Professional Documents
Culture Documents
الإنسان كون صغير
الإنسان كون صغير
معلوم أن حكمة الحكيم القادر اقتضت أن يكون اإلنسان عالما ً وسطا ً بين عوالم الملك والملكوت ،فأبرزته القدرة كأنه
صورة لجميع العوالم مع صغر حجمه ،فاإلنسان كون صغير ،والكون كله إنسان كبير ،فأودع هللا سبحانه وتعالى فيه كل
معانى األنواع ،فاإلنسان جماد من حيث أنه من طينة ويميل إلى السكون والراحة ،ونبات من حيث أنه يتغذى وينمو،
وحيوان من حيث أنه يحس ويتحرك ،وملك من حيث إنه يشهد الغيب بدالئل المشهود وال يعصى هللا ما أمره ويفعل ما
أمره هللا سبحانه به إذا صفا وتكمل ،وإبليس إذا نزغ إلى هواه ورأيه وحظه ونسى يوم الحساب =،وخليفة عن ربه إذا تجمل
بأخالق الربوبية.
اإلنسان هو الكل فى الكل ،فسبحان القادر الحكيم يبلغ بكماالته النفسانية إلى أن يكون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر،
وينحط باتباع حظه وهواه إلى أن يكون فى هاوية السخط والمقت ولظى الجحيم ,وبينهما دركات أو درجات قال هللا تعالى
ون* َفإِ َذا َسوَّ ْي ُت ُه َو َن َف ْخ ُ
ت فِي ِه مِن ال مِّنْ َح َمإٍ مَّسْ ُن ٍ
ص ٍص ْل َ (وإِ ْذ َقا َل َر ُّب َ
ك ل ِْل َمالَ ِئ َك ِة إِ ِّنى َخال ٌِق َب َشراً مِّن َ فى التنبيه بقدر اإلنسانَ :
ِين) (الحجر.)29 -28 : رُّ وحِى َف َقعُو ْا لَ ُه َسا ِجد َ
ان فِى أَحْ َس ِن َت ْق ِو ٍيم* ُث َّم َرد َْد َناهُ وقال سبحانه وتعالى فى بيان منزلة اإلنسان العلية وما انحط إليه من البلية( :لَ َق ْد َخلَ ْق َنا اإلِ ْن َس َ
نس َو ْال ِجنِّ يُوحِى َبعْ ُ
ض ُه ْم اإل ِين ِ ِين) (التين ،)5 -4 :وقال هللا تعالى فى بيان أن اإلنسان قد يكون شيطاناًَ ( :شيَاطِ َ أَسْ َف َل َسافِل َ
ُف ْال َق ْو ِل ُغرُوراً) (األنعام ،)112 :فاإلنسان هو الهيكل الصغير الضعيف كما قال هللا تعالىُ ( :خلِقَ ض ُز ْخر َ إِلَى َبعْ ٍ
اس الَ اس َولَكِنَّ أَ ْك َث َر ال َّن ِ
ض أَ ْك َب ُر مِنْ َخ ْل ِق ال َّن ِ ت َواألَرْ ِ
ضعِيفاً) (النساء ,)28 :وقال هللا تعالى( :لَ َخ ْل ُق ال َّس َم َاوا ِنسانُ َ اإل َ
ِ
ُون) (غافر ) 57 :جامع لكل حقائق الكائنات ،يبلغ من المقامات فى القرب من هللا تعالى ما به يطيعه هللا ويجيبه، َيعْ لَم َ
وينحط بالعصية والمخالفة إلى أسفل الدركات حتى يتمنى أن يكون ترابا ً .