‫ﺟﯿﺮان ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ واﺣﺪ‬

‫ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎﻻت‬

‫د‪.‬ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺒﺶ‬
 ‫اﻹﻧﺴﺎن أﺧﻮ اﻹﻧﺴﺎن أﺣﺐ أم ﻛﺮه‬

‫اﻟﻨﺎس اﺛﻨﺎن‪ :‬إﻣﺎ أخ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ أو ﻧﻈﯿﺮ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻖ‬

‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﺑﻲ طﺎﻟﺐ‬

 ‫ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﯿﺮة‬
‫وﺗﮭﺪف إﻟﻰ ﺗﻌﺰﯾﺰ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺘﺼﺪع ﻓﻲ ﺻﻮرة اﻹﺧﺎء‬
‫ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ أو ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ اﻟﻤﻮروث اﻟﺪﯾﻨﻲ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﺈﺟﺮاء ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﯾﻼت اﻟﻀﺮورﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻘﺎﻻت ﺑﺤﯿﺚ ﺗﻐﺪو أﻛﺜﺮ ﻣﺴﺎﺳﺎ ً‬
‫ﺑﻌﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب‬
 ‫ﺟﻴﺮان ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ واﺣﺪ‬

‫ﻣﻊ أن ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﮫ وھﺪي اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ واﺿﺤﺔ‬
‫ﻟﻠﻌﯿﺎن ﻓﻲ أي ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻛﻤﺎ ھﻲ اﻟﯿﻮم‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺛﻮرة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت‬
‫واﻻﺗﺼﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻋﺰزت ﻓﻜﺮة اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ‪ ،‬وأﻛﺪت إﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إرادة اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎطﺸﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎوب ﻋﻠﻰ إﺷﻌﺎﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻷرض ﻗﻮى ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺸﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب واﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب‪ ،‬وﻟﻜﻦ أدﻧﻰ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺻﺎر‬
‫ﯾﺪﻋﻮ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺧﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﺷﺮﯾﻜﺎ ً ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮫ ﻟﺒﻨﺎء اﻷرض وﺗﺴﺨﯿﺮ‬
‫ﺧﯿﺮاﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻓﻊ اﻟﻌﺒﺎد واﻟﺒﻼد‪.‬‬
‫ﺟﯿﺮان ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ واﺣﺪ ﺣﻘﯿﻘﺔ أﻛﺪھﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ :‬ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎﻛﻢ ﻣﻦ‬
‫ذﻛﺮ وأﻧﺜﻰ وﺟﻌﻠﻨﺎﻛﻢ ﺷﻌﻮﺑﺎ ً وﻗﺒﺎﺋﻞ ﻟﺘﻌﺎرﻓﻮا إن أﻛﺮﻣﻜﻢ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﮫ أﺗﻘﺎﻛﻢ إن اﻟﻠﮫ ﻋﻠﯿﻢ‬
‫ﺧﺒﯿﺮ‪ ،‬وﺷﺮﺣﮭﺎ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﺑﻘﻮﻟﮫ اﻹﻧﺴﺎن أﺧﻮ اﻹﻧﺴﺎن أﺣﺐ أم ﻛﺮه‪ ،‬ودﻟﺖ ﻟﮭﺎ‬
‫ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺘﻲ درﺳﺖ طﺒﺎﺋﻊ اﻹﻧﺴﺎن وﺣﺎﺟﺎﺗﮫ وﻣﻘﺎﺻﺪه وأﻛﺪت اﻷﺻﻞ‬
‫اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻟﻜﺒﯿﺮ اﻟﺬي دﻟﺖ ﻟﮫ ﻋﺸﺮات اﻵﯾﺎت‪ :‬ﻓﻄﺮة اﻟﻠﮫ اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻻ‬
‫ﺗﺒﺪﯾﻞ ﻟﺨﻠﻖ اﻟﻠﮫ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﻮﻟﻮد ﯾﻮﻟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬أو ﻛﻤﺎ ﺗﻢ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ اﻷدﯾﺎن اﻷﺧﯿﺮ ﺑﻌﻨﻮان ﻋﺮﯾﺾ‪ :‬أﺳﺮة واﺣﺪة ﺗﺤﺖ اﻟﻠﮫ!‬
‫اﻟﻨﺎس وﻓﺎﻗﯿﻮن وﻓﺮوﻗﯿﻮن‪ ،‬ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺘﺮك وﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ‪ ،‬وﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﻘﺪر أن ﻛﻼً ﻣﻦ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ ﯾﺠﺪ ﺑﻐﯿﺘﮫ وﺷﻮاھﺪه ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻞ‬
‫واﻟﻨﻘﻞ‪ ،‬وﻻ ﯾﺨﻔﻲ ﻛﺎﺗﺐ ھﺬه اﻟﺴﻄﻮر اﻧﺤﯿﺎزه إﻟﻰ ﺗﯿﺎر اﻟﻮﻓﺎﻗﯿﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺆﻣﻨﻮن‬
‫ﺑﺎﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄن اﻟﻠﮫ ﺧﻠﻖ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﺳﻌﯿﺪة‪،‬‬
‫وﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﻜﻠﻤﺔ إﻗﺒﺎل ‪:‬‬
‫ﻛﻤﺤﺒﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن‬ ‫ﻟﻢ أﻟﻖ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻮﺟﻮد ﺳﻌﺎدة‬
‫ﻟﻤﺎ ﺳﻜﺮت ﺑﺨﻤﺮھﺎ اﻟﻘﺪﺳﻲ ﻟﻢ أﺣﺘﺞ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺎن‬

‫وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﺧﺘﻼف اﻷﻋﺮاق واﻷدﯾﺎن واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪھﺎ‬
‫ﺗﺠﺎرب اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺷﺮﺣﮭﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪:‬‬
‫واﻟﻨﺎس ﻟﻠﻨﺎس ﻣﻦ ﻋﺮب وﻣﻦ ﻋﺠﻢ ﺑﻌﺾ ﻟﺒﻌﺾ وإن ﻟﻢ ﯾﺸﻌﺮوا ﺧﺪم‬
‫وھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺷﺮﺣﮭﺎ اﻟﺼﻮﻓﻲ اﻟﻌﺎرف ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ :‬اﻟﻨﺎس ﻟﻠﻨﺎس واﻟﻜﻞ ﺑﺎﻟﻠﮫ‪.‬‬

‫اﻟﺠﻤﯿﻞ ﻛﺎﺳﻤﮫ‪ ،‬واﻟﻤﻌﺮوف ﻛﺮﺳﻤﮫ‪ ،‬واﻟﺨﯿﺮ ﻛﻄﻌﻤﮫ‪ ،‬وھﻲ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺷﺮﺣﮭﺎ ﻧﺺ‬
‫ﻧﺒﻮي ﻛﺮﯾﻢ رﻓﻌﮫ اﻟﺮﺳﻮل إﻟﻰ رﺑﮫ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﻛﻞ ﻣﺼﻞ ﯾﺼﻠﻲ وإﻧﻤﺎ أﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻤﻦ‬
‫ﺗﻮاﺿﻊ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ وﻛﻒ ﺷﮭﻮاﺗﮫ ﻋﻦ ﻣﺤﺎرﻣﻲ وآوى اﻟﻐﺮﯾﺐ ورﺣﻢ اﻟﻤﺼﺎب وﻛﺴﺎ‬
‫اﻟﻌﺮﯾﺎن‪.‬‬
‫إن ﻓﻌﻞ اﻟﺨﯿﺮ ﻛﺎﻟﻤﺴﻚ ﯾﻨﻔﻊ ﺣﺎﻣﻠﮫ وﺑﺎﺋﻌﮫ وﻣﺸﺘﺮﯾﮫ‪ ،‬وﻟﻮ أن ﺗﻠﻘﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﻮﺟﮫ طﻠﻖ‪،‬‬
‫وﻏﻔﺮ اﻟﻠﮫ ﻟﺒﻐﻲ ﻣﻦ ﺑﻐﺎﯾﺎ ﺑﻨﻲ إﺳﺮاﺋﯿﻞ رأت ﻛﻠﺒﺎ ً ﯾﻠﺤﺲ اﻟﺜﺮى ﻣﻦ اﻟﻌﻄﺶ ﻓﻨﺰﻟﺖ‬
‫ﺑﺌﺮا ً ﻓﻤﻸت ﺧﻔﮭﺎ ﻣﺎء ﻓﺴﻘﺖ اﻟﻜﻠﺐ ﻓﺸﻜﺮ اﻟﻠﮫ ﻟﮭﺎ ﻓﻐﻔﺮ ﻟﮭﺎ‪.‬‬

‫وﻣﺎ ﻷﺣﺪ ﻋﻨﺪه ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺔ ﺗﺠﺰى إﻻ اﺑﺘﻐﺎء وﺟﮫ رﺑﮫ اﻷﻋﻠﻰ وﻟﺴﻮف ﯾﺮﺿﻰ‬

‫ﺟﯿﺮان ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ واﺣﺪ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺷﺮﺣﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ :‬ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﯾﻐﺮس‬
‫ﻏﺮﺳﺎ ً ﻓﯿﺄﻛﻞ ﻣﻨﮫ طﯿﺮ أو إﻧﺴﺎن أو ﺑﮭﯿﻤﺔ إﻻ ﻛﺎن ﻟﮫ ﺑﮫ ﺻﺪﻗﺔ‪ ،‬وﺷﺮﺣﺘﮭﺎ ﻧﺼﻮص‬
‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺒﯿﺮة اﻟﻈﺎھﺮة ﻓﻤﻦ ﯾﻌﻤﻞ ﻣﺜﻘﺎل ذرة ﺧﯿﺮا ً ﯾﺮه وﻣﻦ ﯾﻌﻤﻞ ﻣﺜﻘﺎل ذرة ﺷﺮا ً‬
‫ﯾﺮه‪.‬‬
‫وﺣﯿﻦ ﻣﻀﻰ اﻟﺘﻌﺼﺐ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺘﮫ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ اﻟﺨﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﺬھﺐ أو اﻟﺪﯾﻦ أو‬
‫اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ راح اﻟﻨﺒﻲ ﯾﻀﺮب ﻟﮭﻢ أروع اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻖ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺒﻌﯿﺪ‪:‬‬
‫ﻗﺎل رﺟﻞ ﻷﺗﺼﺪﻗﻦ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﺑﺼﺪﻗﺔ ﻓﺨﺮج ﺑﺼﺪﻗﺘﮫ ﻓﻮﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﯾﺪ زاﻧﯿﺔ ﻓﺄﺻﺒﺢ اﻟﻨﺎس‬
‫ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن‪ :‬ﺗﺼﺪق ﻋﻠﻰ زاﻧﯿﺔ!! ﻓﻘﺎل ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ زاﻧﯿﺔ!! ﻷﺗﺼﺪﻗﻦ اﻟﻠﯿﻠﺔ‬
‫ﺑﺼﺪﻗﺔ‪ ،‬ﻓﻮﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﯾﺪ ﻏﻨﻲ ﻓﺎﺻﺒﺤﻮا ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن‪ :‬ﺗﺼﺪق ﻋﻠﻰ ﻏﻨﻲ!! ﻗﺎل ‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﻟﻚ‬
‫اﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﻲ!! ﻷﺗﺼﺪﻗﻦ اﻟﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺨﺮج ﻓﻮﺿﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﯾﺪ ﺳﺎرق‪ ،‬ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا‬
‫ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن‪ :‬ﺗﺼﺪق اﻟﻠﯿﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺎرق!! ﻓﻘﺎل‪ :‬اﻟﻠﮭﻢ ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ زاﻧﯿﺔ وﻋﻠﻰ ﻏﻨﻲ‬
‫وﻋﻠﻰ ﺳﺎرق‪.‬‬
‫وھﻨﺎ أﺧﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ أن اﻟﺮﺟﻞ أﺗﻲ )أي أوﺣﻲ إﻟﯿﮫ( ﻓﻘﯿﻞ ﻟﮫ‪ :‬أﻣﺎ ﺻﺪﻗﺘﻚ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻗﺒﻠﺖ‪ ،‬وأﻣﺎ اﻟﺰاﻧﯿﺔ ﻓﻠﻌﻠﮭﺎ أن ﺗﺴﺘﻌﻒ ﺑﮭﺎ ﻋﻦ زﻧﺎ‪ ،‬وﻟﻌﻞ اﻟﻐﻨﻲ ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻓﯿﻨﻔﻖ ﻣﻤﺎ‬
‫أﻋﻄﺎه اﻟﻠﮫ‪ ،‬وﻟﻌﻞ اﻟﺴﺎرق أن ﯾﺴﺘﻌﻒ ﺑﮭﺎ ﻋﻦ ﺳﺮﻗﺘﮫ‪.‬‬

‫وھﻨﺎ أﺧﺘﺎر ﻟﺸﺮح ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻋﻨﺪ أھﻞ اﻟﻠﮫ ﻛﻼم اﻟﻌﺎرف اﻟﻜﺒﯿﺮ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻨﻮري‬
‫ﺣﯿﻦ ﺳﺄﻟﮫ ﺣﯿﺮان ﺑﻦ اﻷﺿﻌﻒ ﻓﻘﺎل‪ :‬ﯾﺎ ﻣﻌﻠﻢ‪ :‬ﻣﺎ ﻣﺮاد اﻟﻠﮫ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﮫ؟‬
‫أﺟﺎب ﻓﻮراً‪ :‬ﻣﺎ ھﻢ ﻋﻠﯿﮫ!!‬
‫ﻗﺎل ﻣﻨﺪھﺸﺎً‪ :‬أو ﯾﺮﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮة اﻟﻜﻔﺮ؟ ﻗﺎل أﻓﯿﻜﻔﺮون ﺑﮫ وھﻮ ﻛﺎره؟‬
‫ﺛﻢ ﻗﺎل‪ :‬أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎذا أراد اﻟﻠﮫ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﺸﯿﻊ وﺗﻔﺮﯾﻖ اﻟﻤﻠﻞ؟‬
‫ﻗﺎل أراد إﺑﻼغ ﻗﺪرﺗﮫ وﺑﯿﺎن ﺣﻜﻤﺘﮫ وإﯾﺠﺎب ﻟﻄﻔﮫ وظﮭﻮر ﻋﺪﻟﮫ وإﺣﺴﺎﻧﮫ‪.‬‬
‫وﻛﻞ ﻗﺒﯿﺢ إن ﻧﺴﺒﺖ ﻟﺤﺴﻨﮫ ‪ ...‬أﺗﺘﻚ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺴﻦ ﻓﯿﮫ ﺗﺴﺎرع‬
‫ﯾﻜﻤﻞ ﻧﻘﺼﺎن اﻟﻘﺒﯿﺢ ﺟﻤﺎﻟﮫ ‪ ......‬ﻓﻤـــﺎ ﺛﻢ ﻧﻘﺼﺎن وﻻ ﺛﻢ ﺑﺎﺷﻊ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻟﻢ أﻛﻦ أرﯾﺪ أن ﯾﻜﻮن ﺗﻘﺪﯾﻢ ھﺬه اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺴﻖ ﻣﻦ ﻛﻼم أھﻞ‬
‫اﻹﺷﺮاق‪ ،‬ﺣﯿﺚ أن اﻟﻤﻘﺎﻻت ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺒﮭﺎ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻗﺮاءة ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﻲ‬
‫ﻻ أﻛﺘﻤﻚ أن إﺣﺴﺎﺳﻲ ﺑﺈﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻗﺮاءة ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻌﻚ‬
‫ﺗﻤﺎﻣﺎ ً أن ﻋﺼﺮ اﻟﺤﺮوب اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﯿﺎﻟﯿﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ واﻟﺤﺮوب اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ اﻟﯿﻮم ﻻ ﯾﺘﺮك‬
‫ﻣﺠﺎﻻً ﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻛﮭﺬا‪ ،‬وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻛﺎن ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﺸﮭﺪ واﺣﺪ ﻻ ﯾﺰال‬
‫ﯾﺮﺗﺴﻢ ﻓﻲ ﺧﺎطﺮي ﻣﺬ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻠﮫ‪ ،‬وھﻮ ﯾﻘﯿﻨﻲ ﺑﺮوﺣﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﻔﺤﮭﺎ ﻛﻞ ﯾﻮم‬
‫ﻓﻲ روح اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬وﯾﻤﯿﻨﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ اﻟﺘﻲ ﻣﺴﺤﺖ ﺟﺒﯿﻦ ﺧﻠﻘﮫ‪ ،‬وﯾﻮم ﺣﺸﺪ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺸﮭﺪ ﻋﻈﯿﻢ‪ ،‬وﻗﺪم ﻟﻠﺠﻤﮭﻮر اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻸ اﻷﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﮫ ﻓﻲ اﻷرض اﻟﻤﺴﻤﻰ‬
‫آدم‪ ،‬ﺳﺮا ً ﻣﻦ ﺳﺮه‪ ،‬وﻧﻮرا ً ﻣﻦ ﻧﻮره‪ ،‬وأﻣﺮ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺟﻤﯿﻌﺎ ً أن ﯾﺨﺮوا ﻟﮫ ﺳﺎﺟﺪﯾﻦ‪ ،‬ﻟﻢ‬
‫ﯾﻜﻦ آﻧﺬاك ﻧﺒﻲ وﻻ ﻛﺘﺎب‪ ،‬وﻻ وﺣﻲ وﻻ ﺷﺮﯾﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺎن ﻣﺤﻼً ﻟﻠﺘﻜﺮﯾﻢ‪،‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن أن ﯾﻜﺘﺸﻒ ﺳﺮه ﻓﻲ ذاﺗﮫ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ إﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن آدم‪:‬‬
‫إن ﺳﺮي‪ ..‬ﯾﻮم ﻧــﺎدى ﻣﮭﺮﺟـــــــﺎﻧـﮫ‬
‫أﻣﺮ اﻟﻜﻞ ﻓﺨﺮوا‪ ...‬ﻓﺤﺒﺎﻧﻲ ﺻﻮﻟﺠﺎﻧﮫ!‬

‫وﺣﯿﻦ ﯾﻌﺘﺰ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻤﺎﺿﯿﮫ اﻟﻤﺠﯿﺪ ﻓﻲ ﺣﻀﻦ اﻟﻤﻸ اﻷﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻻ ﯾﺮى ﻓﻲ ھﺒﻮطﮫ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺴﻤﺎء إﻻ اﺳﺘﻤﺮارا ً ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺷﺮﯾﻔﺔ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ‪ ،‬وھﻲ أن ﯾﻤﻸ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة‬
‫واﻟﺤﺐ‪ ،‬ﻓﯿﺴﺄل ﻓﻲ ﺗﻤﺮد‪:‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﻔﻌﻠﮫ اﻟﻌﺒﺎد ﻓﻲ ﻗﺼﺮ اﻟﺴﻤﺎء؟‬
‫ﺑﯿﻦ ﺳﺠﺎد ورﯾﺤــــﺎن وﺑﺨﻮر وﻣــﺎء؟‬
‫ھﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﺪ ﺳﻜــﺎرى وأﻧﺎ أﺣﻔﺮ ﻟﺤﺪي‬
‫أﺣﻤﻞ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺷﺮﯾﺪا ً أﻋﺼﺮ اﻟﺼﺨﺮ ﻟﻮﺣﺪي‬
‫أﻧــــــــــﺎ ﻟﻤﺎ أﻋﺒﺪ اﻟﻠﮫ ﺑﺤﺮﻣﺎﻧﻲ وﺟﻮﻋﻲ‬
‫ﻟﻦ ﺗﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﻸ اﻷﻋﻠﻰ ﻛﻤﺜﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﻋﻲ‬
‫ﻗﻞ ﻟﻤﻦ ﯾﺴـﺄل ﻋﻨﻲ أﻧﺎ ﺷﯿﺦ اﻟﺤﻀﺮﺗﯿــــــــﻦ‬
‫إن ﻋﺒﺪا ً ﻟﻮﻋﺘﮫ اﻷرض ﻋﺒﺪ ﻣﺮﺗﯿــــــــــــــــﻦ‬

‫إن ﻓﻜﺮة اﻟﺠﻮار اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻮﻛﺐ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻜﺮة ﺑﻠﮭﺎء ﺗﻌﻔﯿﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺰام اﻟﺤﻘﻮق‪،‬‬
‫وﺗﺤﻮﻟﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺠﺮد دراوﯾﺶ ﻋﻠﻰ طﺮف اﻟﻜﻮﻛﺐ ﻧﺮﻗﺺ ﻓﻲ اﻟﻐﺴﻖ‪ ،‬وﻧﮭﺰ اﻟﺮؤوس‬
‫ﻓﻲ اﻟﻀﺤﻰ ﻹرادة اﻟﻤﺴﺘﺒﺪ ﻛﻌﻨﺰة اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ‪ ،‬ﺑﻞ ھﻮ ﺗﺸﺎرك وﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ‪ ،‬وﻛﻔﺎح‬
‫وﺟﺮاح‪ ،‬ودﻣﻌﺔ واﺑﺘﺴﺎﻣﺔ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﻧﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺘﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ ﻓﻨﺤﻦ إذن‬
‫ﻣﻦ ﯾﺨﺮق وﺛﯿﻘﺔ اﻟﺠﻮار‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن أوﺿﺢ ﺷﺮح ﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺠﻮار ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﮫ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ :‬ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺣﺪود اﻟﻠﮫ واﻟﺮاﺗﻊ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻤﺜﻞ ﻗﻮم اﺳﺘﮭﻤﻮا ﻋﻠﻰ ﺳﻔﯿﻨﺔ‬
‫ﻓﺄﺻﺎب ﺑﻌﻀﮭﻢ أﻋﻼھﺎ وﺑﻌﻀﮭﻢ أﺳﻔﻠﮭﺎ ﻓﻜﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﻓﻲ أﺳﻔﻠﮭﺎ إذا اﺳﺘﻘﻮا اﻟﻤﺎء ﻣﺮوا‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﮭﻢ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻟﻮ أﻧﻨﺎ ﺧﺮﻗﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺼﯿﺒﻨﺎ ﺧﺮﻗﺎ ً ﻓﻠﻢ ﻧﺆذ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻨﺎ‪ ،‬ﻓﺈن ﺗﺮﻛﻮھﻢ‬
‫وﻣﺎ أرادوا ھﻠﻜﻮا وھﻠﻜﻮا ﺟﻤﯿﻌﺎ ً وإن أﺧﺬوا ﻋﻠﻰ أﯾﺪﯾﮭﻢ ﻧﺠﻮا وﻧﺠﻮا ﺟﻤﯿﻌﺎ‪.‬‬

‫ﺟﯿﺮان ﻓﻲ ﻛﻮﻛﺐ اﻷرض‪ ،‬ﻋﻨﻮان ﻛﺒﯿﺮ ﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﻲ اﻷرض ﺗﺘﻌﺰز ﻛﻞ ﯾﻮم‪،‬‬

‫وﯾﻜﺘﺸﻒ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻞ ﯾﻮم أﻧﮫ أﺣﻮج ﻷﺧﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ‪ ،‬وأن ﻓﻜﺮة ﺻﺒﻎ‬
‫اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﺑﻠﻮن واﺣﺪ‪ ،‬وأن اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ دﯾﻦ ﻣﻠﻮﻛﮭﻢ ھﻲ ﻓﻜﺮة اﺳﺘﺒﺪاد وﻗﮭﺮ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ‬
‫ﻋﺼﺮ اﻷﺑﺎطﺮة واﻟﻘﯿﺎﺻﺮة‪ ،‬وﻟﯿﺲ إﻟﻰ ﻋﺼﺮ اﻷﻧﺒﯿﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺸﺮوا ﻓﻲ اﻷرض ﺑﻘﻮل‬
‫اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﻟﻜﻞ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﺷﺮﻋﺔ وﻣﻨﮭﺎﺟﺎً‪ ،‬وﻧﺎدوا ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺤﻘﯿﻘﺔ ﻋﻤﯿﻘﺔ ﺑﻌﯿﺪة‬
‫اﻟﻐﻮر‪ :‬وﻟﻮ ﺷﺎء رﺑﻚ ﻵﻣﻦ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻷرض ﻛﻠﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌﺄ ً أﻓﺄﻧﺖ ﺗﻜﺮه اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ‬
‫ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻣﺆﻣﻨﯿﻦ؟‬

‫ﺟﻴﺮان ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬

‫اﻟﺨﻠﻖ ﻛﻠﮭﻢ ﻋﯿﺎل اﻟﻠﮫ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺻﺪﯾﻖ ﺣﺒﯿﺐ ﻟﻠﻨﺎس واﻟﺤﯿﺎة‪ ،‬أﻟﯿﻒ ودود ﻣﻊ اﻟﻨﺎس واﻟﺤﯿﺎة‪ ،‬ﻋﻼﻗﺘﮫ ﺑﮭﺬا‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮫ ﻟﯿﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺪو ﺑﻌﺪو‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺎﺳﺪ ﺑﺤﺎﻗﺪ‪ ،‬وإﻧﻤﺎ‬
‫ھﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬ﻧﺘﻘﺒﻞ ﻋﻨﮭﻢ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮا وﻧﺘﺠﺎوز ﻋﻦ ﺳﯿﺌﺎﺗﮭﻢ‪،‬‬
‫واﻟﺨﻠﻖ ﻛﻠﮭﻢ ﻋﯿﺎل اﻟﻠﮫ‪ ،‬وأﺣﺐ اﻟﺨﻠﻖ إﻟﻰ اﻟﻠﮫ أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻌﯿﺎﻟﮫ‪.‬‬
‫إﻧﮭﺎ ﻗﺎﻋﺪة واﺿﺤﺔ ﺻﺮﯾﺤﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﺬي‬
‫ﯾﺨﺎﻟﻂ اﻟﻨﺎس وﯾﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ أذاھﻢ‪ ،‬ﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﺬي ﻻ ﯾﺨﺎﻟﻂ اﻟﻨﺎس وﻻ ﯾﺼﺒﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ أذاھﻢ‪ ،‬واﻟﻤﺆﻣﻦ ﯾﺄﻟﻒ وﯾﺆﻟﻒ‪ ،‬وﻻ ﺧﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺄﻟﻒ وﻻ ﯾﺆﻟﻒ‪.‬‬
‫ﻟﻤﺎذا ﻧﺼﺮ ﻋﻠﻰ أن اﻷﺻﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺸﻘﺎق واﻟﺼﺪام‪ ،‬وﻟﻢ ﻻ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ؟ أﻓﺈن ﻟﺒﺴﻮا اﻟﺒﻨﻄﺎل ﻓﻲ اﻷرﺟﻞ ﻧﻠﺒﺴﮫ ﻓﻲ اﻟﺮؤوس!! وإن ﻟﺒﺴﻮا‬
‫اﻹزار ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺘﺎف ﻟﺒﺴﻨﺎه اﻷﻗﺪام!! رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ!! أﯾﻦ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ اﻟﺴﻘﯿﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻮﻗﻒ رﺳﻮل اﻟﻠﮫ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺤﯿﺎة ﺑﺎﻷﻣﻞ واﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬وﯾﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻗﻮم ﺑﻤﺎ‬
‫ﻋﻤﻠﻮا وﻻ ﯾﺒﺨﺴﮭﻢ ﻧﺼﺤﮫ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﯾﺘﺮدد ﻓﻲ اﺳﺘﻘﺒﺎل ﻗﺒﻠﺔ أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻨﻜﺮھﻢ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﮫ‪ ،‬وأﻣﻀﻰ‬
‫ﻧﺼﻒ ﻋﻤﺮ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﯾﺸﺎرﻛﮭﻢ ﻗﺒﻠﺘﮭﻢ‪ ،‬وأﻣﻀﻰ ﻛﻞ ﻋﻤﺮ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫أﻧﺒﯿﺎﺋﮭﻢ‪ ،‬وﯾﻮﺻﻲ ﺑﺎﺗﺒﺎع ﻣﻠﺔ إﺑﺮاھﯿﻢ‪ ،‬ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺮى أن رﺳﺎﻟﺘﮫ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ھﺪم ﻣﺎ‬
‫أﻧﺠﺰه اﻷول‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﯾﻮاﺻﻞ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻮه وﯾﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻧﺠﺰوه‪ ،‬وﯾﺆﻣﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺸﺘﺮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﺿﺎﻟﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ أﯾﻨﻤﺎ وﺟﺪھﺎ ﻓﮭﻮ أوﻟﻰ ﺑﮭﺎ‪ ،‬وﻧﺼﻮص‬
‫اﻟﻘﺮآن طﺎﻓﺤﺔ ﺑﮭﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻟﻚ إﻻ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻗﯿﻞ ﻟﻠﺮﺳﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ‪ ،‬واﻟﺬﯾﻦ‬
‫ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﻤﺎ أﻧﺰل إﻟﯿﻚ وﻣﺎ أﻧﺰل ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ‪ ،‬وﻟﻘﺪ أوﺣﻲ إﻟﯿﻚ وإﻟﻰ اﻟﺬﯾﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ‪،‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﯾﻮﺣﻲ إﻟﯿﻚ وإﻟﻰ اﻟﺬﯾﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ اﻟﻠﮫ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺤﻜﯿﻢ‪ ،‬وﺳﺌﻞ ﻣﻦ أرﺳﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ‬
‫ﻣﻦ رﺳﻠﻨﺎ‪ ،‬إﻟﻰ ﻋﺸﺮات اﻟﻨﺼﻮص اﻟﻘﺮآﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ اﻷﻣﺔ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﺑﻤﺎ أﻧﺠﺰه‬
‫اﻷواﺋﻞ واﻗﺘﻔﺎء ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﮭﻢ ﻓﯿﻤﺎ وﻓﻘﻮا إﻟﯿﮫ وﺗﺠﻨﺐ ﻋﺜﺮاﺗﮭﻢ ﻓﯿﻤﺎ ﺳﻘﻄﻮا ﻓﯿﮫ‪.‬‬

‫إن اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻣﺪﻋﻮة أن ﺗﺸﺎرك ﻓﻲ ﺑﻨﯿﺎﻧﮭﺎ اﻟﺤﻀﺎري ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻣﻢ‪ ،‬وﻟﯿﺲ أن‬
‫ﺗﮭﺪم ﻣﺎ أﻧﺠﺰوه وﻻ أن ﺗﻜﻔﺮ ﺑﻤﺎ ﺣﻘﻘﻮه‪ ،‬وإﻧﻤﺎ ﻧﺘﻘﺒﻞ ﻋﻨﮭﻢ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮا وﻧﺘﺠﺎوز‬
‫ﻋﻦ ﺳﯿﺌﺎﺗﮭﻢ‪.‬‬
‫ﺣﯿﻦ وﺻﻞ اﻟﻔﺎﺗﺤﻮن اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺸﺎم إﻟﻰ اﻟﻌﺮاق ﻛﺎن ﯾﺪرﻛﻮن أﻧﮭﻢ‬
‫ﻗﺎدﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺎرة ﻋﺮﯾﻘﺔ‪ ،‬وأن ﻣﺎ أﻧﺠﺰه اﻹﻧﺴﺎن ﻓﯿﮭﺎ ھﻮ ﻣﺤﻞ اﻋﺘﺒﺎر واھﺘﻤﺎم‬
‫وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻷﻣﺔ أن ﺗﺘﻨﻜﺮ ﻟﻤﺎ أﻧﺠﺰه اﻷوﻟﻮن ﻣﻦ ﺧﯿﺮ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﻌﺎﻣﻠﻮن‬
‫ﺑﺈﯾﺠﺎﺑﯿﺔ واﺣﺘﺮام ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻨﺠﺰ إﻧﺴﺎﻧﻲ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﻋﺸﺮات اﻟﻤﺮات ﺧﻄﺒﺎءﻧﺎ اﻷﺷﺎوس وھﻢ ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﺪ اﻹﺳﻼم إن‬
‫اﻹﺳﻼم ﺣﻄﻢ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ! وﺣﻄﻢ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ! وﺣﻄﻢ اﻟﺤﻀﺎرة‬
‫اﻟﯿﻮﻧﺎﻧﯿﺔ! إﻧﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أن ھﺬا ﻟﯿﺲ ﻣﺠﺪا ً ﯾﻔﺎﺧﺮ ﺑﮫ دﯾﻦ وﻻ ھﻮ ﻣﺠﺪ ﺗﻔﺎﺧﺮ ﺑﮫ ﺣﻀﺎرة‪،‬‬
‫ﺑﻞ اﻹﺳﻼم أﻛﻤﻠﮭﺎ وھﺬﺑﮭﺎ وأﺻﻠﺤﮭﺎ‪ ،‬اﻹﺳﻼم ﻟﻢ ﯾﺤﻄﻢ وإﻧﻤﺎ ﺑﻨﻰ وﻋﻤﺮ‪ ،‬اﻹﺳﻼم ﻟﻢ‬
‫ﯾﮭﺪم‪ ،‬إﻧﻤﺎ ھﺪم اﻟﻔﺴﺎد وﺑﻨﻰ اﻟﺼﻼح‪ ،‬ھﺪم اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ ورﻓﻊ ﺷﻌﺎر اﻟﻌﺪاﻟﺔ‪ ،‬ﺑﻨﻰ اﻟﻤﻨﺠﺰ‬
‫اﻟﺤﻀﺎري ﻓﻲ ﺣﯿﺎد‪ ،‬وﻋﻠﻤﻨﺎ ﻛﯿﻒ ﻧﻤﯿﺰ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻜﺄس اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺮب‬
‫ﺑﮭﺎ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎل ﯾﺸﺮب ﺑﮭﺎ اﻟﺨﻤﺮ‪ ،‬وھﻲ ھﻨﺎ ﺣﻼل وھﻨﺎ ﺣﺮام! واﻟﻜﺎﻣﯿﺮا اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻞ ﻟﻨﺎ‬
‫ﺻﻮرة اﻟﺤﺮم ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻞ ﺻﻮرة اﻟﻌﺎرﯾﺎت‪ ،‬ﻓﮭﻨﺎ ﺣﻼل وھﻨﺎ ﺣﺮام‪ ،‬وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﺳﻼم‬
‫ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻤﺎ أﻧﺠﺰه اﻹﻧﺴﺎن وﺗﺒﻨﻲ ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬
‫رﺑﻤﺎ ﻛﺎن أﺟﻤﻞ اﺧﺘﺼﺎر ﻟﮭﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ أﺧﺮﺟﮫ اﻟﺒﺨﺎري ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ :‬ﻣﺜﻠﻲ وﻣﺜﻞ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ ﻛﻤﺜﻞ رﺟﻞ ﺑﻨﻰ دارا ً ﻓﺄﺣﺴﻨﮭﺎ وأﻛﻤﻠﮭﺎ وأﺟﻤﻠﮭﺎ‬
‫إﻻ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﻨﺎس إذا ﻣﺮوا ﺑﮭﺬه اﻟﺪار ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺎ أﺣﺴﻦ ھﺬه اﻟﺪار‪ ،‬ﻟﻮﻻ‬
‫ﻣﻮﺿﻊ اﻟﻠﺒﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻨﺖ أﻧﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺒﻨﺔ وأﻧﺎ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﻨﺒﯿﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺷﺄن اﻟﻤﺴﻠﻢ أن ﯾﺤﺎرب ﻣﺎ أﻧﺠﺰه اﻟﻨﺎس ﻷﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺼﺪر ﻋﻦ ﺟﺎﻧﺒﮫ‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﻤﺴﻠﻢ‬
‫ﯾﺆﻣﻦ ﺑﻜﻞ ﺧﯿﺮ ﻓﻲ اﻷرض وﯾﻌﻤﻞ ﻟﻜﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة واﻹﻧﺴﺎن أﺧﻮ اﻹﻧﺴﺎن أﺣﺐ‬
‫أم ﻛﺮه‪ ،‬وﻻ ﺷﻚ أن ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﺼﺪﻗﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ اﻟﻤﻨﺼﻮص ﻋﻠﯿﮫ أرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﯾﺸﻤﻞ اﻟﻨﺒﻮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻨﺠﺰه اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ‬
‫ﺻﻌﯿﺪ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﮭﺪى واﻟﺨﯿﺮ‪.‬‬

‫ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻦ ذھﺐ ﺷﺮﺣﮭﺎ اﻟﻤﻌﻠﻢ ﺟﻮدت ﺳﻌﯿﺪ‪ :‬ﻧﺘﻘﺒﻞ ﻋﻨﮭﻢ أﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮا وﻧﺘﺠﺎوز‬
‫ﻋﻦ ﺳﯿﺌﺎﺗﮭﻢ!!‬
 ‫ﺟﻴﺮان ﻓﻲ ﻫﺪى اﻷﻧﺒﻴﺎء‬
‫اﻟﻤﺸﺘ َ َﺮك أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ‬

‫ھﺬا ھﻮ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺬي ﻗﻤﺖ ﺑﺘﺮﺟﻤﺘﮫ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺒﺮوﻓﺴﻮر وﻟﯿﻢ ﺑﯿﻜﺮ ‪،‬‬
‫ﻣﺆﺳﺲ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻜﺎﻣﺐ )ﻣﺴﯿﺤﯿﻮن وﻣﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻼم( واﻻﺳﺘﺎذ ﺑﻜﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺤﻘﻮق ﻓﻲ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ) ‪ ، (more in common than you think‬وھﻮ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﮫ اﻟﺬي ﯾﮭﺘﻢ ﺑﺸﺆون اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺸﮭﯿﺮ ) ‪(the theft‬‬
‫‪ of a nation‬اﻟﺬي ﺗﺤﺪث ﻓﯿﮫ ﺑﺎﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻷدﻟﺔ ﻋﻦ اﻷطﻤﺎع اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ‪ ،‬واﻟﺘﺂﻣﺮ‬
‫اﻟﺪوﻟﻲ اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ واﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ‪ ،‬ﻣﺸﯿﺮا ً إﻟﻰ اﻵﺛﺎر‬
‫اﻟﺴﯿﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻠﺤﻘﮭﺎ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻤﻨﺤﺎز ﺑﻤﺼﺪاﻗﯿﺔ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﻛﻄﻠﯿﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺘﻘﺪم ‪،‬‬
‫وﻗﺪ ﻧﺸﺮت دار طﻼس ﺑﺪﻣﺸﻖ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﯿﻦ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان )ﺳﺮﻗﺔ‬
‫وطﻦ(‪.‬‬
‫إﻧﮭﺎ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻘﺮاءة ﻣﺴﺎﻟﺔ اﻟﺤﻮار اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻣﻦ زاوﯾﺔ أﺧﺮى‪ ،‬زاوﯾﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﮫ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺘﺠﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺘﺮك‪ ،‬وﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻘﺎط اﻟﻠﻘﺎء أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻟﻔﺮاق‪ ،‬وھﻮ ﻟﻮن ﻗﺪ ﻧﻜﻮن ﻧﺴﯿﻨﺎه ﻓﻲ ﻏﻤﺮة ﻣﺎ ﻧﻨﺠﺮ إﻟﯿﮫ ﻋﺎدة ﻣﻦ اﻛﺘﺸﺎف‬
‫ﻣﻮاطﻦ اﻻﺧﺘﻼف واﻟﺸﻘﺎق‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻐﺔ اﻟﺤﻮار اﻟﻤﻌﺘﺎد ھﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫ﻣﺰاﻟﻖ اﻵﺧﺮ وأوﺟﮫ اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻌﮫ ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺮﻏﺐ ﺑﺎروﻧﺎت اﻹﻋﻼم إظﮭﺎره دوﻣﺎ ً‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﮫ اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻛﺜﺮ ﻧﺠﺎﺣﺎ ً ﻓﻲ اﻟﺤﻮار )اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ(‪.‬‬
‫اﻟﻜﺘﺎب ﯾﻄﺮح ﺻﯿﻐﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺤﻮار‪ ،‬ﺻﯿﻐﺔ ﺗﺆﺳﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺘﺮك وﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ‬
‫ﺗﻌﺰﯾﺰه واﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﯾﺒﺪو ھﺬا اﻟﺨﯿﺎر ﻣﻨﻄﻘﯿﺎ ً ﻣﻦ وﺟﮭﺔ اﻟﻨﻈﺮ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ؟‬
‫إﻧﻨﺎ ﻧﻄﺮح اﻟﺤﻮار ﻋﺎدة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻟﻔﺮاق اﻟﻤﺘﺼﻮرة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬وھﻨﺎ ﯾﺒﺪو اﻟﻨﻤﻂ )اﻟﺪﯾﺪاﺗﻲ اﻟﺴﻮاﻏﺎرﺗﻲ( أﺑﺮز أﺷﻜﺎل اﻟﺤﻮار‬
‫)اﻟﺪﯾﻤﺎﻏﻮﺟﻲ( وھﻮ اﻟﺤﻮار اﻟﺬي ﯾﺮﻣﻲ إﻟﻰ إھﺎﻧﺔ اﻟﺨﺼﻢ وإذﻻﻟﮫ ‪ ،‬ﺗﻠﺒﯿﺔ ﻟﻤﻄﺎﻟﺐ‬
‫اﻟﺠﻤﮭﻮر اﻟﮭﺎﺋﺞ اﻟﻤﺘﺤﻔﺰ أﺻﻼً ﻟﺴﺤﻖ اﻵﺧﺮ ﺑﻐﺮض ﺗﺤﻘﯿﻖ اﺳﺘﻌﻼء أﯾﺪﯾﻮﻟﻮﺟﻲ‬
‫ﻣﮭﻤﺎ ﻋﺎد ذﻟﻚ ﺑﺮھﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺤﺎورﯾﻦ واﻟﻤﺴﺘﻤﻌﯿﻦ ﺟﻤﯿﻌﺎً‪.‬‬
‫ﯾﻘﺪم ﺑﯿﻜﺮ ﻓﻲ دراﺳﺘﮫ ﻗﺮاءة ﺳﺮﯾﻌﺔ ﻟﻈﺎھﺮة اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﻤﺴﯿﺤﯿﺔ واﻟﻌﻘﯿﺪة‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ‪ ،‬وھﻨﺎ أﺳﻤﺢ ﻟﻨﻔﺴﻲ أن أﺳﺘﺒﻖ اﻷﻣﻮر إذ ﺳﯿﺒﺪو ذﻟﻚ ﻣﺤﻞ ﺟﺪل ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻣﺸﺘﺮك‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺟﻮﻟﺔ ﺳﺮﯾﻌﺔ ﻓﻲ ﻧﺼﻮص اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺰﯾﺰ‬
‫ﺳﺘﺠﻌﻠﻚ ﺗﺪرك أن ﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻨﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺘﺮك ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﮭﺞ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‬
‫واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺗﺮد ﺻﯿﻐﺔ‪ :‬ﻣﺼﺪﻗﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ أرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة‪ ،‬وواﺿﺢ أن‬
‫ﺗﻜﺮار ھﺬا اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﯾﺘﺼﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺎﻟﻤﻘﺼﺪ اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻟﮭﺎدف إﻟﻰ ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﻤﺸﺘﺮك‪،‬‬
‫وﻣﻊ أن ھﺬه اﻟﺼﯿﻐﺔ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن أﺛﺮھﺎ ظﻞ‬
‫ﯾﺘﺨﺎﻓﺖ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺎ ً ﻓﻲ ﺣﻤﻰ اﻹرادات اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺎب‬
‫اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي ﺻﯿﻐﺔ‪ :‬ﻧﺎﺳﺨﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬أو ﻧﺎﺳﻔﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬أو ﻣﺒﻄﻼً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪،‬‬
‫أو ﻣﻠﻐﯿﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬إﻟﻰ آﺧﺮ ﻣﺎ ھﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﯿﻎ أﻧﺎﻧﯿﺔ ﻻ ﺗﺘﻔﻖ وﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﻘﺮآن ﻛﻤﺎ‬
‫أوﺿﺤﺘﮫ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﺒﻠﯿﻎ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ :‬ﻣﺜﻠﻲ وﻣﺜﻞ اﻟﻨﺒﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ‬
‫ﻛﻤﺜﻞ رﺟﻞ ﺑﻨﻰ دارا ً ﻓﺄﻛﻤﻠﮭﺎ وأﺟﻤﻠﮭﺎ إﻻ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺔ ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﻨﺎس إذا ﻣﺮوا ﺑﮭﺎ‬
‫ﯾﻘﻮﻟﻮن‪ :‬ﻣﺎ أﺣﺴﻦ ھﺬه اﻟﺪار ﻟﻮﻻ ﻣﻮﺿﻊ ھﺬه اﻟﻠﺒﻨﺔ ﻓﻜﻨﺖ أﺗﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺒﻨﺔ وأﻧﺎ ﺧﺎﺗﻢ‬
‫اﻟﻨﺒﯿﯿﻦ !! وھﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﺗﻮاﺿﻊ راﺋﻊ‪ ،‬ﯾﺠﻌﻠﻚ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺘﻜﺎﻣﻞ ﺳﻌﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ ،‬وﺗﺪرك أن‬
‫اﻹﺳﻼم ﯾﻌﺘﺮف ﺑﺜﻘﺎﻓﺔ اﻵﺧﺮ وﯾﺆﻣﻦ ﺑﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ أﻧﺎ اﻟﺒﻨﺎء ﻛﻠﮫ وإﻧﻤﺎ‬
‫ﻗﺎل أﻧﺎ ﻟﺒﻨﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﻨﺎء !!‪.‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﯾﺔ رأى اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ أن ﯾﺘﻮﺟﮫ ﺑﻘﺒﻠﺘﮫ إﻟﻰ ﻗﺒﻠﺔ أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻧﻈﺮا ً ﻟﻠﻤﺸﺘﺮك‬
‫اﻟﺬي ﯾﺒﺪو ﺑﺸﻜﻞ ظﺎھﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﺪﯾﺎﻧﺘﯿﻦ ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أﺛﺎر ﻗﻮﻣﮫ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻨﯿﯿﻦ‬
‫وﻟﻜﻨﮫ اﺳﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻋﻤﺮ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﻟﻮﻻ أن أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﮭﻤﻮا‬
‫ذﻟﻚ ﺧﻄﺄ ‪ ،‬ﺣﯿﻦ ﺗﺤﺪﺛﻮا ﻋﻦ ﻗﺼﻮر ﻓﻲ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ وﺣﺎﺟﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ‬
‫ظﮭﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺳﻜﮭﻢ ﻟﺒﻘﻲ اﻷﻣﺮ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻟﺘﺸﺮﯾﻌﯿﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻤﺖ اﻟﻨﻌﻤﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﺘﺤﻮل اﻟﻘﺒﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ‪.‬‬
‫ﯾﻜﺸﻒ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺪﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﻀﺎدة ﻟﻺﺳﻼم ﻓﯿﻘﻮل ‪:‬ﻟﻘﺪ ﺗﻠﻘﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﯾﻜﺮس ﻟﻜﺮاھﯿﺔ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻧﻜﺎر‬ ‫ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﺪرس ﻓﻲ أﻣﺮﯾﻜﺎ أن اﻹﺳﻼم ّ‬
‫ﺻﻠﺐ اﻟﻤﺴﯿﺢ ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاھﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﻔﻜﺮ أﺣﺪ ﺑﺘﺠﺎوزه ﻣﻊ أن‬
‫اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﺒﺴﯿﻂ ﯾﻜﺸﻒ ﻟﻚ أن إﻧﻜﺎر ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺼﻠﺐ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ أﺑﺪا ً ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﻜﺮاھﯿﺔ أو‬
‫اﻟﺘﺨﺎﻟﻒ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺪاﻓﻊ زﯾﺎدة اﻻﺣﺘﺮام ﻟﻠﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم‪ ،‬واﻻﻋﺘﻘﺎد‬
‫ﺑﻌﺼﻤﺔ اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﮫ وﻣﻌﻮﻧﺘﮫ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﻤﺴﮫ اﻟﺴﻮء‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﯾﺘﺠﮫ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻹﺟﺮاء ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم واﻟﺰﻛﺎة ﻓﻲ وﻋﻲ ﻛﻞ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺪﯾﺎﻧﺘﯿﻦ وﯾﻈﮭﺮ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﮭﺠﯿﻦ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﯿﯿﻦ ‪ ،‬ودور اﻟﻌﺒﺎدة‬
‫اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻓﻲ دﻓﻊ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﻮرد ﺳﯿﺎﻗﺎ ً ﻣﺘﺠﺎورا ً ﻟﻠﻨﺺ اﻟﻤﻘﺪس‬
‫ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن واﻹﻧﺠﯿﻞ ‪ ،‬ﻣﺸﯿﺮا ً إﻟﻰ اﻟﻤﻮاﺿﻊ اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﯿﮭﺎ اﻵﯾﺎت‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺘﯿﻦ‪.‬‬
‫وﯾﻌﻘﺪ ﺑﯿﻜﺮ ﻓﺼﻼً ﺧﺎﺻﺎ ً ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﯾﺴﺘﻌﺮض اﻟﺸﺒﮫ اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺎر‬
‫ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻋﻦ اﺿﻄﮭﺎد اﻟﻤﺮأة ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﯾﻘﺪم اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺘﻀﺎﻓﺮة ﻋﻠﻰ أن اﻹﺳﻼم‬
‫أطﻠﻖ اﻟﻤﺮأة ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻟﻢ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ وﻣﻨﺤﮭﺎ أﻋﻈﻢ أﻧﻮاع اﻟﺤﺮﯾﺎت ‪ ،‬وﯾﺴﺘﺪل ﻟﺬﻟﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻜﺒﯿﺮة ﻟﻠﻤﺮأة ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ‪ ،‬ﺛﻢ ﯾﺴﺘﻌﺮض ﻣﺴﺎﻟﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ‬
‫ﺧﺎص ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان اﻹﺳﻼم واﻟﺠﮭﺎد ﻓﯿﺘﻨﺎول اﻟﮭﺠﻮم اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﺎس أﻧﮫ دﯾﻦ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺴﯿﻒ وﯾﻘﺪم اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺠﮭﺎد ﻣﺎ ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫إﻻ اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي ﺗﻘﺮه ﺷﺮاﺋﻊ اﻷرض ﻛﺎﻓﺔ ‪ ،‬وﯾﺒﯿﻦ أن ﺧﻄﺎب اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺬي‬
‫ﯾﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎرع اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﺎ ھﻮ إﻻ ﻧﺘﯿﺠﺔ طﺒﯿﻌﯿﺔ ﻟﻠﻘﮭﺮ واﻟﻐﺮور اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺬي‬
‫ﯾﻤﺎرﺳﮫ اﻟﻐﺮب ﻛﻞ ﯾﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد اﻟﻨﺎﻣﯿﺔ واﻟﻀﻌﯿﻔﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧﯿﺮ ﯾﺘﺤﺪث ﺑﯿﻜﺮ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻐﺮب واﻹﺳﻼم ‪ ،‬وﯾﻜﺸﻒ‬
‫اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ اﻟﺘﻀﻠﯿﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﯾﻤﺎرس ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻟﯿﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ‬
‫ﺣﯿﻦ ﯾﺼﻮرون ﻋﻠﻰ أﻧﮭﻢ ﻣﺤﺾ ﻣﮭﺎﺟﺮﯾﻦ ﺷﺎردﯾﻦ أو ﻻﺟﺌﯿﻦ ﺳﯿﺎﺳﯿﯿﻦ ﻟﯿﻘﺪم اﻷدﻟﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ أن اﻟﻮﺟﻮد اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب أﺻﺒﺢ اﻟﯿﻮم ﺟﺰءا ً ﻣﻦ اﻟﻨﺴﯿﺞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﻠﺤﯿﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪ ،‬وﯾﺤﺪﺛﻚ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ أﻣﺮﯾﻜﺎ ھﺬه اﻟﻤﺮة ﺑﻠﺴﺎن اﻟﺮﺋﯿﺲ‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﯿﻞ ﻛﻠﯿﻨﺘﻮن اﻟﺬي ﺗﺤﺪث ﻓﻲ ﯾﻮم ﻋﯿﺪ اﻟﻔﻄﺮ ‪1419‬ھﺠﺮي ﺧﻼل‬
‫ﺣﻔﻞ ﺧﺎص أﻗﺎﻣﮫ ﻟﻠﺠﺎﻟﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﻗﺎﺋﻼً ‪ :‬ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن‬
‫اﻹﺳﻼم ھﻮ أﺳﺮع اﻷدﯾﺎن ﻧﻤﻮا ً ﻓﻲ أﻣﺮﯾﻜﺎ‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬إن ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة ﻣﺪﻋﺎة ﺳﺮور‬
‫ﻟﻠﺤﻜﻤﺎء‪ ،‬إذ ﯾﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻗﺮر ھﻨﺎ أن اﻷﺣﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﯾﺴﻜﻨﮭﺎ ﻣﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﺗﺼﺒﺢ‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮة أﻧﻈﻒ اﻷﺣﯿﺎء ﻣﻦ اﻟﻜﺤﻮل واﻟﻤﺨﺪرات واﻟﻌﻨﻒ واﻟﺠﻨﺲ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﮫ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ‬
‫ﺣﯿﺎة اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺘﺤﻀﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻈﺎﻓﺔ واﻟﻄﮭﺎرة‪.‬‬
‫إن ﻣﻨﻄﻖ ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻟﺬي ﯾﻄﺮﺣﮫ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻣﺆھﻞ أن ﯾﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮا ً ﻓﻲ ﻛﻞ‬
‫ﺧﻄﺎب ﺗﺤﺎوري وﯾﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻤﺎس إرھﺎﺻﺎﺗﮫ ﻓﻲ ﻣﻨﮭﺞ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن‬
‫ﯾﻄﺮح ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺨﺼﻮﺻﯿﺎت اﻵﺧﺮ ‪ :‬ﻗﻞ ﯾﺎ أھﻞ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺳﻮاء ﺑﯿﻨﻨﺎ وﺑﯿﻨﻜﻢ أﻻ ﻧﻌﺒﺪ إﻻ اﻟﻠﮫ وﻻ ﻧﺸﺮك ﺑﮫ ﺷﯿﺌﺎ ً وﻻ‬
‫ﯾﺘﺨﺬ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎ ً أرﺑﺎﺑﺎ ً ﻣﻦ دون اﻟﻠﮫ ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ ‪ :‬وﻗﻞ آﻣﻨﺖ ﺑﻤﺎ اﻧﺰل اﻟﻠﮫ ﻣﻦ‬
‫ﻛﺘﺎب ‪ ،‬وأﻣﺮت ﻷﻋﺪل ﺑﯿﻨﻜﻢ اﻟﻠﮫ رﺑﻨﺎ ورﺑﻜﻢ ﻟﻨﺎ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ وﻟﻜﻢ أﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻻ ﺣﺠﺔ ﺑﯿﻨﻨﺎ‬
‫وﺑﯿﻨﻜﻢ اﻟﻠﮫ ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﻨﺎ وإﻟﯿﮫ اﻟﻤﺼﯿﺮ ‪.‬‬

‫ﺟﻴﺮان ﻓﻲ ﻣﺤﻤﺪ واﻟﻤﺴﻴﺢ‬

‫إن اﻟﺼﯿﻎ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ﺗﻄﺮح ﻣﺒﺪأ ﻧﺴﺦ اﻟﺪﯾﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬وإﺑﻄﺎل ﺣﻜﻤﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ ﺑﺤﻜﻤﺔ اﻟﻼﺣﻘﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻨﻤﻂ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻻ ﯾﺸﺒﮫ‬
 ‫ﺼﺪِّﻗﺎ ً ِﻟّ َﻤﺎ ﺑَﯿْﻦَ ﯾَﺪَ ْﯾ ِﮫ() ‪ (1‬ﻓﻲ‬ ‫ﻓﻲ ﺷﻲء اﻟﻤﻨﮭﺞ اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻟﺬي ﺗﻜﺮر ﻓﯿﮫ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ُ ) :‬ﻣ َ‬
‫أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻮﺿﻌﺎً‪ ،‬واﻟﺬي ﯾﺸﯿﺮ إﻟﻰ إﺧﺎء اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻓﻲ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻮاﺿﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻨـﺰﯾﻞ‬
‫اﻟﻌﺰﯾﺰ‪:‬‬
‫ﯿﻢ‬‫ﻮح َواﻟﻨﱠﺒِ ِﯿّﯿﻦَ ِﻣﻦ ﺑَ ْﻌ ِﺪ ِه َوأ َ ْو َﺣ ْﯿﻨَﺎ إِﻟَﻰ إِﺑ َْﺮا ِھ َ‬ ‫)إِﻧﱠﺎ أ َ ْو َﺣ ْﯿﻨَﺎ إِﻟَﯿ َْﻚ َﻛ َﻤﺎ أ َ ْو َﺣ ْﯿﻨَﺎ إِﻟَﻰ ﻧُ ٍ‬
‫ﺳﻠَ ْﯿ َﻤﺎنَ‬
‫َﺎرونَ َو ُ‬ ‫ﺲ َوھ ُ‬ ‫ﱡﻮب َوﯾُﻮﻧُ َ‬ ‫ﺴﻰ َوأَﯾ َ‬ ‫ﻮب َواﻷ َ ْﺳﺒَﺎط َو ِﻋﯿ َ‬ ‫َو ِإ ْﺳ َﻤﺎ ِﻋﯿ َﻞ َو ِإ ْﺳ َﺤﺎقَ َوﯾَ ْﻌﻘُ َ‬
‫ﻋﻠَﯿ َْﻚ‬ ‫ﺼ ُﮭ ْﻢ َ‬‫ﺼ ْ‬ ‫ﺳﻼً ﻟﱠ ْﻢ ﻧَ ْﻘ ُ‬‫ﻋﻠَﯿ َْﻚ ِﻣﻦ ﻗَ ْﺒ ُﻞ َو ُر ُ‬ ‫ﺼﻨَﺎ ُھ ْﻢ َ‬ ‫ﺼ ْ‬ ‫ﺳﻼً ﻗَ ْﺪ ﻗَ َ‬
‫َوآﺗ َ ْﯿﻨَﺎ دَاودَ زَ ﺑُﻮرا ً & َو ُر ُ‬
‫ﺳﻰ ﺗ َ ْﻜ ِﻠﯿﻤﺎ ً( ]اﻟﻨﺴﺎء‪[164-163 :‬‬ ‫َو َﻛﻠﱠ َﻢ اﻟﻠﮫُ ُﻣﻮ َ‬
‫ﯿﻢ‬
‫ﺻ ْﯿﻨَﺎ ِﺑ ِﮫ ِإﺑ َْﺮا ِھ َ‬ ‫ﺻﻰ ِﺑ ِﮫ ﻧُﻮﺣﺎ ً َواﻟﱠﺬِي أ َ ْو َﺣ ْﯿﻨَﺎ ِإﻟَﯿ َْﻚ َو َﻣﺎ َو ﱠ‬ ‫ِﯾﻦ َﻣﺎ َو ﱠ‬ ‫ع ﻟَ ُﻜﻢ ﻣﻦَ اﻟﺪّ ِ‬ ‫)ﺷ ََﺮ َ‬
‫ﻋﻠَﻰ ْاﻟ ُﻤ ْﺸ ِﺮﻛِﯿﻦَ َﻣﺎ ﺗ َ ْﺪ ُ‬
‫ﻋﻮ ُھ ْﻢ إِﻟَ ْﯿ ِﮫ‬ ‫ﺴﻰ أ َ ْن أَﻗِﯿ ُﻤﻮا اﻟﺪِّﯾﻦَ َوﻻ ﺗَﺘَﻔَ ﱠﺮﻗُﻮا ﻓِﯿ ِﮫ َﻛﺒ َُﺮ َ‬ ‫ﺳﻰ َو ِﻋﯿ َ‬ ‫َو ُﻣﻮ َ‬
‫ﯿﺐ( ]اﻟﺸﻮرى‪[13 :‬‬ ‫اﻟﻠﮫُ ﯾَ ْﺠﺘ َ ِﺒﻲ ِإﻟَ ْﯿ ِﮫ َﻣﻦ ﯾَﺸَﺎء َوﯾَ ْﮭﺪِي ِإﻟَ ْﯿ ِﮫ َﻣﻦ ﯾُ ِﻨ ُ‬
‫ﺼﺪِّﻗﺎ ً ِﻟّ َﻤﺎ ﺑَﯿْﻦَ ﯾَﺪَ ْﯾ ِﮫ‬
‫ﻖ ُﻣ َ‬ ‫ﺎب ِﺑ ْﺎﻟ َﺤ ّ ِ‬
‫وھﻨﺎ ﯾﺘﻌﯿﻦ اﻟﻘﻮل إن ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪َ ) :‬وأَﻧﺰَ ْﻟﻨَﺎ ِإﻟَﯿ َْﻚ ْاﻟ ِﻜﺘ َ َ‬
‫ﻋﻠَ ْﯿ ِﮫ( ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪ [48 :‬إﻧﻤﺎ ﯾﺮاد ﺑﮫ أﻧﮫ ﺟﺎء ُﻣﺘﻤﻤﺎ ً وﻣﻜﻤﻼً وﻟﯿﺲ‬ ‫ب َو ُﻣ َﮭﯿ ِْﻤﻨﺎ ً َ‬‫ِﻣﻦَ ْاﻟ ِﻜﺘَﺎ ِ‬
‫ﻧﺎﺳﻔﺎ ً أو ﻣﻠﻐﯿﺎ ً أو ﻣﺒﻄﻼً‪.‬‬
‫ﺎءك ﻓِﻲ ھَـ ِﺬ ِه ْاﻟ َﺤ ﱡﻖ‬ ‫ﺳ ِﻞ َﻣﺎ ﻧُﺜَﺒِّﺖُ ﺑِ ِﮫ ﻓُ َﺆادَ َك َو َﺟ َ‬ ‫ﻋﻠَﯿ َْﻚ ِﻣ ْﻦ أَﻧﺒَﺎء ﱡ‬
‫اﻟﺮ ُ‬ ‫ﺺ َ‬ ‫) َو ُﻛـﻼ� ﻧﱠﻘُ ﱡ‬
‫ﻈﺔٌ َو ِذ ْﻛ َﺮى ِﻟ ْﻠ ُﻤﺆْ ِﻣﻨِﯿﻦَ ( ]ھﻮد‪[120 :‬‬ ‫َو َﻣ ْﻮ ِﻋ َ‬
‫واﻵﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أن ﯾﺤﺼﯿﮭﺎ اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﮭﺬه‪ ،‬وﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻮم أن ﻋﻘﯿﺪة اﻹﺳﻼم ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺴﺔ أرﻛﺎن )اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻠﮫ وﻣﻼﺋﻜﺘﮫ وﻛﺘﺒﮫ‬
‫ورﺳﻠﮫ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ(‪ ،‬وﻻ ﺷﻚ أﻧﻚ ﺗﺮى أن رﻛﻨﯿﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻹﯾﻤﺎن ﯾﺘﻮﻗﻔﺎن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺎﻵﺧﺮ )اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻨﺒﯿﯿﻦ( وﻗﺪ أﺟﻤﻌﺖ اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ إﺟﻤﺎﻋﺎ ً‬
‫ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ﻟﮫ ﻣﺨﺎﻟﻒ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﺬي ﯾﻨﺸﺐ ھﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﺆال ﺑﺮيء‪ :‬ﻣﺎ ھﻲ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ وﺟﻮب‬
‫اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء اﻟﻜﺮام وﻛﺘﺒﮭﻢ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ؟!‪..‬‬
‫إن اﻟﺠﻮاب اﻟﺒﺪھﻲ ھﻨﺎ ھﻮ أﻧﮭﺎ إرادة اﻟﻠﮫ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺗﻮاﺻﻞ اﻷﻧﺒﯿﺎء وﺗﻜﺎﻣﻞ‬
‫رﺳﺎﻻﺗﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﺳﯿﺒﺪو ھﺬا اﻟﺠﻮاب ﺑﻐﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﺘﺸﻒ أن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬
‫اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﻤﺴﯿﺤﻲ ﺗﺘﺠﮫ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻨﺒﻮة ﻣﺤﻤﺪ ‪ ε‬ﻓﯿﻤﺎ ﺗﺘﺠﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ اﻹﺳﻼﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻘﻮل ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻹﺳﻼم ﻟﻠﺸﺮاﺋﻊ اﻷوﻟﻰ وھﯿﻤﻨﺘﮫ ھﯿﻤﻨﺔ ﻧﺴﺦ‬
‫وإﺑﻄﺎل‪ ،‬وھﻮ ﻗﻮل ﯾﺘﺒﻌﮫ ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻐﺎء ﻛﻞ ﺗﺮاث اﻷﻧﺒﯿﺎء!!‪..‬‬
‫وھﻜﺬا ﻓﺈن اﻟﺠﻮاب اﻟﺒﺪھﻲ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﺒﺮيء ﯾﺒﺪو ﻣﻨﻔﺼﻤﺎ ً أﺷﺪ اﻻﻧﻔﺼﺎم ﻣﻊ‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي اﺧﺘﺎر اﻟﺘﻮﺟﯿﮫ اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي أن ﯾﺤﻤﻠﻚ ﻋﻠﯿﮫ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻄﻠﻮب أن ﻧﻮاﺟﮫ أﺗﺒﺎﻋﮭﻢ ﺑﺎﻟﻜﺮاھﯿﺔ؟‬
‫وﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻄﻠﻮب أن ﻧﺘﻠﻒ أﻗﻼﻣﻨﺎ وﻧﺒﺢ أﺻﻮاﺗﻨﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺗﺤﺮﯾﻔﮭﺎ وﺗﺒﺪﯾﻠﮭﺎ وﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ وﺗﺒﯿﺎن ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت؟!‪..‬‬

‫)‪ (1‬ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮاﻗﻊ‪ :‬اﻟﺒﻘﺮة‪ ،97/‬واﻟﻤﺎﺋﺪة‪.47-46/‬‬

‫إن إدراج رﻛﻨﻲ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء واﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ ﯾﺒﺪو ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ إن ﻧﺤﻦ‬
‫ﻣﻀﯿﻨﺎ ﻓﻲ اﻹﻣﻌﺎن ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺿﯿﺎع ﺷﺮاﺋﻌﮭﻢ‪ ،‬واﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺑﯿﻨﻨﺎ‬
‫وﺑﯿﻨﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﻔﺘﻨﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ إﺷﺎرة ﻋﺎﺑﺮة إﻟﯿﮭﻢ إذ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﺣﯿﻨﺌﺬ أن‬
‫ﻧﻌﻠﻢ أن ﺧﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺷﺨﺼﺎ ً ﻋﺎﺷﻮا ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﺑﺸﺮوا‬
‫ﺑﺎﻹﯾﻤﺎن ورﺣﻠﻮا إﻟﻰ اﻟﻠﮫ‪ ،‬وھﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺘﺤﻘﻖ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻓﻲ ﻋﺸﺮات اﻷﻟﻮف ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺼﻠﺤﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ھﻮ اﻟﻤﺒﺮر ﻟﺠﻌﻞ ھﺬه اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ رﻛﻨﺎ ً ﺣﺎﺳﻤﺎ ً ﻣﻦ أرﻛﺎن‬
‫اﻹﯾﻤﺎن؟‪..‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﻨﺒﻮة ﻋﯿﺴﻰ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻄﻠﻮب أن ﻧﻜﻔﺮ ﺑﻜﻞ ﺗﺮاﺛﮫ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪ ،‬وأن‬
‫ﻧﺘﺒﺎدل ﺻﯿﻎ اﻻﺗﮭﺎم واﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ﻣﻊ أﺗﺒﺎﻋﮫ إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﺪھﺮ؟!‪..‬‬
‫وأي ﻏﺮور ﺑﺎﻟﻠﮫ أﺷﺪ ﻣﻦ أن ﺗﺘﺼﻮر أن ﺑﯿﺪك ﻣﻔﺎﺗﯿﺢ اﻟﺠﻨﺔ واﻟﻨﺎر‪ ،‬وأﻧﻚ ﺗﻤﻠﻚ‬
‫اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺟﺰﻣﺎ ً ﺑﺄھﻞ ﻛﻞ ﺳﺒﯿﻞ‪ ،‬ﻣﻊ أﻧﻨﺎ ﻧﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻛﺘﺎب ﻣﻘﺪس ﯾﻘﻮل‪) :‬ﻗُ ِﻞ اﻟﻠﱠ ُﮭ ﱠﻢ ﻓَ ِ‬
‫ﺎط َﺮ‬
‫ِك ﻓِﻲ َﻣﺎ َﻛﺎﻧُﻮا ﻓِﯿ ِﮫ‬ ‫ﺸ َﮭﺎدَةِ أ َ َ‬
‫ﻧﺖ ﺗ َ ْﺤ ُﻜ ُﻢ ﺑَﯿْﻦَ ِﻋﺒَﺎد َ‬ ‫ﻋﺎ ِﻟ َﻢ ْاﻟﻐَ ْﯿ ِ‬
‫ﺐ َواﻟ ﱠ‬ ‫ض َ‬‫ت َواﻷ َ ْر ِ‬‫ﺴ َﻤ َﺎوا ِ‬
‫اﻟ ﱠ‬
‫ﯾَ ْﺨﺘ َ ِﻠﻔُﻮنَ ( ]اﻟﺰﻣﺮ‪[46 :‬‬
‫وﻧﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﻧﺒﻲ ﻛﺮﯾﻢ ﺻﺮح ﻣﺮارا ً ﺑﻘﻮﻟﮫ‪) :‬واﻟﻠﮫ ﻣﺎ أدري وأﻧﺎ رﺳﻮل اﻟﻠﮫ ﻣﺎﯾﻔﻌﻞ‬
‫ﺑﻲ!!‪(2 )(..‬‬
‫إﻧﮭﺎ ﻣﺄﺳﺎة ﻣﺮة أن ﯾﺘﻮرط اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ "اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص" واﺣﺘﻜﺎر‬
‫اﻟﺨﻼص ھﺬا ﻣﺮض ﯾﺬﻛﯿﮫ اﻟﺘﻌﺼﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن‪ ،‬وﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻲ أن ﻋﺎﻟﺠﺖ ھﺬه‬
‫اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬وﻟﺴﺖ أدري إن ﻛﺎن ﯾﺤﻖ ﻟﻲ أن أدّﻋﻲ أﻧﻨﻲ‬
‫ﺳﺒﻘﺖ إﻟﻰ اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ "اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص" ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ‬
‫اﻻﻧﻜﻠﯿﺰﯾﺔ أﯾﻀﺎ ً )‪ (The Monopoly Of Salvation‬وذﻟﻚ ﺧﻼل ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻲ‬
‫اﻟﺘﻲ أﻟﻘﯿﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﻠﺴﻨﻜﻲ ﺑﻔﻨﻠﻨﺪا ﺷﺘﺎء ‪1998‬م ﺑﺪﻋﻮة ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ؟ أﻟﯿﺴﺖ اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺤﯿﺔ ﻗﺪ اﻋﺘﺎدت أن ﺗﻐﺘﻨﻲ ﻛﻞ ﯾﻮم‬
‫ﺑﺎﻟﺠﺪﯾﺪ واﻟﻤﻔﯿﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻧﻀﺎرﺗﮭﺎ وﺣﯿﻮﯾﺘﮭﺎ؟‬
‫إن اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﯾﺎ ﺳﯿﺪي ﻟﯿﺴﺖ ﻧـﺰاﻋﺎ ً ﻟﻐﻮﯾﺎً‪ ،‬ﺗﻘﺒﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻜﻠﻤﺔ أوﺗﺮد إﻧﮫ ﺗﺤﺮﯾﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ‬
‫ﻷﺧﻄﺮ ﻣﺮض ﺗﺴﻠﻞ إﻟﻰ أدﺑﯿﺎت اﻷدﯾﺎن ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وﺣﻮل ﺟﮭﺎد رﺟﺎﻟﮭﺎ اﻟﺬي‬
‫ﯾﻔﺘﺮض ﻓﯿﮫ اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ واﻟﺘﻌﺎون إﻟﻰ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻣﺤﻤﻮم ﯾﺘﻌﺒﺪ ﻓﯿﮫ دﻋﺎة ﻛﻞ دﯾﻦ ﺑﻨﺴﻒ إﯾﻤﺎن‬
‫اﻵﺧﺮﯾﻦ‪.‬‬
‫ﻓﮭﻞ ھﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻗﺪر ﻻزم ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﺳﺒﯿﻞ ﻟﻠﺨﻼص ﻣﻨﮫ إﻻ ﻋﺒﺮ ﺑﻮاﺑﺔ واﺣﺪة ﯾﻘﺪرھﺎ‬
‫اﺗﺒﺎع ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺳﮭﻢ؟!‬
‫إن ﺧﻄﺎﺑﺎ ً واﺿﺤﺎ ً ﻗﺪﻣﮫ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ﯾﻜﺸﻒ ﻋﻦ رﻓﺾ ﺗﺎم ﻟﻔﻜﺮة "اﺣﺘﻜﺎر‬
‫اﻟﺨﻼص" وھﻮ ﻗﻮﻟﮫ‪) :‬ﻣﺜﻠﻲ وﻣﺜﻞ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻲ ﻛﻤﺜﻞ رﺟﻞ ﺑﻨﻰ دارا ً ﻓﺄﺣﺴﻨﮭﺎ‬

‫)‪ (1‬ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻛﺘﺎب اﻟﺠﻨﺎﺋﺰ )‪.(1186‬‬

‫وأﺟﻤﻠﮭﺎ إﻻ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﻨﺎس إذا ﻣﺮوا ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺪار ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺎ أﺣﺴﻦ ھﺬه اﻟﺪار‬
‫ﻟﻮﻻ ﻣﻮﺿﻊ ھﺬه اﻟﻠﺒﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻨﺖ أﻧﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺒﻨﺔ‪ ،‬وأﻧﺎ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﻨﺒﯿﯿﻦ(‪(3 ).‬‬
‫ﺛﻼﺛﺔ أﻣﺮاض ذﻛﺮھﺎ اﻟﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﺑﺘﻠﯿﺖ ﺑﮭﺎ اﻷﻣﻢ اﻷوﻟﻰ وﺳﺮى داؤھﺎ إﻟﻰ ھﺬه‬
‫ﻋﻠَﻰ‬ ‫ﺖ ْاﻟﯿَ ُﮭﻮدُ َ‬ ‫ﺴ ِ‬ ‫ﺎرى ﻟَ ْﯿ َ‬ ‫ﺼ َ‬ ‫ﺖ اﻟﻨﱠ َ‬ ‫َﻲءٍ َوﻗَﺎﻟَ ِ‬‫ﻰﺷ ْ‬ ‫ﻋﻠَ َ‬‫ﺎرى َ‬ ‫ﺼ َ‬‫ﺖ اﻟﻨﱠ َ‬ ‫ﺴ ِ‬ ‫ﺖ ْاﻟﯿَ ُﮭﻮدُ ﻟَ ْﯿ َ‬ ‫اﻷﻣﺔ‪َ ) :‬وﻗَﺎﻟَ ِ‬
‫ﺎب( ]اﻟﺒﻘﺮة‪ [113 :‬وﻗﻠﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا!!‪..‬‬ ‫َﻲءٍ َو ُھ ْﻢ ﯾَﺘْﻠُﻮنَ ْاﻟ ِﻜﺘ َ َ‬
‫ﺷ ْ‬
‫ﺎرى ﺗِ ْﻠ َﻚ أ َ َﻣﺎﻧِﯿﱡ ُﮭ ْﻢ‬ ‫ﺼ َ‬ ‫وﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ آﺧﺮ‪َ ) :‬وﻗَﺎﻟُﻮاْ ﻟَﻦ ﯾَ ْﺪ ُﺧ َﻞ ْاﻟ َﺠﻨﱠﺔَ ِإﻻﱠ َﻣﻦ َﻛﺎنَ ُھﻮدا ً أ َ ْو ﻧَ َ‬
‫ﺻﺎ ِدﻗِﯿﻦَ ( ]اﻟﺒﻘﺮة‪ [110 :‬وﻗﻠﻨﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا!!‪..‬‬ ‫ﻗُ ْﻞ ھَﺎﺗُﻮاْ ﺑ ُْﺮھَﺎﻧَ ُﻜ ْﻢ ِإن ُﻛﻨﺘ ُ ْﻢ َ‬
‫ﺎرى ﻧ َْﺤ ُﻦ أ َ ْﺑﻨَﺎء اﻟﻠّ ِﮫ َوأ َ ِﺣﺒﱠﺎ ُؤهُ ﻗُ ْﻞ ﻓَ ِﻠ َﻢ ﯾُﻌَ ِﺬّﺑُ ُﻜﻢ‬ ‫ﺼ َ‬ ‫ﺖ ْاﻟﯿَ ُﮭﻮدُ َواﻟﻨﱠ َ‬ ‫وﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺛﺎﻟﺚ‪َ ) :‬وﻗَﺎﻟَ ِ‬
‫ﺑِﺬُﻧُﻮﺑِ ُﻜﻢ ﺑَ ْﻞ أَﻧﺘُﻢ ﺑَﺸ ٌَﺮ ِ ّﻣ ﱠﻤ ْﻦ َﺧﻠَﻖَ ( ]اﻟﻤﺎﺋﺪة‪[18 :‬‬
‫وﻗﻠﻨﺎ‪ :‬ﺑﻞ ﻧﺤﻦ أھﻞ اﻟﻠﮫ وأﺣﺒﺎؤه ﯾﺨﻠﺪون ﻓﻲ اﻟﻨﺎر وﻧﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ‪.‬‬
‫إﻧﮭﺎ اﻟﺴﻨﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺄ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪) :‬ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺷﺒﺮا ً ﺑﺸﺒﺮ‬
‫وذراﻋﺎ ً ﺑﺬراع ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺳﻠﻚ أﺣﺪھﻢ ﺣﺠﺮ ﺿﺐ ﻟﺴﻠﻜﺘﻤﻮه(‪.‬‬
‫وﻣﻦ اﻟﻌﺠﯿﺐ أن ﻧﺼﻮص اﻟﻘﺮآن طﺎﻓﺤﺔ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﺪﻻﻻت اﻷﻛﯿﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻲ ﻋﻘﯿﺪة‬
‫ﺼﺪِّﻗﺎ ً ِﻟّ َﻤﺎ ﺑَﯿْﻦَ ﯾَﺪَﯾْﮫ(‪.‬‬ ‫"اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص" ﻛﻤﺎ ﯾﻄﻔﺢ ﺑﮭﺎ اﻹﻧﺠﯿﻞ وھﻮ ﺗﻮﻛﯿﺪ ﻟﻌﻘﯿﺪة ) ُﻣ َ‬
‫ﺎر ُھ ْﻢ ﻓِﯿ َﮭﺎ ﺧَﺎ ِﻟﺪُونَ (‬ ‫ﺎب اﻟﻨﱠ ِ‬ ‫ﺻ َﺤ ُ‬ ‫َﻄﯿﺌَﺘُﮫُ ﻓَﺄ ُ ْوﻟَﺌِ َﻚ أ َ ْ‬
‫ﺖ ِﺑ ِﮫ ﺧ ِ‬ ‫ط ْ‬ ‫ﺳ ِﯿّﺌَﺔً َوأ َ َﺣﺎ َ‬
‫ﺐ َ‬ ‫ﺴ َ‬‫)ﺑَﻠَﻰ َﻣﻦ َﻛ َ‬
‫]اﻟﺒﻘﺮة‪[81 :‬‬
‫)ﺑَﻠَﻰ َﻣ ْﻦ أ َ ْوﻓَﻰ ﺑِﻌَ ْﮭ ِﺪ ِه َواﺗﱠﻘَﻰ ﻓَﺈِ ﱠن اﻟﻠّﮫَ ﯾ ُِﺤﺐﱡ ْاﻟ ُﻤﺘﱠﻘِﯿﻦَ ( ]آل ﻋﻤﺮان‪[76 :‬‬
‫) ﻓَ َﻤﻦ ﯾَ ْﻌ َﻤ ْﻞ ِﻣﺜْﻘَﺎ َل ذَ ﱠر ٍة َﺧﯿْﺮا ً ﯾَ َﺮهُ ‪َ #‬و َﻣﻦ ﯾَ ْﻌ َﻤ ْﻞ ِﻣﺜْﻘَﺎ َل ذَ ﱠر ٍة ﺷ َّﺮا ً ﯾَ َﺮهُ( ]اﻟﺰﻟﺰﻟﺔ‪[8-7 :‬‬
‫واﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ اﻹﻧﺠﯿﻞ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل اﻟﺮﺳﻞ ﯾﻘﻮل ﺑﻄﺮس اﻟﺮﺳﻮل‪ :‬ﻓﻲ ﻛﻞ أﻣﺔ اﻟﺬي‬
‫ﯾﺘﻘﻲ وﯾﺼﻨﻊ اﻟﺒﺮ ﻣﻘﺒﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﻠﮫ‪.‬‬
‫ﺑﻞ إن اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ طﺮﺣﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﮭﻰ اﻟﻮﺿﻮح زﻣﻦ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﯾﻮم ﻗﺎل ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﮫ اﻷﻣﻢ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ :‬ﻟﻦ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ إﻻ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣﻨﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر‬
‫ﻲ ِ أ َ ْھ ِﻞ ْاﻟ ِﻜﺘَﺎ ِ‬
‫ب‬ ‫ﯾﺘﻨـﺰل اﻟﻘﺮآن ﻣﻨﺒﺌﺎ ً ﺑﺒﻄﻼن ھﺬا اﻟﺘﺼﻮر ﺑﻘﻮﻟﮫ‪) :‬ﻟﱠﯿ َ‬
‫ْﺲ ﺑِﺄ َ َﻣﺎﻧِ ِﯿّ ُﻜ ْﻢ َوﻻ أ َ َﻣﺎ ِﻧ ّ‬
‫َﺼﯿﺮا ً ‪َ #‬و َﻣﻦ ﯾَ ْﻌ َﻤ ْﻞ ِﻣﻦَ‬ ‫ُون اﻟﻠّ ِﮫ َو ِﻟﯿّﺎ ً َوﻻَ ﻧ ِ‬ ‫ﺳﻮءا ً ﯾ ُْﺠﺰَ ﺑِ ِﮫ َوﻻَ ﯾَ ِﺠ ْﺪ ﻟَﮫُ ِﻣﻦ د ِ‬ ‫َﻣﻦ ﯾَ ْﻌ َﻤ ْﻞ ُ‬
‫ُﻈﻠَ ُﻤﻮنَ ﻧَ ِﻘﯿﺮا ً ‪#‬‬ ‫ﺎت ِﻣﻦ ذَ َﻛ ٍﺮ أ َ ْو أُﻧﺜَﻰ َو ُھ َﻮ ُﻣﺆْ ِﻣ ٌﻦ ﻓَﺄ ُ ْوﻟَﺌِ َﻚ ﯾَ ْﺪ ُﺧﻠُﻮنَ ْاﻟ َﺠﻨﱠﺔَ َوﻻَ ﯾ ْ‬ ‫ﺼﺎ ِﻟ َﺤ َ‬‫اﻟ ﱠ‬
‫ﯿﻢ َﺣﻨِﯿﻔﺎ ً َواﺗ ﱠ َﺨﺬَ اﻟﻠﮫُّ‬ ‫ﱠ‬
‫ِﻦ واﺗﱠﺒَ َﻊ ِﻣﻠﺔَ ِإﺑ َْﺮا ِھ َ‬ ‫َ‬
‫ﺴ ُﻦ دِﯾﻨﺎ ً ِ ّﻣ ﱠﻤ ْﻦ أ ْﺳﻠَ َﻢ َو ْﺟ َﮭﮫُ ﻟﻠﮫ َو ُھ َﻮ ُﻣ ْﺤﺴ ٌ‬ ‫َ‬
‫َو َﻣ ْﻦ أ ْﺣ َ‬
‫ﯿﻢ َﺧ ِﻠﯿﻼً(]اﻟﻨﺴﺎء‪[125-123 :‬‬ ‫ِإﺑ َْﺮا ِھ َ‬
‫ﯾﺨﯿﻞ إﻟﻲ أﻧﮫ ﻻ داﻋﻲ ﻷدﻧﻰ ﺗﻌﻠﯿﻖ ﺑﻌﺪ إﯾﺮاد ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻵﯾﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻈﮭﻮر‬
‫واﻟﺒﯿﺎن واﺳﺘﯿﻔﺎء اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺰﯾﺪ ﻋﻠﯿﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﯾﻤﻀﻲ اﻹرث‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ ﻣﻦ راﺳﺐ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﯿﺤﻮل ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس وﺑﯿﻦ ﻓﮭﻢ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﻨﺺ‬
‫اﻟﻤﻘﺪس‪.‬‬
‫وأﺟﺪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟﺐ ھﻨﺎ أن أﺷﺮح ﻣﻮﻗﻔﻲ ﻣﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص‪ ،‬وھﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻛﺜﺮ‬
‫اﻟﺠﺪل ﺣﻮﻟﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻘﯿﺖ ﻓﯿﮭﺎ رھﻘﺎ ً ﻛﺜﯿﺮا ً ﻓﺄﻗﻮل‪:‬‬

‫)‪ (1‬أﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﺑﺮﻗﻢ )‪.(2286‬‬

 ‫إن اﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻲ وﻋﺪ اﻟﻤﺘﻘﻮن ﻓﻲ ﺻﺮﯾﺢ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ وﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺳﺪر ﻣﺨﻀﻮد‬
‫وطﻠﺢ ﻣﻨﻀﻮد وﺟﻨﺎت ﺗﺠﺮي ﻣﻦ ﺗﺤﺘﮭﺎ اﻷﻧﮭﺎر ھﻲ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﺻﺢ إﯾﻤﺎﻧﮭﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻠﮫ وﻣﻼﺋﻜﺘﮫ وﻛﺘﺒﮫ ورﺳﻠﮫ وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ‪ ρ‬وﻋﻤﻠﻮا اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت‪ ،‬وﻓﻖ‬
‫ﺻﺎ ِﻟﺤﺎ ً َوﻻَ‬ ‫ﻋ َﻤﻼً َ‬ ‫ﻣﺎ أﺧﺒﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪} :‬ﻓَ َﻤﻦ َﻛﺎنَ ﯾَ ْﺮ ُﺟﻮ ِﻟﻘَﺎء َر ِﺑّ ِﮫ ﻓَ ْﻠﯿَ ْﻌ َﻤ ْﻞ َ‬
‫ﯾُ ْﺸ ِﺮ ْك ﺑِ ِﻌﺒَﺎدَةِ َر ِﺑّ ِﮫ أ َ َﺣﺪا ً{‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻘﺘﻀﻲ ﺿﺮورة أن ﻋﻤﻞ اﻵﺧﺮﯾﻦ زاھﻖ ﺑﺎطﻞ‪ ،‬ﺑﻞ إن اﻟﻠﮫ ﯾﺒﻄﻞ ﻋﻤﻞ‬
‫اﻷﺷﺮار اﻟﻤﺠﺮﻣﯿﻦ اﻟﻤﻔﺴﺪﯾﻦ ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﻓﻖ ﻣﺎ دﻟﺖ ﻋﻠﯿﮫ أدﻟﺔ اﻟﺸﺮع‪َ } :‬وﻗَﺪ ِْﻣﻨَﺎ‬
‫ﻋ َﻤ ٍﻞ ﻓَ َﺠﻌَ ْﻠﻨَﺎهُ َھﺒَﺎء ﱠﻣﻨﺜُﻮرا ً{ وﯾﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﯿﺒﯿﻦ واﻷﺧﯿﺎر ﻣﻦ أي‬ ‫ﻋ ِﻤﻠُﻮا ِﻣ ْﻦ َ‬ ‫ِإﻟَﻰ َﻣﺎ َ‬
‫ب{ وﻓﻖ ظﺎھﺮ‬ ‫ﺴﺎ ِ‬ ‫ﺳ ِﺮﯾ ُﻊ ْاﻟ ِﺤ َ‬ ‫ﻣﻠﺔ أو دﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا‪} :‬أ ُ ْوﻟَﺌِ َﻚ ﻟَ ُﮭ ْﻢ أ َ ْﺟ ُﺮ ُھ ْﻢ ِﻋﻨﺪَ َر ِﺑّ ِﮭ ْﻢ إِ ﱠن اﻟﻠّﮫَ َ‬
‫ت ِﻣﻦ‬ ‫ﻀﺎ ِﻋ ْﻔ َﮭﺎ َوﯾُﺆْ ِ‬ ‫ﺴﻨَﺔً ﯾُ َ‬ ‫ﻈ ِﻠ ُﻢ ِﻣﺜْﻘَﺎ َل ذَ ﱠرةٍ َوإِن ﺗ َﻚُ َﺣ َ‬ ‫ﻧﺺ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻌﺰﯾﺰ }إِ ﱠن اﻟﻠّﮫَ ﻻَ ﯾَ ْ‬
‫ﻋ ِﻈﯿﻤﺎ ً{‪.‬‬ ‫ﻟﱠﺪُ ْﻧﮫُ أ َ ْﺟﺮا ً َ‬
‫وھﺬه اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ إﺣﯿﺎء روح اﻟﻌﺪل ﻓﻲ ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ وﺟﺪت ﺳﺒﯿﻠﮭﺎ ﻟﻠﺘﺤﻘﻖ ﻋﺒﺮ‬
‫ﺳﻨﺔ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ‪ ρ‬وﻓﮭﻤﮫ ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ رﺳﻢ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻣﺤﻤﺪ ‪ ε‬ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻠﺘﮫ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺷﻲ ﻣﻠﻚ اﻟﺤﺒﺸﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ أﻣﺮ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟﻜﺮام ﺑﺎﻟﮭﺠﺮة إﻟﻰ اﻟﺤﺒﺸﺔ ﺣﻔﺎظﺎ ً ﻋﻠﻰ‬
‫دﯾﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﺿﻄﮭﺎد ﻣﺸﺮﻛﻲ ﻗﺮﯾﺶ‪ ،‬وﻗﺎل‪ " :‬ﻟﻮ ذھﺒﺘﻢ إﻟﻰ اﻟﺤﺒﺸﺔ ﻓﺈن ﺑﮭﺎ ﻣﻠﻜﺎ ً ﻻ‬
‫ﯾﻈﻠﻢ ﻋﻨﺪه أﺣﺪ أﺑﺪاً"‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻤﻊ اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ إﻟﻰ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ طﺎﻟﺐ ﻟﻢ ﯾﺨﻠﻊ ﻋﻨﮫ دﯾﻨﮫ وإﻧﻤﺎ أﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ﺛﻨﺎء طﯿﺒﺎ ً وﻗﺎل‪ :‬إن ھﺬا واﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﮫ ﻋﯿﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ ﻟﯿﺨﺮج ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎة‬
‫واﺣﺪة‪.‬‬
‫وﻋﺎش اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻓﻲ ﻛﻨﻔﮫ ﯾﺤﺒﮭﻢ وﯾﺤﺒﻮﻧﮫ‪ ،‬وﯾﻮدھﻢ وﯾﻮدوﻧﮫ‪ ،‬وﺣﯿﻦ أدرﻛﮫ اﻟﻤﻮت‬
‫ﻧﻌﺎه اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ وﻗﺎم ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﮫ ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﺻﻼة اﻟﻐﺎﺋﺐ‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﺮض ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﮭﻢ‪ :‬ﯾﺼﻠﻲ ﻋﻰ ﻋﻠﺞ ﻣﻦ ﻋﻠﻮج اﻟﺮوم‬
‫ﻟﻢ ﯾﺼﻞ ﺻﻼﺗﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ ﻗﺒﻠﺘﻨﺎ‪ ،‬أﻧـﺰل اﻟﻠﮫ ﻗﺮآﻧﺎ ً ﯾﺘﻠﻰ ﻓﯿﮫ ﻗﻮﻟﮫ‪َ ) :‬و ِإ ﱠن ِﻣ ْﻦ أ َ ْھ ِﻞ‬
‫ﻻَ ﯾَ ْﺸﺘ َ ُﺮونَ‬ ‫ﻧﺰ َل ِإﻟَ ْﯿ ُﻜ ْﻢ َو َﻣﺎ أ ُ ِ‬
‫ﻧﺰ َل ِإﻟَ ْﯿ ِﮭ ْﻢ ﺧَﺎ ِﺷﻌِﯿﻦَ ِﻟﻠّ ِﮫ‬ ‫ب ﻟَ َﻤﻦ ﯾُﺆْ ِﻣ ُﻦ ِﺑﺎﻟﻠّ ِﮫ َو َﻣﺎ أ ُ ِ‬ ‫ْاﻟ ِﻜﺘَﺎ ِ‬
‫ب( ]آل ﻋﻤﺮان‪:‬‬ ‫ﺴﺎ ِ‬ ‫ﺳ ِﺮﯾ ُﻊ ْاﻟ ِﺤ َ‬ ‫ت اﻟﻠّ ِﮫ ﺛ َ َﻤﻨﺎ ً ﻗَ ِﻠﯿﻼً أ ُ ْوﻟَ ِﺌ َﻚ ﻟَ ُﮭ ْﻢ أ َ ْﺟ ُﺮ ُھ ْﻢ ِﻋﻨﺪَ َر ِﺑّ ِﮭ ْﻢ إِ ﱠن اﻟﻠّﮫَ َ‬‫ﺑِﺂﯾَﺎ ِ‬
‫‪[199‬‬
‫وھﻲ آﯾﺔ ﺟﻠﯿﺔ واﺿﺤﺔ ﺗﻨﺴﻒ ﻓﻜﺮة "اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص" وﺗﻘﺮر أن ﺑﺎب اﻟﻘﺒﻮل ﻋﻨﺪ‬
‫اﻟﻠﮫ ﻣﻔﺘﻮح ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﺨﯿﺮﯾﻦ واﻟﻄﯿﺒﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺤﺴﻨﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﯿﺎة واﻟﻨﺎس‪..‬‬
‫ﺛﻤﺔ رواﯾﺎت ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻧﻄﻖ اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ وﻟﻜﻨﮫ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻟﻢ ﯾﺼﻞ ﺻﻼﺗﻨﺎ‪،‬‬
‫ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻘﺒﻞ ﻗﺒﻠﺘﻨﺎ وﻟﻢ ﯾﺤﺞ إﻟﻰ اﻟﺒﯿﺖ وﻗﺪ وﺟﺪ إﻟﯿﮫ ﺳﺒﯿﻼً‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﮭﺎﺟﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻣﻊ‬
‫ﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ وﻟﻢ ﯾﺼﻢ ﺻﯿﺎﻣﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺴﺘﺒﺪل ﺑﻄﺎرﻗﺘﮫ ورﺟﺎل دوﻟﺘﮫ ﺑﺼﺤﺎﺑﺔ‬
‫وﻣﮭﺎﺟﺮﯾﻦ وﻟﻢ ﯾﺒﺪل ﻛﻨﺎﺋﺲ ﺑﻼده ﺑﻤﺴﺎﺟﺪ‪ ،‬ﺑﻞ إن اﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ أورد ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮه أن‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﻋﺘﺮﺿﻮا ﻣﺮة أﺧﺮى ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ε‬ﯾﻮم ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ‪:‬‬
 ‫ﯾﺎ رﺳﻮل اﻟﻠﮫ‪ ..‬إﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﺼﻠﻲ ﺗﺠﺎه اﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﻞ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ ﺻﻮب ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس‬
‫ب ﻓَﺄ َ ْﯾﻨَ َﻤﺎ ﺗ ُ َﻮﻟﱡﻮاْ ﻓَﺜ َ ﱠﻢ َو ْﺟﮫُ اﻟﻠّ ِﮫ ِإ ﱠن اﻟﻠّﮫَ َوا ِﺳ ٌﻊ َ‬
‫ﻋ ِﻠﯿ ٌﻢ(‬ ‫ﻓﺄﻧـﺰل اﻟﻠﮫ‪َ ) :‬و ِﻟﻠّ ِﮫ ْاﻟ َﻤ ْﺸ ِﺮ ُق َو ْاﻟ َﻤ ْﻐ ِﺮ ُ‬
‫]اﻟﺒﻘﺮة‪[115 :‬‬
‫ﺳ َﻮاء ِ ّﻣ ْﻦ أ َ ْھ ِﻞ‬ ‫ﺴﻮاْ َ‬ ‫وﻓﻲ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎرﻗﺔ ﻧـﺰل ﻗﻮل اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪) :‬ﻟَ ْﯿ ُ‬
‫ت اﻟﻠّ ِﮫ آﻧَﺎء اﻟﻠﱠ ْﯿ ِﻞ َو ُھ ْﻢ ﯾَ ْﺴ ُﺠﺪُونَ ‪ #‬ﯾُﺆْ ِﻣﻨُﻮنَ ﺑِﺎﻟﻠّ ِﮫ َو ْاﻟﯿَ ْﻮ ِم‬ ‫ب أ ُ ﱠﻣﺔٌ ﻗَﺂﺋِ َﻤﺔٌ ﯾَﺘْﻠُﻮنَ آﯾَﺎ ِ‬ ‫ْاﻟ ِﻜﺘَﺎ ِ‬
‫ت َوأ ُ ْوﻟَﺌِ َﻚ ِﻣﻦَ‬‫ﺎرﻋُﻮنَ ﻓِﻲ ْاﻟ َﺨﯿ َْﺮا ِ‬ ‫ﺴ ِ‬ ‫ﻋ ِﻦ ْاﻟ ُﻤﻨ َﻜ ِﺮ َوﯾُ َ‬ ‫وف َوﯾَ ْﻨ َﮭ ْﻮنَ َ‬‫اﻵﺧ ِﺮ َوﯾَﺄ ْ ُﻣ ُﺮونَ ِﺑ ْﺎﻟ َﻤ ْﻌ ُﺮ ِ‬‫ِ‬
‫ﺼﺎ ِﻟ ِﺤﯿﻦَ ( ]آل ﻋﻤﺮان‪[114-113 :‬‬ ‫اﻟ ﱠ‬
‫وﯾﺰداد اﻷﻣﺮ وﺿﻮﺣﺎ ً وﺗﻮﻛﯿﺪا ً ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺤﺘﺎج ﻷي ﺗﻌﻘﯿﺐ ﻓﻲ اﻵﯾﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة‬
‫ﻋ ِﻠﯿ ٌﻢ ِﺑ ْﺎﻟ ُﻤﺘﱠﻘِﯿﻦَ ( ]آل ﻋﻤﺮان‪[115 :‬‬ ‫) َو َﻣﺎ ﯾَ ْﻔﻌَﻠُﻮاْ ِﻣ ْﻦ َﺧ ْﯿ ٍﺮ ﻓَﻠَﻦ ﯾُ ْﻜﻔَ ُﺮ ْوهُ َواﻟﻠّﮫُ َ‬
‫إن اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺟﻮھﺮ اﻟﻌﻘﯿﺪة اﻟﺤﻖ ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻚ أن ﺳﺎﺋﺮ رﺳﺎﻻت اﻟﺴﻤﺎء ﺟﺎءت ﻟﺘﺆﻛﺪ‬
‫ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ وھﻲ اﻟﺘﻲ أﻛﺪھﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ِ ) :‬إ ﱠن اﻟﱠﺬِﯾﻦَ آ َﻣﻨُﻮاْ َواﻟﱠﺬِﯾﻦَ َھﺎدُواْ‬
‫ﺻﺎ ِﻟﺤﺎ ً ﻓَﻠَ ُﮭ ْﻢ أ َ ْﺟ ُﺮ ُھ ْﻢ ِﻋﻨﺪَ‬ ‫ﻋ ِﻤ َﻞ َ‬‫اﻵﺧ ِﺮ َو َ‬ ‫ﺼﺎﺑِﺌِﯿﻦَ َﻣ ْﻦ آ َﻣﻦَ ﺑِﺎﻟﻠﱠ ِﮫ َو ْاﻟﯿَ ْﻮ ِم ِ‬ ‫ﺎرى َواﻟ ﱠ‬ ‫ﺼ َ‬ ‫َواﻟﻨﱠ َ‬
‫ﻋﻠَ ْﯿ ِﮭ ْﻢ َوﻻَ ُھ ْﻢ ﯾَ ْﺤﺰَ ﻧُﻮنَ ( ]اﻟﺒﻘﺮة‪[62 :‬‬ ‫ف َ‬ ‫َر ِﺑّ ِﮭ ْﻢ َوﻻَ ﺧ َْﻮ ٌ‬
‫ﻓﮭﻞ ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺬات واﻹﻋﺘﺮاف ﺑﺠﺮأة وﯾﻘﯿﻦ أﻧﻨﺎ ﻧﻤﺎرس ﻓﻲ أﺣﯿﺎن‬
‫ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻘﯿﺪة "اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص" وأﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ﺳﻮء ظﻦ ﺑﺎﻟﻠﮫ اﻟﺬي ﻋﺮف ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ‪:‬‬
‫) ْاﻟ َﺤ ْﻤﺪُ ﻟﻠّ ِﮫ َربّ ِ ْاﻟﻌَﺎﻟَ ِﻤﯿﻦَ ( ]اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ‪[1 :‬‬
‫إن ﻓﻜﺮة "اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص" ﻓﻜﺮة ﺧﻄﯿﺮة‪ ،‬وھﻲ ﺳﺒﺐ رﺋﯿﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﻣﺒﺮرات‬
‫اﻟﺤﺮوب اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬إذ ﻣﺎ دام اﻟﻠﮫ اﻟﺮﺣﯿﻢ ﻻ ﯾﺮى ﻓﻲ ھﺬا اﻵﺧﺮ إﻻ )ﺣﻄﺐ‬
‫ﺟﮭﻨﻢ( ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺮﺣﻤﺔ أو اﻟﺮأﻓﺔ ﺑﮭﺬا اﻵﺧﺮ؟‬
‫إن ﻣﺎ ﻧﻘﺮره ھﻨﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻮاﻗﻊ ﯾﺤﻈﻰ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﻘﺎدة اﻟﺪﯾﻨﯿﻦ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻟﻘﺎءات‬
‫اﻟﺤﻮار واﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻹطﺎر اﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮﻟﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﻞ ﺗﻤﻜﻨﺎ ﻣﻦ وﺿﻊ أﯾﺪﯾﻨﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻜﺎﻣﻦ اﻟﺠﺮح اﻟﻐﺎﺋﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻠﻘﺎه اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎھﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﺪرس‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ وھﻲ ﻣﻨﺎھﺞ ﺗﻜﺮس اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﯾﻖ )اﻟﻨﺎﺟﻲ( اﻟﺬي ھﻮ ﻣﻦ‬
‫وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮ ﻛﻞ ﻓﺮﯾﻖ‪ :‬ﻧﺤﻦ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬وﻻ ﺗﺒﺎﻟﻲ ﺑﻌﺪﺋﺬ ﺑﺎﻟﻤﺼﯿﺮ اﻷﺳﻮد اﻟﺬي ﯾﻨﺒﻐﻲ أن‬
‫ﯾﺴﺎق إﻟﯿﮫ اﻵﺧﺮون‪.‬‬
‫إن اﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﯾﺸﻜﻠﻮن اﻟﯿﻮم ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع ﺳﻜﺎن اﻷرض‪ ،‬وھﺬا وﺣﺪه ﯾﻘﺪم‬
‫ﻣﺒﺮرا ً ﻛﺎﻓﯿﺎ ً ﻟﻘﯿﺎم ﺟﺒﮭﺔ ﻣﺤﺒﺔ وﺳﻼم ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﯾﻮﻓﺮ ﺟﺎﻧﺒﺎ ً ﻛﺒﯿﺮا ً‬
‫ﻣﻦ أﺳﺒﺎب ﻧﺠﺎﺣﮭﺎ وﻓﻌﺎﻟﯿﺘﮭﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺒﺪاﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﯾﺮي ھﻲ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﯾﺠﺎﺑﻲ ﻓﻲ طﺒﯿﻌﺔ ھﺬه اﻟﺤﻮارات‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ھﻞ ﻟﺪى أﺗﺒﺎع اﻟﺪﯾﻨﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺲ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻣﺎ ﯾﮭﯿﺊ ﻟﻘﯿﺎم ھﻜﺬا ﺟﺒﮭﺔ؟؟‬
‫وھﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﯾﻘﻮد اﻟﺤﻮار ﻓﻲ اﻟﻼھﻮت إﻟﻰ أي ﺑﺎرﻗﺔ وﻓﺎق؟‬
‫ﺷﮭﺪ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﻨﺼﺮم ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻧﻢ اﻟﺤﻮارات اﻟﺼﺎﺧﺒﺔ ﺑﯿﻦ اﻹﺳﻼم واﻟﻤﺴﯿﺤﯿﺔ‬
‫ﻋﺒﺮ رﺟﺎل ﻣﻨﺎظﺮة ﻣﺤﺘﺮﻓﯿﻦ‪ ،‬واﻛﺒﻮا اﻻﻧﺘﺸﺎر اﻟﻤﺘﺴﺎرع ﻟﻠﻘﻨﻮات اﻟﺘﻠﻔﺰﯾﻮﻧﯿﺔ وراﺟﻮا‬
‫ﯾﻈﮭﺮون ﻣﻮاھﺒﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻮار‪ ،‬واﺷﺘﮭﺮ ھﻨﺎ اﻟﺤﻮار اﻟﺬي ﻧﻈﻤﮫ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ‬
‫ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ دﯾﺪات واﻟﻘﺲ ﺟﯿﻤﻲ ﺳﻮاﺟﺎرت‪ ،‬وﻛﺎن ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻘﺎء‬
‫ھﺎﺋﺠﺎ ً اﻧﺼﺮف ﻓﯿﮫ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺤﺎورﯾﻦ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﺮ ﺧﺼﻤﮫ وﺳﺤﻘﮫ‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺒﺎل ﻛﻞ‬
‫طﺮف ﻓﻲ ﺗﻮﺟﯿﮫ اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ اﻟﻘﺬرة ﻟﻤﻘﺪﺳﺎت اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ‪.‬‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ راج ھﺬا اﻟﺸﺮﯾﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ رواﺟﺎ ً ﻛﺒﯿﺮاً‪ ،‬وطﺒﻌﺖ ﻣﻨﮫ ﻧﺴﺦ ﻛﺜﯿﺮة‬
‫ﻛﻤﺎ ﺗﻢ إﺻﺪاره ﻋﻠﻰ ھﯿﺌﺔ ﻛﺘﺐ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ وروج ﻟﻠﺮﺟﻠﯿﻦ ﻋﻠﻰ طﺮﯾﻘﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻨﺠﻮم‬
‫اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺘﺮﻓﮭﺎ ﺟﯿﺪا ً أﺑﺎطﺮة اﻟﻤﺎل واﻹﻋﻼم‪ ،‬وﻣﻀﻰ اﻹﻋﻼم اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﻌﺪﺋﺬ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺘﺮوﯾﺞ ﻟﻔﻀﺎﺋﺢ أﺧﻼﻗﯿﺔ وﺳﻠﻮﻛﯿﺔ ﻓﻲ ﺳﻌﻲ ﻓﻀﺎﺋﺤﻲ ﻣﺤﻤﻮم آﺧﺮ ﻣﺎ ﯾﺘﺼﻮر ﻣﻨﮫ‬
‫وﺟﮫ اﻟﻠﮫ!‬
‫إﻧﮫ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﻮار ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ‪ ...‬اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻤﻌﺎﻛﺲ‪...‬‬
‫إن ﻣﻨﮭﺞ اﻟﺤﻮار ‪ -‬اﻟﺪﯾﺪاﺗﻲ اﻟﺴﻮاﻏﺎرﺗﻲ ‪ -‬ﯾﻘﻮد إﻟﻰ ﺻﺪام ﯾﻨﺴﻒ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺳﺎﺋﺮ‬
‫ﺧﯿﺎرات اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺳﺎﻟﺘﯿﻦ اﻟﺴﻤﺎوﯾﺘﯿﻦ‪ ،‬وإﻧﻲ آﺳﻒ ھﻨﺎ ﻟﻀﺮب ھﺬا اﻟﻤﺜﺎل‬
‫اﻟﺬي ﻗﺪ ﻻ ﯾﺘﻼءم ﻣﻊ ﻣﺎ أﺑﺘﻐﯿﮫ ھﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪﯾﻢ ﻟﮭﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻮﻓﺎﻗﻲ اﻟﺘﺼﺎﻟﺤﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬
‫ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﺮاﺣﺔ إذا أردت ﻟﻠﺪواء أن ﯾﺒﻠﻎ ﻏﺎﯾﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺸﻔﺎء‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن‬
‫أن ﻧﺪرك أﺧﻄﺎءﻧﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﺘﻨﺒﮫ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺨﻄﺎﯾﺎ واﻷﺧﻄﺎء‪.‬‬

‫ﺟﻴﺮان ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﺷﺮاق‬

‫اﻷوﻣﻮﺗﻮ ‪ Oomoto‬ﺣﺮﻛﺔ روﺣﯿﺔ دﯾﻨﯿﺔ ﯾﺎﺑﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻤﺼﺪر أو اﻟﻨﺒﻊ واﻟﺤﺮف‬

‫اﻷول ‪ o‬ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﺘﻌﻈﯿﻢ واﻟﺘﮭﻮﯾﻞ ﻓﯿﻜﻮن اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻨﺒﻊ اﻟﻌﻈﯿﻢ أو اﻟﻤﺼﺪر‬
‫اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬وھﻲ طﺎﺋﻔﺔ دﯾﻨﯿﺔ أﺳﺴﺘﮭﺎ اﻣﺮأة ﯾﺎﺑﺎﻧﯿﺔ اﺳﻤﮭﺎ ﻧﺎو دﯾﻜﻮﺷﻲ ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘﺮن‬
‫اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ‪ ،‬واﺗﺒﻌﮭﺎ ﺟﻤﮭﻮر ﯾﺎﺑﺎﻧﻲ ﻛﺒﯿﺮ وﻧﺸﻄﺖ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﺧﻠﯿﻔﺘﮭﺎ أوﻧﯿﺴﺎﺑﺎرو‬
‫ﺧﻼل ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ‪ ،‬واﺳﺘﻤﺮت إﻟﻰ اﻟﯿﻮم ﺣﯿﺚ ﯾﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻧﺤﻮ‬
‫ﻣﺎﺋﺔ وﺛﻤﺎﻧﯿﻦ أﻟﻒ ﻣﻦ اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﯿﻦ‪ ،‬وﯾﺘﺮﻛﺰ ﻧﺸﺎطﮭﻢ ﻓﻲ إﻗﻠﯿﻢ ﻛﯿﻮﺗﻮ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺘﻲ ﻛﻮﻣﻮﻛﺎ‬
‫وإﯾﺎﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ أرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﻛﯿﻠﻮﻣﺘﺮ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ طﻮﻛﯿﻮ‪.‬‬
‫وﻗﺪ اﻧﻄﻠﻘﺖ اﻷوﻣﻮﺗﻮ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﺎﻧﺔ اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ اﻟﺸﻨﺘﻮ ﺣﯿﺚ أﻋﻠﻨﺖ ﻧﺎو دﯾﻜﻮﺷﻲ‬
‫دﻋﻮﺗﮭﺎ ﻟﻌﺒﺎدة إﻟﮫ واﺣﺪ اﺳﻤﮫ ﻛﺎﻣﻮ وھﻮ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ‪ ،‬ورﻓﻀﺖ ﺗﻌﺪد‬
‫اﻵﻟﮭﺔ اﻟﺬي اﺷﺘﮭﺮت ﺑﮫ دﯾﺎﻧﺔ اﻟﺸﻨﺘﻮ‪ ،‬ودﻋﺖ إﻟﻰ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ وإﻟﻰ اﻟﺼﻼة‬
 ‫ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻛﻞ ﯾﻮم‪ ،‬واﻟﻮﺿﻮء ﻗﺒﻞ اﻟﺼﻼة‪ ،‬وإﻟﻰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﺑﯿﻦ اﻷدﯾﺎن وﺟﻮاز اﻟﺘﻌﺒﺪ ﺑﺄي‬
‫دﯾﻦ ﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ وﺣﺪاﻧﯿﺔ اﻟﺨﺎﻟﻖ‪.‬‬
‫وﻣﻦ طﺮﯾﻒ ﺗﻘﺎﻟﯿﺪ ھﺬه اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ أن ﻣﺆﺳﺴﮭﺎ اﻣﺮأة‪ ،‬وأن اﻟﺰﻋﯿﻤﺔ اﻟﺮوﺣﯿﺔ ﻟﻠﻄﺎﺋﻔﺔ ﻻ‬
‫ﺗﻜﻮن إﻻ اﻣﺮأة!! واﻟﯿﻮم ﺗﻨﺸﻂ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺗﺤﺖ ﻗﯿﺎدة اﻟﺰﻋﯿﻤﺔ اﻟﺮوﺣﯿﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ اﻟﺴﯿﺪة‬
‫ﻛﻮري ﻧﺎي‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺗﻈﮭﺮ ﺗﻔﮭﻤﺎ ً ﻛﺒﯿﺮا ً ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻻ ﯾﻨﺘﻈﺮ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻜﺮﯾﻢ ھﻨﺎ أن ﻧﻘﺪم ﺗﺤﻠﯿﻼً ﻓﻠﺴﻔﯿﺎ ً ﻟﮭﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ‬
‫وﻣﻮﻗﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻷدﯾﺎن‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﯾﺘﺠﮫ إﻟﯿﮫ ھﺬا اﻟﻤﻘﺎل ھﻮ اﻟﺘﻨﺒﯿﮫ إﻟﻰ‬
‫ﻧﻤﻂ ﻓﺮﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻮار اﻟﺪﯾﻨﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻜﻮن أﺳﺎﺳﺎ ً ﻟﻠﺤﻮار اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺒﻨﺎء ‪.‬‬
‫ﺑﺪأت اﻟﺤﻜﺎﯾﺔ ﯾﻮم ﺟﺎء وﻓﺪ ﻣﻦ زﻋﺎﻣﺎﺗﮭﻢ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ إﻟﻰ دﻣﺸﻖ وأﻗﺎﻣﻮا ﺿﯿﻮﻓﺎ ً ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ ﻛﻔﺘﺎرو ﺧﻼل ﺷﮭﺮ رﻣﻀﺎن ‪ 1991‬وﺷﺎرﻛﻮا اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺤﺎت‬
‫رﻣﻀﺎن وأﺟﻮاء ﻟﯿﻠﺔ اﻟﻘﺪر‪ ،‬واﻧﺘﮭﻰ ﺑﮭﻢ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ أﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ‬
‫إﻻ اﻟﻠﮫ وأﺷﮭﺪ أن ﻣﺤﻤﺪا ً رﺳﻮل اﻟﻠﮫ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ اﻟﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﻣﺸﮭﺪ ﻣﻦ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴﺔ‬
‫آﻻف ﻣﺴﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ أﺑﻲ اﻟﻨﻮر‪ ،‬وﺣﻈﻲ ھﺆﻻء ﺑﻠﻘﺎء ﻣﻊ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺮاﺣﻞ ﺣﺎﻓﻆ‬
‫اﻷﺳﺪ ﺧﻼل ﻋﯿﺪ اﻟﻔﻄﺮ ھﻨﺄھﻢ ﻓﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﺎدھﻢ اﻹﯾﻤﺎﻧﻲ اﻟﺮوﺣﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻮﺟﮭﻮا إﻟﻰ‬
‫زﯾﺎرة اﻟﺤﺮﻣﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻔﯿﻦ ﻣﻊ ﺳﻤﺎﺣﺔ اﻟﻤﻔﺘﻲ اﻟﻌﺎم ﺣﯿﺚ أدوا ﻣﻨﺎﺳﻚ اﻟﻌﻤﺮة اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ‪،‬‬
‫وﻋﺎدوا إﻟﻰ ﺑﻼدھﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ اﻟﺸﺎرع ھﻨﺎ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ دﺧﻮل اﻷوﻣﻮﺗﻮ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم وﻛﺎن ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺣﺪﺛﺎ ً‬
‫ﺑﮭﯿﺠﺎً‪ ،‬وﺗﺘﺎﺑﻌﺖ اﻷﺧﺒﺎر ﻋﻦ اﻟﻘﻮم وﻣﺎ ﻧﻌﻤﻮا ﺑﮫ ﻣﻦ ﻧﻔﺤﺎت رﻣﻀﺎن اﻟﺮوﺣﯿﺔ وھﻮ‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي أﻛﺪه رﺋﯿﺲ اﻟﻮﻓﺪ اﻟﺴﯿﺪ ﻛﯿﺘﺎرو دﯾﻜﻮﺷﻲ ﺑﻘﻮﻟﮫ ﺧﻼل زﯾﺎرة اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ‬
‫اﻟﻤﻨﻮرة‪ :‬ﻟﻘﺪ رأﯾﺖ ﻋﻤﻮدا ً ﻣﻦ اﻟﻨﻮر ﯾﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﻗﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ إﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء!!‬

‫واﻟﯿﻮم ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ زﯾﺎرة اﻷوﻣﻮﺗﻮ ﻟﺪﻣﺸﻖ أﺻﺒﺢ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﺤﻜﻢ‬
‫ﺑﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ ﻋﻦ ﺛﻤﺮات ذﻟﻚ اﻟﺤﻮار اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺤﻮار‬
‫واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﺈن اﻷوﻣﻮﺗﻮ ﻓﻲ اﻟﯿﺎﺑﺎن ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ دﻣﺸﻖ وزﯾﺎرﺗﮭﻢ ﻟﻤﻜﺔ‬
‫اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮭﺎ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﻐﺎﻧﻤﮭﻢ اﻟﺮوﺣﯿﺔ ﺧﻼل ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ وﯾﻘﺪﻣﻮن طﺮﺣﺎ ً‬
‫ﺣﻀﺎرﯾﺎ ً ﻟﻺﺳﻼم ﻛﺪﯾﻦ ﻋﻈﯿﻢ ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن واﻟﺤﺐ واﻟﺨﯿﺮ‪ ،‬وﯾﻌﺘﺮف ﺑﺎﻵﺧﺮ‬
‫وﺛﻘﺎﻓﺘﮫ‪ ،‬ﻟﻘﺪ أﻏﻨﻮا ﺗﺠﺮﺑﺘﮭﻢ اﻟﺮوﺣﯿﺔ واﻹﯾﻤﺎﻧﯿﺔ وأﺻﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ﺗﻔﮭﻤﺎ ً ﻟﻘﻀﺎﯾﺎﻧﺎ‪،‬‬
‫وﻋﺒﺎرﺗﮭﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻌﮭﺎ ﻣﻨﮭﻢ دوﻣﺎً‪ :‬ﻟﻘﺪ رﺑﺤﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪا ً وﻟﻢ ﻧﺨﺴﺮ ﻧﺎو!!‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﺒﺪھﻢ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ إﯾﺎﺑﻲ ﻗﺮب ﻛﯿﻮﺗﻮ ﯾﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺸﺎھﺪ ﺻﻮرﺗﯿﻦ ﻛﺒﯿﺮﺗﯿﻦ ﻟﻠﻜﻌﺒﺔ‬
‫اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ وﻟﻘﺒﺮ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ وﺗﺤﺘﮭﻤﺎ ﺗﻌﻠﯿﻖ واﺿﺢ ﺣﻮل أﻋﻈﻢ ﻏﻨﺎﺋﻢ اﻟﺮوﺣﯿﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺟﻨﺎھﺎ زﻋﻤﺎؤھﻢ ﺧﻼل زﯾﺎرﺗﮭﻢ ﻟﻺﺳﻼم‪ ،‬وﻓﻲ ﻣﺠﻼﺗﮭﻢ وأﻋﻤﺎﻟﮭﻢ اﻟﺘﻲ ﯾﺼﺪروﻧﮭﺎ‬
‫ذﻛﺮﯾﺎت ﻣﻮﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺺ واﻟﺼﻮرة ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻨﻌﯿﻢ اﻟﺮوﺣﻲ اﻟﺬي ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﯿﮫ ﺧﻼل ﺷﮭﺮ‬
‫رﻣﻀﺎن اﻟﻤﺒﺎرك‪.‬‬
‫واﻟﺴﺆال اﻵن ھﻞ ﻛﺎن ھﺬا اﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻷوﻣﻮﺗﻮ ﻣﺜﻤﺮاً؟ وھﻞ ﺣﻘﻖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺮﺟﻮة‬
‫ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﯿﻦ؟‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﻒ أن ﻛﺜﯿﺮا ً ﻣﻨﺎ ﻻ ﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﺤﻮار ﻧﺎﺟﺤﺎ ً إﻻ إذا أدى إﻟﻰ اﻧﺨﻼع اﻵﺧﺮ ﻣﻦ‬
‫ﺛﻘﺎﻓﺘﮫ وﺗﺮاﺛﮫ واﻟﻠﺤﺎق ﺑﻨﺎ‪ ،‬واﻟﺘﺒﺮؤ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺗﺮاث ﻛﺎن ﯾﻨﺘﻤﻲ إﻟﯿﮫ‪ ،‬واﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺑﺄﻧﮫ‬
‫ﻛﺎن ﻓﻲ ﺿﻼل ﻣﺒﯿﻦ‪ ،‬وھﺬا ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ھﻮ اﻟﻤﻨﻄﻖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺴﻮد اﻟﻌﺼﻮر‬
‫اﻟﻮﺳﻄﻰ‪ ،‬واﻟﺬي ﻻ ﯾﺰال إﻟﻰ اﻟﯿﻮم ﯾﺴﻮد ﻛﺜﯿﺮا ً ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎﺗﻨﺎ وﻓﮭﻮﻣﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻌﻞ أﻗﺮب‬
‫اﻷﻣﺜﻠﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ ھﻮ إﺳﻼم اﻟﻤﻔﻜﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ روﺟﯿﮫ ﻏﺎرودي‪ ،‬ﻓﺤﯿﻦ ﻧﻄﻖ اﻟﺮﺟﻞ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﮭﺎدﺗﯿﻦ ھﻠﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻛﻠﮫ وﻣﻨﺢ اﻟﺮﺟﻞ أﻋﻠﻰ اﻷوﺳﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت‬
‫اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﻠﻦ اﻟﺮﺟﻞ أﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﺘﺨﻞ ﻋﻦ ﺛﻘﺎﻓﺘﮫ‬
‫اﻷوﻟﻰ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻻ ﯾﻔﮭﻢ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺿﺮورة اﻟﺘﺒﺮؤ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺛﻘﺎﻓﺔ أﺧﺮى‪ ،‬واﺟﮭﮫ اﻟﺘﯿﺎر‬
‫اﻟﻤﺘﻌﺼﺐ ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ واﻟﻨـﺰق وﺗﺘﺎﻟﺖ اﻟﻔﺘﺎوى ﺑﺎﻟﺘﺤﺬﯾﺮ ﻣﻨﮫ وﻣﻦ ﻧﺸﺎطﮫ واﻋﺘﺒﺮ‬
‫ﻣﺎرﻗﺎً‪ ،‬وﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺤﺪث ﺑﻌﻀﮭﻢ ﻋﻦ ﻣﺆاﻣﺮة ﻗﺎم ﺑﮭﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺪِّ‪ :‬آﻣﻨﻮا‬
‫ﺑﺎﻟﺬي أﻧﺰل ﻋﻠﻰ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا وﺟﮫ اﻟﻨﮭﺎر واﻛﻔﺮوا آﺧﺮه ﻟﻌﻠﮭﻢ ﯾﺮﺟﻌﻮن!!‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﺸﻔﻊ‬
‫ﻟﮫ ﻋﻨﺪ ھﺆﻻء ﻣﻮﻗﻔﮫ اﻟﺼﻠﺐ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﯾﺎﻧﺎ وﺟﺮأﺗﮫ ﻓﻲ ﻓﻀﺢ اﻷﺳﺎطﯿﺮ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ‬
‫ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺒﺮﯾﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﻟﻘﯿﮫ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺑﻲ اﻟﯿﮭﻮدي اﻟﺸﺮس ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ!!‬
‫أﻧﮭﺎ ﻣﺄﺳﺎة أﺧﺮى ﻣﻦ ﻣﺂﺳﯿﻨﺎ ﺣﯿﻦ ﻧﺨﺘﺼﺮ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس )اﻛﻔﺮ‬
‫ﺑﺤﻀﺎرﺗﻚ وﺗﻌﺎل(‪ ،‬ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻨﺎ أﺿﻒ ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻣﺠﺪا ً إﻟﻰ ﻣﺎ أﻧﺠﺰه آﺑﺎؤك‬
‫وأﺟﺪادك!!‬
‫إن اﻷوﻣﻮﺗﻮ اﻟﯿﻮم ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ اﻟﯿﺎﺑﺎن رﻏﺪھﻢ اﻟﺮوﺣﻲ ﺳﻌﺪاء ﺑﺘﺠﺮﺑﺘﮭﻢ اﻟﻐﻨﯿﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وھﻢ ﯾﺘﻔﮭﻤﻮن ﻗﻀﺎﯾﺎﻧﺎ وﯾﻌﺘﺒﺮون ﻋﻤﻘﺎ ً آﺧﺮ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ‬
‫اﻹﺳﻼم واﻟﻌﺮب‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﻔﻌﻠﻮا ﻣﺎ ﯾﺮﻏﺒﮫ ﺑﻌﺾ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻣﻦ ھﺪم ﻣﻌﺎﺑﺪھﻢ‬
‫وﻧﺴﺦ ﺗﺮاﺛﮭﻢ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺧﯿﺎراﺗﻨﺎ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻣﺮوا ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺼﻮص‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ رﻓﺾ اﻵﺧﺮ وھﻲ ﻧﺼﻮص ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻛﻞ دﯾﻦ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﺑﺎﺣﺚ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أن ﺳﻠﺦ اﻟﻨﺺ ﻣﻦ ظﺮوف اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰل ﻓﯿﮭﺎ ﯾﺆدي‬
‫إﻟﻰ إﺳﺎءة ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﮭﻢ اﻟﻨﺺ‪ ،‬وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﻧﺼﻮص أﺧﺮى ﻻ ﺗﺘﺮدد‬
‫أﺑﺪا ً ﻓﻲ إﯾﻮاء اﻵﺧﺮ ﺑﺠﻨﺔ اﻟﺮﻏﺪ اﻟﺮوﺣﻲ ﻣﻦ دون أن ﺗﻠﺰﻣﮫ إﺗﻼف ﺣﻀﺎرﺗﮫ‪ ،‬وھﻮ‬
‫ﻣﺎ ﻋﻠﱠﻤﮫ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻠﺘﮫ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺷﻲ‪ ،‬وأوﺿﺢ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻣﺎ ذﻛﺮه اﻹﻣﺎم‬
‫اﻟﻘﺮطﺒﻲ واﺑﻦ ﻛﺜﯿﺮ أن اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎﺷﻲ ﯾﻮم وﻓﺎﺗﮫ ﻓﺎﻋﺘﺮض ﻋﻠﻰ‬
‫ذﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺮﺟﻞ ﻛﺎن ﯾﺼﻠﻲ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ اﻟﻤﻘﺪس ﻻ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺄﻧﺰل اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬وﻟﻠﮫ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﻤﻐﺮب ﻓﺄﯾﻨﻤﺎ ﺗﻮﻟﻮا ﻓﺜﻢ وﺟﮫ اﻟﻠﮫ إن اﻟﻠﮫ‬
‫واﺳﻊ ﻋﻠﯿﻢ‪.‬‬
‫أﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ھﻨﺎ أن ﻧﺨﺘﺘﻢ اﻟﻤﻘﺎل ﺑﺎﻵﯾﺔ اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ‪ :‬وﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮا ﻟﻤﻦ أﻟﻘﻰ إﻟﯿﻜﻢ‬
‫اﻟﺴﻼم ﻟﺴﺖ ﻣﺆﻣﻨﺎً!‪.‬‬
 ‫ﺟﻴﺮان‪ ....‬ﻣﻊ ﺣﻜﻤﺎء اﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﻴﺎ‬

‫ﻛﺎن ﺣﺪﺛﺎ ً ﺳﻌﯿﺪا ً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ أن أﺗﺤﺪث ﻣﺮة أﺧﺮى ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﻠﺴﻨﻜﻲ اﻟﻌﺮﯾﻘﺔ‪،‬‬
‫ﺑﻌﺪ أن ﺳﻌﺪت ﺑﺰﯾﺎرﺗﮭﺎ ﻗﺒﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﺑﺪﻋﻮة ﻣﻦ اﻟﻌﺰﯾﺰ آرﻧﺔ ﺗﻮﯾﻔﺎﻧﯿﻦ ﻣﺆﺳﺲ‬
‫اﻟﻤﻌﮭﺪ اﻟﻔﻨﻠﻨﺪي ﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وھﻜﻲ ﺑﺎﻟﻔﺎ ﻣﺪﯾﺮ اﻟﻤﻌﮭﺪ‪ ،‬وأﻟﻘﯿﺖ ﻓﯿﮭﺎ‬
‫ﻋﺪدا ً ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات‪ ،‬ﺣﯿﺚ ﻛﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ وأﻧﺎ أﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻛﻔﺎح اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف‬
‫اﻟﻔﻨﻠﻨﺪي اﻟﻜﺒﯿﺮ اﻟﻤﺴﺘﺸﺮق أوﻏﺴﺖ ﻓﺎﻟﯿﻦ اﻟﺬي ﻧﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﺑﺈﻛﺒﺎر ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫وﻧﻨﺎدﯾﮫ ﺑﺎﻻﺳﻢ اﻟﺬي اﺧﺘﺎره ﺣﺒﺎ ً ﺑﺎﻟﻌﺮب واﻹﺳﻼم وھﻮ اﻟﺤﺎج ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻟﻲ‪ ،‬ﺣﯿﺚ‬
‫اﺧﺘﺎرت ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﻠﺴﻨﻜﻲ اﻟﻌﺮﯾﻘﺔ أن ﺗﺘﺼﺪر ﺻﻮرﺗﮫ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﯿﺔ واﻟﻌﻘﺎل اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺻﺪر‬
‫ﻗﺎﻋﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﻤﯿﺖ ﺑﺎﺳﻤﮫ‪ ،‬وﻻ أﺷﻚ أﺑﺪا ً أن ﻓﺎﻟﯿﻦ ھﻮ أﺣﺪ اﻟﺠﺴﻮر اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺼﺒﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﺗﺤﻤﻞ روح اﻟﺤﻀﺎرﺗﯿﻦ ﻟﯿﻜﻤﻞ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﻌﻀﺎً‪،‬‬
‫وھﻮ ﯾﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﻜﺒﯿﺮ اﺳﺤﻖ ﻧﯿﻮﺗﻦ اﻟﺬي ﻗﺎل‪ :‬إن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻨﻰ ﻛﺜﯿﺮا ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﺠﺪران وﻗﻠﯿﻼً ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻮر‪ ،‬وأرﺟﻮ أن أﻛﻮن ھﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ ﻓﺎﻟﯿﻦ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء‬
‫اﻟﺠﺴﻮر ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب‪.‬‬
‫أوﻏﺴﺖ ﻓﺎﻟﯿﻦ وﺗﻮﻣﺎس ﻛﺎرﻟﯿﻞ وﻻﻣﺎرﺗﯿﻦ وﺗﻮﻟﺴﺘﻮي وﻏﻮﺗﮫ وﺑﺮﻧﺎرد ﺷﻮ وزﯾﻐﺮﯾﺪ‬
‫ھﻮﻧﻜﮫ وروﺟﯿﮫ ﻏﺎرودي وﻣﺮاد ھﻮﻓﻤﺎن واﻷﻣﯿﺮ ﺗﺸﺎرﻟﺰ وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ أﻋﻼم اﻟﻔﻜﺮ‬
‫اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬أﻧﺼﻔﻮا اﻹﺳﻼم وﺳﺎھﻤﻮا ﻓﻲ ﺷﺮح ﺣﻘﺎﺋﻘﮫ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻹﺧﺎء‬
‫اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻷرض‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ اﺧﺘﺮت أن أﺗﺤﺪث ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ﻛﺒﯿﺮ أطﻠﻘﺘﮫ ھﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات وﻛﺘﺒﺖ ﻋﻨﮫ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮات اﻟﻤﻘﺎﻻت واﻟﺪراﺳﺎت وھﻮ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر‪ :‬اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص‪.‬‬
‫وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أن اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص ھﻮ أﻛﺒﺮ أﻣﺮاض اﻷﻣﻢ وأﺗﺒﺎع اﻷدﯾﺎن‬
‫ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وھﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﮭﺪاﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮل دون ﻗﯿﺎم ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺣﻘﯿﻘﻲ‬
‫ﺑﯿﻦ أﺑﻨﺎء آدم ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﺎء اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻟﯿﺤﺎرﺑﻮا ذﻟﻚ وھﻮ ﻣﺎ اﺑﺘﻠﯿﺖ ﺑﮫ اﻷﻣﻢ‬
‫ﺣﯿﺚ ﺗﻢ ﺗﻜﺮﯾﺴﮫ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﺜﻮاﺑﺖ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺨﻠﻒ ﻓﻲ ﻛﻞ دﯾﻦ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ذﻛﺮ اﻹﺳﻼم ﻣﺴﺄﻟﺔ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺠﻨﺔ واﻋﺘﺒﺮھﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮة واﺣﺪة ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻜﺒﺮى‬
‫اﻟﺘﻲ اﻧﺠﺮف إﻟﯿﮭﺎ أﺗﺒﺎع اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت وذﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻦ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ إﻻ ﻣﻦ‬
 ‫ﻛﺎن ھﻮدا ً أو ﻧﺼﺎرى‪ ،‬وأﺧﺒﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﺼﯿﻐﺔ اﺳﺘﻨﻜﺎر ﺷﺪﯾﺪ‪ :‬ﺗﻠﻚ أﻣﺎﻧﯿﮭﻢ‪ ،‬ﻗﻞ‬
‫ھﺎﺗﻮا ﺑﺮھﺎﻧﻜﻢ إن ﻛﻨﺘﻢ ﺻﺎدﻗﯿﻦ‪.‬‬
‫وﺣﯿﻦ ﻗﺎﻟﺖ طﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬واﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻧﻔﺲ اﻷﻣﺎﻧﻲ رد ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﻘﺮآن‬
‫اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﺴﻮة ﻓﻲ ﻗﻮل اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﻟﯿﺲ ﺑﺄﻣﺎﻧﯿﻜﻢ وﻻ أﻣﺎﻧﻲ أھﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﯾﻌﻤﻞ‬
‫ﺳﻮءا ً ﯾﺠﺰ ﺑﮫ وﻻ ﯾﺠﺪ ﻟﮫ ﻣﻦ دون اﻟﻠﮫ وﻟﯿﺎ ً وﻻ ﻧﺼﯿﺮاً‪ ،‬وﻣﻦ ﯾﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﺎت‬
‫ﻣﻦ ذﻛﺮ أو أﻧﺜﻰ وھﻮ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﺄوﻟﺌﻚ ﯾﺪﺧﻠﻮن اﻟﺠﻨﺔ وﻻ ﯾﻈﻠﻤﻮن ﻧﻘﯿﺮا ً وﻣﻦ أﺣﺴﻦ دﯾﻨﺎ ً‬
‫ﻣﻤﻦ أﺳﻠﻢ وﺟﮭﮫ ﻟﻠﮫ وھﻮ ﻣﺤﺴﻦ واﺗﺒﻊ ﻣﻠﺔ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺣﻨﯿﻔﺎ ً واﺗﺨﺬ اﻟﻠﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺧﻠﯿﻼً‪.‬‬
‫وﻻ ﺗﺤﺘﺎج ھﺬه اﻵﯾﺎت اﻟﺒﯿﻨﺎت إﻟﻰ أي ﺗﺄوﯾﻞ أو اﺳﺘﺪراك ﻓﮭﻲ واﺿﺤﺔ وﺿﻮح‬
‫اﻟﺸﻤﺲ وھﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم أي ﺗﮭﻤﺔ ﻓﻲ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص ﻗﺪ ﯾﺼﻤﮫ ﺑﮭﺎ أﻋﺪاؤه‪.‬‬
‫إن اﻹﺳﻼم ﻟﻢ ﯾﺘﺮدد أﺑﺪا ً ﻓﻲ اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻠﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ ھﻮ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬وأول آﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ھﻲ‪ :‬اﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﮫ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬وآﺧﺮ آﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن ھﻲ أن اﻟﻠﮫ رب‬
‫اﻟﻨﺎس ﻣﻠﻚ اﻟﻨﺎس إﻟﮫ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﯾﻘﻞ رب اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻻ اﻟﻌﺮب وﻻ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﻞ ﺟﻌﻞ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺨﻠﻖ دون اﺳﺘﺜﻨﺎء ﻋﯿﺎﻻً ﻟﮫ‪ ،‬ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ :‬اﻟﺨﻠﻖ ﻛﻠﮭﻢ ﻋﯿﺎل‬
‫اﻟﻠﮫ وأﺣﺐ اﻟﺨﻠﻖ إﻟﻰ اﻟﻠﮫ أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻌﯿﺎﻟﮫ‪.‬‬
‫إن اﻟﻠﮫ واﺣﺪ وﻟﻜﻦ أﺳﻤﺎءه ﻛﺜﯿﺮة واﻟﺤﻘﯿﻘﺔ واﺣﺪة وﻟﻜﻦ اﻟﻄﺮق إﻟﯿﮭﺎ ﻛﺜﯿﺮة واﻹﺷﺮاق‬
‫واﺣﺪ وﻟﻜﻦ اﻷدﯾﺎن ﻣﺘﻌﺪدة‪ ،‬واﻟﺤﺐ واﺣﺪ وﻟﻜﻦ اﻟﻘﻠﻮب ﻛﺜﯿﺮة‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺗﻜﺮر ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻗﻮل اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬إن اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا واﻟﺬﯾﻦ ھﺎدوا‬
‫واﻟﻨﺼﺎرى واﻟﺼﺎﺑﺌﯿﻦ ﻣﻦ آﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﮫ واﻟﯿﻮم اﻵﺧﺮ وﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎ ً ﻓﻠﮭﻢ أﺟﺮھﻢ ﻋﻨﺪ‬
‫رﺑﮭﻢ وﻻ ﺧﻮف ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ ھﻢ ﯾﺤﺰﻧﻮن‪.‬‬
‫ﺑﻞ إن اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة ﺗﻜﺮر ﻓﯿﮭﺎ ﻗﻮل اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﻣﺼﺪﻗﺎ‬
‫ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﻓﮭﻮ ﻟﻢ ﯾﻘﻞ‪ :‬ﻣﺒﻄﻼً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ أو ﻧﺎﺳﺨﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ أو ﻧﺎﺳﻔﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ‬
‫ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬أو ﻣﻠﻐﯿﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺎل ﻣﺼﺪﻗﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ وﻣﮭﯿﻤﻨﺎ ً ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ‬
‫ﯾﺸﻤﻞ اﻟﺘﻮراة واﻟﺰﺑﻮر واﻹﻧﺠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﯾﺸﻤﻞ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﻌﻠﻢ ﻣﻤﺎ‬
‫ﯾﺘﻄﺎﺑﻖ ﻣﻊ اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﻟﻠﺪﯾﻦ اﻟﺤﻖ‪.‬‬
‫ﻟﯿﺲ ﻟﺪي أدﻧﻰ ﺷﻚ ﻓﻲ أن اﻹﺳﻼم ﻟﻠﮫ ھﻮ دﯾﻦ اﻟﻠﮫ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وأن اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ھﻮ ﺣﻖ اﻟﻠﮫ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﯿﺪ‪ ،‬وﻗﺪ ﺷﺮﺣﮫ اﻟﻘﺮآن ﺑﺎﻵﯾﺔ‪ :‬ﺑﻠﻰ ﻣﻦ أﺳﻠﻢ وﺟﮭﮫ ﻟﻠﮫ وھﻮ ﻣﺤﺴﻦ ﻓﻠﮫ أﺟﺮه‬
‫ﻋﻨﺪ رﺑﮫ وﻻ ﺧﻮف ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻻ ھﻢ ﯾﺤﺰﻧﻮن‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬وﻣﻦ أﺣﺴﻦ دﯾﻨﺎ ً ﻣﻤﻦ أﺳﻠﻢ‬
‫وﺟﮭﮫ ﻟﻠﮫ واﺗﺒﻊ ﻣﻠﺔ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺣﻨﯿﻔﺎ ً واﺗﺨﺬ اﻟﻠﮫ إﺑﺮاھﯿﻢ ﺧﻠﯿﻼً‪.‬‬
‫وﻣﻊ أن اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص ﺟﺪل ﯾﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺸﺄن اﻷﺧﺮوي وﯾﻔﺼﻞ ﻓﯿﮫ اﻟﻠﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‬
‫وﻟﻜﻦ دﻋﻨﻲ أﺻﺎرﺣﻚ ﺑﺄن آﺛﺎره اﻟﺴﯿﺌﺔ ﺗﻔﺴﺪ اﻷرض وﺗﻨﺸﺮ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻔﺴﺎد‪ ،‬ورﺑﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻨﺬ ﻧﺤﻮ ﺗﺴﻌﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ اﻟﺼﮭﺎﯾﻨﺔ‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ ھﺬه اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻤﺠﻨﻮﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﯿﮭﻮدي ﯾﻌﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﺷﻌﺐ اﻟﻠﮫ اﻟﻤﺨﺘﺎر وأﻧﮫ‬
‫اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﺨﻼص واﻟﺠﻨﺔ وأن ﺷﻌﻮب اﻷرض ﻏﻮﯾﯿﻢ ﺧﻠﻘﻮا ﻟﺨﺪﻣﺘﮫ‬
‫واﻟﻄﺒﻄﺒﺔ ﻋﻠﻰ رﻏﺒﺎﺗﮫ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻢ أن ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺸﺮ اﻟﺬي ھﻮ ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻧﺤﺮاف‬
‫دﯾﻨﻲ ﻓﺎﺿﺢ ﯾﺘﺒﻨﺎه اﻟﯿﻮم ﺗﯿﺎر ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﯿﺤﯿﻲ اﻟﻐﺮب وﻓﻖ ﺗﻔﺴﯿﺮ ظﺎھﺮي‬
‫ﻷﺧﺒﺎر اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻘﺪﯾﻢ‪ ،‬وإذا ﻛﺎن اﻋﺘﻨﺎق اﻟﯿﮭﻮدي ﻟﻔﻜﺮة اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص ﻣﻔﮭﻮﻣﺎ ً ﻓﺈن ﻣﺎ‬
‫ﯾﺴﺘﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﮭﻢ ھﻮ اﻋﺘﻨﺎق اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﯿﻦ اﻟﻤﺘﺼﮭﯿﻨﯿﻦ ﻟﮭﺬا اﻟﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ‬
‫اﻟﻈﺎﻟﻢ وﻟﺤﺴﺎب اﻟﯿﮭﻮد ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺠﯿﯿﺶ طﺎﻗﺎت أﻣﺮﯾﻜﺎ اﻟﺠﺒﺎرة ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﺠﺎز‬
‫رﻏﺒﺎت اﻟﺮب ﺑﺎﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺸﻌﺒﮫ وھﯿﻜﻠﮫ وﺷﻤﻌﺪاﻧﮫ وﺧﻼﺻﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺸﻌﻮب‬
‫اﻷﺧﺮى!!‬
‫وﻻ ﺷﻚ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻼھﻮﺗﻲ ھﻮ ﺑﻌﯿﻨﮫ ﻣﺎ ﻗﺎدھﻢ‬
‫اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﯾﺮﯾﺪون أو ﻻ ﯾﺮﯾﺪون إﻟﻰ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺤﯿﺎة واﺣﺘﻜﺎر اﻟﺤﻀﺎرة ذﻟﻚ أن‬
‫اﻟﻤﺮء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻮﻗﻦ أن اﻟﻠﮫ ﻻ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ اﻵﺧﺮ ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﯾﺪﻋﻮﻧﻲ إذن إﻟﻰ ﺣﺒﮫ‬
‫واﺣﺘﺮاﻣﮫ واﻹﺷﻔﺎق ﻋﻠﯿﮫ‪ ،‬وﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻛﯿﻒ اﻧﺼﺮف اﻟﯿﮭﻮد إﻟﻰ اﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟﺮﺑﺎ‬
‫واﻟﺰﻧﺎ ﻣﻊ ﻏﯿﺮ أﺑﻨﺎء دﯾﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﯾﻢ ذﻟﻚ ﻓﻲ دﯾﻨﮭﻢ واﻟﺤﺠﺔ ﻛﻤﺎ ھﻮ‬
‫ﻣﻌﻠﻮم أن اﻵﺧﺮ ھﺬا ﻏﯿﺮ ﻣﺆﻣﻦ وھﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻏﯿﺮ ﺟﺪﯾﺮ أن ﯾﺪﺧﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻜﻮت‬
‫اﻹﻟﮭﻲ‪.‬‬
‫وھﻨﺎ أﺳﺘﻌﯿﻦ ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﺼﺪﯾﻖ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺑﻮل ھﺎك ﺻﺎﺣﺐ ﻛﺘﺎب اﻟﺘﺠﺪﯾﺪ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﻲ‬
‫ﺳﻮرﯾﺎ ﺧﻼل ﺣﻮار ﻣﻔﺘﻮح ھﻨﺎ‪ :‬إن ﻋﻘﯿﺪة اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺨﻼص ھﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺎدت‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﯿﻦ ﻟﻠﺘﻮرط ﻓﻲ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺤﯿﺎة واﻟﺤﻀﺎرة ﻋﻦ اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻟﺴﺖ ﻣﻀﻄﺮا ً ھﻨﺎ أن أذﻛﺮ ﺻﯿﺤﺎت اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ ﺣﺮوب اﻟﻔﺮﻧﺠﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق ودواﻓﻌﮭﻢ اﻹﻗﺼﺎﺋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮﻛﮭﻢ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮ‬
‫اﻟﺬي ﻟﯿﺲ أھﻼً ﻟﻠﺨﻼص اﻷﺑﺪي ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﻤﺨﻠﺺ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ رأﯾﻨﺎه ﻓﻲ اﻟﺼﯿﻒ‬
‫اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻣﻌﻨﺖ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺢ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺣﻖ ﻗﺼﻒ ﻟﺒﻨﺎن ﻛﻠﮫ ﺑﺴﮭﻠﮫ وﺟﺒﻠﮫ‬
‫وﺑﺮه وﺑﺤﺮه وﻣﺴﻠﻤﯿﮫ وﻣﺴﯿﺤﯿﯿﮫ وﺳﻨﺘﮫ وﺷﯿﻌﺘﮫ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ﺟﻠﻲ‪ :‬ﺣﻖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮭﺎ!! وﻋﻨﻮان ﺧﻔﻲ‪ :‬ﺣﻖ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺨﺘﺎر أن ﯾﻠﮭﻮ ﺑﺎﻷرواح واﻟﺸﻌﻮب‬
‫اﻷﺧﺮى!!‬
‫ﺣﯿﻦ ﯾﺼﺮ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد وﻻ ﯾﺴﺘﺸﮭﺪون‬
‫ﺑﺄدﻧﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻦ ﺣﻖ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﺤﯿﺎة أﻟﯿﺲ ھﺬا ﻟﻮﻧﺎ ً ﻣﻦ اﺣﺘﻜﺎر‬
‫اﻟﺤﯿﺎة؟ وﺣﯿﻦ ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﻜﻞ ﻟﺆم ﻋﻦ ﺣﻖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﺮﯾﺮ أﺳﯿﺮﯾﮭﺎ وﻟﻮ ﺟﺮ ذﻟﻚ‬
‫إﻟﻰ ﺣﺮب ﻛﺎﻣﻠﺔ وأﻧﮭﺎر ﻣﻦ دﻣﺎء اﻷﺑﺮﯾﺎء وﻻ ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن أﺑﺪا ً ﻋﻦ ﺣﻖ ﻋﺸﺮة آﻻف‬
‫ﻓﻠﺴﻄﯿﻨﻲ أﺳﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﯾﺔ واﻟﺤﯿﺎة ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻨﻌﻨﻲ أﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄﺳﻄﻮرة‬
‫اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺨﺘﺎر؟ وﺣﯿﻦ ﯾﺮﻓﺾ ﺑﻮﻟﺘﻮن )اﻵﻓﻞ( ﺣﺘﻰ ﻣﺠﺮد إداﻧﺔ ﺷﻜﻠﯿﺔ ﻟﺠﺮاﺋﻢ‬
‫إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ ﺣﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ ﻓﻜﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﯿﺮ ذﻟﻚ؟؟‬
‫وأﺧﯿﺮا ً دﻋﻨﺎ ﻧﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﯾﺢ ﻟﻠﺒﯿﺖ اﻷﺑﯿﺾ‪ :‬إن واﺷﻨﻄﻦ ﺗﻌﺘﺒﺮ إﻗﺪام ﻗﻄﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫دﻓﻊ رواﺗﺐ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺼﺤﻲ وﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ ﻋﻤﻼً ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ً ﻟﻼﺗﻔﺎﻗﯿﺎت‬
‫اﻟﺪوﻟﯿﺔ!!‬
‫وھﻜﺬا ﯾﺼﺒﺢ اﺣﺘﻀﺎن اﻟﻤﺸﺎﻓﻲ واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻟﺸﻌﺐ ﻓﻘﯿﺮ ﻋﻤﻼً ﺷﺎﺋﻨﺎ ً إرھﺎﺑﯿﺎ ً ﻟﺴﺒﺐ‬
‫واﺣﺪ وھﻮ أﻧﮫ ﯾﺄﺗﻲ ﺧﻼف إرادة اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺨﺘﺎر‪ ،‬ﻓﮭﻞ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺴﻤﯿﺔ ذﻟﻚ ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ‬
‫اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺤﯿﺎة؟‪.‬‬
 ‫ﺟﻴﺮان‪ ....‬ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺌﻲ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ‬

‫ﺣﯿﻦ ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﮭﺎ اﻟﺼﻐﯿﺮ ﻓﻲ واﺣﺪ ﻣﻦ أھﻢ اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺳﺘﺮاﺳﺒﻮرغ‬
‫ﺣﯿﺚ اﺧﺘﺎرت أوروﺑﺎ أن ﺗﻘﯿﻢ ﺷﮭﺮ ﻋﺴﻠﮭﺎ ﺑﻌﺪ إﻧﺠﺎز اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ أرﻗﻰ ﺗﺠﺮﺑﺔ‬
‫وﺣﺪوﯾﺔ ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄن ﺑﺎﺗﺮﯾﻚ ﺑﺎﺗﺮي اﻟﻨﺎﺋﺒﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ اﻟﺒﺎرزة ورﺋﯿﺴﺔ‬
‫ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ ﺑﻠﺪان اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺸﻊ ﺑﻌﯿﻨﯿﮭﺎ اﻟﺪاﻓﺌﺘﯿﻦ ﻟﺘﻘﻮل ﺣﺘﻰ اﻟﺜﻤﺎﻟﺔ أﻧﺎ‬
‫ﻋﺮﺑﯿﺔ!! ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﮭﺎ ﺑﺎﻟﺒﺮﻟﻤﺎن اﻷوروﺑﻲ ﯾﻀﺞ ﺑﺎﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻻ ﻣﻜﺎن‬
‫ﻋﻠﻰ ﺟﺪارھﺎ ﻷي ذﻛﺮى أﻣﺮﯾﻜﯿﺔ أو ﻛﻨﺪﯾﺔ أو ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ ﻓﻘﺪ اﺣﺘﺸﺪ ﺟﺪارھﺎ ﺑﺎﻷﯾﺎم‬
‫اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﻛﻨﺖ أﺟﻮل ﺑﻌﯿﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﮭﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﺬﻛﺮ ﻛﻔﺎح‬
‫ﺳﻨﺎء ﻣﺤﯿﺪﻟﻲ وﺣﻤﯿﺪة اﻟﻄﺎھﺮ وﺳﮭﻰ ﺑﺸﺎرة وراﺷﯿﻞ ﻛﻮري اﻟﺴﯿﺪة اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ‬
‫اﻟﺠﺒﺎرة اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﺻﺪرھﺎ ﺗﺤﺖ ﺟﻨﺎزﯾﺮ اﻟﺠﺮاﻓﺎت اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﻘﻮل‬
‫ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ إن اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻟﺤﯿﺎة!!‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﺠﻌﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﯿﺪة اﻟﻮادﻋﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﯾﻒ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﮭﺎدئ اﻷﺧﻀﺮ‪،‬‬
‫واﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرھﺎ اﻷوروﺑﯿﻮن ﻧﺎﺋﺒﺎ ً ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﺳﺘﺮاﺳﺒﻮرغ رﻣﺰ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﯿﺔ‬
‫اﻟﻤﻮﺣﺪة‪ ،‬ﺗﺨﺘﺎر ﻋﺸﻘﺎ ً ﻓﺮﯾﺪا ً ﻟﻠﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﺗﻤﻸ ﺟﺪارھﺎ ﺑﻠﻮﺣﺎت ذات دﻻﻟﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻷرض اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﺼﺤﺮاء اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ؟‬

‫ﻛﺜﯿﺮون ﯾﻌﺘﻘﺪون أن وراء اﻷﻣﺮ ﺳﺮا ً ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﺴﯿﺪة ﺗﻌﻤﻞ ﻟﺤﺴﺎب ﻣﺸﺮوع‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬وﺳﺄﻟﻨﻲ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺜﻖ ﺑﮭﺬه اﻟﺴﯿﺪة وﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﻜﻮن ﺟﺰءا ً ﻣﻦ‬
‫ﻣﺆاﻣﺮة ﻛﺒﯿﺮة ﻻﺳﺘﺠﻼب اﻟﺜﻨﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﺘﻄﻌﻦ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﮭﺮ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫ﻓﺈن ﺳﺆاﻻً ﻛﮭﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ وﺟﺎھﺘﮫ ﻣﺨﺎﺑﺮاﺗﯿﺎً‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫ ﺳﺆال ﻣﺤﯿﺮ ﯾﻜﺸﻒ ﻟﻚ‬
‫ﻋﻦ ﺷﻜﻮﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺪاﻟﺔ ﻗﻀﯿﺘﻨﺎ‪ ،‬وﺷﻜﻮﻛﻨﺎ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن!! وﻛﺎن ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺠﻮاب‪:‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﻞ ﺳﯿﺪات اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﮭﺬا اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻓﻲ ﻧﺼﺮة ﻗﻀﺎﯾﺎﻧﺎ؟ أﻟﯿﺲ اﻹﻧﺴﺎن‬
‫ﻧﻔﺤﺔ ﻣﻦ روح اﻟﻠﮫ؟ أﻟﺴﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ؟ أﻟﯿﺲ اﻟﻌﺪل واﻟﺨﯿﺮ ھﻤﺎ اﻟﮭﺪف اﻷﺳﻤﻰ اﻟﺬي‬
‫ﺧﻠﻖ ﻣﻦ أﺟﻠﮫ اﻟﻠﮫ اﻷرض واﻟﺴﻤﻮات؟؟‬
‫وإﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺻﻮر ﻣﺮاﻛﺶ واﻟﻘﺎھﺮة وﻟﺒﻨﺎن واﻷﻗﺼﻰ ﻓﺈن اﻟﺼﻮرة اﻟﻤﺤﺒﺒﺔ إﻟﯿﮭﺎ ھﻲ‬
‫دﯾﺮ ﻣﺎر ﻣﻮﺳﻰ اﻟﺤﺒﺸﻲ ﻓﻲ ﺻﺤﺮاء اﻟﻨﺒﻚ ﻋﻠﻰ طﺮﯾﻖ اﻟﻘﺮﯾﺘﯿﻦ ﺣﯿﺚ ﺷﮭﺪت ﺑﺎﺗﺮي‬
‫واﺣﺪة ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻟﻘﺎءات اﻟﺮوح ﺗﺄﺛﯿﺮا ً وأھﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬ﺣﯿﻦ ﺗﺴﻠﻘﺖ ذﻟﻚ اﻟﺠﺒﻞ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻲ إﻟﻰ دﯾﺮ ﻣﺎر ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﺼﺤﺮاء ﺣﯿﺚ ﻻ ﯾﺮﺗﻘﻲ ﻧﺤﻮه اﻟﻄﯿﺮ وﻻ ﯾﮭﺘﺪي‬
‫إﻟﯿﮫ اﻟﺴﺤﺎب‪ ،‬ﻟﺘﻠﺘﻘﻲ ھﻨﺎك ﺑﻌﺪد ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ورﺟﺎل اﻟﻜﮭﻨﻮت‬
‫اﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ ﻟﯿﺘﺤﺪﺛﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺮاﺋﻊ اﻟﺬي ﯾﻠﺘﻘﻲ ﻋﻠﯿﮫ أﺑﻨﺎء اﻷﻧﺒﯿﺎء ھﻨﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻠﺘﻘﻮا ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬

‫ﻟﺴﺖ ھﻨﺎ ﻣﻦ أﺣﻞ أن أﺳﺠﻞ دﻋﺎﯾﺔ ﻣﺠﺎﻧﯿﺔ ﻟﺪﯾﺮ ﻣﺎر ﻣﻮﺳﻰ اﻟﺤﺒﺸﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﻲ أرﯾﺪ أن‬
‫ارﺳﻢ ﺑﺒﺴﺎطﺔ أن ﺻﻮرة اﻹﺧﺎء اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺴﻢ ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ ﺗﻘﺪم ﻧﻤﻮذﺟﺎ ً ﻓﺮﯾﺪا ً‬
‫ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺣﯿﻦ ﯾﺼﺒﺢ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﯾﻨﻲ وﺣﺪا ً ﻣﻦ أﺑﺮز ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻼﻗﻲ واﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺘﺮاﺣﻢ‪.‬‬
‫أﺗﺬﻛﺮ ﺟﯿﺪا ً ﻟﻘﺎء ﺑﺎﺗﺮﯾﻚ ﺑﺎﺗﺮي ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﺮ اﻟﺤﺒﺸﻲ واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺘﮭﺎ‬
‫ﻟﮭﻢ‪ ،‬ﻧﺤﻦ ﻓﻲ أورﺑﺎ اﻛﺘﻮﯾﻨﺎ ﺑﻨﺎر اﻟﺤﺮوب اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ‪ ،‬ﻟﺪﯾﻨﺎ ﺣﺮب اﻟﺜﻼﺛﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ ً وﻟﺪﯾﻨﺎ‬
‫ﺣﺮب اﻟﺴﺒﻌﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ ً وﺣﺮب اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎم‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﺟﺮى ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﺑﻤﺒﺎرﻛﺔ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﯾﻦ‬
‫وﺗﺤﻤﯿﺲ ﻣﻨﮭﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻗﺘﻞ اﻹﻧﺴﺎن أﺧﺎه‪ ،‬واﻟﻘﻰ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﯿﻚ ﺑﺎﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻓﺎت‬
‫اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ طﺎﻟﺒﯿﻦ ﺑﺸﻤﺎﺗﺔ أن ﺗﺨﻠﺼﮭﻢ اﻟﻌﺬراء إن ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﻖ‪ ،‬وطﺎر ﺑﻄﺮس اﻟﻨﺎﺳﻚ‬
‫ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺒﺎﺑﺎ أورﺑﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﻮﻧﺪال واﻟﺒﺎﻓﺎر واﻟﺴﻜﺴﻮن واﻟﺒﺮوﺳﯿﯿﻦ‬
‫واﻟﺠﺮﻣﺎن واﻟﻔﺮﻧﺠﺔ ﯾﺤﺸﺪھﻢ ﻓﻲ ﺣﺮوب طﺎﺣﻨﺔ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﮭﺎ إﻻ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻸوھﺎم‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺪﻣﺘﻢ ﻧﻤﻮذﺟﺎ ً ﻣﺘﺤﻀﺮا ً ﻟﻺﺧﺎء اﻟﺪﯾﻨﻲ وﻣﻦ اﻟﯿﻮم اﻟﺬي‬
‫وﺻﻞ ﻓﯿﮫ طﻼﺋﻊ اﻟﻔﺎﺗﺤﯿﻦ ﻓﺈن ﻣﻌﺎرﻛﻜﻢ ﻟﻢ ﺗﻌﺮف اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺪﯾﻨﻲ‪ ،‬وظﻠﺖ دﻓﺎﻋﺎ ً‬
‫ﻣﺸﺮوﻋﺎ ً ﻋﻦ اﻷرض‪ ،‬وظﮭﺮ اﻟﺘﻼﺣﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻤﺴﯿﺤﻲ ﻓﻲ رد ھﺠﻤﺎت اﻟﻔﺮﻧﺠﺔ‬
‫ﺣﯿﻦ ﻛﺎن اﻷوروﺑﯿﻮن ﯾﺪﻓﻌﻮن اﻷﺛﻤﺎن اﻟﺒﺎھﻈﺔ ﻟﻤﻄﺎﻣﻊ اﻟﻔﺮﺳﺎن اﻹﻟﮭﯿﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ‬
‫ﯾﺤﻤﻠﻮن رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺮب ﻹﺣﺮاق اﻟﺪﻧﯿﺎ وﻗﺘﻞ اﻟﺤﯿﺎة‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ ھﺬه اﻵﻣﺎل اﻟﻜﺒﯿﺮة ﺳﺘﺼﻄﺪم ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﺑﺼﺨﺮة اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺤﺒﻂ اﻟﺬي‬
‫أﻓﺮزه اﻻﺣﺘﻼل اﻟﯿﻮم ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ واﻟﻌﺮاق واﻟﺬي ﯾﺆﺳﺲ ﻟﺤﺮب ﻗﺒﻠﯿﺔ ﻋﺸﺎﺋﺮﯾﺔ‬
‫ﻻھﻮﺗﯿﺔ ﯾﺤﯿﻂ ﺑﮭﺎ أﻋﺠﺐ ﺧﻠﯿﻂ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﺣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﯾﺮه إﻻ ﻓﻲ ﺧﺼﺎم‬
‫اﻟﻮھﻢ واﻟﺠﮭﻞ‪.‬‬
‫ﻓﮭﻞ ﯾﺪرك ھﺆﻻء اﻟﻤﺘﻄﺎﺣﻨﻮن اﻟﮭﺎﺋﺠﻮن ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﻓﻠﺴﻄﯿﻦ أﻧﮭﻢ ﺑﺤﺮوﺑﮭﻢ‬
‫اﻟﻌﺸﺎﺋﺮﯾﺔ ھﺬه ﯾﻌﺼﻮن اﻟﻠﮫ أﻟﻒ ﻣﺮة وﯾﺴﯿﺌﻮن ﻟﻘﯿﻢ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وأﻧﮭﻢ ﺻﺎروا ﻓﺘﻨﺔ‬
‫ﻟﻠﻨﺎس وﯾﺼﺪون ﻋﻦ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻠﮫ واﻟﻠﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻌﻤﻠﻮن ﻣﺤﯿﻂ؟‬
‫ﻗﺒﻞ ﺳﻨﯿﻦ ﺑﻌﯿﺪة ﻛﺎن اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ ﻛﻔﺘﺎرو رﺣﻤﮫ اﻟﻠﮫ ﻣﺪﻋﻮا ً إﻟﻰ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﺣﯿﻦ اﺟﺘﻤﻊ‬
‫ﺣﻮﻟﮫ إﺧﻮاﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻮخ ﯾﻮدﻋﻮﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﻄﺎر دﻣﺸﻖ ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﻣﺒﻜﺮة ﻟﻠﺪﻋﺎة‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﺳﻮرﯾﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﺣﯿﻦ ﻗﺎل ﻟﮭﻢ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎً‪ :‬ﻟﻘﺪ أﻋﺪدت ﻟﻜﻞ ﺷﻲء‬
‫ﻋﺪﺗﮫ ﻓﻲ ﺳﻔﺮي ھﺬا‪ ،‬وﻟﺪي ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات أﻋﺪدﺗﮭﺎ ﺑﺈﺗﻘﺎن‪ ،‬وﻟﺪي ﻣﺘﺮﺟﻢ‬
‫ﻣﻤﺘﺎز ھﻮ اﻟﺴﯿﺪ ﻓﺎروق آق ﺑﯿﻖ‪ ،‬وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ أن ﯾﻨﻘﻞ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻌﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ھﻨﺎك ﺳﺆاﻻً واﺣﺪا ً ﯾﺤﯿﺮﻧﻲ وﻻ أﺟﺪ ﻟﮫ ﺟﻮاﺑﺎً؟؟ وﺣﯿﻦ ﺳﺄﻟﮫ إﺧﻮاﻧﮫ ﻣﺎ ھﻮ ھﺬا‬
‫اﻟﺴﺆال؟ وﻟﻤﺎذا ﯾﻘﻠﻘﮫ وﻟﻢ ﯾﺠﺪ ﻟﮫ ﺟﻮاﺑﺎ ً وﻗﺎل ﻟﮫ أﺣﺪھﻢ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ أن ﻧﺴﺎﻋﺪك ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﻓﻲ ﺑﻄﻮن اﻟﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺟﻮاب ﻟﺘﺴﺎؤﻟﻚ؟؟ ﻗﺎل ﻟﮭﻢ ﺑﺘﺄﻣﻞ‪ :‬ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺠﻮاب ﻓﻲ ﺑﻄﻮن‬
‫اﻟﻜﺘﺐ ﻟﻮﺟﺪﺗﮫ وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أﻧﮫ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﺘﻮب ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ!! وﺣﯿﻦ اﻛﺘﻤﻠﺖ اﻟﺤﯿﺮة ﻓﻲ‬
‫وﺟﻮه ﻣﺤﺪﺛﯿﮫ ﻗﺎل ﻟﮭﻢ‪ :‬إﻧﻨﻲ ﺳﺄﻣﻀﻲ إﻟﻰ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﯿﻦ وﺳﺄﻗﻮل ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺘﺤﻀﺮ إن‬
‫اﻹﺳﻼم اﻟﺬي ﻧﺪﻋﻮ إﻟﯿﮫ ھﻮ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻷﺧﻮة واﻹﺧﺎء وھﻮ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺤﻀﺎرة واﻟﺒﻨﺎء‪،‬‬
‫وھﻮ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ واﻟﺮﻓﺎه واﻟﻤﺴﺎواة‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻟﻮ ﺳﺄﻟﻨﻲ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻟﻤﺎذا أﻧﺘﻢ ھﻜﺬا؟؟ إذا‬
‫ﻛﺎن اﻹﺳﻼم ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﻓﺈن واﻗﻌﻜﻢ ﯾﻜﺬب ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ؟‬
‫أﺳﻤﻊ ﻛﻼﻣﻚ ﯾﻌﺠﺒﻨﻲ أﺷﻮف ﻋﻤﺎﯾﻠﻚ أﺗﻜﺪر؟‬

‫وﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ أﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أن ھﺬا اﻟﻐﺮب ﻛﻤﺎ اﻟﺸﺮق اﻣﺘﺪت إﻟﯿﮫ‬
‫ﯾﻤﯿﻦ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﻤﺴﺤﺖ وﺟﻮه اﻟﻨﺎس إذ ﻧﻔﺤﺘﮭﻢ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺤﯿﺎة‪ ،‬وﺣﻜﻤﺎؤھﻢ ﻛﺘﺒﻮا ﺗﺮاﺛﮭﻢ‬
‫وﻓﻠﺴﻔﺘﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﮭﺞ اﻷﻧﺒﯿﺎء‪ ،‬وھﻮ ﺟﺎﻧﺐ دﻗﯿﻖ ﻛﺸﻒ ﻋﻨﮫ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻧﺪﯾﻢ‬
‫اﻟﺠﺴﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ﻗﺼﺔ اﻹﯾﻤﺎن اﻟﺬي ﻗﺪم أﻟﻒ دﻟﯿﻞ أن ﻣﺎ ﻛﺘﺒﮫ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻌﻈﻤﮫ ﻻ ﯾﺨﺮج ﻋﻦ ﻣﺸﻜﺎة اﻟﻨﺒﻮة‪ ،‬وﻗﺪ ھﺪاھﻢ اﻟﻠﮫ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﺪى إﻟﯿﮫ اﻷﻧﺒﯿﺎء‬
‫ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟﺪ وﺟﮫ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﯾﺠﻌﻠﻚ ﺗﻮاﺟﮫ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﺮﯾﺒﺔ ﺗﺄﺳﯿﺴﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫أﻋﺮاﻗﮭﻢ وأﻧﺴﺎﺑﮭﻢ‪ ،‬وﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻋﻤﺎل ﻣﻐﺎﻣﺮﯾﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎرﺑﯿﻦ واﻟﺒﻠﻄﺠﯿﺔ اﻟﺬﯾﻦ‬
‫ﯾﻮﻗﺪون اﻟﺤﺮب ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ أوﻗﺪوا ﻧﺎرا ً ﻟﻠﺤﺮب أطﻔﺄھﺎ اﻟﻠﮫ وﯾﺴﻌﻮن ﻓﻲ‬
‫اﻷرض ﻓﺴﺎدا ً واﻟﻠﮫ ﻻ ﯾﺠﺐ اﻟﻤﻔﺴﺪﯾﻦ‪.‬‬

‫ﻣﺘﻰ ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﻚ ﺷﻔﺮة اﻟﺤﻮار ﺑﯿﻦ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﻠﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء واﻹﻧﺴﺎن‬
‫ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬وﻧﺪرك أن ﻗﯿﻢ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻤﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺗﺰال ﺗﺜﯿﺮ اﻷﺷﻮاق ﻟﺪى ﻧﺎﺷﺪي اﻟﺤﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ اﻷرض‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺠﻨﻮن اﻟﺬي ﻧﻜﺎﺑﺪه ﻛﻠﻤﺎ ﺷﺎھﺪﻧﺎ ﻧﺸﺮة أﺧﺒﺎر ﻣﺼﻮرة ﻋﻦ اﻟﻌﻮاﺻﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ‬
‫اﻟﻤﺤﺘﺮﻗﺔ‪ ،‬ﻣﻦ وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮي ﻓﺈن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﺆﻟﻤﻨﻲ ھﻮ أن ﻗﯿﻢ اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺤﺐ‬
‫واﻟﺮﺣﻤﺔ واﻹﺧﺎء اﻟﺘﻲ ﺻﺎرت اﻟﯿﻮم ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ً إﻧﺴﺎﻧﯿﺎ ً ﻏﻨﯿﺎ ً ﯾﺸﺘﺮك ﻓﯿﮫ اﻟﺤﻜﻤﺎء‪ ،‬وھﻲ‬
‫ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺻﺎرت ﻏﺮﯾﺒﺔ ﻓﻲ ﺑﻼد اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﯿﺎرات‬
‫اﻟﻤﺘﻌﺼﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﻛﻞ ﺗﺴﺎﻣﺢ اﻹﺳﻼم وراﺣﺖ ﺗﺘﻌﻘﺐ ﺻﻔﺤﺎت ھﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاث‬
‫اﻷﺻﻔﺮ‪ ،‬وﻛﺎﺗﺒﺎ ً ھﻨﺎ وﻛﺎﺗﺒﺎ ً ھﻨﺎك ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ھﻔﻮة أو ﺳﮭﻮة ﺗﺤﻘﻖ ﻟﮭﺎ‬
‫ﻏﺮﯾﺰﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ واﻟﺘﻔﺴﯿﻖ واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﻧﺸﺎء ﺣﺮوب ﻛﺎﻓﯿﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﺗﺘﺄﺳﺲ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ واﻟﺰﻧﺪﻗﺔ!!‬

‫إﻧﮭﺎ ﺷﻜﻮى ﻣﺆﻟﻤﺔ أﺣﺮﻗﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ روح إﻗﺒﺎل ﻓﻀﺞ ﺑﺼﺮاﺧﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﻸ اﻷﻋﻠﻰ‬
‫ﻓﻤﻸه ﺻﺨﺒﺎً‪:‬‬

‫وﺗﻨﮭﺪ‬ ‫ﺑﺤﺮﻗﺔ‬ ‫ﻗﺎل‬ ‫ﺷﻜﻮاي‬ ‫ﻟﻤﺎ اﺷﺘﻜﻰ ﻟﻠﮫ إﺳﺮاﻓﯿﻞ ﻣﻦ‬

‫ﯾﻨﮭﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﺑﺸﻌﺮه اﻟﻤﺘﻤﺮد‬ ‫ھﺬا اﻟﻔﺘﻰ ﻗﺒﻞ اﻷوان ﯾﺮﯾﺪ أن‬
‫ھﺬي اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻣﺎ ﺗﺮى ﯾﺎ ﺳﯿﺪي‬ ‫ﻓﺎﺟﺎﺑﮫ ﺻﻮت أﻟﯿﺲ أﺷﺪ ﻣﻦ‬
‫وھﻤﻮد ﻣﻜﺔ ﻓﻲ ﺟﻮار ﻣﺤﻤﺪ!!‬ ‫إﺣﺮام أھﻞ اﻟﺼﯿﻦ داﺧﻞ ﺳﻮرھﺎ‬

‫ﺟﻴﺮان‪ .....‬ﻣﺴﻠﻤﻮن وﺷﻴﻮﻋﻴﻮن‬

‫ﯾﺎ ﻋﻤﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ‪ ...‬ﺻﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ‬

‫ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻋﻨﻮاﻧﺎ ً ﺻﺎدﻣﺎ ً أن ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﯿﻦ اﻹﺳﻼم واﻟﺸﯿﻮﻋﯿﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻨﺎك‬
‫ﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻦ اﻟﺼﺮاع ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻘﻔﺰ ﻓﻮﻗﮫ‪ ،‬وھﻨﺎك ﻣﻨﻄﻠﻘﺎت ﻧﻈﺮﯾﺔ ﺗﺮﺳﻢ ﺻﻮرة‬
‫ﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺣﺎد ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻜﺮﺗﯿﻦ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﺨﺎع ‪.‬‬

‫ھﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮاودﻧﻲ ھﺬه اﻷﻓﻜﺎر وأﻧﺎ أﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﺬھﺎب إﻟﻰ اﻟﺤﻔﻞ اﻟﺬي ﺗﻘﯿﻤﮫ ﻗﯿﺎدة‬
‫اﻟﺤﺰب اﻟﺸﯿﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺔ واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻔﻘﺪﻧﻲ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺣﻨﯿﻦ ﻧﻤﺮ ﺑﻜﻠﻤﺔ رﺋﯿﺴﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎن ﺣﺸﺪا ً ھﺎﺋﻼً ذﻟﻚ اﻟﺬي اﺣﺘﻀﻨﺘﮫ ﺻﺎﻟﺔ اﻟﺰھﺮاء ﻓﻲ دﻣﺸﻖ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﺻﻌﺪت‬
‫اﻟﻤﻨﺼﺔ ﻛﺎن ھﻨﺎك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﻔﮭﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ وﺟﻮد ﻧﺎﺋﺐ إﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﺎد ﺷﯿﻮﻋﻲ‪،‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﻟﮭﻢ‪ :‬ﻟﺴﺖ أﺟﮭﻞ ﻣﻌﻨﻰ وﺟﻮدي ﺑﯿﻨﻜﻢ ھﺬه اﻟﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻗﺪ رأﯾﺖ ﻣﻦ واﺟﺒﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ‬
‫وﻓﻖ ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ وإذا ﺣﯿﯿﺘﻢ ﺑﺘﺤﯿﺔ ﻓﺤﯿﻮا ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﮭﺎ أوردوھﺎ‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺟﺌﺖ ھﻨﺎ ﻷؤﻛﺪ أن اﻷﺣﺰاب اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎدي اﻟﺪﯾﻦ ھﻲ أﺣﺰاب ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ‬
‫ﺳﻮرﯾﺔ‪ ،‬ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻷﺣﺪ أن ﯾﻜﻔﺮ ﺑﺘﺎرﯾﺨﮫ وھﻮﯾﺘﮫ‪ ،‬ﻗﺪ ﻻ ﻧﻜﻮن ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻘﻨﻲ وﻗﺪ ﻻ ﻧﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ أو اﻟﺘﺠﺎري وﻟﻜﻨﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮوﺣﻲ‪ ،‬ﺳﻮرﯾﺔ اﻷرض اﻟﺘﻲ أﻧﺠﺒﺖ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وھﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺸﺮق اﻹﺳﻼﻣﻲ أرض اﻟﺸﺎم اﻟﺸﺮﯾﻒ‪ ،‬وﺗﺴﻤﻰ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب اﻟﻤﺴﯿﺤﻲ أرض ﺳﻮرﯾﺔ‬
‫اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﯾﻨﺎﺑﯿﻌﮭﺎ اﻟﺼﺎﻓﯿﺔ ﯾﺸﺮب اﻟﯿﻮم ﺛﻼﺛﺔ أرﺑﺎع ﺳﻜﺎن اﻟﻜﻮﻛﺐ رﺣﯿﻖ‬
‫اﻟﺮوح اﻟﺼﺎﻓﻲ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ أﻛﺪه ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺷﺎﻋﺮ اﻟﯿﺎﺳﻤﯿﻦ واﻟﺤﺐ ودﻣﺸﻖ ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ‪:‬‬
‫إﻧﮭﺎ اﻷرض اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺒﺖ ﻗﻤﺤﺎ ً وأﻧﺒﯿﺎء‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ ﺗﺒﺎدﻟﻨﺎ اﻟﺮﯾﺐ طﻮﯾﻼً وﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ﺑﻌﯿﻦ اﻟﺘﮭﻤﺔ‪ ،‬وﻛﻨﺎ ﻧﺼﻔﻜﻢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر اﻟﻤﺮﺗﮭﻨﯿﻦ ﻟﻠﺨﺎرج‪ ،‬وﻛﺎن ﺧﻄﺎﺑﻜﻢ أﯾﻀﺎ ً ﯾﻜﺮر وﺻﻒ اﻟﻈﻼﻣﯿﯿﻦ‬
‫واﻟﺮﺟﻌﯿﯿﻦ ﻓﻲ إﺷﺎرة ﻏﯿﺮ ﺑﺮﯾﺌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﺗﻐﯿﺮ ﻣﻊ زﯾﺎدة اﻟﻮﻋﻲ‪ ،‬وأدرﻛﻨﺎ اﻟﯿﻮم‬
‫أﻧﻨﺎ ﻣﺴﺘﮭﺪﻓﻮن ﺑﻐﻮل اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﻤﺘﻮﺣﺶ‪ ،‬وأن اﻟﻤﺸﺮوع اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ اﻟﻤﺪﻣﺮ ﯾﺘﻄﻠﺐ‬
‫ﺗﻮﺣﺪ اﻟﺠﮭﻮد ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺳﻮرﯾﺔ ﻓﻲ وﺟﮫ اﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﺨﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻀﺮ ﻟﮭﺎ أﻣﺮﯾﻜﺎ‪،‬‬
‫وﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ أن ﯾﻠﺘﻘﻲ اﻟﺸﺮﻓﺎء ﻓﻲ ﺧﻨﺪق واﺣﺪ وھﻮ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺧﻨﺪق اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺬي‬
‫ﯾﻠﺘﻒ ھﻼﻟﮫ اﻟﯿﻮم ﻣﻦ طﮭﺮان إﻟﻰ ﻏﺰة ﻓﻲ ﺗﺤﺪ ﺻﺎرم ﻹرادة اﻟﺸﺮ اﻟﻤﺘﻮﺣﺸﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺘﺮﺑﺺ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎد واﻟﺒﻼد‪.‬‬

‫ﻟﻘﺪ زاﻟﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺪود اﻟﺪﻣﻮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر‪ ،‬إﻧﻨﺎ ﻧﻨﺘﻤﻲ ﻟﺪﯾﻦ ﯾﻘﻮل ﻗﺮآﻧﮫ وﻻ‬
‫ﺗﻘﻮﻟﻮا ﻟﻤﻦ أﻟﻘﻰ إﻟﯿﻜﻢ اﻟﺴﻼم ﻟﺴﺖ ﻣﺆﻣﻨﺎ ً‪ ،‬وﻟﻢ ﯾﻌﺪ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺸﯿﻮﻋﻲ ھﻨﺎ ﯾﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ‬
‫رؤﯾﺔ اﻟﺪﯾﻦ أﻓﯿﻮن اﻟﺸﻌﻮب‪ ،‬وﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﻮﺟﻮدا ً ﺑﯿﻨﻜﻢ اﻵن‪ ،‬وأدرك اﻟﻨﺎس‬
‫اﻟﻘﯿﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ اﻹﺳﻼم وﺛﻮرة اﻟﻜﺎدﺣﯿﻦ‪ ،‬وأدرﻛﻮا اﻟﻔﺎرق اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﯿﻦ اﻹﺳﻼم‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻨﯿﺮ وﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺘﻜﻔﯿﺮي اﻟﺬي ﯾﺸﻮه اﻹﺳﻼم‪.‬‬

‫ﻟﺴﺖ ھﻨﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أن أﺑﺸﺮ ﺑﺈﺳﻼم أﺣﻤﺮ‪ ،‬وﻻ أزﻋﻢ أن اﻟﺮﻓﺎق اﻟﺸﯿﻮﻋﯿﯿﻦ ﻗﺪ ﺗﻨﺴﻜﻮا‬
‫وﺑﺪؤوا ﯾﻨﻈﻤﻮن أﻓﻮاج اﻟﺤﺞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﯿﻨﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﻈﻦ‬
‫أﻋﺪاء ھﺬه اﻷﻣﺔ‪ ،‬وﺑﺪون ﺗﺮدد ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻗﻮل إن اﻟﺼﻼة واﻟﺼﻮم واﻟﺤﺞ واﻟﺰﻛﺎة ھﻲ‬
‫ﺷﺮط ﻟﺪﺧﻮل اﻟﺠﻨﺔ وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺷﺮطﺎ ً ﻟﺪﺧﻮل اﻟﻮطﻦ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻮطﻦ ﻟﻜﻞ أﺑﻨﺎﺋﮫ‪ ،‬دﻋﻮﻧﺎ‬
‫ﻧﺸﺘﺮك ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻷرض وﻧﺘﺮك أﻣﺮ اﻟﺤﺴﺎب ﻟﻠﮫ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ‪ ،‬ﻗﻞ اﻟﻠﮭﻢ ﻓﺎطﺮ اﻟﺴﻤﻮات‬
‫واﻷرض ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﯿﺐ واﻟﺸﮭﺎدة أﻧﺖ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﯿﻦ ﻋﺒﺎدك ﻓﯿﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﯿﮫ ﯾﺨﺘﻠﻔﻮن‪.‬‬
‫إﻧﻨﻲ ﻻ أﺟﮭﻞ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ اﻟﻔﻜﺮي ﺑﯿﻦ ﻣﺸﺮوﻋﯿﻨﺎ‪ ،‬وﻋﻠﻲ أن أﻛﻮن ﺻﺮﯾﺤﺎ ً وواﺿﺤﺎ ً‬
‫وأﻋﻠﻢ أﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﺴﯿﺮ أن ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﯿﻦ اﻹﺳﻼم واﻟﺸﯿﻮﻋﯿﺔ‪ ،‬وﺳﯿﻮاﺟﮫ‬
‫ﺗﻔﻜﯿﺮ ﻛﮭﺬا ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺮﯾﺎت اﻟﺪاﻣﯿﺔ اﻟﺘﻲ طﺒﻌﺖ ﻋﻼﻗﺔ اﻹﺳﻼم ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ‬
‫اﻟﺸﯿﻮﻋﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻌﻞ اﻟﻘﺎرئ ﻟﮭﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﺳﯿﻮاﺟﮭﻨﻲ ﺑﻤﺎ دوﻧﺘﮫ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ‪ :‬أﺷﻮاق‬
‫داﻏﺴﺘﺎن‪ ،‬واﻟﺬي ﺷﺮﺣﺖ ﻓﯿﮫ ﻓﺼﻼً ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎح اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﯿﺸﺎن ﺿﺪ اﻟﺜﻮرة‬
‫اﻟﺒﻠﺸﻔﯿﺔ‪ ،‬وھﻮ أﻣﺮ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻧﺴﯿﺎﻧﮫ ﺑﺠﺮة ﻗﻠﻢ‪ ،‬إرﺿﺎء ﻟﺰﯾﺪ أو ﻋﺒﯿﺪ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﺑﻌﯿﺪا ً ﻋﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ واﻹﯾﺪﯾﻮﻟﻮﺟﯿﺎ ﻣﻌﺎ ً ﻓﺈن ﺟﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻹﺳﻼم اﻷوﻟﻰ‬
‫ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻚ ﻛﻢ ﻛﺎن اﻹﺳﻼم ﻣﻠﮭﻤﺎ ً ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻦ ﺗﺨﻄﺊ اﻟﻌﯿﻦ ﻣﺸﮭﺪ اﻟﺜﺎﺋﺮ‬
‫أﺑﻲ ذر ﯾﻠﮭﻢ اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﯿﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ زﻣﺎن‪ ،‬وھﻮ ﯾﻘﺮع رؤوس اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﻤﺘﺮﻓﯿﻦ ﺑﺨﻄﺎب‬
‫اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ واﻟﺬﯾﻦ ﯾﻜﻨﺰون اﻟﺬھﺐ واﻟﻔﻀﺔ وﻻ ﯾﻨﻔﻘﻮﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻠﮫ ﻟﮭﻢ ﻋﺬاب‬
‫أﻟﯿﻢ‪ ،‬وﯾﺼﺪع ﻓﻲ وﺟﻮھﮭﻢ ﺑﻘﻮل اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ‪ :‬ﻣﺎ آﻣﻦ ﺑﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻧﮭﺎر ﻣﻦ أﻣﺴﻰ‬
‫ﺷﺒﻌﺎن وﺟﺎره إﻟﻰ ﺟﻨﺒﮫ ﺟﺎﺋﻊ وھﻮ ﯾﻌﻠﻢ!!‬

‫وﺣﯿﻦ واﺟﮭﮫ ﺧﻄﺎب اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺪﯾﻤﺎﻏﻮﺟﯿﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻤﺎل ﻣﺎل اﻟﻠﮫ وﻧﺤﻦ‬
‫ﻧﺤﻔﻈﮫ ﺑﺈرادة اﻟﻠﮫ‪ ،‬ﺻﺮخ أﺑﻮ ذر‪ :‬ﺑﻞ ھﻮ ﻣﺎل اﻷﻣﺔ وﻗﺪ اﺳﺘﺄﻣﻨﻜﻢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻠﮫ‪ ،‬ﻟﺘﺮدوه‬
‫ﻓﻲ ﻋﺒﺎده‪ ،‬وإن اﻟﻠﮫ ﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ!!‪.‬‬

‫ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮاﻗﻔﮫ ﺗﻠﻚ ﺑﺪﻋﺎ ً ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻣﺔ ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻻﻋﺘﺬار ﻣﻨﮫ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮاءة ﺛﻮرﯾﺔ‬
‫ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ اﻟﻨﺺ‪ ،‬ﻗﺪﻣﮭﺎ أﺑﻮ ذر ﻟﻠﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﺣﺘﻰ أﻓﺮدھﺎ ﺑﺎﺣﺚ‬
‫إﺳﻼﻣﻲ ﺷﮭﯿﺮ ھﻮ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺼﻄﻔﻰ اﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺧﺎص ﺑﻌﻨﻮان‪ :‬اﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ‬
‫اﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫وﺣﺘﻰ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻔﻜﺮ ﻓﺈن اﻷﻧﺒﯿﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺒﺸﺮون ﺑﺎﻟﺤﺐ واﻟﺴﻼم ﻛﺎﻧﻮا أﯾﻀﺎ ً‬
‫ﯾﻤﺘﻠﻜﻮن ﻋﺰﯾﻤﺔ اﻟﺜﻮرة ﺣﯿﻦ ﺗﻜﻮن اﻟﺜﻮرة ﺿﺮورﯾﺔ ﻹﯾﻘﺎظ اﻹرادة اﻟﺨﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ‬
‫اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻧﻔﺴﮫ ﻧﺒﻲ اﻟﺤﺐ واﻟﺴﻼم دﺧﻞ اﻟﮭﯿﻜﻞ ﻏﺎﺿﺒﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎر اﻟﺪﯾﻦ وﻗﻠﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ‬
‫اﻟﻤﻮاﺋﺪ وﻗﺎل ﻟﮭﻢ اﻟﻮﯾﻞ ﻟﻜﻢ أﯾﮭﺎ اﻟﻜﺘﺒﺔ اﻟﻤﺮاؤون ﯾﺎ أﺑﻨﺎء اﻷﻓﺎﻋﻲ‪ ،‬إن أﺑﻲ ﺟﻌﻞ ﺑﯿﺘﮫ‬
‫دارا ً ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ وأﻧﺘﻢ ﺟﻌﻠﺘﻤﻮه ﻣﻐﺎرة ﻟﺼﻮص!!‪.‬‬

‫أﻣﺎ اﻹﺳﻼم ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ رﺳﺎﻟﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎم اﻷول ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻟﻌﻘﻮل ﻣﻦ اﻟﻮھﻢ واﻟﺨﺮاﻓﺔ‪،‬‬
‫وﻷﺟﻞ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ أطﻠﻖ ﺣﻤﻠﺘﮫ اﻟﺼﺎرﻣﺔ ﻟﻜﺴﺮ اﻷﺻﻨﺎم ﻓﻲ اﻷرض وﺗﺤﻄﯿﻢ اﻷﯾﻘﻮﻧﺎت‬
‫ﺟﻤﯿﻌﺎ ً‪ ،‬وﯾﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻗﻮل ﺑﺜﻘﺔ وﺑﺮھﺎن‪ ،‬إن اﻹﺳﻼم إذ ﺧﺘﻢ اﻟﻨﺒﻮة ﻓﺈﻧﮫ أﻋﻠﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل‬
‫ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺿﺒﺎب اﻟﺨﻮارق إﻟﻰ ﺿﯿﺎء اﻟﺴﻨﻦ وﻧﻮر اﻟﻌﻘﻞ‪.‬‬

‫واﻹﺳﻼم طﺮح رﺳﺎﻟﺘﮫ ﻓﻲ اﻷرض ﻣﺸﺮوع ﺗﺤﺮر راﺋﺪ اﻟﺘﻘﺖ ﻋﻠﯿﮫ آﻣﺎل اﻟﺸﺮﻓﺎء ﻓﻲ‬
‫اﻷرض وﺧﻄﺎﺑﮫ اﻟﻘﺮآﻧﻲ ﻛﺎن ﺑﻠﯿﻐﺎ ً واﺿﺤﺎ ً ﺣﯿﻦ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﻔﺎح ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﯿﻦ‬
‫ﻓﻲ اﻷرض ﺟﺰءا ًﻣﻦ اﻟﺠﮭﺎد ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻠﮫ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل‪ :‬وﻣﺎ ﻟﻜﻢ ﻻﺗﻘﺎﺗﻠﻮن ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻠﮫ‬
‫واﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻷرض‪.‬‬

‫ﺑﻜﻞ أﻣﺎﻧﺔ أﺷﻌﺮ أن ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻻﻣﺒﺮﯾﺎﻟﯿﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ وﺑﺮاﻣﺠﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﺤﻖ اﻟﻀﻌﻔﺎء‬

‫واﻟﻔﻘﺮاء ھﻲ اﻟﻘﺮاءة اﻟﺪﻗﯿﻘﺔ ﻟﺠﻮھﺮ اﻷﻣﺮ اﻟﻘﺮآﻧﻲ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎح ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻠﮫ‬
‫واﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻷرض‪.‬‬

‫إﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻗﺮاءة طﻮﺑﺎوﯾﺔ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﺠﺎﻣﻠﺔ ﺗﻔﺮﺿﮭﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺿﺮورﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪة‬
‫اﻟﻮطﻨﯿﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ھﻲ اﻟﯿﻮم ﺟﺰء ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻧﺤﺲ ﺑﺘﺸﺎرﻛﻨﺎ ﻣﻌﺎ ً ﻓﯿﮫ‪ ،‬وﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ‬
‫اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﺨﺎرج أوﺿﺢ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻗﺒﻞ ﻗﻠﯿﻞ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻤﻊ ﻟﻠﺴﯿﺪ‬
‫ﺧﺎﻟﺪ ﺣﺪادﯾﻦ زﻋﯿﻢ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﯿﻮﻋﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ وھﻮ ﯾﺪاﻓﻊ ﺑﺸﺮاﺳﺔ ﻋﻦ ﺳﻼح اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻦ ﺳﻼح ﺣﺰب اﻟﻠﮫ ﻋﻦ ﺳﻼح اﻟﺜﻮرة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ‪ ،‬وھﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﯾﺮﺳﻢ ﻋﻤﻖ‬
‫اﻟﺘﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻮطﻦ ﺿﺪ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ‬
‫واﻟﺘﯿﺎر اﻹﺳﻼﻣﻲ‪.‬‬

‫وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻤﻮﻗﻒ ﺟﺪ وﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﮭﺰل‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﻲ أﺳﻤﺢ ﻟﻨﻔﺴﻲ أن أﺧﺘﻢ ﻛﻠﻤﺘﻲ‬
‫ﺑﻤﻮﻗﻒ طﺮﯾﻒ ﺳﻤﻌﺘﮫ ﻣﻦ اﻷخ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺸﻌﻞ ﺣﯿﻦ ﺗﺤﺪث ﻋﻦ ذﻛﺮﯾﺎت رﺟﺎل‬
‫ﺣﻤﺎس ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺗﻌﺘﻘﻞ اﻟﻤﻨﺎﺿﻠﯿﻦ ﻓﻲ زﻧﺎزﻧﮭﺎ‬
‫وﻛﺎن اﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻮن ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺷﯿﻮﻋﯿﯿﻦ وإﺳﻼﻣﯿﯿﻦ وﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻄﻌﻮن اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻮار‬
‫واﻟﺠﺪل ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﻛﺎن اﻟﺠﺪل ﯾﺤﺘﺪم ﺑﯿﻨﮭﻢ وﺗﺤﻤﺮ اﻟﺤﺪق وﺗﺠﺤﻆ‬
‫اﻷﻋﻨﺎق ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻤﻌﮭﻢ ﻛﻠﻤﺔ ﺑﯿﻀﺎء ﻣﺤﺒﺒﺔ ﺗﺰرع ﻓﻲ وﺟﻮھﮭﻢ اﻟﺒﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ‬
‫ظﻠﻤﺔ اﻟﺰﻧﺎزﯾﻦ‪ :‬ﯾﺎ ﻋﻤﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ......‬ﺻﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ‪...‬‬

‫ﺟﻴﺮان وﺣﻘﻮق‪ ....‬ﻣﺴﻠﻤﻮن وﻛﺎﻓﺮون‬

‫ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ طﺎﻟﺐ أول ﻓﺪاﺋﻲ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وھﻮ وﺳﺎم ﺣﻖ ﻧﺎﻟﮫ أﺳﺪ اﻟﻠﮫ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﯾﻮم‬
‫اﻟﮭﺠﺮة اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﺣﯿﻦ ﻋﮭﺪ إﻟﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل أن ﯾﻨﺎم ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺷﮫ إﻟﻰ اﻟﺼﺒﺎح ﻣﻦ أﺟﻞ أن‬
‫ﯾﻤﻮه ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ أﻣﺮ ﺧﺮوج اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻣﻦ داره‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﺳﯿﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﺄﺟﯿﻞ‬
‫ﺧﺮوج اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﻄﺎردة اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻋﺪة ﺳﺎﻋﺎت وھﻲ ﺿﺮورﯾﺔ ﻟﯿﻜﻮن‬
‫اﻟﻤﮭﺎﺟﺮ ﻗﺪ ﻏﺎدر ﻣﻜﺔ‪..‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﮭﻤﺔ أﺧﺮى ﻋﮭﺪ ﺑﮭﺎ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ وھﻲ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻧﻤﺮ ﻋﻠﮭﺎ ﻋﺎدة ﻣﺮور اﻟﻜﺮام‬
‫وھﻲ أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻜﻠﻔﺎ ً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﺈﻋﺎدة اﻷﻣﺎﻧﺎت إﻟﻰ أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن‬
‫اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ أوﺛﻖ أھﻞ ﻣﻜﺔ ﻋﻨﺪ ﻗﺮﯾﺶ وﻛﺎن اﺳﻤﮫ اﻟﺼﺎدق اﻷﻣﯿﻦ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﯾﺶ‬
‫ﺗﻀﻊ ﻋﻨﺪه اﻟﻮداﺋﻊ‪ ،‬وﺣﯿﻦ أراد اﻟﮭﺠﺮة رأى ﻣﻦ واﺟﺒﮫ أن ﯾﺮد اﻷﻣﺎﻧﺎت إﻟﻰ‬
‫أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ ﻓﻌﮭﺪ ﺑﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ طﺎﻟﺐ‪ ،‬وﻗﺪ ﻛﻠﻔﮫ ذﻟﻚ ﻋﻨﺎء اﻟﺨﻄﺮ اﻷﻛﯿﺪ ﻓﻲ‬
‫ﺳﺒﯿﻞ اﻷﻣﺎﻧﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل اﺑﻦ إﺳﺤﺎق ‪ :‬وأﻗﺎم ﻋﻠﻰ ﺑﻦ أﺑﻰ طﺎﻟﺐ ﺑﻤﻜﺔ ﺛﻼث ﻟﯿﺎل وأﯾﺎﻣﮭﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ أدى ﻋﻦ‬
‫رﺳﻮل اﻟﻠﮫ اﻟﻮداﺋﻊ اﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪه‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﯾﺠﮭﻞ أن ﻗﺮﯾﺸﺎ ً َ◌ ﻣﺎﺿﯿﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﻣﺎﻟﮫ وﻣﺎل أﺻﺤﺎﺑﮫ ﻓﻘﺪ‬
‫اﺳﺘﺒﺎﺣﺖ دﻣﮫ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻣﺎ إن ﺧﺮج ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺣﺘﻰ وﺛﺒﺖ ﻗﺮﯾﺶ ﻋﺒﺮ أﺑﻲ ﻟﮭﺐ وﻣﻦ‬
‫ﻣﻌﮫ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ھﺎﺷﻢ ﻓﺒﺎﻋﻮا ﺑﯿﺖ اﻟﺮﺳﻮل وﻣﺘﺎﻋﮫ وﺑﯿﻮت أﺻﺤﺎﺑﮫ وأﻣﻼﻛﮭﻢ وراﺣﻮا‬
‫ﯾﺠﮭﺰون ﺑﮭﺎ ﻗﻮاﻓﻞ اﻟﺘﺠﺎرة إﻟﻰ اﻟﺸﺎم‪ ،‬واﻋﺘﺒﺮوھﺎ ﻏﻨﯿﻤﺔ ﻣﺸﺮوﻋﺔ!!‬
‫وﺣﯿﻦ ﻋﺎد اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻌﺪ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻋﻮام ﯾﻮم ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﮫ ﯾﺎ رﺳﻮل اﻟﻠﮫ أﻻ ﺗﻨﺰل‬
‫ﻓﻲ دارك ﻗﺎل ﻟﮭﻢ ﺑﻤﺮارة‪ :‬وھﻞ أﺑﻘﻰ ﻟﻨﺎ ﻋﻘﯿﻞ ﻣﻦ دار؟؟؟‬
‫ﺣﯿﻦ أﻗﺮأ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺗﺄﺧﺬﻧﻲ اﻟﺤﯿﺮة ﻣﻦ ﻓﺘﺎوى ﺑﺎﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﻣﺎل اﻟﻜﺎﻓﺮ‬
‫وﻣﺘﺎﻋﮫ‪ ،‬واﻟﻜﺎﻓﺮ ھﻨﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻄﺎطﺔ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺸﻤﻞ ﺗﺴﻌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻜﻮﻛﺐ‬
‫ﺑﺪءا ً ﻣﻦ ﺷﺎرون وﺑﻮش إﻟﻰ ﺑﻮﺗﯿﻦ إﻟﻰ ﺷﺎﻓﯿﺰ إﻟﻰ ﺑﺎﻧﻜﻲ ﻣﻮن ﺛﻢ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ‬
‫ﺑﺤﺎﻟﮭﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻨﺴﺤﺐ ھﺬه اﻟﻔﺘﺎوى ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯿﺪة واﻟﻤﺬھﺐ ورأى اﻟﻌﺎﻟﻢ‬
‫اﻟﻤﺸﮭﺪ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﺒﺎﺣﺔ اﻟﺪم واﻟﻌﺮض واﻟﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ اﻟﻤﻘﯿﺘﺔ‪،‬‬
‫وﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﺘﮭﻢ ﺑﺎﻟﺘﮭﻮﯾﻞ ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻼوة ﺳﻮداء ﻟﮭﺬه اﻟﻔﺘﺎوى ﻋﺒﺮ ﺷﺎﺷﺎت‬
‫اﻹﻋﻼم اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ﺣﯿﻦ ﺑﺪأ ﯾﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس اﻟﻘﺮﺻﺎن أﺑﻮ ﺣﻤﺰة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﯿﺪ اﻟﺸﻨﻜﻞ‬
‫اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻨﮫ اﻹﻋﻼم اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻧﺠﻤﺎ ً ﺗﻠﻔﺰﯾﻮﻧﯿﺎ ً ﯾﻤﻸ ﺷﺎﺷﺎت اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻟﯿﻤﺎرس‬
‫دوره ﻓﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﻠﮫ ﺑﺎﻟﻘﻨﺒﻠﺔ واﻟﺒﻨﺪﻗﯿﺔ اﻟﺤﺴﻨﺔ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ إﻗﺎﻣﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب‬
‫ﺑﻼد اﻟﻤﺸﺮﻛﯿﻦ ﻟﻢ ﯾﺘﺮدد ﻓﻲ ﻗﻮﻟﮫ‪ :‬ﻧﺤﻦ ﻧﻘﯿﻢ ھﻨﺎ اﺿﻄﺮارا ً وھﺬه اﻷرض ﻧﺠﺴﺔ‪،‬‬
‫وﻧﺤﻦ ﻧﺪﺧﻠﮭﺎ ﻟﻘﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ‪ ،‬وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﻓﺈن أوروﺑﺎ ھﻲ ﻣﺮﺣﺎض اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ!!!‬
‫أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﺠﻞ وأﻧﺎ أروي ﻛﻼﻣﺎ ً ﺳﺎﻗﻄﺎ ً ﻛﮭﺬا‪ ،‬وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻼﺋﻖ أن ﻻ أذﻛﺮ ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ‬
‫ھﻨﺎ ﻟﻮﻻ أن اﻟﻘﺮﺻﺎن اﻟﻤﺬﻛﻮر ذﻛﺮھﺎ ﻓﻲ ﺛﻼث ﻣﺤﻄﺎت أوروﺑﯿﺔ وﺷﺎھﺪھﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺎﺋﺔ‬
‫ﻣﻠﯿﻮن أوروﺑﻲ وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻌﻨﻲ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ً ﻋﺸﺮة آﻻف ﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﺳﯿﻘﺮؤون ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‬
‫ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﯾﺮ!!‬
‫ھﻞ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﺌﯿﻤﺔ ﻣﺴﻤﻮﻣﺔ ﻛﮭﺬه ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﮭﺎﺟﺮ اﻷول اﻟﺼﺎدق‬
‫اﻷﻣﯿﻦ‪ ،‬اﻟﺬي ﺗﺮك ﻋﻠﯿﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺷﮫ ﯾﺘﻌﺮض ﻟﺨﻄﺮ اﻟﻤﻮت ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﯾﺮد اﻟﻮداﺋﻊ‬
‫ﻷﺻﺤﺎﺑﮭﺎ‪:‬‬
‫ﻋﺬﯾﺮك ﻣﻦ ﺧﻠﯿﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺮاد‬ ‫أرﯾﺪ ﺣﯿﺎﺗﮫ وﯾﺮﯾﺪ ﻗﺘﻠﻲ‬
‫إﻧﮭﺎ رﺳﺎﻟﺔ ﺧﺎﻟﺪة ﻗﺮأھﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺳﻠﻮك اﻟﺮﺳﻮل‪ :‬ﻻ ﯾﺠﻮز أن ﯾﺨﺮﺟﻚ ﺳﻠﻮك‬
‫اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻚ اﻟﺮﺑﺎﻧﻲ‪.‬‬
 ‫ﺟﻴﺮان‪ .....‬ﻣﻊ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ‬
‫ھﻞ ﺗﺘﺠﮫ أوروﺑﺎ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم؟ إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻘﺼﻮد إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻼة وإﯾﺘﺎء اﻟﺰﻛﺎة وﺻﻮم‬
‫رﻣﻀﺎن وﺣﺞ اﻟﺒﯿﺖ ﻓﺒﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻓﺈن اﻟﺠﻮاب ﻻ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬
‫إذا ﻛﺎن اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺎﻹﺳﻼم ھﻮ ﻗﯿﻢ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻮﺣﺪة واﻟﻤﺴﺎواة واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﺈن‬
‫اﻟﺠﻮاب ﻧﻌﻢ ‪.‬‬

‫ھﺬه اﻟﻘﯿﻢ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﯾﻤﻜﻦ ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺘﮭﺎ اﻟﻤﺨﺒﺮﯾﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻻﺗﺤﺎد‬
‫اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ وﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪه طﻮﯾﻼً ﻓﻲ زﯾﺎرﺗﻲ اﻷﺧﯿﺮة ﻟﻌﺎﺻﻤﺘﻲ اﻻﺗﺤﺎد‬
‫اﻷوروﺑﻲ ﺑﺮوﻛﺴﻞ وﺳﺘﺮاﺳﺒﻮرغ‪ ،‬وﻣﻊ أن زﯾﺎرﺗﻲ ﻛﺎﻧﺖ ذات ھﺪف ﺳﯿﺎﺳﻲ ﯾﺘﺼﻞ‬
‫ﺑﺘﻮﻗﯿﻊ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﺸﺮاﻛﺔ ﻣﻊ اﻷوروﺑﯿﯿﻦ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻘﺘﻀﻲ أن ﻧﻤﻀﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺪﻗﯿﻖ‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞ أطﺮاف اﻟﺤﻮار اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺤﺪث ﺑﮭﺎ‪ ،‬وأن ﻧﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻟﻜﻞ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫ﺗﻘﺎل‪ ،‬وﻟﻜﻦ أﺗﺤﺪاك أن ﺗﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﯾﺰة اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﻐﺰى اﻟﻨﺠﺎح اﻷوروﺑﻲ‬
‫اﻟﻮﺣﺪوي واﻹﺧﻔﺎق اﻟﻤﺘﺘﺎﻟﻲ ﻟﻠﺘﺠﺎرب اﻟﻮﺣﺪوﯾﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺴﻮاء!!‪.‬‬

‫ﺑﺮوﻛﺴﻞ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺨﺠﻮﻟﺔ اﻟﮭﺎدﺋﺔ واﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﺖ طﻮﯾﻼً ﻣﻦ ﺑﻄﺶ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﻨﺎزي‬
‫اﻟﺠﺒﺎر ﻓﻲ اﯾﺎم ﺟﻨﻮﻧﮫ وﺑﻄﺸﮫ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺤﻠﻢ ﻻ ھﻲ وﻻ ﻣﻠﻜﮭﺎ أﻟﺒﯿﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ أن ﺗﺼﺒﺢ‬
‫ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬أوﺿﺢ ﺗﺠﺎرب اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ وأﻧﺠﺤﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﺤﻠﻒ اﻟﻨﺎﺗﻮ اﻟﺬي ﯾﺤﺸﺮ ﺟﻨﻮده ﻣﻦ اﻟﺠﻦ واﻹﻧﺲ واﻟﻄﯿﺮ ﻓﮭﻢ‬
‫ﯾﻮزﻋﻮن!!‬

‫ﺣﯿﻦ ﺗﺠﺘﺎز اﻟﻘﻨﻄﺮة اﻟﺠﺒﺎرة اﻟﻮاﺻﻠﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺒﻨﻰ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻟﻠﺒﺮﻟﻤﺎن اﻷوروﺑﻲ واﻟﻤﺒﻨﻰ‬
‫اﻟﺠﺪﯾﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺸﻌﺮ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻗﻄﺎر أﯾﻨﺸﺘﺎﯾﻦ اﻟﻌﺎﺑﺮ ﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﻀﻮء‪ ،‬واﻟﻤﺼﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻠﻚ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻜﺘﻠﺔ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﺎﻗﺔ‪ ،‬أو ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﻤﺸﺎﺋﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﯿﺰﯾﻖ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻤﯿﺘﺎﻓﯿﺰﯾﻖ‪ ،‬وﻛﺄن اﻟﻤﮭﻨﺪس اﻷوروﺑﻲ أراد أن ﯾﺬﻛﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻤﺂﺳﻲ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﮭﺎ‬
‫اﻷوروﺑﯿﻮن ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺮﻗﺖ أوروﺑﺎ ﻋﺪة ﻗﺮون‪ ،‬وﻛﺎن‬
‫ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻗﺮوﻧﺎ ً ﻛﺜﯿﺮة أﺧﺮى ﻟﻮﻻ أن أوروﺑﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ‪،‬‬
‫وھﻨﺎك ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﺎ أن ﺗﺨﺘﺎر ﺑﯿﻦ أﻓﻖ اﻟﺨﯿﺮ واﻓﻖ اﻟﺸﺮ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺑﯿﻦ أﻓﻖ اﻹﯾﻤﺎن‬
‫ﺑﺎﻟﻠﮫ واﻹﻧﺴﺎن وﺑﯿﻦ اﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻘﯿﻢ اﻟﺮوﺣﯿﺔ وﺗﻤﺠﯿﺪ اﻟﺒﻄﺶ واﻟﻐﻠﺒﺔ‪ ،‬ﺑﯿﻦ اﻟﻠﮫ اﻟﺮﺣﻤﻦ‬
‫اﻟﺮﺣﯿﻢ وﺑﯿﻦ إﻟﮫ اﻟﻘﻮة واﻟﺒﻄﺶ اﻟﺘﻠﻤﻮدي‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻓﻲ ﺳﯿﺎﺳﺘﮭﺎ اﻟﺒﯿﻨﯿﺔ‬
‫اﺧﺘﺎرت اﻟﺤﯿﺎة وﻣﻀﺖ ﻓﻲ درﺑﮭﺎ‪.‬‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﯾﺪھﺸﻚ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻋﺔ اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﺒﺮﻟﻤﺎن اﻷوروﺑﻲ ھﻮ ﻏﺮف اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻨﺎك‬
‫اﺛﻨﺘﺎن وﻋﺸﺮون ﻏﺮﻓﺔ ﺗﺮﺟﻤﺔ‪ ،‬وھﻮ ﻋﺪد اﻟﻠﻐﺎت اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﺤﺪث ﺑﮭﺎ اﻟﻨﻮاب‬
‫اﻷوروﺑﯿﻮن‪ ،‬وﺑﺒﺴﺎطﺔ ﺳﺘﺪرك أن اﻟﻠﻐﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ ﻣﺘﺸﻈﯿﺔ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮﯾﻦ‬
‫ﺷﻜﻼً ﻣﺘﻨﺎﻓﺮا ً وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻟﻦ ﯾﻜﻮن ﻣﺸﻜﻠﺔ إذا ﺗﺤﻘﻘﺖ إرادة اﻟﺘﻮﺣﺪ واﻟﺒﻨﺎء‪ ،‬وأدرك‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺎﺟﺘﮫ ﻷﺧﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن وﻣﺼﻠﺤﺘﮫ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎون واﻟﻮﺣﺪة‪ ،‬وأن اﻟﺨﻠﻖ‬
‫ﻛﻠﮭﻢ ﻋﯿﺎل اﻟﻠﮫ‪ ،‬وأن أﺣﺒﮭﻢ إﻟﻰ اﻟﻠﮫ أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻌﯿﺎﻟﮫ‪ ،‬وأﻗﺎم إرادة اﻟﻮﺣﺪة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﺎواة واﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻧﻌﺠﺰ اﻟﯿﻮم وﻧﺤﻦ ﻧﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻷﻣﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﺒﺮ‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﻟﻐﺘﻨﺎ واﺣﺪة ورﺑﻨﺎ واﺣﺪ وﻗﺒﻠﺘﻨﺎ واﺣﺪة وﻗﺮآﻧﻨﺎ واﺣﺪ أن ﻧﻘﯿﻢ ﺷﻜﻼً ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ ً ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮﺣﺪة?‬

‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻷوروﺑﺎ أن ﺗﻨﺠﺰ ﺗﺴﺎﻣﺤﮭﺎ اﻟﻠﻐﻮي ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺰ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺗﺴﺎﻣﺤﮭﺎ اﻟﺪﯾﻨﻲ‬
‫واﻟﺴﯿﺎﺳﻲ وﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﻌﺪدﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﺛﺮاء اﻟﺤﯿﺎة دﯾﻨﯿﺎ ً‬
‫وﺳﯿﺎﺳﯿﺎ ً وﻟﻐﻮﯾﺎ ً أﯾﻀﺎ ً‪ ،‬واﻹﻗﺮار ﺑﺄﻧﮫ ﻟﻮ ﺷﺎء رﺑﻚ ﻟﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس أﻣﺔ واﺣﺪة وﻻ‬
‫ﯾﺰاﻟﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ‪ ،‬واﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﻼف ﻛﻠﮫ ﻟﻮﻧﺎ ً ﻣﻦ اﻹﺑﺪاع ﯾﺴﺘﺤﻖ‬
‫اﻹﺷﺎدة واﻟﺜﻨﺎء وﻟﯿﺲ اﻟﺮﯾﺒﺔ واﻟﺘﺸﻜﯿﻚ‪.‬‬

‫ﺣﯿﻦ ﻗﺎﻣﺖ أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ ﺑﻜﻔﺎﺣﮭﺎ اﻟﻨﺎزي اﻟﺴﺎﺣﻖ ﻛﺎن ھﺘﻠﺮ ﯾﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ اﻟﺘﻠﯿﺪ‬
‫وﯾﺬﻛﺮ ﻋﺴﺎﻛﺮه اﻟﺸﺠﻌﺎن ﺑﺄﻣﺠﺎد أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وﻣﺮارا ً ﻣﻀﻰ ﯾﻌﺪد ﻟﮭﻢ اﻟﻌﻮاﺋﻞ‬
‫اﻟﻨﺒﯿﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠﻚ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ وﺑﻠﺠﯿﻜﺎ واﻻﺳﻜﻨﺪﻧﺎﻓﯿﺎ وھﻲ ﻋﻮاﺋﻞ أﻟﻤﺎﻧﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﺮب‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮاﯾﻦ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬إذن أﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ ان ﺗﺤﻜﻢ أوروﺑﺎ? ﻟﻘﺪ ﻗﺪم ﻋﻠﻰ إن ﻣﺠﺪ‬
‫اﻟﻌﺮق اﻟﻨﺎزي اﻷزرق أﻟﻒ دﻟﯿﻞ ودﻟﯿﻞ‪ ،‬ﻛﺎن ﯾﺼﺮخ ﻓﯿﮭﻢ ﺑﺒﺄس ﺷﺪﯾﺪ وﯾﺮﺗﻞ ﻋﻠﯿﮭﻢ‬
‫آﯾﺎت زارا ﻣﻦ رواﯾﺔ ﻓﯿﻠﺴﻮف اﻟﻘﻮة واﻟﺒﻄﺶ ﻓﺮﯾﺪرﯾﻚ ﻧﯿﺘﺸﮫ ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﮫ ﻓﯿﺨﺘﮫ‬
‫ﻓﯿﻠﺴﻮف ﻧﺰﻋﺔ اﻻﺳﺘﻌﻼء اﻻﻟﻤﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬ﺻﺎرﺧﺎ ً ﻓﻲ ﻣﺴﻤﻊ اﻷﻟﻤﺎن ھﺒﻮا أﯾﮭﺎ اﻷﺑﻄﺎل‪،‬‬
‫أﺑﻨﺎء اﻟﺪم اﻷزرق اﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻲ‪ ،‬إن آﺑﺎءﻛﻢ دﻓﻌﻮا ﺛﻤﻨﺎ ً ﻏﺎﻟﯿﺎ ً ﻷﺟﻞ أن ﺗﻨﻌﻤﻮا أﻧﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ‬
‫واﻟﺸﻤﻮخ‪ ،‬ﻻ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ اﻷرض ﻟﻠﻀﻌﻔﺎء‪ ،‬ﺳﻨﻘﺪم ﻣﻮاﻛﺐ اﻟﺸﺠﻌﺎن ﻟﻠﻤﻮت ﺣﺘﻰ‬
‫ﺗﻨﺘﺼﺮ اﻹرادة اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ اﻹﻟﮭﯿﺔ اﻟﻤﺠﯿﺪة وﯾﺪرك اﻟﻌﺎﻟﻢ أن اﻟﺮب ﯾﺮﯾﺪ ﻣﻦ أوروﺑﺎ أن‬
‫ﺗﺴﺠﺪ ﻓﻲ ﺧﺸﻮع ﻟﻠﺮاﯾﺦ ﻟﻠﺠﺒﺎر اﻟﺬي ارﺗﻮى ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ ﻣﻦ اﻟﺮاﯾﻦ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪.‬‬

‫ھﻨﺎ ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ اﻟﺨﺒﺮات اﻟﺨﻄﺎﺑﯿﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎﺟﮫ ھﻮ أن ﻧﻘﺮا‬
‫ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺤﻜﺎﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻮرﻣﺒﻮرغ!!‬

‫ﻛﺎن اﻟﻔﻮھﺮر ﻣﺴﻜﻮﻧﺎ ً ﺣﺘﻰ اﻟﺜﻤﺎﻟﺔ ﺑﻌﺸﻖ اﻟﻤﺠﺪ اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ اﻟﺘﻠﯿﺪ‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺠﺮم اﻟﻨﻄﻖ‬
‫ﺑﻐﯿﺮ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﻻ ﺷﻚ أﻧﮫ ﺳﺘﺼﯿﺒﮫ اﻟﺠﻠﻄﺔ ﻟﻮ رأى اﻟﯿﻮم أن اﻟﻠﻐﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ ھﻲ‬
‫ﻣﺠﺮد ﻟﻐﺔ زﻣﯿﻠﺔ ﻣﻊ أﺧﻮاﺗﮭﺎ اﻟﻠﻐﺎت‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﺗﺘﺴﺎوى ﻓﻲ اﻻﺣﺘﺮام ﻣﻊ اﻟﻤﺎﻟﻄﯿﺔ‬
‫واﻟﺒﻠﺠﯿﻜﯿﺔ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻟﻐﺔ اﻟﻠﮫ وﻻ ﻟﻐﺔ اﻟﺴﻤﺎء وﻻ ﻟﻐﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ!! إﻧﮭﺎ‬
‫ﻣﺤﺾ ﻟﻐﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻠﻐﺎت!‬
‫ﻣﻦ ﺷﻜﻮك اﻟﻤﺜﻘﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺪ اﻟﺠﺮﻣﺎﻧﻲ‬
‫ﻛﺜﯿﺮا ً ﻣﻦ اﻷﻟﻤﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﺳﻤﺤﻮا ﻷﻧﻔﺴﮭﻢ‬
‫ﺗﻔﻮق اﻟﻌﺮق اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ اﻟﺠﺒﺎر‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺮى‬
‫اﻟﺠﺒﺎرة‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﺮدد داﺋﻤﺎ ً ﻓﻲ اﻷﻟﻤﺎن أن‬
‫وأﻧﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب ﺣﯿﻦ ﻏﻀﺐ‬
‫اﻟﻤﻘﺪس‪ ،‬وھﻮ اﻟﺬي أﻟﻘﻰ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ‬
‫ﺑﺎﻋﺘﻘﺎد اﻟﻤﺴﺎواة ﻣﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وﺷﻜﻜﻮا ﻓﻲ‬
‫ﻓﯿﮭﻢ ﻋﻔﻨﺎ ً ﺑﺎﺋﺴﺎ ً ﯾﺴﻲء ﻟﻠﻨﮭﻀﺔ اﻷﻟﻤﺎﻧﯿﺔ‬
‫اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ ﻟﯿﺴﺖ وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮ!!‬

‫ﻓﮭﻞ ﻛﺎن اﻟﻔﻮھﺮر ﺻﺎﺋﺒﺎ ً ﺣﯿﻦ زج ﺑﺄوروﺑﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺮﻗﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ وھﻮ ﯾﺤﺴﺐ‬
‫أﻧﮫ ﯾﺤﺴﻦ ﺻﻨﻌﺎً?‬

‫اﻟﺠﻮاب ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﯾﻌﻨﯿﻨﺎ ھﻨﺎ ھﻮ ھﻞ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺪرس‬

‫اﻷوروﺑﻲ? وھﻞ ﻧﺪرك ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﯿﻮم ﻓﻲ ﻏﻤﺎر اﺧﺘﻼﻓﻨﺎ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻨﺘﮭﻲ أن‬
‫إرادة اﻟﻮﺣﺪة ﻟﻢ ﺗﻮﻟﺪ ﻓﻲ ﺿﻤﺎﺋﺮﻧﺎ ﺑﻌﺪ وإن ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﻛﺘﺒﻨﺎ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﻤﺠﻠﺪات وﺳﻮدﻧﺎ ﻓﯿﮭﺎ‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺋﻒ اﻟﻤﻄﻮﻟﺔ‪ ،‬وﻧﻈﻤﻨﺎ ﻓﻲ ھﺪﯾﮭﺎ اﻟﻘﺼﺎﺋﺪ اﻟﻌﺼﻤﺎء!!‬
‫ﻣﺎ ھﻮ اﻟﺴﺤﺮ اﻟﺬي وﺿﻌﮫ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻣﺎﺳﺘﺮﯾﺨﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻊ اﻷوروﺑﻲ اﻟﻤﻤﺘﺪ ﻗﺮوﻧﺎ ً‬
‫ﺣﺘﻰ ﺑﺮئ? وﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻮرد ﻣﻨﮫ اﻟﯿﻮم ﻟﻠﻤﺄﺳﺎة اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ وﻟﻺﺧﻔﺎق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﺬ‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ ً ﻓﻲ إﻧﺠﺎز أي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻟﻮﺣﺪة ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وھﻞ ھﻨﺎك ﺳﺤﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﮭﺮ اﻟﺮاﯾﻦ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﯾﺸﺮب ﻣﻨﮫ اﻟﻤﺘﺤﺎرﺑﻮن ﺣﺘﻰ‬
‫ﯾﺴﺘﺒﺪﻟﻮا اﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﺤﺮب‪ ،‬وﯾﻨﺠﺰوا رﺳﺎﻟﺔ اﻹﺧﺎء ﺑﻌﺪ أن أﻋﻤﺘﮭﻢ رﯾﺢ اﻟﻜﺮاھﯿﺔ؟‬

‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أﻧﺎ ﻻ أﺗﻜﻠﻢ ھﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻲ ﻓﻠﺴﺖ ﻣﻦ اﻟﺴﺬاﺟﺔ ﺑﺤﯿﺚ‬
‫أﺗﺼﻮر أن اﻟﻨﻌﯿﻢ اﻷوروﺑﻲ ھﻮ ﻓﻮرة ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺼﺎدﻗﺔ اﻟﺪاﻓﺌﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺎ ﻣﺴﻜﻮن‬
‫ﺑﺴﺤﺮ اﻟﺸﺮق وﻻ زﻟﺖ اﻋﺘﻘﺪ ﻛﻤﺎ ﯾﻌﺘﻘﺪ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻓﻼﺳﻔﺔ أوروﺑﺎ ﺑﺄن اﻟﺮوح ﻣﺎﺗﺖ‬
‫ھﻨﺎك ﻣﻨﺬ زﻣﻦ طﻮﯾﻞ وان اﻟﺤﺐ ھﺮطﻘﺔ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﮭﺎ طﺮطﻘﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻔﻮﻻذﯾﺔ‬
‫اﻟﺜﻘﯿﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﺎرع اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﻘﻮﯾﺔ اﻟﻤﺼﻔﺤﺔ ذات اﻟﺪﻓﻊ‬
‫اﻟﺮﺑﺎﻋﻲ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﻜﺎن ﻓﯿﮭﺎ ﻟﻠﺮوﻣﺎﻧﺲ وأوھﺎﻣﮫ‪.‬‬

‫وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻨﮫ ھﻨﺎ ھﻮ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻷوروﺑﯿﺔ‪ ،‬ﻧﻌﻢ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﯿﻘﻈﺖ‬
‫ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻋﻘﻞ وﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻗﺘﺴﺎم ﻋﺎدل ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ واﻟﺜﺮوة‪ ،‬وآﻣﻨﺖ ﺑﺤﻖ‬
‫اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة واﻟﻌﺪل‪ ،‬وﺣﻘﻘﺖ اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺸﻌﻮﺑﮭﺎ‪ ،‬ووﻓﺮت اﻟﻀﻤﺎن‬
‫اﻟﺼﺤﻲ‪ ،‬ووﺿﻌﺖ أﻟﻒ ﻗﯿﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮك اﻟﺠﯿﻮش إﻟﻰ ﺑﻼد اﻵﺧﺮﯾﻦ‪ ،‬ودﻓﻌﺖ ﺑﺎﻟﺠﯿﺶ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺘﻨﻤﯿﺔ‪ ،‬وﺟﻌﻠﺖ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﯾﺘﻮﺳﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﺴﯿﺪ‬
‫اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬وﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن اﻟﺸﮭﺪاء ﯾﺘﺰاﺣﻤﻮن ﻟﻘﺘﺎل اﻟﻤﺤﺘﻞ اﻷوروﺑﻲ وﯾﺪﻓﻌﻮن ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ‬
‫ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻟﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺑﻌﺎده وطﺮده‪ ،‬ﻓﮭﺆﻻء أﺑﻨﺎء اﻟﺸﮭﺪاء أﻧﻔﺴﮭﻢ ﯾﺘﻨﺎﻓﺴﻮن اﻟﯿﻮم ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺴﻔﺎرات اﻷوروﺑﯿﺔ ﻟﺘﺤﺼﯿﻞ ﻓﯿﺰا دﺧﻮل وإﻗﺎﻣﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﮭﻢ ﺑﺎﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻨﻌﯿﻢ‬
‫اﻷوروﺑﻲ!!‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﻐﯿﺮ؟ وﻓﻖ ﺟﻮدت ﺳﻌﯿﺪ ﻓﺈن اﻟﺬي ﺗﻐﯿﺮ ھﻮ ظﺮف اﻟﻤﻜﺎن‪ ،‬ﻓﺤﯿﻦ ﻗﺎل‬
‫اﻟﻔﻮھﺮر‪ :‬أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ ﻓﻮق اﻟﺠﻤﯿﻊ أﺣﺮق اﻟﻌﺎﻟﻢ!! ﻷن أﺣﺪا ً ﻻ ﯾﺮﯾﺪ وﻻ ﯾﺮﺿﻰ أن ﯾﻜﻮن‬
‫ﺗﺤﺖ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﻗﺎل اﻷﻟﻤﺎن اﻟﺠﺪد أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻤﯿﻊ!! ﺗﻮﺣﺪت أوروﺑﺎ وأﻧﺘﺠﺖ أﻗﻮى‬
‫ﻣﺜﺎل ﻟﻠﺘﻌﺎون اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻤﺴﺎواة واﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺴﻮاء‪.‬‬

‫إﻧﮭﺎ ﺑﻮﺟﮫ ﻣﺎ إﺣﺪى وﺟﻮه ﻓﮭﻢ اﻟﻨﺺ اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻟﻜﺮﯾﻢ‪ :‬ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺳﻮاء ﺑﯿﻨﻨﺎ‬
‫وﺑﯿﻨﻜﻢ )اﻟﺘﺴﺎوي ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت( أن ﻻ ﻧﻌﺒﺪ إﻻ اﻟﻠﮫ وﻻ ﻧﺸﺮك ﺑﮫ ﺷﯿﺌﺎ ً وﻻ‬
‫ﯾﺘﺨﺬ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎ ً أرﺑﺎﺑﺎ ً ﻣﻦ دون اﻟﻠﮫ )اﻧﺘﮭﺎء اﻟﺪﯾﻜﺘﺎﺗﻮرﯾﺎت واﻟﺪم اﻟﺠﺮﻣﺎﻧﻲ‬
‫اﻟﻤﻘﺪس(‪.‬‬

‫ﺟﻴﺮان ‪ ......‬ﻏﺎﻧﺪي وﻏﻴﻔﺎرا‬

‫وﺟﮭﺎ ً ﻟﻮﺟﮫ‪ :‬أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ وﺟﻮدت ﺳﻌﯿﺪ‪ ،‬ﻧﺎر اﻟﺜﺄر وروح اﻟﻐﻔﺮان‬

‫ﻣﻦ وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮي ﻓﺈن اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺳﻤﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎ ً ﻷﻧﮫ أوﻟﻰ ﻣﺤﺎﻓﻞ اﻷرض ﺑﺠﻤﻊ اﻟﻨﺎس‬
‫ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻣﺸﺎرﺑﮭﺎ وطﺒﺎﺋﻌﮭﺎ وﺛﻘﺎﻓﺎﺗﮭﺎ وأدﯾﺎﻧﮭﺎ‪ ،‬وﺧﻄﺐ اﻟﺠﻤﻌﺔ ھﻲ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫ﻣﺆﺗﻤﺮات ﻣﺠﺎﻧﯿﺔ ﺗﻨﻌﻘﺪ ﻛﻞ ﯾﻮم ﺟﻤﻌﺔ ﺗﺤﺘﺸﺪ ﻓﯿﮭﺎ طﺎﻗﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﺳﺮه وﯾﺘﺎح‬
‫ﻟﻠﻨﺎس أن ﺗﻠﺘﻤﺲ ﺑﻮارق اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﺗﺼﺎدم اﻷﻓﻜﺎر‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻔﺎﺟﺄة ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺰھﺮاء ﺑﺪﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻓﺤﯿﻦ ﻓﺮﻏﻨﺎ ﻣﻦ ﺻﻼة اﻟﺠﻤﻌﺔ ﻛﺎن ﯾﻤﯿﻦ‬
‫اﻟﻤﺤﺮاب ھﺬه اﻟﻤﺮة ﻣﻦ ﻧﺼﯿﺐ أﺳﺘﺎذﯾﻦ ﻛﺒﯿﺮﯾﻦ ھﻤﺎ اﻟﺸﯿﺦ ﺟﻮدت ﺳﻌﯿﺪ واﻟﻤﻨﺎﺿﻞ‬
‫أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ‪ ،‬رﺟﻞ اﻟﺤﺐ ورﺟﻞ اﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻏﺎﻧﺪي وﻏﯿﻔﺎرا‪ ،‬ﻓﯿﻨﻮس وﻣﺎرس!!‪،‬‬
‫وﻣﺒﺎﺷﺮة ﺣﻤﻠﺖ إﻟﻲ ﻋﯿﻮن اﻟﻨﺎس ﺳﺆاﻻً واﺣﺪاً‪ :‬ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ ﺧﯿﺎر اﻟﺸﯿﺦ‬
‫ﺟﻮدت ﺳﻌﯿﺪ وﺧﯿﺎر أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ وﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻛﻤﺎ ھﻮ واﺿﺢ ﻋﻠﻰ طﺮﻓﻲ ﻧﻘﯿﺾ‪،‬‬
‫ﻓﺠﻮدت ﺳﻌﯿﺪ رﺟﻞ اﻟﻼﻋﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﯾﺤﺐ أﺻﺪﻗﺎؤه أن ﯾﻨﺎدوه ﺑﻐﺎﻧﺪي اﻟﻌﺮب‪،‬‬
‫وﺻﻮرﺗﮫ اﻟﻤﺤﺒﺒﺔ إﻟﯿﮫ ھﻲ ﻋﻨﺎﻗﮫ ﻣﻊ اﻟﺪاﻻي ﻻﻣﺎ ﺣﻤﺎﻣﺔ اﻟﺴﻼم ﻓﻲ اﻟﮭﻤﺎﻻﯾﺎ‪ ،‬وﻣﻊ‬
‫أﻧﮫ ﯾﻘﯿﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﯾﻂ اﻟﺸﺎﺋﻚ ﻓﻲ ﺑﯿﺮ ﻋﺠﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻮﻻن ﻓﮭﻮ ﯾﺼﻠﻲ داﺋﻤﺎ ً ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫اﻟﺴﻼم‪ ،‬ﯾﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺤﺐ وﯾﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﺤﺮب‪ ،‬ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﺬﻛﺮ اﻟﻨﺎس أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﺛﺎﺋﺮا ً ﻣﻨﺘﻔﻀﺎ ً‬
‫ﻋﻠﻰ ﺧﯿﺎر اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ واﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺑﻜﻞ أطﯿﺎﻓﮭﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﺼﻔﺖ اﻧﺘﻔﺎﺿﺘﮫ اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ‬
‫ﺑﺎﻷﯾﻘﻮﻧﺎت ﺟﻤﯿﻌﺎ ً وﻣﺰﻗﺖ ﻛﻞ وﺛﺎﺋﻖ ﻛﺎﻣﺐ دﯾﻔﯿﺪ وﻣﺸﺮوع ﻓﺎس وأوﺳﻠﻮ وﺟﻨﯿﻒ‬
‫وﺷﯿﻔﺎردز ﺗﺎون وﺷﺮم اﻟﺸﯿﺦ‪ ،‬وﺧﺮاﺋﻂ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﺗﻔﺎھﻤﺎت ﺗﻨﺖ وﺧﻄﺔ اﻟﻄﺮﯾﻖ‬
‫وﻣﺒﺎدرة ﺑﯿﺮوت‪ ،‬ورﻓﻌﺖ ﺷﻌﺎر اﻟﺒﻨﺪﻗﯿﺔ‪ ،‬وأطﻠﻘﺖ اﻟﻄﯿﺮان اﻟﺸﺮاﻋﻲ اﻻﺳﺘﺸﮭﺎدي‬
‫ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻛﺘﺎﺋﺐ اﻟﻌﺪو‪.‬‬
‫وﻣﺒﺎﺷﺮة ﺣﻤﻠﺖ اﻟﺴﺆال إﻟﯿﮭﻤﺎ ﺑﺼﻮرة ﺻﺎدﻣﺔ‪ :‬ﻓﯿﻨﻮس وﻣﺎرس!! أھﻼً ﺑﻜﻤﺎ ‪ ،‬ﻟﻘﺪ‬
‫ﺟﻤﻌﻜﻤﺎ اﻟﻤﺤﺮاب‪ ،‬رﻣﺰ اﻟﻌﻨﻒ ورﻣﺰ اﻟﻼﻋﻨﻒ‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﺳﺘﺘﺼﺮﻓﺎن؟‬
‫ﻛﺎن ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺪون ﺑﺎﻵﻻف ﯾﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﻤﺸﮭﺪ ﻣﺎض إﻟﻰ طﻮﺷﺔ‬
‫أﻛﯿﺪة ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻤﻌﺎﻛﺲ‪ ،‬وأﻧﮭﻤﺎ ﻟﻦ ﯾﺤﺘﺎﺟﺎ ﻓﯿﺼﻞ ﻗﺎﺳﻢ ﻟﯿﻠﮭﺐ اﻟﺨﺼﺎم‪ ،‬وأن‬
‫اﻟﺮﺟﻠﯿﻦ ﻋﻠﻰ درﺑﯿﻦ ﻣﺘﻔﺎرﻗﯿﻦ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻠﻌﻦ ﻋﻘﻠﻚ!! ﻓﮭﯿﮭﺎت‬
‫أن ﯾﺠﺘﻤﻊ ﺧﻄﺎب اﻟﻤﺮﺣﻤﺔ ﺑﺨﻄﺎب اﻟﻤﻠﺤﻤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ؟‬
‫ﺟﻮدت وﻗﻒ ﺑﻔﺮح وﺣﺒﻮر وﻗﺎل ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺘﮫ اﻟﻤﺸﮭﻮرة أھﻼً ﺑﺎﻟﻤﺠﺎھﺪ أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ‪،‬‬
‫ﻧﺤﻦ ﻓﻲ درب واﺣﺪة‪ ،‬دﻋﻨﻲ أذﻛﺮك ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﺸﯿﺦ أﺣﻤﺪ ﯾﺎﺳﯿﻦ ﺣﯿﻦ ﺗﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﮫ ﻣﻦ ﺗﻞ‬
‫أﺑﯿﺐ إﻟﻰ ﻋﻤﺎن وﻛﺎن ﻣﻘﯿﺪا ً إﻟﻰ ﻧﻘﺎﻟﺔ ﻣﺤﻤﻮﻟﺔ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﺳﺄﻟﮫ ﺻﺤﻔﻲ ﻣﺘﻮﺛﺐ‪ :‬ﻛﯿﻒ‬
‫ﺳﺘﺘﺼﺮﻓﻮن ﺣﯿﺎل اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ؟ وﺑﻠﻐﺔ ﺳﮭﻠﺔ ﺑﺴﯿﻄﺔ ﻗﺎل‪ :‬اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﺑﺎﻗﯿﺔ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ‬
‫اﻻﺣﺘﻼل!!‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﺳﺄﻟﮫ اﻟﺼﺤﻔﻲ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﮫ ﻣﻦ اﻟﺨﻼف ﻣﻊ ﻓﺘﺢ وﻛﯿﻒ ﺳﺘﻮاﺟﮭﻮن‬
‫أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻓﺮﻋﺎ ً أﻣﻨﯿﺎ ً أﺳﺴﺘﮭﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﺣﻤﺎس‪ ،‬ﻗﺎل‬
‫ﺑﺒﺴﺎطﺔ‪ :‬ﻟﺌﻦ ﺑﺴﻄﺖ إﻟﻲ ﯾﺪك ﻟﺘﻘﺘﻠﻨﻲ ﻣﺎ أﻧﺎ ﺑﺒﺎﺳﻂ ﯾﺪي إﻟﯿﻚ ﻷﻗﺘﻠﻚ إﻧﻲ أﺧﺎف اﻟﻠﮫ‬
‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪.‬‬
‫واﺿﺢ إذن أن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺘﻨﻮﯾﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي ﯾﻘﻮده ﺟﻮدت ﺳﻌﯿﺪ ﻟﯿﺲ ﻣﻮﻗﻔﺎ ً أﺑﻠﮫ ﻛﻤﺎ‬
‫ﯾﺘﻮھﻤﻮن‪ ،‬وھﻮ ﻻ ﯾﻔﻜﺮ ﺑﺈدارة ﺧﺪه اﻷﯾﺴﺮ ﻟﻤﻦ ﻟﻄﻤﮫ ﻋﻠﻰ اﻷﯾﻤﻦ‪ ،‬وﻟﻦ ﯾﻌﻄﻲ إزاره‬
‫ﻟﻤﻦ ﺳﺮق ﻣﻨﮫ رداءه‪ ،‬ﺑﻞ ھﻮ ﺣﺮﯾﺺ أن ﻻ ﯾﻠﻄﻢ وﻻ ﯾﻠﻄﻢ‪ ،‬وﻻ ﯾﻈﻠﻢ وﻻ ﯾﻈﻠﻢ‪ ،‬وھﻮ‬
‫ﯾﻔﺮق ﺑﻮﺿﻮح ﺑﯿﻦ اﻟﺠﮭﺎد وﺑﯿﻦ اﻟﻔﺘﻨﺔ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﻣﻨﺤﮫ وﺿﻮﺣﺎ ً ﻓﻲ اﻟﺮؤﯾﺔ وﻣﻀﺎء ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺰﯾﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺟﺒﺮﯾﻞ ﺑﺪوره ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻓﻲ ﺟﻮاﺑﮫ ﯾﻨﺎطﺢ اﻟﺼﺨﺮ أو ﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻮھﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﺗﺤﺪث‬
‫ﺑﻌﻔﻮﯾﺘﮫ وﺑﺴﺎطﺘﮫ اﻟﻮدودة ﻣﻮﺟﮭﺎ ً ﻛﻼﻣﮫ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﯾﻮن اﻟﺪاﻧﻤﺮﻛﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن‬
‫ﺣﺎﺿﺮا ً ﯾﺴﺠﻞ اﻟﻤﺸﮭﺪ إﯾﺎه‪ :‬ﻟﯿﺲ ﻟﺪﯾﻨﺎ ﻟﻌﻨﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻧﺘﻮارﺛﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﯿﮭﻮد‪ ،‬ﻟﺪﯾﻨﺎ ھﺪف‬
‫واﺣﺪ ﻋﺎدل وھﻮ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ‪ ،‬إن أﻣﺮﯾﻜﺎ ﺗﻔﮭﻤﺖ ﻣﺒﺮر ﻋﻮدة اﻟﯿﮭﻮدي اﻟﺘﺎﺋﮫ‬
‫اﻟﺬي ﯾﺰﻋﻢ أن آﺑﺎءه ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﻋﺎم ﻣﺮوا ﻣﻦ ھﻨﺎ!! وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﺣﺘﻰ اﻵن‬
‫ﻣﻦ ﻓﮭﻢ ﺣﻖ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ اﻟﺬي وﻟﺪ ھﻮ وأﺑﻮه وﺟﺪه ﻋﻠﻰ ﺗﺮاب ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ واﻟﺬي ﻻزال‬
‫ﯾﻤﻠﻚ أوراق اﻟﻄﺎﺑﻮ وﻣﻔﺘﺎح اﻟﺪار واﻟﻐﺮﺑﺎل واﻟﻜﻮﻓﯿﺔ واﻟﻤﺎﻋﻮن واﻟﺸﯿﺸﺔ اﻟﺘﻲ راﻓﻘﺘﮫ‬
‫ﻓﻲ رﺣﻠﺔ اﻟﻌﻨﺎء واﻟﮭﺮب ﻣﻦ ﻣﻄﺤﻨﺔ اﻟﻤﻮت اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺒﺜﮭﺎ اﻻﺣﺘﻼل ﻓﻲ ﻛﻞ وﺟﮫ‪.‬‬
‫ﺳﺄل اﻟﺪاﻧﻤﺮﻛﻲ ﺑﺬھﻮل‪ :‬أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ!! أﻻ ﺗﺮﯾﺪ أن ﺗﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﯿﮭﻮد ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ؟؟ ﻗﺎل‬
‫أﺣﻤﺪ ﺟﺒﺮﯾﻞ ﺑﻌﻔﻮﯾﺔ وﺻﺪق‪ :‬ﻛﻞ ﻣﺎ أرﯾﺪه ھﻮ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ أرﺿﻲ ووطﻨﻲ‪ ،‬وﺑﺈﻣﻜﺎن‬
‫ﻛﻞ أھﻞ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻌﯿﺶ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺄﻣﺎن‪ ،‬ھﻞ ﺗﺮى ﻓﻲ ھﺬا أدﻧﻰ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ أو ﻣﻜﺎﺑﺮة‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺤﺴﻮس؟ إﻧﮭﺎ ﻣﺤﺾ رﺟﺎء! ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ رﺟﺎء ﻛﻞ طﺎﺋﺮ أن ﯾﺆوب إﻟﻰ ﻋﺸﮫ‬
‫وﻛﻞ ﻣﺴﺎﻓﺮ أن ﯾﺤﻂ ﻋﺼﺎه وﯾﺴﺘﻘﺮ ﺑﮫ اﻟﺮﺣﻰ‪.‬‬
‫ﻛﻢ ھﻮ راﺋﻊ أن ﺗﺼﻐﻲ إﻟﻰ ﺻﻮت اﻟﻌﻘﻞ وﻋﻨﺪ ذاك ﻟﻦ ﯾﻜﻮن اﻻﺧﺘﻼف إﻻ ﺗﻮﺳﻌﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ ورﺑﻤﺎ ﺗﻜﺎﻣﻼً ﻓﻲ إدراك اﻷدوار ﻣﻦ أﺟﻞ ھﺪف واﺣﺪ ھﻮ ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻷرض‬
‫واﻹﻧﺴﺎن ﻧﺘﻨﺎوب ﻓﯿﮫ اﻷﺛﺮ واﻟﺘﺄﺛﯿﺮ‪.‬‬
‫إن إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺗﺘﺼﺮف ﻣﻊ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺑﺮاﻏﻤﺎﺗﯿﺔ ﻣﺘﻨﺎوﺑﺔ ﺑﺘﻨﺎﺳﻖ أدوار رھﯿﺐ ﯾﺨﺪم‬
‫ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻣﺼﻠﺤﺔ إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ واﺣﺪة‪ ،‬إﻧﮭﻢ ﯾﺤﺎوروﻧﻨﺎ ﺑﺒﯿﺮﯾﺰ وﯾﮭﺪدوﻧﻨﺎ ﺑﻠﯿﺒﺮﻣﺎن‬
‫وﯾﻠﻌﻨﻮﻧﻨﺎ ﺑﺸﺎس وﯾﺤﻘﺪون ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﻜﺎخ‪ ،‬وﯾﺒﺘﺴﻤﻮن ﻟﻨﺎ ﺑﻤﯿﺮﺗﺲ وﯾﻘﺼﻔﻮﻧﻨﺎ ﺑﺄوﻟﻤﺮت‬
‫وﯾﺨﺎﺗﻠﻮﻧﻨﺎ ﺑﻤﺠﻠﻲ وھﺒﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﺟﻤﯿﻌﺎ ً إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﻮن‪ ،‬ﻓﮭﻞ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻣﻨﮭﻢ؟؟‬
‫ھﻨﺎ أﺗﺴﺎءل ﺑﺠﺪ أﯾﻨﺎ أوﻟﻰ ﺑﻘﻮل اﻟﻠﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪ :‬ﺑﺄﺳﮭﻢ ﺑﯿﻨﮭﻢ ﺷﺪﯾﺪ‪ ،‬ﺗﺤﺴﺒﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌﺎ ً وﻗﻠﻮﺑﮭﻢ‬
‫ﺷﺘﻰ!!‬
‫ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن أن ﻧﺴﺘﻔﯿﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻣﻦ اﺧﺘﻼﻓﻨﺎ وأن ﻧﺪرك أﻧﮫ ﺳﯿﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻛﺜﯿﺮا ً ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ‬
‫ﻣﺎ ﻧﺮﯾﺪ‪ ،‬ﻓﺎﺧﺘﻼف أﻣﺘﻲ رﺣﻤﺔ‪ ،‬وأﻋﻠﻢ اﻟﻨﺎس أﻋﻠﻤﮭﻢ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻨﺎس‪ ،‬وھﻮ ﻣﻌﻨﻰ‬
‫ﻧﻈﻤﮫ زھﯿﺮ ظﺎظﺎ‪:‬‬
‫ﺣﻮل ذي ﺣﺴﻦ ﯾﺪق‬ ‫رب ﻗﻮم ﻓﻲ اﺧﺘﻼف‬
‫وھﻮ ﻓﻲ اﻟﺠﻮھﺮ ﺣﻖ‬ ‫ﯾﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ اﺧﺘﻼف‬

‫ﺣﯿﻦ أﻛﺘﺐ ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﺈن ﻣﺼﺎرع اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ ھﺬا اﻷﺳﺒﻮع ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﻤﺮارة ﻓﺎﻟﻘﺘﻞ ھﺬه اﻟﻤﺮة ﻟﯿﺲ ﺑﯿﺪ اﻟﻌﺪو اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ وﻟﻜﻨﮫ ﺑﯿﺪ رﻓﺎق اﻟﺪرب وإﺧﻮة‬
‫اﻟﺴﻼح‪ ،‬وﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻐﺪر أﺑﺸﻊ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ أطﻔﺎل أﺑﺮﯾﺎء ﻣﻊ ﺳﺎﺋﻘﮭﻢ ﻋﻦ ﻋﻤﺪ‬
‫وﺗﺼﻤﯿﻢ‪ ،‬أﻋﺮف أطﻔﺎﻻً ﻗﺘﻠﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب ﻓﻲ ﺗﻔﺠﯿﺮات ﻛﺜﯿﺮة وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ أﻋﺮف ﻓﻲ‬
‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻐﺪر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أن أطﻔﺎﻻً أﺷﻘﺎء ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺘﻠﻮا ﺑﺘﺼﻮﯾﺐ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ رؤوﺳﮭﻢ ﻓﻲ‬
‫طﺮﯾﻘﮭﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وھﻢ ﯾﺤﻠﻤﻮن ﺑﺮوح اﻟﻌﺼﺎﻓﯿﺮ وﺑﺮاءة اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ھﻮ‬
‫أﺳﻮأ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﯾﻤﺔ أن ﯾﻨﺘﻈﺮ ﻓﺎﻋﻠﻮھﺎ اﻷﺟﺮ واﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﮭﺎ ﻧﻀﺎل ﺗﺤﺮري!!‬
‫أﻻ ﻟﻌﻨﺔ اﻟﻠﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﺎ ً ﺑﻐﯿﺮ ﻧﻔﺲ أو ﻓﺴﺎد ﻓﻲ اﻷرض ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻗﺘﻞ‬
‫اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎ وﻣﻦ أﺣﯿﺎھﺎ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ أﺣﯿﺎ اﻟﻨﺎس ﺣﻤﯿﻌﺎً‪.‬‬
‫ﻓﮭﻞ ﯾﺼﻐﻲ اﻟﻤﺘﻘﺎﺗﻠﻮن إﻟﻰ ﺻﻮت اﻟﻌﻘﻞ وﯾﺪرﻛﻮن أﻧﻨﺎ ﻧﻄﺒﺦ ﻛﻔﺎﺣﺎ ً ﺛﻮرﯾﺎ ً ﻓﺎرﻏﺎ ً ﺣﯿﻦ‬
‫ﻧﻄﻤﺲ إرادة اﻟﺤﻮار‪ ،‬وﻧﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ واﻟﺘﺨﻮﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ‪،‬‬
‫وأﻧﻨﺎ إذ ذاك ﻻ ﻧﻠﺘﻔﺖ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﺸﺎرك ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ واﻟﻤﺼﯿﺮ‪،‬‬
‫وھﻮ ﻣﺎ ﺳﯿﻌﻮد ﺑﺄﻓﺪح اﻷﺿﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ‪.‬‬
 ‫ﺟﻴﺮان ﻓﻲ ﻏﺎﺑﺔ!!!‪ ...‬ﻗﺮاءة ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻮن‬

‫ﺟﯿﺮان ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻛﺐ واﺣﺪ ﻣﺸﺮوع ﺣﻀﺎري ﻧﺎدى ﺑﮫ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺸﺮﻓﺎء واﻟﺤﻜﻤﺎء‬
‫ﻋﺒﺮ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬه اﻵﻣﺎل اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺗﺘﻌﺮض ﺑﯿﻦ ﺣﯿﻦ وآﺧﺮ ﻷﺷﻜﺎل ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻜﺮ‬
‫ﻟﻘﯿﻢ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ‪ ،‬وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺑﺮز أﺷﻜﺎل ھﺬا اﻟﻀﻼل ﻣﺎ ﯾﻤﺎرﺳﮫ ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻤﻔﻜﺮﯾﻦ اﻟﻐﺮﺑﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻹﺻﺮار ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﻼء اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻐﺮﺑﻲ وﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻜﻢ‬
‫ﺑﺸﻌﻮب اﻷرض‪ ،‬وھﻲ ﻧﻈﺮة ﺗﻜﺮﺳﺖ ﻣﻊ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر‪ ،‬واﺗﺨﺬت ﺷﻜﻼً‬
‫اﻣﺒﺮﯾﺎﻟﯿﺎ ً ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻋﺎدت ﻣﺮة أﺧﺮى إﻟﻰ‬
‫أﻋﺬار اﻟﻌﺼﺮ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري وأدواﺗﮫ‪ ،‬وأﺟﺎزت ﺑﻐﻄﺎء ﺑﺮﻟﻤﺎﻧﻲ ودﯾﻤﻘﺮاطﻲ ﺗﺒﺮﯾﺮ‬
‫ﺷﻦ ﺣﺮوب ﺟﺪﯾﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وأﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن واﻟﺼﻮﻣﺎل وﻏﯿﺮھﺎ وھﻲ‬
‫ﺣﺮوب أﺛﺒﺘﺖ ﺑﻤﺎ ﯾﻘﻄﻊ اﻟﺸﻚ أن اﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻷرض ھﻢ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﯾﺪﻓﻊ أﺛﻤﺎﻧﮭﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﯾﺒﻘﻰ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪون ﻓﻲ أﺑﺮاج ﻣﻦ ﻋﺎج‪.‬‬

‫ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ ﻣﻔﻜﺮ أﻣﺮﯾﻜﻲ ﻏﯿﺮ ﻋﺎدي أطﻠﻖ رؤﯾﺘﮫ ﻋﺎم ‪ 1992‬ﻋﺒﺮ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﺸﮭﯿﺮ ﻧﮭﺎﯾﺔ‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺦ واﻹﻧﺴﺎن اﻷﺧﯿﺮ‪ ،‬وﺗﺘﻠﺨﺺ ﻓﻜﺮة اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ أن اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ ھﻮ ﻧﻤﻮذج اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻛﺎﻓﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﺒﻠﻮﻏﮫ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر‪ ،‬وﻗﺪ‬
‫اﻛﺘﻤﻞ اﻟﯿﻮم ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻋﺒﺮ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ وﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻟﻸﻣﻢ إﻻ أن ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺟﻨﺘﮫ‬
‫وﺑﺮاﺣﮫ‪.‬‬
‫وﻓﻖ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ ﻓﺈن اﻟﻠﮫ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﯿﺒﺮاﻟﯿﺎ ً ﺣﺮاً‪ ،‬دﯾﻤﻘﺮاطﯿﺎ ً رأﺳﻤﺎﻟﯿﺎ ً اﻣﺒﺮﯾﺎﻟﯿﺎً‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫ﻟﻢ ﺗﺰل اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺤﻜﻤﺎء واﻟﺜﻮار واﻟﻘﺪﯾﺴﻮن ﯾﻔﺴﺪون ﻣﺰاﺟﮫ ﺑﺪﻋﻮات اﻟﻤﺴﺎواة‬
‫واﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ واﻟﺒﺮوﻟﯿﺘﺎرﯾﺎ واﻟﻌﻔﻮ واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺼﺪﻗﺔ ﺣﺘﻰ ﺿﻤﺮ ﻟﺪﯾﮫ ﺧﯿﺎل اﻹﺑﺪاع‬
‫وﺗﺤﻮل إﻟﻰ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﮭﺰوزة ﻟﺮﺟﻞ ﺿﻌﯿﻒ‪ ،‬وﻻ ﺧﻼص ﻟﻺﻧﺴﺎن إﻻ ﺑﺎﻋﺘﻨﺎق‬
‫اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ﻟﯿﻌﻮد إﻟﻰ ﻗﻮﺗﮫ اﻷوﻟﻰ ﯾﻮم ﻛﺎن ﯾﻄﺎرد اﻟﺪﯾﻨﺎﺻﻮرات واﻟﻮﺣﻮش‬
‫وﯾﺆﻣﻦ ﺑﺴﯿﺎﺳﺔ اﻷﻗﻮى‪.‬‬
‫وﻣﻊ أن اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ورق وﺣﺒﺮ وﻟﻜﻨﮫ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﻠﮭﻢ ﻟﻠﺠﯿﻮش اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻮل ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺎر ﺣﯿﻦ ﻣﻨﺤﮭﺎ ﺑﻌﺪا ً أﯾﺪﯾﻮﻟﻮﺟﯿﺎ ً أﻟﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﮭﺎﻣﮭﺎ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ‬
‫ھﺪﻓﺎ ً أﺧﻼﻗﯿﺎ ً ﯾﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ إﻧﻘﺎذ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣﻨﺤﮫ اﻹرادة ﻟﻠﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺟﻨﺔ اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة‬
‫اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ ﻓﻘﻂ ﺧﻠﻖ اﻟﻠﮫ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻠﻎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺟﻨﺔ اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ واﻗﺘﺼﺎد‬
‫اﻟﺴﻮق اﻟﺤﺮ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮن ﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻗﺪ أﻧﺠﺰت اﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻮﻋﻮدة ﻋﻠﻰ اﻷرض‪.‬‬
‫اﻟﻤﺸﮭﺪ اﻟﻤﻄﻠﻮب اﻟﯿﻮم إذن ھﻮ ﺗﻌﻤﯿﺪ اﻷﻣﻢ ﺑﺰﯾﺖ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة وﻓﻖ اﻟﻘﯿﻢ‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺄﺗﯿﮭﺎ اﻟﺒﺎطﻞ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮭﺎ وﻻ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﮭﺎ‪ ،‬وأﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺸﮭﺪ‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ ﻣﺰﯾﺪ‪.‬‬
‫إن اﻟﺤﻀﺎرة ﻗﺪ أﻟﻘﺖ ﻋﺼﺎھﺎ واﺳﺘﻘﺮ ﺑﮭﺎ اﻟﻨﻮى ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ‪ ،‬وأﻧﮫ‬
‫اﻟﺼﻮرة اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﻨﮭﺎﯾﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﺴﻌﯿﺪ‪ ،‬وأن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ أن ﯾﺮﺳﻢ ﻣﺠﺪه اﻟﻤﻨﺸﻮد‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ اﻟﻠﻮﺣﺔ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺨﻠﺺ واﻟﻤﺴﯿﺎ وﺻﺎﺣﺐ اﻟﺰﻣﺎن ووﻟﻲ اﻟﻌﺼﺮ واﻟﻤﮭﺪي اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ واﻟﻤﺴﯿﺢ‬
‫اﻟﻤﻮﻋﻮد وﻛﻞ آﻣﺎل اﻷﻣﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﻼص‪ ،‬ﻗﺪﻣﺖ ﻣﻦ واﺷﻨﻄﻦ ﻓﻲ ﻣﺸﺮوع ﺑﻮش‬
‫اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﻲ‪ ،‬وﺗﺤﻘﻘﺖ إرھﺎﺻﺎﺗﮭﺎ ﻋﺒﺮ طﻠﺔ اﻟﺴﯿﺪة ﻏﻮﻧﺪاﻟﯿﺰا راﯾﺲ‪ ،‬وﺳﺒﻖ إﻟﻰ‬
‫اﻹﯾﻤﺎن ﺑﮭﺎ وﻋﺎظ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أھﻤﮭﻢ دوﻧﺎﻟﺪ راﻣﺴﻔﯿﻠﺪ وﻛﻮﻟﻦ ﺑﺎول ودﯾﻚ ﺗﺸﯿﻨﻲ‪.‬‬

‫ﻣﻦ وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮي ﻻ ﯾﺒﺘﻌﺪ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ ﻛﺜﯿﺮا ً ﻋﻦ ﻧﯿﺘﺸﺔ اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻷﻟﻤﺎﻧﻲ اﻟﺠﺒﺎر اﻟﺬي‬
‫ﻗﺪ ﻗﻠﺒﮫ ﻣﻦ ﺣﺪﯾﺪ وﺻﺨﺮ‪ ،‬وﻛﺘﺐ رؤﯾﺘﮫ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن زارا ﻣﻌﻠﻨﺎ ً أن اﻟﺴﻮﺑﺮﻣﺎن اﻟﺠﺪﯾﺪ‬
‫ﻗﺎدم وأن ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻜﻒ ﻋﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻀﻌﻔﺎء وأن ﻧﻤﻨﻌﮭﻢ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﺎب وأن ﻧﻮﻓﺮ‬
‫ﻟﻠﻔﻘﺮاء ﻣﻮﺗﺎ ً ﻛﺮﯾﻤﺎ ﺳﻌﯿﺪا ً ﺣﯿﺚ ﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﻟﮭﻢ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وأن اﻟﺼﺪﻗﺎت‬
‫واﻹﺣﺴﺎن واﻟﻤﻌﺮوف ﻣﺤﺾ ﻣﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺴﺎﻟﻰ واﻟﺒﺎﺋﺴﯿﻦ ﻟﺴﺮﻗﺔ ﻣﺎ ﺟﻨﺎه اﻷذﻛﯿﺎء‬
‫ﺑﻨﺸﺎطﮭﻢ وﺟﺪھﻢ وﻣﻐﺎﻣﺮاﺗﮭﻢ‪ ،‬وﺗﻤﺎﻣﺎ ً ﻛﻤﻦ ﻛﺎن ﯾﮭﯿﺊ ﻟﻠﺤﺮب اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﺳﻠﻢ‬
‫ﺧﻠﻔﮫ ﻓﯿﺨﺘﺔ ﻣﺸﺮوﻋﮫ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ اﻟﻐﺎﺿﺐ ﺑﻌﻨﻮان ﺛﻮري ھﺎﺋﺞ ﻻ ﻟﺒﺲ ﻓﯿﮫ‪ :‬اﻗﮭﺮ‬
‫اﻟﻀﻌﻔﺎء‪ ،‬اﺳﺤﻘﮭﻢ اﺻﻌﺪ ﻓﻮق ﺟﺜﺜﮭﻢ‪ ،‬ﻻ ﻣﺠﺪ ﻟﻠﺤﻀﺎرة إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻼص ﻣﻦ ھﺬه‬
‫اﻟﻄﻔﯿﻠﯿﺎت اﻟﻌﺎﺑﺜﺔ‪ ،‬وزوال اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻀﻌﯿﻒ وﻣﺠﻲء اﻟﺴﻮﺑﺮﻣﺎن اﻟﻤﻮﻋﻮد!!‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺷﻲء أن ھﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻛﻠﮭﺎ ﺗﻄﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ‬
‫وﺟﺪ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﺪﻋﻮا ً إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺪى اﻟﺤﻮار اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﺑﺪأ ﯾﺸﺮح‬
‫ﻧﻈﺮﯾﺘﮫ ﺑﺪا ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن واﻋﻈﺎ ً ﻣﺤﺘﺮﻓﺎ ً ﺟﺎء ﻟﻠﺘﻮ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﺟﯿﺪﯾﺎ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن ﺷﺎھﺪ‬
‫ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﺪار اﻵﺧﺮة وھﻮ ﯾﻘﻮل ﺑﻤﺮارة ﯾﺎ ﻟﯿﺖ ﻗﻮﻣﻲ ﯾﻌﻠﻤﻮن‪.‬‬

‫وﻓﻖ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ ﻓﺈن ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﯿﻦ واﺟﺐ ﺣﻀﺎري ﯾﺴﺘﻮﺟﺐ أﺧﻼﻗﯿﺎ ً اﻻﺳﺘﻌﻼء‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﮭﻤﺔ إﺧﺮاج اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت إﻟﻰ اﻟﻨﻮر‪ ،‬وﺗﺤﻄﯿﻢ اﻟﻨﻈﻢ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ واﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﺻﻢ‬
‫اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺴﺒﻊ وﺧﻤﺴﯿﻦ ﻣﻦ أﻧﺪﻧﻮﺳﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻨﻐﺎل‪ ،‬وﺣﯿﻦ ﺗﺸﺤﻦ اﻟﺠﯿﻮش‬
‫اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ آﻻف اﻷﺣﺮار ﻋﺒﺮ ﻓﺮﻗﺎطﺎﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﺳﺠﻮن ﻏﻮاﻧﺘﺎﻧﺎﻣﻮ وأﺑﻮ ﻏﺮﯾﺐ ﯾﻘﻮل‬
‫اﻟﺴﯿﺪ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ‪ :‬ﻋﺠﺒﺖ ﻷﻧﺎس ﯾﻘﺎدون إﻟﻰ اﻟﺠﻨﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ!!‬
‫ﻗﻠﺖ ﻟﻠﺴﯿﺪ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ‪ :‬إﻧﮭﺎ ﻧﻔﺲ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﺗﻠﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ اﻻﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺎت ﻓﻲ‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﻟﻢ ﺗﻨﺘﺼﺮ اﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺔ إﻻ ﻗﺎﻟﺖ إﻧﮭﺎ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ‪ ،‬وھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة‬
‫ھﻮ ﻋﯿﻨﮫ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﺧﻄﺒﺎء اﻻﺳﻜﻨﺪر وﻗﺴﻄﻨﻄﯿﻦ اﻟﻜﺒﯿﺮ وﺟﻨﻜﯿﺰ ﺧﺎن وﺗﯿﻤﻮرﻟﻨﻚ‬
‫وﻧﺎﺑﻠﯿﻮن وﻏﻮرو‪ ،‬وھﻮ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﺎ أﻋﻠﻨﺘﮫ اﻟﺜﻮرة اﻟﺤﻤﺮاء ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻜﻮ وﺗﺎﻟﯿﺎ ً ﻓﻲ ﺑﻜﯿﻦ‬
‫وﻓﯿﺪل ﻛﺎﺳﺘﺮو ﻓﻲ ﻛﻮﺑﺎ وﺑﻦ ﻏﻮرﯾﻮن‪ ،‬وھﻮ ﻧﻔﺲ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﯾﻌﻠﻨﮫ اﻟﯿﻮم أﯾﻤﻦ‬
‫اﻟﻈﻮاھﺮي وﺑﻦ ﻻدن وﺣﺘﻰ أﺑﻮ ﻣﺼﻌﺐ اﻟﺰرﻗﺎوي وأﺑﻮ أﯾﻮب اﻟﻤﺼﺮي وﻋﻨﺘﺮ‬
‫اﻟﺰواﺑﺮة وﺣﺴﺎن ﺣﻄﺎب ﻋﻠﻰ رﻏﻢ ﺗﻔﺎوت اﻻﻣﺒﺮاطﻮرﯾﺎت أو اﻟﻀﯿﻊ اﻟﺘﻲ‬
‫ﯾﺴﯿﻄﺮون ﻋﻠﯿﮭﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻐﺔ أﻓﺼﺢ ﻋﻨﮭﺎ ﺑﻮﺿﻮح اﻟﺮﺋﯿﺲ ﺑﻮش ﺑﻘﻮﻟﮫ‪ :‬ﻣﻦ ﻟﯿﺲ ﻣﻌﻨﺎ ﻓﮭﻮ ﻣﻊ اﻹرھﺎب‪ ،‬وھﻮ‬
‫ﻧﻘﯿﺾ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﻘﻮل اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻣﻦ ﻟﯿﺲ ﺿﺪي ﻓﮭﻮ ﻣﻌﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻜﻢ ﺗﻜﺮرون ﻛﻼم‬
‫اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﻌﺪ أن ﺗﻐﻠﻔﻮه ﺑﻤﺼﻄﻠﺤﺎت اﻟﺤﻀﺎرة‪.‬‬
‫اﺳﻤﺢ ﻟﻲ أن أﻗﻮل ﻟﻚ إن ﻟﺪﯾﻨﺎ ﻣﻨﻄﻘﺎ ً آﺧﺮ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺗﻜﺮر ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ أرﺑﻊ‬
‫ﻋﺸﺮة ﻣﺮة ﺑﺼﯿﻐﺔ ﻣﺼﺪﻗﺎ ً ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺼﯿﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻏﺎﯾﺔ اﻻﻋﺘﺰاز‬
‫ﺑﻘﯿﻢ اﻹﺳﻼم وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﺗﻜﺮس اﺣﺘﺮام ﻋﻘﯿﺪة اﻵﺧﺮ وﻣﻨﻄﻘﮫ وﺗﺠﺮﺑﺘﮫ‬
‫اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ‪.‬‬
‫إﻧﻜﻢ ﺗﺘﺤﺪﺛﻮن ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ أﻣﺮﯾﻜﺎ ً آﻟﮭﺔ ﺑﯿﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺗﻤﺜﺎل اﻟﺤﺮﯾﺔ وﻟﻜﻦ‬
‫ﻓﻼﺳﻔﺘﻜﻢ اﻟﻤﺠﺮﺑﯿﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﺷﯿﺌﺎ ً آﺧﺮ‪ ،‬ﻛﺘﺐ ﻧﻌﻮم ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ أﺣﺪ أﺑﺮز اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ‬
‫اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﯾﻦ‪ :‬ﻟﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ‪" :‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫ ﻻ أﻣﻞ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ‬
‫أﻓﻀﻞ ﻟﻠﺒﺸﺮﯾﺔ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ازدﯾﺎد اﻛﺘﺴﺎح اﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ اﻟﻤﺎدي اﻻﺳﺘﮭﻼﻛﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ" وأﻋﺎد ﺷﺮح ھﺬه اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﮫ اﻟﻤﺘﺘﺎﻟﯿﺔ "ﻣﺜﻠﺚ اﻟﻤﻘﺎدﯾﺮ" و‬
‫"ﻗﺮاﺻﻨﺔ وﻗﯿﺎﺻﺮة" و" ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹرھﺎب" و "أوھﺎم ﺿﺮورﯾﺔ" و "اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ‬
‫اﻟﻤﻌﻮﻗﺔ"‬
‫ﱠ‬
‫وﻓﻲ ﺣﺰﯾﺮان ‪ 2008‬أﻋﻠﻨﺖ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ھﯿﻮﻣﻦ راﯾﺖ ووﺗﺶ أن‬
‫أﻣﺮﯾﻜﺎ ھﻲ أﻛﺒﺮ ﺳﺠﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﯿﺚ ﯾﺒﻠﻎ ﻋﺪد ﻣﻌﺘﻘﻠﯿﮭﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ 2.3‬ﻣﻠﯿﻮن‬
‫ﻣﻌﺘﻘﻞ‪ ،‬وﻻ ﺷﻚ أن ﻋﺪدا ً ﻛﺒﯿﺮا ً ﻣﻦ ھﺆﻻء وﺟﺪ ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻮن ﻟﻤﺠﺮد ﻣﻮاﺟﮭﺘﮫ‬
‫اﻟﻤﻐﺎﻣﺮات اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ اﻟﻄﺎﺋﺸﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺄﺳﺲ ﻋﻠﻰ أن ﺣﻖ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﻓﻲ ﺳﯿﺎدة اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ‬
‫أن وﺻﻞ اﻟﺘﺎرﯾﺦ إﻟﻰ ﻧﮭﺎﯾﺘﮫ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻣﺮﯾﻜﻲ اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﻲ‪.‬‬

‫ﻻ أظﻦ أن ﺷﻜﻞ اﻷطﻤﺎع اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ﺳﯿﺨﺘﻠﻒ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﺄت ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ‬
‫ﻓﺈن ﻋﺪدا ً ﻏﯿﺮ ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﻗﺮاﺻﻨﺔ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﻤﺘﻮﺣﺸﺔ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎرﺗﻜﺎب ﺟﺮاﺋﻤﮭﻢ وھﻢ‬
‫ﻣﺮﺗﺎﺣﻮن‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن ﻗﺪم ﻟﮭﻢ ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ اﻟﻤﺎدي وﻓﻖ ﺗﺂوﯾﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻜﺘﺐ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ‪،‬‬
‫ﺟﻌﻠﺘﮭﻢ ﯾﻨﺪﻓﻌﻮن ﻻرﺗﻜﺎب اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﻤﺒﺮرة ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﻖ‬
‫اﻟﺤﻀﺎري ﻟﻸﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻗﻠﺖ ﻟﻤﺎرﺗﻦ إﻧﺪﯾﻚ‪ :‬ﻛﻲ ﯾﻜﻮن ﻣﺆﺗﻤﺮﻛﻢ ﻣﺘﻮازﻧﺎً‪ ،‬ﻓﺤﯿﻦ ﺗﺪﻋﻮن ﻓﻮﻛﻮﯾﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺮب‪،‬‬
‫ﻓﯿﺠﺐ أن ﯾﺪﻋﻰ اﺑﻦ ﻻدن ﻣﻦ اﻟﺸﺮق!!‬

‫وﺑﻌﺪ ‪ ...‬ﻓﮭﺬه ﺗﺄﻣﻼت ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺪر اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﻠﮫ ﻓﯿﮭﺎ‬
‫اﻹﻧﺴﺎن‪ ،‬إﻧﮭﺎ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻟﯿﺴﺖ ﻛﺎﻓﯿﺔ ﻟﺮﺳﻢ ﻣﻨﮭﺞ اﻹﺧﺎء اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮭﺎ‬
‫ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻹطﻼق ﻗﺮاﺋﺢ اﻟﺮوح ﻟﻔﮭﻢ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺠﻮار اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻧﺘﻘﺎﺳﻤﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ‪ ،‬وھﻲ إﺷﺎرات ﺳﺘﻠﮭﻤﻨﺎ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺎرك‬
‫واﻟﺘﻌﺎرف ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺤﯿﺎة وﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﺄﻣﻮل ﺑﯿﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻨﻘﻞ‪ ،‬أو‬
‫ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﮫ اﻟﺸﺮاﺋﻊ وﻣﺎ أﻧﺘﺠﮫ اﻟﻜﻔﺎح اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻋﺎﻟﻢ أﻛﺜﺮ‬
‫ﻋﺪﻻً‪.‬‬

‫ﻟﻠﺬﯾﻦ أﺣﺴﻨﻮا ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺣﺴﻨﺔ‪ ،‬وأرض اﻟﻠﮫ واﺳﻌﺔ‪ ،‬إﻧﻤﺎ ﯾﻮﻓﻰ‬
‫اﻟﺼﺎﺑﺮون أﺟﺮھﻢ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﺴﺎب‬