجاسننن ٌة لهنننا ِجن ْننر ٌم ُينننرى بعننند الجفننناف فج َّفن ْ‬
‫ننت‪ ،‬فدلكنننه بننناألرض ونحوهنننا‬ ‫وإذا أصنننابت ُ‬
‫كان طاهرا‪ ،‬ألن الجلد ال تتداخله أجزاء النجاسة إال قليال‪ .‬وأما الرطب منها فوجب غسلها‪.‬‬
‫َّ‬

‫‪15‬‬
‫والمنننني نجنننس نجاسنننة ُمغ َّلظنننة يجنننب غسنننل ر ْطبنننه‪ ،‬فنننإذا جن َّننف علنننى الثنننوب والبننندن أجنننزأ فينننه‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفر ُك لقوله عليه السالم لعائشة‪" :‬ا ْغسليه إن كان رطبا وا ْفركيه إن كان يابسا"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫نننننت بالشننننننمس والننننننريح ونحوهننننننا وذهننننننب أثرهننننننا (اللننننننون‬
‫وإذا أصننننننابت األرض نجاسننننننة فجفن ْ‬
‫والطعنننننم والرائحنننننة) جنننننازت الصنننننالة علنننننى مكانهنننننا‪ ،‬ولكنننننن ال يجنننننوز التنننننيمم منهنننننا‪ ،‬ألن المشنننننروس‬
‫للصالة الطهارة‪ ،‬وللتيمم الطهورية (أي‪ :‬طهارته في نفسه كالماء)‪.‬‬

‫المقدار الذي تجب إزالتها‪:‬‬

‫نندار الننندرهم فمنننا دوننننه‬


‫المغ ّلظنننة كالننندم والبنننول والغنننائ والخمنننر مقن ُ‬
‫ومنننن أصنننابه منننن النجاسنننة ُ‬
‫أخنننذا عنننن‬
‫نندر بقننندر الننندرهم‪ْ ،‬‬ ‫جننناز الصنننالة معنننه‪ ،‬ألن القلينننل ال يمكنننن التحنننرز عننننه ُفيجعنننل عفنننوا‪ .‬و ُقن ِّ‬
‫موضنننع االسنننتنجاء‪ ،‬فنننإن زاد لنننم تجنننز الصنننالة‪ .‬هنننذا فنننإن كاننننت النجاسنننة رقيقنننة كنننالبول والخمنننر فيعتبنننر‬
‫قننندر الننندرهم مسننناحة‪ ،‬وهنننو قننندر عنننرض الكن ّننف‪ ،‬وإن كاننننت كثيفنننة كالغنننائ يعتبنننر قننندر الننندرهم وزننننا‬
‫غرامات تقريبا)‪.‬‬ ‫(ثال‬

‫نننع‬
‫وإن أصننننابته نجاسننننة مخففننننة كبننننول مننننا ُيؤكننننل لحمننننه جننننازت الصننننالة معننننه مننننا لننننم يبلنننن ُر ُبن ُ‬
‫نننم‪ ،‬وهنننو األحنننوس‪ .‬والتقننندير بنننالربع‬ ‫جمينننع الثنننوب‪ .‬وقينننل‪ :‬ربنننع الموضنننع النننذي أصنننابه كالنننذيل والك ِ‬
‫ُ ّ‬
‫للتيسير على الناس‪.‬‬

‫متى ي ْط ُهر المحل؟‬

‫وإن كانننننت النجاسننننة عينننننا مرئيننننة كالنننندم فطهننننارة محلهننننا زوال عينهننننا ولننننو بمننننرة‪ ،‬إال أن يبقننننى‬
‫ّ‬ ‫ْ َّ‬
‫كلننون وريننح فننال يضننر بقننا ه‪ .‬ومننا لننيس لننه عننين مرئيننة كننالبول فطهارتهننا أن‬ ‫خ‬ ‫مننن أثرهننا مننا يشننق إزالتننه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نندر بعضنننهم‬‫وي ْعصنننر كنننل منننرة حتنننى يغلنننب علنننى نننن الغاسنننل أننننه قننند ط ُهنننر‪ .‬وإنمنننا قن ّ‬ ‫ُيغسنننل المحنننل ُ‬
‫بالثال ألن غالب الظن يحصل عنده‪.‬‬

‫االستنجاء‪:‬‬

‫ف فينننه‬
‫وهنننو إزالنننة منننا علنننى السنننبيلين منننن النجاسنننة‪ .‬وهنننو سننننة مؤكننندة للرجنننال والنسننناء‪ ،‬و ُي ْجنننزِ ُ‬
‫الحجنننر ومنننا قنننام مقامنننه منننن كنننل عنننين طننناهرة قالعنننة‪ ،‬ويمسنننح المخنننر حتنننى ُينقينننه‪ ،‬ولنننيس فينننه عننندد‬
‫ُ‬
‫يجنننز فننني طهارتنننه إال المننناء أو‬
‫ْ‬ ‫لنننم‬ ‫مخرجهنننا‬ ‫نجاسنننة‬ ‫ال‬ ‫تجننناوزت‬ ‫وإن‬ ‫أفضنننل‪.‬‬ ‫بالمننناء‬ ‫وغسنننله‬ ‫مسننننون‪،‬‬
‫المائع‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫نننرو لننننورود النهنننني عنننننه وال بطعننننام ‪،‬دمنننني أو بهيمننننة ألنننننه إتننننالف‬
‫وال يسننننتنجي بعظننننم وال بن ْ‬
‫ّ‬
‫وإهانة‪ ،‬وال بيمينه لورود النهي عنه أيضا إالمن عذر‪.‬‬

‫كتاب الصالة‬
‫معناها‪ ،‬حكمها وأوقاته‪:‬‬

‫معناهننننا‪ :‬وهنننني فنننني اللغننننة‪ :‬النننندعاء‪ ،‬وفنننني الشننننرع‪ :‬األفعننننال المخصوصننننة المفتتحنننن ُة بننننالتكبير‪،‬‬
‫المختتم ُة بالتسليسم‪.‬‬

‫حكمهننننا‪ :‬وهنننني فننننرض عننننين علننننى كننننل مكلننننف‪ ،‬و ُتننننؤمر بهننننا األوالد لسننننبع سنننننين‪ ،‬ويكفننننر‬
‫ويضرب حتى يصلي‪.‬‬
‫جاحدها‪ ،‬ويحبس تاركها عمدا كسال ُ‬
‫أوقاتها‪:‬‬

‫الفجننننر‪ :‬أول وقتهننننا طلننننوع الفجننننر الثنننناني المسننننمى بننننالفجر الصننننادي وهننننو البينننناض المعتننننرض‬
‫فننني األفنننق‪ ،‬بخنننالف األول المسنننمى بالكننناذب فإننننه يخنننر مسنننتطيال فننني األفنننق ثنننم ت ْع ُقبن ُننه ُلمنننة‪ .‬وآخنننر‬
‫ُ‬
‫وقتها ُقبيل طلوع الشمس‪.‬‬
‫ْ‬
‫والظهنننر‪ :‬أول وقتهنننا إذا زالنننت الشنننمس وآخنننر وقتهنننا عنننند أبننني حنيفنننة إذا صنننار ِ نننل كنننل شن خ‬
‫ننيء‬
‫مثلينننه ِسننننوى فنننني ِء الننننزوال‪ .‬وعننننندهما‪ :‬إذا صننننار ِ ننننل كنننل شننننيء مثلننننه ِسننننوى فننننيء الننننزوال‪ .‬وبننننه قننننال‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫األئمة الثالثة‪ .‬وعليه العمل اليوم‪.‬‬

‫والعصننننر‪ :‬أول وقتهننننا إذا خننننر وقننننت الظهننننر علننننى اخننننتالف القننننولين السننننابقين وآخننننر وقتهننننا‬
‫قبيل غروب الشمس‪.‬‬

‫والمغنننرب‪ :‬أول وقتهنننا إذا غربنننت الشنننمس‪ ،‬وآخنننره منننا لنننم يغنننب الشنننفق وهنننو البيننناض النننذي‬
‫ُيرى في األفق بعد غيبة الحمرة عند أبي حنيفة‪ ،‬وعندهما‪ :‬هو الحمرة‪ .‬والعمل على قولهما‪.‬‬

‫والعشاء‪ :‬أول وقتها إذا غاب الشفق على القولين‪ ،‬وآخره ما لم يطلع الفجر الصادي‪.‬‬

‫والنننوتر‪ :‬أول وقتنننه بعننند العشننناء وآخنننره منننا لنننم يطلنننع الفجنننر‪ .‬وفاقننند وقنننت العشننناء والنننوتر غينننر‬
‫مكلف بهما‪.‬‬
‫ٌ‬

‫‪17‬‬
‫باب األذان‪:‬‬

‫إعالم مخصوص على وجه مخصوص بألفاظ مخصوصة‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫وهو لغة‪ :‬اإلعالم‪ ،‬وشرعا‪:‬‬

‫وهنننو سننننة مؤكننندة للرجنننال للصنننلوات الخمنننس والجمعنننة دون منننا سنننواها كالعيننند والكسنننوف‪.‬‬
‫وصننننفة األذان معروفننننة‪ .‬وال ترجينننننع فيننننه‪ ،‬وهنننننو أن يرفننننع المننننؤذن صنننننوته بالشننننهادتين بعننننند بعنننند منننننا‬
‫خفضه بهما‪ .‬ويزيد في أذان الفجر بعد حي على الفالح "الصالة خير من النوم" مرتين‪.‬‬
‫َّ‬
‫واإلقامنننة مثنننل األذان‪ ،‬إال أننننه يزيننند فيهنننا بعننند حننني علنننى الفنننالح‪" ،‬قن ْنند قامنننت الصنننالة" منننرتين‪.‬‬
‫ّ‬
‫ننندر فنننني اإلقامننننة ويسننننتقبل بهمننننا القبلننننة‪ ،‬فننننإذا بلنننن إلننننى الصننننالة‬
‫(يتمهننننل) فنننني األذان ويحن ُ‬
‫ّ‬ ‫ويترسننننل‬
‫ّ‬
‫حول وجهه يمينا وشماال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والفالح‬

‫قضننناءهن فنننني مجلنننس واحنننند‪ ،‬أ ّذن‬


‫ّ‬ ‫وينننؤ ّذن الرجنننل للفائتننننة ويقنننيم‪ ،‬فنننإن فاتتننننه صنننلوات وأراد‬
‫لألُلى وأقام‪ ،‬وكان ُمخيرا في الباقية‪ :‬إن شاء أ ّذن وأقام وإن شاء اقتصر على اإلقامة‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويسنننتحب للمنننؤذن أن ينننؤذن ويقنننيم علنننى طُ ْهنننرخ ‪ ،‬فنننإن أذن علنننى غينننر وضنننوء جننناز‪ .‬ويكنننره أن‬
‫ويعاد أذان الجنب‪.‬‬
‫يقيم على غير وضوء‪ ،‬أو ُيؤذن ويقيم وهو جنب‪ُ ،‬‬
‫وال يننننؤذن لصننننالة قبننننل دخننننول وقتهننننا‪ ،‬فننننإن فعننننل أعنننناد فنننني الوقننننت‪ ،‬إال فنننني أذان الفجننننر عننننند‬
‫أهنننل‬ ‫أبننني يوسنننف فيجنننوز قبنننل الصنننبح وقنننال‪ :‬يجنننوز للفجنننر فننني النصنننف األخينننر منننن اللينننل لتنننوار‬
‫الحرمين‪.‬‬

‫باب شروس الصالة التي تتقدمها‪:‬‬

‫وهي ستة‪:‬‬

‫‪ )1‬الطهارة من األحدا ‪ :‬أن يتوضأ إن كان ِ‬


‫محدثا ويغتسل إن كان جنبا‪.‬‬

‫‪ )2‬والطهنننارة منننن األنجننناس‪ ،‬ومنننن لنننم يجننند منننا يزينننل بنننه النجاسنننة صنننلى معهننناولم ُي ِعننند الصنننالة‬
‫بعد ما وجده‪.‬‬

‫‪ )3‬وسنننتر العنننورة‪ ،‬ولنننو خالينننا أو فننني بينننت ُم ْظلنننم‪ .‬والعنننورة منننن الرجنننل‪ :‬منننا تحنننت السنننرة إلنننى‬
‫الركبنننة‪ ،‬والركبنننة عنننورة‪ .‬وبننندن المنننرأة الحنننرة كلنننه عنننورة إال وجههنننا وك َّفيهنننا‪ .‬وفننني قننندميها اخنننتالف‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫نننس ولننننيس بعننننورة فنننني حننننق‬
‫فقيننننل‪ :‬عننننورة‪ ،‬وقيننننل‪ :‬لننننيس بعننننورة‪ .‬وقيننننل‪ :‬عننننورة فنننني حننننق النظننننر والمن ّ‬
‫الصالة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ومنننا كنننان عنننورة منننن الرجنننل فهنننو عنننورة منننن األمنننة‪ ،‬وبطنهنننا و هرهنننا عنننورة أيضنننا‪ ،‬ومنننا ِسنننوى‬
‫ذلننننك مننننن بنننندنها فلننننيس بعننننورة‪ .‬ومننننن لننننم يجنننند ثوبننننا صننننلى عريانننننا قاعنننندا‪ ،‬يننننوم إيمنننناء بننننالركوع‬
‫والسجود‪ ،‬فإن صلى قائما أجزأه‪ .‬واألول أفضل‪.‬‬

‫نننام‪ :‬وكشننننف ربننننع عضننننوخ مننننن أعضنننناء العننننورة يمنننننع صننننحة الصننننالة إن اسننننتمر مقنننندار أداء‬
‫هن ّ‬
‫ّ‬
‫ركن وإال فال‪.‬‬
‫خ‬

‫‪ )4‬واسننننتقبال القبلننننة‪ ،‬فنننن إن كننننان بمكننننة ففرضننننه إصننننابة عينهننننا‪ ،‬وإن كننننان غائبننننا ففرضننننه إصننننابة‬
‫أي‬
‫عنننندو أو مريضننننا فيصننننلي إلننننى َّ‬
‫ّ‬ ‫جهتهننننا‪ ،‬ألن التكليننننف بحسننننب الوسننننع‪ .‬إال أن يكننننون خائفننننا مننننن‬
‫جهنننة قننندر‪ .‬ومنننن اشنننتبهت علينننه القبلنننة ولنننيس بحضنننرته منننن يسنننأله عنهنننا‪ ،‬اجتهننند وصنننلى إلنننى جهنننة‬
‫اجتهننناده‪ ،‬فنننإن علنننم أننننه أخطنننأ بعننند منننا صنننلى‪ ،‬فنننال إعنننادة علينننه ألننننه أتنننى بمنننا ُوسنننعه‪ .‬وإن علنننم فننني‬
‫الصالة‪ ،‬استدار إلى القبلة وبنى عليها‪.‬‬

‫‪ )5‬والوقت‪ ،‬وقد سبق بيانه‪.‬‬

‫‪ )6‬والنينننننة‪ :‬وال يفصنننننل بينهنننننا وبنننننين التحريمنننننة بعمنننننل أجنبننننني عنننننن الصنننننالة‪ .‬ثنننننم إن كاننننننت‬
‫ّ‬
‫الصنننالة نفنننال أو سنننننة يكفينننه مطلنننق ا لنيننننة‪ .‬والبننند منننن التعيننننين فننني الفنننرض كظهننننر وعصنننر‪ .‬وال يلننننزم‬
‫"أي‬
‫نننل َّ‬
‫تأمن خ‬
‫تعيننننين عنننندد الركعننننات‪ .‬والمعتبننننر فنننني النيننننة عمننننل القلننننب‪ ،‬وهننننو أن ي ْعلننننم بداهننننة مننننن غيننننر ّ‬
‫مستحب إعانة للقلب‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫صالة يصلى"‪ ،‬والتلف بها‬

‫باب فرائض الصالة‪ ،‬وهي أركانها‪ .‬وهي ستة أيضا‪:‬‬

‫‪ )1‬التحريمنننة‪ ،‬لقولننننه عليننننه السننننالم‪" :‬مفتنننناح الصننننالة‪ :‬الطهننننور‪ ،‬وتحريمهننننا‪ :‬التكبيننننر"‪ ،‬وسننننميت‬
‫حرم األشياء المباحة قبلها المبايِنة للصالة‪.‬‬
‫بها ألنها ت ِ‬
‫ُ ّ‬
‫‪ )2‬والقيام‪ .‬ومن قدر عليه ولم يقدر على السجود‪ ،‬ندب له أن يصلي قاعدا باإليماء‪.‬‬

‫‪ )3‬والقراءة‬

‫‪ )4‬والركوع‬

‫‪ )5‬والسجود‬

‫عبده ورسولُه"‬
‫‪ )6‬والقعدة األخيرة مقدار التشهد إلى قوله‪ُ . . . " :‬‬
‫باب صفة الصالة‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫نننس‬
‫كبننننر ورفننننع يديننننه مننننع التكبيننننر حتننننى ُيحنننناذي ويمن َّ‬ ‫وإذا أراد الرجننننل النننندخول فنننني الصننننالة‬
‫ّ‬
‫بإبهامينننه شنننحمتي أذنينننه ويسنننتقبل بك ّفينننه القبلنننة‪ ،‬ويعتمننند بينننده اليمننننى علنننى اليسنننرى ويضنننعهما الرجنننل‬
‫ْ‬
‫ننمك‬‫"سن ْننبحانك اللهنننم وبِح ْمننندك وتبنننارك اسن ُ‬ ‫تحنننت ُسن َّننرته والمنننرأة تحنننت ثننندييها‪ ،‬ثنننم يسنننتفتح ويقنننول‪ُ :‬‬
‫وتعننننالى جنننندك وال إلننننه غيننننرك"‪ ،‬ثننننم يقننننول‪" :‬أعننننوذ بنننناهلل مننننن الشننننيطان الننننرجيم‪ ،‬بسننننم اهلل الننننرحمن‬
‫ُ‬
‫وي ِسنننر بهمنننا ولنننو كاننننت الصنننالة جهرينننة‪ ،‬ثنننم يقنننرأ الفاتحنننة وسنننورة معهنننا أو ثنننال آينننات منننن‬
‫النننرحيم"‪ُ ،‬‬
‫وي ْخفونهنننا سنننواء‬
‫أي سنننورة شننناء‪ .‬وإذا قنننال اإلمنننام‪" :‬وال الضنننالين" قنننال‪ :‬آمنننين‪ ،‬ويقولهنننا المنننؤتم أيضنننا ُ‬
‫ّ‬
‫جهرية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كانت الصالة سرية أو‬
‫ّ‬
‫نننوى رأسننننه‬
‫ويسن ّ‬
‫هنننره ُ‬ ‫نننر ُ أصنننابعه ويبسنننن‬
‫ثنننم ُيكبننننر ويركنننع ويعتمنننند بيدينننه علننننى ركبتينننه ويفن ِ‬
‫ّ‬
‫بع ُجنننزِ ه وال يرفنننع رأسنننه وال ُين ِّكسنننه‪ ،‬ويقنننول‪ :‬سنننبحان ربننني العظنننيم ثالثنننا‪ ،‬وذلنننك أدننننى كمنننال السننننة‪،‬‬
‫واألوسنننن خمننننس واألكمننننل سننننبع‪ .‬ثننننم يرفننننع رأسننننه ويقننننول‪" :‬سننننمع اهلل لمننننن حمننننده"‪ ،‬ويكتفنننني بننننه‬
‫نننؤتم‪" :‬ربنننننا لننننك الحمنننند" ويكتفننننى بننننه‪،‬‬
‫نننم التحمينننند سننننرا ويقننننول المن ْ‬
‫اإلمننننام عننننند اإلمننننام‪ ،‬وقنننناال‪ :‬يضن‬
‫ّ‬
‫وأفضله‪" :‬اللهم ربنا ولك الحمد"‪ ،‬والمنفرد يجمع بينهما في األصح‪.‬‬

‫فنننننإذا اسنننننتوى قائمنننننا كبنننننر وسنننننجد واضنننننعاركبتيه أوال‪ ،‬واعتمننننند بيدينننننه علنننننى األرض بعننننندهما‬
‫ويو ِ ّجنننه أصنننابعه نحنننو القبلنننة وسنننجد علنننى أنفنننه وجبهتنننه‪ ،‬فنننإن اقتصنننر علنننى‬
‫ووضنننع وجهنننه بنننين كفينننه ُ‬
‫أحنننندهما جنننناز عننننند أبنننني حنيفننننة‪ .‬وعننننندهما‪ :‬ال يجننننوز االقتصننننار علننننى األنننننف إال مننننن عننننذر‪ ،‬وعليننننه‬
‫نننذيها ألن‬
‫ويبنننندي سنننناعديه ويجننننافي بطنننننه عننننن فخذيننننه‪ .‬والمننننرأة تنننننخفض وتُ ْلننننزِ ُي بطنهننننا بفخن ْ‬
‫الفتننننوى‪ُ .‬‬
‫ذلك أستر لها‪ .‬ويقول‪" :‬سبحان ربي األعلى" ثالثا وهو أدنى كمال السنة كما مر تفصيله‪.‬‬
‫ّ‬
‫ثنننم يكبنننر ويرفنننع رأسنننه إلنننى أن يسنننتوي جالسنننا‪ ،‬فنننإذا اطمنننأ ّن جالسنننا كبنننر وسنننجد ثانينننا‪ ،‬ثنننم كبنننر‬
‫ّ‬
‫وقنننام إلنننى الركعنننة الثانينننة‪ ،‬وال يقعننند لالسنننتراحة وال يعتمننند بيدينننه علنننى األرض‪ ،‬ويكنننره فعلهمنننا تنزيهنننا‬
‫لمن ليس به عذر‪.‬‬

‫ويفعنننل فنننى الركعنننة الثانينننة مثنننل منننا فعنننل فننني األولنننى‪ ،‬إال أننننه ال يسنننتفتح وال يتعنننوذ‪ ،‬وال يرفنننع‬
‫يديه إال في التكبيرة األولى فق ‪.‬‬

‫الرجنننل رجلنننه اليسنننرى فجلنننس‬


‫وإذا رفنننع رأسنننه منننن السنننجدة الثانينننة فننني الركعنننة الثانينننة افتنننرل ُ‬
‫ووجننننه أصننننابعه نحننننو القبلننننة ننننندبا‪ .‬ووضننننع يديننننه علننننى فخذيننننه وبسنننن‬
‫َّ‬ ‫عليهننننا ونصننننب اليمنننننى نصننننبا‬
‫وتشهد بتشهد ابن مسعود‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أصابعه‬

‫والمرأة تجلس على أليتها اليسرى‪ ،‬ألنه أستر لها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫بنننات‪ ،‬السننننالم علينننك أيهننننا النبننني ورحمننننة‬
‫والطي ُ‬ ‫نننلوات‬
‫ُ‬ ‫التحينننات هلل والصن‬
‫ُ‬ ‫وتشنننهد ابنننن مسننننعود‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل وبركاتننننه‪ ،‬السننننالم علينننننا وعلننننى عبنننناد اهلل الصننننالحين‪ ،‬أشننننهد أن ال إلننننه إال اهلل وأشننننهد أن محمنننندا‬
‫عبده ورسوله‪.‬‬

‫وال إشنننارة بالسنننبابة عنننند التشنننهد فننني ننناهر الرواينننة‪ .‬وعنننن أبننني يوسنننف‪ :‬يشنننير بهنننا‪ ،‬واعتمنننده‬
‫ّ‬
‫المتأخرون لثبوته باألحاديف الصحيحة‪ ،‬فيرفعها عند النفي ويضعها عند اإلثبات‪.‬‬

‫وال يزينننند علننننى التشننننهد فنننني القعنننندة األولننننى‪ .‬فننننإن زاد عامنننندا ُكننننره‪ ،‬وإن كننننان ناسننننيا سننننجد‬
‫للسهو إن كانت الزيادة بمقدار‪" :‬اللهم صل على محمد" على المذهب‪.‬‬

‫ويقنننرأ فننني الركعنننة الثالثنننة والرابعنننة الفاتحنننة خاصنننة‪ ،‬وهنننو األفضنننل‪ ،‬فلنننو سنننبح ثالثنننا أو وقنننف‬
‫ّ‬
‫صح‪ ،‬وال بأس به على المذهب‪.‬‬ ‫ساكتا بقدرها ّ‬
‫وفننني القعننندة األخينننرة صننن ّلى علنننى النبننني بعننند التشنننهد ودعنننا بمنننا شننناء ممنننا يشنننبه ألفننناظ القنننرآن‬
‫ننت نفسننني لمنننا كثينننرا وال يغفنننر النننذنوب إال‬
‫واألدعينننة المنننأثورة كقولنننه علينننه السنننالم‪" :‬اللهنننم إنننني لمن ُ‬
‫أنت‪ ،‬فاغفرلي مغفرة من عندك‪ ،‬وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"‪.‬‬

‫وال يننندعو بمنننا يشنننبه كنننالم النننناس تحنننرزا عنننن الفسننناد‪ .‬وفننني تحدينننده أقنننوال‪ :‬والمختنننار‪ :‬أن منننا‬
‫في القرآن والحديف ال يفسد مطلقا ولو شبه بكالم الناس‪.‬‬

‫ثم يسلم عن يمينه وعن يساره فيقول‪ :‬السالم عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬

‫متى يسلم المقتدي؟‬

‫اختلفنننوا فينننه‪ :‬وعنننند اإلمنننامين‪ :‬يسننن ّلم بعننند اإلمنننام‪ .‬وعنننن أبننني حنيفنننة فينننه روايتنننان‪ .‬وقنننال أبنننو‬
‫جعفرالطنننناوي ‪ :‬المختننننار‪ :‬أن ينتظننننر إذا سننننلم اإلمننننام عننننن يمينننننه يسننننلم المقتنننندي عننننن يمينننننه‪ ،‬وإذا فننننرا‬
‫عن يساره يسلم عن يساره‪.‬‬

‫ويجننننب أن يجهننننر اإلمننننام بننننالقراءة فنننني الفجننننر والننننركعتين األوليننننين مننننن المغننننرب والعشنننناء‬
‫ويخفيهننننا فيمننننا بعنننند األوليننننين‪ .‬والمنفننننرد إن شنننناء‬
‫وجمعننننة وعينننندين والتننننراويح والننننوتر فنننني رمضننننان‪ُ ،‬‬
‫جهنننر وأسنننمع نفسنننه وإن شننناء خافنننت‪ .‬ويجنننب أن ُيخفيهنننا اإلمنننام والمنفنننرد فننني الظهنننر والعصنننر لقولنننه‬
‫عليه السالم‪" :‬صالة النهار عجماء" أي‪ :‬ليس فيها قراءةٌ مسموعة‪.‬‬

‫باب الوتر‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫والنننوتر واجنننب عنننند أبننني حنيفنننة‪ ،‬وهنننذا آخنننر أقوالنننه‪ ،‬وهنننو الظننناهر منننن مذهبنننه‪ ،‬وهنننو األصنننح‪.‬‬
‫وعننننه أننننه سننننة وبنننه أخنننذ اإلمامنننان‪ ،‬وعننننه أننننه فريضنننة‪ ،‬وبنننه أخنننذ زفنننر‪ .‬وقينننل بنننالتوفيق‪ :‬فنننرض عمنننال‪،‬‬
‫واجب إعتقادا‪ ،‬سنة ثبوتا‪.‬‬

‫ركعننننات ال يفصننننل بينننننهن بسننننالم‪ ،‬ويقنننننت فنننني الثالثننننة قبننننل الركننننوع فنننني جميننننع‬ ‫وهننننو ثننننال‬
‫السننننة وتجنننب قنننراءة الفاتحنننة وسنننورة معهنننا فننني كنننل ركعنننة مننننه‪ .‬ويقننننت بالننندعاء المشنننهور‪" :‬اللهنننم إننننا‬
‫رب"‪ ،‬أو "اللهنننم اغفنننر لننني" أو يقنننرأ‪" :‬ربنننننا‬
‫نسنننتعينك ‪ ،". . .‬ومنننن ال ُيحسننننه أو ال يحفظنننه يقنننول‪" :‬ينننا ّ‬
‫آتنا في الدنيا حسنة ‪ .". . .‬وال يقنت في صالة غيره‪.‬‬

‫صفة القراءة‪:‬‬

‫ننزف‬
‫ولنننيس فننني شنننيء منننن الصنننلوات قنننراء ُة سنننورة بعينهنننا علنننى طرينننق الفريضنننة‪ ،‬بحينننف ال ُي ْجن ُ‬
‫فيهننننا غيرهننننا‪ ،‬وإنمننننا تتعننننين الفاتحننننة علننننى طريننننق الوجننننوب‪ .‬ويكننننره للمصننننلي أن يتخننننذ سننننورة ‪ -‬غيننننر‬
‫َّ‬
‫الفاتحنننة – لصنننالة بعينهنننا‪ ،‬بحينننف ال يقنننرأ غيرهنننا‪ ،‬لمنننا فينننه منننن هجنننران البننناقي‪ ،‬كقنننراءة سنننورة السنننجدة‬
‫لفجر كل جمعة‪ .‬وهذا إذا رأى ذلك حتما واجبا وإال فال بأس به‪.‬‬

‫وأدننننى منننا ُيجنننزف منننن القنننراءة فننني الصنننالة منننا يتناولنننه اسنننم القنننرآن ولنننو دون ا‪،‬ينننة عنننند أبننني‬
‫ُ‬
‫حنيفنننة‪ .‬وفننني ننناهر الرواينننة‪ :‬آينننة تامنننة‪ ،‬طويلنننة كاننننت أو قصنننيرة‪ .‬وعنننندهما‪ :‬ال ُيجنننزف أقنننل منننن ثنننال‬
‫آيات قصار أو آية طويلة‪.‬‬

‫وال يقرأ المؤتم خلف اإلمام مطلقا‪ ،‬فإن قرأ ُكره تحريما وتصح الصالة في األصح‪.‬‬

‫الجماعة واإلمامة‪:‬‬

‫ومننننن أراد النننندخول فنننني صننننالة غيننننره يحتننننا إلننننى نيتننننين‪ :‬نيننننة الصننننالة ونيننننة االقتننننداء باإلمننننام‪.‬‬
‫والجماعة للرجال سنة مؤكدة‪ ،‬وقيل‪ :‬وجبة‪ .‬وأقلها اثنان مع اإلمام‪.‬‬

‫وأولنننى الننننناس باإلمامننننة أعلمهننننم بأحكننننام الصنننالة‪ ،‬فننننإن تسنننناووا فأحسنننننهم تننننالوة لكتنننناب اهلل‪،‬‬
‫فإن تساووا فأكثرهم اتقاء للشبهات‪ ،‬فإن تساووا فأكبرهم سنا‪.‬‬

‫طول بهم الصالة عن القدر المسنون قراءة وأذكارا‪.‬‬


‫وينبغي لإلمام أن ال ُي ِّ‬
‫ويكنننننره للنسننننناء تحريمنننننا أن يصنننننلين وحننننندهن بغينننننر رجنننننال جماعنننننة‪ ،‬ال فرضنننننا وال نفنننننال‪ ،‬إال‬
‫ننطهن‪ ،‬فلنننو تقننندمت صنننحت الصنننالة‬
‫صنننالة الجننننازة عنننند عننندم الرجنننال‪ ،‬فنننإن فعلنننن وقفنننت اإلمنننام وسن ّ‬
‫وأثمت إثما آخر‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ومنننن صنننلى منننع واحننند ولنننو صنننبيا أقامنننه عنننن يميننننه‪ ،‬ولنننو صنننلى خلفنننه أو علنننى يسننناره جننناز‬
‫ويكره‪ .‬وإن كانا اثنين تقدم اإلمام عليهما‪.‬‬

‫نننبي مطلقننننا ولننننو فنننني جنننننازة أو نفننننل فنننني األصننننح‪،‬‬


‫وال يجننننوز للرجننننال أن يقتنننندوا بننننامرأة أو صن ّخ‬
‫فإن فعلوا ذلك بطلت صالتهم‪.‬‬

‫ويصننننف اإلمننننام الرجننننال ثننننم الصننننبيان ثننننم النسنننناء‪ ،‬وينبغنننني أن يننننأمرهم بننننأن يتراصننننوا ويسنننندوا‬
‫ويسوا مناكبهم‪.‬‬
‫الخلل ُ‬
‫مسألة محاذاة النساء في صالة الجماعة‪:‬‬

‫وإن قامننننت امننننرأة مشننننتها ٌة – ولننننو زوجننننة أو م ْحرمننننا – إلننننى جنننننب رجننننل ركنننننا كننننامال‪ ،‬وهمننننا‬
‫مشنننتركان فننني صنننالة واحننندة‪ ،‬وال حائنننل بينهمنننا‪ ،‬ولنننم ُيشنننر إليهنننا لتتنننأخر عننننه‪ ،‬وننننوى اإلمنننام إمامتهنننا‪،‬‬
‫ننام إمامتهنننا فسننندت صنننالتها ال‬
‫فسننندت صنننالته ال صنننالتها‪ .‬وإن أشنننار إليهنننا فلنننم تتنننأخر‪ ،‬أو لنننم يننننو اإلمن ُ‬
‫تننندم المحنننناذاة ركننننا كننننامال‪ ،‬أو لنننم يكونننننا فننني صننننالة واحننندة‪ ،‬أو بينهمننننا حائنننل‪ ،‬لننننم‬
‫صنننالته‪ .‬وإن لننننم ْ‬
‫قدر ما يقوم فيه المصلي‪.‬‬
‫تضرهما المحاذاة‪ .‬وال ُف ْرجة تقوم مقام الحائل‪ ،‬وأدناها ُ‬
‫حضور النساء الجماعة‪:‬‬

‫الشنننواب حضنننور الجماعنننة مطلقنننا لمننننا فينننه منننن خنننوف الفتننننة‪ .‬وأمنننا العجننننوز‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ويكنننره للنسننناء‬
‫فال بأس بأن تخر في الفجر والمغرب والعشاء عند أبي حنيفة‪ ،‬وفي الصلوات كلها عندهما‪.‬‬

‫اقتداء القوي بالضعيف وعكسه‪:‬‬

‫وال يصننننلي الطنننناهر خلننننف صنننناحب العننننذر كسننننلس البننننول لمننننا فيننننه مننننن بننننناء القننننوي علننننى‬
‫الضنننعيف‪ .‬وال القنننارف – وهنننو منننن يحفننن منننن القنننرآن منننا تصنننح بنننه الصنننالة ‪ -‬خلنننف األمننني – وهنننو‬
‫ّ‬
‫عكس القارف‪.-‬‬

‫ويجننننننوز أن يصننننننلي المتوضنننننن خلننننننف المتننننننيمم‪ ،‬والغاسننننننل رجليننننننه خلننننننف الماسننننننح علننننننى‬
‫الخفنننين‪ ،‬والقنننائم خلنننف القاعننند لمنننا روي أننننه علينننه السنننالم صنننلى آخنننر صنننالته قاعننندا والقنننوم خلفنننه‬
‫قينننام‪ .‬وال يصنننلي المفتنننرض خلنننف المتنفننننل‪ ،‬وال منننن يصنننلي فرضنننا خلننننف منننن يصنننلي فرضنننا آخننننر‪،‬‬
‫ويصلي المتنفل خلف المفترض ألن فيه بناء الضعيف على القوي وهو جائز‪.‬‬

‫فساد صالة المقتدي بفساد صالة اإلمام‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫ومنننن اقتننندى بإمنننام ثنننم علنننم أن اإلمنننام علنننى غينننر طهنننارة فننني زعمهمنننا فسننندت صنننالته اتفاقنننا‬
‫لظهنننور بطالنهنننا‪ .‬وأمنننا لنننو كاننننت صنننحيحة فننني زعنننم اإلمنننام وفاسننندة فننني زعنننم المقتننندي‪ ،‬ففينننه رأينننان‪،‬‬
‫فقينننننل‪ :‬صنننننحت صنننننالة المقتننننندي ألن العبنننننرة بنننننزعم اإلمنننننام‪ ،‬وقينننننل‪ :‬لنننننم تصنننننح ألن العبنننننرة بنننننزعم‬
‫وص ِ ّحح ٌ‬
‫كل منهما‪.‬‬ ‫المقتدي‪ُ .‬‬
‫ما يكره في الصالة‪:‬‬

‫ويكننننره للمصننننلي‪ )1 :‬أن يعبننننف بثوبننننه أو جسننننده‪ )2 ،‬وأن يق ّلننننب الحصننننى فنننني األرض إال أن‬
‫ال يمكنننننه السننننجود عليننننه فيسننننويه مننننرة واحنننندة‪ )3 ،‬وأن يفرقننننع أصننننابعه‪ )4 ،‬وأن يتخ َّصننننر‪ :‬أن يضننننع‬
‫ننندل ثوبننننه تكبننننرا أو تهاونننننا‪ :‬أن ُيلقيننننه علننننى‬‫يننننده علننننى خاصننننرته ألنننننه مننننن فعننننل الجبننننابرة‪ )5 ،‬وأن يسن ِ‬
‫ّ‬ ‫ُْ‬
‫شنننعره وهننننو أن‬ ‫ِ‬
‫كتفينننه منننن غيننننر أن ُيننندخل يديننننه فننني ُك َّمينننه‪ )6 ،‬وأن يشننننبِك أصنننابعه‪ )7 ،‬وأن ي ْعقنننن‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫يكنننف ثوبننننه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وأن‬ ‫)‬ ‫‪8‬‬ ‫نننه‪،‬‬
‫ن‬ ‫مع‬ ‫يسنننجد‬ ‫نننه‪،‬‬
‫ن‬ ‫حال‬ ‫علنننى‬ ‫نننه‬
‫ن‬ ‫يدع‬ ‫أن‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫والسنننن‬ ‫يجمعنننه ويعقنننده فنننني ُمنننؤ َّخرِ رأسننننه‪،‬‬
‫وهنننو رفعنننه منننن بنننين يدينننه أو منننن خلفنننه إذا أراد السنننجود‪ )9 ،‬وأن يلتفنننت يميننننا وشنننماال بعنقنننه بحينننف‬
‫ننالف األ ْولنننى‪)10 ،‬‬
‫فخن ُ‬‫يخنننر وجهنننه عنننن القبلنننة‪ ،‬فأمنننا النظنننر بطنننرف عيننننه منننن غينننر أن ي ْلنننوِ ي عنقنننه ِ‬
‫وأن ُي ْق ِعننننني إقعننننناء الكلنننننب‪ ،‬وهنننننو أن ينصنننننب ركبتينننننه ويضنننننع يدينننننه علنننننى األرض‪ )11 ،‬وأن يفتنننننرل‬
‫يتربع إالبعذر‪.‬‬
‫ذراعيه عند السجود‪ )12 ،‬وأن يرد السالم بلسانه أو بيده‪ )13 ،‬وأن َّ‬
‫قنننال فنننني الهدايننننة بعنننند أن ذكننننر هننننذه األفعننننال‪" :‬والصننننالة جننننائزة فنننني جميننننع ذلننننك السننننتجماع‬

‫وتعننناد علنننى وجنننه غينننر مكنننروه‪ .‬وهنننذا الحكنننم فننني كنننل صنننالة أ ُ ِ ّدين ْ‬
‫ننت منننع الكراهنننة"‪ .‬وقنننال‬ ‫شنننرائطها‪ُ ،‬‬
‫"تعننناد الصنننالة لالحتيننناس علنننى وجنننه لنننيس فينننه كراهنننة" (فنننتح القننندير‬
‫البنننابرتي فننني شنننرحه علنننى الهداينننة‪ُ :‬‬
‫‪.)416/1‬‬

‫في الصالة‪:‬‬ ‫الحد‬

‫فننني صنننالته انصنننرف وتوضنننأ فننني أقنننرب مكنننان وبأقنننل عمنننل ممكنننن‪ ،‬وبننننى‬ ‫ومنننن سنننبقه الحننند‬
‫علنننى صنننالته إن لنننم يكنننن إمامنننا‪ .‬وإن تجننناوز المننناء القرينننب إلنننى غينننره فسننندت صنننالته لمشنننيه منننن غينننر‬
‫حاجنننة‪ .‬فنننإن كنننان إمامنننا اسنننتخلف بنننأن ي ُجنننر بثنننوب منننن خلفنننه ثنننم خنننر وتوضنننأ وبننننى علنننى صنننالته منننا‬
‫َّ‬
‫لم يتكلم‪ .‬واالست ناف في حق الكل أفضل خروجا من الخالف‪.‬‬

‫ومننننن قهقننننه فنننني صننننالته اسننننتأنف الوضننننوء والصننننالة جميعننننا‪ .‬وإن تكلننننم فنننني الصننننالة كالمننننا‬
‫أن أو تنننأ َّوه أو ارتفنننع بكنننا ه منننن‬
‫ُيعنننرف فننني تفننناهم النننناس عامننندا أو سننناهيا بطلنننت صنننالته‪ .‬وكنننذا لنننو َّ‬
‫وجع أو مصيبة‪ ،‬ال من ذكر جنة أو نار لداللته على زيادة الخشوع‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫بعننند منننا قعننند قننندر التشنننهد‪ ،‬توضنننأ وعننناد إلنننى مكاننننه وسننن ّلم‪ ،‬ألن التسنننليم‬ ‫وإن سنننبقه الحننند‬
‫فننني هنننذه الحالنننة أو تكلنننم أو عمنننل عمنننال‬ ‫واجنننب فنننال بننند منننن التوضنننؤ لينننأتي بنننه‪ .‬وإن تعمننند الحننند‬
‫ينافي الصالة تمت صالته لتعذر البناء بوجود القاطع‪.‬‬

‫وإن وجننند المتنننيمم المننناء فننني صنننالته قبنننل القعنننود األخينننر قننندر التشنننهد بطلنننت صنننالته إتفاقنننا‪،‬‬
‫وإن وجده بعده تمت صالته إتفاقا‪.‬‬

‫نننت العصننننر وهننننو فنننني صننننالة الجمعننننة‬


‫وإذا طلعننننت الشننننمس فنننني صننننالة الفجننننر‪ ،‬أو دخننننل وقن ُ‬
‫بطلننننت صننننالته عننننند اإلمننننام ألن الخننننرو بصنننننعه (بإرادتننننه وإختينننناره) فننننرض عنننننده‪ .‬فاعتراضننننه هننننذه‬
‫األشننننياء كاعتراضننننها فنننني خننننالل الصننننالة عنننننده‪ .‬وتمننننت صننننالته عننننندهما ألن الخننننرو بصنننننعه لننننيس‬
‫بفرض عندهما فاعتراضه هذه األشياء كاعتراضها بعد السالم‪.‬‬

‫باب قضاء الفوائت‪:‬‬

‫وعبننننر بالفوائننننت دون المتروكننننات تحسننننينا للظننننن‪ ،‬ألن الظنننناهر مننننن حننننال المسننننلم أن ال يتننننرك‬
‫َّ‬
‫الصالة عمدا‪.‬‬

‫ننندمها لزومننننا علننننى صننننالة‬


‫ومننننن فاتتننننه صننننالة قضنننناها إذا ذكرهننننا‪ ،‬وكننننذا إذا تركهننننا عمنننندا‪ .‬وقن ّ‬
‫تجننننز الوقتينننن ُة ولزمتنننن ه إعادتهننننا‪ .‬هننننذا إذا كانننننت الفوائننننت أقننننل مننننن سننننت‬
‫ْ‬ ‫الوقننننت‪ ،‬فلننننو عكننننس لننننم‬
‫صنننلوات‪ .‬وأمنننا إن كاننننت أكثنننر منهنننا أو نسننني الفائتنننة أو يضنننيق وقنننت الحاضنننرة ويخننناف فنننوت الوقنننت‬
‫إن اشتغل بالقضاء‪ ،‬فيقدم صالة الوقت على الفائتة ثم يقضيها‪.‬‬
‫ُ‬
‫وإن فاتتننننه صننننلوات رتّبهننننا فنننني القضنننناء كمننننا وجبننننت عليننننه فنننني األصننننل‪ .‬إال أن تزينننند الفوائننننت‬
‫علنننى سنننت صنننلوات فحين نننذ يسنننق الترتينننب بنننين الفوائنننت كمنننا يسنننق بينهنننا وبنننين الوقتينننة‪ .‬وال يعنننود‬
‫الترتيب بعودها إلى القلة على المختار‪.‬‬

‫باب األوقات التي تكره فيها الصالة واألوقات التي ال تجوز فيها‬

‫ننيض‪ ،‬بحينننف تعجنننز العنننين أن تنظنننر‬


‫وال تجنننوز الصنننالة عنننند طلنننوع الشنننمس إلنننى أن ترتفنننع وتبن ّ‬
‫إليهننننا‪ ،‬وال عننننند قيامهننننا فنننني الظهيننننرة إلننننى أن تننننزول‪ ،‬وال عننننند قننننرب غروبهننننا بحيننننف تصننننفر وتضننننع ُف‬
‫ّ‬
‫حتى تقدر العين على مقابلتها إلى أن تغرب‪ .‬وهذه الثالثة تسمى باألوقات المكروهة تحريما‪.‬‬

‫وكنننذا ال تجنننوز الصنننالة علنننى جننننازة حضنننرت قبنننل دخنننول أحننند هنننذه األوقنننات وأُ ِ ّخنننرت إلينننه‪،‬‬
‫وال سنننجدة تنننالوة ‪،‬ينننة ُتلينننت قبلنننه ألنهنننا فننني معننننى الصنننالة‪ ،‬إال عصنننر يومنننه فإننننه يجنننوز إدا ه عنننند‬

‫‪25‬‬
‫ننؤدى غيرهنننا فإنهنننا وجبنننت كاملنننة فنننال‬
‫غنننروب الشنننمس لبقننناء سنننببه وهنننو جنننزء منننن وقنننت العصنننر‪ ،‬وال تن َّ‬
‫ننؤدى ناقصنننا وكنننامال‪ ،‬ومنننا وجنننب كنننامال ال ُينننؤدى إال‬
‫‪( .‬القاعننندة‪ :‬منننا وجنننب ناقصنننا ُين َّ‬ ‫تنننؤدى بالنننناق‬
‫كمال)‪.‬‬

‫ويكنننره التنفنننل بعننند صنننالة الفجنننر حتنننى تطلنننع الشنننمس وترتفنننع‪ ،‬وبعننند صنننالة العصنننر ولنننو لنننم‬
‫تتغيرالشنننننمس حتنننننى تغنننننرب‪ .‬وال بنننننأس أن يصنننننلي فننننني هنننننذين النننننوقتين الفوائنننننت ويسنننننجد للنننننتالوة‬
‫ويصنننلي علنننى الجننننازة‪ .‬وال يصنننلي فيهمنننا ركعتننني الطنننواف ألنهنننا وجبنننت لخنننتم الطنننواف ال للوقنننت‪.‬‬
‫ويكنننره أن يتنفنننل بعننند طلنننوع الفجنننر بنننأكثر منننن ركعتننني سننننة الفجنننر‪ ،‬وال يتنفنننل قبنننل المغنننرب لمنننا فينننه‬
‫من تأخير المغرب المستحب تعجيله‪ .‬ويسمى باألوقات المكروهة تنزيها‪.‬‬

‫باب النوافل‪:‬‬

‫وهننني جمنننع نافلنننة‪ .‬وهننني لغنننة‪ :‬الزينننادة‪ ،‬وشنننرعا‪ :‬عبنننارة عنننن فعنننل مشنننروع لنننيس بفننننرض وال‬
‫واجننننب‪ .‬وهنننني تعننننم السنننننة والمسنننننتحبة‪ .‬والسنننننة شننننرعا‪ :‬الطريقننننة المسنننننلوكة فنننني النننندين مننننن غينننننر‬
‫افتراض وال وجوب‪.‬‬

‫والسنن الرواتب القبلية والبعدية‪:‬‬

‫‪ )1‬ركعتننننان بعنننند طلننننوع الفجننننر‪ ،‬وهنننني آكنننند مننننن سننننائر السنننننن‪ ،‬ولننننذا قيننننل إنهننننا قريبننننة مننننن‬
‫الواجب‪.‬‬

‫‪ )2‬وأربنننع قبنننل الظهنننر بتسنننليمة واحننندة‪ ،‬ويقتصنننر فننني الجلنننوس األول علنننى التشنننهد‪ ،‬وال ينننأتي‬
‫فننني ابتنننداء الثالثنننة بننندعاء االسنننتفتاح ‪ .‬وكنننذا كنننل رباعينننة مؤكننندة‪ ،‬بخنننالف المسنننتحبة كمنننا فننني األربنننع‬
‫قبل العصر فإنه يأتي بالصالة على النبي ويستفتح ويتعوذ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )3‬وركعتان بعدها‪.‬‬

‫‪ )4‬وأربع قبل العصر بتسليمة‪ ،‬وهي مستحبة‪.‬‬

‫‪ )5‬وركعتان بعد المغرب‪ ،‬وهما مؤكدان‪.‬‬

‫‪ )6‬وأربع قبل ِ‬
‫العشاء بتسليمة‪.‬‬

‫‪ )7‬وركعتننننننان بعنننننندها‪ ،‬وهمننننننا مؤكنننننندان‪ ،‬وإن شنننننناء صننننننلى أربننننننع ركعننننننات بتسننننننليمة‪ ،‬وهمننننننا‬
‫مستحبتان‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وآكد السنن‪ :‬سنة الفجر ثم األربع قبل الظهر ثم الكل سواء‪.‬‬

‫وال يقضننننى شننننيء مننننن السنننننن إذا خننننر الوقننننت‪ ،‬سننننوى سنننننة الفجننننر إذا فاتننننت مننننع الفننننرض‪،‬‬
‫وقضاه من يومه قبل الزوال‪.‬‬

‫واألفضنننل فننني النوافنننل عنننند أبننني حنيفنننة أربعنننا أربعنننا لنننيال ونهنننارا‪ .‬وعنننندهما‪ :‬ال يزيننند باللينننل‬
‫على ركعتين بتسليمة واحدة‪.‬‬

‫حكم القراءة في الصالة‪:‬‬

‫وهننني فننني الفنننرض فنننرض فننني النننركعتين مطلقنننا وواجبنننة فننني النننركعتين األولينننين‪ ،‬فنننإن قنننرأ فننني‬
‫األولينننين مخينننر فننني األخنننريين‪ :‬إن شننناء قنننرأ الفاتحنننة وإن شننناء سنننبح ثالثنننا وإن شننناء سنننكت‪ ،‬ولهنننذا ال‬
‫يجب السهو بتركها في اهر الرواية‪ .‬إال أن األفضل أن يقرأ الفاتحة فيهما‪.‬‬

‫والقراءة واجبة في جميع ركعات النفل وفي جميع الوتر‪.‬‬

‫فساد النفل‪:‬‬

‫وإذا فسنننندت صننننالة النفننننل بفعلننننه أو بغيننننر فعلننننه قضنننناها وجوبننننا‪ .‬ويقضنننني ركعتننننين وإن نننننوى‬
‫أكثنننر‪ ،‬خالفنننا ألبننني يوسنننف‪ .‬فنننإن صنننلى أربنننع ركعنننات وقعننند فننني األولينننين مقننندار التشنننهد ثنننم أفسننند‬
‫األخننننريين قضننننى ركعتننننين فقنننن ‪ ،‬ألن الشننننفع األول قنننند تننننم‪ .‬وإن لننننم يقعنننند وأفسنننند األخننننريين قضننننى‬
‫ّ‬
‫أربعا‪.‬‬

‫صالة النفل قاعدا‪:‬‬

‫ويجنننوز أن يصنننلي النوافنننل ‪ -‬راتبنننة أو مسنننتحبة ‪ -‬قاعننندا منننع القننندرة علنننى القينننام‪ ،‬ويقعننند كمنننا‬
‫فننني حالنننة التشنننهد ‪ .‬وإن افتتحهنننا قائمنننا ثنننم قعننند منننن غينننر عنننذر وأتمهنننا قاعننندا‪ ،‬جننناز عنننند اإلمنننام‪ ،‬وال‬
‫يجوز عندهما إال من عذر‪.‬‬

‫ومنننن كنننان خنننار العمنننران يجنننوز لنننه أن يتنفنننل علنننى دابتنننه متوجهنننا إلنننى جهنننة دابتنننه‪ ،‬ويركنننع‬
‫ويسنننجد باإليمننناء برأسنننه‪ ،‬ويجعنننل السنننجود أخفنننض منننن الركنننوع‪ .‬وال فنننري فينننه بنننين المسنننافر والمقنننيم‪.‬‬
‫وعند أبي يوسف يجوز ذلك في العمران أيضا‪.‬‬

‫باب سجود السهو‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫وهننننو واجننننب فنننني الزيننننادة فنننني الفننننرائض والنوافننننل بعنننند السننننالم علننننى اليمننننين‪ ،‬ثننننم يسننننجد‬
‫سنننجدتين ثنننم يتشنننهد وينننأتي بالصنننالة علنننى النبننني ويسننن ّلم‪ .‬ويجنننب إذا زاد فننني صنننالته فعنننال منننن جنسنننها‬
‫ولنننيس منهنننا كمنننا إذا ركنننع ركنننوعين‪ ،‬لمنننا فينننه منننن تنننأخير ركنننن‪ ،‬أو تنننرك واجنننب كالقعننندة األولنننى‪ ،‬أو‬
‫تنننننرك الفاتحنننننة أو القننننننوت أو قنننننراءة التشنننننهد أو تكبينننننرات العيننننندين‪ ،‬أو جهنننننر اإلمنننننام بنننننالقراءة فيمنننننا‬
‫خافت فيه أو خافت فيما ُي ْجهر فيه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُي‬
‫ُ‬
‫األمثلة التطبيقية‪:‬‬

‫ومنننن سنننها عنننن القعننندة األولنننى منننن الفنننرض ثنننم تنننذكر‪ :‬فنننإن كنننان إلنننى القعنننود أقنننرب‪ ،‬عننناد إلينننه‬
‫وال سنننجود علينننه‪ ،‬وإن كنننان إلنننى القينننام أقنننرب لنننم ي ُعن ْنند وسنننجد للسنننهو لتنننرك الواجنننب‪ُ .‬ق ِيننند بقولنننه "منننن‬
‫ّ‬
‫الفرض" ألن المتنفل يعود ما لم يقيد الركعة بسجدة‪.‬‬

‫ومنننن سنننها عنننن القعننندة األخينننرة فقنننام إلنننى الخامسنننة رجنننع إلنننى القعننندة منننا لنننم يسنننجد‪ ،‬ويسنننجد‬
‫أخنننر فرضنننا وهنننو القعننندة األخينننرة‪ ،‬وإن قينند الخاسنننة بسنننجدة بطنننل فرضنننه وتحولنننت فرضنننه‬ ‫للسننهو ألننننه َّ‬
‫ّ‬
‫نفننال ويضنننم إليهننا نننندبا ركعننة سادسنننة‪ ،‬ولننو فننني العصنننر‪ .‬ويضننم رابعنننة فنني الفجنننر كنني ال يتنفنننل بنننالوتر‪.‬‬
‫وال يسجد للسهو‪ ،‬وعليه إعادة الفرض‪.‬‬

‫وإن قعننند فننني األخينننرة ثنننم قنننام إلنننى الخامسنننة عننناد نننندبا إلنننى القعنننود منننا لنننم يسنننجد‪ ،‬ويسنننجد‬
‫للسننننهو مننننن غيننننر إعننننادة التشننننهد ثننننم يسنننن ّلم‪ .‬وإن قينننند الخامسننننة بسننننجدة‪ ،‬ضننننم إليهننننا ركعننننة أخننننرى‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫اسنننننتحبابا وقننننند تمنننننت صنننننال ته لوجنننننود الجلنننننوس األخينننننر فننننني محلنننننه‪ ،‬والركعتنننننان الزائننننندتان نافلنننننة‪،‬‬
‫ويسجد للسهو لتأخير السالم‪.‬‬

‫الشك في الصالة‪:‬‬

‫ننك فننني صنننالته وهنننو فيهنننا‪ :‬صنننلى ثالثنننا أم أربعنننا‪ ،‬وكنننان ذلنننك أول منننا عنننرض لنننه بعننند‬
‫ومنننن شن ّ‬
‫ننك بعننند منننا قعننند قن ْنندر التشنننهد‪ ،‬ال يعتبنننر شنننكه‪ .‬فنننإن كنننان يعنننرض لنننه‬
‫بلوغنننه اسنننتأنف الصنننالة‪ .‬ولنننو شن ّ‬
‫كثيننرا‪ ،‬بنننى علننى غالننب نننه إن كننان لننه ننن‪ ،‬فننإن لننم يكننن لننه ننن بنننى علننى اليقننين وهننو األقننل‪ ،‬ألنننه‬
‫المتيقن‪.‬‬

‫باب صالة المريض‪:‬‬

‫تعسنننر صنننلى قاعننندا‪ ،‬يركنننع ويسنننجد ببدننننه‪ ،‬فنننإن لنننم يسنننتطع‬


‫وإذا تعنننذر القينننام علنننى المنننريض أو َّ‬
‫الركنننوع والسنننجود أو السنننجود فقنننن أومنننأ إيمننناء برأسننننه‪ ،‬وجعنننل السنننجود أخفننننض منننن الركنننوع فرقننننا‬

‫‪28‬‬
‫بينهمنننا‪ .‬وحقيقننن ُة اإليمننناء‪ :‬طأطنننأة النننرأس‪ .‬وال يرفنننع إلنننى وجهنننه شننني ا ليسنننجد علينننه‪ .‬فنننإن لنننم يسنننتطع‬
‫القعنننننود اسنننننتلقى علنننننى هنننننره وجعنننننل رجلينننننه إلنننننى القبلنننننة وأومنننننأ برأسنننننه بنننننالركوع والسنننننجود‪ .‬وإن‬
‫أخنننر‬
‫ووجهنننه إلنننى القبلنننة‪ ،‬وأومنننأ برأسنننه جننناز‪ .‬فنننإن لنننم يسنننتطع اإليمننناء برأسنننه َّ‬
‫ُ‬ ‫اضنننطجع علنننى جنبنننه‬
‫الصنننالة‪ ،‬وال ينننوم بعينينننه وال بحاجبينننه وال بقلبنننه‪ .‬ويجنننب علينننه القضننناء ولنننو كثنننرت‪ ،‬إذا كنننان يفهنننم‬
‫مضنننمون الخطننناب‪ .‬وقنننال بعضنننهم‪ :‬لنننو عجنننز عنننن اإليمننناء وتحرينننك النننرأس‪ ،‬سنننقطت عننننه الصنننالة ولنننو‬
‫فهم الخطاب‪.‬‬

‫وإن قننندر علنننى القينننام ولنننم يقننندر علنننى الركنننوع والسنننجود‪ ،‬لنننم يلزمنننه القينننام‪ ،‬ألن ُر ْك ِنينننة القينننام‬
‫َّ‬
‫للتوسنننل إلنننى الركنننوع والسنننجود فكنننان تبعنننا لهمنننا‪ ،‬فنننإذا لنننم يقننندر عليهمنننا ال يكنننون القينننام ركننننا‪ ،‬وجننناز‬
‫لننننه أن يصننننلي قاعنننندا أو قائمننننا يننننوم برأسننننه إيمنننناء‪ ،‬واألفضننننل اإليمنننناء قاعنننندا لكننننون رأسننننه أخفننننض‬
‫وأقرب إلى األرض (والجلوس على الكراسي ليس إال خالف األفضل)‪.‬‬

‫ومننننن أغمنننني عليننننه خمننننس صننننلوات فمننننا دونهننننا‪ ،‬قضنننناها إذا صننننح لعنننندم الحننننر ‪ ،‬وإن زادت‬
‫عليها ال يقضيها للحر كالحائض‪.‬‬

‫باب سجود التالوة‪:‬‬

‫وهننني فننني القنننرآن أربعنننة عشنننر سنننجودا‪ .‬والسنننجود واجنننب علنننى التراخننني ‪ -‬إن لنننم تكنننن فننني‬
‫الصنننالة ‪ -‬فننني هنننذه المواضنننع‪ ،‬علنننى التنننالي والسنننامع‪ ،‬سنننواء قصننند سنننماع القنننرآن أو لنننم يقصننند‪ ،‬بشنننرس‬
‫أن يكننننون التننننالي آدميننننا‪ ،‬فلننننو سننننمعها مننننن طيننننر أو صنننندى‪ ،‬ال تجننننب عليننننه‪ .‬وإن كننننان الرجننننل فنننني‬
‫الصننننالة‪ :‬فننننإن تالهننننا بنفسننننه وجننننب السننننجود علننننى الفننننور‪ ،‬وإن سننننمعها مننننن الخننننار سننننجدها بعنننند‬
‫الصالة‪.‬‬

‫ومنننن تنننال آينننة سنننجدة خنننار الصنننالة فلنننم يسنننجد‪ ،‬حتنننى دخنننل فننني الصنننالة ثنننم تالهنننا وسنننجد‬
‫لها أجزأته السجدة الواحدة عن التالوتين‪.‬‬

‫ومن كرر تالوة آية سجدة واحدة في مجلس واحد‪ ،‬أجزأته سجدة واحدة‪.‬‬

‫ومنننن أراد السنننجود كبنننر منننن غينننر أن يرفنننع يدينننه وسنننجد‪ ،‬ويقنننول فيهنننا منننا يقنننول فننني سنننجود‬
‫ّ‬
‫الصالة‪ ،‬ثم كبر ورفع رأسه‪ ،‬وال تشهد عليه وال سالم‪.‬‬

‫باب صالة المسافر‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫ُرخننننن ُ السنننننفر‪ :‬قصنننننر الصنننننالة‪ ،‬وإباحنننننة الفطنننننر‪ ،‬وامتنننننداد مننننندة المسنننننح‪ ،‬وسنننننقوس الجمعنننننة‬
‫والعيدين واألضحية‪ ،‬وحرمة خرو المرأة بغير محرم‪.‬‬

‫والسننننفر الننننذى تتغيننننر بننننه األحكننننام‪ :‬أن يقصنننند اإلنسننننان موضننننعا بينننننه وبننننين ذلننننك الموضننننع‬
‫ومشننني األقننندام‪ ،‬ألننننه الوسننن ‪ .‬وعبنننر‬
‫بسنننير اإلبنننل ْ‬ ‫مسنننيرة ثالثنننة أينننام ولياليهنننا منننن أقصنننر أينننام السننننة‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ب"القصد" ألنه لو طاف الدنيا من غير قصد إلى قطع مسيرة ثالثة أيام‪ ،‬ال يترخ ‪.‬‬

‫وال يعتبنننر فننني ذلنننك‪ ،‬السنننير فننني ا لمننناء‪ ،‬وإنمنننا يعتبنننر فننني كنننل موضنننع منننا يلينننق بحالنننه‪ .‬حتنننى لنننو‬
‫ُ‬
‫كننان موضننع لننه طريقننان‪ ،‬أحنندهما فنني البننر‪ ،‬وهننو ُي ْقطننع فنني ثالثننة أيننام‪ ،‬والثنناني فنني البحننر‪ ،‬وهننو ُي ْقطن ُنع‬
‫ّ‬
‫فننني ينننومين‪ ،‬فإننننه إذا ذهنننب فننني طرينننق البنننر ي ْق ُصنننر‪ ،‬وفننني الثننناني ال يقصنننر‪ ،‬وكنننذا العكنننس‪ .‬وكنننذا األمنننر‬
‫ّ‬
‫في طريق الجبل والسهل‪.‬‬

‫وفننننرض المسننننافر ركعتننننان فنننني كننننل صننننالة رباعيننننة‪ ،‬وال تجننننوز الزيننننادة عمنننندا لتننننأخير السننننالم‬
‫وتننرك واجننب القصننر‪ ،‬فننإن صننلى أربعننا‪ :‬فننإن قعنند فنني الثانيننة قنندر التشننهد أجزأتننه الركعتننان عننن فرضننه‬
‫وكاننننت األخرينننان لنننه نافلنننة وكنننان مسننني ا (أي‪ :‬يكنننره)‪ .‬وإن لنننم يقعننند فننني الثانينننة مقننندار التشنننهد‪ ،‬بطلنننت‬
‫صالته الختالس النافلة بها قبل إكمالها‪ ،‬فعليه إعادتها صحيحة‪.‬‬

‫وال قصنننر فننني المغنننرب والنننوتر والنفنننل‪ .‬والمختنننار فننني السننننن أن ينننأتي بهنننا إن كنننان علنننى أمنننن‬
‫وقرار‪ ،‬ال على عج خ‬
‫لة وفرار‪.‬‬

‫مبننندأ السنننفر‪ :‬إذا جننناوز بينننوت مصنننره‪ .‬وال ينننزال علنننى حكنننم السنننفر حتنننى يننننوي اإلقامنننة فننني‬
‫بلننند واحننند خمسنننة عشنننر يومنننا فصننناعدا أو ين ْنندخل وطننننه‪ .‬وإن ننننوى اإلقامنننة أقنننل منننن ذلنننك لنننم ُينننتم ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولنننو ننننوى اإلقامنننة خمسنننة عشنننر يومنننا فننني موضنننعين مسنننتقلين لنننم تصنننح نيتنننه‪ .‬ولنننو كنننان متر ّقبنننا للسنننفر‪:‬‬
‫غدا أخر أو بعد خ‬
‫غد حتى بقي على ذلك سنين‪ ،‬ص ّلى ركعتين‪.‬‬

‫وإذا انتقنننل عنننن وطننننه واسنننتوطن غينننره ثنننم سنننافر إلنننى وطننننه األول صنننلى ركعتنننين منننا لنننم يننننو‬
‫اإلقامة خمسة عشر يوما فيه‪ ،‬ألنه لم يبق وطنا له‪.‬‬

‫اقتداء المسافر بالمقيم وعكسه‪:‬‬

‫وإذا اقتننندى المسنننافر مقيمنننا ولنننو فننني ِ‬


‫آخنننر الصنننالة أتمهنننا أربعنننا‪ ،‬ألننننه التنننزم متابعنننة اإلمنننام‪ .‬وإذا‬
‫اقتننندى المقنننيم مسنننافرا أتمهنننا أربعنننا أيضنننا بعننند التسنننليم‪ .‬ويسنننتحب للمسنننافر أن يقنننول قبنننل شنننروعه فننني‬
‫قوم س ْفر"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫الصالة‪" :‬أتموا صالتكم فإنا ٌ‬

‫‪30‬‬
‫قضاء الفوائت في السفر‪:‬‬

‫ومننن فاتتننه صنننالة فنني السنننفر قضنناها ركعتننين ولنننو فنني الحضنننر‪ .‬ومننن فاتتننه فننني الحضننر قضننناها‬
‫أربعا ولو في السفر‪ ،‬ألن الصلوات ُتقضى كما تقررت في الذمة‪.‬‬

‫والعاصنننني والمطيننننع سننننواء فنننني ُرخنننن ِ السننننفر إلطننننالي النصننننوص‪ ،‬وألن نفننننس السننننفر لننننيس‬
‫بمعصية وإنما المعصية ما يجاوره‪ ،‬وال ُقب ُح المجاور ال ُي ْع ِدم المشروعية‪.‬‬
‫ْ‬
‫باب صالة الجمعة‪:‬‬

‫وال تصنننح الجمعننننة إال فنننني مصننننر‪ ،‬وهننننو كننننل موضننننع لننننه أميننننر وقن خ‬
‫ننناض ُين ِّفننننذ األحكننننام ويقننننيم‬
‫الحنننندود‪ .‬وهننننذا عننننند أبنننني يوسننننف‪ .‬وعنننننه‪ :‬أنهننننم إذا اجتمعننننوا فنننني أكبننننر مسنننناجدهم ال يسننننعهم‪ .‬وال‬
‫تجوز في ال ُقرى‪.‬‬

‫الشروس لصحة أداءها‪:‬‬

‫السننننلطان‪ :‬وال تجننننوز إقامتهننننا إال للسننننلطان أو لمننننن أمننننره بإقامتهننننا‪ ،‬ألنهننننا تُقننننام بجمننننع عظننننيم‬
‫بد منه تتميما ألمره‪.‬‬
‫وقد يقع في التقديم والتقدم تنازع فال ّ‬
‫وقتها‪ :‬وهو وقت الظهر‪.‬‬

‫الخطبننننة قبننننل الصننننالة‪ .‬وسنننننن الخطبننننة‪ :‬أن يخطننننب اإلمننننام خطبتننننين ويفصننننل بينهمننننا بقعنننندة‬
‫خفيفننننة ويخطننننب قائمننننا علننننى طهننننارة‪ ،‬وإن خطننننب قاعنننندا أو علننننى غيننننر طهننننارة‪ ،‬أو لننننم يقعنننند بننننين‬
‫الخطبتين جاز ويكره لمخالفته المتوار ‪.‬‬

‫الجماعننننة‪ :‬وأقلهننننم عننننند أبنننني حنيفننننة ثالثننننة رجننننال سننننوى اإلمننننام‪ ،‬وعننننندهما‪ :‬اثنننننان سننننوى‬
‫اإلمام‪.‬‬

‫نننن‪،‬‬
‫زمن خ‬‫نننر خض‪ ،‬وال ِ‬ ‫شننننروس وجوبهننننا‪ :‬والتجننننب علننننى مسننننافر‪ ،‬وال امننننرأة‪ ،‬وال مننننريض‪ ،‬وال ممن ِ‬
‫ّ‬
‫وال أعمنننننى‪ ،‬وال معنننننذور بمشنننننقة مطنننننرأوثلج‪ ،‬وال علنننننى قنننننر ِو خ ّي‪ .‬وإذا حضنننننروا وصننننن ّلوا منننننع النننننناس‬
‫أجنننزأهم عنننن فنننرض الوقنننت‪ .‬ويكنننره للمعنننذورين أن يصنننلوا الظهنننر بجماعنننة ينننوم الجمعنننة فننني المصنننر‬
‫لما فيه من صورة المعارضة‪ ،‬وكذا أهل السجن‪.‬‬

‫ومن أحكامها‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫ويجنننوز للمسنننافر أن ين ُننؤ َّم فننني الجمعنننة‪ ،‬ألن عننندم وجوبهنننا علينننه رخصنننة لنننه دفعنننا للحنننر ‪ ،‬فنننإذا‬
‫حضر تقع الجمعة فرضا‪.‬‬

‫ومننن صننلى الظهننر فنني منزلننه يننوم الجمعننة قبننل صننالة اإلمننام وال عذرلننه ُكننره لننه ذلننك تحريمننا‬
‫بننل حنننرم‪ ،‬ألننننه تنننرك الفنننرض القطعننني باتفننناي العلمننناء‪ ،‬وجنننازت صنننالته جنننوازا موقوفنننا‪ :‬فنننإن بننندا لنننه أن‬
‫ُ‬
‫يحضنننر الجمعنننة فتوجنننه إليهنننا بطلنننت صنننالة الظهنننر وصنننارت نفنننال عنننند أبننني حنيفنننة بالسنننعي‪ ،‬وإن لنننم‬
‫ُي ْدركها‪ .‬وقاال‪ :‬ال تبطل صالة الظهر بمجرد السعي حتى يدخل مع اإلمام‪.‬‬

‫ومن أدرك اإلمام يوم الجمعة في التشهد أو في سجود السهو بنى عليها‪.‬‬

‫وإذا ُرفع األذان األول ترك الناس البيع والشراء وتوجهوا إلى صالة الجمعة‪.‬‬

‫وإذا توجننننه اإلمننننام إلننننى المنبننننر تننننرك الننننناس الصننننالة والكننننالم حتننننى يفننننرا مننننن خطبتننننه‪ .‬ومننننن‬
‫شرع صالة قبله أتمها للزومها بالشروع‪.‬‬

‫ويكره السفر بعد الزوال يوم الجمعة قبل أن يصليها وال يكره قبله‪.‬‬

‫باب صالة العيدين‪ :‬عيد الفطر وعيد األضحى‪:‬‬

‫ما يعمهما من األحكام‪:‬‬

‫صنننالة العيننندين واجبنننة‪ ،‬تجنننب علنننى منننن تجنننب علينننه الجمعنننة‪ .‬وقتهمنننا‪ :‬فنننإذا ارتفعنننت الشنننمس‬
‫دخل وقتهما‪ ،‬وإذا زالت خر ‪ .‬والخطبة فيهما سنة‪.‬‬

‫صنننننورتها ‪ :‬ويصنننننلي اإلمنننننام بالنننننناس ركعتنننننين كركعتننننني الفجنننننر تمامنننننا‪ ،‬إال أننننننه يكبنننننر ثنننننال‬
‫تكبينننرات زائننندة فننني األولنننى بعننند اإلسنننتفتاح‪ ،‬وفننني الثانينننة بعننند السنننورة قبنننل الركنننوع‪ .‬ويخطنننب اإلمنننام‬
‫بعد الصالة‪ .‬ومن فاتته صالة العيد مع اإلمام لم يقضها وحده‪.‬‬

‫بعيننند الفطنننر منننن األحكنننام‪ :‬ويسنننتحب فننني ينننوم الفطنننر أن يطعنننم اإلنسنننان شننني ا قبنننل‬ ‫ومنننا يخننن‬
‫الخنننننرو إلنننننى المصننننن َّلى‪ ،‬وال يكبننننن ر فننننني الطرينننننق جهنننننرا عنننننند أبننننني حنيفنننننة‪ ،‬وعنننننندهما يكبنننننر جهنننننرا‬
‫ّ‬
‫اسنننتحبابا‪ .‬وإذا حننند عنننذر مننننع النننناس منننن الصنننالة فننني الينننوم األول صنننلوها فننني الثنننانى(يومين) ولنننم‬
‫يصلوها بعده‪.‬‬

‫بعيد األضحى من األحكام‪:‬‬ ‫وما يخ‬

‫‪32‬‬
‫ويسنننتحب أن ُينننؤخر األكنننل حتنننى يفنننرا منننن الصنننالة‪ ،‬ويتوجنننه إلنننى المصننن َّلى وهنننو يكبنننر جهنننرا‪،‬‬
‫ويخطنننننب اإلمنننننام خطبتنننننين‪ ،‬يع ّلنننننم النننننناس فيهمنننننا األضنننننحية وتكبينننننرات التشنننننريق‪ .‬والتكبينننننرات تبننننندأ‬
‫عقينننب صننننالة الفجنننرمن يننننوم عرفننننة اتفاقنننا‪ ،‬وتنتهنننني عقينننب صننننالة العصننننر منننن يننننوم النحنننر عننننند أبنننني‬
‫حنيفننننة‪ ،‬فهنننني ثمنننناني صننننلوات‪ .‬وقنننناال‪ :‬آخننننره صننننالة العصننننر مننننن آخننننر أيننننام التشننننريق‪ ،‬فهنننني ثننننال‬
‫وعشنننننننرون صنننننننالة عنننننننندهما ‪ .‬والفتنننننننوى علنننننننى قولهمنننننننا‪ .‬والتكبيرواجنننننننب منننننننرة عقينننننننب الصنننننننلوات‬
‫نننل‬
‫المفروضنننات علنننى المقيمنننين فنننني األمصنننار فننني الجماعننننات المسنننتحبة عنننند أبنننني حنيفنننة‪ ،‬وعلننني كن ّ‬
‫من ص ّلى المكتوبة عندهما‪.‬‬

‫واهلل أكبر أهلل أكبر وهلل الحمد‪.‬‬


‫وصفة التكبير‪ :‬اهلل أكبر أهلل أكبر‪ ،‬ال إله إال اهلل ُ‬
‫عننننذر منننننع الننننناس مننننن الصننننالة فنننني أول يننننوم األضننننحى صننننلوها مننننن الغنننند وبعنننند‬ ‫وإذا حنننند‬
‫الغد (ثالثة أيام) واليصلوها بعدها‪.‬‬

‫باب صالة الكسوف‪:‬‬

‫وإذا انكسننننفت الشننننمس صنننن َّلى اإلمننننام بالننننناس ركعتننننين كهي ننننة النافلننننة بالخطبنننننة وال أذان وال‬
‫إقامنننة وال تكنننرار ركنننوع‪ ،‬بنننل فننني كنننل ركعنننة ركنننوع واحننند‪ ،‬ولكننننه يطينننل القنننراءة والركنننوع والسنننجود‬
‫ِ‬
‫ؤمننننون‬
‫ويخفننني القنننراءة عنننند أبننني حنيفنننة‪ ،‬ويجهنننر عنننندهما‪ .‬ثنننم يننندعو بعننندها والقنننوم ُي ّ‬
‫واألدعينننة فيهمنننا‪ُ .‬‬
‫علنننى دعائنننه حتنننى تنجلننني الشنننمس كلهنننا‪ .‬ويصنننلي بالنننناس اإلمنننام النننذي يصنننلي بهنننم الجمعنننة‪ .‬فنننإن لنننم‬
‫يحضر اإلمام صالها الناس فرادى في منازلهم‪.‬‬

‫ولنننيس فننني خسنننوف القمنننر جماعنننة ألننننه يكنننون لنننيال‪ ،‬وفننني االجتمننناع فينننه مشنننقة‪ ،‬وإنمنننا يصنننلي‬
‫كل واحد بنفسه لقوله عليه السالم‪" :‬إذا رأيتم شي ا من هذه األهوال فا ْفزعوا إلى الصالة"‪.‬‬

‫باب االستسقاء‪:‬‬

‫قننننال أبوحنيفننننة‪ :‬لننننيس فنننني االستسننننقاء صننننالة مسنننننونة فنننني جماعننننة‪ ،‬وإنمننننا االستسننننقاء النننندعاء‬
‫نننل السنننماء علنننيكم ِمن ْ‬
‫ننندرارا"‬ ‫ربكنننم إنننننه كنننان غفنننارا‪ُ ،‬ي ْر ِسن ِ‬ ‫ِ‬
‫نننت ْاسنننتغفروا َّ‬
‫واالسنننتغفار لقولنننه تعنننالى‪" :‬فقلن ُ‬
‫)نننننوح‪ .)11،10 :‬ورسننننول اهلل عليننننه السننننالم استسننننقى ولننننم ُتننننرو عنننننه الصننننالة‪ .‬وقنننناال‪ :‬يصننننلي اإلمننننام‬
‫ْ‬
‫ننب رداءه لمنننا ُروي‬ ‫ِ‬
‫بالنننناس ركعتنننين‪ ،‬يجهنننر بنننالقراءة فيهمنننا ثنننم يخطنننب ثنننم يسنننتقبل القبلنننة ويننندعو وي ْقلن ُ‬
‫عن النبي عليه السالم‪ ،‬وال يقلب القوم أرديتهم ألنه لم ينقل‪.‬‬

‫باب قيام شهر رمضان‪ /‬التراويح‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫ويسنننتحب أن يجتمنننع النننناس فننني رمضنننان كنننل ليلنننة بعننند صنننالة العشننناء فيصنننلي بهنننم إمنننامهم‬
‫خمننننس ترويحننننات‪ ،‬كننننل ترويحننننة أربننننع ركعننننات‪ ،‬وفنننني كننننل ترويحننننة تسننننليمتان‪ .‬سننننميت بننننذلك ألنننننه‬
‫يقعننند عقنننب أربعنننة لالسنننتراحة‪ .‬ثنننم ينننوتر بهنننم إمنننامهم‪ ،‬ويجهنننر بنننالقراءة‪ .‬وال ُيصننن َّلى النننوتر وال التطنننوع‬
‫بجماعة في غير رمضان‪ .‬قال في الهداية‪ :‬وعليه إجماع المسلمين‪.‬‬

‫باب صالة الخوف‪:‬‬

‫وهننني جنننائزة بعننند النبننني علينننه السنننالم عنننند أبننني حنيفنننة ومحمننند‪ .‬وقنننال أبويوسنننف‪ :‬وهننني كاننننت‬
‫خاصننننة بننننه عليننننه السننننالم‪ .‬واألصننننل فيننننه قولننننه تعننننالى‪" :‬وإذا كنننننت فننننيهم فأقمننننت لهننننم الصننننالة ‪. .‬‬
‫‪(.‬النسننناء‪ .)102 :‬وقننند ورد فننني صنننالة الخنننوف رواينننات كثينننرة‪ ،‬وأصنننحها سنننت عشنننرة رواينننة مختلفنننة‪،‬‬
‫وصالها النبي عليه السالم أربعا وعشرين مرة‪ .‬كذا في شرح المقدسي‪.‬‬

‫ننندو أو سننننب خع‪ ،‬جعننننل اإلمننننام الننننناس طننننائفتين‪ ،‬طائفننننة فنننني وجننننه‬
‫وإذا اشننننتد الخننننوف بحضننننور عن ّ‬
‫ُ‬
‫العنننندو للحراسننننة وطائفننننة خلفننننه فصننننلي بهننننذه الطائفننننة ركعننننة‪ ،‬فننننإذا رفننننع رأسننننه مننننن السننننجدة الثانيننننة‬
‫نندو وجننناءت تلنننك الطائفنننة فيصنننلي بهنننم اإلمنننام ركعنننة وتشنننهد وسنننلم‬
‫مضنننت هنننذه الطائفنننة إلنننى وجنننه العن ّ‬
‫اإلمننننام وحننننده‪ ،‬ولننننم يسنننن ِّلموا وذهبننننوا إلننننى وجننننه العنننندو‪ ،‬وتننننأتي الطائفننننة األولننننى فصنننن َّل ْوا مننننا فنننناتهم‬
‫ُو ْحنننندانا ركعننننة بغيننننر قننننراءة وتشننننهدوا وسننننلموا ومضننننوا إلننننى وجننننه العنننندو‪ ،‬وتننننأتي الطائفننننة األخننننرى‬
‫فص َّل ْوا ركعة بقراءة ألنهم مسبوقون‪ ،‬وتشهدوا وسلموا‪.‬‬

‫واألفضننننل أن يجعلهننننم اإلمننننام طننننائفتين ويصننننلي بإحننننداهما تمننننام الصننننالة‪ ،‬ويصننننلي بنننناألخرى‬
‫إمام آخر‪.‬‬

‫باب صالة الجنازة‪:‬‬

‫احت ِضننننر الرجننننل( هرت عالمننننات المننننوت) ُل ِّقننننن بننننذكر الشننننهادتين وال‬
‫حالننننة االحتضننننار‪ :‬وإذا ُ‬
‫الشننند والتغمنننيض‪ :‬بسنننم اهلل وعلنننى ملن ِننة‬
‫وغمنننض عينننناه ويقنننال عنننند ّ‬
‫نند لحيننناه َّ‬
‫ينننؤمر بهنننا‪ ،‬فنننإذا منننات ُشن ّ‬
‫رسول اهلل‪.‬‬

‫وضن ُننؤ وضنننوء الصنننالة و ُيغ ّسنننل‬


‫وي ّ‬
‫غسنننله‪ :‬ثنننم يوضنننع علنننى سنننرير وتوضنننع خرقنننة علنننى عورتنننه‪ُ ،‬‬
‫ننننب سنننننريره إخفننننناء لكرينننننه‬
‫ننننق‪ ،‬ويط َّين ُ‬
‫ُغسنننننل الجنابنننننة بالمننننناء السننننناخن ولكنننننن ال ُيم ْضنننننمض وال ُي ْستنشن ُ‬
‫ويسننننده إلينننه ويمسنننح بطننننه مسنننحا رفيقنننا‪ ،‬فنننإن خنننر مننننه شنننيء غسنننله‬ ‫الرائحنننة‪ .‬ثنننم ُيجلسنننه الغاسنننل ُ‬
‫نشفه ثم ُيك ِّفنه‪.‬‬
‫وال يعيد غسله‪ ،‬ثم ُي ّ‬

‫‪34‬‬
‫خ‬
‫فافننننة‪ .‬وإن اقتصنننننروا‬ ‫تكفينننننه‪ :‬والسنننننة أن يكفننننن الرجننننل فنننني ثالثننننة أثننننواب‪ :‬إزارخ وقمنننني خ ِ‬
‫ول‬
‫علنننننى إزار ولفافنننننة جننننناز‪ .‬وهنننننذا كفنننننن الكفاينننننة‪ .‬وإن لنننننم يوجننننند ُيكتفنننننى بثنننننوب واحننننند‪ .‬وهنننننو كفنننننن‬
‫الضرورة‪.‬‬

‫‪ :‬منننن أصنننل العننننق إلنننى القننندمين‪ ،‬واللفافنننة‪ :‬تزيننند‬ ‫واإلزار‪ :‬منننن الفنننر ِي إلنننى القننندم‪ ،‬والقمننني‬
‫ْ‬
‫لف فيها وتُرب من األعلى واألسفل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والقدم ُلي َّ‬ ‫على ما فوي القرن‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫وخمننننار لوجههننننا ورأسننننها‪ ،‬وخرقننننة علننننى‬ ‫وتك َّفننننن المننننرأة فينننني خمسننننة أثننننواب‪ :‬إزار وقمنننني‬
‫ثنننندييها ولفافننننة‪ .‬وهننننذا كفننننن السنننننة لهننننا‪ .‬وإن اقتصننننروا علننننى إزار ِ‬
‫وخمننننار ولفافننننة جنننناز‪ .‬وهننننذا كفننننن‬
‫الكفاية فى حقها‪ .‬ويكره في أقل من ذلك‪ ،‬إال في حالة الضرورة‪.‬‬

‫ُفره وال شعره‪.‬‬ ‫وال ُيسرح شعر الميت وال لحيته وال ُيق‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الصالة عليه‪:‬‬

‫وهننني أربنننع تكبينننرات فبعننند األولنننى يقنننول‪ :‬سنننبحانك اللهنننم وبحمننندك‪ ...‬وبعننند الثانينننة‪ :‬يصنننلى‬
‫علننننى النبنننني كمننننا فننننى التشننننهد‪ ،‬وبعنننند الثالثننننة‪ :‬ينننندعو لنفسننننه وللميننننت وللمسننننلمين‪ .‬وال توقيننننف فننننى‬
‫وعاف ِ‬
‫نننه‬ ‫ِ‬ ‫الننندعاء‪ ،‬وإن دعنننا بالمنننأثور فهنننو أحسنننن‪ .‬ومنننن األدعينننة المنننأثورة‪ " :‬اللهنننم اغفنننر لنننه وارحمنننه‪،‬‬
‫واغسننن ْله بالمننناء والنننثلج والبنننرد‪ ،‬ون ِّقن ِننه منننن الخطاينننا كمنننا ُين َّقنننى‬
‫ِ‬ ‫واعننف عننننه‪ ،‬وأكنننرم نُ ُزلنننه وو ِ ّسنننع ُمدخلنننه‪،‬‬
‫نندنس‪ِ ،‬‬
‫وأبدلنننه دارا خينننرا منننن داره‪ ،‬وأهنننال خينننرا منننن أهلنننه‪ ،‬وزوجنننا خينننرا منننن‬ ‫ننيض منننن الن َّ‬
‫الثنننوب األبن ُ‬
‫ننذه منننن عنننذاب القبنننر وعنننذاب الننننار"‪ .‬ثنننم كبنننر تكبينننرة رابعنننة‬ ‫وأدخلنننه الجننننة منننع األبنننرار ِ‬
‫وأعن ْ‬ ‫ِ‬ ‫زوجنننه‪،‬‬
‫وسلم‪.‬‬

‫وليسننننت فيهننننا قننننراءة الفاتحننننة عننننندنا‪ .‬وتكننننره صننننالة الجنننننازة فنننني مسننننجد‪ ،‬فقيننننل‪ :‬تحريمننننا‪،‬‬
‫ور ِ ّجح‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬تنزيها‪ُ ،‬‬
‫وي َّشننننق إن كانننننت‬
‫األرض ُصننننلبة‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وي ْلحنننند إن كانننننت‬
‫ويحفننننر القبننننر مقنننندار نصننننف قامننننة‪ُ .‬‬
‫دفنننننه‪ُ :‬‬
‫وي ِ ّ‬
‫وجنننه علنننى القبلنننة علنننى‬ ‫رخنننوة‪ .‬ويقنننول النننذي يضنننعه فننني القبنننر‪ :‬باسنننم اهلل وعلنننى ملنننة رسنننول اهلل‪ُ ،‬‬
‫وتحل ُعقد الكفن‪ .‬ثم ُيهال التراب عليه‪.‬‬
‫جنبه األيمن‪ُ ،‬‬

‫وال ُيرفنننع علينننه بنننناء‪ .‬وقينننل‪ :‬ال بنننأس بنننه‪ ،‬وهنننو المختنننار‪ .‬وال بنننأس بالكتابنننة‪ ،‬حتنننى ال ينننذهب‬
‫األثر وال ُيمتهن القبر‪.‬‬

‫ِ‬
‫والسق ‪:‬‬
‫ما يتعلق بالمولود ّ‬

‫‪35‬‬
‫وك ِّفنننن‬
‫ننتهل المولنننود بعننند النننوالدة (أي‪ُ :‬وجننند مننننه منننا يننندل علنننى حياتنننه) ُسنننمي و ُغ ِّسنننل ُ‬
‫وإن اسن ّ‬
‫ننتهل‪ُ ،‬غ ِّسنننل فننني المختنننار وأدر فننني خرقنننة‪ ،‬ولنننم ُيصن َّ‬
‫ننل علينننه‬ ‫وينننور ‪ .‬وإن لنننم يسن ّ‬ ‫وصننن ِّلي علينننه وينننر‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫السق الذي لم يتم خ ْل ُقه في المختار‪.‬‬
‫وال يور ‪ .‬وكذا ُيغ َّسل ّ‬ ‫وال ير‬

‫باب الشهيد‪:‬‬

‫وهنننو النننذي قتلنننه المشنننركون أو ُوجننند فننني المعركنننة وبنننه أثنننر أو قتلنننه المسنننلمون (البغننناة و ُقطّننناع‬
‫ويصنننلى علينننه وال ُيغ َّسنننل‪ ،‬ولكنننن يننننزع عننننه منننا ال يصنننلح للكفنننن كنننالفر ِو‬
‫الطرينننق) لمنننا‪ ،‬فن ُننيك ّفن بثيابنننه ُ‬
‫ْ‬
‫والخف والسالح‪.‬‬
‫ّ‬

‫ننننف ُغ ِّسنننننل النقطننننناع حكنننننم شنننننهادة الننننندنيا عننننننه‪ ،‬وإن كنننننان منننننن شنننننهداء ا‪،‬خنننننرة‪.‬‬
‫ومنننننن ا ْر ُتن َّ‬
‫واالرتثا ‪ :‬أن يأكل ويشرب أو يتداوى أو يبقى حيا حتى يمضي عليه وقت صالة وهو يعقل‪.‬‬

‫وصننن ّلي علينننه ألننننه لنننم ُيقتنننل لمنننا وإنمنننا ُقتنننل‬


‫وك ّفنننن ُ‬
‫ومنننن ُقتنننل فننني حننند أو قصننناص ُغ ّسنننل ُ‬
‫بحق‪.‬‬

‫ومنننن ُقتنننل منننن البغننناة (وهنننم الخنننارجون عنننن طاعنننة اإلمنننام) أو قطننناع الطرينننق حالنننة المحاربنننة‪،‬‬
‫ُ‬
‫لم ُيغسل ولم ُيصل عليه‪.‬‬

‫ومن قتل نفسه غسل وصلي عليه‪.‬‬

‫باب الصالة في الكعبة وحولها‪:‬‬

‫الصنننالة فننني الكعبنننة جنننائزة‪ ،‬فرضنننها ونفلهنننا‪ .‬فنننإن صنننلى اإلمنننام فيهنننا بجماعنننة فجعنننل بعضنننهم‬
‫هننره إلننى هننر اإلمننام صننح االقتننداء بننه‪ ،‬ألن كننل جانننب قبلننة‪ .‬ومننن جعننل هننره إلننى وجننه اإلمننام لننم‬
‫تجز صالته لتقدمه على اإلمام‪.‬‬

‫ومن صلى على هر الكعبة جازت صالته ويكره لما فيه من ترك التعظيم‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫كتاب الزكاة‬
‫معناهننننننا‪ :‬الزكنننننناة لغننننننة‪ :‬الطهنننننننارة والنمنننننناء‪ ،‬وشننننننرعا‪:‬تمليك جنننننننزء مخصننننننوص‪ ،‬مننننننن منننننننال‬
‫مخصوص هلل تعالى‪.‬‬ ‫مخصوص‪ ،‬لشخ‬

‫حكمهنننا وشنننرس وجوبهنننا‪ :‬وهننني واجبنننة (فنننرض) علنننى الحنننر المسنننلم البنننال العاقنننل إذا ملنننك‬
‫الدين وعن حاجته األصلية‪ ،‬ناميا‪ ،‬وحال عليه الحول‪ .‬وعلى هذا‪:‬‬
‫نصابا ملكا تاما‪ ،‬فارغا عن َّ‬
‫فلنننيس علنننى صنننبي وال مجننننون زكننناة ألنهمنننا غينننر مخننناطبين بنننأداء العبنننادة كالصنننالة والصنننوم‪،‬‬
‫ِ‬
‫بمالننننه ألنننننه‬ ‫نننب ألنننننه ال يملننننك مننننا بيننننده ملكننننا تامننننا‪ .‬وال علننننى مننننن علنننني ديننننن يحنننني‬
‫وال علننننى مكاتن خ‬
‫مشغول بحاجته األصلية‪.‬‬

‫ودواب الركننننوب وسننننالح االسننننتعمال‬


‫ّ‬ ‫المنننننزل‬ ‫ولننننيس فنننني دور السننننكنى وثينننناب البنننندن وأثننننا‬
‫زكاة‪ ،‬ألنها مشغول بالحاجة األصلية‪ ،‬وليست بنامية أيضا‪.‬‬

‫وال ي جننننوز أداء الزكنننناة إال بنيننننة مقارنننننة لننننألداء أو مقارنننننة لعننننزل مقنننندار الواجننننب‪ ،‬ألن الزكنننناة‬
‫عبادة‪ ،‬وكان من شرطها‪ :‬النية‪.‬‬

‫بعض المصطلحات‪:‬‬

‫النصننناب‪ :‬مقننندار ال تجنننب فيمنننا دوننننه زكننناة‪ .‬ويتعلنننق بهنننذا النصننناب وجنننوب الزكننناة والفطننننرة‬
‫واألضحية وحرمان الصدقة‪.‬‬

‫والحاجنننة األصنننلية‪ :‬وهننني منننا البننند مننننه لإلنسنننان فننني معاشنننه كنننا لمأكنننل والمسنننكن والمركنننب‬
‫وآلة الحرف‪ .‬والمستحق بالحاجات األصلية كالمعدوم‪.‬‬

‫[والنمننننناء‪ :‬الزينننننادة‪ .‬وهننننني إمنننننا يكنننننون حقيقنننننة بنننننأن يكنننننون بالتوالننننند والتناسنننننل فننننني األنعنننننام‬
‫وبالتجنننارة فننني أمنننوال التجنننارة‪ ،‬وإمنننا تقنننديرا وهنننو بنننالتمكن منننن االسنننتنماء متنننى شننناء (كنننالنقود والنننذهب‬
‫واألموال التجارية‪ .‬مجمع األنهر‪.]193 ،192/1 :‬‬

‫السائمة‪:‬وهي المكتفية بالرعي المباح أكثر العام‪.‬‬

‫باب زكاة اإلبل‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫نننس خ‬
‫ذود مننننن اإلبننننل صنننندقة لعنننندم بلننننوا النصنننناب‪.‬فإذا بلغننننت خمسننننا‬ ‫نننل مننننن خمن خ‬
‫ولننننيس فنننني أقن َّ‬
‫سنننائمة وحنننال عليهنننا الحنننول ففيهنننا شننناة تنننم لهنننا حنننول‪ ،‬إلنننى تسنننع‪ .‬ففننني عشنننر‪ :‬شننناتان‪ ،‬وفننني خمنننس‬
‫شياه‪ ،‬وفي عشرين‪ :‬أربع شياه‪،‬‬ ‫عشرة‪:‬ثال‬

‫وفي خمس وعشرين‪ :‬بنت مخاض وهي التي طعنت في السنة الثانية‪،‬‬

‫وفي خمس وثالثين‪ :‬بنت لبون‪ ،‬وهي التي طعنت في الثالثة‪،‬‬

‫ست وأربعين‪ِ :‬ح َّقة وهي التي طعنت في الرابعة‪،‬‬


‫وفي خ‬

‫وفي إحدى وستين‪ :‬جذعة وهي التي طعنت في الخامسة‪،‬‬

‫وفي ست وسبعين‪ :‬بنتا لبون‪،‬‬

‫وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين‪.‬‬

‫بهذا اشتهرت كتب الصدقات من رسول اهلل ﷺ‪.‬‬

‫ننننراب سننننواء فنننني النصنننناب والوجننننوب‪ ،‬ألن اسننننم اإلبننننل يتناولهمننننا‪ .‬والبخننننت‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ننننت والع ُ‬
‫والب ْخ ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وهو المتولد بين العربي والعجمي‪ ،‬والعراب‪ :‬إبل عربي‪.‬‬

‫باب زكاة البقر‪:‬‬

‫أقل من ثالثين من البقر السائمة صدقة لعدم بلوا النصاب‪.‬‬


‫ليس في َّ‬

‫نننع أو تبيعننننة‪ ،‬وهننننو ذو سنننننة كاملننننة‪.‬‬


‫فننننإذا كانننننت ثالثننننين سننننائمة وحننننال عليهننننا الحننننول ففيهننننا تبِين ٌ‬
‫ننن‪ ،‬وهنننو ذو سننننتين كننناملتين‪ .‬فنننإذا زادت علنننى األربعنننين وجنننب فننني الزينننادة‬ ‫ِ‬
‫وفننني أربعنننين ُمسن َّنننة أو مسن ّ‬
‫بقننندر ذلنننك إلنننى سنننتين عنننندأبي حنيفنننة‪ ،‬وال شنننيء فيهنننا عنننندهما حتنننى تبلننن إلنننى سنننتين ففيهنننا تبيعنننان أو‬
‫تبيعتنننان‪ .‬وفننني سنننبعين مسننننة وتبينننع‪ ،‬وفننني ثمنننانين مسننننتان‪ ،‬وفننني تسنننعين ثالثنننة أتبِعنننة‪ ،‬وفننني مائنننة تبيعنننان‬
‫ومسنة‪.‬‬

‫والجواميس والبقرسواء التحاد الجنسية‪.‬‬

‫باب زكاة الغنم‪:‬‬

‫ننل منننن أربعنننين شننناة زكننناة لعننندم بلنننوا النصننناب‪ .‬وفننني أربعنننين سنننائمة وحنننال عليهنننا‬
‫لنننيس فننني أقن َّ‬
‫الحنننول‪ :‬شنننا ٌة‪ ،‬إلنننى مائنننة وعشنننرين‪ ،‬فنننإذا زادت واحننندة ففيهنننا شننناتان إلنننى منننائتين‪ ،‬فنننإذا زادت واحننندة‬

‫‪38‬‬
‫شننياه‪ ،‬إلننى ثالثمائننة وتسننعة وتسننعين‪ ،‬فننإذا بلغننت إلننى أربعمائننة‪ :‬ففيهننا أربننع شننياه‪ .‬ثننم فنني‬ ‫ففيهننا ثننال‬
‫كل مائة‪ :‬شاةٌ‪ .‬والضأن والمعز سواء‪.‬‬

‫باب زكاة الخيل‪:‬‬

‫قننننال أبوحنيفننننة‪ :‬إذا كانننننت الخيننننل سننننائمة‪ ،‬وكانننننت ذكننننورا وإناثننننا إو إناثننننا فقنننن ‪ ،‬وحننننال عليهننننا‬
‫قومهنننا وأعطنننى عنننن كنننل‬
‫الحنننول‪ ،‬فصننناحبها بالخينننار‪ :‬إن شننناء أعطنننى عنننن كنننل فنننرس ديننننارا وإن شننناء ّ‬
‫مائتي درهم خمسة دراهم بمنزلة عروض التجارة‪.‬‬

‫وليس في ذكورها منفردة زكا ٌة اتفاقا لعدم النماء‪.‬‬

‫واألصح أنه ال نصاب لها لعدم النقل‪.‬‬

‫وقاال‪ :‬ال زكاة في الخيل‪.‬‬

‫وكل من القولين من ُيرجحه‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫وال شننننيء فنننني البغننننال والحميننننر مننننن زكنننناة إجماعننننا‪ ،‬إال أن تكننننون للتجننننارة‪ ،‬ألنهننننا تصننننير مننننن‬
‫العروض‪.‬‬

‫والحمنننالن (ولننند الضنننأن فننني السننننة‬


‫ُ‬ ‫ولنننيس فننني ال ُف ْصنننالن (ولننند الناقنننة منننا لنننم يبلننن الحنننول)‪،‬‬
‫األولننننى)‪ ،‬والعجاجيننننل (ولنننند البقننننر) صنننندقة عننننند إبنننني حنيفننننة ومحمنننند‪ ،‬إال أن يكننننون معهننننا كبننننار ولننننو‬
‫ور ِ ّجح األول‪.‬‬
‫واحدا‪ ،‬ويجب ذلك الواحد‪ .‬وقال أبو يوسف‪ :‬تجب فيها واحدة منها‪ُ .‬‬
‫العشنننر والفطنننرة والننننذر والكفنننارة‪ .‬وتعتبنننر قيمتنننه ينننوم‬
‫ويجنننوز دفنننع القيمنننة فننني الزكننناة‪ ،‬وكنننذافي ُ‬
‫ويق َّوم في البلد الذى المال فيه‪.‬‬
‫الوجوب عند اإلمام‪ ،‬ويوم األداء عندهما‪ُ .‬‬
‫ولننننيس فنننني العوامننننل (المعنننندات للعمننننل) والحوامننننل والعلوفننننة (التنننني يعلفهننننا صنننناحبها نصننننف‬
‫بالنمو وهو باإلسامة أو اإلعداد للتجارة‪ ،‬ولم يوجد‪.‬‬ ‫خ‬
‫حول فأكثر) صدقة‪ ،‬ألن الوجوب‬
‫ِّ‬
‫ومنننن كنننان لنننه نصننناب فننني أوائنننل الحنننول فاسنننتفاد فننني أثنائنننه منننن جنسنننه‪ ،‬سنننواء كنننان منننن نمائنننه‬
‫‪،‬ضمه إليه وز ّكاه معه‪ .‬وإن لم يكن من جنسه ال ُيضم إتفاقا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أو ال‪ ،‬كهبة أو إر‬

‫ننالر ْع ِي فننني أكثنننر حولهنننا‪ ،‬فنننإن علفهنننا صننناحبها نصنننف الحنننول أو‬
‫والسنننائمة هننني التننني تكتفننني بن ِ‬
‫ّ‬
‫أكثر فال زكاة فيها لزيادة المؤنة فينعدم النماءمعنى‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫العفنننوِ عنننند أبننني حنيفنننة وأبننني يوسنننف‪ ،‬وتجنننب فينننه عنننند محمننند وزفنننر‪( .‬والعفنننو‪:‬‬
‫وال زكننناة فننني ْ‬
‫ما بين الفريضتين مثل ما بين الثالثين واألربعين في البقر)‪.‬‬

‫وإذا هلك المال بعد وجوب الزكاة سقطت عنه الزكاة لتعلقها بالعين دون الذمة‪.‬‬

‫وإن قدم الزكاة على الحول‪ ،‬وهو مالك للنصاب جاز‪.‬‬

‫باب زكاة الفضة‪:‬‬

‫نصنننابها مائتنننا درهنننم ولنننيس فيمنننا دونهنننا صننندقة‪ ،‬فنننإذا بلغنننت إلنننى منننائتين وحنننال عليهنننا الحنننول‬
‫غرامات تقريبا)‪.‬‬ ‫الع ْشرِ (‪ :)40/1‬خمسة دراهم‪( .‬والدرهم‪ :‬ثال‬
‫ففيها ُر ُب ُع ُ‬
‫باب زكاة الذهب‪:‬‬

‫نصننننابها عشننننرون مثقنننناال (والمثقننننال الشننننرعي مائننننة حبننننة مننننن شننننعير‪ ،‬وهننننو ‪ 4.5‬غننننرام تقريبننننا)‪.‬‬
‫الع ْشر‪ :‬نصف مثقال‪.‬‬
‫وليس فيما دونها صدقة‪ ،‬فإذا بل إليها وحال عليها الحول ففيها ُر ُب ُع ُ‬
‫وح ِليِهمنننننا وا‪،‬نينننننة منهمنننننا الزكننننناة‪ ،‬ألنهمنننننا ُخ ِلقنننننا أثماننننننا فتجنننننب‬ ‫وفننننني ِتبنننننر النننننذهب والفضنننننة‬
‫ُ ّ‬ ‫ْ‬
‫زكاتهما كيف كانا‪ .‬والثمن‪ :‬ما ُيق َّوم به األشياء‪.‬‬

‫العروض‪:‬‬
‫باب زكاة ُ‬
‫والعروض‪ :‬ما سوى النقدين‪ :‬الذهب والفضة‪.‬‬
‫ُ‬
‫الزكننناة واجبنننة فننني عنننروض التجنننارة كائننننة منننا كاننننت‪ ،‬إذا بلغنننت قيمتهنننا نصنننابا منننن النننورِ ي أو‬
‫الذهب‪ُ ،‬يق ِّومها صاحبها بما هو أنفع منهما للفقراء والمساكين احتياطا لحق الفقراء‪.‬‬

‫وإذا كنننان النصننناب كنننامال فننني طرفننني الحنننول‪ ،‬فنقصنننانه فيمنننا بنننين ذلنننك ال ُيسنننق الزكننناة‪ .‬وأمنننا‬
‫لو هلك كله لبطل الحول‪.‬‬

‫وتضننننم قيمننننة العننننروض التنننني للتجننننارة إلننننى الننننذهب والفضننننة للمجانسننننة مننننن حيننننف الثمنيننننة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وكذلك ُيضم الذهب إلى الفضة بالقيمة عند اإلمام‪.‬‬

‫باب زكاة الزروع والثمار‪:‬‬

‫المنننراد بالزكننناة هننننا‪ :‬العشنننر‪ .‬قنننال أبنننو حنيفنننة‪ :‬فننني قلينننل منننا أخرجتنننه األرض وكثينننره العشنننر‪،‬‬
‫ننندين‪ ،‬وفنننني‬ ‫سننننواء سن ِ‬
‫نننقي بالمنننناء الجنننناري أو سننننقته السننننماء‪ ،‬وال يشننننترس فيننننه الحننننول‪ ،‬ويجننننب مننننع الن َّ‬ ‫ُ‬
‫أرض الصغير والوقف ألن فيه معنى المؤنة (الضريبة)‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫وقاال‪ :‬ال يجب العشر إال بالشروس ا‪،‬تية‪:‬‬

‫أن تبقننننى الثمننننرة حننننوال مننننن غيننننر تك ّلن خ‬


‫نننف وال معالجننننة كالحنطننننة والشننننعير والتمننننر والزبيننننب‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬

‫وأن تبلنننن نصننننابا وهننننو خمسننننة أوسن خ‬


‫نننق‪ ،‬والو ْسنننن ُق سننننتون صنننناعا بصنننناع النبننننيﷺ‪[ .‬وهننننو ‪3296‬‬
‫غنننرام منننن القمنننح عنننند الحنفينننة]‪ .‬ولنننيس فننني الخ ْضنننروات عنننندهما عشنننرا لعننندم بقائهنننا حنننوال‪( .‬وقنننال‬
‫الطحاوي في مختصره‪ :‬وبقولهما نأخذ‪ ،‬ص‪.)46:‬‬

‫وما ُس ِقي بغير الماء الجاري والمطر نصف العشر اتفاقا‪.‬‬

‫وأمنننا منننا ال ُيوسنننق كنننالقطن‪ ،‬فقنننال أبنننو يوسنننف‪ :‬يجنننب فينننه العشنننر إذا بلغنننت قيمتنننه قيمنننة خمسنننة‬
‫أوسنننق منننن أدننننى منننا يننندخل تحنننت الوسنننق‪ ،‬ألننننه ال يمكنننن التقننندير الشنننرعي فينننه فننناعتبرت القيمنننة كمنننا‬
‫في عروض التجارة‪.‬‬

‫وقننننال محمنننند‪ :‬يجننننب العشننننر إذا بلنننن الخننننار خمسننننة أمثننننال مننننن أعلننننى مننننا ُيقنننندر بننننه نوعننننه‪،‬‬
‫خ‬
‫أحمال‪.‬‬ ‫فاعتبر في القطن خمسة‬

‫باب من يجوز دفع الزكاة إليه ومن ال يجوز‪:‬‬

‫نناكين والعننناملين‬
‫الصننندقات للفقنننراء والمسن ِ‬
‫ُ‬ ‫وقننند بنننين اهلل تعنننالى مصنننارف الزكننناة فقنننال‪ " :‬إنمنننا‬
‫واهلل‬
‫ننناب والغننننارمين وفنننني سننننبيل اهلل وابننننن السننننبيل فريضننننة مننننن اهلل ُ‬
‫عليهننننا والمؤلفننننة قلننننوبهم وفنننني الرقن ِ‬
‫عليم حكيم‪".‬‬

‫وقننند سنننق منهنننا المؤلفنننة قلنننوهم‪ .‬وهنننم ثالثنننة أصنننناف‪ :‬صن ْننن ٌف كنننان ينننؤ ِلّفهم النبننني ﷺ ليسنننلموا‬
‫ُ‬
‫ويسنننلم قنننومهم بإسنننالمهم وصننننف أسنننلموا ولكنننن علنننى ضنننعف‪ ،‬فيريننند تقرينننرهم علينننه وصننننف كنننان‬ ‫ُ‬
‫أعز اإلسالم وأغنى عنهم‪.‬‬
‫يعطيهم لدفع شرهم‪ .‬والمسلمون ا‪،‬ن في غنية عنهم‪ ،‬ألن اهلل تعالى َّ‬
‫والفقير‪ :‬من له مال دون النصاب‪.‬‬

‫والمسكين‪ :‬من هو أدى حاال من فقير‪.‬‬

‫والعامل‪ :‬من يعمل لجمع الزكاة بأمر السلطان‪.‬‬

‫المكاتبون الذين يسعون في فك رقابهم‪.‬‬


‫والرقاب‪ُ :‬‬
‫ين وال يملك نصابا فاضال عن دينه‪.‬‬
‫والغارم‪ :‬من لزمه د ٌ‬

‫‪41‬‬
‫وفي سبيل اهلل‪ :‬منق ِط ُع الغزاة‪ ،‬وقيل‪ :‬منقطع الحا ‪ ،‬وقيل‪ :‬طلبة العلم‪.‬‬

‫وابن السبيل‪ :‬من كان له مال في وطنه‪ ،‬وهو في مكان آخر الشيء له فيه‪.‬‬

‫كل منهم‪ ،‬وله أن يقتصر على صنف واحد منهم‪.‬‬


‫وللمالك أن يدفع إلى خ‬

‫أي منننال كنننان‪ ،‬وال إلنننى ولنننده إن‬


‫وال تننندفع إلنننى غينننر مسنننلم‪ ،‬وال إلنننى منننن يملنننك نصنننابا منننن ّ‬
‫كنننان صنننغيرا‪ .‬وال يننندفع المزكننني زكاتنننه إلنننى أصنننوله وفروعنننه‪ :‬أبينننه وجنننده وإن عنننال‪ ،‬وإلنننى ولنننده وولننند‬
‫ولننننده وإن سننننفل‪ ،‬وإلننننى أمننننه وجداتننننه وإن علننننت‪ .‬وال إلننننى امرأتننننه لالشننننتراك فنننني المنننننافع عننننادة‪ .‬وال‬
‫تنندفع المننرأة إلننى زوجهننا عنننند اإلمننام‪ ،‬وتنندفع عننندهما لقولننهﷺ المنننرأة ابننن مسننعود‪ :‬لننك أجننران‪ :‬أجنننر‬
‫الصدقة وأجر الصلة"‪ .‬وقد سألته عن التصدي عليه‪.‬‬

‫وال يبنى بها مساجد‪ ،‬وال يك َّفن ميت‪.‬‬

‫وإذا دفنننع الزكننناة إلنننى رجنننل يظننننه فقينننرا ثنننم بنننان أننننه غنننني فنننال إعنننادة علينننه عنننند أبننني حنيفنننة‬
‫ومحمد ألنه أتى بما في وسعه‪ .‬وعليه اإلعادة عند أبي يوسف لظهور خط ه بيقين‪.‬‬

‫ويجوز دفع الزكاة إلى من ال يملك نصابا وإن كان صحيحا مكتسبا ألنه فقير‪.‬‬

‫ويكنننره نقنننل الزكننناة منننن بلننند إلنننى آخنننر إال أن ينقلهنننا إلنننى قرابتنننه أو إلنننى قنننوم هنننم أحنننو إليهنننا‬
‫من أهل بلده‪.‬‬

‫باب صدقة الفطر‪:‬‬

‫وهننني واجبنننة علنننى الحنننر المسنننلم ولنننو صنننغيرا أو مجنوننننا‪ ،‬إذاكنننان مالكنننا لمقننندار النصننناب منننن‬
‫أي مال كان‪ ،‬فاضال عن حاجاته األصلية‪ .‬وال يشترس فيه الحول‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويخرجننننه عننننن نفسننننه وعننننن أوالده الصننننغار والمجننننانين إن كننننانوا فقننننراء‪ .‬وإن كننننان لهننننم مننننال‬
‫أخرجهننننا مننننن مننننالهم‪.‬وال يجننننب عليننننه أن ُيننننؤدي عننننن زوجتننننه وال عننننن أوالده الكبننننار وإن كننننانوا فنننني‬
‫عياله النعدام واليته عليهم‪ ،‬ولو أدى عنهم بغير أمرهم أجزأهم استحسانا لثبوت اإلذن عادة‪.‬‬

‫والفطرة نصف صاع من ُب خر أو صاع من تمر أو زبيب أو شعير‪.‬‬


‫ّ‬
‫وتجننننب بطلننننوع الفجننننر مننننن يننننوم الفطننننر فمننننن مننننات قبلننننه أو ُولنننند بعننننده لننننم تجننننب فطرتننننه‪.‬‬
‫ويسنننتحب للنننناس أن يخرجوهنننا ينننوم الفطرقبنننل الخنننرو إلنننى المصنننلى‪ ،‬فنننإن قننندموها جننناز ولنننو قبنننل‬
‫دخول رمضان‪ .‬وإن أخروها عن يوم الفطرلم تسق فيجب إخراجها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫كتاب الصوم‬
‫وهننننو لغننننة‪ :‬اإلمسنننناك مطلقننننا‪ ،‬وشننننرعا‪ :‬اإلمسنننناك عننننن المف ِطّننننرات حقيقننننة أو حكمننننا فنننني وقننننت‬
‫مخصوص بنية‪.‬‬

‫أنواعننننه‪ :‬وهننننو ضننننربان‪ :‬واجننننب ونفننننل‪ .‬فالواجننننب ضننننربان‪ :‬الضننننرب األول‪ :‬مننننا يتعلننننق بزمننننان‬
‫بعيننننه كصنننوم رمضنننان والننننذر المعنننين زماننننه‪ ،‬فيجنننوز بنينننة منننن اللينننل‪ ،‬أو بنينننة منننا بنننين الفجنننر والنننزوال‪.‬‬
‫والضننننرب الثنننناني‪ :‬مننننا يثبننننت فنننني الذمننننة مطلقننننا(من غيننننر مننننا يتعننننق بزمننننان) كقضنننناء رمضننننان والنننننذر‬
‫أي صننننوم‬
‫معينننننة مننننن الليننننل‪ .‬والنيننننة‪ :‬أن يعلننننم بقلبننننه َّ‬ ‫المطلننننق وصننننوم الكفننننارات‪ .‬فننننال يجننننوز إال بنيننننة‬
‫ّ‬
‫يصوم‪.‬‬

‫ثنننم صنننوم رمضنننان يتنننأدى بمطلنننق النينننة وبنينننة النفنننل وبنينننة فنننرض آخنننر‪ .‬والنفنننل بكنننل أنواعنننه‬
‫يجوز بنية قبل الزوال‪.‬‬

‫التماس الهالل‪:‬‬

‫وينبغننني للنننناس أن يلتمسنننوا هنننالل رمضنننان عنننند غنننروب الشنننمس فننني الينننوم التاسنننع والعشنننرين‬
‫منننن شنننعبان‪ ،‬فنننإن رأوه صننناموا‪ ،‬وإن ُغنننم علنننيهم أكملنننوا شنننعبان ثالثنننين ثنننم صننناموا‪ .‬ومنننن رآه وحنننده‬
‫َّ‬
‫صام وإن لم ُت ْقب ْل شهادته‪ ،‬وإن أفطر فعليه القضاء دون الكفارة لشبهة الرد‪.‬‬

‫وإذا كنننان فننني السنننماء علنننة منننن غننني خم أو غبنننار‪ ،‬ق ِبنننل اإلمنننام شنننهادة الواحننند العننندل‪ ،‬رجنننال كنننان‬
‫ْ‬
‫ننناته سن ِنني ِاته ألن قنننول الفاسنننق فننني النننديانات غينننر مقبنننول‪ .‬وإن‬
‫أو امنننرأة‪ .‬والعننندل‪ :‬هنننو النننذي غلبنننت حسن ُ‬
‫ّ‬
‫لم يكن فيها علة لم تقبل الشهادة حتى يراه جمع كثير يقع العلم بخبرهم‪.‬‬

‫مفنننوض إلنننى رأي القاضنننى‪ .‬وروي عنننن أبنننني‬


‫َّ‬ ‫منننا مقننندار الجمنننع الكثينننر؟ فقنننال بعضننننهم‪ :‬ذلنننك‬
‫حنيفننننة‪ :‬أنننننه تقبننننل فيننننه شننننهادة رجلننننين أو رجننننل وامننننرأتين‪ .‬قننننال فنننني البحننننر‪ :‬ينبغنننني أن يكننننون العمننننل‬
‫عليها ألن الناس تكاسلوا عن ترائي الهالل‪.‬‬

‫وقت الصوم‪:‬‬

‫وقتنننه منننن طلنننوع الفجنننر الثننناني إلنننى غنننروب الشنننمس لقولنننه تعنننالى‪" :‬كلنننوا واشنننربوا حتنننى يتبنننين‬
‫لكننننم الخنننني األبننننيض مننننن الخنننني األسننننود مننننن الفجننننر‪ ،‬ثننننم أتمننننوا الصننننيام إلننننى الليننننل"‪ .‬والخيطننننان‪:‬‬
‫بياض النهار وسواد الليل‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ما يفسد الصوم ويوجب القضاء أو الكفارة وما ال يفسده‪:‬‬

‫النسننننيان‪ :‬وإن أكننننل الصننننائم أو شننننرب أو جننننامع ناسننننيا لننننم ُيفطننننر‪ ،‬وال قضنننناء عليننننه وال كفننننارة‪.‬‬
‫وإن ن أن ذلك أفسد صومه فأكل بعد ذلك عمدا فعليه القضاء دون الكفارة‪.‬‬

‫واالحنننتالم‪ :‬وإن ننننام فننناحتلم‪ ،‬أو نظنننر وفكنننر فنننأنزل‪ ،‬أو احنننتجم أو قبنننل ولنننم ُيننننزل‪ ،‬لنننم ُيفطنننر‪،‬‬
‫ّ‬
‫لمس فعليه القضاء دون الكفارة لقصور الجناية‪.‬‬ ‫وإن أنزل ب ُقبلة أو خ‬

‫والقننني ُء‪ :‬وإن قننناء بنننال ُصننننعه لنننم يفطنننر ولنننو منننلء فينننه‪ .‬وإن قننناء عمننندا منننلء فينننه فعلينننه القضننناء‬
‫ْ‬
‫أقل من ملء فيه ال يفطر‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫عمدا‬ ‫قاء‬ ‫وإذا‬ ‫دون الكفارة‪.‬‬

‫والجمننناع‪ :‬ومنننن جنننامع عامننندا أو أكنننل أو شنننرب مننننا ُيتغننن َّذى بنننه أو ُيتنننداوى بنننه فعلينننه القضنننناء‬
‫الكتاب‪ ،‬لكمال الجناية بقضاء شهوة الفر أو البطن‪.‬‬ ‫والكفارة مثل ك ّفارة الظهار الثابتة بن‬

‫وليس في إفساد الصوم في غير رمضان كفارة‪.‬‬

‫صب الدواء في الدبر واألنف واألذن ال يفطر‪.‬‬

‫ما يبيح الفطر‪:‬‬

‫مرضننننه أو أبطننننأ ُبننننر ه‪ ،‬أفطننننر‬


‫المننننرض‪ :‬ومننننن كننننان مريضننننا فنننني رمضننننان فخنننناف إن صننننام ازداد ُ‬
‫وقضى‪ .‬وينبغي أن يستند هذا الخوف على غلبة الظن بتجربة‪ ،‬أو إخبار طبيب مسلم عدل‪.‬‬

‫والسننننفر‪ :‬والمسننننافر‪،‬إن كننننان الصننننوم ال يضننننره فصننننومه أفضننننل‪ ،‬لقولننننه تعننننالى‪ :‬وأن تصننننوموا‬
‫خير لكم‪ .‬وإن أفطر وقضى جاز‪ ،‬ألن السفر الي ْعرى عن المشقة‪.‬‬

‫وإن مننننات المننننريض أو المسننننافر‪ ،‬وهمننننا علننننى حالهمننننا لننننم يلزمهمننننا القضنننناء لعنننندم إدراكهمننننا‬
‫فعنندة مننن أيننام أخننر"‪ .‬وإن‬
‫عنندة مننن أيننام أخننر فنني قولننه تعننالى‪" :‬فمننن كننان منننكم مريضننا أو علننى سننفر َّ‬
‫صنننح المنننريض أو أقنننام المسنننافر ثنننم ماتنننا لزمهمنننا القضننناء بقننندر الصنننحة واإلقامنننة‪ .‬وفائننندة اللنننزوم‪ :‬فنننإن‬
‫لم يقضيا وجب الوصية عليهما باإلطعام‪.‬‬

‫والحمنننننل واإلرضننننناع‪ :‬والحامنننننل والمرضنننننع إذا خافتنننننا علنننننى ولنننننديهما – ولنننننو رضننننناعا – أو‬
‫على أنفسهما‪ ،‬أفطرتا وقضتا دفعا للحر ‪،‬وال فدية عليهما إعتبارا بالمريض والمسافر‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫طعنننم لكنننل خ‬
‫ينننوم مسنننكينا‬ ‫والشنننيخوخة‪ :‬والشنننيخ الفننناني النننذي ال يقننندر علنننى الصنننيام‪ ،‬يفطنننر وي ِ‬
‫ُ‬
‫كمنننننننننا يطعنننننننننم فننننننننني الكفنننننننننارات‪ ،‬لقولنننننننننه تعنننننننننالى‪" :‬وعلنننننننننى النننننننننذين يطيقوننننننننننه فدينننننننننة طعنننننننننام‬
‫المسكين"(البقرة‪ .)184:‬معناه‪ :‬ال يطيقونه‪.‬‬

‫مشائل شتى‪:‬‬

‫أخنننننره حتنننننى دخنننننل‬


‫‪ .‬وإن َّ‬ ‫وقضننننناء رمضنننننان‪ ،‬إن شننننناء فرقنننننه وإن شننننناء تابعنننننه إلطنننننالي النننننن‬
‫ّ‬
‫رمضنننان آخننننر‪ ،‬صننننام رمضننننان الثنننناني وقضننننى األول بعنننده‪ ،‬وال فديننننة عليننننه ألن وجننننوب القضنننناء علننننى‬
‫التراخي‪ ،‬حتى كان له أن يتطوع ولو لم يقض ما عليه‪.‬‬

‫ومنننن علينننه قضنننناء رمضنننان وقنننرب موتننننه‪ ،‬وجنننب عليننننه الوصنننية باإلطعنننام لكننننل ينننوم مسننننكينا‪،‬‬
‫وإن لم يوص به فتبرع عنه وليه جاز‪ .‬وعلى هذا الزكاة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومنننن دخنننل فننني صنننوم التطنننوع أو فننني صنننالة التطنننوع ثنننم أفسننندهما وجنننب قضنننا هما‪ .‬ثنننم عنننند‬
‫الحنفينننة ال يبننناح اإلفطنننار فننني صنننوم التطنننوع إال بعنننذر‪ .‬والضنننيافة عنننذر لقولنننهﷺ‪" :‬أ ْف ِطنننر‪ ،‬واقن ِ‬
‫ننض يومنننا‬
‫مكانه"‪.‬‬

‫اإلغمنننناء لوجننننود النيننننة منننننه‪،‬‬ ‫ومننننن أغمنننني عليننننه فنننني رمضننننان لننننم يقننننض اليننننوم الننننذي حنننند‬
‫والظاهر دوامه عليها‪ .‬وقضى ما بعده النعدام النية‪.‬‬

‫وإذا حاضننننت المننننرأة أو ن ِفسننننت‪ ،‬أفطننننرت وقضننننت إذا ط ُهننننرت‪ .‬ولننننيس عليهننننا اإلمسنننناك تشننننبها‬
‫بحال المعذور‪ ،‬ألن صومها حرام‪ ،‬والتشبه بالحرام حرام‪.‬‬

‫وإذا قننننندم المسنننننافر أو بنننننرف المنننننريض أو طهنننننرت الحنننننائض أو النفسننننناء فننننني بعنننننض النهنننننار‪،‬‬
‫وجب عليهم اإلمساك بقية يومهم قضاء لحق الوقت‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومنننن تسنننحر وهنننو يظنننن أن الفجنننر لنننم يطلنننع‪ ،‬أو أفطنننر وهنننو يظنننن أن الشنننمس قننند غربنننت‪ ،‬فبنننان‬
‫خالفه‪ ،‬أمسك بقية يومه وقضى ذلك اليوم‪ ،‬وال كفارة عليه لقصور الجناية‪.‬‬

‫ومنننن رأى هننننالل الفطننننر (هنننالل شننننوال) وحننننده لنننم ُيفطننننر الحتمننننال الغلننن ‪ .‬فننننإن أفطننننر فعليننننه‬
‫القضاء‪ ،‬وال كفارة عليه لشبهة الهالل‪.‬‬

‫وإن كاننننت بالسنننماء علنننن ٌة‪ ،‬لنننم تقبننننل فننني هنننالل الفطننننر إال شنننهادة رجلننننين أو رجنننل وامننننرأتين‪،‬‬
‫ألننننه تعلنننق بنننه ْنفنننع العبننند وهنننو الفطنننر فأشنننبه سنننائر حقوقنننه‪ .‬واألضنننحى كنننالفطر فننني هنننذا‪ .‬وإن لنننم تكنننن‬
‫بالسماء علة‪ ،‬لم تُقبل في هالل الفطر إال شهادة جم خع كثير يقع العلم بخبرهم‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫باب االعتكاف‪:‬‬

‫نننف فنننني المسننننجد مننننع الصننننوم ونين ِ‬


‫نننة االعتكنننناف‪ .‬وهننننو ثالثننننة أقسننننام‪ :‬واجننننب‪ ،‬وهننننو‬ ‫وهننننو ال َّل ْبن ُ‬
‫المننننذور وسن ّنننة‪ ،‬وهنننو فننني العشنننر األخينننر منننن رمضنننان‪ ،‬ألننننه وا بنننه النبنننيﷺ فننني العشنننر األواخنننر منننن‬
‫رمضان‪ ،‬والموا بة دليل السنية ومستحب‪،‬وهو في غيره‪.‬‬
‫َّ‬
‫والمنننراد بالمسنننجد مسنننجد الجماعنننة‪ .‬وعنننن أبننني حنيفنننة أننننه ال يصنننح إالفننني مسنننجد ُتصنننلى فينننه‬
‫الصنننلوات الخمنننس‪ ،‬وعنننن اإلمنننامين‪ :‬يصنننح فننني كنننل مسنننجد‪ .‬وال يشنننترس الصنننوم لصنننحته فننني ننناهر‬
‫الرواية‪.‬‬

‫والمرأة تعتكف في مسجد بيتها‪.‬‬

‫ويحننننرم علننننى المعتكننننف الننننوسء ودواعيننننه لقولننننه تعننننالى‪" :‬وال تباشننننروهن وأنننننتم عنننناكفون فنننني‬
‫المسننننناجد" (البقنننننرة‪ .) 187 :‬وال يخنننننر منننننن المسنننننحد إال لحاجنننننة اإلنسنننننان أو للجمعنننننة والعيننننند‪ .‬وال‬
‫يتكلم إال بخير‪.‬‬

‫ومن أوجب على نفسه إعتكاف أيام‪ ،‬لزمه اعتكافها بلياليها‪.‬‬

‫الحج‬
‫ّ‬ ‫كتاب‬
‫الحنننج – بفنننتح الحننناء وكسنننرها‪ -‬لغنننة‪ :‬القصننند مطلقنننا‪ ،‬وشنننرعا‪ :‬زينننارة مكنننان مخصنننوص فننني‬
‫زمن مخصوص بفعل مخصوص‪.‬‬

‫وهننننو فننننرض فنننني العمننننر مننننرة‪ ،‬علننننى حننننر مسننننلم بننننال عاقننننل صننننحيح إذا قنننندر علننننى الننننزاد‬
‫والراحلة فاضال عن مسكنه وما البد منه وعن نفقة عياله إلى حين عوده‪.‬وكان الطريق آمنا‪.‬‬

‫ويشننننترس فنننني حننننق المننننرأة – ولننننو عجننننوزا – أن يكننننون لهننننا محننننرم‪ ،‬ويكننننره تحريمننننا أن تحننننج‬
‫مع غير محرمها‪ ،‬ويجوز حجها مع الكراهة‪.‬‬

‫المواقينننت‪ :‬وهننني المواضنننع التننني اليجنننوز لمنننن يريننند مكنننة أن يتجاوزهنننا إال ُم ْحرمنننا بحنننج أو‬
‫وتعننننرف ا‪،‬ن بآبننننار علنننني وألهننننل العننننراي ذات‬ ‫الحل ْيفننننة ُ‬
‫عمننننرة‪ .‬وهنننني خمسننننة‪ :‬فألهننننل المدينننننة ذو ُ‬
‫الج ْحفنننة‪ ،‬بقنننرب رابننن وألهنننل نجننند قنننرن المننننازل وألهنننل النننيمن يل ْملنننم‪ .‬وإن‬ ‫ِ خ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عن ْننري وألهنننل الشنننام ُ‬

‫‪46‬‬
‫لنننم يمننننر بميقننننات منهننننا‪ ،‬تحننننرى وأحننننرم إذا حنننناذى أحنننندها‪ .‬فننننإن قنننندم اإلحننننرام علننننى هننننذه المواقيننننت‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫جاز‪.‬‬

‫ومننننن كننننان منزلننننه داخننننل المواقيننننت إلننننى الحننننرم‪ ،‬فميقاتننننه للحننننج والعمننننرة‪ِ ،‬‬
‫الحننننل‪ .‬ويجننننوز‬
‫ألهل الحل أن يدخل مكة لحاجة من غير إحرام‪ِ .‬‬
‫(الح ّل‪ :‬داخل المواقيت إلى حدود الحرم)‪.‬‬

‫ومنننن كنننان بمكنننة فميقاتنننه فننني الحنننج الحنننرم‪ ،‬وفننني العمنننرة الحنننل‪ .‬إال أن التنعنننيم أفضنننل لنننورود‬
‫األثر به‪.‬‬

‫اإلحنننننرام‪ :‬وإذا أراد الرجنننننل اإلحنننننرام اغتسنننننل أو توضنننننأ وقننننن َّ أ نننننافره ولنننننبس ثنننننوبين‪ ،‬إزارا‬
‫ِ‬
‫فيسنننره لننني وتقبلنننه منننني"‪ ،‬ثنننم ُيل ِبننني‪ .‬والتلبينننة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ورداء وصنننلى ركعتنننين ثنننم قنننال‪" :‬اللهنننم إنننني أريننند الحنننج ّ‬
‫"لبينننك اللهنننم لبينننك‪ ،‬لبينننك ال شنننريك لنننك لبينننك‪ ،‬إن الحمننند والنعمنننة لنننك والملنننك‪ ،‬ال شنننريك لنننك"‪،‬‬
‫ّْ‬ ‫َّ ْ‬
‫فإذا لبى مع النية فقد أحرم‪ ،‬فعليه أن يتقي من محظورات اإلحرام‪.‬‬

‫مننننن محظننننورات اإلحننننرام‪ :‬الرفننننف (الجمنننناع أو الكننننالم الفنننناحش)‪ ،‬والفسننننوي والجنننندال‪ ،‬وال‬
‫َّ‬
‫يقتننننل صننننيدا وال يشننننير إليننننه وال ينننندل عليننننه‪ ،‬وال يلننننبس قميصننننا وال سننننراويل وال خفننننين‪ ،‬وال يغطنننني‬
‫مننننن لحيتننننه وال مننننن‬ ‫نننس طيبننننا‪ ،‬وال يحلننننق رأسننننه وال شننننعر بدنننننه‪ ،‬وال يقنننن‬
‫رأسننننه وال وجهننننه‪ ،‬وال يمن ّ‬
‫فره‪.‬‬

‫ويشد في وسطه الهِ ْميان‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وال بأس أن يغتسل المحرم‬

‫ويكثر التلبية عقيب الصلوات‪.‬‬

‫الطنننواف‪ :‬وإذا دخنننل المسنننجد الحنننرام طننناف بالبينننت‪ :‬ابتننندأ بنننالحجر األسنننود فاسنننتقبله وكبنننر‬
‫وه َّلنننل ورفنننع يدينننه منننع التكبينننر واسنننتلمه‪ ،‬وقبلنننه إن اسنننطاع منننن غينننر أن ينننؤذي مسنننلما‪ ،‬ثنننم أخنننذ عنننن‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫ويلقننني ا‪،‬خنننر علنننى‬
‫يميننننه‪ ،‬وقننند اضنننطبع رداءه قبنننل ذلنننك‪ ،‬بنننأن يجعنننل أحننند طرفينننه تحنننت إبطنننه األيمنننن ُ‬
‫ننننل ُ(يسنننننرِ ُع) فنننني األشنننننواس الثالثنننننة األول‪،‬‬
‫وير ُمن ُ‬ ‫كتفننننه األيسنننننر‪ ،‬وهنننننو سنننننة‪ .‬فيطنننننوف سنننننبعة أشننننواس‪.‬‬
‫ْ‬
‫ويمشنننني فيمننننا بقنننني علننننى ِهين ِتننننه بسننننكينة ووقننننار‪ ،‬ويسننننتلم الحجننننر كلمننننا مننننر بننننه‪ ،‬ويخننننتم الطننننواف‬
‫ّ‬
‫باإلسنننتالم‪ .‬ثنننم يصنننلي ركعتنننين عنننند مقنننام إبنننراهيم أو حيثمنننا تيسنننر منننن المسنننجد‪ .‬وهننني واجبنننة لكنننل‬
‫طواف‪ .‬وال تُص َّلى وقت الكراهة‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وهننننذا الطننننواف يسننننمى طننننواف القنننندوم وطننننواف التحيننننة للحننننا ‪ .‬وهننننو سنننننة ل فنننناقي‪ .‬ولننننيس‬
‫علننننى أهننننل مكننننة طننننواف القنننندوم إذا أراد أن يحننننج‪ ،‬النعنننندام القنننندوم‪ .‬وإذا لننننم ينننندخل المحننننرم مكننننة‬
‫وتوجه إلى عرفات ووقف بها سق عنه طواف القدوم وال شيء عليه‪ ،‬ألنه سنة‪.‬‬

‫نننندم السنننننعي النننننذي بعننننند طنننننواف الزينننننارة‪ ،‬يصنننننعد علنننننى الصنننننفا‬


‫السنننننعي‪ :‬ثنننننم إن أراد أن يقن ّ‬
‫ويسننننتقبل البيننننت ويهلننننل ويكبننننر ويصننننلي علننننى النبننننيﷺ وينننندعو اهلل ثننننم ينننننح نحننننو المننننروة ويمشنننني‬
‫علنننى ِهينتنننه‪ ،‬فنننإذا بلننن إلنننى بطنننن النننوادي‪ ،‬سنننعى (هرولنننة) بنننين الميلنننين األخضنننرين‪ ،‬ثنننم يمشننني علنننى‬
‫ْ‬
‫هينتنننه حتنننى ينننأتي المننن روة فيصنننعد عليهنننا ويفعنننل كمنننا يفعنننل علنننى الصنننفا‪ .‬وهنننذا شنننوس واحننند‪ .‬فيسنننعى‬
‫هكذا سبعة أشواس‪ .‬وهو واجب‪.‬‬

‫ثنننم يقنننيم بمكنننة محرمنننا‪ ،‬ويطنننوف بالبينننت تطوعنننا كلمنننا بننندا لنننه‪ ،‬ويصنننلى لكنننل اسنننبوع ركعتنننين‪.‬‬
‫وهو أفضل من تطوع الصالة ل فاقي‪.‬‬

‫الخرو إلى منى‪:‬‬

‫وهننننو سنننننة‪ .‬وإذا كننننان اليننننوم السننننابع مننننن ذي الحجننننة خطننننب اإلمننننام خطبننننة يعلننننم الننننناس فيهننننا‬
‫الخرو إلى منى‪ ،‬والصالة بعرفات والوقوف بها واإلفاضة منها‪.‬‬

‫فننإذا صننلى الفجنننر يننوم التروينننة (اليننوم الثننامن منننن ذي الحجننة) بمكنننة خننر إلننى مننننى فأقننام بهنننا‬
‫حتى يصلي بها الفجر يوم عرفة‪ .‬ثم يتوجه إلى عرفات فيقيم بها‪.‬‬

‫أحكام يوم عرفة‪:‬‬

‫(جمننننع تقننننديم)‬
‫وإذا زالننننت الشننننمس صننننلى اإلمننننام بالننننناس الظهننننر والعصننننر فنننني وقننننت الظهر ْ‬
‫بننننأذان واحنننند وإقننننامتين‪ ،‬وال يتطننننوع بننننين الصننننالتين‪ .‬ويخطننننب خطبتننننين قبننننل الصننننالة‪ ،‬يع ّلمهننننم فيهمننننا‬
‫الوقفة بعرفة والمزدلفة ورمي الجماروالنحر والحلق وطواف الزيارة ونحو ذلك‪.‬‬

‫ومنننن صنننلى وحنننده أو بجماعنننة منننع غينننر اإلمنننام األعظنننم‪ ،‬صنننلى الظهنننر والعصنننر فننني وقتهمنننا‬
‫عنننند أبنننني حنيفننننة‪ ،‬ويجننننوز جمعهمننننا عننننند اإلمننننامين‪ .‬ثننننم يتوجننننه إلننننى جبننننل الرحمننننة للوقننننوف بقربهننننا‪.‬‬
‫وهنننو أحننند ركنننني الحنننج‪ .‬ويننندعو بمنننا شننناء‪ ،‬ويجتهننند فينننه‪ ،‬ألننننه منننن أرجنننى مواضنننع اإلجابنننة‪ .‬والعرفنننات‬
‫كلها موقف إال بطن ُعرنة‪ .‬ويجب عليه أن يبقى بعرفة إلى الغروب‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ومنننن أدرك الوقنننوف بعرفنننات ولنننو لحظنننة‪ ،‬منننا بنننين زوال الشنننمس منننن ينننوم عرفنننة إلنننى طلنننوع‬
‫الفجنننر منننن ينننوم النحنننر فقننند أدرك الوقنننوف‪ .‬ومنننن اجتننناز بعرفنننة وهنننو ننننائم أو ُم ْغمنننى علينننه أو لنننم يعلنننم‬
‫أنها عرفة أجزأه ذلك عن الوقوف‪ ،‬ألن الركن قد ُوجد‪.‬‬

‫الوقفة بالمزدلفة‪:‬‬

‫وإذا غربننننت الشننننمس أفنننناض اإلمننننام والننننناس معننننه حتننننى يننننأتوا المزدلفننننة‪ .‬ويصننننلون المغننننرب‬
‫والعشنننناء فنننني وقننننت العشنننناء (جمننننع تننننأخير) بننننأذان واحنننند وإقامننننة واحنننندة‪ .‬ومننننن صننننلى المغننننرب فنننني‬
‫ف عنننند أبننني‬
‫ف عنننند أبننني حنيفنننة ومحمننند‪ ،‬فعلينننه إعادتهنننا منننا لنننم يطلنننع الفجنننر‪ .‬وتُ ْجنننزِ ُ‬
‫الطرينننق ال تُ ْجنننزِ ُ‬
‫يوسننننف مننننع الكراهننننة فننننال إعننننادة عليننننه‪ .‬وإذا طلننننع الفجننننر يصننننلون الفجننننر بِغلن خ‬
‫نننس ثننننم وقفننننوا وقفننننة‬
‫ويننندعون‪ .‬وهنننو واجنننب‪ .‬وقتهنننا‪ :‬منننن طلنننوع الفجنننر إلنننى طلنننوع الشنننمس ولنننو لحظنننة‪ .‬والمزدلفنننة كلهنننا‬
‫موقف إال ب ْطن ُمح َّسر‪ ،‬وهو واد بين منى ومزدلفة‪ .‬م ْهلك جيش أبرهة‪.‬‬

‫أحكام منى‪:‬‬

‫وقبنننل طلننننوع الشننننمس أفاضننننوا إلنننى منننننى مكبننننرين ومهللننننين وملبنننين ومصننننلين علننننى النبننننيﷺ‪،‬‬
‫ننذ ِف مقننندار األنملنننة‪ .‬ويكبنننر‬
‫فنننإذا أتنننوه يبتننند ن بجمنننرة العقبنننة فيرمونهنننا بسن ْننبع حصنننيات مثنننل حصنننى الخن ْ‬
‫أحنننب ألننننه‬
‫ّ‬ ‫منننع كنننل حصننناة‪ ،‬وال يقنننف عنننندها‪ ،‬ويقطنننع التلبينننة منننع أول حصننناة‪ ،‬ثنننم ينننذبح تطوعنننا إن‬
‫ِ‬
‫قصنننر والحلنننق أفضنننل‪.‬‬
‫ُم ْفنننرِ ٌد‪ ،‬ويجنننب ذلنننك علنننى المتمتنننع والقنننارن كمنننا سنننيأتي‪ .‬ثنننم يحلنننق رأسنننه أو ُي ّ‬
‫وقد حل له كل شيء من محظورات اإلحرام إال الجماع‪.‬‬

‫ثنننم ينننأتي مكنننة منننن يومنننه ذلنننك أو منننن الغننند أو منننن بعننند الغننند فيطنننوف بالبينننت‪ .‬وهنننو النننركن‬
‫الثنننناني للحننننج لقولننننه تعننننالى‪" :‬وليطَّ َّوفننننوا بالبيننننت العتيننننق" ‪ .‬ويسننننمى طننننواف الزيننننارة وطننننواف اإلفاضننننة‬
‫ننل فننني هنننذا الطنننواف‪ ،‬ألن‬
‫يرمن ُ‬
‫وطنننواف الفنننرض‪ .‬فنننإن كنننان قننند سنننعى سنننابقا عقينننب طنننواف القننندوم ال ُ‬
‫ننندم السننننعي بعنننند طننننواف‬
‫نننعي عليننننه‪ .‬فننننإن لننننم يكننننن قن ّ‬
‫نننعي‪ .‬وال سن ْ‬
‫الرمننننل لننننيس إال فنننني طننننواف بعننننده سن‬
‫ٌ‬
‫القدوم رمل في هذا الطواف وسعى بعده‪ .‬وهذا السعي واجب‪ .‬وقد حل له الجماع‪.‬‬

‫ويكنننره تحريمنننا تنننأخير طنننواف الزينننارة عنننن هنننذه األينننام الثالثنننة‪ ،‬فنننإن أخنننره لزمنننه دم عنننند أبننني‬
‫حنيفة‪ ،‬وال يلزمه عندهما‪.‬‬

‫الرمي‪ .‬واإلقامة بها سنة‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ألجل‬
‫ثم يعود إلى منى ويقيم بها ثالثة أيام ْ‬
‫رمي الجمرات‪:‬‬

‫‪49‬‬
‫بنندءا بالصنننغرى ثنننم‬
‫ْ‬ ‫فننإذا زالنننت الشنننمس مننن الينننوم الثننناني مننن أينننام النحنننر رمننى الجمنننار النننثال‬
‫الوسنننطى ثنننم الكبننن رى فيرمننني كنننال منهنننا بسنننبع حصنننيات‪ ،‬ويكبنننر منننع كنننل حصننناة‪ .‬وإذا كنننان منننن الينننوم‬
‫النفننر إلننى مكننه جنناز لننه ذلننك إلننى أن‬
‫الثالننف رمننى مثننل مننا رمننى فنني اليننوم الثنناني‪ .‬وإذا أراد أن يتعجننل ْ‬
‫يطلع طلوع فجر الرابع‪ ،‬وال ينفر بعده لدخول وقت الرمي‪.‬‬

‫فننني الينننوم الرابنننع‬ ‫وإن أراد أن يقنننيم بمننننى إلنننى الرابنننع ‪ -‬وهنننو أفضنننل ‪ -‬رمنننى الجمنننار النننثال‬
‫بعد الزوال أيضا‪ ،‬فإن رماه بعد طلوع الفجر جاز عند أبي حنيفة‪.‬‬

‫طواف الصدر‪:‬‬

‫ثنننم إذا أراد السنننفر طننناف بالبينننت سنننبعة أشنننواس ال يرمنننل فيهنننا‪ ،‬ويصنننلى بعنننده ركعتنننين‪ .‬وهنننذا‬
‫يسنننمى طنننواف الصننندر وطنننواف النننوداع‪ .‬وهنننو واجنننب علنننى ا‪،‬فننناقي‪ .‬ثنننم يعنننود إلنننى أهلنننه‪ . .‬ولنننيس‬
‫بواجب على أهل مكة ومن في حكمهم ممن كان داخل الميقات‪ ،‬ألنهم ال ُيو ِ ّدعون‪.‬‬

‫أحكام خاصة بالنساء‪:‬‬

‫والمنننننرأة فننننني جمينننننع األحكنننننام المنننننذكورة كالرجنننننل لعمنننننوم الخطننننناب‪ .‬إال أنهنننننا‪ :‬ال تكشنننننف‬
‫نننل فنننني الطننننواف‪ ،‬وال ُتهننننر ِول‬
‫ترمن ُ‬
‫رأسننننها لإلحننننرام‪ ،‬وتكشننننف وجههننننا‪ ،‬وال ترفننننع صننننوتها بالتلبيننننة‪ ،‬وال ُ‬
‫ْ‬
‫بين الميلين األخضرين في السعي‪ ،‬وال تحلق رأسها ولكن تُق ّصر‪ ،‬وتلبس المخي والخفين‪.‬‬

‫باب ِ‬
‫القران‪:‬‬

‫ننج بغينننر عمنننرة‪ ،‬وصنننفته كمنننا سنننبق‬


‫الحنننج ثالثنننة أننننواع‪ :‬اإلفنننراد والقنننران والتمتنننع‪ .‬واإلفنننراد حن ٌ‬
‫بالتفصيل‪.‬‬

‫نننل (ينننننوي) بننننالعمرة والحننننج معننننا مننننن الميقننننات ويقننننول‪ :‬اللهننننم‬


‫وأمننننا صننننفة القننننران فهنننني أن ُيهن ّ‬
‫ِ‬
‫فيسنننرهما لننني وتقبلهمنننا منننني‪ .‬فنننإذا دخنننل مكنننة طننناف وصنننلى ركعتننني ثنننم‬
‫َّ‬ ‫إنننني أريننند العمنننرة والحنننج ّ‬
‫يسنننعى بنننين الصنننفا والمنننروة وجوبنننا‪ .‬وهنننذه أفعنننال العمنننرة‪ .‬وال يحلنننق وال يقصنننر‪ .‬ثنننم يطنننوف طنننواف‬
‫نندم سنننعي الحنننج بعننند هنننذا الطنننواف‪ ،‬يرمنننل فننني الثالثنننة األُول ثنننم يسنننعى بنننين‬
‫القننندوم‪ .‬وإن أراد أن يقن ّ‬
‫الصنننفا والمنننروة‪ .‬ثنننم يفعنننل كنننل منننا فعلنننه المفنننرد فننني عرفنننات والمزدلفنننة‪ .‬فنننإذا رمنننى الجمنننرة األولنننى‬
‫ذبح شاة وجوبا‪ .‬وهو دم شكر‪ ،‬فيأكل منه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫وإذا لننننم ينننندخل القننننارن مكننننة وتوجننننه إلننننى عرفننننات ووقننننف بهننننا فقنننند صننننار رافضننننا (تاركننننا)‬
‫لعمرتنننه‪ ،‬وسنننق عننننه دم القنننران‪ ،‬ووجنننب علينننه دم لنننرفض عمرتنننه‪ ،‬وهنننو دم جبنننرخ ‪ ،‬فنننال يجنننوز أكلنننه مننننه‪.‬‬
‫ْ‬
‫ووجب عليه قضاء عمرته‪.‬‬

‫باب التمتع‪:‬‬

‫التمتنننع لغنننة‪ :‬االنتفننناع‪ .‬وشنننرعا‪ :‬الجمنننع بنننين إحنننرام العمنننرة وإحنننرام الحنننج فننني أشنننهر الحنننج‬
‫مننن غيننر إلمننام صننحيح بأهلننه‪ ،‬واإللمننام‪ :‬أن يرجننع إلننى أهلننه بعنند العمننرة‪ .‬والقننران أفضننل مننن اإلفننراد‬
‫عندنا‪ .‬وأشهر الحج‪ :‬شوال‪ ،‬وذو القعدة وعشر من ذي الحجة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وصنننفة التمتنننع‪ :‬أن يحننننرم بعمنننرة منننن الميقننننات فننني أشننننهر الحنننج‪ ،‬ويننندخل مكننننة فيطنننوف لهننننا‬
‫نننل مننننن عمرتننننه‪ ،‬وحننننل لننننه كننننل مننننا يحننننرم عليننننه‬
‫ويقطننننع التلبيننننة‪ ،‬ويسننننعى‪ ،‬ويحلننننق أو ُيقصننننر‪ ،‬وقنننند حن ّ‬
‫بننناإلحرام‪ .‬ولنننيس علينننه طنننواف القننندوم‪ .‬ويقنننيم بمكنننة حنننالال‪ .‬فنننإذا أراد أن يخنننر إلنننى عرفنننات أحنننرم‬
‫بنننالحج منننن الحنننرم (منننن مقنننره) وفعنننل منننا فعلنننه المفنننرد‪ .‬وإذا أراد أن يقننندم سنننعي الحنننج‪ ،‬طننناف بعننند أن‬
‫ّ‬
‫ُيحرم بالحج ويرمل ويسعى بين الصفا والمروة‪ .‬ثم يتوجه إلى عرفات‪.‬‬

‫وإذا رمى جمرة العقبة ذبح شاة وجوبا وحلق رأسه‪ .‬وحل له كل شيء إال الجماع‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫ننع وال قنننران‪ ،‬وإنمنننا لهنننم‬


‫ولنننيس ألهنننل مكنننة ومنننن فننني حكمهنننم ممنننن كنننان داخنننل الميقنننات‪ ،‬تمتن ٌ‬
‫اإلفراد خاصة‪.‬‬

‫وإذا حاضننننت المننننرأة عننننند اإلحننننرام‪ ،‬أحرمننننت وصنننننعت كننننل مننننا يصنننننعه الحننننا ّ ‪ ،‬غيننننر أنهننننا ال‬
‫تطوف بالبيت حتى تطهر‪ ،‬ألنها منهية عن دخول المسجد‪.‬‬

‫وإذا حاضت بعد طواف الزيارة انصرفت من مكة‪ ،‬والشيء عليها لترك طواف الصدر‪.‬‬

‫الم ْحرِ م‪:‬‬


‫باب جنايات ُ‬
‫والمراد بها هنا ارتكاب محظور في اإلحرام كالتالي‪.:‬‬

‫مجنننناوزة الميقننننات بغيننننر إحننننرام‪ :‬ومننننن جنننناوز الميقننننات مننننن غيننننر إحننننرام ثننننم أحننننرم داخننننل‬
‫الميقات‪ ،‬لزمه دم واحد سواء كان مفردا أو قارنا‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫اسننننتعمال الطيننننب‪ :‬وإذا تطيننننب المحننننرم فعليننننه الكفننننارة‪ :‬فننننإن تطيننننب عضننننوا كننننامال كننننالرأس‬
‫َّ‬
‫واليننند فعلينننه دم (شننناة)‪ ،‬ألن الجناينننة تتكامنننل بتكامنننل االرتفننناي‪ ،‬وذلنننك فننني العضنننو الكامنننل‪ ،‬فيترتنننب‬
‫عليه كمال الموجب‪ ،‬وهو الدم‪ .‬وإن كان أقل من عضو كر ُبعه فعليه صدقة‪ ،‬لقصور الجناية‪.‬‬
‫ُ‬
‫والسنننروال‪ ،‬أو غطّنننى رأسنننه يومنننا كنننامال أو‬ ‫ولنننبس المخننني ‪ :‬وإن لنننبس ثوبنننا مخيطنننا كنننالقمي‬
‫ليلة كاملة فعليه دم‪ .‬وإن كان أقل من يوم فعليه صدقة‪.‬‬

‫ربنننع رأسنننه أو ربنننع لحيتنننه فصننناعدا كمنننا هنننو معتننناد فننني بعنننض النننبالد فعلينننه‬
‫والحلنننق‪ :‬وإن حلنننق ُ‬
‫دم‪ ،‬ألن للربع حكم الكل‪ ،‬وإن كان أقل منه فعليه صدقة‪ .‬وكذا لو حلق إبطيه أو عانته‪.‬‬

‫يننننندا أو‬ ‫وقنننن األ نننننافير‪ :‬وإن قنننن ّ أ نننننافير يديننننه ورجلينننننه معننننا فعلينننننه دم واحنننند‪ .‬وإن قننننن‬
‫أقل من خمسة أ افير فعليه صدقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫رجال فعليه دم أيضا‪ ،‬ألن للربع حكم الكل‪ .‬وإن ق‬

‫الجناينننة منننن عنننذر‪ :‬وإن تطينننب أو حلنننق أو لنننبس منننن عنننذر فهنننو مخينننر‪ :‬إن شننناء تصننندي علنننى‬
‫سنننتة مسننناكين لكنننل مسنننكين نصنننف صننناع منننن ُبن خننر كمنننا فننني صننندقة الفطنننر‪ ،‬وإن شننناء صنننام ثالثنننة أينننام‪،‬‬
‫ّ‬
‫لقوله تعالى‪" :‬ففدي ٌة من صيام أو صدقة أو نسك" (البقرة‪.)196:‬‬

‫ثننننم إن الصننننوم ُي ْجزِ ئُننننه فنننني الحننننرم وغيننننره ألنننننه عبننننادة فنننني كننننل مكننننان‪ .‬وكننننذا الصنننندقة‪ .‬وأمننننا‬
‫بالحرم باالتفاي‪.‬‬ ‫النسك (الدم) فيخت‬

‫الجمنننننناع ودواعيننننننه‪ :‬وإن قبننننننل أو لمننننننس بشننننننهوة فعليننننننه دم مطلقننننننا‪ ،‬أنننننننزل أو لننننننم ُينننننننزل ألن‬
‫ّ‬
‫ألجنننل اإلحنننرام مطلقنننا فيجنننب الننندم مطلقنننا‪ .‬وفننني الجنننامع الصنننغير‪ :‬إن أننننزل فعلينننه‬ ‫الننندواعي محرمنننة ْ‬
‫وصححه قاضيخان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دم وإال فال‪،‬‬

‫ومنننن جنننامع قبنننل الوقنننوف بعرفنننة فسننند حجنننه‪ ،‬وعلينننه شننناة‪ ،‬ويمضننني فننني حجنننه وجوبنننا‪ ،‬وعلينننه‬
‫القضننناء فنننورا ولنننو حجنننه نفنننال‪ ،‬ألن النوافنننل وجنننب بالشنننروع‪ .‬ولنننيس علينننه أن يفننناري زوجتنننه إذا حنننج‬
‫بهننا فنني القضنناء‪ .‬ومننن جننامع بعنند الوقننوف بعرفننة قبننل الحلننق لننم يفسنند حجننه‪ ،‬فوجننب عليننه بدنننة (إبننل‬
‫فغ ِّل موجبها‪.‬‬
‫أو بقرة) ألنه أعلى أنواع الجناية‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫ومن جامع بعد الحلق وقبل طواف الزيارة فعلية شاة لبقاء إحرامه في حق النساء فق ‪.‬‬

‫ومنننن جنننامع فننني العمنننرة قبنننل الطنننواف فسننندت عمرتنننه‪ ،‬ومضنننى فيهنننا‪ ،‬وقضننناها فنننورا‪ ،‬وعلينننه‬
‫شاة‪ .‬وإن جامع بعد الطواف قبل السعي‪ ،‬فعليه شاة‪ .‬وال تفسد عمرته وال يلزمه قضا ها‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ومننننن جننننامع ناسننننيا أو جنننناهال أو نائمننننا أو مكرهننننا كمننننن جننننامع عامنننندا فنننني الحكننننم السننننتواء‬
‫الكل في االرتفاي (االنتفاع)‪.‬‬

‫والجنايات في الطواف‪:‬‬

‫ومننننن طنننناف طننننواف القنننندوم محن ِ‬


‫ننندثا(من غيننننر ُوضننننوء) فعليننننه صنننندقة‪ .‬وكننننذا فنننني كننننل طننننواف‬
‫تطو خع‪ .‬وإن طافه جنبا فعليه شاة ِل ِغل ِ الجناية‪.‬‬

‫ومن طاف طواف الزيارة محدثا فعليه شاة‪ ،‬وإن طافه جنبا فعليه بدنة لغل الجناية‪.‬‬

‫واألفضنننل أن يعينننند الطننننواف طنننناهرا مننننا دام بمكننننة إلمكانننننه مننننن غيننننر عسننننر‪ ،‬وال ذبننننح عليننننه إن‬
‫أعاده‪.‬‬

‫ومنننن طننناف طنننواف الزينننارة محننندثا فعلينننه صننندقة‪ ،‬ألننننه دون طنننواف الزينننارة وإن كنننان واجبنننا‪،‬‬
‫كثير‪.‬‬ ‫وإن طافه جنبا فعليه شاة‪ ،‬ألنه نق‬

‫ومنننن تنننرك طنننواف الزينننارة وعننناد إلنننى بلنننده‪ ،‬بقننني ُمحرمنننا فننني حنننق النسننناء حتنننى يطوفهنننا‪ ،‬فكلمنننا‬
‫جامع لزمه دم‪ .‬إال أن يقصد رفض اإلحرام فال يلزمه بالثاني شيء‪.‬‬

‫ومن ترك طواف الصدر وعاد إلى بلده‪ ،‬فعليه شاة تذبح بالحرم‪ ،‬ألنه ترك الواجب‪.‬‬

‫والجناينننة فننني السنننعي‪ :‬ومنننن تنننرك السنننعي كلنننه أو أكثنننر أشنننواطه فعلينننه شننناة ألننننه واجنننب‪ ،‬فيلنننزم‬
‫الدم بترك الواجبات‪ ،‬دون الفساد‪.‬‬

‫والجنايات في الوقفات‪:‬‬

‫ومنننن أفننناض منننن عرفنننة قبنننل الغنننروب فعلينننه دم لتركنننه الواجنننب‪ ،‬إن عننناد قبنننل الغنننروب سنننق‬
‫الدم‪ ،‬ال بعده لفوات وقته‪.‬‬

‫ومنننن تنننرك الوقنننوف بالمزدلفنننة منننن الفجنننر إلنننى طلنننوع الشنننمس منننن غينننر عنننذر فعلينننه دم ألننننه‬
‫من الواجبات‪.‬‬

‫والجنايات في الجمرات‪:‬‬

‫تام ذاك اليوم‪.‬‬


‫ومن ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر فعليه دم ألنه نسك ّ‬
‫وإن ترك رمي يوم واحد (الثال ) فعليه دم ألنه نسك تام‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ومنننن تنننرك رمننني الجمنننار فننني األينننام كلهنننا فعلينننه دم واحننند‪ ،‬ألن الجننننس متحننند‪ .‬وإن أعننناد كلهنننا‬
‫علنننى الترتينننب قبنننل غنننروب الشنننمس فننني الينننوم الرابنننع فعلينننه دم واحننند للتنننأخير عنننند أبننني حنيفنننة‪ ،‬وال‬
‫شنننيء علينننه عنننندهما‪ ،‬ألن األينننام كلهنننا وقنننت لهنننا‪[ .‬قنننال علننني القننناري‪ " :‬والحاصنننل أن الرمننني موقنننت‬
‫عنننند أبننني حنيفنننة‪ ،‬وعنننندهما لنننيس بموقنننت‪ ،‬فنننإذا أخنننر رمننني ين خ‬
‫ننوم إلنننى ينننوم آخنننر‪ ،‬فعننننده يجنننب القضننناء‬
‫منننع الننندم‪ ،‬وعنننندهما يجنننب القضننناء الغينننر‪ ،‬ألن األينننام كلهنننا وقنننت لهنننا عنننندهما‪ .‬وأمنننا إذا خنننر وقتهنننا‬
‫فوجب دم أيضا عندهما لترك الرمي"‪ .‬إرشاد الساري‪ ،‬ص‪.]240:‬‬

‫الجنايات في الصيد‪:‬‬

‫دل علينننننه فعلينننننه الجنننننزاء‪ .‬ويسنننننتوي فننننني ذلنننننك العامننننند‬‫وإذا قتنننننل المحنننننرم صنننننيدا ِّبر ّينننننا‪ ،‬أو ّ‬
‫والمخطننننن والناسننننني إلحرامنننننه والمبتننننندأ والعائننننند‪ ،‬ألننننننه ضنننننمان إتنننننالف‪ ،‬فأشنننننبه غرامنننننات األمنننننوال‪.‬‬
‫والجنننزاء الواجنننب عنننند أبننني حنيفنننة أبننني يوسنننف‪ :‬أن ُيقن َّننوم الصنننيد فننني المكنننان النننذي ُقتنننل فينننه أو فننني‬
‫يقومه ذوا عدل‪ ،‬لهما بصارة في تقويم الصيد‪.‬‬
‫أقرب المواضع منه‪ّ .‬‬
‫المحنننرم مخينننر فننني تلنننك القيمنننة‪ :‬إن شننناء اشنننترى بهنننا هنننديا (شننناة منننثال) فذبحنننه بمكنننة إن‬
‫ثنننم ُ‬
‫بلغنننت قيمتنننه هنننديا وإن شننناء اشنننترى بهنننا قمحنننا فتصننندي بنننه أينننن شننناء فيعطننني لكنننل مسنننكين نصنننف‬
‫صاع من ُبر وإن شاء صام عن كل نصف صاع من ُب خر يوما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقال محمد‪ :‬يجب في الصيد نظيره فيما له نظير من عناي أو شاة أو بدنة‪.‬‬

‫وال بننننأس أن ينننننذبح المحنننننرم الشننننناة والبقنننننر والبعينننننر والننننندجا ‪ ،‬ألنهنننننا ليسنننننت بصنننننيود لعننننندم‬
‫التوحش‪.‬‬

‫مالحظنننة هامنننة‪ :‬وكنننل شنننيء فعلنننه القنننارن ممنننا ذكرننننا أن فينننه علنننى المفنننرد دمنننا‪ ،‬فعلينننه (القنننارن)‬
‫دمان‪ :‬دم لحجته ودم لعمرته‪ .‬وكذا الصدقة‪.‬‬

‫باب اإلحصار‪:‬‬

‫اإلحصار لغة‪ :‬المنع ‪ ،‬وشرعا‪ :‬منع المحرم عن أداء الركنين(الوقوف والطواف)‪.‬‬

‫ننل لنننه التحلنننل (الخنننرو منننن‬ ‫وإذا أ ُ ْحصنننر المحنننرم بعن ّ‬


‫نندو أو أصنننابه منننرض‪ ،‬أو هلكنننت نفقتنننه حن َّ‬
‫اإلحنننرام)‪ .‬فيبعنننف شننناة أو قيمتنننه إلنننى الحنننرم فتنننذبح فينننه‪ ،‬ثنننم يتحلنننل بغينننر حلنننق‪ ،‬ألننننه حصنننل بالنننذبح‪.‬‬
‫ْ‬
‫وقيل‪ :‬الحلق حسن‪ .‬وإن كان قارنا‪ ،‬بعف دمين‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫وال يجننننوز ذبننننح دم اإلحصننننار إال فنننني الحرم‪(.‬وعننننند بعننننض العلمنننناء جنننناز ذبحننننه فنننني محننننل‬
‫اإلحصار)‪.‬‬

‫والمحصننننر بننننالحج ولننننونفال‪ ،‬إذا تحلننننل ولننننم يحننننج مننننن عامننننه‪ ،‬فعليننننه حجننننة قضنننناء وعمننننر ٌة‪.‬‬
‫وعلنننى المحصنننر بنننالعمرة قضنننا ها‪ .‬وعلنننى القنننارن حجنننة وعمرتنننان‪ .‬ومنننن أحصنننر بمكنننة منننن الوقنننوف‬
‫والطواف‪ ،‬كان محصرا‪ ،‬ألنه تعذر عليه اإلتمام‪.‬‬

‫باب الفوات‪:‬‬

‫ومنننن أحنننرم بحنننج فرضنننا أو نفنننال ففاتنننه الوقنننوف بعرفنننة حتنننى طلنننع الفجنننرمن ينننوم النحنننر‪ ،‬فقننند‬
‫فاتنننه الحنننج لقولنننه ﷺ‪" :‬الحنننج عرفنننة"‪ ،‬ويجنننب علينننه أن يتحلنننل بأفعنننال العمنننرة‪ ،‬فيطنننوف ويسنننعى منننن‬
‫غير إحرام جديد لها‪ ،‬ويتحلل بالحلق أو التقصير‪ .‬ويقضي الحج من قابل‪ ،‬وال دم عليه‪.‬‬

‫والعمنننرة ال تفنننوت ألنهنننا غينننر موقتنننة بوقنننت‪ .‬وهننني جنننائزة فننني جمينننع السننننة‪ ،‬إال خمسنننة أينننام‪،‬‬
‫يكره فيها كراهة تحريم‪ :‬يوم عرفة‪ ،‬ويوم النحر‪ ،‬وأيام التشريق الثال ‪.‬‬

‫والعمننننرة سنننننة مؤكنننندة‪ .‬وهنننني عبننننارة عننننن اإلحننننرام والطننننواف والسننننعي والحلننننق أو التقصننننير‪.‬‬
‫فاإلحرام شرس‪ ،‬والطواف ركن‪ ،‬وغيرهما واجب‪.‬‬

‫باب اله ْدي‪:‬‬

‫ننننع ِم للتقننننرب‪ .‬وهننننو مننننن ثالثننننة أنننننواع‪ :‬مننننن اإلبننننل والبقننننر‬


‫وهننننو مننننا ُي ْهنننندى إلننننى الحننننرم مننننن الن َّ‬
‫الث ِنن ِني‪ .‬وهننو مننن اإلبننل مننا تننم لننه خمننس‬ ‫ف فنني األضننحية مننن‬
‫ف فنني ذلننك كلننه مننا ُي ْجننزِ ُ‬
‫وي ْجننزِ ُ‬
‫والغنننم‪ُ .‬‬
‫َّ ّ‬
‫سنين‪ ،‬ومن البقر سنتان‪ ،‬ومن الغنم سنة‪.‬‬

‫ف عننننن واحنننند إلننننى سننننبعة أنفننننس‪ ،‬إذا كننننان كننننل منننننهم يرينننند ال ُقربننننة ولننننو‬
‫واإلبننننل والبقننننرة ُت ْجننننزِ ُ‬
‫المتعننننة‪ ،‬وا‪،‬خننننر القننننران‪ ،‬وا‪،‬خننننر التطننننوع أو الجننننزاء‪ ،‬ألن‬
‫اختلننننف وجننننه القربننننة بننننأن أراد بعضننننهم ُ‬
‫المقصنننود بهنننا واحننند‪ ،‬وهنننو اهلل تعنننالى‪ .‬وإن أراد أحننندهم بنصنننيبه اللحنننم لنننم ُيجنننزف عنننن البننناقين عنننن‬
‫القربة‪ .‬و ينبغي أن ُيعتمد في ذلك على بيانه‪.‬‬

‫ويجننننوز األكننننل لصنننناحب الهنننندي مننننن هنننندي التطننننوع والمتعننننة والقننننران بمنزلننننة األضننننحية‪ .‬وال‬
‫يجوز األكل له من بقية الهدايا كدماء الكفارات والنذور وهدي اإلحصار والجنايات‪.‬‬

‫وال يجنننوز ذبنننح هننندي التطنننوع والمتعنننة والقنننران إال فننني ينننوم النحنننر (وأينننام التشنننريق)‪ .‬ويجنننوز‬
‫ذبح بقية الهدايا في أي وقت شاء‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫وال يجوز ذبح الهدايا مطلقا إال في الحرم‪ ،‬ألن الهدي اسم لما ُيهدى إلى الحرم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ويجوز أن يتصدي بها على مساكين الحرم وغيرهم‪.‬‬

‫كتاب البيوع‬
‫معناه‪ :‬البيع فى اللغة مبادلة ش بش ماال أو غيره‪ .‬وهو من األضداد فقوله‪" :‬ابتاع الدار" بمعنى‬
‫"اشتراها"‪ .‬وجمعه البيوع‪ .‬وشرعا‪ :‬مبادلة مال بمال بالتراضي‪.‬‬

‫مشروعيته‪ .‬البيع أمر مشروع لقوله تعالى‪" :‬وأحل اهلل البيع وحرم الربا" ولحاجة الناس إليه‪.‬‬

‫مايذكر أوال من كالم أحد‬


‫ركن عقد البيع‪ :‬وهو اإليجاب والقبول‪ .‬والينعقد إال بهما‪ .‬فاإليجاب‪ُ :‬‬
‫العاقدين‪ ،‬والقبول‪ :‬مايذكر ثانيا‪ ،‬سواء صدر من البائع أو من المشتري‪ .‬والمبادلة قدتكون بقول كما تكون‬
‫بفعل فق بأن باع أو اشترى شي ا دون قول‪ .‬وهو جائز أيضا‪ .‬ويسمى بيع المعاطاة أو بيع المراوضة (من‬
‫الرضى)‪.‬‬

‫لزوم البيع‪ :‬وإذا حصل اإليجاب والقبول لزم البيع وإن لم يقبض‪ ،‬بمعنى أنه الخيار لواحد منهما‬
‫في الفسخ ألن فيه إبطال حق ا‪،‬خر بعد اللزوم فاليجوز إال من عيب أو عدم ر ية كما سيأتى‪.‬‬

‫ومن شروس صحة عقد البيع‪:‬‬

‫أ – العقل‪ :‬ويشترس أن يكون العاقد عاقال فالينعقد بيع المجنون والصبي الذي اليعقل‪ ،‬ألن أهلية‬
‫المتصرف شرس النعقاد التصرف‪ ،‬واألهلية التثبت بدون العقل فاليثبت االنعقاد بدونه‪ .‬وأما البلوا فليس‬
‫بشرس‪ ،‬فلو باع الصبي العاقل مال نفسه ينقد موقوفا على إجازة وليه وعلى إجازة نفسه بعد البلوا‪.‬‬

‫ب ‪ -‬إتحاد المجلس‪ :‬وإذا أوجب أحد المتعاقدين البيع‪ -‬بائعا كان أو مشتريا‪ -‬فا‪،‬خر بالخيار‪:‬‬
‫إن شاء قبل في المجلس وإن شاء رده‪ .‬وللموجب الرجوع مالم يقبل ا‪،‬خر‪ ،‬ألنه ليس في رجوعه إبطال‬
‫اعتبر مجلس بلوا الكتاب وأداء الرسالة‪ .‬وأيهما‬ ‫حق الغير‪ .‬والكتاب كالخطاب‪ ،‬وكذلك اإلرسال حتى ُ‬
‫فاري المجلس – وإن لم يبتعد ‪ -‬قبل قبول ا‪،‬خر بطل اإليجاب‪ ،‬لقوله عليه السالم‪" :‬البيعان بالخيار مالم‬
‫ّ‬
‫يتفرقا"‪ .‬والتفري هنا محمول على تفري األقوال دون األبدان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫– أن يكون المعقود عليه موجودا‪ :‬فاليجوز بيع المعدوم وما له خطر المعدوم كبيع اللبن فى‬
‫الضرع الحتمال انتفاخ الضرع‪ .‬وكذا بيع الثمر والزرع قبل هوره ألنهما معدوم‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫متقوما‪ :‬أي أن يعتبره الشرع ماال فاليجوز بيع الخمر والخنزير ألنهما ليسا بمال‬
‫د – أن يكون المال ِّ‬
‫للمسلم شرعا‪.‬‬

‫س _ أن يكون المبيع مقدور التسليم‪ :‬فاليجوز بيع الطيور في الهواء والحيوان ا‪،‬بق في الغابة‪.‬‬

‫ل – ومن شروس صحة عقد البيع أن يكون المبيع والثمن معلوما‪ :‬ويشترس أن يكون المبيع وثمنه‬
‫معلوما علما يمنع المنازعة‪ .‬فإن كان أحدهما مجهوال جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع‪ .‬وإن كان‬
‫مجهوال جهالة التفضي إلى المنازعة اليفسد‪ ،‬ألن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من‬
‫التسليم والتس ّلم فاليحصل مقصود البيع‪ ،‬وإذا لم تكن مفضية إليها التمنع من ذلك فيحصل المقصود‬
‫(بدائع‪.)156/5:‬‬

‫األمثلة التطبيقية على ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬واألعواض المشار إليها من مبيع أو ثمن‪ ،‬اليحتا إلى معرفة مقدارها في جواز البيع النتفاء‬
‫الجهالة باإلشارة‪.‬‬
‫ومؤجل إذا كان األجل معلوما حيف اليفضي إلى المنازعة‪ .‬وإذا أطلق‬ ‫‪ -‬ويجوز البيع بثمن ّ خ‬
‫حال‬
‫ّ‬
‫الثمن كان على غالب نقد البلد‪ .‬وإن كانت النقود مختلفة فالبيع فاسد للجهالة‪ ،‬إال أن يبين أحدها في‬
‫ّ‬
‫المجلس فجاز الرتفاع الجهالة قبل تقرر الفساد‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز بيع الطعام (الحنطة) وجميع الحبوب مكايلة بمكيال معروف‪ ،‬ومجازفة (بال كيل وال وزن)‬
‫وبإناء بعينه اليعرف مقداره‪ ،‬وبوزن حجر بعينه اليعرف مقداره لعدم الجهالة‪.‬‬

‫‪ -‬ومن باع ُصبرة طعام‪ّ ،‬‬


‫كل قفيز بدرهم‪ ،‬جاز البيع فى قفيز واحد وبطل في الباقى عند أبي حنيفة‬
‫لتعذر الصرف إلى كلها لجهالة المبيع والثمن فيصرف إلى األقل وهو معلوم‪ ،‬إال أن تزول الجهالة بأن‬
‫تسمى جملة قفزانها‪ ،‬أو بالكيل فى المجلس‪ .‬وقاال‪ :‬يجوز فى الوجهين سواء ذكر أو لم يذكر إلمكان إزالة‬
‫الجهالة بالكيل بعد العقد‪.‬‬
‫‪ -‬ومن باع قطيع غنم‪ ،‬كل شاة بدرهم فالبيع فاسد في جميعها باالتفاي وإن ُعلم عددها بعد العقد‬
‫ولو فى المجلس على األصح‪ ،‬لما فيه من الجهالة وقت العقد‪ .‬والفري بين قفيز وشاة‪ :‬فإن باع شاة من‬
‫قطيع اليصح أصال للتفاوت بين الشياه‪ ،‬بخالف بيع قفيز من صبرة طعام فإنه يصح في قفيز واحد لعدم‬
‫التفاوت في حبات القمح‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬ومن اشترى صبرة طعام على أنها مائة قفيز بمائة درهم مثال فوجدها ّ‬
‫أقل‪ ،‬كان المشتري بالخيار‪:‬‬
‫إن شاء أخذ الموجود بحصته من الثمن وإن شاء فسخ البيع لتفري الصفقة عليه‪ .‬وإن وجدها أكثر من ذلك‬
‫فالزيادة للبائع‪ ،‬ألن البيع وقع على مقدار معين‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬واليجوز بيع ثمرة ُ‬
‫ويستثنى منها أرطال (مقدار) معلومة‪ ،‬ألن الباقي بعد االستثناء مجهول‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز بيع الحنطة بانفرادها في سنبلها والباقالء في قشرها مع ما فيها من جهالة‪ ،‬للعرف‪.‬‬

‫ما يدخل في البيع وما ال يدخل‪:‬‬

‫واألصل فى ذلك‪" :‬أن كل ما كان اسم المبيع متناوال له عرفا أو كان متصال به اتصال قرار‪ ،‬دخل‬
‫فيه من غير ذكر"‪ .‬واألمثلة على ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬من باع بناء دخلت عرصته في البيع وإن لم يسمها‪ ،‬ألن اسم البناء يتناولها عرفا‪ ،‬وهي متصلة به‬
‫اتصال قرار فتدخل تبعا له‪.‬‬
‫‪ -‬ومن باع أرضا دخلت أشجارها في البيع وإن لم يسمها ألنها متصلة باألرض اتصال قرار ال‬
‫لفصل‪ ،‬واليدخل الزرع إال بالتسمية‪ ،‬ألنه متصل بها للفصل‪ ،‬وله غاية ينتهي إليها بخالف األول‪.‬‬
‫‪ -‬ومن باع شجرة‪ ،‬التدخل ثمرتها في البيع ألن االتصال وإن كان خلقة لكنها للقطع ال للبقاء‪ .‬إال‬
‫أن يشترطها المشتري فحين ذ تدخل في المبيع‪.‬‬
‫‪ -‬ومن باع بيتا دخل في البيع مفاتيح أغالقها‪ ،‬ألن األغالي يدخل فيه لإلتصال‪ ،‬والينتفع بها دون‬
‫المفاتيح‪.‬‬

‫تكاليف تسليم المبيع والثمن‪:‬‬

‫واألصل فيه أن كل ما يتعلق بتسليم المبيع فهو على البائع وكل ما يتعلق بتسليم الثمن فهو على‬
‫المشتري‪ ،‬إال أن يشترطا غيره‪ .‬وعلى هذا‪:‬‬

‫فالبد منه للتسليم‪ ،‬وهو على البائع‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وعده على البائع‪ ،‬إلنه‬
‫‪ -‬أجرة كيل المبيع ووزنه ّ‬
‫‪ -‬وأجرة نقد الثمن‪ :‬قيل على البائع ألن النقد يكون بعد التسليم‪ ،‬وقيل‪ :‬على المشتري ألنه يحتا‬
‫المقدر‪ ،‬والجودة تعرف بالنقد كما يعرف القدر بالوزن فيكون عليه‪ (.‬النقد هو عمل‬ ‫ّ‬ ‫إلى تسليم الجيد‬
‫عد الفلوس‪ .‬الناقد هو الذي يميز ما بين‬
‫العملة الذهبية أو الفضية‪ ،‬وليس المراد به ّ‬
‫الصراف ليعرف جودة ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صحيح العملة وغير صحيحها‪ ،‬معدنية كانت أو ورقية)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪58‬‬
‫‪ -‬وأجرة وزن الثمن على المشتري لما بي ّناه أنه هو المحتا إلى تسليم الثمن‪ ،‬والتسليم اليتحقق‬
‫ّ‬
‫إال بالوزن‪( .‬فعلى هذا‪ :‬كانت أجرة حوالة الثمن على المشتري في هذا الزمن)‪.‬‬

‫من يس ِّلم ّأوال؟‬


‫ْ‬
‫حال‪ ،‬قيل للمشتري ادفع الثمن أوال‪ ،‬فإذا دفع الثمن قيل للبائع‪ :‬س ِّلم المبيع‪.‬‬
‫ومن باع سلعة بثمن ّ‬
‫ألن حق المشتري تعين فى المبيع فيتقدم دفع الثمن ليتعين حق البائع بالقبض‪ .‬فإذا دفع المشتري الثمن‬
‫ّ‬
‫قيل للبائع‪ :‬س ِّلم المبيع ألنه ملك الثمن بالقبض فلزمه تسليم المبيع‪.‬‬

‫ومن باع سلعة بسلعة أو ثمنا بثمن قيل لهما‪ :‬س ِّلما معا الستوائهما فى التعيين‪.‬‬

‫معنى التسليم‪:‬‬

‫والتسليم يكون بالتخلية على وجه يتمكن من القبض بال مانع وال حائل ألن التخلية قبض حكما‬
‫إن كان على وجه يقدر على قبضه حقيقة بال كلفة‪.‬‬

‫باب خيار الشرس‬

‫معناه ومشروعيته‪:‬‬

‫لحبان بن‬ ‫خ‬


‫شرس من العاقد‪ .‬وهو مشروع لقوله عليه السالم ِ‬ ‫وهو االختيار للفسخ أو اإلجازة بسبب‬
‫ّ‬
‫منقذ وكان يخدع في البياعات‪" :‬إذا ابتعت فقل ال خالبة‪ِ ،‬‬
‫ولي الخيار ثالثة أيام"(السنن الكبرى‬ ‫ُ‬
‫بعت أو‬
‫للبيهقى‪ .)273/5:‬وهو جائز في البيع للبائع وحده وللمشتري وحده ولهما معا ولغيرهما بأن قال‪ُ :‬‬
‫اشتريت إن رضي فالن‪.‬‬
‫ُ‬

‫مدته‪ :‬وهي ثالثة أيام فما دونها‪ ،‬واليجوز أكثر من ذلك عند أبي حنيفة لحديف حبان السابق‪.‬‬
‫للتروي ليندفع به الغبن‪ ،‬وقد تمس‬
‫ّ‬ ‫سميا مدة معلومة‪ ،‬ألنه شرع للحاجة‬
‫وعندهما يجوز أكثر من ذلك إذا ّ‬
‫ْ‬
‫الحاجة إلى األكثر‪ ،‬فصار كالتأجيل في الثمن‪.‬‬

‫ُم ْل ُك المبيع فى مدة الخيار‪ :‬ولو اشترى ثالجة بالخيار وتس ّلمها ثم تركها عند البائع ليحفظها فتلفت‬
‫فهل هي هلكت على ملك البائع أو على ملك المشتري؟ فيه حالتان‪:‬‬

‫‪59‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬إن كان الخيار لهما معا‪ .‬بقي المبيع في ملك البائع اتفاقا‪ .‬فإذا هلك في يد البائع‬
‫قبل قبض المشتري‪ ،‬انفسخ البيع وال ش عليه‪ .‬وإن قبضه وهلك في يده في مدة الخيار‪ ،‬وأراد البائع أن‬
‫يفسخ العقد‪ ،‬ضمنه المشتري بالقيمة ال بالثمن‪ ،‬ألنه أتلف مال الغير‪ ،‬وفي اإلتالف وجبت القيمة‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬إن كان الخيار للمشتري فق ‪ .‬يخر المبيع من ملك البائع اتفاقا‪ .‬وهل يدخل في‬
‫ملك المشتري؟ قال أبو يوسف ومحمد‪ :‬يدخل في ملكه ألنه لما خر من ملك البائع‪ ،‬فلو لم يدخل في‬
‫ملك المشتري‪ ،‬بقي المال بالمالك وال عهد لنا به في الشرع‪ .‬وإن هلك في يده سق خياره ألنه عجز عن‬
‫رد المبيع فلزمه ثمنه‪.‬‬

‫وقال أبو حنيفة‪ :‬خر المبيع من ملك البائع ولم يدخل في ملك المشتري‪ ،‬ألنه لو قلنا بأن المبيع‬
‫دخل في ملكه الجتمع البدالن في ملك رجل واحد حكما‪ :‬ملك المبيع وملك الثمن‪ ،‬فال أصل له في‬
‫الشرع ألن المعاوضة تقتضي المساواة‪ ،‬وعقد البيع عقد معاوضة‪.‬‬

‫وثمرة الخالف تظهر في عشرة مسائل‪ ،‬منها‪ :‬لو قبضه المشتري ثم أودعه عند البائع(تركه عنده‬
‫ليحفظه)فهلك‪ ،‬فهو على البائع عند اإلمام وال ش على المشتري‪ .‬ألنه رفع القبض بإعادته قبل أن يدخل‬
‫في ملكه‪ ،‬فهلك في ملك البائع‪ ،‬وهالك المبيع يبطل البيع‪ .‬وعندهما يهلك على المشتري ويلزمه الثمن‬
‫ألنه دخل في ملك المشتري فتركه عند البائع وديعة فالوديعة أمانة واألمانة التضمن‪.‬‬

‫ما حكم خيار الشرس؟‬

‫ومن ُشرس له الخيار فله أن يفسخ العقد فى مدة الخيار وأن يجيزه‪ ،‬ألن هذا هو فائدة الخيار‪ .‬فإن‬
‫ْ‬
‫أجازه بغير علم صاحبه جاز إجماعا ألنه إسقاس لحقه فاليتوقف على علم ا‪،‬خر كالطالي‪ .‬وإن فسخه لم‬
‫يجز إال بعلم ا‪،‬خر‪ ،‬ألن الفسخ تصرف فى حق ا‪،‬خر وهذا اليجوز بدون علمه‪.‬‬

‫متى يبطل؟‬

‫وإذا مات من له الخيار بطل خياره وتم البيع من جهته‪ ،‬ولم ينتقل إلى ورثته ألن االختيار ليس إال‬
‫فيما يقبل االنتقال‪.‬‬ ‫مشي ة وإرادة فاليتصور انتقاله‪ ،‬واالر‬

‫‪60‬‬
‫باب خيار الر ية‬

‫روي عن مكحول مرسال عن النبى عليه السالم أنه قال‪" :‬من اشترى شي ا لم يره فهو بالخيار إذا‬
‫رآه"‪ .‬وأخذ به الحنفية وقالوا‪ :‬من اشترى شي ا لم يره فالبيع جائز‪ ،‬وله الخيار إذا رآه‪ ،‬إن شاء أخذه وإن‬
‫شاء رده‪.‬‬

‫والمراد بالر ية‪ :‬حصول المعرفة بالمبيع معرفة تزيل الجهالة فيه‪ .‬وهو يختلف باختالف المال فقد‬
‫تحصل المعرفة بالر ية بالعين كالحيوان أو بالشم كالطيب أو بالذوي كالعسل أو بالتشغيل كا‪،‬الت‬
‫الكهربائية‪ .‬ور ية النموذ كر ية الكل إن لم يختلف‪ .‬ور ية الوكيل كر ية الموكل‪.‬‬

‫مدته‪ :‬وهو غير مؤ ّقت‪ ،‬بل يبقى إلى أن يوجد ما يبطله‪ .‬وهو حصول المعرفة في المبيع‪ ،‬فإذا‬
‫حصلت سق خياره‪.‬‬

‫فاليثبت لغير المشتري‪.‬‬ ‫خيار الر ية للبائع‪ :‬ومن باع ما لم يره فالخيار له ألنه مع ّلق بالشراء بالن‬

‫ر ية األعمى‪ :‬بيع األعمى وشرا ه جائز‪ ،‬وله الخيار إذا اشترى ألنه اشترى ما لم يره‪ .‬ويسق‬
‫يشمه إذا كان يعرف‬
‫يج ّس المبيع إذا كان يعرف بالجس‪ ،‬أو ّ‬ ‫خياره بمايفيد العلم بالمقصود‪ .‬وذلك بأن ُ‬
‫بالشم‪ ،‬أو يذوقه إذا كان يعرف بالذوي‪ .‬ألن هذه األعمال تفيد العلم بالمقصود فكانت في حقه بمنزلة‬
‫ّ‬
‫الر ية‪ .‬وال يسق خياره في العقار حتى يوصف له‪ ،‬ألن الوصف يقام مقام الر ية كما في السلم‪.‬‬

‫وهل ينتقل حق الخيار؟ ومن مات بطل خياره ولم ينتقل إلى ورثته كخيار الشرس‪.‬‬

‫بيع الفضولي‪ :‬ومن باع مال غيره بغير أمره فالبيع موقوف على إجازة مالكه‪ ،‬فإن أجازه فالبيع‬
‫ولكل من المشتري والفضولي أن يفسخ العقد قبل أن يجيز المالك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صحيح وإال فال‪.‬‬

‫باب خيار العيب‬

‫معناه‪ :‬ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب‪.‬‬

‫حكمه‪ :‬ثبوت حق الرد بسبب العيب‪ .‬وال حاجة إلى اشتراطه ألن مطلق العقد يقتضي سالمة المبيع‬
‫من العيوب‪ ،‬فعند فوته يثبت له الخيار كي اليتضرر بلزوم ما اليرضى‪ .‬وإذا اطلع المشتري على عيب في‬
‫المبيع فهو بالخيار‪ :‬إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رده‪ ،‬وليس له إن ي ِ‬
‫مسكه ويأخذ النقصان‪ ،‬ألن‬‫ُ‬
‫في المبيع وصف واألوصاف اليقابلها ش من الثمن(أي‪ :‬اليمكن معرفة نسبة النقصان من الثمن)‪.‬‬ ‫النق‬

‫‪61‬‬
‫شروس ثبوت خيار العيب اثنان‪ :‬أن يكون العيب قديما كان عند البائع‪ ،‬وأن لم يره المشتري عند‬
‫البيع وال عند القبض‪ ،‬فإن رآه فال خيار له ألنه رضي به‪.‬‬

‫ما يمنع الرد‪:‬‬

‫عند المشتري عيب فى المبيع ثم اطلع على عيب كان عند البائع فله‬ ‫عيب‪ :‬وإذا حد‬ ‫‪ -‬حدو‬
‫أن يرجع بنقصان العيب‪ ،‬واليرد المبيع ألنه خر من ملك البائع بعيب واحد ويعود إليه بعيبين‪ ،‬وفيه إضرار‬
‫به فتعين الرجوع بالنقصان‪ .‬إال أن يرضى البائع أن يأخذه بعيبه ألنه حين ذ أسق حقه‪ .‬مثال ذلك‪ :‬ولو قطع‬
‫ّ‬
‫المشتري القمال أو الخشب فوجد به عيبا‪ ،‬رجع بالعيب على البائع المتناع الرد بالقطع‪ ،‬إال أن يقبله البائع‪.‬‬
‫‪ -‬حصول زيادة‪ :‬وإذا اشترى سيارة وصبغها ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه المتناع الرد بالزيادة‪.‬‬
‫‪ -‬تصرف يدل على الرضا‪ :‬ومن اشترى فرسا فوجد به عيبا واستمر ركوبه امتنع الرد لتصرفه تصرف‬
‫ّ‬
‫المالك‪.‬‬

‫شرس البراءة من العيوب‪ :‬وإذا شرس البائع البراءة من كل عيب فقبله المشتري فليس له أن يرده‬
‫بعيب مطلقا‪ ،‬سواء كان العيب موجودا وقت العقد أو حد بعده قبل القبض‪ ،‬وإن لم يسم جملة العيوب‬
‫ّ‬
‫يعدها‪ ،‬ألن البراءة عن الحقوي المجهولة صحيح لعدم إفضائها إلى المنازعة‪.‬‬
‫ولم ّ‬

‫باب البيع الفاسد‬

‫المراد بالفاسد‪ :‬الممنوع‪ ،‬فيعم الباطل والمكروه‪ .‬فالباطل‪ :‬ما اليكون مشروعا بأصله ووصفه كبيع‬
‫الخمر والخنزير‪ ،‬والفاسد‪ :‬ما يكون مشروعا بأصله دون وصفه كالبيع بدون بيان الثمن‪ ،‬والمكروه‪ :‬ما يكون‬
‫مشروعا بأصله ووصفه لكن جاوره شيء آخر منهي عنه كالبيع في وقت الجمعة‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ :‬إذا كان أحد العوضين أو كالهما غير متقوم أو غير مملوك فالبيع باطل‪ .‬وإذا كان‬
‫أحد العوضين مجهوال أو غير مقدور التسليم فهو فاسد‪.‬‬

‫األمثلة‪:‬‬

‫أ – األمثلة على البيوع الباطلة وحكمها‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا كان أحد العوضين أو كالهما محرما (يحرم االنتفاع به شرعا) فالبيع باطل كالميتة والدم‬
‫ّ‬
‫تعد ماال في الشرع‪.‬‬
‫والخمر ولحم الخنزير‪ ،‬النعدام ركن البيع وهو مبادلة المال بالمال‪ ،‬فإن هذه األشياء ال ّ‬
‫‪ -‬وكذا إذا كان المبيع غير مملوك ألحد فالبيع باطل كاإلنسان الحر‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬ومن جمع بين حالل وحرام كمن باع حرا وعبدا‪ ،‬أو شاة ذكية وميتة‪ ،‬أو لحم بقرة و حمار‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫سمي ثمن كل واحد منهما‬‫ّ‬ ‫لو‬ ‫حنيفة‬ ‫عصير وخمر بثمن واحد فالبيع باطل فيهما باإلجماع‪ .‬و كذا عند أبي‬
‫وقاال‪ :‬جاز في الحالل وبطل في الحرام‪.‬‬

‫حكم الباطل‪ :‬اليفيد الحكم فاليملك المشتري المبيع وال البائع الثمن‪ ،‬فإذا خاصمه لدى القضاء‬
‫لم يسمعه القاضي‪.‬‬

‫ب ‪ -‬األمثلة على البيوع الفاسدة وحكمها‪:‬‬

‫‪ -‬بيع السمك فى الماء والطير في الهواء فاسد‪ ،‬للعجز عن التسليم‪ .‬وإن مسكه وس ّلمه جاز‪.‬‬
‫‪ -‬بيع الحمل في بطن الحيوان باطل لعدم تحقق وجوده عند العقد‪.‬‬
‫انتفاخ ال لبن‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬بيع اللبن في الضرع فاسد للغرر ألنه عساه‬
‫‪ -‬بيع الصوف على هر الغنم فاسد لجهالة موضع القطع فيقع التنازع فيه‪.‬‬
‫‪ ،‬وهو ما يخر من الصيد بضرب الشبك ألنه مجهول‪.‬‬ ‫‪ -‬واليصح بيع ضربة القان‬
‫‪ -‬واليجوز بيع المزابنة والمحاقلة لنهيه عليه السالم عنهما‪ .‬والمزابنة‪ :‬بيع الرطب بالتمر خرصا‪.‬‬
‫خ‬
‫بحنطة مثل كيلها خرصا‪.‬‬ ‫والمحاقلة‪ :‬بيع الحنطة في سنبلها‬
‫‪ -‬واليجوز بيع المنابذة والمالمسة وبإلقاء الحجر‪ :‬وهذه بيوع كانت في الجاهلية وهو أن يتساوم‬
‫الرجالن على سلعة فإذا لمسها المشتري أو نبذها إليه البائع أو وضع المشتري عليها حصاة لزم البيع‪،‬‬
‫فاألول بيع المالمسة والثاني المنابذة والثالف إلقاء الحجر‪ .‬وقد صح عن النبي عليه السالم أنه نهى عن بيع‬
‫المالمسة والمنابذة (رواه البخارى)‪ ،‬وألن فيه تعليق البيع بالخطر فكأنه قال البائع‪" :‬أي ثوب لمسته‪ ،‬أو‬
‫نبذته عليك فقد بعته منك" فأشبه القمار‪.‬‬
‫ألقيت عليه حجرا‪ ،‬أو ُ‬
‫‪ -‬واليجوز بيع ثوب من ثوبين لجهالة المبيع‪ ،‬إال أن يقول‪ :‬على أنه بالخيار أن يأخذ ّأيهما شاء‪،‬‬
‫فجاز البيع استحسانا‪.‬‬
‫‪ -‬بيع وشرس‪ :‬وكل شرس يقتضيه العقد ‪-‬كشرس الملك للمشتري‪ ،-‬اليفسد العقد لثبوته بدون‬
‫الشرس‪ .‬وكل شرس اليقتضيه العقد وفيه منفعة ألحد المتعاقدين كأن يشترس البائع على المشتري أن اليبيع‬
‫يؤجره للبائع‪ ،‬أو أن يشتري منه البائع‪ ،‬أو أن يهديه‬
‫المبيع أو يقرضه قرضا أو أن يستعمله كذا مدة‪ ،‬أو أن ّ‬
‫المشتري هدية‪ ،‬فسد العقد لنهيه عليه السالم "عن بيع وشرس"‪ ،‬وألن فيه زيادة عارية عن العوض فيؤدي‬
‫إلى الربا‪ ،‬أو ألنه يقع بسببه المنازعة فيعرى العقد عن مقصوده‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬البيع إلى أجل مجهول ‪-‬كوقت الدياس والحصاد ‪ -‬فاسد لجهالة األجل‪ ،‬فإن و ّقتاه قبل حلول‬
‫األجل جاز البيع وانقلب صحيحا‪.‬‬

‫حكم البيع الفاسد‪ :‬ويترتب عليه ثالثة أمور‪:‬‬

‫األول‪ :‬ولكل واحد منهما فسخه‪.‬‬

‫رده على البائع‪ ،‬وإن كان مستهلكا أو هالكا أو‬


‫والثاني‪ :‬وبعد الفسخ ينظر فيه‪ :‬فإن كان المبيع قائما ّ‬
‫تعذر رده‪ ،‬لزمته قيمته دون ثمنه ألنه إذا فسد البيع لزمت قيمة المبيع الثمنه‪ .‬ثم إن قيمته يوم قبضه عندهما‬
‫لدخوله في ضمانه يوم ذ‪ ،‬ويوم الهالك أو يوم االستهالك عند محمد‪.‬‬

‫والثالف‪ :‬وإذا قبضه المشتري ملكه‪ ،‬فإن باعه بعد ذلك نفذ بيعه وامتنع فسخ العقد لتعلق حق الغير‬
‫به‪.‬‬

‫‪ -‬األمثلة على البيوع المكروهة وحكمها‪:‬‬

‫‪ -‬بيع النجش‪ ،‬وهو أن يزيد فى الثمن لير ّغب غيره في الشراء واليريده‪ ،‬ويكره ذلك لنهيه عنه عليه‬
‫السالم‪.‬‬
‫سوم غيره لنهيه عنه عليه السالم أيضا ولما فيه من اإلضرار‪ .‬وهذا بعد أن اتفقا على‬ ‫‪ْ -‬‬
‫السوم على ْ‬
‫الثمن‪ ،‬وأما قبله فال بأس به‪ ،‬ألنه بيع من يزيد (المزايدة) فهو جائز‪.‬‬
‫البدوي قبل وصوله إلى سوي البلد ويخبره‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬تل ّقى الجلب أو الركبان‪ :‬وهو أن يستقبل الحضري‬
‫بكساد ما معه كذبا ليشتري منه سلعته بالو ْكس وأقل من ثمن المثل(النهاية البن األثير)‪ .‬وهومكروه لنهيه‬
‫عليه السالم ولما فيه من تغرير محرم‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬والبيع عند أذان الجمعة مكروه أيضا‪ ،‬وقد ُخ ّ منه من الجمعة عليه فيجوز مبايعة النساء ونحوها‬
‫ممن الجمعة عليه‪.‬‬

‫حكم البياعات المكروهة‪:‬‬

‫وكلها مكروهة تحريما لصريح النهي‪ ،‬واليفسد به العقد فيجب الثمن ال القيمة‪ ،‬ويثبت الملك قبل‬
‫القبض‪ ،‬ألن النهي ورد لمعنى خار خ عن صلب العقد ال لمعنى فيه وال في شرائ الصحة‪ ،‬فأوجب الكراهة‬
‫ال الفساد‪.‬‬

‫والمراد بما في صلب العقد‪ :‬البدل والمبدل‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫باب اإلقالة‬

‫معناها ومشروعيتها‪ :‬وهي رفع العقد‪ .‬وهي أمر مر ّغب فيه لقوله عليه السالم‪" :‬من أقال نادما أقال‬
‫اهلل عثرته يوم القيامة"‪.‬‬

‫أقل منه أو‬


‫حكمها‪ :‬وهي جائزة في البيع للبائع والمشتري بمثل الثمن األول‪ ،‬فإن شرس أحدهما ّ‬
‫ويرد المبيع بمثل الثمن األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أكثر أو شي ا آخر أو أجال فالشرس باطل‪ ،‬واإلقالة باقية‬

‫وهل هي فسخ أم بيع؟‪ :‬وهي فسخ في حق المتعاقدين‪ ،‬وبيع جديد في حق غيرهما عند أبي حنيفة‪.‬‬
‫وعند أبي يوسف بيع فى حق الكل‪ ،‬وعند محمد فسخ في حق الكل‪ .‬وتظهر ثمرة الخالف في مسألة‬
‫الشفعة‪ ،‬فإن قيل فسخ التثبت الشفعة في المبيع الذي ُيرد باإلقالة وإن قيل بيع ثبتت‪.‬‬

‫ما يمنع اإلقالة وما اليمنع‪ :‬وهالك الثمن اليمنع صحة اإلقالة‪ ،‬وهالك المبيع يمنعها‪ .‬فإن هلك‬
‫بعض المبيع جازت اإلقالة في الباقي‪.‬‬

‫باب المرابحة والتولية‬

‫معناهما‪:‬‬

‫والمرابحة‪ :‬نقل ما ملكه بالعقد األول مع زيادة ربح‪ ،‬والتولية‪ :‬من غير زيادة ربح وال نقصان‪.‬‬

‫ومن أحكامهما‪:‬‬

‫والتصح المرابحة وال التولية حتى يكون العوض مما له مثل كالمكيالت أوالموزونات أو الدراهم‬
‫ألن وجود الربح وعدمه اليعرف إال إذا عرف رأس المال‪.‬‬
‫القصار والصباا والفتل والنقل‪ .‬وكل شيء يزيد في عين‬
‫ويجوز أن يضيف على رأس المال أجرة ّ‬
‫ّ‬
‫المبيع أو في قيمته أ ُلحق به‪ ،‬ألن العرف جارخ بإلحاي هذه األشياء على رأس المال في عادة التجار‪.‬‬
‫ثم يقول البائع‪ :‬قام علي بكذا‪ ،‬واليقول‪ :‬اشتريته بكذا كي اليكذب ‪ .‬فإن اطّلع المشتري بعد ذلك‬
‫ّ‬
‫المسمى وإن شاء‬
‫ّ‬ ‫الثمن‬ ‫بجميع‬ ‫أخذه‬ ‫شاء‬ ‫إن‬ ‫حنيفة‪،‬‬ ‫أبي‬ ‫عند‬ ‫بالخيار‬ ‫هو‬ ‫ف‬ ‫المرابحة‬ ‫على كذب في‬
‫فسخ لفوات الرضا‪ .‬وأما في التولية فله أن يسق الزيادة‪.‬‬

‫وقال أبو يوسف‪ :‬ي ِ‬


‫سق فيهما ألن األصل كون البيع تولية ومرابحة فعاد إلى األصل عند هور‬ ‫ُ‬
‫الكذب‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫وقال محمد‪ :‬الي ِ‬
‫سق فيهما ألن االعتبار بالتسمية لكونها معلوما‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والفري بين البيع المطلق وبين المرابحة والتولية‪ :‬أن مقدار الربح مذكور فيهما دون البيع المطلق‪.‬‬

‫حكم التصرف في المبيع والثمن قبل القبض‪:‬‬

‫حول‪ ،‬لم يجز له بيعه حتى يقبضه باالتفاي‪ ،‬للحديف‪" :‬التبع ما ليس‬
‫وي ّ‬
‫مماينقل ُ‬
‫ُ‬ ‫ومن اشترى شي ا‬
‫عندك"‪ ،‬و ألن فيه غرر انفساخ العقد على اعتبار الهالك‪ .‬وأما العقار فكذا عند محمد إلطالي‬
‫الحديف‪ .‬وقاال‪ :‬يجوز فيه ألن ركن البيع صدر من أهله في محله‪ ،‬وال غرر فيه ألن الهالك في‬
‫العقار نادر بخالف المنقول‪ .‬والحديف محمول على غرر انفساخ العقد‪.‬‬
‫والتصرف في الثمن قبل القبض جائز ألنه ليس فيه غرر االنفساخ بالهالك لعدم تعين الثمن بالتعيين‬
‫ّ‬
‫بخالف المبيع‪.‬‬
‫الزيادة في الثمن والمبيع‪ :‬ويجوز للمشتري أن يزيد في الثمن في مجلس العقد وبعده‪ ،‬بشرس قبول‬
‫البائع‪ .‬ويجوز للبائع أن يزيد في المبيع بشرس قبول المشتري‪ ،‬ويلزمه دفعها إليه‪ .‬ويجوز له أيضا ّأن‬
‫ي ُح ّ من الثمن ولو بعد قبضه‪ .‬والزيادة والح ّ يلتحقان بأصل العقد عند الثالثة‪ .‬وعند زفر‪:‬‬
‫اليلتحقان فتكون هبة مبتدأة‪ :‬فإن قبضها صحت وإال بطلت‪.‬‬

‫وثمرة الخالف تظهر في المثال ا‪،‬تي‪ :‬ولو اشترى عشر كيلو من سكر بعشر ليرات‪ ،‬وزاد البائع‬
‫كيلووين‪ ،‬ثم انفسخ العقد‪ ،‬فالزيادة للمشتري عند زفر لكونها هبة مستقلة ال عالقة لها بالمبيع‪ ،‬وعندهم‬
‫للبائع اللتحاقها بأصل العقد‪.‬‬

‫أجله أجال معلوما صار مؤجال‪.‬‬


‫حال ثم ّ‬
‫ومن باع بثمن ّ‬
‫أجله صاحبه وقبِل المديون‪ ،‬صار مؤجال ألنه حقه فله أن يؤخره تيسيرا على من‬
‫حال إذا ّ‬
‫وكل دين ّ‬
‫فاليجبر المستقرِ ض‬
‫عليه الدين‪ .‬إال القرض فإن التأجيل فيه ال يصح‪ ،‬ألنه إعارةٌ وصل ٌة في االبتداء‪ُ ،‬‬
‫على رعاية األجل قضاء وإن لزمته ِدينا‪.‬‬

‫باب الربا‬

‫ويثنى‪ :‬ربوان‪ ،‬والنسبة‪ :‬رِ ّ‬


‫بوي‪ .‬معناه لغة‪ :‬الزيادة مطلقا‪،‬‬ ‫الربا‪ :‬بكسر الراء‪ ،‬مقصور على األشهر‪ّ ،‬‬
‫فضل خ‬
‫خال عن عوض بمعيار شرعي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وشرعا‪:‬‬
‫ّ‬
‫أنواعه‪ :‬وهو نوعان‪ ،‬ربا الفضل وربا النسي ة‪ .‬وإليك بيانه‪:‬‬

‫‪66‬‬
‫وإذا بيع البر بالبر أو الذهب بالذهب يشترس فيه أمران لجواز البيع‪ِ :‬مثال بمثل‪ ،‬فإذا زاد أحدهما كان‬
‫ُّ‬
‫ربا الفضل‪ ،‬ويدا بيد فإذا كان أحدهما مؤجال – ولو مثال بمثل‪ -‬كان ربا النسي ة‪ .‬وربا النسي ة هو ما كان‬
‫الناس يتعاملون به فى الجاهلية‪ ،‬فكان كلما زاد األجل في الدين زاد الربا‪.‬‬

‫اليعدونه ربا‪ ،‬وجاء اإلسالم فاعتبره ربا وحرمه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وأما ربا الفضل فكانوا‬
‫ّ‬
‫وإذا بيع البر بالشعير أو الذهب بالفضة يشترس فيه أمر واحد لجواز البيع‪ :‬يدا بيد‪ ،‬فإذا كان أحدهما‬
‫مؤجال كان ربا النسي ة فاليجوز لكون العوضين ممايباع بالكيل في البر والشعير‪ ،‬وبالوزن في الذهب‬
‫والفضة‪ ،‬وتجوز الزيادة الختالف جنس العوضين‪.‬‬

‫واألصل فيه قوله عليه السالم‪" :‬الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر‬
‫ُّ‬
‫بالتمر والملح بالملح‪ ،‬مثال بمثل ‪ ،‬يدا بيد‪ ،‬فمن زاد أو استزاد فقد أربى‪ ،‬ا‪،‬خذ والمعطى فيه سواء‪ .‬فإذا‬
‫بوية"‪.‬‬
‫اختلفت هذه األصناف فبيعوا كيف ش تم إذا كان يدا بيد"‪ .‬وتُسمى هذه األشياء "األشياء الستة الر ّ‬
‫والعلة فيها‪ :‬القدر مع الجنس‪ .‬والمراد بالقدر‪ :‬الوزن في الذهب والفضة‪ ،‬والكيل فى البر والشعير والتمر‬
‫وكل ما يباع بالوزن أو بالكيل ُيلحق بها بالقياس‪.‬‬
‫والملح‪ّ .‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫حل التفاضل والنساء‪ ،‬كالبر بالثوب‪.‬‬


‫‪ -‬وإذا ع ُدم الوصفان (الكيل أو الوزن مع الجنس) ّ‬
‫‪ -‬وإذا وجد الوصفان حرم التفاضل والنساء‪ ،‬كالبر بالبر والذهب بالذهب‪.‬‬
‫حل التفاضل وحرم النساء‪،‬‬
‫‪ -‬وإذا وجد أحدهما (أي‪ :‬القدر وحده إو الجنس وحده) وعدم ا‪،‬خر ّ‬
‫ُ‬
‫كالبر بالشعير‪.‬‬

‫وال فري في ذلك بين أن يكون أحد العوضين جيدا وا‪،‬خر ردي ا‪ ،‬لما رواه الشيخان عن أبي سعيد‬
‫ّ‬
‫كل‬
‫جنيب(جيد)‪ ،‬فقال‪" :‬أ ّ‬
‫خ‬ ‫وعن أبي هريرة أن رسول اهلل عليه السالم استعمل رجال على خيبر فجاءه بتمرخ‬
‫تمر خيبر هكذا؟"‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين‪ ،‬والصاعين بالثال ‪ .‬فقال‪" :‬التفعل! ِبع‬
‫ابتع بالدراهم جنيبا"‪.‬‬
‫الجمع(الرديء) بالدراهم ثم ْ‬
‫وما هي المكيالت والموزونات؟‬

‫رسول اهلل على تحريم التفاضل فيه كيال‪ ،‬فهو مكيل أبدا وإن ترك‬ ‫قال أبوحنيفة‪ :‬وكل شيء ن‬
‫أقوى من العرف‪ ،‬واألقوى اليترك باألدنى‪.‬‬ ‫الناس الكيل فيه‪ ،‬مثل البر والشعير والتمر والملح‪ ،‬ألن الن‬

‫‪67‬‬
‫فلو بيع شي من هذه األربعة بجنسها متساويا وزنا‪ ،‬اليجوز وإن ُت ُعورِ ف ذلك لعدم تحقق المساواة فيما‬
‫هو مقدر فيه‪.‬‬

‫رسول اهلل على تحريم التفاضل فيه وزنا فهو موزون أبدا وإن ترك الناس الوزن فيه‪،‬‬ ‫وكل ما ن‬
‫مثل الذهب والفضة‪ ،‬فلو بيع أحدهما بجنسه متساويا كيال‪ ،‬اليجوز وإن تعورف‪.‬‬

‫وما لم ين ّ عليه كسائر األشياء الستة المذكورة فهو محمول على عادات الناس‪ ،‬ألنها داللة اهرة‪.‬‬

‫ورد على ذلك لمكان العادة وكانت هي المنظور‬ ‫وقال أبويوسف‪ :‬يعتبر العرف مطلقا ألن الن‬
‫إليها وقد تبدلت فيجوز بيع البر والشعير والتمر وزنا‪.‬‬

‫أي‬
‫ال ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب عند أبي حنيفة‪ ،‬ألن مالهم مباح لنا في دارهم‪ ،‬فب ّ‬
‫طريق أخذه المسلم‪ ،‬أخذ ماال مباحا إذا لم يكن فيه غدر‪ ،‬بخالف المستأمن منهم ألن ماله صار محظورا‬
‫بعقد األمان‪ .‬والربا حرام مطلقا عند جمهور العلماء‪ ،‬وهو األصح‪.‬‬

‫باب الصرف‬

‫عقد الصرف‪ :‬وهو ما وقع على جنس األثمان من ذهب وفضة‪ .‬ويشترس لصحته ما يشترس في باب‬
‫الربا‪ .‬وعلى هذا‪:‬‬

‫والبد‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬فإن باع فضة بفضة أو ذهبا بذهب لم يجز إال مثال بمثل‪ ،‬وإن اختلفا في الجودة والصياغة‪،‬‬
‫من قبض العوضين قبل االفتراي باألبدان‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا باع الذهب بالفضة جاز التفاضل الختالف الجنس ووجب التقابض لحرمة النساء‪.‬‬

‫وإن افترقا في الصرف قبل قبض العوضين أو أحدهما بطل العقد‪.‬‬

‫‪ -‬واليجوز التصرف في ثمن الصرف قبل قبضه كالحوالة والهبة والتصدي‪.‬‬


‫‪ -‬ويجوز بيع الذهب بالفضة مجازفة‪ ،‬ألن المساواة فيه غير مشروطة‪ ،‬لكن يشترس التقابض في‬
‫المجلس‪.‬‬

‫مالحظة‪ :‬والحكم في صرف العمالت الورقية اليوم كحكم الذهب والفضة‪ ،‬لقيامها مقامهما في‬
‫الثمنية‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫السلم‬
‫باب ّ‬
‫‪ – 1‬معناه‪ :‬السلم في الفقه بيع آجل بعاجل‪ .‬والمراد با‪،‬جل المبيع المؤجل‪ ،‬وبالعاجل‪ :‬الثمن‬
‫المسلم فيه‪.‬‬
‫المسلم إليه‪ ،‬والمبيع‪ْ :‬‬
‫رب السلم‪ ،‬والبائع‪ْ :‬‬
‫المعجل‪ .‬ويسمى المشتري‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫‪ – 2‬شروس صحة السلم‪ :‬واليصح السلم عند أبي حنيفة إال بالشروس ا‪،‬تية‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون جنس المبيع ونوعه وصفته ومقداره ووقت تسليمه ومكانه معلوما ‪.‬‬
‫‪ -‬وأن يكون الثمن مس ّلما إلى البائع عند العقد‪.‬‬
‫‪ -‬وأن يكون المبيع موجودا من حين العقد إلى حين التسليم‪.‬‬

‫وعلى هذا‪ :‬اليجوز السلم في الحيوان لعدم إمكان ضب صفاته‪ ،‬وال في الجلود عددا للتفاوت‪،‬‬
‫ويجوز وزنا إلمكان ضبطه‪.‬‬

‫واليجوز في الجواهر ألن آحادها تتفاوت تفاوتا فاحشا‪.‬‬

‫إلمكان ضب أنواعها وأوصافها‪.‬‬ ‫ويجوز في الحبوبات كالقمح والشعير واألرز والحم‬

‫واألصل في ذلك‪ :‬أن كل ما أمكن ضب صفته ومعرفة مقداره بكيل أو وزن أو عدد‪ ،‬جاز السلم‬
‫فيه ألنه اليفضي إلى المنازعة‪ .‬وما اليمكن ضب صفته واليعرف مقداره لكونه غير مكيل أو موزون أو‬
‫آحاده متفاوتة‪ ،‬فاليجوز السلم فيه‪ ،‬ألنه مجهول يفضي إلى المنازعة‪.‬‬

‫ِ‬
‫المح ّل‪ ،‬حتى لو كان‬ ‫واليجوز السلم حتى يكون المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين‬
‫منقطعا عند العقد وموجودا عند ِ‬
‫المح ّل‪ ،‬أو على العكس‪ ،‬أو منقطعا فيما بين ذلك‪ ،‬اليجوز‪.‬‬

‫واليجوز في طعام قرية بعينها وال في ثمرة نخلة بعينها‪ ،‬ألنه ربما تعتريه آفة فتنتفي قدرة التسليم‪.‬‬

‫واليجوز التصرف في المسلم فيه قبل قبضه‪ ،‬ألنه مبيع والتصرف فيه قبل القبض اليجوز‪.‬‬

‫مسائل متفرقة في البيع‪:‬‬

‫‪ -‬ويجوز بيع الكلب ولو عقورا‪ ،‬والفهد وسائر السباع – سوى الخنزير – لالنتفاع بها وبجلدها‪.‬‬
‫‪ -‬واليجوز بيع الخمر والخنزير لنجاستهما وعدم ِح ّل االنتفاع بهما‪.‬‬
‫القز عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ ،‬ويجوز بيع بزرهما‪ .‬وقال محمد‪:‬‬
‫القز إال مع ّ‬
‫‪ -‬واليجوز بيع دود ّ‬
‫يجوز كيفما كان‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الكوارات‪.‬‬
‫‪ -‬واليجوز بيع النحل إال مع ّ‬
‫واليمنعون من بيع الخمر والخنزير والميتة فيما بينهم‪ ،‬ألنها‬
‫‪ -‬وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين‪ُ .‬‬
‫أموال في اعتقادهم‪ ،‬ونحن أ ُ ِمرنا بتركهم وما يدينون للحديف‪" :‬اتركوهم وما يدينون" أي‪ :‬التمنعوهم مما‬
‫ْ‬
‫يعتقدون بإباحته‪.‬‬

‫كتاب الرهن‬

‫معناه لغة‪ :‬الحبس‪ .‬وشرعا‪ :‬حبس ش بحق يمكن استيفا ه منه‪ .‬وهو جائز الستيثاي الدين‪ .‬وذلك‬
‫فإن الثمن إن كان مؤجال‪ ،‬فقد يحتا البائع إلى توثيق حقه فيطلب ما يستوفيه من المشترى‪.‬‬

‫وينعقد بااليجاب والقبول كسائر العقود ويلزم بالقبض‪ .‬وقبل القبض فالراهن بالخيار‪ :‬إن شاء‬
‫س ّلمه إليه وإن شاء رجع عن الرهن‪.‬‬

‫بعض المصطلحات‪ :‬الراهن‪ :‬هو المشتري والمدين‪ .‬المرتهن‪ :‬هو البائع والدائن‪ .‬الرهن‪ :‬ش‬
‫ذو قيمة‪.‬‬

‫دخول الرهن فى ضمان المرتهن‪:‬‬

‫وإذا س َّلم الراهن الرهن إلى المرتهن وقبضه‪ ،‬دخل فى ضمانه لتمام العقد‪ .‬ومعنى ذلك أنه إذا‬
‫هلك الرهن فى يد المرتهن ينظر‪:‬‬

‫‪ -‬فإن كانت قيمة الرهن والدين سواء‪ ،‬صار المرتهن مستوفيا لدينه حكما‪.‬‬

‫‪ -‬وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين‪ ،‬فالفضل أمانة فى يده‪.‬‬

‫أقل سق الدين بقدرها ورجع المرتهن بالفضل على الراهن‪.‬‬


‫‪ -‬وإن كانت ّ‬

‫حف الرهن‪:‬‬

‫‪ -‬وللمرتهن أن يحفظه بنفسه وزوجته وولده وخادمه‪ ،‬وإن حفظه بغير من فى عياله أو أودعه أو‬
‫تعدى ضمنه ضمان الغصب بجميع قيمته البمقدار الدين‬
‫أعاره أو آجره فهلك ضمنه ألنه يعتبر متعديا‪ .‬فإذا َّ‬
‫فق ‪ ،‬ألنه بالتعدى صار غاصبا‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ -‬وإذا اتفق الراهن والمرتهن على وضع الرهن على يد خ‬
‫عدل جاز‪ ،‬وليس ألحدهما أخذه إال بإذن‬
‫ا‪،‬خر لتعلق حقهما به معا‪ ،‬فإن هلك فى يده هلك من ضمان المرتهن‪ ،‬ألن يده كيد المرتهن‪.‬‬

‫‪ -‬أجرة حف الرهن على المرتهن ألن الحف عليه‪.‬‬

‫‪ -‬ونفقة الرهن – لوكان حيوانا – على الراهن‪ .‬واألصل فيه‪ :‬أن كل ما ُيحتا اليه لمصلحة الرهن‬
‫فعلى الراهن ألنه م ْلكه‪ ،‬وكل ما كان لحفظه فعلى المرتهن ألنه يحبسه لحقه‪.‬‬

‫حبس الرهن‪:‬‬

‫وللمرتهن أن يطالب الراهن بدينه إذا حل األجل‪ ،‬وله أن يحبس الرهن واليرده إليه إذا مطله‪،‬‬
‫فليس على المرتهن أن يم ّكنه من بيع الرهن حتى يقضيه الدين من ثمنه‪ ،‬فإن قضاه س ّلم الرهن إليه‪ .‬وإن لم‬
‫يقضه باع الرهن بإذن الراهن واستوفى حقه‪.‬‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا و ّكل الراهن المرتهن ببيع الرهن عند حلول األجل فالوكالة جائزة‪.‬‬

‫‪ -‬وإن شرطت هذه الوكالة فى عقد الرهن فالوكالة جائزة أيضا‪ ،‬فليس للراهن عزله‪.‬‬

‫‪ -‬واليصح الرهن إال بدين مضمون‪ ،‬فاليصح باألمانات كالوديعة ألن األمانات غير مضمونة‪.‬‬

‫وإن باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف على إذن الراهن لتعلق حق الغير به‪.‬‬

‫كتاب الحجر‬

‫تصر خف ّخ‬
‫قولي‬
‫ّ‬
‫معناه لغة‪ :‬المنع وشرعا‪ :‬منع من ِ‬
‫نفاذ‬ ‫ٌ‬

‫الصغر والر ّي والجنون فاليجوز تصرف الصغير الغير المميز‬ ‫ِ‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألسباب الموجبة للحجر ثالثة‪ّ :‬‬
‫مطلقا‪ ،‬سواء أذن وليه أو ال‪ .‬وكذا المميز‪ ،‬إال بإذن وليه ألن إذن الولي دليل على أهلية المميز‪ .‬واليجوز‬
‫ّ‬
‫تصرف العبد إال بإذن سيده ألن منعه لحق المولى فإن أذن فقد رضي بإسقاس حقه‪.‬واليجوز تصرف‬
‫اليفيق‪ ،‬وأماالذي‬ ‫خ‬
‫الولي أوال‪ .‬والمراد بالمغلوب‪ :‬الذي ُ‬
‫ّ‬
‫بحال‪ ،‬سواء كان بإذن‬ ‫المجنون المغلوب على عقله‬
‫ويفيق فحكمه كمميز‪ ،‬وهو المقصود في المسائل ا‪،‬تية‪.‬‬ ‫ُيجن ُ‬
‫ّ‬

‫‪71‬‬
‫حسا ومشاهدة‬
‫المرد لها لوجودها ّ‬
‫ّ‬ ‫وهذه األسباب إنما توجب الحجر في األقوال دون األفعال ألنها‬
‫بخالف األقوال ألن اعتبارها موجودة بالشرع‪.‬‬

‫ومن أحكام الحجر‪:‬‬

‫‪ -‬ومن باع من هؤالء شي ا أو اشترى وهو يعقل البيع(بأن يعلم أن البيع سالب والشراء جالب)‬
‫فالولي بالخيار إن شاء أجازه وإن شاء فسخه ألن عقدهم ينعقد موقوفا الحتمال الضرر فإذا أجاز فقد تعينت‬
‫ّ‬
‫جهة المصلحة فنفذ‪.‬‬
‫‪ -‬والصبي والمجنون التصح عقودهما والإقرارهما‪ ،‬واليقع طالقهما والعتاقهما لعدم اعتبار‬
‫أقوالهما ‪ .‬وإن أتلفا شي ا لزمهما ضمانه لوجود اإلتالف حقيقة‪ .‬وأما العبد فأقواله نافذة في حق نفسه لوجود‬
‫أهليته‪ ،‬غير نافذ في حق مواله‪ ،‬فإذا أقر بمال لزمه بعد الحرية ولم يلزمه في الحال‪ ،‬وإن أقر بحد أو قصاص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لزمه في الحال‪ ،‬وينفذ طالقه ألنه أهل له‪.‬‬

‫والحجر على غير هؤالء الثال ‪ :‬السفيه‪ ،‬والغالم الغير الرشيد‪ ،‬والمفلس‬

‫أ ‪ -‬الحجر على السفيه وتصرفاته‪:‬‬

‫والسفيه‪ :‬الخفيف العقل‪ ،‬المتلف لماله فيما الغرض له فيه والمصلحة‪ .‬فهل ُيحجر عليه؟‬

‫وقال أبوحنيفة‪ :‬اليحجر على السفيه إذاكان بالغا عاقال حرا‪ ،‬وتصرفه جائز لوجود األهلية ولو كان‬
‫مب ِ ّذرا مفسدا ُي ْت ِلف ماله فيما الغرض له فيه والمصلحة مثل أن ُيلقيه في البحر أو ُيحرقه في النار‪ ،‬ألن في‬
‫حمل األعلى لدفع األدنى‪ .‬وأما‬
‫فاليت َّ‬
‫أشد ضررا من التبذير‪ُ ،‬‬
‫س ْلب واليته إهدار آدميته وإلحاقه بالبهائم وهو ّ‬
‫إذا بل الغالم غير رشيد‪ ،‬فلم ُيس ّلم إليه مالُه حتى يبل خمسا وعشرين‪ .‬وإذابل أليه ُس ِّلم إليه ماله ولو لم‬
‫ُيؤنس منه الرشد‪ ،‬ألن المنع عنه كان بطريق التأديب‪ ،‬واليتأدب بعد ذلك غالبا‪ ،‬أال ُيرى أنه قد يصير جدا‬
‫في هذاالسن فالفائدة للمنع‪.‬‬

‫وقاال‪ :‬يحجر على السفيه ويمنع التصرف في ماله نظرا له اعتبارا بالصبي‪ .‬والفتوى على قولهما‪.‬‬
‫اليدفع إليه ماله أبدا ولو بل خمسا وعشرين حتى ُيؤنس منه الرشد ألن علة‬
‫وقاال فيمن بل غير رشيد‪ُ :‬‬
‫المنع كان للسفه فيبقى مابقيت العلة‪.‬‬

‫وتخر الزكاة من ماله‬


‫وإن باع السفيه ماله لم ينفذ بيعه‪ ،‬وإن كان فيه مصلحة له أجازه الحاكم‪ُ .‬‬
‫وينفق منه على أوالده وزوجته وكل من تجب عليه نفقته من ذوي أرحامه‪.‬‬
‫ألنها واجبة عليه بإيجاب اهلل‪ُ ،‬‬

‫‪72‬‬
‫وإن أراد أن يحج فرض الحج لم يمنع منه ألنه واجب عليه بإيجاب اهلل تعالى‪ ،‬ولكن لم ُيس ِّلم القاضي‬
‫ْ‬
‫ويسلمها إلى ثقة من الحا لينفقها عليه في طريق الحج‪.‬‬
‫النفقة إليه ُ‬
‫وإن مرض وأوصى بوصايا في ال ُقرب وأبواب الخير‪ ،‬جاز ذلك في ثلف ماله‪.‬‬

‫حد البلوا‪:‬‬

‫وبلوا الغالم باالحتالم واإلنزال وبلوا الجارية بالحيض واالحتالم‪ ،‬فإن لم توجد هذه العالمات‬
‫اختلفوا فيه فقال اإلمام‪ :‬فإذا تم لهما ثماني عشرة سنة يعتبران بالغين حكما‪ ،‬وعندهما‪ :‬خمس عشرة سنة‬
‫‪ .‬وعليه الفتوى‪.‬‬

‫وإذا راهق(قارب) الغالم والجارية البلوا وأشكل أمرهما فقاال‪ :‬قد بلغنا فالقول قولهما‪ ،‬وأحكامهما‬
‫بعد هذا اإلقرار أحكام البالغين‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الحجر على المفلس‪:‬‬

‫وجبت الديون على رجل وطلب ُغرما ه (أصحاب الحق) من القاضي حبسه والحجر عليه لم‬ ‫ْ‬ ‫وإذا‬
‫ْ‬
‫يحجر ألن في الحجر عليه إهدار أهليته‪ .‬وإن كان له مال لم يتصرف فيه الحاكم ولكن يحبسه أبدا حتى‬
‫الدين واجب عليه والمماطلة لم فيحبسه لدفع الظلم وإيصال الحق إلى‬
‫يبيعه بنفسه في دينه‪ ،‬ألن قضاء َّ‬
‫ِ‬
‫مستحقه‪ .‬هذا كله عند أبي حنيفة‪ .‬وقاال‪ :‬إذاطلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر القاض عليه ومنعه من‬
‫بأقل من ثمن المثل والتصرف بماله واإلقرار به حتى اليتضرر الغرماء‪.‬‬
‫البيع ّ‬
‫َّ‬
‫على قدر ديونهم‪.‬‬ ‫وباع القاضي مال المفلس إن امتنع من بيعه بنفسه وقسمه بين غرمائه بالحص‬

‫وإذا أقر بمال ألحد حال الحجر لزمه ذلك بعد قضاء الديون ألنه تعلق بهذا المال حق األولين‪.‬‬
‫ّ‬
‫مقدمة على حق‬
‫َّ‬ ‫األصلية‬ ‫حاجته‬ ‫ألن‬ ‫أرحامه‬ ‫وذوي‬ ‫الصغار‬ ‫وأوالده‬ ‫زوجته‬ ‫على‬ ‫و‬ ‫عليه‬ ‫وينفق من ماله‬
‫ُ‬
‫الغرماء‪.‬‬

‫ومن أفلس أو مات وعنده متاع لرجل بعينه‪ ،‬كان قد اشتراه منه وتس ّلمه‪ ،‬فصاحب المتاع أ ُ ْسوة(سواء)‬
‫فيه لبقية الغرماء ألن حقه في ذمته كسائر الغرماء‪.‬‬

‫كتاب اإلقرار‬
‫معناه‪ :‬وهو لغة‪ :‬االعتراف وشرعا‪ :‬اإلخبار بحق عليه‪ .‬وهو حجة قاصرة على ِ‬
‫المقرِ‬
‫ّ‬

‫‪73‬‬
‫شروس صحته‪ :‬العقل والبلوا والحرية‬

‫ومن أحكامه‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا أقر العاقل البال الحر بحق لزمه إقراره‪ ،‬مجهوال كان ما أقر به أو معلوما ويقال له‪ :‬بي ِْن‬
‫ّ‬
‫المجهول ليتم ّكن من استيفائه‪ ،‬فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان‪ .‬فلو قال‪ :‬لفالن علي شيء أو حق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫المقرله(صاحب الحق) أكثر من ذلك‪.‬‬ ‫يبين ما له قيمة‪ .‬والقول فيه قوله مع يمينه إن ادعى ُ‬ ‫لزمه أن‬
‫ّ‬
‫‪ -‬وإذا أقر الرجل في مرض موته( مرض ينتهي إلى الموت) بديون‪ ،‬وعليه ديون لزمته في صحته‬
‫ّ‬
‫مثل‪ ،‬كان د ْين الصحة والدين المعروف أسبابه‪ ،‬مق َّدما‬
‫وديون لزمته في مرضه لكن بأسباب معلومة كمهر خ‬
‫على ما أقره في مرضه‪ ،‬ألن اإلقرار اليعتبر دليال إذا كان فيه إبطال حق الغير‪ ،‬وفي إقرار المريض ذلك‪.‬‬
‫وإذا قضيت ديون الصحة والديون المعروفة األسباب وفضل شيء منها‪ ،‬كان فيما أقربه في حال المرض‪.‬‬
‫‪ -‬وإن لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره في حال مرضه ألنه لم يتضمن إبطال حق الغير‪،‬‬
‫المقرله أولى من الورثة‪.‬‬ ‫وكان‬
‫ُ ّ‬
‫باطل لتعلق حق الورثة بماله في مرضه‪ ،‬وفي تخصي‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬وإقرار المريض لوارثه بدين أو عين‬
‫البعض به إبطال حق الباقين‪ ،‬إال أن يصدقه فيه بقية الورثة‪.‬‬
‫أقل بطلب منها ثم أقر لها بد ْين ومات وهي في العدة‪ :‬فلها‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ومن ط ّلق زوجته في مرضه ثالثا أو ّ‬
‫األقل من الدين ومن ميراثها منه‪ ،‬ألنهما متهمان في ذلك‪ُ .‬قيِد "بطلبها ودوام عدتها" ألنه بغير طلبها يكون‬
‫ّ‬
‫أقل من الدين أو أكثر‪ ،‬ويبطل اإلقرار‪.‬‬
‫فارا فلها الميرا ‪ ،‬سواءكان ّ‬
‫ّ‬
‫وصدقه‪ ،‬ثبت نسبه‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ومن أقر بغالم يعبِر عن نفسه ويولد مثله لمثله وليس للغالم نسب معروف‬
‫ّ‬
‫منه‪ ،‬وشارك الورثة في ميراثه‪.‬‬
‫الم ِقر في نصيبه من الميرا ‪،‬‬ ‫‪ -‬ومن مات أبوه فأقر بأ خخ‪ ،‬لم يثبت نسب أخيه من أبيه ولكنه يشارك‬
‫ُ َّ‬ ‫ّ‬
‫ألن إقراره تضمن شي ين‪ :‬أ – حمل النسب على الغير(أبيه) وال والية له عليه‪ ،‬فاليثبت‪.‬‬

‫ب – واالشتراك في المال وله فيه والية فيثبت‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫كتاب اإلجارة‬

‫معناها‪ :‬وهي لغة اسم لألجرة‪ ،‬واصطالحا‪ :‬عقد على المنافع بعوض‪ .‬وهو جائز‪ .‬واليجوز في‬
‫القياس ألن المنافع معدومة عند العقد فاليجوز بيع المعدوم إال أن العين أقيمت مقام المنفعة هنا في حق‬
‫إضافة العقد إليها ليرتب اإليجاب بالقبول لحاجة الناس‪.‬‬

‫شروس صحتها‪ :‬والتصح اإلجارة حتى تكون المنافع واألجرة معلومة ألن الجهالة في المعقود‬
‫عليه وبدله تفضي إلى المنازعة‪ .‬والمنافع تارة تصير معلومة ببيان المدة كاست جار البيت للسكنى‪ ،‬وتارة‬
‫ببيان العمل كاست جار الخياس لخياطة الثوب‪ ،‬وتارة بتعيين المعقود عليه واإلشارة إليه كمن استأجر رجال‬
‫ّ‬
‫على أن ينقل هذا الطعام إلى موضع معلوم‪.‬‬

‫ويصح شرس الخيار في اإلجارة كما في البيع ألنه عقد معاوضة‪ ،‬واليلزم فيه القبض في المجلس‬
‫فجاز اشتراس الخيار كالبيع‪.‬‬

‫واألمثلة التطبيقية على هذه الشروس‪:‬‬

‫‪ -‬ويجوز است جار األرض للزارعة ولكن اليصح العقد حتى يسمى مايزرع فيها أو يقول‪ :‬على أن‬
‫يزرع فيها ماشاء‪ ،‬ألن مايزرع فيها متفاوت‪ ،‬وبعضه يضر باألرض فالبد من التعيين كي التقع المنازعة‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز أن يستأجر الساحة ليبني عليها بناء أو يغرس فيها أشجارا فإذا انقضت المدة لزمه أن يقلع‬
‫البناء والغرس ويس ّلمها فارغة‪ ،‬إال أن يختار صاحب األرض أن يغرم له قيمة البناء ِ‬
‫والغراس مقلوعا (منقوضا‬
‫ال قائما) فيملكه‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز است جار الدواب للركوب والحمل‪ ،‬فإن أطلق الركوب جاز له أن ُيركبها من شاء‪ ،‬وإن قيد‬
‫ّ‬
‫بأن قال‪" :‬على أن يركبها فالن" فليس له أن يركبها غيره‪ ،‬فإن خالف الشرس فعطبت الدابة ضمنها ألن الناس‬
‫يتفاوتون في الركوب‪ .‬وإن ضمن المستأجر الدابة التالفة فال أجر عليه ألن "األجر اليجتمع مع الضمان"‪.‬‬
‫ِ‬
‫المستعمل‪ .‬وأما العقار وما اليختلف باختالف المستعمل‬ ‫وكذلك يعتبر التقييد في كل ما يختلف باختالف‬
‫فال يعتبر تقييده‪ ،‬فإذا شرس في العقار سكنى واحد بعينه فله أن ُيسكن غيره‪.‬‬
‫‪ -‬فلو استأجر دابة وسمى نوعا وقدرا يحمله عليها مثل أن يقول خمسة أقفزة حنطة‪ ،‬فله أن يحمل‬
‫أقل ضررا كالشعير لكونه خيرا من المشروس‪ ،‬وليس له أن يحمل‬
‫ما هو مثل الحنطة في الضرر كالعدس أو ّ‬
‫مقدرة بالعقد فله أن يستوفيها‬
‫أضر من الحنطة كالملح والحديد‪ .‬واألصل فيه‪ :‬أن من استحق منفعة ّ‬ ‫ماهو‬
‫ّ‬
‫أو مثلها أو دونها لدخوله تحت اإلذن وليس له أكثر من ذلك لعدم دخوله تحت اإلذن‪ .‬وعلى هذا‪ :‬فلو‬

‫‪75‬‬
‫استأجر دابة ليركبها فأردف معه رجال فعطبت‪ ،‬ضمن نصف قيمتها ألنها تلفت بركوبهما‪ ،‬وأحدهما مأذون‬
‫له وا‪،‬خر غير مأذون له‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كبح الدابة بلجامها أو ضربها كبحا وضربا متعارفا فعطبت ضمنها عند أبي حنيفة ألن اإلذن‬
‫مقيد بشرس السالمة‪ .‬وقاال‪ :‬اليضمن ألن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد‪ ،‬فكان حاصال بإذنه‬
‫فاليضمنه‪ .‬و ُقيد بكونه متعارفا ألنه بغير المتعارف يضمن اتفاقا‪.‬‬
‫ّ‬
‫األُجراء وأحكامه‪:‬‬

‫خاص‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫واألجراء جمع أجير وهو على ضربين‪ :‬أجير مشترك وأجير‬
‫ٌ‬
‫فالمشترك‪ :‬من يعمل ال لواحد أو لواحد من غير توقيت كالصباا‪ .‬ومن أحكامه‪ :‬أنه اليستحق األجر‬
‫ّ‬
‫حتى يعمل‪ ،‬والمتاع أمانة في يده فإن هلك (من غير عمله كأن ُسري منه أو ُغ ِصب) لم يضمن شي ا وإن‬
‫ُشرِ س عند أبي حنيفة ألن شرس الضمان في األمانة مخالف لقضية الشرع فيكون باطال‪ .‬وقاال‪ :‬يضمنه إال‬
‫من شيء غالب كالحريق‪ .‬وأما ماتلف بعمله كتخريق الثوب من د ّقه وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي‬
‫ي ُشد به المكاري ِ‬
‫الح ْمل(وهو الذى ينقل أشياء باألجرة) فمضمون عليه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪ .‬ومن أحكامه‪ :‬أنه يستحق األجرة‬ ‫واألجير الخاص‪ :‬وهو الذى يعمل لواحد عمال مؤ ّقتا بالتخصي‬
‫است ْؤ ِجر شهرا للخدمة أو لر ِ‬
‫عي الغنم‪ ،‬ألن المعقود عليه تسليم‬ ‫بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل‪،‬كمن ُ‬
‫نفسه العمله‪ .‬والضمان على األجير الخاص فيما تلف في يده بأن ُسرِ ي منه أو ُغ ِصب‪ ،‬ألنه أمانة في يده‪،‬‬
‫وكذا ما تلف من عمله المعتاد كتخريق الثوب من د ّقه‪ ،‬إال أن يتعدى أو كان عمله غير معتاد فيضمن‪.‬‬

‫متى ُت ْستح ّق األجرة؟‬

‫خ‬
‫معان ثالثة‪ :‬أ‪ -‬إما بشرس التعجيل‬ ‫واألجرة التجب بالعقد فاليجب تسليمها به وإنما تُستحق بأحد‬
‫– أو باستيفاء المعقود‬ ‫وقت العقد ألنه شرس الزم‪ ،‬ب – وإما بالتعجيل من غير شرس بأن يعطيه حاال ًّ‪،‬‬
‫ست ِحق عليه البدل‪ .‬فمن استأجر دارا سنة مثال‬
‫عليه‪ ،‬ألن عقد اإلجارة عقد معاوضة فإذا استوفى المنفعة اُ ُ‬
‫ِ‬
‫فللمؤجر أن يطالبه بأجرة كل يوم‪ ،‬إال أن يبين وقت االستحقاي‬ ‫بقدر معلوم من غير بيان وقت االستحقاي‪،‬‬
‫ّ‬
‫عند العقد‪.‬‬

‫وليس للخياس أن يطالب باألجرة أو بعضها حتى يفرا من العمل ألن العمل في البعض غير منتف خع‬
‫ّ‬
‫به فاليستوجب به األجر‪ ،‬إال أن يشترس التعجيل لما مر أن الشرس فيه الزم‪.‬‬
‫ّ‬
‫األجرة في الترديد والتخيير‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫ولو قال للخياس‪ :‬إن ِخ ْطت هذاالثوب فارسيا فبدرهم وإن خطته روميا فبدرهمين جاز الشرطان‪،‬‬
‫ّ‬
‫عمل استحق األجرة المشروطة‪.‬‬ ‫وأي العملين ِ‬
‫ّ‬
‫ولو قال‪ :‬إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم‪ ،‬فإن خاطه اليوم فله درهم‪ ،‬وإن‬
‫خاطه غدا فله أجر مثله لفساد العقد للجهالة عند أبي حنيفة‪ .‬وقال أبويوسف ومحمد‪ :‬الشرطان جائزان‬
‫وأيهما فعل استحق األجرة‪ .‬وقال زفر‪ :‬الشرطان فاسدان‪.‬‬
‫َّ‬
‫حدادا فبدرهمين‪ ،‬جاز‬
‫وإن قال‪ :‬إن عملت في هذا الدكان ع ّطارا فبدرهم في الشهر وإن عملته ّ‬
‫وأي العملين فعل استحق المسمى فيه عند أبي حنيفة ألنه خيره بين عقدين صحيحين مختلفين‪.‬‬ ‫الشرطان‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أي العملين سيعمل‪.‬‬‫وقاال‪ :‬اإلجارة فاسدة لجهالة األجرة‪ ،‬ألنه اليعلم ّ‬
‫فاسد في بقية‬
‫كل شهر بدرهم فالعقد صحيح في شهر واحد لكونه معلوما‪ ،‬و ٌ‬ ‫ومن استأجر دارا ّ‬
‫الشهور لجهالتها‪ .‬إال أن يسمي جملة شهور جملة معلومة‪ ،‬فيجوز لزوال المانع‪ ،‬ألن المدة صارت معلومة‪.‬‬
‫فإن سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه‪ ،‬ولم يكن للمؤجر أن ُيخرجه منها إلى أن ينقضي الشهر‪.‬‬
‫كل شهر يسكن في أوله ساعة‪ ،‬ألنه تم العقد بتراضيهما بالسكنى في الشهرالثانى‪.‬‬
‫وكذلك حكم ّ‬
‫ّ‬
‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬ويجوز أخذ أجرة الحمام مع ما فيه من الجهالة في المدة ومقدار الماء الذي يستعمله لتعارف‬
‫الناس‪ ،‬ولم تعتبر هذه الجهالة إلجماع المسلمين‪ .‬وقال عليه السالم‪" :‬ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اهلل‬
‫حسن"(مسند أحمد‪ ،379/1 :‬المستدرك‪.)83/3 :‬‬
‫‪ -‬واليجوز االست جار على الطاعات مثل األذان واإلقامة واإلمامة والحج وتعليم القرآن والفقه‪.‬‬
‫هذا جواب المتقدمين وأجازه المتأخرون‪ .‬فقال في الهداية‪ :‬وبعض مشايخنا استحسنوا االست جار على‬
‫الطاعات كتعليم القرآن‪ .‬وعليه الفتوى‪.‬‬
‫‪ -‬واليجوز على المعاصي مثل الغناء والنوح‪ ،‬وكذا سائر المالهي ألنه است جار على المعصية‪،‬‬
‫التستحق بالعقد‪.‬‬
‫والمعصية ُ‬
‫(المر ِضعة) بأجرة معلومة مع ما فيه من الجهاالت لتعامل الناس‪ ،‬وعليها‬ ‫‪ -‬ويجوز است جار ال ِظّ ْ رِ‬
‫ُْ‬
‫أن تصلح طعام الصبي‪ .‬وإن أرضعته في المدة بلبن شاة فال أجرة لها ألنها لم تأت بالعمل المستحق عليها‪.‬‬
‫وإن حبلت كان ألولياء الصبي أن يفسخوا اإلجارة إذا خافوا على الصبي من لبنها ألن لبن الحامل ي ِ‬
‫فسد‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الصبي‪ .‬وكذا إذا مرضت‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫وكل صان خع لعمله أثر في العين كالصباا فله أن يحبس العين بعد الفراا من عمله حتى يستوفي‬
‫‪ّ -‬‬
‫ّ‬
‫وغسل الثوب نظير الحمل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كالحمال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األجرة‪ .‬ومن ليس لعمله أثر في العين فليس له أن يحبسها باألجرة‬
‫ُ‬
‫‪ -‬وإذا اشترس المستأجر على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره ألنه لم يرض بعمل‬
‫عمل في ذمته ويمكن إيفا ه بنفسه‬
‫ٌ‬ ‫غيره‪ .‬وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله ألن المستحق‬
‫وباالستعانة بغيره‪.‬‬
‫‪ -‬القاعدة‪ :‬والواجب في اإلجارة الفاسدة أن التزيد األجرة على المسمى لرضاهما به ويجوز أن‬
‫عنه‪ .‬وهذا لو الفساد لشرس فاسد اللجهالة في التسمية‪ .‬وأما إن كان لجهالة المسمى أو عدم التسمية‬ ‫تنق‬
‫أصال فوجب أجر المثل بالغا ما بل لعدم ما ُيرجع إليه عند النزاع‪.‬‬

‫ما ُتفسخ اإلجارة به‪:‬‬

‫وإن قبض المستأجر الدار فعليه األجرة وإن لم يسكنها‪ .‬فإن غصبها غاصب من يده سق األجر‪.‬‬
‫الم ْؤجر العيب بطل خيار المستأجر لزوال سببه‪.‬‬
‫وإن وجد بها عيبا يضر بالسكنى فله الفسخ‪ ،‬وإن أزال ُ‬
‫وكذا إن فاتت المنفعة بالكلية كانقطاع الماء‪ ،‬انفسخت اإلجارة‪.‬‬

‫وإذا مات أحد المتعاقدين انفسخت اإلجارة‪.‬‬

‫ليتجر فيه فذهب مالُه‪ ،‬أو آجر‬


‫وتنفسخ أيضا باألعذار الموجبة ضررا‪ ،‬كمن استأجر دكانا في السوي ّ‬
‫دارا أو دكانا ثم أفلس فلزمته ديون اليقدر على قضائها‪ ،‬فسخ القاضي العقد بينهما وباعها‪.‬‬

‫كتاب الشفعة‬
‫حق يثبت للشفيع شرعا في تملك العقار جبرا على المشتري بما قام‬
‫وهى لغة‪ :‬الضم‪ ،‬وشرعا‪ّ :‬‬
‫عليه‪.‬‬

‫و لثبوت حق الشفة ثالثة أسباب‪ :‬الشركة في نفس المبيع والشركة في حق المبيع والجوار‪ .‬وهي‬
‫تثبت أوال للشريك في نفس المبيع كالشريك في العقار‪ ،‬ثم للشريك في حق المبيع ِ ّ‬
‫كالشرب والطريق‬
‫الخاصين لألرض ثم للجار‪ .‬فليس للشريك في الطريق والشرب والجار شفعة مع الشريك في نفس المبيع‪،‬‬
‫فإن س ّلم الشريك في نفس المبيع فالشفعة للشريك في حق المبيع كحق الطريق والشرب‪ ،‬وليس للجار‬
‫شفعة معه ألنه شريك في المرافق‪ ،‬فإن س ّلم الشريك في حق المبيع فالشفعة للجار‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫{مثال لذلك‪ :‬مزرعة مشتركة بين االثنين ولها ِشرب خاص وطريق خاص وبجانبها مزرعة متصلة‬
‫بها‪ ،‬فباع أحد الشريكين حصته منها‪ ،‬فالشفعة للشريك ا‪،‬خر أوال‪ ،‬وإن لم يأخذها فللشريك في حق الطريق‬
‫والشرب ثانيا‪ ،‬وإن لم يأخذها فللجار المالصق أخيرا‪}.‬‬

‫مراحل الشفعة‪:‬‬

‫وت ْملك بالقبض‪ :‬فإذا علم الشفيع بالبيع أشهد في مجلسه‬


‫تثبت بعد عقد البيع‪ ،‬وتستقر باإلشهاد‪ُ ،‬‬
‫المواث ِبة‪ ،‬وإذا ترك الشفيع اإلشهاد حين علم بالبيع مع قدرته على ذلك بطلت‬
‫على طلبه‪ ،‬وهذا يسمى طلب ُ‬
‫شفعته‪ ،‬ألنه حق ضعيف فالبد من اإلشهاد‪ ،‬وألنه قد يحتا إلى إثبات طلبه عند القاضي‪ ،‬واليمكنه ذلك‬
‫إال باإلشهاد‪ .‬وبعد اإلشهاد في مجلسه‪ ،‬أشهد على البائع إن كان المبيع بيده‪ ،‬أو أشهد على المشتري إن‬
‫كان المبيع فى يده‪ ،‬أو أشهد عند العقار ألن الحق متعلق به‪ .‬فإذا فعل ذلك استقرت شفعته ولم تسق بعده‬
‫ّ‬
‫بالتأخير عند أبي حنيفة وأبي يوسف ألن الحق متى ثبت واستقر اليسق إال باإلسقاس‪ .‬وقال محمد‪ :‬إن‬
‫تركها شهرا بعد اإلشهاد من غير عذر بطلت شفعته ألنه لو لم تسق بتأخير الخصومة أبدا يتضرر المشتري‬
‫ألنه اليمكنه التصرف فيه‪ .‬وإذا س ّلمها المشتري بالتراضي أخذه الشفيع وإال رفعها إلى القاضي‪.‬‬

‫والشفعة تثبت في العقار كاألرض والدور والب ر لوجود سببها وهو االتصال في الملك‪ .‬والحكمة‬
‫فيه‪ :‬دفع ضرر سوء الجوار على الدوام‪ .‬والشفعة في المنقول النعدام االتصال والحكمة‪.‬‬

‫والمسلم والذمي في استحقاي الشفعة سواء ألنهما مستويان في السبب والحكمة فيستويان في‬
‫االستحقاي‪.‬‬

‫ويشترس لثبوت الشفعة أن ُيتم َّلك العقار بعوض هو مال‪ ،‬وعلى هذا‪ :‬والشفعة في العقار الذي‬
‫يتزو الرجل عليه أو يخالع زوجته به أو يستأجر به عقارا غيره أو يصالح به عن دم عمد أو ي ِ‬
‫عتق عليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عبدا‪ ،‬ألن الشفعة إنما تجب في مبادلة المال بالمال‪ ،‬وهذه األعواض ليست بمال‪ ،‬فإيجاب الشفعة فيها‬
‫خالف المشروع‪ ،‬وقلب الموضوع‪.‬‬

‫يرد العقار بخيار العيب والر ية ألنها بمنزلة الشراء‪ ،‬فيثبت فيها الخياران كما في الشراء‪.‬‬
‫وللشفيع أن ّ‬
‫وإذا مات الشفيع قبل قضاء القاضي بالشفعة بطلت شفعته‪ ،‬ألن ملكه انتقل إلى وارثه بالموت‪،‬‬
‫وقيام الملك من وقت البيع إلى وقت القضاء شرس لثبوت الشفعة‪ .‬والتبطل بموت المشتري ألن الحق‬
‫اليبطل بموت من عليه الحق كاألجل في الدين‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وإذا اجتمع الشفعاء وتساو ْوا في سبب االستحقاي فالشفعة بينهم على عدد ر سهم الستوائهم في‬
‫السبب‪ ،‬واليعتبر باختالف األمالك قلة أو كثرة‪.‬‬

‫وإذا بيع العقار بش من ذوات ِ‬


‫القيم (كالسيارة) أخذه الشفيع بقيمته‪.‬‬

‫والخطأ في العلم اليسق حق الشفعة‪ :‬فإذا بل الشفيع أن العقار بيع خ‬


‫بألف فس ّلم الشفعة ثم علم‬ ‫ُ‬
‫بأقل‪ ،‬أو قيل له إن المشتري فالن فس ّلم ثم علم أنه غيره فله الشفعة‪.‬‬
‫أنه بيع َّ‬

‫والحيلة في إسقاس الشفعة‪ :‬وإذا باع أرضا إال مقدار ذراع مثال في طول الحد الذي يلى الشفيع‪،‬‬
‫فال شفعة له النقطاع الجوار‪ .‬وهو مكروه عند محمد ألنها إنما ثبتت لدفع الضرر‪ ،‬ولو أبحنا الحيلة مادفعناه‪.‬‬
‫عد ضررا‪.‬‬
‫فالي ّ‬
‫والتكره عند أبي يوسف ألن اإلسقاس منع عن إثبات الحق قبل ثبوته ُ‬
‫وإذا بنى المشتري على العرصة ثم قضى القاضي بالشفعة‪ ،‬فالشفيع بالخيار‪ :‬إن شاء أخذها بالثمن‬
‫وبقيمة البناء مقلوعا وإن شاء ك ّلف المشتري ق ْلعه ألنه بناه في مكان تع ّلق به حق الغير‪.‬‬

‫وإذا اشترى بثمن مؤجل فالشفيع بالخيار‪ :‬إن شاء أخذ العقار بثمن ّ خ‬
‫حال وإن شاء صبر حتى ينقضي‬ ‫َّ‬
‫األجل ثم يأخذه ‪ ،‬وليس له أن يأخذه في الحال بثمن مؤجل‪ ،‬ألن البائع إنما رضي األجل للمشتري فالناس‬
‫يتفاوت في قضاء الدين فقد اليرضاه للشفيع‪.‬‬

‫كتاب الشركة‬

‫وهى على ضربين‪ :‬شركة أمالك وشركة عقود‪.‬‬

‫فشركة األمالك كالعين التي يرثها رجالن أو يشتريانها أو ُو ِهب ْت لهما أو ملكاها باالستيالء كإحيائهما‬
‫أرضا ميتة‪ .‬وحكمها‪ :‬وكل من الشريكين أجنبى في حصة ا‪،‬خر فاليجوز ألحدهما أن يتصرف في نصيب‬
‫ا‪،‬خر إال بإذنه‪.‬‬

‫وشركة عقود على أربعة أوجه‪ُ :‬مفاوض ٌة وعنان(بفتح العين وكسرها)وشركة الصنائع وشركة الوجوه‪.‬‬

‫‪ )1‬شركة المفاوضة‪ :‬وهي أن يشترك رجالن (أو أكثر) فيستويان في مالهما وتصرفهما ِ‬
‫ودينهما‬
‫(وربحهما)‪ ،‬ألن المفاوضة بمعنى المساواة‪ ،‬فاليجوز إال إذا كان الشريكان متساويين في المال‪ ،‬وليس‬
‫المراد به تساويهما في رأس المال بل المراد به أن اليملكان نقودا غير ذلك‪ .‬واليشترس التساوي في غير‬
‫النقود من األموال واألمالك‪ .‬واليجوز أيضا بين المسلم وغير المسلم لعدم المساواة في التصرف فإن غير‬
‫‪80‬‬
‫المسلم يتجر في الخمر واليجوز ذلك للشريك المسلم‪ .‬وهذا عند أبي حنيفة ومحمد‪ .‬ويجوز عند أبي‬
‫يوسف لتساويهما في الوكالة والكفالة‪ ،‬والمفاوضة مبنية عليهما‪.‬‬

‫وتنعقد المفاوضة على الوكالة والكفالة‪ ،‬فكل واحد منهما وكيال عن ا‪،‬خر وكفيال له‪ .‬ولذلك فما‬
‫كل واحدمنهما من الديون بدال فا‪،‬خر ضامن(كفيل)له تحقيقا‬
‫يشتريه كل منهما يكون على الشركة‪ ،‬وما يلزم َّ‬
‫للمساواة‪ .‬وإذا ُفقدت المساواة ‪ -‬بأن زاد مال أحدهما بالوراثة أو الهبة – بطلت المفاوضة وصارت الشركة‬
‫ِعنانا ألن المساواة ليست بشرس فيها كمايأتى‪.‬‬

‫‪ )2‬شركة العنان‪ :‬وتنعقد على الوكالة فق ‪ -‬ألنها من ضروريات التصرف – دون الكفالة ألنها‬
‫ليست من ضرورياته‪ ،‬واشتراطها في المفاوضة القتضاء لف المفاوضة المساواة بينهما كما سبق‪.‬‬

‫ويصح التفاضل في رأس المال مع التساوي في الربح‪ ،‬وكذا يصح التفاضل في الربح مع التساوي‬
‫في رأس المال‪ ،‬ألن الربح كما ُيستحق بالمال ُيستحق بالعمل أيضا‪ ،‬وقديكون أحدهما أ ْحذ ُي وأهدى‪ ،‬أو‬
‫أكثر عمال وأقوى فاليرضى بالمساواة فم َّس ْت الحاجة إلى التفاضل‪.‬‬

‫ويجوز أن يعقدها كل واحد منهما ببعض ماله‪ ،‬واليشترس أن يعقدها بكل ِ‬


‫ماله كما في المفاوضة‪،‬‬
‫ألن المساواة في المال ليست بشرس في العنان‪ .‬ومن اشترى منهما شي ا للشركة من مال الشركة طولب‬
‫بثمنه دون ا‪،‬خر لما مر أن العنان تتضمن الوكالة دون الكفالة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتجوز الشركة وإن لم ي ْخ ِلطا المالين ألن الشركة مستندة إلى العقد دون المال فلم يكن الخل‬
‫شرطا‪ ،‬فيتجر كل واحد منهما لحاله فيقسمان الربح بينهما على حسب االتفاي‪.‬‬

‫والتصح الشركة إذا ُشرس ألحدهما مقدار معين من الربح ألنه ربا‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويرد ثمنه وربحه)‬
‫ّ‬ ‫ولكل واحد من الشريكين أن ُيب ِضع المال (وهو أن يدفع المتاع إلى الغير ليبيعه‬
‫ْ‬
‫في المفاوضة والعنان وأن ُيوكل من يتصرف فيه‪ ،‬ويرهن ويرتهن‪ ،‬ويستأجر األجنبي عليه‪ ،‬ويبيع بالنقد‬
‫والنسي ة‪.‬‬

‫‪ )3‬شركة الصنائع‪ ،‬وتسمى شركة التقبل واألعمال واألبدان‪ .‬كخياطين أو صباغين أو خياس وصباا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يشتركان على أن يتقبال أعماال ويكون الكسب بينهما‪ ،‬جاز ذلك‪ .‬ومايتقبله كل منهما من العمل يلزمه ويلزم‬
‫ّ‬
‫شريكه‪ ،‬فإن عمل أحدهما دون ا‪،‬خر فالكسب بينهما على ما اتفقا عليه‪ .‬واليشترس فيه اتحاد العمل‬
‫والمكان‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ )4‬شركة الوجوه‪ :‬والرجالن يشتركان وال مال لهما ولكن لهما وجاه ٌة عند الناس‪ ،‬على أن يشتريا‬
‫بوجوههما ويبيعا فما حصل من الربح بينهما‪ ،‬فتصح الشركة على هذا المنوال‪ .‬وكل واحد منهما وكيل‬
‫ل خر فيما يشتريه‪ ،‬ألن التصرف على الغير اليجوز إال بوكالة أو والية‪ ،‬والوالية ههنا فتعينت الوكالة‪.‬‬

‫وليس لواحد من الشريكين – في األنواع األربعة – أن يؤدىي زكاة مال ا‪،‬خر إال بإذنه ألنه ليس‬
‫من جنس التجارة‪.‬‬

‫كتاب المضاربة‬

‫وهي عقد على الشركة فى الربح بمال(نقود) من أحد الشريكين وعمل من ا‪،‬خر‪ .‬ولصحتها شروس‪:‬‬

‫مسماة من الربح فسد العقد‪.‬‬


‫منها‪ :‬أن يكون الربح بينهما مشاعا‪ ،‬فإن ُشرِ س ألحدهما مقدار ّ‬
‫ومنها‪ :‬أن ُيس َّلم رأس المال إلى المضارب ليتمكن التصرف فيه كما يشاء‪.‬‬

‫وإذا صحت المضاربة بشروطها المذكورة وكانت مطلقة غير مقيدة بزمان أو مكان أو نوع جاز‬
‫ويبضع ويو ِّكل ويرهن ويرتهن إلطالي العقد فينتظم َّ‬
‫كل ما‬ ‫ِ‬ ‫للمضارب أن يشتري ويبيع بنقد ونسي ة ويسافر‬
‫هو من صنيع التجار‪ .‬وليس له أن يدفع المال مضاربة إال بإذن رب المال‪ ،‬فإن دفع بغير إذنه يضمن المال‪.‬‬
‫وإن كانت مقيدة ببلد بعينه أو بسلعة بعينها لم يجز للمضارب أن يخالفه‪.‬‬

‫وإذامات رب المال أو المضارب بطلت المضاربة ألنها توكيل فالوكالة تبطل بموتهما‬

‫وماهلك من مال المضاربة فهو من الربح ال من رأس المال‪ ،‬وإذاكان الهالك أكثر من الربح‬
‫فالضمان على المضارب ألنه أمين فاليكون ضمينا‪.‬‬

‫كتاب الوكالة‬

‫وهي إقامة الغير مقام نفسه في تصرف معلوم‪ .‬واألصل في الوكالة أن كل عقد جاز أن يعقد االنسان‬
‫بنفسه جاز أن يو ّكل به غيره‪ ،‬ألنه ربما يعجز عن المباشرة بنفسه لسبب ّما فيحتا إلى أن يو ّكل غيره‪.‬‬

‫حكم التوكيل في إثبات الحقوي واستيفائها‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫ويجوز التوكيل بالخصومة في جميع الحقوي وإثباتها لدى القاضي عند أبي حنيفة‪ ،‬وقال أبويوسف‪:‬‬
‫ِ‬
‫والخصومة فيه‪.‬‬ ‫اليجوز في إثبات الحد والقصاص‬

‫ويجوز أيضا باالستيفاء واإليفاء لسائر الحقوي إال في الحدود والقصاص فإنه اليصح التوكيل‬
‫باستيفائهما مع غيبة الموكل عن مجلس اإلنفاذ‪ ،‬ألنها تندرأ بالشبهات‪ ،‬وشبهة العفو محتملة حال غيبته‪.‬‬

‫واليجوز التوكيل بالخصومة إالبرضا الخصم عند أبي حنيفة‪ ،‬إال أن يكون الموكل مريضا أو بعيدا‪.‬‬
‫وقاال‪ :‬يجوز مطلقا‪.‬‬

‫اليسق حق التصرف من الموكل فيما و ّكل به بل يملكه وتلزمه أحكام ذلك التصرف‪،‬‬ ‫والتوكيل ُ‬
‫لمايم ِّلكه لغيره‪.‬‬
‫ألن الوكيل إنما يملك التصرف من جهته فالبد من كونه مالكا ُ‬
‫حقوي العقود في الوكالة‪:‬‬

‫والعقود التي يعقدها الوكالء على ضربين‪:‬‬

‫كل عقد تصح إضافته إلى نفسه ويستغني عن إضافته إلى الموكل‪ ،‬كالبيع والشراء‬
‫أحدهما‪ّ :‬‬
‫واإلجارة‪ ،‬فحقوقه تتعلق بالوكيل دون الموكل‪ ،‬ألن الوكيل هو العاقد حقيقة وحكما‪ ،‬فيكون هو المكلف‬
‫ويطال ُب بالثمن إذا اشترى ويقبض المبيع‪ ،‬وإذا اشترى سلعة وقبضها‬
‫عن تسليم المبيع وقبض الثمن إذا باع‪ُ ،‬‬
‫ثم اطلع على عيب فيها فله أن يردها على البائع ما دام المبيع بيده لتعلق الحقوي به‪ .‬حتى إذا طلب الموكل‬
‫من المشتري ثمن المبيع فله أن يمنعه ألنه أجنبي عن العقد وحقوقه‪ ،‬ألن الحقوي إلى العاقد في هذا‬
‫النوع‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬كل عقد اليصح إضافته إلى نفسه بل يضيفه إلى مو ّكله كالنكاح والخلع والصلح عن دم‬
‫فاليطالب وكيل الزو بالمهر‪ ،‬واليلزم وكيل المرأة في‬
‫العمد‪ ،‬فإن حقوقه تتعلق بالموكل دون الوكيل‪ُ ،‬‬
‫تسليمها للزو ألن الوكيل سفير‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عقد النكاح‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬وليس للوكيل أن ُيو ِّكل غيره فيما ُو ِّكل به‪ ،‬ألنه رضي برأيه والناس يتفاوتون في ا‪،‬راء‪ ،‬فاليكون‬
‫راضيا بغيره‪ ،‬إال إذا أذن له أو يقول له‪ :‬اعمل برأيك‪.‬‬
‫‪ -‬وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة متى شاء ألن الوكالة حقه فله أن يبطله‪ .‬وهو على وكالته‬
‫وجاز تصرفه حتى يبل العزل إليه ويعلمه‪.‬‬
‫‪ -‬وتبطل الوكالة بموت المو ّكل‪ ،‬وكذا بموت الوكيل لبطالن أهليته‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬والوكيل بالبيع والشراء اليجوز له أن يعقد عند أبي حنيفة مع من ُترد شهادته له مثل أبيه وأمه‬
‫وجده وجدته وولده وأحفاده وزوجته وعبده للتهمة‪ ،‬وألن المنافع بينهم متصلة فصار كأنه اشترى من نفسه‬
‫وهو اليجوز‪ .‬وقاال‪ :‬يجوز بيعه منهم بمثل القيمة‪ ،‬ألن التوكيل مطلق‪.‬‬
‫‪ -‬والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير عند أبي حنيفة‪ .‬وقاال‪ :‬اليجوز بيعه بنقصان فاحش‬
‫بحيف اليتغابن الناس في مثله‪ ،‬ألن مطلق األمر يتقيد بالمتعارف‪ ،‬والمتعارف‪ :‬البيع بثمن المثل‪.‬‬
‫‪ -‬والوكيل بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادة يسيرة بحيف يتغابن الناس في مثلها‪ ،‬واليجوز‬
‫بما اليتغابن الناس في مثله اتفاقا‪.‬‬

‫‪ -‬هام‪ :‬والذي اليتغابن الناس فيه هو‪ :‬ما اليدخل تحت تقويم ُ‬
‫المق ِّومين‪(.‬المراد بالمقومين‪ :‬هي ة‬
‫التقويم من أهل الخبرة)‪.‬‬

‫‪ -‬الغبن اليسير والغبن الفاحش‪:‬كل غبن يدخل تحت تقويم ُ‬


‫المق ِّومين فهو يسير(أي‪ :‬غبن مقبول)‪،‬‬
‫ومااليدخل فيه فهو فاحش‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا و ّكله الموكل بشراء شيء بعينه فليس له أن يشتريه لنفسه ألنه يؤدي إلى تغرير الموكل‪.‬‬

‫ماتناولته الوكالة المطلقة‪:‬‬

‫‪ -‬الوكالة بالخصومة تتناول الوكالة بالقبض عند أبي حنيفة وصاحبيه خالفا لزفر‪ .‬والوكالة بقبض‬
‫الدين تتناول الوكالة بالخصومة عند أبي حنيفة‪ ،‬وقاال‪ :‬التتناولها‪ ،‬ألنه ليس كل من ُيؤتمن على المال‪،‬‬
‫َّ‬
‫يعرِ ف طريق الخصومة فبالتالي لم يكن رضا بالقبض رضا بالخصومة‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند القاضي يعتبر إقراره باالتفاي‪ .‬فهل يعتبر إذا أقر عند‬
‫ّ‬
‫غير القاضي؟ قال أبو حنيفة ومحمد‪ :‬اليعتبر ألن اإلقرار إنما يكون جوابا عند القاضي‪ .‬وقال أبويوسف‪:‬‬
‫بمجلس القضاء‪ ،‬فكذا إقرار نائبه‪.‬‬ ‫يجوز ألنه قائم مقام الموكل‪ ،‬وإقراره اليخت‬
‫فالن الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم‪ ،‬أُ ِمر بتسليم الدين إليه ألنه‬
‫خ‬ ‫‪ -‬ولو ادعى رجل أنه وكيل‬
‫أقر باستحقاي القبض له‪ .‬فإن حضر الغائب فصدقه فبها وإال قضى الدين ثانيا ورجع به على الوكيل الذي‬
‫ادعى الوكالة‪.‬‬
‫فصدقه المودع‪ ،‬لم ُيؤمر بالتسليم إليه‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬ ‫خ‬
‫فالن الغائب بقبض الوديعة‬ ‫‪ -‬ولو ادعى رجل أنه وكيل‬
‫المودع أقر له بمال الغير بخالف الدين فإن المال له فيه‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫كتاب الكفالة‬

‫ذم خة إلى ذمة في المطالبة‪ .‬وهي ضربان‪ :‬كفالة بالنفس وكفالة بالمال‪.‬‬
‫وهي ضم َّ‬
‫‪ - 1‬والكفالة بالنفس جائزة إلطالي قوله عليه السالم‪" :‬الزعيم غارم"‪ .‬والكفالة هنا بإحضار‬
‫ت بنفس‬
‫المكفول به‪ ،‬ألن الحضور الزم على األصيل فجاز أن يلتزم الكفيل بإحضاره‪ .‬وتنعقد بقوله‪ :‬تك َّف ْل ُ‬
‫فالن‪ ،‬فإذا طولب به وجب عليه إحضاره‪ .‬وإذا مات المكفول به برف الكفيل بالنفس من الكفالة ألنه سق‬
‫الحضور عن األصيل فسق اإلحضار عن الكفيل‪ .‬والتجوز الكفالة بالنفس في الحدود والقصاص عند‬
‫أبي حنيفة‪ ،‬وتجوز عندهما (أي في إحضار من عليه الحدود والقصاص)‪.‬‬

‫‪ – 2‬الكفالة بالمال‪ :‬وهي جائزة أيضا‪ ،‬معلوما كان المال المكفول به أو مجهوال ألن معنى الكفالة‬
‫على التوسع والتسامح‪ .‬ومثال المعلوم أن يقول‪ :‬تكفلت عنه خ‬
‫بألف‪ ،‬ومثال المجهول أن يقول‪ :‬تكفلت بما‬
‫الدرك‪.‬‬ ‫لك على فالن‪ ،‬أو بما ُي ْدرِ ُكك في هذا البيع‪ .‬ويسمى هذا ضم ُ‬
‫ان َّ‬
‫‪ – 3‬ومن أحكامها‪:‬‬

‫‪ -‬والمكفول له (صاحب الحق) بالخيار إن شاء طالب الكفيل وإن شاء طالب األصيل ألن الكفالة‬
‫ضم ذمة إلى ذمة فى المطالبة كما مر‪.‬‬
‫ّ‬
‫بايعت فالنا فعلي‪ ،‬أو إن قدم فالن فعلي ما عليه‬
‫‪ -‬ويجوز تعليق الكفالة بالشرس مثل أن يقول‪ :‬إن ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من الدين‪.‬‬
‫‪ -‬وتجوز الكفالة بأمر المكفول عنه(األصيل) وبغير أمره ألنه الضرر فيه على األصيل‪ ،‬فإن كفل‬
‫أدى دينه بأمره‪ ،‬وليس له حق الرجوع قبل أداء الدين‪ .‬وإن كفل بغير أمره لم‬
‫أدى عليه ألنه ّ‬
‫بأمره رجع بما ّ‬
‫أداه ألنه متب ِر ٌع‪.‬‬
‫يرجع بما ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬وإذا أبرأ الطالب المكفول عنه أو استوفى حقه برف الكفيل‪ ،‬ألن إبراء األصيل توجب إبراء الكفيل‪.‬‬
‫غد فأنت‬
‫وإذا أبرأ الكفيل لم يبرأ األصيل لبقاء الدين عليه‪ .‬واليجوز تعليق البراءة بشرس كأن يقول‪ :‬إذا جاء ٌ‬
‫بري من الكفالة‪ ،‬ألن اإلبراء فيه معنى التمليك‪ ،‬فالتمليك اليقبل التعليق‪.‬‬
‫‪ -‬هام‪ :‬وكل حق اليمكن استيفا ه من الكفيل التصح الكفالة به كالحدود والقصاص‪ ،‬بأن قال‪" :‬إن‬
‫لم يحضر هو أقيموا الحد والقصاص علي"‪ ،‬ألن العقوبة التجري فيها النيابة‪ .‬وأما الكفالة باحضار من عليه‬
‫ّ‬
‫الحد والقصاص فهو على خالف كما سبق آنفا‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬وإذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك ماال فتك ّفل رجل عنه – وارثا كان او غيره – للغرماء لم‬
‫تصح الكفالة عند أبي حنيفة ألن الدين سق بموته فالتصح الكفالة بدين ساق ‪ .‬وقاال‪ :‬تصح ألنه كفل‬
‫بدين كان ثابت عليه ولم يوجد ِ‬
‫مسق ‪ ،‬فسؤاله عنه فى ا‪،‬خرة دليل على عدم سقوطه‪ .‬وهذا إذا كان بنية‬
‫طلب ما أداه من مال الميت‪ ،‬وأما إذا تبرع به انسان فيصح باالتفاي‪.‬‬

‫كتاب الحوالة‬

‫وهي نقل الدين من ذمة إلى ذمة‪ .‬وهي جائزة‪ .‬وتصح برضا المحيل(المديون) والمحال(الدائن)‬
‫والمحال عليه (الذي يقبل الدين)‪ .‬وإذا تمت الحوالة برف المحيل من الدين على المختار‪،‬وهو قول اإلمام‬
‫وصاحبيه‪ .‬وقال زفر‪ :‬اليبرأ اعتبارا بالكفالة‪ .‬ولهم أن الحوالة للنقل لغة فمتى انتقل الدين من الذمة اليبقى‬
‫واألحكام الشرعية يراعى فيها المعاني اللغوية‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيها‪ ،‬بخالف الكفالة فإنها للضم في اللغة‪،‬‬
‫ّ‬
‫واليرجع المحال‪ ،‬على المحيل إال إذا لم يستوف حقه‪.‬‬

‫الم ْقرِ ُض أمن خطرِ الطريق‪ .‬وصورته‪ :‬أن يدفع إلى تاجر مبلغا‬
‫قرض استفاد به ُ‬
‫الس ْفتج ُة وهي ٌ‬
‫وتكره ُ‬
‫ستفيد‬
‫نوع نف خع اُ ُ‬
‫قرضا ليدفعه إلى رجل في بلد آخر ليستفيد به سقوس خطر الطريق‪ .‬وقالوا بكراهتها لما فيه ُ‬
‫بالقرض‪ ،‬وقد نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن خ‬
‫قرض جر نفعا (كل قرض جر نفعا فهو ربا)‪.‬‬
‫ّ‬

‫كتاب الصلح‬
‫والصلح لغة‪ :‬المسالمة بعد المخالفة‪ ،‬وشرعا‪ :‬عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة‪( .‬وإذا ادعى‬
‫رجل حقا أو ماال على آخر‪ ،‬وأراد المدعى عليه أن يصالحه على مال ليترك المدعي الدعوى والخصومة‪،‬‬
‫فله ذلك)‪.‬‬

‫أضرب‪ :‬صلح مع إقرار‪ ،‬صلح مع سكوت‪ ،‬وصلح مع إنكار‪ .‬هذا فإنه‬


‫خ‬ ‫أنواعه‪ :‬وهو على ثالثة‬
‫حاالت‪ :‬إما أن يقره ويعترف به وإما أن‬ ‫إذا ادعى رجل حقا على آخر فالمدعى عليه اليخلو عن ثال‬
‫يرفضه وينكره وإما أن يسكت عليه‪ .‬ويجوز الصلح في الكل‪ ،‬ألنه يرفع التنازع المحظور في قوله تعالى‪:‬‬
‫"والتنازعوا"‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫اعتبِر فيه ما يعتبر فى البياعات من ثبوت خيار العيب‬ ‫بمال عن خ‬
‫مال ُ‬ ‫وإن وقع الصلح عن إقرار خ‬
‫والر ية والشرس وحق الشفعة‪ ،‬لوجود معنى البيع فيه‪ ،‬وهو مبادلة المال بالمال‪ .‬وإن وقع عن مال بمنافع‬
‫كسكنى دارخ فيعتبر فيه ما يعتبر فى اإلجارات من كون المدة واألجرة والمنفعة معلوما وبطالنه بموت أحد‬
‫ُ‬
‫المتعاقدين فى المدة‪ ،‬لوجود معنى اإلجارة فيه‪ ،‬وهو تمليك المنافع بمال‪.‬‬

‫الم َّدعى عليه الفتداء اليمين(أي لدفع‬


‫وإن وقع عن سكوت أوإنكار فهو جائز أيضا ألنه في حق ُ‬
‫دعي بمعنى المعاوضة‪،‬‬
‫الم ِ‬
‫اليمين عن نفسه) وقطع الخصومة‪ ،‬ألنه في زعمه أنه مالك لما فى يده‪ ،‬وفي حق ُ‬
‫ألنه فى زعمه يأخذ عوضا عن حقه فيعامل كل منهما على زعمه‪ .‬وعلى هذا‪ :‬فإذا صالح المدعى عليه عن‬
‫ُ‬
‫دار بانكار أو سكوت‪ ،‬لم تثبت فيها شفعة ألنه يزعم أنه لم يملكها بالصلح‪ .‬وإذا صالح على دارخ له وجبت‬
‫فيها الشفعة ألن ا‪،‬خذ يزعم أنه ملكها بعوض‪.‬‬

‫مايجوز فيه الصلح ومااليجوز‪:‬‬

‫والصلح جائز من دعوى األموال والمنافع وجناية العمد والخطأ‪ ،‬ألن كلها من حقوي العباد‪،‬‬
‫واليجوز من دعوى خّ‬
‫حد ألنه حق اهلل فاليجوز االعتياض عن حق غيره‪.‬‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا ادعى رجل على امرأة نكاحا وهى تنكره‪ ،‬فصالحته على مال حتى يترك الدعوى‪ ،‬جاز الصلح‬
‫وكان ذلك فى معنى الخلع‪.‬‬

‫‪ -‬ومن و ّكل رجال بالصلح عن دم العمد فصالحه لم يلزم الوكيل بدل الصلح ألنه سفير والسفير‬
‫الضمان عليه‪ ،‬بل يلزم الموكل‪ ،‬ألن العقد ُيضاف إليه‪.‬‬

‫خ‬
‫بمال أعط ْوه إياه جاز ذلك‪،‬‬ ‫التخار ‪ :‬وإذا كانت التركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها‬ ‫‪ -‬مسألة‬
‫ُ‬
‫أعطوه من حصته من الميرا أو كثيرا‪ ،‬ألنه أمكن تصحيحه بيعا(أي‪ :‬يمكن أن يعتبر بيعا‬‫ْ‬ ‫قليال كان ما‬
‫صحيحا)‪ .‬وفيه أثر عثمان رضى اهلل عنه فإنه صالح تن ِ‬
‫ماضر األشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف عن ُر ْب ِع‬
‫ُ‬
‫ُث ُم ِنها على ثمانين ألف دينار‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا كان فى التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح في مسألة التخار بأن قالوا لواحد منهم‪:‬‬
‫خذ هذا المال من التركة واترك الديون لنا فالتطلب منها شي ا‪ ،‬فالصلح باطل‪ ،‬ألن فيه تمليك الدين ِمن غير‬
‫من عليه الدين وهو باطل(أى أن الخار منهم م ّلك حقه من الدين إياهم‪ ،‬وهم ليسوا مدينين)‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬والحيلة فى تصحيح ذلك‪ :‬أنهم إن شرطوا أن ُيبرِ ف الخار ُ المدينين من حصته من الدين‬
‫ْ‬
‫واليرجع عليهم أحد بنصيب الخار ‪ ،‬فالصلح جائز‪ ،‬ألنه اسقاس وتمليك الدين ممن عليه الدين‪ ،‬وهو‬
‫جائز‪.‬‬

‫كتاب الهبة‬

‫وهي لغة‪ :‬التبرع وشرعا‪ :‬تمليك عين بغير عوض‪ .‬وتصح الهبة باإليجاب والقبول وتتم بالقبض(أي‬
‫اليملك الموهوب له الهبة إال بالقبض)‪ ،‬والقبض شرس لتمام الهبة‪ .‬والتجوز الهبة فيما ُي ْقسم إال إذا كان‬
‫محوزا مقسوما‪،‬ألن القبض الكامل اليمكن إال بعد القسمة‪ ،‬فمن وهب جزءا ُمشاعا فيما يحتمل القسمة‬
‫اليقسم فجائزة‪ ،‬ألن‬
‫قسمه وس ّلمه إليه جاز‪ .‬وأما هبة المشاع فيما ُ‬
‫كنصف األرض كانت الهبة فاسدة‪ ،‬فإن ّ‬
‫القبض القاصر هو الممكن فيكتفى به‪.‬‬

‫اليقسم"‪ :‬ماالينتفع به بعد‬


‫والمراد "بما ُيقسم"‪ :‬ما يمكن االنتفاع به بعد القسمة كاألرض‪ ،‬و "بما ُ‬
‫القسمة كالرحى‪ .‬والمراد بالحوزة‪ :‬تفر ُا الموهوب عن ملك الواهب‪.‬‬

‫مسائل في قبض الهبة‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا كانت العين الموهوبة في يد الموهوب له‪ ،‬ملكها بالقبول وإن لم يجدد قبضها ألن العين في‬
‫قبضته‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا وهب األب البنه الصغير هبة‪ ،‬ملكها االبن بالعقد وإن لم يوجد القبض من الصغير ألنها في‬
‫قبضة األب فينوب قبضه عن قبض االبن لواليته عليه‪ .‬وإذا وهب له أجنبي تمت الهبة بقبض األب لما‬
‫ذكرنا‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا ُو ِهبت لليتيم هبة فقبضها وليه له جاز وتمت الهبة‪ .‬ولي اليتيم‪ :‬األب ثم وصيه‪ ،‬ثم الجد ثم‬
‫ّ‬
‫وصيه‪ .‬وعند عدم هؤالء تتم بقبض من هو في حجره‪ :‬فإن كان في حجر أمه أو أخيه أو عمه فتمت بقبضهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ربيه فقبضه له جائز‪ ،‬ألن له عليه يدا معتبرة‪ .‬وإذا قبض الصبي الهبة بنفسه وهو‬
‫ُ ّ‬ ‫ي‬ ‫أجنبي‬ ‫حجر‬ ‫في‬ ‫كان‬ ‫وإن‬
‫يعقل – مميز – جاز ألنه في النافع المحض كالبال ‪.‬‬

‫مسائل في الرجوع في الهبة‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬وإذا وهب ألجنبي هبة فقبضها فللواهب الرجوع فيها ولكنه يكره للحديف‪" :‬العائد (الراجع) في‬
‫هبته كالكب العائد في قي ه(البخارى)‪ ،‬إال أن ُيع ِّوضه عنها أويزيد في العين زيادة متصلة أو يموت‬
‫أحدالمتعاقدين أو تخر الهبة من ملك الموهوب له فاليجوز الرجوع‪.‬‬
‫خ‬
‫محرم منه فالرجوع فيها ألن المقصود بها صلة الرحم وقد حصل‪ .‬وكذا‬ ‫‪ -‬وإن وهب هبة لذي خ‬
‫رحم‬
‫حكم ما وهب أحد الزوجين ا‪،‬خر ألن المقصود بها صلة أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬واليصح الرجوع في الهبة بعد القبض إال بتراضيهما أو بحكم الحاكم لوقوع االختالف فيه‪ ،‬فإذا‬
‫امتنع الموهوب له من تسليمها إلى الواهب بعد القضاء وهلك ضمنها‪ ،‬واليضمن قبله‪.‬‬
‫واعتبِر فيه‬
‫ُ‬ ‫عوضني كذا‪،‬‬
‫المعين جائزة مثل أن يقول‪ :‬وهبتك هذا على أن ُت ّ‬ ‫‪ -‬والهبة بشرس العوض‬
‫ّ‬
‫شروس الهبة من التقابض وعدم الشيوع وغيرها‪ ،‬ألنه هب ٌة ابتداء‪ .‬فإذا تقابضا صح العقد وكان في حكم البيع‬
‫انتهاء لوجود المعاوضة‪ ،‬فيجري فيه أحكام البيع فيرد العوضان بخيار العيب والر ية وتجب فيهما الشفعة‪.‬‬
‫ُ‬
‫العمرى والرقبى‪:‬‬

‫"جعلت لك داري ما دمت حيا فإذا ِم َّت ُر ّد ْت إلي"‪ ،‬والشرس فاسد والهبة‬
‫ُ‬ ‫الع ْمرى‪ :‬وهي أن يقول‪:‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للم ْعمرِ له في حياته ولورثته بعد موته لصحة التمليك وبطالن الشرس ألن الهبة التبطل بالشرس‬
‫جائزة‪ ،‬فالدار ُ‬
‫الفاسد‪.‬‬

‫والر ْقبى‪ :‬وهي أن يقول‪ْ " :‬أرقب ُتك هذه الدار"‪ ،‬أو‪" :‬هذه الدار لك ُر ْقبى"‪ ،‬معناه‪ :‬إن ِمت قبلك فهي‬
‫ْ‬
‫ت قبلي عادت إلي‪ .‬وهي باطلة عند أبي حنيفة ومحمد ألنه تعليق التمليك بالخطر‪ ،‬فإن س ّلمها‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫لك وإن م َّ‬
‫إليه كانت عارية‪ ،‬فله أخذها متى شاء‪ .‬وقال أبو يوسف‪ :‬هي جائزة ألن قوله‪" :‬داري لك" تمليك‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(س ِّمى بالرقبى ألن كل واحد منهما يراقب موت ا‪،‬خر)‪.‬‬
‫"ر ْقبى" شرس فاسد فيبطل كالعمرى‪ُ .‬‬
‫ُ‬
‫تبرع أيضا‪ ،‬والتجوز في مشا خع يحتمل القسمة‪ ،‬واليصح‬
‫والصدقة كالهبة فالتصح إال بالقبض ألنها ٌ‬
‫الرجوع فيها بعد القبض‪.‬‬

‫ومن نذر أن يتصدي ِ‬


‫بماله لزمه أن يتصدي بجنس ما تجب فيه الزكاة‪ ،‬ومن نذر أن يتصدي بملكه‬
‫لزمه أن يتصدي بجميع ماملكه ألنه أعم من لف "المال"‪ .‬والصحيح أن الثاني كاألول‪ ،‬ألن اللفظين يفيد‬
‫الفاضل عن الحاجة‬

‫كتاب الوقف‬

‫‪89‬‬
‫وهو لغة‪ :‬الحبس‪ ،‬وشرعا‪ :‬حبس العين على ملك الواقف والتصدي بالمنفعة عند أبي حنيفة‪.‬‬
‫وعندهما‪ :‬حبسها على حكم ملك اهلل تعالى‪.‬‬
‫ْ‬
‫واليخر الموقوف من ملك الواقف واليلزم إال بأحد األمرين‪ :‬أن يحكم الحاكم بلزومه‪ ،‬أو أن‬
‫وقفت داري على كذا‪ ،‬فيصح الرجوع عنه ويجوز بيعه قبل‬
‫ُ‬ ‫يع ّلقه الواقف بموته بأن يقول‪ :‬إذا ِمت فقد‬
‫"وقفت داري"‪ ،‬سواء كان في المشاع‬
‫ُ‬ ‫لزومه‪ .‬هذا عند أبي حنيفة‪ .‬وقال أبويوسف‪ :‬يزول الملك بمجرد قوله‪:‬‬
‫أوغيره‪ ،‬س ّلمه إلى المتولي أو ال‪ .‬وقال محمد‪ :‬اليزول الملك حتى يستوفي أربعة شروس‪ )1 :‬أن يجعل‬
‫ويس ّلمه إليه‪ )2 ،‬وأن يكون مفرزا غيرمشا خع‪ )3 ،‬وأن اليشترس لنفسه شي ا من منافع‬ ‫ِ‬
‫الواقف للوقف متولّيا ُ‬
‫الوقف‪ )4 ،‬وأن يكون مؤ َّبدا‪ ،‬بأن يجعل آخره للفقراء لو اندس الوقوف له‪.‬‬

‫ومن أحكامه‪:‬‬

‫‪ -‬وقف المشاع الذي يمكن تقسيمه‪ ،‬جائز عند أبي يوسف ألن قبض المتولي أو التسليم إلى‬
‫الموقوف له‪ ،‬ليس بشرس عنده‪ .‬واليجوز عند محمد ألن التسليم أو القبض شرس عنده كما سبق‪ ،‬فاليمكن‬
‫ذلك في المشاع‪.‬‬
‫متأب ٌِد‪ .‬وأما وقف المنقول ففيه خالف بينهم‪ :‬فعند اإلمام اليصح‬
‫‪ -‬ويصح وقف العقار اتفاقا ألنه ّ‬
‫النعدام شرس األبد‪ .‬وعند أبي يوسف‪ :‬يصح تبعا المقصودا فإذا وقف ضيعة ببقرها وعبيدها جاز‪ ،‬وكذا‬
‫ْ‬
‫سائر آالت الحراثة‪ ،‬ألنه تب ٌع لألرض في تحصيل ما هو المقصود‪ .‬فإنه قد يثبت من الحكم تبعا ما اليثبت‬
‫مقصودا كحق ِ‬
‫الشرب في بيع الحقل‪ .‬وقال محمد‪ :‬يصح مقصودا فيجوز حبس الخيل عنده استحسانا‬
‫ل ثار المشهورة فيه‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا صح الوقف بالشروس المذكورة ولزم‪ ،‬لم يجز بيعه والتمليكه بعد ذلك لخروجه عن ملك‬
‫الواقف‪ .‬واألصل في ذلك مارواه البخارى وغيره أن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه كان له أرض تُ ْدعى‬
‫استفدت ماال نفيسا أفأتصدي به؟ فقال عليه السالم‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ث ْمغا وكانت نخال نفيسا فقال عمر‪ :‬يارسول اهلل إني‬
‫واليوهب واليور ‪ ،‬ولكن ُت ْنف ُق ثمرته على المساكين"‪ ،‬فتصدي عمر في سبيل اهلل‬
‫ُ‬ ‫اليباع‬
‫"تصدي بأصله ُ‬
‫ْ‬
‫وفي الرقاب والمساكين وابن السبيل وذوي القربى‪.‬‬
‫‪ -‬والواجب أن ُيبدأ من ر ْي ِع الوقف(غ َّل ِت ِه) ِبعمارته‪ ،‬سواء شرس الواقف ذلك أو ال‪ ،‬ألن قصد الواقف‬
‫ْ‬
‫مؤبدا‪ ،‬والتبقى دائمة إال بالعمارة‪ ،‬فيثبت شرس العمارة اقتضاء‪.‬‬ ‫صرف الغلة ّ‬
‫ُ‬
‫‪ -‬وإذا جعل الواقف غ َّلة الوقف أو بعضها لنفسه أو جعل الوالية على الوقف إلى نفسه جاز عند‬
‫أبي يوسف‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ومن بنى سقاية للمسلمين أو خانا يسكنه بنو السبيل(المسافرون) أو رباطا يسكنه الفقراء أو وقف‬
‫أرضه مقبرة‪ ،‬لم ي ُزل ملكه عنه عند أبي حنيفة حتى يحكم به القاضي‪ .‬وقال أبويوسف‪ :‬يزول ملكه ألن‬
‫التسليم إلى لمتولي أو إلى الموقوف عليه ليس بشرس عنده‪ .‬وقال محمد‪ :‬اليزول ملكه إال إذا استقى الناس‬
‫من السقاية وسكنوا الخان والرباس ودفنوا في المقبرة‪ ،‬زال الملك ألن التسليم شرس عنده‪.‬‬

‫كتاب الغصب‬

‫وهو فى اللغة‪ :‬أخذ الش من الغير على سبيل التغلب والقهر‪ .‬وشرعا‪ :‬أخذ مال ُمتق ِّو خم محترم بغير‬
‫إذن المالك على وجه يزيل يده‪.‬‬

‫ومن غصب عينا فالواجب عليه رد العين المغصوبة إن كانت قائمة‪ ،‬وإن هلكت‪ :‬فإن كانت مما‬
‫تعذرت‬
‫لها مثل فعليه الضمان بمثلها‪ ،‬وإن كانت مما المثل لها فعليه قيمتها يوم الغصب اتفاقا‪ ،‬ألنه لما َّ‬
‫مراعاتها صورة بتفاوت ا‪،‬حاد وجبت مراعاة المعنى فق وهو المالية دفعا للضرر بقدر اإلمكان‪.‬‬

‫ويح ّول عند أبي حنيفة وأبي يوسف ‪ ،‬فإذا غصب عقارا وهلك بآفة‬
‫والغصب إنما يتحقق فيما ينقل ُ‬
‫سماوية‪ ،‬لم يضمنه عندهما ألن الغصب لم يتحقق النعدام إزالة يد المالك لعدم وجود النقل والتحويل في‬
‫العقار‪ .‬وقال محمد‪ :‬يضمنه ألن الغاصب أثبت يده عليه المتناع تصرف المالك فيه‪ ،‬ومن ضرورته زوال‬
‫من العقار بفعل الغاصب‬ ‫محل واحد في حالة واحدة مستحيل‪ .‬وما نق‬
‫يد المالك ألن اجتماع اليدين على ّ‬
‫كتخريبه إياه‪ ،‬ضمنه في قولهم جميعا ألنه إتالف والعقار ُيضمن باإلتالف‪.‬‬

‫وإذا هلك المغصوب النقلي في يد الغاصب بفعله أو بغير فعله ضمنه‪ ،‬لدخوله في ضمانه بالغصب‬
‫السابق‪ ،‬وإن نق في يده فعليه ضمان النقصان‪ .‬وقيد بالنقصان‪ ،‬ألنه لو تراجع(نزل) السعر اليضمن ألنه‬
‫َّ‬
‫عبارة عن فتور الرغبات‪ ،‬دون فوت الجزء‪.‬‬

‫وإ ذا تغيرت العين المغصوبة بفعل الغاصب حتى زال اسمها وأعظم منافعها – كمن غصب شاة‬
‫فذبحها وشواها أو طبخها – زال ملك صاحبها عنها وملكها الغاصب بالضمان‪ ،‬ولكن لم يحل له االنتفاع‬
‫بها حتى يؤدي بدلها استحسانا‪ ،‬ألن في إباحة االنتفاع قبل أداء البدل‪ ،‬فتح باب الغصب‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫ورد األرض‬
‫‪ -‬ومن غصب أرضا فغرس فيها أشجارا أو بنى بناء‪ ،‬وجب عليه قلع الغرس والبناء ّ‬
‫إلى صاحبها كما أخذها‪ ،‬ألن األرض اليمكن غصبها حقيقة فبقي فيها حق المالك كما كان‪ ،‬والغاصب‬
‫بقلع األشجار وهدم البناء‪ ،‬فللمالك أن يضمن‬ ‫أشغلها فيؤمر بتفريغها‪ .‬وإن كانت األرض المغصوبة تنق‬
‫للغاصب قيمة البناء والغرس مقلوعا ويملكها مع األرض‪ ،‬ألن في ذلك نظرا(مصلحة) لهما ودفع الضرر‬
‫عنهما‪.‬‬
‫ضمن القمال‬
‫‪ -‬ومن غصب ُقماشا(أو سيارة) فصبغه بلون زادت قيمته به فصاحبه بالخيار‪ :‬إن شاء ّ‬
‫الصب ُ ألن فيه رعاية للجانبين‪.‬‬‫غير مصبوا وإن شاء أخذ وض ِمن قيمة ما زاد ِ‬
‫ّ ْ‬
‫فضمنها المالك قيمتها‪ ،‬ملكها الغاصب‪ ،‬ألن المالك ملك البدل بكماله‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬ومن غصب عينا فأخفاها‬
‫المبدل بكماله‪ ،‬وليس له أن يأخذ العين وبدلها ألن اجتماع البدلين في‬ ‫فيقتضي ذلك أن يملك الغاصب‬
‫ُْ‬
‫ملك شح واحد غير جائز في الشرع‪.‬‬
‫‪ -‬واليضمن الغاصب منافع ماغصبه كركوب الدابة(السيارة) وسكنى الدار وخدمة العبد‪ ،‬ألنها‬
‫المغصوب باستعماله‬ ‫في ملكه‪ ،‬إال أن ينق‬ ‫حصلت على ملك الغاصب‪ ،‬واالنسان اليضمن ما حد‬
‫في ْغرم النقصان كما مر‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا استهلك المسلم خمر ذمي أو خنزيره ضمن قيمتهما ألنهما مال في حقه ومعتقداته ونحن‬
‫ّ‬
‫أ ُ ِمرنا بتركهم وما يدينون للحديف‪" :‬اتركوهم وما يدينون"‪ .‬وإذا استهلك ذمي خمر مسلم وخنزيره(بأن أسلم‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وهما في يده) لم يضمن ألنهما ليسا بمال في حق المسلم بل هو مأمور بإتالفهما وممنوع عن تملكهما‪.‬‬

‫كتاب الوديعة‬
‫وهي لغة‪ :‬الترك‪ ،‬وشرعا‪ :‬تسلي الغير على حف ماله (أو ترك المال عند الغير ليحفظه)‪.‬‬

‫والوديعة أمانة في يد المودع (بفتح الدال)‪ ،‬فإذا هلكت من غير خّ‬


‫تعد لم يضمنها‪ .‬وللمودع أن يحفظها‬
‫بنفسه وبمن في عياله الذي يسكن معه من زوجته وولده وأجيره‪ ،‬فإن حفظها بغيرهم أو أودعها غيرهم‬
‫التس ّل ْمها‬ ‫ِ‬
‫المودع (بكسر الدال)‪ُ :‬‬ ‫فهلك‪ ،‬ضمنها ألن المالك رضي بيده‪ ،‬واأليادي تختلف في األمانة‪ .‬ولوقال‬
‫إلى زوجتك وس ّلمها إليها وهلكت لم يضمنها ألنها من عياله‪ .‬وإن قال له‪ :‬احفظها في هذه الغرفة فحفظها‬
‫في غرفة أخرى وهلكت لم يضمن‪ ،‬ألن الشرس غير مفيد فإن الغرفتين في بيت واحد التتفاوت في الحرز‪،‬‬
‫وإن حفظها في بيت آخر ضمن ألن البيتين يتفاوتان في الحرز فكان الشرس مفيدا‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫تعدى المودع على الوديعة كأن كانت دابة (أو سيارة) فركبها أو ثوبا فلبسها ثم أزال التعدي‪،‬‬
‫وإذا َّ‬
‫زال الضمان لزوال سببه وهو التعدي‪ .‬فإن طلبها صاحبها فجحدها فهلكت ضمنها ألنه صار غاصبا‪.‬‬

‫وإن أودع رجالن عند رجل وديعة ثم حضر أحدهما فطلبها‪ :‬فإن كانت من القيميات اليدفعها إليه‬
‫ّ‬
‫إتفاقا‪ .‬وإن كانت من ذوات األمثال(مثل الحنطة) فحضر أحدهما وطلب نصيبه منها‪ ،‬اختلفوا فيه‪ :‬فعند أبي‬
‫حنيفة لم يدفع إليه شي ا حتى يحضر ا‪،‬خر‪ ،‬ألنه اليمكن التسليم إال بتقسيم الوديعة وليس للمودع واليته‪.‬‬
‫وقاال‪ :‬يدفع ألنه يطالبه بنصيبه الذي س ّلمه إليه‪.‬‬

‫كتاب العارية‬

‫وهي (بتشديد الياء وتخفيفها) تمليك المنافع بغير عوض كمن استعار كتابا ليطالعه ثم يرده‪ .‬وهي‬
‫جائزة ألنها نوع إحسان وقد استعار النبي عليه السالم دروعا من صفوان‪ .‬وتنعقد باإليجاب والقبول‪،‬‬
‫عقد تبر خع فعقد التبرع غير الزم‪.‬‬
‫وللمعير أن يرجع متى شاء ألنها ُ‬
‫ُ‬

‫حكمها‪ :‬والعارية أمانة في يد المستعير فإن هلكت من غير خّ‬


‫تعد لم يضمن ولو بشرس الضمان (وقيل‪:‬‬
‫يتعد‪ .‬مجمع األنهر‪ .)347/2:‬وله أن يعيره إن كان ممااليختلف‬‫يضمن إن شرس المعير الضمان وإن لم ّ‬
‫تعمل كالكتاب‪ ،‬ألنه ملك المنافع‪ ،‬ومن ملك شي ا جاز له أن ُيم ِّلكه‪ .‬وإن اختلف فليس له‬
‫باختالف المس ِ‬
‫ُ ْ‬
‫ذلك ألنه رضي باستعماله ال باستعمال غيره‪.‬‬

‫وعارية النقود والمكيل والموزون قرض‪ ،‬ألن اإلعارة تمليك المنافع واليمكن االنتفاع بها إال‬
‫باستهالك عينها فيقتضي تمليك العين ضرورة‪.‬‬

‫وإذا استعار أرضا ليبني بناء أو يغرس أشجارا جاز ‪ ،‬وللمعير أن يرجع فيها متى شاء إن كانت غير‬
‫مؤقتة بوقت‪ ،‬ألنها عقد غير الزم‪ ،‬ويك ّلف المستعير ق ْلع البناء واألشجار‪ .‬وإن كان فيه ضرر باألرض ُي ْترك‬
‫ويدفع المعير قيمة البناء واألشجار مقلوعين لدفع الضرر‪ .‬وإن كانت مؤقتة بوقت فرجع قبل الوقت‪ ،‬ضمن‬
‫ُ‬
‫المعير للمستعير ما يتضرر بالقلع‪ ،‬ألنه مغرور من جهته‪.‬‬

‫المؤ ِجر ألن الواجب على‬


‫وأجرة رد العارية على المستعير‪ ،‬وأجرة رد العين المستأجرة على ْ‬
‫المستأجر التخلية دون الرد‪ ،‬وأجرة رد العين المغصوبة على الغاصب‪ ،‬وأجرة رد العين المودعة على‬
‫ِ‬
‫المودع‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫كتاب ال َّل ِقي‬

‫معناه‪ :‬وهو مولود طرحه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من التهمة‪ .‬وهو حر مسلم تبعا للدار(دار‬
‫ْ‬
‫االسالم)‪.‬‬

‫نفقته‪ :‬ونفقته من بيت المال‪ ،‬ألنه مسلم عاجز عن التكسب وال مال له وال قرابة وألن ميراثه لبيت‬
‫المال‪ ،‬فالخرا بالضمان‪ ،‬والغنم بالغرم‪ .‬وإن أنفق ملتقطه عليه من غير إذن من القاضي كان متبرعا لعدم‬
‫الوالية له عليه‪.‬‬

‫نسبه‪ :‬وإن ّادعى مسلم أو ذمي أنه ابنه فالقول قوله مع يمينه استحسانا‪ ،‬ألنه إقرار له بما ينفعه‪ .‬وإن‬
‫ادعاه اثنان ووصف أحدهما عالمة في جسده فهو أولى به ألن الظاهر شاهد له‪ .‬وإن لم يصف أحدهما‬
‫عالمة فهو ابناهما الستوائهما في السبب‪.‬‬

‫وماله‪ :‬وإن ُوجد مع اللقي مال فهو له اعتبارا للظاهر‪.‬‬

‫وتصرفات الملتق فيه‪ :‬واليجوز تزويجه النعدام سبب الوالية‪ ،‬والتصر ُفه في ماله ألن واليته‬
‫ضعيفة‪ .‬ويجوز أن يقبض له الهبة ألنه نفع محض‪ ،‬ويؤ ِ ّدبه ويع ّلمه ويس ّلمه في صناعة‪.‬‬

‫كتاب اللقطة‬

‫با‪،‬دمي واللقط ُة بالمال‪ .‬واللقطة‪– :‬‬ ‫معناها‪ :‬واللقي واللقطة من أصل واحد إال أن ال َّل ِقي اخت‬
‫الم ْل ُتق ‪.‬‬
‫وتس َّكن ‪ :-‬اسم للمال ُ‬
‫بفتح القاف‪ُ ،‬‬

‫الملت ِق إذا أشهد أنه يأخذها ليحفظها ويردها على صاحبها‪.‬‬


‫ُ‬ ‫وصفها وحكمها‪ :‬وهي أمانة في يد‬
‫تعد كما هو األصل في األمانات‪ ،‬ألن األخذ على هذا الوجه مأذون‬ ‫والضمان عليه إن هلكت من غير ّ‬
‫شرعا‪ ،‬بل هو األفضل عند عامة العلماء‪ ،‬وبل هو واجب إذا خاف الضياع‪ .‬فما كان هذا شأنه لم يكن‬
‫مضمونا عليه‪ ،‬ألن الجواز الشرعي ينافي الضمان‪.‬‬

‫ِ‬
‫الملتق ‪،‬‬ ‫أقل من عشرة دراهم عرفها في المجامع أياما على حسب رأي‬‫تعريفها‪ :‬وإن كانت قيمتها َّ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫الملتق ‪ ،‬فيعرفها حتى يغلب على‬ ‫مفوض ٌة إلى رأي‬
‫ُ ّ‬ ‫وإن كانت أكثر‪ ،‬عرفها حوال‪ .‬وقيل‪ :‬إن مدة التعريف َّ‬
‫‪94‬‬
‫نه أن صاحبها اليطلبها بعد ذلك‪ .‬فإن جاء صاحبها دفعها إليه وإال تصدي بها على الفقراء‪ .‬وإن جاء‬
‫ِ‬
‫الملتق ألنه تصرف في مال‬ ‫ضمن‬
‫صاحبها بعد أن تصدي بها فهو بالخيار‪ :‬إن شاء أمضى الصدقة وإن شاء َّ‬
‫الغير بغير إذنه‪ .‬وإن كانت اللقطة شي ا تافها‪ ،‬وغلب على نه أن صاحبها اليطلبها‪ ،‬جاز له االنتفاع بها من‬
‫غير تعريف‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫‪ -‬ويجوز التقاس الشاة اتفاقا‪ ،‬وكذا البقر والبعير عند الحنفية خالفا لألئمة الثالثة‪ .‬فإن أنفق الملتق‬
‫على اللقطة بغير إذن الحاكم فهو متبرع لقصور واليته‪ ،‬وإن أنفق بإذنه كان دينا على صاحبها‪ .‬وإذا حضر‬
‫مالكها فللملتق أن يمنعه حتى يأخذ ما أنفقه عليها‪.‬‬
‫‪ -‬ولقطة ِ‬
‫الح ّ ِل والحرم سواء في جواز االلتقاس‪ .‬وأما ما روي في عدم جوازه فمحمول على االلتقاس‬
‫بغير نية التعريف‪.‬‬
‫حل‬
‫‪ -‬واليتصدي باللقطة على غني‪ .‬وإن كان الملتق غنيا لم يجز له أن ينتفع بها ألنه ليس بم ّ خ‬
‫للصدقة‪ ،‬وإن كان فقيرا فالبأس أن ينتفع بها ألنه محل للصدقة‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز للملتق الغني أن يتصدي بها على أبيه وابنه وأمه وزوجته إن كانوا فقراء ألنهم محل‬
‫للصدقة‪.‬‬

‫كتاب الخنثى‬

‫وإذاكان للمولود فر وذكر فهو خنثى‪ :‬فإن كان يبول من الذكر فهو غالم وإن كان يبول من الفر‬
‫فهو أنثى‪ .‬وإذا بل وخرجت له لحية أو احتلم احتالم الرجال فهو رجل‪ ،‬فتجري عليه أحكام الرجل‪ ،‬وإن‬
‫هر له ثدي كثدي المرأة أو حاض فهو امرأة‪ ،‬فتجري عليه أحكام المرأة‪ .‬فإن لم تظهر له إحدى هذه‬
‫العالمات أو تعارضت(ولم يمكن تعيين أحد الطرفين بإجراء العملية الجراحية) فهو خنثى مشكل‪ ،‬وله‬
‫أحكام مخصوصة‪:‬‬

‫‪ -‬يقف بين صف الرجال والنساء لصالة الجماعة‪.‬‬


‫‪ -‬وإذا مات أبوه وخ ّلف معه ابنا فالمال بينهما على ثالثة أسهم عند أبي حنيفة‪ :‬فلالبن سهمان‬
‫وللخنثى سهم‪ ،‬ألن ذلك ثابت بيقين‪ ،‬والزيادة مشكوكة فيها‪ .‬وعندهما‪ :‬للخنثى نصف ميرا الذكر ونصف‬
‫األنثى‪.‬‬ ‫ميرا‬
‫‪ -‬وله أحكام أخرى في ختانه وغسل جنازته والصالة عليه‪ُ ،‬تطلب من كتب الفروع‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫كتاب المفقود‬

‫وهو انسان غائب انقطع خبره فالتعلم حياته والموته‪ .‬وينصب له القاضي من يحف ماله ويستوفي‬
‫حقوقه وينفق من ماله على زوجته وأوالده الصغار‪ ،‬واليفري بينه وبين امرأته‪ ،‬ألن الغيبة التوجب الفرقة‪.‬‬
‫فإذا تمت له مائة وعشرون سنة من يوم ُولد حكم بموته‪ ،‬ألن الظاهر أنه اليعيش أكثر منها‪ .‬وإذا حكم بموته‬
‫اعتدت امرأته عدة الوفاة و ُق ِسم ماله بين ورثته الموجودين في وقت الحكم بموته‪ .‬ومن مات قبل ذلك من‬
‫المفقود من أحد مات في حال فقده لعدم تحقق‬ ‫من المفقود شي ا لعدم تحقق موته‪ .‬والير‬ ‫ورثته لم ير‬
‫عند موت المورِ ‪ ،‬ولم يتوفر هذا الشرس في‬ ‫حياته‪ ،‬ألنه من شروس اإلر ‪ :‬أن تتحقق حياة الوار‬
‫المفقود‪.‬‬

‫كتاب إحياء األرض الموات‬

‫معناه‪ :‬واألرض الموات‪ :‬هي ما الينتفع به من األرض النقطاع الماء عنه أو لغلبته عليه أو ما أشبه‬
‫مما يمنع الزراعة‪ .‬و إحيا ها‪ ،‬إصالحها بالبناء أوالغرس أو ِ‬
‫لكراب أو غير ذلك‪ .‬فما كان منها قديم الخراب‬
‫اليعرف لها مالك في اإلسالم‪ ،‬أو كان مملوكا في اإلسالم ولكن لطول تركه وعدم االنتفاع به اليعرف له‬
‫مالك بعينه‪ ،‬وهو بعيد من العامر بحيف إذا وقف انسان جهوري الصوت في أقصى العامر فصاح بأعلى‬
‫صوته لم ُي ْسمع الصوت فيه‪ ،‬فهي موات عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ .‬وقال محمد‪ :‬إن ُملكت فى اإلسالم‪،‬‬
‫التكون مواتا‪ .‬وإن لم ُيعرف مالكها تكون لجماعة المسلمين(لبيت المال)‪.‬‬

‫إذن اإلمام(الدولة)‪:‬‬

‫ومن أحيا أرضا بإذن اإلمام ملكه اتفاقا‪ ،‬وأما بغير إذنه فلم يملكه عند أبي حنيفة ألنه غنيمة‬
‫للمسلمين‪ .‬وقاال‪ :‬يملكه ألنه مال مباح سبقت إليه يده كالحطب والصيد‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫سنين أخذها اإلمام‬ ‫‪ -‬الت ْح ِجير‪ :‬ومن ّ‬


‫حجر أرضا(وضع عالمة من حجرخ أو غيره) ولم ُيحيِها ثال‬
‫منه ودفعها إلى غيره‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬ومن حفر ب را في ب ِّر َّية فله حريمها‪ :‬فإن كانت للعط ِن ُ‬
‫(منا ِخ اإلبل) فحريمها من كل جانبها أربعون‬ ‫خ‬
‫ذراعا‪ .‬وإن كانت للناضح (وهى التى ُيستخر ما ها بسير اإلبل ونحوها) فحريمها ستون ذراعا‪ .‬وإن كانت‬
‫عينا جارية فحريمها ثالثمائة ذرا خع من كل جانب‪ ،‬فمن أراد أن يحفر ب را في حريمها‪- ،‬ب را كانت أو عينا‪-‬‬
‫ُمنع منه كي اليتحول الماء إلى الثانى فيتعطل األول‪.‬‬
‫‪ -‬والمسلم والذمي سواء في إحياء األرض الموات‪.‬‬

‫كتاب اإلباي‬

‫وهو هروب المملوك‪/‬العبد وفراره‪ .‬وهو من سوء األخالي‪ ،‬ونُدب أخذه لمن قوي عليه ورده إلى‬
‫وبعدا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجعل يختلف باختالف المسافة قربا ُ‬
‫ُ‬ ‫و‪،‬خذه ُج ْع ٌل عليه‪ ،‬ومقدار‬ ‫مواله‪،‬‬

‫كتاب المأذون‬

‫فك الح ْجرِ ‪ .‬هذا فإن المملوك(عبدا كان أو جارية) محجور أصال‬
‫واإليذان لغة‪ :‬اإلعالم‪ ،‬وشرعا‪ّ :‬‬
‫فليس له أن يبيع ويشتري ويتصرف في سائر التجارات إال إذا أذن مواله وأعلن ذلك بين أهل التجارة‪،‬‬
‫فصار مأذونا فله أن يتصرف في كل ما يتعلق بالتجارة إن كان اإلذن عاما‪ ،‬وفيما أذن له إن كان محدودا‪.‬‬

‫كتاب المزارعة‬
‫والمزارعة‪ – :‬وتسمى المخابرة والمحاقلة – وهي عقد على الزرع ببعض الخار كالثلف والربع‪.‬‬
‫وهي باطلة عند أبي حنيفة لما ُر ِوي أنه عليه السالم‪" :‬نهى عن المخابرة"(رواه البخارى)‪ ،‬وألن األجر‬
‫مجهول‪ ،‬أو معدوم وكل ذلك مفسد‪ .‬وهي جائزة عندهما لما ُروي أنه عليه السالم‪" :‬عامل أهل خيبر على‬
‫ِ‬
‫نصف ما يخر من ثمرخ أو زر خع"(رواه البخارى)‪ ،‬وألنه عقد شركة بين المال والعمل فيجوز اعتبارا‬
‫بالمضاربة‪ .‬والفتوى على قولهما لحاجة الناس إليها ولظهور تعامل األمة بها‪ .‬والقياس يترك بالتعامل كما‬
‫فى االستصناع‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫ولما كان العمل والفتوى على قولهما‪ ،‬فرع عليه القدوري فقال‪ :‬والتصح المزارعة إال بشرطين‪ :‬أن‬
‫َّ‬
‫تكون المدة معلومة‪ ،‬وأن يكون الخار مشاعا بينهما كالثلف والربع تحقيقا للشركة‪ ،‬ألن شرس جزء معين‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫يقطع الشركة‪ ،‬فإن ُشرِ س قدر معلوم ألحدهما بطل العقد الحتمال أن اليخر إال ذلك‪.‬‬

‫يخر شيء فال شيء للعامل‪ .‬وإذا‬


‫وإذاصحت المزارعة فالخار بينهما على ما شرطا‪ ،‬وإن لم ْ‬
‫مات أحد المتعاقدين بطلت المزارعة اعتبارا باإلجارة‪.‬‬

‫‪ ،‬فإن شرطا ذلك على العامل وحده‬ ‫وأجرة الحصاد والنقل ِّ‬
‫والدياس والتذرية عليهما بالحص‬
‫ففيه قوالن‪ :‬قيل‪ :‬إنه يفسد العقد ألنه شرس اليقتضيه العقد‪ ،‬وفيه منفعة ألحدهما‪ ،‬وهو اهر الرواية‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫إنه يصح أخذا بالتعامل‪.‬‬

‫كتاب المساقاة‬

‫الس ْقي‪ ،‬وشرعا‪ :‬دفع الشجر إلى من ُيصلحه بجزء من ثمرِ ه‪ .‬وهى باطلة عند‬
‫وهي لغة‪ :‬مفاعلة من َّ‬
‫أبي حنيفة وجائز عندهما كما في المزارعة‪ .‬والفتوى على قولهما إذا كانت المدة معلومة‪ ،‬والحصة معلومة‬
‫من الثمرة ومشاعا‪.‬‬

‫وإذا فسدت المساقاة فللعامل أجر مثله كما في اإلجارة الفاسدة‪ .‬وتبطل المساقاة بموت أحدهما‬
‫كاإلجارة‪.‬‬

‫كتاب النكاح‬

‫معناه‪ :‬وهو لغة‪ :‬الضم والجمع‪ .‬وشرعا‪ :‬عقد يفيد ملك المتعة قصدا (ال تبعا)‪.‬‬

‫وانعقاده‪ :‬وينعقد باإليجاب والقبول‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫شاهدين حر ْين بالغين عاقلين‬
‫ْ‬ ‫حكم الشهادة وشروطها‪ :‬والينعقد نكاح المسلمين إال بحضور‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫رجل وامرأتين‪ُ ،‬ع ُدوال كان الشهود أو‬
‫خ‬ ‫مسلمين سامعين قولهما فاهمين كالمهما على المذهب‪ ،‬رجلين أو‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫غير عدول أو محدودين في قذف أو أعميين أو ابني الزوجين أو ابني أحدهما ألن كال منهم أهل للوالية‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تحمال‪ ،‬وإنما التقبل شهادة القريب لقريبه أداء للتهمة‪ ،‬فاليبالى بفواته في النكاح‪.‬‬
‫فيكون أهال للشهادة ّ‬
‫وإن تزو مسلم ذمية بشهادة ذميين جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف ولكن اليثبت النكاح بشهادتهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عند جحود الزو لعدم جواز شهادة الكافر على المسلم ‪ ،‬وقال محمد‪ :‬اليصح نكاحه إال بشهادة مسلمين‪.‬‬
‫ْ‬
‫النساء المذكورات في آية المحرمات التالية(سورة‬ ‫المحرمات‪ :‬واليجوز للرجل أن يتزو‬
‫ّ‬
‫النساء‪:)23:‬‬

‫"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخاالتكم وبنات األخ وبنات األخت‬
‫وأمهاتكم الّتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم الّتي في حجوركم من نسائكم‬
‫بهن ‪ -‬فإن لم تكونوا دخلتم بهن فالجناح عليكم – وحالئل أبنائكم الذين من أصالبكم‪ ،‬وأن‬
‫الّتي دخلتم ّ‬
‫تجمعوا بين األختين إال ما قدسلف‪ ،‬إن اهلل كان غفورا رحيما"‪ .‬وعلى هذا ‪:‬‬

‫اليحل للرجل أن يتزو بأخته وال ببنات أخته مطلقا وال ببنات أخيه مطلقا‪.‬‬

‫والبأم امرأته دخل على بنتها أو لم يدخل لما تقرر في القاعدة‪ :‬الدخول على األمهات يحرم‬
‫ّ‬
‫البنات‪ ،‬والعقد على البنات يحرم األمهات‪.‬‬
‫ّ‬
‫والببنت امرأته التي دخل بها سواء كانت البنت في ِحجره أو في حجر غيره‪ ،‬ألن ذكر الحجر في‬
‫ا‪،‬ية خر مخر العادة المخر الشرس‪ .‬والبامرأة أبيه سواء دخل بها أو ال‪ .‬والبامرأة ابنه وبني أوالده‪.‬‬

‫وال بأمه وال بأخته من الرضاعة كما يأتي مفصال ‪ .‬واليجمع بين األختين والبين المرأة وعمتها‬
‫والخالتها والابنة أخيها والابنة أختها لقوله عليه السالم‪" :‬التنكح المرأة على عمتها والعلى خالتها (رواه‬
‫البخارى) والعلى ابنة أخيها والعلى ابنة أختها" (رواه أبو داود والترمذى)‪ .‬والقاعدة فيه‪ :‬ولو فرضت واحدة‬
‫منهما (من العمة أوالخالة)‪ :‬ذكرا‪ ،‬ينظر فيه‪ ،‬فإن كان الزوا جائزا بينهما جاز جمعهما في نكاح وإال فال‪.‬‬

‫والبأس بأن يجمع الرجل بين امرأة وابنة زو كان لها من قبل‪.‬‬

‫وإذا طلق الرجل امرأته طالقا بائنا لم يجز له أن يتزو بأختها ونحوها ممن اليجوز الجمع بينهما‬
‫عدتها لبقاء أثر النكاح المانع من العقد وهو العدة‪.‬‬
‫حتى تنقضي ّ‬

‫‪99‬‬
‫حرمة المصاهرة‪ :‬ومن زنى بامرأة أو مسها أو مسته بشهوة‪ ،‬حرمت عليه أمها وبنتها وحرمت على‬
‫أبيه وابنه‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫‪ -‬واليجوز أن ينكح المولى جاريته ألنها تحل له بملك اليمين وهو أعم بملك النكاح ويجوز بعد‬
‫ّ‬
‫عتقه إياها‪ ،‬وكذا اليجوز أن تتزو المرأة عبدها لإلجماع على بطالنه‪ ،‬ويجوز بعد عتقها إياه‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز لمسلم أن يتزو كتابية‪ ،‬واليجوز للمسلمة أن تتزو كافرا‪ ،‬كتابيا كان أو غير كتابي‪.‬‬
‫‪ -‬واليحل لمسلم أن ينكح غير الكتابيات من المجوسيات والوثنيات وغيرها ممن الكتاب لهم‪.‬قال‬
‫ّ‬
‫"سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم والآكلي ذبائحهم"‪.‬‬
‫عليه السالم في مجوس هج ْر‪ُ :‬‬
‫‪ -‬ويجوز للمحرم والمحرمة أن يتزو في اإلحرام(دون الوسء) ِلماروي أنه عليه السالم "تزو‬
‫والينكح" فمحمول على الوسء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ميمونة وهو محرم"‪ .‬وأما ما روي من قوله‪" :‬الينك ُح المحرم ُ‬
‫الوالية وإذن الولي‪:‬‬

‫والوالية‪ :‬هى(بفتح الراء وكسرها) تنفيذ األمر على الغير بغير إذنه‪ ،‬والولي هو من ين ّفذ األمر على‬
‫الغير بغير إذنه‪ .‬والولي في النكاح هو العصبة بنفسه كما في الميرا ‪ ،‬وهم‪ :‬االبن ثم األب ثم األخ ثم‬
‫يقدم احتراما لحقه)‪.‬‬
‫العم(لكن األب َّ‬
‫وهل يشترس إذن الولي؟ وينعقد نكاح المرأة الحرة البالغة العاقلة برضاها فق ‪ ،‬سواء عقدت بنفسها‬
‫أو بوكيلها‪ ،‬وإن لم يعقد لها ولي ولم يأذن به عند أبي حنيفة‪ ،‬بكرا كانت أوثيبا‪ ،‬لجواز تصرفها في خال‬
‫حقها‪ ،‬وهي من أهله‪ .‬ولهذا كان لها التصرف في المال‪ .‬وقاال‪ :‬الينعقد نكاح المرأة إال بإذن وليها للحديف‬
‫الصحيح‪" :‬النكاح إال بولي"‪ .‬وحمله أبو حنيفة على االستحباب‪.‬‬

‫واليجوز للولي إجبار البكر البالغة العاقلة على النكاح النقطاع الوالية بالبلوا‪ .‬وإذا استأذنها الولي‬
‫ولم تقبل لم يجز له أن يزوجها لعدم رضاها‪.‬‬

‫ويجوز نكاح الصغير والصغيرة جبرا إذا زوجهما الولي لوجود شرس الوالية‪ ،‬وهو العجز للصغر‪.‬‬
‫سوء اإلختيار ألنهما كامال الرأي‬
‫فإن زوجهما األب أو الجد فالخيار لهما بعد بلوغهما إن لم ُيعرف منهما ُ‬
‫وافرا الشفقة فيلزم النكاح بمباشرتهما كما إذا باشراه برضاهما بعد البلوا‪( .‬وقال ابن ُشبرمة‪ :‬لهما الخيار‬
‫ُْ‬
‫بعد البلوا‪ .‬واختاره هي ة المجلة في الدولة العثمانية‪ ،‬سنة‪ .)1911:‬وإن زوجهما غير األب والجد _ ولو‬

‫‪100‬‬
‫كان األم والقاضي _ فلهماالخيار إذا بلغا‪ ،‬ولو بعد الدخول‪ :‬فإن شاء أمضى النكاح وإن شاء فسخه ألن‬
‫والية غير األب والجد قاصرة لقصور شفقته‪.‬‬

‫وإذا غاب الولي األقرب غيبة منقطعة جاز لمن هو أبعد منه أن يزوجها‪.‬‬

‫والوالية لكافر على مسلمة واللمسلم على كافرة‪.‬‬

‫الكفاءة‪:‬‬

‫الك ْف ِء بمعنى النظير‪ .‬والمراد هنا المماثلة بين الزوجين في أمور‬


‫الكفاءة – بفتح الكاف – مصدر ُ‬
‫مثل النسب ِ‬
‫والدين‪ .‬وهى معتبرة من جانب الرجل دون المرأة فيشترس أن يكون الرجل كفؤا للمرأة ألن‬
‫الشريفة تأبى أن تكون مستفرشة للخسيس‪ .‬فإذا تزوجت مرأ ٌة صالح ٌة أو بنت رجل صالح رجال فاسقا‬
‫فلألولياء أن يفرقوا بينهما لدفع العار عن أنفسهم ألن المرأة وأهلها ُتعير بفسق الزو ‪.‬‬
‫َّ‬
‫وإذا تزوجت المرأة من كفء ونقصت من مهر مثلها فلألولياء اإلعتراض عليها عندأبي حنيفة حتى‬
‫ُيتم الزو لها مهر مثلها أو يفارقها‪ .‬وقاال‪ :‬ليس لهم ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫المهر‪:‬‬

‫والعقر والعطية‬ ‫وهو ما يدفعه الزو إلى زوجته بعقد الزوا ‪ .‬وله أسماء مثل ِ‬
‫النحلة والصداي‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫والفريضة واألجرة والعالي‪ .‬ويستحب تسمية المهر أثناء العقد واليجب فيصح النكاح بغيرذكره ألنه ثبت‬
‫شرعا إ هارا لشرف المحل فال يُحتا إلى ذكره لصحة النكاح‪ .‬وإن ُس ّمي فلها المسمى‪ ،‬وإن لم يسم فلها‬
‫ّ‬
‫مهر المثل‪.‬‬

‫مقداره‪ :‬وأقله عشرة دراهم أو دينار واحد‪ .‬وكانت قيمة الشاة دينارا في عهد الرسول عليه السالم‬
‫والحد ألكثره‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كما في حديف حكيم بن حزام‪.‬‬

‫حكم المسمى‪ :‬وهي تستحق تمام المسمى بالدخول بها أو بموته عنها أو بموتها عنه ألنه بالدخول‬
‫المبدل وبه يتأكد البدل‪ ،‬وبالموت ينتهي النكاح ويتقرر جميع حقوقه‪.‬‬ ‫يتحقق تسليم‬
‫ُْ‬
‫وإن طلقها قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة فلها نصف المسمى لقوله تعالى‪" :‬فنصف مافرضتم"‪.‬‬

‫وحكم المهر إذا لم يسم‪ :‬وإن تزوجها دون ذكر المهر أو تزوجها بشرس أن المهر لها‪ ،‬ففيه حالتان‪،‬‬
‫ّ‬
‫األولى‪ :‬إن دخل بها أو خال بها أو مات عنها أو ماتت عنه فلها مهر مثلها‪ .‬والثانية‪ :‬وإن طلقها قبل الدخول‬
‫عوهن"‪ ،‬وهي ثالثة أثواب من كسوة مثلها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫"ومت‬
‫ّ‬ ‫الم ْتع ُة لقوله تعالى‪:‬‬
‫أو الخلوة فلها ُ‬

‫‪101‬‬
‫وتستحب المتعة لكل مط ّلقة دفعا لوحشة الفراي‪ ،‬إال لمط ّلقة واحدة وهي التي ط ّلقها زوجها قبل‬
‫المفوضة"‪ ،‬فإ ّن ُم ْتعتها واجبة ألنها بدل عن نصف مهرالمثل‪.‬‬
‫سمى " ِّ‬ ‫الدخول بها ولم ُيس َّم لها مهر‪ ،‬وتُ َّ‬
‫والمفوض ُة – بفتح الواو –‬ ‫المفوض ُة – بكسر الواو – من فوض ْت أمرها إلى وليها أ ِ‬
‫وزجها بالذكر مهر‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫و ِّ‬
‫فوضها وليها إلى الزو بالذكر مهر ثم تراضيا على مقدار‪ .‬ولها ما ُفرض لها من المهر بعد العقد في‬
‫من ّ‬
‫الحالتين (مجمع األنهر‪.)349/1:‬‬

‫ويجوز تسمية المهر بعد العقد بتراضيهما أو بفرض القاضي فهو لها إن دخل بها أو مات عنها‪.‬‬

‫والزيادة في المهر والح ّ عنه‪:‬‬

‫وإن زاد الزو في المهر بعد العقد وقبِلت الزوجة الزيادة لزمته‪ ،‬وتسق إن طلقها قبل الدخول‬
‫مسماة في أصل العقد والتنصيف مخت ّ بالمذكور في‬
‫ّ‬ ‫فال تستحق نصفها عند أبي حنيفة ألنها لم تكن‬
‫العقد‪ .‬وقال أبو يوسف‪ :‬تُن َّصف الزيادة مع األصل ألنها تلتحق بأصل العقد كما في البيع‪ .‬وإن‬
‫حطّت(نقصت) المرأة عن الزو من مهرها المسمى صح الح ّ سواء قبِل الزو أو ال ألنه حقها‪.‬‬

‫الخلوة ومايتعلق بها من األحكام‪:‬‬

‫حسي أو شرعي‪.‬‬
‫والخلوة‪ :‬هي أن يبقى الزو مع زوجته وليس هناك مانع من الوسء ّ‬
‫والمانع الحسى كأن كان أحدهما مريضا يمنع الوسء أو كان مجبوبا (مقطوع العضو) أو كانت ر ْتقاء‬
‫ّ‬
‫أو قرناء أو ذات عضلة(كلها عيوب عضوية فيها تمنع الوسء)‪ .‬والمانع الشرعي مثل أن كان أحدهما صائما‬
‫بحج أو عمرة أو كانت حائضا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في رمضان أو ُمحرِ ما بفرض أو نفل‬

‫وحكمها‪ :‬وإذا خال الزو بامرأته وليس هناك مانع من الوسء حسي أو شرعي ثم طلقها فلها كمال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجد مانع حسي أو شرعي فبقا ه معها‬
‫ُ‬ ‫مهرها ألنها س ّلمت المبدل واستح ّقت البدل كما في البيع‪ .‬وإن‬
‫ليست بخلوة صحيحة‪ ،‬فلوطلقها بعد ذلك وجب نصف المهر باإلتفاي الكله‪ .‬وأما خلوة المجبوب فلها‬
‫كمال المهر عند أبي حنيفة ألنها أتت بما في وسعها‪ ،‬وعندهما لها نصفه ألن عذره فوي عذر المريض‪10 .‬‬
‫زو الرجل بنته أو أخته على أن يزوجه ا‪،‬خر بنته أوأخته ليكون أحد العقدين‬ ‫ِ‬
‫– نكاح الشغار‪ :‬وإذا ّ‬
‫عوضا(مهرا) عن ا‪،‬خر‪ ،‬فالشرس فاسد والعقدان جائزان ألن النكاح اليبطل بالشرس الفاسد‪ ،‬ولكل واحدة‬
‫لخ ُل ِّوه عن المهر‪.‬‬
‫منهما مهر مثلها لفساد التسمية‪ .‬ويسمى ذلك نكاح الشغار ُ‬

‫وكذا إذا تزو حر امرأة على أن يخدمها سنة (لتكون الخدمة مهرا)أو على تعليم القرآن فلها مهر‬
‫مثلها لعدم صحة التسمية بما ليس بمال‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫اليخرجها من البلد أو على أن‬ ‫والزوا على شرس‪ :‬وإذا تزو امرأة على ألف درهم على أن ُ‬
‫اليتزو أخرى عليها‪ :‬فإن و ّفى بالشرس فلها المسمى وإال فلها مهر مثلها ألنه وعد ما فيه نفع لها فعند فواته‬
‫ينعدم رضاها بالمسمى‪ .‬ولو طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى في المسألتين لسقوس الشرس‪.‬‬

‫بك كذا مدة بكذا من المال‪ .‬وهو باطل‬ ‫نكاح المتعة والمو ّقت‪ :‬والمتعة هي أن يقول‪ :‬أتمتع ِ‬
‫َّ ُ‬
‫باالجماع‪ .‬وأما المو ّقت فهو أن يتزو امرأة لمدة معلومة كشهر أو سنة مثال‪ ،‬اختلف أئمة الحنفية فيه فقال‬
‫زفر‪ :‬النكاح صحيح والشرس فاسد ألن النكاح اليبطل بالشروس الفاسدة‪ ،‬وقال أبو حنيفة وصاحباه‪ :‬النكاح‬
‫باطل ألن الموقت بمعنى المتعة‪ ،‬والعبرة في العقود للمقاصد والمعاني ال لأللفاظ والمباني‪ ،‬والفري بين‬
‫ما إذا طالت المدة أو قصرت ألن التوقيت هو المعيِن لجهة المتعة وقد وجد‪.‬‬
‫ّ‬
‫زو امرأة بغير‬
‫زو رجال أو ّ‬
‫ونكاح الفضولي‪ :‬وهو الذي يتصرف في حق الغير بغير إذنه كمن ّ‬
‫إذنهما فالنكاح موقوف على رضا األصيل فإن أجاز صح النكاح وإال فبطل ألنه تصرف في حق الغير‬
‫فالينفذ إال برضاه‪.‬‬

‫يزوجها من نفسه فعقد الرجل بحضرة شاهدين صح العقد ويكون أصيال‬


‫وإذا أذنت المرأة لرجل أن ّ‬
‫يزو بنته من ابن أخيه‪.‬‬
‫وليا من جانبين كأن ّ‬ ‫من جانب ووكيال من جانب آخر‪ .‬وكذا إذا كان رجل واحد‬
‫ّ‬
‫جت" يتضمن الشرطين واليحتا إلى القبول‪.‬‬
‫"زو ُ‬
‫وإذا تولى رجل طرفي العقد فقوله ّ‬
‫الضمان أو الكفالة في المهر‪:‬‬

‫وإذا ضمن(كفل) ولي الزوجة أو وكيلها المهر للمرأة صح ضمانه ألنهما من أهل االلتزام‪ ،‬والولي‬
‫والوكيل في النكاح سفير ومعبِر ولذا ترجع حقوقه إلى األصيل‪ .‬والمرأة بالخيار في مطالبة المهر فإن شاءت‬
‫ّ‬
‫طالبت زوجها و إن شاءت طالبت وليها اعتبارا بسائر الكفاالت‪.‬‬

‫المهر في النكاح الفاسد‪:‬‬

‫وإذا فري القاضي بين الزوجين في النكاح الفاسد ‪-‬كالزوا بغير شهود‪ -‬قبل الدخول بها‪ ،‬فال مهر‬
‫ّ‬
‫لها ألن النكاح الفاسد الحكم له قبل الدخول‪ .‬وكذا بعد الخلوة لفسادها بفساد النكاح‪ .‬وأما إن كان التفريق‬
‫(حد) أو‬
‫بعد الدخول فلها مهر مثلها ولو ُسمي لها المهر‪ ،‬ألن الوسء في دار االسالم اليخلو عن ع ْقرخ ّ‬
‫ُع ْقرخ (مهر) وقد سق الحد بشبهة العقد فيجب مهر المثل‪ .‬وعليها العدة لالحتياس وتحرزا عن اشتباه النسب‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويثبت نسب ولدها منه‪ ،‬ألن النسب ُيحتاس في إثباته صيانة للولد عن الضياع‪.‬‬

‫األصل في تقدير المهر المثل‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫ومهر مثلها يعتبر بأخواتها وعماتها وبنات عمها‪،‬ألنهم قوم أبيها‪ ،‬واإلنسان من جنس قوم أبيه‪،‬‬
‫واليعتبر بأمها وخالتها إذا لم تكونا من قبيلتها ألن المهر يختلف بشرف النسب‪ ،‬والنسب يعتبر من جانب‬
‫األب‪.‬‬

‫تعددالزوجات‪:‬‬

‫وللحر أن يتزو أربعا لقوله تعالى‪" :‬فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثال ورباع"‪ ،‬والأكثر‪،‬‬
‫ّ‬
‫وله أن يستمتع بما شاء من اإلماء(الجوارى)‪ .‬وإن طلق الحر إحدى األربع ‪-‬ولو طالقا بائنا‪ -‬لم يجز له أن‬
‫يتزو رابعة حتى تنقضي عدتها ألن نكاحها باي من وجه‪ .‬وأما إذا ماتت فله أن يتزو رابعة دون توقف‬
‫النقطاع النكاح بالكلية‪.‬‬

‫العدل في الق ْسم‪:‬‬

‫وإذا كان لرجل زوجات فعليه أن يعدل بينهن في الق ْسم‪ :‬في البيتوتة والملبوسة والمأكولة والصحبة‬
‫لقوله عليه السالم‪" :‬من كانت له امرأتان ومال إلى إحداهما في القسم‪ ،‬جاء يوم القيامة ِ‬
‫وشقه مائل(مشلول)"‬
‫بينهن تطييبا‬
‫ّ‬ ‫األولى أن ُيقرع‬
‫رواه أبو داود والنسائي‪ .‬والحق لهن في القسم حال السفر للحر ولكن ْ‬
‫لخاطرهن‪.‬‬
‫ّ‬
‫العيوب في الزوجين‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا كان بالزوجة عيب كجنون أوجذام أو برص أو رت خق أو قرن(يمنع الوسء) فال خيار للزو في‬
‫ْ‬
‫فسخ النكاح إلمكان دفع الضرر عنه بالطالي‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كان بالزو جنون أو جذام أو برص فال خيار لها في الفسخ عند أبي حنيفة وأبى يوسف‪،‬‬
‫وقال محمد‪ :‬لها ذلك دفعا للضرر عنها‪.‬‬
‫تاما‬
‫أجله حوال ّ‬
‫ورفعته إلى القاضى‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫عنينا(الذى اليقدر على الوصول إلى النساء)‬
‫‪ -‬وإذا كان الزو ّ‬
‫الحتمال التأثر من الفصول األربعة‪ ،‬فإن وصل بها فبها وإال فري القاضي بينهما إن طلبت المرأة ذلك وأبى‬
‫ّ‬
‫الزو الطالي‪ .‬وكانت هذه الفرقة تطليقة بائنة الرجعية‪ ،‬ألن البينونة ُشرعت ِلتملك المرأة نفسها والتملكها‬
‫إن كانت رجعية‪ .‬ولها كمال المهر إن كان قد خال بها خلوة صحيحة ألن خلوة العنين صحيحة تجب بها‬
‫العدة فيجب بها المهر‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كان الزو مجبوبا(مقطوع العضو) وطلبت المرأة الفرقة‪ ،‬فري القاضي بينهما في الحال ولم‬
‫ّ‬
‫يؤجله لعدم الفائدة في التأجيل‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪104‬‬
‫خصيتاه)أجله القاضي كما في العنين الحتمال االنتشار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬وإذا كان الزو خ ِصيا(وهو الذى ُس ّلت‬
‫ّ‬
‫إسالم أحد الزوجين‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا أسلمت المرأة في دار االسالم وزوجها كافر‪ ،‬عرض القاضي اإلسالم عليه‪ ،‬فإن أسلم فهى‬
‫امرأته وإن أبى فري القاضي بينهما ألنه اليجوز للمسلمة أن تبقى تحت نكاح كافر‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬وإذا اسلم الرجل وزوجته كافرة‪ :‬فإن كانت كتابية فهي زوجته لجواز نكاح المسلم كتابية ابتداء‪.‬‬
‫وإن كانت غير كتابية ُعرِ ض اإلسالم عليها كما سبق‪.‬‬
‫حيض إن كانت من ذوات الحيض‪ ،‬وبعد‬ ‫‪ -‬وإذا أسلمت المرأة في دار الحرب‪ ،‬بانت منه بعد ثال‬
‫ثالثة أشهر إن كانت من ذوات األشهر‪ ،‬وبعد وضع حملها إن كانت حامال‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا ارتد أحد الزوجين عن اإلسالم وثبت ذلك بالقضاء وقعت البينونة بينهما‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا ّ‬
‫ارتدا معا وأسلما معا فهما على نكاحهما لعدم اختالفهما في الدين‪.‬‬

‫ِدين الولد الصغير‪:‬‬

‫واليعلى‬
‫وإن كان أحد الزوجين مسلما فالولد على دينه نظرا لمصلحته في الدارين‪ ،‬واإلسالم يعلو ُ‬
‫عليه‪ .‬وإن كان أحدهما كتابيا وا‪،‬خر غير كتابي فالولد كتابي فإن الولد يتبع خير األبوين في الدين‪ ،‬ألن‬
‫الكتابي أقرب إلى اإلسالم في األحكام ِ‬
‫كح ّل مناكحته وذبيحته‪.‬‬

‫كتاب الرضاع‬

‫معناه‪ :‬والرضاع ‪ -‬بفتح الراء وكسرها‪ : -‬م ّ لبن آدمية في وقت مخصوص‪.‬‬
‫ّ‬
‫حكمه‪ :‬قليل الرضاع وكثيره سواء في الحكم وهو تحريم النكاح إلطالي قوله تعالى‪" :‬وأمهاتكم‬
‫الّتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة"‪ ،‬وإلطالي قوله عليه السالم‪ " :‬يحرم من الرضاع ما يحرم من‬
‫النسب"‪ .‬رواه البخارى وغيره‪.‬‬

‫مدته‪ :‬سنتان عند اإلمامين وسنتان ونصف سنة عند اإلمام‪ ،‬وبعدها لم يتعلق بالرضاع تحريم‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫يحرم بالرضاع؟ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب للحديف المذكور‪ ،‬كأمه وأخته وعمته‬
‫من ْ‬
‫وخالته من الرضاع‪ ،‬وامرأة أبيه وامرأة ابنه من الرضاع كما اليجوز له ذلك من النسب‪.‬‬

‫وكل رضيعين اجتمعا على ثدي واحد‪ ،‬لم يجز إلحدهما أن يتزو ا‪،‬خر ألنهما أخوان من الرضاع‪.‬‬
‫المرضع‬ ‫ِ‬
‫المرضعة ألنهم إخوتها‪ ،‬وال ولد ولدها ألنهم أوالد إخوتها‪ .‬واليتزو الصبي‬ ‫وكذا سائر أوالد‬
‫ُ ُْ‬
‫ِ‬
‫المرضعة ألنها عمته من الرضاع‪.‬‬ ‫أخت زو‬

‫لب ُن الف ْحل‪ :‬واليتعلق التحريم إال بلبن الفحل‪ .‬صورته‪ :‬امرأة أرضعت صبية أجنبية فإن كان لبنها‬
‫من زوجها الحاضر تعلق به التحريم فكانت الصبية بنته من الرضاعة‪ ،‬ويسمى هذا اللبن لبن الفحل‪ .‬وإن‬
‫كان من زوجها األول لم يتعلق به التحريم فكانت الصبية ربيبة زوجها الحاضر ال بنته من الرضاع‪.‬‬

‫اختالس األلبان‪ :‬وإذا اختل لبن امرأتين تعلق التحريم بأكثرهما عند أبي يوسف ألن الحكم لألكثر‬
‫ولألكثر حكم الكل‪ .‬وقال محمد‪ :‬تعلق بهما ألن الجنس اليغلب الجنس‪ .‬وعن أبي حنيفة روايتان‪ .‬قال‬
‫الميداني صاحب اللباب‪" :‬وقول محمد أحوس في باب المحرمات"(‪.)464‬‬

‫واليتعلق التحريم بلبن غير آدمية كلبن الرجل أو الشاة‪.‬‬

‫واليشترس أن ترتضع الصبي من ثديها فإذا ُح ِلب اللبن _ ولو بعد موتها _ وأُشرِ ب الصبي تعلق‬
‫به التحريم لحصول معنى الرضاع‪.‬‬

‫الشهادة في ثبوت الرضاع‪ :‬والتقبل شهادة النساء منفردات في ثبوت الرضاع‪ ،‬وإنما يثبت بشهادة‬
‫بما ال يطلع عليه الرجال‪،‬‬ ‫رجلين أو رجل وامرأتين‪ ،‬ألن قبول شهادة النساء منفردات لضرورة تخ‬
‫والرضاع ليس منه‪ .‬وإذا قامت الحجة في الرضاع ُفري بينهما‪ .‬والتقع الفرقة إال بتفريق القاضي لما فيه من‬
‫ّ‬
‫إبطال حق العبد‪.‬‬

‫كتاب الطالي‬

‫معناه‪ :‬وهو رفع قيد النكاح في الحال أو في المآل(المستقبل) بلف مخصوص‪ .‬وحق الطالي جعله‬
‫اهلل إلى الزو ابتداء كما دلت عليه ا‪،‬يات كقوله تعالى‪ " :‬وإن طلقتموهن"‪ " ،‬وإذا طلقتم النساء فط ّلقوهن‬
‫لعدتهن"‪ ،‬والخطاب للرجال‪.‬‬
‫ّ‬
‫أقسامه من حيف اإليقاع‪ :‬الطالي على ثالثة أوجه‪ :‬أحسن الطالي‪ ،‬وطالي السنة وطالي البدعة‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وأحسن الطالي‪ :‬أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة في طهر واحد لم يجامعها فيه‪ ،‬ويتركها حتى‬
‫تنقضي عدتها‪.‬‬

‫السنة‪ :‬أن يطلق الرجل المدخول بها ثالثا في ثالثة أطهار‪ ،‬ففي كل طهر تطليقة‪.‬‬
‫وطالي ّ‬
‫وطالي البدعة‪ :‬أن يطلقها ثالثا أو اثنتين بكلمة واحدة‪ ،‬أو يطلقها ثالثا أو اثنتين في طهر واحد‪.‬‬
‫ألن األصل في الطالي الحظر والكراهة‪ ،‬وأما اإلباحة فإنما هي للحاجة وهي تندفع بالواحدة‪ ،‬والزيادة‬
‫إسراف فكان بدعة‪ .‬ومع ما فيه من المعصية فإذا طلقها وقع الطالي وبانت امرأته منه وكان عاصيا‪،‬‬
‫والمعصية التُ ْع ِدم المشروعية ألن النهي لمعنى في غيره (أي ‪ :‬والمعصية في صورة اإللقاء ال في الطالي)‪.‬‬

‫والسنة في الطالي‪ :‬وهي من وجهين‪ :‬في العدد و في الوقت‪ .‬فالسنة في العدد بأن يكون واحدا‪.‬‬
‫ويستوي فيه المدخول بها وغير المدخول بها‪ .‬والسنة في الوقت تتحقق في حق المدخول بها خاصة‪ ،‬وهو‬
‫أن يطلقها واحدة في طهر لم يجامعها فيه‪ .‬وأما في غير المدخول بها فال فري في السنة بين حال الحيض‬
‫والطهر ألن رغبتها في زوجها كانت صادقة في الحالتين‪.‬‬

‫والسنة فيمن التحيض‪ :‬إن كانت المرأة ممن التحيض فالسنة في تطليقها‪ :‬أن يطلقها ثالثا في ثالثة‬
‫أشهر‪ .‬ألن الشهر في حقها قائم مقام الحيض‪ .‬والحامل كالتي التحيض عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ .‬وقال‬
‫محمد وزفر‪ :‬اليطلقها للسنة إال واحدة ألن األصل في الطالي الحظر فاألفضل تقليله مهما أمكن‪.‬‬

‫والطالي في الحيض‪ :‬وإذا طلق الرجل امرأته في حيضها وقع الطالي مع النهي عنه ألن النهي‬
‫اللسبب الحيض بل لمعنى آخر‪ ،‬فالتنعدم مشروعيته‪ .‬ولكنه يستحب له أن يراجعها‪ ،‬فإذا طهرت وحاضت‬
‫حيضا آخر وطهرت فهو مخير‪ :‬إن شاء طلقها ثانيا وإن شاء أمسكها‪.‬‬
‫ّ‬
‫كل زو إذا كان بالغا عاقال ولو ُمكرها أو سكران بمحظور‪،‬‬
‫من يقع طالقه ومن اليقع‪ :‬ويقع طالي ّ‬
‫فاليقع طالي الصبي والالمجنون والالنائم لعدم اإلختيار‪ ،‬وكذا المغمى عليه‪.‬‬

‫أقسام الطالي من حيف وضوح ألفا ه‪ :‬وهو على ضربين‪ :‬صريح وكناية‪.‬‬

‫و الصريح‪ ،‬هو إيقاع الطالي بألفاظ لم تُستعمل إال فيه‪ ،‬كقوله‪ :‬أنت طالق ومط ّلقة وطلقتك‪ .‬واليقع‬
‫به إالواحدة رجعية وإن نوى أكثر من ذلك‪ ،‬ألن هذه األلفاظ تستعمل في الطالي والتستعمل في غيره‪،‬‬
‫فكان صريحا‪ ،‬فالصريح اليفتقر إلى النية لوضوحه فيقع الطالي قضاء وإن لم ينوه‪ .‬وأما ديانة(بينه وبين‬
‫اهلل)فلم يقع إن لم ينو به الطالي‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫والكناية‪ :‬وهي إيقاع الطالي بألفاظ لم توضع له ويحتمل الطالي وغيره‪ .‬واألصل في الكنايات أنه‬
‫اليقع إال بنية أو بداللة حال من مذاكرة الطالي أو وجود الغضب‪ ،‬ألنها غير موضوعة للطالي بل تحتمله‬
‫ّ‬
‫وغيره فالبد من التعيين ألن الطالي اليقع باالحتمال‪ .‬وإن لم ينو لم يقع شيء‪.‬‬

‫وألفاظ الكنايات بعضها أقوى من األخرى في الداللة على احتمال الطالي‪ .‬فأما األقوى منها كقوله‬
‫ِ‬
‫فارقتك أو ِ‬
‫أنت حرة‪ .‬وإذا نوى بها م ْطلق‬ ‫حت ِك أو‬ ‫المرأته‪ِ :‬‬
‫ّ‬ ‫سر ُ‬
‫ّ‬
‫أنت بائن‪ ،‬أو حرام أو الحقي بأهلك أو‬
‫الطالي كانت طلقة واحدة بائنة(ومعنى البينونة أنه إذا أراد أن يتزوجها ثانيا‪ ،‬تزوجها بنكاح جديد وبمهر‬
‫جديد)لما فيها من قوة الداللة على الطالي‪ .‬وإن نوى بها ثالثا كانت ثالثا‪ ،‬وإن نوى اثنتين كانت واحدة‪،‬‬
‫ألن الثنتين عدد محض والداللة ل ّلف المطلق عليه فيثبت أدنى البينونة وهي الواحدة‪.‬‬

‫اعتدي أو استبرئي رحمك أو أنت واحدة‪ ،‬فإذا نوى‬


‫وأما األضعف من الكنايات فكقوله المرأته‪ّ :‬‬
‫بها الطالي اليقع إال طلقة واحدة رجعية‪ ،‬فله أن يراجعها بغير نكاح قبل انقضاء عدتها‪.‬‬

‫وهذا كله في القضاء ألن الظاهر أن مراد الزو كان تطليقا‪ ،‬والقاضي إنما يقضي بالظاهر‪ .‬واليقع‬
‫فيما بينه بين اهلل تعالى في جميع الكنايات إال إذا نوى بها طالقا‪.‬‬

‫بالشدة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وصف الطالي‬

‫وإذا وصف الطالي بضرب من الزيادة والشدة ِ‬


‫والغ ْلظة كان الطالي بائنا‪ ،‬كقوله‪ :‬أنت طالق كالجبال‬
‫أخبثه‪ ،‬ألنه إنما ُيوصف بهذه الصفات باعتبار أثرها وهي‬‫أشر الطالي أو ِ‬ ‫ملء البيت أو ِ‬
‫ملء الدنيا أو ِ‬ ‫أو ِ‬
‫ّ‬
‫البينونة(أي الفرقة القطعية) فتقع واحدة بائنة‪.‬‬
‫ّ‬
‫طالي المكره والسكران واقع‪ ،‬ويقع طالي األخرس باإلشارة المعهودة له‪.‬‬

‫إضافة الطالي إلى الشرس أو إلى النكاح‪ :‬وإذا أضاف الطالي إلى وجود شرس‪ ،‬وقع عقيب وجوده‪،‬‬
‫ِ‬
‫ذهبت إلى بيت فالن فأنت طالق ودخلت‪ ،‬وقع الطالي لوجود‬ ‫ِ‬
‫دخلت الدار أو إن‬ ‫مثل أن يقول‪ :‬إن‬
‫دخلت مرة أخرى لم يقع ثانيا ألن اليمين قد انح ّلت‪ ،‬إال إذا قال‪" :‬كلما دخل ِت"‪ ،‬فيتكرر‬
‫ْ‬ ‫المشروس‪ .‬وإن‬
‫تطليقات‪.‬‬ ‫الطالي بتكرر الشرس حتى يقع ثال‬

‫وإذا اختلفا في وجود الشرس فالقول قول الزو فيه لتمسكه باألصل وهو عدم الشرس‪ ،‬إال أن تقيم‬
‫عي واليمين على المنكر‪.‬‬ ‫مد ِعية‪ .‬والبينة على ّ‬
‫المد ِ‬ ‫المرأة ّبينة‪ ،‬ألنها ّ‬

‫‪108‬‬
‫ِ‬
‫تزوجتك فأنت طالق" أو " كل امرأة أتزوجها‬ ‫وإذا أضاف الطالي إلى النكاح كقوله ألجنبية‪" :‬إن‬
‫فهي طالق" وقع الطالي عقيب النكاح ووجب له نصف المهر‪ ،‬وإن دخل بها وجب لها مهر مثلها‪ .‬واليجب‬
‫حد الزنى لوجود الشبهة‪.‬‬

‫الطالي قبل الدخول‪ :‬وإذا طلق امرأته ثالثا جملة قبل الدخول والخلوة بها وقعن عليها‪ .‬وإن فري‬
‫ّ‬
‫الطلقات قائال‪" :‬أنت طالق‪ ،‬أنت طالق أنت طالق"‪ ،‬بانت باألولى ولم تقع الثانية والثالثة ألنها صارت‬
‫باألولى أجنبية لعدم العدة عليها فاليقع الطالي على األجنبية‪.‬‬

‫تفويض الطالي إلى الزوجة‪ :‬ولو قال لها‪" :‬ط ّلقي نفسك" فلها أن تطلق نفسها مادامت في مجلسها‬
‫سمى بالمخيرة)‪ ،‬وإن طلقت نفسها كان طالقا واحدا بائنا ل اليتمكن الزو من مراجعتها من‬
‫ذلك‪( ،‬وهى تُ َّ‬
‫َّ‬
‫غير رضاها‪ .‬فإن قامت منه قبل أن تطلق نفسها أو أخذت في عمل آخر‪ ،‬خر األمر من يدها‪ ،‬ألن المخيرة‬
‫ليس لها إال المجلس بإجماع الصحابة‪ .‬ولو قال لها‪" :‬طلقي نفسك متى ش ِت"‪ ،‬فلها أن تطلق نفسها في‬
‫المجلس وما بعده‪ ،‬ألن كلمة "متى" تعم جميع األوقات‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطالي في مرض الموت‪ :‬وهو الذي يعجز به المريض عن إقامة مصالحه خار البيت ومات على‬
‫هذا الحال‪ .‬وإذا طلق امرأته في مرض موته طالقا بائنا من غير طلب منها والرضاها فمات فيه وهي في‬
‫لها ألنه لم تبق بينهما عالقة زوجية فصارت‬ ‫العدة‪ :‬ورثت منه‪ .‬وإن مات بعد انق ضاء عدتها فالميرا‬
‫كاألجنبية‪.‬‬

‫كتاب الرجعة‬

‫معناها‪ :‬وهي(بكسر الراء وفتحها) عبارة عن استدامة ملك النكاح القائم في العدة‪ .‬واليمكن ذلك‬
‫إال إذاكان الطالي رجعيا‪ .‬وهو إن كان بلف صريح واحدا أو اثنين وبغير تشديد بوصف‪ ،‬كان رجعيا‪.‬‬

‫حكمها‪ :‬ولو طلق الرجل امراته تطليقة رجعية أو تطليقتين رجعيتين فله أن يراجعها في عدتها‪،‬‬
‫بردهن"‪ ،‬سماه‬
‫ّ‬ ‫رضيت بذلك أو لم ترض‪ ،‬ألنها باقية على الزوجية‪ ،‬لقوله تعالى‪" :‬وبعولتهن أحق‬
‫ب ْعال(زوجا)‪ ،‬وهذا يقتضي بقاء الزوجية بينهما‪.‬‬

‫ِ‬
‫راجعتك‪ ،‬أو راجعت امرأتي‪ .‬وإما بالفعل كالوسء‬ ‫والرجعة إما أن تكون بالقول‪ ،‬مثل أن يقول‪:‬‬
‫والتقبيل واللمس بشهوة‪ .‬ويستحب أن ُيشهد على الرجعة شاهدين‪،‬فإن لم ُيشهد صحت الرجعة ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫والمطلقة الرجعية تعتد في بيت زوجها‪ .‬ويستحب له أن اليدخل عليها حتى ي ِ‬
‫ؤذنها أو ُيسمعها‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مشد خد أو بلف كنائي جاز له أن يتزجها في عدتها وبعد‬
‫وإذا كان الطالي بائنا دون الثال بوصف ّ‬
‫ّ‬
‫تحل له حتى تنكح زوجا غيره بنكاح‬
‫انقضائها لكنه بنكاح جديد لوجود البينونة‪ .‬وإذا كان الطالي ثالثا‪ ،‬لم ّ‬
‫صحيح ويدخل بها وسءا ثم يطلقها الزو الثاني أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه‪.‬‬

‫لك لزوج ِك‬


‫تزوجتك على أن أح ّل ِ‬
‫ِ‬ ‫الح َّلة‪ :‬وإذا تزوجها بشرس التحليل ولو صريحا بأن قال‪:‬‬
‫مسألة ُ‬
‫األول‪ ،‬فالنكاح صحيح ولكنه مكروه تحريما لحديف‪" :‬لعن اهلل المح ِّلل والمح َّلل له"‪ ،‬فإن طلقها بعد وط ها‬
‫ح ّلت لألول لوجود الدخول في نكاح صحيح‪ ،‬إذ النكاح اليبطل بالشرس‪.‬‬
‫ْ‬
‫كم يهدم الزو الثانى من عدد الطالي؟‬

‫وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين‪ ،‬وانقضت عدتها منه وتزوجت زوجا آخر ودخل بها ثم‬
‫تطليقات عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ ،‬ألن الزو الثانى‬ ‫طلقها‪ ،‬ثم عادت إلى األول‪ ،‬عادت‪ ،‬وله ثال‬
‫فما دونها أولى‪ .‬وقال محمد‪:‬‬ ‫من الطالي كمايهدم الثال ‪ ،‬فإنه إذا كان يهدم الثال‬ ‫يهدم ما دون الثال‬
‫اليهدم ما دون الثال ‪ ،‬فيبقى له حق تطليقة أو تطليقتين‪.‬‬

‫كتاب اإليالء‬

‫الحلف على ترك ُقربان زوجته مدة مخصوصة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الحلف مطلقا‪ ،‬وشرعا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫معناه‪ :‬وهو لغة‬
‫ْ‬
‫حنف‪.‬‬ ‫خ‬
‫طلقة بائنة إن بر في حلفه والكفار ُة والجزاء المع ّل ُق إن ِ‬ ‫وحكمه‪ :‬وقوع‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫حج" أو‬
‫فعلي ّ‬ ‫بيانه‪ :‬وإذا قال المرأته‪" :‬واهلل الأ ْقر ُب ِك" أو "الأقربك أربعة أشهر" أو "إن قر ْب ُت ِك‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أربعة‬ ‫ول لقوله تعالى‪" :‬للذين ُي ْؤلون من نسائهم ترب‬ ‫"عبدي حر" أو "أنت طالق" فهو م خ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أشهر"(البقرة‪ .)226/‬فإن وط ها في األربعة األشهر حنف في يمينه‪ ،‬ولزمته الكفارة(كفارة اليمين) أو‬
‫المشروس فى التعليق‪ ،‬وسق اإليالء‪ .‬وإن لم ي ْقربها حتى مضت أربعة أشهر‪ ،‬بانت منه بتطليقة واحدة(بائنة)‬
‫ألنه لمها بمنع حقها فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند ُم ِض ِي المدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أقل من أربعة أشهر كشهرين‪ ،‬لم يكن موليا‪ ،‬فإن قربها قبل مضي الشهرين لزمته‬
‫وإن حلف على َّ‬
‫كفارة اليمين للحنف‪ ،‬وإن لم يقربها لم يقع الطالي‪.‬‬

‫وإن حلف بحج أو بصدقة أو بعتق أو بطالي فهو خ‬


‫مول لتحقق المنع من حقها باليمين‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫ولي مريضا أو هي مريضة أو فيهما سبب يمنع القربان‪ ،‬ففي ُه(رجوعه من اإليالء)أن‬ ‫الم ِ‬
‫وإن كان ُ‬
‫ْ‬
‫يقول بلسانه‪ِ :‬ف ْ ُ‬
‫ت إليها أو أبطلت اإليالء أو نحو ذلك‪ ،‬فإذا قاله سق اإليالء‪.‬‬

‫ولو قال‪ِ :‬‬


‫أنت علي حرام‪ ،‬س ل عن نيته‪ ،‬وإن قال أردت به الطالي فهو طلق بائن ألنه كناية إال إن‬
‫ّ‬
‫ينوي الثال كان ثالثا اعتبارا بسائر الكنايات‪ .‬وإن قال‪ :‬أردت به الظهار فهو هار عند أبي حنيفة وأبي‬
‫يوسف‪ ،‬ألنه فيه نوع حرمة فيحمل عليه‪ .‬وقال محمد‪ :‬ليس بظهار النعدام التشبيه بالمحرمة وهو الركن في‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الظهار‪ .‬وإن قال‪ :‬أردت به التحريم كان يمينا فصار به موليا ألن األصل عندنا‪" :‬تحريم الحالل وتحليل‬
‫الحرام يمين‪ .‬ولو قال‪ :‬لم أُرِ د به شي ا‪ ،‬لم ُيص ّدي قضاء ألن اهر قوله يمين فكان موليا‪ .‬وأما ديانة فاألمر‬
‫بينه وبين اهلل‪.‬‬

‫الخ ْلع‬
‫كتاب ُ‬

‫المتو ِّقف ُة على قبولها بلف‬


‫ومشروعيته‪ :‬وهو اإلزالة في اللغة‪ .‬و في الشرع‪ :‬إزالة ملك النكاح ُ‬ ‫معناه‬
‫ّ‬
‫الخلع أو بما هو في معناه‪ .‬والبأس به عند الحاجة لقوله تعالى‪" :‬فإن خفتم أن اليقيما حدود اهلل فالجناح‬
‫عليهما فيما افتدت به"(البقرة‪.)229/‬‬

‫اي الزوجان(أي‪ :‬وقعت العداوة بينهما) وخافا أن اليقيما حدود اهلل(الحقوي‬


‫ومن أحكامها‪ :‬وإذا تش َّ‬
‫الزوجية) فالبأس بأن تفتدي المرأة نفسها منه بمال ي ْخلعها‪ ،‬فإذا قبِله الزو وقع بالخلع تطليقة بائنة‪ ،‬ألنها‬
‫التبذل له المال إال لت ْسلم لها نفسها وذلك بالبينونة‪ .‬ولزمها المال‪.‬‬

‫وإن كان النشوز(سبب النزاع) من ِقب ِل الزو كره له أن يأخذ منها عوضا‪ ،‬وإن كان النشوز منها كره‬
‫له أن يأخذ أكثر مما أعطاها من المهر‪ ،‬وإن أخذ جاز في القضاء لقوله‪" :‬فالجناح عليهما"‪.‬‬

‫والطالي على مال‪:‬‬

‫وإن طلقها على مال كقوله لها‪ :‬أنت طالق بألف أو على ألف فقبِلت في المجلس وقع الطالي‬
‫ولزمها المال‪ ،‬وكان الطالي بائنا ألنها بذلت المال لتسلم نفسها وذلك بالبينونة‪.‬‬

‫فقبلت‪ ،‬وقع بها الطالي‬


‫ْ‬ ‫ت من نكاحك على ألف‬
‫والمبارأ ُة كالخلع‪ ،‬وهو مثل أن يقول لها‪ :‬برِ ْئ ُ‬
‫ُ‬
‫البائن بالنية‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫كل حق لكل واحد من الزوجين على ا‪،‬خر مما يتعلق بالنكاح كالمهر‬
‫والخلع والمبارأة ُيسقطان ّ‬
‫والنفقة الماضية باالتفاي‪ .‬أما نفقة العدة ففيه خالف‪ ،‬فعند اإلمام‪ :‬اليسق إال بالذكر‪ ،‬وقال أبويوسف‪:‬‬
‫سميا‪.‬‬
‫اليسقطان إال ما ّ‬
‫سميا‪ .‬وقال محمد‪ُ :‬‬
‫يسق في المبارأة واليسق في الخلع إال ما ّ‬
‫مسائل شتى‪:‬‬

‫أقسام الطالي من حيف لزوم النكاح بعده وعدم لزومه‪:‬‬

‫ومن هذه الحيثية ينقسم الطالي إلى رجعي وبائن‪ ،‬والبائن ينقسم إلى البينونة الكبرى(أو المغ ّلظة)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والبينونة الصغرى(أو المخ ّففة)‪ .‬وإليك بيانه‪:‬‬

‫التحل له بعدها حتى تنكح زوجا غيره‪.‬‬


‫ّ‬ ‫والبينونة الكبرى هي تطليقات ثال ‪ ،‬ف‬

‫وأما البينونة الصغرى فهي ما دون الثال ‪ ،‬ولها أشكال وصور‪:‬‬

‫منها ما في الطالي الرجعي‪ :‬ولو طلقها بصريح الطالي دون ذكر العدد أو طلقها اثنين ال أكثر فله‬
‫أن يراجعها من غير نكاح جديد في عدتها‪ .‬وإذا انقضت العدة صار الطالي بائنا(بينونة صغرى) فإذا أرادت‬
‫أن تعود إلى زوجها‪ ،‬التعود إال بنكاح جديد‪ .‬وإن كان الطالي واحدا‪ ،‬بقي له اثنان من الثال ‪ ،‬وإن كان‬
‫اثنين بقي له واحد منه‪.‬‬

‫الع ّنة‪ ،‬ألن‬


‫ومنها ما إذا جاء طلب الفرقة من الزوجة صار الطالي بائنا كما في الفرقة بسبب ُ‬
‫اعتبرت الفرقة بائنة ‪ .‬وإذا عادت إليه بنكاح جديد بقي له‬ ‫ِ‬
‫مشروعيتها لت ْملك نفسها‪ ،‬والتملك نفسها إال إذا ُ‬
‫طلقتان‪.‬‬

‫ِ‬
‫نفسك" وكان الطالي واحدا بائنا‪ ،‬ألن‬ ‫ومنها ما إذا اختارت نفسها عقيب قول زوجه لها‪" :‬اختاري‬
‫اختيارها نفسها دليل على أنها تريد أن تملك نفسها‪ ،‬وذلك بالبينونة‪ ،‬إذ يتمكن الزو في الرجعي من‬
‫مراجعتها دون رضاها‪.‬‬

‫ومنها ما كان في الخلع ألنها بذلت عوضا لتملك نفسها وذلك بالبينونة‪.‬‬

‫ِ‬
‫فارقتك‪ ،‬فإذا نوى بها الطالي كان واحدا‬ ‫ومنها‪ :‬ما وقع ببعض الكنايات كقوله لها‪ :‬أنت ِحرام‪ ،‬أو‬
‫بائنا‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬وصف الطالي بالشدة والغلظة كالجبال وطالي الشيطان‪ ،‬فكان بائنا‪.‬‬

‫ومنها‪ :‬ما وقع بتفريق القاضي ألسباب‪ .‬وهذه المسائل السبعة المذكورة كلها بينونة صغرى‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫كتاب الظهار‬

‫معناه‪ :‬وهو تشبيه المسلم زوجته لقصد التحريم بِمحرمة عليه تأبيدا كقوله لها‪ِ :‬‬
‫أنت علي كظهر‬
‫َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫ّأمى‪ .‬وأخته وعمته و أمه من الرضاعة كأمه‪ ،‬ألنهن في التحريم المؤبد كاألم نسبا‪ .‬وكان الظهار نوعا من‬
‫أنواع الطالي في الجاهلية‪.‬‬

‫حكمه‪ :‬وإذا قال لها ذلك حرمت عليه‪ ،‬فاليحل له وطؤها وال لمسها وال تقبيلها‪ ،‬وكذا حرم عليها‬
‫ُ‬
‫تمكينه من نفسها حتى يك ّفر عن هاره‪ .‬وإن وط ها قبل أن يك ّفر‪ ،‬است ْغفر اهلل تعالى وال ش عليه غير الكفارة‬
‫عاوده حتى يكفر‪ ،‬لقوله عليه السالم للذي واقع في هاره قبل الكفارة‪"ِ :‬استغفرِ اهلل‪ ،‬والتع ْد‬
‫األولى‪ ،‬والي ِ‬
‫ُ‬
‫حتى تكفر"‪.‬‬

‫متى تجب الكفارة؟‬

‫وتجب الكفارة إذا عزم على العود (الوسء) بعد الظهار لقوله تعالى‪" :‬ثم يعودون لما قالوا"‪ .‬وإن‬
‫رضي أن تبقى زوجته محرمة عليه ولم يعزم على وط ها لم تجب الكفارة‪ ،‬ولكنه ُيجبر على التكفير دفعا‬
‫للضرر عنها‪.‬‬

‫كفارة الظهار‪ :‬وهي على الترتيب ا‪،‬تي‪ :‬عتق رقبة بنية الكفارة‪ ،‬فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين‪،‬‬
‫الوارد فيه(سورة المجادلة‪ )4-1:‬وقوله‪" :‬فإن لم يجد‪ ،‬فإن لم‬ ‫فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا للن‬
‫يتماسا"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يستطع" يفيد الترتيب‪ .‬وكل ذلك يجب بالعزم قبل المسيس لقوله تعالى‪" :‬قبل أن‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬ولو جامعها خالل الشهرين في أدائها بالصيام ليال عامدا أو نهارا ناسيا استأنف الصوم عند أبي‬
‫‪ .‬وقال أبويوسف‪ :‬اليستأنف ألنه اليمنع‬ ‫حنيفة ومحمد ألن الشرس في الصوم أن يكون قبل المسيس بالن‬
‫التتابع إذ اليفسد به الصوم وهو الشرس‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬وإن أفطر يوما بعذر كسفر ومرض أو بغير عذر‪ ،‬استأنف لفوات التتابع الثابت بالن‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬وإن لم يستطع المظاهر الصوم لمرض ُ‬
‫سن‪ ،‬أطعم ستين مسكينا‪ .‬ومقدار‬ ‫ِ‬
‫الي ْرجى بر ه‪ ،‬أو لكبرِ ّ‬
‫نصف صاع من ُب خر أو صاع من تمر أو شعير كصدقة الفطر قدرا و م ْصرِ فا أو قيم ُة‬ ‫لكل مسكين ُ‬‫المطعوم‪ِ ّ :‬‬
‫ّ‬
‫ذلك‪ ،‬ألن المقصود سد الخ َّل ِة ودفع الحاجة‪ ،‬وهو حاصل في القيمة‪.‬‬
‫‪ -‬وإن أطعم مسكينا واحدا ستين يوما أجزأه‪ ،‬وإن أعطاه في يوم واحد – ولو بدفعات – لم ُي ْجزِ ه‬
‫إال عن يومه لفقد التعدد حقيقة وحكما‪.‬‬

‫كتاب اللعان‬

‫معناه‪ :‬واللعان مصدر العن كقاتل‪ ،‬من ال َّل ْع ِن وهو ال َّطر ُد واإلبعاد‪ُ ،‬سمي به ألن الزو يلعن نفسه‬
‫ْ‬
‫أوال كما سيأتى‪ .‬وشرعا‪ :‬شهادات مؤكدات باأليمان مقرونة باللعن من جهة وبالغضب من أخرى‪ ،‬قائمة‬
‫مقام حد القذف في حقه ومقام حد الزنى في حقها‪.‬‬

‫وموضوع اللعان‪ :‬القذف بالزنى فإذا قذف الرجل امرأته بالزنى صريحا أو نفى نسب ولدها منه أو‬
‫من غيره وطالبته المرأة بموجب القذف فعليه اللعان إن عجز عن البرهان(أربعة شهداء)‪ .‬وإن امتنع اللعان‬
‫حبسه الحاكم حتى يالعن فيبرأ ُ أو يك ّذب نفسه فيحد حد القذف(ثمانون جلدة) ألن اللعان خلف عن الحد‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫فإذا لم يأت بالخلف وجب عليه األصل‪.‬‬

‫صدقه فيما‬
‫وإن العن الزو وجب عليها اللعان بعده‪ ،‬فإن امتنعت حبسها الحاكم حتى تالعن أو تُ ّ‬
‫صدقته أقام الحد عليها‪.‬‬
‫فري القاضي بينهما‪ ،‬وإن ّ‬ ‫يدعي عليها‪ ،‬فإن العنت‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫صفة اللعان كما ورد في القرآن‪:‬‬

‫أن يبتدأ القاضي بالزو فيشهد على نفسه أربع مرات‪ ،‬ويقول في كل مرة‪ :‬أشهد باهلل أني لمن‬
‫كنت من الكاذبين فيما رميتها به‬
‫علي إن ُ‬ ‫الصادقين فيما رمي ُتها به من الزنى‪ ،‬ويقول في الخامسة‪ :‬لعنة اهلل‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫من الزنى (أو من نفي نسب ولدها)‪.‬‬

‫ثم تشهد المرأة أربع مرات‪ ،‬وتقول في كل مرة‪ :‬أشهد باهلل إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى‪،‬‬
‫إن غضب اهلل علي إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى‪.‬‬
‫وتقول في الخامسة‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫مالحظة‪ :‬وإنما ُخ اللعن في جانبه والغضب في جانبها ألن النساء يتجاسرن باللعن فإنهن‬
‫ْ‬
‫ختير الغضب لت َّت ِقي والتُ ْقدم عليه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫يستعملنه في كالمهن كثيرا كما ورد في الحديف‪" :‬تُ ْك ِثرن اللعن"‪ ،‬فأُ ِ‬
‫ْ‬

‫‪114‬‬
‫نتيجة اللعان‪:‬‬

‫وإذا تالعنا فري القاضي بينهما وكانت الفرقة تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد ألنها بتفريق‬
‫ّ‬
‫العنين فتفريق القاضي اليكون إال بائنة فجاز له أن يتزوجها‪ .‬وقال أبويوسف‪ :‬تحرم عليه‬‫القاضي كما في ّ‬
‫مؤبدا لقوله عليه السالم‪" :‬المتالعنان اليجتمعان أبدا"‪ ،‬رواه الدارقطني‪ .‬ولهما أن اإلكذاب رجوع‪ ،‬والشهادة‬
‫وحل له أن يتزوجها بعقد‬
‫ّ‬ ‫حد القذف‬
‫حده القاضي َّ‬
‫بعد الرجوع الحكم لها‪ ،‬فإن عاد الزو فأكذب نفسه ّ‬
‫جديد‪ .‬وأما الحديف فمحمول على عدم اإلكذاب ألنهما حين ذ يبقيان متالعنين‪.‬‬

‫وإن كان القذف بنفي نسب ولدها‪ ،‬نفى القاضي نسبه عن أبيه وألحقه بأمه‪.‬‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬وقد سبق في التعريف أن اللعان شهادات مؤكدات باأليمان‪ ،‬فإن لم يكن الزوجان من أهل الشهادة‬
‫على مسلم مثل أن كانا محدودين في قذف فال لعان بينهما ألن شهادة المحدود لم تقبل لقوله تعالى‪:‬‬
‫"والتقبلوا لهم شهادة أبدا"‪ .‬و كذا إن كانت الزوجة كتابية فاللعان بينهما لفقدها أهلية الشهادة على مسلم‪،‬‬
‫وكذا إن كانت معروفة بالفحش‪ .‬ولكن الزو ُيع َّز ُر في الحالتين حسما لهذا الباب‪.‬‬
‫‪ -‬وقذف األخرس اليتعلق به اللعان ألنه يتعلق بالتصريح كحد القذف‪ ،‬وقذفه الي ْعرى عن شبهة‪،‬‬
‫والحدود تندرأ بالشبهات‪.‬‬
‫ألقل من ستة أشهر‬ ‫ِ‬
‫حملك منى" ينظر‪ :‬فإن جاءت به َّ‬ ‫‪ -‬وإذا قال الزو المرأته الحامل‪" :‬ليس‬
‫اليتي َّق ُن بوجود الحمل عند قذفه به فلم يصر قاذفا‪( .‬ومن المعلوم‬
‫فاللعان بينهما عند أبي حنيفة وزفر ألنه ُ‬
‫أقل مدة الحمل الذي يعيش المولود بعد والدته ستة أشهر)‪ .‬وقال الصاحبان‪ :‬يجب اللعان لتي ّقن الحمل‬
‫أن َّ‬
‫عند القذف فيتحقق القذف‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا قال الزو المرأته الحامل‪ِ " :‬‬
‫زنيت وهذا الحمل من الزنى" تالعنا لوجود القذف بصريح‬
‫الزنى‪ ،‬ولم ينف القاضي نسب الحمل عنه‪ ،‬ألن اللعان كان بسبب القذف بالزنى البنفي الحمل‪ ،‬فالحمل‬
‫التترتب عليه األحكام إالبعد الوالدة‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا نفى الرجل ولد امرأته عقيب الوالدة أو في المدة التي ُتقبل التهن ة فيها _ وهي سبعة أيام‬
‫عادة_ صح نفيه والعن به‪ ،‬ألنه بالنفي صار قاذفا‪ .‬وإن نفاه بعد ذلك العن وثبت النسب‪ ،‬ألنه ثبت نسبه‬
‫بوجود االعتراف منه داللة وهو السكوت وقبول التهن ة فالينتفي بعد ذلك‪ .‬وهذا عند أبي حنيفة‪ .‬وقاال‪:‬‬
‫يصح نفيه في مدة النفاس ألن النفي يصح في مدة قصيرة واليصح في مدة طويلة ففصلنا بينهما بمدة‬
‫النفاس ألنه أثر الوالدة‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫كتاب العدة‬

‫وهي لغة‪ ،‬اإلحصاء‪ .‬وشرعا‪ :‬ترب ٌ يلزم المرأة عند زوال النكاح أو شبهته‪ .‬والحكمة فيها‪ :‬التعرف‬
‫ّ‬
‫عن براءة الرحم ل اليختل األنساب‪.‬‬

‫أنواعها‪ :‬وهي على نوعين‪ :‬عدة الطالي‪ ،‬وعدة الوفاة‪.‬‬

‫النوع األول‪ :‬عدة الطالي‬

‫وإذا طلق الرجل امرأته المدخول بها‪ ،‬طالقا بائنا أو رجعيا أو وقعت الفرقة بينهما بغير طالي –‬
‫ّ‬
‫كتمكينها ابن زوجها من نفسها – ينظر‪:‬‬

‫فإن كانت ممن تحيض‪ :‬فعدتها ثالثة أقراء كوامل لقوله تعالى‪" :‬والمطلقات يتر َّب ْصن بأنفسهن ثالثة‬
‫عد من العدة‪ ،‬فتعتد بالحيض التي تليها‪ .‬واألقراء جمع‬ ‫قروء"(البقرة‪ .)228/‬ولو طُ ِّلقت في الحيض لم ُي ّ‬
‫ال ُقرء وهي الحيض عندنا‪.‬‬
‫ْ‬
‫وإن كانت المطلقة ممن التحيض من ِصغر أو ِكبرخ كمن بلغت ِس ّن اإلياس‪ ،‬فعدتها ثالثة أشهر‬
‫"والالئى ي سن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثالثة أشهر والالئي لم‬ ‫ّ‬ ‫لقوله تعالى‪:‬‬
‫يحضن"(الطالي‪.)4/‬‬

‫وإن كانت حامال فعدتها أن تضع حملها لقوله تعالى‪" :‬وأوالت األحمال أجلهن أن يضعن‬
‫حملهن"(الطالي‪ .)4/‬وهذا إذا كانت حرة‪ ،‬وإن كانت أمة فعدتها حيضتان‪ ،‬وإن كانت ممن التحيض فعدتها‬
‫شهر ونصف‪.‬‬

‫والنوع الثاني‪ :‬عدة الوفاة ولها حاالت‪:‬‬

‫وإذا مات الرجل وهي حائل(غير حامل) أو ممن التحيض من ِصغرخ أو كبر‪ ،‬فعدتها أربعة أشهر‬
‫وعشرة أيام لقوله تعالى‪ :‬والذين ُيتو َّف ْون منكم ويذرون أزواجا يتر َّب ْصن بأنفسهن أربعة أشهر‬
‫وعشرا"(البقرة‪ .)234/‬وإن كانت أمة فعدتها شهران وخمسة أيام‪.‬‬

‫وإن كانت حامال فعدتها أن تضع حملها إلطالي قوله تعالى‪" :‬وأوالت األحمال أجلهن أن يضعن‬
‫حملهن"‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫العدة في طالي الفرار‪:‬‬

‫ومات‪ ،‬فقال أبوحنيفة ومحمد‪:‬‬ ‫وإذا طلق الرجل امرأته طالقا بائنا في مرض موته ليمنعها الميرا‬
‫أربعة أشهر وعشرا من وقت الموت(عدة الوفاة) لقوله تعالى‪" :‬والذين‬ ‫أبعد األجلين وهو أن تترب‬
‫فعدتها ُ‬
‫حيض(عدة الطالي) لقوله تعالى‪" :‬والمطلقات‬ ‫يتوفون منكم ‪ "...‬و إن لم تر فيها حيضا تعتد بعدها بثال‬
‫يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء" احتياطا‪ .‬و لو امتد طهرها تبقى عدتها حتى تبل اإلياس‪ .‬وقال أبويوسف‪:‬‬
‫ِحي خض‪.‬‬ ‫عدتها ثال‬

‫ُقيد الطالي بالبائن‪ ،‬ألنه إذا كان رجعيا فعليها عدة الوفاة إجماعا‪.‬‬
‫ّ‬
‫خ‬
‫خالف ورثته‪.‬‬ ‫وإذا مات في عدتها على‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬وإن كانت المرأة آيسة واعتدت بالشهور ثم رأت الدم على عادتها أو تزوجت بعد الشهور وحبلت‬
‫من زوجها‪ ،‬انتقض ما مضى من عدتها وفسد نكاحها‪ ،‬وكان عليها أن تستأنف العدة بالحيض‪( .‬وقيل‪:‬‬
‫واليفتى ببطالن االعتداد باألشهر بعد تمام االعتداد بها‪.‬ص‪.)514:‬‬
‫‪ -‬والمنكوحة نكاحا فاسدا – كمن تزو بغير شهود – فعدتها بالحيض في الفرقة والموت إن كانت‬
‫ممن تحيض‪ ،‬وباألشهر إن كانت ممن التحيض‪ ،‬ألن العدة للتعرف عن براءة الرحم‪ ،‬ال لقضاء حق النكاح‬
‫ّ‬
‫المع ِر ُف‪ ،‬واألشهر قائمة مقام الحيض‪.‬‬ ‫لفساده‪ ،‬والحيض هو‬
‫ُ ّ‬
‫عد من العدة‪ ،‬ألنه انقضى بعضه‪ ،‬واليعد‬
‫‪ -‬وإذا طلق الرجل امرأته في الحيض‪ ،‬فهذا الحيض الي ّ‬
‫الحيض من العدة إال إذا كان كامال‪.‬‬
‫‪ -‬وابتداء العدة في الطالي عقيب الطالي وفي الوفاة عقيب الوفاة‪ ،‬وإن لم تعلم بالطالي أو الوفاة‬
‫حتى مضت مدة العدة‪ ،‬فقد انقضت عدتها‪ .‬وابتداء العدة في النكاح الفاسد عقيب القضاء بالتفريق بينهما‪،‬‬
‫أو عقيب إ هار عزمه بلسانه على ترك وط ها‪ ،‬والعبرة بمجرد عزمه بقلبه‪.‬‬
‫‪ -‬والخلوة في النكاح الفاسد التوجب العدة (والدخول يوجب ذلك كما سبق)‪ .‬والطالي في نكاح‬
‫العدد‪ ،‬ألنه فسخ وال طالي إال بعد نكاح صحيح‪.‬‬ ‫فاسد الينق‬

‫الحداد أو اإلحداد‪:‬‬

‫وهو ترك الزينة والطيب وغيرها مما يدعو إلى الرغبة فيها في العدة إ هارا للتأسف على فوات نعمة‬
‫النكاح‪ .‬وهو واجب على المبتوتة(المطلقة بائنا) وعلى المتوفى عنها زوجها ولو أمرها المطّلق أو الميت‬

‫‪117‬‬
‫بتركه‪ ،‬ألنه حق الشرع الحق الزو ‪ ،‬ألنه عليه السالم نهى المعتدة أن تختضب بالحناء وقال‪" :‬الحناء طيب"‬
‫رواه الطبرانى في الكبير‪ .‬وأما المطلقة رجعيا فيجوز بل ينبغي لها أن تتزين لزوجها الستمال قلبه إليها‬
‫ليراجعها‪.‬‬

‫ِخطبة المعتدة‪:‬‬

‫أي معتدة كانت‪ ،‬والبأس بالتعريض في الخطبة لقوله تعالى‪" :‬والجناح‬


‫ويحرم أن ُت ْخطب المعتدة ّ‬
‫واعدوهن سرا"(البقرة‪ .)235:‬قال عليه‬
‫ّ‬ ‫الت‬
‫عرضتم به من خطبة النساء" إلى أن قال‪" :‬ولكن ُ‬ ‫عليكم فيما‬
‫ّ‬
‫السالم‪ :‬السر‪ :‬النكاح"‪.‬‬
‫ّ‬
‫خرو المعتدة من بيتها‪:‬‬

‫واليجوز للمطلقة الرجعية والالمبتوتة الخرو ُ من بيتها ليال وال نهارا‪ ،‬ألن نفقتها واجبة على الزو‬
‫فالحاجة إلى الخرو ‪ .‬وأما المتوفى عنها زوجها فتخر نهارا أو بعض الليل ألنه النفقة لها فتضطر إلى‬
‫خرجوهن من بيوتهن‬
‫ّ‬ ‫الخرو ‪ .‬والتبيت في غير منزلها‪ .‬واألصل في ذلك قوله تعالى‪" :‬التُ‬
‫واليخرجن"(الطالي‪.)1:‬‬

‫ويجب على المعتدة أن تعتد في المنزل الذي يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة‪ ،‬فإن أخرجها‬
‫الورثة أو إن كانت البيت بأجر والتجد ماتؤديه‪ ،‬انتقلت إلى حيف شاءت‪.‬‬

‫ثم إن وقعت الفرقة بطالي بائن أو ثال ‪ :‬فالبد من ُسترة بينهما‪ .‬والبأس به مع السترة ألنه معترِ ف‬
‫بالحرمة‪ .‬إال أن يكون الزو فاسقا ُيخاف عليها منه فحين ذ تخر وتعتد في مكان آخر‪ .‬واألولى أن يخر‬
‫هو ويتركها‪.‬‬

‫نسب ولد المعتدة‪:‬‬

‫نسب ولد المطلقة الرجعية‪:‬‬

‫وأقل مدة الحمل ستة أشهر لقوله تعالى‪" :‬وحمله وفصاله ثالثون شهرا"(األحقاف‪ )15:‬ثم قال‪:‬‬
‫"وفصاله في عامين"(لقمان‪ )14:‬فبقي للحمل ستة أشهر‪ .‬ومعناه أنه اليعيش إن ُولد قبل ستة أشهر‪.‬‬

‫وأكثرها سنتان عند الحنفية لقول عائشة‪" :‬الولد اليبقى في البطن أكثر من سنتين ولو ب ِِظ ّ ِل ِم ْغز خل"‪.‬‬
‫والظاهر أنها قالته سماعا‪ ،‬إذ العقل اليهتدي إليه‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫ألقل من سنتين من الطالي بانت من زوجها بانقضاء العدة بوضع‬
‫وإن جاءت المطلقة الرجعية بولد َّ‬
‫الحمل وثبت نسبه من زوجها لوجود العلوي في النكاح أو في العدة‪ .‬واليصير به مراجعا‪ ،‬ألنه يحتمل‬
‫العلوي قبل الطالي ويحتمل بعده فاليصير مراجعا بالشك‪.‬‬

‫وإذا جاءت به لتمام سنتين ثبت نسبه منه مالم تُ ِقر بانقضاء عدتها‪ ،‬الحتمال امتداد طُهرها وعلوي‬
‫َّ‬
‫النطفة في العدة‪ ،‬ويصير مراجعا‪.‬‬

‫وإذا جاءت به ألكثر من سنتين من الطالي ثبت نسبه وكانت رجعة ألن الظاهر أن العلوي حصل‬
‫بعد الطالي إذ الحمل اليبقى أكثر من سنتين‪ ،‬و هر أنه وط ها في العدة فيصير مراجعا‪.‬‬

‫نسب ولد المبتوتة‪:‬‬

‫ألقل من سنتين يثبت نسب ولدها بالدعوى‪ ،‬مالم‬


‫وإذا جاءت المبتوتة(المطلقة بائنا أو ثالثا)بولد َّ‬
‫فاليتي َّق ُن بزوال الفرال قبل العلوي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُتق َّر بانقضاء عدتها‪ ،‬ألنه يحتمل أن الولد كان قائما وقت الطالي‪ُ ،‬‬
‫فيثبت نسبه احتياطا‪.‬‬

‫وإذاجاءت به لتمام سنتين من يوم الفرقة لم يثبت نسبه من الزو ‪ ،‬ألنه كان حادثا بعد الطالي‬
‫يدعيه الزو فحين ذ ثبت منه ألنه التزمه‪.‬‬
‫فاليكون منه‪ ،‬ألن وطأها حرام عليه‪ ،‬إال أن ّ‬
‫نسب ولد المتوفى عنها زوجها‪:‬‬

‫ويثبت نسب ولد المتوفى عنها زوجها_ ولو غير مدخول بها‪ ،‬ما لم ِتقر بانقضاء عدتها_ ما بين‬
‫َّ‬
‫الوفاة وبين سنتين‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫مطلقا(أي معتدة كانت)بانقضاء عدتها والمدة تحتمله‪ ،‬ثم جاءت بولد‪ ،‬ينظر‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬وإذا اعترفت المعتدة‬
‫ألقل من ستة أشهر من وقت االقرار ثبت نسبه من زوجها لظهور ك ِذبِها بيقين‪ .‬وإن‬
‫فيه‪ :‬فإن جاءت به َّ‬
‫بعده‪ ،‬ألنها أمينة‬ ‫جاءت به لتمام ستة أشهر فأكثر لم يثبت نسبه عند أبي حنيفة‪ ،‬ألنه ُعلم باإلقرار أنه حد‬
‫في اإلخبار‪ ،‬وقول األمين مقبول ما لم يتحقق ك ِذبه‪.‬‬
‫وج ِحد ْت والدتها‪ ،‬اختلفوا فيه‪ :‬فقال أبوحنيفة‪ :‬لم يثبت نسبه إال أن يشهد‬
‫‪ -‬وإذا أتت المعتدة بولد ُ‬
‫رجالن أو رجل وامرأتان أو أن يكون حبل اهر‪ ،‬أو اعتراف من ِقبل الزو فيثبت النسب من غير شهادة‪.‬‬
‫وقاال‪ :‬يثبت في الجميع بشهادة امرأة واحدة‪ ،‬ألن الفرال (النكاح) قائم بقيام العدة وهو ُم ْلزِ م للنسب‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫تزوجها‪ ،‬لم يثبت نسبه لتحقق سبق‬
‫ألقل من ستة أشهر منذ ّ‬
‫‪ -‬وإذا تزو الرجل امرأة فجات بولد َّ‬
‫العلوي(الحمل) على النكاح‪ .‬وإن أتت به لتمام ستة أشهر فصاعدا‪ ،‬ثبت نسبه إن اعترف الزو به أو سكت‬
‫عنه‪ ،‬ألن الفرال قائم والمدة تامة‪ .‬وإن جحد الزو الوالدة‪ ،‬ثبت نسبه بشهادة امرأة واحدة تشهد بالوالدة‪،‬‬
‫ألن النسب ثابت بالفرال‪.‬‬
‫‪ -‬وإن جحد الزو الوالدة‪ ،‬ثبت نسبه بشهادة امرأة واحدة تشهد بالوالدة ألن النسب ثابت بالفرال‬
‫وهو قائم‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا تزوجت الحامل من الزنى جاز النكاح‪ ،‬ألن ماء الزاني الحرمة(الاحترام)له‪ ،‬ولكن اليجوز‬
‫له وط ها حتى تضع حملها‪ ،‬ل الي ِ‬
‫سقي بمائه زرع غيره‪ ،‬إال أن يكون هو الزاني فجاز وطؤها‪.‬‬

‫كتاب النفقات‬

‫والكسىوة والسكنى‪ .‬وتجب‬


‫ُ‬ ‫والنفقات جمع نفقة‪ ،‬وهي ماينفقه االنسان على عياله‪ .‬وهي الطعام‬
‫بأسباب ثالثة‪ :‬زوجية وقرابة ِ‬
‫وملك(نفقة العبد والجارية)‪.‬‬

‫نفقة الزوجة‪:‬‬

‫وهي واجبة على الزو للزوجة إذا س ّلمت نفسها في منزله‪ ،‬ألن النفقة جزاء االحتباس‪ .‬وفي قدرها‬
‫يعتبر بحالهما جميعا موسرا كان الزو أو معسرا‪ .‬وقيل‪ :‬يعتبر بحال الزو ‪.‬‬

‫المعجل فلها النفقة‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وإن امتنعت من تسليم نفسها – ولو بعد الدخول بها _ حتى ُيعطيها مهرها‬
‫ألنه امتنا ٌع بحق فكان فوت االحتباس بمعنى من ِقبله‪ .‬وإن نشزت (خرجت من بيته بال إذنه بغير حق)‬
‫فالنفقة لها حتى تعود إلى منزله‪ ،‬ألن فوت االحتباس كان منها‪.‬‬

‫وإذا طلق الرجل امرأته فلها النفقة والسكنى في عدتها‪ ،‬رجعيا كان الطالي أو بائنا‪ ،‬ألن النفقة جزاء‬
‫خ‬
‫حكم مقصود بالنكاح وهو الولد‪ ،‬إذ العدة واجبة لصيانة الولد فتجب النفقة‪ ،‬ولهذا‬ ‫االحتباس وهو قائم في‬
‫كان لها السكنى باالجماع‪.‬‬

‫والنفقة للمتوفى عنها زوجها‪ ،‬ألنها تجب في ماله‪ ،‬وال مال له بعد الموت‪ ،‬واليمكن إيجابها على‬
‫الورثة‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫حج ْت مع محرم غير زوجها‪ ،‬فالنفقة لها لفوات االحتباس‪ .‬وقال‬
‫ِست المرأة في د ْين أو ّ‬
‫وإذا ُحب ْ‬
‫أبويوسف‪ :‬لها النفقة في الحج‪.‬‬

‫وتفر ُض على الزو نفقة خادمها إن كان الزو موسرا‪.‬‬


‫ُ‬

‫ويجب عليه أن ُي ْسكنها في دار منفردة ليس فيها أحد من أهله‪ ،‬إال أن ترضى المرأة ذلك‪ .‬وإن كان‬
‫له ولد من غيرها فليس له أن ُيسكنه معها ألنها تتضرر به‪.‬‬

‫وللزو أن يمنع والديها وولدها من غيره وأهلها من الدخول عليها‪ ،‬ألن المنزل ملكه‪ .‬واليمنعهم‬
‫من النظر إليها وال من كالمهم معها في وقت اختاروا ذلك لما فيه من قطيعة الرحم‪ .‬وقيل‪ :‬اليمنعهم من‬
‫الدخول والكالم وإنما يمنعهم من القرار‪ .‬وقيل‪ :‬اليمنعها من الخرو إلى والديها‪ ،‬واليمنعهما من الدخول‬
‫عليها كل جمعة(اسبوع)‪.‬‬

‫ومن أعسر في نفقة امرأته لم ُيف ِري القاضي بينهما‪ ،‬بل يقول لها‪ :‬استديني عليه‪ ،‬ألن في التفريق‬
‫ّ‬
‫أقل ضررا‪.‬‬
‫إبطال حقه من كل وجه وفي االستدانة تأخير حقها مع إبقاء حقه فكان أولى لكونه َّ‬

‫وإذا غاب الرجل‪ ،‬وله مال في يد رجل‪ ،‬فرض القاضي في ذلك المال نفقة زوجة الغائب وأوالده‬
‫والي ْقضى بنفقة في مال الغائب إال لهؤالء‪ ،‬ألنها واجبة عليه لهم قبل القضاء‪ ،‬فكان قضاء‬
‫الصغار ووالديه‪ُ .‬‬
‫القاضي إعانة لهم‪.‬‬

‫نفقة األوالد‪:‬‬

‫ونفقة األوالد الصغار الفقراء على األب‪ ،‬واليشاركه فيها أحد‪ .‬إال أنه إن كان األب معسرا واألم‬
‫موسرة‪ُ ،‬ت ْؤمر باإلنفاي ويكون د ْينا على األب‪ .‬و ُقيِد بالفقراء‪ ،‬ألن نفقة األوالد األغنياء كانت في مالهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫وإن كان الصغير رضيعا فليس على أمه أن ترضعه قضاء‪ ،‬ألن اإلرضاع يجري مجرى النفقة‪ ،‬وهي‬
‫على األب‪ .‬ولكن ُت ْؤمر به ديانة ألنه من باب خدمة البيت كالطبخ فإنها ُت ْؤمر بذلك ديانة‪ ،‬واليجبرها القاضي‬
‫عليها‪ ،‬ألن حق الزو عليها بعد النكاح تسليم نفسها لالستمتاع ال غير‪ .‬إال إذا كان الطفل اليأخذ ث ْدي‬
‫غيرها فحين ذ تُ ْجبر األم على إرضاعه صيانة له عن الهالك‪.‬‬

‫إن استأجرها وهي زوجته أو معتدته من‬ ‫ويستأجر له األب م ْن ترضعه عندها ألن الحضانة لها‪ .‬و ْ‬
‫مستحق عليها ديانة‪ ،‬إال أنها ُع ِذر ْت‬
‫ٌ‬ ‫رضع ولدها له‪ ،‬لم يجز ذلك االست جار ألن اإلرضاع‬‫طالي رجعي‪ ،‬لت ِ‬
‫ُ‬
‫أقدمت عليه باألجر هرت قدرتها‪ ،‬فكان الفعل واجبا عليها فاليجوز أخذ األجرة‬ ‫ْ‬ ‫الحتمال عجزها‪ ،‬فإن‬

‫‪121‬‬
‫على الواجب‪ .‬وإن انقضت عدتها فاستأجرها األب على إرضاعه جاز‪ ،‬ألن النكاح قد زال بالكلية‪ ،‬وصارت‬
‫كاألجبية‪.‬‬

‫ونفقة األبوين‪:‬‬

‫ويجب على الرجل نفقة أبويه وأجداده وجداته إن كانوا فقراء‪ ،‬سواء كانوا من ِقب ِل األب أو األم‪،‬‬
‫ولو قادرين على الكسب‪ ،‬وخالفوه في دينه لقوله تعالى‪" :‬وصاحبهما في الدنيا معروفا"(لقمان‪ .)15:‬نزلت‬
‫في األبوين الكافرين‪.‬‬

‫والتجب النفقة مع اختالف الدين إال للزوجة واألبوين واألجداد والجددات والولد وولد الولد‪،‬‬
‫وجزء المرء في معنى نفسه‪.‬‬
‫الجزئية‪ْ ،‬‬ ‫لما مر أن نفقة الزوجة بمقابلة االحتباس‪ ،‬وأما غيرها فلثبوت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالسوية في اهر الرواية ألن المعنى يشملهما‪.‬‬ ‫وهي على الذكور واإلنا‬

‫وإذا كان لالبن الغائب مال عند مود خع أو مديون قضى القاضي فيه بنفقة أبويه وولده الصغير وزجته‪.‬‬
‫وإن باع أبوه متاعه في نفقته جاز عند أبي حنيفة استحسانا‪ ،‬وإن باع عقاره لم يجز‪ .‬وقال صاحباه‪ :‬اليجوز‬
‫له بيع شيء من ماله‪ ،‬وهو القياس‪ ،‬ألنه ال والية له عليه النقطاعها بالبلوا‪ .‬وجه االستحسان أن لألب والية‬
‫الحف في مال الغائب ‪ ،‬وبيع المنقول من باب الحف ‪ ،‬وال كذلك العقار ألنها مح َّصنة بنفسها‪.‬‬

‫وإن كان لالبن الغائب مال في يد أبويه فأنفقا منه على أنفسهما بغير إذن من القاضي لم يضمنا‪،‬‬
‫ألنهما استوفيا حقهما‪ ،‬ألن نفقتهما كانت واجبة عليه قبل القضاء‪.‬‬

‫وإن كان له مال في يد أجنبى فأنفق األجنبي على أبويه بغير إذن القاضي ض ِمن‪ ،‬ألنه تصرف في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مال الغير بغير والية‪ ،‬ألنه نائب للحف فق الغير‪ ،‬بخالف ما إذا أمره القاضي‪ ،‬ألن أمره ُم ْلزِ ٌم لعموم‬
‫واليته‪.‬‬

‫نفقة ذوي األرحام‪:‬‬

‫وهو من اليحل مناكحته على التأبيد مثل اإلخوة واألخوات وأوالدهما واألعمام والعمات‬
‫رحم محر خم منه‪ ،‬إن كان صغيرا فقيرا‪ ،‬أو كانت‬
‫خ‬ ‫واألخوال والخاالت‪ .‬والنفقة واجبة على الرجل لكل ذي‬
‫امرأة ولو بالغة إذاكانت فقيرة‪ ،‬أو كان ذو الرحم ذكرا ز ِمنا‪ ،‬أو أعمى وكان فقيرا‪ ،‬ألن الصلة في القرابة‬
‫مثل‬
‫ُ‬ ‫خ‬
‫محرم‪ .‬لقوله تعالى‪" :‬وعلى الوار‬ ‫خ‬
‫رحم‬ ‫القريبة واجبة دون البعيدة‪ ،‬والفاصل‪ :‬أن يكون ذا‬
‫ذي الرحم المحرم مثل ذلك"‪.‬‬ ‫ذلك(البقرة‪ ،)233:‬وفي قراءة ابن مسعود‪" :‬وعلى الوار‬

‫‪122‬‬
‫والع ْمى أمارة الحاجة لتحقق العجز‪ ،‬فإن القادر على‬ ‫ثم البد من الحاجة‪ ،‬فالصغر واألنوثة والزمانة‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫الكسب غني بكسبه بخالف األبوين ألنهما يلحقهما تعب الكسب‪ ،‬والولد مأمور بدفع الضرر عنهما‪ ،‬فتجب‬
‫نفقتهما مع قدرتهما على الكسب‪.‬‬

‫في قوله تعالى "وعلى الوار "‪ ،‬تنبيه‬ ‫ألن التنصي‬ ‫وتجب ذلك على األوالد على قدر الميرا‬
‫بالغ ْن ِم‪.‬‬
‫الغ ْرم ُ‬
‫على اعتبار المقدار‪ ،‬وألن ُ‬

‫وتجب نفقة البنت البالغة واالبن الزمن واألعمى إذاكانوا فقراء على أبويه أثالثا على قدر ميراثهما‪:‬‬
‫هكذا‪.‬‬ ‫فعلى األب الثلثان وعلى األم الثلف‪ ،‬ألن سهمهما في الميرا‬

‫والتجب نفقة ذوي األرحام مع اختالف الدين لبطالن أهلية اإلر ‪.‬‬

‫والتجب النفقة على الفقير إال لزوجته وأوالده الصغار ألنه التزمها باإلقدام على العقد‪.‬‬

‫وكان الحد الفاصل بين الغني والفقير هنا نصاب صدقة الفطر‪.‬‬

‫نفقة المملوك‪:‬‬

‫والمد َّبر وأم الولد والصغير‬ ‫ِ‬


‫ويجب على المولى أن ينفق على عبده وأمته‪ ،‬سواء في ذلك القن ُ‬
‫والكبير‪ ،‬وإن امتنع أجبره القاضي على بيعهما أو نفقتهما‪.‬‬

‫كتاب الحضانة‬
‫معناها‪ :‬وهى ‪-‬بفتح الحاء وكسرها‪ :-‬القيام بتربية الولد‪.‬‬

‫فالت ْجبر على القيام بها إذا امتنعت‪ ،‬أو حق الولد‬


‫حق من ثبت لها الحضانة ُ‬ ‫وحكمها‪ :‬وهل هي ّ‬
‫ُفتجبر؟ ففيه خالف‪ .‬فإن لم يوجد غيرها أُجبِرت بالخالف‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومن أحق بها‪ :‬وإذا وقعت ال ُفرقة بين الزوجين فاألم أحق بالولد ألنها أشفق عليه وأعلم بتربيته‪.‬‬
‫فان لم تكن فأم األم أولى من أم األب‪ ،‬ألن هذه الوالية ُتستفاد من ِقبل األمهات‪ .‬فإن لم تكن له أم األم‪،‬‬
‫فأم األب أولى من األخوات‪ ،‬فإن لم تكن فاألخوات أولى من العمات والخاالت ألنهن أقرب‪ .‬ثم الخاالت‬
‫أولى من العمات ترجيحا لقرابة األم‪.‬‬

‫متى تسق ‪ :‬وكل من تزوجت من هؤالء المذكورات سق حقها في الحضانة لقوله عليه السالم‪:‬‬
‫ِ‬
‫"أنت أحق به مالم تنكحي"‪ .‬وتعود الحضانة بال ُفرقة لزوال المانع‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫واألم والجدة أحق بالغالم حتى يستغني بأن يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده ويستنجي‬
‫وحده‪ ،‬وإذا استغنى يحتا إلى التأديب والتثقيف فيعود إلى األب فإنه أقدر على ذلك‪ .‬وهما أحق بالجارية‬
‫حتى تحيض(تبل ) ألن بعد االستغناء تحتا إلى معرفة آداب النساء‪ ،‬والمرأة على ذلك أقدر‪ .‬وبعد البلوا‬
‫تحتا إلى التحصين والحف ‪ ،‬واألب فيه أقوى وأهدى‪.‬‬

‫ويخاف عليه أن يألف الكفر‪ .‬وليس‬


‫والذمية(الكتابية) أحق بولدها المسلم مالم يعقل األديان ُ‬
‫للحاضنة أن تمنع األب من ر ية ولده‪.‬‬

‫كتاب العتاي‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫ودي ِة واألُ ُموم ِة الحروب والقتال‪ ،‬فإذا أخذ المسلمون من المقاتلين الكفار كان‬
‫الع ُب َّ‬
‫وكان مصدر ُ‬
‫اإلمام مخيرا بين أن يتركهم أحرارا أوأن يستر َّقهم توفيرا للمنفعة على المسلمين(مجمع األنهر‪.)640/1 :‬‬
‫ويق ّسمهم بين الغانمين فصاروا عبيدا وإماء لهم‪ .‬وجاز لمالكه‪/‬مواله أن يستخدم مملوكه أوييعه أو يهبه أو‬
‫ُ‬
‫يعتقه‪ ،‬ويحل له أن يستفرل مملوكته بملك اليمين‪.‬‬

‫العبد عتاقا‪ :‬خر من المملوكية‪ ،‬وأعتق العبد إعتاقا‪ :‬أخرجه من المملوكية‪.‬‬


‫ُ‬ ‫معنى العتق‪ :‬عتق‬
‫ِ‬
‫والع ْت ُق‪ :‬إسقاس الم ْولى حقه عن مملوكه(عبده أو جاريته) فإذا قال لعبده‪ :‬أنت ُحر سق ملكه فيه فصار‬
‫محر خم منه مثل أن يجده في السوي يباع فاشتراه أو ُو ِهب إليه‪ ،‬عتق عليه‬ ‫خ‬
‫حرا‪ .‬وإذا ملك الرجل ذا رحم ْ‬
‫مباشرة وإن لم يقل له‪" :‬أنت ُحر"‪.‬‬

‫ولد األم ِة(الجارية) من موالها حر ألنه مخلوي من ماء الحر‪ .‬وولد األمة من زوجها – سواء كان‬
‫والري‪ .‬وولد الحرة من العبد حر تبعا‬
‫ّ‬ ‫مملوك لسيدها ألن الولد يتبع لألم في الملك‬
‫ٌ‬ ‫حرا أو عبدا مملوكا –‬
‫ألمه ألنه يتبعها في الملك والري‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫باب التدبير‬

‫وهو تعليق المولى عتق مملوكه بموته كقوله‪ :‬إذا مت فأنت حر‪ ،‬فصار ُمد َّبرا فاليجوز له بعد ذلك‬
‫ّ‬
‫المد ّبرة أمة فله أن يطأها كما كان ذلك جائزا له‬
‫بيعه وال هبته‪ ،‬ويجوز له أن يستخدمه ويؤاجره‪ .‬وإن كانت ُ‬
‫قبل التدبير‪ .‬وإذا مات المولى عتق المدبر والمدبرة‪.‬‬

‫باب االستيالد‬

‫وهو طلب المولى ولدا من أمته بالوسء فإذا أتت بولد من موالها صارت ّأم ولد له‪ .‬وحكمها حكم‬
‫المدبرة فاليجوز بيعها والتمليكها‪ ،‬وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها‪ ،‬وإذا مات المولى عتقت‬
‫فصارت حرة‪.‬‬

‫باب الكتابة‬

‫أدى‬
‫وإذا كاتب المولى عبده أو أمته على مال معلوم شرطه عليه وق ِبل العبد صار العبد مكاتبا‪ .‬وإن ّ‬
‫المال تم عتقه‪ ،‬وإن عجز عنه عاد إلى الري‪ .‬وإن مات مولى المكاتب لم تنفسخ الكتابة ويؤدي المال إلى‬
‫ِ‬
‫"فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا" (النور‪ ،)33 :‬واألمر هنا للندب‬ ‫ب فيه لقوله تعالى‪:‬‬
‫أمر ُمر َّغ ٌ‬
‫ٌ‬
‫ورثته‪ .‬والكتابة‬
‫على الصحيح‪.‬‬

‫باب الوالء‬

‫وهو لغة‪ :‬النصرة والمحبة وشرعا‪ :‬عبارة عن التناصر بوالء العتاقة أو بوالء المواالة‪ .‬فكان الوالء‬
‫نوعين‪ :‬النوع األول‪ :‬والء العتاقة ويسمى والء النعمة‪ .‬وسببه‪ :‬العتق‪ ،‬وإذا أعتق الرجل مملوكه فوال ه له‬
‫بالغنم‪ .‬ووالء‬
‫الغرم ُ‬ ‫ِ‬
‫المعتق يرثه إذا مات ويعقل عنه إذا جنى ألن ُ‬ ‫الري عنه‪ ،‬وثمرته‪ :‬أن‬
‫ألنه أحياه بإزالة ّ‬
‫ِ‬
‫المعتق‪ ،‬وإن لم يكن للمعتق عصبة من‬ ‫العتاقة تعصيب‪ :‬فإن كان للمعتق عصبة من النسب فهو أولى من‬
‫ِ‬
‫للمعتق‪.‬‬ ‫النسب فميراثه‬

‫وأما والء المواالة‪ :‬فسببه العقد‪ ،‬فإذا أسلم رجل مجهول النسب على يد رجل ووااله (أي‪ :‬عقد‬
‫معه عقد المواالة) على أن يرثه إذا مات ويعقل عنه إذا جنى فالوالء صحيح‪ ،‬فإن مات المولى األسفل(الذى‬
‫شرعا‪.‬‬ ‫فهو أولى ألنه وار‬ ‫له فميراثه للمولى األعلى‪ ،‬وإن كان له وار‬ ‫أسلم) وال وار‬

‫‪125‬‬
‫كتاب الجنايات‬

‫التعدي الواقع في النفس واألطراف‪ .‬ويدخل فيها‬


‫ّ‬ ‫معناها‪ :‬والجنايات جمع جناية‪ ،‬وهي عبارة عن‬
‫القتل والجرح‪.‬‬

‫وشبه خ‬
‫عمد وخطأ ٌ وما أُجرِ ي م ْجرى الخطأ والقتل بسبب‪.‬‬ ‫أنواع القتل‪ :‬وهو على خمسة أوجه‪ِ ٌ :‬‬
‫عمد ْ ُ‬
‫كالمح ّدد من‬
‫ماتعمد ضربه بسالح أو بما أجري مجرى السالح في تفريق األجزاء ُ‬
‫ّ‬ ‫أ‪ -‬العمد‪ :‬وهو‬
‫واليوقف عليه إال بدليله‪ ،‬وهو استعمال آلة قاتلة‪ .‬وموجب‬
‫الحديد والخشب والحجر‪ .‬ألن العمد هو القصد ُ‬
‫ذلك‪ :‬المأثم‪ ،‬ألنه من أكبر الكبائر بعد الشرك باهلل‪ ،‬والقو ُد(القصاص)‪ ،‬إال أن ي ْع ُفو األولياء أويصالحوه ألن‬
‫لقاتل"‪.‬‬
‫خ‬ ‫لقوله عليه السالم‪" :‬الميرا‬ ‫الحق لهم‪ .‬والكفارة فيه‪ .‬و حرمان اإلر‬

‫ب – شبه العمد‪ :‬واختلفوا في تعريفه فقال أبوحنيفة‪ :‬هو أن يتعمد الضرب بماليس بسالح وال ما‬
‫وسمي بشبه العمد لتقاصر معنى العمدية فيه‬
‫أجري مجرى السالح كالضرب بحجر كبير أو بخشبة عظيمة‪ُ .‬‬
‫باستعمال آلة التستعمل في القتل غالبا‪ .‬وقال الصاحبان‪ :‬وهو عمد ألن هذه ا‪،‬الت تقتل غالبا‪ .‬وأما شبه‬
‫العمد عندهما‪ :‬فهو أن يتعمد ضربه بما اليقتل غالبا كالعصا‪ .‬وموجبه على القولين‪ :‬المأثم ألنه قصد‬
‫الضرب‪ ،‬والكفار ُة لشبهِ ِه بالخطأ كما سيأتى‪ .‬والقود فيه لعدم التعمد منه في قتله‪ .‬وفيه ِدي ٌة ُمغ َّلظ ٌة على‬
‫والشبهة إنما تُؤ ِثّر في إسقاس القصاص دون حرمان اإلر ‪.‬‬ ‫العاقلة‪ .‬و فيه حرمان اإلر ‪ ،‬ألنه جزاء القتل‪ُ .‬‬

‫– والخطأ‪ :‬وهو على وجهين‪ :‬خطأ في القصد وهو أن ير ِمى شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي‪.‬‬
‫ْ‬
‫وخطأ في الفعل‪ :‬وهو أن يرمي صيدا فأصاب آدميا‪ .‬وموجبه في الوجهين‪ :‬الكفارة والدية على العاقلة‪،‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫لقوله تعالى‪ " :‬وماكان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إالخطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودي ٌة ُمس َّلمة‬
‫إلى أهله"إلى أن قال‪" :‬فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين"‪ .‬والمأثم فيه في الوجهين‪ .‬والمراد بالمأثم إثم‬
‫جناية القتل‪ .‬وأما في نفس اإلثم فاليخلو عنه لتركه العزيمة والمبالغة في التثبت عند الرمي‪ ،‬إ ْذ شر ُع الكفارة‬
‫ْ‬
‫ويحرم القاتل من الميرا إلطالي الحديف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْيؤذن باعتبار هذا المعنى‪ ،‬ألن الكفارات شرعت لرفع اإلثم‪ُ .‬‬
‫والكفارة الواجبة في شبه العمد والخطأ‪ :‬عتق رقبة مؤمنة لقوله تعالى "فتحرير رقبة مؤمنة" فمن لم‬
‫‪ ،‬والمقادير ال ُت ْعر ُف إال بالتوقيف‪.‬‬ ‫ف فيها اإلطعام‪ ،‬ألنه لم يرِ ْد به ن‬
‫والي ْجزِ ُ‬
‫يجد "فصيام شهرين متتابعين"‪ُ .‬‬

‫‪126‬‬
‫ح – وما أ ُجري مجرى الخطأ‪ :‬مثل النائم ينقلب على رجل فقتله‪ .‬وحكمه حكم الخطأ من وجوب‬
‫الكفارة والدية وحرمان اإلر ‪.‬‬

‫د – وأماالقتل بسبب‪ :‬كمن حفر ب را في غير ملكه بغير إذن من السلطان فوقع فيه انسان فمات‪.‬‬
‫ألن القتل‬ ‫وموجبه‪ :‬الدية على العاقلة(عاقلة المسبِب)‪ .‬والكفارة فيه والإثم‪ ،‬واليتعلق به حرمان الميرا‬
‫ّ‬
‫من الحافر معدوم حقيقة‪ ،‬إال أنه ُيعتبر قتال في حق الضمان (الدية) لما فيه من حق الغير‪.‬‬

‫باب القصاص‬

‫ويجب القصاص في النفس و فيما دون النفس‪.‬‬

‫‪ – 1‬القصاص في النفس‪:‬‬

‫مثل ما فعله على المقتول‪ ،‬فلذا ُتعتبر المماثلة بين القاتل والمقتول‪ ،‬وبين‬
‫وهو أن ُي ْفعل بالقاتل ُ‬
‫الجارح والمجروح في ح ْق ِن الدم ووحدة الدار كما يأتي مفصال‪.‬‬

‫ون الدم على التأبيد عمدا‪ .‬وهو المسلم والذمي‪ ،‬بخالف الحربي‬ ‫كل مح ُق ِ‬
‫ّ‬ ‫والقصاص واجب بقتل ّ ِ ْ‬
‫والم ْست ْأمن ألن األول غير محقون الدم‪ ،‬والثانى وإن كان محقون الدم فى دارنا لكن العلى التأبيد‪ ،‬ألنه إذا‬
‫ُ‬
‫رجع صار مباح الدم(الحربي‪ :‬وهو رجل‪ ،‬مابين بلده وبين المسلمين حرب قائم‪ ،‬والمستأمن وهو حربي‬
‫دخل بالد اإلسالم بأمان وإذن)‪.‬‬

‫ويقتل الحر بالحر‪ ،‬والحر بالعبد‪ ،‬والعبد بالحر‪ ،‬والعبد بالعبد إلطالي قوله تعالى‪" :‬وكتبنا عليهم‬
‫ُ‬
‫فيهاأن النفس بالنفس"(المائدة‪ ،)45:‬وألن القصاص مبني على المساواة في العصمة‪ ،‬وهي بالدين أو بالدار‪،‬‬
‫ّ‬
‫فالحر والعبد مستويان فيهما‪.‬‬

‫ويقتل المسلم بالذمي لما رواه الدارقطنى أنه عليه السالم "قتل مسلما بذمي"‪ ،‬وألن المساواة في‬
‫ُ‬
‫واليقتل المسلم بالمستأمن ألنه غير محقون الدم على التأبيد لكونه على قصد الرجوع‪.‬‬
‫العصمة ثابتة بالدار‪ُ .‬‬
‫والز ِم ِن للعمومات‪ ،‬وألن في اعتبار‬
‫ويقتل الرجل بالمرأة‪ ،‬والكبير بالصغير والصحيح باألعمى َّ‬
‫ُ‬
‫التفاوت فيما وراء العصمة امتناع القصاص‪.‬‬

‫قاد الوالد بولده"(رواه الترمذي والدارقطنى)‪ ،‬ألن الوالد‬


‫"الي ُ‬
‫واليقتل الرجل بابنه لقوله عليه السالم‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫الم ْس ِق ‪ .‬واألجداد بمنزلة األب‪ .‬وكذا‬
‫ويقتل الولد بالوالد لعدم ُ‬
‫سبب إلحيائه فاليكون الولد سبب إلفنائه‪ُ ،‬‬
‫التقت األم بولدها‪ ،‬والجدة بمنزلة األم‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫واليست ْوفى القصاص إال بالسيف لقوله عليه السالم‪" :‬القود إال بالسيف" والمراد به السالح‪.‬‬
‫ُ‬
‫القصاص فيما دون النفس(في الجروح)‪:‬‬

‫ومن جرح رجال عمدا فلم يزل صاحب فرال حتى مات فعليه القصاص لوجود السبب‪.‬‬

‫ومن قطع يد غيره عمدا من الم ْف ِصل‪ ،‬قطعت يده لقوله تعالى‪" :‬والجروح قصاص"‪ .‬وهو ُي ْنب عن‬
‫كل ما أمكن رعاية المماثلة فيه وجب القصاص فيه وما ال‪ ،‬فال‪ .‬وقد أمكن في القطع‬ ‫كمابي ّنا‪ ،‬ف ّ‬ ‫المماثلة‬
‫ّ‬
‫الر ْجل ومارِ ُن األنف‬
‫وص ْغرها‪ ،‬ألن منفعتها التختلف به‪ .‬وكذلك ِ‬
‫بك ْبرِ اليد ُ‬
‫فاعتبر‪ .‬والعبرة ُ‬
‫من الم ْفصل ُ‬
‫ّ‬
‫واألذن إلمكان رعاية المماثلة‪ .‬والقصاص في قلع العيون المتناع المماثلة‪ .‬وأما إن كانت قائمة فذهب‬
‫ضوءها فق فعليه القصاص إلمكان المماثلة‪.‬‬
‫ْ‬
‫السن قصاص لقوله تعالى‪" :‬والسن بالسن"(المائدة‪)45:‬إلمكان رعاية المماثلة ُفت ْؤخذ الثنية‬
‫ّ‬ ‫وفي‬
‫ّ‬
‫كل ش َّج خة(جرح في الرأس) يمكن فيها المماثلة‪ ،‬القصاص‪ .‬والقصاص‬ ‫بالناب وهكذا‪ .‬وفي ّ‬
‫اب ّ‬
‫والن ُ‬
‫بالثنية ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫في ع ْظم إال في السن ألن اعتبار المماثلة في غير السن متع ّذر الحتمال الزيادة والنقصان‪ .‬فمن قطع يد‬
‫رجل من نصف الساعد أو جرحه جائفة(وهي التي وصلت إلى جوفه كماجرحه بالسكين في بطنه) فبرأ‬
‫منها فالقصاص عليه لتع ّذر المماثلة‪ ،‬ألن الساعد عظم فالقصاص فيه كمامر‪ ،‬والبر ُء في الجائفة نادر‪،‬‬
‫ُْ‬ ‫ّ‬
‫فاليمكن أن ُي ْجرح الجاني على وجه يبراُ منه‪ ،‬فيكون إهالكا‪ ،‬فاليجوز‪ ،‬وعليه الدية في ماله دون العاقلة‪.‬‬
‫ْ‬
‫وكذلك تجب الدية في كل جناية سق القصاص لشبهة‪.‬‬

‫والقصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس ألن األطراف ُيسلك فيها مسلك األموال فينعدم‬
‫التماثل للتفاوت بينهما في القيمة فإن دية المرأة نصف دية الرجل كماسيأتى‪.‬‬

‫وإذا اصطلح القاتل وأولياء المقتول على خ‬


‫مال سق القصاص ووجب المال ألنه حق ثابت للورثة‬
‫فلهم الخيار فيه‪ .‬وإن عفا أحد األولياء من الدم أو صالح من نصيبه على ِع خ‬
‫وض سق حق الباقين من‬
‫القصاص ألنه اليتج َّزاُ‪ ،‬وكان لهم نصيبهم من الدية في مال القاتل‪ ،‬ال على العاقلة‪ ،‬فإ ّن بدل الصلح على‬
‫القاتل العلى العاقلة‪.‬‬

‫قتلتهم"(رواه مالك‬ ‫ِ‬


‫وإذا قتل جماعة واحدا عمدا ُقتلوا جميعا لقول عمر‪" :‬لوتماأل عليه أهل ص ْنعاء ل ُ‬
‫الموطأ)‪ .‬وإن قتلوه خطأ فالواجب عليهم دية واحدة‪ .‬وإذا قتل واحد جماعة عمدا ُق ِتل بجماعتهم والش‬
‫فى ُ‬
‫فديتهم على عاقلته‪.‬‬
‫غير ذلك‪ ،‬وإن قتلهم خطأ ُ‬ ‫لهم‬
‫ُ‬

‫‪128‬‬
‫كتاب الديات‬
‫الديات جمع دية وهي اسم للمال الذي هو بدل النفس‪ .‬واألرل اسم للمال الواجب فيما دون‬
‫النفس‪ .‬وهي على أنواع‪:‬‬

‫دية شبه العمد‪:‬‬

‫وإذا قتل رجل رجال شبه عمد فعلى عاقلته دية ُمغ َّلظ ٌة وعليه الكفارة‪ .‬والدية المغلظة(ويقال‪:‬‬
‫المع ّظمة) عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ :‬مائة من اإلبل أرباعا‪ :‬خمس وعشرن بنت مخاض وهي التى طعنت‬
‫ُ‬
‫في السنة الثانية‪ ،‬وخمس وعشرون بنت لبون وهي التي طعنت في الثالثة‪ ،‬وخمس وعشرون ِح َّقة وهي التي‬
‫طعنت في الرابعة‪ ،‬وخمس وعشرون جذعة وهي التي طعنت في الخامسة‪.‬‬

‫وعند محد‪ :‬ثالثون جذعة وثالثون حقة وأربعون ثنية(وهي التي أكملت الخامسة وطعنت في‬
‫ّ‬
‫(المغ ِرب)‪ .‬والثنيات كلها حامل‪ .‬واليثبت التغلي إال في اإلبل خاصة ألنه أمر توقيفي‪.‬‬ ‫السادسة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫من حيف السن ال من حيف العدد فإن الدية التزيد على مائة(مجمع‬ ‫واعلم أن التغلي‬
‫األنهر‪.)638/2:‬‬

‫دية الخطأ وهي الدية المخففة‪:‬‬

‫و في الخطأ تجب الدية على العاقلة والكفارة على القاتل‪ .‬والدية في الخطأ غير مغلظة وهي مائة‬
‫من اإلبل أخماسا‪ :‬عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون‬
‫جذعة‪.‬‬

‫والدية من العين(الذهب)ألف دينار ومن الفضة عشرة آالف درهم‪.‬‬

‫والتثبت الدية إال من هذه األنواع الثالثة المذكورة عند أبي حنيفة‪ .‬وقاال‪ :‬تثبت منها ومن غيرها‬
‫فمن البقر م تان ومن الشاة ألفان ومن ال ُحل ِل(الثياب) مائتا ح ّلة‪ ،‬كل حلة ثوبان‪ ،‬ألن عمر وضع الدية حسب‬
‫ما يملكه الناس‪.‬‬

‫ودية ما أُجري مجرى الخطأ‪ ،‬ودية القتل بالتسبب مثل دية الخطأ‪ ،‬وعليه الكفارة‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫ويستوي في دية النفس الصغير والكبير والوضيع والشريف والمسلم والذمي الستوائهم فى الحرمة‬
‫والعصمة وكمال األحوال في األحكام الدنيوية‪ .‬ودية المرأة نصف دية الرجل لما روي من علي موقوفا‬
‫ّ‬
‫ومرفوعا‪.‬‬

‫والدية فيما دون النفس‪.‬‬

‫ومن ضرب عضوا فأذهب منفعته أو قطعه ففيه دية كاملة‪ .‬واألصل فيه أن كل ما يفوت به جنس‬
‫منفعة العضو تجب به دية كاملة ألن البدن يصير هالكا بالنسبة إلى تلك المنفعة‪ .‬وعلى هذا‪ :‬ففي اللسان‬
‫والعقل والمارن‪ :‬الدية‪ .‬وفي العينين واليدين والرِ جلين واألذنين والشفتين والحاجبين وثديي المرأة‪ :‬الدية‬
‫الم ْزدوجة‪ :‬نصف الدية‪ .‬وفي كل إ ِْصبع من‬ ‫لفوات جنس المنفعة كلها‪ ،‬وفي كل واحد من هذه األشياء ُ‬
‫والرجلين‪ُ :‬ع ْشر الدية لقوله عليه السالم‪" :‬في ُك ّل إ ِْصبع ع ْشر من اإلبل"‪ .‬رواه النسائى‬
‫أصابع اليدين ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫والترمذى‪ .‬واألصابع كلها ‪ -‬صغيرها وكبيرها ‪ -‬سواء الستوائهما في المنفعة‪.‬‬

‫سن من الرجل نصف ُع ْشر الدية‪ ،‬وهي خمس من اإلبل أو خمسون دينارا أو خمسمائة‬
‫وفي كل خّ‬
‫على خالف القياس‪.‬‬ ‫درهم‪ .‬وحين ذ يزيد مجموع دية األسنان على دية النفس‪ .‬والبأس به لثبوته بالن‬

‫الدية في ِ ّ‬
‫الشجا ‪:‬‬

‫ِّ‬
‫الشجا جمع َّش َّجة وهي جروح في الوجه والرأس‪ ،‬وهي عشرة‪:‬‬

‫‪)1‬الحارِ صة‪ :‬وهي التي ت ْحرِ ص الجلد أي‪ :‬ت ْخ ِدشه‪.‬‬

‫والتسيله‪.‬‬
‫‪)2‬الدامعة‪ :‬وهي التي ُت ْظهر الدم كالدمع ُ‬

‫‪)3‬الدامية‪ :‬وهي التي ُتسيل الدم‪.‬‬

‫‪)4‬الباضعة‪ :‬وهي التي تبض ُع اللحم أي‪ :‬تقطعه‪.‬‬


‫ْ‬
‫ِ‬
‫الس ْمحاي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪)5‬المتالحمة‪ :‬وهي التي تأخذ في اللحم والتبل ّ‬
‫ِ‬
‫)الس ْمحاي‪ :‬وهي التي تصل السمحاي وهي جلدة رقيقة بين اللحم وعظم الرأس‪.‬‬
‫‪ّ 6‬‬
‫وضح ُة‪ :‬وهي التي تُو ِّضح ُالع ْظم أي تُ ْظهِ ره‪.‬‬
‫‪)7‬الم ِ‬
‫ُ‬
‫‪)8‬الهاشمة‪ :‬وهي التي ت ْه ِشم الع ْظم أي ت ْك ِسره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫)المن ِّقل ُة وهي التي ت ْنقل العظم عن موضعه بعد ك ْسره‬
‫‪ُ 9‬‬

‫‪130‬‬
‫)ا‪،‬م ُة‪ :‬وهي التي تصل إلى ّأم ِّ‬
‫الدماا وهي الجلدة التي فيها الدماا‪.‬‬ ‫‪َّ 10‬‬
‫المجروح مملوكا بغير هذا‬
‫ُ‬ ‫ففي الشجا من الحارصة إلى الموضحة حكومة عدل‪ ،‬وهي‪ :‬أن ُيق َّوم‬
‫معه‪،‬فقد ُر التفاوت بين الثمنين‪ ،‬يجب بحسابه من دية الحر‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الجرح ثم‬
‫ْ‬
‫الشجة عمدا إلمكان المماثلة فيها بالقطع إلى العظم‪ ،‬وإن كانت‬
‫َّ‬ ‫وفي الموضحة القصاص إن كانت‬
‫خطأ ففيه ُع ْشر الدية على العاقلة‪ .‬والقصاص في بقية الشجا إلى العاشرة‪ ،‬وأما دية كل منها‪ :‬ففي الهاشمة‬
‫ُ‬
‫ا‪،‬مة ثلف الدية‪.‬‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬ ‫الدية‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫ونصف‬
‫ُ ُ ْ‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫المنقلة‬ ‫وفي‬ ‫ُع ْشر الدية‬
‫َّ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬ومن َّ‬
‫شج رجال موضحة فذهب سمعه أو بصره أو كالمه فعليه ْأرل الموضحة مع الدية الكاملة‪.‬‬
‫‪ -‬ومن قلع ِس َّن رجل فنبتتأخرى مكانها سق األرل‪.‬‬
‫ِلجر خح أو طر خف أو موضحة إال بعد البر ِء‪ ،‬ألن الجراحات يعتبر فيها مآلها الحتمال أن‬
‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫‪ُ -‬‬
‫واليقت‬
‫ت ْسرِ ي إلى النفس فيظهر أنه قتل‪.‬‬
‫الشعر سق األرل عند أبي حنيفة ألنه‬ ‫‪ -‬ومن ّ‬
‫شج رجال فالتحمت الشجة ولم يبق لها أثر ونبت َّ‬
‫لم يبق سوى األلم وهو اليوجب األرل‪ .‬وقال أبو يوسف‪ :‬عليه أرل األلم‪ ،‬وهي حكومة عدل‪ .‬وقال‬
‫محمد‪ :‬عليه أجرة الطبيب وثمن الدواء ألنه إنما لزمه ذلك بفعله‪.‬‬
‫‪ -‬وكل عمد سق فيه القصاص بشبهة كما عفا أحد أولياء المقتول القاتل‪ ،‬فالدية في مال القاتل‪.‬‬
‫والي ْحرم من الميرا ‪.‬‬‫الصبي والمجنون خطأ ويجب فيه الدية على العاقلة والكفارة فيه‪ُ ،‬‬ ‫‪ -‬وعمد‬
‫ّ‬
‫والغر ُة نصف ُعشر دية‬ ‫‪ -‬ومن ضرب بطن امرأة فألقت جنينها ميتا فعلى عاقلته ُغر ُة عبد أو جارية‪،‬‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫وع ْشر دية المرأة‪ .‬وإن ألقت حيا ثم مات فعليه دية كاملة‪.‬‬
‫الرجل ُ‬
‫‪ -‬ومن حفر ب را أو وضع حجرا في الطريق فتلف به إنسان ففيه الدية لتسببه والكفارة عليه والحرمان‬
‫إر ‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا مال الحائ إلى الطريق فلم ينقضه صاحبه في مدة يقدر على نقضه حتى سق ‪ ،‬ضمن ما‬
‫الم ْتلف نفسا فالدية على العاقلة‪ ،‬وإكان ماال فالضمان على صاحب‬ ‫ِ‬
‫تلف به من نفس أو مال‪ .‬إال أنه إن كان ُ‬
‫الحائ ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫كتاب القسامة‬

‫واليعلم قاتله‬
‫ُ‬ ‫وهي اليمين‪ ،‬فإذا ُوجد قتيل في مح ّلة وعليه آثار الجناية من ضرب أو جراحة‪،‬‬
‫استحلف القاضي خمسين رجال منهم‪ ،‬يختارهم ولي المقتول‪ ،‬والظاهر أنه يختار من َّيتهمه بالقتل‪ .‬ويحلف‬
‫ّ‬
‫والعلمت له قاتال"‪ .‬وإن لم ي ْك ُم ْل أهل المحلة خمسين ُك ِررت األيمان‬
‫ُ‬ ‫كل واحد منهم قائال‪" :‬باهلل ماقتلته‬
‫ّ‬
‫عليهم حتى يتم خمسون يمينا‪ .‬وم أبى ُحبس حتى يحلف‪ .‬فإذا حلفوا ُقضي على أهل المحلة بالدية‪ .‬وإنما‬
‫وجبت الدية بالقتل الموجود منهم اهرا‪ ،‬لوجود القتيل بين أ هرهم أو بتقصيرهم في المحافظة كما في‬
‫قتل الخطأ‪.‬‬

‫وإن ُوجد ميت الأثر به فالقسامة والدية ألنه ليس بقتيل‪ .‬وإن وجد في الشارع فالقسامة فيه‪ ،‬والدية‬
‫على بيت المال‪ .‬وإن وجد في برِ َّية ليس بقربها عمارة فهو هدر‪ .‬وإن وجد بين القريتين كانت القسامة والدية‬
‫على أقربهما إليه‪.‬‬

‫كتاب المعاقل‬

‫وهي جمع م ْع ُقل خة بمعنى العقل وهو الدية‪ .‬والمعاقل‪ :‬جماعة ت ْحمل الدية‪.‬‬

‫وكانت الدية في شبه العمد والخطأ على العاقلة تخفيفا على القاتل‪ .‬والعاقلة أهل الديوان إن كان‬
‫سنين‪ .‬وإن لم يكن القاتل من أهل‬ ‫القاتل من أهل الديوان‪ ،‬فيؤخذ من عطاياهم(من رواتبهم) في ثال‬
‫أقل من نصف عشر‬
‫سنين‪ .‬والتتحمل العاقلة إن كانت الدية َّ‬ ‫الديوان فعاقلته قبيلته‪ُ ،‬تق َّس ُ عليهم في ثال‬
‫تحمل العاقلة الدية للتحرز عن اإلجحاف(أي عن التكليف بما اليطيق‬
‫الدية وإنما هي من مال الجاني‪ ،‬ألن ّ‬
‫بتحمل المال العظيم‪ ،‬فإن كان خفيفا فال إجحاف عليه بتحمله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عليه) بالجاني‬

‫واليتحمل العاقلة جناية العمد‪ ،‬وكذا التعقل الجناية التي اعترف بها الجاني ألن إقراره قاصر على‬
‫نفسه‪ .‬والتعقل أيضا ما لزم بالصلح عن دم العمد ألن الواجب فيه القصاص‪ ،‬فإذا صالح عنه كان بدله في‬
‫ماله‪ .‬وإذا لم يكن للقاتل عاقلة فالدية من بيت المال‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫كتاب حد الزنى‬

‫المقدرة حقا هلل تعالى‪ ،‬حتى‬


‫ّ‬ ‫للبواب‪ .‬وفي الشريعة‪ :‬العقوبة‬
‫الحداد ّ‬
‫ّ‬ ‫معنى الحد لغة‪ :‬المنع‪ ،‬ومنه‬
‫حدا ألنه حق العباد‪ ،‬وال التعزير لعدم التقدير‪.‬‬
‫اليسمى القصاص ّ‬
‫ثبوت الزنى‪:‬‬

‫ويثبت بالبينة واإلقرار‪ ،‬فالبينة‪ :‬أن يشهد أربعة من الرجال األحرار العدول مجتمعين في مجلس‬
‫واحد على رجل أو امرأة بالزنى‪ ،‬فيسألهم القاضي للتثبت بعد أدائهم الشهادة‪ :‬ماهو الزنى‪ ،‬وكيف هو‪ ،‬وأين‬
‫ّ‬
‫زنى‪ ،‬وبمن زنى‪ ،‬ومتى زنى‪ .‬فإذا بينوا ذلك سأل القاضي عن حال الشهود فإن ع ِّدلوا في ِ‬
‫الس ِر والعالنية _‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فاليكتفى بظاهر العدالة هنا اتفاقا بخالف سائر الحقوي _ حكم بشهادتهم بإقامة الحد وجوبا لتوجه الحكم‬
‫عليه‪.‬‬

‫عدد الشهود عن أربعة‪ُ :‬ح ّدوا جميعا ألنهم قذف ٌة‪.‬‬ ‫وإن نق‬

‫وأما اإلقرار‪ :‬فهو أن يقر البال العاقل على نفسه بالزنى أربع مرات في أربعة مجالس‪ ،‬وإذا تم إقراره‬
‫ّ‬
‫سأله القاضي عن الزنى‪ :‬ماهو‪ ،‬وكيف هو‪ ،‬وأين زنى‪ ،‬ومتى زنى كما في الشهود‪ ،‬فإذا بين كله لزمه الحد‬
‫ّ‬
‫لتمام الحجة‪.‬‬

‫إقامة الحد‪:‬‬

‫وإن كان الزاني محصنا(متزوجا) ُر ِجم بالحجارة حتى يموت‪ ،‬ويبتدأ الشهود برجمه إن كان ثبوته‬
‫بالبينة‪ ،‬ثم القاضي إن حضر‪ ،‬ثم الناس‪ ،‬فإن امتنع الشهود اإلبتداء سق الحد ألنه دليل على رجوعهم عن‬
‫الشهادة‪.‬‬

‫وشرس اإلحصان‪ :‬أن يكون حرا عاقال بالغا مسلما قد تزو امرأة بنكاح صحيح ودخل بها‪.‬‬

‫وإن كان الزنى قد ثبت باإلقرار ابتدأ القاضي بالرجم ثم الناس‪.‬‬

‫وصح أنه‬
‫ّ‬ ‫ويك َّفن ويص َّلى عليه ألنه ُقتل بحق فاليسق الغ ْسل كالمقتول قصاصا‪،‬‬
‫ويغ َّس ُل المرجوم ُ‬
‫ُ‬
‫عليه السالم صلى على الغامدية التي ُرجمت بعد إقرارها بالزنى‪.‬‬

‫وإن كان الزاني غير محصن وكان حرا فحده مائة جلدة لقوله تعالى‪" :‬الزانية والزانى فاجلدوا كل‬
‫واحد منهما مائة جلدة"‪(،‬هذا عام في المحصن وغير المحصن إال أن الجلد نُسخ بالخبر المتواتر في حق‬

‫‪133‬‬
‫وينزع عنه ثيابه كله إال اإلزار لستر عورته ويضرب ضربا متوسطا ويفري على‬
‫المحصن فكان حده الرجم)‪ُ .‬‬
‫َّ‬
‫أعضائه ل اليؤدي إلى الهالك‪ ،‬واليضرب على وجهه وفرجه‪.‬‬

‫وم ْن ِق ٌ للعقوبة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وإن كان عبدا ُج ِلد خمسين جلدة ألن ِ‬
‫الر َّي ُمن ّص ٌف للنعمة ُ‬
‫ّ‬
‫وخ ِّلى سبيل المحدود‪.‬‬ ‫وإن رجع ِ‬
‫المق ّر عن إقراره قبل إقامة الحد عليه أو في وسطه ُقبِل رجوعه ُ‬

‫والرجل والمرأة في ذلك سواء غير أن المرأة الينزع عنها ثيابها إال الفر ُو والح ْشو ألنهما يمنع‬
‫ْ‬
‫وتضر ُب جالسة ألنه أستر لها‪.‬‬
‫وصول األلم‪ُ ،‬‬

‫واليقيم المولى الحد على عبده وأمته إال بإذن القاضي ألن الحد حق اهلل تعالى فاإلمام أو القاضي‬
‫نائب عن شرعه‪.‬‬

‫الرجوع عن الشهادة‪:‬‬

‫وإذا رجع أحد الشهود بعد الحكم وقبل الرجم‪ :‬قال أبوحنيفة وأبويوسف‪ُ :‬ضرِ بوا كلهم حد القذف‬
‫العدد‪ ،‬وقال محمد‪ُ :‬يح ّد الراجع فق ‪ .‬وسق الرجم باالتفاي‪ .‬وإن رجع أحدهم‬ ‫لصيرورتهم قذفة لنق‬
‫بعد الرجم ُح َّد الراجع وحده لكونه قاذفا في الحال‪ ،‬وض ِمن ُر ُبع الدية ألن ربع النفس تلف بشهادته‪.‬‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫واليجمع في المحصن بين الجلد والرجم‪ ،‬ألن المقصود الزجر فالرجم يكفيه‪ .‬واليجمع في البكر‬
‫بين الجلد والنفي إال أن يرى القاضي مصلحة فيه فيغربه قدر مايراه تعزيرا الحدا‪.‬‬
‫ُ ّ‬
‫والمريض‪ :‬إن كان حده رجما يرجم واليؤخر‪ ،‬وإن كان جلدا لم ُيجلد حتى يبرأ تحرزا عن التلف‪.‬‬

‫الترجم حتى تضع حملها تحرزا عن إهالك الولد ألنه نفس محترمة‪،‬‬
‫والحامل‪ :‬إن كان حدها رجما ُ‬
‫وترجم عقيب وضعها‪ .‬وفي رواية عن أبي حنيفة أنها ُتؤخر إلى أن يستغني الولد عنها إن لم يوجد أحد‬
‫ُ‬
‫يقوم بتربيته‪ .‬وإن كان حدها جلدا التجلد حتى تخر من نفاسها‪.‬‬

‫بحد متقادم لم يمنعهم مانع من أدائه‪ ،‬لم تقبل شهادتهم في الزنى‬


‫مرور الزمن‪ :‬وإذا شهد الشهود ّ‬
‫للتهمة‪ .‬وتقبل في حد القذف خاصة ألن فيه حق العبد وهو دفع العار عنه‪ ،‬وتقادم الزمن غير مانع في‬
‫حقوي العباد‪ .‬وتقدير الزمن المتقادم ُمف َّوض إلى رأي القاضي عند اإلمام‪.‬‬

‫زوجتك فوط ها فال حد عليه للشبهة ألنه‬ ‫غير امرأته وقالت النساء إنها ْ‬ ‫المغرور‪ :‬ومن ُز َّفت إليه‬
‫ُ‬
‫اعتمد على إخبارهن‪ ،‬وعليه المهر‪ ،‬ألن الوسء في دار االسالم اليخلو عن ع ْقرخ ِّ‬
‫(حد) أو ُع ْقرِ (م ْهرخ )‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫كتاب حد الشرب‬

‫ومن شرب الخمر طوعا – ولو قطرة – فأ ُ ِخذ وريحه موجود فيه‪ ،‬وشهد الشهود بذلك عليه أو أقر‬
‫هرت‪ .‬وإن شهِ دوا عليه بعد ما ذهبت ريحها لم‬
‫ْ‬ ‫به‪ ،‬فعليه الحد‪ ،‬سواء س ِكر أو ال‪ ،‬ألن جناية الشرب قد‬
‫يحد‪.‬‬
‫َّ‬
‫ومن شرب النبيذ (العصير) اليحد إذا لم يسكر فإن ِ‬
‫سكر ُح ّد‪ .‬والسكران من‪ :‬من اليعرف الرجل‬ ‫ُ‬
‫يخ ِل ُ كالمه ويهذي ألنه هو المتعارف‬
‫من المرأة‪ ،‬واألرض من السماء عند أبي حنيفة‪ .‬وعندهما‪ :‬هو الذي ْ‬
‫بين الناس‪ .‬والفتوى على قولهما‪.‬‬

‫حد‪ ،‬والمدخل لشهادة النساء‬


‫ويثبت الشرب بشهادة رجلين‪ ،‬والتقبل شهادة النساء مع الرجال ألنه ّ‬
‫في الحدود‪.‬‬

‫الر َّي ُمن ِّص ُف‪.‬‬


‫وحد الشرب في الحر ثمانون سوطا إلجماع الصحابة‪ ،‬وفي العبد أربعون ألن ِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويفري على بدنه‬ ‫حد حتى يزول عنه السكر تحصيال للمقصود وهو االنزجار ُبوجدان األلم‪،‬‬
‫والي ّ‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫ل اليؤدي إلى التلف‬

‫كتاب حد القذف‬
‫معنى القذف‪ :‬وهو لغة الرمي‪ ،‬وشرعا‪ :‬الرمي بالزنى‪ ،‬وهو من الكبائر باإلجماع‪ .‬فمن قذف رجال‬
‫محصنا أو امرأة محصنة بصريح الزنى – كقوله‪ :‬زنيت –ولم يأت بأربعة شهداء‪ ،‬وطالب المقذوف بالحد‪،‬‬
‫حده الحاكم ثمانين سوطا إن كان القاذف حرا لقوله تعالى‪ " :‬والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة‬
‫شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة"(النور‪ .)4/‬وإن كان القاذف عبدا فنصفه‪.‬‬

‫الشروس الالزمة في المقذوف‪ :‬ويشترس أن يكون محصنا لقوله تعالى‪" :‬والذين يرمون‬
‫المحصنات"‪ ،‬ولإلحصان أربعة معان‪:‬‬

‫فاليحد قاذف العبد واألمة‪.‬‬


‫أوال‪ :‬الحرية‪ :‬أن يكون المقذوف حرا ُ‬

‫‪135‬‬
‫بم ْحص خن" فاليحد قاذف غير المسلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اإلسالم لقوله عليه السالم‪" :‬من أشرك باهلل فليس ُ‬
‫ثالثا‪ :‬العفة‪ :‬فاليحد قاذف غير العفيف عن الزنى‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬العقل والبلوا فاليحد قاذف المجنون والصبي‪.‬‬

‫وعلى هذا‪ :‬فمن قذف أمة أو عبدا أو كافرا أو صبيا أو مجنونا أو غير عفيف بالزنى اليحد به لعدم‬
‫يعزر‪.‬‬
‫إحصانه‪ ،‬والمدخل للقياس في الحدود إال إنه ّ‬
‫جلدات‬ ‫تأديب دون خّ‬
‫حد‪ ،‬وأكثره تسعة وثالثون سوطا وأقله ثال‬ ‫ٌ‬ ‫والتعزير لغة‪ :‬التأديب‪ ،‬وشرعا‪:‬‬
‫اليقع به الزجر‪ ،‬وقيل‪ :‬إن أدناه مايراه القاضي أنه ينزجر به ألن الناس يتفاوت‬ ‫عندهما‪ ،‬ألن مادون الثال‬
‫فيه‪ .‬وقال أبويوسف‪ :‬يجوز أن يبل إلى خمسة وسبعين سوطا‪ .‬وإن رأى القاضي أن ي ُضم الحبس على‬
‫َّ‬
‫الضرب في التعزير فعل‪.‬‬

‫سقوس الشهادة‪ :‬وإذا ُحد المسلم في القذف لم تقبل شهادته أبدا وإن تاب لقوله تعالى‪" :‬والتقبلوا‬
‫لهم شهادة أبدا"‪.‬‬

‫كتاب حد السرقة‬

‫الخ ْفية واالستسرار‪ .‬وقد زيدت عليه أوصاف‬


‫معنى السرقة‪ :‬وهي في اللغة أخذ الش من الغير على ُ‬
‫في معناها الشرعية كما يأتى‪ .‬وإذا سري البال العاقل الناطق البصير عشرة دراهم أو ما قيمته من ِحرزخ‬
‫ْ‬
‫الشبهة فيه ُقطعت يده لقوله تعالى‪" :‬والساري والسارقة فاقطعوا أيديهما"(المائدة‪.)38:‬‬

‫الشروس الالزمة للقطع‪:‬‬

‫العقل والبلوا‪ :‬ألن القطع جزاء الجناية وهي التتحقق بدونهما‪.‬‬

‫والنطق والبصر‪ :‬والتقطع يد األخرس واألعمى لشبهة فيهما‪ ،‬والحدود تندرأ بالشبهات‪.‬‬

‫الوارد في السرقة مجمل في‬ ‫والنصاب في المسروي‪ :‬والقطع في أق ل من عشرة دراهم‪ .‬والن‬
‫حق النصاب وقد بينه عليه السالم بقوله ‪" :‬القطع إال في دينار أو عشرة دراهم"(والدينار يساوي ‪ 4.5‬غرام‬
‫ّ‬
‫من ذهب تقريبا)‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫المعد لإلحراز‬
‫الحرز‪ :‬وهو ما يمنع وصول يد الغير‪ .‬والحرز على ضربين‪ :‬حقيقة‪ ،‬وهو المكان ُ‬
‫كالبيوت والصندوي‪ .‬ومعنى‪ ،‬وهو حرز بالحاف كمن جلس في الطريق وعنده متاعه‪ ،‬ألن االستسرار‬
‫اليتحقق إال بهذين األمرين‪ ،‬فالقطع في الزرع الذي لم ُي ْحصد وال في الثمر على الشجر لعدم اإلحراز‪.‬‬

‫عدم الشبهة‪ :‬ألن الشبهة دارئة للحد كما لو ّادعى الساري أن ما أخذه م ْلكه سق الحد لوجود‬
‫الشبهة الحتمال الصدي‪.‬‬

‫ومن أحكامه‪:‬‬

‫‪ -‬ويجب القطع بإقراره مرة واحدة عند أبي حنيفة ومحمد‪ ،‬ومرتين عند أبي يوسف‪ ،‬أو بشهادة‬
‫شاهدين‪.‬‬
‫الم ْت ِلف‪.‬‬ ‫‪ -‬وتُ ْقط ُع يمين الساري من المفصل ُ‬
‫ِ‬
‫اليؤدي إلى التلف ألن الحد زاجر ُ‬
‫ويعالج ل ُ‬
‫شرس لظهورها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫فيطالب بالسرقة ألن الخصومة‬ ‫‪ -‬والتقطع يد الساري إال أن يحضر صاحب العين‬

‫‪ -‬وإذا ُقطعت يده والعين قائمة في يده‪ّ ،‬‬


‫ردها على مالكها لبقائها على ملكه‪ ،‬وإن كانت هالكة لم‬
‫يضمن ألنه اليجتمع القطع والضمان عندنا‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫كل واحد منهم عشرة دراهم ُقطعت أيديهم جميعا لوجود‬


‫‪ -‬واذا اشترك جماعة في سرقة فأصاب َّ‬
‫األخذ من الكل معنى‪ ،‬وإن أصابه أقل من ذلك لم ُيقطع واحد منهم لعدم النصاب وهو الشرس للقطع‬
‫كماسبق‪.‬‬
‫ائتمن عليه كالمودع لقصور الحرز‪ ،‬وال على نبال القبر للشبهة في الملك‪.‬‬‫‪ -‬والقطع على خائن لما ُ‬
‫ّ‬
‫‪ -‬وال على ُم ْنتهِ خب(وهو آخذ المال قهرا)‪ ،‬وال على ُم ْخت ِل خس(وهو آخذ المال من اليد بسرعة على‬
‫غفلة) ألن كالًّمنهما ُيجاهر بفعله فلم يتحقق معنى الخفية‪.‬‬
‫‪ -‬وال قطع على الساري من بيت المال ألنه مال للعامة وهو منهم‪ ،‬وال من مال فيه شراكة للساري‬
‫ألن له فيه حقا‪.‬‬
‫‪ -‬ومن له على آخر دراهم فسري منه مثلها لم يقطع ألنه استيفاء لحقه‪ ،‬وإن سري منه عروضا قطع‪،‬‬
‫ألنه ليس له والية االستيفاء منه إال بالتراضي‪ .‬وقال أبو يوسف‪ :‬اليقطع ألن له أن يأخذه عند بعض العلماء‬
‫القتضاء حقه أو رهنا به‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫‪ -‬وال قطع على الضيف إذا سري من ُمضيفه ألن البيت لم يبق حرزا في حقه لكونه مأذونا في‬
‫دخوله‪ ،‬فيكون فعله خيانة السرقة‪.‬‬

‫كتاب ُقطّاع الطريق أو حد ِ‬


‫الحرابة‬

‫جماعة ممتنعين(قادرين على أن يدفعوا عن أنفسهم بالقوة‬ ‫وهو السرقة الكبرى‪ .‬وإذا خر‬
‫والشجاعة) أو واحد يقدر على االمتناع بنفسه فقصدوا قطع الطريق‪ ،‬فلهم خمس حاالت‪ ،‬كما ورد في قوله‬
‫تعالى‪" :‬إنما جزاء الذين يحاربون اهلل ورسوله ويسعون في األرض فسادا‪ :‬أن ُيق َّتلوا أو ُيص َّلبوا أو ُتقطَّع‬
‫أيديهم وأرجلهم من خالف أو ُي ْنف ْوا من األرض‪ ،‬ذلك لهم ِخ ْز ٌي في الدنيا ولهم في ا‪،‬خرة عذاب عظيم‪.‬‬
‫إال الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن اهلل غفور رحيم"(المائدة‪):‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إن أ ُ ِخ ُذوا قبل أن يأخذوا ماال أو يقتلوا نفسا‪ ،‬حبسهم القاضي حتى ُيحدثوا توبة‪،‬‬
‫وهو المراد بالنفي في قوله‪" :‬أو ُينف ْوا من األرض"‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬وإن أخ ُذوا مال مسلم أو ذمي‪ ،‬والمأخوذ إذا ُق ِسم على جماعتهم بالسوية‪ ،‬وأصاب‬
‫وأرج ُلهم من خالف‪ .‬أي‪ :‬يده اليمنى مع‬
‫ُ‬ ‫كل واحد منهم عشرة دراهم فصاعدا أو ما قيمته‪ ،‬قطعت أيديهم‬
‫َّ‬
‫رجله اليسرى‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬وإن قتلوا نفسا ولم يأخذوا ماال‪ُ ،‬قتلوا حدا القصاصا‪ ،‬ولذلك اليشترس فيه ما يشترس‬
‫بمح َّد خد‪ ،‬واليجوز العفو عنهم‪ ،‬فلو عفا أولياء المقتول عنهم لم ُي ْلتفت إلى‬
‫في القصاص‪ ،‬كأن يكون القتل ُ‬
‫الحق للعباد فيها‪.‬‬
‫عفوهم‪ ،‬ألن الحد وجب حقا هلل تعالى‪ ،‬ف َّ‬
‫وأرجلهم من خالف‬
‫ُ‬ ‫الحالة الرابعة‪ :‬وإن قتلوا وأخذوا المال فالقاضي بالخيار‪ :‬إن شاء قطع أيديهم‬
‫وي ْصل ُب من‬
‫ألخذهم المال‪ ،‬ثم قتلهم وصلبهم لقتلهم الناس‪ ،‬وإن شاء قتلهم فق وإن شاء صلبهم فق ‪ُ .‬‬
‫ويبع ُج ب ْط ُنه بر ْم خح إلى أن يموت‪ .‬وال يبقى مصلوبا أكثر من ثالثة أيام حتى اليتأ َّذى الناس‬ ‫يراد صلبه حيا‬
‫ُ‬ ‫ّ ُْ‬
‫برائحته الكريهة‪.‬‬

‫وإن باشر القتل واحد منهم دون ا‪،‬خرين‪ ،‬أُ ْجرِ ي الحد على جميعهم ألن الواحد إنما أمكنه بقوة‬
‫الباقين‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫وي ْنظر فيه‪ :‬فإن قتل‬
‫ر(ي ْقبض) عليه سق حد الحرابة‪ُ ،‬‬
‫الحالة الخامسة‪ :‬ومن تاب منهم قبل أن ُي ْقد ُ‬
‫رده إن كان قائما وض ِمنه‬
‫نفسا‪ُ ،‬دفع إلى أولياء المقتول‪ ،‬فإن شا ا قتلوه قصاصا‪ .‬وإن كان قد أخذ المال‪ّ :‬‬
‫إن كان هالكا‪ ،‬ألن التوبة التُسق حق ا‪،‬دمي‪.‬‬

‫كتاب األشربة‬

‫ماي ْشرب‪ ،‬وشرعا‪ :‬كل ما ُيشرب من المسكرات‪.‬‬


‫كل ُ‬‫األشربة‪ :‬جمع شراب وهو لغة‪ّ :‬‬

‫واشتد وقذف‬
‫ّ‬ ‫الن ِي ُء من ماء العنب إذا ُترِ ك حتى غال‬ ‫واألشربة المحرمة أربعة‪ :‬أحدها‪ :‬الخمر وهي‬
‫َّ ّ‬
‫ويسمى ال ِطّالء‪ .‬والثالف‪:‬‬
‫بالزبد وصفى ور َّي فصار مسكرا‪ .‬والثانى‪ :‬العصير إذا طُبِخ حتى ذهب أقل من ثُ ُلث ْيه ُ‬
‫َّ‬
‫الن ِيء من ماء الرطب إذا غال واشتد‪ .‬والرابع‪ :‬نقيع الزبيب وهو النيء من ماء الزبيب إذا غال‬ ‫السكر وهو‬
‫ّ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ُ‬
‫واشتد‪ .‬والنقيع‪ :‬إذا أ ُ ْل ِقي الزبيب في إناء ليبت َّل بالماء وتخر منه الحالوة‪ ،‬ويسمى هذا الشراب نقيعا‪.‬‬
‫ْ‬
‫واشتد وقذف بالزبد‪ .‬إال أن حرمة النقيع دون حرمة الخمر‪ ،‬حتى الي ْك ُفر‬
‫ّ‬ ‫والكل حرام إذا غال(فار)‬
‫الحد بشربه حتى ي ْسكر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُم ْست ِحله واليجب‬

‫ويترك حتى‬‫أوالب ّر أوغيره ُفيلقى في الماء ُ‬ ‫والنبيذ‪ :‬شراب ُي ّتخذ من التمر أو الزبيب أوالعسل‬
‫ُ‬
‫واشتد وقذف بالزبد ما لم ُيسكر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حل شربه وإن غال‬
‫طبِخ نبيذ التمر والزبيب أدنى طبخ ّ‬‫ُيستخر منه‪ .‬وإذا ُ‬
‫هذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ .‬وقال محمد‪ :‬حرام‪ ،‬والفتوى على قوله‪ .‬وكذا يحل نبيذ العسل والتين‬
‫والحنطة والشعير والذرة وإن لم ُيطبخ عند الشيخين خالفا لمحمد‪.‬‬

‫وإذا تخ َّلل ْت الخمر ح ّل ْت سواء صارت خالّ بنفسها أوبش طُرح فيها كالملح ألن التخليل ُيزيل‬
‫ِّ‬
‫المخدرات‪ ،‬ألنه يفسد العقل ويصد‬ ‫الوصف المفسد‪ .‬واليحرم أكل الب ْن ِج والحشيش واألفيون وغيرها من‬
‫حد وإن س ِكر‬
‫عن ذكر اهلل وعن الصالة‪ ،‬ولكن تحريمها دون تحريم الخمر‪ ،‬حتى ولو أكل شي ا من ذلك‪ ،‬الي ّ‬
‫عزر بما دون الحد‪.‬‬
‫منه ولكن ُي َّ‬

‫‪139‬‬
‫كتاب الصيد‬

‫ويجوز االصطياد بالكلب المع َّلم والفهد والبازي وسائر الجوارح المع َّلمة‪ .‬وتعليم الكلب وغيره‬
‫أن يترك األكل ثال مرات‪ .‬وتعليم البازي أن يرجع إذا ُد ِعي‪ .‬وإذا أرسل الصائد كلبه المع َّلم أو بازيه أو‬
‫ّ‬
‫حل أكله‪ .‬وإن ترك‬ ‫صقره على صيد وذكر اسم اهلل عليه عند إرساله أو نسيه فأخذ الصيد وجرحه فمات ّ‬
‫المع ّلم لم يؤكل ألنه عالمة الجهل‪.‬‬
‫التسمية عمدا لم ُيؤكل كما في التذكية االختيارية‪ .‬وإن أكل منه الكلب ُ‬
‫وإن أكل منه البازي أُكل ألن الترك ليس شرطا في تعليمه‪.‬‬

‫فالت ْجزِ ف‬
‫ُ‬ ‫المر ِس ُل الصيد قبل موته وجب أن ُيذ ّكيه ألنه قدر على الذكاة االختيارية‬ ‫وإن أدرك‬
‫ُْ‬
‫االضطرارية لعدم الضرورة‪ .‬وإن ترك التذكية لم ُي ْؤكل‪ .‬وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يحل أكله‪ .‬وإن‬
‫يجرحه لم يؤكل في اهر الرواية ألن الجرح شرس ليتحقق معنى الذكاة‪ .‬قال اإلسبيجابى‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫خنقه الكلب ولم‬
‫وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يؤكل‪ .‬وهو رواية عن أبي يوسف‪ ،‬والصحيح اهر المذهب‪.‬‬

‫فسمى عند الرمي‪ ،‬أ ُ ِكل ما أصاب السهم إذا جرحه فمات‪ .‬وإن لم‬
‫وإذا رمى الرجل سهما إلى صيد ّ‬
‫يجرحه – كما إذا قتله بحجر أو بِعصا – لم يؤكل ألن الجرح شرس ‪ ،‬إال إذا أدركه حيا وذ ّكاه‪ ،‬يؤكل‪.‬‬
‫ّ‬
‫واليؤكل صيد المجوسي والمرتد والوثني ألنهم ليسوا من أهل الذكاة‪ ،‬وحكم ذكاة االضطرار‬
‫كحكم ذكاة االختيار‪.‬‬

‫ويجوز اصطياد ما يؤكل لحمه وما اليؤكل لجواز االنتفاع بجلده أو شعره أو قرنه‪ .‬إال الخنزير فإنه‬
‫يقتل لدفع شره واليجوز االنتفاع بشيء من أجزائه‪.‬‬

‫كتاب الذبائح‬

‫اختياري وهو ذبح الحيوان‬


‫ّ‬ ‫ماي ْذبح من النع ِم‪ .‬والذبح نوعان‪:‬‬
‫معناه‪ :‬والذبائح جمع ذبيحة وهي اسم ُ‬
‫واضطراري وهو ذبح الصيد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األهلي‪،‬‬

‫من ُيؤكل ذبيحته ومن اليؤكل‪ :‬وذبيحة المسلم والكتابي حالل‪ ،‬رجال كان أو امرأة‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫ّ‬
‫والت ْؤكل ذبيحة المجوسي لقوله عليه‬
‫ُ‬ ‫ذبيحتهم‪.‬‬ ‫"وطعام الذين أوتوا الكتاب ِحل لكم"‪ ،‬والمراد بالطعام‬
‫"سنوا بهم ُس َّنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم والآكلي ذبائحهم"‪ .‬وكذا التؤكل ذبيحة المرتد‬
‫السالم‪ُ :‬‬

‫‪140‬‬
‫المحرِ م من النعم‬ ‫ِ‬
‫الم ْحرِ م‪ ،‬سواء اصطاده في الح ّ ِل أو في الحرم‪ .‬وأما ما ذ ّكاه(ذبحه) ُ‬
‫والوثني‪ ،‬وكذا صيد ُ‬
‫ّ‬
‫فحالل مطلقا‪.‬‬

‫التؤكل‪ ،‬لقوله تعالى‪" :‬والت ْأكلوا مما‬


‫ومن ترك التسمية عمدا – مسلما كان أو كتابيا – فذبيحته ميتة ُ‬
‫واهلل أكبر‪ ،‬وإن تركها ناسيا أُ ِكلت‪ ،‬لقوله عليه‬
‫ُ‬ ‫لم ُي ْذكر اسم اهلل عليه"(األنعام‪ ،)121:‬والتسمية‪ :‬بسم اهلل‬
‫"ر ِفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما ْاس ُت ْكرِ هوا عليه"‪.‬‬
‫السالم‪ُ :‬‬
‫المع َّلم أو عند الرمي‪.‬‬
‫وقت التسمية‪ :‬و في ذكاة االختيار عند الذبح‪ ،‬وفي الصيد عند إرسال ُ‬
‫الح ْل ُقوم(مجرى النفس) والمرِ ي ُ (مجرى الطعام)‬
‫كيفية الذبح‪ :‬والعروي التى ُت ْقطع في الذكاة أربعة‪ُ :‬‬
‫أي ثالثة كانت حل‬ ‫ِ‬
‫والودجان(ع ْرقان عظيمان)‪ .‬وإن قطع جميعها حل أكله باالتفاي‪ ،‬وإن قطع ثالثة منها َّ‬
‫الب َّد من قطع الحلقوم والمري وأحد الودجين‪.‬‬
‫عند أبي حنيفة‪ ،‬وقاال‪ُ :‬‬
‫وإن ذبح الذبيحة من قفاها ُينظر‪ :‬فإن قطع العروي قبل موتها ح َّل ْت‪ ،‬ولكن يكره لما فيه من زيادة‬
‫التعذيب من غير حاجة‪ ،‬وإن ماتت قبل قطع العروي لم تُ ْؤكل‪.‬‬

‫توحش من النعم فذكاته الع ْقر والجرح كالصيد‪.‬‬


‫وما استأنس من الصيد فذكاته الذبح‪ ،‬وما ّ‬
‫ُ‬
‫والمستحب في اإلبل‪ :‬النحر(وهو الذبح من أسفل العنق إلى الصدر) فإن ذبحها من األعلى جاز‬
‫ويكره لمخالفته السنة‪ .‬والمستحب في البقر والغنم‪ :‬الذبح من أعلى العنق‪ ،‬فإن نحرها جاز ويكره لمخالفته‬
‫السنة‪.‬‬

‫وإذا خر جنين من بطن الذبيحة ‪ :‬فإن كان حيا‪ ،‬اليؤكل إال بعد ذبحه‪ .‬وإن كان ميتا لم ُيؤكل عند‬
‫أبي حنيفة‪ ،‬سواء تم خ ْلقه أو لم يتم‪ ،‬وعندهما‪ُ :‬ي ْؤكل إذا تم خ ْل ُقه‪.‬‬
‫َّ‬
‫ما يحل أكله وما اليحل وما يكره‪:‬‬

‫وكل ذي ِم ْخل خب من الطير‪ُ ،‬‬


‫والغراب الذي‬ ‫كل ذي ناب من السباع‪ّ ،‬‬
‫مااليحل أكله من الحيوانات‪ّ :‬‬
‫كالض ْف ِدع والسلحفاة‬
‫ِّ‬ ‫والضب والحمار األهلي والبغال والخنزير والحشرات كلها‬
‫ّ‬ ‫الضب ُع‬ ‫يأكل الجيف‪ ،‬و‬
‫ّ ْ‬
‫والسرطان والفأر والوزا والحيات‪.‬‬

‫وإذا ُذبح مااليؤكل لحمه ط ُهر جلده‪ .‬وفي طهارة لحمه قوالن‪ ،‬واألصح‪ :‬اليطهر‪.‬‬

‫ومايحل منها‪ُ :‬غراب الزرع‪ ،‬واألرنب والجراد والسمك لقوله عليه السالم‪ِ :‬‬
‫"أح ّلت لنا ميتتان‪:‬‬
‫واليؤكل من حيوان الماء إال السمك‪.‬‬
‫السمك والجراد"(ابن ماجه)‪ُ ،‬‬

‫‪141‬‬
‫وما يكره منها‪ :‬ويكره الطافي من السمك وهو الذي مات ح ْتف أنفه ويطوف على وجه الماء وبطنه‬
‫من فوي‪ ،‬وما ْهره من فوي ُيؤكل‪ .‬ويكره أكل لحم الفرس عند أبي حنيفة‪ ،‬وقاال‪ :‬البأس بأكله‪.‬‬

‫كتاب األضحية‬

‫معناها‪ :‬وهي ذبح حيوان مخصوص في وقت مخصوص بنية القربة‪.‬‬

‫حكمها‪ :‬وهي واجبة على كل مسلم مقيم موسر في يوم األضحى عند أبي حنيفة‪ ،‬و في رواية عن‬
‫الصاحبين أنها سنة مؤكدة‪ .‬والتجب على الفقير والمسافر‪.‬‬

‫وقتها‪ :‬ثالثة أيام‪ :‬يوم النحر من طلوع الفجر ويومان بعده‪.‬‬

‫واألضحية إنما تكون من اإلبل والبقر والغنم والتجوز من غيرها ألنه لم تُ ْنقل التضحية من غيرها‬
‫ف منها إال الثَّ ِني وهو ابن خمس من اإلبل وحولين من البقر والجاموس‬
‫والي ْجزِ ُ‬
‫عن النبي وال عن الصحابة‪ُ .‬‬
‫الض ْأ ِن(الشاة) والمعز فصاعدا‪ ،‬إال الضأن فإن الجذع منه(وهى شاة تمت لها ستة أشهر إذا‬
‫وابن حول من َّ‬
‫ف‪.‬‬
‫كانت عظيمة) ُي ْجزِ ُ‬

‫واإلبل والبقر ُة عن واحد إلى سبعة إذا كان كلهم على نية القربة كمتعة وقران‬
‫ُ‬ ‫وتذبح الشاة عن واحد‬
‫ُ‬
‫ونذر وعقيقة التحاد المقصود مع اختالف جهات قربتهم‪ .‬وإذا بين أحد منهم أنه يريد اللحم لم ُت ْجزِ ْء‬
‫ّ‬
‫أضحيتهم‪ .‬واليجب عليهم أن يتساءلوا عن نياتهم إن لم ُي ْظهِ روها‪.‬‬

‫واليض َّحى بالعمياء(الذاهبة العينين)‪ ،‬والعوراء(الذاهبة احداهما)‪،‬‬


‫ُ‬ ‫العيوب المانعة وغير المانعة‪:‬‬
‫والذنب كله أو‬
‫والع ْرجاء التي التقدر أن تمشي إلى المذبح‪ ،‬والع ْجفاء(الضعيفة المهزولة)‪ ،‬ومقطوعة األذن َّ‬
‫أكثره‪.‬‬

‫وتمنع هذه العيوب إن كانت موجودة وقت الشراء‪ .‬وأما إذا اشتراها سليمة ثم تعيب ْت ينظر‪ :‬فإن كان‬
‫َّ‬
‫غنيا غيرها وإن كان فقيرا أجزأت له‪.‬‬
‫َّ‬
‫الخ ْصية) والجرباء‬
‫ُ‬ ‫ويجوز أن ُيض َّحى بالج ّماء(التي القرن لها ِخلقة) والخ ِصي(مضروب‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫والثوالء(المجنونة)‪.‬‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪142‬‬
‫‪ -‬ويتصدي بجلدها أو يعمل منه آلة يستعملها بالبيت‪.‬‬

‫‪ -‬واألفضل أن يذبحها بيده إن كان ُيحسن الذبح‪ ،‬وإال استعان بغيره‪ُ .‬‬
‫ويكره أن يستعين بكتابي ألنها‬
‫عبادة وهو ليس من أهلها‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا غ ِل رجالن فذبح كل منهما أضحية ا‪،‬خر أجزأ عنهما ويكون كل منهما وكيال عن ا‪،‬خر‪.‬‬
‫ولو ذبح أضحية غيره بغير أمره جاز استحسانا‪.‬‬
‫‪ -‬ويقسم لحمها وزنا الجزافا‪.‬‬
‫‪ -‬ولو شرى بدنة لألضحية ثم أشرك فيها ستة جاز استحسانا‪ .‬واالشتراك قبل الشراء أحب وأبعد‬
‫عن الخالف‪.‬‬

‫كتاب األيمان والنذور‬

‫أ ‪ -‬األيمان‬

‫عز ُم الحالف على الفعل‬


‫معناه‪ :‬األيمان جمع يمين وهو لغة‪ :‬القوة‪ ،‬وشرعا‪ :‬عبارة عن عقد قوِ ي به ْ‬
‫أو الترك‪.‬‬

‫أنواعها‪ :‬وهي على ثالثة أضرب‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اليمين الغموس‪ ،‬والغمس‪ :‬اإلدخال في الماء‪ ،‬سميت به ألنها تُدخل صاحبها في النار‪ .‬و‬
‫تسمى أيضا باليمين الفاجرة‪ ،‬وهي الح ِل ُف على أمر ماض يتعمد الكذب‪ ،‬مثل أن يقول‪ِ :‬‬
‫واهلل لم أفعل ويعلم‬ ‫ّ‬
‫أنه قدفعله‪ .‬وحكمها‪ :‬يأثم الحالف بها لقوله عليه السالم‪" :‬من حلف كاذبا أدخله اهلل النار"‪ .‬وهي من‬
‫الكبائر‪ ،‬والكفارة فيها ألنها أعظم من أن ترفعه الكفارة‪ ،‬ويستغفر اهلل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اليمين المنعقدة‪ :‬وهي الحلف على أمر مستقبل على أن يفعله أو اليفعله‪ .‬وإذا ح ِنف لزمته‬
‫الكفارة لقوله تعالى‪" :‬ولكن ُيؤاخذكم بما ع ّق ْدتم األيمان"(المائدة‪.)79/‬‬

‫‪143‬‬
‫ثالثا‪ :‬اليمين اللغو‪ :‬وهو أن يحلف على أمر خ‬
‫ماض أنه فعله أو لم يفعله وهو يظن كما قال‪ ،‬وكان‬
‫األمر بخالفه‪ .‬وروي عن أبي حنيفة أن اللغو ما يجري بين الناس من قولهم‪ :‬ال واهلل‪ ،‬بلى واهلل من غير‬
‫قصد‪ .‬والفري بينه وبين الغموس‪ ،‬وجود تعمد الكذب في الغموس دون اللغو‪ .‬وحكمه‪ :‬والكفارة فيه لقوله‬
‫"اليؤاخذكم اهلل باللغو في أيمانكم"(المائدة‪)79:‬‬
‫تعالى‪ُ :‬‬
‫باهلل ِ‬
‫تاهلل‪ .‬ومن حلف‬ ‫واهلل ِ‬
‫ألفاظ اليمين‪ :‬واليمين إنما تكون بحروف القسم وباسم اهلل تعالى كقوله‪ِ :‬‬

‫بغير اهلل لم يكن حالفا كالنبي والقرآن والكعبة‪ ،‬لقوله عليه السالم‪" :‬من كان منكم حالفا فليحلف باهلل أو‬
‫ليذ ْر"(خ)‪ .‬وإذا قال‪ :‬أ ُ ْق ِسم أو أقسم باهلل‪ ،‬أو أحلف أو أحلف باهلل‪ ،‬أ ْشهد أو أشهد باهلل فهو حالف ألن هذه‬
‫ِ‬
‫وعهد اهلل وميثاقه‪ ،‬ألن العهد يمين‪ ،‬قال تعالى‪" :‬وأوفوا بعهد اهلل"‬ ‫األلفاظ مستعملة في الحلف‪ .‬وكذلك‪:‬‬
‫يهودي‪ ،‬أو نصراني‪ ،‬أو كافر" فهو‬
‫ّ‬ ‫فعلت كذا فأنا‬
‫ُ‬ ‫(النحل‪ ،)91:‬والميثاي عبارة عن العهد‪ .‬ولو قال‪" :‬إن‬
‫يمين‪ .‬ولو قال‪" :‬فعلي غضب اهلل أو لعنته" ينظر فيه‪ :‬فإن كان في عرفهم يمينا فيمين وإال فال‪.‬‬
‫ّ‬
‫كفارة اليمين‪ :‬واألصل فيه قوله تعالى‪ " :‬فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوس ما تطعمون‬
‫أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة‪ ،‬فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام‪ ،‬ذلك كفارة أيمانكم إذا‬
‫حلفتم"(المائدة‪ .)79/‬وعلى هذا‪ :‬فإن الحانف مخير بين إطعام عشرة مساكين و كسوتهم وبين تحرير رقبة‪،‬‬
‫فإن لم يقدر على أحد منها صام ثالثة أيام متتابعات‪ ،‬لقراءة ابن مسعود "متتابعات" وهي كالخبر المشهور‬
‫فيقيد به المطلق‪.‬‬
‫ُ َّ‬
‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫‪ -‬ومن حلف على معصية كقوله‪ :‬واهلل الأكلم أبي أو أقتل فالنا‪ ،‬وجب عليه أن يحنف في يمينه‬
‫ويكفر عنه لقوله عليه السالم‪" :‬من حلف على يمين ورآى غيرها خيرا منها فليأت بالذي هو خير ثم ليك ِّفر‬
‫ُ‬
‫عن يمينه"(ي)‪.‬‬
‫فإن استباحه فعليه‬
‫علي" ْ‬ ‫فعلت كذا فهذا الطعام حرام‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ومن حرم على نفسه شي ا مباحا‪ :‬كقوله‪" :‬إن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كفارة يمين‪ ،‬ألن تحريم الحالل يمين لقوله تعالى‪ " :‬ياأيها النبي لم تحرم ماأحل اهلل لك" ثم قال‪ " :‬قدفرض‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل لكم تحلة أيمانكم"‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حلف‪ :‬اليأكل لحما فأكل سمكا لم يحنف‪ ،‬ومن حلف اليأكل خبزا فأكل لحم معجون لم‬
‫فاليطلق اللحم على السمك والالخبز على لحم معجون في العرف‪.‬‬
‫مبنية على العرف ُ‬ ‫يحنف ألن األيمان‬
‫ّ‬
‫استطعت" يحمل على الصحة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وكذا لوقال‪" :‬واهلل س ِآتيك غدا إن‬

‫‪144‬‬
‫ِ‬
‫فالح ْنف عليه لعدم إمكان الوقوف على مشي ة اهلل‬ ‫‪ -‬ومن استثنى وقال‪" :‬إن شاء اهلل" متصال بيمينه‬
‫تعالى‪.‬‬

‫ب ‪ -‬النذور‬

‫وهو إيجاب عين الفعل المباح على نفسه تعظيما هلل تعالى(التعريفات للجرجاني)‪ .‬وهو على نوعين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬مطلق مثل أن يقول‪ّ ِ :‬هلل علي صوم أو حج أو أضحية‪ ،‬وجب الوفاء به لقوله عليه السالم‪ " :‬من‬
‫ّ‬
‫وسمى فعليه الوفاء بما سمى‪ .‬والثانى‪ :‬معلق بشرس كقوله‪ :‬إن جاء غائبي أو إن شفى اهلل مريضي فوجد‬
‫ّ‬ ‫نذر‬
‫الشرس فعليه الوفاء بنفس النذر الذي سماه إلطالي الحديف‪ ،‬ولم يخر عن العهدة بكفارة اليمين في‬
‫فعلت كذا فعلي حجة أو‬‫ُ‬ ‫الصورتين بالخالف‪ .‬وروي أن أباحنيفة رجع عن ذلك وقال‪ :‬إذا قال الناذر‪ :‬إن‬
‫ّ‬
‫صوم خ‬
‫سنة‪ ،‬فهو مخير بين الوفاء بما سماه وبين كفارة يمين‪ .‬وقيل إن هذا التخيير فيما إذا ع ّلق النذر بشرس‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫بت خمرا فعلي كذا‪.‬‬ ‫اليريده كأن يقول‪ :‬إن شر ُ‬
‫ّ‬
‫ويشترس لصحة النذر أن يكون من جنس المنذور عبادة مقصودة فرضا أو واجبا كالحج والصوم‬
‫والزكاة‪ ،‬فلو نذر بقراءة القرآن أو بناء المسجد أو زيارة القبور لم يلزمه شيء ألنه ليس لها أصل في الفروض‬

‫ّ‬ ‫ذبحت شاة‪ ،‬لم يلزمه شيء‪ ،‬إال إذا زاد‪ّ ِ :‬‬
‫"هلل علي" أو‬ ‫ُ‬ ‫ت من مرضي هذا‬ ‫المقصودة‪ .‬وكذا لوقال‪ :‬إن برِ ْئ ُ‬
‫"أتصدي بلحمها"‪ ،‬ألن الذبح اليعد عبادة إال إذا كان هلل‪.‬‬

‫كتاب الدعوى والبينات‬

‫بعض المصطلحات‪:‬‬

‫الي ْجبر على الخصومة إذا تركها‪.‬‬ ‫والم َّد ِعي‪ :‬من‬
‫بحق له على غيره عند الحاكم‪ُ .‬‬
‫إخبار ّ‬
‫ٌ‬ ‫الدعوى‪:‬‬
‫ُ ُ‬
‫والمدعى به‪ :‬الحق‪.‬‬
‫َّ‬ ‫والم ّدعى عليه‪ :‬من ُي ْجبر على الخصومة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫المدعي‪ ،‬ومن مقدمتها الشهادة‪ .‬وهي حجة اهرة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫مايث ِبت صدي‬
‫والبينات جمع بينة وهي كل ُ‬
‫الم ّد ِعي حتى ُيب ِين ما ادعاه بيانا يزيل االلتباس فيه كجنسه ونوعه ومقداره‪.‬‬
‫والتُقبل الدعوى من ُ‬
‫ّ‬
‫الم ّدعى عليه‪ ،‬فإن اعترف قضى عليه‪ ،‬وإن أنكر طلب منه بينة إلثبات‬ ‫وإذاصحت الدعوى‪ ،‬سأل القاضي ُ‬
‫ّ‬
‫والب ّد من‬ ‫ِ‬ ‫ما ادعاه فإن أحضرها قضى بها‪ .‬وإن عجز عنها وطلب َّ ِ‬
‫المدعي يمين خصمه استحلفه القاضي‪ُ .‬‬
‫المدعى عليه عن اليمين‬
‫طلبه ألن اليمين حقه‪ .‬وإن حلف انقطعت الخصومة وسقطت الدعوى‪ .‬وإذا نكل ّ‬

‫‪145‬‬
‫عي‪ .‬والسكوت نكول‪ ،‬ألن السكوت في معرض البيان بيان‪.‬‬
‫المد ِ‬
‫ُقضي عليه بالنكول ألنه إقرار بما ّادعاه ّ‬
‫المدعي لحديف‪" :‬البينة على المدعي واليمين على المنكر(رواه البخارى والترمذى)‬
‫ِ‬ ‫والتُستحلف من‬

‫وصورة اليمين‪ :‬والتجوزاليمين إال باهلل تعالى لقوله عليه السالم‪" :‬من كان منكم حالفا‪ ،‬فلي ْح ِل ْف‬
‫اليستحلف بالطالي والبالعتاي في اهر الرواية‪ .‬و أجازه البعض‪ .‬واليجوز تغلي اليمين‬ ‫ِ‬
‫باهلل أو ليذ ْر"‪ .‬و ُ‬
‫على المسلم بزمان كيوم الجمعة‪ ،‬والبمكان كمقام إبراهيم وأمام الركن بمكة‪ ،‬أو عند ِمنبر النبي عليه السالم‬
‫المقس ِم به وهو حاصل باهلل‪.‬‬
‫في المدينة ألن المقصود تعظيم ُ‬
‫ويستحلف اليهودي‪ :‬باهلل الذي أنزل التوراة على موسى‪ ،‬والنصراني‪ :‬باهلل الذي أنزل اإلنجيل على‬
‫ُ‬
‫كل بما يعتقده‪.‬‬
‫عيسى‪ ،‬والمجوسي باهلل الذي خلق النار‪ُ ،‬فيغ َّل ُ على ّ خ‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫‪ -‬واليستحلف الم ِ‬
‫نكر في إنكاره النكاح والرجعة والفيء في اإليالء والر َّي واالستيالد والنسب‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫والوالء والحدود عند أبي حنيفة‪ ،‬وقاال‪ :‬يستحلف في ذلك كله إال في الحدود ألن النكول عندهما إقرار‬
‫واإلقرار يجري في هذه األشياء‪ ،‬والفتوى على قولهما‪.‬‬

‫‪ -‬وإن أقام أحد الطرفين شاهدين و ا‪،‬خر أربعة أو أكثر‪ ،‬فهما سواء ألن َّ‬
‫كل شهادة علة تامة‪.‬‬
‫‪ -‬واستواء البينتين‪ :‬وإذا استوت البينتان شارك المدعيان فيما يدعيانه‪ ،‬مثاله‪ :‬مال بيد رجل‪ ،‬وادعى‬
‫رجالن أنهما اشتراه وأقاما البينة‪ُ ،‬قبلت بينتهما فالمال بينهما‪ ،‬وكل منهما بالخيار‪ :‬إن شاء أخذ نصف المال‬
‫ّ‬
‫بنصف الثمن وإن شاء ترك لتفريق الصفقة عليه(انقسام المال)‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا اختلف الزوجان في قدر المهر أو في جنسه فأيهما أقام البينة قبلت ألنه ن َّور دعواه بالبينة‪.‬‬
‫وإن أقاما البينة قبلت بينة الزوجة ألنها تثبت الزيادة‪ .‬وإن لم تكن لهما بينة تحالفا‪ ،‬ولم ُيفسخ النكاح‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬وإن اختلف الزوجان في متاع البيت وال بينة لهما‪ :‬فما يصلح للرجال عرفا فهو للزو ومايصلح‬
‫للنساء فهو للزوجة‪ ،‬وما يصلح لهما فهو للزو ‪ .‬والفري في الحكم بين ما وقع االختالف في حال قيام‬
‫النكاح أو بعد الفرقة‪ .‬ولو مات أحد الزوجين واختلف وارثه مع ا‪،‬خر فهو للباقى سواء كان المتاع‬
‫ممايصلح للرجال أو للنساء ألن اليد ِل ْلح ِي دون الميت‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬ومن ادعى نسب أحد التوأمين ونفى ا‪،‬خر ثبت نسبهما منه ألنهما من ماء واحد‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫كتاب الشهادات‬

‫حق‪.‬‬ ‫خ‬
‫صدي إلثبات خ‬ ‫معناها‪ :‬والشهادة خبر قاطع في اللغة‪ ،‬وفي الشرع‪ :‬إخبار‬

‫حكمها‪ :‬ويجب على الشاهد أدا ها واليجوز كتمانها إذا طالب المدعي لقوله تعالى‪" :‬واليأب‬
‫الشهداء إذا ما ُد ُعوا" (البقرة‪" ،)282/‬والتكتموا الشهادة‪ ،‬ومن يكتمها فإنه آثم قلبه"(البقرة‪ .)283/‬ويجب‬
‫عليه بغير طلب إذا لم يعلمه المدعي وخاف الشاهد فوت الحق إن لم يشهد به‪ .‬وهذا كله في غير الحدود‪.‬‬
‫وأما فيها فالشاهد ُمخير بين الستر واإل هار‪ ،‬والستر أفضل لقوله عليه السالم للذي شهد عنده‪" :‬لو سترته‬
‫َّ‬
‫بثوبك لكان خيرا لك" ولقوله عليه السالم‪" :‬من ستر على مسلم ستر اهلل تعالى عليه في الدنيا وا‪،‬خرة"(ت‪،‬‬
‫د)‪.‬‬

‫عدد الشهود ووصفهم‪ :‬ويختلف ذلك بإختالف المشهود كما يلى‪:‬‬

‫أوال‪ :‬في حد الزنى وحد القذف‪ :‬ويجب فيهما أربعة من الرجال لقوله تعالى‪ " :‬والّتي يأتين الفاحشة‬
‫من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم"(النساء‪ ،)15/‬ولقوله‪" :‬ثم لم يأتوا بأربعة شهداء"(النور‪.)4/‬‬

‫ثانيا‪ :‬و في القصاص وبقية الحدود كحد السرقة والشرب‪ ،‬رجالن لقوله تعالى‪" :‬واستشهدوا‬
‫شهيدين من رجالكم"(البقرة‪ .)282/‬والتقبل شهادة النساء في الزنى وبقية الحدود والقصاص لحديف‬
‫لدن رسول اهلل والخليفتين من بعده‪ :‬أن الشهادة للنساء في الحدود والقصاص"‪.‬‬
‫"مضت السنة من ْ‬
‫ْ‬ ‫الزهري‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬وما سوى ذلك المذكور من سائر الحقوي‪ ،‬فتقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين‪ ،‬سواء‬
‫كان الحق ماال أو غيره مثل النكاح والطالي والوكالة والوصية‪.‬‬

‫ماب ِني ْت عليه أهلية الشهادة وهو المشاهدة والضب‬


‫واألصل أنه تقبل شهادتهن في الكل لوجود ُ‬
‫واألداء‪ ،‬وهو موجود فيهن‪ ،‬ولهذا ُيقبل إخبارهن في األخبار‪ .‬وأما نقصان الض فيهن بزيادة النسيان فانجبر‬
‫التقبل شهادتهن فيما يندرأ بالشبهات(كالحدود‬
‫بضم األخرى إليها‪ ،‬فلم يبق بعد ذلك إال الشبهة‪ ،‬فلهذا ُ‬
‫والقصاص) وأما بقية الحقوي فتثبت مع الشبهات فتجوز شهادتهن مع الرجال‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬وتقبل شهادة امرأة واحدة فيما اليطلع عليه الرجال كالوالدة والبكارة والعيوب التي بالنساء‪.‬‬

‫الشروس الالزمة‪ :‬والبد في الشاهد من الشروس ا‪،‬تية‪:‬‬

‫الشرس األول‪ :‬الحرية‪ ،‬والتقبل شهادة العبد‪.‬‬

‫الشرس الثانى‪ :‬االسالم فالتقبل شهادة الكافر على المسلم‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫الشرس الثالف‪ :‬العدالة‪ ،‬لقوله تعالى‪ِ :‬‬
‫"م َّم ْن ترضون من الشهداء"(البقرة‪ ،)282/‬ولقوله‪" :‬وأشهدوا‬
‫ذوي عدل منكم"(الطالي‪ .)2/‬وهو الذي يجتنب الكبائر ويتباعد عنها‪ .‬وعن أبي يوسف‪ :‬أن الفاسق إذا كان‬
‫وجيها في الناس ذا مروءة‪ ،‬تقبل شهادته ألنه يمتنع الكذب لمروءته‪.‬‬

‫اتفق أبوحنيفة وصاحباه أن الحاكم يسأل عن حال الشهود سرا وعالنية في الحدود والقصاص‬
‫مطلقا سواء طعن الخصم فيهم أو لم يطعن‪ ،‬ألن الشبهة فيها دارئة‪ .‬وأما في سائر الحقوي فكذا األمر عند‬
‫الصاحبين ألن الحكم إنما يجب بشهادة العدول فوجب البحف عن العدالة‪ .‬وقال أبوحنيفة‪ :‬يقتصر الحاكم‬
‫على الظاهر وال يسأل عنهم سرا لقوله عليه السالم‪" :‬المسلمون عدول بعضهم على بعض إالمحدودا في‬
‫قذف"‪ ،‬وألن الظاهر انزجار المسلم عن الحرام فيكتفى بالظاهر إذ ال يمكن الوصول إلى القطع‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫اختالفهم هذا باختالف عصر وزمان ال باختالف حجة وبرهان‪.‬‬

‫من تقبل شهادته ومن التقبل‪:‬‬

‫‪ -‬والتقبل شهادة األعمى ألن األداء يحتا إلى التمييز باالشارة بين المشهود له والمشهود عليه‪،‬‬
‫واليميز األعمى إال بالصوت‪ ،‬والصوت يشبه الصوت‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬والتقبل شهادة المحدود في قذف وإن تاب لقوله تعالى‪" :‬والتقبلوا لهم شهادة أبدا"‪ ،‬واالستثناء‬
‫في قوله‪" :‬إالالذين تابوا" منصرف لمايليه وهو قوله‪" :‬وأول ك هم الفاسقون" فيرتفع فسقه بالتوبة واليرتفع‬
‫النهي عن قبول شهادتهم لقوله تعالى‪" :‬أبدا"‪.‬‬
‫‪ -‬والتقبل شهادة الوالد لولده وولد ولده‪ ،‬والشهادة الولد ألبويه وأجداده‪ ،‬والشهادة أحد الزوجين‬
‫ل خر‪ ،‬والشهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما للتهمة ألن المنافع متصلة بينهم‪ .‬وتجوز شهادة‬
‫بعضهم على البعض‪.‬‬
‫‪ -‬والتقبل شهادة من يرتكب من الكبائر التي يتعلق بها الحد كالزنى والسرقة وشرب الخمر والمن‬
‫يشتهر بأكل الربا والمن يقامر‪.‬‬
‫‪ -‬وتقبل شهادة الرجل ألخيه وعمه النعدام التهمة‪.‬‬

‫مسائل شتى‪:‬‬

‫‪ -‬واليجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إال النسب والموت والنكاح فإنه يسعه أن يشهد بها إذا‬
‫أخبره بها من يثق به استحسانا‪ ،‬فإنه لو لم يقبل فيها الشهادة بالتسامع ألدى إلى الحر وتعطيل األحكام‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ -‬وقال أبوحنيفة في شاهد الزور‪ :‬أُش ِ ّهره في السوي وأح ِ ّذ ُر ُه الناس والأُع ِّزره‪ .‬وقاال‪ :‬نوجعه ضربا‬
‫ونحبسه حتى يتوب‪.‬‬

‫الرجوع عن الشهادة‪:‬‬

‫قبل الحكم‪ :‬وإذا رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها سقطت شهادتهم‪ ،‬واليثبت شيء من‬
‫الحق‪ ،‬ألن الحق إنمايثبت بالقضاء‪ ،‬والضمان عليهما ألنهما لم يتلفا شي ا‪ .‬واليصح الرجوع إالبحضرة‬
‫الحاكم‪.‬‬

‫فالي ْنق ُض‬


‫ناقض ّأوله‪ُ ،‬‬
‫بعد الحكم‪ :‬وإذا رجعوا بعد الحكم بها لم ُي ْفس ْخ الحكم‪ ،‬ألن آخر كالمهم ُي ُ‬
‫الحكم بالمتناقض‪ ،‬وضمنوا ما أتلفوه بشهادتهم لتسببهم في اإلتالف كحافر الب ر‪ .‬وإن رجع أحدهما ضمن‬
‫ُ‬
‫النصف‪ .‬وإن شهد رجل وامرأتان فرجعت امرأة ضمنت ربع الحق‪ ،‬وإن رجعتا ضمنتا نصف الحق‪ .‬وإن‬
‫شهد رجالن بقصاص ثم رجعا بعد القصاص‪ ،‬ضمنا الدية والقصاص عليهما ألنهما لم يباشرا القتل‪.‬‬

‫المزكون عن التزكية ضمنوا عند أبي حنيفة ألنها إعمال(مؤثر)للشهادة ألن القاضي لم‬
‫وإذا رجع ُ‬
‫يعمل بها إال بالتزكية فصارت في معنى علة العلة‪ .‬وقاال‪ :‬اليضمنون شي ا‪.‬‬

‫والتزكية‪ :‬ثناء على الشهود ووصفهم بالخير والصدي والصالح‪.‬‬

‫ومن شروس القضاء وآدابه‪ :‬وهي كثيرة‪ ،‬نذكر بعضها‪:‬‬

‫ويشترس فيه ما يشترس في الشاهد من الحرية واالسالم والعدالة‪ .‬ولو ُق ِّلد الفاسق يصح إال أنه‬
‫الينبغي أن ُيق َّلد كما في حكم الشهادة‪.‬‬

‫والبأس بالدخول في القضاء لمن يثق بنفسه أنه يؤدي فرضه‪ ،‬وإال يكره‪ .‬واليقبل القاضي هدية‪،‬‬
‫ويس ِّوى بين الخصمين في الجلوس بين يديه‬ ‫ِ‬
‫واليحضر دعوة إال أن تكون عامة‪ ،‬ألن الخاصة مظ َّنة التهمة‪ُ .‬‬
‫واليل ِّقنه حجة‪ ،‬واليضحك في وجهه احترازا عن‬
‫ُ‬ ‫واليسار أحدهما‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلشارة إليهما‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واإلقبال عليهما‬
‫التهمة‪ ،‬واليمازحهم ألن ِ‬
‫المزاحة ُتزيل المهابة‪ .‬ويحبس الرجل في نفقة زوجته لظلمه بامتناعه‪ ،‬واليحبس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الوالد في د ْين ولده‪.‬‬

‫كل شيء إال في الحدود والقصاص اعتبارا بشهادتها‪.‬‬


‫ويجوز قضاء المرأة في ّ‬

‫وليس للقاضي أن يستخلف نائبا عنه على القضاء‪ ،‬ألنه ُق ِّلد للقضاء دون التقليد فصار كتوكيل‬
‫الوكيل‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫حضر من يقوم مقامه كوكيله ووصيِه‪.‬‬
‫واليقضي القاضي على غائب وال له‪ ،‬إال أن ي ُ‬
‫ّ‬
‫التقبل شهادته لهؤالء لمكان‬
‫وحكم الحاكم ‪،‬بائه وإن عال‪ ،‬وولده وإن سفل‪ ،‬وزوجته‪ ،‬باطل‪ ،‬ألنه ُ‬
‫التهمة‪ ،‬فاليصح القضاء لهم‪ ،‬بخالف حكمه عليهم فيقبل ألنه تقبل شهادته عليهم النتفاء التهمة‪ ،‬فكذا‬
‫القضاء‪.‬‬

‫مسألة التحكيم‪:‬‬

‫حكم رجالن رجال ليحكم بينهما‪ ،‬ورضيا بحكمه جاز حكمه‪ ،‬ألن لهما والية على أنفسهما‬
‫وإذا َّ‬
‫فصح تحكيمهما‪ .‬وي ْن ُف ُذ حكمه عليهما إن كان الحكم يحمل شروس القاضي ألنه بمنزلة القاضي بينهما‬
‫فاليجوز تحكيم الكافر النعدام أهلية القضاء‪.‬‬

‫اليباح له أن‬
‫واليجوز التحكيم في الحدود والقصاص ألنه الوالية لالنسان على دم نفسه ولهذا ُ‬
‫خ‬
‫خطأ فقضى بالدية على العاقلة لم ين ُف ْذ حكمه ألنه الوالية له عليهم‪.‬‬ ‫ي ْقتل نفسه‪ .‬وإن ح ّكما رجال في ِ‬
‫دم‬ ‫ُ‬

‫كتاب القسمة‬

‫معناها‪ ،‬سببها وشروطها‪:‬‬

‫نصيب شائ خع في مكان مخصوص‪ .‬وسببها‪ :‬طلب الشركاء‬


‫خ‬ ‫جمع‬
‫ُ‬ ‫وهى – بفتح القاف أو كسرها –‬
‫التقسم‬
‫أو بعضهم لالنتفاع بملكه على وجه الخصوص‪ .‬وشرطها‪ :‬عدم فوت المنفعة بالقسمة‪ ،‬فإن فاتت بها ُ‬
‫جبرا كالب ر والحمام والرحى‪ ،‬ألن الغرض منها توفير المنفعة فإذا أدت إلى فواتها لم ُي ْجبر‪.‬‬

‫وتشتمل القسم ُة على معنى اإلفراز والمبادلة‪ .‬و اإلفراز هو الظاهر في المكيالت والموزونات لعدم‬
‫التفاوت حتى كان ألحدهما أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه‪ .‬والمبادلة هي الظاهر في غيره للتفاوت حتى‬
‫اليكون ألحدهما أن يأخذ نصيبه في غيبة صاحبه‬

‫نصب القاسم وأجره‪:‬‬

‫وينبغى للقاضي أن ينصب قاسما يرزقه من بيت المال ليق ِّسم بين الناس بغير أجرة‪ ،‬ألن القسمة‬
‫ُ‬
‫من جنس عمل القضاء‪ ،‬إذ به تنقطع المنازعة‪ ،‬فأشبه رزي القاضي‪ .‬ويجوز أيضا أن ينصب قاسما يق ِسم‬
‫واليجبر الناس على قاسم واحد‪ ،‬والي ْترك ال ُق ّسام يشتركون‬
‫ُ‬ ‫باألجرة من مال المتقاسمين ألن النفع لهم‪.‬‬
‫حتى اليتغالوا في األجرة‪ .‬وأجرة القسمة على عدد الر وس عند أبي حنيفة‪ ،‬ألن األجر بدل التمييز واإلفراز‬
‫وهو اليتفاوت‪ .‬وعندهما على قدر األنصباء ألن األجر مؤونة الملك فيتق َّدر بقدره‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫شروس القاسم‪ :‬ويجب أن يكون عدال‪ ،‬مأمونا‪ ،‬عالما بالقسمة‪.‬‬

‫بعض األمثلة التطبيقية‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا حضر الشركاء عند القاسم وفي أيديهم عقار أو دار أو أرض ّادع ْوا أنهم ورثوها عن فالن‪،‬‬
‫لم يقسمها عند أبي حنيفة حتى ُيقيموا البينة على موته وعدد ورثته‪ ،‬ألن التركة عليها حقوي قبل الميرا ‪.‬‬
‫عوا‬
‫واد ْ‬
‫وعندهما يقسمها باعترافهم ألن اليد دليل الملك‪ .‬وإن كان المال المشترك في أيديهم غير العقار‪َّ ،‬‬
‫مطلق وطلبوا قسمته‪ ،‬قسمه في قولهم جميعا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ملك‬
‫أو ُم ْشترى أو ٌ‬ ‫أنه ميرا‬
‫‪ -‬وإذا كان كل واحد من الشركاء ينتفع بنصيبه بعد القسمة قسم المال بطلب أحدهم‪ .‬وإن كان‬
‫أحدهم ينتفع وا‪،‬خر يستضر لقلة نصيبه‪ :‬فإن طلب صاحب الكثير قسم له‪ ،‬وإن طلب صاحب القليل لم‬
‫ّ‬
‫يقسم له‪ ،‬وإن كان كل واحد منهما يستضر لقلته لم يقسمه إال بتراضيهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقيل‪ :‬أيهما طلب القسمة قسمها‪.‬‬

‫رع القاسم بينهم لتطييب القلوب وإزالة تهمة الميل‪.‬‬


‫وبعد اإلفراز والمبادلة ي ْق ُ‬
‫مسألة المهاي ة وهي مقاسمة االنتفاع عند تعذر االجتماع على االنتفاع‪ ،‬مثل أن يكون لهما دار‬
‫وأخذ غ َّلتها في نوبته‪ .‬وكذلك الدابة والسيارة‪.‬‬
‫فيسكن أحدهما شهرا وا‪،‬خر شهرا‪ .‬ولكل منهما إجارتها ْ‬

‫والقياس أن التجوز المهاي ة ألنها مبادلة المنفعة بجنسها وهو ربا لكنها جازت استحسانا باإلجماع‪.‬‬

‫لبن خ‬
‫غنم أو في أوالدها ألنها أعيان باقية‪ ،‬ويمكن قسمتها عند‬ ‫والتجوز المهاي ة في ثمر شجرخ أو ِ‬
‫حصولها فالحاجة إلى التهايوء‪.‬‬

‫كتاب اإلكراه‬

‫فعل بما ُي ْع ِد ُم رضاه دون اختياره‪ ،‬لكنه قد يفسد االختيار وقد‬


‫معناه‪ :‬وهو حمل الغير(بالتهديد)على خ‬
‫اليفسده‪.‬‬

‫أنواعه‪ :‬وهو إما ُم ْل ِج ٌ بأن يكون بالقتل أو بالضرب الشديد أو بالحبس المديد أو بقطع العضو‪.‬‬
‫وهذا ُمعدم للرضا ومفسد لالختيار‪ .‬وإما غير ُملج خ بأن يكون بحبس يوم أو بضرب خفيف‪ .‬وهذا معدم‬
‫الرضا غير ُمفسد االختيار‪ .‬والحاصل‪ :‬أن عدم الرضا ووجود أصل االختيار ثابت في جميع صور اإلكراه‬

‫‪151‬‬
‫لكنه يفسد االختيار في بعض صوره واليفسد في بعضه‪ .‬وإذا أُ ْط ِلق اإلكراه يقصد به الملج منهما‪ ،‬ألن‬
‫غير الملج التأثير له في االختيار فال تأثير له فى التصرفات‪.‬‬

‫ومتى يثبت حكم اإلكراه؟‬

‫توعد(هدد) به – سواء كان من السلطان أو من غيره ‪-‬‬


‫وإذا حصل اإلكراه ممن يقدر على إيقاع ما ّ‬
‫الم ْكره على االمتناع‪ .‬هذا عندهما‪ .‬وعند أبي حنيفة‪:‬‬
‫ثبت حكمه‪ ،‬ألنه إذا كان اإلكراه بهذه الصفة لم يقدر ُ‬
‫اليتحقق اإلكراه إال من السلطان‪ ،‬ألن القدرة بهذه الصفة التكون بالمنع خة والمنع ُة للسلطان‪ .‬والفتوى على‬
‫قولهما‪.‬‬

‫حكم اإلكراه(نتائجه)‪ :‬وهو يختلف باختالف األحوال كما يظهر في األمثلة ا‪،‬تية‪:‬‬

‫‪ -‬وإذا أُكرِ ه الرجل على بيع ماله أو على إقرار بدين ‪،‬خر فباعه أو أقر به لم يصح العقد فهو بالخيار‬
‫ّ‬
‫إن شاء أمضى وإن شاء فسخه‪ ،‬ألن من شرس صحة هذه العقود‪ :‬التراضي‪ ،‬واإلكراه ُيعدمه‪.‬‬
‫‪ -‬وإن أُكرِ ه على شرب الخمر أو على أكل لحم الخنزير بغير ملج لم يجز له إقدامه عليه‪ ،‬إذ‬
‫المكرِ ه‬
‫الضرورة فيه‪ ،‬وإن كان بملج جاز له ذلك كما في حال المخمصة بل وجب عليه‪ ،‬وإن صبر وأوقع ُ‬
‫هدده به وقتله مثال‪ ،‬أثم المكره‪ ،‬ألنه عاونه على إهالك نفسه‪ .‬وكذلك الحكم في اإلكراه على الكفر باهلل‬
‫ما ّ‬
‫سب النبي عليه السالم‪ ،‬إال أنه يؤجر هنا إن صبر و ُقتل‪ ،‬ألنه ترك الرخصة واختار العزيمة إلعزاز الدين‬
‫أو ّ‬
‫‪.‬‬
‫وسعه أن يتلفه ألن مال الغير ُيستباح للضرورة كما في حال‬ ‫‪ -‬وإن أُكره على إتالف مال الغير ِ‬
‫المخمصة‪ .‬ولصاحب المال أن ُيض ِّمن المكرِ ه ال المكره ألنه كا‪،‬لة‪.‬‬

‫‪ -‬ومن أُكرِ ه بقتل على قتل غيره لم ْ‬


‫يسعه أن ُي ْقدم عليه فإن قتله كان آثما‪ ،‬ألن قتل المسلم مما‬
‫اليستباح أصال ولو للضرورة‪ .‬وأما وجوب القصاص فقد اختلفوا فيه فقال أبو حنيفة ومحمد يجب على‬ ‫ُ‬
‫القاتل ألنه بمنزلة ا‪،‬لة‪ ،‬وعلى المكره عند زفر ألنه هو المباشر‪ ،‬والقصاص‬ ‫المكرِ ه لكونه حامال‪ ،‬واليقت‬
‫كل منهما‬
‫عليهما عند أبي يوسف لتم ّكن الشبهة فيه‪ ،‬والحدود تدرأ بالشبهات‪ .‬وعند المذاهب الثالثة ُيقت ّ ٌ‬
‫لكون الفاعل مباشرا والحامل سببا‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أُكره على تطليق امرأته فطلقها وقع الطالي عند الحنفية ألن اإلكراه الينافي األهلية خالفا‬
‫للمذاهب الثالثة‪.‬‬
‫‪ ،‬وإن فعل وجب عليه الحد عند أبي حنيفة واليجب‬ ‫‪ -‬وإن أكره الرجل على الزنى اليُر َّخ‬
‫لها واليلزم عليها الحد‪.‬‬ ‫عندهما‪ .‬وإن أكرهت المرأة عليه ُيرخ‬

‫‪152‬‬
‫ومن أكره على الردة لم ت ِب ْن امرأته منه ألن الردة تتعلق باالعتقاد فإذا كان قلبه مطم نا باإليمان لم‬
‫يكفر فالتثبت البينونة بالشك‪.‬‬

‫ِ‬
‫السير‪/‬الجهاد‬
‫كتاب ّ‬
‫معناه‪ :‬الدعاء إلى الدين الحق وقتال من لم يقبله‪.‬‬

‫حكمه‪ :‬الجهاد فرض على الكفاية إلعزاز دين اهلل ودفع الفساد عن العباد‪ .‬وإذا قام به فريق من‬
‫المسلمين سق عن الباقين لحصول المقصود‪ .‬وهذا إذا كان بذلك الفريق كفاية‪ ،‬وإال فرض على األقرب‬
‫العدو إلى أن تحصل الكفاية‪ .‬وإن لم ي ُقم به أحد ِأثم جميع المسلمين بتركه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فاألقرب من‬

‫ومن أحكامه‪ .‬وله أحكام كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ -‬قتال الكفار واجب وإن لم يبد ونا للنصوص العامة‪.‬‬


‫‪ -‬وإذا دخل المسلمون دار الحرب فحاصروا مدينة أو ِحصنا دع ْوهم إلى اإلسالم أوال‪ ،‬فإن أجابوا‬
‫كفوا عن قتالهم لحصول المقصود‪ ،‬وإن امتنعوا عنه دع ْوهم إلى أداء الجزية فإن قبلوها كانوا ذمة للمسلمين‪،‬‬
‫فلهم ما للمسلمين وعليهم ماعليهم(ويسمون أهل الذمة‪ ،‬أو ذميون)‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬وينبغى للمسلمين‪ :‬أن الي ْغ ِدروا(أى‪ :‬يخونوا بنقض العهد) واليغلوا(يسرقوا من الغنيمة)‬
‫واليم ِ ّثلوا(القتل بالتعذيب)‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ -‬واليقتل المسلمون امرأة وال شيخا فانيا وال صبيا وال أعمى وال ُم ْقعدا إال أن يكون أحد هؤالء‬
‫رأي في الحرب‪ ،‬أو تكون المرأة م ِلكة فتقتل‪.‬‬
‫ممن كان له ٌ‬
‫‪ -‬وإذا رأى اإلمام مصلحة للمسلمين في الصلح مع الكفار على ترك القتال فالبأس به‪ ،‬ألن الموادعة‬
‫(المتاركة) جهاد معنى‪ .‬وإن صالحهم مدة معلومة ثم رأى أ ّن ن ْقض الصلح أنفع للمسلمين‪ ،‬نبذ إليهم‬
‫ترك‬
‫تبدلت كان النبذ جهادا‪ ،‬وإيفاء العهد ٌ‬
‫لما ّ‬
‫عهدهم (أى أخبرهم أنه نقض العهد) وقاتلهم‪ ،‬ألن المصلحة ّ‬
‫النب ِذ(أي‪ :‬اإلخبار)تحرزا عن الغدر‪.‬‬ ‫والب ّد من‬
‫للجهاد صورة ومعنى‪ُ .‬‬
‫َّ ْ‬
‫‪ -‬ومن أسلم منهم قبل أن يؤخذ‪ ،‬أحرز بإسالمه نفسه وأوالده الصغار وأمواله‪.‬‬
‫اليبادل األسارى الكفار الذين بأيد المسلمين باألسارى المسلمين الذين‬ ‫ُ‬
‫فادون باألسارى(أي‪ُ :‬‬
‫والي ُ‬
‫‪ُ -‬‬
‫ودفع ش ِر ِحرابه خير من استنقاذ األسير المسلم‪ .‬وجاز‬ ‫بأيد الكفار) عند أبي حنيفة‪ ،‬ألنه يعود حربا علينا‬
‫ُ ّ‬
‫عندهما ألن فيه تخلي المسلم‪ ،‬وهو أولى من قتل الكافر‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ -‬واليجوز المن عليهم(أى‪ :‬العفو) لما فيه من إبطال حق الغانمين‪.‬‬
‫‪ -‬واإلمام في األسرى بالخيار بين ثالثة أمور‪ :‬إن شاء قتلهم لدفع فسادهم وإن شاء استر ّقهم لمنفعة‬
‫المسلمين وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين كما فعل عمر رضى اهلل عنه بأهل العراي‪ .‬واليجوز أن‬
‫يردهم إلى دار الحرب لما فيه من تقويتهم على المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬والي ْق ِسم اإلمام الغنيمة في دار الحرب حتى ُيخرجها إلى دار اإلسالم ألن الملك اليثبت للغانمين‬
‫إال باإلحراز في دار اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة األمان‪ :‬وإذا أ َّمن مسلم كافرا لم يجز ألحد من المسلمين قتله(التأمين‪ :‬إزالة الخوف عن‬
‫الكافر)‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا غلب الكفار على الكفار فسب ْوهم وأخذوا أموالهم ملكوها فإن غلبنا على الغالبين حل لنا ما‬
‫نجد من مال المغلوبين إعتبارا بسائر أموالهم‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا غلب الكفار على المسلمين وأخذوا أموالهم وأحرزوها بدارهم ملكوها‪ ،‬فإذا هر المسلمون‬
‫عليهم بعد كان المال غنيمة لهم‪.‬‬
‫‪ -‬والبأس بالتنفيل وهو التحريض على القتال بإعطاء شيء زائد على سهم الغنيمة كقول القائد‪ :‬من‬
‫قتل قتيال فله سلبه(أي‪ :‬ما على الكافر المقتول من ثيابه وسالحه ومركبه)‪.‬‬
‫ُ‬
‫الخ ُم ُس منها لإلمام والباقى للغانمين لقوله تعالى‪" :‬واعلموا أنما غنمتم من ش‬
‫‪ -‬قسم الغنيمة‪ :‬و ُ‬
‫فأن هلل خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل" (األنفال‪.)41 :‬‬
‫‪ -‬وإذادخل المسلم دار الحرب بأمان فاليحل له أن يتعرض لشيء من أموالهم وال دمائهم‬
‫ّ‬
‫غدر بهم والغدر حرام‪.‬‬
‫والفروجهم ألن ذلك ْ‬
‫ِ‬
‫مستأمنا) فاليحل للمسلمين أن يتعرض لشيء من ماله ودمه‬ ‫‪ -‬وإذا دخل الحربي إلينا بأمان(يسمى‪:‬‬
‫واليم َّكن له أن يقيم في دارنا أكثر من سنة فإن أقام ُو ِضعت الجزية عليه فصار ذميا‪.‬‬
‫وعرضه كماسبق‪ُ .‬‬
‫ّ‬

‫باب العشر والخرا والجزية‬

‫وكانت األراضي في الدولة اإلسالمية قسمان‪ :‬عشرية وخراجية‪.‬‬

‫العشرية‪ :‬كل أرض أسلم أهلها عليها قبل أن ُي ْقدر عليها أو ُفتحت ع ْنوة و ُقسمت بين الغانمين فهي‬
‫أرض عشر فيؤخذ ُع ْشر ما يخر منها‪ .‬ألنها و يفة أرض المسلمين لما فيه من معنى العبادة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪154‬‬
‫وأقر أهلها عليها ولم تقسم بين الغانمين‪ ،‬فهي أرض خرا ‪،‬‬ ‫والخراجية‪ :‬وكل أرض ُفتحت عنوة ِ‬
‫َّ‬
‫ويعين مقدارها من ِقبل الدولة االسالمية الغالبة كر ُب ِع ما يخر من األرض أو ُخ ُمسها‪ .‬ألنه و يفة (ضريبة)‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫أرض الكفار لما فيه من معنى العقوبة‪ .‬وما جباه اإلمام من الخرا فتصرفه إلى اإلمام‪.‬‬

‫ف من القتل‪ .‬وهي على ضربين‪ :‬الضرب‬


‫وأما الجزية‪ :‬فهي اسم لما ُيؤخذ من أهل الذمة‪ ،‬ألنها تُ ْجزِ ُ‬
‫األول‪ :‬جزية تُوضع على الكفار بالتراضي والصلح قبل قتالهم‪ .‬ويختلف مقدارها على حسب االتفاي بين‬
‫الطرفين‪ .‬وهؤالء يسمى بأهل الذمة‪ .‬والضرب الثانى‪ :‬جزية ُتوضع على الكفار بعد أن غلب اإلمام عليهم‬
‫وأقرهم على أمالكهم‪ .‬ومقدارها يختلف باختالفهم في ِغنى وفقر‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويعطى قضاة‬
‫وتصرف الجزية في مصالح المسلمين‪ُ ،‬فتسد منها الثغور وتبنى منها القناطر والجسور ُ‬
‫ُ‬
‫وتدفع منها أيضا أرزاي المقاتلة وذراريهم(رواتب‬‫وع ّمالهم وعلما هم ما يكفيهم وذراريهم‪ُ .‬‬ ‫المسلمين ُ‬
‫الجنود)‪ .‬وهذا ألن نفقة الذراري على األباء فلو لم ُي ْعط ْوا كفايتهم الحتاجوا إلى االكتساب فاليتفرغون‬
‫ّ‬
‫لتلك األعمال‪.‬‬

‫ومن أحكام الجزيةو الذمة‪:‬‬

‫‪ -‬والجزية على امرأة والصبي والز ِم خن والأعمى والشيخ كبير والفقير اليكتسب وال على الرهبان‬
‫اليخالطون الناس‪ .‬ألن الجزية ُوضعت بدال عن القتل وهم ممن اليجوز قتلهم في الحرب‬
‫الذين ُ‬
‫واليستطيعون على القتال‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أسلم من الذميين سقطت الجزية ألنها تجب على وجه العقوبة فتسق باالسالم‪ .‬ومن امتنع‬
‫أداء الجزية أُخذت جبرا ولم ُينقض عهده‪ .‬والينتقض عهد أهل الذمة إال إذا لحق بدار الحرب أو غلبوا‬
‫على موضع فيحاربنا‪.‬‬
‫ُ‬
‫بِيعة والكنيسة والصومعة والبيت نار في دار االسالم‪ .‬وإذا انهدمت الكنائس‬ ‫‪ -‬واليجوز إحدا‬
‫ْ‬
‫والبِي ُع القديمة أعادوها من غير زيادة على ما كانت‪.‬‬

‫كتاب أحكام المرتدين‬

‫والمرتد هو الراجع عن اإلسالم‪ .‬و من ارتد ُعرض عليه اإلسالم استحبابا‪ ،‬فإن كانت له شبهة‪،‬‬
‫ويعرض عليه اإلسالم في كل يوم‪ ،‬فإن أسلم فبِها وإال ُقتل لحديف رواه‬ ‫ِ‬
‫ويحبس ثالثة أيام‪ُ ،‬‬
‫ُكشفت له‪ُ ،‬‬

‫‪155‬‬
‫والتقتل المرتدة لنهيه عليه السالم عن قتل النساء مطلقا‪ ،‬ولكن تحبس‬
‫ُ‬ ‫بدل دينه فاقتلوه"‪.‬‬
‫البخارى‪" :‬من ّ‬
‫حتى تُسلم‪ .‬ومن قتل المرتد قبل أن ُيعرض اإلسالم عليه ُكره له ذلك وال شيء على القاتل لق ْتله مباح الدم‪.‬‬

‫واليزول ملك المرتد عن أمواله عند أبي يوسف ومحمد‪ .‬ويزول عند أبي حنيفة زواال موقوفا‪ ،‬فإن‬
‫أسلم فهو له‪ .‬وإن مات أو ُقتل على ردته‪ ،‬انتقل ما كان قد اكتسبه في حال إسالمه إلى ورثته المسلمين‪.‬‬
‫وأما ما اكتسبه حال ردته فهو في ٌ للمسلمين فيوضع في بيت المال‪ .‬ويبطل نكاحه باالتفاي‪.‬‬
‫ْ‬
‫وتصرفاته من بيع وشراء ورهن موقوف‪ .‬وتصرفات المرتدة جائزة ونافذة‪.‬‬

‫كتاب البغاة‬

‫وهي جمع با خا وهو الخار عن طاعة اإلمام الحق بغير حق‪.‬‬

‫وإذا تغ ّلب قوم من المسلمين على بلد من بالد اإلسالم وخرجوا عن طاعة اإلمام أو نائبه دعاهم‬
‫إلى العود إلى الجماعة وكشف عن شبهتهم‪ .‬واليبد هم بقتال حتى يبد وه‪ ،‬فإن بد وه قاتلهم حتى ُيفري‬
‫ّ‬
‫واليغنم أموالهم‪ .‬ويح ِبس اإلمام أموالهم‪ ،‬فإن تابوا وعادوا إلى‬
‫ُ‬ ‫جمعهم‪ .‬والتُسبى ذراريهم والنسا هم‬
‫الطاعة ردها عليهم‪.‬‬

‫كتاب الحظر واإلباحة‬

‫والحظر لغة‪ :‬المنع والحبس وشرعا‪ :‬ما ُم ِنع من استعماله شرعا‪ .‬واإلباحة‪ :‬ضد الحظر‪ .‬والمباح‪:‬‬
‫ما أجيز فعله وتركه بالاستحقاي ثواب والعقاب‪ .‬وتدخل فيها مسائل شتى‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أحكام النظر‪:‬‬

‫واليجوز للرجل أن ينظر من األجنبية إال إلى وجهها وكفيها‪ .‬وكذا قدميها في رواية عن أبي حنيفة‪.‬‬
‫وهذا إذا أمن الشهوة فإن لم يأمن لم ينظر إال لحاجة ضرورية لقوله عليه السالم‪" :‬من نظر إلى محاسن‬
‫امرأة أجنبية عن شهوة ُص َّب في عينيه ا‪ُ ،‬ن ُك يوم القيامة"‪ .‬ويجوز للقاضي إذا أراد أن يحكم وللشاهد إذا‬
‫أراد أن يشهد‪ :‬النظر إلى وجهها ولو خاف الشهوة إلحياء الحقوي‪ .‬ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع‬
‫بقدر الضرورة فصار كنظر الخ َّتان‪.‬‬
‫المرض منها ال أكثر‪ ،‬ألن ماثبت بالضرورة يتق َّدر ْ‬
‫وينظر الرجل والمرأة من الرجل إلى جميع بدنه إال ما بين سرته إلى ركبتيه‪ .‬وتنظر المرأة من المرأة‬
‫وهن من اليحل له‬
‫ّ‬ ‫إلى جميع بدنها إال ما بين سرتها إلى ركبتيها‪ .‬وينظر الرجل من ذوات محارمه –‬

‫‪156‬‬
‫نكاحهن أبدا بنسب أو سبب – إلى وجهها ورأسها وصدرها وساقيها وعضديها‪ .‬والينظر إلى هرها وبطنها‪.‬‬
‫ومملوكة غيره كمحارمه‪.‬‬

‫واليجوز للمملوك أن ينظر من سيدته إال وجهها وكفيها ألنه ذكر غير محرم والزو والشهوة‬
‫ٌ‬
‫متحققة‪.‬‬

‫ومحل الجواز في النظر في المسائل السابقة مشروس بما إذا أمن فتنة الشهوة وإال فاليجوز‪.‬‬

‫والبأس للرجل أن يصافح العجوز ومس يدها النعدام الفتنة‪.‬‬

‫ف في النظر إلى األجنبية كالفحل‪.‬‬


‫والمخ َّن ُ‬ ‫ِ‬
‫والخص ّي والمجبوب ُ‬
‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫واليحل للرجل لبس الحرير ويحل للنساء لقوله عليه السالم‪" :‬إن هذين – مشيرا إلى الذهب‬
‫بتوسده عند أبي حنيفة لما فيه من استخفاف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والحرير – حرام على ذكور أمتي حل إلناثهم"‪ .‬والبأس ّ‬
‫ويكره عندهما‪.‬‬

‫والمنطق ُة ِ‬
‫وحلي ُة السيف من‬ ‫واليجوز للرجل التح ّلي بالذهب والفضة مطلقا‪ .‬ويجوز له الخاتم ِ‬
‫ُ‬
‫الفضة لما جاء من ا‪،‬ثار في إباحة ذلك‪ .‬ويجوز للنساء التح ّلي بالذهب والفضة مطلقا‪ .‬ويكره للولي أن‬
‫ُيلبس الصبي الذهب والفضة والحرير لتعويده على طريق الشريعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪.‬‬ ‫واليجوز األكل والشرب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء لعموم الن‬

‫(المز ّين بالفضة) عند أبي حنيفة‪ .‬ويكره عند أبي يوسف‪ .‬وعلى‬ ‫ِ‬
‫المف َّضض ُ‬
‫ويجوز الشرب في اإلناء ُ‬
‫والمغ َّل ُف)بالذهب والفضة‪.‬‬
‫(المل ّب ُس ُ‬
‫ب ُ‬ ‫المض َّب ُ‬
‫هذا االختالف‪ :‬اإلناء ُ‬
‫بخصاء البهائم لما فيه من النفع ألنها ت ْسمن بذلك ويطيب لحمها‪.‬‬‫والبأس ِ‬

‫ويقبل قول الفاسق والكافر في المعامالت‪ .‬واليقبل في أخبار الديانات كثبوت الهالل إال قول‬
‫ُ‬
‫العدل‪.‬‬

‫ويكره االحتكار في أقوات ا‪،‬دميين والبهائم إذا كان ذلك في بلد يضر االحتكار بأهله لحديف‪:‬‬
‫ضيعته فليس بمكروه‪.‬‬‫ِ‬ ‫"الجالب مرزوي والمحتكر ملعون"‪ .‬وإن لم يضر لم يكره‪ .‬ومن احتكر غ َّلة‬
‫ّ‬
‫والينبغي للسلطان أن ُيس ِ ّعر على الناس‪ ،‬ألن الثمن حق العاقد فكان التقدير إليه‪ ،‬إال إذا تعلق به‬
‫ضرر العامة فحين ذ البأس به بمشورة أهل الرأي والبصيرة‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ب إلى المعصية‪.‬‬
‫ويكره بيع السالح في أيام الفتنة ممن ُي ْعر ُف أنه من أهل الفتنة ألنه تسب ٌ‬
‫التقام بعينه بل بعد تغيره‪،‬‬
‫والبأس ببيع العصير(والعنب) ممن ُي ْعل ُم أنه ّيتخذه خمرا ألن المعصية ُ‬
‫ّ‬
‫بخالف بيع السالح في أيام الفتنة‪ ،‬ألن المعصية تقوم بعينه‪.‬‬

‫كتاب الوصايا‬

‫مضاف إلى ما بعد الموت بأن يقول‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫تمليك‬
‫ٌ‬ ‫وهي جمع وصية‪ ،‬يعم الوصية واإليصاء‪ .‬والوصية‪:‬‬
‫خ‬
‫فالن‪ ،‬أي‪ :‬جعله وصيا (مراعيا ومحافظا على‬ ‫أوصيت بمالي لفالن‪ .‬وأما اإليصاء‪ :‬فكقولهم‪ :‬أ ُ ْوصى إلى‬
‫ماله أو أوالده كما يأتى بيانه)‪.‬أ‬

‫أ – الوصية‪:‬‬

‫مضاف إلى ما بعد الموت‪ .‬وهى مستحبة غير واجبة‪ ،‬ألنها تبرع والتبرعات ليست‬
‫ٌ‬ ‫وهي تمليك‬
‫بواجبة‪.‬‬

‫ومن أحكامها‪:‬‬

‫للحديف‪" :‬إن اهلل قد أعطى(بآيات الميرا ) كل ذي خ‬


‫حق حقه‪ ،‬فالوصية‬ ‫والتجوز الوصية لوار‬
‫لوار "‪ ،‬إال أن ُيجيزها الورثة بعد موته ألن االمتناع كان لحقهم فتجوز بإجازتهم‪ .‬وإن أجاز بعضهم دون‬
‫بعض جاز على المجيز بقدر حصته‪.‬‬

‫ويستحب لإلنسان أن ي ِ‬
‫وصي بدون الثلف من ماله‪ ،‬سواء أكان الورثة أغنياء أم فقراء ولكن تركها‬ ‫ُ‬
‫أفضل إن كانوا فقراء‪ .‬والتجوز الوصية بما زاد على ثلف المال‪ ،‬وإن أوصى وأجازها الورثة جاز‪ ،‬واللقاتل‪،‬‬
‫عمدا كان القتل أو خطأ بعد أن كان مباشرا ‪ .‬ويجوز أن ُيوصي المسلم للكافر‪ ،‬والكافر للمسلم‪.‬‬

‫رتد فله‬
‫ردها قبل الموت لم ت ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الموصى له‪ ،‬إنما يعتبر بعد موت الموصي فإذا ّ‬
‫وقبول الوصية من قب ِل ُ‬
‫أن يأخذها بعد الموت‪.‬‬

‫الدين مق َّد ٌم عليها‪ ،‬وألن الدين فرض‬


‫ومن أوصى بمال وعليه دين يحي بماله لم تجز الوصية ألن َّ‬
‫الدين فجازت حين ذ‪.‬‬
‫والوصية تبرع‪ ،‬إال أن ُي ْبرِ ئ ُه الغرماء من َّ‬
‫ومن أوصى بجزء من ماله‪ ،‬قيل للورثة‪ :‬أعطوا ما ش تم ألنه مجهول يتناول القليل والكثير‪ ،‬غير أن‬
‫ِ‬
‫الموصي فإليهم البيان‪.‬‬ ‫الجهالة التمنع صحة الوصية‪ ،‬والورثة قائمون مقام‬

‫‪158‬‬
‫ومن أوصى بوصايا من حقوي اهلل تعالى وضاي(لم ي ْك ِف)عنها ثلف ماله‪ُ ،‬ق ّدم الفرائض منها على‬
‫غير الفرائض‪ ،‬مثل تقديم الحج والزكاة والكفارة على وصيته للفقراء أو للمساجد‪.‬‬

‫ومن أوصى بحجة اإلسالم أحجوا(الورثة) عنه رجال من بلده ألن الواجب الحج من بلده‪ ،‬وإن لم‬
‫ت ِف النفقة فأحجوا عنه من حيف تفي‪ .‬ومن خر من بلده حاجا فمات في الطريق وأوصى أن ُيح َّج عنه‪،‬‬
‫ُح َّج عنه من بلده عند أبي حنيفة ألن الوصية تنصرف إلى الحج من بلده‪ .‬وقاال‪ُ :‬يحج عنه من حيف بل‬
‫فرض ق ْط ِع المسافة بقدره‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ألن السفر بنية الحج وقع قربة وسق‬

‫بسكنى داره سنين معلومة أو أبدا‪ ،‬ألن المنافع يجوز تمليكها بعوض‬
‫وتجوز الوصية للحمل‪ .‬وتجوز ُ‬
‫وبغير عوض كاإلجارة والعارية فكذلك بالوصية‪.‬‬

‫ِ‬
‫الموصي بطلت الوصية ولم يقم ورثته مقامه‪ ،‬ألن الوصية إيجاب بعد‬ ‫وإن مات الموصى له قبل‬
‫ْ‬
‫الموت وقد مات الموصى له قبل ثبوت الحق له فبطل‪.‬‬

‫ويجوز للموص ِي الرجوع عن الوصية ألنها تبرع لم يتم فجاز الرجوع فيه كالهبة‪.‬‬

‫ب – اإليصاء‪:‬‬

‫وهو أن يجعل الرجل رجال وصيا (نائبا) على تنفيذ وصيته أو قضاء دينه أو على أوالده الصغار بعد‬
‫ّ‬
‫الموصي تمت الوصاية‪ ،‬فليس للوصي أن يردها‬ ‫ِ‬ ‫موته‪ .‬وإن أوصى الرجل إلى رجل فقبِل الوصي في وجه‬
‫ّ‬
‫في غير وجهه في حياته و بعد موته‪ ،‬ألن الميت مضى إلى سبيله معتمدا عليه‪ .‬وإن ردها في وجهه جاز‪.‬‬

‫ومن أوصى إلى كافر أو فاسق أخرجهم القاضي من الوصية ونصب غيرهم إتماما للنظر‪ ،‬ألن الكافر‬
‫معاداته الدينية باعثة على ترك النظر‪ ،‬والفاسق ُم َّتهم بالخيانة‪.‬‬

‫ِ‬
‫الموصي والورثة‪.‬‬ ‫ومن أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية‪ ،‬ضم القاضي غيره إليه رعاية لحق‬
‫َّ‬
‫ومن أوصى إلى اثنين لم يجز ألحدهما أن يتصرف دون صاحبه عند أبي حنيفة ومحمد‪ ،‬ألن الوالية‬
‫تثبت بالتفويض فيراعى وصفه وهو وصف االجتماع‪ ،‬إذ هو شرس مفيد‪ ،‬إال في أشياء ضرورية ليست من‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وطعام الصغار وكسوتهم وقضاء دين عليه والخصومة في حقوي‬ ‫باب الوالية كشراء كفن الميت وتجهيزه‪،‬‬
‫الميت ألن االجتماع فيها متعذر‪ ،‬ولهذا ينفرد فيها أحد الوكيلين‪ .‬وقال أبو يوسف‪ :‬يجوز لكل واحد منهما‬
‫ماصنع‪.‬‬

‫بدله بعد ما سمعه‬


‫يبدلوها‪ ،‬لقوله تعالى‪" :‬فمن ّ‬
‫يغيروها أو ّ‬ ‫هام‪ :‬واليجوز للورثة أن يبطلوا الوصية أو‬
‫ّ‬
‫بدلونه" (البقرة‪.)181،‬‬
‫فإنما إثمه على الذين ُي ّ‬

‫‪159‬‬
‫كتاب الفرائض‬

‫وعلم الفرائض من العلوم الشريفة التي تجب العناية بها الفتقار الناس إليها‪ ،‬وجاء في الحديف‪:‬‬
‫"تع َّلموا الفرائض وع ِّلموها الناس فإني امر ٌ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان‬
‫ُ‬
‫والترمذي والنسائي والحاكم وقال‪ :‬صحيح‬
‫ّ‬ ‫في الفريضة فاليجدان من يقضي بينهما"‪ .‬رواه اإلمام أحمد‬
‫اإلسناد‪.‬‬

‫على هر القلب وهي‬ ‫ومن أوجب الواجبات على طالب علم الفرائض أن يحف آيات الميرا‬
‫رقم‪ 11 :‬و ‪ 12‬و ‪ 176‬من سورة النساء‪ ،‬ألنها أصل في معرفة أسهم أصحاب الفروض‪.‬‬

‫والجد(أب األب)وإن‬
‫ّ‬ ‫والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة‪ :‬االبن وابن االبن وإن سفل‪ ،‬واألب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ة(المعتق)‪.‬‬‫ومولى النعم‬ ‫عال‪ ،‬واألخ وابن األخ والعم وابن العم‪ ،‬والزو‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألم أو ألب واألخت‬
‫سبع‪ :‬البنت وبنت االبن واألم والجدة ّ‬ ‫والمجمع على توريثهم من االنا‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والزوجة وموالة النعمة(المعتقة)‪.‬‬

‫بين مسلم‬ ‫بحال أربعة‪ :‬المملوك والقاتل من المقتول والمرتد وأهل الملتين فالتوار‬ ‫ومن الير‬
‫وكافر‪.‬‬

‫والفروض المحدودة في كتاب اهلل ستة‪ :‬النصف والربع والثمن والثلثان والثلف والسدس‪.‬‬

‫فالنصف فرض خمسة‪ :‬للبنت وبنت االبن إذا لم تكن بنت الصلب‪ ،‬واألخت من األب واألم‪،‬‬
‫واألخت من األب إذا لم تكن أخت ألب وأم‪ ،‬وللزو إذا لم يكن للميت ولد وال ولد ابن‪.‬‬

‫والربع فرض اثنين‪ :‬للزو مع الولد أو ولد االبن‪ ،‬وللزوجات إذا لم يكن للميت ولد وال ولد ابن‪،‬‬
‫تستقل به الواحدة إذا انفردت ويشترك به األكثر‪.‬‬

‫والثمن فرض صنف واحد وهو الزوجات مع الولد أو ولد االبن‪.‬‬

‫والثلثان فرض أربعة أصناف‪ :‬البنات وبنات االبن واألخوات األشقاء واألخوات من األب‪.‬‬

‫والثلف فرض صنفين‪ :‬لألم إذا لم يك ن للميت ولد وال ولد ابن‪ ،‬وال اثنان فأكثر من األخوة‬
‫ويفرض لها ثلف ما يبقى بعد‬
‫ويفرض لألم في مسألتين وهما‪ :‬زو وأبوان وزوجة وأبوان‪ُ ،‬‬
‫واألخوات‪ُ .‬‬
‫فرض الزو في األولى وبعد فرض الزوجة في الثانية‪ ،‬والباقي لألب‪.‬‬

‫والثلف فرض لكل اثنين فصاعدا من ولد األم‪ ،‬ذكورِ هم وإناثهم فيه سواء‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫والسدس فرض سبعة أصناف‪ :‬لكل واحد من األبوين مع وجود الولد أو ولد االبن‪ ،‬ولألم مع‬
‫اإلخوة واألخوات من أي جهة كانوا‪ ،‬وللجدات الصحيحات‪ ،‬وللجد الصحيح مع الولد‪ ،‬ولبنات االبن مع‬
‫ألب مع األخت ألب وأم‪ ،‬وللواحد من ولد األم‪.‬‬
‫البنت‪ ،‬ولألخوات خ‬

‫باب السقوس(أو الحجب)‬

‫والحجب منع شخ معين عن ميراثه إما كله ويسمى حجب الحرمان(وهو اإلسقاس) أو بعضه‬
‫ّ‬
‫بوجود شخ آخر‪ ،‬ويسمى حجب النقصان(مجمع األنهر‪)756/2 :‬‬

‫وتسق الجدات باألم‪ ،‬والجد واإلخوة واألخوات باألب‪.‬‬

‫ويسق األخ من األم بأربعة‪ :‬بالولد وولد االبن واألب والجد الصحيح‪.‬‬

‫ابن‬
‫معهن أو بإذائهن أو أسفل منهن ُ‬
‫ّ‬ ‫وإذا استكملت البنات الثلثين سقطت بنات االبن إال أن يكون‬
‫ابن فيع ِّصب ُه ّن‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫لهن‬ ‫وإذا استكملت األخوات خ خ‬
‫معهن أخ ّ‬
‫ّ‬ ‫وأم الثلثين سقطت األخوات ألب‪ ،‬إال أن يكون‬ ‫ألب ّ‬
‫فيع ِّص ُب‪.‬‬
‫ُ‬
‫وتحجب األم من الثلف إلى السدس بالولد أو بولد االبن أو باألخوين مطلقا‪.‬‬
‫ُ‬

‫وأما أو جدة وأختين من أم وأخا ألب وأم‪ ،‬فللزو ‪:‬‬


‫المش َّركة‪ :‬صورتها‪ :‬أن تترك المرأة زوجا ّ‬
‫مسألة ُ‬
‫ولو ْل ِد األم‪ :‬الثلف‪ ،‬والشيء لألخ من األب واألم الستغراي التركة بالفروض‪.‬‬
‫النصف‪ ،‬ولألم‪ :‬السدس‪ُ ،‬‬

‫باب أقرب العصبات‬

‫جزء الميت‪ .‬والفرض له ويأخذ‬


‫وهي جمع عصبة‪ ،‬والعصبة ذك ٌر لم تدخل في نسبته إلى الميت أنثى ُ‬
‫ما بقي بعد الفروض‪ .‬والعصبات قسمان‪ :‬النسبية والسببية‪ .‬والنسبية ثالثة‪ :‬األولى‪ :‬عصبة بنفسه‪ .‬وهم‬
‫اإلخوة‬
‫ُ‬ ‫باالختصار أربعة‪ :‬ابن الميت ثم أبوه ثم أخوه ثم عمه‪ .‬والثانية‪ :‬عصبة بغيره‪ :‬فاالبن وابن االبن و‬
‫ُيقاسمون أخواتهم للذكر مثل ح األنثيين‪ ،‬ألن أخواتهم يصرن عصبة بهم‪ .‬والثالثة‪ :‬عصبة مع الغير‪ :‬وهن‬
‫ْ‬
‫األخوات مع البنات للحديف‪" :‬اجعلوا األخوات مع البنات عصبة"‪ .‬وما عداهم من العصبات النسبية –‬
‫ذكورهم دون إناثهم‪.‬‬ ‫وهم العم وابنه وابن األخ ‪ -‬ينفرد بالميرا‬

‫ِ‬
‫عصبة المولى‬ ‫ِ‬
‫المعتق ثم بعده أقرب‬ ‫وإذا لم تكن للميت عصبة من النسب فالعصبة له‪ :‬المولى‬
‫بنفسه على الترتيب السابق‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫باب الرد‬

‫والفاضل عن فرض ذوي السهام – إذا لم يكن عصب ٌة – مردود عليهم بقدر سهامهم‪ .‬واليرد على‬
‫ِ‬
‫والرحم بين الزوجين‪.‬‬ ‫ستحق بالرحم‬
‫ّ‬ ‫الزوجين ألن الرد إنما ُي‬

‫مسائل متفرقة‪:‬‬

‫القاتل من المقتول‪.‬‬ ‫‪ -‬والير‬


‫به أهله‪.‬‬ ‫‪ -‬والكفر ملة واحدة يتوار‬
‫المسلم من الكافر وال الكافر من المسلم الختالف الملة‪.‬‬ ‫‪ -‬والير‬
‫‪ -‬ومال المرتد قسمان‪ :‬والذى اكتسبه حال إسالمه‪ ،‬لورثته من المسلمين‪ ،‬وما اكتسبه حال ردته‬
‫فيء‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪ -‬مسألة الغرقى أو الحرقى أو الهدمى أو اله ْلكى‪ :‬وإذا غرِ ي جماعة أو احترقوا أو سق عليهم‬
‫ْ‬
‫فمال كل واحد منهم يكون لألحياء من ورثته‪ ،‬والير بعضهم من‬ ‫ُ‬ ‫أوال‪،‬‬ ‫منهم‬ ‫مات‬ ‫حائ فلم ُيعلم من‬

‫ِّ‬
‫المور ‪.‬‬ ‫عند موت‬ ‫تحقق حياة الوار‬ ‫بعض‪ ،‬ألن من شروس اإلر‬
‫‪ -‬ومن مات وترك ورثة وح ْمال‪ُ ،‬و ِقف ما ُله حتى تضع امرأته في قول أبي حنيفة‪.‬‬
‫‪ -‬مسألة الجد مع اإلخوة‪ :‬والجد الصحيح أولى بالميرا من األخوة واألخوات فيحجبهم عند أبي‬
‫حنيفة‪ ،‬ألنه بمنزل األب عند فقده‪ .‬وقاال‪ُ :‬يقاسمهم إال أن تنقصه المقاسمة من الثلف‪ ،‬فيكون له الثلف‬
‫والباقي بين اإلخوة واألخوات‪.‬‬

‫باب ذوي األرحام‬

‫وإذا لم يكن للميت عصبة وال ذو فرض‪ ،‬ورثه ذ ُوو أرحامه لقوله تعالى‪" :‬وأولوا األرحام بعضهم‬
‫أولى ببعض"(األنفال‪ .)75 :‬وهم عشرة أصناف‪ :‬ولد البنت‪ ،‬وولد األخت‪ ،‬وبنت األخ‪ ،‬وبنت العم‪ ،‬والخال‪،‬‬
‫والخالة‪ ،‬وأب األم‪ ،‬والعم من األم‪ ،‬والعمة‪ ،‬وولد األخ من األم‪ ،‬ومن أ ْدلى بهم‪ .‬فمن انفرد منهم أحرز‬
‫جميع المال‪ .‬وعند االجتماع ُير َّج ُحون بقرب الدرجة ثم بقوة القرابة ثم بكون األصل وارثا عند اتحاد الجهة‬
‫وغيرها من طري الترجيح‪.‬‬

‫لذوي األرحام وتوضع التركة في بيت المال‪ ،‬وبه‬ ‫وهذا عند الحنفية‪ .‬وقال زيد بن ثابت‪ :‬الميرا‬
‫قال مالك والشافعي(مجمع األنهر‪)76/2 :‬‬

‫‪162‬‬
‫المناسخة‪ :‬وهي مفاعلة من النسخ بمعنى النقل والتحويل‪ .‬والمراد بها ههنا أن ُي ْنقل نصيب بعض‬
‫منه (مجمع األنهر‪.)770/2 :‬‬ ‫الورثة بموته قبل القسمة إلى من ير‬

‫والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫مقدمة‪3/‬‬

‫كتاب الطهارة‪7/‬‬

‫الوضوء‪7/‬‬

‫الغسل‪8/‬‬

‫ما تجوز به الطهارة‪9/‬‬

‫األسآر‪10/‬‬

‫باب التيمم‪11/‬‬

‫باب المسح على الخفين‪12/‬‬

‫باب الحيض‪13 /‬‬

‫دم ا‪،‬ستحاضة‪14/‬‬

‫النفاس‪15/‬‬

‫باب تهير األنجاس‪15/‬‬

‫كتاب الصالة‪17/‬‬

‫باب األذان‪18/‬‬

‫باب فرائض الصالة‪19/‬‬

‫باب الوتر‪21/‬‬

‫الجماعة واإلمامة‪22/‬‬

‫ما يكره في الصالة‪24/‬‬

‫في الصالة‪24/‬‬ ‫الحد‬

‫باب قضاء الفوائت‪25/‬‬

‫باب النوافل‪26/‬‬

‫‪164‬‬
‫باب سجود السهو‪27/‬‬

‫باب صالة المريض‪28/‬‬

‫باب سجود التالوة‪29/‬‬

‫باب صالة المسافر‪29/‬‬

‫باب صالة الجمعة‪31/‬‬

‫باب صالة العيدين‪32/‬‬

‫باب صالة الكسوف‪33/‬‬

‫باب االستسقاء‪33/‬‬

‫باب صالة الخوف‪34/‬‬

‫باب صالة الجنازة‪34/‬‬

‫كتاب الزكاة‪37/‬‬

‫باب صدي الفطر‪42/‬‬

‫كتاب الصوم‪43/‬‬

‫باب االعتكاف‪46/‬‬

‫كتاب الحج‪46/‬‬

‫باب القران‪50/‬‬

‫باب التمتع‪51/‬‬

‫باب جنايات المحرم‪51/‬‬

‫باب اإلحصار‪54/‬‬

‫باب الهدي‪55/‬‬

‫كتاب البيوع‪56/‬‬

‫باب خيار الشرس‪59/‬‬

‫‪165‬‬
‫باب خيار الر ية‪61/‬‬

‫باب خيار العيب‪61/‬‬

‫باب البيع الفاسد‪62/‬‬

‫باب اإلقالة‪65/‬‬

‫باب المرابحة والتولية‪65/‬‬

‫باب الربا‪66/‬‬

‫باب الصرف‪68/‬‬

‫باب السلم‪69/‬‬

‫كتاب الرهن‪70/‬‬

‫كتاب الحجر‪71/‬‬

‫كتاب اإلقرار‪73/‬‬

‫كتاب اإلجارة‪75/‬‬

‫كتاب الشفعة‪78/‬‬

‫كتاب الشركة‪80/‬‬

‫كتاب المضاربة‪82/‬‬

‫كتاب الوكالة‪82/‬‬

‫كتاب الكفالة‪85/‬‬

‫كتاب الحوالة‪86/‬‬

‫كتاب الصلح‪86/‬‬

‫كتاب الهبة‪88/‬‬

‫كتاب الوقف‪90/‬‬

‫كتاب الغصب‪91/‬‬

‫‪166‬‬
‫كتاب الوديعة‪92/‬‬

‫كتاب العارية‪93/‬‬

‫كتاب اللقي ‪94/‬‬

‫كتاب اللقطة‪94/‬‬

‫كتاب الخنثى‪95/‬‬

‫كتاب المفقود‪96/‬‬

‫كتاب إحياء األرض الموات‪96/‬‬

‫كتاب اإلباي‪97/‬‬

‫كتاب المأذون‪97/‬‬

‫كتاب المزارعة‪97/‬‬

‫كتاب المساقاة‪98/‬‬

‫كتاب النكاح‪99/‬‬

‫الوالة وإذن الولي‪100/‬‬

‫المهر‪101/‬‬

‫تعدد الزوجات‪104/‬‬

‫كتاب الرضاع‪105/‬‬

‫كتاب الطالي‪106/‬‬

‫كتاب الرجعة‪109/‬‬

‫كتاب اإليالء‪110/‬‬

‫كتاب الخل ‪111/‬‬

‫كتاب الظهار‪113/‬‬

‫كتاب اللعان‪114/‬‬

‫‪167‬‬
‫كتاب العدة‪116/‬‬

‫كتاب النفقات‪120/‬‬

‫نفقة األوالد‪121/‬‬

‫نفقة األبوين‪122/‬‬

‫نفقة ذوي األرحام‪122/‬‬

‫كتاب الحضانة‪123/‬‬

‫كتاب العتاي‪124/‬‬

‫باب لتدبير‪125/‬‬

‫باب االستيالد‪125/‬‬

‫باب الكتابة‪125/‬‬

‫باب الوالء‪125/‬‬

‫كتاب الجنايات‪126/‬‬

‫باب القصاص‪127/‬‬

‫كتاب الديات‪129/‬‬

‫كتاب القسامة‪132/‬‬

‫كتاب المعاقل‪132/‬‬

‫كتاب حد الزنى‪133/‬‬

‫كتاب حد الشرب‪135/‬‬

‫كتاب حد القذف‪135/‬‬

‫كتاب حد السرقة‪136/‬‬

‫كتاب قطاع الطريق‪138/‬‬

‫كتاب األشربة‪139/‬‬

‫‪168‬‬
‫كتاب الصيد‪140/‬‬

‫كتاب لذبائح‪140/‬‬

‫كتاب األضحية‪142/‬‬

‫كتاب األيمان والنذور‪143/‬‬

‫كتاب الدعوى والبينات‪145/‬‬

‫كتاب الشهادات‪147/‬‬

‫كتاب القسمة‪150/‬‬

‫كتاب اإلكراه‪151/‬‬

‫كتاب السير‪153/‬‬

‫باب العشر والخرا والجزية‪154/‬‬

‫كتااب أحكام المرتدين‪155/‬‬

‫كتاب البغاة‪156/‬‬

‫كتاب الحظر واإلباحة‪156/‬‬

‫كتاب الوصايا‪158/‬‬

‫كتاب الفرائض‪160/‬‬

‫‪169‬‬

You might also like