Maghreb Street 280

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 43

‫‪1‬‬

‫أسبوعية مستق ّلة تحترم القارئ‬

‫العدد ‪ - 280‬من الثالثاء ‪ 5‬إلى االثنين ‪ 11‬أكتوبر ‪ - 2021‬الموقع االلكتروني ‪ -www.acharaa.com‬البريد االلكتروني ‪maghrebstreet@gmail.com :‬‬

‫توضيحات وتعليق عام‬


‫على األمر الرئاسي عدد ‪117‬‬ ‫عىل وقع الثالث‬
‫الرجوع إىل الدستور‬ ‫من أكتوبر‬
‫طياته أكرب‬
‫حيمل يف ّ‬
‫املخادعات‬
‫بقلم ‪ :‬العميد الصادق بلعيد‬

‫نخب تونسية مقيمة بأمريكا‬


‫في رسالة لبايدن ولعضويْن‬
‫من الكونغرس‪:‬‬

‫بسبب حكم النهضة أضعنا‬


‫‪ 10‬سنوات من الفرص‬

‫حين تعجز الدولة‬ ‫تحقيق‬


‫عن حماية أمالكها ‪:‬‬
‫احتالل آالف اهلكتارات‬
‫العمومية أصبح أمرا واقعا‬
‫االفتتاحية‬
‫ّ‬
‫السامري‬ ‫حتى ال يض ّلنا‬
‫مرة أخرى !‬
‫بقلم ‪ :‬د‪ .‬فوزي البدوي‬

‫هل رشعت تونس‬


‫رأي‬
‫على هامش تعيين امرأة‬
‫«رئيسة حكومة»‪:‬‬
‫الخيارات والبرامج أ ّوال‪...‬‬

‫يف اسرتجاع أنفاسها ؟‬


‫بقلم‪ :‬حمّ ه الهمامي‬

‫رأي‬
‫في ثوابت المشهد السياسي‬
‫بعد ‪ 25‬جويلية‬
‫بقلم‪ :‬جمال الدين العويديدي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪2‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫االفتتاحية‬

‫السامري مرة أخرى !‬


‫ّ‬ ‫حتى ال يضلّنا‬
‫د‪ .‬فوزي البدوي ‪ -‬أستاذ الفكر الديني اليهودي واألديان المقارنة‬
‫تعيينها اىل مجرد شعار يخفي استثمارا لقضية املرأة أكثر‬ ‫إىل النسيان التدريجي وهذا ما سيؤدي عاجال او آجال إىل‬ ‫الثورات الحقيقية تنترص بعد ‪ 48‬ساعة عىل قيامها‬
‫من تعبري فعيل عن إيمان برضورة التقدم يف مسار حركة‬ ‫تفكك هذه الحركة وانقسامها يف حياته وقد أدى فعال إىل‬ ‫يف اقىص تقدير بإزالة كل رموز النظام القديم ورؤوسه‬
‫اإلصالح التونسية العريقة خطوة أخرى ودفعا لشبهة أن‬ ‫ذلك وهو ما نشهده يف قائمة املستقيلني من حركة جثم‬ ‫ومؤسساته وهياكله العميقة‪ .‬أما ‏‏"الثورات " التي يطول‬
‫يكون تكليفها تمكينا للرئيس باألساس من خالل استثمار‬ ‫عليها اىل حد االختناق‪.‬‬ ‫بها املخاض إىل عرش سنوات وأكثر فال يمكن أن تنجب إال‬
‫هذا الرغبة يف الدفع بقضية املرأة التي استبطنها الوعي‬ ‫‪--- 4‬أن هذا املتذاكي استطاع مرات عديدة أن يحافظ‬ ‫مسخا ‏‪ ‎.....‎‬وهنا استحرض ما كتب طالل سلمان ‏رئيس‬
‫الجمعي للتونسيني ونخبه منذ أكثر من قرنني‪.‬‬ ‫عيل حركته وموقعه ونفوذه املايل مؤقتا وينحني للعاصفة‬ ‫تحرير "السفري" يف طائرة العودة بالخميني من منفاه يف‬
‫يجب دعم هذه الخطوة الرمزية القوية يف ذات الوقت‬ ‫يف كل مرة وآخرها بعد ‪ 25‬جويلية عىل استحياء وهو الذي‬ ‫باريس وكان جالسا إىل جانب آية الله حسني منتظري يف‬
‫الذي يجب أال ننتظر منها الكثري ألنها تتوىل منصبها بأمر‬ ‫عرف ما معنى عدم االنحناء لها يف املايض ولكنه وهو‬ ‫ما أتذكر‏فسأله األخري‪ :‬ما هو أكرب خطآ ارتكبه الرسول يا‬
‫رئايس يف ظل أحكام استثنائية تحرص دورها يف تنفيذ‬ ‫ينحني للعاصفة أضاع معطفه وممطرته وأضاع مالبسه‬ ‫ترى؟ فبهت طالل سلمان كيف يصدر مثل هذا السؤال عن‬
‫سياسات الرئيس واختياراته وهي مسؤولة أمامه فقط‬ ‫كلها ولم يرتك شئيا للمستقبل يستثمره أبناء الحركة بعد‬ ‫آية الله فأجاب‏بأجوبة مختلفة ويف كل مرة كان منتظري‬
‫وليس أمام الشعب‪ ..‬فهذا الشعب املنهك بعد عرش سنوات‬ ‫أن جردها من كل رأسمالها وقدرتها الرمزية والفعلية عيل‬ ‫يخطئه حتى أجاب هو بنفسه أخريا قائال ‪" :‬لو أن الرسول‬
‫عجاف ‏والذي صفق ملا حدث يوم ‪ 25‬جويلية يحتاج إىل‬ ‫أن تكون حركة سياسية قابلة للحياة ‪....‬ولكن هل كان‬ ‫عرف كيف يتعامل مع معارضيه يوم ‏فتح مكة ‏‪‎.....‎‬‬
‫أن توضح له خارطة الطريق املستقبلية يف إطار احرتام‬ ‫بمقدور من كان يف مثل بؤس ثقافته وتكوينه أن يعطي‬ ‫الستقام األمر إىل عيل ‪ ".....‬وصمت طالل سلمان ألنه فهم‬
‫القوانني والدفع بالديمقراطية ومقاومة الفساد حتى‬ ‫لحركته ولتونس سوى الرتدد والتذاكي الغبي واملتاعب‬ ‫كل يشء‪ ‎..‎‬فللثورة منطق واحد أما البقية فسمه إصالحا‬
‫تخرج تونس شيئا فشيئا من "لعنة العرب " الساكنة يف‬ ‫التي ال حرص لها ؟‬ ‫او مصالحة او عفا الله عما سلف او بوس خوك ‏‏‪ ...‬سمه‬
‫جيناتهم لعنة "اإلمارة ولو عىل حجارة "‪.‬‬ ‫وألن الشيخ ال يستوعب الدروس لم يفهم أن النهضة‬ ‫ما تشاء‪!! ‬‏‬
‫وعىل من كان له رشف اتخاذ هذه الخطوة الرمزية‬ ‫كحركة سياسية قد انتهت وان اإلسالم السيايس كما تدثر‬ ‫بعد حوايل عرش سنوات من األداء السيايس الفاشل‬
‫والسياسية أن يستوعب تاريخ تونس جيدا وتاريخ‬ ‫به طوال أربعني سنة إىل زوال‪ .‬وقد بدأت مالمح ذلك عيل يد‬ ‫ألكرب حركة سياسية بزعامة من زعموه شيخا وليس‬
‫حركتها اإلصالحية وجوهر مرشوع بورقيبة التحديثي‬ ‫من استضعفته يف البداية و أعنى الرئيس وشاركت هي‬ ‫بشيخ كما يقول القدامى تبني بما ال يدع مجاال للشك أن‬
‫الذي اتخذ من جهاز الدولة قاطرة للتحديث وان يعلم أن‬ ‫نفسها يف دعمه للوصول إىل سدة الحكم ولكن من ساندته‬ ‫راشد تكتيكي بارع وأن الغنويش يف املقابل كان اسرتاتيجيا‬
‫هذا املرشوع لم يكتمل ألسباب عديدة أولها االستمرار يف‬ ‫قال لها يف لحظة فارقة ما قال الخرض ملوىس" هذا فراق‬ ‫فاشال وهذا هو البيان‪:‬‬
‫الحكم طويال حتى التعرض لحكم البيولوجيا من الوهن‬ ‫بيني وبينك" واستطاع أن يحرشها يف الزاوية مذكرا إياها‬ ‫‪ 1---‬ما أن حطت الطائرة من بالد الضباب حتى‬
‫والعجز واالنحراف نحو التسلط والحكم الفردي الذي‬ ‫ببعض وجوه فشلها‪ .‬فقد نجح سياسيا يف ما فشلت‬ ‫استُقبل استقبال النبي يف يثرب التونسية بأهازيج "اقبل‬
‫تزينه الحاشية واملتملقون‪ .‬وقد كان بورقيبة من قبل‬ ‫فيه‪ .‬فهو بنظافة يده حتى اآلن يذكرها بفسادها املايل‬ ‫البدر علينا" من قبل أنصاره باألساس وبرىض مشوب‬
‫مدركا لهذه اآلفات منذ البداية ولكن شهوة السلطة ذهبت‬ ‫وتحالفاتها مع املال الحرام‪ .‬وهو بمواظبته عىل الشعائر‬ ‫بالحذر ولكنه غري معاد من غالبية التونسيني ألن ‪23‬‬
‫به بعيدا جدا رغم ذلك وكان كثريا ما يستدعي ِمن حفظه‬ ‫يذكرها بانها ال تستطيع أن تزايد عليه بإسالمها وهو‬ ‫سنة من حكم بن عيل الخانق جعلت جزءا من التونسيني‬
‫المية ابن الوردي املعروفة مرددا ما فيها من قوله ‪:‬‬ ‫بعربيته وحرصه عىل الفصحى قدر املستطاع يسحب‬ ‫غري املنتمني للنهضة يتعاطفون معها بمعنى انه نزل من‬
‫أن نصف الناس أعداء ملن وىل األمر‪ ،‬هذا إن عدل‬ ‫منها بساط الهوية والعروبة وهو بانتصاره إىل القضية‬ ‫الطائرة ليحتل جيزا هاما من املشهد السيايس الجديد‬
‫ال ينبغي عىل النخب الحداثية أن تغرت بما حدث يوم‬ ‫الفلسطينية يسحب منها البساط يف أعني الناس وهي التي‬ ‫الذي لم يكن له أي نصيب يف إنجازه فال هو وال حركته‬
‫‪ 25‬جويلية فليس ذلك إال مرحلة يف رصاع طويل يتجاوز‬ ‫اتخذت مواقف مشبوهة يف منظمة "ايباك" ويف املواقف من‬ ‫كانا السبب يف إزاحة بن عيل عن الحكم وهذا أمر يعرفه‬
‫الدستور والنظام السيايس‪ .‬فلنئ تضعضعت النهضة‬ ‫تجريم التطبيع ‪.‬‬ ‫النهضويون قبل غريهم وإنما هي لعبة جيوسرتاتيجية‬
‫واندحر اإلرهاب إىل حني فإن األصولية ال تزال قوية وهذه‬ ‫والرئيس بتعيينه امرأة عىل رأس الحكومة يدفع بأحد‬ ‫اكرب منهم بكثري‪.‬‬
‫معركة طويلة ليست معركة الرئيس واألجهزة األمنية‬ ‫أوجه املرشوع البورقيبي زعيم تونس العظيم إىل مداه‬ ‫‪ 2----‬جاء إىل البالد صدفة ليستثمر رأس مال جاهز‬
‫والعسكرية بل معركة الجامعة والنخب وهي معركة‬ ‫املنطقي والطبيعي وإن ظل محافظا يف مواضيع أخرى‬ ‫قضت الحركة سنوات طوال قي بنائه بيد انه قامر به‬
‫طويلة جدا ال أرى أن من يرتعون اليوم يف السياسة‬ ‫وسحب بذلك من النهضة إمكانية الطعن فيه بالخروج عن‬ ‫طيلة عرش سنوات وألنه سيايس فاشل فقد بدد هذا‬
‫يقدّرونها حق قدرها‪ .‬فتونس ستعرف مستقبال كما‬ ‫الثوابت الرشعية موجها صفعة سياسية ملن ظل يعترب‬ ‫الرأسمال يف معارك دونكيشوتية وأطلق العنان ملن كانوا‬
‫عرفت يف املايض أزمات دورية تقيض عىل أية مكتسبات‬ ‫املرأة وعاء جنسيا يف نص سيظل عارا عىل جبني من زعموه‬ ‫يذكرونه بشبابه ويذكرونا بعجزه عن الزعامة السياسية‬
‫اقتصادية بسبب عدم االنتباه إىل ‏رضورة ح ّل املشكلة‬ ‫شيخا وليس هو بشيخ‪.‬‬ ‫يف أن يكون رجل دولة والنتيجة هي انه بعد عرش سنوات‬
‫الدينية سياسيا وتعليميا وثقافيا "بطريقة راديكالية"‪.‬‬ ‫لقد عيب عىل هذه املرأة القادمة من غري املنبت‬ ‫خرس حلفاءه املوضوعيني من السلفيني بعد أن أراد أن‬
‫وكنت ممن كان يظن منذ نهاية ثمانينات القرن املايض‬ ‫السيايس املوبوء أنها خلو من املايض السيايس إذ لم يؤثر‬ ‫يتدارك أمره تحت وطأة الضغط األمريكي ووطأة نساء‬
‫‏مع أفول الحكم البورقيبي أنه باإلمكان أن نمنع الطوفان‬ ‫عنها مشاركة سابقة يف الحياة السياسية وهذا عني ما‬ ‫تونس ورجالها ومجتمعها املدني الذي لجم عودة املكبوت‬
‫الذي كانوا يَ َروْن َ ُه بَعِ يدا ً وَن َ َرا ُه َق ِريبا ً وحني أنظر اليوم‏إىل ما‬ ‫يعيبونه عيل الرئيس نفسه‪ .‬وقد يكون هذا عيبا يف سياق ما‬ ‫لديه كما خرس ذلك الجزء من التونسيني غري املنتمني له‬
‫كان جزءا من تأمالتي يف املوضوع أدرك أن كل توقعاتي‬ ‫ولكنه قد يكون أمرا محمودا أيضا يجنب البالد ما فعل أهل‬ ‫حزبيا ولكن من تعاطفوا مع منفاه وحركته لسنني‪.‬‬
‫الكارثية قد حدثت وأن ‏اآلتي أعظم "ما لم يتهَ يِّأ َلنَا ِم ْن‬ ‫السياسة من أصحاب السوابق السياسية الذين قادوا البالد‬ ‫‪ 3---‬حاول بعد ذلك أن يتقرب لليمني الدستوري‬
‫أني لم أكن يوما رائيا وال كاهنا‬ ‫شداً" بالرغم من ّ‬ ‫أَمْ ِرنَا َر َ‬ ‫طوال هذه العرشية املقيتة وأوردوها املهالك االقتصادية‬ ‫السبعفري تذاكيا منه أن ذلك هو الحل إلنقاذ حركته‬
‫وال ممن كانوا للرؤيا يعربون ‏وال زلت أعتقد أن اإلصالح‬ ‫والسياسية التي ثار الناس عليها يف ‪ 25‬جويلية وعىل كل‬ ‫ولبقائه يف املشهد السيايس ‪....‬وانتهى به هذا التذاكي إىل‬
‫الديني والرتبوي باألساس الذي ال يأتي يف وقته قد ال يأتي‬ ‫فاألمور بخواتيمها مثلما يقال‪.‬‏‬ ‫الكشف عن سوأته باعتباره حركة يمينية انتهازية ال ترى‬
‫أبدا ً وإن أتى فبكلفة غالية كان من املمكن ‏تجنيب البالد‬ ‫لقد تم تعيني هذه املرأة يف سياق سيايس مضطرب‬ ‫مانعا يف االرتباط باملال الفاسد وبالدستوريني االنتهازيني‬
‫والعباد أثارها بسبب قرص نظر السياسيني املهتمني باآلني‬ ‫وتعيينها يعترب من الوجهة الرمزية نتيجة طبيعية‬ ‫وما انجذب اليهم من فلول اليسار اآلبق من يساره‬
‫واملبارش ممن "يجعلون أصابعهم يف‏أذانهم حذر االستماع‬ ‫ومنتظرة لحركة اإلصالح التونسية املمتدة ألكثر من قرنني‬ ‫والطامع يف فتات السلطة القائمة او املنتظرة‪ ...‬والنتيجة‬
‫ملن جاؤوا لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"‪.‬‬ ‫بل ولحركة اإلصالح العربية التي فشلت يف املرشق ألسباب‬ ‫أن هذا الغنويش زاد فخرس كل تعاطف ممكن من الرشيحة‬
‫وأقصد هؤالء السياسيني الذين إذا ‏نظروا آنذاك إىل جنتهم‬ ‫معقدة‪ .‬وبذلك تواصل تونس السري حثيثا يف االتجاه‬ ‫املرتددة والتي كانت ترى يف فشل النهضة أثرا " لحطان‬
‫قالوا ما نظن أن تبيد هذه أبدا ً وظنوا أنهم قادرون عليها‬ ‫الصحيح متزعمة هذا العالم العربي الذي يجد صعوبة‬ ‫العصا يف العجلة " الذي قوبلت به واكتشفوا أنها صارت‬
‫حتى إذا فار التنّور صارت‏حصيدا كأن لم تغن باألمس‪.‬‏‬ ‫مزدوجة يف التعامل مع املرأة بسبب ضغط التحديث من‬ ‫هي نفسها بتحالفها مع الدساترة واملال الفاسد وطعنها‬
‫ولكي يتحقق ما أسميه بالجالء الثاني فإن تونس‬ ‫ناحية والفرامل الدينية والرشعية يف أحيان كثرية‪ .‬وقد‬ ‫للثورة من الخلف "العصا" غري أن األخطر يف أداء الغنويش‬
‫املحروسة ال تحتاج قطعا إىل أن تسلم أمرها إىل أي "سامري‬ ‫بينت التجربة أن تويل املرأة املناصب القيادية كثريا ما‬ ‫هو أنه بعد خسارة جناحه اليميني السلفي اإلرهابي‬
‫" لي ُِض ّلها ويخرج لها عجال جسدا له خوار‪ .‬فتونس تحتاج‬ ‫يحقق نتائج جيدة وهو املؤمل من تعيني هذه السيدة‬ ‫وخسارته جزء من الطبقة الوسطى غري املناهضة له يف‬
‫الستئناف السري من حيث توقف مرشوع بورقيبة العظيم‬ ‫رشط أن تتحقق بعض الضوابط التي ال يمكن التغافل عنها‬ ‫األصل بصدد خسارة جزء كبري من أبناء النهضة انفسهم‬
‫والستعادة "وثبته الخالقة" املختزلة لكل تراث حركة‬ ‫وأولها أال تكون مجرد عون تنفيذ لسياسيات ال دخل لها‬ ‫الذين يراقبون أداءه االنتهازي الذي استطاع به تأمني الفئة‬
‫ِ‬
‫السامريّ ‪.‬‬ ‫اإلصالح بعد أن ُفتن قومه من بعده وأض ّلهم‬ ‫فيها وهو ما يبدو من سياق التعيني الذي تم واال يتحول‬ ‫املحيطة به من جهة الثروة والسلطة ورميهم هم بالذات‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪3‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫بعد التقرير املنجز من قبل التفقدية العامة بوزارة التكوين املهني‬ ‫وتبييض االموال الكريهة التي يتوخاها سياسيون ودكاكني حزبية»‪.‬‬
‫والتشغيل الذي قال انه يكشف عن ضلوع موظفني يف اإلدارة الجهوية‬ ‫توقف مفاجىء‬
‫للتكوين املهني بوالية بن عروس يف إصدار شهائد مدلسة لفائدة‬ ‫خدمات مواقع فايسبوك وانستغرام وواتساب شهدت توقفا مفاجأ‬
‫أشخاص قال انه تم انتدابهم يف وزارة الداخلية وآخرين حصلوا عىل‬ ‫بتونس وبعديد الدول بداية من الساعة مساء من يوم أمس االثنني‪.‬‬
‫قروض من البنك التونيس للتضامن ولصالح الجئني سوريني بناء عىل‬ ‫توقف تسبب يف تراجع قيمة أسهم رشكة فايسبوك بنسبة ‪5.7‬‬
‫الشهائد املدلسة‪.‬‬ ‫‪ ،%‬وذلك برتاجع سعر السهم اىل مستوى ‪ 323‬دوالر بعد خسارة ‪19‬‬
‫يذكر ان تقرير تفقدية التكوين املهني والتشغيل التابعة للوزارة‬ ‫دوالرا‪.‬‬
‫يذكر أن رشكة فايسبوك قد كشفت خالل الثالثي االول من السنة‬
‫كشف عن حصول أشخاص عىل شهائد مدلسة من االدارة الجهوية‬
‫الحالية عن صايف أرباح بلغ ‪ 9.497‬مليارات دوالر‪.‬‬ ‫تعتيم محيّر من البنك المركزي!‬
‫للتكوين املهني والتشغيل ببن عروس منذ عام ‪ 2013‬وإىل حدود‬ ‫األستاذ الجامعي التونيس يف االقتصاد بكندا مختار العماري‬
‫جوان ‪ ،2020‬فيما أشار مسؤول بالوزارة إىل ان الوزارء املتعاقبني عىل‬ ‫وبعملية حسابية بسيطة تكون قيمة أرباح أشهر موقع اجتماعي‬
‫تساءل عن خفايا وأسباب تأخر البنك املركزي التونيس عن نرش تقرير‬
‫رأسها لم يتخذوا اإلجراءات املناسبة يف امللف‪.‬‬ ‫يف الساعة ما يعادل ‪ 4.4‬مليون دوالر أي أكثر من ‪ 13‬مليون دينار‪.‬‬
‫نشاطه لعام ‪ 2020‬مشريا اىل أن كل البنوك املركزية يف العالم تنرش‬
‫مخاوف‬ ‫تطهير‬ ‫بعد مرور ‪ 3‬أو ‪ 4‬أشهر عىل نهاية كل عام تقريرا عن نشاطها خالل‬
‫كشف مصدر قريب من ادارة ايام قرطاج السينمائية أنه من‬ ‫مسؤول رفيع املستوى بإحدى الوزارات اعترب ان من اولويات‬ ‫العام املنقيض‪.‬‬
‫اجراءات ما بعد ‪ 25‬جويلية تطهري كربيات مؤسسات الدولة واالدارة‬ ‫العماري تساءل عما «ان كان وراء التأخري سعي الخفاء يشء ما‬
‫املنتظر أن يتم اختيار جهات جربة وزغوان وسوسة وسيدي بوزيد‬
‫من موظفني سامني قال ان محاصصات حزبية فرضت تغلغلهم فيها‪.‬‬ ‫عن الفاعلني االقتصاديني وخصوصا منهم املؤسسات الدولية ووكاالت‬
‫للمشاركة يف فعالية «أيام قرطاج سينمائية داخل الجهات» يف الدورة‬
‫املسؤول أوضح لـ «الشارع املغاربي» أن ما اسماه بـ «جحافل‬ ‫الرتقيم السيادي»‪.‬‬
‫‪ 32‬بادارة املخرج رضا الباهي‪.‬‬
‫مديرين غزوا الوزارات واالدارات الكربى» يفتقدون للكفاءة وحسن‬ ‫دا للتغطية عىل‬ ‫متعمّ‬ ‫وأضاف أن البعض يتساءل «ان كان ذلك‬
‫وأكد املصدر لـ»الشارع املغاربي» أن االدارة هناك مخاوف لدى‬ ‫الحوكمة وأن تسمياتهم كانت يف اطار خدمة اجندات حزبية‪ ،‬مؤكدا أن‬ ‫نتائج كارثية لحكومة املشييش واالئتالف السيايس الذي تحكم عن بعد‬
‫االدارة من اثارة غضب عدد من الجهات عند اطالعها عىل القائمة‬ ‫عديد املوظفني باتوا يتالفون التعامل معهم يف ملفات حساسة وأن ذلك‬ ‫يف سياساتها واملتاهات التي انزلقت فيها»‪.‬‬
‫املختارة عىل غرار بنزرت وجندوبة وقبيل واملركبني الثقافيني بسليانة‬ ‫طل عمل سري العديد من الوزارات واملنشآت‪.‬‬‫ع ّ‬ ‫العماري أشار اىل أن البعض ال يتورعون عن التأكيد أن هدف‬
‫واملهدية‪..‬‬ ‫سبب اإلقالة‬ ‫التأخري «تنغيص حياة حكومة نجالء بودن بل وحتى الرئيس قيس‬
‫وأرجع مسألة اختيار جربة وسيدي بوزيد اىل اعتبارات سياسية‬ ‫مصدر مطلع بوزارة التكوين املهني والتشغيل أكد لـ «الشارع‬ ‫سعيد الذي احتكر كل السلطات بني يديه بعد وقوفه عىل الفوىض‬
‫قال إنها عىل عالقة بزيارة رئيس الجمهورية اىل سيدي بوزيد وبالقمة‬ ‫املغاربي» أن عدم إحالة سهام العيادي وزيرة التكوين بالنيابة السابقة‬ ‫السائدة عىل مستوى السلطات الترشيعية والتنفيذية والقضائية»‪.‬‬
‫الفرنكوفونية التي ستنتظم بجربة يف نوفمرب القادم‪...‬‬ ‫تقريرا عن تدليس شهائد علمية إىل القضاء ملحاسبة الضالعني كان‬ ‫ّ‬
‫«محي‬ ‫واعترب العماري أن تعتيم البنك املركزي عىل نرش تقريره‬
‫يذكر أن تجربة «أيـام قرطـاج السـينمائية فـي الجهـات» كانت‬ ‫أبرز أسباب إقالتها من طرف رئيس الجمهورية بعد تلقيه شكوى يف‬ ‫ويحمل عىل الظن بأن البنك يف طريقه للخلط بني االستقاللية‬
‫قد انطلقت سنة ‪ 2012‬بمشاركة ‪ 14‬جهة قبل أن يقرر الراحل نجيب‬ ‫الغرض‪.‬‬ ‫والشفافية» مشدّدا عىل أنه «ملزم بواجب الشفافية بالكشف عن خيوط‬
‫عياد مدير املهرجان سنة ‪ 2017‬تقليص العدد اىل اربعة جهات فقط‪.‬‬ ‫املصدر أشار إىل ما اسماه «صمت الوزيرة او تراخيها» عن التحرك‬ ‫الفساد وحيل تحويل وجهة القروض الدولية وأوكار التهرب الرضيبي‬

‫زووووم‬
‫نخب تونسية مقيمة بأمريكا في رسالة لبايدن ولعضو ْين من الكونغرس‪:‬‬

‫بسبب حكم النهضة أضعنا ‪ 10‬سنوات من الفرص‬


‫السياسية‪ ،‬واملحسوبية وعدم الكفاءة واإلفالس‬ ‫الفربكة اإلعالمية األخرية لحزب‬ ‫د‪ .‬طارق‬ ‫وجّ ه الدكتور طارق عبيشو أستاذ الهندسة املدنية‬
‫الوطني واالنهيار االقتصادي وارتفاع نسب‬ ‫النهضة عرب مقاالت رأي‬ ‫عبيشو (أستاذ‬ ‫يف جامعة والية فلوريدا يف تاالهايس‪ ،‬فلوريدا نيابة عن‬
‫االصابات والوفيات جراء ‪ COVID- 19‬وانهيار‬ ‫كتبها زعيمهم الشيخ الغنويش‬ ‫الهندسة املدنية‬ ‫عدد من أعضاء النخبة التونسية األمريكية بالواليات‬
‫نظام الرعاية الصحية وعدم وجود أية رؤية لتنمية‬ ‫وآخرين يف عدة مواقع‪ ،‬وأنشطة‬ ‫يف جامعة‬ ‫املتحدة األمريكية رسالة اىل الرئيس االمريكي جو‬
‫البالد ‪ -‬قرر الرئيس التونيس قيس سعيد وضع حد‬ ‫الضغط التي تقوم بها مراكز‬ ‫والية فلوريدا‬ ‫بايدن واىل عضويْ مجلس الشيوخ االمريكي كريس‬
‫النزالق البالد يف مزيد من االضطرابات السياسية‬ ‫الفكر التابعة لها يف واشنطن‪.‬‬ ‫يف تاالهايس‪،‬‬ ‫موريف وريتشارد بلومنتال أكدوا فيها أن «الوقت حان‬
‫واالقتصادية والصحية»‪.‬‬ ‫يمكنني أن أؤكد لكم‬ ‫فلوريدا)‬ ‫لريفعوا اصواتهم ويوقفوا حمالت التضليل عىل تونس‬
‫ّ‬
‫وأضافت النخبة يف رسالتها‪« :‬تدخل الرئيس‬ ‫جميعً ا أن التقارير اإلعالمية‬ ‫التي يشنها اللوبي االسالموي»‪.‬‬
‫بتجميد الربملان مؤقتا وإقالة الحكومة وفق بنود‬ ‫االمريكية حول األحداث األخرية‬ ‫وأضاف اعضاء النخبة يف رسالتهم التي حصلت‬
‫الدستور النقاذ البالد واملنطقة من عدم االستقرار‬ ‫يف تونس منحازة للغاية لصالح حزب النهضة‬ ‫أسبوعية "الشارع املغاربي" عىل نسخة منها أنهم «يمثلون صوت‬
‫والعنف وحتى الحرب األهلية‪ .‬وقد حظي هذا‬ ‫اإلسالمي‪ .‬لكن هذه التقارير لم ترش إىل أن قادة‬ ‫الطبقة العلمية – املهنية التونسية االمريكية غري املتحزبة والتي ال تفضل‬
‫التدخل بتأييد أكثر من ‪ 87٪‬من التونسيني ألنه‬ ‫النهضة فشلوا منذ توليهم السلطة عام ‪ ،2011‬بعد‬ ‫تصدر املشهد االعالمي والسيايس مؤكدين أنهم «قرروا أيضا التواصل‬
‫يُنظر إليه عىل أنه محاولة إلنهاء حكم الطبقة‬ ‫ثورة «الربيع العربي» يف تونس التي أسست نظامًا‬ ‫مع الرأي العام بالواليات املتحدة وتوعية صانعي القرار بأن الجالية‬
‫السياسية الفاسدة التي حولت الدولة الديمقراطية‬ ‫ديمقراطيًا‪ ،‬نعم فشلت النهضة عىل جميع الجبهات‪،‬‬ ‫االسالموية التونسية يف امريكا طورت عقيدة أقنعت صانعي السياسات‬
‫الجديدة يف تونس إىل «دولة مافيا» وذلك عرب‬ ‫ورفضت تحمل مسؤولية أفعالها‪ .‬اتسم حكمها‬ ‫يف اإلدارات االمريكية السابقة تتلخص يف هذه العبارات‪« :‬إذا كنت‬
‫التوافق مع حزب النهضة إن لم نقل بالتواطؤ‬ ‫الذي دام عرش سنوات بعدم الكفاءة وسوء اإلدارة‪،‬‬ ‫تريد نجاح الديمقراطية يف تونس‪ ،‬فمن األفضل أن تصبغها باإلسالم‬
‫معها‪.‬‬ ‫وتفش املحسوبية والفساد‬ ‫ّ‬ ‫اضافة اىل انعدام األمن‬ ‫السيايس» مشريين اىل أن هذه «عقيدة عنرصية ألنها ال تحرتم املواطن‬
‫نحن نعلم أن اإلدارة االمريكية تتعرض‬ ‫فضالً عن عدم وجود أية رؤية متماسكة للتنمية‬ ‫املسلم وتعتقد ان املسلم غري قادر عىل ان يكون ديمقراطيا»‪ .‬واتهموا‬
‫للضغوطات من قبل كيانات مختلفة من مراكز‬ ‫االقتصادية يف تونس‪ .‬وحسب املؤرشات العاملية‬ ‫النهضة باهدار مليارات الدوالرات دون معالجة املشاكل االجتماعية‬
‫البحث و اللوبيات السائدة يف واشنطن وداعمي‬ ‫انحدرت تونس من االقتصاد الناشئ اىل ما يسمى‬ ‫واالقتصادية التي ادت اىل انتفاضات الربيع العربي‪ .‬ودافعت النخبة عن‬
‫اإلسالم السيايس للتدخل يف الشؤون السياسية‬ ‫باقتصاد الدخل املتوسط​​األدنى‪.‬‬ ‫قرارات قيس سعيد معتربين انها جاءت لوضع حد لـ»دولة املافيا»‪.‬‬
‫التونسية من خالل دعم حزب النهضة اإلسالموي‪.‬‬ ‫يجب أن أؤكد أن لدى عدد من املهنيني األمريكيني‬ ‫وجاء يف الرسالة ‪:‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬وبالنظر إىل تاريخها وأيديولوجيتها ‪،‬‬ ‫التونسيني معرفة وثيقة بما جرى يف تونس خالل‬ ‫أكتب إليكم بصفتي تونسيًا أمريكيًا للفت انتباهكم إىل حقيقة أن‬
‫فإن استمرار حكم النهضة لن يؤدي إال إىل الفوىض‬ ‫السنوات العرش املاضية‪ .‬فقد أهدرت النهضة خالل‬ ‫رشائح كبرية من الجالية التونسية بالواليات املتحدة تخىش التأثري السيايس‬
‫وعدم االستقرار ليس فقط يف تونس ‪ ،‬ولكن يف‬ ‫حكمها مليارات الدوالرات التي اقرتضتها الدولة‬ ‫لحركة النهضة عىل إدارتكم‪.‬‬
‫املنطقة بأرسها‪.‬‬ ‫من صندوق النقد الدويل ومؤسسات أخرى دون‬ ‫نحن قلقون للغاية من تأثري حزب النهضة عىل تصور إدارتكم لألحداث‬
‫اخريا نحن نحثّكم عىل التواصل مع األطراف االخرى الفاعلة (الدولة‬ ‫معالجة أي من املشاكل االجتماعية واالقتصادية التي أدت إىل انتفاضات‬ ‫األخرية يف تونس‪ ،‬وعدم تحميل الحزب اإلسالموي املسؤولية عن الوضع‬
‫واملنظمات الوطنية) غري النهضة يف تونس‪ ،‬حيث يتبنى غالبية التونسيني‬ ‫الربيع العربي ‪ ،‬بل أدت إىل تفاقمها‪.‬‬ ‫االقتصادي واملايل والصحي الكارثي لتونس بعد أكثر من عقد من حكمهم‪.‬‬
‫املثل األمريكية العليا عيل سبيل الذكر الجمهورية والحرية واملساواة‪.‬‬ ‫يف ‪ 25‬جويلية ‪ -‬وبعد عرش سنوات من اإلخفاقات عىل جميع‬ ‫وهو الوضع الذي دفع قيس سعيّد‪ ،‬الرئيس التونيس املنتخب بنسبة ‪72٪‬‬
‫ونحثكم عىل الحد من تأثري اإلسالمويني التونسيني وحلفائهم عىل‬ ‫الجبهات واالضطرابات السياسية واإلرهاب والفساد املسترشي وضعف‬ ‫إىل اتخاذ خطوات ملحاولة إنهاء حقبة طبقة سياسية فاسدة حولت العملية‬
‫سياساتكم املستقبلية تجاه تونس»‬ ‫سيادة القانون والجرائم املرتفعة والعنف املتزايد ضد املرأة واالغتياالت‬ ‫الديمقراطية الجديدة إىل «دولة فاشلة»‪ .‬لهذه األسباب‪ ،‬أكتب إليكم عن‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪4‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫على وقع الثالث من أكتوبر‪:‬‬

‫هل رشعت تونس يف اسرتجاع أنفاسها ؟‬


‫معز ز يّود‬
‫أن حركة النهضة لم‬ ‫من مراجعات ونقد ذاتي بتع ّلة ّ‬ ‫سعيّد املعروف بكونه شخصيّة محافظة قد أمىس بني‬ ‫بعد املظاهرات العارمة‪ ،‬ليوم األحد ‪ 3‬أكتوبر‬
‫تحكم البالد ّإل لفرتة قصرية‪.‬‬ ‫ليلة وضحاها شخصيّة يساريّة أو تقدّميّة‪ ،‬رغم ّ‬
‫أن‬ ‫‪ ،2021‬التي أثبتت غلبة الرافضني لعودة هيمنة‬
‫تجل فشلها يف إدارة شؤون البالد‪ ،‬بعد‬ ‫وحني ّ‬ ‫مواقفه الرافضة لبعض قيم املنظومة الكونيّة لحقوق‬ ‫منظومة اإلسالم السيايس‪ ،‬هل يمكن القول ّ‬
‫إن‬
‫تجربتها عىل امتداد سنوات‪ ،‬عاقبها التونسيّون الذين‬ ‫اإلنسان مسألة غري خفيّة‪ .‬ولِيَسعد هؤالء ويهنؤوا ً‬
‫بال‬ ‫تونس استعادت أنفاسها؟ يبدو هذا التساؤل‬
‫سئموا شتّى الوعود الكاذبة بشأن تحسني أوضاعهم‬ ‫بأن خصمهم اللدود الذي ال يرجون له سوى االندثار‬ ‫ّ‬ ‫جداليّا ومتشعّ بًا جدّا‪ ،‬إذ تبقى اإلجابة عنه رهينة‬
‫االجتماعيّة واالقتصاديّة البائسة‪ .‬ومن ثمّ ة هبّوا‬ ‫لن يسمح‪ ،‬مثلما فعلوا قبله‪ ،‬بتمرير قوانني تح ّرريّة‬ ‫التّضاح الصورة عىل أكثر من صعيد‪ ،‬كيف ذلك؟‬
‫بكثافة يف احتجاجات ومسريات يوم ‪ 25‬جويليّة‬ ‫عىل غرار املساواة يف املرياث وإلغاء عقوبة اإلعدام‪،‬‬
‫ومظاهرات يوم ‪ 3‬أكتوبر للتعبري عن رفضهم ّ‬
‫الكل‬ ‫وذلك من باب عدم اإليمان الكامل بمقوّمات الدولة‬ ‫تصاع َد الخطاب اإلطالقي (‪)Discours absolu‬‬
‫لعودة الربملان السائب والتصدّي الحتماالت إعادة‬ ‫املدنيّة الحديثة والحداثيّة‪...‬‬ ‫يف تونس خالل الفرتة األخرية‪ .‬فالك ّل يدّعي امتالك‬
‫استنبات موازين القوى نفسها التي كانت تحكمه‬ ‫نهاية أم فشل مؤقت!‬ ‫والتمسك بـ"الرشعيّة" والتعبري عن إرادة‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقة‬
‫وتؤبّد منوال ديمقراطيّة شكليّة فاسدة‪.‬‬ ‫فإن املظاهرات الحاشدة األخرية‬ ‫يف ك ّل اإلحوال ّ‬ ‫ينص الدستور يف بابه األوّل‪ ،‬غري‬ ‫هذا الشعب الذي ّ‬
‫ومن العوامل التي قد تكون أرضّ ت بصورة حركة‬ ‫كشفت مجدّدا‪ ،‬كما حدث ليلة ‪ 25‬جويلية املايض‪ ،‬ما‬ ‫املع ّلق‪ ،‬عىل أنّه "صاحب السيادة ومصدر السلطات"‪.‬‬
‫النهضة وجماعات اإلخوان عموما ما أصبح يرتبط بها‬ ‫شاب املنظومة السياسيّة السابقة من تراجع شديد‬ ‫نُالمس هذا الخطاب الشعبوي‪ ،‬أي اختزاال املتحدّث‬
‫هذا الدعم الشعبي ال يعني أيضا أنّهم قد يقبلون‪،‬‬ ‫ّ‬
‫للتدخل‬ ‫من جموح إىل استجداء القوى األجنبيّة الكربى‬ ‫أن هذا الرتاجع الهائل ليس‬ ‫إىل ح ّد اآلن‪ .‬وال يخفى ّ‬ ‫باسم الشعب‪ ،‬سواء عىل لسان رئيس الجمهوريّة‬
‫بعد ك ّل التضحيات واملعاناة وسقوط الشهداء‪ ،‬بعودة‬ ‫يف الشأن الوطني ومحاولة االستقواء بها من أجل‬ ‫وليد اللحظة أو نتيجة فوريّة مبارشة لقرارات الرئيس‬ ‫واملساندين لقراراته املتتالية منذ ‪ 25‬جويلية أو عىل‬
‫نفوذ املستب ّد العادل أو "األخ األكرب"‪ ،‬وفق التوصيف‬ ‫ممارسة أش ّد الضغوط عىل رئيس الجمهوريّة بهدف‬ ‫قيس سعيّد‪ .‬فعىل الرغم من فوز حركة النهضة يف‬ ‫ألسنة خصومه من الفاعلني السياسيّني وأساسا‬
‫التاريخي الشهري للكاتب الربيطاني جورج أورويل‬ ‫أن الدول‬ ‫الرتاجع عن قرارات ‪ 25‬جويليّة‪ .‬فعالوة عىل ّ‬ ‫معظم االستحقاقات االنتخابيّة السابقة‪ّ ،‬‬
‫فإن الواقع‬ ‫من حركة النهضة التي بذلت ك ّل ما يف وسعها من‬
‫لقادة األنظمة الكليانيّة واالستبداديّة‪.‬‬ ‫الكربى‪ ،‬والواليات املتّحدة األمريكيّة يف مقدّمتها‪ ،‬قد‬ ‫كشف مدى انكماش حجمها وتراجع انتشارها‬ ‫الضغوط داخليّا وخارجيّا أمال يف استعادة املنظومة‬
‫متى نتجاوز األوهام؟!‬ ‫تغيت أولويّاتها اإلقليميّة وباتت تويل ج ّل اهتمامها‬ ‫ّ‬ ‫شعبيّا‪ .‬وال أد ّل عىل ذلك من أنّها حازت يف انتخابات‬ ‫السابقة أنفاسها واستئناف هيمنتها السياسيّة عىل‬
‫من الوهم اليوم أيضا الرتويج لصالح األحوال‬ ‫لكيفيّة مواجهة التنني الصيني املتعاظم‪ .‬كما أنّها‬ ‫‪ 2019‬ما يق ّل عن ‪ 500‬ألف صوت‪ ،‬يف حني أصاب‬ ‫"جس" لردود‬ ‫ّ‬ ‫مقدّرات البالد‪ .‬ويف نطاق عمليّة‬
‫املنهكة للبالد ملج ّرد تغيري النظام السيايس وانتهاء‬ ‫أن دعمها لجماعة اإلخوان لم يحُ ل دون‬ ‫تيقنت بعد من ّ‬ ‫ّ‬ ‫االنهيار الشامل سائر حلفائها عىل غرار حزب "قلب‬ ‫ّ‬
‫الفعل والتفاعل‪ ،‬جاءت الخطوة الثانية املتمثلة يف‬
‫منظومة سياسيّة أثبتت فشلها الفظيع‪ .‬فرغم ما‬ ‫فشلهم يف تجربة الحكم حيثما ح ّلوا‪ .‬فباتت تُرجّ ح‬ ‫مراهنة الجانبني عىل الشارع الستعراض القوّة‬
‫يجمع التونسيّني من حرص عىل الدفاع عن وحدة‬ ‫نهج الواقعيّة السياسيّة (‪ )Realpolitik‬الذي يدعم‬ ‫حقا حين‬‫ستستعيد تونس أنفاسها ّ‬ ‫الكفيلة بإحراج الخصم اللدود ودفعه إىل الرتاجع‪.‬‬
‫أن املصالح الذاتيّة‬ ‫الدولة وتماسكها‪ ،‬فإنّه ال يخفى ّ‬ ‫من يمتلك القوّة عىل األرض وال يستهدف مصالحها‬ ‫ّ‬
‫والمؤقت ومن‬ ‫تخرج من االستثنائي‬ ‫ويف املحصلة‪ ،‬وجد املتابع املستق ّل نفسه يُردّد العبارة‬
‫الضيّقة أمست مح ّركا أساسيّا يف ظ ّل ما يسود من‬ ‫الحيويّة‪ .‬وهو ما يُدركه الرئيس قيس سعيّد جيّدا‪ ،‬ما‬ ‫إن "العربة بالنتيجة"‪...‬‬‫الكرويّة القائلة ّ‬
‫الضبابيّة والغموض‪ ،‬وحين تضع حدّا‬
‫إفالت من العقاب وانتقائيّة يف تطبيق القانون‪ .‬فقد‬ ‫جعله يُر ّكز يف لقاءاته مع الشخصيّات األجنبيّة عىل‬
‫لإلفالت من العقاب وتُطبّق القانون‬ ‫اختبار الشارع وحرب الشعارات‬
‫الحديث عن اتّساع التأييد الشعبي العام لقراراته‪.‬‬
‫مؤسسات الدولة وإنهاكها‬ ‫ّ‬ ‫تسبّب ذلك يف إضعاف‬ ‫رسخ اإليمان‬ ‫بعدل على الجميع‪ ،‬وحين ت ُ ّ‬ ‫خالل املظاهرة الحاشدة‪ ،‬يوم األحد قبل املايض‪،‬‬
‫بالفساد والرشوة واملحسوبيّة‪ .‬وهذا ما ال يمكن‬ ‫توظيف الدين يف السياسة واالستقواء بالقوى‬ ‫ّ‬ ‫ظمها بنجاح أنصار حركة النهضة أساسا‬ ‫التي ن ّ‬
‫وتتجنب السقوط في‬ ‫بقيم الديمقراطيّة‬
‫إصالحه بمج ّرد تراجع هيمنة طائفة سياسيّة معيّنة‬ ‫األجنبيّة والدفاع عن الرشعيّة االنتخابيّة بات له‬ ‫أن جماعة اإلسالم‬ ‫وحلفاؤها بدا للعيان حينها ّ‬
‫تهويمات المدينة الجماهير يّة الفاضلة‬
‫عىل دوائر الحكم‪ .‬وحتّى يف حالة وجود إرادة سياسيّة‬ ‫إذن تأثري عكيس يف استقطاب التونسيّني وحشدهم‬ ‫السيايس ال تزال قوّة ضاربة من حيث حجم التحشيد‬
‫حركة لم تقدّم إليهم شيئا‪ ،‬بقدر‬ ‫ٍ‬ ‫للدفاع عن مصالح‬ ‫التي ثبت فشلها حيثما ُج ّر بت‪...‬‬
‫فعليّة لإلصالح فإنّه يصعب أن تؤدّي أغراضها عىل‬ ‫وإحكام التنظيم واالنضباط الحركي‪ ،‬لكن رسيعً ا ما‬
‫مدى زمني قصري‪ ،‬وخصوصا إذا استم ّر االنفراد‬ ‫أن سياسة الغنيمة وحماية‬ ‫رسخت يف األذهان ّ‬ ‫ما ّ‬ ‫كافة المعادالت السياسيّة‪،‬‬‫تغيّرت ّ‬ ‫اضمح ّلت هذه الصورة بعد نجاح املظاهرات العارمة‬
‫بسلطة القرار وإقصاء مختلف الفاعلني السياسيّني‬ ‫الفاسدين تقف وراء تع ّكر أوضاعهم االجتماعيّة‬ ‫فخطاب «المظلوميّة» الذي أتاح لحركة‬ ‫التي غمرت أمس األوّل األحد شارع الحبيب بورقيبة‬
‫أمس‬‫أن البالد يف ّ‬ ‫ومكوّنات املجتمع املدني‪ .‬وال ريب ّ‬ ‫واالقتصاديّة املتهالكة أصال!‪.‬‬ ‫النهضة تصدّر القائمات االنتخابيّة لم‬ ‫بالعاصمة والشوارع الرئيسيّة بعدد من املدن‬
‫الحاجة اليوم إىل مراكمة املمارسات الفضىل والتزام‬ ‫استثناءات تونسيّة‬ ‫يعد يُجدي نفعً ا‪ ،‬بعد أن ش ّكل طويال‬ ‫التونسيّة الكربى‪ .‬وبذلك بدا واضحا تفوّق مظاهرات‬
‫مؤسسات الدولة بردع التجاوزات بشدّة وبقدر‬ ‫ّ‬ ‫هكذا انكرست حواجز الخوف والرتدّد لدى‬ ‫رأسمالها الرمزي‪ّ ،‬‬
‫لكنها لم تلبث أن‬ ‫هذا األسبوع عىل مستوى الحجم الهائل للحضور‬
‫املساواة عىل الجميع‪ ،‬وليس فقط باستهداف منتقدي‬ ‫ملقحني نسبيّا‪ ،‬ال من فريوس‬ ‫التونسيّني‪ ،‬وباتوا ّ‬ ‫ّ‬
‫شعبوي طحَ ن كافة‬
‫ّ‬ ‫احترقت بنيران م ّد‬ ‫الجماهريي املتزامن يف اكثر من مدينة دون الحاجة‬
‫رئيس الجمهوريّة‪...‬‬ ‫كورونا فحسب وإنّما أيضا من شتى الفريوسات‬
‫ّ‬ ‫املحفزات‪ ،‬وذلك عىل الرغم من‬ ‫ّ‬ ‫إىل الحافالت وسائر‬
‫الخصوم والمنافسين‪.‬‬
‫إن البالد اسرتجعت أنفاسها‪ ،‬بعد سبعني‬ ‫وإذا قلنا ّ‬ ‫ظ معظمهم اإلسالم‬ ‫السياسيّة املضنية‪ .‬وإن لف َ‬ ‫وجود قيادة حزبيّة حشدًا للمظاهرة األوىل واقتصار‬
‫يوما من اإلعالن عن قرارات ‪ 25‬جويلية‪ ،‬فهذا يفرتض‬ ‫السيايس هذه األيّام‪ ،‬فإنّهم عىل استعداد للتخلص‬
‫ّ‬ ‫مظاهرات يوم ‪ 3‬أكتوبر عىل تواتر الدعوات عىل‬
‫أن تكون األوضاع االجتماعيّة واالقتصاديّة عىل ما يُرام‬ ‫ممّ ن يُنارصونه اليوم يف حال ُكتمت أنفاسهم ولم‬ ‫ً‬
‫خلسة إىل‬ ‫تونس" الذي انتهى أصال بهروب رئيسه‬ ‫صفحات امليديا االجتماعيّة‪.‬‬
‫أن الح ّد‬‫تحسنت بعض اليشء‪ .‬والحال ّ‬ ‫وعىل األق ّل قد ّ‬ ‫تصطلح أحوالهم غدا‪ .‬ففي املايض تم ّردوا عىل تجربة‬ ‫الجزائر وقبوعه يف أحد سجونها‪ .‬وال ننىس كذلك‬ ‫بات "الشارع" إذن سالحا أساسيّا حادّا يعكس‬
‫األدنى من مقوّمات النماء واالستقرار يف كافة املجاالت‬ ‫التعاضد التي انتهت دون رجعة‪ .‬وحني أزاح الرئيس‬ ‫النهاية غري املعلنة لحلفائها السابقني كحزب "نداء‬ ‫إىل ح ّد كبري موازين القوى القائمة‪ .‬ومن الواضح يف‬
‫ُقض‬ ‫يتوفر بعد‪ ،‬وال يزال الغالء الفاحش لألسعار ي ّ‬ ‫لم ّ‬ ‫الراحل زين العابدين بن عيل الزعيم الحبيب بورقيبة‬ ‫تونس" وحزبي املؤتمر من أجل الجمهوريّة والتكتّل‬ ‫كفة الزخم الشعبي تميل حتّى اآلن إىل‬ ‫أن ّ‬‫هذا السياق ّ‬
‫أن هناك مسافة غري‬ ‫مضجع معظم األ ُ َس‪ ...‬يبدو إذن ّ‬ ‫من سدّة الحكم خرج التونسيّون مُه ّللني لصاحب‬ ‫الديمقراطي من الحريات والعمل‪ ...‬ومع ذلك يبدو‬ ‫صالح رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد املاسك بزمام‬
‫هيّنة تفصلنا عن استعادة الدولة التونسيّة أنفاسها‪،‬‬ ‫السلطة الجديد‪ ،‬ث ّم انقلبوا عليه زمن الثورة بعد‬ ‫من السابق لألوان الحديث عن نهاية اإلسالم السيايس‬ ‫فإن "حرب‬ ‫السلطة بمختلف دواليبها‪ .‬ومع ذلك ّ‬
‫تتنفسه لم يبلغ بعد الدرجة املطلوبة‬ ‫ألن الهواء الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن ساءت أحوالهم وفاحت رائحة الفساد املتعاظم‬ ‫وخاصة بوجود أرضيّة خصبة لالستقطاب‬ ‫ّ‬ ‫يف تونس‪،‬‬ ‫الشعارات" زمن االحتجاجات الكربى قد بدأت تفقد‬
‫من النقاء‪...‬‬ ‫ألصهاره‪.‬‬ ‫األيديولوجي يف األوساط الشعبيّة‪ .‬وهو مجال لن‬ ‫ألقها‪ .‬فمن املفارقات ما يُالحظ من شعارات متشابهة‬
‫أن تونس ستستعيد أنفاسها‬ ‫وال ش ّك كذلك يف ّ‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬كثريا ما أثبت التونسيّون أنّهم شديدو‬ ‫تُس ّلم حركة النهضة مفاتيحه‪ ،‬وإن اضط ّرت لتغيري‬ ‫أن كالهما يشرتك‬ ‫الشق وذاك‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يرفعها أنصار هذا‬
‫واملؤقت إىل الدائم‪،‬‬‫ّ‬ ‫حقا حني تخرج من االستثنائي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وخاصة‬ ‫الحرص عىل الحفاظ عىل أركان دولتهم‪،‬‬ ‫املسمّ يات الحزبيّة تحت أيّ عنوان‪...‬‬ ‫يف رمي اآلخر بتهم الخيانة والغدر والعمالة للخارج‪.‬‬
‫ومن الضبابيّة والغموض إىل الواضح والثابت‪ ،‬وحني‬ ‫عندما يستشعرون أخطار االنقسام الداخيل أو‬ ‫كافة املعادالت السياسيّة‪ ،‬فخطاب‬ ‫تغيت إذن ّ‬ ‫ّ‬ ‫نتبي بيُرس بعض‬ ‫ّ‬ ‫ويف املقابل‪ ،‬يمكن أن‬
‫تضع حدّا لإلفالت من العقاب وتُطبّق القانون بعدل‬ ‫العدوان الخارجي‪ .‬وعرب مراحل تاريخيّة متالحقة‬ ‫"املظلوميّة" الذي أتاح لحركة النهضة تصدّر‬ ‫الشعارات التي تُميّز هذا الشق عن ذاك‪ .‬فاملساندون‬
‫ّ‬
‫عىل الجميع عىل غرار فرض قرارات املنع من السفر‬ ‫ثبت مدى تع ّلق التونسيّني بمختلف نحلهم بسلطة‬ ‫القائمات االنتخابيّة لم يعد يُجدي نفعً ا‪ ،‬بعد أن‬ ‫لرئيس الجمهوريّة ال يرتدّدون يف توصيف خصومه‬
‫واإلقامة الجربيّة بمقتىض أحكام قضائيّة ودون‬ ‫مركزيّة قويّة تبسط نفوذها عمليّا أو حتّى رمزيّا عىل‬ ‫ش ّكل طويال رأسمالها الرمزي‪ .‬فلم تلبث أن احرتقت‬ ‫بـ"املرتزقة" و"الفاسدين" و"تجّ ار الدين"‪ ،‬يف حني‬
‫مؤسساتها‬ ‫انتقائيّة كما هو الحال اليوم‪ ،‬وحني تُبنى ّ‬ ‫كامل البالد‪.‬‬ ‫كافة الخصوم واملنافسني‪.‬‬‫بنريان م ّد شعبويّ طحن ّ‬ ‫يُواجههم خصومهم بنعوت "االنقالبيّني" و"عبيد‬
‫السياديّة عىل أسس صحيحة تُتيح فصال فعليّا بني‬ ‫وعىل هذا األساس‪ ،‬ترشئبّ أعناق معظم‬ ‫أن العديد من قياديّي حركة النهضة أثبتوا‬ ‫والغريب ّ‬ ‫االستبداد" بل وحتّى بـ"الكفرة"‪ .‬وال نبالغ هنا يف‬
‫رسخ اإليمان بقيم الديمقراطيّة وتتجنّب‬ ‫السلطات وتُ ّ‬ ‫التونسيّني اليوم نحو قرص الرئاسة بقرطاج‪ ،‬انتظارا‬ ‫إىل ح ّد اليوم عجزهم عن استيعاب الدرس الشعبي‪،‬‬ ‫إن الكثري من أنصار حركة النهضة يعتربون‬ ‫القول ّ‬
‫السقوط يف تهويمات املدينة الجماهرييّة الفاضلة التي‬ ‫إليفاء رئيس الجمهوريّة بما تعهّ د به من محاسبة‬ ‫ُفس أنّهم مازالوا يُمعنون يف االضطالع بدور‬
‫وهو ما ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن منارصي قيس سعيّد وامللتفني حوله يشنون حربًا‬ ‫ّ‬
‫تُكمّ م أفواه معارضيها وثبت فشلها حيثما جُ ّربت‪...‬‬ ‫للفاسدين والعابثني باملال العام وإصالح األحوال يف‬ ‫الضحيّة ويرفضون االعرتاف باألخطاء الجسيمة‬ ‫عىل اإلسالم واملسلمني‪ ،‬مستخدمني بذلك معجمً ا‬
‫أقرب اآلجال‪.‬‬ ‫املتواترة ويتغافلون عن ممارسة ما يتوجّ ب عليهم‬ ‫وكأن الرئيس قيس‬‫ّ‬ ‫اصطالحيّا يعود إىل عصور غابرة‪،‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪5‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫موقف األسبوع‬
‫توضيحات وتعليق عام على األمر الرئاسي عدد ‪117‬‬

‫طياته أكرب املخادعات‬


‫الرجوع إىل الدستور حيمل يف ّ‬
‫بقلم ‪ :‬العميد الصادق بلعيد‬
‫*‪ -‬الصمت عىل املساءلة السياسية‪ :‬هذا أمر غريب بحكم‬ ‫األالف املؤلفة من الشباب التونيس الذين دفع بهم اىل الجحيم‬ ‫‪1‬‬
‫انه طيلة الفرتة املاضية – ومدتها ‪ 12‬سنة ‪ ،-‬لم يتفوّه أي‬ ‫بال رجعة وبإجهاض كل آمالهم يف العيش الكريم؟ *‪ -‬من‬ ‫لقد كثر الحديث‪ ،‬إما مساندة أو رفضا‪ ،‬عن األمر الرئايس‬
‫من الزعماء السياسيني الحاكمني أو اذنابهم بأي اقرتاح لسد‬ ‫املسؤول عن التنظيمات املسلحة الرسية وا ُملمَ وّلة من الخارج‬ ‫عدد ‪ 117‬فرأينا من واجبنا تقديم بعض التوضيحات حوله‬
‫الثغرة الدستورية املتعلقة باملساءلة لكل من تحمل وظيفة‬ ‫والتي ُك ّرست لخدمة مصالح وسياسات دول اجنبية ال تُ ّ‬
‫كن‬ ‫لرفع الغموض عن هذا النص الهام ولتهدئة ردود الفعل‬
‫سياسية أو إدارية‪ ،‬وهو املبدأ األسايس يف الديمقراطيات‬ ‫لهذا البلد األمني اال العداوة؟ ‪ *-‬من املسؤول عن امتصاص‬ ‫السلبية واالنفعاالت املتشنجة ضد هذا النص الهام دون تربير‬
‫املعقلنة‪ .‬بل إن ما تميزت به الفرتة النهضوية هو العكس‪،‬‬ ‫االقتصاد الوطني بما تقدره املنظمات الدولية بنصفه لفائدة‬ ‫مقنع‪ ،‬يف نظرنا عىل األقل‪..‬‬
‫الذي بموجبه يُغفر لرئيس الحكومة الفاشل فشله‪ ،‬والذي‬ ‫املهربني والرساق واإلرهابيني والناشطني يف املتاجرة باملخدرات‬
‫كذلك يُجازى الوزير الفاشل برتقيته من منصب وزير اىل‬ ‫وتهريب األسلحة وتبييض األموال واالجرام الدويل؟‬ ‫ولتكون املواقف واضحة وسعيا منا إلبراز موضوعية‬
‫منصب وزير أول‪....‬‬ ‫كالمنا ُ‬
‫وخلوه من كل تحيّز‪ ،‬لنبدأ بالتعبري عن اسفنا العتماد‬
‫‪2‬‬ ‫هذا األمر الرئايس عىل الفصل ‪ 80‬من الدستور ألسباب عديدة‬
‫*‪ -‬االنتخابات املزورة‪ :‬لقد أُسعفت «النخبة الحزبية‬ ‫َخلفها الجيل الحارض وكذلك األجيال‬ ‫تلك الرتكة التي سي ُ‬ ‫فصلناها يف صحيفة ‹ليدرز› بتاريخ األول من أكتوبر الجاري‬‫ّ‬
‫والسياسية» يف بالدنا بنظام انتخابي مزوّر وظالم من مستوى‬ ‫القادمة – واىل موىف منتصف هذا القرن‪ ،‬عىل األقل – والتي‬ ‫ويف جريدة ‹الصباح› بتاريخ ‪ 2‬من نفس الشهر‪ ،‬نختزلها يف ان‬
‫ما يسميه الخرباء «الجمهوريات ا َملوزيَّة» وتميّزت بسهولة‬ ‫قد يكون من العسري مواجهتها ومعالجتها وتدارك صعابها‬ ‫الظروف العامة للبالد بلغت من الخطورة ما يستوجب اتخاذ‬
‫الرشوة واالرتشاء بثمن بخس‪ .‬أضف اىل ذلك تدخل املال‬ ‫ومخلفاتها‪ ،‬والتي هي عىل غرار األمراض املزمنة والثقيلة التي‬ ‫تدابري أكرب بكثري مما يسمح به الفصل ‪ 80‬املذكور‪ .‬زيادة عىل‬
‫السيايس الداخيل وأيضا الخارجي يف االنتخابات وغياب الرقابة‬ ‫لن تقع معالجتها ببعض أقراص ‹األسبريين›‪ ،‬بل هي ككل‬ ‫ذلك‪ ،‬فإنه يجب التذكري بأن بعض اآلليات الالزمة للتفعيل‬
‫الجدية من طرف املؤسسات املالية والقضائية‪ ،‬عموما‪ ،‬ما‬ ‫االمراض املزمنة والطويلة‪ ،‬تتطلب املواجهة باألدوية الثقيلة‬ ‫الناجع للفصل ‪ 80‬هذا مفقودة أصال‪.‬‬
‫ينتج عنه ان االنتخابات (واملقاعد يف الربملان) تباع وتشرتى‬ ‫مع هذا‪ ،‬فإنه كان‪ ،‬يف رأينا‪ ،‬من األفضل ومن األكثر فاعلية والباهظة أسعارها والطويلة اإلحاطة بها‪ .‬وبكل رصاحة‪ ،‬هذا‬
‫رسا وعلنا وبكل اريحية‪ .‬فما معنى العملية االنتخابية‪ ،‬وما‬ ‫من الناحيتني الدستورية والقانونية‪ ،‬االعتماد عىل الفصل هو املؤمل القيام به عىل طول السنوات القادمة – عرشون‬
‫مفهوم الديمقراطية أصال؟‬ ‫الرئييس الثالث من الدستور‪ ،‬هو مذكور يف األمر الرئايس سنة؟‪ ،‬او اربعون سنة؟‪ ،‬أو ما بينهما‪...‬‬
‫*‪ -‬الحصانة واالمتيازات ألعضاء مجلس النواب‪ :‬الحصانة‬ ‫وليس كل هذا مسألة «زمن» فقط‪ ،‬بل إنها مسألة صرب‬ ‫‪ ،117‬ثم إكمال ذلك املرجع األسايس بالفصلني ‪ 72‬و‪( 71‬بهذا‬
‫النيابية أضحت االمتياز الذي جعل من مجلس النواب امللجأ‬ ‫التسلسل املنطقي) وذلك باعتبار األسباب واملؤيدات التالية‪ ،‬ومثابرة وثبات‪ ،‬بما يعني ان هذا املجهود يتطلب تضحيات‬
‫الناعم واألمني للعديد من املتطفلني عىل العمل السيايس‬ ‫نذ ّكر بها بإيجاز‪ -* :‬الفصل ‪ 72‬هو مواصل ومتمم للفصل عظيمة من لدن أجيال عديدة‪ .‬وهذا يتطلب أيضا تهيئة‬
‫واملندسني يف هذا الهيكل الترشيعي قصد قضاء مآربهم والتآمر‬ ‫األسايس عدد ‪ 3‬املذكور يف روحه‪ ،‬باعتبار ان الفصل ‪ 3‬بعد املناخ املناسب والقدرات البرشية املالئمة واالعتمادات املالية‬
‫عىل حساب الصالح العام‪ .‬وكذلك األمر بالنسبة ‹للمنح‬ ‫ان اعلن ان «›الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات‪ ،‬الضخمة والتجهيزات التقنية املتقدمة واملكلفة واملتطورة‬
‫واالمتيازات املسندة لرئيس مجلس نواب الشعب واعضائه‪.‬‬ ‫يمارسها بواسطة ممثليه املنتخبني أو عرب االستفتاء» واصل دوما‪.‬‬
‫فال مجال ملثل هذه الفضيحة‪ ،‬ووجب بذلك ‹رفع الحصانة‬ ‫بإكمال ذلك املبدأ بتعيني هيكل دستوري أسايس اسدى اليه‬
‫الربملانية عن جميع أعضاء مجلس النواب›‪ ،‬بل ويتحتم رفع‬ ‫وهذا يعني‪ ،‬يف األمد القريب‪ ،‬العمل الجدي والصبور‬
‫هذه الحصانة عن كل من يعمل يف املجال السيايس والقضائي‬ ‫املهمة األعىل‪ ،‬وهي «رئاسة الدولة‪ ،‬ورمز وحدتها‪ ،‬يضمن والدؤوب‪ .‬وما املرحلة اإلعدادية الحالية اال األمد القصري –‬
‫واإلداري العمومي‪ ،‬وإلغاء املنح واالمتيازات الربملانية‪.‬‬ ‫استقاللها واستمراريتها‪ ،‬ويسهر عىل احرتام الدستور»‪ .‬هذا خمس سنوات تقريبا – وهي التي ستَنتج عنها التحوالت‬
‫الهيكل األسايس «هو رئيس الجمهورية»‪ ،‬وال غري‪ .‬وهذا يعني والرجّ ات العميقة عىل املستوى السيايس واالجتماعي‬
‫*‪ -‬املحكمة الدستورية واستقالل القضاء‪ :‬هاتان‬ ‫ان رئيس الدولة هو‪ ،‬حسب الدستور‪ ،‬الجهة األوىل التي تتوجه واالقتصادي‪ ،‬والترشيعي بالخصوص‪ .‬وباختصار‪ ،‬لقد اعطى‬
‫املؤسستان هما وجهان اثنان لعملة واحدة‪ ،‬وهما أساس العدل‬ ‫اليها املجموعة الوطنية بأكملها عند حدوث األحداث الخطرة خطاب ‪ 25‬جويلية الفارط الصورة الحقيقية لوضع البالد‬
‫واالستقرار السيايس واالجتماعي يف البالد‪ .‬فأما األوىل‪ ،‬فإنها لم‬ ‫واملهددة بالهالك واالنهيار بما ال يسمح لذلك املسؤول أن يتربأ وأعلن ان مسؤوليات رئيس الدولة يف معالجتها عظيمة وأنذر‬
‫تر النور بفعل فاعل‪ ،‬ويا للمهزلة عندما رأيت أخريا املعطلني‬ ‫أو أن يتعذر بمحدودية السلطات املذكورة يف الدستور او بقلة ان ‹تمريض› هذا العليل سيتطلب جهودا طويلة وعمال مرهقا‪.‬‬
‫ملرشوع األمس ينقلبون اىل دعاة مستميتني من اجل إرسائها‬ ‫اإلمكانات املتوفرة لديه لإلفالت من مسؤولياته او للتخلص فما سينتج عن ذلك من تحوالت وما هو الوزن الحقيقي‬
‫عىل عجل الكتشافهم فجأة أهمية هذه املؤسسة القضائية‪....‬‬ ‫من واجباته‪ ،‬مهما كانت صعوبتها او خطورتها‪ .‬ويف رأينا‪ ،‬لالنتقادات الالذعة الصادرة عن أحزاب املعارضة‪ ،‬وما هي‬
‫وأما املؤسسة القضائية ومبدا استقالليتها‪ ،‬فلنكتف بالتلميح‬ ‫فإن الخطر اإلرهابي وخطر انهيار الدولة واضمحالل هيبتها طلباتها وما هي جديتها ؟‬
‫اىل اكرب الفضائح يف بالدنا التي تتمثل يف اثبات فساد اعىل قاض‬ ‫وتبعثر مفاصلها الدولة وفقدانها الثقة الدولية عىل مختلف‬
‫يف الهيكل القضائي واعىل قايض يف النيابة العامة‪ .‬هال كانت‬ ‫*‪ -‬الرجوع اىل ما قبل ‪ 25‬جويلية ‪ :‬لن نطيل الكالم يف هذا‬ ‫املستويات وقرب افالس البالد داخليا وبالخصوص خارجيا‪،‬‬
‫هذه الجريمة الشنعاء ممكنة لوال اخرتاق الفاسدين السلك‬ ‫كل هذا يتطلب اكثر من شهر او شهرين او ُقل حتى أربعة املوضوع‪ :‬فبعد الفضيحة الكربى لركوب النهضة وازالمها عىل‬
‫القضائي عموما والتمكن منه بصورة قاتلة ؟ ‪ :‬بال تعليق‪...‬‬ ‫اشهر واكثر من اعمق املراجعات للترشيعات والسياسات الثورة ملدة ‪ 12‬سنة‪ ،‬فإن عجزها وخيبتها يف ممارسة الحكم‬
‫والتصميمات بقصد اصالح الوضعية وإخراج البالد من بالبالد طيلة تلك املدة الطويلة ال يرتتب عنها اال االنعدام الكيل‬
‫*‪ -‬محاربة الفساد‪ :‬هذا املطلب يمثل مبدأ أساسيا يف العهد‬ ‫الجحيم الذي اغرق فيه بفعل فاعل ‪ .‬وليتذ ّكر الجميع ان األزمة للثقة يف هذه املجموعة من السياسيني‪ .‬فال يبقى لهم ولغريهم‬
‫الجديد ويتطلب بال شك زمنا طويال وترشيعات ناجعة وقوية‬ ‫العميقة واالفالس السيايس واالقتصادي واالجتماعي والثقايف اال ان يخوضوا االنتخابات القادمة‪ ،‬إن م ّكنهم املستقبل‬
‫وثباتا فائقا إذا أريد منع الفساد واجتثاثه من كل مفاصل‬ ‫الذي دُفع بالبالد اليه‪ ،‬انما املسؤول عنه واملطالب باملحاسبة القريب من ذلك‪...‬‬
‫الدولة واملجتمع‪ .‬وربما هذا هو الذي يخيف اهل املعارضة‬
‫وازالمها لعمق تفيش هذه اآلفة يف كل البالد‪ .‬هذه الحرب عىل‬ ‫*‪ -‬الرجوع اىل الدستور‪ :‬هذا الطلب شديد الغرابة ويحمل‬ ‫عنه معروف عند الجميع‪ ،‬داخليا وخارجيا‪ ،‬ولم يبق اال تنظيم‬
‫الفساد هي رضورة مطلقة وواجب تحريكها بصورة فعالة‬ ‫يف طياته أكرب املخادعات باعتبار ان املطالبني بالعودة اىل‬ ‫مساءلتهم ومعاقبتهم عليه‪.‬‬
‫وبيد غري مرتعشة وتختلف عن كالم بال فعل مثلما كان معتادا‬ ‫*‪ -‬لقد وقعت املناداة بإسقاط النظام الحايل واالطاحة الدستور كانوا هم أنفسهم‪ ،‬يتحكمون بصورة مطلقة يف‬
‫منذ عدة سنني‪...‬‬ ‫برئيسه ومحاكمته ومن معه والرجوع اىل ‹الرشعية كتابة النص الدستوري ويف تطبيقه أو يف عدم تطبيقه ملدة ‪12‬‬
‫الدستورية› املنتصبة منذ ‪ 2014‬واىل ‹دولة القانون واملؤسسات› سنة‪ :‬فكيف يمكن لهم املطالبة بالعودة اىل ما أفسدوه جملة‬
‫*‪ -‬الحقوق والحريات‪ :‬هل الحقوق والحريات مهددة اليوم‬ ‫التي نَمَ ت يف ظله ‪ -‬لكن‪ ،‬إذا كان األمر كما يذكرون‪ ،‬فمن يا وتفصيال يف هذا الباب بالذات؟‬
‫مثلما ترصخ املعارضة بذلك؟ ‪ -‬الحقيقة يف املرسوم عدد ‪117‬‬
‫هي انه يقول بكل وضوح‪« :‬ال يجوز عند سن املراسيم النيل‬ ‫*‪ -‬الديمقراطية‪ :‬أعداء الديمقراطية عقائديا ودينيا‬ ‫ترى‪ ،‬املسؤول عن‪ -* :‬تعطيل الدستور ومؤسساته واحكامه‬
‫من مكتسبات حقوق اإلنسان وحرياته املضمومة باملنظومة‬ ‫وافشال فاعليته؟ *‪ -‬ومن هو السؤول عن اهدار املال العام وممارسة لم يعودوا اهال لترشيكهم يف املعاملة الديمقراطية‬
‫القانونية الوطنية والعاملية» (الفصل ‪ .)4‬وكذلك‪ ،‬فإن نفس‬ ‫وتجفيف اإلمكانات املالية للمؤسسات الوطنية ومنها ما ُقدّر الحقة‪ .‬فما تميزوا به يف العمل السيايس هو ميلهم للتآمر‬
‫النص يأمر بأنه «يتواصل العمل بتوطئة الدستور وبالبابني‬ ‫بأرقام خيالية لم يعهد لها مثيل يف تاريخ البالد‪ ،‬وحتى يف أتعس عىل الديمقراطية كما تبني ذلك بعد «مؤامرة الشيخني يف نزل‬
‫األول والثاني منه‪ ،‬وبجميع األحكام الدستورية التي ال‬ ‫ظروفها وأكثفها ظالما ؟ *‪ -‬من املسؤول عن جرائم تهجري الربستول البارييس» تحت عنوان ‹التوافق› الفاسد‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪6‬‬ ‫رأي‬
‫الشارع السياسي‬
‫موقف األسبوع‬

‫حركة النهضة حركة غري تونسية‪...‬‬


‫تتعارض مع احكام هذه األمر الرئايس» (الفصل ‪ .)20‬أضف اىل ذلك‬
‫ان الترشيعات املستقبلية «ستكرس دولة القانون وتضمن الحقوق‬
‫والحريات العامة والفردية وتحقيق اهداف ثورة ‪ 17‬ديسمرب ‪2010‬‬
‫يف الشغل والحرية والكرامة الوطنية» (الفصل ‪.)22‬‬
‫*‪ -‬اإلقحام املفتعل للعقيدة يف السياسة‪ :‬كما يثبت ذلك تاريخ‬
‫نصر سامي ‪ -‬شاعر وكاتب‬ ‫األديان عموما واألديان السماوية خصوصا‪ ،‬فإن العقيدة والسياسة‬
‫هما خطان متوازيان ال يلتقيان اال بالحاق االوىل والثانية بأرضار‬
‫فيه فهم معارص تونيس خالق ومتجدد‪ .‬أما دين النهضة‬ ‫يبدو املرشد وسط الحراك الكبري املناهض للثورة‬
‫وخيمة وعميقة‪ ،‬ما حمل السياسة عىل االبتعاد عن العقيدة يف‬
‫فليس تونسيّا وليس خالقا ولقد جربنا أهله يف سياسات‬ ‫التصحيحية التي أعلنها قيس سعيد املح ّرك الرئييس‬
‫واألسايس‪ ،‬إذ استعاد حزبه لدى أنصاره عىل األق ّل تاريخ‬ ‫العالم املسيحي‪ ،‬مثال‪ .‬اما يف عاملنا اإلسالمي‪ ،‬فإن كارثة االدماج‬
‫الحكم فكدنا نفقد الدولة‪ .‬وما قام به قيس سعيد هو‬
‫أنّه أزاح املشرتك من سياقات االمتالك الفردي‪ ،‬وأعاد‬ ‫تأسست عليها أدبياته‪ ،‬وإذ يعلن أن حزبه‬ ‫املظلومية التّي ّ‬ ‫او املحاولة يف ذلك آلت بعد العظيم من املآيس اىل الفشل الكبري واىل‬
‫للتونسيني إرادتهم يف حكم أنفسهم‪ .‬فالديمقراطية‬ ‫"تلقى رسالة الشعب بكل شجاعة‪ ،‬وسوف يعلن عن نقده‬ ‫ّ‬ ‫التخلف املحزن يف معظم البالد العربية واإلسالمية‪ .‬أما يف تونس‪ ،‬فإن‬
‫أوسع من املجالس‪ ،‬والدين أوسع من النهضة‪ ،‬والرئاسة‬ ‫الذاتي" فإننا لم نظفر بعد مرور ما يفوق الستني يوما‬‫ّ‬ ‫عاملني أساسيني كانا السبب يف املأساة‪ :‬األول هو التحاق املنظمة‬
‫بما هي تكليف شعبي مبارش دون وكيل أوسع من فصل‬ ‫عىل ‪ 25‬جويلية بأيّة مراجعة أو نقد ذاتي أو تقييم‪ ،‬غري‬ ‫اإلسالمية التونسية بمجمع االخوان املسلمني تزلفا وتقربا منها‬
‫يف الدستور يحدد تلك الصالحية‪.‬‬ ‫ما يحدث من "أفالم" االستقاالت الوهمية‪ .‬ذلك أن جميع‬ ‫بقصد االحتماء بها‪ .‬والفاعل الثاني هو استعمال الدول الغربية‪،‬‬
‫انتخب جزء من التونسيني النهضة مرارا لتحكم‪ ،‬ويف‬ ‫األحزاب القائمة عىل الدين تعترب االنخراط رابطا ال ينفصم‬ ‫خصوصا‪ ،‬الواليات املتحدة االمريكية‪ ،‬اإلسالم قصد السيطرة عىل‬
‫يرشح املرشد شخصا ليحكم‪ ،‬وال يضع نفسه‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل م ّرة‬ ‫إال باملوت‪ ،‬ألنه قائم عىل والء ال يمكن الخروج عنه‪.‬‬ ‫العالم العربي ألسباب معروفة ومبتذلة‪ .‬وإنه من مسؤولية الشعب‬
‫أبدا موضع الحاكم‪ .‬ويف جميع التجارب فشلوا فشال‬ ‫لقد أثبت املرشد أنه ال ينصت للشعب‪ ،‬وأنه مكابر‬ ‫طن لهذه الخدعة وملا ينج ّر عنها من ارضار مختلفة‬ ‫التونيس التف ّ‬
‫ذريعا‪ ،‬فنسب الفشل اليهم‪ ،‬ال للمرشد‪ .‬وتلك سياسة‬ ‫وأصمّ‪ ،‬وأنه ال يمكن لحزبه بسبب بنيته األبوية املغلقة‬ ‫االبعاد‪ ،‬ذاق طعمها املرير يف عهد الحكم النهضوي‪ .‬ومن انذر فقد‬
‫أن أي حزب حني يفوز‬ ‫غريبة يف الديمقراطيات‪ .‬ذلك ّ‬ ‫البطريركية املتقادمة االنفتاح عىل املراجعات الجذرية‪،‬‬ ‫اعذر‪...‬‬
‫فإن رئيسه هو املعني بالتكليف‪ ،‬ولكن املرشد ال يريد أن‬ ‫وال عىل نظام محاسبات عرصي مراقب بشفافية‪ .‬وإذ‬
‫*‪‹ -‬انقالب عىل الثورة› ام ‹انقالب عىل االنقالب؟›‪ :‬لقد استنفد‬
‫يحكم مبارشة بل من وراء ستار‪ ،‬فإن فشل خرج من‬ ‫يعلن املرشد أن الشعب الذي أنجز ثورة الحرية والكرامة‬
‫لن يرتاجع عىل مساره التاريخي يف تجذير الديمقراطية‬ ‫اهل املعارضة كل اسهُ مهم هجوما عىل التحول السيايس الحايل بأن‬
‫جديد‪ ،‬وب ّرر‪ ،‬وذ ّكر الناس بأنّه لم يكن يحكم‪ .‬ولقد أصبح‬ ‫نددوا بما اسموه ‹االنقالب عىل الثورة›‪ .‬لكنهم فضحوا أنفسهم‬
‫األمر مهزلة‪ ،‬فكيف أمكن ألشخاص منهكني ومرىض‬ ‫والعدالة االجتماعية‪ ،‬فإنّنا نخربه بأنّه لم يكن طيلة عرش‬
‫سنوات فاعال أو مؤثرا يف ذلك الخط الثوري ال ّذي فاجأه‪،‬‬ ‫بأنفسهم بتناسيهم ما فعلوا سنة ‪ 2011‬عندما ركبوا عىل الثورة‬
‫أن يديروا دولة؟ وكيف استقام أمر الحكم ألشخاص‬
‫وأنه كان مهتما بالتمكني لحركته يف كل أجهزة الدولة وم ّد‬ ‫الشعبية واستغلوا صفاء اغلبية الشعب وبراءتها الطبيعية‬
‫مجهولني تماما لحكم تونس؟ وكيف توافقت جميع‬
‫الجسور كلها لعودة التجمّ عيني والدساترة‪ ،‬وأنه كان حجر‬ ‫واستمالوها بثمن بخس وبهدايا مضحكة‪ .‬فإذا راجعوا التاريخ‬
‫أن املياه أغرقت‬ ‫األطياف عىل أن األمور جيّدة والحال ّ‬
‫عثرة أمام ك ّل مطالب الشعب يف الحرية والعدالة والكرامة‪.‬‬ ‫الحديث‪ ،‬فإنهم سيتفطنون اىل ان التحول الحايل إنما هو‪ ،‬كما قيل‬
‫السفينة؟‬
‫يغي تسميته يف كل‬ ‫مشكلة املرشد أن له برنامجا واحدا ّ‬ ‫بكل رشاقة‪‹ ،‬انقالب عىل االنقالب›‪ ،‬فإذا به هو الرجوع اىل الرشعية‬
‫لقد كان قيس سعيّد الجدار السميك ال ّذي ر ّد األذى‬
‫وأن هذا الربنامج ال يهمّ نا كتونسيني‪ .‬ألن املشرتك‬ ‫مرحلة‪ّ ،‬‬ ‫الثورية الحقيقية‪‹ ،‬وعىل الفهيم ان يفهم›‪.‬‬
‫عن اإلسالميني يف ‪ 25‬جويلية‪ ،‬قصد ذلك أو لم يقصد‪،‬‬
‫الديني الذي يتحرك فيه راشد الغنويش دون مبادئ ليس‬ ‫*‪ -‬التشاور والديمقراطية‪ :‬الديمقراطية هي ‹التشاور› واملداولة‬
‫وربما كان ذلك ردّا منه عىل مساهمتهم يف انتخابه!‬
‫ولكنّه أدرك مثل أغلب التونسيني ّ‬ ‫أساسا يمكن البناء عليه لسياسة الدول‪ ،‬وحزبه املتحوّز‬
‫أن تلك الحركة عقبة يف‬ ‫واحرتام مبدأ ‹الرأي والرأي اآلخر›‪ .‬لكن‪ ،‬هل من املعقول ان يقع‬
‫حق عىل إرث التوانسة الديني يبدو قديما وبعيدا عن‬ ‫دون ّ‬
‫سياق الثقافة التونسية عىل كل مستوياتها‪ ،‬وخصوصا‬ ‫‹التشاور› مع من ‹أفسدوا يف األرض›؟‪ ،‬او مع من باعوا ضمائرهم‬
‫ك ّل مشاريع التحديث التونسية االجتماعي منها والديني‬
‫يف املجال السيايس وأن من أوليات الفعل السيايس‬ ‫للمفسدين وللمصالح الخاصة وغري املرشوعة وللمصالح األجنبية‬
‫إن حزبه يقفز عىل ك ّل تاريخ التونسيني‬ ‫والسيايس‪ّ .‬‬
‫التصحيحي تحييدها ث ّم ح ّلها لتنتظم يف سياقات‬ ‫باختالف أنواعها وتوجهاتها؟ ‪ -‬أليس هذا هو ما حصل يف هذه البالد‬
‫التحديثي وال يقدّم يف املقابل أيّة رؤية مجتمعية قابلة‬
‫مجتمعية وحزبية حديثة والدينية وبعيدة عن املشرتك‬ ‫الوديعة طيلة العرش سنوات املاضية؟ ‪ -‬أليس هذا هو بالذات ما‬
‫للتطبيق عدا ما رأينا من تخبّط ومحسوبية وزبونية‪،‬‬
‫التونيس الذي استعاده التونسيون‪.‬‬ ‫طالب الشعب بتحريمه وبمساءلة من قام بتلك الخيانة؟‬
‫ورثاثة يف األداء ويف النتائج‪.‬‬
‫نتساءل هل قيس سعيد خطر عىل الديموقراطية‬
‫استعاد قيس سعيد بعد تريّث طويل املبادرة‪ ،‬وق ّرر أن‬ ‫*‪ -‬النظام السيايس‪ :‬النظام الرئايس‪ ،‬الرئاسوي‪ ،‬الدكتاتوري‪:‬‬
‫واملرشد ديمقراطي؟ هل قيس سعيد دكتاتور واملرشد‬
‫يتح ّرك يف مستوى إرث التونسيني التحديثي وخصوصا يف‬ ‫لقد هبّت املعارضة للتنديد بنيّة رئيس الدولة بإبطال النظام‬
‫تشاركي؟ هل قيس سعيد الذي لم يستكمل عامني‬
‫وجهه البورقيبي‪ ،‬وذلك باستعادة مسألة القيمة األخالقية‬ ‫‹الربملاني› الحايل وبتعويضه بالنظام ‹الرئاسوي› الذي‪ ،‬حسب‬
‫كرئيس برتبة موظف خطري واملرشد طيب؟ تلك أسئلة‬ ‫التّي يجب أن تكون محا ِيثة للفعل السيايس‪ ،‬وأق ّر مبدأ‬
‫أن الفرق واضح‪.‬‬ ‫يستحسن النظر فيها بعمق‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫كالمهم‪ ،‬سيفتح حتما الباب أمام الدكتاتورية› وأمام اغتيال‬
‫أن مهمّ ة‬ ‫التصحيح ملا فسد ك ّله‪ ،‬وأق ّر مبدأ مهمّ ا وهو ّ‬ ‫الديمقراطية‪ .‬اال ان الغريب يف هذا االدعاء‪ ،‬هو انهم قاموا بالهجوم‬
‫فاملرشد الذي يرصّ ح‪" :‬نحن ننصت لألصوات الناقدة‬ ‫مؤسسة الرئيس ال تزال يف قلب املشاريع السياسية يف‬
‫واملحتجة من داخل الحركة وخارجها‪ ،‬ولكن للحزب‬ ‫عىل رئيس الدولة قبل أن يبادر بأي اقرتاح يف ذلك االتجاه‪ ،‬وأنهم هم‬
‫العالم الثالث‪ ،‬وأن مهمة الربملان هي التي تحدد مرشوعية‬
‫مؤسساته العليا هي التي تتخذ القرارات والجميع يلتزم‬ ‫بالذات الذين مارسوا ‹الدكتاتورية› الفاسدة بصورة مبارشة او غري‬
‫وجوده‪ ،‬ولقد مثّل وجوده خطرا عىل الدولة ألنه قائم‬
‫بتنفيذها بما يف ذلك رئيس الحركة"‪ ،‬ال يقصد ما قال‬ ‫مبارشة منذ جلوسهم عىل سدة الحكم يف البالد‪....‬‬
‫ووظيفته غري قائمة‪ .‬ويف وجود إرادة بيّنة عىل إفراغ‬
‫فعال‪ ،‬فهو ال ينصت ألحد! وواقعيا لقد تقدّم به العمر‬ ‫املؤسسات من مهماتها‪ ،‬وملئها بالفاسدين بسبب دستور‬ ‫*‪‹ -‬الظروف االستثنائية› وأحكامها‪ :‬املقولة «للرضورة أحكام»‬
‫وارتفعت مكانته االعتبارية لدى حركته لدرجة يصعب‬ ‫فإن املرشد إما أن يكون مشاركا يف‬ ‫موضوع عىل املقاس ّ‬ ‫معروفة منذ القدم وال وجوب لإلطالة يف الكالم عنها‪ .‬الغريب يف‬
‫عليه فعليا أن يجد طرقا إلقناع أجيال أصغر منه بعقود‬ ‫ّ‬
‫إرادة اإلفساد تلك بتصميم وموقف مسبق أو أنه ليس كفؤا‬ ‫قضية الحال هو إرصار املعارضة عىل ما تنعته بالطابع اإلجرامي‬
‫تماما مثلما يصعب عىل أبنائه أن يُخرجوه دون رغبة‬ ‫وال أهال ليكون مؤثرا يف سياق ثوري متدافع ومتجدد‪.‬‬ ‫املثري والتعسفي ألحكام املرسوم عدد ‪ 117‬يف هذا الصدد يف حني أن‪:‬‬
‫منه‪ .‬وحني نقرأ أحيانا عن استقاالت ومطالبات فإنّها‬ ‫يتذكر أغلبنا تلك الرسائل التي كان قيس سعيد‬ ‫من ناحية أوىل‪ ،‬أصبح الطابع االستعجايل والخطري للوضعية واضحا‬
‫تنتهي جميعا إذا ق ّرر املرشد إفراد البعري الخارج ليبقى‬ ‫إن املجالس كانت تنعقد‬ ‫يوجهها وال تجد االهتمام‪ ،‬بل ّ‬ ‫وملحّ ا وأن التقاعس يف معالجته الرسيعة قد ِيؤخذ عىل محمل‬
‫فردا أو يبرشه بسياسة "بوس خوك" و"عُ د للحضرية"‪.‬‬ ‫لنقده ولقد بالغ البعض فاعتربه مجرد موظف عليه أن‬ ‫الالمسؤولية وغياب االكرتاث بمتطلبات الصالح العام‪ . ...‬ومن‬
‫بتأن نهاية حكم املرشد‪ ،‬ونهاية‬ ‫ّ‬ ‫رسم قيس سعيد‬ ‫ينال راتبه ويصمت وأنه "كان عندو ريح يذري عرشة"‬ ‫ناحية ثانية‪ ،‬فإن عىل املعارضة ان تتذكر انها لم ترتدد طيلة حكمها‬
‫حكم جميع التوافقات الهشة التي حصلت منذ الثورة‪،‬‬ ‫عىل حد قول أحد النواب ال ّذي تملكته نشوة التم ّكن من‬ ‫يف البالد عن اللجوء بصورة مبارشة او غري مبارشة اىل ‹االحكام‬
‫وأعاد رسم املجال الحيوي الحقيقي للفاعل األسايس‬ ‫السلطة‪ .‬واستم ّر الوضع وزاد الفساد واسترشى وبدا‬ ‫االستثنائية› واكثر من ذلك‪ ،‬اىل خرق القانون واىل سن القوانني التي‬
‫ال ّذي هو الشعب ال ّذي يمتلك لوحده حق تمثيل نفسه‪.‬‬ ‫أن سياسة توافق ما ال يتوافق قد ر ّذلت الواقع السيايس‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫تخدم مصالحها الشخصية او الفئوية‪.‬‬
‫تتحقق بمج ّرد‬ ‫فمطالب الحرية والعدالة والكرامة ال‬ ‫وجعلت التونسيني مهدّدين يف قوتهم و"شهرياتهم"‬
‫أن رشعية املؤسسات ال تتحقق إال‬ ‫توفري املؤسسات‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ومشاريعهم املجتمعية‪.‬‬ ‫*‪ -‬الزمن والرزنامة‪ :‬لقد بني املرسوم ‪ 117‬ان هذا العمل‬
‫بتحقق الغاية منها‪ .‬والدساتري إنما كتبت لتمثيل اإلرادة‬ ‫ّ‬ ‫إن حركة مغلقة مثل حركة النهضة بمرجعياتها‬ ‫اإلصالحي واالعدادي سيمتد عىل حقبة من الزمن ال يمكن تحديدها‬
‫الشعبية يف تحقيق حياة أفضل‪ .‬فإن لم تحقق تلك الغاية‬ ‫السوداء وأدبياتها اإلخوانية حركة غري تونسية من جهة‬ ‫مسبقا باعتبار ان تقلب الظروف وتعقدها وصعوبة االعداد املر ّكز‬
‫أن ما نعيش من تصحيح‬ ‫يغي ويبدّل‪ ،‬وظنّي ّ‬
‫فإن الشعب ّ‬ ‫ّ‬ ‫صالتها بالفكر اإلخواني‪ ،‬وهي لم تبن مرشوعها انطالقا‬ ‫لها تتطلب الكثري من السالسة يف هذا امليدان‪ .‬والحقيقة هي ان من‬
‫مجتمعي يستعيد قيمه‬ ‫ّ‬ ‫ثوري يجب أن يجاوره وعي‬ ‫من الفكر التونيس‪ ،‬ولكنها ترسخت بفعل التصادم‬ ‫سبق يف الحكم يف البالد لم يرتدد يف التطويل يف اآلجال بما يتناسب‬
‫األصيلة وأهمها العمل يف صمت لخلق األفكار الخالقة‬ ‫ّ‬
‫الحق وما‬ ‫والعنف وما تولد عنه من مظلومية فبدت مثل‬ ‫ومصالحه الخاصة او الفئوية‪ .‬فكيف له ان يطالب باإليجاز يف‬
‫البانية للحضارة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫هي بحق‪ .‬الدين املشرتك بيننا وبني النهضة هو الحق ولنا‬ ‫املواعيد اليوم؟‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪7‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫على هامش تعيين امرأة «رئيسة حكومة»‪:‬‬

‫أوال‪...‬‬
‫اخليارات والربامج ّ‬
‫بقلم‪ :‬حمّ ه الهمامي‬
‫أحزابهن املحافظة كانت معارضة لتحقيق مساواة تامة وفعلية بني‬ ‫ستنفذ سياسات رئيس الجمهورية وتوجهاته‬ ‫ّ‬ ‫دامت رئيسة الحكومة‬ ‫أعلن رئيس الجمهورية يوم األربعاء ‪ 28‬سبتمرب ‪ 2021‬تكليف‬
‫الجنسني‪.‬‬ ‫وتعليماته فمعنى ذلك أنها ملزمة بتنفيذ توجهاته الدكتاتورية‬ ‫السيّدة نجالء بودن‪ ،‬بمهمة «رئيس حكومة» وفقا ملا جاء يف األمر‬
‫تكريم نساء تونس‬ ‫واالستبدادية يف املجال السيايس‪ .‬كما أنها ملزمة بمواصلة تنفيذ نفس‬ ‫الرئايس املنظم للسلطة العمومية الصادر بتاريخ ‪ 22‬سبتمرب‬
‫بتحقيق المساواة التامة‬ ‫الخيارات الرأسمالية الليربالية املتوحشة املكرسة للتبعية والتفقري‬ ‫والذي رفضته أو انتقدته غالبية القوى السياسية والنقابية واملهنية‬
‫خالصة القول ّ‬ ‫كل من إلياس‬ ‫والتهميش والنّهب التي كان قيس سعيد ك ّلف سابقا ّ‬ ‫والحقوقية التي رأت فيه تقنينا الستيالء قيس سعيد عىل السلطة‬
‫إن تعيني السيدة نجالء بودن ال يمثل تكريما‬
‫لنساء تونس وال انتصارا لقضيتهن التي تمثل املساواة التامة‬ ‫الفخفاخ وهشام املشييش بتنفيذها‪.‬‬ ‫واالنفراد بها تمهيدا إلرساء نظام شعبوي‪ ،‬استبدادي جديد‪ .‬وقد‬
‫إن مناهضة قيس سعيد‬ ‫والفعلية عنوانا لها‪ ،‬بل تحايال عليهن‪ّ .‬‬ ‫وباإلضافة إىل ذلك ال بد أن نتساءل هل اختار قيس سعيد‪ ،‬الذي‬ ‫صاحب هذا التكليف حملة تهليل وتكبري واسعة من أنصار قيس‬
‫ملبدأ املساواة ليست مسألة وهمية أو ادعاء باطال كما يحاول اإليهام‬ ‫أن انقالب ‪ 25‬جويلية تصحيح ملسار الثورة التي انطلقت يوم‬ ‫يُروّ ج ّ‬ ‫أن هذا التكليف يمثّل «تكريما» جديدا‬ ‫سعيد ومؤيديه الذين روّجوا ّ‬
‫بذلك الك ّذابون والطمّ اعون واملدّاحون الجدد الذين لم يلتفت إليهم‬ ‫‪ 17‬ديسمرب ‪ 2010‬من سيدي بوزيد‪ ،‬هل اختار رئيس حكومته‪ ،‬من‬ ‫للمرأة التونسية‪ .‬وكالعادة انخرطت يف هذه الحمالت أطراف انتهازية‬
‫بني نساء الثورة التونسية وهن كثريات يف مختلف املجاالت‪ ،‬نازعن‬ ‫تدّعي «اليسارية» و»التقدمية»‪ ،‬بعضها من باب الطمع وبعضها‬
‫قيس سعيد حتى مجرد االلتفات سواء الستشارتهم أو ملنحهم بعض‬
‫فتات الحكم‪ّ .‬‬ ‫الدكتاتورية وقاومن االستغالل والفساد وامليز الجنيس وعانني القمع‬ ‫من باب االنقياد بنظرة «جندرية»‪ ،‬شكليّة وتبسيطيّة وسطحية ال‬
‫إن موقف قيس سعيد من املساواة معلومة منذ حملته‬
‫واالضطهاد ودخلن السجون وفقدن مصدر قوتهن من أجل الحرية‬ ‫يهمّ ها من األمر سوى جنس رئيس الحكومة م َُغيّب ًَة بذلك املضامني‬
‫االنتخابية (انظر الحوار الذي أجرته معه صحيفة الشارع املغاربي‬ ‫ال ّ‬
‫والكرامة؟ هل اختارها من بني «بنات الشعب» صنعن مستقبلهن‬ ‫طبقية‪ ،‬السياسية‪ ،‬وهي الجانب األهم والحاسم‪ ،‬يف كل اختيار‬
‫بتاريخ ‪ 12‬جوان‪/‬يونيو ‪ .)2019‬وأعادها عىل األسماع يوم ‪ 13‬أوت‬
‫بأنفسهن وجاهدن وكابدن للحصول عىل العلم واملعرفة؟‪ ....‬هل‬ ‫سيايس واجتماعي‪.‬‬
‫‪ ،2020‬العيد الوطني للمرأة‪ ،‬حني عارض من أعىل منرب قرص قرطاج‬
‫مبدأ املساواة يف املرياث وعوّضه ديماغوجيا بمبدأ «العدل واإلنصاف»‬
‫ّ‬
‫«حاميهن»‬ ‫اختارها من بني العامالت الكادحات اللواتي يزعم أنه‬ ‫مناورة سياسية‬
‫إن املعروف عن الرئيسة الجديدة‬ ‫لهن شيئا؟ بالطبع ال‪ّ .‬‬ ‫دون أن ّ‬
‫يوفر ّ‬ ‫إن تكليف قيس سعيد السيدة نجالء بودن عىل رأس الحكومة‬ ‫ّ‬
‫معتمدا عىل الرشيعة يف تناقض تام مع مبدأ مدنية الدولية‪ .‬كما‬
‫للحكومة أنها كانت ابنة «التجمع الدستوري» وعملت يف صلب‬ ‫القادمة ال يعدو‪ ،‬يف نظرنا‪ ،‬أن يكون مناورة سياسية أمالها يف نهاية‬
‫أن قيس سعيد لم يرتدد يف نفس املناسبة يف اعتبار األرسة «فضاء‬ ‫ّ‬
‫منظومة بن عيل حتى الثورة‪ .‬وكانت قبل تعيينها عىل رأس الحكومة‬ ‫األمر وبعد أخذ ور ّد دام أكثر من شهرين‪ ،‬عامالن اثنان‪ :‬األول الرغبة‬
‫خاصا» خارجا عن مسؤولية الدولة وبالتايل ال يخضع للقانون بما‬
‫ترشف عىل خطة لتنفيذ برامج البنك الدويل بوزارة التعليم العايل‬ ‫يف تجميل االنقالب يف الداخل والخارج‪ ،‬وثانيا البحث عن شخصية‬
‫يرشع العنف وكل أشكال االضطهاد ضد النساء‪.‬‬
‫والبحث العلمي واملعروف عنها أنّها من املدافعني عن خوصصة‬ ‫«ثقة» و»مضمونة»‪ ،‬حتى ال تتكرر تجربة هشام املشييش التي‬
‫إن من يريد تكريم نساء تونس تكريما حقيقيا عليه أوال وقبل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫التعليم وهو ما يتماىش مع أهواء تلك املؤسسة املالية الدولية وغريها‬ ‫عاشها قيس سعيد كمأساة حقيقية‪ ،‬سياسية وأخالقية‪ .‬وقد شاءت‬
‫كل يشء تمكينهن من كافة حقوقهن وبالتايل تطهري كل القوانني من‬
‫من املؤسسات الشبيهة مثل صندوق النقد الدويل‪ ...‬وهنا نتوجه‬ ‫«الظروف» و»الحسابات» و»موازين القوى» بني الالعبني األساسيني‬
‫كافة مظاهر امليز ومالءمتها مع الدستور (الفصالن ‪ 21‬و‪ )46‬ومع‬ ‫بالسؤال إىل الذين ال يرون يف رئيسة الحكومة سوى جنسها‪ ،‬سوى‬ ‫يف القرص‪ ،‬من أفراد العائلة ومحيطها‪ ،‬أن تكون هذه الشخصية‬
‫كافة املعاهدات واالتفاقيات الدولية املناهضة للتّمييز والعنف ضد‬ ‫ّ‬
‫تتغي طبيعتها‬ ‫كونها امرأة‪ :‬هل أن السياسيات الليربالية املتوحشة‬ ‫امرأة‪ .‬وقد سبق أن ترددت كثريا‪ ،‬قبل إعالن هذا االختيار‪ ،‬أسماء عدد‬
‫النساء‪ .‬كما أنه مطالب بتوفري كل رشوط الحياة املادية واملعنوية‬ ‫تنفذها امرأة وتكون رجعية‬ ‫وتصبح «مقبولة» و»تقدمية» حني ّ‬ ‫من الرجال‪ ،‬آخرهم وزير الداخليّة األسبق يف حكومة املشييش‪ ،‬توفيق‬
‫التي تحقق لهن املساواة التامة والفعلية مع الرجال يف املجاالت‬ ‫ومعادية للعمال والكادحني حني ينفذها رجل فقط؟‬ ‫رشف الدين‪ ،‬وقبله بمدة مروان العبايس‪ ،‬محافظ البنك املركزي الذي‬
‫السياسية (التناصف‪ )...‬واإلدارية (مراكز التسيري‪ )...‬عالوة عىل‬
‫الخيارات الطبقية قبل االنتماء الجندري‬ ‫ت ّم الرتاجع عن تكليفه يف آخر لحظة‪ .‬ومن هذه الزاوية ّ‬
‫فإن اختيار‬
‫املجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وما دمنا نتحدث عن‬ ‫إن أبجديات العمل السيايس الثوري تع ّلمنا ّ‬‫ّ‬ ‫السيّدة نجالء بودن ال يندرج صلب اختيارات فكرية وسياسية‬
‫أن الخيارات الرجعية‬
‫فإن تكريم نساء تونس يكمن يف تعيني إحداهن عىل‬ ‫رئاسة الحكومة ّ‬
‫تبقى رجعية سواء نفذها الرجال أو النساء‪ .‬ويف هذا السياق ألم‬ ‫وثقافية منترصة للنساء وملبدأي املساواة والتناصف وإنما هو يندرج‬
‫رأس حكومة رشعية‪ ،‬عىل قاعدة برنامج وطني‪ ،‬ديمقراطي‪ ،‬شعبي‪،‬‬ ‫صلب حسابات «سياسوية»‪« ،‬تكتيكاوية» ال غري‪.‬‬
‫يكن ربع برملان بن عيل من النساء يف أشد فرتات قمعه الشعب‬
‫يحقق الحرية واملساواة والعدالة االجتماعية والتحرر الوطني ال‬ ‫إن تكريم نساء تونس ال يمكن أن يتم بتكليف إحداهن عىل رأس‬ ‫ّ‬
‫والحركة الديمقراطية مع العلم أنه فعل ذلك وقتها لتجميل نظامه‬
‫حكومة انقالب عىل دستور ناضلت من أجله نساء تونس وفرضن‬ ‫الدكتاتوري وإظهاره بمظهر النظام «الحداثوي»‪« ،‬التقدمي» لكسب‬ ‫حكومة انقالب‪ .‬لقد قبلت السيدة نجالء بودن هذا التكليف يف سياق‬
‫فيه مبدأ املساواة‪.‬‬ ‫دعم الدول االستعمارية الغربية؟ أليس لحركة النهضة أكرب عدد من‬ ‫مسقفة بزمن‪ ،‬ألغى قيس سعيد‬ ‫ّ‬ ‫إجراءات استثنائية‪ ،‬انقالبية‪ ،‬غري‬
‫ويف األخري‪ ،‬أليس قيس سعيد اليوم هو الحاكم املطلق؟ ألم‬ ‫النساء النائبات منذ ‪2011‬؟ فهل صلح ذلك لتعزيز مكانة املرأة ونيل‬ ‫بموجبها الدستور واستوىل عىل كامل السلطات الترشيعية والتنفيذية‬
‫يمنح نفسه صالحية إصدار املراسيم يف كافة املجاالت بما فيه مجال‬ ‫حقوقها وتحقيق املساواة التامة والفعلية بينها وبني الرجل؟ ّ‬
‫إن‬ ‫والقضائية وقرر الحكم بمراسيم غري قابلة للطعن‪ .‬وإىل ذلك فقد‬
‫األحوال الشخصية (انظر الفصل ‪ 5‬من األمر ‪)117‬؟ فما الذي يمنعه‬ ‫النساء لسن من طبقة واحدة وإنما هن ينتمني‪ ،‬شأنهن شأن الرجال‪،‬‬ ‫أعطى لنفسه سلطة تأسيسية تمكنه من أن يضع وحده دستورا‬
‫من إصدار املراسيم الرضورية لتحقيق املساواة بني نساء تونس‬ ‫إىل طبقات وفئات اجتماعية مختلفة‪ .‬كما أنهن ينتمني‪ ،‬شأنهن‬ ‫جديدا لتونس‪ ،‬مستعينا بلجنة يعيّنها بنفسه‪ ،‬ومن أن يصوغ قانونا‬
‫ورجالها بما يف ذلك يف مجال املرياث؟ وما الذي يمنعه وهو الذي‬ ‫شأن الرجال‪ ،‬إىل نزعات فكرية وسياسية مختلفة بحكم اختالف‬ ‫انتخابيا جديدا الخ‪ ...‬وهو ما سيحمّ لها تاريخيا مسؤولية االنخراط‬
‫ما انفك يردد أنه نصري «العامالت الكادحات» يف الريف خاصة‪،‬‬ ‫أن الرجال ليسوا مدعوّين للزهو والفرح‬ ‫مصالحهن‪ .‬ولذلك فكما ّ‬ ‫أن تكريم نساء تونس ال يمكن أن يكون بتسمية‬ ‫يف هذا االنقالب‪ .‬كما ّ‬
‫من تفعيل قانون عدد ‪ 51‬الصادر عام ‪ 2019‬الخاص بنقل العملة‬ ‫بتعيني رجل عىل رأس الحكومة دون معرفة خياراته واملصالح التي‬ ‫إحداهن عىل رأس حكومة لتكون مجرد موظفة‪/‬سكرترية عند‬
‫الفالحيني الذي سنّه الربملان بعد حادثة «السبّالة» من والية سيدي‬ ‫فإن النساء أيضا وكل الذين يدعمون قضيتهن ليسوا‬ ‫جاء لخدمتها ّ‬ ‫رئيس الدولة‪ ،‬ال هي صاحبة سياسة وال هي صاحبة اختيارات أو‬
‫بوزيد التي راح ضحيتها أكثر من ‪ 13‬عاملة فالحية؟ وما الذي يمنعه‬ ‫مدعوّين للتهليل بتعيني امرأة عىل رأس الحكومة دون اعتبار السياق‬ ‫قرارات‪ .‬وهذا واضح تمام الوضوح من خالل الفصول ‪ 16‬و‪17‬‬
‫أيضا من التفعيل الكامل والشامل للقانون ‪ 58‬الخاص بتجريم‬ ‫الذي جاء فيه هذا التعيني والربامج واملصالح التي سيخدمها‪.‬‬ ‫أن الحكومة تتكون من‬ ‫و‪ 18‬و‪ 19‬من األمر ‪ 117‬التي تنص عىل ّ‬
‫العنف ض ّد النساء بما فيه يف املجالني االقتصادي واالجتماعي؟ ملاذا‬ ‫إن نجالء بودن هي يف نهاية األمر‪ ،‬وفقا لألمر ‪ 117‬الذي عُ يّنت‬ ‫ّ‬ ‫رئيس ووزراء وكتاب دولة يعيّنهم رئيس الجمهورية ويؤدّون‬
‫ال يق ّر اآلليات الرضورية لحماية النساء من العنف والتي لم تبارشها‬ ‫بموجبه‪ ،‬سكرترية لدى قيس سعيد «الحاكم بأمره» ورئيس الوزراء‬ ‫يغيهم ويقيلهم متى شاء وكيفما أراد‪.‬‬ ‫اليمني أمامه وهو الذي ّ‬
‫الحكومات املتعاقبة ألنها تتطلب تمويالت؟ وملاذا ال يصادق قيس‬ ‫الحقيقي والفعيل‪ ،‬سكرترية برتبة رئيسة حكومة وهمية يف إطار‬ ‫أن الحكومة تسهر عىل تنفيذ السياسة العامة للدولة‬ ‫كما تنص عىل ّ‬
‫سعيد عىل االتفاقية الدولية عدد ‪ 190‬الخاصة بتجريم العنف يف‬ ‫انقالب وإجراءات استثنائية تفتح الطريق نحو الحكم الفردي‬ ‫طبقا للتوجيهات واالختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية وهي‬
‫عالم العمل والتي تصدّى إليها أرباب العمل يف القطاعني العمومي‬ ‫املطلق واالستبداد‪ .‬وتتمثل مهمتها يف تنفيذ سياسات «الحاكم بأمره»‬ ‫أن رئيس الحكومة‬ ‫فوق ذلك مسؤولة أمامه‪ .‬وينص الفصل ‪ 19‬عىل ّ‬
‫والخاص الخ‪...‬‬ ‫الرجعية‪ .‬بعبارة أخرى هي‪ ،‬وفق األمر ‪ ،117‬ال سياسة وال اختيارات‬ ‫وينسق أعمالها ويترصّ ف يف دواليب اإلدارة لتنفيذ‬ ‫ّ‬ ‫يسي الحكومة‬ ‫ّ‬
‫إن رئيس الجمهورية شعبوي ومحافظ ولذلك فنحن متأكدون‬ ‫ّ‬ ‫خاصة بها وال سلطة قرار لها‪ .‬وإىل ذلك ك ّله فقد اختارها قيس سعيد‬ ‫التوجهات واالختيارات التي يضبها رئيس الجمهورية الذي يعود‬
‫أنّه لن يرفع ك ّل هذه التحديات التي نوجهها إليه‪ .‬وهي التحديات‬ ‫دون استشارة أيّ طرف حتى من بني األطراف املؤيدة له‪ .‬ومن‬ ‫إليه وفق نفس األمر تعيني كبار موظفي الدولة‪...‬‬
‫التي نوجهها إىل رئيسة الحكومة الجديدة أيضا‪ .‬فهل هي أوّال مقنعة‬ ‫فإن محاولة مقارنتها من حيث الشكل بمارغريت تاترش‬ ‫هذا املنطلق ّ‬ ‫عون تنفيذ برتبة رئيسة حكومة‬
‫بمبدأ املساواة؟ وهل هي ثانيا قادرة عىل فرض مطالب نساء تونس‬ ‫أو أنديرا غاندي أو ببنازير بوتو أو أنجيال مركل هو مجرد هراء‬ ‫يبي ّ‬
‫أن دور السيدة نجالء بودن عىل رأس الحكومة دو ٌر‬ ‫كل هذا ّ‬
‫عىل رئيسها الذي يجمّ ع بني يديه كل السلطات؟ نحن ال نخال نجالء‬ ‫كن رئيسات أحزاب فازت بانتخابات عامة يف ظل أنظمة‬ ‫ألن هؤالء ّ‬
‫ّ‬ ‫شكيلّ‪ ،‬ألن صاحب الحكومة وصاحب السلطة التنفيذية الفعلية هو‬
‫بودن مقتنعة باملساواة التامة والفعلية بني النساء والرجال إذ أننا لم‬ ‫سياسية برملانية معلومة‪ .‬وقد مارسن سلطة فعلية وكن صاحبات‬ ‫قيس سعيد بينما ال يتجاوز دور رئيسة الحكومة دور السكرترية أو‬
‫نسمع بها يوما رفعت صوتها لفائدة هذا املبدأ أو للتشهري بأيّ شكل‬ ‫قرار مع العلم أنهن ك ّرسن سياسات رأسمالية متوحشة ومعادية‬ ‫عون التنفيذ‪ .‬وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬وهذا هو األهم‪ ،‬ما هي االختيارات‬
‫أن قبولها بأن تكون رئيسة حكومة‬ ‫من أشكال اضطهاد النساء‪ .‬كما ّ‬ ‫للعمال والكادحني والشعوب يف فرتات حكمهن ولم يقع اختيارهن يف‬ ‫والسياسات والتوجهات التي ستنفذها السيدة بودن وما هي عالقتها‬
‫بال سلطة قرار ال يمكن أن يطمنئ أحدا‪ .‬ولكن لندع األيام تؤكد ذلك‬ ‫مجتمعاتهن الذكورية (باكستان خاصة) احتفاء بكونهن نساء وإنما‬ ‫بمصالح العمال والكادحني واملوظفني والفالحني الفقراء والصغار‬
‫ما دام بيننا من يصح عليهم‪/‬عليهن املثل القائل‪« :‬ما يعرفوه بقري‬ ‫لقدراتهن عىل خدمة طبقة رأس املال املهيمنة عىل املجتمع‪ .‬ناهيك‬ ‫وأصحاب املؤسسات الصغرى واملتوسطة واملعطلني عن العمل‬
‫كان بالكرشة‪.»...‬‬ ‫إن‬‫يحس ّن بشكل خاص أوضاع النساء يف مجتمعاتهن بل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنهن لم‬ ‫إن الجواب واضح فما‬ ‫واملثقفني واملبدعني وعموم النساء والشباب؟ ّ‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪8‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫يف معاين الثالث من أكتوبر‪...‬‬ ‫أنس الشابي‬

‫‪ )2‬عىل املستوى الخارجي ونظرا للهوان الذي عليه الحركة‬ ‫فيها البالد بحيث ال يوضع «خيط يف مَ ْخ ِيط» إال بإذن من راشد‬ ‫لم يكن يوم الثالث من أكتوبر يوما عاديا إذ ألوّل مرة خرج‬
‫سيتم استبعادها من املعادالت اإلقليمية ألن مشغليها تيقنوا بأنها‬ ‫الغنويش وأسباب ذلك متعدّدة لن نرصح بها حتى ال يستفيدوا من‬ ‫التونسيني يف مختلف مدن الجمهورية رافعني شعارا واحدا وإن‬
‫لم تعد قادرة مستقبال عىل التأثري يف املعادالت السياسية وبأن‬ ‫ذكر أخطائهم والتزاما باآلية الكريمة‪« :‬الله يستهزئ بهم ويمدّهم‬ ‫كان بصيغ مختلفة هو «محاسبة النهضة» عىل ما أتت من جرائم‬
‫كراهيتها من قبل الشعب أصبحت حقيقة ملموسة وال تتناول‬ ‫يف طغيانهم يعمهون» (سورة البقرة ‪ .)15‬أما التبعات السياسية‬ ‫يف حق البالد والعباد‪ .‬فما الذي يمكن استخالصه ممّ ا حدث يومها‬
‫قيادتها فقط بل التنظيم جميعه وهو ما ظهر جليا يف مظاهرات‬ ‫التي ستؤثر عىل مستقبل حركة النهضة فيمكن تصنيفها كما ييل‪:‬‬ ‫وما هي دالالته وتبعاته السياسية عىل أطراف هذه املعادلة وهم‬
‫أكتوبر الجاري‪.‬‬ ‫‪ )1‬عىل املستوى الداخيل لن تبقى النهضة التي عرفناها يف‬ ‫قيس سعيد والنهضة والشعب‪:‬‬
‫ّ‬
‫يخص الشعب‬ ‫في ما‬ ‫الرسية ويف العرش سنوات املاضية عىل حالها بل ستتحول إىل جسم‬ ‫ّ‬
‫يخص قيس سعيد‬ ‫في ما‬
‫الحظت أن املظاهرات يف مختلف أرجاء البالد كشفت من خالل‬ ‫صغري من بني أجسام أخرى كـ»التحرير» والسلفيني واليسار‬ ‫تبي بكل وضوح أن مر ّد املساندة الكبرية والجماهريية‬ ‫ّ‬
‫وحدة الشعارات املرفوعة أن الشخصية التونسية كانت حارضة‬ ‫اإلسالمي والشيعة وغريهم لِما ييل‪:‬‬ ‫الواسعة التي يحظى بها تعهده بالقضاء عىل منظومة الخراب‬
‫وكأنها كانت مغيبة طوال العرش سنوات املاضية التي رفعت فيها‬ ‫أ ـ خروج راشد الغنويش من الباب الصغري مطرودا من الربملان‬ ‫التي حكمت البالد منذ سنة ‪ 2011‬وعىل رأسها حركة النهضة‬
‫شعارات أخرى كتطبيق الرشيعة وعدوّ الله والتكفري واألوقاف‬ ‫ومن الشارع التونيس وهو الذي تح ّكم يف الحركة مدة تقارب‬ ‫وتُبَّعِ ها من خالل إجراءات ‪ 25‬جويلية و‪ 22‬سبتمرب التي جمّ دت‬
‫والزكاة واسمعوا منا وال تقرؤوا عنا وغريها‪ .‬هذه الشخصية‬ ‫النصف قرن أقىص فيها كل القيادات التاريخية وكل من خالفه‬ ‫الربملان املوقع الرئييس الذي من خالله مارست الحركة سيادتها‬
‫انتفضت يوم الثالث من أكتوبر وظهرت من خالل وحدة الشعارات‬ ‫الرأي بمختلف الوسائل واألساليب وما بقي معه سوى األقارب دما‬ ‫عىل الحكومة ووضعت من خالله أعوانها واملنتسبني اليها يف املواقع‬
‫التي لم تتناول سوى ما هو وطني وجامع لكل من هم منا ومُ بعد‬ ‫ونسبا وأبناء الجهة بحيث يمكننا القول إن حركة النهضة حزب‬ ‫الحساسة األمر الذي أرضّ بالدولة وبهياكلها إرضارا كبريا ّ‬
‫وبي أن‬
‫عنا كل من هم ليسوا منا‪ ،‬هذه الشخصية عركها التاريخ وصاغتها‬ ‫جهوي بامتياز وتأملوا املحيطني به لتتأكدوا من أننا بصدد تنظيم‬ ‫مظاهرات الثالثاء يف مختلف املدن رفعت شعارات تدعو رئيس‬
‫الجغرافيا والعيش املشرتك وأكسبها ثباتها عىل هذه األرض‬ ‫عائيل جهوي ليس له أي بعد وطني‪.‬‬ ‫الدولة إىل املسارعة بتنفيذ ما تبقى من قرارات لتجسيم اإلجراءات‬
‫ومضامني ثقافية وعقائدية وعادات وتقاليد وحدت مشاعر أبنائها‬ ‫ب ـ بعد إنهاء حكم املرشد يف مرص بقيت تونس الدولة الوحيدة‬ ‫املذكورة عىل أرض الواقع كفتح ملفات الفساد والتسفري واغتيال‬
‫وأكسبتهم شخصية جعلتهم يختلفون حتى عن أقرب جريانهم‬ ‫التي يحكمها التنظيم الدويل الذي حرص عىل أن يكون الغنويش‬ ‫أمنيينا وجنودنا ومواطنينا وإعادة العالقات مع سوريا وغريها‬
‫وهو ما تفطن إليه كل الذين أ ّرخوا لتونس الوطن والعباد‪ ،‬من‬ ‫رئيسا للربملان إلعداده لرئاسة الدولة حتى يكون هناك إخواني‬ ‫من امللفات املرتابطة التي يربط بينها خيط واحد هو اصطفاف‬
‫ذلك أن ابن أبي دينار تحدث يف كتابه «املؤنس يف أخبار إفريقية‬ ‫رئيسا بعد إسقاط مريس‪ ،‬ولكنهم فوجئوا بما لم يكن يف الحسبان‪.‬‬ ‫الدولة التونسية لخدمة التنظيم الدويل لإلخوان يف فرتة حكم‬
‫وتونس»‪ ،‬ط‪ ،1‬تونس ‪ 1286‬هـ‪ ،‬ص‪ ،289‬عمّ ا «تميزت به الديار‬ ‫فبدل أن تصبح رئاسة الربملان مصعدا للوصول إىل رئاسة الدولة‬ ‫حركة النهضة‪ .‬فالشعارات املتنوعة التي رفعتها الجماهري يمكن‬
‫التونسية وما تفتخر به بني أحبابها»‪ .‬هذه الشخصية ثبت تاريخيا‬ ‫انقلبت إىل وسيلة قضت عىل املكانة االعتبارية التي كان يملكها‬ ‫تلخيصها يف مطلب واحد هو فك االرتباط بني الدولة التونسية‬
‫أنها عصية عىل الغرباء واملستعمرين أيا كان لونهم العقدي أو‬ ‫الغنويش الذي لم يكن يلقب إال بلفظ «الشيخ» تقديرا واحرتاما من‬ ‫أس البالء والفساد وهو‬ ‫والتنظيم الدويل لإلخوان بالقضاء عىل ّ‬
‫انتماؤهم الحضاري‪.‬‬ ‫اآلخرين بحيث كشفت عبري مويس مخططاته وفضحت أساليبه‬ ‫منع حركة النهضة من النشاط العلني واستئصالها من املشهد‬
‫تونس قبل الثالث من أكتوبر ليست هي نفسها بعده رشيطة‬ ‫املزدوجة وهو ما ج ّرأ عليه حتى أقرب املقربني منه إذ ألوّل مرة‬ ‫السيايس هي والجمعيات والبؤر التي اختلقتها لتنفيذ سياسات‬
‫أس الفساد وراعيه‬‫أن يفي الرئيس قيس سعيد بتعهداته بمقاومة ّ‬ ‫يف التاريخ يطالب إخواني بإقالة املرشد األمر الذي أرضّ بالحركة‬ ‫التنظيم الدويل‪.‬‬
‫ونارشه الفرع املحيل للتنظيم الدويل لإلخوان املسمّ ى غلطا حركة‬ ‫وسيمنع مستقبال أي مرشد من االستبداد برأيه هذا إن بقي‬ ‫في ما يخص حركة النهضة‬
‫النهضة‪.‬‬ ‫اإلخوان عىل ما هم عليه‪.‬‬ ‫ظهر هوانها وضعفها وخفتها بعد ‪ 10‬سنوات متواصلة حكمت‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪9‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫معبة من حراك ‪ 3‬أكتوبر‬


‫ّ‬ ‫صور‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪10‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫تفاعالت مع األحداث التونسية‬


‫وهذا ما فعله الرئيس بن عيل بالتحديد‪ ..‬ألم تكن يف برملان تونس قبل الثورة كراس‬

‫حجرة سقراط‬
‫لثمانية أحزاب؟‪.‬‬
‫هكذا أصبح الربملان بعد الثورة العارمة التي أطاحت ببن عيل من أجل ديمقراطية‬
‫حقيقية ‪..‬‬
‫لكن بقايا «التجمع» بقيادة الباجي الذي أسس حزب النداء ليتحالف مع النهضة‬
‫واستعمالها لقتل الثورة ومنع تحصينها وإصدار قوانني املصالحة بال محاسبة أعادت‬ ‫عادل كعنيش‬
‫للحكم نفس الديمقراطية لكن هذه املرة بإضافة ثقافة الفساد بعد أن كانت منظومة‬
‫بقيادة بن عيل نفسه ‪..‬فاذا بها تصبح ثقافة املجتمع إذ انه من مصلحة الحكام الفاسدين‬
‫أن يمارس الشعب الفساد الصغري حتى يتمكنوا هم من ممارسة الفساد الكبري‪.‬‬ ‫دروج املرسح البلدي ىف تونس عوضت صخرة سقراط املوجودة بساحة كلية الحقوق‬
‫لقد كانت قيادات االحزاب الصغرية ‪ -‬وال فائدة يف ذكرها ألنها سواء باالسم أو دونه‪-‬‬ ‫باملنار‬
‫قادرة عىل تغطية فسادها الكبري والصغري برضاء من النهضة التي ترتكها عىل ما هي‬ ‫اصبحت هذه الدروج مكانا اللقاء الخطب من كل االطياف السياسية‪ .‬وتحولت‬
‫عليه لتظهر يف السوق العاملية أنها ديمقراطية يف حني تتفرغ لتنفيذ سياسة التمكني‬ ‫هذه املدارج اىل منرب حقيقى للخطاب السيايس عىل غرار هايد بارك ىف لندن‬
‫حتى تضع أيديها عىل مقدرات البالد كلها ‪..‬لكن جاء من قرر أن يفضحهم ‪..‬ملدة سنة‬ ‫تاريخ تشييد املرسح البلدي يعود لبداية القرن العرشين بتصميم من املهندس‬
‫وأكثر وهو ينبههم ويحذرهم ثم أصبح يهددهم بإطالق صواريخه السياسية عليهم‬ ‫الفرنيس جان اميل راسبالندى الذى صممه طبق الفن املعمارى الذى عرف باسم‬
‫كه يومي يف خطابهم وكتاباتهم وتدويناتهم بل‬ ‫‪..‬لكنهم جعلوه مسخرة وموضوع تف ّ‬ ‫الفن املعمارى الجديد ونفذ التصميم بواسطة مقاوالت ايطالية وافتتح رسميا يوم ‪20‬‬
‫تفرغ قادة بارزون من النهضة وقلب تونس لشتم الرئيس صباحا مساء ‪....‬وعملوا عىل‬ ‫نوفمرب ‪1902‬وكان يتسع لحواىل ‪ 856‬شخص لكن رسعان ما وقع التفطن لعيوب ىف‬
‫ترذيله واالطاحة بقيمته ورضب فكره والتهكم عىل ترصفاته‪ ..‬وسخروا من طهوريته‬ ‫بناءه وضيقه النسبى فوقع هدمه مع املحافظة عىل الواجهة االمامية واعيد افتتاحه‬
‫وجعلوا الطهورية جريمة‪ ..‬فأكدوا للناس انها خطأ ‪ ..‬نعم ‪ ..‬النقاوة عندهم جريمة‬ ‫يوم ‪4‬جانفى ‪ 1911‬بطاقة استيعاب بلغت ‪ 1360‬شخص وقد اطلق عليه اسم كازينو‬
‫والطهورية خطأ‪.‬‬ ‫تونس‬
‫يا الله‬ ‫راسبالندى هو الذى صمم كذلك كازينو البلفدير و مبنى الخزينة بشارع الحبيب‬
‫إن أتباعك يرفضون الطهر والنقاوة والقيم العليا ‪ ...‬ويسخرون منها ‪...‬وهذا دليل يا‬ ‫ثامر ومبنى قرص العدالة بشارع باب البنات‬
‫الله انهم ليسوا من أتباعك عىل اإلطالق‪ .‬اذ هم يموّهون فقط ‪.‬‬ ‫لقد ترك بصماته عىل اكرب املنشات املعمارية بتونس حتى جاء ككوب الذى شيد‬
‫وقد تحدثت مع البعض من الذين اقتنعوا بالنهضة عن الفساد ومخاطره عىل الناس‬ ‫عديد املنشات بتونس واهمها قرص قرطاج وقرص سقانس ونزل افريكا وسلسلة‬
‫وعىل الوطن‪ .‬فوجدتهم يردون بكلمة واحدة هي «تونس كلها فاسدة وعىل النهضة أن‬ ‫نزل ابو نواس ومرىس القنطاوي ووواصل وسيم بن محمود االبداع بعد ان صمم‬
‫تعترب الفساد من االكراهات للتعامل معها حتى ال تخرس الحكم» ‪.‬‬ ‫مقر بلدية تونس الذى يعترب مع مدينة الثقافة بشارع محمد الخامس وملعب رادس‬
‫أال بئس هذا الرأي» الزفت» واملوقف» القطران» ذي الرائحة النتنة التي ال تحتمل‪ ..‬ولذا‬ ‫اللذين صممهما املهندس رياض البحرى ابدع االبداعات‬
‫كان ال بد من ازاحتهم ‪..‬‬ ‫اما بالنسبة للمساجد فيعترب املهندس املعمارى عدنان رسيحة الذى اعد امثلة جامع‬
‫وتقدم قيس واستعمل ما بيده أن يستعمله من دستور البالد مع قوة الردع‪ ..‬دورها‬ ‫مالك بن انس بقرطاج من املهندسني البارعني عىل غرار امني املهندسني الحاج سايس‬
‫الدفاع عن الوطن والدستور يف صورة خطر داهم‪.‬‬ ‫بن فريجة الذى شيد جامع يوسف صاحب الطابع بالحلفاوين بسواعد مجموعة من‬
‫والفساد هو الخطر الداهم ومقرتفوه هم أخطر من الخطر الداهم‪.‬‬ ‫االرسى االيطاليني اللذين سقطوا بني ايدى القراصنة التونسيني مما جعل الطابع‬
‫‪...‬وتمكن قيس من إزاحتهم ومع ذلك فهم يكابرون ويواصلون لغاتهم الفاسدة‬ ‫االيطاىل طاغيا والذى انتهى من تشييده سنة ‪1808‬‬
‫‪..‬ويهددون ‪...‬ويتحدون‪ ..‬وبعضهم يتحدى الجيش ويسخر من هياكله وينتقد‬
‫سلوكه بشدة ‪ ..‬وأوضحوا أنهم مرصون عىل أن يفسدوا يف األرض‪.‬‬
‫وأصبحنا نسمع خطبا سوداء ضد الطهر والنقاوة واالخالق إمعانا يف السخرية من‬
‫قيس وأتباعه ‪ .‬لقد اعتربوا الفساد أمرا عاديا فروّجوا لتبييضه ويقولون يف الناس إنهم‬
‫عىل حق حتى أصبحت الطهورية جريمة‪ ..‬والحال أن ذلك تطرف سيايس وسلوكي ‪.‬‬ ‫ومع ذلك ‪ ...‬يكابرون‬
‫مازالوا إذن يكابرون ‪..‬ويتنطعون‪..‬ويرصخون‪ .‬ويهددون‪..‬ولم يفهموا الدرس ‪..‬بل‬
‫يرصون عىل الخطأ ويتبعون كل من يقول كلمة لصالحهم ولو كانوا من أعدائهم‪..‬‬
‫تصوروا انهم أصبحوا يستشهدون صباحا مساء بما يقول حمة الهمامي ونزيهة‬ ‫محمد بن رجب‬
‫رجيبة ومحمد عبو وزوجته النائبة مثال وبكل من كان ضدهم من جماعة صفر فاصل‪.‬‬
‫انا سعيد بهذه الحرية لكن أن يصبح حمة مرجعا فتلك فضيحة حقيقية وهذه‬
‫يعرفون أنهم سقطوا بسبب ممارسة الفساد الكبري وتثقيف أتباعهم بفكرة الفساد‬
‫هي املسخرة بالفعل ‪.‬‬
‫كح ّل للمحافظة عىل الكريس‪.‬‬
‫فأنا احرتم حمة الهمامي وكنت أحب نزيهة رجيبة‪..‬واحرتمت محمد عبو وزوجته‬
‫‪.....‬‬
‫ومع ذلك فإننا اليوم يف وضع يستدعي التكاتف من أجل إنجاح مسار التغيري وإعادة‬
‫املظاهرات واملسريات التي عمت البالد انطالقا من قلب العاصمة لتأييد إجراءات‬
‫الثورة إىل سكتها‪ ..‬وبالتايل ال يمكن أن استمع إىل من أصبح قريبا من فكر النهضة خوفا‬
‫الخامس والعرشين من جويلية وما تبعها من إجراءات ومواقف زلزلت قائد النهضة‬
‫عىل الديمقراطية وهم يعرفون أننا لم نكن نعيش ديمقراطية وانما كنا نعاني من وهمها‬
‫ومساعديه وأتباعه وحلفائه‪.‬‬
‫وهو وهم قاتل ‪.‬‬
‫قال النهضويون وأهل املصالح القذرة وأهل الفساد املنظم املحمي بالكريس ومعهم‬
‫وما يؤكد انهم يكابرون هو ما يقولونه اآلن عن قيس ‪ .‬وعن القرص ‪ .‬وعن املظاهرات‬
‫«البزناسة» و»التفتافة» وأهل النفاق واملغرر بهم من البسطاء إنها هزيلة شارك فيها‬
‫واملسريات التي تحركت يف كامل الجمهورية ‪.‬‬
‫الغوغائيون واملشوشون‪ .‬من حقهم أن يقولوا ذلك لكن من حقي أن أقول لهم أنتم ال‬
‫تعلموا هداكم الله فقد كنت من أنصاركم يف بداية الثورة مصدقا «متاع ربي»‪ ،‬لكن‪...‬‬
‫تتعلمون الدرس وترفضون الواقع وأنتم تنهزمون مع كل خطوة يف الزمن شربا بعد شرب‬
‫وال يهمّ كم من أمر الهزائم شيئا‪.‬‬
‫فما يهمكم هو التمكني وال يشء غري التمكني لتسهيل عمليات النهب والرسقة والتهرب‬
‫المشروع الشعبوي‬ ‫والتهريب‪ .‬لقد كنتم أول حزب يف بداية الثورة بمليون ونصف من األصوات وأصبحتم‬
‫مليون يف االنتخابات الثانية ونصف مليون يف االنتخابات الثالثة‪.‬‬

‫دخل في الع ّد التنازلي‬ ‫ولم يبق لكم اال بعض األصوات املبحوحة إثر الرضبة القاضية التي وجهها لكم قيس‬
‫سعيد يف الخامس والعرشين من جويلية ‪ ..‬ومع ذلك مازلتم تكابرون وتستعملون اللغة‬
‫الفارغة ملداراة الهزائم والفضائح والخروج املهني ‪..‬‬
‫رفيق عبد السالم‬ ‫وما يضحكني ويؤملني يف آن واحد هو أن األحزاب الصغرية التي كانت تعيش عىل‬
‫فتات النهضة يف الرس وال أحد يعرف هذه العالقات كشفوا يف النهاية عن وجوههم‬
‫الوعاء السيايس لقيس سعيد من نقابات وتنسيقيات وأحزاب وجنجاويد أفارقة‪ ،‬ومن استخدام‬ ‫وتحركوا بقوة وحماس إلنقاذ النهضة ألن مصالحهم معها وليس مع الحق والحقيقة‪..‬‬
‫وضخ العطايا وتجييش االعالم وغريه‪ ،‬قد بلغ حده األقىص‬ ‫ّ‬ ‫اذرع الدولة وتوظيف اللوبيات الفاسدة‬ ‫فقد تالعبوا بالحق والحقيقة واستعملوا املقاالت والبيانات للنضال املدروس الذي ال يقلق‬
‫وال يستطيع أن يستزيد أكثر‪.‬‬ ‫النهضة وال حلفائها وكسبوا «كمشة» من الكرايس يف الربملان ال يوجع النهضة وال يهدد‬
‫هذا يعني أن املرشوع الشعبوي قد دخل يف الع ّد التنازيل وسيأكل نفسه بعامل الوقت ألنه لن يحقق‬ ‫مكانتها بل هي كانت مستعدة الن تهدي بعض املقاعد يف الربملان ملن لم يساندها رسا‬
‫شيئا عىل أرض الواقع‪ ،‬غري بث روح العداوة والفتنة‪.‬‬ ‫وقد يشتمها يف كل البالتوهات ويف الندوات وامللتقيات والحمالت االنتخابية‪ .‬ولذا ال بد من‬
‫جمهور الثورة املقاوم لالنقالب هو يف وضع أفضل وأقوى من الناحية األخالقية والسياسية‪ ،‬وهو‬ ‫حماية هذه األحزاب‪..‬بالنسبة للنهضة ‪.‬‬
‫األكثر نضالية وتجذاا شعبيا‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪11‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫يف ثوابت املشهد السيايس بعد ‪ 25‬جويلية‬


‫مقاومة الفساد‪ ،‬السيادة الوطنية‪ ،‬الحرية والتنمية والتشغيل‬
‫جمال الدين العويديدي‬
‫العملة األجنبية‪.‬‬ ‫بمعنى واضح أن االقتصاد الوطني التونيس‬ ‫املنافسة مما تسبب يف غلق عرشات اآلالف من‬ ‫يف خضم التحركات الشعبية التي‬
‫بعث برنامج وطني للتنمية الصناعية‬ ‫ال يُوفر إال ‪ 8391‬عرض طلب وال يشغل فعليا إال‬ ‫املؤسسات الوطنية‪ .‬هذه السياسة أدت كذلك‬ ‫تجري منذ ‪ 25‬جويلية بدأت ثوابت املشهد‬
‫والفالحية وضمان نجاحه يعتمد أساسا عىل‬ ‫‪ 4613‬مواطن مقابل ‪ 52145‬طلب شغل‪ .‬هذه‬ ‫إىل تعميق العجز التجاري وانهيار قيمة الدينار‬ ‫السيايس واالجتماعي تتبلور عىل املستوى‬
‫عُ نرصين أساسيني وهما التحكم يف كلفة اإلنتاج‬ ‫األرقام الرسمية التي ال تحيص إال طلبيات الشغل‬ ‫وتنامي املديونية الخارجية التي أصبحت تُهدّد‬ ‫الوطني حول أهداف أجمعت عليها نسبة‬
‫وتوفري السوق الرضورية لتسويق املنتوج‪ .‬التحكم‬ ‫التي تم ترسيمها بمكاتب الشغل ناهيك عن األعداد‬ ‫السيادة الوطنية حيث أصبحت الدولة عاجزة عن‬ ‫عالية من الشعب التونيس تتمحور حول‬
‫يف كلفة اإلنتاج يبدأ من رشوط التمويل املايل الذي‬ ‫التي ال تسجل يف تلك املكاتب سواء ألسباب التنقل‬ ‫تسديد الديون إال عرب االقرتاض من جديد‪.‬‬ ‫مقاومة الفساد واسرتجاع السيادة الوطنية‬
‫يجب أن يكون ميرسا ومتوفرا يف مستوى املعمول‬ ‫والتكلفة أو ألسباب أخرى منها اليأس الذي دفع‬ ‫حيث نسجل ارتفاع املديونية من ‪ 25‬مليار‬ ‫وتحقيق التنمية والتشغيل‪ ‬واحرتام الحقوق‬
‫به عامليا ألنه ال يمكن منافسة مؤسسات عاملية‬ ‫بالعديد من الشباب إىل الهجرة الرسية عرب قوارب‬ ‫دينار سنة ‪ 2010‬إىل ‪ 109‬مليار حاليا من بينها‬ ‫والحريات‪.‬‬
‫تستثمر بنسبة فائدة ترتاوح بني ‪ %2‬و ‪%3‬‬ ‫املوت‪ .‬هذه األرقام التي ترتاكم سنويا يضاف إليها‬ ‫‪ 30‬مليار ناتجة مبارشة عن انهيار سعر الدينار‪.‬‬ ‫هذه املحاور األساسية التي ناضل من أجلها‬
‫بينما اليوم نسبة الفائدة يف تونس تُراوح ‪%11,5‬‬ ‫أكثر من مليون عاطل عن العمل تقريبا‪ .‬هذه‬ ‫حيث سجلت العملة الوطنية انهيار لقيمتها من‬ ‫الشعب التونيس وخاصة منه الشباب تُمثّل‬
‫من بينها ‪ %6,25‬نسبة الفائدة املديرية للبنك‬ ‫األرقام كذلك ال تُعنى بالتشغيل يف القطاع املوازي‬ ‫‪ 1,19‬دينار لليورو الواحد سنة ‪ 2002‬إىل ‪1,9‬‬ ‫إجماع شعبي لتحقيق أهداف الثورة التي تن ّكرت‬
‫املركزي‪ .‬كما يجب توفري مُدخالت اإلنتاج بأسعار‬ ‫حيث التهرب الجبائي واالجتماعي الذي أنهك‬ ‫دينار سنة ‪ 2010‬أي بنسبة ‪ %60-‬ثم ‪ 3,3‬دينار‬ ‫لها كل األحزاب التي تداولت عىل السلطة منذ‬
‫تفاضلية ويف مقدمتها أسعار الطاقة واملحروقات‬ ‫الخزينة العمومية والصناديق االجتماعية‪.‬‬ ‫لليورو الواحد حاليا تقريبا أي بنسبة ‪%74-‬‬ ‫جانفي‪ 2011‬بدوافع عديدة داخلية انتهازية‬
‫مما يتطلب مراجعة عقود استغالل النفط يف البالد‬ ‫هذا الوضع يبدو بديهي عندما نعلم حالة‬ ‫مقارنة بقيمته سنة ‪ .2010‬يف نفس الوقت نالحظ‬ ‫عرب تحالف مع منظومات الريع االقتصادي‬
‫طبقا للمصالح االسرتاتيجية للبالد مع احرتام‬ ‫التصحر الصناعي الوطني حيث تم تسجيل فقدان‬ ‫أن الدرهم املغربي حافظ عىل قيمته متالصقة مع‬ ‫وعصابات التهريب وخارجية عرب تثبيت مصالح‬
‫حقوق األطراف املتعامل معها‪.‬‬ ‫أكثر من عرشة آالف مؤسسة صناعية بمتوسط‬ ‫قيمة اليورو طيلة نفس املدة من ‪ 2002‬إىل اليوم‬ ‫البلدان اإلقليمية يف إطار تأبيد العوملة التي‬
‫ال يمكن أيضا إنقاذ االقتصاد الوطني بعُ ملة‬ ‫تشغيل يف حدود ‪ 40‬شخص لكل مؤسسة أي‬ ‫وذلك بقرار سيايس سيادي رشيد لتفادي انزالق‬ ‫جعلت اتفاقات الرشاكة غري املتكافئة والتغلغل‬
‫محلية منهارة‪ .‬لذاك وجب وضع خطة وطنية‬ ‫فقدان أكثر من ‪ 400‬ألف موطن شغل‪.‬‬ ‫املديونية والعجز التجاري‪.‬‬ ‫يف مفاصل املؤسسات السيادية أداة اخرتاق‬
‫لتحسني قيمة الدينار ملا لها من تداعيات هامة‬ ‫هذا التشخيص للوضع السيايس واالقتصادي‬ ‫هذه السياسة أدت إىل اختالل عىل مستوى‬ ‫اقتصادي وسيايس واجتماعي وثقايف الحد له‪.‬‬
‫عىل املديونية وعىل امليزان التجاري وعىل االستثمار‬ ‫واملايل واالجتماعي الكارثي التي تسبّبت فيه وعمّ قته‬ ‫ميزانية الدولة منذ عدة سنوات‪ .‬حيث أن ميزانية‬ ‫عشرية سادها االستبداد‬
‫املحيل‪.‬‬ ‫ُفس الغضب‬ ‫األحزاب التي تداولت عىل السلطة ي ّ‬ ‫سنة ‪ 2021‬التي لم يتم تحيينها إىل اليوم تعاني‬ ‫والعبث واالستخفاف‬
‫ضمان توفري سوق للمنتوج الوطني تستوجب‬ ‫الشعبي وحالة اإلحباط والنفور التام من هذه‬ ‫ّ‬ ‫من عجز يناهز ‪ 23‬مليار خاصة بعد االرتفاع‬ ‫بالشعب‬
‫مراجعة موضوعية ودقيقة ورصيحة التفاقات‬ ‫األحزاب التي تنكرت الستحقاقات الشعب التونيس‪.‬‬ ‫الذي حصل عىل مستوى سعر برميل النقط الذي‬ ‫إجماع شبه كامل كذلك لدى الشعب التونيس‬
‫الرشاكة مع البلدان واألطراف املعنية طبقا للقوانني‬ ‫كما عربت عن عدم الثقة يف الهيئات السياسية التي‬ ‫ُقدّر يف حدود ‪ 45‬دوالر للربميل الواحد والحال أن‬ ‫حول دور ومسؤولية كل األحزاب التي حكمت‬
‫ذات الصلة وخاصة الفصل الثامن عرش لقانون‬ ‫أتت عرب دستور جانفي ‪ 2014‬ويف مُقدمتها مجلس‬ ‫السعر عىل مدى عدة أشهر فاق ‪ 65‬دوالر ووصل‬ ‫البالد مبارشة أو تحت راية التوافق عرب معادلة‬
‫املنظمة العاملية للتجارة والفصل ‪ 35‬من اتفاق‬ ‫نواب الشعب مصدر السلطة ومصدر االنحراف‬ ‫اليوم إىل ‪ 79‬دوالر‪.‬‬ ‫قوامها التمكني من السلطة مقابل االستعداد التام‬
‫الرشاكة مع االتحاد األوروبي التي تجيز استعمال‬ ‫بالسلطة التي أدت إىل ما آل إليه الوضع يف تونس‪.‬‬ ‫كما يعاني االقتصاد الوطني من اختالل يف‬ ‫لتنفيذ كل الربامج التي تمليها األطراف الداخلية‬
‫حقوق الحماية يف حالة اختالل يف التوازنات املالية‬ ‫اليوم مطروح عىل رئيس الجمهورية أن يقدم‬ ‫التوازنات املالية الخارجية نتيجة التوريد ا ُملكثّف‬ ‫والخارجية باستعمال آليات فزاعة صندوق النقد‬
‫الخارجية للبالد وهو وضع الحال‪ .‬كما يجب تفعيل‬ ‫مرشوع إنقاذ وطني يأخذ بعني االعتبار هذا‬ ‫والفوضوي حيث سجلنا عجز تجاري قيايس‬ ‫الدويل‪ .‬هذه األحزاب التي انتشت بالسلطة تنكرت‬
‫قوانني مقاومة إغراق السوق ومقاومة املمارسات‬ ‫الوضع االستثنائي الذي يتطلب قرارات جريئة‬ ‫خاصة وأنه محل تدليس يف احتسابه حيث يتم‬ ‫لكل التزاماتها تجاه ناخبيها وتجاه عامة الشعب‬
‫املخلة بقواعد املنافسة التي بقيت حربا عىل ورق‬ ‫واستثنائية‪.‬‬ ‫التسرت عىل ما يقل عن ‪ %30‬منه‪.‬‬ ‫التونيس اليشء الذي أفقدها كل مصداقية مما أدى‬
‫منذ صدورها يف سنة ‪ 1999‬وسنة ‪ 1998‬يف عالقة‬ ‫وضع استثنائي يتطلب‬ ‫هذه السياسة أدت إىل تفقري الشعب التونيس‬ ‫إىل نبذها من طرف غالبية الشعب التونيس‪.‬‬
‫بالفساد اإلداري والسيايس‪.‬‬ ‫مشروع إنقاذ استثنائي‬ ‫بكل مُ كوّناته بقدر ما م ّكن فئة قليلة من املتنفذين‬ ‫حصيلة هذه العرشية تعترب كارثية بكل‬
‫توفري األسواق للمنتوجات الوطنية تستوجب‬ ‫في عالقة بالتحوالت‬ ‫واملهربني من الغناء الفاحش واالستفراد بالثروات‬ ‫املقاييس ويف مقدمتها الجانب األخالقي حيث‬
‫أيضا سياسة حكيمة ومستدامة يف التعامل مع‬ ‫الوطنية‪ .‬كما دمّ رت ما تبقى من املؤسسات‬
‫الجارتني الشقيقتني ليبيا والجزائر ملا لهما من‬
‫االستراتيجية العالمية‬ ‫الوطنية‪ .‬كما دمرت كذلك املرافق العمومية‬
‫ساد النفاق السيايس وتفشت ظاهرة السياحة‬
‫مراجعة املنوال التنموي يف عالقة بالتحوالت‬ ‫السياسية واملحسوبية الضيقة وانتشار الفساد‬
‫إمكانيات تصدير لكل األطراف بسعر نقل البضائع‬ ‫خاصة يف التعليم والصحة والنقل حيث تم غزو‬ ‫وانعدام االلتزام بالتعهدات التي قطعتها األحزاب‬
‫االسرتاتيجية يف العالم التي تتميز بعد جائحة‬
‫تفاضيل للجميع‪ .‬كذلك تفعيل االتفاقيات الخاصة‬ ‫القطاع الخاص لهذه املرافق التي كانت مفخرة‬ ‫مع ناخبيها ومع عامة الشعب التونيس عىل مدى‬
‫كورونا بقرار إعادة تمركز الرشكات العاملية يف‬
‫بالتعامل بالعمالت املحلية يف املبادالت التجارية‬ ‫دولة االستقالل‪.‬‬ ‫كل الحمالت االنتخابية الترشيعية والرئاسية‪.‬‬
‫أوطانها ‪ ،‬يُعترب املدخل األسايس إلنقاذ االقتصاد‬
‫بني األطراف الثالثة التي كانت سارية املفعول يف‬ ‫أما عىل املستوى االجتماعي فقد ارتفعت نسبة‬ ‫عىل املستوى االقتصادي واملايل قامت هذه‬
‫الوطني عرب برامج وطنية ُملقاومة التصحر‬
‫التسعينات وبداية القرن ملا لها من تأثري إيجابي‬ ‫البطالة ا ُملعلنة رسميا من ‪ %15,5‬وهي نسبة‬ ‫األحزاب بإعادة تمكني صندوق النقد الدويل إلدارة‬
‫الصناعي ورد االعتبار للقطاع الصناعي والقطاع‬
‫لكل البلدان خاصة يف هذا الوضع املايل الحايل‬ ‫خطرية يف حد ذاتها إىل ‪ %18,3‬كمعدل عام يف‬ ‫الشأن الداخيل بدفع من الرشكات العاملية والبلدان‬
‫الفالحي بصفتهما مصدر خلق الثروة والقيمة‬
‫الصعب للجميع‪.‬‬ ‫البالد مع نسب تفوق ‪ %30‬يف بعض الجهات‬ ‫التابعة لها‪ .‬حيث قامت حكومة الرتويكا منذ سنة‬
‫املضافة ومواطن الشغل املستدامة إضافة بالطبع‬
‫توفري الشغل واإلنتاج والتحكم يف األسعار‬ ‫الداخلية‪ .‬حيث عمقت جائحة كورونا ظاهرة‬ ‫‪ 2012‬بالتوقيع عىل تفويض الصندوق للتدخل‬
‫إىل قطاع الخدمات وخاصة منها مكاتب الدراسات‬
‫وتحسني القدرة الرشائية للمواطن وتحصني‬ ‫البطالة التي باتت معضلة هيكلية يف االقتصاد‬ ‫يف البالد يف إطار برنامج إصالح هيكيل ثاني ثم‬
‫الفنية والهندسية واإلعالمية‪ .‬كما يجب صياغة‬
‫السيادة الوطنية ومقاومة الفساد وتأمني‬ ‫التونيس كما يتبني من الجدول التايل الذي أصدره‬ ‫ثالث ورابع من نوعه جار إىل اليوم‪ ،‬لم تكن البالد‬
‫برنامج وطني للتنمية السياحية وضبط قواعد‬
‫الحقوق والحريات العامة مسائل محورية‬ ‫املعهد الوطني لإلحصاء لسنة ‪.2020‬‬ ‫يف حاجة إليه بقدر ما كانت يف حاجة إىل مراجعة‬
‫تحسني مردودية هذا القطاع الهام يف عالقة‬
‫وهامة ومستعجلة تعترب عناوين مستقبل البالد‬ ‫املنوال التنموي املبني عىل املناولة لصالح رشكات‬
‫باملوارد املالية التي اعتُمدت له من طرف املجموعة‬
‫واستقراره لنيل ثقة الشعب التونيس الذي أظهر‬ ‫جدول املعدل الشهري ألعداد طلب وعروض‬ ‫غري مقيمة ومصدرة كليا الذي تكلس ولم يعد‬
‫الوطنية ويف عالقة بتحسني خدماته لرتتقي إىل‬
‫استعداده للدفاع عن هذه الحقوق بكل قوة وبكل‬ ‫الشغل والتشغيل الحقيقي يف سنة ‪.2020‬‬ ‫قادرا عىل خلق القيمة املضافة والثروة الوطنية‬
‫مستويات عاملية عالية الجودة ليتمكن من تسويق‬
‫إرادة‪.‬‬ ‫املصدر املعهد الوطني لإلحصاء‬ ‫وخلق مواطن الشغل املستدامة ألبنائنا‪.‬‬
‫خدماته بأسعار معتربة لتعزيز رصيد البالد من‬
‫هذا التفويض فتح الباب لتطبيق سياسة‬
‫المعدل الشهري للتشغيل‬ ‫المعدل الشهري‬ ‫المعدل الشهري لطلب الشغل‬ ‫المعدل الشهري لطلب‬ ‫التقشف التي دأب عليها صندوق النقد الدويل‬
‫والتي تعتمد التقليص يف عجز امليزانية عرب‬
‫الفعلي‬ ‫لعروض الشغل‬ ‫أول مرة (طلب جديد)‬ ‫الشغل اإلجمالي‬ ‫الضغط عىل األجور وعىل منح املعاش وعرب وقف‬
‫االنتداب يف القطاع العمومي رغم الحاجيات ا ُمللحّ ة‬
‫‪4.613‬‬ ‫‪8.391‬‬ ‫‪50.170‬‬ ‫‪52.145‬‬ ‫يف عديد املرافق مثل التعليم والصحة وغريها‪.‬‬
‫مما زاد يف نسبة البطالة التي طالت أصحاب‬
‫‪%16,1‬‬ ‫نسبة عروض التشغيل‬ ‫الشهادات العليا بدرجة لم يسبق لها مثيل‪.‬‬
‫‪%8,8‬‬ ‫نسبة التشغيل الفعلي‬ ‫كما تشرتط فتح األسواق ملزيد التوريد بدعوى‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪12‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫قال إن فيه معطيات خطيرة‪:‬‬

‫الرسي‬
‫يفجر من جديد ملف اجلهاز ّ‬ ‫االمريال العكروت ّ‬
‫ويغ ّ‬
‫طي عىل مسؤولية الباجي يف ردمه‬ ‫ٌ‬
‫العربي الوسالتي‬
‫ّ‬
‫امللف اىل حد االن رغم أنه‬ ‫قيس سعيد متسائال ملاذا لم يُفتح‬ ‫الرسي لحركة النهضة ملف يٌطرح عىل‬ ‫ّ‬ ‫الجهاز‬
‫بني يديه مستدركا بالقول اال ّ إذا كانت لرئيس الجمهورية‬ ‫الطاولة ك ّلما حث الشارع خطواته نحو التغيري‪.‬‬
‫ّ‬
‫معطيات أخرى عىل ح ّد تعبريه‪.‬‬ ‫والحديث عن هذا امللف أو الخوض يف بعض‬
‫كالم األمريال العكروت مفهوم وقفزه رسيعا يف‬ ‫تفاصيله املح ّرمة كان مرتبطا أساسا‬
‫الحوار االذاعي من مرحلة الباجي اىل حقبة قيس‬ ‫بموازين القوى التي تتح ّكم يف الخارطة‬
‫سعيّد له ما يربّره فالرجل حاول قدر االمكان سحب‬ ‫السياسية والتي تحكم قبضتها عىل كربى‬
‫املسؤولية من رئيسه السابق مستعينا بأعذار قاهرة‬ ‫أن رئيس‬‫امللفات والقضايا الوطنية‪ .‬وبما ّ‬
‫منها الوضع الصحّ ي للرئيس الراحل والحال ّ‬
‫أن‬ ‫الجمهورية قيس سعيد سحب البساط‬
‫ملف الشهيدين شكري بلعيد‬ ‫ّ‬ ‫الجميع يدرك ّ‬
‫أن‬ ‫من تحت أقدام الجميع صار لزاما عىل الجميع‬
‫ومحمد الرباهمي تفجّ ر يف ‪ 2016‬بواسطة لجنة الدفاع‬ ‫الدخول يف مربّع املساءلة واملحاسبة دون قيد أو‬
‫عن الشهيدين التي استماتت يف التعريف بالقضية ويف‬ ‫حق تونس‬ ‫رشط خاصة أولئك الذين أجرموا يف ّ‬
‫كشف حقائق مدويّة من خالل العرشات من الندوات‬ ‫والتونسيني عىل امتداد عرشية الدمار والخراب‪.‬‬
‫الصحفية‪ .‬يف ذلك الوقت كان الباجي رحمه‬ ‫الرسي عاد ليط ّل برأسه من‬ ‫موضوع الجهاز ّ‬
‫الله يف أوج عافيته الذهنية والسياسية‬ ‫جديد عىل الواجهة‪ .‬وإطاللته هذه امل ّرة‬
‫وكان الرجل يخوض أرشس معاركه‬ ‫كانت أكثر وقاحة وفظاعة‪ .‬فالكالم‬
‫الوجودية مع رئيس حكومته‬ ‫الذي صدر عن االمريال املتقاعد‬
‫«االنقالبية» آنذاك يوسف الشاهد‪.‬‬ ‫عىل اجتماع مجلس االمن القومي واتخاذ القرارات املناسبة مشريا اىل أنه‬ ‫كمال العكروت مستشار االمن‬
‫فإن ربط التأخري يف فتح هذا امللف الخطري بالوضعية الصحية‬ ‫لذلك ّ‬ ‫ت ّم عقد االجتماع واىل أنه تقررت بالفعل احالة امللفات اىل القضاء وتعهد‬ ‫القومي للرئيس الراحل الباجي قائد السبيس وأكثر العارفني بخفايا‬
‫للباجي هو يف ظاهره حجّ ة مرفوضة وغري مقبولة عىل األق ّل بالنسبة‬ ‫وزير العدل آنذاك بالترسيع يف اجراءات النظر يف امللفات ومستدركا بأنه‬ ‫تمس األمن القومي وتكشف‬ ‫البالد والعباد يكشف عن حقائق خطرية ّ‬
‫للعقالء الذين كانوا شاهدين عىل فرتة التوافق املغشوش بني الباجي‬ ‫«كان هناك تأخري يف النظر فيها»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أن ذلك الجهاز الخفي لم يكن مج ّرد فزاعة نراقص بها‬ ‫أكثر من ذلك ّ‬
‫والغنويش‪ .‬فالتوافق الذي حكم البالد عىل امتداد خمس سنوات منذ‬ ‫وشدّد األمريال عىل أنه كان عىل تواصل مع لجنة الدفاع عن الشهيدين‬ ‫شياطني االنس والجان‪.‬‬
‫صعود النداء واىل حني اندثاره كان يقوم عىل عديد االتفاقات واملعاهدات‬ ‫وعىل أنه درس جيدا ملف الجهاز الرسي ممّ ا يضفي جانبا أكرب من‬ ‫األمريال املتقاعد وصف خالل حضوره أمس يف برنامج «هنا تونس»‬
‫منها قرب بعض امللفات التي ش ّكل بعضها يف وقت من األوقات ورقة مهمة‬ ‫املصداقية عىل روايته‪ .‬موضحا أنه حرص عىل احالة امللف اىل القضاء‬ ‫عىل إذاعة «الديوان» ما ورد يف امللفات الخاصة بالجهاز الرسي لحركة‬
‫وأساسية لصعود الباجي اىل واجهة األحداث السياسية‪.‬‬ ‫قبل أن يقرتح عىل الرئيس الراحل الباجي قائد السبيس إحالة األمر عىل‬ ‫النهضة املقدمة من قبل هيئة الدفاع عن الشهيدين شكرين بلعيد ومحمد‬
‫الرسي لحركة النهضة يبقى دائما مغ ّلفا بالحرب‬ ‫الحديث عن الجهاز ّ‬ ‫القضاء العسكري بسبب البطء يف إحالة امللف وكذلك نظرا لخطورة‬ ‫الرباهمي بالخطري جدا مشددا عىل انها تحتوي عىل تُهم تتعلق بالتالعب‬
‫الرسي‪ .‬فحتى الذين كانوا يمسكون بمقود القيادة يف البالد ويعتربون‬ ‫ّ‬ ‫التهم ونظرا الن امللف يمس من االمن العسكري‪.‬‬ ‫بالدولة وبأمنها‪ .‬كالم األمريال كان واضحا ورصيحا ومبارشا وفيه اقرار‬
‫ط دفاعها األوّل يف وجه املؤامرات واملكائد التي تحيط باألمن القومي‬ ‫خ ّ‬ ‫العكروت حاول عدم الدوس عىل األلغام وهو يميش فوق رمال‬ ‫رصيح بوجود خطر كبري كان يحدّق بالدولة يف فرتة الرئيس الراحل‬
‫يحافظون دائما يف حديثهم عن مثل هذه امللفات عىل مسافة األمان‪ .‬فال‬ ‫بأن ما اط ّلع عليه يف امللف من معلومات‬
‫النهضة املتح ّركة لذلك لم يجزم ّ‬ ‫الباجي قائد السبيس‪.‬‬
‫هم يصدعون بالحقيقة مثلما هي وال ه ّم يفنّدون نظرية املؤامرة‪ .‬ولكن‬ ‫وتهم صحيح او خاطئ ولكنه يف املقابل لم ينف ّ‬
‫أن ما ورد بامللف املقدم‬ ‫العكروت قال بالبنط العريض « دون الخوض يف تفاصيل ملفي‬
‫الرسي لحركة النهضة ان صحّ ت‬ ‫فإن م ّلف الجهاز ّ‬‫مهما يكن من أمر ّ‬ ‫من هيئة الدفاع عن الشهيدين «خطري ويحتوي عىل تهم تتعلق بالتالعب‬ ‫التسفري والجهاز الرسي لحركة النهضة ‪..‬بالنسبة للجهاز الرسي الذي‬
‫رواية وجوده يستوجب فتحا رسيعا وعاجال‪ .‬فإمّ ا تثبيت اإلدانة أو كرس‬ ‫بالدولة وبأمنها»‪.‬‬ ‫ال أعلم ان كان موجودا ام ال ‪..‬اطلعت عىل عديد امللفات املقدمة من‬
‫هذه االسطوانة نهائيا واىل األبد‪ ...‬والكرة اآلن يف ملعب رئيس الجمهورية‬ ‫وب ّرر مستشار االمن القومي للرئيس الراحل الباجي قائد السبيس‬ ‫قبل محامني تحت عنوان “خطري جدا” تحمل ادعاءات واثباتات ‪..‬هذه‬
‫قيس سعيد الذي يملك ك ّل األدوات الرشعية والسلطوية للحسم يف‬ ‫عدم تح ّرك الباجي بالرسعة والحكمة الالزمتني لفتح امللف بوضيعته‬ ‫امللفات تحتوي عىل معطيات خطرية جدا»‪ .‬وأضاف أنه قدم امللفات‬
‫املوضوع وهو الذي ال يخىش يف الحق لومة الئم‪.‬‬ ‫الصحية يف ذلك الوقت‪ .‬فرمى بالكرة يف ملعب رئيس الجمهورية الحايل‬ ‫لرئيس الجمهورية السابق الباجي قائد السبيس وأنه اقرتح عليه عرضها‬

‫مراسل قار بأوروبا ‪:‬‬ ‫مستشارو التحرير ‪:‬‬

‫جمال بن جميع‬ ‫المنصف السليطي ‪ -‬مسعود رمضاني ‪-‬‬


‫أنس الشابي ‪ -‬أسعد جمعة ‪ -‬كريم الميساوي ‪-‬‬
‫ّ‬
‫الفني ‪:‬‬ ‫المدير‬ ‫تصدر عن شركة «كوثر العالمية لالتصال»‬
‫السيدة السالمية ‪ -‬عامر الجريدي‬ ‫شركة محدودة المسؤولية‬
‫فيصل بن البشير‬
‫الشارع التلفزي واالذاعي‪:‬‬
‫المستشار الرقمي‪:‬‬
‫ّ‬
‫الفالح‬ ‫منير‬
‫بهاء الباهي‬ ‫المؤسسة والمديرة المسؤولة‬

‫مدقق لغوي‪:‬‬
‫رئيس قسم الرياضة ‪:‬‬ ‫كوثر زنطور‬
‫نور الدين حميدي‬ ‫العربي الوسالتي‬
‫االستشارات التاريخية ‪:‬‬ ‫مستشاران لدى إدارة التحرير‬
‫مكلفة بمهمة لدى إدارة التحرير‪:‬‬
‫د‪.‬محمد لطفي الشايبي‬ ‫معز زيّ ود ‪ -‬الحبيب القيزاني‬
‫هيفاء بن محمد‬
‫العنوان ‪:‬‬ ‫الريبورتاجات ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫كتاب افتتاحيات ‪:‬‬
‫محمد الجاللي‬
‫‪ 45‬شارع آالن سافاري ‪ 1002 -‬تونس‬ ‫الصادق بلعيد ‪ -‬حمادي بن جاءبالله ‪-‬‬
‫التحرير ‪:‬‬
‫الفاكس ‪71 890 065 :‬‬ ‫الهاتف ‪36 063 034 :‬‬ ‫عز الدين سعيدان ‪ -‬نائلية السليني ‪ -‬خالد عبيد ‪-‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫عواطف البلدي ‪ -‬أنور الشعافي‪ -‬منى المساكني‬ ‫جمال الدين العويديدي ‪ -‬رافع الطبيب ‪-‬‬
‫‪contact@acharaa.com‬‬ ‫‪ -‬صالح بوزيان ‪ -‬أماني الخديمي ‪ -‬خالد النوري ‪-‬‬ ‫عميرة عليّ ه الصغيّ ر ‪ -‬أحمد بن مصطفى ‪-‬‬
‫تميم أوالد سعد ‪ -‬كريمة السعداوي ‪-‬‬ ‫فوزي البدوي ‪ -‬نادر الحمامي ‪ -‬نهلة عنان ‪-‬‬
‫المطبعة ‪BETA:‬‬
‫‪i@beta.com.tn‬‬ ‫نائلة الشقراوي ‪ -‬حازم الشيخاوي ‪ -‬يوسف مارس‬ ‫أنس الشابي ‪ -‬أيمن البوغانمي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪13‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫خزعبالت سياسية تونسية‬

‫فردة ولقات أختها‪...‬‬


‫منير الف ّلاح‬
‫الديمقراطي وآفاق تونس‪...‬مليح ومن حقهم !‬ ‫عىل ق ّد ما الواحد يحاول يبدّل ساعة بساعة أخرى ويبدى‬
‫ّ‬
‫أمّ ا فمّ ة شويّة مالحظات تفرض نفسها‪ :‬من حقهم باش‬ ‫يلوّ ج بالفتّاشة عىل حاجة تعبّيلو إهتمامه وعادة ما يكون امللجأ‬
‫حقهم زادة يعملوا التحالفات‬ ‫ياخذوا أيّ موقف يحبّوا عليه ومن ّ‬ ‫يا إما للكورة وخاصة متاع أوروبا ألنها شادة بعضها ها األيّام‬
‫أن أصواتهم تنجّ م توصل‬ ‫إل يشوفوها أمّ ا زعمة متأ ّكدين ّ‬ ‫ّ‬ ‫السينما‬ ‫فن وخاصة ّ‬ ‫وإل شويّة ّ‬ ‫بني الجمعيات يف كل البلدان ‪ّ ..‬‬
‫الشارع؟ معناتها الجمهوري‬ ‫للتوانسة؟وهل واعيني بوزنهم يف ّ‬ ‫والفرجة عىل ما تقرتحه علينا القنوات أو متابعة آخر األخبار‬
‫والتكتّل‪،‬وبخالف بعض األسماء املعروفة من قياداتهم‪،‬عندهم‬ ‫يف العالم‪.‬‬
‫وإل حتّى يف ها الجبهة ؟‬ ‫وزن يخ ّليهم مؤثّرين يف ال ّرأي العام ّ‬ ‫والفن موجودين لكن ما تعبّيش ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫صحيح أخبار الكورة‬
‫ّ‬
‫آش قعد من التكتل بعد ما تحالف مع النهضة يف‬ ‫وخاصة كيف تتع ّلق‬‫ّ‬ ‫الفراغات كيف أخبار العالم وما أدراك‬
‫حكم الرتويكا؟ وآش تبقى من الحزب الجمهوري بعد‬ ‫إل تجيبلك‬ ‫إل تقراها وتتعدّى وفيها ّ‬ ‫بأوروبا‪،‬فيها ّ‬
‫موجات الهجرة منه ؟‬ ‫التّنهيدة وخاصة كيف اتبّع مثال إنتخابات‬
‫ِ‬
‫وآش باش يبقى منهم بعد ‪25/7-22/9‬‬ ‫إل تعدّات بيها أما إذا تحب‬ ‫أملانيا والشفافيّة ّ‬
‫ّ‬
‫"الجبهة"إل‬ ‫وخاصة كيفاش باش يوصل صوتهم يف‬ ‫ّ‬ ‫تزيد تلوّ ج عىل"وجيعة الرأس"وتسهر باش‬
‫ما تشبّه لحتى يشء وك ّل طرف فيها يغنّي يف‬ ‫تسمع شوية تحاليل ته ّم كيفاش ّ‬
‫نخبوا‬
‫موجة؟‬ ‫تول يف النّهاية‬
‫خاصة ّ‬
‫ّ‬ ‫والشباب منهم‬ ‫ّ‬ ‫األملان‬
‫إل يغنّي يف طبقة"ال ب ّد من العودة‬ ‫فيهم ّ‬ ‫إل نخبّيو فيها مخاخنا‬ ‫تقول هاك الجملة ّ‬
‫إل رافض الرجوع‬ ‫للدستور والرشعيّة"وفيهم ّ‬ ‫طيوا بيها عجزنا‪":‬آش علينا‬ ‫ووجوهنا ونغ ّ‬
‫وطالب التسقيف الزمني والتّشاور !‬ ‫بعقد"مجلس أمن قومي"وتوضيح العالقة بني رأيس السلطة‬ ‫فيهم !هاذوكم ناس أخرى بعاد علينا وأحنا‬
‫وبينما كنت عىل وشك إنهاء كتابة هاألسطر ‪،‬طبّ عيل ّ‬ ‫إل يتبعوا فاهمني أن قيس‬ ‫التّنفيذيّة وهو وحزبه وغالبيّة النّاس ّ‬ ‫نختلفو عليهم و‪...‬و‪"...‬‬
‫عشريي ال ّروج وكي العادة بدأ يستفز ويرببش يف ّ عىل شنوّة‬ ‫سعيد ما كان عندو حتّى إستعداد باش يحكي‪،‬بل حتّى يقابل‬ ‫وتميش ترقد وتقوم بكلك إستعداد ملواجهة أخبار البالد ويف‬
‫مدخلك إنت فيهم‪،‬ماك من‬ ‫ّ‬ ‫املوضوع وكيفاش وعالش وآش‬ ‫واحد من الجماعة هذوكم يعني رئيس الربملان وهشام املشييش‬ ‫البالد توّة ما عندنا كان ثنائيّة إنقالب‪-‬تصحيح بعد ما‪،‬والحمد‬
‫جماعة إسقاط املنظومة برمّ تها‪...‬وحاصيلو الستّة من‬ ‫والوسادة بك ّل مكوّناتها‪...‬‬ ‫ل ّله‪،‬الكورونا تقريبا مشات يف خرب كان! وما بقاتش موضوع‬
‫سبعطاش ! ووين خبى السارق مغزل أمّ و‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يس عصام الشابي يميش أبعد من هكة ويقول أن سعيّد‬ ‫الساعة ‪...‬‬
‫جاوبتو وقلتلو‪،‬أنا راني صحيح راجل كبري‪،‬كيفك‪،‬ونبّار ّ‬
‫وإل‬ ‫بشكل ما "أنقذ"النّهضة عىل خاطر شعبيّتها كانت يف إنحدار‬ ‫خايضة‪،‬مقسمة عىل زوز‬ ‫ّ‬ ‫آش تلقى؟تلقى ناس‬
‫الضبابيّة وم ّرة من هنا وم ّرة‬ ‫تحبّ لكن ما نحبّش ونموت من ّ‬ ‫أن الحزب‬ ‫وكانت ه ّكة وإال ّ ه ّكة باش تخرس اإلنتخابات والدليل ّ‬ ‫فرياجات‪:‬اإلنقالب من جهة‪،‬والتصحيح يف الجهة األخرى‬
‫من غادي!يا يقولوا إنقالب وإحنا ضدّه ويموتو عىل دينهم ‪،‬يا‬ ‫اإلسالمي املغربي خرس يف اإلنتخابات األخرية‪...‬معناتها يس‬ ‫املقابلة وبيناتهم الالعب الوحيد الهو معدّل ال عىل هاذم وال عىل‬
‫يقولو هو تصحيح مسار وهاهي مقرتحاتنا !‬ ‫إل الوضع يف املغرب ويف تونس‬ ‫الشابي‪،‬وحزبه‪،‬يشوفوا ّ‬ ‫عصام ّ‬ ‫هذوكم‪،‬هاوكة ساعة ساعة يعمل تاكل كي مالعبية الكورة‬
‫طات قادمة الواحد يعرتفلهم بوضوح‬ ‫عىل األقل ويف مح ّ‬ ‫كيف كيف‪،‬ما فمّ ا حتّى فوارق !‬ ‫إل يف رأسو‪...‬‬‫طة ّ‬ ‫ملجموعة وبقية الوقت ما يلعب كان بالخ ّ‬
‫املوقف‪...‬حتّى لوكان مخالف لرأيي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يس عصام الشابي ويس خليل الزاوية وحزبيهما دخلوا‬ ‫عاد‪،‬خوكم وبما أنّي فايض شغل‪ ،‬أنرتيتي عندي مدّة لبست‬
‫يف"جبهة"وخ ّرجوا بيان مشرتك وعملوا ندوة صحفيّة مع التيّار‬ ‫مراياتي وحبّيت نشوف من قريب بعض التّفاصيل يف فرياج‬
‫نظريّة اإلنقالب ولقيت يس خليل ال ّزاوية(حزب التكتّل) ويس‬
‫الجمهوري)إل هوما زوز من األربعة‬ ‫ّ‬ ‫عصام الشابّي(الحزب‬
‫إل عملوا بيان مشرتك وزادوا ندوة صحفيّة أعلنوا فيها‬ ‫أحزاب ّ‬
‫عىل مواقفهم ودخولهم يف تنسيق لعمل مشرتك‪...‬‬
‫يس خليل ال ّزاوية هو حاليا رئيس حزب التكتل‬
‫الديمقراطي(خلفا ليس مصطفى بن جعفر منذ‪)2017‬‬
‫وحزب"التكتل" كيف ما تعرفوا الك ّل هو واحد من أحزاب‬
‫الرتويكا(مع رأس الرتويكا‪:‬النهضة وحزب املؤتمر) ويس خليل‬
‫ال ّزاوية كان وزير الشؤون اإلجتماعيّة يف حكومتي النّهضة‬
‫برئاسة حمادي الجبايل وبعدو يس عيل العريض ‪.‬‬
‫وبعد إنتخابات ‪،2019‬إختار الرئيس قيس سعيد إلياس‬
‫الفخفاخ(من التكتل) لرئاسة الحكومة وكانوا فيها زادة وزراء‬
‫من حزب حركة النّهضة‪...‬‬
‫يعني وقت الواحد يقرأ بيان حزب يس خليل ال ّزاوية متاع‬
‫نهار‪ 11‬سبتمرب إيل فات ويلقى حديث عىل مواجهة األوضاع‬
‫الصعبة ومقاومة اإلقتصاد ال ّريعي واإلحتكار‬ ‫ّ‬ ‫اإلقتصاديّة‬
‫ّ‬
‫و‪...‬و‪...‬يقول يا سبحان الله‪،‬زعمة هاإلقتصاد ال ّريعي واإلحتكار‬
‫نائبات نهضويات يبكيو موش‬ ‫وما تابعهم بداو يف ليلة ونهار؟ ياخي ها الجماعة مش كانوا‬
‫عىل النهضة‪ ...‬موش عىل‬ ‫يحكموا؟آش بيهم ما عملوا وقتها يشء؟‬
‫أما بقيّة الحديث عىل إنجاح املسار الديمقراطي والحفاظ‬
‫الربملان‪ ...‬موش عىل تونس‪...‬‬ ‫عىل مكتسبات الثورة والعودة للمسار الديمقراطي وتحكيم‬
‫موش عىل سعدهم‪ ...‬موش عىل‬ ‫الشعب إلخ‪...‬هو كالم من قبيل"شكشوكة بالشاميّة"‪،‬إيه عىل‬
‫وعدهم‪ ..‬أما عىل التعويضات‪...‬‬ ‫خاطر أنا راجل مكهّ ب عىل السبعني وصربي قليل‪،‬يعني يا‬
‫ال حول وال قوة إال بالله‬ ‫تقول أنا مايش فوندو وديراكت مع سعيّد وقراراته‪،‬يا تقول أنا‬
‫يصبهم‪...‬‬‫ّ‬ ‫وربي‬ ‫نحبّ الربملان يرجع بحشيشو وريشو وعلينا نستنّاو إنتخابات‬
‫أخرى‪،‬أمّ ا هاللعب يف املناطق ال ّرماديّة أنا واحد من النّاس ما‬
‫عادش نفهمها برشة والفلو حتى يف السينما ما يروقليش‪...‬‬
‫اما بالنّسبة ليس عصام الشابّي‪،‬األمني العام للحزب‬
‫الجمهوري‪،‬والحق يقال مىش من اآلخر وطالب يف بيانات حزبه‬ ‫ّ‬
‫بالعودة للدّستور والعمل بمقتضياته(بيان بعد تكليف السيدة‬
‫بودن)‪،‬ويف برشة ترصيحات لتلفزات عربيّة‪،‬جدّد الدعوة‬ ‫ّ‬ ‫نجالء‬
‫إل أقسم عليه !‬‫للرئيس بالعودة للدستور ّ‬
‫يس عصام الشابي وحزبه كانوا قبل ‪25‬جويلية يطالبون‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 279‬الثالثاء ‪ 28‬سبتمبر ‪2021‬‬

‫‪14‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫مطلوب للعمل ‪:‬‬

‫وزير مالية خيلق ‪ 9‬مليارات دينار‬


‫للميزانية‬
‫كريمة السعداوي‬
‫اقراض بـ "السيايس" اىل انه ال يمكن تطبيق اية قاعدة منهجية يف‬ ‫وقعت مع صندوق النقد‬ ‫وشدد جورج غ ّرة عىل أنه سبق لتونس أن ّ‬ ‫تعوّد التونسيون خالل السنوات األخرية عىل تعاقب‬
‫مجال املالية العمومية والتداين عىل تونس التي اصبحت بشكل محقق‬ ‫الدويل اتفاقا ماليا وعىل أنها أقدمت بعد بضعة أسابيع من ذلك عىل‬ ‫الحكومات وتربير اختيار عضواتها وأعضائها عىل أنهن أو أنهم‬
‫خارج املعايري الدولية بالكامل يف املجال املايل‪.‬‬ ‫انتداب ‪ 3‬آالف عون يف القطاع العمومي مؤكدا‪ ،‬يف ذات اإلطار عىل أن‬ ‫من صاحبات أو أصحاب الكفاءة العالية والنادرة يف ميادين‬
‫وتُطرح‪ ،‬يف هذا الصدد‪ ،‬عدة اشكاالت أهمها‪ ‬عدم وجود اي امكانية‬ ‫صندوق النقد الدويل ينتظر من الحكومة املقبلة املزيد من الضمانات‬ ‫مختلفة‪ .‬كما أصبح من املعتاد أيضا أن يعلن رؤساء الحكومات‬
‫للخروج اىل األسواق املالية الدوليّة باعتبار توقف املفاوضات مع‬ ‫وانه يتوجب عىل تونس طلب مساعدة "الدول الصديقة " لغلق ميزانية‬ ‫عن أن استقطاب هذه الكفاءات الذين يحلو لهم أن يسمونهم‬
‫صندوق النقد الدويل وصعوبة مزيد التوجه نحو االقرتاض الداخيل عرب‬ ‫الدولة لسنة ‪ .2021‬‬ ‫يف وضعيات معينة بـ "التكنوقراط"‪ ،‬يتم حسب ِس َيهم الذاتية‬
‫االكتتاب يف قرض رقاعي وطني جديد علما ان الدولة أطلقت قسطني‬ ‫ويستنتج بوضوح من خالل هذا الترصيح ان تونس اصبحت‪ ،‬وفق‬ ‫والحوارات التي تُجرى معهم قبل التسميات وذلك عىل غرار‬
‫من قرض رقاعي هذا العام لم يمكنا من تجميع سوى ‪ 1.1‬مليار دينار‪.‬‬ ‫املسؤول الدويل‪ ،‬بلدا ال يتحكم يف توازنات ماليته العمومية وان الثقة‬ ‫ما يجري يف الرشكات لدى انتدابها اطارات التسيري أو التنفيذ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الخاصة املسندة موىف أوت ‪2021‬‬ ‫كما ان استخدام حقوق السحب‬ ‫يف تعامل املؤسسات املالية الدولية الدائنة معه مهتزة وذلك بسبب عدم‬ ‫ويذكر باستمرار أن هذه الكفاءات التي تستقطب من القطاع‬
‫من قبل صندوق النقد الدويل لتونس بقيمة تقارب ‪ 740‬مليون دوالر‬ ‫التزام البالد بتعهداتها وتسيريها يف سياق غري تشاركي سيما يف ما‬ ‫الخاص او من الخارج تضحي بأجور ومداخيل كربى يف سبيل‬
‫أي ما يعادل حوايل ملياريْ دينار يشكل مجازفة نقدية باعتبار انه‬ ‫يهم التعاون والتشاور مع أبرز األطراف الفاعلة‪ ،‬اقتصاديا واجتماعيا‪.‬‬ ‫"خدمة" الوطن وتجريبها يف تونس آخر ما جرى التوصل اليه‪،‬‬
‫يمس من أسس احتياطي البالد من العملة األجنبية وقدرتها عىل سداد‬ ‫وتربز افادة جورج غ ّرة ايضا أن عدم وجود رشيك موثوق‪ ،‬يف اشارة‬ ‫دوليا‪ ،‬يف فنون الترصف والقيادة والتخطيط االسرتاتيجي وغري‬
‫الديون‪ .‬ويبقى‪ ،‬يف جميع الحاالت‪ ،‬استخدام هذه الحقوق غري كاف‬ ‫اىل غياب وزير مالية قوي ويملك القرار فعليا‪ ،‬أمر يدعو للقلق‪ ،‬فضال‬ ‫ذلك من املجاالت‪.‬‬
‫لسد ثغرة امليزانية‪ .‬كما يبدو ايضا ان خيار التمويل من قبل البنك‬ ‫عن دعوته السلط التونسية اىل عدم التعويل فقط يف املستقبل عىل‬
‫املركزي التونيس‪ ،‬ال ّذي ال يمكن له تمويل الدولة بشكل مبارش‪ ،‬حسب‬ ‫صندوق النقد من خالل التوجه كذلك للتداين اىل الدول التي وصفها‬ ‫غري أن واقع الفشل‪ ،‬وهو الذي أصبح صناعة وطنية اليوم يف تونس‪،‬‬
‫قانونه األسايس مستبعدا سيما ان نفس اإلشكال ت ّم طرحه نهاية العام‬ ‫بـ"الصديقة"‪.‬‬ ‫كان يك ّذب هذه االدعاءات باستمرار يف خصوص مستوى هذه الكفاءات‬
‫الفارط ليمول البنك املركزي امليزانية بصفة مبارشة بنحو ‪ 2.8‬مليار‬ ‫وزير المالية الجديد والمهمة المستحيلة‬ ‫ووضعيات انتدابها الذي يتم فعليا يف سياقات سياسية أو جهوية أو‬
‫دينار ولكن مؤسسة االصدار رفضت األمر بشكل قاطع‪.‬‬ ‫بحكم انه ال هامش مناورة لوزارة املالية يف خصوص الشأن النقدي‬ ‫مصلحية وحتى بناء عىل القرابة والزمالة يف الدراسة أو التدريس‪.‬‬
‫ويشكل اللجوء اىل مزيد تداين الدولة لدى البنوك عرب تمويل‬ ‫الذي يحتكر الترصف فيه البنك املركزي التونيس باسم "استقالليته"‬ ‫وكانت النتيجة دائما واضحة وهي أن الفاشلني ال يصنعون النجاح‬
‫العجز يف امليزانية بإصدار رقاع خزينة قابلة للتنظري أو رقاع خزينة‬ ‫وبالنظر لتسيري البالد دون ميزانية أو تخطيط تموييل ولو شكليا منذ‬ ‫ووصلت األمور يف تونس اىل ما هي عليه حاليا من بهلوانيات مالية‬
‫قصرية املدى عملية خطرة حيث بلغ قائم دين الدولة لدى البنوك نهاية‬ ‫سنتني‪ ،‬فإنه ليس من املمكن لوزير املالية القادم الرشوع يف تعديالت‬ ‫ونقدية حتى تردّت حاجة نصف العائالت اىل طلب االعانات اىل جانب‬
‫جويلية ‪ 38.2‬مليار دينار‪ .‬ومن املؤكد ان ازدياده سيؤدي اىل تفاقم‬ ‫اقتصادية باعتبار انه تطغى عىل املشهد برمته النقاشات القانونية‬ ‫انقطاع عالقات تونس املالية بالعالم وتالشت معالم ماليتها العمومية‬
‫مشكل نقص السيولة النقدية وبالتايل عدم تمكني الرشكات واالفراد‬ ‫والوعود بتأسيس قاعدي جديد يضمن مستقبال أفضل لتونس ولكافة‬ ‫التي تعاني ثغرة كربى "يحلم" كثريون بأن وزيرا ما سيسمى قريبا‬
‫من موارد اقراض بنكية كافية تتوفر من عمليات اعادة التمويل لدى‬ ‫شعوب الكون‪ .‬وبالتايل فإن املطلوب منه لختم ميزانية هذه العام‬ ‫يمكن أن ينقذها بامتالكه مفاتيح خزائن بقيمة ‪ 9‬مليارات دينار‪.‬‬
‫البنك املركزي التونيس خصوصا انه واستنادا اىل معطيات البنك فانه ال‬ ‫وهي مسألة يف غاية الصعوبة ان لم تكن مستحيلة‪ ،‬توفري نحو ‪18‬‬ ‫المؤسسات المالية الدولية‬
‫مناص من الرتفيع قريبا يف نسبة الفائدة املديرية ‪ )6.25‬باملائة( نظرا‬ ‫مليار دينار لتمويل حاجات امليزانية بالنسبة للثالثي االخري من هذه‬ ‫تفقد الثقة في تونس‬
‫لالرتفاع القيايس لنسبة التضخم وتقدير توسعها‪ .‬‬ ‫السنة علما انه ليس باإلمكان سوى تعبئة‪ 9.1‬مليارات دينار كمداخيل‬ ‫رصح نهاية األسبوع الفارط املمثل املقيم ملؤسسة التمويل الدولية‬
‫ويف جميع الوضعيات‪ ،‬ال يمكن القول إن الحلول للمالية العمومية‬ ‫جبائية يف ظل ضعف املوارد غري الجبائية وشبه انعدامها‪.‬‬ ‫بتونس التابعة للبنك الدويل‪ ،‬جورج غ ّرة‪ ،‬بأنه يتعني عىل تونس سد‬
‫مستحيلة ولكن بلوغ مستوى الدين العمومي نسبة‪ 128‬باملائة‬ ‫ومن هنا وللتمكن من استرياد املحروقات والحبوب وبعض املواد‬ ‫ثغرة مالية يف ميزانية الدولة لسنة ‪ 2021‬تقارب ‪ 9‬مليارات دينار‬
‫من الناتج املحيل االجمايل وذلك باعتبار ديون املؤسسات العمومية‬ ‫الحساسة علما ان االجور ومصاريف االدارة متاحة بحكم تعهد البنك‬ ‫مرجحا أن يشهد عجز ميزانية الدولة التونسية مزيد التفاقم بسبب‬
‫واالهمال التام الذي يعاني منه االقتصاد يف تونس بحكم تغليب الجميع‬ ‫املركزي بضمانها عرب االصدار النقدي (‪ 4‬مليارات دينار)‪ ،‬فإنّه يتعني‬ ‫ارتفاع أسعار البرتول والحبوب‪ .‬وبني املسؤول أن املمولني الدوليني‬
‫تقريبا يف هذه الفرتة الجدل القانوني والدستوري هي عوامل قد تطيح‬ ‫عىل وزير املالية املنتظر تعبئة تمويالت مقدرة بنحو ‪9‬مليارات دينار‬ ‫مستعدون ملساعدة تونس مستدركا بأن هذا الدعم رهني توفر رشيك‬
‫يف اجل قريب باملالية العمومية بالكامل علما ان الدين العام يف لبنان‬ ‫وهي التي ال يمكن ان تمنح لتونس خارج قرارات سياسية محضة‬ ‫موثوق فيه‪ .‬كما ذكر بأن صندوق النقد الدويل‪ ،‬يطلب اليوم‪ ،‬خارطة‬
‫كان يف مستوى ‪ 130‬باملائة من الناتج سنة ‪ 2013‬لريتفع تدريجيا‬ ‫من قبل الدائنني و"األصدقاء" علما انهم بدؤوا يف االبتعاد تدريجيا عن‬ ‫إصالحات متفق عليها مع الرشيكني االجتماعيني‪ ،‬اتحاد الشغل‬
‫وبسبب نفس الدوافع املوجودة حاليا يف تونس من انقسامات وضعف‬ ‫مساندة تونس يف ظل توقف زيارات وفودهم ومسؤويل دولهم ملعاضدة‬ ‫ومنظمة األعراف‪ ،‬وبأنه من الهام ان يكون هذان املكونان التابعان‬
‫يف الكفاءات اىل ‪ 170‬باملائة من الناتج‪ ،‬اليوم‪.‬‬ ‫"تغيري ‪ 25‬جويلية"‪ ،‬منذ اواسط أوت الفارط‪ .‬ويرجع وصف اي قرار‬ ‫للمجتمع املدني‪ ،‬طرفني فاعلني يف هذا االتفاق لتاليف أخطاء املايض‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪15‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫حين تعجز الدولة عن حماية أمالكها ‪:‬‬

‫احتالل آالف اهلكتارات العمومية‬


‫أصبح أمرا واقعا‬
‫تحقيق‪ :‬محمد الجاللي‬
‫عىل مدى سنوات طويلة‪ ،‬بات االستيالء‬
‫عىل امللك العمومي واستباحة آالف الهكتارات‬
‫من امللك العمومي أمرا واقعا مما أنتج تمددا‬
‫ديمغرافيا خارج رقابة الدولة وانتشارا غري‬
‫مسبوق لوحدات صناعية وسياحية وخدماتية‬
‫غري قانونية يف عديد املدن التونسية‪.‬‬
‫هذا «االحتالل» غري املرخص فيه ألمالك‬
‫الدولة لم يكتف بتحدي مختلف الهياكل‬
‫العمومية بل استفاد من عجز أجهزة الدولة ومن‬
‫تداخل مهامها وأدوارها ويف أحيان أخرى من‬
‫تقصريها وتواطئها‪.‬‬
‫حفلة تنكرية‬
‫يوم ‪ 5‬ديسمرب ‪ ،2019‬كان تاريخا فاصال‬
‫ورمزيا يف أعىل الجبل الغابي املتاخم لسد‬
‫املرصي التابع ملعتمدية قرمبالية‪ .‬كان الجمع‬
‫غفريا والحارضون شخصيات عامة من‬
‫سياسيني ومسؤولني جهويني ومستثمرين‬
‫مطاعم ومقاه سياحية تحتل االف الهكتارات من السواحل التونسية خارج القانون‪.‬‬
‫وفنانني وإعالميني‪ .‬حتى عدسات التصوير‬
‫واشار اىل ان شاحنات الديوان الوطني‬ ‫كما أشار أحد موظفي الوالية إىل أن معتمدا‬ ‫يقول الصحبي بالضياف مدير الرتاتيب‬ ‫كانت يف املوعد القتناص ترصيحات فورية داعمة‬
‫للتطهري تتكفل بنقل هذه الصهاريج حتى ال يتم‬ ‫وعمدة وقيادات أمنية بالحرس الوطني كانوا‬ ‫والنزاعات يف اإلدارة العامة للغابات بوزارة‬ ‫ملرشوع سياحي «إيكولوجي» والتقاط صور من‬
‫املساس بمياه السد‪.‬‬ ‫يرتددون عىل املرشوع يف الوقت الذي كان قرار‬ ‫الفالحة‪« :‬تم بناء املرشوع يف عقار ذي صبغة‬ ‫املناسبة التي تم اإلعداد لها جيدا بعد سنتني من‬
‫ونفى بن رمضان تعمد بعض حرفائه‬ ‫الهدم ينتظر التنفيذ‪.‬‬ ‫غابية ثم اتصل صاحبه بالوزارة لتسوية‬ ‫العمل وتوثيق لحظات حاسمة يف حفلة كانت‬
‫استغالل السد للسباحة‪ ،‬مؤكدا توثيقه ولوج‬ ‫ولم يتم تنفيذ قرار الهدم اىل اليوم‪ ،‬بل‬ ‫وضعيته فرفضت الرتخيص له ألسباب كثرية‬ ‫أشبه بالحفلة التنكرية التي تن ّكر فيها البعض‬
‫عدد من الشبان اىل مياه السد من منافذ أخرى‬ ‫أجربت الوالية عىل االستقالة من منصبها وشنت‬ ‫من بينها إمكانية تلويث السد املخصص لتزويد‬ ‫للدولة ولقوانني الدولة ولو كانوا محسوبني عىل‬
‫للسباحة رغم وجود أعوان عموميني لحراسته‪.‬‬ ‫عليها احدى القنوات التلفزية الحارضة يف افتتاح‬ ‫التونسيني بمياه الرشب‪».‬‬ ‫أجهزتها التنفيذية أو الترشيعية‪.‬‬
‫وشدد عىل تسوية وضعية املرشوع الجبائية رغم‬ ‫املرشوع حملة اعالمية متهمة إياها بالفساد‪.‬‬ ‫وعلمت أسبوعية «الشارع املغاربي» من‬ ‫يف نفس اليوم وبينما كان كل من وليد جالد‬
‫كل املخالفات التي رفعتها وزارة الفالحة اىل‬ ‫وأمام تقاعس بعض السلط الجهوية يف وضع‬ ‫عبت‬‫مصادر عليمة ان أطرافا أخرى كانت قد ّ‬ ‫النائب بالربملان املجمّ د ومكرم عطية رئيس بلدية‬
‫القضاء للبت فيها‪.‬‬ ‫حد ملختلف التجاوزات الحاصلة عىل ضفاف‬ ‫عن تحفظها عىل انجاز املرشوع يف اجتماعات‬ ‫َان ـفي ترصيحات صحفيةـ‬ ‫قرمبالية ي ُِشيد ِ‬
‫وملعرفة اإلجراءات املتخذة لحماية مياه‬ ‫سد معد لتخزين مياه الرشب‪ ،‬تمادى صاحب‬ ‫مشرتكة عىل غرار الجانب األمني الذي أكد‬ ‫بافتتاح نزل ريفي‪ Gite Rurale‬صديق للبيئة‪،‬‬
‫الرشب من أي ترسب للمياه املستعملة التي‬ ‫املرشوع يف االعتداء عىل امللك العمومي بتغيري‬ ‫صعوبة تأمني املوقع يف صورة وجود إشكال‬ ‫يحمل إسم «دار ساملة»‪ ،‬كان عدد من الشبان‬
‫يفرزها املرشوع‪ ،‬ومن اي اعتداءات أخرى اتصلنا‬ ‫الباب الرئييس إلدارة السدود واستغالل الفضاء‬ ‫أمني وإدارة الحماية املدنية التي حذرت أيضا‬ ‫بصدد السباحة غري بعيد يف السد املحاذي‬
‫بالرئيس املدير العام للرشكة الوطنية الستغالل‬ ‫املحاذي للمياه لوضع طاوالت ومقاعد الستقبال‬ ‫من صعوبة التدخل عند حدوث أي طارئ‪.‬‬ ‫للمرشوع‪.‬‬
‫وتوزيع املياه فاكتفى بالتأكيد عىل أن «الجهة‬ ‫الحرفاء وتركيز بوابة رئيسية عىل الطريق املؤدي‬ ‫وتؤ ّكد مصادر بوالية نابل أن سلوى الخياري‬ ‫إىل هنا يبدو األمر عاديا لوال أنه تم إنجاز‬
‫املرشفة عىل استغالل السد هي اإلدارة العامة‬ ‫اىل السد دون موافقة وزارة الفالحة‪ ،‬حسب ما‬ ‫والية نابل السابقة لجأت إىل اتخاذ قرار بهدم‬ ‫هذا املرشوع عىل ضفاف سد املرصي بمعتمدية‬
‫للسدود واألشغال الكربى بوزارة الفالحة»‪.‬‬ ‫أكد لنا مصدر عن وزارة الفالحة؟‬ ‫املرشوع يف ‪ ،2018‬بعد أن رفض رئيس بلدية‬ ‫بوعرقوب‪ ،‬املعد لتزويد ثالث واليات (نابل‬
‫بعدها توجهنا إىل فايز مسلم املدير العام للسدود‬ ‫الخطري يف األمر أن ضخامة املرشوع تتطلب‬ ‫قرمبالية مكرم عطية إصدار قرار إلزالة ما تم‬ ‫وصفاقس وسوسة) بمياه الرشب‪ ،‬ولوال ان ولوج‬
‫فأحالنا عىل حمزة البحري املندوب الجهوي الذي‬ ‫ترصيف كميات كبرية من املياه املستعملة والتي‬ ‫انجازه‪.‬‬ ‫الشبان إىل السد ممنوع وغري ممكن إال باملرور‬
‫أكد ان املندوبية تصدت للتجاوزات بما يسمح‬ ‫قد تتسبب يف تلويث مياه الرشب‪.‬‬ ‫وتضيف نفس املصادر أن عدم تحمس رئيس‬ ‫بطريق واحد يستعمله أعوان وزارة الفالحة‬
‫وباتصالنا باملنصف بن رمضان صاحب‬ ‫البلدية لقرار الهدم دفع بالوالية إىل طرده من‬ ‫لتفقد السد ثم أصبح مفتوحا امام حرفاء اإلقامة‬ ‫ّ‬
‫القانون وأنها أصدرت عدة محارض يف تكسري‬
‫الغابة ويف البنايات املنجزة واحالتها عىل القضاء‪.‬‬ ‫مرشوع «دار ساملة» ملعرفة مآل املياه املستعملة‬ ‫اجتماع كان مخصصا ملناقشة اإلجراءات اإلدارية‬ ‫السياحة الوافدة عىل املكان‪.‬‬
‫وأشار اىل أن مسألة حماية مياه السد من أية‬ ‫أكد تخصيص صهاريج لتجميعها والتخلص‬ ‫املفرتض اتخاذها لوقف التجاوزات املقرتفة يف‬ ‫هذا املرشوع الذي دافع عنه وع ّرف به كل من‬
‫أرضار ممكنة تبقى من مشموالت «الصوناد»‬ ‫منها بعيدا عن السد‪.‬‬ ‫امللك الغابي‪.‬‬ ‫النائب بالربملان املجمّ د ورئيس البلدية املذكورين‬
‫التي قال انها تتعهدها بالتحاليل واالختبارات‬ ‫ـ من بني موظفني عموميني اخرين ـ يف‬
‫للتأكد من سالمتها‪.‬‬ ‫ازالة مبنى مشيد عىل ملك عمومي‬ ‫ترصيحات إعالمية موثقة أو امام بعض السلط‬
‫عدنا بدورنا اىل إدارة «الصوناد»‪ ،‬واتصلنا‬ ‫الجهوية لم يكن يف وضعية قانونية تسمح للدولة‬
‫بوئام رابح املكلفة باإلتصال ثم أرسلنا بريدا‬ ‫باستخالص رضائبها من نشاطه رغم ان هذه‬
‫الكرتونيا استفرسنا فيه عن االجراءات التي‬ ‫الرضائب هي التي تؤمن خالص أجور النائب‬
‫اتخذتها املؤسسة العمومية لحماية مياه سد‬ ‫ورئيس البلدية‪.‬‬
‫املرصي من أية تجاوزات قد تمس من جودتها‬ ‫حزمة من التجاوزات‬
‫أو تؤثر عىل سالمتها بعد انتصاب املرشوع‬ ‫يف ‪ 2018‬عمد صاحب املرشوع إىل اقتالع‬
‫السياحي عىل ضفاف السد منذ ‪ 2018‬وطلبنا‬ ‫املئات من األشجار الغابية ثم شيّد مطعما‬
‫مدنا بعدد التحاليل التي تم إجراؤها عىل هذه‬ ‫واقامات ريفية ومسالك جبلية دون الحصول‬
‫املياه ونتيجتها‪ ،‬فلم نظفر بأية إجابة إىل حدود‬ ‫عىل الرتاخيص الالزمة‪ .‬وسارع إىل التزود‬
‫كتابة هذا التحقيق‪.‬‬ ‫بالكهرباء واملاء رغم إصدار وزارة الفالحة‬
‫وبالعودة اىل تقرير محكمة املحاسبات‬ ‫بمختلف دوائرها ‪ 16‬محرضا يف تكسري أشجار‬
‫عن الرشكة الوطنية إلنتاج وتوزيع املياه لسنة‬ ‫غابية وانتهاك قانون حماية االرايض الفالحية‬
‫‪ ،2012‬تبني أن «الصوناد» ال تحرتم دائما‬ ‫وغريها‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪16‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫شاطئ الشفار بصفاقس‪ ،‬وان بعض شواطئ‬ ‫عقار غابي دون موافقة الوزارة وبناء إقامة‬ ‫اقامتا املنصف بن رمضان وعدنان منرص‬ ‫الربنامج السنوي للتحاليل‪ ،‬وأن النسبة السنوية‬
‫بنزرت أصبحت تشهد تهافتا موسميا لرتكيز‬ ‫بجبل الحمامات‪.‬‬ ‫ليستا استثناء يف ملف االستيالءات عىل امللك‬ ‫النجاز التحاليل الفيزيائية والكيميائية لم‬
‫مئات املحالت واملقاهي التي تحتل امللك البحري‬ ‫ورغم إصدار املندوبية الجهوية للفالحة عدة‬ ‫العمومي‪ ،‬فقد أشار جالل بن رحيمة رئيس‬ ‫تتجاوز ‪ 70‬باملائة وانها انخفضت إىل حدود ‪44‬‬
‫دون استفادة الدولة من أية عائدات رضيبية‬ ‫محارض موثقة لهذه املخالفات‪ ،‬لم تتم إزالة‬ ‫بلدية راس الجبل إىل أن حوايل ‪ 80‬باملائة من‬ ‫باملائة يف إقليم نابل سنة ‪».2010‬‬
‫جراء عدم قانونية االنتصاب‪.‬‬ ‫اإلقامة‪.‬‬ ‫االقامات السياحية املنجزة يف اآلونة األخرية‬ ‫وعدنان منصر أيضا‬
‫يف هذا السياق يشري املوظف اىل وضعية احد‬ ‫شواطئ االستيالء‬ ‫مخالفة للقانون‪.‬‬ ‫يف بنزرت عمد عدنان منرص املدير االسبق‬
‫املطاعم السياحية الكربى بجزيرة جربة‪ ،‬الفتا إىل‬ ‫تمتد السواحل التونسية عىل حوايل ‪1600‬‬ ‫واكد بن رحيمة انه تم تشييد إقامتني عىل‬ ‫للديوان الرئايس يف عهد املنصف املرزوقي اىل‬
‫أن إدارة الوكالة باتت عاجزة عن إيجاد حلول‬ ‫كلم‪ ،‬ورغم تنصيص القوانني املنظمة للملك‬ ‫ملك بحري عمومي وملك غابي عمومي‪.‬‬ ‫تشييد اقامة عىل أرض فالحية دون الحصول‬
‫جذرية لهذا االنتصاب غري القانوني‪.‬‬ ‫البحري العمومي عىل تكليف عدة أطراف بحماية‬ ‫وتابع‪ « :‬هناك احياء بأكملها بُنيت عىل ملك‬ ‫عىل ترخيص من وزارة الفالحة او من البلدية‬
‫ويوضح‪ « :‬لوعملنا عىل تسوية وضعية هذا‬ ‫الشواطئ من بينها وزارة أمالك الدولة ووزارة‬ ‫بحري ببنزرت‪ ،‬وتم ربط البنايات املوزعة بني‬ ‫مما دفع رئيس املجلس البلدي براس الجبل اىل‬
‫املحل السياحي الذي يشغل عرشات العمال‬ ‫التجهيز ووزارة الشؤون املحلية والبلديات‪،‬‬ ‫مساكن بدائية وقصور و»فيالت» فخمة بالتيار‬ ‫مراسلة السلطات الجهوية واملركزية العالمها‬
‫لتمت إحالتنا عىل القضاء بتهمة تحقيق منفعة‬ ‫وجد أعوان وكالة تهيئة وحماية الرشيط‬ ‫الكهرباء واملاء الصالح للرشب دون الحصول‬ ‫بهذا التجاوز واالستفسار عن تمتيع منرص‬
‫ألنفسنا أو لغرينا‪ ،‬ولو حاولت السلطات هدم‬ ‫الساحيل أنفسهم يواجهون سيال من التجاوزات‬ ‫عىل تراخيص‪ .‬والالفت ان سكان هذه االحياء‬ ‫بالتزود بالتيار الكهربائي دون املرور بالبلدية‪.‬‬
‫هذا املرشوع لتسببت يف تهديد السلم األهيل ويف‬ ‫واالعتداءات عىل السواحل‪ ،‬رفقة جهاز واحد هو‬ ‫باتوا بطالبون البلدية برفع الفضالت‪».‬‬ ‫يف هذا الصدد يقول جالل بن رحيمة رئيس‬
‫صورة ترك األمر عىل ما هو عليه تكون الدولة‬ ‫وحدات الحرس البحري‪.‬‬ ‫وأشار رئيس البلدية اىل أن من بني البنايات‬ ‫بلدية راس الجبل‪ « :‬يف ملف عدنان منرص‬
‫هي الخارس األكرب بما انه ال يدفع رضائب‪.‬‬ ‫يقول لطفي مصدق‪ ،‬املوظف بالوكالة‪:‬‬ ‫املشيدة خارج رقابة الدولة‪ ،‬احد مراكز تصفية‬ ‫اكتشفنا انه ليس الوحيد الذي خالف القانون‬
‫مأزق آخر يواجه ملف الترصف يف امللك‬ ‫«تشغل الوكالة ‪ 30‬عونا فقط مكلفني بحماية‬ ‫الدم‪.‬‬ ‫ببناء اقامة سياحية يف عقار فالحي ثم فتح‬
‫البحري‪ ،‬أتى مع تطبيق مجلة الجماعات املحلية‪،‬‬ ‫كامل الرشيط الساحيل‪ ،‬وقد شهدت إدارتنا خالل‬ ‫ويف والية نابل عمدت أسماء نافذة إىل تشييد‬ ‫طريق بملك غابي دون املرور بوزارة الفالحة‬
‫وهو دخول البلديات عىل خط إصدار تراخيص‬ ‫السنوات املاضية تقاعد العديد منهم ولم يتم‬ ‫مشاريع سياحية وإقامات سكنية‪.‬‬ ‫و بالبلدية بل ثبت لدينا أن الرشكة التونسية‬
‫إستغالل بعض املساحات الشاطئية بما تسبب‬ ‫تعويضهم رغم مطالبتنا سلطة اإلرشاف بفتح‬ ‫وكانت السلطات الجهوية بنابل قد أزالت يف‬ ‫للكهرباء والغاز مكنته من التزود بالكهرباء‬
‫يف تحويل وجهة املوارد املستلخصة من كراء امللك‬ ‫انتدابات يف الغرض»‪.‬‬ ‫‪ 2018‬إقامة سياحية شيدها عبد الحميد بن عبد‬ ‫واستغلت طريقا عموميا لرتكيز أعمدة كهربائية‬
‫البحري من الخزينة العامة إىل خزينة بعض‬ ‫ويضيف‪ « :‬قائمة املستولني عىل امللك البحري‬ ‫الله‪ ،‬صاحب قناة «تونسنا» بملك بحري عمومي‪،‬‬ ‫عىل مسافة ناهزت الكيلومرتين دون موافقة‬
‫البلديات‪.‬‬ ‫طويلة ومتنوعة‪ ،‬فهناك مطاعم ومقاه ونزل‬ ‫بينما تشري مصادر بالوالية إىل دخول بن عبد الله‬ ‫البلدية وان وايل بنزرت آنذاك منحه ترخيصا‬
‫هكذا يكون تراخي بعض املؤسسات‬ ‫واقامات سياحية ومصانع ورشكات تم تشييدها‬ ‫يف نزال قانوني مع بعض أهايل معتمدية الهوارية‬ ‫دون التثبت من االخالالت التي ارتكبها‪».‬‬
‫العمومية او حتى تواطؤها يف مواجهة استيالءات‬ ‫بعد احتالل شواطئ يف العديد من املدن‪».‬‬ ‫بسبب تشييد إقامة سياحية بأراض ذات صبغة‬ ‫حاولنا االتصال مرارا بعدنان منرص ملواجهته‬
‫بالجملة عىل امللك العمومي سببا آخر يف استباحة‬ ‫ويؤكد مصدق أنه تم بناء وحدات صناعية‬ ‫اشرتاكية‪.‬‬ ‫بمختلف التجاوزات املنسوبة إليه فلم نتمكن من‬
‫الدولة ويف حرمانها من موارد اضافية يف وقت‬ ‫ومعامل ذات طاقة تشغيلية بآالف العمال يف‬ ‫ويؤكد مصدر بوزارة الفالحة تعمد عيايش‬ ‫الحصول عليه‪.‬‬
‫تعاني املالية العمومية من شح غري مسبوق‪.‬‬ ‫العجرودي‪ ،‬صاحب قناة الجنوبية تغيري صبغة‬

‫جديد “كيا”…‬

‫الشاحنة اخلفيفة ‪K2500‬‬


‫المح ّرك‬ ‫تبلغ‪ 1,5 ‬طن مع وزن شامل بـ‪ 3,2 ‬أطنان‪.‬‬
‫وتساعد قوة دفع العجلتني الخلفيتني (أربع عجالت خلفية)‬
‫أطلقت رشكة “سيتي كارز” الوكيل الرسمي ملاركة “كيا”‬
‫الجنوب كورية بتونس‪ ،‬شاحنتها الخفيفة الجديدة ‪k2500‬‬
‫شاحنة ‪ K2500‬مجهزة بمحرك سعة ‪ 2,5‬لرت (‪)2497cc‬‬
‫مازوط تبلغ قوته ‪.CVDIN 130‬‬ ‫املزدوجتني عىل الوثوق يف الشاحنة وعىل ضمان استقرارها حتى‬ ‫يف إطار وفاء ماركة “كيا” لقيمها ووعودها‪ ،‬تتمتّع‪ ‬الشاحنة‬
‫أمّ ا كتلة املحرك فهي مقرونة بمحوّل رسعة يدوي االستعمال‬ ‫يف حالة الحمولة الزائدة‪.‬‬ ‫الغني عن التعريف والذي‬
‫ّ‬ ‫‪ K2500‬بشهرة الدار املمتازة ونجاحها‬
‫وذي ‪ 6‬نواقل للحركة فيما تبلغ رسعة الشاحنة القصوى ‪150‬‬ ‫ويبلغ طول‪ ‬الشاحنة ‪K2500‬ـ‪ 5,125 ‬أمتار وعرضها ‪1,740‬‬ ‫أثبت جدواه وصالبة شاحناتها‪.‬‬
‫كلم يف الساعة مع معدل استهالك للمازوط بـ ‪ 9,5‬لرتات يف املائة‬ ‫مرت يف حني يبلغ علوّها ‪ 1,995‬مرت وقاعدتها‪ 2,615‬مرت‪ .‬أمّ ا‬ ‫ويأتي إطالق‪ ‬شاحنة ‪ K2500‬التي طاملا انتظرها مستعملو‬
‫كلم‪.‬‬ ‫قياسات فضاء الحمولة فتبلغ ‪ 3,110‬أمتار طوال و‪ 1,630‬مرت‬ ‫الشاحنات الخفيفة استجابة النتظارات وحاجات الحريف‬
‫عرضا‪.‬‬ ‫التونيس‪.‬‬
‫السعر والعرض‬ ‫ويرتكز الجانب الخلفي من الشاحنة عىل خمسة نوابض‬ ‫وتمثل الشاحنة الجديدة وسيلة عمل موثوق بها ومتعدّدة‬
‫شاحنات ‪ K2500‬متوفرة يف قاعة العرض التابعة لـ “سيتي‬ ‫ّ‬
‫وتمتص جانبا من‬ ‫من الصفائح املعدنية التي ّ‬
‫توفر مرونة أفضل‬ ‫االستعماالت وتتكيّف مع هامش واسع من االستخدامات سواء‬
‫كارز” الكائنة باملنطقة الصناعية بالكرم وبقاعات عرض‬ ‫رجّ ات الطريق خالل االستعماالت األكثر كثافة‪.‬‬ ‫بالنسبة للقطاع الصناعي أو األنشطة التجارية أو ما يتعلق‬
‫الوكاالت املعتمدة من طرف رشكة “كيا“‪.‬‬ ‫وعىل صعيد التجهيزات‪ ،‬تحتوي الشاحنة ‪ K2500‬عىل معدّات‬ ‫بميدان اللوجستيك ومهن النقل وإيصال السلع بصفة عامة‪.‬‬
‫وتُعرض الشاحنة ‪ K2500‬املجهّ زة بصفيحة معدنية جانبية‬ ‫ذات مستوى عميل وتوفر رفاهة مثالية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫وتتميّز‪ ‬الشاحنة ‪ K2500‬بخصائص تقنية وبامتيازات ال‬
‫متدلية بسعر ‪ 61.990‬دينارا (‪ )TTC‬وهي متوفرة يف لونني‪:‬‬ ‫خاصة بالسائق ومكيف هواء وبلور نوافذ‬ ‫ّ‬ ‫وسادة هوائية‬ ‫مثيل لها وهي مطروحة يف نموذج بغرفة قيادة ذات ‪ 3‬مقاعد‬
‫األبيض (‪ )Clear White‬واألزرق (‪.)Marine Blue‬‬ ‫كهربائي العمل وراديو ومفتاح تخزين ‪…USB‬‬ ‫وصفيحة معدنية جانبية متدلية‪.‬‬
‫أمّ ا طاقة حمولة الشاحنة فهي كبرية بما فيه الكفاية اذ‬
‫ملزيد املعلومات اتصلوا بنا عىل موقع الواب‪ www.kia.tn – contact@kia.tn :‬أو عىل أرقام الهواتف التالية‪ 36406200 :‬و ‪ 36010701‬و ‪36010710‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪17‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫ّ‬
‫السوق السياسي‬
‫قالوا‬
‫قيس سعيد‬
‫رايت وتمعنت يف عدد من االرقام‬
‫املتعلقة باالموال التي رصفت والتجاوزات‬ ‫السوق السياسي إضافة تسعى «الشارع المغاربي» من خاللها إلى الخوض في الصور التي تُخامر أذهان‬
‫التي حصلت ومازالت تحصل اىل حد‬ ‫التونسيين بشأن سياسييهم وشخصيّاتهم العامّ ة‪ ،‬بهدف متابعة مدى تطوّر أدائهم الملتصق أساسا‬
‫اليوم ‪..‬هذه االنتخابات الترشيعية التي‬ ‫أي توصيف‬ ‫باللحظة الراهنة‪ .‬فليس المغزى من السوق السياسي القيام بتقييم صارم‪ ،‬فالذاتية ركن ركين في ّ‬
‫مولت من الخارج واالحزاب التي تأتيها‬ ‫المتوسط أو حتّى الحسن‪ ...‬دمتم‬
‫ّ‬ ‫ألداء الغير‪ .‬وقد يرقى من رأيناه هنا واآلن حبيسا في مرتبة الرديء إلى عتبة‬
‫اموال من الخارج او من الفاسدين الذين يعتقدون ومازالوا‬ ‫أهال وسهال في سوقنا‪...‬‬
‫انه يمكن لهم ان يفلتوا من العقاب ‪.‬ربما لديكم هذه االرقام‬ ‫✔ الفاهم بن يفهم‬
‫…لن اذكر االسماء النني احرتم القيم وال اريد كما يفعل‬
‫الكثريون التعرض لالشخاص ‪… ..‬شخص واحد تحصل‬
‫عىل مليار و‪ 100‬الف دينار‪ ..‬و ‪ 980‬الف دينار هذه موثقة‬
‫رديء‬ ‫حسن‬
‫عندي وبالتاكيد تعلمونها ‪..‬اموال الشعب املفقر البائس‬ ‫منظومة التص ّرف في النفايات‬ ‫محكمة المحاسبات‬
‫‪..‬اموال الشعب الذي ال يجد حتى الدواء ومع ذلك ترصف‬
‫هذه االموال لعدد من االشخاص النهم قالوا انها تعويضات‬ ‫ما تعيش عىل وقعه مدينة صفاقس من اختناق بآالف االطنان من‬ ‫ليس من املبالغة يف يشء التأكيد عىل أن محكمة املحاسبات كانت من‬
‫او تحت اي عنوان كان‬ ‫النفايات منذ أكثر من أسبوع ليس سوى عينة أخرى عن فشل منظومة‬ ‫بني اكثر االجهزة التي ح ّررت ثورة ‪ 2011‬هياكلها‪.‬‬
‫نور الدين الطبوبي‬ ‫الترصف يف النفايات عىل مدى عقود‪.‬‬ ‫فقد أتاحت لها املتغريات الحاصلة يف تونس التخلص من التعتيم‬
‫تعيني نجالء بودن رئيسة حكومة‬ ‫وبقدر تنوع النفايات بني منزلية وصحية وكيميائية خطرية وسائلة‬ ‫املفروض عىل أشغالها‪ ،‬فظهرت تقاريرها اىل العلن ونرشت أعمالها‬
‫يعد وسام رشف لكل التونسيات‬ ‫وصلبة‪ ،‬تتفرق حوكمة ومراقبة القطاع والترصف فيه بني أكثر من هيكل‬ ‫الرقابية عىل املؤسسات واملنشآت العمومية وعىل الترصف يف املال العام‬
‫والتونسيني ورسالة مهمة للخارج قبل‬ ‫عمومي وخاص‪.‬‬ ‫أينما وجد‪.‬‬
‫الداخل‬ ‫من بني املؤسسات العمومية املتدخلة يف القطاع نجد الوكالة الوطنية‬ ‫كما انضافت اىل املهام املوكولة للمحكمة ادورا جديدة من بينها مراقبة‬
‫ال يمكن لهذا التعيني أن يصبح‬ ‫للترصف يف النفايات والديوان الوطني للتطهري والوكالة الوطنية لحماية‬ ‫تمويل الجمعيات واالحزاب وخاصة مراقبة تمويل الحمالت االنتخابية‪.‬‬
‫محل مزايدات او نفاق واألهم الذي ينتظره التونسيون هو‬ ‫املحيط ووكالة حماية وتهيئة الرشيط الساحيل والبلديات‪.‬‬ ‫يكفي االطالع عىل عرشات التقارير السنوية والدورية التي تنرشها‬
‫الصورة التي سترتسخ حول رئيسة الحكومة وما سترتك‬ ‫محكمة املحاسبات تلقائيا عىل موقعها االلكرتوني ملعرفة طرق انفاق‬
‫وتشتغل يف تجميع النفايات وردمها والترصف فيها عديد الرشكات‬
‫من أثر إيجابي وهل ستكون رئيسة حكومة أم وزيرة أوىل‬ ‫االموال العمومية يف أي قطاع والوقوف عىل مختلف اخالالت الترصف‬
‫الخاصة عىل رأسها رشكتان أجنبيتان (واحدة فرنسية وأخرى ايطالية)‬
‫أم موظفة سامية أم امرأة بشخصية قوية تستطيع اتخاذ‬ ‫والتجاوزات املرتبطة بإدارة االموال العمومية‪.‬‬
‫تسيطران عىل حوايل ‪ 70‬باملائة من الصفقات العمومية الخاصة بالترصف‬
‫القرارات بصفة مستقلة حتى تقدم للعالم بأرسه الصورة‬ ‫بمقتىض هذه التقارير لم تعد حوكمة األموال العمومية ملفا مسكوتا‬
‫يف املصبات‪.‬‬ ‫عنه أو محجوبا عىل التونسيني‪ ،‬بل أصبح للمعطيات املنشورة دور أسايس‬
‫الحقيقية للمرأة التونسية ‪...‬ال يمكن انتظار املستحيل من‬
‫وتنتمي إحدى هذه الرشكات األجنبية إىل مجمع دويل يشتبه يف ضلوعه‬ ‫يف مراقبة املترصفني واملحاسبني العموميني ومساءلة اإلدارة‪.‬‬
‫رئيسة حكومة يف ظرف دقيق ويف ظل تعقيدات كبرية ولكن‬
‫يف ارتكاب جرائم بيئية خطرية يف أوروبا وافريقيا‪ ،‬وفق صحف ايطالية‬ ‫راقبت محكمة املحاسبات تمويل الحمالت االنتخابية منذ انتخابات‬
‫نريدها ان تنجح ونريدها إمرأة قوية تمارس قناعاتها‬
‫وفرنسية‪.‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2011‬اىل حدود االنتخابات الرئاسية والترشيعية لسنة ‪،2019‬‬
‫قادرة عىل حل امللفات الشائكة التي تنتظرها‪.‬‬
‫ومن أالف اطنان النفايات فاحت مؤخرا روائح فساد تزكم األنوف‬
‫عبير موسي‬ ‫وحامت عديد الشبهات حول حرق وإغالق مصب برج شاكري يف أواخر‬
‫فتمرس قضاتها وراكموا التجارب واملهارات وتعاطوا مع ملفات ملغمة‬
‫رئيس الجمهورية قال انه مع‬ ‫وموقوتة‪ ،‬تمس املشهد السيايس وتكشف ضلوع نواب ورؤساء احزاب‬
‫‪ ،2019‬وقبل ذلك اقرتن غلق مصبي عقارب يف صفاقس وجربة يف مدنني‬ ‫ومرشحني للرئاسة يف الحصول عىل تمويالت غري مرشوعة او االستفادة‬
‫الشعب الذي رفع شعار حل الربملان واىل‬
‫بتجاوزات شتى ثم طفت عىل السطح فضيحة استرياد نفايات ايطالية يف‬ ‫من التمويل االجنبي املمنوع قانونا أو رشاء االصوات االنتخابية‪.‬‬
‫اليوم لم يبادر بحل الربملان واقترص عىل‬
‫قرار حرمان النواب من الشهرية وهذا‬ ‫ديسمرب ‪ 2020‬بمدينة سوسة‪ ،‬مما تسبب يف إعفاء وزير البيئة وإيداعه‬ ‫ورغم خطورة الجرائم املالية التي عرتها تقارير املحكمة لم تخلص‬
‫سيترضر منه الزوايل فقط وسمح بذلك للغنويش بان يرتع‬ ‫السجن رفقة عدد من املسؤولني‪ .‬فساد حوّل مراقبي ومتفقدي وزارة‬ ‫اعمالها الرقابية عىل تمويل االنتخابات اىل محاسبة الضالعني‪ ،‬جراء طول‬
‫فيه فالسيادة للشعب عرب االنتخابات وليس برشعية‬ ‫الشؤون املحلية والبيئة اىل رجال مطافئ‪ ،‬ال ي يكادون ملفا حتى‬ ‫اجراءات التقايض املنظمة حسب قانون االنتخابات مما يستوجب التعجيل‬
‫الحقد والتجييش‪ ....‬الوضع يف تونس بعد ‪ 25‬جويلية‬ ‫يداهمهم ملف اخر فينشغلوا بالثاني عن األول وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫بتنقيح هذا القانون حتى ال يكون االفالت من العقاب قدرا محتوما عىل‬
‫يزداد خطورة والعزلة الدولية ليست من مصلحة تونس‪.‬‬ ‫الالفت يف منظومة الترصف يف النفايات التونسية انها بقيت تدور‬ ‫املشهد السيايس‪.‬‬
‫ال غرابة إذن أن يطالب اتحاد قضاة املحكمة برضورة تدعيم صالحيات‬
‫يوسف الصديق‬ ‫يف حلقة مفرغة من عمليات ردم عفى عنها الزمن وباتت تهدد املائدة‬
‫املائية وتمس من البيئة بينما ال تزال مصطلحات من قبيل تثمني النفايات‬ ‫محكمتهم يف كل املجاالت املتعلقة بحماية املال العام وبمشاركتهم كقضاة‬
‫الشعبوية هي استغالل مشط‬
‫واالقتصاد الدوار مجرد سفسطة ولغو سيايس ورسمي لالستهالك‬ ‫يف القطب القضائي االقتصادي واملايل وباسرتاجع صالحياتها يف مراقبة‬
‫لعواطف واحاسيس الناس ومزاجاتهم‬
‫اإلعالمي‪.‬‬ ‫تضارب املصالح لكشفها وزجر مرتكبيها‪.‬‬
‫وهذه املعادلة يف السياسة ال تحتمل اتخاذ‬
‫طريق شهوة حاربها الشعب بمفهوم‬
‫سيايس ‪..‬يمكن لهذه الشهوة ان ترض برئيس الجمهورية‬ ‫صورة تتحدث‬
‫وترض بمساره هو كرئيس دولة وكسيايس…موسوليني‬
‫وهتلر وصال للحكم ديمقراطيا بالنظر الحاسيس الشعب‬
‫وغضبه…استغال ذلك كمفهوم لقيادة الجماهري وانقيادهم‬
‫ليصبحوا قطيعا وهذا ما اخاف ان يقوم به قيس سعيّد…‪.‬‬
‫التاريخ أثبت أن الشعبوية عاد ًة ما تؤدي إىل الفاشية‪.‬‬
‫زهير المغزاوي‬ ‫قد يخطئ المرء‬
‫هذا رجل وطني يمكن ان تكون له‬
‫إن ظن أن االستاذ‬
‫اخطاء او سوء تقدير يف بعض املسائل‬
‫محمد القوماني‬
‫لكن لو اراد ان يبيع ويشرتي مع هؤالء‬
‫السمارسة ومع راشد الغنويش لباع‬ ‫في «الباڤة» يعني‬
‫واشرتى ولكان عىل العني والرأس لكن‬ ‫الحافلة المعدة‬
‫قيس سعيد اختار طريق الشعب واختار ان ينتقل من هذه‬ ‫لنقل المساجين‪،‬‬
‫الديمقراطية الفاسدة ومن الدولة التي كادت ان تنحل اىل‬ ‫فقط هو في حماية‬
‫دولة الشعب والديمقراطية السليمة‪.‬‬ ‫األمن من سخط‬
‫حسونة الناصفي‬ ‫أنصار قيس‬
‫«ال أظن أن السيد رئيس الربملان‬ ‫سعيد من أهالي‬
‫سيبقى مكتوف األيدي أمام جحافل‬ ‫باردو عليه‪..‬‬
‫الطوفان التي نزلت اليوم مساندة‬
‫لقرارت اإلنقالبي قيس سعيد كلنا ثقة‬
‫يف شخصيته الوازنة الدولية لرد اإلعتبار‬
‫لروح الثورة ومكتسبات الديمقراطية «‬
‫صورة «موزاييك»‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪18‬‬ ‫أحداث ووثائق تاريخية تعرف ألول مرة‬

‫السنة الشهباء‬
‫إعداد ‪ :‬محمد فوزي المستغانمي أستاذ وباحث في التاريخ‬
‫وصغارهم حفاة عراة‪ ،‬مبيتهم شوارع الحارضة‬ ‫عاشت تونس خمس سنوات يف حالة انهيار كيل‬
‫امللوثة بفضالتهم فشا فيهم املوت بالطرقات‪ .‬ففي‬ ‫للدولة وذلك فيما بني ‪ 1864-1869‬وهي سنوات‬
‫كل صباح ترى النعوش غادية رائحة باملوتى إىل‬ ‫مظلمة يف تاريخ تونس تخللتها ازمات متنوعة يف‬
‫املارستان‪ .‬وصار عدد من يمــــــوت منهم يف‬ ‫جذورها متفاعلة يف تأثرياتها‪ ،‬اعجزت محاولة خري‬
‫اليوم زهاء مائة‪....‬‬ ‫الدين االصالحية‪.‬‬
‫وتعفنت البالد بكثرة أنفاسهم وفضالتهم‪،‬‬ ‫كانت محاوالت اإلصالح األوىل زمن احمد باي‬
‫ومرضاهم باألزقة‪ ،‬واألطباء يحذرون من ذلك‪،‬‬ ‫بذرة لغرس مرشوع البحث عن السبل التي من‬
‫وينذرون بوقوع مرض‪ ،‬وقد وقع‪ ،‬وهو حمى العفن‬ ‫شأنها التقليص من الفوارق التي بدأت تتسع بني‬
‫التي لم تزل إىل سنة خمس وثمانني (‪.... )1868‬‬ ‫مستوى عيش البالد وامكانياتها وبني ما كان يعيشه‬
‫وأمر الباي بجعل هؤالء املساكني الحفاة العراة يف‬ ‫الغرب من ثورة علمية وتقنية‪.‬‬
‫معارص الزيتون لفراغها‪ ،‬يقيهم سقفها من الربد‪...‬‬ ‫التوغل الرأسمالي األوروبي‬
‫فكثرت فيهم املوتى من ظلمتها ونتنها وكثرة‬ ‫رغم النجاح النسبي لهذه املحاوالت االصالحية‬
‫أنفاسهم بها واختالط املرىض مع األصحاء‪....‬‬ ‫السيما عىل املستوى التعليمي‪ ،‬كانت نتائجها اقرب‬
‫وملا تفاقم الحال وكثرت املوتى يف الحارضة بحمى‬ ‫للفشل بل ان تذبذب الخيارات السياسية سارع من‬
‫العفن التي أنكت يف الحارضة مثل الكولرية‪ ،‬ظهر‬ ‫نسق التوغل الرأسمايل املرتبط بالثورة الصناعية‬
‫للباي‪...‬أن يوجه هؤالء املساكني إىل ما بقي من أبنية‬ ‫األوروبية‪ ،‬فأتت االصالحات املفروضة ذات الطابع‬
‫املحمدية‪ ،‬فساقتهم إليها عصا الضبطية ومات منهم‬ ‫السيايس والقانوني والتنظيمي بما يف ذلك عهد‬
‫يف الطريق من مات‪ ،‬وبقيت أجسامهم املكرمة طعمة‬ ‫األمان ‪ 1857‬والدستور ‪ 1861‬وتأسيس املجالس‬
‫بن املوت يف الحارضة‬ ‫للوحوش والطيور‪....‬وال تَحْ َس ّ‬ ‫وأساسا املجلس الكبري الذي كان بمثابة الربملان‬
‫فقط‪ ،‬بل هو يف بلدانها وقبائل عُ ربانها ال سيما يف‬ ‫صورة وهاجة ملرحلة اثارت اهتمام القوى االوروبية‬
‫الجهة الغربية أشد وأكثر‪ .‬وعند العقالء من الناس‬ ‫والدارسني‪ ،‬وقد رافقتها مشاريع صناعية ومبادرات‬
‫أن هذه اإليالة مات النّصف من أهلها يف هذه السنة‪.‬‬ ‫أوروبية استفادت القوانني املنظمة الجديدة للدفع‬
‫وقال يل بعض عقالء العرب من أهل الخربة» مات‬ ‫بسياسة التغلغل الرأسمايل الذي أفىض إىل التداين‬
‫الثلثان وبقي الثلث»‪...‬حتى عجزوا عن الحفر ملواراة‬ ‫الذي ما فتئ يتضخم‪ ،‬ويهدد استقاللية البالد‪.‬‬
‫املوتى فصاروا يجعلونهم يف مطامري خزن الحبوب‬ ‫امام هذه املأزق االقتصادي عملت الدولة عىل‬
‫لفراغها‪ ،‬دون ما تأكله الوحش والكالب‪ ».‬‬ ‫تفعيل اكثر ما يمكن سياسة استنزاف ثروة السكان‬
‫االنقالب على السلطة‬ ‫باعتماد كل اآلليات املمكنة‪ ،‬منها أساسا التنويع يف‬
‫لم تكن األوضاع التي عاشتها البالد عىل املستوى‬ ‫الرضائب والرتفيع فيها إىل جانب البحث عن األموال‬
‫االقتصادي واالجتماعي والصحي بمعزل عن‬ ‫السهلة املتمثلة يف القروض‪ ،‬السيما فيما بني ‪1863‬‬
‫األوضاع السياسية فقد ظهرت يف خضم هذه االزمة‬ ‫‪.1865 -‬‬
‫محاولة لالنقالب عىل السلطة حيث وصلت األخبار‬ ‫ترادفت القروض‪ ،‬القرض من اجل خالص‬
‫إىل الباي بالتجاء أخيه محمد العادل باي إىل جبال‬ ‫محمد الصادق باي‬ ‫اآلخر‪ ،‬وأمام مطالبة املقرضني بأموالهم لجأت الدولة‬
‫خمري بالشمال الغربي‪ ،‬حيث اجتمعت حوله بعض‬ ‫عليه تقارير الضبطية بمرض الوقت وقد قىض‬ ‫وأخريا االعتداء عىل عفاف النساء بمرأى ومسمع من‬ ‫إىل مضاعفة رضيبة املجبى من ‪ 36‬رياال إىل ‪72‬‬
‫القبائل‪.‬‬ ‫عىل ما بني نصف سكان البالد وثلثيهم من مجموع‬ ‫آبائهن أو أزواجهن املصفدين يف األغالل»‪ .‬‬ ‫رياال‪ ،‬فكانت انتفاضة القبائل التي سميت بانتفاضة‬
‫وتطارح افراد العائلة الحاكمة املسألة يف اجتماع‬ ‫عيل بن غذاهم يف أفريل ‪ .1864‬كانت الفوىض عارمة‬
‫دعاهم اليه الصادق باي واتفقوا عىل ان الصغر وقلة‬
‫سكان البالد (الذي يقدر بحوايل ‪ 1.1‬مليون نسمة‬ ‫السنة الشهباء‬ ‫لم تشمل االعتداء عىل قوات الباي وممثيل سلطته‬
‫اضافة بعض عرشات اآلالف) حسب تقديرات‪ .‬‬ ‫لم تتوقف املحن عند انعكاسات انتفاضة بن‬
‫ذات اليد هما ما دفعا بأخيه العادل اىل ما اقدم عليه‬ ‫وامتد هذا الوباء مجاليا عىل كامل البالد بمدنها‬ ‫فقط وإنما شملت انتشار االغارات بني القبائل يف‬
‫غذاهم بل تلتها سنوات عجاف تزامنت مع قروض‬
‫مع تحريض بعض األطراف وهو ما زاد األوضاع‬ ‫وبواديها وكانت التقارير تفد السلطة املركزية يوميا‬ ‫كل االتجاهات املقرتنة بالفوىض التي تتزامن مع‬
‫جديدة لم تستثمر يف سياسة قد تنعش االقتصاد‬
‫توترا السيما وان دائرة الشكوك شملت مجموعة‬ ‫تحيص عدد األموات وتحدد اتساع انتشاره‪ ،‬فاجتمع‬ ‫االنتفاضات غري املربمجة والفاقدة لقيادة عملية‬
‫فقد تتالت السنوات العجاف فكان الجفاف والقحط‬
‫من القيادات العسكرية املتواطئة مع الباي الثائر‬ ‫عىل الناس املغارم واملجاعة وتفيش الوباء‪ .‬ونظرا‬ ‫وفعلية وقد رافقت سياسة اخمادها من قبل سلطات‬
‫خالل سنوات ‪ 1866 - 1865‬و‪ 1867‬ورافقها‬
‫حيث بادر الباي باعتقال اثنني منهما وهما إسماعيل‬ ‫لجحم الكارثة وعجز الدولة عىل الحد من االنتشار‬ ‫محمد الصادق باي وبقيادة مبارشة من مصطفى‬
‫زحف الجراد‪ ،‬ليقيض عىل ما تبقى من القوت وأفرغ‬
‫السني صاحب الطابع وهو صهر الباي‪ ،‬والجنرال‬ ‫والتحّ كم يف الوفيات‪ ،‬رغم كونها عملت يف اطار‬ ‫خزندار الوزير األكرب والجنراالت املتخرجني من‬
‫خزائن الدولة عالوة عىل مخزون العولة لدى األثرياء‬
‫رشيد قائد العسكر التونيس يف حرب القرم (‪1854‬‬ ‫سياسة التوقى ومحارصة انتشار الوباء أو ما نسميه‬ ‫مدرسة باردو الحربية‪ .‬فشنت الحمالت عىل القبائل‬
‫ففي رسالة من أرملة املشري األول أحمد باشا باي‬
‫‪ )1856 -‬وهما من خرية القيادات العسكرية‪،‬‬ ‫اليوم الحجر الصحي بعزل املبوئني يف معارص‬ ‫الستخالص املجبى واملغارم املرتتبة عن رفض دفعها‬
‫نلمس اتساع تأثري االزمة حتى عىل بعض افراد‬
‫وأمر بقتلهما دون محاكمة وهو ما أثار جدال حول‬ ‫الزيتون أو إبعادهم إىل ما بقي قائما من أبنية‬ ‫منذ سنة ‪ 1864‬وآلت اىل استصفاء ما تبقى لدى‬
‫العائلة الحاكمة «وكما تعلم سيدي اآلن الزال لم عندنا‬
‫صحة االتهامات يف صفوف رجال الدولة والقيادات‬ ‫ضاحية املحمدية التي تبعد ‪ ‬عن الحارضة بعرشين‬ ‫السكان من ممتلكات‪.‬‬
‫يشء وكنا ارسلنا للسيادة جواب قبل هذا يف قلت‬
‫العسكرية بما يف ذلك الجنرال خري الدين وقد عرب‬ ‫كيلومرتا حيث تُرك الناس هناك يواجهون أقدارهم‪.‬‬ ‫وقد أطلق الباي أثناء هذه العملية يد أعوانه ومن‬
‫االجور وال ثمة خالص ومتنا بالرش ال قمح وال سمن‬
‫قنصل فرنسا عن استيائه وقدّم احتجاجا رسميا‬ ‫وقد حدثنا ابن أبي الضياف يف نص هو األكثر‬ ‫اشهرهم أحمد زروق بجهة الساحل وقد أثار سلوك‬
‫وال زيت وال دراهم وكل يشء فيه الصرب اال املعيشة‬
‫حول املسألة‪.‬‬ ‫تعبريا عن عمق االزمة وفداحة انعكاساتها إىل درجة‬ ‫هذا الجنرال حفيظة امللحق العسكـري الفرنيس‬
‫لم فيها صرب واحنا لم عندنا احد اال الله ثم السيادة‬
‫لقد كانت السنوات الخمس التي امتدت من‬ ‫توصيفها بالسنة الشهباء حيث يقول ‪ ...« :‬ويف هذا‬ ‫الذي كتب اىل القنصل الفرنيس دي بوفال واصفا‬
‫والله وتالله وبالله اذا تعشينا لم نفطر وعارنا عليكم‬
‫انتفاضة عيل بن غذاهم اىل فرض الكوميسيون املايل‬ ‫الشهر من هذه السنة ‪ )1867( 1284‬الشهباء‪،‬‬ ‫ما ح ّل بأهل املنستري قائال ‪« :‬إن واجبي يفرض‬
‫وخالص التذاكر ليس بهم خالص وكما تعلم سيدي‬
‫سنة ‪ 1869‬سنوات مظلمة يف تاريخ تونس الحديث‬ ‫أفعمت السيول من كل جهة بالعربان عىل اختالف‬ ‫عيل أن أحيطكم علما بالغطرسة املنافية لكل مبادئ‬
‫اآلن ليلة موسم ال لنا القليل وال الكثري وال لنا ملجأ اال‬
‫حيث عاشت البالد تحت وطأة كوارث متنوعة منها‬ ‫قبائلهم الذين بيعت عليهم يف املغارم أقواتهم‬ ‫االنسانية التي يستعملها الجنرال زروق يف تطبيق‬
‫الله ثم السيادة ودمتم ودامت لكم السعادة والسالم‬
‫أزمات ذات طابع تقليدي مثل األوبئة واملجاعات‬ ‫وأنعامهم‪ ،‬حتى خيام مساكنهم والتصقوا بالرتاب‬ ‫األوامر الصادرة له من الباي‪ .‬فهو يعمد لتجريد‬
‫من الحرة منانة عيال املرحوم سيدي احمد باشا برد‬
‫ومنها أزمات ذات طابع عرصي مرتبط بعجز‬ ‫تحت أديم السماء مع حمر الحواصل من ذراريهم‪.‬‬ ‫األهايل مما يملكون وللتنكيل بالشيوخ وبالعجز‬
‫الله رضيحه يف الجنة يف ‪2‬ربيع االنور ‪1285/22‬‬
‫االقتصاد املحيل عىل مجاراة القوة املالية والتقنية‬ ‫وغصت بهم شوارع الحارضة‪ ،‬ولم تغنهم الصدقات‬ ‫وبالنساء‪....‬ويغتصب منهم الخطايا التي يفرضها‬
‫جوان ‪.»1868‬‬
‫للرأسمالية األوروبية هذا دون ان ننىس بأن خالل‬ ‫من أهلها‪ ،‬لفقرها‪ .‬وتفرقوا عىل املزابل‪ ،‬يلتقطون‬ ‫عليهم بعد أن يدخلهم لغيابات السجون ويضع يف‬
‫إىل جانب هذه الكوارث الطبيعية انترش وباء‬
‫هذه السنوات الخمس كانت البالد تعيش تحت وطأة‬ ‫منها الحشيش‪ .‬وتكدر عيش السكان من سؤالهم عىل‬ ‫أرجلهم األغالل ويرهق أجسادهم برضب العيص‪....‬‬
‫مدمّ ر بلغ ذروته سنة ‪ 1867-1868‬وهي التي‬
‫انهيار الدولة حيث تم حل الربملان (املجلس الكبري)‬ ‫األبواب‪ ،‬وحنت عليهم قلوب الوافدين من النصارى‬ ‫ومن جملة وسائل الشدة التي يستعملها يجدر بي‬
‫تشكل سنة شهباء يف الذاكرة الجمعية حيث عم وباء‬
‫وإلغاء العمل بالدستور وحل الحكومة بأمر من‬ ‫وأكثروا من الصدقة عليهم‪ .‬وملــا هجم الربد‪ ،‬وهم‬ ‫أن أشري ملصادرة املكاسب والتعذيب الذي يصل حد‬
‫حمّ ى العفن أو الكولريا أو الهيضة أو كما اصطلحت‬
‫قنصل فرنسا وقائد بحريتها يوم ‪ 30‬أفريل ‪.1864‬‬ ‫املوت أو السقوط البدني وانتهاك حرمة املنازل‪...‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪19‬‬
‫الشارع العالمي والعربي‬
‫‪19‬‬

‫احللف االسرتاتيجي‬
‫األمريكي‪-‬الربيطاين‪-‬االسرتايل‬
‫يستهدف الصني وينهي «الناتو»‬
‫غواصة أمريكية نووية‬
‫ممالثة ّلتي سيتم تزويد‬
‫اسرتاليا بها‬

‫الحبيب القيزاني‬
‫االسرتاتيجية املبنية عىل سياسة استباق املخاطر والتسبّب يف‬ ‫«فورين بولييس» أن غضب فرنسا «ين ّم عن نفاق صارخ بالنظر‬ ‫أثار االعالن عن حلف عسكري جديد يض ّم كالّ من‬
‫انحسار دورها الريادي بالعالم‪ .‬كما ترى واشنطن أن القارة‬ ‫اىل تاريخ باريس يف بيع األسلحة رغم اعرتاضات حلفائها»‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا واسرتاليا تحت اسم‬
‫األوروبية أصبحت «غري قابلة لإلدارة» وأن «الناتو» تحوّل اىل نمر‬ ‫وذ ّكرت املجلة باألزمة التي حدثت بني واشنطن وباريس يف عهد‬ ‫«أوكوس» ردود فعل عديدة من طرف دول االتحاد األوروبي‬
‫من ورق بعدما نجحت روسيا يف استعادة قدرات عسكرية تجعل‬ ‫الرئيس أوباما بسبب تشبث فرنسا آنذاك ببيع حاملتي هليكوبرت‬ ‫ولكن أيضا وأساسا من طرف الصني وروسيا‪ .‬واذا كان‬
‫أي هجوم عليها انتحارا‪.‬‬ ‫من نوع «ميسرتال» اىل روسيا اليشء الذي رأت فيه أمريكا منح‬ ‫ثابتا أن الحلف الجديد يمثل ردّا عسكريا انغلو‪-‬أمريكي عىل‬
‫الحقيقة الرابعة أن حلف «أوكوس» يشكل يف جوهره انقالبا‬ ‫بوتني جائزة عىل تدخل بالده يف شبه جزيرة القرم قبل أن تلغي‬ ‫مشكلة اقتصادية طرفها الصني فإن الوارد انه قد يتسبب يف‬
‫يف التحالفات الغربية هدفه يف النهاية االعداد لخوض حرب شاملة‬ ‫باريس الصفقة‪ .‬وأضافت املجلة أن األمريكان واالنقليز لم يغفروا‬ ‫حرب باردة‪-‬ساخنة جديدة وما تحمل من مخاطر مواجهة‬
‫مع الصني ربّما يتم خاللها اللجوء اىل السالح النووي‪.‬‬ ‫لفرنسا أيضا عقد صفقة مع الربازيل عام ‪ 2009‬لتمكينها من‬ ‫عسكرية كربى بني الحلف الثالثي والعمالق الصيني الذي‬
‫بناء غواصة هجومية تعمل بالدفع النووي مؤكدة أن واشنطن‬ ‫ترفض واشنطن رؤية اخرتاقاته االقتصادية والتكنولوجية‬
‫قوة نووية ضاربة تحت الماء‬ ‫ولندن اعتربتا ذلك تزكية لتسلل نفوذ مجموعة الربيكس (الربازيل‬ ‫والعسكرية تهدّد زعامتها يف العالم وترص عىل أن يكون‬
‫ويف هذا الصدد وتحت عنوان «جو بايدن يطلق املارد النووي‬ ‫وروسيا والصني وجنوب افريقيا) اىل منطقة يعتربها االمريكان‬ ‫القرن ‪ 21‬قرنا أمريكيا تماما مثلما كان الشأن بالنسبة‬
‫من قمقمه» كتبت صحيفة «املانفستو» االيطالية بعددها ليوم‬ ‫حديقتهم الخلفية عىل أساس أن السماح بحصول الربازيل عىل‬ ‫للقرن الـ‪ .20‬لكن ماذا عن روسيا واالتحاد االوروبي؟‬
‫‪ 21‬سبتمرب املنقيض‪« :‬لم يكن الخطاب املعلن عن اقامة حلف‬ ‫غواصة هجومية (تحمل اسم أس‪.‬أس الفارو ألربتو) ال يعد اخالال‬
‫‪ AUKUS‬سوى نسيج من األكاذيب‪ .‬فالغواصات األمريكية التي‬ ‫بالوضع الجغراسرتاتيجي يف املنطقة فحسب وانّما يمثل اصطفافا‬ ‫تسبب الغاء صفقة الغواصات الفرنسية مع اسرتاليا يف غضب‬
‫ستتس ّلمها اسرتاليا مربمجة لحمل رؤوس نووية وال يمكن لإلنكار‬ ‫وراء غريمة بريطانيا‪ ،‬األرجنتني نظرا لدعم الربازيل مطلب عودة‬ ‫باريس ويف أزمة ديبلوماسية مع واشنطن وكامبريا اىل درجة‬
‫االسرتايل حجب االعداد لحرب نووية يف منطقة املحيطني الهندي‬ ‫جزر املالوين (فاكالند) اليها والتي خاضت بسببها لندن عام‬ ‫وصف معها وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان ذلك بـ‬
‫والهادئ‪.‬‬ ‫‪ 1982‬حربا السرتجاعها بعدما قامت بيونس ايرس آنذاك بضمها‬ ‫«طعنة يف الظهر» وأدى اىل سحب باريس سفريها بالعاصمتني‬
‫فقد أعلن الرئيس بايدن عن ميالد «أوكوس» كرشاكة‬ ‫اىل البالد‪.‬‬ ‫االمريكية واالسرتالية قبل الرتاجع عن هذه الخطوة اثر اتصال‬
‫اسرتاتيجية‪-‬عسكرية بني الواليات املتحدة وبريطانيا واسرتاليا‬ ‫الحقيقة الثانية ان قيام حلف «أوكوس» يمثل نوعا ما بديال‬ ‫جو بايدن هاتفيا بنظريه الفرنيس ماكرون‪ .‬ذلك أن وراء استبدال‬
‫مشدّدا عىل «رضورة ضمان سلم واستقرار دائمني باملحيطني‬ ‫عن حلف «الناتو» أي أنه يأتي يف النهاية امتدادا لقوة «أفريكوم»‬ ‫الصفقة بأخرى أمريكية مجموعة من الحقائق التي يجب الوقوف‬
‫الهندي والهادئ» وهي منطقة تمت ّد حسب املفهوم الجغراسيايس‬ ‫بما يعني أن أمريكا يف طريقها اىل التخيل عن أوروبا باعتبارها‬ ‫عندها‪.‬‬
‫لواشنطن من الساحل الغربي للواليات املتحدة اىل شواطئ الهند‪.‬‬ ‫قارة ال يُعوّل عليها يف مجابهة ما تعتربه واشنطن تحديات‬ ‫حلف جديد؟‬
‫أمّ ا هدف هذه «املهمّ ة االسرتاتيجية» فهو «مواجهة تهديدات القرن‬ ‫جغراسرتاتيجية عاملية جديدة ناتجة عن التمدّد االقتصادي‬ ‫أوىل الحقائق أن األمر يتعلق بمعاهدة دفاع جديدة ضمت‬
‫‪ 21‬تماما مثلما فعلنا خالل القرن الـ ‪ »20‬حسب كالم بايدن‪.‬‬ ‫والعسكري الصيني ومن ورائه الرويس ترى انه يهدّد سيادتها‬ ‫هذه املرة تحالفا ثالثيا أمريكيا‪-‬بريطانيا – اسرتاليا (أوكوس)‪.‬‬
‫وهذه اشارة واضحة اىل الصني وروسيا‪ .‬فـ»لدرء تهديدات تتزايد‬ ‫عبت أكثر من مرة خالل‬ ‫عىل العالم‪ .‬وقد سبق لواشنطن ان ّ‬ ‫ويف هذا الصدد لم يكن سبب غضب فرنسا اقتصاديا يتعلق‬
‫برسعة» يطلق حلف أوكوس «مرشوعا أساسيا» تساعد بمقتضاه‬ ‫العقود املاضية عن غضبها من تلكئ فرنسا وأملانيا أساسا من‬ ‫بفقدانها صفقة بمليارات الدوالرات صناعتها العسكرية يف ّ‬
‫أمس‬
‫واشنطن ولندن اسرتاليا عىل امتالك «غواصات تعمل بدفع نووي‬ ‫االنخراط يف الحروب التي أعلنتها عىل العراق وأفغانستان وسوريا‬ ‫الحاجة اليها فحسب وإنما ألنها رأت فيها إبعادا لها عن التحالف‬
‫وتحمل اسلحة غري تقليدية»‪.‬‬ ‫بالخصوص‪.‬‬ ‫العسكري الغربي (الناتو) الذي انساقت اليه دبلوماسيتها بعدما‬
‫وأضافت الصحيفة ‪« :‬جاء أوّل ر ّد فعل عىل الحلف الجديد من‬ ‫ثالث الحقائق أن بعث حلف «أوكوس» جاء بعد انسحاب‬ ‫كان ديغول يرفض اقحام بالده فيه كليا بسبب احتكار واشنطن‬
‫فرنسا اذ هي خرست بسببه صفقة بـ‪ 90‬مليار دوالر كانت قد‬ ‫بريطانيا من االتحاد األوروبي بما يوحي بأن انشاءه كان مخططا‬ ‫قيادته تخطيطا وتنفيذا‪ .‬فباريس ترى أن الحلف الجديد انغلو‪-‬‬
‫عقدتها مع اسرتاليا لتزويدها بـ‪ 12‬غواصة هجومية تقليدية من‬ ‫له من قبل وبأنه لم تكن لدى واشنطن ولندن قناعة تامة بأن‬ ‫ساكسوني بحت لكنها تتجاهل يف نفس الوقت أن أحد دوافع‬
‫نوع «ب ّراكودا»‪ .‬وقد حجب الرتكيز سياسيا واعالميا عىل الغضب‬ ‫األوروبيني سيقبلون االنضمام اليه والدخول يف مغامرة مواجهة‬ ‫ذلك سعيها مع املانيا اىل بعث قوة أوروبية مستقلة ينظر اليها‬
‫الفرنيس وعىل األزمة التي نشأت بني باريس وواشنطن تداعيات‬ ‫عسكرية مع الصني‪.‬‬ ‫االمريكان بعدم الرضاء‪ .‬ومن هذه الزاوية جاء الحلف الجديد‬
‫مرشوع الحلف الجديد‪.‬‬ ‫وترى واشنطن أن «عنطزة» فرنسا وأملانيا تعرقل مخططاتها‬ ‫كنوع من معاقبة أوروبا عىل هذا الطموح‪ .‬لذلك اعتربت مجلة‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪20‬‬
‫‪20‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬
‫غياب للبرش – واألمريكيني خاصة – عن موارد الثروة والغنى‪.‬‬ ‫النفوذ الصيني املتزايد يف العالم والذي ترى فيه أمريكا تهديدا‬ ‫وقبل كل يشء من السذاجة التصديق بأن الواليات املتحدة‬
‫وبالطبع كان اتجاه آسيا عرب املحيط الهادئ هو األفق املفتوح‬ ‫لسيطرتها عىل العالم‪.‬‬ ‫وبرطانيا ستمدّان اسرتاليا بغواصات تقليدية اذ أن ذلك يتناقض‬
‫ينتظر‪ ،‬ألن الواليات املتحدة لم تجهّ ز بعد ألوروبا وألن املهاجرين‬ ‫آكلة االمبراطوريات‬ ‫مع قرار تمكينها من احدث التكنولوجيات لبناء ما ال يقل عن ‪8‬‬
‫خفت ولم تتالش مع السنني – ظلوا واعني‬ ‫بموروث ذكريات – ّ‬ ‫إلدراك دوافع إرصار واشنطن عىل مواجهة امل ّد الصيني يف‬ ‫غواصات بكلفة ‪ 10‬مليارات دوالر عن كل غوّاصة‪ .‬فذلك يعني‬
‫بأن أوروبا دول قوية وأن مواقع مواردها وثروتها ليست فراغا‬ ‫املس من مربّع هيمنتها عليه الب ّد من العودة اىل تاريخ‬ ‫العالم أو ّ‬ ‫مخصصة لحمل أسلحة نووية باعتبار أن‬ ‫ّ‬ ‫أن الغواصات ستكون‬
‫ينتظر «تكليفا مقدّسا» أو «قدرا محتوما» تحمله أمريكا»‪.‬‬ ‫تشكل الواليات املتحدة االمريكية وبناء امرباطورية حكمت العالم‬ ‫الغواصات التقليدية ال تحتاج آلخر االبتكارات التكنولوجية والتي‬
‫ويضيف «كارنوف» أن داعي التطلع األمريكي اىل األفق‬ ‫خالل القرن الـ ‪ 20‬وتسعى اىل تثبيت سيطرتها ليس كقوة‬ ‫رسا من أرسار الدول والضامن ألمنها القومي بل سيكون‬ ‫تعترب ّ‬
‫اآلسيوي كان «مطلب جماعات مصالح تبحث عن مجاالت للتوسع‬ ‫عظمى ‪ Super Power‬وإنما كقوة كاسحة ‪Hyper Power‬‬ ‫األمر كما لو أنه سيتم تزويد اسرتاليا بحامالت طائرات تفتقر‬
‫تلبّي هاجس أمريكا الدائم لالنتشار‪ ...‬فقد تجمّ ع رجال صناعة‬ ‫تعتمد يف هيمنتها عىل ‪ 8‬أساطيل بحرية حربية تعمل وفق مبدإ‬ ‫لجسور اقالع وهبوط الطائرات‪ .‬ويف الحقيقة ستكون الغواصات‬
‫ومالّك ترسانات سفن وأصحاب بنوك راكموا أرباحا طائلة أثناء‬ ‫من يسيطر عىل البحار يسيطر عىل العالم دون ذكر عرشات‬ ‫التي ستحصل عليها اسرتاليا مزوّدة بمنصات الطالق صواريخ‬
‫الحرب األهلية ثم أصبحت خشيتهم بعد انتهائها ان تتق ّلص‬ ‫القواعد العسكرية التي انتزعتها هنا وهناك سواء عرب سياسة‬ ‫تقليدية ونووية‪ .‬وقد سبق لرئيس وزراء اسرتاليا مويسون أن‬
‫رؤوس أموالهم أو تذوب‪ ،‬ويف صحبة هؤالء كان هناك عسكريون‬ ‫العصا أو سياسة الجزرة‪.‬‬ ‫أعلن أن بالده ستحصل من الواليات املتحدة عىل «طاقة هجومية‬
‫– خصوصا من االسطول الذي لعب دورا مهما يف الحرب االهلية‬ ‫‪Politique du baton et de la carotte‬‬ ‫طويلية املدى» تض ّم صواريخ توماهوك وأخرى فرطصوتية قابلة‬
‫– يرون أن الواليات املتحدة االمريكية مطالبة بالخروج من القارة‬ ‫لقد قامت اإلمرباطورية االمريكية عىل «أكل االمرباطوريات»‪.‬‬ ‫لحمل رؤوس تقليدية أو نووية‪.‬‬
‫ألن «املحيطات الحامية» يمكن أن تتحوّل اىل «محيطات عازلة»‬ ‫«أكلت» اإلمرباطوريتني االسبانية والربتغالية خالل القرن التاسع‬ ‫واملتأكد أنه سيكون بإمكان الغواصات االسرتالية كذلك اطالق‬
‫وأنه اذا أريد لها أن تستبقي مهمة الحماية عىل الناحيتني فمن‬ ‫عرش ويف القرن العرشين لم تدخل الحرب العاملية الثانية اال ّ يف‬ ‫صواريخ بالستية أمريكية الصنع من نوع «تريدنت‪-‬د‪ »5‬التي‬
‫الرضوري اذن عبورها اىل بعيد والتمسك عند هذا البعيد بمواقع‬ ‫ربع ساعتها األخري بعدما ابتلعت جيوش هتلر فرنسا وراحت‬ ‫جُ هزت بها الغواصات األمريكية والربيطانية‪.‬‬
‫تلعب دور محطات اإلنذار تم ّكن من الدفاع أو تكون مراكز‬ ‫تهدّد بغزو انقلرتا وم ّكنها النرص من اخراج فرنسا وبريطانيا من‬ ‫ويبلغ مدى صاروخ «تريدنت‪-‬د‪ 12 »5‬ألف كلم وبإمكانه‬
‫انطالق اذا استجدّت حاجة اىل هجوم»‪.‬‬ ‫مربع االمرباطوريات لتستفرد طيلة عقود بإدارة شؤون العالم‬ ‫حمل ‪ 14‬رأسا نوحرارية ‪ thermonucleaire‬مستقل الواحد عن‬
‫ويروي كارنوف أيضا أن الرئيس األمريكي تيودور روزفلت‬ ‫الغربي وجنوب رشقي آسيا زحفا نحو افريقيا‪.‬‬ ‫اآلخر من نوع ‪ W76‬وقوتها (‪ 100‬كيلوطن) أو ‪ W88‬وقوتها‬
‫اعرتض عىل دعوات الحتالل اندونيسيا وتأكيده أن ذلك اذا تم‬ ‫وينقل الكاتب والصحفي املرصي الراحل محمد حسنني هيكل‬ ‫(‪ 475‬كيلوطن)‪.‬‬
‫يجعل اساطيل بالده الحربية عىل قرب شديد من اليابان والصني‬ ‫يف كتابه «اإلمرباطورية االمريكية واالغارة عىل العراق» عن ستانيل‬ ‫والغواصات النووية الهجومية من نوع «كوملبيا» العاملة‬
‫وأن هذين البلدين كبريان ويحتاج التعامل معهما اىل استعدادات‬ ‫كارنوف روايته يف كتابه «اإلمرباطورية االمريكية» حكاية التوسع‬ ‫بسالحي البحرية األمريكي والربيطاني والتي بدأ تصنيعها عام‬
‫خاصة وأنه يستحيل الترصف معهما باملستوى الذي تم مع‬ ‫االمريكي يف آسيا خالل القرن التاسع عرش وادراجه يف فصل‬ ‫‪ 2019‬مجهزة بـ‪ 16‬منصة الطالق صواريخ «تريدنت ‪ -‬د‪»5‬‬
‫«هاواي» والفليبني وجزيرة «غوام»‪.‬‬ ‫حمل عنوان «أمريكا تتجه نحو العوملة» مجموعة من املالحظات‬ ‫وهي قادرة بذلك عىل اطالق أكثر من ‪ 200‬رأس نووي بإمكانها‬
‫ويتابع كارنوف ‪« :‬لذلك ظلت رضورات التعامل مع اليابان‬ ‫تلخصت يف ‪:‬‬ ‫تدمري العديد من األهداف مثل القواعد العسكرية واملوانئ واملدن»‪.‬‬
‫والصني إشكالية معلقة من وقتها وطوال القرن العرشين حتى‬ ‫• أن الواليات املتحدة نشأت ونمت – بطبائع الجغرافيا‬ ‫وجاء يف ختام مقال «املانفستو» ‪« :‬يتضح بذلك أن هدف ابعاد‬
‫حسمها الجنرال دوغالس ماك أرثر القائد العام لقوات الحلفاء يف‬ ‫والتاريخ – دولة متح ّركة ال تطيق الوقوف بمكانها وتعتقد ان‬ ‫واشنطن باريس عن صفقة الغواصات لم يكن فقط اقتصاديا‬
‫آسيا بنظرية تنسب اليه حتى هذه اللحظة مؤداها ‪« :‬ان الواليات‬ ‫الوقوف ال يكون اال ّ استسالما لحصار او تمهيدا لرتاجع أي أن‬ ‫(ايثار صناعتها العسكرية) وإنما أيضا اسرتاتيجيا وهو املرور‬
‫املتحدة يف آسيا تستطيع فقط أن تكون دولة بحر وال يصح لها‬ ‫تحفزها دائما ألن تتقدم وتتقدم‪ ...‬تنترش‬ ‫ّ‬ ‫غرائزها ودوافعها‬ ‫اىل مرحلة جديدة من التصعيد العسكري مع الصني وروسيا يف‬
‫رب اآلسيوي وتخوض فيه اىل العمق ألن ذلك يفرض‬ ‫أن تنزل عىل ال ّ‬ ‫وتنترش‪.‬‬ ‫منطقة املحيطني الهندي والهادئ مع املحافظة عىل القيادة التامة‬
‫عليها أعباء ال تقدر عليها وتضحيات ال داعي اليها‪ ،‬ألن العمق‬ ‫• حتى تلك اللحظة – أواخر القرن ‪ – 19‬كان التقدم والتوسع‬ ‫لهذه العملية‪ .‬وذلك يعني انه ما ان تدخل الغواصات االسرتالية‬
‫اآلسيوي بال نهاية بالبرش واملوارد وبالعقائد واألفكار»‪.‬‬ ‫يجري عىل أساس ملء املساحة من خط املاء (املحيط األطليس)‬ ‫الجديدة الخدمة حتى يتم ادراجها تحت القيادة االمريكية التي‬
‫وأشار كارنوف اىل أن االمريكان وقفوا عىل هذه الحقائق‬ ‫اىل خط املاء (املحيط الهادئ) وقد قبلت الواليات املتحدة رضيبة‬ ‫ستحدّد لها مهمّ اتها‪ .‬وسيكون بمقدور مثل هذه الغواصات التي‬
‫عندما تدخلوا يف فيتنام بما أجربهم عىل الهروب منها‪.‬‬ ‫الحرب األهلية لهذا السبب وحده وهو ملء املساحة من املاء اىل‬ ‫لن يمكن ألحد معرفة طاقة وال درجة تسليحها والتي قد تقرتب يف‬
‫تتناىس أمريكا تاريخها االمربيايل (يعني هذا النعت لغويا‬ ‫املاء بدولة واحدة قوية‪.‬‬ ‫أعماق املحيطات وسط صمت مطبق من سواحل الصني أو روسيا‬
‫بعيدا عن أية صبغة سياسية أو أيديولوجية حبّ التوسع وامتالك‬ ‫• تم الوصول من املاء اىل املاء بسالح النار يف معظم األحيان‬ ‫أن ترضب يف دقائق أهم األهداف بهذين البلدين بطاقة تدمري‬
‫كل يشء) وتربّر قرار إقامة حلف «أوكوس» بـ «السلوك العدواني‬ ‫وبسالح الذهب يف بعضها ألن عددا من الواليات مثل لويزيانا‬ ‫تناهز ‪ 20‬ألف قنبلة من تلك التي ألقيت عىل هريوشيما»‪.‬‬
‫للصني يف منطقتي آسيا واملحيط الهادئ»‪ .‬فهل يعني ذلك تصميما‬ ‫وأالسكا جرى رشاؤها بالذهب‪.‬‬ ‫موقع «الشبكة العاملية» تناول املوضوع من زاوية أخرى معتربا‬
‫عىل اسقاط مقولة نابليون األوّل «عندما تستيقظ الصني يرتعد‬ ‫• فور انتهاء الحرب االهلية مضت الواليات املتحدة تتطلع‬ ‫أن الواليات املتحدة «تبحث عن ح ّل عسكري ملشكل اقتصادي»‪.‬‬
‫العالم» وتأكيدا عىل استعدادها لـ «أكل» أية امرباطورية أخرى‬ ‫عرب املاء عىل الناحيتني اىل آسيا وأوروبا وتشعر بهدير مح ّركاتها‬ ‫وأوضح املوقع أنه بينما تسعى الصني اىل عقد اتفاقيات تجارية‬
‫تنازعها الهيمنة عىل العالم أم تلتزم بنظرية الجنرال دوغالس‬ ‫الداخلية يوجّ هها اىل الشواطئ البعيدة بادعاء «مهمة مقدسة»‬ ‫مع بلدان العالم تنكبّ واشنطن عىل االعداد لح ّل قرسي يعتمد‬
‫ماك آرثر؟‬ ‫و»قدر محتوم» يك ّلفها بملء كل فراغ عىل األرض وتغطية أي‬ ‫عىل اللجوء اىل التهديد ونرش قوة نووية ضاربة يف محاولة اليقاف‬

‫صورة تتحدث‬

‫تحل ذكرى العبور‬‫ّ‬ ‫بعد غد ‪ 6‬أكتوبر‬


‫المصري سنة ‪ 1973‬لكسر شوكة "الجيش‬
‫الذي ال يقهر" وتدمير خط بارليف الشهير‪.‬‬
‫حرب أثبت فيها االنسان المصري قدرته‬
‫على التخطيط بكل سرية وعلى استخدام‬
‫احدث االسلحة للثأر لهزيمة جوان ‪.1967‬‬
‫وفي الصورة تأثير الصدمة على وجه‬
‫غولدا مائير رئيس وزراء اسرائيل آنذاك‬
‫قبل اعداد لجنة خاصة تقريرا حمل‬
‫عنوان "التقصير" اتهم فيه المخابرات‬
‫العسكرية وجهاز الموساد بالفشل‬
‫في رصد استعدادات الجيش المصري‬
‫لمباغتة نظيره االسرائيلي‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪21‬‬
‫‪21‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬
‫كتائب خاصة للقمع‪ ،‬سيارات رباعية الدفع‪ ،‬منح وجاهزية دائمة ‪:‬‬

‫موقع فرنيس ينتقد سياسات عسكرة الرشطة‬


‫شن موقع نانت ‪( Nantes révoltée‬نانت الثائرة) هجوما حادّا عىل‬
‫حكومة الرئيس ايمانويل ماكرون متهما اياها بالعمل عىل عسكرة جهاز‬
‫الرشطة لقمع أية تحركات اجتماعية مستشهدا يف ذلك بلجوء الحكومة‬
‫اىل انشاء فرق أمنية جديدة قالت انها جاهزة ليال نهارا للتدخل واسكات‬
‫أية مظاهرات بالقوة بعيدا عن أية صورة لـ "الديمقراطية الفرنسية"‪.‬‬
‫وكتب املوقع يف هذا الصدد ‪" :‬آخر اكتشافات حكومة كريهة عىل‬
‫جميع املستويات هي تكوين وحدة خاصة جاهزة ‪ 24‬ساعة عىل ‪24‬‬
‫ساعة و‪ 7‬أيام عىل ‪ 7‬لالنقضاض عىل كل تح ّرك اجتماعي بكل مناطق‬
‫البالد ويف وقت قيايس"‪.‬‬
‫وأضاف املوقع ‪" :‬تم تحويل ‪ 200‬شخص اىل وحوش مختصة يف‬
‫الرضب ومد ّربة عىل القمع يتنقلون يف سيارات رباعية الدفع" قادرة عىل‬
‫"اخرتاق الحواجز واملتاريس" وعىل أن يكونوا دائما جاهزين لالنطالق يف‬
‫‪ 15‬دقيقة ال أكثر‪ .‬وطبعا يتمتع هؤالء بمنح كبرية وبوسائل ال حدود لها‪.‬‬
‫وقد اطلق عىل هذا االكتشاف اسم "قوة اإلسناد الرسيع" ونجحت بذلك‬
‫حكومة العجز والرداءة عىل االقل يف تسخري وسائل وخيال خارق لتطوير‬
‫طرق سحق الجماهري"‪.‬‬
‫وتابع املوقع ‪" :‬قبل ‪ 20‬سنة‪ ،‬أنشأ ساركوزي "رسايا التدخل"‬
‫والتي رسعان ما تم تعويضها بـ "الفرق املنتقلة لقمع أعمال العنف"‬ ‫بضواحي العاصمة باريس‪ .‬ويف عام ‪ 2016‬استغلت الحكومة محاربة‬
‫التي تض ّم يف صفوفها رجال رشطة يحملون شارات زرقاء وبنفسجية‬
‫وهي تض ّم رجال رشطة يتنقلون عىل متن دراجات نارية وسبق لهم‬ ‫االرهاب لبعث "فصائل الحماية والتدخل من الجيل الرابع" وهي وحدات‬
‫والتي كانت مسؤولة عن أغلب الفظائع التي ارتكبها رجال الرشطة‪ .‬هذه‬
‫التورط عام ‪ 1986‬يف قتل ماليك أوساكني وهم أكثر تجهيزا ووحشية‪.‬‬ ‫من رسايا األمن الجمهوري مجهزة بأسلحة ثقيلة وشوهدت أكثر من مرة‬
‫الرسايا كانت خليطا بني فرقة مكافحة الجريمة ورسايا األمن الجمهوري‬
‫ويف االثناء تم تزويد كل الوحدات املذكورة بمزيد من االسلحة والقنابل‬ ‫وهي تحوم حول املظاهرات بل وهدّدت حتى بعض املواكب"‪.‬‬
‫الجاهزة دائما للهجوم عىل أية مجموعة يرى فيها النظام ازعاجا له‪ .‬وهذه‬
‫املسيلة للدموع ورصاص املطاط بما يعني ترسيعا يف وترية عسكرة‬ ‫وكتب املوقع يف ختام مقاله ‪" :‬عام ‪ 2018‬كان عام "فصائل التحرك‬
‫الرسايا متهمة اليوم بالتورط يف قضايا عنف وعمليات تهريب مافيوزية‬
‫الرشطة"‪.‬‬ ‫الرسيع" التي ُكلفت بمواجهة مظاهرات أصحاب "السرتات الصفراء"‬

‫الكريات اللمفاوية يف جثث املوتى‪ ..‬وعىل كل حال الثابت أن‬ ‫الـ «سي‪ .‬آي‪ .‬ايه» خططت‬
‫جهاز املناعة تعرض لهجوم بفعل التالقيح»‪.‬‬ ‫الغتيال أسانغ‬
‫حرب بيولوجية‬ ‫مرسب ما يعرف بوثائق‬ ‫ّ‬ ‫محامو جوليان أسانغ‬
‫موقع ‪ French.news.cn‬نقل عن املؤرخ األمريكي‬ ‫ويكيليكس كشفوا عن وثائق أمريكية رسمية تثبت‬
‫جيفري كاي تأكيده أن ملفات أفرجت عنها وكالة‬ ‫تصنيف ويكيليكس كـ "مصلحة مخابرات غري دولية‬
‫املخابرات األمريكية «يس‪ .‬آي‪ .‬ايه» كشفت عن استخدام‬ ‫معادية"‪.‬‬
‫الواليات املتحدة خالل الحرب الكورية التي دارت رحاها‬ ‫وحسب ما نقل موقع «الشبكة العاملية» عن املحامني‬
‫خالل خمسينات القرن املايض أسلحة بيولوجية‪.‬‬ ‫الفيديو الثالث يعود للطبيب الفرنيس الشهري ديديي‬ ‫فإن وزير الخارجية األمريكي األسبق مايك بومبيو درس‬
‫املؤرخ الذي أدىل بهذه املعلومة يف حوار أجرته معه وكالة‬ ‫راؤول الذي اعرتض عىل استعمال التالقيح املعروفة ضد‬ ‫عدّة سيناريوهات لخطف أو اغتيال أسانغ ملنع نقله من‬
‫فريوس كورونا وتحدث فيه عما أسماه بـ «الهرسلة‬ ‫سفارة االكوادور بموسكو اىل لندن وأن واشنطن حصلت‬
‫االنباء الصينية ‪ Xinhua‬طالب بفتح تحقيق دويل يف ذلك‬
‫املؤسساتية» التي قال انه يتعرض لها منذ ‪ 18‬شهرا‪.‬‬ ‫من لندن عىل الضوء األخرض الستعمال رجال الـ «يس‪ .‬آي‪.‬‬
‫مشريا اىل أنه يملك وثائق حصل عليها بطريقته الخاصة‬
‫الجنرال الفرنيس املتقاعد الحظ أن الفيديوهات الثالثة‬ ‫ايه» السالح ضد موظفني روس وأن الرئيس دونالد ترامب‬
‫بما فيها تقرير اللجنة العلمية الدولية للتحقيق يف لجوء‬
‫تكشف عن «الطرق املافيوزية التي تلجأ اليها السلطة‬ ‫اعرتض عىل ذلك‪.‬‬
‫الواليات املتحدة اىل حرب بكتريية بكوريا والصني اىل جانب‬ ‫املوقع أكد أن قرار التخلص من أسانغ لم يُتخذ بسبب‬
‫التنفيذية يف بالده» سلطة قال ان «ناخبني تالعب بهم‬
‫اعرتافات ‪ 25‬طيارا من سالح الجوّ االمريكي شاركوا يف‬ ‫نرشه وثائق عن ممارسات األمريكان يف ‪ 5‬قواعد عسكرية‬
‫رهط من وسائل االعالم أوصلوها اىل السلطة عام ‪.»2017‬‬
‫الحرب الكورية‪.‬‬ ‫بالعراق وإنّما ألنه كشف برنامج املخابرات األمريكية‬
‫املؤرخ تحدث بالخصوص عن الدور الذي لعبته «الوحدة‬ ‫عالقة سببية‬
‫موقع "الشبكة العاملية" نقل عن الدكتور آرن بورخردت‬ ‫املسمى «‪ »Vault-7‬مؤكدا أن الـ «يس‪ .‬آي‪ .‬ايه» رأت يف ذلك‬
‫‪ »731‬الفتا اىل أن واشنطن وطوكيو عملتا طيلة عقود عىل‬ ‫أخطر رضبة تلقتها منذ عقود‪.‬‬
‫والربوفيسور والرت النغ املتخصصني يف األمراض الباطنية‬
‫التعتيم عليه قبل أن تقرر الـ «يس‪ .‬آي‪ .‬ايه» االفراج عن‬ ‫وعن برنامج ‪ Vault-7‬ذكر املوقع أن الـ «يس‪ .‬آي‪.‬‬
‫تأكيدهما خالل ندوة صحفية عقداها بمدين ة ‪Reutlin‬‬
‫الوثائق املذكورة‪.‬‬ ‫‪ gen‬األملانية يوم ‪ 20‬سبتمرب املنقيض النتائج التي توصل‬ ‫ايه» وضعته إلفساد برمجيات «ميكروسوفت» و»آبل»‬
‫كاي أضاف أن الطيارين االمريكيني شددوا يف اعرتافاتهم‬ ‫اليها الربوفيسور بيرت شريمارش اثر عمليات ترشيح حول‬ ‫والهواتف الذكية والحواسيب وكذلك القنوات التلفزية التي‬
‫عىل أن استعمال اسلحة بيولوجية كان محاطا برسية تامة‬ ‫وجود عالقة بني تالقيح كوفيد ‪ 19‬وعدد الوفيات املتزايد يف‬ ‫تعمل بالكوابل‪.‬‬
‫وعىل ان مخالفة ذلك يع ّرض اي طيار ملحاكمة عسكرية‬ ‫صفوف االشخاص امللقحني‪.‬‬ ‫نفاق‪...‬‬
‫معبا عن شكوكه يف ظروف موت العديد ممن عملوا يف‬ ‫ّ‬ ‫وحسب املوقع "وجد الربوفيسور شريمارش أنه كانت‬ ‫تحت عنوان ‪« :‬خيانة عظمى؟‪ ...‬تفريط يف سيادة‬
‫قلعة ديرتيك ‪ Fort Detrick‬املتخصصة يف صنع االسلحة‬ ‫هناك عالقة سببية بني التلقيح وثلث الوفيات التي حصلت‬ ‫فرنسا؟» عرض الجنرال الفرنيس املتقاعد دومينيك ديالوار‬
‫البيولوجية اشهرا بعد استعمال االسلحة البيولوجية يف‬ ‫بعد ‪ 14‬يوما من تلقي التلقيح»‪.‬‬ ‫يف موقع «الشبكة العاملية» ‪ 3‬فيديوهات قصرية اعترب انها‬
‫حرب كوريا‪.‬‬ ‫املوقع نقل عن الدكتور آرن بورخردت والربوفيسور‬ ‫تثبت نفاق حكام بالده‪.‬‬
‫رفض‬ ‫والرت النغ تشديدهما عىل أن الوضع ينذر بالخطر‪.‬‬ ‫الفيديو األول تعلق بمقطع ال تتجاوز مدّته دقيقتني من‬
‫واقتبس املوقع فقرة من تقرير الربوفيسور رشيمارش‬ ‫حوار ادىل به أرنو مونتبورغ وزير االقتصاد سابقا تط ّرق‬
‫موقع «أكسيوس» أكد أن سبب تغيّب رئيس السلطة‬
‫جاء فيها ‪« :‬خالل عمليات الترشيح لم يغفل الفريق‬ ‫فيه اىل «تقطيع أوصال فرنسا» مشدّدا بالقول ‪« :‬يف هذه‬
‫الفلسطينية عن أعمال الجمعية العامة لألمم املتحدة األخري‬
‫العامل معي أدق التفاصيل واستعانوا يف عملهم بأحدث‬ ‫املسألة‪ ،‬ماكرون ليس متواطئا فحسب وإنما هو الفاعل‬
‫بنيويورك رفض الرئيس األمريكي جو بايدن استقباله‪.‬‬ ‫التكنولوجيات يف عالم الطب للتأكيد عىل وجود عالقة بني‬ ‫األسايس»‪.‬‬
‫املوقع كشف نقال عن مصادر أمريكية وفلسطينية أن‬ ‫املوت والتالقيح‪ ...‬وقد الحظت وجود اشياء أراها ألول‬ ‫الفيديو الثاني تضمن ترصيحا أدىل به أوليفيي‬
‫البيت االبيض ابلغ الفلسطينيني بأن بايدن لن يعقد أية‬ ‫مرة يف مسريتي املهنية وال يمكنني بعد تسميتها ألنني ما‬ ‫مارليكس رئيس لجنة التحقيق يف فضيحة «ألسرتوم» يف‬
‫اجتماعات ثنائية يف نيويورك وأن جدول اعماله لن يسمح‬ ‫زالت بصدد البحث عن كلمات أسمّ يها بها ونحن نواصل‬ ‫برنامج «‪ »C dans l’air‬عىل راديو وتلفزيون ‪ RTL‬يؤكد‬
‫باجتماع يف واشنطن‪.‬‬ ‫تقييماتنا مع العديد من الزمالء وهناك احتمال بأنه تم‬ ‫فيه «نفاق السلطة التنفيذية والدور املشبوه الذي لعبه‬
‫واضاف املوقع ان رفض بايدن دفع عباس اىل االكتفاء‬ ‫وقوع عديد االطباء يف أخطاء لدى تشخيص تأثريات‬ ‫ماكرون يف كارثة الرشكة املذكورة وتأثري ذلك عىل األمن‬
‫بارسال خطاب مسجل‪.‬‬ ‫خطرية للتلقيح عىل أنها نوبات قلبية لكننا عثرنا عىل عديد‬ ‫الطاقي لفرنسا»‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪22‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬


‫رأي‬

‫يعيش العالـم اليوم الرببرية والفوضى‬


‫التي تصاحب اهنيار االمرباطوريات‬
‫بقلم د‪ .‬عبد الحي زلوم‬
‫أما عن فلسطني فلقد وصلت سلطة عباس اىل نهاية مدتها‬ ‫اعظم …‬ ‫تنرش اسبوعية "الشارع املغاربي" هذا املقال القيم من‬
‫‪ .‬تم زرع مستوطنات اكلت اكثر مساحة الضفة الغربية‪ .‬وتم‬ ‫افضل وصف لحالة الواليات املتحدة اليوم هو حالة‬ ‫قديم – جديد الباحث الفلسطيني الراحل عبد الحي زلوم الذي‬
‫زرع ‪ 600‬الف مستوطن بها منذ اوسلو‪ .‬لم يستح عباس‬ ‫االضطراب التي تسود االمرباطوريات حني تفوق طموحاتها‬ ‫سبق له نرشه يف شهر ماي ‪ 2019‬نظرا ملا فيه من حقائق حول‬
‫من تجنيد ‪ 40000‬من عساكره ليقوموا بحراسة االحتالل‬ ‫يف الهيمنة االقتصادية والعسكرية والسياسية امكاناتها ‪،‬‬ ‫ما يحدث يف العالم وتداعيات ذلك عىل عديد املناطق وخصوصا‬
‫ومستوطناته ومستوطنيه بل االدهى أنه لم يخجل ان يقول ان‬ ‫وهذا هو الحال مع الواليات املتحدة بالرغم من امكاناتها غري‬ ‫منها الوطن العربي‪.‬‬
‫الدفاع عنهم هو امر مقدس! نحن نعرف أن كتابه املقدس ليس‬ ‫املسبوقة بالتاريخ‪ .‬كتاب بول كندي (صعود وسقوط القوى‬
‫قرآناً‪ .‬وسيتم تصديره اىل خارج الضفة عما قريب فقد انتهت‬ ‫العظمى) يصف الحالة االمريكية اليوم بدقة‪ .‬وقد كان املؤرخ‬ ‫يف عرص العوملة والذكاء االصطناعي والتحوالت العميقة‬
‫مدته (‪.)Mission Accomplished‬‬ ‫اريك هوبساوم أكثر وضوحا ً يف محارضة له يف جامعة هارفارد‬ ‫والفائقة الرسعة ال يمكن أن “نفهم ماذا يف روما ما لم نفهم‬
‫واخريا ً كيف يمكن لصفقة قرن ان تعيش ويف فلسطني‬ ‫سنة ‪ 2006‬إذ قال إن انهيار االمرباطورية االمريكية هو ام ٌر‬ ‫ُ‬
‫يحدث يف الواليات‬ ‫ماذا يف الربازيل”‪ .‬وعليه يجب أن نفهم ماذا‬
‫مقاومني مثل رجل الدين املقديس الراهب مانويل مس ّلم الذي‬ ‫حتمي وسيصاحب سقوطها فوىض وبربرية حسب تعبريه ‪.‬‬ ‫املتحدة كي نفهم ما يدور حولنا‪ .‬لكن القاسم املشرتك أن جميع‬
‫وجه هذا النداء من القدس يناشد املطبعني أن يتقوا الله يف‬ ‫وهذا ما يحدث للواليات املتحدة والعالم اليوم ‪ .‬ويمكنني أن‬ ‫الدول املعنية تجابه تحديات اذا تحولت اىل حروب فستكون‬
‫قدسنا ومقدساتنا قبل ان ينتقلوا من التطبيع اىل التآمر‪:‬‬ ‫أقول أن ترامب هو غورباتشوف الواليات املتحدة والتي ستصل‬ ‫حروب وجود يكون طرفاها إما قات ٌل أو مقتول‪ .‬فلنبدأ بالقوة‬
‫“يا أيها املتهافتون املتخاذلون ويا حكام العرب الساعني إىل‬ ‫اىل ما وصلت اليه امرباطورية االتحاد السوفياتي‪.‬‬ ‫االكثر تأثريا ً يف العالم أي الواليات املتحدة االمريكية ‪.‬‬
‫التطبيع مع إرسائيل اسمعوا‪ :‬نحن _الفلسطينيني املسيحيني‬ ‫ان النظام السيايس واالقتصادي للواليات املتحدة يعاني‬ ‫كانت االنتخابات التي اتت بدونالد ترامب وبطانته انقالبا ً‬
‫سلمنا أجدادكم املسلمني الرشفاء مفاتيح فلسطني والقدس‪.‬‬ ‫اليوم من ازمة وجود ‪.‬يف الوقت نفسه اصبح النظام الرسمي‬ ‫بكافة املعايري بني جناحني داخل الدولة العميقة‪ ،‬احدهما‬
‫وتسلمنا منهم العهدة العمرية‪ .‬نحن ثَبَتْنا أمناء عىل العهد‬ ‫العربي منتهي الصالحية يعاني ايضا ً من ازمة وجود حيث‬ ‫بدأ بالتكيف مع محددات العوملة باعتبار أنه ليس باالمكان‬
‫وسنبقى كذلك؛ أما أنتم فماذا صنعتم بتلك املفاتيح؟ وملن‬ ‫اتضح أنه بعدما كان النظام الرسمي العربي رسا ً هو خط‬ ‫افضل مما كان ونخبة هذا الجناح كانت هي املستفيدة من‬
‫سلمتموها؟ نحن‪ ،‬إىل أيدي أمري املؤمنني الطاهرة (عمر بن‬ ‫الدفاع االول عن الكيان الصهيوني بات اليوم يؤدي هذه‬ ‫العوملة عىل كل حال‪ .‬كان هناك جناح أخر يرى ان العوملة قد‬
‫الخطاب) سلمناها‪ ،‬وأنتم تُ َس ّلمونها اليوم إىل أيدي الصهاينة‬ ‫الوظيفة علنا بل هو يف حقيقته جزء منه ‪ .‬فإن هذا الكيان‬ ‫وصلت اىل طريق مسدود وأنه يجب بناء عىل ذلك القيام بعملية‬
‫امللطخة بدماء املسلمني واملسيحيني‪ .‬أنتم ال تستحقون‬ ‫يعاني ايضا ً من ازمة وجود يف الوقت الذي يبدو اليوم وكأنه يف‬ ‫استباقية قبل أن تتحول حركات االحتجاج اىل ثورة مثل حركة‬
‫فلسطني‪ ،‬وال القدس أرض اإلرساء واملعراج‪ .‬ألنكم بالتطبيع‬ ‫أوج عظمته حيث يبدو وكأنه سائ ٌر اىل النجاح لتحقيق مرشوعه‬ ‫(احتلوا وول سرتيت)‪ .‬فالوظائف انتقلت وكذلك االستثمارات‬
‫طمستم وأهملتم آية اإلرساء الكريمة كأنها لم تَعُ د جزءا‬ ‫الرسائيل الكربى! واذا قيل سابقا ً أن توني بلري كان الكلب‬ ‫والصناعات اىل الخارج ‪ ،‬حيث اليد العاملة الرخيصة ‪ ،‬واالسواق‪،‬‬
‫من عقيدتكم اإلسالمية؛ لكنها كذلك‪ .‬هذه خيانة إيمانية‬ ‫الصغري (‪ )POODLE‬لجورج دبليو بوش اصبح ترامب اليوم‬ ‫فخرس العمال وظائفهم‪ ،‬ونافست البضائع املستوردة مثيالتها‬
‫ووطنية وإنسانية‪ .‬هل تريدون أن تحموا إرسائيل؟ احموها‪.‬‬ ‫هو (‪ )POODLE‬نتنياهو‪ .‬و اصبح البيت االبيض (مستوطنة‬ ‫املحلية ‪ ،‬وازداد العجز التجاري وارتفعت املديونية االمريكية اىل‬
‫امنحوها صكوك غفرانكم وثبّتوا وجودها بالتطبيع والسالم‪.‬‬ ‫ارسائيلية)‪ .‬اعطى ترامب كل ما طلب نتنياهو ‪ ،‬اعطاه القدس‬ ‫ارقام فلكية غري مسبوقة‪ ،‬وتدهورت البنى التحتية‪ ،‬واصبحت‬
‫لكننا نعدكم أن ارسائيل سرتحل عن أرضنا مهيضة الجناح‬ ‫‪ ،‬واعطاه الجوالن وسيعطيه الضفة الغربية وكل يشء اخر‬ ‫صناعة الواليات املتحدة الرئيسية هي طباعة االوراق لتحويلها‬
‫ذليلة بسواعد املقاومني الرشفاء‪ .‬سرتحل‪ .‬سرتحل‪ .‬سرتحل‪.‬‬ ‫يطلبه يف صفقة القرن أو يف غريها الن النظام العربي اصبح‬ ‫اىل دوالرات لرشاء بضائع مستوردة ‪،‬ثم اسرتداد تلك الدوالرات‬
‫الناس من يده ولسانه؟ نحن أهلكم‬ ‫ُ‬ ‫أليس املسلم من َ‬
‫سلِم‬ ‫معدوم الوزن بل انقلب بعضه من مطبّع اىل متآمر‪ .‬ال أود أن‬ ‫كسندات خزينة اي كدين عىل الحكومة االمريكية ‪ .‬تم نقل‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الفلسطينيني ما سلمنا ال من يدكم التي توَقع عىل التطبيع‬ ‫أكرر عبارة أن من ال يملك اعطى من ال يستحق ‪ ،‬لكنني اشبه‬ ‫فوائد العوملة اىل حوايل ‪ 400‬شخص داخل الواليات املتحدة‬
‫وتصافح نتنياهو وليربمان وال من عيونكم التي تبكي عىل‬ ‫عطيات ترامب لنتنياهو تماما ً باملحتال الذي باع الصعيدي‬ ‫اصبحوا يمتلكون ما يمتلك ‪ 150‬مليون امريكي‪.‬‬
‫برييز ورابني ‪ ،‬وال من لسانكم الذي ينعت املقاومني باملليشيات‬ ‫شبكة املرتو بالقاهرة بـ‪ 5‬جنيهات‪ .‬وصفقة القرن كصفقة‬ ‫زورت الدولة العميقة اسباب مظالم هؤالء املهمشني‬
‫واإلرهابيني‪ .‬وال من أخالقكم ألنكم ال تخجلون أن ترقصوا‬ ‫املحتال والصعيدي والصفقة ستذهب اىل مزبلة التاريخ عند‬ ‫وأخفت االسباب الحقيقية بما تملك من وسائل غسيل الدماغ‬
‫ً‬
‫عاصمة للكيان‬ ‫مع الحخامات وترشبوا عىل نخب القدس‬ ‫أول (هبة ريح)‪ .‬فالوضع الراهن آي ٌل للسقوط!‬ ‫وادعت أن املشكلة ليست من العوملة أو إصحاب رؤوس االموال‬
‫الصهيوني كأنكم تعرتفون بها عاصمة إلرسائيل قبل ترامب‬ ‫أزمة الكيان فعالً هي كما يراها الكيان أي هي ازمة وجود‬ ‫وإنما هي من اليد العاملة الوافدة من املكسيك والدول الالتينية‬
‫وتوقعون قبله عىل صفقة القرن التي تشطب من التاريخ‬ ‫ال أزمة حدود اسرتاتيجيته االمنية تم نسفها من اساسها فهي‬ ‫وأن حلها بسيط ‪ :‬نبني لكم جدارا ً عىل حدود املكسيك‪ .‬واذا‬
‫قضيتنا الفلسطينية وتتجاهلون حق العودة وآالم املهجّ رين‬ ‫تعتمد عىل الحروب يف ارايض الغري ‪ ,‬لكن حروب اليوم ستكون‬ ‫كان الخالص صعبا يف الدنيا فسنستعجل لكم أيها الصهاينة‬
‫واملشتتني واملحارصين‪ .‬أتطربون عىل أنغام النشيد اإلرسائييل‬ ‫داخل االرض املحتلة ‪ .‬وكذلك يعتمد الكيان عىل الحروب‬ ‫الربوتستنت قدوم يوم الخالص يوم القيامة‪ ،‬وذلك بدعم‬
‫هتفا؟ اطربوا‪ .‬إن الزمن بطيء عىل من ينتظر؛ وطويل عىل‬ ‫القصرية وقد انتهى امرها ‪,‬فحروب غ ّزة زاد بعضها عن ‪50‬‬ ‫ارسائيل الستعجال قدوم املسيح‪ .‬واذا كانت سياستنا ضد‬
‫الباكني؛ لكنه قصري جدا عىل من يفرحون‪ ”.‬نحن انتظرنا‬ ‫يوما ً وحروب جنوب لبنان زادت عن ‪ 33‬يوما ً والقادم اعظم ‪.‬‬ ‫املسلمني قد اخافتنا من ارهابهم داخل بالدنا فسنمنعهم من‬
‫وبالتطبيع اليوم تؤجلون عودتنا وتحري َرنا‪ .‬وبكينا وأطلتم‬ ‫يف حروب الجيوش العربية الخارسة لم تصل رصاصة أو قنبلة‬ ‫الحصول عىل تأشريات دخول للواليات املتحدة‪ .‬الم تكن هذه‬
‫حزننا ودموعنا؛ أما فرحُ عدونا الصهيوني ومن يطبّعون‬ ‫مدفع واحدة داخل الكيان املحتل‪ .‬اال ان كل شرب من كيانه قد‬ ‫التفاهات هي اجندة ترامب االنتخابية؟ كان اول ما اعرتفت‬
‫ويتعاونون معه فسيكون قصريا جدا بإذن الله‪ .‬عودوا إىل‬ ‫اصبح اليوم هدفا ً ممكنا ً واصبحت املقاومة قادرة عىل تدمري‬ ‫به هيالري كلينتون يف خطاب اعرتافها بالهزيمة قولها ان‬
‫فلسطينكم أيها الحكام العرب ؛ عودوا إىل حيفا ويافا والرملة‬ ‫املوانئ واملعسكرات ومحطات الكهرباء وكل البنية التحتية‬ ‫اكرب مفاجاة لها هو عمق انقسام املجتمع االمريكي! وهكذا‬
‫واللد وبيسان وبرئ السبع فهي لكم وال تزال تنتظركم‪ .‬عودوا‬ ‫للكيان ‪..‬‬ ‫جاء الطرف االخر من الدولة العميقة االمريكية بدونالد ترامب‬
‫إىل غزة وفكوا حصارها‪ .‬عُ ْد اىل قدسك يا فاتح القدس وقارئ‬ ‫مشكلة الواليات املتحدة وحلفائها املأزومني انهم يعيشون‬ ‫رئيسا للواليات املتحدة العادة هيكلة مرحلة ما بعد العوملة‪.‬‬
‫القرآن‪ ،‬فهي تبكي أبناءها الشهداء وتستغيث تطلب حماية‬ ‫خارج التاريخ ‪ .‬كان الدور الوظيفي اليران الشاه أن تكون‬ ‫التحوالت العميقة التي جرت وتجري داخل الواليات املتحدة‬
‫أهل سلوان واملهجرين واملهدمة بيوتهم‪ .‬واذكروا أن ما يجري‬ ‫رشطي الخليج لضمان نهب ثروات دول الخليج‪ ,‬باالضافة اىل‬ ‫وخصوصا ً سياساتها االقتصادية املناهضة للعوملة وسياستها‬
‫يف القدس سيجري يف مكة واملدينة ويثرب‪ ”.‬وهذا وعد هريتزل‬ ‫تقديم ثروات ايران نفسها اىل الواليات املتحدة‪ .‬كانت طهران‬ ‫الدبلوماسية التي اخذت مسارا ً وقحا ً بعد استنفاذ كل قوتها‬
‫أن يهدم كل االماكن املقدسة لدى الشعوب يف القدس ومكة‬ ‫وكرا ً لـ‪ CIA‬واملوساد‪ .‬وعند والدة الثورة االسالمية سنة ‪1979‬‬ ‫الناعمة ‪ ،‬لجأت لوضع العقوبات االقتصادية بشكل مخالف‬
‫واملدينة ألنها أماكن وثنية‪ .‬كل فلسطني لنا من بحرها إىل‬ ‫تم شن حرب الـ‪ 8‬سنوات العراقية االيرانية بتمويل خليجي زاد‬ ‫تماما ً ملبدأ التجارة الحرة‪ ،‬ولفرض رسوم قمركية وقوانني‬
‫نهرها ومن رأس الناقورة إىل أم الررشاش‪ .‬وليس للغازي ذرة‬ ‫عن ‪ 100‬مليار دوالر ! والكل يعرف نتائجها الكارثية إذ افلست‬ ‫حمائية عىل الحلفاء قبل االعداء كأوروبا والصني‪ .‬وانسحبت‬
‫تراب واحدة متنازع عليها معنا‪ .‬التطبيع لن يتوقف وال ترامب‬ ‫الخزينة العراقية مما ادخل العراق يف مغامرات غري محسوبة‬ ‫من االتفاقات الدولية سوا ًء من اتفاقية باريس حول املناخ‬
‫وال نتنياهو وال أوسلو‪ .‬العصيان املدني السلمي أوال عليهم‬ ‫ومصائد مكنت اعداءه منه ‪ .‬االنظمة الشمولية والتي تدفع‬ ‫أو االتفاق النووي مع ايران‪ ،‬وهكذا أصبحت دولة مارقة‬
‫جميعا هو الذي يكبح جماحهم‪ .‬نحن ننادي به‪ .‬ونناديكم أيها‬ ‫الجزية للواليات املتحدة لحمايتها تحت هذا االسم او ذاك ترى‬ ‫بكافة املقاييس‪ ،‬بما يف ذلك استعمال اسلوب املافيا بفرض‬
‫الرشفاء أن تدعموه وتساندوه بتأسيس رابطة تمثل املسلمني‬ ‫يف جمهورية ايران االسالمية عدواً‪ .‬أما تحالف بعض االنظمة‬ ‫االتاوات لحماية االنظمة حتى دون أن ترتك ورقة توت لتغطية‬
‫واملسيحيني ومحبي السالم تحت اسم رمزي” التني والزيتون”‬ ‫يف الخليج مع عدو شعوبهم الحقيقي أي الكيان االرسائييل‬ ‫العورات! كما رضبت بكافة القوانني الدولية وقرارات االمم‬
‫لدعم القدس وغزة‪ .‬لبيك يا قدس‪ .‬لبيك يا أقىص‪ .‬لبيك يا مهد‬ ‫فأصدق وصف له هو املثل الشعبي عن التقاء مصالح ‪:‬‬ ‫املتحدة ومجلس االمن الدويل عرض الحائط وخصوصا ً بالنسبة‬
‫املسيح‪ .‬ويا كنيسة القيامة‪ .‬لبيك يا حيفا ويافا وغزة‪ .‬الله‬ ‫(املتعوس مع خايب الرجى) وهو تحالف مع اعداء الله يخالف‬ ‫للقضية الفلسطينية‪ ،‬وقامت وتحاول القيام باالنقالبات‬
‫أكرب‪.‬الله أكرب‪ .‬الله أكرب‪ .‬والسالم عليكم”‬ ‫كل رشائع السماء ومصريه الفشل ولو مع االسف بثمن غال ‪.‬‬ ‫الفجة كما يف فنزويال ‪ .‬واشعلت حربا ً بارد ًة مع روسيا والقادم‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪23‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫الشارع الثقافي‬
‫‪23‬‬
‫وقفة‬

‫هل يمكن لرئيس دولة ديمقراطية أن يستعمل الرموز الدينية ؟‬


‫د‪.‬نوفل حنفى (جامعة القيروان)‬
‫من اجل تدعيم خيارات الدولة الحديثة وهو ما أكده‬ ‫االتوقراطي الذي يستمد الحاكم فيه رشعيته من‬ ‫يثري اعتماد السيد رئيس الجمهورية التونسية‬
‫التصور التحرري والتعددي للدولة املدنية الذي يحاول‬ ‫استثمار املشاعر الدينية‪ .‬لكن هذا املوقف الجذري‬ ‫قيس سعيد عىل بعض الرموز الدينية مثل " تشبيه‬
‫التخلص من عيوب النموذج الجمهوري للالئكية‪.‬‬ ‫الذي يتمسك به اغلب املدافعني عن الدولة املدنية‬ ‫صورة أداء اليمني الدستورية برصاط يوم القيامة‬
‫ال يجد التصور التحرري والتعددي للالئكية اي‬ ‫يف تونس قد ينزلق يف اقصاء االنتماءات الهووية‬ ‫"العديد من التساؤالت املحرجة عن صورة رئيس‬
‫حرج يف استعمال الرموز الدينية داخل املؤسسات‬ ‫والثقافية للفاعلني السياسيني ويف التنكر للحرية‬ ‫دولة ديمقراطية تطالبه مدنية الدولة بتجنب‬
‫العمومية ألنه غري مشحون بعداء لدين ما او‬ ‫الدينية التي ال تفهم حرية الفرد بمعزل عن هويته‬ ‫االنحياز اىل تصور ديني او فلسفي ذلك ان الدولة‬
‫انحياز اىل مذهب ديني او اخالقي بل ان كل املذاهب‬ ‫الدينية والثقافية وقد تتفاقم هذه االحراجات من‬ ‫املدنية هي دولة محايدة وغري منحازة عىل املستوى‬
‫الفلسفية والدينية يمكن ان تدعم مبادئ العيش‬ ‫جانب اخر اذ ان قبول الرموز الدينية داخل الفضاء‬ ‫الديني واالكسيولوجي ويف هذا السياق يمكن ان يعترب‬
‫املشرتك انطالقا من رموزها وقيمها الخاصة‬ ‫العمومي قد يهدد مدنية الدولة رغم انه يحاول‬ ‫البعض ان مدنية الدولة تشرتط الفصل بني الفضاء‬
‫باالعتماد عىل مفهوم الوفاق التقاطعي ‪Consensus‬‬ ‫تجاوز عيوب النموذج الجذري للالئكية الذي يلح عىل‬ ‫العمومي والفضاء الخاص "وان كان البعض يفضل‬
‫‪ par recoupement‬الذي يوظفه جون رولز من اجل‬ ‫عدم قبول الرموز الدينية داخل الفضاء العمومي‪.‬‬ ‫كلمة فضاء غري عمومي ‪ "Espace non public‬وعدم‬
‫ترشيك كل النظريات والرموز الدينية والثقافية يف‬ ‫ترتكز فكرة مدنية الدولة عىل رضب من الفر‬ ‫استعمال رئيس الدولة او غريه من أعوان املؤسسات‬
‫الدفاع عىل مبادئ العدالة دون ان تكون هذه املبادئ‬ ‫دانية الجذرية التي تسعى اىل تحرير الفرد من سلطة‬ ‫العمومية للرموز الدينية التي تهدد مدنية الدولة من‬
‫مرشوطة باملرجعيات واالنتماءات الدينية والفلسفية‬ ‫الهوية املشرتكة وتلح عىل رضورة االنفصال عن‬ ‫حيث هي فصل جذري بني الديني والسيايس وتأكيد‬
‫واألخالقية ‪ ،‬وهنا يجب التمييز بني الخلفيات النظرية‬ ‫االنتماءات الدينية وجعلها حبيسة الفضاء الخاص‬ ‫عىل الحياد االكسيولوجي للدولة‪.‬‬
‫التي تدافع عن الدولة املدنية يف تونس فهناك تصور‬ ‫لرئيس الدولة بحيث انه ليس يف حاجة إلعالن‬ ‫ثمة مبادئ مدنية تمنع رئيس الدولة او غريه‬
‫مشحون برصاع تقليدي فرنيس ضد الدين " وضعية‬ ‫ذهابه للصالة خالل كل يوم جمعة‪ ،‬ويف هذا االطار‬ ‫من اإلطارات العمومية من تلك الشحنات الدينية‬
‫دوركهايم ونقدية كارل ماركس" يجعل الجميع‬ ‫ال يجوز لقيس سعيد ان يستعني بمجموعة من‬ ‫التي تحاول استثمار املشاعر الدينية من اجل كسب‬
‫يحذر من ظهور بعض الرموز الدينية داخل الفضاء‬ ‫الرموز الدينية من اجل أداء مهامه السياسية وإذا‬ ‫التأييد السيايس يف املعارك السياسية الحادة حول‬
‫العمومي ‪ ،‬كما ان هناك تصور تعددي غري منفعل‬ ‫التزم بحماية الدستور فيجب عليه ان يحرص عىل‬ ‫تأويل الدستور بني تيار يقول ان لرئيس الدولة‬
‫باالنحياز او بعداء اي دين من األديان " جون رولز‬ ‫حياد الدولة وتحييد رئيسها عن االنتماءات الهووية‬ ‫سلطة مقيدة تفرض عليه قبول الوزراء من اجل‬
‫وهابرماس األخري وجون مارك فري"‪.‬‬ ‫والثقافية ‪ .‬تحاول الدولة املدنية يف هذا املجال ان‬ ‫أداء اليمني الدستورية وتيار اخر يرى ان له سلطة‬
‫وبالتايل فليس من املعقول ان نختزل الدولة‬ ‫تغلق كل األبواب امام االنتماءات العرضية التي تهدد‬ ‫تقديرية تجعله يرفض قبول هؤالء الوزراء بسبب‬
‫املدنية يف بعض املبادئ اإلجرائية مثل الفصل بني‬ ‫الحوكمة الرشيدة وتتعارض مع الحرية والكرامة‬ ‫تهمة الفساد التي تالحقهم وقد تفاقم هذا الرصاع‬
‫الديني والسيايس وحياد الدولة ونسيان املبادئ‬ ‫وهو ما جعل الحوكمة املدنية والديمقراطية‬ ‫يف عالقة بالقرارات االستثنائية التي اتخذها رئيس‬
‫األخالقية العميقة التي تتمثل يف حرية الضمري‬ ‫للمؤسسات تشرتط الفصل الصارم بني الفضاء‬ ‫الدولة معتربا انه لم يتجاوز افق الرشعية الدستورية‬
‫واملساواة األخالقية بني الجميع وخاصة مفهوم‬ ‫الخاص والفضاء العمومي والحياد االكسيولوجي‬ ‫عىل خالف البعض االخر مثل عياض بن عاشور الذي‬
‫الحرية الدينية التي تسمح باالعتماد عىل بعض‬ ‫للمؤسسات العمومية خاصة داخل النموذج‬ ‫يرجح كفة تأويل االنقالب عىل الدستور‪ .‬فهل ثمة‬
‫الرموز الدينية داخل الفضاء العمومي عىل رشط‬ ‫الجمهوري الفرنيس‪.‬‬ ‫مرشوعية فلسفية ايتيقية وسياسية الستعمال‬
‫ان يكون ذلك يف اطار احرتام أولوية حرية الضمري‬ ‫وإذا كنا عىل وعي تام بانخراط التصور الجذري‬ ‫الرموز الدينية يف النقاش السيايس حول التأويالت‬
‫واملساواة األخالقية بني الجميع‪ .‬فهناك فهم ملدنية‬ ‫للدولة املدنية يف املرشوع العام للحداثة ويف الحداثة‬ ‫الدستورية ؟‬
‫الدولة ال يجعل الدين مجرد مسالة خاصة وانه‬ ‫السياسية بصفة خاصة والذي يقوم عىل ثالثة‬ ‫ال يستطيع التفكري الفلسفي الراهن ان يتجنب‬
‫يمكن ان نعول عىل بعض األفكار والرموز الدينية‬ ‫رشوط أساسية ‪ :‬وهي العقالنية العلمية واستقاللية‬ ‫االحراجات التي تتعلق بهذا السؤال خاصة يف عالقة‬
‫من اجل تدعيم الدولة املدنية واملساهمة يف بعض‬ ‫الفرد وتخصص القطاعات واملؤسسات ‪ ،‬فال بد من‬ ‫بتيار ما بعد العلمانية او العلمانية املغايرة‪ ،‬فكما‬
‫النقاشات الدستورية او السياسية مع الحذر من‬ ‫القول ان هذا التصور املدني هو تصور مشحون‬ ‫انه ثمة فرق بني الحداثة وما بعد الحداثة فهناك‬
‫ذوبان الفرد الحر واملستقل يف مشاكل االنتماءات‬ ‫برصاع تقليدي فرنيس ضد الدين وضد مظاهر التدين‬ ‫اختالف بني العلمانية وما بعد العلمانية ويعرف تيار‬
‫الجماعتية والدينية التي تهدد حرية الضمري‪ .‬فال‬ ‫داخل الفضاء العمومي وهو ما يفرس حذر العديد‬ ‫ما بعد العلمانية" الذي يمثله يف فرنسا جون مارك‬
‫يجب أن نفهم مدنية الدولة عىل أنها مفهوم للخري‬ ‫من النخب الحداثية يف تونس من خطورة استعمال‬ ‫فري ومارسال قويش ويف املانيا يورغن هابرماس يف‬
‫ألنها قيمة من قيم العدالة أي أنها خيار قانوني‬ ‫الرموز الدينية داخل الفضاء العمومي وهو حذر مربر‬ ‫كتاباته األخرية" بتسامحه مع االعتماد عىل الرموز‬
‫مرتبط بحرية الضمري واملساواة االخالقية‪ ،‬لكنها‬ ‫ألنه ينطلق من أولوية حرية الضمري ورضورة تفعيل‬ ‫الدينية مثل الحجاب داخل الفضاء العمومي وهو تيار‬
‫ليست قيمة أخالقية أو مفهوما للخري ألنها يف تلك‬ ‫ذلك من خالل الفصل بني الديني والسيايس والحرص‬ ‫فكري قد يعتربه البعض انتكاسة حقيقية وتراجع‬
‫الحالة ستتعارض مع ديونطولوجية نظرية للعدالة‬ ‫عىل الحياد االكسيولوجي للدولة‪ ،‬ولكن ذلك ال يعني‬ ‫عن مدنية الدولة التي تحرص عىل الفصل الجذري‬
‫التي تدافع عن فهم كوني تعددي ينفتح عىل كل‬ ‫ان رجل السياسة يف النظام الديمقراطي ال يمكن‬ ‫بني الديني والسيايس وعىل الحياد االكسيولوجي‬
‫املذاهب الدينية و الفلسفية املعقولة‪.‬‬ ‫له البتة استعمال الرموز الدينية او العودة اىل الدين‬ ‫للدولة وذلك من اجل تحرير السياسة من الحكم‬

‫تنويه ‪ :‬نظرا لوفرة المادة المرسلة إلينا من العديد من الكتاب والشعراء والقراء‪ ،‬فإننا نستسمح الجميع في شيء من التأخير في النشر مع الوعد‬
‫بأن جميع المراسالت محفوظة وستنشر في اإلبّان‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪24‬‬
‫‪24‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ّ‬
‫ملف االسبوع‬

‫ّ‬
‫مختصون في الفلسفة السياسية يستشرفون مستقبل الديمقراطية التمثيلية؟ ‪:‬‬

‫سيد نفسه؟‬
‫هل بإمكان الشعب أن يكون ّ‬
‫عواطف البلدي‬
‫تسود النقاش العمومي اليوم أسئلة حارقة في فضاءات العالم المعاصر المتقدم تحوم حول اعراض مرضية ‪ pathologique‬بدأت تبرز في بنية النظام‬
‫الديمقراطي التمثيلي‪ ،‬اذ ذهب بعض الفالسفة الغربيين اليوم إلى أن أزمة الديمقراطية التمثيلية هي أزمة بنيوية هيكلية وال حل إال بتجاوزها عبر ابتداع أشكال‬
‫تمس وتحرج النظام الديمقراطي في أعرق‬ ‫ّ‬ ‫من الديمقراطية المباشرة‪ .‬أسئلة فكرية وفي عمق النقاش األكاديمي والفلسفي المعاصر وهي أسئلة إشكالية‬
‫تمس بشكل مباشر وتحرج أيضا نخبتنا األكاديمية اليوم في تونس بسبب ما يطرح‬ ‫ّ‬ ‫الدول ممارسة كفرنسا وبريطانيا وألمانيا والواليات المتحدة وغيرها كما‬
‫اليوم‪.‬‬
‫والجهوية والوطنية‪.‬‬ ‫الفساد‪ ،‬ويفتح الباب للوبيات بكل أنواعها‪.‬‬ ‫كانت نشأتها األوىل يف بالد اإلغريق مع نظام املدينة الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬من الصعب رصد األخطاء وتحديد املسؤوليات‪ .‬ولعل‬ ‫إذا سلمنا مع جريمي بنتاهم‪ ،‬األب الروحي لنظرية النفعية‪،‬‬ ‫ولدت الديمقراطية هناك يف بالد اليونان ثم عادت يف مضمون‬
‫األخطر من كل هذا‪ ،‬وضع السلطة يف مواجهة مبارشة مع الشعب‪،‬‬ ‫أن إسعاد أكرب عدد من الشعب هو موضوع وغاية كل حكم‪ ،‬كان‬ ‫حديث ومعارص منذ الثورات الكربى كالثورة االمريكية والثورة‬
‫دون وساطات‪ ،‬من شأنه أن يغذي الرصاعات إىل ما ال نهاية له‪.‬‬ ‫علينا التفكري يف قواعد ويف مبادئ الحكم الرشيد وجعل الشعب‬ ‫ظر لها‬‫الفرنسية والثورة االنقليزية‪ .‬يف رجعتها الثانية وبعد ان ن ّ‬
‫وتكون» حرب الكل مع الكل»‪ ،‬مسارنا الحتمي‪ .‬ألم ينبّه هوبز من‬ ‫سيد نفسه‪ ،‬لكن الوسائل ليست يف يد الشعب‪ ،‬بل يف أيدي ممثليه‪.‬‬ ‫وأصل مفاهيمها الفالسفة عاشت الديمقراطية تعثرات‬ ‫ّ‬ ‫املفكرون‬
‫هذا «الخطر الداهم»‪ ،‬بدعوته امللحّ ة اىل تأبيد التمثيلية يف الحياة‬ ‫الشعب هو مجموعة أفراد‪ ،‬واملطالبة بحكومة يرى فيها كل فرد‬ ‫وأزمات متعاقبة‪ .‬أصيبت بحاالت نكوص حني انترصت الفاشية‬
‫السياسية درعا من كل هذا؟؟؟‬ ‫ما هو أفضل‪ ،‬هذا التمني غري ممكن لوجود نزاع يف املصالح بني‬ ‫والنازية وعرف العالم مجازر ومذابح ودمار وخراب ثم عادت اثر‬
‫األفراد‪ ،‬والحل هو وضع السلطة يف أغلبية‪ ،‬وهو أمر ال يرض‬ ‫نهاية الحرب الكونية الثانية لتعرف موجات ثالث ولكنها كانت‬
‫محمد الشريف فرجاني‪:‬‬ ‫باألقلية لرتابط املصالح بينهما‪ .‬املشكل‪ :‬كيف نحافظ عىل هذا‬ ‫تصطدم يف عدة بلدان ببنيات استبداد عتيقة سواء يف ثقافات‬
‫الوفاق؟ بتصور تدبري مصطنع‪ ،‬هو النظام التمثييل واإلجراءات‬ ‫الشعوب أو يف سيادة طبائع االستبداد خاصة يف الرشق‪ .‬اليوم‬
‫الشعبويون يخلطون جهال‬ ‫الخاصة به‪ ،‬وتحديد رشوط مقاومة تعدي السلطة املتولد من‬ ‫وبعد توحد العالم يف نظام افرتايض ويف نظام سوق داخل قرية‬
‫أو مغالطة بين «الديمقراطية‬ ‫الديمقراطية‪.‬‬ ‫كونية‪ ،‬تشهد الديمقراطية التمثيلية أشد أزمة يف سريتها منذ‬
‫يف العقد االجتماعي‪ ،‬يف الفصل املعنون « يف النواب»‪ ،‬يوجه‬ ‫قرنني‪ ..‬إذ يشهد العالم اليوم صعود تيارات شعبوية يف قاراته‬
‫المباشرة» وديمقراطيات‬ ‫روسو نقدا حادا للنظام الربملاني‪ ،‬املعتمد يف ذلك الزمن يف‬ ‫الخمس وعودة خطرية لنزوع قومي ويقظة حادة ألنظمة «ما‬
‫«الوالء والتأييد»‬ ‫بريطانيا العظمى‪ .‬يذهب روسو إىل أن الشعب بمنح نفسه ممثلني‬ ‫تحت الدولة»‪ ..‬عصبيات قبلية وعشائرية وطائفية ومناطقية‬
‫وبتفويضه لسلطته للمدة النيابية‪ ،‬فهو يتنحى عن سيادته ويتخىل‬ ‫وعرقية ومذهبية‪ ...‬يف ظل هذا املناخ الجيوسيايس امللتبس يُدار‬
‫عن حريته‪ .‬وإذا كان من املمكن تساوق ما يريده الشعب والنواب‬ ‫حوار بني عقول العالم غماره‪ :‬هل باإلمكان إصالح الديمقراطية‬
‫«الديمقراطية هي أسوأ‬ ‫يف لحظة ما‪ ،‬فذلك ال يضمن هذا املسعى طيلة كل املدة‪ .‬فعوض‬ ‫التمثيلية أم أنها إىل زوال وأفول وفناء؟ وهل نشهد مخاض ميالد‬
‫نظام باستثناء كل النظم‬ ‫أن يدفع الشعب‪ ،‬يقرتح روسو‪ ،‬أجرا ألشخاص لسن قوانني‪ ،‬كان‬ ‫أنظمة الجموع والجماهري وتباشري ظهور الديمقراطية املبارشة‬
‫األخرى» ‪ :‬وهذه املقولة‬ ‫عليه قبول خالص نفسه إذا تعني عليه انجاز ذلك»‪ .‬وتزداد أزمة‬ ‫حيث ال تمثيل وال سيادة إال للشعب وللجماهري مبارشة؟‬
‫تنطبق‪ ،‬لألسف أو لحسن‬ ‫الديمقراطية التمثيلية يف تجذر حدودها تجاه التيارات املنددة‬
‫الحظ‪ ،‬عىل الديمقراطية‬ ‫بالعوملة املتوحشة واملطالبة بعالم آخر أكثر عدالة وأكثر تضامن‪،‬‬ ‫حميّد بن عزيزة‪:‬‬
‫وتجاه التحدي االيكولوجي‪ ،‬الذي يدعو أصحابه إىل تأسيس‬
‫التمثيلية التي هي‪ ،‬دون‬
‫شك‪ ،‬يف أزمة باتت تهدد‬ ‫مؤسساتي جديد يدمج جرعة كبرية من الديمقراطية التشاركية‬ ‫هل العيب في الفكرة ونموذج‬
‫الديمقراطية بصورة عامة‬ ‫والتداولية‪ ،‬ألن السلطة تتميز بعطالتها وهو ما يعيق القرار‬ ‫حكمها‪ ،‬أم في قصور النخب‬
‫الجماعي‪.‬‬
‫أيا كان شكلها سواء كانت‬
‫أو‬ ‫«مبارشة»‬ ‫يذهب دريدا إىل أقىص الحدود بتنظريه لفكرة الديمقراطية‬ ‫السياسية وتعطل مخيالها‬
‫«تشاركية»‪ ،‬برملانية‬ ‫املؤجلة‪ ،‬مؤجلة لعدم تطابق مبدئها مع نموذج مطمحها‪ ،‬وهو ما‬ ‫السياسي؟‬
‫أو رئاسية أو‬ ‫أنتج ديمقراطية املارقني (‪ ،)Derrida، Voyous 2003‬ال أحد ينكر‬
‫مختلطة‪ ،‬يف البلدان‬ ‫مثلما وقف عليه تزفيتان تود وروف يف مؤلفه «أعداء الديمقراطية‬
‫التي لها مؤسسات‬ ‫الحميميون» (‪ ،)2012‬أن عدو الديمقراطية داخيل‪ ،‬ال خارجي‬ ‫‪ /1‬الديمقراطية التمثيلية بني الشغف واالنكسار‪.‬‬
‫ديمقراطية عريقة‬ ‫وأن انحرافات عديدة باتت تهددها‪ ،‬مثل النزعة الوطنية املفرطة‬ ‫ما يعاب اليوم عىل قصور الديمقراطية التمثيلية ليس أمرا‬
‫تعود نشأتها إىل عقود أو قرون‪ ،‬أو يف البلدان التي مازالت يف‬ ‫وكره األجنبي وانعدام أخالق الضيافة والنفوذ الطاغي لوسائط‬ ‫جديدا ومستحدثا‪ .‬يكفي الرجوع إىل املتن الفكرية املختلفة‬
‫بداية عهدها بالديمقراطية أو هي يف مرحلة التطلع لها‪ .‬وال تعود‬ ‫اإلعالم الجديدة‪ ،‬والنزعة الليربالية املتوحشة يف النهج االقتصادي‪،‬‬ ‫التي راكمت أزمة هذا النهج يف الحكم حتى نتبني مضامني النقد‬
‫األزمة إىل طبيعة «الديمقراطية التمثيلية» كما يزعم الشعبويون‬ ‫وتر ّذل السياسة وطفوح الشعبوية يف بلدان عديدة‪.‬‬ ‫املوجه لها والحلول املقرتحة لتجاوز هذه األزمة‪ .‬ولعل من بني‬
‫الذين يخلطون‪ ،‬جهال أو مغالطة‪ ،‬بني «اليمقراطية املبارشة» التي‬ ‫لكن يف ترتيب األنظمة السياسية‪ ،‬يمكن اعتبار الديمقراطية‬ ‫املآخذ الكربى‪ ،‬التي يقف عليها‬
‫ال يمكن أن تتحقق إال يف إطار جماعات محدودة العدد تتعايش‬ ‫أفضلها‪ ،‬أو مثلما قال ترششل األقل سوء‪ ،‬ال ألنها تعبري عن اإلرادة‬ ‫أغلب املحللني‪ ،‬الطالق بني الشعب‬
‫يف مواطن غري متباعدة‪ ،‬وديمقراطيات «الوالء والتأييد» كما تمت‬ ‫العامة فقط‪ ،‬بل ألنها تقوم عىل العقل وتتضمن يف داللتها العملية‬ ‫وممثليه‪ ،‬وتجذر رصاع املصالح‬
‫ممارستها من طرف الفاشية والنازية والديكتاتوريات املدعية‬ ‫مبادئ املمارسة الشفافة يف إجراءاتها الحقوقية والسياسية‪.‬‬ ‫املتنافرة بينهما‪ ،‬ومنحى هؤالء‬
‫للديمقراطية‪.‬‬ ‫هل العيب يف الفكرة ونموذج حكمها‪ ،‬أم يف قصور النخب‬ ‫املمثلني تقديم مصلحتهم‬
‫ومن أهم أسباب أزمة «الديمقراطية التمثيلية» استفحال ظاهرة‬ ‫السياسية وتعطل مخيالها السيايس؟ ومن ثمة عجزها عن إصالح‬ ‫األنانية الخاصة عىل مصلحة‬
‫الفساد التي هي نتيجة ضعف‪ ،‬أو غياب‪ ،‬آليات الرقابة واملحاسبة‬ ‫االنحرافات‪ ،‬وبالخصوص تصور وسائل الحماية منها‪.‬‬ ‫املجموعة‪ ،‬والعمل يف إطار‬
‫املبارشة عىل الحكام املنتخبني‪ ،‬واملفروض أنهم يجسدون «حكم‬ ‫‪ /2‬وهم الديمقراطية املبارشة‪.‬‬ ‫املجلس النيابي عىل تضمني‬
‫الشعب من طرف الشعب ومن أجل الشعب»‪ .‬واملقصود باملحاسبة‬ ‫أما الديمقراطية املبارشة فهي ال تخلو من االحراجات وحدودها‬ ‫مكتسبات مادية حينية‬
‫املبارشة هو القيام بما تقتضيه من إجراءات وتتبعات يف اإلبان‪ ،‬حال‬ ‫كثرية ‪ ،‬زيادة عىل كلفتها‪.‬‬ ‫(املنح واالمتيازات‪ ،‬ونسيج‬
‫وقوع الخطأ أو املخالفة‪ ،‬وعدم انتظار نهاية املدة النيابية ملحاسبة‬ ‫‪-‬أن نمكن كل املواطنني من االقرتاع عىل كل القوانني‪ ،‬يحمل‬ ‫العالقات الزبونية) ومستقبلية‬
‫وإقالة من أساء الترصف فيما أسند له من مهام عند انتخابه‪ .‬وال‬ ‫حاجز الوقت‪ ،‬خاصة إذا تعلق األمر بكل املستويات‪.‬‬ ‫(تحصني ما بعد النيابة بسن‬
‫بد يف هذا الصدد من اعتماد مبدأ التفويض اإللزامي الذي يقتيض‬ ‫‪ -‬تعويم السلطة تحت مسمى الحكم للشعب‪ .‬ولعل مفارقة‬ ‫قانون نظام تفضييل خاص‬
‫اإلقالة الفورية لكل من لم يلتزم بما تعهد القيام به عند ترشحه‬ ‫« الحكم للشعب» هي أن الشعب ال يحكم وال يمكنه ان يحكم‬ ‫للتقاعد)‪ .‬ومثل هذا‬
‫وأقسم عىل القيام به عند قبوله تقلد صفة ممثل للشعب وبارش‬ ‫مبارشة‪.‬‬ ‫الوضع من شأنه أن‬
‫ما أسند إليه من مهام‪ .‬كما يقتيض ذلك تقييد الحصانة حتى ال‬ ‫‪ -‬ال يشء يضمن غياب التوتر املستمر بني السلطات‪ ،‬املحلية‬ ‫يخلق مناخا يشجع عىل‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪25‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ّ‬


‫ملف االسبوع‬
‫وأمام تردي الوضع االجتماعي وتفجر الوضع السيايس‬ ‫تتحول إىل وسيلة لإلفالت من املحاسبة ومن العقاب‪ ،‬وتبقى‬

‫الديمقراطية‬
‫تراجع اعرتاف الناخبني بممثليهم وتهيأت األسباب لسحب‬ ‫رشطا ليقوم النائب‪ ،‬أو املكلف بمهمة‪ ،‬بواجباته بكل حرية‬
‫البساط منهم والبحث عمن يعرب مبارشة عن همومهم‬ ‫وليس ملخالفة القوانني أو لعدم القيام بما تم انتخابه من‬

‫العرجاء‬
‫ومشاعرهم ومعاناتهم اليومية‪.‬‬ ‫أجله‪ ،‬كالغياب عن عمله والتنكر ملا تم انتخابه عىل أساسه‬
‫تالز َم ضعف التمثيلية مع يقظة الشعبوية وتسارعت‬ ‫واالنتقال من املجموعة الربملانية التي انتخب يف إطارها إىل‬
‫وتريتها بعد الثورة‪ .‬والجميع يعلم أن الحمالت االنتخابية‬ ‫مجموعة أخرى‪ ،‬الخ‪ .‬وال يمكن للديمقراطية أن تنجح دون‬
‫السيد التوي‬
‫للمجلس الوطني التأسييس تمت بمنسوب كبري من‬ ‫أن تكون ممارستها يف إطار نظام أساسه «إرادة العيش معا»‬
‫حني تكون الديمقراطية مجرد إجراءات شكلية تقف عند عتبة التداول‬ ‫الجهوية‪ .‬وخفت البعد التمثييل للجمهورية ككلية جامعة‬ ‫وما يقتضيه وجود مثل هذه اإلرادة من تضامنات وحقوق‬
‫السلمي عىل السلطة وعند حقوق االنسان ومتعلقاتها فإنها بالرضورة‬ ‫خالل الفرتة التأسيسية لتطغى النزعات الفئوية والحزبية‬ ‫تجعل املواطنني يشعرون بأن انتماءهم للمجتمع وللوطن‬
‫تفيض إىل بروز مسوخ سياسية مفلسة ومضحكة‪ .‬لِنعد إىل الوراء ونعدد‬ ‫والجمعياتية عىل أرضية مصلحية ضيّقة تخفي كمّ ا هائال‬ ‫ليس مفروضا عليهم ويمكنهم االستغناء عنه‪ ،‬بل هم يف‬
‫الشخصيات التي كانت فاعلة يف تونس بعد ‪14‬جانفي وسنكتشف أننا‬ ‫من التسيب والفساد وعدم الكفاءة‪ .‬وتخشبت الخطابات‬ ‫حاجة له ويتطلب منهم املشاركة يف ما يساهم ترسيخه‪.‬‬
‫تناولنا أسوأ نوع من الديمقراطية وهو ما تسبب يف إسهال دائم يف حرية‬ ‫الكلية التي تستعمل مصطلح الشعب والجمهورية لتصبح‬ ‫ومن واجب ممثيل الشعب املنتخبني السهر عىل رسم وتنفيذ‬
‫مجرد رسديّة باهتة ال طعم وال لون لها‪ .‬كل ذلك هيّأ أرضية‬ ‫سياسات هدفها تحقيق ما يدعم إرادة العيش معا وما تقوم‬
‫التعبري املفرغة من أي مضمون فكري ويف شلل نصفي جعلنا نراوح‬
‫مالئمة لصعود شعبوية غ ّذت الرئيس قبل انتخابه ألنه كان‬ ‫عليه من تضامنات وحقوق أساسية – اقتصادية واجتماعية‬
‫مكاننا يف مستنقع الفقر والفساد‪ .‬وهذه األدواء التي أملت بنا ال سبيل‬
‫يف اتصال مبارش بالجماهري ويف استماع مرهف لهمومهم‬ ‫وثقافية وسياسية – ال معنى للمواطنة إال بتوفرها‪ .‬ومن‬
‫للخالص منها إال بتصحيح الديمقراطية وأول خطوة إلنجاز هذه املهمة‬ ‫أسباب أزمة الديمقراطية‪ ،‬فضال عن بقية النظم السياسية‪،‬‬
‫ومعاناتهم‪ .‬وتغذت منه بعد انتخابه ‪ :‬تغذت من سمعته‬
‫الصعبة والعسرية تتمثل يف العمل عىل وصل الديمقراطية بالتنمية حتى‬ ‫كرجل نظيف ومستقيم وغذاها بمنسوب الثقة العايل الذي‬ ‫ما تفرضالليبريالية الجديدة من تخيل الدولة عن دورها يف‬
‫ال تكون مجرد أكمة يختفي وراءها اللصوص واملشعوذين والكهنة‪،‬‬ ‫يحظى به لدى عدد غفري من الناس‪ .‬تغذت منه ألنه يظهر يف‬ ‫تأمني مقومات إرادة العيش معا‪.‬‬
‫اذ ال يمكننا أن نتحدث عن ديمقراطية يف غياب السيادة الوطنية وما‬ ‫صورة داعية أخالقي أو «ويل سيايس صالح» جاء ليخلص‬
‫تقتيض من إرساء منوال تنموي يخرج بالتونسيني من اقتصاد الكفاف‬ ‫البالد والعباد من الظلم والفساد وتغذى منها ألن األغلبية‬ ‫محسن الخوني أستاذ‬
‫إىل اقتصاد اإلنتاج والوفرة بشكل يتحقق معه خلق فرص العمل وتعبيد‬ ‫التي تسنده تثق فيه ثقة تامة بعواطف جياشة تشحن ذاتها‬ ‫محاضر في الفلسفة السياسية‬
‫الطريق لبلوغ دولة الرفاه‪ ،‬وهذا املنوال يجب أن تسنده خطة واضحة‬ ‫بذاتها‪.‬‬ ‫واالجتماعية‪:‬‬
‫املعالم جوهرها الرهان عىل العلم واملعرفة والعقالنية‪.‬‬ ‫لقد فهم الرئيس مزاج األغلبية وهذا فضله عىل األغلبية‬
‫إال أن الديمقراطية ال يمكن ان نسري بها إىل األهداف التي من‬ ‫كما كتب صديقي محمد صالح عمري وأصبح يظهر‬ ‫حكم الشعب نفسه‬
‫املفرتض أن تجسدها يف غياب العلمنة الواضحة والرصيحة أي فصل‬ ‫بمظهر املجسد إلرادة الشعب ويفضل االلتحام بالجماهري‬
‫الشعب ويبتعد عن وسائل‬ ‫عىل االجتماع والتحاور مع ممثيل ّ‬ ‫بنفسه ديمقراطيا ال يمكن‬
‫الدين عن الدولة وتجذير منطق قبول اآلخر وتدويل الفكر النقدي‪ .‬كل ما‬
‫ذكرنا يجب أن يكون يف مرشوع تتوىل أمره نخبة سياسية تقدمية تحدد‬ ‫اإلعالم التي لم تتخلص نهائيا من سمعتها السيئة ويستعمل‬ ‫أن يتحقق في الواقع‬
‫األولويات وتعرف مسالك غرس قيم الديمقراطية الحقة يف مجتمع ال‬ ‫وسائل االتصال الجماهريية الجديدة عرب الفيديوات‬
‫الرئاسية‪.‬‬
‫يتسنى من خالل نسيجه الحايل سوى أن يفرز الفكر الرجعي املتخلف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ال شك أن انتشار تصورات الديمقراطية الشعبوية‬ ‫ّ‬ ‫قد أفاجئك بالقول إن‬
‫وهذا االقتدار يقتيض فهم طبيعة املجتمع التونيس وخصوصياته ودمج‬
‫واملبارشة تعبري عن فشل التمثيلية جراء األداء اليسء‬ ‫الديمقراطية متالزمة دوما‬
‫الديمقراطية بالتنمية مثلما يتطلب الوعي العميق بالعوائق والعراقيل‬ ‫للممثلني‪ .‬وتعبري عن وقوع يف إغراءات سحريّة للعواطف‬ ‫كتصور وواقع مع األزمة‪،‬‬
‫التي تحول دون غرس نبتة الحداثة يف صورتها األصلية واملنقحة‪.‬‬ ‫واالنفعاالت التلقائية للجماهري الحاملة‪ ،‬فهل الحل يف التمادي‬ ‫ففي العرص القديم‬
‫إن قراءة متأنية للخطاب السيايس يف تونس منذ زلزال ‪14‬جانفي‬ ‫يف ازدراء الشعبويّة والعمل عىل تجاهلها والدفاع املستميت‬ ‫ساد تصور صاغه‬
‫يكشف أن املأزق يتصل رأسا بالنخبة التي بقيت تتخبط يف فهمها‬ ‫عن التمثيلية؟‬ ‫أفالطون وأرسطو‬
‫للديمقراطية عن قصد وعن غري قصد‪ ،‬فجزء من هذه النخبة حرصها‬ ‫ّ‬
‫ال يبدو يل أن ذلك هو الحل؟ أعتقد أن الحل ال يكمن‬ ‫أن سلطة‬ ‫ّ‬ ‫مفاده‬
‫يف حقوق اإلنسان والحريات والجزء اآلخر لخصها يف تجديد العالقة بني‬ ‫يف استبدال الشعبوية بالتمثيلية أو التمثيلية بالشعبويّة‪،‬‬ ‫الشعب أي الديمقراطية‬
‫الدين والحداثة اتصاال وانفصاال أو تلفيقا‪ ،‬وقد تحول هذا التقابل يف‬ ‫وإنما يف أخذ االعرتاضات الشعبوية مأخذ الجدية إلصالح‬ ‫مهدّدة دوما باالنزالق إىل‬
‫الفهم حني اقرتانه بالتموقع واملحاصصة والفساد إىل شعارات متكلسة‬ ‫التمثيلية وبالكف عن اعتبار الشعبوية حال سحريا والنظر‬ ‫حكم ال ّرداءة أو الطغيان‪.‬‬
‫لفظها الشعب وعدها مدعاة للسخرية والتندر والسخط والقرف‬ ‫إىل مطباتها الكربى وأولها مطبّ مفهوم الشعب‪ ،‬هذا الذي‬ ‫ورغم رفع روسو منذ العرص‬
‫حتى انترشت بني الجماهري الشعبية فكرة املخلص الذي سيمأل الدنيا‬ ‫«يخطب» الجميع ودّه‪ .‬ليس الشعب يف الواقع كتلة متجانسة‬ ‫الحديث قيمة الديمقراطية‬
‫عدال بعد أن ملئت جورا‪...‬وعادت هذه الجماهري أدراجها يف طموحها‬ ‫أو هويّة بسيطة‪ ،‬ليس الشعب مج ّرد أرقام يف صناديق‬ ‫إىل درجة الحكم الكامل‬
‫االنتخابات أو مجرد نخب املال أو الثقافة أو السياسة‪ .‬وعىل‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫فإنه اعترب‬
‫مساومة القوت بالعصا‪ ،‬ويف املقابل انخرطت النخبة بيسارها ويمينها‬
‫كل سيايس إن أراد ّأل يبقى مجرد فقاعة رسيعة االندثار أو‬ ‫من‬ ‫شعبا‬
‫ووسطها يف سعار الدفاع عن الحرية التي لم يستفد منها غريها‪ .‬وتبعا‬
‫مج ّرد عابر لطريق التاريخ أن يجد املعادلة التي توفق بني‬ ‫اآللهة وحده‬
‫لذلك تعددت املصائب وتراكمت حتى بتنا يف مهب الريح نطارد أخبار‬ ‫العدل والنظام والحرية يف حكم النخب والحشود‪.‬‬ ‫يمكن أن يحكم نفسه ديمقراطيا‪ .‬وبما أن شعبا من اآللهة‬
‫الفاسدين الذين يظهرون كالرساب ما إن نتوقع اإلمساك بهم حتى‬ ‫أي من األفراد الكاملني لم يوجد ولن يوجد فإن حكم الشعب‬
‫نتفاجأ بأن ال يشء يف قبضتنا‪...‬‬ ‫فوزية ضيف هللا أستاذة في الفلسفة ‪:‬‬ ‫لنفسه بنفسه ديمقراطيا (باملعنى املثايل) ال يمكن أن‬
‫إذن الديمقراطية التي يستفيد منها السمارسة والعبو النرد‬
‫تُنسى إرادة الشعب‪ ،‬ويتم‬
‫يتحقق يف الواقع‪ .‬الديمقراطية الكاملة ال وجود لها يف عاملنا‪.‬‬
‫والراقصون عىل كل الحبال ال معنى لها‪ ،‬الديمقراطية التي تعشش بني‬ ‫هذا عن الديمقراطية كمثال ونظام كامل من الحكم‪ ،‬أما‬
‫شقوقها الشعوذة والخرافة أوىل بنا أن نسحقها ونسكب عليها الزيت‬
‫ونحرقها‪ ،‬الديمقراطية التي جعلت االستعمار يزرع أرضنا بإضمار‬
‫االستغناء عن صوته‪ ،‬بعد‬ ‫الديمقراطية التمثيلية فهي كشكل من أشكال الديمقراطية‬
‫تمر بأزمة عاملية وما أزمتها يف تونس إال عينة عن ذلك وربما‬
‫وترصد قصد برت أعضائنا وتحويلنا إىل قبائل من مشوهني يجب أن‬ ‫انتهاء الحمالت االنتخابية‬ ‫إجابتي تكون أوضح عندما أر ّكز عىل املثال التونيس‪.‬‬
‫نتقيأها‪ ،‬الديمقراطية التي يروج لها إعالم مفلس وتافه من الرضوري‬ ‫لقد تجلت األزمة أخريا يف خيبة أغلب املواطنني يف‬
‫قطع دابرها‪.‬‬ ‫الربملانيني أساسا بصفتهم ممثيل الشعب حني انفلتوا من‬
‫ُ‬ ‫تشهد الديمقراطية التمثيلية أزمة‬ ‫عقالهم وأصبحوا يترصّ فون دون اعتبار لسلط الرقابة‬
‫الديمقراطية التي سالت يف الغرب من أجلها دماء تجري انهارا كلما‬
‫عميقة يف العالم ألن الرشوط القائمة‬ ‫الشعبية والجمعياتية واألخالقية وكأنهم تحصلوا عىل‬
‫يرتقي اإلنسان يف سلم الحرية وتطويع الطبيعة بآلة العقل الجبارة‬ ‫عىل إمكان تحققها عاجزة عن‬
‫ال يمكن أن ينهض بأعبائها نخبة سياسية أثبتت أنها مصابة بداء‬ ‫تفويض تام ونهائي من ناخبيهم‪ .‬والثورة التي كانت دون‬
‫تمثيل إرادة الشعب‪ ،‬غري قادرة‬ ‫قيادات (مثلما يقال) رسعان ما أفرزت عرشات األحزاب‬
‫الزعامتية وبأمراض عديدة أكثرها خطورة الزهايمر املبكر فبعد عرشية‬ ‫عن التعبري عن سقف طموحاته‪،‬‬ ‫ومئات القادة الذين خوّل لهم القانون االنتخابي أن يكونوا‬
‫من زلزال ‪ 14‬جانفي نسيت هذه النخبة شعارات الشعب وهي الشغل‬ ‫وغري متالئمة مع ما يعيشه‬ ‫ممثلني لناخبيهم وغري ناخبيهم‪ .‬ورسعان ما قطع الكثري‬
‫والحرية والكرامة‪.‬‬ ‫فعال من صعوبات معيشية‬ ‫منهم صالتهم بناخبيهم‪ ،‬وهذه نقطة ضعف الديمقراطية‬
‫لكن يف هذا الظالم املعتم واملتاهة املعقدة سيولد أحرار تتقد عيونهم‬ ‫واقتصادية‪ .‬وهكذا فال تلتزم‬ ‫التمثيلية‪ ،‬وأصبحوا يسلكون وكأن ال رقيب وال نذير‪.‬‬
‫كالذئاب يف الربية وسيقودون هذا الشعب املسحوق واليائس إىل النور‪..‬‬ ‫هذه الديمقراطيات املزعومة‬ ‫يستغل كثري منهم تواجده بالربملان لحصد املنافع الشخصية‬
‫إني أكاد أسمعهم واستشعر حرارة عيونهم‪ ،‬إني أكاد أحس بصوت‬ ‫بتنفيذ ما التزمت به‪ ،‬رغم‬ ‫والحزبية بجشع ال حدود له‪.‬‬
‫العقل املدوي يف الكهف الذي مكثنا فيه طويال‪.‬‬ ‫أنها كانت قد أخذت‬ ‫لقد أدّى تفاقم أزمة التمثيلية إىل صعود الشعبويّة وهي‬
‫سيولد محاربون من رحم هذا الشعب يقاتلون برشف وبدراية من‬ ‫مرشوعية تواجدها السيايس‬ ‫خزان تصوّرات الديمقراطية املبارشة‪ .‬لقد أدت ثورة تونس‬
‫أجل الحياة التي خرسناها منذ أمد بعيد‪...‬‬ ‫واألنطولوجي انطالقا من‬ ‫التي كانت يف املخيال الشعبي دون قيادات إىل ظهور فقاقيع‬
‫ادعائها الدفاع عن هذه‬ ‫حزبية وجمعياتية اجتاحت الساحة السياسية التمثيلية‪.‬‬
‫االرادات الضعيفة‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪26‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫ّ‬


‫ملف االسبوع‬
‫‪ .2‬ممكناتها‪:‬‬ ‫تُقويّ الديمقراطية التمثيلية وجودها ومسارها‪ ،‬فتتغوّل وتكرب‬
‫فإن مهاد الديمقراطية التمثيلية صار‬ ‫توفرت تلك األركان‪َّ ،‬‬ ‫إذا َّ‬ ‫المولدي عزديني‪،‬‬ ‫إعالميا وتهيمن سياسيا وطنيا وعامليا وتنمي أرصدتها البرشية‬
‫أن تمام األمر‪ ،‬ويف حدود اإلمكان طبعا‪ ،‬يحتاج إىل‬ ‫ممكنا‪ .‬غري َّ‬ ‫أستاذ الفلسفة بكلية اآلداب‬ ‫واملالية‪ ،‬بدعوى أنها تتهيّأ لتجهيز البنية التمثيلية الرادة الشعب‪.‬‬
‫طرد للمجتمع يف‬ ‫نحو يشهد بنماء م ّ‬
‫ٍ‬ ‫عىل‬ ‫الشعبية‬ ‫تفعيل لإلرادة‬
‫ٍ‬ ‫ولكنها يف حقيقة األمر‪ ،‬تستند عىل استغالل اسم الشعب‪ ،‬وتتحدث‬
‫مؤسساته التسيريية والتنموية‪َّ .‬‬
‫والعلوم اإلنسانية بصفاقس‪:‬‬ ‫عن وجود وهمي لالرادة‪ .‬فقد ال تكون الديمقراطية التمثيلية إال ّ‬
‫وإن‬ ‫قوانينه املادية واألخالقية ويف َّ‬
‫تفعيال من هذا القبيل ليظ ُّل حتما رهن ُّ‬
‫توفر ثالثية‪ .‬أوَّلها‪ ،‬إنماء‬ ‫الديمقراطية التمثيلية‪ :‬أركانها‪،‬‬ ‫مجرد تجميع ألصوات فردية‪ ،‬رغم أن ارادة الشعب يف واقع األمر‬
‫مؤسسات الدَّولة باملال واملوارد البرشية والربامج االسرتاتيجية‬
‫الوطنية املفضية وجوبا إىل شعور الشعب بانتمائه إىل الحضارة‬
‫َّ‬
‫ممكناتها وعيوبها‬ ‫عصيّة عىل الجمع واالختزال‪.‬‬
‫تُنىس إرادة الشعب‪ ،‬ويتم االستغناء عن صوته‪ ،‬بعد انتهاء‬
‫والتاريخ‪ .‬وليس للجمعيات غري الحكومية‪ ،‬باسم االستقاللية‪،‬‬ ‫الحمالت االنتخابية‪ .‬فال تمثل الديمقراطية بعد ذلك سوى نماذج‬
‫بداية‪ ،‬تكون الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬وفقا‬
‫أن تقع يف التبعية (أيًّا كان نوعها) أليَّة جهة معادية‬ ‫من أحزاب متناحرة‪ ،‬تتخاصم عىل افتكاك الهيمنة واملشورة باسم‬
‫مرتجمة لروح الشعب وتط ُّلعاته‬ ‫ِ‬ ‫ملاهيتها‪،‬‬
‫لتط ُّلعات الشعب‪ .‬ثانيًا‪ ،‬التمييز بني السلطات الترشيعية‬ ‫ُ‬
‫أن االنتخابات التي نجحت يف التأثري‬ ‫ارادة الشعب نفسها‪ .‬فيتضح ّ‬
‫التاريخية‪ .‬وقدر اإلمكان‪ ،‬تما َرس‬
‫والتنفيذية والقضائية دون الفصل بينها‪( .‬فالصحيح‬ ‫عىل الشعب كانت قد سلكت يف طريقها إىل السلطة طرق ملتوية‪،‬‬
‫هو أن نقول تمييزا ‪ distinction‬ال فصال ‪séparation‬‬
‫السياسة العامَّ ة للبالد داخليًّا وخارجيًّا‬
‫وباعت مصائر الشعب‪ ،‬بعد أن غاب عن ناظريها أنها رهينة‬
‫رغم استخدام ديدرو للكلمة‪ .‬املهم ال يسمح مقام‬ ‫حسب هذه التط ُّلعات‪ .‬فليست عافيتا‬
‫الضمري الوطني الذي غاب وسط رصاع الحلبة‪.‬‬
‫الحال بالنظر يف املسألة)‪ .‬وثالثًا‪ ،‬أن تكون التنشئة‬ ‫الشعب والديمقراطية يف بلدٍ ذي سيادة‬
‫تنشأ الديمقراطية بشكل نخبوي متسرت‪ ،‬ذلك ما يت ّم مالحظته‬
‫الثقافية العامَّ ة لألجيال املجتمعية قائمة عىل جملة‬ ‫عىل ذاته كمثلهما يف دولة منقوصة‬
‫امبرييقيا‪ ،‬وتتالىش األهداف العامة عىل حساب النوايا الضيقة‬
‫من القيم الرفيعة وأهمّ ها‪ :‬أخالق الرفعة والحريات‬ ‫السيادة الوطنية أو مفتقدِ ة إليها‪ .‬وأيًّا‬
‫واملصالح الشخصية‪ .‬فتصبح االرادة الكلية للشعب مقترصة عىل‬
‫كان الوضع التاريخي الذي عليه الشعب‪،‬‬
‫السياسية والعلمية والنقابية وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫هيأة إرادات مجزأة‪ ،‬واألخطر من ذلك هو أن يت ّم قمعها وإسكاتها‪،‬‬
‫فالسبيل األقرب‪ ،‬بالنسبة إىل شعب منتظم‬
‫ترويضها وتدجينها‪ ،‬للدفاع عن مصالح أطراف معينة تحت غطاء‬
‫‪ .3‬عيوبها‪:‬‬ ‫يف جمهورية‪ ،‬كامنة يف االحتكام إىل منظومة‬
‫الديمقراطية التمثيلية دوما‪.‬‬
‫أن إيجابية الفكر الديمقراطي كامنة‬ ‫يبدو َّ‬ ‫من االجراءات الديمقراطية لتدبري الشأن العام‪.‬‬
‫لذلك تذهب العديد من املناطق يف العالم بسويرسا وأملانيا وحتى‬
‫أن الديمقراطية التمثيلية هي األقل‬ ‫وع َّلة ذلك‪َّ ،‬‬
‫املؤسساتية عىل‬‫َّ‬ ‫إجماال يف مقدرته‬ ‫كندا اليوم اىل التخيل عن الديمقراطية التمثيلية واالستعاضة عنها‬
‫تصويب أخطاء املمارسة من داخل‬ ‫سوءًا مقارنة بسائر منظومات الحكم‪.‬‬
‫بالديمقراطية املبارشة‪ .‬إن املرور اىل املطالبة الفعلية واملبارشة هو‬
‫الفكر الديمقراطي نفسه‪ .‬غري َّ‬
‫أن‬ ‫‪ .1‬أركانها‪:‬‬
‫أكرب دليل عىل فشل الديمقراطية التمثيلية‪ .‬فيُصبح الفعل السيايس‬
‫عيوبا ثالثة نسوقها تِباعا واختصارا‪.‬‬ ‫الديمقراطية‬ ‫تحتاج‬
‫حي هو الشارع الذي يكون‬ ‫فعال مبارشا مرتبطا بفضاء عمومي ّ‬
‫أوَّلها‪ ،‬يف حال كانت الثقافة املجتمعية‬ ‫نحو ما هو‬ ‫ِ‬ ‫التمثيلية‪ ،‬وعىل‬
‫ممتلئا برصخة املطالبني بتنفيذ ارادتهم‪.‬‬
‫مفرتض يف عالقة بتأمني‬
‫فإن تنزيل من يقول يف السياسة ومن يتقوَّل‬ ‫العامَّ ة غري متعافية‪َّ ،‬‬ ‫ولكن‪ ،‬أال يبدو أنّه وفق هذا التصوّر‪ ،‬ستصبح الديمقراطية‬
‫جملة من األركان يمكن اختصارها‬ ‫ٍ‬ ‫الخاصة والعامَّ ة‪ ،‬إىل‬
‫َّ‬ ‫الحريات‬
‫فيها (عن قصور أو عن قصد) يف املقام نفسه من الندية باسم‬ ‫سلوكا شعبويا‪ ،‬فرديا‪ ،‬يخضع إىل أمزجة مختلفة؟ أال يبدو‬
‫املتواضع بشأنها‬‫َ‬ ‫يف ثالثية‪.‬أوَّلها‪ ،‬احرتام فعيل لقاعدة الحكم‬
‫حرية التعبري‪ ،‬هو العيب األخطر علميًّا وعمليًّا‪ .‬ثانيًا‪ ،‬التشبُّث بما‬ ‫رشط تحققها مرتهن بالسماح لجملة األصوات الفردية باحتالل‬
‫يف قوانني تدبري الشأن العام من شكالنية‪.‬فمثال إذا ثبت يقينًا‬ ‫واملعارض له‪ .‬ويرتتَّب‬
‫ِ‬ ‫مجتمعيًّا من قِ ب َِل سلطان َ ْي القائم عىل الحكم‬
‫مساحات التعبري (الساحات والشوارع واإلعالم) حتى وإن اختلفت‬
‫َّ‬
‫تتول إدارة العملية‬ ‫عن هذا االعرتاف بنتائج االنتخابات‪ .‬ثانيًا‪ ،‬أن‬
‫أن ممثّال للشعب قد يش ِّكل خطرا عىل‬ ‫للمخابرات و‪ /‬أو القضاء َّ‬ ‫وتضارب مواقفها‪ ،‬دون التفكري يف اللجوء إىل من يُمثّلها‪ ،‬بعد أن‬
‫األمن القومي للبلد‪ ،‬بجميع معاني الكلمة وأوسعها‪ ،‬فينبغي عزله‬ ‫االنتخابية برمَّ تها وجوبا هيئة مدنية‪ ،‬عىل أن تنحرص مهام أجهزة‬
‫انعدمت الثقة يف سياق التمثيلية؟‬
‫واستبداله بمن ييل يف قائمته يوم االقرتاع‪ .‬وال معنى وقتئذ للقول‬ ‫الجيش و‪ /‬أو األمن يف الحراسة وحماية الجوانب اللوجستية‬
‫صحيح أن املرور من بنية التمثيل اىل بنية الفعل السيايس‬
‫َّ‬ ‫مؤسسات الدولة والجمعيات غري‬ ‫َّ‬ ‫للعملية االنتخابية‪ .‬أمَّ ا جميع‬
‫بأن دورته هي كذا مدَّة زمنية مثلما ال معنى للحصانة‪.‬وثالثا‪،‬‬ ‫املبارش سيلغي الوسائطية‪ ،‬وسوف يجعل الشعب يطمنئ اىل تواجد‬
‫يخص معظم الدول املسمَّ اة ثالثية مقارنة بدول ذات‬ ‫ّ‬ ‫وربَّما هذا‬ ‫الحكومية فمطا َلبة وجوبا بتيسري ك ّل ما من شأنه أن يفيض‬
‫قدر أدنى من املرئية والشفافية‪ ،‬ولكن ألن تكون الديمقراطية‬
‫إىل اجراء االنتخابات يف أفضل الظروف املمكنة‪ .‬وثالثًا‪ ،‬ال يمكن‬
‫رسوخ تاريخي يف الثقافة الديمقراطية محليًّا‪ ،‬هو عدم تنزيل‬ ‫املبارشة رضبا من أشكال التقاتل التي تُعيد االنسان إىل الفوىض‬
‫ّ‬ ‫مسألة األمن القومي يف ك ّليتها‪ .‬ذلك َّ‬ ‫للديمقراطية من جهة قيامها (أركانا وممكنات) التخارج عن‬
‫متوقفة‬ ‫أن مناعة األمن القومي‬ ‫وإىل نظام الحرية الطبيعية بما فيها من تدافع قد ال تُحمد عاقبته؟‬
‫عىل ك ِّل يشء داخل املجتمع‪ ،‬وبدرجات مختلفة طبعا حسب‬ ‫مبدإ املبادئ يف الحياة املجتمعية العامَّ ة‪ :‬االعرتاف نظريًّا وعمليًّا‬
‫ألم تكن الديمقراطية ‪-‬سواء كانت تمثيلية أو مبارشة‪ -‬يف نظر‬
‫واملؤسسات والجماعات واألفراد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫حساسية القطاعات واملجاالت‬ ‫باالنتخاب وإنكار االنقالب (سواء أكان أحمر أم أبيض)‪.‬‬
‫نيتشه انجرافا‪ ،‬انحالال للتماسك وتتويجا للفوىض باسم الحرية؟‬

‫التلفزة ايام زمان‬ ‫صورة تتح ّدث‬

‫كيف تروّ ح الـ‪ 5‬متاع لعشية وتلقى تونس مازالت ما حلتش‬


‫وحاطة دورة متاع االرسال التلفزي التونسي ‪ ONT‬وتحل عالنشيد‬
‫الرسمي والقرآن والصور المتحركة (الكوميك‪ )..‬تحط محفظتك‬
‫بسياسة وتلقى امك في الكوجينة اتطيب في العشاء وتعمل‬
‫منو كسكروت قبل ما يطيب ‪...‬كسكروت حتى بالتاي‪.‬‬
‫تتفرج وتاكل وتخرج للحومة تلعب والمغرب تروّ ح قلبك خالي‬
‫شي كان قرايتك ولعبك وماكلتك وفي الـ ‪ 8‬محل‬ ‫ّ‬ ‫وما مشوّ شك‬
‫شاهد ومن توجيهات الرئيس واالخبار والنشرة الجوية وفي‬
‫السهرية مسلسل مصري ليالي الحلمية‪ ..‬ليلة القبض على‬
‫فاطمة ‪ ...‬غوار‪ ..‬واذا التلفزة عدمت (تحرقت) المسلسل في دار‬
‫الجيران نتفرجو فيه‪.‬‬
‫بكري كنا نتفرجو في المسلسل ونتفاعلو مع المواقف الكل‬
‫واذا لقطة تضحّ ك نضحكو الكل واذا لقطة تب ّكي تلقى كل حد يبكي‬
‫بالسرقة وساعات يتلف بملحفة واال بطانية في الشتاء ويغرد قد‬
‫ما يحب ‪...‬‬
‫احنا هذا عشناه بكل تفاصيلو وهللا يرحم كل من والديه توفاو‬
‫او توفي منهم واحد‪.‬‬
‫احلى ذكريات تونس زمان‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪27‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫حوار االسبوع‬


‫الفائز بالكومار الذهبي الهادي التيمومي لـ«الشارع المغاربي» ‪:‬‬

‫نجاح «قيامة احلشّ اشني»‬


‫قد يصبح عامل إرباك يل!‬
‫حاوره ‪ :‬شفيع بالزين‬
‫الهادي التيمومي مغرم منذ صغره بالشعر والرواية وفنون البالغة‪ .‬صقل تجربته بعد الباكالوريا‬
‫الجمع‬
‫ٓ‬ ‫بدراسة األدب والحضارة في الجامعة التونسية وبدأ يشق طريقه في كتابة الرواية ويحاول‬
‫بين جمال الطبيعة وجمال البالغة‪ .‬صدرت له إلى حد اآلن أربع روايات‪" :‬ملح قرطاج"‪" ،‬حكاية‬
‫من العالم السفلي" (عن دار الجنوب‪ )2013 ،‬و"يسقط الشاه" (عن دار سحر‪ )2015 ،‬و"الطاووس‬
‫والغربان" أو كليلة ودمنة مرة أخرى (عن دار مسكيلياني‪ )2019 ،‬و"قيامة الحشاشين" (عن دار‬
‫مسكيلياني‪ )2020 ،‬التي حازت مؤخرا على جائزة الكومار الذهبي‪.‬‬
‫"الشارع المغاربي" التقى الروائي للحديث عن تجربته وعن كواليس إسناد الجوائز األدبية‪.‬‬
‫ظفه بأساليب‬ ‫وك ٌّل يو ّ‬ ‫أهنئك عىل فوز روايتك "قيامة الحشاشني"‬
‫مختلفة من أجل الغاية‬ ‫بجائزة الكومار الذهبي‪ ،‬وبهذه املناسبة ماذا‬
‫التي تعنيه‪ ،‬ومِ ن بني‬ ‫يعني لك فوزك بهذه الجائزة؟ وما أهمية‬
‫النّاجحة‬ ‫استعماالته‬ ‫الجوائز األدبية بالنسبة إىل مسريتك األدبية‬
‫التّوظيف يف األعمال ال ّروائيّة‪،‬‬ ‫وتأثريها يف كتاباتك الروائية؟‬
‫أن التّاريخ يزخر‬ ‫ّ‬ ‫ذلك‬ ‫شكرا الهتمامكم بجهدي املتواضع و ِبتتويجي‬
‫بالدّروس والعرب‪ ،‬وما يحدث‬ ‫النقاد‪ ،‬واإلعجاب من‬ ‫الصغري‪ .‬هذا االهتمام من ّ‬ ‫ّ‬
‫اليوم قد يشبه ِمن قريب أو بعيد ما‬ ‫ّ‬
‫الق ّراء‪ ،‬هو التتويج األثمن والجائزة األهمّ‪ .‬وشكرا‬
‫حدث باألمس‪ ،‬فيُصبح الكالم عن املايض‬ ‫ملؤسسة كومار التي يف خض ّم املال واألعمال تُويل‬ ‫ّ‬
‫كالمً ا بال ّرمز عن الحارض‪ ،‬فإذا باملايض مرآة‬ ‫خصص جائزة لل ّرواية صارت‬ ‫ُ‬
‫اهتماما للثقافة وت ّ‬
‫الحارض أو ِمعوَل لِهدمه وإعادة بنائه‪ّ .‬‬
‫لكن‬ ‫أن الحصول‬ ‫الصعيد الوطني‪ .‬ال أكتمكم ّ‬ ‫األمجد عىل ّ‬
‫توظيف التّاريخ ينطوي عىل مزالق كثرية‪،‬‬ ‫عىل جائزة بمستوى الكومار الذهبي هو بالتأكيد‬
‫فاإلحاالت يجب أن تكون مسترتة غري مبارشة‪،‬‬ ‫مصدر رسور‪ ،‬ألنّه بمثابة اعرتاف ِبجودة ال ّرواية‬
‫الب ّد لنا من إعادة الحفر‬ ‫السطور‪،‬‬ ‫يُرتك للقارئ بذل الجهد لِيفهمها من وراء ّ‬ ‫التي أكتبها وتقدير لجهدي ومسريتي‪ ،‬وهو تقدي ٌر‬
‫الممنهج في كثير‬ ‫إن التّاريخ باملعنى التّوثيقي واألكاديمي ليس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ث ّم ّ‬ ‫من جمهور النّخبة والنقاد جاء بعد تتويج أوّل ِمن‬
‫جمهور الق ّراء‪ ،‬تكشفه ال ّ‬
‫ولكن التاريخ وسيلة إلبالغ‬ ‫وائي‬
‫غاية للعمل ال ّر ّ‬ ‫طبعات املتتالية لل ّرواية يف‬
‫من المس ّلمات‬ ‫ّ‬
‫النص‪.‬‬ ‫معاني‪ ،‬أو هو وعا ٌء وأدا ٌة إلثراء‬ ‫عربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أكثر من بلد‬
‫الحشاشني فتحت أمام القارئ نافذة‬ ‫ّ‬ ‫قيامة‬ ‫يف امللف الذي نرشته عواطف بلدي يف‬
‫صرت أشعر برهبة‬ ‫عىل حقبة تاريخيّة مُلغِ زة وشديدة الغموض‪ ،‬ث ّم‬ ‫"الشارع املغاربي" حول جائزة الكومار‬
‫من اإلقدام على كتابة‬ ‫وصلت املايض بالحارض فإذا بإرث حسن الصبّاح‬
‫ينفجر بيننا كمخزن ديناميت‪ ،‬وإذا لعنته تقوم‬ ‫والسكينة والقلق‪ ...‬وسائر أحوالها‬ ‫ّ‬ ‫والضعف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫تباينت مواقف الكتاب والنقاد من مصداقيتها‬
‫وموضوعيتها بني اإلقرار واإلنكار وصل إىل‬
‫املتق ّلبة‪ .‬ث ّم ّ‬
‫رواية أخرى‬ ‫بيننا وتتلبّسنا‪ ،‬فيأخذ بخناقنا ويسعى شبحُ ه‬ ‫إن الكتابة تعبري عن الخيارات الفكريّة‬
‫للكاتب‪ :‬عن قناعاته وأفكاره ومعارفه وتجاربه‪ ،‬وما‬
‫التشكيك يف نزاهة اللجنة املحكمة رغم اإلجماع‬
‫ا ُملخيف وأتباعُ ه املعارصون إىل طردنا من وطننا‬ ‫عىل استحقاق فوزك بالجائزة‪ .‬فما رأيك يف هذا‬
‫يُريد أن يَنقل إىل ق ّرائه من دواخل نفسه وقناعاته‪.‬‬
‫ضيق السوق وقلة‬ ‫ِليُقيموا عىل أنقاضنا مرشوعَ هم املظلم‪ .‬يجد القارئ‬
‫الهثا دون ّ‬ ‫ّ‬
‫التوسل‬ ‫أن الكتابة ال ّروائيّة هي ّ‬
‫فن‬ ‫لذلك أرى ّ‬
‫الجدل؟ وهل تعترب قرار لجنة الجائزة مؤرشا‬
‫ماض يجد ترجمتَه يف‬ ‫توقف بني ٍ‬ ‫نفسه ِ‬ ‫َ‬ ‫أو معيارا كافيا يمكن االطمئنان إليه؟‬
‫اإلقبال يجعالن من‬ ‫تأسس أصال عىل انحرافات‬ ‫حارضنا‪ ،‬وحارض قد ّ‬ ‫بأحداث وشخصيّات من أجل إبالغ معان ورسائل‬ ‫لم يبلغني لألمانة أيّ تشكيك يف جدارة "قيامة‬
‫طنة‪ ،‬يجتهد القارئ الستنباطها‬ ‫غا ِلبًا ما تكون مب َّ‬
‫الرواية نشاط هواة‬ ‫املايض وصار عليه أن يُحدّق يف املرآة لِـريى ما هو‬
‫غوّاص ال ِّلؤلؤ‪ ،...‬الكتابة‬
‫ُ‬ ‫واستكناهها كما يَفعل‬
‫الحشاشني" بالكومار الذهبي‪ .‬بالعكس فقد قوبلت‬
‫عليه من تـشوُّ ٍه واعوجاج‪ ...‬ك ّل ذلك ضمن حبكة‬ ‫ال ّرواية بإشادة واسعة واحتفاء دون أن يكون‬
‫ّ‬
‫الحشاشين" هي‬ ‫"قيامة‬ ‫طة تش ّد القارئ بقوّة رغم طول ال ّرواية‪.‬‬ ‫مُـمَ غنـ َ‬ ‫تشاركي بني كاتب مهووس ِبمعان‬ ‫ّ‬
‫إبالغها يف إناء جميل وثوب قشيب‪ ،‬وقارئ‬ ‫َ‬
‫إذن عمل‬
‫يُريد‬
‫عارفا ِبصاحبها‪ ،‬وتساءلوا ِبمن فيهم أعضاء‬ ‫ً‬ ‫أغلبهم‬
‫بم تفرس نجاح "قيامة الحشاشني"‬ ‫لجنة التحكيم عن هوية هذا ال ّرجل الذي خرج من‬
‫رواية النبـش المُ ضني في‬ ‫روائيا؟ وإىل أي مدى كان للحبكة الرسدية‬ ‫يُصبح بشكل من األشكال امتدادا عضويّا للكاتب‬
‫ّ‬
‫النص عربَ تأويله‬ ‫طا يف إعادة كتابة‬ ‫ُشار ًكا نش ً‬
‫أن كالما قد يُقال عن ك ّل جائزة‬ ‫الظ ّل‪ .‬لكن تعلم ّ‬
‫وم ِ‬ ‫ُ‬
‫موروثنا الفكري بجانب ْيه‬ ‫املتقنة إضافة إىل األحداث التاريخية املشوقة‬
‫دور يف شد القارئ إىل عالم الرواية؟‬
‫َ‬
‫ومَ نحه معاني جديدة وأبعادا وتفاسري تزيده ثراء‪.‬‬
‫ورضا الجميع غاية ال تد َرك‪.‬‬ ‫وعن ك ّل لجنة تحكيم‪ِ ،‬‬
‫ذكرت يف بعض وسائل اإلعالم أن الجائزة‬
‫ِ ِ‬
‫والمظلم‬ ‫المُ ضيء‬ ‫دسمة ذات مَ ذاق‬ ‫"قيامة الحشاشني" طبخة ِ‬ ‫باث ومتقبّل‪ ،‬أحدُهما‬ ‫ثنائي بني ّ‬
‫ّ‬ ‫األدبي عم ٌل‬
‫ّ‬ ‫النص‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقية هي نجاح الرواية يف إقناع القراء‬
‫مختلِف‪ ،‬كان حصيلة تفاعل بني كثري من البهارات‬ ‫ينتج واآلخر يُؤوّل‪ ،‬وال مكان فيه لِطرف ثالث اسمُه‬ ‫ونيل رضاهم وقد تحقق لك ذلك من خالل رواج‬
‫ألن عمَ َل لجان الجوائز هو عمل‬ ‫لجنة الجائزة‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ومراوحة بني لغة تراثيّة وأخرى معارصة‪ ،‬وبني‬ ‫وا ُملن ِّكهات واألمالح والفالفل والتّوابل‪ ،...‬حتّى‬ ‫الرواية وصدور الطبعة الثانية يف فرتة وجيزة‪.‬‬
‫بَعْ ديّ وثانويّ ذو صبغة تقنيّة وتثمينيّة‪ ،‬وليس من‬
‫والشعر‪ ،...‬تستحرض ال ّرواية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والسجع‬ ‫النّثر‬ ‫ينـي العتيق ترك أثره يف املذاق الن ّ ّ‬
‫هائي‪،‬‬ ‫ط ّ‬ ‫القِ د ُر ال ّ‬ ‫فما موقع القارئ من كتاباتك؟ بمعنى أوضح‪:‬‬
‫الصميمة‪ ،‬فهو‬ ‫صلب العمليّة اإلبداعيّة أو أهدافها ّ‬ ‫ُ‬
‫السحر األسود ولعنة‬ ‫تمـثـالت غريبة ومُثرية مثل ّ‬ ‫روائي هو يف الحقيقة طعـ ٌم فريد ال‬ ‫ّ‬ ‫وك ّل عمل‬ ‫ملن تكتب‪ :‬للجان الجوائز فتكيف النص وفق‬
‫يتك ّرر‪.‬‬ ‫مثل عمل صاحب املطبعة التي حدّدت مقاييس‬ ‫معايريها أم للقارئ العام فتحرر نصك من‬
‫ّ‬
‫القرب وقيامة املوتى وظهور الجان والعفاريت‬ ‫الكتاب الفنيّة‪ ،‬أو مثل عمل املو ّزع الذي أخذه إىل‬
‫واألرواح‪ِ ...‬لضفاء صبغة غرائبيّـة عىل األحداث‬ ‫"قيامة الحشاشني" هي بناء رسديّ متماسك‬ ‫ضغوط املعايري؟‬
‫إن روائيّا يكتب حسب‬ ‫املكتبات‪ ،‬فهل يمكن القول ّ‬
‫السؤال مقالة‬ ‫وإثارة هلع القارئ‪ ...‬يستلزم هذا ّ‬ ‫نسقيّا نحو عُ َقـد تحبس األنفاس‪،‬‬ ‫يتطوّر تطوُّرا َ‬ ‫ال أعرف معايري لجان الجوائز‪ ،‬ولم أتقدّم إىل‬
‫ّ‬
‫فال تتداعى عقدة نحو االنفراج حتى تنعقد أخرى‬ ‫معايري املو ّزع حتّى يضمن توزيع روايته بني ك ّل‬ ‫الجائزة ِبنفيس‪ .‬دار النّرش هي التي تو ّلت ترشيح‬
‫بعض ما حَ رضني عَ َر ً‬
‫ضا ِممّ ا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ذكرت‬ ‫طويلة‪ ،‬لكنّي‬ ‫املكتبات؟‬
‫ال يُكتفى به جوابا عن سؤالك‪.‬‬ ‫أكثر إثارة وإلـغازا‪" .‬قيامة الحشاشني" هي‬ ‫ِروائي أن‬
‫ّ‬ ‫روايتي إىل إدارة الكومار‪ ،‬ولكن كيف ل‬
‫تطريز دقيق لِروايتني يف ثوب واحد‪ ،‬إحداهما‬ ‫هناك خيط رابط بني "قيامة الحشاشني"‬ ‫يكتب رواية ِبمعايري لجنة؟ هل تعني معايري أدبيّة‬
‫تراهن الرواية باعتبارها مرشوعا تنويريا‬ ‫ورواياتك السابقة هو استلهام التاريخ‬
‫حداثيا عىل قيمة التفكري العقيل والتسلح‬ ‫قديمة تستحرض تاريخ حسن الصبّاح ال ّرهيب‬ ‫وفنيّة أم معايري إيديولوجيّة وسياسيّة؟ مازلنا إذن‬
‫وألغازه‪ ،‬واألخرى حديثة تجري اآلن وهنا‪ ،‬مع‬ ‫وتوظيفه ملعالجة قضايا راهنة‪ .‬ما هي‬ ‫السلطان‪،‬‬ ‫يف عرص القصيدة املدحيّة أمام حرضة ّ‬
‫باملعرفة العلمية ملحاربة اإلرهاب والتطرف‬ ‫الوظائف التي يضطلع بها التاريخ يف كتاباتك‬
‫نصا‬ ‫صني تجعل منهما ّ‬ ‫وجود وشائج قويّة بني الن ّ ّ‬ ‫ألف دينار يا غالم!"‪ .‬األصل يف‬ ‫"أعـطه َ‬‫ِ‬ ‫ومَ نطق‬
‫والخرافة‪ .‬هل إىل هذا الحد الفكر املظلم‬ ‫الروائية؟ وما حدود التاريخ واملتخيل؟‬
‫وَجهي‪ .‬تُطالعنا ال ّرواية برباعة معجميّة‬ ‫ْ‬ ‫واحدا ِب‬ ‫ّ‬
‫الكتابة هو التعبري عن اختالجات النفس وأحالمها‪،‬‬
‫والخرايف متغلغل يف تاريخنا وثقافتنا؟ وإىل أي‬ ‫التاريخ بحر واسع تسبح فيه ُس ُفن شتى‪،‬‬
‫ّ‬
‫وأس القارئ‪،‬‬ ‫السحر ْ‬ ‫تجعل ال ّلغة أسلوبا آخر من ّ‬ ‫وتوثُّبها أو انكسارها‪ ،‬وما يعرتيها من القوّة‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪28‬‬ ‫قراءة في كتاب‬


‫الشارع الثقافي‬ ‫حوار االسبوع‬

‫قراءة يف “خطف احلبيب” لطالب الرفاعي‬


‫مدى يمكن أن تساهم الرواية يف هذا املرشوع‬
‫النقدي الحداثي؟‬
‫طان‬ ‫الحشاشني" هناك خ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف روايتي "قيامة‬
‫متمايزان يف الفكر الذي تتبنّاه الشخصيّات‬
‫وتسعى إىل إبالغه والدّفاع عنه‪ :‬خ ّ‬
‫د‪ .‬سماح حمدي ‪ -‬باحثة أكاديميّة‬ ‫ّ‬
‫التعصب‬ ‫ط‬
‫والفكر املتحجّ ر الذي يمثّله حس ُن الصبّاح وطائفته‬
‫الكويت‪ ،‬وتعاني الخصاصة والتمييز‬ ‫كويتي ولج‬
‫ّ‬ ‫طالب الرفاعي كاتب‬ ‫ط القراءة الدّينيّة املتح ّررة التي تقبل‬ ‫النّزاريّة‪ ،‬وخ ّ‬
‫بحكم االنتماء املذهبي فيخطفها‬ ‫السد اإلبداعي منذ منتصف‬ ‫ّ‬ ‫عالم‬ ‫باالختالف وتدعو إىل الحوار والتّسامح ويمثّلها‬
‫الجهاد يف سبيل حياة كريمة‪ .‬فلقد رأت‬ ‫سبعينات القرن العرشين‪ ،‬هي مسرية‬ ‫حبيب بن أوس القريواني‪ .‬عىل امتداد الرواية ّ‬
‫فإن‬
‫أن الظفر بقلب رجل األعمال يعقوب‬ ‫ّ‬ ‫ثريّة ع ّززها الكاتب بدراسة فنون‬ ‫الفكر املتحجّ ر يرفض الحوار ويهرع إىل العنف‬
‫سيخلصها وعائلتها من براثن االحتياج‬ ‫ّ‬ ‫الرسد يف أمريكا وبريطانيا‪ ،‬وباطالعه‬ ‫طرف‬ ‫لكن ال ّ‬‫ويكون صاحبَ الغلبة ِبمنطق القوّة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫املسن‬ ‫التي تكبّل أرستها وتحرم والدها‬ ‫األكاديمي عىل عالم الكتابة اإلبداعيّة‬ ‫اآلخر يُالحقه بالربهان والحجّ ة ويكون صاحب‬
‫من الراحة وقد بلغ من العمر عتيّا‪.‬‬ ‫دارسا ومد ّرسا باعتباره أستاذا زائرا‬ ‫الغلبة ِبقوّة املنطق‪ .‬يف الرواية اتّجاهان آخران‬
‫هكذا يتفجّ ر العنوان يف متن‬ ‫يف الجامعة األمريكيّة بالكويت‪ ،‬وكاتبا‬ ‫والسحر‬ ‫ّ‬ ‫الشعوذة‬‫يف الفكر‪ :‬اتّجاه خرايف يعتمد ّ‬
‫الرواية ويحرض بأشكال متفاوتة ويرد‬ ‫له إسهامات مهمّ ة يف النقد األدبي‪،‬‬ ‫الجان ومعرفة املستور‪ ،‬وكانت‬ ‫ّ‬ ‫وادّعاء استدعاء‬
‫املضاف إليه مفردا ً “الحبيب” إال أنه‬ ‫ومشاركة فاعلة يف الحياة الثقافية‬ ‫إن ال ّراوي‬ ‫له أدوات مـؤثّرة للخداع واإليهام حتّى ّ‬
‫ظى بدوره يف النص‪ ،‬فالحبيب هو‬ ‫يتش ّ‬ ‫يف الكويت‪ ،‬عرب صالون أدبي “امللتقى‬ ‫أستاذ التّاريخ قد انخدع وأصبح يف حال من الخوف‬
‫املال حينا وهو الولد حينا آخر‪ ،‬وهو‬ ‫الثقايف” يُعقد يف بيته منذ ‪ ،2011‬وعرب‬ ‫ُعمل العقل وال يَخضع‬ ‫والتّسليم‪ ،...‬واتّجاه آخر ي ِ‬
‫الراحة النفسية تارة وهو العقل تارة‬ ‫جائزة عربية أطلقها لفن القصة‬ ‫لِسطوة الخرافة مهما كانت قوّتها الكاذبة‪ .‬ويف‬
‫أخرى‪ .‬ك ّل َف َق َد ما يحبّ ‪ .‬وهكذا أيضا‬ ‫القصرية هي “جائزة امللتقى للقصة‬ ‫النّهاية تنترص الرواية لقيمة العقل أمام الخرافة‬
‫نجد تعالقا بني النص وعتبته‪ ،‬كل‬ ‫القصرية العربية”‪ .‬‬ ‫التعصب‪.‬‬‫ّ‬ ‫ولِـقيم الحوار والتّسامح يف مواجهة‬
‫طرف منهما يؤثّر يف الثاني ويتأثر به‪،‬‬ ‫أنجز الرفاعي خالل هذه املسرية‬ ‫الحشاشني" هي رواية‬ ‫ّ‬ ‫فإن "قيامة‬‫ّ‬ ‫وعموما‬
‫وهذا ما يجعل “خطف الحبيب” عنوان‬ ‫تسع مجاميع قصصيّة وسبع روايات‬ ‫النبـش ا ُملضني يف موروثنا الفكري ِبجانِبيْه ا ُمليضء‬
‫الداللة املو ّلدة‪.‬‬ ‫ثامنتها صدرت أخريا ً بطريقة تع ّد‬ ‫واملظلم‪ ،‬فإذا كنّا نعيش اليوم بني تيّارات فكريّة‬
‫األوىل من نوعها يف العالم العربي‪ ،‬إذ‬ ‫تؤسس أفكا َرها عىل رفض اآلخر ووَصمه‬ ‫منغلقة ّ‬
‫معايشة عوالم‬ ‫صدرت “خطف الحبيب” عن ‪ 14‬دار‬ ‫فإن ذلك الفكر ليس وليد‬ ‫وال ّرغبة يف استئصاله‪ّ ،‬‬
‫الشخصيات‬ ‫نرش يف العالم العربي صدورا متزامنا‪،‬‬ ‫يومنا‪ ،‬لكنّه متغلغل يف موروثنا‪ ،‬والب ّد لنا من إعادة‬
‫ويف جميع العواصم العربية‪ ،‬وتو ّلت‬ ‫الحفر املمنهج يف كثري من املس ّلمات التي كنّا نراها‬
‫يف خض ّم فعل الفقد‪ ،‬أبدع الكاتب‬ ‫دار “مسكلياني” طباعتها يف نسختها‬ ‫تتأسس عليه من التّفكري‬ ‫ّ‬ ‫حقائق مطلقة‪ ،‬لِنرى ما‬
‫يف سرب أغوار شخصيّاته‪ ،‬ويف الغوص‬ ‫التونسيّة‪.‬‬ ‫األحادي ومِ ن بذور ّ‬
‫اللتسامح ورفض اآلخر‪.‬‬
‫يف عواملها فنق َل إىل القارئ هواجس‬ ‫رغم التطور الذي شهدته الرواية التونسية‬
‫الستيني وقد رأى عقد عمره ينفرط من بني يديه‪ ،‬وقد عاش محنة‬ ‫ّ‬ ‫عتبة العنوان‬ ‫يف السنوات األخرية ونجاحات العديد منها‬
‫انتماء ابنه للجماعات اإلرهابيّة‪ ،‬ومن ثم أرسته رائحة الشابة فرناز‬ ‫فإنها مازالت غري معروفة كما ينبغي خارج‬
‫وأثارت ميوال خال أنها نضبت‪ ،‬وقد عاش تفاصيل أرس ابنه وأمله‬ ‫ّ‬
‫نشك يف كون الرفاعي يدرك تمام اإلدراك أهمية العنوان يف ش ّد‬ ‫ال‬ ‫تونس‪ .‬حسب رأيك ماذا ينقص الرواية‬
‫يتلقى رسائل الخاطفني املهدّدة بقتل ابنه وتقطيعه‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫حني كان‬ ‫اهتمام القارئ‪ ،‬وذلك ما يجعل اختيار عنوان دون غريه عمال واعيا‪،‬‬
‫التونسية حتى تُع َرف ويعرتف بها عربيا‬
‫كما نقلت لنا رواية “خطف الحبيب” هواجس الزوجة التي‬ ‫مف ّكرا فيه‪ ،‬ونابعا من تأمّ ل وتمحيص يف الرسالة التي يتضمّ نها‬
‫وعامليا؟‬
‫ترسب الربود‬‫ّ‬ ‫يم ّزقها الخوف عىل مصري عالقتها بزوجها بعد أن‬ ‫وكيفية تلقي القراء لها‪ .‬فالعنوان هو سلطة النص وواجهته‬
‫سؤالك يتضمن جزء من جوابه‪ ،‬فقد قلت إن‬
‫إليها وأقام يف ثناياها واستق ّل بغرفة ينام فيها بعيدا عنها‪ ،‬ونقل‬ ‫اإلجرائي الذي يفتح مغالق النص‬
‫ّ‬ ‫التواصلية اإلعالمية وهو املفتاح‬
‫الرواية التونسية عرفت تطورا يف السنوات األخرية‪،‬‬
‫حريتها وهي تقاوم شكوكها يف خيانته لها‪.‬‬ ‫سيميائيا‪ .‬وقد جعل الناقد الفرنيس جريار جينات عنوان النص يف‬
‫ما يعني أن تطورها مازال يف بداياته وأنه علينا أن‬
‫غاص الرفاعي يف باطن الشابة الفقرية املحافظة التي تستشعر‬ ‫للنص‬‫ّ‬ ‫مقدمة فضاء النص املحيط الذي يؤثّر يف مدى تذوّق املتلقي‬
‫ّ‬
‫تحقق “ل ّذة النّص” التي تحدّث عنها روالن بارث‪.‬‬ ‫ويف‬ ‫ننتظر حتى ترتاكم النجاحات ونجني الثمار‪ .‬مع‬
‫إعجاب ربّ العمل بها‪ ،‬فتقع أسرية الحرية والتم ّزق بني رغبة‬
‫اختار الرفاعي “خطف الحبيب” عنوانا لعمله‪ ،‬وهو يف نظرنا‬ ‫أننا بدأنا فعال يف حصد االعرتاف والجوائز‪.‬‬
‫يف مجاراته ألنه طوق النجاة الذي يمكن أن يوصلها إىل الجنسية‬
‫أن العنوان”‬‫مستجيب لرشط امربتو ايكو يف اختيار العنوان حني رأى ّ‬ ‫تطور الرواية ال يكون معزوال عن ظروف كثرية‬
‫ّ‬
‫وبأن‬ ‫الكويتية وإىل الجاه والثراء وبني وعي بأنّه أكرب من والدها‬
‫ترن دائما وتخلخل األفكار لدى املتلقي”‪ .‬فكلمة‬ ‫ّ‬ ‫قاعدة عليها أن‬ ‫وسياقات‪ ،‬هي لألسف مازالت يف تونس عوامل‬
‫العالقة ال تستقيم‪.‬‬
‫املعجمي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخطف تتشظى يف ذهن املتلقي لتحيله حتما إىل معناها‬ ‫عرقلة‪ ،‬منها ضيق السوق وقلة اإلقبال ما يجعل‬
‫وولج الكاتب نفسيّة “عثيمان”‪ ،‬صهر البطل الذي غ ّرر بابنه‬
‫أحمد وس ّلمه إىل املتط ّرفني الذين أخذوه إىل األردن ومنها إىل تركيا‬ ‫بي املخطوف‬ ‫كب إضايف ّ‬ ‫األوّل‪ :‬األخذ بالقوّة والسلب‪ ،‬وقد ورد يف مر ّ‬ ‫الكتابة الروائية نشاط هواة ال يمكن أن يؤمن‬
‫فبي لؤمه و فضح دناءة أخالقه ودهاءه الذي م ّكنه من‬ ‫فسوريا‪ّ ،‬‬ ‫فكان “الحبيب”‪ ،‬وهذا ما يثري الفضول ملعرفة هويّة الخاطف‬ ‫معيشة حتى يتفرغ له املبدعون‪ ،‬ومنها قلة الدعم‬
‫خيانة “يعقوب” الذي استأمنه عىل عائلته وعىل عمله‪ .‬كما نجح‬ ‫وتفاصيل عمليّة الخطف والتع ّرف إىل من وقع عليه هذا الفعل‪.‬‬ ‫بل انعدامه من الجهات الحكومية وأجهزة وزارات‬
‫النص يف نقل كوامن نفس االبن الذي كره عائلته بسبب عدم التزام‬ ‫الثقافة‪ ،‬ومنها أيضا الثورة املعلوماتية التي أدت إىل‬
‫الديني كما تمثّله بعد “دروس” الشيوخ الذين غسلوا‬ ‫ّ‬ ‫أفرادها‬ ‫الخطف فعل الرواية األوضح‬ ‫تراجع قيمة الكتاب الورقي‪ ،‬وغري ذلك من األسباب‬
‫دماغه‪.‬‬ ‫كثري‪ ،‬ما يلزمه لجان تفكري وليس رأيس املتواضع‬
‫الغوص يف قراءة الرواية يكشف أن فعل الخطف متعدّد‬ ‫وحده‪ ...‬لكن الرواية التونسية تشق رغم املعوقات‬
‫رواية أصوات‬ ‫املستويات‪ ،‬والخاطفون واملخطوفون كثر‪“  ..‬يعقوب”‪ ،‬بطل الرواية‬ ‫طريق نجاحها بشهادات كثرية متواترة‪.‬‬
‫مخطوف لعالم املال واألعمال من حياته العائليّة‪ ،‬لينتبه وقد مألت‬ ‫حدثنا عن مشاريعك الروائية املستقبلية‬
‫لقد أور َد طالب الرفاعي عوالم أبطال روايته يف نسيج محكم‬ ‫الستني دون أن يدرك كيف بلغها‪ ،‬ث ّم‬ ‫سن ّ‬ ‫التجاعيد وجهه وقد بلغ ّ‬ ‫خاصة أننا سمعنا أنك ستصدر رواية جديدة‬
‫السد يف ذروة التفاعل مع‬‫البناء‪ ،‬ال يخلو من التشويق‪ ،‬فيقطع ّ‬ ‫نجده وقد خطفته الشابة اإليرانيّة “فرناز” بجمالها اآلرس فتوقعه‬ ‫قريبا‪ .‬هل تندرج يف نفس التوجه الروائي الذي‬
‫مقطع ّ‬
‫معي لينتقل بك إىل دائرة شخصيّة أخرى‪ ،‬وهكذا تسري الرواية‬ ‫يف دوّامة من التساؤالت التي ال يجد لها إجابات‪ ،‬ثم نجده ضحية‬ ‫عرفت به أم ستكون رواية مختلفة؟‬
‫بوصفها رواية أصوات ورواة‪ ،‬ويف شكل لولبي متناسق ومتجانس‪،‬‬ ‫خطف ابنه وتحويل وجهته‪.‬‬ ‫أرجو امليضّ قـدما يف صقل تجربتي ال ّروائيّة‪،‬‬
‫غ ّذته لغة سلسة وتراكيب بسيطة تجعل القارئ يستسيغ العمل‬ ‫يجد القارئ “شيخة”‪ ،‬زوجة يعقوب وقد خطفها العمل يف‬ ‫وأن أهديَكم نصوصا أخرى أكثر نضجا‪ .‬يجب أن‬
‫ويقبل عىل القراءة‪ ،‬فيقع بدوره يف عملية “خطف” مارستها عليه‬ ‫بداية مشوارها من بيتها ومن احتواء أبنائها‪ ،‬ثم خطفها االنشغال‬ ‫تكون أكثر نضجا وال مَ ناص‪ ،‬إذ ال أكتُمُكم أنّي‬
‫جزالة اللفظ وإحكام ّ‬
‫السبك‪.‬‬ ‫بالتسوّق ومواكبة املناسبات العائلية واالجتماعيّة فأبعدها عن‬ ‫رصت أشعر برهبة من اإلقدام عىل كتابة رواية‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫كشفت رواية “خطف الحبيب” عن جملة من القضايا التي تتعلق‬ ‫زوجها فشاخت بذلك العالقة وأصابها برود ستنتبه له بعد فوات‬ ‫الحشاشني"‬ ‫ّ‬ ‫عرفته "قيامة‬ ‫ألن النّجاحَ الذي َ‬ ‫أخرى‪ّ ،‬‬
‫بنموذج من واقع األرسة واملجتمع الكويتيّني‪ ،‬وانفتحت عىل مشاغل‬ ‫األوان وتحاول اإلصالح‪ ،‬ولكن أنّى لها ذلك‪.‬‬ ‫قد يُصبح عامل إرباك ويَفرض عيل ّ أن أحافظ عىل‬
‫مشرتكة بني العرب ش ّكل التطرف واإلرهاب عمودها الفقري‪.‬‬ ‫املفضل وقد خطفه‬‫ّ‬ ‫ويتواىل الخطف حيث “أحمد”‪ ،‬ابن يعقوب‬ ‫ذلك املستوى بل وأن أتجاوزه‪ ،‬وتلك رسالة الب ّد من‬
‫روائي متني مشوّق ومغر‬‫ّ‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬إنّنا أمام عمل‬ ‫ّ‬
‫املتشدّدون دينيّا يف غفلة من عائلته‪ ،‬فيسلبون عقله‪ ،‬وينفرونه من‬ ‫روائي يكاد يصبح جاهزا‬ ‫ّ‬ ‫أدائها‪ .‬لديّ اآلن عمل‬
‫بالقراءة‪ ،‬يمثّل اكتماال للفعل اإلبداعي عند طالب الرفاعي‪ ،‬وهو‬ ‫عائلته‪ ،‬وينجحون يف أخذه إىل غياهب التط ّرف إىل أن ينتهي به األمر‬ ‫متكبة"‪ ،‬وهو مختلف‬ ‫ّ‬ ‫للنّرش بعنوان "قبّعات‬
‫إضافة روائية عربية تُحسب له‪.‬‬ ‫إرهابيا يف سوريا ث ّم “أسريا” لدى تنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫الحشاشني" أرجو أن‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل االختالف عن "قيامة‬
‫وكذا األمر مع عائلة الشابة اإليرانيّة “فرناز” التي تعيش يف‬ ‫ينال عند صدوره رضا الق ّراء‪ ،‬سأترك لكم متعة‬
‫اكتشافه دون توجيهات مسبقة‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪29‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫نادي القصة‬

‫كيف نستدرج المراسالت اإلعالمية إلى محراب السرد؟ ‪:‬‬

‫قراءة يف «الرجل الذي هنشته الكالب» ألمحد القاسمي‬


‫سمير بن علي المسعودي (رئيس نادي القصة )‬
‫( فلما كان املشهد دهشة تلك األيام‪ ..‬ص‪)8‬وتتكرر هذه الجملة أكثر من‬ ‫عن دار ورقة للنرش صدرت للكاتب والباحث أحمد القاسمي رواية‬
‫مرة وتتمدد اتفتح عىل أدوات بناء الرواية (كان املشهد دهشة وقتها كان‬ ‫الرجل الذي نهشته الكالب والتي جاءت لرتاكم مدونته اإلبداعية والنقدية‬
‫صمودنا عجبا ولكن حريقا آخر كان يعدّ‪...‬دهشة أخرى يتم االعداد لها‬ ‫والتي ضمت رواية زابيينغ ومرسحية مسافرون والكتب النقدية يف‬
‫فتتحول إىل ظاهرة إعالمية ‪..‬تسابقت وقتها وكاالت األنباء كالّ يجهز‬ ‫املباحث السيميائية يف سيميائيات األنساق البرصية والتقبل السينمائي‬
‫ويحض معداته ‪...‬ص ‪ )10‬وهي أساسا الرسائل اإلخبارية‬ ‫ّ‬ ‫مبعوثيه‬ ‫للقص األدبي وجمالية الحكي من الصياغة اللغوية اىل املعالجة‬
‫ملراسيل القنوات الفضائية واملواقع اإلخبارية ‪.‬‬ ‫السينمائية ‪ .‬والحقيقة أن استعراض مدونة املؤلف تقودنا اىل املدخل‬
‫حين تتحول المادة اإلخبارية‬ ‫الذي من خالله سنقدم هذا العمل اإلبداعي فالجامع بني أغلب هذه‬
‫إلى مادة إبداعية‬ ‫األعمال هو االنشغال بالعالقة بني الكلمة والصورة ولقد قام هذ العمل‬
‫قسمت الرواية اىل ثالثة محاور‪:‬‬ ‫الروائي أساسا عىل محاولة تطويع املراسالت التلفزيونية وااللكرتونية‬
‫• املحور األول ‪ :‬طبول تقرع‬ ‫لتتحول إىل مواد تشيد البناء الروائي ‪.‬‬
‫• املحور الثاني ‪:‬خطوط النار‬ ‫اإليهام بالواقعية أو محاولة توريط‬
‫• املحور الثالث ‪ :‬نهاية الحرب وبعد؟‬ ‫شخصيات واقعية في العمل الروائي‬
‫وقامت كل املحاور عىل مراسالت للجامعة الفضائية العربية األوىل‬ ‫إذا كان أروين بسكاتور يف أعماله املرسحية التي برشت باملرسح‬
‫و أراباسك مجلة املرأة العربية املناضلة واملشري وعمال صوت الشغيلة‬ ‫امللحمي وخصوصا لويجي برانديللو يف رائعته ست شخصيات تبحث‬
‫العربية ‪...‬وتعرفنا إىل جانات براكسيل وميسون سعيد وسالم عبيد وعامر‬ ‫عن مؤلف قد عمدا إىل كرس الجدار الوهمي بني املمثلني واملتفرج وتجوال‬
‫حسن وعزت الدخيل وعمار عبد العيل ورفايال بان ‪....‬وكلما جمعنا هذه‬ ‫بينهم بل وأرشكا بعضهم وإن إيهاما فإن املؤلف يستدعي يف هذه الرواية‬
‫املراسالت اتضحت لنا الصورة أكثر وهي صورة محورها العام حرب‬ ‫نارشه ‪/‬صديقه من خالل انفتاح الرواية وانغالقها عىل مراسالت بني‬
‫الخليج الثانية وغزو العراق والخاص حياة معاذ الجبور شبيه املهيب‬ ‫املؤلف ونارشه سمري بن عيل بل ونرش مراسالت متبادلة بينهما توهم‬
‫الركن حاكم العراق القوي األخري صدام حسني وبني الحقيقة والخيال‬ ‫بأنها حقيقية بما أنها العناوين االلكرتونية الحقيقية للمؤلف والنارش‬
‫وبني متصورات املخيال الشعبي وتحقيقات اإلعالميني تتشكل الصور‬ ‫بل وملزيد االيهام بالبعد الحقيقي لألحداث يستدعي شخصية ثالثة‬
‫لكن إىل أي درجة تالمس الحقيقة وهل كانت الحقيقة مطلوبة ؟ سؤال‬ ‫حقيقية صديق وكاتب هو رضا بن صالح ويستدعي معه أحد الخواص‬
‫يرتدد بهمس باإلشارة بني سطور املراسلني لتشكل سؤاال مركزيا هل‬ ‫البارزة وهو املكان املعلوم املتعاهد عليه (مقهى الصفصاف) ليتحول‬
‫الواقع هو مادة الصور التلفزية واإلعالمية أم أن هذه الصور هي الواقع‬ ‫الحوار الرتاسيل اىل تهيئة للعمل اإلبداعي واحالة عىل ظروف انتاجه‪.‬‬
‫؟ وأيهما نصدق أو نميل إىل التصديق يكرس أحمد السمي عىل غرار‬ ‫والكاتب يشري يف السطور األخرية إىل أن النارش سيغري عنوان الرواية‬
‫كتاب املرسح امللحمي الجدار الوهمي بني الواقع االفرتايض وما تعاهدنا‬ ‫من عنوانها القديم (إعادة الكتابة الذي سنعود اليه الحقا يف مقاالت‬
‫عىل أنه واقع ليفرض علينا رضبا من التمازج والتداخل الذي صار معه‬ ‫أخرى) إىل عنوان جديد بل ويصنفها ضمن الروايات التجريبية وهكذا‬
‫من األحيان ضد قناعاتنا بل ضد مصالحنا وحتى أنفسنا ألم تجعل‬ ‫سل ّ أحدهما من االخر مستحيال صعبا أو يحتاج اىل مجهود عىل القارئ‬ ‫فإن الكاتب من خالل النارش يحدد للقارئ مجال تقويم عمله وتجنيسه‬
‫أفالم الغرب األمريكي من السكان األصليني املقاومني ملطامع ووحشية‬ ‫بذله ملالمسة أديم الواقع كما تركناه قبل أن نجلس أمام شاشات القنوات‬ ‫وإذا كان البنيويون يفصلون بني النص وأصحابه فإن العوالم املمكنة‬
‫الغازي األوروبي متوحشني وبرابرة ؟ ألم تحول القنوات التلفزيونية‬ ‫الفضائية مشدوهني أو قبل أن تأرسنا املواقع االلكرتونية واالخبارية ‪...‬‬ ‫وآفاق التجريب األخرى التي ارتادها الكاتب ورطت النارش والناقد‬
‫الكربى املقاومني يف فلسطني والعراق وغريهما من البلدان من ضحايا‬ ‫هذه الرواية لعب بأخطر املكونات مكونات الصورة التي صارت تحجب‬ ‫الصديق يف االعداد للرواية وااليهام بواقعيتها ‪.‬إشارة أخرى البد أن‬
‫الغزو االمربيايل بمختلف جنسياته أمريكيا كان أو روسيا أو فرنسيا‬ ‫عن الواقع من خالل الواقع الذي تشكله والذي نستسلم له حسب أهوائنا‬ ‫نتوقف عندها يف رسائل الكاتب والنارش وهي رضورة اإلرساع بطباعة‬
‫إىل إرهابيني ؟ الرجل الذي نهشته الكالب رواية ال تمنحك برد اليقني‬ ‫وانتماءاتنا ‪...‬الرجل الذي نهشته الكالب ليست حفرا يف أساطري أشباه‬ ‫الرواية إلرسالها إىل معرض بغداد وجعل الرسالة املفقودة‪ /‬املعثور‬
‫بل تعيدك اىل دائرة السؤال عن حقيقة ما يرسل اليك فتتقبله عىل أنه‬ ‫صدام حسني وخصوصا معاذ جبور بل حفر يف عقلية التقبل لألخبار‬ ‫عليها مقدمة للعمل ‪ .‬واملقدمة بهذا املعنى خارج النص ولكننا ال نجانب‬
‫الحقيقة‪.‬‬ ‫والتعاطي معها ‪...‬هذه السيول التي تغرقنا وتقودنا حيث تريد ويف كثري‬ ‫الصواب إذا قلنا أنها يف صميم النسيج الروائي ولعل االشارة إىل املشهد‬

‫صورة تتح ّدث‬

‫عندما يكون الزعيم‬


‫مثقفا‪..‬ومشجعا‬
‫للفنانين!‪..‬‬
‫بورقيبة يزور أعالم التشكيليين‬
‫التونسيين في رواقهم‪ :‬حاتم الم ًكي‪،‬‬
‫صفية فرحات‪ ،‬الهادي التركي‪ ،‬عبد‬
‫العزيز القرجي‪ ،‬زبير التركي‪ ،‬نور‬
‫الدين الخياشي‪ ،‬علي ب ًلاغة ونجيب‬
‫تختزل تونس‬ ‫بالخوجة‪ ..‬صورة‬
‫البورقيبية المستنيرة!‬
‫عن أمثلة تونسية عربية‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪30‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫قراءة في كتاب‬

‫عن الصالت الثقافية بني املرشق وتونس‬


‫أمحد أديب أنموذجا‬
‫أحمد باي الثاني والالفت للنظر أنه لم يمدح الصادق باي رغم أنه‬ ‫أحمد أديب املكي‪ ،‬حجازي يف تونس (‪1876‬ـ‪ .)1933‬عنوان‬
‫وصل إىل تونس يف عهده‪.‬‬ ‫دراسة صدرت عن دار سحر للنرش ضمن سلسلة كتاب الشهر‬
‫نشر أحمد أديب‪:‬‬ ‫العدد ‪ 56‬بقلم أنس الشابي‪ ،‬أحمد أديب املكي واحد من أهل‬
‫‪« )1‬رسالة بلوغ األماني يف مناقب القطب الشهري سيدي‬ ‫املرشق الذين قدموا إىل تونس يف القرن التاسع عرش وساهموا يف‬
‫أحمد التجاني ريض الله عنه» وقد طبعت هذه الرسالة يف مطبعة‬ ‫تنشيط الحياة الفكرية يف تونس خصوصا بالنرش يف الصحافة‪،‬‬
‫الدولة التونسية مرتني األوىل سنة ‪ 1878‬والثانية سنة ‪1895‬‬ ‫واحد من بني هؤالء تميّز عن غريه باستقراره يف تونس إىل أن تويف‬
‫كما طبعت طبعة ثالثة يف مرص دون ذكر التاريخ وورد يف بعض‬ ‫وضمّ ته تربتها واشتهر بتشعب عالقاته مع مختلف األوساط‬
‫املصادر املغربية أنها طبعت طبعة حجرية بفاس سنة ‪،1894‬‬ ‫حيث نجده حارضا يف ثنايا النخبة التونسية‪ ،‬عاقدا يف نفس‬
‫ويشري أنس الشابي إىل أن الرسالة موجودة يف طبعتيها التونسية‬ ‫الوقت الصلة بمستعربي الدولة الحامية مدّة إقامته بتونس التي‬
‫يف مكتبة الشيخ الشاذيل النيفر فقط‪.‬‬ ‫طالت حوايل ستني سنة‪ ،‬قدم إىل تونس من الحجاز سنة ‪1876‬‬
‫التوسل بأصحاب بدر» وهذه لم‬ ‫ّ‬ ‫‪« )2‬مرصع أرباب العذر يف‬ ‫وتويف يف مدينة سوسة سنة ‪ 1933‬وبها دفن‪ ،‬لم يحظ أحمد‬
‫يتمكن املؤلف من العثور عليها الفتقادها يف أهم املكتبات الرتاثية‬ ‫أديب بدراسة علمية تكشف حقيقة الدور الذي أداه يف املحافظة‬
‫كمكتبة الشيخ الشاذيل النيفر وإبال وقد ورد ذكرها يف الرائد‬ ‫عىل اللغة العربية حاضنة الهوية التونسية يف فرتة تع ّرض فيها‬
‫التونيس العدد ‪ 27‬السنة ‪ 23‬بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪ 1882‬ويف فهريس‬ ‫الوطن إىل هجمة صليبية أبرز مظاهرها املؤتمر األفخارستي ذلك‬
‫محمد ابن الخوجة وكمنري‪.‬‬ ‫أن ما نرش عن مرتجمنا لح ِّد اآلن إذا استثنينا دراسة األستاذ أبي‬
‫‪« )3‬العبارات األدبية يف اللغتني الفرنساوية والعربية» وهو‬ ‫القاسم محمد كرو التي نرشها يف مجلة الفيصل وأعاد نرشها‬
‫قاموس فرنيس عربي أعدّه املستعرب لويس ماشويل استعان‬ ‫يف كتابه حوار وشعراء ال يتجاوز الخواطر والذكريات عن رجل‬
‫بأحمد أديب يف إعداد القاموس حيث أشاد به يف املقدمة ذاكرا‬ ‫أبهر مستمعيه وجالسه بسعة اطالعه وغزارة علمه وحسن‬
‫أنه‪« :‬أعاد قراءة النص العربي من كتابه من طرف أحد العلماء‬ ‫استشهاده‪ ،‬قبل قدومه إىل تونس عرف من التونسيني محمد بن‬
‫املحليني املسلمني وهو يس أحمد أديب املكي الذي يجهل اللغة‬ ‫عثمان السنويس (‪ )1900/ 1851‬نارش ديوان قابادو‪ ،‬الذي سبق‬
‫الفرنسية‪ ،‬وتناقشنا االثنني معا وغالبا ما حوّرنا عددا من‬ ‫له أن راسل بعض األدباء والشعراء طالبا منهم تقريظ الديوان‬
‫العبارات‪ »....‬وقد نرشت جريدة الزهرة تعريفا بالكتاب وتقريظا‬ ‫ومن بني من استجاب لذلك أحمد أديب الذي أرسل قصيدا نرش يف‬
‫له يف عددها الصادر بتاريخ ‪ 3‬فيفري ‪.1918‬‬ ‫الجزء الثاني منه‪ ،‬كما كانت له صلة وثيقة بشيخ اإلسالم أحمد‬
‫تويف أحمد أديب يف سوسة سنة ‪ 1933‬ونرشت الزهرة نعية‬ ‫بن الخوجة (‪ )1896/ 1830‬وهو من أبرز من أنجبت هذه العائلة‬
‫يف ‪ 6‬نوفمرب ورثاه الشاعر الطاهر القصار بقصيد من بني ما‬ ‫من الزعماء الدينيني الذين ساهموا يف الدفاع عن إصالحات خري‬
‫جاء فيه‪:‬‬ ‫ويجله لعلمه وفق ما ورد يف الكتاب‪.‬‬ ‫الدين باشا كما احت ّل مناصب دينية وعلمية رفيعة وهو الذي‬
‫ّ‬
‫د ومعظم‪.‬‬ ‫ممجّ‬ ‫واملرء ترفع ذكره آثاره***فيعيش بني‬ ‫نرش أحمد يف تونس قصائد يف مدح البايات وكبار رجال الدولة‬ ‫ساعد أديب عىل أن يحتل مكانة رفيعة حيث عُ ني يف إدارة األوقاف‬
‫وال تفوتنا اإلشارة إىل أن أنس الشابي نرش يف آخر الكتاب‬ ‫أول قصيد كان يف مدح خري الدين باشا ونرش يف الرائد التونيس‬ ‫كما مُكن من حمل الرصة إىل الحرمني الرشيفني ورغم أنه تعرض‬
‫مطالع وتواريخ القصائد املنشورة للشاعر يف جرائد الرائد‬ ‫يف ‪ 21‬مارس ‪ 1877‬وآخر قصيد يف مدح محمد سعد الله مدير‬ ‫لبعض الصعوبات كإيقافه عن العمل لغيابه وبقائه يف مرص مدة‬
‫التونيس والحارضة والزهرة فيما سماه ديوان أحمد أديب املكي‪.‬‬ ‫األوقاف نرش يف جريدة الزهرة بتاريخ ‪ 14‬أفريل ‪ 1932‬فيما بني‬ ‫طويلة خالل عودته من الحج فإنه أعيد إىل عمله السابق بتدخل‬
‫أبو يوسف‬ ‫هذين التاريخني مدح خمس بايات أولهم عيل باي الثالث وآخرهم‬ ‫من شيخ اإلسالم والوزير األكرب محمد العزيز بوعتور الذي يقدره‬

‫صورة تتح ّدث‬


‫صورة للمسرح‬
‫القديم بصفاقس‬
‫شيد في مارس ‪ 1903‬وبعد‬
‫سنة واحدة من بناء المسرح‬
‫البلدي بتونس لذلك يعتبر ثاني‬
‫مسرح حديث شيد في تونس‪.‬‬
‫لعديد‬ ‫المسرح‬ ‫خضع‬
‫اإلصالحات سنة ‪ 1927‬وفي فترة‬
‫الثالثينات وبقي شامخا لمدة‬
‫‪ 39‬سنة إلى أن تهدم تحت وطء‬
‫القنابل أثناء الحرب العالمية‬
‫الثانية يوم ‪ 30‬ديسمبر ‪1942‬‬
‫على الساعة ‪ 14‬و‪ 30‬دق‬
‫فخسرت بذلك صفاقس تحفة‬
‫معمارية رائعة وبقيت لمدّة بال‬
‫مسرح فتعطلت فيها الحياة‬
‫الثقافية‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪31‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫سينما‬

‫مجاليات املوروث الشعبي يف السينام التونسية‬

‫وسيم القربي‬
‫يرتبط املقدس بمفهوم املدنس واملحرم حيث تستنطق الصورة‬ ‫التاريخ االستعماري‪ .‬والجدير باملالحظة أن العودة إىل أحداث املايض‪،‬‬ ‫إذا كانت السينما تراثا يؤرخ ملسار حركة فنية يف تونس عىل‬
‫الفيلمية أمثلة تعالج هذه الثنائية ومن ذلك االرتباط الوثيق بالفعل‬ ‫ورواية مالحم وبطوالت ووقائع حدثت قبيل االستقالل ال يقترص عىل‬ ‫مدى فرتة كانت تجريبية ومؤهلة الستنبات هذا الفن الغربي‬
‫الجنيس املمنوع خارج إطار الزواج والحضور املكثف للقيم األخالقية يف‬ ‫أفالم فرتة الستينيات‪ ،‬أي إبان االستقالل‪ ،‬بل توزعت عىل كامل مراحل‬ ‫وتونسته‪ ،‬فقد حملت يف ثناياها تأريخا للعديد من الخصوصيات‬
‫املجتمع التونيس املحافظ‪.‬‬ ‫املدونة السينمائية الوطنية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫واملؤرشات اإلبداعية والثقافية املحلية‪ .‬عىل هذا األساس‪،‬‬
‫لقد عكس تناول املقدس مواضيع من الذات التونسية وسط مجتمع‬ ‫إذا كان استحضار الذات مسألة طبيعية يف العملية اإلبداعية‪ ،‬فإن‬ ‫األفالم التونسية شكلت حامال ثقافيا هاما وتعبريا فنيا معارصا‬
‫ينزاح بني املحافظة وبني التحرر حيث عكست الصور الفنية سجال‬ ‫بعض املخرجني اتخذوا من التوثيق وإعادة رسد األحداث سينمائيا‬ ‫يحفظ صورا من الذاكرة‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والعادات‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬واملواضيع‬
‫الرؤى بني مواقف ذات خلفيات اجتماعية وعقائدية وبني مواقف تريد أن‬ ‫خصوصية لهويتهم السينمائية‪ ،‬كما هو األمر بالنسبة لعمار الخليفي‬ ‫الرتاثية عامة‪.‬‬
‫تتحقق بصيغة محاوالت جريئة إلرساء فكر تقدمي متحرر كما يف سينما‬ ‫الذي سعى إىل توثيق وقائع وطنية وتاريخية عرب صورة أتت حاملة‬
‫النوري بوزيد خاصة‪.‬‬ ‫ملوقف ذاتي‪ ،‬واعتمادا عىل أسس جمالية وفكرية خاصة‪ .‬تتجىل لنا يف‬ ‫توثيق الرتاث سينمائيا هو توظيف لعنارص الهوية املحلية إلبراز‬
‫أفالم الخليفي األربعة «الفجر»‪ ،‬و«املتمرد»‪ ،‬و«الفالقة»‪ ،‬و«التحدي»‬ ‫العادات والتقاليد للذات التونسية‪ ،‬وترسيخ لبصمات خصوصية‬
‫المالبس والعادات والتقاليد‬ ‫تستحرض الذاكرة لبناء معريف وجمايل للمكونات الذاتية لألفراد‬
‫معطيات موثقة‪ ،‬مقاربة للوجود الحقيقي عرب بناء موقف من الواقع‪،‬‬
‫ش ّكلت املالبس تأريخا لصورة نموذج مجتمع تونيس خالل العقود‬
‫ووفق خلفيات وغايات واضحة‪ ،‬قد تكون يف غالب األحيان لر ّد االعتبار‬ ‫والجماعات وتُعترب موضوعات اللباس‪ ،‬الرتاث الغنائي‪ ،‬طرق االحتفال‬
‫املاضية‪ ،‬حيث يعكس اللباس خاصياته لتظهر األصالة واملعارصة عرب‬ ‫لذات مضطهدة‪ ،‬وبالتايل فإن الخليفي تبنى بذاتيته ذوات التونسيني‪،‬‬ ‫باملآتم واألفراح‪ ،‬األكل وفنون الطبخ‪ ،‬املعمار‪ ،‬الخرافات والسري هذا إىل‬
‫مالبس تونسية تقليدية (الجبة‪ -‬البلوزة‪ -‬الشاشية‪ -‬الربنوس‪ -‬القشبية‪-‬‬ ‫وجسد مالحم الرموز الوطنية أمثال مصباح الجربوعي وفرحات حشاد‬ ‫ّ‬ ‫جانب اللغة املحكية من املسائل التي حاول الكثري من املخرجني التطرق‬
‫السفساري) وأخرى عرصية‪ .‬فاملالبس بقدر ما تعكس تقاليدنا تحيل‬ ‫والهادي بن جاب الله‪...‬‬ ‫إليها‪ .‬فالذاكرة الفردية والجماعية الحافظة للمتخيل الشعبي وللمايض‬
‫عىل داللة إيحائية ورمزية مهمة‪ ،‬حيث تدل عىل واقع معاش يف فرتة من‬ ‫نفس األمر ينطبق عىل مخرجني آخرين‪ ،‬نذكر منهم عىل سبيل املثال‬ ‫الذي يحكمه التغري والتعدد تصري عبارة عن قراءة للثقافة الشعبية‬
‫التاريخ االستعماري أو يف فرتة السبعينيات والثمانينيات عىل سبيل املثال‬ ‫عبد اللطيف بن عمار من خالل فيلمه «سجنان» حيث استنسخ مشاغل‬ ‫وتوظيفا سينمائيا لها عرب رؤية إخراجية تهدف إىل توثيق هذا الرتاث‬
‫لتعيد البناء وتزيد من توضيح الرؤية لألجيال الجديدة‪ .‬توحي املالبس‬ ‫الذات عرب استنساخ أحداث واقعية‪ ،‬واجتهد يف رسد ما رصدته الذاكرة‪،‬‬ ‫من ناحية وتأصيل املمارسة اإلبداعية الجامعة للتاريخ والذاكرة من جهة‬
‫التقليدية بذلك التمسك باألصالة والهوية‪ّ ،‬‬
‫لكن تغيب بدورها يف الكثري‬ ‫فماثل مواصفات الشخصيات واملالبس‪ ،‬واملكان مع مواصفات فرتة ما‬ ‫أخرى‪.‬‬
‫من األفالم التي تعالج الحارض الذي هو انعكاس لصورة الواقع اليوم‪.‬‬ ‫قبل االستقالل التي مثلت مصدر إلهام للحديث عن الذات عرب االجتهاد‬ ‫لقد شكل الرتاث مادة فنية وفكرية مغرية لبناء مواضيع ورؤى‬
‫أما بالنسبة للعادات والتقاليد‪ ،‬فإنّها مثلت تيمة لج ّل األفالم‬ ‫بالعودة إىل املراجع أو عرب االستعانة ببنيات املتخيل اإلبداعي‪.‬‬ ‫أن هذا االشتغال‬‫تهتم بالذات وتظهر خصوصية الصورة املحلية‪ ،‬غري ّ‬
‫التونسية التي تطبع خصوصياتها بمالمح تراثية كميزة للهوية العربية‬ ‫إن مالمح التصور الواقعي هي التبني الصادق للقضايا التي تم‬ ‫املكثف واملتشابه أحيانا يف األفالم التونسية جاء يف بعض املرات مسقطا‬
‫والخصوصية التونسية ونذكر عىل سبيل املثال زيارة األولياء الصالحني‬ ‫االشتغال عليها‪ ،‬سواء باإلعالء من صورة الذات أو بسحقها‪ ،‬فبناء الخطاب‬ ‫وفولكلوريا حيث تلوح مقاصد ش ّد عني الغرب أكثر من خدمة التوظيف‬
‫مثل «سيدي محرز»‪« ،‬سيدي بولبابة»‪« ،‬سيدي الصحبي»‪ ...‬كما يغتني‬ ‫الفيلمي مؤسس غالبا عىل رؤية واقعية للحدث قد تكون ممزوجة أحيانا‬ ‫أن العديد من املحاوالت تراوحت بني سطحية‬ ‫الفيلمي الصادق‪ .‬كما ّ‬
‫املشهد الفيلمي التونيس بمراسم األفراح والعرس التقليدي بما يف ذلك‬ ‫بنوع من التعاطف‪ .‬فاستحضار الوجود الذاتي هو تعبري عن الكينونة‬ ‫التناول وعجز عن الغوص والتفكيك‪.‬‬
‫املالبس والحلويات واألغاني الرتاثية للفنانة صليحة عىل سبيل املثال أو‬ ‫اإلبداعية الخاصة‪ ،‬وهو إحالة طبيعية عىل عوالم الذاكرة‪ .‬يرجع بنا مفهوم‬ ‫تحيل الفيلموغرافيا التونسية عىل عدة مشاهد من صميم حياة‬
‫ملجموعات نسوية حارضة يف هذه االحتفاالت‪ .‬كما تحرض العادات أثناء‬ ‫الذاكرة إىل املايض‪ ،‬سواء كان املايض القريب أو البعيد‪ ،‬ليجرنا إىل معان‬ ‫التونيس ال سيّما تلك التي اهتمّ ت بالرتاث وحملت يف طيّاتها صورا‬
‫االحتفال بختان األبناء‪ ،‬وكذلك من خالل حضور مصطلحات لغوية‬ ‫عديدة لها سواء كان معناها يحيل عىل الذاكرة الفردية‪ ،‬أو الجماعية‪،‬‬ ‫إلبداعية املوروث من خالل خصوصيات البيئة التونسية والهوية العربية‪،‬‬
‫وأمثلة شعبية ولهجة تونسية تحيل عىل زمن املايض‪.‬‬ ‫الشفهية أو املكتوبة أو املرئية‪ ...‬لقد ش ّكلت الذاكرة مجموع مالمح اآلثار‬ ‫ويتجىل حضور الرتاث خاصة يف‪:‬‬
‫الفضاء والمعمار‬ ‫تعب عن الوجود الحقيقي لليشء كما تحققت يف املايض‪.‬‬ ‫التي ّ‬ ‫التاريخ‬
‫ارتسمت معالم الرتاث من خالل الفضاء حيث يصبح املكان يف الكثري‬ ‫المقدّس‬ ‫يمكننا رصد مجموعة من األحداث التاريخية الواقعية واملتخيلة التي‬
‫يحرض املقدس يف السينما التونسية من خالل االستعارة من واقع‬ ‫تجسدت انطالقا‬‫ّ‬ ‫جسدت مالحم وبطوالت التونيس يف مقاومة املستعمر‬
‫من األفالم جغرافية للمايض لريجع بنا إىل عوالم الذاكرة‪ ،‬إىل حكايات‬
‫املجتمع املرتبط باملجال الديني وبمجال التعبريات ذات الطابع املقدّس‬ ‫من معايشة األحداث أو اعتمادا عىل املتخيل الجمعي والذاكرة الشعبية‪.‬‬
‫الجدّة وذكريات الزمن الجميل‪ ...‬فالفضاء املكان انطبع خاصة كحنني‬
‫بمعانيه العامة‪ ،‬فـ«املقدّس ليس الديني فقط وإن كانت جذوره دينية‪،‬‬ ‫هي صور مرتاكمة يف أغلب أفالمنا عكست نماذج ألحداث وشخصيات‬
‫إن الفضاء بأشكاله املتعددة قد‬ ‫للمايض وتأريخ للرتاث واملوروث‪ّ .‬‬
‫وإنما يكمن حتى يف عاداتنا اليومية واعتقاداتنا‪ ،‬يف تفاؤلنا وتشاؤمنا‪،‬‬ ‫املايض لتصوغ فضاءات فيلمية تنسج يف أعماقها ذكرى الوقائع بمختلف‬
‫حرض كمجال للتعبري عن الذات حيث ش ّكلت املدينة عىل سبيل املثال‪،‬‬
‫يف النظم التي تحكمنا‪ ،‬والطرق التي نحكم بها‪ ،‬يف العالقات ضمن‬ ‫أشكالها (املعاشة‪ ،‬املشاهدة‪ ،‬املسموعة‪ ،‬املقروءة‪ .)...‬إنّه استحضار جُ ّسد‬
‫سواء يف املايض أو يف الحارض‪ ،‬قيمة جمالية ومصدر اإللهام باعتبارها‬
‫العمل والعائلة‪ ،‬وحتى يف املؤسسة الزوجية‪ ،‬ويف البديهيات واملس ّلمات‬ ‫يف شكل صور استدعتها قريحة املبدع لتعيد إحياء املايض املنيس وحنينه‪،‬‬
‫فضاء االنتماء وفضاء االستحضار وفضاء االحتضار يف اآلن ذاته‪ .‬يف حني‬ ‫وترسم للمتلقي صور الذاكرة الجمعية ليكون الفيلم موثقا بشكل أو‬
‫تجسد االشتغال عىل املقدس من خالل حضور‬ ‫ّ‬ ‫والحكايا»‪ .‬وقد‬
‫حرضت املدينة العتيقة مثل مدينة تونس والقريوان بذلك الطابع املميّز‬ ‫الشخصيات الدينية التي تتسم بالوقار واملوعظة‪ ،‬ومقامات األولياء‬ ‫بآخر لجمالية املايض وتاريخه‪  ‬وانعتاقا من بوتقة السجن الثقايف للمبدع‬
‫والخصوصية الجمالية يف املعمار الذي ش ّكل هوية تونسية بامتياز من‬ ‫الصالحني الذين يمثلون رمز القداسة والربكة يف حقول املجتمع اإلسالمي‬ ‫نفسه لتكون «أفالم املقاومة لها معان أخرى‪ ،‬املظلومون فيها ال يمتلكون‬
‫خالل األبواب العتيقة والنوافذ واألقواس وأزقتّها الضيقة‪.‬‬ ‫املؤمن باملقدس‪ .‬كما يحرض املقدس من خالل حضور املساجد واملآذن‬ ‫السالح الكايف لكنهم يمتلكون القدرة عىل مواجهة العدو الظالم»‪.‬‬
‫من هنا يمكن رصد البعد الثقايف لألفالم التونسية التي تناولت بكثافة‬ ‫يف فضاء املدينة (املدينة العتيقة بتونس‪ ،‬مدينة القريوان) وإقامة الصالة‬ ‫تتعدد مسارات التاريخ وتعبريات املايض لرتوي أحداثا وجودية‪،‬‬
‫صور الرتاث سواء من خالل الوقائع واألحداث املاضية وتدعيمها بما هو‬ ‫لتربز بالتايل قيمة املؤسسة الدينية وفعل املقدس يف املجتمع كما يف عدة‬ ‫واجتماعية وسياسية‪ ،‬فيما ش ّكل املوروث الشفهي خاصة واملخيال‬
‫متخيّل أو من خالل استحضار العادات والتقاليد والفضاء التاريخي‬ ‫أفالم منها «يا سلطان املدينة» للمنصف ذويب‪ ،‬و«بابا عزيز» للنارص‬ ‫الشعبي وثيقة ضد النسيان وحفاظا عىل مالمح الهوية‪ ،‬تتشكل يف قالب‬
‫بغية تأسيسه األبعاد الجمالية والفرجوية لسينمانا‪ .‬لقد أكدت الصورة‬ ‫خمري‪ .‬لقد استعرضت الكثري من األفالم تجليات املقدس سواء كان ذلك‬ ‫إبداعي عرب تخصيب املتخيل واالرتكاز عىل التعبريات السينمائية‪.‬‬
‫الفيلمية املحلية فاعلية التواصل مع املايض والتجذر فيه كتأكيد االنتساب‬ ‫بصفة مبارشة أو غري مبارشة فأشارت إىل الحضور اليهودي واملسيحي‬ ‫الذاكرة‬
‫الهوياتي بصيغة اقتباس الثقافة الشعبية الشفهية وتوظيفها سينمائيا‬ ‫يف الفضاء التونيس واندماجه يف صلب الحياة االجتماعية‪ ،‬حيث عالج‬ ‫لقد مثلت الذاكرة‪ ،‬والعودة إىل املايض‪ ،‬والتاريخ التونيس املرجعية‬
‫أو من خالل تأصيل نمط العيش يف األحداث الفيلمية لرتاكم صور الذات‬ ‫النوري بوزيد يف فيلم «آخر فيلم» مسألة حرية املعتقد بعيدا عن التناوالت‬ ‫األوىل الستنباط املشاهد وتركيب األحداث‪ .‬فبالتأمل يف هذا الجدول‬
‫عرب عوالم املتخيل‪.‬‬ ‫التقليدية بغية طرح املسكوت عنه‪.‬‬ ‫نستنتج ّ‬
‫أن العديد من األفالم التونسية قد تطرقت إىل وقائع حدثت يف ظل‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪32‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫سينما‬

‫«عصافري كابول»‪ :‬احلب حتت نظام «طالبان»‬

‫صور من فيلم "عصافري كابول"‬

‫أمير العمري‬
‫وقاسم املتشدد يف تطبيق الرشيعة‪ ،‬يرتدد عىل‬ ‫عن رواية “عصافري كابول” ‪Les Hirondelles‬‬
‫بيت الدعارة يف املدينة‪ ،‬وينصح عتيق بتطليق زوجته‪،‬‬ ‫‪( de Kaboul‬ترجمها البعض سنونو كابول) –‬
‫لكن عتيق مرتدد‪ ،‬يخالجه الشك‪ ،‬ويدفعه إىل رؤية‬ ‫‪ ،2002‬للكاتب الجزائري محمد مولسهول الذي‬
‫زونريا والحديث معها‪ ،‬بل ويحاول أيضا دفعها إىل‬ ‫يكتب تحت االسم املستعار “ياسمينة خرضا”‪،‬‬
‫الهرب من السجن‪.‬‬ ‫جاء فيلم التحريك (الرسوم) الفرنيس الذي يحمل‬
‫ما الذي سيحدث‪ ،‬وكيف سيتحدد مصري‬ ‫العنوان نفسه‪ ،‬واشرتكت يف إخراجه مخرجتان هما‬
‫مرسات؟ هذا ما ستكشف عنه الحبكة البديعة من‬ ‫زابو بريتمان وإيال غوبي ميفيليتش‪ .‬األوىل مخرجة‬
‫خالل ذلك الرسد املمتع لألحداث‪ ،‬ويصوّر الفيلم‬ ‫والثانية مصممة ومرشفة عىل فريق الرسامني الكبري‬
‫جميع معالم الحياة تحت نظام طالبان يف كابول‪:‬‬ ‫الذي شارك يف وضع رسوم الفيلم الذي يقع يف ‪81‬‬
‫ّ‬
‫وجوههن‬ ‫النساء الالتي يرتدين الرباقع املنسدلة عىل‬ ‫دقيقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أجسادهن تماما يرسن يف الشوارع كما لو‬ ‫ويغطني‬ ‫هذا عمل بديع بالرسوم يعترب تعبريا بليغا شديد‬
‫ّ‬
‫كن خياما متحركة‪ ،‬مجموعة منهن يعملن يف الرشطة‬ ‫األصالة عن أجواء القمع والتشدد والرعب التي‬
‫بهن يف السجن‬ ‫النسائية‪ ،‬يعتقلن النساء ويزججن ّ‬ ‫عاشها األفغان تحت حكم طالبان‪ .‬هو فيلم عن‬
‫الذي يرشف عليه عتيق‪ ،‬ودار السينما التي أصبحت‬ ‫الحب والرغبة يف اإلفالت من أرس التشدد والقهر الذي‬
‫مهدمة وكانت يف املايض تعرض أفالما أمريكية من‬ ‫يمارس باسم اإلسالم‪ ،‬لكنه أساسا فيلم عن اإلنسان‪،‬‬
‫أفالم املغامرات كما نلمح من آثار ملصق قديم ألحد‬ ‫وعن بحثه املضني الدائم عن الحرية‪.‬‬
‫األفالم‪ ،‬يقف أمامها محسن‪ ،‬يتذكر عندما كان يرتدد‬ ‫رسوم الفيلم تتميز بطابع خاص شديد الرونق‬
‫عليها مع زونريا ويمسك بيدها قبل أن يحل القهر‬ ‫والجاذبية‪ ،‬ولكن دون مبالغة بل بلمسات فرشاة‬
‫والكبت‪ ..‬عمليات اإلعدام التي تتم يف امللعب الريايض‬ ‫تستخدم األلوان املائية‪ ،‬مما يجعل الفيلم يبدو كما‬
‫الكبري يف احتفاالت رسمية يحرضها كبار رجال‬ ‫لو كان قصة من تلك القصص التي تروى لألطفال‪،‬‬
‫قيود طالبان التي تحرم التعليم كما تحظر ذهاب‬ ‫فالتجسيد الحي املبارش ربما يفسد املوضوع‪ ،‬ويجعل‬ ‫لكنه بالتأكيد فيلم للكبار والصغار‪.‬‬
‫الدين الذين يحكمون البالد‪.‬‬
‫البنات إىل املدارس‪.‬‬ ‫العنف يطغى عىل املغزى األكثر عمقا للرواية‪ ،‬لذلك‬ ‫وهو يتضمن الكثري من املواقف واملشاهد الجريئة‬
‫ويف أحد املشاهد املبتكرة املنفذة جيدا يف الفيلم‪،‬‬
‫أما زونريا زوجة محسن فقد أصبحت حبيسة‬ ‫ساهمت الرسوم‪ ،‬ليس فقط يف العثور عىل صيغة‬ ‫التي تقتحم املحظور وتكشف عما يدور وراء تلك‬
‫تلهو مجموعة من األطفال يف ملعب املدينة فتفسد‬
‫بني جدران املنزل كونها ترفض ارتداء الربقع‪،‬‬ ‫أكثر جرأة يف تناول الشخصيات واملوضوع‪ ،‬بل ويف‬ ‫الواجهة املتجهمة داخل املنازل‪ ،‬بني الزوج وزوجته‪،‬‬
‫االستعدادات التي وضعت استعدادا لتنفيذ اإلعدام‬
‫وقد فقدت وظيفتها السابقة كقاضية (فطالبان‬ ‫دفع أحداث الفيلم إىل األمام عىل نحو يتميز بالرقة‬ ‫وبني الحبيب وحبيبته‪ ،‬وكيف تلقي األوضاع‬
‫يف عدد من النساء‪ ،‬بينما يرصخ فيهم الحراس دون‬
‫ال تسمح للنساء بتويل مثل هذه املناصب)‪ ،‬ولكنها‬ ‫ورهافة الحس والقدرة عىل تقديم نماذج متخيلة‬ ‫السياسية بظاللها الكئيبة عىل الواقع والحياة عموما‪،‬‬
‫جدوى‪.‬‬
‫أيضا رسامة موهوبة تمارس الرسم رسا عىل جدران‬ ‫شديدة الصدق واإلقناع للشخصيات‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫وكيف يتغري البعض ويعيش البعض اآلخر حياة‬
‫إن حرية عتيق (الحظ داللة االسم) تعكس عجزه‬ ‫مزدوجة مليئة بالنفاق‪.‬‬
‫رغم حبه لزوجته‪ ،‬عن التعامل مع منطق “الرشيعة”‬ ‫منزلها الجميل‪.‬‬ ‫صناع الفيلم استخدموا عددا من مشاهري املمثلني‬
‫عىل الجانب اآلخر هناك املجاهد القديم “عتيق”‬ ‫يف األداء الصوتي من بينهم املمثلة الفلسطينية هيام‬ ‫الفيلم يدور أساسا حول املرأة‪ ..‬مشاعرها‬
‫القايس حسب التفسري السائد يف طالبان‪ ،‬الذي يحتقر‬ ‫وإحباطاتها وعالقتها بالرجل وطموحها لالنعتاق من‬
‫املرأة ويبيح له أن يطلق زوجته ببساطة ويتخلص‬ ‫الذي شارك يف الحرب ضد الجيش السوفياتي‪ ،‬والذي‬ ‫عباس‪.‬‬
‫أرس تلك التقاليد الجافة الجامدة التي تفرض عليها‬
‫منها رغم مرضها ورغم وقوفها إىل جانبه وهو فقري‪،‬‬ ‫أصبح مسؤوال عن سجن النساء‪ ،‬وعتيق متزوج من‬ ‫ثنائيات وشخصيات‬ ‫بقوة القمع وهيمنة ذكورية الرجل باسم الرشيعة‪،‬‬
‫من أجل أن يتزوج بغريها‪ .‬يقول له صديقه قاسم‬ ‫“مرسات” التي تعيش املراحل األخرية من مرض‬ ‫تدور األحداث يف نهاية التسعينات بالعاصمة‬
‫لذلك فهو يعكس رؤية نسائية بليغة لوضعية املرأة‬
‫إنه “ليس هناك رجل يدين المرأة”‪ ،‬لكن قاسم يلمح‬ ‫الرسطان‪ ،‬وتشعر بالذنب بسبب عدم قدرتها عىل‬ ‫األفغانية كابول‪ ،‬نراها يف البداية وقد تحوّلت إىل‬ ‫يف أفغانستان يف عالقتها بالسلطة وبالرجل‪ ،‬يقربها‬
‫أيضا تعاطف عتيق مع سجينته زونريا فيفرض عليه‬ ‫القيام بالواجبات املنزلية كما تدرك أن زوجها‬ ‫خرائب وأطالل ومبان مهدمة بفعل الحرب األهلية‬ ‫من الجمهور يف الغرب‪ ،‬يف بساطة متناهية‪ ،‬ومن‬
‫رقابة مشددة‪.‬‬ ‫انرصف عنها ولم يعد يبادلها الحديث‪.‬‬ ‫الطويلة‪ ،‬أما القصة فرتوى من خالل ثنائيني وأربع‬ ‫خالل إيقاع يتهادى يف تمهل‪ ،‬وسياق يؤدي إىل‬
‫التكوينات اللونية يف الفيلم تعكس لحظات املرح‬ ‫لكن عتيق ممزق بني شعوره باملسؤولية تجاه‬ ‫شخصيات رئيسية‪ :‬الثنائي األول هو الشاب املتعلم‬ ‫نهايات محسوبة‪ ،‬وربما يمكن أيضا توقعها مسبقا‪،‬‬
‫بني محسن وزونريا‪ ،‬وكآبة وبرودة الحياة داخل‬ ‫زوجته يف مرضها وهي التي وقفت معه طويال‪ ،‬وبني‬ ‫الحالم محسن وزوجته الجميلة زونريا التي تتطلع‬ ‫ورغم ذلك نظل حتى النهاية نأمل يف أن تتغري‪.‬‬
‫منزل عتيق ومرسات‪ ،‬وتتجرأ املخرجتان فتصوّران‬ ‫رغبته يف إرضاء شهوته‪ .‬كما يتطلع إىل االنجاب الذي‬ ‫وتأمل يف استمرار الحياة الجميلة مع زوجها ولو‬ ‫لكن التغيري ال يتحقق عىل الشاشة بل يجب أن‬
‫مشهدا ملطارحة الغرام بني محسن وزوجته‪ ،‬ومع‬ ‫عجزت زوجته عن تحقيقه له‪.‬‬ ‫خلف جدران املنزل مع محسن الذي تحبه ويبادلها‬ ‫يحدث عىل أرض الواقع‪ .‬ورغم زوال نظام طالبان‬
‫تصاعد األحداث يصبح ال مفر من تصوير بعض‬ ‫نظرة الرجل إلى المرأة‬ ‫الحب‪ .‬هناك مشاهد تصوّر االنسجام يف عالقتهما‪،‬‬ ‫نظريا فإن ما تركه خلفه ال يزال قائما وراسخا يف‬
‫مشاهد العنف ومنها قطع الرقاب وإطالق النار عىل‬ ‫خالف ثم مشاجرة بني محسن وزونريا تؤدي‬ ‫لكن ما يثقل عىل محسن عجزه عن العثور عىل عمل‬ ‫الرتبة والعقلية األفغانية السائدة‪ ،‬لذلك فالفيلم‬
‫الرؤوس‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬ولكنها مشاهد رضورية ومنفذة‬ ‫إىل سقوط محسن ميتا‪ ،‬عىل إثر ذلك يتم اعتقال‬ ‫مناسب‪ ،‬يلتقي بشيخ كان أستاذه يف الجامعة ثم‬ ‫يعترب عمال شديد املعارصة‪ .‬ويمكن للقصة التي‬
‫جيدا باستخدام الرسوم واملونتاج وحركة الكامريا‪،‬‬ ‫زونريا والزج بها يف سجن النساء تحت إمرة عتيق‬ ‫تحول إىل أحد املتعصبني دينيا‪ ،‬لكنه استفاق من‬ ‫يصورها أن تحدث يف أي مكان تمارس فيه الهيمنة‬
‫يف فيلم يوصل رسالته من دون أدنى ضجيج أو‬ ‫الذي يتأثر عندما يستمع إىل قصتها‪ ،‬كما يشعر أيضا‬ ‫الخدعة وأدرك أن بالده أصبحت تعيش كابوسا‬ ‫االستعالئية باسم الدين تحت تنظيم الدولة اإلسالمية‬
‫ثرثرة ويف بالغة وتوقيت شديد الدقة‪“ .‬عصافري‬ ‫بانجذاب نحوها بعد أن يرى وجهها مكشوفا‪ ،‬يذهب‬ ‫يقيض عىل تاريخها ويخترصه يف هذه الحقبة الكئيبة‪.‬‬ ‫(داعش) أو غريه‪.‬‬
‫كابول” متعة للعني وللقلب وللعقل وتجربة رائعة‬ ‫إىل زميله القديم “قاسم” الذي أصبح مسؤوال كبريا‬ ‫هذا هو “عراش” الذي افتتح اآلن مدرسة رسية‬ ‫لم يكن ممكنا بسهولة تصوير رواية ياسمينة‬
‫يف املشاهدة‪.‬‬ ‫يف نظام طالبان‪.‬‬ ‫لتعليم الفتية العلوم واآلداب “العلمانية” بعيدا عن‬ ‫الخرضا يف مواقعها الطبيعية أو باستخدام املمثلني‪،‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪33‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫لقطة مقربة‬

‫«تعويض مزدوج»‪ ...‬بني جيمس ام‪ .‬كاين ‪ James M.Cain‬وبييل وايلدر ‪Billy Wilder‬‬
‫وليد سليمان‬
‫ك ّلفت رشكة اإلنتاج الروائي رايموند تشاندلر الذي‬ ‫عندما قام املخرج الكبري بييل وايلدر بتحويل‬
‫كان يعمل يف هوليوود يف تلك الفرتة بهذه املهمة‪.‬‬ ‫رواية «تعويض مزدوج»‪Double Indemnity‬‬
‫وقد قال تشاندلر يف ما بعد عن هذه التجربة ‪:‬‬ ‫للروائي األمريكي جيمس ماالهان كاين (‪1892‬‬
‫«االشتغال مع بييل وايلدر عىل ‘تعويض مزدوج’‬ ‫‪ )1977 -‬إىل فيلم يحمل نفس العنوان‪ ،‬كان‬
‫كان تجربة مضنية ربما تكون قد ساهمت يف جعل‬ ‫مخرجون كثريون قد سبقوه يف اقتباس أعمال هذا‬
‫حياتي أقرص‪ ».‬ذلك أن طباع الكاتب واملخرج‬ ‫الروائي املتميز للسينما‪.‬‬
‫كانت مختلفة تماما لدرجة أن العمل بينهما كان‬ ‫وكان جيمس ماالهان كاين ‪ -‬والذي كثريا ما‬
‫يف منتهى الصعوبة‪ .‬إال أن ذلك لم يمنع من أن‬ ‫يكتب اسمه اختصارا جيمس إم‪ .‬كاين ‪ -‬قد مارس‬
‫السيناريو الذي كتباه معا كان ممتازا‪.‬‬ ‫عديد املهن واشتغل يف مجاالت مختلفة (منجم‬
‫وإذا كانت رواية «تعويض مزدوج» مكتوبة‬ ‫للفحم‪ ،‬مخزن للمواد املجمدة‪ ،‬رشكة تأمني‪ ،‬جرائد‬
‫بضمري املتكلم‪ ،‬حيث يروي «والرت هوف» األحداث‬ ‫ومجالت)‪ ،‬قبل أن يقرر أن يصبح كاتبا‪ .‬وكانت‬
‫من وجهة نظره‪ ،‬فإن الفيلم اعتمد عىل صوت‬ ‫بداياته يف األدب يف عرشينات القرن العرشين‪ ،‬حيث‬
‫الراوي الخارجي (‪« )voix-off‬والرت نيف» الذي‬ ‫بدأ ينرش قصصا قصرية يف مجالت أمريكية متنوعة‬
‫أسند دوره إىل املمثل الكبري فريد ماكموراي‪ ،‬أما‬ ‫نالت استحسان القراء‪ ،‬وهو ما شجعه عىل كتابة‬
‫دور «فيليس» فأسند إىل النجمة باربرا ستناويك‪.‬‬ ‫الرواية‪.‬‬
‫يف النسخة األوىل من الفيلم يتم إعدام «والرت‬ ‫ورغم أن روايات جيمس كاين تنتمي إىل‬
‫نيف» بالغاز يف سجن سان كوينتن‪ ،‬غري أن‬ ‫جنس الرواية البوليسية‪ ،‬وتحديدا ما يعرف بتيار‬
‫مشاهدي العروض األوىل انتقدوا بشدة هذه النهاية‬ ‫الرواية السوداء األمريكية‪ ،‬إال أنها تتميز بغياب‬
‫السوداء فقام بييل وايلدر بحذف هذا املشهد يف‬ ‫البطل اإليجابي الذي يسمح للقارئ باستخالص‬
‫املونتاج النهائي‪.‬‬ ‫العرب‪ ،‬إذ أن كاين يحب الرتكيز عىل الجوانب‬
‫بفضل تضافر عديد العنارص املكونة للفيلم‪:‬‬ ‫النفسية للشخصيات وما تعيشه هذه الشخصيات‬
‫السيناريو املحكم‪ ،‬إدارة التصوير املتقنة التي‬ ‫التحوير عىل أسماء الشخصيات الرئيسية يف الفيلم‪،‬‬ ‫لبيت أحد الزبائن لتجديد عقد التأمني عىل الحياة‬ ‫من رصاع داخيل بني الخري والرش‪ .‬وتعترب رواية‬
‫أرشف عليها جون سيتز‪ ،‬األزياء الباذخة التي‬ ‫فتحول «والرت هوف» إىل «والرت نيف» أما «فيليس‬ ‫الذي يربطه بالرشكة‪ ،‬لكن يف غياب املعني باألمر‪،‬‬ ‫«تعويض مزدوج» ‪ -‬التي نرشت ألول مرة يف مجلة‬
‫صممتها إديث هيد‪ ،‬املوسيقى التصويرية املتميزة‬ ‫نريدلينغر» فأصبحت «فيليس ديرتيشسون»‪.‬‬ ‫يجد زوجته الفاتنة «فيليس نريدلينغر» التي يقع‬ ‫«ليربتي» األمريكية سنة ‪ 1936‬أفضل تجسيد لهذا‬
‫التي لحنها ميكلوس روزا‪ ...‬حقق «تعويض‬ ‫من الرواية إلى الفيلم‬ ‫يف حبها عىل الفور‪ .‬ومع تعدد زيارات والرت لها‬ ‫املنهج يف الكتابة البوليسية‪ .‬وكان جيمس إم‪ .‬كاين‬
‫مزدوج» نجاحا جماهرييا ونقديا مستحقا وتم‬ ‫عندما قررت رشكة باراماونت الهوليودية إنتاج‬ ‫بدعوى تحيني العقد‪ ،‬تقوم الشابة بإغوائه وتقنعه‬ ‫قد استلهم أحداثها من واقعة حقيقية شهرية جدت‬
‫ترشيح بييل وايلدر لجائزة األوسكار يف السيناريو‬ ‫فيلم مقتبس عن رواية «تعويض مزدوج» أوكلت‬ ‫بأن يقتل زوجها لكي يحصال عىل مبلغ التأمني‬ ‫يف مدينة نيويورك سنة ‪ 1927‬وعرفت بقضية‬
‫واإلخراج‪ ،‬لكن األهم من ذلك هو أن هذا الفيلم دخل‬ ‫مهمة اإلخراج لبييل وايلدر صاحب عديد الروائع‬ ‫الكبري ويتمتعا به‪ ،‬وهو ما ينجح يف تحقيقه‪ ،‬غري‬ ‫سنايدر‪.‬‬
‫ضمن قائمة روائع الفن السابع وكان له تأثري كبري‬ ‫السينمائية‪ .‬وملا كان جيمس كاين‪ ،‬صاحب الرواية‪،‬‬ ‫أن األحداث تتخذ منحى آخر غري متوقع‪...‬‬ ‫وتتمحور أحداث هذه الرواية حول «والرت‬
‫مازال متواصال إىل اآلن‪.‬‬ ‫ّ‬
‫متوفر ملساعدة وايلدر يف كتابة سيناريو الفيلم‪،‬‬ ‫غري‬ ‫ونشري هنا إىل أن بييل وايلدر قد أدخل بعض‬ ‫هوف» املندوب لدى رشكة تأمينات والذي يتنقل‬

‫عبد اجلبار العش عريس الثقافة يف صفاقس‬ ‫ملتقيات‬


‫وحيد القريوي‬
‫يف كل امللتقيات تحرض الدراسات والقراءات العلميّة ولنكن‬ ‫الخرب‪ :‬ملتقى أدبي بوالية صفاقس‪.‬‬
‫رصيحني يف كثري منها كانت مج ّرد بضاعة تعرض تحت الطلب يف‬ ‫قد يكون الخرب عاديا وربما ال أهمّ ية له عند البعض كتدوينة‬
‫دكاكني املبادالت النقديّة وغالبا ما تكون مداخالت عجاف‪ .‬صفاقس‬ ‫تافهة ذيّلها كاتبها بعبارة‪ :‬بقلمي‪ .‬غري أّنّك يف مدينة الشمس املط ّلة‬
‫تعدل عمّ ا نتمنّى أن يسطأصل نهائيّا ويؤسس ملشهد نقديّ جديد‬ ‫عىل البحر ترى ثورة‪ .‬عىل مدى عقود ويف جميع امليادين الفنّية‬
‫وخاصة نقدا يهت ّم باألدب التونيس‬ ‫ّ‬ ‫يكون جادّا ونزيها ومثريا‪.‬‬ ‫أجربوا عقولنا عىل تقبّل أصنام ال يمكن تجاوزها (رغم أنّنا نحرتمها‬
‫ويع ّرف بأعالمه‪ .‬صفاقس أيضا تنترص لهذا املبدأ‪ ،‬فكانت املداخالت‬ ‫ونعرتف بنبوغها) كالشابي واملسعدي وبن عياد‪ .‬كل هذا من أجل‬
‫املهمّ ة شكال ومضمونا دراسات يف أدب عبد الجبّار‪ .‬فاحتفت به‬ ‫وأد بنات أفكار الفنّانني‪ .‬لذا كانت البالد تعامل فنّانيها بمفعول‬
‫أقالم خالد الغريبي ولسعد بن حسني ومحمد الحباشة‪.‬‬ ‫رجعي لرصيد الفنّان تحت شعار يعلمه املبدعون الناجون من املوت‬
‫لم يغب املرسح عن املهرجان‪ .‬لم يغب فنّانو صفاقس‪ ،‬لم يغب‬ ‫وهو‪ :‬عاش يتمنّي يف عنبة‪ ،‬مات جابولو عنقود‪.‬‬
‫الفن‪ .‬مركز الفنون الدرامية والركحية‪ ،‬طاقة متجددة‬ ‫هرم من أهرام ّ‬ ‫الحدث‪ :‬صفاقس تحتفي بمبدع عىل قيد الحياة‪.‬‬
‫وعطاء متواصل‪ .‬مسرية مرشفة لكل من م ّروا به‪ .‬مرسح جمّ ع‬ ‫بعد أن قامت املكتبة العمومية بصفاقس منذ مدّة بتسمية أحد‬
‫ووفر البسمة واتّسم بالجديّة واإلبداع من مطلع األلفيْة‬ ‫األصوات ّ‬ ‫أروقتها عبد الجبّار العش يف حركة رمزيّة أطلقت طيور الفرح من‬
‫الثالثة‪ .‬املرسح أيضا يف صفاقس ال يرتك الوقت للعنقود‪ .‬املخرج‬ ‫قلوب العديد من املبدعني‪ ،‬هاهي اليوم دار الثقافة باب بحر تحت‬
‫حاتم الحشيشة يقدّم عرضا رائعا مقتبسا عن رواية محاكمة كلب‬ ‫إدارة الشاعر أحمد الشايب بمعية كل الساهرين عىل ملتقى األقالم‬
‫خاصة عىل‬‫ّ‬ ‫طبعا ال يف مستوى الكتابة) ‪ ،‬تقدّمهم ضيوفا ويف فقرات‬
‫لعبد الجبّار العش تحت عنوان محاكمة األلفيّة الثالثة‪.‬‬ ‫الواعدة والفاعلني التابعني للمندوبية الجهوية للثقافة‪ ،‬هاهي اليوم‬
‫امتداد أيّام امللتقى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ختاما‪ ،‬الخاتم السحري للتغيري هو اإلرادة ليس ّإل‪ .‬نحتاج وطنا‬ ‫توش دورتها باسم صاحب رائعة " لن تم ّروا"‪ ،‬ج ّلنار‪ ،‬وقائع‬
‫باملوسيقى رفرفت أجنحة الكلمات صحبة رفاق درب عبد‬
‫أن رأس ماله‬ ‫يؤمن بطاقاته يف جميع امليادين‪ .‬نحتاج وطنا يؤمن ّ‬ ‫املدينة الغريبة‪ ،‬أفريقستان‪ ،‬محاكمة كلب وغريها من الدرر‪.‬‬
‫الجبّار العش فكان ال ب ّد من فرقة البحث املوسيقي بقيادة نرباس‬
‫ومخزون ذهبه ذوات قادرة وفاعلة ال تحمل تأشرية وال زادا غري‬ ‫عبد الجبّار العش الشاعر الثائر وروائي ذهب الكومار عنوان‬
‫شمّ ام وكان الب ّد أيضا من مجموعة عيون الكالم ومن آمال الحمروني‬
‫صفة‪ :‬مواطن وقادر عىل التغيري(ينتظر اإليمان به)‪.‬‬ ‫دورة امللتقى ومحورها‪ .‬لن أشكر أحدا من الساهرين عىل امللتقى‬
‫وخميّس البحري‪ .‬كأنّهم يعلنونها رصخة‪ :‬باقون ما بقي ال ّزعرت‬
‫انتهت الدورة وأسفرت مسابقتها الشعرية عن فوز الشعراء‬ ‫إنّما سأقول لكل جنديَ فيهم‪ :‬أحبّك‪.‬‬
‫والزيتون‪.‬‬
‫اآلتي ذكرهم باملراكز الثالث األوىل‪ :‬عيل عرايبي‪ ،‬فاطمة الزواري‪،‬‬ ‫امتدّت الدورة ثالثة أيّام أمطر يوم منها‪ ،‬ربّما فرحا‪ .‬عاشت‬
‫شعرا‪ ،‬وُجّ هت الدعوات لشعراء من أجيال وتجارب مختلفة‪،‬‬
‫أماني الزعيبي‪.‬‬ ‫مدينة الشمس أوّل ثالث أيام من شهر أكتوبر فعاليات مختلفة‪:‬‬
‫شعراء يعلم معدنهم ك ّل مهتمّ(رغم أنّنا يجب أن نخوض حربا ملزيد‬
‫انتهى مهرجان ينتظر حالة ال من الوعي‪ ،‬بل ينتظر حالة من‬ ‫ّ‬ ‫شعر‪ ،‬موسيقى‪ ،‬مرسح مداخالت نقدية متميّزة شكال وثريّة‬
‫املتلقي‪ ،‬بحاجة لحرب إعالميّة وتثقيفيّة)‪.‬‬ ‫تقريب الثقافة والفن من‬
‫اإليمان بالطاقات التونسية‪ .،‬ينتظر عمال يروّ ج لفنوننا وينرشها‬ ‫بأصحابها‪.‬‬
‫احتفى الشعراء بعبد الجبّار واحتفى الشعر بمبدعيه‪ :‬الطيب بو‬
‫خارج مساحة جلد قرطاج‪ .‬ينتظر دولة مؤمنة بمواطنيها‬ ‫يف ملسة من الورد صفاقس تقطع مع الورشات وتقديم املتسابقني‬
‫عالڨ‪ ،‬شاهني السايف‪ ،‬نور الدين بوجلبان‪ ،‬حافظ محفوظ‪ ،‬الهادي‬
‫وبقدراتهم‪.‬‬ ‫يف سلة واحدة من الوقت وتقدّم الشبّان من الشعراء(الشبّان يف العمر‬
‫العايش‪ ،‬سامي الذييي‪ ،‬هندة محمّ د وغريهم‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪34‬‬ ‫الشارع الثقافي‬


‫مسرح‬

‫من واقع احلياة املرسحية بوالية مدنني‬

‫صور من مهرجان فرحات يامون‬

‫د‪ .‬زهير بن تردايت‬


‫بعيدة عن عامة الناس وعن املدن واألرياف وهو خارج توجهات هذه الثقافة فضاء إدماج ومنابت إبداع فلم يجد الشباب متنفسا لهم وفضاء‬ ‫عرفت والية مدنني بمهرجاناتها املرسحية املتف ّردة كمهرجان فرحات‬
‫يفس كثرة الجريمة والعنف واستهالك املخدرات‬ ‫إلبراز مواهبهم مما ّ‬ ‫التظاهرات النابعة من املجتمع واملوجهة إىل عموم الشعب‪.‬‬ ‫يامون الدويل للمرسح واملهرجان الوطني ملرسح التجريب وغريهما‬
‫إن جزيرة تحتضن العالم وتتميز بخصوصيات ثقافية متنوعة لم واالنقطاع املدريس‪.‬إن البنية التحتية للمؤسسات الثقافية يديرها يف‬ ‫وبمرسحييها املتألقني دوليا وقد كانت دور الثقافة فضاء يحتضن‬
‫تتمكن السلط من تجهيزها بقاعة عروض مناسبة يف زمن نعترب فيه أن الجهات موظفون من غري أهل اإلختصاص ورؤساء املصالح عدد منهم‬ ‫العروض املرسحية الكربى وحلقات النقاش التي يهابها املرسحيون ‪ .‬إذ‬
‫ينفل بالرتقية ولكنه ال يبارش العمل يف تلك الوظيفة فكيف‬ ‫ّ‬ ‫لم تكن مجرد ظواهر احتفالية ولقاءات لتبادل‬
‫نأمل يف إصالح؟ إن اجتهاد أهل املرسح يف والية مدنني‬ ‫اإلستضافات فالفعل املرسحي فعل نافذ مؤثّر‬
‫وكفاحهم يف مختلف جهاتها ففي جبال «بني خداش» حياة‬ ‫إن وضعية دور الثقافة‬ ‫والفنان حامل لفكر ورؤى‪ّ .‬‬
‫مرسحية نشيطة ويف الحدود ببنقردان مالحم رائعة ويف‬ ‫طلت وهج هذه املهرجانات‬ ‫الحالية يف والية مدنني ع ّ‬
‫مدنني مجانني مرسح لم يرتكوا حيا وال فضاء مدرسيا وال‬ ‫فدار الثقافة فريد غازي بجربة مثال والتي تحتضن‬
‫سجنا إال ّ ومرسحوه ويف السواحل بالجزيرة تحولت الشوارع‬ ‫مهرجان فرحات يامون الدويل للمرسح مغلقة منذ‬
‫إىل أركاح واستنبط املرسحيون برامج يمكن للفضاءات‬ ‫‪ 03‬سنوات ولم تنطلق األشغال فيها بعد ولم يمثل‬
‫املتوفرة احتضانها وهو ما تعتزم هيئة مهرجان فرحات‬ ‫األمر مشكال للمسؤولني بل أن الباحث يف هذا امللف‬
‫يامون الدويل للمرسح القيام به يف الدورة اإلستثنائية املزمع‬ ‫يتيه بني وزارة التجهيز ووزارة الثقافة والوالية و‪...‬‬
‫تنظيمها بني ‪ 11‬و‪ 13‬نوفمري ‪ 2021‬حيث ستقدم عروض‬ ‫وال يخرج بنتيجة كما أن دار الثقافة بشري التلييل‬
‫مرسح الشارع وعروض فن الحكاية وانجازات فنية يف‬ ‫لم تنته األشغال بها ودار الثقافة آجيم أيضا لم‬
‫الرسم والنحت ذات صلة بعروض الحكواتي وورشات‬ ‫تكتمل قاعتها ‪.‬ويتناحر الفنانون يف جزيرة جربة‬
‫تدريبية كل هذه الربمجة سيؤثثها فنانون من دول‬ ‫ليجدوا فضاء يقدمون به عروضهم وينظمون فيه‬
‫فرنكفونية تتبادل الرؤى والثقافات فاملرسح خطاب عاملي‬ ‫تظاهراتهم‪.‬‬
‫لغته خاصة وتأثريه عىل الفكر واإلحساس ومضامينه تسع‬ ‫ولنئ تمثل النزل بالجزيرة مكانا يحتوي عىل‬
‫كل الفنون وألقه يبهج النفوس‪.‬‬ ‫دار الثقافة فريد غازي‬ ‫أركاح وتجهيزات تناسب نوعا من العروض فإنها‬

‫سليانة تفتتح املوسم الثقايف بمرسح األطفال واليافعني‬


‫ربيعا» ملركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة عىل الساعة‬ ‫بعد إنحسار خطر جائحة كورونا وقرار الدولة القايض‬
‫الثالثة مساء‪ .‬أما برمجة يوم الخميس ‪ 07‬أكتوبر ‪ 2021‬والتي‬ ‫بعودة الحياة لألنشطة الثقافية يف تونس برمج مركز الفنون‬
‫تستهل بعرض تجليات موسيقية باملدرسة االبتدائية وادي الرمل‬ ‫الدرامية والركحية بسليانة تظاهرة مرسحية متنوعة يف‬
‫العروض عىل الساعة الثانية بتجليات موسيقية و تختتتم بعرض‬ ‫إطار الدورة األوىل ملهرجان ‪... circuit théâtre‬وستتوزع‬
‫مرسحية «يد بيد» ملركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس‪ ،‬أما‬ ‫هذه األنشطة عىل املدارس اإلبتدائية يف قرى وأرياف والية‬
‫عروض يوم الجمعة ‪ 08‬أكتوبر والتي وقع برمجتها باملدرسة‬ ‫سليانة يف تجربة مختلفة عن نظائرها ‪..‬تجربة تقوم عىل‬
‫االبتدائية بوعبدالله بتجليات موسيقية عىل الساعة الثانية بعد‬ ‫رؤية فنية وفكرية تدعو الحاملني الصغار إىل‬
‫الزوال وتختتم عىل الساعة الثالثة مساء بعرض مرسحية «أفان»‬ ‫األمل‪.‬‬
‫إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بسليانة‪.‬‬ ‫تنطلق هذه الدورة األوىل بداية من يوم‬
‫تختتم عروض املهرجان يوم السبت ‪ 09‬أكتوبر ‪ 2021‬عىل‬ ‫األربعاء ‪ 06‬أكتوبر الجاري وتتواصل إىل غاية‬
‫مرحلتني صباحية ومسائية األوىل ستكون باملدرسة االبتدائية‬ ‫يوم السبت ‪ 09‬من نفس الشهر‪ .‬وتتوزع‬
‫عني الديسة حيث تفتتح عىل الساعة الثانية عرشة زواال بعرض‬ ‫عروض املهرجان عىل عدة فضاءات يف القرى‬
‫مرسحية «طائر الفينيكس» ملركز الفنون الدرامية والركحية‬ ‫واألرياف الداخلية واملجاورة ملدينة سليانة يف‬
‫باملهدية‪ ،‬فيما تدور بقية األنشطة وعروض االختتام باملنطقة‬ ‫برمجة هي األوىل من نوعها عىل مستوى الوالية ‪.‬‬
‫األثرية جامة وتستهل عىل الساعة الرابعة مساء بندوة فكرية‬ ‫يفتتح اليوم األول للمهرجان بربمجة عرض‬
‫‪ Horizontal‬تحت عنوان «مرسح الطفل يف تونس بني ماهو‬ ‫«تعويذة قرقورة «ملركز الفنون الدرامية والركحية‬
‫كائن و ما يجب أن يكون» يؤثثها كل من املخرج املرسحي عماد‬ ‫بزغوان وذلك باملدرسة االبتدائية الحذايقية عىل‬
‫املي والناقدة املرسحية الكاتبة سهام عقيل كما يواكب الحارضون‬ ‫الساعة العارشة صباحا ‪ ،‬كما يستمتع تالميذ‬
‫عرض تجليات موسيقية – موسيقى الجاز ‪ -‬للفنان املنصف بن‬ ‫املدرسة االبتدائية بالدليوات بعرضني األول‬
‫مسعود‪ ،‬ويستمتع الجمهور الحارض بعرض مرسحي بعنوان‬ ‫موسيقي بعنوان «تجليات موسيقية» للفنان‬
‫عرض مرسحي «حنبعل فري فاير» ملركز الفنون الدرامية‬ ‫عادل بو عالق عىل الساعة الثانية بعد الزوال‪،‬‬
‫والركحية بمنوبة وذلك عىل الساعة السادسة مساء‪.‬‬ ‫ويختتم اليوم األول بعرض مرسحي «كن‬ ‫صالح فالح‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪35‬‬ ‫رأي‬
‫الشارع السياسي‬
‫مسرح‬
‫الدين‬
‫مقاومة ّ‬ ‫عرس الفن الرابع بالمهدية ‪:‬‬
‫التصدي للمتاجرين‬ ‫أم‬
‫ّ‬
‫بقيمه؟‬ ‫مهرجان مسارات املرسح يف دورته الثالثة‬
‫من ‪ 24‬إىل ‪ 30‬سبتمرب ‪2021‬‬
‫يوسف مثلوثي‬
‫نزل الستار الخميس ‪ 30‬سبتمرب ‪2021‬‬
‫عىل فعاليات مهرجان «مسارات املرسح» يف‬
‫صالح الدين العامري‬ ‫دورته الثالثة بعد تأجيلها ألسباب كورونا‪ .‬وقد‬
‫ارتبطت مقاومة األديان والتشكيك فيها‬ ‫امتازت هذه الدورة بحسن التنظيم واالنضباط‬
‫وتحميلها مآيس الجماعات البرشيّة بالفلسفة‬ ‫التام لرشوط الربوتوكول الصحي‪.‬‬
‫املاركسيّة أساسا‪ ،‬ورغم تراجع مكانة هذه‬ ‫انطلقت الفعاليات يوم ‪ 24‬سبتمرب ‪2021‬‬
‫الفلسفة وتأثريها رشقا وغربا‪ ،‬وحتى يف منشئها‬ ‫عىل الساعة الخامسة بالفضاء الثقايف املشرتك‬
‫(الكنيسية القديمة) باملدينة العتيقة بلقاء مع‬
‫وبني أتباعها ولدى املنخرطني يف أدبياتها‪ ،‬مازالت‬
‫الفنان حمادي املزي حيث يقول‪...« :‬أنا شخص‬
‫بعض النّخب يف بالد العرب‪ ،‬وتونس تحديدا‬
‫ال يستهويني الركون أنا “دون كيشوت” الذي‬
‫تعزف األناشيد القديمة عىل مصطبة مرسح‬ ‫مازال يستهويه الحلم وكوابيسه وما زال‬
‫أقفر وأخذت جدرانه يف التداعي‪ .‬وقد اعرتفت‬ ‫يحارب الطواحني بمختلف أشكالها املجازية‬
‫املاركسيّة الفرنسيّة ميشال برتران ‪Michèle‬‬ ‫أقذف بنفيس ك ّل مرة خارج‬ ‫ُ‬ ‫والرمزية‪ ،‬ما ُ‬
‫زلت‬
‫بأن مؤسيس املاركسيّة أخطؤوا‬ ‫‪ Bertrand‬مثال ّ‬ ‫نفيس بحثا عن دروب جديدة يف هذا الفن‬
‫وألن العقل‬ ‫ّ‬ ‫توقع النهاية الوشيكة للدين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف‬ ‫العظيم ‪ »..‬ثم وقع تكريمه باملناسبة وأُقِ يم‬
‫حي وتاريخي ومتطوّر يشتغل وفق‬ ‫الغربي عقل ّ‬ ‫معرض األعمال الفنية لرشكة دار سندباد‬
‫ّ‬
‫رشوط االختبار والتجاوز واإلبداع‪ ،‬فإن بعض‬ ‫بفضاء دار الثقافة باملهدية‪.‬‬
‫الباحثني يف علم اجتماع األديان حاولوا فهم‬ ‫وعىل الساعة السابعة مساء وبدار الثقافة‬
‫الظاهرة الدينيّة يف املجتمع األمريكي الذي يجمع‬ ‫مرسحية "رشيدة"‬ ‫باملهدية كان الجمهور عىل موعد مع عرض‬
‫بني النقيضني يف الفلسفة املاركسيّة هما الدّين‬ ‫مرسحية «رشيدة» نص و إخراج الفنان حسام‬
‫والحداثة يف معناها العامّ‪ ،‬وهي صورة مماثلة ملا‬ ‫ندوتان فكريتان بالفضاء الثقايف املشرتك‬ ‫إال نتاج الحقد الذي يكنه األخ ألخيه ‪ .‬يصيح‬ ‫الغريبي‪ ،‬سينوغرافيا متميزة لفنان فتحي‬
‫(الكنيسية القديمة) باملدينة العتيقة برئاسة‬ ‫نوح ‪:‬‬ ‫النخييل والعرض مُ هْ دَى إىل روح الهاشمي‬
‫يحدث يف أملانيا التي تحتضن أهم مدارس النقد‬
‫كل من األستاذ صالح الدين الحمادي واألستاذ‬ ‫«سنُوب ِْري »‬ ‫ْ‬ ‫غشام‪.‬‬
‫يف الفكر الدّيني‪ .‬ومن بني الباحثني يف العالقة بني‬
‫محمد الهادي الفرجاني أثثها ثلة من األساتذة‬ ‫«يا ِو ْل ْد أمي»‬ ‫بني اإلنسان والبحر رصاع أزيل فهذا العالم‬
‫االجتماعي والدّيني ألكسيس دوتوكوفيل ‪Alexis‬‬ ‫والدكاترة لهم اهتمامات باملرسح وفاعلني فيه‪.‬‬ ‫«يا اليل دمك من دمي»‬ ‫املجهول املعلوم‪ ،‬البحر‪ ،‬داخله مفقود وخارجه‬
‫‪ de Tocqueville‬صاحب كتاب الديمقراطيّة يف‬ ‫*يف السابعة مساء و بدار الثقافة باملهدية‬ ‫«يا خسارتك ‪ ،‬يا ولد أمي‬ ‫مولود ورغم ذلك «يعود املالح للبحر إِلِّ‬
‫أمريكا‪ .‬ومن املالحظات األساسيّة لهذا الباحث‬ ‫ضت مرسحية «دوالب النار الباردة» نص‬ ‫عُ ِر َ‬ ‫««يا ليل بزرق حليبها»‬ ‫يغ ْر ُقو» وتغرق السفن وتبكي األيتام واألرامل‬ ‫َ‬
‫أن الدّين لعب دورا أساسيّا يف بناء الديمقراطيّة‬ ‫ّ‬ ‫وإخراج حمادي املزي إنتاج دار سندباد‪.‬‬ ‫«يف فمك وفمي»‪.‬‬ ‫واألهل عىل املفقود الغريق و يمر الزمن و عودة‬
‫األمريكيّة حني تح ّرر من سلطة محتكري تمثيل‬ ‫دوالب هو وعاء نضع فيه كل يشء حتى‬ ‫صيحة نوح االبن األكرب امللتاع من حرارة‬ ‫عىل بدأ‪.‬‬
‫الربّ واملتاجرين بقيمه‪ .‬وتتطابق هذه املالحظة‬ ‫نار باردة‪ :‬فضاء‪ ،‬بلد‪ ،‬مجتمع‪ ،‬نظام حكم‪،‬‬ ‫غدر أخيه مذكرة هذه الصيحة بقابيل وهابيل‬ ‫البحر لعنة يرصخ نوح ربّان السفينة‪.‬‬
‫مع ما أق ّر ماكس فيرب ‪ Max Weber‬يف عالقة‬ ‫منظومة اجتماعية أو سياسية أو‪ ..‬انتهازية‬ ‫وباألمني و املأمون أبناء هارون الرشيد والفتنة‬ ‫يونس (الشقيق األوسط) ‪ :‬البحر كفنو يف‬
‫القيم الربوتيستانتيّة بنجاح العمل يف تكديس‬ ‫السياسيني و التسرت بالدين بالتظاهر املبالغ‬ ‫الحسينية الباشية بتونس وارتداداتها عىل‬ ‫كفو مرسحية «رشيدة» تروي مأساة «فاطمة‬
‫الثروة يف الغرب‪ .‬وأ ّكد ألكسيس دوتوكوفيل يف‬ ‫فيه بالتقوى املزيفة يؤدي إىل فساد وإفساد‬ ‫القبائل التونسية وال زالت صليحة تذكرنا بها‬ ‫الزهراء» سفينة صيد ورثها ثالثة إخوة عن‬
‫هذا السياق أن املجتمع األمريكي لم يتميّز فقط‬ ‫املجتمع‪..‬‬ ‫«نا بكرتي رشدت مع العَ َزابا» وغري ذلك من‬ ‫أبيهم أصبح االبن األكرب «نوح «ربان لها لكن‬
‫بحيويّة دينيّة‪ ،‬وهي حالة ظاهرة ومستم ّرة إىل‬ ‫فاملرسحية مرآة تعكس عىل الركح أنموذج‬ ‫أمثلة أمتنا العربية‪.....‬‬ ‫«سنُوب ِْري» لم يكن راضيا بذلك‬ ‫االبن األصغر ْ‬
‫اليوم‪ ،‬وإنما تعاضدت يف سلوكه روح الدّين بروح‬ ‫من املجتمع العربي بكل ما فيه من تناقضات‬ ‫رشيدة بدون تعريف بـ الـ هي مرسحة‬ ‫فأغرقها عمدا إذ قام بإفساد محركها فغرق‬
‫واختالفاته وخالفات‪ ،‬خيانة األمانة‪ ،‬الربح‬ ‫نموذج عابرة للمكان يف العرب ويف العالم‬ ‫أكثر من عرشين بحّ ارا دفعة واحدة يف عرض‬
‫الحريّة يف بناء منظومته السياسيّة املرجعيّة‪ ،‬وبدا‬
‫الرسيع عمال بمقولة «الحالل ما حل يف الكف»‬ ‫الثالث و يف الزمان قديما و حارضا ولربما‬ ‫البحر وإىل نجاة ثالثتهم‪.‬‬
‫الدّين مساهما يف الديمقراطيّة املعارصة أكثر ممّ ا‬
‫حتى بالدوس و بتجاوز القانون‪.‬‬ ‫مستقبال‪.‬‬ ‫«رشيدة»‪ ،‬وإن كانت مأساة البحارة‪ ،‬فهي‬
‫كان عائقا لها‪ .‬ونظرا إىل ميزة املجتمع األمريكي‬ ‫*يوم ‪ 09/ 26‬وعىل الساعة العارشة‬ ‫* يف الثاني يوم ‪ 09/ 25‬وتحت شعار‬ ‫ذاك الرصاع بني األخ وأخيه عىل السلطة وما هو‬
‫بتعدّد أعراقه‪ ،‬وهو عامل ينذر بالتف ّكك‪ ،‬فقد مثّل‬ ‫صباح وقع تكريم الفنان حسن املؤذن‬ ‫املرسح التونيس والتحوالت االجتماعية انعقدت‬
‫املعطى الدّيني عامال أساسيّا يف بناء روح جمعيّة‬ ‫* يف املساء وبدار الثقافة باملهدية وعىل‬
‫عىل أساس الوطن الجامع للتنوّ ع‪ .‬واملقصود‬ ‫الساعة السابعة كان الجمهور عىل موعد مع‬
‫بالدّين هنا هو اإليمان باملرجعيات الغيبيّة‪ ،‬بقطع‬ ‫املرسحية الحدث «الروبة» عن املركز للفنون‬
‫النظر عن خصوصياتها التفصيليّة والطقسيّة‪.‬‬ ‫الدرامية والركحية بالقريوان نص وإخراج‬
‫واستئناسا بهذه التجربة الواقعيّة من امله ّم أن‬ ‫حمادي الوهايبي‪.‬‬
‫نأخذ يف االعتبار املعطى الدّيني يف املجتمعات‬ ‫فبعد «الصابرات» و«جويف» تأتي‬
‫اإلسالميّة‪ ،‬ولكن وفق آليات تخ ّلص القيم الدينيّة‬ ‫مرسحية «الروبة» تجسد عىل ركح املرسح‬
‫من سلطة املتس ّلطني عىل الدّين وعىل الله وعىل‬ ‫وتعري املسكوت عنه والتابوهات املحرم‬
‫البرش‪ ،‬وتجريدهم من السلطة الرمزيّة التي‬ ‫الخوض فيها بالرغم من تداوله عىل املسميديا‪.‬‬
‫ورثوها دون حق موجب وباستعمال أدوات‬ ‫هذه املرسحية أسالت كثريا من الحرب‬
‫وانزعج منها كل انتهازي وفاسد املوجود يف‬
‫متنوّعة ال تخدم املنظومة الدّينية وال املتديّنني‪،‬‬
‫سلكي املحاماة والقضاء خالفا للنزيه والعامل‬
‫نصبوا أنفسهم‬ ‫وتضمن يف املقابل لفئة ممن ّ‬
‫عىل إرساء العدل واإلنصاف منهم‪.‬‬
‫أخيارا‪ ،‬سلطة وجاها وماال ونفوذا‪ .‬ويحتاج‬ ‫* يوم ‪ 30/09‬يوم االختتام وعىل الساعة‬
‫ّ‬
‫والتعقل‬ ‫تحقيق هذا األمر إىل فسح املجال للتفكري‬ ‫السابعة مساء بفضاء دار الثقافة باملهدية نزل‬
‫وفق الرشوط التاريخيّة للفكر البرشي يف حرص‬ ‫الستار بمرسحية «ذاكرة» لسليم الصنهاجي‪.‬‬
‫عىل املوازنة الطبيعيّة بني الروحي واملادّي‪.‬‬ ‫«الحلم مرسح واملرسح يكرب بالحلم وما دام‬ ‫مرسحية "الروبة"‬
‫املرسح كبريا باقيا أزليا فالحلم أكرب وأكرب‪.»...‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪36‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬

‫قراءة يف لوحة «لعبة التشظي»‬


‫للفنان التشكييل مراد شويه‬
‫د فوزية ضيف هللا‬
‫بما فيها‪ .‬يعرب الفنان يف هذه اللوحة التجريدية‬ ‫لوحة تفاصيل‪ ،‬للفنان التشكييل مراد شويه‬
‫عن صالبة الواقع وصلف املادة‪ ،‬وانخناق الوجود‬ ‫(اكريليك عىل القماش قياس ‪.) 66/66‬‬
‫الحيس‪ .‬ويف املقابل يبني عاملا آخر تتالقى فيه‬ ‫ظ»‬‫ص عىل تسميتها «تش ّ‬ ‫يسميها «تفاصيل» وأ ُ ِ ّ‬
‫جميع املختلفات داخل الفوىض الخالقة التي‬ ‫وله أن يغفر يل هذا التجنّي عىل العنوان‪.‬‬
‫تؤسس لزمان أبدي‪ .‬هو الزمان‬ ‫تتضمن اللوحة مخططني‪ .‬مخطط أول يتمثل‬
‫االبدي املتجدد واملتدفق‪ .‬هو‬ ‫يف جملة الخطوط العمودية املراوحة بني االبيض‬
‫الزمان الجامع بني التكرارية‬ ‫والرمادي ومخطط ثان هو فوهة األلوان املنترشة‬
‫والخلق‪ ،‬بني العودة والتجدد‪.‬‬ ‫واملتناثرة عىل السطح األويل‪ .‬أشكال وأحجام مختلفة‬
‫هو زمان زرادشت نبي‬ ‫تبدو أنها عفوية وكأنها خارجة من فوهة بركان عىل‬
‫العود األبدي واملبرش‬ ‫شكل حمم متصاعدة نحو سماء تجمع بني لونني‪.‬‬
‫باالنسان األرقى‪ .‬رغم‬ ‫سماء او كوسموس منظم يخرتقه رضب من التشظي‬
‫التمرد الظاهر يف‬ ‫القادم من عمق األرض أو من عمق اخر‪ .‬تتناثر‬
‫اللوحة‪..‬يعود الطفل‬ ‫االجسام وتتداخل منها السماوي ومنها األريض ومنها‬
‫لبناء عامله‪ ،‬عالم الرباءة‬ ‫املشع ومنها القاتم‪ .‬تحتل الفضاء بشكل متناسق‬
‫الفنان مراد شويه‬
‫والصريورة والتدفق‪.‬‬ ‫لونيا وشكليا‪ .‬الوان صارخة بارزة‪ .‬دالة عىل الحياة و‬
‫لمحة عن‬ ‫كذلك عىل الغضب‪ ،‬عىل البهجة والعنفوان‪.‬‬
‫الفنان‬ ‫التحليل‪:‬‬
‫كانت بداية قصة مراد شويه مع الرسم يف‬ ‫سطح اللوحة االول متسق منتظم يميل إىل‬
‫سن الطفولة املبكرة وحتى قبل الدخول املدرسة‪..‬‬ ‫االستقامة‪ .‬يف حني ان الطبقات األخرى املوضوعة فوق‬
‫ويف مرحلة املعهد اإلعدادي يلتقي مراد مع الفنان‬ ‫السطح االويل‪ .‬تربك تلك االستقامة‪ .‬تقيل املوازين لونا‬
‫التشكييل طارق السوييس حيث كان األخري استاذ‬ ‫وشكال وداللة‪ .‬األشكال تتكرر لكنها تختلف يف تجدد‬
‫مادة الرتبية التشكيلية باملعهد اإلعدادي باملنشية‬ ‫مستمر‪ .‬تنخلق من رحم بعضها‪ .‬تتناسل من تلقاء‬
‫ثم كانت االنطالقة الحقيقية بعد الحصول عىل‬ ‫نفسها وكان الفنان ينخرط يف لعبة طفولية تعود به‬
‫الباكالوريا حني التحق مراد باملعهد العايل للفنون‬ ‫إىل صباه‪ .‬يلعب وال يمل‪ ،‬يقلب نظام البيت املرتب‬
‫الجميلة بتونس و املشاركة يف معرض جماعي مع‬ ‫ويخربش فوق سجاد املنزل‪ .‬وربما يطويه ليلتصق‬
‫اتحاد الفنانني التشكيليني مع ثلة من الرسامني‬ ‫باألرض‪ .‬ذلك الرمادي ربما هو اسمنت األرض‬
‫من بينهم ابراهيم العزابي ليتولصل يف املعارض‬ ‫لوحة "لعبة التشظي"‬ ‫املسطحة‪ .‬يستغله ليخربش عليه ببياض الطباشري‬
‫الجماعية ‪ ..‬ثم أنجز معرضه الفردي سنة ‪2018‬‬ ‫أو الفحم‪ .‬وينهمك كما ينهمك طفل يف رسد حكاياته‬
‫بفضاء املركب الثقايف نيابوليس بمدينة نابل بعنوان‬ ‫التأويل‬ ‫والتناثر‪ .‬ال يكون هذا التناثر لألشياء واألشكال ممال‬ ‫وأحالمه عىل أرض انبطح عليها ونيس انه لم يلتفت‬
‫إن هذه اللوحة هي تشظي فعال‪ .‬غضب االعماق‬ ‫النه يغذي البرص والعقل‪ .‬يخاطب الرؤيا والرؤية‬ ‫اليه اي كان ممن كانوا حوله‪.‬‬
‫« أشياء االفرتاض» ويف عالقة بهذا املبحث‪ ،‬يعد الفنان‬
‫الذي يصل إىل السطح‪ .‬يثور عىل املوجود واملنتظم‪.‬‬ ‫يف آن‪ .‬وقد تكون احيانا هذه اللوحة الرائي واملرئي‪.‬‬ ‫تتناسل االشكال املختلفة لونا وطعام من تلقاء‬
‫بحث دكتوراه بعنوان « التواصل و املشاركة يف املواقع‬
‫تخرج عبارات التمرد والرغبة يف اثبات الذات عىل‬ ‫تحتويها وتخرتقها اإلدراكات واملنظوريات من كل‬ ‫نفسها لتعلن الثورة عىل النظام املرتسم يف سطح‬
‫االجتماعية ووانعكاساتها عىل املمارسة اإلبداعية‪:‬‬
‫شكل حمم بركانية‪ .‬انها فوهة الربكان وقد افصحت‬ ‫جانب‪ .‬ترانا ونراها‪ .‬تحسنا ونحسها‪.‬‬ ‫األرض‪ .‬ويخلق كوسموسا آخر يقوم عىل لعبة التشظي‬
‫فنون امللتيميديا نموذجا»‪.‬‬

‫باب الغدر‬ ‫صورة تتح ّدث‬


‫باب الغدر هو الباب الخلفي للقصبة الذي‬
‫يفتح على الضاحية الغربية لتونس وهو‬
‫تقريبا يقابل المدخل الحالي لدار الحزب‬
‫القديمة على شارع ‪ 9‬أفريل وهو باب من‬
‫األبواب الخارجيّة لتونس وغير المعروفة‬
‫لدى العموم‪ ،‬وقد شيّد هذا الباب في بداية‬
‫القرن الحادي عشر‪ ،‬وهو “باب عبد ال ّله” على‬
‫إسم الولي الصالح سيدي عبد هللا الشريف‪،‬‬
‫حيث يقع ضريحه‪( ،‬جامع الصفصافة بنهج‬
‫ابن الس ّر اج حاليّا)‪.‬‬
‫سمّ ي في القرن الرابع عشر بــ “باب غدر”‪..‬‬
‫مخصصا لعبور ومغادرة‬ ‫ّ‬ ‫ألن هذا الباب كان‬
‫الحكام وحاشيتهم ووزرائهم وليس‬
‫للعموم‪..‬‬
‫ثمّ أطلق عليه إسم باب سيدي علي الزواوي‬
‫في القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫عن صفحة مدينة تونس‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪37‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬

‫الراحل زبري الرتكي كام عرفته ف ّنانا وإنسانا‬


‫الحبيب بيدة‬
‫أن الزبري لم يتميز بأسلوب جريء‪ ،‬جرأة أسلوبي‬ ‫ومرت األيام برسعة عجيبة‪ ،‬وهكذا هي الحياة‬
‫بيكاسو وماتيس‪ .‬كنت دائما أطرح عليه السؤال حول‬ ‫الدنيا حلم ربما تأتي بعده الحياة الباقية والحقيقية‬
‫غرامه بالحداثة الفنية مع مفارقة إرصاره عىل أسلوبه‬ ‫كما يقول دائما يس الهادي الرتكي شفاه الله‪.‬‬
‫املتعارف وعدم مغامرته مغامرة فناني الحداثة‪ .‬وكان‬ ‫عندما فارقنا الفنان الكبري زبري الرتكي‪ ،‬عاد بي‬
‫جوابه دائما أن شخصيته الفنية مرتبطة بشخصيته‬ ‫الزمن إىل سبتمرب ‪ ،1990‬عندما حط بنا الرحال يف‬
‫الثقافية وأنه يبدع ليعرب عن الشخصية التونسية رغم‬ ‫عاصمة النور والفن باريس وذلك لقضاء سنة يف‬
‫عشقه لكل التجارب الفنية التي يظهر من خاللها أهم‬ ‫الحي العاملي للفنون‪.‬‬
‫يشء وهو الصدق‪ .‬فالصدق هو شعاره قبل أن يتظهر‬ ‫لم أكن أعرف من الرجل سوى ما كان يعرفه‬
‫فنا‪.‬‬ ‫الكثريون عنه‪ :‬شخصية فنية وثقافية معتزة بنفسها‬
‫كان الزبري يتحدث عن صدق املمارسة وقد عاينت‬ ‫إىل حد النرجسية‪ ،‬شخصية لها حضور قوي يف‬
‫ممارسته عن قرب حيث لم يكن يرفض مرافقتي له‬ ‫الوسط الفني لدرجة أن اآلراء حولها تختلف فمن‬
‫وهو يعمل وال أعتقد أن ما شاهدته قد شاهده آخرون‬ ‫عاشق لهيبتها ومعتز بصداقتها إىل متوجس منها‬
‫وهو حظ أحسد عليه حيث كنت أساير إنشائية‬ ‫باعتبارها نافذة القول والقرار‪.‬‬
‫عمله وأعيش معاناته مع أعماله التي تبدو للبعض‬ ‫كان الفنانون وخاصة منهم التشكيليني غري‬
‫تصويرية توثيقية ‪ illustratives‬ولكنها كانت‬ ‫متفقني عىل موقف واحد تجاه الرجل رغم احرتامهم‬
‫متجاوزة لذلك‪.‬‬ ‫له واعرتافهم بقيمته الفنية والثقافية والسياسية‬
‫لم يكن الزبري يسعى إىل تصوير شخصيات عرفها‬ ‫أيضا وذلك الرتباط الزبري بمدرسة تونس‪ ,‬هذه‬
‫عن قرب‪ ،‬بحس أكاديمي يبحث فيه عن املحاكاة بل‬ ‫املدرسة الجامعة التي مثلت مفارقة يف ذلك العهد‪.‬‬
‫بالعكس فقد كان مدفوعا يف عمله دفنشية يف بحثه عن‬ ‫فهي بالنسبة لكثري من الفنانني ممثلة لألب الذي‬
‫التعبري وبرؤيا قوقانية ماتيسية يف بحثه عن التعبريية‬ ‫وجب عقوقه ومعارضته وهذه مسألة أخرى‪.‬‬
‫كان التعبري وكانت التعبريية مفهومان متصالن يف‬ ‫وعندما أتى إىل علمي أن الزبري سيكون مرافقتي‬
‫عمله لذلك كان يكابد ويجاهد الخط واللون معا وكان‬ ‫إىل الحي العاملي للفنون ال أخفي بأن شعورا بالحزن‬
‫يلون إنطالقا من مغامرة غري محمودة العواقب دائما‬ ‫قد انتابني حيث اعتقدت أنني سأكون وحيدا وهذه‬
‫لذلك تراه متوترا يمحو ما اقرتحه بعد كل مرة يشعر‬ ‫املرافقة ستكون شكلية بحكم قيمة الرجل وقيمة‬
‫فيها أن اللون قد خان رؤياه يف التعبري والتعبريية اىل‬ ‫عالقاته إذ كان أخوه يف تلك الفرتة سفرينا بباريس‬
‫حد أن الحامل بفعل املحو املتكرر يكاد يتمزق ولكن‬ ‫وأن الزبري سوف يهتم بشؤونه الخاصة وسيكون‬
‫الزبري ال ييأس ويصلح ما تمزق ويعود عىل اللوحة‬ ‫حضوره يف الحي هو اآلخر شكليا‪ .‬فشتان بني غرفة‬
‫الورقية لبيحث فيها من جديد‪.‬‬ ‫صغرية ومتواضعة وقرص كبري كان يعيش فيه الزبري‬
‫كانت معاناة الزبري كبرية يف إعداد األعمال التي‬ ‫بتونس‪ .‬وقلت يف نفيس أ سريىض رجل يف قيمته ويف‬
‫عرض البعض منها يف معرضه اإلستعادي بقرص خري‬ ‫سنه (‪ 67‬سنة) بالعيش يف هاته الغرفة املتواضعة‪.‬‬
‫الدين وهي اليوم يف متحفه‪.‬‬ ‫وكنت أعتقد أنه ربما ستكون هذه الغرفة بالنسبة‬
‫عندها عرفت ما كان الزبري يقصد بالصدق كان‬ ‫إليه مكانا يستغله للعمل وللعمل فقط؟‬
‫يمزح يف كل يشء إال يف ما يخص فنه‪.‬‬ ‫كنت أشعر بالحزن عندما ينتابني هذا الشعور‬
‫الحي ويف بعض األحيان نذهب إىل املطاعم الصينية‬ ‫أصبح الزبري متوترا‪ ،‬مالزما ملذياعه الصغري‬
‫كان الزبري يعمل يف إيقاع منتظم‪ ،‬ال يقطعه إال‬ ‫حيث كنت أعتقد أنني سأحرم يف بالد الغربة من‬
‫التي كان الزبري مغرما بها يرافقنا يف ذلك الفنان‬ ‫منصتا لحظة بلحظة اىل اذاعة “فرانس انفو” بتوتر‬
‫سوى خروجنا للعشاء معا أو التسكع يف شوارع‬ ‫صديق يقاسمني حياتي اليومية خاصة وإن الزبري‬
‫جالل الكرساوي الذي كان يزورنا من وقت آلخر اىل‬ ‫حينا وبتفاؤل حينا آخر عندما يرد العراق الفعل‬
‫باريس إىل أن انقطع هذا االيقاع عندما اعتدت امريكا‬ ‫لم يكن يف تونس من أصدقائي املقربني بفعل فارق‬
‫جانب كمال ابراهيم املقيم بباريس‪ .‬كما كان يزورنا‬ ‫بصواريخه‪.‬‬
‫عىل العراق‪ .‬عندها عرفت يف الرجل خصلة اخرى وهي‬ ‫السن وبحكم الظروف التي لم تجمعنا إال يف بعض‬
‫ايضا الفنان محمد رجاء فرحات وكان من املقربني‬ ‫وربما هي الصدف وهو امر مقصود ان تعطل‬
‫غريته عىل هذا البلد العربي وعىل العروبة بصفة عامة‪.‬‬ ‫املناسبات (اجتماعات إتحاد الفنانني التشكيليني أو‬
‫جدا اىل الزبري الذي كانت له الفرصة بفضله التعرف‬ ‫تلفاز الحي العاملي للفنون‪ ،‬عندها كان الزبري من‬
‫بعض املعارض)‪ ،‬ووصلت إىل باريس ووصل الزبري‬
‫عىل هذا الفنان املثقف املمتاز بحضوره الالفت وتراه‬ ‫حني اىل آخر يذهب اىل مقر السفري التونيس (أخاه)‬
‫يف الغد وتقابلنا وجلسنا يف املقهى نتجاذب أطراف‬
‫زاده املعريف والعلمي ومن حني آلخر يزورنا الزبري‬ ‫ليطلع عىل آخر املستجدات ثم يرجع يف الصباح‪.‬‬
‫الحديث فكانت املفاجأة‪ .‬كان اللقاء حارا وحميميا‬
‫األرصم واملرحوم عبد الرزاق الساحيل وفريال لخرض‬ ‫كانت اياما عصيبة جتى ان الزبري كان يدخل يف‬
‫وعرفت خالل هذا اللقاء أن الزبري لم يأت إىل باريس‬
‫وسفري تونس بباريس ابراهيم الرتكي شقيق الراحل‬ ‫نقاشات حادة مع الفرنسيني وغريهم من األوروبيني‬
‫لتغيري الجو أو لقضاء بعض الشؤون بل للعمل‬
‫ويف غرفة الزبري أو يف غرفتي نصبح كلنا فنانني‬ ‫اللذين كانت لهم أفكار مسبقة حول صدام حسني‬
‫والعمل بجدية يف سبيل إعداد أعمال فنية لتأثيث‬
‫نتحدث يف الفن ونتناقش يف أسئلة اإلبداع‪.‬‬ ‫مذكرا اياهم بالعدوان الصهيوني ومافعله وما يفعله‬
‫متحفه املنتظر والذي كان هدفه يف الحياة‪ .‬وعرفت‬
‫وأخريا للشهادة اقول ان الزبري كان يتمنى اقتناء‬ ‫يف فلسطني وبموقف األوروبيني من هذه القضية ولم‬
‫أيضا أنه سيسكن الغرفة يف الحي ولن يجعلها فقط‬
‫سيارة عارية السقف ‪ décapotable‬وكنت أسأله ما‬ ‫أر الزبري قبل الحرب عىل العراق يف مثل هذا االنفعال‬
‫ورشة ومشغال‪.‬‬
‫الذي يمنعه من ذلك فيجيبني أن امكانياته املادية‬ ‫او مثل هذا الحماس رغم يقينه أن النظام العراقي قد‬
‫وشعرت يف هذه الجلسة أن الرجل وكأنه يعرفني‬
‫ال تسمح له باملرة يف حني أنه كنت شاهدا عىل ذلك‬ ‫أخطأ بإحتالله للكويت‪.‬‬
‫منذ زمن إذ كان يتحدث معي بتلقائية وكأنه كان‬
‫أيضا أن الكثري من التونسيني املقيمني بباريس كانوا‬ ‫انتهت الحرب وعاد الزبري إىل عمله ونشاطه‬
‫بيننا صداقة ومودة منذ أمد بعيد‪.‬‬
‫يتصلون به ويلحون عليه بأن يمكنهم من أحد أعماله‬ ‫املعهود ليتم أعماله حاملا بتظهرها يف متحفه‬
‫ومنذ تلك الجلسة أصبحنا شخصني ال‬
‫بسعر مغر (‪ 120000‬فرنك فرنيس أي ما يعادل‬ ‫املنتظر‪ .‬لقد كانت السنة التي قضيتها مع الزبري‬
‫يتفارقان صباحا ونهارا وليال وعرفته كما لم‬
‫العرشين ألف دينار من مليماتنا) لكن الزبري كان‬ ‫من اجمل السنوات التي عرفتها يف حياتي‬
‫أعرف أحدا غريه‪ .‬عرفت فيه الرجل الطيب‪،‬‬
‫يرفض رفضا باتا وقطعيا التفريط يف إحدى أعماله‬ ‫حيث عرفت فيه التواضع والطيبة وتقديم يد‬
‫العطوف‪ ،‬البشوش‪ ،‬املرح‪ ،‬املتواضع‪ ،‬الشاب‬
‫ألنه كان يفكر يف متحفه يف حني أن هذه مفارقة لم‬ ‫املساعدة اىل الصديق والغريب‪.‬‬
‫املتحفز للمعرفة‪ ،‬املتميز بحب إطالعه عىل‬
‫أفهمها أنه أهدى إحدى هذه األعمال لجمعية رياضية‬ ‫ورغم امكانياته املحدودة يف باريس‬
‫ما يحدث يف الساحة الفنية الباريسية‬
‫ليبيعها باملزاد العلني دعما مليزانيتها‪.‬‬ ‫فقد الح عيل ّ اقتناء عمل فني قدمته يف‬
‫آنذاك‪ .‬كنا نزور املتاحف كل أسبوع‬
‫رحمك الله يا زبري‪ ،‬لقد كنت نعم الصديق حيث‬ ‫معريض الشخيص آنذاك رغم أنه ال يملك‬
‫إضافة اىل تسكعنا اليومي يف شوارع‬
‫لم تكن تمنع عني معلومة تهم فنك أو مواقفك أو‬ ‫إال منحة اإلقامة وأعرف أن ما قام به‬
‫باريس ويف أروقتها املختلفة‪.‬‬
‫حتى حياتك الشخصية كما كنت أنت تعرف عني كل‬ ‫رمزي أكثر منه شيئا آخر‪.‬‬
‫وأتذكر أن الفنان الراحل كان‬
‫شيئ لن أنىس هاته الفرتة التي عشتها معك ما حييت‬ ‫وهنا أسمح لنفيس ألقدم شهادة‬
‫عاشقا لبيكاسو وماتيس إىل حد‬
‫وأتمنى أن أرى أمنيتك تتحقق بأن يكون متحفك‬ ‫وهو أن الزبري كان يعيش مثيل تماما‪،‬‬
‫كبري حيث كان يعتربهما معلمي‬
‫مركزا ثقافيا‪ ،‬شاهدا عىل عظمتك فنانا وإنسانا‪.‬‬ ‫نقتصد يف األكل واملصاريف ونعيش‬
‫القرن (معلمية) وكنت مندهشا‬
‫حياة بسيطة كبقية املتساكنني يف‬
‫لهذا الحب الجارف للفنانني حيث‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪38‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فن تشكيلي‬

‫مارغريت كني‪ :‬رسامة أطفال الشوارع املنسيني‬


‫سامي عمامي ‪ -‬فنان تشكيلي‬
‫نظريه يف الفن التشكييل حيث مثل املوضوع محور‬ ‫مارغريت كني رسامة أمريكية املوطن ولدت‬
‫ولب فنها فسعت للفت انتباه العالم إىل الفئة األضعف‬ ‫سنة ‪ ،1927‬عرفت بلوحاتها املخصصة لألطفال‬
‫اجتماعيا والتي يتم استغاللها بطرق استنزافية‬ ‫أصحاب العيون الواسعة أو الكبرية البارزة‪ ،‬حيث‬
‫وقاسية وذلك باعتمادها أسلوب تشكييل بسيط‬ ‫القت من النجاح الفني والتجاري اليشء الكثري مما‬
‫وفريد ميزها عن غريها من رسامي جيلها حيث‬ ‫جعل منها أشهر رسامي الواليات املتحدة االمريكية‬
‫جاءت اغلب شخصيات لوحاتها ذات عيون واسعة‬ ‫خالل النصف الثاني من القرن املنرصم تنافس كبار‬
‫وكبرية مع حيواناتهم األليفة كالقطط والكالب‪.‬‬ ‫الفنانني التشكيليني آنذاك عىل غرار نورمان روكويل‬
‫عذابات ترويها اعينهم بكل وضوح‪ ،‬جاءت الوانها‬ ‫وجاكسون بلوك حتى وإن اختلفت تعبرياتهم‬
‫الدكنة لتعمق اإلحساس بهذا الشقاء اإلنساني‪.‬‬ ‫التشكيلية‪.‬‬
‫بساطة الطرح هذه وطرافتها جعلت منها مبدعة‬ ‫انها تجربة فريدة وساحرة نهلت من تجارب‬
‫شقت طريقها بسالسة فهي لم تحلم يوما بكل تلك‬ ‫فنية سابقة لها‪ ،‬فقد كان الرسام االيطايل موديلياني‬
‫النجومية لوال توحد الظروف القاسية ضدها لتخرج‬ ‫مٌلهمها األول الذي أغراها بالولوج اىل مناخات الفن‬
‫لنا هذا الجمال األخاذ الساحر املبهر‪.‬‬ ‫التشكييل‪ ،‬ويظهر ذلك جليا يف بداية خطواتها الفنية‬
‫القت أعمالها رواجا تجاريا كبريا أواخر‬ ‫األوىل‪ ،‬كما كانت منجذبة اىل مشارب فنية تشكيلية‬
‫خمسينات وستينات القرن العرشين لفرادة فنها‪،‬‬ ‫الرسامني «فانسون فان‬‫َ‬ ‫أخرى عىل غرار تجربتي‬
‫هذا النجاح تواصل أيضا بعد حدوث طالقها مع‬ ‫غوخ» و «ادغار ديغاس» و «بول غوغان»‪.‬‬
‫والرت لسبب بسيط جدا حسب اعتقاد النقاد‪ ،‬كون‬ ‫هي تجربة لها أثر بارز‪ ،‬لفتت أعني الناس وأقالم‬
‫فنها فنا كونيا يحمل قضايا وجودية وفلسفية‬ ‫إن أول ما يلفت انتباه املتمعن يف فن مارغريت‬ ‫ذلك بأن مقتني اللوحات ال يشرتون أعماال نسائية‪،‬و‬ ‫النقاد‪ ،‬لتدارس فنها وحياتها عىل حد السواء‪ .‬إذ كانت‬
‫تصور معاناة االنسان عامة‪ ،‬افكار تتجاوز املكان‬ ‫هو املوضوع وتركيزها عىل تصوير ونقل أحاسيس‬ ‫استمر هذا التزييف ملدة طويلة محققا شهرة ال نظري‬ ‫تجربتها مختلفة ومميزة وطريفة‪ ،‬يف اآلن نفسه‪.‬‬
‫والزمان خلف تلك النظرات الحزينة يف عيون‬ ‫فئة دون غريها هي فئة األطفال‪ ،‬إظهار مآسيهم‬ ‫لها عىل حساب صاحبة الحق‪.‬‬ ‫(ذات) ال تشبه إال نفسها يف نظر محبيها‪ ،‬حياتها‬
‫اطفالها األبرياء‪ ،‬لهذا المست منجزاتها روح كل‬ ‫وأحزانهم عىل مساحة لوحاتها كان هدفها األول‬ ‫كل ذلك كان يحدث أمام عينها‪ ،‬عاجزة عن فعل‬ ‫هي األخرى ال تقل غرابة ودهشة حيث أنها تحولت‬
‫متذوق للفن‬ ‫منجزات تشكيلية تختزل عواطف أطفال الشوارع‬ ‫يش إلنهاء هذا الخداع إىل أن أتت اللحظة الحاسمة‪،‬‬ ‫إىل أحجية تتناقلها ألسنة الناس‪ ،‬كونها تحررت من‬
‫وبتقدم السنني بها ونضج تجربتها يوما بعد‬ ‫املنسيني و عذاباتهم التي تراها يوميا أمامها يف‬ ‫لحظة الصفاء والشجاعة لإلفصاح عن تلك الحقيقية‬ ‫خوفها ومن سلطة املجتمع الرافض أن تكون املرأة‬
‫آخر أصبحت ألوانها أكثر صفاءا وبهجة ألوان‬ ‫فضائها الخارجي‪ ،‬إذ عملت عىل الرسم خارج جدران‬ ‫التي تخبئها عن الجميع من خالل إذاعة هاواي سنة‬ ‫رسامة يف العلن‪ .‬وألنها يف نهاية املطاف حكاية‬
‫تعكس تغري مزاجها وتخلصها من تجربتها الزوجية‬ ‫ورشتها‪ ،‬هي يف عالقة تواصلية مبارشة مع مكونات‬ ‫‪ 1970‬لتدخل فيما بعد يف رصاع قانوني مع زوجها‬ ‫تستحق أن تروى للناس‪ ،‬تحولت قصة نضالها ا إىل‬
‫السابقة القاسية‪ .‬أما اآلن فهي ترسم من أجل نفسها‬ ‫وعنارص فنها خاصة يف مرحلتها األوىل حني كانت‬ ‫السابق والرت كني من أجل اثبات صحة ما تقول حياة‬ ‫فيلم سينمائي بديع يحمل عنوان (العيون الكبرية‬
‫من أجل االستمتاع فقط اذ تقول يف احدى حواراتها‬ ‫تبيع أعمالها بأسعار بخسة‪ ،‬بدوالر أو دوالرين لِتؤمن‬ ‫غنية بالفن واملعاناة جعلت من تجربتها مرضبا‬ ‫سنة ‪ )2014‬يصور فيها معاناتها و كفاحها ضد‬
‫الصحفية انها «وصلت أخريا اىل النقطة التي قررت‬ ‫لقمة عيشها مع ابنتها من زوجها األول قبل أن تقودها‬ ‫للنقاش والتحاليل‬ ‫زوجها الرسام املخادع (والرت كني) الذي إدعى ملكيته‬
‫فيها انني ال اهتم اذا كان الفن جيدا ام سيئا ‪ ،‬هذا ما‬ ‫الصدفة فيما بعد اىل لقاء مع والرت كني ‪.‬‬ ‫فما الذي جعل من فن مارغريت فنا راسخا يف‬ ‫ملا ترسمه زوجته مارغريت‪ ،‬عندما كان يشدد عليها‬
‫أقوم به ‪ ،‬انا استمتع بفعل ذلك و الناس يحبونه»‪.‬‬ ‫اهتمت مارغريت كني باملوضوع اهتماما قل‬ ‫مسار الفن التشكييل العاملي واألمريكي تحديدا؟‬ ‫برضورة وضع اسمه عىل كل لوحة فنية تنتجها معلال‬

‫ب ّيونة‬ ‫صورة تتح ّدث‬


‫من مواليد ‪ 13‬سبتمبر سنة ‪ - 1952 :‬بيونة‪ ،‬ممثلة جزائرية‪.‬‬
‫‪ -‬بيّونة (‪ 69‬سنة) ‪ :‬هي فنانة مسرحية ومغنية جزائرية‬
‫معروفة على الساحتين الوطنية واألوروبية‪ .‬ولدت في حي‬
‫"بلكور" العتيق بالعاصمة الجزائرية‪ ،‬واسمها الحقيقي هو‬
‫"باية بوزار" وأطلقت عليها عائلتها اسم "بيونة" وهو تصغير‬
‫السمها "باية"‪.‬‬
‫‪ -‬بدأت مشوارها الفني سنة ‪ 1973‬بفيلم "الدار الكبيرة"‬
‫للمخرج مصطفى بادي وأدت دور فاطمة‪ .‬وقبلها كانت تغني‬
‫في الحفالت الغناء الحوزي والشعبي‪.‬‬
‫‪ -‬وفي ‪ 1978‬شاركت في فيلم "ليلى واألخريات"‪ .‬وهاجرت إلى‬
‫فرنسا في فترة التسعينات خوفا على حياتها من اإلرهاب‬
‫الذي ضرب الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬في سنة ‪ 1999‬مثلت في فيلم "حرم عصمان"‪ ،‬وفي سنة‬
‫‪ 2000‬شاركت في فيلم "وان وومن شاو" وبعدها فيلم "‪Viva‬‬
‫‪."l'aldjerie‬‬
‫فالق في العديد من المسرحيات‬ ‫‪ -‬كما شاركت الممثل محمد ّ‬
‫الهزلية‪ ،‬ولكن النجاح الحقيقي كان بين سنة ‪ 2002‬و‪ 2005‬في‬
‫سلسلة "ناس مالح سيتي" الهزلية التي حققت نجاحا باهرا‬
‫في الجزائر وبلدان المغرب الكبير‪ .‬و بعدها في العديد من‬
‫الحصص التلفزية في القنوات الفرنسية‪.‬‬
‫أسامة الراعي‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪39‬‬
‫‪31‬‬
‫‪21‬‬ ‫صة‬
‫ق‬ ‫الشارع الثقافي‬
‫فضاء اإلبداع‬
‫‪39‬‬ ‫‪awatefbeldi@gmail.com‬‬

‫"نفيسة" بعد عقد ونصف من عقد قرانها عىل إبن عمّ ها ا ّلذي كان‬ ‫األرضحة‪ ،‬تع ّلق تمائمها‪ .‬ث ّم تم ّر بجاراتها‪ .‬تهنئ هذه‪.‬‬ ‫تصدير‪:‬‬
‫يتابع دراسته بـ"جامع ال ّزيتونة"‪ .‬حفظ القرآن ورتّله‪ .‬وبرع يف الفقه‬ ‫وتعود األخرى‪ .‬وتحرض زفاف ثالثة‪ .‬ثم تختم جولتها‬ ‫الباب الموصد‬ ‫ّ‬
‫يقول املتنبي )الطويل)‪:‬‬
‫ظفه‪ .‬ودرس املذاهب‪ .‬وح ّلل الفتن‪ .‬وقارن الفتاوى‪...‬و"نفيسة"‬ ‫وو ّ‬ ‫باملقربة‪ .‬تقتلع أعشابها‪ .‬وتب ّلط أرضيّتها‪ .‬وترتحّ م عىل‬ ‫كفى بك داء أن ترى املوت شافيا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫تنتظر‪ ...‬تقدّم لخطبتها أثرياء املدينة‪ .‬كانت تقول ‪":‬أأتْرك إبن عمّ ي‬ ‫موتاها‪ .‬يف اليوم الثالث تشتاق إليه‪ .‬وإذا ما ّ‬
‫تأخر يف‬ ‫وحسب املنايا أن ّ‬
‫يكن أمانيا‬
‫من أجل فالن؟‪ ...‬أترك املتع ّلم وأتزوّ ج جاهال؟ مستحيل‪ "...‬حتّى خنق‬ ‫مصالحتها‪...‬تربط رأسها بمنديل‪ .‬وتالزم الفراش‪...‬‬ ‫ُخلقت ألوفا لو رجعت إىل ّ‬
‫الصبا‬
‫ّ‬
‫السن ينشد‬ ‫املستحيل أحالمها‪ .‬قال الطبيب ‪":‬من يتزوّ ج يف مثل هذه‬ ‫تجند أفراد األرسة ليرتدّدوا عىل الشيخ يحملون الفطور‬ ‫ّ‬ ‫لفارقت شيبي موجع القلب باكيا‬
‫عرشة وونسا"‪ .‬ونسيت "نفيسة" األطفال وتبنّت "الشيخ" إبنا وزوجا‪.‬‬ ‫والعشاء‪ .‬وك ّلما احتجّ أحدهم تقول‪" :‬أعذروني‪ ...‬أحبّه‬ ‫أيمكن أن يأسف الفرد لفراق ّ‬
‫الشيب !‬
‫‪-‬يامّ‪...‬اعِ مْ ْللنا سليَّ َ‬
‫طهْ‪.‬‬ ‫حتى يف الخصام‪."...‬‬ ‫ّ‬ ‫الشيب وقار‪ .‬ولكنّه كرب‪ .‬والكرب ألم ومرض‪ .‬واملرض‬ ‫ّ‬
‫الصوت صوت "الشيخ"‪ .‬اِلتفتت‪ .‬فإذا بزوجها بلباسه‬ ‫ارتعدت‪ّ .‬‬ ‫تلتفت إىل أخيها ‪"...‬هات يا طفل يونس نفيّس من‬ ‫معاناة وتقهقر‪...‬فكيف يرغب اإلنسان يف الزحف نحو‬
‫ّ‬
‫األبيض بصحن املكان‪ .‬مرتبّعا فوق قرب والده "الشيخ محمود"واملصحف‬ ‫السيجارة بني السبّابة واإلبهام‪.‬‬ ‫نورا الورتاني هاك الڨارو"‪ .‬تمسك ّ‬ ‫الشيب وال تأقلمت مع تقدم‬ ‫الهاوية ؟ ‪ .‬نفيسة ما قبلت ّ‬
‫أمامه كعادته‪.‬‬ ‫تضعها يف زاوية شفتيها‪...‬ثم تجذب نفسا‪ .‬تنتفخ‬ ‫السن‪ .‬تقول ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫‪-‬يا الله‪ ...‬أ ّ‬ ‫ّ‬
‫له أوداجها وتخرج الدخان من فتحتي أنفها فيصفق‬ ‫‪-‬أحملت أنا مثلكن وأنجبت حتى تتدهور صحّ تي‬
‫مت يف ليلتي هذه والتحقت بالشيخ ؟ أم أن الشيخ هو‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫عل؟ تح ّركت‪ .‬فإذا هي خفيفة‪ ،‬ال آالم تخِ زها‪ .‬وال تصلب‬ ‫الذي عاد من ٍ‬ ‫ويظهر عيل ّ العجز؟ فنّانة نفيسة‪ .‬تتقن الخياطة والتّطريز‪ ،‬وتبدع يف الصغارويضحك أخوها‪...‬‬
‫ّ‬
‫بعضالتها‪...‬هرعت إىل املرآة‪ .‬فرتاجعت‪ .‬قامة مستقيمة‪ ،‬ووجه مرشق‪...‬‬ ‫السيجارة يا "نفيسة"‪.‬‬ ‫‪-‬ما هكذا تُمسك ّ‬ ‫ال ّرسم والتّلوين‪ .‬كم عروسا أحرضت جهازها‪ .‬وكم حاجّ ة أعدّت لباس‬
‫‪-‬دعني أرفه عن نفيس قليال‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫إحرامها‪ .‬وكم طفال تفنّنت يف تطريز كسوته‪ .‬وأبدعت يف حياكة جبّة‬
‫السنوات؟‬ ‫عروس يف أيامها األوىل‪ .‬أيمكن أن يعود بي الزمن كل هذه ّ‬
‫و"الشيخ"‪ ...‬أَأُعِ يد إىل الحياة ؟ أم أنا ا ّلتي ِم ّت ؟ تذ ّكرت أمنية البارحة‪...‬‬ ‫‪-‬أأشرتي لك علبة‪...‬؟‬ ‫ختانه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪-‬يف هذا السن‪ ...‬ال يليق‪ ...‬لوكنت أصغر سنا‪ ...‬لوكنت من هذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لذا ترى الكل يلهج بإسمها‪"...‬لل نفيسه‪...‬لل نفيسه‪ "...‬وتنتيش‬‫ّ‬
‫تتحقق األمنية ؟‬ ‫أيعقل أن‬ ‫نفيسة حني ترطن ك ّلما ّ‬
‫َ‬ ‫التفت حولها جاراتها‪ .‬فتخاطب إبنة أخيها الجيل‪...‬أغبط بنات هذا الجيل‪.‬‬
‫‪-‬يَا ِّم سليْطة‪.‬‬
‫نظرت يوما إىل إبنة صهرها‪ .‬وكانت شابّة يف عقدها الثالث وفاجأت‬ ‫بتعال ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫طلب‪ .‬فهوحني يد ّللها‪ .‬يدعوها‪"...‬يامّ"‪.‬‬ ‫ألحّ يف ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ Viens ma petite…apportes-moi ceci…ou caches-moi-‬العائلة بأمنية غريبة‪ .‬قالت‪:‬‬
‫تأففت‪ .‬فهي تكره السلطة‪.‬وتقطيع الفجل‪.‬ورائحة الفجل‪ .‬مخلوطا‬ ‫‪-‬ليتني أصبح يف مثل ّ‬
‫سن تلك البنيّة‪...‬يا "لبنى"‪ .‬أتأخذين عمري‬ ‫‪.…cela‬‬
‫وخاصة حينما تشت ّد الهاجرة‪ .‬و"الشيخ" يحلو له أن يرتك‬ ‫ّ‬ ‫بالخ ّل‪.‬‬
‫بـ"‪ "R‬باريسيّة أنيقة تُغيض زوجة أخيها‪ .‬فتلكز الصغرية هامسة‪ :‬وتعطينني عمرك؟ وأعطيك معه البيت وراتب املرحوم ومفتاح الخزانة‬
‫املائدة منصوبة لساعات‪ ،‬يدعوإليها ك ّل من يلج باب ال ّزاوية‪ .‬عادت إىل‬
‫‪"-‬أال تنىس هذه العجوز عادتها‪ "...‬ثم ترسم ابتسامة صفراء كذلك‪...‬‬
‫تجس أطرافها وتتمعّ ن تقاسيمها‪ ...‬فرح يه ّز كيانها‪...‬أيقنت أن‬ ‫ّ‬ ‫املرآة‬ ‫والخزانة عزيزة عىل قلب "نفيسة"‪ ...‬هي هديّة من أمّ ها‪...‬تضع‬ ‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أمنيتها تحققت وأن اإلله قبل طلبها‪ ...‬فطمعت‪.‬ولم تعلم أنها وقعت‪...‬‬ ‫ّ‬
‫فيها "حَ ْليَهَ ا"ومالها وصور العائلة ورسائل أختها‪،‬‬ ‫السوري توّا يا ّل نفيسة؟‬‫‪-‬فاش قام ّ‬
‫‪-‬يا الله‪...‬أريد أن أرى األلفية الثالثة‪ ...‬أريد زمنا غري زمني‪.‬‬ ‫‪( ET le certificat de fin d’étude‬منبع فخرها) ‪signé par‬‬ ‫‪-‬تتشامخ نفيسة وتقول‪:‬‬
‫يد امتدت من املرآة‪...‬جذبتها‪ .‬فتحت عينيها‪...‬أشكال غريبة حولها‪.‬‬ ‫‪.Monsieur Jacques avec le tampon de la France‬‬ ‫« ‪» …Quoi ! …Mais je suis certifiée ma chère‬‬
‫آالت وأزرار وأجهزة ال تفقه لها قرار‪ .‬جسم ممشوق‪.‬وخرص منحوت‪.‬‬ ‫رفعت "لبنى" أهدابا ب ّللها اليُتْم وقالت ‪:‬‬ ‫تتحس‪" :‬لوكنت من بنات هذا الجيل‪...‬لوصلت إىل أعىل‬ ‫ّ‬ ‫ثم‬
‫موسيقى مرتفعة‪ .‬وأنغام متسارعة‪ .‬وروح عنيدة‪.‬‬ ‫‪-‬خذيه‪...‬خذي عمُري يا خالة‪ ...‬ال حاجة يل به‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لهن‪ "...‬هنا تثأر زوجة األخ لنفسها فتذ ّكرها بالواقع‬ ‫املراتب‪...‬طوبى ّ‬
‫‪-‬سأرفرف هتفت‪...‬سأطري‪ .‬ثم تذكرت "الشيخ"‪...‬أين "الشيخ" ؟‬ ‫استف ّزتها النّربة الحزينة‪ ،‬فقالت ‪:‬‬ ‫أن "الشيخ" سيسمح لك بمواصلة الدراسة‬ ‫املرير‪"...‬أوتتصوّرين ّ‬
‫لفها‪ ،‬دِ ثار مظلم أُلقِ َي عليها‪ ...‬أياد تقودها دون‬ ‫فجأة‪ ،‬سواد ّ‬ ‫‪-‬أنتم جيل ال يعرف قيمة ال ّزمن‪ ...‬لوكنت يف سنّكم لصنعت‬ ‫تغص نفيسة وتقطع الحوار‪ .‬فالشيخ صعب املراس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والعمل‪...‬؟"‬
‫وجهة‪ .‬تـتعثّر يف ردائها‪ ،‬فتُدْمَ ى ركبتاها‪ .‬تُسحب معصوبة العينني‪...‬‬ ‫غيور‪ .‬يغلق عليها الباب باملفتاح‪ .‬ويضع أمام الباب صخرة‪ .‬ثم يسأل العجائب‪.‬‬
‫جلبة وهرج وهي مدهوشة ال تفقه ما يدور حولها‪ ،‬أصوات تلعنها لذنب‬ ‫‪-‬ما عساك تفعلني يا خالة‪...‬ستنضافني إىل طابور ا ُملع ّ‬
‫طلني‪.‬‬ ‫عند عودته‪" :‬جايش حد‪."...‬‬
‫ما تذكر أنّها اقرتفته‪...‬حجارة ترجمها‪ .‬تتخبّط داخل قيودها‪ ...‬فأين‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫صغريتي‪"...‬الصغ ْر ابْيَايَهْ"‪.‬‬ ‫‪-‬ال يا‬ ‫ّ‬
‫تنظر إليه نفيسة وال تجيب‪ .‬تـتم ّرد حني يخنقها الضجر‪ ...‬تختلق‬
‫املف ّر؟ ‪.‬‬ ‫ونامت "نفيسة" عىل هذا الحلم‪...‬استيقظت فإذا املكان غري املكان‪...‬‬ ‫خصومة‪ .‬تُرضب عن األكل واملطبخ وتالزم غرفتها‪ ...‬تقطع كل طرق‬
‫ُ‬
‫‪-‬إلهي‪...‬اغفر يل رغبتي‪...‬ربّي‪...‬أعلن توبتي عن هذه الرغبة‬ ‫ِ‬ ‫التواصل‪ .‬فيأخذها "الشيخ" إىل بيت أهلها‪ .‬أين يعيش أخوها وعائلته‪ .‬زاوية "سيدي عبد السالم"( ) بقبّتها املرتفعة وتابوت رضيحها أين‬
‫النّزقة‪...‬يا الله كرهت هذا ال ّزمن‪...‬أعدني إىل زمني‪...‬‬ ‫رخامي‪ ،‬تُجاور األحياء‪،‬وتشاركهم‬ ‫ّ‬ ‫تصطف القبور مفروشة بجليز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باكرا‪...‬تلتف يف الحائك‪...‬‬ ‫هناك تستعيد ذكرياتها‪...‬وحريتها‪ .‬تستيقظ‬
‫ال اإلله سمعها وال الحجارة رحمتها‪...‬‬ ‫ّ‬
‫تقفل "غنبوزه"‪ ...‬تسحب أصغر األطفال خلفها وتتجه إىل"ب ّروطة"()‪ .‬جزئيات حياتهم فتختلط الدنيا باآلخرة‪.‬‬
‫الصحف‪.‬‬‫وجفت ّ‬ ‫ُرفعت األقالم ّ‬ ‫يف الركن األيمن من صحن الزاوية غرفة العروس‪ .‬تزوّجت‬ ‫فرتوى من مائها‪ .‬وتع ّرج عىل األسواق‪ ،‬تق ّلب أقمشتها‪ .‬وتدلف‬

‫الحنون؟؟ قد‪..‬؟ و قد‪..‬؟ منذ شهرين اتفقت و زوجها «محمّ د»‬ ‫بأن يهتمّ وا بأمر حقائبنا جميعا‪..‬أومأت لها برأسها‪.‬‬ ‫أخريا‪ .‬بعد شوق وشغف كبريين ها هي تصل‬
‫يقضيان أسبوعا‬ ‫ّ‬ ‫أن يلتقيا باملغرب ليحرضا املؤتمر معا‪ ...‬ث ّم‬ ‫الصمت‪ .‬فانربت‬ ‫لقد ضاعت منها املفردات‪ .‬عمّ رها ّ‬ ‫أرض جنوب املغرب‪ ...‬كأنّها فراشة ك ّل الفصول‪.‬‬
‫إضافيّا ليستمتعا بوقتهما بعيدا عن األطفال و عن مشاغل الحياة‬ ‫تنوح وال أحد يراها‪ ...‬م ّرت ساعات وهي تروح‬ ‫الحـقـيـبــة‬ ‫طفقت تح ّلق بأحالمها ّ‬
‫لكن صوتا أفاقها معلنا‪- :‬لقد‬
‫واملسؤوليات‪ ..‬وحدهما فقط‪ ...‬وتزداد شهقتها و مدامعها حني‬ ‫وتجيء يف بهو املطار‪ .‬لم تهت ّم لعيون املسافرين‬ ‫ضاعت حقيبتك سيّدتي‪ ،‬نحن آسفون‪- .‬هل يعقل‬
‫تذكر كم أمضت من الوقت وهي تختار هديّة تليق بحبيبها وزوجها‬ ‫املحدّقة فيها‪ .‬م ّرت ساعات كأنّها سنوات من العمر‬ ‫هذا؟ كيف ت ّم ذلك؟ ‪-‬لألسف‪ ،‬لم نجدها كما لم نجد‬
‫قضت «رؤية» عرش سنوات من العمر‬ ‫وسندها يف الحياة‪ ...‬لقد ّ‬ ‫السادسة مساءً‪ ،‬ما تزال مع‬ ‫الساعة ّ‬ ‫ّ‬
‫ال ّرتيب‪ .‬دقت ّ‬ ‫بقية حقائب املسافرين‪- .‬لكنّني رأيتها بمطار الكازا‬
‫كأنّها بعض ساعات مع «محمّ د»‪ ...‬ترتعش أوصالها لسماع صوته‬ ‫بقيّة املسافرين يف ذات املكان‪ .‬لم يغادر أحد‪ .‬أنّى‬ ‫وهي تنقل مع بقيّة البضائع‪- .‬نعم ربّما ظ ّلت يف‬
‫و يزداد خفقان قلبها ك ّلما رأته‪ ..‬تماما كأوّل لقاء بينهما‪ .‬وتطري‬ ‫لهم املغادرة وال حقائب معهم؟؟ لقد قدموا لكي‬ ‫كالصاعقة‪ .‬لم تصدّق يف‬‫ّ‬ ‫مطار «كازا»‪ .‬نزل الخرب‬
‫كفراشة ك ّل الفصول ك ّلما ربّت عىل كتفها ووشوش‪« :‬أحبّك»‪ .‬إنّه‬ ‫يشاركوا يف املؤتمر الدويل ّ هذا من عدّة دول عربيّة‬ ‫لكن األمر أصبح مؤ ّكدا‪ .‬نظرت حولها لرتى‬ ‫البدء‪ّ .‬‬
‫ونصبها ملكة عىل عرش قلبه‪ ...‬وأن‬ ‫ّ‬ ‫جفف مدامعها‬ ‫وحده من ّ‬ ‫ابتسام الخميري وإفريقيّة متأبّطني العظمة واألنفة لتمثيل بلدانهم‪...‬‬ ‫الحرية بادية عىل وجوه بقيّة املسافرين‪ّ ،‬‬
‫لكن األمر‬
‫تضيع «الحقيبة» وما حوته من ال ّذكريات الجميلة ا ّلتي نسجها لها‬ ‫أن ك ّل واحد منهم أحرض شيئا ليمثّل بلده‪...‬‬ ‫املؤ ّكد ّ‬ ‫بالنّسبة إليها مختلف تمام االختالف‪ .‬أخذت تروح‬
‫القدر كأنّها ضاعت يف غابة غريبة عنها‪ ...‬لقد كادت أن تختنق‬ ‫لباسا تقليديّا‪ .‬أكلة شعبيّة‪ .‬قطعة خزفيّة‪ ...‬كان‬ ‫وتجيء يف بهو املطار‪.‬‬
‫الصوت بداخلها يرصخ‬ ‫تتوقف‪ ...‬كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملدامع جداول تنهمر وال‬ ‫كف‪ .‬تقدّم منها أحد زمالئها ا ّلذي الوقت يم ّر بطيئا واملشاهد تم ّر أمامها برسعة فائقة‪- ..‬أرجوكم‬ ‫كفا عىل ّ‬ ‫طفقت ترضب ّ‬
‫أن الحقيبة‬ ‫ّ‬
‫بك ّل ثقة‪ « :‬ملاذا ك ّل هذه املدامع؟ إنك تدركني جيّدا ّ‬ ‫الصوت من صمتها وغفوتها‬ ‫تفضلوا أمامي جميعا‪ .‬أفاقها هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫رافقها يف سفرتها وقال بصوت قوي‪ :‬ألم أقل لكِ ؟ صدّقت اآلن؟‬
‫وسيصفق الجميع لكِ يف املؤتمر كاملعتاد‪ »...‬يضيع صوتها‬ ‫ّ‬ ‫ستعود‬ ‫بأن فركضت مع بقيّة الجمع نحوه‪ ،‬علمت أنّه املسؤول عن استقبال‬ ‫ألم أح ّذركِ بأن ال تضعي أغراضا مهمّ ة يف حقيبتك؟ أل ْم أخربك ّ‬
‫يف اإلجابة الغارقة يف ثنايا روحها الحاملة عىل الدّوام‪ .‬وحده الفؤاد‬ ‫ّ‬
‫السنة الفارطة ولم أسرتجعها إىل اآلن؟ ويف ضيوف املؤتمر وأنه سيعمل جاهدا عىل إعادة الحقائب لكافة‬ ‫حقيبتي قد ضاعت يف ّ‬
‫اآلن عىل التّو عليل‪ .‬وحده الوجد يصارع الفكر والعقل وال يرىض‬ ‫الضيوف مهما ك ّلفه األمر‪ .‬رشع السيّد «أمني» يسأل ك ّل فرد عن‬ ‫ّ‬ ‫املإل‪:‬ألن‬
‫ِ‬ ‫أمام‬ ‫وجهه‬ ‫يف‬ ‫بجنون‬ ‫ترصخ‬ ‫راحت‬ ‫لحظة يصعب عدّها‬
‫الهزيمة‪..‬وحدها تساهر األمل ك ّل ليلة‪ ،‬منذ شهرين‪ ،‬سيلتقيان‬ ‫ّ‬
‫تكف؟ قلت ال أريد التشاؤم وال املتشائمني‪ ...‬اغربْ عن وجهي نوع حقيبته ولونها وحجمها وما حوته‪ ...‬حتى جاء دورها‪ .‬ران‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باملغرب ليستمتعا و‪...‬و‪...‬ظ ّل الفكر واجما ال يبغي رضوخا‪ ...‬لم‬ ‫الصمت قبل أن تجيب‪ .‬وما إن فتحت ثغرها لتبدأ يف وصف حقيبتها‬ ‫ّ‬ ‫السفرة‪ ،‬هل هذا واضح؟ سكتت قليال ث ّم‬ ‫اآلن‪ ،‬ال أريد رؤيتك طوال ّ‬
‫يتقبّل آخر جملة كتبت لها يف ال ّرسالة ا ّلتي وجّ هها إليها «محمّ د»‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واصلت بصوت خافت‪ :‬لو سمحت‪ .‬نظرت حولها لرتى جمعا من حتى اغرورقت عيناها واجتاحتها املدامع بال توقف‪ ،‬لم تستطع‬
‫«‪ ...‬ونتّفق عىل صيغة طالق حضاريّ يليق بنا‪ .‬تفهمني‪ .‬لقد التقيت‬ ‫تتوقف عن البكاء وال أن تطرد عنها صورا مرتاصفة أمامها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املسافرين يحدّق فيها وعالمات االستغراب بادية عليهم‪ ،‬رأت عيون أن‬
‫بت يل شيئا رتيبا‪ ».‬رأت‬ ‫أنت ّ‬
‫امرأة أحيت مشاعري الفيّاضة دونكِ ‪ِ ،‬‬ ‫ّ‬
‫تأففت‪ ...‬احتدمت عدّة أسئلة واصطدمت عند كسيل جارف غزتها الذكريات‪- :‬ما رأيك يف هذه الحقيبة؟ تبدو‬ ‫والشفقة‪ّ ...‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّرأفة‬
‫عبارة « ونتّفق» و كفى‪ .‬لم تر غريها‪ ...‬ما يزال السيّد « أمني» واقفا‬ ‫عرش كربيائها وما وجدت أجوبة واضحة‪« ...‬هل ستضيع الحقيبة أنيقة تليق بك وكذلك لونها تماما كما تحبّني‪- .‬ك ّل ما تختا ُر يل‬
‫أمامها ينتظر منها وصفا للحقيبة وما تزال غارقة يف املدامع عساها‬ ‫فعال؟ أيُعقل أن تتحوّل أحالمها إىل غيمة سوداء قاتمة؟؟ كيف املؤ ّكد هو األجمل واألفضل عندي‪ .‬ابتسم «محمّ د» بكربه املعهود‬
‫تلمح خيال «محمّ د» بني الحضور‪..‬عسىاه يركض نحوها يطوّقها‬ ‫يتبضعا‬‫ّ‬ ‫تراها ستميض أيّامها القادمة؟‪ ...‬كيف‪...‬؟ هل‪...‬؟» يف تلك األثناء وأومأ لها برأسه فتبعته والفرحة تغمرها‪ .‬لكم تعشق أن‬
‫ّ‬
‫‪-‬كل‬ ‫بإرصار امرأة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫و يمسح مدامعها‪ ...‬زمّ ت شفتيها وشهقت‬ ‫ّ‬
‫فتحسها‬ ‫تقدّمت منها إحدى الفتيات تبدو متو ّرمة الجفون و همست‪ :‬أنا معا و ينتقي لها ك ّل ما يلزمها‪ ،‬يرفعها ذلك إىل أعىل العالء‬
‫سيّدي ما كانت معي حقيبة‪ .‬ما كانت معي حقيبة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تحسه والدها‬ ‫أيضا لم أجد حقيبتي‪ ،‬لكنّهم طمأنوني‪ ،‬لقد أ ّكد يل عون الجمارك ملكة و الكون مملكتها‪..‬؟ قد ّ‬
‫يحسها ابنته املد ّللة؟ قد‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪40‬‬
‫‪23‬‬
‫‪32 40‬‬
‫‪22‬‬ ‫صفحة من إعداد ‪ :‬منير الفالح‬
‫الثقافي‬
‫والتلفزي‬ ‫الشارع‬
‫اإلذاعي‬ ‫الشارع‬
‫طرائف ّ‬
‫الزعيم مع اإلذاعة والتلفزيون (ج ‪)175‬‬
‫أنتريتي نبّ ار‬

‫ْ‬
‫بورقيبة والغارة الصهيون ّية على حمام الشط‬ ‫«بندير مان»‬
‫ْ‬
‫بورقيبة آنذاك‬ ‫الشط بعدما هدد الرئيس الحبيب‬ ‫أّيام عىل الغارة عىل حّ مام ّ‬ ‫أحيت تونس منذ أسبوع الذكرى ‪ 36‬ملجزرة حمام الشط ‪ ،‬إذ ال يزال‬ ‫القعدة معاه‬
‫بقطع عالقات تونس الدبلوماسية مع الواليات املتحدة يف حال استعمالها حق‬
‫النقض ليصدر مجلس األمن القرار عدد ‪ 573‬والذي جاءت فيه أول إدانة منه‬
‫بعض التونسيني يحتفظون بتفاصيلها‪ ،‬لكن البعض اآلخر يجهل عن وقائع‬
‫هذه الحادثة اليشء الكثري‪.‬‬
‫ما توفاش‬
‫إلرسائيل‪.‬‬ ‫يف حمام الشط املدينة التونسية الهادئة التي تقع يف الضاحية الجنوبية‬ ‫اليوم ضيف «تنبرية األنرتيتي» الفنان والناشط‬
‫يقول الطاهر العالني أحد شهود العيان ‪« :‬يف حدود الساعة العارشة‬ ‫للعاصمة عىل بعد حوايل ‪ 22‬كيلومرتا ترقد اليوم جثامني فلسطينيني‬ ‫املجتمعي بريم الكيالني شهر «بندير مان» ‪...‬‬
‫صباحا وقبل ذهابي إىل العمل كنت أن ّزه ابنتي الصغرية يف الشارع املقابل‬ ‫وتونسيني يف مقربة خاصة وتمتزج أرضها بدمائهم إىل األبد نتجت عن أعنف‬ ‫يف الحقيقة بريم الكيالني يف سن إبني البكر يوسف‬
‫لبيتي حني سمعت دوي محركات طائرات قريبة جدا مني فنظرت إىل األعىل‬ ‫قصف تعرضت له تونس يف تاريخها من طرف طريان أجنبي‪.‬‬ ‫وهو من جيل مختلف عن جييل ولم أتعرف عليه إال يف‬
‫فلمحت أربع طائرات رمادية اللون تحلق فوق مدينتنا ثم بدأ القصف‬ ‫إن امتزاج الدم التونيس بالدم الفلسطيني يف عديد املواقع عىل يد العدوان‬ ‫سنة ‪ 2011‬بعد الثورة ملا كنت مندوبا للثقافة يف مدينتي‬
‫بالقنابل والصواريخ ليمتد حوايل ‪ 12‬دقيقة يف اتجاه النزل‪ ،‬عرفت حينها‬ ‫القضية والعدو وعىل أن أية‬ ‫ّ‬ ‫الصهيوني ليس سوى عنوانا كبريا عن وحدة‬ ‫صفاقس ‪...‬اتصلت به إلحياء إحدى حفالت املرسح البلدي‬
‫أنها طائرات حربية إرسائيلية‪ ،‬فإرسائيل يف ذلك الوقت كانت تتعقب قيادات‬ ‫ُ‬
‫محاولة لتطبيع العالقات مع هذا الكيان الغاصب تعترب خيانة وطنية لكل‬ ‫يف إطار مهرجان صفاقس الدويل فأجابني ضاحكا ‪« :‬تعرف‬
‫املقاومة الفلسطينية يف الخارج للقضاء عليهم»‪.‬‬ ‫الدماء التونسية التي طالتها يد الغدر‪.‬‬ ‫من مزايا الثورة أنّها اجربتكم تتلفتولنا وتربمجونا كبديل‬
‫ويضيف الطاهر العالني يف هذا السياق‪« :‬نعم لقد كان املشهد مؤملا‪.‬‬ ‫ففي يوم ‪ 1‬أكتوبر من عام ‪ ،1985‬تسللت طائرات إرسائيلية إىل األجواء‬ ‫لفنّانات باألمن واألمان يحيى هنا اإلنسان» فضحكت وأجبته‪:‬‬
‫وسوّيت باألرض‬ ‫املباني أصبحت كلها حطاما ُ‬ ‫التونسية وقصفت مدينة حمام الشط‬ ‫«يا ولد إحشم وراهو يلزمك تعرف أني صديق والدك محمد‬
‫وكانت الجثث متناثرة يف كل مكان وتحت‬ ‫التونسية لتستهدف قادة منظمة التحرير‬ ‫إل كان عريف يف العامل التونيس « وهنا صمت لفرتة‬ ‫الكيالني ّ‬
‫الركام‪ ،‬لم أشاهد إىل حد اليوم جريمة أبشع‬ ‫الفلسطينية بنية اغتيال الرئيس الفلسطيني‬ ‫ثم قال يل‪ »:‬صار انت من طرحة الوالد وحمّ ة الهمّ امي وأنا‬
‫من تلك»‪.‬‬ ‫الراحل يارس عرفات ومرافقيه من القيادة‬ ‫نقول كيفاش مندوب ثقافة دل عىل إسمي وغامر يربمجني «‬
‫وفور وقوعها أعلنت إرسائيل رسميا ً‬ ‫الفلسطينية مخلفة عرشات القتىل والجرحى‬ ‫وأقام حفال رائعا وسط جماهري شبابية غفرية احتشدت‬
‫مسؤوليتها عن تلك الغارة‪ ،‬مشرية إىل أنها‬ ‫من التونسيني والفلسطينيني‪.‬‬ ‫منذ الصباح للحصول عىل تذاكر الدخول للمرسح‪...‬علما أنّنا‬
‫قامت بها «يف إطار حق الدفاع عن النفس»‬ ‫الغارة تمّ ت عندما كانت القيادة العامة‬ ‫ظمنا الحفل بالتعاون مع الفرع الجهوي للرابطة التونسية‬ ‫ن ّ‬
‫كما أذاعت وسائلها اإلعالمية آنذاك أن زعيم‬ ‫ملنظمة التحرير الفلسطينية التي أجربت عىل‬
‫لحقوق اإلنسان الذي كان يرأسه يف تلك الفرتة صديقي‬
‫حركة فتح يارس عرفات قد قتل يف الغارة‬ ‫النزوح من بريوت اىل تونس عقب اجتياح‬
‫وزميل الدراسة د‪ .‬لسعد الجمّ ويس‪.‬‬
‫قبل أن يخرج عرب وسائل اإلعالم نافيا ذلك‬ ‫ارسائييل عام ‪ ،1982‬تستعد لعقد اجتماع‬
‫ولم ألتق ببندير مان مجددا ّإل يف سنة ‪ 2014‬وكان ذلك‬
‫ومتوعدا بالرد عىل هذا الهجوم‪.‬‬ ‫بإرشاف الرئيس الفلسطيني الراحل يارس‬
‫بفضاء الحمراء بحضور مديره صديقي الفنّان ال ّراحل عز‬
‫الرد التونيس الشعبي كان قويا حسب‬ ‫عرفات يف الساعة التاسعة والنصف‪.‬‬
‫الدين ْقنون‪ ...‬وكانت املناسبة احتضان هذا الفضاء املناضل‬
‫الطاهر العالني الذي أكد أن مسريات شعبية‬ ‫تمكنت املخابرات اإلرسائيلية التي ق ّررت‬
‫تعقب القيادات الفلسطينية التي استقرت يف تونس بطريقتها الخاصة من‬ ‫للقاء جمع ثلة من املثقفني مع حمة الهمامي يف إطار حملته‬
‫وتظاهرات خرجت عىل امتداد أيام تدين هذه الجريمة التي اقرتفتها إرسائيل‬
‫يف حق تونس وإرسائيل وتستنكر هذا االخرتاق‪ ،‬مشريا إىل أنها كانت أهم‬ ‫رصد هذا االجتماع ومعرفة كافة تفاصيله ولذلك قررت مهاجمته بهدف‬ ‫الرئاسية تحت شعار «حمّ ة ولد الشعب»‪...‬‬
‫ملحمة نضال مشرتكة بني التونسيني والفلسطينيني‪.‬‬ ‫القضاء عىل قيادات املنظمة وعىل رأسهم رئيسها يارس عرفات‪ ،‬إال أن قرار‬ ‫وملا الحظ بندير مان وجودي يف القاعة صاح بأعىل‬
‫ونختم بشهادة األستاذ عبد العزيز قاسم عن التعامل اإلعالمي مع مثل هذه‬ ‫تأجيل االجتماع أفشل خطتها‪.‬‬ ‫صوته موجها حديثه لعزيز عمامي (أحد النشطاء يف الحقل‬
‫الشباب املرافقة له قائال لهم‪« :‬يا‬ ‫املجتمعي) وملجموعة ّ‬
‫األحداث حيث قال‪ »:‬بخصوص غارة حمام الشط ‪ 1‬اكتوبر ‪ 1985‬التعليمات‬ ‫ففي العارشة صباحا من يوم ‪ 1‬أكتوبر ‪ 1985‬قصفت ّستة صواريخ‬
‫املتعلقة بكيفية نقل الحدث كانت تؤكد عىل بث الصور دون التعمق يف‬ ‫الشط بينما قصفت طائرات‬ ‫مقر قيادة األركان الفلسطينّية بحّ مام ّ‬ ‫إرسائيلية ّ‬ ‫جماعة بيناتنا مندوب ثقايف جانا بساقيه وكيف ما يقولوا‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ونفشو غل‬ ‫ّ‬ ‫إل يجيك بساقيه العصا ليه‪...‬خ ّلينا نفرحو بيه‬ ‫ّ‬
‫بورقيبة‬ ‫املوضوع « ولكنه اشاد يف شهادته باملوقف التاريخي للرئيس الحبيب‬ ‫ارسائيلية مقر إقامة يارس عرفات ومكتبه ومكتب حراسته ليسقط يف هذه‬
‫الذي ادار االزمة والحوار بكامل الحنكة اذ هدد حينها بقطع عالقات تونس‬ ‫الغارة ‪ 68‬قتيال واكثر من ‪ 100‬جريح بني فلسطينيني وتونسيني ومبارشة‬ ‫سنوات القهر» ث ّم ملا الحظ وجود منرية زوجتي حذوي ضحك‬
‫الدبلوماسية مع الواليات املتحدة التي تراجعت يف ما بعد ليصدر مجلس االمن‬ ‫بعد ذلك تبّنت إرسائيل هذه نفذت العملية التي أطلقت عليها إسم ”الساق‬ ‫وقال لهم‪« :‬صحّ ة ليه منع شفعت فيه املدام رفيقتنا يف ساحة‬
‫القرار عدد ‪ 573‬والذي جاءت فيه اول ادانة الرسائيل‪.‬‬ ‫الخشبّية“‪ .‬وألّول مرة يف تاريخها ا إجتماع مجلس األمن الذي انعقد بعد مرور‬ ‫حصة «تمقعري» كان‬ ‫محمد عيل ويف الجبهة‪ »...‬ونجوت من ّ‬
‫سيقودها بندير مان ضدي كمثال لثقافة السلطة‪...‬‬
‫عين على التلفزيون‬ ‫وشاءت الصدف أيضا أن ألتقي بالفنان بندير مان للم ّرة‬
‫الثانية بنفس الفضاء الحمراء لكن بعد رحيل مؤسسه املبدع‬
‫ويذكر أيضا ان املهرجان يف دورته الثانيه هذه سيستضيف املمثل‬ ‫قريبا «‪ 13‬نهج غاريبالدي»‬ ‫عزالدين ْقنون ولكن بنفس ال ّروح النضاليّة التي زرعها يف‬
‫العاملي «جريار ديبارديو» ‪.‬‬ ‫من جديد على شاشات التلفزيون‬ ‫املكان ويف العاملني فيه‪...‬وكنت يف تلك الفرتة (أواخر سنة‬
‫عبد الحميد بوشناق في المسابقة الرسمية‬ ‫تعود سلسلة “‪ 13‬نهج غاريبالدي” بحلقات جديدة بداية من شهر‬ ‫‪ )2015‬أرشف عىل السري اإلداري للفضاء بطلب من إبنة‬
‫أليام قرطاج السينمائية‬ ‫نوفمرب القادم‪ ،‬عىل قناة «التاسعة»‪.‬‬ ‫صديقي عز الدين ْقنون الفنانة املثقفة سريين ‪.‬‬
‫ت ّم إختيار فيلم «فرططو الذهب» من إخراج عبد الحميد‬ ‫السلسلة من إخراج أمني شيبوب وانتاج رشكة “كرتيغو فيلم”‪.‬‬ ‫عند دخول بندير مان القاعة استقبلته بحرارة وسألته‬
‫بوشناق ليكون من بني األربعة أفالم التونسية املشاركة يف‬ ‫ويشارك فيها ك ّل من املمثل القدير األسعد بن عبد الله ونجالء بن عبد‬ ‫عن صحّ ة والده املناضل محمّ د الكيالني (الكي كما يحلو‬
‫املسابقة الرسمية لألفالم الروائية الطويلة أليام قرطاج‬ ‫الله وخالد هويسة وبالل سالطنية وإباء الحميل وذلك إىل جانب عدد من‬ ‫لنا مناداته) بعد األزمة الصحيّة التي أ ّملت به‪...‬فضحك وقال‬
‫السينمائيّة يف دورتها القادمة ‪.‬‬ ‫النجوم كضيوف رشف‪.‬‬ ‫يل‪ »:‬حتى انت عم منري باش تحكييل عىل أزمة صحيّة راهي‬
‫هذا الفيلم انهى تصويره بوشناق منذ شهر نوفمرب‬ ‫وتدور أحداث السلسلة ضمن إطار درامي بولييس يرتكز عىل ثنائيّة‬ ‫ما هي موجودة كان عىل فايسبوك‪ ...‬حالته الباس اما ال ّله‬
‫الفارط بمنطقة نفزة من والية باجة‪ ،‬بعد أن تواصل‬ ‫التشويق واإلثارة اعتمد خاللها مخرج العمل أمني شيبوب عىل حركة‬ ‫إل عمرو‬ ‫كبو املسألة ووالت دعوات جماعيّة وحتّى ّ‬ ‫يتوالهم ّ‬
‫التصوير إجماال ‪ 4‬أسابيع وصورت أغلب مشاهده بتونس‬ ‫الكامريا املحمولة واللقطات القريبة ليتم العمل يف نسق درامي متسارع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ما شاف الكي يف حياتو ول يحكي عليه كانو ولد حومتو‪»..‬‬
‫العاصمة‪.‬‬ ‫وتطرح السلسلة يف ك ّل حلقة من حلقاتها املتصلة‪-‬املنفصلة يف ذات‬ ‫ركبتي من‬‫ّ‬ ‫لكن ما قاله يف آخر حديثه جعلني أجثو عىل‬
‫ويقول عبد الحميد بوشناق عن تجربته‬ ‫ّ‬
‫املحقق‬ ‫الوقت جريمة قتل غامضة يرتكبها مجهول لتتواتر األحداث وينطلق‬ ‫الضحك ‪...‬حيث أضاف‪« :‬تتصوّر عم منري من ج ّراء حملتهم‬
‫الجديدة هذه ‪ »:‬لم أطلب دعما للفيلم هذا للدعم‪،‬‬ ‫الرئييس (املمثل األسعد بن عبد الله) ومساعدوه (بالل سالطنية وإباء الحميل‬
‫ّ‬ ‫رصاتيل نطيّب‬ ‫هذه انا بندير مان بمواقفي اليسارية املعروفة ّ‬
‫بل قررت مواصلة مغامرتي كمخرج سينمائي بعد إخراجي أول فيلم رعب‬ ‫ّ‬
‫وزياد عيادي) يف فك لغز الجريمة ومالبسات ارتكابها وكشف الجاني ‪.‬‬ ‫يف القهوة عافانا وعافاكم آلله ليس عبد ال ّلطيف امل ّكي ويس‬
‫يف تونس‪ ،‬وهو فيلم «درشة»‪ ،‬ألخوض مغامرة تصوير فيلم طويل ثان يف‬ ‫الكاتب والسيناريست لسعد بن حسين‬ ‫طمنو‬ ‫العجمي الوريمي‪...‬ملا حالة هوما بارك ال ّله فيهم جاوّا ي ّ‬
‫الواقعية السحريّة‪ ،‬فيلم أردته جديدا يف طرحه ونوعه وجماليته»‬ ‫في مهرجان «آسفي» بالمغرب‬ ‫عىل حالة الوالد لكن انا تحطيت يف موقف ال أحسد عليه‪»...‬‬
‫وأكد بوشناق‪ ،‬أنه كالعادة راهن عىل مجموعة من التقنيني التونسيني‬ ‫وجه إدريس شويكة مدير مهرجان «آسفي» للسينما واألدب الذي‬ ‫وآخر م ّرة التقيت فيها بندير مان كانت قبل تفيش جائحة‬
‫ليكون العمل تونسيا مائة باملائة‪ ،‬مشريا إىل أن أدوار البطولة يف فيلمه الجديد‬ ‫سيعقد دورته الثانية بني ‪ 17‬و‪ 23‬ديسمرب القادم دعوات لعدد من‬ ‫كورونا وكانت بمقهى «األونيفار» حيث خاطبني من بعيد‪:‬‬
‫آلت إىل كل من فتحي الهداوي ومحمد السوييس والطفل ريان‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫الضيوف‪.‬‬ ‫«اهال عم منري مازلت مكبّش يف حمّ ة الهمّ امي ؟» فأجبته‪:‬‬
‫املمثالت هالة عياد وياسمني الديمايس ورباب الرصايري واملمثل إبراهيم‬ ‫وسيكون الروائي التونيس لسعد بن حسني من بني املتدخلني يف الندوة‬ ‫«رفيق وصديق العمر كان ويبقى» فضحك قائال ‪« :‬مربوك‬
‫زروق‪.‬‬ ‫العلمية للمهرجان بعنوان «الشخصيات بني الرسد األدبي والسينما»‬ ‫حقوا يسيّب هاك الشبيبة شويّة راهم شعلة متاع‬ ‫عليك اما ّ‬
‫وبالنسبة للفريق التقني للفيلم تكون من عبد الحميد بوشناق يف اإلخراج‬ ‫وسينشط أيضا ورشة اقتباس يحوّل فيها قصة قصرية إىل سيناريو رشيط‬ ‫نضال يفسحلهم مجال اإلنطالق‪ »..‬ابتسمت وقلت ‪« :‬راهو‬
‫والسيناريو ومروى كمساعدة مخرج وحاتم نايش مدير التصوير وأيمن‬ ‫قصري‪...‬‬ ‫كبري ويعرف شنوة يصلح بيه‪»..‬‬
‫التومي مهندس الصوت‪ ،‬واهتمت باملاكياج كاميليا بوجنفة بينما اهتمت‬ ‫يذكر أن الكاتب الكبري ياسمينة خرضاء سيكون من بني ضيوف الرشف‬ ‫هذا هو بريم الكيالني مثلما عرفته «القعدة معاه ما‬
‫باملالبس بسمة الذوادي‪...‬‬ ‫يف املهرجان‪...‬‬ ‫توفاش وكلمتو ديما حارضة‪»...‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪41‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫‪41‬‬
‫الشارع الرياضي‬
‫في تح ّد جديد للجريء‪:‬‬

‫‪ 50‬مليارا كتعويضات !‬
‫بـ‪50‬‬
‫هالل الشابة يطالب بـ‬
‫الهالل للقيام بما يلزم من دعاوى‬ ‫قرار املكتب الجامعي ليوم ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2020‬الذي قىض بوضع هالل‬ ‫استعاد فريق هالل الشابة أخريا مقعده يف بطولة الرابطة املحرتفة‬
‫“السرتداد حقوق الفريق كاملة‬ ‫توصلت إدارة الهالل بنسخة من قرار‬ ‫ّ‬ ‫الشابة يف حالة عدم نشاط‪،‬‬ ‫األوىل لكرة القدم بعد جولة مكوكية من املرافعات والنزاالت القانونية‬
‫و التعويض عن كافة الخسائر‬ ‫ّ‬
‫املحكمة الرياضيّة الدوليّة معلال يف أه ّم حيثيّاته املكتب الجامعي‬ ‫أفضت يف األخري اىل استعادة الهالل ّ‬
‫حقه املسلوب‪.‬‬
‫الحاصلة جراء ذلك القرار‬ ‫مسؤوليّة خرق وعدم احرتام أحكام الفصول ‪ 25‬و‪ 29‬من الرتاتيب‬ ‫عىل الصعيد الريايض يمكن القول إن هالل الشابة كسب نزاعه‬
‫الباطل»‪.‬‬ ‫العامّ ة التّخاذ قرار بمثل تلك الخطورة ‪..‬‬ ‫القانوني وعاد اىل مكانه الطبيعي ضمن نخبة القوم ولكن عىل املستوى‬
‫رئيس النادي توفيق املكرش‬ ‫أن “آجال اإليداع‬ ‫وأضاف أن املحكمة الرياضيّة الدّوليّة اعتربت ّ‬ ‫املادي فقد خرس الفريق الكثري بما أن موسمه األبيض أثقل كاهل‬
‫خص به «الشارع‬ ‫ّ‬ ‫قال يف ترصيح‬ ‫ملف االنخراط الذي يجب أن‬ ‫ّ‬ ‫تخص فقط‬ ‫ّ‬ ‫نص عليها املرشّ ع‬‫التي ّ‬ ‫أن مصاريف التقايض لدى محكمة‬ ‫الجمعية بالنفقات االضافية كما ّ‬
‫املغاربي» إنّه لن يتنازل عن ّ‬
‫حق الفريق‬ ‫يتضمّ ن الوثائق التي عدّدها الفصل ‪ 25‬و التي ال يوجد من ضمنها‬ ‫التحكيم الريايض الدولية ك ّلفت الجمعية ميزانية إضافية كان يمكن‬
‫وسيطالب بجرب كل الرضر املادي واملعنوي الذي لحق بالجمعية‬ ‫وصل إبراء ال ّذمّ ة ‪ quitus‬وهو ما تم فعال بما أن الهالل قدم امللف يف‬ ‫رصدها لتقوية الفريق وتدعيمه ببعض األسماء القادرة عىل الدفع به‬
‫بسبب قرار الجامعة‪ .‬وشدد عىل أنه يجهّ ز حاليا لجنة الدفاع عن‬ ‫اآلجال القانونية‪».‬‬ ‫بعيدا يف سباق الرابطة األوىل‪.‬‬
‫الفريق للتوجه مجددا للتاس ملطالبة الجامعة التونسية لكرة القدم‬ ‫خصه املرشّ ع بفصل‬ ‫ّ‬ ‫أن هذا الوصل‬ ‫واعتربت املحكمة الدولية ّ‬ ‫ّ‬
‫يف هذا السياق ومثلما أعلن عنه رئيس النادي توفيق املكش يف‬
‫بتعويضات قدّرها بـ»‪ 50‬مليون دينار»‪ .‬ورغم أن املبلغ يبدو مبالغا‬ ‫مستق ّل وهو الفصل ‪ 29‬الذي ربط املشاركة يف املسابقات باالستظهار‬ ‫أكثر من مناسبة سيفتح النادي رسميا صفحة التعويضات وسيميض‬
‫فإن التنصيص عىل‬ ‫فيه جدّا قياسا بحجم الرضر الذي لحق الفريق ّ‬ ‫بوصل إبراء الذمّ ة وهو ما يعني أنّه يمكن تقديمه خارج آجال إيداع‬ ‫قدما يف حربه القانونية والرياضية املتواصلة مع الجامعة التونسية‬
‫هذا املبلغ دون غريه فيه رسالة ضمنية وتح ّد جديد لرئيس الجامعة‬ ‫ملف االنخراط و قبل رضبة بداية املنافسات وبالتّايل كان من غري‬ ‫لكرة القدم ألجل جرب الرضر املادي الحاصل عن قرار الجامعة تجميد‬
‫وديع الجريء الذي كان دائما يتباهى بميزانية الجامعة التي تفوق‬ ‫الوجيه رفض الرابطة قبول املبالغ التّي عرضتها إدارة هالل الشابّة‬ ‫نشاط الفريق‪ .‬خطوة بدأت تدخل رسميا حيّز التنفيذ خاصة بعدما‬
‫املكش يريد «االستحواذ» عليها عن طريق‬ ‫ّ‬ ‫‪ 50‬مليون دينار يبدو ّ‬
‫أن‬ ‫ملف انخراطها مكتمال حسب الفصل ‪ 25‬يف اآلجال ‪..‬‬ ‫بعد أن قدّمت ّ‬ ‫أعلن الهالل الريايض الشابي يوم الثالثاء املايض عن وصول مراسلة‬
‫أن األمر يبدو شبه مستحيل بما أنه حتى لو حكمت‬ ‫القانون رغم ّ‬ ‫وختم بالتأكيد عىل أن صدور هذا القرار محيّثا رفع ك ّل لبس‬ ‫جديدة من محكمة التحكيم الريايض «تاس» تحمل يف سطورها‬
‫محكمة التحكيم الريايض لفائدة الهالل بتعويضات مالية ّ‬
‫فإن املبلغ‬ ‫طريق أمام كل القراءات و آخرها القراءة التي صدرت عن‬ ‫وقطع ال ّ‬ ‫حيثيات الحكم‪ .‬الهالل قال عىل صفحته الرسمية بموقع فايسبوك إنه‬
‫لن يبلغ هذا السقف أبدا‪.‬‬ ‫املكتب الجامعي يوم ‪ 8‬أوت املايض وفتح بالتايل املجال فسيحا إلدارة‬ ‫بعد منطوق القرار الذي أنصف الفريق يوم ‪ 9‬جوان املايض بإلغاء‬

‫احلية يف كفّ القروي‬


‫ّ‬ ‫السبعة‬ ‫موهبة تونسية جديدة‬
‫يف إطار مواصلة سياسة استقطاب املواهب التونسية الصاعدة والناشطة‬
‫يف البطوالت األوروبية تعمل الجامعة التونسية لكرة القدم عىل استقدام بعض‬
‫األسماء الجديدة التي يتوقع أن يكون لها شأن يف قادم السنوات‪.‬‬
‫سياسة التعويل عىل الطيور املهاجرة بدأت تعطي ثمارها واملنتخبات الوطنية‬
‫بدأت تجد ضالتها يف بعض األقدام التونسية صاحبة الجنسيات املزدوجة وخري‬
‫دليل عىل ذلك املنتخب األوّل لكرة القدم والذي بات اليوم يزخر بمواهب ومهارات‬
‫فردية من املستوى العاملي قادرة عىل ج ّر قاطرة املنتخب‬
‫نحو األمام يف الفرتة القادمة‪ .‬الجديد يف هذا املوضوع يتع ّلق‬
‫بموهبة تونسية جديدة تنشط يف البطولة االنقليزية وتحديدا‬
‫ضمن فريق برايتون االنقليزي وهو الالعب الفرنيس صاحب‬
‫الجذور التونسية سامي اوليفيي شوشان الذي قيل يف شأنه‬
‫الكثري‪.‬‬
‫ّ‬
‫شوشان من مواليد ‪ 2003‬ويشغل خطة متوسط ميدان‬
‫وحسب ما علم «الشارع املغاربي» فإنه بعد مفاوضات مع‬
‫املكلف باستقدام الالعبني التونسيني املغرتبني محمد‬
‫سليم بن عثمان فقد أعطى موافقته األوّلية‬
‫لتعزيز صفوف املنتخب التونيس ألقل من‬
‫تنتهي اليوم الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪ 2021‬اآلجال القانونية للرتشح لرئاسة النجم الريايض الساحيل حيث من املنتظر‬ ‫‪ 20‬سنة‪.‬‬
‫أن يعقد النادي جلسته االنتخابية يوم السبت ‪ 9‬أكتوبر الجاري‪.‬‬ ‫الوافد الجديد هو من أب تونيس‬
‫ّ‬
‫املرتشح ماهر‬ ‫مبدئيا سنشهد جلسة انتخابية إن سارت األمور عىل هذه الشاكلة بقائمة واحدة هي قائمة‬ ‫و أم أملانية و يحمل أيضا الجنسية‬
‫القروي الذي مازال اىل ح ّد اللحظة متمسكا بخوض السباق االنتخابي‪ .‬نقول هذا الكالم ألن القروي قد يجد نفسه‬ ‫الفرنسية وكان من املفروض أن‬
‫أن الرئيس الحايل للنجم رضا رشف الدين أ ّكد عىل هامش أشغال الجلسة التقييمية التي أقيمت‬ ‫يف طريق مفتوح بما ّ‬ ‫يكون ضمن قائمة املد ّرب ناجح‬
‫السبت املايض وعرفت أجواء مشحونة بني الرئيس وبعض املحبني عىل أنه لن يرتشح لفرتة نيابية جديدة‪.‬‬ ‫التومي الذي سيقود املنتخب‬
‫رئيس النجم الريايض الساحيل رضا رشف الدين أشار اىل أن ديون النادي بلغت خالل الفرتة التي أرشف خاللها‬ ‫يف وديتي العراق ولكن تع ّذر‬
‫عىل رئاسة النادي ‪ 76‬مليون دينار وتعهّ د يف السياق نفسه بعدم الرتشح مجددا لرئاسة النجم وهو تقريبا نفس‬ ‫ذلك وسيتأجّ ل األمر اىل موعد‬
‫الرتشح لرئاسة النادي بسبب عوائق لم يفصح عنها‬ ‫ّ‬ ‫زبي بيّة الذي يبدو أنه عدل رسميا عن‬‫التوجّ ه الذي يسري اليه ّ‬ ‫الحق يف انتظار استكمال بعض‬
‫ولكن يبدو أنها متع ّلقة أساسا بالتمويل املادي‪.‬‬ ‫االجراءات‪.‬‬
‫أن بيّة لم يكن متحمسا منذ البداية لدخول سباق االنتخابات وأنه‬ ‫مصادر موثوقة كشفت لـ»الشارع املغاربي» ّ‬ ‫والتحق شوشان بالفريق‬
‫جس نبض األحباء عىل أمل استمالة بعض املدعمني ولكنه فشل عىل ما يبدو يف تحقيق مبتغاه‬ ‫كان فقط يبحث عن ّ‬ ‫االنقليزي املريكاتو املايض‬
‫فاكتفى بمج ّرد معاينة ما يدور من حوله‪ .‬وقد استغل السبعة الحية تعهّ د رشف الدين بعدم الرتشح مجددا لرئاسة‬ ‫قادما من فريق الضاحية‬
‫فزبي بية يدرك أنه غري قادر عىل منافسة رشف‬ ‫ّ‬ ‫النجم ليس ّلط ضغطا اضافيا عىل املرتشح الوحيد ماهر القروي‪.‬‬ ‫الباريسية «بولوني بالنكورت»‬
‫وقع عىل أوّل عقد احرتايف يف‬ ‫وقد ّ‬
‫الدين ماديا ولكنه قد يكون أقوى بكثري من القروي شعبية وكذلك ماديا لذلك قد تشهد الساعات القليلة القادمة‬
‫سن ‪ 17‬عاما وقد‬ ‫ّ‬ ‫مسريته وهو يف‬
‫بعض املفاجآت بخصوص هذا امللف الذي تحاول بعض العائالت النافذة يف سوسة تشكيله عىل طريقتها الخاصة‪.‬‬
‫بعض الفاعلني يف محيط النجم استغلوا استسالم رشف الدين ملحاولة اقناع بيّة بالدخول يف قائمة ماهر القروي وهذا‬ ‫خاض شوشان ‪ 18‬مباراة بقميص‬
‫تقرر ان يلتقي الثنائي ليلة أمس للنظر يف املوضوع غري أن االشكال القائم قبل‬ ‫السيناريو وارد بنسبة كبرية حيث ّ‬ ‫برايتون يف بطولة أقل من ‪ 18‬سنة‬
‫لحظات من برمجة اللقاء هو من سيكون الرئيس ومن يضطلع بخطة نائب الرئيس بيّة صاحب التاريخ الريايض‬ ‫وسجل هدفني‪.‬‬
‫الحافل يف النجم أم القروي ملك الوعود االنتخابية بال منازع‪.‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 280‬الثالثاء ‪ 5‬أكتوبر ‪2021‬‬

‫‪42‬‬ ‫الشارع السياسي‬


‫الشارع الرياضي‬
‫‪42‬‬
‫يحدث في جامعة كرة اليد ‪:‬‬

‫قوانني بال مصداقية وأياد تتالعب باملواثيق الرياضية‬


‫عىل اللقب والتحاقه بالرتجي يف أعىل القمة جعل الجامعة‬ ‫الخطرية خاصة إذا عرفنا حيثيات‬ ‫انتهى موسم البطولة الوطنية لكرة اليد قبل جولة من‬
‫التونسية لكرة اليد تخىش من تأجيج املنافسة أكثر فاختارت‬ ‫امللف وطريقة معاينته من طرف‬ ‫ّ‬ ‫نهايته القانونية بعد أن نجح فريق الرتجي الريايض التونيس‬
‫قتل املنافسة والتشويق واالثارة ووضع حد لسباق لم ينته‬ ‫الجامعة التونسية لكرة اليد التي‬ ‫يف حسم لقب البطولة بعد فوزه عىل مضيفه قصور الساف‬
‫بعد ومن املنتظر أن يثري الكثري من الجدل يف األيام القليلة‬ ‫باتت تصلح لكل يشء اال ّ لتسيري‬ ‫بنتيجة (‪ )32–41‬يف املباراة التي جمعتهما يوم السبت‬
‫القادمة‪.‬‬ ‫كرة اليد بعد ان اختصت يف القانون‬ ‫املايض‪ .‬انتصار جعل فريق باب سويقة يحافظ عىل موقعه‬
‫هذا امللف كشف م ّرة أخرى أن الجامعة التونسية لكرة‬ ‫وأهملت الجانب الريايض بدليل‬ ‫يف صدارة الرتتيب ويحافظ عىل مسافة األمان التي تفصله‬
‫اليد ولجانها التابعة لها هي عبارة عن مجموعة من الهواة‬ ‫نتائج املنتخب يف الفرتة األخرية‬ ‫عن مالحقه املبارش النادي االفريقي ومهما تكن نتيجة‬
‫يمتهنون التالعب بالقانون عىل حساب املصلحة الوطنية‬ ‫وكذلك مستوى البطولة التي لم يعد‬ ‫الجولة األخرية للبطولة فإن الرتجي ضمن حسابيا اللقب‬
‫الرياضية ولعل ما حصل يف انتخابات الجامعة الفرتة‬ ‫يرتقي لصنف الهواة‪.‬‬ ‫لصالحه وهو اللقب ‪ 34‬يف تاريخه والثالث عىل التوايل‪.‬‬
‫املاضية ومحاولة السطو عىل املسار االنتخابي للجامعة عىل‬ ‫وبغض النظر عن الفريق املستفيد‬ ‫البطولة لم تكن لتنتهي عىل هذه الشاكلة لو ت ّم‬
‫الرسي يؤ ّ‬
‫كد‬ ‫ّ‬ ‫طريقة «اللصوص» من خالل نرش بالغ بالحرب‬ ‫من قرار اللجنة املركزية للتأهيل‬ ‫قبول احرتاز النادي االفريقي ض ّد مشاركة‬
‫أن هذه الجامعة فاشلة بامتياز بل‬ ‫للشك ّ‬
‫ّ‬ ‫بما ال يدع مجاال‬ ‫واإلجازات التابعة للجامعة‬ ‫الالعب أرشف املرغني العب ساقية الزيت‬
‫ّ‬
‫األكثر من ذلك أنها عاجزة ويدها قصرية تماما كقرص يد‬ ‫التونسية لكرة اليد وبعيدا‬ ‫والوافد الجديد عىل الرتجي الريايض‬
‫مسؤوليها‪.‬‬ ‫تغي‬‫عن الدخول يف فرضيات ّ‬ ‫التونيس وكان سباق اللقب سيتأجّ ل اىل‬
‫عناوين التتويج يف الجولة‬ ‫الجولة األخرية اال ّ أن اللجنة املركزية‬
‫ّ‬
‫فإن املريب يف األمر‬ ‫األخرية‬ ‫للتأهيل واإلجازات التابعة للجامعة‬
‫هو تضارب الترصيحات‬ ‫التونسية لكرة اليد كانت قد أق ّرت‬
‫بني أكثر من مسؤول يف‬ ‫يف بالغ صادر الجمعة املنقيض أنها‬
‫الجامعة يف عالقة بهذا‬ ‫رفضت شكال احرتاز النادي اإلفريقي‬
‫ّ‬
‫فإن‬ ‫امللف وأكثر من ذلك‬ ‫ضد مشاركة املرغني خالل املواجهة‬
‫الالفت يف املوضوع هو‬ ‫مراد املستريي‬ ‫التي جمعت الفريقني يف شهر أفريل‬
‫املسار القانوني الذي‬ ‫املايض ‪ ،‬والتي انتهت بفوز نادي ساقية‬
‫سلكته الجامعة للحسم‬ ‫الزيت بنتيجة ‪. 24 - 31‬‬
‫بأن موضوع اآلجال مطروح‬ ‫امللف والذي لم يكن يوحي ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللجنة املذكورة عللت رفضها للطعن شكال بوروده يف‬
‫خارج اآلجال القانونية (‪ 10‬أيام كحد أقىص ) منذ تاريخ يف ورقات االحرتاز بدليل تداخل عديد األطراف والهياكل‬
‫اجراء املقابلة املطعون فيها ‪ ،‬مشرية إىل أن اللقاء دار يوم الدولية يف املوضوع بعد أن حرصت الجامعة عىل مراسلة‬
‫‪ 2021‬يف حني تم إيداع الطعن بتاريخ ‪ 3‬االتحادين الدويل واالفريقي لجمع معلومات تخص االحرتاز‬ ‫‪ 28‬أفريل‬
‫جوان ‪ 2021‬أي بعد اآلجال القانونية املذكور وهو ما أوحى بأن وضعية النادي االفريقي قانونية‬
‫حسب قراءة اللجنة واألمر اىل حد وبأن مشاركة الالعب أرشف املرغني غري قانونية وهذا‬
‫اآلن يبدو مفهوما ومنطقيا اىل األمر ثابت بالحجّ ة والدليل وقد بدا من خالل تمديد فرتة‬
‫أن الجامعة كانت ستنصف االفريقي قبل أن‬ ‫ّ‬
‫امللف ّ‬ ‫أن النص القانوني دراسة‬ ‫ح ّد كبري بما ّ‬
‫واضح ورصيح ولكن السؤال تحدث املفاجأة ويصدر قرار عكيس تماما اختزلت فيه‬
‫املطروح هو التايل‪ :‬هل يعقل الجامعة ‪ 120‬يوما من البطء والتأخري بوجود جائحة‬
‫طلت النظر يف امللف وما أسخف هذه‬ ‫أن يستوجب النظر يف احرتاز كورونا التي ع ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وكأن االجتماعات‬ ‫ّ‬
‫ورد خارج اآلجال أكثر من أربعة التعلة التي لم تعد تنطيل عىل أحد‬
‫للبت فيه وهو املرفوض التي تعقد يف كل أنحاء املعمورة عن بعد لم تسمع‬ ‫ّ‬ ‫أشهر‬
‫عنها جامعة اليد شيئا أو كأن مراسالت الربيد‬ ‫شكال قبل األصل؟ ‪.‬‬
‫التعليل يبدو يف ظاهره االلكرتوني كانت متوقفة خالل الجائحة لذلك‬
‫طلت لجنة اليد ولم تقدر عىل م ّد يدها للبحث‬ ‫مصيبا ولكن الباطن تع ّ‬
‫عديد يف الحقيقة‪.‬‬ ‫يحمل‬
‫أن عودة النادي االفريقي للمنافسة‬ ‫ويبدو ّ‬ ‫ا لتأ و يال ت‬

‫أرشف املرغني‬

‫العملية كللت بالنجاح ‪ :‬مخاخم يستعيد عافيته واحلمد هلل‬


‫الخميس ‪ 14‬أكتوبر الجاري بفحص روتيني لالطمئنان نهائيا عىل‬ ‫أن رئيس‬‫علم «الشارع املغاربي» من مصادر موثوق بها ّ‬
‫تحسن حالته الصحية قبل السماح له بالعودة اىل تونس حيث‬ ‫ّ‬ ‫النادي الريايض الصفاقيس املنصف خماخم تجاوز والحمد لله‬
‫كان اإلطار الطبّي املرشف عىل عالجه قد أوىص عليه بعدم السفر‬ ‫مرحلة الخطر حيث ك ّللت العملية الجراحية التي خضع لها‬
‫وركوب الطائرة قبل ذلك املوعد حتى ال تحصل له أيّة مضاعفات غري‬ ‫بالنجاح وقد بدأ يستعيد عافيته وحيويته تدريجيا‪.‬‬
‫محمودة‪.‬‬ ‫املصادر ذاتها أكدت ّ‬
‫أن خماخم املتواجد حاليا بفرنسا يف‬
‫خماخم املولع بالرياضة التونسية أجربته الوعكة الصحية عىل‬ ‫صحّ ة جيّدة وهو ال يزال بأحد املصحات تحت الرقابة الطبية‬
‫متابعة ك ّل الربامج الرياضية سواء االذاعية أو التلفزية ولم تفته أيّة‬ ‫تفاديا لعدم حصول أيّة مضاعفات‪.‬‬
‫شاردة أو واردة خاصة يف ما يتع ّلق بفريقه النادي الصفاقيس وقد‬ ‫«الشارع املغاربي» كان له اتصال هاتفي مبارش مع‬
‫سنحت الفرصة للحديث عن بعض املواضيع التي تتع ّلق بعاصمة‬ ‫املنصف خماخم الذي بدا يف أحسن حاالته وفيا لروح الدعابة‬
‫الجنوب والتي قد نعود لها يف حوار قادم مع خماخم فور عودته اىل‬ ‫كد لنا أنّه سيعود اىل تونس ان شاء الله‬
‫التي تسكنه وقد أ ّ‬
‫تونس ساملا معاىف ان شاء الله‪.‬‬ ‫بعد أسبوعني من اآلن حيث سيكون مجربا عىل القيام يوم‬
www.acharaa.com maghrebstreet@gmail.com 2021 ‫ أكتوبر‬5 ‫ الثالثاء‬- 280 ‫العدد‬

43 ‫الشارع السياسي‬

You might also like