Professional Documents
Culture Documents
مبدا تفريد العقاب
مبدا تفريد العقاب
مبدا تفريد العقاب
fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
www.elkanounia.com
الدورة الجامعية
2018/2017
مقدمة
داخااال ااا داخااال اشعةا ااا أمااات ي ةااام ر م م ااات م اااي سالماااي اش ااا إذا كاااال اش ااا
ةءا عااا ا ا ااا ااا ضااااد اشةع ةاااف ض اااتق ساااتق ظااالام ة م فةااا ش ظااا ا ساااتاد س ةاااا ااا ءا
ا كاال مااة االش اشع ا ا اشع ااادم ااتد س اال اشةع ةااف طبااع ا كاال مااة أخاال ءااا ي ااا ض اات
االا م ءااا ااا ل اااا ااادم ر اشاا إ إماااا أل ض ة اال ساام اد اا أر مااا شااي م ااي خااات ظا اا
أر ظااا ض ة ااال سااام ساااتق ااار اش ااا ا ت اشلظاد ااا اش ااام ةاااج ع ااا ر أر يتض اااي أر ي لظاااي اشةاش ااا
ا وااااا اشعااااتادا ر م ري ااااا أل مااااة اشة اااا ةا أمااااي م ضةوااااة ش ة ااااتب أل ض ئاااال كاااال ااااتر
مت وبءاااا ا مااات اشااا إ يااا ا دادةاااا ااا ة مااالب اشعتضةااا ر خطااال مت وب ءاااا ي اااا م ااا خطااال
www.elkanounia.com
ااا ضت اشعااا ا اشع اااادم اشة ا ااا اشلا ااا اااا اشةل ااالب س ةاااا ض اااع ضتضااا ش ااا ط اااي مااا
اشعتضة ر مت وبءا اش املمم ر خطل لى اش اشةاثل أمامي م ض ر سم ذش اإلض اب
ةبااا أ تضاا اشعااا ا اشع اااادم اشااا إ ضةوااة تض اااي ااا اش ااا ط اش ضتضااا رهاال ماااا ض ااات
ااا اشةل االب ساام ي ا رد اش اااملل مااة أ اال لظ ااف اشع ا ا اشة ا ا مل ااا ر ظ ا ا مااف مااا اشةة لي ا ش
اشع ض مة لظ ف ه ا اشع ا ض لاسع مف اشء
اات ةتاياال م اا د مااة اش طاال ي ااا شااا رظاا ماات اشعاا ا اشع ااادم م اا اش ااتل اش ااا ف
مةاااا أ ااابا ااا اش ل ااا اااع اشاااتدب اش اااا ر اش اااا ااالى أر ياضااا ش عااا ا هااا ضواااة ض ااات
إشاااا م اااال اشةعاااات مااااة ي ااااا كااااال م طااااع اش ل اااا ضءااا ااا ااابا اش اااال ر اشلي اااا ساااام اش
ا ااا يااا ي لظاااي ا م ااا ر س ااام شاااي اااة ستضاااع اشة اااا شىشاااا إشااا ر ااا اشةةاااا ر ااا
ااال ر ااا م تض اااي أر إيااا ى ي لظاااي اشةاش ااا ااا أر اشة ااا م ي اشع ااا ض ااا ااا اشة ااالا
اشةعااات ظب ااا اش ا ااا أ ااا إش ءاااا م اااض اشةااا ا ااااص اش ااام ل ااا ماااة اش ئااال ا ر ا
ااال اش ءاااا اشااا ضة ااااد را إشااا اشب اااا اااة أمعاااف اشل اااادل شع ااال اشعااا ا اشع اااادم ش فتضاااا ر أسواااا
م ذا سب
لشاااا اش فاااات إشاااا اشةعاااات مااااة ماااا م ضعاااا م اظب ااااي إشاااا مااااتضر ضعاااا ي ااااا
ااا م طااال اش وااات اش اااب اااي رظااا كاااال هااا ا اش طااال اشااا إ ش اااع ااااشع ا ياش اااي ر ااا
ي اااا أل ه اااا ا باساااا رث اااا ااا ة اش ا ااا اشع اد ااا ر ااا ة اش وااات اش ا ااام سااام اش ئااال اشل اااط
م اش اد سم اشةع ةف راش
1
ااات ااال ري لظ ااا سااام اش اااتل اش اااامة ظاملم ااا رس ااا رظااا أدى هااا ا اش طااال إشااا ثااال
مااف اش ااا أل هاا ر اش ااة شااا فءاات إم مااف ضةاالل اااشم ااا 8181مااة خ ا ةب ا أ تض ا اش ااا
ااالال ” تضااا اش ل ااا ” رظااا ااا ظااا مءا شط بااا اشو ااا ا ه ااا اش ااات ش ااال ام ةا ااا د ر
اش اااام د اااا إشاااا ضاااا اااا اش ااااامم م ااااي اشة ااااب اش ئاااال اشاااا إ كاماااا ءاااات هاااا ا اشةباااا أ
ااا شة ااا ص اش ااات اااام اش ااات درل اش فااات ش اشااا اش ااا أ اااا مب ااا م ااايرش مل ااال
ااا اش ل ااا سااام ااا ر ااا ا باااا يتضااا امخ اااا مط ااا شااا ى اشعاااامم ماااف اش ك ااا ضااااد
اشةع ةف اش ساب
وةااي را اا ب ادر اا ااا رذشاا ش اا ط اش ا اام ساام أ اا ع مطااا ضاا كةااا د اا ش
الظتا مب أ اش ت رذش ةف ط اش تضف ر اش ا سم ض راي اش إ كال ضئل ش
www.elkanounia.com
اااا ع رخئل ااااا ضاااا اااا اش ي اااات أمااااي ر ااااب امم ااااادا اش اااام ر ءاااا ش ة
ضاااااا اشع ضاااااا أر اااااا اش ضاااااا (اشة اااااا ءاااااال م اااااا ط اش ا اااااام أدى ا ماااااات إشاااااا
و ) اش لك
ااا اثااات امم اااادا اش ااام ااات ركاااال ذشااا ااا سااام اش اااتل اش ا اااف هااا ر اشة م ااا
عااار ا ا ااي ها ااي اشة ض ا ساام ثل ءااا اش ا ضا ر مااة أهااا مااا ااا ا اش ر ء ا إش ا اشة
ر ما ت ي اش اش ي اشة اش ا شةا
اااب يتضااا امخ اااا ر ار ءاااا ماااة إم اااال خااات ااال ر سااام اش اااتد ااا ام اااتا ضااااد
تض اش ل ش ا م اشع ادم ئ ي اش مال ر اشةوال مف ام تا تر اشلاي ي
ماااف “شةباااتر ر” ر”س اااتإ” ااا اشل ااا اشوباااتى كامااا ماااف ءااال اشة ي ااات أل اش ااال
رك ش اش ا م راش ي” ا ساشل”.
ااات ا عءااا اش ا ااا اشع اد ااا اش ة ااا سااام م ئاااض اش اااتل اش ا اااف ءااال اش ااال سة ااا
اااا أم اااااق أسوااااا اااا هاااا ر اشة ضاااا ا ظلامااااي اشطااااا ف اش ةاااام اش عتضباااام رظاااا م اااا م ءعااااا
اا ةااا اهاا ا أمئااا اشة فاات إشاا اش اال اإل تاماام ا ااي ضاا اشة اا اش اام كاماا اا اش اشة
إشااا د اااام ة سااام أ ااااثءا رظااا ا ااا ئااا اشةعااات ر كاااال شءاااا مواااال اشئااا ا اشل ااا
. اإل تام اااااااااا رسواااااااااات اش تضاااااااااا اش ااااااااااا م أ ا اااااااااا ة رهةااااااااااا :سواااااااااات اش طاااااااااال
2
لضااال اش فااات ا اشةااا ءم اش ةااام ش ا ااا اشعتضةااا ر ركااا ا ااا ا ااا ااا ة ااا هااا ر اشة رظااا
اشةعت . ول ك م مة اشعتضة إش ش
ا ااات اش فااات إشااا اش ل ااا سب ااا ما رظااا أثااات هااا ا ا ش طااال اشوب ااات سااام اش وااات اش اااا م إشااا
م ءااا ض ع ا م ااي ساام اال ا مفة ا اش ضة ا أ ااب اشء ا اشعااامم راش ئااا م ءااا إض ا كااال اشء ا
رهااال ا مااات اااع اشاااتدب اش اااا ر اش اااا ه اااي اإل ااااس ش اشعاااامم ر إ ااااد أ ا اااا سااام إ ااا
ع ه سءا. ضتض سم اخ ا اش ل اشة ا ب ش اش إ ض ا إ طا اش ا م ط
ااا ها م دةااا ر اش ااااشم ساااالل اش تضااا ضع ااال اش ل ااا ماااة ي اااا مل ءاااا رم ااا ا ها رك ااا
ا اااي ي اااا أل اااي س تضااا اش اااا هااال لض اااي شااا دا ياااا كااال ساااتد ضاااتاد ماااة اااتق شفاااتر
www.elkanounia.com
ااا أل وااالل ذا اااي ساش ل ااا م ض باااام أل طباااع ب اااا سااا اشة وااال إل ااا اش ل ااا ر ااا
دظ ااا ر ااا ب رم ف ةءاااا ضااا ها م اااب ا ئااال اااع هااا ا ساش ل ااا م ض باااام متدردضااا رشوااام ض
ا اااا م ءااااا سااااتدإ ضةوااااة اشل اااال إش ااااي ا اااا ةا ظاملمااااا طتض اااا م باااال اش ا اااات ل اشءاااا
اااا ر اااتر رشااا ج اااة ستضاااع طب اااع ظااااملل معاااتد م اااا شاااي ة خا ااا م دةااا ش فاااتر
ا اش اشة تر اش ام ر اش لا
رماااة ه اااا ااا م أهة ااا مل ااال ا هااا ا شوااالل مبااا أ تضااا اشعااا ا م ض ئااال اااة اشة ااااه ا
ءااااا اشة ااااتب ي ااااا أمااااي ض ئاااال اااااش طب ع اشةباشاااات ش ل اااا ماااا اشة ا اااات ش ا اااا اشع اد اااا
ااا ط اش ا ااام الختا ءااا ماااة ظاشبءاااا معاااتد رإ م اشءااا ااا اشلاظ ااا اإل تام اا ي اااا اال ئاال
اشلاظف اشةعتد ر إستايءا
ر ع اااا إشااااو اش ساااام مااااا ماااا ى لسااااع اشة ااااتب اشةات اااام ساااام اخ ااااا ا ش ااااا اش املضاااا
اااع اشااضااا ماااة مبااا أ تضااا اشعااا ا اشع اااادم ة رماااا اشةااا ى اشة اااتر ش ااا ط اش ا ااام اش اااتر ض ش
ءااااا ها ااااي اش اااا ط ة رأإ در اش ضتضاااا ساااام تضاااا هاااا ا اشعاااا ا ة ر ماااااهم اش اااا رد اش اااام ااااض
سم ه ا اش تض ة اش ا ش ةي
3
اااااا ا ءااااااا ا ض ااااااا اشة ت اااااا اااااا ااااااة اإلشااااااواش اشةطترياااااا ر ا رشإل ا اااااا
مل ل ا ه ا إش اشةبايا اش اش :
4
المبحث االول :التفريد التشريعي
ٌعتبر التفرٌد التشرٌعً من بٌن مظاهر تفرٌد العقوبة ،حٌث ٌلعب المشرع الجنابً دورا هاما فً
تحدٌد الجرابم و العقوبات المترتبة عنها ،و نظرا لدور العقوبة االصالحً ،كان من الالزم على المشرع
أثناء صٌاؼته و تحدٌده للعقوبات أن ٌراعً ظروؾ كل مجرم على حدة ،و ذلك من خالل مالءمة
العقوبات و تفرٌدها ،بحٌث ال تطبق بصورة مطلقة على الجمٌع ،بل البد فٌها من أن تكون متناسبة مع
ظروؾ كل مجرم.
و من أهم أشكال ندخل المشرع الجنابً فً تحدٌد العقوبة أو تفرٌد الجزاء ،تظهر على
الخصوص فً تنصٌصه علٌها و تحدٌدها من حٌث الكم و الكٌؾ ( المطلب االول ) ،و فً اٌجاده
ألسباب تإدي الى االعفاء منها أو مجرد تخفٌفها أو تشدٌدها (المطلب الثانً ).
www.elkanounia.com
و العقوبة التً ٌنص علٌها المشرع الجنابً و ٌحددها كما و كٌفا ،قد ٌكون ذلك بشكل جامد
كعقوبة االعدام ،بحٌث ال ٌمكن للقاضً الجنابً أن ٌؽٌرها أو ٌتصرؾ فٌها اال بسند موجب من القانون،
و قد ٌكون ذلك التنصٌص بشكل مرن بوضع حد أدنى و حد أقصى للعقوبة ( الفقرة االولى ) ،و قد ٌصل
االمر الى تنصٌصه على عقوبتٌن ٌمكن للقاضً من خاللهما اختٌار العقوبة المناسبة للفعل المرتكب( 2
الفقرة الثانٌة ).
1
-علً عمً ،المختصر فً النظرٌة العامة للقانون الجنابً المؽربً ،الجزء الثانً ،دار النشر الجسور-وجدة ،الطبعة االولى ،8443ص .838 :
2
-المرجع السابق ،ص .833 :
3
-التً كانت تدعو الٌها المدرسة التقلٌدٌة بقٌادة بكارٌا ،بتنهام ،و فوٌرباخ ،حٌث كانت تمٌل فً نظرٌاتها الى التجرٌد عند تقدٌرها للعقوبات بكٌفٌة
متساوٌة و جامدة بالنسبة للنوع الواحد من الجرابم ،و رفض االعتراؾ بإمكانٌة و ضع حدٌن ،حد أدنى و حد أقصى للعقاب عن الجرٌمة الواحدة.
5
نظرٌة الخطورة االجرامٌة التً تعتبر قوام نظام التدرج الكمً للعقوبة و التدبٌر الوقابً معا ،4و قد
تشبعت عدة تشرٌعات بهذه النظرٌة ،حٌث اتجهت الى وضع سلم تتدرج فٌه كافة العقوبات و التدابٌر ،اذ
ٌكون على القاضً اختٌار أنسبها بموجب سلطته التقدٌرٌة ،و أؼلب التشرٌعات الٌوم تضع حدا أدنى و
حدا أقصى للعقوبة ٌكون على القاضً انتقاء مدة العقوبة من بٌن هذٌن الحدٌن دون تجاوزهما اال
بموجب نص خاص ٌسمح بذلك ،كالتشرٌع الجنابً الجزابري الذي ٌنص فً قانون العقوبات فً المادة
ٌ" 899عاقب بالحبس من شهرٌن الى سنتٌن ،"...و التشرٌع المؽربً الذي تكاد كل عقوباته تندرج بٌن
حدٌن قانونٌن ،و مثال ذلك الفصل 841من القانون الجنابً الخاص بحماٌة المس بسالمة الدولة
الخارجٌة ،تتدرج العقوبة من 5سنوات كحد أدنى الى عشرٌن سنة كحد أقصى.
و الى جانب التدرج الكمً للعقوبة ،فقد ٌنص المشرع على عقوبات تخٌٌرٌة تطبق على نفس الجرٌمة،
وهو ما سنتطرق الٌه فً الفقرة التالٌة.
ٌمكن القول بؤن العقوبات التخٌٌرٌة لٌست سوى نتٌجة لما كان قد دعا الٌه جارسون و أقره سالً
عن نظرٌة العقوبات المت وازنة و التً تتلخص فً وضع المشرع مجموعتٌن اثنتٌن من العقوبات،
االولى عقوبات مشٌنة ،و الثانٌة عقوبات ؼٌر مشٌنة ،حٌث ٌترك للقاضً سلطة اختٌار العقوبة المناسبة
من احدى المجموعتٌن لكل مجرم على حدة ،و قد تحدث جارسون فً تقرٌره المقدم الى جمعٌة السجون
العامة المنعقد فً روما سنة 8341عن عدة اعتبارات منها الباعث و سخط الرأي العام ،و جعل من
االول معٌا را للتفرقة بٌن المجموعتٌن السابقتٌن ،بحٌث اذا كان الباعث دنٌبا فرضت العقوبة المحددة فً
سلم العقوبات المشٌنة ،و العكس فً حالة ارتكاب جرٌمة بدافع ؼٌر دنٌا على أال تكون الوسابل التً
استعملت فً ارتكاب الجرٌمة مثٌرة لسخط الرأي العام.5
و قد أكد سالً اقتناعه بنظرٌة العقوبات المتوازنة معتبرا اٌاها وسٌلة للوصول الى تفرٌد عادل
للعقوبة ،اال أنه ٌعترض على الباعث كمعٌار للتفرقة ألنه لٌس سوى جزء من الظروؾ المتصلة بالفعل
المرتكب ،فً حٌن ٌرى أن ضرورة مالءمة العقوبة للجرٌمة ٌنبؽً أن تقع طبقا لشخصٌة المجرم.6
و نجد أن معظم التشرٌعات الحدٌثة أخدت بنظام العقوبات التخٌٌرٌة الذي ٌقضً بترك حرٌة
االختٌار للقاضً فً الحكم على المجرم بإحدى العقوبتٌن المختلفتٌن من حٌث النوع أو بكلٌهما أو
بعقوبة واحدة أو عقوبتٌن من بٌن عقوبات أو أكثر مختلفة النوع محددة للجرٌمة المرتكبة ،اال أن االخذ
بهذ ا النظام ٌتفاوت حسب القدر من الحرٌة المتروك للقاضً فً اختٌار نوع العقوبة االكثر مالءمة
لشخص المجرم ،و ٌتفرع عن هذا النظام نوعان من النظم :
6
و باستقراء بعض النصوص العقابٌة فً بعض التشرٌعات نجد منها من أخذ بهذا النظام ،و فً
مقدمتها القوانٌن االنجلوساكسونٌة ،كالقانون االنجلٌزي الذي ٌؤخذ بؤوسع نطاق بما ٌعرؾ بنظام
العقوبات التخٌٌرٌة الحرة ،حٌث تنص المادة 835من قانون العدل الجنابً لعام 8493على
قاعدة عامة مفادها أن الؽرامة عقوبة تخٌٌرٌة لجمٌع الجرابم باستثناء الجرابم المعاقب علٌها
بالسجن المإبد أو االعدام .و نفس االمر بالنسبة للقانون االمرٌكً ،الذي ٌقر باعتبار الحبس و
الؽرامة عقوبتٌن تخٌٌرٌتٌن لمعظم الجرابم .و قانون العقوبات السوٌسري الذي أقر ثالث
عقوبات سالبة للحرٌة متدرجة فً شدتها ،و هً السجن و الحبس ،و الحجز ،اضافة لعقوبة
الؽرامة ،و للقاضً سلطة االختٌار بٌن نوعٌن من هذه العقوبات.7
و تؤخذ بهذا النظام كذلك قوانٌن أوروبٌة و أخرى عربٌة و لكن بطرٌقة جد محدودة ،كالقانون
الفرنسً ،و االلمانً و االٌطالً و التونسً و اللبنانً ،و تتفاوت فٌما بٌنها فً منح القاضً
سلطة تخٌٌرٌة بٌن نوعٌن أو أكثر من العقوبات ،حٌث ٌعتبر القانون الفرنسً أقلها اتباعا لهذا
www.elkanounia.com
النظام ،و االٌطالً أمٌل الى توسٌع سلطة القاضً فً هذا المجال دون أن تتعدى نطاق جد
محدود ،حٌث ان العقوبات التخٌٌرٌة فٌه هً الحبس و الؽرامة لعدد من الجنح البسٌطة.8
أما بخصوص نظام العقوبات التخٌٌرٌة المقٌدة فقد اختلفت فٌه القوانٌن ،حٌث قٌدته بعضها
بالباعث و بعضها بالمالءمة و البعض االخر ببشاعة الجرٌمة أو خطورة المجرم.
7
-قرٌمس سارة ،مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجٌستٌر فً فرع القانون الجنابً و العلوم الجنابٌة "سلطة القاضً الجنابً فً تقدٌر
العقوبة" جامعة الجزابرٌ ،وسؾ بن خدة ،ص .819،813 :موقع www.biblio.univ-alger.dz
8
-أكرم نشؤت ابراهٌم ،الحدود القانونٌة لسلطة القاضً الجنابً فً تقدٌر العقوبة ،مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزٌع ،طبعة ،8443ص :
.831،884
9
-راجع فً هذا الصدد أكرم نشؤت ابراهٌم ،المرجع السابق ،ص .835،839،833 :
10
-قرٌمس سارة ،المرجع السابق ،ص .814،813
7
و الذي ٌقضً بتطبٌق العقوبة االشد اذا كان الجانً ٌنطوي على خطورة أو كانت الجرٌمة
بشعة.11
أما المشرع المؽربً فموقفه من نظام العقوبات التخٌٌرٌة ٌتضح من خالل استقراء نصوص القانون
الجنابً ،حٌث ٌالحظ أن نصٌب العقوبات التخٌٌرٌة ضبٌل اذ ٌقتصر على عقوبتٌن الحبس و الؽرامة فً
المواد /323 ،323 ،311 ،313 ،394 ،395 ،342 ،333ؾ،931 ،3418 ،339 ،333 ،338 ،3
/921 ،914 ،953 ،955 ،953 ،993 ،933 ،938ؾ ،924 ،3و فً الفصول ،95 ،93 ،93 ،89
،51 ،53 ،53 ،93 ،92من قانون الصحافة الصادر فً 85نونبر ،8453و قد تم تعدٌله و تتمٌمه
بقانون 3أكتوبر ،3113و الفصول 32، 31، 35 ،39 ،33من الظهٌر الشرٌؾ المتعلق بالوقاٌة من
االمراض العقلٌة و معالجتها و حماٌة المرضى المصابٌن بها الصادر 85ماي .8454وقد فضل
المشرع فً كل هذه النصوص عدم تقٌٌد القاضً فً الخٌار بٌم العقوبتٌن بؤي قٌد أو شرط.12
و فً حكم صادر عن المجلس االعلى عدد 119فً ٌ 83ولٌوز ،8454مجلة القضاء و القانون ،العدد
www.elkanounia.com
،31سنة ،8411ص ،882و رد فً حٌثٌاته " ال تخرق المحكمة القانون اذا حكمت بعقوبة واحدة
تطبٌقا لقانون ٌعاقب بإحدى العقوبتٌن أو بالعقوبتٌن معا" ،حٌث رفض المجلس االعلى نقض الحكم
الصادر عن اقلٌمٌة مكناس عندما قرر عقاب المتهم بؽرامة قدرها 81111فرنك و بإلؽاء مدة السجن
مقتصرة هكذا على أنه اذا مرت هذه الفترة بحٌث احترم فٌها االلتزامات الملقاة على عاتقهٌ ،صبح وقؾ
تنفٌذ العقوبة نهابٌا بحٌث ال ٌتم النطق بها فً حقه ،معتبرة اٌاه -الحكم -ؼٌر مخالؾ لظهٌر 31شتنبر
8498الذي ٌنص على أنه من وجد فً حالة سكر واضحة للعٌان فً مكان عمومً فانه ٌعاقب بؽرامة
تتراوح بٌن 1111و 39111فرنك و بالسجن تتراوح مدته بٌن ٌ 85وما و 1شهور أو بإحدى هاتٌن
العقوتٌن فقط.13
و قبل ختام هذا المطلب البد من االشارة الى التوجهات الجدٌدة للمشرع الجنابً المؽربً فً
تحدٌد العقوبات ،و ذلك من خالل مسودة مشروع القانون الجنابً ،حٌث أصبحت مراجعة و اصالح
النص القدٌم مطلبا حٌوٌا توافقت حوله مختلؾ الفعالٌات القانونٌة و الحقوقٌة ببالدنا ،نظرا لكون الظاهرة
االجرامٌة عرفت خالل هذه المدة الطوٌلة تطورا و تنامٌا كما و كٌفا ،بموازاة مع العولمة ،و سهولة تنقل
االشخاص و االموال ،و تطور تكنولوجٌا التواصل و وسابل االتصال ،...لتصبح الجرٌمة فً خضم هذه
التطورات أكثر خطورة و تحدٌا و تنظٌما ،ما دفع المشرع الى استدراك نقابص النص القدٌم و ومحاولة
14
استٌعاب و تنظٌم بعض الجرابم التً لم تكن منظمة من قبل.
فالمالحظ أن المسودة فً تصدٌها للظاهرة اإلجرامٌة بصفة عامة و لألنماط الحدٌثة لإلجرام
بخاصة ،نهجت عدة مقاربات ،حٌث نجدها تنص و ألول مرة على جرابم بعٌنها و تفرد لها عقوبات
خاصة ،كما هو الشؤن بالنسبة للجرٌمة المنظمة الوطنٌة و العابرة للحدود (المادة 349من المسودة) ،و
اإلتجار بالبشر(المواد8ـ 338إلى 89ـ ،)338كما أخضعت لسلطان القانون الجنابً أفعاال خطٌرة تنطوي
11
-أنظر أكرم نشؤت ابراهٌم ،المرجع السابق ،ص .831 :
12
-لطٌفة مهداتً ،حدود سلطة القاضً التقدٌرٌة فً تفرٌد الجزاء ،طوب برٌس-الرباط ،طبعة ،3112ص..48 ،41 ،34 :
13
-لطٌفة مهداتً ،المرجع السابق ،ص .43 ،48 :
14
-نور الدٌن العمرانً ،منظومة التجرٌم فً ضوء مسودة مشروع القانون الجنابً ،المستجدات و مواطن القصور ،المجلة المؽربٌة للقانون
الجنابً و العلوم الجنابٌة ،مطبعة المعارؾ الجدٌدة ،الرباط ،العدد الثالث ،3181ص .98
8
بحد ذاتها على انتهاك لمبادئ حقوق اإلنسان و قواعد القانون الدولً اإلنسانً ،التً جرمها من جهة
الدستور الجدٌد للمملكة لسنة ،3188و ٌتعلق األمر بجرابم اإلبادة الجماعٌة ( م 5ـ 993من المسودة) ،و
الجرابم ضد اإلنسانٌة ( م 2ـ ،) 993و جرابم الحرب (م 81ــ 89 ، 993ــ ،)993و اإلختفاء القسري (م
4ـ ،)338كما جرمت المسودة و ألول مرة أفعاال تنطوي على مساس بمقومات النزاهة و الشفافٌة و قٌم
التخلٌق ؛ كاإلثراء ؼٌر المشروع (م 2ـ 351من المسودة) ،و اإلخالل بإلزامٌة التصرٌح بالممتلكات
(م8ـ ،)313كما حرص واضعوا مسودة مشروع القانون الجنابً على تدارك مواطن قصور تعتري
المجموعة الجنابٌة الحالٌة فً مجال مكافحة الفساد اإلداري السٌما جرٌمة الرشوة ؛ كتجرٌم الوساطة فً
الرشوة (م 359-8من المسودة) ،و هً مبادرة و لو جاءت متؤخرة مقارنة بالعدٌد من التشرٌعات
المقارنة بما فٌها العربٌة؛ كالتشرٌع الجنابً التونسً (م 48منه) ،و المصري (م815و ،)814فإن من
شؤنها ردع و معاقبة سماسرة الرشوة و وسابطها ،و إقرار المسإولٌة الجنابٌة للشخص االعتباري فً
حال ثبوت ارتكاب ممثلٌه أو مدٌره أو وكالبه لصالحه جرٌمة رشوة أو استؽالل النفوذ (م 3ـ 359من
15
المسودة) أو جرٌمة اختالس أو ؼدر(م 8ـــ.)391
www.elkanounia.com
كما أنه حرصا من واضعً المسودة على توحٌد المقتضٌات الزجرٌة و إدراجها فً صلب مدونة
جنابٌة واحدة ،و التً طالما ظلت تعانً من تعدد و تشتت النصوص و تناثرها فً العدٌد من القوانٌن
الخاصة ،فقد تم إدماج بعض المقتضٌات الزجرٌة فً صلب المسودة؛ كتلك المتعلقة بتهرٌب المهاجرٌن
(المواد 83ـــ 338إلى 31ـــ ،)338و اإلتجار باألعضاء البشرٌة (المواد 32ـــ 338إلى 93ـــ ،)338و
16
جرابم المخدرات و المإثرات العقلٌة (المواد 3ـــ 991إلى 81ـــ.)991
االصل أن للقاضً كامل السلطة التقدٌرٌة فً تحدٌد العقوبة - 17فً نطاق الحدود الشرعٌة التً
ٌحددها المشرع -التً ٌراها مناسبة لردع المجرم مستندا فً ذلك على خطورة الجرٌمة و شخصٌة
المجرم ،لكنه استثناءا من االصل السابق ،نجد المشرع ٌتدخل اما لإلعفاء من العقوبة أو التخفٌؾ منها (
الفقرة االولى ) ،أو الرفع منها فً بعض الحاالت ( الفقرة الثانٌة ).
أسباب االعفاء من العقوبة هً أسباب ترد على حاالت محددة على سبٌل الحصرٌ ،تمثل اثرها
ف ً االعفاء من العقاب مع بقاء الفعل محتفظا بصفته االجرامٌة ،أي مستوفٌا لكافة عناصر و شروط
15
-لطٌفة مهداتً ،المرجع السابق ،ص .93
16
-المرجع السابق ،ص .93
17
-الفصل 898من القانون الجنابً.
9
المسإولٌة المترتبة عنه ،وهً تختلؾ عن أسباب االباحة و التبرٌر ،فاإلباحة تنفً الركن القانونً
للجرٌمة ،حٌث تنصرؾ هذه األسباب األخٌرة الى الفعل أو االمتناع فترفع عنه وصفه االجرامً فال ٌتم
مساءلة الفاعل ،نظرا ألن وجود هذه االسباب ٌجعل الجرٌمة ؼٌر قابمة أصال ،أما بالنسبة لألعذار
القانونٌة المعفٌة فإنها تحول دون ترتٌب العقوبة على الفاعل رؼم أن الجرٌمة تكون مكتملة االركان و
ٌكون هناك شخص مسإول عنها ،و ذلك لحكمة لخصها االستاذ نجٌب حسنً فً قوله " علة العذر
المعفً هً اعتبارات نفعٌة مستمدة من سٌاسة العقاب مبناها تقدٌر الشارع أن المنفعة االجتماعٌة
التً ٌجلبها عدم العقاب هً حاالت معٌنة تربو المنفعة التً ٌحققها العقاب فٌقرر بناءا على ذلك
استبعاد العقاب جلبا للمنفعة األهم اجتماعٌا".18
و هذه االعذار واردة على سبٌل الحصر ،حٌث ٌنص الفصل 893من القانون الجنابً على أن "
األعذار القانونٌة هً حاالت محددة فً القانون على سبٌل الحصرٌ ،ترتب علٌها مع ثبوت الجرٌمة و
قٌام المسؤولٌة أن ٌتمتع المجرم اما بعدم العقاب ،اذا كانت أعذار معفٌة ،و اما بتخفٌف العقوبة اذا
www.elkanounia.com
كانت أعذارا مخففة " ،و القاضً ال ٌجوز له القول بوجودها و اعفاء الفاعل تبعا ،مالم ٌكن منصوصا
علٌها فً نص قانونً ،19ؼبر أنه ٌبقى له الحق فً أن ٌحكم على المعنً باألمر بتدابٌر الوقاٌة الشخصٌة
أو العٌنٌة.
و من األمثلة على األعذار المعفٌة من العقاب ،الفصل 539من القانون الجنابً ،حالة العذر
المقرر للسارق اذا كان المسروق ملكا لزوجه أو أحد فروعه ،و الفصل 331الذي أعفى من العقوبة
طبقا للفصول من 893الى 895أي مرتكب لجناٌة تزٌؾ أو تزوٌر النقود أو أوراق مالٌة ،أو سندات
تصدرها الخزٌنة العامة ،و كذا كل من ساهم فً هذه الجرٌمة ( الفصلٌن 339و 335من القانون
الجنابً ) شرٌطة اشعار السلطات العامة و الكشؾ عن شخصٌة مرتكبها و ذلك قبل تمام تلك الجناٌات و
قبل اجراء أٌة متابعة فٌها ،و كذلك من مكن السلطة من اعتقال الجناة االخرٌن ،و لو لم ٌفعل ذلك اال بعد
ابتداء المتابعة.
و تجدر االشارة الى أن االعذار المعفٌة من العقاب ال تالحظ اال من طرؾ محكمة الموضوع ،و
تإدي بالحكم باالعفاء ال بالبراءة ،وهذا ٌعنً أن أثرها ٌقتصر على االعفاء من العقوبة ،و بالتالً ٌبقى
الفعل محتفظا بصفته االجرامٌة حٌث تبقى المسإولٌة المدنٌة للجانً قابمة اذا تضرر الؽٌر من فعلته،
كما ٌبقى هو معرضا للحكم علٌه بالتدابٌر الوقابٌة اذا ثبتت حالته الخطرة باستثناء االقصاء.20
18
-خبالً حسن ،مقال "مبدأ تفرٌد العقاب" ،مجلة ، marocdroitموقع ،www.marocdroit.comساعة االطالع .81/88/12،89:31
19
-عبد الواحد العلمً ،شرح الق انون الجنابً المؽربً ،القسم العام ،دراسة فً المبادئ العمة التً تحكم الجرٌمة و المجرم و العقوبة و التدبٌر
الوقابً ،الشركة المؽربٌة لتوزٌع الكتب ،الطبعة السابعة ،3181ص .311 :
20
-علً عمً ،المرجع السابق ،ص .833 ،833
10
و تسمى االعذار القانونٌة المخففة تمٌٌزا لها عن االعذار المعفٌة كلٌا من العقاب ،و هً مثلها
مثل هذه االخٌرة واردة على سبٌل الحصر ،21حٌث ٌنص الفصل 899من القانون الجنابً " االعذار
القانونٌة المخففة ،ال تطبق اال على جرٌمة أو جرائم معٌنة ،و هً مقررة فً الكتاب الثالث من هذا
القانون المتعلق بمختلف الجرائم" ،و ٌترتب علٌها مع ثبوت الجرٌمة و قٌام المسإولٌة الجنابٌة على
عاتق الجانً أن ٌتمتع باإلعفاء الجزبً من العقاب ،و هذا االعفاء الجزبً و فً الحدود التً ٌقررها
القانون ،مفروض قانونا ،مالم ٌوجد نص ٌقضً بخالؾ ذلك ،ال ٌملك القاضً ازاءه أٌة سلطة
تقدٌرٌة.22
و من حاالت االعذار القانونٌة المخففة المنصوص علٌها فً الكتاب الثالث من المجموعة الجنابٌة :
-جناٌة القتل أو الضرب و الجرح حٌنما ٌرتكب نتٌجة استفزاز بالضرب أو العنؾ الجسٌم (
الفصل ،) 981أو نتٌجة مفاجؤة الزوج لزوجته و شرٌكها متلبسٌن بجرٌمة الخٌانة الزوجٌة (
الفصل ،)983أو نتٌجة مفاجؤة رب االسرة ألشخاص فً منزله و هم فً حالة اتصال جنسً
www.elkanounia.com
و المهم أن ثبوت أي عذر قانونً ٌفرض نفسه على القاضً فال ٌملك أن ٌتجاهل أثره و ال ٌخفض
العقوبة فً الحدود التً قررها النص المقرر للعذر (الفصل " 933عندما ٌثبت العذر القانونً ،فان
العقوبة تخفض الى :الحبس من سنة الى 5سنوات فً الجناٌات المعاقب علبها قانونا باإلعدام أو
السجن المؤبد ،الحبس من ستة أشهر الى سنتٌن فً جمٌع الجناٌات االخرى ،الحبس من شهر الى 3
أشهر فً الجنح ).
و الى جانب االعذار القانونٌة المخفضة للعقوبة ،و التً حددها المشرع على سبٌل الحصر فً
القانون الجنابً ،فقد خول للمحكمة منح الظروؾ المخففة التً لم ٌتم تحدٌدها فً نصوص تشرٌعٌة،
حٌث ٌنص الفصل " 891اذا تبٌن للمحكمة الزجرٌة بعد انتهاء المرافعة فً القضٌة المطروحة علٌها ،أن
الجزاء المقرر للجرٌمة فً القانون قاس بالنسبة لخطورة االفعال المرتكبة أو بالنسبة لدرجة اجرام
المتهم ،فإنها تستطٌع أن تمنحه التمتع بظروؾ التخفٌؾ ،اال اذا وجد نص قانونً ٌمنع ذلك ،"...و ٌلتزم
القاضً أثناء منحه اٌاها بتعلٌل قراراه ،و أثرها ٌكون شخصٌا ،فال تخفؾ العقوبة اال فٌما ٌخص
المحكوم علٌه الذي منح التمتع بها.23
21
-الفصل 893من القانون الجنابً.
22
-عبد الواحد العلمً ،المرجع السابق ،ص .313
23
-عبد الواحد العلمً ،المرجع السابق ،ص .315 ،319
11
و تعرؾ الظروؾ المخففة بكونها عناصر أو وقابع عرضٌة تبعٌة تضعؾ من جسامة الجرٌمة و
تكشؾ عن ضآلة خطورة فاعلها و تستتبع تخفٌؾ العقوبة الى أقل من حدها االدنى أو الحكم
بتدبٌر ٌناسب تلك الخطورة.24
و مع أن لهذه الظروؾ المخففة أهمٌة كبٌرة فً تفرٌد العقاب و تحقٌق أؼراض العقوبة ،نظرا
الن هناك أنماط عدٌدة و مختلفة من المجرمٌن تستحق طابفة منهم نوعا من الرأفة بناءا على عالمات
الندم و التوبة التً تبدو علٌهم بعد ارتكاب الجرٌمة ،و بالتالً وجب معاملتهم معاملة خاصة ،اال ان
تطبٌقها -الظروؾ المخففة -قد ال ٌخلو من بعض المنزلقات خصوصا اذا ما أثٌر استعمالها بفرط من
العواطؾ و االنفعاالت قد تإدي الى افالت بعض الجناة من العدالة ،أو قد ال ٌستفٌد اخرون منها رؼم
توافر ظروؾ مخففة بالنسبة لهم ،الشًء الذي دفع بالمشرع الى تقٌٌد االخذ بها بوجوب تبرٌرها من
طرؾ القاضً ،25كما أشرنا الى ذلك من قبل ( الفصل .) 891
www.elkanounia.com
و ٌختلؾ نظام الظروؾ المخففة ،بٌن المشرع الذي ال ٌحددها سلفا و انما ٌترك ذلك لسلطة
القاضً التقدٌرٌة ،و هو موقؾ المشرع المؽربً ( الفصل ،891و توضح الفصول 892الى 858
كٌفٌة تخفٌؾ العقوبات و شروط هذا التخفٌؾ) ،و المشرع المصري فً المادة 82من قانون العقوبات،
المشرع اللبنانً فً المادة 353من قانون العقوبات ،المشرع السوري فً المادة 351من قانون
العقوبات ،و بٌن المشرع الذي ٌحددها سلفا ،بحٌث ال ٌبقى على القاضً اال الرضوخ الى القابمة المحددة
سلفا من طرؾ المشرع ،و ٌؤخذ بهذا النظام كل من قانون العقوبات السوٌسري ( المادة ،) 91و هناك
من ٌؤخذ بكال النظامٌن السابقٌن ،حٌث ٌلجؤ المشرع الى تحدٌد بعض الظروؾ المخففة ،و مع ذلك ٌترك
للقاضً سلطة تقدٌرٌة فً استظهار ظروؾ أخرى ،و هو ما أخذ به المشرع االٌطالً فً المادتٌن 13و
13مكرر ،اذ تحدد االولى ستة ظروؾ مخففة و تخول الثانٌة للقاضً سلطة استظهار ؼٌرها.26
و فً االخٌر تجدر االشارة الى اشكالٌة جوهرٌة تخص تطبٌق ظروؾ التخفٌؾ ،و تتعلق فً
االثار المترتبة عن االخذ بظروؾ التخفٌؾ ،و ذلك عندما ٌتم تكٌٌؾ الواقعة من طرؾ المحكمة بإعطابها
وصفا مخالفا للوصؾ القانونً الذي كٌفها به المشرع ( نظرا للتقسٌم الثالثً الذي ٌعتمده من جناٌات و
جنح و مخالفات) ،فهل ٌإخذ بالوصؾ القانونً القضابً أو بالوصؾ القانونً الذي اختاره المشرع؟
و اجابة من المشرع على هذا االشكال نجده ٌنص فً الفصل 883من القانون الجنابً على " ان نوع
الجرٌمة ال ٌتؽٌر اذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع اخر من أنواع الجرابم لسبب مخفؾ".
األ سباب التً تإدي الى رفع العقوبة هً الظروؾ المشددة ( أوال ) ،و العود ( ثانٌا ) ،و ٌلحق بهما
التعدد ( ثالثا ).
24
-لطٌفة مهداتً ،المرجع السابق ،ص .13 ،18
25
-المرجع السابق :ص .15 ،13
26
-لطٌفة مهداتً ،المرجع السابق ،ص .14 ،13 ،12
12
أوال :ظشوف الرشذٌذ.
مما ال شك فٌه ،أن فً كل تشرٌع زجري ٌحدد المشرع للجرٌمة العقوبة العادٌة التً تستحقها
فٌما اذا ارتكبت فً ظروؾ عادٌة تشدد هذه العقوبة و ٌرفعها اذا اصطحبت بظروؾ و مالبسات ٌطلق
علٌها اصطالحا ظروؾ التشدٌد ،و هً واردة على سبٌل الحصر فً الكتاب الثالث من المجموعة
الجنابٌة التً عالج فٌها المشرع مختلؾ الجرابم و عقوباتها فً الحالة العادٌة و ؼٌر العادٌة ،و هً على
نوعان: 27
-الظروؾ المشددة العٌنٌة أو المادٌة فً الجرٌمة:
ككٌفٌة ارتكابها أو مكان اقترافها أو زمن هذا االقتراؾ ،الى ؼٌر ذلك من المالبسات ،فمثال
عاقب المشرع فً الفصل 515من القانون الجنابً السرقة العادٌة بحبس ٌتراوح بٌن سنة و 5
سنوات و ؼرامة ،لكنه عاقب على ذات الجرٌمة بالسجن المإبد اذا كان السارقون أو أحدهم
حامال لسالح ،أو احتفظ أحدهم فقط بالسالح فً الناقلة ذات المحرك التً استعملت لنقلهم الى
www.elkanounia.com
مكان الجرٌمة أو خصصت لهروبهم ،28و هذه الظروؾ المشددة العٌنٌة تسري على الفاعل
االصلً و المساهمٌن و المشاركٌن معه فً الجرٌمة حتى و لو كانوا ٌجهلون تماما توافرها فً
النازلة.29
و المالحظ أن الظروؾ المشددة الشخصٌة ال تنتج اثرها كما تقضً بذلك الفقرة 3من الفصل
831من القانون الجنابً اال بالنسبة لمن توافرت فٌه شخصٌا دون ؼٌره من المساهمٌن أو
المشاركٌن.
و نظرا ألهمٌة ظروؾ التشدٌد و مدى تؤثٌرها على الشخص المتابع أمام القضاء بارتكابه
لجرٌمة مرفوقة بظرؾ مشدد ،فقد أناط المشرع بالقانون وحده تحدٌد هذه الظروؾ و تقرٌرها (
الفصل ،) 853كما أن قواعد التفسٌر ال تسمح للقضاء بوضعها من عنده باستعمال القٌاس
إلٌجاد ظروؾ تشدٌد جدٌدة ؼٌر ما ٌكون قد قرره المشرع صراحة ،و هذا باالضافة الى أن
المشرع تولى بنفسه حدود رفع العقوبة بسبب قٌام ظروؾ التشدٌد فً النصوص التً تقرر هذه
الظروؾ المشددة ذاتها و لم ٌترك ذلك للقضاء.
27
-علً عمً ،المرجع السابق ،ص .833 ،833 :
28
-عبد الواحد العلمً ،المرجع السابق ،ص .321
29
-المرجع السابق ،ص .322 :
30
-عبد الواحد العلمً ،المرجع السابق ،ص .322
13
ثاوٍا :الؼىد.
ٌكون المجرم فً حالة عود اذا ارتكب جرٌمة أو أكثر بعد أن ٌكون قد حكم علٌه بحكم حابز لقوة
الشًء المحكوم فٌه من أجل جرٌمة ثابتة ( الفصل ،) 859و ال تثبت حالة العود بمجرد ارتكاب جرابم
حررت بشؤنها محاضر أو وقع االعتراؾ بارتكابها ،و انما تثبت االحكام الصادرة بالعقوبة عن هذه
الجرابم متى كانت حابزة لقوة الشًء المقضً به ،فالسارق الذي ٌرتكب سرقة و ٌدان من أجلها بحكم
اكتسب قوة الشًء المقضً به ،و بعد ذلك ٌرتكب حرٌمة سرقة أخرى فانه ٌعتبر فً حالة عود.
و المشرع الجنابً قد اعتبر العود للجرٌمة ظرفا من الظروؾ التً ٌإدي تحققها الى رفع العقوبة عن
الحدود العادٌة المقررة للجرٌمة ،بسبب أن المجرم العابد ٌجب أن تشدد عقوبته مادامت العقوبة التً حكم
علٌه بها من أجل الجرٌمة االولى لم تفلح فً ردعه و اصالحه بإبعاده كلٌا عن طرٌق الجرٌمة ،مما
ٌتحتم معه التشدٌد فً مواجهته لتوخً الخطورة االجرامٌة الكامنة فٌه.
www.elkanounia.com
و العود ٌعتبر ظرفا شخصٌا ٌلحق الشخص الذي توافر فٌه ،و هو ٌإدي لرفع العقوبة بالنسبة لكافة
الجرابم سواء كانت جناٌات أو جنحا أو مخالفات ،و وهذا عكس الظروؾ المشددة التً ال تتصور اال
بالنسبة للجناٌات و الجنح دون المخالفات ،و ٌشترط فٌه تحقق شرطٌن :
oاألول :أن ٌكون صدور حكم حابز لقوة الشًء المحكوم به لمإاخذة و عقاب شخص
معٌن ،للقول بؤن نفس الشخص ٌوجد فً حالة عود عندما ٌرتكب جرٌمة تالٌة لصدور
الحكم القاضً بإدانته و عقابه.
oالثانً :ارتكاب الشخص للجرٌمة بعد صدور حكم سابق ٌقضً بعقابه.
و قد حدد المشرع كٌفٌة تشدٌد العقاب فً حالة تحقق ظرؾ العود وخص له أحكام مؽاٌرة ألحكام تشدٌد
العقاب ،ذلك أن المشرع حدد كٌفٌة تشدٌد العقوبة بالنسبة لكل جرٌمة على حدة ،أما بالنسبة لرفع العقاب
و تشدٌده بسبب تحقق حالة العود ،فانه أتى بؤحكام عامة ترفع العقوبة ،تضمنتها الفصول ،851 ،855
،854 ،852من القانون الجنابً.
14
أما التعدد الحقٌقً للجرابم فٌتحقق طبقا للفصل 884عندما ٌرتكب الشخص جرابم متعددة فً ان واحد،
أو فً أوقات متوالٌة دون أن ٌفصل بٌنها حكم ؼٌر قابل للطعن.
و ان كان تحقق ظرؾ التعدد ٌقتضً ضم العقوبات أو التدابٌر الوقابٌة المقررة قانونا لكل جرٌمة من
الجرابم ،اال أنه ٌالحظ من خالل النصوص المنظمة ألحكام التعدد الحقٌقً للجرابم ،نجدها تنص على
هذا المنطق جزبٌا ،بحٌث ٌطبق بالنسبة للعقوبات المالٌة ( الفصل ،) 838و اإلضافٌة و تدابٌر الوقاٌة (
الفصل ،) 833و العقوبات الصادرة فً المخالفات ( الفصل ، ) 833فً حٌن نجده قرر قاعدة عدم
الضم فً الجناٌات و الجنح ( الفصل .) 831
و نورد فً هذا الصدد قرارا لمحكمة النقض ،31قضت برفض طلب الطاعن فً قرار صادر عن محكمة
االستبناؾ بخرٌبكة ،بتارٌخ 34أبرٌل 3189فً القضٌة ذات العدد ،3189/353و القاضً بدمج
www.elkanounia.com
العقوبتٌن المحكوم بهما ،االولى ملؾ عدد 88/942و المحكوم بتارٌخ 19/83 /35قرار عدد ،823و
الثانٌة عدد 83/133المحكوم بتارٌخ 3183/12/14قرار عدد 119مع تنفٌد العقوبة األشد ،حٌث
أقرت المحكمة أنه فً حالة تعدد جناٌات أو جنح صدر بشؤنها عدة أحكام سالبة للحرٌة تنفد العقوبة
األشد ،مع العلم أن العقوبتٌن المطلوب دمجهما قابلتٌن للتنفٌذ حابزتان لقوة الشًء المقضً به.
و فً قرار اخر لمحكمة النقض ،32قضت بنقض القرار المطعون فٌه الصادر عن ؼرفة الجناٌات
االستبنافٌة بخرٌبكة فً القضٌة ذات العدد ،81/14/3183حٌث أن المحكمة المطعون فً قرارها لم
تبٌن ما إذا كان القراران المطلوب دمج العقوبتٌن الحبسٌتٌن اللذان قضٌا بهما اكتسبا قوة الشًء المقضً
به ،خاصة و أن أحد القرارٌن و هو صادر بتارٌخ ،19/14/3183تحت عدد 8823فً الملؾ الجنحً
521/3183علٌه طابع المحكمة ٌفٌد أنه مطعون فٌه بالنقض .و ذلك عكس ما تقضً به الفقرة الثانٌة
من الفصل 831من القانون الجنابً ،التً تفترض أن تكون األحكام قابلة للتنفٌذ فً حالة تعدد الجرابم
حتى تطبق العقوبة األشد.
و فً االخٌر ،بقً لنا أن نشٌر الى نقطة فً بالػ األهمٌة ،و هً حالة اجتماع األسباب المشددة و
األسباب المخففة للعقوبة فً نازلة واحدة ،حٌث تطرق المشرع لذلك من خالل الفصل 818من القانون
الجنابً الذي ٌنص " فً حالة اجتماع أسباب التخفٌف و أسباب التشدٌد ٌراعً القاضً فً تحدٌد
العقوبة مفعول كل منها على الترتٌب االتً :
الظروف المشددة العٌنٌة المتعلقة بارتكاب الجرٌمة.
الظروف المشددة الشخصٌة المتعلقة بشخص المجرم.
األعذار القانونٌة المتعلقة بارتكاب الجرٌمة و المخففة للعقوبة.
31
-قرار عدد 15الصادر بتارٌخ ٌ 12ناٌر ،3185فً الملؾ الجنحً عدد ،3189/8/1/89112المنشور بنشرة قرارات محكمة النقض –
الؽرفة الجنابٌة -العدد ،3185 ،31ص .91 ،95 :
32
-قرار عدد ،511الصادر بتارٌخ ٌ 83ونٌو ،3183فً الملؾ الجنحً عدد ،3183/8/1/5381المنشور بنشرة قرارات محكمة النقض –
الؽرفة الجنابٌة -العدد ،3189 ،89ص .85 ،89 ،83 :
15
األعذار القانونٌة المتعلقة بشخص المجرم و المخففة للعقوبة.
حالة العود.
الظروف القضائٌة المخففة".
فمن خالل هذا النص ٌكون على المحكمة أن تعمل كل أسباب التشدٌد و التخفٌؾ فً حالة اجتماعها،
كما علٌها أن تحترم فً نفس الوقت الترتٌب الذي جاء به المشرع فً الفصل السابق ،فال تعمل مثال
أحكام العود قبل اعمال ظروؾ التشدٌد أو التخفٌؾ ،و كمثال على ذلك اذا ارتكب شخص سرقة
باستعمال نفق تحت أرضً ،فان هذه السرقة تعتبر جناٌة القترافها بظرؾ من ظروؾ التشدٌد التً
سردها المشرع فً الفقرة 5من الفصل 581من القانون الجنابً ،و تعاقب بالسجن من 5الى 81
سنوات ،فاذا كان مرتكب الجرٌمة السابقة قد سبق آن حكم علٌه بحكم جنابً بات عن جناٌة السرقة
الموصوفة ،فانه ٌعتبر فً حالة عود ،و تطبٌقا للفصلٌن 855و 818من القانون الجنابً تكون عقوبته
هً السجن من 81الى 31سنة.33
www.elkanounia.com
بخالؾ التفرٌد القانونً أو التشرٌعً الذي ٌراعٌه المشرع عندما ٌشرع الجزاء الذي ٌقرره
فً النص العقابً ،فالتفرٌد القضابً تظهر معالمه عند تطبٌق هذا العقوبة ،حٌث ٌقوم القاضً بتقدٌر
العقو بة بناءا على السلطة التً منحه إٌاه المشرع .فالجرٌمة أٌا كان سبب وقوعها وبعد ان ٌقدر المشرع
جسامتها فً صورة حد أدنى وحد أقصى ٌترك للقاضً سلطة اإلختٌار بٌن هذٌن الحدٌن أو ٌنزل
بالعقوبة حتى دون الحد األدنً حسب جسامة الجرٌمة وخطورة المجرم.
وٌعتبر التفرٌد القضابً من أهم أنواع التفرٌد على اإلطالق ،ألن المشرع عند تقدٌره للعقوبة
ٌكون جاهال بالظروؾ التً ارتكبت فٌها والظروؾ المحٌطة بالجانً ،وهذا ما ٌحول دون مالبمة العقاب
لكل مجرم ،وعلى العكس من ذلك فإن القاضً تتاح له فرصة اإلتصال بالمجرم فٌتمكن من الوقوؾ على
أحواله وظروؾ إجرامه على نحو ٌإمن قدرا كافٌا من العدالة ،34ولإلحاطة بمجال التفرٌد القضابً
سنتطرق للسلطة التقدٌرٌة للقاضً فً تفرٌد العقاب على ضوء مجموعة من األحكام القضابٌة(المطلب
األول) ،لكن السإال الذي ٌطرح هنا حول ما هً المعاٌٌر التً ٌنطلق منها القاضً لقٌاس األم المتكامل
لجسامة الجرٌمة ،ومسإولٌة مقترفها ،وقدر ما ٌستحق من العقاب؟ وهذا ما سنحاول اإلجابة علٌه
مبرزٌن مختلؾ ضوابط السلطة التقدٌرٌة للقاضً فً تفرٌد العقاب( المطلب الثانً)
المطلة األول :السلطح الرقذٌشٌح للقاضً فً ذفشٌذ الؼقاب ػلى ضىء األحكام القضائٍح
تعطً القوانٌن المقارنة ومعها القانون المؽربً للقضاء الزجري سلطة تقدٌرٌة فً تقدٌر
الحجج واألدلة ،حٌث ال ٌحكم القضاء الزجري إال باقتناعه الصمٌم ،هذا إلى جانب سلطته التقدٌرٌة فً
33
-أنظر عبد الواحد العلمً ،المرجع السابق ،ص .343 ،342 ،341 ، 345
-39خبالً حسن مقال "مبدا تفرٌد العقاب " منشور بالموقع Marocdroit :comساعة اإلطالع 82.33بتارٌخ 83نونبر 3182
اإللكترونً
16
تفرٌد العقاب ،لذا نص الفصل 141من القانون الجنابً المؽربً على أنه "للقاضً سلطة تقدٌرٌة فً
تحدٌد العقوبة وتفدٌرها فً نطاق الحدٌن األدنى والقصى المقررٌن فً القانون المعاقب على الجرٌمة،
مراعٌا فً ذلك خطورة الجرٌمة المرتكبة من ناحٌة وشخصٌة المجرم من ناحٌة أخرى" .
وبهذا النص ٌكون المشرع قد خول للقاضً بطرٌقة ؼٌر مباشرة صالحٌات واسعة فً
تنزٌل السٌاسة العقابٌة،35كما أقر المجلس األعلى (محكمة النقض حالٌا) سلطة القاضً التقدٌرٌة فً عدة
قرارات نذكر منها {...تكون المحكمة قد استعملت سلطتها فً تقدٌر العقوبة لما ارتؤت رفعها إلى الحد
36
الذي ٌناسب الجرٌمة}...
وإذا كان المشرع قد حدد سلفا العقوبة المالبمة لكل جرٌمة بٌن الحدٌن األدنى واالقصى،
فإنه ترك سلطة تقدٌرٌة للقاضً من أجل التصرؾ بٌن هذٌن الحدٌن(الفقرة األولى) ،ولم تقتصر سلطة
القاضً على ذلك فقط؛ بل ٌمكن له أن ٌنزل بالعقوبة عن حدها األدنى عندما ٌمنح المتهم ظروؾ
التخفٌؾ (الفقرة الثانٌة) ،وأحٌانا ٌمكن له ان ٌوقؾ تنفٌد العقوبة(الفقرة الثالثة).
www.elkanounia.com
وٌمنح الفصل 141ق.ج للقاضً سلطة تقدٌرٌة واسعة بٌن هذٌن الحدٌن ،فٌستطٌع الحكم فً الجرٌمة
الواحدة إن تعدد جناتها على البعض بالحد االدنى ،وعلى البعض اآلخر بالحد األقصى إذا بدا له أن هذا
المجرم ٌشكل خطورة على المجتمع ،وهو فً ذلك ؼٌر ملزم بتعلٌل قراره وباألسباب التً دعته إلى
التخفٌؾ أو التشدٌد ،وبالتالً فلٌس لمن شدد عقوبته الطعن فً قرار القاضً ألنه ال ٌخضع للرقابة من
39
هذه الناحٌة.
والنتٌجة التً ٌمكن استخالصها مما سبق ،هً حتمٌة اختالؾ األحكام باختالؾ القضاة و المحاكم ،وفً
هذا نوع من التحكم إن صح التعبٌر؛ ألن ما قد ٌبدوا لهذا القاضً مخففا للعقوبة قد ال ٌبدوا كذلك لؽٌره
من القضاة ،وبالتالً نكون قد عرضنا حرٌة األفراد لنوع من التعسؾ ،فما هو الضابط ٌا ترى لسلطة
القاضً التقدٌرٌة بالنسبة لهذا التحدٌد،40وهذا ما سنحاول اإلجابة علٌه فً المطلب الثانً من هذا
المبحث.
35
موالي الحسن اإلدرٌسً " السٌاسة العقابٌة بالمؽرب بٌن التحدٌات واإلصالحات "أطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون الخاص سنة
،3189/3183جامعة محمد الخامس من كلٌة العلوم القانونٌة واإلقتصادٌة واإلجتماعٌة بسال ص. 813.
36
القرار عدد 4/8193الصادر فً 3119/88/3منشور بقضاء المجلس األعلى العدد 13السنة 3111ص.339 :
37
الفصل ..." 841أما إذا ارتكبت وقت السلم فإن العقوبة هً السجن من خمس إلى عشرٌن سنة "
38
لطٌفة المهداتً " حدود سلطة القاضً التقدٌرٌة فً تفرٌد العقاب " الطبعة األولى -3112مطبعة طوب برٌس الرباط صفحة 54
39
نفس المرجع ص11 :
40
نفس المرجع ص11:
17
الفقشج الثاوٍح:سلطح القاضً فً مىح ظشوؽ الرخفٍف.
قد تتشابه الظروؾ القضابٌة المخففة إلى حد بعٌد مع األعذار القانونٌة المخففة ،إذ أن كلٌهما
ٌإدي إلى التخفٌؾ من مقدار العقوبة ،إال أن الفارق الجوهري بٌنهما ،هو أن الثانٌة قد أوردها المشرع
على سبٌل الحصر وبالنسبة لجرابم معٌنة ،فً حٌن أن األولى لم ترد فً القانون على سبٌل الحصر ،بل
ُترك أمر تقدٌرها إلى القاضً الجنابً ٌستنبطها وٌُعمِلها بحسب الظروؾ.41
وأمام سكوت المشرع عن تعرٌؾ الظروؾ المخففة ،فٌمكن تعرٌفها بؤنها الخصابص
الموضوعٌة أو الشخصٌة ؼٌر المحددة قانونا ،والتً ٌمكن أن تسمح بتخفٌؾ العقوبة المقررة للجرٌمة
وفقا للمعٌار الذي نص علٌه القانون.42ولنظام ظروؾ التخفٌؾ أهمٌة كبرى تبرز فً كونه قضً على
القسوة والطرٌقة التً كانت تتسم بها األحكام من ناحٌة،43ومن ناحٌة أخرى وضع حد لقرارات البراءة
التً كان القضاة ٌصدرونها فً حالة عد وجود عقوبة مالبمة ،بحٌث تكون العقوبة المخصصة ؼاٌة فً
الشدة ،وهذا بالضبط ما حذا بجل التشرٌعات إلى التنصٌص على ظروؾ التخفٌؾ تاركة للقضاء سلطة
منحها من عدمه إذا ما تبٌن أن العقوبة قاسٌة بالنسبة لخطورة الجرٌمة.44
www.elkanounia.com
نظم المشرع المؽربً الظروؾ المخففة فً الفصول 146إلى الفصل ،151وألزم المحكمة عندما
ترى تمتٌع المتهم بظروؾ التخفٌؾ بالضابطٌن التالٌٌن.
األول :التقٌد بالمدى الذي ٌصل إلٌه هذا التخفٌؾ بحٌث ال ٌجوز لها تخطٌه ،45وبالتالً التقٌد
بنطاق التخفٌؾ القضابً سواء فً العقوبات األصلٌة :من جناٌات ،46وجنح تؤدٌبٌة 47و
ضبطٌة ،48والمخالفات .49وحتً فً العقوبة اإلضافٌة حسب جانب من الفقه.50
الثانً :أن ال ٌوجد فً القانون نص ٌمنع منح ظروؾ التخفٌؾ القضابٌة.51
ولإلشارة فإلزام القاضً الجنابً بمراعاة الضابطٌن المذكورٌن ال ٌعنً إجباره بمنح
الظروؾ المخففة ألي كان بل هو حر فً منحها من عدمه ،والظرؾ المخفؾ هو ظرؾ شخصً
ٌمنحه القاضً للمتهم عندما ٌري مسوغ لذلك .ونذكر بعض تجلٌات هذه السلطة فً العمل القضابً
حٌث:
جاء فً قرار الؽرفة اإلستبنافٌة بالمحكمة اإلبتدابٌة بتازة ،52بعد أن قضى الحكم اإلبتدابً
بإدانة المتهم األول بجنحة الخٌانة الزوجٌة والحكم علٌه بخمسة أشهر حبسا نافذا ،وبالمشاركة فٌها
بالنسبة للمتهمة الثانٌة والحكم علٌها بشهر واحد حبسا نافذا ،على أساس تمتٌع المتهمٌن بظروؾ
41
عبد الواحد العلمً "شرح القانون الجنابً المؽربً القسم العام "الطبعة السابعة 3181-8932صفحة 315 :
42
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص 18 :
43
المقصود التشرٌعات القدٌمة
44
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص 13 :
45
عبد الواحد العلمً مرجع سابق ص315 :
46
الفصل 892و 893من ق.ج
47
الفصل 894من ق ج
48
الفصل 851من ق ج
49
الفصل 858من ق ج
50
ٌرى الفقٌه أحمد الخملٌشً إلى أنه بالنظر إلى طبٌعة إرتباط العقوبات اإلضافٌة عموما بالعقوبات األصلٌة قد ٌمتد معه أثر الظروؾ المخففة
إلى األولى.
51
كالفصل 35من قانون 83أكتوبر 8428المتعلق باإلثمان ومراقبتها .والفصل 83من الظهٌر ٌ 38ولٌوز 8433المنظم للصٌد البري
52
قرار بتارٌخ 3183/8/3ملؾ رقم 83/23ؼٌر منشور ،أنظر الملحق.
18
التخفٌؾ .وبعد االستبناؾ ،قضت ؼرفة اإلستبنافات بالحكــــم على المتهم األول بشهرٌن حبسا نافذا بدل
خمسة أشهر ،وبتؤٌٌد الحكم اإلبتدابً فٌما قضى به بخصوص المتهمة الثانٌة.
من هذا القرار ٌتضح اختالؾ السلطة التقدٌرٌة لكل من قاضً الحكم اإلبتدابً واإلستبنافً؛
بشؤن تقدٌر ظروؾ التخفٌؾ والنزول عن الحد األدنى المقرر لللجرٌمة طبقا للفصل 150ق.ج .وعلٌه
فالقاضً له ان ٌمنح ظروؾ التخفٌؾ لمتهم وال ٌمنحها لمتهم آخر فً نفس الواقعة،وقد ٌمنحها للمتهمٌن
فً نفس الواقعة مع اختالؾ العقوبة المقررة لكل واحد منهم ،واألكثر من ذلك قد ٌرى قاضً الدرجة
األولى تمتٌع المتهم بظروؾ التخفٌؾ ،فً حٌن ال ٌرى قاضً الدرجة الثانٌة ذلك ،وقد ٌمنحاه ظروؾ
التخفٌؾ مع اختالؾ التقدٌر لكل قاض كما هو الشؤن فً هذا القرار.
وحري بالبٌان أنه ال ٌجوز لمن رفض تمتٌعه بظروؾ التخفٌؾ أن ٌطعن فً القرار الذي
لم ٌمنحه التخفٌؾ؛ ألن القاضً طبقا للفصل 146ق ج ؼٌر ملزم قانونا بتبرٌر سبب الرفض ،والعكس
53
ؼٌر صحٌح؛ إذا ٌلزم القاضً تعلٌل قراره عند منحه لظروؾ التخفٌؾ
www.elkanounia.com
وفً قرار صادر عن ؼرفة الجناٌات اإلسبنافٌة بمحكمة الإلستبناؾ بالرباط ،54بتؤٌٌد القرار
المستؤنؾ القاضً بإد انة المتهم بجناٌة السرقة الموصوفة والحكم علٌه بؤربع سنوات حبسا نافذا " وحٌث
تداولت الؽرفة فً شؤن منح المتهم المدان ظروؾ التخفٌؾ أو عدم منحه إٌاه ،على اعتبار الجزاء المقرر
لألفعال الثابتة فً حقه قاس بالنسبة لخطورة األفعال المرتكبة ولدرجة إجرام المتهم ،والنزول بالعقوبة
المقررة للجرٌمة عن الحد األدنى المقرر فً القانون ...وحٌث ارتؤت المحمة أن العقوبة جاءت مناسبة
وخطورة األفعال المرتكبة مما ٌنبؽً معه تؤٌٌد الحكم المستؤنؾ"...
وفً قرار آخر صادر عن نفس المحكمة بتارٌخ " 552015/10/22وحٌث توبع المتهم من
أجل ما نسب إلٌه بخصوص جناٌة السرقة الموصوفة ...وفق مقتضٌات الفصل 509من القانون
الجنابً ،وحٌث أنه نظرا لظروؾ المتهم اإلجتماعٌة قررت المحكمة بعد المداولة تمتٌعه بظروؾ
التخفٌؾ طبقا لمقتضٌات الفصل 147من ق ج ،والفصل 430من ق م ج ،ثم مإاخدة المتهم من أجل
ما نسب إلٌه والحكم علٌه بسنتٌن حبسا نافذا"...
ونود من خالل هذه القرارت القضابٌة بٌان كٌؾ أن القضاء المؽربً ٌلجؤ بكثرة إلى
استعمال هذه التقنٌة ،بهدؾ تخفٌؾ العقوبة إلى ما دون حدها األدنى ،وفً كال القرارٌن تمت إذانة المتهم
بجناٌة السرقة الموصوفة طبقا للفصل 509ق ج والتً تصل عقوبتها من 10إلى 20سنة ،وفً حالة
ظروؾ التخفٌؾ فإن الجناٌات التً ٌصل حدها األدنى عشر سنوات فطبقا للفصل 147ق ج تنزل
العقوبة ابتداء من خمس سنوات إلى عشر سنوات أو من سنتٌن إلى خمس سنوات ،ففً القرار األول تم
تنزٌل العقوبة إلى أربع سنوات ،وفً القرار الثانً تم تنزٌل العقوبة إلى حدها األدنى فً حالة ظروؾ
التخفٌؾ حٌث حكم على المتهم بسنتٌن فقط.
ولعل أهم ما ٌمكن استنتاجه فً هذا الموضوع أن المحكمة الزجرٌة ال تستطٌع ان تستعمل حقها فً منح
ظروؾ التخفٌؾ لتخرج به عن الحدود التً وضعها القانون بالنسبة للعقوبة المطبقة بمجرد أنها ترٌد
53
عبد الواحد العلمً مرجع سابق ص 312 :
54
قرار ؼٌر منشور ،أنظر الم لحق
55
قرار ؼٌر منشور ،أنظر الملحق
19
ذلك ،وإنما ٌجب علٌها ان تبٌن السبب وأن تعلل رأٌها فً الموضوع ،حتً تتسنى الرقابة علٌها من
طرؾ محكمة النقص.
وعلٌه فللقاضً أن ٌوقؾ تنفٌد العقوبة بعد الحكم على المتهم ،وٌبقى تنفٌد العقوبة موقوفا خالل فترة
معٌنة حددها المشرع فً خمس سنوات ،بحٌث إذا لم ٌصدر عن المحكوم علٌه أي فعل معاقب خالل
www.elkanounia.com
هذه الفترة ٌصبح الحكم بإٌقاؾ التنفٌذ كؤن لم ٌكن ،وبالعكس إذا عاد المحكوم علٌه وارتكب داخل هذه
الفترة جناٌة أو جنحة ترتب على ذلك إلؽاء إجراءات وقؾ التنفٌد واعتبرت الجرٌمة الجدٌدة سابقة فً
ارتكاب العود.
إال أن سلطة القاضً فً وقؾ التنفٌد لٌست مطلقة؛ فهو من جهة ملزم بتعلٌل قراره بوقؾ تنفٌد
العقوبة ،وإال عرض حكمه للنقض 57ومن جهة أخرى أال ٌكون الجانً قد حكم علٌه بالسجن من أجل
جناٌة أو جنحة عادٌة ،بحٌث إذا سبق الحكم علٌه بجناٌة أو جنحة ؼٌر عادٌة؛ كؤن تكون سٌاسٌة او
عسكرٌة فإنه ال ٌإثر على وقؾ التنفٌد ،وعلة هذا الشرط واضحة إذ أنه ٌجب أن ٌستفٌد من وقؾ التنفٌد
المجرم اإلبتدابً فقط ،ونذكرهنا بعض القرارت التً لجؤ فٌها القضاء إلى إٌقاؾ تنفٌد العقوبة رؼم
خطورة الجرٌمة المرتكبة:
قرار صادر عن محكمة الإلستبناؾ بالرباط 58بعد أن تم إذانة المتهم بجناٌة تكوٌن عصابة إجرامٌة
والحكم علٌه بسنتٌن حبسا نافذا فً القرار المستؤ َنؾ ،وبعد المداولة قضت المحكمة " بتؤٌٌد القرار فٌما
قضى به...وجعل العقوبة الحبسٌة المحكوم بها نافذة فً حدود سنة وموقوفة التنفٌد فً السنة األخرى "
وفً قرار صادر عن نفس المحكمة ،59بناء على الطعن المقدم ضد القرار الصادر عن ؼرفة
الجناٌات اإلبتدابٌة والقاضً بمإاخذة المتهمٌن من أجل ما نسب إلٌهم من جناٌة السرقة الموصوفة ،طبقا
للفصل 509والحكم على كل واحد منهم بسنتٌن حبسا نافذا فً حدود سنة وموقوفة التنفٌد فً الباقً" ،
وحٌث قررت المحكمة بعد المداولة العمل بظروؾ التخفٌؾ...وحٌث أن العقوبة المحكوم بها جاءت
قاسٌة بالنظر إلى خطورة الفعل المرتكب...إرتؤت المحكمة تؤٌٌده مع جعل العقوبة الحبسٌة نافذة فً
حدود أربعة أشهر وموقوفة التنفٌد فً الباقً".
56
خبال حسن مرجع سابق ص 91
57
قرار عدد 8/232مإزخ فً ،3113/5/33ملؾ جنحً عدد .3113/481قضاء المجلس األعلى عدد 1ماي 3115ص 339 :جاء فً حٌثٌاته
" وحٌث ٌتضح أن المحكمة لبن عللت قرارها بمنح المتهم ظروؾ التخفٌؾ فإنها لم تات بؤي تعلٌل خاص لتوقٌع عقوبة حبسٌة موقوفة التنفٌد فً
حق المتهم ؼٌر مراعٌة بذلك ما أوجبه المشرع فً الفصل 55من القانون الجنابً المشار إلٌه اعاله مما جاء معه قرارها مخالفا للقانون ومعرضا
بالتالً للنفض واإلبطال".
58
قرار عدد 519بتارٌخ 3188/9/35ملؾ عدد 31/3188/333ؼٌر منشور :أنظر الملحق
59
قرار عدد 514صادر بتارٌخ 3185/81/32فً الملؾ رقم 3183/3185/955ؼٌر منشور :أنظر الملحق
20
ونستشؾ من هذا القرار األخٌر أن المحكمة منحت المتهمٌن ظروؾ التخفٌؾ فً حدها األدنى وهو
سنتٌن على اعتبار أن جرٌمة السرقة الموصوفة تصل عقوبتها من عشر إلى عشرٌن سنة إال أنه فً
حالة ظروؾ التخفٌؾ كما سبقت اإلشارة فإنها تصل حتى سنتٌن كحد أدنى ،إال أن ؼرفة اإلستبنافات
بالمحكمة المذكورة لم تكتؾ فقط بظروؾ التخفٌؾ ،بل لجؤت لنظام وقؾ التنفٌد ،حٌث أصبحت العقوبة
نافذة فً حدود أربعة أشهر(بدل سنة فً القرار المستؤنؾ) وموقوفة التنفٌذ فً الباقً.
وٌالحظ أن القضاء أصبح مٌاال للرأفة بالمتهمٌن ،إذا ال ؼرابة أن نجد على ؼرار هذا القرار حكما
ٌقضً بمإاخدة المتهم بجناٌة السرقة الموصوفة بسنتٌن موقوفة التنفٌد ،إذ كٌؾ ٌعقل أن جناٌة كالسرقة
الموصوفة ٌصل حدها األقصى فً القانون إلى عشرٌن سنة حبسا نافذا ٌخرج منها المتهم سلٌما بدون
عقاب بسب ظروفه ،علما أن وقؾ التنفٌد تمتد آثاره إلى 5سنوات فقط ،وبعدها ٌصبح الحكم بإٌقاؾ
التنفٌذ منعدما ،وٌمكن للمتهم ان ٌعود إلى ارتكاب ما شاء من الجرابم دون الخوؾ من أي عقوبة عالقة
فً ذمته.
www.elkanounia.com
ومن هذا المنطلق ٌمكننا القول وال ؼضاضة بؤن وقؾ التنفٌذ رؼم ما له من إٌجابٌات ،فإنه متى
اقترن بظروؾ التخفٌؾ قد ٌإدي إلى الخروج عن السٌاسة العقابٌة للمشرع.
ٌتضح من خالل الفصل 141أن المشرع رؼم نصه على خطورة الجرٌمة كضابط على القاضً
األخذ به عند تفرٌد العقوبة ،إال أنه لم ٌحدد المعاٌٌر المشكلة للخطورة اإلجرامٌة حٌث ترك األمر إلى
القضاء ،وعلى عكس المشرع المؽربً فإن التشرٌع اإلٌطالً لسنة ٌ 1930عتبر مثاال وضحا لتطبٌق
فكرة الخطورة اإلجرامٌة ،وهو التشرٌع الذي ال زال معموال به حتى الٌوم ،حٌث حدد الضوابط التً
ٌجب اإلستعانة بها من طرؾ القاضً 62بنص الفصل 132من القانون المشار إلٌه على ان " التحدٌد
الواقعً للعقوبة منوط بالسلطة التقدٌرٌة للقاضً ،والذي ٌجب علٌه أن ٌبٌن األسباب التً تفسر إعماله
60
محمد الحمٌانً " إشكالٌة العقوبة المبررة –دراسة مقارنة" -أطروحة لنٌل شهادة دكتورة فً القانون الخاص سنة 3185/3189من جامعة
محمد الخامس كلٌة العلوم القانونٌة واإلقتصادٌة واإلجتماعٌة أكدال ص844 :
61
محمد شالل حبٌب "الخطورة اإلجرامٌة دراسة مقارنة " طبعة 8431بؽداد ص 33مؤخود من المرجع السابق نفس الصفحة
62
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص 834 :
21
للسلطة الممنوحة له ".كما أن المادة 133من نفس القانون فجاءت متضمنة للمعاٌٌر التً ٌتعٌن على
القاضً أن ٌؤخذها بعٌن اإلعتبار.63
ونعتقد ان البٌان الذي أورده المشرع اإلٌطالً له قٌمته العلمٌة ،ذلك أنه تضمن اإلشارة إلى أهم
مواطن استخالص الخطورة اإلجرامٌة التً تعد مرتكزا إلعمال السلطة التقدٌرٌة فً تحدٌد العقوبة
.64وقد نهج قانون العقوبات اللٌبً فً المادتٌن 27و 28منه .نهج المشرع اإلٌطالً.
وبناء على ما سبق فعلى القاضً الجنابً ان ٌدخل فً اعتباره كال من العنصر المادي والنفسً للوقوؾ
على جسامة الجرٌمة،
الوسٌلة :وهً الكٌفٌة التً ٌتم بها النشاط اإلجرامً ،فقد ٌستعٌن الجانً بوسابل مختلفة،
كالسالح والسالح األبٌض أو السم ،وكل ذلك ٌإثر طبعا فً تحدٌد مقدار العقوبة.
الزمان :وٌعتد بالزمان كظرؾ فً الجرابم ٌدخله المشرع فً حساب الجزاء ،فاللٌل مثال
ٌعتبر ظرفا مشددا إذا رافق جرٌمة اإلعتداء أو السرقة أو القتل وٌعتبر مخففا إذا ما
صاحب جرٌمة الفعل الفاضح العلنً.
المكان :وهو الموقع الذي ارتكب فٌه النشاط اإلجرامً ،وله أهمٌة بالؽة أٌضا فً تقدٌر
الجزاء الجنابً ،قد ٌرتكب الفعل فً مكان آهل بالسكان او فً مكان عمومً ،مما
65
قد ٌشدد العقوبة أو ٌخففها حسب األحوال.
فالنتٌجة اإلجرامٌة بمدلولها القانونً تتمثل فً الضرر المعنوي الذي ٌنال من مصلحة أو حقا ٌحمٌه
القانون؛ فهً إذا العاقبة الضارة للفعل؛ أي المساس بالمصلحة التً تحمٌها قاعد التجرٌم مساسا ٌتكون
إما من الضرر الفعلً ،وإما من مجرد تعرٌض المال أو المصلحة محل الحماٌة للخطر ،فالتؽٌٌر الذي
ٌحدث فً العالم الخارجً ٌؤخذ صورة الضرر الفعلً أو الضرر المحتمل الوقوع66؛ وكلما كان الضرر
63
جسامة الجرٌمة المستخلصة من -8:طبٌعة الفعل ونوعه ووسابل ارتكابه ومحله وزمانه ومن سابر الظروؾ المتعلقة به
. -3جسامة الضرر أو الخطر الذي لحق أو هدد المجنً علٌه فً الجرٌمة
-3درجة القصد أو الخطؤ
كما ٌجب على القاضً ان ٌؤخد فً اإلعتبار أٌضا المٌل اإلجرامً أو القدرة على اإلجرام المستخلصة من :
-8بواعث الجرٌمة ونوع المجرم
-3السوابق الجنابٌة والقضابٌة ،وبصفة عامة سلوكه وأسلوب حٌاته السابق على الجرٌمة .
-3سلوكه المعصر أو الالحق للجرٌمة.
-9ظروؾ حٌاته الخاصة والعابلٌة واإلجتماعٌة ( .المادة 833من قانون العقوبات اإلٌطالً ) .
64
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص 838
65
مثال "جرٌمة الفعل العلنً الفاضح إذا ما ارتكبت فً مكان عمومً أو على قارعة الطرٌق أو بجانب المسجد تكون العقوبة حتما أشد مما لو
ارتكبت فً مكان خال من السكان او فً مسكن خاص" .لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص895 899 :
66
كما فً جرٌمة ترك األطفال او العاجزٌن وتعرٌضهم للخطر فً القانون الجنابً المؽربً الفصلٌن 954إلى .918
22
تافها وضبٌلة كانت العقوبة خفٌفة والعكس صحٌح ،وقد نصت بعض التشرٌعات على هذا المعٌار
صراحة كالتشرٌع اإلٌطال المادة 133والتشرٌع اللٌبً المادة 28كما سبق البٌان إذ ال وجود لمثل هذٌن
67
النصٌن فً القانون المؽربً.
واستظهار القصد الجنابً من أهم واجبات القاضً إذ ال ٌستقٌم بؽٌرها إمكانٌة تطبٌق قانون ،وال تقدٌر
عقوبة ،وهو ٌتفاوت فً دقته من جرٌمة إلى أخرى تفاوتا كبٌرا .كما ٌعبر عن مدى خطورة الفاعل ألنه
ٌعكس نفسٌة الجانً الخطٌرة.
و ٌقع على القاضً تحدٌد نوع القصد الجنابً هل هو قصد عام او قصد خاص ،محدود او ؼٌر
محدود ،بسٌط أو مسبوق بسبق اإلصرار ،وهل هو قصد مباشر او احتمالً .وبالنسبة للخطؤ ؼٌر العمدي
www.elkanounia.com
ٌحدد القاضً هل هو خطؤ واعً أو مع التبصر ،أم أنه خطؤ ؼٌر واعً والراجع إلى سهو أو نسٌان،
ومع كل هذا التدرج تتدرج أٌضا خطورة الجانً التً تإخذ طبعا فً الحساب عند اختٌار العقوبة.
وهكذا جاءت السٌاسات الجنابٌة الحدٌثة واضحة الرإٌا ،وكان من توصٌات المإتمرالدولً الثانً
للدفاع اإلجتماعً سنة ،1949والمإتمر الثانً عشر الدولً الجنابً والسجونً المنعقد "بالهاي" فً
ؼشت ،1950والمإتمر الدولً الثالث للدفاع اإلجتماعً المنعقد "بسان مرتان" . 1951على انه ٌنبؽً
69
مراعاة شخصٌة المجرم عند تحدٌد العقوبة او التدبٌر الوقابً.
إن اإلهتمام بشخصٌة المجرم أصبح ضرورة ٌتطلبها مبدأ تفرٌد العقاب ،وعلٌه ٌمكن حصر المعاٌٌر
الشخصٌة المعتمدة فً تحدٌد الجزاء المناسب ،فً كل من الدافع أو الباعث على ارتكاب الجرٌمة،
إضافة إلى سلوك المجرم وقت إرتكاب الجرٌمة و بعدها ،وظروؾ حٌاته الشخصٌة والعابلٌة
واإلجتماعٌة.
67
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص895 :
68
احمد الخملٌشً" شرح القانون الجنابً الفسم العام" الطبعة األولى ، 8435/8915مطبعة المعارؾ الرباط ص885:
69
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص 894:
70
عمر أبو الطٌب "محاضرات السنة الثانٌة فً الحكام العامة للجرٌمة " الجزء 3ط 8443/8448الرباط ص 343:ماخود من الورجع السابق
23
صورتً الركن المعنوي ،فإن الباعث عكس ذلك ٌتؽٌر فً الجرٌمة الواحدة وٌقبل التجزبة بحٌث ٌمكن
ان ٌكون شرٌفا أو دنٌبا مثال .إضافة إلى أن الباعث فً القانون الجنابً ال ٌإخد بعٌن اإلعتبار إال فً
71
حاالت خاصة
وكمبدأ عام فال ٌإثر الدافع على قٌام الجرٌمة وال على تقدٌر الجزاء .وإن كان المشرع المؽربً
الٌاخذ بفكرة الباعث مبدبٌا كضابط للعقوبة ،إال ان المالحظ أن القضاء فً إطار سلطته التقدٌرٌة ٌجعل
الباعث النبٌل وسٌلة لتخفٌؾ الجزاء والباعث الحقٌر وسٌلة لتشدٌد العقوبة ،وٌستنتج هذا من السلطة
التقدٌرٌة المخولة بٌن الحدٌن األدنى و األقصى 72طبقا للفصل 141ق ج ،وفً منح ظروؾ التخفٌؾ
من عدمه طبقا للفصل 146ق ج ،وكذا فً سلطة القاضً بوقؾ التنفٌذ ،وأٌضا ٌعتبر الباعث ضابطا
الختٌار إحدى العقوبتٌن الممنوح للقاضً لٌختار بٌنهما –عقوبة سالبة للحرٌة او عقوبة مالٌة-وفً هذا
الصدد نذكر ان بعض التشرٌعات تقٌم وزنا خاصا للبواعث كالقانون األلمانً فً المادة " 20حٌثما
ٌسمح القانون باإلختٌار بٌن األشؽال الشاقة فإنه ٌمكن فرض األشؽال الشاقة على من ٌتبٌن إرتكابه
للجرٌمة بباعث دنًء ".
www.elkanounia.com
وحتى قاضً التحقٌق عندما ٌلتمس منه إجراء تحقٌق إعدادي ،فعلٌه أن ٌقوم ببحث حول شخصٌة
المتهم والظروؾ المحٌطة به ،سواء كانت عابلٌة أو اقتصادٌة او اجتماعٌة وفً هذا ٌقول الدكتور عبد
71
ٌؤخد المشرع المؽربً الباعث الدنًء بعٌن اإلعتبار فً جرٌمتً الخٌانة والتجسس فً الفصول 838إلى 835من ق ج
وٌاخد بالباعث النبٌل فً جرٌمة التستر عن الجرم إذا تعلق األمر باألقارب او األصهار الفصل 345ق ج
72
لطٌفة المهداتً مرجع سابق ص 853 :
24
الواحد العلمً "وهذا اإلجراء الذي أوجبه المشرع عندنا على قاضً التحقٌق فً الجناٌات له أهمٌة كبرى
ال تخفى ،إذ بواسطته ٌتم اإلطالع على العناصر التً كان لها الدور فً إنتاج الظاهرة اإلجرامٌة فً
الواقع المادي الخارجً ،والتً لوال تظافرها ،لم ٌكن هذا الماثل أمام قاضً التحقٌق متهما فً جرٌمة،
وما دام القانون الجنابً ٌسبػ على الظروؾ المولدة للجرٌمة أهمٌة بالؽة عند تفرٌد العقاب ".73
لم ٌعد السجن فً الزمن المعاصر مجرد مكان ٌختص لعزل المحكوم علٌهم طٌلة فترة العقوبة المحكوم
www.elkanounia.com
بها ،بل تحول فً ظل السٌاسة العقابٌة الحدٌثة إلى مرفق إجتماعً ؼاٌته تقوٌم وتؤهٌل وإصالح النزالء.
فقد إستفادة اإلدارة العقابٌة من النتابج التً توصلت إلٌها الدراسات اإلجرامٌة فٌما ٌتعلق بشخصٌة
المحكوم علٌه ،وما ٌطرأ علٌها من تؽٌر بفعل العقاب الجنابً حال قٌامها بتنفٌذ العقاب الجنابً المقضً
به فً حق الجانً ،فقد ٌتاح للقابمٌن على التنفٌذ العقابً التعدٌل من طبٌعة العقوبة أو من مدتها أو من
طرٌقة تنفٌذها حسب ما ٌطرأ على شخصٌة المجرم ومدى إستجابته للتؤهٌل واإلصالح.
والتفرٌد التنفٌذي أو اإلداري للعقوبة :هو الذي تتواله السلطة التنفٌذٌة فً حدود المبادئ والقواعد
العامة التً ٌحددها المشرع ،فكثٌرا ما ٌعهد هذا األخٌر إلى السلطة التنفٌذٌة ،باعتبارها الجهة القابمة
على التنفٌذ العقابً وإدارة المإسسات والمنشآت العقابٌة التً ٌتم التنفٌذ فٌها ،بمهمة تفرٌد العقوبة
المالبمة لظروؾ الجرٌمة والمجرم من ناحٌة ،وتحقٌقها للؽاٌة منها كما رسمها القانون (تؤهٌل وإصالح
السجٌن) من ناحٌة أخرى.74
فالقاضً بعد أن ٌحكم على الجانً بالعقوبة التً ٌراها مالبمة لظروؾ الجرٌمة وفاعلها ،تتولى
السلطة أو الجهة اإلدارٌة مهمة تنفٌذ هذه العقوبة على المحكوم علٌه ،وبحكم إتصالها المباشر والقرٌب
بهذا األخٌر فإنها قد تجد أن العقوبة المحكوم بها علٌه ؼٌر مالبمة لظروفه الشخصٌة ،خاصة بعد انقضاء
فترة زمنٌة من التنفٌذ ،ومن تم فإن التفرٌد ال ٌكون ممكنا بدون فحص دقٌق لشخصٌة الجانً واإللمام
بالعوامل اإلجرامٌة والسبل المتوقعة لتقوٌمها ،وبعد تطور ؼاٌة العقاب إلى اإلصالح والتؤهٌل ظهرت
الحاجة إلى تقسٌم السجناء إلى مجموعات توزع على المإسسات العقابٌة التً تناسبها مع وضع برنامج
التؤهٌل المالبم لظروؾ كل مجموعة ،وبالتالً فإن الفحص والتصنٌؾ ٌعدان أمران الزمان لتوزٌع
المحكوم علٌهم على المإسسات العقابٌة المختلفة.75
73
عبد الواحد العلمً "شروح فً القانون الجدٌد المتعلق بالمسطرة الجنابٌة " الجزء الثانً ،مطبعة النجاح الجدٌدة الدار البٌضاء،الطبعة الخامسة
ص53:
74
-خدٌجة السعٌدي" ،سلطة اإلدارة فً مجال تفرٌد العقاب" رسالة لنٌل دٌبلوم الماستر ،العلوم والمهن الحرة،السنة،3189-3183:ص.83:
75
-عثمان فكري " ،التفرٌد التنفٌذي للعقوبات السالبة للحرٌة" ،رسالة لنٌل دبلوم الماستر فً العلوم القانونٌة ،ص ،53:السنة الجامعٌة-3185 :
.3181
25
وٌمكن الوقوؾ فً إطار هذا المبحث على النظام القانونً للفحص والتصنٌؾ فً النظام القانونً
المؽربً والقوانٌن المقارنة (المطلب األول) ،ثم نتطرق إلى بعض نمادج التفرٌد التنفٌذي للعقوبة
(المطلب الثانً).
والعالقة بٌن هذٌن النظامٌن أنهما نظامان متكامالن ،فالفحص ٌمهد للتصنٌؾ ،وهذا األخٌر
ٌستثمر العلم الذي توافر بالفحص ،وإذا كان التصنٌؾ ؼٌر متصور بدون فحص سابق ،فإن الفحص
الذي الٌعقبه تصنٌؾ فهو جهد ضابع.76
وبناء علٌه ،فإن التفرٌد التنفٌذي للعقاب ٌبدأ بنظام فحص المحكوم علٌه (الفقرة األولى) ثم بعد ذلك ٌلٌه
نظام التصنٌؾ بحسب البرنامج التؤهٌلً المالبم لشخصٌته (الفقرة الثانٌة).
www.elkanounia.com
وٌ جب أن ٌشمل الفحص الذي ٌُجرى على المحكوم علٌه جمٌع جوانب شخصٌته اإلجرامٌة ،بمعنى عدم
التقٌد بنوع واحد من الفحوصات ،وإنما ٌتم الفحص من جوانب مختلفة الطبٌة (البٌولوجً ) والنفسٌة
والعقلٌة واإلجتماعٌة ...
والهدؾ من هذا الفحص هو فهم نفسٌة السجٌن وإمكانٌته ودوافعه ،من أجل التحكم فً هذه الدوافع،
وبالتالً ضبط سلوكه .كما ٌمكن من التفرقة بٌن أنواع السلوك المختلفة ،فهناك المرٌض عقلٌا،
والمرٌض مرضا نفسً ...
76
-المرجع السابق عثمان فكري" ،التفرٌد التنفٌذي للعقوبات السالبة للحرٌة" ،ص ، 59:السنة الجامعٌة.3181-3185 :
77
-فوزٌة عبد الستار" ،علم اإلجرام وعلم العقاب" الطبعة الخامسة دار النهضة العربٌة سنة ،8432ص.358 :
78
-أخد المشرع الفرنسً بهذا النظام عندما أنشؤ سنة 8451ما ٌسمى مركز التوجٌه القومً بمدٌنة فرٌزن ،الذي ٌتضمن 839زنزانة وٌستقبل
كل شهر حوالً مابة من المحكوم علٌهم بعقوبة سالبة للحرٌة ( القانون رقم 8931 -3114الصادر بتارٌخ 39نوفمبر 3114منشور
بالجرٌدة الرسمٌة رقم 323بتارٌخ 35نوفمبر .) 3114
26
وسوابقه وحالته الصحٌة ،البدنٌة والعقلٌة ،ومإهالته وبصفة أعم شخصٌته ،وكذا النظام السجنً الذي
ٌخضع له قصد إعادة إدماجه اإلقتصادي"
فمن أجل معرفة الحالة الصحٌة والبدنٌة والعقلٌة للسجٌن البد أن ٌتعرض هذا األخٌر لفحص دقٌق
وعلمً .كما أكدت هذا النظام المادة 52والمادة 129من نفس القانون.
أما من الناحٌة التنظٌمٌة فقد أكد المرسوم التطبٌقً لقانون 98-23على ضرورة إحتواء الملؾ
الشخصً للمعتقلٌن على جزء ٌتعلق بحالته الصحٌة.79
ولتفعٌل نظام الفحص أحدثت المندوبٌة العامة إلدارة السجون مكتب اإلستقبال والتوجٌه على مستوى كل
مإسسة سجنٌة ،أسند إلٌها إستقبال السجناء الجدد وأخد معلومات عن وضعٌتهم وتتبع حالتهم.
لكن من الناحٌة العملٌة ٌصعب تفعٌل هذا المبدأ ،أوال لحداثة المكتب وكذلك لعدم توفٌر العناصر المكونة
لهذا المكتب وخاصة األطباء النفسانٌٌن والمساعدٌن اإلجتماعٌٌن ،وعدم وجود مإسسات عقابٌة تناسب
www.elkanounia.com
تفرٌد المعاملة العقابٌة .كما أن قراره ال ٌلزم ربٌس المإسسة السجنٌة فؤرابه تبقى ذات طابع إستشاري
فقط.80
فاإلتجاه األمرٌكً 81قد عرؾ التصنٌؾ بؤنه "فحص المحكوم عٌه ،وتشخٌص حالته اإلجرامٌة ،ثم
توجٌهه إلى برنامج المعاملة المالبمة ،ثم تطبٌق هذا البرنامج علٌه".
فما ٌالحظ على هذا التعرٌؾ هو أنه ٌشمل التشخٌص والتوجٌه والمعاملة ،والؽاٌة من هذه العمومٌة فً
نظر هذا اإلتجاه هً وضع أسلوب لمعالجة السجٌن ،عن طرٌق التنسٌق بٌن التشخٌص والتوجٌه
والمعاملة طول مدة التنفٌذ العقابً.
أما فٌما ٌخص اإلتجاه األروبً 82فقد عرؾ التصنٌؾ بؤنه "توزٌع المحكوم علٌهم على المإسسات
العقابٌة المختلفة وتقسٌمهم داخل المإسسة الواحدة إلى فبات طبقا ألسلوب المعاملة المخصصة لكل فبة"
ٌتبٌن من خالل هذا التعرٌؾ أنه ٌتعٌن تحدٌد برنامج المعاملة وتعدٌلها وفقا للتطور المالحظ على
شخصٌة المحكوم علٌه.
79
-تنص المادة 82من المرسوم التطبٌقً للقانون 43-33على أنه " ......
80
-المرجع السابق عثمان فكري" ،التفرٌد التنفٌذي للعقوبات السالبة للحرٌة" ،ص ،14:السنة الجامعٌة.3181-3185 :
81
-أشار إلٌه نفس المرجع السابق .ص.14
82
-أشار إلٌه نفس المرجع السابق .ص.14
27
ثاوٍا :وظام الرصىٍف فً القاوىن المغشتً
ٌعتبر القانون 98-23اإلطار القانونً المنظم لوضعٌة السجناء بالمؽرب ،وقد تناول المشرع
من خالله طرٌقة تصنٌؾ السجناء فً الفرع الثانً من الباب الثالث المتعلق بتنفٌذ األحكام.
ولعل أهم المالحظات التً ٌمكن الوقوؾ علٌها عند دراسة موضوع السجناء كما تناول ذلك القانون -23
98هً أن التصنٌؾ ٌتخد شكلٌن أساسٌٌن ،وهما التصنٌؾ األفقً والتصنٌؾ الرأسً.
فبالنسبة للتصنٌف األفقً هو عبارة عن توزٌع المحكوم علٌهم على المإسسات السجنٌة بكل أنحاء
المؽرب ،حٌث ٌتم توزٌعهم بحسب نمط اإلعتقال الذي ٌجب أن ٌخضعو إلٌه تٌسٌرا إلعادة إدماجهم ،أو
إذا إقتضت ذلك حالتهم الصحٌة أو لتقرٌبهم من وسطهم العابلً.
أما فٌما ٌتعلق بالتصنٌف الرأسً فهو اإلنتهاء من مرحلة التصنٌؾ الخارجٌة وتحدٌد المإسسة السجنٌة
المناسبة ،فإنه ٌتم بعد ذلك تصنٌؾ السجناء داخلٌا .فما هً معاٌٌر هذا التصنٌؾ ؟
www.elkanounia.com
لقد حددت المادة 29من القانون 98-23المنظم للسجون معاٌٌر خاصة للتصنٌؾ السجناء ،تتحدد أساسا
فً جنس المعتقل وسنه وحالته الجنابٌة وحالته الصحٌة البدنٌة والعقلٌة... 83
83
-أنظر المالحق( :إحصابٌات صادرة عن المندوبٌة العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج تفسر طرٌقة ومعاٌٌر تصنٌؾ السجناء داخل
المإسسة لسجنٌة بالمؽرب).
84
ترس إش اش تم م ARNOUD BONNEVILLE DE MASSANGY اإلستا اش تسم أر اشة -ضت ف اش ل سم ا اب مي
اش ل ( تار سم ي ظ ادي م مة م ي اشة ول 8181اش إ كال ظا ا رإظ ت ه ا اش فا ك لب مة اإلستا ميع ض
ترس سم ستم ا سم 88ي 8111أما سم اشةات س أر ظاملل م فا شإلستا اشة اشااش ة مئض أر ث ا أر ف اشة ) رظ
ذش سم معةل اش املل اشع ادم رسم ظاملل اشة طت ء ت سا ضلش ل 8891ظبل أل ئب م فة اإلستا اش تسم ة أدخ مي
اشع اد
85
-المصدر تعرٌفة ورقٌة منشرة عبر موقع المندوبٌة العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج :
http://www.dgapr.gov.ma
28
أوال :مفهىم اإلفشاج المقٍذ وششوطً
سنتطرق أوال لمفهوم اإلفراج المقٌد بشرط ( ،)1ثم سنرى شروطه (.)9
مفهوم اإلفراج المقٌد بشروط -1
عرؾ المشرع المغربً اإلفراج المقٌد فً المادة 59من القانون الجنابً بؤنه "إطـالق سراح
المحكـوم علٌـه قبـل األوان نظرا لحسن سٌرته داخل السجن وإذا أخل بالشروط التً حددها القرار
باإلفراج المقٌد فإنـه ٌعـاد إلى الـسجن لتتمـٌم مـا تبقى من عقوبته".
وأما بعض الفقه 86فٌذهب الى تعرٌفه بكونه "تعلٌق تنفٌذ الجزاء الجنابً أو إطالق سراح المحكوم
علٌه قبل انقضاء كل مدة العقوبة المحكوم علٌه أو جزء منها ،متى تحققت بعض شروط اإلفراج ومن ثم
إلتـزام المحكـوم علٌـه بـإحترام مـا ٌفرض علٌه من إجراءات خالل المدة المتبقٌة من ذلك الجزاء ".
كما ٌعرفه البعض األخر 87بؤنه " اإلفراج عن المحكوم علٌه بعقوبة سالبة للحرٌـة بعـد إنقـضاء
مـدة معٌنـة منهـا ،إفرجا مقٌدا بشروط محددة تتمثل فً إخضاعه لمجموعة من اإللتزامات التً تقٌد
حرٌته ،وٌترتـب عـلى تنفٌـذها اإلفـراج النهابً عنه ،اما إذا أخل بها ،فتسلب حرٌته مرة ثانٌة ،وٌعود
www.elkanounia.com
-تنفٌذ مقرر مكتسب لقوة األمر المقضً به ٌ :جب أن ٌكون الشخص موضوع إقتراح اإلفراج
المقٌـد محكـوم علٌـه بمقتضى مقرر قضابً مكتسب لقوة األمر المقضً به من أجل جناٌة أو جنحة،
وعلى هذا األسـاس ال ٌجـوز تمتٌـع المعتقلـٌن اإلحتٌاطٌٌن وكذا المحكوم علٌهم بمقتضى مقرر حابز لقوة
األمر المقضً به من أجل جرٌمة أو عدة جرابم ،والزالوا معتقلـٌن من أجل جرابم أخرى لم ٌقع البث
فٌها بمقتضى مقرر حابز لقوة األمر المقضً به ،كما ال ٌمتد نطـاق اإلفـراج الـشرطً إلى الخاضعٌن
لبعض التدابٌر الوقابٌة الشخصٌة كاإلٌداع القـضابً فً مإسـسة لعـالج األمـراض العقلٌـة أو الوضـع
فً مإسـسة للعالج طبقا للمادة 103من قانون الجنابً.90
29
-ضرورة قضاء مدة من العقوبةٌ :شترط المـشرع لتمتٌـع المحكـوم علٌـه بـاإلفراج الـشرطً
ضرورة قضاءه مدة معٌنة من العقوبة ٌفترض معها أنها كانت كافٌة إلصالحه وتؤهٌله لإلندماج فً
المجتمع وفً هذا الـصدد نجـد المشرع المؽربً قد مٌز بٌن فبات المحكوم علٌهم حسب نوع الفعل
الصادر بـشؤنه العقوبـة التـً ٌنبؽـً مراعاتهـا ألجـل اقتراح اإلفراج المقٌد على الشكل التالً:
قضاء نصؾ العقوبة المحكوم بها على األقل متى كانت الجرٌمة المنفذ من أجلها تتصؾ بوصؾ
جنحة.
قضاء ثلث العقوبة المحكوم بها على األقل متى كانت الجرٌمة المنفذ من أجلها تتـصؾ بوصـؾ
جناٌـة أو جنحـة ٌزٌد الحد األقصى للعقوبة المقررة لها عن خمس سنوات".
قضاء ثالث سنوات على األقل من اإلعتقال الفعلً ،إذا تعلق األمر بمحكوم علٌه باإلقصاء ،على
أن تحـسب المـدة ابتداءا من الٌوم الذي ٌصبح فٌه تدبٌر اإلقصاء ساري المفعول) المادة 622من
ق .م .ج(.
91
أما المشرع الفرنسً وعلى خالؾ المشرع المغربً فقـد حـدد مـدة العقوبـة التـً ٌجـب قـضابها مـن
أجـل اسـتفادة المحكوم علٌهم باإلفراج الشرطً على أساس معٌار مختلؾ ٌفرق بٌن فبات المحكوم علٌهم
www.elkanounia.com
المبتدبٌن والعابـدٌن :فبالنـسبة للمبتدئٌن حدد هذه المدة فً ضرورة قضاء نصؾ المدة المحكوم بها ،أما
بالنسبة للعائدٌن فرفعها إلى ثلثً المـدة المحكـوم بها.92
-تحسن سلوك المحكوم علٌه داخل السجنٌ :جب التؤكد من أن المحكـوم علٌـه قـد اسـتجاب
ألسـالٌب المعاملـة التهذٌبٌة؛ و بعبارة أخرى أن ٌكون المحكوم علٌه حسن السلوك وهو ما ٌظهر من
خالل وجود إمارات ظـاهرة تـدل عـلى إمكانٌة إندماجه وتكٌفه مع المجتمع ،وال ٌنبؽً أن ٌشكل سلوك
السجٌن قبل إعتقاله ونـوع سـوابقه القـضابٌة عابقـا فً سبٌل إقتراح إستفادته من اإلفراج المقٌد ،إذا
العبر ة بتحسن سلوكه أثنـاء تنفٌـذ العقوبـة بـشكل ٌجعلـه مـإهال للتعـاٌش داخل المجتمع بعد اإلفراج عنه
وهو ما عبر عنه المشرع المؽربً فً المادة 622من ق.م.ج بالعبارة "برهنوا بما فٌه الكفاٌة عـلى
تحـسن سـلوكهم" اال ان هـذه العبارة االخٌرة بالنظر الى عمومٌتها تطرح صعوبة تحدٌد الحاالت التً
تظهر تحـسن السـلوك ،ولتجـاوز هـذه الـصعوبة نجد أن المشرع الفرنسً أورد بعض اإلمارات على
سبٌل المثال ،تجعل من ٌتوفر علٌها خاضعا إلفراج المقٌد ،ومن بٌن هذه اإلمارات ممارسة النشاط
المهنـً ،أو متابعـة التعلـٌم أو تكـوٌن مهنـً ،أو ممارسـة عمل مإقت ألجل اإلندماج اإلجتماعً،
والمساهمة االساسٌة فً حٌاة العابلٌة ،أو الخضوع للعالج ،وكذا القٌام بالمجهودات لتعوٌض الضحاٌا،
وهً حاالت تؤخذ ما للشخصٌة المحكوم علٌه من دور فً تحسن السلوك وذلك ببذله مجهود ٌبـٌن فٌـه
الرؼبة فً تحقٌق اإلندماج.93
ثاوٍا :ذشخٍص وظام اإلفشاج المقٍذ
لتشخٌص اإلفراج القٌد بشرط ال بد من الوقوؾ عند واقع هذا النظام ( ،)1ثم تدابٌر التً ٌمكن من
خاللها مراقبته (.)9
30
ٌمكن ألي شخص محكوم علٌه بعقوبة سالبة للحرٌة تفوق مدتها ثالثة أشهر بسبب إرتكابه إلحدى
األفعال الجرمٌة التً ٌمكن أن توصؾ بؤنها جنحة أو جناٌة ،والذي ٌكون قد برهن خالل فترة إعتقاله بما
فٌه الكفاٌة ،عن االستقامة والسلوك الحسنٌ( ،مكن له) أن ٌستفٌد من اإلفراج المقٌد بشروط.
إال أن ما ٌحول بٌن المحكوم علٌة واإلستفادة من اإلفراج المقٌد هو إجراءاته التً تتمٌز بؤنها
متعددة ومتشعبة تتطلب ممارستها سلوك عدة جهات إدارٌة متدخلة ،وعدة إجراءات مسطرٌة سواء فً
مرحلة ما قبل اإلفراج أو فً مرحلة ما بعد اإلفراج ،كما أن هذه اإلجراءات ٌعهد بها إلى السلطة
اإلدارٌة لذلك فإنها ال تقبل أي الطعن ،94وٌبقى اإلفراج القٌد بشرط هو إمتٌاز ممنوح للمحكوم علٌه
ولٌس حق من الحقوق ،لذلك فإن من أسباب تعطٌل فعالٌة اإلفراج المقٌد بشرط هو تعدد الجهات اإلدارٌة
التً ٌمنحها القانون اإلختصاص إما بإتخاد القرار أو إبداء الرأي فً الموضوع.95
وٌتضح ضعؾ التفعٌل لهذا النظام (اإلفراج القٌد بشرط) من خالل اإلحصابٌات السنوٌة وهذا ما
ٌوضح الجدول ،96الذي ٌبٌن عدد ملفات اإلفراج القٌد بشرط التً ٌتم فٌها منح هذا اإلمتٌازخالل سنة
.2015
www.elkanounia.com
وتتجسد هذه التدابٌر بالخصوص فً اإللتزام باإلقامة فً المكان المحدد فً قرار اإلفراج،
واإللتزام بإعالم السلطة المحلٌة أو عامل اإلقلٌم المقٌم به مثال ،...وفً حالة رؼبته فً تؽٌر محل إقامته
أو سكناه وذلك داخل أجل محدد 98واإللتزام بعدم تؽٌٌر محل اإلقامة أو السكنى أو اإلنتقال خارج اإلقلٌم
الذي ٌرٌد التوجه إلٌه.
وٌجب التنبٌه إلى أن المشرع المؽربً لم ٌؤتً بؤي تدبٌر من أجل مرافقة السجٌن أثناء فترة
التجربة بعد اإلفراج ،بإستثناء اإلنخراط فً سلك القوات المسلحة الملكٌة ، 99على عكس المشرع
الفرنسً الذي خصص مجاال مهما لتدبٌر المساعدة تتوالها لجان اإلختبار ومساعدة المفرج عنهم وكدا
جمعٌات الرعاٌة الالحقة ،وذلك بتنسٌق مع قاضً تطبٌق العقوبات.
تضمنت القواعد القانونٌة الدولٌة ضمانات تهتم بتنظٌم معاملة السجناء ،ؼٌر أنها ال تتضمن قواعد
صارمة وأمرة ملزمة للدول ،وموضوع الرخص اإلستثنابٌة من أهم المواضٌع المطروحة على المستوى
الدولً ،والتً تندرج فً إطار التفرٌد التنفٌذي للعقوبة.100
94
-المادة 313من القانون الجنابً المؽربً.
95
-المرجع السابق عثمان فكري" ،التفرٌد التنفٌذي للعقوبات السالبة للحرٌة" ،السنة الجامعٌة .3181-3185 :ص.32:
96
-أنظر الجدول (المصدر المندوبٌة العامة إلدارة السجون) بالمالحق.
97
-أنظر المالحق نمودج قرار اإلفراج المقٌد بشروط ص:
98
-المادة 132من ق.م.ج تنص على أن "
99
-نفس المادة 132من ق.م.ج .
100
-المرجع السابق عثمان فكري" ،التفرٌد التنفٌذي للعقوبات السالبة للحرٌة" ،السنة الجامعٌة .3181-3185 :ص.34:
31
وقد نظم المشرع المؽربً الرخص اإلستثنابٌة للخروج فً المواد من 46إلى 49من القانون
98-23المتعلق بتنظٌم وتسٌٌر المإسسات السجنٌة.
والرخص اإلستثنابٌة للخروج هً منحة أقرها القانون لفابدة المعتقل المتمٌز بحسن السٌرة
والسلوك تشجٌعا له على إنضباطه وإنخراطه الجدي فً البرامج التؤهٌلٌة واإلصالحٌة المعدة من طرؾ
المإسسة السجنٌة ،وذلك بالسماح له بمؽادرة السجن لمدة ال تتعدى عشرة أٌام ،إما ألسباب شخصٌة ،أو
لتمكٌنه من الحفاظ على روابطه العابلٌة ،أو بقصد تهٌٌا سبل إعادة إندماجه اإلجتماعً والمهنً.101
وٌمكن للسجٌن أن ٌستفٌد من هذه الرخص اإلستثنابٌة للخروج إذا توافرت فٌه شروط موضوعٌة
(أوال) وأخرى شكلٌة (ثانٌا).
أوال :الششوط المىضىػٍح:
www.elkanounia.com
تتمثل الشروط الموضوعٌة التً ٌنبؽً أن تتوفر فً الجانً حتى ٌتمكن من اإلستفادة من هذا اإلمتٌاز فً
ماٌلً:
أن ٌكون الحكم نهابً فً الموضوع ،وبذلك ٌستثنى المعتقلٌن اإلحتٌاطٌٌن وكذلك الذي
تقدم بالنقض لدى محكمة النقض.
أن ٌكون المعتقل قضى نصؾ المدة على األقل.102
أن ٌتمٌز السجٌن بحسن السلوك داخل المإسسة السجنٌة ،وهو شرط جوهري أشارت إلٌه
المادة 46من القانون ،98-23وهذا الشرط تستخلصه اإلدارة من خالل عالقة السجٌن
بباقً السجناء وموظفً اإلدارة.
ورؼم توفر هذه الشروط فً السجٌن ،فإنه ٌبقى لإلدارة كامل الصالحٌة فً قبول أو رفض طلب
اإلستفادة من الرخصة ،إال أنه مبدبٌا عند توفر الشروط الموضوعٌة ٌمكن لسجٌن الحصول على
الرخصة بإحترام باقً الشروط األخرى.
ثاوٍا :الششوط الشكلٍح:
إن الشروط الشكلٌة التً ٌتعٌن أن تتوفر فً السجٌن حتى ٌتمكن من اإلستفادة من الرخصة تنقسم إلى
شروط متعلقة بالسجٌن ( )1وأخرى تخص المإسسة السجنٌة(.)9
-1بالنسبة للسجٌنٌ :جب أن ٌكون السجٌن متوفر على بطاقة التعرٌؾ الوطنٌة ،وهذا ما ٌطرح
إشكال بالنسبة لألحداث ،لكن عملٌا وبالنظر إلى المعاملة الخاصة التً تولٌها المإسسة لهذه
101
-المصدر تعرٌفة ورقٌة منشرة عبر موقع المندوبٌة العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج :
http://www.dgapr.gov.ma
102
-المادة 91من ق 43-33نصت على أنه "ٌمكن لوزٌر العدل أن ٌمنح بعض المدانٌن الذٌن قضو نصؾ العقوبة"...
32
الفبة فإنهم ٌستفٌدون من هذه الرخصة تجاوزا .ثم أن ٌتعهد السجٌن كتابة لإللتزام بالشروط
المنصوص علٌها فً قرار الرخصة .وأخٌرا تعٌٌن مقر إقامته خالل مدة الرخصة اإلستثنابٌة.
-9بالنسبة للمؤسسةٌ :تعٌن علٌها مأل مطبوع الرخصة الذي ٌعتبر بمثابة ضبط لهوٌة السجٌن،
بحٌث ٌتضمن وضعٌته الجنابٌة وسٌرته وحالته الصحٌة .ثم أن تقوم بإنجاز محضر بتبلٌػ
قرار رخصة الخروج لمساعدة اإلدارة على إحصاء عدد الحاصلٌن على هذه الرخصة.
وأخٌرا أن تقوم بإنجاز محضر بخروج كل سجٌن إستفاد من الرخصة.103
الفقشج الثاوٍح :وظام الؼفى
أجاز المشرع المؽربً إمكانٌة العفو العام عن العقوبات من طرؾ جاللة الملك وهو ما نجد سندا له فً
الدستور الجدٌدة لسنة 2011حٌث نص الفصل 58منه على أنه "ٌمارس الملك حق العفو".
www.elkanounia.com
وٌنظم العفو الظهٌر الشرٌؾ الصادر بتارٌخ 06فبراٌر 1958الذي تم تؽٌٌره وتتمٌمه بالظهٌر
الشرٌؾ بمثابة قانون الصادر بتارٌخ 08أكتوبر ،1977والنظام الداخلً للجنة العفو.
والعفو حق ٌمارسه جاللة الملك ،104وٌنتج عنه سقوط العقوبة كلٌا أو جزبٌا ،أو استبدالها بعقوبة أخؾ،
وٌمكن أن ٌكون فردٌا أو جماعٌا .105ومثال ذلك فً هذا السٌاق بمناسبة عٌد الشباب لهذه السنة
( ،)2017أمر الملك ،بإصدار عفوه على مجموعة من األشخاص ،منهم المعتقلون ومنهم الموجودون
فً حالة سراح ،المحكوم علٌهم من طرؾ مختلؾ محاكم المملكة ،وعددهم 477شخصا.
وٌمكن التماسه قبل تحرٌك الدعوى العمومٌة أو أثناء ممارستها أو بعد صدور حكم نهابً ٌقضً
باإلدانة ،من طرؾ المعتقل أو أحد أقاربه أو أصدقابه أو محامٌه أو من طرؾ المصالح الدبلوماسٌة أو
القنصلٌة ،كما ٌمكن تقدٌم التماس من النٌابة العامة أو تقدٌم اقتراح من المندوبٌة العامة إلدارة السجون
وإعادة اإلدماج... 106
103
-المصدر تعرٌفة ورقٌة منشرة عبر موقع المندوبٌة العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج :
http://www.dgapr.gov.ma
104
-أنظر الجدول (المصدر المندوبٌة العامة إلدارة السجون) بالمالحق.
105
-نفس المصدر السابق.
106
-تنعقد بمدٌرٌة الشإون الجنابٌة والعفو لجنة لدراسة طلبات واقتراحات العفو تتؤلؾ من:
وزٌر العدل والحرٌات أو مفوضه بصفته ربٌسا؛
المدٌر العام للدٌوان الملكً أو مفوضه؛
الربٌس األول والوكٌل العام للملك لدى محكمة النقض أو ممثلهما؛
مدٌر الشإون الجنابٌة والعفو أو ممثله؛
المندوب العام إلدارة السجون وإعادة اإلدماج أو ممثله؛
ضابط من األركان العامة للقوات المسلحة الملكٌة إذا تعلق اآلمر بعسكري أو شبه عسكري.
33
الخاتمة
هامااا ماااة أ ااال ك ااا ر خ اماااا ضةواااة اش ااال أل مبااا أ تضااا اشعااا ا اشع اااادم أ اااب اش ااال
اااا ي ااااا أل ر ر ه اااال ر إ اااااد إدمااااا اشةعاااات ة اااال ساااام إ اااا ااااع ياضااااا أ ا اااا
ا اش تد ا مئ سم ا عار ض اش ل ظ طل
اااتادا ءاااا معااا اشة اااتب ماااة ء اااي ض ااا د ا س اااا اش ااام ااا ااا ل ر ش اااا ها اااي اشةي
اااع اشاااتدب اش اااا راش اااا ش ااا اشعاااتادا ره ساااي هااال ركااا ا اش ل اااا راش ااا ا ت اشلظاد ااا اشة ااات
ااا ضت اش ل ااا ماااة ارضااا خطل ءاااا ااا اشةع ةاااف ماااف اااا ض ااال اشعاااامم ر م ارشااا إ ااا
www.elkanounia.com
اشعتضةاا ر اا ط ي اش ضتضاا متا ااا ساام ذشاا كاال مااة ااتر ااا اشع ااادم مااة ا اا ةا ةو ااي ش
ااا اشة اااتس اشعاااامم ساشة اااتب ااات أي اماااا شاااإلدا اشعااا ا هااال إ ااا رماااا دا هااا اشةعااات
ااة اا ل اش ااع ة ااض مااة اش ل اا أر ر ااف ياا شءااا متا اا ساام ذشاا اا ط اش اا اشعاا ا
اش داخل اشةع ةف ر م ى ظا ي ش لد ك تد اش ع داخل اشةي
راشة ااااض ت اشةةواااة ام ةااااد ااالا ضااا ر ش ااا اشة اااتب اشةات ااام هااال إم أماااي ماااا ض اااا
ضااااد ا ااا ة ااا اش ا ااام ش ااا ط ي اش ضتضااا ة ءااالم ة س ءاااا سااام تضااا اشعااا ا أث اااا مةا
اا مااة أل ل ا ف اشءاال ا ة اش ا ا دم ا ر ا ظئ ا ش ل اا ا ماات اش ا إ ض ا ل إش ا اش اال ا
م اش و ااات سااام ر اااادل ةواااة ماااة ماااة أ اااي مةاااا ض ااا اااة اشااااتق اشااا إ ر ااا هااا ر اش ااا ط
بطءا راش لش درل ام تاسءا
هااا ا ماااة ءااا ر ماااة ءااا أخاااتى ضعااا امه ةاااا أك ااات ةتي ااا اش تضااا اإلدا إ شةاااا شءا اااي
ااااش ا ر م عاااا سااام اشعاااامم ر إ اد اااي ساااتدا تماااامم إ ااا اشةتي ااا ماااة أهة ااا كباااتى سااام اك ةاااا
اشةع ةف
34
المراجع
عبد الواحد العلمً "شروح فً القانون الجدٌد المتعلق بالمسطرة الجنابٌة " الجزء الثانً ،مطبعة النجاح الجدٌدة الدار
البٌضاء،الطبعة الخامسة
عبد الواحد العلمً ،شرح القانون الجنابً المؽربً ،القسم العام ،دراسة فً المبادئ العمة التً تحكم الجرٌمة و المجرم
و العقوبة و التدبٌر الوقابً ،الشركة المؽربٌة لتوزٌع الكتب ،الطبعة السابعة ،2016
احمد الخملٌشً" شرح القانون الجنابً الفسم العام" الطبعة األولى ، 1985/1405مطبعة المعارؾ الرباط
علً عمً ،المختصر فً النظرٌة العامة للقانون الجنابً المؽربً ،الجزء الثانً ،دار النشر الجسور-وجدة ،الطبعة
االولى 1998
لطٌفة المهداتً ،حدود سلطة القاضً التقدٌرٌة فً تفرٌد الجزاء ،طوب برٌس-الرباط ،طبعة 2007.
أكرم نشؤت ابراهٌم ،الحدود القانونٌة لسلطة القاضً الجنابً فً تقدٌر العقوبة ،مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزٌع،
طبعة 1998
محمد نجٌب حسنً "علم العقاب" مطبعة :دار النهضة العربٌة ،القاهرة سنة .1968
www.elkanounia.com
فوزٌة عبد الستار" ،علم اإلجرام وعلم العقاب" الطبعة الخامسة دار النهضة العربٌة سنة .1987
علً عبدالقادر القهوجً "علم العقاب وعلم اإلجرام" مطبعة :دار الجامعٌة ،السنة1986 :
محمد نجٌب حسنً "علم العقاب" مطبعة :دار النهضة العربٌة ،القاهرة سنة 1968
نور الدٌن العمرانً ،منظومة التجرٌم فً ضوء مسودة مشروع القانون الجنابً ،المستجدات و مواطن القصور،
المجلة المؽربٌة للقانون الجنابً و العلوم الجنابٌة ،مطبعة المعارؾ الجدٌدة ،الرباط ،العدد الثالث 2016
أعبسالمً عبدالحكٌم "دور قاضً تطبٌق العقوبات فً مسطرة اإلفراج الشرطً" منشور عبر الموقع اإلكترونً
HTTP://PLATFORM ALMANHAL.COM التالً :
.
خبالً حسن ،مقال "مبدأ تفرٌد العقاب" ،موقعwww.marocdroit.com .
محمد الحمٌانً " إشكالٌة العقوبة المبررة –دراسة مقارنة" -أطروحة لنٌل شهادة دكتورة فً القانون الخاص سنة
2015/2014من جامعة محمد الخامس كلٌة العلوم القانونٌة واإلقتصادٌة واإلجتماعٌة أكدال
عثمان فكري "التفرٌد التنفٌذي للعقوبات السالبة للحرٌة" ،رسالة لنٌل دبلوم الماستر فً العلوم القانونٌة ،ص،53:
السنة الجامعٌة.2016-2015 :
موالي الحسن اإلدرٌسً " السٌاسة العقابٌة بالمؽرب بٌن التحدٌات واإلصالحات "أطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون
الخاص سنة ،2014/2013جامعة محمد الخامس من كلٌة العلوم القانونٌة واإلقتصادٌة واإلجتماعٌة بسال
قرٌمس سارة ،مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجٌستٌر فً فرع القانون الجنابً و العلوم الجنابٌة "سلطة
القاضً الجنابً فً تقدٌر العقوبة" .جامعة الجزابرٌ ،وسؾ بن خدة .موقع www.biblio.univ-alger.dz
خدٌجة السعٌدي" ،سلطة اإلدارة فً مجال تفرٌد العقاب" رسالة لنٌل دٌبلوم الماستر ،العلوم والمهن
الحرة،السنة.2014-2013:
نشرة قرارات محكمة النقض –الؽرفة الجنابٌة -العدد 2015 ،20
نشرة قرارات محكمة النقض –الؽرفة الجنابٌة -العدد 2014 ،14
قضاء المجلس األعلى العدد 63السنة 2006
إحصابٌات صادرة عن المندوبٌة العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج تفسر طرٌقة ومعاٌٌر تصنٌؾ السجناء داخل
المإسسة السجنٌة بالمؽرب
35
www.elkanounia.com
36
المالحق
الفهرس
مقدمة8 ..................................................................................................................................................
المطلب األول :السلطة التقدٌرٌة للقاضً فً تفرٌد العقاب على ضوء األحكام القضابٌة 81 .............................................
الفقرة األولى :سلطة القاضً فً التصرؾ بٌن الحدٌن األدنى واألقصى82 ................................................................
الفقرة الثانٌة:سلطة القاضً فً منح ظروغ التخفٌؾ83 ........................................................................................
الفقرة الثالثة :سلطة القاضً فً وقؾ التنفٌذ31 ..................................................................................................
المطلب الثانً:ضوابط السلطة التقدٌرٌة للقاضً 38 ............................................................................................
الفقرة األولى :الضوابط المتعلقة بالجرٌمة38 ................................................................................................... .
أوال :ضوابط الركن المادي 33 ......................................................................................................................
ثانٌا :ضوابط الركن المعنوي33 ................................................................................................................... .
الفقرة الثانٌة :الضوابط المتعلقة بالمجرم33 ..................................................................................................... .
أوال:دوافع أرتكاب الجرٌمة 33 .....................................................................................................................
ثانٌا :سلوك المجرم وقت ارتكاب الجرٌمة او بعده39 ......................................................................................... .
37
ثالثا :ظروؾ المجرم الشخصٌة والعابلٌة39 ......................................................................................................
38