Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫وقلت واهلل الموفق‪:‬‬

‫وتعمر ما لعمران خلقتا‬ ‫أفي دار الخراب تظل تبني‬


‫لقد وعظتك لكن ما اتعظتا‬ ‫وما تركت لك األيام عذرا‬
‫وتعلن إنما المقصود أنتا‬ ‫تنادي للرحيل بكل حين‬
‫عن الداعي كأنك ما سمعتا‬ ‫وتسمعك النداء وأنت اله‬
‫وعن إعداد زاد قد غفلتا‬ ‫وتعلم أنه سفر بعيد‬
‫وراءك ال ينام فكيف نمتا‬ ‫تنام وطالب األيام ساع‬
‫وأنت على محبتها طبعتا‬ ‫معائب هذه الدنيا كثير‬
‫ولو أعطيت عقال ما لعبتا‬ ‫يضيع العمر في لعب ولهو‬
‫لعاص أو نعيم إن أطعتا‬ ‫فما بعد الممات سوى جحيم‬
‫فتعمل صالحا فيما تركتا‬ ‫ولست بآمل باطل ردا لدنيا‬
‫فقد فعلت نظائر ما فعلتا‬ ‫وأول من ألوم اليوم نفسي‬
‫وبعد األربعين وفيت ستا‬ ‫أيا نفسي أخوضا في المعاصي‬
‫أرى زاد الرحيل وقد تأتى‬ ‫وأرجو أن يطول العمر حتى‬
‫كأنك قد مضى زمن وشبتا‬ ‫أيا غصن الشباب تميل زهوا‬
‫وصيحة قد علمت وما عملتا‬ ‫علمت فدع سبيل الجهل واحذر‬
‫أيمنعك الزدى ما قد جمعتا‬ ‫ويا من يجمع األموال قل لي‬
‫ليسمع نافذا من قد أمرتا‬ ‫ويا من يبتغي أمرا مطاعا‬
‫أجرت على البرية أم عدلتا‬ ‫عججت إلى الوالية ال تبالي‬
‫إليك بغير سكين ذبحتا‬ ‫أال تدري بأنك يوم صارت‬
‫بترحة يوم تسمع قد عزلتا‬ ‫وليس يقوم فرحة قد تولى‬
‫فإن لم تغتنمه فقد أضعتا‬ ‫وال تمهل فإن الوقت سيف‬
‫وتطوي من سرورك ما نشرتا‬ ‫ترى األيام تبلي كل غصن‬
‫فأحلى ما تكون به انتبهتا‬ ‫وتعلم إنما الدنيا منام‬
‫وبالفاني وزخرفه شغلتا‬ ‫فكيف تصد عن تحصيل باق‬
‫تسوءك ضعف ما فيها سررتا‬ ‫هي الدنيا إذا سرتك يوما‬
‫إليه وليس تشعر (‪ )2‬قد غررتا‬ ‫تغرك كالسراب فأنت تسري‬
‫كأنك آمن مما شهدتا‬ ‫واشهد كم أبادت من حبيب‬
‫بما قد نلت من إرث وحرثا‬ ‫وتدفنهم وترجع ذا سرور‬
‫كأنك ما خلقت وال وجدتا‬ ‫وتنساهم وأنت غدا ستفنى‬
‫نعم كانوا كما واهلل كنتا‬ ‫تحدث عنهم وتقول كانوا‬
‫لغيرهم فأحسن ما استطعتا‬ ‫حديثك هم وأنت غدا حديث‬
‫فكن حسن الحديث إذا ذكرتا‬ ‫يعود المرء بعد الموت ذكرا‬
‫ومالك والسؤال وقد علمتا‬ ‫سل األيام عن عم وخال‬
‫فقد أنكرت منها ما عرفتا‬ ‫ألست ترى ديارهم خالء‬
‫ومنها‪ :‬النظر في ديار الهالكين‪ ،‬واالعتبار بمنازل الغابرين‪.‬‬
‫روى ابن أبي الدنيا في كتاب "التفكر واالعتبار"‪ ،‬بإسناده عن عمر بن سليم الباهلي‪ ،‬عن‬
‫أبي الوليد‪ ،‬أنه قال‪ :‬كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة فيقف على بابها‪،‬‬
‫فينادي بصوت حزين‪ ،‬فيقول‪ :‬أين أهلك؟ ثم يرجع إلى نفسه‪ ،‬فيقول‪ :‬كل شيء هالك‬
‫إال وجهه"‪.‬‬

‫الكتاب‪ :‬مجموع رسائل الحافظ ابن رجب الحنبلي‬


‫السالمي‪ ،‬البغ دادي‪ ،‬ثم‬
‫المؤلف‪ :‬زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن‪َ ،‬‬
‫الدمشقي‪ ،‬الحنبلي (المتوفى‪795 :‬هـ)‬
‫المحقق‪ :‬أبو مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني‬
‫الناشر‪ :‬الفاروق الحديثة للطباعة والنشر‬

You might also like